فتاوى الرملي

شهاب الدين الرَّمْلِي

خطبة الكتاب

[خِطْبَة الْكتاب] الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاتِحِ أَبْوَابِ الْمَقَالِ وَمَانِحِ أَسْبَابَ النَّوَالِ وَمُلْهِمِ جَوَابَ السُّؤَالِ، أَحْمَدُهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - حَمْدًا يَسْتَغْرِقُ الْبُكَرَ وَالْآصَالَ وَيَسْتَوْعِبُ الْأَمَاكِنَ وَيُضِيءُ الزَّمَنَ وَالْأَطْلَالَ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا شَبِيهَ وَلَا مِثَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ جَامِعُ صِفَاتِ الْجَلَالِ وَالْجَمَالِ وَمَنْ أُوتِيَ فَصْلَ الْمَقَالِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ فُرْسَانِ الْجِلَادِ وَالْجِدَالِ مَا ارْتَفَعَتْ لِلْعُلَمَاءِ رَايَةٌ تُمَحِّصُ عَارِضَ الشُّكُوكِ وَالْإِشْكَالِ. (وَبَعْدُ) فَلَمَّا كَانَتْ الْفَتْوَى فَرْضًا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ لِعَدَمِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ وَلَمْ تَزَلْ أَعْلَامُ الْعُلَمَاءِ تَجْمَعُ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ الْأُصُولِ النَّادِرَةِ وَالْفُرُوعِ الشَّارِدَةِ حَتَّى صَارَتْ دَوَاوِينَ يُرْجَعُ إلَيْهَا عِنْدَ تَزَاحُمِ الْآرَاءِ فِي الْمُعْضِلَاتِ وَبَرَاهِينَ يُعَوَّلُ عَلَيْهَا فَيُرَشَّحُ بِهَا عَوَاطِلُ الْأَبْوَابِ فِي الْمُطَوَّلَاتِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْفَوَائِدِ الَّتِي لَا تَكَادُ تُوجَدُ مُسَطَّرَةً إلَّا عَلَى النُّدُورِ، وَإِنْ كَانَ لَهَا أَشْبَاهٌ فِي الْكُتُبِ الْمَبْسُوطَةِ فَلَا تُلْقَى غَالِبًا إلَّا فِي الْعُثُورِ حَمَلَنِي ذَلِكَ عَلَى جَمْعِ مَا وَجَدْتُهُ مِنْ فَتَاوَى سَيِّدِي وَشَيْخِي وَوَالِدِي الشَّيْخِ الْإِمَامِ وَالْحَبْرِ الْهُمَامِ خَاتِمَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَحْمَدَ شِهَابِ الدِّينِ الرَّمْلِيِّ الْأَنْصَارِيِّ الشَّافِعِيِّ وَهَا أَنَا أَذْكُرُهَا عَلَى تَرْتِيبِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ الْعِبَادَاتِ فَالْمُعَامَلَاتِ فَالْمُنَاكَحَاتِ

كتاب الطهارة

فَالْجِنَايَاتِ وَمَا وَقَعَ لَهُ مِنْ الْأَسْئِلَةِ عَنْ تَفْسِيرِ آيَةٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ شَيْءٍ مِنْ كَلَامِ أَحَدِ الْعُلَمَاءِ أَوْ شَيْءٍ مِنْ عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ أَوْ عِلْمِ الْكَلَامِ أَوْ عِلْمِ النَّحْوِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لِاخْتِصَاصِ لَهُ بِبَابٍ مِنْ الْأَبْوَابِ جَعَلْته آخِرًا لِتَسْهُلَ مُرَاجَعَةُ ذَلِكَ وَأَسْأَلُ اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ الْعَمِيمِ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [كِتَابُ الطَّهَارَةِ] (كِتَابُ الطَّهَارَةِ) (سُئِلَ) عَنْ مُحْدِثٍ غَسَلَ بَدَنَهُ غُسْلًا غَيْرَ مُنَكِّسٍ بِأَنْ غَسَلَ أَعَالِيَهُ قَبْلَ أَسَافِلِهِ وَلَمْ يُغَطِّسْ وَنَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ هَلْ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ الْغَطْسِ فَإِنْ أَفْتَيْتُمْ بِالثَّانِي فَمَا الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِاخْتِصَاصِ ارْتِفَاعِ الْحَدَثِ بِالْغِطَاسِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْ تَعْلِيلَيْ طَرِيقَةِ النَّوَوِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ يَقْتَضِي عَدَمَ الِاخْتِصَاصِ أَوْ بِالْأَوَّلِ فَلِأَيِّ حِكْمَةٍ فَرَضُوا ذَلِكَ فِي الْغَطْسِ أَهِيَ لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ أَمْ غَيْرِ ذَلِكَ وَمَا نَقَلَهُ

شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ نَوَى الْوُضُوءَ بِغُسْلِهِ لَمْ أَجِدْهُ مَنْقُولًا إلَخْ ثُمَّ قَالَ أَعْنِي شَيْخَ الْإِسْلَامِ: إنَّهُ جَارٍ عَلَى كُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَتَيْنِ، وَإِنْ مَثَّلَ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ فِي ذَلِكَ نِيَّةَ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ هَلْ هُوَ مُغَايِرٌ لِمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ حَتَّى لَا يَكُونَ مَنْقُولًا، أَوْ مُخَصِّصٌ لَهُ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَلَوْ انْغَمَسَ مُحْدِثٌ بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ غَلَطًا أَوْ الْحَدَثِ، أَوْ الطُّهْرِ عَنْهُ أَوْ الْوُضُوءِ أَجْزَأَهُ، وَلَمْ يَظْهَرْ فَرْقٌ بَيْنَ مُؤَدَّاهَا وَمُؤَدَّى عِبَارَةِ ابْنِ الصَّلَاحِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ حَدَثُ الْمُغْتَسِلِ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ مِنْ وَاجِبَاتِ الْوُضُوءِ، وَالْوَاجِبُ لَا يَسْقُطُ بِفِعْلِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَالْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِاخْتِصَاصِ ارْتِفَاعِ الْحَدَثِ بِالِانْغِمَاسِ هُوَ حُصُولُ التَّرْتِيبِ فِي أَلْطَفِ الْأَزْمِنَةِ، وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مِنْ تَعْلِيلَيْ طَرِيقَةِ النَّوَوِيِّ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ مُقْتَضٍ لِلِاخْتِصَاصِ لَا لِعَدَمِهِ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَإِنْ شَمِلَهُ كَلَامُ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ لَمْ نَجِدْهُ مُصَرِّحًا بِهِ

وَقَدْ جَزَمَ بِالْإِجْزَاءِ فِيهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ عَقِبَ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ: وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ التَّرْتِيبُ حَقِيقَةً وَفِيهِ عَقِبَ هَذَا ثُمَّ وَجَدْت الرُّويَانِيَّ فَعَلَ ذَلِكَ وَصَحَّحَهُ مُقَيَّدًا بِمَا اسْتَظْهَرْته (سُئِلَ) عَنْ الْمَاءِ حَالَ صُعُودِهِ إلَى أَعْلَى هَلْ فَوْتُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَفَوْتِهِ حَالَ وُرُودِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمَاءَ حَالَ صُعُودِهِ إلَى أَعْلَى وَارِدٌ (سُئِلَ) عَمَّا يُعْفَى عَنْهُ كَدَمِ الْبَرَاغِيثِ إذَا لَاقَاهُ رُطَبٌ غَيْرُ مَاءِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ كَمَاءِ الشُّرْبِ وَإِمْنَاءِ الْمُحْتَلِمِ مِمَّا لَا غِنَى عَنْهُ هَلْ يَضُرُّ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَالَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَا يَضُرُّ مَا ذَكَرَ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ تَنَجَّسَ بَاطِنُ إبْرِيقٍ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْأَوَانِي بِنَجَاسَةٍ حُكْمِيَّةٍ فَمَا الْكَيْفِيَّةُ فِي تَطْهِيرِهِ بِالْمَاءِ الْقَلِيلِ وَمَا حُكْمُ ذَلِكَ الْمَاءِ بَعْدَ الطُّهْرِ بِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصُبُّ فِيهِ الْمَاءَ ثُمَّ يُدِيرُهُ إلَى جَمِيعِ جَوَانِبِهِ فَيَطْهُرُ وَلَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا حَتَّى يَمُرَّ عَلَى جَمِيعِ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ ثُمَّ هُوَ بَعْدَ التَّطْهِيرِ بِهِ طَاهِرٌ غَيْرُ

مُطَهِّرٍ. (سُئِلَ) عَنْ مَاءِ الَّتِي يَعْطَنُ فِيهَا الْكَتَّانُ فَتَغَيَّرَ طَعْمُهُ وَلَوْنُهُ وَرِيحُهُ هَلْ يَكُونُ طَهُورًا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ غَيْرُ طَهُورٍ؛ إذْ تَغَيُّرُهُ بِمُخَالِطٍ يَمْنَعُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ عَلَيْهِ بَلْ قَدْ يَصِيرُ أَسْوَدَ مُنْتِنًا وَقَدْ وَهَمَ مَنْ ادَّعَى طَهُورِيَّتَهُ، وَقَالَ: إنَّ تَغَيُّرَهُ بِمُجَاوِرٍ (سُئِلَ) عَمَّا نُقِلَ مِنْ الْبَحْرِ وَوُضِعَ فِي الزِّيرِ وَوُجِدَ فِي الزِّيرِ مُزِيلًا طَعْمًا وَرَائِحَةً وَلَوْنًا هَلْ هُوَ طَاهِرٌ أَوْ نَجِسٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ نَجِسٌ فَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَشُرِعَ تَقْدِيمُ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ لِيُعْرَفَ طَعْمُ الْمَاءِ وَرَائِحَتُهُ اهـ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ فِيهِ طَعْمُ بَوْلٍ أَوْ رَائِحَتُهُ لَا تَكُونُ إلَّا لِلنَّجَاسَةِ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِرِيحِ الْخَمْرِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا يَكُونَ بِقُرْبِهِ جِيفَةٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهَا وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ رَأَى فِي فِرَاشِهِ أَوْ ثَوْبِهِ مَنِيًّا لَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ كَلَامُ الْبَهْجَةِ فِي قَوْلِهَا مَيِّتًا بِلَا سَيْلِ دَمِ

مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ كَلَامَهَا مُعْتَمَدٌ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا، وَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِمَا كَلَامُ الْمُتَأَخِّرِينَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ هَلْ يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ عَنْ جَمِيعِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَخْذًا مِنْ الْمُرَجَّحِ فِي الْحَدَثِ الْمُسْتَجَدِّ لِلْجُنُبِ بَعْدَ انْغِمَاسِهِ أَوْ عَنْ الْوَجْهِ فَقَطْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَقَوْلُهُمْ: الْمَاءُ عَلَى الْعُضْوِ مُسْتَعْمَلٌ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ فَمَا كَيْفِيَّةُ الْجَمْعِ بَيْنَ كَلَامِهِمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ عَنْ جَمِيعِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ حَتَّى فِي الْمُخْتَصَرَاتِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ طُرُوِّ الْحَدَثِ الْمَذْكُورِ؛ إذْ الْحَدَثُ الْأَكْبَرُ ارْتَفَعَ فِيهَا بِتَمَامِ الِانْغِمَاسِ قَطْعًا وَفِي مَسْأَلَتِنَا رَأْيٌ مَرْجُوحٌ أَنَّ حَدَثَ الْوَجْهِ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُقْرِي إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ مِنْ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ وَالْمَاءُ فِي مَسْأَلَتِنَا قَدْ اتَّصَلَ بِجَمِيعِ أَعْضَاءِ

الْوُضُوءِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَاءُ الْوَجْهِ فَقَطْ حَتَّى يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَعْمَلًا، وَلَوْلَا مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ لَحُكِمَ بِارْتِفَاعِ حَدَثِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مَعًا فَلَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْأَصْحَابِ الْمَذْكُورِ إذْ صُورَتُهُ فِي مَاءِ عُضْوٍ بِعَيْنِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَلْقَتْ الرِّيحُ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا فِي مَائِعٍ هَلْ يُعْفَى عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَشْؤُهُ مِنْهُ، وَهَلْ إلْقَاءُ الصَّبِيِّ الْغَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْبَهِيمَةِ كَالرِّيحِ أَوْ لَا وَفِيمَا إذَا أَخْرَجَهُ إنْسَانٌ مِمَّا نَشَأَ فِيهِ ثُمَّ أَلْقَاهُ فِيهِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْفَى عَمَّا وَقَعَ بِالرِّيحِ سَوَاءٌ وَقَعَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، وَسَوَاءٌ نَشَأَ فِيهِ أَمْ لَا، وَلَيْسَ الصَّبِيُّ وَالْبَهِيمَةُ كَالرِّيحِ فَإِذَا أَلْقَاهُ إنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ حَيًّا لَمْ يُنَجِّسْ مَا مَاتَ فِيهِ سَوَاءٌ نَشَأَ مِنْهُ أَمْ لَا أَوْ مَيِّتًا نَجَّسَهُ كَذَلِكَ. (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ مَا أَفْتَى بِهِ الْجَلَالُ الْبَكْرِيُّ مِنْ طَهُورِيَّةِ مَاءِ الْوُضُوءِ الْمَسْنُونِ لِلْغُسْلِ إذَا نَوَى بِهِ سُنَّةَ الْغُسْلِ، وَلَمْ يَنْوِ بِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ مَعَ كَوْنِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ فَرْضٍ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ حَاصِلَ نِيَّتِهِ أَنَّهَا لِلْوُضُوءِ

الْمَسْنُونِ لِلْغُسْلِ فَيَرْتَفِعُ بِهِ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ وَيَصِيرُ مَاؤُهُ غَيْرَ طَهُورٍ كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي غَسْلِ النَّجَاسَةِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا كَيْفَ وَقَدْ رَجَّحَ الرَّافِعِيُّ أَنَّ هَذَا الْوُضُوءَ لَا يَحْتَاجُ إلَى إفْرَادِهِ بِنِيَّةٍ وَقَدْ حَصَلَ بِهِ الْخُرُوجُ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ. (سُئِلَ) هَلْ تَعُودُ طَهُورِيَّةُ مَاءٍ تَغَيَّرَ كَثِيرًا بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ بِزَوَالِ تَغَيُّرِهِ بِنَفْسِهِ كَالْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَعُودُ طَهُورِيَّةُ الْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ كَثِيرًا بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ بِزَوَالِ تَغَيُّرِهِ بِنَفْسِهِ كَالْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ تَنَجَّسَ مَائِعٌ مُوَافِقٌ لِلْوَاقِعِ فِي صِفَاتِهِ ثُمَّ صُبَّ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ هَلْ يُفْرَضُ مُخَالِفًا أَشَدَّ حَتَّى لَوْ وَقَعَتْ قَطْرَةُ بَوْلٍ فِي عِشْرِينَ رِطْلًا مِنْ مَائِعٍ ثُمَّ صُبَّ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ وَقُدِّرَ مُخَالِفًا أَشَدَّ مِنْ غَيْرِهِ حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ أَوْ تُفْرَضُ تِلْكَ الْقَطْرَةُ فَقَطْ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ أَشْكَلَ بِالْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ بِقَطْرَةٍ مِنْ الْبَوْلِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ قَلِيلًا يَصِيرُ بِبُلُوغِهِ قُلَّتَيْنِ طَهُورًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى اخْتَلَطَ الْمَائِعُ الْمَذْكُورُ بِمَاءٍ كَثِيرٍ لَمْ يُنَجِّسْهُ وَلَمْ يَفْرِضْ مُخَالِفًا إلَّا إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ الْوَاقِعَةُ فِيهِ مُوَافِقَةً لِلْمَاءِ فِي صِفَاتِهِ فَتُقَدَّرُ مُخَالِفًا أَشَدَّ وَلَا

تَقْدِيرَ فِي الْمَائِعِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَجَاسَةٍ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَطْهِيرُهُ. (سُئِلَ) عَنْ جُنُبٍ غَمَسَ بَعْضَهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ ثُمَّ غَرَفَ مِنْهُ بِيَدِهِ وَأَجْرَاهُ عَلَى سَاعِدِهِ هَلْ تَرْتَفِعُ جَنَابَةُ كَفِّهِ وَسَاعِدِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَرْتَفِعُ جَنَابَةُ كَفِّهِ وَلَا سَاعِدِهِ لِصَيْرُورَةِ الْمَاءِ مُسْتَعْمَلًا بِمُجَرَّدِ انْفِصَالِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ غَرَفَ مُحْدِثٌ بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ بِكَفَّيْهِ مِنْ مَاءٍ قَلِيلٍ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ ثُمَّ غَسَلَ بِهِ بَاقِيَ يَدِهِ هَلْ يَرْتَفِعُ حَدَثُهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَرْتَفِعُ حَدَثُهَا؛ إذْ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا إلَّا بِانْفِصَالِهِ عَنْهَا فَإِنَّ الْمَاءَ مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا عَلَى الْعُضْوِ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالِاسْتِعْمَالِ وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْته قَوْلَ الْجُوَيْنِيِّ فِي تَبْصِرَتِهِ: إذَا نَوَى بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ رَفْعَ حَدَثِهِ، وَالْمَاءُ فِي كَفِّهِ ثُمَّ غَسَلَ بِهِ سَاعِدَهُ ارْتَفَعَ حَدَثُ كَفِّهِ دُونَ حَدَثِ سَاعِدِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا انْفَصَلَ عَنْ كَفِّهِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَ بِهِ سَاعِدَهُ، وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ لِإِطْلَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ نَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيٍ لَهُ مَرْجُوحٍ. (سُئِلَ) عَمَّنْ غَسَلَ ثَوْبَهُ مِنْ

النَّجَاسَةِ فَأَصَابَ مَاءُ الْغُسَالَةِ دَمَ بَرَاغِيثَ فِي ثَوْبِهِ هَلْ يُعْفَى عَنْهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْ الدَّمِ الْمَذْكُورِ لِلْمَشَقَّةِ. (سُئِلَ) عَنْ الْكِتَابِيَّةِ إذَا تَطَهَّرَتْ مِنْ الْحَيْضِ وَنَحْوِهِ لِتَحِلَّ لِلْمُسْلِمِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا نِيَّةٌ لِذَلِكَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهَا النِّيَّةُ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا انْتَقَلَ الْمَاءُ مِنْ إحْدَى الْيَدَيْنِ إلَى الْأُخْرَى مَعَ الِانْفِصَالِ هَلْ يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْيَدِ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا بِانْتِقَالِهِ الْمَذْكُورِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ صَاحِبِ تَحْرِيرِ الْفَتَاوَى فِي قَوْلِ التَّنْبِيهِ وَإِذَا تَغَيَّرَ الْمَاءُ بِمُخَالِطٍ طَاهِرٍ يَسْتَغْنِي الْمَاءُ عَنْهُ كَالزَّعْفَرَانِ وَالْأُشْنَانِ لَمْ تَجُزْ الطَّهَارَةُ فِيهِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا دَخَلَ فِيهِ التَّغْيِيرُ الْيَسِيرُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ يَمْنَعُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ كَمَا فَعَلَ فِي الْمِنْهَاجِ نَعَمْ لَوْ وَقَعَ فِي مَاءٍ غَيْرِ مُتَغَيِّرٍ وَتَغَيَّرَ بِهِ ضَرَّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي الصَّيْفِ فِي نُكَتِهِ اهـ كَلَامُهُ بِلَفْظِهِ فَمَا قَوْلُكُمْ فِي مَرْجِعِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ وَقَعَ وَهَلْ الِاسْتِدْرَاكُ عَلَى مَاذَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ صُورَةَ مَسْأَلَةِ

ابْنِ أَبِي الصَّيْفِ فِي نُكَتِهِ فِي مَاءٍ تَغَيَّرَ تَغَيُّرًا كَثِيرًا بِمَا فِي مَقَرِّهِ وَمَمَرِّهِ ثُمَّ طُرِحَ عَلَى مَاءٍ غَيْرِ مُتَغَيِّرٍ فَغَيَّرَهُ تَغَيُّرًا كَثِيرًا فَإِنَّهُ يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ بِمَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَهُوَ الْخَلْطُ وَهِيَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَا مُتَغَيِّرَ بِمُكْثٍ وَطِينٍ وَطُحْلُبٍ وَبِمَا فِي مَقَرِّهِ وَمَمَرِّهِ وَحِينَئِذٍ فَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ: وَقَعَ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي كَلَامِهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ كَلَامَهُ فِيهَا غَيْرُ مُوفٍ بِتَصْوِيرِهَا وَلَا بِمَا اسْتَدْرَكَهَا عَلَيْهِ وَلَعَلَّهَا كَانَتْ مَذْكُورَةً فِي أَصْلِهِ عَلَى حَاشِيَتِهِ فَالْتَحَقَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا (سُئِلَ) عَنْ كَيْفِيَّةِ نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ وَعَنْ وَقْتِهَا وَهَلْ يَجِبُ اسْتِمْرَارُهَا ذِكْرًا إلَى فَرَاغِهِ مِنْ الْوُضُوءِ، وَهَلْ إذَا غَسَلَ وَجْهَهُ الْغَسْلَةَ الْأُولَى مِنْ مَاءٍ قَلِيلٍ ثُمَّ صَبَّ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ حَتَّى غَسَلَهُمَا ثُمَّ بَعْدَ غَسْلِهِمَا أَدْخَلَهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِهِ بِغَيْرِ نِيَّةِ اغْتِرَافٍ هَلْ يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا بِالْوَضْعِ الْمَذْكُورِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ كَيْفِيَّةَ نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ أَنْ يَقْصِدَ بِإِدْخَالِ يَدِهِ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ الِاغْتِرَافَ بِهَا مِنْهُ كَالْمِغْرَفَةِ

وَوَقْتُهَا فِي حَقِّ ذِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ وَفِي حَقِّ ذِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ بَعْدَ نِيَّتِهِ وَلَا يَصِيرُ الْمَاءُ الْمَذْكُورُ مُسْتَعْمَلًا بِإِدْخَالِهِ الْمَذْكُورِ (سُئِلَ) عَنْ الْمَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ إذَا سُخِّنَ فِي الشَّمْسِ بِشَرْطِهِ وَقُلْتُمْ بِكَرَاهِيَةِ اسْتِعْمَالِهِ هَلْ إذَا سُخِّنَ بِالنَّارِ تَزُولُ الْكَرَاهَةُ كَمَا لَوْ أُبْرِدَ الْمُشَمَّسُ أَمْ لَا فَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ زَوَالِ الْكَرَاهَةِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مَعَ أَنَّ النَّارَ تُذْهِبُ الزُّهُومَةَ وَالتَّبْرِيدَ لَا يُذْهِبُهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَزُولُ كَرَاهَةُ الْمُشَمَّسِ بِتَسْخِينِهِ بِالنَّارِ، وَقَدْ يُتَوَهَّمُ انْتِفَاؤُهَا بِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْمُسَخَّنُ بِالنَّارِ؛ لِأَنَّ لَهَا قُوَّةً وَتَأْثِيرًا فِي إذْهَابِ مَا يَنْفَصِلُ مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ الضَّارَّةِ، وَيَرُدُّ هَذَا التَّوَهُّمَ أَنَّ تَأْثِيرَ النَّارِ بِالطَّبْخِ أَشَدُّ مِنْ تَأْثِيرِهَا فِي التَّسْخِينِ. وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَأَمَّا الطَّبْخُ بِالْمَاءِ الْمُشَمَّسِ فَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ أَنَّهُ إنْ بَقِيَ مَائِعًا كَالْخُبْزِ وَالْأَرُزِّ الْمَطْبُوخِ بِهِ لَمْ يُكْرَهْ اهـ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُسَخَّنِ بِهَا ابْتِدَاءً وَبَيْنَ الْمُشَمَّسِ إذَا سُخِّنَ بِهَا إنَّ قُوَّتَهَا إذَا سُخِّنَ بِهَا فِي الْأَوَّلِ

تَمْنَعُ حُصُولَ زُهُومَتِهَا فِي الْمَاءِ وَإِنَّ زُهُومَتَهَا حَصَلَتْ فِي الثَّانِي فِي الْمَاءِ قَبْلَ التَّسْخِينِ بِهَا فَلَا تَرْتَفِعُ بِهِ. (سُئِلَ) عَنْ التُّرَابِ الْمُسْتَعْمَلِ إذَا طُرِحَ فِي الْمَاءِ وَغُيِّرَ تَغَيُّرًا كَثِيرًا هَلْ يَضُرُّ أَمْ لَا، وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ كَثِيرِ الْمَاءِ وَقَلِيلِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضُرُّ وَمَحَلُّ مَا ذَكَرْته مَا لَمْ يُسَمِّ طِينًا رَطْبًا وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ كَثِيرِ الْمَاءِ وَقَلِيلِهِ (سُئِلَ) هَلْ الْأَفْضَلُ الْكَوْثَرُ أَوْ مَا نَبَعَ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذَا قُلْتُمْ بِتَفْضِيلِ أَحَدِهِمَا فَهَلْ الْفَاضِلُ وَالْمَفْضُولُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَفْضَلُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَفْضَلَ الْمِيَاهِ مَا نَبَعَ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إنَّ الْمَاءَ كَانَ يَنْبُعُ مِنْ نَفْسِ أَصَابِعِهِ، وَقَدْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّ مَاءَ زَمْزَمَ أَفْضَلُ مِنْ الْكَوْثَرِ؛ لِأَنَّ بِهِ غُسِلَ صَدْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَكُنْ يُغْسَلُ إلَّا بِأَفْضَلِ الْمِيَاهِ (سُئِلَ) عَنْ مَفْهُومِ عِبَارَةِ الْأَرْدَبِيلِيُّ فِي الْأَنْوَارِ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ أَغْمَسَ الْمُحْدِثُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ غَسْلِ

الْوَجْهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَصَدَ الِاغْتِرَافَ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا، وَإِنْ قَصَدَ رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ غَمَسَ مُطْلَقًا صَارَ مُسْتَعْمَلًا وَالْجُنُبُ بَعْدَ النِّيَّةِ كَالْمُحْدِثِ بَعْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ اهـ كَلَامُهُ فَهَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الَّذِي يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُحْدِثَ بَعْدَ نِيَّتِهِ إذَا غَمَسَ يَدَهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ قَبْلَ غَسْلِ وَجْهِهِ لَمْ يَصِرْ مُسْتَعْمَلًا بِانْفِصَالِ يَدِهِ عَنْهُ، وَكَذَا إنْ غَمَسَهَا بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ إنْ نَوَى الِاغْتِرَافَ وَإِنْ قَصَدَ رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ غَمَسَ مُطْلَقًا بِأَنْ لَمْ يَنْوِ الِاغْتِرَافَ وَلَا رَفْعَ الْحَدَثِ صَارَ مُسْتَعْمَلًا وَأَنَّ الْجُنُبَ بَعْدَ النِّيَّةِ كَالْمُحْدِثِ بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ أَيْ فَإِنْ غَمَسَ يَدَهُ بِنِيَّةِ الِاغْتِرَافِ لَمْ يَصِرْ ذَلِكَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا وَإِنْ قَصَدَ رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ أَطْلَقَ صَارَ مُسْتَعْمَلًا (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أُكْمِلَتْ الْقُلَّتَانِ بِمَائِعٍ هَلْ يَصِيرُ ذَلِكَ الْمَاءُ دَافِعًا وَرَافِعًا أَمْ لَا دَافِعًا وَلَا رَافِعًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَائِعُ طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا أَمْ الْغَرَضُ فِي الطَّاهِرِ فَقَطْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا كَمُلَ الْمَاءُ الْقَلِيلُ بِمَائِعٍ طَاهِرٍ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ جَمِيعًا وَلَا يَمْنَعُ تَنْجِيسُهُ وَلَا صَيْرُورَتُهُ مُسْتَعْمَلًا (سُئِلَ)

عَمَّنْ بَالَ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ فَظَهَرَ بِذَلِكَ رَغْوَةٌ هَلْ الرَّغْوَةُ الْمَذْكُورَةُ طَاهِرَةٌ أَوْ نَجِسَةٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّغْوَةَ الْمَذْكُورَةَ طَاهِرَةٌ لِأَنَّهَا بَعْضُ الْمَاءِ الْكَثِيرِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ وَقَعَتْ نَجَاسَةٌ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ فَحَصَلَ رَشَاشٌ بِسَبَبِ وُقُوعِهَا فِيهِ فَأَصَابَ ثَوْبًا هَلْ يُنَجِّسُهُ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ جَامِدَةً أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِعَدَمِ تَنْجِيسِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ رَاثَ الْقَمْلُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ هَلْ يُنَجِّسُهُ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ أَوْ لَا يُنَجِّسُهُ إلَّا إنْ غَيَّرَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُنَجِّسُهُ إلَّا إنْ غَيَّرَهُ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِ الْمَاءِ بِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ تَغَيُّرًا كَثِيرًا وَهُوَ الْغَالِبُ فِي مَغَاطِسِ حَمَّامَاتِ الرِّيفِ هَلْ يُحَالُ ذَلِكَ عَلَى مَا يَتَحَلَّلُ مِنْ الْأَوْسَاخِ فَيَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ فَلَا يَرْفَعُ حَدَثًا وَلَا يُزِيلُ نَجَسًا أَمْ يُحَالُ عَلَى طُولِ الْمُكْثِ فَيَكُونُ طَهُورًا اعْتِمَادًا عَلَى الْأَصْلِ فِيهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمَاءَ الْمَذْكُورَ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ؛ إذْ الْأَصْلُ بَقَاؤُهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ تَغَيُّرَهُ بِسَبَبِ طُولِ مُكْثِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّ سَبَبَهُ الْأَوْسَاخُ الْمُنْفَصِلَةُ مِنْ أَبْدَانِ الْمُنْغَمِسِينَ فِيهِ لَمْ يُؤَثِّرْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ الْمَذْكُورَ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ

باب الاجتهاد

- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْأُمِّ: وَأَصْلُ الْمَاءِ عَلَى الطَّهُورِيَّةِ حَتَّى يَتَغَيَّرَ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ بِمُخَالَطَةِ مَا يَخْتَلِطُ بِهِ وَلَا يَتَمَيَّزُ مِنْهُ مِمَّا هُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ اهـ [بَابُ الِاجْتِهَادِ] (بَابُ الِاجْتِهَادِ) (سُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَاءٌ طَاهِرٌ بِنَجِسٍ فَاجْتَهَدَ وَتَطَهَّرَ بِمَا ظَنَّ طَهَارَتَهُ وَلَمْ يُرِقْ الْآخَرَ هَلْ يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ إلَّا بِاجْتِهَادِهِ حَالَ بَقَائِهِمَا (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اجْتَهَدَ فِي ثَوْبَيْنِ وَصَلَّى فِي أَحَدِهِمَا ثُمَّ حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى فَهَلْ يَجْتَهِدُ لَهَا بَيْنَهُمَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ قِيَاسُ الْإِنَاءَيْنِ أَوْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيُفَرِّقُ فَمَا هُوَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ لِفَرْضٍ آخَرَ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ بَقَاءَ الثَّوْبِ الَّذِي ظَنَّ طَهَارَتَهُ بِالِاجْتِهَادِ كَبَقَائِهِ مُتَطَهِّرًا فِي مَسْأَلَةِ الْإِنَاءَيْنِ فَالْمَسْأَلَتَانِ مُسْتَوِيَتَانِ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا بَقِيَ مِنْ التُّرَابِ الطَّهُورِ بَقِيَّةٌ وَتَغَيَّرَ ظَنُّهُ هَلْ يَلْحَقُ بِالْمَاءِ فَيَمْتَنِعُ اسْتِعْمَالُهُ أَمْ بِالثَّوْبِ فَيَجُوزُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا خَالَفَ اجْتِهَادُهُ الثَّانِي اجْتِهَادَهُ الْأَوَّلَ عَمِلَ بِهِ

إنْ مَسَحَ تُرَابَ تَيَمُّمِهِ الْأَوَّلِ عَنْ أَعْضَائِهِ قَبْلَ تَيَمُّمِهِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ التُّرَابَيْنِ حِينَئِذٍ كَالثَّوْبَيْنِ وَإِلَّا فَلَا يُعْمَلُ بِهِ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ كَالْمَاءَيْنِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ تَغَيَّرَ ظَنُّهُ فِي أَحَدِ الْمَاءَيْنِ بَعْدَ اسْتِعْمَالِ بَعْضِ الْأَوَّلِ فِي أَعْضَائِهِ وَغَسَلَهَا بِمَاءٍ مُتَيَقَّنِ الطَّهَارَةِ فَظَهَرَ لَهُ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الطَّاهِرُ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِالثَّانِي لِفَوَاتِ الْعِلَّةِ مِنْ الصَّلَاةِ بِيَقِينِ النَّجَاسَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِالِاجْتِهَادِ الثَّانِي كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِ الْأَصْحَابِ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا ظَهَرَ لَهُ طَهَارَةُ أَحَدِ الْإِنَاءَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ وَتَلِفَ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ هَلْ يَجِبُ الِاجْتِهَادُ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ فِي الْبَاقِي أَمْ لَا ا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الَّذِي رَأَيْته فِيهَا أَنَّ الِاجْتِهَادَ جَائِزٌ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا تَحَيَّرَ الْأَعْمَى، وَقُلْتُمْ يُقَلِّدُ سَوَاءٌ اتَّسَعَ الْوَقْتُ أَوْ ضَاقَ أَمْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ ضِيقِ الْوَقْتِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا تَحَيَّرَ الْأَعْمَى قَلَّدَ غَيْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ (سُئِلَ) مَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ: أَنْ يَكُونَ لِلْعَلَّامَةِ فِيهِ

باب الآنية

مَجَالٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَجَالِ الْمَدْخَلُ أَيُّ مَدْخَلٍ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَخْبَرَهُ مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ بَعْدَ صَلَاتِهِ بِنَجَاسَةِ مَا تَوَضَّأَ بِهِ لَهَا هَلْ يَعْمَلُ بِخَبَرِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَعْمَلُ بِقَوْلِ مَقْبُولِ الرِّوَايَةِ بِشَرْطِهِ [بَابُ الْآنِيَةِ] (بَابُ الْآنِيَةِ) (سُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ قَوْلِهِمْ: يَجُوزُ أَنْ يَتَّخِذَ لِلْإِنَاءِ رَأْسًا مِنْ فِضَّةٍ هَلْ هُوَ جَارٍ عَلَى إطْلَاقِهِ فِيمَا إذَا صَلَحَ لِلِاسْتِعْمَالِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ صَلَحَ لِذَلِكَ لَمْ يُعَدَّ لِلِاسْتِعْمَالِ الْمُحَرَّمِ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَتَّخِذَ الرَّجُلُ الْحُلِيَّ بِقَصْدِ إجَارَتِهِ لِمَنْ يَحِلُّ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ يُعَدُّ مُتَّخِذًا لِمَا الْأَصْلُ أَنْ يُوضَعَ لِلِاسْتِعْمَالِ الْمُحَرَّمِ، وَهَلْ إذَا جَازَ ذَلِكَ مُطْلَقًا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْمُحَرَّمِ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِقِطْعَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ حَيْثُ لَمْ يُعَدَّ لِلِاسْتِنْجَاءِ أَمْ لَا كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ اسْتِعْمَالُ الْحُلِيِّ حَيْثُ جَازَ لَهُ اتِّخَاذُهُ (فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّهُ لَيْسَ قَوْلُهُمْ: يَجُوزُ أَنْ يَتَّخِذَ لِلْإِنَاءِ رَأْسًا مِنْ فِضَّةٍ شَامِلًا لِمَا يَصْلُحُ اسْتِعْمَالُهُ فِي أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُسَمَّى إنَاءً وَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ الْإِنَاءِ

مُطْلَقًا، وَقَدْ عَلَّلُوا جَوَازَ اتِّخَاذِهِ بِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْ الْإِنَاءِ لَا يَسْتَعْمِلُهُ، وَقَدْ رُدَّ مَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ جَرَيَانِ خِلَافِ اتِّخَاذِ الْأَوَانِي فِيهِ بِأَنَّ اسْمَ الْآنِيَةِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ فَمَتَى أُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْإِنَاءِ حَرُمَ اتِّخَاذُهُ، وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ اسْتِعْمَالُهُ، وَقِيَاسُهُ عَلَى اتِّخَاذِ الرَّجُلِ حُلِيَّ الْمَرْأَةِ بِقَصْدِ إجَارَتِهِ لَهَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْإِنَاءِ لِذَاتِهِ، وَحُرْمَةُ الْحُلِيِّ بِالْقَصْدِ، وَحَيْثُ جَازَ اتِّخَاذُ الرَّأْسِ بِأَنْ لَمْ يُسَمَّ إنَاءٌ حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِ تَغْطِيَةِ الْإِنَاءِ بِمَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالُهُ مُحَرَّمًا (وَسُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ إنَاءِ الْفِضَّةِ مَثَلًا عَلَى قَعْرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ بِحَسَبِ اسْتِعْمَالِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهَا فِي مُطْلَقِ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ كُلُّ مَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا لِإِنَاءِ الْفِضَّةِ، وَلَوْ عَلَى قَعْرِهِ (سُئِلَ) هَلْ يُنْقَضُ الْوُضُوءُ بِلَمْسِ بَاطِنِ الْعَيْنِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ كَاللِّسَانِ وَاللِّثَةِ أَمْ لَا كَالسِّنِّ وَالشَّعْرِ وَالظُّفُرِ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ عَدَمَ النَّقْضِ بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِأَنَّهَا لَا يَلْتَذُّ بِلَمْسِهَا وَإِنْ الْتَذَّ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُنْقَضُ الْوُضُوءُ بِاللَّمْسِ

الْمَذْكُورِ؛ إذْ بَاطِنُ الْعَيْنِ كَاللِّسَانِ وَلَحْمِ الْإِنْسَانِ وَلَيْسَ كَالشَّعْرِ وَالسِّنِّ وَالظُّفُرِ؛ إذْ لَا مُشَابَهَةَ بَيْنَ اللَّحْمِ وَبَيْنَ الْعَظْمِ وَالشَّعْرِ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا كَشَطَ بَعْضَ لَحْمِ عُضْوِ امْرَأَةٍ فَظَهَرَ عَظْمُهُ ثُمَّ لَمَسَهُ أَجْنَبِيٌّ هَلْ يَنْقُضُ وُضُوءَهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ عَظْمٌ كَالسِّنِّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْقُضُ وُضُوءَهُ لِصَيْرُورَتِهِ حِينَئِذٍ كَالْبَشَرَةِ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِيهَا فَقَدْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَالْمُرَادُ بِالْبَشَرَةِ هُنَا غَيْرُ الشَّعْرِ وَالسِّنِّ وَالظُّفْرِ (سُئِلَ) عَمَّنْ شَكَّ فِي مَحْرَمِيَّةِ مَنْ لَمَسَهَا لِاخْتِلَاطِ مَحْرَمَةٍ بِأَجْنَبِيَّاتٍ غَيْرِ مَحْصُورَاتٍ أَيُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ بِالشَّكِّ (سُئِلَ) عَنْ مُصْحَفٍ جُعِلَ مَعَ كِتَابٍ فِي جِلْدٍ وَاحِدٍ هَلْ يُقَالُ: إنَّهُ مَعَ الْكِتَابِ كَهُوَ مَعَ الْأَمْتِعَةِ فَيَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ أَوْ كَالتَّفْسِيرِ إذَا قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ فَهَلْ يَحْرُمُ مَسُّ الْجِلْدِ مِنْ أَيِّ الْجَوَانِبِ أَوْ مِنْ جَانِبِ الْمُصْحَفِ فَقَطْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ فِي حَمْلِهِ التَّفْصِيلَ فِي حَمْلِهِ مَعَ مَتَاعٍ وَيَحْرُمُ مَسُّ الْجِلْدِ السَّاتِرِ لِلْمُصْحَفِ كَمَا يَحْرُمُ مَسُّ الْمُصْحَفِ دُونَ

غَيْرِهِ (سُئِلَ) عَمَّنْ مَسَّ الْمُصْحَفَ بِحَائِلٍ وَهُوَ مُحْدِثٌ كَكُمِّهِ هَلْ يَحْرُمُ أَوْ لَا وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَلْبِ بِيَدِهِ وَهِيَ فِي كُمِّهِ وَمَا الْفَرْقُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ (سُئِلَ) هَلْ تَحْرُمُ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ بِالْقَلَمِ الْهِنْدِيِّ أَوْ نَحْوِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ لِأَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى لَفْظِهِ الْعَرَبِيِّ وَلَيْسَ فِيهَا تَغْيِيرٌ لَهُ بِخِلَافِ تَرْجَمَتِهِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ؛ لِأَنَّ فِيهَا تَغْيِيرًا لَهُ (سُئِلَ) هَلْ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ أَحْدَثَ مَسُّ جِلْدِ الْمُصْحَفِ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ كَمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَالْمِنْهَاجِ وَالرَّوْضَةِ وَشَرْحِ التَّحْرِيرِ وَالرَّوْضِ وَالتَّحْقِيقِ وَغَيْرِهَا وَلِأَنَّ لَهُ حُرْمَةً وَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلًا عَنْهُ حَيْثُ يُنْسَبُ إلَيْهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ الْمَسُّ الْمَذْكُورُ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ إبْقَاءً لِحُرْمَتِهِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْبَيَانِ حِلَّهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حُرْمَةِ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ بِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ أَفْحَشُ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ جَعَلَ وِقَايَةً فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أَوْ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ هَلْ يَحْرُمُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ مَا ذَكَرَ لِعَدَمِ الِامْتِهَانِ (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ جَعْلُ الْوَرَقَةِ الْمَكْتُوبِ فِيهَا الْبَسْمَلَةُ الشَّرِيفَةُ ظَرْفًا لِلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ امْتِهَانِهَا (سُئِلَ) هَلْ تَثْبُتُ عَادَةُ تَجْدِيدِ الطَّهَارَةِ بِمَرَّةٍ فِيمَنْ تَيَقَّنَ طَهَارَةً وَحَدَثًا وَشَكَّ فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَثْبُتُ بِمَرَّةٍ فَإِنَّ عِبَارَةَ بَعْضِهِمْ: وَشَاكٌّ سَبَقَ مُتَيَقِّنَهُمَا يَأْخُذُ بِالطُّهْرِ إنْ لَمْ يَعْتَدْ تَجْدِيدًا فَقَوْلُهُ: تَجْدِيدًا نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَيَعُمُّ كُلَّ تَجْدِيدٍ، وَلَوْ مَرَّةً وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ: فَإِنْ اطَّرَدَتْ عَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ ذُكِرَ فِي غَيْرِ مَسْأَلَتِنَا فِي مُقَابَلَةِ الْعَادَةِ الْمُطَّرِدَةِ (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ فِيمَا إذَا قَصَدَ الْأَمْتِعَةَ وَالْمُصْحَفَ مَعًا أَهُوَ حَرَامٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْجَوَازُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الْعَزِيزِ وَالنَّوَوِيِّ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ اقْتَضَتْ عِبَارَةُ سُلَيْمٍ فِي الْمُحَرَّرِ التَّحْرِيمَ حَيْثُ قَالَ: شَرْطُهُ أَنْ يَقْصِدَ نَقْلَ الْمَتَاعِ لَا غَيْرُ اهـ وَجَرَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا شَكَّ هَلْ التَّفْسِيرُ أَكْثَرُ أَوْ الْقُرْآنُ هَلْ يَحْرُمُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ)

بِأَنَّهُ يَحْرُمُ حَمْلُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ النَّوَوِيِّ فِي تَحْقِيقِهِ: وَتَفْسِيرُ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ الْقُرْآنِ وَكَمَا لَوْ شَكَّ فِي الْمُرَكَّبِ مِنْ الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ صَنَعَ مِرْوَحَةً لِجَلْبِ الْهَوَاءِ وَلَزِقَ بِهَا وَرَقَةً مُذَهَّبَةً مَكْتُوبًا فِيهَا آيَةٌ مِنْ الْقُرْآنِ بِسَبَبِ التَّفَاخُرِ بِهَا فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِعْلُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِعْلُهَا وَلَا جَلْبُ الْهَوَاءِ بِهَا؛ إذْ لَا امْتِهَانَ بِهَا فِيهِمَا (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ فِي بَابِ الْحَدَثِ إذَا تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنْ الْحَدَثِ فَتَيَمَّمَ لَهَا عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ مِنْ الْفَرَائِضِ بِتَيَمُّمٍ مَا لَمْ يُحْدِثْ وَلَمْ يُمْكِنْهُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ كَالْحَائِضِ إذَا تَيَمَّمَتْ لِاسْتِبَاحَةِ الْوَطْءِ أَوْ الصَّلَاةِ ثُمَّ أَحْدَثَتْ يَجُوزُ وَطْؤُهَا وَمُكْثُهَا فِي الْمَسْجِدِ مَا لَمْ تَجِدْ الْمَاءَ أَوْ يَعُودُ حَيْضُهَا وَسَيَأْتِي فِي التَّيَمُّمِ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ تُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا يُصَلِّي بِتَيَمُّمٍ غَيْرَ فَرْضٍ هَلْ هَذَا الْمُفْتَى بِهِ أَوْ ضَعِيفٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ صَاحِبُ الْمِصْبَاحِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ غَيْرُ مُرْضٍ؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ مَانِعَةٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ فِيمَا

لَوْ خُلِقَ بِلَا أَصْلِيٍّ أَنْ لِلْمُنْفَتِحِ حُكْمَ الْأَصْلِيِّ مُطْلَقًا حَتَّى فِي وُجُوبِ الْحَدِّ وَتَقْرِيرِ الْمَهْرِ أَمْ لَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ فِي شَرْحِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُنْفَتِحِ حُكْمُ الْأَصْلِيِّ مُطْلَقًا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالْأَذْرَعِيِّ (سُئِلَ) عَمَّنْ وَلَدَتْ وَلَدًا جَافًّا هَلْ يُنْتَقَضُ وُضُوءُهَا بِوِلَادَتِهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا لَا تَنْقُضُهُ لِقَوْلِهِمْ مَا أَوْجَبَ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ بِخُصُوصِهِ لَا يُوجِبُ أَدْوَنَهُمَا بِعُمُومِهِ كَزِنَا الْمُحْصَنِ لَمَّا أَوْجَبَ أَعْظَمَ الْحَدَّيْنِ لِكَوْنِهِ زِنَا الْمُحْصَنِ فَلَا يُوجِبُ أَدْوَنَهُمَا لِكَوْنِهِ زِنًا وَهِيَ أَوْجَبَتْ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ، وَهُوَ الْغُسْلُ بِخُصُوصِ كَوْنِهَا وِلَادَةً فَلَا تُوجِبُ أَدْوَنَهُمَا، وَهُوَ الْوُضُوءُ بِعُمُومِ كَوْنِهَا خَارِجًا لِهَذَا أَوْجَبَهُ خُرُوجُ بَعْضِ الْوَلَدِ لِعَدَمِ إيجَابِهِ الْغُسْلَ وَلِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ يُوجِبَانِهِ أَيْضًا، وَسُكُوتُهُمْ عَنْ الْوِلَادَةِ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُوجِبَةً لَهُ أَيْضًا لَمْ يَكُنْ النِّفَاسُ مُوجِبًا لَهُ لِانْتِهَائِهِ بِهَا قَبْلَ خُرُوجِهِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: إنْ لَمْ نُوجِبْ الْغُسْلَ بِهَا وَجَبَ الْوُضُوءُ، وَإِذَا أَوْجَبْنَاهُ بِهَا فَيَطْهُرُ أَنَّهُ كَالْمَنِيِّ وَفِي حَوَاشِي ابْنِ الْخَيَّاطِ عَلَى الْحَاوِي الصَّغِيرِ نَحْوُ ذَلِكَ

وَزِيَادَةٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: وَلَا يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمَنِيِّ بَلْ كُلَّمَا يُوجِبُ الْغُسْلَ كَذَلِكَ كَخُرُوجِ الْوَلَدِ وَإِلْقَاءِ الْعَلَقَةِ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الشَّيْخِ نَصْرٍ فِي التَّهْذِيبِ إنْ خَرَجَ الْخَارِجُ مُوجِبَ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ وَقَالَ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ: وَلَوْ وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ جَافًّا فَإِنْ لَمْ تُوجِبْ الْغُسْلَ وَجَبَ الْوُضُوءَ، وَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ فَكَالْمَنِيِّ انْتَهَى، وَقَالَ النَّاشِرِيّ: يَنْبَغِي أَنْ نُوجِبَ الْوُضُوءَ مُطْلَقًا وَإِنْ أَوْجَبْنَا الْغُسْلَ؛ لِأَنَّهُ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ مِنْهَا وَمِنْهُ وَمَنِيُّهُ إذَا خَرَجَ مَعَ مَنِيِّهَا كَذَلِكَ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ: الْوِلَادَةُ تُوجِبُ الْغُسْلَ وَالْوُضُوءَ اهـ فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى الْوِلَادَةِ مَعَ النِّفَاسِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ لَمْ يُخَالِفْ (سُئِلَ) عَنْ الْمُتَوَضِّئِ إذَا نَامَ قَاعِدًا وَهُوَ هَزِيلٌ بَيْنَ بَعْضِ مَقْعَدِهِ وَمَقَرِّهِ تَجَافٍ هَلْ يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ بِذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلْمَحَلِّيِّ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ وَوَجَّهَهُ الْكَمَالُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ نَاقِلًا لَهُ عَنْ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْحَقُّ أَوَّلًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمَجْمُوعِ وَشَرْحِ الرَّوْضِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ بِذَلِكَ

وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَغَيْرِهِمَا مَحَلُّهُ فِي هَزِيلٍ لَيْسَ بَيْنَ مَقْعَدِهِ وَمَقَرِّهِ تَجَافٍ (سُئِلَ) عَمَّنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا رَضَاعٌ غَيْرُ مُحَرَّمٍ لِكَوْنِهِ لَمْ يَتَيَقَّنْ كَوْنَهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَهَلْ يُنْتَقَضُ وُضُوءُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِلَمْسِ الْآخَرِ أَوْ لَا لِلشَّكِّ فِي الْمَحْرَمِيَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيَتَبَعَّضُ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِيمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ مَحْرَمُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ غَيْرِ مَحْصُورَاتٍ حَيْثُ قَالَ: إنَّ الِالْتِقَاءَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُنْتَقَضُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَكَحَهَا جَازَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِلَمْسِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ فَلَا يَرْتَفِعُ بِالشَّكِّ وَلَا بِالظَّنِّ وَلَا يُعَدُّ فِي تَبْعِيضِ الْأَحْكَامِ فَقَدْ قَالُوا: لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مَجْهُولَةَ النَّسَبِ فَاسْتَلْحَقَهَا أَبُوهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجُ ثَبَتَ نَسَبُهَا وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَلَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ (سُئِلَ) عَمَّنْ مَسَّ فَرْجَ الْمَرْأَةِ الْمُبَانَ أَيُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ أَوْ لَا كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضٌ آخَرُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ سُمِّيَ فَرْجُ الْمَرْأَةِ بَعْدَ إبَانَتِهِ فَرْجًا اُنْتُقِضَ الْوُضُوءُ بِمَسِّهِ، وَإِنْ قُطِعَ وَحْدَهُ لَمْ يُنْتَقَضْ بِهِ لِأَنَّ تِلْكَ الْجَلْدَةَ لَا تُسَمَّى فَرْجًا، وَعَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى يُحْمَلُ كَلَامُ الْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ يُحْمَلُ كَلَامُ الثَّانِي (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ أَخْذُ

الْفَأْلِ مِنْ الْمُصْحَفِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ مَسَّ ذَكَرَهُ فِي الْمَاءِ وَقُلْتُمْ بِانْتِقَاضِ وُضُوئِهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ وَضَعَ يَدَهُ مَثَلًا عَلَى نَجَاسَةٍ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ حَيْثُ لَا يَتَنَجَّسُ بِجَامِعِ عَدَمِ الْحَائِلِ فِيهِمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَسَّ الذَّكَرِ بِبَاطِنِ الْكَفِّ نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَانِعٌ وَأَمَّا كَثْرَةُ الْمَاءِ فَإِنَّهَا مَانِعَةٌ مِنْ تَنَجُّسِ يَدِهِ (سُئِلَ) هَلْ يَحْرُمُ وَضْعُ الْمَتَاعِ عَلَى مَا فِيهِ قُرْآنٌ أَوْ عِلْمٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إذْ لَا امْتِهَانَ فِيهِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَلْقَتْ الْمَرْأَةُ بَعْضَ الْوَلَدِ هَلْ يُنْتَقَضُ وُضُوءُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ لَا الْغُسْلُ كَمَا سَبَقَ الْجَوَابُ مَبْسُوطًا بِخِلَافِ وِلَادَةِ جَمِيعِهِ إذَا كَانَ جَافًّا فَيَجِبُ فِيهِ الْغُسْلُ لَا الْوُضُوءُ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَصَلَ لِمُتَوَضِّئٍ دَوْخَةٌ وَهُوَ دَوَرَانُ الرَّأْسِ وَكَانَ قَائِمًا فَسَقَطَ هَلْ يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ بِذَلِكَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ بِمَا ذَكَرَ (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ خُلِقَ لَهُ ذَكَرَانِ أَحَدُهُمَا عَامِلٌ وَالْآخَرُ أَشَلُّ فَهَلْ يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِمَسِّهِ وَالْخَارِجِ مِنْهُ وَبِخُرُوجِ الْخَارِجِ مِنْهُ إذَا كَانَا أَصْلِيَّيْنِ

وَطَرَأَ عَلَيْهِ عَارِضٌ فَشُلَّ كَمَا قَالَا فِي بَابِ الْوُضُوءِ: إنَّهُ يُنْتَقَضُ بِالذَّكَرِ الْأَشَلِّ أَمْ لَا، وَهَلْ إذَا كَانَ مُنْسَدًّا وَانْسِدَادُهُ عَارِضٌ فَهَلْ الْحُكْمُ فِيهِ كَذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ انْسِدَادُهُ خُلُقِيًّا فَهَلْ يَكُونُ كَالْعُضْوِ الزَّائِدِ مِنْ الْخُنْثَى لَا وُضُوءَ بِمَسِّهِ، وَلَا غُسْلَ بِإِيلَاجِهِ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ النَّقْضِ فَإِذَا قُطِعَ هَلْ يُسَمَّى ذَكَرًا حَتَّى لَوْ مَسَّهُ إنْسَانٌ اُنْتُقِضَ وُضُوءُهُ أَوْ أَدْخَلَهُ فِي فَرْجِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ أَمْ لَا وَهَلْ إذَا نَبَتَ فِي مَحَلِّ الْفَرْجِ عَلَى غَيْرِ سَنَنِ الْآخَرِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا عَامِلٌ فَهَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَبُولُ بِهِمَا اُنْتُقِضَ الْوُضُوءُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنْ بَالَ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِهِ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْآخَرِ نَقْضٌ مُطْلَقًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا حُكْمُ جَمِيعِ مَا سُئِلَ عَنْهُ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا كَانَ مَعَهُ مُصْحَفٌ وَخَافَ عَلَيْهِ مِنْ غَرَقٍ أَوْ حَرْقٍ أَوْ أَخْذِ كَافِرٍ فَهَلْ لَهُ إلْقَاؤُهُ فِي قَاذُورَةٍ خَوْفًا عَلَيْهِ وَإِذَا قُلْتُمْ لَهُ ذَلِكَ فَهَلْ يَحْرُمُ أَمْ لَا وَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْإِلْقَاءِ، وَلَمْ يَفْعَلْهُ وَعَرَّضَهُ لِلتَّلَفِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِالْحُرْمَةِ فَمَا فَائِدَةُ إلْقَائِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إلْقَاءُ الْمُصْحَفِ فِي الْقَاذُورَةِ وَإِنْ خَافَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ (سُئِلَ) عَمَّا تَفْعَلُهُ أَوْلَادُ

باب الاستنجاء

الْكَتَاتِيبِ مِنْ الْبَصْقِ عَلَى أَلْوَاحِ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ لِأَجْلِ الْمَسْحِ هَلْ يَجِبُ عَلَى مَنْ يَرَاهُمْ مَنْعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَإِذَا فَعَلَهُ بَالِغٌ أَثِمَ أَوْ لَا (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْمُكَلَّفُ الِامْتِهَانَ [بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ] (بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ) (سُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَلْ يُكْرَهُ التَّنَحْنُحُ فِي الْخَلَاءِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ (سُئِلَ) عَنْ الْخَارِجِ إذَا جَفَّ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ خَارِجٌ آخَرُ هَلْ يُجْزِئُ الْحَجَرُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا بَلَّ الْخَارِجُ الثَّانِي جَمِيعَ مَا وَصَلَ إلَيْهِ الْخَارِجُ الْأَوَّلُ أَجْزَأَ فِيهِ الْحَجَرُ وَإِلَّا فَلَا (سُئِلَ) عَمَّا إذَا عَرِقَ مَحَلُّ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْأَحْجَارِ ثُمَّ أَصَابَ مَوْضِعًا آخَرَ مِنْ بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ فَهَلْ يُعْفَى عَنْهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ مَحَلُّ الِاسْتِنْجَاءِ الْمَذْكُورِ لِعُسْرِ تَجَنُّبِهِ حَيْثُ لَمْ يُجَاوِزْ الْعَرَقُ الصَّفْحَةَ وَالْحَشَفَةَ (سُئِلَ) هَلْ تَجُوزُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ حَالَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَجُوزُ مَعَ كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: إنَّهُ يَحْرُمُ الِاسْتِنْجَاءُ بِأَحْجَارِ الْحَرَمِ هَلْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى الْمَسْجِدِ أَوْ هُوَ عَامٌّ فِي الْحَرَمِ الَّذِي هُوَ ضِدِّ الْحِلِّ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ فَهَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْمَبْنِيُّ

بِهَا الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ أَوْ الْحَصَى الْمَفْرُوشُ حَوْلَ الْكَعْبَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْحَرَمَ مَحْمُولٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَهِيَ مَا عَدَا الْحِلَّ وَالْمُرَادُ بِأَحْجَارِهِ الْحِجَارَةُ الْمَوْجُودَةُ فِيهِ مِنْ الْحَصَى وَغَيْرِهِ تَعْظِيمًا لَهُ، وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ بَعْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ بِمَاءٍ أَوْ حَجَرٍ دَخَلَ فِي إطْلَاقِهِ مَاءُ زَمْزَمَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي جَوَازِهِ بِذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ لَكِنْ لَوْ اسْتَنْجَى بِهِ أَجْزَأَ بِالْإِجْمَاعِ، وَدَخَلَ حِجَارَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالتَّحْرِيمِ بِالْمَطْبُوعِ مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ حِجَارَةُ الْحَرَمِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَيَسْقُطُ بِذَلِكَ كُلِّهِ اهـ فَقَوْلُهُ: وَكَذَا حِجَارَةُ الْحَرَمِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مَعْنَاهُ أَنَّهَا دَخَلَتْ فِي إطْلَاقِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: أَوْ حَجَرٌ فَيَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَكَذَا نَقَلَهُ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ وَالنَّشَائِيِّ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الَّذِي فِيهِ إنَّمَا هُوَ تَصْحِيحُ الْأَجْزَاءِ (سُئِلَ) عَنْ سُتْرَةِ قَاضِي الْحَاجَةِ قَائِمًا مَا قَدْرُهَا وَمَا بَيْنَهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَمَّا اعْتَبَرَ الْأَصْحَابُ فِي سُتْرَةِ قَاضِي الْحَاجَةِ أَنْ يَكُونَ ارْتِفَاعُهَا ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: لِأَنَّهُ يَسْتُرُ سَوْأَتَهُ إلَى مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي اعْتِبَارِ ذَلِكَ الِارْتِفَاعِ خَرَجَ مَخْرَجَ

الْغَالِبِ، وَأَمَّا عَرْضُهَا فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ يَسْتُرَ مَا ذَكَرَ، وَأَمَّا مَا بَيْنَهُمَا فَسُتْرَةُ الْقَائِمِ فِيهِ كَسُتْرَةِ الْجَالِسِ (سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَجْمَرَ ثُمَّ أَصَابَ رَأْسُ ذَكَرِهِ مَوْضِعًا مُبْتَلًّا مِنْ بَدَنِهِ، وَهُوَ يُصَلِّي هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَيَلْزَمُهُ الِاسْتِنْجَاءُ وَغَسْلُ مَا أَصَابَهُ مَحَلُّ الِاسْتِجْمَارِ لِأَنَّ الْعَفْوَ خَاصٌّ بِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِنْجَاءُ، وَلَا غَسْلُ مَا أَصَابَ مَحَلَّ الِاسْتِجْمَارِ لِقَوْلِهِمْ: يُعْفَى عَنْ أَثَرِ اسْتِجْمَارِهِ وَلَوْ عَرِقَ مَحَلُّهُ وَتَلَوَّثَ بِالْأَثَرِ غَيْرُهُ أَيْ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الصَّفْحَةَ وَالْحَشَفَةَ (سُئِلَ) عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ هَلْ يُكْرَهُ جَارِيًا أَوْ رَاكِدًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا مَمْلُوكًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ مُبَاحًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُكْرَهُ فِي الرَّاكِدِ وَلَوْ كَثِيرًا وَفِي الْجَارِي الْقَلِيلِ وَفِي الْكَثِيرِ بِاللَّيْلِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ، وَإِلَّا حَرُمَ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ (سُئِلَ) عَمَّنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا جَامِدًا يَسْتَنْجِي بِهِ وَوَجَدَ عَظْمًا، أَوْ رَوْثًا جَافًّا هَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِأَحَدِهِمَا أَوْ يُصَلِّيَ عَلَى حَسْبِ حَالِهِ وَيُعِيدَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَسْتَنْجِي بِمَا ذَكَرَ بَلْ يُصَلِّي عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَيُعِيدُ (سُئِلَ) هَلْ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الطِّفْلِ مَنْعُهُ مِنْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ أَوْ مُسْتَدْبِرَهَا وَهَلْ

يَجِبُ عَلَى غَيْرِ وَلِيِّهِ أَمْرُهُ بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ خَاصٌّ أَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ، وَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ مَنْعُهُ مِنْهُمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ السَّاتِرُ وَلَا يَجِبُ عَلَى غَيْرِ وَلِيِّهِ أَمْرُهُ بِهِمَا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ وُجُوبِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ لَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِهِ (سُئِلَ) هَلْ يُكْرَهُ كَلَامُهُ فِي الْخَلَاءِ إذَا لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: إذَا عَطَسَ حَمِدَ اللَّهَ بِقَلْبِهِ وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ أَمْ لَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: إذَا قَرَأَ الْجُنُبُ بِحَيْثُ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ لَمْ يَحْرُمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ التَّلَفُّظُ الْمَذْكُورُ؛ إذْ أَقَلُّ دَرَجَاتِ الْكَلَامِ اللَّفْظِيِّ الْإِسْرَارُ، وَهُوَ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ حَيْثُ لَا مَانِعَ وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى قَوْلِهِمْ حَمِدَ اللَّهَ بِقَلْبِهِ، وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ أَنَّهُ لَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ (سُئِلَ) عَنْ الْبَوْلِ فِي الْحَرَمِ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَالْأَصَحُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ جَوَازُ الِاسْتِنْجَاءِ بِأَحْجَارِهِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْجَمَّالُ الْإِسْنَوِيُّ وَالنَّشَائِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الَّذِي فِيهِ إنَّمَا هُوَ تَصْحِيحُ الْأَجْزَاءِ (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ الْخَلَاءَ بِمُصْحَفٍ هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ دُخُولُهُ بِهِ

خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ لَكِنَّهُ يَأْثَمُ بِحَمْلِهِ حَالَ حَدَثِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ تَقْتَضِيهِ (سُئِلَ) هَلْ يُسَنُّ التَّثْلِيثُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ كَالنَّجَاسَاتِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسَنُّ التَّثْلِيثُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ إزَالَةُ نَجَاسَةٍ، وَأَمَّا الِاسْتِنْجَاءُ بِالْجَامِدِ فَالتَّثْلِيثُ فِيهِ وَاجِبٌ كَالْإِنْقَاءِ فَإِنْ حَصَلَ بِشَفْعٍ سُنَّ الْإِيتَارُ (سُئِلَ) عَمَّنْ قَضَى حَاجَتَهُ، وَلَمْ يَجِدْ مَاءً يَسْتَنْجِي بِهِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَنَشَّفَ بِيَدِهِ عَازِمًا عَلَى غَسْلِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ النُّورُ الْمَحَلِّيُّ أَمْ لَا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ تَنْشِيفُ مَحَلِّ النَّجْوِ بِيَدِهِ إنْ خَافَ مِنْ عَدَمِهِ انْتِشَارَ النَّجَاسَةِ فِي بَدَنِهِ، أَوْ ثَوْبِهِ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ (سُئِلَ) عَنْ الْآجُرِّ الَّذِي غَلَبَ خَلْطُهُ بِالزِّبْلِ هَلْ يُجْزِئُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ أَمْ لَا لِأَنَّ شَرْطَ الْعَمَلِ بِالْأَصْلِ أَنْ لَا تَطَّرِدَ الْعَادَةُ بِمُخَالَفَتِهِ فَإِنْ اطَّرَدَتْ عَادَةٌ بِذَلِكَ كَاسْتِعْمَالِ السِّرْجِينِ فِي أَوَانِي الْفَخَّارِ قُدِّمَتْ عَلَى الْأَصْلِ قَطْعًا فَيُحْكَمُ بِالنَّجَاسَةِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُجْزِئُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ عَمَلًا بِأَصْلِ الطَّهَارَةِ فِيهِ فَإِنَّ أَظْهَرَ الْقَوْلَيْنِ الْعَمَلُ بِهِ فِي كُلِّ مَا الْغَالِبُ فِيهِ النَّجَاسَةُ، وَلَمْ تَسْتَنِدْ عِلَّتُهَا إلَى سَبَبٍ

ظَاهِرٌ، وَمَا اشْتَرَطَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ضَعِيفٌ (سُئِلَ) عَنْ أَخْلِيَةٍ بِأَطْرَافِ خَرَابِ الْبَلَدِ مَثَلًا خَرِبَتْ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ أَثَرٌ لِجُدْرَانِهَا وَصَارَتْ فَضَاءً مَهْجُورًا وَلَا يَتَرَدَّدُ النَّاسُ إلَيْهِ فَهَلْ حُكْمُهَا الْأَوَّلُ مِنْ جَوَازِ التَّخَلِّي بِهَا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَمُسْتَدْبَرَهَا مِنْ غَيْرِ سُتْرَةٍ شَرْعِيَّةٍ بَاقٍ أَوَزَالَ وَعَلَى الِاسْتِمْرَارِ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ وَهَذِهِ فِي الصَّحْرَاءِ عَلَى هَيْئَتِهَا لَكِنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهَا اتِّخَاذٌ لِلتَّخَلِّي؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ زَالَ حُكْمُ الْأَخْلِيَةِ الْمَذْكُورَةِ عَنْهَا بِخَرَابِهَا الْمَذْكُورَةِ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمُسَافِرَ بِتَرْخِيصٍ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْخَرَابِ الْمُنْدَرِسِ وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّ السُّورَ الْمُنْهَدِمَ كَالْعَدَمِ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ جَفَّ بَوْلُهُ ثُمَّ بَالَ ثَانِيًا فَوَصَلَ بَوْلُهُ إلَى مَا وَصَلَ إلَيْهِ بَوْلُهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ يَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِي فِيهِ الْجَامِدُ وَمِثْلُهُ الْغَائِطُ الْمَائِعُ (سُئِلَ) عَنْ الْمَكَانِ الْمُنْفَرِجِ عَنْ مَخْرَجِ الْبَوْلِ الْمُعْتَادِ هَلْ إذَا غَسَلَهُ حَالَ اسْتِنْجَائِهِ بِرَأْسِ أُنْمُلَةِ الْمُسَبِّحَةِ يَفْسُدُ صَوْمُهُ وَهَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَاطِنِ فَلَا يَجِبْ غَسْلُهُ وَهَلْ إذَا صَبَّ عَلَى ذَكَرِهِ مَاءً مِنْ غَيْرِ لَمْسِ يَدٍ يَكْفِيهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ

صَوْمُهُ بِهِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْبَاطِنِ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَيَكْفِيه صَبُّ الْمَاءِ الْمَذْكُورِ (سُئِلَ) عَنْ أَثَرِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ إذَا عَرِقَ فَتَلَوَّثَ بِهِ غَيْرُ مَحَلِّهِ هَلْ يُعْفَى عَنْهُ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمَجْمُوعِ وَقَالَ فِيهِ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ إذَا اسْتَنْجَى بِالْأَحْجَارِ وَعَرِقَ مَحَلُّهُ وَسَالَ الْعَرَقُ مِنْهُ فَإِنْ جَاوَزَ وَجَبَ غَسْلُ مَا سَالَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَذَكَرَ نَحْوَهُ فِي التَّحْقِيقِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْعَفْوَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُجَاوِزْ الصَّفْحَةَ وَالْحَشَفَةَ، وَعَدَمُهُ إذَا جَاوَزَهُمَا (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ اسْتَنْجَى بِجَامِدٍ ثُمَّ أَمْنَى فَهَلْ مَنِيُّهُ مُتَنَجِّسٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مُتَنَجِّسٌ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِي الِاسْتِنْجَاءِ: إنَّهُ لَوْ أُزِيلَتْ النَّجَاسَةُ بِأَوَّلِ مَسْحَةٍ وَاسْتَعْمَلَ ثَانِيًا وَثَالِثًا أَنَّهُ إنْ اسْتَعْمَلَ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ مَرَّةً أُخْرَى أَجْزَأَ هَلْ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِنْجَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ أَوْ لَا وَغَيْرِهِ أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ ذَلِكَ الِاسْتِنْجَاءِ حَتَّى لَوْ اسْتَعْمَلَ مَثَلًا حَجَرًا لَهُ طَرَفَانِ أَزَالَ الْعَيْنَ بِأَحَدِهِمَا، وَاسْتَعْمَلَ الْآخَرَ مَرَّتَيْنِ أَنَّهُ لَا يُجْزِيه أَمْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى لَمْ يَتَلَوَّثْ فِي الِاسْتِنْجَاءِ الْحَجَرُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ جَازَ اسْتِعْمَالُ كُلٍّ

باب الوضوء

مِنْهُمَا فِي الِاسْتِنْجَاءِ مُطْلَقًا لِكَوْنِهِ طَاهِرًا حَتَّى لَوْ اسْتَنْجَى بِحَجَرٍ لَهُ طَرَفَانِ فَأَزَالَ الْعَيْنَ بِأَحَدِهِمَا وَمَسَحَ بِالْآخَرِ مَرَّتَيْنِ أَجْزَأَهُ (سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَنْجَى بِالْحَجَرِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُجَامِعَ حَلِيلَتَهُ وَعَلَيْهَا أَنْ لَا تُمَكِّنَهُ لِلتَّنَجُّسِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَنَجُّسُ مَا يَلْزَمُهَا تَطْهِيرُهُ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْمَحَلِّيِّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ الطَّاهِرَاتِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَأَنْ لَا يَطْرَأَ عَلَى النَّجَاسَةِ أَجْنَبِيٌّ مَا حِكْمَتُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ كَالشَّيْخَيْنِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ [بَابُ الْوُضُوءِ] (بَابُ الْوُضُوءِ) (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَلْ يُكْرَهُ السِّوَاكُ قَبْلَ الزَّوَالِ لِلصَّائِمِ الْمُوَاصِلِ وَلَا يُكْرَهُ بَعْدَهُ لِمَنْ تَغَيَّرَ فَمُهُ فِيهِ بِسَبَبٍ غَيْرِ الصَّوْمِ؟ (فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّهُ يُكْرَهُ سِوَاكُ الصَّائِمِ الْمُوَاصِلِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَا يُكْرَهُ بَعْدَهُ لِمَنْ تَغَيَّرَ فَمُهُ فِيهِ بِسَبَبٍ غَيْرِ الصَّوْمِ (سُئِلَ) مَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ: يُسَنُّ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ إذَا صَلَّى بِالْأَوَّلِ صَلَاةً هَلْ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ سُنَّةِ الْوُضُوءِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى التَّسَلْسُلِ وَتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا تَأْخِيرًا

فَاحِشًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ قَوْلَهُمْ الْمَذْكُورَ شَامِلٌ لِمَا إذَا صَلَّى بِهِ رَكْعَتَيْ سُنَّةِ الْوُضُوءِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا عَارَضَتْهُ فَضِيلَةُ الْوَقْتِ قُدِّمَتْ عَلَيْهِ (سُئِلَ) عَمَّنْ نَسِيَ السِّوَاكَ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ هَلْ يُسَنُّ لَهُ التَّدَارُكُ فِي أَثْنَائِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ التَّدَارُكُ بِفِعْلٍ قَلِيلٍ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ غَمَسَ الْمُتَوَضِّئُ يَدَهُ فِي رَاكِدٍ وَحَرَّكَهَا ثَلَاثًا هَلْ تَحْصُلُ لَهُ سُنَّةُ التَّثْلِيثِ بِذَلِكَ أَوْ لَا تَحْصُلُ بِهِ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ كَمَا عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ، وَقَدْ أَفْتَى السُّبْكِيُّ بِعَدَمِ حُصُولِهِ بِذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ حُصُولُ التَّثْلِيثِ بِذَلِكَ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ أَيْضًا (سُئِلَ) عَمَّنْ تَسَوَّكَ عِنْدَ وُضُوئِهِ، وَلَمْ يَتَسَوَّكْ عِنْدَ الصَّلَاةِ هَلْ تَكُونُ صَلَاتُهُ بِسَبْعِينَ صَلَاةً لِحَدِيثٍ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ «فَضْلُ الصَّلَاةِ بِالسِّوَاكِ عَلَى الصَّلَاةِ بِغَيْرِ سِوَاكٍ سَبْعُونَ ضِعْفًا» أَمْ تَكُونُ كَصَلَاةِ مَنْ لَمْ يَتَسَوَّكْ لَا عِنْدَ الْوُضُوءِ، وَلَا عِنْدَ الصَّلَاةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لِلْمُصَلِّي الثَّوَابُ الْمُرَتَّبُ عَلَى الصَّلَاةِ بِالسِّوَاكِ، وَإِنْ أُثِيبَ عَلَى إتْيَانِهِ عِنْدَ الْوُضُوءِ (سُئِلَ) عَمَّنْ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ هَلْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ التَّثْلِيثِ أَمْ لَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يُجْزِئُ

تَعَدُّدٌ قَبْلَ تَمَامِ الْوُضُوءِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنْ تَحْصُلَ لَهُ فَضِيلَةُ تَثْلِيثِ الْمَمْسُوحِ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ الْمَذْكُورُ فَصُورَتُهُ فِي عُضْوٍ يَجِبُ اسْتِيعَابُهُ بِالتَّطْهِيرِ (سُئِلَ) هَلْ يَجِبُ غَسْلُ الْأُنْمُلَةِ وَالْأَنْفِ الْمُتَّخَذَيْنِ مِنْ الذَّهَبِ مَثَلًا مَعَ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي رَفْعِ حَدَثٍ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ أَوْ إزَالَةِ نَجَسٍ مُخَفَّفٍ أَوْ مُغَلَّظٍ حَتَّى يَجِبَ التَّرْتِيبُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ الْغَسْلُ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا ظَهَرَ مِنْ الْأُصْبُعِ وَالْأَنْفِ بِالْقَطْعِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ لِلْعُذْرِ وَصَارَتْ الْأُنْمُلَةُ وَالْأَنْفُ كَالْأَصْلِيَّيْنِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمُتَوَضِّئِ نَوَيْت أَدَاءَ الطَّهَارَةِ هَلْ يَكْفِي كَمَا لَوْ قَالَ: نَوَيْت أَدَاءَ الْغُسْلِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَصِحُّ النِّيَّةُ الْمَذْكُورَةُ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْغُسْلِ فَكَمَا أَنَّ الْمُصَحَّحَ فِيهَا نِيَّةُ الْأَدَاءِ فَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا وَقَدْ عَلَّلَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ صِحَّةِ نِيَّةِ مُطْلَقِ الطَّهَارَةِ بِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ اللُّغَوِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِإِجْزَاءِ نِيَّةِ أَدَاءِ فَرْضِ الطَّهَارَةِ وَنِيَّةِ الطَّهَارَةِ الْوَاجِبَةِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ نَوَى ذُو الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ رَفْعَ الْحَدَثِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ هَلْ تَكْفِيه هَذِهِ النِّيَّةُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا لَا تَكْفِيه (سُئِلَ) مَا الْفَرْقُ

بَيْنَ مَا لَوْ اسْتَاكَ بِسِوَاكٍ نَجِسٍ حَيْثُ لَا تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ وَبَيْنَ مَا لَوْ اسْتَاكَ بِأُصْبُعٍ مُنْفَصِلَةٍ حَيْثُ تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا انْتِفَاءُ شَرْطِ السِّوَاكِ فِي الْأُولَى وَهُوَ الطَّهَارَةُ فَقَدْ قَالُوا: يَحْصُلُ السِّوَاكُ بِكُلِّ طَاهِرٍ مُزِيلٍ دُونَ الثَّانِيَةِ، وَصَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَدَقَائِقِهِ بِإِجْزَاءِ السِّوَاكِ بِأُصْبُعِ غَيْرِهِ الْخَشِنَةِ قَطْعًا انْتَهَى، وَعَلَى أُصْبُعِهِ الْمُنْفَصِلَةِ وَأُصْبُعِ غَيْرِهِ يُحْمَلُ خَبَرُ أَنَسٍ يُجْزِئُ مِنْ السِّوَاكِ الْأَصَابِعُ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ: إنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَى السُّنَنِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ فِي الْوُضُوءِ إلَّا إذَا أَتَى بِالنِّيَّةِ فِي أَوَّلِهِ كَنَوَيْتُ الْوُضُوءَ هَلْ سُنَّةُ الْوُضُوءِ مِثْلُهَا أَمْ لَا لِأَنَّهَا سُنَّةٌ تَابِعَةٌ وَلِهَذَا لَا يَحْصُلُ بِهَا الْفَرْضُ وَهَلْ الْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ أَوْ لَهَا نَظِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ نِيَّةَ سُنَّةِ الْوُضُوءِ مِثْلُ نِيَّةِ الْوُضُوءِ فِي تَحْصِيلِ ثَوَابِ سُنَّتِهِ الْمَذْكُورَةِ بَلْ هِيَ أَوْلَى مِنْهَا لِأَنَّهَا نَصٌّ فِي السُّنَنِ بِخِلَافِهَا وَإِنَّمَا عَبَّرُوا بِهَا لِقَوْلِهِمْ يُسَنُّ اسْتِصْحَابُهَا فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ (سُئِلَ) هَلْ يَكْفِي غَسْلُ ظَاهِرِ الْخَارِجِ الْكَثِيفِ مِنْ لِحْيَةِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِي فِيهَا ذَلِكَ (سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَنْشَقَ ثُمَّ تَمَضْمَضَ

هَلْ تُحْسَبُ الْمَضْمَضَةُ ثُمَّ الِاسْتِنْشَاقُ أَمْ يُحْسَبُ الِاسْتِنْشَاقُ وَتَفُوتُهُ الْمَضْمَضَةُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى قَدَّمَ الِاسْتِنْشَاقَ عَلَى الْمَضْمَضَةِ حُسِبَ وَفَاتَتْ الْمَضْمَضَةُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا فَالتَّرْتِيبُ شَرْطٌ لِحَسَنَاتِهَا كَمَا لَوْ تَعَوَّذَ قَبْلَ الِاسْتِفْتَاحِ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمَجْمُوعِ خِلَافَهُ وَرَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (سُئِلَ) عَمَّنْ اغْتَسَلَ وَنَسِيَ لُمْعَةً مِنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَانْغَسَلَتْ هَلْ يَكْفِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ أَتَى بِوُضُوئِهِ لَا بِقَصْدِ النَّفْلِيَّةِ ارْتَفَعَ بِهِ حَدَثُ اللُّمْعَةِ، وَإِلَّا فَلَا يَرْتَفِعُ بِهِ (سُئِلَ) عَمَّنْ مَسَحَ جَمِيعَ رَأْسِهِ، أَوْ أَطَالَ قِيَامَهُ أَوْ رُكُوعَهُ أَوْ سُجُودَهُ أَوْ أَخْرَجَ بَعِيرًا عَنْ خَمْسٍ أَوْ بَدَنَةً عَنْ شَاةٍ هَلْ يَقَعُ الْجَمِيعُ فَرْضًا أَمْ يَقَعُ الزَّائِدُ نَفْلًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْجَمِيعَ فَرْضٌ وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ، وَفِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّ الزَّائِدَ يَقَعُ نَفْلًا وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الدِّمَاءِ وَفِي الْمَجْمُوعِ فِي النَّذْرِ فِي الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ الْمُخْرَجَةِ عَنْ شَاةٍ أَنَّ الْفَرْضَ سُبُعُهَا، وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الزَّكَاةِ

مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا هُنَاكَ أَنَّ الزَّائِدَ فِي بَعِيرِ الزَّكَاةِ فَرْضٌ وَفِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ نَفْلٌ وَادَّعَى اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَى تَصْحِيحِهِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى بَعْضِ الْبَعِيرِ لَا يُجْزِئُ بِخِلَافِ بَعْضِ الْبَقِيَّةِ اهـ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا فِي الْوُضُوءِ يَنْوِي مَعَ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ بِأَنْ يُقْرِنَهَا بِهَا عِنْدَ أَوَّلِ غَسْلِهِمَا كَمَا يُقْرِنُهَا بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ هَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَتَلَفَّظُ بِالنِّيَّةِ ثُمَّ يَتَلَفَّظُ بِالْبَسْمَلَةِ وَهَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَوْ أَنَّهُ يَنْوِي بِقَلْبِهِ مَعَ التَّلَفُّظِ بِالْبَسْمَلَةِ ثُمَّ يَتَلَفَّظُ بِالنِّيَّةِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَقَعَ فِيهَا مُنَازَعَةٌ فَإِنْ تَيَسَّرَ نَقْلٌ فَاعْزُهُ لِقَطْعِ الْمُنَازَعَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ شَيْخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنَّهُ يَنْوِي بِقَلْبِهِ مَعَ تَلَفُّظِهِ بِالْبَسْمَلَةِ كَمَا فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ تَقْدِيمَ النِّيَّةِ عَلَى الْبَسْمَلَةِ يُؤَدِّي إلَى خُلُوِّ بَعْضِ الْفَرَائِضِ عَنْ التَّسْمِيَةِ، وَتَقْدِيمُ التَّسْمِيَةِ عَلَى النِّيَّةِ يُؤَدِّي إلَى خُلُوِّ بَعْضِ السُّنَنِ عَنْ النِّيَّةِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ الْغُسْلِ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالنِّيَّةِ مَعَ التَّسْمِيَةِ اهـ ثُمَّ إنْ أَرَادَ الْإِتْيَانَ بِأَكْمَلِ النِّيَّةِ تَلَفَّظَ بِهَا بَعْدَ التَّسْمِيَةِ (سُئِلَ) عَنْ

مُتَوَضِّئٍ غَسَلَ عُضْوَهُ وَلَمْ يَنْفَصِلْ مَاؤُهُ عَنْهُ هَلْ تُحْسَبُ ثَانِيَةً حَتَّى لَوْ أَعَادَهُ مَرَّةً أُخْرَى حَصَلَتْ بِهَا سُنَّةُ التَّثْلِيثِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا لَا تُحْسَبُ ثَانِيَةً لِصَيْرُورَتِهِ مُسْتَعْمَلًا؛ إذْ الْعِلَّةُ فِي بَقَاءِ طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ حَالَ تَرَدُّدِهِ عَلَى الْعُضْوِ الْحَاجَةُ إلَى تَطْهِيرِ بَاقِيهِ وَعُسْرُ إفْرَادِ كُلِّ جُزْءٍ بِمَاءٍ جَدِيدٍ فَمَا دَامَ مُتَرَدِّدًا عَلَى الْعُضْوِ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ مَا دَامَتْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً إلَيْهِ، فَإِذَا تَمَّتْ الْحَاجَةُ صَارَ مُسْتَعْمَلًا فَقَدْ قَالُوا: إنَّهُ إذَا كَانَ شَعْرُ رَأْسِهِ لَا يَنْقَلِبُ فَمَسَحَ شَعْرَ رَأْسِهِ وَذَهَبَ بِيَدَيْهِ إلَى قَفَاهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُمَا فَإِنْ رَدَّهُمَا لَمْ تُحْسَبْ ثَانِيَةً لِصَيْرُورَتِهِ مُسْتَعْمَلًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ انْغَمَسَ ذُو الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ ثُمَّ أَحْدَثَ حَالَ انْغِمَاسِهِ حَيْثُ جَازَ لَهُ رَفْعُهُ بِهِ وَاضِحٌ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ بَعْدَ فَرَاغِهِ هَلْ يَضُرُّ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ وَأَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا أَمْ لَا قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا الْبَصْرِيِّينَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَضُرُّ الشَّكُّ فِي النِّيَّةِ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَنِيَّةِ الصَّوْمِ وَاضِحٌ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا نَوَى دَائِمُ الْحَدَثِ

الْوُضُوءَ أَوْ فَرْضَ الْوُضُوءِ أَوْ أَدَاءَ الْوُضُوءِ هَلْ يَسْتَبِيحُ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ أَوْ النَّفَلَ فَقَطْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَسْتَبِيحُ النَّفَلَ لَا الْفَرْضَ تَنْزِيلًا لَهُ عَلَى أَقَلِّ دَرَجَاتِ مَا يَفْعَلُ بِهِ غَالِبًا (سُئِلَ) عَنْ الصُّوَرِ الَّتِي يُسَنُّ فِيهَا الْوُضُوءُ كَعِنْدَ إرَادَةِ الْجُنُبِ أَكْلًا أَوْ نَوْمًا أَوْ وَطْئًا أَوْ الْمُحْدِثِ نَوْمًا وَمِنْ غِيبَةٍ وَمَسِّ مَيِّتٍ وَكَغَيْرِهَا كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَدَرْسِ عِلْمٍ هَلْ يَنْوِي فِيهِ الْوُضُوءَ لِلْأَكْلِ وَنَحْوِهِ مِمَّا ذَكَرَ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَيَصِحُّ وُضُوءُهُ وَيُصَلِّي بِهِ مِنْ النَّوَافِلِ وَالْفَرَائِضِ أَوْ يَنْوِي بِهِ ذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ، وَلَا يُصَلِّي بِهِ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرَ كَمَا قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِهِ لِلْمُحَقِّقِ الْمَحَلِّيِّ أَوْ نَوَى مَا يُنْدَبُ لَهُ وُضُوءً كَقِرَاءَةٍ أَيْ نَوَى الْوُضُوءَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَيْ لَا يَكْفِيهِ فِي النِّيَّةِ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ مَا يُنْدَبُ لَهُ جَائِزٌ مَعَ الْحَدَثِ فَلَا يَتَضَمَّنُ قَصْدُهُ قَصْدَ رَفْعِ الْحَدَثِ اهـ وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِأَنَّ مُرَادَ شَيْخِنَا الْمُشَارِ إلَيْهِ أَعْلَاهُ بِالِاكْتِفَاءِ بِتِلْكَ النِّيَّةِ تَحْصِيلُ السُّنَّةِ بِالْوُضُوءِ الْمَذْكُورِ، وَمُرَادُ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ عَدَمُ رَفْعِ الْحَدَثِ وَإِنْ صَحَّ الْوُضُوءُ وَرُبَّمَا يُقَالُ: مِنْ لَازِمِ الصِّحَّةِ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ مَا شَاءَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْصُلُ

الْوُضُوءُ الْمَسْنُونُ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ بِنِيَّةٍ مُتَغَيِّرَةٍ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا كَالْجُنُبِ تَوَضَّأَ عِنْدَ إرَادَةِ أَكْلِهِ أَوْ شُرْبِهِ أَوْ نَوْمِهِ أَوْ جِمَاعِهِ وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ تَتَوَضَّأُ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِهَا لِنَوْمِهَا أَوْ أَكْلِهَا أَوْ شُرْبِهَا تَنْوِي بِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ الْوُضُوءَ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يَرْتَفِعُ بِهِ الْحَدَثُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْحِكْمَةَ فِي الْوُضُوءِ الْمَذْكُورِ تَخْفِيفُ الْحَدَثِ اهـ فَاقْتَضَى أَنَّهُ رَفْعُ الْحَدَثِ عَنْ أَعْضَائِهِ فَلَوْ نَوَى بِهِ الْوُضُوءَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ لِلسَّعْيِ أَوْ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَوْ زِيَارَةِ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ نَحْوِهَا لَمْ يَصِحَّ فَلَا تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ لِمَا ذَكَرَ فِي السُّؤَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْدِثًا عَلَى الرَّاجِحِ كَالْوُضُوءِ بَعْدَ الْفَصْدِ أَوْ الْحِجَامَةِ أَوْ الْقَيْءِ أَوْ حَمْلِ الْمَيِّتِ، أَوْ مَسِّهِ أَوْ أَكْلِ لَحْمِ الْجَزُورِ كَفَتْهُ نِيَّةُ الْوُضُوءِ أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ نِيَّةُ الْوُضُوءِ لِذَلِكَ؛ إذْ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ يَحْصُلُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَمَا نُسِبَ لِإِفْتَائِي فِي السُّؤَالِ لَمْ أَرَهُ فِيمَا عَلَّقْته مِنْ الْفَتَاوَى، وَعَلَى تَقْدِيرِهِ فَمَحَلُّهُ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي (سُئِلَ) عَنْ مَحَلِّ نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ بَعْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ الْغَسْلَةَ الْأُولَى أَمْ بَعْدَ الثَّانِيَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهِ بَعْدَ الْغَسْلَةِ الْأُولَى لِدُخُولِ وَقْتِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ

حِينَئِذٍ (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ لِدَائِمِ الْحَدَثِ تَأْخِيرُ اسْتِنْجَائِهِ عَنْ وُضُوئِهِ كَالسَّلِيمِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ تَقْدِيمُ اسْتِنْجَائِهِ عَلَى وُضُوئِهِ؛ لِأَنَّ وُضُوءَهُ لَا يَرْفَعُ حَدَثَهُ وَإِنَّمَا هُوَ لِلْإِبَاحَةِ، وَلَا إبَاحَةَ مَعَ النَّجَاسَةِ فَهُوَ كَالْمُتَيَمِّمِ فَقَوْلُهُمْ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الِاسْتِنْجَاءِ عَنْ الْوُضُوءِ مَحْمُولٌ عَلَى وُضُوءِ السَّلِيمِ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِمْ الْمَذْكُورِ؛ إذْ الْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ وُجُودًا وَعَدَمًا، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ بَعْضِهِمْ عَدَمَ وُجُوبِهِ (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ فِي لِحْيَةِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى وُجُوبُ غَسْلِ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا، وَإِنْ كَثُفَتْ وَخَرَجَتْ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ أَمْ لَا يَجِبُ فِي الْخَارِجِ مِنْهَا الْكَثِيفِ إلَّا غَسْلُ ظَاهِرِهِ فَقَطْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الْخَارِجِ مِنْهَا الْكَثِيفِ إلَّا غَسْلُ ظَاهِرِهِ فَقَطْ (سُئِلَ) عَمَّنْ غَسَلَ عُضْوَهُ ثَلَاثًا وَقَدْ أَغْفَلَ مِنْهُ لُمْعَةً فَهَلْ إذَا غَسَلَهَا ثَلَاثًا تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ التَّثْلِيثِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُحْسَبُ الْغَسْلُ مَرَّةً إلَّا إذَا اسْتَوْعَبَ الْعُضْوَ فَلَا تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ التَّثْلِيثِ بِمَا فَعَلَهُ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ شَكَّ بَعْدَ تَمَامِ وُضُوئِهِ هَلْ اسْتَنْجَى أَوْ لَا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِنْجَاءُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ

عَلَيْهِ الِاسْتِنْجَاءُ كَمَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ الْوُضُوءِ فِي طَهَارَةِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ (سُئِلَ) هَلْ تَكْفِي دَائِمَ الْحَدَثِ نِيَّتُهُ الطَّهَارَةَ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَكْفِيه نِيَّتُهُ الْمَذْكُورَةُ وَمَا فِي مَعْنَاهَا (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ تَوَضَّأَ مَرَّةً ثُمَّ مَرَّةً ثُمَّ مَرَّةً هَلْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ التَّثْلِيثِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَوْ لَا تَحْصُلُ لَهُ كَمَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ وَاقْتَصَرَ عَلَى نَقْلِهِ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَفْتَى بِهِ الْأَصَحُّ عَدَمُ حُصُولِ فَضِيلَةِ التَّثْلِيثِ بِالْوُضُوآتِ الْمَذْكُورَةِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا مِنْ وَرَائِهِ وَخَلْفِهِ وَالْآخَرُ مِنْ أَمَامِهِ وَقُدَّامِهِ فَهَلْ يُكَلَّفُ تَطْهِيرَهُمَا مَعًا فِي كُلِّ وُضُوءٍ وَتَيَمُّمٍ إذَا وَجَبَ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَطْهِيرُ وَجْهِهِ وَهُوَ مَا كَانَ أَمَامَهُ مِنْ جِهَةِ قُبُلِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوَاجَهَةَ الْمَأْخُوذَ مِنْهَا الْوَجْهُ إنَّمَا تَقَعُ بِهِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ وَرَائِهِ مِنْ جِهَةِ دُبُرِهِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ تَطْهِيرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، وَلَا التَّيَمُّمِ، وَقَدْ قَالُوا: لَوْ نَبَتَتْ لَهُ يَدٌ زَائِدَةٌ أَوْ رِجْلٌ زَائِدَةٌ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ، وَلَا مُحَاذِيَةٌ لَمْ يَجِبْ غَسْلُ شَيْءٍ مِنْهَا، وَإِنْ نَبَتَتْ بِمَحَلِّ التَّحْجِيلِ الْمَطْلُوبِ تَطْهِيرُهُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ وُجُوبِ تَطْهِيرِ الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ

بِالْأَوْلَى (سُئِلَ) عَمَّنْ تَوَضَّأَ لِيُصَلِّيَ بِهِ بِمَكَانٍ نَجِسٍ لَا يُعْفَى عَنْهُ هَلْ يَصِحُّ وُضُوءُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ (سُئِلَ) عَمَّنْ قَطَعَ وُضُوءَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ هَلْ يُثَابُ عَلَى مَا فَعَلَهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَى مَا مَضَى مِنْ وُضُوئِهِ إذَا قَطَعَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ (سُئِلَ) عَنْ الْوُضُوءِ هَلْ هُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَمْ شَارَكَتْهَا الْأُمَمُ الَّتِي قَبْلَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْخَصَائِصِ فَهَلْ كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ كَوُضُوئِنَا أَمْ لَا وَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ» ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ الْحَلِيمِيُّ إلَى أَنَّ الْوُضُوءَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهَا، وَإِنَّمَا الَّذِي تَخْتَصُّ بِهِ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ فِي الْآخِرَةِ فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ فِي قِصَّةِ سَارَةَ مَعَ الْمَلِكِ الَّذِي أَعْطَاهَا هَاجَرَ أَنَّ سَارَةَ لَمَّا هَمَّ الْمَلِكُ بِالدُّنُوِّ مِنْهَا قَامَتْ تَتَوَضَّأُ وَتُصَلِّي وَفِي قِصَّةِ جُرَيْجٍ الرَّاهِبِ أَنَّهُ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ كَلَّمَ الْغُلَامَ فَعُلِمَ أَنَّ الَّذِي اخْتَصَّتْ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ هُوَ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ لَا أَصْلُ الْوُضُوءِ وَقَدْ صُرِّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

قَالَ «إنَّ لَكُمْ سِيمَا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ غَيْرِكُمْ» وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ نَحْوُهُ وَلِلطَّحَاوِيِّ لَا يَأْتِي أَحَدٌ مِنْ الْأُمَمِ كَذَلِكَ وَسِيمَا بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ عَلَامَةٌ وَقَدْ «تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي» وَالْأَصْلُ مُشَارَكَةُ الْأُمَمِ لِأَنْبِيَائِهِمْ فِي أَحْكَامِ الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْخُصُوصِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ ضَعِيفًا، وَمَعْنَى كَوْنِهِمْ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ أَنَّ النُّورَ يَكُونُ فِي وُجُوهِهِمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ، وَإِنَّمَا قَالَ: مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ الْغُرَّةَ وَالتَّحْجِيلَ نَشَآ عَنْ الْفِعْلِ بِالْمَاءِ (سُئِلَ) عَنْ الْمُتَوَضِّئِ إذَا أَرَادَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ أَوْ حُضُورَ دَرْسِ عِلْمٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ هَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ تَجْدِيدُهُ (سُئِلَ) هَلْ يُكْمِلُ الْمُتَوَضِّئُ بِالْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ الْعَاصِي بِلُبْسِهَا (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُكْمِلُ بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ تَوَضَّأَ إلَّا رِجْلَيْهِ ثُمَّ سَقَطَ فِي مَاءِ نَهْرٍ أَوْ غَيْرِهِ هَلْ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِلنِّيَّةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَ ذَاكِرًا لِلنِّيَّةِ حَالَ سُقُوطِهِ فِي الْمَاءِ ارْتَفَعَ حَدَثُ رِجْلَيْهِ

وَإِلَّا فَلَا (وَسُئِلَ) عَنْ مَحَلِّ السِّوَاكِ فِي الْوُضُوءِ هَلْ هُوَ قَبْلَ النِّيَّةِ وَغَسْلِ الْكَفَّيْنِ أَوْ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَضْمَضَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ أَوَّلُ مَا يُبْدَأُ بِالسِّوَاكِ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَفَّالُ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي الْإِقْنَاعِ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ وَمَالَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ الْحَدِيثُ وَالنَّصُّ اهـ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَ النَّوَوِيِّ فِي مِنْهَاجِهِ: وَالتَّسْمِيَةُ أَوَّلُهُ؛ لِأَنَّ السِّوَاكَ لَيْسَ مِنْ الْوُضُوءِ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ سُنَنِهِ (وَسُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ: وَإِطَالَةُ غُرَّتِهِ وَتَحْجِيلِهِ أَنَّ الْغُرَّةَ وَالتَّحْجِيلَ غَسْلُ الْجُزْءِ الزَّائِدِ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لِيَتِمَّ غَسْلُهُمَا فَهُوَ وَاجِبٌ كَغَيْرِهِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْوَاجِبِ فِي قَوْلِ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ وَغَيْرِهِ هِيَ غَسْلُ مَا زَادَ عَلَى الْوَاجِبِ أَصَالَةً وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ إعَادَةُ الضَّمِيرِ فِي عِبَارَتِهِ مُؤَنَّثًا فَيُتَوَهَّمُ مِنْهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْإِطَالَةُ فَيَفْسُدُ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ بَلْ الْمُرَادُ الْغُرَّةُ كَمَا تَقَرَّرَ وَغَلَبَتْ عَلَى غَيْرِهَا لِشَرَفِ مُتَعَلَّقِهَا عَلَى غَيْرِهِ، وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْغُرَّةَ وَالتَّحْجِيلَ هُوَ مَا ذَكَرَ فَيُسْتَحَبُّ إطَالَتُهُ وَغَايَتُهُ فِي الْوَجْهِ إلَى رُبْعِ الرَّأْسِ، وَفِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إلَى الْمَنْكِبِ وَالرُّكْبَةِ هَلْ

كتاب مسح الخفين

هَذَا الْقَائِلُ مُصِيبٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ شَامِلٌ لِمَحَلِّ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ وَلَا يَصِحُّ غَيْرُهُ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ بِيضَ الْوُجُوهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ» وَقَوْلُ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ بَعْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ: إطَالَةُ غُرَّتِهِ وَتَحْجِيلِهِ وَهِيَ غَسْلُ مَا فَوْقَ الْوَاجِبِ مِنْ الْوَجْهِ فِي الْأَوَّلِ، وَمِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فِي الثَّانِي تَفْسِيرُ الْإِطَالَةِ الَّتِي هِيَ السُّنَّةُ وَلَا يَصِحُّ عَوْدُهُ عَلَى الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ إذْ كَانَ يَقُولُ: وَهُمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَلِشُمُولِهَا لِمَحَلِّ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ فَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ [كِتَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ] (كِتَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ) (سُئِلَ) عَفَا اللَّهُ عَنْهُ عَمَّا لَوْ لَبِسَ الْمُحْرِمُ الْخُفَّ هَلْ يَسْتَبِيحُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ كَالْمَغْصُوبِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَسْتَبِيحُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَإِنْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِطَرْدِ الْوَجْهَيْنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَغْصُوبِ وَنَحْوِهِ أَنَّ الْمُحْرِمَ مَنْهِيٌّ عَنْ اللُّبْسِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لُبْسٌ فَصَارَ كَالْخُفِّ الَّذِي لَا يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ، وَالنَّهْيُ عَنْ لُبْسِ الْمَغْصُوبِ وَالْمَسْرُوقِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَعَدٍّ

بِاسْتِعْمَالِ مَالِ الْغَيْرِ (سُئِلَ) عَمَّنْ غَسَلَ مَا تَحْتَ الْجَبِيرَةِ ثُمَّ أَدْخَلَهَا الْخُفَّ هَلْ يَمْسَحُ عَلَيْهِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ: لَا يَمْسَحُ الْخُفَّ عَلَى الْجَبِيرَةِ عَلَى الْمَمْسُوحَةِ أَمْ لَا؟ لِتَعْلِيلِهِمْ مَنْعَ مَسْحِهِ بِأَنَّهُ مَلْبُوسٌ فَوْقَ مَمْسُوحٍ فَأَشْبَهَ الْعِمَامَةَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ الْمَذْكُورُ لِمَا ذُكِرَ؛ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الْجَبِيرَةَ لَا تَكُونُ إلَّا مَمْسُوحَةً بِمَعْنَى أَنَّ وَاجِبَهَا الْمَسْحُ فَشَمِلَ ذَلِكَ وَضْعَهَا عَلَى الْغُسْلِ الْمَذْكُورِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: وَقَضِيَّةُ مَا فَرَّقَ بِهِ الْقَفَّالُ أَنَّ أَكْلَ الْمَيْتَةِ إذَا كَانَ سَبَبُهُ الْإِقَامَةَ، وَهِيَ مَعْصِيَةٌ كَإِقَامَةِ الْعَبْدِ الْمَأْمُورِ بِالسَّفَرِ لَا يُبَاحُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ سَبَبُهُ إعْوَازَ الْحَلَالِ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِقَامَةُ مَعْصِيَةً هَلْ هُوَ مُسْلِمٌ، وَمَا وَجْهُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَوَجْهُهُ أَنَّ إبَاحَةَ أَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ رُخْصَةٌ وَالرُّخَصُ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِي مَسْحِ الْخُفِّ وَالْمُدَّةِ مِنْ الْحَدَثِ فَلَوْ نَامَ مُدَّةً هَلْ تُحْسَبُ الْمُدَّةُ مِنْ أَوَّلِ النَّوْمِ أَوْ مِنْ آخِرِهِ وَهَلْ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ تَقَطَّعَ الْخَارِجُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُمْ قَدْ عَلَّلُوا كَوْنَ ابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ مِنْ الْحَدَثِ إلَى انْتِهَائِهِ بِأَنَّ وَقْتَ الْمَسْحِ الرَّافِعَ لِلْحَدَثِ يَدْخُلُ بِهِ فَاعْتُبِرَتْ مُدَّتُهُ مِنْهُ؛ إذْ لَا مَعْنَى لِوَقْتِ الْعِبَادَةِ

كتاب الغسل

غَيْرَ الزَّمَنِ الَّذِي يَجُوزُ فِعْلُهَا فِيهِ كَوَقْتِ الصَّلَاةِ اهـ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْمُدَّةِ الْيَوْمُ مِنْ أَوَّلِهِ وَفِي الْحَدَثِ الْمُتَتَابِعِ مِنْ آخِرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ عَمَّتْ الْعِلَّةُ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ، وَامْتَنَعَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَتَيَمَّمَ عَنْهَا ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ وَصَلَّى بِهِ فَرِيضَةً ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ فَرِيضَةً أُخْرَى فَبَرِئَتْ أَعْضَاءُ وُضُوئِهِ إلَّا رِجْلَيْهِ فَاسْتَعْمَلَ الْمَاءَ فِيهَا فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ عِوَضًا عَنْ التَّيَمُّمِ كَمَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِسْنَوِيِّ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ؛ لِأَنَّ لُبْسَهُ مُرَتَّبٌ عَلَى التَّيَمُّمِ، وَهُوَ لَا يُسْتَفَادُ بِهِ فَرِيضَةً ثَانِيَةً فَيَغْسِلُ أَعْضَاءَهُ السَّلِيمَةَ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ عَنْ رِجْلَيْهِ [كِتَابُ الْغُسْلِ] (كِتَابُ الْغُسْلِ) (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ وُطِئَتْ الْمَيِّتَةُ بَعْدَ غُسْلِهَا هَلْ يُعَادُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ إعَادَةُ غُسْلِهَا وَيَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى وَاطِئِهَا (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ فِي بَابِ الْغُسْلِ: أَوْ قَدْرُهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا هَلْ الْمُرَادُ الْبَاقِي الْمُتَّصِلُ بِدَلِيلِ قَوْلِ التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَيَجْرِي هَذَا فِي بَاقِي الْأَحْكَامِ غَيْرَ الدِّيَةِ أَيْ مِنْ وُجُوبِ مَهْرٍ وَغَيْرِهِ وَاسْتِحْلَالٍ فَإِنَّ هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْمُتَّصِلِ وَبِدَلِيلِ أَنَّ الذَّكَرَ الْمَقْطُوعَ فِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ

لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَأَوْجَبُوا هُنَا الْغُسْلَ بِالْبَاقِي إذَا كَانَ قَدْرَ الْحَشَفَةِ أَوْ أَعَمَّ مِنْ الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْفَصِلِ وَهَلْ قَالَهُ أَحَدٌ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ أَوْ لَا وَمَا الْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ قَوْلَ الْفُقَهَاءِ الْمَذْكُورَ شَامِلٌ لِإِدْخَالِ قَدْرِ الْحَشَفَةِ مِنْ مَقْطُوعِهَا مِنْ الذَّكَرِ الْمُتَّصِلِ وَالذَّكَرِ الْمُنْفَصِلِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُحَقِّقِينَ مَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ بِالذَّكَرِ الْمُتَّصِلِ، فَإِنَّ الْأَحْكَامَ الْمَذْكُورَةَ تَكُونُ فِي الْمُنْفَصِلِ أَيْضًا وَكَمَا أَنَّ فِي الذَّكَرِ الْمَقْطُوعِ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ كَذَلِكَ لَنَا وَجْهٌ أَنَّ تَغْيِيبَ قَدْرِ الْحَشَفَةِ مِنْ مَقْطُوعِهَا لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَإِنَّمَا يُوجِبُهُ تَغْيِيبُ جَمِيعِ الْبَاقِي إنْ كَانَ قَدْرَ الْحَشَفَةِ فَصَاعِدًا، وَهُوَ وَجْهٌ مَشْهُورٌ وَرَجَّحَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّ قَوْلَهُمْ: يَجِبُ الْغُسْلُ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا شَامِلٌ لِلذَّكَرِ الْمُبَانِ عَلَى الْأَصَحِّ وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ لَوْ أَوْلَجَ قَدْرَ الْحَشَفَةِ مِنْ ذَكَرٍ مَقْطُوعٍ أَوْ أَوْلَجَ حَشَفَتَهُ فَلَا نَقْلَ فِي الْمَسْأَلَةِ لَكِنَّ قِيَاسَ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّهِ إيجَابُ الْغُسْلِ بِإِيلَاجِهِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ إيلَاجَ الذَّكَرِ الْمَقْطُوعِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ

بِمَسِّهِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ تَوَضَّأَ قَبْلَ غُسْلِهِ ثُمَّ أَحْدَثَ أَوْ غَسَلَ يَدَيْهِ فِي الْوُضُوءِ ثُمَّ أَحْدَثَ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْوُضُوءِ فِي الْأُولَى، وَإِلَى غَسْلِ يَدَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ لِتَحْصِيلِ السُّنَّةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِتَحْصِيلِ سُنَّةِ الْوُضُوءِ إلَى إعَادَتِهِ فِيمَا إذَا أَحْدَثَ بَعْدَهُ وَيَحْتَاجُ إلَى اسْتِئْنَافِهِ لِتَحْصِيلِهَا فِيمَا إذَا أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ (سُئِلَ) عَمَّنْ شَكَّ هَلْ الْخَارِجُ مِنْهُ مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ وَاخْتَارَ أَنَّهُ مَنِيٌّ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ مِنْ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ أَمْ لَا (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَبْلَ اغْتِسَالِهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ لِلشَّكِّ فِي الْجَنَابَةِ، وَلِهَذَا مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ بِفِعْلِ مُقْتَضَى الْحَدَثَيْنِ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ غَسْلَ مَا أَصَابَ ثَوْبَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ (وَسُئِلَ) عَنْ دُعَاءِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ هَلْ يُسَنُّ فِي الْغُسْلِ وَهَلْ يَثْبُتُ الْحُكْمُ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسَنُّ دُعَاءُ أَعْضَاءِ الْغُسْلِ كَالْوُضُوءِ وَيَثْبُتُ الْحُكْمُ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ شَقَّ ذَكَرَهُ نِصْفَيْنِ وَأَدْخَلَ أَحَدَ النِّصْفَيْنِ فِي فَرْجِ امْرَأَةٍ هَلْ يَجِبُ الْغُسْلُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ

الْغُسْلُ لِزَوَالِ اسْمِ الذَّكَرِ عَنْ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (سُئِلَ) عَمَّا إذَا أَلْقَتْ الْمَرْأَةُ يَدًا أَوْ رِجْلًا أَوْ نَحْوَهُمَا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ: يُسَنُّ الْوُضُوءُ لِلْغُسْلِ الْوَاجِبِ هَلْ الْغُسْلُ الْمَسْنُونُ مِثْلُهُ فِيهِ كَمَا نُقِلَ عَنْ تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُمْ عَبَّرُوا بِالْغُسْلِ الْوَاجِبِ لِيَشْمَلَ غُسْلَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْوِلَادَةِ بِلَا بَلَلٍ وَغُسْلَ الْمَيِّتِ وَجَرَوْا فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ فَيُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ فِي الْغُسْلِ الْمَسْنُونِ أَيْضًا؛ إذْ هُوَ عَلَى صُورَةِ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ (سُئِلَ) عَمَّنْ أَحْدَثَ وَأَجْنَبَ ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى نَاوِيًا ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ غَسَلَ بَاقِيَ بَدَنِهِ فَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ عَنْ يَدِهِ الْيُمْنَى أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ السَّابِقَةَ لَا تَشْمَلُ حَدَثَ الْيَدِ الْمُتَأَخِّرَ عَنْهَا، وَلَا جَنَابَةَ عَلَيْهَا لِيَنْدَرِجَ فِيهَا الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ (سُئِلَ) هَلْ تُسَنُّ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ عَقِبَ الْغُسْلِ الْمَفْرُوضِ أَوْ الْمَسْنُونِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ، وَهَلْ صَرَّحَ أَحَدٌ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ قَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي اللُّبَابِ بِالسُّنِّيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ الْوُضُوءُ عَنْ حَدَثٍ أَوْ تَجْدِيدٍ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: هَلْ يَجْرِي فِي الْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ لَمْ أَرَ مَنْ

تَعَرَّضَ لَهُ وَالْقِيَاسُ الِاسْتِحْبَابُ اهـ وَتُسَنُّ صَلَاتُهُمَا عَقِبَ الْغُسْلِ الْمَفْرُوضِ أَوْ الْمَسْنُونِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ: إنَّهُ يُسَنُّ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ إذَا صَلَّى بِهِ صَلَاةً مَا وَإِنَّهُ تُسَنُّ رَكْعَتَانِ سُنَّةُ الْوُضُوءِ وَلَوْ مُجَدَّدًا فَهَلْ لِذَلِكَ حَدٌّ أَوْ لَا وَيَكُونُ دَوْرًا حُكْمِيًّا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ السُّؤَالَ غَيْرُ وَارِدٍ عَلَى قَوْلِهِمْ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يُجَدِّدَ وُضُوءَهُ إذَا صَلَّى بِهِ صَلَاةً ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ، وَلَمْ يَقُولُوا: إنَّهُ يُسَنُّ تَجْدِيدُهُ لِيُصَلِّيَ بِهِ رَكْعَتَيْهِ حَتَّى يَرُدَّ السُّؤَالَ عَلَيْهِ (سُئِلَ) عَنْ جُنُبٍ غَسَلَ بَعْضَ بَدَنِهِ بِنِيَّةٍ ثُمَّ غَسَلَ الْبَعْضَ الْآخَرَ بِلَا نِيَّةٍ هَلْ يَكْفِيهِ هَذَا الْغُسْلُ وَهَلْ الْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْغُسْلَ الْمَذْكُورَ يَكْفِيهِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَلَوْ انْغَسَلَ بَعْضُ أَعْضَاءِ مَنْ نَوَى بِسُقُوطِهِ فِي مَاءٍ أَوْ غَسَلَهَا فُضُولِيٌّ وَنِيَّتُهُ عَازِبَةٌ لَمْ يُجْزِهِ وَعَلَّلَ الرُّويَانِيُّ الْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ بِأَنَّ النِّيَّةَ تَنَاوَلَتْ فِعْلَهُ لَا فِعْلَ غَيْرِهِ (سُئِلَ) عَمَّنْ اغْتَسَلَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ ثُمَّ وَجَدَ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةً، وَشَكَّ هَلْ كَانَتْ فِي الْمَاءِ أَوْ طَرَأَتْ بَعْدَ غُسْلِهِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْغُسْلِ أَمْ لَا وَهَلْ إذَا وَجَدَهَا فِي الْأَثْنَاءِ وَشَكَّ هَلْ كَانَتْ فِي الْمَاءِ أَوْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ مِنْ خَارِجٍ هَلْ يَغْتَسِلُ

بِبَقِيَّةِ الْمَاءِ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ بِمَاءٍ آخَرَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْغُسْلِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَغْتَسِلَ بِبَقِيَّةِ الْمَاءِ فِي الشِّقِّ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ طَهَارَةِ الْمَاءِ فِيهِمَا فَلَا يُنَجِّسُهُ بِالشَّكِّ (سُئِلَ) هَلْ خُرُوجُ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ أَمْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُنْفَتِحِ فِي بَابِ الْحَدَثِ كَمَا جَزَمَ فِي التَّحْقِيقِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ (سُئِلَ) عَنْ عُبُورِ الْجُنُبِ الْمَسْجِدَ لِغَيْرِ غَرَضٍ هَلْ يُكْرَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَمْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُفْتَى بِهِ مَا فِي الْمَجْمُوعِ (سُئِلَ) هَلْ يُكْرَهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ بِلَا وُضُوءٍ كَمَا قَالَهُ فِي الْإِحْيَاءِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُكْرَهُ الدُّخُولُ الْمَذْكُورُ لِتَفْوِيتِهِ بِهِ تَحِيَّتَهُ وَلَا يُخَالِفُ عَدَمَ كَرَاهَةِ مُكْثِ الْمُحْدِثِ وَنَوْمِهِ فِي الْمَسْجِدِ؛ إذْ لَيْسَ فِيهِمَا تَفْوِيتُ التَّحِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ صَلَّى التَّحِيَّةَ عَقِبَ دُخُولِهِ فَذَلِكَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا فَالْمَكْرُوهُ وَالدُّخُولُ دُونَهُمَا (سُئِلَ) عَنْ جُنُبٍ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ غَلَطًا هَلْ يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ عَنْ رَأْسِهِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِنِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ فِي الْوُضُوءِ أَوْ لَا

لِأَنَّ الْجَنَابَةَ لَمْ تَرْتَفِعْ عَنْهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَفْهُومَ قَوْلِهِمْ: إنَّ جَنَابَتَهُ لَا تَرْتَفِعُ عَنْ رَأْسِهِ أَنَّ حَدَثَهُ الْأَصْغَرَ يَرْتَفِعُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: إنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْوُضُوءُ، وَالْأَفْضَلُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْغُسْلِ وَيَنْوِي بِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَيَرْتَفِعُ عَنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ مَعَ بَقَاءِ جَنَابَتِهَا (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ فِي قَوَاعِدِهِ فِي حَرْفِ الْهَاءِ لِلْحَشَفَةِ أَحْكَامُ الْوَطْءِ يَتَعَلَّقُ بِقَدْرِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ الْجَمِيعُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ وُجُوبُ الدِّيَةِ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مُعْتَمَدٌ (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ دُخُولُ اثْنَيْنِ فِي بِرْكَةٍ ضَيِّقَةٍ عَرَايَا كَمَغْطِسِ الْحَمَّامِ لِضَرُورَةٍ وَغَيْرِهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ نَظَرَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْ عَوْرَةِ الْآخَرِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا (سُئِلَ) هَلْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ: يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ مِنْ دُخُولِ الْحَمَّامِ أَوْ مِنْ غُسْلِ الْحَمَّامِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْغُسْلَ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ إرَادَةِ الْخُرُوجِ مِنْ الْحَمَّامِ (سُئِلَ) عَمَّنْ أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ لِغُسْلٍ مَسْنُونٍ كَجُمُعَةٍ وَعِيدٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَا كَيْفِيَّةُ نِيَّتِهِ فِي ذَلِكَ هَلْ يَقُولُ: نَوَيْت الْغُسْلَ لِلْجُمُعَةِ أَوْ غُسْلَ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَكْفِيهِ نِيَّةُ الْغُسْلِ الْمَسْنُونِ بِنِيَّةِ سَبَبِهِ إلَّا غُسْلَ الْإِفَاقَةِ مِنْ الْجُنُونِ أَوْ الْإِغْمَاءِ فَإِنَّهُ يَنْوِي الْجَنَابَةَ (سُئِلَ)

كتاب النجاسات

عَمَّا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ وَتَوَضَّأَ لِلْحَدَثِ الْأَصْغَرِ لَا بِنِيَّةِ الْغُسْلِ هَلْ يُثَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْغُسْلِ، وَهِيَ لَا ثَوَابَ لَهُ فِي السُّنَنِ الْمُتَقَدِّمَةِ هَلْ هِيَ شَامِلَةٌ لِلْوُضُوءِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُثَابُ عَلَى وُضُوئِهِ الْمَذْكُورِ لِتَحْصِيلِهِ بِهِ الْوُضُوءَ الْمَسْنُونَ لِلْغُسْلِ وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ فِي غَيْرِهِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ تَوَضَّأَ الْجُنُبُ فِي مَاءٍ رَاكِدٍ وَلَوْ كَثِيرًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كُرِهَ ذَلِكَ لَهُ، وَقُلْتُمْ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فَهَلْ يَجْرِي الْحُكْمُ فِي الْحَدَثِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ وُضُوءَ الْجُنُبِ مَكْرُوهٌ دُونَ الْمُحْدِثِ [كِتَابُ النَّجَاسَاتِ] (كِتَابُ النَّجَاسَاتِ) (سُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ طَبَخَ طَعَامًا بِرَوْسِ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ أَوْقَدَ بِهِ تَحْتَ هِبَابٍ فَصَارَ نَشَادِرًا فَهَلْ هُمَا طَاهِرَانِ أَوْ نَجِسَانِ لِأَجْلِ دُخَانِ النَّجَاسَةِ؟ (فَأَجَابَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّ الطَّعَامَ الْمَذْكُورَ طَاهِرٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مَا أَصَابَهُ مِنْ دُخَانِ النَّجَاسَةِ كَثِيرًا، وَإِلَّا تَنَجَّسَ وَكَذَا النَّشَادِرُ إنْ كَانَ هِبَابُهُ طَاهِرًا، وَإِلَّا فَهُوَ نَجِسٌ (سُئِلَ) عَمَّنْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى عَيْنِ بَوْلٍ هَلْ يَطْهُرُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَطْهُرُ الْمَحَلُّ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَى عَيْنِ الْبَوْلِ بِهِ إنْ زَادَ بِهَا وَزْنُ الْغُسَالَةِ (سُئِلَ) عَنْ النَّجَاسَةِ الْكَلْبِيَّةِ إذَا كَانَتْ عَلَى

أَرْضٍ صُلْبَةٍ أَوْ بَلَاطٍ وَغَسَلَهُمَا الْغَسْلَةَ الْأُولَى هَلْ يُشْتَرَطُ تَنْشِيفُ الْمَحَلِّ قَبْلَ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ، وَكَذَلِكَ الثَّالِثَةُ إلَى آخِرِ السَّبْعِ أَوْ يَكْفِي وُصُولُ الْمَاءِ فِيهِمَا إلَى مَا وَصَلَ إلَيْهِ فِي الْأُولَى؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِي وُصُولُ الْمَاءِ فِيهِ إلَى مَا وَصَلَ إلَيْهِ فِي الْأُولَى (سُئِلَ) عَمَّنْ صَبَغَ رَأْسَهُ أَوْ ثَوْبَهُ أَوْ لِحْيَتَهُ بِنَجَاسَةٍ مُغَلَّظَةٍ عَالِمًا بِذَلِكَ، وَغَسَلَهُ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ وَعَسِرَ إخْرَاجُ لَوْنِ الصَّبْغِ فَهَلْ يَطْهُرُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَطْهُرُ إذَا انْفَصَلَ صَبْغُهُ عَنْهُ، وَلَمْ يَزِدْ وَزْنُهُ بَعْدَ غَسْلِهِ عَلَى وَزْنِهِ قَبْلَ صَبْغِهِ وَإِنْ بَقِيَ لَوْنُهُ لِعُسْرِ زَوَالِهِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ سَقَى الْحَدَّادُ سَيْفًا أَوْ سِكِّينًا مَاءً نَجِسًا هَلْ يَطْهُرُ بِغَسْلِ ظَاهِرِهِ أَوْ لَا وَهَلْ يَتَنَجَّسُ مَا قُطِعَ بِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَطْهُرُ بِغَسْلِ ظَاهِرِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى سَقْيِهِ مَاءً طَاهِرًا فَلَوْ قَطَعَ بِهِ قَبْلَ غُسْلِهِ شَيْئًا رَطْبًا صَارَ مُتَنَجِّسًا (سُئِلَ) عَمَّنْ تَنَجَّسَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ غَسَلَ إحْدَى يَدَيْهِ وَشَكَّ فِي الْمَغْسُولِ أَهُوَ يَدُهُ الْيُمْنَى أَمْ الْيُسْرَى ثُمَّ أَدْخَلَ الْيُسْرَى فِي مَائِعٍ فَهَلْ يَتَنَجَّسُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ نَجَاسَةُ الْيَدِ الْيُسْرَى أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَةُ ذَلِكَ الْمَائِعِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ مَائِعٌ بِغَمْسِ الْيَدِ الْيُسْرَى فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ

طَهَارَتُهُ، وَقَدْ اعْتَضَدَ بِاحْتِمَالِ طَهَارَةِ الْيَدِ الْيُسْرَى (سُئِلَ) عَنْ خَلِّ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ هَلْ هُوَ طَاهِرٌ يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ أَمْ لَا وَقَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِ بَيْعِهِ وَالسَّلَمِ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ هَلْ عِلَّةُ مُقَابِلِهِ الْمَاءُ الَّذِي فِيهِ أَوْ النَّجَاسَةُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ خَلَّ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ ضَرُورَتِهِ فَيَحِلُّ تَنَاوُلُهُ وَبَيْعُهُ وَالسَّلَمُ فِيهِ وَغَيْرُهَا، وَإِنْ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِنَجَاسَتِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ فِي كِتَابِ السَّلَمِ بِجَوَازِهِ فِي خَلِّ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ أَنْ يَتَخَمَّرَ ثُمَّ يَتَخَلَّلَ أَمْ لَا، وَعَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهِ وَالسَّلَمِ فِيهِ اخْتِلَاطُهُ بِالْمَاءِ لَا النَّجَاسَةِ (سُئِلَ) هَلْ حُكْمُ الرَّصَاصِ الْمُذَابِ حُكْمُ الْجَافِّ حَتَّى لَوْ وُضِعَ فِيهِ نَصْلٌ مُتَنَجِّسٌ مَثَلًا يَتَنَجَّسُ مَا حَوْلَهُ فَقَطْ كَالزِّئْبَقِ أَمْ حُكْمُ الْمَائِعِ حَتَّى يَتَنَجَّسَ جَمِيعُهُ، وَمَا حُكْمُ الْقَصْدِيرِ الْمُذَابِ أَيْضًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الرَّصَاصُ الْمُذَابُ أَوْ الْقَصْدِيرُ الْمُذَابُ إذَا أُخِذَ مِنْهُ قِطْعَةٌ لَا يُتَرَادُّ مِنْ الْبَاقِي مَا يَمْلَأُ مَوْضِعَهَا عَنْ قُرْبٍ فَهُوَ جَافٌّ، وَإِلَّا فَمَائِعٌ (سُئِلَ) عَنْ الْكَلْبِ إذَا نَزَا عَلَى شَاةٍ مَأْكُولَةٍ فَأَوْلَدَهَا وَلَدًا هَلْ يَتَنَجَّسُ لَبَنُهَا كَمَا قُيِّدَ فِي

الْخَادِمِ وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ الْعِمَادِ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِالتَّنَجُّسِ فَهَلْ يَصِيرُ مُؤَبَّدًا أَوْ يَكُونُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَلَدِ فَقَطْ حَتَّى لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ مِنْ طَاهِرٍ يَكُونُ لَبَنُهَا طَاهِرًا، وَمَا الْمُطَهِّرُ لَهُ، وَهَلْ الْقَائِلُ بِالتَّنَجُّسِ عَلَّلَ بِأَنَّ اللَّبَنَ لِلرَّجُلِ كَمَا عَلَّلُوا بِهِ فِي التَّحْرِيمِ بِالرَّضَاعِ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ: لَا فَمَا الْفَرْقُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَبَنَ الشَّاةِ طَاهِرٌ وَلَوْ أَحْبَلَهَا كَلْبٌ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ، وَيُؤَيِّدُهُ تَصْرِيحُ الْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ بِحِلِّ لَبَنِ الْفَرَسِ، وَإِنْ وَلَدَتْ بَغْلًا؛ إذْ لَوْ حَكَمَ بِتَبَعِيَّةِ اللَّبَنِ لِلْوَلَدِ فِي هَذِهِ لَحَكَمَ بِتَنْجِيسِهِ وَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ الْحُكْمُ بِتَنْجِيسِهِ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِهِمْ وَعَلَى الْقَوْلِ بِهِ فَلَا يَتَعَدَّى إلَى لَبَنِهَا الْحَاصِلِ بِوِلَادَةِ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ؛ إذْ الْمُقْتَضِي لِلْحُكْمِ بِتَنْجِيسِهِ كَوْنُهُ حَاصِلًا بِسَبَبِ حَيَوَانٍ نَجِسٍ وَقَدْ زَالَ (سُئِلَ) عَنْ مَعْنَى تَقْيِيدِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ قَوْلَ الْإِمَامِ الشَّيْخِ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيِّ: وَلَيْسَتْ الْعَلَقَةُ وَالْمُضْغَةُ وَرُطُوبَةُ الْفَرْجِ بِقَوْلِهِ مِنْ الْآدَمِيِّ بِنَجِسٍ فِي الْأَصَحِّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ ذَكَرَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ مِنْ الْآدَمِيِّ لِيُفِيدَ بِهِ مَعَ قَوْلِهِ آخِرَ الْمَقَالَةِ: وَالثَّلَاثَةُ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ أَوْلَى بِالنَّجَاسَةِ لِأَنَّ الْخِلَافَ

فِي الثَّلَاثَةِ جَازَ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الْآدَمِيِّ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ فِي الثَّلَاثَةِ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ أَقْوَى مِنْ مُقَابِلِهِ فِيهَا مِنْ الْآدَمِيِّ فَمَا ذَكَرَهُ لَيْسَ تَقْيِيدًا مُخْرِجًا لِلثَّلَاثَةِ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ مِنْ الطَّهَارَةِ (سُئِلَ) عَنْ شَعْرِ الْمَأْكُولِ الْمُنَتَّفِ الطَّالِعِ بِأُصُولِهِ فِي الْجِلْدِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ هَلْ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ شَعْرَ الْمَأْكُولِ طَاهِرٌ فَإِنْ انْفَصَلَ أَصْلُهُ مَعَ شَيْءٍ مِمَّا نَبَتَ فِيهِ مِنْ الْجِلْدِ، وَفِيهِ رُطُوبَةٌ فَهُوَ مُتَنَجِّسٌ يَطْهُرُ بِغُسْلِهِ، وَلَا يُشْكِلُ هَذَا عَلَى قَوْلِهِمْ لَوْ قَطَعَ عُضْوًا مِنْ مَأْكُولٍ حَالَ حَيَاتِهِ وَعَلَيْهِ شَعْرٌ فَالشَّعْرُ نَجِسٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الشَّعْرُ فِي مَسْأَلَتِنَا مَتْبُوعٌ، وَالْجِلْدُ تَابِعٌ لِقِلَّتِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْعُضْوِ فَإِنَّ الشَّعْرَ تَابِعٌ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ تَوَقَّفَتْ إزَالَةُ لَوْنِ النَّجَاسَةِ أَوْ رِيحِهَا عَلَى الِاسْتِعَانَةِ بِأُشْنَانٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ عَلَى الْحَتِّ أَوْ الْقَرْضِ هَلْ يَجِبُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ كُلٌّ مِمَّا ذُكِرَ (سُئِلَ) عَنْ حَمَّامٍ غُسِلَ دَاخِلَهُ كَلْبٌ وَلَمْ يَعْهَدْ تَطْهِيرَهُ وَاسْتَمَرَّ النَّاسُ عَلَى دُخُولِهِ وَالِاغْتِسَالِ بِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ ثُمَّ لَا يَخْفَى انْتِشَارُ النَّجَاسَةِ إلَى حُصُرِ الْحَمَّامِ وَأَبْوَابِهَا وَفُوَطِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْ مُبَاشَرَةِ الدَّاخِلِ لَهُ

ضَرُورَةً فَمَا الَّذِي يَجِبُ فِيمَا ذُكِرَ وَإِذَا عَهِدَ دُخُولَ النِّسَاءِ الْحَمَّامَ هَلْ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ بِفَرْضِ اغْتِسَالِهِنَّ فِيهِ بِالطِّفْلِ وَنَحْوِهِ وَهَلْ إذَا دَخَلَ الْحَمَّامَ الْمَذْكُورَ شَخْصٌ وَبَاشَرَ الْمَذْكُورَاتِ أَعْلَاهُ يُحْكَمُ بِتَنَجُّسِ مَا لَاقَاهَا مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ طُولِ الزَّمَنِ الْمُتَخَلِّلِ بَيْنَ الْوَاقِعَةِ وَبَيْنَ دُخُولِهِ أَمْ يُفَرَّقُ، وَهَلْ بَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْهِرَّةِ تَفَاوُتٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا يُتَيَقَّنُ إصَابَةُ الْكَلْبِ لَهُ مِنْ الْحَمَّامِ مَعَ رُطُوبَةٍ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ حَتَّى لَا تَصِحَّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ، وَالطِّفْلُ يَحْصُلُ بِهِ التَّتْرِيبُ فِي النَّجَاسَةِ الْكَلْبِيَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ فَيَطْهُرُ مَا تَنَجَّسَ مِنْ الْحَمَّامِ بِمُرُورِ الْمَاءِ عَلَيْهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ إحْدَاهُنَّ بِالطِّفْلِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ مَا لَاقَى الْمَوْضِعُ الْمُتَيَقَّنُ نَجَاسَتُهُ مِنْ بَدَنٍ دَاخِلَ الْحَمَّامِ مَعَ رُطُوبَةٍ قَبْلَ احْتِمَالِ طَهَارَتِهِ تَنَجَّسَ وَتَنَجَّسَ بِهِ مَا لَاقَاهُ مَعَ رُطُوبَةٍ مِنْ فُوَطٍ وَحُصُرٍ وَثِيَابٍ وَغَيْرِهَا، وَأَمَّا مَا لَاقَاهُ كَذَلِكَ بَعْدَ احْتِمَالِ طَهَارَتِهِ، وَلَوْ بِوَاسِطَةِ الطِّينِ الَّذِي فِي نِعَالِ دَاخِلِيهِ فَلَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ كَمَا لَوْ تَنَجَّسَ فَمُ حَيَوَانٍ مِنْ هِرَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا ثُمَّ غَابَ غَيْبَةً وَأَمْكَنَ وُرُودُهُ فِيهَا مَاءً كَثِيرًا ثُمَّ وَلَغَ فِي طَاهِرٍ لَمْ يُنَجِّسْهُ؛ لِأَنَّا لَا نُنَجِّسُ

بِالشَّكِّ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ بَقَاءَ نَجَاسَةِ فَمِهِ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ احْتِمَالِ طَهَارَةِ الْمَحَلِّ وَعَدَمِهِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ الْهِرَّةِ (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ نَجَاسَةُ فَضَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَغَيْرِهِ كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَصَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ طَهَارَتُهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ الْعُمْرَانِيُّ عَنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَصَحَّحَهُ الْبَارِزِيُّ وَالسُّبْكِيُّ وَالشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ الْإسْفَرايِينِيّ وَغَيْرُهُمْ ثُمَّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَبِهِ الْفَتْوَى، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الَّذِي أَعْتَقِدُهُ وَأَلْقَى اللَّهَ بِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَذَا أَقُولُ وَيَنْبَغِي طَرْدُهُ فِي سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ (سُئِلَ) عَنْ الْكِشْكِ الَّذِي يُعْمَلُ هَلْ هُوَ نَجِسٌ أَوْ طَاهِرٌ فَإِنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: إنَّهُ نَجِسٌ لِأَنَّهُ يَتَخَمَّرُ كَالْبُوظَةِ وَهَلْ يَقُومُ جَفَافُهُ مَقَامَ التَّخَلُّلِ فِي الْخَمْرِ أَمْ مَقَامَ الْخَمْرِ الْمَعْقُودَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْكِشْكَ طَاهِرٌ، وَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِ الْقَائِلِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ صَارَ مُسْكِرًا لَكَانَ طَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَائِعٍ (سُئِلَ) عَنْ تُرَابٍ وُضِعَ عَلَى نَجَاسَةٍ كَلْبِيَّةٍ رَطْبَةٍ ثُمَّ فُصِلَ عَنْهَا قَبْلَ إيرَادِ الْمَاءِ عَلَيْهِ هَلْ يَنْجُسُ أَمْ لَا لِبَقَاءِ الْغَسَلَاتِ السَّبْعِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ

يَنْجُسُ وَمَا ذَكَرَ تَعْلِيلًا لَيْسَ بِصَحِيحٍ (سُئِلَ) هَلْ يَجِبُ التَّسْبِيعُ مَعَ التَّتْرِيبِ فِي إزَالَةِ رَائِحَةِ الْبَخُورِ بِعُذْرَةِ نَحْوِ الْكَلْبِ أَمْ لَا كَمَا لَا يَجِبُ ذَلِكَ فِي تَطْهِيرِ الْفَرْجِ مِنْ خُرُوجِ رَجِيعِ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَنْجُسُ مَا أَصَابَتْهُ رَائِحَةُ الْبَخُورِ وَلَوْ مَعَ رُطُوبَةٍ؛ لِأَنَّ دُخَانَ النَّجَاسَةِ لَا يَرْتَفِعُ مَعَهُ جُرْمٌ مِنْ النَّجَاسَةِ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ بِخُرُوجِ الرِّيحِ، وَمَوْضِعُ الْحَدَثِ رَطْبٌ لَا يَتَنَجَّسُ، وَلَا يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ فِي الْأَصَحِّ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْكَمَالِ ابْنِ أَبِي شَرِيفٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: فَإِنْ تَغَيَّرَ مَاءُ الْغُسَالَةِ أَوْ زَادَ وَزْنُهَا فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْمَغْسُولِ بَلْ يُسْتَأْنَفُ التَّطْهِيرُ مِنْهَا، وَقَوْلُنَا: إنَّ الْغُسَالَةَ الْمُتَغَيِّرَةَ، وَاَلَّتِي ثَقُلَتْ وَزْنًا تُخَالِفُ حُكْمَ الْمَغْسُولِ أَيْ فِي النَّجَاسَةِ يُنَبِّهُ عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّظَةَ يُسْتَأْنَفُ التَّطْهِيرُ مِنْهَا بِسَبْعٍ إحْدَاهَا بِالتُّرَابِ، وَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ الَّذِي انْفَصَلَتْ عَنْهُ يَطْهُرُ بِمَا بَقِيَ مِنْ السَّبْعِ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَوَجْهُهُ أَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى غُسَالَةِ الْمَرَّةِ الْأُولَى أَوْ الْمُنْفَصِلَةِ قَبْلَ زَوَالِ الْعَيْنِ (سُئِلَ) عَنْ أَرْضٍ تُرَابِيَّةٍ تَنَجَّسَتْ بِنَجَاسَةٍ مُغَلَّظَةٍ ثُمَّ تَنَجَّسَ بِهَا ثَوْبٌ مَثَلًا هَلْ يَحْتَاجُ فِي تَطْهِيرِهِ إلَى تَرْتِيبٍ أَوْ لَا تَبَعًا لَهَا

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ فِي تَطْهِيرِهِ التَّتْرِيبُ وَلَا يَكُونُ تَبَعًا لَهَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فِيهِ، وَهِيَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ، وَأَيْضًا فَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْ تَتْرِيبِ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ إلَّا الْأَرْضَ التُّرَابِيَّةَ (سُئِلَ) عَنْ صَبِيٍّ بَالَ عَلَى بَلَاطِ جَامِعٍ وَعَيْنُهُ بَاقِيَةٌ هَلْ يَطْهُرُ بِرَشِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ زَادَ وَزْنُ غُسَالَةِ الْمَاءِ الْمَصْبُوبِ عَلَيْهَا بِهَا لَمْ يَطْهُرْ مَحَلُّهَا إلَّا بَعْدَ زَوَالِهَا، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ خِلَافَهُ؛ إذْ مِنْ شُرُوطِ طَهَارَةِ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ أَنْ لَا يَزِيدَ وَزْنُ غُسَالَتِهِ (سُئِلَ) أَهْلُ صِنَاعَةِ الْفَاخُورِ لَا بُدَّ أَنْ يُضِيفُوا إلَى الطِّينِ الَّذِي يَصْنَعُونَهُ أَوَانِيَ كَالْإِجَّانَاتِ وَالْكِيزَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ شَيْئًا مِنْ السِّرْجِينِ وَيَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَةِ الصِّنَاعَةِ، وَأَنَّ الطِّينَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُصْنَعَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِالْإِضَافَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؟ وَهَلْ يُفْصَلُ فِي ذَلِكَ وَيُقَالُ بِالْعَفْوِ إذَا لَمْ يَقُمْ مَقَامَ السِّرْجِينِ شَيْءٌ مِنْ الطَّاهِرَاتِ وَبِعَدَمِهِ حَيْثُ يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: لِلْإِنَاءِ حَالَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يُتَيَقَّنَ اسْتِعْمَالُ السِّرْجِينِ فِيهِ فَفِيهِ قَوْلَا تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ أَيْ الْغَالِبِ، أَظْهَرُهُمَا الْعَمَلُ بِالْأَصْلِ

وَهُوَ الطَّهَارَةُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ، وَلَوْ اطَّرَدَتْ عَادَةٌ بِمُخَالَفَةِ الْأَصْلِ كَاسْتِعْمَالِ السِّرْجِينِ فِي أَوَانِي الْفَخَّارِ فَكَذَلِكَ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ حَيْثُ حَكَمَ بِالنَّجَاسَةِ ثَانِيهِمَا أَنْ يُتَيَقَّنَ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ فَيُعْفَى عَنْهُ بِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ؛ إذْ الْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ فَقَدْ نَقَلَ الرُّويَانِيُّ فِي بَابِ الصَّلَاةِ بِالنَّجَاسَةِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سُئِلَ عَنْ الْأَوَانِي الَّتِي تُعْمَلُ بِالنَّجَاسَةِ فَقَالَ: إذَا ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسَعَ (سُئِلَ) عَنْ بَوْلٍ فِي أَرْضٍ صُبَّ عَلَيْهَا مَاءٌ غَمَرَهُ وَاسْتَهْلَكَ فِيهِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ لَوْنٌ وَلَا طَعْمٌ وَلَا رِيحٌ هَلْ تَطْهُرُ الْأَرْضُ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا إذَا أَصَابَ الْأَرْضَ بَوْلٌ فَصُبَّ عَلَيْهَا مَاءٌ غَمَرَهُ وَاسْتُهْلِكَ فِيهِ طَهُرَتْ بَعْدَ نُضُوبِ الْمَاءِ عَلَيْهَا وَقَبْلَهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الطَّهَارَةُ، وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ وَالْأَنْوَارِ وَالطِّرَازِ الْمُذْهَبِ وَتَحْرِيرِ التَّنْقِيحِ قَرِيبَةٌ مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ يُشْتَرَطُ لِطَهَارَةِ تِلْكَ الْأَرْضِ نَزْحُ الْبَوْلِ مِنْهَا أَمْ نُضُوبُهُ قَبْلَ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ الْمَذْكُورِ فَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَرْضَ إذَا شَرِبَتْ مَا تَنَجَّسَتْ بِهِ لَا بُدَّ مِنْ زَوَالِ عَيْنِهِ قَبْلَ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ كَانَ فِي إنَاءٍ اهـ فَهَلْ الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي فَإِنْ قُلْتُمْ بِالثَّانِي فَمَا

الْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ، وَمَا حُكْمُ الْبَوْلِ وَالْمَاءِ الْمُخْتَلِطَيْنِ عَلَى الْأَوَّلِ هَلْ هُمَا طَاهِرَانِ كَالْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ نَجِسَانِ لِقَوْلِ الْفُقَهَاءِ فَلَوْ كُوثِرَ بِإِيرَادِ طَهُورٍ فَلَمْ يَبْلُغْهُمَا لَمْ يَطْهُرْ، وَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ بَوْلَ كَلْبٍ فَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ بَوْلِ الْإِنْسَانِ بِالنِّسْبَةِ إلَى طَهَارَةِ الْأَرْضِ، أَوْ حُكْمَ الْمَاءِ وَالْبَوْلِ الْمُخْتَلِطَيْنِ أَوْ يُصَبُّ عَلَيْهَا سَبْعُ دَفَعَاتٍ مِنْ الْمَاءِ بِحَيْثُ يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ الْبَوْلِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ نَزْحِ الْبَوْلِ أَوْ نَزْحِ مَا غَسَلَهُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ وَلَوْ تَنَجَّسَتْ مِعْجَنَةٌ بِنَجَاسَةِ آدَمِيِّ أَوْ كَلْبِيَّةٍ هَلْ يَكُونُ حُكْمُهَا فِي التَّطْهِيرِ كَحُكْمِ الْأَرْضِ أَوْ الْإِنَاءِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَطْهُرُ الْأَرْضُ بِذَلِكَ وَهَذَا مُرَادُ الْأَصْحَابِ وَكَلَامُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَوَقَّفَ فِيهِ وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالتَّحْقِيقِ وَغَيْرِهَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ الْبَوْلِ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا مَا يَزِيدُ بِهِ وَزْنُ الْغُسَالَةِ بَعْدَ انْفِصَالِهَا عَنْ الْأَرْضِ وَلِهَذَا عَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهِ: وَلَهُ وَإِنْ صَبَّ عَلَى مَوْضِعِ بَوْلٍ أَوْ خَمْرٍ مِنْ أَرْضٍ مَا غَمَرَهُ طُهْرٌ وَلَوْ لَمْ يَنْصَبَّ اهـ وَحُكْمُ بَوْلِ الْكَلْبِ بَعْدَ التَّسْبِيعِ وَكَذَا التَّرْتِيبُ

إنْ لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ تُرَابِيَّةً كَحُكْمِ بَوْلِ غَيْرِهِ، وَمَتَى انْفَصَلَتْ الْغُسَالَةُ مُتَغَيِّرَةً أَوْ زَائِدَةَ الْوَزْنِ لَمْ يُحْكَمْ بِطَهَارَتِهَا، وَلَا طَهَارَةُ الْأَرْضِ فَالْمَاءُ وَالْبَوْلُ الْمُخْتَلِطَانِ بَاقِيَانِ عَلَى النَّجَاسَةِ مَا لَمْ يَبْلُغْ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ بِلَا تَغَيُّرٍ وَحُكْمُ تَطْهِيرِ الْمِعْجَنَةِ كَحُكْمِ تَطْهِيرِ الْأَرْضِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ حُكْمَ تَطْهِيرِ الْأَرْضِ وَالْإِنَاءِ وَاحِدٌ (سُئِلَ) عَمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مِنْ عَمَلِ الْجُبْنِ بِإِنْفَحَةِ الْحَيَوَانِ الْمُتَغَذِّي بِغَيْرِ اللَّبَنِ هَلْ يُعْفِي عَنْ ذَلِكَ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ وَمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ لِمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ؛ إذْ مِنْ الْقَوَاعِدِ أَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ وَأَنَّ الْأَمْرَ إذَا ضَاقَ اتَّسَعَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وَقَدْ صَرَّحَ الْأَئِمَّةُ بِالْعَفْوِ عَنْ النَّجَاسَةِ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ الْمَشَقَّةُ فِيهَا أَخَفُّ مِنْ هَذِهِ الْمَشَقَّةِ (سُئِلَ) عَنْ مَرَارَةِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ الْمُذَكَّى هَلْ هِيَ طَاهِرَةٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا نَجِسَةٌ؛ لِأَنَّهَا مِمَّا يَسْتَحِيلُ فِي الْبَاطِنِ كَالدَّمِ؛ إذْ هِيَ مَا فِي الْمَرَارَةِ مِنْ الْمَائِعِ، وَأَمَّا الْمَرَارَةُ فَطَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا مَأْكُولَةٌ لِكَوْنِهَا مِنْ أَجْزَاءِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ، وَإِنْ كَانَ بَاطِنُهَا مُتَنَجِّسًا (سُئِلَ) عَمَّا إذَا لَمْ تَزُلْ النَّجَاسَةُ الْعَيْنِيَّةُ الْكَلْبِيَّةُ

إلَّا بِسِتِّ غَسَلَاتٍ هَلْ تُحْسَبُ وَاحِدَةً أَوْ سِتًّا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تُحْسَبُ تِلْكَ الْغَسَلَاتُ وَاحِدَةً عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ مُزِيلَ عَيْنِ النَّجَاسَةِ يُعَدُّ غَسْلَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْغَسْلُ (سُئِلَ) عَمَّنْ أَلْقَى تُرَابًا طَهُورًا فِي قُلَّتَيْنِ مِنْ الْمَاءِ إلَى أَنْ كَدَّرَهُ ثُمَّ إنَّهُ غَمَسَ عُضْوَهُ الْمُتَنَجِّسَ نَجَاسَةً كَلْبِيَّةً فِيهِ حَالَ كُدْرَتِهِ هَلْ يَطْهُرُ وَإِذَا رَسَبَ فِي الْمَاءِ، وَاسْتَخْرَجَهُ إنْسَانٌ هَلْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ أَيْضًا فِي نَجَاسَةٍ كَلْبِيَّةٍ، وَهَلْ إذَا جَفَّ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا غَمَسَهُ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ طَهُرَ عُضْوُهُ الْمَذْكُورُ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي نَجَاسَةٍ كَلْبِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي التُّرَابِ الْمَمْزُوجِ بِالْمَاءِ كَوْنُهُ طَهُورًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْكَمَالُ سلار شَيْخُ النَّوَوِيِّ وَاقْتَضَى كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ كَوْنَهُ مِمَّا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ، وَالتُّرَابُ الْمَذْكُورُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْخَبَثِ فَهُوَ طَاهِرٌ لَا طَهُورٌ فَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ (سُئِلَ) عَنْ لَبَنِ الثَّوْرِ هَلْ هُوَ نَجِسٌ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصَحَّ طَهَارَةُ لَبَنِ الثَّوْرِ؛ لِأَنَّهُ لَبَنُ حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ لَحْمُهُ (سُئِلَ) عَنْ الْحَصَاةِ الَّتِي تَخْرُجُ مَعَ الْبَوْلِ لِمَرَضٍ أَوْ بِغَيْرِ بَوْلٍ بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ هَلْ تَكُونُ طَاهِرَةَ الْعَيْنِ أَوْ نَجِسَةَ الْعَيْنِ فَإِذَا قُلْتُمْ

بِطَهَارَتِهَا كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَالرَّافِعِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِي الْأَحْدَاثِ: وَأَمَّا قَوْلُهُ طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا فَقَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الطَّاهِرِ الْمَنِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ مِنْهُ الدُّودُ وَالْحَصَى، وَسَائِرُ مَا هُوَ طَاهِرُ الْعَيْنِ هَذَا لَفْظُهُ بِحُرُوفِهِ وَكَذَلِكَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَتَعَصَّبَ مُتَعَصِّبٌ وَقَالَ: إنَّ الْحَصَاةَ الْمَذْكُورَةَ نَجِسَةُ الْعَيْنِ، وَإِنَّهَا تُخْلَقُ مِنْ الْبَوْلِ بِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ الْأَطِبَّاءِ فَقِيلَ لَهُ: الْأَطِبَّاءُ لَا يَعْلَمُونَ كَيْفَ خُلِقَتْ الْحَصَاةُ فِي الْبَاطِنِ، وَلَا مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خُلِقَتْ مِنْهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كَمَنْ خُلِقَتْ مِنْهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كَمَنْ أَخْبَرَ بِنَجَاسَةِ شَيْءٍ فَإِنَّهُ يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ، وَكَيْفِيَّةُ التَّخْلِيقِ وَالتَّكْوِينِ لَا يَعْلَمُهَا إلَّا اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - فَلَا يُقَاوِمُ قَوْلُهُمْ الْحُجَّةَ الشَّرْعِيَّةَ الَّتِي نَصَّتْ عَلَى طَهَارَةِ عَيْنِهَا بِحُجَّتِهِمْ الْوَاهِيَةِ الَّتِي لَا يَعْلَمُونَ حَقِيقَتَهَا فَهَلْ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ وَتَصِيرُ الْحَصَاةُ الْمَذْكُورَةُ الْمَحْكُومُ بِطَهَارَتِهَا نَجِسَةَ الْعَيْنِ بِقَوْلِهِمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْحَصَاةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهَا جَامِدَةٌ الطَّهَارَةُ، وَالْأَصْلُ فِيهَا الطَّهَارَةُ إلَّا مَا اسْتَثْنَى، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ فَإِنْ أَخْبَرَ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ مَنْ يَقْبَلُ خَبَرَهُ بِأَنَّهَا مُنْعَقِدَةٌ مِنْ الْبَوْلِ حُكِمَ بِنَجَاسَتِهَا

عَمَلًا بِخَبَرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ التَّنْجِيسُ وَالْإِخْبَارُ بِهِ مِنْ أَخْبَارِ الدِّينِ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ فِيهِ إلَى الْمُخْبِرِ كَإِخْبَارِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُنَا فِي الْوَصَايَا وَغَيْرِهَا بِقَبُولِ خَبَرِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فِي كَوْنِ الْمَرَضِ مَخُوفًا، وَإِنْ كَانَ بَاطِنًا، وَقَدْ قَالَ الْبَدْرُ الزَّرْكَشِيُّ: وَأَمَّا الْخَرَزَةُ الَّتِي تُوجَدُ دَاخِلَ الْمَرَارَةِ، وَتُسْتَعْمَلُ فِي الْأَدْوِيَةِ فَيَنْبَغِي نَجَاسَتُهَا؛ لِأَنَّهَا تَنَجَّسَتْ مِنْ النَّجَاسَةِ فَأَشْبَهَتْ الْمَاءَ النَّجِسَ إذَا انْعَقَدَ مِلْحًا اهـ. وَقَالَ الْكَمَال الدَّمِيرِيُّ وَالْمِرَّةُ الصَّفْرَاءُ نَجِسَةٌ وَمَا فِيهَا وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ خَرَزَتِهَا الصَّفْرَاءِ الَّتِي تُوجَدُ فِي بَعْضِ الْأَبْقَارِ (سُئِلَ) عَنْ نَجَاسَةٍ مُغَلَّظَةٍ وَلَهَا جُرْمٌ تُرِّبَتْ وَهِيَ عَلَى مَحَلٍّ ثُمَّ صُبَّ عَلَيْهَا مَاءٌ وَمُزِجَ بِهَا فَهَلْ يَكْفِي ذَلِكَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ التَّتْرِيبِ بَعْدَ إزَالَةِ جُرْمِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَتْرِيبِهَا بَعْدَ إزَالَةِ جُرْمِهَا (سُئِلَ) عَمَّنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ كَلْبِيَّةٌ فَتُرِّبَ وَغُسِّلَ سَبْعًا وَجُعِلَ التُّرَابُ فِي غَيْرِ السَّابِعَةِ ثُمَّ انْتَقَلَ رَشَاشٌ مِنْ السَّابِعَةِ مِنْ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ هَلْ يَجِبُ تَتْرِيبُهُ، وَتَسْبِيعُ ذَلِكَ الْمَحَلِّ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ أَوْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِذَلِكَ فَهَلْ يَجِبُ تَتْرِيبُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ الْمَحَلِّ

الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ مِنْ رَشَاشِ السَّابِعَةِ لِانْتِقَالِهِ بَعْدَ طُهْرِ الْمَحَلِّ (سُئِلَ) عَنْ الْخَمْرَةِ إذَا غُلِيَتْ بِالنَّارِ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ هَلْ تَطْهُرُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَطْهُرُ بِتَخَلُّلِهَا (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ وُضِعَ خَمْرٌ فِي دَنٍّ ثُمَّ نُزِعَ مِنْهُ وَلَمْ يُغْسَلْ الدَّنُّ ثُمَّ صُبَّ فِيهِ خَمْرٌ آخَرُ وَلَمْ يَصِلْ إلَى مَا وَصَلَ إلَيْهِ الْأَوَّلُ ثُمَّ ارْتَفَعَ بِالْغَلَيَانِ حَتَّى وَصَلَ إلَى مَوْضِعِ الْأَوَّلِ أَوْ زَادَ ثُمَّ تَخَلَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ يَطْهُرُ بَدَنُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَطْهُرُ مَعَ دَنِّهَا (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَخْبَرَنَا شَخْصٌ أَنَّ هَذَا الْجِلْدَ جِلْدُ مَيْتَةٍ وَلَمْ نَدْرِ هَلْ دُبِغَ أَمْ لَا فَهَلْ نَحْكُمُ بِطَهَارَتِهِ أَوْ بِنَجَاسَتِهِ اسْتِصْحَابًا بِالْأَصْلِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ عَمَلًا بِخَبَرِ الثِّقَةِ وَبِالْأَصْلِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ شَخْصٌ عَنْ جِلْدٍ: إنَّهُ جِلْدٌ مَأْكُولٌ وَلَمْ نَدْرِ هَلْ مِنْ مُذَكَّاةٍ أَوْ مَيْتَةٍ وَلَمْ يُدْبَغْ مَا الْحُكْمُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَدْلُولَ خَبَرِ الثِّقَةِ أَنَّهُ جِلْدٌ مُذَكًّى؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُذَكَّ حَيَوَانُهُ لَا يَكُونُ إلَّا جِلْدَ غَيْرِ مَأْكُولٍ فَإِنْ أَرَادَ الْمُخْبِرُ أَنَّ حَيَوَانَهُ مِمَّا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ ذُكِّيَ أَمْ لَا لَا يَحْكُمُ بِطَهَارَتِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الذَّكَاةِ (سُئِلَ) عَنْ دُخَانِ الْعُودِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْبَخُورِ الْمُنْفَصِلِ عَنْ نَجَاسَةِ مُحْتَرِقَةٍ إذَا لَاقَى ثَوْبًا رَطْبًا أَوْ جَافًّا هَلْ يُحْكَمُ بِتَنْجِيسِ ذَلِكَ الثَّوْبِ؟

فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُنَجَّسُ الثَّوْبُ بِالدُّخَانِ الْمَذْكُورِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ دَبَغَ جِلْدَ الْمَيْتَةِ جَمِيعًا بِأَنْ عَمَّ الدِّبَاغُ جِلْدَهُ وَشَعْرَهُ هَلْ يَطْهُرُ الْجِلْدُ وَالشَّعْرُ أَمْ الْجِلْدُ فَقَطْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَطْهُرُ إلَّا الْجِلْدُ دُونَ الشَّعْرِ (سُئِلَ) عَمَّنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ مُغَلَّظَةٌ فَغَسَلَهَا سَبْعًا فَلَمْ تَزُلْ عَيْنُهَا إلَّا بِالثَّامِنَةِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ تَرَّبَهَا فِي أَوَّلِ الْغَسَلَاتِ السِّتِّ فَهَلْ يَحْتَاجُ فِي بَقِيَّةِ الْغَسَلَاتِ إلَى تَتْرِيبٍ لِأَنَّ التَّتْرِيبَ وُجِدَ قَبْلَ زَوَالِ الْعَيْنِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ التَّتْرِيبِ بَعْدَ زَوَالِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ انْفَصَلَتْ غُسَالَةُ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ مُتَغَيِّرَةَ الطَّعْمِ أَوْ اللَّوْنِ أَوْ الرِّيحِ وَأَصَابَتْ شَيْئًا آخَرَ يُغْسَلُ سَبْعَةً أَوْ بَقِيَّةَ الْغَسَلَاتِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُغْسَلُ الْمُصَابُ سَبْعًا (سُئِلَ) عَنْ كَيْفِيَّةِ غَسْلِ الْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ سَبْعًا وَمَا الْمُرَادُ بِالْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ هَلْ هِيَ الَّتِي خُلِقَ فِيهَا التُّرَابُ كَأَرْضِ الْمَزَارِعِ أَوْ مَتَى وُجِدَ التُّرَابُ عَلَى أَرْضٍ سُمِّيَتْ تُرَابِيَّةً، وَلَوْ عَلَى جَبَلٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ غَسْلَ الْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ كَغَيْرِهَا مَا عَدَا التَّتْرِيبِ، وَالْمُرَادُ بِهَا مَا فِيهَا تُرَابٌ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا غَسَلَ الثَّوْبَ مَثَلًا مِنْ نَجَاسَةٍ عَيْنِيَّةٍ أَوْ حُكْمِيَّةٍ وَبِهِ دَمُ بَرَاغِيثَ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا يُعْفَى عَنْهُ، وَلَمْ يَزُلْ لَوْنُهُ بِالْغَسْلِ

مَعَ زَوَالِ النَّجَاسَةِ فَهَلْ تَجِبُ إزَالَتُهُ وَلَوْ بِالْقَرْضِ وَالصَّابُونِ أَمْ يُعْفَى عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ اخْتَلَطَ بِمَا ذُكِرَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُحْكَمُ بِطَهَارَةِ الثَّوْبِ مَعَ بَقَاءِ لَوْنِ دَمِ الْبَرَاغِيثِ لِعُسْرِ إزَالَتِهِ؛ لِأَنَّهُ كَثُرَ الْعَفْوُ عَنْهُ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا كَانَ فِي إنَاءٍ خَمْرٌ فَأُدْخِلَ فِيهِ شَيْءٌ حَتَّى ارْتَفَعَتْ ثُمَّ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَعَادَتْ كَمَا كَانَتْ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ فَهَلْ يَطْهُرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَوْ لَا إلَّا إذَا صُبَّ عَلَيْهَا خَمْرٌ، وَارْتَفَعَتْ إلَى الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْجَفَافِ كَمَا حُكِيَ عَنْ الْبَغَوِيِّ أَوْ بَعْدَ الْجَفَافِ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ، وَهَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ قَوْلُ الْبَغَوِيِّ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ كَانَ فِي إنَاءٍ خَمْرٌ فَأُرِيقَتْ مِنْهُ ثُمَّ صُبَّ فِيهِ خَمْرٌ آخَرُ قَبْلَ غَسْلِهِ ثُمَّ نُقِلَتْ إلَى آخَرَ طَاهِرٍ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ فِيهِ فَهَلْ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهَا أَوْ لَا لِمُلَاقَاتِهَا الْمَحَلَّ الْمُتَنَجِّسَ بِالْخَمْرِ فِي الْإِنَاءِ الْأَوَّلِ وَهَلْ يُفَرَّقُ هُنَا بَيْنَ مَا إذَا صُبَّ قَبْلَ الْجَفَافِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ لَا وَقَدْ وَقَعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نِزَاعٌ فِي مَلِيبَارَ فَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِتَنْجِيسِهَا إنْ صَبَّ بَعْدَ الْجَفَافِ قَالَ: وَنَظِيرُهُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَا لَوْ أُدْخِلَ فِي الْخَمْرِ شَيْءٌ فَارْتَفَعَتْ بِسَبَبِهِ ثُمَّ أُخْرِجَ ذَلِكَ الشَّيْءُ فَنَزَلَتْ إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ أَوَّلًا قَالَ

وَذَلِكَ لِكَوْنِهَا مُتَّصِلَةً حَالَ صَبِّهَا بِنَجِسٍ جَافٍّ لَا ضَرُورَةَ إلَى اغْتِفَارِهِ خَالَطَهَا وَلَمْ يَنْفَصِلْ عَنْهَا فَإِنَّ مَا خَالَطَ الْمَائِعَ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ أَبَدًا، وَأَفْتَى آخَرُ بِطَهَارَتِهَا لِعَدَمِ الْمُنَجِّسِ لَهَا بِنَقْلِهَا إلَى إنَاءٍ آخَرَ، وَقَالَ: إنَّمَا النَّظَرُ فِي الْمُتَنَجِّسِ بِاتِّصَالِهَا بِالْخَمْرِ الْجَافِّ وَالطَّهَارَةُ حَالَ الْخَلِّيَّةِ لَا فِي حَالِ الْخَمْرِيَّةِ، وَلَا يَضُرُّ مُلَاقَاةُ الْخَمْرِ الْجَافِّ لِلْخَمْرِ وَهَلْ هَذَا الْحُكْمُ كَمَا لَوْ أُلْقِيَ فِي الْخَمْرِ مُتَنَجِّسٌ بِغَيْرِهَا ثُمَّ أُخْرِجَ مِنْهَا قَبْلَ التَّخَلُّلِ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ؟ أَوْ كَمَا لَوْ أُلْقِيَ فِيهَا عَيْنٌ طَاهِرَةٌ ثُمَّ أُزِيلَتْ عَنْهَا ثُمَّ تَخَلَّلَتْ؟ ، وَقَدْ رَأَيْنَا فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي مَا يُفْهَمُ مِنْهُ طَهَارَةُ الْخَمْرِ بِالتَّخَلُّلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ بَعْدَ ذِكْرِ طَهَارَةِ الْخَمْرِ بِالتَّخَلُّلِ: وَيَتْبَعُهَا فِي الطَّهَارَةِ دَنُّهَا لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ عَلَتْ إلَى رَأْسِهَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ، والإيلاقي بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ وَقَافٍ وَأَقَرَّاهُ وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ فَلَوْ تَنَجَّسَ مُرْتَفَعُهَا بِفِعْلٍ لَا يَطْهُرُ الْمُرْتَفِعُ؛ إذْ لَا ضَرُورَةَ. وَكَذَا الْخَمْرُ إذَا تَخَلَّلَتْ لِاتِّصَالِهَا بِالْمُتَنَجِّسِ نَعَمْ لَوْ نَقَلَهَا قَبْلَ تَخَلُّلِهَا إلَى آخَرَ طَهُرَتْ بِالتَّخَلُّلِ فِيهِ وِفَاقًا لِعَدَمِ الْمُنَجِّسِ لَهَا، وَلَوْ غَمَرَهُ بِخَمْرٍ أُخْرَى قَالَ الْبَغَوِيّ: تَطْهُرُ بِالتَّخَلُّلِ فَإِنَّ أَجْزَاءَ الدَّنِّ الْمُلَاقِيَةِ لِلْخَلِّ لَا خِلَافَ فِي طَهَارَتِهَا

تَبَعًا لَهُ، وَوَافَقَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَّا أَنَّ الْبَغَوِيَّ قَيَّدَ التَّخَمُّرَ بِمَا قَبْلَ الْجَفَافِ، وَهُمْ أَطْلَقُوا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ لَا يَطْهُرُ مُطْلَقًا لِاتِّصَالِهَا بِنَجِسٍ لَا ضَرُورَةَ إلَى اغْتِفَارِهِ إلَى هُنَا آخِرُ مَا رَأَيْنَا مَنْقُولًا، وَذَكَرَ فِي آخِرِهِ أَنَّهُ مِنْ الْخَادِمِ فَهَلْ هُوَ لَفْظُ الْخَادِمِ أَوْ حَاصِلُ مَا فِيهِ بِاخْتِصَارٍ وَتَغْيِيرٍ لِلَفْظِهِ أَوْ لَفْظِ غَيْرِهِ مِنْ الْكُتُبِ وَكَيْفَ أَمْرُ هَذَا النَّقْلَ، وَهَلْ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ نَعَمْ لَوْ نَقَلَهَا إلَخْ أَنَّ الدَّنَّ كَانَ مُتَنَجِّسًا بِالْخَمْرِ أَوْ لَا فَيُوَافِقُ كَلَامَ الْأَنْوَارِ وَلَوْ نُقِلَتْ مِنْ دَنٍّ إلَى آخَرَ إلَخْ وَهَلْ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَطْلَبِ ثَابِتٌ فِيهِمَا أَوْ لَا وَهَلْ الْمُرَادُ بِالِاتِّصَالِ الِاتِّصَالُ بِمَا فَوْقَهَا مِمَّا جَفَّ مِنْ الْخَمْرِ أَوْ يَشْمَلُهُ وَمَا كَانَ دَاخِلًا فِي مَوْضِعِ الْخَمْرِ مِنْ الدَّنِّ؟ وَكَيْفَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ فَبَيِّنُوا لَنَا أَمْرَهُ بَيَانًا شَافِيًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا أَفْتَى بِهِ الثَّانِي مِنْ طَهَارَتِهَا لَمَّا عَلَّلَ بِهِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَظِيرَ مَا لَوْ أُلْقِيَ فِي الْخَمْرِ مُتَنَجِّسٌ بِغَيْرِهَا ثُمَّ أُخْرِجَ مِنْهَا قَبْلَ التَّخَلُّلِ لِتَنَجُّسِهِ فِي هَذِهِ بِنَجَاسَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، وَإِنَّمَا نَظِيرُهَا مَا لَوْ

أُلْقِيَتْ فِيهَا عَيْنٌ طَاهِرَةٌ ثُمَّ أُزِيلَتْ عَنْهَا ثُمَّ تَخَلَّلَتْ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْخَادِمِ صَحِيحٌ وَشَمِلَ قَوْلُهُ: لَوْ نَقَلَهَا إلَخْ مَا لَوْ كَانَ دَنُّ خَمْرٍ قَبْلَ غَسْلِهِ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْكِفَايَةِ وَالْمَطَالِبِ ثَابِتٌ فِيهِمَا وَلَيْسَ لِلْكِفَايَةِ لِابْنِ الرِّفْعَةِ فِيمَا عَلِمْتُهُ شَرْحٌ فَالْإِضَافَةُ إلَيْهِ بَيَانِيَّةٌ وَالِاتِّصَالُ شَامِلٌ لِكُلِّ مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْحَافِظِ فِي فَتْحِ الْبَارِي فِي حَدِيثِ «أَخْذِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النُّخَامَةَ فِي طَرَفِ رِدَائِهِ ثُمَّ رَدِّ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ» قَالَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ: هَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَخْرُجُ مِنْ الْفَمِ أَوْ يَنْزِلُ مِنْ الرَّأْسِ أَمَّا مَا يَخْرُجُ مِنْ الصَّدْرِ فَهُوَ نَجِسٌ فَلَا يُدْفَنُ فِي الْمَسْجِدِ اهـ قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا عَلَى اخْتِيَارِهِ لَكِنْ يَظْهَرُ التَّفْصِيلُ فِيمَا إذَا كَانَ طَرَفًا مِنْ قَيْءٍ، وَكَذَا إذَا خَالَطَ الْبُزَاقَ الدَّمُ هَلْ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ هُوَ الْمَذْهَبُ أَوْ مَا قَالَهُ الْحَافِظُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامَيْهِمَا أَمَّا فِي قَوْلِ الْقَفَّالِ أَمَّا مَا يَخْرُجُ مِنْ الصَّدْرِ فَهُوَ نَجِسٌ فَظَاهِرٌ أَنَّ شَيْخَ الْإِسْلَامِ لَا يُخَالِفُ فِي نَجَاسَتِهِ، وَقَدْ قَالُوا: إنَّهُ يُعْرَفُ بِصُفْرَتِهِ وَنَتْنِهِ، وَأَمَّا فِي قَوْلِهِ: هَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَخْرُجُ مِنْ الْفَمِ أَوْ يَنْزِلُ مِنْ الرَّأْسِ فَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْضًا فَإِنَّ شَيْخَ الْإِسْلَامِ

كتاب التيمم

لَا يُخَالِفُ فِي طَهَارَتِهِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ وَالْقَفَّالُ لَا يُخَالِفُ فِي تَنَجُّسِهِ بِحَسْبِ مَا عَرَضَ لَهُ مِنْ اتِّصَالِهِ بِطَرَفٍ مِنْ قَيْءٍ وَاخْتِلَاطِ الْبُزَاقِ بِالدَّمِ [كِتَابُ التَّيَمُّمِ] (كِتَابُ التَّيَمُّمِ) (سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى بِصَحْرَاءَ عَالِمًا بِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لِغَيْرِهِ وَتَيَمَّمَ بِتُرَابِهَا فَهَلْ يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ وَصَلَاتُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَمَّا الصَّلَاةُ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ فَصَحِيحَةٌ مُجْزِئَةٌ وَكَذَلِكَ التَّيَمُّمُ بِتُرَابِهَا لَكِنْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ يَظُنَّ رِضَا مَالِكِهَا بِذَلِكَ حَرُمَ (سُئِلَ) عَنْ الْكَلْبِ الَّذِي لَيْسَ بِعَقُورٍ وَلَا نَفْعَ فِيهِ هَلْ يَجُوزُ قَتْلُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُ الْكَلْبِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ الْجَوَازُ فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَالْبَيْعِ: إنَّهُ مُحْتَرَمٌ وَيَحْرُمُ قَتْلُهُ خِلَافَ مَا قَدَّمْت فِي التَّيَمُّمِ وَزَادَ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْأَصْحَابِ وَهُوَ فِيمَا اعْتَمَدَهُ مُتَّبِعٌ لَا مُخْتَصِرٌ (سُئِلَ) عَنْ إمَامٍ بِمَكَانٍ حَصَلَ لَهُ الْحَبُّ الْفَارِسِيُّ وَانْتَشَرَ عَلَى بَدَنِهِ فَظَنَّ أَنَّ الْمَاءَ يَضُرُّهُ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ مِنْهُ بِالطِّبِّ فَتَيَمَّمَ أَيَّامًا فَسَكَنَ مَا كَانَ يَجِدُهُ مِنْ الْأَلَمِ فِي أَيَّامِ التَّوَضُّؤِ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ يَتَيَمَّمُ إلَى أَنْ يَبْرَأَ كَمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ أَمْ عَلَيْهِ

مُرَاجَعَةُ طَبِيبٍ عَدْلٍ رِوَايَةً كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالثَّانِي فَهَلْ تَلْزَمُهُ إعَادَةُ صَلَوَاتِ تِلْكَ الْأَيَّامِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ إلَّا إذَا اعْتَمَدَ عَلَى قَوْلِ طَبِيبٍ عَدْلٍ فِي الرِّوَايَةِ فَإِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي تَحْقِيقِهِ وَتَلْزَمُهُ إعَادَةُ صَلَوَاتِ تِلْكَ الْأَيَّامِ (سُئِلَ) عَمَّنْ تَيَمَّمَ وَغَسَلَ الصَّحِيحَ وَمَسَحَ عَلَى اللُّصُوقِ وَصَلَّى ثُمَّ نَزَعَهُ وَوَضَعَ بَدَلَهُ وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ مَعَ التَّيَمُّمِ مَسْحُ اللُّصُوقِ وَغَسْلُ مَا بَعْدَهُ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَسْحُ وَالْغَسْلُ الْمَذْكُورَانِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فَإِنْ عَيَّنَ فَرْضًا فِي تَيَمُّمِهِ وَصَلَّى بِهِ فَرْضًا غَيْرَهُ أَوْ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ جَازَ هَلْ يَشْمَلُ مَا لَوْ نَوَى بِهِ طَوَافًا ثُمَّ صَلَّى بِهِ مَكْتُوبَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ لَا (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِتَيَمُّمِهِ الْمَكْتُوبَةَ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ صَلَّى الْخَمْسَ بِخَمْسِ وُضُوآتٍ ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ مَسْحَ الرَّأْسِ فِي أَحَدِهَا وَلَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُ فَتَوَضَّأَ، وَأَعَادَ الْخَمْسَ ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ مَسْحَ الرَّأْسِ فِي هَذَا الْوُضُوءِ أَيْضًا فَمَاذَا يَلْزَمُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِتَارِكِ مَسْحِ الرَّأْسِ فِي أَحَدِ الْوُضُوآتِ أَحْوَالًا الْأَوَّلُ: أَنْ

لَا يُحْدِثَ بَعْدَ وُضُوءِ الْعِشَاءِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى ثُمَّ يَتَوَضَّأَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مُحْدِثٌ فَتَلْزَمَهُ إعَادَةُ الْعِشَاءِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ وُضُوءَهَا إنْ كَانَ صَحِيحًا، وَقَدْ تَرَكَ الْمَسْحَ مِنْ غَيْرِهِ فَقَدْ أَعَادَ الْخَمْسَ بِوُضُوءٍ صَحِيحٍ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْعِشَاءُ فَقَطْ الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يُحْدِثَ بَعْدَ وُضُوءِ الْعِشَاءِ فَتَلْزَمَهُ إعَادَةُ الْخَمْسِ الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يُعِيدَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ لِاعْتِقَادِهِ صِحَّتَهُ فَتَلْزَمَهُ إعَادَةُ الْخَمْسِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ إعَادَتَهُ فِي هَذَيْنِ الْحَالَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ وَمَا خَالَفَ هَذَا فَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِمَا إلَّا إعَادَةُ الْعِشَاءِ فَقَطْ أَخْذًا مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا هِيَ فِي حُدُوثِ مَانِعِ الصِّحَّةِ وَنَحْوِهِ لَا فِي تَرْكِ شَرْطِ الْعِبَادَةِ أَوْ شَطْرِهَا فَإِنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ وَطَرْحِ الشَّكِّ وَسُلُوكِ أَسْوَأِ التَّقَادِيرِ فَقَدْ قَالَ الْأَئِمَّةُ: لَوْ صَلَّى فَرْضَيْنِ بِوُضُوءَيْنِ، وَقَدْ نَسِيَ مَسْحَ الرَّأْسِ فِي أَحَدِهِمَا، وَأَشْكَلَ عَلَيْهِ الْحَالُ مَسَحَ رَأْسَهُ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ وَأَعَادَهُمَا، وَقَالُوا: لَوْ تَوَضَّأَ مُحْدِثٌ، وَصَلَّى فَرِيضَةً ثُمَّ نَسِيَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ فَتَوَضَّأَ وَأَعَادَهَا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ الْمَسْحَ فِي أَحَدِ وُضُوءَيْهِ وَسَجْدَةً فِي إحْدَى صَلَاتَيْهِ وَجَهِلَ مَحَلَّهُمَا أَعَادَ الصَّلَاةَ وَقَالُوا: لَوْ صَلَّى الْعِشَاءَ

فَلَمَّا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ أَوْ مِنْ الصَّلَاةِ الَّتِي قَبْلَهَا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَزِمَهُ أَنْ يَقُومَ وَيُصَلِّيَ رَكْعَةً وَيَتَشَهَّدَ وَيُسَلِّمَ ثُمَّ يَقْضِيَ الصُّبْحَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَقَالُوا لَوْ نَسِيَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ أَوْ مُتَّفِقَةٌ لَزِمَهُ قَضَاءُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَنَظَائِرُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي كَلَامِهِمْ كَثِيرَةٌ الْحَالُ الرَّابِعُ: أَنْ يَقَعَ مِنْهُ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ فِي أَدَاءِ تِلْكَ الصَّلَوَاتِ فَتَلْزَمَهُ إعَادَةُ الْخَمْسِ أَيْضًا؛ إذْ فِعْلُ الْمَتْرُوكِ فِي وُضُوءِ التَّجْدِيدِ لَا عِبْرَةَ بِهِ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ قَالَ فِي قَوَاعِدِهِ: مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ بِخَمْسِ وُضُوآتٍ فَلَمَّا فَرَغَ تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ مَسْحَ الرَّأْسِ فِي أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُ فَجَاءَ إلَى الْمُفْتِي وَلَمْ يُحْدِثْ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ: تَوَضَّأْ وَأَعِدْ الْخَمْسَ فَتَوَضَّأَ وَأَعَادَ الْخَمْسَ فَلَمَّا فَرَغَ تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ مَسْحَ الرَّأْسِ فِي هَذَا الْوُضُوءِ أَيْضًا فَجَاءَ إلَى الْمُفْتِي فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ تَوَضَّأْ وَأَعِدْ الْعِشَاءَ الْأَخِيرَةَ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ ذَلِكَ وَحَلُّهُ أَنَّ وُضُوءَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى إمَّا أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا أَوْ بَاطِلًا فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَتَرَكَ الْمَسْحَ مِنْ غَيْرِهِ فَقَدْ أَعَادَ الْخَمْسَ بِوُضُوءٍ

صَحِيحٍ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا بِأَنْ يَكُونَ تَرَكَ الْمَسْحَ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْعِشَاءُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْمَسْحَ فِيهِ، وَغَيْرُهُ وَقَعَ صَحِيحًا، وَلَوْ لَمْ يُعِدْ الْوُضُوءَ فِي الْأُولَى بَلْ أَعَادَ الْخَمْسَ مُعْتَقِدًا لِلطَّهَارَةِ كَمَا لَوْ أَعَادَ الْوُضُوءَ وَتَرَكَ مَسْحَ الرَّأْسِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا إعَادَةُ الْعِشَاءِ اهـ (سُئِلَ) عَمَّنْ تَيَمَّمَ وَعَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ وَمَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ هَلْ يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ (سُئِلَ) عَمَّنْ أُمِرَ بِصَرْفِ مَاءٍ لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ فَوُجِدَ ثَمَّ مُتَنَجِّسٌ وَحَائِضٌ وَنُفَسَاءُ وَمُحْدِثٌ حَدَثًا أَصْغَرَ، وَالْمَاءُ لَا يَكْفِي إلَّا لِلْأَصْغَرِ فَهَلْ يُقَدَّمُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ وَإِذَا قُلْتُمْ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْجُنُبِ حَيْثُ يُقَدَّمُ إذَا كَفَاهُ دُونَ غَيْرِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ الْمُحْدِثُ ذُو الْحَدَثِ هَلْ هُوَ مَنْقُولٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقَدَّمُ بِالْمَاءِ الْمَذْكُورِ الْأَصْغَرُ؛ لِأَنَّهُ يَرْتَفِعُ بِهِ حَدَثُهُ بِكَمَالِهِ دُونَ مَنْ ذُكِرَ مَعَهُ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: وَمَا الْقَوْلُ فِيمَنْ قَدْ تَيَمَّمَ وَاجِدًا لِمَاءٍ طَهُورٍ وَهُوَ قَدْ عَدِمَ الْجُرْحَا وَصَلَّى بِهِ الْخَمْسَ الْفَرَائِضَ كُلَّهَا، وَلَمْ يَتَيَمَّمْ غَيْرَ وَاحِدَةٍ صَحَّا وَلَيْسَ عَلَيْهِ لِلْإِعَادَةِ مَدْخَلٌ عبيدكمو ابْنُ الرَّجَا يَطْلُبُ الشَّرْحَا

فَأَجَابَ) بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تُتَصَوَّرُ بِصُوَرٍ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا لِذَلِكَ الْمَاءِ لِعَطَشِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ حَالًا أَوْ مَآلًا أَوْ مُحْتَاجًا إلَى ثَمَنِهِ لِمُؤْنَتِهِ أَوْ مُؤْنَةِ مَنْ تَلْزَمُ مُؤْنَتُهُ أَوْ لِدَيْنِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، أَوْ يَكُونَ الْمَاءُ فِي بِئْرٍ، وَقَدْ ازْدَحَمَ عَلَيْهَا جَمَاعَةٌ وَعَلِمَ أَنَّ النَّوْبَةَ فِيهَا لَا تَنْتَهِي إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَالْحَالُ أَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ نَسِيَ فَرِيضَةً مِنْ الْخَمْسِ لَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهَا فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ صَلَاةُ الْخَمْسِ وَيَكْفِيهِ لَهُنَّ تَيَمُّمٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ وَاحِدٌ، وَمَا عَدَاهُ وَسِيلَةٌ لَهُ (سُئِلَ) هَلْ قَوْلُهُمْ فِي فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ يُصَلِّي لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُصَلِّي إلَّا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَقِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي الْقِبْلَةِ أَوْ لَا وَيُفَرِّقُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ قَوْلَهُمْ: لَا يَقْتَضِي مَا ذُكِرَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ نَعَمْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزَ لَهُ الصَّلَاةُ مَا رَجَى وُجُودَ أَحَدِ الطَّهُورَيْنِ حَتَّى يَضِيقَ الْوَقْتُ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا (سُئِلَ) هَلْ لُصُوقُ الْجِرَاحَةِ إذَا نَفَذَ الدَّمُ مِنْهُ إلَى ظَاهِرِهِ يَجِبُ مَسْحُهُ بِالْمَاءِ وَيُعْفَى عَنْ اخْتِلَاطِهِ بِالْمَاءِ وَيُعْفَى عَنْ اخْتِلَاطِهِ بِالدَّمِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ مَسْحُهُ بِالْمَاءِ عَنْ اخْتِلَاطِهِ بِالدَّمِ تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ تَحْصِيلِ الْوَاجِبِ عَلَى دَفْعِ مَفْسَدَةِ الْحَرَامِ كَتَقْدِيمِ الْوَاجِبِ فِيمَا إذَا اخْتَلَطَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتَى الْكُفَّارِ حَيْثُ يَجِبُ غَسْلُ الْجَمِيعِ

وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَطَ الشُّهَدَاءُ بِغَيْرِهِمْ وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ عَلَى الْكَافِرِ حَرَامًا وَكَذَلِكَ غَسْلُ الشَّهِيدِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَكَوُجُوبِ هِجْرَةِ امْرَأَةٍ أَسْلَمَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ سَفَرُهَا وَحْدَهَا حَرَامًا وَكَوُجُوبِ تَنَحْنُحِ مُصَلِّي الْفَرْضِ حَيْثُ تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ الْوَاجِبَةُ (سُئِلَ) عَمَّنْ يَمَّمَ مَيِّتًا لِفَقْدِ الْمَاءِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ النِّيَّةُ كَمَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِي غَسْلِهِ الَّذِي هُوَ أَصْلُهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ النَّظَافَةُ، وَهِيَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ، وَلِأَنَّهَا إنَّمَا تُشْتَرَطُ فِي سَائِرِ التَّيَمُّمَاتِ عَلَى الْمُتَيَمِّمِ وَالْمَيِّتِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَمَنْ يَمَّمَهُ إنَّمَا هُوَ آلَةٌ وَلَيْسَ بِمُتَعَبِّدٍ (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ صَلَّى الْخَمْسَ بِخَمْسِ وُضُوآتٍ ثُمَّ تَيَقَّنَ تَرْكَ لُمْعَةٍ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ وُضُوءٍ هِيَ فَسَأَلَ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ عَنْ ذَلِكَ فَأَمَرَهُ بِإِعَادَتِهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ فَفَعَلَ ثُمَّ تَيَقَّنَ تَرْكَ لُمْعَةٍ مِنْهُ فَسَأَلَ ذَلِكَ الْفَقِيهَ فَقَالَ تَوَضَّأْ وَأَعِدْ الْعِشَاءَ فَقَطْ وَقَدْ بَرِئْت بِيَقِينٍ فَأَجَابَ شَخْصٌ بِأَنَّ هَذَا الْجَوَابَ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ وُضُوءَ الْعِشَاءِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَرَّةِ الْأُولَى إمَّا أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا أَوْ بَاطِلًا فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا، وَقَدْ تَرَكَ اللُّمْعَةَ مِنْ وُضُوءِ غَيْرِهِ فَقَدْ أَعَادَ الْخَمْسَ بِوُضُوءٍ صَحِيحٍ

وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا بِأَنْ تَرَكَ لُمْعَةً مِنْ مَغْسُولِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْعِشَاءُ لِتَرْكِهِ ذَلِكَ مِنْهُ وَغَيْرُهُ قَدْ وَقَعَ صَحِيحًا مَعَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعِدْ الْوُضُوءَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى بَلْ أَعَادَ الْخَمْسَ مُعْتَقِدًا لِلطَّهَارَةِ كَانَ كَمَا لَوْ أَعَادَ الْوُضُوءَ وَتَرَكَ مِنْهُ لُمْعَةً فَلَا تَلْزَمُهُ إلَّا إعَادَةُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَقَطْ اهـ وَاعْتَرَضَهُ آخَرُ بِأَنَّ الْجَوَابَ الصَّحِيحَ أَنْ يُصَلِّيَ الْخَمْسَ بِخَمْسِ وُضُوآتٍ إذَا وَجَدَ لُمْعَةً بِبَعْضِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ لَا تَلْزَمُهُ إلَّا إعَادَةُ الصَّلَاةِ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ لِتَحَقُّقِ بُطْلَانِهَا بِفِعْلِهَا مَعَ اللُّمْعَةِ فَتَجِبُ إعَادَتُهَا بَعْدَ غَسْلِ اللُّمْعَةِ فَقَطْ إنْ كَانَتْ بِآخِرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَإِلَّا فَيَغْسِلُهَا وَمَا بَعْدَهَا مِنْ بَقِيَّةِ أَعْضَائِهِ وَلَا تَلْزَمُهُ إعَادَةُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ بِوُضُوءٍ سَادِسٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِ اللُّمْعَةِ فِيمَا قَبْلَ الْوُضُوءِ الْخَامِسِ، وَعَدَمُ الْمُفْسِدِ لِلصَّلَوَاتِ الْأَرْبَعِ، وَالشَّكُّ فِي تَرْكِ بَعْضِ الْفَرْضِ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا لَا يُؤَثِّرُ بَعْدَهُ الشَّكُّ فِي تَرْكِ رُكْنٍ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي نَجَاسَةٍ عَلَى ثَوْبِهِ هَلْ كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ أَنَّ مَنْ شَكَّ بَعْدَ طَوَافِ نُسُكِهِ هَلْ كَانَ مُتَطَهِّرًا لَا تَلْزَمُهُ إعَادَةُ الطَّوَافِ اهـ فَمَا الصَّوَابُ مِنْ هَذَيْنِ الْجَوَابَيْنِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ

كِلَا الْجَوَابَيْنِ لَيْسَ بِصَوَابٍ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ قَائِلَهُ أَخَذَهُ مِنْ مَسْأَلَةٍ فِي قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ ظَانًّا تَسَاوِيهِمَا حُكْمًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ فَإِنَّ الَّذِي فِيهَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يُحْدِثْ بَعْدَ فِعْلِ الصَّلَوَاتِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَظَنَّ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ إسْنَادُ الشَّكِّ فِيهَا إلَى تَيَقُّنِ التَّرْكِ، وَالصَّوَابُ فِيهَا لُزُومُ فِعْلِ الْخَمْسِ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ قَضَاءُ صَلَاةٍ وَلَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا؛ لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ ثَانِيًا لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْ عُهْدَةِ شَيْءٍ مِنْ الْخَمْسِ فَوُجُوبُهَا بَاقٍ بِحَالِهِ فَإِنَّهَا مِنْ قَاعِدَةِ الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ وَطَرْحِ الشَّكِّ وَسُلُوكِ اسْتِوَاءِ التَّقَادِيرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لِي بَسْطُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْفَتَاوَى (سُئِلَ) عَنْ الطُّبُوعِ وَالصِّئْبَان إذَا عَسُرَتْ إزَالَتُهُ، وَقَدْ أَفْتَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا بِأَنَّهُ يَتَيَمَّمُ فَهَلْ يُعِيدُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ حَيْلُولَتُهُ بَيْنَ الْمُطَهِّرِ وَالْبَشَرَةِ فِي مَحَلِّ التَّيَمُّمِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ، وَإِلَّا فَلَا أَخْذًا مِنْ إيجَابِهِمْ الْإِعَادَةَ إذَا كَانَ السَّاتِرُ مَحَلَّ التَّيَمُّمِ هَذَا إذَا أَمْكَنَ إزَالَتُهُ، وَإِلَّا فَيُعْفَى عَنْهُ وَيَصِيرُ بِمَثَابَةِ جُزْءٍ مِنْ بَدَنِهِ فَقَدْ أَفْتَى الْقَفَّالُ بِأَنَّ الْوَسَخَ إذَا تَرَاكَمَ

عَلَى عُضْوٍ يُنْتَقَضُ الْوُضُوءَ بِلَمْسِهِ، وَأَنَّ الْوُضُوءَ يَصِحُّ مَعَهُ أَيْضًا، وَقَدْ قَالُوا: لَا يَجِبُ قَطْعُ الْعُضْوِ لِأَجْلِ الطَّهَارَةِ (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ لِلْمُتَيَمِّمِ الطَّوَافُ الْمَفْرُوضُ، وَهَلْ يُعِيدُهُ إذَا قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الطَّوَافُ وَتَجِبُ إعَادَتُهُ إذَا قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ لِشِدَّةِ الْمَشَقَّةِ فِي بَقَائِهِ مُحْرِمًا خُصُوصًا إذَا عَادَ إلَى التُّرَابِ يَلْزَمُهُ أَنْ يَطْلُبَهُ كَطَلَبِ الْمَاءِ فِي جَمِيعِ صُوَرِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُحْتَاجَ إلَى الطَّهَارَةِ طَلَبُ التُّرَابِ كَطَلَبِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ الطَّهُورَيْنِ وَلِأَنَّهُ بَدَلُهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْمُبْدَلِ وَقَدَرَ عَلَى بَدَلِهِ لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ (سُئِلَ) عَنْ الْجُنُبِ الْفَاقِدِ لِلْمَاءِ إذَا أَرَادَ الْأَكْمَلَ فِي طَهَارَتِهِ يُطْلَبُ مِنْهُ تَيَمُّمَانِ أَحَدُهُمَا عَنْ الْوُضُوءِ، وَالْآخَرُ عَنْ الْغُسْلِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَتَيَمَّمُ تَيَمُّمًا وُجُوبًا لِأَجْلِ الْجَنَابَةِ وَتَيَمُّمًا نَدْبًا لِأَجْلِ الْوُضُوءِ (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ ابْنُ جزان مِنْ أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ فِي الْحَضَرِ لَا يُصَلِّي عَلَى الْمَيِّتِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ وَقَدْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ بِخِلَافِهِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ يَجِبُ الْقَضَاءُ إذَا تَيَمَّمَ بِمَكَانٍ يَنْدُرُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ وَبِعَدَمِهِ بِمَكَانٍ لَا يَنْدُرُ فِيهِ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ وُقُوعُ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ

الْمَكَانِ أَيْضًا أَوْ لَا حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ بِمَكَانٍ يَنْدُرُ فِيهِ الْفَقْدُ، وَصَلَّى بِهِ فِي مَكَان لَا يَنْدُرُ فِيهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُمْ عَبَّرُوا بِقَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ مِنْ عَدَمِ اخْتِلَافِ مَكَانِ التَّيَمُّمِ وَالصَّلَاةِ بِهِ فِي نُدْرَةِ فَقْدِ الْمَاءِ وَعَدَمِ نُدْرَتِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالِاعْتِبَارُ حِينَئِذٍ بِمَكَانِ الصَّلَاةِ بِهِ، وَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: أَمَّا إذَا رَأَى الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُغْنِيَةً عَنْ الْقَضَاءِ فَكَصَلَاةِ الْحَاضِرِ بِالتَّيَمُّمِ اهـ وَقَدْ قَالَ فِي التَّنْبِيهِ وَإِنْ رَأَى الْمَاءَ فِي أَثْنَائِهَا أَتَمَّهَا إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ مِمَّا يَسْقُطُ فَرْضُهَا بِالتَّيَمُّمِ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ أَيْ وَهِيَ صَلَاةُ السَّفَرِ ثُمَّ قَالَ فِي التَّنْبِيهِ: وَتَبْطُلُ إنْ لَمْ يَسْقُطْ فَرْضُهَا بِالتَّيَمُّمِ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: أَيْ وَهِيَ صَلَاةُ الْحَضَرِ لِأَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا إذَا أَتَمَّهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى إتْمَامِهَا وَإِعَادَتِهَا وَقَالَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي تَمْشِيَتِهِ وَقَوْلُهُ: كَقَاصِرٍ رَأَى مَاءً فَنَوَى إقَامَةً أَوْ إتْمَامًا يُعَيَّنُ أَنَّ الْمُسَافِرَ الْقَاصِرَ بِهَذِهِ النِّيَّةِ صَارَ حَاضِرًا فَلَا يَسْقُطُ فَرْضُهُ بِالتَّيَمُّمِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَاءُ مَعَهُ وَمَا هُنَاكَ غَالِبًا، وَإِلَّا فَلَا أَثَرَ لِنِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِمَوْضِعٍ يَغْلِبُ وُجُودُ الْمَاءِ فِيهِ تَبْطُلُ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ مُطْلَقًا (سُئِلَ) عَمَّا إذَا نَقَلَ التُّرَابَ

وَأَحْدَثَ قَبْلَ مَسْحِ شَيْءٍ مِنْ وَجْهِهِ هَلْ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ الْآنَ وَيَمْسَحَ وَهَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِيمَا لَوْ نَقَلَ مِنْ وَجْهٍ إلَى يَدٍ أَوْ عَكْسِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ ثُمَّ يَمْسَحَ وَجْهَهُ بِالتُّرَابِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ، وَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى التَّمَعُّكِ وَنَقْلِ التُّرَابِ مِنْ عَلَى كُمِّهِ أَوْ يَدِهِ، وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ النِّيَّةِ فَإِنَّ الْحَدَثَ إنَّمَا أَبْطَلَهَا فَقَطْ (سُئِلَ) عَمَّنْ سَتَرَتْ جَمِيعَ أَعْضَاءِ تَيَمُّمِهِ الْجَبِيرَاتُ هَلْ يَتَيَمَّمُ عَلَيْهَا أَمْ يُصَلِّي كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ ثُمَّ يُعِيدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ وَيُصَلِّي كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ ثُمَّ يُعِيدُ وَلَكِنْ يُسَنُّ لَهُ التَّيَمُّمُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ (سُئِلَ) عَنْ جَعْلِهِ فِي تَحْرِيرِ التَّنْقِيحِ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ التَّيَمُّمِ الْعِلْمَ بِالْقِبْلَةِ مَعَ أَنَّهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ جَعَلَ الْأَوْجَهَ عَدَمَ اشْتِرَاطِهِ مَا الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ قَبْلَهُ كَصِحَّتِهِ قَبْلَ سَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَنَّهُ أَخَفُّ مِنْهَا؛ وَلِهَذَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ بِلَا إعَادَةٍ بِخِلَافِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ (سُئِلَ) عَنْ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَالْمُتَحَيِّرِ فِي الْقِبْلَةِ وَالْعَاجِزِ عَنْ الْأَذْكَارِ الْوَاجِبَةِ

بِالْعَرَبِيَّةِ إذَا تَرْجَمَ عَنْهَا هَلْ يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ وَإِنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ عَنْهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُصَلِّي الْمُتَحَيِّرُ الْفَرْضَ حَتَّى يَضِيقَ وَقْتُهُ عَنْ الِاجْتِهَادِ، وَلَا فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ الْفَرْضَ فِي وَقْتِهِ مَا دَامَ يَرْجُو أَحَدَ الطَّهُورَيْنِ حَتَّى يَضِيقَ وَقْتُهُ بِخِلَافِ الْمُتَرْجِمِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْفَرْضَ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَضِقْ وَقْتُهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وُجُودُ الْبَدَلِ فِيمَا دُونَهُمَا (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ وَجْهَهُ فَتَيَمَّمَ عَنْهَا هَلْ تَكْفِيهِ النِّيَّةُ لَهُ عَنْ نِيَّةِ الْوُضُوءِ عِنْدَ غَسْلِ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي الْيَدَيْنِ مَثَلًا هَلْ يُجْزِئُ نِيَّةُ الْوُضُوءِ إذَا نَوَى بِهَا اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ عَنْ نِيَّةِ التَّيَمُّمِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَكْفِيهِ النِّيَّةُ الْأُولَى فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ عِنْدَ غَسْلِ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ؛ إذْ نِيَّةُ الْوُضُوءِ لَا تَكُونُ إلَّا عِنْدَ تَطْهِيرِ الْوَجْهِ، وَقَدْ حَصَلَتْ عِنْدَهُ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ فَشَمِلَتْ الْمَغْسُولَ أَيْضًا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْغَسْلَةُ فِي غَيْرِ الْوَجْهِ فَلَا تَكْفِي نِيَّةُ الْوُضُوءِ وَإِنْ نَوَى بِهَا اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ عَنْ نِيَّةِ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ تَقْتَرِنُ بِنَقْلِ التُّرَابِ وَبِمَسْحِ الْوَجْهِ، وَإِنْ بَحَثَ النَّوَوِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِهَا إذَا نَوَى بِهَا اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ (سُئِلَ) عَنْ مُسَافِرٍ تَيَقَّنَ

وُجُودَ الْمَاءِ فَوْقَ حَدِّ الْقُرْبِ فِي مَكَان يَنْدُرُ فِيهِ فَقْدُهُ، وَلَوْ قَصَدَهُ خَرَجَ الْوَقْتُ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ إلَيْهِ لِيَتَطَهَّرَ بِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ لِيَتَطَهَّرَ بِهِ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ لَوْ تَيَمَّمَ، وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْمُقِيمِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (سُئِلَ) عَمَّنْ قَدَرَ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَاءِ مِنْ مَالِكِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ كَأَنْ وَجَدَهُ فِي يَدِ فَرْعِهِ الَّذِي وَهَبَهُ لَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ فِي يَدِ مُشْتَرِيهِ، وَلَهُ خِيَارٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْأَصْلِ الرُّجُوعُ فِي الْمَاءِ الَّذِي وَهَبَهُ لِفَرْعِهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ لِطَهَارَتِهِ، وَعَلَى الْبَائِعِ فَسْخُ الْبَيْعِ فِي الْمَاءِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ لِطِهَارَتِهِ إذَا كَانَ لَهُ خِيَارٌ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ سُؤَالُ هِبَةِ الْمَاءِ وَقَرْضِهِ وَاسْتِعَارَةِ آلَتِهِ مَعَ أَنَّ فِي هِبَةِ الْمَاءِ مِنَّةً، وَفِي قَرْضِهِ احْتِمَالُ عَجْزِهِ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ، وَفِي اسْتِعَارَةِ الْآلَةِ احْتِمَالُ تَلَفِهَا فَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا (سُئِلَ) مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْحُكْمِ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمُنْفَصِلِ عَلَى يَدِ الْمُتَوَضِّئِ وَعَدَمِ الْحُكْمِ بِاسْتِعْمَالِ التُّرَابِ الْمُنْفَصِلِ عَلَى يَدِ الْمُتَيَمِّمِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا عُسْرُ إيصَالِ التُّرَابِ إلَى الْعُضْوِ لَا سِيَّمَا مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الضَّرْبَتَيْنِ فَيُعْذَرُ فِي رَفْعِ الْيَدِ وَرَدِّهَا

كَمَا يُعْذَرُ فِي التَّقَاذُفِ الَّذِي يَغْلِبُ فِي الْمَاءِ وَلَا يُحْكَمُ بِاسْتِعْمَالِ الْمُتَقَاذِفِ (سُئِلَ) عَنْ مُسَافِرٍ وَجَدَ خَابِيَةً أَوْ نَحْوَهَا مُسَبَّلَةً هَلْ يَجُوزُ لَهُ الْوُضُوءُ مِنْهَا أَوْ يَتَيَمَّمُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْوُضُوءُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلشُّرْبِ فَقَطْ فَيَتَيَمَّمُ (سُئِلَ) عَمَّنْ تَيَمَّمَ لِجَنَابَةٍ فِي مَكَان يَنْدُرُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ كَالْحَضَرِ وَصَلَّى هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ مَعَ الْفَاتِحَةِ السُّورَةَ، وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِي الصَّلَاةِ السُّورَةَ مَعَ الْفَاتِحَةِ خِلَافًا لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْخُوَارِزْمِيِّ وَيَجُوزُ لَهُ أَيْضًا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَفِي الْأَذْكَارِ وَغَيْرِهِ لِلنَّوَوِيِّ، وَإِذَا لَمْ يَجِدْ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ الْمَاءَ تَيَمَّمَا، وَجَازَ لَهُمَا الْقِرَاءَةُ فَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ تَيَمُّمُهُ لِعَدَمِ الْمَاءِ فِي الْحَضَرِ أَوْ السَّفَرِ فَلَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ بَعْدَهُ وَإِنْ أَحْدَثَ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إنْ كَانَ فِي الْحَضَرِ صَلَّى بِهِ وَقَرَأَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْرَأَ خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ كَمَا قَيَّدْنَاهُ؛ لِأَنَّ تَيَمُّمَهُ قَامَ مَقَامَ الْغُسْلِ (سُئِلَ) عَمَّنْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ اسْتِبَاحَةَ فَرْضَيْنِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ أَحَدِهِمَا هَلْ يَبْطُلُ

وَيُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ اجْتِمَاعِ الْمَانِعِ وَالْمُقْتَضِي أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ الْمَذْكُورُ لِوُجُودِ مُقْتَضَى صِحَّتِهِ، وَهُوَ نِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ فَرْضٍ فِي وَقْتِهِ، وَلَيْسَ فِي مَسْأَلَتِنَا مَانِعٌ مِنْ صِحَّتِهِ بَلْ نِيَّتُهُ صَحِيحَةٌ أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَرْضِ الثَّانِي إذَا صَلَّاهُ بِهِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ حَيْثُ لَمْ يُصَلِّ بِهِ الْأَوَّلَ وَقَدْ قَالُوا: لَوْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ اسْتِبَاحَةَ فَرْضَيْنِ أَوْ فُرُوضٍ صَحَّ وَاسْتَبَاحَ بِهِ فُرُوضًا وَنَوَافِلَ فَشَمِلَ مَسْأَلَتِنَا، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمَانِعَ إنَّمَا هُوَ اسْتِبَاحَتُهُمَا مَعًا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ لَا نِيَّةُ اسْتِبَاحَتِهِمَا بِهِ (سُئِلَ) عَنْ دَائِمِ الْحَدَثِ إذَا تَيَمَّمَ بَدَلَ الْوُضُوءِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي تَيَمُّمِهِ الْوَلَاءُ كَمَا فِي وُضُوئِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا الْوَلَاءُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (سُئِلَ) هَلْ يَصِحُّ التَّيَمُّمُ لِلْجُمُعَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ لَا يَتَيَمَّمُ لِفَرْضٍ قَبْلَ وَقْتِ فِعْلِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَقَدْ شَمِلَهُ كَلَامُهُمَا؛ لِأَنَّ وَقْتَهُمَا يَدْخُلُ بِالزَّوَالِ وَإِنْ اُشْتُرِطَ تَقَدُّمُ الْخُطْبَةِ عَلَيْهَا (سُئِلَ) عَنْ بُلُوغِ الصَّبِيِّ بِالسِّنِّ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ هَلْ هُوَ مُبْطِلٌ لَهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ بَقَاءُ تَيَمُّمِهِ، وَأَنَّهُ لَا يُصَلِّي بِهِ إلَّا النَّفَلَ (سُئِلَ) هَلْ يُنْدَبُ قَتْلُ الْخِنْزِيرِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُنْدَبُ قَتْلُهُ (سُئِلَ)

عَمَّا إذَا وَجَدَ الشَّخْصُ مَاءً طَاهِرًا وَمَاءً نَجِسًا وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمَا فَهَلْ يَتَوَضَّأُ بِالطَّاهِرِ وُجُوبًا وَيَشْرَبُ النَّجِسَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ شُرْبُ النَّجِسِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ بَلْ يَشْرَبُ الطَّاهِرَ وَيَتَيَمَّمُ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ جَمِيعَ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ هَلْ يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ تَيَمُّمَيْنِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ؛ إذْ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ حِينَئِذٍ (سُئِلَ) عَمَّنْ نَوَى التَّيَمُّمَ لِلصَّلَاةِ هَلْ تَكْفِيهِ هَذِهِ النِّيَّةُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَكْفِيهِ هَذِهِ النِّيَّةُ وَلَا يَسْتَبِيحُ بِهَا الْفَرْضَ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ إذَا اسْتَعْمَلَ الْمَاءَ الْبَارِدَ حَصَلَ لَهُ مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَوَجَدَ مَا يُسَخِّنُ بِهِ الْمَاءَ لَكِنْ إذَا سَخَّنَهُ خَرَجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْخِينُهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ أَوْ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ فِي الْوَقْتِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْخِينُهُ وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُ تِلْكَ الْفَرِيضَةِ (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَجَدَ آلَةَ اسْتِقَاءِ الْمَاءِ مِنْ نَحْوِ بِئْرٍ وَلَكِنْ فِي يَدَيْهِ وَجَعٌ يَمْنَعُ الِاسْتِقَاءَ فَهَلْ إذَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ الِاسْتِقَاءِ بِنَفْسِهِ وَنَائِبِهِ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ إنْ وَجَدَهَا وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ (سُئِلَ) عَنْ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ

إذَا حَصَلَ فِي صَلَاتِهِ مَا يَقْتَضِي سُجُودَ السَّهْوِ هَلْ يَسْجُدُ لَهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ؛ لِأَنَّ إتْيَانَهُ بِالْفَرِيضَةِ الْمُؤَدَّاةِ لِلضَّرُورَةِ، وَلَا ضَرُورَةَ إلَى سُجُودِ السَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ نَفْلٌ، وَهُوَ لَا يَنْتَفِلُ (سُئِلَ) عَمَّنْ عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَرَأْسَهُ، وَرِجْلَاهُ سَلِيمَتَانِ وَفَقَدَ الْمَاءَ وَقُلْتُمْ يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ فَهَلْ إذَا رَأَى الْمَاءَ يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ بِالنَّظَرِ إلَى الرِّجْلَيْنِ فَقَطْ أَوْ يَبْطُلُ مُطْلَقًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى رِجْلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَيَمُّمَهُ عَنْهُمَا لِفَقْدِ الْمَاءِ، وَقَدْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَا يَبْطُلُ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ؛ لِأَنَّ تَيَمُّمَهُ عَنْهَا لِلْعِلَّةِ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ؛ إذْ بُطْلَانُ بَعْضِ الطَّهَارَةِ لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ كُلِّهَا سَوَاءٌ كَانَتْ بِالْمَاءِ أَمْ بِالتُّرَابِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ أَعْضَاءَهُ وَعَجَزَ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ فَهَلْ يَلْحَقُ بِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ حَتَّى تَلْزَمَهُ الْإِعَادَةُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقْضِي مَا صَلَّى عَلَى حَالَتِهِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ إذْ الْفَقْدُ الشَّرْعِيُّ كَالْحِسِّيِّ (سُئِلَ) عَنْ مُسَافِرٍ عَلِمَ مَاءً فِي حَدِّ غَوْثٍ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَصْدُهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُهُ بَلْ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي فِي الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ هَذِهِ الصَّلَاةِ (سُئِلَ) عَمَّنْ عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ أَعْضَاءَ

وُضُوئِهِ وَعَلَى كُلِّ عُضْوٍ سَاتِرٌ عَمَّهُ وَاسْتَمْسَكَ عَمَّا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ مَا الْحُكْمُ فِيهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ رَفْعِ السَّاتِرِ عَنْ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ رَفْعُهُ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَحِينَئِذٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَإِلَّا تَيَمَّمَ مِنْ فَوْقِ السَّاتِرِ لِعَجْزِهِ عَنْ رَفْعِهِ ثُمَّ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ جُرِحَ بَعْضُ عُضْوٍ وَوُضِعَ عَلَى الْجُرْحِ سَاتِرٌ، أَوْ اسْتَمْسَكَ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّحِيحِ مِمَّا يَجِبُ غَسْلُهُ وَعِنْدَ إرَادَةِ الطَّهَارَةِ غُسِلَ الصَّحِيحُ مِنْ أَعْضَائِهِ حَتَّى مَا أُخِذَتْ الْجَبِيرَةُ لِلِاسْتِمْسَاكِ، وَتَيَمَّمَ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِوُجُوبِ الْمَسْحِ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَمَا مَعْنَى قَوْلِ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ: إنَّ مَسْحَ الْجَبِيرَةِ إنَّمَا هُوَ بَدَلٌ عَمَّا تَحْتَهَا مِنْ الْأَجْزَاءِ الصَّحِيحَةِ وَهَلْ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ مَا يُخَالِفُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ (سُئِلَ) عَنْ قَاضٍ لَا تَخْلُو أَحْوَالُهُ عَنْ الضِّيَافَةِ عِنْدَ أَهْلِ عَمَلِهِ تَارَةً فِي مُقَابَلَةِ ضِيَافَةٍ وَتَارَةً فِي غَيْرِ مُقَابَلَةٍ، وَلَا تَخْلُو مَكَاسِبُهُ مِنْ أَخْذِ مَا تَأْخُذُهُ الْقُضَاةُ فِي هَذَا الزَّمَنِ لِفَقْرِهِ وَعَدَّى مَا يُعْطَاهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا جِدًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ أَرَادَ السَّفَرَ لِلْحِجَازِ الشَّرِيفِ فَحَلَّلَ مَنْ أَمْكَنَهُ مُحَلَّلَتَهُ مِمَّنْ

عَلِمَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بَقِيَ مَنْ لَا يَعْلَمُهُ أَوْ لَا تُمْكِنُهُ مُحَالَتُهُ لِغَيْبَتِهِ أَوْ لِعُذْرِ الِاجْتِمَاعِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ ضَعِيفَ الْبِنْيَةِ وَلَا يَعْلَمُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُتَعَذَّرِينَ محاللتهم رِضًا بِالسَّفَرِ وَلَا يَتَضَرَّرُ لِعَدَمِ التَّرْخِيصِ فِي السَّفَرِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ التَّرْخِيصُ وَالتَّيَمُّمُ مَعَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ وَيَجُوزُ لَهُ التَّرَخُّصُ فِيهِ، وَالتَّيَمُّمُ فِيهِ مَعَ اسْتِنْجَائِهِ بِالْحَجَرِ لِإِتْيَانِهِ بِمَا تَمَكَّنَ مِنْهُ وَيَنْوِي أَنَّهُ مَتَى قَدَرَ عَلَى رِضَاءِ بَاقِيهِمْ فَعَلَهُ (سُئِلَ) عَنْ مَاءٍ مُسَبَّلٍ لِلشُّرْبِ فَقَطْ فَهَلْ إذَا أَخَذَ مِنْهُ شَخْصٌ شَيْئًا وَتَيَمَّمَ فِي إنَاءٍ وَادَّخَرَهُ لِيَشْرَبَهُ فِي الْمَآلِ وَهُنَاكَ غَيْرُهُ حَاجَتُهُ بِهِ حَالًا لِلشُّرْبِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إدْخَارُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الِادِّخَارُ الْمَذْكُورُ إذَا انْدَفَعَتْ حَاجَةُ الْعَطْشَانِ بِغَيْرِهِ (سُئِلَ) عَمَّنْ تَيَمَّمَ لِلَمْسِ الْمُصْحَفِ هَلْ يُبَاحُ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَالْعَكْسُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ بِالتَّيَمُّمِ الْمَذْكُورِ (سُئِلَ) عَمَّنْ تَيَمَّمَ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ هَلْ يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ التَّيَمُّمُ الْمَذْكُورُ لِوُقُوعِهِ فِي وَقْتِهَا (سُئِلَ) عَمَّا إذَا تَيَمَّمَ لِلْجُمُعَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَقُلْتُمْ بِالصِّحَّةِ هَلْ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاةِ

وَالْخُطْبَةِ بِهَذَا التَّيَمُّمِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ صَحَّحَ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَخُطْبَتِهَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: الصَّوَابُ الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ (سُئِلَ) عَمَّنْ تَيَمَّمَ لِسُنَّةِ الظُّهْرِ الَّتِي بَعْدَهُ قَبْلَ فِعْلِهِ فَهَلْ يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ وَيَكُونُ فِعْلُ الظُّهْرِ قَبْلَهَا شَرْطًا لِصِحَّتِهَا كَمَا فِي التَّيَمُّمِ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ أَمْ تَقُولُونَ: إنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا إلَّا بِفِعْلِ الظُّهْرِ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِذَلِكَ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ مَثَلًا فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ، وَيَصِحُّ مِنْهُ تَقْدِيمُ سُنَّتِهِ الَّتِي بَعْدَهُ قَبْلَ فِعْلِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ الْمَذْكُورُ وَلَا يَصِحُّ فِعْلُهَا قَبْلَ فِعْلِ الظُّهْرِ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهِ؛ إذْ لَا يَدْخُلُ وَقْتُهَا إلَّا بِفِعْلِ الظُّهْرِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْته الْفَرْقُ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَهُوَ دُخُولُ الْوَقْتِ فِي الْأُولَى وَعَدَمُ دُخُولِهِ فِي الثَّانِيَةِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فَلَوْ نَقَلَ مِنْ وَجْهٍ إلَى يَدٍ أَوْ عَكْسٍ وَالثَّانِي لَا يَكْفِي؛ لِأَنَّهُ نَقْلٌ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ كَالنَّقْلِ مِنْ بَعْضِ الْعُضْوِ إلَى بَعْضِهِ هَلْ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ مَعْنَاهُ مَعْنَى الْمَقِيسِ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَقَلَ مِنْ أَعْلَى الْوَجْهِ إلَى أَسْفَلِهِ أَوْ مِنْ السَّاعِدِ إلَى الْكَفِّ فَيَكُونُ ذَلِكَ قِيَاسًا

عَلَى صَحِيحٍ وَقَوْلُ الْمَحَلِّيِّ بَعْدَ ذَلِكَ: وَدُفِعَ بِأَنَّهُ بِالِانْفِصَالِ انْقَطَعَ حُكْمُ ذَلِكَ الْعُضْوِ بِخِلَافِ تَرْدِيدِهِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ بِخِلَافِ تَرْدِيدِهِ هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ كَالنَّقْلِ مِنْ بَعْضِ الْعُضْوِ إلَى بَعْضِهِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ دَفْعًا لِلْقِيَاسِ أَمْ مَعْنَاهُ خِلَافُ ذَلِكَ، وَهَلْ تَعْتَمِدُونَ مَا اعْتَمَدَهُ الْقَمُولِيُّ فِي النَّقْلِ مِنْ يَدٍ إلَى أُخْرَى فِي عِبَارَةِ الْمَحَلِّيِّ فِي هَذَا الْمَحَلِّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَى الْمَقِيسِ أَنَّهُ نَقَلَ التُّرَابَ مِنْ وَجْهِهِ إلَى يَدِهِ، أَوْ نَقَلَهُ مِنْ يَدِهِ إلَى وَجْهِهِ وَصُورَةُ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَقَلَ التُّرَابَ مِنْ بَعْضِ عُضْوِهِ إلَى بَعْضٍ آخَرَ بِأَنْ رَدَّدَهُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ انْفِصَالٍ وَالْمُعْتَمَدُ مَا صَحَّحَهُ الْقَمُولِيُّ (سُئِلَ) عَنْ حَنَفِيٍّ يَقُولُ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا أَوْ طَهُورًا» وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا» أَنَّ النَّوَوِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - زَعَمَ أَنَّهُ مِنْ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَهُوَ غَلَطٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إخْرَاجِ فَرْدٍ مِنْ الْعَامِّ، وَإِخْرَاجُ فَرْدٍ مِنْ الْعَامِّ لَا يَقْضِي عَلَى الْعَامِّ كَمَا فِي حَدِيثِ «إذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ» هُوَ عَامٌّ وَحَدِيثُ مَيْمُونَةَ «هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا» إلَخْ أَوْ كَمَا قَالَ فَهُوَ مِنْ إخْرَاجِ فَرْدٍ فَلَوْ قِيلَ بِحَمْلِ الْمُطْلَقِ

عَلَى الْمُقَيَّدِ لَزِمَ مِنْهُ طَهَارَةُ جِلْدِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ دُونَ الْمُذَكَّاةِ فَهَلْ الَّذِي قَالَهُ الْحَنَفِيُّ صَحِيحٌ أَمْ لَا وَمَا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ النَّوَوِيِّ فِي ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَنْ قَالَ: إنَّ النَّوَوِيَّ قَدْ غَلِطَ فِي اسْتِدْلَالِهِ فَهُوَ الْغَالِطُ؛ لِأَنَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يَسْتَدِلَّ عَلَى تَعْيِينِ التُّرَابِ فِي التَّيَمُّمِ بِمَا فَهِمَهُ الْمُعْتَرِضُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَدَلَّ عَلَى تَعْيِينِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] لِأَنَّ الْإِتْيَانَ فِيهَا بِمِنْ الدَّالَّةِ عَلَى التَّبْعِيضِ يَقْتَضِي أَنْ يَمْسَحَ بِشَيْءٍ يُجْعَلُ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بَعْضُهُ وَقَدْ أَنْصَفَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ الزَّمَخْشَرِيُّ فَإِنَّهُ أَبْرَزَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي صُورَةِ سُؤَالٍ يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ بِالْحَجَرِ وَنَحْوِهِ ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ قُلْت هُوَ كَمَا يَقُولُ وَالْحَقُّ أَحَقُّ مِنْ الْمِرَاءِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، وَالصَّعِيدُ الطَّيِّبِ فِيهَا فَسَّرَهُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِالتُّرَابِ الطَّاهِرِ وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا بِخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا إذَا لَمْ نَجِدْ الْمَاءَ» وَهَذَا خَاصٌّ فَيُحْمَلُ الْعَامُّ عَلَيْهِ فَتَخْتَصُّ الطَّهُورِيَّةُ بِالتُّرَابِ وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ الِاسْتِدْلَالَ بِالتُّرْبَةِ عَلَى خُصُوصِيَّةِ التَّيَمُّمِ بِالتُّرَابِ

كتاب الحيض

فَقَالَ تُرْبَةُ كُلِّ مَكَان مَا فِيهِ مِنْ تُرَابٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ التُّرَابِ رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «وَجُعِلَ التُّرَابُ لِي طَهُورًا» وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا بِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ عَنْ حَدَثٍ فَاخْتَصَّ بِجِنْسٍ وَاحِدٍ كَالْوُضُوءِ [كِتَابُ الْحَيْضِ] (كِتَابُ الْحَيْضِ) (سُئِلَ) عَمَّنْ يَأْكُلُ بِطِّيخًا فِي الْمَسْجِدِ وَيُعَفِّشُهُ بِمَائِهِ وَقُشُورِهِ حَتَّى تُبَلَّ حُصُرُهُ، وَيَتَوَلَّدَ مِنْ ذَلِكَ الضَّرَرُ لِلْمُسْلِمِينَ، أَوْ غَيْرَ بِطِّيخٍ كَتِينٍ وَعِنَبٍ وَبَلَحٍ وَيَحْصُلُ بِذَلِكَ التَّعْفِيشُ أَيْضًا فَإِنَّهُ يَرْمِي نَوَى الْبَلَحِ وَقِشْرَ التِّينِ وَأَذْنَابَهُ عَنَاقِيدَ الْعِنَبِ فِيهِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ (سُئِلَ) عَنْ طَبِيبٍ يَجْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ وَتَأْتِيهِ النَّاسُ بِقَوَارِيرِ الْبَوْلِ لِيُشَخِّصَ أَمْرَاضَهُمْ وَيَنْظُرَ الْوَاحِدَ بَعْدَ الْوَاحِدَ هَلْ يَجُوزُ لَهُ هَذَا الْفِعْلُ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ قِيَاسًا عَلَى الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ فِي الْمَسْجِدِ فِي طَسْتٍ، وَإِدْخَالُ الْقَارُورَةِ فِي الْمَسْجِدِ لَيْسَ بِإِدْخَالٍ لِلنَّجَاسَةِ بَلْ إدْخَالٌ لِمَا فِيهِ النَّجَاسَةُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ مِنْ التَّلْوِيثِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ إدْخَالُ الْبَوْلِ الْمَسْجِدَ فِي قَارُورَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَإِنْ أَمِنَ تَلْوِيثَهُ تَعْظِيمًا

لِحُرْمَتِهِ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى الْإِدْخَالِ الْمَذْكُورِ لِمَا فِيهِ مِنْ شَغْلِ هَوَاءِ الْمَسْجِدِ بِهَا مَعَ زِيَادَةِ الْقُبْحِ، وَقِيَاسُهُ عَلَى الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ فِيهِ فِي إنَاءٍ فَاسِدٍ لِعَدَمِ اجْتِمَاعِ شُرُوطِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وُجُوهٍ: مِنْهَا أَنَّ الدَّمَ أَخَفُّ مِنْ الْبَوْلِ بِدَلِيلِ الْعَفْوِ عَنْهُ كَمَا قَرَّرُوهُ فِي مَحَلِّهِ وَجَوَازُ إخْرَاجِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ بِخِلَافِ الْبَوْلِ فِيهِمَا (سُئِلَ) عَنْ إلْقَاءِ الْقَمْلَةِ فِي الْمَسْجِدِ هَلْ يَحْرُمُ أَوْ يُكْرَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ إلْقَاءُ الْقَمْلَةِ فِي الْمَسْجِدِ حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً وَالْبَرَاغِيثُ كَالْقَمْلِ فِيمَا ذُكِرَ وَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَيْهِ ثَوْبٌ مُتَنَجِّسٌ هَلْ يَجُوزُ لَهُ اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَجُوزُ لَهُ (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ صَبُّ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْمَسْجِدِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَجُوزُ (سُئِلَ) عَنْ سَلَسِ الْمَنِيِّ هَلْ يُعْتَصَبُ كَغَيْرِهِ تَقْلِيلًا لِلْحَدَثِ مَا أَمْكَنَ أَوْ لَا إذْ الْخَارِجُ طَاهِرٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ الْعَصَبُ إذْ عِلَّةُ وُجُوبِهِ فِي غَيْرِهِ دَفْعُ النَّجَاسَةِ أَوْ تَقْلِيلُهَا وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي مَسْأَلَتِنَا إذْ الْحَدَثُ كَالنَّجَاسَةِ (سُئِلَ) عَمَّنْ وَلَدَتْ وَلَدًا جَافًّا لَا نِفَاسَ لَهَا هَلْ يَجُوزُ وَطْؤُهَا قَبْلَ غُسْلِهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ وَطْؤُهَا كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهَا

كتاب الصلاة

جَنَابَةٌ بَلْ عَلَّلُوا إيجَابَ خُرُوجِ الْوَلَدِ الْجَافِّ بِالْغُسْلِ فَإِنَّهُ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ فِيمَنْ وَلَدَتْ وَلَدًا جَافًّا ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ قَبْلَ أَقَلِّ الطُّهْرِ أَنَّ نِفَاسَهَا مِنْ حِينَ رَأَتْهُ أَمْ مِنْ وِلَادَتِهَا فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا قَضَاءُ الصَّلَاةِ الْمَاضِيَةِ قَبْلَ رُؤْيَتِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَمَوْضِعٍ مِنْ الْمَجْمُوعِ وَإِنْ صُحِّحَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الثَّانِي لِمَا فِيهِ مِنْ جَعْلِ النَّقَاءِ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْهُ دَمٌ نِفَاسًا. فَتَجِبُ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ فِي النَّقَاءِ، وَقَدْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يَصِحُّ غُسْلُهَا عَقِبَ وِلَادَتِهَا [كِتَابُ الصَّلَاةِ] (كِتَابُ الصَّلَاةِ) (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَمَّا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ مِنْ اعْتِبَارِ الشِّبَعِ هَلْ يُعْتَبَرُ فِي وَقْتِ الْفَضِيلَةِ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَهَلْ فِي الْمَسْأَلَةِ نَقْلٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا اعْتَبَرَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ الشِّبَعِ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي وَقْتِ فَضِيلَةِ الصَّلَاةِ بِقِيَاسِ الْأَوْلَى، وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوهُ ثَمَّ وَإِنْ كَانَ خَارِجًا عَنْ الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ اسْتِنَادًا إلَى الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِيهِ فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ اعْتِبَارَهُ الْمَذْكُورَ خِلَافُ مَنْقُولِ الْمَذْهَبِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ ضَاقَ وَقْتُ مَكْتُوبَةٍ

هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِعْلُ سُنَّةِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ كَالتَّثْلِيثِ وَدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالسُّورَةِ وَيَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْوَاجِبِ مِنْهُمَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى فَرَائِضِ الْوُضُوءِ وَيَجُوزُ لَهُ الْإِتْيَانُ بِسُنَنِ الصَّلَاةِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْأَبْعَاضُ وَغَيْرُهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَإِنْ سُومِحَ فِيهِ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ صُورَتَهَا مَا إذَا شَرَعَ فِيهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْهَا مَا يَسَعُهَا (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَدَّى فَرِيضَةً عَلَيْهِ وَلَمْ يُؤْجَرْ عَلَيْهَا مَا هِيَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالْأَدَاءِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ دَخَلَ فِيهِ صُوَرٌ مِنْهَا مَعْرِفَةُ اللَّهِ - تَعَالَى، وَمِنْهَا فِعْلُ الْفَرِيضَةِ فِي الْمَغْصُوبِ عَلَى رَأْيِ الْجُمْهُورِ، أَوْ الِاصْطِلَاحِيُّ خَرَجَتْ الصُّورَةُ الْأُولَى (سُئِلَ) عَمَّنْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً قَبْلَ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فَأَرَادَ تَأْخِيرَهَا لِيُوقِعَهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ مَعَ جَمَاعَةٍ هِيَ عَلَيْهِمْ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ الْمَذْكُورَةُ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْمُرْتَدَّ يَقْضِي زَمَنَ الرِّدَّةِ حَتَّى زَمَنَ الْجُنُونِ هَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ أَمْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ مَنْ فِي أُصُولِهِ مُسْلِمٌ فَلَا يَقْضِي؛ لِأَنَّهُ مَجْنُونٌ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَقِبَ قَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ كَذَا

أَطْلَقُوهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا سَلِمَ أَبُوهُ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لَهُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ مِنْ حِينَ أَسْلَمَ إذْ الْمُسْلِمُ لَا يُغَلَّظُ عَلَيْهِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَمَّا إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِهَا قَدْرٌ تَحْرُمُ أَوْ لَمْ يُخَلِّ الشَّخْصُ الْقَدْرَ الْمَذْكُورَ فَلَا تَلْزَمُ إنْ لَمْ تُجْمَعْ مَعَ مَا بَعْدَهَا، وَإِلَّا لَزِمَتْ مَعَهَا فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ هَلْ مَا ذَكَرَهُ مِنْهُ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا إلَخْ صَحِيحٌ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِالصِّحَّةِ هَلْ هُوَ مَنْقُولٌ أَمْ هُوَ مِنْ أَبْحَاثِ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ: وَإِلَّا إلَخْ صَحِيحٌ مَنْقُولٌ حَتَّى فِي الْمُخْتَصَرَاتِ مَا عَدَا قَوْلَهُ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ؛ إذْ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَإِلَّا بِأَنْ جُمِعَتْ مَعَ مَا بَعْدَهَا لَزِمَتْ مَعَهَا فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَهُوَ خُلُوُّ الشَّخْصِ الْقَدْرَ الْمَذْكُورِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ قَوْلُهُ هَذَا إنْ خَلَّى مِنْ الْمَوَانِعِ قَدْرَ الْمُؤَدَّاةِ (سُئِلَ) عَمَّنْ قَصَدَ تَأْخِيرَ الصُّبْحِ إلَى وَقْتٍ لَا يَسَعُهَا هَلْ تَنْعَقِدُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَنْعَقِدُ نَعَمْ إنْ قَصَدَ تَأْخِيرَهَا لِيُوقِعَهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ ارْتِفَاعِهَا فَأَوْقَعَهَا فِيهِ لَمْ تَنْعَقِدْ (سُئِلَ) عَمَّنْ تَيَقَّظَ مِنْ نَوْمِهِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ

الْفَرِيضَةِ مَا لَا يَسَعُ إلَّا الْوُضُوءَ أَوْ بَعْضَهُ هَلْ يَجِبُ فِعْلُهُ فَوْرًا أَوْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ فَاتَتْهُ الْفَرِيضَةُ بِعُذْرٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَنْ فَاتَتْهُ الْفَرِيضَةُ بِعُذْرٍ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ (سُئِلَ) عَمَّنْ شَكَّ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ هَلْ فَعَلَهَا حَيْثُ قَالُوا: إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهَا وَمَنْ شَكَّ فِي النِّيَّةِ وَلَوْ بَعْدَ الْوَقْتِ يَلْزَمُهُ فِعْلُهَا وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْفَرِيضَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشَّكِّ فِي النِّيَّةِ، وَإِنَّمَا قَالُوا بِعَدَمِ لُزُومِ قَضَائِهَا فِيمَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ الْوَقْتِ هَلْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ أَوْ لَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّصَوُّرَيْنِ وَاضِحٌ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ خَافَ فَوْتَ جَمَاعَةِ الْحَاضِرَةِ وَعَلَيْهِ فَائِتَةٌ فَهَلْ الْأَفْضَلُ الْبُدَاءَةُ بِالْحَاضِرَةِ لِلْخِلَافِ فِي الْجَمَاعَةِ وَامْتَازَتْ بِالْخِلَافِ عِنْدَنَا أَوْ بِالْفَائِتَةِ لِلْخِلَافِ فِي التَّرْتِيبِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَفْضَلَ الْبُدَاءَةُ بِالْفَائِتَةِ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي التَّرْتِيبِ خِلَافٌ فِي الصِّحَّةِ فَرِعَايَتُهُ أَوْلَى مِنْ الْجَمَاعَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ التَّكْمِلَاتِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ شَرَعَ فِي نَفْلٍ بَعْدَ الْإِقَامَةِ هَلْ يَنْعَقِدُ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سَبَبٌ أَمْ لَا فَأَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي لَا سَبَبَ لَهَا لَا تَنْعَقِدُ فِي الْأَوْقَاتِ، وَإِنْ قُلْنَا: كَرَاهَتُهَا لِلتَّنْزِيَةِ فَيَنْبَغِي

أَنْ تَكُونَ هَذِهِ كَذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَنْعَقِدُ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِرُجُوعِهَا إلَى مَعْنًى خَارِجٍ عَنْهُ، وَهُوَ اشْتِغَالُهُ عَنْ فِعْلِ الْفَرِيضَةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ لِرُجُوعِ النَّهْيِ فِيهَا إلَى الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ لَازِمٌ لَهَا (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ أَمَّا السَّاكِنُونَ بِنَاحِيَةٍ تَقْصُرُ لَيَالِيهُمْ وَلَا يَغِيبُ عَنْهُمْ الشَّفَقُ فِيهِ تَكُونُ الْعِشَاءُ إذَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ قَدْرُ مَا يَغِيبُ فِيهِ الشَّفَقُ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ هَلْ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ الْعِشَاءَ بَعْدَ فَجْرِهِمْ أَمْ لَا، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ بَلْ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ بِلَيْلٍ هَلْ لَهُ وَجْهٌ، وَهَلْ فِي الْمَسْأَلَةِ نَقْلٌ صَرِيحٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ قَوْلَ الْأَصْحَابِ الْمَذْكُورَ مُحْتَمِلٌ لِكُلٍّ مِنْ الشِّقَّيْنِ لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ فِي بَيَانِ دُخُولِ وَقْتِ أَدَائِهَا، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا أَيْضًا مِنْ أَوْقَاتِ صَلَوَاتِهِمْ إلَّا وَقْتَ الْعِشَاءِ؛ إذْ لَوْ حُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ لَزِمَ مِنْهُ اتِّحَادُ وَقْتَيْ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ فِي حَقِّهِمْ وَلَزِمَهُمْ أَنْ يُبَيِّنُوا أَيْضًا أَنَّ وَقْتَ صُبْحِهِمْ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِمُضِيِّ قَدْرِ مَا يَطْلُعُ فِيهِ فَجْرُ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ وَأَيْضًا فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْعِشَاءِ لَيْلِيَّةٌ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ نَهَارِيَّةً فِي حَقِّهِمْ فَإِنْ اتَّفَقَ وُجُودُ الشِّقِّ الْأَوَّلِ عِنْدَهُمْ

بِأَنْ طَلَعَ فَجْرُهُمْ بِمُضِيِّ قَدْرِ مَا يَغِيبُ فِيهِ الشَّفَقُ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ صَلَّوْا الْعِشَاءَ حِينَئِذٍ أَدَاءً وَلَكِنْ لَا يَدْخُلُ وَقْتُ صُبْحِهِمْ إلَّا بِمُضِيِّ مَا مَرَّ، وَقَدْ سُئِلَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ بِلَادٍ بِأَقْصَى بِلَادِ التُّرْكِ مِنْ الْمَشْرِقِ لَا تَغِيبُ الشَّمْسُ عِنْدَهُمْ إلَّا بِمِقْدَارِ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ثُمَّ تَطْلُعُ فَقَالَ: يُعْتَبَرُ حَالُهُمْ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ فَأَمَّا مَوْضِعُ الْبَقَرِ فَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ إلْحَاقُهَا بِمَعْطِنِ الْإِبِلِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَهُوَ كَمُرَاحِ الْغَنَمِ وَنَقَلَهُ عَنْ مَالِكٍ وَعَطَاءٍ وَيَدُلُّ لَهُ مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ فِي مُسْنَدِهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يُصَلَّى فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَأَمَرَ أَنْ يُصَلَّى فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ» لَكِنْ فِي إسْنَادِهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ مَا الْمُعْتَمَدُ فِيهِمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ عِلَّةَ كَرَاهَتِهَا فِي الْإِبِلِ مَا يُخْشَى مِنْ نِفَارِهَا وَتَشْوِيشِهَا عَلَى الْمُصَلِّي، وَإِلَى ذَلِكَ وَقَعَتْ الْإِشَارَةُ بِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ الْجِنِّ، وَلَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ النَّجَاسَةَ لَكَانَتْ هِيَ وَمَرَابِضُ الْغَنَمِ سَوَاءً، وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ لِلْبَغَوِيِّ: وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ بَأْسًا فِي مُرَاحِ الْبَقَرِ

كَالْغَنَمِ وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: إنَّهَا لَا تُكْرَهُ فِي مُرَاحِ الْبَقَرِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَا فَرْقَ فِي الْكَرَاهَةِ بَيْنَ أَنْ يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ أَوْ بِجَانِبِهِ أَوْ إلَيْهِ قَالَ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ إلَى جَانِبِ النَّجَاسَةِ وَخَلْفَهَا وَهَلْ فِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَمَا الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ سَبَبَ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ مَا تَحْتَ مُصَلَّاهُ مِنْ النَّجَاسَةِ وَبِذَلِكَ عَلَّلَهَا الشَّافِعِيُّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَاضِي أَنَّ الْكَرَاهَةَ لِحُرْمَةِ الْمَوْتَى قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّةُ الْمَعْنَيَيْنِ فَرْضُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا حَاذَى الْمَيِّتَ حَتَّى إذَا وَقَفَ بَيْنَ الْمَوْتَى فَلَا كَرَاهَةَ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَعْنَيَيْنِ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ أَوْ بِجَانِبِهِ أَوْ إلَيْهِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ بِجَانِبِ النَّجَاسَةِ وَخَلْفَهَا إنْ جَعَلْنَا الْمَأْخَذَ فِي الْكَرَاهَةِ كَوْنَ مَا تَحْتَ مُصَلَّاهُ نَجِسًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ قَالَ فِي الْخَادِمِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فَقَالَ: وَالْمَقْبَرَةُ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُقْبَرُ فِيهِ الْعَامَّةُ لِاخْتِلَاطِ لُحُومِ الْمَوْتَى بِهَا أَمَّا صَحْرَاءُ لَمْ يُقْبَرْ فِيهَا قَطُّ قَبَرَ قَوْمٌ فِيهَا مَيِّتًا ثُمَّ لَمْ يُحَرَّكْ الْقَبْرُ لَوْ صَلَّى رَجُلٌ إلَى جَنْبِهِ أَوْ فَوْقَهُ كَرِهْته، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قُبِرَ فِيهِ مَوْتَى اهـ وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ

وَلَا فَرْقَ فِي الْكَرَاهَةِ إلَخْ نَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَعِلَّةُ مَأْخَذِهِ مِنْهُ مُحَاذَاتُهُ لِلنَّجَاسَةِ فَمَتَى انْتَفَتْ فَلَا كَرَاهَةَ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (سُئِلَ) عَنْ حَمَّامٍ جَدِيدَةٍ لَمْ تُسْتَعْمَلْ هَلْ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا مَعَ مَسْلَخِهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُكْشَفْ فِيهَا عَوْرَةُ أَهْلِ الْحَمَّامِ وَهَلْ الْحَمَّامُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ وَإِنْ لَمْ تُكْشَفْ فِيهَا عَوْرَةٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ فَإِنَّ عِلَّةَ كَرَاهَتِهَا فِيهِ كَوْنُهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ لِمَا يُكْشَفُ فِيهِ مِنْ الْعَوْرَاتِ، وَقِيلَ اشْتِغَالُ الْقَلْبِ بِمُرُورِ النَّاسِ وَقِيلَ غَلَبَةُ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْعِلَلِ مُنْتَفِيَةٌ فِي الْحَمَّامِ الْمَذْكُورِ؛ إذْ لَا يَصِيرُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ إلَّا بِكَشْفِ الْعَوْرَةِ فِيهِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ: الِاعْتِبَارُ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَنْقَضِي بِهَا وَقْتُ الْمَغْرِبِ بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِعْلُ نَفْسِهِ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ اخْتِلَافِ وَقْتِهِ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَلَا نَظِيرَ لَهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوْقَاتِ (سُئِلَ) عَمَّنْ نَامَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ فَرِيضَةٍ كَالصُّبْحِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ بِمُقْتَضَى عَادَتِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَيْقِظُ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ هَلْ يَحْرُمُ نَوْمُهُ الْمَذْكُورُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ نَوْمُهُ الْمَذْكُورُ

لِعَدَمِ خِطَابِهِ بِفِعْلِهَا أَمَّا قَبْلَ وَقْتِهَا فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا بَعْدَهُ حَالَ نَوْمِهِ فَلِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ نَوْمِهِ فِيهِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ إلَّا إنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ تَيَقُّظَهُ وَفِعْلَهَا فِيهِ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ مَا يَسَعُ خَمْسَ رَكَعَاتٍ، وَعَلَيْهِ الظُّهْرُ هَلْ يُسَنُّ لَهُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْعَصْرِ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ إخْرَاجُ بَعْضِ الْعَصْرِ عَنْ وَقْتِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسَنُّ تَقْدِيمُ الظُّهْرِ عَلَى الْعَصْرِ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ؛ إذْ هُوَ خِلَافٌ فِي الصِّحَّةِ، وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ وَالتَّحْقِيقِ وَالرَّوْضِ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّ فِيهِ نَظَرًا لِمَا فِيهِ مِنْ إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ وَهُوَ مُمْتَنَعٌ اهـ وَجَوَابُهُ أَنْ مَحَلَّ تَحْرِيمِ إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ صَلَّى فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ أَوْ تَوَضَّأَ أَوْ تَيَمَّمَ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ الْمَغْصُوبَيْنِ هَلْ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَغْصُوبَةِ مَظِنَّةُ أَنْ يُثَابَ فَاعِلُهَا وَأَنْ لَا يُثَابَ؛ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُعَاقَبَ عَلَى الْغَصْبِ بِحِرْمَانِ ثَوَابِ الْعِبَادَةِ أَوْ بَعْضِهِ وَأَنْ يُعَاقَبَ بِغَيْرِ الْحِرْمَانِ فَمَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ لَا يُثَابُ قَصَدَ بِالْإِطْلَاقِ الْوَرَعَ عَنْ إيقَاعِ

الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ مُرِيدًا أَنَّهُ قَدْ لَا يُثَابُ، وَمَنْ قَالَ: يُثَابُ أَرَادَ أَنَّهُ لَا مُقْتَضَى لِحِرْمَانِ الثَّوَابِ كُلِّهِ بِكَوْنِهِ عُقُوبَةَ الْغَصْبِ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى (سُئِلَ) هَلْ الْأَفْضَلُ صَلَاةُ الصُّبْحِ أَوْ الْعَصْرِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَفْضَلَ صَلَاةُ الْعَصْرِ؛ لِأَنَّهَا الْوُسْطَى (سُئِلَ) عَمَّا إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ أَوْ طَهُرَتْ حَائِضٌ أَوْ نُفَسَاءُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ بَعْضَ تَكْبِيرَةٍ هَلْ تَلْزَمُهُ تِلْكَ الصَّلَاةُ فِيهِ تَرَدُّدٌ للجويني؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ جُزْءًا مِنْ الْوَقْتِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَسَعُ رُكْنًا اهـ قَالَ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فِي كِتَابِهِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ: وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي عَدَمَ لُزُومِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ تِلْكَ الصَّلَاةُ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ: إنَّهُ يُصَلِّي تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ إذَا دَخَلَ وَأَرَادَ الْجُلُوسَ لَا لَهَا فَلَوْ تَذَكَّرَ عِنْدَ دُخُولِهِ صَلَاةَ صُبْحٍ مَثَلًا فَهَلْ يُصَلِّيهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فَإِنَّهُ أَفْتَى بِهِ فِي شَرْحِ تَنْقِيحِ اللُّبَابِ فِي مَكْرُوهَاتِ الصَّلَاةِ قَالَ: وَلَهُ فِعْلُ الرَّاتِبَةِ وَتَحْصُلُ بِهَا التَّحِيَّةُ وَمِثْلُهَا فِيمَا يَظْهَرُ صَلَاةُ صُبْحٍ تَذَكَّرَهَا عِنْدَ دُخُولِهِ وَقَدْ أَفْتَيْت بِهِ اهـ فَقَوْلُهُ صَلَاةُ صُبْحٍ احْتِرَازًا عَنْ غَيْرِهَا أَمْ غَيْرُهَا مِنْ

الْفَرَائِضِ كَذَلِكَ مِثْلُهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُصَلِّي الدَّاخِلُ صَلَاةَ الصُّبْحِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا مِنْ الْفَرَائِضِ (سُئِلَ) عَنْ الْحَائِضِ إذَا طَهُرَتْ هَلْ يَجُوزُ لَهَا قَضَاءُ صَلَاةِ زَمَنِ حَيْضِهَا وَعَنْ الْمَجْنُونِ إذَا أَفَاقَ هَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ قَضَاءُ صَلَاةِ زَمَنِ جُنُونِهِ وَعَنْ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ هَلْ يَقْضِي صَلَاةً كَغَيْرِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْحَائِضَ يَجُوزُ لَهَا قَضَاءُ زَمَنِ حَيْضِهَا، وَلَكِنْ يُكْرَهُ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَجْنُونِ إذَا أَفَاقَ قَضَاءُ صَلَاةِ زَمَنِ جُنُونِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ تَرْكَ الْحَائِضِ لِلصَّلَاةِ عَزِيمَةٌ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا وَتَرْكُ الْمَجْنُونِ لَهَا رُخْصَةٌ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ سَقَطَتْ عَنْهُ الصَّلَاةُ كَغَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ؛ إذْ لَوْ طُلِبَ مِنْهُ قَضَاءُ عِبَادَاتِ زَمَنِ كُفْرِهِ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا لَكَانَ سَبَبًا لِتَنْفِيرِهِ عَنْ الْإِسْلَامِ لِكَثْرَةِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ خُصُوصًا إذَا مَضَى غَالِبُ عُمُرِهِ فِي الْكُفْرِ فَلَوْ قَضَاهَا لَمْ تَنْعَقِدْ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ تَرْكَ الْأَفْعَالِ قَالَ: وَتُمْنَعُ الْكَافِرَةُ الْحَائِضُ حَيْثُ تُمْنَعُ الْمُسْلِمَةُ يَعْنِي مِنْ الْمَسْجِدِ ثُمَّ صَرَّحَ بِخِلَافِهِ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى الْمَوْضِعَيْنِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ

فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْمَعْرُوفُ الْمَنْعُ وَبِهِ جَزَمَ فِي أَوَائِلِ الْحَيْضِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَبَالَغَ فَادَّعَى أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ اهـ ذَكَرَ ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْ الْمَوْضِعِ الْمُنَبَّهِ عَلَيْهِ أَعْلَاهُ مَا الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ عِنْدَ عَدَمِ حَاجَتِهَا الشَّرْعِيَّةِ إلَيْهِ، وَعَدَمُ الْمَنْعِ عِنْدَ حَاجَتِهَا الشَّرْعِيَّةِ كَلِعَانِهَا فِيهِ (سُئِلَ) عَمَّنْ ازْدَحَمَ هُوَ وَغَيْرُهُ عَلَى بِئْرِ مَاءٍ فَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ نَوْبَتَهُ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهِ بِزَمَنٍ يَسَعُ مَعَ الْوُضُوءِ رَكْعَةً فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّبْرُ أَوْ لَا لِإِخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الصَّبْرُ الْمَذْكُورُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إيقَاعِهَا مُؤَدَّاةً بِالْوُضُوءِ (سُئِلَ) عَمَّنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فِي بَلَدٍ وَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ ثُمَّ سَافَرَ إلَى بَلَدٍ أُخْرَى فَوَجَدَ الشَّمْسَ لَمْ تَغْرُبْ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ ثَانِيًا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ ثَانِيًا (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ جَهِلَ وَقْتَ الصَّلَاةِ أَنْ يَعْتَمِدَ الْمُؤَذِّنَ فِي الْيَوْمِ الْغَيْمِ إذَا كَانَ ثِقَةً عَارِفًا هَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَعْتَمِدَهُ وَبَيْنَ الِاجْتِهَادِ أَوْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ

يُقَلِّدَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُقَلِّدَ وَبَيْنَ أَنْ يَجْتَهِدَ وَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَحَكَى فِي التَّهْذِيبِ وَجْهَيْنِ فِي تَقْلِيدِ الْمُؤَذِّنِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْبَصِيرِ وَالْأَعْمَى، وَقَالَ: الْأَصَحُّ الْجَوَازُ وَذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ سُرَيْجٍ ثُمَّ قَالَ قُلْت الْأَصَحُّ مَا صَحَّحَهُ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ اهـ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَهُ تَقْلِيدُهُ فِي الْغَيْمِ اهـ وَأَمَّا قَبُولُ قَوْلِ خَبَرِ الْمُخْبِرِ عَنْ اجْتِهَادٍ فَصُورَتُهَا فِي الْعَاجِزِ عَنْ الِاجْتِهَادِ، وَإِلَّا فَلَا يُقَلِّدُهُ؛ إذْ الْمُجْتَهِدُ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ يَجِبُ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ تَعْلِيمُ أَوْلَادِهِمْ الطَّهَارَةَ هَلْ الْوُجُوبُ عَلَى الْأَمْرِ مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ أَوْ الْقَرَابَةِ أَوْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ قِيلَ بِالْأَوَّلِ فَلَيْسَتْ وَلِيَّةً إلَّا إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً أَوْ قَيِّمَةً، أَوْ الثَّانِي فَمَا وَجْهُ خُصُوصِيَّتِهَا دُونَ سَائِرِ الْأَقَارِبِ أَوْ الثَّالِثُ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لَهَا أَيْضًا بَلْ هِيَ كَغَيْرِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ وَجْهَ الْوُجُوبِ عَلَى الْأُمِّ كَوْنُ الْوَلَدِ تَحْتَ يَدِهَا وَلِهَذَا كَانَ فِي مَعْنَى الْأَبَوَيْنِ فِي الْوُجُوبِ الْمَذْكُورِ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ وَالْمُلْتَقِطُ وَمَالِكُ الرَّقِيقِ وَالْمُودَعُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْته جَوَابُ بَقِيَّةِ السُّؤَالِ (سُئِلَ) عَنْ إسْقَاطِ الصَّلَاةِ عَنْ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ هَلْ هُوَ عَزِيمَةٌ أَمْ رُخْصَةٌ وَهَلْ يَصِحُّ قَضَاؤُهُ مَا مَضَى

عَلَيْهِ فِي الْكُفْرِ مِنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ إسْلَامِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ إسْقَاطَ الصَّلَاةِ عَنْ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ بِإِسْلَامِهِ رُخْصَةٌ لَا عَزِيمَةٌ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِهَا حَالَ كُفْرِهِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِالشَّرْطِ أَوَّلًا وَهُوَ الْإِيمَانُ ثُمَّ يَأْتِيَ بِالْمَشْرُوطِ وَقَدْ نَصَبَ الشَّارِعُ إتْيَانَهُ بِالْإِيمَانِ سَبَبًا لِسُقُوطِ مُؤَاخَذَتِهِ بِالطَّاعَاتِ الْمَشْرُوطَةِ بِالْإِيمَانِ وَذَلِكَ لِلتَّرْغِيبِ فِيهِ؛ إذْ لَوْ كُلِّفَ بِإِتْيَانِهِ بِهَا حِينَئِذٍ لَأَدَّى إلَى تَنْفِيرِهِ عَنْ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَصِحُّ قَضَاؤُهُ صَلَاةَ زَمَنِ كُفْرِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ لِمَا ذَكَرْته فَإِنْ قِيلَ: الْإِسْقَاطُ الْمَذْكُورُ عَلَى هَذَا عَزِيمَةٌ لَا رُخْصَةٌ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ تَغَيَّرَ إلَى صُعُوبَةٍ عَلَى الْمُكَلَّفِ، وَهُوَ التَّحْرِيمُ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ سَهَّلَ عَلَيْهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِغَرَضِ نَفْسِهِ، وَهُوَ انْتِفَاءُ الْمَشَقَّةِ عَنْهَا (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَيْهِ صَلَوَاتٌ فَوَائِتُ، وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يَشْتَغِلَ فِي رَمَضَانَ بِالنَّوَافِلِ كَالتَّرَاوِيحِ وَغَيْرِهَا وَلَمْ يَقْضِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْفَوَائِتِ إلَّا بَعْدَ رَمَضَانَ فَهَلْ يَأْثَمُ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ عَازِمًا عَلَى تَأْخِيرِ ذَلِكَ إلَى مَا قَالَ وَلَمْ يُسَارِعْ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَهَلْ يَأْثَمُ الْقَائِلُ لَهُ اشْتَغِلْ فِي هَذِهِ اللَّيَالِي الشَّرِيفَةِ بِالنَّوَافِلِ كَالتَّرَاوِيحِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ إلَى شَهْرِ شَوَّالٍ اقْضِ الْفَوَائِتَ الْمَذْكُورَةَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ فَاتَتْهُ

باب الأذان

بِعُذْرٍ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ قَضَاءَهَا عَلَى الْفَوْرِ (سُئِلَ) عَمَّنْ حَصَلَ مِنْ الْوَقْتِ مَا لَا يَسَعُ رَكْعَةً بَلْ قَدْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَبَعْضَ الْفَاتِحَةِ فَهَلْ يَنْوِي قَضَاءً أَمْ أَدَاءً؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَنْوِي الْأَدَاءَ بَلْ يَنْوِي الْقَضَاءَ [بَابُ الْأَذَانِ] (بَابُ الْأَذَانِ) (سُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَيِّ شَيْءٍ أَمَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُؤَذِّنْ مَعَ أَنَّ الْأَذَانَ أَفْضَلُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الصَّائِرِينَ إلَى أَنَّ الْأَذَانَ أَفْضَلُ اعْتَذَرُوا عَنْ تَرْكِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْأَذَانِ بِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ الْأَذَانَ يَحْتَاجُ إلَى فَرَاغٍ لِمُرَاعَاةِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ، وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَشْغُولًا بِمَصَالِحِ الْأُمَّةِ خُصُوصًا، وَأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُحِبُّ الْمُوَاظَبَةَ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ، وَمِنْهَا إذَا قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ لَزِمَ تَحَتُّمُ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّهُ آمِرٌ وَدَاعٍ، وَإِجَابَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاجِبَةٌ فَتَرَكَهُ شَفَقَةً عَلَى أُمَّتِهِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ تَحَتُّمَ الْحُضُورِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ وَالدُّعَاءَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لَيْسَا لِلْإِيجَابِ بَلْ لِلِاسْتِحْبَابِ، وَمِنْهَا لَوْ أَذَّنَ فَإِمَّا أَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَلَيْسَ بِجَزْلٍ، أَوْ أَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَهُوَ تَغْيِيرٌ لِنَظْمِ الْأَذَانِ وَالِاعْتِرَاضُ بِأَنَّهُ

لَوْ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ لَاخْتَلَّتْ الْجَزَالَةُ سَاقِطٌ أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - يَقُولُ {إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ} [يس: 11] أَيْ خَشِيَنِي مِنْ بَابِ إقَامَةِ الظَّاهِرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ، وَنَظَائِرُ ذَلِكَ لَا تُحْصَى ثُمَّ مَا قَوْلُهُمْ فِي كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ فِي التَّشَهُّدِ أَكَانَ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَوْ أَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَمَا الِاخْتِلَالُ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلِمَ اُحْتُمِلَ تَغْيِيرُ النَّظْمِ مِنْهُ هُنَاكَ، وَلَا يُحْتَمَلُ هَا هُنَا وَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ هُنَاكَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَمِنْهَا أَنَّهُ مَا كَانَ يَتَفَرَّغُ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الْأَذَانِ لِاشْتِغَالِهِ بِسَائِرِ مُهِمَّاتِ الدِّينِ مِنْ الْجِهَادِ وَغَيْرِهِ، وَالصَّلَاةُ لَا بُدَّ مِنْ إقَامَتِهَا بِكُلِّ حَالٍ فَآثَرَ الْإِمَامَةِ فِيهَا وَإِلَى هَذَا الْوَجْهِ أَشَارَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَوْلِهِ: لَوْلَا الْخِلَافَةُ لَأَذَّنْت وَاعْتُرِضَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِسَائِرِ الْمُهِمَّاتِ يَمْنَعُ مِنْ الْأَذَانِ مَعَ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ وَإِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَبِتَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ فَقَدْ كَانَ لَهُ أَوْقَاتُ فَرَاغٍ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنَّهُ يُؤَذِّنُ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ عَلَى «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَذَّنَ مَرَّةً فِي سَفَرِهِ رَاكِبًا» كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ (سُئِلَ) هَلْ يُكْرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ وَعَلَيْهِ خَبَثٌ؟ (فَأَجَابَ)

بِأَنَّ مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ كَوْنَ الْمُؤَذِّنِ مُتَطَهِّرًا عَنْ الْحَدَثِ بِأَنَّهُ يَدْعُو إلَى الصَّلَاةِ فَلْيَكُنْ بِصِفَةِ مَنْ يُمْكِنُهُ فِعْلُهَا، وَإِلَّا فَهُوَ وَاعِظٌ غَيْرُ مُتَّعِظٍ وَكَرَاهَةُ أَذَانِهِ وَعَلَيْهِ خَبَثٌ لَا يُعْفَى عَنْهُ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ ابْنِ قَاضِي عَجْلُونٍ لَوْ صَلَّى جَمَاعَةٌ فِي مَسْجِدٍ، وَاسْتَمَرُّوا فَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِ الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ بِانْصِرَافِهِمْ أَنَّ مَنْ أَذَّنَ بَعْدَهُمْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ هَلْ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ مُعْتَمَدَةٌ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ لَا فَمَا فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ تَصْوِيرٌ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ؛ إذْ صُورَتُهُ مَا إذَا طَالَ الزَّمَنُ بَيْنَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَإِنَّ عِبَارَةَ الْعَزِيزِ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْأَذَانِ صُورَةٌ، وَهِيَ مَا إذَا صَلَّى فِي مَسْجِدٍ أُقِيمَتْ فِيهِ الْجَمَاعَةُ وَانْصَرَفُوا فَهَاهُنَا لَا يَرْفَعُ الصَّوْتَ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ السَّامِعُونَ دُخُولَ وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى سِيَّمَا فِي أَيَّامِ الْغَيْمِ وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ: فَإِنْ أَذَّنَ بِمَسْجِدٍ صُلِّيَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ يَرْفَعْ صَوْتَهُ وَإِلَّا رَفَعَ وَقَالَ فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ إلَّا بِمَسْجِدٍ وَقَعَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ نَعَمْ لَوْ حَضَرَ وَقَدْ صُلِّيَتْ الْجَمَاعَةُ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِخَفْضِ الصَّوْتِ سَوَاءٌ رَجَا جَمَاعَةً أَمْ لَا

وَيُكْرَهُ رَفْعُهُ لِئَلَّا يُوهِمَ الْجبرَان وُقُوعَ صَلَاتِهِمْ قَبْلَ الْوَقْتِ وَهَذَا نَصُّهُ فِي الْأُمِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ مُطْلَقًا وَقَالَ الْقَمُولِيُّ: وَهَلْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ قَدْ صُلِّيَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ يَرْفَعْهُ سَوَاءٌ رَجَا حُضُورَ جَمَاعَةٍ أَمْ لَا، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْفَعُ صَوْتَهُ إلَّا بِمَسْجِدٍ وَقَعَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ وَقَالَ ابْنُ الْمُقْرِي لَا إنْ أَذَّنَ فِيهِ وَأُقِيمَتْ جَمَاعَةٌ وَقَالَ الْحِجَازِيُّ: وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ إلَّا بِمَسْجِدٍ وَقَعَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ اهـ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْصَرِفُوا؛ لِأَنَّهُ إنْ طَالَ الزَّمَنُ بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ تَوَهَّمَ السَّامِعُونَ دُخُولَ وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى وَإِلَّا تَوَهَّمُوا وُقُوعَ صَلَاتِهِمْ قَبْلَ الْوَقْتِ (سُئِلَ) عَمَّنْ سَمِعَ الْأَذَانَ فِي مَسْجِدٍ فَذَهَبَ لِيُصَلِّيَ بِآخَرَ جَمَاعَتُهُ أَكْثَرُ هَلْ يُكْرَهُ ذَهَابُهُ إلَيْهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ ذَهَابُهُ الْمَذْكُورُ لِسَعْيِهِ فِي تَحْصِيلِ الْأَفْضَلِ (سُئِلَ) عَنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ أَذَّنَ مُسْتَقِلًّا غَيْرَ تَابِعٍ لِغَيْرِهِ كَأَنْ يَكُونَ فِي مَكَان لَا يُعْلَمُ وَقْتُ الصَّلَاةِ إلَّا بِأَذَانِهِ فِيهِ فَهَلْ يَصِحُّ أَذَانُهُ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَيَسْقُطُ الطَّلَبُ بِهِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ وَإِنْ كَانَ خَبَرُ الصَّبِيِّ لَا يَصِحُّ، وَالْأَذَانُ خَبَرٌ بِالْوَقْتِ، وَإِعْلَامٌ بِهِ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَصِحُّ أَذَانُهُ لِاتِّصَافِهِ بِشُرُوطِ الْمُؤَذِّنِ وَهِيَ الْإِسْلَامُ

وَالذُّكُورَةُ وَالتَّمْيِيزُ وَيَسْقُطُ الطَّلَبُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ فَقَدْ قَالُوا: يُسْتَحَبُّ كَوْنُ الْمُؤَذِّنِ بَالِغًا، وَقَالُوا: إنَّ إخْبَارَ الصَّبِيِّ لَا يُقْبَلُ وَلَوْ فِيمَا طَرِيقُهُ الْمُشَاهَدَةُ إلَّا فِي نَحْوِ إخْبَارِهِ عَنْ فِعْلِهِ كَقَوْلِهِ: بُلْت فِي هَذَا الْإِنَاءِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ (سُئِلَ) عَنْ الْأَذَانِ لِلصَّلَاةِ غَيْرِ الصُّبْحِ قَبْلَ وَقْتِهَا هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ حَرَامٌ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي أَذَانِ الْمَرْأَةِ لِصَوَاحِبِهَا بِحَضْرَةِ أَجْنَبِيٍّ: إنَّهُ يَحْرُمُ وَعَلَّلُوهُ بِخَوْفِ الِافْتِنَانِ وَفِي صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْجَهْرَ لَهَا بِحَضْرَةِ أَجْنَبِيٍّ مَكْرُوهٌ وَعَلَّلُوهُ بِخَوْفِ الِافْتِتَانِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهَلْ الْقِرَاءَةُ خَارِجَ الصَّلَاةِ كَاَلَّتِي فِيهَا أَيْ فِي الصَّلَاةِ فِي الْكَرَاهَةِ أَوْ كَالْأَذَانِ فِي التَّحْرِيمِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَرْفَعَ صَوْتَهَا بِالْأَذَانِ فَوْقَ مَا تُسْمِعُ صَوَاحِبَهَا وَيُكْرَهُ لَهَا أَنْ تَجْهَرَ بِقِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاةِ حَيْثُ يَسْمَعُهَا أَجْنَبِيٌّ وَقِرَاءَتُهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ كَذَلِكَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَذَانَ عِبَادَةُ الرِّجَالِ، وَالْمَرْأَةُ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِهَا، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا حَرُمَ عَلَيْهَا تَعَاطِيهَا كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا تَعَاطِي الْعِبَادَةِ الْفَاسِدَةِ وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ النَّظَرُ إلَى الْمُؤَذِّنِ

باب استقبال القبلة

حَالَةَ الْأَذَانِ فَلَوْ اسْتَحْبَبْنَا لِلْمَرْأَةِ لَأُمِرَ السَّامِعُ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَقْصُودِ الشَّارِعِ [بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ] (بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ) (سُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ صَلَّى فِي الْبَيْتِ، وَبَعْضُ بَدَنِهِ خَارِجٌ عَنْهُ هَلْ تَصِحُّ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ صَلَّى وَبَيْنَ يَدَيْهِ قَدْرُ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ مِنْ الْبَيْتِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَوْ لَا يَصِحُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِقْبَالُ الْكَعْبَةِ بِكُلِّ بَدَنِهِ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ مَا اسْتَقْبَلَهَا إنَّمَا اسْتَقْبَلَهَا بَعْضُهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ عَدَمُ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ فِيهِ عَنْهَا؛ إذْ صُورَتُهُ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى سَطْحِهَا أَوْ فِي عَرْصَتِهَا وَقَدْ انْهَدَمَتْ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ - تَعَالَى (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ أَعْمَى يُصَلِّي فِي الْحَرَمِ الشَّرِيفِ الْمَكِّيِّ بَعِيدًا عَنْ الْكَعْبَةِ يَدُلُّهُ شَخْصٌ عَلَيْهَا وَأَنَّهُ مُسْتَقْبِلٌ لَهَا حِينَئِذٍ فَهَلْ يَكْفِيهِ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ إلَى الْكَعْبَةِ حَتَّى يَلْمِسَهَا وَيَسْتَقْبِلَهَا وَيَحْصُلَ الْيَقِينُ لِوُجُودِ الْمَشَقَّةِ فِي ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى مَا عَلَّلُوا بِهِ فِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ كَانَ هُنَاكَ حَائِلٌ أَمْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَلَا نَظَرَ إلَى الْمَشَقَّةِ فِيهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْحَائِلِ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الْمَشَقَّةَ مَوْجُودَةٌ فِيهِمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْأَعْمَى الْمَذْكُورُ فِي الْمَسْجِدِ وَجَبَ

عَلَيْهِ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا لِمَنْ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ إذَا قَدَرَا عَلَى الْقَطْعِ بِالتَّحْسِيسِ أَنْ يَرْجِعَا إلَى قَوْلِ مَنْ يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ، وَلَا أَنْ يَجْتَهِدَا؛ لِأَنَّ خَبَرَ الْآحَادِ وَالِاجْتِهَادَ إنَّمَا يُفِيدَانِ الظَّنَّ وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ اسْتِقْبَالُ الْحِجْرِ بِكَسْرِ الْحَاءِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ الدَّالَّةَ عَلَى كَوْنِهِ مِنْ الْبَيْتِ أَخْبَارُ آحَادٍ، وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ بِمَكَّةَ وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَ الْقِبْلَةِ جَازَ لَهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ ثِقَةٍ يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ إذَا شَقَّ عَلَيْهِ أَنْ يَلْمِسَ الْكَعْبَةَ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا حَالَ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ حَائِلٌ خِلْقِيٌّ وَكَذَا طَارِئٌ لَمْ يُحْدِثْهُ بِلَا حَاجَةٍ وَإِنْ كَانَ خَارِجَ مَكَّةَ بِقُرْبِهَا فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ (سُئِلَ) عَنْ مُصَلٍّ مُسْتَقْبِلٍ مِنْ عَتَبَةِ الْكَعْبَةِ قَدْرَ ثُلُثَيْ ذَارِعٍ لَا يُحَاذِي أَسْفَلُهُ أَسْفَلَهَا كَخَشَبَةٍ مُعْتَرِضَةٍ بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ فَهَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ لِاسْتِقْبَالِهِ فِيهَا الْكَعْبَةَ (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى بَيْتِ الْإِبْرَةِ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ وَالْقِبْلَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنْ يَجُوزَ اعْتِمَادُهَا فِيهِمَا لِإِفَادَتِهَا الظَّنَّ بِذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ الِاجْتِهَادُ (سُئِلَ) عَنْ مُسَيِّرِ السَّفِينَةِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ الْإِيمَاءُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ تَرْكُ الِاسْتِقْبَالِ

باب كيفية الصلاة

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُ الِاسْتِقْبَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [بَابٌ كَيْفِيَّةُ الصَّلَاةِ] (بَابٌ كَيْفِيَّةُ الصَّلَاةِ) (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا قَدَرَ عَلَى إتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَهَلْ يُصَلِّي قَاعِدًا وَيُتِمُّهُمَا أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُصَلِّي قَاعِدًا وَيُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ وَلَا يُصَلِّي قَائِمًا وَيُومِئُ بِهِمَا؛ لِأَنَّ اعْتِنَاءَ الشَّارِعِ بِإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَوْقَ اعْتِنَائِهِ بِالْقِيَامِ بِدَلِيلِ جَوَازِ صَلَاةِ النَّفْلِ قَاعِدًا وَمُضْطَجِعًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ وَعَدَمُ جَوَازِ الْإِيمَاءِ بِرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا، وَجَوَازُ الْقُعُودِ فِي الْفَرْضِ لِأَجْلِ إتْمَامِ السُّورَةِ وَلِأَجْلِ الصَّلَاةِ جَمَاعَةً وَلِأَجْلِ حُصُولِ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ بِالْقِيَامِ وَعَدَمُ جَوَازِ الْإِيمَاءِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِأَجْلِ الْمَشَقَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَفِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ نَظَائِرُ أَيْضًا تَشْهَدُ لِمَا قُلْنَاهُ (سُئِلَ) عَمَّنْ أَحْرَمَ بِنَفْلٍ قَائِمًا ثُمَّ قَرَأَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ هَوَى فَقَرَأَ بَاقِيَهَا فِي هَوِيِّهِ هَلْ تُحْسَبُ قِرَاءَتُهُ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ تُحْسَبُ قِرَاءَتُهُ الْمَذْكُورَةُ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ حَالَ قِرَاءَتِهِ ذَلِكَ الْبَعْضَ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبَ وَقَدْ صَرَّحُوا فِيمَنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ فِي أَثْنَاءِ

الْفَاتِحَةِ بِوُجُوبِ قِرَاءَتِهِ فِي هَوِيِّهِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِمَّا بَعْدَهُ وَلَا تُجْزِئُ قِرَاءَتُهُ فِي ارْتِفَاعِهِ فِي عَكْسِهَا (سُئِلَ) عَنْ: اللَّهُ الْجَلِيلُ أَكْبَرُ هَلْ يُشْتَرَطُ مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ لِلْجَلِيلِ أَيْضًا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ كَلَامَهُمْ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي اشْتِرَاطِ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لِلْجَلِيلِ أَيْضًا؛ إذْ قَالُوا يَجِبُ مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عِنْدَ أَوَّلِهَا وَيَسْتَمِرَّ ذَاكِرًا لَهَا إلَى آخِرِهَا اهـ وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ كَلَامَهُمْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ مِنْ عَدَمِ زِيَادَةِ شَيْءٍ مِنْ لَفْظِ التَّكْبِيرِ فَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْمُقَارَنَةِ فِيمَا عَدَا لَفْظَيْ التَّكْبِيرِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى؛ إذْ الْمُعْتَبَرُ اقْتِرَانُهَا بِاللَّفْظِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ الِانْعِقَادُ عَلَيْهِ وَهُوَ اللَّهُ أَكْبَرُ فَلَا يُشْتَرَطُ اقْتِرَانُهَا بِمَا تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا (سُئِلَ) عَنْ مُصَلٍّ أَتَى بِالْبَسْمَلَةِ بِقَصْدِ السُّورَةِ ثُمَّ شَكَّ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَهَلْ يَبْنِي عَلَى الْبَسْمَلَةِ أَوْ يَسْتَأْنِفُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْبَسْمَلَةِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِئْنَافِهَا (سُئِلَ) هَلْ تَارِكُ التَّعَلُّمِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ الْوَاقِعُ فِي مَعْصِيَةٍ آثِمٌ بِمَنْزِلَةِ تَرْكِ التَّعَلُّمِ وَارْتِكَابِ الْمَعْصِيَةِ أَمْ بِالْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَنْ تَرَكَ تَعَلُّمَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ تَعَلُّمُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ عَالِمًا بِوُجُوبِهِ آثِمٌ بِذَلِكَ فَإِنْ وَقَعَ بِسَبَبِ

ذَلِكَ فِي مُحَرَّمٍ جَاهِلًا حُرْمَتَهُ لَمْ يَأْثَمْ بِهِ؛ لِأَنَّ الْآثِمَ فِي الْفُرُوعِ الْمُحَرَّمَةِ شَرْطُهُ الْعِلْمُ بِالْحُرْمَةِ (سُئِلَ) عَمَّنْ يُشْبِعُ هَاءَ اللَّهُ حَتَّى تَتَوَلَّدَ مِنْهَا وَاوٌ فَهَلْ ذَلِكَ حَرَامٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إنْ أَتَى بِهِ قَاصِدًا بِهِ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أَوْ مُسْنِدًا إلَيْهِ مَا لَا يَصِحُّ إسْنَادُهُ إلَّا إلَيْهِ - تَعَالَى - عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ قَادِرًا عَلَى الصَّوَابِ بَلْ إنْ فَعَلَهُ عِنَادًا كَفَرَ لِتَغْيِيرِهِ مَعْنَى الِاسْمِ الْكَرِيمِ فَفِي الْعَزِيزِ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَلَوْ زَادَ وَاوًا بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ سَاكِنَةً أَوْ مُتَحَرِّكَةً فَقَدْ عَطَّلَ الْمَعْنَى فَلَا يُجْزِيهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ: وَيَجِبُ الِاحْتِرَازُ فِي لَفْظِ التَّكْبِيرِ عَنْ وَقْفَةٍ بَيْنَ كَلِمَتَيْهِ وَعَنْ زِيَادَةٍ تُغَيِّرُ الْمَعْنَى بِأَنْ يَقُولَ: اللَّهُ أَكْبَرُ بِمَدِّ هَمْزَةِ اللَّهُ أَوْ اللَّهُ أَكْبَارُ أَوْ يَزِيدَ وَاوًا سَاكِنَةً أَوْ مُتَحَرِّكَةً بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ وَلَا يَضُرُّ الْمَدُّ فِي مَوْضِعِهِ وَفِي الْمَجْمُوعِ وَيَجِبُ الِاحْتِرَازُ فِي التَّكْبِيرِ عَنْ الْوَقْفَةِ بَيْنَ كَلِمَتَيْهِ وَعَنْ زِيَادَةٍ تُغَيِّرُ الْمَعْنَى فَإِنْ وَقَفَ أَوْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ بِمَدِّ هَمْزَةٍ أَوْ هَمْزَتَيْنِ أَوْ اللَّهُ أَكْبَارُ أَوْ زَادَ وَاوًا سَاكِنَةً أَوْ مُتَحَرِّكَةً بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ لَمْ يَصِحَّ تَكْبِيرُهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْجُوَيْنِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ وَلَا يَجُوزُ الْمَدُّ إلَّا عَلَى الْأَلْفِ الَّتِي بَيْنَ اللَّامِ وَالْهَاءِ وَلَا يُخْرِجُهَا بِالْمَدِّ عَنْ حَدِّ الِاقْتِصَادِ إلَى الْإِفْرَاطِ

اهـ وَظَاهِرٌ أَنَّ زِيَادَةَ الْوَاوِ إنَّمَا عَطَّلَتْ مَعْنَى الْمُسْنَدِ إلَيْهِ وَغَيَّرَتْهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْمُسْنَدِ مَعَهَا بَاقٍ بِحَالِهِ. وَفِي التَّحْقِيقِ: وَلَوْ أَسْقَطَ حَرْفًا مِنْ اللَّهُ أَكْبَرُ أَوْ سَكَتَ بَيْنَ كَلِمَتَيْهِ أَوْ زَادَ بَيْنَهُمَا وَاوًا أَوْ مَدَّ فِي غَيْرِ الْأَلْفِ الَّتِي بَيْنَ اللَّامِ وَالْهَاءِ لَمْ تَنْعَقِدْ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وَلَوْ مَدَّ التَّكْبِيرَ بَيْنَ اللَّامِ وَالْهَاءِ فِي كَلِمَةِ اللَّهُ يَجُوزُ وَلَوْ مَدَّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَمْ يَجُزْ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَيَجِبُ الِاحْتِرَازُ فِي التَّكْبِيرِ عَنْ الْإِتْيَانِ بِهَمْزَةٍ أُخْرَى أَوْ وَاوٍ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ سَاكِنَةٍ أَوْ مُتَحَرِّكَةٍ تَنْشَأُ مِنْ زِيَادَةِ ضَمَّةِ الْهَاءِ أَوْ بِأَلْفٍ تَنْشَأُ مِنْ زِيَادَةِ فَتْحَةِ الْبَاءِ وَفِي الْأَنْوَارِ: الثَّالِثُ أَيْ مِنْ شُرُوطِ التَّكْبِيرِ الِاحْتِرَازُ عَنْ زِيَادَةٍ تُغَيِّرُ الْمَعْنَى فَلَوْ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ بِمَدِّ هَمْزَةِ اللَّهُ أَوْ اللَّهُ أَكْبَارُ بِزِيَادَةِ الْأَلْفِ بَيْنَ الْبَاءِ وَالرَّاءِ أَوْ بِزِيَادَةِ وَاوٍ سَاكِنَةٍ أَوْ مُتَحَرِّكَةٍ بَيْنَ الْهَاءِ وَالْهَمْزَةِ بَطَلَتْ وَفِي الْخَادِمِ: وَمِنْهَا أَنْ يُشْبِعَ ضَمَّةَ الْهَاءِ مِنْ: اللَّهُ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ جَمْعَ لَاهٍ وَالنُّقُولُ فِيهِ كَثِيرَةٌ فَلْنَقْتَصِرْ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا قَالَ: الرَّحْمَنُ، وَلَمْ يُشَدِّدْ الرَّاءَ هَلْ تَصِحُّ أَمْ لَا وَمَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ: لَوْ خَفَّفَ مُشَدَّدًا هَلْ هُوَ الْمُشَدَّدُ الْأَصْلِيُّ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ مِمَّنْ خَفَّفَ

الرَّحْمَنَ مِنْهَا لِإِسْقَاطِهِ حَرْفًا مِنْهَا؛ إذْ الْحَرْفُ الْمُشَدَّدُ حَرْفَانِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُشَدَّدِ فِي قَوْلِهِمْ: لَوْ خَفَّفَ مُشَدَّدًا لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَتُهُ الْمُشَدَّدُ الْأَصْلِيُّ فِي الْفَاتِحَةِ (سُئِلَ) عَنْ إمَامٍ صَلَّى بِجَمْعٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَقَرَأَ بِسُورَةٍ غَيْرِ " الم تَنْزِيلُ " فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِيَسْجُدَ فَهَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ أَمْ لَا لِقَصْدِهِ زِيَادَةَ سَجْدَةٍ لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ وَمَا الْعَمَلُ عَلَيْهِ وَمَا الْمُفْتَى بِهِ وَهَلْ فِي الْمَسْأَلَةِ نَقْلٌ صَرِيحٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ: لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ فِيهِمَا سَجْدَةٌ لِيَسْجُدَ فَلَمْ أَرَ فِيهِ كَلَامًا لِأَصْحَابِنَا، وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَرِهُوهُ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَآخَرِينَ: أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَمُقْتَضَى مَذْهَبِنَا: أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ وَفِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لَمْ يُكْرَهْ، وَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ فِي كَرَاهَتِهَا فَفِيهِ الْوَجْهَانِ فِيمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لَا لِغَرَضٍ سِوَى صَلَاةِ التَّحِيَّةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تُكْرَهُ لَهُ الصَّلَاةُ اهـ فَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لِلتَّحْرِيمِ أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِهِ وَبِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مَنْهِيٌّ عَنْ زِيَادَةِ سَجْدَةٍ فِيهَا إلَّا السُّجُودَ لِسَبَبٍ

كَمَا أَنَّ الْأَوْقَاتَ الْمَكْرُوهَةَ مَنْهِيٌّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا إلَّا لِسَبَبٍ فَالْقِرَاءَةُ بِقَصْدِ السَّجْدَةِ كَتَعَاطِي السَّبَبِ بِاخْتِيَارِهِ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ لِفِعْلِ الصَّلَاةِ. وَقَدْ جَرَى عَلَى كَلَامِ النَّوَوِيِّ جَمَاعَاتٌ مِنْهُمْ مُخْتَصَرُ كَلَامِهِ وَغَيْرُهُ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ: وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ آيَةً أَوْ سُورَةً تَتَضَمَّنُ سَجْدَةً لِيَسْجُدَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيَّةِ لَمْ يُكْرَهْ وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ دَخَلَ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا الْمَسْجِدَ لَا لِغَرَضٍ سِوَى التَّحِيَّةِ، وَقَدْ سَبَقَ اهـ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ جَوَازُهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي قِرَاءَةِ غَيْرِ الم فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ مَمْنُوعٌ، فَإِنَّ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ فِي أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الصُّبْحِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى الم تَنْزِيلُ فَظَهَرَ مِنْهُ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَعَلَ ذَلِكَ عَنْ قَصْدٍ، وَلِذَلِكَ اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالسُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ السُّنَّةِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَرَأَ السَّجْدَةَ لِيَسْجُدَ فِيهَا مَرْدُودٌ بِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ لِوُجُودِ سَبَبِهَا إذْ الْقَصْدُ فِيهَا اتِّبَاعُ السُّنَّةِ فِي قِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاةِ الْمَخْصُوصَةِ وَالسُّجُودِ

فِيهَا (سُئِلَ) عَنْ مُوَالَاةِ التَّشَهُّدِ هَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُوَالَاةَ الْمَذْكُورَةَ وَاجِبَةٌ (سُئِلَ) عَمَّنْ زَادَ فِي تَكْبِيرَتَيْنِ مِنْ تَكْبِيرَاتِ الْهَيْئَاتِ وَاوًا بَيْنَ الْهَاءِ وَالْهَمْزَةِ هَلْ تَكُونَانِ مُبْطِلَتَيْنِ لِلصَّلَاةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ إذَا أَتَى بِهِمَا عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ (سُئِلَ) عَمَّنْ دَعَا بِطَلَبِ رَفْعِ شَيْءٍ هَلْ يَرْفَعُ ظَهْرَ كَفَّيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَاقِعًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلدَّاعِي لِرَفْعِ بَلَاءٍ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ رَفْعُ ظَهْرِ كَفَّيْهِ إلَى السَّمَاءِ (سُئِلَ) عَنْ التَّحَامُلِ عَلَى أَعْضَاءِ السُّجُودِ غَيْرِ الْجَبْهَةِ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَوْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَصَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّحَامُلُ عَلَى أَعْضَاءِ السُّجُودِ غَيْرِ الْجَبْهَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ سُنَّةٌ فَقَطْ، وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَحْقِيقِهِ: وَيُنْدَبُ أَنْ يَضَعَ كَفَّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَيَنْشُرَ أَصَابِعَهُمَا مَضْمُومَةً لِلْقِبْلَةِ وَيَعْتَمِدَ عَلَيْهِمَا، وَقَالَ فِي مَجْمُوعِهِ: وَالسُّنَّةُ أَنْ يَنْصِبَ قَدَمَيْهِ وَأَنْ تَكُونَ أَصَابِعُ رِجْلَيْهِ مُوَجَّهَةً إلَى الْقِبْلَةِ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ تَوْجِيهُهَا بِالتَّحَامُلِ عَلَيْهَا وَالِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا ثُمَّ نَقَلَ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَنَّهُ قَالَ: الَّذِي صَحَّحَهُ الْأَئِمَّةُ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ بَلْ

يَضَعُ أَطْرَافَ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَحَامُلٍ عَلَيْهَا قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ شَاذٌّ مُنْكَرٌ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى أَكْمَلِ السُّجُودِ: وَيَنْصِبُ الْقَدَمَيْنِ وَيُوَجِّهُ أَصَابِعَهُمَا إلَى الْقِبْلَةِ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ تَوَجُّهُهَا بِالتَّحَامُلِ عَلَيْهَا وَالِاعْتِمَادِ عَلَى بُطُونِهَا، وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: الَّذِي صَحَّحَهُ الْأَئِمَّةُ أَنْ يَضَعَ أَطْرَافَ الْأَصَابِعِ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ تَحَامُلٍ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَمَّا غَيْرُ الْجَبْهَةِ مِنْ الْأَعْضَاءِ إذَا أَوْجَبْنَا وَضْعَهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّحَامُلُ، وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِيمَا بَعْدُ عَنْ الْأَئِمَّةِ فِي وَضْعِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ أَنَّ تَوْجِيهَهَا إلَى الْقِبْلَةِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّحَامُلِ عَلَيْهَا، وَحَكَى عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ الْأَئِمَّةُ أَنْ يَضَعَ أَطْرَافَ الْأَصَابِعِ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ تَحَامُلٍ عَلَيْهَا اهـ وَقِيَاسُ وُجُوبِهِ عَلَيْهَا عَلَى وُجُوبِهِ عَلَى الْجَبْهَةِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ السُّجُودِ وَغَايَةَ الْخُضُوعِ بِالْجَبْهَةِ دُونَهَا وَلِهَذَا لَا يَجِبُ الْإِيمَاءُ بِهَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ وَضْعِهَا، وَلَا تَقْرِيبُهَا مِنْ الْأَرْضِ كَالْجَبْهَةِ، وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ قَوْلَ الْأَصْحَابِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي وَضْعِ الْجَبْهَةِ الْإِمْسَاسُ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَتَحَامَلَ عَلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ بِثِقَلِ رَأْسِهِ وَعُنُقِهِ حَتَّى تَسْتَقِرَّ جَبْهَتُهُ مُخَرَّجٌ

لِلتَّحَامُلِ عَلَى بَقِيَّةِ أَعْضَاءِ السُّجُودِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْهَرَوِيِّ: وَعَوَامُّ النَّاسِ يَقُولُونَ فِي الْأَذَانِ أَكْبَرُ بِالضَّمِّ إذَا وَصَلُوا وَكَانَ الْمُبَرِّدُ يَفْتَحُ الرَّاءَ مِنْ أَكْبَرُ الْأُولَى، وَيُسَكِّنُ الثَّانِيَةَ فَهَلْ الصَّوَابُ الرَّاجِحُ فَتْحُ الرَّاءِ مِنْ قَوْلِهِ: اللَّهُ أَكْبَرُ عِنْدَ الْوَصْلِ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَغَيْرِهِمَا أَوْ ضَمُّهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الصَّوَابَ ضَمُّهَا؛ لِأَنَّهُ مَرْفُوعٌ لِكَوْنِهِ خَبَرًا عَنْ اللَّفْظَةِ الْمُعَظَّمَةِ، وَمَا قَالَهُ الْمُبَرِّدُ مَرْدُودٌ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ رَفَعَ الْمُصَلِّي الْمُسَبِّحَةَ فِي تَشَهُّدِهِ هَلْ يَتْرُكُهَا مَرْفُوعَةً أَوْ يُرْسِلُهَا كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الرَّفْعِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَتْرُكُهَا مَرْفُوعَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ (سُئِلَ) هَلْ يُسَنُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَدْعُوَ فِي سَائِرِ أَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فَيَقُولَ فِي دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ: اللَّهُمَّ اغْسِلْنَا مِنْ الْخَطَايَا اللَّهُمَّ بَاعَدَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَطَايَانَا إلَخْ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ رَبِّ اغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا إلَخْ وَفِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا مَا قَدَّمْنَا إلَخْ وَهَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَدْعِيَةِ الْوَارِدَةِ فِي الصَّلَاةِ لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ «لَا يَؤُمُّ قَوْمًا عَبْدٌ فَيَخُصُّ نَفْسَهُ بِدَعْوَةٍ دُونَهُمْ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ خَانَهُمْ» أَوْ تَكُونُ سُنِّيَّةُ لَفْظِ الْجَمْعِ لِلْإِمَامِ خَاصَّةً بِالْقُنُوتِ لِذِكْرِهِ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فَحَمَلَهُ

الْفُقَهَاءُ عَلَى الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْإِمَامِ الْجَهْرُ بِهِ وَلِلْمَأْمُومِينَ التَّأْمِينُ عَلَيْهِ إنْ سَمِعُوهُ بِخِلَافِ الْأَدْعِيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَنَحْوِهَا إذْ رُوِيَتْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْإِفْرَادِ وَكَانَ إمَامًا فَيُسَنُّ الْإِفْرَادُ فِيهَا لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ كَمَا وَرَدَتْ وَكَمَا ذَكَرَهَا فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ وَالْمَنْهَجِ وَغَيْرِهَا وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ فَقَدْ خَانَهُمْ عَلَى الْقُنُوتِ فَقَطْ لِمَا ذُكِرَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ السُّنَّةَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْتِيَ فِي جَمِيعِ أَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ إلَّا فِي الْقُنُوتِ (سُئِلَ) هَلْ يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ فِي نِيَّةِ صَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ وَالْحَاجَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ فِي نِيَّتِهِمَا (سُئِلَ) هَلْ يُسَنُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَ فِي دُعَائِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَمَا فِي الْقُنُوتِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُسَنُّ (سُئِلَ) عَمَّنْ عَبَدَ اللَّهَ خَوْفًا مِنْ نَارِهِ وَطَمَعًا فِي جَنَّتِهِ هَلْ تَصِحُّ عِبَادَتُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَصِحُّ عِبَادَةُ الْمُؤْمِنِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ خَالَفَ بَعْضُهُمْ فِيهَا لِاجْتِمَاعِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهَا شَرْعًا؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَعْتَقِدْ أَنَّهُ - تَعَالَى - مُسْتَحِقٌّ لَهَا لِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ لَمْ يَكُنْ مُتَعَبِّدًا (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ وَيَوْمِ الْخَمِيسِ فَصَلَّى ظُهْرًا وَنَوَى بِهِ قَضَاءَ الْمُتَأَخِّرِ فَهَلْ يَقَعُ عَنْهُ أَوْ عَنْ الْأَوَّلِ أَوْ لَا يَقَعُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ الظُّهْرُ

عَمَّا نَوَاهُ (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ ظُهْرِ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ فَقَطْ فَصَلَّى ظُهْرًا نَوَى بِهِ قَضَاءَ ظُهْرِ يَوْمِ الْخَمِيسِ غَالِطًا هَلْ يَقَعُ عَمَّا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَ مَا لَا يَجِبُ تَعْيِينُهُ وَأَخْطَأَ فِيهِ كَمَا فِي الْإِمَامِ وَالْجِنَازَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَمَّا عَلَيْهِ لِمَا ذُكِرَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ (سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى الصُّبْحَ مُدَّةً ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ فِي جَمِيعِهَا صَلَّاهَا قَبْلَ وَقْتِهَا هَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْجَمِيعِ أَمْ صُبْحٌ وَاحِدٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا قَضَاءُ صُبْحٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ كُلِّ يَوْمٍ تَكُونُ قَضَاءً عَنْ صَلَاةِ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْقَضَاءِ وَعَلَى صِحَّتِهِ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ عِنْدَ الْعُذْرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (سُئِلَ) عَنْ تَحَامُلِ السُّجُودِ هَلْ يَجِبُ عِنْدَ صَلَابَةِ الْأَرْضِ كَمَا فِي الرَّوْضِ أَوْ هُوَ خَاصٌّ بِمَنْ تَحْتَهُ قُطْنٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَالْمِنْهَاجِ لِلْمَحَلِّيِّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ التَّحَامُلَ وَاجِبٌ مُطْلَقًا كَمَا فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ حَتَّى فِي مُخْتَصَرَاتِهَا، وَمِنْهَا الشَّرْحَانِ الْمَذْكُورَانِ وَمَا نُسِبَ إلَيْهِمَا فِي السُّؤَالِ وَهَمٌ (سُئِلَ) هَلْ تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ يُبَدِّلُ الضَّادَ بِالظَّاءِ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ أَوْ لَا كَمَا جَزَمَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِهِ لِلْجَزَرِيَّةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ إبْدَالَ الضَّادِ

بِالظَّاءِ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ إذَا كَانَ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ بَدَّلَهَا وَفَعَلَهُ قَادِرًا عَالِمًا عَامِدًا وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ شَيْخِنَا فِي شَرْحِهِ لِلْجَزَرِيَّةِ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَتَبْطُلَ بِهِ صَلَاتُهُ (سُئِلَ) عَمَّا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْإِحْيَاءِ أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا قَنَتَ إمَامُهُ وَانْتَهَى إلَى قَوْلِهِ: تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْك قَالَ صَدَقْتَ وَبَرَرْت أَمُعْتَمَدٌ أَمْ لَا كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ فِي الرَّوْضَةِ فِي إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ بِذَلِكَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ الْإِحْيَاءِ مُعْتَمَدٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ لَا تَبْطُلُ بِهِ، وَقَدْ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَلَا يُعَارِضُهُ إجَابَةُ الْمُصَلِّي لِلْأَذَانِ؛ لِأَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ وَمُشَارَكَةُ الْمَأْمُومِ فِي الْقُنُوتِ بِإِتْيَانِهِ بِالثَّنَاءِ أَوْ مَا أُلْحِقَ بِهِ سُنَّةٌ (سُئِلَ) مَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِفَرَائِضِهَا وَسُنَّتِهَا إلَّا فِي حَقِّ غَيْرِ الْعَامِّيِّ وَمَا الْمُرَادُ بِالْعَامِّيِّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُمْ قَدْ قَالُوا: إنَّ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ الْعِلْمَ بِكَيْفِيَّتِهَا فَلَوْ اعْتَقَدَ كُلَّ أَفْعَالِهَا فَرْضًا فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ أَوْ سُنَّةً فَلَا أَوْ الْبَعْضَ وَلَمْ يُمَيِّزْهُ فَكَذَا عِنْدَ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَغَيْرِهِ وَكَلَامُ النَّوَوِيِّ فِي تَحْقِيقِهِ يُشْعِرُ بِرُجْحَانِهِ لَكِنْ قَطَعَ الْقَفَّالُ بِالصِّحَّةِ لِلْعَامِّيِّ، وَأَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْصِدَ التَّنَفُّلَ بِفَرْضٍ وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ

وَقَالَ فِي الزَّوَائِدِ: إنَّهُ الظَّاهِرُ اهـ وَالْمُرَادُ بِالْعَامِّيِّ مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ مِنْ الْفِقْهِ شَيْئًا يَهْتَدِي بِهِ إلَى الْبَاقِي وَلِهَذَا قَالَ حُجَّةُ الْإِسْلَامِ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: الْعَامِّيُّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ فَرَائِضَ الصَّلَاةِ مِنْ سُنَنِهَا فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْصِدَ التَّنَفُّلَ بِمَا هُوَ فَرْضٌ فَإِنْ نَوَى التَّنَفُّلَ بِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ فَإِذَا غَفَلَ عَنْ التَّفْصِيلِ فَنِيَّةُ الْجُمْلَةِ فِي الِابْتِدَاءِ كَافِيَةٌ اهـ فَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّ الْعَامِّيَّ هُوَ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ فَرَائِضَ الصَّلَاةِ مِنْ سُنَنِهَا وَأَنَّ الْعَالِمَ هُوَ الَّذِي يُمَيِّزُهَا مِنْهَا، وَأَنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ فِي حَقِّهِ مَا اُغْتُفِرَ فِي حَقِّ الْعَامِّيِّ (سُئِلَ) هَلْ يَكْفِي جُلُوسُهُ فِي صَلَاتِهِ مِنْ غَيْرِ وَضْعِ أَلْيَتِهِ عَلَى شَيْءٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِي (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ: الْأَخْرَسُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحَرِّكَ لِسَانَهُ بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ وَالتَّشَهُّدِ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ نُطْقًا وَتَحْرِيكَ لِسَانٍ فَمَا تَعَذَّرَ فَهُوَ عَفْوٌ وَمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ لَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهِ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ لَا شَعَرَ بِرَأْسِهِ يُسْتَحَبُّ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَيْهِ، وَلَا يَجِبُ وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ إذَا اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ يُجْرِي الْأَفْعَالَ عَلَى قَلْبِهِ، وَلَمْ يَأْمُرُوهُ بِتَحْرِيكِ اللِّسَانِ مَا الْجَوَابُ عَنْهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ جَوَابَ الِاسْتِشْكَالِ أَنَّ وُجُوبَ إزَالَةِ الشَّعْرِ تَعَلَّقَ بِجُزْءٍ آدَمِيٍّ

فَسَقَطَ بِفَوَاتِهِ كَغَسْلِ الْيَدِ فِي الْوُضُوءِ وَأَنَّ مَنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَحْرِيكُهُ بِالْأَقْوَالِ الْوَاجِبَةِ وَسَكَتُوا عَنْهُ لِفَهْمِهِ مِنْ الْأَخْرَسِ بِالْأَوْلَى (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ وَحَاضِرَةٌ مُتَّفِقَتَانِ كَظُهْرَيْنِ فَنَوَى الظُّهْرَ فَهَلْ يَنْصَرِفُ إلَى الْأَدَاءِ أَوْ الْقَضَاءِ أَوْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا كَمَا أَفْتَى بِهِ عَصْرِيٌّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَنْصَرِفُ صَلَاتُهُ إلَى الْمُؤَدَّاةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَقْتَ مُتَعَيِّنٌ لِفِعْلِهَا شَرْعًا بِخِلَافِ الْفَائِتَةِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ فَوَائِدُ: عَدَمُ عِصْيَانِهِ بِخُرُوجِ وَقْتِهَا أَوْ ضِيقِهِ عَنْهَا إذَا لَمْ يُصَلِّ الْأُخْرَى، وَالِاتِّفَاقُ عَلَى صِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْمُؤَدِّي بِمُصَلِّيهَا بِخِلَافِ اقْتِدَاءِ الْقَاضِي بِهِ، وَجَوَازُ نِيَّةِ الْمُسَافِرِ سَفَرَ قَصْرٍ نِيَّتُهُ عِنْدَ التَّحَرُّمِ بِهَا، وَغَيْرُ ذَلِكَ (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ انْعِقَادِ صَلَاةِ مَنْ لَمْ يَجْزِمْ الرَّاءَ مِنْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ بِأَنْ رَفَعَهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ وَالْقَمُولِيُّ فِي الْجَوَاهِرِ وَالزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ وَالدَّمِيرِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَقَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبَكْرِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الصَّوَابَ انْعِقَادُ صَلَاتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ قَوْلُهُ أَكْبَرُ خَبَرٌ لِلْجَلَالَةِ الْكَرِيمَةِ وَمَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْقَائِلُونَ بِالْأَوَّلِ مِنْ خَبَرِ التَّكْبِيرِ جَزْمٌ فَمَعْنَاهُ الْجَزْمُ بِالْمَنْوِيِّ لِيَخْرُجَ بِهِ التَّرَدُّدُ فِيهِ

سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فِي صَلَاتِهِ قَاصِدًا بِهَا رُكْنَ الصَّلَاةِ وَشِفَاءَ مَرِيضٍ هَلْ يُعْتَدُّ بِهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْتَدُّ بِهَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ مَا هُوَ صَارِفٌ عَنْهَا (سُئِلَ) هَلْ يُكْرَهُ إذَا أَفْرَدَ الصَّلَاةَ عَنْ السَّلَامِ خَطَأً أَوْ عَكَسَهُ وَتَلَفَّظَ بِمَا تَرَكَهُ خَطَأً أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْإِفْرَادُ الْمَذْكُورُ، وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ (سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى قَاعِدًا وَسَجَدَ عَلَى مُتَّصِلٍ بِهِ لَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ إلَّا إذَا صَلَّى قَائِمًا هَلْ يُجْزِئُهُ السُّجُودُ عَلَيْهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ سُجُودُهُ عَلَى الْمُتَّصِلِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَالْعِبْرَةُ فِي الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ فِي الْفَرِيضَةِ الْمَقْضِيَّةِ بِوَقْتِ الْقَضَاءِ لَا بِوَقْتِ الْأَدَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُلْحِقُ بِهَا الْعِيدُ وَالْأَشْبَهُ خِلَافُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ قُبَيْلَ بَابِ التَّكْبِيرِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ وَلِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِالْجَهْرِ بِصَلَاتِهِ فِي مَحَلِّ الْإِسْرَارِ فَيُسْتَصْحَبُ مَا الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْجَهْرُ فِي الْعِيدِ مُطْلَقًا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنَّهُ الْأَشْبَهُ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا شَكَّ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي تَرْكِ آيَةٍ مِنْهَا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافُهَا

أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافُهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ حِينَئِذٍ مُضِيُّهَا تَامَّةً وَأَنَّهُ لَوْ أَثَّرَ الشَّكُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ لِعُسْرِ الْأَمْرِ لِكَثْرَةِ عُرُوضِهِ فَقَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ: وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْفَاتِحَةِ فِي كَلِمَةٍ أَوْ حَرْفٍ مِنْهَا فَلَا أَثَرَ لَهُ مِثَالٌ أَوْ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الرَّوْضِ: وَإِنْ شَكَّ هَلْ تَرَكَ حَرْفًا بَعْدَ تَمَامِهَا لَمْ يُؤَثِّرْ (سُئِلَ) عَمَّنْ خُلِقَ لَهُ رَأْسَانِ وَأَرْبَعُ أَيْدٍ وَأَرْبَعُ أَرْجُلٍ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَضْعُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْ الْجَبْهَتَيْنِ وَمَا بَعْدَهُمَا مُطْلَقًا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَعْضُ زَائِدًا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ عَرَفَ الزَّائِدَ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ وَإِلَّا كَفَى فِي الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ الْوُجُوبِ سَبْعَةُ أَعْضَاءٍ مِنْهَا لِلْحَدِيثِ (سُئِلَ) هَلْ يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَأْتِيَ بِجَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، وَلَوْ تَرَكَهَا الْإِمَامُ كَمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ النَّقِيبِ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ الْإِمَامَ قَرَأَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ يَسْعَى خَلْفَهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذُكِرَ وَاضِحٌ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ أَيْضًا غَيْرُ ابْنِ النَّقِيبِ (سُئِلَ) هَلْ تَكْفِي نِيَّةُ النَّذْرِ فِي الْمَنْذُورَةِ كَمَا قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ فِي مَسْأَلَةِ الِاعْتِكَافِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَكْفِي نِيَّةُ النَّذْرِ فِي الْمَنْذُورَةِ؛ إذْ النَّذْرُ لَا يَكُونُ

إلَّا فَرْضًا فَهِيَ بِمَعْنَى نِيَّةِ الْفَرِيضَةِ (سُئِلَ) عَمَّا ضَبَطَ بِهِ الْإِمَامُ الْعَجْزَ عَنْ الْقِيَامِ مِنْ أَنْ تَلْحَقَهُ بِهِ مَشَقَّةٌ تُذْهِبُ خُشُوعَهُ وَقَدْ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّ الْمَذْهَبَ خِلَافُهُ مَا الْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي ضَبْطِهِ أَنْ تَلْحَقَهُ بِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ فَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ (سُئِلَ) فِي مُصَلٍّ يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ فَقَطْ هَلْ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَقِفَ بَعْدَ قِرَاءَتِهَا بِقَدْرِ السُّورَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْوُقُوفُ الْمَذْكُورُ قَالُوا: إنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْقُنُوتِ يَقُومُ بِقَدْرِهِ، وَمَنْ عَجَزَ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ يَقْعُدُ بِقَدْرِهِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سُنَّةٌ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْأَصْحَابِ، وَفِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ الْمُطْلَقَةِ يُتَوَسَّطُ بَيْنَ الْإِسْرَارِ وَالْجَهْرِ إنْ لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَائِمٍ أَوْ مُصَلٍّ أَوْ نَحْوِهِمَا، وَإِلَّا أَسَرَّ هَلْ قَوْلُهُمْ وَإِلَّا أَسَرَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِسْرَارُ لِمَا فِي تَرْكِهِ مِنْ الْإِيذَاءِ أَوْ يُكْرَهُ وَيُقَاسُ عَلَى ذَلِكَ مَنْ يَجْهَرُ بِالذِّكْرِ أَوْ بِالْقِرَاءَةِ وَيُشَوِّشُ عَلَى مَنْ ذَكَرَ أَوْ مَنْ يُطَالِعُ أَوْ يُدَرِّسُ أَوْ يُصَنِّفُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ: أَنَّ السُّنَّةَ فِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ الْمُطْلَقَةِ التَّوَسُّطُ بَيْنَ الْإِسْرَارِ وَالْجَهْرِ إنْ لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى

نَائِمٍ أَوْ مُصَلٍّ أَوْ نَحْوِهِمَا وَإِلَّا فَالسُّنَّةُ الْإِسْرَارُ فَقَدْ نَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَحَلَّ أَفْضَلِيَّةِ رَفْعِ الصَّوْتِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ إنْ لَمْ يَخَفْ رِيَاءً وَلَمْ يَتَأَذَّ أَحَدٌ وَإِلَّا فَالْإِسْرَارُ أَفْضَلُ، وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْأَخْبَارِ الْمُقْتَضِيَةِ لِأَفْضَلِيَّةِ الرَّفْعِ وَالْأَخْبَارِ الْمُقْتَضِيَةِ لِأَفْضَلِيَّةِ الْإِسْرَارِ اهـ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْته جَازَ فِي الْمَقِيسِ أَيْضًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْإِسْرَارِ وَالْجَهْرِ بِكَوْنِهِ سُنَّةً مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ (سُئِلَ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ قَصْدُهُ الْفَرْضِيَّةَ فِي الْفَرْضِ كَمَا اعْتَمَدَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ؛ إذْ فِعْلُهُ الْفَرْضَ لَا يَقَعُ إلَّا نَفْلًا فَكَيْفَ يَنْوِي فَرْضَهُ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ يُسَنُّ رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي الْقُنُوتِ هَلْ الْأَفْضَلُ أَنْ تَكُونَا مُتَفَرِّقَتَيْنِ أَوْ مُلْتَصِقَتَيْنِ وَهَلْ تَكُونُ الْأَصَابِعُ وَالرَّاحَةُ مُسْتَوِيَتَيْنِ أَوْ الْأَصَابِعُ أَعْلَى مِنْهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَحْصُلُ السُّنَّةُ بِكُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ حَيْثُ جَعَلَ بُطُونَهَا إلَى السَّمَاءِ وَظُهُورَهَا إلَى الْأَرْضِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الرُّويَانِيِّ: إذَا أَتَى بِسَبْعِ آيَاتٍ مُتَضَمِّنَةٍ لِلْفَاتِحَةِ بَدَلَهَا فَعِنْدِي أَنَّهُ يُؤَمِّنُ عَقِبَهَا وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ هَلْ الرَّاجِحُ احْتِمَالُهُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَرْجَحَهُمَا

أَوَّلُهُمَا وَيُعَضِّدُهُ أَنَّ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ مُعَاذًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ إذَا قَرَأَ آخِرَ الْبَقَرَةِ قَالَ آمِينَ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: إنْ كَانَ عَنْ تَوْقِيفٍ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَهُوَ حَسَنٌ اهـ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَسْأَلَتَنَا أَوْلَى مِنْ هَذِهِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَأَنْ تَكُونَ قِرَاءَةُ الْأُولَى أَسْبَقَ فِي التِّلَاوَةِ فَلَوْ خَالَفَ فَخِلَافُ الْأَوْلَى وَفِي بَابِ الْحَدَثِ وَكُرِهَ الْعَكْسُ فِي السُّوَرِ لِفَوَاتِ التَّرْتِيبِ، مَا الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا إذْ انْتِفَاءُ الْكَرَاهَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِطُولِ الْفَصْلِ بَيْنَ قِرَاءَةِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَقِرَاءَةِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَوُجُودُهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لِاتِّصَالِ الْقِرَاءَتَيْنِ (سُئِلَ) هَلْ رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْقِيَامِ عِنْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ سُنَّةٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ اسْتِحْبَابَ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ الصَّحِيحُ أَوْ الصَّوَابُ لِثُبُوتِهِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقِفُ كَذَلِكَ وَمُقَابِلُهُ وَجْهٌ اسْتَنْبَطَهُ الْإِمَامُ يُصَلِّي قَاعِدًا وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ عَلَى الْإِمَامِ بِمَا لَوْ عَجَزَ عَنْ الْوُقُوفِ عَلَى قَدَمَيْهِ، وَاسْتَطَاعَ الْوُقُوفَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا فَلْيُطْلَبْ الْفَرْقُ مِنْ جَانِبِ

الْإِمَامِ أَفِيدُوا الْفَرْقَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنْ كُلًّا مِنْ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، وَالتَّمْيِيزُ بَيْنَ أَرْكَانِهَا وَاجِبٌ وَظَاهِرٌ أَنَّ حَدَّ الرُّكُوعِ يُفَارِقُ حَدَّ الْقِيَامِ فَلَا يَتَأَدَّى الْقِيَامُ بِالرُّكُوعِ بِخِلَافِ الْقِيَامِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَرْكَانِهَا فَتَأَدَّى بِهِ الْقِيَامُ بَلْ يَصِحُّ إطْلَاقُ الْقِيَامِ عَلَيْهِ فَيُقَالُ: قَامَ عَلَى رُكْبَتَيْنِ (سُئِلَ) عَنْ اقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَهَلْ يَقْرِنُهَا الْمُصَلِّي بِأَوَّلِ التَّكْبِيرَةِ وَيَسْتَصْحِبُهَا إلَى آخِرِهَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَغَيْرِهِمَا أَوْ تَكْفِي الْمُقَارَنَةُ الْعُرْفِيَّةُ عِنْدَ الْعَوَامّ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُسْتَحْضِرًا لِلنِّيَّةِ كَمَا اخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ كَالْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَقَوْلُهُمْ عِنْدَ الْعَوَامّ يُخْرِجُ الْعَالِمَ بِمُقَارَنَةِ النِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ (سُئِلَ) عَنْ صَلَاةِ النَّفْلِ مُسْتَلْقِيًا مَعَ إمْكَانِ الِاضْطِجَاعِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ النَّفَلُ الْمَذْكُورُ (سُئِلَ) عَنْ تَأْمِينِ الْمَأْمُومِ مَعَ تَأْمِينِ إمَامِهِ فَقَالَ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ ذَلِكَ أَمَّنَ عَقِبَ تَأْمِينِ الْإِمَامِ فَلَوْ أَمَّنَ قَبْلَ تَأْمِينِهِ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ التَّأْمِينِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْصُلُ لِلْمَأْمُومِ ثَوَابُ

التَّأْمِينِ وَلَكِنْ فَاتَهُ ثَوَابُ مُقَارَنَةِ تَأْمِينِ الْإِمَامِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْأَصْحَابِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَرْكَانِ: إنَّ الْوَاجِبَ عَدَمُ الصَّرْفِ لَا قَصْدُ الرُّكْنِ مَا مَعْنَاهُ وَمَاذَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِمْ أَنَّ كُلًّا مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ يَحْصُلُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْمُصَلِّي صَرْفَهُ إلَى غَيْرِهِ سَوَاءٌ قَصَدَهُ أَوْ أَطْلَقَ لِشُمُولِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ لِجَمِيعِ أَرْكَانِهَا، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَسَائِلُ عِنْدَ قَصْدِهِ الصَّرْفَ كَأَنْ هَوَى الْمُصَلِّي لِسُجُودِ تِلَاوَةٍ أَوْ لِقَتْلِ حَيَّةٍ أَوْ لِعَقْرَبٍ ثُمَّ جَعَلَهُ رُكُوعًا فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي (سُئِلَ) عَنْ قِرَاءَةِ سُورَةٍ قَصِيرَةٍ فِي الصَّلَاةِ هَلْ هِيَ أَوْلَى مِنْ بَعْضِ سُورَةٍ طَوِيلَةٍ، وَإِنْ طَالَ أَمْ لَا (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصَحَّ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ لِكَثْرِهِ ثَوَابِ الْقِرَاءَةِ بِكَثْرَةِ حُرُوفِهَا (سُئِلَ) عَنْ عَدِّهِمْ مِنْ مَكْرُوهَاتِ الصَّلَاةِ الِاضْطِبَاعَ وَالْإِسْبَالَ فَمَا مَعْنَاهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الِاضْطِبَاعَ أَنْ يَجْعَلَ وَسَطَ رِدَائِهِ تَحْتَ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَطَرَفَيْهِ عَلَى الْأَيْسَرِ وَالْإِسْبَالُ إرْخَاءُ الْإِزَارِ عَلَى الْأَرْضِ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا تَرَكَ الْإِمَامُ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ فَهَلْ يُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا قَالَ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ تَنْقِيحِ اللُّبَابِ: وَلَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ جَلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ فَجَلَسَهَا الْمَأْمُومُ

جَازَ اهـ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي بَابِ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ قَالَ: فَإِذَا كَانَ التَّخَلُّفُ يَسِيرًا كَجَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فَلَا بَأْسَ بِزِيَادَتِهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا اهـ فَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا وَالْحَالُ أَنَّهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا لَا تُسْتَحَبُّ، وَغَيْرُ مَوْضِعِهَا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالسَّجْدَةُ الثَّانِيَةُ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي لَا يَقُومُ مِنْ سُجُودِهَا بَلْ مِنْ التَّشَهُّدِ بَعْدَهَا فَلَا يُسَنُّ بَعْدَهَا جُلُوسُ الِاسْتِرَاحَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَأْتِيَ بِجَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فَلَا بَأْسَ أَيْ بِالتَّخَلُّفِ لَهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُتَابَعَةِ لِإِتْيَانِهِ بِهَا فِي مَوْضِعِهَا كَمَا لَا بَأْسَ بِزِيَادَتِهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا (سُئِلَ) عَمَّا إذَا رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الْإِحْرَامِ وَفِي الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ وَالرَّفْعِ مِنْ الْقِيَامِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَنَقَصَ عَنْ الْمَأْمُورِ بِهِ وَهُوَ أَنْ يُحَاذِيَ أَطْرَافُ أَصَابِعِهِ أَعْلَى أُذُنَيْهِ وَإِبْهَامَاهُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ وَرَاحَتَاهُ مَنْكِبَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الرَّفْعُ إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَى الْمَشْرُوعِ أَوْ نَقْصٍ أَوْ أَتَى بِالنَّقْصِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الزِّيَادَةِ هَلْ يَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ تَنْقِيحِ اللُّبَابِ: فَلَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّفْعُ إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَى الْمَشْرُوعِ أَوْ نَقْصٍ أَتَى بِالْمُمْكِنِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الزِّيَادَةِ

وَالنَّقْصِ أَتَى بِالزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمَأْمُورِ بِهِ وَبِزِيَادَةٍ هُوَ مَغْلُوبٌ عَلَيْهَا اهـ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرَّفْعِ الْمَسْنُونِ بَلْ كَانَ إذَا رَفَعَ زَادَ أَوْ نَقَصَ أَتَى بِالْمُمْكِنِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا فَالزِّيَادَةُ أَوْلَى اهـ فَفُهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِالنَّقْصِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الزِّيَادَةِ حَصَلَتْ السُّنَّةُ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ خِلَافُ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ كَلَامَ شَرْحِ التَّنْقِيحِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ (سُئِلَ) عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ هَلْ يُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ بَيْنَ كَلِمَاتِهِ الْخَمْسِ حَتَّى إذَا أَخَلَّ بِالتَّرْتِيبِ أَوْ تَرَكَ الْمُوَالَاةَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ، وَتُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ كَلِمَاتِ التَّشَهُّدِ (سُئِلَ) عَمَّنْ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً بَعْدَهَا ثُمَّ إنَّهُ لَمْ يَشْعُرْ إلَّا وَهُوَ عَلَى هَيْئَةِ السَّاجِدِ وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ قَصْدٌ لِشَيْءٍ أَصْلًا فَهَلْ يَلْزَمُ أَنْ يَقُومَ مُنْتَصِبًا ثُمَّ يَرْكَعَ، أَوْ يَقُومَ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقُومُ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ صَرْفَ هُوِيِّهِ (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَيْهِ صَلَاةُ يَوْمَيْنِ وَصَلَّاهُمَا وَتَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةً لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ صَلَاةٍ هِيَ فَمَاذَا يَلْزَمُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِعْلُ

صَلَاةِ يَوْمَيْنِ لِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَهُوَ كَمَنْ يَتَيَقَّنُ تَرْكَ صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ لَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا (سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى وَهُوَ غَافِلٌ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ هَلْ تَصِحُّ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ وَلَا يَجِبُ إعَادَتُهَا حَيْثُ اسْتَحْضَرَ النِّيَّةَ بِقَلْبِهِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ فِي هَذَا الْبَابِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ بُلُوغِ مِثْلِهِ فَعَلَهُ وَإِلَّا تَمَّتْ بِهِ رَكْعَتُهُ بِقَوْلِهِ: الْمَتْرُوكُ آخِرُهَا، هَلْ الْإِشَارَةُ بِذَلِكَ إلَى الرَّكْعَةِ الَّتِي سَهَا عَنْهَا وَإِذَا قُلْتُمْ نَعَمْ فَهَلْ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: كَيْفَ يُقَدِّرُ أَنَّ الْمَتْرُوكَ هُوَ آخِرُهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ آخِرَهَا أَوْ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: الْمَتْرُوكُ آخِرُهَا الْمُلْغَى آخِرُهَا أَوْ سُمِّيَ الْمَتْرُوكُ آخِرًا؛ لِأَنَّ الْمَأْتِيَّ بِهِ آخِرًا وَحْدَهُ مُلْغًى فَكَانَ الْمَتْرُوكُ آخِرَهَا لِإِلْغَاءِ مَا بَعْدَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ: الْمَتْرُوكُ آخِرُهَا وَاضِحٌ لِشُمُولِهِ الْمَتْرُوكَ حِسًّا وَهُوَ رُكُوعُهَا وَاعْتِدَالُهَا، وَالْمَتْرُوكَ شَرْعًا وَهُوَ سَجْدَتَاهَا، وَالْجُلُوسُ بَيْنَهُمَا (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِ أَيْضًا وَإِذَا سَهَا عَنْ أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ جَهِلَ مَوْضِعَهَا وَقُلْتُمْ يَلْزَمُهُ سَجْدَةٌ ثُمَّ رَكْعَتَانِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَسَجْدَةً

مِنْ الثَّانِيَةِ وَسَجْدَةً مِنْ الرَّابِعَةِ هَلْ تُلْغَى الْأُولَى وَتُكَمَّلُ الثَّانِيَةُ بِالثَّالِثَةِ كَمَا قَرَّرَهُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ أَوْ لَا، أَوْ لَا تَلْغُو بَلْ تَتِمُّ بِسَجْدَتَيْنِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي بَعْضِ شُرُوحِهِ، وَهَلْ لِلْخِلَافِ ثَمَرَةٌ، أَوْ هُوَ لَفْظِيٌّ وَهَلْ لِتَقْيِيدِ الْجَلَالِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ: أَوْسَعُ بِقَوْلِهِ جَهِلَ مَوْضِعَهَا مَفْهُومٌ مَعْمُولٌ بِهِ وَمَا مَفْهُومُهُ إنْ كَانَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ حَمْلَ كَلَامِ الشَّرْحِ عَلَى ظَاهِرِهِ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ وَلِمَا قَرَّرَهُ قَبْلَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ: وَإِنْ عَلِمَ فِي آخِرِ رُبَاعِيَّةٍ تَرْكَ سَجْدَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ جَهِلَ مَوْضِعَهَا وَجَبَ رَكْعَتَانِ، وَالْمَنْقُولُ فِي تِلْكَ أَنَّ الْأُولَى تَكْمُلُ بِسَجْدَةٍ مِنْ الثَّانِيَةِ وَسَجْدَةٍ مِنْ الثَّالِثَةِ وَيَلْغُو بَاقِيهِمَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُعْتَنَى بِكَلَامِ الشَّارِحِ لِيُوَافِقَ كَلَامَهُمْ وَكَلَامَهُ الْمُتَقَدِّمَ فَيُقَالُ: قَوْلُهُ فَتَلْغُو الْأُولَى يَعْنِي سَجْدَتَيْهَا لِعَدَمِ إتْيَانِهِ بِهِمَا، وَقَوْلُهُ: وَتُكَمَّلُ الثَّانِيَةُ يَعْنِي سَجْدَتَهَا بِالثَّالِثَةِ يَعْنِي بِسَجْدَةٍ مِنْهَا فَيَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَةٌ وَهِيَ الْأُولَى وَلَا يَظْهَرُ بَيْنَ التَّقْدِيرَيْنِ خِلَافٌ مَعْنَوِيٌّ وَقَوْلُ الشَّارِحِ جَهِلَ مَوْضِعَهَا بَيَانٌ لِصُورَتِهَا؛ لِأَنَّهَا الَّتِي يَمْلِكُ بِهَا أَسْوَأَ التَّقَادِيرِ أَمَّا إذَا عَلِمَ مَوْضِعَهَا فَيُرَتَّبُ عَلَيْهِ

مُقْتَضَاهُ وَلَيْسَتْ حِينَئِذٍ مِنْ مَسَائِلِ تَرْكِ السَّجَدَاتِ الَّتِي رَتَّبُوا الْحُكْمَ فِيهَا عَلَى أَسْوَأِ التَّقْدِيرِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ عَلِمَ الْمَأْمُومُ فِي رُكُوعِهِ أَنَّهُ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ أَوْ شَكَّ لَمْ يَعُدْ إلَيْهَا قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ الْكَبِيرُ أَيْ يَحْرُمُ الْعَوْدُ اهـ فَهَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى عَادَ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى نَافِلَةً وَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ فِي هُوِيِّهِ قَبْلَ انْتِصَابِهِ هَلْ يَصِحُّ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ حَالَ قِيَامِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلَ مِمَّا بَعْدَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُحْرِمَ بِهِ مُضْطَجِعًا ثُمَّ يَقُومَ لَا كَمَا لَهَا إذَا أَرَادَ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا كَانَ الْمَأْمُومُونَ صُمًّا لَا يَسْمَعُونَ الْقُنُوتَ يُسِرُّ بِهِ الْإِمَامُ بِهِمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجْهَرُ بِهِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ طَالَتْ يَدُهُ بِحَيْثُ لَوْ قَامَ لَمْ يَتَحَرَّكْ طَرَفُهَا بِحَرَكَتِهِ يَصِحُّ السُّجُودُ عَلَيْهَا، وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ سُجُودُهُ عَلَى يَدِهِ الْمَذْكُورَةِ لِكَوْنِهَا جُزْءًا مِنْهُ (سُئِلَ) مَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ يَكْتَفِي بِالْمُقَارَنَةِ الْعُرْفِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمُقَارَنَةِ الْعُرْفِيَّةِ عِنْدَ الْعَوَامّ أَنْ يُعَدَّ مُسْتَحْضِرًا لِلصَّلَاةِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ صَلَّى الْإِمَامُ عَلَى النَّبِيِّ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقُنُوتِ هَلْ يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَقُولَ مِثْلَهُ أَوْ يُؤَمِّنَ أَوْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِالْجَمْعِ فَهَلْ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَدِّمَ الصَّلَاةَ أَوْ التَّأْمِينَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّهُ يُؤَمِّنُ فِيهَا إذَا صَلَّى الْإِمَامُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهَا دُعَاءٌ (سُئِلَ) هَلْ الذِّكْرُ الْوَارِدُ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الذِّكْرَ أَفْضَلُ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي ثَانِيَةِ الصُّبْحِ هَلْ يَقْرَأُ فِي ثَانِيَةِ نَفْسِهِ السَّجْدَةَ أَوْ هَلْ أَتَى أَوْ هُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمَسْبُوقَ يَقْرَأُ فِي ثَانِيَةِ صُبْحِهِ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ وَحْدَهَا (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَفِظَ أَلْفَاظَ التَّشَهُّدِ الْوَاجِبِ هَلْ يَصْبِرُ بَعْدَ قِرَاءَتِهِ مِقْدَارَ السُّنَّةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الصَّبْرُ الْمَذْكُورُ (سُئِلَ) عَمَّنْ قَصَدَ قَطْعَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ حَالَ تَلَفُّظِهِ بِهَا هَلْ يَضُرُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَضُرُّ مَا ذُكِرَ فِي الِانْعِقَادِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ عِنْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ قَالَ فِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الْحَاكِمِ وَالثَّانِي قَاسَهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ كَمَا قِيسَ الرَّفْعُ فِيهِ عَلَى رَفْعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَيْهِ

كُلَّمَا صَلَّى الْغَدَاةَ يَدْعُو عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَهُ الْقُرَّاءَ بِبِئْرِ مَعُونَةَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ هَلْ اسْتَدَلَّ لِلرَّفْعِ بِدَلِيلِهِ، أَوْ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ كَمَا قِيسَ الرَّفْعُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى الْغَيْرِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَمَا هِيَ الْأَدْعِيَةُ غَيْرُ الْقُنُوتِ مِنْ أَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ الَّتِي يُسَنُّ فِيهَا رَفْعُ الْيَدَيْنِ أَمْ أَنَّ حَدِيثَ الْحَاكِمِ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ الشَّرْحُ أَنَّ الْقَائِلَ بِأَنَّ الرَّفْعَ سُنَّةٌ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِالِاتِّبَاعِ وَأَنَّ الْقَائِلَ بِعَدَمِ السُّنَّةِ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِالْقِيَاسِ عَلَى غَيْرِ الْقُنُوتِ مِنْ أَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ كَدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّشَهُّدِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ كَمَا قِيسَ الرَّفْعُ إلَخْ أَنَّ الْقَائِلَ بِالْأَوَّلِ اسْتَدَلَّ أَيْضًا بِالْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِلْأَوَّلِ دَلِيلَيْنِ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا قَرَأَ الْمُصَلِّي أَنْعَمْت بِإِسْقَاطِ هَمْزَةِ الْقَطْعِ لِلدَّرَجِ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِقِرَاءَتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ تِلْكَ الْكَلِمَةِ لِإِسْقَاطِ الْهَمْزَةِ (سُئِلَ) عَمَّنْ يَقُولُ فِي الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ الْهَمْدُ لِلَّهِ بِالْهَاءِ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِهِ أَمْ لَا سَوَاءٌ كَانَتْ لُغَتَهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ فَإِنْ عَجَزَ لِسَانُهُ عَنْ الْإِتْيَانِ

بِالْحَمْدُ لِلَّهِ، أَوْ لَمْ يَمْضِ زَمَنُ إمْكَانِ تَعَلُّمِهِ فَهُوَ أُمِّيٌّ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ (سُئِلَ) عَمَّا يَفْعَلُهُ النَّاسُ مِنْ الْمُصَافَحَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ هَلْ هُوَ سُنَّةٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ مِنْ الْمُصَافَحَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَا أَصْلَ لَهَا، وَلَكِنْ لَا بَأْسَ بِهَا (سُئِلَ) هَلْ يُسَنُّ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ أَوْ الْأَعْلَى ثَلَاثًا فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مُطْلَقًا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسَنُّ سَوَاءٌ كَانَ إمَامًا لِقَوْمٍ مَحْصُورِينَ أَوْ لَا (سُئِلَ) عَمَّا إذَا فَشَا الطَّعْنُ وَالطَّاعُونُ فِي الْبَلَدِ هَلْ يُسَنُّ لَهُ الْقُنُوتُ أَوْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ نَعَمْ فَهَلْ يَقُولُ فِيهِ: اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الطَّعْنَ وَالطَّاعُونَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْقُنُوتُ وَيَقُولُ فِيهِ مَا ذُكِرَ وَيَجْهَرُ بِهِ مُطْلَقًا (سُئِلَ) عَنْ إمَامٍ يُكَرِّرُ فِي الْقُنُوتِ لَفْظَةَ اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْت أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الدُّعَاءِ فِيهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا هَلْ يُخِلُّ ذَلِكَ بِسُنَّةِ تَخْفِيفِ الْقُنُوتِ فَإِذَا قُلْتُمْ لَا يُخِلُّ يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ ذَلِكَ يَسِيرٌ لَا يُخِلُّ بِسُنَّةِ تَخْفِيفِ الْقُنُوتِ، وَلَا يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُهُ (سُئِلَ) عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يُصَلِّيهِمَا النَّاسِكُونَ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ لِحِفْظِ الْإِيمَانِ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الصُّوفِيَّةِ هَلْ يَنْوِي بِهِمَا حِفْظَ الْإِيمَانِ

أَوْ يَكْتَفِي بِمُطْلَقِ فِعْلِ الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقِيَاسَ تَعْيِينُ سَبَبِهِمَا كَغَيْرِهِمَا مِنْ ذَوَاتِ السَّبَبِ (سُئِلَ) عَنْ سُنَّةِ الظُّهْرِ هَلْ يَجِبُ تَعْيِينُهَا بِالْمُتَقَدِّمَةِ أَوْ الْمُتَأَخِّرَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ أَوْ لَا إلَّا إذَا أَخَّرَ الْمُتَقَدِّمَةَ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَوْ لَا يَجِبُ مُطْلَقًا، وَمَا الرَّاجِحُ وَالْحَرِيُّ بِالِاعْتِمَادِ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِالْوُجُوبِ فَهَلْ يَلْحَقُ بِهِمَا سُنَّةُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ إذَا أَثْبَتْنَا فِيهِمَا الْمُتَقَدِّمَ أَوْ لَا لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ دَرَجَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالْمُتَأَخِّرَةِ فِيهِمَا، وَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَيَلْحَقُ بِهِمَا مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ التَّعَقُّبَاتِ بِوُجُوبِ وَضْعِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَلَا بُدَّ مِنْ الطُّمَأْنِينَةِ بِهَا كَالْجَبْهَةِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَضَعَهَا حَالَةَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ حَتَّى لَوْ وَضَعَهَا ثُمَّ رَفَعَهَا ثُمَّ وَضَعَ الْجَبْهَةَ أَوْ عَكَسَ لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّهَا أَعْضَاءٌ تَابِعَةٌ لِلْجَبْهَةِ، وَإِذَا رَفَعَ الْجَبْهَةَ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى وَجَبَ عَلَيْهِ رَفْعُ الْكَفَّيْنِ أَيْضًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الْيَدَيْنِ تَسْجُدَانِ كَمَا تَسْجُدُ الْجَبْهَةُ فَإِذَا سَجَدْتُمْ فَضَعُوهُمَا وَإِذَا رَفَعْتُمْ فَارْفَعُوهُمَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَلِأَصْحَابِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ اهـ فَصَرَّحَ بِوُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ بِهَا وَوُجُوبِ وَضْعِهَا حَالَ وَضْعِ

الْجَبْهَةِ وَوُجُوبِ رَفْعِ الْكَفَّيْنِ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى وَلَمْ نَرَ مَنْ صَرَّحَ بِمَا ذَكَرَهُ بَلْ قَوْلُ الرَّوْضَةِ فِي الْأَخِيرَةِ: وَلَوْ تَرَكَهُمَا عَلَى الْأَرْضِ عَنْ جَانِبَيْ فَخِذَيْهِ كَانَ كَإِرْسَالِهِمَا فِي الْقِيَامِ يَقْتَضِي عَدَمَ وُجُوبِ رَفْعِهِمَا فَهَلْ خَالَفَ كَلَامُ التَّعَقُّبَاتِ كَلَامَ الْغَيْرِ أَوْ لَا، وَإِنْ خَالَفَ فَمَا الرَّاجِحُ فِي ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ مِنْ وُجُوبِ رَفْعِ الْكَفَّيْنِ عِنْدَ رَفْعِ الْجَبْهَةِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَالرَّاجِحُ مَا فِي الرَّوْضَةِ (سُئِلَ) عَمَّا نَقَلَهُ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا عَنْ نَصْرٍ الْمَقْدِسِيِّ أَنَّهُ إذَا رَفَعَ الْمُسَبِّحَةَ فِي التَّشَهُّدِ عِنْدَ إلَّا اللَّهُ يُقِيمُهَا وَلَا يَضَعُهَا هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ (سُئِلَ) عَمَّا نُقِلَ عَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ لَا تُسْتَحَبُّ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى قِرَاءَةِ " الم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ " " وَهَلْ أَتَى فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ أَيْضًا وَعُلِّلَ لِذَلِكَ بِظَنِّ الْعَامَّةِ وُجُوبَهَا فَهَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِهِ فَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ السُّنَنِ أَوْ يَخْتَصُّ بِهَذَا وَأَمْثَالِهِ وَكَيْفَ تُتْرَكُ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ بِالظَّنِّ الْمَذْكُورِ وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الْفَارِقِيِّ أَنَّهُ لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الْقِرَاءَةِ جَمِيعِهَا قَرَأَ مَا أَمْكَنَ فَإِنْ قَرَأَ غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ تَارِكًا لِلسُّنَّةِ فَهَلْ بَيْنَ النَّقْلَيْنِ تَنَاقُضٌ

أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسْتَحَبُّ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى قِرَاءَةِ الم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ وَهَلْ أَتَى فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَمَا عَلَّلَ بِهِ الْقَائِلُ بِعَدَمِ اسْتِحْبَابِهَا لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي الشَّرِيعَةِ لَا فِي هَذِهِ السُّنَّةِ، وَلَا فِي غَيْرِهَا وَلَيْسَ بَيْنَ النَّقْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ تَنَاقُضٌ (سُئِلَ) عَمَّنْ سَلَّمَ التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّهُ أَتَى بِالْأُولَى فَهَلْ يَحْسِبُ ذَلِكَ عَنْ الْأُولَى ثُمَّ يُسَلِّمُ الثَّانِيَةَ كَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَوْ أَتَى بِجُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ عَلَى اعْتِقَادِ تَمَامِ السَّجْدَتَيْنِ ثُمَّ ظَهَرَ الْحَالُ، فَإِنَّهُ يَحْسِبُ أَوْ لَا يَحْسِبُ ذَلِكَ وَيَلْغُو وَيُسَلِّمُ التَّسْلِيمَتَيْنِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا شَمِلَتْهُ نِيَّةُ الصَّلَاةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمَنْقُولَ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ لَمْ تَشْمَلْ التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ لَوَاحِقِهَا لَا مِنْ نَفْسِهَا وَلِهَذَا لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ فَصَارَ كَمَنْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ صَلَاتِهِ ثُمَّ سَجَدَ لِتِلَاوَةٍ أَوْ سَهْوٍ فَإِنَّهَا لَا تَقُومُ مَقَامَ تِلْكَ السَّجْدَةِ بِخِلَافِ جَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فَإِنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ شَامِلَةٌ لَهَا (سُئِلَ) عَمَّنْ شَرَعَ فِي الْفَاتِحَةِ قَبْلَ التَّعَوُّذِ نَاسِيًا هَلْ يَعُودُ إلَى التَّعَوُّذِ إذَا تَذَكَّرَ أَمْ يَسْتَمِرُّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي

التَّعَوُّذِ قَبْلَ الِافْتِتَاحِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَعُودُ فِيهَا إلَى التَّعَوُّذِ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَّلُوا عَدَمَ إتْيَانِهِ بِالِافْتِتَاحِ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي التَّعَوُّذِ بِفَوَاتِ مَحَلِّهِ مَعَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا سُنَّةً فَكَيْفَ يَأْتِي بِهِ إذَا اشْتَغَلَ بِفَرْضٍ وَهُوَ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ (سُئِلَ) عَمَّنْ قَرَأَ السُّورَةَ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ هَلْ تَحْصُلُ بِذَلِكَ السُّنَّةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: لَوْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ يَسْجُدُ لِلتِّلَاوَةِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْقِرَاءَةِ فِي الْجُمْلَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِقِرَاءَتِهِ الْمَذْكُورَةِ سُنَّةُ الْقِرَاءَةِ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مَحَلُّ الْقِرَاءَةِ فِي الْجُمْلَةِ أَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِسُنَّةِ الْقِرَاءَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَلِهَذَا لَوْ كَرَّرَ الْفَاتِحَةَ لَمْ يَحْصُلْ بِتَكْرِيرِهَا تِلْكَ السُّنَّةُ (سُئِلَ) عَنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ عَقِبَ الدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ هَلْ لَهَا أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ أَمْ هِيَ مُحْدَثَةٌ لَمْ تُعْهَدْ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، وَإِذَا قُلْتُمْ مُحْدَثَةٌ فَهَلْ هِيَ حَسَنَةٌ أَوْ قَبِيحَةٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ الْكَرَاهَةِ هَلْ يُثَابُ قَائِلُهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ عَقِبَ الدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ أَصْلًا فِي السُّنَّةِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ ظَاهِرٌ لِكَثْرَةِ فَضَائِلِهَا، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَاتِحَةُ الْكِتَابِ مُعَلَّقَةٌ فِي الْعَرْشِ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» وَفِيهَا مِنْ الصِّفَاتِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهَا حَتَّى قَالُوا إنَّ جَمِيعَ

باب شروط الصلاة

الْقُرْآنِ فِيهَا وَهِيَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ كَلِمَةً تَضَمَّنَتْ عُلُومَ الْقُرْآنِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِأَوْصَافِ كَمَالِهِ وَجَمَالِهِ وَعَلَى الْأَمْرِ بِالْعِبَادَاتِ وَالْإِخْلَاصِ فِيهَا وَالِاعْتِرَافِ بِالْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ بِشَيْءٍ مِنْهَا إلَّا بِإِعَانَتِهِ - تَعَالَى، وَعَلَى الِابْتِهَالِ إلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ إلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَعَلَى بَيَانِ عَاقِبَةِ الْجَاحِدِينَ، وَمِنْ شَرَفِهَا أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - قَسَمَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِهِ وَلَا تَصِحُّ الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ إلَّا بِهَا وَلَا يَلْحَقُ عَمَلٌ بِثَوَابِهَا وَبِهَذَا الْمَعْنَى صَارَتْ أُمَّ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَأَيْضًا فَلِكَثْرَةِ أَسْمَائِهَا، وَكَثْرَةُ الْأَسْمَاءِ تَدُلُّ عَلَى شَرَفِ الْمُسَمَّى، وَلِأَنَّ مِنْ أَسْمَائِهَا أَنَّهَا سُورَةُ الدُّعَاءِ وَسُورَةُ الْمُنَاجَاةِ وَسُورَةُ التَّفْوِيضِ وَأَنَّهَا الرَّاقِيَةُ وَأَنَّهَا الشِّفَاءُ وَالشَّافِيَةُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّهَا لِكُلِّ دَاءٍ» وَقَالُوا إذَا عَلَّلْت أَوْ شَكَيْت فَعَلَيْك بِالْفَاتِحَةِ فَإِنَّهَا تَشْفِي [بَابٌ شُرُوطُ الصَّلَاةِ] (بَابٌ شُرُوطُ الصَّلَاةِ) (سُئِلَ) هَلْ نَحْكُمُ بِنَجَاسَةِ شَوَارِعِ مِصْرَ مُطْلَقًا أَمْ مَا يَغْلِبُ فِيهَا الْمُرُورُ دُونَ الْآخَرِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي شَوَارِعِ مِصْرَ الطَّهَارَةُ سَوَاءٌ أَغَلَبَتْ فِيهَا النَّجَاسَةُ أَمْ لَا فَيُسْتَصْحَبُ إلَى أَنْ تُتَيَقَّنَ النَّجَاسَةُ (سُئِلَ) هَلْ يُحْكَمُ بِتَنَجُّسِ مَا يُلَاقِي شَيْئًا مَشَى عَلَيْهِ الْكَلْبُ مِنْ

دَهَالِيزِ الْحَمَّامَاتِ وَاحْتَمَلَ طَهَارَتَهَا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْهِرَّةِ أَمْ لَا وَهَلْ يُحْكَمُ بِطَهَارَةِ الدَّهَالِيزِ بِمَا يَرِدُ عَلَيْهَا مِنْ الطِّينِ الَّذِي فِي نِعَالِ النَّاسِ بَعْدَ مُرُورِ الْمَاءِ عَلَيْهَا سَبْعًا لِأَصْلِ الطَّهَارَةِ أَمْ لَا لِغَلَبَةِ النَّجَاسَةِ وَيَسْتَمِرُّ الْحُكْمُ بِنَجَاسَةِ الدَّهَالِيزِ مُطْلَقًا اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ كَمَا يُسْتَحَبُّ الْحُكْمُ بِأَصْلِ الطَّهَارَةِ أَمْ إلَى مُدَّةٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ زَوَالُهَا لِلتَّوَسُّعِ فِي الطَّهَارَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا تَنَجَّسَ مِنْ دَهَالِيزِ الْحَمَّامَاتِ بِمُلَاقَاةِ شَيْءٍ مِنْ كَلْبٍ وَاحْتَمَلَ طَهَارَتَهُ لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَةِ مَا أَصَابَهُ مَعَ رُطُوبَةٍ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْهِرَّةِ؛ لِأَنَّا لَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ بَقَاءَ نَجَاسَتِهِ مُطْلَقًا، وَلَا يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ إلَّا بَعْدَ مُرُورِ الْمَاءِ عَلَيْهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ إنْ كَانَتْ أَرْضًا تُرَابِيَّةً وَإِلَّا اُشْتُرِطَ أَنْ تَكُونَ إحْدَى السَّبْعِ بِتُرَابٍ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ الطِّينِ الَّذِي فِي نِعَالِ النَّاسِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ بِحَيْثُ يَكْدَرُ الْمَاءُ وَيَصِلُ بِوَاسِطَتِهِ إلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْمَحَلِّ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ أَوْ الْمُبَلِّغُ، وَقَصَدَ الْإِعْلَامَ وَحْدَهُ أَوْ أَطْلَقَ فَهَلْ يُعْذَرُ فِي ذَلِكَ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي بُطْلَانِهَا بِذَلِكَ تَضْيِيقًا وَحَرَجًا شَدِيدًا لِشِدَّةِ حَاجَةِ الْمَأْمُومِينَ إلَى الْعِلْمِ بِانْتِقَالَاتِ

الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ فَإِنْ قُلْتُمْ لَا يُعْذَرُ فَمَا دَلِيلُهُ وَمَنْ قَالَ بِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ إذَا قَصَدَ الْإِعْلَامَ وَحْدَهُ أَوْ أَطْلَقَ وَدَلِيلُهُ عُمُومُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْإِسْنَوِيُّ فَقَالَ فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ: وَلَا تَبْطُلُ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ أَيْ بِشَرْطِ النُّطْقِ بِالْعَرَبِيَّةِ إنْ كَانَ يُحْسِنُهَا وَبِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهِ شَيْئًا آخَرَ فَإِنْ قَصَدَ كَ " سُبْحَانَ اللَّهِ " بِقَصْدِ التَّنْبِيهِ، وَتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ مِنْ الْمُبَلِّغِ بِقَصْدِ التَّبْلِيغِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَانَ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِي الْقِرَاءَةِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَقَدْ عَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ بَعْدَ التَّفْصِيلِ فِي الْقِرَاءَةِ مَا نَصُّهُ: وَالْأَذْكَارُ وَالْأَدْعِيَةُ كَالْقُرْآنِ (سُئِلَ) عَمَّنْ جَنَى عَلَى دَابَّةٍ فَصَارَ عَيْشُهَا عَيْشَ مَذْبُوحٍ، وَحَيَاتُهَا غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ فَهَلْ هِيَ مَيْتَةٌ نَجِسَةٌ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِهَا وَلَا عَلَيْهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلدَّابَّةِ حُكْمَ مَيْتَتِهَا فَإِنْ كَانَتْ مَيْتَتُهَا نَجِسَةً لَمْ تَصِحَّ صَلَاةُ حَامِلِهَا وَلَا مُلَاقَاةُ بَعْضِ لِبَاسِهِ لَهَا (سُئِلَ) عَمَّنْ قَتَلَ عَمْدًا فِي صَلَاتِهِ قَمْلَةً وَرَمَاهَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ حَمَلَ نَجَاسَةً

مُخْتَارًا أَمْ لَا كَنَجَاسَةٍ سَقَطَتْ فَطَرَحَهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِحَمْلِ جِلْدِ الْقَمْلَةِ الْمَقْتُولَةِ قَبْلَ رَمْيِهِ (سُئِلَ) عَنْ مُصَلٍّ عَلَى بِسَاطٍ مَفْرُوشٍ عَلَى أَرْضٍ مُتَنَجِّسَةٍ فَعَرِقَ قَدَمُهُ فَالْتَصَقَ الْبِسَاطُ بِبَاطِنِهَا، وَصَارَ مُتَعَلِّقًا بِهِ فَهَلْ يُعَدُّ حَامِلًا لَهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعَدُّ حَامِلًا لَهُ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ لَمْ يَفْصِلْهُ عَنْهُ حَالًا (سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى إمَامًا فِي جَهْرِيَّةٍ وَقُلْتُمْ بِأَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ سَكْتَةٌ يَفْصِلُ بِهَا بَيْنَ الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا هَلْ يَسْكُتُ فِيهَا أَوْ يُسَبِّحُ أَوْ يَقْرَأُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ تَشْتَغِلَ سَوَاءٌ بِالْقِرَاءَةِ أَوْ الذِّكْرِ أَوْ الدُّعَاءِ وَالْقِرَاءَةُ أَفْضَلُ (سُئِلَ) عَمَّنْ عَطَسَ فِي صَلَاتِهِ هَلْ يَحْمَدُ فِيهَا أَوْ بَعْدَ سَلَامِهِ وَهَلْ يُشَمِّتُهُ سَامِعُهُ بَعْدَ حَمْدِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ سِرًّا فَإِنْ حَمِدَهُ جَهْرًا سُنَّ لِسَامِعِهِ الَّذِي لَيْسَ فِي صَلَاةٍ وَنَحْوِهَا تَشْمِيتُهُ (سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى فَرِيضَةً عَارِيًّا لِعَدَمِ سُتْرَةٍ هَلْ يَقْضِي أَوْ لَا وَعَمَّا لَوْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ فِي الصَّلَاةِ وَشَيْءٌ مِنْ سِيقَانِهَا وَمَعَاصِمِهَا مَكْشُوفٌ هَلْ تَصِحُّ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْأَمَةُ إذَا عَتَقَتْ فِي الصَّلَاةِ وَشَيْءٌ مِنْ سَاقِهَا مَثَلًا مَكْشُوفٌ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ

مَا تَسْتُرُهُ بِهِ، أَوْ وَجَدَتْ سَاتِرًا قَرِيبًا فَتَنَاوَلَتْهُ، وَلَمْ تَسْتَدْبِرْ الْقِبْلَةَ وَسَتَرَتْ فَوْرًا أَتَمَّتْ صَلَاتَهَا، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا إعَادَتُهَا، وَإِنْ وَجَدَتْ سَاتِرًا بَعِيدًا تَحْتَاجُ فِي أَخْذِهِ إلَى أَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ، أَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِالسَّائِرِ بَعْدَ أَنْ عَتَقَتْ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِعِتْقِهَا حَتَّى مَضَتْ الصَّلَاةُ أَوْ بَعْضُهَا وَجَبَ عَلَيْهَا الْإِعَادَةُ. (سُئِلَ) عَمَّا تُلْقِيهِ الْفِئْرَانُ فِي حِيَاضِ الْأَخْلِيَةِ مِنْهَا وَفِي ذَرْقِ الطُّيُورِ الْوَاقِعِ فِي حِيَاضِ غَيْرِ الْمَسْقُوفِ مِنْهَا هَلْ ذَلِكَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فِيهِمَا مُطْلَقًا إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ وَالْحَالُ أَنَّهُ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ أَوْ يُفَصَّلُ فِيهِ بَيْنَ الْقَدْرِ الَّذِي غَلَبَ وُقُوعُهُ فَيُعْفَى عَنْ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي أَوْ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا صَرَّحُوا فِي نَظَائِرِهَا فِي حَصْرِ الْمَسَاجِدِ دُونَ الْأُولَى يَعْنِي مَا لَا يَغْلِبُ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ أَوْ الْعَكْسُ لِدَفْعِ ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ بِالتَّسْقِيفِ بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى أَوْ لَا يُعْفَى عَنْهُ فِيهِمَا لِمَا تَقَدَّمَ فِي الثَّانِيَةِ وَلِنُدْرَتِهِ فِي الْأُولَى وَإِنْ غَلَبَ فِي مَكَان خَاصٍّ، وَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ صَلَّى حَامِلَ حَيَوَانٍ مُتَنَجِّسٍ فَمُهُ وَاحْتُمِلَ وُلُوغُهُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ مُطْلَقًا لِبَقَاءِ الْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ أَوْ يُفَصَّلُ فِيهِ بَيْنَ الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ فَتَبْطُلُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي أَوْ لَا تَبْطُلُ مُطْلَقًا كَمَا لَمْ يُحْكَمْ بِتَنْجِيسِ مَا وَلَغَتْ فِيهِ

(فَأَجَابَ) نَعَمْ يُعْفَى عَمَّا تُلْقِيهِ الْفِئْرَانُ مِنْ النَّجَاسَةِ فِي حِيَاضِ الْأَخْلِيَةِ وَعَنْ ذَرْقِ الطُّيُورِ الْوَاقِعِ فِي حِيَاضِ الْأَخْلِيَةِ مَسْقُوفَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَسْقُوفَةٍ إذَا كَثُرَ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَشَقَّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ مَا لَمْ يُغَيِّرْهُ فَإِنْ كَثُرَ، وَلَمْ يَعْسُرْ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ كَمَا اقْتَضَاهُ تَقْيِيدُهُمْ الْعَفْوَ بِنَجَاسَةِ مَنْفَذِ الْحَيَوَانِ بِالْخَارِجِ مِنْهُ، وَتَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ حَمَلَ الْحَيَوَانَ الْمَذْكُورَ مُطْلَقًا (سُئِلَ) هَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ عَوْرَةِ الصَّلَاةِ وَالنَّظَرِ بِالنِّسْبَةِ إلَى السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ - كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ - عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ عَوْرَةِ الصَّلَاةِ وَالنَّظَرِ بِالنِّسْبَةِ إلَى السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَإِنْ بَحَثَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهَا مِنْهَا فِي نَظَرِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ وَالْمَحْرَمِ لِمَحْرَمِهِ وَنَحْوِهِمَا وَأَيَّدَهُ بِعِبَارَةِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهَا (سُئِلَ) عَنْ الدَّقِّ الَّذِي عَلَى الْعُضْوِ هَلْ يَمْنَعُ إدْرَاكَ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ حَتَّى يَجِبَ عَلَى الشَّخْصِ إزَالَتُهُ إذَا وَضَعَهُ مُتَعَدِّيًا أَمْ لَا وَهَلْ هُوَ نَجِسٌ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ حَتَّى لَوْ وُضِعَ فِي مَائِعٍ أَوْ مَاءٍ قَلِيلٍ نَجَّسَهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا فَعَلَ الْوَشْمَ بِرِضَاهُ فِي حَالَةِ تَكْلِيفِهِ، وَلَمْ يَخَفْ مِنْ إزَالَتِهِ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ مُنِعَ ارْتِفَاعُ الْحَدَثِ عَنْ مَحَلِّهِ

لِتَنَجُّسِهِ، وَإِلَّا عُذِرَ فِي بَقَائِهِ وَعُفِيَ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَصَحَّتْ طَهَارَتُهُ وَحَيْثُ لَمْ يُعْذَرْ وَلَاقَى مَاءً قَلِيلًا أَوْ مَائِعًا أَوْ رَطْبًا نَجَّسَهُ (سُئِلَ) عَنْ الْآجُرِّ الَّذِي لَا يُعْلَمُ هَلْ عُجِنَ بِالنَّجَاسَةِ أَمْ لَا لَا سِيَّمَا الْمَبْنِيُّ فِي الْمَسَاجِدِ هَلْ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ إذَا لَمَسَهُ الْمُصَلِّي أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ الْآجُرِّ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ قَطَعَ بِهَا بَعْضُهُمْ نَظَرًا إلَى اطِّرَادِ الْعَادَةِ بِاسْتِعْمَالِ السِّرْجِينِ فِيهِ، وَإِنَّمَا يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِلَمْسِهِ (سُئِلَ) عَمَّنْ صَامَ فَرْضًا ثُمَّ وَقَفَ يُصَلِّي فَجَاءَتْهُ نُخَامَةُ بَلْغَمٍ فَقَدَرَ عَلَى مَجِّهَا وَإِخْرَاجِهَا فَهَلْ إذَا خَرَجَ مِنْهُ حَرْفٌ أَوْ حَرْفَانِ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا وَإِذَا ابْتَلَعَهَا هَلْ يُفْطِرُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ عَرَضَتْ لَهُ نُخَامَةٌ وَمَجَّهَا وَأَخْرَجَهَا فَظَهَرَ مِنْهُ حَرْفٌ مُفْهِمٌ أَوْ حَرْفَانِ إنْ لَمْ تَصِلْ إلَى الْحَدِّ الظَّاهِرِ مِنْ فَمِهِ أَوْ قَدَرَ عَلَى إمْسَاكِهَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِحَيْثُ لَا تَعُودُ إلَى الْبَاطِنِ وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ بِالْإِخْرَاجِ الْمَذْكُورِ لِتَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ مُرَاعَاةً لِمَصْلَحَةِ الصَّوْمِ فَإِنْ بَلَعَهَا وَهِيَ فِي الْحَدِّ الْمَذْكُورِ يُبْطِلُهَا، وَيَبْطُلُ صَوْمُهُ وَصَلَاتُهُ بِابْتِلَاعِهَا مِنْ الْحَدِّ الْمَذْكُورِ وَهُوَ

قَادِرٌ عَلَى مَجِّهَا بَلْ يَبْطُلَانِ بِوُصُولِهَا الْبَاطِنَ حِينَئِذٍ بِلَا ابْتِلَاعٍ مِنْهُ لِتَقْصِيرِهِ (سُئِلَ) عَنْ الْمُصَلِّي إذَا لَمْ يَجِدْ سُتْرَةً وَوَجَدَ حَشِيشًا يُمْكِنُهُ عَمَلُهَا مِنْهُ فَشَرَعَ فِيهِ فَظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ إنْ أَتَمَّهُ خَرَجَ وَقْتُ الْفَرِيضَةِ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ عَارِيًّا فِي وَقْتِهَا أَوْ يُتِمُّهُ وَيُصَلِّيهَا خَارِجَ وَقْتِهَا، وَإِذَا صَلَّى عَارِيًّا فِي مَسْأَلَتِنَا هَلْ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ صَلَاةُ الْفَرِيضَةِ فِي وَقْتِهَا عَارِيًّا وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا (سُئِلَ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْحَرْفَيْنِ الْمُبْطِلَيْنِ أَنْ يَكُونَا مُتَوَالِيَيْنِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنْ نَعَمْ يُشْتَرَطُ تَوَالِي الْحَرْفَيْنِ. (سُئِلَ) عَنْ مُصَلٍّ حَصَّلَ أَصْلَ السُّجُودِ ثُمَّ طَوَّلَهُ تَطْوِيلًا كَثِيرًا مَعَ رَفْعِ بَعْضِ أَعْضَاءِ السُّجُودِ كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ مُتَعَمِّدًا هَلْ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ لِكَوْنِهِ تَعَمَّدَ فِعْلَ شَيْءٍ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ غَيْرِ مَحْسُوبٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ طَوَّلَهُ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ وَزَعَمَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ أَنَّ فِي الْبَحْرِ وَالذَّخَائِرِ أَنَّهُ يَكْفِي وَضْعُ شَيْءٍ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ أَوْ شَيْءٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَنُسِبَ لِلسَّهْوِ (سُئِلَ) عَمَّا يَفْعَلُ الْعَوَامُّ مِنْ قَوْلِهِمْ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] مِثْلَ قَوْلِهِ اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ

أَوْ نَسْتَعِينُ بِاَللَّهِ هَلْ هُوَ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ تِلَاوَةً، وَلَا دُعَاءً أَمْ لَا. وَفِي قَوْلِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: فَرْعٌ قَدْ اعْتَادَ كَثِيرٌ مِنْ الْعَوَامّ أَنَّهُمْ إذَا سَمِعُوا قِرَاءَةَ الْإِمَامِ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] قَالُوا إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، وَهَذَا بِدْعَةٌ نَهَى عَنْهَا فَأَمَّا بُطْلَانُ الصَّلَاةِ بِهَا فَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إنْ كَانَ قَاصِدًا التِّلَاوَةَ أَوْ قَالَ اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ أَوْ نَسْتَعِينُ بِاَللَّهِ بَطَلَتْ هَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ الدُّعَاءَ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ فَقَالَ بَطَلَتْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ تِلَاوَةً وَلَا دُعَاءً أَمْ لَا وَهَلْ هَذِهِ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَمْ سَقَطَ مِنْهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْعِمَادِ نَقَلَ عَنْهُ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَالْقَصْدُ ذِكْرُ عِبَارَتِهِ. وَمَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا قَصَدَ بِقَوْلِهِ: اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ الثَّنَاءَ أَوْ الذِّكْرَ أَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ الْكَلَامُ السَّابِقُ أَمْ لَا تَبْطُلُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ قَصَدَ الثَّنَاءَ أَوْ الذِّكْرَ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ اللَّفْظُ ذَلِكَ؛ إذْ مُؤَدَّاهُ طَلَبُ الْإِعَانَةِ فَقَطْ وَيَطْرُدَهُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا أَيْضًا فَيُقَالُ فِي قَوْلِهِ مَثَلًا أَطْلُبُ مِنْ اللَّهِ مَالًا وَوَلَدًا أَوْ زَوْجَةً حَسْنَاءَ إذَا قَصَدَ بِهِ الذِّكْرَ دُونَ الدُّعَاءِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ فِي صَلَاتِهِ: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} [نوح: 1] الْآيَةَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ أَخْبَارِ الْقُرْآنِ وَمَوَاعِظِهِ وَأَحْكَامِهِ غَيْرَ قَاصِدٍ بِذَلِكَ الْقِرَاءَةَ أَوْ قَصَدَ بِهِ الذِّكْرَ

أَوْ الثَّنَاءَ هَلْ يُفِيدُهُ قَصْدُهُ عَدَمَ الْبُطْلَانِ أَمْ لَا وَمَا الْمُرَادُ بِالذِّكْرِ الَّذِي لَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالْقَوْلِ الْمَذْكُورِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ تِلَاوَةً وَلَا دُعَاءً وَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الدُّعَاءَ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَلِهَذَا اعْتَرَضَ فِي شَرْحِ الْمُهَذِّبِ إطْلَاقَ مَا نَقَلَهُ فِيهِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُوَافَقُ عَلَيْهِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ هِيَ الْمَحْكِيَّةُ فِي السُّؤَالِ كَمَا رَأَيْتهَا فِيهِ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالْقَوْلِ الْمَذْكُورِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا، وَكَذَا إذَا قَصَدَ بِقَوْلِهِ: اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ الثَّنَاءَ أَوْ الذِّكْرَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِمَا؛ إذْ لَا عِبْرَةَ بِقَصْدٍ مَا لَمْ يُفِدْهُ اللَّفْظُ، وَإِنْ قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ: الظَّاهِرُ هُوَ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى - قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ الْحَقُّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ فِي قُنُوتِ رَمَضَانَ: اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ اهـ وَحِينَئِذٍ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ أَيْضًا فِي النَّظَائِرِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَالِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ وَالْمُرَادُ بِالذِّكْرِ الَّذِي لَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ مَا كَانَ مَدْلُولُهُ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى - كَقَوْلِ الْمُصَلِّي: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ إلَخْ (سُئِلَ) عَمَّنْ

صَلَّى بِمَكَانٍ مَغْصُوبٍ إلَى سُتْرَةٍ هَلْ يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَلْ وَلَا يُكْرَهُ (سُئِلَ) عَنْ مُصَلٍّ حَمَلَ آدَمِيًّا مَيِّتًا أَوْ سَمَكَةً مَيْتَةً مُتَطَهِّرَ الْمَنْفَذِ أَوْ جَرَادًا أَوْ جَنِينَ مُذَكَّاةٍ أَوْ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ كَالْحَيَوَانِ الْمَذْبُوحِ الْمُتَطَهِّرِ الْمَنْفَذِ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ. (سُئِلَ) هَلْ يُعْفَى عَنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَنَحْوِهَا الْكَثِيرِ إذَا انْتَشَرَ بِعِرْقٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْ الدَّمِ الْمَذْكُورِ. (سُئِلَ) هَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ غَلَبَهُ السُّعَالُ أَوْ الْعُطَاسُ أَوْ نَحْوُهُمَا إذَا كَثُرَ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ تَبْطُلُ بِهِ (سُئِلَ) عَمَّنْ حَرَّكَ لِسَانَهُ فِي صَلَاتِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ بِلَا حَاجَةٍ هَلْ تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِهِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَرَّكَ أَجْفَانَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ هَلْ تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِهِ (سُئِلَ) عَمَّنْ شَكَّ فِي فِعْلٍ مُعْتَبَرٍ مِنْ رَكْعَةٍ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا فَهَلْ يُعْفَى عَنْهُ، كَالشَّكِّ فِي حَرْفٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا فَلَوْ كَثُرَ لِشَخْصٍ فَهَلْ يُعْفَى عَنْهُ لِجَلْبِ الْعُسْرِ الْيُسْرَ أَمْ لَا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ فِيمَا مَرَّ وَالْمَقِيسُ عَلَيْهِ فِي الْكَثْرَةِ

سَيَلَانُ الْمَاءِ مِنْ فَمِ النَّائِمِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْ الشَّكِّ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَثُرَ فَيَجِبُ عَلَى الشَّاكِّ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا شَكَّ فِيهِ؛ إذْ مِنْ قَوَاعِدِ مَذْهَبِنَا أَنَّ الْيَقِينَ لَا يُرْفَعُ بِالشَّكِّ وَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ: مَا كَانَ الْأَصْلُ عَدَمَهُ وَشَكَكْنَا فِي وُجُودِهِ رَجَعْنَا إلَى الْأَصْلِ وَطَرَحْنَا الشَّكَّ، وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ يَشُكُّ فِي صَلَاتِهِ فِي فَرْضٍ مِنْ فُرُوضِهَا إتْيَانُهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ لِكَثْرَتِهَا؛ إذْ هِيَ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ حَرْفًا بِقِرَاءَةِ: " مَالِكِ " بِالْأَلْفِ فَعُفِيَ لِلْمَشَقَّةِ وَلَا كَذَلِكَ أَجْزَاءُ الرَّكْعَةِ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الثَّانِي حُصُولُ الْمَشَقَّةِ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ إذْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى دَفْعِهِ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ فَإِنَّهُ إذَا أَتَى بِالسُّنَّةِ، وَهِيَ الْخُشُوعُ فِي صَلَاتِهِ انْدَفَعَتْ عَنْهُ كَثْرَةُ الشَّكِّ الْمَذْكُورَةُ (سُئِلَ) عَنْ فِرَاءِ الْوَشَقِ هَلْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا دُبِغَ الْجِلْدُ الْمَذْكُورُ، وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ إلَّا شَعْرٌ يَسِيرٌ عُرْفًا صَحَّتْ الصَّلَاةُ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ حَيَوَانَهُ غَيْرُ مَأْكُولٍ؛ إذْ هُوَ مِمَّا يَعْدُو عَلَى النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ وَيَتَقَوَّى بِنَابِهِ (سُئِلَ) عَنْ جَالِسٍ مَعَ إمَامِهِ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ شَاكًّا فِي الْأُولَى هَلْ يَعُودُ لَهَا فَإِنْ قُلْتُمْ لَا تُعَادُ وَرَجَعَ قَبْلَ

طُولِ الْفَصْلِ هَلْ تُجْزِئُهُ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ هَلْ تُلْغَى هَذِهِ الرَّكْعَةُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَعُودُ؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ فَوْتَ مَحَلِّ الْمَشْكُوكِ فِيهِ لِتَلَبُّسِهِ مَعَ الْإِمَامِ بِرُكْنٍ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِعَوْدِهِ إنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا وَتَلْغُو رَكْعَتُهُ فِي حَالَتَيْ عَوْدِهِ وَعَدَمِهِ (سُئِلَ) عَمَّنْ قَامَ لِصَلَاةٍ ثُمَّ تَذَكَّرَ رَكْعَةً مَا قَبْلَهَا هَلْ يُجْزِئُهُ هَذَا الْقِيَامُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ رَحِمَك اللَّهُ هَلْ يُبْطِلُهَا كَخِطَابِ الْحَيِّ أَمْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَمَا الْفَرْقُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُبْطِلُهَا؛ لِأَنَّهُ خِطَابُ مَخْلُوقٍ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ فَقَدْ قَالُوا: إنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِالدُّعَاءِ لِغَيْرِهِ بِصِيغَةِ الْمُخَاطَبِ، وَإِنْ اسْتَثْنَاهَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُ وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ خِطَابًا وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَلَّمَتْهُ مَيِّتًا لَمْ تَطْلُقْ. (سُئِلَ) عَمَّنْ غَسَلَ بَعْضَ ثَوْبِهِ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لِغُسْلِ نَجَاسَةٍ حُكْمِيَّةٍ، وَفِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ أَوْ خَاضَ فِي مَاءٍ أَوْ تَبَرَّدَ فِيهِ وَلَبِسَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ بَدَنُهُ أَوْ رَشَّهُ أَحَدٌ بِالْمَاءِ أَوْ نَزَلَ عَلَيْهِ مَنْ شَرِبَهُ أَوْ نَشَّفَ بَعْضَ مَاءِ الطَّهَارَةِ بِهِ أَوْ تَفَلَ فِيهِ هَلْ يُعْفَى عَنْ الدَّمِ الَّذِي فِيهِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لِمَشَقَّةِ

الِاحْتِرَازِ عَنْهُ لَكِنْ مَسْأَلَةُ التَّنْشِيفِ مَحَلُّهَا عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ (سُئِلَ) عَنْ إنْسَانٍ تَلَطَّخَ بِقَلِيلٍ مِنْ دَمِ أَجْنَبِيٍّ مُتَعَمِّدًا فَهَلْ يُعْفَى عَنْهُ أَوْ يَكُونُ كَإِلْقَاءِ الذُّبَابَةِ مَثَلًا مَيِّتَةً فِي الْمَائِعِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ؛ لِأَنَّ تَلَطُّخَهُ بِهِ مَعْصِيَةٌ فَلَا يُنَاسِبُهُ التَّخْفِيفُ بِالْعَفْوِ وَلِأَنَّ الْعَفْوَ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَلَطُّخِهِ فَقَدْ قَالُوا: لَوْ أَصَابَ أَسْفَلَ الْخُفِّ أَوْ النَّعْلِ نَجَاسَةٌ فَدَلَكَهُ فِي الْأَرْضِ حَتَّى ذَهَبَتْ أَجْزَاؤُهَا فَفِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ فِيهِ قَوْلَانِ الْجَدِيدُ الْأَظْهَرُ: لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا وَالْقَدِيمُ تَصِحُّ بِشُرُوطٍ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ حُصُولُ النَّجَاسَةِ بِالْمَشْيِ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ فَلَوْ تَعَمَّدَ تَلَطُّخَ الْخُفِّ بِهَا وَجَبَ الْغُسْلُ قَطْعًا، وَكَمَا لَوْ حَمَلَ الْمُصَلِّي ثَوْبًا فِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ أَوْ مَاءً قَلِيلًا أَوْ مَائِعًا فِيهِ مَيْتَةٌ لَا دَمَ لَهَا سَائِلٌ أَوْ حَمَلَ مُسْتَجْمَرًا أَوْ مَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ وَحُكْمُ مَسْأَلَتِنَا مَأْخُوذٌ مِنْ هَذِهِ النَّظَائِرِ بِالْأَوْلَى (سُئِلَ) عَمَّنْ لَبِسَ مَلْبَسًا مَقْلُوبًا عَلَى رَأْسِهِ مَثْقُوبًا مِنْ عَلَى جَبْهَتِهِ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَسْتُورُ الْعَوْرَةِ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ لَا قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ غَيْرِ الْمَشْهُورَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ رُؤْيَةُ عَوْرَتِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ

بَلْ هِيَ عَيْنُ مَسْأَلَتِنَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ رَأَى عَوْرَتَهُ فِيهَا فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَهِيَ بِحَيْثُ تُرَى (سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى ثُمَّ شَمَّ مِنْ يَدِهِ رَائِحَةَ النَّجَاسَةِ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ، وَهَلْ تَجِبُ إعَادَتُهَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ ثُمَّ إنْ احْتَمَلَ حُدُوثُ الرَّائِحَةِ بَعْدَ سَلَامِهِ أَوْ كَانَتْ عَسِرَةَ الْإِزَالَةِ لَمْ يَجِبْ فِعْلُهَا ثَانِيًا، وَإِلَّا وَجَبَ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ صَلَّى فَرْضًا وَفِي رَأْسِهِ حَشِيشَةٌ عَالِمٌ بِهَا فَهَلْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مُسْكِرَةٌ طَاهِرَةٌ (سُئِلَ) عَمَّنْ احْتَاجَ إلَى جَبْرِ عَظْمِهِ وَوَجَدَ عَظْمَ آدَمِيٍّ وَعَظْمًا نَجِسًا فَهَلْ يُجْبَرُ بِالثَّانِي لِحُرْمَةِ الْأُولَى أَوْ بِهِ لِدَوَامِ النَّجَاسَةِ وَلَوْ وَجَدَ عَظْمًا طَاهِرًا بَطِيءَ الْبُرْءِ وَنَجِسًا سَرِيعَهُ فَهَلْ يُجْبَرُ بِالْأَوَّلِ لِطَاهِرَتِهِ أَوْ بِالثَّانِي لِسُرْعَتِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُجْبَرُ بِالنَّجِسِ لَا بِعَظْمِ الْآدَمِيِّ وَبِالطَّاهِرِ لَا بِالنَّجِسِ الْمَذْكُورِ هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إنَّ لَحْمَ الْآدَمِيِّ لَا يَنْجَبِرُ سَرِيعًا إلَّا بِعَظْمِ الْكَلْبِ فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ عُذْرٌ وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي التَّيَمُّمِ فِي بَطِيءِ الْبُرْءِ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا جَاوَزَ دَمُ الْفَصْدِ أَوْ الْحِجَامَةِ أَوْ الْقُرُوحِ مَحَلَّهُ فِي الْبَدَنِ أَوْ الثَّوْبِ هَلْ يُعْفَى

عَنْهُ وَإِنْ كُثْر أَمْ عَنْ قَلِيلِهِ فَقَطْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ فَقَطْ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ: إنَّهُ لَا يَجِبُ التَّطْيِينُ عَلَى فَاقِدِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ خَارِجَ الصَّلَاةِ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ قَوْلُهُ بِمُعْتَمَدٍ (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَقَ رَأْسَهُ فَجُرِحَ فِي حَالِ الْحَلْقِ وَاخْتَلَطَ دَمُهُ بِبَلَلِ الشَّعْرِ أَوْ جَعَلَ دَوَاءً عَلَى جِرَاحَةٍ وَاخْتَلَطَ بِدَمِهَا أَوْ حَكَّ نَحْوَ دُمَّلٍ حَتَّى أَدْمَاهُ لِيَسْتَمْسِكَ عَلَيْهِ الدَّوَاءُ ثُمَّ ذَرَّ الدَّوَاءَ عَلَيْهِ هَلْ يُعْفَى عَنْ هَذَا الدَّمِ الْمَذْكُورِ أَوْ لَا (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْ الدَّمِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ لِاخْتِلَاطِهِ بِغَيْرِهِ مَعَ نُدْرَتِهِ فَلَا مَشَقَّةَ فِي الِاحْتِرَازِ عَنْهُ (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ فِي صَلَاتِهِ عَبْدِي هَذَا حُرٌّ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَبْطُلُ بِهِ وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: الْقِيَاسُ إلْحَاقُ الْإِعْتَاقِ بِالنَّذْرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ النَّذْرَ الْتِزَامٌ وَمُنَاجَاةٌ لِلَّهِ - تَعَالَى، وَالْعِتْقُ إزَالَةٌ لَيْسَ فِيهَا مُنَاجَاةٌ فَأَشْبَهَ التَّلَفُّظَ بِالطَّلَاقِ الْمُسْتَحَبِّ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُهَا قَطْعًا فَكَذَا الْإِعْتَاقُ (سُئِلَ) هَلْ يُعْفَى عَنْ دَمِ الْبَثَرَاتِ وَنَحْوِهَا إذَا انْتَقَلَتْ عَنْ مَحَلِّهَا وَكَثُرَتْ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ حِينَئِذٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ النَّوَوِيِّ وَغَيْرِهِ (سُئِلَ) عَمَّنْ حَمَلَ حَيَوَانًا

كَهِرَّةٍ عَلِمَ أَنَّ عَلَى مَنْفَذِهِ نَجَاسَةً فَهَلْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ خُرُوجَ النَّجَاسَةِ مِنْ مَنْفَذِهِ وَشَكَّ فِي حُصُولِ مُطَهِّرِهَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ مُصَلٍّ قَابِضٍ طَرَفَ حَبْلٍ وَفِي طَرَفِهِ الْآخَرِ سَاجُورُ كَلْبٍ وَفِي وَسَطِ الْحَبْلِ سِكَّةُ حَدِيدٍ مُغَيَّبَةٌ فِي الْأَرْضِ أَوْ رَجُلٌ وَاقِفٌ عَلَيْهِ أَوْ حَجَرٌ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ صَارَ مَا بَعْدَ السِّكَّةِ وَالْوَاقِفِ وَالْحَجَرِ بِمَثَابَةِ حَبْلٍ آخَرَ بِحَيْثُ لَا يَتَحَرَّكُ أَحَدُهُمَا بِحَرَكَةِ الْآخَرِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَإِلَّا بَطَلَتْ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِيمَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُصَفِّقُ إلَخْ مَا مَعْنَاهُ فَهَلْ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى مَرَّتَيْنِ إلَّا مُتَفَرِّقًا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ فِعْلٌ كَثِيرٌ دَاخِلٌ تَحْتَ كَلَامِهِمْ فِي أَنَّهُ مُبْطِلٌ وَقِيَاسًا عَلَى دَفْعِ الْمَارِّ بِشَرْطِهِ فَإِنَّهُمْ قَدْ قَالُوا: لَا يَزِيدُ عَلَى مَرَّتَيْنِ إلَّا مُتَفَرِّقًا، وَعَلَى إنْقَاذِ الْغَرِيقِ فَإِنَّهُ يَجِبُ، وَإِنْ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ إذَا كَانَ بِعَمَلٍ كَثِيرٍ، وَعَلَى تَسْبِيحِ الذِّكْرِ إذَا قُلْنَا بِالتَّفْصِيلِ عَلَى مَا ذُكِرَ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ سَبَّحَ مَرَّةً وَاحِدَةً عَلَى غَيْرِ مَا ذُكِرَ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ مَعَ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِهَا، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ نَظَائِرِهِ أَوْ لَا تَبْطُلُ وَإِنْ زَادَ عَلَى

ثَلَاثَةٍ مُتَوَالِيَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَشْرُوعٌ حِينَئِذٍ فَلَا يُبَالِي بِالْكَثْرَةِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ وَنَفَى بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ فَهَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ فَمَا الْجَوَابُ عَمَّا تَقَدَّمَ مِنْ نَظَائِرِهِ أَمْ ضَعِيفٌ فَمَنْ تَعَقَّبَهُ مِنْ الْأَصْحَابِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ تَصْفِيقَ الْمَرْأَةِ الْمُحْتَاجَ إلَيْهِ لِلْإِعْلَامِ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كَثُرَ مُتَوَالِيًا فَقَدْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّ تَصْفِيقَ الْمَرْأَةِ إذَا تَكَرَّرَ لَا يَضُرُّ بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ اهـ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَبَيْنَ دَفْعِ الْمَارِّ وَإِنْقَاذِ الْغَرِيقِ وَنَحْوِهِ أَنَّ الْفِعْلَ فِيهَا خَفِيفٌ فَأَشْبَهَ تَحْرِيكَ الْأَصَابِعِ فِي سُبْحَةٍ أَوْ حَكٍّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْكَفُّ فِيهِ قَارَّةً فَأَشْبَهَ تَحْرِيكَهَا لِلْجَرَبِ بِخِلَافِهِ فِي ذَيْنِك، وَقَدْ أَكْثَرَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - التَّصْفِيقَ حِينَ جَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُصَلِّي بِهِمْ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ، وَقَوْلُ الْجِيلِيِّ يُعْتَبَرُ فِي التَّصْفِيقِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى مَرَّتَيْنِ إنْ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ بِهِمَا الْإِعْلَامُ فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَضَعِيفٌ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ إبَاحَةُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْلَامُ، وَإِنْ زَادَ عَلَى مَرَّتَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَتَجَاوَزُ حَدَّ الْأَعْلَامِ عَادَةً (سُئِلَ) عَمَّا إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ إلَّا طِينًا أَوْ لِيفًا

أَوْ حَرِيرًا فَهَلْ يَسْتَتِرُ بِالْحَرِيرِ أَوْ غَيْرِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَسْتَتِرُ بِالطِّينِ أَوْ اللِّيفِ لَا بِالْحَرِيرِ؛ إذْ التَّسَتُّرُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا جَائِزٌ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى السِّتْرِ بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْحَرِيرِ (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ فِيمَا لَوْ نَقَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ إلَى جِهَةِ أَمَامِهِ أَوْ خَلْفِهِ أَوْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ ثُمَّ نَقَلَ الْأُخْرَى إلَى جَانِبِهَا أَوْ أَمَامَهَا أَوْ خَلْفَهَا أَنَّهُمَا خُطْوَتَانِ كَمَا اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ أَمْ خُطْوَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ نَقْلَ كُلٍّ مِنْ رِجْلَيْهِ خُطْوَةٌ فَنَقْلُهُمَا خُطْوَتَانِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُمَا حَرَكَتَانِ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا خَاطَبَ فِي صَلَاتِهِ جِنِّيًّا أَوْ مَلَكًا هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَمْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ كَمَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَدْ شَمِلَهُ قَوْلُ ابْنِ الْمُقْرِي فِي الرَّهْنِ فِيمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ أَوْ تَضَمَّنَتْ خِطَابَ مَخْلُوقٍ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ إذْ خِطَابُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُخَصِّصٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» (سُئِلَ) عَنْ تَعْرِيفِ الْخُطْوَةِ هَلْ هِيَ مُجَرَّدُ نَقْلِ الرِّجْلِ إلَى أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ، وَإِذَا نَقَلَهَا إلَى أَمَامِهِ ثُمَّ أَعَادَهَا إلَى خَلْفِهِ ثُمَّ نَقَلَ الْأُخْرَى إلَى جَنْبِهَا هَلْ

هُوَ خُطْوَةٌ أَوْ خُطْوَتَانِ أَوْ لَا يَكُونُ خُطْوَتَيْنِ حَتَّى يَنْقُلَ الثَّانِيَةَ إلَى مَكَان أَبْعَدَ مِنْ مَكَانِ الْأُولَى وَيَكْفِي أَدْنَى بُعْدٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْخُطْوَةَ عِبَارَةٌ عَنْ نَقْلِ رِجْلٍ وَاحِدَةٍ إلَى أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ فَإِنْ نُقِلَتْ الْأُخْرَى عُدَّتْ ثَانِيَةً سَوَاءٌ سَاوَى بِهَا الْأُولَى أَمْ قَدَّمَهَا عَلَيْهَا أَمْ أَخَّرَهَا عَنْهَا؛ إذْ الْمُعْتَبَرُ تَعَدُّدُ الْفِعْلِ، وَقَدْ اضْطَرَبَتْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ آرَاءُ الْمُتَأَخِّرِينَ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ: إنَّهُ لَوْ جَعَلَ الْخُطْوَةَ الْمُغْتَفَرَةَ ثَلَاثًا مُتَوَالِيَةً بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَالَ: وَلَا أُنْكِرُ الْبُطْلَانَ بِتَوَالِي خُطْوَتَيْنِ وَاسِعَتَيْنِ جِدًّا فَإِنَّهُمَا قَدْ يُوَازِيَانِ الثَّلَاثَ عُرْفًا هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ فِيهِمَا أَوْ فِي الْأُولَى فَقَطْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ مِنْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهَا مُعْتَمَدٌ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ وَكَلَامُهُمْ فِي الشِّقِّ الثَّانِي يَقْتَضِي عَدَمَ الْبُطْلَانِ بِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ لِقِلَّتِهِمَا (سُئِلَ) هَلْ يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْ الدَّمِ الَّذِي يَحْصُلُ مِنْ جِرَاحَةٍ أَوْ نَحْوِهَا بِدَاخِلِ الْفَمِ أَوْ الْأَنْفِ حَالَ رُطُوبَتِهِ أَمْ لَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْ الدَّمِ الْمَذْكُورِ كَانَ كَثِيرًا أَمْ قَلِيلًا لِاخْتِلَاطِهِ بِغَيْرِهِ مِنْ الْفَضَلَاتِ مَعَ نُدْرَتِهِ فَلَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَقَدْ أَطْلَقَ

الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ رُعَافَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ مُقْتَضٍ لِاسْتِخْلَافِهِ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ وَلَمْ يُفَصِّلُوا بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي مَنْظُومَتِهِ لَا كَالرُّعَافِ تَأَمَّلْ سِرَّ حِكْمَتِهِ اهـ وَقِيلَ: إنَّهُ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ، وَعَلَيْهِ مَا نَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ فِي الْبَحْرِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيِّ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَامِرٍ صَاحِبِ ابْنِ سُرَيْجٍ فِي تَأْوِيلِ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ: وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الِاسْتِخْلَافِ بِعُذْرٍ وَهَذَا الِاسْتِخْلَافُ قَبْلَ وُجُودِ الدَّمِ الْكَثِيرِ الْمُبْطِلِ لِلصَّلَاةِ فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْقَلِيلَ مِنْ الرُّعَافِ لَا يُبْطِلُ (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ بِالْإِنْذَارِ بِالْكَلَامِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ إلَّا بِهِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَغَيْرِهِمَا أَمْ عَدَمُهُ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْبُطْلَانُ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا سُيِّرَ الْخُنْثَى الْحُرُّ كَرَجُلٍ وَصَلَّى هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَفِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ مِنْ الْمَجْمُوعِ مَا يَدُلُّ لَهُ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي أَحْكَامِ الْخُنْثَى، وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْأَكْثَرِينَ أَمْ لَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الزَّوَائِدِ وَفِي الْمَجْمُوعِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ الْأَفْقَهُ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ بُطْلَانُهَا؛ إذْ مِنْ شُرُوطِ صِحَّتِهَا سَتْرُ عَوْرَتِهِ وَقَدْ شَكَكْنَا فِيهِ

وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَيَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ انْتِفَاءُ الْمَشْرُوطِ فَالْأَصْلُ بَقَاءُ تِلْكَ الصَّلَاةِ فِي ذِمَّتِهِ: وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْكَثْرَةَ إنَّمَا يُرَجَّحُ بِهَا عِنْدَ اسْتِوَاءِ الدَّلِيلَيْنِ (سُئِلَ) عَنْ الْقَمْلِ وَالْبَرَاغِيثِ وَالنَّامُوسِ إذَا وُجِدَ مَيِّتًا فِي ثَوْبِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ هَلْ تَجِبُ الْإِعَادَةُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ (سُئِلَ) هَلْ تَفُوتُ فَضِيلَةُ السُّتْرَةِ إذَا صَلَّى إلَى مُصَلٍّ وَتَرَكَ الشَّاخِصَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَفُوتُ فَضِيلَةُ السُّتْرَةِ؛ إذْ التَّرْتِيبُ الْمَذْكُورُ شَرْطٌ لِحُصُولِ فَضِيلَتِهَا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا تَثَاءَبَ فِي الصَّلَاةِ فَهَلْ السُّنَّةُ أَنْ يَضَعَ بَطْنَ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى فِيهِ أَمْ ظَهْرَهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَحْصُلُ السُّنَّةُ بِوَضْعِ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى فِيهِ سَوَاءٌ أَوَضَعَ ظَهْرَهَا أَمْ بَطْنَهَا (سُئِلَ) عَنْ مُصَلٍّ قَتَلَ حَيَّةً أَوْ عَقْرَبًا بِثَلَاثِ ضَرَبَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ أَتَى بِهَا مُتَوَالِيَةً بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا لَوْ وَالَاهَا فِي دَفْعِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ مَعَ السُّتْرَةِ (سُئِلَ) عَنْ مُصَلٍّ أَمَامَهُ شَيْءٌ طَرَفُهُ مُتَنَجِّسٌ فَحَوَّلَهُ مِنْ مَكَانِهِ إلَى مَكَان آخِرَ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ وَلَا رَفْعٍ مِنْ عَلَى الْأَرْضِ وَلَا قَبْضٍ بِيَدٍ بَلْ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ أُصْبُعَهُ مَثَلًا عَلَى مَوْضِعٍ

ظَاهِرٍ فِيهِ وَتَحَامَلَ عَلَيْهِ بِهَا إلَى أَنْ أَخَّرَهُ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان آخَرَ هَلْ تَبْطُلُ بِذَلِكَ صَلَاتُهُ كَمَا لَوْ كَانَ حَامِلًا لِمُتَّصِلٍ بِنَجِسٍ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَامِلًا لِمُتَّصِلٍ بِنَجِسٍ (سُئِلَ) عَمَّنْ نَحَّى نَجَاسَةً وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ بِعُودٍ فِي يَدِهِ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ بُطْلَانُهَا بِذَلِكَ (سُئِلَ) عَنْ الْبَعُوضِ يَكْثُرُ فِي زَمَنِ الرَّبِيعِ فَيَعْلَقُ بِالثِّيَابِ وَيَمُوتُ وَيَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ هَلْ يُعْفَى عَنْ مَيْتَتِهِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَغَيْرِهِمَا لِمَا ذُكِرَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْ مَيْتَتِهِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَغَيْرِهِمَا فَقَدْ قَالُوا: إنَّ الْمَيْتَةَ الَّتِي لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةٌ كَالْخُنْفُسَاءِ وَالذُّبَابِ وَالنَّمْلِ وَالنَّحْلِ وَالْقَمْلِ وَالْبَرَاغِيثِ إذَا مَاتَتْ فِي الْمَاءِ أَوْ مَائِعٍ آخَرَ لَمْ تُنَجِّسْهُ مَا لَمْ تُغَيِّرْهُ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ: لَوْ عَبَّرُوا بِالرَّطْبِ لَكَانَ أَعَمَّ مِنْهُمَا لِتَنَاوُلِ الثِّيَابِ الرَّطْبَةِ وَنَحْوِهَا اهـ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي مَنْظُومَتِهِ عَنْ مَيْتَةٍ عَدِمَتْ نَفْسًا تَسِيلُ عَفْوًا نَحْوَ الْحَرَابِيّ وَزُنْبُورٍ وَوَزَغَتِهِ كَذَا الذُّبَابُ وَدُودٌ وَالْفَرَاشُ كَذَا بُرْغُوثَةٌ نَمْلَةٌ قَمْلٌ كَبَقَّتِهِ (سُئِلَ) عَنْ إمَامٍ قَرَأَ فِي

الصَّلَاةِ فَخَشَعَ وَبَكَى فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ حَرْفَانِ أَوْ غَلَبَهُ، وَلَمْ يَكْثُرْ عُرْفًا لَمْ تَبْطُلْ وَإِلَّا بَطَلَتْ (سُئِلَ) عَنْ الدَّمِ الْخَارِجِ مِنْ الْفَمِ أَوْ الْعَيْنِ أَوْ الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ هَلْ يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ أَوْ لَا وَهَلْ يُعْفَى عَنْ الدَّمِ الْمُخْتَلِطِ بِمَاءِ الطَّهَارَةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْ الدَّمِ الْخَارِجِ مِنْ الْفَمِ أَوْ الْعَيْنِ أَوْ الْأَنْفِ، وَإِنْ قَلَّ لِاخْتِلَاطِهِ بِغَيْرِهِ مِنْ الْفَضَلَاتِ مَعَ قُدْرَتِهِ فَلَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ وَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْ الدَّمِ الْخَارِجِ مِنْ الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ؛ إذْ لَا يُعْفَى عَنْ النَّجَاسَةِ الْخَارِجَةِ مِنْهُ، وَأَمَّا دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ فَيُعْفَى عَمَّا يُصِيبُ مِنْهُ بَعْدَ الِاحْتِيَاطِ، وَإِذَا أَصَابَ مَاءَ الطَّهَارَةِ الدَّمُ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ وُشِمَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُكْرَهًا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ كَشْطُهُ إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا أَمْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَإِمَامَتُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِعَدَمِ وُجُوبِهِ وَتَصِحُّ بِهِ صَلَاتُهُ وَإِمَامَتُهُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ بِفِعْلِهِ فَهُوَ مَعْذُورٌ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ وَصَلَ عَظْمَهُ بِعَظْمٍ نَجِسٍ لِفَقْدِ الطَّاهِرِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ نَزْعُهُ إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا أَمْ لَا، وَإِذَا

قُلْتُمْ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَإِمَامَتُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَزْعُهُ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ وَإِمَامَتُهُ (سُئِلَ) عَنْ الدَّمِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ مِنْ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَالدَّمَامِيلِ وَالْقُرُوحِ هَلْ هُوَ مَا دَامَ عَلَى مَحَلِّهِ وَإِنْ كَثُرَ وَسَالَ أَوْ إذَا سَالَ يَكُونُ أَجْنَبِيًّا وَحِينَئِذٍ فَالدَّمُ الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ فَقَطْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْ الدَّمِ الْمَذْكُورِ فِي مَحَلِّهِ فَإِنْ كَثُرَ وَسَالَ مِنْهُ فَإِنْ جَاوَزَ مَحَلَّهُ أَوْ حَصَلَ بِفِعْلِهِ عُفِيَ عَنْ قَلِيلِهِ عُرْفًا دُونَ كَثِيرِهِ كَمَا يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ اخْتِلَافُ التَّرْجِيحِ فِيهِ الْوَاقِعِ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَيْهِ دِمَاءٌ مُتَفَرِّقَةٌ كُلٌّ مِنْهَا قَلِيلٌ، وَلَوْ اجْتَمَعَتْ لَكَثُرَتْ هَلْ يُعْفَى عَنْهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْهَا لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهَا (سُئِلَ) عَمَّنْ يُصَلِّي فِي الْمَاءِ الْكَدِرِ وَأَمْكَنَهُ السُّجُودُ عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ هَلْ يَلْزَمُهُ السُّجُودُ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى كَشْفِ عَوْرَتِهِ حَالَ السُّجُودِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ لَزِمَهُ السُّجُودُ الْمَذْكُورُ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَدَّى إلَى كَشْفِ عَوْرَتِهِ حَالَ سُجُودِهِ لِصِحَّةِ صَلَاتِهِ مَعَهُ بِلَا إعَادَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الدَّارِمِيِّ أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ

الْحَرَجِ (سُئِلَ) عَنْ تَحْرِيكِ الْمُصَلِّي بَدَنَهُ هَلْ هُوَ كَتَحْرِيكِ الْعُضْوِ أَوْ لَا فَإِنَّ الْأَجْوِبَةَ اضْطَرَبَتْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ تَحْرِيكَ الْمُصَلِّي بَدَنَهُ فِي صَلَاتِهِ يُبْطِلُهَا إنْ فَحُشَ كَالْوَثْبَةِ أَوْ كَثُرَ، وَلَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا كَثَلَاثِ خُطُوَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ وَهَذَا مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْمُخْتَصَرَاتِ فَضْلًا عَنْ الْمُطَوَّلَاتِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ تَحْرِيكَ بَدَنِ الْمُصَلِّي، وَعِبَارَةُ أَنْوَارِ الْأَرْدَبِيلِيِّ وَالْخُطُوَاتُ الثَّلَاثُ الْمُتَوَالِيَةُ وَالْوَثْبَةُ الْفَاحِشَةُ وَالْمَضْغُ الْكَثِيرُ، وَإِنْ خَلَا عَنْ ابْتِلَاعٍ، وَدَفْعُ الْمَارِّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ كَثِيرَةٍ تُبْطِلُ وَإِنْ سَهَا أَوْ جَهِلَ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ مُبْطِلٍ لِلصَّلَاةِ فَنَطَقَ بِحَرْفٍ غَيْرِ مُفْهِمٍ فَقَطْ فَهَلْ تَبْطُلُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ بِمَا ذُكِرَ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي سُتْرَةٌ لَهُ دَفْعُ الْمَارِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا هَلْ هُوَ جَارٍ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَلَوْ أَدَّى إلَى فِعْلٍ كَثِيرٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى إطْلَاقِهِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ يُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي رَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ هَلْ الْمُرَادُ النَّظَرُ أَوْ رَفْعُ الْحَدَقَةِ، وَلَوْ بِلَا نَظَرٍ حَتَّى يَشْمَلَ الْأَعْمَى؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُرَادَ الْأَوَّلُ (سُئِلَ)

عَنْ قَوْلِ الْأَنْوَارِ: وَلَوْ أَتَى بِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ الذِّكْرِ أَوْ التَّسْبِيحِ أَوْ التَّحْمِيدِ بِقَصْدِ الْقِرَاءَةِ فَقَطْ أَوْ الْقِرَاءَةِ وَالتَّفْهِيمِ كَتَنْبِيهِ الْإِمَامِ أَوْ الْفَتْحِ عَلَيْهِ لَمْ تَبْطُلْ، وَإِنْ قَصَدَ التَّفْهِيمَ أَوْ التَّنْبِيهَ فَقَطْ بَطَلَتْ اهـ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا فَتَحَ عَلَى الْإِمَامِ بِقَصْدِ الْإِعْلَامِ فَقَطْ بَطَلَتْ وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ أَيْضًا وَسَكَتَ عَنْ حَالَةِ الْإِطْلَاقِ وَحُكْمُهَا فِي غَيْرِ الْفَتْحِ عَلَى إمَامِهِ الْإِبْطَالُ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ خِلَافًا لِلْحَاوِي الصَّغِيرِ فَإِذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي الْقَوْلِ التَّمَامِ: وَإِذَا رَدَّ عَلَى الْإِمَامِ بِقَصْدِ الْقِرَاءَةِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَكَذَا لَوْ قَصَدَ الرَّدَّ وَالْقِرَاءَةَ أَوْ أَطْلَقَ وَإِنْ قَصَدَ مَحْضَ الرَّدِّ عَلَيْهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَكَذَا لَوْ قَعَدَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَسَبَّحَ بِقَصْدِ إعْلَامِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي التَّذْكِرَةِ فِي الْخِلَافِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ فَقَالَ {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ} [الحجر: 46] فَاتَ قَصْدُ الْقِرَاءَةِ أَوْ الرَّدِّ مَعَ الْقِرَاءَةِ أَوْ أَطْلَقَ لَمْ تَبْطُلْ فَإِنْ قَصَدَ الْإِذْنَ بَطَلَتْ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَيْسَ مِنْ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ الْمُبَلِّغُ خَلْفَ الْإِمَامِ إنْ قَصَدَ بِتَكْبِيرِهِ تَبْلِيغَ الْمَأْمُومِينَ انْتِقَالَاتِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ

بِذَلِكَ وَهُوَ مِنْ مَصَالِحِ الصَّلَاةِ فَلَمْ تَبْطُلْ بِهِ الصَّلَاةُ لِلتَّعْلِيمِ كَتَعْلِيمِ الْوُضُوءِ ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ جَلَسَ الْإِمَامُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِلتَّشَهُّدِ فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُومُ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] بِقَصْدِ التَّفَهُّمِ. قَالَ الْقَمُولِيُّ فِي الْجَوَاهِرِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ وَاَلَّذِي فِي الرَّافِعِيِّ وَالرَّوْضَةِ ظَاهِرُهُ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَالْفَتْوَى عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ مُؤَوَّلٌ اهـ كَلَامُ ابْنِ الْعِمَادِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ هُوَ مَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ خِلَافًا لِلنَّوَوِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ ذَكَرَ الدَّمِيرِيُّ أَيْضًا عَدَمَ الْبُطْلَانِ بِالْفَتْحِ عَلَى الْإِمَامِ، وَلَوْ قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ فَقَطْ نَاقِلًا لَهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْقِطْعَةِ: إنَّ قَوْلَهُ سُبْحَانَ اللَّهِ بِقَصْدِ التَّنْبِيهِ وَتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ بِقَصْدِ التَّبْلِيغِ مِنْ الْمُبَلِّغِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِي الْقِرَاءَةِ ثُمَّ قَالَ: وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ مَا لَا يَصْلُحُ لِكَلَامِ الْآدَمِيِّينَ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالْأَذْكَارِ وَلَا يُؤَثِّرُ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْإِفْهَامَ فَقَطْ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَعْلَى دَرَجَتِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ. وَإِنْ فَتَحَ عَلَى إمَامِهِ بِالْقُرْآنِ أَوْ جَهَرَ بِالتَّكْبِيرِ بِالْإِعْلَامِ لَمْ تَبْطُلْ هَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ، وَهُوَ يُوهِمُ عَدَمَ الْبُطْلَانِ مَعَ قَصْدِ الْإِعْلَامِ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ نَعَمْ بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِيمَا لَا يَصْلُحُ لِكَلَامِ الْآدَمِيِّينَ اهـ كَلَامُ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا فَعِنْدَهُ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ فَلْيَتَأَمَّلْ سَيِّدُنَا وَمَوْلَانَا وَشَيْخُنَا مَا بَيْنَ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ مِنْ التَّنَافِي وَبَيْنَ الْمُفْتَى بِهِ مِنْهُنَّ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ عِنْدِهِ تَفَضُّلًا مِنْهُ، وَهَلْ إذَا زَادَ الْمُبَلِّغُونَ عَلَى الْحَاجَةِ يُفَصَّلُ فِيهِمْ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ بِمَا أَتَى بِهِ الْقِرَاءَةَ أَوْ الذِّكْرَ أَوْ التَّسْبِيحَ أَوْ التَّحْمِيدَ فَقَطْ أَوْ قَصَدَ مَعَهُ التَّفْهِيمَ أَوْ التَّنْبِيهَ أَوْ الْإِعْلَامَ أَوْ التَّبْلِيغَ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّفْهِيمَ أَوْ التَّنْبِيهَ أَوْ الْإِعْلَامَ أَوْ التَّبْلِيغَ فَقَطْ بَطَلَتْ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ، وَمَا خَالَفَ هَذَا فَهُوَ ضَعِيفٌ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ دَعَا الْمَظْلُومُ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ فِي صَلَاتِهِ بِدُعَاءٍ مُحَرَّمٍ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الظَّالِمِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ دُعَاؤُهُ فِيهَا وَتَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ لِوَلِيِّ الصَّبِيِّ خَضْبُ يَدِ الطِّفْلِ بِحِنَّاءٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ الْخَضْبُ

باب سجود السهو

الْمَذْكُورُ (سُئِلَ) عَنْ إمَامٍ تَنَحْنَحَ فَظَهَرَ مِنْهُ حَرْفَانِ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ مُفَارَقَتُهُ أَوْ لَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ سَاهِيًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ مُفَارَقَةُ إمَامِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ (سُئِلَ) عَنْ مَأْمُومٍ عَلَّقَ الْخُرُوجَ مِنْ الْقُدْوَةِ عَلَى شَيْءٍ هَلْ يَصِيرُ مُنْفَرِدًا فِي الْحَالِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ صَارَ مُنْفَرِدًا مَعَ قَوْلِهِمْ: إنَّ التَّعْلِيقَ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ كَالشَّكِّ أَوْ لَا يَصِيرُ مُنْفَرِدًا فِي الْحَالِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ إنَّمَا كَانَ كَالشَّكِّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِمْرَارِ حُكْمِ أَصْلِ النِّيَّةِ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ فِي بَعْضِ صَلَاتِهِ دُونَ بَعْضٍ، وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِيرُ مُنْفَرِدًا بِمُجَرَّدِ نِيَّتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا يَتَوَقَّفُ كَوْنُهُ مُنْفَرِدًا عَلَى وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا يَقْتَضِي مَا قُلْته؛ لِأَنَّ مُنَافِيَ النِّيَّةِ يُؤَثِّرُ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ مُنَافِي الصَّلَاةِ [بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ] (بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ) (سُئِلَ) عَمَّنْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَتَرَكَ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ عَمْدًا أَيْ لَمْ يَطْمَئِنَّ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ أَمْ لَا وَهَلْ إذَا تَرَكَهُ نَاسِيًا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ أَتَى بِسُجُودِ السَّهْوِ قَاصِدًا فِي الِابْتِدَاءِ عَدَمَ

الطُّمَأْنِينَةِ الْمَذْكُورَةِ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ بَدَا لَهُ عِنْدَ السُّجُودِ عَدَمُ الطُّمَأْنِينَةِ فِيهِ كَانَ ذَلِكَ قَطْعًا لِلنَّفْلِ وَهُوَ جَائِزٌ لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ تَرْكِهِ الطُّمَأْنِينَةَ أَنْ لَا يَسْجُدَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ فَإِنْ سَجَدَهَا عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (سُئِلَ) عَنْ مُصَلٍّ تَرَكَ رُكُوعًا وَهَوَى لِيَسْجُدَ وَبَلَغَ حَدَّ الرَّاكِعِ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إنْ سَهَا بِهِ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ وَلَوْ نَسِيَ الرُّكُوعَ وَهَوَى يَسْجُدُ ثُمَّ تَذَكَّرَهُ فَعَادَ إلَيْهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ صَارَ أَقْرَبَ إلَى السُّجُودِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَعَمَّدَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ وَصَارَ أَقْرَبَ إلَى الرُّكُوعِ أَوْ عَلَى السَّوَاءِ لَا تَبْطُلُ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ قَائِمًا فَانْتَهَى إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ لِقَتْلِ حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ لَمْ يَضُرَّ كَمَا قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ فِي كَافِيَتِهِ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ جَاوَزَ حَدَّ الرُّكُوعِ أَوْ انْتَهَى إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ لِغَيْرِ غَرَضٍ يَضُرُّ وَبَيْنَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ نَسِيَ قُنُوتًا فَذَكَرَهُ فِي سُجُودِهِ لَمْ يَعُدْ لَهُ أَوْ قَبْلَهُ عَادَ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ إنْ بَلَغَ حَدَّ الرَّاكِعِ انْتَهَى وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ عَمْدَهُ مُبْطِلٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِتَعَمُّدِ ذَلِكَ

وَلَا سُجُودَ لِسَهْوِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْخُوَارِزْمِيِّ أَنَّ الرُّكُوعَ فِيمَا قَالَهُ وَاجِبٌ عَلَى الْمُصَلِّي، وَقَدْ أَوْقَعَهُ فِي مَحَلِّهِ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ غَيْرَهُ وَفِيمَا نَقَلَهُ أَوْقَعَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَهُوَ الْقِيَامُ وَلَوْلَا الْعُذْرُ لَأَبْطَلَ صَلَاتَهُ، وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْقُنُوتِ أَوْقَعَ الْمُصَلِّي فِيهَا الرُّكُوعَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَهُوَ الِاعْتِدَالُ، وَلَوْلَا النِّسْيَانُ لَأَبْطَلَ صَلَاتَهُ (سُئِلَ) عَمَّنْ فَصَلَ بَيْنَ سُجُودِ السَّهْوِ وَالسَّلَامِ بِزَمَنٍ طَوِيلٍ هَلْ يَضُرُّ أَوْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ لَا فَهَلْ لِتَعْبِيرِهِمْ بِ " قُبَيْلَ " فَائِدَةٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ الزَّمَنُ الْمَذْكُورُ، وَفَائِدَةُ تَعْبِيرِهِمْ بِ " قُبَيْلَ " بَيَانُ أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ سَجَدَ سَاهِيًا عِنْدَ انْتِصَابِ إمَامِهِ لِيَقْنُتَ فِي الصُّبْحِ وَجَهِلَ وُجُوبَ الْعَوْدِ لِلْمُتَابَعَةِ فَجَلَسَ مِنْ سُجُودِهِ مُنْتَظِرًا إمَامَهُ إلَى أَنْ سَجَدَ الثَّانِيَةَ فَسَجَدَهَا مُعْتَدًّا بِسَجْدَتِهِ الَّتِي سَجَدَهَا وَحْدَهُ حَالَةَ قُنُوتِ إمَامِهِ ثُمَّ كَمَّلَ مَعَهُ وَسَلَّمَ فَهَلْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ كَمَنْ سَبَقَ إمَامَهُ بِرُكْنٍ عَامِدًا أَمْ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ السَّجْدَةَ الَّتِي اعْتَدَّ بِهَا فَعَلَهَا حَالَةَ وُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ فَلَا اعْتِدَادَ بِهَا أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ أَتَى الْمُصَلِّي الْمَذْكُورُ بِسَجْدَةٍ قَبْلَ طُولِ الْفِعْلِ بَعْدَ سَلَامِهِ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، وَإِلَّا فَبَاطِلَةٌ

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ تَعَمُّدِ السَّبْقِ ظَاهِرٌ (سُئِلَ) عَنْ مَأْمُومٍ شَافِعِيٍّ تَرَكَ إمَامُهُ الْحَنَفِيُّ الْقُنُوتَ وَقَعَدَ هَلْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِتَرْكِ إمَامِهِ الْقُنُوتَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَسْجُدُ الشَّافِعِيُّ الْآتِي بِالْقُنُوتِ لِتَرْكِ إمَامِهِ الْحَنَفِيِّ لَهُ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ: السُّجُودُ رُكْنٌ طَوِيلٌ مَا مَعْنَاهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ طَوَّلَهُ عَامِدًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ سَوَاءٌ أَطَوَّلَهُ بِسُكُوتٍ أَمْ بِذِكْرٍ أَمْ بِدُعَاءٍ، وَلَوْ غَيْرَ مَأْثُورٍ بَلْ يُثَابُ عَلَى تَطْوِيلِهِ؛ وَلِهَذَا صَحَّحَ بَعْضُهُمْ وُقُوعَ جَمِيعِهِ فَرْضًا (سُئِلَ) عَنْ سُجُودِ السَّهْوِ هَلْ يَجِبُ لَهُ نِيَّةٌ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ: تَجِبُ فَهَلْ يَجِبُ قَرْنُهَا بِالتَّكْبِيرِ كَمَا فِي تَحَرُّمِ الصَّلَاةِ أَمْ يَكْفِي قَصْدُ السُّجُودِ وَقَدْ ذَكَرَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي كِتَابِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ أَنَّ الْأَصَحَّ إيجَابُ نِيَّةِ سُجُودِ السَّهْوِ دُونَ نِيَّةِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ وَعَلَّلَ الْأَخِيرَ بِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ تَشْمَلُهُ ثُمَّ اعْتَرَضَهُ، وَقَالَ: إنَّهُ تَتَبَّعَ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا فَلَمْ يَرَ أَحَدًا ذَكَرَ وُجُوبَ النِّيَّةِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ الْقَدِيمِ أَنَّ مَحَلَّهُ بَعْدَ السَّلَامِ أَمَّا عَلَى الْجَدِيدِ فَلَا بَلْ صَرَّحُوا بِخِلَافِهِ، وَسَاقَ مِنْ كَلَامِهِمْ مَا فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى مُدَّعَاهُ نَظَرٌ وَظَاهِرُ

مَا نَقَلَهُ عَنْ شَيْخِهِ وُجُوبُ التَّكْبِيرِ فِي نِيَّةِ سُجُودِ السَّهْوِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ؛ إذْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْقَصْدِ أَيْضًا بَيِّنُوا لَنَا الصَّوَابَ مِنْ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَجِبُ نِيَّةُ سُجُودِ السَّهْوِ وَنِيَّةُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ وَهِيَ الْقَصْدُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا تَكْبِيرَ فِيهَا لِلتَّحْرِيمِ حَتَّى يَجِبَ قَرْنُهَا بِهِ وَوُجُوبُ نِيَّةِ سُجُودِ السَّهْوِ مَذْكُورٌ فِي كَلَامِهِمْ حَتَّى فِي مُخْتَصَرِ التَّبْرِيزِيِّ، وَكَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي وُجُوبِ النِّيَّةِ فِيهِمَا حَتَّى فِي الْمُخْتَصَرَاتِ؛ إذْ قَوْلُهُمْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَسَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ لَا يَتَحَقَّقُ كَوْنُ السُّجُودِ لِذَلِكَ إلَّا بِقَصْدِهِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ لَا تَشْمَلُ سُجُودَ التِّلَاوَةِ وَدَعْوَى تَصْرِيحِ الْأَصْحَابِ بِعَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ سُجُودِ السَّهْوِ مَمْنُوعَةٌ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ أَنَّ نِيَّةَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ لَا تَجِبُ فَضَعِيفٌ إلَّا أَنْ تُحْمَلَ النِّيَّةُ فِيهِ عَلَى التَّحَرُّمِ (سُئِلَ) عَمَّنْ شَكَّ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ هَلْ سَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ أَمْ لَا هَلْ يُسَنُّ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسَلِّمُ وَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ (سُئِلَ) هَلْ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ ثُمَّ قَامَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ «فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ النَّاسُ نَعَمْ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى ثِنْتَيْنِ أُخَرَتَيْنِ» قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَقَدْ وَرَدَ فِي طَرِيقٍ أُخْرَى أَنَّهُمْ رَاجَعُوهُ وَهُوَ قَائِمٌ وَقَدْ اتَّكَأَ عَلَى خَشَبَةٍ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ اهـ وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ قَامَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ اعْتَدَلَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُسْتَنِدًا إلَى الْخَشَبَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ فِيهِ تَعْرِيضًا بِأَنَّهُ أَحْرَمَ ثُمَّ جَلَسَ ثُمَّ قَامَ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ وَإِلَّا فَلَا يُتَصَوَّرُ اسْتِئْنَافُ الْقِيَامِ إلَّا بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ: لَوْ صَلَّى قَاعِدًا، وَافْتَتَحَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ الْقِرَاءَةَ عَامِدًا ظَانًّا فَرَاغَ التَّشَهُّدِ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ هَلْ يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ بِعَوْدِهِ إلَيْهِ وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَا لَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ ثُمَّ عَادَ إلَى الِافْتِتَاحِ فَلَهُ ذَلِكَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُنَّةً فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ قَوْلَهُمْ الْمَذْكُورَ يَقْتَضِي بُطْلَانَ صَلَاتِهِ بِعَوْدِهِ لِقِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقُعُودَ بَدَلٌ عَنْ الْقِيَامِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَامَ وَتَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ ثُمَّ تَذَكَّرَ وَعَادَ لِمَا ذُكِرَ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ عَادَ الْمُصَلِّي قَائِمًا بَعْدَ قِرَاءَتِهِ الْفَاتِحَةَ إلَى الِافْتِتَاحِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ سَلَّمَ سَاهِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ عَنْ قُرْبٍ أَنَّ عَلَيْهِ سُجُودَ سَهْوٍ هَلْ يَكُونُ

بِإِرَادَتِهِ السُّجُودَ عَائِدًا إلَى الصَّلَاةِ أَوْ لَا حَتَّى يَهْوِيَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِيرُ بِإِرَادَتِهِ السُّجُودَ عَائِدًا إلَى الصَّلَاةِ وَتَعْبِيرُ الشَّيْخَيْنِ بِالسُّجُودِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَجَمَاعَةٌ: إنْ عَنَّ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الصَّلَاةِ وَإِلَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ وَقَعَ مَوْقِعَهُ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اقْتَصَرَ مِنْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ عَلَى وَاحِدَةٍ، وَسَلَّمَ فَهَلْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ قَصَدَ عِنْدَ إرَادَتِهِ السُّجُودَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ (سُئِلَ) كَيْفَ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ مَنْ اقْتَدَى بِحَنَفِيٍّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَ إمَامُهُ وَلَمْ يَسْجُدْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ وَلَمْ يَنْتَظِرْهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ وَاضِحٌ وَإِنْ حَكَى الدَّارِمِيُّ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا: يُخْرِجُ نَفْسَهُ وَيَسْجُدُ. ثَانِيهَا: يَتْبَعُهُ فِي السُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ. ثَالِثُهَا: لَا يُسَلِّمُ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ بَلْ يَصِيرُ فَإِذَا سَجَدَ سَجَدَ مَعَهُ ثُمَّ يُسَلِّمُ (سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى فِي تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ عَنْ الْآلِ هَلْ يُسَنُّ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ قِيَاسًا عَلَى نَظَائِرِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ وَبِهِ أَفْتَى مُؤَلِّفُهُ وَهَلْ يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِيمَنْ بَسْمَلَ أَوَّلَ تَشَهُّدِهِ؛ لِأَنَّهُ نَقَلَ بَعْضَ رُكْنٍ أَمْ لَا يَسْجُدُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الرُّكْنَ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ

فِي نَقْلِ الْقُنُوتِ نَقْلًا عَنْ الْخُوَارِزْمِيِّ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا يُقَاسُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُسَنُّ سُجُودُ السَّهْوِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ عَمَلًا بِقَاعِدَتِهِمْ وَهِيَ أَنَّ مَا لَا يَبْطُلُ عَمْدُهُ لَا سُجُودَ لِسَهْوِهِ إلَّا مَا اسْتَثْنَوْهُ مِنْهَا، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ بَلْ قِيلَ: إنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ فِي الْأَوَّلِ سُنَّةٌ، وَكَذَا الْإِتْيَانُ بِبَسْمِ اللَّهِ قَبْلَ التَّشَهُّدِ، وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ شَيْخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَنْهَجِهِ، وَأَفْتَى بِهِ فَإِنَّمَا يَتَّجِهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا رُكْنٌ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ (سُئِلَ) عَمَّنْ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ نَاسِيًا وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ نَفْلًا ثُمَّ تَذَكَّرَ فَهَلْ تَكْمُلُ الرُّبَاعِيَّةُ بِرَكْعَتَيْ النَّفْلِ أَمْ يَسْتَأْنِفُهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ اسْتِئْنَافُهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ أَحْرَمَ بِالنَّفْلِ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ فَتَحَرُّمُهُ بِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ وَلَا يَبْنِي عَلَى الْأُولَى لِطُولِ الْفَصْلِ بِالرَّكْعَتَيْنِ أَوْ بَعْدَ طُولٍ بَطَلَتْ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ وَكَمَا يَحْمِلُ عَنْ الْمَأْمُومِ الْجَهْرَ وَالسُّورَةَ وَسُجُودَ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةَ وَدُعَاءَ الْقُنُوتِ وَالْقِرَاءَةَ عَنْ الْمَسْبُوقِ وَالْقِيَامَ عَنْهُ وَالتَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ عَنْ الَّذِي أَدْرَكَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَالْقُنُوتَ فِي الصُّبْحِ إذَا لَحِقَهُ فِي الثَّانِيَةِ وَقِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِي الْجَهْرِيَّةِ عَلَى الْقَدِيمِ

مَا صُورَةُ دُعَاءِ الْقُنُوتِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ صُورَتَهَا أَنْ لَا يُشَارِكَهُ فِيهِ بَلْ يُؤَمِّنُ (سُئِلَ) عَنْ مَأْمُومٍ تَرَكَ الْقُنُوتَ مَعَ إمَامِهِ وَسَجَدَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ فِيمَنْ جَلَسَ إمَامُهُ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَقَامَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ بَعْدَ السَّلَامِ هَلْ يُؤَثِّرُ كَمَا فِي أَصْلِ النِّيَّةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ وَقِيلَ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ لَوْ عَلِمَ فِي قِيَامِهِ أَنَّهُ قَامَ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ، وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَجْلِسَ، وَلَوْ جَوَّزْنَا مُفَارَقَةَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ قِيَامَهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ، فَإِذَا جَلَسَ وَوَجَدَهُ لَمْ يُسَلِّمْ إنْ شَاءَ فَارَقَهُ وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ سَلَامَهُ اهـ وَقَالُوا فِي الْبَابِ أَيْضًا: وَلَوْ انْتَصَبَ الْمَأْمُومُ وَحْدَهُ نَاسِيًا لَزِمَهُ الْعَوْدُ لِوُجُوبِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ زَادَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مُفَارَقَتَهُ فَهَلْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مُعْتَمَدَةٌ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ حَيْثُ أَوْجَبْتُمْ جُلُوسَهُ فِي الْأُولَى، وَإِنْ جَوَّزْتُمْ الْمُفَارَقَةَ وَلَمْ تُوجِبُوهُ فِي الثَّانِيَةِ حَيْثُ نَوَى الْمُفَارَقَةَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الزِّيَادَةَ مُعْتَمَدَةٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَنَّ قِيَامَهُ فِي الْأُولَى وَقَعَ غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِهِ؛ لِأَنَّ اقْتِدَاءَهُ فِيهَا

بِإِمَامِهِ اقْتَضَى أَنْ لَا يَقُومَ إلَّا بَعْدَ قَطْعِ الْقُدْوَةِ إمَّا بِنِيَّةٍ أَوْ بِسَلَامِ إمَامِهِ، وَأَنَّ قِيَامَهُ فِي الثَّانِيَةِ وَقَعَ مُعْتَدًّا بِهِ لِوُجُوبِهِ عَلَى إمَامِهِ أَيْضًا وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِمُتَابَعَةِ إمَامِهِ وَقَدْ زَالَتْ بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ، وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِجُلُوسِ إمَامِهِ حَتَّى قَامَ لَمْ يَعُدْ (سُئِلَ) عَنْ مَسْبُوقٍ سَلَّمَ إمَامُهُ نَاسِيًا لِسُجُودِ السَّهْوِ فَقَامَ لِيَأْتِيَ بِمَا عَلَيْهِ فَعَادَ إمَامُهُ لِلسُّجُودِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ مُوَافَقَتُهُ فِيهِ إنْ لَمْ يَنْوِ مُفَارَقَتَهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مُتَابَعَةُ إمَامِهِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ إنْ لَمْ يَنْوِ مُفَارَقَتَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ الْقُدْوَةَ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْمَأْمُومَ إذَا انْتَصَبَ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ عَامِدًا اُسْتُحِبَّ لَهُ الْعَوْدُ أَوْ سَاهِيًا وَجَبَ هَلْ يَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَا لَوْ سَبَقَ إمَامَهُ إلَى السُّجُودِ وَتَرَكَ الْقُنُوتَ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ بِجَرْيِهِ فِيهِ فَهَلْ ذَكَرَهُ أَحَدٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَتَرْكُ الْقُنُوتِ يُقَاسُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي التَّشَهُّدِ، وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَتَرْكُ الْقُنُوتِ كَالتَّشَهُّدِ، وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَلَوْ تَرَكَ الْقُنُوتَ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا أَوْ هَوًى فَالْحُكْمُ كَمَا ذُكِرَ فِي التَّشَهُّدِ، وَقَالَ الْقَمُولِيُّ وَحُكْمُ تَرْكِ الْقُنُوتِ حُكْمُ تَرْكِ التَّشَهُّدِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ (سُئِلَ)

عَمَّا إذَا تَرَكَ الْمُصَلِّي الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ فِي الْقُنُوتِ هَلْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ حَيْثُ سَنَنَّاهَا فِيهِ، وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ أَعْنِي بِسُنِّيَّتِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسَنُّ سُجُودُ السَّهْوِ بِتَرْكِ مَا ذُكِرَ (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ فِيمَنْ طَوَّلَ جَلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ عَامِدًا الْبُطْلَانَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْعِمَادِ أَمْ لَا كَمَا لَوْ طَوَّلَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: يُكْرَهُ تَطْوِيلُهَا عَنْ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِهِ لِقَوْلِ الْمُتَوَلِّي يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ قُعُودُهُ فِيهَا بِقَدْرِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ اهـ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِمَا فِي الْبَحْرِ وَالرَّوْنَقِ أَنَّهَا بِقَدْرِ مَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ اهـ إذْ لَوْ اقْتَضَى تَطْوِيلُهَا بُطْلَانَ الصَّلَاةِ لَمْ تَكُنْ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ إلَّا حَرَامًا وَلِقَوْلِهِمْ: وَتَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ يُبْطِلُ عَمْدُهُ فِي الْأَصَحِّ فَإِنَّهُ مُخَرَّجٌ لِتَعَمُّدِ تَطْوِيلِ جَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، وَتَطْوِيلُ جُلُوسِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَيْ فَلَا يُبْطِلُ عَمْدُهُمَا الصَّلَاةَ، وَإِنَّمَا أَبْطَلَهَا تَعَمُّدُ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ؛ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِمَوْضُوعِ جُزْئِهَا الْحَقِيقِيِّ الَّذِي تَنْتَفِي مَاهِيَتُهَا بِانْتِفَائِهِ فَأَشْبَهَ نَقْصَ الْأَرْكَانِ الطَّوِيلَةِ بِنُقْصَانِ بَعْضِهَا وَلِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْمُوَالَاةِ

وَلِأَنَّ تَعَمُّدَ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ الَّذِي يُبْطِلُ الصَّلَاةَ هُوَ الَّذِي يَحْرُمُ لَا أَنَّهُ يُكْرَهُ فَخَرَجَ بِهَذَا أَيْضًا جُلُوسُ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ تَطْوِيلُهُ وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ قَالَ الْبَغَوِيّ: فَلَا يَضُرُّ تَطْوِيلُ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ بِلَا خِلَافٍ اهـ. وَجَلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ تَطْوِيلُهَا كَمَا مَرَّ فَتَعَمُّدُ تَطْوِيلِهَا لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَبِمَا ذَكَرْته عُلِمَ رَدُّ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ فِي التَّعَقُّبَاتِ عَقِبَ كَلَامِ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْكَرَاهَةِ أَنَّ الْجَلْسَةَ رُكْنٌ قَصِيرٌ فَلَا يُطَوِّلُهَا كَمَا لَا يُطَوِّلُ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَإِنْ طَوَّلَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَقَوْلُهُ فِي الْقَوْلِ التَّمَامِ: لَوْ طَوَّلَ الِاعْتِدَالَ وَالْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ طَوَّلَ جَلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ اهـ إذَا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِرُكْنِيَّةِ جَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَرَدَ مَا سَيَأْتِي عَنْ الْبُلْقِينِيِّ فَقَدْ سُئِلَ عَمَّا إذَا طَوَّلَ جَلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ تَطْوِيلًا زَائِدًا عَلَى الْقَدْرِ الْمُسْتَحَبِّ فَهَلْ نَقُولُ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ جَزْمًا أَوْ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَأَجَابَ بِأَنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ بِتَعَمُّدِ مَا ذُكِرَ مِنْ تَطْوِيلِ جُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ، وَلَا يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ فِي تَطْوِيلِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

لِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَهُ ذِكْرٌ يَخُصُّهُ، وَهُوَ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِلْفَصْلِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهَذَا بِخِلَافِ جُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ فَإِنَّهُ شُرِعَ لِمَعْنًى يَقْتَصِرُ فِيهِ عَلَى مَا يُسَمَّى اسْتِرَاحَةً فَإِذَا طَوَّلَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ كَانَ ذَلِكَ فِعْلًا غَيْرَ مَشْرُوعٍ لَهُ وَحَصَلَ فِيهِ تِلْكَ الزِّيَادَةُ فَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ جَزْمًا اهـ (سُئِلَ) عَنْ مَسْبُوقٍ سَجَدَ مَعَ إمَامِهِ السَّجْدَةَ الْأُولَى مِنْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَتَرَكَ الثَّانِيَةَ وَسَلَّمَ فَهَلْ لِلْمَسْبُوقِ أَنْ يَسْجُدَ الثَّانِيَةَ وَإِذَا سَجَدَهَا هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَسْجُدُهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا سَجَدَهَا لِمُتَابَعَةِ إمَامِهِ فَإِذَا سَجَدَهَا عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ فِي تَرْكِ فَرْضٍ لَمْ يُؤَثِّرْ عَلَى الْمَشْهُورِ هَلْ هُوَ شَامِلٌ لِلْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ أَوْ لِلْأَرْكَانِ فَقَطْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ شَامِلٌ لِلْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُ السَّلَامِ عَنْ تَمَامٍ، وَلِأَنَّهُ لَوْ اعْتَبَرَ الشَّكَّ بَعْدَ السَّلَامِ لَعَسُرَ الْأَمْرُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ خُصُوصًا عَلَى ذِي الْوَسَاوِسِ نَعَمْ إنْ شَكَّ فِي النِّيَّةِ أَوْ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ

باب سجود التلاوة

سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ اقْتَدَى بِآخَرَ فَسَهَا الْإِمَامُ وَسُنَّ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ ثُمَّ سَجَدَ الْإِمَامُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، وَالْمَأْمُومُ لَمْ يَفْرُغْ مِنْ كَلِمَاتِ التَّشَهُّدِ الْوَاجِبِ فَهَلْ يُتَابِعُهُ وُجُوبًا أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ التَّشَهُّدَ وَيُتَابِعَهُ إنْ لَحِقَهُ، وَإِذَا قُلْتُمْ: إنَّهُ يُتَابِعُهُ فَإِذَا تَابَعَهُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ التَّشَهُّدَ، وَإِلَّا يَبْنِي عَلَى مَا قَالَهُ مِنْهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ إتْمَامُ كَلِمَاتِ التَّشَهُّدِ الْوَاجِبِ ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ: لَوْ طَوَّلَ الِاعْتِدَالَ بِقَدْرِ قِرَاءَةِ كُلِّ الْفَاتِحَةِ عَمْدًا بَطَلَتْ هَلْ الْمُرَادُ زِيَادَتُهَا عَلَى الذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ أَوْ مَتَى طَوَّلَهَا قَدْرَهَا، وَلَوْ وَحْدَهَا بَطَلَتْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُرَادَ بِتَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ تَطْوِيلُهُ بِسُكُوتٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ ذِكْرٍ لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ [بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ] (بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ) (سُئِلَ) عَنْ سَجْدَةِ ص هَلْ يَنْوِي بِهَا سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ أَوْ الشُّكْرِ عَلَى تَوْبَةِ دَاوُد - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَنْوِي الشُّكْرَ فَهَلْ يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ مَحَلَّ السُّجُودِ عِنْدَ هُجُومِ النِّعْمَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ سَجْدَةَ ص لَا يَنْوِي بِهَا سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ بَلْ سَجْدَةَ الشُّكْرِ عَلَى قَبُولِ تَوْبَةِ دَاوُد عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، وَقَوْلُهُمْ: إنَّ مَحَلَّ سَجْدَةِ

الشُّكْرِ النِّعْمَةُ عِنْدَ هُجُومِهَا غَيْرُ شَامِلٍ لِسَجْدَةِ ص فَلَا اسْتِثْنَاءَ بِدَلِيلِ إفْرَادِهَا عَنْ سَجْدَةِ الشُّكْرِ بِالْكَلَامِ عَلَيْهَا، وَذِكْرِ الْخِلَافِ فِيهَا هَلْ هِيَ سَجْدَةُ شُكْرٍ أَوْ تِلَاوَةٍ بَلْ صَرَّحُوا بِأَنَّ سَبَبَهَا التِّلَاوَةُ وَهِيَ سَبَبٌ لِتَذَكُّرِ قَبُولِ تِلْكَ التَّوْبَةِ (سُئِلَ) عَمَّنْ كَبَّرَ لِإِحْرَامِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَقَصَدَ بِهَا الْهَوِيَّ هَلْ تَصِحُّ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ شَكَّ بَيْنَ سَجْدَةِ الشُّكْرِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ هَلْ تَبْطُلُ أَمْ لَا كَمَا فِي قَوْلِهِ {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: 12] ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَبَيْنَ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَاضِحٌ (سُئِلَ) هَلْ يُشْرَعُ سُجُودُ التِّلَاوَةِ لِقِرَاءَةِ الطَّيْرِ أَوْ الصَّبِيِّ وَالْمُحْدِثِ وَالْكَافِرِ وَالْجُنُبِ وَالسَّكْرَانِ وَالْحَيَوَانِ وَالْمَلَكِ وَالْجِنِّيِّ وَالْمَرْأَةِ بِحَضْرَةِ الرَّجُلِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُشْرَعُ السُّجُودُ لِقِرَاءَةِ الطَّيْرِ وَالْحَيَوَانِ وَالْجُنُبِ وَالسَّكْرَانِ وَشُرِعَ لِقِرَاءَةِ الصَّبِيِّ وَالْمُحْدِثِ وَالْكَافِرِ وَالْمَلَكِ وَالْجِنِّيِّ وَالْمَرْأَةِ بِحَضْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَوْ أَجْنَبِيًّا (سُئِلَ) عَمَّنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَسَمِعَ آيَةَ سَجْدَةٍ هَلْ الْأَفْضَلُ تَقْدِيمُ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ أَمْ السُّجُودُ، وَمَا الْأَفْضَلُ إذَا

أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَحَدِهِمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُ السُّجُودِ وَمَتَى اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَالسُّجُودُ أَفْضَلُ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ بَيْنَ يَدَيْ مُدَرِّسٍ فِي التَّفْسِيرِ لِيُفَسِّرَ مَعْنَاهَا فَهَلْ يُسَنُّ السُّجُودُ لِقَارِئِهَا وَسَامِعِهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسَنُّ لَهُمَا السُّجُودُ؛ لِأَنَّهَا قِرَاءَةٌ مَشْرُوعَةٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّهَا أَوْلَى مِنْ قِرَاءَةِ الْكَافِرِ لَا يُقَالُ: إنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التِّلَاوَةَ فَلَا سُجُودَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ تِلَاوَتَهَا لِتَقْرِيرِ مَعْنَاهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى خَلْفَ مَالِكِيٍّ فَسَجَدَ لِلشُّكْرِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ عَدَمُ الْمُتَابَعَةِ فِي بَقِيَّةِ الصَّلَاةِ وَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَإِذَا قُلْتُمْ: لَا فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ: لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمَنْ يَعْلَمُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ، وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ اقْتَدَى بِحَنَفِيٍّ فَتَرَكَ الْقُنُوتَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ مُتَابَعَةُ إمَامِهِ فِي السُّجُودِ وَلَهُ مُفَارَقَتُهُ وَانْتِظَارُهُ قَائِمًا وَإِذَا انْتَظَرَهُ سُنَّ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَمَنْ صَحَّحَ عَدَمَ سُجُودِهِ فَكَلَامُهُ مُؤَوَّلٌ وَلَيْسَتْ مَسْأَلَتُنَا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمَنْ يَعْلَمُ بُطْلَانَ سُجُودِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْقُنُوتِ حَيْثُ جَازَ لِلْمَأْمُومِ فِيهَا مُتَابَعَتُهُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ فِيهَا مُبْطِلًا فِي اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ (سُئِلَ) هَلْ يُشْرَعُ سُجُودُ

التِّلَاوَةِ لِقِرَاءَةِ الْمَرْأَةِ وَالسَّاهِي وَالْمَجْنُونِ وَالْكَافِرِ وَالطَّيْرِ وَالْجُنُبِ وَالسَّكْرَانِ وَالْمَعْتُوهِ وَلِقِرَاءَةِ آيَةِ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْقِرَاءَةِ وَفِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَلَوْ قَرَأَهَا الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَهَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَرْكُهَا أَمْ يَنْزِلُ وَيَسْجُدُ فَإِنْ خَشِيَ طُولَ الْفَصْلِ سَجَدَ مَكَانَهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَرَكَهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُشْرَعُ السُّجُودُ لِقِرَاءَةِ الْمَذْكُورِينَ لَا لِقِرَاءَةِ السَّاهِي وَالنَّائِمِ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ وَالطَّيْرِ لِعَدَمِ الْقَصْدِ وَلَا لِقِرَاءَةِ الْجُنُبِ وَالسَّكْرَانِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ لَهُمَا وَلَا لِلْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْقِرَاءَةِ أَوْ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَوْ قَرَأَهَا الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْبَرِ اُسْتُحِبَّ لَهُ تَرْكُ السُّجُودِ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَكَانَ فِي النُّزُولِ كُلْفَةٌ فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ مَكَانَهُ سَجَدَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي النُّزُولِ كُلْفَةٌ نَزَلَ، وَسَجَدَ إنْ لَمْ يَخْشَ طُولَ الْفَصْلِ، وَإِلَّا تَرَكَهُ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا قَرَأَ الْإِمَامُ آيَةَ سَجْدَةٍ وَهَوَى لِلرُّكُوعِ فَظَنَّ الْمَأْمُومُ أَنَّهُ هَوَى لِلسُّجُودِ فَهَوَى يَسْجُدُ وَوَصَلَ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ فَوَجَدَ إمَامَهُ رَاكِعًا فَهَلْ يُحْسَبُ رُكُوعُهُ هَذَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُحْسَبُ رُكُوعُ الْمَأْمُومِ عَنْ فَرْضِهِ وَإِنْ أَتَى بِهِ عَلَى قَصْدِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِقَصْدِ الْمَأْمُومِ

خَلْفَ إمَامِهِ، وَالْمُتَابَعَةُ وَقَعَتْ وَاجِبَةً فِي مَحَلِّهَا فَكَفَتْ فَفِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالتَّشَهُّدِ الثَّانِي عَلَى قَصْدِ الْأَوَّلِ لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ أَوْ الْأَصَحِّ فَإِنَّهُ لَوْ دَخَلَ فِي صَلَاةٍ ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُكَبِّرْ لِلْإِحْرَامِ فَاسْتَأْنَفَ التَّكْبِيرَ وَالصَّلَاةَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ كَبَّرَ أَوْ لَا فَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ لَمْ تَفْسُدْ الْأُولَى وَتَمَّتْ بِالثَّانِيَةِ وَإِنْ عَلِمَ قَبْلَ فَرَاغِ الثَّانِيَةِ عَادَ إلَى الْأُولَى فَأَكْمَلَهَا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ (سُئِلَ) مَنْ اقْتَدَى بِمَنْ يَرَى جَوَازَ سَجْدَةِ ص فِي الصَّلَاةِ وَقُلْتُمْ: إنَّ الْأَفْضَلَ لِلْمَأْمُومِ الِانْتِظَارُ فَهَلْ يُسْتَحَبُّ الْمُفَارَقَةُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ تَعْبِيرَهُمْ يَقْتَضِي أَنَّ فِي الْمُفَارِقَةِ فَضِيلَةً وَلَكِنَّ الِانْتِظَارَ أَفْضَلُ اهـ وَلَيْسَ هَذَا بِوَاجِبٍ، وَلَا حَرَامٍ فَبَقِيَ مِنْ الْقَوَاعِدِ الْخَمْسِ ثَلَاثَةٌ الْكَرَاهَةُ وَالْمُبَاحُ وَالْمُسْتَحَبُّ فَهَذَا أَعْنِي الْمُفَارَقَةَ مِنْ أَيِّهِمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْصُلُ فِيهَا فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِكُلٍّ مِنْ مُفَارَقَةِ إمَامِهِ وَانْتِظَارِهِ وَلَكِنَّ انْتِظَارَهُ أَفْضَلُ وَتَمْتَنِعُ مُتَابَعَتُهُ فِيهِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ رَأَى عَاصٍ عَاصِيًا هَلْ يُسَنُّ لَهُ سُجُودُ الشُّكْرِ أَوْ لَا وَكَذَا الْمُبْتَلَى إذَا رَأَى مُبْتَلًى مِثْلَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِسُنِّيَّةِ سُجُودِ الشُّكْرِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْعَاصِي أَنْ تَكُونَ مَعْصِيَتُهُ

باب صلاة النفل

كَبِيرَةً؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُسَنُّ لَهُ السُّجُودُ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ مَعْصِيَتِهِ الَّتِي تَجَاهَرَ بِهَا كَبِيرَةً (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ سَمِعَ فِي الْمَسْجِدِ آيَةَ سَجْدَةٍ هَلْ يُقَدِّمُهَا عَلَى التَّحِيَّةِ وَيُحْرِمُ بِهَا قَائِمًا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ (سُئِلَ) عَنْ سُجُودِ الشُّكْرِ هَلْ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ رُؤْيَةِ الْفَاسِقِ وَالْمُبْتَلَى كَمَا يَتَكَرَّرُ سُجُودُ التِّلَاوَةِ بِتَكَرُّرِ قِرَاءَةِ الْآيَةِ أَوْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ التَّكَرُّرِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مَعَ قَوْلِ شَرْحِ الرَّوْضِ يَعْنِي عِبَارَتَهُ، وَهِيَ أَنَّ سَجْدَةَ الشُّكْرِ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ شَرْطًا وَكَيْفِيَّةً وَهَلْ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْحَدِّ سَنُّهَا لِلسَّامِعِ إذَا قَرَأَ آيَتَهَا الَّتِي فِي " ص "؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسَنُّ تَكَرُّرُ سَجْدَةِ الشُّكْرِ لِتَكَرُّرِ رُؤْيَةِ الْفَاسِقِ الْمُتَجَاهِرِ أَوْ الْمُبْتَلَى لِتَجَدُّدِ السَّبَبِ بَعْدَ تَوْفِيَةِ حُكْمِ الْأَوَّلِ وَقَدْ شَمِلَ تَكَرُّرُهَا الْمَذْكُورُ قَوْلَهُمْ: تُسَنُّ سَجْدَةُ الشُّكْرِ عِنْدَ رُؤْيَةِ مُبْتَلًى أَوْ عَاصٍ وَلَيْسَ فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ الْمَذْكُورَةِ مَا يَدُلُّ لَهُ وَأَمَّا سَجْدَةُ " ص " فَتُسَنُّ لِسَامِعِهَا أَيْضًا كَقَارِئِهَا وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [بَابُ صَلَاةِ النَّفْلِ] (بَابُ صَلَاةِ النَّفْلِ) (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْجَوْجَرِيِّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَفِعْلُهُ بِفَصْلٍ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ

أَوْلَى، وَذَلِكَ بِأَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ كَذَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَوْتَرَ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً سَلَّمَ سِتَّ تَسْلِيمَاتٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْقَصَ مِنْ ذَلِكَ كَأَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَسِتًّا بِتَسْلِيمَةٍ ثُمَّ يُصَلِّيَ الرَّكْعَةَ، وَإِنْ وُجِدَ مُطْلَقُ الْفَصْلِ؛ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ الِاتِّبَاعُ، وَلَمْ يَرِدْ إلَّا كَذَلِكَ اهـ فَهَلْ الْمُعْتَمَدُ الْقَضِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهَا بَلْ لَيْسَتْ هَذِهِ قَضِيَّتَهُ، وَإِنَّمَا قَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ الْأَوْلَى (سُئِلَ) عَنْ الصَّلَاةِ الَّتِي يُسَمُّونَهَا صَلَاةَ الرَّغَائِبِ هَلْ لَهَا أَصْلٌ، وَهَلْ وَرَدَ فِيهَا أَحَادِيثُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِي شَهْرِ رَجَبٍ صَلَاةٌ مَخْصُوصَةٌ تَخْتَصُّ بِهِ، وَالْأَحَادِيثُ الْمَرْوِيَّةُ فِي فَضْلِ صَلَاةِ الرَّغَائِبِ فِي أَوَّلِ جُمُعَةٍ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ كَذِبٌ بَاطِلٌ، وَهَذِهِ الصَّلَاةُ بِدْعَةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَمِمَّنْ ذَكَرَ ذَلِكَ مِنْ أَعْيَانِ الْعُلَمَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْحُفَّاظِ أَبُو إسْمَاعِيلَ الْأَنْصَارِيِّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ السَّمْعَانِيِّ وَأَبُو الْفَضْلِ بْنُ نَاصِرٍ وَأَبُو الْفَرْجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُمْ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُتَقَدِّمُونَ؛ لِأَنَّهَا أُحْدِثَتْ بَعْدَهُمْ وَأَوَّلُ مَا ظَهَرَتْ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَعْرِفْهَا الْمُتَقَدِّمُونَ وَلَمْ يَتَكَلَّمُوا فِيهَا (سُئِلَ) عَمَّنْ يُصَلِّي بَعْضَ وِتْرِ رَمَضَانَ

جَمَاعَةً وَيُكْمِلُهُ بَعْدَ تَهَجُّدِهِ هَلْ هُوَ لِلْجَمَاعَةِ فِي بَعْضِهِ أَفْضَلُ مِنْ تَأْخِيرِ كُلِّهِ، وَصَلَاتُهُ كَذَلِكَ مُنْفَرِدًا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَفْضَلَ تَأْخِيرُ الْوِتْرِ كُلِّهِ فَقَدْ قَالُوا: إنَّ مَنْ لَهُ تَهَجُّدٌ لَمْ يُوتِرْ مَعَ الْجَمَاعَةِ بَلْ يُؤَخِّرُهُ إلَى اللَّيْلِ فَإِنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ صَلَّى نَافِلَةً مُطَلَّقَةً وَأَوْتَرَ آخِرَ اللَّيْلِ (سُئِلَ) عَنْ مَعْنَى قَوْلِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ فِي سُنَّةِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِدَاخِلِهِ عَلَى وُضُوءٍ فَمَنْ يَكُنْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَأَرَادَ الْوُضُوءَ فِيهِ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا عَلَى مَا فِيهِ وَلَمْ يُلْصِقْ وَرِكَهُ بِالْأَرْضِ أَوْ لَصِقَ وَرِكَهُ بِالْأَرْضِ، وَلَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ، أَوْ يُسْتَحَبُّ لَهُ، وَيَكُونُ مَعْنَى كَلَامِهِ عَلَى الْغَالِبِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَتُسْتَحَبُّ التَّحِيَّةُ لِمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مُحْدِثًا فَتَطَهَّرَ عَنْ قُرْبٍ قَبْلَ جُلُوسِهِ فِيهِ (سُئِلَ) عَنْ سُنَّةِ الظُّهْرِ الْبَعْدِيَّةِ يَخْرُجُ وَقْتُهَا يَكُونُ حُكْمُهَا كَمَا لَوْ لَمْ يَخْرُجْ، وَإِذَا قُلْتُمْ نَعَمْ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ: وَيَخْرُجُ النَّوْعَانِ بِخُرُوجِ وَقْتِ الْفَرْضِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ حُكْمُ سُنَّةِ الْفَرْضِ الْبَعْدِيَّةِ فِيمَا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهِ حُكْمَهَا فِيهِ؛ إذْ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى وَإِنْ حُكِيَ فِيهَا وَجْهٌ بِمَنْعِهِ بِخِلَافِ الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ الْأَصَحَّ مَنْعُ

تَقْدِيمِهَا (سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ سُنَّةَ الْفَرِيضَةِ وَشَكَّ هَلْ هِيَ الْقَبْلِيَّةُ أَوْ الْبَعْدِيَّةُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلشَّكِّ الْإِتْيَانُ بِالْقَبْلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ (سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ سُنَّةَ الظُّهْرِ مَثَلًا وَأَطْلَقَ هَلْ تَنْصَرِفُ إلَى الْمُؤَكَّدَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَنْصَرِفُ الرَّكْعَتَانِ إلَى الْمُؤَكَّدَةِ (سُئِلَ) عَمَّنْ أَرَادَ جَمْعَ سُنَّةِ الظُّهْرِ الْقَبْلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ بَعْدَ أَنْ صَلَّاهَا بِتَشَهُّدٍ وَاحِدٍ هَلْ لَهُ ذَلِكَ وَهَلْ لَهُ ذَلِكَ فِي سُنَّةِ عِيدِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى أَمْ لَا فَمَا الْفَرْقُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ فِي الْأُولَى نَاوِيًا الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةَ وَيَمْتَنِعُ فِي الثَّانِيَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا اشْتِمَالُهُ فِيهَا عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ نِصْفُهَا مُؤَدًّى وَنِصْفُهَا مَقْضِيٌّ وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي الْمَذْهَبِ. ثَانِيهِمَا: أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ أَشْبَهَتْ الْفَرَائِضَ فِي طَلَبِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا فَلَا تُغَيَّرُ عَمَّا وَرَدَ (سُئِلَ) هَلْ يُفْصَلُ بَيْنَ فَرْضِ الصُّبْحِ وَسُنَّتِهِ بِالِاضْطِجَاعِ عَلَى غَيْرِ الشِّقِّ الْأَيْمَنِ أَمْ لَا كَمَا اقْتَضَاهُ تَقْيِيدُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِالْيَمِينِ، وَهَلْ يُسَنُّ ذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ أَيْضًا، وَفِيمَا إذَا عَكَسَ فَصَلَّى الصُّبْحَ قَبْلَ سُنَّتِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِالِاضْطِجَاعِ عَلَى غَيْرِ الْأَيْمَنِ وَالْأَيْمَنُ أَفْضَلُ

وَيُسَنُّ أَيْضًا فِي الْقَضَاءِ وَفِي تَقْدِيمِ الْفَرْضِ عَلَى سُنَّتِهِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَخَّرَ سُنَّةَ الْمَغْرِبِ الَّتِي قَبْلَهَا ثُمَّ أَرَادَ صَلَاتَهَا مَعَ الَّتِي بَعْدَهَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ هَلْ تَصِحُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَصِحَّانِ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ نَاوِيًا الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةَ (سُئِلَ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي نِيَّةِ سُنَّةِ الظُّهْرِ مَثَلًا تَعْيِينُ كَوْنِهَا الَّتِي قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا أَوْ يُشْتَرَطُ إذَا أُخِّرَتْ الْمُقَدَّمَةُ عَنْ الْفَرِيضَةِ فَقَطْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ، وَإِنْ لَمْ تُؤَخَّرْ؛ إذْ الْوَقْتُ لَا يُعَيَّنُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ (سُئِلَ) عَنْ صَلَاةِ الضُّحَى هَلْ أَكْثَرُهَا ثَمَانٍ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ أَمْ ثِنْتَا عَشْرَةَ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فَإِنْ قُلْتُمْ بِأَنَّ أَكْثَرَهَا ثَمَانٍ هَلْ يَنْعَقِدُ مَا زَادَ عَلَيْهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ أَكْثَرَهَا ثَمَانٍ وَعَلَيْهِ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ وَلَمْ يَصِحَّ ضُحًى إنْ أَحْرَمَ بِالْجَمِيعِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فَإِنْ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ ثِنْتَيْنِ صَحَّ إلَّا الْإِحْرَامُ الْخَامِسُ فَلَا يَصِحُّ ضُحًى ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْمَنْعَ وَتَعَمَّدَ بَطَلَ، وَإِلَّا وَقَعَ نَفْلًا كَإِحْرَامِهِ بِالْفَرِيضَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا غَالِطًا (سُئِلَ) هَلْ تَحْصُلُ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ، وَسُنَّةُ الْوُضُوءِ، وَسُنَّةُ الْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ، وَسُنَّةُ الِاسْتِخَارَةِ بِرَكْعَتَيْنِ رَاتِبَةً مَثَلًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْصُلُ

كُلٌّ مِنْ السُّنَنِ الْمَذْكُورَةِ بِرَكْعَتَيْنِ رَاتِبَةً مَثَلًا (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ السُّيُوطِيّ: إنَّ الْأَفْضَلَ فِي غَيْرِ الثَّلَاثِ يَعْنِي مِنْ الْوِتْرِ الْفَصْلُ وَفِي الثَّلَاثِ الْوَصْلُ وَفِي قَوْلِهِ إنَّ الْوِتْرَ بِثَلَاثٍ أَفْضَلُ مِنْهُ بِخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا وَهَلْ كَذَلِكَ التِّسْعُ وَالْإِحْدَى عَشْرَةَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ أَوْتَرَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فَالْفَصْلُ أَفْضَلُ قَطْعًا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَإِنْ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ فَكَذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ لِمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْصِلُ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِالتَّسْلِيمِ» وَلِأَنَّ أَحَادِيثَهُ أَكْثَرُ وَلِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا لِزِيَادَتِهِ بِالنِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّسْلِيمِ وَغَيْرِهَا بَلْ الْوَصْلُ فِيمَا إذَا أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ مَكْرُوهٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ خَيْرَانَ فِي اللَّطِيفِ وَقَالَ الْقَفَّالُ لَا يَصِحُّ وَصْلُهَا وَبِهِ أَفْتَى الْقَاضِي الْحُسَيْنُ لِمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَا تُوتِرُوا بِثَلَاثٍ أَوْتِرُوا بِخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ وَلَا تَشَبَّهُوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ» وَقِيلَ الْوَصْلُ أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقِيلَ الْفَصْلُ أَفْضَلُ لِلْمُنْفَرِدِ دُونَ الْإِمَامِ؛ إذْ يَقْتَدِي بِهِ حَنَفِيٌّ وَعَكَسَهُ الرُّويَانِيُّ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ خَلَلٌ

فِيمَا صَارَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مَعَ أَنَّهُ ثَابِتٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ مِنْ أَنَّ الْوِتْرَ بِثَلَاثٍ أَفْضَلُ مِنْهُ بِخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ تَبِعَ فِيهِ الْجَمَاعَةَ قَائِلِينَ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ وَرَدَتْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ لَا الْأَوْلَوِيَّةِ وَالْفَضِيلَةِ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ فَقَدْ قَالُوا: الْخَمْسُ أَفْضَلُ مِنْ الثَّلَاثِ، وَالسَّبْعُ أَفْضَلُ مِنْ الْخَمْسِ، وَالتِّسْعُ أَفْضَلُ مِنْ السَّبْعِ، وَالْإِحْدَى عَشْرَةَ أَفْضَلُ مِنْ التِّسْعِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ: إذَا أُقِيمَتْ الْفَرِيضَةُ جَمَاعَةً وَهُوَ فِيهَا يُسَنُّ لَهُ قَلْبُهَا نَفْلًا وَيُسَلِّمُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ هَلْ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَةٍ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي حَوَاشِيهِ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ نَافِلَةً مُطْلَقَةً، وَقَدْ صَرَّحُوا فِي النَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ بِأَنَّ لَهُ فِيهَا الِاقْتِصَارَ عَلَى رَكْعَةٍ وَإِنَّمَا ذَكَرُوا فِي مَسْأَلَتِنَا الْأَفْضَلَ فَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَاهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ (سُئِلَ) عَنْ صَلَاةِ الْغَفْلَةِ إذَا خَرَجَ وَقْتُهَا هَلْ تُقْضَى؛ لِأَنَّهَا مُؤَقَّتَةٌ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ فَاتَ النَّفَلُ الْمُؤَقَّتُ نُدِبَ قَضَاؤُهُ أَوْ لَا وَهَلْ يَنْوِي مُصَلِّيهَا سُنَّةَ الْغَفْلَةِ كَمَا يَنْوِي صَلَاةَ الضُّحَى أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يُنْدَبُ قَضَاؤُهَا كَمَا ذَكَرَ وَيُنْدَبُ تَعْيِينُهَا فِي النِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا فِيهَا حَصَلَتْ

لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إيجَادُ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ إذَا نَوَى الْفَائِتَةَ وَصَلَاةَ التَّرَاوِيحِ حَصَلَتْ الْفَائِتَةُ دُونَهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ إذْ التَّشْرِيكُ مُقْتَضٍ لِلْإِبْطَالِ، وَعَنْ قَوْلِهِ: الْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَهَا بَعْدَ التَّرَاوِيحِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ مَمْنُوعٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْفَوْرِ إمَّا وُجُوبًا أَوْ اسْتِحْبَابًا فَكَيْفَ يُؤَخِّرُهَا عَنْ التَّرَاوِيحِ اهـ الْمُعْتَمَدُ فِيهِمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْأُولَى عَدَمُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ تَشْرِيكٌ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ؛ إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا لَا يَحْصُلُ مِنْ الصَّلَوَاتِ بِالْمَنْوِيِّ ضِمْنًا إذَا نَوَاهُ مَعَهُ ضَرَّ، وَلِقِيَاسِهِمْ عَدَمَ صِحَّةِ الْغُسْلِ الْمَنْوِيِّ بِهِ الْجَنَابَةُ وَالْجُمُعَةُ عَلَى مَا لَوْ نَوَى بِصَلَاتِهِ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ جَمِيعًا وَلِقَوْلِهِمْ أَنَّهُ لَوْ خَطَبَ يَوْمَ جُمُعَةٍ بِقَصْدِ الْجُمُعَةِ وَالْكُسُوفِ لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ تَشْرِيكٌ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ وَمَا عَزَاهُ فِي الْمُهِمَّاتِ لِفَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ لَيْسَ فِيهَا، وَاَلَّذِي فِيهَا أَنَّهُ اقْتَدَى بِإِمَامِ التَّرَاوِيحِ نَاوِيًا فِعْلَ الْفَوَائِتِ بَدَلَ التَّرَاوِيحِ، وَعِبَارَتُهَا رَجُلٌ يَنْوِي فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ قَضَاءَ الْفَوَائِتِ الَّتِي عَلَيْهِ فَهَلْ يَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةٌ لِقِيَامِ رَمَضَانَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا

غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» أَمْ لَا وَهَلْ الْأَوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ التَّرَاوِيحَ ثُمَّ يَقْضِيَ فِي وَقْتٍ آخَرَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ قِيَامِ رَمَضَانَ، وَإِنَّمَا تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ التَّرَاوِيحَ وَيَقْضِيَ عَقِبَهَا مَا أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهُ مِنْ الْقَضَاءِ بَدَلَ التَّرَاوِيحِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِيهَا لَعَلَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ فَائِتَةٌ وَحَضَرَ جَمَاعَةَ الْمَكْتُوبَةِ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِالْمَكْتُوبَةِ مَعَ الْقَوْمِ ثُمَّ يُصَلِّي الْفَائِتَةَ عِنْدَ الْغَزَالِيِّ وَجَمَاعَةٍ، وَمُرَادُهُ هُنَا بِالتَّرَاوِيحِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ لَا مُنْفَرِدًا (سُئِلَ) عَمَّا إذَا فَاتَتْ الْفَرِيضَةُ هَلْ يَصِحُّ تَقْدِيمُ رَاتِبَتِهَا الْمُتَأَخِّرَةُ عَلَى فِعْلِهَا، وَمِثْلُهَا الْوِتْرُ وَالتَّرَاوِيحُ مَعَ الْعِشَاءِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ مَنْعُ تَقْدِيمِهَا؛ إذْ لَا يَدْخُلُ وَقْتُهَا إلَّا بِفِعْلِ الْفَرْضِ وَمُحَاكَاةً لِلْأَدَاءِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ فِي قُوتِهِ: أَطْلَقُوا اسْتِحْبَابَ تَرْتِيبِ الْفَوَائِتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَتْ كُلُّهَا بِعُذْرٍ أَوْ عَمْدٍ أَمَّا لَوْ كَانَ بَعْضُهَا قَدْ فَاتَ عَمْدًا فَقِيَاسُ قَوْلِنَا أَنَّهُ يَجِبُ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ أَنْ تَجِبَ الْبُدَاءَةُ بِهِ، وَإِنْ فَاتَ التَّرْتِيبُ الْمَحْبُوبُ، وَكَذَا يَنْبَغِي التَّرْتِيبُ الْمَحْبُوبُ وَكَذَا يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ وُجُوبًا عَلَى الْحَاضِرَةِ عِنْدَ سَعَةِ وَقْتِهَا اهـ هَلْ

هُوَ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ اسْتِحْبَابَ تَرْتِيبِ الْفَوَائِتِ سَوَاءٌ فَاتَتْ كُلُّهَا بِعُذْرٍ أَمْ بِغَيْرِهِ أَمْ بَعْضِهَا بِعُذْرٍ، وَبَعْضُهَا بِغَيْرِهِ وَإِنْ تَأَخَّرَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الْأَئِمَّةِ فِي التَّرْتِيبِ فَإِنَّهُ فِي الصِّحَّةِ فَمُرَاعَاتُهُ أَوْلَى مِنْ مُرَاعَاةِ وُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ الْكَمَالَاتِ الَّتِي تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَ انْتِفَائِهَا (سُئِلَ) هَلْ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ فَاتَهُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ عُذْرِ تَقْدِيمِ رَاتِبَتِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهَا لِحُصُولِ الْمُبَادَرَةِ عَلَيْهَا، وَلَوْ مُؤَكَّدَةً كَرَاتِبَةِ الصُّبْحِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ تَقْدِيمُ رَاتِبَتِهَا مَعَهُ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَهَا عَلَيْهِ، وَلَوْ فِي حَالِ فَوَاتِهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ مَنْدُوبٍ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ جَائِزًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ فِعْلِهِ عَلَى الْفَوْرِ عُرْفًا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ نَوَى رَكْعَتَيْنِ سُنَّةَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعًا سُنَّةَ الْعَصْرِ بِتَشَهُّدٍ وَاحِدٍ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ لِاشْتِمَالِ نِيَّتِهِ عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ بَعْضُهَا مُؤَدًّى، وَبَعْضُهَا مَقْضِيٌّ، وَلَا نَظِيرَ لَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَلِاخْتِلَافِهِمَا بِاخْتِلَافِ مَتْبُوعِهِمَا فَلَا جَامِعَ بَيْنَهُمَا (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فَإِنْ أَوْتَرَ ثُمَّ تَهَجَّدَ لَمْ يُعِدْهُ هَلْ تَحْرُمُ الْإِعَادَةُ، وَلَا تَنْعَقِدُ أَوْ تُكْرَهُ أَوْ لَا تُكْرَهُ وَهَلْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَحْرُمُ إعَادَتُهُ وَلَا تَنْعَقِدُ وِتْرًا لِخَبَرِ «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ

وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ، وَقَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: صَحَّ النَّهْيُ عَنْ نَقْضِ الْوِتْرِ وَلِأَنَّ حَقِيقَةَ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ وَلِأَنَّ مُطْلَقَ النَّهْيِ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ إنْ رَجَعَ إلَى عَيْنِهِ أَوْ جُزْئِهِ أَوْ لَازِمِهِ وَالنَّهْيُ هُنَا رَاجِعٌ إلَى كَوْنِهِ وِتْرًا وَلِلْقِيَاسِ عَلَى مَا لَوْ زَادَ فِي الْوِتْرِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ فَقَدْ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْعَزِيزِ: أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى أَكْثَرِهِ وَلَوْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ وِتْرًا اقْتِصَارًا عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ النَّقْلُ فَإِنْ زَادَ لَمْ يَصِحَّ وِتْرُهُ، وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ: وَأَقَلُّ الْوِتْرِ رَكْعَةٌ، وَغَايَتُهُ إحْدَى عَشْرَةَ فَلَوْ زَادَ بَطَلَتْ اهـ نَعَمْ إنْ أَعَادَهُ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا وَقَعَ نَفْلًا كَإِحْرَامِهِ بِالظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ غَالِطًا (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّوَاتِبَ كُلَّ رَكْعَةٍ بِسَلَامٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِعَدَمِ وُرُودِهِ (سُئِلَ) هَلْ الْمُؤَكَّدَةُ لِلْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ قَبْلَهَا وَأَرْبَعٌ بَعْدَهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُؤَكَّدَةَ مِنْ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ قَبْلَهَا وَرَكْعَتَانِ بَعْدَهَا كَالظُّهْرِ (سُئِلَ) هَلْ تَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ لِمُصَلِّي الْعِشَاءِ خَلْفَ التَّرَاوِيحِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ لِمُصَلِّي الْعِشَاءِ خَلْفَ التَّرَاوِيحِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى الْوِتْرَ رَكْعَةً أَوْ ثَلَاثًا فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ ثُمَّ قَامَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ أَوْ

أَوْسَطِهِ وَصَلَّى بَاقِيَهُ إلَى تَمَامِ الْإِحْدَى عَشْرَةَ فَهَلْ يَكُونُ فِعْلُهُ لِذَلِكَ وِتْرًا ثَانِيًا أَوْ يَكُونُ وِتْرًا وَاحِدًا مَعَ انْضِمَامِهِ إلَى مَا فَعَلَهُ أَوْ لَا وَهَلْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ مَنْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ وَغَيْرِهِ أَمْ لَا وَهَلْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ مَنْ اعْتَادَ الْوِتْرَ بِوَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مَا فَعَلَهُ ثَانِيًا وِتْرًا مُطْلَقًا لِخَبَرِ «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» ثُمَّ إنْ نَوَى بِالثَّانِي الْوِتْرَ عَامِدًا عَالِمًا لَمْ يَنْعَقِدْ وَالْأَصَحُّ نَفْلًا مُطْلَقًا. (سُئِلَ) هَلْ الْأَفْضَلُ الصَّلَاةُ، أَوْ الصِّيَامُ أَوْ التَّفْصِيلُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَئِمَّةَ قَدْ اخْتَلَفُوا فِي أَفْضَلِ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ عَلَى آرَاءٍ كَثِيرَةٍ أَرْجَحُهَا أَنَّ أَفْضَلَهَا الصَّلَاةُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سُئِلَ أَيُّ الْأَعْمَالُ أَفْضَلُ فَقَالَ: الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا» (سُئِلَ) عَمَّنْ جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ كَالْوِتْرِ وَسُنَّةِ الْعِشَاءِ بِتَشَهُّدٍ وَاحِدٍ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ الْمَذْكُورَةُ وَإِنْ تَوَهَّمَ بَعْضٌ صِحَّتَهَا أَخْذًا مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ حَكَاهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مُتَوَضِّئًا وَاسْتَمَرَّ قَائِمًا حَتَّى طَالَ الْفَصْلُ هَلْ تَفُوتُهُ التَّحِيَّةُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ التَّحِيَّةَ تَفُوتُ بِقِيَامِهِ الْمَذْكُورِ لِطُولِ الْفَصْلِ بِهِ بَعْدَ سَبَبِهَا، وَهُوَ دُخُولُ الْمَسْجِدِ كَمَا

يَفُوتُ سُجُودُ التِّلَاوَةِ بِطُولِ الْفَصْلِ بَعْدَ قِرَاءَةِ آيَتِهَا، وَكَمَا يَفُوتُ سُجُودُ السَّهْوِ بِطُولِ الْفَصْلِ بَعْدَ سَلَامِهِ وَلَوْ سَهْوًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إنَّمَا يُفْعَلُ لِعَارِضٍ، وَقَدْ زَالَ، وَقَوْلُهُمْ: إنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ تَفُوتُ بِجُلُوسِهِ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا قَبْلَ فِعْلِهَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ مِنْ حَالِ دَاخِلِ الْمَسْجِدِ. (سُئِلَ) عَنْ صَلَاةِ الْإِشْرَاقِ عَلَى مَا فِي الْإِحْيَاءِ هَلْ هِيَ مِنْ الضُّحَى أَوْ لَا كَمَا فِي الْعُبَابِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ مِنْ بَعْدُ حُجَّةُ الْإِسْلَامِ كَالشَّيْخَيْنِ اجْعَلُوهَا مِنْ الضُّحَى وَكَيْفَ يَنْوِي بِهَا إذَا مَضَى وَقْتُهَا الْمَذْكُورُ فِي الْإِحْيَاءِ فَهَلْ يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ صَلَاةَ الْإِشْرَاقِ هِيَ صَلَاةُ الضُّحَى، وَعَلَى مَا فِي الْعُبَابِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ يُنْدَبُ قَضَاؤُهَا إذَا فَاتَتْ؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ وَقْتٍ. (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَيْهِ فَوَائِتُ هَلْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ النَّوَافِلَ مَعَ تِلْكَ الْفَوَائِتِ الْمَفْرُوضَةِ وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الرَّوَاتِبِ وَغَيْرِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُنْدَبُ قَضَاءُ النَّفْلِ الْمُؤَكَّدِ سَوَاءٌ الرَّوَاتِبُ وَغَيْرُهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَيْهِ فَوَائِتُ وَأَرَادَ أَنْ يَقْضِيَهَا مَعَ رَوَاتِبِهَا فَهَلْ يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الرَّاتِبَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى فَرْضِهَا أَمْ يُؤَخِّرُهَا عَلَيْهِ أَوْ لَا يَقْضِي الرَّوَاتِبَ إلَّا بَعْدَ إتْمَامِ الْفَرَائِضِ وَهَلْ فَرَّقَ بَيْنَ رَوَاتِبِ الْفَوَائِتِ وَالْحَوَاضِرِ

أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُ الرَّاتِبَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى فَرْضِهَا وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ رَوَاتِبِ الْفَوَائِتِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) عَنْ صَلَاةِ الضُّحَى يَوْمَ الْعِيدِ هَلْ الْأَفْضَلُ لِغَيْرِ الْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ أَوْ قَبْلَهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِيدَ قَبْلَهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ جَمَعَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ سُنَّةَ الْعِشَاءِ بِثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ مِنْهَا الْوِتْرُ أَيَصِحُّ وَيَكُونُ مُخَصِّصًا لِكَلَامِهِمْ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ مَقْصُودَتَيْنِ بِنِيَّةٍ لَا يَصِحُّ أَوْ لَا يَصِحُّ، فَإِنْ قُلْتُمْ بِالثَّانِي فَمَا مَعْنَى قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ فِي أَلْغَازِهِ: شَخْصٌ أَتَى بِعَدَدٍ مِنْ الرَّكَعَاتِ بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ يَنْوِي فِي إحْرَامِهِ إيقَاعَ بَعْضِ الرَّكَعَاتِ عَنْ صَلَاةٍ وَبَعْضَهَا عَنْ صَلَاةٍ أُخْرَى، وَصُورَتُهُ فِي الْوِتْرِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ يَنْوِي بِبَعْضِهَا الْوِتْرَ وَبَعْضِهَا غَيْرَهُ كَذَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَنْ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ الْفَصْلُ فِي الْوِتْرِ حَكَى فِيهِ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ: فَقَالَ: أَحَدُهَا الْأَفْضَلُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِالتَّسْلِيمِ الثَّانِي: الْأَفْضَلُ أَنْ يَجْمَعَ ثُمَّ قَالَ: وَالثَّالِثُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَفَّالِ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْجَمِيعِ بِتَسْلِيمَةٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ رَكْعَتَانِ لِصَلَاةٍ وَرَكْعَةٌ لِلْوِتْرِ فَالْأَفْضَلُ

باب صلاة الجماعة

أَنْ يَفْصِلَ الرَّكْعَةَ هَذَا لَفْظُ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ مَا ذَكَرْنَاهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ الْمَذْكُورُ وَأَمَّا مَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ فَضَعِيفٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْقَوَاعِدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ فِي النِّيَّةِ الْوَاحِدَةِ بَيْنَ عِبَادَتَيْنِ مِنْ جِنْسَيْنِ لَا تَتَأَدَّى إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ غَرِيبٌ اهـ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ نَوَى بِالثِّنْتَيْنِ الْأَوَّلِيَّيْنِ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَبِالثَّالِثَةِ الْوِتْرَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ يَقْصِدُ أَنْ يَتَهَجَّدَ فَيُؤَخِّرَ الْوِتْرَ فَيَفُوتَهُ غَالِبًا بِغَلَبَةِ النَّوْمِ هَلْ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ جَمِيعَهُ وَقْتَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ أَوْ يُؤَخِّرَهُ فَيَقْضِيَهُ فَإِذَا قَضَى فَهَلْ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَقْضِيَ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ بَعْدَهَا وَبَعْدَ زَوَالِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ وَثِقَ بِتَيَقُّظِهِ آخِرَ اللَّيْلِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ تَأْخِيرُ وِتْرِهِ، وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ تَعْجِيلُهُ، وَإِذَا فَاتَهُ بِسَبَبِ نَوْمِهِ سُنَّ لَهُ أَنْ يَقْضِيَهُ أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ وَلَوْ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ. [بَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ] (بَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) (سُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ مُنْقَطِعٍ لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي أَرْضٍ قَفْرَةٍ مَعْزُولٍ عَنْ النَّاسِ مُغْتَنِمٍ لِلْخَيْرِ هَلْ هُوَ أَفْضَلُ أَوْ مُقِيمٌ بِبَلْدَةٍ يُقِيمُ الْجَمَاعَةَ فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْإِقَامَةَ بَيْنَ النَّاسِ بِبَلْدَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ لِأَجْلِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَغَيْرِهِمَا أَفْضَلُ

مِنْ الِانْفِرَادِ عَنْ النَّاسِ بِبَرِّيَّةٍ إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا فِي دِينِهِ مِنْ الْإِقَامَةِ بَيْنَ النَّاسِ، وَإِنْ كَانَ يَخَافُ ضَرَرًا فِي دِينِهِ فَالِانْقِطَاعُ فِي بَرِّيَّةٍ أَفْضَلُ. (سُئِلَ) عَنْ مَعْنَى قَوْلِ الْقَاضِي زَكَرِيَّا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي مَسْأَلَةِ السِّوَاكِ وَالْخَبَرِ الْوَارِدِ فِيهِ وَالْخَبَرِ الْوَارِدِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: يُحْمَلُ خَبَرُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ صَلَاتُهَا وَصَلَاةُ الِانْفِرَادِ بِسِوَاكٍ أَوْ بِدُونِهِ، وَالْخَبَرُ الْآخَرُ أَعْنِي قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَكْعَتَانِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِلَا سِوَاكٍ» عَلَى مَا إذَا كَانَتْ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ وَالْأُخْرَى بِدُونِهِ فَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْهَا بِدُونِهِ بِعَشْرٍ فَعَلَيْهِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِلَا سِوَاكٍ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْمُنْفَرِدِ بِسِوَاكٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَهَلْ هَذَا الْحَمْلُ صَحِيحٌ مُقَرٌّ عَلَيْهِ، وَالْعَشَرَةُ الْمَذْكُورَةُ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ الْمَذْكُورَةُ صَحِيحَتَانِ أَوْ لَا وَهَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي التَّنَاقُضُ أَوْ لَا بَيِّنُوا لَنَا الْجَوَابَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مَبْسُوطًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ شَيْخِنَا يُحْمَلُ خَبَرُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ صَلَاتُهَا وَصَلَاةُ الِانْفِرَادِ بِسِوَاكٍ أَوْ بِدُونِهِ أَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ تَضْعُفُ عَلَى صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ

ضِعْفًا حَيْثُ اتَّفَقْنَا فِي وُجُودِ السِّوَاكِ فِيهِمَا أَوْ انْتِفَائِهِ فِيهِمَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ: وَالْخَبَرُ الْآخَرُ إلَى قَوْلِهِ: وَالْأُخْرَى بِدُونِهِ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ مَحْمُولٌ عَلَى صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ بِسِوَاكٍ، وَجَمَاعَةٌ فُضِّلَتَا عَلَى صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ بِلَا جَمَاعَةٍ وَلَا سِوَاكٍ فَلِلْجَمَاعَةِ فِي ذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَلِلسِّوَاكِ عَشَرَةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: فَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْهَا بِدُونِهِ بِعَشْرٍ أَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بِلَا سِوَاكٍ بِعَشْرٍ، وَهِيَ الْبَاقِيَةُ فِي مُقَابَلَةِ السِّوَاكِ مِنْ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ بَعْدَ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي فِي مُقَابَلَةِ الْجَمَاعَةِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: فَعَلَيْهِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِلَا سِوَاكٍ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْمُنْفَرِدِ بِسِوَاكٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ أَنَّ الْخَمْسَةَ عَشَرَ هِيَ الْبَاقِيَةُ مِنْ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي لِلْجَمَاعَةِ بَعْدَ إسْقَاطِ عَشَرَةٍ مِنْهَا لِلسِّوَاكِ فَالْحَمْلُ صَحِيحٌ مُقَرٌّ عَلَيْهِ، وَالْعَشَرَةُ الْمَذْكُورَةُ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ الْمَذْكُورَةُ صَحِيحَتَانِ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ تَنَاقُضٌ وَلَا مُخَالَفَةٌ. (سُئِلَ) عَنْ مَأْمُومٍ رَكَعَ إمَامُهُ، وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ شَكَّ فِي كَوْنِهِ مُوَافِقًا أَوْ مَسْبُوقًا فَهَلْ لَهُ أَنْ يُتِمَّ الْفَاتِحَةَ أَمْ يَقْطَعَ وَيُتَابِعَ لِيُدْرِكَ الرُّكُوعَ مَعَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ عَلِمْنَا وُجُوبَ الْفَاتِحَةِ عَلَيْهِ

وَشَكَكْنَا فِي تَحَمُّلِ الْإِمَامِ عَنْهُ لِكَوْنِهِ مَسْبُوقًا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ تَحَمُّلِهِ فَيَتَأَخَّرُ وَيُتِمُّ الْفَاتِحَةَ وَيُدْرِكُ الرَّكْعَةَ مَا لَمْ يُسْبَقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ مَقْصُودَةٍ وَهِيَ الطَّوِيلَةُ فَإِنْ سُبِقَ بِذَلِكَ تَابَعَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِهِ. (سُئِلَ) عَنْ مَأْمُومٍ نَامَ مُتَمَكِّنًا فِي تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ ثُمَّ انْتَبَهَ فَوَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا مَاذَا يَفْعَلُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقُومُ وَيَقْرَأُ وَيَجْرِي عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ مَا لَمْ يُسْبَقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ كَمَا لَوْ نَسِيَ الْقِرَاءَةَ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ، وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ يَرْكَعُ مَعَ الْإِمَامِ، وَيَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْفَاتِحَةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَسْبُوقٍ، وَلَا فِي حُكْمِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَزْحُومِ حَيْثُ يَرْكَعُ مَعَ إمَامِهِ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ فَوَجَدَهُ رَاكِعًا إلْزَامُهُ بِمَا فَاتَ فِيهِ مَحَلُّ الْقِرَاءَةِ بِخِلَافِ هَذَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ اقْتَدَى فِي تَشَهُّدِهِ الْأَخِيرِ بِمَنْ يُصَلِّي قَائِمًا مَاذَا يَفْعَلُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ لِمَا فِيهَا مِنْ الزِّيَادَةِ بَلْ إنْ شَاءَ فَارَقَهُ بِالنِّيَّةِ وَسَلَّمَ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ قَطْعًا لِقَطْعِهِ الْقُدْوَةَ بِعُذْرٍ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ فِي تَشَهُّدِهِ، وَطَوَّلَ الدُّعَاءَ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ مَعَهُ، وَهُوَ أَفْضَلُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَنْ اقْتَدَى فِي الْمَغْرِبِ بِمُصَلِّي الرُّبَاعِيَّةِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ

لَهُ انْتِظَارُ الْإِمَامِ فِي جُلُوسِهِ إحْدَاثُ مُصَلِّي الْمَغْرِبِ حَالَ اقْتِدَائِهِ جُلُوسًا وَتَشَهُّدًا لَمْ يَفْعَلْهُ إمَامُهُ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ الْمَأْمُومَ لَمْ يُحْدِثْ فِيهَا بَعْدَ اقْتِدَائِهِ ذَلِكَ (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْوَسْوَسَةِ فِي كَوْنِهَا لَيْسَتْ عُذْرًا أَوْ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالظَّاهِرَةِ وَمَا الظَّاهِرَةُ الْخَفِيَّةُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْوَسْوَسَةَ الْيَسِيرَةَ لَا تَمْنَعُ مِنْ إدْرَاكِ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ مَعَ الْإِمَامِ وَإِنَّمَا يَمْنَعُ مِنْهَا الظَّاهِرَةُ، وَهِيَ الَّتِي يَطُولُ زَمَنُهَا عُرْفًا. (سُئِلَ) عَمَّنْ اقْتَدَى بِشَخْصٍ فِي الِاعْتِدَالِ فَاعْتَدَلَ مَعَهُ وَجَلَسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ الثَّانِيَةَ وَجَدَ الْإِمَامَ رَافِعًا رَأْسَهُ مِنْهَا فَهَلْ يَسْجُدُ أَمْ يُتَابِعُهُ كَمَا فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْمَسْبُوقُ الَّذِي لَمْ يُدْرِكْ الرُّكُوعَ أَنْ يَسْجُدَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ مُتَابَعَةً لِإِمَامِهِ فَوَجَدَهُ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْهَا يُتَابِعُهُ، وَلَا يَسْجُدُهَا. (سُئِلَ) عَنْ مُصَلٍّ فِي ظَاهِرِ ثَوْبِهِ، أَوْ عَلَى صَدْرِهِ أَوْ مَسَّ ثَوْبَهُ مِنْ قُدَّامِهِ نَجَاسَةٌ، وَكَانَ الْمَأْمُومُ بَعِيدًا عَنْ إمَامِهِ هَلْ حُكْمُهَا حُكْمُ النَّجَاسَةِ الْخَفِيَّةِ حَتَّى لَا يَلْزَمَ الْمَأْمُومَ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ الْمَذْكُورَةَ مِمَّا تَخْفَى عَلَى الْمَأْمُومِ خُصُوصًا إنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بَعْدَ تَحَرُّمِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ النَّجَاسَةَ الْمَذْكُورَةَ ظَاهِرَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ

إذْ لَا تَخْلُو مِنْ تَقْصِيرٍ، وَالنَّجَاسَةُ الظَّاهِرَةُ أَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَهَا أَبْصَرَهَا بِأَنْ كَانَتْ فِي ظَاهِرِ الثَّوْبِ وَالْخَفِيَّةُ بِخِلَافِهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ تَخَلَّفَ عَنْ إمَامِهِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَقَرَأَ مِنْهُ شَيْئًا يَسِيرًا جِدًّا فَهَلْ تَبْطُلُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إذَا قَامَ إمَامُهُ وَتَخَلَّفَ عَنْهُ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ مِنْهُ إلَّا يَسِيرًا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَحْدَثَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَاسْتَخْلَفَ غَيْرَ مُقْتَدِيهِ هَلْ يَجُوزُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِخْلَافُ غَيْرِ الْمُقْتَدِي لِمُخَالَفَةِ نَظْمِ صَلَاتِهِ نَظْمَ صَلَاتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْقِيَامِ، وَهُمْ يَحْتَاجُونَ إلَى الْقُعُودِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْعِشَاءَ وَجَلَسَ الْإِمَامُ لِلِاسْتِرَاحَةِ هَلْ لَهُ الِانْتِظَارُ، وَفِيمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَتَرَكَ الْإِمَامُ التَّشَهُّدَ فَهَلْ لَهُ الِانْتِظَارُ أَمْ تَلْزَمُهُ مُفَارَقَتُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَأْمُومِ انْتِظَارُ إمَامِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ تَشَهَّدَ فِي الثَّالِثَةِ ظَانًّا أَنَّهَا الرَّابِعَةُ فَأَخْبَرَهُ مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ فَهَلْ يَعْمَلُ بِخَبَرِهِ أَمْ بِظَنِّهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَعْمَلُ بِأَنَّهَا ثَالِثَةٌ وَيَأْتِي بِالرَّابِعَةِ؛ إذْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِالْيَقِينِ وَهُوَ الْأَقَلُّ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَخْبَرَهُ مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ بِفِعْلِهِ

فِي صَلَاتِهِ مَا يُبْطِلُهَا وَفِي ظَنِّهِ خِلَافُهُ فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِمَا فِي ظَنِّهِ أَوْ بِمَا أُخْبِرَ بِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا فِي ظَنِّهِ لَا بِمَا أُخْبِرَ بِهِ؛ إذْ فِعْلُ نَفْسِهِ لَا يَرْجِعُ فِيهِ لِقَوْلِ غَيْرِهِ (سُئِلَ) عَمَّنْ قَامَ إلَى خَامِسَةٍ ظَانًّا أَنَّهَا الرَّابِعَةُ فَأَخْبَرَهُ مَجْمَعٌ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ بِأَنَّهَا خَامِسَةٌ فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي أَنْ يَرْجِعَ إلَى قَوْلِهِمْ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَمْ لَا كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي شَرْحِهِ لِأَبِي شُجَاعٍ وَهَلْ فِعْلُ الْجَمَاعَةِ قَائِمٌ مَقَامَ قَوْلِهِمْ كَمَا لَوْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي أَنْ يَرْجِعَ إلَى قَوْلِ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِينَ؛ إذْ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ مَحَلُّهُ فِي إخْبَارٍ لَا يُفِيدُهُ الْعِلْمُ وَلَيْسَ فِعْلُهُمْ كَقَوْلِهِمْ. (سُئِلَ) عَنْ الْإِمَامِ إذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَيْسَ خَلْفَهُ نِسَاءٌ هَلْ السُّنَّةُ لَهُ الْقِيَامُ مِنْ مُصَلَّاهُ فَوْرًا أَمْ جُلُوسُهُ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ انْتِقَالُهُ إلَى مَكَان قَرِيبٍ مِنْهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ السُّنَّةَ لِلْإِمَامِ بَعْدَ سَلَامِهِ تَحْوِيلُ وَجْهِهِ إلَى الْمَأْمُومِينَ بِأَنْ يَجْعَلَ يَمِينَهُ إلَيْهِمْ وَيَسَارَهُ فِي الْمِحْرَابِ عَلَى الْأَصَحِّ. (سُئِلَ) عَنْ مَسْجِدٍ لَهُ بَابٌ بَحْرِيٌّ وَفِي بَابِهِ شَخْصٌ مُقْتَدٍ بِإِمَامِ الْمَسْجِدِ، وَمِنْ خَلْفِ هَذَا الشَّخْصِ شَخْصٌ آخَرُ مُقَابِلٌ لِبَابِ الْمَسْجِدِ مُقْتَدٍ بِالْإِمَامِ الْمَذْكُورِ يَرَى مَنْ فِي بَابِ الْمَسْجِدِ، وَعَنْ يَمِينِ

هَذَا الشَّخْصِ الْمُقَابِل فَهَلْ اقْتِدَاؤُهُمْ صَحِيحٌ فَإِنْ قُلْتُمْ بِصِحَّتِهِ فَمَا مَعْنَى قَوْلِ السُّبْكِيّ فِي الْمُصَلِّي فِي مُصْطَفِّ الْمَدَارِسِ الشَّرْقِيَّةِ وَالْغَرْبِيَّةِ إذَا لَمْ يَرَ الْإِمَامَ وَلَا مَنْ خَلْفَهُ إنَّهُ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ إلَّا إذَا اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ مِنْ الصَّحْنِ بِالصَّفِّ هَلْ مُرَادُهُ بِالِاتِّصَالِ مَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ اتِّصَالِ الْمَنَاكِبِ عَلَى مَا قُرِّرَ فِي طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ أَمْ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَهَلْ هُوَ جَارٍ عَلَى كُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ أَمْ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ فَقَطْ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ أَشْكَلَ الْجَوَابُ بِالصِّحَّةِ فِي مَسْأَلَتِنَا لِعَدَمِ اتِّصَالِ الْمَنَاكِبِ فِيهَا وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَمَا بَالُ النَّوَوِيِّ عَبَّرَ فِي مَجْمُوعِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا بِنَحْوِ عِبَارَةِ السُّبْكِيّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ فَلَوْ اتَّصَلَ صَفٌّ بِالْوَاقِفِ فِي الْمُقَابَلَةِ وَرَاءَهُ وَخَرَجُوا عَنْ الْمُقَابَلَةِ صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ لِاتِّصَالِهِمْ بِمَنْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ اهـ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ اقْتِدَاءَ مَنْ عَنْ يَمِينِ الْمُقَابِلِ صَحِيحٌ وَكَلَامُ السُّبْكِيّ الْمَذْكُورُ جَارٍ عَلَى كُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ وَالْمُرَادُ بِاتِّصَالِ الصُّفُوفِ فِيهِ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ اتِّصَالُ الْمَنَاكِبِ وَعَلَى طَرِيقَةِ النَّوَوِيِّ حُصُولُ الرَّابِطَةِ بِدَلِيلِ مَا قُرِّرَ فِيهَا وَهَذَا الثَّانِي هُوَ مُرَادُ النَّوَوِيِّ

بِمَا عَبَّرَ بِهِ فِي مَجْمُوعِهِ مِنْ الِاتِّصَالِ فِي قَوْلِهِ لِاتِّصَالِهِمْ بِمَنْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ. (سُئِلَ) هَلْ يُغْتَفَرُ لِلْمُوَسْوَسِ فِي الْفَاتِحَةِ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَتْ الْوَسْوَسَةُ عُذْرًا فِي تَخَلُّفِ الْمَأْمُومِ عَنْ إمَامِهِ بِتَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فَإِنْ سَبَقَ بِهِمَا قَرَأَهَا فِيهِمَا عَلَى النَّصِّ عَلَامَ يَعُودُ الضَّمِيرَانِ فِي قَوْلِهِ: بِهِمَا وَفِيهِمَا، وَقَدْ أَجَابَ الشَّيْخُ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ قَاضِي شُهْبَةَ بِأَنَّ الصَّوَابَ مَا قَالَهُ الشُّرَّاحُ مِنْ عَوْدِ الضَّمِيرِ الْأَوَّلِ إلَى الْأَوَّلِيَّيْنِ، وَالثَّانِي إلَى الْأَخِيرَيْنِ وَعَوْدِهِمْ الضَّمِيرَيْنِ مَعًا إلَى الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ أَوْ الْأَوَّلِ إلَيْهِمَا مُمْتَنَعٌ فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِنْ سَبَقَ بِهِمَا وَلَا يُعْقَلُ سَبَقُهُ بِالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مَعَ إدْرَاكِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ نَفْسِهِ وَلَا بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ وَقَدْ ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ إنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِالْأُولَيَيْنِ قَرَأَ السُّورَةَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: تُسَنُّ سُورَةٌ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ إلَّا فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ فَاسْتَثْنَى مِنْ سُنِّيَّةِ قِرَاءَةِ السُّورَةِ فِي الصَّلَاةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الثُّلَاثِيَّةِ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ يَبْقَى الْمَعْنَى تُسَنُّ قِرَاءَةُ السُّورَةِ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَإِنْ سَبَقَ بِهِمَا أَيْ بِمَا يُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ السُّورَةِ فِيهِ

وَهِيَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ قَرَأَهَا فِيهِمَا أَيْ فِيمَا لَا تُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ السُّورَةِ فِيهَا لِغَيْرِ الْمَسْبُوقِ. وَهُوَ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالضَّمِيرُ كَمَا يَعُودُ إلَى الْمَلْفُوظِ يَعُودُ إلَى مَا هُوَ فِي حُكْمِ الْمَلْفُوظِ وَلَمْ أَجِدْ فِي كَلَامِ شُرَّاحِ الْمِنْهَاجِ مَا يُوهِمُ كَوْنَ مُرَادِ الْمُصَنِّفِ الثَّالِثَةَ وَالرَّابِعَةَ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ إلَّا قَوْلَ الْإِسْنَوِيِّ فَإِنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِالْأُولَيَيْنِ قَرَأَ السُّورَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَقَوْلُهُ: بِالْأُولَيَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةِ الْإِمَامِ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَصَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ بِكَوْنِهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةِ نَفْسِهِ فَقَالَ: وَقَوْلُهُ فِيهِمَا أَيْ فِي أُخْرَيَيْهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِلَا شَكٍّ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ: يَقْرَؤُهَا فِي الْأُخْرَيَيْنِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا تُسْتَحَبُّ الْقِرَاءَةُ فِيهِمَا، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ اسْتِحْبَابِ قِرَاءَتِهِمَا فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ فَتُسْتَحَبُّ قِرَاءَتُهَا فِيهِمَا قَطْعًا؛ لِأَنَّهَا أُولَى وَثَانِيَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ نَفْسِهِ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ الْمَحَلِّيِّ: إنْ سَبَقَ بِهِمَا أَيْ مِنْ صَلَاةِ نَفْسِهِ لَا يُعْقَلُ، وَقَوْلُهُ: قَرَأَهَا فِيهِمَا لَمْ يُبَيِّنْ رُجُوعَ الضَّمِيرِ فِي فِيهِمَا إلَى مَنْ يَعُودُ، وَقَوْلُهُ: حِينَ تَدَارَكَهُمَا يُوهِمُ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ؛ إذْ الْمَسْبُوقُ يَتَدَارَكُهُمَا حِينَئِذٍ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ بَلْ

كَلَامُ الْمِنْهَاجِ الَّذِي أَشَارَ إلَى خِلَافٍ فِي قِرَاءَتِهِمَا فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ إنَّمَا هُمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ نَفْسِهِ. وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْمَسْبُوقِ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ فَقَدْ ذَكَرَهَا النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ نَقْلًا عَنْ التَّبْصِرَةِ لِلْجُوَيْنِيِّ فَقَالَ: مَتَى أَمْكَنَ الْمَسْبُوقَ قِرَاءَةُ السُّورَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ نَفْسِهِ بِأَنْ كَانَ الْإِمَامُ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ أَوْ كَانَ يَرَى قِرَاءَةَ السُّورَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ أَيْضًا قَرَأَهَا مَأْمُومٌ مَعَهُ، وَلَا يُعِيدُهَا فِي آخِرَتَيْهِ وَإِنْ لَمْ تُمْكِنْ مَعَهُ قِرَاءَةُ السُّورَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ نَفْسِهِ قَرَأَهَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ اهـ فَهَلْ مَا أَجَابَ بِهِ صَحِيحٌ، أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذُكِرَ هُوَ الصَّوَابُ مِنْ عَوْدِ الضَّمِيرَيْنِ وَأَنَّ غَيْرَهُ خَطَأٌ مَمْنُوعٌ فَيَصِحُّ عَوْدُ ضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ فِي بِهِمَا إلَى الْأُولَيَيْنِ، وَفِيهِمَا إلَى الْأُخْرَيَيْنِ، وَعَوْدُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى الْأُخْرَيَيْنِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ الْجَلَالُ الْمُحَقِّقُ الْمَحَلِّيُّ وَهُوَ الْأَوْلَى لِعَوْدِهِ إلَى مَلْفُوظٍ بِهِ وَلِمُوَافَقَتِهِ لِقَاعِدَةِ عَوْدِ الضَّمِيرِ إلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ وَلِاتِّفَاقِ مَرْجِعِ الضَّمِيرَيْنِ وَسَلَامَتِهِ مِنْ اعْتِبَارِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْأُخْرَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الْمَسْبُوقِ إذْ الْكَلَامُ فِي صَلَاةِ الْمَسْبُوقِ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُعْقَلُ سَبْقُهُ

بِالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مَعَ إدْرَاكِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ نَفْسِهِ وَلَا بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ مَمْنُوعٌ؛ إذْ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ سَبَقَ بِالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مِنْ صَلَاةِ نَفْسِهِ بِأَنْ لَمْ يُدْرِكْهُمَا مَعَ الْإِمَامِ؛ إذْ لَا يَفْعَلُهُمَا إلَّا بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ أَوْ جُلُوسِهِ لِلتَّشَهُّدِ وَقَدْ فَارَقَهُ بِالنِّيَّةِ وَقَدْ أَدْرَكَ أُولَاهُ وَثَانِيَتَهُ مَعَ ثَالِثَةِ الْإِمَامِ وَرَابِعَتِهِ؛ لِأَنَّ مَا يُدْرِكُ الْمَسْبُوقُ أَوَّلُ صَلَاتِهِ، وَقَوْلُهُ: لَمْ أَجِدْ فِي كَلَامِ شُرَّاحِ الْمِنْهَاجِ إلَخْ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَقَدْ ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الشُّرَّاحِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَقَوْلُ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ إلَخْ قَدْ تَقَدَّمَ رَدُّهُ وَقَوْلُهُ قَرَأَهَا فِيهِمَا لَمْ يُبَيِّنْ رُجُوعَ الضَّمِيرِ فِي فِيهِمَا إلَى مَا يَعُودُ عَجِيبٌ لِظُهُورِ رُجُوعِهِ إلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ ضَمِيرُ بِهِمَا وَهِيَ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ لِمَا مَرَّ وَقَدْ أَوْضَحَهُ بِقَوْلِهِ حِينَ تَدَارَكَهُمَا إذَا لَا يَتَدَارَكُ الْمَسْبُوقُ إلَّا هُمَا فَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَةَ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ الشِّقُّ الثَّانِي مِنْ كَلَامِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (سُئِلَ) عَنْ مَسْبُوقٍ بَطِيءِ الْقِرَاءَةِ هَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَخَلَّفَ بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ وَيَقْرَأَ مِنْ الْفَاتِحَةِ قَدْرَ مَا يَقْرَؤُهُ لَوْ اعْتَدَلَتْ قِرَاءَتُهُ أَمْ لَا وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ فَاقْتَدَى مُوَافِقًا وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إتْمَامِ الْفَاتِحَةِ إلَّا بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ هَلْ يَرْكَعُ مَعَهُ لِقَوْلِهِمْ الْمَسْبُوقُ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ

زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ إلَّا بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ أَمْ يَتَخَلَّفُ لِإِتْمَامِ قِرَاءَتِهِ وَلَا يُسَمَّى هَذَا مَسْبُوقًا؟ (فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَيَرْكَعُ فِيهَا الْمَسْبُوقُ مَعَ إمَامِهِ وَيَكُونُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ غَيْرَ مَا قَرَأَهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ تَسْقُطُ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ وَيَرْكَعُ مَعَهُ فَلَا تَلْزَمُهُ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ تَأَخَّرَ لِلْقِرَاءَةِ فَفَاتَهُ الرُّكُوعُ مَعَ إمَامِهِ لَغَتْ رَكْعَتُهُ وَإِنَّمَا أَلْزَمَ الْأَئِمَّةُ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ بِالتَّخَلُّفِ لِإِتْمَامِهَا إذَا كَانَ مُوَافِقًا أَمَّا الْمَسْبُوقُ فَلَا بَلْ قِيلَ فِي الْمَسْبُوقُ الْمُشْتَغِلُ بِالِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ أَنَّهُ يَرْكَعُ مَعَ إمَامِهِ لِلْمُتَابَعَةِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا بَقِيَ مِنْ الْفَاتِحَةِ لِخَبَرِ «إذَا رَكَعَ الْإِمَامُ فَارْكَعُوا» قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُعْظَمُ غَيْرَهُ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَالْمَأْمُومُ فِيهَا مُوَافِقٌ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مَحَلَّ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَيَتَخَلَّفُ لِإِتْمَامِهَا وَهُوَ مَعْذُورٌ فَيَجْرِي عَلَى تَرْتِيبِ صَلَاةِ نَفْسِهِ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ إمَامُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ. (سُئِلَ) عَنْ مَسْبُوقٍ وَافَقَ تَشَهُّدُهُ الْأَوَّلُ تَشَهُّدَ الْإِمَامِ الْأَخِيرِ هَلْ يُوَافِقُهُ فِيهِ إلَخْ أَوْ يَقْتَصِرُ عَلَى مَا يُسَنُّ فِي الْأَوَّلِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُوَافِقُ إمَامَهُ فِي إتْيَانِهِ بِالْمَسْنُونِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ. (سُئِلَ) عَنْ الْمُصَلِّينَ فِي الْمَسْطَبَةِ عَلَى

سَلَالِمِ الْغُورِيَّةِ الْمُقْتَدِينَ بِإِمَامِهَا وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ الشِّبَاكُ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُمْ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ صَلَاتَهُمْ صَحِيحَةٌ إنْ وَقَفَهَا الْغُورِيُّ جَامِعًا وَإِنْ سَمَّاهَا النَّاسُ مَدْرَسَةً وَإِلَّا فَلَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ. (سُئِلَ) هَلْ تَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ لِمَنْ صَلَّى فَرِيضَةً خَلْفَ الْعِيدِ صُبْحًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ «مُعَاذًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَغْرِبَ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّي بِهِمْ تِلْكَ الصَّلَاةَ» وَخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَغْرِبَ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ فَيَؤُمُّهُمْ» وَخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الصُّبْحَ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ فَلَمَّا انْتَقَلَ مِنْ صَلَاتِهِ رَأَى فِي آخِرِ الْقَوْمِ رَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ فَقَالَ مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا فَقَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا فَقَالَ إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَاهَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» وَهُوَ يَدُلُّ بِالْعُمُومِ وَعَدَمِ الِاسْتِفْصَالِ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُصَلِّي مُنْفَرِدًا وَالْمُصَلِّي جَمَاعَةً إمَامًا

أَوْ مَأْمُومًا وَقَدْ عَلَّلَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا الْوَجْهَ الْمَرْجُوحَ الْقَائِلَ بِأَنَّ صَلَاةَ ذَاتِ نَخْلٍ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ بَطْنِ الرِّقَاعِ لِحُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى التَّمَامِ لِكُلِّ طَائِفَةٍ وَمُرَادُهُمْ أَنَّ إيقَاعَ الصَّلَاةِ بِكَمَالِهَا خَلْفَ الْإِمَامِ أَكْمَلُ مِنْ إيقَاعِ الْبَعْضِ وَإِنْ حَصَلَتْ بِهِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ يُسَنُّ لِلْمُفْتَرِضِ أَنْ لَا يَقْتَدِيَ بِالْمُتَنَقِّلِ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فَحَمَلَهُ فِي النَّفْلِ الْمُتَمَحِّضِ أَمَّا الصَّلَاةُ الْمُعْتَادَةُ فَلَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي فَرْضِيَّتِهَا إذْ قِيلَ إنَّ الْفَرْضَ إحْدَاهُمَا يَحْتَسِبُ اللَّهُ بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا وَرُبَّمَا قِيلَ يَحْتَسِبُ بِأَكْمَلِهِمَا؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَوْ تَعَيَّنَتْ لِلنَّفْلِيَّةِ لَمْ يُسَنَّ فِعْلُهَا فِي جَمَاعَةٍ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَغَيْرِهَا وَقِيلَ إنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا فَالْفَرْضُ الثَّانِيَةُ لِكَمَالِهَا وَإِنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ فَالْأُولَى وَقِيلَ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَرْضٌ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ مَأْمُورٌ بِهَا وَالْأُولَى مُسْقِطَةٌ لِلْحَرَجِ لَا مَانِعَةٌ مِنْ وُقُوعِ الثَّانِيَةِ فَرْضًا بِدَلِيلِ سَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ كَالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ الْمُصَلِّيَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ لَمْ تَصِحَّ وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي تَأَخُّرِ إحْرَامِهِ وَقَدْ قَالُوا بِخِلَافِ مَا لَوْ ظَنَّ تَأَخُّرَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ هَلْ يُقَالُ مِثْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَمْ يُفَرَّقُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَأْتِي

فِيهَا إذَا ظَنَّ إتْيَانَهُ بِهَا وَلَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُ مَا ذُكِرَ فِي ظَنِّ تَأَخُّرِ الْإِحْرَامِ بَلْ أَوْلَى لِانْعِقَادِ صَلَاتِهِ فُرَادَى عِنْدَ فَقْدِهَا أَوْ الشَّكِّ فِيهَا وَلَا تَبْطُلُ إلَّا بِالْمُتَابَعَةِ فِي فِعْلٍ بَعْدَ انْتِظَارٍ طَوِيلٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ التَّحَرُّمِ فَأَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ حِينَئِذٍ. (سُئِلَ) عَنْ الْبُصَاقِ فِي التُّرَابِ الْكَائِنِ فِي الْمَسْجِدِ حَرَامٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَا بَصَقَ فِيهِ تُرَابَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ الدَّاخِلُ فِي وَقْفِهِ أَوْ مَفْرُوشَاتِهِ بِحَيْثُ صَارَ بِمَثَابَةِ أَرْضِهِ فَهُوَ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ بَاصِقًا فِي الْمَسْجِدِ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِحَرَامٍ إذَا لَمْ يَصِلْ مِنْهُ شَيْءٌ إلَى الْمَسْجِدِ وَحُصُولُهُ فِي هَوَاءِ الْمَسْجِدِ لَا يُؤَثِّرُ بَلْ حُصُولُ دَمِ الْفَصْدِ فِي هَوَائِهِ لَا يَحْرُمُ. (سُئِلَ) عَنْ مَأْمُومٍ جَلَسَ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَقَامَ فَوَجَدَ إمَامَهُ قَدْ قَرَأَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ أَتَمَّهَا وَرَكَعَ قَبْلَ إتْمَامِ الْمَأْمُومِ فَاتِحَتَهُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا أَمْ لَا وَإِذَا أَوْجَبْتُمْ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَأَتَمَّ رَكْعَتَهُ ثُمَّ قَرَأَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ فَرَكَعَ إمَامُهُ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا أَمْ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ كَالْمَسْبُوقِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ إتْمَامُ فَاتِحَتِهِ وَهُوَ بِتَخَلُّفِهِ لَمْ يَتَخَلَّفْ بِغَيْرِ عُذْرٍ إذْ إتْيَانُهُ بِجُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ دُونَ إمَامِهِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ مِنْهُ لَكِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ كَمَا لَوْ أَتَى بِهَذَا الْجُلُوسِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَإِنْ تَخَلَّفَ عَنْ

إمَامِهِ بِتَمَامِ رَكْعَتَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ مُتَعَمِّدًا وَإِلَّا لَغَا مَا أَتَى بِهِ بَعْدَهُمَا عَلَى غَيْرِ مُتَابَعَةِ إمَامِهِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ مُتَابَعَتُهُ فِي رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الَّتِي قَامَ إلَيْهَا وَتَكْمُلُ لَهُ رَكْعَةٌ مِنْ رَكْعَتَيْهِ. (سُئِلَ) هَلْ يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ عَمُودَيْنِ مِنْ أَعْمِدَةِ الْمَسْجِدِ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ سَوَاءٌ كَانَ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُنْفَرِدًا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ الْمَذْكُورَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَلِّي مُنْفَرِدًا أَمْ إمَامًا وَكَذَا الْمَأْمُومُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُنْفَرِدًا عَنْ الصَّفِّ. (سُئِلَ) عَمَّنْ يُصَلِّي فَرِيضَةً مُنْفَرِدًا فَأَحْرَمَ بِهَا فَقَطَعَ صَلَاتَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ بِهَا مَأْمُومًا فَهَلْ الْقَطْعُ الْمَذْكُورُ جَائِزٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) هُوَ جَائِزٌ. (سُئِلَ) عَنْ إمَامٍ وَمَأْمُومَيْنِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقِفَا خَلْفَهُ بَلْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ فَمَا الْأَفْضَلُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَفْضَلَ وُقُوفُ أَحَدِهِمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ. (سُئِلَ) هَلْ الصَّفُّ الْمُسْتَدِيرُ حَوْلَ الْكَعْبَةِ الْمُتَّصِلُ بِمَا وَرَاءَ الْإِمَامِ هَلْ يُسَمَّى صَفًّا أَوَّلَ وَكَذَلِكَ مَنْ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْكَعْبَةِ مِنْهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ صَادِقٌ عَلَى مَنْ ذُكِرَ إذَا لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ صَفٌّ فَقَدْ قَالُوا إنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ هُوَ الصَّفُّ

الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ سَوَاءٌ حَالَتْ مَقْصُورَةٌ وَأَعْمِدَةٌ أَمْ لَا وَمِمَّا عُلِّلَتْ بِهِ أَفْضَلِيَّتُهُ الْخُشُوعُ لِعَدَمِ اشْتِغَالِهِ بِمَنْ أَمَامَهُ. (سُئِلَ) هَلْ الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ خَلْفَ الْمَقَامِ حَتَّى لَوْ وَقَفَ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً لَمْ يَحْصُلْ الْفَضْلُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ صَلَاتَهُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ خَلْفَ الْمَقَامِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِمَا يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ وَقَفَ مُتَبَاعِدًا فِي آخِرِ الْمَسْجِدِ هَلْ تَحْصُلُ لَهُ أَفْضَلِيَّةٌ خَلْفَ الْمَقَامِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَحْصُلُ لَهُ فَقَدْ قَالُوا فِعْلُهَا خَلْفَ الْمَقَامِ أَفْضَلُ ثُمَّ فِي الْحِجْرِ تَحْتَ الْمِيزَابِ ثُمَّ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ فِي الْحَرَمِ. (سُئِلَ) عَنْ مَسْبُوقٍ أَدْرَكَ بَعْدَ تَحَرُّمِهِ زَمَنًا يَسَعُ قِرَاءَةَ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ شَكَّ بَعْدَ رُكُوعِهِ مَعَ إمَامِهِ فِي أَنَّهُ قَرَأَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ أَوْ اشْتَغَلَ بِالِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ هَلْ تُحْسَبُ رَكْعَتُهُ هَذِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُحْسَبُ رَكْعَتُهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ الظُّهْرِ هَلْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ فَارَقَ إمَامَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ فِي حُكْمِ الْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ أَمْ لَا لِقَوْلِ الرَّوْضَةِ الْأَوْلَى الِانْفِرَادُ وَيُحْمَلُ قَوْلُ الْمَحَلِّيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَظَاهِرٌ أَنَّ الْفَضِيلَةَ لَا تَفُوتُ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ فَارَقَ إمَامَهُ عِنْدَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ وَعِبَارَةُ ابْنِ الْعِمَادِ فَإِنْ شَاءَ نَوَى مُفَارَقَتَهُ وَسَلَّمَ

وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ وَهُوَ الْأَفْضَلُ فَإِنْ فَارَقَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَلَمْ تَفُتْ الْفَضِيلَةُ بِلَا خِلَافٍ اهـ. أَيْ عَلَى الْأَظْهَرِ الْقَائِلِ بِجَوَازِ الِاقْتِدَاءِ وَعَلَّلُوا فَضِيلَةَ انْتِظَارِهِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ بِهِ فَضْلُ أَدَاءِ السَّلَامِ مَعَ الْإِمَامِ وَقَالُوا تَفْرِيعًا عَلَى صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِمُصَلِّي الْكُسُوفِ أَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ مُفَارَقَتُهُ عِنْدَ الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَتَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّهُ فَارَقَ لِعُذْرٍ فَأَشْبَهَ مَا إذَا قَطَعَ الْإِمَامُ الْقُدْوَةُ وَقَالُوا تَفْرِيعًا عَلَى صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِمُصَلِّي الْجِنَازَةِ أَنَّهُ لَا يُوَافِقُهُ فِي التَّكْبِيرَاتِ وَغَيْرِهَا بَلْ فَائِدَةُ حُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ لَا تَفُوتُ فِي الْمُفَارَقَةِ الْمُخَيَّرِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الِانْتِظَارِ وَلِهَذَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي مَسْأَلَتِنَا لَك أَنْ تَقُولَ إذَا كَانَ الْأَوْلَى الِانْفِرَادَ فَلِمَ حَصَلَتْ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّهَا خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ. وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْته قَوْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّ صَلَاةَ الْعُرَاةِ وَنَحْوِهِمْ جَمَاعَةً صَحِيحَةٌ وَلَا ثَوَابَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ اهـ. أَيْ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ طَلَبِهَا مِنْهُمْ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ لَهَا بِسَبَبِ صِفَةٍ قَامَتْ بِهِمْ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا وَلَا قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْأَوْلَى فِيهَا الِانْفِرَادُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّتِهَا فِيهِ

بِخِلَافِهَا فِي الْجَمَاعَةِ وَإِنْ نَالَ فَضْلَهَا عَلَى الْأَظْهَرِ بَلْ مَا ذَكَرْته أَوْلَى مِمَّا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهَا عَلَى الصَّحِيحِ وَمِنْ مُقَابِلِهِ أَنَّهُ إنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا ثُمَّ وَجَدَ جَمَاعَةً اُسْتُحِبَّ لَهُ الْإِعَادَةُ مَعَهُمْ لِحِيَازَةِ فَضْلِهَا وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى الصَّحِيحِ لَوْ أَعَادَهَا صَحَّتْ نَفْلًا عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ فَرْضًا كَالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ اهـ. وَالصَّلَاةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَطْلُوبٌ تَرْكُهَا فَضْلًا عَنْ طَلَبِ تَرْكِ جَمَاعَتِهَا وَالصَّلَاةُ فِي مَسْأَلَتِنَا وَاجِبٌ فِعْلُهَا وَإِنْ انْتَفَى طَلَبُ الْجَمَاعَةِ فِيهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ رَأَى جَمَاعَةً يُصَلُّونَ فَظَنَّ أَنَّهُمْ مُقْتَدُونَ بِإِمَامٍ وَلَمْ يَدْرِ أَيُّهُمْ هُوَ فَاقْتَدَى بِهِ وَصَلَّى مَعَهُمْ ثُمَّ تَبَيَّنَ كَوْنُهُمْ مُنْفَرِدِينَ فَهَلْ تَجِبُ إعَادَةُ صَلَاتِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَجِبُ إعَادَةُ صَلَاتِهِ إذْ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ تَفْصِيلًا أَوْ جُمْلَةً يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَكَلَ ذَا رِيحٍ كَرِيهٍ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ جَاهِلًا بِأَنَّهُ يَوْمُ جُمُعَةٍ وَكَانَتْ إزَالَتُهُ غَيْرَ عَسِرَةٍ فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ إزَالَةُ ذَلِكَ لِيَحْضُرَ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحُضُورُ وَلَوْ لَمْ يُزِلْهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَحْصِيلُ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ لَمْ يُزِلْهَا؛ لِأَنَّ إزَالَتَهُ سُنَّةٌ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ عَمَّ عُذْرٌ كَالْمَطَرِ هَلْ تَسْقُطُ الْجُمُعَةُ عَنْ أَهْلِ مَحَلِّهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَسْقُطُ الْجُمُعَةُ عَنْ أَهْلِ

مَحَلٍّ عَمَّهُ الْعُذْرُ الْمَذْكُورُ. (سُئِلَ) هَلْ تُعَادُ الْمَكْتُوبَةُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا خَلَلٌ أَكْثَرُ مِنْ مَرَّةٍ وَيُثَابُ الْعَبْدُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ حَيْثُ قَالَ فِي الْإِسْعَادِ عَلَى قَوْلِ الْإِرْشَادِ وَتُعَادُ نَدْبًا مَرَّةً أُخْرَى وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْإِعَادَةِ فِي الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ اسْتِحْبَابُهَا أَكْثَرُ مِنْ مَرَّةٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ فَفِي الْخَادِمِ كَالتَّوْسِيطِ أَنَّ الْإِمَامَ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْإِعَادَةَ إنَّمَا تُسْتَحَبُّ مَرَّةً وَاحِدَةً قَالَ يَعْنِي الْإِمَامَ وَإِلَّا لَزِمَ اسْتِغْرَاقُ الْوَقْتِ وَلَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ عَنْ السَّلَفِ قُلْت وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ يُفْهَمُ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فَعِبَارَةُ الْمُخْتَصَرِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ قَدْ صَلَّى مَرَّةً مَعَ الْجَمَاعَةِ كُلَّ صَلَاةٍ فَقَوْلُهُ مَرَّةً ظَاهِرُهُ الِاحْتِرَازُ عَمَّنْ صَلَّى مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ اهـ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا تُسْتَحَبُّ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَقُوَّةُ كَلَامِ غَيْرِهِ تُرْشِدُ إلَيْهِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ؟ (فَأَجَابَ) الْمُعْتَمَدُ تَقْيِيدُ اسْتِحْبَابِ إعَادَةِ الْمَكْتُوبَةِ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِمَرَّةٍ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِي كَلَامِ أَحَدٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَمْ يَعْتَمِدْهُ أَحَدٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ سِوَى الْأَذْرَعِيِّ

وَالْمُعْتَمَدُ اسْتِحْبَابُ الْإِعَادَةِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ مَا دَامَ الْوَقْتُ بَاقِيًا. (سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى خَارِجَ الْمَسْجِدِ خَلْفَ شِبَاكِهِ الْحَائِلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ وَلَا يُمْكِنُهُ الِاتِّصَالُ بِالْإِمَامِ إلَّا بِانْعِطَافٍ مِنْ جِهَتِهِ فَهَلْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الِانْعِطَافُ الْمَذْكُورُ مِنْ صِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْكِفَايَةِ أَنَّهُ إذَا جَذَبَ وَاحِدًا مِنْ الصَّفِّ قَبْلَ التَّحَرُّمِ حَرُمَ عَلَيْهِ أَهُوَ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْجَذْبُ الْمَذْكُورُ وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِيمَا لَوْ وَقَفَ مَأْمُومٌ عَنْ يَمِينِ إمَامِهِ فَجَاءَ آخَرُ فَأَحْرَمَ عَنْ يَسَارِهِ يُكْرَهُ لِلثَّانِي أَنْ يَجْذِبَ الَّذِي عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ قَبْلَ إحْرَامِهِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ يَتَأَخَّرُ إلَى الثَّانِي قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ اهـ بَلْ أَنْكَرَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ كَوْنَ الْجَذْبِ بَعْدَ التَّحَرُّمِ وَقَالَ وَافَقَ الرَّافِعِيَّ عَلَى نَقْلِهِ الْفَارِقِيُّ فِي فَوَائِدِهِ وَلَمْ أَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ بَعْدَ الْكَشْفِ إلَّا فِي التَّحْلِيَةِ لِلرُّويَانِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَإِطْلَاقُهُمْ أَنَّ الْجَذْبَ يَكُونُ قَبْلَ التَّحَرُّمِ فَإِنَّ الْقَصْدَ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ وَمَتَى أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا

فَلَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ الْمُخَالِفِينَ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْجَذْبِ حِينَئِذٍ اهـ. وَقَدْ أَنْكَرَهُ أَيْضًا ابْنُ أَبِي الدَّمِ فَقَوْلُ الْكِفَايَةِ لَا يَجُوزُ جَذْبُهُ قَبْلَ التَّحَرُّمِ يُحْمَلُ عَلَى الْجَوَازِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ. (سُئِلَ) هَلْ تُكْرَهُ إقَامَةُ جَمَاعَتَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَسْجِدٍ مَطْرُوقٍ إذَا كَانَ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) لَا تُكْرَهُ وَهُوَ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى مِنْ نَفْيِ كَرَاهَةِ إقَامَةِ جَمَاعَةٍ فِيهِ قَبْلَ إمَامِهِ وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ إنْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ إمَامٌ رَاتِبٌ وَلَيْسَ مَطْرُوقًا كُرِهَ لِغَيْرِ إمَامِهِ إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ وَيُقَالُ لَا إنْ أُقِيمَتْ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَإِلَّا فَلَا، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَيُكْرَهُ أَنْ تُقَامَ جَمَاعَةٌ فِي مَسْجِدٍ بِغَيْرِ إذْنِ إمَامِهِ إلَّا إذَا كَانَ مَطْرُوقًا وَعِبَارَةُ جَامِعِ الْمُخْتَصَرَاتِ وَتُكْرَهُ الْجَمَاعَةُ بِذِي رَاتِبٍ لَا يُطْرَقُ وَلَوْ بَعْدَهُ فِي الْأَصَحِّ اهـ. وَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتِمَّةِ مِنْ كَرَاهَةِ عَقْدِ جَمَاعَتَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَطْرُوقِ فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ صَرَّحَ بِكَرَاهَةِ الْقَبَلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ وَسَكَتَ عَنْ الْمُقَارَنَةِ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا أَخْبَرَ عَدَدُ التَّوَاتُرِ مُصَلِّيًا بِأَنَّهُ صَلَّى كَذَا أَوْ حَاكِمًا بِأَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا أَوْ شَاهِدًا بِأَنَّهُ شَهِدَ بِكَذَا هَلْ يُعْمَلُ بِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ

سُئِلَ) عَمَّا إذَا وَقَفَ الْمَأْمُومُ بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ فِي الْمَسْجِدِ هَلْ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ خِلَافًا لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. (سُئِلَ) هَلْ يُكْرَهُ أَكْلُ الثُّومِ أَوْ الْبَصَلِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُكْرَهُ أَكْلُهُ نِيئًا فَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ بَلْ جَعَلَهُ مَقِيسًا عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ وَكُرِهَ لَهُ يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْلُ الثُّومِ وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ وَإِنْ كَانَ مَطْبُوخًا كَمَا كُرِهَ لَنَا نِيئًا اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَنْقُولُ الْمَذْهَبِ إذْ عَادَتُهُ غَالِبًا فِي غَيْرِ ذَلِكَ عَزْوُهُ إلَى قَائِلِهِ وَإِنْ اعْتَمَدَهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَحْرَمَ مُقْتَدِيًا بِإِمَامٍ ثُمَّ شَرَعَ فِي الْفَاتِحَةِ إلَى نِصْفِهَا ثُمَّ شَكَّ فَكَرَّرَهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى بِحَيْثُ إنَّهُ لَوْ اسْتَمَرَّ فِي شُرُوعِهِ الْأَوَّلِ لَوَسِعَهَا الزَّمَنُ وَزِيَادَةٌ ثُمَّ أَنَّهُ لَمْ يَرْكَعْ حَتَّى رَكَعَ إمَامُهُ وَاعْتَدَلَ فَهَلْ تُحْسَبُ لَهُ الرَّكْعَةُ أَمْ لَا وَتَلْزَمُهُ رَكْعَةٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُحْسَبُ رَكْعَتُهُ بِلَا شَكٍّ. (سُئِلَ) عَنْ مَأْمُومٍ أَحْرَمَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَأَحْرَمَ عَنْ يَمِينِهِ هَلْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ يُكْرَهُ، هَلْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِهَا أَمْ لَا وَهَلْ الْكَرَاهَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِذَاتِ الصَّلَاةِ كَالِالْتِفَاتِ وَالْخُطْوَتَيْنِ تَبْطُلُ فَضِيلَةُ الصَّلَاةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُكْرَهُ وُقُوفُ الْمَأْمُومِ الثَّانِي عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ وَتَفُوتُ

الْجَمَاعَةُ، نَعَمْ إنْ عَقِبَ تَحَرُّمَ الثَّانِي تَقَدُّمُ الْإِمَامِ أَوْ تَأَخُّرُهُ نَالَ أَفْضَلِيَّةَ الْجَمَاعَةِ وَإِلَّا فَلَا تَحْصُلُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَفِعْلُ الْمَكْرُوهِ بِلَا حَاجَةٍ يُفَوِّتُ ثَوَابَ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ فِيهِ. (سُئِلَ) عَنْ مُنْفَرِدٍ شَكَّ فِي رُكُوعِهِ بَعْدَمَا اطْمَأَنَّ فِيهِ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي قِيَامِهِ الَّذِي رَكَعَ مِنْهُ فَعَادَ إلَيْهِ فَتَذَكَّرَ أَنَّهُ قَرَأَهَا فَهَلْ يَسْجُدُ مِنْ قِيَامِهِ وَيَقُومُ قِيَامُهُ مَقَامَ اعْتِدَالِهِ كَمَا لَوْ قَامَ مِنْ سَجْدَةٍ نَاسِيًا بَعْدَ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ الثَّانِيَةَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رُكُوعِهِ لِيَعُودَ مِنْهُ إلَى الِاعْتِدَالِ لِقَصْدِهِ بِقِيَامِهِ غَيْرَ الِاعْتِدَالِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِهَذَا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَقِيسِ عَلَيْهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَسْجُدُ مِنْ قِيَامِهِ لِشُمُولِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ السَّابِقَةِ لَأَنْ يَكُونَ قِيَامُهُ الْمَذْكُورُ اعْتِدَالًا لِوُقُوعِهِ بَعْدَ رُكُوعٍ مَحْسُوبٍ وَقَصْدُهُ قِيَامَ الْقِرَاءَةِ بِهِ لَا يُؤَثِّرُ إذْ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ سَجْدَتَيْهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ سَجَدَ سَجْدَةً ظَانًّا أَنَّهَا الثَّانِيَةُ فَتَبَيَّنَتْ الْأُولَى وَالْمَقِيسُ عَلَيْهَا فِي السُّؤَالِ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِنْ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ لِقَصْدِهِ فِيهِ النَّفَلَ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ وَأَوْلَى أَيْضًا مِمَّا لَوْ غَسَلَ اللَّمْعَةَ بِقَصْدِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ. (سُئِلَ) عَنْ مَأْمُومٍ هَوِيَ إمَامُهُ لِلرُّكُوعِ فَهَوَى مَعَهُ ظَانًّا أَنَّهُ هَوَى لِلسُّجُودِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ

هَوَى لِلرُّكُوعِ فَهَلْ يُحْسَبُ هَوِيُّهُ أَمْ يَقُومُ ثُمَّ يَرْكَعُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُحْسَبُ هَوِيُّ الْمَأْمُومِ عَنْ هَوِيِّ رُكُوعِهِ وَإِنْ أَتَى بِهِ عَلَى قَصْدِ هَوِيِّ السُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِقَصْدِ الْمَأْمُومِ خَلْفَ الْإِمَامِ وَالْمُتَابَعَةُ وَقَعَتْ وَاجِبَةً فِي مَحَلِّهَا فَكَفَتْ وَكَمَا تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ عَنْ الْوَاجِبِ إذَا هَوَى الْمَأْمُومُ خَلْفَ الْإِمَامِ ظَانًّا أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلتِّلَاوَةِ عِنْدَ قِرَاءَةِ آيَتِهَا ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ إنَّمَا هَوَى لِلرُّكُوعِ وَمَسْأَلَتُنَا أَوْلَى بِالْحُسْبَانِ مِنْ هَذِهِ. (سُئِلَ) عَنْ مَسْبُوقٍ لَمْ يَجِدْ فُرْجَةً يَقِفُ فِيهَا فَيَجُرُّ شَخْصًا مِنْ الصَّفِّ لِيَقِفَ مَعَهُ فَبَانَ رَقِيقًا فَأَبَقَ فَهَلْ يَضْمَنُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَضْمَنُهُ لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ فَيَصِيرُ غَاصِبًا لَهُ. (سُئِلَ) هَلْ يَحْرُمُ الْبُصَاقُ عَلَى حَصِيرِ الْمَسْجِدِ فِيهِ أَمْ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا كَالْجُزْءِ مِنْهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهُ. (سُئِلَ) عَمَّا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ فِي صَفٍّ قَبْلَ إتْمَامِ مَا أَمَامَهُ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِوُقُوفِهِ الْمَذْكُورِ. (سُئِلَ) هَلْ كَرَاهَةُ عُلُوِّ الْمَأْمُومِ عَلَى الْإِمَامِ عَامٌّ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَمْ تَخْتَصُّ بِغَيْرِ الْمَسْجِدِ كَمَا نُقِلَ

عَنْ فَتْوَى الْعَلَّامَةِ ابْنِ الْعِرَاقِيِّ وَمَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ كَرَاهَةَ ارْتِفَاعِ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ وَعَكْسُهُ عَامَّةٌ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ لِشُمُولِ النَّهْيِ لَهُمَا وَعِبَارَةُ الْقَمُولِيِّ فِي جَوَاهِرِهِ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ مَوْقِفُ الْإِمَامِ أَعْلَى مِنْ مَوْقِفِ الْمَأْمُومِ وَبِالْعَكْسِ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ الْإِمَامُ لِتَعْلِيمِهِ صِفَةَ الصَّلَاةِ أَوْ الْمَأْمُومُ لِتَبْلِيغِ الْقَوْمِ تَكْبِيرَةَ الْإِمَامِ عِنْدَ كَثْرَتِهِمْ إلَى أَنْ قَالَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا فِي الْمَسْجِدِ وَالْآخَرُ فِي سَطْحِهِ وَأَوْلَى هُنَا بِالْكَرَاهَةِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ فَعُلِمَ أَنَّ مَا بَحَثَهُ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ مَمْنُوعٌ (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ فِي الْخَلِيفَةِ الْمَسْبُوقِ اشْتِرَاطُ مَعْرِفَتِهِ نَظْمَ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ اضْطَرَبَ فِيهِ كَلَامُ النَّوَوِيِّ فَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ أَرْجَحُ الْقَوْلَيْنِ دَلِيلًا وَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ أَقْيَسُهُمَا وَنَقَلَ فِيهِمَا عَدَمَهُ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَنَقَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ جَزْمِ الصَّيْمَرِيِّ أَيْضًا وَقَالَ إنَّهُ الصَّحِيحُ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي. (سُئِلَ) عَنْ إمَامٍ شَكَّ فِي قِيَامِ الْأُولَى فِي نِيَّتِهِ وَطَالَ الزَّمَنُ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ سِرًّا ثُمَّ يَقْرَأَ

الْفَاتِحَةَ وَتَصِحُّ صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ بِتَحَرُّمِهِمْ الْأَوَّلِ وَإِنْ عَلِمُوا بِذَلِكَ بَعْدُ أَوْ لَا لِعَدَمِ تَأَخُّرِ تَحَرُّمِهِمْ عَنْ تَحَرُّمِ الْإِمَامِ الصَّحِيحِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ سِرًّا ثُمَّ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ وَتَصِحُّ صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ بِهِ وَإِنْ عَلِمُوا بَعْدَ ذَلِكَ لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِمْ عَلَى النِّيَّةِ وَلِهَذَا لَوْ تَبَيَّنَ لِلْمَأْمُومِينَ بَعْدَ سَلَامِهِمْ عَدَمُ نِيَّةِ إمَامِهِمْ لَمْ تَلْزَمْهُمْ الْإِعَادَةُ. (سُئِلَ) عَنْ شَافِعِيٍّ اقْتَدَى بِمُخَالِفٍ هَلْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِإِمَامِ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِإِمَامِ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ إذَا كَانَ مُخَالِفًا فِيمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّ كَلَامَهُمْ يُشْعِرُ بِهِ وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ بَعْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَمَا كَثُرَ جَمْعُهُ أَفْضَلُ إلَّا لِبِدْعَةِ إمَامِهِ أَوْ تَعْطِيلِ مَسْجِدٍ قَرِيبٍ بِغَيْبَتِهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ فَاسِقًا أَوْ يَعْتَقِدُ عَدَمَ وُجُوبِ بَعْضِ الْأَرْكَانِ فَفِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الْمَسْجِدُ الْقَلِيلُ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ الْجَمَاعَةُ إلَّا مَعَ هَذِهِ الْأَحْوَالِ فَهِيَ أَفْضَلُ وَقَالَ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ اهـ وَهَذَا وَجْهٌ حَكَاهُ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ أَنَّ الِانْفِرَادَ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ قَالَ الطَّبَرِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ

نُقِلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِالْمُخَالِفِ لَا يَصِحُّ. (سُئِلَ) هَلْ يُعَدُّ الْمِنْبَرُ فَاصِلًا حَتَّى يَمْنَعَ اتِّصَالَ الصَّفِّ أَوْ لَا فَتَحْصُلُ فَضِيلَةُ الصَّفِّ كَفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ الْمِنْبَرُ فَاصِلًا بَيْنَ الْمُصَلِّي وَرُفْقَتِهِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ فَإِنَّهُ يَعُدُّهُ صَفًّا وَاحِدًا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْبَرٌ وَلَمْ يَقِفْ فِي قَدْرِ مَكَانِهِ أَحَدٌ فَتَحْصُلُ مَعَهُ فَضِيلَةُ الصَّفِّ كَفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَقَدْ أَطْلَقُوا أَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ هُوَ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ. (سُئِلَ) عَنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ صَلَّوْا رَكْعَةً مِنْ الْفَرِيضَةِ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ نَوَوْا قَطْعَ الْقُدْوَةِ وَأَتَمُّوهَا مُنْفَرِدِينَ هَلْ يَسْقُطُ عَنْهُمْ طَلَبُ الْجَمَاعَةِ فَلَا يَأْثَمُونَ وَإِنْ كَانَتْ جُمُعَةً أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُمْ طَلَبُ الْجَمَاعَةِ لِتَأَدِّي شِعَارِهَا بِصَلَاتِهِمْ وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْفَرِيضَةُ الْجُمُعَةَ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ لَوْ صَلَّى مَعْذُورٌ الْجُمُعَةَ الظُّهْرَ ثُمَّ أَدْرَكَ مَعْذُورِينَ يُصَلُّونَهَا لَا يُعِيدُهَا مَعَهُمْ وَتُحْتَمَلُ غَيْرَهُ مَا الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) تُسَنُّ إعَادَتُهَا وَكَلَامُهُمْ شَامِلٌ لَهَا وَمَا ذَكَرَهُ فِيهَا أَخَذَهُ مِنْ الْأَذْرَعِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي تَوَسُّطِهِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يُسْتَحَبَّ لَهُ إعَادَتُهَا وَفِي قُوتِهِ الظَّاهِرُ أَنْ لَا يُعِيدَهَا وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ وَفِي غَنِيَّتِهِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَيَظْهَرُ أَنْ لَا يُعِيدَهَا (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ

وَالْمُتَّجَهُ إلْحَاقُ يَمِينِ الرَّدِّ بِذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ إذْ صُورَتُهُ مَا لَوْ عَلِمَ مِنْ وَرَعِ خَصْمِهِ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ حَلِفَهُ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِإِعْسَارِهِ لَمْ يَحْلِفْ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ وَقَدْ شَمَلَهُ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي بَسِيطِهِ أَوْ مَدْيُونًا مُعْسِرًا يَعْسُرُ عَلَيْهِ إثْبَاتُ الْإِعْسَارِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ نَوَى الْمُعِيدُ قَطْعَ الْقُدْوَةِ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ هَلْ تَبْطُلُ كَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَبْطُلُ إذْ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا الْجَمَاعَةُ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا مُسَوِّغَ لِإِعَادَتِهَا إلَّا هِيَ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَعَادَ الصَّلَاةَ ثَالِثًا وَقُلْتُمْ إنَّهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا تَنْعَقِدُ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ إعَادَةِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذُكِرَ فِي عَدَمِ إعَادَةِ الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ أَكْثَرُ مِنْ مَرَّةٍ جَارٍ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ عَدَمِ انْعِقَادِ الْعِبَادَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ مَطْلُوبَةً وَمَسْأَلَةُ إعَادَةِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ خَارِجَةٌ عَنْهَا فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا وَلِأَنَّ الْمَعْنَى فِيهَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الشَّفَاعَةُ لَهُ وَقَدْ تُقْبَلُ الشَّفَاعَةُ الثَّانِيَةُ دُونَ الْأُولَى. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ مُقَارَنَةُ الْإِمَامِ مُفَوِّتَةٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ هَلْ الْمُرَادُ فَضِيلَةُ مَا قَارَنَ فِيهِ أَمْ فَضِيلَتُهَا كُلُّهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ تَرَدَّدَ فِيهَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْمُرَادَ فَضِيلَةُ مَا قَارَنَهُ فِيهِ. (سُئِلَ) هَلْ الْأَفْضَلُ الْجَمَاعَةُ الْقَلِيلَةُ فِي

الْمَسْجِدِ أَمْ الْكَثِيرَةُ فِي غَيْرِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ قَلَّتْ أَفْضَلُ مِنْهَا خَارِجَهُ وَإِنْ كَثُرَتْ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ وَهُوَ مُخَصِّصٌ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَمَا كَانَ أَكْثَرُ فَهُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ وَإِنْ كَانَ عَكَسَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَرَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْفَضِيلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْعِبَادَةِ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ مَوْجُودَةٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا. (سُئِلَ) هَلْ تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ لِجَمَاعَةٍ لَمْ يَحْضُرْ فِيهَا غَيْرُهُمْ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَتَصْوِيرُهُمْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ إنَّمَا تُسْتَحَبُّ إذَا حَضَرَ فِي الثَّانِيَةِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ فِي الْأُولَى وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا لَزِمَ اسْتِغْرَاقُ ذَلِكَ الْوَقْتِ اهـ. وَإِطْلَاقُهُمْ اسْتِحْبَابَ الْإِعَادَةِ شَامِلٌ لِلْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ وَاللَّازِمُ الْمَذْكُورُ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ إنَّمَا يَأْتِي إذَا قُلْنَا إنَّ الْإِعَادَةَ لَا تَتَقَيَّدُ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَالرَّاجِحُ تَقْيِيدُهَا بِهَا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَتَصْوِيرُهُمْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَيُعْمَلُ بِإِطْلَاقِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ صَلَّى الْفَرِيضَةَ

مُنْفَرِدًا بِسِوَاكٍ وَآخَرَ صَلَّاهَا بِلَا سِوَاكٍ فِي جَمَاعَةٍ فَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ لِكَثْرَةِ الْفَوَائِدِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا إذْ هِيَ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ فَائِدَةً وَأُجِيبَ عَنْ خَبَرِ «رَكْعَتَانِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةٍ بِلَا سِوَاكٍ» بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَتَا بِجَمَاعَةٍ أَيْضًا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ الْمَكْرُوهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ هَلْ الْمُرَادُ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ إذَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِلذَّاتِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ أَمْثِلَتُهُمْ حَتَّى لَا يَسْقُطَ ثَوَابُ الصَّلَاةِ بِفِعْلِهَا فِي الْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ مِنْ أَمَاكِنِ النَّهْيِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُرَادَ الْكَرَاهَةُ لِلذَّاتِ حَتَّى يُثَابَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْأَمَاكِنِ الْمَكْرُوهَةِ لِرُجُوعِهَا إلَى أَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهَا بَلْ قَالُوا إنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهَا فِي الْمَغْصُوبِ مِنْ جِهَتِهَا وَإِنْ عُوقِبَ مِنْ جِهَةِ الْغَصْبِ فَقَدْ يُعَاقَبُ بِغَيْرِ حِرْمَانِ الثَّوَابِ أَوْ بِحِرْمَانِ بَعْضِهِ وَأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا ثَوَابَ عَلَيْهَا عُقُوبَةً لَهُ تَقْرِيبٌ رَادِعٌ عَنْ إيقَاعِ الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبَةِ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ طَوَّلَ الْإِمَامُ عَلَى الْمَشْرُوعِ هَلْ يَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَثَوَابُ الصَّلَاةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى طَوَّلَ الْإِمَامُ تَطْوِيلًا مَكْرُوهًا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ أُثِيبَ عَلَى صَلَاتِهِ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ أَمَّ قَوْمًا وَأَكْثَرُهُمْ لَهُ كَارِهُونَ

لِأَمْرٍ فِيهِ مَذْمُومٌ شَرْعًا. (سُئِلَ) هَلْ الْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ فَاتَهُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ أَوْ الصَّفُّ الْأَوَّلُ أَوْ أَفْضَلُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ وَمَا وَجَّهَهُ وَكَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يَقُولُ إنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ مُنْفَرِدًا أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِهَا مَعَ جَمَاعَةٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ إذَا صَلَّى فِيهِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ مَا يَلِيهِ وَهَذَا مَا فِي مَنَاسِكِ النَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِبَارَتُهَا فَإِذَا عُرِفَتْ حَالَةُ الْمَسْجِدِ فَيَنْبَغِي الْمُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَاةِ فِيمَا كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ الَّذِي سَبَقَ ذِكْرُهُ «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ» إنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَا كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكِنْ إذَا صَلَّى فَالتَّقَدُّمُ إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ مَا يَلِيهِ أَفْضَلُ فَلْيُتَفَطَّنْ لِمَا نَبَّهْت عَلَيْهِ اهـ. وَحِينَئِذٍ فَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَوْنِ الصَّلَاةِ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ مُنْفَرِدًا أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِهَا جَمَاعَةً. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ خَلْفَ مُصَلٍّ نَفْلًا جَالِسًا ظَانًّا أَنَّهُ يَتَشَهَّدُ فَجَلَسَ

يَتَشَهَّدُ مَعَهُ فَرَكَعَ الْإِمَامُ فَهَلْ يَكْفِيهِ أَنْ يَقُومَ وَيَرْكَعَ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ ثُمَّ يَرْكَعَ أَوْ يُفَارِقَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ وَيَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ إنْ أَدْرَكَ بَعْدَ تَحَرُّمِهِ زَمَنًا يَسَعُهَا قَبْلَ رُكُوعِ إمَامِهِ وَإِلَّا فَقَدْرُ مَا يَسَعُهُ مِنْهَا حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ. (سُئِلَ) عَنْ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَضْعُفُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» وَوَرَدَ فِي حَدِيثِ «فَضْلِ الصَّلَاةِ بِسِوَاكٍ عَلَى الصَّلَاةِ بِغَيْرِ سِوَاكٍ سَبْعُونَ ضِعْفًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَظَاهِرُ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ بِخَمْسِ وَعِشْرِينَ صَلَاةً وَإِنَّ الصَّلَاةَ بِالسِّوَاكِ بِسَبْعِينَ صَلَاةٍ بِغَيْرِ سِوَاكٍ فَهَلْ الْحَدِيثَانِ عَلَى ظَاهِرِهِمَا أَوْ هُمَا مُؤَوَّلَانِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِظَاهِرِهِمَا فَصَلَّى شَخْصٌ فِي جَمَاعَةٍ بِسِوَاكٍ هَلْ تَكُونُ صَلَاتُهُ بِخَمْسٍ وَتِسْعِينَ صَلَاةً وَذَلِكَ مَجْمُوعُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَسَبْعِينَ أَوْ بِأَلْفٍ وَسَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ صَلَاةٍ وَذَلِكَ الْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ سَبْعِينَ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ رَوَى الْحُمَيْدِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ خَبَرُ «رَكْعَتَانِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِلَا سِوَاكٍ» اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الثَّوَابَ الْمُرَتَّبَ عَلَى صَلَاةِ

الْجَمَاعَةِ يَزِيدُ عَلَى الثَّوَابِ الْمُرَتَّبِ عَلَى الصَّلَاةِ بِسِوَاكٍ لِكَثْرَةِ الْفَوَائِدِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَيْهَا وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ؛ لِأَنَّ الدَّرَجَاتِ الْمُرَتَّبَةَ عَلَى صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ قَدْ تَعْدِلُ الْوَاحِدَةَ مِنْهَا كَثِيرًا مِنْ الرَّكَعَاتِ بِسِوَاكٍ وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْجَمَاعَةِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّتِهِ وَقَالَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ وَإِذَا ضُمَّ إلَى حَدِيثِ السِّوَاكِ حَدِيثُ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» كَانَتْ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلَ بِأَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةٍ وَتِسْعِينَ اهـ. وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ رَكْعَتَانِ بِالسِّوَاكِ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً وَحِينَئِذٍ تَكُونُ الرَّكْعَةُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ بِالسِّوَاكِ بِتِسْعِمِائَةٍ وَخَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ رَكْعَةً نَعَمْ يَصِحُّ مَا ذَكَرُوهُ عَلَى رِوَايَةِ صَلَاةٍ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ صَلَاةٍ لَكِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ اهـ. وَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بَعْدَ خَبَرِ السِّوَاكِ فَإِنْ قُلْت حَاصِلُهُ إنَّ صَلَاتَهُ بِهِ أَفْضَلُ مِنْ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ بِدُونِهِ وَقَضِيَّتُهُ مَعَ خَبَرِ «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تَضْعُفُ عَلَى صَلَاتِهِ مُنْفَرِدًا خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا» أَنَّ السِّوَاكَ لِلصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ لَهَا فَتَكُونُ السُّنَّةُ أَفْضَلَ مِنْ الْفَرْضِ وَهُوَ خِلَافُ

الْمَشْهُورِ قُلْت هَذَا الْخَبَرُ لَا يُقَاوِمُ خَبَرَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي الصِّحَّةِ وَلَوْ سَلَّمَ فَيُجَابُ بِأَنَّ السِّوَاكَ أَفْضَلُ لِكَثْرَةِ آثَارِهِ وَمِنْهَا تَعَدِّي نَفْعِهِ مِنْ طِيبِ الرَّائِحَةِ إلَى الْغَيْرِ بِخِلَافِ نَفْعِ الْجَمَاعَةِ وَقَدْ تَفْضُلُ السُّنَّةُ الْفَرْضَ كَمَا فِي ابْتِدَاءِ السَّلَامِ مَعَ رَدِّهِ وَإِبْرَاءُ الْمُعْسِرِ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ مَعَ الصَّبْرِ عَلَيْهِ إلَى الْيَسَارِ أَوْ يُحْمَلُ خَبَرُ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ صَلَاتُهَا وَصَلَاةُ الِانْفِرَادِ بِسِوَاكٍ أَوْ بِدُونِهِ وَالْخَبَرُ الْآخَرُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ وَالْأُخْرَى بِدُونِهِ فَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِلَا سِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْهَا بِدُونِهِ بِعَشْرٍ فَعَلَيْهِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِلَا سِوَاكٍ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْمُنْفَرِدِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ اهـ. . (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ وُجُوبُهَا بِهَا فِيهَا (سُئِلَ) عَمَّا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى جَلَسَ إلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ» قِيلَ لِلْأَعْمَشِ أَحَدُ رُوَاةِ الْحَدِيثِ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاتِهِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ بِرَأْسِهِ نَعَمْ فَكَيْفَ يُطَابِقُ هَذَا الْحَدِيثَ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ قُدْوَةٌ بِمُقْتَدٍ وَمِنْ أَنَّ مَنْ تَابَعَ غَيْرَهُ فِي

الْأَفْعَالِ بِلَا نِيَّةٍ اقْتِدَاءً بِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ بِصَوْتِهِ الدَّالِّ عَلَى أَفْعَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالْمُبَلِّغِ لَهُمْ وَهَذَا التَّفْسِيرُ مَأْخُوذٌ مِمَّا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي بَابِ مَنْ أَسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ لِقَوْلِهِ «وَخَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَيْهِ يَخُطُّ بِرِجْلَيْهِ الْأَرْضَ فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ فَأَشَارَ إلَيْهِ أَنْ صَلِّ فَتَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَعَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى جَنْبِهِ وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ التَّكْبِيرَ» وَحِينَئِذٍ فَاتَّضَحَ الْحَالُ وَزَالَ الْإِشْكَالُ. (سُئِلَ) عَنْ الْمُتَحَيِّرَةِ هَلْ يَلْزَمُهَا قَضَاءُ الصَّلَاةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ أَمْ لَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَهَلْ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ النَّوَافِلَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَأَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ الْأُولَى وَهَلْ عَلَيْهَا فِدْيَةٌ إذَا أَفْطَرَتْ لِلْإِرْضَاعِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُهَا قَضَاءُ الْفَرَائِضِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهَا تَسْتَبِيحُ النَّوَافِلَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ عَلَى الْأَصَحِّ وَخَالَفَ ذَلِكَ فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ بِأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ النَّوَافِلَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ

وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمُتَيَمِّمِ بِأَنَّ حَدَثَهَا مُتَجَدِّدٌ وَنَجَاسَتَهَا مُتَزَايِدَةٌ اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى رَوَاتِبِ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَالثَّانِي عَلَى غَيْرِهَا وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا إذَا أَفْطَرَتْ لِلْإِرْضَاعِ (سُئِلَ) عَنْ إمَامٍ سَجَدَ عَلَى كُمِّهِ الَّذِي يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ هَلْ يَلْزَمُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ إعَادَةُ تِلْكَ الصَّلَاةِ إذَا بَانَ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَ إمَامُهُ أَبْصَرَ ذَلِكَ لَزِمَتْهُ إعَادَتُهَا وَإِلَّا فَلَا تَلْزَمُهُ وَهَذَا قِيَاسُ حُكْمِ الْفَرْقِ بَيْنَ النَّجَاسَةِ الظَّاهِرَةِ وَالْخَفِيَّةِ عَلَى الرَّاجِحِ فِيهِمَا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ وَمَا كَثُرَ جَمْعُهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ أَفْضَلُ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّ قَلِيلَ الْجَمْعِ فِي الْمَسَاجِدِ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِهِ فِي غَيْرِهَا هَلْ هَذَا الْمَفْهُومُ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ بِاعْتِمَادِهِ خَالَفَهُ قَوْلُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَمَا كَثُرَ جَمْعُهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ أَوْ غَيْرِهَا أَفْضَلُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فَإِنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَحَيْثُ كَانَ الْجَمْعُ فِي الْمَسَاجِدِ أَكْثَرَ فَهِيَ أَفْضَلُ اهـ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَكَسَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَظَاهِرُ النَّصِّ يُومِئُ إلَيْهِ وَتُعَضِّدُهُ الْقَاعِدَةُ الْمَشْهُورَةُ أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ

بِمَكَانِهَا اهـ وَجَرَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ فَضِيلَةَ الْعِبَادَةِ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ مَوْجُودَةٌ فِيهِمَا وَفَضِيلَةُ الْمَكَانِ سَالِمَةٌ عَنْ الْمُعَارَضَةِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ فِي شُرُوطِ الِانْتِظَارِ فِي الرُّكُوعِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَحَيْثُ انْتَفَى شَرْطٌ مِنْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ يُجْزَمُ بِكَرَاهَةِ الِانْتِظَارِ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ وَبِعَدَمِ اسْتِحْبَابِهِ أَيْ إبَاحَتُهُ عَلَى الثَّانِي اهـ. وَقَوْلُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَقَوْلِي لِلَّهِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِالْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِي وَبِهَا صَرَّحَ صَاحِبُ الرَّوْضِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ قُلْت الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ انْتِظَارُهُ فِي الرُّكُوعِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ وَيُكْرَهُ فِي غَيْرِهِمَا الْمَأْخُوذُ مِنْ طَرِيقَةٍ ذَكَرَهَا فِيهَا قَبْلُ وَبَدَأَ بِهَا فِي الْمَجْمُوعِ وَهِيَ أَنَّ فِي الِانْتِظَارِ قَوْلَيْنِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ وَقِيلَ يُكْرَهُ لَا مِنْ الطَّرِيقَةِ النَّافِيَةِ لِلْكَرَاهَةِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِلَافِ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَعَدَمِهِ فَلَا يُقَالُ إذَا فُقِدَتْ الشُّرُوطُ كَانَ الِانْتِظَارُ مُبَاحًا كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ اهـ.؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا جَرَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ تَبَعًا لِصَاحِبِ الرَّوْضِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُفَارِقَ الْإِمَامَ أَوْ يَنْتَظِرَهُ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ (فَأَجَابَ)

بِأَنَّ انْتِظَارَهُ أَفْضَلُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِشَخْصٍ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي السَّلَامِ هَلْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ لِإِدْرَاكِهِ جُزْءًا مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَقَدَ النِّيَّةَ وَالْإِمَامُ فِي التَّحْلِيلِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ. (سُئِلَ) عَنْ مَسْبُوقَيْنِ اقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِمَا هَلْ تَصِحُّ الْقُدْوَةُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَصِحُّ الْقُدْوَةُ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْقِيقِهِ وَكَذَا فِي مَجْمُوعِهِ وَقَالَ اعْتَمَدَهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِتَصْحِيحِ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ الْمَنْعَ وَلَعَلَّهُ اغْتَرَّ بِقَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ لَعَلَّ الْأَصَحَّ الْمَنْعُ لَكِنَّهُمَا قَالَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْجُمُعَةِ وَهَلْ لِلْمَسْبُوقِينَ أَوْ لِلْمُقِيمِينَ خَلْفَ مُسَافِرٍ الِاقْتِدَاءُ فِي بَقِيَّةِ صَلَاتِهِمْ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ حَصَلَتْ وَإِذَا أَتَمُّوا فُرَادَى نَالُوا فَضْلَهَا وَعَدَّهُ فِي الْمُهِمَّاتِ تَنَاقُضًا وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ هَذَا مِنْ حَيْثُ حُصُولُ الْفَضِيلَةِ وَذَاكَ مِنْ حَيْثُ جَوَازُ اقْتِدَاءِ الْمُنْفَرِدِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي التَّحْقِيقِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ جَوَازَ اقْتِدَاءِ الْمُنْفَرِدِ قَالَ وَاقْتِدَاءُ الْمَسْبُوقِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ كَغَيْرِهِ اهـ. وَبَعْضُهُمْ يَحْمِلُ مَا فِي الْجُمُعَةِ

عَلَى مَا إذَا اقْتَدَى ثَانِيًا بِمَنْ يُخَالِفُهُ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَمَا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يُخَالِفْهُ فِيهَا. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا قَامَ الْإِمَامُ بَعْدَ السَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى سَاهِيًا وَعَلِمَ الْمَأْمُومُونَ بِذَلِكَ مَاذَا يَفْعَلُونَ إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ جُمُعَةً أَوْ غَيْرَهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ قَامُوا مَعَهُ عَالِمِينَ بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ لِتَرْكِهِمْ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَرْكَانِهَا وَإِتْيَانِهِمْ بِمَا لَا يُحْسَبُ لَهُمْ مُتَابَعَةً لَهُ فِي سَهْوِهِ وَكَذَا إنْ انْتَظَرُوهُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِتَطْوِيلِهِمْ الرُّكْنَ الْقَصِيرَ أَوْ سَجَدُوا وَقَامُوا مَعَهُ لِسَبْقِهِمْ إيَّاهُ بِرُكْنَيْنِ وَلِمُتَابَعَتِهِمْ إيَّاهُ فِي السَّهْوِ كَالرَّكْعَةِ الْخَامِسَةِ أَوْ سَجَدُوا وَانْتَظَرُوهُ فِي الْقِيَامِ لِسَبْقِهِمْ إيَّاهُ بِرُكْنَيْنِ أَوْ سَجَدُوا وَانْتَظَرُوهُ جَالِسِينَ لِجُلُوسِهِمْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْجُلُوسِ وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ فِي الْجُمُعَةِ أَنْ يَسْجُدُوا وَيَنْتَظِرُوهُ فِي السُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ طَوِيلٌ فَلَا يَضُرُّهُمْ تَقَدُّمُهُمْ عَلَيْهِ بِرُكْنٍ لِعُذْرِهِمْ وَيَتَخَيَّرُونَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ بَيْنَ مُفَارَقَتِهِمْ بِالنِّيَّةِ أَوْ انْتِظَارِهِمْ إيَّاهُ فِي السُّجُودِ وَقَدْ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَى الْقَاضِي مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ مَسْأَلَةٌ إمَامٌ هَوَى لِلرُّكُوعِ ثُمَّ شَكَّ فِي أَنَّهُ هَلْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فَعَادَ إلَى الْقِيَامِ لِيَقْرَأَ وَتَحَقَّقَ الْمَأْمُومُونَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ قَالَ لَيْسَ لَهُمْ

أَنْ يَنْتَظِرُوهُ فِي هَذَا الِاعْتِدَالِ وَعَلَيْهِمْ أَنْ يَهْوُوا إلَى السُّجُودِ وَيَنْتَظِرُوهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ مُمْتَدٌّ وَالِاعْتِدَالُ عَنْ الرُّكُوعِ غَيْرُ مُمْتَدٍّ قَالَ وَلَوْ هَوَى الْإِمَامُ إلَى الرُّكُوعِ فِي الْفَاتِحَةِ لَا يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ مُتَابَعَتُهُ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ صَلَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ انْتَظَرَهُ قَائِمًا حَتَّى يَعُودَ إلَيْهِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ إنْ تَنَبَّهْ الْإِمَامُ وَقَامَ قَامَ مَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَنَبَّهْ وَسَلَّمَ قَضَى هُوَ رَكْعَتَهُ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَعَادَ الْمَكْتُوبَةَ إمَامًا هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَجِبُ إذْ طَلَبَ إعَادَتَهَا إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الْجَمَاعَةِ فَإِنْ تَرَكَهَا عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِ تَرْكِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. (سُئِلَ) عَنْ طَائِفَةٍ مُسَافِرِينَ أَقَامُوا الْجَمَاعَةَ فِي بَلْدَةٍ وَأَظْهَرُوهَا فَهَلْ يَحْصُلُ بِهِمْ الشِّعَارُ وَيَسْقُطُ بِفِعْلِهِمْ الطَّلَبُ عَنْ الْمُقِيمِينَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِمْ الشِّعَارُ وَلَا يَسْقُطُ بِفِعْلِهِمْ الطَّلَبَ عَنْ الْمُقِيمِينَ فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ إذَا أَقَامَ الْجَمَاعَةُ طَائِفَةً يَسِيرَةً مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لَمْ يَحْضُرْهَا جُمْهُورُ الْمُقِيمِينَ فِي الْبُدِّ حَصَلَتْ الْجَمَاعَةُ وَلَا إثْمَ عَلَى الْمُتَخَلِّفِينَ كَمَا إذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ طَائِفَةٌ يَسِيرَةٌ هَكَذَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ (سُئِلَ) عَنْ مَأْمُومٍ يَعْلَمُ أَنَّ إمَامَهُ لَا يَقْرَأُ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ فَهَلْ يَجِبُ أَنْ يَقْرَأَ مَعَ إمَامِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ

الْأَنْوَارِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ الْمُوَافِقِ فِيهَا أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ مَعَ إمَامِهِ فَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ كَالشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَالزِّحَامُ وَالنِّسْيَانُ وَالْبُطْءُ فِي الْقِرَاءَةِ وَاشْتِغَالِ الْمُوَافِقِ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ أَعْذَارٌ فَلَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ وَلَمْ تَتِمَّ فَاتِحَةُ الْمَأْمُورِ لِلْبُطْءِ أَوْ الِاشْتِغَالِ أَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ نَسِيَ الْفَاتِحَةَ أَوْ شَكَّ فِي قِرَاءَتِهَا قَبْلَ الرُّكُوعِ وَجَبَتْ الْقِرَاءَةُ وَالسَّعْيُ خَلْفَ الْإِمَامِ مَا لَمْ يَزِدْ التَّخَلُّفُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ اهـ. فَقَوْلُهُ فِي فَصْلٍ لِلصَّلَاةِ أَرْكَانٌ وَإِذَا عَلِمَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقْرَأُ السُّورَةَ أَوْ إلَّا سُورَةً قَصِيرَةً وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إتْمَامِ الْفَاتِحَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ مَعَهُ اهـ. مُرَادُهُ بِهِ الِاسْتِحْبَابُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ عَمْدًا حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ هَلْ الْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَوْ مَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ الْقَاضِي فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُخْرِجُ نَفْسَهُ مِنْ مُتَابَعَتِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَشْتَغِلُ بِقِرَاءَتِهَا إلَى أَنْ يَخَافَ أَنَّهُ يَتَخَلَّفُ عَنْهُ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ فَيُخْرِجُ نَفْسَهُ اهـ وَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ

(سُئِلَ) عَنْ الْمَأْمُومِ الْمُنْفَرِدِ عَنْ الصَّفِّ هَلْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ. (سُئِلَ) هَلْ يُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَجْعَلَ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَعِنْدَ السُّجُودِ وَعِنْدَ الرُّكُوعِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مُخْتَصَرِ اللُّبَابِ كَأَصْلِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذُكِرَ مَكْرُوهٌ جَزَمَ بِهِ فِي الزَّوَائِدِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ ظَاهِرَةٌ فَهَلْ صَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَنْعَقِدُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ الْعَالِمِ بِالنَّجَاسَةِ الْمَذْكُورَةِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ إنْ جَهِلَهَا. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا تَرَكَ الرَّجُلُ الْجَمَاعَةَ لِعُذْرٍ فَهَلْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْصُلُ لِمَنْ تَخَلَّفَ عَنْ الْجَمَاعَةِ لِعُذْرٍ فَضِيلَتُهَا وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ مَحْمُولٌ عَلَى مُتَعَاطِي السَّبَبِ كَأَكْلِ بَصَلٍ أَوْ ثُومٍ وَكَوْنِ خَبْزِهِ فِي الْفُرْنِ أَوْ التَّنُّورِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ وُشِمَ حَالَ صِغَرِهِ فِي يَدِهِ مَثَلًا ثُمَّ بَلَغَ وَخَافَ مِنْ إزَالَتِهِ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ هَلْ يَصِحُّ وُضُوءُهُ وَغُسْلُهُ وَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَلَوْ عَلِمَ الْمَأْمُومُ بِحَالِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ كُلٌّ مِمَّا ذُكِرَ إذَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ إزَالَتُهُ لِتَضَرُّرِهِ بِهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ لَزِمَتْهُ صَلَاةٌ فَصَلَّاهَا ثُمَّ أَعَادَهَا فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ فَسَادَ الْأُولَى فَهَلْ تَكْفِيهِ الْمُعَادَةُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَكْفِيهِ

الْمُعَادَةُ؛ لِأَنَّهَا تَطَوُّعٌ مَحْضٌ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَأَقَرَّهُ (سُئِلَ) عَمَّنْ أَحْرَمَ مَعَ الْإِمَامِ فَلَمَّا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ مَثَلًا نَوَى مُفَارَقَتَهُ وَاقْتَدَى بِآخَرَ قَدْ رَكَعَ بِقَصْدِ إسْقَاطِ الْفَاتِحَةِ هَلْ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ صَحِيحٌ اقْتِدَاؤُهُ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا قَدَّمَ الْإِمَامُ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى مُعْتَمِدًا عَلَيْهَا وَوَقَفَ الْمَأْمُومُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ فَهَلْ تَصِحُّ قُدْوَتُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَصِحُّ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ مُصَلِّي الظُّهْرِ وَتَرَكَ الْإِمَامُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ هَلْ تَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ الْمُفَارَقَةُ كَمَا قَالُوهُ فِي الْمَغْرِبِ خَلْفَ الظُّهْرِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ مُفَارَقَةُ إمَامِهِ عِنْدَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ جَوَازَ انْتِظَارِ الْمَأْمُومِ إمَامَهُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ وَافَقَهُ فِي جُلُوسِ تَشَهُّدِهِ ثُمَّ اسْتَدَامَهُ وَتَعْلِيلُهُمْ لُزُومُ مُفَارَقَةِ مُصَلِّي الرُّبَاعِيَّةِ بِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يَفْعَلْهُ إمَامُهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ رَأَى شَخْصًا مُشَمَّرَ الْأَكْمَامِ فِي الصَّلَاةِ فَبَادَرَ وَحَلَّ أَكْمَامَهُ فَكَانَ فِيهَا مَالٌ فَتَلِفَ هَلْ يَضْمَنُهُ الْحَالُّ لِذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَضْمَنُ مَنْ حَلَّ الْأَكْمَامَ الْمَالَ الْمَذْكُورَ لِتَرَتُّبِ تَلَفِهِ عَلَى فِعْلِهِ.

سُئِلَ) عَنْ جَمَاعَةٍ خَارِجَ الْمَسْجِدِ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ اقْتَدُوا بِإِمَامِهِ فِيهِ وَيَلِيهِمْ وَيَلِي الْإِمَامَ بَابُ الْمَسْجِدِ مَفْتُوحًا وَلَا وَاقِفَ دَاخِلَهُ بِإِزَاءِ الْبَابِ الْمَذْكُورِ وَيَعْلَمُونَ انْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ بِسَمَاعِ مُبَلِّغٍ مَثَلًا فَهَلْ اقْتِدَاؤُهُمْ صَحِيحٌ يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الصُّفُوفُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى الْبَابِ وَالْمُتَأَخِّرَةُ عَنْهُ وَالْمُسَامِتَةُ لَهُ عَمَلًا بِقَوْلِ الْأَصْحَابِ لَوْ أَمْكَنَتْ مُشَاهَدَةُ الْإِمَامِ بِانْعِطَافٍ وَازْوِرَارٍ مِنْ جِهَتِهِ صَحَّتْ الْقُدْوَةُ وَإِذًا يَكُونُ قَوْلُ السُّبْكِيّ لَوْ اقْتَدَى وَاقِفٌ فِي إيوَانِ الْمَدْرَسَةِ الشَّرْقِيِّ أَوْ الْغَرْبِيِّ بِمَنْ هُوَ فِي الْقِبْلِيِّ وَلَمْ يَرَهُ وَلَا أَحَدًا مِنْ الْمَأْمُومِينَ لَمْ تَصِحَّ ضَعِيفًا وَيَكُونُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ لَوْ اقْتَدَى شَخْصٌ خَارِجَ الْمَسْجِدِ بِآخَرَ فِيهِ وَوَقَفَ شَخْصٌ بِإِزَاءِ بَابِ الْمَسْجِدِ يَرَاهُ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ وَيَكُونُ فِي حَقِّهِ كَالْإِمَامِ إلَخْ مَحْمُولًا عَلَى مَا كَانَ مُشَاهَدَتُهُ لِلْإِمَامِ لَوْلَا هَذِهِ الرَّابِطَةُ لَا تَتَأَتَّى إلَّا بِانْعِطَافٍ وَازْوِرَارٍ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ إمَامِهِ وَإِذَا قُلْتُمْ بِصِحَّةِ كَلَامِ السُّبْكِيّ وَعَدَمِ حَمْلِ مَا يَلِيهِ عَلَى مَا ذُكِرَ فَمَا صُورَةُ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ لِمَنْ هُوَ خَارِجُ الْمَسْجِدِ بِمَنْ هُوَ فِيهِ مَثَلًا مَعَ الِانْعِطَافِ وَالِازْوِرَارِ مِنْ جِهَتِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ اقْتِدَاءَهُمْ غَيْرُ صَحِيحٍ لِانْتِفَاءِ الرَّابِطَةِ وَهُوَ وُقُوفُ وَاحِدَةٍ مُقَابِلَ الْبَابِ

أَمَّا إذَا وَقَفَ وَاحِدٌ مُقَابِلَهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَيَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُمْ وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ فِي قَوْلِ الْأَصْحَابِ لَوْ أَمْكَنَتْ مُشَاهَدَةُ الْإِمَامِ إلَخْ. إذَا كَانَ هُنَاكَ بَابٌ أَنْ يَقِفَ وَاحِدٌ مُقَابِلَهُ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَ السُّبْكِيّ فَإِنَّ عِبَارَتَهُ وَاصْطَفَّ الْمَدَارِسُ الشَّرْقِيَّةُ وَالْغَرْبِيَّةُ إذَا كَانَ الْوَاقِفُ فِيهَا لَا يَرَى الْإِمَامَ وَلَا مَنْ خَلْفَهُ الظَّاهِرُ امْتِنَاعُ الْقُدْوَةِ فِيهَا عَلَى مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ لِامْتِنَاعِ الرُّؤْيَةِ دُونَ الْمُرُورِ وَإِنَّمَا يَجِيءُ اخْتِلَافُهُمَا إذَا حَصَلَ إمْكَانُ الرُّؤْيَةِ وَالْمُرُورِ جَمِيعًا فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ فِيهَا عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا أَنْ تَتَّصِلَ الصُّفُوفُ مِنْ الصَّحْنِ بِهَا وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ تَصْرِيحًا اهـ. وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ الِاكْتِفَاءُ عِنْدَ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ بِالْمُرُورِ وَلَوْ بِالِانْعِطَافِ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَوْلُ الْأَصْحَابِ لَوْ اقْتَدَى شَخْصٌ خَارِجَ الْمَسْجِدِ إلَخْ صُورَتُهُ أَنَّ رُؤْيَةَ الْإِمَامِ مُمْكِنَةٌ وَلَوْ بِانْعِطَافٍ مِنْ جِهَتِهِ وَإِذَا كَانَ هُنَاكَ بَابٌ أَنْ يَقِفَ مُقَابِلُهُ وَاحِدٌ. (سُئِلَ) عَنْ الْمُرَادِ بِالْكَرَاهَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْكَرَاهَةِ الْإِرْشَادِيَّةِ وَهَلْ الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا إذَا وُجِدَتْ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ تُفْسِدْهَا تَمْنَعُ حُصُولَ ثَوَابِهَا لِفَاعِلِهَا سَوَاءٌ وُجِدَتْ فِي رُكْنٍ وَاحِدٍ وَانْقَطَعَتْ أَوْ اسْتَمَرَّتْ إلَى

فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْكَرَاهَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْكَرَاهَةِ الْإِرْشَادِيَّةِ أَنَّ الْإِرْشَادِيَّةَ مَرْجِعُهَا إلَى الطِّبِّ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِيهَا دُنْيَوِيَّةٌ لَا دِينِيَّةٌ وَأَمَّا الْكَرَاهَةُ إذَا كَانَتْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ لَا تَمْنَعُ حُصُولَ الثَّوَابِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ ظَنَّ الْمَأْمُومُ أَنَّ إمَامَهُ جَلَسَ لِلرَّابِعَةِ فَجَلَسَ فِي الثَّالِثَةِ فَعَلِمَ الْحَالَ فَقَامَ لِيَلْحَقَهُ فَقَبْلَ انْتِصَابِهِ هَوَى الْإِمَامُ لِلسُّجُودِ فَهَلْ يُتَابِعُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ أَوْ يَمْشِي عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ أَيْضًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَمْشِي الْمَأْمُومُ عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الْكَرَاهَةَ إذَا كَانَتْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ لَا تَمْنَعُ حُصُولَ الثَّوَابِ لِلْمُصَلِّي مَا مَعْنَى ذَلِكَ وَمَا مِثَالُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ إذَا كَانَتْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ الذَّاتِ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ لَهَا لَا تَمْنَعُ حُصُولَ الثَّوَابِ كَالزِّيَادَةِ فِي تَطْهِيرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عَلَى الثَّلَاثِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ شَكَّ هَلْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ تَقَدَّمَ فِي الْمَوْقِفِ عَلَيْهِ أَمْ لَا حَيْثُ تَصِحُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَلَاتُهُ فِيهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ شَكِّهِ فِي تَقَدُّمِهِ فِي

الْمَوْقِفِ حَيْثُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي مَسْأَلَتِنَا شَكٌّ فِي الِانْعِقَادِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَفِي تِلْكَ شَكٌّ فِي الْإِبْطَالِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ الْقَدِيمَ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ مَعَ تَحَقُّقِ التَّقَدُّمِ. (سُئِلَ) عَنْ جَمَاعَةٍ بِمَسْجِدٍ لَيْسَ فِيهِمْ إمَامٌ رَاتِبٌ وَبَعْضُهُمْ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ فَهَلْ يُكْرَهُ تَقْدِيمُ الْمَفْضُولِ مَعَ حُضُورِ الْفَاضِلِ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِهِ وَأَذِنَ لَهُ الْفَاضِلُ تَرْتَفِعُ الْكَرَاهَةُ أَمْ لَا وَهَلْ إذَا كَانَ الْإِمَامُ فَاسِقًا أَوْ مُبْتَدِعًا وَقُلْتُمْ بِكَرَاهَةِ إمَامَتِهِ فَهَلْ عَدَمُ الثَّوَابِ مُخْتَصٌّ بِهِ أَوْ بِمَنْ اقْتَدَى بِهِ وَهَلْ تُكْرَهُ قُدْوَتُهُ بِمِثْلِهِ وَالْفَاسِقُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُكْرَهُ إمَامَةُ الْمَفْضُولِ وَتُكْرَهُ إمَامَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ إنَّ الْإِمَامَ قَامَ إلَى خَامِسَةٍ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُتَابِعَهُ فِيهَا لِكَوْنِهَا رَابِعَتَهُ أَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَطْعُ الْقُدْوَةِ لِكَوْنِهَا خَامِسَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِمَامِ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ بَعْدَ قِيَامِ الْإِمَامِ يَنْتَظِرُ سَلَامَهُ لِكَوْنِهِ مَحَلَّ جُلُوسِ الْإِمَامِ لَوْلَا قِيَامُهُ إلَى الْخَامِسَةِ الْمَذْكُورَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ مُتَابَعَةُ إمَامِهِ فِي خَامِسَتِهِ إذْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَطْعُ الْقُدْوَةِ وَحِينَئِذٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ انْتِظَارُ إمَامِهِ بَعْدَ رَكْعَتِهِ. (سُئِلَ) عَنْ مَأْمُومٍ مُوَافِقٍ لِلْإِمَامِ مِنْ أَوَّلِ

الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ مَثَلًا ثُمَّ أَنَّهُ شَكَّ عِنْدَ جُلُوسِ الْإِمَامِ لِلتَّشَهُّدِ بَعْدَ الرَّابِعَةِ أَثَالِثَةٌ هِيَ أَمْ رَابِعَةٌ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ وَقَطْعُ الْقُدْوَةِ لِكَوْنِهَا تَحْتَمِلُ أَنَّهَا الثَّالِثَةُ أَمْ لَهُ أَنْ يَتَشَهَّدَ وَيَنْتَظِرَ سَلَامَهُ ثُمَّ يَأْتِيَ بِالرَّكْعَةِ الَّتِي شَكَّ فِي الْإِتْيَانِ بِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ قَطْعُ الْقُدْوَةِ ثُمَّ إتْيَانُهُ بِرَكْعَةٍ. (سُئِلَ) عَنْ الْمَأْمُومِ الْمَتْبُوعِ الْوَاقِفِ بِحِذَاءِ مَنْفَذِ الْمَسْجِدِ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ وَاقِفًا بِجَانِبِ الْعَتَبَةِ مِنْ دَاخِلِ الْمَسْجِدِ إذَا كَانَتْ الْعَتَبَةُ لَا تَسَعُهُ أَمْ لَا وَهَلْ يَكْفِي وُقُوفُهُ عَلَى أَوَّلِ الدَّرَجَاتِ الَّتِي يَصْعَدُ مِنْهَا إلَى الْمَسْجِدِ أَوْ رَحْبَتِهِ أَمْ لَا وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصُّفُوفِ التَّابِعِينَ لَهُ أَنْ يَتَّصِلَ بِهَا الصَّفُّ الْوَاقِفُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ الِاتِّصَالُ الْمُعْتَبَرُ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَرَاوِزَةِ أَمْ لَا وَهَلْ مَا نُقِلَ عَنْ الْبَغَوِيِّ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا حَالَةَ التَّحَرُّمِ بِالصَّلَاةِ فَانْغَلَقَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ أَوْ إذَا أَحْدَثَ الْمَأْمُومُ الْمَتْبُوعُ أَوْ تَرَكَ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ قُدْوَةُ الصُّفُوفِ التَّابِعِينَ لَهُ مُعْتَمَدٌ ذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ تَصِحُّ قُدْوَةُ الْوَاقِفِ عَلَى سَطْحِهِ بِالْإِمَامِ الَّذِي فِي الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ إذَا رَآهُ أَوْ بَعْضُ صَفٍّ مِنْ غَيْرِ الِاتِّصَالِ الْمَذْكُورِ أَعْلَاهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْمُرُورُ إلَى ذَلِكَ إلَّا بِانْعِطَافٍ أَمْ لَا

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَقِفَ مُقَابِلَ الْمَنْفَذِ بِحَيْثُ يُشَاهِدُ الْإِمَامَ أَوْ بَعْضَ الْمُقْتَدِينَ بِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ صَلَاةِ الصُّفُوفِ التَّابِعِينَ أَنْ يَتَّصِلَ بِهِ الصَّفُّ الْخَارِجُ عَنْ الْمَسْجِدِ وَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ مُعْتَمَدٌ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ سَجَدَ فِي أَثْنَاءِ فَاتِحَتِهِ لِتِلَاوَةِ إمَامٍ فَلَمَّا عَادَ مِنْ السُّجُودِ اسْتَأْنَفَ الْفَاتِحَةَ مِنْ أَوَّلِهَا أَمَّا جَاهِلًا وَأَمَّا نَاسِيًا أَوْ مُوَسْوِسًا فَرَكَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ إتْمَامِهِ الْفَاتِحَةَ فَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْحَالَةُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ إتْمَامُ فَاتِحَتِهِ وَالْجَرْيُ عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ مَا لَمْ يُسْبَقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ؛ لِأَنَّ اسْتِئْنَافَهُ لِفَاتِحَتِهِ سُنَّةٌ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّ لَنَا وَجْهًا قَائِلًا بِانْقِطَاعِ مُوَالَاةِ فَاتِحَتِهِ بِمَا فَعَلَهُ كَالْحَمْدِ عِنْدَ الْعُطَاسِ وَغَيْرِهِ (سُئِلَ) عَمَّنْ انْتَظَرَ سَكْتَةَ الْإِمَامِ لِيَقْرَأَ فِيهَا الْفَاتِحَةَ فَرَكَعَ الْإِمَامُ عَقِبَ فَاتِحَتِهِ قَالَ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الْقِيَاسُ أَنَّهُ كَالنَّاسِي خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي قَوْلِهِ بِسُقُوطِ الْفَاتِحَةِ عَنْهُ هَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَالنَّاسِي أَوْ كَالْمُشْتَغِلِ بِسُنَّةٍ حَتَّى يَقْرَأَ قَدْرَ السَّكْتَةِ وَيُعْذَرُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ السَّكْتَةَ سُنَّةٌ وَمَا الرَّاجِحُ فِي ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَقْرَبَ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

باب صلاة المسافر

وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ] (بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ) (سُئِلَ) عَنْ الْمُسَافِرِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ الْقَصْرَ مَعَ الْجُمُعَةِ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ الْمَذْكُورُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ جَمَعَ تَقْدِيمًا ثُمَّ تَيَقَّنَ تَرْكَ رُكْنٍ وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيِّهِمَا هَلْ لَهُ جَمْعُ التَّأْخِيرِ أَمْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِكُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَرَدُّدَ فِي جَوَازِ جَمْعِهِمَا تَأْخِيرًا إذَا الْمَانِعُ مِنْ جَمْعِهِمَا تَقْدِيمًا إنَّمَا هُوَ احْتِمَالُ كَوْنِهِ مِنْ الثَّانِيَةِ فَتَنْتَفِي الْمُوَالَاةُ بَيْنَهُمَا لِطُولِ الْفَصْلِ بِالثَّانِيَةِ وَبِالْأُولَى الْمُعَادَةِ وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي جَمْعِهِمَا تَأْخِيرًا وَلَيْسَتْ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ حَتَّى يَتَمَسَّكَ فِي مَنْعِهَا بِمَفْهُومِ الْمِنْهَاجِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَنْشَأَ سَفَرًا طَوِيلًا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَقُومَ فِي أَثْنَائِهِ ثُمَّ بَدَا لَهُ السَّفَرُ هَلْ يَتَرَخَّصُ بِمُجَرَّدِ سَيْرِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُمْ يُشْتَرَطُ لِلتَّرَخُّصِ مُفَارَقَةُ مَكَانِهِ بَلْ مَفْهُومُ كَلَامِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَمَنْ تَبِعَهُ التَّرَخُّصُ قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ مُفَارَقَةِ عُمْرَانٍ أَوْ سُوَرِ بَلَدٍ هُوَ فِيهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْمُفَارَقَةَ هِيَ الْمُقْتَضِيَةُ لِتَرَخُّصِ مَنْ سَافَرَ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ فَإِنْ كَانَ بِصَحْرَاءَ فَبِمُفَارَقَتِهِ مَكَانَهُ أَوْ بِبَلَدٍ لَهَا سُوَرٌ فَبِمُفَارَقَتِهِ أَوْ لَا سُوَرَ لَهَا فَبِمُفَارَقَتِهِ عُمْرَانَهَا أَوْ بِمَحَلَّةٍ

فَبِمُفَارَقَتِهَا وَأَمَّا مَفْهُومُ عِبَارَةِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَمَنْ تَبِعَهُ فَغَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ. (سُئِلَ) عَنْ مُسَافِرٍ نَوَى الْقَصْرَ خَلْفَ مُسَافِرٍ عَلِمَهُ مُتِمًّا هَلْ تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ وَتَلْغُو نِيَّةُ الْقَصْرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْقَصْرِ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى غَيْرَ الْوَاقِعِ حِينَئِذٍ وَقَدْ يَشْمَلُهُ قَوْلُهُمَا لَوْ غَيَّرَ عَدَدَ رَكَعَاتِ الصَّلَاةِ فِي نِيَّتِهِ لَمْ تَنْعَقِدْ وَالتَّعْلِيلُ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْقَصْرِ فِي الْجُمْلَةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ نِيَّةَ الِائْتِمَامِ. (سُئِلَ) عَنْ مُسَافِرٍ مَعَ مَتْبُوعِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَقْصِدَهُ فَهَلْ بَعْدَ مَسِيرَةِ مَرْحَلَتَيْنِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ مَا فَاتَهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ هِيَ مَنْقُولَةٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَهُ قَصْرَ الْفَوَائِتِ الْمَذْكُورَةِ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا فَوَائِتُ سَفَرِ قَصْرٍ وَقَدْ شَمَلَهُ قَوْلُهُمْ لَهُ قَصْرُ فَائِتَةِ السَّفَرِ فِي السَّفَرِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ جَمَعَ تَقْدِيمًا وَارْتَدَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْأُولَى هَلْ يَبْطُلُ الْجَمْعُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ عُرْفًا بَيْنَ سَلَامِهِ مِنْ الْأُولَى وَتَحَرُّمِهِ بِالثَّانِيَةِ جَازَ لَهُ الْجَمْعُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ. (سُئِلَ) عَنْ مُسَافِرٍ سَفَرَ الْقَصْرِ وَلِمَقْصِدِهِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَطْوَلُ مِنْ الْآخَرِ وَفِي سُلُوكِهَا مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ لَهُ وَلِدَابَّتِهِ دُونَ الْأُخْرَى فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ السَّفَرُ فِيهَا وَلَا يَتَرَخَّصُ إنْ سَافَرَ فِيهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا سَافَرَ فِيهَا

باب صلاة الجمعة

لَا لِغَرَضٍ حَرُمَ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْعَابِ نَفْسِهِ وَتَعْذِيبِ دَابَّتِهِ وَلَا يَتَرَخَّصُ فَقَدْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ وَأَقَرَّاهُ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ أَنْ يُتْعِبَ نَفْسَهُ وَيُعَذِّبَ دَابَّتَهُ بِالرَّكْضِ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الْقَصْرَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِتْمَامِ إذَا بَلَغَ السَّفَرَ ثَلَاثَ مَرَاحِلَ هَلْ الْمُرَادُ بِالْفِعْلِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُرَادَ إذَا كَانَ الْمَقْصِدُ يَبْلُغُ ثَلَاثَ مَرَاحِلَ فَالْقَصْرُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَاوَزَهَا فَالْقَصْرُ أَفْضَلُ وَقَبْلَ ذَلِكَ فَالْإِتْمَامُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ قَدْ يَكُونُ ثَلَاثَ مَرَاحِلَ فَقَطْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ [بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ] (بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ) (سُئِلَ) عَمَّنْ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ فِي مِصْرَ هَذِهِ مَعَ مَا فِيهَا مِنْ تَعَدُّدِ الْجُمَعِ وَعَدَمِ الْعِلْمِ بِالسَّابِقَةِ وَاللَّاحِقَةِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ بَعْدَهَا لِيَتَحَقَّقَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ أَمْ الْجُمَعُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا كُلُّهَا صَحِيحَةٌ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْجُمَعَ الْوَاقِعَةَ فِي مِصْرَ صَحِيحَةٌ سَوَاءٌ أَوْقَعَتْ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ عُسْرُ الِاجْتِمَاعِ بِأَمْكِنَةِ تِلْكَ الْجُمَعِ فَلَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ مُصَلِّيهَا صَلَاةَ ظُهْرِ يَوْمِهَا لَكِنَّهَا تُسْتَحَبُّ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ تَعَدُّدَ الْجُمُعَةِ بِالْبَلَدِ وَإِنْ عَسُرَ الِاجْتِمَاعُ فِي مَكَان فِيهِ ثُمَّ الْجُمَعُ الْوَاقِعَةُ

بَعْدَ انْتِفَاءِ الْحَاجَةِ إلَى التَّعَدُّدِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَيَجِبُ عَلَى مُصَلِّيهَا ظُهْرُ يَوْمِهَا وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ جُمُعَتُهُ مِنْ الصَّحِيحَاتِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ ظُهْرُ يَوْمِهَا (سُئِلَ) عَنْ الْمَرْقِيِّ الَّذِي يَخْرُجُ أَمَامَ الْخَطِيبِ يَقُولُ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] الْآيَةُ هَلْ لِذَلِكَ أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ وَهَلْ فُعِلَ ذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا هُوَ مَفْعُولٌ الْآنَ أَوْ فَعَلَهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ أَوْ التَّابِعِينَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - بِهَذِهِ الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ لِذَلِكَ أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ وَلَمْ يُفْعَلْ ذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ «كَانَ يُمْهِلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ فَإِذَا اجْتَمَعُوا خَرَجَ إلَيْهِمْ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ شَاوِيشٍ يَصِيحُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَإِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَأْخُذُ بِلَالٌ فِي الْأَذَانِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ قَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْخُطْبَةِ» لَا بِأَثَرٍ وَلَا خَبَرٍ وَلَا غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءُ الثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا بِدْعَةٌ لَكِنَّهَا حَسَنَةٌ فَفِي قِرَاءَةِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ تَنْبِيهٌ وَتَرْغِيبٌ فِي الْإِتْيَانِ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا الْيَوْمِ

الْعَظِيمِ الْمَطْلُوبِ فِيهِ إكْثَارُهَا وَفِي قِرَاءَةِ الْخَبَرِ بَعْدَ الْأَذَانِ وَقَبْلَ الْخُطْبَةِ مُيَقِّظٌ لِلْمُكَلَّفِ لِاجْتِنَابِ الْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ أَوْ الْمَكْرُوهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ عَلَى اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ وَقَدْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ هَذَا الْخَبَرَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي خُطْبَتِهِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَلَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ إلَّا بَعْدَ التَّكْبِيرِ فَهَلْ تَصِحُّ جُمُعَتُهُ وَجُمُعَتُهُمْ سَوَاءٌ نَوَى الْإِمَامَةَ فِي رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ قَبْلَهُ قَبْلَ تَحَرُّمِ أَرْبَعِينَ أَوْ بَعْدَهُ عَمَلًا بِعُمُومِ قَوْلِ صَاحِبِ الْبَيَانِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَصِفَةُ الصَّلَاةِ تُجَوِّزُ نِيَّةَ الْإِمَامَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَلَا تَصِحُّ عِنْدَهُ قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِمَامٍ الْآنَ وَقَالَ فِي الْقِطْعَةِ يَجِبُ عَلَى إمَامِ الْجُمُعَةِ أَنْ يَنْوِيَ فِيهَا الْإِمَامَةَ وَذَلِكَ صَادِقٌ بِنِيَّةِ الْإِمَامَةِ فِي الرُّكُوعِ فَهَلْ ذَلِكَ صَحِيحٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ نَوَى الْإِمَامَةَ مُقَارِنًا التَّكْبِيرَةَ التَّحَرُّمَ صَحَّتْ جُمُعَتُهُ وَجُمُعَتُهُمْ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُ وَتَصِحُّ جُمُعَةُ الْقَوْمِ إنْ جَهِلُوا وَكَانُوا أَرْبَعِينَ دُونَهُ وَإِلَّا فَلَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَخَافَ فَوْتَهَا وَلَمْ يَجِدْ طَرِيقًا فِي تَحْصِيلِهَا مِنْ التَّطَهُّرِ أَوْ الِاسْتِنْجَاءِ حَتَّى يَكْشِفَ عَوْرَتَهُ بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يَغُضُّ بَصَرَهُ فَهَلْ يَكْشِفُ عَوْرَتَهُ وَيُبَاحُ ذَلِكَ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ الْجُمُعَةِ أَوْ يُفَوِّتُهَا

وَلَا يَكْشِفُهَا وَهَلْ قَوْلُ الرَّوْضِ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ فِيمَا لَوْ قَالَ تَعَمَّدْت تَرْكَهَا بِلَا عُذْرٍ قُتِلَ هَلْ قَوْلُهُ بِلَا عُذْرٍ تَصْوِيرٌ أَوْ قَيْدٌ لِلْمَسْأَلَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَنْ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ وَلَمْ يَتَأَتَّ تَطَهُّرُهُ أَوْ اسْتِنْجَاؤُهُ لَهَا إلَّا بِكَشْفِ عَوْرَتِهِ بِحَضْرَةِ مَنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَيْهَا وَلَا يَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْهَا جَازَ لَهُ كَشْفُهَا حِينَئِذٍ لِأَجْلِ إدْرَاكِهِ الْجُمُعَةَ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَ مَصْلَحَةِ الْوَاجِبِ أَوْلَى مِنْ دَفْعِ مَفْسَدَةِ الْحَرَامِ وَلَكِنَّهُ يُعْذَرُ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ كَشْفَ عَوْرَتِهِ بِحَضْرَةِ مَنْ ذُكِرَ يَسُوءُهُ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُ الرَّوْضِ بِلَا عُذْرٍ فَهُوَ قَيْدٌ فِي الْحُكْمِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَهُوَ الْقَتْلُ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ تَعَمَّدْت تَرْكَهَا بِعُذْرٍ لَمْ يُقْتَلْ وَقَدْ ذَكَرَهُ قَبْلَهُ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا جَازَ تَعَدُّدُ الْجُمُعَةِ لِوُجُودِ مُقْتَضِيهِ ثُمَّ زَالَ هَلْ يَفْتَقِرُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعَدُّدُ الْجُمُعَةِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ حِينَئِذٍ. (سُئِلَ) عَنْ أَرْبَعِينَ تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ خَطَبَ خَطِيبُهُمْ فَسَمِعُوا رُكْنًا مَثَلًا وَانْفَضُّوا أَوْ بَعْضُهُمْ وَطَالَتْ غَيْبَتُهُمْ وَالْحَالُ أَنَّ الْإِمَامَ مُشْتَغِلٌ بِمُتَعَلِّقِ الْخُطْبَةِ مِثْلَ هَذِهِ الْخُطَبِ الْمَعْهُودَةِ فَهَلْ إذَا عَادُوا يَسْتَأْنِفُ الْخَطِيبُ الْخُطْبَةَ أَوْ يَبْنِي عَلَى مَا مَضَى وَهَلْ الْفَصْلُ بَيْنَ أَرْكَانِ الْخُطْبَةِ بِمُتَعَلِّقٍ بِهَا يُخِلُّ بِالْمُوَالَاةِ

أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَفُتْهُمْ شَيْءٌ مِنْ أَرْكَانِ الْخُطْبَةِ لَمْ يَحْتَجْ الْخَطِيبُ إلَى اسْتِئْنَافِ شَيْءٍ بَلْ يَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ أَرْكَانِهَا وَتَطْوِيلُ بَعْضِ أَرْكَانِ الْخُطْبَةِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ كَتَطْوِيلِ رُكْنِ الْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى لَا يُعَدُّ فَاصِلًا عُرِفَا مُخِلًّا بِمُوَالَاتِهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ لَهُ زَوْجَتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ فِي بَلْدَةٍ يُقِيمُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ يَوْمًا فَهَلْ تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ فِي كُلٍّ مِنْ الْبَلَدَيْنِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ بِالْمَذْكُورِ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي إقَامَتُهُ فِيهَا أَكْثَرُ وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ فِي الْأُخْرَى فَإِنْ اسْتَوَيَا فِيهَا انْعَقَدَتْ بِهِ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي مَا لَهُ فِيهَا أَكْثَرُ دُونَ الْأُخْرَى فَإِنْ اسْتَوَيَا فِيهِ اُعْتُبِرَتْ نِيَّتُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَةً اُعْتُبِرَ الْمَوْضِعُ الَّذِي هُوَ فِيهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ تَعَارَضَ غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَالتَّبْكِيرِ إلَيْهَا فَمَا الْمُقَدَّمُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُقَدَّمَ الْغُسْلُ. (سُئِلَ) عَنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ فَعَدِمُوا الطَّهُورَيْنِ وَقْتَهَا فَهَلْ تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُمْ فِعْلُهَا وَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يُصَلُّوا الظُّهْرَ فُرَادَى. (سُئِلَ) عَمَّنْ شَكَّ فِي تَعَدُّدِ الْجُمُعَةِ هَلْ هُوَ لِحَاجَةٍ هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ صَلَاةُ الظُّهْرِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مُصَلِّي الْجُمُعَةِ إعَادَةُ الظُّهْرِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ جُمُعَتَهُ هِيَ السَّابِقَةُ

سُئِلَ) عَنْ نِيَّةِ الْخُطْبَةِ هَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا لَيْسَتْ وَاجِبَةً. (سُئِلَ) عَنْ إمَامِ جُمُعَةٍ تَذَكَّرَ فِي اعْتِدَالِ الْأُولَى أَنَّهُ نَسِيَ آيَةً مِنْ أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ فَمَاذَا يَفْعَلُ وَمَا حُكْمُ الْمَأْمُومِينَ بِهِ فِي صِحَّةِ الْجُمُعَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةُ ثُمَّ يَرْكَعُ وَيَجْرِي عَلَى تَرْتِيبِ صَلَاتِهِ وَأَمَّا الْمَأْمُومُونَ فَيَسْجُدُونَ السَّجْدَةَ الْأُولَى وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ انْتِظَارُهُ فِيهَا وَلَمْ يَسْبِقُوا إمَامَهُمْ فِي غَيْرِ الْمُتَابَعَةِ إلَّا بِرُكْنٍ وَهُوَ السُّجُودُ وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ انْتِظَارُهُ فِي الِاعْتِدَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْخَوْفِ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ

(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ انْفَرَدَ أَرْبَعُونَ فِي الْجُمُعَةِ عَنْ الْإِمَامِ بِانْفِضَاضِهِمْ عَنْهُ وَبَقِيَ دُونَهُمْ وَقُلْتُمْ بِأَنَّهُمْ يُتِمُّونَهَا ظُهْرًا وَعَادَ الْمُنْفَضُّونَ هَلْ يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ أَمْ لَا لِمَا فِيهِ مِنْ إنْشَاءِ جُمُعَةٍ بَعْدَ أُخْرَى؟ وَهَلْ إذَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَهُوَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ؟ وَقُلْتُمْ يُتِمُّونَهَا ظُهْرًا يُعِيدُ الْإِمَامُ وَاَلَّذِينَ أَتَمُّوا الظُّهْرَ جُمُعَةً أَمْ لَا؟ وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ الْخَطِيبُ الْإِخْبَارَ بِأَرْكَانِ الْخُطْبَةِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ فِي الْخُطْبَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَوْ بِعُذْرِ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ قِيَاسًا عَلَى الِاسْتِخْلَافِ بِحَدَثٍ أَمْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْحَدَثِ وَغَيْرِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا عَادَ الْمُنْفَضُّونَ لَزِمَهُمْ الْإِحْرَامُ بِالْجُمُعَةِ إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا إذْ لَا تَصِحُّ ظُهْرُ مَنْ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ مَعَ إمْكَانِ إدْرَاكِهَا وَلَيْسَ فِيهِ إنْشَاءُ جُمُعَةٍ بَعْدَ أُخْرَى لِبُطْلَانِ الْأُولَى وَكَذَا يَلْزَمُهُمْ الْإِحْرَامُ بِالْجُمُعَةِ فِي مَسْأَلَةِ بُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ حَيْثُ يَتِمُّ بِهِ الْأَرْبَعُونَ وَلَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ قَصْدِ الْخَطِيبِ الْإِخْبَارَ بِأَرْكَانِ الْخُطْبَةِ وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ

مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَيَجُوزُ بِعُذْرِ الْحَدَثِ وَأَمَّا الْإِغْمَاءُ وَالْجُنُونُ فَيَمْتَنِعُ الِاسْتِخْلَافُ فِيهِمَا وَيَجِبُ اسْتِئْنَافُ الْخُطْبَةِ. (سُئِلَ) عَنْ بَلَدَيْنِ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ وَتُقَامُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الْجُمُعَةُ فَاقْتَدَى جَمَاعَةٌ مِنْ بَلَدِهِمْ بِمَنْ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ فِي الْبَلَدِ الْآخَرِ فَهَلْ تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُ الِاقْتِدَاءِ وَكَانَ مَوْقِفُ الْمُقْتَدِينَ مَعْدُودًا مِنْ خُطَّةِ أَبْنِيَةِ بَلَدِ الْجُمُعَةِ بِحَيْثُ لَا يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ مِنْهَا الصَّلَاةَ صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ وَإِلَّا وَلَا تَصِحُّ لِعَدَمِ كَوْنِهَا مِنْ خُطَّةِ أَبْنِيَةِ أَوْطَانِ الْمُجْمَعِينَ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ. (سُئِلَ) عَمَّنْ رَعَفَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ ثُمَّ أَتَمَّهَا مَعَ الْإِمَامِ فَقَالَ لَهُ شَخْصٌ بَطَلَتْ صَلَاتُك وَيَجِبُ عَلَيْك فِعْلُ الظُّهْرِ وَقَالَ آخَرُ إنَّهَا صَحِيحَةٌ وَأَنَّ دَمَ الشَّخْصِ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ وَإِنْ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ وَأَنَّ الْمَشَايِخَ يُقَرِّرُونَ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ رَعَفَ الْإِمَامُ الْمُسَافِرُ وَاسْتَخْلَفَ مُتِمًّا فَمَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ فَمَا الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالَهُ الْأَوَّلُ وَمَا ذَكَرَهُ الثَّانِي قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. (سُئِلَ) عَنْ خَلِيفَةِ الْجُمُعَةِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ أَدْرَكَ مَعَ إمَامِهِ رَكْعَةً مِنْهَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ وَإِلَّا وَجَبَتْ إذْ نِيَّتُهَا

وَاجِبَةٌ عَلَى إمَامِ الْجُمُعَةِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَحْرَمَ بِالْجُمُعَةِ نَاوِيًا الْجُمُعَةَ إنْ كَانَ وَقْتُهَا بَاقِيًا وَإِلَّا فَالظُّهْرُ فَبَانَ بَقَاؤُهُ هَلْ تَصِحُّ جُمُعَتُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَصِحُّ جُمُعَتُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ وَقْتِهَا وَقَدْ قَالُوا يُغْتَفَرُ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ إذَا اسْتَنَدَ التَّعْلِيقُ إلَى أَصْلٍ مُسْتَصْحَبٍ (سُئِلَ) عَنْ خَطِيبٍ يَبْدَأُ بِقَوْلِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَإِيَّايَ بِتَقْوَى اللَّهِ ثُمَّ يَخْطُبُ فَاعْتَرَضَهُ جَمَاعَةٌ بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ خُطْبَتَهُ مُعْتَدٌّ بِهَا وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ لِأَنَّهُ إنْ أَتَى بِهِ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الْأُولَى وَلَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ عُرْفًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا اُعْتُدَّ بِهِ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لَغَا مَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا وَاعْتُدَّ بِمَا أَتَى بِهِ ثَانِيًا بَعْدَهُ. (سُئِلَ) هَلْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ لَوْ كَانَ بِمُنْخَفَضٍ لَا يُسْمِعُ النِّدَاءَ وَلَوْ اسْتَوَتْ لَسَمِعَهُ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ أَنْ تُبْسَطَ هَذِهِ الْمَسَافَةُ أَوْ أَنْ يَطْلُعَ فَوْقَ الْأَرْضِ مُسَامِتًا لِمَا هُوَ فِيهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ هُوَ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي. (سُئِلَ) هَلْ تَحْرُمُ الصَّلَاةُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهَلْ تَنْعَقِدُ أَوْ لَا وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ النَّافِلَةِ وَالْفَائِتَةِ وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ تَفُوتَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ أَمْ لَا

وَهَلْ التَّحْرِيمُ مِنْ حِينِ صُعُودِ الْمِنْبَرِ أَوْ مِنْ حِينِ شُرُوعِهِ فِي الْخُطْبَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ أَنْ يُصَلِّيَ غَيْرَ التَّحِيَّةِ وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى التَّحْرِيمِ وَلَا تَنْعَقِدُ وَلَوْ فَائِتَةً بِغَيْرِ عُذْرٍ لِأَنَّ الْوَقْتَ بِسَبَبِ النَّهْيِ لَيْسَ لَهَا، وَكَالصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ الْمَكْرُوهَةِ وَلِتَفْصِيلِهِمْ هُنَاكَ بَيْنَ ذَاتِ السَّبَبِ غَيْرِ الْمُتَأَخِّرِ وَغَيْرِهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا بَلْ إطْلَاقُهُمْ وَمَنْعُهُمْ مِنْ الرَّاتِبَةِ مَعَ قِيَامِ سَبَبِهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَ هُنَا فَرْضًا لَا يَأْتِي بِهِ وَأَنَّهُ لَوْ أَتَى بِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ وَتَعْبِيرُ جَمَاعَةٍ بِالنَّافِلَةِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ وَالتَّحْرِيمُ مِنْ حِينِ جُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ (سُئِلَ) إذَا قِيلَ بِصِحَّةِ إعَادَةِ الْجُمُعَةِ حَيْثُ جَازَ تَعَدُّدُهَا كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إشَارَةٌ إلَيْهِ هَلْ يَخْتَصُّ بِالْمَأْمُومِ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ مُعَلِّلًا بِأَنَّ الْخُطْبَةَ الثَّانِيَةَ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ لِمُعِيدِهَا فَالصَّلَاةُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَيْهَا بَاطِلَةٌ أَمْ لَا؟ وَيَكُونُ الْإِمَامُ فِي إعَادَتِهِ لِلْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ كَصَبِيٍّ زَائِدٍ عَلَى الْأَرْبَعِينَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسَنُّ إعَادَتُهَا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ أَعَادَهَا فِي بَلْدَةٍ أَوْ بَلَدٍ آخَرَ لِأَنَّ الْإِمَامَ مَتَى سُنَّ لَهُ إعَادَتُهَا سُنَّ لَهُ خُطْبَتُهَا لِتَوَقُّفِهَا عَلَيْهَا فَمَا عَلَّلَ بِهِ بَعْضُهُمْ مَمْنُوعٌ. (سُئِلَ) عَنْ

جَامِعٍ مُنْفَصِلٍ عَنْ بَلَدٍ بِمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ ذِرَاعًا فَهَلْ تَصِحُّ جُمُعَةُ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ فِيهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ جُمُعَةُ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ فِي ذَلِكَ الْجَامِعِ لِانْفِصَالِهِ عَنْهُ إذْ الْمُسَافِرُ مِنْهُ يَتَرَخَّصُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْجَامِعِ الْمَذْكُورِ فَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَأَمَّا الْمَوْضِعُ الْخَارِجُ عَنْ الْبَلَدِ الَّذِي إذَا انْتَهَى إلَيْهِ الْخَارِجُ إلَى السَّفَرِ قَصَرَ فَلَا تَجُوزُ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيهِ اهـ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ أَصْحَابُنَا لَوْ بَنَى أَهْلُ الْبَلَدِ مَسْجِدَهُمْ خَارِجَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُمْ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيهِ لِانْفِصَالِهِ عَنْ الْبُنْيَانِ اهـ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ أَنْ يُبْنَى الْجَامِعُ مُنْفَصِلًا عَنْ الْبَلَدِ وَأَنْ يَطْرَأَ انْفِصَالُهُ عَنْهَا لِخَرَابِ مَا بَيْنَهُمَا خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الصِّحَّةِ فِي الشِّقِّ الثَّانِي حَيْثُ قَالَ إنَّهُ إذَا كَانَ الْبَلَدُ كَبِيرًا وَخُرِّبَ مَا حَوَالِي الْمَسْجِدِ لَمْ يَزُلْ حُكْمُ الْوَصْلَةِ عَنْهُ فَيَجُوزُ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيهِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَرَاسِخُ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا أَحْرَمَ بِالْجُمُعَةِ مَنْ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ إحْرَامِ الْأَرْبَعِينَ هَلْ تَصِحُّ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَصِحُّ جُمُعَتُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالْبُلْقِينِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ بَلْ صَوَّبَهُ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ خَلْفَ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالْمُسَافِرِ إذَا تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ

لَعَلَّ مَا قَالَهُ الْقَاضِي أَيْ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَالَ إنَّهُ الْقِيَاسُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ خَلْفَ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالْمُسَافِرِ إذَا تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ فَإِنْ قِيلَ تَقَدُّمُ إحْرَامِ الْإِمَامِ ضَرُورِيٌّ فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ قُلْنَا لَا ضَرُورَةَ إلَى إقَامَتِهِ فِيهَا وَأَيْضًا تَعْظُمُ الْمَشَقَّةُ عَلَى مَنْ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ فِي تَكْلِيفِهِ بِمَعْرِفَةِ تَقَدُّمِ إحْرَامِ أَرْبَعِينَ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ عَلَى إحْرَامِهِ. (سُئِلَ) عَنْ إمَامِ جُمُعَةٍ فَارَقَهُ الْعَدَدُ بَعْدَ قِيَامِهِ إلَى الثَّانِيَةِ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ نَاوِيًا الْجُمُعَةَ وَصَلَّى مَعَهُ هَلْ يُتِمُّهَا جُمُعَةً لِإِدْرَاكِهِ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً أَوْ ظُهْرًا وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ وَالْخَلِيفَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُتِمُّ الْمُقْتَدِي الظُّهْرَ لِعَدَمِ إدْرَاكِهِ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مَعَ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى يُشْتَرَطُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ وَالْعَدَدُ وَالثَّانِيَةَ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْعَدَدُ فَقَطْ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرْته بَيْنَ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ وَالْخَلِيفَةِ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا أَدْرَكَ الْمَأْمُومُ رُكُوعَ الْإِمَامِ فِي ثَانِيَةِ الْجُمُعَةِ هَلْ يُشْتَرَطُ لِحُصُولِهَا اسْتِمْرَارُهُ مَعَهُ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ أَوْ يَجُوزُ لَهُ مُفَارَقَتُهُ بَعْدَ سَجْدَتَيْهَا حَتَّى لَوْ بَطَلَتْ صَلَاةُ إمَامِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَجُوزُ لَهُ مُفَارَقَتُهُ بَعْدَ سَجْدَتَيْهَا وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ قَامَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ جَرْيٌ

عَلَى الْغَالِبِ وَمَتَى بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَهُوَ زَائِدٌ عَلَى الْأَرْبَعِينَ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي جُمُعَةِ الْمَأْمُومِينَ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ فَإِذَا أُقِيمَتْ لَا يَجُوزُ الِانْصِرَافُ مُطْلَقًا هَلْ هَذَا التَّعْمِيمُ مُسَلَّمٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي حَقِّ الْمَرِيضِ وَنَحْوِهِ دُونَ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّهُمْ إنَّمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْخُرُوجُ مِنْهَا. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا أَحْرَمَ بِالْجُمُعَةِ ثَمَانُونَ مِنْهُمْ أَرْبَعُونَ قَاصِرُونَ فَانْفَضَّ الْكَامِلُونَ قَبْلَ رُكُوعِ الْأُولَى أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ بَلَغَ الْقَاصِرُونَ فِي الصَّلَاةِ فَهَلْ الْجُمُعَةُ صَحِيحَةٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُمْ إنْ بَلَغُوا فِيهَا قَبْلَ انْفِضَاضِ الْكَامِلِينَ صَحَّتْ الْجُمُعَةُ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا أُقِيمَتْ الْجُمُعَةُ فِي أَبْنِيَةِ الْقَرْيَةِ وَامْتَدَّتْ الصُّفُوفُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَوَرَاءً مَعَ الِاتِّصَالِ الْمُعْتَبَرِ حَتَّى خَرَجَتْ إلَى خَارِجِ الْقِرْيَةِ فَهَلْ تَصِحُّ جُمُعَةُ الْخَارِجِينَ عَنْ الْأَبْنِيَةِ فِي الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ تَبَعًا لِمَنْ فِي الْأَبْنِيَةِ كَمَا تَفَقَّهَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَأَفْتَى بِهِ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْخَارِجُونَ بِمَكَانٍ لَا يَقْصُرُ فِيهِ مَنْ سَافَرَ مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ لِكَوْنِهَا فِي غَيْرِ خُطَّةِ أَبْنِيَةِ أَوْطَانِهِمْ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ كَالصَّرِيحِ

فِيمَا قُلْته. (سُئِلَ) هَلْ يَلْزَمُ الْمَحْبُوسَ الِاسْتِئْذَانُ لِلْجُمُعَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إجَابَتُهُ إلَيْهِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ سَاكِنٍ بِزَوْجَةٍ فِي مِصْرَ مَثَلًا وَبِزَوْجَةٍ فِي الْخَانْكَةِ مَثَلًا وَلَهُ زِرَاعَةٌ بَيْنَهُمَا وَالْحَالُ أَنَّهُ مُقِيمٌ بِالزِّرَاعَةِ غَالِبَ النَّهَارِ وَيَبِيتُ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا لَيْلَةً فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ هَلْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَوَطِّنٌ فِيهِمَا حَتَّى يَحْرُمَ عَلَيْهِ سَفَرُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ لِمَكَانٍ تَفُوتُ بِهِ إلَّا لِخَوْفِ ضَرَرٍ أَوْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ التَّوَطُّنُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَوَطِّنٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ. (سُئِلَ) هَلْ الْمُرَادُ بِعُسْرِ الِاجْتِمَاعِ فِي الْجُمُعَةِ جَمِيعُ مَنْ تَصِحُّ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهَا أَوْ مَنْ يَحْضُرُهَا فَقَطْ وَهَلْ يَكْفِي حُصُولُهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي جَمِيعِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُرَادَ عُسْرُ اجْتِمَاعِ حَاضِرِيهَا وَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي صَلَاتِهِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ فَمَا وُجِدَ فِيهِ مِنْهَا جَازَ التَّعَدُّدُ فِيهِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَمَا لَا فَلَا. (سُئِلَ) عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَجُلُوسِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ وَالسَّلَامِ هَلْ ذَلِكَ مِنْ مُسَمَّى الرَّكْعَةِ الَّتِي يَعْقُبُهَا الْمَذْكُورَاتُ كَالْأَخِيرَةِ مِنْ ذَوَاتِ الْعَدَدِ وَأَقَلِّ الْوِتْرِ حَتَّى لَا تَتِمَّ تِلْكَ الرَّكْعَةُ إلَّا

بِالسَّلَامِ كَمَا ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ وَبَنَى عَلَيْهِ عَدَمَ حُصُولِ الْجُمُعَةِ لِمَنْ أَدْرَكَ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ فَارَقَهُ بَعْدَ سَجْدَتَيْهَا مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ مِنْ عَمَلِ الصَّلَاةِ أَنْ يُحْرِمَ وَيَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ يَبْتَدِئُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إنْ أَحْسَنَهَا وَيَرْكَعُ حَتَّى يَطْمَئِنَّ وَيَرْفَعُ حَتَّى يَعْتَدِلَ قَائِمًا وَيَسْجُدُ حَتَّى يَطْمَئِنَّ سَاجِدًا عَلَى الْجَبْهَةِ ثُمَّ يَرْفَعُ حَتَّى يَعْتَدِلَ جَالِسًا ثُمَّ يَسْجُدُ الْأُخْرَى كَمَا وُصِفَتْ ثُمَّ يَقُومُ حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَيَجْلِسُ فِي الرَّابِعَةِ وَيَتَشَهَّدُ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُسَلِّمُ وَتَسْلِيمَهُ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَبِقَوْلِهِ أَيْضًا وَالْجِلْسَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الصُّبْحِ كَالْجِلْسَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ غَيْرِهَا وَبِقَوْلِ الْبَغَوِيِّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ أَرْكَانُ الصَّلَاةِ سَبْعَةَ عَشَرَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى النِّيَّةُ فِي أَوَّلِهَا وَالتَّكْبِيرَةُ الْأُولَى وَالْقِيَامُ إلَى أَنْ قَالَ وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رُكْنًا هَذِهِ الْأَرْكَانُ سِوَى النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرَةِ. وَفِي الْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ الْقُعُودُ وَقِرَاءَةُ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالتَّسْلِيمَةُ الْأُولَى فَكُلُّ صَلَاةٍ هِيَ ذَاتُ رَكْعَتَيْنِ فِيهَا أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ رُكْنًا وَفِي الْمُغْرِبِ

ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَفِي ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ اثْنَانِ وَسِتُّونَ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَبِقَوْلِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ دَقِيقٍ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَقَدْ يَتَعَلَّقُ بِلَفْظِ الرَّاوِي مَنْ يَرَى أَنَّ السَّلَامَ لَيْسَ مِنْ الصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَالَ صَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ فَجَعَلَهُمْ مُصَلِّينَ مَعَهُ مَا يُسَمَّى رَكْعَةً ثُمَّ أَتَى بِلَفْظٍ ثُمَّ يَثْبُت جَالِسًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ فَجَعَلَ السَّلَامَ مُتَرَاخِيًا عَنْ مُسَمَّى الرَّكْعَةِ إلَّا أَنَّهُ ظَاهِرٌ ضَعِيفٌ وَأَقْوَى مِنْهُ فِي الدَّلَالَةِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ السَّلَامَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالْعَمَلُ بِأَقْوَى الدَّلِيلَيْنِ مُتَعَيِّنٌ وَبِقَوْلِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِقَضِيَّةِ كَلَامِ مُؤَلَّفِهِ كَغَيْرِهِ فِي قَوْلِهِ مَنْ أَدْرَكَ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي الْمُحَرَّرِ كَغَيْرِهِ بِمَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً حَيْثُ قَالَ مُقَيِّدًا لَهُ وَاسْتَمَرَّ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ وَبِقَوْلِ صَاحِبِ الضَّوَابِطِ الْفَقِيهِ الصَّلَاةُ عِبَادَةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ تَكْبِيرٍ وَنِيَّةٍ مَقْرُونَةٍ بِكَلِمَةٍ وَقِيَامٍ بِفَاتِحَةٍ فَرُكُوعٍ فَاعْتِدَالٍ فَسُجُودٍ فَقُعُودٍ فَسُجُودٍ فَجُلُوسٍ فَتَشَهُّدٍ فَصَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشُرُوطِهِ بِطُمَأْنِينَتِهَا وَطُهْرٍ مِنْ حَدَثٍ إلَى أَنْ قَالَ فِي رَكْعَتَيْ فَرْضٍ بِقُدْرَةٍ وَأَمْنٍ وَبِاتِّفَاقٍ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ

صَلَاةَ الصُّبْحِ رَكْعَتَانِ لِلْآمِنِ وَلِلْخَائِفِ حَضَرًا وَسَفَرًا وَعَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ ثَلَاثٌ كَذَلِكَ وَعَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ لِلْآمِنِ حَضَرًا أَرْبَعٌ أَرْبَعٌ وَعَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْوِتْرِ رَكْعَةٌ وَالنَّظَرُ الصَّحِيحُ يُفِيدُ أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِالرَّكَعَاتِ هُوَ الْمَاصَدَقَاتُ فَلَا يَكُونُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ وَهُوَ الصَّلَوَاتُ أَعَمَّ مِنْ الْمَحْكُومِ بِهِ وَهُوَ الرَّكَعَاتُ وَبِمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ اسْتِنْبَاطًا لَهُ مِنْ فَرْقٍ ذَكَرَهُ فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَإِلَّا فَتَتِمُّ لَهُمْ دُونَهُ فِي الْأَصَحِّ أَوْ لَيْسَ مَا ذُكِرَ مِنْ مُسَمَّى الرَّكْعَةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ حَتَّى يَجُوزَ لِلْمَسْبُوقِ فِي مَسْأَلَةِ الْجُمُعَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ يُفَارِقَ إمَامَهُ قَبْلَ سَلَامِهِ بَعْدَ تَمَامِ سَجْدَتَيْ نَفْسِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْبَعْضِ حَتَّى الْمِنْهَاجُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ وَجُلُوسُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ وَالسَّلَامُ مِنْ مُسَمَّى رَكْعَةِ الْمَسْبُوقِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ مَا يُدْرِكُهُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ فَكَيْفَ يَتَخَيَّلُ أَنَّهَا مِنْ مُسَمَّى رَكْعَتِهِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ وَلَيْسَ فِي جَمِيعِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُ بِأَنَّهَا مِنْهَا مَا يُخَالِفُ مَا قُلْته وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ فَإِنَّمَا هُوَ تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَيُصَلِّي بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَقَدْ خَرَجَ كُلٌّ

مِنْهُمَا مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَقَدْ دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْته كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَأَئِمَّةِ اللُّغَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ بَنَى عَلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى وَأَجْزَأَتْهُ الْجُمُعَةُ وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ بِأَنْ يُدْرِكَ الرَّجُلُ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ فَيَرْكَعُ مَعَهُ وَيَسْجُدُ وَقَالَ أَيْضًا فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْهُمْ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْنِ أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى وَكَانَتْ لَهُ جُمُعَةً وَقَالَ أَيْضًا فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَلَوْ فَرَّقَهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ فَصَلَّى بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا ثُمَّ بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً وَثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّوا ثُمَّ بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا ثُمَّ بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً وَأَتَمُّوا كَانَ فِيهِ قَوْلَانِ إلَخْ وَذَكَرَ أَصْحَابُهُ مِثْلَهُ وَقَالَ أَيْضًا وَإِذَا صَلَّتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ مَعَهُ رَكْعَتَهُ الْبَاقِيَةَ عَلَيْهِ فَهَلْ تَجْلِسُ مَعَهُ لِتَشَهُّدِهِ أَوْ تَقُومُ لِلْإِتْمَامِ إلَخْ وَقَالَ النَّوَوِيُّ إذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ ثُمَّ فَارَقَهُ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَقُلْنَا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِالْمُفَارَقَةِ وَأَتَمَّهَا جُمُعَةً كَمَا لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ. وَقَالَ أَيْضًا قَالَ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَلَوْ شَرَعَ فِي الظُّهْرِ فَتَشَهَّدَ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ ثُمَّ قَالَ قَبْلَ السَّلَامِ وَشَرَعَ فِي الْعَصْرِ إلَخْ وَقَالَ أَيْضًا قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَكُلُّ قَوْمَةٍ يَتْلُوهَا الرُّكُوعُ وَالسَّجْدَتَانِ مِنْ الصَّلَوَاتِ

كُلِّهَا فَهِيَ رَكْعَةٌ فَتَثْبُتُ بِذَلِكَ أَنَّ الْأَرْكَانَ الْأَرْبَعَةَ لَيْسَتْ مِنْ مُسَمَّى الرَّكْعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي رُكُوعِ ثَانِيَةِ الْجُمُعَةِ وَاسْتَمَرَّ إلَى فَرَاغِهِ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ ثُمَّ فَارَقَهُ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَضَمَّ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى صَحَّتْ جُمُعَتُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا مَا اسْتَنْبَطَهُ السُّبْكِيُّ بِقَوْلِهِ وَمِنْ هَذَا الْفَرْقِ تَسْتَفِيدُ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ أَوَّلِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ إلَى بَعْدِ السُّجُودِ وَأَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي التَّشَهُّدِ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُ الْجُمُعَةَ وَأَنَّ شَرْطَ إدْرَاكِهَا بِرُكُوعِ الثَّانِيَةِ أَنْ يَسْتَمِرَّ الْإِمَامُ إلَى السَّلَامِ فَمَرْدُودٌ بِمَا قَدَّمْته وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِ الْأَرْكَانِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ مُسَمَّى الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِي وُقُوعِ ذَلِكَ جُمُعَةً الِاسْتِمْرَارُ إلَى سَلَامِ الْإِمَامِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ» حَيْثُ قَالَ رَكْعَةً وَلَمْ يَقُلْ رَكْعَةَ الْإِمَامِ الْأَخِيرَةَ (سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَخْلَفَهُ إمَامُ الْجُمُعَةِ فِي ثَانِيَتِهَا وَلَمْ يُدْرِكْ أُولَاهَا مَعَهُ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا ظُهْرًا هَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ كَمَا ذَكَرَهُ الْفَتَى تِلْمِيذُ صَاحِبِ الرَّوْضِ فِي حَاشِيَتِهِ حَيْثُ قَالَ لَمْ يَشْتَرِطْ هُوَ وَلَا فِي الرَّوْضَةِ كَوْنَهُ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فَاسْتَحْضِرْهُ اهـ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ

وَمَا الْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ وَهَلْ الْمَسْأَلَةُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَوْ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُؤْخَذُ مُوَافَقَتُهُ أَوْ مُخَالَفَتُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا قَالَهُ الْفَتَى وَاضِحٌ مَذْكُورٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ وَالْمُخْتَصَرَاتِ إذْ لَوْ لَمْ تُعْتَبَرْ زِيَادَةُ الْخَلِيفَةِ حَيْثُ لَزِمَهُ إتْمَامُهَا ظُهْرًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ لَزِمَ صِحَّةُ الْجُمُعَةِ بِتِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَقَدْ قَالُوا أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ الْعَدَدُ وَهُوَ أَرْبَعُونَ فِي جَمِيعِهَا وَقَدْ قَالُوا لَوْ سَلَّمَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ فِي الْجُمُعَةِ التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى خَارِجَ وَقْتِ الظُّهْرِ وَبَاقِيهمْ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِيهِ أَرْبَعِينَ صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ خَارِجَهُ لَزِمَهُمْ إتْمَامُهَا ظُهْرًا وَقَدْ قَالُوا لَوْ نَقَصَ عَدَدُ الْأَرْبَعِينَ فِيهَا بَطَلَتْ وَيُتِمُّونَهَا ظُهْرًا لِأَنَّ الْعَدَدَ شَرْطٌ فِي ابْتِدَائِهَا فَيَكُونُ شَرْطًا فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهَا كَالْوَقْتِ وَقَدْ قَالُوا لَوْ انْفَضُّوا فِيهَا إلَّا تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ بِالْإِمَامِ وَكَانُوا أَرْبَعِينَ بِخُنْثَى فَإِنْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ انْفِضَاضِهِمْ لَمْ تَصِحَّ جُمُعَتُهُمْ لِلشَّكِّ فِي تَمَامِ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ وَإِلَّا صَحَّتْ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِانْعِقَادِهَا وَصِحَّتِهَا وَشَكَكْنَا فِي نَقْصِ الْعَدَدِ بِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ وَالْأَصْلُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ فَلَا نُبْطِلُهَا بِالشَّكِّ اهـ فَأَرَادَ الْفَتَى بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ التَّصْرِيحَ بِعَيْنِ الْمَسْأَلَةِ. (سُئِلَ) عَنْ خَطِيبٍ حَالَ خُطْبَتِهِ مَسَكَ حَرْفَ مِنْبَرٍ

كَبِيرٍ ثَابِتٍ كَالْجِدَارِ وَفِي جَانِبِ ذَلِكَ الْحَرْفِ عَاجٌ بَعِيدٌ عَنْهُ فَهَلْ تَصِحُّ خُطْبَتُهُ أَمْ لَا كَقَابِضِ طَرَفِ شَيْءٍ عَلَى نَجَسٍ لَمْ يَتَحَرَّك بِحَرَكَتِهِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ لَا تَصِحُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَصِحُّ خُطْبَتُهُ كَمَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ صَلَّى عَلَى سَرِيرٍ قَوَائِمُهُ فِي نَجَسٍ أَوْ عَلَى حَصِيرٍ مَفْرُوشٍ عَلَى نَجَسٍ أَوْ بِيَدِهِ حَبْلٌ مَشْدُودٌ فِي سَفِينَةٍ فِيهَا نَجَاسَةٌ وَهِيَ كَبِيرَةٌ لَا تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ لِأَنَّهَا كَالدَّارِ أَمَّا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ لَا تَصِحُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ وَصُورَةُ مَسْأَلَةِ السَّفِينَةِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ أَنْ تَكُونَ فِي الْبَحْرِ فَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَرِّ لَمْ تَبْطُلْ قَطْعًا صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً اهـ وَإِنَّمَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْقَابِضِ الْمَذْكُورِ فِي السُّؤَالِ لِحَمْلِهِ مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِنَجَاسَةٍ وَلَا يُتَخَيَّلُ فِي مَسْأَلَتِنَا أَنَّهُ حَامِلٌ لِلْمِنْبَرِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ ثُمَّ إنْ أَدْرَكَ الْأُولَى تَمَّتْ جُمُعَتُهُمْ هَلْ الْمُرَادُ إدْرَاكُهَا تَامَّةً مَعَ الْإِمَامِ أَمْ لَا لِقَوْلِ الشُّرَّاحِ سَوَاءٌ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي الْأُولَى أَمْ فِي الثَّانِيَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُرَادَ إدْرَاكُ رُكُوعِهَا مَعَ الْإِمَامِ وَإِنْ أَحْدَثَ فِيهَا وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ ثُمَّ إنْ كَانَ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ الْأُولَى. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ خَطَبَ وَأَمَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأَتَى بِأَرْكَانِ الْخُطْبَةِ وَشُرُوطِهَا وَأَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَشُرُوطِهَا

وَهُوَ لَمْ يُمَيِّزْ الْفُرُوضَ مِنْ السُّنَنِ هَلْ تَصِحُّ خُطْبَتُهُ وَإِمَامَتُهُ وَصَلَاتُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ كُلًّا مِنْ خُطْبَتِهِ وَصَلَاتِهِ صَحِيحَةٌ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِفَرْضٍ مِنْ فُرُوضِهَا نَفْلًا وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ. (سُئِلَ) هَلْ يَكْفِي فِي الْخُطْبَةِ قَوْلُ الْخَطِيبِ الصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ كَمَا فِي التَّشَهُّدِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِي اللَّفْظُ الْمَذْكُورُ فِي الصَّلَاةِ فِي الْخُطْبَةِ وَفِي الصَّلَاةِ فِي التَّشَهُّدِ لِأَنَّهُ يُسَمَّى صَلَاةً وَقَدْ قَالَ النَّاشِرِيُّ فِي كَلَامِهِ عَلَى قَوْلِ الْحَاوِي فِي الْخُطْبَةِ ثُمَّ لَفْظُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَتَعَيَّنُ صِيغَتُهَا بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ أُصَلِّي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ أَوْ نُصَلِّي وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُ النَّبِيِّ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْبَشِيرِ أَوْ النَّذِيرِ اهـ وَقَالَ فِي كَلَامِهِ عَلَى الصَّلَاةِ فِي التَّشَهُّدِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُ مُحَمَّدٍ بَلْ لَوْ قَالَ وَالصَّلَاةُ عَلَى أَحْمَدَ فَالْأَصَحُّ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ أَوْ النَّبِيِّ فَإِنَّ الْأَصَحَّ الْإِجْزَاءُ فِيهِمَا. (سُئِلَ) عَنْ الْأَرْبَعِينَ الَّذِينَ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ إذَا كَانَ فِيهِمْ قُوَّةُ السَّمَاعِ بِحَيْثُ لَوْ أَصْغَى كُلٌّ مِنْهُمْ سَمِعَ الْخُطْبَةَ هَلْ يَكْفِي أَوْ لَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِهِمْ بِالْفِعْلِ؟ (فَأَجَابَ)

بِأَنَّ الْوَاجِبَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ الْعَدَدَ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ فَالسَّمَاعُ بِالْفِعْلِ لَا يُشْتَرَطُ وَإِلَّا كَانَ الْإِنْصَاتُ وَاجِبًا وَقَدْ صَرَّحُوا بِاسْتِحْبَابِهِ فَيَكْتَفِي بِرَفْعِ الصَّوْتِ وَإِمْكَانِ السَّمَاعِ. (سُئِلَ) عَنْ سَاعَةِ الْإِجَابَةِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَلَّلَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قِيلَ إنَّهَا بَيْنَ خُطْبَةِ الْإِمَامِ وَإِحْرَامِهِ بِالصَّلَاةِ فَهَلْ هِيَ سَاعَةٌ مُعَيَّنَةٌ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ لَا تَحْصُلُ فِي غَيْرِهِ فَإِذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ جُمَعٌ مُتَعَدِّدَةٌ اسْتَغْرَقَتْ جَمِيعَ وَقْتِ الظُّهْرِ أَوْ اخْتَلَفَتْ الصَّلَوَاتُ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ فَإِنْ قِيلَ لِكُلِّ جُمُعَةٍ سَاعَةٌ لَزِمَ تَعَدُّدُهَا وَالْوَارِدُ وَاحِدَةٌ وَإِنْ قِيلَ أَنَّهَا مُمْتَدَّةٌ انْتَفَى التَّقْلِيلُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِيهَا عَلَى أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ وَأَرْجَاهَا مِنْ وَقْتِ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا مُسْتَغْرِقَةٌ لِلْوَقْتِ الْمَذْكُورِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ عَنْهُ لِأَنَّهَا لَحْظَةٌ لَطِيفَةٌ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِهِ لِلْبُخَارِيِّ فَإِنْ قِيلَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ حُصُولُ الْإِجَابَةِ لِكُلِّ دَاعٍ بِشَرْطِهِ مَعَ اخْتِلَافِ الزَّمَانِ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَالْمُصَلِّينَ فَيَتَقَدَّمُ بَعْضٌ عَلَى بَعْضٍ وَسَاعَةُ الْإِجَابَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْوَقْتِ فَكَيْفَ تَتَّفِقُ مَعَ الِاخْتِلَافِ وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ سَاعَةُ

الْإِجَابَةِ مُتَعَلِّقَةً بِفِعْلِ كُلِّ مُصَلٍّ كَمَا قِيلَ نَظِيرُهُ فِي سَاعَةِ الْكَرَاهَةِ وَلَعَلَّ هَذَا فَائِدَةُ جَعْلِ الْوَقْتِ الْمُمْتَدِّ مَظِنَّةً لَهَا وَإِنْ كَانَتْ هِيَ خَفِيفَةً. (سُئِلَ) عَنْ قَضَاءِ الْفَرِيضَةِ وَالْخَطِيبُ يَخْطُبُ هَلْ يَحْرُمُ سَوَاءٌ كَانَ قَضَاؤُهَا فَوْرِيًّا وَلَا تَنْعَقِدُ أَمْ يَجُوزُ مُطْلَقًا أَمْ يَجُوزُ فِي الْقَضَاءِ الْفَوْرِيِّ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ بَعْدَ جُلُوسِهِ قَضَاؤُهَا وَإِنْ كَانَ فَوْرِيًّا وَلَا تَنْعَقِدُ. (سُئِلَ) عَنْ الْأَعْمَى إذَا كَانَ يُحْسِنُ الْمَشْيَ بِالْعَصَا بِلَا قَائِدٍ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَشْيُ إلَى الْجُمُعَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْأَعْمَى الْمَذْكُورِ لِمَشَقَّتِهِ وَقَدْ أَشْعَرَ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ بِتَضْعِيفِ كَلَامِ الْقَاضِي لِمُخَالَفَتِهِ لِإِطْلَاقِ الْأَكْثَرِينَ وَضَعَّفَهُ الشَّاشِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ وَإِنْ قَوَّاهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ حَمْلًا لِلْإِطْلَاقِ عَلَى الْغَالِبِ نَعَمْ إنْ حُمِلَ كَلَامُ الْقَاضِي عَلَى مَنْ اعْتَادَ الْمَشْيَ وَحْدَهُ إلَى مَوْضِعِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهِ بِلَا مَشَقَّةٍ فَهُوَ ظَاهِرٌ. (سُئِلَ) هَلْ تَنْعَقِدُ بِأَرْبَعِينَ مِنْ الْجِنِّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى انْعِقَادِهَا بِهِمْ إذَا تَصَوَّرُوا بِصُورَةِ الْآدَمِيِّينَ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ سَلَّمَ شَخْصٌ عَلَى الْخَطِيبِ وَهُوَ يَخْطُبُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ السَّلَامِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْخَطِيبِ رَدُّ

السَّلَامِ إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ. (سُئِلَ) عَمَّا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الْمُلَقِّنِ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ فِي اسْتِحْبَابِ نَتْفِ الْإِبْطِ مَا صُورَتُهُ فَرْعٌ كَمَا يُسْتَحَبُّ نَتْفُ الْإِبْطِ يُسْتَحَبُّ نَتْفُ الْأَنْفِ أَيْضًا كَذَا فِي الْكِفَايَةِ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ لِأَحَدٍ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَمْ مَا فِي أَحْكَامِ الْمُحِبِّ عُقَيْبَ مَا نَصُّهُ اسْتِحْبَابُ قَصِّ شَعْرِ الْأَنْفِ وَكَرَاهَةُ نَتْفِهِ ثُمَّ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَشِيرٍ جُبَارَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَوْقُوفًا «لَا تَنْتِفُوا الشَّعْرَ الَّذِي فِي الْأَنْفِ فَإِنَّهُ يُورِثُ لِلْحِرَابَةِ لَكِنْ قُصُّوهُ قَصًّا» رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الطِّبِّ اهـ كَلَامُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا فِي أَحْكَامِ الْمُحِبِّ عُقَيْبَ. (سُئِلَ) عَنْ مُسْتَخْلَفٍ اسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ لِحَدَثٍ حَدَثَ وَكَانَ الْمُسْتَخْلَفُ مُقْتَدِيًا بِالْإِمَامِ قَبْلَ حَدَثِهِ وَلَمْ يُدْرِكْ الْأُولَى فَصَارَ إمَامًا فِي الثَّانِيَةِ فَهَلْ إذَا صَلَّى بِالْقَوْمِ رَكْعَةً صَارَتْ لَهُ أُولَى وَلِلْمَأْمُومِينَ ثَانِيَةً فَبَعْدَ تَشَهُّدِهِ بِهِمْ يُتِمُّ جُمُعَةً أَمْ ظُهْرًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُتِمُّ صَلَاتَهُ ظُهْرًا لَا جُمُعَةً فَفِي الْمِنْهَاجِ ثُمَّ إنْ أَدْرَكَ الْأُولَى تَمَّتْ جُمُعَتُهُمْ وَإِلَّا فَتَتِمُّ لَهُمْ دُونَهُ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا خِلَافَهُ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا صَعِدَ الْخَطِيبُ وَأَرَادَ أَنْ يَلْتَفِتَ وَيُقْبِلَ عَلَى النَّاسِ يَلْتَفِتُ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ عَلَى يَسَارِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْتَفِتُ عَلَى يَمِينِهِ. (سُئِلَ)

عَنْ إمَامٍ مُحْدِثٍ أَحْرَمَ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ سَاهِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ فِيهَا أَنَّهُ مُحْدِثٌ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ شَخْصًا آخَرَ عَقِبَهُ أَمَّا لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ الْمَذْكُورُ وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْته فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَا يَسْتَخْلِفُ لِلْجُمُعَةِ إلَّا مُقْتَدِيًا قَبْلَ حَدَثِهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ قَبْلَ حَدَثِهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَإِنْ كَانَ سَلَّمَ فَأَتَتْ الْجُمُعَةُ هَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِيمَا إذَا وَقَعَ سَلَامُ الْإِمَامِ وَرَفَعَ الْمَأْمُومُ مِنْ السُّجُودِ مَعًا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ صُورَتَهَا أَنَّ إمَامَهُ سَلَّمَ قَبْلَ تَمَامِ سُجُودِهِ. (سُئِلَ) عَنْ حَلْقِ الشَّارِبِ هَلْ هُوَ سُنَّةٌ أَوْ لَا وَهَلْ إصْلَاحُ اللِّحْيَةِ سُنَّةٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ السُّنَّةَ قَصُّ الشَّارِبِ بِحَيْثُ يَظْهَرُ طَرَفُ الشَّفَةِ وَلَا يُحْفِيه مِنْ أَصْلِهِ وَلَيْسَ إصْلَاحُ اللِّحْيَةِ سُنَّةً. (سُئِلَ) عَنْ الْحَدِيثِ الَّذِي يُورِدُهُ الْمَرْقَى يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ مِنْ قَوْلِهِ إذَا قُلْت لِصَاحِبِك إلَخْ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَوْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِصِحَّتِهِ فَهَلْ كَانُوا يُورِدُونَهُ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِهِ فَهَلْ كَانُوا يُورِدُونَهُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ الْمَعْهُودَةِ الْآنَ أَمْ لَا وَهَلْ الْآذَانُ الَّذِي يُؤَذِّنُهُ الْمَرْقَى بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ لَهُ أَصْلٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْحَدِيثَ صَحِيحٌ وَالْآذَانَ الْمَذْكُورَ هُوَ الَّذِي كَانَ فِي

زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا تَعَدَّدَتْ الْجُمُعَةُ فِي الْبَلَدِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَمْ تُعْلَمْ السَّابِقَةُ وَتَعَذَّرَتْ إعَادَتُهَا جُمُعَةً كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ اسْتِنْكَارِ الْعَامَّةِ ذَلِكَ وَعَدَمِ انْقِيَادِهِمْ لَهُ فَهَلْ تَجِبُ صَلَاةُ الظُّهْرِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ تُسَنُّ رَاتِبَةُ الْجُمُعَةِ الْمُؤَخَّرَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يُجْمَعُ بَيْنَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَهَذِهِ الظُّهْرُ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يُجْمَعُ بَيْنَ الْفَرْضِ وَإِعَادَتِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ عَلِمَ الْمُصَلِّي أَنَّ جُمُعَتَهُ فُعِلَتْ قَبْلَ انْتِهَاءِ عَدَدِ الْجُمَعِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِعْلُ الظُّهْرِ وَالْأَوْجَبُ وَالرَّاتِبَةُ الْمُتَأَخِّرَةُ حِينَئِذٍ لِلظُّهْرِ وَيَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ الْفَرْضُ وَإِعَادَتُهُ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ لَمْ يُدْرِكْ إمَامَ الْجُمُعَةِ إلَّا فِي التَّشَهُّدِ وَنَوَى الْجُمُعَةَ وَصَلَّاهَا ظُهْرًا ثُمَّ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ ثَانِيًا تُقَامُ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ إنْ كَانَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ لَهُ فِعْلُهَا (سُئِلَ) عَنْ الْعُذْرِ الْمُرَخِّصِ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ مِثْلَ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ إذَا اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ فَهَلْ يُكْرَهُ لَهُمْ الْحُضُورُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ حُضُورُ

الْجُمُعَةِ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُمْ تَعْطِيلُ الْجُمُعَةِ فِي بَلَدِهِمْ أَوْ قَرْيَتِهِمْ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ. (سُئِلَ) عَنْ إمَامٍ سَهَا عَنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ فَقَامَ وَقَرَأَ وَذَكَّرُوهُ فَلَمْ يَتَذَكَّرْ فَهَلْ لَهُمْ مُتَابَعَتُهُ عَلَى ظَنِّهِ أَمْ يَنْتَظِرُونَهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَيُحْتَمَلُ التَّطْوِيلُ أَوْ يَنْتَظِرُونَهُ سُجُودًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمْ مُتَابَعَتُهُ وَلَا انْتِظَارُهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ فَيَسْجُدُونَ وَيَنْتَظِرُونَهُ فِيهِ وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَى أَنَّهُمْ يَنْتَظِرُونَهُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (سُئِلَ) عَنْ قِرَاءَةِ الْآيَةِ فِي الْخُطْبَةِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَهَا كَأَنْ يَقْرَأَ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ} [الأحزاب: 56] الْآيَةَ وَ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل: 90] الْآيَةَ بِلَا قَصْدِ الْآيَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ بَلْ فِي أَثْنَاءِ الْوَعْظِ وَالتَّذْكِيرِ هَلْ يَحْصُلُ بِهَا فَرِيضَةُ الْآيَةِ أَوْ لَا؟ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَحْصُلُ بِهِمَا فَرِيضَةُ الْآيَةِ. (سُئِلَ) عَنْ قِرَاءَةِ الْخُطْبَةِ مِنْ غَيْرِ تَذَكُّرِ مَوَاضِعِ الْفُرُوضِ بِالْفَرِيضَةِ بِأَنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ عِنْدَهُ أَرْكَانُ الْخُطْبَةِ وَقْتَ الْقِرَاءَةِ مَعَ كَوْنِهَا مَعْلُومَةً عِنْدَهُ مُحَقَّقَةً إذَا تَذَكَّرَ فَهَلْ تَصِحُّ خُطْبَتُهُ

فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ تَصِحُّ خُطْبَتُهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا نَسِيَ الْخَطِيبُ الْآيَةَ فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى وَجَلَسَ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ فَلَمَّا قَامَ تَذَكَّرَ فَقَرَأَ الْآيَةَ ثُمَّ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِالْجُلُوسِ فَهَلْ يَقْطَعُ الْجُلُوسُ الْأَوَّلُ الْوَلَاءَ بَيْنَهُمَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ الْجُلُوسُ الْأَوَّلُ فِيهَا الْوَلَاءَ (سُئِلَ) عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَرَأَ الْخَطِيبُ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] هَلْ هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ أَوْ جَائِزَةٌ؟ وَهَلْ يَرْفَعُ الْمُسْتَمِعُ بِذَلِكَ صَوْتَهُ حِينَئِذٍ أَمْ لَا؟ وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي الْخُطْبَةِ إذَا جَرَى ذِكْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ يُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ أَوْ لَا؟ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَهَلْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَحَدٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ الْمَذْكُورَةُ وَلَا يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ وَمَتَى ذَكَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اُسْتُحِبَّتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَالنُّصُوصُ الدَّالَّةُ عَلَى اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِهِ كَثِيرَةٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (سُئِلَ) عَنْ التَّرَضِّي عَلَى الصَّحَابَةِ عِنْدَ ذِكْرِهِمْ فِي الْخُطْبَةِ هَلْ هُوَ كَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ التَّرَضِّي الْمَذْكُورُ فِيهَا كَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

باب صلاة الخوف

(سُئِلَ) عَنْ ذِكْرِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَالسِّتَّةِ الْبَاقِينَ وَالسِّبْطَيْنِ وَالْعَمَّيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ فِي آخِرِ الْخُطْبَةِ وَالتَّرَضِّي عَنْهُمْ مِنْ السَّامِعِينَ هَلْ لَهُ أَصْلٌ مِنْ السَّلَفِ أَوْ لَا؟ وَهَلْ الْأَوْلَى تَرْكُ ذِكْرِهِمْ فِي الْخُطْبَةِ أَوْ لَا لِتَرْكِ الرَّافِضَةِ غَيْرَ ابْنِ عَمِّهِ وَسِبْطَيْهِ وَذِكْرَهُمْ إيَّاهُمْ مَعَ بَقِيَّةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ إمَامًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذُكِرَ أَصْلُهُ الِاقْتِدَاءُ بِالسَّلَفِ وَلَيْسَ الْأَوْلَى تَرْكُهُ. (سُئِلَ) عَنْ أَهْلِ بَلْدَةٍ تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ فَهَلْ إذَا تَفَرَّقُوا عَنْهَا وَسَكَنُوا الْبَوَادِي عَلَى نَحْوِ فَرْسَخٍ أَوْ فَرْسَخَيْنِ مِنْ بَلْدَتِهِمْ مَعَ أَنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ إلَيْهَا لِلْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ فَهَلْ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ إذَا لَمْ يَكْمُلْ الْعَدَدُ إلَّا بِهِمْ أَوْ لَا وَالْحَالُ أَنَّهُمْ لَا يَجِيئُونَهَا إلَّا لِحَاجَةٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ عِيدٍ وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْحُضُورُ إلَيْهَا لِأَجْلِ الْجُمُعَةِ لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ جُمُعَةُ أَهْلِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ بِمَنْ ذُكِرَ وَلَا يَجِبُ حُضُورُ تِلْكَ الْبَلْدَةِ لِأَجْلِ الْجُمُعَةِ حَيْثُ لَمْ يَتَوَطَّنْهَا عَدَدُ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ] (بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ) (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ خَطَفَ نَعْلَ إنْسَانٍ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْرِيَ خَلْفَهُ

وَيُصَلِّي إلَى الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا كَحَالَةِ الْقِتَالِ وَلَا يَضُرُّ الْمَشْيُ عَلَى النَّجَاسَةِ كَشِدَّةِ الْخَوْفِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لِوَطْئِهِ النَّجَاسَةَ أَوْ لَا وَهَلْ صَرَّحَ بِالْمَسْأَلَةِ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ غَيْرَ ابْنِ الْعِمَادِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَجُوزُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ إذَا خَافَ ضَيَاعَهُ وَلَا يَضُرُّهُ وَطْؤُهُ النَّجَاسَةَ كَحَامِلٍ سِلَاحَهُ الْمُتَلَطِّخَ بِالدَّمِ لِلْحَاجَةِ وَيَلْزَمُهُ فِعْلُهَا ثَانِيًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْمَسْأَلَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ تَجُوزُ لَهُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ لِلْخَوْفِ عَلَى مَالِهِ بَلْ صَرَّحَ الْجُرْجَانِيُّ بِأَنَّهُ يُصَلِّيهَا لِخَوْفِ انْقِطَاعِهِ عَنْ رُفْقَتِهِ وَمِنْ تَعْلِيلِهِمْ عَدَمُ جَوَازِهَا لِمَنْ خَافَ فَوْتَ الْعَدُوِّ بِأَنَّهُ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ مَا هُوَ حَاصِلٌ وَقَوْلُ الدَّمِيرِيِّ لَوْ شَرَدَتْ فَرَسُهُ فَتَبِعَهَا إلَى صَوْبِ الْقِبْلَةِ شَيْئًا كَثِيرًا أَوْ إلَى غَيْرِهَا بَطَلَتْ مُطْلَقًا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَخَفْ ضَيَاعَهَا (سُئِلَ) هَلْ تَجُوزُ صَلَاةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَلَا حَائِلَ بَيْنَهُمْ أَوْ لَا وَهَلْ يَحْتَاجُ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ إذَا اقْتَدَتْ بِهِ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ إلَى نِيَّةِ الْإِمَامَةِ لِيَحْصُلَ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ أَوْ لَا؟ وَهَلْ إذَا كَانَ الْإِمَامُ مُنْتَظِرًا لِلْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ حَالَ انْتِظَارِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ صَلَاةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ لِفَوَاتِ شَرْطِهَا

باب اللباس

وَلَا يَحْتَاجُ الْإِمَامُ إلَى نِيَّةِ الْإِمَامَةِ إذَا اقْتَدَتْ بِهِ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ وَيَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ حَالَ انْتِظَارِهِ. (سُئِلَ) هَلْ تَرْكُ الصَّلَاةِ لِمَنْ لَمْ يُدْرِكْ الْحَجَّ إلَّا بِهِ وَاجِبٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ وَاجِبٌ. [بَابُ اللِّبَاسِ] (بَابُ اللِّبَاسِ) (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ تَطْرِيزُ الْعِرْقِيَّةِ مَثَلًا بِالْفِضِّيَّةِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَطْرِيزُ الْعِرْقِيَّةِ مَثَلًا بِالْفِضَّةِ لِلرَّجُلِ وَالْخُنْثَى أَخْذًا بِعُمُومِ كَلَامِهِمْ فِي تَحْرِيمِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَلَيْهِمَا إلَّا مَا اسْتَثْنَوْهُ (سُئِلَ) عَمَّنْ خَضَّبَ لِحْيَتَهُ بِسَوَادٍ أَوْ حِنَّاءٍ بَعْدَ شَيْبِهَا هَلْ يَحْرُمُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ خِضَابَ الشَّيْبِ بِالْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ سُنَّةٌ وَخِضَابَهُ بِالسَّوَادِ حَرَامٌ إلَّا لِلْمُجَاهِدِ فِي الْكُفَّارِ فَلَا بَأْسَ بِهِ (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ الْجُلُوسُ عَلَى اللِّحَافِ الْحَرِيرِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَدَّ لِلْجُلُوسِ عَلَيْهِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لَهُ وَهَلْ إذَا جَازَ الْجُلُوسُ عَلَيْهِ يَجُوزُ التَّغَطِّي بِهِ عَلَى قَفَاهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجُلُوسُ عَلَى اللِّحَافِ الْحَرِيرِ إلَّا أَنْ يُفْرَشَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ بِجُلُوسِهِ عَلَيْهِ بِلَا فَرْشٍ يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْصُودُ مِنْ اتِّخَاذِهِ ذَلِكَ فَلَوْ جَعَلَ الْحَرِيرَ مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ وَجَلَسَ عَلَى بِطَانَتِهِ لَمْ يَحْرُمْ وَلَا يَجُوزُ التَّغَطِّي بِهِ مُطْلَقًا

سُئِلَ) عَنْ الْإِبْرَيْسَمِ غَيْرِ الْمَنْسُوجِ هَلْ يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ حُرْمَةَ اسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى تَتَنَاوَلُ غَيْرَ الْمَنْسُوجِ أَيْضًا بِدَلِيلِ اسْتِثْنَائِهِمْ مِنْ الْحُرْمَةِ خَيْطَ السُّبْحَةِ وَلِيقَةِ الدَّوَاةِ. (سُئِلَ) هَلْ الْعَذَبَةُ سُنَّةٌ أَمْ لَا وَهَلْ يُكْرَهُ تَرْكُهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا سُنَّةٌ وَكَذَا كَوْنُهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يُكْرَهُ تَرْكُهَا إذْ لَمْ يَصِحَّ فِي النَّهْيِ عَنْهُ شَيْءٌ. (سُئِلَ) عَنْ الْأَزْرَارِ الْحَرِيرِ هَلْ تَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الْمَرْأَةِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْبُرْهَانِ الْبَيْجُورِيِّ أَمْ تَحِلُّ قِيَاسًا عَلَى التَّطْرِيفِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَحِلُّ قِيَاسًا عَلَى التَّطْرِيفِ بَلْ أَوْلَى. (سُئِلَ) مَا الْمُعْتَمَدُ فِي كِيسِ الدَّرَاهِمِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ تَحْرِيمُ كِيسِ الْحَرِيرِ عَلَى غَيْرِ الْمَرْأَةِ. (سُئِلَ) عَنْ لُبْسِ الرَّجُلِ الثَّوْبَ الْمُعَصْفَرَ هَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ حَرَامٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمُسْتَأْجَرِ وَالْمُعَارِ مَعَ أَمْنِ تَلْوِيثِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فَقَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِ الِاحْتِجَامِ وَالْفَصْدِ فِيهِ فِي إنَاءٍ وَإِدْخَالُ النَّعْلِ الْمُتَنَجِّسَةِ فِيهِ إذَا أَمِنَ تَلْوِيثَهُ بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي الْجَوَازَ سَبَبُهُ قِلَّةِ الدُّخَانِ اهـ وَأَمَّا

باب صلاة العيدين

مَنْ صَرَّحَ بِتَحْرِيمِ الِاسْتِصْبَاحِ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ فَعَلَّلَهُ بِأَنَّ فِيهِ نَجَاسَةً. [بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ] (بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ) (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدِ وَأَرَادَ قَضَاءَهَا فَهَلْ يُكَبِّرُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُكَبِّرُ فِيهَا وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ وَتُقْضَى إذَا فَاتَتْ عَلَى صُورَتِهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ شَرَعَ فِي التَّكْبِيرَاتِ قَبْلَ الِافْتِتَاحِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ هَلْ يَعُودُ لِلِافْتِتَاحِ أَمْ لَا؟ ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَعُودُ إلَى الِافْتِتَاحِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ] (بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ) (سُئِلَ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي خُطْبَةِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ شُرُوطُ الْجُمُعَةِ جَمِيعُهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ شُرُوطُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ إلَّا السَّمَاعُ وَالْإِسْمَاعُ وَكَوْنُ الْخُطْبَةِ عَرَبِيَّةً. . (سُئِلَ) عَمَّا إذَا نَوَى صَلَاةَ الْكُسُوفَيْنِ وَأَطْلَقَ هَلْ لَهُ الِاقْتِصَارُ فِيهَا عَلَى رَكْعَتَيْنِ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَأَنْ يُصَلِّيَهَا بِرُكُوعَيْنِ وَقِيَامَيْنِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ كُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ. (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ الزِّيَادَةُ عَلَى رُكُوعَيْنِ لِلْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ وَهَلْ يَجُوزُ تَكْرِيرُهَا لِظَاهِرِ خَبَرِ النُّعْمَانِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَلَا التَّكْرِيرُ وَقَدْ أَجَابَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ أَخْبَارَ الرُّكُوعَيْنِ أَشْهَرُ وَأَصَحُّ فَوَجَبَ تَقْدِيمُهَا وَيُجَابُ عَنْ خَبَرِ النُّعْمَانِ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ مَا صَلَّاهُ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ لَمْ يَنْوِ

باب صلاة الاستسقاء

بِهِ الْكُسُوفَ فَإِنَّ وَقَائِعَ الْأَحْوَالِ إذَا تَطَرَّقَ إلَيْهَا الِاحْتِمَالُ كَسَاهَا ثَوْبُ الْإِجْمَالِ وَسَقَطَ بِهَا الِاسْتِدْلَال. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ السُّبْكِيّ قَدْ أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ تَقْدِيمَ الْجِنَازَةِ عَلَى الْجُمُعَةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَلَمْ يُبَيِّنُوا هَلْ هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ وَتَعْلِيلُهُمْ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ هَلْ هُوَ كَمَا قَالَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ حُكْمَهَا مَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ مِنْ وُجُوبِهِ بَلْ لَنَا وَجْهٌ أَنَّهُ يُقَدِّمُهَا وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا وَإِنْ رُدَّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا عَنْ وَقْتِهَا عَمْدًا. (سُئِلَ) عَنْ صَلَاةِ الْخُسُوفِ تَفُوتُ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ لَا بِغُرُوبِهِ خَاسِفًا وَلَا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَمَا فَائِدَةُ الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ إذَا غَابَ مَعَ انْتِهَائِهِ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ كَاللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ فَهَلْ عَلَى عَوْدِهِ حَتَّى يُصَلِّيَ لِأَجْلِهِ أَوْ لِكَوْنِ اللَّيْلِ مَوْجُودًا فَقَطْ وَحِينَئِذٍ الصَّلَاةُ لِأَجْلِ الْعِبَادَةِ لَا لِلْحَاجَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ سَبَبَ فَوْتِ صَلَاةِ الْخُسُوفِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ عَدَمُ الِانْتِفَاعِ بِالْقَمَرِ حِينَئِذٍ وَسَبَبُ عَدَمِ فَوْتِهَا بِغُرُوبِهِ خَاسِفًا بَقَاءُ سُلْطَانِهِ وَهُوَ اللَّيْلُ. [بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ] (بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ) (سُئِلَ) عَنْ صَوْمِ الِاسْتِسْقَاءِ بِأَمْرِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ هَلْ يَجِبُ لَهُ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ وَتَعْيِينُ الْفَرْضِ وَهَلْ يَصِحُّ صَوْمُهُ

باب تارك الصلاة

عَنْ الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَهَلْ يَجِبُ هَذَا الصَّوْمُ عَلَى الْإِمَامِ حَيْثُ أَمَرَ بِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ التَّبْيِيتُ وَالتَّعْيِينُ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَصِحُّ صَوْمُهُ عَنْ الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ الصَّوْمِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ لَا تَعْيِينُهُ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَ عَلَى غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ بَذْلًا لِطَاعَتِهِ. (سُئِلَ) عَنْ دُعَاءِ الْكَافِرِ إذَا كَانَ مَظْلُومًا هَلْ يُسْتَجَابُ مِنْهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُ كَمَا اُسْتُجِيبَ لِإِبْلِيسَ دُعَاؤُهُ بِالْإِنْظَارِ. [بَابُ تَارِكِ الصَّلَاةِ] (بَابُ تَارِكِ الصَّلَاةِ) (سُئِلَ) هَلْ اسْتِتَابَةُ تَارِكِ الصَّلَاةِ وَاجِبَةٌ أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ اسْتِتَابَتَهُ مُسْتَحَبَّةٌ عَلَى الرَّاجِحِ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا تَرَكَ الْجُمُعَةَ فَبِأَيِّ شَيْءٍ تَحْصُلُ تَوْبَتُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَحْصُلُ تَوْبَتُهُ بِأَنْ يَقْضِيَ ظُهْرَ يَوْمِ تَرَكَهَا وَيَعْزِمَ عَلَى عَدَمِ تَرْكِهَا. (سُئِلَ) هَلْ يُشْتَرَطُ لِإِهْدَارِ دَمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ اسْتِتَابَةُ الْحَاكِمِ حَتَّى لَوْ اسْتَتَابَهُ آحَادُ النَّاسِ وَقَتَلَهُ هُوَ أَوْ غَيْرَهُ، قُتِلَ بِهِ أَمْ لَا؟ وَإِذَا قُلْتُمْ بِذَلِكَ وَاسْتَتَابَهُ الْحَاكِمُ وَلَمْ يَتُبْ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِهِ وَقَتَلَهُ شَخْصٌ، هَلْ يُقْتَلُ بِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِإِهْدَارِ دَمِهِ اسْتِتَابَةُ الْحَاكِمِ إيَّاهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ

كتاب الجنائز

[كِتَابُ الْجَنَائِزِ] (كِتَابُ الْجَنَائِزِ) (سُئِلَ) عَمَّنْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوْ تَقَدَّمَ عَلَى الْجِنَازَةِ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِتَقَدُّمِهِ الْمَذْكُورِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَسْلَمَ وَأَبَوَاهُ كَافِرَانِ ثُمَّ تَرَدَّدَ بَعْدَ مَوْتِهِمَا فِي إسْلَامِهِمَا هَلْ يَدْعُو لِوَالِدَيْهِ بِالرَّحْمَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ إسْلَامُهُمَا جَازَ الدُّعَاءُ لَهُمَا بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ وَنَحْوِهِمَا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ لِكُلِّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ وَالِدَيْهِ عَلَى سَبِيلِ الْإِيهَامِ فَيَدْخُلُ أَبَوَاهُ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَا أَسْلَمَا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ مَاتَتْ ذِمِّيَّةٌ وَهِيَ حَامِلٌ بِمُسْلِمٍ فَفِي أَيْ مَوْضِعٍ تُدْفَنُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا مَاتَتْ وَفِي بَطْنِهَا جَنِينٌ مُسْلِمٌ مَيِّتٌ دُفِنَتْ بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ وَيُجْعَلُ ظَهْرُهَا لِلْقِبْلَةِ لِيَسْتَقْبِلَهَا الْجَنِينُ لِأَنَّ وَجْهَ الْجَنِينِ إلَى ظَهْرِ أُمِّهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ مَاتَتْ مُسْلِمَةٌ بَعْدَ وَضْعِ جَنِينِهَا فَاكْتَرَى وَالِدُهُ يَهُودِيَّةً لِإِرْضَاعِهِ وَلَهَا وَلَدٌ فِي شَكْلِهِ فَأَرْضَعَتْهُ حَوْلًا وَمَاتَتْ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يُمَيِّزُ بَيْنَ الْوَلَدَيْنِ بِسَبَبِ غَيْبَةِ زَوْجِ الذِّمِّيَّةِ فَإِذَا حَضَرَ الذِّمِّيُّ وَلَمْ يَعْرِفْ ابْنَهُ كَيْفَ يَأْخُذُهُ وَلَوْ هَلَكَ الْوَلَدَانِ مَا حُكْمُ دَفْنِهِمَا وَغُسْلِهِمَا وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِمَا وَفِي أَيِّ مَوْضِعٍ يُدْفَنَانِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا

اشْتَبَهَ وَلَدُ الْكَافِرِ بِوَلَدِ الْمُسْلِمِ وَلَمْ يَعْرِفْ الْمُسْلِمُ وَلَدَهُ مِنْهُمَا وَقَفَ أَمْرُ الْوَلَدَيْنِ حَتَّى يَتَّضِحَ الْحَالُ بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ بِمَعْرِفَةِ وَلَدِ الْمُسْلِمِ أَوْ وَلَدِ الْكَافِرِ أَوْ بِقَائِفٍ يُلْحِقُ أَحَدَ الْوَلَدَيْنِ بِالْمُسْلِمِ أَوْ يَبْلُغَا وَيَنْتَسِبَا انْتِسَابًا مُخْتَلِفًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا أَنْ يَنْتَسِبَ إلَى مَنْ مَالَ طَبْعُهُ إلَيْهِ مِنْ الْمُسْلِمِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ بَلَغَا وَلَمْ تُوجَدْ بَيِّنَةٌ وَلَا قَائِفٌ وَلَا انْتَسَبَا أَيْ لِفَقْدِ الْمَيْلِ أَوْ انْتَسَبَا إلَى وَاحِدٍ دَامَ الْوَقْفُ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّسَبِ وَيَتَلَطَّفُ بِهِمَا لَعَلَّهُمَا يُسْلِمَانِ فَإِنْ امْتَنَعَا مِنْ الْإِسْلَامِ لَمْ يُكْرَهَا عَلَيْهِ وَإِذَا مَاتَ الْوَلَدَانِ قَبْلَ الِامْتِنَاعِ مِنْ الْإِسْلَامِ وَجَبَ غُسْلُهُمَا وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا وَيُدْفَنَانِ بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ وَيُوَجَّهَانِ لِلْقِبْلَةِ وَإِنْ مَاتَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالِامْتِنَاعِ مِنْ الْإِسْلَامِ جَازَ غُسْلُهُمَا وَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَهُودِيٌّ وَالْآخَرَ مُرْتَدٌّ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ كَانَ فِي كَفَنِ الْمَيِّتِ نَجَاسَةٌ خَفِيَّةٌ أَوْ ظَاهِرَةٌ هَلْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ مَعَهَا أَمْ لَا؟ وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْكَفَنِ الْمَفْرُوضِ طَهَارَتُهُ إلَى انْتِهَاءِ الصَّلَاةِ أَمْ إلَى وَضْعِهِ فِي الْقَبْرِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ وَفِي كَفَنِهِ نَجَاسَةٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهَا ظَاهِرَةٌ أَوْ خَفِيَّةٌ وَيُشْتَرَطُ فِي الْكَفَنِ طَهَارَتُهُ إلَى انْتِهَاءِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ

الْإِسْنَوِيُّ فِي الْقِطْعَةِ إذَا مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَالْمَنْصُوصُ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الْقِيَامُ لَهَا بَلْ قَالَ الْأَكْثَرُونَ إنَّهُ يُكْرَهُ كَذَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ اهـ فَلِمَ لَا يُسْتَحَبُّ الْقِيَامُ لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «إذَا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَةَ فَقُومُوا حَتَّى تَخْلُفَكُمْ أَوْ تُوضَعَ» وَلِمَ لَا يُكْرَهُ الْجُلُوسُ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي بِاسْتِحْبَابِ الْقِيَامِ لَهَا لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ وَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ عَنْ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّ الْقِيَامَ فِيهَا مَنْسُوخٌ (سُئِلَ) هَلْ تُسَنُّ تَعْزِيَةُ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ وَالصَّدِيقِ بِصَدِيقِهِ وَهَلْ يُعَزَّى بِمُصِيبَةِ الْمَالِ كَالْمَوْتِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسَنُّ تَعْزِيَةُ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ وَالصَّدِيقِ بِصَدِيقِهِ إذْ السُّنَّةُ أَنْ يُعَزِّيَ الشَّخْصُ بِكُلِّ مَنْ يَحْصُلُ لَهُ عَلَيْهِ وَجْدٌ وَأَدِلَّةُ التَّعْزِيَةِ كَحَدِيثِ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إلَّا كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» شَامِلَةٌ لِتَعْزِيَةِ الشَّخْصِ بِمُصِيبَتِهِ بِمَالِهِ وَلَكِنَّ الْفُقَهَاءَ تَكَلَّمُوا عَلَى التَّعْزِيَةِ بِالْمَيِّتِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَلْقَتْ جَنِينًا لَمْ يَسْتَهِلَّ وَلَمْ يَبْكِ وَكَانَتْ حَسَّتْ بِتَحَرُّكٍ فِي بَطْنِهَا حِينَ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرُ فَهَلْ تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ

لِأَنَّ تَحَرُّكَهُ الْمَذْكُورَ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَى السِّقْطِ الْمَذْكُورِ بَلْ لَا تَجُوزُ لِعَدَمِ ظُهُورِ الْحَيَاةِ فِيهِ بِاخْتِلَاجٍ بَعْدَ انْفِصَالِهِ وَالتَّحَرُّكُ الْمَذْكُورُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ لَيْسَ بِأَمَارَةٍ لِحَيَاتِهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ رِيحًا أَوْ نَحْوَهُ. (سُئِلَ) هَلْ تُسَنُّ تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمَيِّتِ لِبَعْضِهِمْ بَعْضًا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسَنُّ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ مُصَابٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ نَزَلَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ بَعْدَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا مَيِّتًا هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ أَمْ لَا فَمَا الْجَوَابُ عَنْ الْحَدِيثِ الْمُخْبِرِ بِنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ فِيهَا إذْ يَقْتَضِي مَوْتَهُ بَعْدَ حَيَاتِهِ فَيُصَلَّى عَلَيْهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى السِّقْطِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الْمُقْتَضَى لِلصَّلَاةِ عَلَى السِّقْطِ تَيَقُّنُ حَيَاتِهِ أَوْ ظُهُورِهَا بَعْدَ انْفِصَالِهِ وَأَمَّا تَيَقُّنُ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ فَإِنَّمَا هُوَ مُقْتَضٍ لِغُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَدَفْنِهِ لَا الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ الْمُشَارِ إلَيْهِ أَنَّ الْمَلَكَ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ بَعْدَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا فَإِذَا نَزَلَ السِّقْطُ الْمَذْكُورُ مَيِّتًا وَجَبَ غُسْلُهُ وَدَفْنُهُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا ذَكَرَ فُقَهَاؤُنَا وَبَيْنَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ. (سُئِلَ) عَنْ جِنَازَةٍ حَضَرَتْ فِي مَسْجِدٍ قَبْلَ أَذَانِ الْعَصْرِ بِنَحْوِ دَرَجَتَيْنِ فَأَرَادَ الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ مَعَهَا تَأْخِيرَهَا لِيُصَلَّى عَلَيْهَا إذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاةِ

الْعَصْرِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ لَكِنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدُوا بِتَأْخِيرِهَا لَا إيقَاعَهَا وَقْتَ الْكَرَاهَةِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ مَرَّتْ عَلَيْهِ جِنَازَةٌ فَنَوَى وَصَلَّى عَلَيْهَا وَهِيَ سَائِرَةٌ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا كَإِمَامٍ مَشَى بِهِ سَرِيرُهُ أَوْ سَارَتْ بِهِ سَفِينَتُهُ أَوْ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَرْقٌ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ الْمَذْكُورَةُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَ الْمُصَلِّي وَالْجِنَازَةِ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ بَلْ الْمَقِيسُ أَوْلَى الصِّحَّةِ فَإِنَّ الْإِمَامَ مُصَلٍّ لِفَرِيضَةٍ وَمِنْ شَرْطِهَا الِاسْتِقْرَارُ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ صَلَّى عَلَى جَنَائِزَ صَلَاةً وَاحِدَةً وَقَالَ فِي دُعَائِهِ فِيهَا اللَّهُمَّ إنَّ هَذَا عَبْدُك بِتَوْحِيدِ الْمُضَافِ وَاسْمِ الْإِشَارَةِ فَهَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ لِعُمُومِ الْمُضَافِ وَلِصِحَّةِ الْإِشَارَةِ بِهَذَا إلَى الْفَرِيق وَنَحْوِهِ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ الْمَذْكُورَةُ إذْ لَا اخْتِلَالَ فِي صِيغَةِ الدُّعَاءِ أَمَّا اسْمُ الْإِشَارَةِ فَلِقَوْلِ أَئِمَّةِ النُّحَاةِ أَنَّهُ قَدْ يُشَارُ بِمَا لِلْوَاحِدِ إلَى الْجَمْعِ كَقَوْلِ لَبِيدٍ وَلَقَدْ سَئِمْت مِنْ الْحَيَاةِ وَطُولِهَا ... وَسُؤَالُ هَذَا النَّاسِ كَيْفَ لَبِيدُ ؟ بَلْ قَالَ الْفُقَهَاءُ لَوْ ذَكَّرَ ضَمَائِرَ الْأُنْثَى عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ أَوْ أَنَّثَ ضَمَائِرَ

الذَّكَرِ عَلَى إرَادَةِ التَّسْمِيَةِ لَمْ يَضُرَّ وَأَمَّا لَفْظُ الْعَبْدِ فَلِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ إفْرَادُ مَنْ أُشِيرَ إلَيْهِ. (سُئِلَ) عَنْ مُؤْنَةِ تَجْهِيزِ الْمُبَعَّضِ هَلْ تَجِبُ عَلَى مَالِكِ بَعْضِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَجِبُ فِي مَالِهِ وَعَلَى سَيِّدِهِ بِحَسَبِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ إنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ مَاتَ فِي نَوْبَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُبَعَّضِ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ حَيًّا مِنْ أَقَارِبِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ. (سُئِلَ) عَنْ زَوْجَةٍ تُوُفِّيَتْ فَجَهَّزَهَا بَعْضُ أَقَارِبِهَا وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ بِمُؤْنَةِ تَجْهِيزِهَا عَلَى زَوْجِهَا الْمُوسِرِ بِهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْهَا. (سُئِلَ) هَلْ يَجِبُ عَلَى غَاسِلِ الْمَيِّتِ سَتْرُهُ مِنْ سُرَّتِهِ إلَى رُكْبَتِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) يَجِبُ عَلَيْهِ السَّتْرُ الْمَذْكُورُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي الْجَنَائِزِ لَا يَجِبُ فِي الْحَاضِرَةِ تَعْيِينُ هَلْ قَوْلُهُ فِي الْحَاضِرَةِ قَيْدٌ مُعْتَمَدٌ حَتَّى لَوْ صَلَّى عَلَى غَائِبٍ وَجَبَ تَعْيِينُهُ وَذَلِكَ مَنْقُولٌ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْيَمَنِ أَمْ لَا؟ ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذُكِرَ قَيْدٌ مُعْتَمَدٌ فَيَخْرُجُ بِهِ الْغَائِبُ (سُئِلَ) هَلْ يُسَنُّ تَطْوِيلُ الدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ لِلْمَيِّتِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ فِي

الْقِطْعَةِ وَالنَّوَوِيِّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِيهِ وَمَا حَدُّ التَّطْوِيلِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسَنُّ التَّطْوِيلُ وَحَدُّهُ أَنْ يَكُونَ مَا بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَدِيثُ الْوَارِدُ فِيهِ (سُئِلَ) عَنْ تَلْقِينِ الْمَيِّتِ هَلْ هُوَ سُنَّةٌ أَوْ مَكْرُوهٌ وَهَلْ هُوَ قَبْلَ الدَّفْنِ أَوْ بَعْدَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ تَلْقِينَ الْمَيِّتِ غَيْرِ الطِّفْلِ وَنَحْوِهِ سُنَّةٌ وَيَكُونُ بَعْدَ دَفْنِهِ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ نَصْرِ الْمَقْدِسِيِّ إذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِهِ يَقِفُ عِنْدَ رَأْسِ قَبْرِهِ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَأَقَرَّهُ وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ الْعَبْدَ إذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ أَنَّهُ يَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ فَإِذَا انْصَرَفُوا أَتَاهُ مَا كَانَ» الْحَدِيثُ فَإِذَا أَخَّرَ التَّلْقِينَ إلَى مَا بَعْدَ الْإِهَالَةِ كَانَ أَقْرَبَ إلَى حَالَةِ سُؤَالِهِ (سُئِلَ) عَمَّنْ وُلِدَ مَيِّتًا بَعْدَ تَمَامِ غَالِبِ مُدَّةِ الْحَمْلِ هَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْكَبِيرِ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَمْ يُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا وَهَلْ يَشْمَلُ هَذَا قَوْلَ ابْنِ الْوَرْدِيِّ فِي بَهْجَتِهِ فَصَاعِدًا أَوْ يُحْمَلُ قَوْلُهُ فَصَاعِدًا إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا نَقَلَهُ عَنْ فَتَاوَى الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ السُّيُوطِيّ أَنَّ السِّقْطَ مَنْ وُلِدَ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَهَلْ لِلسِّقْطِ حَدٌّ يُعْرَفُ بِهِ لُغَةً أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ)

بِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْكَبِيرِ فِي وُجُوبِ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِمْ يَجِبُ غُسْلُ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ وَاسْتَثْنَوْا مِنْهُ مَا اسْتَثْنَوْهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ وَلَا يَشْمَلُ هَذَا قَوْلَ ابْنِ الْوَرْدِيِّ كَغَيْرِهِ فِي السِّقْطِ فَصَاعِدًا لِأَنَّ هَذَا لَا يُسَمَّى سِقْطًا لِأَنَّهُ النَّازِلُ قَبْلَ تَمَامِ أَشْهُرِهِ فَقَدْ قَالَ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ السِّقْطُ الْوَلَدُ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ قَبْلَ تَمَامِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ نَبَشَ قَبْرَ مَيِّتٍ بِمَقْبَرَةٍ مُسَبَّلَةٍ قَبْلَ أَنْ يَبْلَى وَدَفَنَ فِيهِ آخَرَ وَأَعَادَ التُّرَابَ عَلَيْهِمَا كَمَا كَانَ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ نَبْشُهُ وَإِخْرَاجُ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْتَحَقَّهُ أَمْ يَجُوزُ أَمْ يَحْرُمُ لِأَنَّ هَتْكَ الْحُرْمَةِ قَدْ زَالَ بِالطَّمِّ؟ ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّبْشُ ثَانِيًا لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ حُرْمَةِ الْمَيِّتَيْنِ وَهَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِمْ يَحْرُمُ نَبْشُ الْقَبْرِ قَبْلَ بَلَاءِ مَيِّتِهِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ يُقَدَّمُ فِي غُسْلِ الذُّكُورِ الْعَصَبَةُ ثُمَّ ذَوُو الْوَلَاءِ ثُمَّ ذَوُو الْأَرْحَامِ وَفِي غُسْلِ الْإِنَاثِ الْعَصَبَةُ ثُمَّ ذَوَاتُ الْأَرْحَامِ ثُمَّ الْوَلَاءُ فَلِأَيِّ شَيْءٍ جَعَلُوا الْوَلَاءَ وَسَطًا فِي الذُّكُورِ وَأَخَّرُوهُ فِي الْإِنَاثِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنَّمَا يُقَدَّمُ فِي غُسْلِ الرِّجَالِ ذَوُو الْوَلَاءِ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ لِأَنَّهُ مِنْ حَقِّ الْمَيِّتِ كَالتَّكْفِينِ وَالدَّفْنِ وَالصَّلَاةِ

وَهُمْ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمْ لِقُوَّتِهِمْ وَلِهَذَا يَرِثُونَهُ بِالِاتِّفَاقِ وَيُؤَدُّونَ دُيُونَهُ وَيُنَفِّذُونَ وَصَيَاهُ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا لِذَوِي الْأَرْحَامِ مَعَ وُجُودِهِمْ وَقُدِّمَتْ ذَوَاتُ الْأَرْحَامِ عَلَى ذَوَاتِ الْوَلَاءِ فِي غُسْلِ الْإِنَاثِ لِأَنَّهُنَّ أَشْفَقُ مِنْهُنَّ وَلِضَعْفِ الْوَلَاءِ فِي الْإِنَاثِ وَلِهَذَا لَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا عَتِيقَهَا أَوْ مُنْتَمِيًا إلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ. (سُئِلَ) عَنْ الْمُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ هَلْ يُسَنُّ نَظَرُهُ إلَى الْمَيِّتِ أَوْ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ أَوْ إلَى مَحَلِّ سُجُودِهِ لَوْ كَانَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْمَيِّتِ. (سُئِلَ) عَمَّا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ مِنْ أَنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ إذَا صَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَكِنَّ مَحَلَّ صَلَاتِهِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ الْفَرْضُ بِغَيْرِهِ. (سُئِلَ) عَنْ دَفْنِ مَيِّتَيْنِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ هَلْ يَحْرُمُ سَوَاءٌ اتَّحَدَ النَّوْعُ أَمْ اخْتَلَفَ وَسَوَاءٌ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ أَمْ فِيهِ التَّفْصِيلُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ دَفْنُ اثْنَيْنِ فِي الِابْتِدَاءِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَإِنْ اتَّحَدَ النَّوْعُ كَرَجُلَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ أَوْ اخْتَلَفَ وَكَانَ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ أَوْ زَوْجِيَّةٌ أَوْ مَمْلُوكِيَّةٌ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ تَبَعًا لِلسَّرَخْسِيِّ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ

وَخِلَافُ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ السَّلَفُ وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَرِّ التَّقِيِّ وَالْفَاجِرِ الشَّقِيِّ وَفِيهِ إضْرَارُ الصَّالِحِ بِالْجَارِ السُّوءِ وَفِي الْأُمِّ وَيُفْرَدُ كُلُّ مَيِّتٍ بِقَبْرٍ إلَى أَنْ قَالَ فَإِنْ كَانَ الْحَالُ ضَرُورَةً مِثْلَ أَنْ تَكْثُرَ الْمَوْتَى وَيَقِلُّ مَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي الْقَبْرِ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إلَّا لِضَرُورَةٍ مُتَأَكِّدَةٍ اهـ. وَدَلِيلُهُ ظَاهِرٌ كَمَا فِي الْحَيَاةِ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ مَاتَ رَقِيقُهُ ثُمَّ مَاتَ وَتَرِكَتُهُ لَا تَفِي إلَّا بِتَجْهِيزِ أَحَدِهِمَا فَهَلْ يُقَدَّمُ بِهِ الرَّقِيقُ لِسَبْقِ حَقِّهِ أَمْ سَيِّدُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقَدِّمُ بِهِ سَيِّدُهُ لِتَيَقُّنِ عَجْزِهِ بِمَوْتِهِ عَنْ تَجْهِيزِ غَيْرِهِ. (سُئِلَ) هَلْ يُثَابُ عَلَى إعَادَةِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِقَوْلِهِمْ أَنَّهَا تَقَعُ نَفْلًا أَمْ لَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَحَبَّةٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهَا لِوُقُوعِهَا نَفْلًا وَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ غَيْرَ مَطْلُوبٍ وَإِذَا فَعَلَهُ أُثِيبَ عَلَيْهِ كَاقْتِدَاءِ الْمُؤَدِّي بِالْقَاضِي وَعَكْسُهُ وَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ مَنْدُوبًا وَإِذَا فَعَلَهُ وَقَعَ وَاجِبًا كَمَنْ مَسَحَ جَمِيعَ رَأْسِهِ فِي وُضُوئِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فِيهِ وَفِي نَظَائِرِهِ. (سُئِلَ) عَنْ الْكَفَنِ الْمُعَصْفَرِ لِلرَّجُلِ هَلْ هُوَ حَرَامٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيّ وَجَرَى عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَوْ مَكْرُوهٌ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَرَاهَتُهُ لَا تَحْرِيمُهُ

لِأَنَّ الرَّاجِحَ جَوَازُ لُبْسِهِ حَيًّا. (سُئِلَ) عَمَّنْ اُسْتُشْهِدَ فِي ثِيَابٍ حَرِيرٍ لَبِسَهَا لِضَرُورَةٍ كَدَفْعِ قُمَّلٍ فَهَلْ يَجُوزُ تَكْفِينُهُ فِيهَا مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ تَكْفِينُهُ فِيهَا إذْ السُّنَّةُ تَكْفِينُهُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي اُسْتُشْهِدَ فِيهَا لَا سِيَّمَا إذَا تَلَطَّخَتْ بِدَمِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَوْصَى بِإِسْقَاطِ الزَّائِدِ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي تَكْفِينِهِ هَلْ تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ بِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا لَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ بِهِ لِأَنَّ فِيهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَقَدْ نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَأَقَرَّهُ وَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ مَرْدُودٍ. (سُئِلَ) عَمَّنْ مَاتَ رَقِيقه هَلْ يُعَزَّى فِيهِ كَمَا يُعَزَّى الْمُسْلِمُ فِي قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ إذَا كَانَ الرَّقِيقُ مُسْلِمًا وَيُعَزَّى فِيهِ بِتَعْزِيَةِ الْكَافِرِ إذَا كَانَ الرَّقِيقُ كَافِرًا أَمْ لَا وَهَلْ يُعَزَّى الرَّقِيقُ فِي سَيِّدِهِ كَذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعَزَّى السَّيِّدُ فِي رَقِيقِهِ الْمُسْلِمِ بِمَا يُعَزَّى بِهِ فِي قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ وَفِي رَقِيقِهِ الْكَافِرِ بِمَا يُعَزَّى بِهِ فِي قَرِيبِهِ الْكَافِرِ وَيُعَزَّى الرَّقِيقُ فِي سَيِّدِهِ كَذَلِكَ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْمَحَلِّيِّ فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَيُكْرَهُ الْكَفَنُ الْمُعَصْفَرُ قَالَ لِمَنْ لَا يُكْرَهُ لَهُ فِي الْحَيَاةِ وَهُوَ الْمَرْأَةُ هَلْ هُوَ لِلرَّجُلِ مَكْرُوهٌ أَيْضًا أَمْ حَرَامٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّجُلَ كَالْمَرْأَةِ إنْ أَبَحْنَا لَهُ لُبْسَهُ فِي الْحَيَاةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَإِنْ حَرَّمْنَاهُ عَلَيْهِ

كَالزَّعْفَرِ وَهُوَ مَا صَوَّبَهُ الْبَيْهَقِيّ عَمَلًا بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فَالْكَفَنُ كَذَلِكَ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ لَوْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِتَكْبِيرَةٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ هَلْ الْمُرَادُ أَنَّ الْإِمَامَ يُكَبِّرُ الثَّالِثَةَ وَالْمَأْمُومُ فِي الْأُولَى أَوْ أَنَّ الْإِمَامَ يُكَبِّرُ الثَّانِيَةَ وَالْمَأْمُومُ فِي الْأُولَى؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى تَخَلَّفَ الْمَأْمُومُ بِتَكْبِيرَةٍ فَلَمْ يُكَبِّرْهَا حَتَّى شَرَعَ إمَامُهُ فِي الْأُخْرَى بِلَا عُذْرٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. (سُئِلَ) عَنْ الْغَرِيبِ إذَا مَاتَ هَلْ يَكُونُ شَهِيدًا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ شَهِيدٌ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ أُبِيحَ لَهُ لُبْسُ الْحَرِيرِ لِحَكَّةٍ أَوْ قَمْلٍ مَثَلًا ثُمَّ إنَّ السَّبَبَ الْمُبِيحَ لَهُ ذَلِكَ اسْتَمَرَّ إلَى الْمَوْتِ فَهَلْ يَجُوزُ تَكْفِينُهُ فِيهِ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ قَبْلَ الْمَوْتِ أَمْ لَا يَجُوزُ لِزَوَالِ الْعَارِضِ بِالْمَوْتِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمْ تَكْفِينُهُ فِي الْحَرِيرِ. (سُئِلَ) عَنْ الْقُعُودِ عِنْدَ تَلْقِينِ الْمَيِّتِ هَلْ يُسْتَحَبُّ لِلْمُلَقِّنِ وَالْحَاضِرِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ يُسْتَحَبُّ الْقِيَامُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْقُعُودُ لِلْمُلَقِّنِ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى سَمَاعِ الْمَيِّتِ التَّلْقِينَ (سُئِلَ) عَمَّنْ نَطَقَ مِنْ صِبْيَانِ الْكُفَّارِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَصَلَّى وَصَامَ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ بَعْدَمَا اشْتَرَاهُ مُسْلِمٌ هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ إذَا مَاتَ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ لَا فَأَيُّ فَرْقٍ حَصَلَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ صِبْيَانِ الْكُفَّارِ وَهَلْ

يُقَالُ يَلِيقُ بِمَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ أَنْ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُجْعَلَ كَغَيْرِهِ وَإِذَا لَمْ تَحْكُمْ بِإِسْلَامِ هَذَا الصَّبِيِّ فَمَا الْفَائِدَةُ فِي عَرْضِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْإِسْلَامَ عَلَى غُلَامٍ يَهُودِيٍّ يَخْدُمُهُ وَهَلْ الْغُلَامُ يَشْمَلُ الْبَالِغَ أَمْ لَا وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا غَيْرَ بَالِغٍ وَمَا مُرَادُ الْبُخَارِيِّ فِي تَرْجَمَتِهِ بَابُ إذَا أَسْلَمَ الصَّبِيُّ هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَهَلْ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِيِّ الْإِسْلَامُ بَيِّنُوا لَنَا بَيَانًا شَافِيًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ إذَا مَاتَ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ صِبْيَانِ الْكُفَّارِ وَالْغُلَامُ الْمَذْكُورُ كَانَ بَالِغًا وَتَرْجَمَةُ الْإِمَامِ الْبُخَارِيِّ مُفَادُهَا الِاسْتِفْهَامُ فَقَطْ. (سُئِلَ) عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَا ضَرَّك لَوْ مِتّ قَبْلِي إلَخْ وَقَوْلُهَا لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا نِسَاؤُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَى الْأُولَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُغَسِّلْ عَائِشَةَ لِأَنَّهَا لَمْ تَمُتْ قَبْلَهُ لِأَنَّ لَوْ حَرْفُ امْتِنَاعٍ لِامْتِنَاعٍ وَمَعْنَى الثَّانِيَةِ أَنَّ مَا ظَهَرَ لَهَا حَالَ قَوْلِهَا الْمَذْكُورِ لَوْ ظَهَرَ لَهَا حَالَ غُسْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا غَسَّلَهُ إلَّا نِسَاؤُهُ لِمَصْلَحَتِهِنَّ بِقِيَامِهِنَّ بِهَذَا الْفَرْضِ الْعَظِيمِ وَلِأَنَّ جَمِيعَ بَدَنِهِ يَحِلُّ لَهُنَّ نَظَرُهُ حَالَ حَيَاتِهِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ

يَمْكُثُ نَهَارَهُ بِمَوْضِعٍ يُصَلِّي عَلَى كُلِّ جِنَازَةٍ حَضَرَتْ لِذَلِكَ الْمَوْضِعِ الْمُعَيَّنِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا فَهَلْ يَكُونُ مُحَصِّلًا لِلْقِيرَاطِ الَّذِي عَيَّنَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا وَشَيَّعَ بِقَدْرِهِ أَمْ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْهُ لِكَوْنِهِ مَاكِثًا أَمْ لَا وَإِذَا قَصَدَ بِمُكْثِهِ بِالْمَوْضِعِ الْمَذْكُورِ تَحْصِيلَ أَجْرِ كُلِّ صَلَاةٍ بِحَيْثُ لَوْ شَيَّعَ جِنَازَةً فَأَتَتْهُ جَنَائِزُ هَلْ يَكُونُ مُحَصِّلًا لِقِيرَاطِ مَنْ صَلَّى وَشَيَّعَ بِقَدْرِهِ عَمَلًا بِمَا نَوَاهُ أَمْ لَا وَهَلْ يَتَعَدَّدُ الْقِيرَاطُ لِلْمُصَلِّي الْمُشَيِّعِ بِتَعَدُّدِ الْجَنَائِزِ مَعِيَّةً وَتَرْتِيبًا أَمْ لَا وَمَا الْحِكْمَةُ فِي تَمْثِيلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجَبَلِ أُحُدٍ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْجِبَالِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقِيرَاطَ الْحَاصِلَ لِمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ أَقَلُّ مِنْ الْقِيرَاطِ الْحَاصِلِ لِمَنْ شَهِدَهَا مِنْ مَكَانِهَا حَتَّى صَلَّى عَلَيْهَا بَلْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْقِيرَاطُ الْحَاصِلُ لَيْسَ عَلَى الصَّلَاةِ فَقَطْ بَلْ هُوَ مَشْرُوطٌ بِشُهُودِهَا مِنْ مَكَانِهَا حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهَا وَيَتَعَدَّدُ الْقِيرَاطُ بِتَعَدُّدِ الْجَنَائِزِ وَإِنْ اتَّحَدَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا لِأَنَّ الشَّارِعَ رَبَطَ الْقِيرَاطَ بِوَصْفٍ وَهُوَ حَاصِلٌ فِي كُلِّ مَيِّتٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَحْصُلَ دَفْعَةً أَوْ دَفَعَاتٍ وَالْحِكْمَةُ فِي تَمْثِيلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجَبَلِ أُحُدٍ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْجِبَالِ كِبَرُهُ وَعِظَمُهُ وَكَوْنُ الْمُخَاطَبِينَ يَعْرِفُونَهُ

كتاب الزكاة

[كِتَابُ الزَّكَاةِ] [بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ] (كِتَابُ الزَّكَاةِ) (بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ) (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ وَالْخِيَارُ فِي الشَّاتَيْنِ وَالدَّرَاهِمِ لِدَافِعِهَا، وَقَوْلُهُمْ وَعَلَى الْعَامِلِ الْعَمَلُ بِالْمَصْلَحَةِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ فِي دَفْعِهِ الْجُبْرَانَ وَأَخْذِهِ هَلْ بَيْنَهُمَا تَنَافٍ لِأَنَّ رِعَايَةَ الْمَصْلَحَةِ يُنَافِيهَا تَخْيِيرُ الْمَالِكِ أَوْ مُرَادُهُمْ رِعَايَتُهَا إذَا خَيَّرَهُ الْمَالِكُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ وُجُوبَ رِعَايَةِ الْمَصْلَحَةِ عَلَيْهِ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ دَافِعًا لِلْجُبْرَانِ أَوْ آخِذًا لَهُ وَخَيَّرَهُ الْمَالِكُ فِي الْأَخْذِ. (سُئِلَ) عَنْ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ زَكَوِيَّيْنِ كَإِبِلٍ وَبَقَرٍ هَلْ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ بِوُجُوبِهَا فِيهِ فَهَلْ يَلْحَقُ بِأَخَفِّهِمَا فِي النِّصَابِ أَوْ بِأَثْقَلِهِمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ وَيَلْحَقُ بِأَخَفِّهِمَا فِي النِّصَابِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا اسْتَنَدَ إلَيْهِ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْلُوفَةِ أَيْضًا الَّذِي لَا يَتِمُّ اسْتِدْلَالُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى نَفْيِ وُجُوبِ زَكَاتِهَا بِمَفْهُومِ حَدِيثِ السَّائِمَةِ إلَّا بِدَفْعِهِ وَهُوَ أَنَّ الْمُقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْقَيْدَ إذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَالتَّقْيِيدُ بِالسَّائِمَةِ فِي الْحَدِيثِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ تَقْيِيدُ وُجُوبِ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ بِكَوْنِهَا سَائِمَةً وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ

باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه

وُجُوبِهَا فِي الْمَعْلُوفَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا الْمَفْهُومُ الَّذِي فِي التَّقْيِيدِ بِالسَّائِمَةِ حُجَّةٌ عِنْدَنَا اهـ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالسَّائِمَةِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ إذْ الْغَالِبُ فِي الْمَاشِيَةِ كَوْنُهَا مَعْلُوفَةً عَكْسَ مَا زَعَمَهُ ذَلِكَ الْقَائِلُ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَإِنَّمَا يَلْغَى الْقَيْدُ بِهِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ فَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فِي حُكْمِهِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ مَفْهُومَ الْقَيْدِ اُعْتُضِدَ بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا الْبَرَاءَةُ الْأَصْلِيَّةُ فَإِنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِيهَا ثَانِيهِمَا أَنَّ عِلَّةَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي السَّائِمَةِ تَوَفُّرُ مُؤْنَتِهَا بِرَعْيِهَا فِي كَلَأً مُبَاحٍ وَهَذِهِ مَنْفِيَّةٌ فِي الْمَعْلُوفَةِ. [بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَمَا تَجِبُ فِيهِ] (بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَمَا تَجِبُ فِيهِ) (سُئِلَ) عَنْ سُقُوطِ الزَّكَاةِ عَنْ دَيْنٍ مُعَامَلَةً لَهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ إذْ فِيهِ تَنَاقُضٌ مَا الْمُعْتَمَدُ فِيهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ سُقُوطُهَا لِعَدَمِ لُزُومِ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الرَّاجِحَ سُقُوطُهُ بِتَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ نَفْسِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ ادَّخَرَ مِائَةَ دِينَارٍ مَثَلًا وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ ثَلَاثُونَ سَنَةً مَثَلًا فَكَيْفَ يُخْرِجُ مِنْهَا قَدْرَ الزَّكَاةِ بِالْحِسَابِ وَهَلْ لَهُ قَاعِدَةٌ مُطَّرِدَةٌ مِنْ غَيْرِ الْبَسْطِ فِي كُلِّ مَا يَقَعُ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الصُّوَرِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ الْأُولَى دِينَارَانِ

باب زكاة النابت

وَنِصْفُ دِينَارٍ وَعِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ بَاقِي الْمَالِ وَهَكَذَا إلَى آخِرِ السِّنِينَ. [بَابُ زَكَاةِ النَّابِتِ] (بَابُ زَكَاةِ النَّابِتِ) (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ فِي تَنْقِيحِ اللُّبَابِ وَتَبِعَهُ الْمُخْتَصَرُ فِي التَّحْرِيكِ فِي بَابِ زَكَاةِ النَّابِتِ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الزَّرْعِ مِنْ زَارِعٍ لِيُخْرِجَ مَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟ كَمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيمَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَقَوْلُهُ مِمَّا يُنْبِتُهُ الْآدَمِيُّونَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ تُقْصَدَ زِرَاعَتُهُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ مَا يَزْرَعُونَهُ حَتَّى لَوْ سَقَطَ الْحَبُّ مِنْ يَدِ مَالِكِهِ عِنْدَ حَمْلِ الْغَلَّةِ أَوْ وَقَعَتْ الْعَصَافِيرُ عَلَى السَّنَابِلِ فَتَنَاثَرَ الْحَبُّ وَنَبَتَ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ إذَا بَلَغَ نِصَابًا بِلَا خِلَافٍ اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ صَدَقَةِ الْمَوَاشِي فِي مَسَائِلِ الْمَاشِيَةِ الْمَغْصُوبَةِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَيْهِ زَكَاةُ أُرْزِ شَعِيرٍ فَضَرَبَ ذَلِكَ الْوَاجِبَ حَتَّى صَارَ أَبْيَضَ فَحَصَلَ مِنْهُ نِصْفُ أَصْلِهِ مَثَلًا ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ الْأُرْزِ الشَّعِيرِ هَلْ يُجْزِئُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ مَا أَخْرَجَهُ عَنْ وَاجِبِهِ. [بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ] (بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ) (سُئِلَ) عَنْ زِنَةِ الْخَاتَمِ مِنْ الْفِضَّةِ لِلرِّجَالِ وَهَلْ يَجُوزُ

تَعَدُّدُهُ أَوْ لَا وَمَا يُعْتَمَدُ مِمَّا ذُكِرَ فِي شَرْحَيْ الْبَهِجَةِ وَالرَّوْضِ وَضَعَّفَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ وَحَسَّنَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَمَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي فَتَاوِيه وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَفِيدُوهُ مُعَلَّلًا بِدَلِيلِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْأَصْحَابُ لِمِقْدَارِ الْخَاتَمِ الْمُبَاحِ اكْتِفَاءً بِالْعُرْفِ فَالْمَرْجِعُ فِي زِنَتِهِ إلَيْهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيُّ وَغَيْرُهُ فَمَا خَرَجَ عَنْهُ كَانَ إسْرَافًا كَمَا قَالُوهُ فِي الْخَلْخَالِ لِلْمَرْأَةِ وَإِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَنْقُصَ عَنْ مِثْقَالٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ وَجَدَهُ لَابِسَ خَاتَمٍ حَدِيدٍ مَا لِي أَرَى عَلَيْك حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ فَطَرَحَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ قَالَ مِنْ وَرِقٍ وَلَا تُتِمَّهُ مِثْقَالًا» اهـ وَهَذَا الْخَبَرُ ضَعَّفَهُ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ وَقَالَ النَّسَائِيُّ أَنَّهُ مُنْكَرٌ وَاسْتَغْرَبَهُ التِّرْمِذِيُّ وَإِنْ صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَحَسَّنَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَعَلَى تَقْدِيرِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْأَفْضَلِ وَيَجُوزُ تَعَدُّدُهُ اتِّخَاذًا وَلُبْسًا أَمَّا اتِّخَاذُهُ فَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ يَجُوزُ التَّخَتُّمُ بِالْفِضَّةِ لِلرِّجَالِ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَلَوْ اتَّخَذَ الرَّجُلُ خَوَاتِيمَ كَثِيرَةً لِيَلْبَسَ الْوَاحِدَةَ مِنْهَا بَعْدَ الْوَاحِدِ جَازَ وَأَمَّا لُبْسُهُ فَقَدْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ الصَّوَابُ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ فَقَالَ

باب زكاة التجارة

يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ لُبْسُ فَوْقَ خَاتِمَيْنِ وَقَالَ الْخُوَارِزْمِيُّ إنَّ الرَّجُلَ إذَا لَبِسَ زَوْجًا مِنْ خَاتَمٍ فِي يَدٍ أَوْ فَرْدًا فِي كُلِّ يَدٍ أَوْ زَوْجًا فِي يَدٍ وَفَرْدًا فِي أُخْرَى يَجُوزُ فَإِنْ لَبِسَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ زَوْجًا قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ فِي الْفَتَاوَى لَا يَجُوزُ اهـ وَالضَّابِطُ فِيهِ أَيْضًا أَنْ لَا يُعَدَّ إسْرَافًا وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّمَا عَبَّرَ الشَّيْخَانِ بِمَا مَرَّ لِأَنَّهُمَا يَتَكَلَّمَانِ فِي الْحُلِيِّ الَّذِي لَا تَجِبُ فِيهِ زَكَاةٌ أَمَّا إذَا اتَّخَذَ خَوَاتِيمَ لِيَلْبَسَ اثْنَيْنِ مِنْهَا أَوْ أَكْثَرَ دَفْعَةً فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ لِوُجُوبِهَا فِي الْحُلِيِّ الْمَكْرُوهِ [بَابُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ] (بَابُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ) (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو سِلْعَةً فِي مِصْرَ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ بَاعَهَا زَيْدٌ بِالشَّامِ بِأَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِثَمَنِهَا عُرُوضًا ثُمَّ خَلَّى بَيْنَ تِلْكَ الْعُرُوضِ وَبَيْنَ عَمْرٍو الْمَذْكُورِ لِمَالِهِ فِي ذِمَّتِهِ فَوَضَعَ عَمْرُو الْمَذْكُورُ يَدَهُ عَلَى تِلْكَ الْعُرُوضِ فِي مِصْرَ فِي حَوْلِ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ وَأَخَذَهَا عِوَضًا عَنْ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ مِنْ غَيْرِ تَقْلِيبٍ وَتَعْوِيضٍ شَرْعِيَّيْنِ ثُمَّ بَاعَ بَعْضَهَا فِي حَوْلِ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ بَاقِيهَا بَعْدَهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهَا وَتَصَرَّفَ فِيهِ لِنَفْسِهِ وَرَضِيَ بِذَلِكَ زَيْدٌ الْمَذْكُورُ وَلَمْ يَعْلَمَا قَدْرَ مَا بِيعَ فِي حَوْلِ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ وَمَا بِيعَ بَعْدَهُ فَهَلْ تَجِبُ عَلَى زَيْدٍ الْمَذْكُورِ زَكَاةُ بَعْضِ الْعُرُوضِ

الْمَذْكُورَةِ أَمْ زَكَاتُهَا كُلُّهَا أَمْ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ أَصْلًا لِأَخْذِ عَمْرٍو الْعُرُوضَ الْمَذْكُورَةَ وَتَصَرُّفِهِ فِيهَا كَمَا ذُكِرَ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْجَمِيعِ فَفِي أَيِّ الْبَلَدَيْنِ تُخْرَجُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى زَيْدٍ زَكَاةُ جَمِيعِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ لِبَقَائِهَا عَلَى مِلْكِهِ كَالْمَغْصُوبَةِ إذْ بَيْعُ عَمْرٍو لَهَا غَيْرُ صَحِيحٍ فَهِيَ فِي حُكْمِ الْمَغْصُوبَةِ وَتَخْرُجُ زَكَاتُهَا فِي الْبَلَدِ الَّتِي هِيَ فِيهِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهَا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَالَ الْحَوْلُ وَقِيمَةُ عُرُوضِ التِّجَارَةِ ثَمَانُونَ دِينَارًا فَبَاعَهَا بِمُحَابَاةٍ قَبْلَ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ عَازِمًا عَلَى إخْرَاجِهَا دِينَارَيْنِ فَهَلْ الْبَيْعُ بَاطِلٌ سَوَاءٌ أَقَرَّرَ قَدْرَ الزَّكَاةِ أَمْ لَا؟ كَمَا تُفْهِمُهُ عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِيمَا قِيمَتُهُ قَدْرُ الزَّكَاةِ مِنْ الْمُحَابَاةِ وَإِنْ أَفْرَزَ قَدْرَهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ اشْتَرَى جُلُودًا وَاشْتَرَى دِبَاغًا يَدْبُغُهَا بِهِ وَيَبِيعُهَا فَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَالدِّبَاغُ يُسَاوِي نِصَابًا فَهَلْ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَمَالِ التِّجَارَةِ أَمْ لَا وَإِذَا لَمْ تَكُنْ الْجُلُودُ مِلْكَهُ بَلْ يَدْبَغُهَا بِالْأُجْرَةِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاتُهَا وَهَلْ مَنْ يَصْبُغُ بِالْأُجْرَةِ كَذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى اشْتَرَى الدِّبَاغَ لِيَدْبَغَ بِهِ جُلُودَهُ ثُمَّ يَبِيعَهَا لَمْ يَصِرْ مَالَ تِجَارَةٍ فَلَا تَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ وَإِنْ مَضَى عَلَيْهِ حَوْلٌ أَوْ أَكْثَرُ

وَإِنْ اشْتَرَاهُ لِيُدْبَغَ بِهِ لِلنَّاسِ بِالْعِوَضِ صَارَ مَالَ تِجَارَةٍ فَتَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ بَعْدَ مُضِيِّ حَوْلِهِ وَهَكَذَا حُكْمُ مَنْ اشْتَرَى صِبَاغًا لِيَصْبِغَ بِهِ لَهُمْ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي دَيْنٍ حَالَ تَعَسُّرِ أَخْذِهِ وَمَضَى عَلَيْهِ سُنُونَ ثُمَّ أَبْرَأَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ مِنْهُ فَهَلْ تَسْقُطُ عَنْهُ زَكَاتُهُ كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَإِنْ قُلْتُمْ لَا تَسْقُطُ فَمَا الْفَرْقُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ مِنْ قَدْرِ الزَّكَاةِ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ شُرَكَاؤُهُ فَالزَّكَاةُ لَازِمَةٌ لَهُ لَمْ تَسْقُطْ فَيَقْبِضُ ذَلِكَ الْقَدْرَ وَيَصْرِفُهُ لِمُسْتَحِقِّهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَفْرَزَ لِمَالِكٍ قَدْرَ الزَّكَاةِ مِنْ مَالِهِ وَنَوَى أَنَّهُ زَكَاةٌ فَأَخَذَهَا كَافِرٌ أَوْ صَبِيٌّ وَدَفَعَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا أَوْ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ بِنَفْسِهِ ثُمَّ عَلِمَ الْمَالِكُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَهَلْ تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ مِنْ الزَّكَاةِ وَهَلْ يَمْلِكُهَا الْمُسْتَحِقُّ بِذَلِكَ فَإِنْ قُلْتُمْ لَا وَلَا فَلِأَيِّ شَيْءٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمَالِكِ مِنْ الزَّكَاةِ لِوُجُودِ النِّيَّةِ مِنْ الْمُخَاطَبِ بِالزَّكَاةِ مُقَارَنَةً لِفِعْلِهِ وَيَمْلِكُهَا الْمُسْتَحِقُّ لَكِنْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ بِذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَفْرَزَ قَدْرَ الزَّكَاةِ وَنَوَى أَنَّهُ زَكَاةٌ هَلْ يَتَعَيَّنُ لَهَا سَوَاءٌ كَانَتْ زَكَاةَ نَقْدٍ أَمْ تِجَارَةٍ أَمْ فُطْرَةٍ أَمْ غَيْرِهَا وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يَصْرِفَهُ فِي غَيْرِهَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُسْتَحِقُّ أَمْ لَا يَتَعَيَّنُ لَهَا إلَّا بِقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ فَإِنْ

قُلْتُمْ لَا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّاةِ الْمُعَيَّنَةِ لِلتَّضْحِيَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْقَدْرُ الْمُفْرَزُ لِلزَّكَاةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ زَكَاةَ مَالٍ أَمْ بُدْنٍ إلَّا بِقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ لَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَبَيْنَ الشَّاةِ الْمُعَيَّنَةِ لِلتَّضْحِيَةِ أَنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلزَّكَاةِ شُرَكَاءُ لِلْمَالِكِ بِقَدْرِهَا فَلَا تَنْقَطِعُ شَرِكَتُهُمْ إلَّا بِقَبْضٍ مُعْتَبَرٍ. (سُئِلَ) هَلْ تَحْرُمُ الصَّدَقَاتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ غَيْرَ نَبِيِّنَا أَمْ لَا وَهَلْ يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال عَلَى جَوَازِهَا بِقَوْلِ إخْوَةِ يُوسُفَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالسُّدِّيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الزَّمَخْشَرِيُّ وَالْقُرْطُبِيُّ لِتَشْرِيفِهِمْ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ» اهـ وَلِأَنَّهَا تُنْبِئُ عَنْ ذُلِّ الْآخِذِ وَعِزِّ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا أَيْ بِرَدِّ أَخِينَا إلَى أَبِيهِ أَوْ بِالْمُسَامَحَةِ وَقَبُولِ الْمُزْجَاةِ وَقِيلَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى حَقِّنَا قَالَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَلَمْ تُحَرَّمْ الصَّدَقَةُ إلَّا عَلَى نَبِيِّنَا قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَهَذَا ضَعِيفٌ يَرُدُّهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ» قَالَتْ فِرْقَةٌ كَانَتْ الصَّدَقَةُ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ قَالُوهُ اسْتِعْطَافًا مِنْهُمْ فِي

باب زكاة الفطر

الْمُبَالَغَةِ كَمَا تَقُولُ لِمَنْ تُسَاوِمُهُ فِي سِلْعَةٍ هَبْنِي مِنْ ثَمَنِهَا كَذَا أَوْ خُذْ مِنِّي كَذَا وَلَمْ تَقْصِدْ أَنْ يَهَبَك وَإِنَّمَا حَسَّنْتَ مَعَهُ الْمَقَالُ لِيَرْجِعَ إلَى سَوْمِك وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ [بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ] (بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ) (سُئِلَ) هَلْ الرَّاجِحُ مَنْعُ الدَّيْنِ وُجُوبَ زَكَاةِ الْفِطْرِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ مَنْعِهِ وُجُوبَهَا كَزَكَاةِ الْمَالِ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ مَا حَاصِلُهُ تَرْجِيحُ تَقْدِيمِهَا وَنَسَبَاهُ لِلنَّصِّ وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ الْأَشْبَهُ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: إنَّ بِهِ الْفَتْوَى وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ لَا يَمْلِكُ لَيْلَةَ عِيدِ الْفِطْرِ وَيَوْمَهُ شَيْئًا لَكِنْ اسْتَحَقَّ لَهُ مَعْلُومٌ فِي وَقْفٍ فِي مُقَابَلَةِ قِرَاءَةٍ قَدْ اسْتَحَقَّ قَبْضَهُ قَبْلَ لَيْلَةِ الْعِيدِ الْمَذْكُورَةِ وَمَاطَلَهُ النَّاظِرُ أَوْ الْمُبَاشِرُ فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا إذْ ذَاكَ فَهَلْ تَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَلَا تَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ لِإِعْسَارِهِ وَقْتَ وُجُوبِهَا إذْ الْمُعْسِرُ فِيهَا مَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ مُمَوَّنِهِ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمَهُ وَعَنْ (دُسْت) ثَوْبٍ يَلِيقُ بِهِمْ وَعَنْ مَسْكَنِهِ وَرَقِيقِهِ الْمُحْتَاجِ لَهُ لِخِدْمَتِهِ مَا يُخْرِجُهُ فِي الْفُطْرَةِ وَلَا اعْتِبَارَ بِيَسَارِهِ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ. (سُئِلَ) عَنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ الْوَاجِبَةِ إذَا لَمْ يُعَجِّلْهَا الشَّخْصُ مَثَلًا

وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْقَاهِرَةِ فَخَرَجَ لِبَعْضِ مَصَالِحِهِ خَارِجَ بَابِ الشِّعْرِيَّةِ فَغَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ هُنَاكَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا هُنَاكَ لِأَنَّ خَارِجَ بَابِ الشِّعْرِيَّةِ غَيْرُ مَعْدُودٍ مِنْ الْقَاهِرَةِ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الْقَصْرِ أَوْ لَا؟ وَهَلْ يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ صَاحِبِ الْوَافِي وَغَيْرِهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ مَا مَعْنَاهُ إنَّ خَارِجَ السُّورِ إنْ كَانَ أَهْلُهُ يَسْتَعِيرُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ فَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى مَنْ هُوَ دَاخِلَ السُّورِ لِلْخَارِجِ وَلَا الْعَكْسُ صَلَاةُ غَيْبَةٍ أَمْ لَا؟ وَهَلْ إذَا لَمْ يَجِدْ الْمَرْءُ قَمْحًا فَقَلَّدَ مَذْهَبَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ النُّعْمَانِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَخْرَجَ دَرَاهِمَ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُخَالِفَ مَذْهَبَهُ فِي الْعِبَادَاتِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَيَجِبُ فِيهَا عَلَى الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ إخْرَاجُ فِطْرَتِهِ فِي مَكَانِ وَقْتِ وُجُوبِهَا فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ لَا يَجُوزُ لِمَنْ فِي الْبَلَدِ أَنْ يَدْفَعَ زَكَاتَهُ لِمَنْ هُوَ خَارِجٌ عَنْ السُّورِ لِأَنَّهُ نَقْلٌ لِلزَّكَاةِ أَيْ فَيَلْزَمُ مِنْهُ دَفْعُهَا لِغَيْرِ مُسْتَحِقِّهَا وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُ صَاحِبِ الْوَافِي وَغَيْرِهِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ مَحِلَّهُ إذَا تَيَسَّرَ لَهُ ذَهَابُهُ إلَيْهِ فَقَدْ عَلَّلُوا مَنْعَ صَلَاةِ الْغَيْبَةِ عَلَى مَنْ فِي بَلَدِ الْمُصَلِّي بِتَيْسِيرِ ذَهَابِهِ إلَيْهِ. وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَيَجُوزُ فِيهَا لِلْمَرْءِ الْمَذْكُورِ تَقْلِيدُ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ

كتاب الصوم

- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي إخْرَاجِ بَدَلِ الزَّكَاةِ دَرَاهِمَ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُقَلِّدَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [كِتَابُ الصَّوْمِ] (كِتَابُ الصَّوْمِ) (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ مُحْيِي الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الرَّوْضَةِ تَفْرِيعًا عَلَى اخْتِيَارِهِ إيجَابَ الصَّوْمِ عَلَى أَهْلِ بَلَدِ لَمْ يَرَوْا الْهِلَالَ إذَا كَانَ قَدْ رُئِيَ بِبَلَدٍ يُوَافِقُهُ فِي الْمَطْلَعِ فَلَوْ شَكَّ فِي اخْتِلَافِ الْمَطْلَعِ لَمْ يَجِبْ الصَّوْمُ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يَرَوْا الْهِلَالَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ اهـ فَهَلْ الْحُكْمُ بَعْدَ الْوُجُوبِ ثَابِتٌ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ دُونَ فَرْسَخٍ مَثَلًا أَوْ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَطْلَعِ لَا يَكُونُ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا كَمَا نَقَلَهُ الدَّمِيرِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَالْجَوْجَرِيُّ عَنْ الشَّيْخِ تَاجِ الدِّينِ التَّبْرِيزِيِّ أَوْ كَلَامُهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَوَاسِمِ دُونَ الْجِبَالِ أَوْ الِاخْتِيَارُ عِنْدَ الشَّكِّ فِي اخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ فَرَجَّحَ الرَّافِعِيُّ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا قَدْ عَلَّقَ بِهَا الشَّرْعُ كَثِيرًا مِنْ الْأَحْكَامِ وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ أَيْضًا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي اخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ أَنْ يَتَبَاعَدَ الْبَلَدَانِ بِحَيْثُ لَوْ رُئِيَ فِي أَحَدِهِمَا لَمْ يُرَ فِي الْأُخْرَى غَالِبًا وَقَدْ حَرَّرَ ذَلِكَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ التَّبْرِيزِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّ مَا دُونَ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا لَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَطَالِعُ فَكَلَامُ النَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَالشَّكُّ فِي اخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ لَا يَتَأَتَّى فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا لِأَنَّ الْمَطَالِعَ لَا تَخْتَلِفُ فِيهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ رَأَى الْهِلَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْبُلْدَانِ الْمُتَّفِقَةِ الْمَطَالِعِ أَوْ ثَبَتَ عِنْدَ قَاضِيهمْ وَلَمْ يَرَهُ الْآخَرُونَ فَأَرْسَلَ نُوَّابَ بَلَدِ الرُّؤْيَةِ إلَى أَهْلِ الْبَلَدِ الَّذِينَ لَمْ يَرَوْهُ يُعْلِمُونَهُمْ بِرُؤْيَتِهِ أَوْ ثُبُوتِهِ أَوْ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ أَوْ بِثُبُوتِ رُؤْيَتِهِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الصَّوْمُ وَالْفِطْرُ أَمْ لَا يَجُوزُ وَإِذَا لَمْ يُعْلِمْهُمْ بِذَلِكَ أَحَدٌ وَلَكِنْ رَأَوْا الْعَلَامَاتِ الْمُعْتَادَةَ لِدُخُولِ شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ شَوَّالٍ مِنْ إيقَادِ النَّارِ عَلَى الْجِبَالِ أَوْ سَمِعُوا ضَرْبَ الطُّبُولِ وَنَحْوَهَا مِمَّا يُعْتَادُونَ فِعْلَهُ لِذَلِكَ وَاسْتَمَرَّتْ الْعَادَةُ بِهِ وَحَصَلَ بِهِ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ عِنْدَ ذَلِكَ الصَّوْمُ وَالْفِطْرُ أَمْ يَجُوزُ أَمْ يَحْرُمُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا أَرْسَلَ نُوَّابُ بَلَدِ الرُّؤْيَةِ إلَى أَهْلِ بَلَدٍ مُوَافِقٍ لَهُ فِي الْمَطْلَعِ مَا ثَبَتَ بِهِ الرُّؤْيَةُ عِنْدَ بَعْضِ الْحُكَّامِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِمْ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ فِي رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ وَالْفِطْرُ فِي رُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ وَإِنْ لَمْ يَثْبُت بِهِ الرُّؤْيَةُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ فَمَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَ الْمُخْبِرِ بِذَلِكَ لَزِمَهُ الصَّوْمُ وَالْفِطْرُ وَمَنْ لَا فَلَا وَمَنْ حَصَلَ لَهُ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ بِدُخُولِ رَمَضَانَ مِنْ الْعَلَامَاتِ الْمُعْتَادَةِ

لِذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَمَنْ حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ الِاعْتِقَادُ بِدُخُولِ شَوَّالٍ مِنْ الْعَلَامَاتِ الْمَذْكُورَةِ لَزِمَهُ الْفِطْرُ عَمَلًا بِالِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ فِيهِمَا. (سُئِلَ) عَنْ كَثْرَةِ الْوُقُودِ فِي الْمَسَاجِدِ فِي هَذَا الشَّهْرِ بِقَدْرٍ زَائِدٍ عَلَى الْحَاجَةِ خُصُوصًا الْجَامِعَ الْأَزْهَرَ فَإِنَّ الْوُقُودَ كَثِيرٌ فِيهِ جِدًّا مُنَافَسَةً بَيْنَ أَهْلِ الْأَسْبَاعِ فَهَلْ ذَلِكَ حَرَامٌ لِأَنَّهُ إسْرَافٌ وَتَضْيِيعُ مَالٍ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْوُقُودَ جَائِزٌ إذَا حَصَلَ بِالزَّائِدِ نَفْعٌ وَتَبَرَّعَ بِهِ الرَّشِيدُ مِنْ مَالِهِ أَوْ كَانَ مِنْ رَيْعِ وَقْفِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَنَصَّ وَاقِفُهُ عَلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ أَوْ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَمَنِهِ وَإِلَّا فَهُوَ حَرَامٌ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ السُّبْكِيّ لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ الشَّهْرِ وَقَالَ الْحِسَابُ بِعَدَمِ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عُمِلَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْحِسَابِ لِأَنَّ الْحِسَابَ قَطْعِيٌّ وَالشَّهَادَةُ ظَنِّيَّةٌ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَا قَالَهُ أَمْ لَا وَفِيمَا إذَا رُئِيَ الْهِلَالُ نَهَارًا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ يَوْمَ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الشَّهْرِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ هَلْ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ أَمْ لَا لِأَنَّ الْهِلَالَ إذَا كَانَ الشَّهْرُ كَامِلًا يَغِيبُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ نَاقِصًا يَغِيبُ لَيْلَةً وَغَابَ الْهِلَالُ اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ قَبْلَ

دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ لِسُقُوطِ الْقَمَرِ لِثَالِثَةٍ هَلْ يُعْمَلُ بِالشَّهَادَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمَعْمُولَ بِهِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ نَزَّلَهَا الشَّارِعُ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ وَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مَرْدُودٌ رَدَّهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَيْسَ فِي الْعَمَلِ بِالْبَيِّنَةِ مُخَالَفَةٌ لِصَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَجْهُ مَا قُلْنَاهُ أَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَعْتَمِدْ الْحِسَابَ بَلْ أَلْغَاهُ بِالْكُلِّيَّةِ بِقَوْلِهِ نَحْنُ أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسِبُ الشَّهْرَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَقَالَ ابْنُ دَقِيقٍ الْعِيدُ الْحِسَابُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ فِي الصِّيَامِ اهـ وَالِاحْتِمَالَاتُ الَّتِي ذَكَرَهَا السُّبْكِيُّ بِقَوْلِهِ وَلِأَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ إلَخْ لَا أَثَرَ لَهَا شَرْعًا لِإِمْكَانِ وُجُودِهَا فِي غَيْرِهَا مِنْ الشَّهَادَاتِ. (سُئِلَ) عَنْ صَبِيٍّ نَوَى صَوْمَ غَدٍ مِنْ رَمَضَانَ فَبَلَغَ لَيْلًا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ النِّيَّةِ لِأَنَّ تِلْكَ النِّيَّةَ كَانَتْ مُنْصَرِفَةً لِلنَّفْلِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَجْدِيدُهَا لِأَنَّهَا كَافِيَةٌ فِي وُقُوعِ صَوْمِهِ فَرْضًا بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَنَّ نِيَّةَ الْفَرْضِيَّةِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى الْبَالِغِ (سُئِلَ) مَا الْفَرْقُ بَيْنَ عَدَمِ لُزُومِ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الْفِدْيَةَ إذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَلَوْ مَعَ الْخَوْفِ

عَلَى وَلَدَيْهِمَا وَلُزُومُهَا عِنْدَ خَوْفِهِمَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا فَقَطْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّهُمَا فِي الْحَالَةِ الْأُولَى أَشْبَهَا الْمَرِيضَ الَّذِي يُرْجَى بُرْؤُهُ وَهُوَ لَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ وَفِي الثَّانِيَةِ أَفْطَرَا بِسَبَبِ غَيْرِهِمَا فَلَزِمَتْهُمَا الْفِدْيَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: 184] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إنَّهَا مَنْسُوخَةٌ إلَّا فِي حَقِّ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ إذَا خَافَتَا أَفْطَرَتَا وَأَطْعَمَتَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ (سُئِلَ) عَنْ صَوْمِ الِاسْتِسْقَاءِ إذَا أَمَرَ بِهِ الْإِمَامُ وَقُلْنَا بِوُجُوبِهِ فَفَاتَ هَلْ يَجِبُ قَضَاؤُهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ أَمْ لَا قِيَاسًا عَلَى صَلَاتِهِ إذَا سَبَبُهُ فَاتَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ لِأَنَّ وُجُوبَهُ لَيْسَ لِعَيْنِهِ بَلْ لِعَارِضٍ وَهُوَ أَمْرُ الْإِمَامِ بِهِ وَالْقَصْدُ مِنْهُ الْفِعْلُ فِي الْوَقْتِ لَا مُطْلَقًا فَالرَّاجِحُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ لَا تَفُوتُ بِالسُّقْيَا بَلْ تُفْعَلُ شُكْرًا. (سُئِلَ) هَلْ يُكْرَهُ اكْتِحَالُ الصَّائِمِ لِلْخِلَافِ فِيهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ. (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ حُرْمَةُ الصَّوْمِ بِلَا سَبَبٍ إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ وَلَمْ يَصِلْهُ بِمَا قَبْلَهُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَالتَّحْرِيرِ وَالْمَنْهَجِ وَكَمَا فِي الْعُمْدَةِ لِابْنِ النَّقِيبِ وَشَرْحِهَا أَوْ يَحْرُمُ الصَّوْمُ الْمَذْكُورُ سَوَاءٌ وَصَلَهُ بِمَا

قَبْلَهُ أَمْ لَا كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْقِطْعَةِ وَصَحَّحَهُ فِي بَسْطِ الْأَنْوَارِ نَاقِلِينَ لَهُ عَنْ زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَقَدْ فَتَّشْنَا جَمِيعَ كِتَابِ الصَّوْمِ فَلَمْ نَجِدْ فِيهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَفِي أَيِّ بَابٍ هِيَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ جَوَازُ الصَّوْمِ إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ إنْ وَصَلَهُ بِمَا قَبْلَ نِصْفِهِ وَإِلَّا فَحُرْمَتُهُ وَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَتَبِعَهُ الْأُشْمُونِيُّ عَنْ زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَقَدْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا يَضُرُّهُ عَدَمُ اطِّلَاعِنَا عَلَيْهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا فَوَافَقَ يَوْمُ فِطْرِهِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ أَوْ الْخَمِيسِ هَلْ فِطْرُهُ أَفْضَلُ أَوْ صَوْمُهُ وَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَفْضَلَ صَوْمُهُ وَلَا يَخْرُجُ بِهِ عَمَّا ذُكِرَ (سُئِلَ) عَمَّنْ صَامَ فِي نِصْفِ شَعْبَانَ الثَّانِي مُتَّصِلًا بِمَا قَبْلَ النِّصْفِ ثُمَّ أَفْطَرَ ثُمَّ صَامَ فِيهِ غَيْرَ مُتَّصِلٍ بِذَلِكَ الصِّيَامِ هَلْ يَحْرُمُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ صَوْمُهُ الْمُنْفَصِلُ. (سُئِلَ) عَنْ «قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» مَا الْمُرَادُ بِالسَّنَتَيْنِ إنْ قُلْتُمْ إنَّ الْمَاضِيَةَ مِنْ أَوَّلِ مُحَرَّمٍ هَذِهِ السَّنَةُ الَّتِي هُوَ فِيهَا فَهِيَ لَمْ تَتِمَّ وَإِنْ قُلْتُمْ آخِرُهَا يَوْمَ عَرَفَةَ وَأَوَّلُ السَّنَةِ الَّتِي بَعْدَهُ يَوْمُ الْعِيدِ وَتَتِمُّ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَكَيْفَ يُكَفِّرُ عَنْهُ

مَا لَمْ يَأْتِهِ وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ وَمَا الْمُرَادُ بِالْمُكَفَّرِ هَلْ هُوَ الْكَبَائِرُ وَالصَّغَائِرُ أَوْ الصَّغَائِرُ خَاصَّةً؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّنَةِ الَّتِي قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ السَّنَةُ الَّتِي تَتِمُّ بِفَرَاغِ شَهْرِهِ وَبِالسَّنَةِ الَّتِي بَعْدَهُ السَّنَةَ الَّتِي أَوَّلُهَا الْمُحَرَّمُ الَّذِي يَلِي الشَّهْرَ الْمَذْكُورَ إذْ الْخِطَابُ الشَّرْعِيُّ مَحْمُولٌ عَلَى عُرْفِ الشَّرْعِ وَعُرْفُهُ فِيهَا مَا ذَكَرْنَاهُ وَلِكَوْنِ السَّنَةِ الَّتِي قَبْلَهُ لَمْ تَتِمَّ إذْ بَعْضُهَا مُسْتَقْبَلٌ كَالسَّنَةِ الَّتِي بَعْدَهُ أَتَى مَعَ الْمُضَارِعِ " بِأَنْ " الْمَصْدَرِيَّةِ الَّتِي تُخَلِّصُهُ لِلِاسْتِقْبَالِ وَإِلَّا فَلَوْ تَمَّتْ الْأُولَى كَانَ الْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرَ فِيهَا بِلَفْظِ الْمَاضِي وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ الْإِخْبَارِ تَكْفِيرُ الذُّنُوبِ قَبْلَ وُقُوعِهَا بَلْ بَعْدَهُ وَالْمُكَفَّرُ بِهِ صَغَائِرُ الذُّنُوبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِصَائِمِهِ صَغَائِرُ يُرْجَى التَّخْفِيفُ عَنْهُ مِنْ كَبَائِرِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَبَائِرُ رُفِعَتْ لَهُ دَرَجَاتٌ وَقِيلَ إنَّ اللَّهَ يَعْصِمُهُ فِي السَّنَتَيْنِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ بِعُذْرٍ وَمَاتَ مِنْ غَيْرِ قَضَائِهِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ هَلْ يَمُوتُ بِهِ عَاصِيًا أَوْ لَا وَمَا الْمَنْقُولُ فِي ذَلِكَ مَبْسُوطًا مَعْزُوًّا لِقَائِلِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَمُوتُ عَاصِيًا وَعِصْيَانُهُ مِنْ آخِرِ زَمَنِ الْإِمْكَانِ وَعِبَارَةُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَمَنْ أَخَّرَ مَعَ ظَنِّ السَّلَامَةِ فَالصَّحِيحُ لَا يَعْصِي بِخِلَافِ مَا وَقْتُهُ الْعُمْرُ كَالْحَجِّ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِهَا أَمَّا الْمُوَسَّعُ بِمُدَّةِ

الْعُمْرِ كَالْحَجِّ وَقَضَاءِ الْفَائِتَةِ بَعْدَ زَمَانِهِ يَعْصِي فِيهِ بِالْمَوْتِ عَلَى الصَّحِيحِ وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ قَبْلَ ذَلِكَ الْمَوْتُ وَقِيلَ لَا وَقِيلَ يَعْصِي الشَّيْخُ دُونَ الشَّابِّ. وَقَالَ الْكُورَانِيُّ فِي شَرْحِهَا بِخِلَافِ مَا وَقْتُهُ الْعُمْرُ كَالْحَجِّ وَقَضَاءِ الْوَاجِبَاتِ لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ تَبَيَّنَ إخْرَاجُ الْوَاجِبِ عَنْ الْوَقْتِ بِخِلَافِ الْمُوَقَّتِ بِغَيْرِ الْعُمْرِ اهـ وَأَيْضًا لَوْ قِيلَ يَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ أَبَدًا وَإِذَا مَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ لَمْ يَعْصِ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْوُجُوبُ وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ فِي شَرْحِ أَلْفِيَّتِهِ مَا كَانَ آخِرُهُ آخِرَ الْعُمْرِ كَالْحَجِّ إنْ قُلْنَا بِالْمُرَجَّحِ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي لَا الْفَوْرِ وَكَقَضَاءِ الْعِبَادَةِ الَّتِي فَاتَتْ بِعُذْرٍ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ صِيَامٍ إذَا أَخَّرَ مَعَ ظَنِّ السَّلَامَةِ وَمَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ مَاتَ عَاصِيًا لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَعْلَمْ الْآخَرَ كَانَ جَوَازُ التَّأْخِيرِ لَهُ مَشْرُوطًا بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ بِخِلَافِ الْمُوَسَّعِ الْمَعْلُومِ الطَّرَفَيْنِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَضَى يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ فِي شَوَّالٍ أَوْ يَوْمَ عَرَفَةَ فَهَلْ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فِيهِمَا أَوْ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ دُونَ شَوَّالٍ لِأَنَّ مَقْصُودَ الشَّارِعِ بِصَوْمِ سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ بَعْدَ كَمَالِ رَمَضَانَ لِتَعْلِيلِهِ ذَلِكَ بِأَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَصَوْمَ السِّتَّةِ بَعْدَهُ بِشَهْرَيْنِ قَالَ فَذَاكَ صِيَامُ السَّنَةِ فَيَحْصُلُ لَهُ فِي شَوَّالٍ ثَوَابُ الْفَرْضِ

وَلَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ النَّفْلِ إلَّا بِيَوْمٍ آخَرَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فِي الْيَوْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ صَوْمٍ فِيهِمَا وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ صِيَامِ السَّنَةِ أَيْ فَرْضِهَا لِعَدَمِ صَوْمِهِ جَمِيعَ رَمَضَانَ. (سُئِلَ) هَلْ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ اعْتِمَادًا عَلَى الِاسْتِفَاضَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اعْتِمَادُهَا فِيهَا. (سُئِلَ) هَلْ يَكْفِي قَوْلُ الشَّاهِدِ أَشْهَدُ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِي الشَّهَادَةُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ اعْتَادَ صَوْمَ يَوْمٍ فَوَافَقَ يَوْمَ الشَّكِّ هَلْ تَثْبُتُ عَادَتُهُ بِمَرَّةٍ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَثْبُتُ بِمَرَّةٍ وَلَوْ كَانَتْ آخِرَ النِّصْفِ الْأَوَّلِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ اعْتَادَ صَوْمَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ فَوَافَقَ يَوْمَ الشَّكِّ فَنَوَى صَوْمَهُ عَنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ وَإِلَّا فَتَطَوُّعٌ فَبَانَ مِنْهُ فَهَلْ يَصِحُّ وَيُجْزِئُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ النِّيَّةِ الْجَزْمُ بِمُتَعَلِّقِهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ دُخُولِ رَمَضَانَ وَقَدْ صَامَ شَاكًّا وَلَمْ يَعْتَمِدْ شَيْئًا. (سُئِلَ) هَلْ يُسَنُّ قَضَاءُ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ إذَا فَاتَا وَلَمْ يَكُنْ شَرَعَ فِي صَوْمِهِمَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يُسَنُّ قَضَاؤُهُمَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَخْبَرَهُ فَاسِقٌ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ

مِنْ شَعْبَانَ وَاعْتَقَدَ صِدْقَهُ هَلْ يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي طَائِفَةٍ أَمْ يَجُوزُ لَهُ وَيُجْزِئُهُ إنْ تَبَيَّنَ مِنْ رَمَضَانَ وَمَا وَجْهُ كَلَامِ الْبَغَوِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ لُزُومُ الصَّوْمِ لِمَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَ الْمُخْبِرِ الْمَذْكُورِ كَمَا اقْتَضَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ فِي مَجْمُوعِهِ تَرْجِيحَهُ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَوَجْهُهُ أَنَّ التَّكْلِيفَ بِالْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ مَنُوطَةٌ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَالِاعْتِقَادُ فِي مَسْأَلَتِنَا أَقْوَى مِنْهَا. (سُئِلَ) عَنْ الْمُرَجَّحِ مِنْ جَوَازِ عَمَلِ الْحَاسِبِ بِحِسَابِهِ فِي الصَّوْمِ هَلْ مَحِلُّهُ إذَا قَطَعَ بِوُجُودِهِ وَبِامْتِنَاعِ رُؤْيَتِهِ أَوْ بِوُجُودِهِ وَإِنْ لَمْ يُجَوِّزْ رُؤْيَتَهُ فَإِنَّ أَئِمَّتَهُمْ قَدْ ذَكَرُوا لِلْهِلَالِ ثَلَاثَ حَالَاتٍ حَالَةٌ يُقْطَعُ فِيهَا بِوُجُودِهِ وَبِامْتِنَاعِ رُؤْيَتِهِ وَحَالَةٌ يُقْطَعُ فِيهَا بِوُجُودِهِ وَبِرُؤْيَتِهِ وَحَالَةٌ يُقْطَعُ فِيهَا بِوُجُودِهَا وَيُجَوِّزُونَ رُؤْيَتَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ عَمَلَ الْحَاسِبِ شَامِلٌ لِلْحَالَاتِ الثَّلَاثِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ نَوَى صَوْمَ رَمَضَانَ اعْتِمَادًا عَلَى إيقَادِ الْقَنَادِيلِ ثُمَّ أُزِيلَتْ وَعَلِمَ بِهَا مَنْ نَوَى ثُمَّ تَبَيَّنَ نَهَارًا أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَهَلْ يُجْزِئُهُ صَوْمُهُ عَنْ رَمَضَانَ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ قَضَائِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِيه صَوْمُهُ عَنْ رَمَضَانَ لِجَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ اعْتِمَادًا عَلَى الْأَمَارَةِ الْمَذْكُورَةِ لِظَنِّهِ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ حَالَ نِيَّتِهِ وَلِلظَّنِّ فِي هَذَا حُكْمُ

الْيَقِينِ فَصَحَّتْ نِيَّتُهُ الْمَبْنِيَّةُ عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ فَإِنْ نَوَى عِنْدَ الْإِزَالَةِ تَرْكَهُ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ عَلَيْهِ صَوْمٌ مِنْ رَمَضَانَ وَقَضَاءٌ فِي شَوَّالٍ هَلْ يَحْصُلُ لَهُ قَضَاءُ رَمَضَانَ وَثَوَابُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ وَهَلْ فِي ذَلِكَ نَقْلٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِصَوْمِهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ وَإِنْ نَوَى بِهِ غَيْرَهُ وَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ وَقَدْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ فَشَهِدَ بِرُؤْيَتِهِ عَدْلٌ فَفِيهِ وَجْهَانِ مَا الْأَصَحُّ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَصَحَّهُمَا فِي الْبَحْرِ ثُبُوتُهُ بِشَهَادَتِهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ فِيهِ الْخِلَافَ فِي رَمَضَانَ وَتَعْلِيلُهُمْ بِثُبُوتِ رَمَضَانَ بِهَا بِالِاحْتِيَاطِ لِلصَّوْمِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الرُّويَانِيِّ عَمَّنْ لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَا يُعْتَمَدُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى هِلَالِ شَوَّالٍ هَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَمْ لَا (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ فَإِنَّ الْأَصَحَّ جَوَازُ فِطْرِهِ آخِرَ النَّهَارِ بِالِاجْتِهَادِ وَلَا شَكَّ أَنَّ أَخْبَارَ الْعَدْلِ أَقْوَى مِنْهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ هَلْ يَتَوَقَّفُ حُصُولُ ثَوَابِهِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى عِلْمِهِ بِهَا كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ

اخْتَلَفُوا هَلْ يَحْصُلُ الثَّوَابُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهَا لِمَنْ اتَّفَقَ أَنَّهُ قَامَهَا وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ أَوْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى كَشْفِهَا وَإِلَى الْأَوَّلِ ذَهَبَ الطَّبَرِيُّ وَالْمُهَلَّبُ وَابْنُ الْمُقْرِي وَجَمَاعَةٌ وَإِلَى الثَّانِي ذَهَبَ الْأَكْثَرُ وَيَدُلُّ لَهُ مَا وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَيُوَافِقُهَا وَفِي حَدِيثِ عُبَادَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ مَنْ قَامَهَا إيمَانًا وَاحْتِسَابًا ثُمَّ وُقِفَتْ لَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَى يُوَافِقُهَا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ يُوَافِقُهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هُوَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَتَفْسِيرُ الْمُوَافَقَةِ بِالْعِلْمِ بِهَا هُوَ الَّذِي يَتَرَجَّحُ فِي نَظَرِي وَلَا أُنْكِرُ حُصُولَ الثَّوَابِ الْجَزِيلِ لِمَنْ قَامَ لِابْتِغَاءِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا وَإِنَّمَا الْكَلَامُ عَلَى حُصُولِ الثَّوَابِ الْمُعَيَّنِ الْمَوْعُودِ بِهِ اهـ وَالرَّاجِحُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ فَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي يُسْتَحَبُّ التَّعَبُّدُ فِي كُلِّ لَيَالِي الْعَشْرِ حَتَّى يَجُوزَ الْفَضِيلَةَ بِيَقِينٍ اهـ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى حُصُولِ ذَلِكَ الْغُفْرَانِ وَالثَّانِي عَلَى زِيَادَةِ حُصُولِ الثَّوَابِ الْمَوْعُودِ بِهِ وَنَحْوِهِ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ نَوَى صَوْمَ الْفَرْضِ لَيْلًا ثُمَّ ارْتَدَّ وَأَسْلَمَ قَبْلَ الْفَجْرِ هَلْ تَلْزَمُهُ إعَادَةُ النِّيَّةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَلْزَمُهُ إعَادَتُهَا لِبُطْلَانِ نِيَّتِهِ بِالرِّدَّةِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَرَادَ

الِاعْتِكَافَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَهَلْ يُكْرَهُ صَوْمُهُ أَوْ يُسْتَحَبُّ لِيَصِحَّ اعْتِكَافُهُ بِالْإِجْمَاعِ فِيهِ احْتِمَالَاتٌ حَكَاهُمَا النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ مَا الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَرَاهَتُهُ لِوُجُودِ عِلَّتِهَا عَلَى كُلِّ قَوْلٍ فِيهَا فَإِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِيهَا فَقِيلَ لِئَلَّا يُضْعِفَهُ عَنْ الْعِبَادَةِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَإِنَّمَا زَالَتْ الْكَرَاهَةُ بِصَوْمِ يَوْمٍ مَعَهُ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ مَا حَصَلَ مِنْ النَّقْصِ وَقِيلَ لِئَلَّا يُبَالِغَ فِي تَعْظِيمِهِ كَالْيَهُودِ فِي السَّبْتِ وَقِيلَ لِئَلَّا يَعْتَقِدَ وُجُوبَهُ وَقِيلَ لِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ وَطَعَامٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُقَالُ يُكْرَهُ تَخْصِيصُهُ بِالِاعْتِكَافِ كَالصَّوْمِ وَقِيَامُ لَيْلَتِهِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ فِيمَنْ أَفْطَرَ فِي جَمِيعِ رَمَضَانَ أَوْ بَعْضِهِ وَقَضَاهُ هَلْ يَتَأَتَّى لَهُ تَدَارُكُ ذَلِكَ أَمْ لَا مَا الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ بَعْدَ قَضَائِهِ مَا فَاتَهُ مِنْ رَمَضَانَ أَنْ يَصُومَ سِتَّةَ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قَضَاءُ الصَّوْمِ الرَّاتِبِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ رَأَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ الْقَنَادِيلَ مَوْقُودَةً عَلَى بَعْضِ مَنَارَاتِ النَّوَاحِي هَلْ يَجُوزُ لَهُ اعْتِمَادُهَا فِي صَوْمٍ وَتَبِيتُهُ النِّيَّةَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى حَصَلَ لَهُ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ بِدُخُولِ شَهْرِ رَمَضَانَ بِرُؤْيَةِ الْقَنَادِيلِ الْمَذْكُورَةِ جَازَ لَهُ اعْتِمَادُهَا فِي الصَّوْمِ وَتَبْيِيتُ النِّيَّةِ بَلْ الْقِيَاسُ وُجُوبُ صَوْمِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا ثَبَتَ هِلَالُ

ذِي الْحِجَّةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِرُؤْيَتِهِ لَيْلَةِ الْخَمِيسِ وَظَنَّ صِدْقَهُمْ وَلَمْ يَثْبُتْ فَهَلْ يُنْدَبُ صَوْمُ يَوْمِ السَّبْتِ لِكَوْنِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ عَلَى تَقْدِيرِ كَمَالِ ذِي الْقَعْدَةِ أَمْ يَحْرُمُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ يَوْمَ الْعِيدِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ لِأَنَّ دَفْعَ مَفْسَدَةِ الْحَرَامِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى تَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الْمَنْدُوبِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ مَسَّ فَرْجًا مُبَانًا أَوْ فَرْجَ بَهِيمَةٍ بِشَهْوَةٍ فَأَنْزَلَ وَهُوَ صَائِمٌ فَهَلْ يَبْطُلُ صَوْمُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ صَوْمُهُ فِي مَسِّهِ فَرْجَ الْبَهِيمَةِ وَيَبْطُلُ فِي إنْزَالِهِ بِمَسِّ فَرْجِ الْمَرْأَةِ الْمُبَانِ إنْ بَقِيَ اسْمُهُ حِينَئِذٍ كَمَا لَوْ مَسَّ ذَكَرًا مُبَانًا وَإِلَّا فَلَا يَبْطُلُ. (سُئِلَ) عَنْ الْحِكْمَةِ فِي جَمْعِ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ الذُّبَابَ وَإِفْرَادِهِ الْبَعُوضَةَ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ وَصَلَ الذُّبَابُ أَوْ بَعُوضَةٌ أَوْ غُبَارُ الطَّرِيقِ وَغَرْبَلَةُ الدَّقِيقِ لَمْ يُفْطِرْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْبَعُوضَةَ أَصْغَرُ جِرْمًا مِنْ الذُّبَابَةِ وَالْبَعُوضَةَ أَسْرَعُ دُخُولًا فِي الْحَلْقِ مِنْ الذُّبَابَةِ وَإِذَا كَانَ الذُّبَابُ مَعَ نُدْرَةِ دُخُولِهِ وَكِبَرِ جِرْمِهِ لَا يَضُرُّ فَدُخُولُ الْبَعُوضِ مَعَ سُرْعَةِ دُخُولِهِ وَصِغَرِ جِرْمِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. (سُئِلَ) عَنْ صَائِمٍ فِي فِيهِ قُرْحٌ سَائِلٌ يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْ وُصُولِ مَا يَسِيلُ مِنْهُ إلَى الْجَوْفِ هَلْ يُعْفَى عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ)

بِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ فِي صَلَاتِهِ وَصَوْمِهِ لِعُذْرِهِ فَقَدْ قَالُوا إنَّ دَائِمَ الْحَدَثِ كَالْمُسْتَحَاضَةِ إذَا تَطَهَّرَ وَاحْتَاطَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَصَوْمُهُ وَقَالُوا لَا يُفْطِرُ الْمَبْسُورُ بِخُرُوجِ مَقْعَدَتِهِ وَرَدِّهَا وَقَالُوا لَوْ سَبَقَ الْمَاءُ إلَى جَوْفِهِ فِي غَسْلِ النَّجَاسَةِ لَمْ يُفْطِرْ وَإِنْ بَالَغَ إلَّا إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى الْمُبَالَغَةِ وَلَوْ نَزَلَتْ النُّخَامَةُ مِنْ فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ وَوَصَلَتْ إلَى جَوْفِهِ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ مَجِّهَا لَمْ يُفْطِرْ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ مَنْ عَمَّتْ بَلْوَاهُ بِدَمِ لِثَتِهِ بِحَيْثُ يَجْرِي دَائِمًا أَوْ غَالِبًا أَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِمَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَيُعْفَى عَنْ أَثَرِهِ وَلَا سَبِيلَ إلَى تَكْلِيفِهِ غَسْلَهُ جَمِيعَ نَهَارِهِ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ يَجْرِي دَائِمًا أَوْ يَتَرَشَّحُ وَرُبَّمَا إذَا غَسَلَهُ زَادَ جَرَيَانُهُ اهـ وَمَا تَفَقَّهَهُ ظَاهِرٌ إذْ مِنْ الْقَوَاعِدِ أَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ فَاتَهُ رَمَضَانُ وَأَخَّرَ قَضَاءَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى مَضَى عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثَانٍ وَأَعْسَرَ بِفِدْيَةِ التَّأْخِيرِ وَقْتَ وُجُوبِهَا هَلْ تَسْقُطُ عَنْهُ أَوْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِسُقُوطِهَا بِإِعْسَارِهِ فَمَا ضَابِطُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَسْقُطُ بِإِعْسَارِهِ بَلْ تَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ كَالْكَفَّارَةِ وَكَالْقَضَاءِ فِي حَقِّ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَإِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ سُقُوطَهَا كَزَكَاةِ الْفِطْرِ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ حَالَ التَّكْلِيفِ بِهَا وَلَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ جِنَايَةٍ

وَنَحْوِهَا وَمَا بَحَثَهُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ الْمَالِيَّ إذَا عَجَزَ عَنْهُ الْعَبْدُ وَقْتَ وُجُوبِهِ يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى جِهَةِ الْبَدَلِ إذَا كَانَ بِسَبَبٍ مِنْهُ وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّ سَبَبَهُ فِطْرُهُ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْفِطْرِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّ الْمَطَالِعَ لَا تَخْتَلِفُ إلَّا فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ وَهَلْ هُوَ تَحْدِيدٌ وَهَلْ يُشْتَرَطُ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِشَهَادَةِ الْعَدْلِ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِشَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ غَيْرِ رَمَضَانَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ مُعْتَمَدٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ تَحْدِيدٌ حَيْثُ قَالَ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ تُوجِبُ ثُبُوتَ حُكْمِهَا إلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا لِأَنَّهَا فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا تَخْتَلِفُ وَيُشْتَرَطُ لِثُبُوتِ حُكْمِ الرُّؤْيَةِ لِأَهْلِ ذَلِكَ الْمَطْلَعِ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِالشَّهَادَةِ فِي رُؤْيَةِ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ بَقِيَ طَعَامٌ بَيْنَ أَسْنَانِهِ فَجَرَى بِهِ رِيقُهُ لَمْ يُفْطِرْ إنْ عَجَزَ عَنْ تَمْيِيزِهِ وَمَجِّهِ هَلْ مُرَادُهُ بِالْعَجْزِ عَنْ التَّمْيِيزِ وَالْمَجِّ فِي حَالَةِ جَرْيِهِ فَقَطْ حَتَّى لَوْ قَدَرَ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ لَا يُفْطِرُ أَوْ مُرَادُهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْأَسْنَانِ أَوْ حَالَةَ الْجَرْيِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْعَجْزِ عَنْ التَّمْيِيزِ وَالْمَجِّ فِي حَالَةِ جَرْيِهِ وَإِنْ

قَدَرَ وَلَوْ نَهَارًا عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ يَحْرُمُ التَّطَوُّعُ بِصَوْمٍ فِي نِصْفِ شَعْبَانَ الثَّانِي إلَّا أَنْ يَصِلَهُ بِمَا قَبْلَ نِصْفِهِ أَوْ كَانَتْ عَادَتَهُ وَلَوْ قَدِيمَةً أَوْ بِعَادَتِهِ صَوْمُهُ هَلْ الْعِبْرَةُ بِعَادَتِهِ فِي السَّنَةِ الَّتِي قَبْلَهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَادَتِهِ فِي السَّنَةِ الَّتِي قَبْلَهَا (سُئِلَ) عَنْ هِلَالِ رَمَضَانَ إذَا تَوَقَّفَ ثُبُوتُهُ عَلَى الْحُكْمِ فَالرَّائِي إذَا أَخْبَرَ وَالْمُخْبِرُ أَخْبَرَ وَهَلُمَّ جَرًّا مَعَ الْعَدَالَةِ خُصُوصًا الْأَهْلَ وَالْمُخَدَّرَاتِ هَلْ يَتَوَقَّفُ صَوْمُهُمْ عَلَى الثُّبُوتِ أَوْ يَكْفِي مَا تَقَدَّمَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ اُعْتُبِرَ حُكْمُ الْحَاكِمِ لِوُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَى الْعُمُومِ وَإِلَّا فَمَنْ أَخْبَرَهُ مَوْثُوقٌ بِالرُّؤْيَةِ وَاعْتَقَدَ صِدْقَهُ لَزِمَهُ الصَّوْمُ. (سُئِلَ) عَنْ مَضْمَضَةِ الصَّائِمِ قَبْلَ فِطْرِهِ وَإِلْقَاءِ الْمَاءِ مِنْ فِيهِ هَلْ مَجُّ الْمَاءِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مَكْرُوهٌ أَوْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِالْكَرَاهَةِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْحَالَةِ وَبَيْنَ الْمَضْمَضَةِ لِلْوُضُوءِ فِي بَقِيَّةِ النَّهَارِ إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي الْكَرَاهَةِ قَبْلَ الْفِطْرِ زَوَالَ الْخُلُوفِ مَعَ أَنَّ الْخُلُوفَ يَزُولُ أَيْضًا بِالْمَضْمَضَةِ لِلْوُضُوءِ وَهَلْ يُقَدَّمُ طَلَبُ إبْقَاءِ الْخُلُوفِ عَلَى طَلَبِ الْمَضْمَضَةِ أَوْ الْعَكْسُ أَوْ تَكُونُ الْمَضْمَضَةُ لِلصَّائِمِ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ مَطْلُوبَةً فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ كَالسِّوَاكِ لِأَنَّ السِّوَاكَ كَانَ مَأْمُورًا بِهِ

قَبْلَ الصَّوْمِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَالْمَضْمَضَةُ مَطْلُوبَةٌ فِيهِ فِي أَوْقَاتِ الْوُضُوءِ فَقَطْ وَمَنَعْتُمْ الصَّائِمَ مِنْ الِاسْتِيَاكِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِأَجْلِ إبْقَاءِ الْخُلُوفِ وَلَمْ تَمْنَعُوهُ مِنْ الْمَضْمَضَةِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُزِيلُ الْخُلُوفَ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَهَلْ تَزُولُ كَرَاهَةُ السِّوَاكِ بِالْغُرُوبِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَضْمَضَةَ الصَّائِمِ سُنَّةٌ وَلَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ وَمَجِّ الْمَاءِ مِنْ فِيهِ مَطْلُوبٌ لِئَلَّا يَسْبِقَ شَيْءٌ مِنْهُ إلَى الْبَاطِنِ بَلْ قِيلَ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ لِغَيْرِ الصَّائِمِ أَيْضًا وَالْخُلُوفُ لَا يَزُولُ بِمَضْمَضَةِ الصَّائِمِ لِحُصُولِهَا بِوُصُولِ الْمَاءِ إلَى فَمِهِ وَإِنْ لَمْ يَدِرَّهُ فِيهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ زَوَالِهِ إنَّمَا تَحْصُلُ بِالْمُبَالَغَةِ فِيهَا وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ لِلصَّائِمِ وَهِيَ بِأَنْ يَبْلُغَ الْمَاءُ إلَى أَقْصَى الْحَنَكِ وَوَجْهَيْ الْأَسْنَانِ وَاللِّثَاتِ مَعَ إمْرَارِ الْأُصْبُعِ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ زَوَالِ الْخُلُوفِ بِالْمَضْمَضَةِ مِنْ غَيْرِ مُبَالَغَةٍ تُسَنُّ أَيْضًا لِشُمُولِ الْأَدِلَّةِ الطَّالِبَةِ لَهَا لِمَضْمَضَةِ الصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَغَيَّرَ فَمُهُ بَعْدَ الزَّوَالِ بِسَبَبٍ آخَرَ كَنَوْمٍ فَاسْتَاكَ لِذَلِكَ لَمْ يُكْرَهْ وَإِنْ زَالَ بِهِ الْخُلُوفُ وَتَزُولُ كَرَاهَةُ السِّوَاكِ بِالْغُرُوبِ. (سُئِلَ) هَلْ الْعَشْرُ الْآخِرُ مِنْ رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ عَشْرَ رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِأَنَّ رَمَضَانَ سَيِّدُ

الشُّهُورِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ فَلَا تَدَارُكَ لَهُ وَلَا إثْمَ هَلْ قَوْلُهُ فَلَا تَدَارُكَ يَعْنِي وُجُوبًا أَوْ يُسْتَحَبُّ أَوْ يَجُوزُ أَوْ لَا وُجُوبًا وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ مِنْ آخِرِ رَمَضَانَ مَعَ إمْكَانِهِ إلَخْ هَلْ الْمُرَادُ بِالْإِمْكَانِ عَدَمُ الْعُذْرِ فَإِذَا كَانَ مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ بِهَذَا التَّأْخِيرِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّدَارُكُ وَلَا يُسْتَحَبُّ لِأَنَّ صُورَتَهَا أَنَّهُ فَاتَهُ بِعُذْرٍ وَالْمُرَادُ بِالْإِمْكَانِ عَدَمُ الْعُذْرِ فَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ مُعْتَمَدٌ وَلَيْسَ النِّسْيَانُ أَوْ الْجَهْلُ عُذْرًا هُنَا. (سُئِلَ) هَلْ يَلْزَمُ الشَّيْخَ الْهَرِمَ إذَا عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ وَأَخْرَجَ الْفِدْيَةَ النِّيَّةُ أَمْ لَا وَمَا كَيْفِيَّتُهَا وَمَا كَيْفِيَّةُ إخْرَاجِ الْفِدْيَةِ هَلْ يَتَعَيَّنُ إخْرَاجُ فِدْيَةِ كُلِّ يَوْمٍ فِيهِ أَوْ يَجُوزُ إخْرَاجُ فِدْيَةِ جَمِيعِ رَمَضَانَ دَفْعَةً سَوَاءٌ كَانَ فِي أَوَّلِهِ أَوْ فِي وَسَطِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَلْزَمُهُ النِّيَّةُ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ عِبَادَةٌ مَالِيَّةٌ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ فَيَنْوِي بِهَا الْفِدْيَةَ لِفِطْرِهِ وَيَتَخَيَّرُ فِي إخْرَاجِهَا بَيْنَ تَأْخِيرِهَا وَبَيْنَ إخْرَاجِ فِدْيَةِ كُلِّ يَوْمٍ فِيهِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ وَلَا يَجُوزُ تَعْجِيلُ شَيْءٍ مِنْهَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْدِيمِهَا عَلَى وُجُوبِهِ لِأَنَّهُ فِطْرَةٌ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ كَرَّرَ النَّظَرَ إلَى مَنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا فِي

رَمَضَانَ هَلْ يَحْرُمُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ تَكْرِيرُهُ مُطْلَقًا إلَّا إذَا كَانَ بِشَهْوَةٍ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ وَاصَلَ فِي الصَّوْمِ هَلْ يُكْرَهُ لَهُ السِّوَاكُ بَعْدَ الْغُرُوبِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ. (سُئِلَ) عَنْ وَجْهِ عَدَمِ التَّنَافِي فِي قَوْلِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ فِي الصَّوْمِ فِي الْكَلَامِ عَلَى يَوْمِ الشَّكِّ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ وَمَا الرَّاجِحُ مِمَّا أُجِيبَ بِهِ عَنْ التَّنَافِي هَلْ الرَّاجِحُ كَلَامُ السُّبْكِيّ أَمْ الْأَذْرَعِيِّ أَمْ الْوَلِيِّ الْعِرَاقِيِّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ وَجْهَ عَدَمِ التَّنَافِي بَيْنَ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ صِحَّةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ إذَا صَامَهُ مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ صِدْقَ مَنْ أَخْبَرَهُ بِكَوْنِهِ مِنْ رَمَضَانَ أَمَّا إذَا اعْتَقَدَ صِدْقَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّبْيِيتُ وَصَوْمُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ مِنْ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ كَالْأَذْرَعِيِّ أَقْعَدُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي شُرُوحِهِ لِلرَّوْضِ وَالْمَنْهَجِ وَالْبَهْجَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى يَوْمِ الشَّكِّ فِي الصَّوْمِ وَاعْتَبَرُوا الْعَدَدَ هُنَا بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فِي صِحَّةِ النِّيَّةِ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادِ فِيهِمَا اهـ مَا وَجْهُ الِاحْتِيَاطِ فِي يَوْمِ الشَّكِّ هَلْ وَجْهُهُ عَدَمُ ثُبُوتِ يَوْمِ الشَّكِّ بِوَاحِدٍ إذْ لَوْ ثَبَتَ بِهِ لَأَدَّى إلَى حُرْمَةِ صَوْمِهِ فَإِنْ قِيلَ إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ وَحَرُمَ عَلَى الشَّخْصِ

صَوْمُهُ بِشَرْطٍ فَإِذًا لَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ فِي حَقِّ هَذَا الشَّخْصِ بَيْنَ أَنْ يَثْبُتَ يَوْمُ الشَّكِّ أَوْ لَا فَهَلْ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ حُرْمَةُ كَوْنِهِ يَوْمَ شَكٍّ غَيْرُ تِلْكَ الْحُرْمَةِ وَيُنْظَرُ ذَلِكَ بِمَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ قَوْلِ الْأَصْحَابِ لَوْ اشْتَرَى أَمَةً وَلَمْ يَمْضِ زَمَنُ الِاسْتِبْرَاءِ حَلَّتْ حَيْثُ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْحِلَّ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ بِأَنَّ الْحُرْمَةَ الْمُسْتَنِدَةَ إلَى مِلْكِ الْغَيْرِ زَالَتْ وَإِنْ وَجَدَ حُرْمَةً يَتَوَقَّفُ زَوَالُهَا عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ اهـ بِالْمَعْنَى أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ وَجْهَ الِاحْتِيَاطِ أَنَّهُمْ اكْتَفَوْا مِنْ الْمُعْتَقِدِ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فِي صِحَّةِ نِيَّتِهِ وَصَوْمِهِ عَنْهُ بِإِخْبَارِ وَاحِدٍ وَاعْتَبَرُوا فِي بُطْلَانِ صَوْمِهِ مِنْ غَيْرِ الْمُعْتَقِدِ إخْبَارَ عَدَدٍ وَلَا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ لِتَحْرِيمِ يَوْمِ الشَّكِّ سَبَبَانِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَصَلَ صَوْمَهُ بِمَا قَبْلَ نِصْفِ شَعْبَانَ وَاسْتَمَرَّ صَائِمًا إلَى يَوْمِ الشَّكِّ فَلَا يَكُونُ صَوْمُهُ إيَّاهُ حَرَامًا إلَّا لِكَوْنِهِ يَوْمَ الشَّكِّ. (سُئِلَ) عَنْ الصَّائِمِ إذَا تَعَمَّدَ بِفَتْحِ فَمِهِ دُخُولَ الذُّبَابِ أَوْ غُبَارِ الطَّرِيقِ وَدَخَلَ شَيْءٌ هَلْ يُفْطِرُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِذَلِكَ. (سُئِلَ) عَنْ الصَّائِمِ إذَا أَدْخَلَ عَيْنًا فِي دَاخِلِ قَصَبَةِ عَظْمِ سَاقِهِ فِي غَيْرِ مُخِّهِ هَلْ هِيَ جَوْفٌ يُفْطِرُ الصَّائِمُ بِذَلِكَ إذَا كَانَ عَامِدًا عَالِمًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَحْمَ السَّاقِ أَوْ مُخَّهُ لَيْسَ بِجَوْفٍ فَلَا يُفْطِرُ

الصَّائِمُ بِإِدْخَالِهِ الْمَذْكُورِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ لَوْ رُئِيَ الْهِلَالُ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ أَنَّهُ يَكُونُ اللَّيْلَةَ الْآتِيَةَ هَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّيْلَةَ الْآتِيَةَ أَوَّلُ رَمَضَانَ وَيَلْزَمُ صَوْمُ صُبْحِيَّتِهَا وَيَكُونُ مُوجِبُ الصَّوْمِ إتْمَامَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ لَا الرُّؤْيَةَ الْمَذْكُورَةَ أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّهَا أَوَّلُ رَمَضَانَ وَيَكُونُ مُوجِبُ الصَّوْمِ الرُّؤْيَةَ الْمَذْكُورَةَ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَرَ لَيْلًا وَهَلْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ اللَّيْلَةُ الْآتِيَةُ حَقِيقَةً بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا أَوَّلُ الشَّهْرِ وَاللَّيْلَةُ الْمَاضِيَةُ بِاعْتِبَارِ انْسِحَابِ حُكْمِ الشَّهْرِ السَّابِقِ عَلَى يَوْمِ الرُّؤْيَةِ وَمَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمُرَادُ بِمَا ذُكِرَ دَفْعُ مَا قِيلَ أَنَّ رُؤْيَتَهُ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ تَكُونُ اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ وَمَا الْمُرَادُ مِنْهَا وَفِيمَا لَوْ رُئِيَ الْهِلَالُ الْيَوْمَ التَّاسِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ وَلَمْ يُرَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْهُ يَجِبُ صَوْمُ يَوْمِ الثَّلَاثِينَ مِنْهُ اعْتِبَارًا بِالرُّؤْيَةِ الْمَذْكُورَةِ نَهَارًا فِي الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ أَمْ لَا وَإِذَا رُئِيَ الْهِلَالُ أَيْضًا يَوْمَ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ وَلَمْ يُرَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْهُ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُصْبِحَ مُعَيِّدِينَ أَوْ لَا وَمَا مَعْنَى قَوْلِ الْمَنْهَجِ كَالْإِرْشَادِ لَا أَثَرَ لِرُؤْيَتِهِ نَهَارًا هَلْ هُوَ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا وَقَعَتْ الرُّؤْيَةُ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ أَوْ مِنْ

رَمَضَانَ أَوْ عَامٌّ فِي كُلِّ شَهْرٍ بِحَيْثُ إنَّهُ لَوْ رُئِيَ نَهَارًا وَلَمْ يُرَ لَيْلًا لَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الرُّؤْيَةِ وَلَا يُنْسَبُ الْهِلَالُ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ وَلَا الْآتِيَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ أَنَّ اللَّيْلَةَ الْآتِيَةَ أَوَّلُ رَمَضَانَ لَا كَمَالُ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ وَيَلْزَمُ صَوْمُ صَبِيحَتِهَا لَا لِلرُّؤْيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَشَارَ شَيْخُنَا بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ إلَى رَدِّ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ إذَا رُئِيَ قَبْلَ الزَّوَالِ يَكُونُ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ وَأَمَّا إذَا رُئِيَ يَوْمَ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ وَلَمْ يُرَ لَيْلًا فَلَا قَائِلَ بِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى رُؤْيَتِهِ أَثَرُهَا فَبَانَ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِرُؤْيَتِهِ نَهَارًا. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ صَائِمٍ وَعَلَيْهِ جَنَابَةٌ فَاغْتَسَلَ لَهَا فَسَبَقَهُ مَاءُ الْغُسْلِ مِنْ أُذُنَيْهِ إلَى جَوْفِهِ فَهَلْ يُفْطِرُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِهِ لِوُصُولِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ مِنْ غُسْلٍ مَشْرُوعٍ. (سُئِلَ) عَنْ صَوْمِ الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ الْمُحَرَّمِ هَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ كَتَاسِعِ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ لَا وَطَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْهِنْدِ لَا يَتْرُكُونَ صَوْمَهُ وَيَرَوْنَهُ كَصَوْمِ الْفَرْضِ وَلَا يُوَاظِبُونَ عَلَى صَوْمِ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْتَحَبَّاتِ إنْ قُلْتُمْ بِاسْتِحْبَابِهِ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ وَالْعَوَارِفِ فَلِمَ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْأَنْوَارِ وَالْعُبَابِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ وَهَلْ تَكُونُ صِحَّةُ الْأَحَادِيثِ فِي صَوْمِ الْمُحَرَّمِ دَلِيلًا عَلَى اسْتِحْبَابِ الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْهُ بِخُصُوصِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ)

باب الاعتكاف

بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ صَوْمُ الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ الْمُحَرَّمِ بَلْ يُسَنُّ صَوْمُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ جَمِيعِهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (سُئِلَ) عَنْ صَوْمِ مُنْتَصَفِ شَعْبَانَ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا» هَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ أَوْ لَا وَهَلْ الْحَدِيثُ صَحِيحٌ أَوْ لَا وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فَمَنْ ضَعَّفَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسَنُّ صَوْمُ نِصْفِ شَعْبَانَ بَلْ يُسَنُّ صَوْمُ ثَالِثَ عَشَرِهِ وَرَابِعَ عَشَرِهِ وَخَامِسَ عَشَرِهِ وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ يُحْتَجُّ بِهِ. . [بَابُ الِاعْتِكَافِ] (بَابُ الِاعْتِكَافِ) (سُئِلَ) مَا الْمُرَادُ بِرَحْبَةِ الْمَسْجِدِ الَّتِي قَالُوا حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَسْجِدِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا كَانَ خَارِجَهُ مُجْهَرًا عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَإِنْ خَالَفَ فِيهَا ابْنُ الصَّلَاحِ حَيْثُ قَالَ إنَّهَا صَحْنُهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ خَرَجَ مِنْ اعْتِكَافِهِ الْمُطْلَقِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ بَعْدَ عَزْمِهِ عَلَى الْعَوْدِ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ النِّيَّةِ أَوْ لَا وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِهَا وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ. (سُئِلَ) عَنْ الْمُرَادِ بِسِقَايَةِ الْمَسْجِدِ فِي هَذَا الْبَابِ هَلْ الْمُرَادُ بِهَا طَهَارَةُ الْمَسْجِدِ أَوْ الْفَسَاقِي الَّتِي تَعْمَلُ فِي دَاخِلِ بَعْضِ الْمَسَاجِدِ

كتاب الحج

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ حَقِيقَةَ السِّقَايَةِ الْمَكَانُ الْمُعَدُّ لِشُرْبِ النَّاسِ مِنْهُ. [كِتَابُ الْحَجِّ] (كِتَابُ الْحَجِّ) (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ صَحَّ حَجُّهُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِغَيْرِهِ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحَجُّ عَرَفَةَ» هَلْ هُوَ مُصِيبٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمُخَالَفَتِهِ الْإِجْمَاعَ وَخَرْقُهُ حَرَامٌ فَقَدْ ذَكَرَ الْأَئِمَّةُ أَنَّ أَرْكَانَ الْحَجِّ خَمْسَةٌ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ أَجْمَعَ عَلَيْهَا الْأَئِمَّةُ وَهِيَ الْإِحْرَامُ وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَالرَّابِعُ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَّا وَالْمَرْوَةِ وَخَالَفَ فِيهِ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْخَامِسُ الْحَلْقُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ مَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحَجُّ عَرَفَةَ» فَصَرَّحَ الْأَئِمَّةُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ مُعْظَمُ الْحَجِّ عَرَفَةَ فَهُوَ مَجَازٌ مِنْ تَسْمِيَةِ الْجُزْءِ بِاسْمِ الْكُلِّ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} [البقرة: 19] أَيْ أَنَامِلَهُمْ (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ فَهَلْ لِوَالِدَيْهِ مَنْعُهُ عَنْ الْحَجِّ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ بِذَلِكَ وَأَيْضًا إذَا مَاتَ وَالِدَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا وَهُمَا غَيْرُ مُسْتَطِيعَيْنِ فَأَرَادَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ الْحَجَّ لَهُمَا بِالتَّبَرُّعِ فَهَلْ يَصِحُّ إحْرَامُهُ لَهُمَا بِذَلِكَ وَيَسْقُطُ عَنْهُمَا بِذَلِكَ فَرْضُ الْحَجِّ أَوْ لَا يَصِحُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَالِدَيْنِ

مَنْعُ الْوَلَدِ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إذَا تَكَلَّفَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ وَيَصِحُّ إحْرَامُهُ لَهُمَا بِذَلِكَ وَيَسْقُطُ عَنْهُمَا بِهِ فَرْضُ الْحَجِّ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ مَعَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ بِبَنْدَرِ جُدَّةَ شَهْرًا أَوْ نَحْوَهُ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَهَلْ يُبَاحُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ لِتَحِلَّ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ بِجُدَّةِ أَمْ لَا تُبَاحُ لَهُ الْمُجَاوَزَةُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَنْ بَلَغَ مِيقَاتًا مُرِيدًا نُسُكًا لَمْ تَجُزْ مُجَاوَزَتُهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَإِنْ قَصَدَ الْإِقَامَةَ بِبَنْدَرٍ بَعْدَ الْمِيقَاتِ شَهْرًا مَثَلًا لِلْبَيْعِ وَنَحْوِهِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْإِقَامَةَ بِالْبَنْدَرِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ الْحَجِّ «خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» هَلْ الْمُرَادُ بِهِ غُفْرَانُ كُلِّ الذُّنُوبِ حَتَّى التَّبَعَاتِ أَمْ غَيْرُ ذَلِكَ أَفْتُونَا فِي ذَلِكَ بِأَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ مَعْزُوَّةً وَهَلْ مَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ زَكَرِيَّا فِي ذَلِكَ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُرَادَ غُفْرَانُ الذُّنُوبِ صَغَائِرُهَا وَكَبَائِرُهَا حَتَّى التَّبَعَاتِ فَفِي خَبَرٍ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْبَزَّارُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «وَأَمَّا وُقُوفُك عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَهْبِطُ إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِكُمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ عِبَادِي جَاءُونِي شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ

رَحْمَتِي فَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُهُمْ كَعَدَدِ الرَّمْلِ أَوْ كَقَطْرِ الْمَطَرِ أَوْ كَزَبَدِ الْبَحْرِ لَغَفَرْتهَا أَفِيضُوا مَغْفُورًا لَكُمْ وَأَمَّا رَمْيُك الْجِمَارَ فَلَكَ بِكُلِّ حَصَاةٍ رَمَيْتهَا تَكْفِيرُ كَبِيرَةٍ مِنْ الْمُوبِقَاتِ. وَأَمَّا طَوَافُك بِالْبَيْتِ فَأَنْ تَطُوفَ وَلَا ذَنْبَ عَلَيْك يَأْتِي مَلَكٌ فَيَضَعُ يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْك فَيَقُولُ اعْمَلْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ فَقَدْ غُفِرَ لَك فِيمَا مَضَى» وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ بِلَفْظٍ «وَأَمَّا وُقُوفُك بِعَرَفَةَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ لِمَلَائِكَتِهِ يَا مَلَائِكَتِي مَا جَاءَ بِعِبَادِي قَالُوا جَاءُوك يَلْتَمِسُونَ رِضْوَانَك وَالْجَنَّةَ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنِّي أُشْهِدُ نَفْسِي وَخَلْقِي أَنِّي قَدْ غَفَرْت لَهُمْ وَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُهُمْ عَدَدَ أَيَّامِ الدَّهْرِ وَعَدَدَ رَمْلِ عَالِجٍ» وَرَوَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْأَصْبَهَانِيُّ بِلَفْظِ «وَأَمَّا وُقُوفُك بِعَرَفَاتٍ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَطَّلِعُ عَلَى أَهْلِ عَرَفَاتٍ فَيَقُولُ عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا أَتَوْنِي مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ فَيُبَاهِي بِكُمْ الْمَلَائِكَةَ فَلَوْ كَانَ عَلَيْك مِنْ الذُّنُوبِ مِثْلُ رَمْلِ عَالِجٍ وَنُجُومِ السَّمَاءِ وَقَطْرِ الْبَحْرِ وَالْمَطَرِ لَغَفَرَ اللَّهُ لَك» وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالدَّمَامِينِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ الْحَدِيثِ، هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ تُغْفَرُ الصَّغَائِرُ وَالْكَبَائِرُ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ وَقَوْلُهُ «رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ أَيْ بِغَيْرِ ذَنْبٍ» وَظَاهِرُهُ

غُفْرَانُ الصَّغَائِرِ وَالْكَبَائِرِ وَالتَّبَعَاتِ وَهُوَ مِنْ أَقْوَى الشَّوَاهِدِ لِحَدِيثِ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ الْمُصَرِّحِ بِذَلِكَ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ اهـ وَحَدِيثُ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ أَخْرَجَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. وَفِي زَوَائِدِ الْمُسْنَدِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا عَشِيَّةَ عَرَفَةَ لِأُمَّتِهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ فَأَكْثَرَ الدُّعَاءَ فَأَجَابَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ قَدْ فَعَلْت وَغَفَرْت لِأُمَّتِك إلَّا مَنْ ظَلَمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَقَالَ يَا رَبِّ إنَّك قَادِرٌ أَنْ تَغْفِرَ لِلظَّالِمِ وَتُثِيبَ الْمَظْلُومَ خَيْرًا مِنْ مَظْلِمَتِهِ فَلَمْ يَكُنْ تِلْكَ الْعَشِيَّةَ فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ دَعَاهُ غَدَاةَ الْمُزْدَلِفَةِ فَعَادَ يَدْعُو لِأُمَّتِهِ فَلَمْ يَلْبَثْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَبَسَّمَ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ضَحِكْت فِي سَاعَةٍ لَمْ تَكُنْ تَضْحَكُ فِيهَا فَمَا أَضْحَكَك أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّك قَالَ تَبَسَّمْت مِنْ عَدُوِّ اللَّهِ إبْلِيسَ حِينَ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ اسْتَجَابَ لِي فِي أُمَّتِي وَغَفَرَ الْمَظَالِمَ أَهْوَى يَدْعُو بِالثُّبُورِ وَالْوَيْلِ وَيَحْثُو التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ فَتَبَسَّمْت مِمَّا يَصْنَعُ مِنْ جَزَعِهِ» وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَفِيهِ «إنَّك قَادِرٌ أَنْ تُثِيبَ الْمَظْلُومَ وَتَغْفِرَ لِهَذَا الظَّالِمِ فَأَجَابَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ قَدْ

فَعَلْت» وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي السُّنَنِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ فَهُوَ صَالِحٌ عِنْدَهُ وَأَخْرَجَهُ ضِيَاءُ الدِّينِ الْمَقْدِسِيُّ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُخْتَارَةِ مِمَّا لَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طُرُقٍ وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا الْحَدِيثُ لَهُ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِ الْبَعْثِ اهـ وَجَاءَ أَيْضًا عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدٍ جَدِّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ. وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ الْحَدِيثِ فَإِنْ قُلْت هَلْ هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الذُّنُوبِ قُلْت هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ مَظَالِمَ النَّاسِ تَحْتَاجُ إلَى اسْتِرْضَاءِ الْخُصُومِ اهـ وَيُمْكِنُ رُجُوعُهُ إلَى مَا قَدَّمْنَاهُ بِمَعْنَى أَنَّ حُقُوقَ النَّاسِ لَا تَسْقُطُ بِهِ بَلْ يُعَوِّضُهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ الْجَنَّةِ وَقَالَ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي فَتَاوِيه ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَغْفِرُ لَهُ بِذَلِكَ الصَّغَائِرَ وَالْكَبَائِرَ وَقَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ لَكِنْ الْأَوْجَهُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ الْكَبَائِرِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْآدَمِيِّ اهـ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَأَمَّا مَا وَرَدَ مِنْ إطْلَاقِ غُفْرَانِ الذُّنُوبِ جَمِيعِهَا عَلَى فِعْلِ بَعْضِ الطَّاعَاتِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ كَحَدِيثِ الْوُضُوءِ يُكَفِّرُ الذُّنُوبَ وَحَدِيثُ «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» «وَمَنْ

صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» «وَمَنْ حَجَّ وَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» وَنَحْوُهُ فَحَمَلُوهُ عَلَى الصَّغَائِرِ فَإِنَّ الْكَبَائِرَ لَا يَغْفِرُهَا غَيْرُ التَّوْبَةِ وَنَازَعَ فِي ذَلِكَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَقَالَ فَضْلُ اللَّهِ أَوْسَعُ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْإِشْرَافِ فِي كِتَابِ الِاعْتِكَافِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» قَالَ يُغْفَرُ لَهُ جَمِيعُ ذُنُوبِهِ صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ عَنْ بَعْضِ الْمُعَاصِرِينَ لَهُ يُرِيدُ بِهِ أَبَا مُحَمَّدٍ الْأَصِيلِيَّ الْمُحَدِّثَ أَنَّ الْكَبَائِرَ وَالصَّغَائِرَ تُكَفِّرُهَا الطَّهَارَةُ وَالصَّلَاةُ لِظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ قَالَ وَهُوَ جَهْلٌ بَيِّنٌ وَمُوَافَقَةٌ لِلْمُرْجِئَةِ فِي قَوْلِهِمْ وَلَوْ كَانَ كَمَا زَعَمُوا لَمْ يَكُنْ لِلْأَمْرِ بِالتَّوْبَةِ مَعْنًى وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ وَالْفُرُوضُ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا إلَّا بِقَصْدٍ. وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا اُجْتُنِبَتْ الْكَبَائِرُ» اهـ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْمُكَفَّرَ بِهَذِهِ الْأُمُورِ الصَّغَائِرُ دُونَ الْكَبَائِرِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ عَامًّا فِيهَا مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الْحَجِّ الْمَذْكُورِ لِمَا تَقَدَّمَ فِيهِ مِنْ الْأَدِلَّةِ أَوْ أَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى مَجْمُوعِهَا فَلَا يُنَافِي مَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ تَكْفِيرِ الْحَجِّ الْمَذْكُورِ لِجَمِيعِ الذُّنُوبِ

صَغَائِرِهَا وَكَبَائِرِهَا حَتَّى التَّبِعَاتِ (سُئِلَ) عَمَّنْ اُسْتُؤْجِرَ لِيَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ هَلْ لِأَبَوَيْهِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَمْنَعَانِهِ مِنْ حَجِّ التَّطَوُّعِ أَمْ لَا (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ زَادَتْ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ عَلَى مُؤْنَةِ سَفَرِهِ فَلَيْسَ لَهُمَا مَنْعُهُ كَمَا لَا يَمْنَعَانِهِ مِنْ سَفَرِهِ لِلتِّجَارَةِ وَإِلَّا فَلَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا مَنْعُهُ. (سُئِلَ) هَلْ الْأَفْضَلُ لِمُصَلِّي الصُّبْحِ بِمَكَّةَ الْمُكْثُ ذَاكِرًا حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ أَمْ الطَّوَافُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَفْضَلَ الطَّوَافُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ طَافَ وَبَعْضُ مَلْبُوسِهِ فَوْقَ الشَّاذَرْوَانِ هَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَصِحُّ. (سُئِلَ) عَمَّنْ سَعَى مُعْتَرِضًا أَوْ مَشَى قَهْقَرَى أَوْ مَنْكُوسًا هَلْ يَصِحُّ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَصِحُّ. (سُئِلَ) هَلْ ضُبِطَ عَرْضُ الْمَسْعَى؟ (فَأَجَابَ) لَمْ أَرَ مَنْ ضَبَطَهُ وَسُكُوتُهُمْ عَنْهُ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ اسْتِيعَابُ الْمَسَافَةِ الَّتِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ كُلَّ مَرَّةٍ بِأَنْ يُلْصِقَ عَقِبَهُ بِمَا يَذْهَبُ مِنْهُ وَرُءُوسَ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ بِمَا يَذْهَبُ إلَيْهِ وَالرَّاكِبُ يُلْصِقُ حَافِرَ دَابَّتِهِ (سُئِلَ) هَلْ تُسَنُّ النِّيَّةُ فِي السَّعْيِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسَنُّ بَلْ قِيلَ إنَّهَا شَرْطٌ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ النَّوَوِيِّ فِي الْمَجْمُوعِ هَلْ يَفُوتُ طَوَافُ الْقُدُومِ بِالتَّأْخِيرِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ مَا الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا

عَدَمُ فَوَاتِهِ بِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ وَلِذَا قَالُوا إنَّ مَنْ حَضَرَ الْمَسْجِدَ وَعَلَيْهِ فَائِتَةٌ أَوْ وَجَدَ النَّاسَ فِي مَكْتُوبَةٍ أَوْ خَافَ فَوْتَ فَرِيضَةٍ أَوْ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ قَدَّمَ ذَلِكَ عَلَى الطَّوَافِ بَلْ لَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فِي أَثْنَائِهِ قَدَّمَ الصَّلَاةَ وَيُنْدَبُ لِلْمَرْأَةِ الْجَمِيلَةِ أَوْ الشَّرِيفَةِ وَالْخُنْثَى تَأْخِيرُهُ إلَى اللَّيْلِ وَمَنْ لَهُ عُذْرٌ يَبْدَأُ بِإِزَالَتِهِ. (سُئِلَ) هَلْ لَهُ أَنْ يَطُوفَ أُسْبُوعَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ فِي النَّفْلِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مُطْلَقَ النِّيَّةِ إنَّمَا يَكْفِي لِأُسْبُوعٍ وَاحِدٍ (سُئِلَ) هَلْ يُسَنُّ تَقْبِيلُ الْيَدِ عِنْدَ الْإِشَارَةِ إلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ إذَا عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِهِ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يُسَنُّ. (سُئِلَ) هَلْ يُسَنُّ الْغُسْلُ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَمْ بَعْدَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُسَنُّ وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلِهَذَا قَالَ فِي التَّنْبِيهِ فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ سَارَ إلَى الْمَوْقِفِ وَاغْتَسَلَ لِلْوُقُوفِ وَأَقَامَ بِنَمِرَةَ فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ خَطَبَ وَقَوْلُ ابْنِ الْوَرْدِيِّ فِي بَهْجَتِهِ وَلِلْوُقُوفِ فِي عَشِيِّ عَرَفَةَ لَا يُخَالِفُ هَذَا لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي عَشِيِّ عَرَفَةَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لِلْوُقُوفِ. (سُئِلَ) هَلْ تَمْتَدُّ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ لِمَنْ وَقَفَ الْيَوْمَ الْعَاشِرَ غَلَطًا أَوْ يَكُونُ يَوْمُ النَّحْرِ فِي أَحْكَامِهِ هُوَ ثَانِي يَوْمِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ الْحَادِيَ عَشَرَ وَأَنَّ أَيَّامَ

التَّشْرِيقِ ثَلَاثَةٌ بَعْدَهُ فَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي إنَّ وُقُوفَهُمْ فِي الْعَاشِرِ يَقَعُ أَدَاءً لَا قَضَاءً لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الْقَضَاءُ أَصْلًا وَقَدْ قَالُوا لَيْسَ يَوْمُ الْفِطْرِ أَوَّلَ شَوَّالٍ مُطْلَقًا بَلْ يَوْمُ فِطْرِ النَّاسِ وَكَذَا يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمُ يُضَحِّي النَّاسُ وَيَوْمُ عَرَفَةَ الْيَوْمُ الَّذِي يَظْهَرُ لَهُمْ أَنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ سَوَاءٌ التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ لِخَبَرِ «الْفِطْرِ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّافِعِيِّ وَعَرَفَةُ يَوْمَ يُعَرِّفُونَ. لَكِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ هَلْ يَتَعَيَّنُ الْوُقُوفُ بَعْدَ الزَّوَالِ أَمْ يَجُوزُ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ وَفِي جَوَازِهِ قَبْلَ الزَّوَالِ نَظَرٌ وَهَلْ يَمْتَدُّ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فِي الْيَوْمِ الْحَادِيَ عَشَرَ وَهَلْ يَفُوتُ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فِي الْيَوْمِ الزَّائِدِ هَلْ يَجُوزُ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فِي الْعَاشِرِ هَلْ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ مَحْسُوبٌ عَلَيْهِمْ يَوْمُ عَرَفَةَ أَوْ يَجُوزُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ يَوْمَ أُضْحِيَّةٍ ثُمَّ قَالَ رَأَيْت فِي الِاسْتِذْكَارِ لِلدَّارِمِيِّ أَنَّهُمْ إذَا وَقَفُوا الْعَاشِرَ غَلَطًا حُسِبَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا عَلَى حِسَابِ وُقُوفِهِمْ وَإِنْ وَقَفُوا الثَّامِنَ وَذَبَحَ يَوْمَ التَّاسِعِ ثُمَّ بَانَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ إعَادَةُ التَّضْحِيَةِ وَعَلَى هَذَا فَلَا يُقِيمُونَ بِمِنًى إلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ خَاصَّةً (سُئِلَ) هَلْ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ النَّوَوِيِّ فِي مَنَاسِكِهِ الْكُبْرَى

وَلَوْ وَقَعَ الْغَلَطُ فِي الْوُقُوفِ فِي الْعَاشِرِ لِطَائِفَةٍ يَسِيرَةٍ لَا لِلْحَجِيجِ الْعَامِّ لَمْ يُجْزِئْهُمْ أَنَّهُ يُجْزِئُ جَمِيعَ الْحَجِيجِ وَإِنْ قَلَّ إذَا وَقَعَ الْغَلَطُ لِجَمِيعِهِمْ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ كَثْرَتِهِمْ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وُقُوفُ الْحَجِيجِ فِي الْعَاشِرِ إلَّا إنْ كَثُرُوا عَلَى وَفْقِ الْعَادَةِ وَعِبَارَةُ الْمَنَاسِكِ الْمَذْكُورَةِ تُفِيدُ مَا ذَكَرْنَاهُ إذْ قَوْلُهُ لَا لِلْحَجِيجِ الْعَامِّ أَيْ الْكَثِيرِ فَهِيَ كَعِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ فِيمَنْ نَفَرَ النَّفْرَ الْأَوَّلَ قَبْلَ رَمْيِ يَوْمِهِ ثُمَّ عَادَ عَدَمُ إجْزَائِهِ مُطْلَقًا أَمْ التَّفْصِيلُ فَيُجْزِئُهُ إنْ رَمَى قَبْلَ غُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِهِ وَإِلَّا فَلَا أَمْ يُجْزِئُهُ مَا لَمْ تَخْرُجْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ إجْزَاءُ رَمْيِهِ قَبْلَ غُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِهِ. (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ جَوَازُ النَّفْرِ الْأَوَّلِ قَبْلَ رَمْيِ يَوْمِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُهُ. (سُئِلَ) مَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ يَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فِيمَنْ تَرَكَ رَمْيَ يَوْمٍ إلَخْ مَعَ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ يَوْمَهُ انْصَرَفَ إلَى الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ.؟ (فَأَجَابَ) بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ. (سُئِلَ) هَلْ يَنْعَقِدُ إحْرَامُ مَنْ قَالَ إنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا الْآنَ فَقَدْ أَحْرَمْت إحْرَامًا مُطْلَقًا أَمْ لَا يَنْعَقِدُ لِلتَّعْلِيقِ كَمَا لَوْ قَالُوا إنْ كَانَ مُحْرِمًا فَقَدْ أَحْرَمْت فَلَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمَذْكُورَ

تَعْلِيقٌ لِأَصْلِ الْإِحْرَامِ فَإِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا فَهَذَا الْمُعَلَّقُ مُحْرِمًا وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ مُحْرِمًا فَقَدْ أَحْرَمْت. (سُئِلَ) هَلْ يُجْزِئُهُ الطَّوَافُ وَهُوَ مَطْرُوحٌ عَلَى بَطْنِهِ أَوْ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ وَالْبَيْتُ عَنْ يَسَارِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُجْزِئُهُ طَوَافُهُ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ مَعْذُورًا وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّ الْمُتَّجِهَ خِلَافُهُ. (سُئِلَ) هَلْ يَجِبُ عَلَى النَّائِبِ فِي الرَّمْيِ أَنْ يَرْمِيَ عَنْ نَفْسِهِ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَ أَوْ يَكْفِي أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةً عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ يَرْمِيَهَا عَنْ مُسْتَنِيبِهِ وَهَكَذَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِنَفْسِهِ فَيَرْمِيَ عَنْهَا الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَ ثُمَّ عَنْ مُسْتَنِيبِهِ بَعْدُ. (سُئِلَ) هَلْ يَلْحَقُ بِالْحَائِضِ فِي تَرْكِ طَوَافِ الْوَدَاعِ مَنْ بِهِ جِرَاحَةٌ نَضَّاحَةٌ كَمَا أَلْحَقُوهُ بِهَا فِي حُرْمَةِ عُبُورِهِ الْمَسْجِدَ وَإِذَا قُلْتُمْ بِهِ فَيَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَنْقَطِعَ عَنْهُ قَبْلَ مُفَارَقَةِ سُورِ مَكَّةَ أَوْ بَعْدَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْحَائِضِ فِي حُكْمِهَا النُّفَسَاءُ وَالْمُسْتَحَاضَةُ إذَا نَفَرَتْ فِي يَوْمِ حَيْضِهَا وَنَحْوُهُمَا مِمَّنْ يَخْشَى تَلْوِيثَ الْمَسْجِدِ كَذِي الْجِرَاحَةِ النَّضَّاحَةِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِي رَكْعَتِي الطَّوَافِ وَلَا تَفُوتَانِ إلَّا بِمَوْتِهِ هَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ شَيْئًا مِنْ فَرْضٍ وَلَا غَيْرِهِ بَعْدَ طَوَافِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ حَمْلُ قَوْلِهِمْ عَلَى مَا ذُكِرَ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ

الِاحْتِيَاطَ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا بَعْدَ الْفَرِيضَةِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ نَوَى رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ لَيْلًا مَعَ سُنَّةٍ أُخْرَى كَسُنَّةِ الْعِشَاءِ وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ هَلْ يُسَنُّ لَهُ الْجَهْرُ مُرَاعَاةً لَهُمَا أَوْ السِّرُّ مُرَاعَاةً لِلسُّنَّةِ الْأُخْرَى؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُتَوَسَّطُ بَيْنَ الْإِسْرَارِ وَالْجَهْرِ مُرَاعَاةً لِلصَّلَاتَيْنِ. (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ فِي تَرْكِ حَصَاةٍ مِنْ حَصَى الْجِمَارِ كَمَا قَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ الْمَدُّ إنْ اخْتَارَ الدَّمَ وَإِنْ اخْتَارَ الصَّوْمَ فَيَوْمٌ أَوْ الْإِطْعَامَ فَصَاعٌ قِيَاسًا عَلَى الشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ أَوْ لَا يَنْتَقِلُ عَنْ الصَّوْمِ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ. (سُئِلَ) هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ طَوَافِ الْوَدَاعِ إذَا أَطَالَ بَعْدَهُ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ الْمُلْتَزَمِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ مِنْهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اعْتَمَرَ شَخْصٌ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ، وَآخَرُ طَافَ كَذَلِكَ فَهَلْ مَا أَتَى بِهِ الْأَوَّلُ أَفْضَلُ كَمَا جَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ أَوْ مَا أَتَى بِهِ الثَّانِي حَتَّى قَالَ مَالِكٌ وَالْمُزَنِيُّ لَا يَجُوزُ الِاعْتِمَارُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ الْأَوَّلُ أَفْضَلُ فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْعُمْرَةُ إلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ثُمَّ عَمَلَانِ هُمَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ إلَّا مَنْ عَمِلَ بِمِثْلِهِمَا حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ أَوْ عُمْرَةٌ مَبْرُورَةٌ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

«عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً مَعِي» وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَنْ قَالَ لَا يُعْتَمَرُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً خَالَفَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ أَعْمَرَ عَائِشَةَ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ مَرَّتَيْنِ وَاعْتَمَرَ ابْنُ عُمَرَ أَعْوَامًا مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ عَامٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ وَاسْتُحِبَّ لِلرَّجُلِ أَنْ لَا يَأْتِيَ عَلَيْهِ شَهْرٌ إلَّا اعْتَمَرَ فِيهِ وَإِنْ قَدَرَ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي الشَّهْرِ الْمَرَّتَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَ أَحْبَبْت لَهُ ذَلِكَ. (سُئِلَ) عَنْ خَبَرِ «خَرَجَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مُهِلِّينَ يَنْتَظِرُونَ الْقَضَاءَ أَيْ نُزُولَ الْوَحْيِ فَأَمَرَ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ أَنْ يَجْعَلَ إحْرَامَهُ عُمْرَةً وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَهُ حَجًّا» اهـ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَشْكَلَ عَلَيْنَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُنَاسِبَ الْعَكْسُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُنَاسَبَةَ فِيهِ ظَاهِرَةٌ وَهُوَ أَنَّ الْحَجَّ أَكْمَلُ النُّسُكَيْنِ وَمَنْ سَاقَ الْهَدْيَ تَقَرُّبًا أَكْمَلُ حَالًا مِمَّنْ لَمْ يَسُقْهُ فَنَاسَبَ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَكْمَلُ النُّسُكَيْنِ وَأَمَّا كَوْنُ ظَاهِرِ الْخَبَرِ أَنَّ الْإِهْدَاءَ يَمْنَعُ الِاعْتِمَارَ فَغَيْرُ مُرَادٍ إجْمَاعًا (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجِبُ الْمُكْثُ فِي مَبِيتِ مُزْدَلِفَةَ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ فِي غَيْرِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَكْفِي الْمُرُورُ كَوُقُوفِ عَرَفَةَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَظْهَرُ حُصُولُهُ بِالْحُضُورِ فِيهَا سَاعَةٍ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي نَصَّ

عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَنَصَّ فِي الْإِمْلَاءِ وَالْقَدِيمِ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِسَاعَةٍ بَيْنَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ يَكْفِي الْمُرُورُ كَعَرَفَةَ اهـ زَادَ فِي قُوَّتِهِ. قَوْلُهُ: وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ. وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ وَالْمُرَادُ يَمْكُثُونَ فِي بُقْعَةٍ مِنْهَا عَلَى أَيِّ حَالَةٍ كَانَتْ اهـ وَلَعَلَّهُ مُسْتَنَدُ شَيْخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ فَإِنَّهُ حَمَلَ الْمُكْثَ فِي كَلَامِهِمَا عَلَى مَا يَشْمَلُ الْمُرُورَ بِتَجَوُّزٍ فَلَا مُخَالَفَةَ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نَذَرَ الْحَجَّ فِي الْعَامِ الثَّالِثِ هَلْ لَهُ أَنْ يَحُجَّ فِي الثَّانِي تَطَوُّعًا أَوْ عَنْ غَيْرِهِ؟ قِيلَ نَعَمْ وَقَيْلَ لَهُ الْحَجُّ عَنْ نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ مَا الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُمَا أَوَّلُهُمَا لِعَدَمِ دُخُولِ الْوَقْتِ الْمَنْذُورِ. (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ لِلْأَجِيرِ إجَارَةً إذَا عَجَزَ عَنْ الرَّمْيِ الِاسْتِنَابَةُ فِيهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ لِلضَّرُورَةِ. (سُئِلَ) عَنْ حَاجٍّ تَرَكَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَجَاءَ إلَى مِصْرَ مَثَلًا ثُمَّ صَارَ مَعْضُوبًا بِشَرْطِهِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِي هَذَا الطَّوَافِ أَوْ فِي غَيْرِهِ مِنْ رُكْنٍ أَوْ وَاجِبٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْإِنَابَةَ إذَا أَجْزَأَتْ فِي جَمِيعِ النُّسُكِ فَفِي بَعْضِهِ أَوْلَى لَا يُقَالُ النُّسُكُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَلَا يُبْنَى فِيهِ فِعْلُ شَخْصٍ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ لِأَنَّ مَحِلَّهُ عِنْدَ مَوْتِهِ أَوْ قُدْرَتِهِ

عَلَى تَمَامِهِ وَأَمَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ فَيَبْنِي فَقَدْ قَالُوا إنَّ الْحَاجَّ لَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ مَجْنُونًا وَقَعَ حَجُّهُ نَفْلًا وَاسْتُشْكِلَ بِوُقُوفِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَأُجِيبَ بِأَنَّ الْجُنُونَ لَا يُنَافِي الْوُقُوعَ نَفْلًا بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَقَالُوا: إنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ الْمَجْنُونِ ابْتِدَاءً فَفِي الدَّوَامِ أَوْلَى أَنْ يُتِمَّ حَجَّهُ وَيَقَعَ نَفْلًا بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَقَالُوا إنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ وَيَفْعَلُ مَا عَجَزَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْهُ فَفِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ تَمَّ النُّسُكُ النَّفَلُ بِالْإِنَابَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَى مَنْ وَقَعَ لَهُ بِتَرْكِ إتْمَامِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَلِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ وَقَالُوا إنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الرَّمْيِ وَقْتَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيهِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الِاسْتِنَابَةَ فِي الْحَجِّ جَائِزَةٌ وَكَذَلِكَ فِي أَبْعَاضِهِ فَنَزَّلُوا فِعْلَ مَأْذُونِهِ مَنْزِلَةَ فِعْلِهِ فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الْوَاجِبِ الَّذِي يُجْبَرُ تَرْكُهُ وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بِدَمٍ فَكَيْفَ بِرُكْنِ النُّسُكِ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ إتْمَامُ نُسُكِ مَنْ مَاتَ فِي أَثْنَائِهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ بِالْكُلِّيَّةِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَجَّ الْأَجِيرُ عَنْ غَيْرِهِ ثُمَّ اعْتَمَرَ عَنْ غَيْرِهِ ثُمَّ حَجَّ لِنَفْسِهِ مِنْ مَكَّةَ لَزِمَهُ الدَّمُ لِأَنَّ إحْرَامَهُ عَنْ غَيْرِهِ فَكَأَنَّهُ دَخَلَ مَكَّةَ

مُرِيدًا لِلنُّسُكِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَعَزَاهُ الْبَغَوِيّ إلَى الْقَدِيمِ وَزَادَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فَقَالَ وَكَذَا الْحُكْمُ وَإِنْ لَمْ يَعْنِ لَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجِبَ الدَّمُ مَا الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ وُجُوبِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا أَحْرَمَ الْآفَاقِيُّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ بِالْعُمْرَةِ فَقَرَنَ عَنْ عَامِهِ هَلْ عَلَيْهِ دَمٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ أَمْ لَا كَمَا فِي تَجْرِيدِ الْمَحَامِلِيِّ عَنْ الْمُزَنِيّ فِي الْمَنْثُورِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ وُجُوبُ دَمَيْنِ دَمٍ لِلتَّمَتُّعِ وَآخَرَ لِلْقِرَانِ. . (سُئِلَ) عَمَّا إذَا أَفْسَدَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ حَجَّهُ بِجِمَاعٍ لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فِيهِ وَيُنْفِقُ الْوَلِيُّ عَلَيْهِ فِيهِ فَهَلْ يُعْطِيهِ نَفَقَةَ الْقَضَاءِ فِيهِ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ مَا الْأَصَحُّ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَصَحَّهُمَا أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّهُ فَرْضٌ كَالْأَدَاءِ. (سُئِلَ) هَلْ الْأَفْضَلُ السَّعْيُ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ أَوْ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَفْضَلَ كَوْنُهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّ لَنَا وَجْهًا قَائِلًا بِأَنَّ مَنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ تُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ. (سُئِلَ) هَلْ الرِّدَّةُ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ تُبْطِلُ مِنْهُ مَا قَبْلَهَا أَوْ مَا بَعْدَهَا وَيَبْنِي فِيمَا إذَا كَانَ الطَّوَافُ بِغَيْرِ نُسُكٍ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْحَدَثِ

إذَا قُلْتُمْ بِبُطْلَانِهِ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوُضُوءِ.؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرِّدَّةَ فِي أَثْنَاءِ طَوَافِهِ لَا تُبْطِلُ مَا قَبْلَهَا فَقَدْ قَالُوا لَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ تَطَهَّرَ وَبَنَى عَلَى طَوَافِهِ وَلَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ إذْ يُحْتَمَلُ فِيهِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِيهَا كَكَثِيرِ الْفِعْلِ وَالْكَلَامِ سَوَاءٌ أَطَالَ الْفَصْلُ أَمْ قَصُرَ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ فِيهِ كَالْوُضُوءِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِبَادَةٌ يَجُوزُ أَنْ يَتَخَلَّلَهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ اهـ وَقَدْ قَالُوا إنَّ الرِّدَّةَ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ لَا تُبْطِلُ مَا فَعَلَهُ قَبْلَهَا. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا بَدَأَ بِغَيْرِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ لَمْ تُحْسَبْ تِلْكَ الطَّوْفَةُ فَإِذَا انْتَهَى إلَيْهِ ابْتَدَأَ مِنْهُ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحْضِرًا لِلنِّيَّةِ أَوْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الصَّارِفِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحْضِرًا لِلنِّيَّةِ حِينَ انْتِهَائِهِ إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ. (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ لِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ طَوَافُ الرُّكْنِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ فَلَا فَائِدَةَ فِي فِعْلِهِ وَإِنَّمَا فِعْلُ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ كَذَلِكَ لِحُرْمَةِ وَقْتِهَا وَالطَّوَافُ لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ إذَا صَلَّى ثُمَّ قَدَرَ عَلَى التَّيَمُّمِ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْحَضَرِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ مَعَ أَنَّ حُرْمَةَ الصَّلَاةِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَتِهِ. (سُئِلَ) هَلْ يُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ

بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ زِيَارَتِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِهَا حِينَئِذٍ مَكْرُوهٌ لِمُنَافَاتِهِ لِلْأَدَبِ بِحَضْرَتِهِ. - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَيَقِفُ نَاظِرًا إلَى أَسْفَلَ مَا يَسْتَقْبِلُهُ مِنْ جِدَارِ الْقَبْرِ غَاضَّ الْبَصَرِ فِي مَقَامِ الْهَيْبَةِ وَالْإِجْلَالِ فَارِغَ الْقَلْبِ مِنْ عَلَائِقِ الدُّنْيَا مُسْتَحْضِرًا فِي قَلْبِهِ جَلَالَةَ مَوْقِفِهِ وَمَنْزِلَةَ مَنْ هُوَ بِحَضْرَتِهِ ثُمَّ يُسَلِّمُ وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ بَلْ يَقْتَصِدُ فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ اهـ وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي إيضَاحِهِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَمُولِيُّ وَالنَّشَائِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ حُرْمَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَوْتِهِ وَتَوْقِيرَهُ وَتَعْظِيمَهُ لَازِمٌ كَمَا كَانَ حَالَ حَيَاتِهِ وَذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَذِكْرِ حَدِيثِهِ وَسُنَّتِهِ وَسَمَاعِ اسْمِهِ وَسِيرَتِهِ وَقَالَ. إبْرَاهِيمُ التُّجِيبِيُّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُؤْمِنٍ مَتَى ذَكَرَهُ أَوْ ذُكِرَ عِنْدَهُ أَنْ يَخْضَعَ وَيَخْشَعَ وَيَتَوَقَّرَ وَيَسْكُنَ مِنْ حَرَكَتِهِ وَيَأْخُذَ فِي هَيْبَتِهِ وَإِجْلَالِهِ بِمَا كَانَ يَأْخُذُ بِهِ نَفْسَهُ لَوْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَيَتَأَدَّبَ بِمَا أَدَّبَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي جَعْفَرٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَرْفَعْ صَوْتَك فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ

وَجَلَّ أَدَّبَ قَوْمًا فَقَالَ {لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2] الْآيَةَ وَمَدَحَ قَوْمًا فَقَالَ {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ} [الحجرات: 3] الْآيَةَ وَذَمَّ قَوْمًا فَقَالَ {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ} [الحجرات: 4] الْآيَةَ وَإِنَّ حُرْمَتَهُ مَيِّتًا كَحُرْمَتِهِ حَيًّا فَاسْتَكَانَ لَهَا أَبُو جَعْفَرٍ اهـ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ قَدْ كَرِهَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ حُرْمَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَيِّتًا كَحُرْمَتِهِ حَيًّا (سُئِلَ) هَلْ حَجَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ بَعْثَتِهِ غَيْرَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَوْ لَا وَهَلْ ثَبَتَ أَنَّهُ حَجَّ قَبْلَ مَبْعَثِهِ أَوْ لَا وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ حَجَّ قَبْلَ بَعْثَتِهِ فَهَلْ كَانَ لِلْحَجِّ أَرْكَانٌ وَوَاجِبَاتٌ وَجُبْرَانُ وَمَحْظُورَاتٌ كَالْآنِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَمْ يَحُجَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ هِجْرَتِهِ لِلْمَدِينَةِ إلَّا حَجَّةَ الْوَدَاعِ سَنَةَ عَشْرٍ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَّ قَبْلَ بَعْثَتِهِ وَحَجَّ قَبْلَ هِجْرَتِهِ وَلَمْ يَصِحَّ عَدَدُ حَجَّاتِهِ حِينَئِذٍ. (سُئِلَ) هَلْ تَصِحُّ رَكْعَتَا الطَّوَافِ أَرْبَعًا كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ أَوْ لَا كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَهَلْ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ الطَّوَافُ لِلْمُقِيمِ وَغَيْرِهِ أَوْ لَا وَيُصَلِّي الْمُقِيمُ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَهَلْ لَهُ سَلَفٌ فِي ذَلِكَ أَوْ لَا وَهَلْ إذَا نُقِلَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدِ إلَى رُكْنٍ آخَرَ هَلْ ابْتِدَاءُ الطَّوَافِ وَالِاسْتِلَامِ لِمَحَلِّهِ أَوْ لَهُ وَكَذَا

الْمَقَامُ هَلْ الصَّلَاةُ كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فِي كَوْنِهَا أَفْضَلَ خَلْفَهُ أَوْ خَلْفَ مَحَلِّهِ وَهَلْ إذَا كَانَتْ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ الطَّوَافَ وَصَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ هَلْ تَنْعَقِدُ أَوْ لَا؟ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ لَا سَبَبَ لَهَا وَهَلْ إذَا قَصَدَ النُّسُكَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ وَدَخَلَ مَكَّةَ بِهَذَا الْقَصْدِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ بِنُسُكٍ لِلدُّخُولِ أَوْ لَا وَمَا مَعْنَى قَوْلِ شَرْحِ الرَّوْضِ بَدَلٌ عَنْ الْغُسْلِ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْحَجِّ؟ (فَأَجَابَ) فِي الْأُولَى بِأَنَّهُ يَصِحُّ رَكْعَتَا الطَّوَافِ بِمَا ذَكَرَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْهُمَا بِكُلِّ صَلَاةِ فَرِيضَةٍ كَانَتْ أَوْ رَاتِبَةٍ كَمَا فِي التَّحِيَّةِ فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ قَالَ أَصْحَابُنَا إذَا قُلْنَا رَكْعَتَا الطَّوَافِ سُنَّةٌ فَصَلَّى فَرِيضَةً بَعْدَ الطَّوَافِ أَجْزَأَتْهُ عَنْهُمَا كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ هَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَحَكَاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ وَصَرَّحَ بِهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ الصَّيْدَلَانِيُّ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْبَغَوِيُّ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالْبَيَانِ وَالرَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ وَالْمَذْهَبُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ وَنَقَلَهُ الْأَصْحَابُ وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُ التَّحِيَّةِ مِائَةَ رَكْعَةٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَأَجَابَ فِي الثَّانِيَةِ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إنَّ تَحِيَّةَ الْبَيْتِ الطَّوَافُ فَشَمِلَ الْمُقِيمَ وَغَيْرَهُ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَلَا يَبْدَأُ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إذَا تَحَصَّلَ بِرَكْعَتَيْ

الطَّوَافِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الطَّوَافُ لِنَحْوِ زِحَامٍ صَلَّى التَّحِيَّةَ وَهِيَ مَنْدُوبَةٌ لِمُقِيمٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ اهـ. فَكَلَامُهُ فِي الْمُقِيمِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فِي أَنَّهُ يَكْثُرُ دُخُولُهُ الْمَسْجِدَ وَلَا يَطُوفُ وَأَجَابَ فِي الثَّالِثَةِ بِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِيهَا بِمَحَلِّ كُلٍّ مِنْهُمَا وَأَجَابَ فِي الرَّابِعَةِ بِأَنَّهُ مَتَى طَافَ فِيهَا بِالْبَيْتِ ثُمَّ صَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ لَمْ تَنْعَقِدْ لِمَا ذُكِرَ وَأَجَابَ فِي الْخَامِسَةِ بِأَنَّ الدَّاخِلَ فِيهَا إلَى مَكَّةَ بِالْقَصْدِ الْمَذْكُورِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِنُسُكٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَيَجِبُ عَلَيْهِ عَلَى مُقَابِلِهِ وَأَجَابَ فِي السَّادِسَةِ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ شَرْحِ الرَّوْضِ فِيهَا أَنَّ الْوُضُوءَ بَدَلٌ عَنْ الْغُسْلِ إنَّ الْغُسْلَ فِي حَقِّ الْمُحْدِثِ هُوَ الْأَصْلُ وَإِنَّمَا حُطَّ عَنْهُ إلَى الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ تَخْفِيفًا (سُئِلَ) عَمَّنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مَرِيدًا لِلنُّسُكِ بِلَا إحْرَامٍ هَلْ يَكْفِيه الْعَوْدُ إلَى مِثْلِ الْأَوَّلِ مَسَافَةً أَوْ لَا يَكْفِيه بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْعَوْدِ إلَيْهِ أَوْ إلَى مِيقَاتٍ مِثْلِهِ مَسَافَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَمَتِّعِ حَيْثُ كَفَاهُ الْعَوْدُ إلَى مَكَان مِثْلِ الْمِيقَاتِ مَسَافَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَكَانُ مِيقَاتًا بِأَنَّ هَذَا قَضَاءً لِمَا فَوَّتَهُ بِإِسَاءَتِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَكْفِيه فِي سُقُوطِ الدَّمِ عَنْهُ إلَّا الْعَوْدُ إلَى الْمِيقَاتِ الَّذِي هُوَ جَاوَزَهُ مَرِيدًا لِلنُّسُكِ أَوْ إلَى مِيقَاتٍ مِثْلِهِ مَسَافَةً هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ

باب محرمات الإحرام

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَمَتِّعِ مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَدَارُكِ رَمْيِ الْجِمَارِ فَيُتَدَارَكُ الْأَوَّلُ فِي الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ كَيْفَ يَكُونُ تَدَارُكُ الْأَوَّلِ فِي الثَّالِثِ مَعَ أَنَّهُ إذَا رَمَى فِي الثَّانِي وَلَمْ يَكُنْ رَمَى فِي الْأَوَّلِ وَقَعَ عَنْ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الرَّمْيُ الْوَاقِعُ فِي الثَّالِثِ عَنْ الثَّانِي لَا عَنْ الْأَوَّلِ فَإِنْ قِيلَ مَا ذَكَرَهُ الْجَلَالُ الْمَذْكُورُ صُورَتُهُ أَنْ يَكُونَ تَرَكَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِي فَهَلْ يُقَالُ يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَكُونَ فِيمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَكْرَارٌ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ الْأَوَّلَيْنِ فِي الثَّالِثِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ مَثَّلَ الشَّارِحُ الْمَحَلِّيُّ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِذَا تَرَكَ رَمْيَ يَوْمٍ بِقَوْلِهِ فَيَتَدَارَكُ الْأَوَّلُ فِي الثَّانِي، أَوْ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فِي الثَّالِثِ وَمَثَّلَ لِقَوْلِهِ أَوْ يَوْمَيْنِ بِقَوْلِهِ أَوْ الْأَوَّلَيْنِ الثَّالِثِ اهـ فَمَثَّلَ لِقَوْلِهِ رَمْيُ يَوْمٍ بِمِثَالَيْنِ وَلِتَرْكِ يَوْمَيْنِ بِمِثَالٍ وَاحِدٍ وَقَوْلُ السَّائِلِ مَعَ أَنَّهُ إذَا رَمَى إلَخْ مَمْنُوعٌ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ بَعْدَهُ أَنَّهُ يَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَمْيِ يَوْمٍ بِالتَّدَارُكِ. [بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ] (بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ) (سُئِلَ) عَنْ الْمُحْرِمِ إذَا وَرِثَ صَيْدًا هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُ الْمُحْرِمِ صَيْدًا وَرِثَهُ لِحَلَالٍ لَا لِمُحْرِمٍ. (سُئِلَ) هَلْ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي الشَّعْرَةِ مُدٌّ وَفِي الشَّعْرَتَيْنِ مُدَّانِ سَوَاءٌ

اخْتَارَهُ دَمًا أَوْ لَمْ يَخْتَرْهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ وَالْأَنْوَارُ وَالْبَهْجَةُ وَالْإِرْشَادُ وَغَيْرُهَا وَنَسَبَ الشَّيْخَانِ الْإِطْلَاقَ الْمَذْكُورَ لِلشَّافِعِيِّ أَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الشَّعْرَةِ مُدٌّ وَفِي الشَّعْرَتَيْنِ مُدَّانِ إنْ اخْتَارَ دَمًا كَمَا قَيَّدَهُ بِذَلِكَ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فِي الْمَنْهَجِ وَإِنْ اخْتَارَ صَوْمًا وَجَبَ عَلَيْهِ يَوْمٌ وَيَوْمَانِ أَوْ إطْعَامًا فَصَاعٌ وَصَاعَانِ كَمَا حَكَاهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْعِمْرَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَالَ إنَّهُ مُتَعَيِّنٌ وَنَقَلَ حِكَايَةَ الْإِسْنَوِيِّ الْمَذْكُورَةِ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَهَلْ الْمُعْتَمَدُ فِي الْفُتْيَا وَالْعَمَلِ إطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ الْمَذْكُورُ أَمْ التَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْفُتْيَا وَالْعَمَلِ إطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَقَدْ بَسَطَ الْكَلَامَ عَلَى رَدِّ التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالْبُلْقِينِيِّ وَابْنِ الْعِمَادِ. (سُئِلَ) عَنْ الْمُحْرِمَةِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا كَشْفُ الْيَدَيْنِ أَوْ يُسْتَحَبُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا كَشْفُ كَفَّيْهَا بَلْ يُسْتَحَبُّ. (سُئِلَ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي دَهْنِ الشَّعْرِ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ أَوْ يَحْصُلُ بِالْوَاحِدَةِ أَوْ بَعْضِهَا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ التَّحْرِيمَ مَنُوطٌ بِمَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ التَّزْيِينُ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوهُ بِمَا فِيهِ مِنْ التَّزْيِينِ الْمُنَافِي لِحَالِ الْمُحْرِمِ فَإِنَّ الْحَاجَّ أَشْعَثُ أَغْبَرُ كَمَا وَرَدَ

بِهِ الْخَبَرُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا وَالْمُحَرَّرُ وَالْمِنْهَاجُ وَالْأَنْوَارُ وَغَيْرُهَا دَهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ أَوْ اللِّحْيَةِ أَهْوَ ظَاهِرُهَا شُمُولُ الْجَمِيعِ وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِهِ فَالشَّعْرُ جَمْعٌ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثٌ وَعِبَارَةُ كَثِيرِينَ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْهُنَ شَعْرَ رَأْسِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ. (سُئِلَ) هَلْ مَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ مِنْ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِالْقُبْلَةِ لِذَكَرٍ أَوْ لِمَحْرَمٍ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِهَا إذَا كَانَتْ بِشَهْوَةٍ وَقَدْ شَمِلَهَا تَعْبِيرُهُمْ بِمُقَدَّمَاتِ الْوَطْءِ بِشَهْوَةٍ (سُئِلَ) هَلْ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ دَهْنُ بَقِيَّةِ شُعُورِ الْوَجْهِ كَالْحَاجِبِ وَالشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةِ وَالْعِذَارُ كَاللِّحْيَةِ كَمَا قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْقِيَاسُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ دَهْنُهَا. (سُئِلَ) هَلْ يَتَوَقَّفُ الْأَخْذُ لِلدَّوَاءِ وَنَحْوِهِ عَلَى وُجُودِ سَبَبِهِ أَمْ يَجُوزُ أَخْذُهُ لِيَسْتَعْمِلَهُ عِنْدَ وُجُودِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ عَدَمُ التَّوَقُّفِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ. (سُئِلَ) عَنْ الْإِذْخِرِ الْحَرَمِيِّ هَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ يَجُوزُ بَيْعُهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ فَقَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ فَقَالَ إلَّا الْإِذْخِرَ» فَشَمِلَ الِاسْتِثْنَاءُ مَنْ أَخَذَهُ لِيَنْتَفِعَ بِثَمَنِهِ وَقَدْ قَالُوا

إنَّ الْإِذْخِرَ مُبَاحٌ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ لِحَاجَةٍ فِي جِهَةٍ خَاصَّةٍ وَقَدْ قَالُوا لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ وَالْبَقِيعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِي مَعْنَى أَشْجَارِ الْحَرَمِ أَحْجَارُهُ وَتُرَابُهُ (سُئِلَ) عَنْ مُحْرِمٍ لَابِسٍ لِلْمِخْيَطِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ثُمَّ إنَّهُ لَبِسَ فَوْقَهُ مَخِيطًا آخَرَ هَلْ يُعَدُّ لُبْسًا ثَانِيًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا بِلُبْسِهِ الْمَذْكُورِ ثَانِيًا شَيْءٌ. (سُئِلَ) عَمَّا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَفَرْعِهَا مُخْتَصَرِ الْحِجَازِيِّ وَابْنِ الْمُقْرِي وَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَشَرْحَيْ الْمِنْهَاجِ لِلْمَحَلِّيِّ وَالدَّمِيرِيِّ وَالْأَنْوَارِ وَسَبْطِهِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّ وَقْتَ ذَبْحِ الْهَدْيِ الَّذِي يَسُوقُهُ الْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ زَادَ فِي شَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْمَنْهَجِ قَوْلَهُ مَا لَمْ يُعَيِّنْ غَيْرَهُ فَأَفْهَمَتْ الزِّيَادَةُ أَنَّ الْمُعْتَمِرَ إذَا عَيَّنَ لَهُ شَعْبَانَ مَثَلًا وَأَنَّ الْحَاجَّ إذَا عَيَّنَ لَهُ آخِرَ ذِي الْحِجَّةِ مَثَلًا جَازَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ذَبْحَهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي عَيَّنَهُ وَفِي وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ فَهَلْ هَذَا الْمَفْهُومُ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِهِ فَمَا وَجْهُهُ وَمَا دَلِيلُهُ وَمَنْ قَالَ بِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَهَلْ التَّعْيِينُ بِاللِّسَانِ أَوْ الْقَلْبِ وَهَلْ يَخْتَصُّ التَّعْيِينُ بِالْحَرَمِ وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُعَيِّنَ وَقْتًا بَعْدَ أَنْ عَيَّنَ غَيْرَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ الزِّيَادَةَ الْجَمَالُ الْإِسْنَوِيُّ فَقَالَ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ وُجُوبِ ذَبْحِهِ فِي وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ

مَحِلُّهُ إذَا عَيَّنَ ذَلِكَ لَهُ أَوْ أَطْلَقَ وَقُلْنَا يُحْمَلُ عَلَى الْمَعْهُودِ شَرْعًا فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ وَقْتًا آخَرَ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ وَقْتٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي تَعْيِينِ الْيَوْمِ قُرْبَةٌ قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ فَعُلِمَ مِنْهَا أَنَّ ذَبْحَهُ لَا يَتَعَيَّنُ لَهُ وَقْتٌ فَيُجْزِي فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ وَهُوَ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إنَّمَا حُمِلَ عَلَى وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ عِنْدَ عَدَمِ تَعْيِينِهِ وَقْتًا لَهُ غَيْرَهُ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْمَعْهُودِ شَرْعًا فَلَمَّا عَيَّنَ غَيْرَهُ مُنِعَ مِنْ تَعْيِينِهِ لَهُ وَمَا عَيَّنَهُ لَهُ لَا يَلْزَمُ فَبَقِيَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ أَنْ يُعَيِّنَهُ بِلَفْظٍ أَوْ يَنْوِيه وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الْحَرَمِ حَالَ تَعْيِينِهِ أَمْ فِي غَيْرِهِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ إذَا حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ فَتَلِفَ بِهَا صَيْدٌ ضَمِنَهُ وَهَذَا مُشْكِلٌ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ بِهَا إنْسَانٌ لَا يَضْمَنُهُ وَفِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا عُسْرٌ اهـ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّ عِلَّةَ تَضْمِينِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُرْمَةُ الْحَرَمِ الدَّالِ عَلَيْهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ» وَعِلَّةُ تَضْمِينِهِ فِي تِلْكَ تَعُدِّيهِ بِحَفْرِهَا وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِيهَا (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِي الْقَارِنِ إذَا جَامَعَ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ مِنْ أَنَّهُ لَا تَفْسُدُ عُمْرَتُهُ تَبَعًا لِلْحَجِّ وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِهَا كَيْفَ يُتَصَوَّرُ وُجُودُ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنْ

باب الإحصار والفوات

أَعْمَالِ الْعُمْرَةِ مَعَ أَنَّ أَعْمَالَهَا الْإِحْرَامُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَالْحَلْقُ وَالتَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ ذَلِكَ فَمَا الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَارِنَ أَعْمَالُهُ إنَّمَا هِيَ أَعْمَالُ الْحَجِّ وَإِنْ حَصَلَتْ بِهَا الْعُمْرَةُ أَيْضًا. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا جَازَ لِسَيِّدٍ الرَّقِيقِ الْمُحْرِمِ تَحْلِيلُهُ فَامْتَنَعَ مِنْهُ فَأُمِرَ بِذَبْحِ صَيْدٍ فَذَبَحَهُ هَلْ يَحِلُّ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ فَقَدْ قَالُوا لَوْ ذَبَحَ الْمُحْرِمُ صَارَ مَيْتَةً عَلَى الْأَصَحِّ فَيَحْرُمُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَكْلُهُ وَقَالُوا إنَّ تَحْلِيلَ السَّيِّدِ رَقِيقَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِهِ لَا أَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِهِ إذْ غَايَتُهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ وَيَمْنَعَهُ الْمُضِيَّ وَيَأْمُرَهُ بِفِعْلِ الْمَحْظُورَاتِ أَوْ يَفْعَلَهَا بِهِ وَلَا يَرْتَفِعَ إحْرَامُهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ تَحْلِيلَهُ مَجَازٌ بِلَا خِلَافٍ فَإِنَّ التَّحَلُّلَ لَا يَحْصُلُ إلَّا مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ فَلَوْ أَرَادَ السَّيِّدُ تَحْصِيلُهُ دُونَ الْعَبْدِ لَمْ يَجِدْ إلَيْهِ سَبِيلًا وَإِنَّمَا لَهُ الْمَنْعُ مِنْ الْمُضِيِّ وَاسْتِخْدَامِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ [بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ] (بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ) (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ طِفْلًا لَا يُتَوَقَّعُ تَمَتُّعُهُ بِزَوْجَتِهِ هَلْ لَهَا أَنْ تَحُجَّ بِلَا إذْنِهِ وَهَلْ لِوَلِيِّهِ مَنْعَهَا مِنْهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا الْحَجُّ وَلَيْسَ لِوَلِيِّ زَوْجِهَا تَحْلِيلُهَا إذْ لَا مَعْنًى لَهُ. (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ حَاضَتْ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَلَمْ يُمْكِنْهَا الْإِقَامَةُ بِمَكَّةَ حَتَّى

كتاب البيع

تَطْهُرَ وَجَاءَتْ بَلَدَهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ وَعَدِمَتْ النَّفَقَةَ وَلَمْ يُمْكِنْهَا الْوُصُولُ إلَى الْبَيْتِ هَلْ تَتَحَلَّلُ كَالْمُحْرِمِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَتَحَلَّلُ كَالْمُحْصَرِ فَتَذْبَحُ بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ ثُمَّ تَحْلِقُ أَوْ تُقَصِّرُ بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ فَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ صَاحِبِ الْفُرُوعِ وَالرُّويَانِيِّ وَالْعِمْرَانِيِّ وَغَيْرِهِمْ فِيمَنْ صُدَّ عَنْ طَرِيقٍ وَوَجَدَ آخَرَ أَطْوَلَ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ نَفَقَةٌ تَكْفِيه لِذَلِكَ الطَّرِيقِ فَلَهُ التَّحَلُّلُ اهـ وَلِلْمَشَقَّةِ الْحَاصِلَةِ لَهَا بِمُصَابَرَتِهَا لِلْإِحْرَامِ. (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ أَحْرَمَتْ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَوَقَفَتْ بِالْجَبَلِ وَلَمْ تَطُفْ وَلَمْ تَسْعَ لِمَرَضٍ حَصَلَ لَهَا فَأَتَتْ إلَى هَذِهِ الْبَلْدَةِ فَهَلْ لَهَا أَنْ تَتَحَلَّلَ وَتَسْتَأْجِرَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهَا أَوْ تَسْتَمِرُّ عَلَى إحْرَامِهَا إلَى أَنْ تَفُكَّهُ بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا إذَا عَجَزَتْ عَنْ سَفَرِهَا إلَى مَكَّةَ جَازَ لَهَا التَّحَلُّلُ بِأَنْ تَذْبَحَ شَاةً وَتَنْوِيَ مَعَ ذَبْحِهَا الْخُرُوجَ مِنْ الْحَجِّ وَتُقَصِّرَ مِنْ شَعْرِهَا وَتَنْوِيَ مَعَهُ الْخُرُوجَ مِنْ الْحَجِّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَسْتَأْجِرَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [كِتَابُ الْبَيْعِ] (كِتَابُ الْبَيْعِ) (سُئِلَ) عَنْ بَلَدٍ يُطْلِقُونَ الْأَشْرَفِيَّ وَالدِّينَارَ عَلَى دِينَارٍ ذَهَبٍ وَعَلَى خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ نِصْفًا فِضَّةٍ فَقَالَ بِعْتُك ذَا بِأَشْرَفِيٍّ أَوْ قَالَ بِدِينَارٍ فَاشْتَرَاهُ بِهِ وَلَمْ يَذْكُرَا ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ بِدِينَارٍ

ذَهَبٍ أَوْ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ نِصْفًا فِضَّةٍ مُطْلَقًا أَوْ إنْ أَرَادَ ذَلِكَ أَوْ لَا يَصِحُّ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا لِقَوْلِهِمْ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الْعَاقِدَيْنِ بِجِنْسِ الثَّمَنِ وَصِفَتِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي شِقِّهَا الثَّانِي بِدِينَارٍ ذَهَبٍ لِأَنَّهُ مَدْلُولُ اللَّفْظِ إلَّا أَنْ يُرِيدَا غَيْرَهُ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِيهِ حَيْثُ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى مَرْكَبًا رَأَى بَاطِنَهَا وَظَاهِرَهَا مَا عَدَا مَا فِي الْمَاءِ مِنْهُ فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ بِتِلْكَ الرُّؤْيَةِ أَوْ لَا بُدَّ أَنْ يَنْظُرَ جَمِيعَ ظَاهِرِهَا حَتَّى الَّذِي سَتَرَهُ الْمَاءُ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَرْكَبِ بِرُؤْيَتِهَا الْمَذْكُورَةِ إذْ يُشْتَرَطُ فِيهِ رُؤْيَةُ جَمِيعِ ظَاهِرِهَا حَتَّى مَا سَتَرَهُ الْمَاءُ مِنْهُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ وَهُوَ وَإِنْ شَقَّتْ رُؤْيَتُهُ فِي الْمَاءِ فَلَيْسَ بَقَاؤُهُ فِيهِ مِنْ مَصْلَحَتِهِ. (سُئِلَ) كَانَ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ عَلَى أَبِيهِمَا مِائَةٌ وَسِتُّونَ دِينَارًا أَثْلَاثًا لِلرَّجُلِ الثُّلُثَانِ وَلَهَا الثُّلُثُ فَعَوَّضَهُمَا عَنْ ذَلِكَ جَمِيعَ الْمَكَانِ الْفُلَانِيَّ فَهَلْ يَصِحُّ التَّعْوِيضُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَا لِلرَّجُلِ وَمَا لِلْمَرْأَةِ مِنْ الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَثْلَاثٌ كَالدَّيْنِ الْمَذْكُورِ أَمْ لَا يَصِحُّ حَتَّى يُعَيِّنَ مَا لِكُلِّ مِنْهُمَا مِنْ الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ التَّعْوِيضُ

الْمَذْكُورُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَا لِلرَّجُلِ وَمَا لِلْمَرْأَةِ وَيَمْلِكَانِ الْمَكَانَ الْمَذْكُورَ أَثْلَاثًا بِنِسْبَةِ دَيْنِهِمَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ بِيَدِهِ خَمْسُ سَوَاسٍ رَآهَا شَخْصٌ ثُمَّ قَالَ لَهُ بِعْتُك عَشْرَةَ سَوَاسٍ كُلَّ سُوسِيَّةٍ بِسَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ نِصْفًا فِضَّةٍ وَهَذِهِ الْخَمْسُ مِنْهَا فَقَالَ اشْتَرَيْتُ ثُمَّ قَبَضَ الْخَمْسَ ثُمَّ قَبَضَ ثَلَاثًا أَيْضًا ثُمَّ طَالَبَ الْبَائِعُ بِبَاقِيهَا فَهَلْ الْبَيْعُ صَحِيحٌ فِي الْخَمْسَةِ الْمَرْئِيَّةِ بَاطِلٌ فِي غَيْرِهَا أَوْ بَاطِلٌ فِي الْجَمِيعِ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ فِي الْجَمِيعِ حَتَّى فِي الْخَمْسِ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَبِيعِ الْبَاطِلِ بَلْ يَكْفِي فِي الْبُطْلَانِ عَطْفُهَا عَلَى الْبَاطِلِ إذْ الْمَعْطُوفُ عَلَى الْبَاطِلِ بَاطِلٌ كَمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ قَالَ نِسَاءُ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي لَا تَطْلُقُ لِعَطْفِهَا عَلَى مَنْ لَمْ يُطَلَّقْ. (سُئِلَ) هَلْ تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ بِالنَّقْدِ الْمَغْشُوشِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَاقِدَانِ وَزْنَهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رَوَاجُهُ وَهُوَ رَائِجٌ. (سُئِلَ) عَنْ مُشْتَرٍ دَفَعَ أُجْرَةَ الدَّلَّالِ لَهُ مَعَ عَدَمِ تَسْمِيَةِ الْبَائِعِ لَهَا فَهَلْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَيْهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْهَا. (سُئِلَ) هَلْ يَصِحُّ بَيْعُ الْقُطْنِ فِي قِشْرِهِ بَعْدَ نُضْجِهِ وَتَفَتُّحِهِ وَكَذَلِكَ السَّلَمُ فِيهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِيهِ وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِآخَرَ فَغَابَ

فَعَوَّضَ الْحَاكِمُ مَكَانَ الْمَدْيُونِ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ فِيهِ ثُمَّ قَدِمَ وَتَصَادَقَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ عَلَى أَنَّهُ بَاعَهَا ذَلِكَ الْمَكَانَ قَبْلَ غَيْبَتِهِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ التَّصَادُقُ وَيَتَبَيَّنُ بِهِ بُطْلَانُ بَيْعِ الْحَاكِمِ أَمْ يَسْتَمِرُّ وَلَا اعْتِبَارَ بِالتَّصَادُقِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقَدَّمُ بَيْعُ الْمَالِكِ وَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ تَعْوِيضِ الْحَاكِمِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ مُوَلِّيهِ لِغَائِبٍ ثُمَّ قَدِمَ وَقَالَ كُنْت زَوَّجْتهَا فِي الْغَيْبَةِ حَيْثُ يُقَدَّمُ نِكَاحُ الْحَاكِمِ بِأَنَّ الْحَاكِمَ فِي النِّكَاحِ كَوَلِيٍّ آخَرَ وَلَوْ كَانَ لَهَا وَلِيَّانِ فَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ ثُمَّ قَدِمَ وَادَّعَى سَبْقَهُ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ ثُمَّ ادَّعَى الْمُوَكِّلُ سَبْقَهُ فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَظْهَرِ فِي النِّهَايَةِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْأَنْوَارِ وَيَصِحُّ بَيْعُ الْجَحْشِ الصَّغِيرِ الَّذِي مَاتَتْ أُمُّهُ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الْأُشْمُونِيُّ فِي بَسِيطِهِ هَلْ هَذَا الْقَيْدُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَهَلْ سَبَقَ إلَيْهِ أَوْ تُبِعَ عَلَيْهِ أَوَّلًا كَمَا أَطْلَقَهُ أَئِمَّةُ الْمَذْهَبِ الْمُتَقَدِّمُونَ وَالْمُتَأَخِّرُونَ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَيْدَ الَّذِي ذَكَرَهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَهُوَ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ لِوُضُوحِهِ فَإِنَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ اللَّبَنِ فَبَيْعُهُ دُونَ أُمِّهِ مَعَ حَيَاتِهَا بَاطِلٌ لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ شَرْعًا فَقَدْ قَالُوا وَحَرُمَ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْبَهِيمَةِ وَوَلَدِهَا قَبْلَ اسْتِغْنَائِهِ عَنْ اللَّبَنِ بِغَيْرِ الذَّبْحِ وَيَبْطُلُ

وَمُرَادُهُمْ ذَبْحُ الْوَلَدِ الْمَأْكُولِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ اشْتَرَى بِنَاءً مُحْتَكَرًا وَلَمْ يَعْلَمْ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْحِكْرِ هَلْ الْبَيْعُ بَاطِلٌ لِجَهْلِهِ بِالْمِقْدَارِ أَمْ صَحِيحٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْجَهْلَ لَيْسَ مَرْجِعًا لِلْمَبِيعِ فَلَا يُؤَثِّرُ. (سُئِلَ) عَنْ بَيْعٍ حَكَمَ مَالِكِيٌّ بِمُوجِبِهِ وَصَرَّحَ بِأَنَّ مِنْ مُوجِبِهِ سُقُوطَ الْغَلَّةِ إذَا ظَهَرَ الْبَيْعُ فَاسِدًا ثُمَّ ظَهَرَ الْمَبِيعُ مَمْلُوكًا لِغَيْرِ بَائِعِهِ فَهَلْ لِلْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ الْإِلْزَامُ بِالْغَلَّةِ؟ (فَأَجَابَ) لَيْسَ لَهُ الْإِلْزَامُ بِالْغَلَّةِ وَإِنْ وَقَعَ حُكْمُ الْحَاكِمِ قَبْلَ وُجُودِ الْمَحْكُومِ بِهِ. (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ شِرَاءُ النِّعَالِ مَعَ أَنَّ الْمَكَّاسَ يَأْخُذُ الْجُلُودَ وَيَدْبُغُهَا وَيَبِيعُهَا لِلْأَسَاكِفَةِ وَكَذَلِكَ الرُّءُوسُ وَالْكُرُوشُ وَالْكَبُّودُ وَنَحْوُهَا وَدُهْنُ الْأَقْصَابِ فَقَدْ قِيلَ إنَّ أَصْلَهُ دَمٌ أَمْ لَا وَهَلْ يَجُوزُ أَكْلُ الْخُبْزِ الْمَوْضُوعِ عَجِينُهُ فِي مَكَانِ الزِّبْلِ الْمَحْمِيِّ بِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ شِرَاءُ كُلٍّ مِنْ النِّعَالِ وَالرُّءُوسِ وَالْكُرُوشِ وَالْكَبُّودِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهَا بِاخْتِلَاطِهَا وَعَدَمِ مَعْرِفَةِ مَنْ أُخِذَتْ مِنْهُ تَصِيرُ مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ وَقَدْ بَاعَهَا مَنْ لَهُ وِلَايَةُ بَيْعِهَا لِأَنَّهَا مَالٌ ضَائِعٌ وَقَدْ نَقَلَ الشَّيْخَانِ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّاهُ أَنَّ الْمَالَ الضَّائِعَ أَمْرُهُ إلَى الْإِمَامِ إنْ رَأَى حِفْظَهُ حَتَّى يَظْهَرَ مَالِكُهُ أَوْ بَيْعُهُ وَحِفْظُ

ثَمَنِهِ فَعَلَ وَلَهُ أَنْ يُقْرِضَهُ أَيْ الثَّمَنَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَنَقَلَ فِي الْخَادِمِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ مَحِلَّ حِفْظِهِ إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ إذَا تَوَقَّعَ وَإِلَّا صَارَ مَصْرُوفًا إلَى مَصَارِفِ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ سُرَاقَةَ وَيَجُوزُ شِرَاءُ دُهْنِ الْأَقْصَابِ وَتَعْلِيلُ مَنْعِ بَيْعِهِ بِكَوْنِ أَصْلِهِ دَمًا غَيْرُ صَحِيحٍ وَيَجُوزُ أَكْلُ الْخُبْزِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ وَإِذَا ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسَعَ. (سُئِلَ) هَلْ يَكْفِي رُؤْيَةُ الْمَبِيعِ بِمِرْآةٍ زُجَاجٍ لِضَعْفِ الْبَصَرِ أَوْ نَحْوِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي رُؤْيَةُ الْمَبِيعِ مِنْ وَرَاءِ مِرْآةِ الزُّجَاجِ لِانْتِفَاءِ تَمَامِ مَعْرِفَتِهِ بِهَا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ بَاعَ قَدْرَ حَمَّامٍ عَلَى أَنَّهَا عِشْرُونَ قِنْطَارًا فَإِذَا هِيَ ثَلَاثُونَ قِنْطَارًا هَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِصِحَّتِهِ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ بِالزِّيَادَةِ أَمْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُنَاوِيُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ بِالزِّيَادَةِ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَهَذَا مَنْقُولُ الْمَذْهَبِ. (سُئِلَ) هَلْ يَكْفِي فِي بَيْعِ السُّكَّرِ النَّبَاتِ فِي قُدُورِهِ رُؤْيَةُ أَعْلَاهُ دُونَ أَسْفَلِهِ وَيَثْبُتُ لِمُشْتَرِيهِ الْخِيَارُ إذَا ظَهَرَ أَسْفَلُهُ دُونَ أَعْلَاهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَكْفِي فِيهِ الرُّؤْيَةُ الْمَذْكُورَةُ حَيْثُ كَانَ بَقَاؤُهُ فِيهَا مِنْ مَصْلَحَتِهِ وَيَثْبُتُ لِمُشْتَرِيهِ الْخِيَارُ إنْ ظَهَرَ

أَسْفَلُهُ دُونَ أَعْلَاهُ فِي الْجَوْدَةِ (سُئِلَ) هَلْ يَصِحُّ بَيْعُ السِّلَاحِ مِنْ كَافِرٍ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ أَوْ لَا كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ بَيْعَهُ مِنْهُ بَاطِلٌ كَمَا بَحَثَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ لِأَنَّ الْحِرَابَةَ مُتَأَصِّلَةٌ وَالْأَمَانَ عَارِضٌ. (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ انْعِقَادُ الْبَيْعِ مَعَ إنْ شِئْت سَوَاءٌ تَقَدَّمَ عَلَى الْإِيجَابِ أَمْ تَأَخَّرَ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ انْعِقَادِ الْبَيْعِ مَعَ إنْ شِئْت إنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْإِيجَابِ فَقَدْ قَالَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ بَاطِلٌ قَطْعًا لِأَنَّ مَأْخَذَ الصِّحَّةِ أَنَّ الْمُعَلَّقَ تَمَامُ الْبَيْعِ لَا أَصْلُهُ فَاَلَّذِي مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ وَهُوَ إنْشَاءُ الْبَيْعِ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ وَتَمَامَهُ وَهُوَ الْقَبُولُ مَوْقُوفٌ عَلَى مَشِيئَةِ الْمُشْتَرِي وَبِهِ تَكْمُلُ حَقِيقَةُ الْبَيْعِ اهـ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ إنْ كَانَ مِلْكِي فَقَدْ بِعْتُكَهُ أَنَّ الشَّرْطَ فِي هَذِهِ أَثْبَتَهُ اللَّهُ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ فَيَكُونُ اشْتِرَاطُهُ كَتَحْصِيلِ الْحَاصِلِ إذْ لَا يَقَعُ عَقْدُ الْبَيْعِ لَهُ إلَّا فِي مِلْكِهِ وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَكَّلْتُك فِي طَلَاقِ زَيْنَبَ إنْ شَاءَتْ جَازَ وَلَوْ قَالَ إنْ شَاءَتْ زَيْنَبُ فَقَدْ وَكَّلْتُك فِي طَلَاقِهَا لَمْ يَجُزْ (سُئِلَ) هَلْ يَصِحُّ بَيْعُ طِفْلٍ كَافِرٍ تَلَفَّظَ بِالشَّهَادَتَيْنِ لِكَافِرٍ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِكَافِرٍ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ

بِكُفْرِهِ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ انْتِزَاعُهُ مِنْ أَهْلِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَقَرَّ لِفَرْعِهِ بِعَيْنٍ ثُمَّ بَاعَهَا هَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ أَمْ لَا كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ بَيْعَهُ بَاطِلٌ لِبَيْعِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ بِلَا وِلَايَةٍ وَأَمَّا مَا نُسِبَ لِإِفْتَاءِ الْمُحَقِّقِ الْمَحَلِّيِّ مِنْ صِحَّتِهِ إنْ صَحَّ عَنْهُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ فَرْعُهُ تَحْتَ حَجْرِهِ وَبَاعَهَا لِحَاجَتِهِ أَوْ مَصْلَحَتِهِ أَوْ كَانَ وَهَبَهُ تِلْكَ الْعَيْنَ ثُمَّ رَجَعَ فِيهَا قَبْلَ بَيْعِهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ اشْتَرَى خِرْقَةً تُسَمَّى مَخْرَجًا أَوْ ظَهَرًا عَلَى أَنَّ حَوَاشِي الْخِرْقَةِ أَوْ بَيَاضَ الظَّهَرِ حَرِيرٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ غَزْلًا فَهَلْ الْبَيْعُ بَاطِلٌ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ الْأَصْحَابِ فِيمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ قُطْنٌ فَبَانَ كَتَّانًا لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ أَوْ صَحِيحٌ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ فَقَدْ قَالُوا إنَّ ثُبُوتَ خِيَارِ الشَّرْطِ لَا يَخْتَصُّ بِالصِّفَةِ بَلْ خَلْفُ الشَّرْطِ فِي الْقَدْرِ مِثْلُهُ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ ذِرَاعٍ فَخَرَجَتْ دُونَهَا صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْأَظْهَرِ تَنْزِيلًا لِخُلْفِ الشَّرْطِ فِي الْقَدْرِ مَنْزِلَةَ خُلْفِهِ فِي الصِّفَةِ وَلَوْ اشْتَرَى حَيَوَانًا بِشَرْطِ كَوْنِهِ حَامِلًا فَبَانَ عَدَمُهُ صَحَّ الْبَيْعُ فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ صَحَّ الْبَيْعُ مَعَ انْتِفَاءِ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِحَسَبِ الشَّرْطِ بِنَاءً

فِي الثَّانِيَةِ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ فَالصِّحَّةُ فِي مَسْأَلَتِنَا مَعَ انْتِفَاءِ جِنْسِ بَعْضِهِ بِحَسَبِ الشَّرْطِ أَوْلَى وَمَسْأَلَةُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ انْتَفَى فِيهَا جِنْسُ جَمِيعِ الْمَبِيعِ وَيُغْتَفَرُ فِي الضِّمْنِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمُسْتَقِلِّ لَا يُقَالُ قِيَاسُهَا بُطْلَانُ الْبَيْعِ فِي حَوَاشِي الْخِرْقَةِ وَبَيَاضِ الظَّهَرِ وَصِحَّتُهُ فِي غَيْرِهِمَا لِأَنَّا نَقُولُ يَمْنَعُ مِنْهُ النَّقْصُ الْحَاصِلُ لِلْمَبِيعِ حِينَئِذٍ وَلِغَيْرِهِ بِالْقَطْعِ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ شِرَاءُ الْحَوَاشِي أَوْ بَيَاضُ الظَّهَرِ دُونَ الْبَاقِي وَلَا عَكْسُهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا وَاَلَّذِي أَقْبِضُهُ لَك مِنْهَا عِشْرِينَ دِينَارًا فَقَطْ فَقَالَ بِعْتُك فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ بِالْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ بِالْعِشْرِينِ أَوْ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الشَّرْطِ الْفَاسِدِ الْمُنَافِي لِمُقْتَضَاهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ وَاَلَّذِي أَقْبِضُهُ لَك مِنْهَا إلَخْ نَقْصَ الْخَمْسَةِ مِنْ الثَّمَنِ انْعَقَدَ الْبَيْعُ بِالْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ دِينَارًا وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ لِاحْتِمَالِهِ أَنَّ الْمَعْنَى وَاَلَّذِي أَقْبِضُهُ لَك مِنْهَا الْآنَ أَوْ أَنَّ الَّذِي يُقْبِضُهُ الْخَمْسَةَ وَكِيلٌ وَإِنْ أَرَادَ نَقْصَهَا مِنْهُ وَعَلِمَ الْمُجِيبُ بِإِرَادَتِهِ حَالَ إيجَابِهِ انْعَقَدَ بِالْعِشْرِينِ وَإِلَّا فَلَا يَنْعَقِدُ لِجَهْلِهِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ كَمَا لَا يَنْعَقِدُ

إذَا أَرَادَ تَأْجِيلَهَا. (سُئِلَ) عَنْ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ بِنَجَسٍ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلسَّتْرِ بِهِ كَمَا تَفَقَّهَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إذْ الْمُتَنَجِّسُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ بِغَسْلِهِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى غِلَالًا ثُمَّ زَرَعَهَا ثُمَّ تَقَايَلَا فَهَلْ يَرْجِعُ الْبَائِعُ فِي الزَّرْعِ أَوْ فِي بَدَلِهِ لِاسْتِهْلَاكِهِ وَإِذَا قُلْتُمْ بِرُجُوعِهِ فِي الزَّرْعِ فَهَلْ يَكُونُ خَرَاجُ أَرْضِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ عَلَى الْبَائِعِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَرْجِعُ الْبَائِعُ فِي الزَّرْعِ لِأَنَّهُ حَدَثَ مِنْ عَيْنِ مَالِهِ أَوْ هُوَ عَيْنُ مَالِهِ اكْتَسَبَ صِفَةً أُخْرَى وَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ خَرَاجُ أَرْضِ الزَّرْعِ لِعَدَمِ الْفِعْلِ مِنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الزَّارِعِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَهَبَ لِوَلَدِهِ الْقَاصِرِ عَبْدًا بِشَرْطٍ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ بَاعَهُ ظَانًّا أَنَّهُ مَلَكَهُ لِنِسْيَانِهِ التَّمْلِيكَ فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ أَمْ لَا وَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي النِّسْيَانِ بِيَمِينِهِ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فَأَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ الْمَذْكُورَ يَصِحُّ الْعِتْقُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فِيمَا ادَّعَاهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى حَلِفِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يُعَدُّ وَهُمَا وَإِنْ كَذَّبَهُ فِيهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ صِحَّةَ الْعَقْدِ وَالْبَائِعُ يَدَّعِي فَسَادَهُ فَإِذَا حَلَفَ الْمُشْتَرِي اسْتَمَرَّتْ صِحَّةُ

الْبَيْعِ وَأَمَّا إذَا أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ فَكُلٌّ مِنْ الْبَيْعِ وَالْإِعْتَاقِ صَحِيحٌ وَإِنْ صَدَّقَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فِيمَا ادَّعَاهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْحُرِّيَّةِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ بِعْتُك الْعَرْصَةَ بِهَوَائِهَا هَلْ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْإِرْشَادِ عَلَى بَيْعِ الْهَوَاءِ مُنْفَرِدًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِيهَا لِجَعْلِهِ الْهَوَاءَ الْمَجْهُولَ مَبِيعًا مَعَ الْمَعْلُومِ وَدُخُولُهُ تَبَعًا لَا يَسْتَلْزِمُ دُخُولُهُ فِي مُسَمَّى اللَّفْظِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك الدَّابَّةَ وَحَمْلَهَا أَوْ بِحَمْلِهَا أَوْ مَعَ حَمْلِهَا أَوْ وَلَبَنَهَا أَوْ بِلَبَنِهَا أَوْ مَعَ لَبَنِهَا (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْعَلَّامَةِ الْقَمُولِيِّ لَوْ قَالَ هُوَ مَبِيعٌ مِنْك أَوْ أَنَا بَائِعُهُ لَك لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَفْسِيرِ الْمُلَامَسَةِ الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ حَيْثُ قَالَ وَإِذَا لَمَسْتَهُ فَهُوَ مَبِيعٌ مِنْك بِكَذَا وَجَعَلُوا الْفَسَادَ مِنْ جِهَةِ التَّعْلِيقِ فِيهِ فَقَطْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا صِيغَةُ مَبِيعٍ غَيْرُ مَانِعَةٍ مِنْ الصِّحَّةِ وَإِذَا ثَبَتَ فِي اسْمِ الْمَفْعُولِ ثَبَتَ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ اهـ قَالَ الْبُرْهَانُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ وَلَك أَنْ تَقُولَ أَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ الْوَاقِعِ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ مُلَاحَظٌ فِيهِ تَرَتُّبُهُ عَلَى الشَّرْطِ حَالَةَ وُجُودِهِ وَأَمَّا الصِّحَّةُ بِمِثْلِ أَنَا بَائِعٌ مِنْك بِكَذَا أَوْ هُوَ مَبِيعٌ مِنْك فَدَلَالَتُهُ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ مِنْ مَدْلُولِهِ فَأَشْبَهَ

الْمُضَارِعَ وَهُوَ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ بِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يَنْعَقِدُ بِالْمُشْتَقَّاتِ اهـ فَهَلْ مَا بَحَثَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ أَوَّلًا عَلَى أَنَّ مَوْلَانَا شَيْخَ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْبَهْجَةِ أَيْ هَذَا مَبِيعٌ أَوْ أَنَا بَائِعُهُ لَك أَوْ نَحْوُهُمَا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ بَحْثًا قِيَاسًا عَلَى الطَّلَاقِ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَسَاقَ مَقَالَةَ الْعِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ سِيَاقَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ وَكَذَلِكَ أَفَدْتُمْ فِي شَرْحِ الزُّبْدِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ انْعِقَادُ الْبَيْعِ بِقَوْلِهِ هَذَا مَبِيعٌ مِنْك بِكَذَا أَوْ أَنَا بَائِعُهُ لَك بِكَذَا وَمَا أَبْدَاهُ شَيْخُنَا الْبُرْهَانُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ لِاقْتِضَائِهِ عَكْسَ مَا بَحَثَهُ إذْ صِحَّةُ الْبَيْعِ فِي قَوْلِهِ هَذَا مَبِيعٌ مِنْك بِكَذَا أَوْ أَنَا بَائِعُهُ لَك بِكَذَا أَوْلَى مِنْهَا فِي صُورَةِ الْمُلَامَسَةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ اسْمِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ حِينَئِذٍ حَقِيقَةً فِي الْحَالِ بِالِاتِّفَاقِ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِي صُورَةِ الْمُلَامَسَةِ لِلِاسْتِقْبَالِ لِتَرَتُّبِهِ عَلَى الَّذِي سَيُوجَدُ إذْ مَدْلُولُهَا تَعْلِيقُ حُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ بِحُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ أُخْرَى وَهُوَ حِينَئِذٍ مَجَازٌ بِالِاتِّفَاقِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ اشْتَرَى عَقَارًا بِثَمَنٍ مِنْ جُمْلَتِهِ لِهُوَّةٍ نُحَاسٍ فُلُوسٍ جُدُدٍ لَمْ يَعْلَمْ وَزْنَهَا وَلَا عَدَدَهَا وَجَعَلَهُ سَبَبًا لِإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ

هَلْ الْبَيْعُ صَحِيحٌ أَوْ لَا لِكَوْنِ بَعْضِ الثَّمَنِ مَجْهُولًا اهـ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى رَأَى الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي الْفُلُوسَ كَانَتْ رُؤْيَتُهُمَا كَافِيَةً فِي الْعِلْمِ بِهَا وَصِحَّةِ الْبَيْعِ فَإِذَا قَبَضَهَا لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الصِّحَّةِ إلْقَاؤُهَا فِي الْبَحْرِ وَيَسُوغُ لِلْقَاضِي الشَّافِعِيِّ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَبِالْبَرَاءَةِ مِنْ الثَّمَنِ. (سُئِلَ) هَلْ يَصِحُّ بَيْعُ جِلْدِ الْمُصْحَفِ الْمُنْفَصِلِ لِلْكَافِرِ أَوْ جِلْدٍ عِلْمٍ مُنِعَ مِنْ شِرَائِهِ إذَا كَانَ مُنْفَصِلًا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُ الْجِلْدِ الْمَذْكُورِ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا اخْتَلَفَتْ أَصْنَافُ الْحَرِيرِ رِقَّةً وَغِلَظًا فَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي رُؤْيَتِهِ لِأَجْلِ الْبَيْعِ بَاطِنُهُ كَظَاهِرِهِ أَمْ لَا وَإِذَا وَجَدَهُ مُخْتَلِفًا رِقَّةً وَغِلَظًا هَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ بَاطِنِ الْحَرِيرِ الْمَذْكُورِ وَإِذَا رَآهُ كَذَلِكَ ثُمَّ وَجَدَهُ مُخْتَلِفًا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ (سُئِلَ) هَلْ الْمَأْخُوذُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ مَعَ رِضَا الْمُتَبَايِعَيْنِ حَلَالٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْآخِذِ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا رَدُّ مَا أَخَذَهُ عَلَى مَالِكِهِ. (سُئِلَ) عَنْ بَاطِنِ الْقَدَمَيْنِ هَلْ يُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُمْ يَنْظُرُ مَا عَدَا الْعَوْرَةِ أَمْ لَا يُشْتَرَطُ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ رُؤْيَتِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ وَقَوْلُهُمْ الْمَذْكُورُ يَنْزِلُ عَلَى مَا يَخْتَلِفُ

باب الربا

الْغَرَضُ بِرُؤْيَتِهِ لِاخْتِلَافِ الْمَالِيَّةِ بِهِ فَقَدْ قَالُوا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ اللِّسَانِ وَالْأَسْنَانِ وَدَاخِلِ الْفَمِ مَعَ أَنَّ رُؤْيَتَهَا أَسْهَلُ مِنْ رُؤْيَةِ بَاطِنِ الْقَدَمَيْنِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلِأَنَّ تَعَلُّقَ الْغَرَضِ بِهَا أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِبَاطِنِ الْقَدَمَيْنِ وَقَدْ قَالَ الْخُوَارِزْمِيُّ فِي الْكَافِي الضَّابِطُ أَنْ يَرَى مِنْ الْمَبِيعِ مَا يَخْتَلِفُ مُعْظَمُ الْمَالِيَّةِ بِاخْتِلَافِهِ. (سُئِلَ) عَنْ مَعْنَى قَوْلِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ الرَّابِعُ الْمِلْكُ لِمَنْ لَهُ الْعَقْدُ الْوَاقِعُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ الْوَاقِعُ إلَى أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَى الْقَوْلِ الْقَدِيمِ صِحَّةُ الْعَقْدِ لِأَنَّهَا وَاقِعَةٌ وَتَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . [بَابُ الرِّبَا] (بَابُ الرِّبَا) (سُئِلَ) عَمَّنْ بَاعَ نِصْفًا فِضَّةً بِأَرْبَعِينَ فِضَّةً وَزْنُهَا وَزْنُ الْفِضَّةِ أَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الرُّبْعُ بِوَزْنِهِ مِنْ هَذَا النِّصْفِ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا نُحَاسٌ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ لِاخْتِلَاطِ النُّحَاسِ بِالْفِضَّةِ بِحَيْثُ صَارَ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ فَلَا يَكُونُ كَبَيْعِ مُدٍّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمُدٍّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ إذْ الْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ كَحَقِيقَةِ الْمُفَاضَلَةِ وَأَمَّا الِاخْتِلَاطُ بِشَرْطِهِ فَإِنَّمَا يَقْتَضِي الصِّحَّةَ فِي الْمَكِيلِ لَا فِي الْمَوْزُونِ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ يَقْتَضِيهَا فِيهِ أَيْضًا فَمَحِلُّهُ إذَا عُرِفَتْ مُمَاثَلَةُ الرِّبَوِيِّ. (سُئِلَ) لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو دَيْنٌ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ذَهَبًا

بُنْدُقِيًّا فَعَوَّضَهُ عُمَرُ وَعَنْهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ ذَهَبًا سَلِيمًا بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ وَتَسَلُّمِ شَرْعِيَّاتٍ فَهَلْ يَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ وَاخْتِلَافِ الْقِيمَتَيْنِ وَلَوْ أَعْطَاهَا لَهُ بِغَيْرِ تَعْوِيضٍ أَوْ كَانَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ عَشَرَةُ أَنْصَافٍ غُورِيَّةٍ أَوْ سُلَيْمِيَّةٍ بِغَيْرِ تَعْوِيضٍ وَهُمَا سَاكِنَانِ رَاضِيَانِ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا هَذَا بَدَلُ مَا فِي الذِّمَّةِ فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ وَيَكُونُ اسْتِيفَاءً تُبَرَّأُ بِهِ ذِمَّتَاهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ وَيَدُلُّ لِلصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَالَحَ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ مُعَيَّنَةٍ جَازَ وَكَانَ اسْتِيفَاءً لِلْبَعْضِ الْمَقْبُوضِ وَيُبَرَّأُ مِنْ الْبَاقِي أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَا ذُكِرَ وَالدَّيْنُ بَاقٍ بِحَالِهِ وَمَا أَخَذَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ إذْ لَا تَعْوِيضَ وَلَا اسْتِيفَاءَ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ مُخَالِفٌ لِدَيْنِهِ فِي الصِّفَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا رَجَّحَهُ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَالْكَافِي وَالتَّتِمَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ مِنْ صِحَّةِ الصُّلْحِ الْمَذْكُورِ وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يَقْتَضِي قَنَاعَةَ الْمُسْتَحَقِّ بِالْقَلِيلِ عَنْ الْكَثِيرِ وَبَرَاءَةَ الْمَدْيُونِ مِنْ غَيْرِهِ وَأَنَّ الْمَأْخُوذَ فِيهِ بِصِفَةِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فِيهِمَا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اسْتَخْرَجَ مِنْ الْمَاءِ الْمِلْحِ مَاءً عَذْبًا هَلْ هُوَ رِبَوِيٌّ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ رِبَوِيٌّ لِشُمُولِ كَلَامِهِمْ

لَهُ. (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْفُولَ رِبَوِيٌّ وَلَوْ كَانَ أَكْلُ الْبَهَائِمِ لَهُ أَغْلَبَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْفُولَ رِبَوِيٌّ إذْ هُوَ فِي ذَاتِهِ لَيْسَ مِمَّا يَغْلِبُ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ وَصَحَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ مَا اسْتَوَوْا فِيهِ رِبَوِيٌّ وَصَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الشَّعِيرَ مِمَّا غَلَبَ تَنَاوَلَ الْآدَمِيِّينَ لَهُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْبِلَادِ خُصُوصًا الْمُدُنُ لَا يَتَنَاوَلُونَ شَيْئًا مِنْهُ وَإِنَّمَا يَعْلِفُونَهُ لِلْبَهَائِمِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمُشَاحَّةَ لِشَيْخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كَوْنِ الْفُولِ مِمَّا غَلَبَ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى بِلَادٍ غَلَبَ فِيهَا لِئَلَّا يُخَالِفَ كَلَامَ الْأَصْحَابِ. (سُئِلَ) عَنْ التَّخَايُرِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُبْطِلُ الْعَقْدَ فِي الرِّبَوِيِّ كَالتَّفَرُّقِ أَوْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ فَهَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَتَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ التَّخَايُرَ كَالتَّفَرُّقِ كَمَا ذُكِرَ وَالتَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ جَمَعَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بَيْنَ الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ بِهِ وَالْقَوْلِ بِعَدَمِهِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِإِبْطَالِهِ قَوْلَهُمْ أَنَّ التَّخَايُرَ كَالتَّفَرُّقِ إذْ لَا أَثَرَ لِلتَّخَايُرِ حِينَئِذٍ وَأَنَّ الْمُبْطِلَ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا التَّخَايُرُ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ لَهُ عَلَى آخَرَ نِصْفٌ فِضَّةً فَأَعْطَاهُ عَنْهُ عُثْمَانَيْنِ مُصَالَحَةً عَنْ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ هَلْ يَكُونُ اسْتِيفَاءً مُبَرِّئًا لِلذِّمَّةِ لَا تَعْوِيضًا وَهَلْ إذَا عَوَّضَهُ

ذَلِكَ يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُهُمَا فِي الْوَزْنِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُجْعَلُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَقْدِيرِ الْمُعَاوَضَةِ وَأَمَّا فِي الِاعْتِيَاضِ فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْوَزْنِ. (سُئِلَ) هَلْ الرِّبَا أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ الزِّنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 278] {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279] وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الرِّبَا ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا أَيْسَرُهَا مِثْلُ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ وَإِنَّ أَرْبَى الرِّبَا عِرْضُ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَقَالَ «إنَّ الدِّرْهَمَ يُصِيبُ الرَّجُلُ مِنْ الرِّبَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ فِي الْخَطِيئَةِ مِنْ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ زَنْيَةً يَزْنِيهَا الرَّجُلُ» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا أَمْ الزِّنَا أَعْظَمُ مِنْ الرِّبَا لِأَنَّ فِيهِ الْحَدَّ وَمِنْ جُمْلَتِهِ الرَّجْمُ وَلَا حَدَّ فِي الرِّبَا وَهَلْ الرِّبَا أَعْظَمُ فِي الْإِثْمِ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ الرِّبَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك قَالَ ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك مَخَافَةَ أَنْ يُطْعَمَ مَعَك قَالَ ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تُزَانِي حَلِيلَةَ جَارِك» فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ

وَجَلَّ تَصْدِيقَهَا {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68] الْآيَةَ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَزَادَ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَةٍ «فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ» وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللَّهُ إيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ وَالْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ وَأَمَّا مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ مِنْ التَّشْدِيدِ فِي الرِّبَا فَخَرَجَ مَخْرَجَ الزَّجْرِ وَالرَّدْعِ وَالتَّنْفِيرِ مِنْهُ لِمَا أَلِفُوهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ تَعَاطِيهِ وَقَدْ قَالُوا إنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَلِتَعَلُّقِهِ بِحَقِّ الْآدَمِيِّ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْمُضَايِقَةِ وَالْمُشَاحَّةِ لِافْتِقَارِهِ وَلِتَعَلُّقِ حَقِّ الزِّنَا بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الْمَبْنِيِّ عَلَى الِاتِّسَاعِ وَالْمُسَاهَلَةِ لِكَرْمِهِ وَغِنَاهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ عَوَّضَ عَنْ دَيْنِ الْقَرْضِ الذَّهَبِ ذَهَبًا وَفِضَّةً هَلْ هُوَ جَائِزٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَعَلَى الْمَنْعِ فَمَا الْجَوَابُ عَمَّا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْجَوَازِ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ الْكَلَامِ عَلَى قَاعِدَةِ مُدٍّ عَجْوَةٍ وَالْكَلَامُ فِي بَيْعِ الْمُعَيَّنِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا

سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَخَمْسُونَ دِينَارًا فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ اهـ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الصُّلْحَ الْمَذْكُورَ بَيْعٌ أَفِيدُوا ذَلِكَ وَاضِحًا (فَأَجَابَ) بِأَنَّ التَّعْوِيضَ الْمَذْكُورَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْته مَا ذَكَرُوهُ فِيمَا لَوْ صَالَحَ عَنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا دَيْنًا لَهُ عَلَى غَيْرِهِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ حَيْثُ جَعَلُوهُ مُسْتَوْفِيًا لِأَلْفٍ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَقْدِيرِ الْمُعَاوَضَةِ فِيهِ وَمُعْتَاضًا عَنْ الذَّهَبِ بِالْأَلْفِ الْآخَرِ اهـ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ الْمَذْكُورِ عَوَّضْتُك هَذَيْنِ الْأَلْفَيْنِ عَنْ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا لَمْ يَصِحَّ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مُعِينًا لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ فَكَأَنَّهُ بَاعَ الْأَلْفَ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَهُوَ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ. (سُئِلَ) عَمَّنْ اشْتَرَى دِينَارًا بِعَشَرَةِ أَنْصَافٍ وَسَلَّمَ الْبَائِعُ خَمْسَةً ثُمَّ اقْتَرَضَهَا مِنْهُ ثُمَّ رَدَّهَا إلَيْهِ عَنْ الْخَمْسَةِ الْأُخْرَى هَلْ هَذَا عَقْدٌ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الدِّينَارِ الْمُقَابِلِ لِلْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّ إقْرَاضَ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِي الْخَمْسَةَ أَجَازَهُ لِلْبَيْعِ مِنْهُمَا وَهِيَ كَالتَّفَرُّقِ مِنْهُمَا فَبَطَلَ الْبَيْعُ فِيهَا وَإِنْ

زَعَمَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنْ الصَّوَابَ الصِّحَّةُ وَأَنَّ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبِعَ فِيهِ نُسَخَ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةَ وَأَنَّ الثَّابِتَ فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا أَنَّ مَحِلَّ بُطْلَانِ الْبَيْعِ بِإِلْزَامِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ إذْ لَمْ يَحْصُلْ فِي مَجْلِسِهِ وَمَا رَجَّحَهُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمَجْمُوعِ مِنْ عَدَمِ بُطْلَانِ الْبَيْعِ بِإِلْزَامِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ فِي بَابِ الرِّبَا غَرِيبَةٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَضْرَمِيِّ إلَى أَنْ قَالَ لَوْ بَاعَ أَمَةً ذَاتَ لَبَنٍ بِلَبَنٍ جَازَ بِخِلَافِ الشَّاةِ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ إلَخْ هَلْ مَا ذَكَرَهُ فِي الْأَمَةِ مِنْ الْحُكْمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشَّاةِ مُعْتَمَدٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُكْمِ وَالْفَرْقِ مُعْتَمَدٌ. (سُئِلَ) عَنْ بَيْعِ الْكَسْبِ بِالطَّحِينَةِ وَعَنْ بَيْعِهَا بِالشَّيْرَجِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا وَفِي الْقِشْدَةِ هَلْ هِيَ نَوْعٌ مِنْ اللَّبَنِ أَمْ جِنْسٌ بِرَأْسِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُ الْكَسْبِ بِالطَّحِينَةِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالشَّيْرَجِ وَالْقِشْدَةُ نَوْعٌ مِنْ اللَّبَنِ. (سُئِلَ) عَنْ وَاقِعَةِ حَالٍ وَقَعَتْ بِبِلَادِ مَكَّةَ مِنْ الْيَمَنِ صُورَتُهَا بَاعَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ حِصَّتَهُ مِنْ قَرَارِ عَيْنٍ جَارِيَةٍ وَهَذِهِ الْحِصَّةُ قَدْرُهَا سُدُسُ سَهْمٍ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا شَائِعًا فِي جَمِيعِ الْعَيْنِ لَكِنْ عَبَّرَ عَنْهَا فِي مَكْتُوبِ الشِّرَاءِ

بِمَا يَتَعَارَفُهُ أَهْلُ عُيُونِ بَلْدَةِ الْبَيْعِ مِنْ التَّعْبِيرِ عَنْ أَجْزَاءِ السَّهْمِ مِنْ الْقَرَارِ وَالْمَاءِ الْجَارِي بِهِ بِالسَّاعَاتِ وَعَنْ السَّهْمِ مِنْ ذَلِكَ بِالْوَصِيَّةِ الَّتِي هِيَ اثْنَا عَشَرَ سَاعَةً كَمَا يُعَبَّرُ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ بِالْأَصَابِعِ وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ فِي بَلَدِ الْبَيْعِ كُلِّهِ سُقْيَةً لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّرِيكَ فِي الْقَرَارِ شَرِيكٌ فِي الْمَاءِ النَّابِعِ بِهِ مِنْ أَجْلِ مُشَارَكَتِهِ فِي الْقَرَارِ فَعَبَّرَ كَاتِبُ الشِّرَاءِ عَنْ الْمَبِيعِ الَّذِي هُوَ حِصَّةٌ مِنْ الْقَرَارِ بِمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ وَفِيمَا هُوَ تَابِعٌ لَهُ مِنْ الْمَاءِ وَمُلَخَّصُ عِبَارَةِ مَكْتُوبِ الشِّرَاءِ بَعْدَ أَنْ أَذِنَ الْحَاكِمُ الشَّرْعِيُّ فُلَانَ الشَّافِعِيَّ لِفُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فِي شِرَاءِ الْمَبِيعِ الْآتِي ذِكْرُهُ لِنَفْسِهِ وَلِبَقِيَّةِ وَرَثَةِ وَالِدِهِ مِنْ الْبَائِعِ الْآتِي ذِكْرُهُ فِيهِ إذْنًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا اشْتَرَى فُلَانٌ الْمَأْذُونُ لَهُ لِنَفْسِهِ وَلِبَقِيَّةِ وَرَثَةِ وَالِدِهِ الْمَشْمُولِينَ بِحَجْرِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ مِنْ فُلَانٍ الْبَائِعِ عَنْ نَفْسِهِ جَمِيعَ الْحِصَّةِ السُّقْيَةَ الَّتِي قَدْرُهَا سَاعَتَانِ مِنْ قَرَارِ الْعَيْنِ الْفُلَانِيَّةِ بِمَا لِلْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ حَقِّ قَرَارِ الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ وَمَقَرَّهَا وَمَمَرَّهَا وَشُعُوبَهَا وَذُيُولَهَا وَمَجَارِيَ مَائِهَا وَمِنْ مَائِهَا الْجَارِي بِهَا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى شِرَاءً صَحِيحًا شَرْعِيًّا مُسْتَكْمِلًا لِشَرَائِطِ الصِّحَّةِ وَاللُّزُومِ بِثَمَنٍ جُمْلَتُهُ كَذَا مَقْبُوضٍ بِيَدِ الْبَائِعِ مِنْ

الْمُشْتَرِي وَتَسَلَّمَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ وَسَلَّمَ لِلْمُشْتَرِي جَمِيعَ الْمَبِيعِ الْمَذْكُورِ تَسَلُّمًا شَرْعِيًّا بَعْدَ الرُّؤْيَةِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ الْآذِنِ الْمَذْكُورِ وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِ وَمَاتَ الْحَاكِمُ وَالْمُتَعَاقِدَانِ وَالشَّاهِدَانِ فَهَلْ هَذَا الْحُكْمُ صَحِيحٌ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ هُوَ صَحِيحٌ فَهَلْ يَقْتَضِي صِحَّةَ التَّبَايُعِ الْمَذْكُورِ أَمْ فَسَادَهُ وَهَلْ لِحَاكِمٍ شَرْعِيٍّ نَقْضَ التَّبَايُعِ وَالْحُكْمِ بِهِ أَمْ لَا لَا سِيَّمَا مَعَ كَوْنِ الْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْوَافِرِ وَكَمَالِ النَّظَرِ فِي فُرُوعِ الْفِقْهِ وَغَيْرِهِ كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ بِذَلِكَ وَهَلْ يَقْتَضِي صِحَّةَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي رَوْضَتِهِ. وَلَوْ بَاعَ الْمَاءَ مَعَ قَرَارِهِ نُظِرَ إنْ كَانَ جَارِيًا فَقَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْقَنَاةَ مَعَ مَائِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ جَارِيًا وَقُلْنَا الْمَاءُ لَا يُمْلَكُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِي الْمَاءِ وَفِي الْقَرَارِ قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِنَحْوِ أَرْبَعَةِ أَسْطُرٍ وَلَوْ بَاعَ جُزْءًا شَائِعًا مِنْ الْبِئْرِ أَوْ الْقَنَاةِ جَازَ وَمَا يَنْبُعُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا أَمْ لَا يَقْتَضِي صِحَّةَ مَا ذَكَرُوا إذَا قُلْتُمْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْقَرَارِ قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ يُرَجِّحُ صِحَّةَ بَيْعِ الْقَرَارِ فَقَطْ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُسْتَحِقًّا لِلْمَاءِ النَّابِعِ لِكَوْنِهِ تَابِعًا فِي مِلْكِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ

الثَّانِيَةِ وَأَيْضًا فَهَلْ التَّعْبِيرُ فِي مَكْتُوبِ الشِّرَاءِ عَلَى الْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ مِنْ الْقَرَارِ بِقَوْلِهِ الْحِصَّةُ السَّقِيَّةُ الَّتِي قَدْرُهَا سَاعَتَانِ مِنْ قَرَارِ الْعَيْنِ الْفُلَانِيَّةِ مُخِلٌّ بِالتَّبَايُعِ أَوْ بِالْحُكْمِ بِهِ أَمْ غَيْرُ مُخِلٍّ بِذَلِكَ لِإِمْكَانِ تَأْوِيلِهَا بِمَا يُصَحِّحُهَا أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ حُكْمَ الشَّافِعِيِّ بِمُوجِبِ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِهِ يَسْتَلْزِمُ شَيْئَيْنِ وَهُمَا أَهْلِيَّةُ التَّصَرُّفِ وَصِحَّةُ صِيغَتِهِ فَيُحْكَمُ بِمُوجِبِهَا وَهُوَ مُقْتَضَاهَا وَالصِّيغَةُ الْمَذْكُورَةُ مُخْتَلَّةٌ لِإِدْخَالِهَا الْمَاءَ الْجَارِي بِهَا فِي الْمَبِيعِ بِقَوْلِهِ فِيهَا وَمِنْ مَائِهَا الْجَارِي بِهَا وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ فِيهِ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَاءِ الْجَارِي لِلْجَهْلِ بِقَدْرِهِ وَمَتَى بَطَلَ فِيهِ بَطَلَ فِي قَرَارِهِ أَيْضًا فَقَدْ قَالُوا لَوْ بَاعَ مَعْلُومًا وَمَجْهُولًا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ بَطَلَ فِي الْكُلُّ لِتَعَذُّرِ التَّوْزِيعِ وَعِبَارَةُ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَلَوْ بَاعَ مَاءَ الْقَنَاةِ مَعَ قَرَارِهِ وَالْمَاءُ جَارٍ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ لِلْجَهَالَةِ وَفِي الرَّوْضَةِ خِلَافُهُ اهـ وَعِبَارَتُهَا لَوْ بَاعَ الْمَاءَ مَعَ قَرَارِهِ نُظِرَ إنْ كَانَ جَارِيًا فَقَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْقَنَاةَ مَعَ مَائِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ جَارِيًا وَقُلْنَا الْمَاءُ لَا يُمْلَكُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِي الْمَاءِ وَفِي الْقَرَارِ قَوْلًا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا ذَكَرَاهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ تَخْرِيجِهَا عَلَى

قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ مَعَ أَنَّ الْمَاءَ الْمَذْكُورَ مَجْهُولٌ وَقَدْ سَبَقَ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنَّ مَا لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ مَجْهُولًا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ بِالْقِسْطِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ لِلْجَهَالَةِ اهـ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَاءَ الرَّاكِدَ مَعْلُومٌ بِالْمُشَاهَدَةِ وَالرُّؤْيَةُ تُحِيطُ بِهِ وَمَعْرِفَةُ عُمْقِهِ مِمَّا يَسْهُلُ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ مِنْ قَوْلِهِ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أُفْرِدَ مَاءُ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ بِالْبَيْعِ فَإِنْ بَاعَهُ مِنْ الْأَرْضِ بِأَنْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ شِرْبِهَا مِنْ الْمَاءِ فِي نَهْرٍ أَوْ وَادٍ صَحَّ وَدَخَلَ الْمَاءُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالشِّرْبِ: الْمَاءُ الرَّاكِدُ عَلَيْهَا أَوْ جَمِيعُ الْمَاءِ الَّذِي أَحَاطَ بِهِ الْوَادِي أَوْ النَّهْرُ فَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَاءُ النَّهْرِ جَارِيًا اهـ. فَكَلَامُ النَّوَوِيِّ الْأَوَّلُ يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ الصِّحَّةَ فِي الْقَرَارِ وَكَلَامُهُ الثَّانِي يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ الصِّحَّةَ فِي الْمَاءِ أَيْضًا وَقَدْ عُلِمَ مَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِمَّا ذَكَرْته. (سُئِلَ) عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ بَيْعُ دُهْنِ الْوَرْدِ بِدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ مُتَفَاضِلًا مَعَ قَوْلِهِمْ يَمْتَنِعُ التَّفَاضُلُ فِي بَيْعِ دُهْنِ السِّمْسِمِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَالْحَالُ أَنَّ الْأَوَّلَ إنَّمَا هُوَ دُهْنُ سِمْسِمٍ مَمْزُوجٍ

بِأَوْرَاقِ كُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ وَأَيُّمَا كَانَ فَهُوَ دُهْنُ سِمْسِمٍ بِمِثْلِهِ وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ بَاعَ دَارًا فِيهَا بِئْرُ مَاءٍ عَذْبٍ بِأُخْرَى كَذَلِكَ وَعَلَّلُوهُ بِتَبَعِيَّةِ الْمَاءِ مَعَ قَوْلِهِمْ بِالْمَنْعِ فِيمَا إذَا بَاعَ أَرْضًا فِيهَا بِئْرُ مَاءٍ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى دُخُولِ الْمَاءِ فِي الْمَبِيعِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْمَاءُ مَقْصُودًا غَيْرَ تَابِعٍ وَيُقَابَلُ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ مَسْأَلَةُ الدَّارَيْنِ كَذَلِكَ فَتَكُونُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَبَيْنَ اسْتِثْنَائِهِمْ مِنْ قَوْلِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِيَمِينِهِ فِيمَا إذَا ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ الصِّحَّةَ وَالْآخَرُ الْفَسَادَ مَا لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ مَعْلُومَةِ الذُّرْعَانِ ثُمَّ ادَّعَى إرَادَةَ ذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ لِيُفْسِدَ الْبَيْعَ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي شُيُوعَهُ فَيُصَدَّقُ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ ذِرَاعٍ مِنْ أَرْضٍ مَعْلُومَةِ الذُّرْعَانِ إلَّا إذَا كَانَ شَائِعًا دُونَ مَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا مَعَ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ بَيْعُ ذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْأَرْضِ مُطْلَقًا وَبَيْنَ مَنْعِهِمْ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ قَصَّارًا لِقِصَارَةِ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقِصَارَةِ وَبَعْدَهَا مَا لَمْ يُوَفِّ الْأُجْرَةَ مَعَ قَوْلِهِمْ فِي الْإِجَارَةِ يَجُوزُ إبْدَالُ مَا يَسْتَوْفِي بِهِ الْمَنْفَعَةَ فَهَلَّا يُقَالُ بِصِحَّةِ بَيْعِ الثَّوْبِ الْمَذْكُورِ وَيُبْدَلُ بِمِثْلِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَخَالُفَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِيهَا لِأَنَّ الْأَدْهَانَ الْمُطَيِّبَةَ

كَدُهْنِ الْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ كُلَّهَا مُسْتَخْرَجَةٌ مِنْ السِّمْسِمِ ثُمَّ إنْ رَبَّى السِّمْسِمَ فِيهَا ثُمَّ اسْتَخْرَجَ دُهْنَهُ جَازَ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أَجْنَاسٌ كَأُصُولِهَا وَإِنْ اُسْتُخْرِجَ الدُّهْنُ ثُمَّ طُرِحَتْ أَوْرَاقُهَا فِيهِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا لِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ أَصْلَهَا الشَّيْرَجُ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِيهَا أَيْضًا لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ مَقْصُودُهُ الْأَصْلِيُّ مَنْفَعَةُ الدَّارِ وَالْمَاءُ تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَقْصُودِ الدَّارِ لِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْقَصْدِ إلَيْهِ غَالِبًا وَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ تَابِعًا بِالْإِضَافَةِ كَوْنُهُ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ حَتَّى يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لَهُ فِي الْبَيْعِ لِيَدْخُلَ فِيهِ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِيهَا أَيْضًا لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى ذِرَاعًا مُعَيَّنًا مِنْ أَرْضٍ مَعْلُومَةِ الذُّرْعَانِ صَحَّ شِرَاؤُهُ وَنَزَلَ عَلَى الْإِشَاعَةِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمُرَادِ بِهِ صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِيَمِينِهِ وَأَمَّا الرَّابِعَةُ فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِيهَا أَيْضًا مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ الَّذِي نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَقَلُوهُ عَنْ النَّصِّ مَنْعُ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَعَنْ الْإِمَامِ وَالْمُتَوَلِّي جَوَازُهُ وَلَمْ يُرَجِّحَا شَيْئًا وَجَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الرَّوْضِ بِالْأَوَّلِ الثَّانِي إنَّا إذَا قُلْنَا بِجَوَازِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ

باب المناهي في البيع

الثَّوْبِ إلَّا بَعْدَ إبْدَالِهِ بِغَيْرِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [بَابُ الْمَنَاهِي فِي الْبَيْعِ] (بَابُ الْمَنَاهِي) (سُئِلَ) عَفَا اللَّهُ عَنْهُ عَمَّا إذَا تَلْقَى الرُّكْبَانُ وَبَاعَهُمْ مَا يَقْصِدُونَ شِرَاءَهُ مِنْ الْبَلَدِ فَهَلْ هُوَ كَالتَّلَقِّي لِلشِّرَاءِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ هُوَ كَالتَّلَقِّي لِلشِّرَاءِ. (سُئِلَ) عَنْ إطْعَامِ كَافِرٍ غَيْرِ مُضْطَرٍّ فِي رَمَضَانَ وَفِي بَيْعِهِ الطَّعَامَ كَذَلِكَ إذَا تَحَقَّقَ أَكْلُهُ لَهُ هَلْ يَحْرُمُ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِذْنِ لَهُ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَهُوَ جُنُبٌ أَمْ لَا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَيْعِهِ الْعِنَبَ بِعَصِيرِ الْخَمْرِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ إطْعَامَ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ الْكَافِرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَرَامٌ وَكَذَا بَيْعُهُ طَعَامًا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يَأْكُلُهُ فِيهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَسَبُّبٌ إلَى الْمَعْصِيَةِ وَإِعَانَةٌ عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى تَكْلِيفِ الْكَافِرِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ إذْنِهِ لَهُ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ أَنَّهُ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الصَّوْمِ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ أَخْطَأَ فِي تَعْيِينِ مَحِلِّهِ وَلَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ وَلِهَذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَهُ وَيَمْكُثُ فِيهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ ثَقِيفٍ فَأَنْزَلَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ إسْلَامِهِمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَرَوَى هُوَ وَغَيْرُهُ «أَنَّ الْكُفَّارَ كَانُوا يَدْخُلُونَ مَسْجِدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَمْكُثُونَ فِيهِ» وَلَا شَكَّ أَنَّ فِيهِمْ الْجُنُبَ (سُئِلَ) عَنْ

باب الخيار في البيع

قَوْلِهِمْ لَوْ سَعَّرَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ اسْتَحَقَّ مُخَالِفُهُ التَّعْزِيرَ هَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْقَاضِي أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ حَيْثُ جَرَتْ عَادَةُ وَلِيِّ الْأَمْرِ بِتَوْلِيَةِ وَظِيفَةِ الْحِسْبَةِ لِغَيْرِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ بَاعَ رَقِيقًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْعِتْقِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِيهِ ثَلَاثَةٌ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى فَهَلْ هَذَا الثَّمَنُ الْمُسَمَّى لِلْبَائِعِ ثَمَنُ مَبِيعِهِ أَوْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِقِيمَتِهِ رَقِيقًا يُعْتِقُهُ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْبَائِعُ قَبَضَ ثَمَنَ الرَّقِيقِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِي بَدَلُهُ وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي أَنْ يَشْتَرِيَ رَقِيقًا لِيُعْتِقَهُ. [بَابُ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ] (بَابُ الْخِيَارِ) (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَمَّنْ اشْتَرَى بُسْتَانًا بِقَرْيَةٍ بِهَا مُتَوَلٍّ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْبَيْعِ فَأَلْزَمَهُ مُتَوَلِّيهَا بِأَنْ يَكُونَ فَلَّاحًا بِالْقَرْيَةِ فَهَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ وَيَفْسَخُ الْبَيْعَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا أَلْزَمَهُ مُتَوَلِّيهَا بِالْفِلَاحَةِ الْمَذْكُورَةِ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْبُسْتَانُ مَعْرُوفًا بِأَنَّ الْوَالِيَ يُلْزِمُ مَالِكَهُ بِالْفِلَاحَةِ وَجَهِلَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا خِيَارَ لَهُ. (سُئِلَ) عَنْ جَمَاعَةٍ اشْتَرَوْا نَاقَةَ أُضْحِيَّةٍ وَلَمْ يَتَسَلَّمُوهَا إلَّا وَقْتَ ذَبْحِهَا فَذَبَحُوهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَوَجَدُوا فِي لَحْمِهَا نَتْنًا بِحَيْثُ عَافَتْهُ الْأَنْفُسُ فَهَلْ هَذَا

عَيْبٌ تَرُدُّ بِهِ قَهْرًا لَوْلَا الذَّبْحُ الْمَذْكُورُ فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَهَلْ الْوَاقِعُ مِنْ إحْدَاثِهِ فِي الْمَبِيعِ مَا يُعْرَفُ الْقَدِيمُ بِدُونِهِ حَتَّى سَقَطَ الرَّدُّ قَهْرًا وَهَلْ الْمَسْأَلَةُ مَقِيسَةٌ أَمْ مَنْقُولَةٌ بِعَيْنِهَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ نَتْنُ اللَّحْمِ الْمَذْكُورِ عَيْبٌ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ قَهْرًا مَا لَمْ يَحْدُثْ عِنْدَهُ عَيْبٌ فَإِنْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ كَالذَّبْحِ فِي مَسْأَلَتِنَا امْتَنَعَ الرَّدُّ قَهْرًا إذْ مَعْرِفَةُ نَتْنِ الْبَهِيمَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَبْحِهَا بَلْ وَلَا عَلَى جَرْحِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي مَسْأَلَةِ الْجَلَّالِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِشَرْطِ كَوْنِهَا حَامِلًا فَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ لِيَرُدَّهَا وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهَا حَامِلٌ لِئَلَّا يَرُدَّهَا وَالْحَالُ أَنَّهَا لَمْ تَحِضْ مُنْذُ شَهْرٍ فَمَا يَفْعَلُ وَبِمَ يُتَيَقَّنُ الْحَمْلَ أَوْ عَدَمَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْمَلُ بِالشَّهَادَةِ بِالْحَمْلِ وَيَكْفِي فِيهِ شَهَادَةُ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَعِنْدَ انْتِفَاءِ الشَّهَادَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ وَيُتَيَقَّنُ الْحَمْلُ حَالَ الْبَيْعِ بِانْفِصَالِ الْوَلَدِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ أَوْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْهُ وَلَمْ تُوطَأْ وَطْئًا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ. . (سُئِلَ) عَنْ تَلَفِ الْمَبِيعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ الْمَشْرُوطِ هَلْ يَبْطُلُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ بَطَلَ الْخِيَارُ لِانْفِسَاخِ عَقْدِ الْبَيْعِ وَإِلَّا فَلَا يَبْطُلُ (سُئِلَ) عَمَّنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ أَدَّاهُ

عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ مُتَبَرِّعًا ثُمَّ فَسَخَ الْبَيْعَ فَهَلْ يَرُدُّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ الْأَجْنَبِيِّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَرُدُّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ. (سُئِلَ) عَنْ بَائِعِ أَمَةٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا قَالَ كُلُّ أَمَةٍ لِي حُرَّةٌ فَهَلْ تَعْتِقُ الْأَمَةُ الْمَبِيعَةُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ فَسَخَ الْبَيْعَ بِسَبَبِ الْخِيَارِ الْمَذْكُورِ عَتَقَتْ الْأَمَةُ الْمَذْكُورَةُ وَإِلَّا فَلَا تَعْتِقُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ تَبَايَعَا مُتَبَاعِدَيْنِ وَفَارَقَا مَكَانَهُمَا قَاصِدًا كُلٌّ مِنْهُمَا جِهَةَ الْآخَرِ أَوْ فَارَقَ أَحَدُهُمَا مَكَانَهُ قَاصِدًا جِهَةَ الْآخَرِ هَلْ يُعَدُّ ذَلِكَ تَفَرُّقًا فَيَبْطُلُ خِيَارُهُمَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى فَارَقَ أَحَدُهُمَا مَكَانَهُ وَوَصَلَ إلَى مَوْضِعٍ لَوْ كَانَ الْآخَرُ مَعَهُ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ عُدَّ تَفَرُّقًا كَأَنْ تَفَرَّقَا فِي مَسْأَلَتِنَا فَيَنْقَطِعُ بِهِ خِيَارُهُمَا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ. (سُئِلَ) عَنْ الْحَمْلِ فِي الْبَهِيمَةِ هَلْ هُوَ عَيْبٌ كَالْأَمَةِ أَوْ لَا وَيَكُونُ خَاصًّا بِالْآدَمِيِّ كَمَا فِي بَابِ الْخِيَارِ مِنْ الرَّوْضَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِيهَا إذَا لَمْ تَنْقُصْ بِهِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ لِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْ هَلَاكِهَا بِالْوَضْعِ وَأَمَّا الْبَهِيمَةُ فَالْغَالِبُ السَّلَامَةُ فِيهَا وَبِهَذَا التَّفْصِيلِ أَجَابَ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ فِي كَفَّارَةِ الْإِحْرَامِ وَالزَّكَاةِ وَعَزَاهُ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا اتَّفَقَ الْمُتَبَايِعَانِ عَلَى رَدِّ تَرْكِ الْعَيْبِ بِعِوَضٍ

يَبْذُلُهُ الْأَجْنَبِيُّ هَلْ يَجُوزُ كَعِوَضِ الْخُلْعِ.؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَذْلُ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَتِهِ لَا مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَلَا مِنْ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ خِيَارُ فَسْخٍ فَأَشْبَهَ خِيَارَ التَّرَوِّي فِي كَوْنِهِ غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا مَاتَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَوَرِثَ الْمَبِيعَ جَمَاعَةٌ ثُمَّ فَارَقَ الْمَجْلِسَ أَحَدُهُمْ هَلْ يَلْزَمُ الْبَيْعُ مِنْ جِهَتِهِ وَيَسْتَمِرُّ الْخِيَارُ لِلْبَاقِينَ فِي قَدْرِ حِصَصِهِمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْعَقْدُ إلَّا بِمُفَارِقَةِ الْمُتَأَخِّرِ فِرَاقُهُ مِنْهُمْ مَجْلِسَهُ فَيَسْتَمِرُّ الْخِيَارُ لِلْبَاقِينَ فِي جَمِيعِ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُمْ لَوْ فَسَخُوهُ فِي قَدْرِ حِصَصِهِمْ انْفَسَخَ فِي الْجَمِيعِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَإِنْ كَانَ لَابِسًا وَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِالثَّوْبِ فِي الطَّرِيقِ فَتَوَجَّهَ لِلرَّدِّ وَلَمْ يَنْزِعْ فَهُوَ مَعْذُورٌ هَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ أَمْ مُخْتَصٌّ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَّا ذَلِكَ الثَّوْبُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْذَرُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَا يَعْتَادُ نَزْعَ الثَّوْبِ فِي الطَّرِيقِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْشِفُ عَوْرَتَهُ أَوْ يُخِلُّ بِهَيْئَتِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ وَأَعْتَقَهُ أَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا هَلْ لَهُ الْأَرْشُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ لَهُ الْأَرْشُ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا شَرَطَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ الْخِيَارَ لَهُمَا أَوْ لَهُ وَلَمْ يُجِبْهُ الْآخَرُ بِنَفْيِ وَلَا إثْبَاتَ بَلْ اسْتَمَرَّ

سَاكِتًا عَنْهُ هَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَالشَّرْطُ أَوْ يَبْطُلَانِ أَوْ يَصِحُّ الْعَقْدُ دُونَ الشَّرْطِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الشَّارِطُ آتِيًا بِشِقِّ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ صَحَّ الْعَقْدُ وَالشَّرْطُ لِأَنَّ الْجَوَابَ مُنَزَّلٌ عَلَى السُّؤَالِ أَوْ آتِيًا بِشِقِّهِ الثَّانِي بَطَلَ الْعَقْدُ وَالشَّرْطُ لِلْمُخَالَفَةِ بَيْنَ شِقَّيْ الْعَقْدِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَدَثَ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ بَعْدَ قَبْضِهِ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا فَهَلْ لَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ بِالْخِيَارِ أَمْ يَمْتَنِعُ لِحُدُوثِ الْعَيْبِ عِنْدَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَهُ فَسْخَ الْبَيْعِ بِالْخِيَارِ وَرَدَّ الْمَبِيعِ عَلَى بَائِعِهِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ إذَا وَجَدَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مُتَغَيِّرًا فَلَهُ الْخِيَارُ هَلْ لِلْبَائِعِ ذَلِكَ إذَا وَجَدَهُ زَائِدًا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ إذَا وَجَدَ الْمَبِيعَ زَائِدًا لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ السَّابِقَةَ كَالشَّرْطِ فِي الصِّفَاتِ فَإِذَا بَانَتْ زِيَادَتُهَا كَانَتْ بِمَثَابَةِ الْخُلْفِ فِي الشَّرْطِ. (سُئِلَ) هَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِيهَا لِأَنَّهَا عَقْدُ غَرَرٍ لِوُرُودِهَا عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَالْخِيَارُ غَرَرٌ فَلَا يُضَمُّ غَرَرٌ إلَى غَرَرٍ وَثُبُوتُهُ فِيهَا طَرِيقَةٌ ضَعِيفَةٌ. (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ جَوَازُ الرَّدِّ قَهْرًا فِيمَا لَا يَنْقُصُ بِالتَّبْعِيضِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَنْعُ الرَّدِّ قَهْرًا لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ عَلَى الرَّاجِحِ

لَا لِضَرَرِ الْبَائِعِ بِالتَّبْعِيضِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ بَاعَ بَعْضَهُ لِبَائِعِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ فَهَلْ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَوْ لَا كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَمَا الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الثَّانِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ لَا ضِرَارَ الشِّرْكَةِ. (سُئِلَ) عَنْ السَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ مِنْ الرَّقِيقِ وَلَوْ صَغِيرًا وَلَوْ تَابَ مِنْهُ هَلْ هُوَ عَيْبٌ يُثْبِتُ الْخِيَارَ كَمَا فِي الرَّوْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَوْ لَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فِيهِ أَنَّهُ مَرْدُودٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَيْبٌ يُثْبِتُ الْخِيَارَ كَمَا فِي الرَّوْضِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَمَعْنَاهُ وَاضِحٌ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ بَاعَ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ مَالَ نَفْسِهِ مِنْ طِفْلِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْرُطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ وَلِلطِّفْلِ أَوْ لِنَفْسِهِ أَوْ الطِّفْلِ أَمْ لَا يَجُوزُ كَالْوَكِيلِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْرِطَ الْخِيَارَ لِغَيْرِ مُوَكِّلِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْرُطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ وَكَذَا لِفَرْعِهِ إنْ كَانَ بَالِغًا كَمَا أَنَّهُ يَجُوز لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْرُطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِمُوَكِّلِهِ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ الْمَذْكُورِ أَنْ يَشْرُطَ الْخِيَارَ لِفَرْعِهِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَجْنُونِ لِأَنَّ عِبَارَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُلْغَاةٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُعَاوَضَاتِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ وَكَّلَ الْأَعْمَى شَخْصًا فَاشْتَرَى لَهُ عَقَارًا مِنْ بَصِيرٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ تَقَايَلَ الْبَائِعُ وَالْأَعْمَى فِي الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ

فَهَلْ يَصِحُّ التَّقَايُلُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّقَايُلُ الْمَذْكُورُ فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الْعِلْمِ بِالْمُقَايَلِ بَعْدَ نَصِّهِ عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَيْنَ ذَوِي الْهَيْئَةِ وَغَيْرِهِمْ فِي رَاكِبِ الْمَبِيعِ وَلَابِسِهِ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ الدَّابَّةِ وَهُوَ رَاكِبُهَا نَزَلَ عَنْهَا وَإِذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ الثَّوْبِ وَهُوَ لَابِسُهُ لَمْ يُكَلَّفْ نَزْعَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّ مَا ذَكَرَاهُ فِيهِمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ وَلِأَنَّ اسْتِدَامَةَ لُبْسِ الثَّوْبِ فِي طَرِيقِهِ لَا تُؤَدِّي إلَى نَقْصِهِ وَاسْتِدَامَةَ رُكُوبِ الدَّابَّةِ قَدْ تُؤَدِّي إلَى نَقْصِهَا وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِيهِمَا مَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ لِلْمُشْتَرِي مَشَقَّةٌ بِالنُّزُولِ أَوْ النَّزْعِ وَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِيهِمَا عِنْدَ مَشَقَّتِهِ لَيْسَ مُرَادًا لِلشَّيْخَيْنِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمَا فِي هَذَا الْبَابِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اشْتَرَى بَهِيمَةً مَأْكُولَةً غَيْرَ مُصَرَّاةٍ فَحَصَلَ مِنْهَا لَبَنٌ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ وَثَبَتَ لَهُ الرَّدُّ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ صَاعِ تَمْرٍ مَعَهَا إنْ تَلِفَ أَوْ بَقِيَ وَلَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى رَدِّهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ صَاعٍ تَمْرٍ. (سُئِلَ) عَمَّا نَقَلَهُ ابْنُ قُدَامَةَ الْحَنْبَلِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ تَعَدُّدِ الصَّاعِ

باب المبيع قبل قبضه

بِتَعَدُّدِ الْمُصَرَّاةِ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ صَحِيحٌ مُعْتَمَدٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [بَابُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ] (بَابُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ) (سُئِلَ) عَنْ مُشْتَرٍ قَبَضَ الْمَبِيعَ تَعَدِّيًا ثُمَّ أَتْلَفَهُ بَائِعُهُ فَهَلْ هُوَ كَاسْتِرْدَادِهِ أَوْ لَا وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ أَوْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ هُوَ كَاسْتِرْدَادِهِ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَبَيْعُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ بَاطِلٌ فِي الْأَظْهَرِ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَوْ صِحَّتُهُ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ صِحَّةُ الْبَيْعِ فَقَدْ قَالَ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ وَفِي الرَّوْضَةِ فِي الْخُلْعِ مَا يُوَافِقُهُ وَنَقَلَ أَنَّ النَّوَوِيَّ أَفْتَى بِهِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ أَبْرَأَهُ الْبَائِعُ مِنْ ثَمَنِهِ بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْعِ ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي بِبَدَلِ الثَّمَنِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ بِهِ (سُئِلَ) عَنْ تَصَرُّفِ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَسْخِ وَقَبْلَ رَدِّ الثَّمَنِ هُوَ صَحِيحٌ أَوْ لَا وَهَلْ لِلْمُشْتَرِي حَبْسُ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ أَوْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ إذَا خَافَ فَوْتَهُ أَوْ لَمْ يَخَفْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْبَائِعِ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَلِلْمُشْتَرِي حَبْسُ الْمَبِيعِ لِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَهُ وَإِنْ

اقْتَضَى كَلَامُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ ضَعْفَ مَا ذَكَرْتُهُ فِيهِمَا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَالَ: وَيُسْتَأْنَسُ لِلثَّانِي بِمَا إذَا قَتَلَ الْإِمَامُ عَبْدًا اشْتَرَاهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَدْ حَدَثَ مِنْهُ رَدُّهُ فَإِنْ قَصَدَ قَتْلَهُ عَنْهَا وَقَعَ عَنْهَا وَانْفَسَخَ الْبَيْعُ وَإِلَّا جُعِلَ قَابِضًا لِلْمَبِيعِ وَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ الدِّيَاتِ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ مُعْتَمَدٌ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اسْتَأْنَسَ بِهِ لَهُ وَاضِحٌ. (سُئِلَ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي قَبْضِ السَّفِينَةِ النَّقْلُ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْبَرِّ أَمْ فِي الْبَحْرِ كَمَا اقْتَضَاهُ صَنِيعُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ أَمْ لَا كَمَا قَالَ الْكَمَالُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ إنَّمَا يَتَّجِهُ ذَلِكَ فِي سَفِينَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ فِي الْمَاءِ الَّذِي تَسِيرُ بِهِ أَمَّا الْكَبِيرَةُ فِي الْبَرِّ فَكَالْعَقَارِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالتَّخْلِيَةِ وَالْإِخْلَاءِ لِعُسْرِ النَّقْلِ اهـ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا قَالَهُ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ وَالِاقْتِضَاءُ الْمَذْكُورُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ. (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ فِيمَا لَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إذَا قَدَّرَهُ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ جُزَافًا أَوْ وُزِنَ الْمَكِيلُ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ أَخْبَرَهُ الْبَائِعُ بِقَدْرِهِ وَصَدَّقَهُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ الِانْفِسَاخُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ

وَقَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ الْأَوْجَهُ أَوْ عَدَمُهُ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُتَوَلِّي؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ انْفِسَاخُ الْبَيْعِ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ التَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ فِي الْعَقْدِ فَلَمْ يَحْصُلْ الْقَبْضُ الْمُفِيدُ لِلتَّصَرُّفِ وَإِنْ حَصَلَ الْقَبْضُ الْمُفِيدُ لِلضَّمَانِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ نَقَلَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إلَى مَكَان مَغْصُوبٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ الْبَائِعِ وَبَيْنَ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي هَلْ يَحْصُلُ الْقَبْضُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ بِنَقْلِهِ إلَى الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ لِأَنَّ يَدَ الْبَائِعِ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا فِيهِ فَتُسْتَصْحَبُ حَتَّى فِي الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي لِتَرَجُّحِهِ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ وَلِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّهُ قَبْضًا وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ شَمِلَ قَوْلُ الْمِنْهَاجِ: لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ، الْمَغْصُوبَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَالْمُشْتَرَكَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ أَنَّهُ لَا اخْتِصَاصَ لِلْبَائِعِ بِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ بَاعَ ثَمَرَةً بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِشَرْطِ قَطْعِهَا بِمَاذَا يَحْصُلُ قَبْضُهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْصُلُ قَبْضُهَا بِالتَّخْلِيَةِ فَقَدْ قَالُوا لَوْ بِيعَ تَمْرٌ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ أَوْ بَعْدَهُ بِشَرْطِ قَطْعِهِ وَلَمْ يُقْطَعْ حَتَّى هَلَكَ ضَمِنَهُ مُشْتَرِيه لِأَنَّ التَّخْلِيَةَ كَافِيَةٌ فِي جَوَازِ التَّصَرُّفِ فَكَانَتْ كَافِيَةً فِي نَقْلِ الضَّمَانِ قِيَاسًا عَلَى الْعَقَارِ وَقَالَ الشَّيْخَانِ فِي

مَعْنَى الْعَقَارِ الْأَشْجَارُ الثَّابِتَةُ وَالثَّمَرَةُ الْمَبِيعَةُ عَلَى الشَّجَرِ قَبْلَ أَوَانِ الْجِذَاذِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَتَقْيِيدُهُ بِمَا قَبْلَ الْجِذَاذِ يُشْعِرُ بِأَنَّ دُخُولَ وَقْتِ قَطْعِهَا يُلْحِقُهَا بِالْمَنْقُولَاتِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ اهـ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضْ غَيْرُ الشَّيْخَيْنِ لِهَذَا الْقَيْدِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْتَفَتَ عَلَى أَنَّ مُؤْنَةَ الْجِذَاذِ عَلَى مَنْ تَكُونُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَهَا قَبْلَ أَوَانِ الْجِذَاذِ أَوْ بَعْدَهُ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِمَا قَبْلَ أَوَانِ الْجِذَاذِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّ الثَّمَرَةَ الْمَبِيعَةَ فِي أَوَانِ الْجِذَاذِ يَكُونُ قَبْضُهَا بِالْقَطْعِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ إنَّ الْجَوَائِحَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ تَبْلُغَ أَوَانَ الْجِذَاذِ أَمْ لَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَبْضَ الثِّمَارِ بِالتَّخْلِيَةِ مُطْلَقًا فَقَدْ حَكَى الرَّافِعِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَ طُرُقٍ أَظْهَرُهَا أَنَّهُ عَلَى قَوْلَيْنِ وَالثَّانِي الْقَطْعُ بِأَنَّهَا مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَالثَّالِثُ الْقَطْعُ بِأَنَّهَا مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ لِأَنَّهَا لَمَّا شَرَطَ فِيهَا الْقَطْعَ صَارَ قَبْضُهَا بِنَقْلِهَا اهـ لَكِنْ مَا ذَكَرْتُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّعْلِيلَ لَيْسَ مَحَلَّ وِفَاقٍ. (سُئِلَ) عَمَّنْ اشْتَرَى نَحْلًا فِي خَلِيَّةٍ وَكَانَ مَرْئِيًّا وَتَسَلَّمَهُ بِغَيْرِ نَقْلٍ مِنْ الْخَلِيَّةِ هَلْ يَكْفِي ذَلِكَ أَمْ لَا وَإِذَا لَمْ يَكْفِ فَاسْتَمَرَّ

الْمُشْتَرِي يُدَوْلِبُهُ وَيَأْخُذُ عَسَلَهُ مُدَّةً فَهَلَكَ النَّحْلُ بِالْبَرْدِ فَهَلْ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِيهِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ وَالْبَائِعُ بِقِيمَةِ النَّحْلِ كَمَا لَوْ قَبَضَ مَا اشْتَرَاهُ مُكَايَلَةً جُزَافًا وَهَلْ إذَا أَتْلَفَهُ يَكُونُ قَابِضًا لَهُ وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ وَإِذَا تَلِفَ عِنْدَهُ لَا يَسْتَقِرُّ كَمَا ذُكِرَ أَوَّلًا أَوْ يَكُونُ حُكْمُ التَّلَفِ وَالْإِتْلَافِ وَاحِدًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِي ذَلِكَ فِي قَبْضِهِ إذْ الرُّجُوعُ فِي حَقِيقَتِهِ إلَى الْعُرْفِ وَالنَّحْلُ مِمَّا لَا يُنْقَلُ عَادَةً لِعُسْرِهِ فَصَارَ كَالثَّمَرَةِ الْمَبِيعَةِ عَلَى الشَّجَرِ وَكَالسَّفِينَةِ الْكَبِيرَةِ فِي الْبَرِّ إذْ الْقَبْضُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِالتَّخْلِيَةِ. (سُئِلَ) عَنْ الْخِيَارِ الَّذِي يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي فِيمَا إذَا عَيَّبَ الْمَبِيعَ أَجْنَبِيٌّ قَبْلَ الْقَبْضِ هَلْ هُوَ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا إذَا أَتْلَفَهُ الْأَجْنَبِيُّ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِذَا قُلْتُمْ بِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى التَّرَاخِي فَمَا الْفَرْقُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي إذَا عَيَّبَ الْأَجْنَبِيُّ الْمَبِيعَ عَلَى الْفَوْرِ وَكَذَا فِي إتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ. (سُئِلَ) عَنْ الْمُعْتَمَدِ فِيمَا لَوْ بَاعَ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ قَبْلَ التَّسْلِيمِ هَلْ لَهُ الْحَبْسُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ جَوَازِ الْحَبْسِ وَمَا نُسِبَ لِلنَّصِّ رُدَّ بِأَنَّهُ مِنْ تَخْرِيجِ الْمُزَنِيّ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ نَقَلَ الْمَبِيعَ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ وَخَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا هَلْ لِلْمَالِكِ مُطَالَبَتُهُ أَمْ

لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى نَقَلَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ ثُمَّ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا كَانَ لِمَالِكِهِ مُطَالَبَتُهُ بِهِ لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ (سُئِلَ) عَنْ رَهْنِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ بَاطِلٌ قَبْلَ قَبْضِهِ صَحِيحٌ بَعْدَهُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ وَلِيِّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مِنْ هَذَا الْبَابِ: وَمَنْ بَيَّتَ لِبَائِعٍ إلَى ثَانٍ أَيْ مِنْهُ فَإِنْ نَقَلَهُ إلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لَكِنْ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ فِي بَابِ الْغَصْبِ: وَلَا يَكُونُ غَاصِبًا قَطْعًا حَتَّى لَوْ خَرَجَ مُسْتَحِقًّا لَيْسَ لِلْمَالِكِ مُطَالَبَتُهُ، وَقَالَ هُنَا: لَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْعَقْدِ إلَيْهِ لَكِنَّهُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يُطَالِبَ بِهِ إذَا خَرَجَ مُسْتَحِقًّا لِوَضْعِ يَدِهِ قَالَ وَعِبَارَةُ الْبَغَوِيِّ وَالرَّافِعِيِّ غَيْرُ صَرِيحَةٍ فِي ضَمَانِ الْعَقْدِ فِي أَنَّهُ الْمُرَادُ وَمَا صَرَّحْت بِهِ مِنْ أَنَّهُ الْمُرَادُ لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا لَكِنْ فَهِمْتُهُ مِنْ فِقْهِ الْبَابِ وَإِطْلَاقُ الْمِنْهَاجِ ظَاهِرٌ فِيهِ اهـ فَهَلْ قَوْلُ السُّبْكِيّ هُنَا وَفِي بَابِ الْغَصْبِ مُتَنَاقِضٌ أَمْ مَحْمُولٌ أَفِيدُوا الْجَوَابَ مَبْسُوطًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ كَلَامَ السُّبْكِيّ هُنَا وَفِي بَابِ الْغَصْبِ مُتَنَاقِضٌ بِلَا شَكٍّ وَلَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا مَا ذَكَرَهُ هُنَا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ ابْنٍ الرِّفْعَةِ أَنَّ الْقَبْضَ لَا يَجِبُ فِي الْقِسْمَةِ

لِأَنَّهُ لِدَفْعِ الضَّمَانِ وَالْقِسْمَةُ لَا ضَمَانَ فِيهَا فَلَا يَجِبُ فِيهَا التَّحْوِيلُ مَعَ قَوْلِ الرَّوْضَةِ فِي أَثْنَاءِ أَحْكَامِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنَّهُ إذَا بَاعَ نَصِيبَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ صَحَّ إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ إفْرَازًا فَإِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الرَّوْضَةِ عَلَى أَنَّهَا إذَا كَانَتْ بَيْعًا لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ يَقُولُ لَا يُشْتَرَطُ التَّحْوِيلُ وَإِنْ قُلْنَا أَنَّهَا بَيْعٌ عَلَى أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ آخِرَ بَابِ قَبْضِ الْمَبِيعِ عَنْهُ الْمُتَوَلِّي وَيُجَابُ طَالِبُ الْقِسْمَةِ إلَيْهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ نَقَلَهُ عَنْ النَّاشِرِيِّ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ وَإِنْ كَانَتْ بَيْعًا لَا تُمْنَعُ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَهُوَ أَيْضًا بِظَاهِرِهِ يُعَارِضُ مَا مَرَّ عَنْهَا وَعَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ فَهَلْ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي قِسْمَةِ مُشْتَرَكٍ غَيْرِ مَبِيعٍ حَتَّى لَوْ وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ وَصَارَ لِكُلٍّ نَصِيبٌ ثُمَّ تَلِفَتْ الْأَنْصِبَاءُ أَوْ بَعْضُهَا لَا ضَمَانَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ أَنَّ صُورَتَهُ هَكَذَا عَارَضَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ فِي الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ كَمَا مَرَّ وَكَلَامُهَا أَيْضًا فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي لِأَنَّهُ يَقْتَضِي إذَا كَانَ الْمُشْتَرَكُ مَبِيعًا أَنَّهُ يَصِحُّ قِسْمَتُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَدْ يَكُونُ بَيْعًا وَكَيْفَ يَصِحُّ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ بَيِّنُوا لَنَا صُورَةَ كُلِّ كَلَامٍ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فَإِنَّهُ يَتَرَاءَى أَنَّهَا مُتَعَارِضَةٌ؟ (فَأَجَابَ)

باب التولية والاشتراك والمحاطة والمرابحة

بِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ فَالْقِسْمَةُ لَا ضَمَانَ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ بَيْعًا وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بَيْعُ مَا صَارَ لَهُ فِيهَا مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ عَدَمِ الضَّمَانِ وَصِحَّةِ الْبَيْعِ فَإِنَّ بَيْعَ مَا لَمْ يُقْبَضْ يَبْطُلُ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ مَعَ انْتِفَاءِ الضَّمَانِ فِيهَا وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْتُهُ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى قِسْمَةِ مُشْتَرَكٍ غَيْرِ مَبِيعٍ وَمَا وَقَعَ فِي السُّؤَالِ بِقَوْلِهِ: وَأَنَّ ابْنَ الرِّفْعَةِ يَقُولُ لَا يُشْتَرَطُ التَّحْوِيلُ وَإِنْ قُلْنَا أَنَّهَا بَيْعٌ، لَيْسَ فِي عِبَارَتِهِ السَّابِقَةِ مَا يَقْتَضِيهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [بَابُ التَّوْلِيَةِ وَالِاشْتِرَاكِ وَالْمُحَاطَّةِ وَالْمُرَابَحَةِ] (بَابُ التَّوْلِيَةِ وَالِاشْتِرَاكِ وَالْمُحَاطَّةِ وَالْمُرَابَحَةِ) (سُئِلَ) عَمَّنْ اشْتَرَى بِعَرْضٍ وَقَالَ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا وَقَدْ وَلَّيْتُك الْعَقْدَ بِمَا قَامَ عَلَيَّ أَوْ وَلَّتْ الْمَرْأَةُ فِي صَدَاقِهَا بِلَفْظِ الْقِيَامِ أَوْ الرَّجُلُ فِي عِوَضِ الْخُلْعِ هَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ تَصِحُّ التَّوْلِيَةُ إذَا أَخْبَرَ بِشِرَائِهِ بِالْعَرْضِ وَبِقِيمَتِهِ مَعًا وَبِقِيَامِهِ عَلَيْهَا بِكَذَا وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهَا وَعَلَيْهِ بِكَذَا وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِ مُطَلَّقَتِهِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْمُقْرِي فِي بَابِ الْمُرَابَحَةِ: وَلَوْ ادَّعَى عِلْمَ الْمُشْتَرِي حَلَّفَهُ بِيَمِينِ الْعِلْمِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ هُوَ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ،

هَلْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ ثُبُوتُ الزِّيَادَةِ عِنْدَ إقَامَةِ الْحُجَّةِ أَوْ تَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي وَمَا فَائِدَةُ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِنَا أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ أَنْ يَعُودَ مَا ذَكَرْنَا حَالَةَ التَّصْدِيقِ فَإِنَّا وَلَوْ قُلْنَا أَنَّهَا كَالْبَيِّنَةِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ لَمْ تَثْبُتُ الزِّيَادَةُ وَيَثْبُتُ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ كَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِلشَّيْخِ زَكَرِيَّا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ الْمَذْكُورِ وَفَائِدَةُ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ الْمَذْكُورِ إحَالَةُ الْحُكْمِ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرَاهُ فَإِنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا حُكْمَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لَيُحِيلَا عَلَيْهِ فَظَهَرَ أَنَّ مَا بَحْثَاهُ جَارٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ دَيْنًا بِزِيَادَةٍ فَجَاءَ بِعَرْضٍ يَمْلِكُهُ وَبَاعَهُ بِنَقْدٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ اشْتَرَى الْعَرْضَ بِثَمَنٍ زَائِدٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ بَاعَ الدَّائِنُ عَرْضًا يَمْلِكُهُ لِلْمَدِينِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَتَسَلَّمَ الْمَبِيعَ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَعَلَا مِثْلَ ذَلِكَ وَهَكَذَا فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ وَلَا رِبًا وَإِنْ تَوَاطَآ عَلَى ذَلِكَ، وَهَلْ يُسَوَّى فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَالِ الْيَتِيمِ وَغَيْرِهِ أَمْ لَا وَإِذَا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الزِّيَادَةُ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ كَعَدَمِ الرُّؤْيَةِ مَثَلًا وَلَمْ يَتَرَاضَيَا بِعِوَضَيْنِ فَهَلْ الزِّيَادَةُ الْمَأْخُوذَةُ رِبًا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ)

باب بيع الأصول والثمار

بِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْبَيْعِ صَحِيحٌ وَلَا رِبًا فِيهِ وَيَجِبُ رَدُّ الزِّيَادَةِ الْمَأْخُوذَةِ إذَا تَبَيَّنَ فَسَادُ الْبَيْعِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ] (بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ) (سُئِلَ) عَمَّنْ بَاعَ شَجَرَ سَنْطٍ بِشَرْطِ قَطْعِهِ بَعْدَ يَوْمَيْنِ فَلَمْ يَقْطَعْهُ لِسَنَةٍ مِنْ الشِّرَاءِ أَوْ سُرِقَ مِنْهُ شَجَرَةٌ وَعِنْدَ قَطْعِهِ كَسَرَ شَجَرًا لِلْبَائِعِ فَهَلْ يَلْزَمُ مُشْتَرِيهِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ وَالسَّقْيِ مُطْلَقًا وَمَا تَكَسَّرَ مِنْ الشَّجَرِ وَيَلْزَمُ بَائِعَهُ مَا سُرِقَ مِنْهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْبَائِعُ طَالَبَ الْمُشْتَرِي بِالْقَطْعِ فَلَمْ يَقْطَعْ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ السَّقْيِ مُطْلَقًا وَمَا انْكَسَرَ مِنْ شَجَرِ الْبَائِعِ بِسَبَبِ سُقُوطِ الشَّجَرِ الْمَبِيعِ عِنْدَ قَطْعِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ يَسْقُطُ عَلَيْهِ ضَمِنَهُ وَإِلَّا فَلَا وَمَا سُرِقَ مِنْ الْمَبِيعِ انْفَسَخَ فِيهِ الْبَيْعُ وَسَقَطَ مِنْ الثَّمَنِ مَا يُقَابِلُهُ إنْ كَانَ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْبَائِعِ بِسَبَبِهِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ مَنْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الثَّمَرِ أَوْ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ الْقَطْعِ بَطَلَ الْبَيْعُ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ بُطْلَانَهُ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَهُوَ أَنَّ قِسْمَةَ الْمُتَشَابِهَاتِ بَيْعٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا إفْرَازٌ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ. (سُئِلَ)

عَمَّا لَوْ بَاعَ الْحِجَارَةَ الْمَدْفُونَةَ لِغَيْرِ مُشْتَرِيهَا الْجَاهِلِ بِهَا فَهَلْ حَلَّ الْمُشْتَرِي مَحَلَّ الْبَائِعِ فَلَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ تَلْزَمُهُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْمَبِيعِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَا قَالَهُ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ. (سُئِلَ) عَمَّنْ بَاعَ زَرِيعَةَ نِيلَةٍ بِشَرْطِ أَنَّهَا إنْ نَبَتَتْ كَانَتْ بِالْمُسَمَّى وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ وَالْمُحْوِجُ إلَى هَذَا الشَّرْطِ أَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ مَا نَبَتَ مِنْ زَرْعِهَا فَزَرَعَهَا وَسَقَاهَا وَأَنْفَقَ عَلَى ذَلِكَ مَالًا وَلَمْ يَنْبُتْ فَهَلْ الْبَيْعُ بَاطِلٌ فَمَاذَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي أَوْ صَحِيحٌ وَهَلْ الْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ فَإِنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ الْيَمَانِيِّينَ أَفْتَى بِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْبَائِعَ جَمِيعُ مَا أَنْفَقَهُ مِنْ أُجْرَةِ الْحَرْثِ وَالسَّقْيِ وَغَيْرِهِ فَهَلْ ذَلِكَ مُعْتَمَدٌ وَهَلْ لَهُ نَظِيرٌ مِنْ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ بَاطِلٌ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِي مِثْلُ الزَّرِيعَةِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِ الْأَصْحَابِ إنَّ الْمُشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا يَضْمَنُ الْمَبِيعَ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ وَالْمُتَقَوِّمَ بِأَقْصَى قِيمَةٍ وَمَا أَفْتَى بِهِ أَحْمَدُ الرَّسُولُ فِيمَا إذَا اشْتَرَى حَبًّا عَلَى أَنَّهُ يَنْبُتُ فَلَمْ يَنْبُتْ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ أُجْرَةُ الثِّيرَانِ الَّتِي حَرَثَ عَلَيْهَا وَجَمِيعُ الْخَسَارَةِ وَثَمَنُ الْبَذْرِ الَّذِي قَبَضَهُ مَرْدُودٌ. (سُئِلَ) هَلْ يَدْخُلُ وَرَقُ الْحِنَّاءِ وَالنِّيلَةِ فِي بَيْعِ شَجَرِهِمَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ)

بِأَنَّهُ يَدْخُلُ وَرَقُهُمَا فِي بَيْعِ شَجَرِهِمَا خِلَافًا لِمَا رَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ عَدَمِ دُخُولِ وَرَقِ الْحِنَّاءِ فِيهِ تَبَعًا لِجَزْمِ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ بِهِ وَمَا جَزَمَا بِهِ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ الْمَحَلِّيِّ: وَفَهِمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ التَّقْيِيدَ وَحِكَايَةَ الْخِلَافِ لِمَا وَلِيَاهُ فَقَطْ، مَا مَعْنَى ذَلِكَ وَمَا نُكْتَتُهُ وَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِي وَلِيَاهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَى مَا ذُكِرَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ: وَكَذَا الْإِجَّانَاتُ وَالرُّفُوفُ الْمُثَبَّتَةُ وَالسَّلَالِمُ الْمُسَمَّرَةُ وَالتَّحْتَانِيُّ مِنْ حَجَرَيْ الرَّحَى عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمُثَبَّتَةِ رَاجِعٌ إلَى مَا وَلِيَهُ فَقَطْ وَهِيَ الرُّفُوفُ لَا إلَى الْإِجَّانَاتِ أَيْضًا وَإِنَّ قَوْلَهُ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ رَاجِعٌ إلَى مَا وَلِيَهُ فَقَطْ وَهِيَ التَّحْتَانِيُّ مِنْ حَجَرَيْ الرَّحَا لَا إلَى قَوْلِهِ وَكَذَا الْإِجَّانَاتُ إلَخْ. (سُئِلَ) هَلْ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ الْقُفْلُ الْحَدِيدُ وَمِفْتَاحُهُ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ الدُّخُولِ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ غَلْقِ الْبَابِ وَمِفْتَاحِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ عَدَمَ دُخُولِ الْقُفْلِ الْحَدِيدِ وَمِفْتَاحِهِ فِي بَيْعِ الدَّارِ ظَاهِرٌ إذْ الْمَنْقُولَاتُ لَا تَدْخُلُ فِيهِ وَإِنَّمَا دَخَلَ فِيهِ الْأَعْلَى مِنْ حَجَرِ الرَّحَى وَمِفْتَاحِ الْغَلْقِ الْمُثَبَّتِ لِأَنَّهُمَا تَابِعَانِ لِشَيْءٍ مُثَبَّتٍ (سُئِلَ) هَلْ يَحْصُلُ بُدُوُّ الصَّلَاحِ

باب التحالف

بِبَعْضِ حَبِّهِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ حَبِّهِ كَمَا مَثَّلُوا بِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِي صَلَاحُ الْبُسْرَةِ مَثَلًا إذْ يَصْدُقُ بِهِ بُدُوُّ صَلَاحِهَا فِي عِبَارَتِهِمْ. [بَابُ التَّحَالُفِ] (بَابُ التَّحَالُفِ) (سُئِلَ) عَمَّنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ رَهَنَهُ وَأَقْبَضَهُ لِلْمُرْتَهِنِ ثُمَّ ادَّعَى فَسَادَ الْبَيْعِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِلتَّحْلِيفِ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ قَالَ هُوَ مِلْكِي وَإِلَّا لَمْ تُسْمَعْ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي صِفَةٍ هَلْ هِيَ عَيْبٌ هَلْ تَثْبُتُ بِعَدْلٍ أَوْ عَدْلَيْنِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ. [تحالف الْمُتَبَايِعَانِ ثُمَّ فَسْخ الْبَيْع] (سُئِلَ) عَمَّا إذَا تَحَالَفَ الْمُتَبَايِعَانِ ثُمَّ فُسِخَ الْبَيْعُ وَالْمَبِيعُ تَالِفٌ وَهُوَ مِثْلِيٌّ فَهَلْ الْوَاجِبُ مِثْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْوَاجِبَ مِثْلُهُ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا قَالَ الْبَائِعُ عِنْدَ بَيْعِهِ الرَّقِيقَ كَانَ بِهِ عَيْبُ كَذَا وَزَالَ ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي جِنْسَ الْعَيْبِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ فَهَلْ يَحْتَاجُ الْمُشْتَرِي إلَى بَيِّنَةٍ بِعَدَمِ ذَلِكَ أَوْ يَكْتَفِي بِقَوْلِ الْبَائِعِ عِنْدَ الْبَيْعِ مَا ذُكِرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ وَعَدَمُ زَوَالِهِ وَهَلْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ مُدَّةً لِلِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْعَيْبِ حَتَّى إذَا وُجِدَ بَعْدَهَا بِالْمَبِيعِ شَيْءٌ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ الْعَيْبِ يُحَالُ عَلَى أَنَّهُ جَدِيدٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْتَاجُ الْمُشْتَرِي إلَى بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِأَنَّ

هَذَا الْعَيْبَ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ لَفْظَ الْبَائِعِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ اعْتِرَافًا بِوُجُودِ الْعَيْبِ وَقْتَ الْبَيْعِ وَالْأَصْلُ لُزُومُهُ وَعَدَمُ تَسَلُّطِ الْمُشْتَرِي عَلَى رَفْعِهِ وَالْمَرْجِعُ فِي عَدَمِ عَوْدِ الْعَيْبِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اشْتَرَى قُمَاشًا مَطْوِيًّا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ رَآهُ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فَهَلْ ذَلِكَ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ أَمْ عَلَى غَيْرِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا جَارٍ عَلَى مَا رَجَّحَهُ غَيْرُ الشَّيْخَيْنِ وَقَدْ يُقَالُ وَجْهُهُ وُجُودُ الطَّيِّ الَّذِي لَا تَتَأَتَّى مَعَهُ الرُّؤْيَةُ الْمُعْتَبَرَةُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ نَشْرِهِ فَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ اخْتَلَفَا هَلْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْكَارِ حَيْثُ يَصَّدَّقُ مُدَّعِي الْإِنْكَارَ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَأَمَّا مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ فَالْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ رَآهُ قَبْلَ طَيِّهِ أَوْ مَطْوِيًّا طَاقَيْنِ وَهُوَ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ وَجْهَاهُ كَكِرْبَاسَ لِأَنَّ إقْدَامَ الْمُشْتَرِي عَلَى الشِّرَاءِ اعْتِرَافٌ مِنْهُ بِصِحَّتِهِ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ الرَّشِيدَ لَا يَقْدُمُ عَلَى بَذْلِ الْمَالِ فِي مُقَابَلَةِ مَا لَمْ يَرَهُ فَإِقْدَامُهُ عَلَى الشِّرَاءِ مُكَذِّبٌ لِقَوْلِهِ. . (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ رَآهُ قَبْلَ الْعَقْدِ ثُمَّ بَاعَهُ وَقَالَ لَمْ

باب تصرفات الرقيق

أَكُنْ ذَاكِرًا لِأَوْصَافِهِ حَالَ الْعَقْدِ هَلْ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا مَطْوِيًّا وَادَّعَى عَدَمَ رُؤْيَتِهِ أَوْ ادَّعَى وُقُوعَ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ أَوَّلًا وَلَوْ تَبَيَّنَ حُدُوثُ وَصْفٍ يَزِيدُ فِي قِيمَتِهِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَهَلْ يَثْبُتُ لِبَائِعِهِ الْخِيَارُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي حُدُوثِهِ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ تَذَكُّرِهِ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ فِيمَا حَدَثَ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ حُدُوثِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَعَدَمُ تَسَلُّطِ الْبَائِعِ عَلَى رَفْعِ الْعَقْدِ بَعْدَ لُزُومِهِ. (سُئِلَ) هَلْ يَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَ الْمُتَبَايِعِينَ بَعْدَ قَبْضِ الْعِوَضِ وَتَلَفِهِ أَمْ لَا وَهَلْ هُوَ جَارٍ وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ التَّحَالُفَ جَارٍ فِي كُلٍّ مِمَّا ذَكَر وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [بَابُ تَصَرُّفَاتِ الرَّقِيقِ] (بَابُ تَصَرُّفَاتِ الرَّقِيقِ) (سُئِلَ) هَلْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ أَوْ الرِّقُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا قَوْلُهُمْ لَوْ ادَّعَى رِقَّ بَالِغٍ عَاقِلٍ فَقَالَ أَنَا حُرٌّ. الْأَصْلِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِمُوَافَقَتِهِ الْأَصْلَ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ وَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ إذْ لَيْسَ مَعَهُ أَصْلٌ يُعْتَضَدُ بِهِ. (سُئِلَ) هَلْ يَتَنَاوَلُ إذْنُ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ الِاقْتِرَاضَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ. (سُئِلَ) عَنْ

كتاب السلم

رَقِيقٍ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ قَالَ لِبَعْضِ النَّاسِ سَيِّدِي يَقُولُ لَك اقْرِضْهُ دِينَارَيْنِ وَهُوَ كَاذِبٌ فِي قَوْلِهِ فَدَفَعَهُمَا لَهُ بِنَاءً عَلَى صِدْقِهِ فَأَتْلَفَهُمَا فَهَلْ يَتَعَلَّقَانِ بِرَقَبَتِهِ أَمْ بِذِمَّتِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ ضَمَانُ الدِّينَارَيْنِ بِرَقَبَتِهِ لَا بِذِمَّتِهِ. [كِتَابُ السَّلَمِ] (كِتَابُ السَّلَمِ) (سُئِلَ) عَمَّنْ أَعْطَى شَخْصًا أَرْبَعِينَ نِصْفًا فِضَّةً فَرَآهَا الْآخِذُ وَجَعَلَهَا فِي مَكَان ثُمَّ قَالَ لَهُ الْمُعْطِي أَسْلَمْتُهَا إلَيْك فِي كَذَا مِنْ الْقَمْحِ الْفُلَانِيِّ أَوْ بِعْتُكهَا بِهَذَا الدِّينَارِ الذَّهَبِ أَوْ وَهَبْتُكهَا فَقَبِلَ فِي الثَّلَاثِ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الدِّينَارَ الْمَذْكُورَ فِي الْمَجْلِسِ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ اكْتِفَاءً بِقَبْضِ الْفِضَّةِ الْمَذْكُورَةِ السَّابِقِ عَلَى الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الْفُقَهَاءَ أَطْلَقُوا الْقَبْضَ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الْمَذْكُورَةِ وَلَمْ يُقَيِّدُوا بِبَعْدِ الْعَقْدِ أَوْ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ قَبْضٍ آخَرَ لِلْفِضَّةِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَمِنْ كَوْنِهِ فِي الْأُولَيَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ وَهَلْ صَرَّحَ أَحَدٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ بِبَعْدِيَّةِ الْقَبْضِ أَوْ قَبَلِيَّتِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْعُقُودَ الْمَذْكُورَةَ صَحِيحَةٌ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي الْأُولَيَيْنِ كَوْنُ تِلْكَ الْأَنْصَافِ مَقْدُورًا عَلَى قَبْضِهَا فِي مَجْلِسِ عَقْدِهَا ثُمَّ إنْ قَبَضَهَا فِيهِ اسْتَمَرَّتْ صِحَّتُهُمَا وَإِلَّا بَطَلَا وَلَمْ يُطْلِقْ الْفُقَهَاءُ الْقَبْضَ فِيهِمَا بَلْ

جَعَلُوا الْقَبْضَ الْحَقِيقِيَّ فِي مَجْلِسِ عَقْدِهِمَا مِنْ شُرُوطِ صِحَّتِهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِالْقَبْضِ السَّابِقِ فِيهِمَا وَكَذَا فِي الثَّالِثَةِ بَلْ يُشْتَرَطُ فِيهَا مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ وَمِنْ الْإِذْنِ فِيهِ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِذَلِكَ فِي كُتُبِهِمْ الْمَبْسُوطَةِ وَالْمُخْتَصَرَةِ فِي الْهِبَةِ وَبَيْعِ غَيْرِ الرِّبَوِيِّ لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ فَقَالُوا لَوْ بَاعَ الْوَدِيعَةَ أَوْ الْعَارِيَّةَ أَوْ نَحْوَهُمَا مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ اُعْتُبِرَ لِجَوَازِ التَّصَرُّفِ وَانْتِقَالِ الضَّمَانِ مُضِيُّ إمْكَانِ الْقَبْضِ مِنْ الْعَقْدِ فِي الْأَصَحِّ كَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ مِلْكُ الْمَوْهُوبِ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ. (سُئِلَ) هَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي السَّكَرِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي السَّكَرِ وَنَحْوِهِ مِمَّا نَارُهُ مَضْبُوطَةٌ وَهُوَ مُرَادُ النَّوَوِيِّ بِقَوْلِهِ إنَّ نَارَهُ لَطِيفَةٌ. (سُئِلَ) عَنْ أُرْزِ الشَّعِيرِ فِي قِشْرِهِ هَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيه وَقِيَاسًا عَلَى بَيْعِهِ فِيهِ لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِيهِ مِنْ مَصْلَحَتِهِ لِأَنَّهُ يَمْكُثُ فِيهِ سِنِينَ بِلَا تَغَيُّرٍ وَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ يُسْرِعُ إلَيْهِ التَّغَيُّرُ وَالدُّودُ أَوْ لَا يَصِحُّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَمُخْتَصَرِهَا الرَّوْضِ وَأَقَرَّهُمَا فِي شَرْحِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْأُرْزِ فِي قِشْرِهِ الْأَعْلَى عَلَى الرَّاجِحِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صِحَّةِ بَيْعِهِ أَنَّ الْبَيْعَ يَعْتَمِدُ الْمُشَاهَدَةَ وَالسَّلَمَ يَعْتَمِدُ الصِّفَاتِ وَهِيَ لَا تُفِيدُ الْغَرَضَ فِي ذَلِكَ

لِاخْتِلَافِ الْقِشْرِ الْمَذْكُورِ خِفَّةً وَرَزَانَةً وَلِأَنَّ السَّلَمَ عَقْدُ غَرَرٍ فَلَا يُضَمُّ إلَيْهِ غَرَرٌ آخَرُ بِلَا حَاجَةٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الْمَعْجُونَاتِ دُونَ السَّلَمِ فِيهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَسْلَمَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ فِضَّةٍ فِي كَذَا وَكَذَا مِنْ الْقَمْحِ الْفُلَانِيِّ وَكَانَ بَعْضُ الدَّرَاهِمِ الْمَذْكُورَةِ مَغْشُوشًا ثُمَّ عَلِمَ بِهِ الْمُتَعَاقِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا ثُمَّ رَضِيَا بِإِبْدَالِهِ بِجَيِّدٍ فَأُبْدِلَ بِهِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ فَهَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي جَمِيعِ الْقَمْحِ أَوْ يَبْطُلُ فِي قَدْرِ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ السِّلْمُ فِي جَمِيعِ الْقَمْحِ. (سُئِلَ) عَنْ الصَّابُونِ هَلْ هُوَ مِثْلِيٌّ أَوْ مُتَقَوِّمٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَسْلَمَ فِي وَيْبَةِ سِمْسِمٍ وَهِيَ ثَلَاثُ كَيْلَاتٍ بِالْكَيْلَةِ الْمُعْتَادَةِ بِذَلِكَ الْبَلَدِ وَأَقَرَّ لَهُ بِالسِّمْسِمِ بِالْكَيْلَةِ الْمُعْتَادَةِ بِالنَّاحِيَةِ وَبِهَا كَيْلَةٌ مُعْتَادَةٌ لِلسِّمْسِمِ وَأُخْرَى مُعْتَادَةٌ لِلْقَمْحِ وَأُخْرَى مُعْتَادَةٌ لِلْأُرْزِ وَهِيَ مُتَفَاوِتَةٌ فَهَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ وَالْإِقْرَارُ الْمَذْكُورَانِ وَتُحْمَلُ الْكَيْلَةُ عَلَى الْمُعْتَادَةِ لِلسِّمْسِمِ لِلْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ وَيَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَى الْمُقِرِّ بِهَا وَلَوْ قَالَ أَرَدْت الْمُعْتَادَةَ لِلْقَمْحِ كَمَا يَصِحُّ تَأْجِيلُ السَّلَمِ بِالْعِيدِ وَجُمَادَى أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ وَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِهِ عَلَى الْمُسْلَمِ

إلَيْهِ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت الثَّانِي وَكَمَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي ثَوْبٍ مُطْلَقًا وَيُحْمَلُ عَلَى الْخَامِ لَا عَلَى الْمَقْصُورِ وَإِنْ قَالَ الْمُسْلِمُ أَرَدْته؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ السَّلَمُ وَالْإِقْرَارُ الْمَذْكُورَانِ وَتُحْمَلُ الْكَيْلَةُ عَلَى الْمُعْتَادَةِ لِلسِّمْسِمِ لِمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ وَلِأَنَّهَا لَوْ تَعَدَّدَتْ فِي السِّمْسِمِ حُمِلَتْ عَلَى الْغَالِبِ فِيهِ فَكَيْفَ وَقَدْ اتَّحَدَتْ فِيهِ وَيَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَى الْمُقِرِّ بِهَا وَلَوْ قَالَ أَرَدْت غَيْرَهَا لِأَنَّ إرَادَتَهُ الْمَذْكُورَةَ مُقْتَضِيَةٌ لِبُطْلَانِ عَقْدِ السَّلَمِ وَالْإِقْرَارِ النَّاشِئِ عَنْهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَوْلَى لِغَيْرِهِ عَلَى قَدْرٍ مِنْ الْعَجْوَةِ وَتَصَرَّفَ فِيهِ هَلْ يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ لِعَدَمِ جَوَازِ السَّلَمِ فِيهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ. (سُئِلَ) عَنْ الْقِشْدَةِ اللَّفَّاتِ الْجَامُوسِيِّ الَّتِي تُخْلَطُ بِالنَّطْرُونِ هَلْ هِيَ مِثْلِيَّةٌ أَوْ مُتَقَوِّمَةٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا مِثْلِيَّةٌ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودُ والنطرون مِنْ مَصَالِحِهَا كَالْجُبْنِ وَالْأَقِطِ وَكُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ اللَّبَنِ الْمَقْصُودُ، الْمِلْحُ وَالْإِنْفَحَةُ مِنْ مَصَالِحِهِ. (سُئِلَ) هَلْ يَجِبُ تَحْصِيلُ الْمُسْلَمِ فِيهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ تَحْصِيلُ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي نَظَائِرِهِ وَإِنْ فَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظَائِرِهِ. (سُئِلَ) هَلْ يَصِحُّ

السَّلَمُ فِي التِّرْيَاقِ وَالْقِشْدَةِ كَمَا فِي كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيمَا ذُكِرَ لِانْضِبَاطِهِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ ضَمِنَ الْمُسْلَمَ فِيهِ ثُمَّ صَالَحَ الْمُسْلِمَ عَنْ دَيْنِ الضَّمَانِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ لَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ فَقَدْ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْأَمْوَالُ الثَّابِتَةُ فِي الذِّمَّةِ تَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ أَحَدِهَا مَا ثَبَتَ مُعَوَّضًا فِي مَحَلِّ الْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ وَالثَّانِي مَا ثَبَتَ ثَمَنًا وَالثَّالِثُ مَا ثَبَتَ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ وَلَيْسَ مُتَّصِفًا بِكَوْنِهِ ثَمَنًا وَلَا مُثَمَّنًا كَالْقَرْضِ فِي ذِمَّةِ الْمُقْتَرِضِ وَقِيمَةِ الْمُتْلَفِ وَالْمَالِ الْمَضْمُونِ فِي ذِمَّةِ الضَّامِنِ إلَى أَنْ قَالَ فَأَمَّا مَا ثَبَتَ قَرْضًا أَوْ قِيمَةً عَنْ مُتْلَفٍ أَوْ لَازِمًا عَنْ جِهَةِ ضَمَانٍ فَالِاسْتِبْدَالُ عَنْ جَمِيعِهَا جَائِزٌ اهـ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كُلُّ دَيْنٍ ثَبَتَ لَا بِطَرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي أَمَّا مَا يَلْزَمُ بِالضَّمَانِ فَلَيْسَ بِطَرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ وَقَالَ الشَّيْخَانِ مَا لَيْسَ بِثَمَنٍ وَلَا مُثَمَّنٍ كَدَيْنِ الْقَرْضِ وَالْإِتْلَافِ فَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا لَوْ كَانَ بِيَدِهِ عَيْنُ مَالٍ بِغَصْبٍ أَوْ عَارِيَّةٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْهُ اهـ. وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الضَّمَانِ: إذْ الضَّمَانُ مَحْضُ الِالْتِزَامِ وَلَيْسَ مَوْضُوعًا عَلَى قَوَاعِدِ الْمُعَاوَضَاتِ اهـ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ

فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: عَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِعِبَارَةٍ وَاضِحَةٍ شَامِلَةٍ فَقَالَ وَإِنْ ثَبَتَ لَا ثَمَنًا وَلَا مُثَمَّنًا كَدَيْنِ الْقَرْضِ وَالْإِتْلَافِ فَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ بِلَا خِلَافٍ وَهَكَذَا عِبَارَةُ الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ أَيْضًا ثُمَّ إنَّ تَعْبِيرَ الْمُحَرَّرِ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَازُ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا الْمُوصَى بِهِ وَالْوَاجِبُ بِتَقْدِيرِ الْحَاكِمِ فِي الْمُتْعَةِ أَوْ بِسَبَبِ الضَّمَانِ وَكَذَلِكَ زَكَاةُ الْفِطْرِ إذَا كَانَ الْفُقَرَاءُ مَحْصُورِينَ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَفِي الدَّيْنِ الثَّابِتِ بِالْحَوَالَةِ نَظَرٌ يُحْتَمَلُ تَخْرِيجُهُ عَلَى أَنَّ الْحَوَالَةَ بَيْعٌ أَمْ لَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى أَصْلِهِ وَهُوَ الْمُحَالُ بِهِ فَيُعْطَى حُكْمُهُ اهـ وَقَالَ الْقَمُولِيُّ الدُّيُونُ الثَّابِتَةُ فِي الذِّمَّةِ لَا عَنْ مُعَاوَضَةٍ كَبَدَلِ الْقَرْضِ وَإِتْلَافِ الْمَالِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَالْغَصْبِ وَالصَّدَاقِ وَعِوَضِ الْخُلْعِ إذَا جَعَلْنَاهُمَا مَضْمُونِينَ ضَمَانَ يَدٍ قَالَ الْإِمَامُ وَالْوَاجِبُ بِطَرِيقِ الضَّمَانِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ فَرْعُ أَصْلٍ يَنْقَسِمُ إلَى هَذَا وَإِلَى غَيْرِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ أَصْلِهِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْمَالَ الْمَضْمُونَ بِقَوْلِهِ أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ وَعَلَى ضَمَانِهِ فَفِيهِ مُعَاوَضَةٌ ضِمْنِيَّةٌ لَكِنَّهَا لَيْسَتْ حَقِيقِيَّةً اهـ. وَصَرَّحَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ دَفْعَ الضَّامِنِ لِلْحَقِّ فِي ضِمْنِهِ إقْرَاضُ ذَلِكَ الْمَدْفُوعِ لِلْمَضْمُونِ عَنْهُ ثُمَّ انْتِقَالُهُ لِلْمَضْمُونِ لَهُ بِحَيْثُ يَثْبُتُ فِي

ذَلِكَ أَحْكَامُ الْقِرَاضِ فَلَا يَرْجِعُ الضَّامِنُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ إلَّا بِالْمِثْلِ الصُّورِيِّ لِذَلِكَ الْمَدْفُوعِ وَلَوْ كَانَ الْمَدْفُوعُ مُتَقَوِّمًا اهـ وَلَا يُخَالِفُ جَوَازَ الِاسْتِبْدَالِ الْمَذْكُورِ مَا سَأَذْكُرُهُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ صُلْحُ ضَامِنِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِأَنَّهُ مُصَوَّرٌ بِمُصَالَحَتِهِ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ ضَمَانُ الْمُسْلَمِ فِيهِ جَائِزٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فَلَوْ ضَمِنَ فَصَالَحَ الْكَفِيلُ عُمَّالَهُ بِشَيْءٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ لِأَنَّ الصُّلْحَ بَيْعٌ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَمْ يَقْبِضْهُ وَلَوْ قَالَ فِي لَفْظِ الصُّلْحِ صَالَحَنِي عُمَّالُك فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ الَّذِي أَسْلَمْته إلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا لِأَنَّهُ إقَالَةٌ وَالْإِقَالَةُ مِنْ غَيْرِ الْعَاقِدِ لَا تَصِحُّ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إذَا صَالَحَ الضَّامِنُ عَلَى عِوَضٍ أَخَذَهُ لَمْ يَجُزْ لِمَعْنَيَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّهُ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالثَّانِي أَنَّهُ أَخْذُ عِوَضٍ عَمَّا فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى جَوَازِ ضَمَانِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَيُفَارِقُ الْحَوَالَةَ لِأَنَّهَا يُطَالَبُ فِيهَا بِبَدَلِ الْحَقِّ وَفِي الضَّمَانِ يُطَالَبُ بِنَفْسِ الْحَقِّ اهـ. وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إذَا صَالَحَ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ قَالَ ابْنُ شُرَيْحٍ يَجُوزُ وَيَكُونُ فَسْخًا لِلْعَقْدِ فَأَمَّا إذَا كَانَ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ

ضَامِنٌ فَأَرَادَ أَنْ يُصَالِحَ بِهِ عَلَى مَالٍ إمَّا مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ غَيْرِ جِنْسِهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ وَأَمَّا مِنْ الْعَاقِدِ وَغَيْرِهِ فَلَا وَيَكُونُ اعْتِيَاضًا مَحْضًا اهـ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ أَنْ يُصَالِحَا بِهِ بِمَعْنَى عَنْ وَقَالَ الْبَغَوِيّ إذَا ضَمِنَ الْمُسْلَمَ فِيهِ ضَامِنٌ فَصَالَحَهُ الْمُسْلِمُ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ اهـ. وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلسُّبْكِيِّ لَوْ ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ دَيْنًا عَلَى مُسْلِمٍ وَتَصَالَحَا عَلَى خَمْرٍ فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُبَرَّأُ وَلَا يَرْجِعُ الضَّامِنُ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَمْلِكُ الْخَمْرَ اهـ وَقَوْلُهُمْ إذَا ضَمِنَ دَيْنَ زَكَاةٍ لَا يَصِحُّ مِنْ الضَّامِنِ دَفْعُهُ إلَّا بَعْدَ إذْنِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ لِاحْتِيَاجِ الزَّكَاةِ إلَى النِّيَّةِ اهـ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ يَصِحُّ ضَمَانُ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ لَازِمٌ كَالْقَرْضِ وَلَا يُشَبَّهُ بِالْحَوَالَةِ لِأَنَّهُ يُطَالِبُهُ فِيهَا بِبَدَلِ الْحَقِّ وَفِي الضَّمَانِ يُطَالِبُهُ بِنَفْسِ الْحَقِّ اهـ وَمَعْنَاهُ أَنَّ ذِمَّةَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مَشْغُولَةٌ بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْحَوَالَةِ وَذِمَّةَ الضَّامِنِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا دَيْنٌ إلَّا بِالضَّمَانِ وَقَالَ أَبُو الطَّيِّبِ الْحَوَالَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ تَحْوِيلِ الْحَقِّ فَلِذَلِكَ نَقَلَتْهُ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ وَالضَّمَانُ مُشْتَقٌّ مِنْ ضَمِّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فَلَمْ يُنْقَلْ الْحَقُّ اهـ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إذَا أَتَى بِالدَّيْنِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ أَوْ ضَامِنُهُ وَجَبَ قَبُولُهُ أَمَّا الْمُتَبَرِّعُ فَإِنْ كَانَ

عَنْ حَيٍّ لَمْ يَجِبْ الْقَبُولُ وَإِنْ كَانَ عَنْ مَيِّتٍ فَإِنْ كَانَ وَارِثُهُ وَجَبَ وَإِنْ تَبَرَّعَ غَيْرُ الْوَارِثِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ اهـ. وَهَذَا كَمَا تَرَى فِي إحْضَارِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لَا فِي الِاسْتِبْدَالِ عَنْهُ فَإِنَّهُ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِهِ هُنَاكَ لَمْ يُجْبَرْ إنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ مَخُوفًا وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ إجْبَارُهُ وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى الْأَصْلِ هُوَ الَّذِي عَلَى الضَّامِنِ كَفَرْضِ الْكِفَايَةِ الْوَاجِبِ عَلَى جَمَاعَةٍ وَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ وَيَعْرِضُ لَهُ التَّعَدُّدُ بِإِضَافَتِهِ إلَى الْأَصِيلِ وَالضَّامِنِ اهـ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ الِاسْتِبْدَالِ عَنْ دَيْنِ الضَّمَانِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ اتِّحَادُهُمَا فِي الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ ذِمَّةَ الضَّامِنِ لَمْ تَشْتَغِلْ بِعَقْدِ السَّلَمِ كَذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ جَوَازُ الِاسْتِبْدَالِ الْمَذْكُورِ قَوْلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي بَابِ الْوَكَالَةِ لَوْ أَبْرَأَ وَكِيلُ الْمُسْلِمِ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ أَوْ قَالَ لَا أَعْلَمُك وَكِيلًا وَإِنَّمَا الْتَزَمَتْ لَك شَيْئًا وَأَبْرَأْتنِي مِنْهُ نَفَذَ فِي الظَّاهِرِ وَيَتَعَطَّلُ بِهِ حَقُّ الْمُسْلِمِ وَفِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ قَوْلًا الْغُرْمُ بِالْحَيْلُولَةِ وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ لَكِنْ لَا يَغْرَمُ مِثْلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَا قِيمَتَهُ كَيْ لَا يَكُونَ اعْتِيَاضًا عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَإِنَّمَا يَغْرَمُ رَأْسَ

الْمَالَ كَذَا حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَاسْتَحْسَنَهُ وَرَأَيْت فِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ يَغْرَمُ لِلْمُوَكِّلِ مِثْلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ اهـ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْجَلَالِ السُّيُوطِيّ فِي كِتَابِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ الْمُسْلَمُ فِيهِ يَجِبُ تَحْصِيلُهُ وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا بِهِ. وَلَا يُنَزَّلُ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ الِانْقِطَاعِ جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ فِي فَتَاوِيه وَعَلَى قِيَاسِهِ إذَا لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ فَفِي وُجُوبِ تَحْصِيلِهِ وَجْهَانِ رَجَّحَ كُلًّا مُرَجِّحُونَ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ عَدَمَ الْوُجُوبِ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ كَالْمَعْدُومِ كَالرَّقَبَةِ وَمَاءِ الطَّهَارَةِ وَيُخَالِفُ الْعَيْنَ حَيْثُ يَجِبُ رَدُّهَا وَإِنْ لَزِمَ فِي مُؤْنَتِهِ أَضْعَافُ قِيمَتِهَا إلَى آخِرِ مَا سَاقَهُ مِنْ ذَلِكَ وَنَظَائِرِهِ فَهَلْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَدْيُونَ لَوْ كَانَ عَاصِيًا بِاسْتِدَانَتِهِ وَصَرْفِهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ عَرْضًا كَانَ أَوْ نَقْدًا أَوْ مَنْفَعَةً لِوَفَاءِ ذَلِكَ إلَّا بِثَمَنٍ مِثْلِهِ حَالًّا مِنْ نَقْدِ مَحِلِّهِ وَلَوْ كَانَ مَرْهُونًا بِهِ أَمْ لَا حَتَّى لَوْ عَلَّقَ طَلَاقًا عَلَى عَدَمِ وَفَاءِ ذَلِكَ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَكَانَ يَظُنُّ وُجُودَ رَاغِبٍ فِي شِرَاءِ مِلْكِهِ بِثَمَنٍ مِثْلِهِ حَالًّا مِنْ نَقْدِ مَحِلِّهِ عِنْدَ مَحِلِّهِ فَلَمْ يَرْغَبْ فِيهِ إلَّا بِدُونِهِ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ لِتَخَلُّصِهِ مِنْ حِنْثِهِ أَمْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَجِبُ فِي وَفَاءِ دَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا بِهِ وَإِذَا كَانَ يُوجَدُ

ثَمَنُ الْمِثْلِ بِسَفَرِهِ إلَى غَيْرِ بَلَدِ رَبِّ الدَّيْنِ يَلْزَمُهُ الْإِذْنُ لَهُ فِيهِ أَمْ لَا. وَإِذَا مَنَعَهُ رَبُّ الدَّيْنِ مِنْهُ بِالْقَاضِي فَلَمْ يُسَافِرْ وَوُجِدَتْ الصِّفَةُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا يَحْنَثُ أَمْ لَا وَهَلْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ بَاعَ ثَوْرَهُ لِشَخْصٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَامْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ أَدَاءِ بَعْضِهِ وَلَمْ يَجِدْ لَهُ طَرِيقًا فِي خَلَاصِهِ إلَّا بِشِرَائِهِ مِنْهُ ثَوْرَهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَاصَّهُ مِنْهُ بِمَا عَلَيْهِ وَتَأَخَّرَ لَهُ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الثَّمَنِ ثُمَّ أَلْجَأَهُ إلَى أَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ لَهُ فِي وَقْتٍ عَيَّنَاهُ بِسَبَبِ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ لَهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ فَهَلْ يَحْنَثُ إذَا فَاتَ الْوَقْتُ بِلَا وَفَاءٍ كَمَنْ قَالَ لَهُ ظَالِمٌ إنَّ فُلَانًا أَوْ مَالَهُ عِنْدَك فَأَنْكَرَ وَحَلَفَ كَاذِبًا أَمْ لَا كَمَسْأَلَةِ اللِّصِّ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ لَهُ طَرِيقًا فِي خَلَاصِ حَقِّهِ إلَّا الشِّرَاءَ وَالْحَلِفَ عَلَى وَفَاءِ بَقِيَّةِ الثَّمَنِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلِهِ بِمَا لَا يُتَسَامَحُ بِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ مَرْهُونًا أَمْ لَا عَصَى بِسَبَبِهِ أَمْ لَا عَلَّقَ عَلَى عَدَمِ وَفَائِهِ طَلَاقًا أَوْ عِتْقًا أَمْ لَا لَكِنَّهُ يَحْنَثُ بِعَدَمِ وَفَائِهِ فِي الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ وَفَائِهِ بِالْبَيْعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَيَحْنَثُ بِعَدَمِ الْوَفَاءِ فِي مَسْأَلَةِ ثَمَنِ الثَّوْرِ إذَا فَاتَ الْوَقْتُ الْمُعَيَّنُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ لِعَدَمِ إكْرَاهِهِ عَلَى تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ النَّاشِرِيِّ فِي نُكَتِهِ عَلَى قَوْلِ الْحَاوِي وَدَيْنُ السَّلَمِ

شروط صحة السلم

أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ أَعْنِي الْعِتْقَ وَالْإِيلَادَ وَالتَّزْوِيجَ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَبِيعِ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ وَاضِحٌ إذْ الْإِعْتَاقُ وَالْإِيلَادُ وَالتَّزْوِيجُ لَا يُمْكِنُ إيرَادُ شَيْءٍ مِنْهَا عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ سَوَاءٌ أَكَانَ مُسْلَمًا فِيهِ أَمْ مَبِيعًا فَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَبِيعِ أَيْ الْمُعَيَّنِ. [شُرُوط صِحَّة السَّلَم] (سُئِلَ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ حُضُورُ عَدْلَيْنِ عِنْدَ عَقْدِهِ فَقَدْ عُدَّ فِي شَرْحِ تَنْقِيحِ اللُّبَابِ مِنْ شُرُوطِهِ أَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ لَهُمَا وَلِعَدْلَيْنِ غَيْرِهِمَا لِيُرْجَعَ إلَيْهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ اهـ. فَمَفْهُومُهُ أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ أَعْنِي حُضُورَهُمَا عِنْدَ الْعَقْدِ لَا مَعْرِفَتَهُمَا لِذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ مَفْهُومُ شَرْحِ التَّنْقِيحِ مَا ذَكَرَ فِي السُّؤَالِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مَعَ مَعْرِفَةِ الْعَاقِدَيْنِ صِفَاتِ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَعْرِفَةُ عَدْلَيْنِ غَيْرِهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [بَابُ الْقَرْضِ] (بَابُ الْقَرْضِ) (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ قَرْضُ جُزْءٍ مِنْ عَقَارٍ وَهَلْ يُرَدُّ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ وَهُوَ مَحْمُولٌ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَزِدْ الْجُزْءُ عَلَى النِّصْفِ لِأَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ مِثْلًا فَيَجُوزُ إقْرَاضُهُ كَغَيْرِهِ وَيُرَدُّ مِثْلُهُ لَا قِيمَتُهُ. [القرض فِي الذِّمَّة ثُمَّ يعينه فِي الْمَجْلِس] (سُئِلَ) عَنْ الْقَرْضِ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ يُعَيِّنُهُ فِي الْمَجْلِسِ هَلْ يَجُوزُ أَوْ لَا وَجْهَانِ مَا الْأَصَحُّ

قرض المنفعة

مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَصَحَّهُمَا جَوَازُهُ وَلَوْ سَلَّمَهُ لَهُ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ الْمَجْلِسَ وَقَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ. [قَرْض الْمَنْفَعَة] (سُئِلَ) عَنْ قَرْضِ الْمَنْفَعَةِ هَلْ يَجُوزُ أَوْ لَا وَجْهَانِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْقَرْضِ وَالْمَنْعِ وَفِيهَا كَأَصْلِهَا فِي بَابِ الْإِجَارَةِ الْجَوَازُ وَحَمَلَ السُّبْكِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْأَوَّلَ عَلَى مَنْفَعَةِ الْعَقَارَاتِ كَمَا يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِيهَا وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ مِثْلِهَا وَالْجَوَازُ عَلَى مَنْفَعَةِ غَيْرِهِ كَمَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا وَلِإِمْكَانِ رَدِّ مِثْلِهَا الصُّورِيِّ وَالْإِسْنَوِيُّ الْأَوَّلُ عَلَى مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ لِامْتِنَاعِ السَّلَمِ فِيهَا وَالْجَوَازُ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ الْأَقْرَبَ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ ابْنِ قَاضِي عَجْلُونٍ فِي تَصْحِيحِهِ وَالْمُخْتَارُ فِي الصَّغِيرِ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ جَوَازُ قَرْضِ الْخُبْزِ فَيُرَدُّ مِثْلُهُ وَزْنًا وَفِي الْخَمِيرِ وَجْهَانِ وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِمَنْعِهِ اهـ هَلْ مُرَادُهُ بِالْخَمِيرِ الرَّوْبَةُ أَوْ خَمِيرَةُ الْعَجِينِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ خَالَفَ ظَاهِرَ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَذَكَرَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ وَجْهَيْنِ فِي إقْرَاضِ الْخَمِيرِ الْحَامِضِ أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِهِ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الرَّوْبَةِ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِالْحُمُوضَةِ اهـ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ أَوْهَمَ كَلَامُ التَّصْحِيحِ أَنَّهُمَا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَا فِي الرَّوْضَةِ

مَسْأَلَتَانِ الْأُولَى فِي إقْرَاضِ خَمِيرَةِ الْعَجِينِ وَلِهَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَقِبَ قَوْلِهَا أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِهِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ إذْ الْعَادَةُ الْمُسَامَحَةُ بِهِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ عَقِبَهُ فِيهِ إشْعَارٌ بِتَرَجُّحِهِ إذْ لَمْ يَنْقُلْ عَنْ غَيْرِهِ تَرْجِيحًا وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ السَّلَمِ فِي جَوَازِهِ فِي الْمَخِيضِ الْخَالِصِ مِنْ الْمَاءِ وَوَصْفِهِ بِالْحُمُوضَةِ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ فِيهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْخَمِيرَ كَذَلِكَ اهـ وَعَلَيْهِ فَيُرَدُّ مِثْلُهُ وَزْنًا وَالثَّانِيَةُ فِي إقْرَاضِ الرَّوْبَةِ وَهِيَ كَمَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ مَا يُلْقَى مِنْ اللَّبَنِ الْحَامِضِ عَلَى اللَّبَنِ الْحَلِيبِ لِيَرُوبَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَقِبَ قَوْلِهَا وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الرَّوْبَةِ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِالْحُمُوضَةِ وَالْمُخْتَارُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي مِنْ الْمَنْعِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي خَمِيرَةِ الْخُبْزِ اهـ وَيُجَابُ عَمَّا ذَكَرَهُ بِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى الْأُولَى فَسُومِحَ فِي إقْرَاضِهَا بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَقَالَ الْأَصْفُونِيُّ فِي مُخْتَصَرِهَا فِي الْخَمِيرِ الْحَامِضِ وَجْهَانِ وَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الرَّوْبَةِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اقْتَرَضَ شَخْصٌ مِنْ شَخْصٍ أَنْصَافًا فُلُوسًا جُدُدًا أَوْ اشْتَرَى مِنْهُ سِلْعَةً بِفُلُوسٍ جُدُدٍ وَكَانَتْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كُلَّ جَدِيدَيْنِ بِدِرْهَمٍ مِثْلًا ثُمَّ أَبْطَلَ السُّلْطَانُ الْمُعَامَلَةَ بِهَا وَجَعَلَهَا بِالْمِيزَانِ مِثْلًا وَأَخْرَجَ

كتاب الرهن

غَيْرَهَا كُلَّ أَرْبَعَةٍ بِدِرْهَمٍ مِثْلًا فَهَلْ لِلْمُسْتَحِقِّ الْمُطَالَبَةُ بِقَدْرِ الْأَنْصَافِ مِنْ الْفُلُوسِ الَّتِي أُخْرِجَتْ أَوْ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا تِلْكَ الْمُعَامَلَةَ الَّتِي كَانَتْ حَالَةَ الْعَقْدِ عَدَدًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُقْتَرِضَ وَلَا الْمُشْتَرِيَ إلَّا مِنْ تِلْكَ الْمُعَامَلَةِ الْقَدِيمَةِ عَدَدًا اعْتِبَارًا بِحَالَةِ اللُّزُومِ لَا بِحَالَةِ الْأَدَاءِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَقْرَضَ شَخْصًا ذَهَبًا بِمَدِينَةِ الرُّومِ مَثَلًا ثُمَّ جَاءَ الْمُقْرِضُ فَوَجَدَ الْمُقْتَرِضَ بِمِصْرَ مَثَلًا وَقِيمَةُ الذَّهَبِ بِمِصْرَ أَعْلَى مِنْ قِيمَتِهِ بِالرُّومِ فَهَلْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِمِثْلِ الذَّهَبِ أَوْ بِقِيمَتِهِ فِي بَلَدِ الْإِقْرَاضِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ بِالْمِثْلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِنَّمَا يُطَالِبُهُ بِقِيمَةِ بَلَدِ الْإِقْرَاضِ. [كِتَابُ الرَّهْنِ] (كِتَابُ الرَّهْنِ) (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَمَّا لَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ قَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ بِهِ فَكَكْت الرَّهْنَ أَوْ أَبْطَلْته أَوْ فَسَخْته فَهَلْ يَنْفَكُّ الرَّهْنُ بِذَلِكَ أَمْ بِمَاذَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْفَكُّ الرَّهْنُ بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو دَيْنٌ شَرْعِيٌّ ثَابِتٌ لَازِمٌ فَرَهَنَ بَكْرٌ مَا هُوَ مِلْكُهُ تَحْتَ يَدِ زَيْدٍ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يَصِحُّ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ وَيُبَاعُ فِي ذَلِكَ الدَّيْنِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَصِحُّ الرَّهْنُ وَيُبَاعُ فِي ذَلِكَ الدَّيْنُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ رَهَنَ حَانُوتًا وَأَقْبَضَهُ ثُمَّ غَابَ سِنِينَ فَهَلْ لِلْمُرْتَهِنِ

أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أُجْرَةِ الْحَانُوتِ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أُجْرَةِ الْحَانُوتِ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ بَلْ لَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ إذْ الْمُسَمَّى أَوْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ دَيْنٌ فِي الذِّمَّةِ لِلرَّاهِنِ فَلَا يَصِحُّ قَبْضُ الْمُرْتَهِنِ إيَّاهُ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ وَيُثْبِتَ ذَلِكَ عِنْدَهُ فَيُوفِيهِ الْحَاكِمُ مِنْهُمَا. (سُئِلَ) عَنْ مَكَان مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَحَدُهُمَا سَاكِنٌ فِيهِ ثُمَّ اشْتَرَى حِصَّةَ الْآخَرِ ثُمَّ أَظْهَرَ شَخْصٌ مُسْتَنِدًا بِأَنَّ الْحِصَّةَ الْمَبِيعَةَ رَهَنَهَا مَالِكُهَا عَلَى دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ فِي مُدَّةِ سُكْنَى الشَّرِيكِ وَفِيهِ أَنَّهُ اعْتَرَفَ بِتَسْلِيمِهَا وَكَذَّبَهُ الشَّرِيكُ السَّاكِنُ فِي قَبْضِهِ الرَّهْنَ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ بِيَمِينِهِ فِي أَنَّهُ قَبَضَ الْمَرْهُونَ فَإِذَا حَلَفَ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ أَوْ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ فِي أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الْمَرْهُونَ وَأَنَّ يَدَهُ لَمْ تَرْتَفِعْ عَنْ الْمَكَانِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ صِحَّةَ الْعَقْدِ وَالْمُرْتَهِنُ فَسَادَهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ارْتِفَاعِ يَدِهِ عَنْ الْمَكَانِ وَنَقْلِ أَمْتِعَتِهِ مِنْهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمَ لُزُومِ الرَّهْنِ فَإِذَا حَلَفَ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الرَّهْنِ بِالْبَيْعِ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ عَنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ بِدَيْنِهِ بِشَرْطِهِ فَرَهَنَهُ بِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمُعِيرُ فَأَدَّى

رهن الثمار قبل بدو صلاحها

وَرَثَتُهُ دَيْنَ الْمُرْتَهِنِ وَأَخَذُوا الْمَرْهُونَ فَهَلْ لَهُمْ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُمْ بِهِ عَلَيْهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَدَّى صَاحِبُ الْعَيْنِ الْمُعَارَةِ لِلرَّاهِنِ الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَا لَوْ ضَمِنَ بِالْإِذْنِ وَأَدَّى بِغَيْرِ الْإِذْنِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا إشْكَالَ فِيهَا لِأَنَّ الْمَدْيُونَ إنَّمَا أَذِنَ فِي الضَّمَانِ الْمُؤَدَّى مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ لَا مِنْ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الضَّمَانِ فِي تِلْكَ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ [رَهْن الثِّمَار قَبْل بدو صَلَاحهَا] (سُئِلَ) هَلْ يَصِحُّ رَهْنُ الْقَصَبِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ قِيَاسًا عَلَى رَهْنِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ أَمْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ رَهْنُهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ كَالثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا إذَا كَانَ بِدَيْنٍ حَالٍّ وَشَرْطُ قَطْعِهِ وَبَيْعِهِ، أَوْ بَيْعُهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ أَطْلَقَ أَوْ بِأَجَلٍ يَحِلُّ مَعَ الْإِدْرَاكِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَشَرْطُ الْقَطْعِ وَالْبَيْعِ وَلَا يَصِحُّ رَهْنُهَا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ غَرَسَ أَشْجَارًا وَأَثْمَرَتْ فَأَكَلَ شَخْصٌ مِنْ ثِمَارِهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا ثُمَّ مَاتَ مَالِكُهَا فَهَلْ يَصِحُّ تَحْلِيلُ الْوَارِثِ أَوْ لَا وَهَلْ إذَا أَكَلَ شَخْصٌ مِنْ الثِّمَارِ يَكُونُ الْأَجْرُ لِغَارِسِهَا أَوْ لِوَرَثَتِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَنْ غَرَسَ

غَرْسًا فَلَهُ ثَوَابُ مَنْ أَكَلَ مِنْ ثَمَرِهِ بِسَبَبِ غَرْسِهِ إلَى فَنَاءِ الْمَغْرُوسِ وَلِلْوَارِثِ ثَوَابُ مَا أُكِلَ مِنْ ثَمَرِهِ فِي مُدَّةِ اسْتِحْقَاقِهِ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ وَمَنْ تَعَدَّى بِأَكْلِ شَيْءٍ مِنْ الثِّمَارِ قَبْلَ مَوْتِ الْغَارِسِ فَلِوَارِثِهِ إبْرَاؤُهُ مِنْهُ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَيْنًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَقَبَضَهَا ثُمَّ رَهَنَهَا تَحْتَ يَدِ بَائِعِهَا بِثَمَنِهَا وَأَقْبَضَهُ إيَّاهَا وَثَبَتَ ذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ حَنْبَلِيٍّ وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِ ثُمَّ اتَّصَلَ لِحَاكِمٍ شَرْعِيٍّ شَافِعِيٍّ ثُمَّ ثَبَتَ عِنْدَهُ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ اشْتَرَى مِنْ الرَّاهِنِ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ بِشَرْطِ أَنَّهُ مَتَى أَحْضَرَ لَهُ الثَّمَنَ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ لَا حَقَّ لِلْمُشْتَرِي الْمُرْتَهِنِ فِيهَا وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ يَكُونُ لَا حَقَّ لِلْبَائِعِ فِيهَا وَثَبَتَ عِنْدَهُ أَيْضًا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَاعَهَا الْآخَرَ يَشْهَدُ بِذَلِكَ مُسْتَنِدًا إقْرَارٌ شَرْعِيٌّ مَحْكُومٌ بِهِ مِنْ حَنَفِيٍّ وَأَنَّ الْبَيْعَ صَدَرَ مِنْهُمَا حَالَ بَقَاءِ الْعَيْنِ عَلَى حُكْمِ الرَّهْنِ وَبِقَضِيَّةِ ذَلِكَ ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّ الْبَيْعَ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ فَاسِدٌ وَالْعَيْنَ بَاقِيَةٌ عَلَى الرَّهْنِ وَالدَّيْنُ كَذَلِكَ وَحَكَمَ بِبَقَاءِ الرَّهْنِ وَبُطْلَانِ مَا حَدَثَ بَعْدَهُ مِنْ الْبُيُوعِ وَالِانْتِقَالَاتِ وَبَقَاءِ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ وَالْعَيْنُ الْمَرْهُونَةِ عَلَى مِلْكِ رَاهِنِهَا وَسُقُوطُ الثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي حُكْمًا

صَحِيحًا شَرْعِيًّا ثُمَّ ادَّعَى وَلَدُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ أَبِيهِ بِالثَّمَنِ بِطَرِيقِ الْحَوَالَةِ مِنْ أَبِيهِ لَدَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ. فَأَجَابَ بِأَنَّ شِرَاءَهُ مِنْ أَبِيهِ فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا صُدُورُهُ فِي الْعَيْنِ حَالَ رَهْنِهَا وَالثَّانِي أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يُسَلِّمْهُ الْعَيْنَ الْمَبِيعَةَ وَأَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ بَيْنَهُمَا إيجَابٌ وَقَبُولٌ وَعَرْضُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُسْتَنَدَ الرَّهْنِ وَمُسْتَنَدُ الشَّافِعِيِّ الْمِصْرِيِّ وَفَتَاوَى الْعُلَمَاءِ وَالْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعِ بِالْقَاهِرَةِ وَالشَّامِ الْمَحْرُوسَتَيْنِ الْمُوَافَقَةُ لِحُكْمِ الْمِصْرِيِّ فَلَمْ يُصْغِ لِذَلِكَ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ وَسَأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَاكِمَ أَنْ يُحَلِّفَ وَالِدَ الْمُدَّعِي عَلَى نَفْيِ مَا أَجَابَ فَحَلَفَ وَالِدُ الْمُدَّعِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ تَسَلَّمَ مِنْهُ الْعَيْنَ الْمَبِيعَةَ التَّسَلُّمَ الشَّرْعِيَّ بَعْدَ صُدُورِ الْعَقْدِ بَيْنَهُمَا وَأَنَّهُ قَلَبَ ذَلِكَ التَّقْلِيبَ الشَّرْعِيَّ وَقَبَضَ ذَلِكَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ بِشَهَادَةِ ثَلَاثَةِ شُهُودٍ مَعْرِفَةُ الْعَيْنِ وَجَرَيَانُهَا فِي مِلْكِ بَائِعِهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى حِينِ بَيْعِهَا لَهُ وَأَنَّهَا كَانَتْ مُرْتَهَنَةً تَحْتَ يَدِهِ وَأَنَّ رَاهِنَهَا بَاعَهَا لَهُ بَيْعًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ حَصَلَ فِي ذَلِكَ وَلَا مُفْسِدَ لَهُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ بَعْدَ تَقْلِيبِهَا التَّقْلِيبَ الشَّرْعِيِّ وَأَنَّهُ قَاصَّهُ بِثَمَنِهَا عَنْ دَيْنِهِ وَتَسَلَّمَهَا مِنْ الرَّاهِنِ التَّسَلُّمَ الشَّرْعِيَّ وَأَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ

تَفَرَّقَا مِنْ مَجْلِسِ الْبَيْعِ عَنْ تَرَاضٍ وَإِجَازَةٍ وَأَثْبَتَا عَقْدَ الْبَيْعِ ثُبُوتًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَحَكَمَ بِمُوجِبِ ذَلِكَ حُكْمًا شَرْعِيًّا فَهَلْ حُكْمُ الدِّمَشْقِيِّ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا حَكَمَ بِهِ الدِّمَشْقِيُّ مِنْ إلْزَامِ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ ثَمَنًا عَنْ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ صَحِيحٌ مُعْتَدٌّ بِهِ وَلَا يُعَارِضُهُ حُكْمُ الْمِصْرِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِشِرَاءِ الْمُرْتَهِنِ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ مِنْ رَاهِنِهَا لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ لَمْ تُؤَرَّخْ بِوَقْتٍ وَاحِدٍ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِسَبْقِ الشِّرَاءِ الشَّاهِدِ بِهِ بَيِّنَةُ حُكْمِ الْمِصْرِيِّ وَتَأَخُّرِ الشِّرَاءِ الشَّاهِدِ بِهِ بَيِّنَةُ حُكْمِ الدِّمَشْقِيِّ أَوْ عَكْسُهُ وَقَدَّمَ بَيِّنَةَ حُكْمِ الْمِصْرِيِّ أَنَّ الْبَيْعَ صَدَرَ بَيْنَهُمَا حَالَ بَقَاءِ الْعَيْنِ عَلَى حُكْمِ الرَّهْنِ بَيِّنَةً عَلَى بُطْلَانِ شِرَاءِ الْمُرْتَهِنِ الَّذِي شَهِدَتْ بِهِ وَقَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْ شَهَادَةِ الْبَيِّنَتَيْنِ أَنَّ شِرَاءَ الْمُرْتَهِنِ وَقَعَ مَرَّتَيْنِ الْمَرَّةُ الْأُولَى بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَالثَّانِيَةُ بِلَا شَرْطٍ إذْ الْعَمَلُ بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَتَيْنِ عِنْدَ إمْكَانِهِ وَاجِبٌ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْمُولُ بِهِ حُكْمُ الدِّمَشْقِيِّ وَتَبَيَّنَ بُطْلَانُ حُكْمِ الْمِصْرِيِّ بِبَقَاءِ الرَّهْنِ وَمَا رَتَّبَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ بَيِّنَتَيْهِ أَرَّخَتَاهُ بِوَقْتٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُمَا يَتَعَارَضَانِ بِنَاءً عَلَى قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالنَّفْيِ الْمَحْصُورِ لِإِحَاطَةِ الْعِلْمِ بِهِ. وَهُوَ الْأَصَحُّ وَحِينَئِذٍ فَيَرْجِعُ الْأَمْرُ إلَى الِاخْتِلَافِ

فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَفَسَادِهِ وَالْأَصَحُّ فِيهِ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِيَمِينِهِ وَقَدْ حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ الدِّمَشْقِيُّ قَبْلَ إلْزَامِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمَبْلَغِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ قَالُوا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ بَاعَهُ الْعَبْدَ مَعَ الزَّوَالِ بِمِائَةٍ وَأُخْرَى أَنَّهُ بَاعَهُ مَعَ الزَّوَالِ بِثَمَانِينَ تَعَارَضَتَا وَلَوْ أَطْلَقَتَا وَلَمْ تُعَيِّنَا وَقْتًا أَوْ أَطْلَقَتْ إحْدَاهُمَا ثَبَتَ الثَّمَنَانِ وَلَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى ذِي الْيَدِ أَنَّهُ بَاعَهَا لَهُ بِكَذَا وَطَالَبَهُ بِثَمَنِهَا وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً فَإِنْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا تَعَارَضَتَا وَإِنْ اخْتَلَفَ لَزِمَهُ الثَّمَنَانِ. وَكَذَا إنْ أَطْلَقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا فِي الْأَصَحِّ وَيُشْتَرَطُ فِي اخْتِلَافِ التَّارِيخِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ ثُمَّ الِانْتِقَالُ مِنْهُ ثُمَّ الْعَقْدُ الثَّانِي وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ الثَّمَنَانِ وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ بَاعَ مِنْ فُلَانٍ مَتَاعَهُ بِكَذَا وَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ سَاكِنًا فَفِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ الثَّانِيَةِ خِلَافٌ لِلْأَصْحَابِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْيِ وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ لِأَنَّ النَّفْيَ الْمَحْصُورَ كَالْإِثْبَاتِ فِي إمْكَانِ الْإِحَاطَةِ بِهِ فَتَتَعَارَضَانِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ لِفُلَانٍ وَأَنَّهُ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ فِيهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ لِي اشْتَرَيْته مِنْ مُوَكِّلِي وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً قُبِلَتْ مِنْهُ إذَا تَخَلَّلَ زَمَنٌ يُتَصَوَّرُ فِيهِ الشِّرَاءُ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً

بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِأَنَّ ذَلِكَ الْأَلْفَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ لَمْ يَكُنْ دَفْعًا لِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ ثُمَّ أَنَّهُ صَارَ مُتَعَدِّيًا فِيهِ وَبِالْجُمْلَةِ فَنَظَائِرُ مَا ذَكَرْته كَثِيرَةٌ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ قَبْلَ قَبْضِ الْمَرْهُونِ ثُمَّ أَقْبَضَهُ وَارِثُهُ هَلْ يَخْتَصُّ الْمُرْتَهِنُ بِالْمَرْهُونِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَمْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَخْتَصُّ الْمُرْتَهِنُ بِالْمَرْهُونِ فَيُقَدَّمُ بِثَمَنِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ حَادِثَةٌ رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ رَهَنَ بِهِ كَرْمًا وَحَلَّ الدَّيْنُ وَهُوَ غَائِبٌ وَأَثْبَتَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْإِقْرَارَ وَالرَّهْنَ وَالْقَبْضَ وَغَيْبَةَ الرَّاهِنِ وَثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّ قِيمَتَهُ قَدْرَ الدَّيْنِ فَأَذِنَ فِي تَعْوِيضِهِ لِلْمُرْتَهِنِ عَنْ دَيْنِهِ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ التَّعْوِيضِ أَكْثَرُ وَكَانَ يَوْمُ التَّعْوِيضِ يَوْمَ التَّقْوِيمِ الْأَوَّلِ وَأَجَابَ الشَّيْخُ يَسْتَمِرُّ التَّعْوِيضُ وَلَا يَبْطُلُ بِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ مَهْمَا كَانَ التَّقْوِيمُ الْأَوَّلُ مُحْتَمِلًا لِأَنَّهُ بَيْعٌ فِي دَيْنٍ وَاجِبٍ عَلَى صَاحِبِهِ فَلَا يَبْطُلُ بِالْبَيِّنَةِ الْمُعَارِضَةِ وَلِأَنَّ فِعْلَ هَذَا الْمَأْذُونِ كَفِعْلِ الْحَاكِمِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ حُكْمٌ أَوْ لَا وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ لَا يَجُوزُ نَقْضُهُ إلَّا بِمُسْتَنِدٍ وَالْبَيِّنَةُ الْمُعَارِضَةُ لَا تَصِحُّ مُسْتَنَدًا اهـ هَلْ هُوَ

الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ وَجْهَ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ شَهَادَةَ الْقِيمَةِ مَدْرَكُهَا الِاجْتِهَادُ وَقَدْ تَطْلُعُ بَيِّنَةُ الْأَقَلِّ عَلَى عَيْبٍ فَمَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ لَكِنَّهُ يُخَالِفُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ قِيمَةَ سِلْعَةِ الْيَتِيمِ مِائَةٌ مَثَلًا فَأَذِنَ الْحَاكِمُ فِي بَيْعِهَا بِهَا فَبِيعَتْ بِهَا ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى بِأَنَّ قِيمَتَهَا مِائَتَانِ مِنْ أَنَّهُ يَنْقُضُ الْبَيْعَ وَالْإِذْنَ فِيهِ اهـ وَحِينَئِذٍ فَيَحْتَمِلُ كَلَامُ السُّبْكِيّ عَلَى مَا إذَا تَغَيَّرَتْ هَيْئَةُ الْكَرْمِ وَتَعَذَّرَ تَحْقِيقُ الْأَمْرِ فِيهِ فَإِنَّ كَلَامَ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي سِلْعَةٍ قَائِمَةٍ يَقْطَعُ فِيهَا بِكَذِبِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِأَنَّ قِيمَتَهَا مِائَةٌ فَإِنْ فَرَضَ مِثْلَهُ فِي الْكَرْمِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ بَيْعِهِ وَالْإِذْنِ فِيهِ وَكَلَامُ السُّبْكِيّ كَالصَّرِيحِ فِيمَا قُلْته. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ بَاعَ عَدْلٌ الرَّهْنَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ ثُمَّ زَادَ رَاغِبٌ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ زِيَادَةً يَتَغَابَنُ بِهَا هَلْ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْأَصْحَابِ لَيْسَ لِرَاهِنِ الْأَرْضِ بَعْدَ إقْبَاضِهَا أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا وَلَا أَنْ يَغْرِسَ فَإِنْ فَعَلَ قَلَعَ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ إنْ زَادَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ بِالْقَلْعِ فَهَلْ الْقَلْعُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ جَارٍ سَوَاءً كَانَتْ الْأَشْجَارُ وَقْفًا وَشَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ عَلَى الشَّجَرَةِ ثَمَرَةٌ وَبَاعَهَا بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ إلَى أَوَانِ الْجِذَاذِ وَحَلَّ الْأَجَلُ قَبْلَهُ وَمَا إذَا كَانَ أَجْرُ الْبِنَاءِ مُدَّةً وَحَلَّ

الْأَجَلُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِذَا غَرَسَ الرَّاهِنُ أَوْ بَنَى فِي الْأَرْضِ الْمَرْهُونَةِ ثُمَّ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَذِنَ فِي بَيْعِ الشَّجَرِ أَوْ الْبِنَاءِ مَعَ الْأَرْضِ فَمَا كَيْفِيَّةُ تَقْوِيمِهَا هَلْ تُقَوَّمُ وَحْدَهَا ذَاتَ شَجَرٍ أَوْ بِنَاءٍ كَمَا فِي تَقْوِيمِ أُمِّ الْوَلَدِ الْمَرْهُونَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ كَلَامَهُمْ شَامِلٌ لِلْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ وَالتَّقْوِيمُ فِيهَا كَمَا فِي تَقْوِيمِ أُمِّ الْوَلَدِ الْمَرْهُونَةِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ تُوُفِّيَ عَنْ وَرَثَةٍ ثَلَاثَةٍ بَنِينَ وَلِأَحَدِهِمْ عَلَيْهِ دَيْنٌ تِسْعَةُ دَنَانِيرَ وَقِيمَةُ التَّرِكَةِ تِسْعَةُ دَنَانِيرَ فَوَفَّاهُ اثْنَانِ سِتَّةً فَهَلْ يُجْبَرُ صَاحِبُ الدَّيْنِ عَلَى أَخْذِ ثُلُثِ التَّرِكَةِ فِي مُقَابَلَةِ الثَّلَاثِ الْبَاقِيَةِ أَمْ يَسْقُطُ ثُلُثُ الدَّيْنِ الَّذِي يُقَابَلُ بِحِصَّتِهِ وَيَبْقَى لَهُ عَلَيْهِمَا سِتَّةٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ سَقَطَ مِنْهُ مَا يَلْزَمُ صَاحِبَهُ أَدَاؤُهُ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِأَجْنَبِيٍّ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ رَهَنَ جِمَالَهُ كُلَّهَا ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ بَاعَ جَمَلًا فَجَاءَهُ الْمُرْتَهِنُ وَادَّعَى عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّ هَذَا الْجَمَلَ مِنْ الْجِمَالِ الْمَرْهُونَةِ فَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي رَهْنَ هَذَا الْجَمَلِ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ رَهْنِهِ حَتَّى يُقِيمَ الْمُرْتَهِنُ بَيِّنَةً بِرَهْنِهِ أَمْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةُ بِنَفْيِ رَهْنِهِ أَمْ يُفْصَل بَيْنَ أَنْ يَكُونَ رَهْنَ تَبَرُّعٍ فَيُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ

كتاب التفليس

الرَّاهِنِ فِيمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ رَهْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا فِي الْعَقْدِ فَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ أَمْ تَمْتَنِعُ مُخَاصَمَةُ الْمُرْتَهِنِ لِلْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا يُخَاصِمُ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ الْمَذْكُورَةِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ وَلَا فَرْقَ فِي الرَّهْنِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ رَهْنِ التَّبَرُّعِ وَالْمَشْرُوطِ فِي عَقْدٍ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَاخِلَةً فِي قَوْلِ الْأَصْحَابِ إنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يُخَاصَمُ [كِتَابُ التَّفْلِيسِ] (كِتَابُ التَّفْلِيسِ) (سُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) عَمَّنْ اشْتَرَى سِلْعَةً ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُوَفِّ ثَمَنَهَا وَضَمِنَهُ ضَامِنٌ هَلْ يُمْنَعُ مِنْ رُجُوعِ صَاحِبِ السِّلْعَةِ فِيهَا إذَا ضَمِنَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ تَحْصِيلِ الثَّمَنِ مِنْ ضَامِنِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَهُوَ مُوسِرٌ فَحَبَسَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَأْمُرَهُ أَوَّلًا بِبَيْعِ مَا لَهُ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ أَوْ يَأْمُرُهُ بِالْوَفَاءِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ بَيْعٍ فَإِنْ امْتَنَعَ تَخَيَّرَ الْحَاكِمُ بَيْنَ بَيْعِ مَالِهِ وَإِكْرَاهِهِ عَلَيْهِ أَوْ الْحَاكِمُ مُخَيَّرٌ مِنْ الِابْتِدَاءِ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ فَإِذَا قُلْتُمْ بِهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّهْنِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمَدْيُونَ الْمَلِيءُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاءُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ الْحَالِّ إذَا طَلَبَهُ مُسْتَحِقُّهُ فَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَمْرُهُ بِهِ فَإِنْ امْتَنَعَ

مِنْهُ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ فَإِنْ امْتَنَعَ وَلَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَفَّاهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ بَاعَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى بَيْعِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْمَرْهُونِ حَيْثُ يَبِيعُهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ امْتِنَاعِ الرَّاهِنِ أَنَّهُ قَدْ حَجَر عَلَى نَفْسِهِ فِيهِ وَأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ تَعَلَّقَ بِهِ فَاسْتَحَقَّ بَيْعُهُ لَهُ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا لَزِمَ مَالٌ ذِمَّةَ شَخْصٍ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ وَادَّعَى عَجْزَهُ عَنْ الْقِيَامِ بِهِ وَقَدْ كَانَ أَوَّلًا اعْتَرَفَ بِالْقُدْرَةِ وَالْمُلَاءَةِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تُخْبِرُ بَاطِنَهُ سَوَاءً أَعُهِدَ لَهُ مَالٌ أَمْ لَا وَهَلْ إذَا ذَكَرَ أَنَّ مَالَهُ تَلِفَ وَقُلْتُمْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِتَلَفِ مَالِهِ يُفْصَلُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا إذَا ادَّعَى تَلَفَ الْمَالِ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ أَوْ خَفِيَ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الْأَمِينِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى التَّلَفِ مُطْلَقًا عَلَى أَنَّهُمْ قَالُوا إنَّ الْغَاصِبَ لَوْ ادَّعَى تَلَفَ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَعْسُرُ عَلَيْهِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ فَعَلَّلُوا الْقَوْلَ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ بِالْعُسْرِ وَلَوْ لَوَّحَ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْغَاصِبَ يَلْزَمُهُ الْبَدَلُ أَوْ الْقِيمَةُ إلَّا أَنَّ لِلْمُسْتَشْكِلِ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِأَنَّ يَدَ الْغَاصِبِ اُشْتُغِلَتْ بِمَالٍ فَهُوَ كَشَغْلِ يَدِ الْمُقْتَرِضِ مَثَلًا وَكَيْفَ يَشْهَدُ الشَّاهِدُ عَلَى تَلَفِ مَا لَا يُمْكِنُهُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ؟ (فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ

فِيهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِتَلَفِ مَالِهِ بَعْدَ إقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ لَمْ يُعْهَدْ لَهُ مَالٌ وَالتَّفْصِيلُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ إنَّمَا هُوَ فِي قَبُولِ قَوْلِ مُدَّعِيهِ بِيَمِينِهِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ وَهِيَ دَعْوَى الْغَاصِبِ تَلَفَ الْمَغْصُوبِ فَفِيهَا التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي الْوَدِيعَةِ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ. (سُئِلَ) عَنْ تَقْيِيدِ الْمَحْبُوسِ إذَا كَانَ لَحُوحًا وَجْهَانِ مَا الْأَصَحُّ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَصَحَّهُمَا جَوَازُهُ إنْ اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَثْبَتَ إعْسَارَهُ لَدَى حَاكِمٍ بِأَنَّهُ فَقِيرٌ لَا مَالَ لَهُ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا ثُمَّ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّ لَهُ تَحْتَ يَدِهِ مَالًا فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسْمَعُ إذْ الْمَالُ الْمَنْفِيُّ فِي شَهَادَةِ الْإِعْسَارِ هُوَ مَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَفَاءِ مِنْهُ حَالًا وَالْمُدَّعَى بِهِ هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِي دَعْوَاهُ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا طَلَبَ الْمَدْيُونُ مِنْ الْحَاكِمِ الْحَجْرَ عَلَيْهِ يَجِبُ أَمْ يُسْتَحَبُّ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْعُبَابِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ الْحَجْرُ كَمَا جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَإِنْ جَرَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ لَا وَاجِبٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَهُ وَظَائِفُ وَلَوْ نَزَلَ عَنْهَا بِدَرَاهِمَ لَوَفَّاهُ هَلْ يُكَلَّفُ ذَلِكَ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالنُّزُولِ

بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى تَمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ لَزِمَهُ. (سُئِلَ) هَلْ يُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْ زَوْجَتِهِ الْمَحْبُوسَةِ مَعَ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا كَالرَّجُلِ أَوْ لَا يُمْنَعُ كَمَا قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ تُحْبَسُ الْمَرْأَةُ عِنْدَ نِسَاءٍ ثِقَاتٍ أَوْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ وَلَا تُمْنَعُ مِنْ إرْضَاعِ وَلَدِهَا فِي الْحَبْسِ وَيُمْنَعُ الزَّوْجُ عَنْهَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ الشَّيْخُ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُمْنَعَ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَيْهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ وَابْنِ الرِّفْعَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْعِ الْحَاكِمِ مِنْهُ إذَا اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ (سُئِلَ) عَنْ الْمَرِيضِ وَالْمُخَدَّرَةِ وَابْنِ السَّبِيلِ هَلْ يَجُوزُ حَبْسُهُمْ كَمَا حَكَى صَاحِبُ الرَّوْضِ فِي حَبْسِهِمْ وَجْهَيْنِ قَالَ شَارِحُهُ أَقْرَبُهُمَا الْحَبْسُ أَمْ لَا قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِ بَلْ يُوَكَّلُ بِهِمْ لِيَتَرَدَّدُوا اهـ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ حَبْسِ الْمَذْكُورِينَ (سُئِلَ) عَمَّنْ مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ وَزَوْجَاتٍ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ ثُمَّ بَاعَ أَحَدُ الْأَوْلَادِ شَيْئًا مِنْ مَالِ مُورَثِهِ بِإِذْنِ وَالِدَتِهِ أَعْنِي زَوْجَةَ الْمَيِّتِ فَهَلْ يَصِحُّ فِي نَصِيبِهَا مِنْ الثَّمَنِ أَمْ لَا وَإِذَا مَاتَ شَخْصٌ وَلَهُ دَيْنٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَبَضَ الْوَارِثُ الدَّيْنَ فَهَلْ لِغَرِيمِ الْمَيِّتِ مُطَالَبَةُ الدَّافِعِ بِالْمَالِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَالْبَيْعُ فِيهَا بَاطِلٌ فِي جَمِيعِ الْمَبِيعِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَا يَجُوزُ فِيهَا لِغَرِيمِ

الْمَيِّتِ مُطَالَبَةُ الدَّافِعِ بِشَيْءٍ مِمَّا دَفَعَهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَيْهِ دُيُونٌ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ وَلَهُ أَرِقَّاءُ تَسْتَغْرِقُ الدُّيُونُ قِيمَتَهُمْ ثُمَّ أَنَّهُ أَعْتَقَهُمْ فِرَارًا مِنْ بَيْعِهِمْ فِي الدَّيْنِ هَلْ يَصِحُّ عِتْقُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْفُذُ مِنْهُ عِتْقُ جَمِيعِ أَرِقَّائِهِ إنْ أَعْتَقَهُمْ فِي صِحَّتِهِ. (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ حَبْسُ غَرِيمٍ قَدَرْنَا عَلَى مَالِهِ أَوْ تَمَكَّنَّا مِنْ بَيْعِهِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي أَوْ لَا كَمَا حَكَى صَاحِبُ الذَّخَائِرِ عَنْ الْأَصْحَابِ الْمَنْعَ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ رُبَّمَا يَقْعُدُ فِيهِ وَلَا يَبِيعُ فَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ تَأْخِيرَ الْحُقُوقِ وَحَكَى أَيْضًا فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ التَّفْلِيسِ عَنْ الْأَصْحَابِ التَّخْيِيرَ بَيْنَ حَبْسِهِ لِيَبِيعَ أَوْ بَيْعِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْحَاكِمَ يَتَخَيَّرُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَخَلَّفَ تَرِكَةً وَبَعْضُ أَرْبَابِ الدُّيُونِ غَائِبٌ أَوْ كُلُّهُمْ وَفِي التَّرِكَةِ حَيَوَانٌ وَمَا يُخَافُ فَسَادُهُ فَهَلْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْغَائِبِ إنْ أَذِنَ الْحَاضِرُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ وَيُحْفَظُ الثَّمَنُ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ أَمْ لَا وَهَلْ إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ عَيْنٌ مَرْهُونَةٌ فِي حَيَاةِ الْمَيِّتِ هَلْ لِلْحَاكِمِ بَيْعُهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْمَرْهُونِ يَفِي بِالدَّيْنِ الْمَرْهُونِ بِهِ أَوْ لَا وَهَلْ لِلْحَاكِمِ بَيْعُهَا كُلِّهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عِنْدَ امْتِنَاعِ الْوَارِثِ مِنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ بَيْعِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ

باب الحجر

الْحَاكِمَ يَبِيعُ الْحَيَوَانَ وَمَا يُخَافُ فَسَادُهُ لِلْمَصْلَحَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَيُحْفَظُ ثَمَنُهُ وَكَذَا حُكْمُ بَيْعِهِ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ إذَا طَلَبَهُ مُرْتَهِنُهَا وَمَتَى امْتَنَعَ الْوَارِثُ مِنْ بَيْعِ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ وَمِنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ عِنْدَ طَلَبِ الْمُرْتَهِنِ تَخَيَّرَ الْحَاكِمُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَبَيْنَ إجْبَارِهِ الْوَارِثَ عَلَيْهِ وَمَتَى وَفَّى بَعْضَ الْمَرْهُونِ بِالدَّيْنِ الْمَرْهُونِ بِهِ فَعَلَ الْحَاكِمُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ مِنْ بَيْعِ كُلِّهِ أَوْ بَيْعِ بَعْضِهِ. [بَابُ الْحَجْرِ] (بَابُ الْحَجْرِ) (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَمَّنْ قَالَ لِصَغِيرٍ اقْضِ هَذِهِ الْحَاجَةَ كَسَقْيِ دَابَّةٍ أَوْ حَمْلِ مَتَاعٍ فَفَعَلَهُ الصَّغِيرُ بِرِضَاهُ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْقَائِلِ إنْ ظَنَّ رِضَا وَلِيِّ الصَّغِيرِ بِذَلِكَ الْفِعْلِ وَكَانَ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَلَا يَضُرُّ بِالصَّغِيرِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ. (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا بِسَفَهٍ ضَاعَتْ نُسْخَةُ صَدَاقِهَا فَأَقَرَّتْ أَنَّ بَقِيَّةَ صَدَاقِهَا عَلَى زَوْجِهَا مِنْ الْفِضَّةِ الْفُلَانِيَّةِ كَذَا الْحَالُّ مِنْهَا وَأَنَّ كَسَاوِيَهَا الْمُتَجَمِّدَةَ لَهَا عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا كِسْوَةً مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ وَتُؤَاخَذُ بِهِ الْمَرْأَةُ الْمَذْكُورَةُ سَوَاءً أَكَانَ وَالِدُهَا حَاضِرًا لِإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ أَمْ مَيِّتًا حَتَّى يَمْتَنِعَ عَلَيْهَا وَعَلَى وَالِدِهَا أَنْ يَدَّعِيَ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ أَوْ غَيْرَ جِنْسِهِ وَلَا

يَكُونُ إقْرَارُهَا الْمَذْكُورُ كَإِقْرَارِهَا بِدَيْنٍ عَلَيْهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِإِقْرَارِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَى وَلِيِّهَا أَنْ يَدَّعِيَ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ أَوْ غَيْرَ جِنْسِهِ فَإِنْ وَافَقَهَا الزَّوْجُ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي ذَكَرَتْهُ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ مَلَكَ وَلَدُهُ شَيْئًا ثُمَّ جَعَلَ قَبْضَهُ لَهُ ثُمَّ بَاعَهُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ ادَّعَى بُطْلَانَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ مِلْكُ وَلَدِهِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّ وَلَدَهُ تَحْتَ حَجْرِهِ سَوَاءً قَالَ حِينَ الْبَيْعِ إنَّ الْمَبِيعَ مِلْكُهُ أَمْ سَكَتَ أَمْ مِلْكُ وَلَدِهِ أَمْ لَا تُسْمَعُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَ قَالَ حِينَ بَيْعِهِ بِعْته عَلَى وَلَدِي وَكَانَ بَيْعُهُ ذَلِكَ الشَّيْءَ نَافِذًا عَلَى وَلَدِهِ لِاسْتِجْمَاعِهِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ شَرْعًا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَكَذَا إنْ قَالَ حَالَ بَيْعِهِ هُوَ مِلْكِي وَإِنْ انْتَفَى الْأَمْرُ إنْ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِي بُلُوغِ الطِّفْلِ أَوْ خُرُوجِ الْمَنِيِّ فَلَوْ أَحَسَّ بِانْتِقَالِ الْمَنِيِّ مِنْ صُلْبِهِ فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ فَرَجَعَ الْمَنِيُّ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الذَّكَرِ شَيْءٌ فَهَلْ يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ بِذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ خِلَافُ الْحَقِيقَةِ وَقِيَاسًا عَلَى الْغُسْلِ إذْ لَا يَجِبُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِيهِ الْمُرَادُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَالْبِكْرِ بُرُوزُهُ عَنْ الْفَرْجِ إلَى الظَّاهِرِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ فَمَا الْجَوَابُ عَنْ تَعْبِيرِهِمْ بِالْخُرُوجِ وَمَنْ قَالَ

بِهِ غَيْرُ الزَّرْكَشِيّ وَمَا دَلِيلُهُ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالْبُلُوغِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُحْكَمُ بِبُلُوغِ الطِّفْلِ بِمَا ذُكِرَ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ خُرُوجًا وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْخُرُوجِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَقَدْ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبُلُوغِ بِالْمَنِيِّ الْمَذْكُورِ وَعَدَمِ وُجُوبِ الْغُسْلِ بِهِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْبُلُوغِ الْعِلْمُ بِإِنْزَالِ الْمَنِيِّ وَفِي وُجُوبِ الْغُسْلِ بِهِ حُصُولُهُ فِي الظَّاهِرِ أَوْ مَا هُوَ فِي حُكْمِهِ كَوُصُولِهِ إلَى مَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ بَاطِنِ الثِّيَابِ كَمَا يُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ طَهَارَةِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَالْخَبَثِ وُصُولُهُ إلَى الظَّاهِرِ (سُئِلَ) عَنْ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالرُّشْدِ هَلْ يَكْفِي فِيهَا أَنَّهُ رَشِيدٌ صَالِحٌ لِدِينِهِ وَدُنْيَاهُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ مُقْتَضَى الرُّشْدِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَكْفِي الشَّهَادَةُ الْمَذْكُورَةُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا بَيَانُ أَسْبَابِ الرُّشْدِ لِأَنَّهَا كَثِيرَةٌ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِي بَابِ الْحَجْرِ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ تَنْمِيَةُ الْمَالِ هَلْ يَضْمَنُ بِتَرْكِهِ رِبْحًا يَظُنُّ حُصُولَهُ لَوْ اتَّجَرَ كَمَا لَوْ تَرَكَ عَلَفَ الدَّابَّةِ حَتَّى تَلِفَتْ أَوْ تَرَكَ بَيْعَ الْفِرْصَادِ حَتَّى فَاتَ وَقْتُهُ أَمْ لَا كَمَا لَوْ تَرَكَ التَّلْقِيحَ لِلشَّجَرِ أَوْ تَرَكَ إجَارَةَ الْعَقَارِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْوَلِيُّ شَيْئًا مِمَّا فَاتَ مِنْ الرِّبْحِ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا بَاعَ بَالِغٌ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ لِآخَرَ وَأَقْبَضَهُ ثُمَّ عَلِمَ بِذَلِكَ وَالِدُهُ فَقَالَ

وَلَدِي غَيْرُ رَشِيدٍ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَقَالَ الْمُشْتَرِي إنَّهُ رَشِيدٌ فَمَنْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ وَالِدِهِ بِيَمِينِهِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الْحَجْرِ وَإِنْ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِمَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ. (سُئِلَ) هَلْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الْحَجْرُ أَوْ عَدَمُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي حَقِّ مَنْ عُلِمَ حَجْرُهُ اسْتِصْحَابُهُ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ رُشْدُهُ بِالِاجْتِهَادِ وَأَمَّا مَنْ جُهِلَ حَالُهُ فَعُقُودُهُ صَحِيحَةٌ كَمَنْ عُلِمَ رُشْدُهُ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَمْ أَرَ أَحَدًا قَالَ بِعَدَمِ صِحَّةِ عَقْدِهِ اهـ وَإِنْ عَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْعَاقِدِ الرُّشْدُ فَإِنَّهُ قَدْ يُفْهَمُ اشْتِرَاطُ تَحَقُّقِهِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ. (سُئِلَ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيِّ الَّذِي يَلِي أَمْرَ الطِّفْلِ أَوْ نَحْوِهِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي بَابِ الْحَجْرِ أَمْ لَا كَمَا فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ فِي بَابِ الْوَصَايَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ أَمَانَةٌ وَوِلَايَةٌ عَلَى مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فَقَدْ قَالُوا فِي بَابِ الْحَجْرِ وَيَكْفِي فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ فَأَفْهَمَ اشْتِرَاطَ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ فِي الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ صَاحِبُ النَّوَوِيِّ تَفْرِيعًا عَلَى وِلَايَةِ الدَّمِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَيَّدَ ثُبُوتُ وِلَايَتِهَا بِالْعَدَالَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَلَا يَكْتَفِي بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ يَعْنِي بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْجَدِّ بَلْ ذَكَرَ

النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ فِي الْحَضَانَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَرْأَةِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ فِيمَا إذَا تَنَازَعَتْ هِيَ وَغَيْرُهَا قَالَ وَلَا بُدَّ مِنْ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ وَقَالُوا فِي بَابِ الْإِيصَاءِ وَشَرْطُ الْوَلِيِّ التَّكْلِيفُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ وَالْعَدَالَةُ وَكِفَايَةُ التَّصَرُّفِ وَعَدَمُ التَّغَافُلِ وَالْعَدَاوَةُ ثُمَّ قَالُوا وَحَاصِلُ الشُّرُوطِ أَنْ تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ عَلَى الطِّفْلِ اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُمْ حَيْثُ أَطْلَقُوا اشْتِرَاطَ الْعَدَالَةِ إنَّمَا يُرِيدُونَ بِهَا الْبَاطِنَةَ إلَّا أَنْ يُصَرِّحُوا بِخِلَافِهَا كَمَا فِي شَاهِدَيْ النِّكَاحِ وَأَمَّا مَا صَرَّحَ بِهِ الْهَرَوِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَالَةِ الْوَصِيِّ الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ وَجَرَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي بَابِ الْإِيصَاءِ كَبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ فَمَحْمُولٌ عَلَى وَصِيِّ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ جَمْعًا بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ وَهُوَ حِينَئِذٍ نَظِيرُ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ فِيمَا إذَا أَوْدَعَ الْمُودِعُ أَمِينًا بِشَرْطِهِ أَنَّ الظَّاهِرَ الِاكْتِفَاءُ فِيهِ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ قَالَ وَلَعَلَّ تَعْبِيرَهُمْ بِالْأَمَانَةِ دُونَ الْعَدَالَةِ لِذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمِينِ مَسْتُورُ الْعَدَالَةِ (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ فِي السَّفِيهِ الْمُهْمِلِ أَنَّهُ الَّذِي بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ بَذَّرَ أَمْ الَّذِي بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَ لَيْسَ بِخِلَافٍ مَعْنَوِيٍّ إذْ الْقَائِلُ بِالثَّانِي لَا يَقُولُ

كتاب الصلح

بِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي التَّسْمِيَةِ الَّتِي مَرْجِعُهَا إلَى الِاصْطِلَاحِ وَلَا مُشَاحَّةَ فِيهِ. (سُئِلَ) عَنْ الْخُنْثَى إذَا حَاضَ أَوْ أَمْنَى هَلْ يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْخُنْثَى إذَا حَاضَ أَوْ أَمْنَى بِأَحَدِ فَرْجَيْهِ لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ وَإِنْ رَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا خِلَافُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [كِتَابُ الصُّلْحِ] (كِتَابُ الصُّلْحِ) (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ حَفْرِ الْبِئْرِ وَالْحَوْضِ وَشِقِّ النَّهْرِ فِي الْمَسْجِدِ إذَا ضَيَّقَ عَلَى الْمُصَلِّينَ أَوْ شَوَّشَ عَلَيْهِمْ هَلْ يَجُوزُ أَوْ يُكْرَهُ أَوْ يُحَرَّمُ وَيَجِبُ الْمَنْعُ وَالْإِزَالَةُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ حُفَرُ الْبِئْرِ وَالْحَوْضِ وَشَقُّ النَّهْرِ وَغَرْسُ الشَّجَرِ فِي الْمَسْجِدِ إنْ حَصَلَ بِذَلِكَ ضَرَرٌ كَأَنْ ضُيِّقَ عَلَى الْمُصَلِّينَ وَإِلَّا كُرِهَ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا بَنَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ غَرَسَ فِي الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَة بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ هَلْ لَهُ أَنْ يَقْلَعَهُ مَجَّانًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ أَمْ لَا يُقْلَعُ عَلَى الْمَنْقُولِ كَمَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ بَسْطِ الْأَنْوَارِ فِي بَابِ الصُّلْحِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِأَحَدِهِمَا فَمَا الْجَوَابُ عَنْ الْآخَر؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلشَّرِيكِ قَلْعَ بِنَاءِ شَرِيكِهِ وَغِرَاسِهِ مَجَّانًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَلَيْسَ الْمَنْقُولُ الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُ بَسْطِ الْأَنْوَارِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ فِي مَسْأَلَةِ إعَادَةِ

أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْجِدَارَ الْمُنْهَدِمَ بِآلَةِ نَفْسِهِ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ فِيهَا وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا إعَادَةَ مَا انْهَدَمَ بِآلَةِ نَفْسِهِ لَمْ يُمْنَعْ إذَا عَادَ عَلَى الْأَرْضِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ قَالَ فِي بَسْطِ الْأَنْوَارِ تَبِعَ فِي هَذَا التَّقْيِيدِ التَّعْلِيقَةَ عَلَى الْحَاوِي وَتَبِعَهَا أَيْضًا الْبَارِزِيُّ وَهُوَ يُفْهِمُ أَنَّهُ يُمْنَعُ إذَا أَرَادَ الْإِعَادَةَ عَلَى الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ اهـ وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ ابْنُ الْوَرْدِيِّ بِقَوْلِهِ وَبَعْضُ النَّاسِ يَرَاهُ فِي الْمُخْتَصِّ بِالْأَسَاسِ. (سُئِلَ) عَنْ نَصْبِ الْمَيَازِيبِ عَلَى الشَّوَارِعِ وَاسْتِعْمَالِهَا هَلْ هُوَ خَاصٌّ بِمَاءِ الْمَطَرِ أَمْ يَجُوزُ فِي غَيْرِهِ كَمَا فِي غَسْلِ الثِّيَابِ وَالنَّجَاسَاتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّ الْعَبَّاسَ ذُبِحَ لَهُ فَرْخَانِ وَصُبَّ عَلَى دَمِهِمَا مَاءٌ فَأَصَابَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثُمَّ أَعَادَهُ حِينَ قَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَعَهُ بِيَدِهِ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ أَمْ ثَمَّ صَارِفٌ يُعَارِضُ هَذَا الْحَدِيثَ وَيَصْرِفُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْمِيزَابِ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَاءِ الْمَطَرِ وَمَاءِ غَسْلِ الثِّيَابِ وَالنَّجَاسَاتِ إذْ كَلَامُهُمْ شَامِلٌ لَهُ وَإِنَّمَا مَنَعُوا الصُّلْحَ بِمَالٍ عَلَى إجْرَاءِ الْغُسَالَاتِ عَلَى سَطْحِ الْغَيْرِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَيْهِ مَعَ جَهَالَتِهِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ عَمَّرَ سَبِيلًا

أَوْ غَرَسَ شَجَرَةً لِيَشْرَبَ النَّاسُ مِنْهُ أَوْ يَأْكُلُونَ مِنْ ثَمَرِهَا أَوْ دَكَّةً بِفِنَاءِ دَارِهِ فِي طَرِيقٍ مُتَّسِعٍ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ عَامَّةٌ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَلِأَنَّهُ فِي الْأَخِيرَةِ فِي حَرِيمِ مِلْكِهِ وَلِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ مَا ذَكَرَ فِي الْأَوَّلَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فِي الْأَخِيرَةِ وَقَدْ قَالَ السُّبْكِيُّ فِيهَا وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِالْمَسْأَلَةِ وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ وَقَدْ صَرَّحَ الْبَنْدَنِيجِيُّ بِمَنْعِ بِنَاءِ الدَّكَّةِ عَلَى بَابِ الدَّارِ وَالدِّكَكُ إنَّمَا تُبْنَى فِي أَفْنِيَةِ الدُّورِ لَا عَلَى أَبْوَابِهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّكَّةِ الْعَالِيَةِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ عِمَادِ الدِّينِ ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا فَقَالَ صَالَحَنِي مِنْهَا عَلَى خَمْسِمِائَةٍ أَوْ أَبْرَأَنِي مِنْهَا وَلِي بَيِّنَةٌ وَعَجَزَ عَنْهَا قَالَ الْبَغَوِيّ فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَقَدْ يُصَالِحُ عَلَى الْإِنْكَارِ وَكَذَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى وَفْقِ قَوْلِهِ لَا يُحْكَمُ بِالْبَاقِي اهـ هَلْ ذَلِكَ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِاعْتِمَادِهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَبْرَأَنِي أَوْ أَبْرَأَتْنِي حَيْثُ يُعَدُّ ذَلِكَ إقْرَارًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَبْرَأَنِي أَوْ أَبْرَأَتْنِي مَا ذَكَرَهُ

باب الحوالة

الْبَغَوِيّ بِقَوْلِهِ وَقَدْ تَصَالَحَا عَلَى الْإِنْكَارِ بَلْ الْغَالِبُ وُقُوعُ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ وَلِهَذَا لَوْ اخْتَلَفَا هَلْ وَقَعَ عَلَى الْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْكَارِ صُدِّقَ مُدَّعِي وُقُوعِهِ عَلَى الْإِنْكَارِ. (سُئِلَ) عَنْ الْجَارِ هَلْ لَهُ مَنْعُ جَارِهِ مِنْ فَتْحِ الْكُوَّاتِ الَّتِي يَقَعُ النَّظَرُ مِنْهَا عَلَى دَارِهِ أَمْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ وَإِنْ جَرَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى خِلَافِهِ تَبَعًا لِصَاحِبِ الشَّافِي. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا تَصَرَّفَ فِي الشَّارِعِ بِمَا يَضُرُّ الْمَارَّةَ هَلْ لِكُلِّ أَحَدٍ إزَالَتُهُ أَوْ الْإِمَامُ فَقَطْ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمُطَّلِبِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُزِيلَ لِلضَّرَرِ الْمَذْكُورِ الْإِمَامُ. [بَابُ الْحَوَالَةِ] (بَابُ الْحَوَالَةِ) (سُئِلَ) عَنْ الْإِقَالَةِ فِي الْحَوَالَةِ هَلْ تَجُوزُ كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ كَافِي الْخُوَارِزْمِيِّ أَوْ لَا تَجُوزُ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْإِقَالَةَ لَا تَجُوزُ فِيهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ وَكَذَلِكَ الْقَمُولِيُّ وَالسُّبْكِيُّ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي الْحَوَالَةُ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ وَلَوْ فُسِخَتْ لَا تَنْفَسِخُ. (سُئِلَ) عَنْ الرَّجُلِ سَأَلَ رَجُلًا أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتَهُ فُلَانَةَ عَلَى مَبْلَغٍ فِي ذِمَّتِهِ مَعْلُومٍ فَأَجَابَ سُؤَالَهُ لِذَلِكَ ثُمَّ قَالَ أَحَلْت ابْنَتَك فُلَانَةَ بِذَلِكَ عَلَى ذِمَّتِك بِمَا وَجَبَ لَهَا عَلَيَّ فَقَالَ قَبِلْت ذَلِكَ لَهَا عَلَى نَفْسِي فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ قَوْلِهِ أَحَلْتُك

لِابْنَتِك عَلَى نَفْسِك بِذَلِكَ فَيَقُولُ قَبِلْت لَهَا ذَلِكَ وَهَلْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَسْطُورَةٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِالصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُعَلِّقَهَا بِغَيْرِ الْعَاقِدِ وَلَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا مُخَاطَبَةٌ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إسْنَادِهَا إلَى الْمُخَاطَبِ كَقَوْلِهِ أَحَلْتُك لِابْنَتِك عَلَى نَفْسِك بِذَلِكَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ إسْنَادَهُ إلَى الْمُخَاطَبِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَسِّطِ وَكَوْنَ الْقَبُولِ مِمَّنْ وَقَعَ لَهُ الْإِيجَابُ فَلَوْ بَاعَ زَيْدًا فَقَبِلَهُ وَكِيلُهُ أَوْ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَصِحَّ أَوْ خَاطَبَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ مَثَلًا حِينَ بَاعَ مَالَ نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ بِقَوْلِهِ بِعْتُك كَذَا ثُمَّ قَالَ قَبِلْته لِابْنِي لَمْ يَصِحَّ لِفَسَادِ الْإِيجَابِ بِالْخِطَابِ وَإِنَّمَا طَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ بِعْتُ هَذَا لِابْنِي وَقَبِلْت لَهُ الْبَيْعَ وَكَوْنُ الْإِيجَابِ صَادِرًا لِلْقَابِلِ فَلَوْ قَالَ بِعْت مُوَكِّلَك فَقَالَ قَبِلْت لِمُوَكِّلِي لَمْ يَصِحَّ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَلِقَوْلِهِمْ إنَّ الْحَوَالَةَ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ وَلَا يُخَالِفُ مَا قَرَّرْته قَوْلَ السَّرَّاجِ الْبُلْقِينِيِّ فِي اخْتِلَاعِ الْأَبِ بِصَدَاقِ ابْنَتِهِ إنَّمَا يَقَعُ رَجْعِيًّا إذَا اخْتَلَعَ الْأَبُ بِالصَّدَاقِ نَفْسَهُ فَإِنْ عَبَّرَ بِالصَّدَاقِ عَلَى مَعْنًى مِثْلِ الصَّدَاقِ وَقَامَتْ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي ذَلِكَ مِنْ حَوَالَةِ الزَّوْجِ عَلَى الْأَبِ وَقَبُولِ الْأَبِ لَهَا بِحُكْمِ أَنَّهَا تَحْتَ حَجْرِهِ فَاَلَّذِي أَفْتَيْت بِهِ فِي

ذَلِكَ وَنَحْوِهِ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بَائِنًا بِمِثْلِ الصَّدَاقِ اهـ. (سُئِلَ) عَمَّنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ أَنَّ فُلَانًا أَحَالَنِي عَلَيْك بِكَذَا فَصَدَّقَهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ فُلَانًا لَمْ يُحِلْهُ فَهَلْ تَصْدِيقُهُ يُثْبِتُ الْحَوَالَةَ أَوْ لَا وَهَلْ يَرْجِعُ عَلَى مُدَّعِي الْحَوَالَةِ بِمَا قَبَضَهُ مِنْ دَيْنِهَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ تَصْدِيقَهُ يُثْبِتُ الْحَوَالَةَ بِالنِّسْبَةِ لِلُزُومِهِ دَفْعَ دَيْنِهَا لِمُدَّعِيهَا وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِمَّا قَبَضَهُ مِنْ دَيْنِهَا. (سُئِلَ) عَنْ صَاحِبِ دَيْنٍ ادَّعَى عَلَى الْمَدْيُونِ أَنَّهُ أَحَالَهُ بِهِ عَلَى فُلَانٍ فَأَنْكَرَ الْمَدْيُونُ الْحَوَالَةَ وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِهَا هَلْ يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ لِاعْتِرَافِ صَاحِبِهِ بِبَرَاءَتِهِ أَمْ لَا (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ الْمَدْيُونُ مِنْ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فَالدَّيْنُ بَاقٍ عَلَيْهِ فَلِصَاحِبِهِ مُطَالَبَتُهُ بِهِ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَقَدْ أَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ بِجَحْدِهِ وَحَلِفِهِ وَالْحَيْلُولَةُ مُوجِبَةٌ لِلضَّمَانِ عَلَى الصَّحِيحِ وَجَوَابُ مَا عَلَّلَ بِهِ فِي السُّؤَالِ أَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ إنَّمَا اعْتَرَفَ بِبَرَاءَةِ الْمَدْيُونِ فِي مُقَابَلَةِ مَا ثَبَتَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ رَجَعَ إلَى حَقِّهِ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ فِي نَظِيرِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَقَالَ فِي الْأُمِّ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بِأَخٍ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ لَا يَثْبُتُ الْإِرْثُ وَقَاسَهُ عَلَى مَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذِهِ الدَّارَ

بِأَلْفٍ وَأَنْكَرَ الْبَيْعَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الْأَلْفَ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَثْبَتَهَا فِي مُقَابَلَةِ مَا ثَبَتَ لَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ تُوُفِّيَ وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ فَأَحَالَ بَعْضُ وَرَثَتِهِ شَخْصًا عَلَى حِصَّتِهِ مِنْهُ ثُمَّ قَبَضَهَا الْمُحْتَالُ فَهَلْ لِبَاقِي الْوَرَثَةِ مُشَارَكَةٌ فِيهَا كَمَا لَوْ قَبَضَهَا الْمُحِيلُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ قَبَضَهَا بِجِهَةِ الْبَيْعِ لَا بِجِهَةِ الْإِرْثِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ أَحَلْتُك عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا وَلَمْ يَقُلْ بِالدَّيْنِ الَّذِي لَك عَلَيَّ فَهَلْ هُوَ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ صَرِيحٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَإِنْ صَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَلَا يُنَافِي صَرَاحَتُهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ جَوَازَ إرَادَةِ الْوَكَالَةِ بِهِ (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ وَقَدْ ضَمِنَهُ آخَرُ بِإِذْنِهِ فَأَحَالَ صَاحِبُهُ آخَرَ عَلَى الْأَصِيلِ وَالضَّامِنِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ أَمْ يَبْرَأُ بِالْحَوَالَةِ الْمَذْكُورَةِ الضَّامِنُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلْمُحْتَالِ أَخْذَهُ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ سَوَاءً قَالَ الْمُحِيلُ أَحَلْتُك بِالدَّيْنِ عَلَى الْأَصِيلِ أَوْ الضَّامِنِ لِتَأْخُذَهُ مِنْ أَيِّهِمَا شِئْت أَوْ قَالَ أَحَلْتُك بِهِ عَلَيْهِمَا فَإِنْ قِيلَ إنَّهُ إذَا أَحَالَهُ بِدَيْنٍ أَوْ عَلَى دَيْنٍ بِهِ رَهْنٌ أَوْ ضَمَانٌ انْفَكَّ الرَّهْنُ وَبَرِئَ الضَّامِنُ قُلْنَا صُورَةُ بَرَاءَةِ الضَّامِنِ إذَا أَحَالَ بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَمْ

يَتَعَرَّضْ الضَّامِنُ بِالْحَوَالَةِ أَيْضًا. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَحَالَ بِدَيْنٍ عَلَى مَيِّتٍ وَلَيْسَ بِهِ إلَّا شَاهِدٌ فَمَنْ يُثْبِتُهُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا إثْبَاتَهُ أَمَّا الْمُحِيلُ فَلِأَنَّهُ مَالِكُ الدَّيْنِ فِي الْأَصْلِ وَلِأَنَّ بِإِثْبَاتِهِ تَحْصُلُ بَرَاءَتُهُ مِنْ دَيْنِ الْمُحْتَالِ وَأَمَّا الْمُحْتَالُ فَلِأَنَّهُ يَدَّعِي مِلْكًا لِغَيْرِهِ مُنْتَقِلًا مِنْهُ إلَيْهِ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ ثُمَّ تُوُفِّيَ إلَى رَحْمَةِ اللَّهِ وَلَهُ تَرِكَةٌ فَهَلْ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِهِ عَلَيْهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَصِحُّ فَفِي فَتَاوَى صَاحِبِ الْبَيَانِ هَلْ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ إنْ قُلْنَا يُعْتَبَرُ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَمْ تَصِحَّ وَإِنْ قُلْنَا لَا يُعْتَبَرُ صَحَّتْ إنْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُ مَا عَلَيْهِ فَصَحَّتْ الْحَوَالَةُ كَدَيْنِ الْحَيِّ وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ مَأْيُوسٌ مِنْ حُصُولِهِ وَعَنْ الْأَصْبَحِيِّ صَاحِبِ الْمُعِينِ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَى ذِمَّةِ الْمَيِّتِ وَيَكُونُ الْحَقُّ مُتَعَلِّقًا بِالتَّرِكَةِ قَالَ وَقَوْلُهُمْ إنَّهُ لَا ذِمَّةَ لِلْمَيِّتِ يُرِيدُونَ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبِلِ لَا فِيمَا مَضَى وَأَمَّا الْحَوَالَةُ عَلَى التَّرِكَةِ فَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَفْتَى فُقَهَاءُ عَصْرِنَا بِدِمَشْقَ بِفَسَادِهَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْأَصْحَابِ إنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْحَوَالَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ وَرَأَيْت لِقَاضِي حَمَاةَ مَا يَتَضَمَّنُ الْقَوْلَ بِالصِّحَّةِ فِي فَتْوَى لَهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لَا لِمَا ذَكَرُوهُ بَلْ لِأَنَّ شَرْطَ الْحَوَالَةِ

أَنْ تَكُونَ عَلَى دَيْنٍ وَالْحَوَالَةُ وَقَعَتْ عَلَى التَّرِكَةِ وَهِيَ أَعْيَانٌ. (سُئِلَ) عَنْ مَحْجُورَةٍ لَهَا دَيْنٌ عَلَى شَخْصٍ وَلَهُ عَلَى وَالِدِهَا وَوَالِدَتِهَا نَظِيرُهُ فَقَالَ أَحَلْتُك لِبِنْتِك عَلَيْك وَعَلَى زَوْجَتِك بِمَا لَهَا عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ فَقَبِلَهَا هَلْ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَصِحُّ إذَا كَانَ فِيهَا مَصْلَحَةٌ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهَا بِحَيْثُ يُوَفِّيَانِهَا دَيْنَ الْحَوَالَةِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ سَأَلَ زَوْجَ ابْنَتِهِ الَّتِي هِيَ تَحْتَ حِجْرِهِ أَنْ يُطَلِّقَهَا عَلَى نَظِيرِ مَالِهَا عَلَيْهِ مِنْ صَدَاقِهَا الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ وَمِنْ دَيْنٍ آخَرَ وَهُمَا عَالِمَانِ بِذَلِكَ فَأَجَابَهُ لِذَلِكَ ثُمَّ أَحَالَهَا عَلَى ذِمَّةِ وَالِدِهَا وَقَبِلَ وَالِدُهَا الْحَوَالَةَ وَحَكَمَ بِذَلِكَ حَاكِمٌ شَافِعِيٌّ فَهَلْ الْحَوَالَةُ الْمَذْكُورَةُ صَحِيحَةٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَ وَالِدُهَا مُوسِرًا بِدَيْنِ الْحَوَالَةِ وَيُبَدِّلُهُ لَهَا صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ وَحَقُّهَا بَاقٍ فِي ذِمَّةِ زَوْجِهَا وَلَهُ مُطَالَبَةُ وَالِدِهَا بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَحُكْمُ الشَّافِعِيِّ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ بَاطِلٌ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أُحِيلَ عَلَى شَخْصٍ فَبَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَيِّتًا حَالَ الْحَوَالَةِ هَلْ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ وَيَأْخُذُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْحَوَالَةَ صَحِيحَةٌ بَلْ الْحَوَالَةُ عَلَى الْمَيِّتِ صَحِيحَةٌ وَيَأْخُذُ الْمُحْتَالُ الْمَالَ مِنْ التَّرِكَةِ (سُئِلَ) عَنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ إذَا قَبِلَ الْحَوَالَةَ وَلَمْ يَكُنْ بِذِمَّتِهِ دَيْنٌ لِلْمُحِيلِ

كتاب الضمان

وَإِنَّمَا أَرَادَ تَسْوِيفَ الْمُحْتَالِ هَلْ يَكُونُ الْمُحَالُ بِهِ لَازِمًا لَهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ الْمُحَالُ بِهِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ نَعَمْ إنْ صَدَّقَهُ الْمُحْتَالُ فِي أَنَّهُ لَا دَيْنَ لِلْمُحِيلِ عَلَيْهِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهَا. [كِتَابُ الضَّمَانِ] (كِتَابُ الضَّمَانِ) (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ شَخْصٍ عَلَيْهِ عِشْرُونَ دِينَارًا فَضَمِنَهَا شَخْصَانِ فَهَلْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُطَالَبًا بِكُلِّهَا كَمَا صَحَّحَهُ الْمُتَوَلِّي وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ أَوْ بِنِصْفِهَا كَمَا رَجَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَمَالَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْ الضَّامِنَيْنِ بِنِصْفِ الدَّيْنِ فَقَطْ. (سُئِلَ) عَنْ مَعْرِفَةِ الضَّامِنِ وَكِيلَ الْمَضْمُونِ لَهُ هَلْ تَكْفِي عَنْ مَعْرِفَتِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ تَكْفِي عَنْهَا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ ضَمِنْت لَك الدَّرَاهِمَ الَّتِي عَلَى فُلَانٍ أَوْ أَبْرَأْتُك مِنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي لِي عَلَيْك وَالضَّامِنُ وَالْمُبَرِّئُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَهَا هَلْ يَصِحُّ فِي ثَلَاثَةٍ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لِثَلَاثَةٍ أَوْ مُبَرِّئًا مِنْ ثَلَاثَةٍ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ أَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ كَذَا هَلْ هُوَ صَرِيحٌ فِي الْبَرَاءَةِ أَوْ كِنَايَةٌ فِيهِ وَجْهَانِ أَيُّهُمَا أَصَحُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْإِبْرَاءِ (سُئِلَ) عَنْ ضَامِنٍ ادَّعَى عَلَى الْأَصِيلِ أَنَّهُ دَفَعَ الدَّيْنَ الْمَضْمُونَ لِرَبِّهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ ثُمَّ أَخَذَهُ مِنْ الْأَصِيلِ ثُمَّ طَالَبَهُ

رَبُّ الدَّيْنِ بِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّ الضَّامِنَ دَفَعَهُ لَهُ ثُمَّ أَخَذَهُ مِنِّي فَقَالَ رَبُّ الدَّيْنِ إنَّهُ لَمْ يَدْفَعْهُ وَصَدَّقَهُ الضَّامِنُ عَلَى عَدَمِ دَفْعِهِ فَهَلْ لِرَبِّ الدَّيْنِ مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ بِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ تَصْدِيقَ الضَّامِنِ رَبَّ الدَّيْنِ عَلَى عَدَمِ دَفْعِهِ لَهُ يُكَذِّبُ بَيِّنَتَهُ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمَدْيُونُ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ وَلِرَبِّ الدَّيْنِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ لِمَنْ شَاءَ مِنْ الْأَصِيلِ وَالضَّامِنِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أُعْسِرَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَبِهِ رَهْنٌ يَفِي بِهِ أَوْ ضَامِنٌ مَلِيءٌ هَلْ يَمْتَنِعُ عَلَى بَائِعِهِ الرُّجُوعُ إلَى عَيْنِ مَتَاعِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْمُفْلِسُ فِي ذَلِكَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ فِيهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَذِنَ لِشَخْصٍ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ فَضَمِنَ وَأَدَّى عَنْ جِهَةِ الضَّمَانِ يَرْجِعُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فِي بَابِ الضَّمَانِ وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ مَعْرِفَتِهِ الْمَضْمُونَ لَهُ هَلْ الْمُرَادُ مَعْرِفَتُهُ بِالْعَيْنِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ لَا النَّسَبِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ كَجٍّ وَصَاحِبُ الْمُعِينِ وَعِبَارَتُهُ الْمُرَادُ مَعْرِفَةُ الْعَيْنِ لَا مَعْرِفَةُ الْمُعَامَلَةِ كَمَا نَقَلَهُ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ شُهْبَةَ وَهَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَوْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْكَفِيلِ حَيْثُ قَالُوا تَكْفِي مَعْرِفَتُهُ

باب الشركة

بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَكْفِ فِي صِحَّةِ الضَّمَانِ مَعْرِفَةُ الضَّامِنِ الْمَضْمُونَ لَهُ وَهُوَ مُسْتَحَقُّ الدَّيْنِ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي اسْتِيفَائِهِ تَشْدِيدًا وَتَسْهِيلًا فَلَا تُفِيدُهُ الْمَعْرِفَةُ شَيْئًا فَيَحْصُلُ لَهُ الضَّرَرُ لَوْ صَحَّ الضَّمَانُ بِهَا إمَّا بِالْمُطَالَبَةِ الشَّدِيدَةِ وَإِمَّا بِأَخْذِ الدَّيْنِ مِنْهُ وَقَدْ يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ عَلَيْهِ مُطَالَبَةُ الْمَضْمُونِ لَهُ بِأَنْ يَأْخُذَ الدَّيْنَ مِنْ الْمَضْمُونِ قَبْلَ أَخْذِهِ مِنْهُ وَإِنَّمَا اكْتَفَى بِمَعْرِفَتِهِ عَيْنَ الْمَضْمُونِ لَهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عِنْوَانُ الْبَاطِنِ فَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ بِهَا أَنَّ اسْتِيفَاءَهُ لِلدَّيْنِ عَلَى وَجْهِ التَّسْهِيلِ فَيَضْمَنُ أَوْ عَلَى وَجْهِ التَّشْدِيدِ فَلَا يَضْمَنُ وَمَعْرِفَةُ الْكَفِيلِ لَيْسَتْ نَظِيرَ مَسْأَلَتِنَا وَإِنَّمَا نَظِيرُهَا مَعْرِفَةُ الْمَكْفُولِ لَهُ وَحُكْمُهَا حُكْمُ مَسْأَلَتِنَا وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْته أَنَّ مَحِلَّ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِمَعْرِفَةِ الضَّامِنِ الْمَضْمُونَ لَهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ تُضْرِرْهُ بِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ شَدِيدَ الْمُطَالَبَةِ وَالْكَفِيلُ مَتَى كَانَ شَدِيدَ الْمُطَالَبَةِ سَهُلَ بِهَا وُصُولُ الدَّيْنِ لِمُسْتَحِقِّهِ فَهُوَ أَنْفَعُ لِلْمَكْفُولِ. [بَابُ الشَّرِكَةِ] (بَابُ الشَّرِكَةِ) (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ رَجُلَيْنِ عَقَدَا الشَّرِكَةَ عَلَى مَالٍ لِيَعْمَلَ فِيهِ أَحَدُهُمَا مُتَبَرِّعًا وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَالَيْهِمَا ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا فِي مَجْلِسِ عَقْدِهِمَا أَنَّ الْمَالَ الْمَعْقُودَ

فِيهِ مِلْكٌ لِوَلَدِهِ فُلَانٍ دُونَهُ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ وَأَنَّ اسْمَهُ فِي ذَلِكَ عَارِيَّةٌ وَالْحَالُ أَنَّ الْوَلَدَ الْمُقَرَّ لَهُ لَمْ يَأْذَنْ لِوَالِدِهِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ سَافَرَ الشَّرِيكُ بِالْمَالِ وَاتَّجَرَ فِيهِ وَمَكَثَ بِيَدِهِ مُدَّةً وَهُوَ يَخْسَرُ تَارَةً وَيَرْبَحُ أُخْرَى وَدَفَعَ لِلْوَلَدِ وَلِأَبِيهِ مِنْ الْمَالِ نَقْدَاتٍ مُتَفَرِّقَةً ثُمَّ اسْتَفْتَى الشَّرِيكُ عَنْ عَقْدِ الشَّرِكَةِ فَأُجِيبَ بِأَنَّهُ بَاطِلٌ بِإِقْرَارِ عَاقِدِهِ وَادَّعَى الشَّرِيكُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الرِّبْحِ شَيْئًا فَقَالَ لَهُ الْمُقَرُّ لَهُ إنِّي رَدَدْت إقْرَارَ وَالِدِي الْمَذْكُورَ أَيْ لِيَكُونَ عَقْدُ الشَّرِكَةِ صَحِيحًا وَيَسْتَحِقَّ وَالِدُهُ الرِّبْحَ فَهَلْ الْعَقْدُ بَاطِلٌ كَمَا ذُكِرَ أَمْ لَا وَهَلْ دَعْوَى الشَّرِيكِ مَسْمُوعَةٌ وَهَلْ يَرُدُّ الْوَلَدُ إقْرَارَ أَبِيهِ يَلْغُو الْإِقْرَارُ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ إلَى الشَّرِيكِ وَتُبْطِلُ دَعْوَاهُ بُطْلَانَ الشَّرِكَةِ أَمْ لَا يُؤَثِّرُ رَدُّهُ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ لِأَنَّهُ مُؤَاخَذٌ فِيهِ بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ فَسَّرَ الْأَبُ إقْرَارَهُ بِالْهِبَةِ وَرَجَعَ فِيهَا هَلْ يُفِيدُ ذَلِكَ صِحَّةَ الشَّرِكَةِ وَيُشَارِكُ فِي الرِّبْحِ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ لَا فَادَّعَى الْوَلَدُ أَنَّهُ كَانَ أَذِنَ لِأَبِيهِ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ رَدَّ إقْرَارَ أَبِيهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْعَقْدَ الْمَذْكُورَ صَحِيحٌ وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ إقْرَارُ عَاقِدٍ وَإِنَّ. . .

لِتَضَمُّنِهِ دَعْوَى فَسَادِ الْعَقْدِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ فِيهَا شَرِيكُهُ فَيَسْتَحِقُّ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ مِنْ الرِّبْحِ بِنِسْبَةِ مَالِهِ وَبِرَدِّ الْوَلَدِ إقْرَارَ أَبِيهِ يَلْغُو حَتَّى بِالنِّسْبَةِ إلَى بُطْلَانِ الشَّرِكَةِ إذَا قِيلَ بِهِ قَبْلَ وُجُودِ الرَّدِّ وَإِذَا قِيلَ بِبُطْلَانِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ وَفَسَّرَ الْأَبُ إقْرَارَهُ بِالْهِبَةِ وَأَنَّهُ رَجَعَ فِيهَا بَعْدَهُ لَا يُفِيدُهُ الصِّحَّةَ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْوَلَدِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا بَيِّنَتُهُ بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِالرَّدِّ الْمَذْكُورِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَلَبَ الدَّابَّةَ الْمُشْتَرَكَةَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شُرَكَائِهِ فَهَلْ يَصِيرُ ضَامِنًا لَهَا أَوْ لَا أَوْ بِإِذْنِهِمْ فَهَلْ يَصِيرُ عَارِيَّةً؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِيرُ ضَامِنًا لِحِصَصِهِمْ بِالْحَلْبِ الْمَذْكُورِ فَإِنْ حَلَبَهَا بِإِذْنِهِمْ صَارَتْ حِصَصُهُمْ عَارِيَّةً وَإِلَّا فَمَغْصُوبَةً. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا زَيْدٌ وَالْآخَرُ عَمْرٌو خَلَطَا مَالًا ثُمَّ عَقَدَا الشَّرِكَةَ عَلَيْهِ وَتَسَلَّمَهُ زَيْدٌ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ عَمْرٌو فِي السَّفَرِ إلَى مَكَانِ كَذَا وَأَنْ يَشْتَرِيَ وَيَبِيعَ مَا أَحَبَّ وَاخْتَارُوا لِرِبْحٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَزَيْدٌ مُتَبَرِّعٌ بِالْعَمَلِ فِي حِصَّةِ عَمْرٍو فَأَقَرَّ فِي مَجْلِسِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ بِأَنَّ الْمَالَ الْمُعَاقَدَ عَلَيْهِ مِلْكٌ لِبِكْرٍ يَسْتَحِقُّهُ وَرَثَتُهُ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ وَأَنَّ اسْمَهُ فِي ذَلِكَ عَارِيَّةٌ وَكَتَبَ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَثِيقَةً شَرْعِيَّةً بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا أَنَّ الْوَلَدَ أَذِنَ

لِأَبِيهِ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ رَشِيدٌ وَأَنَّ زَيْدًا مُصَدِّقٌ لِعَمْرٍو فِي إقْرَارِهِ فَهَلْ تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ بِالْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ قِيَاسًا عَلَى مَا ذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي رَوْضَتِهِ قَبِيلَ الْبَابِ الرَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ مِنْ أَنَّ الْبَائِعَ لِشَيْءٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ إذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ الشَّيْءِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي صَحَّ إقْرَارُهُ وَانْفَسَخَ الْبَيْعُ لِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ هَذَا كَلَامُهُ وَإِذَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ الَّذِي فِي أَصْلِهِ اللُّزُومُ بِالْإِقْرَارِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَالشَّرِكَةُ الَّتِي هِيَ جَائِزَةٌ أَبَدًا أَوْلَى بِذَلِكَ أَمْ لَا تَنْفَسِخُ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْأَبَ وَكِيلٌ عَنْ وَلَدِهِ فِي الشَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ قِيَاسًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو وَاسْمِي فِي الْكِتَابِ عَارِيَّةٌ كَانَ إقْرَارًا صَحِيحًا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُ فِي سَبَبِ ثُبُوتِ الدَّيْنِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ فَمَا الْجَوَابُ عَنْ الْقِيَاسِ الثَّانِي وَإِذَا مَضَتْ مُدَّةٌ فَأَقَرَّ بَكْرٌ بِأَنَّهُ أَذِنَ لِأَبِيهِ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ وَصَدَّقَهُ وَنَازَعَهُمَا زَيْدٌ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا وَيُفِيدُهُمَا ذَلِكَ صِحَّةَ الشَّرِكَةِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْإِذْنِ قَبْلَ الشَّرِكَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ بِالْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ فِيهِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقِّ لِغَيْرِ الْمُقِرِّ فَأَمْكَنَ تَنْفِيذُهُ مَعَ بَقَائِهَا وَلِأَنَّهُ قَدْ

تَضَمَّنَ صُدُورَ عَقْدِهِمَا وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ إذْنُ الْمُقِرِّ لَهُ إذْ لَا يَكُونُ اسْمُ الْمُقِرِّ فِي ذَلِكَ عَارِيَّةً إلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنَّهُ مَدْلُولُ الْخَبَرِ الصِّدْقُ وَاحْتِمَالُ كَذِبِ مُخْبِرِهِ فِيهِ لَيْسَ مِنْ مَدْلُولِهِ بَلْ هُوَ احْتِمَالٌ عَقْلِيٌّ وَقَدْ صَدَّقَ الْمُقَرَّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا نَظِيرُ مَا لَوْ قَالَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو وَاسْمِي فِي الْكِتَابِ عَارِيَّةٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ إشْعَارُ إقْرَارِ الْبَائِعِ بِعَدَمِ الرِّضَا بِبَقَاءِ الْبَيْعِ وَهُوَ يَنْفَسِخُ بِهِ بِخِلَافِ الشَّرِكَةِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تَنْفَسِخُ بِالتَّصْرِيحِ بِمَا يَقْبَلُ رَفْعَهَا وَتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ فِيهَا وَمُنَافَاةِ الْإِقْرَارِ لِلْبَيْعِ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا إذْ مِلْكُ الْمَبِيعِ مَوْقُوفٌ حِينَئِذٍ فَلَيْسَ مَمْلُوكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ بَلْ لَيْسَتْ نَظِيرَتَهُمَا فَإِنْ قَالَ فِيهَا وَاسْمِي فِي ذَلِكَ عَارِيَّةٌ صَارَتْ نَظِيرَتَهُمَا وَلَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ وَيُحْمَلُ عَلَى تَوْكِيلِ الْمُقَرِّ لَهُ فِيهِ كَمَا مَرَّ وَالْإِخْبَارُ عَنْ ذَلِكَ الْمُقَرِّ لَهُ بِالْمَبِيعِ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا مَجَازًا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ عَمْرٍو وَوَلَدِهِ بَيْنَهُمَا فِي الْإِذْنِ الْمَذْكُورِ فَإِذَا حَلَفَا اسْتَمَرَّتْ صِحَّةُ الشَّرِكَةِ وَاسْتَحَقَّ بَكْرٌ رِبْحَ نَصِيبِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ دَابَّةٍ وَسَلَّمَهَا لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَهَلْ

يَضْمَنُ الْبَائِعُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ أَمْ يَضْمَنُهَا الْمُشْتَرِي؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مِمَّنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَقَرَارُ ضَمَانِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ جَهِلَ كَوْنَهَا لِغَيْرِ بَائِعِهَا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي قَوْلِهِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي. (سُئِلَ) عَنْ شَرِيكَيْنِ اشْتَرَيَا سِلْعَةً لِلشَّرِكَةِ وَأَشْهَدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِتَسْلِيمِهَا وَأَذِنَ لَهُ فِي السَّفَرِ بِهَا وَبَيْعِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ بِمُقْتَضَى وَثِيقَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَسَافَرَ الشَّرِيكُ وَغَابَ مُدَّةً ثُمَّ مَاتَ فَادَّعَى شَرِيكُهُ عَلَى آخَرَ بِأَنَّهُ تَسَلَّمَ مِنْهُ الْعَيْنَ الْمَذْكُورَةَ لِيُسَلِّمَهَا لِشَرِيكِهِ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا لَهُ فَتَصَرَّفَ فِيهَا لِنَفْسِهِ وَطَالَبَهُ بِرَدِّهَا أَوْ قِيمَتِهَا بِشَرْطِهِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَقَالَ لَهُ أَنْتَ أَشْهَدْت عَلَى شَرِيكك بِتَسْلِيمِهَا فَقَالَ نَعَمْ وَلَكِنْ مَا تَسَلَّمَ مِنِّي إلَّا أَنْتَ وَعِنْدِي بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ عَلَيْكَ بِالتَّسْلِيمِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِسَمَاعِهَا فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ أَمْ لَهُ تَحْلِيفُ خَصْمِهِ فَقَطْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمَذْكُورَةُ لِأَنَّ الْوَثَائِقَ فِي الْغَالِبِ يُشْهَدُ عَلَيْهَا قَبْلَ تَحَقُّقِ مَا فِيهَا وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (سُئِلَ) عَنْ قَبُولِهِمْ قَوْلَ الشَّرِيكِ رَدَدْت الْمَالَ وَعَدَمِ قَبُولِهِمْ قَوْلَهُ اقْتَسَمْنَا إذْ الرَّدُّ لَازِمُ الْقِسْمَةِ إنْ لَمْ يُحْمَلْ الْأَوَّلُ

عَلَى جَمِيعِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ قَوْلَيْهِمَا الْمَذْكُورَيْنِ إذْ الْأَوَّلُ فِي دَعْوَى رَدِّ الْمَالِ وَقَوْلُهُ فِيهِ مَقْبُولٌ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَالثَّانِي فِي دَعْوَاهُ أَنَّ مَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ مِلْكُهُ بِالْقِسْمَةِ مَعَ قَوْلِ الْآخَرِ هُوَ بَاقٍ عَلَى شَرِكَتِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقِسْمَةِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ فَسَدَتْ الشَّرِكَةُ وَاخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِالْعَمَلِ هَلْ يَرْجِعُ بِنِصْفِ أُجْرَتِهِ عَلَى الْآخَرِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ هَلْ صُورَتُهُ فِيمَا إذَا فَسَدَتْ بِغَيْرِ شَرْطِ زِيَادَةٍ لَهُ وَإِلَّا فَيَجِبُ لَهُ نِصْفُ الْأُجْرَةِ أَوْ أَقَلُّ وَيُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْإِرْشَادِ لَا فِي زَائِدٍ بِلَا طَمَعٍ فَأَشَارَ إلَى الْعِلَّةِ الَّتِي مَعَهَا الْحُكْمُ دَائِرٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ صُورَتَهَا أَنْ لَا يُشْتَرَطَ لِمَنْ اخْتَصَّ بِالْعَمَلِ مِنْ الرِّبْحِ زِيَادَةً عَلَى نِسْبَةِ مَالِهِ. (سُئِلَ) عَنْ شَرِيكَيْنِ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فِي السَّفَرِ بِالْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَسَافَرَ بِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ فَسَخَ الشَّرِكَةَ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ كَمَا يُقْبَلُ فِي الرَّدِّ وَالشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ أَمْ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ جَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمُقَرَّرَةِ وَهِيَ أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى الْإِنْشَاءِ قَدَرَ

عَلَى الْإِقْرَارِ إلَّا مَا اسْتَثْنَوْهُ وَلِمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي أَثْنَاءِ بَابِ الشَّرِكَةِ وَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ أَوْ بَاعَهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فِيهِمَا صَحَّ فِي نَصِيبِهِ فَقَطْ أَيْ دُونَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَانْفَسَخَتْ الشَّرِكَةُ فِي نَصِيبِهِ وَصَارَ الْمُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ وَالْبَائِعُ فِي الْأُولَى شَرِيكَ شَرِيكِهِ هَلْ هَذَا الْكَلَامُ وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى فِيمَا لَوْ كَانَ مَالُ الشَّرِكَةِ مَثَلًا سِتِّينَ وَهُوَ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً فَاشْتَرَى بِهِ عَيْنًا تُسَاوِي أَرْبَعِينَ وَإِذَا قُلْتُمْ بِوُضُوحِهِ فَمَا وَجْهُهُ أَمْ لَيْسَ بِوَاضِحٍ وَفِيهِ تَجَوُّزٌ لِأَنَّ الشِّرَاءَ يَصِحُّ فِي نِصْفِ الْعَيْنِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ فَيُفْرَزُ لِلْبَائِعِ نِصْفُ السِّتِّينَ يَفْضُلُ ثَلَاثُونَ يَسْتَرِدُّهَا الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَلَا شَرِكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ اسْتِرْدَادِ الْفَاضِلِ بَعْدَ إقْرَارِ الثَّمَنِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْكَلَامَ الْمَذْكُورَ وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ الْأُلَى كَالثَّانِيَةِ لِأَنَّ نَصِيبَ الشَّرِيكِ لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ نَقْصٌ بِتَصَرُّفِ شَرِيكِهِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ الْمُشْتَرَاةُ تُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ لِأَنَّ الشَّرِيكَ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهَا وَالضَّرَرُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مُخْتَصٌّ بِالْمُتَصَرِّفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ

باب الوكالة

الْمُشْتَرِيَ فِي الثَّانِيَةِ صَارَ مَالِكًا لِنَصِيبٍ بَائِعِهِ وَالْبَائِعَ فِي الْأُولَى صَارَ مَالِكًا لِمَا بَطَلَ الْبَيْعُ فِيهِ فَقَطْ. [بَابُ الْوَكَالَةِ] (بَابُ الْوَكَالَةِ) (سُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ اشْتَرَى لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِعَيْنِ مَالِ نَفْسِهِ وَسَمَّى الْوَلَدَ فِي الْعَقْدِ هَلْ يَنْعَقِدُ لِلْوَلَدِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ مَثَلًا وَهُوَ فِي وِلَايَتِهِ بِعَيْنِ مَالِ نَفْسِهِ وَسَمَّى الْوَلَدَ فِي الْعَقْدِ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَقَعُ لِلْوَلَدِ لَا لِوَالِدِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى شَخْصٍ فَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ حَرِيرًا مِنْ الشَّامِ وَيَأْتِيَهُ بِهِ فَفَعَلَ فَنُهِبَ الْحَرِيرُ أَوْ سُرِقَ فِي الطَّرِيقِ فَهَلْ يَبْرَأُ الْمَدْيُونُ مِنْ الدَّيْنِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِعَيْنٍ لَهُ فَتَلِفَتْ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ حَقٌّ مَالِيٌّ يَجِبُ الْخُرُوجُ مِنْ عُهْدَتِهِ لِصَاحِبِهِ وَيَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهُ وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ وَكَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ مَا لَهُ فِي ذِمَّتِهِ لِزَيْدٍ فَفَعَلَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ الْمَدْيُونُ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّ شِرَاءَ الْحَرِيرِ إنَّمَا وَقَعَ لَهُ لَا لِلْآذِنِ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَدْيُونُ وَكِيلًا لَهُ فِيهِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ حِينَئِذٍ قَابِضًا لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ مَالَ الْآذِنِ وَهُوَ الدَّيْنُ لَمْ يَتْلَفْ وَالتَّالِفُ إنَّمَا هُوَ مَالُ الْمَدْيُونِ فَلَا مُشَابَهَةَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ تَلَفِ الْعَيْنِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي السَّفَرِ بِهَا وَإِنَّمَا صَحَّ دَفْعُ

الدَّيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ أَذِنَ لَهُ فِي أَنْ يَدْفَعَ مَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ لِزَيْدٍ لِصَيْرُورَتِهِ وَكِيلًا لِصَاحِبِهِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ الْمُقْرِي وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَرْأَةَ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ بِشِرَاءِ عَبْدٍ لَمْ يَصِفْهُ اهـ وَهَذَا مَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ الْبَغَوِيِّ الصِّحَّةَ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الرَّاجِحُ الْمُخْتَارُ مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ اهـ عَلَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي الْوَكَالَةِ مَا يُؤَيِّدُ الصِّحَّةَ فِيمَا إذَا قَالَ تَزَوَّجْ لِي مَنْ شِئْتَ وَفَرَّقَ الشَّارِحُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ بِأَنَّ مَا هُنَا مُطْلَقٌ لَا يَدَ عَلَى أَفْرَادِهِ وَمَا فِي الْوَكَالَةِ عَامٌّ يَدُلُّ عَلَى جَمِيعِ أَفْرَادِهِ عَلَى أَنَّهُمْ صَرَّحُوا هُنَاكَ بِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ مَنْ شَاءَ لَمْ يَصِحَّ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْبَابَيْنِ بِأَنَّ الْبَيْعَ أَضْيَقُ مِنْ النِّكَاحِ تَقْلِيلًا لِلْغَرَرِ فِيهِ لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ الْمَالَ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ الْبُضْعَ فَغَرَرُهُ أَقَلُّ وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ أَضْيَقُ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ وَلِهَذَا لَا يَتَزَوَّجُ لَهُ الْوَكِيلُ إلَّا مَنْ تُكَافِئُهُ كَمَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ عَنْ الْأَصْحَابِ فَهَلْ الْمُعْتَمَدُ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي أَوْ قَوْلُ الْبَغَوِيِّ الَّذِي رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي هُنَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي آخِرِ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْوَكَالَةِ حَيْثُ قَالَ لَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَفِي اشْتِرَاطِ تَعْيِينِهَا وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا فِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ

قُلْت الْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ الِاشْتِرَاطُ اهـ فَعُلِمَ أَنَّ كَلَامَ الْبَغَوِيِّ وَجْهٌ مَرْجُوحٌ وَإِنَّ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ هُنَا أَنَّهُ الرَّاجِحُ الْمُخْتَارُ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ وَكِيلٍ شَخْصَانِ فِي قَبْضِ مَبْلَغٍ مَعْلُومٍ دَيْنًا لَهُ وَكَالَةً مُطْلَقًا مُفَوَّضَةً ثُمَّ طَالَبَ الْوَكِيلَ مَنْ عِنْدَهُ بِالْمَالِ وَقَبَضَ مِنْهُ مَبْلَغًا وَتَعَوَّضَ فِي بَاقِيهِ شَيْئًا مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ فَهَلْ لَهُ التَّعْوِيضُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ الْمُوَكَّلُ عَلَى التَّوْكِيلِ فِي قَبْضِ الدَّيْنِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ التَّعْوِيضُ عَنْهُ وَلَا عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَلَمَّا زَادَ فِي لَفْظِهِ وَكَالَةً مُطَلَّقَةً مُفَوَّضَةً تَبَيَّنَ بِهِ أَنَّهُ تَجُوزُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ عَنْ بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَدْيُونِ مِنْهُ بِأَدَاءٍ أَوْ اعْتِيَاضٍ إذْ لَوْ لَمْ يُفِدْ ذَلِكَ لَكَانَ لَغْوًا وَأَلْفَاظُ الْعُقُودُ تُصَانُ عَنْ الْإِلْغَاءِ مَا أَمْكَنَ فَحِينَئِذٍ اعْتِيَاضُ الْوَكِيلِ عَنْ بَاقِي الدَّيْنِ صَحِيحٌ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمَدْيُونِ. (سُئِلَ) عَنْ وَكِيلٍ عَجَزَ بِعَارِضٍ غَيْرِ دَائِمٍ هَلْ يَسْتَنِيبُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَسْتَنِيبُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَكَّلَ فِي بَيْعِ شَيْءٍ آخَرَ فَتَلِفَ هَلْ يَضْمَنُ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِتَأْخِيرِ بَيْعِ مَا لَمْ يَخَفْ تَلَفَهُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ وَكَّلَ شَخْصًا فِي بَيْعِ كَذَا وَكُلٌّ مُسَلَّمٌ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ وَيَبْقَى لِكُلٍّ بَيْعُ ذَلِكَ وَإِذَا قُلْتُمْ

بِصِحَّتِهِ فَهَلْ هُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ شَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا وَهَلْ هِيَ كَمَسْأَلَةِ مَا لَوْ قَالَ وَكَّلْتُكَ فِي بَيْعِ كَذَا وَكُلِّ أُمُورِي فِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ بَحَثَ صِحَّةَ التَّوْكِيلِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهِيَ الْمُعْتَمَدِ وَعَلَيْهَا فَيَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَمَا يَصِحُّ مِنْهُ وَهُوَ قِيَاسُ صِحَّةِ بَيْعِ عَبْدِهِ وَمَا سَيَمْلِكُهُ كَمَا ذَكَرَهَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ بِجَامِعِ التَّبَعِيَّةِ فِيهِمَا وَالْوَكِيلُ الْمَتْبُوعُ فِي مَسْأَلَتِنَا مُعَيَّنٌ وَالتَّابِعُ فِيهَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا وَلَيْسَتْ كَمَسْأَلَةِ مَا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِشَخْصٍ وَكَّلْتُكَ فِي بَيْعِ كَذَا وَكُلِّ أُمُورِي فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ فِي التَّابِعِ فِيهَا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ وَكَّلَ بِبَيْعِ عَبْدٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ هَلْ يَكُونُ عَزْلًا لِلْوَكِيلِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكُونُ عَزْلًا وَإِنْ خَالَفَ بَعْضُهُمْ فِي التَّدْبِيرِ. (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ تَوْكِيلُ الْأَعْمَى فِي دَفْعِ الزَّكَاةِ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَجُوزُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْأَنْوَارِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ قَالَ لِمَدْيُونِهِ اشْتَرِ لِي عَبْدًا بِمَا فِي ذِمَّتِك فَاشْتَرَى صَحَّ، عَيَّنَ الْمُوَكِّلُ الْعَبْدَ أَمْ لَمْ يُعَيِّنْ وَبَرِئَ مِنْ دَيْنِهِ وَلَوْ تَلِفَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ تَلِفَ مِنْ ضَمَانِ الْآمِرِ اهـ أَمُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ صِحَّتِهِ لِلْمُوَكِّلِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ فِي إزَالَةِ مِلْكِهِ لَا يَصِيرُ وَكِيلًا

لِغَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ وَفِي الْإِشْرَافِ لَوْ كَانَ فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ مَالٌ فَأَذِنَ لَهُ فِي اسْتِلَامِهِ فِي كَذَا قَالَ ابْن سُرَيْج يَصِحُّ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ اهـ فَلَا يَبْرَأُ الْمَدْيُونُ مِنْ الدِّينِ وَالْعَبْدُ مِلْكُهُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِثَوْبِك هَذَا فَفَعَلَ هَلْ يَقَعُ لِلْآمِرِ وَيَرْجِعُ الْمَأْمُورُ بِالْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ أَمْ لَا كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَلْ يَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي السَّلَمِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْآمِرِ وَيُقَدَّرُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ إلَيْهِ فِي الثَّوْبِ قَرْضًا وَيَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ بِبَدَلِ الثَّوْبِ وَلَا يَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي السَّلَمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِآخَرَ أَتُوَكِّلُنِي فِي جَمِيعِ أُمُورِكَ وَفِي زَوْجَتِكَ فَقَالَ وَكَّلْتُكَ فَقَالَ قَدْ خَالَعْتُهَا عَنْ عِصْمَتِكَ بِالثَّلَاثِ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا لَمْ يَنْوِ زَوْجُهَا بِلَفْظِهِ الْمَذْكُورِ تَوْكِيلَهُ فِي طَلَاقِهَا لِاحْتِمَالِهِ عِنْدَ عَدَمِ تِلْكَ النِّيَّةِ لِلطَّلَاقِ وَلِغَيْرِهِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ رَهَنْتُ مُوَكِّلَكَ كَذَا أَوْ أَجَرْتُ أَوْ أَسْلَمْتُ أَوْ وَهَبْتُ مُوَكِّلَكَ كَذَا فَقَبِلَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ لِمُوَكِّلِهِ وَقَبَضَ مَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ بِالْإِذْنِ هَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ وَيَلْزَمُ أَوْ لَا كَمَا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِوَكِيلِ الْمُشْتَرِي

بِعْتُ مُوَكِّلَكَ زَيْدًا فَقَالَ اشْتَرَيْتُ لَهُ حَيْثُ كَانَ الْمَذْهَبُ الْبُطْلَانَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ اشْتِرَاطُ مُخَاطَبَةِ الْوَكِيلِ فَإِنْ لَمْ يُخَاطِبْهُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِأَنَّ الْعَاقِدَ حَقِيقَةٌ وَأَحْكَامُ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِهِ وَلَمْ يُخَاطَبْ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ فِي الْهِبَةِ وَنَحْوِهَا تُعْتَبَرُ تَسْمِيَةُ الْمُوَكَّلِ فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَذُكِرَ أَنَّ الشَّيْخَ زَكَرِيَّا أَفْتَى بِالصِّحَّةِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ عَزَلَ الْمُوَكِّلُ وَكِيلَهُ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَفِي الْبَحْرِ أَنَّ الْبَيْعَ يَبْطُلُ وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ فِي الْمَجْلِسِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ لِبُطْلَانِ الْوَكَالَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْبَيْعِ وَاسْتَشْكَلَهُ تِلْمِيذُهُ الْعِرَاقِيُّ بِمَوْتِ الْوَكِيلِ فَإِنَّ الْوَكَالَةَ تَبْطُلُ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ مُسْتَمِرٌّ قَطْعًا فَيَنْتَقِلُ الْخِيَارُ لِلْمُوَكَّلِ عَلَى الْأَصَحِّ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الْبَيْعِ بِمَوْتِ مَنْ يَقَعُ لَهُ الْعَقْدُ وَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ الْخِيَارُ فِي الْجُمْلَةِ بُطْلَانٌ بِمَوْتِ غَيْرِ هَذَا وَفِيمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ حُكْمًا وَتَعْلِيلًا نَظَرٌ اهـ فَهَلْ ذَلِكَ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا أَجَابَ بِهِ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّمَا يَتَأَتَّى لَوْ لَمْ يُسَوِّ الرُّويَانِيُّ فِي الْبُطْلَانِ بَيْنَ عَزْلِ الْوَكِيلِ وَمَوْتِ مُوَكِّلِهِ فَالْمُعْتَمَدُ اسْتِمْرَارُ الْبَيْعِ فِي صُورَتَيْ الْعَزْلِ وَالِانْعِزَالِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَكَّلَ

باب الإقرار

آخَرَ فِي قَضِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَذَكَرَهَا ثُمَّ ذَيَّلَ بِقَوْلِهِ وَفِي كُلِّ أُمُورِي وَتَعَلُّقَاتِي وَكَالَةً مُطْلَقَةً مُفَوَّضَةً إقَامَةً فِي ذَلِكَ مَقَامَ نَفْسِهِ وَرَضِيَ بِقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ فَهَلْ مَا ذَكَرَ وَكَالَةٌ صَحِيحَةٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَ وَكَالَةٌ صَحِيحَةٌ فِي تِلْكَ الْقَضِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَبَاطِلَةٌ فِي غَيْرِهَا لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ فِيهَا بِسَبَبِ الْعُمُومِ وَإِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ صِحَّتَهَا فِي غَيْرِهَا أَيْضًا. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَكَّلَ شَخْصًا فِي قَبْضِ مَالٍ ثُمَّ إنَّ الْمُوَكِّلَ وَكَّلَ شَخْصًا ثَانِيًا فِي قَبْضِ ذَلِكَ الْمَالِ مِنْ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ فَهَلْ إذَا ثَبَتَتْ وَكَالَةُ الثَّانِي وَصَدَّقَهُ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ عَلَى وَكَالَتِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّفْعُ إلَيْهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ الدَّفْعُ الْمَذْكُورُ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا وَكَّلَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْأَذَانِ وَكِيلًا هَلْ هُوَ جَائِزٌ أَوْ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا نَصَّبَهُ الْقَاضِي أَوْ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ الْمَحِلِّ وَهَلْ تَجُوزُ الْوَكَالَةُ إذَا نَصَّبَهُ الْآحَادُ أَوْضِحُوا لَنَا إيضَاحًا وَافِيًا يَزُولُ بِهِ الرَّيْبُ وَيُشْفَى بِهِ الْعَلِيلُ زَادَكُمْ اللَّهُ خَيْرًا وَأَمَدَّ أَيَّامَكُمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي الْأَذَانِ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ أَجْرُهَا لِفَاعِلِهِ فَلَا تُقْبَلُ النِّيَابَةُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [بَابُ الْإِقْرَارِ] (بَابُ الْإِقْرَارِ) (سُئِلَ) عَمَّا إذَا لَوْ أَقَرَّ الْوَالِدُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ مَثَلًا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ إنَّ الْمُتَكَلِّمَ عَلَيْهِ أَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ

الشَّرْعِيَّةِ أَنَّ الْوَلَدَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الْمَالِ الْمُقَرِّ بِهِ لِوَلَدِهِ وَادَّعَى الْمُتَكَلِّمُ بِذَلِكَ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَأَجَابَ بَعْضُهُمْ وَالْمُتَكَلِّمُ عَلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ غَيْرِ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى الْوَلَدِ الْمُقَرِّ لَهُ بِأَنَّ مَا أُثْبِتَ بِالْبَيِّنَةِ وَهُوَ زَائِدٌ يُحَاسَبُ بِهِ الْوَلَدُ مِنْ نَفَقَتِهِ وَمُؤَنِهِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ شَرْعًا لِأَنَّ نَفَقَتَهُ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْ وَالِدَهُ حَيْثُ كَانَ الْوَلَدُ مُوسِرًا فَادَّعَى الْمُتَكَلِّمُ عَلَى الْوَلَدِ الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّ الْوَالِدَ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ فِي حَالِ حَيَاتِهِ ذَلِكَ وَلَمْ يَدَّعِهِ لَمْ يُقْبَلُ قَوْلُكُمْ فِي الْمُحَاسِبَةِ بِالنَّفَقَةِ وَالْمُؤْنَةِ بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ الْوَالِدِ تَبَرُّعًا عَلَى وَلَدِهِ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَقَوْلُ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى الْبَقِيَّةِ الْأُخْرَى فِي الْمُحَاسِبَةِ وَيُعَضِّدُهُ أَنَّ الْوَالِدَ لَمْ يَعْتَرِفْ بِأَكْثَرَ مِمَّا اعْتَرَفَ بِهِ وَأَنَّ فَحْوَى كَلَامِ الْمُدَّعِي لِلْوَلَدِ أَنَّ مَا أَنْفَقَهُ الْوَالِدُ عَلَى وَلَدِهِ تَبَرَّعَ بِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَيُحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ التَّبَرُّعِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعِي لِلْوَلَدِ الْمُقَرِّ لَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْوَلَدِ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ وَالِدُهُ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يُحْسَبُ مِنْهُ مَا أَنْفَقَهُ وَالِدُهُ عَلَيْهِ إلَّا إنْ حَلَفَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ أَنَّ وَالِدَهُ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِقَصْدِ أَنْ يُحَاسِبَهُ بِهِ أَوْ شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَمْرَدَ أَقَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي مَكَانِ كَذَا مِلْكٌ وَلَمْ

يَدَّعِ احْتِلَامًا فَهَلْ يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَحْتَمِلَ عَلَيْهِ أَوْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ إقْرَارَهُ كَانَ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَهَلْ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينٍ أَوْ بِدُونِهِ وَهَلْ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِبُلُوغِ شَخْصٍ اعْتِمَادًا عَلَى طُلُوعِ شَارِبِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ إذْ ذَاكَ عَلَى طُولِ الرِّجَالِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَذْكُورِ بِذَلِكَ وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ بِهِ وَدَعْوَى الْمُقِرِّ صِبَاهُ عِنْدَ إقْرَارِهِ مَقْبُولَةٌ بِيَمِينِهِ إنْ أَمْكَنَ صِبَاهُ حِينَئِذٍ أَمَّا إذَا قَالَ أَنَا صَبِيٌّ الْآنَ فَلَا يَحْلِفُ وَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِبُلُوغِ شَخْصٍ اعْتِمَادًا عَلَى طُلُوعِ شَارِبِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ أَوْ طُولِهِ. (سُئِلَ) عَنْ مَرِيضٍ أُشْهِدَ عَلَيْهِ فِي وَصِيَّتِهِ بِمَا نَصُّهُ وَأَقَرَّ الْمُوصِي الْمُشَارُ إلَيْهِ أَنَّ فِي ذِمَّتِهِ بِحَقٍّ صَحِيحٍ شَرْعِيٍّ لِمَنْ يَذْكُرُ فِيهِ مَبْلَغُ كَذَا عَلَى مَا يُفَصِّلُ فِيهِ فَمِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ لِوَلَدِهِ فُلَانٍ عَمَّا تَأَخَّرَ لَهُ مِنْ تَرِكَةِ وَالِدَتِهِ كَذَا وَمَا هُوَ لِفُلَانٍ كَذَا إلَى آخِرِ تَفَاصِيلِ الْمَبْلَغِ فَهَلْ تَقْدِيمُ جُمْلَةِ الْمَبْلَغِ الْمُقَرِّ بِهِ لِلْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ عَلَى التَّفْصِيلِ إقْرَارٌ صَحِيحٌ لِلْأَوَّلِ وَالْحَالُ أَنَّ أُمَّهُ لَمْ تَمُتْ أَوْ لَيْسَ ذَلِكَ إقْرَارًا صَحِيحًا لِلْأَوَّلِ لِكَوْنِهِ لَمَّا فَصَّلَ مَا أَجْمَلَ أَوَّلًا قُدِّمَ إقْرَارُهُ عَمَّا لَوْ تَأَخَّرَ لَهُ مِنْ قِبَلِ تَرِكَةِ وَالِدَتِهِ عَلَى ذِكْرِ الْقَدْرِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ

لِوَلَدِهِ الْمَذْكُورِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ تَقْدِيمِ الرَّافِعِ عَلَى ذِكْرِ الْمُقَرِّ بِهِ فَيَكُونُ إقْرَارًا بَاطِلًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْإِقْرَارَ لِوَلَدِهِ صَحِيحٌ عَمَلًا بِالْإِقْرَارِ الْمُجْمَلِ وَلَيْسَ فِي تَفْصِيلِهِ مَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهُ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ مِنْ التَّجَوُّزِ بِوَالِدَتِهِ عَنْ جَدَّةٍ لَهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ التَّجَوُّزُ بِتَرِكَةِ وَالِدَتِهِ عَنْ مَالِهَا الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ فِي حَيَاتِهَا بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ إذْ لَا يُحْكَمُ بِبُطْلَانِ الْإِقْرَارِ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ تَصْحِيحِهِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا وَلَئِنْ سَلَّمْنَا وُجُودَ مَانِعٍ مِنْ تَفْصِيلِهِ فَهُوَ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ مِنْ تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إسْقَاطِ الْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ لِوَلَدِهِ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ مَبْلَغِ الْإِقْرَارِ الْمُجْمَلِ الَّذِي أَسْنَدَهُ بِحَقٍّ صَحِيحٍ شَرْعِيٍّ. (سُئِلَ) عَنْ عَقَارٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَعَوَّضَ زَيْدٌ عَمْرًا عَنْ حِصَّتِهِ فِي ذَلِكَ عَقَارًا آخَرَ فَقَبِلَ عَمْرٌو ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ بِسَبَبِ حِصَّتِهِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى زَيْدٍ حَقًّا وَلَا دَعْوَى وَلَا طَلَبًا وَلَا أُجْرَةً وَلَا شَيْئًا قَلَّ وَلَا جَلَّ وَثَبَتَ التَّعْوِيضُ وَالْإِقْرَارُ الْمَذْكُورَانِ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِمَا وَاتَّصَلَ ذَلِكَ بِقَاضٍ آخَرَ فَنَفَذَ ثُمَّ مَاتَ عَمْرٌو فَادَّعَتْ وَرَثَتُهُ أَنَّهُ كَانَ مَجْنُونًا مُطْبَقًا أَوْ مَجْنُونًا وَقْتَ التَّعْوِيضِ وَالْإِقْرَارِ الْمَذْكُورَيْنِ وَأَقَامَتْ

بِذَلِكَ بَيِّنَةً وَحَكَمَ بِمُوجِبِهَا أَيْضًا حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ فَهَلْ يَنْقُضُ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ الْمُنَفَّذَ الْمَذْكُورَ أَمْ يَعْمَلُ بِهِ وَيَنْفِي الْحُكْمَ الثَّانِيَ أَمْ يَتَعَارَضَانِ فَيَتَسَاقَطَانِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْحُكْمِ بِالتَّعْوِيضِ وَالْإِقْرَارِ الْمَذْكُورَيْنِ وَهُوَ الْحَاصِلُ مِنْ تَسَاقُطِهِمَا أَيْضًا (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْوَرْدِيِّ فِي مَسْأَلَةٍ ذُكِرَتْ عَنْهُ وَهِيَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُدُسًا كَمْ يَلْزَمُهُ فَقَالَ يَلْزَمُهُ سَبْعَةُ دَرَاهِمَ إذْ الْمَعْنَى اثْنَا عَشَرَ دَرَاهِمَ وَأَسْدَاسًا فَيَكُونُ النِّصْفُ دَرَاهِمَ وَهِيَ سِتَّةُ دَرَاهِمَ وَالنِّصْفُ أَسْدَاسًا وَهِيَ سِتَّةُ أَسْدَاسٍ بِدِرْهَمٍ فَهَذِهِ سَبْعَةٌ وَلَوْ قَالَ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَرُبُعًا لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَى سَبْعَةٍ وَنِصْفٍ وَلَوْ قَالَ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَثُلُثًا يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ أَوْ نِصْفًا فَتِسْعَةٌ ثُمَّ هَكَذَا هَذَا نَصُّ كَلَامِهِ فَهَلْ قَوْلُ ابْنِ الْوَرْدِيِّ مَذْكُورٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ الْوَرْدِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَيْسَ بِبَعِيدٍ بَلْ هُوَ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ إذْ الِاثْنَا عَشَرَ مُبْهَمَةٌ وَقَدْ أَتَى بَعْدَهَا بِمُمَيِّزَيْنِ مُفَسِّرَيْنِ لَهُمَا فَحُمِلَا عِنْدَ انْتِفَاءِ تَفْسِيرِ الْمُقِرِّ أَوْ وَارِثِهِ عَلَى تَمَيُّزِ كُلٍّ لِنِصْفِهَا دَفْعًا لِلتَّحَكُّمِ وَعَمَلًا بِقَوْلِ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

أَصْلُ مَا أَبْنِي عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ أَنْ أَلْزَمَ الْيَقِينَ وَأَطْرَحَ الشَّكَّ وَلَا أَسْتَعْمِلَ الْغَلَبَةَ وَلِهَذَا لَمْ يَعْمَلْ بِلُزُومِ الْمُقِرِّ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُدُسُ دِرْهَمٍ حَمْلًا لِلْكَسْرِ عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَأَنَّ الْمُقِرَّ أَخْطَأَ فِي نَصْبِهِ أَوْ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُضْمِرٍ وَلَا بِلُزُومِهِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَاثْنَيْ عَشَرَ سُدُسًا وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى سَبْعَةٌ وَفِي الثَّانِيَةِ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ وَفِي الثَّالِثَةِ ثَمَانِيَةٌ وَفِي الرَّابِعَةِ تِسْعَةٌ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْكَسْرَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَنَحْوِهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَيَلْزَمُهُ فِي الْأُولَى اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُدُسُ دِرْهَمٍ وَفِي الثَّانِيَةِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَرُبُعُ دِرْهَمٍ وَفِي الثَّالِثَةِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ وَفِي الرَّابِعَةِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَنِصْفُ دِرْهَمٍ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَظْهَرَ مُسْتَنِدًا بِإِقْرَارِ شَخْصٍ لَهُ بِدَيْنٍ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ اسْمَهُ فِي الْمُسْتَنَدِ عَارِيَّةً وَأَنَّ الدَّيْنَ الْمُقَرَّ بِهِ لِفُلَانٍ وَصَدَّقَهُ وَأَحَالَ بِهِ شَخْصًا ثُمَّ بَلَغَ ذَلِكَ مَنْ نُسِبَ إلَيْهِ الْإِقْرَارُ فِي ذَلِكَ الْمُسْتَنَدِ فَأَظْهَرَ مُسْتَنَدًا مَحْكُومًا فِيهِ بِإِقْرَارِ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِأَنَّ عَلَيْهِ لِمَنْ نُسِبَ إلَيْهِ الْإِقْرَارُ كَذَا وَكَذَا وَأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ وَلَا اسْتِحْقَاقَ فِي جِهَتِهِ إلَى آخِرِ الْأَلْفَاظِ الْمُكْتَتَبَةِ عَلَى الْعَادَةِ وَتَارِيخُ

هَذَا الْمُسْتَنَدِ مُتَأَخِّرٌ بِأَيَّامٍ عَنْ مُسْتَنَدِ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ وَمُتَقَدِّمٌ عَلَى تَارِيخِ الْإِقْرَارِ بِأَنَّ اسْمَهُ عَارِيَّةٌ أَوْ الْحَوَالَةِ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعَوَّلَ بِهِ الْمُسْتَنَدُ الْمَحْكُومُ فِيهِ بِالْإِقْرَارِ بِالْمَبْلَغِ وَعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَا اعْتِبَارَ بِمُسْتَنَدِ الْإِقْرَارِ بِأَنَّ اسْمَهُ عَارِيَّةٌ أَوْ الْحَوَالَةُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَقَرَّ زَيْدٌ لِعَمْرٍو بِشَيْءٍ وَأَنَّهُ طَائِعٌ مُخْتَارٌ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ ثُمَّ قَالَ كُنْت مُكْرَهًا عَلَيْهِ وَلِي بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِالْإِكْرَاهِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ مَعَ مُخَالَفَتِهِمَا الْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ سَوَاءٌ حَكَمَ بِمُوجِبِهِ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ هُنَاكَ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى الْإِكْرَاهِ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ تُقْبَلُ وَتُسْمَعُ فَمَا الْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الدَّعْوَى أَنْ لَا يُنَافِيَهَا دَعْوَى أُخْرَى وَأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ انْفِرَادَهُ بِالْقَتْلِ ثُمَّ عَلَى آخَرَ شَرِكَةً أَوْ انْفِرَادًا لَمْ تُسْمَعْ الثَّانِيَةُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ بَيَّنَ فِي دَعْوَاهُ مَا أُكْرِهَ بِهِ وَأَنَّهُ أُكْرِهَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالطَّوَاعِيَةِ وَالِاخْتِيَارِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَتُهُ كَذَلِكَ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَقُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَقُدِّمَتْ عَلَى تِلْكَ الْبَيِّنَةِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَالِ وَإِلَّا فَلَا تُسْمَعُ وَلَا تُقْبَلُ وَحِينَئِذٍ لَمْ يَسْبِقْ مِنْ الْمُدَّعِي مَا يُنَافِي دَعْوَاهُ الْمَسْمُوعَةَ إذْ السَّابِقُ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الْإِكْرَاهِ لَا اعْتِبَارَ بِهِ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصَيْنِ

صَدَرَ بَيْنَهُمَا إقْرَارٌ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِ قَاضٍ شَافِعِيٍّ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِدَيْنٍ وَأَنَّهُ سَهَا عَنْهُ حَالَ الْإِقْرَارِ فَاسْتَمْهَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيَأْتِيَ بِدَافِعٍ فَأُمْهِلَ فَذَهَبَ إلَى قَاضٍ حَنَفِيٍّ وَطَلَبَ خَصْمَهُ إلَى عِنْدِهِ فَأَحْضَرَهُ وَاتَّصَلَ بِهِ الْإِقْرَارُ فَحَكَمَ عَلَى مُدَّعِي السَّهْوِ بِعَدَمِ مُعَارَضَتِهِ خَصْمَهُ بِسَبَبٍ فَهَلْ حُكْمُهُ صَحِيحٌ مَانِعٌ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ حُكْمَ الْحَنَفِيِّ لَا اعْتِبَارَ بِهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا حَكَمَ بِهِ الشَّافِعِيُّ إذْ قَوْلُهُ بِمُوجِبِهِ مِنْ قَوْلِهِ حَكَمْت بِمُوجِبِهِ مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ فَكَأَنَّهُ قَالَ حَكَمْت بِكُلِّ مُقْتَضٍ مِنْ مُقْتَضَيَاتِهِ وَمِنْهَا سَمَاعُ دَعْوَى السَّهْوِ فَمَا وَقَعَ مِنْ الْحَنَفِيِّ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْهُمَا. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَقَرَّ لِشَخْصٍ بِكَذَا وَكَذَا أَشَرَفِيًّا ثُمَّ مَاتَ صَاحِبُ الدَّيْنِ وَالْمَدْيُونُ فَاخْتَلَفَتْ وَرَثَتُهُمَا فَقَالَتْ وَرَثَةُ صَاحِبِ الدَّيْنِ إنَّ الْمَبْلَغَ الْمُقَرَّ بِهِ ذَهَبَ وَقَالَ وَرَثَةُ الْمَدْيُونِ إنَّهُ فِضَّةٌ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَشْرَفِيَّ يُطْلَقُ فِي الْعُرْفِ عَلَى الْقَدْرِ الْمَعْلُومِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَهُوَ مُجْمَلٌ فَيُرْجَعُ فِي تَفْسِيرِهِ إلَى الْمُقِرِّ ثُمَّ إلَى وَرَثَتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ هَذِهِ الْأَسْئِلَةُ لَمْ تُوجَدْ فِي غَالِبِ النُّسَخِ فَلِذَا فِيهَا بَعْضُ السَّقَامَةِ وَهِيَ نَحْوُ الْخَمْسَةِ

بِأَيْمَانِهِمْ فِي أَنَّ الْقَدْرَ الْمُقَرَّ بِهِ مِنْ الْفِضَّةِ. (سُئِلَ) عَنْ أَعْيَانٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَبِنْتِهِ الْقَاصِرَةِ وَحَمَاتِهِ لَهُ ثُلُثُهَا وَلِبِنْتِهِ نِصْفُهَا وَلِحَمَاتِهِ سُدُسُهَا فَأَقَرَّ أَنَّهَا لَبِنْتِهِ وَحَمَاتِهِ وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا شَيْءٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا لِكُلٍّ مِنْ بِنْتِهِ وَحَمَاتِهِ فَهَلْ تَكُونُ الْأَعْيَانُ الْمَذْكُورَةُ بَيْنَ بِنْتِهِ وَحَمَاتِهِ نِصْفَيْنِ عَمَلًا بِظَاهِرِ إقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ أَمْ أَثْلَاثًا لِبِنْتِهِ الثُّلُثَانِ وَلِحَمَاتِهِ الثُّلُثُ سَوَاءً قَالَ أَرَدْت ذَلِكَ أَمْ لَا لِأَنَّ حِصَّتَهُ تُقْسَمُ بَيْنَ بِنْتِهِ وَحَمَاتِهِ زِيَادَةً عَلَى حِصَّتِهِمَا وَلَوْ قَالَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَرَدْت أَنَّ حُمَّاتِي لَهَا السُّدُسُ وَبَقِيَّةُ الْأَعْيَانِ لِبِنْتِي فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينٍ أَمْ دُونَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَعْيَانَ الْمَذْكُورَةَ تَكُونُ بَيْنَ بِنْتِهِ وَحُمَّاتِهِ أَثْلَاثًا لِبِنْتِهِ الثُّلُثَانِ وَلِحَمَاتِهِ الثُّلُثُ حَمْلًا لِإِقْرَارِهِ عَلَى مَا يَنْفُذُ فِيهِ وَهِيَ حِصَّتُهُ فَتَكُونُ مَقْسُومَةً بَيْنَهُمَا زِيَادَةً عَلَى حِصَّتِهِمَا سَوَاءً أَقَصَدَ ذَلِكَ أَمْ أَطْلَقَ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إرَادَتِهِ الْمَذْكُورَة أَنْ صَدَّقَتْهُ حَمَاتُهُ عَلَيْهَا بِلَا يَمِينٍ وَإِلَّا فَبِيَمِينٍ. (سُئِلَ) عَمَّنْ ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ بِشَيْءٍ وَقَالَ عِنْدِي شَاهِدٌ يَشْهَدُ بِهِ فَقَالَ إنْ كَانَ لَك عَلَيَّ بِهِ شَاهِدٌ فَهُوَ عِنْدِي فَهَلْ ذَلِكَ إقْرَارٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِالْإِقْرَارِ وَلِأَنَّ الْوَاقِعَ لَا يُعَلَّقُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إنْ يَشْهَدْ شَاهِدَانِ عَلَيَّ بِهِ فَهُمَا

صَادِقَانِ حَيْثُ يَكُونُ مُقِرًّا بِهِ لِأَنَّهُمَا لَا يَكُونَانِ صَادِقِينَ إلَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ الْمُدَّعَى بِهِ الْآنَ فَيَلْزَمُهُ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ صَدَرَ بَيْنَهُمَا إقْرَارٌ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ نَسِيَ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ وَأَنْكَرَتْ نِسْيَانَهُ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهَا أَوْ قَوْلُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي أَنَّهُ نَسِيَهُ فَإِذَا حَلَفَ كَذَلِكَ اسْتَحَقَّهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ ادَّعَى دَيْنًا لِمُورَثِهِ عَلَى آخَرَ فَادَّعَى أَدَاءَهُ لِلْمُورَثِ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً فَادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّهُ أَقَرَّ بَعْد مَوْتِ مُورَثِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ حَالَ قَرَارِهِ كَانَ نَاسِيًا لِأَدَائِهِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ النِّسْيَانَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ النِّسْيَانَ لِغَلَبَتِهِ عَلَى الْإِنْسَانِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ فِي إقْرَارِهِ بِدَيْنٍ لِمُورَثِ شَخْصٍ وَأَنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِي إلَى وَقْتِ الْإِقْرَارِ ثُمَّ أَنْكَرَ بَقَاءَهُ وَادَّعَى دَفْعَهُ لِلْمُورَثِ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً فَهَلْ تُقْبَلُ أَمْ لَا لِتَكْذِيبِهِ لَهَا بِمَا مَرَّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِدَفْعِهِ الْمُقَرَّ بِهِ لِمَا ذَكَرَ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصَيْنِ صَدَرَ بَيْنَهُمَا إقْرَارٌ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ وَمِنْ أَلْفَاظِهِ وَلَا نِسْيَانًا ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا نِسْيَانَ شَيْءٍ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا أَقَرَّ بِهِ أَوَّلًا وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ إذَا لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ تَصْرِيحٌ بِالْتِزَامِ حُكْمِهِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ

الدَّارَ عَامِدًا وَلَا نَاسِيًا فَدَخَلَهَا نَاسِيًا حَنِثَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَعَارَ أَعْيَانًا مِنْ شَخْصٍ فَهَلْ تَتَضَمَّنُ اسْتِعَارَتُهُ إقْرَارَهُ بِمِلْكِهَا لِلْمُعِيرِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا لَيْسَتْ إقْرَارًا بِمِلْكِ مُعِيرِهَا لَهَا. (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ أَقَرَّتْ بِدَيْنٍ لِابْنِهَا ثُمَّ أَحَالَتْهُ بِهِ عَلَى ذِمَّةِ زَوْجِهَا فِي غَيْبَتِهِ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ حَاكِمٌ شَافِعِيٌّ ثُمَّ أَقَرَّ بِحَضْرَةِ حَاكِمٍ حَنَفِيٍّ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي دَيْنِ الْحَوَالَةِ وَأَنَّهُ لِوَالِدَتِهِ ثُمَّ ادَّعَى بِهِ عَلَى زَوْجِهَا وَأَقَرَّ بِهِ لَهَا وَقَبَضَ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ أَنْظَرَهُ فِي بَاقِيهِ مِنْ غَيْرِ وَكَالَةٍ مِنْهَا فَهَلْ يَصِحُّ إقْرَارُ الْوَلَدِ أَوْ دَعْوَاهُ وَإِنْظَارُهُ أَمْ لَا وَهَلْ لَهَا مُطَالَبَةُ زَوْجِهَا بِدَيْنِهَا أَمْ لَا (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُ الْوَلَدِ وَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَلَا إنْظَارُهُ وَلَهَا قَبْضُهُ وَلَهَا مُطَالَبَةُ زَوْجِهَا بِجَمِيعِ دَيْنِهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ ثُمَّ اطَّلَعَ الْبَائِعُ عَلَى عَيْبٍ بِالثَّمَنِ ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا فَلِمَنْ تَكُونُ قِيمَةُ الْوَلَدِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى فَسَخَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ بِالْعَيْبِ اسْتَرَدَّهَا لِعَدَمِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى عِتْقِهَا وَأَمَّا وَلَدُهَا الْمَذْكُورُ فَهُوَ حُرٌّ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ طَلَبُ قِيمَتِهِ أَمَّا الْبَائِعُ فَلِاعْتِرَافَةِ بِحُدُوثِهِ عَلَى مِلْكِ مُشْتَرِيهَا لِأَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَلِاعْتِرَافِهِ

بِكَوْنِهِ حُرَّ الْأَصْلِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَطْلَقَ الْإِقْرَارَ بِالْبُلُوغِ وَلَمْ يُعَيِّنْ نَوْعًا فَفِي قَبُولِهِ وَجْهَانِ أَيُّهُمَا أَصَحُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصَحَّ اسْتِفْسَارُهُ لِاحْتِمَالِ دَعْوَاهُ بُلُوغَهُ بِالسِّنِّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْمُخْتَارُ اسْتِفْسَارُهُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ أَسْتَثْنِي أَوْ أُقْرِضُهُ مِنْهُ مِائَةً فَفِي كَوْنِهِ اسْتِثْنَاءً صَحِيحًا وَجْهَانِ أَيُّهُمَا أَصَحُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ صَحِيحٌ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ إلَّا تِسْعُمِائَةٍ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْغَزِّيِّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ أَقَرَّ آخَرُ بِقَبْضِ مَالٍ مِنْ شَخْصٍ ثُمَّ قَالَ أَقْرَرْت وَلَمْ أَقْبِضْ فَلَهُ التَّحْلِيفُ فَلَوْ أَقَرَّ بِالْقَبْضِ وَبِوُصُولِ السَّبَبِ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّحْلِيفُ مَا مِثَالُ إقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ وَبِوُصُولِ السَّبَبِ إلَيْهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مِثَالَ إقْرَارِهِ بِقَبْضِ الْمَالِ وَبِوُصُولِ السَّبَبِ أَنْ يُقِرَّ الْبَائِعُ أَوْ الْمُقْتَرِضُ مَثَلًا بِقَبْضِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَبِوُصُولِ الثَّمَنِ أَوْ الْقَرْضِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ ثَبَتَ دَيْنٌ وَإِقْرَارٌ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ هَلْ يُقَدَّمُ الدَّيْنُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ أَمْ يُقَدَّمُ الْإِقْرَارُ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ كَمَا قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ وَمَا الْمُعْتَمَدِ فِي ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُحْكَمُ بِبَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ الْمُثْبِتَةِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ أَصْلُ شَغْلِ ذِمَّتِهِ إذْ لَوْلَاهُ لَجَعَلَنَا إقْرَارَ الْمُقِرِّ لَهُ تَكْذِيبًا لِلْمُقِرِّ وَلَا يُصَارُ إلَى

ذَلِكَ بِاحْتِمَالٍ وَإِذَا ثَبَتَ أَصْلُ الشَّغْلِ فَلَا يُتْرَكُ بِاحْتِمَالِ تَأَخُّرِ الْإِقْرَارِ الثَّانِي عَنْ الْإِقْرَارِ الْمُثْبِتِ وَهَذَا بَعْضُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الْأَنْوَارِ فَإِنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي الْإِبْرَاءِ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ الْقَاصِّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ وَلَوْ جَاءَ بِصَكٍّ فِي إبْرَائِهِ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا أَوْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا تَارِيخٌ أَوْ تَارِيخُهُمَا وَاحِدٌ أَوْ تَارِيخُ الْبَرَاءَةِ مُتَأَخِّرٌ لَمْ يَلْزَمْنِي شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ تَارِيخُ الْإِقْرَارِ مُتَأَخِّرًا لَزِمَهُ وَلْيَكُنْ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الصَّكَّيْنِ بَيِّنَةٌ أَوْ إقْرَارٌ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ بِالْكِتَابِ الْمُجَرَّدِ مُسْتَبْعَدٌ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِأَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا هَلْ هَذَا هُوَ إقْرَارٌ أَمْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ أَمْ يُفْصَلُ بَيْنَ أَنْ يَصْدُرَ ذَلِكَ مِمَّنْ عُرِفَ مِنْهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْإِقْرَارِ أَوْ بِنِسْبَتِهِ إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَمْزَةِ الْمُتَكَلِّمِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَ إقْرَارٌ فَفِي الرَّوْضَةِ إنْ كَتَبَ لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ لِلشُّهُودِ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ كَمَا لَوْ كَتَبَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَقَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا كَتَبَ زَيْدٌ اهـ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ بِلَا لَفْظٍ لَيْسَتْ إقْرَارًا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَلَفَّظَ بِهِ كَانَ إقْرَارًا وَفِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ إذَا قَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ أَنَّنِي وَقَفْت

جَمِيعَ أَمْلَاكِي وَذَكَرَ مَصَارِفَهَا أَوْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا صَارَ الْجَمِيعُ وَقْفًا وَلَا يَضُرُّ جَهْلُ الشُّهُودِ بِالْحُدُودِ وَلَا سُكُوتُهُ عَنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ اهـ وَإِنْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ قَالَ إنَّ مَا ذُكِرَ فِي مَسْأَلَتِنَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْهُ صِيغَةُ أَمْرٍ لَا صِيغَةُ إخْبَارٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا تَعْلَمُونَ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَمَّا لَوْ أَتَى بِهَمْزَةِ الْمُتَكَلِّمِ فَقَالَ أَشْهَدُ عَلَيَّ بِأَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا فَهُوَ إقْرَارٌ وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَقَرَّ لِزَيْدٍ بِبَقَرٍ هَلْ يَكُونُ كَالدِّرْهَمِ فَيُحْمَلُ عَلَى ثَلَاثَةٍ أَمْ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِأَقَلَّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْبَقَرِ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٌّ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ بِتَاءِ التَّأْنِيثِ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ كَالْجَمْعِ بِخِلَافِ اسْمِ الْجِنْسِ الْإِفْرَادِيِّ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْبَيْتَ وَأَثَاثَهُ مِلْكٌ لِبِنْتِهِ فُلَانَةَ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَوُجِدَ فِي الْبَيْتِ خَتْمَةٌ وسقرق وَنَقْدٌ مَثَلًا فَهَلْ تَسْتَحِقُّ الْبِنْتُ الْجَمِيعَ لِأَنَّ الْأَثَاثَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي أَثَاثِ الْبَيْتِ عَلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ بِمَعْنَى فِي أَيْ الْأَثَاثُ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ فِي الْبَيْتِ أَوْ الْإِضَافَةُ بِمَعْنَى اللَّامِ الَّتِي لِلِاسْتِحْقَاقِ فَلَا يَدْخُلُ النَّقْدُ وَلَا الْخِتْمَةُ وَلَا السقرق فَإِنَّهَا لَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْبَيْتِ

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَسْتَحِقُّ الْخِتْمَةَ وَلَا النَّقْدَ وَلَا السقرق لِأُمُورٍ مِنْهَا أَنَّ الْإِقْرَارَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْيَقِينِ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَصْلُ مَا أَبْنِي عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ أَنْ أَلْزَمَ الْيَقِينَ وَأَطْرَحَ الشَّكَّ وَلَا أَسْتَعْمِلَ الْغَلَبَةَ وَمِنْهَا أَنَّ تَقْدِيرَ اللَّامِ فِي الْإِضَافَةِ هُوَ الْأَصْلُ وَلِذَلِكَ يُحْكَمُ بِهِ مَعَ صِحَّةِ تَقْدِيرِهَا وَتَقْدِيرِ غَيْرِهَا نَحْوِ يَدِ زَيْدٍ وَمِنْهَا أَنَّ مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْإِضَافَةَ لَا تُقَدَّرُ بِغَيْرِ مِنْ وَاللَّامِ وَنَحْوُ {مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [سبأ: 33] مُقَدَّرٌ بِاللَّامِ عِنْدَهُمْ عَلَى التَّوَسُّعِ بَلْ ذَهَبَ ابْنُ الصَّائِغِ إلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ عَلَى كُلِّ حَالٍ (سُئِلَ) عَمَّنْ اُتُّهِمَ بِسَرِقَةٍ فَضُرِبَ لِيَصْدُقَ فَأَقَرَّ وَقُلْتُمْ بِصِحَّةِ إقْرَارِهِ فَهَلْ يَجُوزُ ضَرْبُهُ أَوْ الْأَمْرُ بِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَنْ ضُرِبَ لِيَصْدُقَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ أَقَرَّ حَالَ الضَّرْبِ كُرِهَ الْعَمَلُ بِهِ بَلْ يُتْرَكُ وَيُسْتَعَادُ فَإِنْ أَقَرَّ عُمِلَ بِهِ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ ثُمَّ قَالَ وَقَبُولُ إقْرَارِهِ حَالَ الضَّرْبِ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ الْمُكْرَهِ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مُكْرَهًا إذْ الْمُكْرَهُ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُنَا إنَّمَا ضُرِبَ لِيَصْدُقَ وَلَا يَنْحَصِرُ الصِّدْقُ فِي الْإِقْرَارِ وَقَبُولُ إقْرَارِهِ بَعْدَ الضَّرْبِ فِيهِ نَظَرٌ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إعَادَةُ الضَّرْبِ إنْ لَمْ يُقِرَّ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إذَا انْحَصَرَ الصِّدْقُ فِيهِ وَعَلِمَهُ الْمُكْرَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إكْرَاهٌ

لِأَنَّهُ لَا يَتَخَيَّلُهُ إلَّا بِهِ اهـ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْلِيلِ النَّوَوِيِّ فَيُحْمَلُ كَلَامُ النَّوَوِيِّ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ وَقَالَ الْعَلَائِيُّ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ صَحِيحٌ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِهَذَا الْإِقْرَارِ أَثَرٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَا يُفْعَلُ فِي زَمَانِنَا مِنْ الضَّرْبِ لِيُقِرَّ بِالْحَقِّ وَيُرَادُ الْإِقْرَارُ بِمَا اُتُّهِمَ بِهِ الصَّوَابُ أَنَّهُ إكْرَاهٌ سَوَاءً أَقَرَّ بِهِ حَالَ الضَّرْبِ أَمْ بَعْدَهُ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقِرَّ ضُرِبَ ثَانِيًا وَحِينَئِذٍ فَالرَّاجِحُ أَنَّهُ إذَا انْحَصَرَ الصِّدْقُ فِي إقْرَارِهِ وَعَلِمَهُ الْمُكْرَهُ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ لَا يُخَلِّيهِ إلَّا بِهِ وَكَذَا إذَا أَرَادَ بِهِ بِإِقْرَارِهِ بِمَا اُتُّهِمَ بِهِ وَسَوَاءً أَقَرَّ حَالَ الضَّرْبِ أَمْ بَعْدَهُ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقِرَّ ضُرِبَ ثَانِيًا وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ إقْرَارِهِ فِي الْحَالَيْنِ هُوَ الَّذِي يَجِبُ اعْتِمَادُهُ فِي هَذِهِ الْأَعْصَار مِنْ ظُلْمِ الْوُلَاةِ وَشِدَّةِ جَرَاءَتِهِمْ عَلَى الْعُقُوبَاتِ اهـ وَلَا يَجُوزُ ضَرْبُهُ وَلَا الْأَمْرُ بِهِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلَيْنِ تَخَاصَمَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ إنَّ لِي عَلَيْك فَضْلًا فَقَدْ أَقْرَضْتُك عَشْرَةَ دَنَانِيرَ ذَهَبًا أَوْصَلْتنِي مِنْهَا ثَمَانِيَةً وَبَقِيَ لِي مِنْهَا دِينَارَانِ فِي ذِمَّتِك فَقَالَ خَصْمُهُ مَا أُقْرِضْت مِنْك شَيْئًا وَإِنِّي أَسْتَحِقُّ عَلَيْك الثَّمَانِيَةَ الَّتِي اعْتَرَفْت بِوُصُولِهَا مِنِّي ثُمَّ ادَّعَى بِهَا عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِإِقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يُؤَاخَذُ بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ أَوْ لَا

لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي عَلَى سَبِيلِ الْمَنِّ وَالْحِكَايَةِ لَا فِي جَوَابِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ كَانَتْ عَلَيَّ أَوْ كَانَ لَك عِنْدِي كَذَا فَإِنَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ فِي الْحَالِ بِشَيْءٍ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَسَوَاءً فِي ذَلِكَ الدَّيْنُ وَالْعَيْنُ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَلْزَمُهُ الثَّمَانِيَةُ الدَّنَانِيرُ لِخَصْمِهِ لِإِقْرَارِهِ بِقَبْضِهَا مِنْهُ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ إقْرَاضُهُ إيَّاهُ فَقَدْ قَالُوا وَلَوْ قَالَ أَخَذْت مِنْ فُلَانٍ أَلْفًا كَانَ لِي عِنْدَهُ قَرْضًا أَوْ وَدِيعَةً أَوْ بِالرَّدِّ إلَى الْمُقِرِّ لَهُ ثُمَّ بِالدَّعْوَى وَلَوْ قَالَ أَعْطَانِي أَلْفًا لِأَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ الْعَبْدَ وَقَدْ اشْتَرَيْته بِهِ وَكَذَّبَهُ بَطَلَ إقْرَارُهُ فِي الْعَبْدِ وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ الَّتِي أَقَرَّ لَهُ بِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ وَاضِحٌ (سُئِلَ) عَنْ جَمَاعَةٍ لَهُمْ دَيْنٌ عَلَى شَخْصٍ وَفَّاهُمْ بَعْضَهُ ثُمَّ قَارَضَهُمْ عَنْ بَعْضِهِ الْآخَرِ ثُمَّ أَقَرَّ كُلٌّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْآخَرِ حَقًّا مُطْلَقًا وَوَسِعَ الْأَلْفَاظَ ثُمَّ ادَّعَى نِسْيَانَ قَدْرٍ زَائِدٍ عَلَى ذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّ مَا ادَّعَى نِسْيَانَهُ ذُكِرَ فِي مَجْلِسِ الْخُصُومَةِ مِرَارًا وَأَحْضَرَ مِنْ يَدِهِ وَرَقَةً مُسَطَّرًا بِهَا الْقَدْرُ الْمُتَصَادَقُ عَلَيْهِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إذْ نِسْيَانُهُ لِذَلِكَ الْقَدْرِ عَقِبَ مَا ذُكِرَ بَعِيدٌ نَادِرٌ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ

وَصَارَ كَمَا لَوْ عَلَّقَ ظِهَارَ زَوْجَتِهِ عَلَى فِعْلِهِ ذَاكِرًا لِلتَّعْلِيقِ ثُمَّ ادَّعَى نِسْيَانَهُ لِلظِّهَارِ عَقِبَ فِعْلِهِ فَأَمْسَكَهَا فَإِنَّهُ يَصِيرُ عَائِدًا. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَبْرَأَ شَخْصًا مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الْمُبَرَّأَ قَالَ الدَّيْنُ الَّذِي أَبْرَأْتنِي مِنْهُ لَك عَلَيَّ فَهَلْ يَكُونُ إقْرَارًا بِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِهِ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ يُنَافِي أَوَّلُهَا آخِرَهَا فَيَلْغُو وَبَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ تُنَافِي الْإِقْرَارَ بِهِ لِمُبَرِّئِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ دَارِي هَذِهِ أَوْ ثَوْبِي هَذَا لِزَيْدٍ وَكَمَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ كَلْبٍ فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِرَفْعِهِ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ وَيُحْتَمَلُ بِدَلَالَةِ السِّيَاقِ أَنَّ تَقْدِيرَ كَلَامِهِ كَانَ لَك عَلَيَّ. (سُئِلَ) هَلْ إقْرَارُ السَّفِيهِ فِيمَا يَثْبُتُ ضِمْنًا صَحِيحٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ إقْرَارَهُ الْمَذْكُورِ صَحِيحٌ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِقِصَاصٍ فَعَفَا مُسْتَحِقُّهُ عَلَى الدِّيَةِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ إنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ صُدِّقَ فِي دَعْوَى الْوَدِيعَةِ وَالرَّدِّ وَالتَّلَفِ هَلْ يَشْمَلُ مَا لَوْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ إنَّمَا هِيَ عَارِيَّةٌ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا إذَا قَالَ الْمَالِكُ أَعَرْتُك وَقَالَ الْآخَرُ أَوْدَعْتنِي فَإِنَّ الْمُصَدَّقَ الْمَالِكُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنَّمَا يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ فِي دَعْوَى الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ لَفْظَهُ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ضَمَانٍ

وَلَا دِينِيَّةٍ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْعَيْنَ بَاقِيَةٌ عِنْدَ إقْرَارِهِ وَحِينَئِذٍ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّهَا عَارِيَّةٌ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُلْزَمَةٍ إذْ لَا ضَمَانَ بِسَبَبِهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ فَإِنْ وَقَعَ هَذَا الِاخْتِلَافُ بَعْدَ تَلَفِهَا فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ بِيَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْوَدِيعَةِ ضَمِنَهَا الْمُقِرُّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِائْتِمَانِ الدَّافِعِ لِلضَّمَانِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي أَصْلِ الْإِذْن كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي صِفَتِهِ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْمُصَدَّقَ الْمُقِرُّ وَأَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا حَلَفَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَبَضَتْ صَدَاقَهَا مِنْ مِيرَاثِ زَوْجِهَا وَأَقَرَّتْ أَنَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ وَرَثَتِهِ وَلَا فِي تَرِكَتِهِ حَقًّا وَلَا اسْتِحْقَاقًا وَلَا دَعْوَى وَلَا طَلَبًا وَلَا فِضَّةً وَلَا ذَهَبًا وَلَا دَيْنًا وَلَا عَيْنًا وَلَا صَدَاقًا وَلَا بَقِيَّةً مِنْ صَدَاقٍ وَلَا كِسْوَةً وَلَا نَفَقَةً وَلَا مُتْعَةً وَلَا تَقْرِيرًا عَنْ ذَلِكَ وَلَا حَقًّا مِنْ الْحُقُوقِ وَلَا شَيْئًا قَلَّ وَلَا جَلَّ لِمَا سَلَف مِنْ الزَّمَانِ وَإِلَى تَارِيخِهِ وَأَبْرَأَتْ ذِمَّتَهُمْ وَيَدَهُمْ وَأَمَانَتَهُمْ الْبَرَاءَةَ الشَّرْعِيَّةَ وَهِيَ جَاهِلَةٌ أَوْ نَاسِيَةٌ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ فُرُشًا أَوْ تَوَابِعَهُ كَلِحَافٍ وَغَيْرِهِ وَآلَةِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَطَبْخٍ فَهَلْ إذَا ادَّعَتْ الْجَهْلَ أَوْ النِّسْيَانَ يُقْبَلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا وَتُطَالِبُ بِحَقِّهَا مِنْ ذَلِكَ أَوْ لَا وَإِذَا

قُلْتُمْ بِقَبُولِ قَوْلِهَا وَطَالَبَتْ بِهَا فَهَلْ تُعْطَى الْفُرُشَ جَدِيدًا وَلَا تُجْبَرُ عَلَى غَيْرِهِ إذَا كَانَ عَتِيقًا أَوْ لَا وَإِذَا اطَّرَدَتْ عَادَةُ مِثْلِهَا بِآلَةِ الطَّبْخِ نُحَاسًا تُعْطَاهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا فِي جَهْلِهَا بِوُجُوبِ ذَلِكَ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا حِينَ إقْرَارِهَا إذَا كَانَتْ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهَا ذَلِكَ وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا فِي نِسْيَانِهَا ذَلِكَ حِينَئِذٍ فَإِذَا حَلَفَتْ يَمِينَ الْجَهْلِ أَوْ النِّسْيَانِ أَوْجَبَ الْحَاكِمُ لَهَا ذَلِكَ مُرَاعِيًا حَالَ زَوْجِهَا مِنْ يَسَارٍ وَإِعْسَارٍ وَمَتَى اطَّرَدَتْ عَادَةُ أَمْثَالِهَا بِكَوْنِ آلَةِ طَبْخِهَا نُحَاسًا وَجَبَ لَهَا ذَلِكَ وَكَلَامُ مَنْ نَفَى وُجُوبَ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اتَّحَدَ تَارِيخُ الْإِقْرَارِ وَتَارِيخُ الْبَرَاءَةِ هَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ كَمَا قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ وَيَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ مَا فِي الْبَابِ السَّادِسِ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ تَتَعَلَّقُ بِآدَابِ الْقَضَاءِ فِي الرَّوْضَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْإِبْرَاءِ عَلَى بَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي دَيْنٍ ثَابِتٍ فِي ذِمَّةٍ وَلَيْسَتْ هَذِهِ مَسْأَلَةَ ابْنِ الصَّلَاحِ وَإِنَّمَا أَفْتَى فِيمَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا وَتَارِيخُهُمَا وَاحِدٌ فَإِنَّا نَحْكُمُ بِبَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهَا الشَّغْلُ وَشَكَكْنَا فِي دَفْعِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ ثُمَّ اسْتَدَلَّ لَهُ

سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى فُلَانٍ حَقًّا وَلَا اسْتِحْقَاقًا وَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ دَعْوَى وَلَا طَلَبٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَلَا بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ وَلَا فِضَّةً وَلَا ذَهَبًا وَلَا فُلُوسًا وَلَا قُمَاشًا وَلَا عَسَلًا وَلَا سُكَّرًا وَلَا نُحَاسًا وَلَا رَصَاصًا وَلَا شَيْئًا قَلَّ وَلَا جَلَّ لِسَالِفِ الزَّمَانِ وَإِلَى تَارِيخِهِ بِجَمِيعِ أَلْفَاظِ الْبَرَاءَةِ الَّتِي يَذْكُرُهَا الشُّهُودُ ثُمَّ ادَّعَى النِّسْيَانَ مِمَّا عَيَّنَ أَعْلَاهُ كَعَسَلٍ مَثَلًا فَقَالَ كَانَ لَهُ عَشْرَةُ أَرْطَالِ عَسَلِ نَحْلٍ مَثَلًا وَمَا أَبْرَأْت إلَّا مِنْ عَسَلِ الْقَصَبِ وَنَسِيت عَسَلَ النَّحْلِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ مَعَ تَعْيِينِ جِنْسِ الْعَسَلِ أَوْ لَا أَوْ قَالَ مَا أَبْرَأْته إلَّا مِنْ الذَّهَبِ السُّلَيْمِيِّ وَكَانَ لِي عِنْدَهُ ذَهَبٌ قَايِتْبَاي وَنَسِيته فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ سَبَقَ مِنْهُ مَا يُنَاقِضُهُ إذْ قَوْلُهُ مَثَلًا وَلَا عَسَلًا وَلَا ذَهَبًا نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَتَعُمُّ وَمَدْلُولُ الْعَامِّ كُلِّيَّةٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا أَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ الْعَسَلِ وَلَا شَيْئًا مِنْ الذَّهَبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى نِسْيَانَ شَيْءٍ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَهُ الدَّالَّ عَلَيْهِ فِي قَرَارِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ النِّسْيَانَ مِمَّا جُبِلَ عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ لَهُ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ فَقَالَ لِلْقَاضِي خَلِّصْ لِي

دَيْنِي مِنْ فُلَانٍ فَتَوَجَّهَ الْقَاضِي إلَى بَلَدِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَقَالَ لَهُ لِفُلَانٍ عَلَيْك مِائَتَا نِصْفٍ فَادْفَعْهُمَا لَهُ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا أَوْ لَا وَهَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِذَلِكَ وَلِلشُّهُودِ الْحَاضِرِينَ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذُكِرَ لَيْسَ إقْرَارًا فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِذَلِكَ وَلَا لِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا بِلُزُومِهِ وَإِنَّمَا يَشْهَدُونَ بِاللَّفْظِ الْوَاقِعِ مِنْهُ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِهِ شَيْءٌ (سُئِلَ) عَمَّنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ رَقِيقٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَعَتَقَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ اكْتَسَبَ مَالًا ثُمَّ اطَّلَعَ الْبَائِعُ لَهُ عَلَى عَيْبٍ فِي الثَّمَنِ فَهَلْ لَهُ فَسْخُ الْعَقْدِ وَيَصِيرُ رَقِيقًا كَمَا كَانَ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ نَعَمْ فَهَلْ تَعُودُ الِاكْتِسَابُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَا لِأَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَهُ فَسْخَ الْعَقْدِ فَيَصِيرُ رَقِيقًا كَمَا كَانَ وَلَا تَكُونُ الْأَكْسَابُ لِلْبَائِعِ لِمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ بَلْ تُوقَفُ لِأَنَّ الْمُقِرَّ إنْ كَانَ صَادِقًا فِي إقْرَارِهِ فَهِيَ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَإِلَّا فَهِيَ لِلْمُقِرِّ وَعَلَى وَقْفِهَا فَإِنْ عَتَقَ فَهِيَ لَهُ وَإِلَّا فَلِوَارِثِهِ بِالنَّسَبِ فَقَدْ قَالُوا لَوْ نَقَضَ ذِمِّيٌّ عَهْدَهُ وَالْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَاسْتُرِقَّ فَمَالُهُ الَّذِي عِنْدَنَا بِأَمَانٍ إنْ عَتَقَ فَهُوَ لَهُ وَقَالُوا لَوْ اُسْتُرِقَّ حَرْبِيٌّ وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ

ذِمِّيٍّ لَمْ يَسْقُطْ بَلْ هُوَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمَدْيُونِ كَوَدِيعَةٍ فَيُوقَفُ فَإِنْ عَتَقَ فَلَهُ وَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا فَفَيْءٌ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَجَابَ مَنْ قَالَ لَهُ أَيَّ شَيْءٍ عَلِمْتَهُ فِي فُلُوسِ فُلَانٍ أَوْ فِي فُلُوسِ فُلَانٍ الَّتِي أَخَذْتَهَا مِنْهُ بِقَوْلِهِ أَرْسَلْتهَا وَلَمْ يَأْخُذْهَا أَوْ قَاعِدِينَ مَصْرُورِينَ بِصُرَّتِهِمْ أَيَّ وَقْتٍ طَلَبَهُمْ دَفَعْتهمْ إلَيْهِ فَهَلْ يَكُونُ هَذَا الْجَوَابُ إقْرَارًا فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَوْ لَا يَكُونُ إقْرَارًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ جَوَابَهُ الْمَذْكُورَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِأَنَّ الْفُلُوسَ الْمَذْكُورَةَ مَمْلُوكَةٌ لِفُلَانٍ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِضَافَةِ أَنْ تَكُونَ لِلْمِلْكِ لِأَنَّهُ مُقَدَّرٌ فِيهِ مَا فِي الِاسْتِفْهَامِ السَّابِقِ فَيَصِيرُ تَقْدِيرُهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فُلُوسُ فُلَانٍ أَرْسَلْتهَا إلَيْهِ وَلَمْ يَأْخُذْهَا أَوْ قَاعِدِينَ مَصْرُورِينَ بِصُرَّتِهِمْ أَيَّ وَقْتٍ طَلَبَهُمْ دَفَعْتهمْ لَهُ وَفِي الثَّانِيَةِ فُلُوسُ فُلَانٍ الَّتِي أَخَذْتهَا مِنْهُ أَرْسَلْتهَا إلَيْهِ وَلَمْ يَأْخُذْهَا أَوْ قَاعِدِينَ مَصْرُورِينَ بِصُرَّتِهِمْ أَيَّ وَقْتٍ طَلَبَهُمْ دَفَعْتهمْ إلَيْهِ وَقَدْ أَكَّدَ إقْرَارَهُ الْمَذْكُورَ بِقَوْلِهِ أَيَّ وَقْتٍ طَلَبَهُمْ دَفَعْتهمْ إلَيْهِ (سُئِلَ) عَنْ إخْبَارِ عَدْلٍ بِبُلُوغِ صَبِيٍّ بِالسِّنِّ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا وَفِي شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ بِبُلُوغِهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بِسِنٍّ أَوْ غَيْرِهِ هَلْ تُقْبَلُ أَوْ لَا هَكَذَا هَذَا السُّؤَالُ بِالنَّسْخِ وَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَكَادُ يُفْهَمُ لِمَا بِهِ مِنْ الْخَفَاءِ

باب الإقرار بالنسب

وَفِي شَهَادَتِهِمَا بِبُلُوغِهِ بِالسِّنِّ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ تَارِيخٍ هَلْ تُقْبَلُ أَوْ لَا، وَفِي شَهَادَتِهِمَا بِبُلُوغِهِ بِالسِّنِّ وَالْحَالُ أَنَّهُ شَهِدَ آخَرَانِ بِأَنَّهُ صَبِيٌّ هَلْ يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ أَوْ بِصِبَاهُ عَمَلًا بِاسْتِصْحَابِ صِبَاهُ أَوْ كَيْفَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي إخْبَارُ الْعَدْلِ الْمَذْكُورِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَدْلَيْنِ بِبُلُوغِهِ مُطْلَقًا وَمَتَى شَهِدَا بِالسِّنِّ فَلَا بُدَّ فِي شَهَادَتِهِمَا مِنْ بَيَانٍ وَيُعْمَلُ بِشَهَادَةِ الْأَوَّلَيْنِ إنْ بَيَّنَا سِنَّهُ وَإِلَّا عُمِلَ بِشَهَادَةِ الْآخَرَيْنِ. [بَابُ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ] (بَابُ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ) (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُكَذِّبَهُ الْحِسُّ وَلَا الشَّرْعُ هَلْ يَعُمُّ ذَلِكَ كُلَّ إقْرَارٍ أَوْ هُوَ خَاصٌّ بِالْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ وَهَلْ نَصَّ عَلَى الْعُمُومِ أَوْ الْخُصُوصِ أَحَدٌ وَمَنْ الَّذِي نَصَّ عَلَى ذَلِكَ إذَا قِيلَ بِالْخُصُوصِ بِالنَّسَبِ فَمَا الْفَرْقُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ اشْتِرَاطَ أَنْ لَا يُكَذِّبَ الْمُقِرَّ الْحِسُّ وَلَا الشَّرْعُ عَامٌّ فِي كُلِّ إقْرَارٍ وَلَا يَخُصُّ الْإِقْرَارَ بِالنَّسَبِ وَالْأَصْحَابُ وَإِنْ عَبَّرُوا فِيهِ بِقَوْلِهِمْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُكَذِّبَهُ الْحِسُّ وَلَا الشَّرْعُ فَقَدْ ذَكَرُوا مَعْنَى ذَلِكَ فِي الْإِقْرَارِ فَعَبَّرُوا بِقَوْلِهِمْ يُشْتَرَطُ فِي الْمُقَرِّ لَهُ أَهْلِيَّةُ اسْتِحْقَاقِ الْمُقَرِّ بِهِ أَيْ حِسًّا وَشَرْعًا وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِدُونِهِ كَذِبٌ وَذَكَرُوا صُوَرًا كَثِيرَةً لَا يَصِحُّ فِيهَا الْإِقْرَارُ لِتَكْذِيبِ الْحِسِّ وَالشَّرْعِ فِيهَا لِلْمُقِرِّ فَمِنْ

الْأَوَّلِ مَا لَوْ قَالَ لِدَابَّةِ زَيْدٍ أَوْ دَارِهِ عَلَيَّ كَذَا وَمَا لَوْ قَالَ لِحَمَلِ فُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا وَأَسْنَدَهُ إلَى جِهَةٍ لَا تُمْكِنُ فِي حَقِّهِ كَأَقْرِضْنِي إيَّاهُ أَوْ بَاعَنِي بِهِ كَذَا وَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحِمْلٍ لِإِنْسَانٍ وَأَسْنَدَهُ إلَى جِهَةٍ لَا تُمْكِنُ فِي حَقِّهِ وَمَا لَوْ أَقَرَّ لِمَسْجِدٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ وَأَسْنَدَهُ إلَى جِهَةٍ لَا تُمْكِنُ وَمَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ الْأَلْفُ الَّذِي فِي الْكِيسِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ وَمِنْ الثَّانِي مَا لَوْ أَقَرَّ لِرَقِيقٍ عَقِبَ إعْتَاقِهِ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ وَمَا لَوْ ثَبَتَ لَهُ دَيْنٌ فَأَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ بِحَيْثُ لَا يَحْتَمِلُ جَرَيَانَ نَقْلٍ كَالْإِقْرَارِ بِدَيْنِ الصَّدَاقِ وَالْخُلْعِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ عَقِبَ ثُبُوتِهَا وَمَا لَوْ قُسِمَتْ تَرِكَةٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فَأَقَرَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِمَا يَخُصُّهُ لِآخَرَ وَمَا لَوْ قَالَ دَارِي أَوْ ثَوْبِي أَوْ مِلْكِي أَوْ مَا اشْتَرَيْته لِنَفْسِي لِفُلَانٍ وَمَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ سَرْجَيْنِ أَوْ مِنْ عَقْدٍ فَاسِدٍ أَوْ ضَمَانٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ أَوْ نَحْوِهِ كَذَا وَمَا لَوْ أَقَرَّ لِكَنِيسَةٍ أَوْ بِيعَةٍ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ ذَكَرَ فِي وَصِيَّةٍ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ مَعَ ابْنَتَيْهِ إلَّا بَيْتَ الْمَالِ وَأَسْنَدَ وَصِيَّتَهُ إلَى شَخْصٍ ثُمَّ مَاتَ فَحَضَرَ الْوَصِيُّ عَلَى الْبِنْتِ الْقَاصِرَةِ وَأَمِينُ الْحَاكِمِ عَنْ الْبِنْتِ الْأُخْرَى لِغَيْبَتِهَا وَحَضَرَ عَامِلُ بَيْتِ الْمَالِ فَبَاعُوا مَا هُنَاكَ مِنْ الْأَعْيَانِ وَوَفُّوا مَا عَلَيْهِ مِنْ

دَيْنٍ شَرْعِيٍّ وَقَسَمُوا مَا بَقِيَ ثُلُثَاهُ لِلْبِنْتَيْنِ تَحْتَ يَدِ الْوَصِيِّ وَأَخَذَ الْبَاقِيَ عَامِلُ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ أَثْبَتَ شَخْصٌ أَنَّهُ ابْنُ أَخِي الْمَيِّتِ لِأَبَوَيْهِ فَهَلْ إذَا تَعَذَّرَ رَدُّ مَا أَخَذَهُ الْعَامِلُ يَفُوتُ عَلَى الْعَاصِبِ وَحْدَهُ أَمْ تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ وَيُقْسَمُ مَا بَقِيَ تَحْتَ يَدِ الْوَصِيِّ بَيْنَ الْعَاصِبِ وَبَيْنَ الْبِنْتَيْنِ وَيَفُوتُ مَا أَخَذَهُ عَلَى الْجَمِيعِ وَيَكُونُ مَنْ بَاشَرَ الْإِعْطَاءَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ مَا أَخَذَهُ الْعَامِلُ حِصَّةَ الْعَاصِبِ بَلْ هُوَ مِنْ أَصْلِ التَّرِكَةِ شَائِعٌ بَيْنَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَيُقْسَمُ مَا بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ تَحْتَ يَدِ الْوَصِيِّ فَلِلْبِنْتَيْنِ ثُلُثَاهُ وَلِلْعَاصِبِ بَاقِيهِ وَمَا أَخَذَهُ الْعَامِلُ يَسْتَحِقُّ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ أَخْذُهُ إنْ بَقِيَ وَبَدَلِهِ إنْ تَلِفَ وَلَيْسَتْ مَسْأَلَتُنَا نَظِيرَ مَسْأَلَةِ قَبْضِ الْحَاكِمِ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ حِصَّةَ غَرِيمٍ غَائِبٍ ثُمَّ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْغُرَمَاءِ بِشَيْءٍ وَلَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ لِأَنَّ الْحَاكِمَ نَائِبٌ عَنْهُ فِي الْقَبْضِ فَكَأَنَّهُ قَبَضَهُ وَتَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ قَبْضَ الْعَامِلِ فِيهَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَمَا قَبَضَهُ بِمَنْزِلَةِ مَا غُصِبَ مِنْ التَّرِكَةِ قَبْلَ قِسْمَتِهَا أَوْ سُرِقَ وَلَا يَكُونُ مَنْ بَاشَرَ إعْطَاءَ ذَلِكَ الْقَدْرِ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ. (سُئِلَ) عَنْ ابْنَتَيْ عَمٍّ أَقَرَّتَا بِابْنِ عَمٍّ وَبِيَدِهِمَا

أَرْضٌ مُخْتَلِفَةٌ عَنْ جَدِّهِمَا الْمُلْحَقِ بِهِ فَهَلْ تُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا فَيَرِثُ الْمُقَرُّ بِهِ ثُلُثَ مَا بِيَدِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ أَمْ لَا كَمَا لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ الْحَائِزَيْنِ بِثُلُثٍ فَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ حَيْثُ قُلْتُمْ لَا يُشَارِكُ الْمُقِرَّ ظَاهِرًا فَإِنْ قُلْتُمْ لَا إرْثَ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا أَقَرَّ أَنَّ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو أَلْفًا وَهُوَ ضَامِنُهُ فِيهِ حَيْثُ قُلْتُمْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَى عَمْرٍو وَمَا إذَا اعْتَرَفَ الزَّوْجُ بِالْخُلْعِ وَأَنْكَرَتْ الزَّوْجَةُ حَيْثُ يُحْكَمُ بِالْبَيْنُونَةِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْمَالُ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِيهَا وَإِذَا أَقَامَ ابْنُ الْعَمِّ الْمَذْكُورُ بَيِّنَةً هَلْ يُعْتَبَرُ فِي قَبُولِهَا تَعَرُّضُهَا لِكَوْنِهِ ابْنَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى الْجَدِّ الْمُلْحَقِ بِهِ أَمْ يَكْفِي تَعَرُّضُهَا لِكَوْنِهِ ابْنَ عَمٍّ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ أَمْ لَا يُعْتَبَرُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَيَكْفِي أَنْ تَشْهَدَ بِأَنَّ هَذَا ابْنُ الْعَمِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيُحْمَلُ عَلَى الْوَارِثِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِأُخُوَّةِ مَجْهُولٍ ثُمَّ ادَّعَى أُخُوَّةَ الرَّضَاعِ أَوْ الْإِسْلَامِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا فَلَا يَرِثُ الْمُقَرُّ بِهِ شَيْئًا مِمَّا بِيَدِهِمَا كَمَا لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ الْحَائِزَيْنِ بِثَالِثٍ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ لِأَنَّ الْإِرْثَ فَرْعُ النَّسَبِ وَلَمْ يَثْبُتْ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ ثُبُوتِهِ أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ وَارِثًا حَائِزَ التَّرِكَةِ الْمُلْحَقِ بِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ

مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ الضَّمَانِ وَالْخُلْعِ الْمُلَازَمَةِ فِي مَسْأَلَتِنَا بَيْنَ النَّسَبِ وَالْإِرْثِ إذْ النَّسَبُ سَبَبُ الْإِرْثِ بِهِ وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُهُ وَمِنْ وُجُودِهِ وُجُودُهُ وَانْتِفَاءُ الْمُلَازَمَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ أَمَّا مَسْأَلَةُ الضَّمَانِ فَلِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي مُطَالَبَةِ الضَّامِنِ بَيِّنَةَ ثُبُوتِهِ وَلَوْ بِإِقْرَارِهِ مَعَ تَكْذِيبِ الْأَصِيلِ إلَّا أَنَّهُ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ مُطَالَبَةِ الضَّامِنِ بِهِ وَبَيْنَ مُطَالَبَةِ الْأَصِيلِ إذْ قَدْ تَمْتَنِعُ مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ بِهِ دُونَ الضَّامِنِ كَأَنْ أُعْسِرَ أَوْ نَذَرَ صَاحِبُ الدَّيْنِ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ بِهِ مُدَّةَ كَذَا أَوْ مَاتَ الضَّامِنُ وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ وَقَدْ تَمْتَنِعُ مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ بِهِ دُونَ الْأَصِيلِ كَأَنْ ضَمِنَ الْحَالَّ مُؤَجَّلًا أَجَلًا مَعْلُومًا أَوْ أُعْسِرَ أَوْ مَاتَ الْأَصِيلُ وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ دَعْوَى الزَّوْجِ الْخُلْعَ مَعَ إنْكَارِ الزَّوْجَةِ لَهُ فَإِنَّمَا حَكَمْنَا فِيهَا بِالْبَيْنُونَةِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِعِصْمَتِهَا وَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ الْبَيْنُونَةِ وَثُبُوتِ الْعِوَضِ لِوُجُودِهَا بِدُونِهِ فِي طَلَاقِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالطَّلْقَةِ الْمُكَمِّلَةِ لِعَدَدِ طَلَاقِهَا وَلَا فَرْقَ فِي قَبُولِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِنَسَبِ ابْنِ الْعَمِّ الْمَذْكُورِ بَيْنَ شَهَادَتِهَا بِأَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى الْجَدِّ الْمُلْحَقِ بِهِ وَبَيْنَ شَهَادَتِهِمَا بِأَنَّهُ ابْنُ عَمِّهِمَا لِأَبِيهِمَا أَوْ لِأَبَوَيْهِمَا

وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا بِأَنَّهُ ابْنُ ابْنِ الْعَمِّ لِصِدْقِ الْعَمِّ بِالْعَمِّ مِنْ الْأُمِّ وَهُوَ غَيْرُ وَارِثٍ فَشَهَادَتُهُمَا هَكَذَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ وَأَمَّا مِنْ أَقَرَّ بِأُخُوَّةِ مَجْهُولٍ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت أُخُوَّةَ الرَّضَاعِ أَوْ الْإِسْلَامِ فَإِنَّمَا يُقْبَلُ مِنْهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَلِأَنَّ الْمُقِرَّ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ ادَّعَتْ أَنَّ وَلَدَهَا ابْنُ فُلَانٍ ثُمَّ أَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ مِنْ مَوْطُوءَتِهِ وَحُكِمَ بِهَا وَلِلْمُلْحَقِ بِهِ بَيِّنَةٌ مُنْكِرَةٌ لِذَلِكَ ثُمَّ أَقَامَتْ بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِإِقْرَارِ الْمُلْحَقِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ عَتِيقٌ مِنْ الْمُلْحَقِ بِهِ غَيْرُ ابْنٍ لَهُ وَحُكِمَ بِهَا فَمَا الْمَعْمُولُ بِهِ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمَعْمُولَ بِهِ الْحُكْمُ بِالْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّهُ عَتِيقٌ لِفُلَانٍ لَا ابْنٌ لَهُ إذْ تَبَيَّنَ بِهِ عَدَمُ سَمَاعِ دَعْوَى ابْنَتَيْهِ وَعَدَمُ قَبُولِ بَيْنَهُمَا وَبُطْلَانُ الْحُكْمِ بِهَا وَلِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ فَرْعًا لِغَيْرِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِمَا يُكَذِّبُ أَصْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ هَلْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ بِشَرْطِهِ ثُمَّ إنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ وَإِلَّا فَلَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَلْحَقَ زَوْجَ ابْنَتِهِ أَوْ زَوْجَةَ ابْنِهِ بِشُرُوطِ الْإِلْحَاقِ هَلْ يَثْبُتُ

نَسَبُهُ أَوْ لَا وَإِذَا ثَبَتَ نَسَبُهُ هَلْ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجُ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَقَرَّ بِأَنَّ هَذَا الصَّغِيرَ وَلَدِي عَلِقَتْ بِهِ أَمَتِي فُلَانَةُ مِنِّي وَلَهُ أَوْلَادٌ أُخَرُ ثُمَّ لَمَّا بَلَغَ أَنْكَرَ بُنُوَّةَ الْمُقَرِّ وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ فَهَلْ يُقْبَلُ إنْكَارُهُ حَتَّى يَنْتَفِيَ نَسَبُهُ وَلَا يَرِثَ مِنْهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِإِنْكَارِهِ وَلَا بِإِقْرَارِهِ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِثُبُوتِ النَّسَبِ وَالْإِرْثِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَالنَّسَبُ يُحْتَاطُ لَهُ فَلَا يَنْدَفِعُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ كَالثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ وَكَمَا لَوْ أَنْكَرَهُ حَالَ صِغَرِهِ وَلِهَذَا لَوْ صَدَّقَهُ الْمُقِرُّ حِينَئِذٍ لَمْ يَبْطُلْ نَسَبُهُ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ فَيَرِثُ الْمُسْتَلْحَقُ حِصَّتَهُ مِنْ تَرِكَةِ مُسْتَلْحِقِهِ لِأَنَّ الْإِرْثَ فَرْعُ النَّسَبِ وَهُوَ ثَابِتٌ فَيَثْبُتُ فَرْعُهُ إذْ لَا مَانِعَ مِنْهُ مِنْ كُفْرٍ أَوْ نَحْوِهِ وَإِنْكَارُهُ لَا اعْتِبَارَ بِهِ لِدُخُولِهَا فِي مِلْكِهِ قَهْرًا وَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ لَوْ مَاتَ شَخْصٌ فَقَالَ ابْنُهُ لَسْت وَارِثَهُ لِأَنَّهُ كَانَ كَافِرًا فَسُئِلَ عَنْ كُفْرِهِ فَقَالَ كَانَ مُعْتَزِلِيًّا أَوْ رَافِضِيًّا فَيُقَالُ لَهُ لَك مِيرَاثُهُ وَأَنْتَ مُخْطِئٌ فِي اعْتِقَادِك لِأَنَّ الِاعْتِزَالَ وَالرَّفْضَ لَيْسَ بِكُفْرٍ وَلَوْ قَضَى حَنَفِيٌّ لِشَافِعِيٍّ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ فَأَخَذَ الشِّقْصَ ثُمَّ قَالَ أَخَذْتُهُ بَاطِلًا لِأَنِّي لَا أَرَى شُفْعَةَ الْجِوَارِ لَا يُسْتَرَدُّ

مِنْهُ وَلَوْ مَاتَ عَنْ جَارِيَةٍ وَوَلَّدَهَا بِنِكَاحٍ فَقَالَ وَارِثُهُ لَا يَمْلِكُهَا لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ وَعَتَقَتْ بِمَوْتِهِ فَيُقَالُ لَهُ هِيَ مَمْلُوكَتُك وَلَا أَثَرَ لِإِقْرَارِهِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فَيَمْلِكُ فِيهَا مَا أَقَرَّ بِهِ لِفَسَادِ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ فِيهَا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ أَفْتَى الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ الْمَرَاغِيُّ مُدَرِّسُ الْفَلَكِيَّةِ بِدِمَشْقَ فِي امْرَأَةٍ أَشْهَدَتْ عَلَى نَفْسِهَا أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ ابْنُ عَمِّهَا وَصَدَّقَهَا أَنَّ الْعُصُوبَةَ ثَبَتَتْ وَيَرِثُهَا إذَا مَاتَتْ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ تَعُمُّ الْبَلْوَى بِهَا لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ بِهِ غَائِبًا فَكَثِيرًا مَا يُقِرُّ مَرِيضٌ بِأَنَّ لَهُ وَارِثًا غَائِبًا إمَّا ابْنُ عَمٍّ أَوْ أَخٌ فَيَضَعُ وَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ يَدَهُ عَلَى الْمَالِ مُدَّعِيًا بِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَا يَمْنَعُ وَلَا يَنْدَفِعُ بِهَذِهِ الدَّعْوَى وَأَفْتَى الشَّيْخُ بِانْدِفَاعِ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ بِذَلِكَ وَحِفْظِ هَذَا الْمَالِ بِمُجَرَّدِ هَذَا الْإِقْرَارِ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ قَالَ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي وَشَيْخِهِ الْقَفَّالِ وَابْنِ الصَّلَاحِ مَا يُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ اهـ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا أَفْتَى بِهِ الْمَرَاغِيُّ مَرْدُودٌ إذْ إلْحَاقُهَا النَّسَبَ بِعَمِّهَا بَاطِلٌ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا بِشَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ الْمُلْحَقُ وَارِثًا لِلْمُلْحَقِ بِهِ حَائِزًا لِتَرِكَةٍ لَوْلَا الْإِلْحَاقُ نَعَمْ إنْ فُرِضَ مَا أَفْتَى بِهِ فِيمَا إذْ انْحَصَرَ إرْثُهُ فِيهَا لِعَدَمِ وَارِثِ بَيْتِ الْمَالِ صَحَّ

باب العارية

[بَابُ الْعَارِيَّةِ] (بَابُ الْعَارِيَّةِ) (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ أَعَرْتُك لِتَعْلِفَهُ وَقُلْتُمْ إنَّهُ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ يُوجِبُ أَجْرَ الْمِثْلِ هَلْ يَرْجِعُ بِبَدَلِ الْعَلَفِ عَلَى الْمَالِكِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمَالِكِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْذُلْهُ إلَّا فِيمَا تُقَابِلُهُ الْمَنْفَعَةُ وَقَدْ غَرِمَ بَدَلَهَا (سُئِلَ) عَمَّا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْيَمَنِيِّ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَوْقَدَ نَارًا فِي مُسْتَأْجَرٍ لَهُ أَوْ مُسْتَعَارٍ أَوْ بِمَوَاتٍ وَجَبَ ضَمَانُ مَا تَلِفَ بِهِ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا كَمَا فِي الْأَنْوَارِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ عِبَارَةَ شَرْحِ إرْشَادِهِ وَإِذَا أَوْقَدَ نَارًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ ضَمِنَ سَوَاءً أَسْرَفَ أَمْ لَا أَيْ إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا بِإِيقَادِهَا فِيهِ بِدَلِيلِ قَوْلِ شُرُوحِهِ وَبِإِيقَادِ عُدْوَانٍ فَمَتَى أَوْقَدَ فِي مَوَاتٍ أَوْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ غَيْرَ مُتَعَدٍّ بِإِيقَادِهِ فِيهِ كَكَوْنِهِ مُسْتَأْجَرًا لَهُ أَوْ مُسْتَعَارًا مِنْهُ أَوْ بِإِذْنِ مَالِكِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْقَدَ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ مَاتَ وَلَدُ جَامُوسَتِهِ فَاسْتَعَارَ عِجْلَةً لِأَجْلِ لَبَنِهَا وَتَشْرَبُ مِنْ اللَّبَنِ ثُمَّ مَاتَتْ فَهَلْ هِيَ عَارِيَّةٌ فَيَضْمَنُهَا أَمْ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ فَلَا يَضْمَنُهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ قَالَ مَالِكُهَا لِآخِذِهَا أَعَرْتُكهَا لِتَشْرَبَ مِنْ لَبَنِ جَامُوسَتِك فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ نَظَرًا لِلْمَعْنَى فَلَا يَضْمَنُهَا. (سُئِلَ) مَا الْمُعْتَمَدُ فِيمَا لَوْ رَجَعَ لِمُعِيرٍ وَلَمْ يَخْتَرْ الْمُسْتَعِيرُ الْقَلْعَ وَفِيمَا إذَا فَرَغَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ كُلًّا

مِنْ الْمُعِيرِ وَالْمُؤَجِّرِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُبْقِيَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَبَيْنَ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِقِيمَتِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَقْلَعَهُ وَيَضْمَنَ أَرْشَ نَقْصِهِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ تَسَلَّمَ أَصْنَافًا مِنْ الْغِلَالِ وَالْبُقْسُمَاطِ وَالْجُبْنِ مِنْ جَمَاعَةٍ عَلَى سَبِيلِ السَّوْمِ بِالْعَقَبَةِ وَتَصَرَّفَ فِي الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ بِالْعَقَبَةِ ثُمَّ ظَفِرُوا بِهِ فِي الْقَاهِرَةِ وَلِلنَّقْلِ مُؤْنَةٌ فَمَاذَا يَلْزَمُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَقْصَى قِيَمِ الْمُتَقَوِّمِ وَهُوَ الْبُقْسُمَاطُ وَمِنْ وَقْتِ تَعَدِّيهِ فِيهِ إلَى وَقْتِ مُطَالَبَتِهِ بِهِ وَالْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ وَهُوَ الْغِلَالُ وَالْجُبْنُ مِنْ حِينِ تَعَدِّيهِ بِتَصَرُّفِهِ فِيهِ إلَى حِينِ تَلَفِهِ. (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ فِيمَا لَوْ وَقَفَ الْمُسْتَعِيرُ الْبِنَاءَ أَوْ الْغِرَاسَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّمَلُّكُ بِالْقِيمَةِ وَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْخَصْلَتَيْنِ الْأُخَرَتَيْنِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ أَمْ يَتَعَيَّنُ الْإِبْقَاءُ بِالْأُجْرَةِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ. (سُئِلَ) هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ فِي تَلَفِ الْعَارِيَّةِ بِسَبَبِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ عِنْدَ احْتِمَالِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ بِيَمِينِهِ لِعُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ. (سُئِلَ) عَنْ الْمَقْبُوضِ بِالسَّوْمِ إذَا تَلِفَ هَلْ يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الْوَلِيُّ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الدِّمْيَاطِيِّ حَيْثُ قَالَ وَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ

وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ وَفِي طِرَازِ الْمَحَافِلِ وَقَالَ بِلَا خِلَافٍ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ وَإِطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ يَقْتَضِيهِ اهـ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْحِجَازِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنَّ كَلَامَ شَيْخِنَا شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ يَقْتَضِي لُزُومَ الْمِثْلِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَيَّدَ قَوْلَ الرَّوْضَةِ تُضْمَنُ الْعَارِيَّةُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ وَكَذَا يُضْمَنُ الْمَقْبُوضُ بِالسَّوْمِ بِقَوْلِهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ تَلَفِهِ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا اهـ وَقَالَ فِي الْعَارِيَّةِ إنَّ الْوَجْهَ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْمِثْلِيِّ وَالْمُتَقَوِّمِ قَالَ وَاقْتِصَارُهُمَا فِي الْعَارِيَّةِ عَلَى الْقِيمَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْعَارِيَّةَ مُتَقَوِّمَةٌ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمِثْلِيِّ وَالْمُتَقَوِّمِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ اهـ وَيُضْمَنُ الْمِثْلِيُّ بِالْمِثْلِيِّ وَالْمُتَقَوِّمُ بِالْقِيمَةِ كَمَا أَفْتَيْتُمْ بِهِ حَيْثُ قُلْتُمْ وَأَمَّا الْعَارِيَّةُ فَالْعَارِيَّةُ فِيهَا مَضْمُونَةٌ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ وَالْمُتْلَفُ مَضْمُونٌ بِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ وَكَذَا الْمَقْبُوضُ بِسَوْمٍ أَوْ بَيْعٍ فَاسِدٍ أَوْ تَعَدٍّ اهـ وَكَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَا الْمُعْتَمَدُ الْمُفْتَى بِهِ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ مُقَابِلِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّ الْمَضْمُونَ بِالسَّوْمِ يُضْمَنُ تَلَفُهُ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَبِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا فَقَدْ قَالَ السَّرَّاجُ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ الْمَضْمُونَاتُ

فِي الشَّرِيعَةِ أَقْسَامٌ قِسْمٌ يُرَدُّ فِيهِ الْمِثْلُ مُطْلَقًا وَهِيَ الْقَرْضُ وَقِسْمٌ تُرَدُّ فِيهِ الْقِيمَة مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ مِثْلِيًّا عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ الْعَارِيَّةُ وَقِسْمٌ يَفْتَرِقُ فِيهِ الْحَالُ بَيْنَ الْمِثْلِيِّ وَالْمُتَقَوِّمِ كَالْمَغْصُوبِ وَالْمُشَاعِ وَالْمُشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا جَارٍ عَلَى الْقِيَاسِ وَأَمَّا كَلَامُ الرُّويَانِيِّ الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ نَافِيًا الْخِلَافَ فِيهِ فَجَارٍ عَلَى طَرِيقَةِ شَيْخِهِ الْمَاوَرْدِيِّ (سُئِلَ) عَمَّنْ بَذَرَ طِينه فَحَمَلَهُ السَّيْلُ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَهَلْ يَزُولُ مِلْكُهُ بِمُجَرَّدِ الْإِعْرَاضِ حَتَّى لَوْ نَبَتَ فِي الْأَرْضِ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهَا مَلَكَهُ صَاحِبُهَا أَمْ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ تَمَلُّكِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَزُولُ عَنْهُ مِلْكُهُ بِمُجَرَّدِ إعْرَاضِهِ وَلَا يَمْلِكُهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ نَعَمْ إنْ كَانَ لَا قِيمَةَ لَهُ كَحَبَّةٍ أَوْ نَوَاةٍ وَأَعْرَضَ مَالِكُهُ عَنْهُ وَهُوَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ مَلَكَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ نَبَتَ فِي أَرْضِهِ شَجَرٌ أَوْ زَرْعٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى هَلْ يَمْلِكُهُ أَوْ لَا وَهَلْ كَذَلِكَ إذَا نَبَعَ فِي أَرْضِهِ مَاءٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَا نَبَتَ أَوْ نَبَعَ فِي مِلْكِهِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ أَعَارَ آخَرَ دَارًا فَهَلْ لِلْمُعِيرِ دُخُولُهَا بَعْدَ الْعَارِيَّةِ وَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ زَوْجَةُ الْمُسْتَعِيرِ وَأَمْتِعَتُهُ وَإِنْ لَمْ

باب الغصب

يَكُنْ الْمُعِيرُ مَحْرَمًا لِلزَّوْجَةِ وَعِنْدَهُمَا مَنْ يُؤْمَنُ مَعَهُ الْإِلْمَامُ بِهَا أَمْ لَا وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي الرُّجُوعِ فِي الْعَارِيَّةِ اللَّفْظُ أَوْ يَكْفِي مِنْ الْمُعِيرِ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى الْمُعَارِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلْمُعِيرِ دُخُولَهُ الْمَذْكُورَ وَيَحْصُلُ الرُّجُوعُ عَنْ الْعَارِيَّةِ بِاسْتِلَائِهِ عَلَى الْمُعَارِ. [بَابُ الْغَصْبِ] (بَابُ الْغَصْبِ) (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَمَّنْ غَصَبَ قَمْحًا فَبَاعَهُ ثُمَّ تَصَرَّفَ فِي ثَمَنِهِ أَوْ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ فَمَنْ مَالِكُ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَرَبِحَهُ هَلْ هُوَ الْغَاصِبُ أَوْ مَالِكُ الْقَمْحِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الثَّمَنَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ بَاذِلِهِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ اشْتَرَى الْغَاصِبُ شَيْئًا بِعَيْنِهِ فَالشِّرَاءُ بَاطِلٌ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ وَنَقْدُهُ فِيهِ فَالرِّبْحُ لَهُ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْعَلَّامَةِ الزَّرْكَشِيّ فِي قَوَاعِدِهِ إذَا جَوَّزْنَا الْمُعَامَلَةَ بِالْمَغْشُوشَةِ فَهِيَ مِثْلِيَّةٌ وَإِذَا تَلِفَتْ لَا تُضْمَنُ بِمِثْلِهَا بَلْ يَضْمَنُ قِيمَةَ الدَّرَاهِمِ ذَهَبًا وَقِيمَةُ الذَّهَبِ فِضَّةً كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ يُشْبِهُ قَوْلَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ فِي الدَّعْوَى بِهَا أَنَّهُ يَذْكُرُ قِيمَتَهَا مِنْ النَّقْدِ الْآخَرِ اهـ وَجَزَمَ فِي الرَّوْضِ فِي الدَّعَاوَى بِقَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ فَقَالَ وَيُقَوَّمُ مَغْشُوشُ الذَّهَبِ بِفِضَّةٍ كَعَكْسِهِ قَالَ شَارِحُهُ فَيَدَّعِي مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ نَقْدِ كَذَا قِيمَتُهَا كَذَا دِرْهَمًا أَوْ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ نَقْدِ كَذَا

قِيمَتُهَا كَذَا دِينَارًا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَكَأَنَّهُ جَوَابٌ عَلَى أَنَّ الْمَغْشُوشَ مُتَقَوِّمٌ فَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِثْلِيًّا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ التَّعَرُّضُ لِلْقِيمَةِ وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهَا مِثْلِيَّةٌ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ شَيْخِنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَأَنَّهُ كَهَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ لَمْ يَرَوْا قَوْلَ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ السَّابِقِ أَنَّ هَذَا حَيْثُ لَمْ تَتْلَفْ الْمَغْشُوشَةُ فَإِنْ تَلِفَتْ لَمْ تُضْمَنْ بِمِثْلِهَا إلَى آخِرِهَا وَيَكُونُ هَذَا جَمْعًا حَسَنًا بَيْنَ الْقَوْلِ بِمِثْلِيَّةِ الْمَغْشُوشَةِ وَمُعَامَلَتِهَا مُعَامَلَةَ الْمُتَقَوِّمِ. وَهُوَ فِقْهٌ جَيِّدٌ لَا ضَرَرَ فِيهِ مِنْ جَانِبِ الْمُعْطِي وَلَا الْآخِذِ كَمَا لَا يَخْفَى لَا سِيَّمَا لَيْسَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ سِوَى الْإِطْلَاقِ وَكَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِمَا مُقَيَّدٌ فَيُحْمَلُ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ وَأَيْضًا تَقْرِيرُ الشَّيْخَيْنِ كَلَامَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ ظَاهِرٌ فِيهِ وَلَا يُتَوَهَّمُ ذُو فَهْمٍ قَاصِرٍ أَنَّ مَسْأَلَةَ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي تَلَفٍ مَضْمُونٍ بِتَعَدٍّ مَثَلًا لَا بِتَصَرُّفٍ شَرْعِيٍّ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْأَذْرَعِيِّ وَلِأَنَّ مَسْأَلَةَ الدَّعَاوَى خَاصَّةٌ بِمَا يَقَعُ فِي الدَّعْوَى وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ لَا أَثَرَ لَهُ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا اقْتَرَضَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ

ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً مَغْشُوشَيْنِ كَمَا فِي النُّقُودِ الْآنَ أَوْ عَامَلَ بِهَا فِي نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُعَامَلَاتِ وَأَخْرَجَهَا مَالِكُهَا مِنْ يَدِهِ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ وَطَالَبَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ بِهِ مَاذَا يَقْتَضِي عَلَيْهِ الْقَاضِي أَبِقَوْلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَمَنْ تَبِعَهُ لِأَنَّهُ الْأَقْوَمُ الْأَعْدَلُ بِلَا مُعَارِضٍ مِنْ صَرِيحِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ وَهَلْ الْمُعْتَبَرُ قِيمَةُ يَوْمِ تَرَتَّبَ الْحَقُّ فِي ذِمَّةِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ أَوْ يَوْمَ طَلَبَ صَاحِبُ الْحَقِّ حَقَّهُ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ أَوْضِحُوا لَنَا ذَلِكَ مَبْسُوطًا مُشَبَّعًا مُسْتَنِدًا إلَى صَرِيحِ نَقْلٍ إنْ كَانَ فَإِنَّ حَاجَةَ الْقَضَاءِ وَالْإِفْتَاءِ دَعَتْ إلَى ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ الْجَمْعُ الْمَذْكُورُ فِي السُّؤَالِ تَقْيِيدًا لِإِطْلَاقِ كَلَامِهِمْ وَإِنَّمَا هُوَ تَخْصِيصٌ لِعُمُومِ كَلَامِهِمْ فَإِنَّ كَلَامَ ابْنِ الرِّفْعَةِ حِينَئِذٍ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الْمِثْلِيَّ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ تَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ لَكِنَّ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا يَرُدُّهُ فَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهِمَا فَمَا كَانَ مِثْلِيًّا ضُمِنَ بِمِثْلِهِ وَمَا كَانَ مُتَقَوِّمًا فَبِالْقِيمَةِ ثُمَّ فِيهَا أَيْضًا أَمَّا الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ الْمَغْشُوشَةُ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي إنْ جَوَّزْنَا الْمُعَامَلَةَ بِهَا فَهِيَ مِثْلِيَّةٌ وَلِهَذَا صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ جَوَازَ الشَّرِكَةِ فِيهَا وَقَدْ اسْتَثْنَوْا مِنْ ضَمَانِ الْمِثْلِيِّ بِمِثْلِهِ مَسَائِلَ وَلَمْ يَسْتَثْنُوا الْمَغْشُوشَةَ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ بَلْ صَرَّحُوا

بِدُخُولِهَا فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ كَمَا تَقَدَّمَ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَهُوَ كَوْنُهَا مُتَقَوِّمَةً أَوْ كَوْنُهَا لَا تَصِحُّ الْمُعَامَلَةُ بِهَا فِي الْقَوَاعِدِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ وَهَذَا كُلُّهُ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا جَعَلْنَاهَا مُتَقَوِّمَةً وَقَدْ حَمَلَ الرَّافِعِيُّ فِي الدَّعَاوَى كَلَامَ أَبِي حَامِدٍ عَلَيْهِ فَقَالَ لَعَلَّهُ جَوَابٌ عَلَى أَنَّ الْمَغْشُوشَ مُتَقَوِّمٌ فَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِثْلِيًّا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ التَّعَرُّضُ. وَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي إنْ جَوَّزْنَا الْمُعَامَلَةَ بِالْمَغْشُوشَةِ فَهِيَ مِثْلِيَّةٌ وَإِلَّا فَمُتَقَوِّمَةٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ مَا قَالَهُ فَالْأَصَحُّ جَوَازُ الْمُعَامَلَةِ بِهَا وَبِهِ يَتَرَجَّحُ كَوْنُهَا مِثْلِيَّةً فَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ مَرْدُودٌ اهـ وَقَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَقَضِيَّةُ كَوْنِهَا مِثْلِيَّةً عَلَى الْأَصَحِّ ضَمَانُهَا بِالْمِثْلِ وَهُوَ الْوَجْهُ اهـ. وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ لَمْ يُقَرِّرَا كَلَامَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ بَلْ نَبَّهَا عَلَى ضَعْفِهِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ شُرَيْحٌ فِي رَوْضَتِهِ فَقَالَ قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ وَإِنْ كَانَ يَرُوجُ فِي الْبَلَدِ زَائِفَةٌ فَادَّعَاهَا لَمْ تُسْمَعْ لِأَنَّهَا لَا تَنْضَبِطُ حَتَّى يَقُولَ قِيمَتُهَا كَذَا وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ قِيمَةِ الدَّرَاهِمِ الزَّائِفَةِ إنْ كَانَتْ تَرُوجُ فِي الْبَلَدِ وَيُتَعَامَلُ بِهَا أَوْ كَانَتْ مَعْلُومَةً وَأَصْلُ الْوَجْهَيْنِ فِي

جَوَازِ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ مَجْهُولَةٌ فَفِي صِحَّةِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا مُعَيَّنَةً وَفِي الذِّمَّةِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا الْجَوَازُ فِيهِمَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رَوَاجُهَا فَتَكُونُ كَبَيْعِ الْمُعَاجِينَ وَالثَّانِي عَدَمُ الْجَوَازِ فِيهِمَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْفِضَّةُ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ كَمَا نَصَّ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ تُرَابِ الْمَعْدِنِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْفِضَّةُ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ الْمَخْلُوطِ بِالْمَاءِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ وَالثَّالِثُ تَصِحُّ الْمُعَامَلَةُ بِأَعْيَانِهَا وَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُهَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا يَصِحُّ بَيْعُ الْجَوَاهِرِ وَالْحِنْطَةِ الْمُخْتَلِطَةِ بِالشَّعِيرِ مُعَيَّنَةً وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا وَلَا قِرَاضُهَا وَالرَّابِعُ إنْ كَانَ الْغِشُّ فِيهَا غَالِبًا لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا فَيَجُوزُ قَالَ أَصْحَابُنَا وَإِذَا قُلْنَا بِالْأَصَحِّ فَبَاعَ بِدَرَاهِمَ مُطْلَقًا وَنَقْدُ الْبَلَدِ مَغْشُوشٌ صَحَّ الْعَقْدُ وَوَجَبَ مِنْ ذَلِكَ النَّقْدِ وَإِنْ قُلْنَا بِالْآخَرِ لَمْ يَصِحَّ هَكَذَا ذَكَرَ الْخُرَاسَانِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ الْمَسْأَلَةَ وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَصَاحِبُهُ صَاحِبُ الْحَاوِي إذَا كَانَ قَدْرُ الْفِضَّةِ فِي الْمَغْشُوشَةِ مَجْهُولًا فَلَهُ حَالَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْغِشُّ بِشَيْءٍ مَقْصُودٍ لَهُ قِيمَةٌ كَالنُّحَاسِ وَهَذَا لَهُ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ تَكُونَ الْفِضَّةُ غَيْرَ مُمَازِجَةٍ لِلْغِشِّ كَالْفِضَّةِ عَلَى النُّحَاسِ فَلَا تَصِحُّ الْمُعَامَلَةُ بِهَا لَا فِي الذِّمَّةِ وَلَا مُعَيَّنَةً لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْآخَرَ غَيْرُ مَعْلُومٍ

وَلَا مُشَاهَدٍ فَلَا تَصِحُّ الْمُعَامَلَةُ بِهَا كَالْفِضَّةِ الْمَطْلِيَّةِ بِذَهَبٍ. الثَّانِيَةُ أَنْ تَكُونَ الْفِضَّةُ مُمَازَجَةً بِنُحَاسٍ فَلَا تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ بِهَا فِي الذِّمَّةِ لِلْجَهْلِ بِهَا كَمَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْمَعْجُونَاتِ وَفِي جَوَازِهَا عَلَى أَعْيَانِهَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ وَأَبُو عَلِيِّ بْن أَبِي هَدِيَّةَ تَصِحُّ كَمَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحِنْطَةِ مَخْلُوطَةً بِشَعِيرٍ وَكَالْمَعْجُونَاتِ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فِيهَا السَّلَم الْحَالُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْغِشُّ مُسْتَهْلَكًا لَا قِيمَةَ لَهُ كَالزِّئْبَقِ وَالزِّرْنِيخ فَإِنْ كَانَ مُمْتَزِجَيْنِ لَمْ تَجُزْ الْمُعَامَلَةُ بِهَا فِي الذِّمَّةِ وَلَا مُعَيَّنَةً لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَجْهُولٌ مُمْتَزِجٌ كَتُرَابِ الْمَعْدِنِ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مُمْتَزِجَتَيْنِ بِأَنْ كَانَتْ الْفِضَّةُ عَلَى ظَاهِرِ الزِّرْنِيخِ وَالزِّئْبَقِ جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ بِأَعْيَانِهَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مُشَاهَدٌ وَلَا تَجُوزُ فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَجْهُولٌ هَذَا كُلُّهُ لَفْظُ صَاحِبِ الْحَاوِي وَقَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ وَالْحُكْمُ فِي الدَّنَانِيرِ الْمَغْشُوشَةِ كَهُوَ فِي الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ قَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَلَوْ أَتْلَفَ الدَّرَاهِمَ الْمَغْشُوشَةَ إنْسَانٌ لَزِمَهُ قِيمَتُهَا ذَهَبًا لِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهَا هَذَا كَلَامُهُ وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى طَرِيقَتِهِمْ وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ ثُبُوتُهَا فِي الذِّمَّةِ فَيَجِبُ مِثْلُهَا اهـ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا اقْتَرَضَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ ذَهَبًا مَغْشُوشًا أَوْ فِضَّةً مَغْشُوشَةً

أَوْ عَامَلَهُ بِهَا فِي نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُعَامَلَاتِ وَأَخْرَجَهَا مَالِكُهَا مِنْ يَدِهِ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ أَوْ أَتْلَفَهَا شَخْصٌ مُتَعَدِّيًا لَزِمَهُ مِثْلُهَا فَإِذَا رُفِعَ إلَى الْحَاكِمِ قَضَى عَلَيْهِ بِهَا لَا بِقِيمَتِهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا وَلَكِنَّ الْأَوْلَى حَمْلُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَغْشُوشَةِ مُتَفَاوِتَةً أَوْ لَزِمَتْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِسَبَبٍ يُضْمَنُ فِيهِ الْمِثْلِيُّ بِقِيمَتِهِ لَا بِمِثْلِهِ كَمَنْ اسْتَعَارَهَا لِلتَّزْيِينِ وَتَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ كَلَامُهُمْ جَارِيًا عَلَى الْمَذْهَبِ مُوَافِقًا لِكَلَامِ غَيْرِهِمْ وَمَتَى كَانَ الْوَاجِبُ قِيمَةَ الْمَغْشُوشَةِ فَالْمُعْتَبَرُ فِيهَا يَوْمُ الْمُطَالَبَةِ إنْ لَمْ يُعْلَمْ سَبَبُهَا الْمُوجِبُ لَهَا وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ مَا قَرَّرَهُ الْأَئِمَّةُ فِيهِ فَيُعْتَبَرُ فِي الْمَغْصُوبَةِ أَقْصَى قِيمَتِهَا مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ وَفِي الْمُتْلِفَةِ بِلَا غَصْبٍ قِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ وَفِي الْمُعَارَةِ قِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ وَهَكَذَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَعْطَى شَخْصًا لَبَنَ بَهَائِمَ كُلَّ يَوْمٍ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ وَهُوَ مُخْتَلَطٌ مِنْ جَوَامِيسَ وَغَنَمٍ وَلَمْ يَعْلَمْ قَدْرَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى أَنْ يُحَاسِبَهُ آخِرَ الْحَوْلِ بِهِمَا خَرَجَ الثَّمَنُ ثُمَّ اخْتَلَفَا آخِرَ الْحَوْلِ فِي الثَّمَنِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ رَدُّ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ وَإِذَا قُلْتُمْ بِهَا فَهَلْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْمُعَاطَاةِ أَوْ السَّوْمِ فَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ أَوْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

فَيَلْزَمُهُ أَقْصَى الْقِيَمِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْآخِذَ لِلَّبَنِ رَدُّ مِثْلِهِ لِكَوْنِهِ مَأْخُوذًا بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ الْمِثْلُ لَزِمَهُ أَقْصَى قِيمَةٍ مِنْ الْأَخْذِ إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَتْلَفَ وَلَدَ بَهِيمَةٍ تَحْلُبُ عَلَيْهِ فَانْقَطَعَ لَبَنُهَا مَاذَا يَلْزَمُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَأَرْشُ نَقْصِ أُمِّهِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا حَلُوبًا وَقِيمَتِهَا وَلَا لَبَنَ لَهَا (سُئِلَ) عَنْ أَمِينٍ تَحْتَ يَدِهِ عَيْنٌ مُقَوَّمَةٌ فَتَعَدَّى أَوْ قَصَّرَ فِيهَا حَتَّى تَلِفَتْ هَلْ يَضْمَنُهَا بِأَقْصَى قِيَمِهَا أَوْ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَضْمَنُهَا بِأَقْصَى قِيَمِهَا مِنْ التَّعَدِّي أَوْ التَّقْصِيرِ فِيهَا إلَى تَلَفِهَا (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَعْطَى زَيْدٌ عَمْرًا غَزْلًا مُبْيَضًّا قِيَامًا بَعْضُهُ أَبْيَضُ وَبَاقِيهِ مَصْبُوغٌ فَنَسَجَهُ عَمْرٌو ظُهُورًا بِلَحْمَةٍ هِيَ مِلْكُهُ بِإِذْنِ زَيْدٍ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهَلْ يَكُونُ عَمْرٌو غَاصِبًا لِلْغَزْلِ الْمَذْكُورِ ضَامِنًا لَهُ أَوْ يَكُونُ شَرِيكًا لِزَيْدٍ فِي الظُّهُورِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ فَهَلْ يَضْمَنُ الْغَزْلَ الْأَبْيَضَ وَالْمَصْبُوغَ بِمِثْلِهِمَا أَوْ قِيمَتِهِمَا وَهَلْ يَمْلِكُ عَمْرٌو الْغَزْلَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ الضَّمَانِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِيرُ عَمْرٌو غَاصِبًا لِلْغَزْلِ الْمَذْكُورِ وَصَارَ كَالْهَالِكِ فَيَضْمَنُ الْغَزْلَ الْأَبْيَضَ وَالْمَصْبُوغَ بِمِثْلِهِمَا وَيَمْلِكُهُمَا عَمْرٌو وَهَذَا إنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ زَيْدٍ وَإِلَّا اشْتَرَكَا فِيهِمَا. (سُئِلَ) مَا الْأَحْسَنُ مِنْ

أَوْجُهٍ فِيمَا لَوْ أَبْرَدَ مَا فِي يَوْمٍ صَائِفٍ فَأَلْقَى فِيهِ آخَرُ حِجَارَةً مُحْمَاةً فَأَذْهَبَ بَرْدَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَاءٌ عَلَى هَيْئَتِهِ وَتَبْرِيدُهُ مُمْكِنٌ أَمْ يَأْخُذُهُ الْمُتَعَدِّي وَيَضْمَنُ مِثْلَهُ بَارِدًا أَمْ يَنْظُرُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ التَّفَاوُتُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَرْجَحَ الثَّالِثُ. (سُئِلَ) عَنْ الْمَنْقُولِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ الْمَذْهَبِ وَالنَّصِّ فِيمَا لَوْ خُلِطَ الْمَغْصُوبُ بِمِثْلِهِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ مِنْ أَنَّهُ يَصِيرُ كَالْهَالِكِ وَفِيمَا زَادَهُ الرَّوْضُ مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ جَارٍ فِي خَلْطِهِ بِمَغْصُوبٍ آخَرَ لِغَيْرِهِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامٍ أَصْلُهُ وَغَيْرُهُ وَأَنَّهُ أَوْفَقُ بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِ الْبُلْقِينِيِّ إنَّ الْمَعْرُوفَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْهُ وَلَا يَكُونُ كَالْهَالِكِ وَمِمَّا حَكَاهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا وَالثَّانِي يُخَيَّرَانِ بَيْنَ الْقَسَمِ وَالْمُطَالَبَةِ بِالْمِثْلِ مَعَ مَا فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ حَيْثُ سُئِلَ عَمَّا إذَا غَصَبَ إنْسَانٌ دَرَاهِمَ أَوْ حِنْطَةً مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَيْئًا مُعَيَّنًا ثُمَّ خَلَطَ الْجَمِيعَ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ ثُمَّ فُرِّقَ عَلَيْهِمْ جَمِيعُ الْمَخْلُوطِ عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمْ هَلْ يَجُوزُ لَهُمْ أَخْذُ قَدْرِ حِصَصِهِمْ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَحِلُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَخْذُ قَدْرِ حَقِّهِ إذَا فُرِّقَ جَمِيعُهُ عَلَى جَمِيعِهِمْ فَإِنْ فُرِّقَ عَلَى بَعْضِهِمْ

لَزِمَ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ أَنْ يَقْسِمَ الْقَدْرَ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْبَاقِينَ بِالنِّسْبَةِ إلَى قَدْرِ أَمْوَالِهِمْ وَأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ إنْسَانٌ دَرَاهِمَ أَوْ حَبًّا أَوْ غَيْرَهُ لِغَيْرِهِ وَخَلَطَهُ بِمَالِهِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ فَلَهُ عَزْلُ قَدْرِ الَّذِي لِغَيْرِهِ وَيَتَصَرَّفُ فِي الْبَاقِي وَقَدْ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا وَنُصُوصُ الشَّافِعِيِّ عَلَى مِثْلِهِ فِيمَا إذَا غَصَبَ حِنْطَةً أَوْ زَيْتًا وَخَلَطَهُ بِمِثْلِهِ قَالُوا يُدْفَعُ إلَيْهِ مِنْ الْمُخْتَلِطِ قَدْرَ حَقِّهِ وَيَحِلُّ الْبَاقِي لِلْغَاصِبِ وَأَجَابَ أَيْضًا عَمَّا إذَا أَخَذَ الْمَكَّاسُ مِنْ إنْسَانٍ دَرَاهِمَ وَخَلَطَهَا بِدَرَاهِمِ الْمَكْسِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ دَرَاهِمَ قَدْرَ دَرَاهِمِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمُخْتَلِطِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِينَ أُخِذَتْ مِنْهُمْ بِالنِّسْبَةِ اهـ فَمَا فِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِخَلْطِ الْمَغْصُوبِ بِمَالِهِ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي مِنْ مُقَابِلِ الْمَذْهَبِ وَالنَّصِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَبِخَلْطِهِ بِمَغْصُوبٍ آخَرَ لِغَيْرِهِ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِ قَوْلِ الْبُلْقِينِيِّ فَأَوْضِحُوا لَنَا الْجَوَابَ عَنْ ذَلِكَ وَعَمَّا سُئِلَ عَنْهُ تَفْرِيعًا عَلَى الْمَنْقُولِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِمَا مَعَ أَنَّ مَا أَجَابَ بِهِ هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ تَحْرُمُ مُعَامَلَةُ مَنْ مَالُهُ حَرَامٌ إذَا قُلْنَا بِمِلْكِهِ بِالْخَلْطِ لَمَا حَرُمَتْ مُعَامَلَتُهُ اهـ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ خَلَطَ الْمَغْصُوبَ بِمِثْلِهِ أَيْ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ صَارَ

كَالْهَالِكِ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ رَدُّهُ أَبَدًا أَشْبَهَ التَّالِفَ أَوْ لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَاهُ مُشْتَرَكًا لَاحْتَجْنَا إلَى الْبَيْعِ وَقِسْمَةِ الثَّمَنِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَلَا يَصِلُ الْمَالِكُ إلَى حَقِّهِ وَلَا إلَى مِثْلِهِ وَالْمِثْلُ أَقْرَبُ إلَى حَقِّهِ مِنْ الثَّمَنِ فَانْتَقَلَ إلَى ذِمَّتِهِ وَمَلَكَ الْمَغْصُوبَ الَّذِي خَلَطَهُ بِمِلْكِهِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَهُ وَلِهَذَا لَا يَتَصَرَّفُ فِي الْمَغْصُوبِ إلَّا بَعْدَ إعْطَاءِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مِثْلَ الْمَغْصُوبِ وَأَمَّا خَلْطُهُ بِمَغْصُوبٍ آخَرَ لِغَيْرِهِ فَالْمُعْتَمَدُ فِيهِ أَنْ لَا يَمْلِكَ شَيْئًا مِنْهُ وَلَا يَكُونُ كَالْهَالِكِ كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَأَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ لَا مَا زَادَهُ صَاحِبُ الرَّوْضِ فِيهِ وَإِنْ اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُ الرَّافِعِيِّ لِمُقَابِلِ الْمَذْهَبِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ نَقْلَ الْمِلْكِ بِذَلِكَ خُصُوصًا إذَا كَانَ الْخَلِيطَانِ مَغْصُوبَيْنِ مِنْ شَخْصَيْنِ تَمْلِيكٌ بِمَحْضِ التَّعَدِّي اهـ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وُجُودُ التَّبَعِيَّةِ فِي ذَلِكَ دُونَ هَذَا وَمَا فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِخَلْطِ الْمَغْصُوبِ بِمَالِهِ جَارٍ عَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّهُ يَصِيرُ كَالْهَالِكِ وَيَصِيرُ بَدَلُ الْمَغْصُوبِ فِي ذِمَّتِهِ وَأَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِي الْمَخْلُوطِ إلَّا بَعْدَ إعْطَاءِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مِثْلَ الْمَغْصُوبِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ تَحْرُمُ مُعَامَلَةُ مَنْ مَالُهُ حَرَامٌ فَهُوَ جَارٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا يَظْهَرُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَخَذَ تُرَابًا مِنْ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ

مَا يَجِبُ عَلَيْهِ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ إنْ بَقِيَ وَإِلَّا فَمِثْلُهُ وَأَرْشُ نَقْصِ الْأَرْضِ وَيَكُونُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا غَصَبَ غَيْرَ مُتَمَوَّلٍ كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ أَوْ غَيْرَ مَالٍ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ هَلْ هُوَ كَبِيرَةٌ وَيُكَفَّرُ مُسْتَحِلُّهُ وَهَلْ هُوَ صَغِيرَةٌ يُكَفَّرُ مُسْتَحِلُّهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ غَصْبَ مَا ذُكِرَ صَغِيرَةٌ وَيَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهُ فَقَدْ قُيِّدَ كَوْنُ الْغَصْبِ كَبِيرَةً بِمَا تَبْلُغُ قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ رُبُعَ مِثْقَالٍ كَمَا يُقْطَعُ بِهِ فِي السَّرِقَةِ وَمَنْ اسْتَحَلَّ حَرَامًا بِالْإِجْمَاعِ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ كَفَرَ وَإِنْ كَانَ صَغِيرَةً. (سُئِلَ) عَمَّا سُئِلَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ أَنَّ شَخْصًا هَدَمَ جِدَارَ مَسْجِدٍ غَيْرَ مُسْتَحِقِّ الْهَدْمِ مَا يَلْزَمُهُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ وَلَا يَأْتِي فِيهِ ضَمَانُ الْأَرْشِ كَمَا قِيلَ فِي الْجِدَارِ الْمَمْلُوكِ وَالْمَوْقُوفِ وَقْفًا غَيْرَ تَحْرِيرٍ لِأَنَّهُمَا مَالَانِ وَالْمَسْجِدُ لَيْسَ بِمَالٍ بَلْ هُوَ كَالْحُرِّ وَلِذَلِكَ لَا تَجِبُ أُجْرَتُهُ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَنْفَعَتَهُ اهـ هَلْ هُوَ الْمَذْهَبُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمَذْهَبَ وُجُوبُ أَرْشِهِ لَا إعَادَتُهُ كَمَا فِي غَيْرِهِ كَالْحُرِّ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تُرَاقُ أَيْضًا مَعَ الشَّكِّ فِي أَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيَحْتَمِلُ تَقْيِيدَهُ بِمَا إذَا وُجِدَتْ بِأَيْدِي الْفُسَّاقِ مَا الْمُعْتَمَدُ؟

كتاب الشفعة

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَحْرُمُ إرَاقَتُهَا حَالَ الشَّكِّ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِ إتْلَافِهَا قَبْلَ عَصْرِهَا فَيُسْتَصْحَبُ إلَى وُجُودِ مُقْتَضَى جَوَازِهِ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ دَفَعَ إلَى آخَرَ سُكَّرًا فِي عَسَلِهِ لِيُعَوِّضَهُ لَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ فَفَلَقَهُ وَاسْتَخْرَجَ عَسَلَهُ وَبِيضَهُ فَهَلْ هُوَ مِثْلِيٌّ فَيَلْزَمُهُ مِثْلُهُ أَوْ مُتَقَوِّمٌ فَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمِثْلِيٍّ لِأَنَّ كَلَامَهُ مِنْ سُكَّرِهِ وَعَسَلِهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَيَلْزَمُهُ مِثْلُ السُّكَّرِ وَمِثْلُ الْعَسَلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ السُّكَّرُ الْخَامُ أَكْثَرَ قِيمَةً مِنْهَا فَيَلْزَمُهُ أَقْصَى قِيمَةٍ مِنْ حِينِ تَعَدِّيهِ بِتَصَرُّفِهِ فِيهِ إلَى حِينِ تَلَفِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَتْلَفَ حُلِيًّا مَغْشُوشًا كَخَلْخَالٍ مَاذَا يَلْزَمُ الْمُتْلِفَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَضْمَنُ الْخَلْخَالَ الْمَغْشُوشَ بِمِثْلِهِ وَيَضْمَنُ صِفَتَهُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ. (سُئِلَ) عَنْ الْفُولِ الْمَدْشُوشِ هَلْ هُوَ مِثْلِيٌّ أَوْ مُتَقَوِّمٌ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا وَلَا يَنْضَبِطُ وَإِذَا قُلْتُمْ بِأَنَّهُ مُتَقَوِّمٌ وَغَصَبَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ قَوْلًا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ بِذَلِكَ الْمَكَانِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْفُولَ الْمَذْكُورَ مُتَقَوِّمٌ لِمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ وَيَلْزَمُ غَاصِبَهُ أَقْصَى قِيمَةٍ بِذَلِكَ الْمَكَانِ مِنْ حِينِ غَصْبِهِ إلَى تَلَفِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [كِتَابُ الشُّفْعَةِ] (كِتَابُ الشُّفْعَةِ) (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ قَوْلِهِمْ فِي الشُّفْعَةِ يُشْتَرَطُ فِي الْمَشْفُوعِ إمْكَانُ الْقِسْمَةِ

هَلْ الْمُرَادُ أَنْ يُقْسَمَ بِقَدْرِ الْحِصَّةِ الْمَشْفُوعَةِ أَمْ يُقْسَمُ نِصْفَيْنِ مُطْلَقًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مُشْتَرِيَ الْحِصَّةِ وَلَوْ طَلَبَ الْقِسْمَةَ أَجْبَرَ شَرِيكَهُ عَلَيْهَا وَلِهَذَا ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِمَالِكِ عُشْرِ الدَّارِ الصَّغِيرَةِ إذَا بَاعَ مَالِكُ التِّسْعَةِ الْأَعْشَارِ وَلَوْ بَاعَ مَالِكُ الْعُشْرِ لَمْ تَثْبُتْ لِشَرِيكِهِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِي الشُّفْعَةِ هَلْ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَبْضِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ أَوْ يَأْخُذُ مِنْ الْبَائِعِ وَيَقُومُ قَبْضُهُ مَقَامَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فِيهِ وَجْهَانِ أَيُّهُمَا أَصَحُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلشَّفِيعِ تَكْلِيفَ الْمُشْتَرِي قَبْضَ الشِّقْصِ مِنْ الْبَائِعِ وَلَهُ أَيْضًا أَخْذُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَيَقُومُ قَبْضُهُ مَقَامَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي. (سُئِلَ) عَمَّا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الشُّفْعَةِ تَعَدُّدُ الْمُوَكِّلِ لَا الْوَكِيلِ فِي جَانِبِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا كَمَا نُقِلَ عَنْ الرَّافِعِيِّ مِنْ اعْتِبَارِهِ فِي جَانِبِ الشِّرَاءِ وَاعْتِبَارِ الْمُوَكِّلِ فِي جَانِبِ الْبَيْعِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي جَانِبِ الْبَيْعِ اعْتِبَارُ الْوَكِيلِ لَا الْمُوَكِّلِ فَقَدْ قَالُوا لَوْ وَكَّلَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الثَّلَاثَةِ أَحَدَ شَرِيكَيْهِ بِبَيْعِ نَصِيبِهِ فَبَاعَ نَصِيبَهُمَا صَفْقَةً بِالْإِذْنِ لَمْ يَجُزْ لِلثَّالِثِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ بَلْ يَأْخُذُ الْجَمِيعَ أَوْ يَتْرُكُهُ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْعَاقِدِ لَا بِالْمَعْقُودِ لَهُ (سُئِلَ) عَنْ إعْرَابِ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فِي هَذَا

باب القراض

الْبَابِ وَلَا يَتَمَلَّكُ شِقْصًا لَمْ يَرَهُ الشَّفِيعُ عَلَى الْمَذْهَبِ هَلْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ فَيَكُونُ كُلُّ مَنْ يَتَمَلَّكُ وَيُرَى طَالِبًا لِلْفَاعِلِيَّةِ فِي الشَّفِيعِ أَمْ لَا يَصِحُّ وَعَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ هَلْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ اعْتِرَاضُ الْإِسْنَوِيِّ كَالْعِرَاقِيِّ حَيْثُ قَالَا وَتَعْبِيرُهُ بِالظَّاهِرِ بَعْدَ الْمُضْمَرِ يُوهِمُ التَّغَايُرَ بَيْنَهُمَا إيهَامًا ظَاهِرًا أَمْ لَا يَتَوَجَّهُ لِأَنَّ بَابَ التَّنَازُعِ نَوْعٌ مِنْ الْعَرَبِيَّةِ شَائِعٌ كَثِيرًا مُسْتَعْمَلٌ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ كَوْنُهُ مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ اعْتِرَاضُ الْعِرَاقِيِّ كَالْإِسْنَوِيِّ لِأَنَّ الْإِيهَامَ لَا يَنْدَفِعُ بِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الشَّفِيعُ فَاعِلًا لِيَتَمَلَّكَ وَفَاعِلُ يَرَهُ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الشَّفِيعِ لِأَنَّهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ لَفْظًا فَهُوَ مُتَقَدِّمٌ رُتْبَةً وَتَقْدِيرُهُ حِينَئِذٍ وَلَا يَتَمَلَّكُ الشَّفِيعُ شِقْصًا لَمْ يَرَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ. [بَابُ الْقِرَاضِ] (بَابُ الْقِرَاضِ) (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ رَجُلٍ قَبَضَ مَبْلَغًا مِنْ مَالِكِهِ قِرَاضًا وَسَافَرَ بِهِ بِبَحْرِ النِّيلِ بِالْإِذْنِ ثُمَّ طَالَبَهُ رَبُّ الْمَالِ بِرَدِّهِ فَادَّعَى الْقَابِضُ أَنَّ الْعَرَبَ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ تَعَرَّضُوا لِلْمَرْكَبِ وَخَرَجُوا عَلَيْهَا وَنَزَلُوا بِهَا وَأَخَذُوا مِنْهَا أَعْيَانًا وَالْمَبْلَغُ مِنْ جُمْلَتِهَا قَهْرًا فَهَلْ حُكْمُ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ حُكْمُ الْغَصْبِ الْمُلْحَقِ بِالسَّرِقَةِ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ أَمْ

حُكْمُ السَّبَبِ الظَّاهِرِ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ فَيُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصَدَّقُ فِي التَّالِفِ بِهِ وَإِذَا قُلْتُمْ نَعَمْ فَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي قَبُولِ الْبَيِّنَةِ تَعَرُّضُهَا لِعُمُومِ أَخْذِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورِينَ وَاسْتِغْرَاقُهُ لِجَمِيعِ مَا فِي الْمَرْكَبِ الَّتِي فِيهَا الْمَبْلَغُ أَمْ يَكْفِي تَعَرُّضُهَا الْوُقُوعَ ذَلِكَ فِي الْمَرْكَبِ الْمَذْكُورَةِ وَلَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ الَّذِي رَأَتْهُ بَعْضَ مَا فِيهَا كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْحَرِيقِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ قَطْعَ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَ مِنْ السَّبَبِ الظَّاهِرِ فَتَجْرِي فِيهِ أَحْكَامُهُ حَتَّى لَوْ عُرِفَ وُقُوعُهُ وَعُمُومُهُ وَلَمْ يَحْتَمِلْ سَلَامَةَ الْمَبْلَغِ مِنْهُ صُدِّقَ الْعَامِلُ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ جَهِلَ وُقُوعَهُ أَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ ثُمَّ حَلَفَ عَلَى التَّلَفِ بِهِ وَيَكْفِي تَعَرُّضُ الْبَيِّنَةِ لِوُقُوعِهِ فِي الْمَرْكَبِ الْمَذْكُورَةِ وَلَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ الَّذِي رَأَتْهُ بَعْضُ مَا فِيهَا وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْت أَنَّهُ لَوْ تَعَرَّضَتْ الْبَيِّنَةُ لِعُمُومِ أَخْذِ الْقُطَّاعِ وَاسْتِغْرَاقِهِ لِجَمِيعِ مَا فِي الْمَرْكَبِ الَّتِي فِيهَا الْمَبْلَغُ لَمْ يَحْلِفْ الْعَامِلُ مَعَهَا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّ الْمَقْبُوضَ قَرْضٌ أَوْ قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ غَصْبٌ أَوْ أَمَانَةٌ فَمَنْ الْمُصَدَّقُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ بِيَمِينِهِ فِي مَسَائِلِ الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ خَالَفَ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضِهَا. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ دَفَعَ لَهُ مَبْلَغًا عَلَى سَبِيلِ الْقِرَاضِ الشَّرْعِيِّ

باب المساقاة

فَأَجَابَ بِأَنَّهُ مَا دَفَعَهُ لَهُ إلَّا قَرْضًا فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ أَوْ الْآخِذِ فَإِنْ قُلْتُمْ الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ فَهَلْ يَلْزَمُ الْآخِذَ الْقِيَامُ لِرَبِّ الْمَالِ بِرِبْحِهِ أَمْ لَا وَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي دَفْعِ الْمَالِ لِرَبِّهِ مَعَ إقْرَارِهِ بِأَنَّهُ قَرْضٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ لَا قَوْلُهُ فَإِذَا حَلَفَ كَانَ الْمَالُ وَرِبْحُهُ لَهُ وَبَدَلُ الْقَرْضِ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي دَفْعِ الْمَالِ لِرَبِّهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. [بَابُ الْمُسَاقَاةِ] (بَابُ الْمُسَاقَاةِ) (سُئِلَ) هَلْ يَدْخُلُ اللِّيفُ وَالْجَرِيدُ وَالْكُرْنَافُ فِي الْمُسَاقَاةِ أَمْ لَا وَهَلْ إذَا شُرِطَ لِلْعَامِلِ جُزْءٌ مِنْهَا أَوْ جَمِيعُهَا هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَدْخُلُ الْمَذْكُورَاتُ فِي الْمُسَاقَاةِ بَلْ هِيَ لِلْمَالِكِ وَلَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِيهِمَا خِلَافُ قَضِيَّتِهَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ سَاقَى آخَرَ عَلَى أَنْشَابٍ وَأَلْزَمَ ذِمَّتَهُ أَعْمَالَ الْمُسَاقَاةِ ثُمَّ ضَمِنَهُ شَخْصٌ عَنْهَا ثُمَّ هَرَبَ الْعَامِلُ فَهَلْ الضَّمَانُ صَحِيحٌ فَيَلْزَمُ الضَّامِنَ الْقِيَامُ بِأَعْمَالِ الْمُسَاقَاةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الضَّمَانَ صَحِيحٌ فَيَلْزَمُ الضَّامِنَ الْأَعْمَالُ الَّتِي تَلْزَمُ الْعَامِلَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ سَاقَى آخَرَ عَلَى جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ حَدِيقَةِ نَخْلٍ مَثَلًا يَمْلِكُهَا فَهَلْ تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ سَاقَى عَلَى نَخْلٍ مُدَّةَ

خَمْسِ سِنِينَ ثُمَّ بَاعَ النَّخْلَ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ هَلْ الْبَيْعُ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ بَاطِلٌ لِأَنَّ لِلْعَامِلِ حَقًّا فِي الثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ تَخْرُجْ فَكَانَ الْمَالِكُ اسْتَثْنَى بَعْضَهَا. (سُئِلَ) هَلْ تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الْأَشْجَارِ الْمَرْهُونَةِ أَمْ لَا لِأَنَّهَا تُنْقِصُ الْقِيمَةَ وَقِيَاسًا عَلَى مَنْعِ إجَارَةِ الْمَرْهُونِ وَتَزْوِيجِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ نَقَصَتْ الْمُسَاقَاةُ قِيمَةَ الْأَشْجَارِ لَمْ تَصِحَّ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَإِلَّا صَحَّتْ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا سَاقَى عَلَى غَيْرِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ تَبَعًا لَهُمَا وَفِي تِلْكَ الْأَشْجَارِ مَا يُنْتَفَعُ بِوَرَقِهِ كَالتُّوتِ أَوْ بِبَعْضِ أَغْصَانِهِ كَالْمُرْسِينَ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ جُزْأَهُ أَمْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ مِنْ الْوَرَقِ وَالْأَغْصَانِ كَمَا لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ سَوَاقِطِ أَغْصَانِ النَّخْلِ وَالْكُرْنَافِ وَاللِّيفِ. (وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ سَاقَى شَخْصًا مُسَاقَاةً شَرْعِيَّةً ثُمَّ سَقَطَ مِنْ نَوَى الْمُسَاقِي عَلَيْهِ وَنَبَتَ مِنْهُ شَيْءٌ هَلْ تَكُونُ ثَمَرَتُهُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا أَمْ يَخْتَصُّ بِهَا الْمَالِكُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِهَا الْمَالِكُ إذْ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ كَوْنُ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ مَرْئِيًّا مُعَيَّنًا مَغْرُوسًا (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَالِدَتِهِ قِطْعَةُ أَرْضٍ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى أَشْجَارٍ فَأَجَّرَهَا لِشَخْصٍ وَسَاقَاهُ

باب الإجارة

عَلَى مَا بِهَا مِنْ الْأَشْجَارِ بِغَيْرِ إذْنِهَا فَهَلْ يَصِحَّانِ أَوْ يَصِحَّانِ فِي نَصِيبِهِ دُونَ نَصِيبِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُمَا بَاطِلَتَانِ حَتَّى فِي نَصِيبِهِ وَيَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَةُ الْأَرْضِ وَمِثْلُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ. (سُئِلَ) هَلْ تَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِي الْمُسَاقَاةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ تَجُوزُ. [بَابُ الْإِجَارَةِ] (بَابُ الْإِجَارَةِ) (سُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ حَوَانِيتَ وَكَتَبَ الشُّهُودُ اسْتَأْجَرَ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ الْحَوَانِيتِ الثَّلَاثَةِ أَرْبَعَ سَنَوَاتٍ بِأُجْرَةٍ قَدْرُهَا أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ مُقَسَّطَةً عَلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ عَلَى عَدَدِ شُهُورِ الْمُدَّةِ فَإِذَا هُوَ مَالٌ أَكْثَرُ مِنْ الْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ أَوْ جُمْلَةٌ وَادَّعَى وَارِثُ الْمُسْتَأْجِرِ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَمْ تَكُنْ إلَّا بِالْمَبْلَغِ الْمُجْمَلِ وَأَنَّ التَّقْسِيطَ غَلَطٌ مِنْ الشُّهُودِ وَأَنَّ الَّذِي يَلْزَمُنِي هُوَ تَقْسِيطُ الْمَبْلَغِ الْمُجْمَلِ عَلَى شُهُورِ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ حَسْبَمَا تَأْتِي حِصَّةُ كُلِّ شَهْرٍ بِالتَّقْسِيطِ الصَّحِيحِ فَهَلْ يَعْمَلُ بِالتَّقْسِيطِ الَّذِي يُنَافِي الْقَدْرِ الْمُجْمَلِ وَيَلْغُو الْمُجْمَلُ أَوْ بِالْقَدْرِ الْمُجْمَلِ مُقَسَّطًا كُلَّ شَهْرٍ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ حَسْبَمَا تَأْتِي الشُّهُورُ وَمُنَفَّذٌ فِيهِمَا الْقَدْرُ الْمُجْمَلُ وَفِي آخِرِ شَهْرٍ إنْ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْ الْقِسْطِ يُعْطَى وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ تُعْتَبَرْ شُهُورُ جَمِيعِ الْمُدَّةِ وَيُعَضِّدُهُ صِيَانَةُ

الْكَلَامِ عَنْ التَّنَافِي؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِتَقْسِيطِ الْمَبْلَغِ عَلَى أَوَّلِ الْمُدَّةِ كُلَّ شَهْرٍ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَيَتَأَخَّرُ مِنْ الْمَبْلَغِ بَعْدَ تِسْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا كَانَ لِإِنْسَانٍ غِرَاسٌ فِي أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ يُعْطَى خَرَاجُهَا كُلَّ سَنَةٍ لِمُتَكَلِّمٍ عَلَيْهَا وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ سُنُونَ فَأَرَادَ الْمُتَكَلِّمُ عَلَيْهَا أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِإِنْسَانٍ آخَرَ فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَيَعْمَلُ فِي الْغِرَاسِ كَمَا ذَكَرُوا فِي بَابِ الْإِجَارَةِ أَوْ كَمَا ذَكَرُوا فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ أَوْ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَفِي فَتَاوَى الْبُلْقِينِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذَلِكَ وَهَلْ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ هُوَ ذَلِكَ أَوْ غَيْرُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُمَكَّنُ الْمُتَكَلِّمُ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ إجَارَتِهَا لِغَيْرِ صَاحِبِ الْغِرَاسِ إنْ أَمْكَنَ تَفْرِيغُهَا مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا أُجْرَةَ لِمِثْلِهَا وَلَمْ يَسْتُرْهَا الْغِرَاسُ كَمَا ذَكَرُوا فِي بَابِ الْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَمَا فِي فَتَاوَى الْبُلْقِينِيِّ لَا يُخَالِفُ هَذَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ شَخْصًا لِقِرَاءَةِ خَتْمَةٍ كَامِلَةٍ أَوْ جَمَاعَةً لِقِرَاءَتِهَا فَهَلْ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ مَعَ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَعُودُ عَلَى الْقَارِئِ لِأَنَّ ثَوَابَ الْقِرَاءَةِ لَهُ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْحَالُ أَنَّ هَكَذَا بِالنُّسَخِ وَلْيُنْظَرْ جَوَابُ الشَّرْطِ

الْمُسْتَأْجِرُ غَائِبٌ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ حَتَّى لَا يَكُونَ لَهُ ثَوَابُ مُسْتَمِعٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ الْمَذْكُورَةُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْقِرَاءَةُ عِنْدَ قَبْرٍ وَلَا حَضَرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ وَلَمْ يُعْقِبْ الْقَارِئُ الْقِرَاءَةَ بِالدُّعَاءِ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لَهُ وَإِلَّا صَحَّتْ فَإِنَّ مَوْضِعَ الْقِرَاءَةِ مَوْضِعُ بَرَكَةٍ وَتَنَزُّلِ رَحْمَةٍ وَهَذَا مَقْصُودٌ يَنْفَعُ الْمَيِّتَ أَوْ الْمُسْتَأْجِرَ وَالدُّعَاءُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ أَقْرَبُ إجَابَةً وَذِكْرُ الْقَارِئِ لِلْمُسْتَأْجِرِ حُضُورٌ لَهُ فِي قَلْبِهِ فَإِذَا نَزَلَتْ الرَّحْمَةُ عَلَى قَلْبِهِ شَمِلَتْ الْمُسْتَأْجِرَ الْمَذْكُورَ. (سُئِلَ) عَنْ دَارٍ مِلْكِ جَمَاعَةٍ أَوْ وَقْفٍ عَلَيْهِمْ سَكَنَ شَخْصٌ فِيهَا مُدَّةً وَلَزِمَهُ لَهُمْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَأَخَذَ مِنْهُ بَعْضُ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَقَطْ فَهَلْ يَخْتَصُّ بِالْمَأْخُوذِ الْمَذْكُورِ أَمْ يُشَارِكُهُ فِيهِ الْبَاقُونَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُخْتَصُّ الْقَابِضُ بِمَا قَبَضَهُ مِنْ حِصَّتِهِ فَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ. (سُئِلَ) عَنْ حَادِثَةٍ وَقَعَتْ فِي حَيَاةِ مَوْلَانَا شَيْخِ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا اسْتَأْجَرَ مَكَانًا بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ وَمَاتَ قَبْلَ حُلُولِ الدَّيْنِ وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فَأَفْتَى مَوْلَانَا قَاضِي الْقُضَاةِ شَرَفُ الدِّينِ الْمُنَاوِيُّ بِحُلُولِ الدَّيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ جَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ وَأَفْتَى مَوْلَانَا شَيْخُ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ الْمَحَلِّيُّ بِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَحِلُّ وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا مِنْ الدُّيُونِ بِأَنَّ

الْمَيِّتَ فِي غَيْرِهَا اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُ الدَّيْنَ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يَسْتَوْفِ مَا يُقَابِلُهُ فَلَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ وَهَذَا الْكَلَامُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا بِبَادِئِ الرَّأْيِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ التَّرِكَةَ تَصِيرُ مَرْهُونَةً بِالدَّيْنِ وَهَذَا ضَرَرٌ عَلَى الْوَرَثَةِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِأَنَّ مَا يَصِيرُ مَرْهُونًا بِالدَّيْنِ بَقِيَّةُ الْمَنْفَعَةِ فَقَدْ لَا تَفِي بِالدَّيْنِ وَإِنْ قُلْتُمْ بِأَنَّ الْوَرَثَةَ يَتَخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يُعَجِّلُوا الدَّيْنَ وَيَنْفَكُّ الرَّهْنُ فَالتَّعْجِيلُ نَوْعُ تَبَرُّعٍ وَقَدْ تَكُونُ الْوَرَثَةُ قَاصِرِينَ فُقَرَاءَ لَا يُمْكِنُ الْوَصِيُّ أَنْ يَتَبَرَّعَ عَلَيْهِمْ وَلَا أَنْ يَقْتَرِضَ عَلَيْهِمْ مَالًا لِلْإِنْفَاقِ مَعَ وُجُودِ مَالِهِمْ وَقَدْ لَا يَجِدُ مَنْ يُقْرِضُهُ فَإِنْ قُلْتُمْ يُعَجَّلُ الْوَفَاءَ لِأَجْلِ ضَرُورَتِهِمْ فَذَاكَ وَظَاهِرُ اخْتِلَافِ هَذَيْنِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا نَقْلٌ صَرِيحٌ فَإِنْ كَانَ مَوْلَانَا يَسْتَحْضِرُ فِيهَا نَقْلًا فَلْيَتَفَضَّلْ بِإِفَادَتِهِ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ يَرَى رَأْيَ الْمُنَاوِيِّ فَلَا إشْكَالَ أَوْ رَأْيَ الْمَحَلِّيِّ فَلْيَتَفَضَّلْ بِحَلِّ مَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الْإِشْكَالِ؟ (فَأَجَابَ) بِنَعَمْ تَحِلُّ الْأُجْرَةُ الْمُؤَجَّلَةُ بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّرَفُ الْمُنَاوِيُّ فَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ إنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ يَحِلُّ بِمَوْتِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَعَلَّلُوهُ بِخَرَابِ ذِمَّتِهِ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي مَسْأَلَتِنَا وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ وَتَحِلُّ الدُّيُونُ الْمُؤَجَّلَةُ بِمَوْتِ الْمَدْيُونِ بِلَا خِلَافٍ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى وَجْهٍ

وَهُوَ مَنْ قَتَلَ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ إذَا لَمْ يُوجَدْ لِلْجَانِي عَاقِلَةٌ وَلَا مَالٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ ثَبَتَ بِاعْتِرَافِهِ فَإِنَّهُ تُؤْخَذُ الدِّيَةُ مِنْ الْجَانِي مُؤَجَّلَةً فَلَوْ مَاتَ حَلَّتْ عَلَى الْأَصَحِّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالضَّامِنِ يَأْتِي فِي بَابِهِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَيَحِلُّ الدَّيْنُ بِمَوْتِ الْمَدْيُونِ بِلَا خِلَافٍ إلَّا فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ: الْأُولَى الْمُسْلِمُ إذَا لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ وَلَا مَالَ لَهُ وَلَا عَصَبَةَ تَحَمَّلَ بَيْتُ الْمَالِ فَلَوْ مَاتَ أُخِذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مُؤَجَّلًا وَلَا يَحِلُّ لِأَنَّ الدِّيَةَ تُلَازِمُ التَّأْجِيلَ وَصُورَتَانِ عَلَى وَجْهٍ إحْدَاهُمَا إذَا لَزِمَتْ الدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ الْجَانِيَ كَمَا لَوْ اعْتَرَفَ وَأَنْكَرَتْ الْعَاقِلَةُ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ الْجَانِي مُؤَجَّلَةً فَلَوْ مَاتَ هَلْ تَحِلُّ الدِّيَةُ حَتَّى تُؤْخَذَ مِنْ تَرِكَتِهِ حِينَئِذٍ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ وَالثَّانِي لَا تَحِلُّ بِمَوْتِهِ لِأَنَّ الدِّيَةَ يُلَازِمُهَا الْأَجَلُ. الثَّانِيَةُ ضَمِنَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا وَمَاتَ الضَّامِنُ لَا يَحِلُّ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فِي وَجْهٍ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ اهـ وَمِنْ الْقَوَاعِدِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِعْيَارُ الْعُمُومِ وَفِي فَتَاوَى الْبُلْقِينِيِّ مَسْأَلَةٌ شَخْصٌ أَجَّرَ أَرْضًا إقْطَاعِيَّةً لِشَخْصٍ مُدَّةً تَلِي مُدَّةَ إجَارَتِهِ بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ وَاعْتَرَفَ الْمُسْتَأْجِرُ بِأَنَّهَا تَحْتَ يَدِهِ قَبْلَ صُدُورِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَذْكُورُ قَبْلَ أَوَانِ الزَّرْعِ فَاسْتَوْلَى شَخْصٌ وَزَرَعَ

الْأَرْضَ عُدْوَانًا فَهَلْ تَحِلُّ الْأُجْرَةُ بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ أَوْ يَنْتَقِلُ لِلْوَرَثَةِ الِاسْتِحْقَاقُ فِيهِ وَهَلْ يُطَالِبُ الْمُؤَجِّرُ الْوَرَثَةَ أَوْ الَّذِي تَعَدَّى وَزَرَعَ وَإِذَا طَالَبَ الْوَرَثَةَ فَهَلْ يَرْجِعُونَ عَلَى الْمُتَعَدِّي؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ تَحِلُّ الْأُجْرَةُ الْمُؤَجَّلَةُ وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَهَذَا كُلُّهُ قَبْلَ أَنْ يَضَعَ الْمُتَعَدِّي يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ فَإِذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَكُلُّ زَمَنٍ مَضَى تَنْفَسِخُ فِيهِ الْإِجَارَةُ وَيَرْتَفِعُ الْحُلُولُ الَّذِي وَقَعَ بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ ذَاكَ إنَّمَا يَكُونُ لَوْ بَقِيَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى حَالِهَا وَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ وَيَدُ الْمُعْتَدِي قَائِمَةٌ فَقَدْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي الْجَمِيعِ وَارْتَفَعَ الْحُلُولُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ كَانَ الْمُقْطِعُ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَجَبَ رَدُّهُ عَلَى الْوَرَثَةِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ لَمْ تَقَعْ لِي قَطُّ وَيَسْتَحِقُّ الْمُقْطِعُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ عَلَى الْمُتَعَدِّي بِالْوَضْعِ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ تَعَلُّقٌ بِالْمُتَعَدِّي. اهـ وَأَمَّا مَا فَرَّقَ بِهِ الْجَلَالُ الْمُحَقِّقُ الْمَحَلِّيُّ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا فَهُوَ مُنْتَقَضٌ بِأَشْيَاءَ مِنْهَا حُلُولُ دَيْنِ الضَّامِنِ بِمَوْتِهِ وَحُلُولُ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ لِمَوْتِهِ قَبْلَ وَطْئِهِ زَوْجَتَهُ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَمْ يَسْتَوْفِ مَا يُقَابِلُ الدَّيْنَ وَالْجَوَابُ عَنْ الْإِشْكَالِ الْمُورَدِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْمُحَقِّقُ الْمَحَلِّيُّ أَنَّ الْأُجْرَةَ الْمُؤَجَّلَةَ إذَا لَمْ نَقُلْ بِحُلُولِهَا

بِالْمَوْتِ لَا تَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَةِ فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَارِثِ فِي جَمِيعِهَا فَقَدْ قَالَ الْأَئِمَّةُ إنَّ الْمَوْتَ كَحُمْرِ الْفَلَسِ فِي تَعَلُّقِ الدُّيُونِ بِالتَّرِكَةِ وَلَوْ قَالُوا إنَّ الدُّيُونَ الْمُؤَجَّلَةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِمَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ وَلَا تَدْخُلُ فِي قِسْمَتِهِ وَلَا يُدَّخَرُ لَهَا شَيْءٌ. (سُئِلَ) عَنْ خَيَّاطٍ اُسْتُؤْجِرَ لِتَضْرِيبِ ثَوْبٍ بِإِعْدَادِ خُيُوطٍ مَعْلُومَةٍ وَقِسْمَةٍ بَيِّنَةٍ مُتَسَاوِيَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ إنْ ضَرَّبَهُ وَخَاطَهُ بِأَنْقَصَ مِنْ الْعَدَدِ وَأَوْسَعَ مِنْ الْقِسْمَةِ الْمَشْرُوطَةِ عَلَيْهِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِكَمَالِهَا أَمْ بِالْقِسْطِ أَمْ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا لِمُخَالَفَتِهِ وَعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ إتْيَانِ مَا تَرَكَ لِمَا عُلِّلَ فِيمَنْ دَفَعَ إلَى نَسَّاجٍ غَزْلًا لِيَنْسِجَهُ ثَوْبًا طُولُهُ عَشَرَةٌ فِي عَرْضٍ مَعْلُومٍ فَجَاءَ بِالثَّوْبِ وَطُولُهُ أَحَدَ عَشَرَ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَإِنْ جَاءَ وَطُولُهُ تِسْعَةٌ فَإِنْ كَانَ طُولُ السَّدَى عَشَرَةً اسْتَحَقَّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِهِ وَإِنْ كَانَ تِسْعَةً فَلَا وَعَلَّلُوهُ بِمَا تَقَدَّمَ فَهَلْ تِلْكَ كَهَذِهِ أَمْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجِيرُ الْمَذْكُورُ عَلَى عَمَلِهِ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ لِمُخَالَفَتِهِ الْمَشْرُوطَ وَعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ إتْمَامِهِ وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ مِنْهَا أَنْوَاعُ الْمُخَالَفَةِ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِئْجَارِ لِلنَّسْجِ الْمَذْكُورِ بَعْضُهَا فِي السُّؤَالِ وَمِنْهَا مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِنَسْخِ كِتَابٍ فَغَيَّرَ تَرْتِيبَ الْأَبْوَابِ فَإِنْ أَمْكَنَ

الْبِنَاءُ عَلَى بَعْضِ الْمَكْتُوبِ كَأَنْ كَانَ عَشَرَةَ أَبْوَابٍ فَكَتَبَ الْبَابَ الْأَوَّلَ آخِرًا مُنْفَصِلًا بِحَيْثُ يَبْنِي عَلَيْهِ اسْتَحَقَّ بِقِسْطِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَمِنْهَا مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِكِتَابَةِ صَكٍّ فِي بَيَاضٍ فَكَتَبَهُ بِلُغَةٍ غَيْرِ الَّتِي عَيَّنَاهَا فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِحَمْلِ أَحْمَالٍ إلَى مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ فَتَسَلَّمَهَا وَحَمَلَهَا عَلَى جِمَالِهِ ثُمَّ نُهِبَتْ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْأَجِيرُ الْقِسْطَ مِنْ الْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ أَوْ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْهَا إذْ يُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْقِسْطِ فِي الْإِجَارَةِ وُقُوعُ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا وَظُهُورُ أَثَرِهِ عَلَى الْمَحِلِّ وَمِثْلُهَا الْجِعَالَةُ. (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى بِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَجُوزُ إبْدَالُهُ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ الْأَجِيرُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ قِطْعَةَ أَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ فَرُوِيَتْ وَمَكَثَ الْمَاءُ عَلَى عَالِيهَا إلَى خُرُوجِ أَوَانِ زِرَاعَتِهِ وَفَوَاتِ الِانْتِفَاعِ بِهِ فَهَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ فِي الْقِطْعَةِ أَوْ فِيمَا مَكَثَ الْمَاءُ عَلَيْهِ وَهَلْ خِيَارُهُ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِيمَا فَاتَتْ مَنْفَعَةُ زِرَاعَتِهِ وَيَسْقُطُ مِنْ الْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ مَا يُقَابِلُهُ وَيَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ فِيمَا مَنْفَعَتُهُ بَاقِيَةٌ وَخِيَارُهُ عَلَى الْفَوْرِ وَمَنْ أَفْتَى بِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي نَاقِلًا لَهُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ

وَتَصْرِيحُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَأَنَّهُ غَلَّطَ مَنْ أَفْتَى بِخِلَافِهِ فَقَدْ وَهِمَ إذْ كَلَامُهُمْ فِي مَسْأَلَةٍ غَيْرِ مَسْأَلَتِنَا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ ادَّعَى أَجِيرٌ الْحَجَّ أَوْ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِالْأُجْرَةِ فَأَنْكَرَ الْمُسْتَأْجِرُ إتْيَانَ الْأَجِيرِ بِأَعْمَالِ الْحَجِّ فَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَجِيرِ بِيَمِينِهِ فِي إتْيَانِهِ بِأَعْمَالِ الْحَجِّ فَإِنْ مَاتَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَارِثِهِ فِيهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي قَدْرِ مَا صَرَفَهُ فِي الْعِمَارَةِ الَّتِي أَذِنَ لَهُ فِيهَا فَمَنْ الْمُصَدَّقُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ بِيَمِينِهِ إنْ ادَّعَى قَدْرًا مُحْتَمَلًا وَإِلَّا احْتَاجَ إلَى الْبَيِّنَةِ وَلَا يُغْنِي عَنْهَا الْإِشْهَادُ مِنْ الصُّنَّاعِ بِأَنَّهُمْ صُرِفَ عَلَى يَدِهِمْ فِيهَا كَذَا لِأَنَّهُمْ وُكَلَاءُ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الصَّرْفِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ صَاحِبَ مَرْكَبٍ عَلَى حَمْلِ كَتَّانِ حَطَبٍ مِنْ الصَّعِيدِ إلَى مِصْرَ لِيُوصِلَهُ لِإِنْسَانٍ مِنْ بَعْدِ إيصَالِهِ أَحَالَهُ بِبَعْضِ أُجْرَةِ حَمْلِهِ عَلَى آخَرَ ثُمَّ ظَهَرَ اسْتِحْقَاقُ الْكَتَّانِ لِآخَرَ فَمَنْ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ حَمْلِهِ وَهَلْ يَرْجِعُ الْمُحِيلُ بِمَا أَحَالَ بِهِ وَتَبْطُلُ الْحَوَالَةُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّاةَ لَازِمَةٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَالْحَوَالَةُ صَحِيحَةٌ فَلَيْسَ لِلْمُحِيلِ الرُّجُوعُ بِشَيْءٍ مِمَّا أَحَالَ بِهِ

سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مُعَيَّنَةً لِحَمْلِ كَذَا إلَى بَلَدِ كَذَا فَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ صَاحِبُهَا الْقِسْطَ مِنْ الْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ لَا كَمَا تَقَدَّمَ الْإِفْتَاءُ مِنْكُمْ بِذَلِكَ فَمَا الْجَوَابُ عَمَّا فِي الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ وَتَنْفَسِخُ بِقِسْطٍ فِي عَيْنِهِ بِتَلَفِ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ صَاحِبُ الدَّابَّةِ الْقِسْطَ مِنْ الْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لِي إفْتَاءٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ إفْتَائِي فِيهِ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ هُوَ مَا إذَا تَلِفَتْ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ لِحَمْلِهَا فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخَانِ لَوْ اكْتَرَاهُ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ فَخَاطَ بَعْضَهُ ثُمَّ احْتَرَقَ وَكَانَ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ أَوْ فِي مِلْكِهِ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ مَا عَمِلَ بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى لِوُقُوعِ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا، أَوْ لِحَمْلِ جَرَّةٍ فَزَلَقَ فِي الطَّرِيقِ فَانْكَسَرَتْ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخِيَاطَةَ تَظْهَرُ عَلَى الثَّوْبِ فَوَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا لِظُهُورِ أَثَرِهِ عَلَى الْمَحِلِّ وَالْحَمْلُ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى الْجَرَّةِ اهـ وَبِمَا قَالَاهُ عُلِمَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْقِسْطِ مَعَ الْإِجَارَةِ وُقُوعُ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا وَظُهُورُ أَثَرِهِ عَلَى الْمَحِلِّ (سُئِلَ) عَنْ نَاظِرٍ عَلَى صِهْرِيجِ سَبِيلٍ ادَّعَى أَنَّ وَاقِفَهُ أَذِنَ لَهُ فِي إجَارَةِ سَطْحِهِ لِلْبِنَاءِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَمْ لَا

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَجَّرَ عَيْنًا ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ تِلْكَ الْعَيْنَ فَهَلْ تُسْمَعُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْإِجَارَةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُسْمَعُ لِكَوْنِهَا شَهَادَةً بِنَفْيٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِآخَرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً لِيَنْتَفِعَ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ فِيمَا شَاءَ هَلْ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَنْتَفِعَ بِهَا كَيْفَ شَاءَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِلْغَرَرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ إجَارَةِ الْأَرْضِ وَاضِحٌ. (سُئِلَ) هَلْ يُحْبَسُ لِلدَّيْنِ مَنْ وَقَعَتْ عَلَى عَيْنِهِ إجَارَةٌ وَتَعَذَّرَ الْعَمَلُ فِي الْحَبْسِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُحْبَسُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ عَجَزَ مُؤَجِّرُ الدَّابَّةِ إجَارَةَ ذِمَّةٍ عَنْ إبْدَالِهَا إذَا تَعَيَّبَتْ هَلْ لِمُسْتَأْجِرِهَا الْخِيَارُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَهُ الْخِيَارَ. (سُئِلَ) عَمَّا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ فِي آخِرِ الْحَجْرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ رَجُلٌ عَنْ ابْنٍ صَغِيرٍ وَلَهُ زَوْجَةٌ فَحَمَلَتْهُ أُمُّهُ إلَى أَبِيهَا فَاسْتَخْدَمَهُ مُدَّةً قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ عَمَلِ الصَّبِيِّ إلَى بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ هَلْ ذَلِكَ عَلَى إطْلَاقِهِ أَمْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى الْعَمَلِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَمُخْتَصَرَاتِهَا وَغَيْرِهَا فِي بَابِ الْغَصْبِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ أُجْرَةُ مِثْلِ الِابْنِ إلَى بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ

كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ بِمَنَافِعِهِمَا لِلْمُقَابَلَةِ بِالْأَعْوَاضِ فَهُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرُهَا فَصُورَتُهَا فِي الرَّشِيدِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَخْطَأَ النُّقَّادُ فَظَهَرَ بِمَا نَقَدَهُ غِشٌّ وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْخَادِمِ كَذَا أَطْلَقَهُ صَاحِبُ الْكَافِي وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ مُتَبَرِّعًا فَإِنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ فَيَضْمَنُ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلنَّسْخِ فَغَلِطَ فِي حَالِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَيَغْرَمُ أَرْشَ الْوَرَقِ اهـ هَلْ الْمُفْتَى بِهِ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُفْتَى بِهِ مَا أَطْلَقَهُ صَاحِبُ الْكَافِي وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ النَّسْخِ ظَاهِرٌ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ أُجْرَةِ وَقْفٍ وَأَنَّ الْأُجْرَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ثُمَّ أُقِيمَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهَا دُونَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ هَلْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهَا كَمَا فِي بَيْعِ مَالِ الْيَتِيمِ فِي حَاجَتِهِ أَمْ لَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْإِجَارَةِ وَالْحُكْمِ بِهَا لِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا حَكَمَ بِنَاءً عَلَى الْبَيِّنَةِ السَّالِمَةِ مِنْ الْمُعَارِضِ وَقَدْ بَانَ خِلَافُ ذَلِكَ فَهُوَ كَمَا لَوْ أُزِيلَتْ يَدُ الدَّاخِلِ بِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا الْخَارِجُ ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُ الْيَدِ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّ الْحُكْمَ يُنْتَقَضُ لِمِثْلِ هَذِهِ الْعِلَّةِ فَالْإِجَارَةُ

كَالْبَيْعِ وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ نَظَرًا وَصُورَةُ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ الْعَيْنَ بَاقِيَةٌ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ مَرْكَبًا مَثَلًا إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُجَاوِزَهُ فَخَالَفَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْمَكَانِ الْمَشْرُوطِ هَلْ يَضْمَنُ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي الْقِرَاضِ وَالْوَكَالَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ إذَا كَانَتْ إجَارَتُهُ إلَى بُلُوغِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَقَطْ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْأُجْرَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ مَقْبُوضَةً فِي الْمَجْلِسِ وَلَوْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِلَفْظِ السَّلَمِ يُخَالِفُ مَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ عَقَدَ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ حَيْثُ اكْتَفَوْا بِالتَّعْيِينِ فَمَا الْفَرْقُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُخَرَّجَتَانِ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِصِيَغِ الْعُقُودِ أَوْ بِمَعَانِيهَا وَالْأَصْحَابُ تَارَةً يَعْتَبِرُونَ اللَّفْظَ قَطْعًا وَتَارَةً عَكْسُهُ وَتَارَةً يُجْرُونَ خِلَافًا وَيُرَجِّحُونَ اعْتِبَارَ اللَّفْظِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَمِنْهُ الْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَقَدْ قَامَ الْإِجْمَاعُ فِي بَيْعِ غَيْرِ الرِّبَوِيِّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ وَقَدْ يُرَجِّحُونَ اعْتِبَارَ الْمَعْنَى كَمَا فِي الْإِجَارَةِ وَحِينَئِذٍ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وُرُودُ عَقْدِ الْإِجَارَةِ عَلَى مَعْدُومٍ إذْ الْمَنَافِعُ مَعْدُومَةٌ وَأَيْضًا فَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا دُفْعَةً فَجَبَرُوا ضَعْفَهَا بِاشْتِرَاطِ قَبْضِ أُجْرَتِهَا فِي الْمَجْلِسِ بِخِلَافِ

الْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ فِيهِمَا (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ تَعَدَّى بِعَمَلِ مِفْتَاحٍ عَلَى مَكَان مُؤَجَّرٍ وَصَارَ يَسْكُنُ فِيهِ أَحْيَانًا فِي غَيْبَةِ مُسْتَأْجِرِهِ فَهَلْ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ مُدَّةَ سُكْنَاهَا فَقَطْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ مُدَّةَ سُكْنَاهُ فَقَطْ لِزَوَالِ كُلِّ غَصْبٍ بِاسْتِيلَاءِ الْمُسْتَحِقِّ الْحَاصِلِ بَعْدَهُ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ اسْتَأْجَرَ شَيْرَجَةً مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ، مَبْلَغُهَا عَنْ كُلِّ يَوْمٍ تِسْعَةُ عَثَامِنَةٍ وَذَلِكَ خَارِجٌ عَنْ تِسْعَةَ عَشَرَ رِطْلًا مِنْ الشَّيْرَجِ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَعَنْ قِنْطَارِ زَيْتٍ طَيِّبٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ مَشْغُولَةٌ حَالَةَ الْإِجَارَةِ بِأَمْتِعَةٍ لِلْغَيْرِ لَا يُمْكِنُ نَقْلُهَا إلَّا فِيمَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَهَلْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَاطِلَةٌ لِأَوْجُهٍ أَوَّلُهَا وَتَوَقَّفَ انْتِفَاعُ الْمُسْتَأْجِرِ بِالْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ عَلَى مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ بِوَاسِطَةِ اسْتِيلَاءِ غَيْرِهِ عَلَيْهَا فَتَصِيرُ فِي مَعْنَى إجَارَةِ عَيْنٍ لِمَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ ثَانِيهَا جَهَالَةُ الْأُجْرَةِ بِذِكْرِ مُطْلَقِ الزَّيْتِ مَعَ أَنَّ الْغَرَضَ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِ ثَالِثُهَا جَهَالَتُهَا بِذِكْرِ مُطْلَقِ الشَّيْرَجِ مَعَ أَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ وَبَنَى عَلَيْهَا وَوَقَفَ الْبِنَاءَ مَسْجِدًا وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَأَرَادَ مَالِكُهَا هَدْمَهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ مَعَ غَرَامَةِ أَرْشِ نَقْصِهِ

أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ مَعَ الْغُرْمِ وَإِنْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إبْقَاؤُهُ بِالْأُجْرَةِ. (سُئِلَ) كَمَا لِلْمُسْتَأْجَرِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِهِ لَهُ أَنْ يُعِيرَهَا لِغَيْرِهِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي كِتَابِهِ الْكَامِلِ بِالْكَافِ وَإِذَا أَعَارَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَعِيرُ ضَامِنًا لَهَا هَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ ضَمَانِهِ وَمَا ذَكَرَهُ وَجْهٌ ضَعِيفٌ وَتَتِمَّةُ عِبَارَتِهِ فَإِنْ قِيلَ فَالْمُسْتَعِيرُ اسْتَوْفَى مَا لِلْمُسْتَأْجَرِ اسْتِيفَاؤُهُ فَأَجَابَ بِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَمْنَعُ مِنْ اسْتِيفَائِهِ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ كَمَا لَوْ تَعَدَّى الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْعَيْنِ يَضْمَنُهَا بِتَعَدِّيهِ وَيَكُونُ مُسْتَوْفِيًا بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الْعِوَضُ اهـ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا وَغَرَسَ فِيهَا أَوْ بَنَى ثُمَّ انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ وَالْأَرْضُ مَشْغُولَةٌ بِذَلِكَ فَهَلْ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا بَعْدَهَا كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهَا لِمَا بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ وَمَا ذَكَرْته لَا يُخَالِفُهُ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لِأَنَّهُ صَوَّرَهُ بِمَا إذَا اسْتَمَرَّ الْمُسْتَأْجِرُ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ. (سُئِلَ) عَمَّا اسْتَأْجَرَ شَخْصًا مُدَّةً مَعْلُومَةً لِيَنْتَفِعَ بِهِ فِي صِنَاعَةِ الْحَرِيرِ بِأَنْ يُعْطِيَهُ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا وَكَذَا وَيُعَلِّمُهُ تِلْكَ

الصِّنَاعَةَ هَلْ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَاطِلَةٌ لِجَهَالَةِ التَّعْلِيمِ (سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إجَارَةً فَاسِدَةً فَوَقَفَتْ مِنْهُ فِي الطَّرِيقِ فَأَرْسَلَهَا مَعَ شَخْصٍ لِمَالِكِهَا فَتَلِفَتْ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ هَلْ يَضْمَنُهَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِمَالِكِهَا مُطَالَبَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا بِقِيمَتِهَا، وَقَرَارَ ضَمَانِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. . (سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَنْتَفِعَ بِهَا كَيْفَ شَاءَ فَغَرَسَ أَوْ بَنَى فِيهَا فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كَمَا فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْغَزِّيِّ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ فَمَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا شَهْرًا فَتَسَلَّمَهَا وَتَمَّتْ فِي يَدِهِ شَهْرَيْنِ وَهِيَ مُغْلَقَةٌ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزِّيَادَةِ عَلَى الشَّهْرِ اهـ وَفِي الْأَنْوَارِ نَحْوُهُ أَوْ لَا كَمَا فِي رَوْضِ ابْنِ الْمُقْرِي فِي الْأَرْضِ وَكَمَا نُقِلَ عَنْ فَتَاوَى الصَّانِيِّ فِي الدَّارِ مِنْ أَنَّ لُزُومَ الْأُجْرَةِ فِيهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ بَعْدَهَا مَضْمُونَةٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا أَمَانَةٌ فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ وَنُقِلَ نَحْوُهُ عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَهُوَ لَوْ أَمْسَكَ الدَّارَ مَثَلًا وَلَمْ يُغْلِقْهَا وَانْتَفَعَ بِهَا الْمُدَّةَ الزَّائِدَةَ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَرْضِ لِمَا بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ وَإِنَّمَا ضَمِنَ أُجْرَةَ الزِّيَادَةِ فِي مَسْأَلَةِ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِأَنَّ إغْلَاقَهَا

بِمَنْزِلَةِ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَلِهَذَا لَوْ وَضَعَ مَتَاعًا فِي بُقْعَةٍ مِنْ الْمَسْجِدِ وَأَغْلَقَهُ لَزِمَهُ أُجْرَةُ جَمِيعِهِ وَقَدْ قَالَ الْغَزِّيِّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ بَعْدَ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً شَهْرًا فَتَمَّتْ فِي يَدِهِ شَهْرَيْنِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا زَادَ عَلَى الشَّهْرِ اهـ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامِ الْغَزِّيَّ وَالرَّوْضِ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ انْتَفَعَ بِهَا بَعْدَ مُدَّةِ إجَارَتِهَا لَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ مُدَّةِ انْتِفَاعِهِ بِهَا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَجَّرَ شَيْئًا ثُمَّ بَاعَهُ ثُمَّ تَقَايَلَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ أَوْ بَاعَ مِلْكَهُ ثُمَّ أَجَّرَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ تَقَايَلَ الْمُتَبَايِعَانِ الْبَيْعَ أَوْ وَهَبَ مِلْكَهُ لِفَرْعِهِ ثُمَّ أَجَّرَهُ الْفَرْعُ ثُمَّ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ أَوْ بَاعَ مِلْكَهُ ثُمَّ أَجَّرَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اخْتَلَفَا وَتَحَالَفَا ثُمَّ فَسَخَاهُ أَوْ بَاعَ مِلْكَهُ ثُمَّ أَجَّرَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَفْلَسَ فَرَجَعَ الْبَائِعُ بِإِفْلَاسِهِ أَوْ بَاعَ مِلْكَهُ ثُمَّ أَجَّرَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ بِتَرَاضِيهِمَا عَلَى الرَّدِّ فَلِمَنْ تَكُونُ الْأُجْرَةُ أَوْ الْمَنْفَعَةُ فِي الْمَسَائِلِ السِّتِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأُجْرَةَ لِلْمُؤَجِّرِ فِيمَا عَدَا الرَّابِعَةِ وَأَمَّا هِيَ فَلِلْمُشْتَرِي فِيهَا الْمُسَمَّى وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ وَقْتِ الْفَسْخِ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ إنَّ إجَارَةَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ إذَا أُجِّرَ بِطَرِيقِ النَّظَرِ وَالِاسْتِحْقَاقِ

فَهَلْ إذَا أَجَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْهُ هَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ بِانْفِسَاخِ الْأُولَى لِعُرُوضِهِ فَيَسْتَوْفِي الثَّانِي الْمَنْفَعَةَ مُدَّةَ إجَارَتِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَجَّرَ شَيْئًا ثُمَّ أَجَّرَهُ مُسْتَأْجِرُهُ لِآخَرَ ثُمَّ تَقَايَلَ الْمُؤَجِّرُ الْأَوَّلُ وَالْمُسْتَأْجِرُ الثَّانِي الْمَالِكُ لِلْمَنْفَعَةِ هَلْ تَصِحُّ الْإِقَالَةُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ لِعَدَمِ جَرَيَانِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ بَيْنَهُمَا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَجَّرَهُ عَيْنًا فَأَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِغَيْرِهِ ثُمَّ تَقَايَلَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ هَلْ تَصِحُّ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ السُّبْكِيُّ وَمَا فَائِدَتُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَصِحُّ وَفَائِدَتُهَا انْقِطَاعُ عَلَقَةِ الْإِجَارَةِ بَيْنَهُمَا. (سُئِلَ) هَلْ تَصِحُّ إجَارَةُ السُّفُنِ إجَارَةَ ذِمَّةٍ كَالدَّوَابِّ أَوْ لَا كَالْعَقَارِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا إجَارَةَ ذِمَّةٍ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ فِيهَا لِجَهَالَتِهَا وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا فَيَتَعَيَّنُ فِيهَا إجَارَةُ الْعَيْنِ كَالْعَقَارِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَرْضَعَتْ الْأُمُّ وَلَدَهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ أُجْرَةٍ مِنْ الْأَبِ لَكِنَّ قَصْدَهَا الرُّجُوعَ عَلَى الْأَبِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَأَشْهَدَتْ بِذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ الرَّضَاعِ فَهَلْ تَسْتَحِقُّ أُجْرَةً كَمَا لَوْ أَنْفَقَتْ أَوْ اقْتَرَضَتْ لَهُ لِتَرْجِعَ بِإِشْهَادٍ أَوْ لَا وَهَلْ لَوْ أَرْضَعَتْ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ أُجْرَةٍ وَمِنْ غَيْرِ إشْعَارٍ بِوُجُوبِ أُجْرَةٍ لَهُ لَوْ امْتَنَعَتْ

فَتَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ عَلَى الْأَبِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ وَلَا أَجْرَ لِمَا بِدُونِ شَرْطٍ عَمَلًا كَمَا اسْتَثْنَوْا عَامِلَ الزَّكَاةِ وَالْمُسَاقَاةِ حَيْثُ يَسْتَحِقُّ الْأَوَّلُ الْعِوَضَ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ وَالثَّانِي إذَا عَمِلَ مَا لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ وَخُصُوصًا إذَا كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهَا بِرِقٍّ أَوْ سَفَهٍ أَوْ نَحْوِهِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ أَوْ لَا تَسْتَحِقُّ كَالْقَصَّارِ وَالْخَيَّاطِ وَالْغَسَّالِ لَكِنْ حَيْثُ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ لَا أُجْرَةَ لَهَا فِي مَسْأَلَةِ الْإِرْضَاعِ عَلَى الْأَبِ وَلَا رُجُوعَ لَهَا بِمَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى وَلَدِهَا مِنْ مَالِهَا أَوْ مِمَّا اقْتَرَضَتْهُ إلَّا إذَا امْتَنَعَ الْأَبُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ غَابَ وَأَذِنَ لَهَا الْحَاكِمُ فِيهِ أَوْ أَشْهَدَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ عَجْزِهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الرَّشِيدَةِ وَغَيْرِهَا أَمَّا فِي مَسْأَلَتَيْ الْإِنْفَاقِ وَالِاقْتِرَاضِ فَلِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهَا وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْإِرْضَاعِ فَلِأَنَّ لَبَنَ الْآدَمِيَّةِ لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ غَالِبًا وَإِنْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ مَا يَقْتَضِي أَنَّهَا تَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ بِمَا أَنْفَقَتْهُ مِنْ مَالِهَا أَوْ مِمَّا اقْتَرَضَتْهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ إنْ أَشْهَدَتْ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَعَارَ أَوْ أَجَّرَ مَا تَعَدَّدَتْ جِهَةُ انْتِفَاعِهِ كَأَرْضٍ تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ وَالْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ وَدَابَّةٍ لِلرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ وَعَمَّمَ بِقَوْلِهِ انْتَفِعْ بِهِ كَيْفَ شِئْت هَلْ

يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَا هُوَ الْعَادَةُ فِيهِ حَتَّى لَوْ خَالَفَهَا ضَمِنَ أَوْ لَا وَهَلْ تَصِحُّ إعَارَةُ مَا ذُكِرَ أَوْ إجَارَتُهُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ جِهَةَ الِانْتِفَاعِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّعْمِيمِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَا هُوَ الْعَادَةُ فَإِنْ خَالَفَهَا ضَمِنَ وَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ مَا ذَكَرُوا وَلَا إجَارَتُهُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ وَلَمْ يُعَمِّمْ. (سُئِلَ) عَمَّنْ فِي عِمَادِ الرِّضَى لِأَبِي يَحْيَى زَكَرِيَّا (مَسْأَلَةٌ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ حَانُوتًا فَأَجَّرَهُ لِآخَرَ وَكَانَ يَأْخُذُ مِنْهُ الْأُجْرَةَ سِنِينَ فَادَّعَى أَجْنَبِيٌّ أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَيْهِ فَالدَّعْوَى عَلَى مِنْ بِيَدِهِ الْحَانُوتِ الْآنَ دُونَ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ الْأُجْرَةَ اهـ فَهَلْ ذَلِكَ مُعْتَمَدٌ حَتَّى لَا تَكُونَ لَهُ الدَّعْوَى بِذَلِكَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ أَوْ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ فَلَهُ الدَّعْوَى عَلَى الْمُؤَجِّرِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي الْغَصْبِ وَإِنْ قُلْتُمْ بِاعْتِمَادِ مَسْأَلَةِ الْقَفَّالِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ كَلَامِهِمْ فِي الْغَصْبِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ ظَاهِرٌ إذْ قَبْضُ الْمُؤَجِّرِ الْأُجْرَةَ لَمْ يَصِحَّ فَأُجْرَةُ مِثْلِ الْحَانُوتِ لِمُدَّةِ وَضْعِ الْمُسْتَأْجِرِ يَدَهُ عَلَيْهِ بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّتِهِ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِهَا حَيْثُ بَقِيَتْ دَعْوَاهُ وَأَمَّا دَعْوَى الْعَيْنِ فَلَا تُسْمَعُ إلَّا عَلَى مَنْ هُوَ مَسْئُولٌ عَلَيْهَا وَلَيْسَ الْعَقَارُ مَنْقُولًا لِتَتَوَجَّهَ الدَّعْوَى بِرَدِّهِ عَلَى

قَابِضِهِ وَقَابِضُهُ لِأَجْلِ مُؤْنَتِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْوَقْفُ سَاغَ لِلْمُدَّعِي الْمُطَالَبَةُ لِلْمُؤَجِّرِ بِأُجْرَةِ مِثْلِ الْعَقَارِ لِمُدَّةِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَالْمُسْتَأْجِرُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِمُدَّةِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بِمَا قَبَضَهُ مِنْهُ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ اسْتَأْجَرَ دَارًا مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَسَكَنَهَا هُوَ وَعِيَالُهُ ثُمَّ اسْتَمَرُّوا بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ سَاكِنِينَ فِيهَا غَابَ الْمُسْتَأْجِرُ وَاسْتَمَرَّتْ عِيَالُهُ فِيهَا هَلْ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ أَمْ تَلْزَمُ جَمِيعَهُمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُوَزَّعُ أُجْرَةُ مِثْلِ الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ عَلَى مُدَّةِ الْإِجَارَةِ عَلَى عَدَدِ السَّاكِنِينَ بِهَا لِأَنَّ أَيْدِيَهُمْ أَيْدِي ضَمَانٍ. (سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ قَبْلَ رَيِّهَا وَالْتَزَمَ بِكُلْفَةِ رَيِّهَا فَطَلَعَ مَاءُ النِّيلِ فَرَوَى بَعْضَهَا وَلَمْ يَرْوِ الْبَعْضَ الْآخَرَ وَقَدْ جَرَفَهَا الْمُسْتَأْجِرُ وَعَجَزَ عَنْ رَيِّهَا فَهَلْ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَا لَمْ يَرْوِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى تَعَذَّرَتْ زِرَاعَةُ مَا لَمْ يَرْوِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِيهِ وَسَقَطَ عَنْهُ مِنْ الْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ مَا يُقَابِلُهُ وَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ فِيمَا رَوَى هَذَا إنْ لَمْ يَقَعْ الْتِزَامُ الْمُسْتَأْجِرِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَإِلَّا أَفْسَدَهُ وَلَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا زَرَعَهُ مِنْهَا. هَذَا آخِرُ مَا بِهَامِشِ الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ فَتَاوَى الرَّمْلِيِّ وَيَلِيهِ مَا بِهَامِشِ الثَّالِثِ أَوَّلُهُ سُئِلَ عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ عَيْنًا.

سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ عَيْنًا فَغُصِبَتْ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ هَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي مُدَّةِ الْغَصْبِ أَمْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ بِمُجَرَّدِ غَصْبِهَا ثُمَّ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي مُدَّةِ الْغَصْبِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ قِسْطُهَا مِنْ الْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً لِإِرْضَاعِ صَبِيٍّ فَلَمْ يَقْبَلْ ثَدْيَهَا فَهَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ أَمْ لَا؟ ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُهَا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلِاسْتِيفَاءِ كَالرَّاكِبِ لَا الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ. (سُئِلَ) عَنْ قِطْعَةِ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى مُسْتَحِقَّيْنِ أَجَّرَهَا نَاظِرُهَا لِشَخْصٍ تِسْعِينَ سَنَةً بِأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ مُؤَجَّلَةٍ أَوْ مُؤَجَّلٍ غَالِبُهَا عَلَى السِّنِينَ وَتَسَلَّمَهَا وَلَمْ يَرْهَنْ عَلَى مُؤَجَّلِ الْأُجْرَةِ فَهَلْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ أَوْ لَا كَبَيْعِ مَالِ الْيَتِيمِ نَسِيئَةً بِلَا رَهْنٍ لِمَا فِيهِ مِنْ خَطَرِ فَوَاتِ الْأُجْرَةِ أَوْ أَكْثَرِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْإِجَارَةَ صَحِيحَةٌ وَكَذَا إجَارَةُ الْوَلِيِّ مَالَ مُوَلِّيهِ بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ مِنْ غَيْرِ رَهْنٍ بِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَبَيْعِ مَالِ الْوَلِيِّ عَلَيْهِ نَسِيئَةً مِنْ غَيْرِ رَهْنٍ وَاضِحٌ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَعْدُومَةٌ

بَلْ قِيلَ أَنَّهَا تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْمُؤَجِّرِ وَلِأَنَّ الْأُجْرَةَ وَإِنْ مُلِكَتْ بِالْعَقْدِ لَكِنَّهُ مِلْكٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ بِمَعْنَى أَنَّهُ كُلَّمَا مَضَى جُزْءٌ مِنْ الزَّمَانِ عَلَى السَّلَامَةِ بَانَ أَنَّ مِلْكَ الْمُؤَجِّرِ اسْتَقَرَّ عَلَى مَا قَابَلَ ذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِ إجَارَةِ النَّاظِرِ الْمَوْقُوفِ بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ عِنْدَ إقْرَاضِ مَالِ مُوَلِّيهِ بِشَرْطِهِ أَنْ يَرْتَهِنَ عَلَيْهِ بَلْ يَفْعَلُ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً وَأَيْضًا فَإِنَّ إيجَابَ الِارْتِهَانِ عَلَى النَّاظِرِ وَالْوَلِيِّ بِالْأُجْرَةِ الْمُؤَجَّلَةِ قَدْ يُؤَدِّي إلَى فَوَاتِ مَصْلَحَةِ جِهَةِ الْوَقْفِ وَالْمُوَلَّى عَلَيْهِ لِأَنَّ مُرِيدَ الِاسْتِئْجَارِ قَلَّ أَنْ يَسْمَحَ بِمَنْعِ تَصَرُّفِهِ فِي الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ خُصُوصًا إذَا طَالَتْ مُدَّتُهَا وَقَدْ لَا يَجِدُ مَا يَرْهَنُهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِتَرْكِ إجَارَتِهِ وَقَدْ سُئِلَ السَّرَّاجُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ نَاظِرِ وَقْفٍ أَجَّرَهُ لِسَاكِنِهِ سَنَةً كَامِلَةً مِنْ اسْتِقْبَالِ جُمَادَى الْآخِرَةِ وَوَقَعَتْ الْإِجَارَةُ فِي رَابِعَ عَشَرَةَ الْحُكْمِ أَنَّ ذَلِكَ فِي سَكَنِهِ مِنْ قِبَلِ ذَلِكَ بِأُجْرَةٍ حَالَّةٍ وَمُؤَجَّلَةٍ فَأَجَابَ بِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي قَبْلَ الْعَقْدِ وَتَصِحُّ فِي بَقِيَّةِ السَّنَةِ بِقِسْطِهَا مِنْ الْمُسَمَّى وَتَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِ الزَّمَنِ الْمَاضِي وَسُئِلَ أَيْضًا عَنْ نَاظِرِ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ أَجَّرَهَا ثَلَاثَ سِنِينَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ كُلَّ سَنَةٍ فِي أَوَّلِهَا وَقَبَضَ أُجْرَةَ الْأُولَى وَمَضَتْ

فَاسْتُحِقَّتْ أُجْرَةُ الَّتِي بَعْدَهَا وَمَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ وَلَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءَ دُيُونِهِ فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ أَمْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَيَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَتُؤْخَذُ مِنْ التَّرِكَةِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَخَذَ شَيْئًا عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ وَاسْتَمَرَّ عِنْدَهُ مُدَّةً وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ وَلَا طَالَبَهُ بِهِ مَالِكُهُ هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَتُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُ آخِذَهُ أُجْرَتُهُ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ وَقَفَ أَرْضًا عَلَى مَصَالِحِ مَسْجِدٍ وَالْأَرْضُ الْمَذْكُورَةُ صَالِحَةٌ لِلزِّرَاعَةِ وَبِالزِّرَاعَةِ فِيهَا يَحْصُلُ لِلْوَقْفِ رِبْحٌ وَفَائِدَةٌ فَأَجَّرَهَا النَّاظِرُ عَلَيْهَا لِشَخْصٍ مُدَّةً مَدِيدَةً وَأَذِنَ لَهُ فِي الْغِرَاسِ فِيهَا فَغَرَسَ فِيهَا أَشْجَارًا فَكَبِرَتْ الْأَشْجَارُ الْمَذْكُورَةُ وَتَشَبَّكَتْ جُدُرُهَا بَعْضُهَا بِبَعْضٍ فَهَلْ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ يُؤْمَرُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَذْكُورُ بِقَلْعِ أَشْجَارِهِ رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ لِأَنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ فَاتَ لِمُقْتَضَى عَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى أَنَّ الْغِرَاسَ أُجْرَتُهُ أَقَلُّ مِنْ أُجْرَةِ الزِّرَاعَةِ وَفِي الزِّرَاعَةِ إحْيَاءٌ لِلْأَرْضِ لِكَثْرَةِ مَا يَرِدُ عَلَيْهَا مِنْ الْمِيَاهِ وَإِصْلَاحُهَا فِي غَالِبِ الْأَوْقَاتِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ صَرَّحَا بِإِجَارَةِ الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ لِغِرَاسِهَا لَمْ تَصِحَّ لِكَوْنِهَا عَلَى خِلَافِ مَصْلَحَةِ جِهَةِ الْوَقْفِ وَإِنْ أَطْلَقَ الْإِجَارَةَ

لَمْ تَصِحَّ أَيْضًا لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمَنْفَعَةِ وَيُؤْمَرُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَذْكُورُ بِقَلْعِ إنْشَائِهِ رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ وَيَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ أَرْشُ نَقْصِهِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا وَمَقْلُوعًا. (سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ حِصَّةً مِنْ شَخْصٍ مِنْ بُسْتَانٍ أَوْ غَيْرِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ بِتَصَادُقِ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَذْكُورِ وَالْمُؤَجِّرِ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ دَفْعِ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ لِلْمُؤَجِّرِ الْمَذْكُورِ إلَى أَنْ يُثْبِتَ الْمُؤَجِّرُ الْمَذْكُورُ الْحِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ أَنَّهَا مِنْ اسْتِحْقَاقِهِ أَمْ لَا وَيُلْزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ لِلْمُؤَجِّرِ الْمَذْكُورِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ الْمَذْكُورَ مَا ذَكَرَهُ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمِلْكُ وَالْوَقْفُ أَمْ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْمَذْكُورِ الِامْتِنَاعُ مِنْ دَفْعِ الْأُجْرَةِ الْحَالَّةِ لِلْمُؤَجِّرِ فَيَلْزَمُهُ دَفْعُهَا لَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِثْبَاتِ الْمَذْكُورِ وَسَوَاءٌ فِيهِ الْمِلْكُ وَالْوَقْفُ. (سُئِلَ) عَنْ بُسْتَانٍ مَوْقُوفٍ عَلَى شَخْصٍ وَذُرِّيَّتِهِ وَمَسْجِدٍ وَفِي ذَلِكَ الْبُسْتَانِ شَجَرٌ مِنْ نَخِيلٍ وَغَيْرِهِ ثُمَّ إنَّ شَخْصًا اسْتَأْجَرَ الْبُسْتَانَ الْمَذْكُورَ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ إيجَارِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً نَحْوَ سِتِّينَ سَنَةً فَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَذْكُورُ نَقْلَ شَجَرِ الْبُسْتَانِ لِيَبْنِيَ أَوْ يَغْرِسَ مَوْضِعَهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ تَدْخُلُ الْأَشْجَارُ وَمَغَارِسُهَا فِي الْإِجَارَةِ أَمْ لَا وَهَلْ يُثَابُ وَلِيُّ الْأَمْرِ عَلَى

مَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْمَذْكُورِ نَقْلُ شَيْءٍ مِنْ الْأَشْجَارِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ مَكَانِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَشْجَارِ الْمَذْكُورَةِ وَمَغَارِسِهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي إجَارَتِهِ وَيُثَابُ وَلِيُّ الْأَمْرِ عَلَى مَنْعِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ شَخْصًا مُدَّةً مَعْلُومَةً لِعَمَلٍ ثُمَّ فَرَغَتْ الْمُدَّةُ وَاخْتَلَفَا فِي الْعَمَلِ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَمْ تَعْمَلْ مَا اسْتَأْجَرْتُك لَهُ وَقَالَ الْأَجِيرُ بَلْ عَمِلْته مَنْ الْمُصَدَّقُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُؤَجِّرِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَمَلِ وَعَدَمُ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ (سُئِلَ) هَلْ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى الْقُبُورِ وَغَيْرِهَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ الْمَذْكُورَةُ (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ سَاحَةً مُجَاوِرَةً لِدَارِهِ الَّتِي فِي أَسْفَلِ السِّكَّةِ ثُمَّ بَنَى بَابًا فِي السِّكَّةِ يُغْلِقُ عَلَى السَّاحَةِ وَالدَّارِ الْمَذْكُورَتَيْنِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ أَوْ انْقَضَتْ مُدَّتُهَا فَهَلْ يُهْدَمُ الْبَابُ الْمَذْكُورُ مَجَّانًا أَوْ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ أَوْ يَبْقَى بِأُجْرَةٍ أَوْ يَتَمَلَّكُهُ الْمُؤَجِّرُ بِقِيمَتِهِ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ سَاحَةً لِبِنَاءٍ وَبَنَى فِيهَا بِنَاءً لَهُ قِيمَةٌ كَثِيرَةٌ ثُمَّ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ أَوْ انْقَضَتْ مُدَّتُهَا هَلْ يَأْتِي مَا تَقَدَّمَ وَهَلْ يَخْتَلِفُ الْحَالُ بِكَوْنِ السَّاحَةِ مِلْكًا أَوْ وَقْفًا وَبِكَوْنِ الْوَقْفِ عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلْمُؤَجِّرِ الْخِيَارَ

بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَإِنْ كَانَ الْبِنَاءُ لَهُ قِيمَةٌ كَثِيرَةٌ وَحُكْمُ الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ وَالْمَوْقُوفَةِ مُخْتَلِفٌ لِأَنَّ الْمَوْقُوفَ لَا يَقْلَعُهُ بِالْأَرْشِ إلَّا إذَا كَانَ أَصْلَحَ لِلْوَقْفِ مِنْ التَّبْقِيَةِ بِالْأُجْرَةِ وَلَا يَتَمَلَّكُهُ بِالْقِيمَةِ إلَّا إذَا كَانَ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ جَوَازُ تَحْصِيلِ مِثْلِ ذَلِكَ الْبِنَاءِ مِنْ رِيعِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ مَرْكَبًا لِيُسَافِرَ بِهَا فِي الْبَحْرِ الْحُلْوِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَأَوْسَقَهَا قُلْقَاسًا مِنْ الْمَنْزِلَةِ لِيُسَافِرَ بِهَا إلَى بُولَاقَ فَلَمَّا وَصَلَ إلَى فَمِ الْبَحْرِ الْغَرْبِيِّ هَاجَتْ عَلَيْهِمْ الرِّيَاحُ فَغَرِقَتْ الْمَرْكَبُ بِمَا فِيهَا دُونَ مَنْ فِيهَا وَغَرِقَتْ الْعِدَّةُ مِنْهَا فِي الْمَاءِ فَأَخَذَهَا النَّاسُ عَلَى سَبِيلِ النَّهْبِ وَالْغَارَةِ وَلَمْ يَزَلْ الْمُسْتَأْجِرُ يَسْعَى فِي إنْقَاذِ الْمَرْكَبِ مِنْ قَعْرِ الْبَحْرِ وَتَخْلِيصِ عِدَّتِهَا مِنْ أَيْدِي مَنْ أَخَذَهَا بِنَفْسِهِ وَبِمَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ وَصَرَفَ عَلَى ذَلِكَ مَبْلَغًا لَهُ صُورَةٌ بِنِيَّةِ أَنَّهُ يَحْسِبُ ذَلِكَ مِمَّا لِمَالِكِهَا عَلَيْهِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ فَهَلْ يُقَامُ لَهُ ذَلِكَ فِي حِسَابِهِ مِمَّا عَلَيْهِ أَمْ لَا وَهَلْ يَشْهَدُ لِلرُّجُوعِ بِذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِ مَا قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ فِي بَابِ الْقِرَاضِ حَيْثُ قَالَ قَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ فِي الْفَتَاوَى وَلَوْ أَبَقَ عَبْدُ الْقِرَاضِ فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ أَمْ لَمْ يَكُنْ اهـ. وَكَمَا فِي اقْتِدَاءِ الْأَسْرَى وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ

شَرْعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي أَوَاخِرِ الْإِجَارَةِ حَيْثُ قَالَا وَاللَّفْظُ لِلرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَيَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ لَا الْمُؤَجِّرَ مَا يَلْزَمُ الْوَدِيعَ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ مِنْ حَرِيقٍ وَنَهْبٍ وَغَيْرِهِمَا إذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ خَطَرٍ زَادَ فِي بَسْطِ الْأَنْوَارِ وَلَا غَرَامَةٍ فَإِنَّهُ قَالَ وَلَوْ غُصِبَتْ الدَّابَّةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ مَعَ دَوَابِّ الرُّفْقَةِ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ فِي الطَّلَبِ وَلَمْ يَذْهَبْ الْمُسْتَأْجِرُ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ أَمْكَنَهُ الدَّفْعُ حَالَ الْغَصْبِ بِلَا خَطَرٍ وَلَمْ يَدْفَعْ ضَمِنَ قُلْت إنْ اسْتَرَدَّ مَا ذَهَبَ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَا غَرَامَةٍ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا اهـ فَهَلْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ تَشْهَدُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَالِكِ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى إنْقَاذِ ذَلِكَ وَتَخْلِيصِهِ وَكَمَا لَوْ سَقَطَتْ شَاةٌ فَلَمْ يَذْبَحْهَا الرَّاعِي حَتَّى مَاتَتْ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهَا فِي الْأَنْوَارِ فِي الْإِجَارَةِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يُقَاسُ ذَلِكَ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَدِيعِ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الْبَهِيمَةِ الْمُودَعَةِ بِلَا عَلَفٍ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْفَاقُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَالْقَاضِي إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ وَهَلْ يَكْفِي شَاهِدَانِ أَوْ شَاهِدٌ وَكَمَا فِيمَنْ يَرُدُّ الْعَبْدَ الْآبِقَ الْمُحْتَاجَ لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَأُجْرَةُ عَوْدِهِ إلَى الْمَالِكِ

الإقالة في الإجارة

فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِ كَذَلِكَ فَهَذَا مِثْلُهُ يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ إذَا أَشْهَدَ بِذَلِكَ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ مُرَاجَعَةُ الْمَالِكِ وَوَكِيلِهِ وَالْقَاضِي حَيْثُ يَفُوتُ غَرَضُهُ مِنْ ذَلِكَ بِالسَّفَرِ إلَيْهِمْ وَالسُّؤَالِ لَهُمْ وَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ وَهَلْ يَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي دَعْوَى الْوَدِيعِ التَّلَفَ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ إذَا ادَّعَى سَبَبًا خَفِيًّا وَعَلَيْهِ الْبَيَانُ إذَا ادَّعَى سَبَبًا ظَاهِرًا وَبِلَا يَمِينٍ إنْ عُرِفَ ذَلِكَ وَعُرِفَ عُمُومُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُحْسَبُ لَهُ ذَلِكَ مِمَّا عَلَيْهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ عَلَى مُؤَجِّرِهَا وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ فِي بَابِ الْقِرَاضِ شَاهِدٌ لِحُسْبَانِهِ مِمَّا عَلَيْهِ وَلَا لِرُجُوعِهِ بِهِ عَلَى مُؤَجِّرِهَا وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي آخِرِ الْإِجَارَةِ دَالٌّ عَلَى عَدَمِ رُجُوعِهِ بِهِ فَطَرِيقُهُ فِي رُجُوعِهِ بِهِ أَنَّهُ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ وَيُثْبِتُ الْوَاقِعَةَ عِنْدَهُ لِيَأْذَنَ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ الْمَذْكُورِ لِيَرْجِعَ بِهِ عَلَى مُؤَجِّرِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَاكِمٌ أَوْ عَسُرَ إثْبَاتُ الْوَاقِعَةِ عِنْدَهُ فَأَنْفَقَ وَأَشْهَدَ عَلَى مَا أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِهِ وَيَجْرِي فِي قَبُولِ قَوْلِهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ وَفِي قَبُولِ قَوْلِ الْمُودَعِ. [الْإِقَالَة فِي الْإِجَارَة] (سُئِلَ) عَنْ الْإِقَالَةِ فِي الْإِجَارَةِ هَلْ تَجُوزُ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ تَجُوزُ بِشَرْطِهَا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْمُقْرِي مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ

رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي أَثْنَاءِ بَابِ الْإِجَارَةِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي حِبْرِ النُّسَّاخِ وَخَيْطِ الْخَيَّاطِ قَوْلُهُمَا فَإِنْ لَمْ نُوجِبْهُ أَيْ ذَكَرَهُ بِأَنْ لَمْ يَخْتَلِفْ الْعُرْفُ فَشَرْطُهُ بِلَا تَقْدِيرٍ بَطَلَ الْعَقْدُ لِأَنَّ اللَّفْظَ عِنْدَ تَرَدُّدِ الْعَادَةِ وَعَدَمُ التَّقْيِيدِ يَلْحَقُ بِالْمَجْهَلِ مَا مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ وَكَيْفَ يَبْطُلُ الْعَقْدُ مَعَ شَرْطِهِ فِي حَالَةِ عَدَمِ اخْتِلَافِ الْعُرْفِ مَعَ أَنَّهُ إذَا أُطْلِقَ الْعَقْدُ لَا يَبْطُلُ وَيُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ وَفِي قَوْلِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ بِيَسِيرٍ وَإِذَا قُدِّرَ الزَّرْعُ بِمُدَّةٍ لَا يُدْرَكُ فِيهَا وَشَرْطُ الْقَطْعِ صَحَّ أَوْ شَرْطُ الْإِبْقَاءِ فَسَدَ فَإِنْ زَرَعَ لَمْ يُقْلَعْ لِلْإِذْنِ وَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ لِلْمِثْلِ لِجَمِيعِ الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ شَيْئًا صَحَّ وَبَقِيَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِبْقَاءِ قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ السَّرَخْسِيُّ إلَى أَنْ قَالَ الشَّارِحُ وَمَا ذُكِرَ فِي الْفَصْلِ الْآتِي مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْحَابِ فَمَا الْمَحْمُولُ وَمَا الْمَحْمُولُ عَلَيْهِ فِي كَلَامِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فِيهِ خَلَلٌ مِنْ النَّاسِخِ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ فِيهَا فَإِنْ لَمْ نُوجِبْهُ أَيْ عَلَى الْأَجِيرِ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْعُرْفُ فَشَرَطَهُ بِلَا تَقْدِيرٍ بَطَلَ الْعَقْدُ إلَخْ وَمَعْنَى الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي حِبْرِ النُّسَّاخِ وَخَيْطِ الْخَيَّاطِ وَصِبْغِ الصَّبَّاغِ وَذَرُورِ الْكَحَّالِ وَطَلْعِ التَّلْقِيحِ الْعُرْفُ فَإِنْ اخْتَلَفَ أَوْ لَمْ

كتاب إحياء الموات

يَكُنْ عُرْفٌ وَجَبَ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ ذَكَرَهُ أَيْ كُلٌّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ وَلَا يَجِبُ تَقْدِيرُهُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ كَاللَّبَنِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ مَحَلَّ بُطْلَانِ الْعَقْدِ بِشَرْطِهِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْعُرْفِ وَوَجْهُ الْبُطْلَانِ جَهَالَتُهُ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَالْمَحْمُولُ فِيهَا قَوْلُ الْأَصْحَابِ أَوْ شَرْطُ الْإِبْقَاءِ فَسَدَ وَالْمَحْمُولُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي ثُمَّ مَحَلُّهَا إذَا لَمْ يَشْرِطْ الْإِبْقَاءَ عَلَى التَّأْبِيدِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُقْلَعُ أَصْلًا فَإِنْ شَرَطَهُ كَذَلِكَ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ لِتَضَمُّنِهَا إلْزَامَ الْمُكْرِي التَّأْبِيدَ قَالَهُ الْإِمَامُ. [كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ] (كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ حَدَّادٍ جَاءَ إلَى سُوقِ بَزَّازِينَ وَسَوَّدَ بِدُخَانِهِ قُمَاشَهُمْ وَنَقَصَ بِذَلِكَ النَّقْصَ الْفَاحِشَ فَهَلْ لَهُمْ مَنْعُهُ أَمْ لَا وَهَلْ قَوْلُهُمْ يَنْتَفِعُ بِمَا يَضُرُّ الْمَالِكَ دُونَ الْمِلْكِ خَاصٌّ بِالْجِدَارِ أَمْ عَامٌّ فِي جَمِيعِ أَمْوَالِ الْمَالِكِ فَإِذَا قُلْتُمْ بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالْجِدَارِ فَهَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ أَمْوَالِهِ فَرْقٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْجِيرَانِ مَنْعُ الْحَدَّادِ إذَا احْتَاطَ وَأَحْكَمَ الْجُدْرَانَ فَقَدْ قَالَ أَئِمَّتُنَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُلَّاكِ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْعَادَةِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَفْضَى إلَى تَلَفٍ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ وَفِي مَنْعِهِ مِنْهُ إضْرَارٌ بِهِ وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْحَاصِلُ مَنْعُ مَا يَضُرُّ الْمِلْكَ دُونَ الْمَالِكِ

فَمَحَلُّهُ فِي تَصَرُّفٍ خَالَفَ فِيهِ الْعَادَةَ وَإِلَّا فَقَدْ قَالُوا لَوْ حَفَرَ فِي مِلْكِهِ بِئْرَ بَالُوعَةٍ وَفَسَدَ مَاءُ بِئْرِ جَارِهِ أَوْ حَفَرَ بِئْرًا لِلْمَاءِ فَذَهَبَ مَاءُ بِئْرِ جَارِهِ أَوْ تَنَدَّى جِدَارُهُ فَانْهَدَمَ وَلَمْ يَضْمَنْ وَلَا مَنْعَ نَعَمْ لَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ فِي سَعَةِ الْبِئْرِ أَوْ قُرْبِهَا مِنْ الْجِدَارِ أَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ خَوَّارَةً تَنْهَالُ إذَا لَمْ تُطْوَ فَلَمْ يَطْوِهَا ضَمِنَ اهـ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمَنْعَ مَنُوطٌ بِمُخَالَفَةِ الْعَادَةِ لَا بِالْجِدَارِ وَغَيْرِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجِدَارِ وَنَحْوِهِ وَالْقُمَاشِ وَنَحْوِهِ تَيَسُّرُ دَفْعِ ضَرَرِ الثَّانِي بِنَقْلِهِ أَوْ نَحْوِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. (سُئِلَ) عَنْ النَّهْرِ كَنِيلِ مِصْرَ هَلْ لَهُ حَرِيمٌ وَمَا قَدْرُهُ وَهَلْ إذَا أَحْيَا شَخْصٌ فِيهِ بِنَاءً وَوَقَفَهُ مَسْجِدًا هَلْ تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الْمَسْجِدِ أَمْ لَا وَهَلْ إذَا أَحْيَا فِيهِ دَارًا يَمْلِكُهَا أَمْ لَا وَهَلْ إذَا تَبَاعَدَ النَّهْرُ عَمَّا أَحْيَاهُ يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلنَّهْرِ حَرِيمًا وَهُوَ مَا يَرْتَفِقُ بِهِ النَّاسُ بِأَنْ تَمَسَّ حَاجَتُهُمْ إلَيْهِ لِتَمَامِ الِانْتِفَاعِ بِهِ فَلَا يَجُوزُ تَمَلُّكُ شَيْءٍ مِنْهُ بِالْإِحْيَاءِ فَمَنْ بَنَى فِيهِ بِنَاءً وَوَقَفَهُ مَسْجِدًا لَمْ يَصِحَّ وَقْفُهُ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْإِزَالَةِ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ وَمَتَى بَنَى فِيهِ دَارًا هُدِمَتْ وَلَا يَتَغَيَّرُ هَذَا الْحُكْمُ وَإِنْ تَبَاعَدَ عَنْهُ الْمَاءُ بِحَيْثُ لَمْ يَضُرَّ فِي حَرِيمِهِ لَهُ ذَلِكَ. (سُئِلَ) عَمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ عَمَلِ النَّشَادِرِ خَارِجَ

الْبَلَدِ لِأَنَّ نَارَهُ يُوقَدُ بِالرَّوْثِ وَالْكِلْسِ فَإِذَا شَمَّتْ الْأَطْفَالُ دُخَانَهُ حَصَلَ لَهُمْ مِنْهُ ضَرَرٌ عَظِيمٌ فِي الْغَالِبِ وَرُبَّمَا مَاتَ بَعْضُهُمْ مِنْهُ فَعَمِلَ شَخْصٌ مَعْمَلَ نَشَادِرٍ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ وَأَوْقَدَ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ فَشَمَّ دُخَانَهُ طِفْلٌ رَضِيعٌ فَمَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا فَهَلْ الْإِيقَادُ حَرَامٌ فَيَأْثَمُ بِهِ وَيُعَزَّرُ عَلَيْهِ وَيَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ وَيُمْنَعُ مِنْهُ وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْإِيقَادُ الْمَذْكُورُ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَضَرُّرُ الْغَيْرِ بِهِ فَيَأْثَمُ بِهِ وَلِلْحَاكِمِ تَعْزِيرُهُ عَلَيْهِ وَيَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ وَمَنْعِهِ مِنْهُ وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِسَبَبِهِ مُطْلَقًا فَقَدْ قَالُوا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُلَّاكِ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْعَادَةِ وَلَا ضَمَانَ بِهِ إذَا أَفْضَى إلَى تَلَفٍ نَعَمْ لَوْ تَعَدَّى ضَمِنَ وَلَوْ أَوْقَدَ فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي مَوْضِعٍ مُخْتَصٍّ بِهِ بِإِجَارَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ فِي مَوَاتٍ وَطَارَ الشَّرَارُ إلَى بَيْتِ غَيْرِهِ أَوْ كَرْمِهِ أَوْ زَرْعِهِ وَأَحْرَقَهُ فَلَا ضَمَانَ إنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ فِي قَدْرِ النَّارِ وَلَمْ يُوقِدْ فِي رِيحٍ عَاصِفَةٍ فَإِنْ جَاوَزَ أَوْ أَوْقَدَ فِي عَاصِفَةٍ ضَمِنَ وَيُحْتَرَزُ عَمَّا لَا يُعْتَادُ كَالرَّكْضِ الْمُفْرِطِ فِي الْوَحْلِ وَالْأُجَرَاءِ فِي مُجْتَمَعِ الْوُحُولِ وَلَوْ خَالَفَ ضَمِنَ وَلَوْ بَعَثَ السُّلْطَانُ أَوْ الزَّعِيمُ إلَى امْرَأَةٍ ذُكِرَتْ بِسُوءٍ لِتَحْضُرَ فَأَجْهَضَتْ جَنِينًا فَزَعًا وَجَبَتْ دِيَةُ الْجَنِينِ مُغَلَّظَةً عَلَى

عَاقِلَتِهِ وَلَوْ كَذَبَ رَجُلٌ عَلَى لِسَانِ الْإِمَامِ بِأَمْرِهِ بِإِحْضَارِهَا فَأَجْهَضَتْ فَزَعًا فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَةِ الْكَاذِبِ وَلَوْ هَدَّدَ غَيْرُ الْإِمَامِ حَامِلًا فَأَجْهَضَتْ فَزَعًا فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَوْ صَاحَ بِدَابَّةِ إنْسَانٍ أَوْ هَيَّجَهَا بِثَوْبِهِ فَسَقَطَتْ فِي مَاءٍ أَوْ وَهْدَةٍ وَهَلَكَتْ وَجَبَ الضَّمَانُ فِي مَالِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَى ظَهْرِهَا إنْسَانٌ فَسَقَطَتْ وَمَاتَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ. (سُئِلَ) هَلْ يُمْنَعُ الْمَارُّ بَيْنَ حِلَقِ الذِّكْرِ وَالْعِلْمِ سَوَاءٌ الْمَسَاجِدُ وَغَيْرُهَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِهِ فَهَلْ هُوَ مَنْعُ تَحْرِيمٍ أَوْ مَنْعُ كَرَاهَةٍ وَهَلْ إذَا اُتُّخِذَ الْمَسْجِدُ لِصَنْعَةِ الْكِتَابَةِ مَثَلًا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَيُزْعَجُ مِنْهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُ الْمُرُورِ الْمَذْكُورِ وَيُكْرَهُ الِاتِّخَاذُ الْمَذْكُورُ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَسْنَدَ وَصِيَّتَهُ الشَّرْعِيَّةَ إلَى شَخْصٍ آخَرَ وَأَوْصَى بِأَنْ يَبْتَاعَ وَصِيُّهُ الْمَذْكُورُ رُبْعَ مُخَلَّفَاتِهِ الْكَائِنَةَ بِالضَّيْعَةِ الْفُلَانِيَّةِ لِيَشْتَرِيَ بِهِ آلَاتٍ مَوْضِعٍ بِمِنًى وَيُعَمِّرُ بِهِ سَبِيلًا لِيُسَبِّلَ بِهِ مَاءً فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ إسْنَادِ الْوَصِيَّةِ فَقَطْ حَاكِمٌ شَافِعِيٌّ فَهَلْ يَكُونُ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ يُعَمِّرُ بِهِ رَاجِعًا إلَى الْمَوْضِعِ بِمِنًى إذْ هُوَ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَوْدِهِ إلَى الْمَوْضِعِ فَهَلْ يَجُوزُ بِنَاءُ ذَلِكَ بِمِنًى فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ أَمْ لَا يَجُوزُ فَتَكُونُ بَاطِلَةً لِامْتِنَاعِ الْبِنَاءِ بِمِنًى شَرْعًا أَمْ الضَّمِيرُ الْمَذْكُورُ

رَاجِعٌ إلَى الْآلَاتِ فَيُحْتَمَلُ عِنْدَ ذَلِكَ عِمَارَةُ السَّبِيلِ بِمِنًى وَغَيْرِهَا وَكَوْنُ الْبِنَاءِ بِالْآلَاتِ الْمُبْتَاعَةِ مِنْ مِنًى فِي خَارِجِ مِنًى بَعِيدٌ مِنْ غَرَضِ الْمُوصِي الْمَذْكُورِ وَهَلْ يَكُونُ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَى الْآلَاتِ مُخَالِفًا لِلْقَاعِدَةِ النَّحْوِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ فِي عَوْدِ الضَّمِيرِ إلَى الْمَذْكُورِ الْبَعِيدِ وَهَلْ يَكُونُ عَوْدُ الضَّمِيرِ الْمُفْرَدِ الْمَذْكُورِ إلَى الْآلَاتِ مِنْ قَبِيلِ الْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ أَيْضًا أَنَّ مَا لَا فَرْجَ لَهُ حَقِيقِيٌّ يَجُوزُ تَذْكِيرُهُ وَتَأْنِيثُهُ أَمْ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ جَمْعًا وَالْقَاعِدَةُ فِي الْمُفْرَدِ فَقَطْ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الضَّمِيرَ الْمُتَّصِلَ بِالْبَاءِ مِنْ قَوْلِ الْمُوصِي يُعَمِّرُ بِهِ رَاجِعٌ إلَى الْمَوْضِعِ بِمِنًى لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إذْ يُفْهَمُ مِنْ تَعْيِينِهَا أَنَّ قَصْدَهُ سَقْيُ الْحَاجِّ لِكَثْرَةِ الثَّوَابِ فِيهِ وَهُمْ يَكُونُونَ فِيهَا فِي الْإِيَامِ الْمَذْكُورَةِ وَالْمُوصِي الْمَذْكُورُ جَاهِلٌ بِحُكْمِ الْبِنَاءِ بِمِنًى وَحِينَئِذٍ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِمَعْصِيَةٍ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ بِهَا وَالْحَاكِمُ بِصِحَّتِهَا لَمْ يَسْتَحْضِرْهُ حُكْمُ الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ حَالَ حُكْمِهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الْجَوَابِ عَنْ بَقِيَّةِ السُّؤَالِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ هُوَ مُقِيمٌ بِمَسْجِدٍ نَهَارًا لَا يَبْرَحُ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ أَوْ لِحَاجَةٍ وَيَعُودُ وَعِنْدَهُ كُتُبٌ مَوْقُوفَةٌ وَمَمْلُوكَةٌ لِأَجْلِ الْكَشْفِ

وَالْمُطَالَعَةِ وَالتَّصْنِيفِ وَغَيْرِهِ فِي غَالِبِ أَوْقَاتِهِ وَيَخَافُ عَلَيْهَا أَنْ تَضِيعَ وَإِنْ جَعَلَهَا فِي بَيْتِهِ شَقَّ عَلَيْهِ الذَّهَابُ إلَيْهَا لِلْمُرَاجَعَةِ مَعَ فَوَاتِ الْوَقْتِ لِذَلِكَ فَهَلْ لَهُ كَمَا كَانَ لِأَهْلِ الصُّفَّةِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَجْعَلُونَ فِيهِ أَمْتِعَتَهُمْ أَنْ يَجْعَلَ فِي الْمَسْجِدِ الْمَذْكُورِ خِزَانَةً يَضَعُ فِيهَا الْكُتُبَ الْمَذْكُورَةَ الَّتِي يَنْتَفِعُ بِهَا صَوْنًا لَهَا وَتَسْهِيلًا عَلَيْهِ تَفَادِيًا لِحَسْمِ الْمَشَقَّةِ فِي الذَّهَابِ إلَى بَيْتِهِ وَفَوَاتِ الْوَقْتِ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى كَانَ جَعْلُ الْخِزَانَةِ فِي الْمَسْجِدِ لِلْغَرَضِ الْمَذْكُورِ لَا يُضَيَّقُ عَلَى الْمُصَلِّينَ فِيهِ وَلَا يَحْصُلُ بِهِ ضَرَرٌ فَهُوَ جَائِزٌ لِمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ وَلِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ بِحُصُولِ النَّفْعِ الْمُتَعَدِّي فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ يُكْرَهُ غَرْسُ الشَّجَرِ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ. وَيُكْرَهُ حَفْرُ الْبِئْرِ فِيهِ اهـ وَصَرَّحَ الْأَصْحَابُ فِي بَابِ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ بِجَوَازِ الْحَفْرِ فِيهِ. وَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي فِي التَّتِمَّةِ لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مَسْجِدٍ لِيَجْتَمِعَ فِيهِ مَاءُ الْمَطَرِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَلَا ضَمَانَ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ أَيْ فِي الْحَفْرِ فِي شَارِعٍ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَا ضَمَانَ أَيْضًا لِجَوَازِ الْحَفْرِ الْمَذْكُورِ وَقَالَ

كتاب الوقف

الْغَزَالِيُّ وَإِنْ غَرَسَ غَرْسًا فِي الْمَسْجِدِ لِيَسْتَظِلَّ بِهِ فَهَلَكَ بِهِ إنْسَانٌ فَلَا ضَمَانَ وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ يُكْرَهُ غَرْسُ الْأَشْجَارِ فِي الْمَسْجِدِ وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ فِيمَا إذَا ضَيَّقَ غَرْسُهَا عَلَى الْمُصَلِّينَ وَلَمْ تُجْعَلْ لِلْمَسْجِدِ بِالتَّحْرِيمِ وَفِيمَا إذَا لَمْ يُضَيِّقْ وَجُعِلَتْ لِلْمَسْجِدِ بِالْجَوَازِ لِوُجُودِ النَّفْعِ بِلَا ضَرَرٍ وَالْجَعْلُ الْمَذْكُورُ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ الْحَفْرِ وَالْغَرْسِ إذْ لَيْسَ فِيهِ مَا فِي الْحَفْرِ مِنْ إزَالَةِ بَعْضِ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ وَمِنْ خَوْفِ الْوُقُوعِ بِهَا وَلَا مَا فِي غَرْسِ الشَّجَرِ مِنْ إفْسَادِ أَرْضِ الْمَسْجِدِ بِانْتِشَارِ عُرُوقِهِ وَجَمْعِهِ لِلطَّيْرِ الْمُؤَدِّي إلَى تَنْجِيسِ الْمَسْجِدِ بِكَثْرَةِ زَرَقِهِ فِيهِ وَإِزَالَةِ بَعْضِ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ أَيْضًا عِنْدَ قَلْعِهِ وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَاهُ قَوْلَ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ لَوْ وُضِعَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ الْجَامِعِ كُرْسِيٌّ مِنْ الْخَشَبِ لِيُوضَعَ عَلَيْهِ الْمُصْحَفُ أَوْ غَيْرُهُ وَجُعِلَ مُؤَبَّدًا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ يُضَيِّقُ عَلَى الْمُصَلِّينَ اهـ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَلِفَ مَوْضِعًا مِنْ الْمَسْجِدِ يَقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنَ هَلْ يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ كَالْمُدَرِّسِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ الْقَارِئُ أَحَقَّ بِمَكَانِ قِرَاءَتِهِ إلَّا وَهُوَ فِيهِ [كِتَابُ الْوَقْفِ] (كِتَابُ الْوَقْفِ) (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ وَعَلَى بَنَاتِهِ الصُّلْبِيَّاتِ

الْأَرَامِلِ مِنْهُنَّ وَالصَّغَائِرِ غَيْرِ الْمُسْلِمَاتِ إلَى الْأَزْوَاجِ دُونَ غَيْرِهِنَّ الْمَوْجُودِينَ يَوْمَ الْوَقْفِ وَالْمُتَجَدِّدَيْنِ وَمَنْ تَزَوَّجَتْ مِنْ الْمُسْتَحِقَّاتِ وَسُلِّمَتْ إلَى الزَّوْجِ خَرَجَتْ مِنْ اسْتِحْقَاقِ مَنَافِعِ الْوُقُوفِ فَإِذَا تَرَمَّلَتْ عَادَ اسْتِحْقَاقُهَا يَسْتَحِقُّ الذَّكَرُ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ حَظَّ الْأُنْثَيَيْنِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَلَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ مِمَّنْ يُدْلِي إلَى الْوَاقِفِ بِمَحْضِ الذُّكُورِيَّةِ فَقَطْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ ابْنٍ وَإِنْ سَفَلَ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى الْأَقْرَبِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ إلَيْهِ وَمَنْ مَاتَ مِنْ بَنَاتِ الْوَاقِفِ الصُّلْبِيَّاتِ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى أَوْلَادِ الْوَاقِفِ الذُّكُورِ أَوْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا مِمَّنْ يُدْلِي إلَى الْوَاقِفِ بِمَحْضِ الذُّكُورِيَّةِ وَلَوْ كَانَ أُنْثَى فَإِذَا انْقَرَضَ كُلُّ مَنْ يُنْسَبُ إلَى الْوَاقِفِ بِمَحْضِ الذُّكُورِيَّةِ وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَادَ الْوَقْفُ إلَى أَوْلَادِ بَنَاتِ الْوَاقِفِ وَأَوْلَادِ بَنَاتِ بِنْتِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَإِنْ سَفَلُوا بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَقَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ شَيْئًا مِنْ الْوَقْفِ فِي حَيَاةِ مَنْ يُدْلِي بِهِ إلَى الْوَاقِفِ. فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُ الْوَاقِفِ

وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِ وَنَسْلُهُ وَعَقِبُهُ وَخَلَتْ الْأَرْضُ مِنْهُمْ عَادَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ مِنْ أَوْلَادِ أَخِي الْوَاقِفِ ثُمَّ عَلَى جِهَةٍ مُتَّصِلَةٍ ثُمَّ انْحَصَرَ الْوَقْفُ فِي رَجُلٍ يُدْعَى صَدْرَ الدِّينِ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَلَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ عُمَرُ وَنَجْمُ الدِّينِ وَأَحْمَدُ وَجَانُ فَانْتَقَلَ الْوَقْفُ إلَى أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ وَخَرَجَتْ الْأُنْثَى لِأَنَّهَا مُتَزَوِّجَةٌ ثُمَّ مَاتَ أَحْمَدُ عَنْ وَلَدَيْنِ شَرَفِ الدِّينِ وَأَحْمَدَ ثُمَّ مَاتَ شَرَفُ الدِّينِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلَ وَلَا عَقِبَ فَانْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى أَخِيهِ أَحْمَدَ ثُمَّ مَاتَ أَحْمَدُ وَلَمْ يُعَقِّبْ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ وَلَدٍ وَلَا نَسْلًا وَلَا عَقِبًا وَقَدْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ ابْنٍ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَاقِفِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَالْحَالُ أَنَّ فِي الطَّبَقَةِ وَالدَّرَجَةِ جَمَاعَةً وَهُمْ أَوْلَادُ عُمَرَ ثَلَاثَةٌ وَأَوْلَادُ نَجْمِ الدِّينِ اثْنَانِ وَأَوْلَادُ جَانَ اثْنَانِ وَاثْنَانِ مَاتَ وَالِدُهُمَا فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ صَدْرِ الدِّينِ وَهُمَا مُحَمَّدُ وَفَاطِمَةُ فَخَرَجَ أَوْلَادُ عُمَرَ وَأَوْلَادُ نَجْمِ الدِّينِ بِقَوْلِ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ شَيْئًا مِنْ الْوَقْفِ فِي حَيَاةِ مَنْ يُدْلِي بِهِ إلَى الْوَاقِفِ وَخَرَجَ أَوْلَادُ جَانَ بِقَوْلِ الْوَاقِفِ لَا يَسْتَحِقُّ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ فِي حَيَاةِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ وَأَوْلَادِ

أَوْلَادِهِ شَيْئًا مِنْ الْوَقْفِ. وَخَرَجَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ يَحْيَى أُخْتُ مُحَمَّدٍ بِقَوْلِ الْوَاقِفِ وَمَنْ تَزَوَّجَتْ مِنْ الْأَرَامِلِ الْمُسْتَحِقَّاتِ أَوْ مِنْ الصَّغَائِرِ وَسُلِّمَتْ إلَى الزَّوْجِ خَرَجَتْ مِنْ اسْتِحْقَاقِ مَنَافِعِ الْوَقْفِ لِكَوْنِهَا مُتَزَوِّجَةً وَسُلِّمَتْ إلَى الزَّوْجِ فَبَقِيَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فِي الطَّبَقَةِ وَالدَّرَجَةِ وَلَيْسَ لَهُ مَانِعٌ مِمَّا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ أَحْمَدَ إلَيْهِ وَيَنْفَرِدُ بِهِ وَهَلْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الْمُسْتَحِقِّينَ أَمْ لَا أَمْ يَنْتَقِلُ لِلْعَمَّيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَعْلَاهُ اللَّذَيْنِ هُمَا فِي دَرَجَةِ وَالِدِ الْمُتَوَفَّى وَالْحَالُ أَنَّ حَاكِمًا شَافِعِيَّ الْمَذْهَبِ حَكَمَ بِانْتِقَالِ نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ إلَى عَمَّيْهِ وَهُمَا عُمَرُ وَنَجْمُ الدِّينِ وَتَرَكَ الدَّرَجَةَ فَهَلْ هَذَا الْحُكْمُ الصَّادِرُ مِنْهُ صَحِيحٌ أَمْ بَاطِلٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ نَصِيبُ أَحْمَدَ مِنْ الْوَقْفِ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى إذْ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ مَا يَمْنَعُ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوَى طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الْمُسْتَحِقِّينَ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ اسْمُ فَاعِلٍ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِيمَنْ اتَّصَفَ بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ الْوَقْفِ حَالَ مَوْتِ مَنْ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ نَصِيبُهُ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى لَيْسَ بِمُسْتَحِقٍّ لِشَيْءٍ مِنْ الْوَقْفِ وَقْتَ مَوْتِ أَحْمَدَ الْمَذْكُورِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْحَقِيقَةَ وَالْمَجَازَ مِنْ

الِاتِّصَافِ بِالِاسْتِحْقَاقِ فِي الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ إلْغَاءُ لَفْظِ الْمُسْتَحِقِّينَ إذْ قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ كَافٍ فِي إفَادَةِ ذَلِكَ فَتَعَيَّنَ أَنَّ لَفْظَ الْمُسْتَحِقِّينَ مُخْرِجٌ لِمَنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِالِاسْتِحْقَاقِ فِي الْحَالِ. وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ يَحْيَى لَا تَسْتَحِقُّ الْآنَ شَيْئًا مِنْ الْوَقْفِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَزَوِّجَةٍ بَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ أَحْمَدَ إلَى عَمَّيْهِ عُمَرَ وَنَجْمِ الدِّينِ لِكَوْنِهِمَا أَقْرَبَ الْمُسْتَحِقِّينَ إلَيْهِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّرَجَةِ أَحَدٌ أَيْ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الْمُسْتَحِقِّينَ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى الْأَقْرَبِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ إلَيْهِ فَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ جِهَاتٍ عَلَى أَوْلَادِهِ الْخَمْسَةِ وَهُمْ عَبْدُ الْكَرِيمِ وَالْحُسَيْنُ وَمُحَمَّدٌ وَإِسْمَاعِيلُ وَعَبْدُ اللَّهِ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ مَا عَاشُوا فَأَيُّهُمْ مَاتَ كَانَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ هَذَا الْوَقْفِ مَصْرُوفًا إلَى مَنْ يَخْلُفُهُ مِنْ وَلَدٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فَإِنْ زَادُوا عَلَى وَاحِدٍ اسْتَوَوْا فِي ذَلِكَ إنْ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا وَإِنْ اجْتَمَعَ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ وَلَدًا كَانَ مَا يَخُصُّهُ رَاجِعًا إلَى إخْوَتِهِ إنْ كَانُوا بَاقِينَ وَإِلَى الْمَوْجُودِينَ مِنْ أَوْلَادِ إخْوَتِهِ وَأَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَإِنْ اجْتَمَعُوا فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَهَكَذَا كُلَّمَا

مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ أَوْلَادِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَانَ مَا يَخُصُّهُ رَاجِعًا إلَى أَوْلَادِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ وَلَدًا رَجَعَ إلَى مَنْ كَانَ حَيًّا مِنْ أَخٍ لَهُ أَوْ أُخْتٍ أَوْ إخْوَةٍ أَوْ أَخَوَاتٍ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سِوَى أَخَوَاتٍ خُلَّصٍ قُسِمَ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ أَوْلَادِ الْإِخْوَةِ عَلَى السَّوَاءِ إنْ كُنَّ إنَاثًا وَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ إنْ كَانَ فِيهِنَّ ذَكَرٌ وَعَلَى هَذَا أَبَدًا حُكْمُ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا كُلَّمَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ رَجَعَ مَا يَخُصُّهُ إلَى وَلَدِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى. وَإِنْ اجْتَمَعُوا كَانَ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَكُلُّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَمْ يُخَلِّفْ وَلَدًا رَجَعَ مَا يَخُصُّهُ إلَى الْأَقْرَبِ مِنْ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ ثُمَّ مِنْ أَبْنَائِهِ ثُمَّ مِنْ أَعْمَامِهِ ثُمَّ مِنْ أَوْلَادِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سِوَى عَمَّاتٍ خُلَّصٍ كَانَ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ بَنِي الْعَمِّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ مَا دَامَ يُوجَدُ مِنْ نَسْلِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ صُرِفَ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَأَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ كَانَ هَذَا الْوَقْفُ رَاجِعًا إلَى الْمَدْرَسَةِ الَّتِي أَنْشَأَهَا الْوَاقِفُ ظَاهِرَ حِمَاهُ فَتُوُفِّيَ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَهُوَ

عَبْدُ الْكَرِيمِ وَخَلَّفَ عَبْدَ اللَّهِ وَإِسْمَاعِيلَ وَمُحَمَّدًا ثُمَّ تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ وَخَلَّفَ ابْنَهُ طَاهِرًا ثُمَّ تُوُفِّيَ طَاهِرٌ وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ ذَكَرَيْنِ عَبْدَ اللَّهِ وَمُحَمَّدًا وَوَلَدَيْ بِنْتِهِ مُحَمَّدًا وَعَلِيًّا ثُمَّ تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ وَلَمْ يُعَقِّبْ وَخَلَّفَ أَخَاهُ مُحَمَّدًا وَوَلَدَيْ أُخْتِهِ مُحَمَّدًا وَعَلِيًّا ثُمَّ تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ وَلَمْ يُعَقِّبْ وَخَلَّفَ وَلَدَيْ أُخْتِهِ الْمَذْكُورَيْنِ وَهُمَا الْمَوْجُودَانِ مِنْ نَسْلِ الْمَذْكُورِ وَخَلَّفَ عَصَبَةً فَهَلْ يَنْتَقِلُ الْوَقْفُ إلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى الْمَوْجُودِينَ مِنْ أَوْلَادِ طَاهِرٍ الْمَذْكُورِ أَوْ إلَى أَقْرَبِ الْعَصَبَةِ إلَى مُحَمَّدٍ الْمَذْكُورِ أَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ السُّبْكِيُّ الشَّافِعِيُّ بِمَا صُورَتُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِمُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ الْمُتَوَفَّى عَنْ غَيْرِ عَقِبٍ وَلَا أُخْتٍ وَلَا عَمٍ فَنَصِيبُهُ لِمُحَمَّدٍ وَعَلَى وَلَدَيْ أُخْتَيْهِ بَنَاتِ طَاهِرٍ يَنْفَرِدَانِ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْهُمَا وَإِنْ شَارَكَهُمَا أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْآبَاءِ أَوْ الْأَعْمَامِ وَاسْتَوَوْا فِي الْأَقْرَبِيَّةِ إلَيْهِ اشْتَرَكُوا فِيهِ وَكَتَبَهُ عَلِيُّ السُّبْكِيُّ الشَّافِعِيُّ وَحَكَمَ لَهُمَا بِذَلِكَ حَاكِمٌ شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ بِاسْتِحْقَاقِهِمَا نَصِيبَ جَدِّهِمَا طَاهِرٍ مِنْ الْوَقْفِ بِحُكْمِ وَفَاةِ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ مِنْ غَيْرِ عَقِبٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ الْمَدْعُوُّ نَجْمَ الدِّينِ

أَحَدُ الْمَحْكُومِ لَهُمَا عَنْ بِنْتٍ تُدْعَى مَلَكَةَ وَأَوْلَادِ بِنْتٍ تُدْعَى فَاطِمَةَ تُوُفِّيَتْ فِي حَيَاةِ وَالِدِهِمَا وَهُمَا هَدِيَّةُ وَعَائِشَةُ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ مَلَكَةُ عَنْ أَوْلَادٍ فَهَلْ يَنْتَقِلُ الْوَقْفُ إلَى أَوْلَادِ مَلَكَةَ بِمُفْرَدِهِمْ أَمْ يُشَارِكُهُمْ أَوْلَادُ خَالَتِهِمْ فَاطِمَةَ لِكَوْنِهِمَا فِي دَرَجَةِ أَوْلَادِ مَلَكَةَ وَلِقَوْلِ الْوَاقِفِ ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ وَإِذَا قُلْتُمْ بِالْمُشَارَكَةِ لِأَجْلِ ثُمَّ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّرْتِيبِ فَهَلْ هُوَ تَرْتِيبُ جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ أَوْ تَرْتِيبُ فَرْدٍ عَلَى فَرْدٍ وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فَمَا الْمَانِعُ مِنْهَا ثُمَّ تُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَحَدِ الْمَحْكُومِ لَهُمَا عَنْ وَلَدٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَلَدُهُ عَنْ وَلَدٍ يُعْرَفُ بِالْأَشْقَرِ فَتُوُفِّيَ الْأَشْقَرُ عَنْ غَيْرِ عَقِبٍ وَلَا أَخَ وَلَا أُخْتَ وَتَرَكَ مُحَمَّدًا الْمِصْرِيَّ هُوَ ابْنُ عَمِّ جَدِّهِ لِأَعْلَى وَابْنُ بِنْتِ عَمِّهِ لِأَبَوَيْهِ وَابْنُ خَالَةِ وَالِدِهِ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْأَشْقَرِ الْمُتَوَفَّى وَشَخْصًا آخَرَ يُدْعَى مُحَمَّدًا الْيُونِينِيَّ وَهُوَ ابْنُ بِنْتِ بِنْتِ ابْنِ خَالَةِ جَدِّ الْأَشْقَرِ الْمُتَوَفَّى فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ الْأَشْقَرِ إلَى مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيِّ الَّذِي هُوَ ابْنُ عَمِّ جَدِّهِ وَابْنُ بِنْتِ عَمِّهِ وَابْنُ خَالَةِ وَالِدِهِ بِقَوْلِ الْوَاقِفِ وَكُلُّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَمْ يُخَلِّفْ وَلَدًا رَجَعَ مَا يَخُصُّهُ إلَى الْأَقْرَبِ إلَيْهِ مِنْ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ ثُمَّ مِنْ آبَائِهِ ثُمَّ مِنْ أَعْمَامِهِ ثُمَّ مِنْ أَوْلَادِهِمْ أَمْ يَنْتَقِلُ إلَى مُحَمَّدٍ الْيُونِينِيِّ الَّذِي هُوَ ابْنُ بِنْتِ بِنْتِ ابْنِ خَالَةِ جَدِّ الْأَشْقَرِ وَأَيُّهَا أَقْرَبُ

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ مُحَمَّدٍ نَجْمِ الدِّينِ بِمَوْتِهِ إلَى بِنْتِ مَلَكَةَ ثُمَّ يَنْتَقِلُ بِمَوْتِهَا إلَى أَوْلَادِهَا وَلَا يُشَارِكُهُمْ فِيهِ بِنْتُ خَالَتِهِمْ فَاطِمَةَ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ وَعَلَى هَذَا أَبَدًا حُكْمُ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا كُلَّمَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ رَجَعَ مَا يَخُصُّهُ إلَى وَلَدِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِمُسَاوَاةِ بِنْتَيْ فَاطِمَةَ لِأَوْلَادِ خَالَتِهِمَا مَلَكَةَ فِي الدَّرَجَةِ لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ فِيهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ إذَا لَمْ يُخَلِّفْ الْمَيِّتُ وَلَدًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَالْإِتْيَانُ بِثُمَّ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّرْتِيبِ إنَّمَا هُوَ فِي عِبَارَةِ الْوَاقِفِ فِي غَيْرِ اسْتِحْقَاقِ وَلَدِ الْمَيِّتِ وَقَدْ عُلِمَ أَيْضًا أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْقَوْلِ بِمُشَارَكَةِ بِنْتَيْ فَاطِمَةَ لِأَوْلَادِ خَالَتِهِمَا مَلَكَةَ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ الْوَاقِفِ كُلَّمَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ رَجَعَ مَا يَخُصُّهُ إلَى وَلَدِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَأَمَّا نَصِيبُ الْأَشْقَرِ مِنْ الْوَقْفِ فَيَنْتَقِلُ إلَى مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيِّ الَّذِي هُوَ ابْنُ عَمِّ جَدِّهِ الْأَعْلَى وَابْنُ بِنْتِ عَمِّهِ لِكَوْنِهِ الْأَقْرَبَ إلَيْهِ مِنْ أَوْلَادِ أَعْمَامِهِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ وَكُلُّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَمْ يُخَلِّفْ وَلَدًا رَجَعَ مَا يَخُصُّهُ إلَى الْأَقْرَبِ إلَيْهِ مِنْ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ ثُمَّ مِنْ آبَائِهِ ثُمَّ مِنْ أَعْمَامِهِ ثُمَّ مِنْ أَوْلَادِهِمْ وَلَا يَنْتَقِلُ مِنْهُ شَيْءٌ

اشتراط دوام الموقوف لصحة الوقف

إلَى مُحَمَّدٍ الْيُونِينِيِّ الَّذِي هُوَ ابْنُ بِنْتِ بِنْتِ ابْنِ خَالَةِ جَدِّ الْأَشْقَرِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ لَفْظِ الْوَاقِفِ لَهُ وَمُحَمَّدٌ الْمِصْرِيُّ أَقْرَبُ إلَى الْأَشْقَرِ مِنْهُ. [اشْتِرَاطِ دَوَامِ الْمَوْقُوفِ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ] (سُئِلَ) عَنْ اشْتِرَاطِ دَوَامِ الْمَوْقُوفِ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ مَا حَدُّ الدَّوَامِ الْمَذْكُورِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُرَادَ بِدَوَامِ الْمَوْقُوفِ كَوْنُ الْمَوْقُوفِ يُفِيدُ فَائِدَةً مَعَ بَقَاءِ مُدَّتِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَاحْتَرَزُوا بِذَلِكَ عَمَّا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بِفَوَاتِهِ كَالْأَطْعِمَةِ وَالنَّقْدَيْنِ وَعَمَّا يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ كَالرَّيْحَانِ الْمَحْصُودِ وَعَبَّرَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ بِكَوْنِ الْمَوْقُوفِ مِمَّا لَا يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ وَلِهَذَا عَبَّرَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا بِأَنَّ الْمَوْقُوفَ كُلُّ عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ مَمْلُوكَةٍ قَابِلَةٍ لِلنَّقْلِ يَحْصُلُ مِنْهَا عَيْنٌ أَوْ مَنْفَعَةٌ يُسْتَأْجَرُ لَهَا وَتَعْلِيلُ الْأَصْحَابِ كَالصَّرِيحِ فِيهِ وَقَدْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِصِحَّةِ وَقْفِ نَحْوِ الرَّيْحَانِ الْمَزْرُوعِ لِبَقَاءِ مَنْفَعَتِهِ مُدَّةً وَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ وَشَرْطُ الْمَوْقُوفِ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا مُعَيَّنًا تَحْصُلُ مِنْهُ فَائِدَةٌ أَوْ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ دَائِمَةٌ مَعَ بَقَاءِ الْأَصْلِ ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُنَا مَنْفَعَةٌ دَائِمَةٌ فَاحْتَرَزْنَا بِهِ عَنْ وَقْفِ الرَّيَاحِينِ الَّتِي لَا تَبْقَى. وَقَوْلُنَا مَعَ بَقَاءِ الْأَصْلِ احْتَرَزْنَا بِهِ عَنْ الطَّعَامِ فَإِنَّ مَنْفَعَتَهُ فِي اسْتِهْلَاكِهِ فَلَا يَجُوزُ وَقْفُهُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ فِي

الِاسْتِدْلَالِ عَلَى مَنْ يَمْنَعُ وَقْفَ الْحَيَوَانِ مُنْفَرِدًا وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهَا عَيْنٌ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَيُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ بَقَائِهَا الْمُتَّصِلِ فَجَازَ وَقْفُهَا كَالدُّورِ ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُنَا مَعَ بَقَائِهَا احْتِرَازٌ عَنْ الطَّعَامِ فَإِنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَكِنَّهُ يَتْلَفُ بِالِانْتِفَاعِ وَقَوْلُنَا الْمُتَّصِلُ احْتِرَازٌ عَنْ الْمَشْمُومَاتِ لِأَنَّهُ لَا يَتَّصِلُ بَقَاؤُهَا وَإِنَّمَا تَبْقَى يَوْمًا وَاثْنَيْنِ وَثَلَاثَةً فَقَطْ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ يَصِحُّ وَقْفُ الْعَقَارِ وَالْمَنْقُولِ وَيَصِحُّ وَقْفُ الْجَمَادِ وَالْحَيَوَانِ وَالْمُتَّبَعُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْقُوفُ الْمُحْبَسَ بِحَيْثُ يَثْبُتُ لَهُ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ وَفَائِدَةٌ مَقْصُودَةٌ كَالثِّمَارِ وَمَا فِي مَعَانِيهَا وَالْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ يَضْبِطُهَا مَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ عَلَى شَرْطِ ثُبُوتِ حَقِّ الْمَالِكِ فِي الرَّقَبَةِ. (سُئِلَ) عَنْ نَاظِرِ وَقْفٍ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَجَّرَ رَزْقَةً بِسَبْعَةِ دَنَانِيرَ وَأَخْبَرَ بِأَنَّهَا سِتَّةٌ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ يَنْعَزِلُ أَوْ يَعْزِلُهُ الْحَاكِمُ أَوْ يَضُمُّ إلَيْهِ عَدْلًا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِثُبُوتِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ عَزْلُهُ وَلَا ضَمُّ عَدْلٍ إلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَخْفَاهُ لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ كَصَرْفِهِ فِي مَصْلَحَةٍ مِنْ مَصَارِفِ الْوَقْفِ كَعِمَارَةٍ أَوْ أَخَذَهُ مِنْ مَعْلُومِ نَظَرِهِ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ ارْتِكَابُ مَا يُفَسَّقُ بِهِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى

نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِمْ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ وَعَلَى زَوْجَتِهِ فُلَانَةَ وَعُتَقَائِهِ فَإِنْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ وَالْعُتَقَاءُ أَوْ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْ الذُّرِّيَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ كَانَ لِوَالِدَتِهِ تُرْكُمَانَ ثُلُثٌ ذَلِكَ وَلِأَخَوَيْهِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي بَكْرٍ ثُلُثَاهُ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا فَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ انْتَقَلَ نَصِيبُهَا مِنْ ذَلِكَ لِأَخَوَيْهِ مُضَافًا لِمَا يَسْتَحِقَّانِهِ مِنْ ذَلِكَ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ لِأَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ لِذُرِّيَّتِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ لِلْأَخِ الْآخَرِ ثُمَّ انْقَرَضَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ مَا عَدَا الْأَخَوَيْنِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنٍ وَبَنَاتٍ وَالْآخَرُ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ ثُمَّ مَاتَتْ الْبِنْتُ عَنْ ابْنٍ فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهَا مِنْ الْمَوْقُوفِ إلَى ابْنِهَا أَوْ أَخِيهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهَا إلَى أَخِيهَا عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ لِأَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ لِذُرِّيَّتِهِ فَاقْتَضَى التَّرْتِيبُ الْمُفَادُ بِثُمَّ أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِ الْأَخِ مَعَ وُجُودِ أَحَدٍ مِنْ أَوْلَادِهِ وَلَا يَنْتَقِلُ نَصِيبُهَا إلَى ابْنِهَا لِأَنَّ عِبَارَةَ الْوَاقِفِ إنَّمَا أَفَادَتْ اسْتِحْقَاقَ أَوْلَادِ كُلٍّ مِنْ الْأَخَوَيْنِ نَصِيبَهُ وَلَمْ تُفِدْ

اسْتِحْقَاقَ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمَا وَمَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُمَا إلَّا بِطَرِيقِ تَرْتِيبِ الْبُطُونِ فَلَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ مِنْ بَطْنٍ سَافِلٍ مَعَ وُجُودِ أَحَدٍ مِنْ الْبَطْنِ الَّذِي فَوْقَهُ فَإِذَا مَاتَ أَخُو الْمَيِّتَةِ الْمَذْكُورَةِ وَكَانَ ابْنُهَا مَوْجُودًا صَارَ مِنْ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ حِينَئِذٍ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى نَفْسِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ السَّبْعَةِ وَهُمْ فَاطِمَةُ وَهِبَةُ اللَّهِ وَخَلِيلٌ وسار وَخَاتُونُ وَعَاشُورٌ وَآمِنَةُ وَعَلَى وَلَدَيْ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ وَمَحْمُودٍ وَشَرَطَ فِي وَقْفِهِ أَنْ يُعْطَى مُحَمَّدٌ وَمَحْمُودٌ نَصِيبَ وَلَدٍ ذَكَرٍ مِنْ أَوْلَادِهِ وَعَلَى مَنْ سَيُولَدُ لِلْوَاقِفِ مِنْ الْأَوْلَادِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى نَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْوَاقِفِ بِالْآبَاءِ فِي جَمِيعِ الْبُطُونِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْوَاقِفِ بِالْآبَاءِ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَى الْوَاقِفِ بِالْآبَاءِ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي دَرَجَتِهِ أَحَدٌ كَانَ لِمُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْوَاقِفِ بِالْآبَاءِ. فَإِنْ مَاتَ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ

الْوَقْفِ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَلَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَى الْوَاقِفِ بِالْآبَاءِ يُعْطَى الْوَلَدُ أَوْ وَلَدُ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ وَالِدُهُ أَنْ لَوْ كَانَ حَيًّا فَإِنْ مَاتَ الْوَاقِفُ وَأَوْلَادُهُ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِ وَنَسْلُهُ وَعَقِبُهُ وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَى الْوَاقِفِ بِالْآبَاءِ كَانَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى أَوْلَادِ الْبَنَاتِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى نَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ فَإِنْ مَاتُوا عَنْ آخِرِهِمْ وَخَلَتْ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ كَانَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى جِهَةٍ مُتَّصِلَةٍ ثُمَّ إنَّ الْوَقْفَ الْمَذْكُورَ آلَ وَانْحَصَرَ جَمِيعُهُ فِي الْحُرْمَةِ أَسْمَاءِ بِنْتِ خَلِيلٍ وَلَدِ الْوَاقِفِ وَتُوُفِّيَتْ وَانْقَرَضَتْ ذُرِّيَّةُ أَوْلَادِ الصُّلْبِ وَانْتَقَلَ الْوَقْفُ إلَى أَوْلَادِ الْبَنَاتِ حَسْبَمَا شَرَطَ الْوَاقِفُ وَلِأَسْمَاءِ الْمَذْكُورَةِ وَلَدٌ وَأَوْلَادُ ابْنٍ وَهُنَاكَ مِنْ أَوْلَادِ بَنَاتِ الْوَاقِفِ مَنْ لَهُ ذُرِّيَّةُ أَوْلَادِ أَوْلَادٍ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِ أَوْلَادٍ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يُنْسَبُ إلَى الْوَاقِفِ بِجَدٍّ أَوْ جَدَّةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ بِمَا دُونَ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ بِمَا هُوَ أَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَعَ وُجُودِ أَصْلِهِ مِنْ أَبٍ أَوْ أُمٍّ. وَيُعَلِّلُ ذَلِكَ بِشَرْطِ

الْوَاقِفِ أَنَّهُ أَطْلَقَ فِي شَرْطِهِ بَعْدَ انْقِرَاضِ أَوْلَادِ الصُّلْبِ كَانَ وَقْفًا عَلَى أَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَأَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ سَوَاءٌ قَرُبُوا مِنْ الْوَاقِفِ بِالنَّسَبِ أَمْ بَعُدُوا مِنْهُ وَإِنَّ الْوَقْفَ صَارَ عَلَى الرُّءُوسِ قِسْمَةً مُتَحَصِّلَةً فَهَلْ يَقْتَضِي شَرْطُ الْوَاقِفِ ذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ يَتَنَاوَلُ التَّرْتِيبَ بِالدَّرَجَاتِ أَمْ لَا وَهَلْ تَسْتَحِقُّ الدَّرَجَةُ السُّفْلَى مَعَ الْعُلْيَا وَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْفَرْعُ مَعَ وُجُودِ أَصْلِهِ وَإِذَا قُلْتُمْ بِتَشْرِيكِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ هَلْ يَسْتَحِقُّ الْقَرِيبُ مِنْهُمْ وَالْبَعِيدُ وَهَلْ يَعُودُ الْوَقْفُ عَلَى ذُرِّيَّةِ أَسْمَاءَ دُونَ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ صَارَ فِي دَرَجَتِهِمْ وَطَبَقَتِهِمْ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَهَلْ إذَا كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ مَنْ هُوَ مَحْجُوبٌ بِأَوْلَادِ الصُّلْبِ هَلْ يَعُودُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْوَقْفِ عِنْدَمَا آلَ الْوَقْفُ إلَى أَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَدَرَجَةٍ سُفْلَى أَوْ لَا وَهَلْ يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ عَلَى الرُّءُوسِ أَوْ لِدَرَجَاتٍ وَهَلْ ثُمَّ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ فِي شَرْطِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ تَقْتَضِي التَّشْرِيكَ أَوْ التَّرْتِيبَ وَمَا مَعْنَى قَوْلِ الْوَاقِفِ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ وَإِذَا قُلْتُمْ بِالتَّشْرِيكِ فَهَلْ عَامٌّ فِي جَمِيعِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ أَوْ يَسْتَحِقُّ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْوَاقِفِ دُونَ الْبَعِيدِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي شَرْطُ الْوَاقِفِ ذَلِكَ

وَإِنَّمَا يَقْتَضِي أَنَّ الْوَقْفَ بَعْدَ انْقِرَاضِ مَنْ يُنْسَبُ إلَى الْوَاقِفِ بِالْآبَاءِ يَنْتَقِلُ إلَى أَوْلَادِ الْبَنَاتِ ثُمَّ إلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ إلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ إنْ تَمَحَّضُوا ذُكُورًا أَوْ أُنَاثًا وَإِلَّا فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَهَكَذَا فِي جَمِيعِ الْبُطُونِ فَلَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْ طَبَقَةٍ سُفْلَى وَهُنَاكَ أَحَدٌ مِنْ طَبَقَةٍ أَعْلَى مِنْهَا إلَّا إنْ مَاتَ أَصْلُهُ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ نَصِيبُهُ فَلَمْ يَتَنَاوَلْ لَفْظُ الْوَاقِفِ اسْتِحْقَاقَ أَوْلَادِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ إلَّا عِنْدَ انْقِرَاضِ جَمِيعِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَهَكَذَا فِي جَمِيعِ الْبُطُونِ فَلَيْسَ فِي لَفْظِ الْوَاقِفِ إطْلَاقٌ وَيَتَنَاوَلُ التَّرْتِيبُ تَرْتِيبَ الدَّرَجَاتِ فَلَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ مِنْ دَرَجَةٍ سُفْلَى مَعَ وُجُودِ أَحَدٍ مِنْ دَرَجَةٍ عُلْيَا إلَّا مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ نَصِيبُ أَصْلِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْفَرْعُ مَعَ وُجُودِ أَصْلِهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْوَقْفَ الْمَذْكُورَ وَقْفُ تَرْتِيبٍ لَا وَقْفُ تَشْرِيك وَيَنْتَقِلُ الْوَقْفُ بَعْدَ مَوْتِ أَسْمَاءَ إلَى أَقْرَبِ الدَّرَجَاتِ إلَى الْوَاقِفِ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ حَتَّى لَوْ لَمْ يُوجَدْ فِي تِلْكَ الدَّرَجَةِ إلَّا شَخْصٌ وَاحِدٌ اسْتَحَقَّ جَمِيعَ الْوَقْفِ وَلَا يَسْتَحِقُّ أَوْلَادُ أَسْمَاءَ وَلَا مَنْ فِي دَرَجَتِهِمْ شَيْئًا مِنْهُ إلَّا بَعْدَ انْقِرَاضِ جَمِيعِ مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُمْ فِي الدَّرَجَةِ نَعَمْ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ بَعْدَ انْتِقَالِ الْوَقْف إلَيْهِمْ عَنْ وَلَدٍ

أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَيْهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ مِنْ دَرَجَةٍ سُفْلَى مَعَ وُجُودِ أَحَدٍ مِنْ دَرَجَةٍ أَعْلَى مِنْهَا كَمَا مَرَّ وَاسْتِحْقَاقُ أَهْلِ الْوَقْفِ بِالدَّرَجَاتِ لَا بِالرُّءُوسِ وَأَهْلُ الدَّرَجَةِ الْوَاحِدَةِ يَسْتَحِقُّونَهُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ إنْ تَمَحَّضُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا وَإِلَّا فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. وَثُمَّ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ إلَخْ تُفِيدُ التَّرْتِيبَ وَتَمْنَعُ مِنْ التَّشْرِيكِ وَمَعْنَى قَوْلِ الْوَاقِفِ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ أَهْلِ كُلِّ دَرَجَةٍ عَلَى الرُّءُوسِ إنْ تَمَحَّضُوا وَإِلَّا فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مَنْ فِي دَرَجَةٍ نَازِلَةٍ وَهُنَاكَ أَحَدٌ مِنْ دَرَجَةٍ أَعْلَى مِنْهَا وَإِنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ عَادَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ أَوْ نَسْلِهِ أَوْ عَقِبِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَإِنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْوَقْفِ وَلَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ يُعْطَى الْوَلَدُ أَوْ وَلَدُ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ وَالِدُهُ لَوْ كَانَ حَيًّا وَقَدْ عُلِمَ أَنَّا لَا نَقُولُ بِالتَّشْرِيكِ بَيْنَ الْمُسْتَحِقِّينَ إلَّا عِنْدَ اتِّحَادِ دَرَجَتِهِمْ كَمَا مَرَّ. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى مُعَيَّنِينَ ثُمَّ بَاعَهُ قَبْلَ قَبُولِهِمْ وَقَبُولِ

وَلِيِّهِمْ هَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْبَيْعَ قَبْلَ قَبُولِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنِ صَحِيحٌ بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ قَبُولِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ وَقَفَ شَخْصٌ عَلَى أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَهَكَذَا عَلَى التَّرْتِيبِ وَشَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ أَوْ لِلْأَصْلَحِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَآلَ النَّظَرُ وَالِاسْتِحْقَاقُ لِأَحَدِ أَوْلَادِهِ بِمَوْتِ أَخَوَيْهِ فَأَجَّرَ الْوَقْفَ مُدَّةً وَمَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ بَعْدَ مَوْتِهِ لِغَيْرِهِ وَكَذَا النَّظَرُ فَلَا نَظَرَ لَهُ عَلَى الْغَيْرِ لِأَنَّ الْوَاقِفَ مَنَعَهُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ حَالَ نَظَرِ غَيْرِهِ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا نِيَابَةَ إذْ الْبَطْنُ الثَّانِي لَا يَتَلَقَّى مِنْ الْأَوَّلِ بَلْ مِنْ الْوَاقِفِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي حَقِّ مَنْ بَعْدَهُ وَلِقَوْلِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ مُحَقِّقِ عَصْرِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَمُتَوَلِّي الْوَقْفِ إلَّا فِي صُورَةٍ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ وَلَوْ أَجَّرَ إلَخْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ النَّاظِرُ حَاكِمًا أَوْ أَجْنَبِيًّا أَوْ مُسْتَحِقًّا وَالْوَقْفُ وَقْفُ تَشْرِيك أَوْ تَرْتِيبٍ وَبَقِيَ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ أَوْ أَحَدُهُمْ فَإِنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ مُطْلَقًا فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ وَلِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ فِيهَا وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ التَّشْرِيكِ وَالتَّرْتِيبِ فِيمَنْ وُجِدَ بَعْدَ مَوْتِ النَّاظِرِ الْمُسْتَحِقِّ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ فِي حَيَاةِ النَّاظِرِ لَا يَسْتَحِقُّ

فِي التَّشْرِيكِ بِخِلَافِ التَّرْتِيبِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ لِدُخُولِهَا فِي قَوْلِ الْأَصْحَابِ وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ فَلَيْسَتْ مِنْ مَسْأَلَةِ إجَارَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ مَثَلًا لِأَنَّ صُورَتَهَا أَنْ يَشْرِطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِكُلِّ مُسْتَحِقٍّ عَلَى حِصَّتِهِ خَاصَّةً وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَسْأَلَتَنَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ لِأَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ النَّظَرُ فِيهَا لِلْأَرْشَدِ أَوْ لِلْأَصْلَحِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ يَتَنَاوَلُ ثُبُوتَ النَّظَرِ لَهُ حَالَ اسْتِحْقَاقِهِ مِنْ الْوَقْفِ وَحَالَ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ حَتَّى لَوْ وُجِدَ فِي بَطْنٍ سَافِلٍ كَالثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ مَنْ هُوَ أَرْشَدُ أَوْ أَصْلَحُ مِنْ أَهْلِ بَطْنٍ عَالٍ كَالْأَوَّلِ ثَبَتَ لَهُ النَّظَرُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِنْ الْوَقْفِ مَعَ وُجُودِ أَحَدٍ مِنْ بَطْنٍ أَعْلَى مِنْهُ فَعُلِمَ أَنَّ وِلَايَةَ مَنْ هُوَ مِنْ الْبَطْنِ الْعَالِي لَمْ يُقَيِّدْهَا الْوَاقِفُ بِحَالِ اسْتِحْقَاقِهِ إذْ لَوْ تُصُوِّرَ أَنْ يَسْتَحِقَّ مَعَهُ أَحَدٌ مِنْ بَطْنٍ أَسْفَلَ مِنْهُ ثَبَتَتْ وِلَايَةُ نَظَرِهِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ ذَلِكَ السَّافِلِ فَعَدَمُ وِلَايَتِهِ عَلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ مَعَ وُجُودِهِ لَا لِعَدَمِ شُمُولِ وِلَايَتِهِ لَهُمْ فَالتَّرْتِيبُ فِي الْبُطُونِ لِاسْتِحْقَاقِ الرِّيعِ لَا لِثُبُوتِ النَّظَرِ. وَقَدْ عُلِمَ جَوَابُ بَقِيَّةِ السُّؤَالِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ إجَارَةَ نَاظِرِ الْوَقْفِ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ النَّظَرَ لِكُلِّ مُسْتَحِقٍّ

عَلَى حِصَّتِهِ خَاصَّةً. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ مَكَانًا عَلَى امْرَأَةٍ تُسَمَّى طُرْفَةَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهَا ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهَا وَإِنْ سَفَلُوا عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَخَلَّفَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِلْمُخَلِّفِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ ذَلِكَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِإِخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ طُرْفَةُ فَانْتَقَلَ نَصِيبُهَا إلَى أَوْلَادِهَا قُطْبِ الدِّينِ وَشَمْسِ الدِّينِ وَنَشْوِ الْعُلَمَاءِ وَسِتِّ الْعَبِيدِ ثُمَّ تُوُفِّيَ شَمْسُ الدِّينِ فَانْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى بِنْتِهِ فَاطِمَةَ ثُمَّ تُوُفِّيَ قُطْبُ الدِّينِ فَانْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى أَوْلَادِهِ شَمْسِ الدِّينِ وَأَحْمَدَ وَقَاسِمٍ وَحَنِيفَةَ وَآمِنَةَ ثُمَّ تُوُفِّيَ شَمْسُ الدِّينِ فَانْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى ابْنَتِهِ عَائِشَةَ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ حَنِيفَةُ فَانْتَقَلَ نَصِيبُهَا إلَى ابْنَتِهَا خَدِيجَةَ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ وَلَيْسَ لَهَا وَلَدٌ وَلَا أَخٌ وَلَا أُخْتٌ بَلْ لَهَا مِنْ الْأَقَارِبِ مِنْ ذُرِّيَّةِ طُرْفَةَ خَالَاهَا أَحْمَدُ وَقَاسِمٌ الْمَذْكُورَانِ وَعَائِشَةُ بِنْتُ خَالِهَا شَمْسُ الدِّينِ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ شَمْسِ الدِّينِ الْأَوَّلُ وَهِيَ بِنْتُ عَمِّ أُمِّ خَدِيجَةَ فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ خَدِيجَةِ إلَى خَالَيْهَا أَحْمَدَ وَقَاسِمٍ فَقَطْ أَمْ إلَيْهِمَا وَإِلَى عَائِشَةَ وَفَاطِمَةَ وَوَاصِلَةَ الْمَذْكُورَاتِ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ سِتُّ الْعَبِيدِ وَلَيْسَ لَهَا وَلَدٌ وَلَا أَخٌ وَلَا أُخْتٌ بَلْ لَهَا ابْنَا أَخِيهَا أَحْمَدَ وَقَاسِمٍ وَبِنْتُ أَخِيهَا هِيَ فَاطِمَةُ وَبِنْتُ أُخْتهَا هِيَ

وَاصِلَةُ وَبِنْتُ ابْنِ أَخِيهَا هِيَ عَائِشَةُ فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهَا إلَى أَحْمَدَ وَقَاسِمٍ وَفَاطِمَةَ وَعَائِشَةَ وَوَاصِلَةَ أَمْ إلَى بَعْضِهِمْ. ثُمَّ تُوُفِّيَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَمِينُ الدِّينِ وَهُوَ ابْنُ وَاصِلَةَ وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَا أَخٌ وَلَا أُخْتٌ. وَإِنَّمَا لَهُ أَوْلَادُ ابْنِ عَمِّ أَبِيهِ مُحَمَّدٍ وَزَيْنَبُ وَلَدُ الْقَاسِمِ وَجَلَالُ الدِّينِ وَجَلِيلَةُ وَآسِيَةُ وَعُدُولُ أَوْلَادِ الْحَاجِّ أَحْمَدُ وَلَهُ مِنْ الْأَقَارِبِ عَائِشَةُ وَهِيَ بِنْتُ ابْنِ ابْنِ عَمِّ أَبِيهِ وَسَعَادَاتُ بِنْتُ فَاطِمَةَ وَهِيَ بِنْتُ بِنْتِ ابْنِ عَمِّ أَبِيهِ فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى أَقَارِبِهِ الْمَذْكُورِينَ أَمْ إلَى بَعْضِهِمْ أَمْ إلَى غَيْرِهِمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ خَدِيجَةَ إلَى سِتِّ الْعَبِيدِ بِمُفْرَدِهَا إنْ كَانَتْ حَيَّةً حِينَئِذٍ كَمَا اقْتَضَاهُ سِيَاقُ السُّؤَالِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهَا. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حِينَئِذٍ حَيَّةً فَيَنْتَقِلُ إلَى خَالَيْهِمَا أَحْمَدَ وَقَاسِمٍ وَخَالَتِهَا آمِنَةَ إنْ كَانَتْ حَيَّةً وَإِلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ شَمْسِ الدِّينِ الْأَوَّلِ وَإِلَى وَاصِلَةَ بِنْتِ نَشْوِ الْعُلَمَاءِ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِعَائِشَةَ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهَا وَيَنْتَقِلُ نَصِيبُ سِتِّ الْعَبِيدِ إلَى أَحْمَدَ وَقَاسِمٍ وَآمِنَةَ إنْ كَانَتْ حَيَّةً وَإِلَى فَاطِمَةَ وَوَاصِلَةَ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِعَائِشَةَ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ وَيَنْتَقِلُ نَصِيبُ أَمِينُ الدِّينِ إلَى آمِنَةَ

إنْ كَانَتْ حَيَّةً عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَيَّةً يَنْتَقِلُ إلَى مُحَمَّدٍ وَزَيْنَبَ وَلَدَيْ قَاسِمٍ وَإِلَى جَلَالِ الدِّينِ وَجَلِيلَةَ وَآسِيَةَ وَعُدُولِ أَوْلَادِ الْحَاجِّ أَحْمَدَ وَإِلَى عَائِشَةَ وَسَعَادَاتٍ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى وَلَدِهِ مُحَمَّدٍ مِنْ زَوْجَتِهِ جان حَبِيب ثُمَّ عَلَى إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ مِنْ جان حَبِيب ثُمَّ عَلَى بِنْتِهِ جَلِيلَةَ مِنْ غَيْرِ جَانٍّ حَبِيبٍ ثُمَّ عَلَى وَلَدِ أَخِيهِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ وَوَلَدُهُ مُحَمَّدٌ وَقَدْ تَزَوَّجَتْ جان حَبِيب بِوَلَدِ أَخِيهِ مُحَمَّدٍ وَأَتَتْ مِنْهُ بِبِنْتَيْنِ فَهَلْ يَنْتَقِلُ الْوَقْفُ لَهُمَا أَوْ لِبِنْتِ الْوَاقِفِ جَلِيلَةَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ الْوَقْفُ لِبِنْتِ الْوَاقِفِ جَلِيلَةَ لَا لِبِنْتِ جان حَبِيب لِأَنَّ لَفْظَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَإِنْ كَانَ عَامًّا لَكِنَّهُ خُصَّ بِلَفْظِ الْوَاقِفِ الْمُتَأَخِّرِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا اخْتِصَاصُ اسْتِحْقَاقِ أَوْلَادِ وَلَدِ أَخِيهِ مُحَمَّدٍ بِذُكُورِهِمْ لِمَا بَيْنَهُمَا تُوقِفُهُ عَلَى انْقِرَاضِ جَلِيلَةَ وَأَبِيهِمْ فَإِنْ قِيلَ كُلٌّ مِنْ اللَّفْظَيْنِ عَامٌّ مِنْ وَجْهٍ فَلَا يَتَقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ إلَّا بِمُرَجِّحٍ فَجَوَابُهُ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ أَنَّهُمَا لَمَّا تَعَارَضَا تَسَاقَطَا وَبَقِيَ قَوْلُهُ ثُمَّ عَلَى بِنْتِهِ جَلِيلَةَ سَالِمًا مِنْ التَّعَارُضِ فَعُمِلَ بِهِ وَأَنَّ الثَّانِيَ تَرَجَّحَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى

بِأَنَّ تَقْدِيمَ بِنْتِ الْوَاقِفِ أَقْرَبُ لِغَرَضِهِ مِنْ تَقْدِيمِ بِنْتِهِ عَلَيْهَا وَمِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ بِقَوْلِهِ ثُمَّ عَلَى بِنْتِهِ جَلِيلَةَ. (سُئِلَ) عَنْ أَمَاكِنَ مَوْقُوفَةٍ عَلَى رَجُلٍ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ وَإِنْ سَفَلُوا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ كَانَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ كَانَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ لِإِخْوَتِهِ الَّذِينَ هُمْ فِي دَرَجَتِهِ مُضَافًا إلَى مَا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنْ هَذَا الْوَقْفِ ثُمَّ لِأَوْلَادِهِمْ ثُمَّ لِأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورَيْنِ وَعَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ الْوَقْفُ الْمَذْكُورُ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَآلَ الْوَقْفُ إلَى حَالٍ لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ حَيًّا لَاسْتَحَقَّ الْوَقْفَ الْمَذْكُورَ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ قَامَ وَلَدُهُ أَوْ وَلَدُ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ فِي ذَلِكَ مَقَامَهُ وَكَانَ مُسْتَحِقًّا لِمَا يَسْتَحِقُّهُ أَصْلُهُ الْمَيِّتُ أَنْ لَوْ كَانَ حَيًّا فَآلَ الْوَقْفُ بَعْدَ وَفَاةِ أَوَّلِ الْبُطُونِ إلَى أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ عَلِيٍّ وَزَكِيَّةَ وَزُبَيْدَةَ فَمَاتَ عَلِيٌّ عَنْ خَمْسِ بَنَاتٍ فَتَلَقَّيْنَ حِصَّتَهُ وَهِيَ النِّصْفُ ثُمَّ مَاتَتْ زَكِيَّةُ عَنْ ابْنَيْنِ وَبِنْتَيْنِ فَتَلْقَوْا حِصَّتَهَا وَهِيَ الرُّبْعُ ثُمَّ مَاتَتْ

زُبَيْدَةُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَهَلْ تَنْتَقِلُ حِصَّتُهَا لِأَوْلَادِ شَقِيقِهَا عَلِيٍّ وَأَوْلَادِ شَقِيقَتِهَا زَكِيَّةَ الْمَذْكُورَيْنِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الدَّرَجَةِ أَمْ تُقَامُ بَنَاتُ شَقِيقَتِهَا مَقَامَ أَبِيهِنَّ فَيَكُونُ لَهُنَّ ثُلُثَا حِصَّةِ زُبَيْدَةَ وَأَوْلَادُ زَكِيَّةَ مَقَامَ أَبِيهِمْ فَيَكُونُ لَهُمْ ثُلُثٌ عَمَلًا بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَعَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ إلَخْ فَالْعَمَلُ بِذَلِكَ فِيمَنْ وَصَلَ إلَيْهِ أَمْ لَا أَمْ هُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ فَلَا تُقَامُ أَوْلَادُ كُلِّ أَصْلٍ مَقَامَهُ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ تَنْتَقِلُ حِصَّةُ زُبَيْدَةَ مِنْ الْوَقْفِ لِأَوْلَادِ شَقِيقِهَا عَلِيٍّ وَأَوْلَادِ شَقِيقَتِهَا زَكِيَّةَ الْمَذْكُورَيْنِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الدَّرَجَةِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ ثُمَّ لِأَوْلَادِهِمْ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورَيْنِ وَبِمَفْهُومِ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ الْوَقْفُ إلَخْ إذْ هُوَ مِنْ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ وَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ مِنْ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ إلْغَاءِ الْمَنْطُوقِ بِالْمَفْهُومِ لِأَنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورَيْنِ قَيْدٌ فِي كُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ لِإِخْوَتِهِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا وَشَرَطَ أَنْ يَزِيدَ فِي ذَلِكَ مَا يَرَى زِيَادَتَهُ وَيُنْقِصَ مَا يَرَى نَقْصَهُ وَيُغَيِّرَ مَا يَرَى تَغْيِيرَهُ وَيُرَتِّبَ مَا يَرَى تَرْتِيبَهُ وَيُبَدِّلَ مَا يَرَى

تَبْدِيلَهُ وَيُدْخِلُ فِيهِ مَا شَاءَ وَيُخْرِجُ مَا شَاءَ وَيَسْتَبْدِلُ وَقْفَهُ وَمَا يَشَاءُ مِنْهُ بِمَا يَرَاهُ مِنْ عَقَارٍ أَوْ حِصَّةٍ مِنْ عَقَارٍ أَوْ نَقْدٍ أَوْ أَرْضٍ وَأَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ لِذَلِكَ مَا يَرَى اشْتِرَاطَهُ فِيهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْأُخْرَى كُلَّمَا بَدَا لَهُ فِعْلُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ فِعْلُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ ثُمَّ أَنَّهُ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ وَرَجَعَ عَمَّا شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ فِي كُتُبِ أَوْقَافِهِ مِنْ الْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ وَغَيْرِهِ وَحَكَمَ بِذَلِكَ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ فَهَلْ ذَلِكَ صَحِيحٌ وَيُعْمَلُ بِهِ أَوْ لَهُ جَمِيعُ مَا شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ الْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ وَغَيْرِهِ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ الْإِسْقَاطُ وَالرُّجُوعُ الْمَذْكُورَانِ صَحِيحَانِ فَلَا يَنْفُذُ بَعْدَهُمَا مِنْ الْوَاقِفِ شَيْءٌ مِمَّا اشْتَرَطَهُ لِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا يُفِيدُ التَّكْرَارَ لِشُمُولِهِمَا لِجَمِيعِ أَفْرَادِهِ إذْ قَوْلُهُ حَقُّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ وَمَا الْمَوْصُولَةُ فِي قَوْلِهِ عَمَّا شَرَطَهُ عَامَّةٌ وَقَدْ فَصَلَهَا بِقَوْلِهِ مِنْ الْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) عَنْ وَاقِفٍ وَقَفَ وَقْفًا وَمَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ وَقَفْت ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ التَّوْلِيَةُ لِزَيْدٍ بِأَنْ قَالَ فَوَّضْت التَّوْلِيَةَ لِزَيْدٍ أَوْ جَعَلْته مُتَوَلِّيًا فَهَلْ لِلْوَاقِفِ أَوْ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ عَزْلُهُ وَنَصْبُ غَيْرِهِ أَمْ لَا وَإِذَا أَسْقَطَ الْمُتَوَلِّي التَّفْوِيضَ أَوْ الْجَعْلُ حَقُّهُ هَلْ يَسْقُطُ حَقُّهُ

مِنْ التَّوْلِيَةِ وَالنَّظَرِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَلِحَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ عَزْلُ الْمَذْكُورِ مِنْ النَّظَرِ وَنَصْبُ غَيْرِهِ فِيهِ وَكَذَا الْوَاقِفُ إنْ كَانَ شَرْطُ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ حَالَ وَقْفِهِ وَإِلَّا فَلَا وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَإِذَا أَسْقَطَ النَّاظِرُ حَقَّهُ مِنْ النَّظَرِ انْعَزَلَ وَلِلْحَاكِمِ نَصْبُ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ نَظَرَهُ حَالَ الْوَقْفِ ثُمَّ عَزَلَ نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْوَاقِفِ نَصْبُ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا نَظَرَ لَهُ بَلْ يُنَصِّبُ الْحَاكِمُ نَاظِرًا وَلَكِنَّهُ بَاقٍ عَلَى وِلَايَتِهِ. (سُئِلَ) عَنْ وَاقِفٍ وَقَفَ وَقْفًا وَشَرَطَ أَنْ يُرَتِّبَ نَاظِرُهُ ثَلَاثِينَ صُوفِيًّا وَشَرَطَ لِنَفْسِهِ الْإِدْخَالَ وَالْإِخْرَاجَ وَالزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ ثُمَّ تَرَكَ مِنْ الصُّوفِيَّةِ عِشْرِينَ ثُمَّ مَضَى نَحْوُ ثَمَانِينَ سَنَةً ثُمَّ اتَّصَلَ ذَلِكَ بِحَاكِمٍ مَالِكِيٍّ وَحَكَمَ بِأَنَّ ذَلِكَ رُجُوعٌ عَنْ الْعَشَرَةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ الصُّوفِيَّةِ ثُمَّ أَفْتَى عُلَمَاءُ الْحَنِيفَةِ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِرُجُوعٍ فَهَلْ حُكْمُ الْمَالِكِيِّ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ حُكْمَ الْمَالِكِيِّ بِالرُّجُوعِ بَاطِلٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حُكْمِ الْحَنَفِيِّ فِيهِ إذْ قَوْلُهُ بِمُوجِبِهِ مِنْ قَوْلِهِ حَكَمْت بِمُوجِبِهِ مُفْرَدٌ مُضَافٌ إلَى مَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ فَكَأَنَّهُ قَالَ حَكَمْت بِكُلِّ مُقْتَضٍ مِنْ مُقْتَضَيَاتِهِ وَمِنْهَا أَنَّ مُضِيَّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَيْسَ بِرُجُوعٍ. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى لُقَطَاءِ هَذَا الْبَلَدِ وَلَمْ يَكُنْ

بِهَا لَقِيطٌ أَوْ عَلَى اللُّقَطَاءِ وَأَطْلَقَ وَلَمْ يُوجَدْ لَقِيطٌ هَلْ يَصِحُّ الْوَقْفُ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِالصِّحَّةِ فَمَا يَفْعَلُ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْوَقْفَ فِي شِقَّيْ الْمَسْأَلَةِ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ جَنَى الْمَوْقُوفُ بَعْدَ مَوْتِ وَاقِفِهِ جِنَايَةً تُوجِبُ الْأَرْشَ فَمِمَّنْ يُؤْخَذُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُؤْخَذُ الْأَرْشُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَالْحُرِّ الْمُعْسِرِ الَّذِي لَا عَاقِلَةَ لَهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى هَلْ يَصِحُّ الْوَقْفُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ الْوَقْفُ وَيَنْتَقِلُ الْوَقْفُ بِمَوْتِهِ إلَى الْجِهَةِ الْأُخْرَى. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى ابْنِهِ فُلَانٍ وَبِنْتِهِ فُلَانَةَ مُدَّةَ حَيَاتِهِمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمَا عَلَى أَوْلَادِهِمَا أَوْلَادِ الظَّهْرِ دُونَ أَوْلَادِ الْبَطْنِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمَا ثُمَّ عَلَى نَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ أَوْلَادِ الظَّهْرِ دُونَ أَوْلَادِ الْبَطْنِ ثُمَّ تُوُفِّيَ الِابْنُ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ ذَكَرَيْنِ وَأُنْثَى ثُمَّ تُوُفِّيَتْ الْبِنْتُ وَتَرَكَتْ وَلَدًا ذَكَرًا فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ الِابْنِ إلَى أَوْلَادِهِ أَوْ إلَى أُخْتِهِ وَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ الْبِنْتِ إلَى وَلَدِهَا وَأَوْلَادِ أَخِيهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ الِابْنِ إلَى أُخْتِهِ دُونَ أَوْلَادِهِ وَيَنْتَقِلُ نَصِيبُ الْبِنْتِ بَعْدَ مَوْتِهَا إلَى

أَوْلَادِ أَخِيهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَا حَقَّ فِيهِ لِذُرِّيَّتِهَا لِإِخْرَاجِهِمْ بِقَوْلِ الْوَاقِفِ أَوْلَادِ الظَّهْرِ دُونَ أَوْلَادِ الْبَطْنِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَاقِفَ وَقَفَ عَلَى مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ وَبِنْتُهُ مَنْسُوبَةٌ إلَيْهِ دُونَ أَوْلَادِهَا. (سُئِلَ) عَمَّا نَقَلَهُ الْغَزِّيُّ فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَأَقَرَّهُ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّهُ إذَا حُكِمَ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ وَكَانَ مِمَّنْ يَرَاهُ جَازَ لِلشَّافِعِيِّ فِي الْبَاطِنِ بَيْعُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِسَائِرِ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفِ كَالْمِلْكِ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُغَيِّرُ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ قَالَ مَا مَعْنَاهُ وَإِنَّمَا مَنَعَ مِنْهُ فِي الظَّاهِرِ سِيَاسَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَيُلْحَقُ بِهَذَا مَا فِي مَعْنَاهُ اهـ وَنَقَلَهُ أَيْضًا شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا وَأَقَرَّهُ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ مَعْمُولٌ بِهِ أَمْ مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ وَهُوَ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا يَنْفُذُ بَاطِنًا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي مَوَاضِعَ إذْ لَا مَعْنَى لِنُفُوذِهِ بَاطِنًا إلَّا تَرَتُّبُ الْآثَارِ عَلَيْهِ مِنْ حِلٍّ وَحُرْمَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي الْمَسَائِلِ الْخِلَافِيَّةِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَيَصِيرُ الْأَمْرُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ قَالَ أَعْنِي الزَّرْكَشِيَّ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الرَّافِعِيِّ إنَّ مَيْلَ الْأَئِمَّةِ إلَى النُّفُوذِ بَاطِنًا وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الْأَخْذُ بِحُكْمِ

الْحَنَفِيِّ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ وَفِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْحِلُّ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ فَهَذَا كُلُّهُ صَرِيحٌ فِي خِلَافِ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَقَدْ اعْتَمَدَ بَعْضُ الْقُضَاةِ كَلَامَهُ وَعَمِلَ بِهِ وَالْمَسْئُولُ بَيَانُ الْمُعْتَمَدِ مِنْ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ الصَّلَاحِ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ وَلَا مَعْمُولٌ بِهِ لِأَنَّهُ فَرَّعَهُ عَلَى الرَّأْيِ الْمَرْجُوحِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي تَعْلِيلِهِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ كَجٍّ وَغَيْرُهُ لَوْ وَقَفَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَحَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهِ صَحَّ بِلَا خِلَافٍ وَأُمْضِيَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ وَقَفْت عَبْدِي هَذَا عَلَى الشَّيْخِ الْفُلَانِيِّ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِخِدْمَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَهُنَاكَ ضَرِيحُ الشَّيْخِ الْمَذْكُورِ وَفِيهِ مُصَلًّى فَهَلْ يَصِحُّ الْوَقْفُ وَيَنْصَرِفُ إلَى خِدْمَةِ الْمَوْضِعِ الْمُصَلَّى وَالضَّرِيحِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ الْمَذْكُورُ إذْ هُوَ وَقْفٌ عَلَى مَيِّتٍ. (سُئِلَ) عَنْ وَقْفٍ جُهِلَ قَدْرُ مَعْلُومِ مُسْتَحِقِّيهِ لِضَيَاعِ كِتَابَةِ وَعَدَمِ شَاهِدِهِ فَهَلْ تُقْسَمُ غَلَّتُهُ عَلَى أَرْبَابِهِ بِالسَّوِيَّةِ فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَيُسَوَّى بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْخَطِيبِ وَغَيْرِهِمَا أَمْ تُقَدَّمُ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ فَكُلٌّ مِنْهُمْ قَدَّرَ أُجْرَةَ عَمَلِهِ يَأْخُذُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقْسَمُ غَلَّةُ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ عَلَى أَرْبَابِهِ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ إذَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالتَّفْضِيلِ بَيْنَهُمْ فَإِنْ اطَّرَدَتْ بِهِ الْعَادَةُ اجْتَهَدَ النَّاظِرُ فِي التَّفَاوُتِ بَيْنَهُمْ

بِالنِّسْبَةِ لِلْعَادَةِ الْغَالِبَةِ كَأَنْ تَجْرِيَ بِكَوْنِ مَعْلُومِ الْإِمَامِ ضِعْفَ مَعْلُومِ الْخَطِيبِ وَلَا تُقَدَّمُ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ أَرْبَابِهِ. (سُئِلَ) عَنْ تَصَادُقِ صَدْرٍ مِنْ مُسْتَحِقِّي وَقْفٍ عَلَى قَدْرِ اسْتِحْقَاقِ كُلٍّ مِنْ رِيعِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مُخَالِفًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَيُعْمَلُ بِشَرْطِهِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي قَوَاعِدِهِ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي هَذَا الْوَقْفِ وَإِنَّ زَيْدًا هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لَهُ دُونَهُ وَخَرَجَ شَرْطُ الْوَاقِفِ مُكَذِّبًا لِلْمُقِرِّ وَمُقْتَضٍ لِاسْتِحْقَاقِهِ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِكَذِبِهِ وَقَدْ يَخْفَى شَرْطُ الْوَاقِفِ عَلَى الْعُلَمَاءِ فَضْلًا عَنْ الْعَوَامّ اهـ وَقَالَ وَالِدُهُ فِي فَتَاوِيهِ وَلَا اعْتِبَارَ بِالْإِقْرَارِ الْمُخَالِفِ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ بَلْ يَجِبُ اتِّبَاعُ شَرْطِ الْوَاقِفِ نَصًّا كَانَ أَوْ ظَاهِرًا ثُمَّ الْإِقْرَارُ إنْ كَانَ لَا احْتِمَالَ لَهُ مَنَعَهُ الشَّرْعُ أَصْلًا وَوَجَبَ إلْغَاؤُهُ بِمُخَالَفَتِهِ لِلشَّرْعِ وَمِنْ شَرْطِ الْإِقْرَارِ أَنْ لَا يُكَذِّبَهُ الشَّرْعُ وَإِنْ كَانَ لَهُ احْتِمَالٌ بِوَجْهٍ مَا وَآخَذْنَا الْمُقِرَّ بِهِ لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ بَلْ يُحْمَلُ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ اهـ. (سُئِلَ) عَنْ وَاقِفٍ قَالَ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ ثُمَّ بَعْدَ وَفَاتِهِ يَكُونُ مَصْرُوفًا رِيعُهُ إلَى شَيْخِ الْحَرَمِ الْمَدَنِيِّ وَمُؤَذِّنِي الْحَرَمِ الْمَذْكُورِ

وَإِمَامِهِ وَخُدَّامِهِ يَصْرِفُهُ النَّاظِرُ عَلَى مَا يَرَاهُ وَيُؤَدِّي إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ فِي الْخُدَّامِ عَلَى خُدَّامِ الْمَقْصُورَةِ الشَّرِيفَةِ وَمَا حَوَتْهُ أَمْ يَعُمُّ كُلَّ صَاحِبِ وَظِيفَةٍ فِي الْحَرَمِ مِنْ فَرَّاشٍ وَوَقَّادٍ وَبَوَّابٍ وَغَيْرِهِمْ وَإِذَا كَانَ فِي الْمُؤَذِّنِينَ مَنْ بِاسْمِهِ وَظِيفَةِ خَدَّامَةٍ يُعْطَى بِالصِّفَتَيْنِ أَمْ بِأَحَدِهِمَا وَهَلْ لِلنَّاظِرِ أَنْ يَجْعَلَ رِيعَ الرُّبْعِ مَثَلًا لِلْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَالثَّانِي لِلْخُدَّامِ لِكَثْرَتِهِمْ لِأَنَّهُمْ يَزِيدُونَ عَلَى الْمِائَةِ إذَا أَدَّى اطِّلَاعُهُ عَلَى كِتَابِ الْوَقْفِ أَنَّ الْقِسْمَةَ عَلَى أَرْبَعَةٍ إذَا صَرَفَهَا عَلَى ثَلَاثَةٍ بِإِسْقَاطِ الْخُدَّامِ حَسْبَمَا فَعَلَ ذَلِكَ النَّاظِرُ قَبْلَهُ وَتَبِعَهُ النَّاظِرُ الثَّانِي عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى كِتَابِ الْوَقْفِ أَمْ لَا (فَأَجَابَ) بِأَنَّ عِبَارَةَ الْوَاقِفِ تُفِيدُ أَنَّ النَّاظِرَ يَصْرِفُ رِيعَ رُبْعٍ وَقَفَهُ لِشَيْخِ الْحَرَمِ الْمَدَنِيِّ وَرُبْعَهُ لِمُؤَذِّنِيهِ وَرُبْعَهُ لِإِمَامِهِ وَرُبْعَهُ لِخُدَّامِهِ ثُمَّ إنْ كَانُوا غَيْرَ مَحْصُورِينَ بِأَنْ كَانُوا لَوْ اجْتَمَعُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ لَعَسُرَ عَلَى النَّاظِرِ عَدُّهُمْ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ اسْتِيعَابُهُمْ وَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ اسْتِيعَابُهُمْ إذْ لَفْظُ خُدَّامِهِ مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَى كُلِّ خَادِمٍ خَادِمٍ فَلَا يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ عِنْدَ حَصْرِهِمْ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى

بَعْضِهِمْ كَخُدَّامِ الْمَقْصُورَةِ الشَّرِيفَةِ بَلْ يَعُمُّ كُلَّ مَنْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ فِي الْعُرْفِ أَنَّهُ مِنْ خُدَّامِ ذَلِكَ الْحَرَمِ وَمَنْ بِاسْمِهِ وَظِيفَةُ أَذَانٍ وَوَظِيفَةُ خِدَامَةٍ لَا يُعْطَى بِالصِّفَتَيْنِ بَلْ يَأْخُذُ بِمَا يَخْتَارُهُ مِنْهُمَا وَلِلنَّاظِرِ أَنْ يَجْعَلَ رِيعَ الرُّبْعِ مَثَلًا لِلْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَالْبَاقِي لِلْخُدَّامِ لِكَثْرَتِهِمْ إذَا أَدَّى نَظَرُهُ وَاجْتِهَادُهُ إلَى ذَلِكَ لِقَوْلِ الْوَاقِفِ يَصْرِفُهُ النَّاظِرُ عَلَى مَا يَرَاهُ وَيُؤَدِّي إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ فَإِنَّهُ رَاجِعٌ إلَى التَّفَاوُتِ فِي الْمِقْدَارِ لَا إلَى حِرْمَانِ بَعْضِ أَفْرَادِ الصِّنْفِ وَلَا إلَى جَمِيعِهَا وَلِلنَّاظِرِ الرُّجُوعُ عَلَى مَنْ قَبَضَ مِنْهُ أَوْ مِمَّنْ قَبِلَهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ (سُئِلَ) عَنْ وَاقِفٍ وَقَفَ وَقْفًا مَضْمُونُهُ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ الشَّرِيفَةِ وَقَفَ فُلَانٌ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ عَلَى أَوْلَادِهِ لِصُلْبِهِ يُوسُفَ وَعَبْدِ الْقَادِرِ وَعَبْدِ الْكَرِيمِ وَعَلَى مَنْ سَيُحْدِثُهُ اللَّهُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ الذُّكُورِ فِي كُلِّ طَبَقَةٍ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَنَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ ذَكَرٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ ذَكَرٍ كَانَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ عَلَى الْحُكْمِ الْمَشْرُوحِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ نَصِيبُهُ لِإِخْوَتِهِ الذُّكُورِ الَّذِينَ مَعَهُ

فِي دَرَجَتِهِ يَجْرِي الْحَالُ فِي ذَلِكَ كَذَلِكَ. فَإِذَا انْقَرَضُوا جَمِيعًا كَانَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى الْإِنَاثِ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِنَّ وَهَكَذَا فَإِذَا انْقَرَضُوا جَمِيعًا كَانَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى مَصَالِحِ الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْوَاقِفُ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ وَعَنْ وَلَدَيْنِ ذَكَرَيْنِ حَدَثَا لَهُ بَعْدَ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ هُمَا عَبْدُ الْقَادِرِ وَعَبْدُ الْكَافِي فَاسْتَحَقُّوا الرِّيعَ أَخْمَاسًا ثُمَّ تُوُفِّيَ يُوسُفُ عَنْ ابْنَيْنِ نَاصِرِ الدِّينِ وَأَحْمَدَ ثُمَّ عَبْدُ الْكَرِيمِ عَنْ ابْنَيْنِ أَبِي الْمَكَارِمِ وَشِهَابِ الدِّينِ وَتُوُفِّيَ عَبْدُ الْقَادِرِ عَنْ ابْنَيْنِ أَحْمَدَ وَعَبْدِ اللَّهِ وَتُوُفِّيَ أَحْمَدُ أَخُو نَاصِرِ الدِّينِ عَنْ ابْنَيْنِ تَاجِ الدِّينِ وَجَمَالِ الدِّينِ ثُمَّ مَاتَ عَبْدُ الْكَافِي عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَأَخَذَ أَخُوهُ عَبْدُ الْقَادِرِ حِصَّتَهُ ثُمَّ تُوُفِّيَ عَبْدُ الْغَفَّارِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَفِي يَدِهِ خُمْسَا الرِّيعِ فَأَخَذَهُمَا نَاصِرُ الدِّينِ بْنُ يُوسُفَ وَأَبُو الْمَكَارِمِ وَشِهَابُ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ وَأَحْمَدُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ لِاسْتِوَاءِ الْخَمْسَةِ فِي الدَّرَجَةِ دُونَ وَلَدَيْ أَحْمَدَ أَخِي نَاصِرِ الدِّينِ ثُمَّ تُوُفِّيَ نَاصِرُ الدِّينِ الْمَذْكُورُ عَنْ ابْنِهِ عَلَى الْمَوْجُودِ الْآنَ فَأَخَذَ حِصَّةَ أَبِيهِ وَهِيَ نِصْفُ الْخَمْسِ مَعَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ خُمُسَيْ عَمِّهِ عَبْدِ الْغَفَّارِ ثُمَّ مَاتَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ عَنْ غَيْرِ

وَلَدٍ فَأَخَذَ أَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ سِتَّةً ثُمَّ مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ الْمَذْكُورُ عَنْ وَلَدَيْنِ مَوْجُودَيْنِ الْآنَ هُمَا فَاضِلٌ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ فَأَخَذَا مَا كَانَ بِيَدِ أَبِيهِمَا وَمَاتَ شِهَابُ الدِّينِ أَخُو أَبِي الْمَكَارِمِ وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ فَأَخَذَا مَا كَانَ بِيَدِ أَبِيهِمَا فَبِمُقْتَضَى ذَلِكَ اسْتَوَى فِي الْوُجُودِ وَالدَّرَجَةِ ابْنَا أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ نَاصِرِ الدِّينِ وَفَاضِلٍ وَعَبْدِ الْكَرِيمِ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنَيْ أَبِي الْمَكَارِمِ وَابْنَيْ شِهَابِ الدِّينِ أَخِيهِ فَتَمَسَّكَ ابْنَا أَحْمَدَ بِالِاسْتِوَاءِ فِي الدَّرَجَةِ مَعَ هَؤُلَاءِ وَطَلَبَا الْمُشَارَكَةَ فِي خُمُسِ رِيعِ الْوَقْفِ الَّذِي كَانَ بِيَدِ عَبْدِ الْقَادِرِ الْآيِلِ إلَى مَنْ ذُكِرَ مِنْ أُصُولِهِمْ فَهَلْ يَسْتَحِقَّانِ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا أَمْ يُمْنَعَانِ مِنْهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ كُلَّ شَخْصٍ مِمَّنْ فِي دَرَجَتِهِمَا إنَّمَا أَخَذَ مَا كَانَ بِيَدِ أَبِيهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْسَمُ رِيعُ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ مَوْتِ شِهَابِ الدِّينِ أَخِي أَبِي الْمَكَارِمِ عَلَى الْبَطْنِ الثَّالِثِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ أَتْسَاعًا عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ الذُّكُورِ بِالسَّوِيَّةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ ذَكَرٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ ذَكَرًا كَانَ نَصِيبُهُ لِوَالِدِهِ أَوْ وَوَلَدِ وَلَدِهِ عَلَى الْحُكْمِ الْمَشْرُوحِ فَمَحَلُّهُ عِنْدَ وُجُودِ مَنْ يُسَاوِي الْمَيِّتَ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ

يُبَيِّنَ أَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ الذُّكُورِ مِنْ كُلِّ طَبَقَةٍ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَنَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى حَجْبِ الْأَصْلِ لِفَرْعِهِ وَإِنَّ التَّرْتِيبَ الَّذِي ذَكَرَهُ ثَمَّ تَرْتِيبُ إفْرَادٍ لَا تَرْتِيبُ جُمْلَةٍ فَإِذَا مَاتَ الْأَخِيرُ مِنْ أَيِّ طَبَقَةٍ كَأَنْ نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَلَمْ يَخْتَصَّ وَلَدُهُ بِنَصِيبِهِ وَإِنَّمَا تَكُونُ الْغَلَّةُ لِلطَّبَقَةِ الَّتِي تَلِيهَا عَلَى حَسَبِ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ مِنْ تَسْوِيَةٍ وَتَفْضِيلٍ وَصَارَ تَقْرِيرُ الْكَلَامِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ ذَكَرًا انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ دُونَ مَنْ هُوَ فِي طَبَقَةِ أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ حَتَّى لَا يَحْرُمُ الْفَرْعُ فِي حَيَاةِ مَنْ يُسَاوِي أَصْلَهُ وَقَدْ زَالَ هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوْتِ الْأَخِيرِ. (سُئِلَ) عَنْ وَاقِفٍ شَرَطَ فِي وَقْفِهِ أَنْ لَا يَنْزِلَ أَحَدٌ مِنْ مُسْتَحِقِّيهِ عَنْ وَظِيفَةٍ وَأَنَّ مَنْ نَزَلَ عَنْهَا يُقَرِّرُ نَاظِرُهُ فِيهَا غَيْرَ النَّازِلِ وَالْمَنْزُولَ لَهُ فَهَلْ الْإِسْقَاطُ يَقُومُ مَقَامَ النُّزُولِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ وَظِيفَتِهِ لِغَيْرِهِ فَقَدْ نَزَلَ لَهُ عَنْهَا إذَا الْمُعْتَبَرُ مَدْلُولُ النُّزُولِ لَا لَفْظُهُ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا وَشَرَطَ أَنْ يُدْخِلَ فِيهِ مَنْ شَاءَ وَيُخْرِجَ مَنْ شَاءَ وَيَزِيدَ فِي الشُّرُوطِ وَالِاسْتِحْقَاقِ مَا يَرَى زِيَادَتَهُ وَيُنْقِصَ مَا يَرَى نَقْصَهُ وَأَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ كُلَّمَا بَدَا لَهُ وَلَيْسَ

لِغَيْرِهِ مِمَّنْ يَئُولُ إلَيْهِ النَّظَرُ وَالِاسْتِحْقَاقُ فِعْلُ ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَأَنَّهُ أَخْرَجَ وَلَدَهُ مُحَمَّدًا بِحَيْثُ إنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَلَا بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ فِي حَالَةٍ مِنْ الْحَالَاتِ وَإِنَّ الْوَاقِفَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ جَعَلْت لِوَالِدَتِي فُلَانَةَ أَنْ تُدْخِلَ مَنْ شَاءَتْ وَتُخْرِجَ مَنْ شَاءَتْ فَأَدْخَلَتْ وَلَدَهُ مُحَمَّدًا الْمَذْكُورَ فَهَلْ لَهَا إدْخَالُهُ فِي الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى حَكَمَ بِالْوَقْفِ الْمَذْكُورِ مَنْ يَرَى صِحَّتَهُ فَلِوَالِدَةِ الْوَاقِفِ إدْخَالُ وَلَدِهِ مُحَمَّدٍ فِي الْوَقْفِ فَإِذَا أَدْخَلَتْهُ فِيهِ اُسْتُحِقَّ مِنْ رِيعِهِ مَا شَرَطَ لَهُ كَمَا كَانَ لِلْوَاقِفِ إدْخَالُهُ فِيهِ وَلَوْ أَدْخَلَهُ لَاسْتَحَقَّ لِمَا شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ بِلَفْظِ وَأَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ كُلَّمَا بَدَا لَهُ إذْ لَفْظُ كُلَّمَا يَقْتَضِي أَنَّ لِلْوَاقِفِ تَكْرَارَ كُلٍّ مِنْ الْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ وَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَيَشْمَلُ جَوَازَ إدْخَالِهِ وَلَدَهُ مُحَمَّدًا فِي وَقْفِهِ بَعْدَ إخْرَاجِهِ مِنْهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ لَفْظَةَ مَنْ فِي قَوْلِهِ جَعَلْت لِوَالِدَتِي فُلَانَةَ أَنْ تُدْخِلَ مَنْ شَاءَتْ عَامَّةٌ فِيمَنْ يَعْقِلُ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَالْأَحْرَارِ وَالْأَرِقَّاءِ لِأَنَّهُمَا اسْمُ مَوْصُولٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ جَعَلْت لِوَالِدَتِي فُلَانَةَ أَنْ تُدْخِلَ فِي وَقْفِي كُلَّ إنْسَانٍ شَاءَتْ إدْخَالَهُ وَقَدْ أَدْخَلَتْ وَلَدَهُ الْمَذْكُورَ خُصُوصًا وَلَفْظُهُ الْمَذْكُورُ عَامٌّ وَقَدْ تَأَخَّرَ عَنْ

إخْرَاجِ وَلَدِهِ الْخَاصِّ وَمَذْهَبُ الْحَاكِمِ بِالْوَقْفِ أَنَّ الْعَامَّ الْمُتَأَخِّرَ نَاسِخٌ لِلْخَاصِّ الْمُتَقَدِّمِ. (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ وَقَفَتْ وَقْفًا وَعَيَّنَتْ مَصَارِفَهُ ثُمَّ قَالَتْ فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ صُرِفَ لِمَنْ يُوجَدُ مِنْ مُعْتِقَاتِ الْوَاقِفَةِ عَلَى مَا يَرَاهُ النَّاظِرُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ مُعْتِقَاتِهَا صُرِفَ مَا تَعَذَّرَ فِي مَصَارِفِ الْحَرَمِ النَّبَوِيِّ يُصْرَفُ لِكُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورِينَ أَعْلَاهُ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ رَجَعَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا السُّفْلَى فَإِنْ تُوُفِّيَ وَاحِدٌ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ صُرِفَ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ إلَى مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ فَهَلْ تَدْخُلُ أَوْلَادُ مُعْتِقَاتِ الْوَاقِفَةِ فِي قَوْلِهَا عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ إلَخْ بِحَيْثُ يُقَدَّمُونَ بَعْدَ أُصُولِهِمْ عَلَى الْحَرَمِ النَّبَوِيِّ أَمْ لَا يَدْخُلُونَ وَالْحَرَمُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمْ وَيَكُونُ قَوْلُ الْوَاقِفَةِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ إلَخْ مَحْمُولًا عَلَى أَوْلَادِ غَيْرِ الْمُعْتِقَاتِ وَإِذَا قُلْتُمْ بِدُخُولِهِمْ وَآلَ الْحَالُ إلَى مَوْتِ شَخْصٍ مِنْ نَسْلِ الْمُعْتِقَاتِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَتَرَكَ أَخًا وَأَنْفَارًا مُتَفَرِّقِينَ مِنْ نَسْلِ الْمُعْتِقَاتِ بَعْضُهُمْ مُسَاوٍ لِلْمَيِّتِ فِي الدَّرَجَةِ وَبَعْضُهُمْ أَعْلَى وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلُ فَهَلْ يَفُوزُ أَخُوهُ بِحِصَّتِهِ أَمْ يُشَارِكُهُ فِيهَا مَنْ يُسَاوِيهِ فِي الدَّرَجَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَخَاهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ

مُعْتِقَاتِ الْوَاقِفَةِ الَّتِي جَعَلَتْ عَدَمَ وُجُودِهِنَّ شَرْطًا لِصَرْفِ فَاضِلِ رِيعِ وَقْفِهَا لِمَصَالِح الْحَرَمِ النَّبَوِيِّ لَا مَدْخَلَ لِأَحَدٍ مِنْ ذُرِّيَّتِهِنَّ فِي رِيعِ الْوَقْفِ فِي حَالَةٍ مِنْ أَحْوَالِهِ لَا يَتَرَدَّدُ فِيهِ مَنْ اطَّلَعَ عَلَى الْمَصَارِفِ الْمَذْكُورَةِ فَيَصْرِفُ فَاضِلَ الرِّيعِ عِنْدَ عَدَمِ تِلْكَ الْمُعْتِقَاتِ لِمَصَالِح الْحَرَمِ النَّبَوِيِّ فَقَوْلُهَا عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ إلَخْ رَاجِعٌ إلَى الْمَذْكُورِينَ قَبْلَ الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ مِنْ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ فَإِذَا مَاتَ شَخْصٌ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَتَرَكَ أَخًا وَأَنْفَارًا مُنْفَرِدِينَ مِنْ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ بَعْضُهُمْ مُسَاوٍ لَهُمْ فِي الدَّرَجَةِ وَبَعْضُهُمْ أَعْلَى وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلُ صُرِفَ نَصِيبُهُ إلَى أَخِيهِ وَمَنْ هُوَ فِي الدَّرَجَةِ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِلْأَعْلَى وَلَا لِلْأَسْفَلِ (سُئِلَ) عَنْ أَيَّامِ الْمُسَامَحَةِ الْجَارِي بِهَا الْعَادَةُ فِي الْمَدَارِسِ فِي أَيَّامِ وَاقِفِيهَا إذَا لَمْ يَذْكُرُوهَا هَلْ يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ أَنْ يَقْطَعَ مَعْلُومَ الْمُسْتَحِقِّ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ وَهَلْ يُنَزَّلُ لَفْظُ الْوَاقِفِ عَلَى غَيْرِ تِلْكَ الْأَيَّامِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ أَنْ يَقْطَعَ مِنْ مَعْلُومِ الْمُسْتَحِقِّ شَيْئًا بِسَبَبِ بَطَالَةِ تِلْكَ الْأَيَّامِ وَيُنَزَّلُ لَفْظُ الْوَاقِفِ عَلَى غَيْرِ أَيَّامِ الْمُسَامَحَةِ الَّتِي جَرَتْ بِهَا الْعَادَةُ فِي زَمَنِهِ إذْ مِنْ قَوَاعِدِنَا الْمُقَرِّرَةِ أَنَّ الْعَادَةَ مُحَكَّمَةٌ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ تُوُفِّيَ عَنْ زَوْجَةٍ وَأَخٍ وَتَرَكَ عَقَارًا

فَبَاعَ الْأَخُ حِصَّتَهُ مِنْهُ لِشَخْصٍ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لَدَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ بِجَرَيَانِ مِلْكِ الْعَقَارِ فِي مِلْكِ مُوَرِّثِهِمَا إلَى حِينِ وَفَاتِهِ ثُمَّ بِجَرَيَانِهِ فِي مِلْكِهِمَا إلَى حِينِ صُدُورِ الْبَيْعِ وَحَكَمَ بِمُوجِبِ ذَلِكَ ثُمَّ أَقَامَ شَخْصٌ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْمُوَرِّثَ وَقَفَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى جِهَاتٍ عَيَّنَهَا مِنْ مُدَّةِ كَذَا سَنَةً فَهَلْ حُكْمُ الشَّافِعِيِّ مُتَضَمِّنٌ لِإِلْغَاءِ الْوَقْفِيَّةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ حُكْمَهُ مُتَضَمِّنٌ لِإِلْغَاءٍ الْوَقْفِيَّةِ وَمَانِعٌ لِلْمُخَالِفِ مِنْ الْحُكْمِ بِصِحَّتِهَا وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ عَدَمُ عِلْمِهِ بِالْوَقْفِ حَالَ حُكْمِهِ (سُئِلَ) عَنْ نَاظِرِ وَقْفٍ أَجَّرَهُ مُدَّةً بِأُجْرَةٍ حَالَّةٍ وَأَذِنَ فِي دَفْعِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ فَدَفَعَهَا لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ ثُمَّ مَاتَ الْمُسْتَحِقُّ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَاسْتَحَقَّ رِيعَ الْوَقْفِ غَيْرُهُ فَهَلْ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُسْتَأْجِرِ بِأُجْرَةِ مُدَّةِ اسْتِحْقَاقِهِ وَهَلْ يَضْمَنُهَا النَّاظِرُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَمْ لَا بَلْ يَرْجِعُ بِهَا الْمُسْتَحِقُّ عَلَى تَرِكَةِ الْقَابِضِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى النَّاظِرِ وَإِنْ أَقْبَضَهَا لِلْمُسْتَحِقِّ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي جَمِيعِ الرِّيعِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ فِي الْحَالِ اهـ وَلِأَنَّا حَكَمْنَا بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا فِي الْمَقْبُوضِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَعَدَمُ الِاسْتِقْرَارِ لَا يُنَافِي جَوَازَ التَّصَرُّفِ كَمَا

نَصُّوا عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فِيمَا إذَا أَجَّرَ دَارًا سِنِينَ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ فَحَكَمُوا بِالْمِلْكِ فِيهَا وَأَوْجَبُوا زَكَاتَهَا بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَى أَصَحِّ الطَّرِيقِينَ وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا زَكَاةُ مَا اسْتَقَرَّ عَلَى الْأَظْهَرِ وَكَمَا حَكَمُوا بِأَنَّ الزَّوْجَةَ تَمْلِكُ الصَّدَاقَ وَتَتَصَرَّفُ فِيهِ جَمِيعِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَكَذَلِكَ فِي الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ إذَا أَجَّرَ الدَّارَ وَقَبَضَ أُجْرَتَهَا وَتَصَرَّفَ فِيهَا وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ فِي تَرِكَةِ الْقَابِضِ. (سُئِلَ) عَنْ رِيعِ الْوَقْفِ الْمُنْقَطِعِ الْآخِرِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَاقِفِ أَقَارِبُ أَوْ كَانَ وَاقِفُهُ الْإِمَامَ وَوَقَفَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِمَنْ يُصْرَفُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بَيْنَهُمْ بِالْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ كَذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ عَادَ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَإِنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ كَانَ نَصِيبُهُ لِوَالِدِهِ ثُمَّ إلَى وَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ إلَى نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ عَلَى التَّرْتِيبِ فِي الشَّرْطِ الْمَشْرُوحِ أَعْلَاهُ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْوَاقِفُ عَنْ أَوْلَادِهِ وَهُمْ إسْمَاعِيلُ وَحَسَنٌ

وَشُهْدَةُ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ عَنْ بِنْتٍ تُسَمَّى خَدِيجَةَ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ عَنْ وَلَدٍ يُسَمَّى يُوسُفَ بْنَ إبْرَاهِيمَ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ الْوَاقِفِ ثُمَّ تُوُفِّيَ حَسَنٌ عَنْ وَلَدِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَانْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِعَمِّهِ إسْمَاعِيلَ ثُمَّ تُوُفِّيَ عَنْ بِنْتِهِ شُهْدَةَ وَابْنِ ابْنِهِ يُوسُفَ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ شُهْدَةُ عَنْ بِنْتِهَا ططر ثُمَّ تُوُفِّيَتْ عَنْ بِنْتٍ تُسَمَّى أُمَامَةَ فَهَلْ تَسْتَحِقُّ أُمَامَةُ مَعَ يُوسُفَ بْنِ إبْرَاهِيمَ شَيْئًا أَوْ لَا لِكَوْنِهِ مِنْ أَوْلَادِ الظَّهْرِ وَأَقْرَبَ إلَى الْوَاقِفِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَسْتَحِقُّ أُمَامَةُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ رِيعِ الْوَقْفِ وَيُوسُفُ بْنُ إبْرَاهِيمَ خُمُسَهُ عَمَلًا بِشَرْطِ وَاقِفِهِ وَمَنْ أَفْتَى بِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِرِيعِ الْوَقْفِ دُونَ أُمَامَةَ لِعُلُوِّ دَرَجَتِهِ فَقَدْ وَهَمَ. (سُئِلَ) عَمَّا يَشْتَرِيهِ النَّاظِرُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ أَوْ يُعَمِّرُهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ هَلْ يَصِيرُ وَقْفًا بِمُجَرَّدِ فِعْلِ ذَلِكَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ وَقْفٍ لِذَلِكَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَبَعْدَ الْعِمَارَةِ أَوْ يُفَرِّقَ بَيْنَ مَا يَشْتَرِيهِ أَوْ يُعَمِّرُهُ مِنْ مَالِهِ دُونَ مَا يَشْتَرِيهِ أَوْ يُعَمِّرُهُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَيَحْتَاجُ الْأَوَّلُ إلَى الْإِنْشَاءِ دُونَ الثَّانِي وَهَلْ الْمُنْشِئُ لِلْوَقْفِ فِي صُورَةِ الْمُتَّخِذِ مِنْ رِيعِهِ هُوَ الْحَاكِمُ كَمَا زَادَهُ شَيْخُنَا فِي مَنْهَجِهِ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ الْبِنَاءِ فِي الرَّوْضَةِ فِي شِرَاءِ بَدَلِ الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ أَمْ يَصِحُّ ذَلِكَ مِنْ النَّاظِرِ أَيْضًا

كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الْأُشْمُونِيُّ فِي بَسِيطِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا اشْتَرَاهُ النَّاظِرُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لَا يَصِيرُ وَقْفًا إلَّا بِإِنْشَائِهِ وَالْمُنْشِئُ لَهُ فِيهِمَا هُوَ النَّاظِرُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ بَدَلِ الْمَوْقُوفِ وَاضِحٌ وَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي مَنْهَجِهِ إنَّمَا هُوَ فِي بَدَلِ الْمَوْقُوفِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِيهِ لَا مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَأَمَّا مَا يَبْنِيهِ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ فِي الْجُدْرَانِ الْمَوْقُوفَةِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ وَقْفًا بِالْبِنَاءِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَدَلِ الرَّقِيقِ الْمَوْقُوفِ أَنَّ الرَّقِيقَ قَدْ فَاتَ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْأَرْضُ الْمَوْقُوفَةُ بَاقِيَةٌ وَالطُّوبُ وَالْحَجَرُ الْمَبْنِيُّ بِهِمَا كَالْوَصْفِ التَّابِعِ لَهَا. (سُئِلَ) عَنْ وَاقِفٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ الْمُقِيمِينَ وَالْوَارِدِينَ إلَى الْقُدْسِ الشَّرِيفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْوَارِدُونَ عَلَى الْمُقِيمِينَ وَالْمَغَارِبَةُ عَلَى غَيْرِهِمْ فَاسْتَفَدْنَا مِنْ قَوْلِهِ يُقَدَّمُ الْوَارِدُونَ إلَخْ أَرْبَعَ صُوَرٍ أَنْ يَكُونَ الْوَارِدُونَ مَغَارِبَةً وَغَيْرُهُمْ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ الْمُقِيمُونَ كَذَلِكَ الثَّالِثَةُ أَنْ يَكُونَ الْوَارِدُونَ مَغَارِبَةً وَالْمُقِيمُونَ غَيْرَهُمْ وَفِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لَا إشْكَالَ فِي تَقْدِيمِ الْمَغَارِبَةِ عَلَى غَيْرِهِمْ الرَّابِعَةُ أَنْ يَكُونَ الْوَارِدُونَ غَيْرَ مَغَارِبَةٍ وَالْمُقِيمُونَ مَغَارِبَةً

وَهَذِهِ قَدْ تُعَارَضُ فِيهَا الْعُمُومَاتُ فَهَلْ يُقَدَّمُ الْوَارِدُونَ عَمَلًا بِعُمُومِ قَوْلِهِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْوَارِدُونَ عَلَى الْمُقِيمِينَ أَوْ الْمَغَارِبَةُ الْمُقِيمُونَ عَمَلًا بِعُمُومِ قَوْلِهِ وَالْمَغَارِبَةُ عَلَى غَيْرِهِمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقَدَّمُ الْوَارِدُونَ مِنْ غَيْرِ الْمَغَارِبَةِ عَلَى الْمُقِيمِينَ مِنْ الْمَغَارِبَةِ فَإِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْوَارِدُونَ عَلَى الْمُقِيمِينَ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْوَارِدُونَ مَحْضُ الْمَغَارِبَةِ أَمْ مَحْضُ غَيْرِهِمْ أَمْ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمُقِيمِينَ يَتَنَاوَلُ أَيْضًا الصُّوَرَ الثَّلَاثَ وَقَوْلُهُ وَالْمَغَارِبَةُ أَيْ الْمُقِيمِينَ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْمُقِيمِينَ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَوَّلُ الْعُمُومَيْنِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَلَيْسَ لَهُ إلَّا ابْنُ ابْنٍ صُرِفَ إلَيْهِ فَإِنْ حَدَثَ لَهُ ابْنُ شُرِّكَ بَيْنَهُمَا عَلَى الظَّاهِرِ وَيُشْكَلُ عَلَيْهِ عَدَمُ التَّشْرِيكِ بَيْنَ الْحَادِثِ وَالْمَوْجُودِ مِنْ الْمَوَالِي خِلَافًا لِابْنِ النَّقِيبِ فَمَا الْفَرْقُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ إطْلَاقَ الْمَوْلَى عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ مِنْ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ وَقَدْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ وَهِيَ الِانْحِصَارُ فِي الْمَوْجُودِ عَلَى أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ فَصَارَ الْمَعْنَى الْآخَرُ غَيْرَ مُرَادٍ أَمَّا مَعَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِمَا احْتِيَاطًا أَوْ عُمُومًا عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ مُقَرَّرٍ فِي

الْأُصُولِ بِخِلَافِ الْإِخْوَةِ فَإِنَّ الْحَقِيقَةَ وَاحِدَةٌ وَإِطْلَاقُ الِاسْمِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَوَاطِئِ فَمَنْ صَدَقَ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمُ اسْتَحَقَّ مِنْ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى الْأَشْرَافِ الْمُقِيمِينَ الْقَاطِنِينَ بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ وَالْحَالُ أَنَّ الْأَشْرَافَ بِهَا قِسْمَانِ قِسْمٌ لَا يَظْعَنُ مِنْهَا شِتَاءً وَلَا صَيْفًا إلَّا لِحَاجَةٍ وَيَعُودُ إلَيْهَا وَقِسْمٌ لَا يَجِيءُ إلَيْهَا إلَّا فِي أَيَّامِ الصَّيْفِ خَاصَّةً لِأَجْلِ نَخِيلِهِ الَّذِي بِهَا فَهَلْ يَسْتَحِقُّ هَذَا الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْوَقْفِ شَيْئًا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِرُبْعِ الْوَقْفِ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ الْأَشْرَافِ الْمَذْكُورِينَ فَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِلْقِسْمِ الثَّانِي عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ إذْ الْقَاطِنُ هُوَ الْمُتَوَطِّنُ وَهُوَ مَنْ لَا يَظْعَنُ شِتَاءً وَلَا صَيْفًا إلَّا لِحَاجَةٍ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ دُونَ وَلَدِ الْبَطْنِ فَإِذَا انْقَرَضُوا رَجَعَ الْوَقْفُ لِأَوْلَادِ الْإِنَاثِ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ وَذُرِّيَّتِهِمْ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ وَشَرَطَ نَظَرَهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِأَوْلَادِهِ ثُمَّ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ أَحَدٌ فَلِأَوْلَادِ الْبَنَاتِ الْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ هُوَ

أَهْلٌ لِلنَّظَرِ فَلِشَخْصٍ عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ ثُمَّ لَمْ يُوجَدْ مِنْ أَوْلَادِ الظُّهُورِ إلَّا غَيْرُ رَشِيدٍ وَثُمَّ مِنْ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ شَخْصٌ رَشِيدٌ فَهَلْ يَثْبُتُ لَهُ النَّظَرُ أَوْ لَا لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لِأَوْلَادِ الْإِنَاثِ مَعَ وُجُودِ أَحَدٍ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ أَحَدٌ فَإِنَّ لَفْظَ أَحَدٌ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَيَعُمُّ الرَّشِيدَ وَغَيْرَهُ وَيُؤَيِّدُ تَغْيِيرَ الْأُسْلُوبِ حَيْثُ عَبَّرَ فِي أَوْلَادِ الْإِنَاثِ بِقَوْلِهِ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلنَّظَرِ وَقَوْلُهُ لِأَوْلَادِ الْإِنَاثِ الْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَإِنَّمَا هُوَ حَقِيقَةٌ فِيهِمْ حَالَ اسْتِحْقَاقِهِمْ مِنْ رِيعِ الْمَوْقُوفِ فَيَكُونُ النَّظَرُ فِي مُدَّةِ عَدَمِ أَهْلِيَّةِ النَّظَرِ فِي أَوْلَادِ الذُّكُورِ لِحَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ (سُئِلَ) عَنْ وَاقِفٍ شَرَطَ أَنْ يُصْرَفَ مِنْ رِيعِ وَقْفِهِ لِثَلَاثَةٍ مُعَيَّنِينَ قَدْرًا مُعَيَّنًا عَلَى أَنَّهُ يَقْرَأُ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا تَيَسَّرَ فِي أَيِّ وَقْتٍ وَمَكَانٍ تَيَسَّرَ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ لِأَوْلَادِهِمْ ثُمَّ لِأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ ثُمَّ تُوُفِّيَ أَحَدُهُمْ وَخَلَّفَ وَلَدًا فَهَلْ يُصْرَفُ مَعْلُومُهُ لِوَلَدِهِ أَمْ لِرَقِيقِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُصْرَفُ مَعْلُومُهُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَإِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ مَاتَ ثَانٍ فَإِذَا مَاتَ الثَّالِثُ صُرِفَ

مَعْلُومُ كُلٍّ مِنْهُمْ إلَى ذُرِّيَّتِهِ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَمَحَلُّ انْتِقَالِ نَصِيبِ الْمَيِّتِ إلَى مَنْ سَمَّى مَعَهُ إذَا لَمْ يَفْصِلْ الْوَاقِفُ مَعْلُومَ كُلٍّ. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ يُصْرَفُ فِي مَنْ رِيعُهُ لِجِهَةٍ عَيَّنَهَا ثُمَّ بَاقِي الرِّيعِ لِاِبْنَتَيْ الْوَاقِفِ خَدِيجَةَ وَفَاطِمَةَ وَوَلَدَيْ خَدِيجَةَ وَهُمَا أَحْمَدُ وَسَيِّدَةُ الْعَجَمِ وَلِمَنْ يَحْدُثُ لِلْوَاقِفِ مِنْ الْأَوْلَادِ يُقْسَمُ بِالسَّوِيَّةِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ ثُمَّ لِأَوْلَادِهِمْ ثُمَّ لِأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى ذُرِّيَّتِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ وَنَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى إلَى حِينِ انْقِرَاضِهِمْ خَلَا وَلَدَيْ ابْنَةِ الْوَاقِفِ الْمُشَارِكِينَ لِاِبْنَتَيْ الْوَاقِفِ الْمُسَمَّيَيْنِ أَعْلَاهُ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ ذَلِكَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَإِذَا مَاتَتْ سَيِّدَةُ الْعَجَمِ وَخَلَّفَتْ أَوْلَادًا هَلْ يَدْخُلُونَ فِي الْوَقْفِ وَيَسْتَحِقُّونَ شَيْئًا مِنْ رِيعِهِ مَعَ وُجُودِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْوَاقِفِ وَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ خَلَا وَلَدَيْ ابْنَةِ الْوَاقِفِ الْمُشَارِكِينَ لِابْنَةِ الْوَاقِفِ وَهَلْ إذَا مَاتَتْ فَاطِمَةُ عَنْ أَوْلَادٍ يَحْجُبُونَ أَوْلَادَ سَيِّدَةِ الْعَجَمِ وَأَوْلَادَ أَحْمَدَ أَوَّلًا؟ (فَأَجَابَ)

بِأَنَّهُ تُدْخِلُ أَوْلَادَ سَيِّدَةِ الْعَجَمِ فِي الْوَقْفِ وَيَسْتَحِقُّونَ مِنْ رِيعِهِ مَعَ وُجُودِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْوَاقِفِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ فَهُوَ مُقَيِّدٌ لِمَا تَقَدَّمَهُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ خَلَا وَلَدَيْ ابْنَةِ الْوَاقِفِ إلَخْ أَنَّ أَحْمَدَ وَسَيِّدَةَ الْعَجَمِ يَسْتَحِقَّانِ مَعَ أُمِّهِمَا خَدِيجَةَ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ مَدْلُولِ قَوْلِهِ تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى وَهُوَ أَنَّ كُلَّ شَخْصٍ يَحْجُبُ مَنْ يُدْلَى بِهِ وَلَا يَحْجُبُ أَوْلَادَ فَاطِمَةَ أَوْلَادِ سَيِّدَةِ الْعَجَمِ وَلَا أَوْلَادَ أَحْمَدَ لِمَا مَرَّ وَمَا ذَكَرَتْهُ وَاضِحٌ لَا يَكَادُ يُشْتَبَهُ وَالْقَوْلُ بِخِلَافِهِ وَهْمٌ (سُئِلَ) عَنْ مُسْتَحِقِّي وَقْفٍ طَلَبُوا مِنْ نَاظِرَةِ كِتَابِ الْوَقْفِ لِيَكْتُبُوا مِنْهُ نُسْخَةً حِفْظًا لِاسْتِحْقَاقِهِمْ هَلْ يَلْزَمُ النَّاظِرَ تَمْكِينُهُمْ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَمْكِينُهُمْ مِنْ ذَلِكَ حِفْظًا لِاسْتِحْقَاقِهِمْ وَلِاحْتِمَالِ تَلَفِ كِتَابِ الْوَقْفِ وَقَدْ أَفْتَى جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِ كُتُبِ الْحَدِيثِ إذَا كَتَبَ فِيهَا سَمَاعَ غَيْرِهِ مَعَهُ لَهَا أَنْ يُعِيرَهَا لِذَلِكَ الْغَيْرِ لِيَكْتُبَ سَمَاعَهُ مِنْهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى مُسْتَحِقِّينَ وَقُرِّرَ لَهُمْ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا مِنْ الذَّهَبِ الْأَشْرَفِيِّ وَكَانَ صَرْفُ كُلِّ دِينَارٍ يَوْمئِذٍ مِنْ الْفُلُوسِ

ثَلَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَتَغَيَّرَتْ الْمُعَامَلَةُ وَفُقِدَ الْمِثْلُ أَوْ عَزَّ وُجُودُهُ فَهَلْ اللَّازِمُ الْمِثْلُ أَوْ الْقِيمَةُ يَوْمَ التَّقْرِيرِ أَوْ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْوَاجِبَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ الدَّنَانِيرُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ الذَّهَبِ الْأَشْرَفِيِّ الْمُتَعَامَلِ بِهِ وَقْتَ الْوَقْفِ وَإِنْ زَادَ سِعْرُهُ أَوْ نَقَصَ أَوْ عَزَّ وُجُودُهُ فَإِنَّ فُقِدَ الذَّهَبُ الْأَشْرَفِيُّ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْمُطَالَبَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ مِثْلُهُ. (سُئِلَ) عَنْ وَاقِفٍ شَرَطَ لِنَاظِرِ وَقْفِهِ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ نُقْرَةً وَلِكُلٍّ مِنْ الصُّوفِيَّةِ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا نُقْرَةً فَمَا قَدْرُ النُّقْرَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ أَنَّ الدِّرْهَمَ النُّقْرَةُ الْمَذْكُورَةُ حُرِّرَتْ فَوُجِدَ كُلُّ دِرْهَمٍ مِنْهَا يَعْدِلُ سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا الْآنَ مِنْ الْفُلُوسِ. (سُئِلَ) عَنْ وَاقِفٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى جَمَاعَةٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ وَشَرَطَ النَّظَرَ عَلَيْهِ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْوَقْفِ فَاسْتَحَقَّ رِيعَهُ جَمَاعَةٌ وَثَمَّ مَنْ هُوَ أَرْشَدُ مِنْهُمْ لَكِنَّهُ مَحْجُوبٌ مِنْ اسْتِحْقَاقِ شَيْءٍ مِنْ رِيعِهِ بِأَصْلِهِ فَهَلْ يُعَدُّ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَيَسْتَحِقُّ النَّظَرَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعَدُّ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ إذْ أَهْلُهُ جَمِيعُ مَنْ لَهُ فِيهِ اسْتِحْقَاقٌ فِي الْحَالِ وَالْمَآلِ كَمَا أَنَّ أَهْلَ الشَّخْصِ

جَمِيعُ أَقَارِبِهِ فَيَسْتَحِقُّ النَّظَرَ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَوْقِفِ عَلَيْهِمْ وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْته مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا يَقَعُ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ مِنْ قَوْلِهِمْ صُرِفَ ذَلِكَ إلَى أَهْلِ الْوَقْفِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُمْ الْمُتَنَاوِلُونَ مِنْهُ حِينَئِذٍ فَالْمَحْجُوبُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَإِنْ كَانَ يُسَمَّى مَوْقُوفًا عَلَيْهِ اهـ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ الْمَذْكُورَ فِي وَقْفِ التَّرْتِيبِ فَوَجَبَ قَصْرُ لَفْظِ الْأَهْلِ عَلَى مَنْ ذَكَرَهُ لِئَلَّا يُخَالِفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ فُقِدَ شَرْطُ الْوَاقِفِ وَالْمَوْقُوفِ فِي يَدِ أَحَدِهِمْ أَيُصَدَّقُ فِي قَدْرِ حِصَّةِ غَيْرِهِ أَوْ يُسَوَّى بَيْنَهُمْ فَتُقْسَمُ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُصَدَّقُ ذُو الْيَدِ بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ حِصَّةِ غَيْرِهِ لِاعْتِضَادِ قَوْلِهِ وَلَيْسَ فِي الرَّوْضِ وَلَا شَرْحِهِ مَا يُخَالِفُهُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ وَإِنْ تَنَازَعُوا فِي شَرْطِهِ وَلِأَحَدِهِمْ يَدٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ بَعْضِهِمْ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. (سُئِلَ) عَنْ نَاظِرِ وَقْفٍ شَرَطَ لَهُ الْوَاقِفُ مَعْلُومًا وَلَمْ يَقْبَلْ إلَّا بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ مَعْلُومَةً فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِقَبُولِهِ اسْتِحْقَاقُهُ لِمَعْلُومِ النَّظَرِ مِنْ حِينِ آلَ إلَيْهِ. (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ بَيْعُ الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ إذْ انْهَدَمَتْ أَوْ أَشْرَفَتْ

عَلَى الِانْهِدَامِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الرَّوْضَةِ وَنُسِبَ لِفَتَاوَى ابْنِ الْعِرَاقِيِّ أَوْ يَجُوزُ بَيْعُ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْمَسْجِدِ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَغَيْرُهُ أَوْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا مُؤَيِّدًا لَهُ بِمَا نَقَلَهُ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ مِنْهُ بَيْعُهَا سَوَاءٌ أُوقِفَتْ عَلَى الْمَسْجِدِ أَمْ عَلَى غَيْرِهِ فَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الْوَقْفُ إذَا خَرِبَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهُ لِعِمَارَتِهِ وَقَالَ أَحْمَدُ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ لِعِمَارَةِ بَاقِيهِ كَالدَّابَّةِ إذَا عَطِبَتْ وَلَنَا إمْكَانُ رُجُوعِهِ وَصَلَاحِهِ وَلِهَذَا لَوْ وَقَفَ أَرْضًا خَرَابًا جَازَ وَلَوْ وَقَفَ حَيَوَانًا عَطِبًا لَمْ يَجُزْ اهـ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّارِ إذَا خَرِبَتْ أَوْ خَافُوا عَلَيْهَا الْخَرَابَ خِلَافًا لِأَحْمَدَ اهـ. وَإِذَا كَانَتْ الْخَرَابُ لَا تُبَاعُ فَالْمُشْرِفَةُ أَوْلَى وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إذَا وَقَفَ دَارًا عَلَى قَوْمٍ ثُمَّ انْهَدَمَتْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بَيْعُ الرَّقَبَةِ وَقَالَ أَحْمَدُ لَهُمْ ذَلِكَ وَهَذَا غَلَطٌ وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَتْبَاعُهُ كَالْمَحَامِلِيِّ وَسُلَيْمٍ فِي الْمُجَرَّدِ وَالشَّيْخِ نَصْرِ الْمَقْدِسِيِّ فِي تَهْذِيبِهِ وَالْجُرْجَانِيِّ فِي شَافِيهِ وَصَاحِبِ الْبَيَانِ

وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَعِبَارَةُ الْجُرْجَانِيِّ فِي تَحْرِيرِهِ إذَا انْهَدَمَتْ الدَّارُ الْمَوْقُوفَةُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا قَوْلًا وَاحِدًا وَجَزَمَ بِهِ مِنْ الْمَرَاوِزَةِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فَقَالَ لَوْ خَرِبَ الْوَقْفُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بَلْ يَكُونُ وَقْفًا بِحَالِهِ أَبَدًا خِلَافًا لِأَحْمَدَ وَكَذَا قَالَ الْفُورَانِيُّ فِي الْإِبَانَةِ وَقَالَ الْخُوَارِزْمِيُّ فِي كَافِيهِ وَالدَّارُ الْمَوْقُوفَةُ إذَا انْهَدَمَتْ وَخَرِبَتْ وَتَعَطَّلَتْ مَنَافِعُهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا يَجُوزُ نَقْلُ شَيْءٍ مِنْهَا إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ بَيْعُ الْمَوْقُوفِ حَرَامٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ قُلْنَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مِلْكُ رَقَبَةِ الْوَقْفِ أَمْ لَا فَهَذِهِ كُتُبُ الْمَذْهَبِ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ شَاهِدَةٌ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فَظَهَرَ أَنَّ الْإِمَامَ مُنْفَرِدٌ بِنَقْلِ الْخِلَافِ فِي الْمُشْرِفَةِ وَالرَّافِعِيُّ مُنْفَرِدٌ بِذِكْرِ الْخِلَافِ فِي الْمُنْهَدِمَةِ وَبِاقْتِضَاءِ كَلَامِهِ التَّصْحِيحَ فِيهَا. وَفِي الْمُشْرِفَةِ بِالْجَوَازِ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَمَّا حَكَى الْخِلَافَ فِي الْمُشْرِفَةِ عَزَا لِلْأَكْثَرِينَ الْمَنْعَ فَقَالَ وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذَا الْأَصْلِ أَنَّ مَنْ وَقَفَ دَارًا فَأَشْرَفَتْ عَلَى الْخَرَابِ وَعَرَفْنَا أَنَّهَا لَوْ انْهَدَمَتْ عَسُرَ رَدُّهَا وَإِقَامَتُهَا ذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إلَى مَنْعِ الْبَيْعِ وَجَوَّزَهُ مُجَوِّزُونَ اهـ وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الرَّافِعِيُّ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي الْمُشْرِفَةِ لَكِنَّهُ زَادَ فِي الْإِلْبَاسِ فَاقْتَضَى كَلَامُهُ

وقف البناء أو الغراس في أرض مغصوبة

تَصْحِيحَ الْجَوَازِ فِيهَا وَفِي الْمُنْهَدِمَةِ وَأَمَّا حِكَايَتُهُ الْخِلَافَ فِي الْمُنْهَدِمَةِ فَكَأَنَّهُ إذَا جَازَ بَيْعُ الْمُشْرِفَةِ عَلَى رَأْيٍ فَبَيْعُ الْمُنْهَدِمَةِ أَوْلَى وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّ مَنْعَ بَيْعِهَا هُوَ الْحَقُّ وَلِأَنَّ جَوَازَهُ يُؤَدِّي إلَى مُوَافَقَةِ الْقَائِلِينَ بِالِاسْتِبْدَالِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ عَلَى الْبِنَاءِ خَاصَّةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ وَجِدَارُ دَارِهِ الْمُنْهَدِمِ وَهَذَا الْحَمْلُ أَسْهَلُ مِنْ تَضْعِيفِهِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ كَانَتْ ثَمَرَةُ النَّخْلِ الْمَوْقُوفِ غَيْرَهُ مُؤَبَّرَةً حَالَ الْوَقْفِ هَلْ هِيَ لِلْوَاقِفِ فَإِنَّ فِيهَا قَوْلَيْنِ مَا الرَّاجِحُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ مِنْهُمَا أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ تَبَعًا لِأَصْلِهَا كَالْحَمْلِ الْمُقَارِنِ. [وَقَفَ الْبِنَاء أَوْ الْغِرَاس فِي أَرْض مَغْصُوبَة] (سُئِلَ) عَمَّا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ صِحَّةِ وَقْفِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ وَمَا وَجْهُ الْبُطْلَانِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ إذْ مِنْ شَرْطِ الْمَوْقُوفِ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ وَهَذَا مُسْتَحِقُّ الْإِزَالَةِ فَإِذَا هُدِمَ الْبِنَاءُ وَقُلِعَ الْغِرَاسُ خَرَجَ عَنْ مُسَمَّاهُ فَلَمْ يَنْتَفِعْ بِالْمَوْقُوفِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ وَاسْمِهِ وَقَدْ قَالُوا فِي مَعْنَى الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ الْمُسْتَعَارَةِ وَالْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَصْوِيرُهُمْ الْمَسْأَلَةَ بِالْمُسْتَأْجَرَةِ يُفْهِمُ تَصْوِيرَهَا

فِي الْمَوْضُوعَةِ بِحَقٍّ أَمَّا لَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ ثُمَّ وَقَفَهُ لَمْ يَصِحَّ بَلْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ إلَى وُجُوبِ بَقَائِهِ بِالْأُجْرَةِ مُحَافَظَةً عَلَى بَقَاءِ الْوَقْفِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ قَالَ لِي ابْنُ الرِّفْعَةِ أَفْتَيْت بِبُطْلَانِ خِزَانَةِ كُتُبٍ وَقَفَهَا وَاقِفٌ لِتَكُونَ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ فِي مَدْرَسَةِ الصَّاحِبِ بِمِصْرَ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَكَانَ مُسْتَحَقٌّ لِغَيْرِ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ بِمُقْتَضَى الْوَقْفِ الْمُتَقَدِّمِ فَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ إلَى غَيْرِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَنَظِيرُهُ إحْدَاثُ مِنْبَرٍ فِي مَسْجِدٍ لَمْ تَكُنْ فِيهِ جُمُعَةٌ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ إحْدَاثُ كُرْسِيِّ مُصْحَفٍ مُؤَبَّدٍ يُقْرَأُ فِيهِ كَمَا يُفْعَلُ بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ وَغَيْرِهِ لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ وَيَجِبُ إخْرَاجُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ لِغَيْرِ هَذِهِ الْجِهَةِ وَالْعَجَبُ مِنْ قُضَاةٍ يُثْبِتُونَ وَقْفَ ذَلِكَ شَرْعًا وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا. (سُئِلَ) عَمَّا أَجَابَ بِهِ السُّبْكِيُّ أَنَّ لِلنَّاظِرِ أَنْ يَتَّجِرَ فِي مَالِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ كَالْحُرِّ دُونَ غَيْرِهِ هَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَمْ لَا وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَالْحُرِّ أَيْ فِي أَنَّهُ يُمْلَكُ بِالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالشُّفْعَةِ وَنَحْوِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيِّ أَنَّ صُورَةَ قَوْلِهِمْ لَيْسَ لِلْوَاقِفِ عَزْلُ

مَنْ شَرَطَ نَظَرَهُ حَالَ الْوَقْفِ أَنَّهُ وَقَفَهَا بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ التَّوْلِيَةُ لِفُلَانٍ هَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَمْ مَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَنْ يَقُولَ وَقَفْت وَشَرَطْت التَّفْوِيضَ لَهُ كَذَا صَوَّرَهُ الْبَغَوِيّ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُطَابِقٍ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ مُفْسِدَةٌ لِأَصْلِ الْوَقْفِ مِنْ أَجْلِ التَّعْلِيقِ فَإِنَّهُ قَدْ يَقْبَلُ التَّوْلِيَةَ وَقَدْ لَا يَقْبَلُهَا اهـ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْوَقْفَ صَحِيحٌ فِي التَّصْوِيرِ الَّذِي نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ وَلَيْسَ لِلْوَاقِفِ عَزْلُهُ وَمَا عَلَّلَتْ بِهِ الْجَمَاعَةُ الْفَسَادَ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ لِوُجُودِهِ فِي كُلِّ وَقْفٍ يُعْتَبَرُ فِيهِ قَبُولُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي مَنْصُوبِ الْحَاكِمِ نَاظِرًا الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ وَيُكْتَفَى فِي مَنْصُوبِ الْوَاقِفِ بِالظَّاهِرَةِ كَمَا فِي الْأَبِ وَإِنْ افْتَرَقَا فِي وُفُورِ شَفَقَةِ الْأَبِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ أَوْ لَا كَمَا خَالَفَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَاعْتُبِرَ فِيهِ الْبَاطِنَةُ أَيْضًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي مَنْصُوبِ الْوَاقِفِ أَيْضًا الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ عَلَى الرَّاجِحِ إذْ الْمِلْكُ فِي الْمَوْقُوفِ لَيْسَ لِوَاقِفِهِ لِيَكْتَفِيَ بِرِضَاهُ بِذِي الْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ وَقَفَ عَلَى الْمَسْجِدِ هَلْ يُصْرَفُ مِنْ رِيعِهِ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ وَقَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ الْأَوْجَهُ كَمَا فِي الْوَقْفِ عَلَى مَصَالِحِهِ أَوْ لَا

كَمَا فِي الرَّوْضِ وَقَالَ شَارِحُهُ أَنَّهُ مُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيِّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ مَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ فَقَدْ قَالُوا فِي الْوَصِيَّةِ لَوْ أَوْصَى لِلْمَسْجِدِ صَحَّتْ وَصِيَّتُهُ وَصُرِفَ فِي مَصَالِحِهِ وَعِمَارَتِهِ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَحْمِلُهُ عَلَى ذَلِكَ وَيُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرْته حُكْمُ مَا لَوْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ وَقَفَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَصَالِحِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى بَنَاتِهِ الثَّلَاثِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَمَاتَ فِيهِ وَتَرَكَهُنَّ وَزَوْجَةً وَبَيْتَ الْمَالِ فَهَلْ هَذِهِ كَمَسْأَلَةِ ابْنِ الْحَدَّادِ وَهِيَ مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ الْحَائِزِ حَيْثُ قَالَ فِيهَا إنْ خَرَجَ الْوَقْفُ مِنْ الثُّلُثِ فَهُوَ نَافِذٌ عَلَيْهِ حَتَّى يُحْكَمَ فِيهَا بِمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا وَإِذَا قُلْتُمْ بِالرَّدِّ فِي حَقِّ بَيْتِ الْمَالِ وَالزَّوْجَةِ فَهَلْ لِلْبَنَاتِ إنْ تَرَدَّدَتْ أَيْضًا وَيَصِيرُ الْوَقْفُ كُلُّهُ طَلْقًا لِكُلٍّ مِنْ الْوَرَثَةِ فَأَجَابَ بِأَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الْوَقْفِ عَلَى الْحَائِزِ كَمَا صَوَّرَهُ هُوَ بِهِ بِخِلَافِ هَذِهِ وَنَحْوِهَا وَالْوَقْفُ فِي هَذِهِ فِي نَصِيبِ بَيْتِ الْمَالِ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ إجَازَةٌ وَصِحَّتُهُ فِي نَصِيبِ الْبَنَاتِ وَالزَّوْجَةِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَتِهِنَّ وَلَا يَلْزَمُ الْوَقْفُ فِي نَصِيبِ الْبَنَاتِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَخْصِيصِ الْإِجْحَافِ بِهِنَّ حَيْثُ يَصِيرُ نَصِيبُهُنَّ وَقْفًا وَنَصِيبُ الزَّوْجَةِ طَلْقًا اهـ فَهَلْ جَوَابُهُ

ذَلِكَ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ بُطْلَانِ الْوَقْفِ فِي نَصِيبِ بَيْتِ الْمَالِ وَتَوَقُّفِ نُفُوذِهِ فِي نَصِيبِ الْبَنَاتِ وَالزَّوْجَةِ عَلَى إجَازَتِهِنَّ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّ مَحَلَّ تَوَقُّفِ صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى الْبَنَاتِ عَلَى إجَازَتِهِنَّ فِيمَا زَادَ مِنْهُ عَلَى ثُلُثِ نَصِيبِهِنَّ وَأَمَّا ثُلُثُهُ فَلَيْسَ لَهُنَّ رَدُّهُ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَمَسْأَلَةِ ابْنِ الْحَدَّادِ فِي أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ يُصَدَّقُ النَّاظِرُ فِي إنْفَاقٍ مُحْتَمَلٍ فَإِنْ اتَّهَمَهُ الْحَاكِمُ حَلَّفَهُ قَالَهُ الْقَفَّالُ هَلْ هَذَا التَّحْلِيفُ نَدْبًا كَالتَّحْلِيفِ فِي الزَّكَاةِ أَوْ وُجُوبًا وَهَلْ لَوْ كَانَ الْوَاقِفُ نَاظِرًا وَاتَّهَمَهُ الْحَاكِمُ يُحَلِّفُهُ أَوْ لَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِيمَا لَوْ انْدَرَسَ شَرْطُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ التَّحْلِيفَ وُجُوبًا عَلَى قَاعِدَةِ أَنْ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى صَحِيحَةٌ لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا لَزِمَهُ فَأَنْكَرَ حَلَفَ وُجُوبًا وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرْته بَيْنَ كَوْنِ النَّاظِرِ الْوَاقِفَ وَغَيْرَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ انْدِرَاسِ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَاضِحٌ. (سُئِلَ) هَلْ يَصِحُّ وَقْفُ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ عَلَى كَافِرٍ أَوْ لَا؟ ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا تَفْقَهُهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ

وَهُوَ ظَاهِرٌ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ تَعَطَّلَ بِتَعَطُّلِ الْبَلَدِ أَوْ انْهِدَامٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَهَلْ تُصْرَفُ غَلَّةُ وَقْفِهِ حِينَئِذٍ إلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ أَوْ تُصْرَفُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ كَمُنْقَطِعِ الْآخِرِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَحَكَاهُ الْحَنَّاطِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَجْهًا أَوْ تُصْرَفُ فِي عِمَارَةِ مَسْجِدٍ آخَرَ وَمَصَالِحُهُ وَيَكُونُ الْمُسْتَحِقُّ لِذَلِكَ أَقْرَبَ الْمَسَاجِدِ إلَيْهِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَوْ تُحْفَظُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ لِتَوَقُّعِ عَوْدِهِ كَمَا فِي غَلَّةِ وَقْفِ الثَّغْرِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الَّذِي تَحَرَّرَ لِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنْ تَوَقَّعَ عَوْدَهُ حُفِظَ لَهُ وَهُوَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَإِلَّا فَإِنْ أَمْكَنَ صَرْفُهُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ صُرِفَ إلَيْهِ وَهُوَ مَا نُقِلَ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِلَّا فَمُنْقَطِعُ الْآخِرِ فَيُصْرَفُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ وَهُوَ مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَحَكَاهُ الْحَنَّاطِيُّ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا صُرِفَ إلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَيْ أَوْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ وَحِينَئِذٍ لَا خِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى نَفْسِهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ وَحَكَمَ بِهِ مَنْ يَرَاهُ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ

ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَبْنَائِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَدَائِمًا مَا تَعَاقَبُوا بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَنَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ تَحْجُبُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى يَسْتَقِلُّ بِهِ الْوَاحِدُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ وَيَشْتَرِكُ فِيهِ الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ وَعَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَيْهِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ فَهَلْ إذَا مَاتَ الْوَاقِفُ الْمَذْكُورُ وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ ذَكَرَيْنِ وَبِنْتًا وَمَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ عَنْ بِنْتٍ هَلْ تَسْتَحِقُّ مِنْ الْوَقْفِ شَيْئًا أَوْ لَا تَسْتَحِقُّ. ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِنَصِيبِ الِابْنِ الْمَيِّتِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ بِنْتُهُ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْ عِبَارَةِ الْوَاقِفِ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِوَقْفِهِ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَيْهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِأَنْ أَدْلَى إلَيْهِ بِذَكَرٍ فَقَوْلُهُ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ مُخَصِّصٌ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ لَا لِلْمُضَافِ وَلَا لَهُمَا لِأُمُورٍ مِنْهَا قَوْلُهُ فِي أَوْلَادِهِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. وَمِنْهَا عَطْفُهُ قَوْلُهُ وَأَعْقَابِهِمْ عَلَى قَوْلِهِ وَأَبْنَائِهِمْ لِيَشْمَلَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَمِنْهَا قَوْلُهُ فِي التَّخْصِيصِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ وَمَعْنَاهُ وَاضِحٌ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْوَاقِفِينَ يَقْصِدُ أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ مِنْ رِيعِ وَقْفِهِ إلَّا مَنْ يَنْتَسِبُ

إلَيْهِ وَالنَّظَرُ إلَى مَقَاصِدِ الْوَاقِفِينَ مُعْتَبَرٌ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا كَوْنُهُ مُخَصِّصًا لِلْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ أَوْ لِلْمُضَافِ فَقَطْ فَيُنَافِيهِ قَوْلُهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْته قَوْلُهُمْ إنَّ الصِّفَةَ وَمِثْلُهَا بَدَلُ الْبَعْضِ وَالِاشْتِمَالِ وَالْحَالُ تَرْجِعُ إلَى سَائِرِ مَا تَقَدَّمَ عَلَيْهَا وَتَأَخَّرَ عَنْهَا مِنْ الْجُمَلِ وَالْمُفْرَدَاتِ الْمَعْطُوفَةِ بِالْوَاوِ أَوْ ثُمَّ أَوْ الْفَاءُ دُونَ لَكِنْ وَبَلْ بَلْ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي غَيْرِ الْوَقْفِ أَنَّ الْمَعْطُوفَةَ كَذَلِكَ وَلَا مَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ فِيمَنْ جَعَلَ نَظَرَ وَقْفِهِ لِأَوْلَادِ ابْنِهِ خِضْرٍ الذُّكُورِ ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ بِمَا حَاصِلُهُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ الذُّكُورِ مُقَدَّرٌ فِي الْمَعْطُوفِ وَيَكُونُ رَاجِعًا لِلْمُضَافِ فَلَا تَسْتَحِقُّ بِنْتُ ابْنِ ابْنِ خِضْرٍ شَيْئًا وَلَا مَا أَفْتَى بِهِ أَبُو زُرْعَةَ فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ دُونَ وَلَدِ الْبَطْنِ بِأَنَّ الْوَصْفَ بِالذُّكُورِيَّةِ يَعُودُ إلَى سَائِرِ الطَّبَقَاتِ اهـ. وَظَاهِرُ أَنَّ الْعَطْفَ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ لِأَنَّ الْمُضَافَ هُوَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ وَلَكِنَّ الضَّمَائِرَ تَعُودُ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ الْمَوْصُوفِ بِالذُّكُورِيَّةِ

سُئِلَ) عَنْ نَاظِرَةِ وَقْفٍ أَجَّرَتْهُ لِشَخْصٍ لَهُ عَلَيْهَا دَيْنٌ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ قَاصَصَهَا بِمَالِهِ عَلَيْهَا مِنْ الدَّيْنِ الْمُمَاثِلِ لَهَا ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهَا لِشَيْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ وَانْتَقَلَ الْوَقْفُ إلَى مَنْ بَعْدَهَا هَلْ يَتَبَيَّنُ بَقَاءُ دَيْنِهِ فِي ذِمَّتِهَا وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ الْوَقْفُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُقَاصَصَةَ الْمَذْكُورَةَ بَاطِلَةٌ إذْ شَرْطُ التَّقَاصِّ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ مُسْتَقِرَّيْنِ وَالْأُجْرَةُ لَا تَتَقَرَّرُ إلَّا بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَشَرْطُ التَّقَاصِّ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ مُسْتَقِرَّيْنِ فَإِنْ كَانَا سَلَمَيْنِ لَمْ يَجُزْ قَطْعًا وَإِنْ تَرَاضَيَا لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَحَكَاهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْأُمِّ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِي الْجَوَازَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ يَقْتَضِي جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِي الْعُرُوضِ الْمُسَلَّمِ فِيهَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ اهـ وَعَلَى تَقْدِيرِ جَوَازِ التَّقَاصِّ فِيمَا لَمْ يَسْتَقِرَّ يَتَبَيَّنُ بِمَوْتِهَا بُطْلَانُهُ كَمَا لَوْ أَحَالَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ ثُمَّ انْفَسَخَ الْبَيْعُ بِالْخِيَارِ أَوْ الْعَيْبِ أَوْ الْإِقَالَةِ أَوْ التَّحَالُفِ فَإِنَّ الْحَوَالَةَ تَبْطُلُ فَدَيْنُ

الْمُسْتَأْجِرِ بَانَ فِي ذِمَّةِ الْمُؤَجِّرِ وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ مَنْ اسْتَحَقَّ الْوَقْفَ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ وَقَفَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى وَلَدِهِ الْحَائِزِ أَشْجَارًا فِي بُسْتَانٍ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ إلَى آخِرِ مَا عَيَّنَهُ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَهَلْ إذَا أَقَامَ وَلَدُهُ بَيِّنَةً بِأَنَّ أَرْضَ الْبُسْتَانِ كَانَتْ إجَارَتُهَا انْقَضَتْ حَالَ الْوَقْفِ أَوْ كَانَتْ مَغْصُوبَةً يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْوَقْفِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْوَقْفَ مُسْتَمِرٌّ فِي مَسْأَلَةِ ثُبُوتِ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ وَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ فِي مَسْأَلَةِ ثُبُوتِ كَوْنِهَا مَغْصُوبَةً وَإِنْ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ بِصِحَّةِ وَقْفِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ فَقَدْ أَوْضَحْت الرَّدَّ عَلَيْهِ فِي الْفَتَاوَى إذْ مِنْ شَرْطِ الْمَوْقُوفِ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ وَهَذَا مُسْتَحِقُّ الْإِزَالَةِ (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَشَرَطَ فِي ذَلِكَ شُرُوطًا مِنْهَا أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ بِشَرْطِ السُّكْنَى فِي ذَلِكَ إلَّا الْمُزَوَّجَةِ مِنْهُمْ إذَا اسْتَغْنَتْ بِمَسْكَنِ زَوْجِهَا فَإِنَّهَا لَا حَقَّ لَهَا فِي السُّكْنَى وَلَا إسْكَانَ وَلَا إجَارَةَ. وَمِنْهَا أَنَّهُ قَالَ فِي كِتَابٍ وَقَفَهُ عَلَى أَنْ يُعَمِّرَ السَّاكِنُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مَا يَنْهَدِمُ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَثَبَتَ الْوَقْفُ لَدَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِ فَهَلْ مَا ذُكِرَ مِنْ شَرْطِ السُّكْنَى عَامٌّ فِي الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ فَإِذَا لَمْ

يَسْكُنْ أَحَدٌ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْإِسْكَانِ وَالِاغْتِلَالِ أَمْ هُوَ خَاصٌّ بِالْإِنَاثِ وَهَلْ إذَا انْفَرَدَ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بِالسُّكْنَى فِي الدَّارِ بِتَرَاضٍ مِنْ بَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ عَلَى أَنْ يُجْعَلَ لِغَيْرِ السَّاكِنِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ سُكْنَى دَارٍ أُخْرَى جَارِيَةٍ فِي اسْتِحْقَاقِ السَّاكِنِ مُخَالِفٌ لِمَا شَرَطَهُ مِنْ السُّكْنَى أَمْ لَا وَهَلْ شَرْطُ الْعِمَارَةِ عَلَى السَّاكِنِ مَعْمُولٌ بِهِ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِأَنَّهُ مَعْمُولٌ بِهِ فَعَمَّرَ السَّاكِنُ فِيهَا مِنْ مَالِهِ عِمَارَةً ضَرُورِيَّةً فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَى بَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ أَمْ لَا وَهَلْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ النَّاظِرِ وَغَيْرِهِ أَمْ لَا وَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى سُكَّانِ تِلْكَ الدَّارِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا أَمْ لَا وَهَلْ إذَا كَانَ مُوجِبُ حُكْمِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ النَّاظِرَ لَا يَرْجِعُ بِمَا عَمَّرَهُ حَالَ سَكَنِهِ فِيهَا هَلْ يُسَوِّغُ لِغَيْرِهِ أَنْ يَحْكُمَ بِخِلَافِهِ أَوْ لَا وَهَلْ إذَا احْتَاجَ الْوَقْفُ إلَى الْعِمَارَةِ يُؤَجِّرُهُ نَاظِرُهُ أَوْ الْحَاكِمُ وَهَلْ إذَا كَانَ مِنْ قَاعِدَةِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مِلْكَ الْمَوْقُوفِ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ يَغْنَمُ وَلَا يَغْرَمُ وَلَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُ نَصٌّ فِي الْعِمَارَةِ عَلَى السَّاكِنِ وَالْقَصْدُ بِالْوَقْفِ رِفْقُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ. وَنَصُّهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ صِحَّةُ الْوَقْفِ وَإِبْطَالُ الشَّرْطِ كَمَا اقْتَضَاهُ

كَلَامُ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ أَوْ أَنَّ الْعِمَارَةَ عَلَى السَّاكِنِ رِعَايَةً لِحَقِّ الْوَقْفِ وَحَقِّ الْوَاقِفِ لِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ فَإِذَا امْتَنَعَ مَنْ لَهُ السُّكْنَى أَجَّرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَقْفِ نَاظِرٌ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّاهِدِيُّ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ وَهَلْ إذَا اخْتَلَفَتْ مَنَازِلُ الدَّارِ وَلَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى الْمُهَايَأَةِ يُجْبَرُونَ عَلَيْهَا أَمْ لَا وَهَلْ إذَا طَلَبَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَسْكُنَهَا وَيَبْذُلَ حِصَّتَهُ مِنْ الْعِمَارَةِ وَامْتَنَعَ غَيْرُهُ مِنْهَا فَطَلَبَ إجَارَتَهَا فَمِنْ الْمُجَابِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْوَقْفُ مِنْ شَرْطِ السُّكْنَى عَامٌّ فِي الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ إذْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ ذُرِّيَّتُهُ الْمُبَيَّنَةُ بِالذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْهَا فَعَادَ إلَيْهِمَا وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ إتْيَانُهُ بِضَمِيرِ الذُّكُورِ فِي قَوْلِهِ مِنْهُمْ وَفِي قَوْلِهِ عَلَى أَنْ يُعَمِّرَ السَّاكِنُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لِتَغْلِيبِ الذُّكُورِ عَلَى الْإِنَاثِ وَإِلَّا لَقَالَ مِنْهُنَّ وَعَلَيْهِنَّ وَإِذَا لَمْ يَسْكُنْ أَحَدٌ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ سَقَطَ اسْتِحْقَاقُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ مِنْ الْإِسْكَانِ وَالِاغْتِلَالِ إذْ السُّكْنَى شَرْطٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الذُّرِّيَّةِ وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الشَّرْطِ عَدَمُ الْمَشْرُوطِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ فِي حَقِّ مَنْ اسْتَغْنَتْ بِمَسْكَنِ زَوْجِهَا لَا حَقَّ لَهَا فِي سُكْنَى وَلَا إسْكَانَ وَلَا إجَارَةَ وَانْفِرَادُ أَحَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بِسُكْنَى الدَّارِ بِرِضَا بَقِيَّةِ مُسْتَحِقِّيهَا سَائِغٌ وَغَيْرُ

مُخَالِفٌ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَالْجَعْلُ الْمَذْكُورُ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ لِعَدَمِ قَبُولِ جَعْلِ تَرْكِ السُّكْنَى فِي الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ عِوَضًا عَنْ مَنْفَعَةِ تِلْكَ الدَّارِ فَلِمُسْتَحِقِّهَا أُجْرَةُ مِثْلِهَا عَلَى سَاكِنِهَا لِمُدَّةِ سَكَنِهِمْ فِيهَا وَشَرْطُ الْوَاقِفِ الْعِمَارَةَ عَلَى السَّاكِنِ مَعْمُولٌ بِهِ لِأَنَّهُ كَنَصِّ الشَّارِعِ. وَقَدْ قَالُوا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِأَلْفٍ إنْ تَبَرَّعَ لِوَلَدِي بِخَمْسِمِائَةٍ صَحَّتْ وَإِذَا قَبِلَ لَزِمَهُ دَفْعُهَا إلَيْهِ قِيلَ وَهِيَ حِيلَةٌ فِي الْوَصِيَّةِ إلَى الْوَارِثِ وَقَدْ جَعَلَ الْوَاقِفُ اسْتِحْقَاقَهُ لِلسُّكْنَى مَشْرُوطًا بِالْعِمَارَةِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ مَا انْهَدَمَ مِنْ الدَّارِ مُدَّةَ سُكْنَى الْمُسْتَحِقِّ وَعَمَّرَهُ مِنْ مَالِهِ لَا رُجُوعَ لَهُ مِنْهُ بِشَيْءٍ عَلَى بَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَلَا فَرْقَ فِي الْمُعَمِّرِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ النَّاظِرِ وَغَيْرِهِ نَعَمْ إنْ تَعَدَّدَ السَّاكِنُ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وُزِّعَتْ مُؤْنَةُ الْعِمَارَةِ عَلَى الرُّءُوسِ وَمِنْ مُوجِبِ حُكْمِ الشَّافِعِيِّ بِمُوجِبِهِ أَنْ لَا يَرْجِعَ النَّاظِرُ السَّاكِنُ بِشَيْءٍ مِمَّا عَمَّرَهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ فَلَا يُسَوَّغُ لِلْحَاكِمِ الْمُخَالِفِ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا يُخَالِفُهُ وَمَتَى احْتَاجَ الْوَقْفُ إلَى عِمَارَةٍ وَلَمْ يُعَمِّرْهُ مُسْتَحِقُّوهُ أَجَّرَهُ نَاظِرُهُ لَهَا وَمِنْ الْقَوَاعِدِ الْمُقَرَّرَةِ أَنَّ الْخَاصَّ يَقْضِي عَلَى الْعَامِّ وَشَرْطُ الْعِمَارَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى السَّاكِنِ مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ يَغْنَمُ وَلَا يَغْرَمُ وَأَنَّ الْقَصْدَ بِالْوَقْفِ

رِفْقُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَقَوْلُ السَّائِلِ وَلَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُ أَيْ الشَّافِعِيِّ نَصٌّ فِي الْعِمَارَةِ مَرْدُودٌ لِوُجُودِ شَرْطِ الْوَاقِفِ فِيهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَنَصِّ الشَّارِعِ وَظَاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَمَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَصْلُحُ مُسْتَنِدًا لِأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ مُوَافِقٌ لَهُمَا. وَالْمُهَايَأَةُ إنَّمَا تَكُونُ بِالتَّرَاضِي فَلَا إجْبَارَ عَلَيْهَا وَمَتَى لَمْ يَتَّفِقْ الْمُسْتَحِقُّونَ عَلَى عِمَارَتِهَا الضَّرُورِيَّةِ أَجَّرَهَا النَّاظِرُ لِلضَّرُورَةِ لِتُصْرَفَ أُجْرَتُهَا فِي عِمَارَتِهَا حِفْظًا لِلْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ فَحْلًا مِنْ الْبَقَرِ لِلضِّرَابِ أَيْ الْإِنْزَاءِ فَأَتْلَفَ شَيْئًا تَلَفًا مُضَمَّنًا فَهَلْ يَضْمَنُهُ وَاقِفُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى وَاقِفِهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ مَعَ أَحَدٍ مِنْ الْوَاقِفِ أَوْ غَيْرِهِ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَالِكِ (سُئِلَ) عَنْ الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُولُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ أَوْ لَا كَمَا اخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ وَقَفَ مَسْجِدًا وَجَعَلَ فِيهِ صُوفِيَّةً وَمُؤَذِّنِينَ وَإِمَامًا وَخَطِيبًا وَغَيْرَهُمْ فَهَلْ إذَا ضَاقَ رِيعُ الْوَقْفِ تُقَدَّمُ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ عَلَى غَيْرِهِمْ أَمْ لَا وَهَلْ يَدْخُلُ فِي أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ نَاظِرُ الْوَقْفِ وَمُبَاشِرُهُ وَشَاهِدُهُ وَشَادِهِ أَمْ لَا وَمَنْ هُمْ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ أَوْ غَيْرِهِمْ عِنْدَ ضِيقِ رِيعِ الْوَقْفِ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا تُقَدَّمُ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ عَلَى غَيْرِهِمْ بَلْ يُقْسَمُ رِيعُ الْوَقْفِ عَلَى جَمِيعِ مُسْتَحِقِّيهِ بِنِسْبَةِ مَعَالِمِهِمْ وَلَا يَدْخُلُ فِي أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ نَاظِرُ الْوَقْفِ وَلَا مُبَاشِرُهُ وَلَا شَاهِدُهُ وَلَا شَادِهِ لِأَنَّ الشَّعَائِرَ الْقُرُبَاتُ وَالْعِبَادَاتُ فَيَدْخُلُ فِيهِمْ الْإِمَامُ وَالْخَطِيبُ وَالْمُؤَذِّنُونَ وَالصُّوفِيَّةُ وَنَحْوُهُمْ فَقَدْ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ الشَّعَائِرُ أَعْمَالُ الْحَجِّ وَكُلُّ مَا جُعِلَ عَلَمًا لِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ الشَّعَائِرُ الْمَنَاسِكُ وَالْمُتَعَبِّدَات اهـ وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِهِ الشَّعَائِرُ الْعِبَادَاتُ اهـ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ الشَّعَائِرُ الْمُتَعَبَّدَاتُ اهـ وَقَالَ صَاحِبُ لُبَابِ التَّفَاسِيرِ فِيهِ شَعَائِرُ اللَّهِ أَعْلَامُ دِينِهِ وَأَصْلُهَا مِنْ الْإِشْعَارِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ وَاحِدَتُهَا شَعِيرَةٌ وَكُلُّ مَا كَانَ مَعْلَمًا الْقُرُبَاتُ يُتَقَرَّبُ بِهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ صَلَاةٍ أَوْ دُعَاءٍ أَوْ ذَبِيحَةٍ فَهُوَ شَعِيرَةٌ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ وَقَالَ ابْنُ زُهَيْرَةَ فِي تَفْسِيرِهِ شَعَائِرُ اللَّهِ أَعْلَامُ دِينِهِ وَاحِدَتُهَا شَعِيرَةٌ وَكُلُّ مَا كَانَ مَعْلَمًا لِقُرُبَاتٍ يَتَقَرَّبُ بِهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِدُعَاءٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ ذَبِيحَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ شَعِيرَةٌ (سُئِلَ) عَنْ شَجَرِ نَخْلٍ مَوْقُوفٍ عَلَى

مَسْجِدٍ وَشَخْصٍ وَذُرِّيَّتِهِ وَالنَّخْلُ الْمَذْكُورُ فِي شَارِعٍ وَبَعْضُهُ مَائِلٌ يُخْشَى سُقُوطُهُ عَلَى حَائِطٍ بِجِوَارِهِ أَوْ مَارٍّ بِهِ فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ الضَّرَرُ فَهَلْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يَجُوزُ لِأَحَدٍ قَطْعُ ذَلِكَ النَّخْلِ أَوْ قَلْعُهُ سَوَاءٌ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ قَطْعُ الشَّجَرَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا قَلْعُهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ مَسْجِدًا وَشَرَطَ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِ سَبْعٌ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ يُرِيدُ إحْيَاءَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ هَلْ هُوَ مِنْ شَعَائِرِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مِنْ شَعَائِرِهِ. (سُئِلَ) عَنْ وَاقِفٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى وَلَدَيْهِ هُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمَا عَلَى أَوْلَادِهِمَا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمَا ثُمَّ عَلَى ذُرِّيَّتِهِمَا وَنَسْلِهِمَا الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِ الظُّهُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْبُطُونِ لِكُلِّ أُنْثَى مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ كُلَّ سَنَةٍ دِينَارَانِ وَبَاقِي ذَلِكَ لِلذُّكُورِ بِالسَّوِيَّةِ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ وَنَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ وَجِيلًا بَعْدَ جِيلٍ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ أَوْلَادِ الظُّهُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْبُطُونِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ لِوَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ عَلَى الْحُكْمِ الْمُبَيَّنِ فِيهِ أَعْلَاهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ لِإِخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ الْمُشَارِكِينَ لَهُ فِي

الِاسْتِحْقَاقِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى جِهَاتٍ عَيَّنَهَا فِي كِتَابٍ وَقَفَهُ ثُمَّ إنَّ أَحَدَ الْوَلَدَيْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمَا أَوَّلًا مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَمْ لِأَخِيهِ وَلَيْسَ لِوَلَدِهِ شَيْءٌ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ أَخِيهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ الْوَلَدِ الْمَذْكُورِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ لِوَلَدِهِ الْمَذْكُورِ لَا لِأَخِيهِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَتَرَكَ وَلَدًا إلَخْ فَإِنَّهُ مُخَصِّصٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمَا عَلَى أَوْلَادِهِمَا. (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ وَقَفَتْ وَقْفًا عَلَى نَفْسِهَا مُدَّةَ حَيَاتِهَا ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهَا وَأَوْلَادِهِمْ وَشَرَطَتْ النَّظَرَ لَهَا مُدَّةَ حَيَاتِهَا ثُمَّ مَنْ بَعْدَهَا لِمَنْ عَيَّنَتْهُ وَحَكَمَ بِذَلِكَ قَاضٍ حَنَفِيٌّ ثُمَّ أَجَّرَتْ الْوَقْفِيَّةَ مِائَةَ سَنَةٍ وَحَكَمَ بِذَلِكَ شَافِعِيٌّ ثُمَّ مَاتَتْ هَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ أَمْ لَا فَأَفْتَى شَافِعِيٌّ بِانْفِسَاخِهَا أَخْذًا مِمَّا إذَا أَجَّرَ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ فَمَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ لِأَنَّ شَرْطَ النَّظَرِ لِلْبَطْنِ الْأَوَّلِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ كَشَرْطِهِ لَهُ فِي حِصَّتِهِ إذْ لَا نَصِيبَ لِغَيْرِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَمَا دَامَ حَيًّا فَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلنَّصِيبِ وَبِمِثْلِ ذَلِكَ أَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي فَتَاوِيهِ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى شَخْصٍ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ وَشَرَطَ النَّظَرَ لَهُ عَلَيْهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ ثُمَّ لِمَنْ يَنْتَهِي إلَيْهِ الْوَقْفُ مِمَّنْ ذُكِرَ ثُمَّ أَجَّرَ

الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْمَوْقُوفَ مُدَّةً وَمَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَأَجَابَ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ فَهَلْ الْإِفْتَاءُ بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ صَحِيحٌ وَهَلْ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي أَفْتَى بِهَا الشَّيْخُ زَكَرِيَّا نَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهَلْ فِي كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَوْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ الْمَذْكُورَةُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ. وَقَدْ شَمِلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَوْلُهُمْ وَلَا تَنْفَسِخُ إجَارَةُ النَّاظِرِ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ نَاظِرٌ لِلْجَمِيعِ وَلَا يَخْتَصُّ نَظَرُهُ بِبَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَاسْتُثْنِيَ مِنْهُ مَا إذَا كَانَ النَّاظِرُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِرِيعِ الْوَقْفِ وَأَجَّرَهُ بِدُونِ أُجْرَةِ مِثْلِهِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ وَشَرْطُ الْوَاقِفَةِ النَّظَرُ لَهَا مُدَّةَ حَيَاتِهَا تَصْرِيحٌ بِبَيَانِ الْوَاقِعِ وَقَدْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ أَجَّرَ الْمُتَوَلِّي أَوْ الْوَاقِفُ أَوْ الْحَاكِمُ الْوَقْفَ ثُمَّ مَاتَ هُوَ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ فَلَا فَسْخَ وَلَا انْفِسَاخَ وَلَوْ أَجَّرَهُ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ حَيْثُ جَازَتْ لَهُ الْإِجَارَةُ ثُمَّ مَاتَ انْفَسَخَتْ اهـ وَصُورَةُ مَسْأَلَةِ إجَارَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْوَاقِفَ شَرَطَ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ أَنْ يَنْظُرَ فِي نَصِيبِهِ كَمَا ذَكَرَهُ سُلَيْمٌ فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُرْجَانِيُّ وَصَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ نَحْوُهُ وَأَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ وَإِنَّمَا انْفَسَخَتْ إجَارَتُهُ بِمَوْتِهِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ

بَعْدَ مَوْتِهِ لِغَيْرِهِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا نِيَابَةَ وَلِهَذَا بَنَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ الْخِلَافَ فِي انْفِسَاخِ إجَارَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ بِمَوْتِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْبَطْنَ الثَّانِي يَتَلَقَّوْنَ مِنْ الْوَاقِفِ أَوْ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ. وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ فَتَنْفَسِخُ عَلَيْهِ وَمَسْأَلَتُنَا الْمُؤَجِّرَةُ فِيهَا هِيَ الْوَاقِفَةُ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ يَتَلَقَّوْنَ مِنْهَا فَلَا تَنْفَسِخُ إجَارَتُهَا بِمَوْتِهَا كَمَا أَنَّ إجَارَةَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِمْ إذَا قُلْنَا بِأَنَّ الثَّانِيَ يَتَلَقَّوْنَ مِنْهُمْ. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ صِهْرِيجًا عَلَى مَسْجِدٍ مَثَلًا ثُمَّ إنَّ شَخْصًا تَبَرَّعَ وَمَلَأَهُ مَاءً مِنْ مَالِهِ وَحَصَرَهُ فِي جَمَاعَةِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيَمْتَنِعُ عَلَى غَيْرِهِمْ اسْتِعْمَالُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ لِلشُّرْبِ أَوْ غَيْرِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَيَمْتَنِعُ عَلَى غَيْرِهِمْ اسْتِعْمَالُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ لِلشُّرْبِ أَوْ غَيْرِهِ. (سُئِلَ) عَنْ وَاقِفٍ وَقَفَ مَكَانًا عَلَى سُكْنَى ابْنَتَيْهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمَا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمَا إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ عَنْ بِنْتَيْنِ ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ عَنْ أَوْلَادٍ فَهَلْ أَوْلَادُهَا يَسْتَحِقُّونَ السُّكْنَى فِي حِصَّةِ أُمِّهِمْ بِالْمَكَانِ الْمَذْكُورِ أَمْ تَسْتَقِلُّ بِهِ الْبِنْتُ الْأُخْرَى بِمُفْرَدِهَا وَهَلْ إذَا قُلْتُمْ إنَّ الْأَوْلَادَ يَسْتَحِقُّونَ مَا كَانَتْ أُمُّهُمْ تَسْتَحِقُّهُ وَامْتَنَعَتْ الْبِنْتُ

الْأُخْرَى مِنْ السُّكْنَى مَعَ الْأَوْلَادِ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ مِنْهُمْ فَهَلْ لَهَا الْمُطَالَبَةُ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ حِصَّتِهَا مِنْ الرِّيعِ أَمْ لَيْسَ لَهَا إلَّا السُّكْنَى مَعَهُمْ خَاصَّةً؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَسْتَحِقُّ أَوْلَادُهَا السُّكْنَى فِي حِصَّتِهَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِ أُخْتِهَا لِأَنَّهُ رَتَّبَ اسْتِحْقَاقَ أَوْلَادِ بِنْتَيْهِ السُّكْنَى فِي الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ عَلَى فَقْدِ بِنْتَيْهِ بِقَوْلِهِ عَلَى سُكْنَى بِنْتَيْهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمَا فَتَسْتَقِلُّ الْبِنْتُ الْبَاقِيَةُ بِاسْتِحْقَاقِ سُكْنَاهَا مَا دَامَتْ حَيَّةً. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فَأَجَّرَهُ عَشْرَ سِنِينَ فِي عَشَرَةِ عُقُودٍ كُلَّ عَقْدٍ بِسَنَةٍ بِأُجْرَةِ مِثْلِ تِلْكَ السَّنَةِ فَهَلْ يَصِحُّ كَمَا تَقْتَضِيهِ عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَوِفَاقًا لِابْنِ الْأُسْتَاذِ أَمْ لَا يَصِحُّ إلَّا الْعَقْدُ الْأَوَّلُ كَمَا نَقَلَهُ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ بِأَنْ قَالَ لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ مَثَلًا فَأَجَّرَهُ النَّاظِرُ سِتَّ سِنِينَ فِي عَقْدَيْنِ الثَّانِي قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَوَّلِ وَالْمُدَّةُ مُتَّصِلَةٌ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ الثَّانِي وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّهُ تَصِحُّ إجَارَةُ الْمُدَّةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ اتِّبَاعًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَقَالَ يَنْبَغِي الصِّحَّةُ وَظَاهِرُ إطْلَاقِ عِبَارَةِ الْأَنْوَارِ الْجَزْمُ بِذَلِكَ ثُمَّ سَاقَ عِبَارَتَهُ ثُمَّ قَالَ وَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ مُتَّجَهٌ جِدًّا ثُمَّ قَالَ لِأَنَّا إنَّمَا صَحَّحْنَا الْعَقْدَ الْمُسْتَأْنَفَ مَعَ أَنَّ

الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إجَارَةُ مُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ لِأَنَّ الْمُدَّتَيْنِ الْمُتَّصِلَتَيْنِ فِي الْعَقْدَيْنِ فِي مَعْنَى الْمُدَّةِ الْوَاحِدَةِ فِي الْعَقْدِ الْوَاحِدِ وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَقْتَضِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْبُطْلَانَ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ مَا إذَا عَقَدَ عَلَى الْمُدَّتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ اهـ كَلَامُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. (سُئِلَ) مَاذَا يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ بِأَنْ قَالَ وَلَوْ أَجَّرَ الْمُتَوَلِّي الْوَقْفَ فَزَادَتْ الْأُجْرَةُ فِي الْمُدَّةِ أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ لَمْ تَتَأَثَّرْ وَلَوْ زَادَ مُعَانِدٌ فَلَا نَظَرَ إلَيْهِ بِحَالٍ اهـ كَلَامُهُ وَمَاذَا يَتَفَرَّعُ عَلَى عِبَارَتِهِ وَيَرِدُ عَلَى إطْلَاقِهِ وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ مُؤَاجِرِ الْوَقْفِ وَيَكُونُ مَانِعًا مِنْ قَبُولِ الزِّيَادَةِ فِي الْمُدَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ مَعَ إيضَاحِ وَبَسْطِ الْكَلَامِ فِيهِ فَإِنَّ الضَّرُورَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ وَذَلِكَ تَفَضُّلًا مِنْ سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا أَدَامَ اللَّهُ النَّفْعَ بِوُجُودِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ عِبَارَةَ الْأَنْوَارِ مُوَافِقَةٌ لِعِبَارَةِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَصْحَابِ وَظَاهِرُ أَنَّ صُورَتَهَا إذَا أَجَّرَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ وَلَا إطْلَاقَ فِي عِبَارَتِهِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَقَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ مُعَانِدٌ فَلَا نَظَرَ إلَيْهِ بِحَالٍ يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْوَجْهُ الْمَرْجُوحُ الْقَائِلُ بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا امْتَنَعَ النَّاظِرُ عَلَى الْمَسْجِدِ بَعْدَ عَزْلِهِ مِنْ دَفْعِ

مَكْتُوبِ الْوَقْفِ وَادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ لِأَجْلِ حَقِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ مِلْكُهُ وَيَأْخُذُ قِيمَتَهُ أَمْ لَا وَإِذَا دَفَعَ أُجْرَةَ الْكِتَابَةِ لِلْوَقْفِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ هَلْ يَصِيرُ الْمَكْتُوبُ بِذَلِكَ مُسْتَحِقًّا لِلْوَقْفِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى كَانَ مَكْتُوبُ الْوَقْفِ مَمْلُوكًا لِلنَّاظِرِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى دَفْعِهِ وَإِنْ دَفَعَ أُجْرَةَ كِتَابَتِهِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) عَنْ وَاقِفٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى وَلَدَيْ أَخِيهِ وَهُمَا أَحْمَدُ وَبِلْقِيسُ وَعَلَى أَوْلَادِ بِنْتِهِ وَهُمْ مُحَمَّدٌ وَإِخْوَتُهُ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ مَاتَ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ وَلِوَلَدِ وَلَدِهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ وَلَدٍ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَتُوُفِّيَ مُحَمَّدٌ وَلَدُ الْبِنْتِ عَنْ خَمْسَةِ أَوْلَادٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ أَحْمَدُ وَلَدُ الْأَخِ عَنْ وَلَدٍ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ بِلْقِيسُ بِنْتُ الْأَخِ عَنْ وَلَدٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَلَدُ بِلْقِيسَ بِنْتِ الْأَخِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ لِوَلَدِ خَالِهِ أَحْمَدَ الْمُسَاوِي لَهُ فِي الدَّرَجَةِ بِمُفْرَدِهِ أَوْ لَهُ وَلِأَوْلَادِ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْبِنْتِ لِمُسَاوَاتِهِمْ لَهُ فِي الدَّرَجَةِ أَيْضًا ثُمَّ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ مُحَمَّدِ الْمَذْكُورِ اثْنَانِ فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُمَا لِإِخْوَتِهِمَا فَقَطْ أَوْ لِإِخْوَتِهِمَا وَلِوَلَدِ أَحْمَدَ لِمُسَاوَاتِهِ لَهُمَا فِي الدَّرَجَةِ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ وَلَدُ بِلْقِيسَ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِوَلَدِ خَالِهِ أَحْمَدَ وَلِأَوْلَادِ مُحَمَّدٍ

بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُمْ فِي دَرَجَتِهِ وَهِيَ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ دَرَجَاتِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَمَلًا بِشَرْطِ وَاقِفِهِ وَيَنْتَقِلُ نَصِيبُ وَلَدَيْ مُحَمَّدٍ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِإِخْوَتِهِمَا وَلِوَلَدِ أَحْمَدَ لِأَنَّهُ فِي دَرَجَتِهِمَا وَهِيَ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ دَرَجَاتِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَمَلًا بِشَرْطِ وَاقِفِهِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى نَفْسِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ الْمَوْجُودِينَ ثُمَّ عَلَى مَنْ يُحْدِثُهُ اللَّهُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَهَكَذَا أَبَدًا مَا عَاشُوا وَدَائِمًا مَا بَقُوا وَإِنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ أَوْ الْإِنَاثِ وَأَنَّهُ إذَا مَاتَتْ بَنَاتُ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ أَعْلَاهُ وَخَلَتْ الْأَرْضُ مِنْهُمْ عَادَ مَا خَصَّهُنَّ لِأَوْلَادِهِ الذُّكُورِ حَيْثُ وُجِدُوا فَإِنْ لَمْ يُوجَدُوا فَعَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ الذُّكُورِ هَكَذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ لَفْظًا بِلَفْظٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا لَهُ يَوْمَ ابْتَدَأَ الْوَقْفَ الْمَذْكُورَ أَبُو بَكْرٍ وَأَحْمَدُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدَةُ وَخَدِيجَةُ فَمَاتَ وَلَدُ الْوَاقِفِ أَبُو بَكْرٍ وَتَرَكَ أَوْلَادًا فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ كِتَابُ الْوَقْفِ لَدَى حَاكِمٍ

شَرْعِيٍّ فَمَاتَ الْوَاقِفُ وَمَاتَتْ سَعِيدَةُ عَنْ أَوْلَادٍ ثُمَّ مَاتَ أَحْمَدُ عَنْ أَوْلَادٍ ثُمَّ مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ أَوْلَادٍ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ سِوَى خَدِيجَةَ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ أَوْلَادُ أَبِي بَكْرٍ وَأَوْلَادُ عَمِّهِمْ مَعَ خَدِيجَةَ الْمَذْكُورَةِ أَمْ بَعْدَ مَوْتِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ سَعِيدَةَ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إلَى أُخْتِهَا خَدِيجَةَ لِأَنَّهَا الْآنَ أَقْرَبُ إلَى الْوَاقِفِ مِنْ الْمَوْجُودِينَ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِأَوْلَادِ أَبِي بَكْرٍ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ وَيَنْتَقِلُ نَصِيبُ أَحْمَدَ مِنْهُ إلَى أَوْلَادِهِ وَنَصِيبُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْهُ إلَى أَوْلَادِهِ عَمَلًا فِيهِمَا بِمَفْهُومِ قَوْلِ الْوَاقِفِ وَأَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَمَنَعَنَا مِنْ الْعَمَلِ بِالْمَفْهُومِ الْمَذْكُورِ فِي أَوْلَادِ أَبِي بَكْرٍ قَوْلُهُ عَادَ نَصِيبُهُ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ شَيْئًا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ عَقَارًا عَلَى ذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى مَسْجِدٍ فَآلَ الْوَقْفُ إلَى الْمَسْجِدِ وَثَبَتَ ذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ فَأَجَّرَ النَّاظِرُ الْعَقَارَ لِشَخْصٍ وَأَخَذَ مِنْهُ بَعْضَ الْأُجْرَةِ وَصَرَفَهُ عَلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ وَشَعَائِرِهِ وَبَعْضَهَا صَرَفَهُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ يَدِهِ عَلَى عِمَارَةِ الْعَقَارِ

الْمَوْقُوفِ بِإِذْنِ النَّاظِرِ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةِ أَظْهَرَ بَعْضُ أَقَارِبِ الْوَاقِفِ كِتَابَ وَقْفِ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ عَلَيْهِ وَعَلَى جِهَاتٍ أُخْرَى غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْمَذْكُورِ سَابِقًا تَارِيخُهُ تَارِيخُ الْأَوَّلِ وَانْتَزَعَهُ مِنْ الْأَوَّلِ وَطَالَبَهُ بِأُجْرَتِهِ مُدَّةَ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ وَالْحَال أَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ بِنَفْسِهِ بَلْ الْمُسْتَأْجِرُ هُوَ الْمُسْتَعْمِلُ لَهُ وَهُوَ الْمُنْفِقُ بَعْضَ الْأُجْرَةِ عَلَى عِمَارَةِ الْعَقَارِ الْمَوْقُوفِ لِلْمَصْلَحَةِ وَلَوْلَا الْعِمَارَةُ لَتَعَطَّلَتْ مَصْلَحَتُهُ وَمَنْفَعَتُهُ فَهَلْ الدَّعْوَى بِالْأُجْرَةِ عَلَى النَّاظِرِ أَوْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسْتَعْمِلِ كَمَا فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْغَزِّيِّ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي بَيَانِ مَا يُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوقِ وَالْأَوْقَافِ وَغَيْرِهِمَا وَعَزَاهُ لِلْأَذْرَعِيِّ فِي شَرْحِهِ وَإِذَا قُلْتُمْ الدَّعْوَى عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَهَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ الدَّعْوَى عَلَى النَّاظِرِ وَهَلْ لِلنَّاظِرِ الرُّجُوعُ عَلَى أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ بِمَا صَرَفَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ أُجْرَتِهِ وَهَلْ لِمَنْ انْتَزَعَهُ الدَّعْوَى عَلَى النَّاظِرِ أَوْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مِنْهُ بِمَا صَرَفَهُ فِي عِمَارَةِ الْعَقَارِ وَآلَاتِهِ أَمْ يَسْقُطُ ذَلِكَ مِنْ الْأَصْلِ الْمُدَّعَى بِهِ وَيُقَامُ لِمَنْ صَرَفَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الدَّعْوَى بِالْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْمُسْتَعْمِلِ لَا عَلَى النَّاظِرِ وَلَوْ فِيمَا قَبَضَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَلَيْسَتْ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ مُطَالَبَةُ النَّاظِرِ بِمَا قَبَضَهُ

مِنْهُ لِيُوفِيَهُ إيَّاهُ مِنْ رِيعِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ وَمُطَالَبَةُ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ بِمَا صَرَفَهُ لَهُمْ مِنْ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ وَآلَاتِ عِمَارَةِ الْمُسْتَأْجَرِ فِي الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ فَلَهُ هَدْمُهَا وَأَخْذُهَا إنْ لَمْ يَبْذُلْ لَهُ نَاظِرُ الْوَقْفِ بَدَلَهَا. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَاتَ الْوَاقِفُ عَنْ أُنْثَى وَهِيَ ابْنَتُهُ ثُمَّ مَاتَتْ ابْنَةُ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورَةُ عَنْ ثَلَاثِ نِسْوَةٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ مَاتَتْ إحْدَاهُنَّ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا عَنْ بِنْتَيْنِ فَهَلْ تَسْتَحِقُّ كُلٌّ مِنْ الْبِنْتَيْنِ مَعَ وُجُودِ خَالَتِهِمَا وَشَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّ الطَّبَقَةَ الْعُلْيَا تَحْجُبُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ مَاتَتْ خَالَتُهُمَا عَنْ رَجُلٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ مَاتَتْ إحْدَى الْأُنْثَتَيْنِ الْأُخْرَتَيْنِ عَنْ رَجُلٍ أَيْضًا فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الرَّجُلُ حِصَّةَ وَالِدَتِهِ الَّتِي تُوُفِّيَتْ الْآنَ مَعَ وُجُودِ خَالَتِهِ شَقِيقَةِ وَالِدَتِهِ وَوَلَدِ خَالَةِ وَالِدَتِهِ الَّذِي فِي طَبَقَةِ وَالِدَتِهِ الْمُتَوَفَّاةِ الْمَذْكُورَةِ اتِّبَاعًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ كَمَا تَقَدَّمَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْبِنْتَيْنِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ مَعَ وُجُودِ خَالَتِهِمَا عَمَلًا بِشَرْطِ وَاقِفِهِ وَلَا يَسْتَحِقُّ الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ حِصَّةَ وَالِدَتِهِ مَعَ

وُجُودِ خَالَتِهِ شَقِيقَةِ وَالِدَتِهِ وَوَلَدِ خَالَتِهِ اتِّبَاعًا لِشَرْطِ وَاقِفِهِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَاقِفٍ وَقْفًا وَشَرَطَ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ مَا عِبَارَتُهُ أَنْ لَا يَنْزِلَ أَحَدٌ بِجَاهٍ وَلَا مَنْ لَهُ شَوْكَةٌ وَبِشَفَاعَةٍ وَأَنْ لَا يَنْزِلَ أَحَدٌ مِنْ الشُّهُودِ وَلَا مِمَّنْ يَكُونُ مُبَاشِرًا عِنْدَ الْأُمَرَاءِ وَلَا عِنْدَ غَيْرِهِمْ فَهَلْ الْمُرَادُ فِي حَالِ التَّنْزِيلِ أَمْ فِي الْمَآلِ حَتَّى لَوْ اتَّصَفَ بِأَحَدِ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ يَخْرُجُ بَعْدَ تَنْزِيلِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَدْلُولَ شُرُوطِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورَةِ اعْتِبَارُهَا حَالَ تَنْزِيلِهِمْ فِي وَظَائِفِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ لَا فِي دَوَامِ اسْتِحْقَاقِهِمْ إيَّاهَا فَلَا يُؤَثِّرُ فِي دَوَامِهِ اتِّصَافُهُمْ بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَذَلِكَ جَارٍ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمُقَرَّرَةِ مِنْ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ لَهُ عَقَارٌ وَقَفَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَالْحَالُ أَنَّ عَلَيْهِ دُيُونًا مُسْتَغْرِقَةً وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ فَهَلْ يَصِحُّ الْوَقْفُ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِالصِّحَّةِ وَأَجَازَ رَبُّ الدَّيْنِ ذَلِكَ فَهَلْ يَنْفُذُ فِي الْجَمِيعِ أَوْ فِي الثُّلُثِ فَقَطْ وَيَصِيرُ الثُّلُثَانِ لِلْوَرَثَةِ وَإِذَا قُلْتُمْ بِبَقَاءِ الثُّلُثَيْنِ لَهُمْ وَأَجَازُوا الْوَقْفَ فَهَلْ يَنْفُذُ فِيهِمَا وَيَصِيرُ الْجَمِيعُ وَقْفًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْوَقْفَ صَحِيحٌ حَتَّى لَوْ أَبْرَأَ الْوَاقِفُ أَرْبَابَ الدُّيُونِ مِنْ دُيُونِهِمْ وَأَجَازَتْ وَرَثَتُهُ نَفَذَ الْوَقْفُ فِي جَمِيعِ

الْعَقَارِ (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ الْمَوْجُودِينَ الْآنَ وَهُمْ مُحَمَّدٌ وَأَمُّ الْخَيْرِ وَفَاطِمَةُ وَآمِنَةُ وَعَلَى مَنْ سَيُحْدِثُهُ اللَّهُ مِنْ الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ لِمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ مِنْ أَوْلَادِ الظُّهُورِ وَالْبُطُونِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ وَنَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى أَبَدًا مَا عَاشُوا وَدَائِمًا مَا تَعَاقَبُوا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْوَاحِدُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ وَيَشْتَرِك فِيهِ الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ الْمُشَارِكِينَ لَهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مُضَافًا إلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ ذَلِكَ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إخْوَةٌ وَلَا أَخَوَات فَإِلَى أَقْرَبِ الطَّبَقَاتِ إلَى الْوَاقِفِ وَعَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي هَذَا الْوَقْفِ وَاسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِهِ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ وَآلَ الْوَقْفُ

إلَى حَالٍ لَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى حَيًّا بَاقِيًا لَاسْتَحَقَّ ذَلِكَ قَامَ وَلَدُهُ أَوْ وَلَدُ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ مَقَامَهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَاسْتَحَقَّ مَا كَانَ أَصْلُهُ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَوْ كَانَ حَيًّا بَاقِيًا يَتَدَاوَلُونَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ إلَى حِينِ انْقِرَاضِهِمْ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ وَتَرَكَ أَوْلَادَهُ مُحَمَّدًا وَأَمَّ الْخَيْرِ وَفَاطِمَةَ وَآمِنَةَ ثُمَّ مَاتَ مُحَمَّدٌ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ فليفل وَنَجَا وَأَحْمَدَ ثُمَّ مَاتَتْ أُمُّ الْخَيْرِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَ فليفل عَنْ ثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ نَجَا وَمُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ ثُمَّ مَاتَتْ آمِنَةُ عَنْ بِنْتٍ تُدْعَى بَدِيعَةَ ثُمَّ مَاتَتْ بَدِيعَةُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَتْ فَاطِمَةُ عَنْ وَالِدِهَا نُورِ الدِّينِ ابْنِ بِنْتِ الْوَاقِفِ ثُمَّ مَاتَ نَجَا ابْنُ ابْنِ الْوَاقِفِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَ أَحْمَدُ ابْنُ ابْنِ الْوَاقِفِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ أَيْضًا وَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ سِوَى نُورِ الدِّينِ ابْنِ بِنْتِ الْوَاقِفِ وَمُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَلَدَيْ فليفل ابْنِ ابْنِ الْوَاقِفِ وَيُوسُفُ بْنُ نَجَا بْنِ فليفل فَمَاذَا يَسْتَحِقُّهُ يُوسُفُ بْنُ فليفل وَمَا يَسْتَحِقُّهُ نُورُ الدِّينِ بْنُ فَاطِمَةَ وَمَاذَا يَسْتَحِقُّهُ أَوْلَادُ فليفل أَعْمَامُ يُوسُفَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ مُحَمَّدِ ابْنِ الْوَاقِفِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إلَى أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ فليفل وَنَجَا وَأَحْمَدَ وَيَنْتَقِلُ نَصِيبُ أُمِّ الْخَيْرِ مِنْهُ إلَى أُخْتَيْهَا فَاطِمَةَ وَآمِنَةَ وَيَنْتَقِلُ نَصِيبُ فليفل مِنْهُ إلَى أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ نَجَا وَمُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ وَيَنْتَقِلُ نَصِيبُ آمِنَةَ مِنْهُ إلَى بِنْتِهَا بَدِيعَةَ

كتاب الهبة

وَيَنْتَقِلُ نَصِيبُ بَدِيعَةَ مِنْهُ إلَى فَاطِمَةَ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ الطَّبَقَاتِ إلَى الْوَاقِفِ وَيَنْتَقِلُ نَصِيبُ فَاطِمَةَ لِابْنِهَا نُورِ الدِّينِ وَيَنْتَقِلُ نَصِيبُ نَجَا ابْنِ ابْنِ الْوَاقِفِ وَنَصِيبُ أَحْمَدَ ابْنِ ابْنِ الْوَاقِفِ إلَى نُورِ الدِّينِ بْنِ فَاطِمَةَ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ الطَّبَقَاتِ لِلْوَاقِفِ وَيَنْتَقِلُ نَصِيبُ نَجَا بْنِ فليفل إلَى وَلَدِهِ يُوسُفَ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْته مَا يَسْتَحِقُّهُ يُوسُفُ بْنُ نَجَا بْنِ فليفل وَمَا يَسْتَحِقُّهُ نُورُ الدِّينِ بْنُ فَاطِمَةَ وَمَا يَسْتَحِقُّهُ فليفل. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ مَسْجِدًا وَجَعَلَ لِإِمَامِهِ مَسْكَنًا يَسْكُنُهُ فَوَلِيَ الْإِمَامَةَ رَجُلٌ فَلَمْ يُسَلِّمْهُ النَّاظِرُ السَّكَنَ الْمَذْكُورَ مُدَّةً بِغَيْرِ عُذْرٍ فَهَلْ يَرْجِعُ الْإِمَامُ عَلَى النَّاظِرِ بِأُجْرَةِ السَّكَنِ تِلْكَ الْمُدَّةَ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ عَبْدِهِ لِزَيْدٍ سَنَةً فَلَمْ يُسَلِّمْهُ الْوَارِثُ حَتَّى مَضَتْ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى النَّاظِرِ بِشَيْءٍ مِنْ أُجْرَةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَلَا جَامِعَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ. [كِتَابُ الْهِبَةِ] (كِتَابُ الْهِبَةِ) (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَمَّنْ قَالَ لِغَيْرِهِ وَهَبْتُك كَذَا فَلَمْ تَقْبَلْ فَقَالَ لَهُ بَلْ قَبِلْت هَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ أَمْ قَوْلُ الْمُتَّهَبِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُتَّهَبِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِذَلِكَ وَلِأَنَّ الْوَاهِبَ قَدْ عَقَّبَ إقْرَارَهُ بِمَا يَرْفَعُهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَهَبَ لِوَلَدِهِ شَيْئًا وَأَقْبَضَهُ إيَّاهُ وَحَكَمَ

شَافِعِيٌّ بِمُوجِبِ الْهِبَةِ ثُمَّ رَجَعَ الْوَاهِبُ فِي هِبَتِهِ وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ بِيَدِ الْمُتَّهَبِ فَرُفِعَتْ الْحَادِثَةُ إلَى الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ وَاتَّصَلَ بِهِ حُكْمُ الشَّافِعِيِّ فَحَكَمَ بِبُطْلَانِ الرُّجُوعِ وَقَالَ إنَّ مُوجِبَهَا خُرُوجُ الْعَيْنِ مِنْ مِلْكِ الْوَاهِبِ وَدُخُولُهَا فِي مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَأَمَّا الرُّجُوعُ فَحَادِثَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وُجِدَتْ بَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي الشَّافِعِيِّ فَكَيْفَ تَدْخُلُ تَحْتَ حُكْمِهِ وَكَيْفَ يُعْقَلُ أَنْ يَسْبِقَ السَّيْلُ الْمَطَرَ وَالْحَصَادُ الزِّرَاعَةَ وَالْوِلَادَةُ الْإِحْبَالَ وَصَارَتْ الْمَسْأَلَةُ بِذَلِكَ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ حُكْمَ الْحَنَفِيِّ بَاطِلٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا حَكَمَ بِهِ الشَّافِعِيُّ إذْ قَوْلُهُ بِمُوجِبِهِ مِنْ قَوْلِهِ حَكَمْت بِمُوجِبِهِ مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَهُوَ عَامٌّ وَمَدْلُولُهُ كُلِّيَّةٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ حَكَمْت بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ وَبِصِحَّةِ الرُّجُوعِ عِنْدَ وُقُوعِهِ وَهَكَذَا إلَى آخِرِ مُقْتَضَيَاتِهِ سَوَاءٌ فِيهَا مَا وَقَعَ وَمَا لَمْ يَقَعْ بَعْدُ وَقَدْ قَالَ أَئِمَّتُنَا يَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَالْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ مِنْ أَوْجَهِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعَقْدَ الصَّادِرَ إذَا كَانَ صَحِيحًا بِالِاتِّفَاقِ وَوَقَعَ الْخِلَافُ فِي مُوجِبِهِ فَالْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْعَمَلِ بِمُوجِبِهِ عِنْدَ غَيْرِ مَنْ حَكَمَ بِهَا وَلَوْ حَكَمَ الْأَوَّلُ بِالْمُوجِبِ امْتَنَعَ الْحُكْمُ بِمُوجِبِهِ عِنْدَ غَيْرِهِ مِثَالُهُ التَّدْبِيرُ صَحِيحٌ بِالِاتِّفَاقِ. وَمُوجِبُهُ إذَا كَانَ تَدْبِيرًا

مُطْلَقًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَنْعُ الْبَيْعِ فَلَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِصِحَّةِ التَّدْبِيرِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ بَيْعِهِ عِنْدَ مَنْ يَرَى صِحَّةَ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ وَلَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِمُوجِبِ التَّدْبِيرِ امْتَنَعَ الْبَيْعُ وَإِذَا كَانَ حَكَمَ الْمَالِكِيُّ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ إثْبَاتَ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَلَا فَسْخَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا بِسَبَبِ ذَلِكَ الْحُكْمِ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ يُجَامِعُ ذَلِكَ وَلَوْ حَكَمَ بِمُوجِبِ الْبَيْعِ امْتَنَعَ عَلَى الْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ تَمْكِينُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مِنْ الْفَسْخِ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ وَلَيْسَ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى نَقْضِ حُكْمِ الْحَاكِمِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي حَكَمَ بِهِ وَهُوَ الْإِيجَابُ. وَلَوْ حَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ مَانِعًا لِلْحَاكِمِ الْحَنَفِيِّ مِنْ تَمْكِينِ الْجَارِ مِنْ أَخْذِ الْمَبِيعِ بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ حَكَمَ بِمُوجِبِهِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَوْ حَكَمَ الْمَالِكِيُّ بِصِحَّةِ الْقَرْضِ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَى الْمُقْرِضِ الرُّجُوعُ فِي الْقَرْضِ وَإِنْ حَكَمَ بِمُوجِبِهِ امْتَنَعَ الْحُكْمُ عَلَى الْمُقْرِضِ بِالرُّجُوعِ فِي الْعَيْنِ الْمُقْرَضَةِ الْبَاقِيَةِ عِنْدَ الْمُقْتَرِضِ لِأَنَّ مُوجِبَ الْقَرْضِ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ وَلَوْ حَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِصِحَّةِ الرَّهْنِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَانِعًا لِمَنْ يَرَى فَسْخَ الرَّهْنِ بِالْعَوْدِ إلَى الرَّاهِنِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ أَنْ يُعِيدَهُ بِاخْتِبَارٍ

هبة الأصل للفرع

وَيَفُوتُ الْحَقُّ فِيهِ بِإِعْتَاقِ الرَّاهِنِ مَثَلًا أَنْ يَفْسَخَهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ لَيْسَ مُنَافِيًا لِلْفَسْخِ بِمَا ذُكِرَ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَكَمَ بِمُوجِبِهِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَفْسَخَهُ بِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ لِأَنَّ مُوجِبَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ دَوَامُ الْحَقِّ فِيهِ لِلْمُرْتَهِنِ مَعَ الْعَوْدِ مُطْلَقًا فَالْحُكْمُ بِالْفَسْخِ لِأَجْلِ الْعَوْدِ الْمَذْكُورِ مُنَافٍ لِحُكْمِ الشَّافِعِيِّ بِمُوجِبِهِ عِنْدَهُ اهـ [هِبَة الْأَصْل للفرع] (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ فِي هِبَةِ الْأَصْلِ لِلْفَرْعِ وَلَوْ زَرَعَ الْحَبَّ أَوْ تَفَرَّخَ الْبَيْضُ فَلَا رُجُوعَ إذْ ذَاكَ مُعْتَمَدٌ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي كَلَامِهِ فِي الْغَصْبِ حَيْثُ يَرْجِعُ الْمَالِكُ فِيهِ وَإِنْ فَرَّخَ وَنَبَتَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُقْرِي كَصَاحِبِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ اسْتِهْلَاكَ الْمَوْهُوبِ يَسْقُطُ بِهِ حَقُّ الْوَاهِبِ بِالْكُلِّيَّةِ وَاسْتِهْلَاكَ الْمَغْصُوبِ أَوْ نَحْوِهِ لَا يَسْقُطُ بِهِ حَقُّ مَالِكِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ رَجَعَ الْأَصْلُ فِي عَيْنٍ وَهَبَهَا لِفَرْعِهِ وَهِيَ مُؤَجَّرَةٌ فَلِمَنْ أُجْرَتُهَا بَعْدَ الرُّجُوعِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ أُجْرَتَهَا لِلْمُتَّهِبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رُجُوعِ الْبَائِعِ بِالتَّحَالُفِ أَنَّ الْعَقْدَ هُنَاكَ يَرْتَفِعُ مِنْ أَصْلِهِ عَلَى وَجْهٍ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِ أَطْعَمْتُك هَذَا فَأَقْبَضَهُ هَلْ هُوَ صَرِيحٌ أَمْ كِنَايَةٌ؟ (فَأَجَابَ)

كتاب اللقطة

بِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْهِبَةِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَبَاحَهُ مَنْفَعَةَ دَارِهِ أَوْ وَهَبَهَا لَهُ فَهَلْ الدَّارُ عَارِيَّةٌ لَهُ فِيهِمَا فَلَا يَمْلِكُ مَنَافِعَهَا كَمَا رَجَّحَهُ فِي هِبَةِ الْمَنْفَعَةِ الزَّرْكَشِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ فِيهِمَا أَمْ لَا فِيهِمَا فَتَكُونُ أَمَانَةً وَيَمْلِكُ مَنَافِعَهَا بِقَبْضِهَا وَهُوَ اسْتِيفَاؤُهَا لَا بِقَبْضِ الدَّارِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ فِي الثَّانِيَةِ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ الثَّانِي. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا وَهَبَهُ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَأَطْلَقَ فَهَلْ يَكُونُ صَدَقَةً وَيَحْصُلُ بِهِ ثَوَابُ الْآخِرَةِ أَمْ لَا وَهَلْ إذَا وَهَبَهُ سِرْجِينًا يَصِحُّ أَمْ لَا وَمَا الْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَكُونُ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ صَدَقَةً إلَّا إنْ قَصَدَ بِهَا وَاهِبُهَا ثَوَابَ الْآخِرَةِ وَلَا تَصِحُّ هِبَةُ السِّرْجِينِ إذْ لَا تَكُونُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ لِأَنَّهَا التَّمْلِيكُ بِلَا عِوَضٍ وَأَمَّا هِبَةُ السِّرْجِينِ وَنَحْوِهِ عَلَى إرَادَةِ نَقْلِ الِاخْتِصَاصِ فَصَحِيحَةٌ. [كِتَابُ اللَّقْطَةِ] (كِتَابُ اللَّقْطَةِ) (سُئِلَ) عَنْ أُجْرَةِ الْمُشْرِفِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ الْفَاسِقِ هَلْ هِيَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ أَمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ أُجْرَةَ الْمُشْرِفِ عَلَى تَعْرِيفِ الْفَاسِقِ لِلُّقَطَةِ عَلَيْهِ إنْ الْتَقَطَهَا لِلتَّمَلُّكِ وَإِنْ الْتَقَطَهَا لِلْحِفْظِ فَهِيَ فِي بَيْتِ الْمَالِ. (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ إذْنِ أَحَدِ سَيِّدَيْ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ فِي

شروط صحة التقاط الذمي

الِالْتِقَاطِ دُونَ الْآخَرِ حَيْثُ لَا مُهَايَأَةَ هَلْ يَصِحُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ الِالْتِقَاطُ بِالْإِذْنِ الْمَذْكُورِ. (سُئِلَ) عَنْ مُلْتَقِطٍ عَرَّفَ لُقَطَتَهُ ثُمَّ تَمَلَّكَهَا وَمَاتَ وَلَمْ يَعْرِفْ مَالِكَهَا الْأَوَّلَ هَلْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِهَا فِي الْآخِرَةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَيْهِ فِيهَا وَيُعَوِّضُهُ اللَّهُ تَعَالَى. (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ فِي الْمَوْقُوفِ يَنْبَغِي جَوَازُ الْتِقَاطِهِ لِتَمَلُّكِ مَنَافِعِهِ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ هُوَ مُعْتَمَدٌ. [شُرُوط صِحَّة الْتِقَاط الذِّمِّيّ] (سُئِلَ) هَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْتِقَاطِ الذِّمِّيِّ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا فِي دِينِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ لِأَنَّ اللُّقَطَةَ تَبَرُّعٌ مِنْهُ وَيُجْعَلُ عَلَيْهِ مُشْرِفٌ فِي التَّعْرِيفِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ تَمَلَّكَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ وَظَهَرَ مَالِكُهَا بَعْدَ تَلَفِهَا وَلَزِمَهُ قِيمَتُهَا إذَا كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً هَلْ الْمُرَادُ قِيمَةُ بَلَدِ الْمُلْتَقِطِ الْمَذْكُورِ أَوْ الْمَالِكِ إذَا اخْتَلَفَتْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَتُهَا يَوْمَ تَمَلَّكَهَا بِمَكَانِهِ لِأَنَّهُ يَوْمُ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ. [كِتَابُ اللَّقِيطِ] (كِتَابُ اللَّقِيطِ) (سُئِلَ) هَلْ يَصِحُّ إسْلَامُ صَغِيرٍ أَبَوَاهُ كَافِرَانِ إذَا تَلَفَّظَ بِالشَّهَادَتَيْنِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ فَلَوْ كَانَ حَرْبِيًّا وَأُسِرَ صَارَ رَقِيقًا مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ. (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ هَلْ يَتَّبِعُهُ مَنْ يَحْدُثُ مِنْ فُرُوعِهِ

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَتَّبِعُهُ فِي الْإِسْلَامِ مَنْ يَحْدُثُ مِنْ فُرُوعِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ عَنْ وَلَدٍ صَغِيرٍ أَوْ أَسْلَمَ صَغِيرٌ فَهَلْ يَحِلُّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِبَقَائِهِ عَلَى كُفْرِهِ وَإِذَا وَقَعَ فَهَلْ يَكُونُ مَانِعًا لِلْحَاكِمِ مِنْ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ وَمِنْ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ إسْلَامِ الصَّغِيرِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ الْحُكْمُ بِبَقَائِهِ عَلَى كُفْرِهِ لِأَنَّ الرِّضَا بِالْبَقَاءِ عَلَى الْكُفْرِ كُفْرٌ فَإِنْ وَقَعَ لَمْ يَمْنَعْ الْمُخَالِفَ مِنْ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ. (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ قَوْلِهِمْ إنَّ أَطْفَالَ الْكُفَّارِ فِي الْجَنَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ فَقِيلَ هَذَا مُشْكِلٌ بِكَلَامِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُمْ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِمْ قَبْلَ الْمَوْتِ إذْ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَلَا يُدْفَنُونَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يُوجَدْ مُزِيلٌ لَهُ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ لَنَا غَيْرَ مُسْلِمٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ بَاطِلٌ عَنْهُمْ وَإِنَّمَا هُمْ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِمْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» إلَخْ وَالتَّهَوُّدُ وَالتَّنَصُّرُ إنَّمَا يُؤْثَرُ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ الْأَبَوَيْنِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلَمْ يُوجَدْ وَالْمُرَادُ بِالْفِطْرَةِ فِيهِ الْإِسْلَامُ وَالِانْقِيَادُ وَبِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ وَلَمْ تَحْصُلْ مِنْهُمْ مُخَالَفَةٌ فَلَمْ يَسْتَحِقُّوا الْعَذَابَ فَقِيلَ فِي مُقَابِلِهِ وَلَا الثَّوَابَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْي الْعَذَابِ دُخُولُ الْجَنَّةِ إذْ هُنَاكَ الْأَعْرَافُ وَهُوَ مَنْزِلُهُمْ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ فَقِيلَ لَهُ لَا نُسَلِّمُ هَذَا لِأَنَّهُ إمَّا

جَنَّةٌ وَإِمَّا نَارٌ لِقَوْلِهِ {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود: 105] وَقَوْلِهِ {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى: 7] فَإِذَا انْتَفَى الثَّانِي ثَبَتَ الْأَوَّلُ وَمَا ذُكِرَ مِنْ إثْبَاتِ الْمَنْزِلَةِ الثَّالِثَةِ مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ بَاطِلٌ لِقَوْلِ الْجَلَالِ السُّيُوطِيّ فِي تَفْسِيرِهِ لِأَنَّ الْأَعْرَافَ سُوَرُ الْجَنَّةِ وَسُوَرُ الْبَلَدِ مِنْهَا فَهَلْ مَا نُقِلَ عَنْ الْفُقَهَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَالْجَوَابُ عَنْهُ بِاسْتِدْلَالِهِ صَحِيحٌ وَهَلْ هُنَاكَ مَنْزِلَةٌ ثَالِثَةٌ فَلَهَا أَصْلٌ وَمَنْ ذَكَرَهَا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَمَاذَا يَسْتَحِقُّهُ مَنْ قَالَ إنَّهُ مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ إلَخْ. وَمَا الْجَوَابُ عَنْ الْإِشْكَالِ فَإِنْ قُلْتُمْ إنَّهُمْ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِمْ فِي الْآخِرَةِ عَكْسُ الدُّنْيَا فَمَا الدَّلِيلُ عَلَيْهِ وَلِأَيِّ مَعْنًى خَالَفَ حُكْمُ الْآخِرَةِ الدُّنْيَا هَاهُنَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا نُقِلَ عَنْ الْفُقَهَاءِ صَحِيحٌ وَبُطْلَانُ الْجَوَابِ عَنْهُ بِأَنَّهُ بَاطِلٌ عَنْهُمْ مَعْلُومٌ وَلَا يُعَارِضُهُ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ لِأَنَّهُمْ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ لَا فِي الْأَحْكَامِ الْأُخْرَوِيَّةِ وَلَيْسَ هُنَاكَ مَنْزِلَةٌ ثَالِثَةٌ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَهْلُ الْأَعْرَافِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِي تَعْيِينِهِمْ بِضْعَةَ عَشَرَ قَوْلًا وَهِيَ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ} [الأعراف: 48] إلَى قَوْلِهِ {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} [الأعراف: 49] أَيْ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى

لَهُمْ ذَلِكَ أَوْ بَعْضُ الْمَلَائِكَةِ وَالْقَائِلُ بِأَنَّ الْمَنْزِلَةَ الثَّالِثَةَ مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ مُصِيبٌ فَإِنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ فَاسِقٌ لَا مُؤْمِنٌ وَلَا كَافِرٌ وَهَذَا هُوَ الْمَنْزِلَةُ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ عِنْدَهُمْ جُزْءٌ مِنْ حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ وَأَجَابَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَنْهُ بِأَنَّهُ إحْدَاثٌ لِلْقَوْلِ الْمُخَالِفِ لِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ السَّلَفُ مِنْ عَدَمِ الْمَنْزِلَةِ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ فَيَكُونُ بَاطِلًا فَالصَّحِيحُ أَنَّ أَطْفَالَ الْكُفَّارِ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِمْ فِي الْأَحْكَامِ الْأُخْرَوِيَّةِ وَبِكُفْرِهِمْ فِي الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْإِشْكَالُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ لَنَا غَيْرَ مُسْلِمٍ فِي الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَرْدُودٌ بِقَوْلِهِمْ إنَّ مَنْ صَدَّقَ بِقَلْبِهِ وَاخْتَرَمَتْهُ الْمَنِيَّةُ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ غَيْرُ مُسْلِمٍ فِي الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَأَنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَأَنَّ الصَّغِيرَ الْمُمَيِّزَ إذَا تَلَفَّظَ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَصَدَّقَ بِقَلْبِهِ غَيْرُ مُسْلِمٍ فِي الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَبِالْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَخْلُقُ خَلْقًا فِي الْآخِرَةِ وَيُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ» وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِمْ أَيْ فِي أَطْفَالِ الْكُفَّارِ إذَا مَاتُوا قَبْلَ بُلُوغِهِمْ فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ هُمْ فِي النَّارِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا نَحْكُمُ بِجَنَّةٍ وَلَا نَارٍ وَلَا نَعْلَمُ حُكْمَهُمْ وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ هُمْ فِي الْجَنَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ

وَقَدْ أَوْضَحْته بِدَلَائِلِهِ وَالْجَوَابُ عَمَّا يُعَارِضُهُ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ مِنْ شَرْحِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ. اهـ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَوْلَادُ الْأَنْبِيَاءِ فِي الْجَنَّةِ إجْمَاعًا وَأَطْفَالُ سَائِرِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ الْجُمْهُورُ يُقْطَعُ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ الْإِجْمَاعَ فِيهِ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ لَا يُقْطَعُ لَهُمْ بِهَا كَالْمُكَلَّفِينَ وَقَالَ الْكَمَالُ الدَّمِيرِيُّ مَنْ مَاتَ وَهُوَ صَغِيرٌ عَلَى أَقْسَامٍ أَوْلَادُ الْأَنْبِيَاءِ فِي الْجَنَّةِ بِالْإِجْمَاعِ وَأَوْلَادُ غَيْرِهِمْ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ بِالْمَوْقِفِ وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ فِيهِمْ هَذَانِ الْقَوْلَانِ وَقِيلَ عَلَى الْأَعْرَافِ وَقِيلَ يُمْتَحَنُونَ فِي الْآخِرَةِ وَقِيلَ فِي النَّارِ وَاسْتَدَلَّ لِكَوْنِهِمْ فِي الْجَنَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّحِيحِ «وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ» . اهـ. وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ أَشْيَاءُ مِنْهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» أَيْ إمَّا بِتَعْلِيمِهِمَا إيَّاهُ وَتَرْغِيبِهِمَا فِيهِ أَوْ كَوْنُهُ تَبَعًا لَهُمَا فِي الدِّينِ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَهُمَا فِي الدُّنْيَا إذْ لَا عِبْرَةَ فِي الْإِيمَانِ الْفِطْرِيِّ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا بَلْ بِالْإِيمَانِ الشَّرْعِيِّ الْمُكْتَسَبِ بِالْإِرَادَةِ وَالْفِعْلِ مِنْهُ أَوْ بِتَبَعِيَّتِهِ حَالَ عَدَمِ تَكْلِيفِهِ لِأَحَدِ أُصُولِهِ فِيهِ فَإِنْ سَبَقَتْ لَهُ السَّعَادَةُ أَسْلَمَ وَإِلَّا مَاتَ كَافِرًا فَإِنْ مَاتَ

قَبْلَ بُلُوغِهِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمِنْهُ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَدِيثُ الطَّوِيلُ حَدِيثُ الرُّؤْيَا وَفِيهِ «وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ فَإِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَأَمَّا الْوَلَدَانِ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ قَالَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ» وَفِي الْبُخَارِيِّ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي رَجَاءٍ «وَالشَّيْخُ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ إبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهُ أَوْلَادُ النَّاسِ» . اهـ. وَهَذَا يَقْتَضِي عُمُومُهُ جَمِيعَ النَّاسِ وَمِنْهَا خَبَرُ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ سَأَلَتْ خَدِيجَةُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ هُمْ مَعَ آبَائِهِمْ ثُمَّ سَأَلَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ ثُمَّ سَأَلَتْهُ بَعْدَمَا اسْتَحْكَمَ الْإِسْلَامُ فَنَزَلَتْ {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] قَالَ هُمْ عَلَى الْفِطْرَةِ أَوْ قَالَ هُمْ فِي الْجَنَّةِ» . اهـ. قَالُوا وَهَذَا حَدِيثٌ مُرَتَّبٌ مُفَسَّرٌ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَهُوَ مُقْتَضِي مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَحَادِيثَ صِحَاحٍ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْأَطْفَالِ وَمِنْهَا خَبَرُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سَأَلْت رَبِّي

عَنْ اللَّاهِينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْبَشَرِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ فَأَعْطَانِيهِمْ» قَالُوا وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْأَطْفَالِ اللَّاهِينَ لِأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَاللَّهْوِ وَاللَّعِبِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَلَا عَزْمٍ مِنْ قَوْلِهِمْ لَهَيْتُ عَنْ الشَّيْءِ أَيْ لَمْ أَعْتَقِدْهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ} [الأنبياء: 3] وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ خُدَّامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَاسْتَدَلُّوا بِخَبَرٍ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ وَهُوَ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالْمَعْنَى فِي كَوْنِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَخْرَجَ ذُرِّيَّةَ آدَمَ مِنْ صُلْبِهِ فِي صُورَةِ الذَّرِّ أَقَرُّوا لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} [الأعراف: 172] ثُمَّ أَعَادَهُمْ فِي صُلْبِ آدَمَ بَعْدَ أَنْ أَقَرُّوا لَهُ بِأَنَّهُ اللَّهُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ ثُمَّ مَنْ كُتِبَ شَقِيًّا حَتَّى جَرَى عَلَيْهِ الْقَلَمُ نَقَضَ الْمِيثَاقَ وَمَنْ مَاتَ صَغِيرًا مَاتَ عَلَى الْمِيثَاقِ الْأَوَّلِ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْهِمْ فِي صُلْبِ آدَمَ وَلَمْ يَنْقُضُوا الْمِيثَاقَ (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَاسِبًا فَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَمَّا الْكَافِرُ فَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ بِشَرْطِ الضَّمَانِ كَالْمُضْطَرِّ يَأْكُلُ طَعَامَ الْغَيْرِ بِشَرْطِ الضَّمَانِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي السَّرِقَةِ وَرَجَّحَ فِي اللَّقِيطِ الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِ أَنَّهُ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ وَلَا ضَمَانَ مَا الْأَصَحُّ؟ (فَأَجَابَ)

بِأَنَّ الْأَصَحَّ فِي الْكَافِرِ الْمُحْتَاجِ الضَّمَانُ وَفِي اللَّقِيطِ عَدَمُ الضَّمَانِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا طُرُوُّ الْحَاجَةِ فِي غَيْرِ اللَّقِيطِ وَسُرْعَةُ زَوَالِهَا غَالِبًا بِخِلَافِ اللَّقِيطِ مَعَ زِيَادَةِ عَجْزِهِ. (سُئِلَ) عَنْ نَصْرَانِيَّةٍ زَنَى بِهَا مُسْلِمٌ فَأَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ هَلْ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْوَلَدَ غَيْرُ مَنْسُوبٍ إلَى الزَّانِي لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَالْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» فَهُوَ مَحْكُومٌ بِكَوْنِهِ نَصْرَانِيًّا تَبَعًا لِأُمِّهِ فَقَدْ قَالُوا لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الطِّفْلِ بِالتَّبَعِيَّةِ إلَّا بِإِحْدَى جِهَاتٍ ثَلَاثٍ الْأُولَى إسْلَامُ أَحَدِ أُصُولِهِ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ مُسْلِمٍ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذِهِ عِلَّةٌ صَحِيحَةٌ إنْ كَانَ الْأَبُ مُسْلِمًا أَوْ الْأُمُّ وَقُلْنَا الْوَلَدُ مِنْ مَائِهِمَا وَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إنَّهُ مِنْ الرَّجُلِ فَقَطْ فَلَا وَقَالَ غَيْرُهُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ أَحَدُ أُصُولِهِ أَنَّهُ لَوْ زَنَى مُسْلِمٌ بِكَافِرَةٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ مِنْهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَصْلًا لَهُ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أُنْثَى جَازَ وَصَحَّ لَهُ نِكَاحُهَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيِّ مِنْ أَنَّ وَلَدَ الْكَافِرَةِ الْحَرْبِيَّةِ وَالذِّمِّيَّةِ مِنْ زِنًا أَوْ إكْرَاهٍ مُسْلِمٌ وَلَا بُدَّ لِأَنَّهُ وُلِدَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَيْسَ لَهُ أَبَوَانِ يُخْرِجَانِهِ مِنْهُ فَمَرْدُودٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَبِأَنَّ الْوَلَدَ الْمَذْكُورَ كَغَيْرِهِ مِنْ أَطْفَالِ الْكُفَّارِ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِمْ فِي الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْحَدِيثُ

الْمَأْخُوذُ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ جُمْلَةِ أَدِلَّةِ الْقَوْلِ الصَّحِيحِ أَنَّ أَطْفَالَ الْكُفَّارِ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِمْ فِي الْأَحْكَامِ الْأُخْرَوِيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَمَا ذَكَرَهُ رَأْيٌ لِلظَّاهِرِيَّةِ وَقَدْ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إنَّ الْمُحَقِّقِينَ لَا يُقِيمُونَ لِلظَّاهِرِيَّةِ وَزْنًا وَإِنَّ خِلَافَهُمْ لَا يُعْتَبَرُ، الثَّانِيَةُ تَبَعِيَّةُ السَّابِي فَإِذَا سَبَى الْمُسْلِمُ طِفْلًا مُنْفَرِدًا عَنْ أَبَوَيْهِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ الثَّالِثَةُ تَبَعِيَّةُ الدَّارِ فَإِذَا وُجِدَ لَقِيطٌ وَهُوَ كُلُّ طِفْلٍ ضَائِعٍ لَا كَافِلَ لَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَفِيهَا مُسْلِمٌ أَوْ فِي دَارِ الْكُفْرِ وَقَدْ سَكَنَهَا مُسْلِمٌ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَلَدَهُ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ (سُئِلَ) هَلْ الْأَصْلُ فِي كُلِّ مَوْلُودٍ الْإِسْلَامُ أَوْ عَدَمُهُ وَيَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ مَوْلُودٍ الْإِسْلَامُ لِلْحَدِيثِ ثُمَّ إنْ كَانَ لَهُ أَصْلٌ مُسْلِمٌ فَهُوَ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَإِلَّا فَفِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ دُونَ الدُّنْيَا وَأَمَّا فِي حَقِّ كُلِّ بَالِغٍ فَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ مَنْ بِدَارِنَا الْإِسْلَامُ. (سُئِلَ) عَنْ الْمُبَعَّضِ إذَا الْتَقَطَ فِي نَوْبَتِهِ لَقِيطًا هَلْ يَصِحُّ الْتِقَاطُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْتِقَاطُهُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ وَجَدَ اثْنَانِ مَعًا لَقِيطًا وَأَحَدُهُمَا غَنِيٌّ مَسْتُورُ الْعَدَالَةِ وَالْآخَرُ فَقِيرٌ ظَاهِرُهَا مَنْ الْمُقَدَّمُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقَدَّمُ ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ عَلَى مَسْتُورِهَا.

كتاب الجعالة

سُئِلَ) عَمَّنْ خُلِقَ أَعْمَى أَصَمَّ ثُمَّ بَلَغَ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ أَوْ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ هَلْ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ وَتَكْلِيفِهِ أَوْ بِإِسْلَامِهِ دُونَ تَكْلِيفِهِ وَهَلْ إذَا تَوَلَّدَ بَيْنَ كَافِرَيْنِ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ أَمْ كُفْرِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِإِنَّ الْوَلَدَ الْمَذْكُورَ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِأَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَلَيْسَ مُكَلَّفًا لِعَدَمِ فَهْمِهِ الْخِطَابَ وَالْوَلَدُ الْمَذْكُورُ إنْ تَوَلَّدَ بَيْنَ كَافِرَيْنِ فَهُوَ كَافِرٌ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [كِتَابُ الْجَعَالَةِ] (كِتَابُ الْجَعَالَةِ) (سُئِلَ) عَمَّا إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ قَبُولِ الْعَامِلِ فِي الْجَعَالَةِ هَلْ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ أَلْحَقْنَاهُ بِالْوَكَالَةِ أَرْتَدَّ فَلَا يَسْتَحِقُّ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ هَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ الرَّدِّ بِرَدِّهِ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الْخُلْعِ لَوْ قَالَ لِشَخْصٍ إنْ رَدَدْت ابْنِي فَلَكَ عَلِيَّ دِينَارٌ فَقَالَ الْمُخَاطَبُ أَرُدُّهُ بِنِصْفِ دِينَارٍ فَالْوَجْهُ عِنْدِي الْقَطْعُ بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الدِّينَارَ فَإِنَّ الْقَبُولَ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْجَعَالَةِ وَقَالَ الْقَمُولِيُّ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ إنْ رَدَدْت عَبْدِي فَلَكَ دِينَارٌ فَقَالَ أَرُدُّهُ بِنِصْفِ دِينَارٍ فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِاسْتِحْقَاقِ الدِّينَارِ وَقَدْ يَنْقَدِحُ فِيهِ خِلَافٌ كَمَا فِي الْخُلْعِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ كَانَ عَامِلُ الْجَعَالَةِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مَحْجُورًا

الاستنابة في الجعل

عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَفَسَخَهُ فِي أَثْنَاءِ عَمَلِهِ هَلْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ مَا عَمِلَ قَبْلَ فَسْخِهِ أَوْ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا لِأَنَّ الْجُعَلَ يُسْتَحَقُّ بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَقَدْ فَوَّتَ الْعَمَلَ بِاخْتِيَارِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ غَرَضُ الْمَالِكِ سَوَاءٌ أَوْقَعَ مَا عَمِلَهُ مُسْلِمًا أَوْ ظَهَرَ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ أَمْ لَا وَقَدْ اتَّسَعَ فِي عَقْدِ الْجَعَالَةِ وَكَمَا اُعْتُبِرَ عَمَلُهُ فِي اسْتِحْقَاقِهِ الْجُعَلَ اُعْتُبِرَ فَسْخُهُ وَتَرْكُ الْعَمَلِ فِي إسْقَاطِهِ وَقَدْ شَمِلَ كَلَامُهُمْ الْمَذْكُورَيْنِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ لِشَخْصٍ إنْ رَدَدْت عَبْدِي فَلَكَ كَذَا فَأَمَرَ رَقِيقَهُ بِرَدِّهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ هَلْ يَسْتَحِقُّ كُلَّ الْجُعْلِ أَوْ يَسْتَحِقُّ بِقِسْطٍ مَا قَبْلَ الْإِعْتَاقِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ كُلَّ الْجُعْلِ لِإِنَابَتِهِ إيَّاهُ فِي الْعَمَلِ الْمَذْكُورِ وَلَا يُؤَثِّرُ طَرَيَانُ حُرِّيَّتِهِ كَمَا لَوْ أَعَانَهُ أَجْنَبِيٌّ فِيهِ وَلَمْ يَقْصِدْ الْمَالِكَ. [الِاسْتِنَابَة فِي الجعل] (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اسْتَنَابَ شَخْصًا فِي وَظِيفَةٍ بِجُعْلٍ مَعْلُومٍ هَلْ تَصِحُّ هَذِهِ الِاسْتِنَابَةُ وَيَسْتَحِقُّ النَّائِبُ الْجُعْلَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَصِحُّ هَذِهِ الِاسْتِنَابَةُ وَيَسْتَحِقُّ النَّائِبُ الْجُعْلَ. (سُئِلَ) عَنْ وَلَدٍ قَرَأَ عِنْدَ فَقِيهٍ مُدَّةً ثُمَّ نَقَلَ مِنْ عِنْدِهِ إلَى فَقِيهٍ آخَرَ فَطَلَعَ عِنْدَ سُورَةٍ يَعْمَلُ لَهَا صِرَافَةً مَثَلًا وَحَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ فُتُوحٌ هَلْ يُشَارِكُهُ فِيهِ الْأَوَّلُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُشَارِكُ الثَّانِي فِيمَا حَصَلَ

كتاب الفرائض

لَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [كِتَابُ الْفَرَائِضِ] (كِتَابُ الْفَرَائِضِ) (سُئِلَ) عَمَّنْ مَاتَ وَخَلَّفَ زَوْجَةً وَابْنًا وَدَارًا قِيمَتُهَا ثَمَانِيَةُ دَنَانِيرَ وَكَانَ عَلَيْهِ لِزَوْجَتِهِ ثَمَانِيَةُ دَنَانِيرَ فَعَوَّضَهَا الِابْنُ سَبْعَةَ أَثْمَانِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ عَنْ سَبْعَةِ دَنَانِيرَ مِنْ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ وَقَبَضَ ثَمَنَ الدَّارِ الْبَاقِيَ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ وَتَمْلِكُ جَمِيعَ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ بِذَلِكَ فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَهَلْ مِلْكُهَا ثَمَنَ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ بِسَبَبِ الْإِرْثِ أَوْ بِسَبَبِ الدِّينَارِ الْبَاقِي لَهَا مِنْ الثَّمَانِيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهَلْ لَهَا مُطَالَبَةٌ فِي الْآخِرَةِ بِالدِّينَارِ الْمَذْكُورِ وَلَوْ عَوَّضَهَا الِابْنُ جَمِيعَ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ عَنْ جَمِيعِ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ التَّعْوِيضُ الْمَذْكُورُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ مِنْ الدَّارِ إلَّا سَبْعَةَ أَثْمَانِهَا فَكَيْفَ يَصِحُّ فِي جَمِيعِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ التَّعْوِيضُ الْمَذْكُورُ وَتَمْلِكُ الزَّوْجَةُ جَمِيعَ الدَّارِ سَبْعَةَ أَثْمَانِهَا بِالتَّعْوِيضِ الْمَذْكُورِ وَأَمَّا ثُمُنُهَا الْبَاقِي فَيُقَدَّرُ أَنَّهُ أُخِذَ مِنْهَا ثُمَّ أُعِيدَ إلَيْهَا عَنْ الدِّينَارِ الْبَاقِي وَهَذَا بِسَبَبِ سُقُوطِهِ وَبَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ مِنْهُ فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا بِهِ فِي الْآخِرَةِ وَأَمَّا تَعْوِيضُ ابْنِ الزَّوْجَةِ جَمِيعَ الدَّارِ فِي دَيْنِهَا فَيَصِحُّ فِي نَصِيبِهِ وَيَبْطُلُ فِي نَصِيبِهَا تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ وَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا فِي الْحَالَةِ الْأُولَى الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَالِ (سُئِلَ)

عَمَّنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَتَرَكَ أَرْضًا مَمْلُوكَةً مَشْحُونَةً بِأُصُولِ الْقَصَبِ وَأُصُولِ قَصَبٍ أَيْضًا بِأَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ فَمَا الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الدَّيْنُ مِنْ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ وَبِأُصُولِ الْقَصَبِ الْمَوْجُودَةِ حَالَ الْمَوْتِ فَيَقُومُ عَلَى صِفَتِهِ حِينَئِذٍ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِلْكٌ لِلْوَرَثَةِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اجْتَمَعَ فِي التَّرِكَةِ زَكَاةٌ وَحَجٌّ فَمَا الْمُقَدَّمُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مَا يَقْتَضِي تَقْدِيمَهَا وَعَزَاهُ لِلْكِفَايَةِ وَنُسِبَ فِي هَذَا الْعَزْوِ إلَى الْغَلَطِ وَقَالَ فِي بَابِ الْحَجِّ فَفِي الْمُقَدَّمِ مِنْهُمَا نَظَرٌ وَوَقَعَ لِلدَّمِيرِيِّ نَحْوُ هَذَا الِاضْطِرَابُ وَقَالَ فِي الْفَرَائِضِ لَا نَقْلَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا إذْ لَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا. اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ كَانَ النِّصَابُ أَوْ بَعْضُهُ مَوْجُودًا قُدِّمَتْ أَوْ مَعْدُومًا وَاسْتَوَيَا فِي التَّعْلِيقِ بِالذِّمَّةِ قُسِمَ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْإِمْكَانِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ إنَّ تَصَرُّفَ وَارِثُ الْمَدْيُونِ فِي تَرِكَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الدَّيْنِ بَاطِلٌ هَلْ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ الْبَيْعُ مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِالدَّيْنِ أَوْ جَاهِلًا بِهِ أَوْ يُفَصَّلُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ بُطْلَانِهِ وَهِيَ تَفْوِيتُ حَقِّهِ وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ بَيْعَ

الْمَرْهُونِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ فَكِّ الرَّهْنِ صَحِيحٌ لَكِنْ فِي الْبَسِيطِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ إذْنَهُ وَقَعَ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَوْ قَالَ لِلرَّاهِنِ بِعْنِي الْمَرْهُونَ فَبَاعَهُ صَحَّ قَطْعًا وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ عِلْمِهِ بِالدَّيْنِ وَجَهْلِهِ بِهِ (سُئِلَ) عَمَّنْ زَنَى بِعَمَّتِهِ فَحَبِلَتْ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ فَهَلْ يَرِثُهَا أَوْ لَا وَهَلْ تَلْزَمُهُ دِيَتُهَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَرِثُهَا لِأَنَّ وِلَادَتَهَا لَا تُضَافُ إلَى وَطْئِهِ لِقَطْعِ الشَّرْعِ نَسَبَ الْوَلَدِ عَنْهُ وَلِأَنَّ الْوَطْءَ سَبَبٌ ضَعِيفٌ لَا تَدْخُلُ بِهِ الْحُرَّةُ تَحْتَ الْيَدِ وَحِينَئِذٍ فَلَا دِيَةَ لَهَا لَا عَلَيْهِ وَلَا عَاقِلَتِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَبِهِ رَهْنٌ ثُمَّ تُوُفِّيَ هَلْ يَتَعَلَّقُ بِتَرِكَتِهِ أَيْضًا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَةِ أَيْضًا وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ يَتَعَلَّقُ تَعَلُّقًا خَاصًّا وَتَعَلُّقًا عَامًا وَيَمْتَنِعُ عَلَى الْوَارِثِ التَّصَرُّفُ فِي التَّرِكَةِ قَبْلَ وَفَائِهِ وَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَبِعَ فِيهِ بَحْثُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اعْتَاضَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ مِنْ الْمَدْيُونِ غَيْرَ جِنْسِ الدَّيْنِ فِي حِصَّتِهِ بِغَيْرِ إذْنِ بَقِيَّتِهِمْ هَلْ يَصِحُّ التَّعْوِيضُ أَوْ لَا وَهَلْ لِبَقِيَّتِهِمْ مُخَاصِمَتُهُ فِيمَا اعْتَاضَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ التَّعْوِيضَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ فِي شَيْءٍ لَكَانَ بَقِيَّتُهُمْ شُرَكَاءَهُ فِيهِ

بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ وَلَا يُمْكِنُ صِحَّةُ الشِّرَاءِ لَهُمْ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُخَاصَمَتَهُمْ لَهُ إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ صِحَّةِ التَّعْوِيضِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ أَصْلًا مَعَ عَدَمِ انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ فَمَا يَفْعَلُ فِي تَرِكَتِهِ إنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ نَقْلٌ فَاذْكُرُوهُ أَوْ انْدِرَاجٌ تَحْتَ قَاعِدَةٍ فَأَوْضِحُوهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُفْعَلُ بِتَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْمَذْكُورِ مَا يُفْعَلُ فِي بَاقِي تَرِكَةِ مَنْ مَاتَ عَنْ وَارِثٍ غَيْرَ حَائِزٍ وَفَرَّعْنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَدُّ عَلَى أَهْلِ الْفَرْضِ وَلَا يُورَثُ ذَوُو الْأَرْحَامِ وَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فَإِنْ قُلْنَا لَا يُصْرَفُ إلَيْهِمْ وَلَا يُرَدُّ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ أَمِينٍ نُظِرَ إنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ بِشُرُوطِ الْقَضَاءِ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ دُفِعَ إلَيْهِ لِيَصْرِفَهُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَاضٍ بِشُرُوطِهِ صَرَفَهُ الْأَمِينُ بِنَفْسِهِ إلَى الْمَصَالِحِ وَإِنْ كَانَ قَاضٍ بِشُرُوطِهِ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ فَهَلْ يَدْفَعُهُ إلَيْهِ أَمْ يَصْرِفُهُ الْأَمِينُ بِنَفْسِهِ أَمْ يُوقَفُ إلَى أَنْ يَنْتَظِمَ بَيْتُ الْمَالِ وَمَنْ يَقُومُ بِشُرُوطِهِ أَوْجُهٌ قُلْت الثَّالِثُ ضَعِيفٌ وَالْأَوَّلَانِ حَسَنَانِ وَأَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ وَلَوْ قِيلَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا لَكَانَ حَسَنًا بَلْ هُوَ عِنْدِي أَرْجَحُ. اهـ. وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِذَا لَمْ يَنْتَظِمْ أَيْ أَمْرُ بَيْتِ الْمَالِ وَقُلْنَا لَا يُرَدُّ عَلَى أَصْحَابِ الْفُرُوضِ وَلَا يُورَثُ ذَوُو الْأَرْحَامِ فَإِنْ

كَانَ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ بِشُرُوطِهِ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ دَفَعَ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِشُرُوطِهِ وَكَانَ الْمَالُ فِي يَدِ أَمِينٍ صَرَفَهُ إلَى الْمَصَالِحِ بِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ قَاضٍ بِشُرُوطِهِ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فَهَلْ يَدْفَعُهُ إلَيْهِ أَمْ يَصْرِفُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ يُوقَفُ إلَى ظُهُورِ بَيْتِ الْمَالِ وُجُوهٌ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ قَالَ صَاحِبُ الرَّوْضَةِ وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ أَرْجَحُ عِنْدِي فَعَلَى الثَّانِي وُقُوفُ مَسَاجِدِ الْقُرَى يَصْرِفُهَا صُلَحَاءُ الْقَرْيَةِ فِي عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ وَمَصَالِحِهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ أَمِينٍ فَيَدْفَعُهُ إلَى الْقَاضِي الْعَادِلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ كَانَ جَائِرًا فَإِلَى عَالِمٍ مُتَدَيِّنٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَإِلَى صَالِحٍ مُتَعَيَّنٍ. اهـ. وَقَالَ الْقَمُولِيُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ فِي يَدِهِ الْمَالُ أَمِينًا دَفَعَهُ إلَى أَمِينِ الْوَالِي أَوْ حَاكِمٍ عَادِلٍ وَالْحُكْمُ مَا تَقَدَّمَ. اهـ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ تُوُفِّيَ غَائِبًا عَنْ زَوْجَتِهِ ثُمَّ أَثْبَتَتْ عِنْدَ قَاضِي بَلَدِهَا وَفَاتَهُ وَانْحِصَارَ إرْثِهِ فِيهَا وَفِي ابْنِهِ وَبِنْتِهِ وَأَبَوَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي حَضَرَتْ وَفَاتَهُ وَأَحْضَرَتْ نُسْخَةَ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ وَحَكَمَ لَهَا بِذَلِكَ وَهُوَ شَافِعِيٌّ وَاتَّصَلَ حُكْمُهُ بِحَاكِمٍ حَنَفِيٍّ وَنَفَّذَهُ ثُمَّ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَقَامَ أَخُوهُ بَيِّنَةً عِنْدَ حَاكِمٍ حَنَفِيٍّ بِمَدِينَةِ غَزَّةَ شَهِدَتْ عَلَى إقْرَارِ أَخِيهِ بِأَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مِنْهَا أَنَّهُ لَا يُسَافِرُ مَعَ أَخِيهِ

إلَى مَدِينَةِ دِمَشْقَ وَأَنَّهُ سَافَرَ مَعَهُ إلَيْهَا وَحَكَمَ بِمُوجِبِ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ هَذَا الْحُكْمُ يَمْنَعُ إرْثَ الزَّوْجَةِ مِنْ زَوْجِهَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ لَا يَمْنَعُ إرْثَهَا مِنْ زَوْجِهَا إذْ إقْرَارَهُ لَا يُقْبَلُ بِالنِّسْبَةِ إلَى إسْقَاطِ مَا وَجَبَ لَهَا مِنْ الْحُقُوقِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَبَانَ زَوْجَتَهُ مِنْ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ وَأَنَّهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ وَلَا كِسْوَةَ مِنْ حِينِ أَبَانَهَا وَكَذَّبَتْهُ فِي دَعْوَاهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِبَيْنُونَتِهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَلَا غَيْرِهِمَا مَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْته. (سُئِلَ) عَنْ عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ وَإِنَّمَا يَرِثُ الْحَمْلُ إذَا انْفَصَلَ حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً وَعُلِمَ وُجُودُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَلِيلَةً فَإِنْ كَانَتْ حَلِيلَةً فَبِأَنْ تَلِدَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ حَلِيلَةً وَمَا صُورَتُهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ عِبَارَةَ الْمَنْهَجِ وَالْحَمْلُ إنْ انْفَصَلَ حَيًّا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهَا أَوْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ وَلَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ فِرَاشًا فَمَا نُسِبَ إلَيْهِ فِي السُّؤَالِ لَعَلَّهُ كَانَ فِي نُسْخَةٍ قَدِيمَةٍ رَجَعَ عَنْهَا. (سُئِلَ) عَنْ الْجَوَابِ عَنْ تَصْوِيرِهِمْ مَسْأَلَةَ الْوَقْفِ فِي الْمُنَاسَخَاتِ بِجَدَّتَيْنِ وَثَلَاثِ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ مَاتَتْ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ عَنْ أُخْتٍ لِأُمٍّ وَهِيَ

باب الوصايا

الْأُخْتُ لِأَبَوَيْنِ فِي الْأُولَى وَعَنْ أُمِّ أُمٍّ وَهِيَ إحْدَى الْجَدَّتَيْنِ فِي الْأُولَى وَعَنْ أُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ وَيَجْعَلُونَ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى مِنْ سِتَّةٍ وَيُصَحِّحُونَهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَالثَّانِيَةَ مِنْ سِتَّةٍ فَهَلْ الْأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ الْأُخْتَانِ لِأُمٍّ فِي الْأُولَى وَعَلَيْهِ فَإِنَّمَا تَصِحُّ الْأُولَى مِنْ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَلَا يُقَالُ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ بَلْ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَثَلَاثُ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ فَإِنْ قِيلَ يُجَابُ بِقِيَامِ مَانِعٍ بِهِمْ افِي الْأُولَى فَمَا الْمُحْوِجُ إلَى التَّصْوِيرِ بِهَا مَعَ صِحَّةِ التَّصْوِيرِ بِكَوْنِهِمَا لِأَبٍ فِي الثَّانِيَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ صُورَتَهَا عِنْدَ قِيَامِ مَانِعٍ بِهِمَا فِي الْأُولَى وَلِلْأَئِمَّةِ مَقَاصِدُ جَمِيلَةٍ فِي تَصْوِيرِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَشْحِيذِ أَذْهَانِ مُقَرَّرِيهَا وَزِيَادَةِ أَجْرِهِمْ بِتَبَعِهِمْ فِيهِ. [بَابُ الْوَصَايَا] (بَابُ الْوَصَايَا) (سُئِلَ) عَمَّنْ أَعْطَى آخَرَ دَرَاهِمَ لِيَشْتَرِيَ بِهَا لِنَفْسِهِ عِمَامَةً مَثَلًا أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهَا كَذَلِكَ وَظَهَرَ مِنْ الْمُعْطِي أَوْ الْمُوصِي غَرَضٌ فِي تَحْصِيلِ مَا عَيَّنَهُ لَلْآخِذِ فَهَلْ يَمْلِكُ الْآخِذُ مَا أَخَذَهُ بِشَرْطِهِ مِلْكًا مُقَيَّدًا يَصْرِفُهُ فِيمَا عَيَّنَ أَوْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِمِلْكِهِ لَهُ كَذَلِكَ فَلَمْ يَصْرِفُهُ حَتَّى مَاتَ فَهَلْ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ أَمْ يَرْجِعُ لِلْمُعْطِي أَمْ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي وَإِذَا قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ فَهَلْ تَمْلِكُهُ الْوَرَثَةُ مِلْكًا مُقَيَّدًا كَمَا كَانَ حَتَّى يَتَعَيَّنَ صَرْفُهُ فِيمَا عَيَّنَ أَمْ

يَزُولُ التَّقْيِيدُ بِمَوْتِ مُوَرِّثِهِمْ وَهَلْ يَأْتِي مَا ذُكِرَ فِيمَا لَوْ أَوْصَى لِدَابَّةٍ بِشَيْءٍ وَشَرَطَ أَنْ يَصْرِفَهُ فِي عَلَفِهَا فَيَمْلِكُهُ مَالِكُهَا مِلْكًا مُقَيَّدًا بِشَرْطِهِ ثُمَّ يَزُولُ التَّقْيِيدُ بِمَوْتِهَا أَمْ يَرْجِعُ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي وَهَلْ يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَمْلِكُ الْآخِذُ مَا أَخَذَهُ بِشَرْطِهِ مِلْكًا مُقَيَّدًا يَصْرِفُهُ فِيمَا عَيَّنَهُ الْمُعْطِي أَوْ الْمُوصِي فَلَوْ لَمْ يَصْرِفْهُ فِيهِ حَتَّى مَاتَ انْتَقَلَ لِوَرَثَتِهِ بِالْإِرْثِ مِنْهُ وَلَا يَرْجِعُ لِلْمُعْطِي وَلَا لِوَرَثَةِ الْمُوصِي لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا صَارَ بِمَوْتِهِ مِلْكًا لِوَرَثَتِهِ وَقَدْ زَالَ التَّقْيِيدُ بِمَوْتِهِ فَتَتَصَرَّفُ فِيهِ الْوَرَثَةُ كَيْفَ شَاءُوا وَيَجْرِي مَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا إذَا أَوْصَى لِدَابَّةِ شَخْصٍ بِشَيْءٍ وَقَصَدَ أَنْ يَصْرِفَ فِي عَلَفِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِمَالِكِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ فَيَمْلِكُهُ مَالِكُهَا مِلْكًا مُقَيَّدًا يَصْرِفُهُ فِي عَلَفِهَا وَيَزُولُ التَّقْيِيدُ بِمَوْتِهَا فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ وَلَا يَرْجِعُ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي فَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ وَقُلْتُمْ يُقْسَمُ عَلَى عَدَدِ الدُّورِ لَا عَلَى عَدَدِ سُكَّانِهَا وَأَنَّ حِصَّةَ كُلِّ دَارٍ تُقْسَمُ عَلَى سُكَّانِهَا هَلْ يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْمُبَعَّضُ وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَسْتَوِي مَنْ ذُكِرَ وَظَاهِرُ أَنَّ مَا خَصَّ الرَّقِيقَ يَكُونُ

لِسَيِّدِهِ وَأَنَّ مَا خَصَّ الْمُبَعَّضَ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ بِحَسَبِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَإِلَّا فَلِمَنْ مَاتَ الْمُوصِي فِي نَوْبَتِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِدَيْنٍ ثُمَّ رَهَنَ بِهِ رَهْنًا وَأَقْبَضَهُ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَهَلْ تَحْسُبُ قِيمَةُ الْمَرْهُونِ مِنْ الثُّلُثِ لِتَفْوِيتِهِ الْيَدَ فِيهِ عَلَى الْوَرَثَةِ أَوْ لَا وَهَلْ يُقَدَّمُ بِهِ الْمُرْتَهِنُ عَلَى بَقِيَّةِ أَصْحَابِ الدُّيُونِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُحْسَبُ قِيمَتُهُ مِنْ الثُّلُثِ إذْ لَمْ يُفَوِّتْ بِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ يَدًا إذْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ التَّصَرُّفُ فِي التَّرِكَةِ قَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ رَهْنٌ جُعْلِيٌّ وَيُقَدَّمُ بِهِ الْمُرْتَهِنُ عَلَى بَقِيَّةِ أَصْحَابِ الدُّيُونِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمَنْهَجِ فِي الْوَصِيَّةِ أَوْ بِإِعْتَاقِ رِقَابٍ فَثَلَاثٌ فَإِنْ عَجَزَ ثُلُثُهُ عَنْهُنَّ لَمْ يُشْتَرَ شِقْصٌ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ نَفِيسَةٍ أَوْ نَفِيسَتَيْنِ شَيْءٌ فَلِلْوَرَثَةِ هَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ نَفِيسَةٍ تُسَاوِي نَفِيسَتَيْنِ وَشِرَاءِ نَفِيسَتَيْنِ أَمْ مَحَلُّ شِرَاءِ النَّفِيسَةِ الْمَزِيدَةِ عَلَى أَصْلِهِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ شِرَاءِ نَفِيسَتَيْنِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَدْلُولَ عِبَارَةِ شَيْخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الثُّلُثَ فِي حَالَتِهَا الْأُولَى لَمْ يَفِ بِقِيمَةِ رَقَبَتَيْنِ وَلَوْ خَسِيسَتَيْنِ. (سُئِلَ) عَنْ مَسْأَلَةِ زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ وَأَوْصَى بِسُدُسِ مَا يَبْقَى بَعْدَ الْفُرُوضِ فَبَيِّنُوا لَنَا الْفَرْضَ مِنْ التَّعْصِيبِ وَهَلْ تَتَوَقَّفُ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ عَلَى

إجَازَةٍ أَمْ لَا وَكَيْفِيَّةَ الْعَمَلِ مُفَصَّلًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ مِنْ سِتَّةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ فَرْضُ الزَّوْجِ نِصْفُهَا ثَلَاثَةٌ وَفَرْضُ الْأُمِّ ثُلُثُ بَاقِيهَا سَهْمٌ وَلِلْأَبِ بَاقِيهَا وَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ وَصِيَّةً أُخْرَى لِوَارِثٍ وَهُوَ الزَّوْجُ وَالْأُمُّ لِإِدْخَالِ الضَّيْمِ عَلَى الْأَبِ دُونَهُمَا فَلِمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ الضَّيْمُ أَنْ لَا يُجِيزَ الْقَدْرَ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الضَّيْمُ لِأَنَّ ضَرَرَ الْوَصِيَّةِ لَا يَخْتَصُّ بِبَعْضِ الْوَرَثَةِ فَفِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ قَدْ اخْتَصَّ الضَّيْمُ بِالْأَبِ فَإِنْ أَجَازَ لِلزَّوْجِ وَالْأُمِّ صَحَّتْ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ فَرْضِهِمَا اثْنَانِ يُقْسَمَانِ عَلَى سِتَّةٍ لَا يَصِحَّانِ عَلَيْهَا وَبَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالنِّصْفِ فَتُرَدُّ السِّتَّةُ إلَى ثَلَاثَةٍ ثُمَّ تَضْرِبُهَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ وَلِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ وَلِلْمُوصَى لَهُ سُدُسُ الْبَاقِي بَعْدَ الْفَرْضِ سَهْمٌ وَلِلْأَبِ خَمْسَةٌ وَإِنْ رَدَّ لَهُمَا بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُمَا وَلَمْ تَفْتَقِرْ وَصِيَّةُ الْأَجْنَبِيِّ لِإِجَازَةٍ لِأَنَّهُمَا دُونَ الثُّلُثِ فَالْوَصِيَّةُ بِنِصْفِ تُسْعٍ وَلَكِنْ لَا يَدْخُلُ الضَّيْمُ عَلَى الْأَبِ وَحْدَهُ فَيَخْرُجُ جُزْءُ الْوَصِيَّةِ مِنْ مَخْرَجِهَا يَبْقَى مِنْهُ سَبْعَةَ عَشَرَ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ وَلَا تُوَافِقُ فَتَضْرِبُ الْمَخْرَجَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ تَبْلُغُ مِائَةً وَثَمَانِيَةً وَمِنْهَا تَصِحُّ لِلْمُوصَى لَهُ نِصْفُ تُسْعِهَا سِتَّةٌ وَلِلزَّوْجِ نِصْفُ الْبَاقِي أَحَدٌ وَخَمْسُونَ وَلِلْأُمِّ

ثُلُثُ الْبَاقِي سَبْعَةَ عَشَرَ وَلِلْجَدِّ الْبَاقِي أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ وَمَا قَرَرْته مِنْ تَوَقُّفِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْإِجَازَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ ذَهَبَ ابْنُ الْمَجْدِيِّ إلَى عَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَيْهَا قَالَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ إخْرَاجِ الْفَرْضِ إنَّمَا هُوَ التَّمْيِيزُ لِيُعْلَمَ قَدْرُ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَبْقَى لِذِي الْفَرْضِ فَرْضُهُ وَتُعْطَى الْوَصِيَّةُ مِنْ الْبَاقِي وَأَنَّهَا مِنْ الدَّوْرِيَّاتِ إذْ لَا يُعْلَمُ قَدْرُ الْفَرْضِ إلَّا بَعْدَ إخْرَاجِ الْوَصِيَّةِ وَلَا تُعْلَمُ الْوَصِيَّةُ إلَّا بَعْدَ إخْرَاجِ الْفَرْضِ فَيَتَوَقَّفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ فِي بَادِئِ النَّظَرِ وَقِيَاسُهُ عَلَى مَا إذَا أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ بَعْضِ وَرَثَتِهِ وَأَوْصَى لِعَمْرٍو بِجُزْءٍ مِمَّا يَبْقَى بَعْدَ إخْرَاجِ النَّصِيبِ وَوَافَقَهُ عَلَى هَذَيْنِ الْقَلْقَشَنْدِي. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَةِ عَيْنٍ مَدْيُونًا هَلْ يَتَعَلَّقُ بِهَا الدَّيْنُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إذْ الْمَنَافِعُ لَا وُجُودَ لَهَا فَيُقَدَّرُ انْتِقَالُهَا إلَى وَارِثِهِ بِالْمَوْتِ. (سُئِلَ) هَلْ يُحَدُّ بِوَطْئِهِ الْأَمَةَ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهَا كَالْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ فَمَا الْفَرْقُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ مِنْ عَدَمِ حَدِّهِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ الصَّحِيحُ وَالْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ أَوْجَهُ وَإِنْ جَزَمَا فِي الْوَقْفِ بِأَنَّهُ يُحَدُّ وَقَاسَا عَلَيْهِ مَا صَحَّحَاهُ مِنْ حَدِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ

شروط قبول الوصية

مِلْكُهُ لَهَا أَقْوَى مِنْ مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِمَنْفَعَةِ الْمَوْقُوفِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُوصَى بِهَا وَتُورَثُ عَنْهُ وَلَا كَذَلِكَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَتَصَرُّفَهُ فِيهَا أَتَمُّ مِنْ تَصَرُّفِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِإِجَارَةِ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ وَإِعَارَتِهِ وَالسَّفَرِ بِهِ وَنَحْوِهَا وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَا يَسْتَقِلُّ بِإِجَارَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَلَا نَحْوِهَا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ وَهَبَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِجَازَةِ فَرَدَّهُ الْوَارِثُ فَهَلْ هُوَ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ مِنْ حِينِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَقْرَبَ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ الثَّانِي. (سُئِلَ) عَنْ مَرِيضٍ أَعْتَقَ عَنْ كَفَّارَةٍ مُرَتَّبَةٍ أَنْفُسَ أَرِقَّائِهِ هَلْ يُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا لَوْ عَدَلَ فِي الْكَفَّارَةِ الْمُخَيَّرَةِ عَنْ أَقَلِّ خِصَالَهَا إلَى أَعْلَى مِنْهَا أَوْ يُفَرَّقُ وَمَا الْفَرْقُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ مِنْ قِيمَةِ الرَّقِيقِ لِأَنَّ وَاجِبَهُ الْإِعْتَاقُ وَلَمْ يُعْدَلْ إلَى خَصْلَةٍ أَعْلَى مِنْهُ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَالْخَصْلَةُ الْوَاحِدَةُ لَا يُنْظَرُ إلَى تَفَاوُتِ أَفْرَادِهَا فِي الْقِيمَةِ لَا فِي الْمَرْتَبَةِ وَلَا فِي الْمُخَيَّرَةِ [شُرُوط قَبُول الْوَصِيَّة] (سُئِلَ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ الْوَصِيَّةِ اللَّفْظُ أَوْ يَكْفِي الْفِعْلُ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ الْوَصِيَّةِ اللَّفْظُ وَفِي مَعْنَاهُ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ. (سُئِلَ) عَنْ إنْكَارِ الْوَصِيَّةِ هَلْ هُوَ رُجُوعٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ

إنْ كَانَ لِغَرَضٍ فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ وَإِلَّا فَرُجُوعٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَرَأَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ وَأَهْدَى ثَوَابَهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ وَأَوْصَلَ إلَى حَضْرَتِهِ أَوْ زِيَادَةً فِي شَرَفِهِ أَوْ مُقَدَّمًا بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ هَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ مَنْدُوبٌ يُؤْجَرُ فَاعِلُهُ أَوْ لَا وَمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ مُتَمَسِّكًا بِأَنَّهُ أَمْرٌ مُخْتَرَعٌ لَمْ يَرِدْ بِهِ أَثَرٌ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُجْتَرَأَ عَلَى مَقَامِهِ الشَّرِيفِ إلَّا بِمَا وَرَدَ كَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَسُؤَالِ الْوَسِيلَةِ هَلْ هُوَ مُصِيبٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ ذَلِكَ جَائِزٌ بَلْ مَنْدُوبٌ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسُؤَالِ الْوَسِيلَةِ وَالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ وَنَحْوِهِ ذَلِكَ بِجَامِعِ الدُّعَاءِ بِزِيَادَةِ تَعْظِيمِهِ وَقَدْ جَوَّزَهُ جَمَاعَاتٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ وَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنٌ فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ فَالْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ غَيْرُ مُصِيبٍ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ وَصَّى بِعِتْقِ عَبْدٍ فَقُتِلَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ أَوْ بَعْدَهُ حَكَى الْمَزْنِيُّ أَنَّهُ يَشْتَرِي بِقِيمَتِهِ عَبْدٌ يُعْتَقُ مَكَانُهُ كَمَنْ نَذَرَ أُضْحِيَّةً فَأَتْلَ فَهَا مُتْلِفٌ قَالَ وَيُحْتَمَلُ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَقَّ فِي الْعِتْقِ لِلْعَبْدِ وَقَدْ فَاتَ وَفِي الْأُضْحِيَّةِ لِلْمَسَاكِينِ وَهُمْ بَاقُونَ مَا الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ لِمَا عُلِّلَ بِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَوْصَى لِرَقِيقِ غَيْرِهِ ثُمَّ قَارَنَ عِتْقَهُ

مَوْتُ الْمُوصَى فَهَلْ تَكُونُ الْوَصِيَّةُ لَهُ أَوْ لِسَيِّدِهِ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ لِأَنَّهُ بِقَبُولِهِ يَتَبَيَّنُ مِلْكُهُ إيَّاهُ بِمَوْتِ الْمُوصِي وَهُوَ حُرٌّ حِينَئِذٍ وَقَدْ قَالُوا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ لِأُمِّ وَلَدِهِ لِأَنَّهَا تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ فَتَصِيرُ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَقْتُهُ وَتَصِحُّ لِمُدَبَّرِهِ ثُمَّ إنْ خَرَجَ عِتْقُهُ مَعَ وَصِيَّتِهِ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أَجَازَهَا الْوَارِثُ اسْتَحَقَّهَا وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ إلَّا أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُجِزْهَا الْوَارِثُ قُدِّمَ عِتْقُهَا (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَوْصَى لِنِصْفِ حَمْلِ فُلَانَةَ بِأَلْفِ دِينَارٍ ثُمَّ وَضَعَتْ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَهَلْ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ وَيُقْسَمُ الْمَالُ الْمُوصَى بِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ تَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَالْوَصِيَّةُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا وَيُقْسَمُ الْمَالُ الْمُوصَى بِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ رِقَابٍ حَيْثُ قَالُوا إذَا عَجَزَ ثُلُثُهُ عَنْ الرِّقَابِ لَا يُشْتَرَى شِقْصٌ بَلْ نَفِيسَتَانِ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَنْفَسِ رَقَبَتَيْنِ فَلِلْوَرَثَةِ هَلْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ أَنْفَسِ رَقَبَتَيْنِ فِي بَلَدِ الْوَصِيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ أَنْفَسَ مِمَّا أَخَذَهُ ثُمَّ وَجَدَ أَنْفَسَ مِنْهُ فِي غَيْرِهَا هَلْ يُكَلَّفُ تَحْصِيلُهُمَا وَلَوْ اشْتَرَاهُمَا ثُمَّ وَجَدَ أَنْفَسَ مِنْهُمَا يَتَبَيَّنُ فَسَادُ الْبَيْعِ سَوَاءٌ زَمَنَ الْخِيَارِ وَغَيْرَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ

الْمُرَادَ فِيهَا أَنْفَسُ رَقَبَتَيْنِ يَتَمَكَّنُ مِنْ شِرَائِهِمَا وَمَتَى اشْتَرَاهُمَا خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ وَإِنْ قَدَرَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنْفَسَ مِنْهُمَا وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ حَمْلُك ذَكَرًا فَلَهُ كَذَا فَأَتَتْ بِذَكَرَيْنِ أَنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ فِي بَطْنِك ذَكَرٌ فَلَهُ كَذَا حَيْثُ قَالُوا إنْ كَانَ ذَكَرًا وَاحِدًا فَلَهُ وَإِنْ تَعَدَّدَ أَعْطَاهُ الْوَارِثُ وَاحِدًا أَوْ يَتَخَيَّرُ فِيمَنْ يَدْفَعُ إلَيْهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ كَانَ حَمْلُك مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ وَقَوْلُهُ ذَكَرًا التَّنْوِينُ فِيهِ لِلتَّوْحِيدِ. (سُئِلَ) عَنْ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنَافِعِ هَلْ لَهُ الْإِجَارَةُ سَوَاءٌ أُبِّدَتْ أَوْ لَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي الْإِجَارَةِ أَوْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ فِي صُورَةِ تَأْبِيدِهَا كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ أَمْ حَمَلَ الزَّرْكَشِيُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْجَمْعُ (سُئِلَ) عَمَّنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَجُّ لَوْ حَجَّ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ هَلْ يَصِحُّ حَجُّهُ وَيَقَعُ عَنْ فَرْضِ الْمَيِّتِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَجُّ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ ذَلِكَ وَصِيَّةُ الْمَيِّتِ أَوْ إذْنُ وَارِثِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ حَجُّ الْأَجْنَبِيِّ وَيَقَعُ عَنْ فَرْضِ الْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ وَارِثُهُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اتَّفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْأَجِيرُ عَلَى حَلِّ هَذَا الْعَقْدِ بِفَسْخٍ أَوْ إقَالَةٍ يَصِحُّ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ

الْإِجَارَةُ إجَارَةَ ذِمَّةٍ صَحَّتْ الِاسْتِنَابَةُ وَوَقَعَ الْحَجُّ عَنْ الْمَيِّتِ وَالْمُسْتَحِقُّ لِلْأُجْرَةِ الْأَجِيرُ لَا نَائِبُهُ وَإِنْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ لَمْ تَصِحَّ الِاسْتِنَابَةُ وَلَمْ يَقَعْ الْحَجُّ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَا تَدْخُلُ الْإِقَالَةُ فِي الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا لِلْمَيِّتِ لَا لِلْمُسْتَأْجِرِ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْحَمْلِ بِاشْتِرَاطِ انْفِصَالِهِ حَيًّا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَصِيَّةِ مَعَ قَوْلِهِمْ بِأَنَّ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَانِ وَمُقْتَضَاهُ الِاسْتِحْقَاقُ فِيمَا إذَا انْفَصَلَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ بَلْ وَلَحْظَةٍ أَيْضًا هَذَا وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى تَعْلِيلِهِمْ الِاسْتِحْقَاقُ بِأَنَّهُ مَهْمَا انْفَصَلَ لِدُونِ السِّتَّةِ وَلَوْ بِأَدْنَى زَمَنٍ تَيَقَّنَّا وُجُودَهُ عِنْدَهَا بِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مِمَّا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُنْفَخُ فِي الْحَمْلِ الرُّوحُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَمِنْ لَازِمِهَا الْحَيَاةُ فَيَجُوزُ أَنْ يَنْفَصِلَ حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً وَإِنْ لَمْ يَعِشْ لِدُونِ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ فَضْلًا عَنْ سِتَّةٍ فَلِمَ لَا جَوَّزُوا حُدُوثَهُ قَبْلَ السِّتَّةِ أَيْضًا وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ اسْتَشْكَلَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ وَصَوَّبُوا خِلَافَهُ وَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِيمَا إذَا انْفَصَلَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدَهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ عِنْدَهَا. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ حَنَفِيٍّ اسْتَأْجَرَ شَخْصًا شَافِعِيًّا لِيَقْرَأَ

باب هل يقبل قول الوصي بيمينه في دفع زكاة مال اليتيم

لَهُ الْقُرْآنَ هَلْ الِاعْتِبَارُ فِي وُصُولِ الْقِرَاءَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ الَّذِي هُوَ الْحَنَفِيُّ بِاعْتِقَادِهِ لِأَنَّهُ يَرْمِي وُصُولَ الْقِرَاءَةِ أَمْ بِاعْتِقَادِ الشَّافِعِيِّ الَّذِي هُوَ الْأَجِيرُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُثِيبُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْقَارِئَ ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ وَيُثِيبُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُسْتَأْجِرَ مِثْلَ ثَوَابِ تِلْكَ الْقِرَاءَةِ لِبَذْلِهِ الْعِوَضَ الْحَامِلَ لِلْقَارِئِ عَلَى الْقِرَاءَةِ مَعَ اعْتِقَادِهِ الْمَذْكُورَ عَمَلًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» . [بَاب هَلْ يَقْبَل قَوْلُ الْوَصِيّ بِيَمِينِهِ فِي دَفْعِ زَكَاة مَال الْيَتِيم] (بَابُ الْإِيصَاءِ) (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ بِيَمِينِهِ فِي دَفْعِ زَكَاةِ مَالِ الْيَتِيمِ أَمْ يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِيهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَحُرِّيَّةٍ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُفْهَمُ مَنْعُ الْإِيصَاءِ لِمَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ فِي عَمَلٍ مُدَّةً لَا يُمْكِنُهُ فِيهَا التَّصَرُّفُ بِالْوِصَايَةِ وَلَمْ نَرَ مَنْ قَالَهُ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ الْإِيصَاءُ لَهُ وَيُوَكِّلُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ ثِقَةً يَتَصَرَّفُ عَنْهُ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا بَاعَ الْقَاضِي أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ عَقَارَ يَتِيمٍ مَثَلًا لِحَاجَتِهِ لِنَفَقَتِهِ أَوْ دَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مُوَرِّثِهِ بَعْدَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّ قِيمَتَهُ الثَّمَنُ الَّذِي بَاعَ بِهِ وَحُكِمَ بِمُوجَبِهَا وَبِصِحَّةِ الْبَيْعِ ثُمَّ رَشَدَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ وَادَّعَى أَنَّ الْعَقَارَ بِيعَ بِلَا حَاجَةٍ أَوْ

بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلِهِ وَقْتَ بَيْعِهِ هَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ وَيُنْقَضُ الْحُكْمُ السَّابِقُ لِثُبُوتِ الْمُعَارِضِ كَمَا عَلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ أَمْ لَا يُنْقَضُ مَا عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ كَالدَّمِيرِيِّ أَوْ يُفَصَّلُ كَمَا عَلَيْهِ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ حَيْثُ قَالَ وَلَعَلَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ فِيمَا تَلِفَ وَتَعَذَّرَ تَحْقِيقُ الْأَمْرِ وَكَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي سِلْعَةٍ قَائِمَةٍ يُقْطَعُ فِيهَا بِكَذِبِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْأَقَلِّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ مُتَعَيَّنٌ وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنْ لَا خِلَافَ فِيهِ فَإِنَّ قَوْلَ الْأَصْحَابِ إذَا اخْتَلَفَ بَيِّنَتَانِ بِالْقِيمَةِ قُدِّمَتْ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِالْأَقَلِّ لِأَنَّ مُدْرَكَهَا الِاجْتِهَادُ وَقَدْ تَطَّلِعُ عَلَى عَيْبٍ فَمَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي عَيْنٍ تَالِفَةٍ أَوْ بَاقِيَةٍ وَلَمْ يُقْطَعْ بِكَذِبِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْأَقَلِّ أَمَّا إذَا قُطِعَ بِكَذِبِهَا فَهُوَ مَحْمَلُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَسْنَدَ وَصِيَّتَهُ الشَّرْعِيَّةَ عَلَى بِنْتَيْهِ الْقَاصِرَتَيْنِ لِشَخْصٍ آخَرَ وَأَذِنَ الْمُوصِي الْوَصِيَّ الْمَذْكُورَ أَنْ يَسْتَنِيبَ شَخْصًا آخَرَ مُعَيَّنًا لِيُسَاعِدَهُ فِي خِدْمَةِ الْمَالِ وَتَنْمِيَتِهِ وَجَعَلَ الْمُوصِي لِلْوَصِيِّ فِي مُقَابَلَةِ خِدْمَتِهِ وَنَظَرِهِ وَحِفْظِهِ لِمَالِ بِنْتَيْهِ الْمَذْكُورَتَيْنِ مَبْلَغًا مُعَيَّنًا قَدْرُهُ يَأْخُذُهُ مِنْ مَالِهِمَا فِي كُلِّ سَنَةٍ لَا مِنْ ثُلُثِهِ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَجَعَلَ لِنَائِبِ وَصِيِّهِ الْمَذْكُورِ

باب الوديعة

أَيْضًا فِي مُقَابَلَةِ مُسَاعِدَتِهِ لِلْوَصِيِّ مَبْلَغًا قَدْرَ نِصْفِ الْمَبْلَغِ الَّذِي عَيَّنَهُ لِلْوَصِيِّ الْمَذْكُورِ يَأْخُذُ مِنْ مَالِهِمَا فِي كُلِّ سَنَةٍ أَيْضًا لِمَا رَأَى فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ لِحِفْظِ مَالِ بِنْتَيْهِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فَهَلْ لِلْمُوصِي فِعْلُ ذَلِكَ وَيَنْفُذُ فِعْلُهُ لِذَلِكَ شَرْعًا إذَا رَأَى فِي ذَلِكَ حَظًّا وَمَصْلَحَةً أَوْ لَا فَإِنَّ بَعْضَ عُلَمَاءِ الْعَصْرِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ قَالُوا لَوْ جَعَلَ الْمُوصِي لِلْوَصِيِّ أَوْ الْمُشْرِفِ عَلَيْهِ جُعْلًا فَهُوَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ. اهـ. وَقَدْ جَعَلَ الْمُوصَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ غَيْرِ ثُلُثِ مَالِهِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ وَالْإِجَازَةُ مِنْ الْوَارِثِ وَوَلِيِّهِ مُتَعَذِّرَةٌ وَلَا يُمْكِنُ تَفْوِيضُ أَنَّ ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ إلَى رَأْيِ الْوَصِيِّ لِإِتْهَامِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْوَصِيَّةُ إمَّا مَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ بَعْدَ تَأَهُّلِهِ أَوْ بَاطِلَةٌ احْتِمَالَانِ أَرْجَحُهُمَا أَوَّلُهُمَا. [بَابُ الْوَدِيعَةِ] (بَابُ الْوَدِيعَةِ) (سُئِلَ) عَنْ الْمُودَعِ إذَا أَمَرَ مَالِكُ الْوَدِيعَةِ بِدَفْعِهَا لِوَكِيلِهِ وَالْوَكِيلُ إذَا أَمَرَهُ مُوَكِّلُهُ بِإِيدَاعِ مَالِهِ هَلْ يَلْزَمُهُمَا الْإِشْهَادُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمَا الْإِشْهَادُ عَلَى ذَلِكَ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا أَرَادَ الْمُودَعُ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ وَلَمْ يَجِدْ الْمَالِكُ وَلَا وَكِيلُهُ هَلْ لَهُ أَنْ يُودِعَهَا وَإِذَا أَوْدَعَهَا أَمِينًا هَلْ يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ؟ (فَأَجَابَ)

نَعَمْ لَهُ الْإِيدَاعُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ عَلَى إيدَاعِهِ الْأَمِينَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَعْطَى دَابَّتَهُ لِمَنْ يَرْعَاهَا فَأَعْطَاهَا الرَّاعِي لِرَاعٍ آخَرَ يَرْعَاهَا نِيَابَةً عَنْهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا لَهُ فِيهِ هَلْ يَضْمَنُهَا أَوْ لَا وَإِذَا كَانَ الرَّاعِي مَعْرُوفًا بِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْعَى بِنَائِبِهِ أَوْ بِنَفْسِهِ تَارَةً وَبِنَائِبِهِ أُخْرَى هَلْ يَصِيرُ ضَامِنًا بِذَلِكَ أَيْضًا وَهَلْ يُفَرَّقُ فِي الثَّانِي بَيْنَ الرَّشِيدِ وَغَيْرِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَصِيرُ الدَّابَّةُ مَضْمُونَةً عَلَى كُلٍّ مِنْ الرَّاعِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَإِنْ كَانَ الثَّانِي رَشِيدًا. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَوْدَعَ آخَرَ وَدِيعَةً وَأَذِنَ لَهُ فِي السَّفَرِ بِهَا إلَى بَلَدٍ عَيَّنَهُ وَقَالَ لَهُ لَا تُسَافِرْ بِهَا إلَّا فِي الطَّرِيقِ الْفُلَانِيِّ فَسَافَرَ بِهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ الطَّرِيقِ وَوَصَلَ بِهَا إلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ فَنُهِبَتْ مِنْهُ فَهَلْ يَضْمَنُهَا أَوْ لَا يَضْمَنُهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَضْمَنُهَا لِكَوْنِ سَفَرِهِ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ دَفَعَ ثَوْرًا لِمُرَاهِقٍ يَرْعَاهُ فَمَرَّ بِهِ عَلَى تُرْسِ سَاقِيَّةٍ كَبِيرٍ مُرَكَّبٍ عَلَى خَنْدَقٍ فَوَقَعَ الثَّوْرُ وَانْخَلَعَ وَمَاتَ وَالْحَالُ أَنَّ لَهُ طَرِيقًا إلَى الْمَرْعَى غَيْرَ هَذِهِ الطَّرِيقِ تَسْرَحُ مِنْهَا الدَّوَابُّ فَخَالَفَ وَتَرَكَهَا فَهَلْ يَضْمَنُهُ أَوْ لَا وَهَلْ هَذَا إتْلَافٌ أَمْ تَلَفٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ وَلَوْ تَلِفَ بِسَبَبِ تَفْرِيطِهِ وَمَا ذُكِرَ تَلِفَ فِي يَدِهِ لَا إتْلَافَ مِنْهُ. (سُئِلَ)

عَمَّا لَوْ مَاتَ الْمُودَعُ فَادَّعَى وَارِثُهُ أَنَّ مُوَرِّثَهُ رَدَّهَا عَلَى الْمُودِعِ وَأَنْكَرَ الْمُودِعُ فَمَنْ الْمُصَدَّقُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَارِثِ فِيهِ بِيَمِينِهِ فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فَلَوْ تَنَازَعَا فَقَالَ وَارِثُ الْمُودَعِ رَدَّهَا عَلَيْك مُوَرِّثِي أَوْ تَلِفَتْ مِنْ يَدِهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَقَالَ الْبَغَوِيّ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَهُوَ الْوَجْهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُصُولِهَا فِي يَدِهِ. اهـ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ إنَّهُ الْأَصَحُّ وَلِأَنَّ الْمُودِعَ لَوْ ادَّعَاهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْأَمِينِ بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَاهُ الرَّدَّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ وَوَارِثُهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَلِهَذَا لَوْ ادَّعَاهُ الْمُودِعُ وَمَاتَ قَبْلَ حَلِفِهِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي الْحَلِفِ وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ قَالَ الْوَارِثُ رَدَّهَا عَلَيْك مُوَرِّثِي أَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِي قَبْلَ التَّمَكُّنِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَأَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا قَالَ الْمُودَعُ أَرَدْت السَّفَرَ مِنْ بَلَدِ الْإِيدَاعِ وَلَمْ أَجِدْ الْمَالِكَ وَلَا وَكِيلَهُ وَلَا قَاضِيًا حَافِظًا فَجَعَلْت الْوَدِيعَةَ تَحْتَ يَدِ عَدْلٍ وَسَمَّاهُ فَنَازَعَهُ الْمَالِكُ فِي عَدَالَتِهِ حِينَ الْإِيدَاعِ عِنْدَهُ فَهَلْ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْمَالِكِ أَوْ الْمُودَعِ وَإِذَا قُلْتُمْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودَعِ فَهَلْ يُفَرَّقُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي سَمَّاهُ مَشْهُورًا مَعْرُوفًا بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ وَالْأَمَانَةِ وَبَيْنَ عَدَمِ ذَلِكَ أَوْ لَا وَإِذَا قَالَ الْمُودَعُ أَوْدَعْت الْمَالَ

عِنْدَ عَدْلٍ عِنْدَ إرَادَةِ السَّفَرِ بِشَرْطِهِ وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ ذَلِكَ وَطَالَبَهُ بِالْمَالِ فَحَضَرَ الْعَدْلُ وَأَقَرَّ بِأَنَّ الْمُودَعَ أَوْدَعَهُ ذَلِكَ بِشَرْطِهِ وَأَنَّهُ تَلِفَ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ فَهَلْ لِذَلِكَ أَثَرٌ فِي مَنْعِ الْمَالِكِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِالْمَالِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُودَعِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَنْسُبُهُ إلَى الْخِيَانَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَمَحَلُّهُ إذَا أَوْدَعَ عَدْلًا وَكَذَا إنْ كَانَ مَسْتُورًا لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْبَاطِنِ فَكَانَ مَعْذُورًا وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِسَبَبِ إيدَاعِهِ وَتَلَفِ الْوَدِيعَةِ لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَوْدَعَ شَخْصًا وَدِيعَةً وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مَكَانًا لِحِفْظِهَا فَوَضَعَهَا فِي حِرْزٍ ثُمَّ نَقَلَهَا إلَى حِرْزٍ دُونَهُ وَهُوَ حِرْزُ مِثْلِهَا وَلَمْ تَتْلَفْ بِسَبَبِ النَّقْلِ فَهَلْ يَضْمَنُهَا أَوْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ الضَّمَانِ فَمَا صُورَةُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي السَّبَبِ الرَّابِعِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي السَّبَبِ الثَّامِنِ وَهُوَ رَأْيُ جُمْهُورِ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ الِاتِّفَاقَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الصَّحِيحُ وَصُورَةُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ مَا إذَا عَيَّنَ لَهُ مَالِكُهَا الْحِرْزَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا نَقَلَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ مِنْ بَيْتٍ إلَى بَيْتٍ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ أَوْ خَانٍ وَاحِدٍ وَكَانَ الْأَوَّلُ أَحْرَزُ وَهَلْ يَضْمَنُ أَوْ لَا

كتاب قسم الفيء والغنيمة

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ حَاصِلَ الْمُعْتَمَدِ أَنَّ الْمُودَعَ لَا يَضْمَنُ الْوَدِيعَةَ بِنَقْلِهَا إلَى مَحَلَّةٍ أَوْ دَارٍ هِيَ حِرْزُ مِثْلِهَا مِنْ أَحْرَزَ مِنْهَا إلَّا إذَا عَيَّنَ مَالِكُهَا لِحِفْظِهَا الْمَنْقُولَ مِنْهُ. (سُئِلَ) هَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُودَعِ دَفْعُ أُجْرَةِ مَنْ يَدْفَعُ مُتْلِفَاتِ الْوَدِيعَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُودَعِ بَذْلُ أُجْرَةٍ مِنْ مَالِهِ لِدَفْعِ مُتْلِفَاتِ الْوَدِيعَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ حَيَوَانًا. [كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ] (كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ) (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ وَإِطْلَاقُهُ يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ الذِّمِّيَّةَ وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تُعْطَى وَفِيمَا إذَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ نَظَرٌ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُعْطَى الْكَافِرَةُ شَيْئًا لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ لَهَا فَمُنِعَتْ فَأَمَّا إذَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالظَّاهِرُ إعْطَاؤُهَا لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ مَنْعِهِ وَهُوَ الْكُفْرُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِ فِي الْغَنِيمَةِ إذَا جَعَلْنَا الْجَنِيبَةَ سَلَبًا فَفِي السِّلَاحِ الَّذِي عَلَيْهَا تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِنْ السَّلَبِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْمِلُهُ عَلَيْهَا لِيُقَاتِلَ بِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (سُئِلَ) عَنْ وَضْعِ الْإِمَامِ الدِّيوَانَ لِلْجُنْدِ مُسْتَحَبٌّ أَوْ وَاجِبٌ عَلَيْهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَكَلَامِ الْإِمَامِ صَرِيحٌ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ فِي الْمُحَرَّرِ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَضَعَ

الْإِمَامُ دَفْتَرًا وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّ الظَّاهِرَ الْوُجُوبُ لِئَلَّا تَشْتَبِهَ الْأَحْوَالُ وَيَقَعَ الْخَبْطُ وَالْغَلَطُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فِي هَذَا الْبَابِ وَالْعُلَمَاءُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُرَادُ بِهِمْ مَنْ عَرَفَ الْعُلُومَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَالتَّفْسِيرِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ حَتَّى يَدْخُلَ فِيهِمْ الْمُؤَذِّنُونَ وَالْمُعَلِّمُونَ وَطَلَبَةُ هَذِهِ الْعُلُومِ أَيْضًا اهـ وَقَالَ الْبَكْرِيُّ فِي نُكَتِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ الْمُرَادُ بِالْعُلَمَاءِ عُلَمَاءُ الشَّرْعِ وَالْمُفَسِّرُونَ وَالْمُحَدِّثُونَ وَالْفُقَهَاءُ فَأَيُّهُمَا صَحِيحٌ مُعْتَمَدٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى خَمْسٍ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْهُمْ الْعُلَمَاءُ وَالْمُرَادُ بِهِمْ عُلَمَاءُ الشَّرْعِ وَيَدْخُلُ فِيهِمْ طَلَبَةُ الْعِلْمِ فَإِنَّهُمْ إنْ لَمْ يُكْفَوْا لَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ الطَّلَبِ وَنَبَّهُوا بِذِكْرِ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لِلْمُسْلِمِينَ كَالْأَئِمَّةِ وَالْمُؤَذِّنِينَ وَكُلِّ مَنْ يَفْعَلُ أَمْرًا تَعُودُ مَصْلَحَتُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ اشْتَغَلَ بِالْكَسْبِ تَعَطَّلَ عَنْهُ وَأَلْحَقَ بِهِمْ فِي الْإِحْيَاءِ مَنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْوَصِيَّةِ لِلْعُلَمَاءِ أَوْ لِأَهْلِ الْعِلْمِ فَمُخْتَصَّةٌ بِأَهْلِ عُلُومِ الشَّرْعِ مِنْ الْفِقْهِ وَالتَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ لِاشْتِهَارِ الْعُرْفِ فِي الثَّلَاثَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَسَرَ شَخْصٌ كَافِرًا ثُمَّ قَتَلَهُ

كتاب قسم الصدقات

هَلْ يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ؟ ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَسْتَحِقُّ سَلَبَ الْحَرْبِيِّ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ بِمُجَرَّدِ أَسْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْهُ. [كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ] (كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ) (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ يُعْطَى الْفَقِيرُ مِنْ الزَّكَاةِ كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ فَمَا حَدُّ الْعُمْرِ الْغَالِبِ الْمَذْكُورِ وَمَا قَدْرُ مَا يُعْطَى إذَا جَاوَزَ الْعُمْرَ الْغَالِبَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ حَدَّ الْعُمُرِ الْغَالِبِ سِتُّونَ سَنَةً فَإِذَا جَاوَزَ الْعُمُرَ الْغَالِبَ أُعْطِيَ كِفَايَةَ سَنَةٍ فَإِنْ جَاوَزَهَا أُعْطِي كِفَايَةَ سَنَةٍ أُخْرَى وَهَكَذَا يَلْحَقُ بِخَطِّ وَلَدِهِ وَوَقَعَ لِلْوَالِدِ جَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ حَدَّ الْعُمُرِ الْغَالِبِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ لَا يَعِيشُ فَوْقَهُ وَلَا يَتَقَدَّرُ بِمُدَّةٍ عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ يَتَقَدَّرُ بِسَبْعِينَ سَنَةً وَقِيلَ بِثَمَانِينَ وَقِيلَ بِتِسْعِينَ وَقِيلَ بِمِائَةٍ وَإِذَا جَاوَزَ الْعُمُرَ الْغَالِبَ أُعْطِيَ كِفَايَةَ سَنَةٍ فَإِنْ جَاوَزَهَا أُعْطِيَ كِفَايَةَ سَنَةٍ وَهَكَذَا. (وَسُئِلَ) عَنْ تَاجِرٍ رِبْحُ تِجَارَتِهِ لَا يَكْفِيهِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الزَّكَاةَ مُطْلَقًا كَمَا ذَكَرَهُ الْحِصْنِيُّ فِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ أَمْ يُفَصَّلُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَلَغَ الْعُمُرَ الْغَالِبَ فَلَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ حَتَّى يَذْهَبَ ذَلِكَ النِّصَابُ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَكُونَ بَلَغَهُ فَيُعْطَى مِنْهَا مَا يَكْفِيهِ مَعَ رِبْحِ النِّصَابِ إلَى أَنْ يَبْلُغَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْطَى مِنْ

سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ مَا تَتِمُّ بِهِ كِفَايَةُ الْعُمُرِ الْغَالِبِ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ الْحِصْنِيِّ فَإِنْ بَلَغَ الْعُمُرَ الْغَالِبَ لَمْ يُعْطَ إنْ كَانَ مَالُهُ يَبْلُغُ كِفَايَةَ سَنَةٍ وَإِلَّا كَمُلَتْ لَهُ (سُئِلَ) عَمَّنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى شَخْصٍ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَهَلْ الْمُسْتَحِقُّ لِزَكَاتِهِ أَصْنَافُ بَلَدِ مَنْ هُوَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ أَوْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَالِكِ الدَّيْنِ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ لِأَصْنَافِ بَلَدِ الْمَدْيُونِ إذْ هُوَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْمَوْجُودِ فِي ذِمَّتِهِ فَيَشْمَلُهُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ إنَّ الْعِبْرَةَ فِي زَكَاةِ الْمَالِ بِبَلَدِهِ حَالَ الْوُجُوبِ فَلَوْ كَانَ الْمَالُ فِي بَلَدٍ وَمَالِكُهُ بِبَلَدٍ آخَرَ فَالِاعْتِبَارُ بِبَلَدِ الْمَالِ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْوُجُوبِ وَيَمْتَدُّ إلَيْهِ نَظَرُ الْمُسْتَحِقِّينَ (سُئِلَ) عَمَّنْ مَعَهُ نِصَابُ فِضَّةٍ فِي بَلَدٍ وَلَهُ أَرْبَعُونَ نِصْفًا فِضَّةً فِي أُخْرَى فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ زَكَاةَ الْأَرْبَعِينَ الْمَذْكُورَةِ نِصْفًا وَاحِدًا لِفَقِيرٍ وَاحِدٍ مِنْ فُقَرَاءِ بَلَدِهَا أَمْ يَصْرِفَ النِّصْفَ االْمَذْكُورَ بِفُلُوسٍ جُدُدٍ وَيُفَرِّقَهَا عَلَيْهِمْ أَمْ يَضُمَّ إلَى زَكَاةِ النِّصَابِ وَيُفَرِّقَ الْمَجْمُوعَ فِي بَلَدِ النِّصَابِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ إخْرَاجُ النِّصْفِ لِمُسْتَحِقِّي بَلَدِ الْأَرْبَعِينَ فَيَدْفَعُهُ إلَيْهِمْ بِلَا قِسْمَةٍ وَلَا يَجُوزُ صَرْفُهُ بِفُلُوسٍ جُدُدٍ وَلَا صَرْفُهُ

لِمُسْتَحِقِّي بَلَدِ النِّصَابِ. (سُئِلَ) عَنْ مُسْتَحِقِّي الزَّكَاةِ إذَا انْحَصَرُوا فِي بَلَدٍ وَكَانُوا فَوْقَ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ فَهَلْ يَسْتَحِقُّونَهَا بِالْوُجُوبِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَهَا بِالْوُجُوبِ فَلَا يُشَارِكُهُمْ فِيهَا قَادِمٌ وَيَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ إنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَوَفَى بِهِمْ الْمَالُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ أَمَّا الْمَحْصُورُونَ فَلِأَنَّهُمْ مَلَكُوا الْمَوْجُودَ وَهَلْ يُقَالُ مَلَكُوا ذَلِكَ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ أَوْ عَلَى قَدْرِ حَاجَاتِهِمْ أَوْ لَا يَمْلِكُونَ إلَّا الْكِفَايَةَ دُونَ الزَّائِدِ عَلَى ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ مَا الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُونَ الْكِفَايَةَ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ آحَادِ الصِّنْفِ عِنْدَ تَسَاوِي حَاجَاتِهِمْ إلَّا إنْ فَرَّقَ الْإِمَامُ وَوَفَى بِهِمْ الْمَالُ. (سُئِلَ) عَنْ يَتِيمٍ لَهُ جَدٌّ غَنِيٌّ هَلْ يُعْطَى مِنْ سَهْم الْيَتَامَى أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُعْطَى مِنْهُ شَيْئًا لِقَوْلِهِمْ يُشْتَرَطُ فِي إعْطَائِهِ مِنْهُ فَقْرُهُ وَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ إنَّ الْمَكْفِيَّ بِنَفَقَةِ قَرِيبِهِ لَيْسَ فَقِيرًا وَقَوْلُ الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالرَّوْضَةِ إنَّهُ لَا يُعْطَى مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الرَّوْضِ - يُعْطَى ابْنُ السَّبِيلِ مَا يَكْفِيهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا لِقَاصِدِ الرُّجُوعِ إلَى أَنْ قَالَ لَا نَفَقَةَ مُدَّةٍ تُخْرِجُهُ عَنْ السَّفَرِ - هَلْ يُعْمَلُ بِمَا شَمِلَهُ مِنْ كَوْنِهِ إذَا قَامَ لِحَاجَةٍ يَتَوَقَّعُهَا كُلَّ

وَقْتٍ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا يُعْطَاهَا أَوْ لَا كَمَا قَالَ شَارِحُهُ إنَّ هَذَا أَوْجَهُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ فَمَا وَجْهُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَهَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِبَارَةِ أَصْلِهِ تَفَاوُتٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْطَى لِلْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ شَمِلَتْهَا عِبَارَةُ الرَّوْضِ الَّتِي قَبْلَ الْمَنْفِيِّ وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ بِقَوْلِهِ إلَّا مُدَّةَ إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ وَأَفْهَمَهَا الْمَنْفِيُّ وَشَمِلَتْهَا عِبَارَةُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ إقَامَةٍ لَا تُخْرِجُهُ عَنْهُ فَيُعْطَاهَا وَكَأَنَّ الشَّارِحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَهِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُعْطَى إلَّا نَفَقَةَ الْإِقَامَةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ سَائِرِ الْمُسَافِرِينَ وَهِيَ دُونَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ غَيْرِ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَلِهَذَا اسْتَحْسَنَ عِبَارَةَ الْأَصْلِ عَنْ عِبَارَةِ الرَّوْضِ مَعَ أَنَّهَا مُسَاوِيَةٌ لَهَا وَرُبَّمَا تَبَادَرَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ عِبَارَةِ الْمَجْمُوعِ قَبْلَ تَأَمُّلِهَا وَهِيَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَأَمَّا نَفَقَتُهُ فِي إقَامَتِهِ فِي الْمَقْصِدِ فَإِنْ كَانَتْ إقَامَتُهُ دُونَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ غَيْرِ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ أُعْطِيَ لَهَا لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُسَافِرِ إذْ لَهُ الْقَصْرُ وَالْفِطْرُ وَسَائِرُ الرُّخَصِ وَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ لَمْ يُعْطَ لَهَا لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مُسَافِرًا ابْنَ سَبِيلٍ وَانْقَطَعَتْ رُخَصُ السَّفَرِ إلَى أَنْ قَالَ وَفِيهِ وَجْهٌ عَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ أَنَّ ابْنَ السَّبِيلِ

يُعْطَى وَإِنْ طَالَ مُقَامُهُ إذَا كَانَ مُقِيمًا لِحَاجَةٍ يَتَوَقَّعُ تَنْجِيزَهَا وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ مَنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَاقِطَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ زَكَاتِهِ وَلَوْ قَالَ رَبُّ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ أَعْطِنِي هَذَا الدِّينَارَ الَّذِي مَعَك فِي دَيْنِي حَتَّى أَرُدَّهُ عَلَيْك مِنْ زَكَاتِي فَأَدَّاهُ إلَيْهِ وَقَعَ عَنْ الدَّيْنِ قَطْعًا وَيَتَخَيَّرُ الْآخِذُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ إلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ أَوْ لَا، وَلَوْ قَالَ الْمَدِينُ لَهُ أَعْطِنِي دِينَارًا مِنْ زَكَاتِك حَتَّى أَقْضِيَ بِهِ دَيْنَك فَفَعَلَ أَجْزَأ عَنْ الزَّكَاةِ وَيَتَخَيَّرُ الْمَدْيُونُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَهُ عَنْ دَيْنِهِ أَوْ لَا، وَلَوْ أَعْطَى مِسْكِينًا زَكَاتَهُ وَوَاعَدَهُ أَنَّهُ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ أَنْ يَصْرِفَهَا الْمُزَكِّي فِي كِسْوَةِ الْمِسْكِينِ أَوْ مَصَالِحِهِ لَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يَرُدَّهَا مِنْ دَيْنِهِ هَلْ هَذَا الْأَخِيرُ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْأَوَّلِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ حَجَرَ عَلَيْهِ فَهُوَ شَرْطٌ غَيْرُ لَازِمٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ فِي كَلَامِهِ إذْ لَيْسَ فِي الْأَوَّلِ إلَّا مُجَرَّدُ وَعْدٍ وَهُوَ لَا يَلْزَمُ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي إجْزَاءِ الزَّكَاةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ عَنْ الزَّكَاةِ فِي قَوْلِهِ وَوَاعَدَهُ إلَخْ لِلشَّرْطِ الْمُنَافِي لِلْإِجْزَاءِ لِتَضَمُّنِهِ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْمُوَاعَدَةِ الشَّرْطُ بِدَلِيلِ تَشْبِيهِهِ بِمَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا إلَيْهِ مِنْ دَيْنِهِ. (سُئِلَ) مَا الْمُرَادُ بِالْقَرِيبِ

باب صدقة التطوع

الَّذِي يُجْزِئُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ وَالْقَرِيبِ الَّذِي لَا يُجْزِئُ دَفْعُهَا إلَيْهِ وَإِذَا فَصَّلْتُمْ وَدَفَعَهَا لِقَرِيبٍ امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَخْذُهَا لَكِنَّهُ اتَّصَفَ بِصِفَةٍ أُخْرَى كَمَدْيُونٍ وَعَابِرِ سَبِيلٍ يُجْزِئُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَرِيبَ الَّذِي يَجُوزُ لِقَرِيبِهِ دَفْعُ زَكَاتِهِ إلَيْهِ هُوَ الَّذِي لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَالْقَرِيبُ الَّذِي لَا يَجُوزُ لِقَرِيبِهِ دَفْعُ زَكَاتِهِ إلَيْهِ هُوَ الَّذِي تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَيَجُوزُ لَهُ الدَّفْعُ إلَيْهِ مِنْ بَاقِي السِّهَامِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِهَا إلَّا سَهْمَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ. [بَابُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ] (بَابُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ) (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَلْ الْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ عَدَمِ اسْتِحْبَابِ التَّصَدُّقِ بِمَا يَحْتَاجُهُ لِنَفْسِهِ أَمْ مَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ تَحْرِيمِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَكَلَامُهُمْ مُؤَيِّدٌ لَهُ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ مَا فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى مَنْ لَمْ يَصْبِرْ أَخْذًا مِنْ جَوَابِ الْمَجْمُوعِ عَنْ حَدِيثِ الْأَنْصَارِيِّ وَامْرَأَتِهِ اللَّذَيْنِ نَزَلَ فِيهِمَا قَوْله تَعَالَى {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الحشر: 9] الْآيَةَ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَلَى مَنْ يَصْبِرُ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا قُلْتُمْ بِحُرْمَةِ الصَّدَقَةِ فَهَلْ يَمْلِكُهَا آخِذُهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْمُتَصَدَّقُ بِهِ آخِذُهُ. [هَلْ الْأَفْضَل الْفَقِير الصَّابِر أُمّ الغني الشَّاكِر] (سُئِلَ) هَلْ الْأَفْضَلُ الْفَقِيرُ الصَّابِرُ أَمْ الْغَنِيُّ الشَّاكِرُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ

فِي تَفْضِيلِ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ مَا أَحْوَجَ مِنْ الْفَقْرِ مَكْرُوهٌ وَمَا أَبْطَرَ مِنْ الْغِنَى مَذْمُومٌ وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْغَنِيَّ الشَّاكِرَ وَهُوَ مَنْ قَامَ بِجَمِيعِ وَظَائِفِ الْغِنَى مِنْ الْبَذْلِ وَالْإِحْسَانِ وَشُكْرِ الْمَلِكِ الدَّيَّانِ أَفْضَلُ مِنْ الْفَقِيرِ الصَّابِرِ وَهُوَ مَنْ قَامَ بِجَمِيعِ وَظَائِفِ الْفَقْرِ كَالرِّضَا وَالصَّبْرِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «جَاءَ الْفُقَرَاءُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ» وَلِأَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِصِفَتَيْنِ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى إذْ هُوَ الْغَنِيُّ الشَّكُورُ وَالْفَقِيرُ الصَّابِرُ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الْعَبِيدِ وَهُوَ الْفَقْرُ قَالَ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} [فاطر: 15] وَصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الْمَعْبُودِ وَهُوَ الصَّبْرُ لِأَنَّ مِنْ أَسْمَائِهِ الصَّبُورُ وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ الْمُخْتَارُ «لِاسْتِعَاذَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْفَقْرِ» وَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى فَقْرِ النَّفْسِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَدْخُلُ فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِنِصْفِ يَوْمٍ وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ» وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اطَّلَعْتُ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ وَاطَّلَعْتُ عَلَى أَهْلِ النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ» فَمَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ

أَحْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ إذْ لَا يَتَّصِفُ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ بِأَنْ يَعِيشَ عَيْشَ الْفُقَرَاءِ وَيَتَقَرَّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا فَضُلَ عَنْ عَيْشِهِ مُقَدِّمَا لِأَفْضَلِ الْبَذْلِ فِي أَفْضَلِهِ إلَّا الشُّذُوذُ النَّادِرُونَ الَّذِينَ لَا يَكَادُونَ يُوجَدُونَ، وَالصَّابِرُونَ عَلَى الْفَقْرِ قَلِيلٌ مَا هُمْ وَالرَّاضُونَ بِهِ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ الْقَلِيلِ. اهـ. وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ عَنْ الْمُهَلَّبِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فُضِّلَ الْغَنِيُّ نَصًّا لَا تَأْوِيلًا إذَا اسْتَوَتْ أَعْمَالُ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا فَلِلْغَنِيِّ حِينَئِذٍ فَضْلُ عَمَلِ الْبَرِّ مِنْ الصَّدَقَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا سَبِيلَ لِلْفَقِيرِ إلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْقَرِيبُ مِنْ النَّصِّ أَنَّهُ فَضَّلَ الْغَنِيَّ، وَبَعْضُ النَّاسِ يُؤَوِّلُهُ بِتَأْوِيلٍ مُسْتَنْكَرٍ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ أَنَّهُمَا إنْ تَسَاوَيَا وَفَضَلَتْ الْعِبَادَةُ الْمَالِيَّةُ أَنْ يَكُونَ الْغَنِيُّ أَفْضَلَ وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ وَإِنَّمَا النَّظَرُ إذَا تَسَاوَيَا وَانْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَصْلَحَةِ مَا هُوَ فِيهِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ إنْ فُسِّرَ الْفَضْلُ بِزِيَادَةِ الثَّوَابِ فَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَصَالِحَ الْمُتَعَدِّيَةَ أَفْضَلُ مِنْ الْقَاصِرَةِ فَيَتَرَجَّحُ الْغَنِيُّ وَإِنْ فُسِّرَ بِالْأَشْرَفِ بِالنِّسْبَةِ إلَى صِفَاتٍ النَّفْسِ فَاَلَّذِي يَحْصُلُ لَهَا مِنْ التَّطْهِيرِ بِحَسَبِ الْفَقْرِ أَشْرَفُ فَيَتَرَجَّحُ الْفَقِيرُ وَمِنْ

أَجْلِ هَذَا ذَهَبَ جُمْهُورُ الصُّوفِيَّةِ إلَى تَرْجِيحِ الْفَقِيرِ الصَّابِرِ لِأَنَّ مَدَارَ الطَّرِيقِ عَلَى تَهْذِيبِ النَّفْسِ وَرِيَاضَتِهَا وَذَلِكَ مَعَ الْفَقْرِ أَكْثَرُ مِنْهُ مَعَ الْغِنَى فَكَانَ أَفْضَلَ بِمَعْنَى أَشْرَفَ وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةَ أَقْوَالٍ فَمِنْ قَائِلٍ بِتَفْضِيلِ الْغَنِيِّ وَمِنْ قَائِلٍ بِتَفْضِيلِ الْفَقِيرِ وَمِنْ قَائِلٍ بِتَفْضِيلِ الْكَفَافِ وَمِنْ قَائِلٍ بِرَدِّ هَذَا إلَى اعْتِبَارِ أَحْوَالِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ وَمِنْ قَائِلٍ بِالْوَقْفِ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَهَا غَوْرٌ وَفِيهَا أَحَادِيثُ مُتَعَارِضَةٌ قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْأَفْضَلَ مَا اخْتَارَهُ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُقَايَسَةَ بَيْنَ صَبْرِ الْفَقِيرِ عَلَى ضِيقِ الْعَيْشِ وَشُكْرِ الْغَنِيِّ عَلَى النِّعَمِ بِالْمَالِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ التَّحْقِيقُ عِنْدَ أَهْلِ الْحِذْقِ أَنْ لَا يُجَابَ فِي ذَلِكَ بِإِيجَابٍ كُلِّيٍّ بَلْ يَخْتَلِفُ الْحَالُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ نَعَمْ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَفَرْضِ رَفْعِ الْعَوَارِضِ بِأَسْرِهَا فَالْفَقِيرُ أَسْلَمُ عَاقِبَةً فِي الدَّارِ الْأُخْرَى (سُئِلَ) عَنْ رَقِيقٍ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ شَخْصٌ بِصَدَقَةٍ كَثَوْبٍ أَوْ دِرْهَمٍ وَشَرَطَ الْمُتَصَدِّقُ انْتِفَاعَهُ بِهَا دُونَ سَيِّدِهِ هَلْ يَصِحُّ التَّصَدُّقُ فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَهَلْ تَجِبُ مُرَاعَاةُ هَذَا الشَّرْطِ حَتَّى يَمْتَنِعُ عَلَى السَّيِّدِ أَخْذُهَا مِنْهُ وَيَجِبُ

صَرْفُهَا عَلَى الرَّقِيقِ وَإِذَا قُلْتُمْ لَا يَصِحُّ فَهَلْ لِذَلِكَ حُكْمُ الْإِبَاحَةِ حَتَّى يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَلْبَسَ الثَّوْبَ وَيَنْتَفِعَ بِالدَّرَاهِمِ وَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ عَلَى السَّيِّدِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ الْمُتَصَدِّقُ نَفْسَ الرَّقِيقِ بَطَلَتْ وَلَمْ تَكُنْ إبَاحَةً أَوْ السَّيِّدَ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّتْ وَيَجِبُ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِدَابَّةٍ بِشَيْءٍ وَقَصَدَ صَرْفَهُ فِي عَلَفِهَا وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا شَرْطُ انْتِفَاعِهِ بِهَا دُونَ سَيِّدِهِ لِأَنَّ كِفَايَتَهُ عَلَى سَيِّدِهِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالصَّدَقَةِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ بَالِغٍ تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدٍ مُمَيِّزٍ بِصَدَقَةٍ وَوَقَعَتْ الصَّدَقَةُ فِي يَدِهِ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ فَهَلْ يَمْلِكُهَا الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ بِوُقُوعِهَا فِي يَدِهِ كَمَا لَوْ احْتَطَبَ أَوْ احْتَشَّ وَنَحْوُ ذَلِكَ أَمْ لَا يَمْلِكُهَا لِأَنَّ الْقَبْضَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَقَدْ قَالُوا فِي نِثَارِ الْوَلِيمَةِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ أَحَدٌ مَلَكَهُ وَهَلْ تَنَاثُرُ الْوَلِيمَةِ يَكُونُ نَاثِرُهُ مُعْرِضًا عَنْهُ إعْرَاضًا عَامًا وَالْمُتَصَدِّقُ عَلَى الصَّبِيِّ مُعْرِضًا إعْرَاضًا خَاصًّا حَتَّى يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا أَعْطَاهُ لِلصَّبِيِّ وَالْحَالُ أَنَّ الصَّدَقَةَ صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الصَّبِيُّ مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ إلَّا بِقَبْضِ وَلِيِّهِ لَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِلْكِهِ لِلنِّثَارِ وَاضِحٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ تَصَدَّقَ عَلَى فَقِيرٍ بِشَيْءٍ هَلْ لِمَنْ هُوَ مِثْلُهُ فِي الْفَقْرِ أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِ رِضَا مَالِكِهِ فَإِنْ قُلْتُمْ لَا فَمَا الْمُرَادُ مِمَّا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ

باب خصائص النبي

عَنْ يَزِيدَ أَنَّ أَبَاهُ أَخْرَجَ دَنَانِيرَ صَدَقَةً وَوَضَعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَدِيثَ فَهَلْ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا تَخَاصَمَا لَكَ مَا أَخَذْتَ وَلَكَ مَا نَوَيْتَ» مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ أَوْ لَا وَهَلْ يُفَرَّقُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَالْفَرْضِ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ بِجَوَازِهِ فَكَيْفَ يَجُوزُ التَّصَدُّقُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَالْمَكْفِيُّ بِنَفَقَةِ الْقَرِيبِ لَيْسَ بِفَقِيرٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْفَقِيرِ أَخْذُ مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى فَقِيرٍ غَيْرِهِ إلَّا بِرِضَاهُ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي السُّؤَالِ مَا يُخَالِفُهُ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَالْفَرْضِ وَلَا يَجُوزُ التَّصَدُّقُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ كَأَنْ يَكُونَ غَارِمًا. [بَابُ خَصَائِصِ النَّبِيِّ] (بَابُ خَصَائِصِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اخْتَارَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ نِسَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِرَاقَهُ حِينَ خَيَّرَهُنَّ فَفَارَقَهَا هَلْ تَحِلُّ لِغَيْرِهِ كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ التَّحْرِيمُ وِفَاقًا لِلْجُمْهُورِ [هَلْ الصَّدَقَة محرمة عَلَى سَائِر الْأَنْبِيَاء أُمّ عَلَى نَبِيّنَا فَقَطْ] (سُئِلَ) عَنْ الصَّدَقَةِ هَلْ هِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ فَرْضُهَا وَنَفْلُهَا أَوْ مُحَرَّمَةٌ عَلَى نَبِيِّنَا فَقَطْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِهَا كَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِإِبَاحَتِهَا لَهُمْ كَسُفْيَانِ بْنِ عُيَيْنَةَ

كتاب النكاح

وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ (سُئِلَ) عَنْ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ هَلْ يَجُوزُ لَهُمْ أَخْذُ الصَّدَقَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُمْ أَخْذُ الصَّدَقَةِ الْمَذْكُورَةِ. (سُئِلَ) عَنْ حُرْمَةِ نِدَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاسْمِهِ هَلْ هِيَ خَاصَّةٌ بِزَمَنِهِ أَمْ عَامَّةٌ وَإِذَا قُلْتُمْ عَامَّةٌ فَهَلْ مَحَلُّهَا إذَا تَجَرَّدَ عَنْ قَرِينَةٍ تَقْتَضِي التَّعْظِيمَ أَمَّا إذَا وُجِدَتْ قَرِينَةٌ تَقْتَضِيهِ فَلَا كَقَوْلِهِ يَا مُحَمَّدُ الْوَسِيلَةِ يَا مُحَمَّدُ الشَّفَاعَةِ يَا مُحَمَّدُ الْحَسَبِ وَنَحْوُ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا عَامَّةٌ وَمَحَلُّهَا حَيْثُ لَا يَقْتَرِنُ بِهِ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي التَّعْظِيمَ فَإِنْ وُجِدَتْ كَمَا فِي السُّؤَالِ فَلَا وَإِطْلَاقُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْقَرِينَةِ الْمَذْكُورَةِ. [كِتَابُ النِّكَاحِ] (كِتَابُ النِّكَاحِ) (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ فِي الْقُوتِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي عُقُودِ الْعَوَامّ الْفَسَادُ، وَالْعِلْمُ بِشُرُوطِ عَقْدِ النِّكَاحِ حَالَ الْعَقْدِ شَرْطٌ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ فَإِذَا طَلَّقَ شَخْصٌ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَسُئِلَ عَنْ الْعَاقِدِ فَإِذَا هُوَ جَاهِلٌ بِحَيْثُ لَوْ سُئِلَ عَنْ الشُّرُوطِ لَا يَعْرِفُهَا الْآنَ وَلَا يَعْلَمُهَا عِنْدَ الْعَقْدِ فَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى مُحَلِّلٍ أَمْ يَجُوزُ التَّجْدِيدُ بِدُونِهِ وَمَا تَعْرِيفُ الْعَامِّيِّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ قَوْلَ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّ الْأَصْلَ فِي عُقُودِ الْعَوَامّ الْفَسَادُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اجْتِمَاعِ مُعْتَبَرَاتِهَا وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ الْحُكْمَ بِصِحَّتِهَا لِأَنَّهَا الظَّاهِرُ مِنْ الْعُقُودِ الْجَارِيَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ

وَحِينَئِذٍ فَذِكْرُهُ الْعَوَامَّ مِثَالٌ إذْ غَيْرُهُمْ كَذَلِكَ أَوْ أَنَّ الْغَالِبَ فِي عُقُودِ الْعَوَامّ فَسَادُهَا لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِمْ مُعْتَبَرَاتِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ، وَأَمَّا مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَنَّ الْعِلْمَ بِشُرُوطِ النِّكَاحِ حَالَ عَقْدِهِ شَرْطٌ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِجَوَازِ مُبَاشَرَتِهِ لَا لِصِحَّتِهِ حَتَّى إذَا كَانَتْ الشُّرُوطُ مُتَحَقِّقَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا وَإِنْ كَانَ الْمُبَاشِرُ مُخْطِئًا فِي مُبَاشَرَتِهِ وَيَأْثَمُ إنْ أَقْدَمَ عَلَيْهِ عَالِمًا بِامْتِنَاعِهِ فَفِي الْبَحْرِ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً يَعْتَقِدُ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرِّضَاعِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ صَحَّ النِّكَاحُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَحَكَى أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ وَعِنْدِي لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ وَعَلَى أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِشَرْطٍ صَرَّحُوا بِاعْتِبَارِ تَحَقُّقِهِ كَحِلِّ الْمَنْكُوحَةِ وَعَلَيْهِ فَالرَّاجِحُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَحْرِ عَدَمُ الصِّحَّةِ لَا أَنَّهُ عَامٌّ لِجَمِيعِ الشُّرُوطِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ أَمَةَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا صَحَّ وَالشَّكُّ هُنَا فِي وِلَايَةِ الْعَاقِدِ بِالْمِلْكِ وَهُوَ مِنْ أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَبِأَنَّهُ لَوْ عَقْدَ النِّكَاحَ بِحَضْرَةِ خُنْثَيَيْنِ فَبَانَا رَجُلَيْنِ صَحَّ وَالشَّكُّ هُنَا فِي الشَّاهِدَيْنِ وَهُمَا مِنْ أَرْكَانِهِ أَيْضًا وَنَظَائِرُهُمَا كَثِيرَةٌ فِي كَلَامِهِمْ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لَا يَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا تَجْدِيدُ نِكَاحِهَا إلَّا

بَعْدَ التَّحَلُّلِ بِشُرُوطِهِ وَالْمُرَادُ بِالْعَامِّيِّ هُنَا مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ مِنْ الْفِقْهِ شَيْئًا يَهْتَدِي بِهِ إلَى الْبَاقِي وَلَيْسَ مُشْتَغِلًا بِالْفِقْهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَذِنَتْ لِزَيْدٍ أَنْ يُزَوِّجَهَا ثُمَّ أَذِنَتْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْأَنْكِحَةِ أَوْ أَذِنَتْ لِأَخِيهَا وَهُوَ مُرَاهِقٌ أَنْ يُزَوِّجَهَا ثُمَّ بَلَغَ فَهَلْ يَصِحُّ عَقْدُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِذَلِكَ الْإِذْنِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَقْدُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِذَلِكَ الْإِذْنِ لِوُقُوعِهِ غَيْرَ صَحِيحٍ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا الْخَاصِّ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ زَيْدٍ مَثَلًا وَلَا كَفَاءَةَ بَيْنَهُمَا وَهِيَ تَجْهَلُ ذَلِكَ يُكْتَفَى بِهِ فِي إسْقَاطِهَا لِحَقِّهَا مِنْ الْكَفَاءَةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ إذْنَ الْمَرْأَةِ مُسْقِطٌ لِحَقِّهَا مِنْ الْكَفَاءَةِ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ وَلَا خِيَارَ لَهَا إلَّا إنْ بَانَ الزَّوْجُ مَعِيبًا أَوْ عَبْدًا. (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى غَيْبَتِهِ عَنْ زَوْجَتِهِ وَعَدَمِ حُضُورِهِ لِوَالِدِهَا فِي بَلَدِهِ تِلْكَ السِّنَةِ أَوْ ذَلِكَ الشَّهْرِ ثُمَّ ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ الْغَيْبَةَ وَوَالِدُهَا عَدَمَ الْحُضُورِ الْمَذْكُورَيْنِ فَهَلْ يَجُوزُ لِوَلِيِّهَا الْخَاصِّ أَوْ الْقَاضِي تَزْوِيجُهَا بِذَلِكَ بِيَمِينٍ أَوْ بِدُونِهِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِمَا وَهَلْ يَصِحُّ التَّزْوِيجُ الْمَذْكُورُ وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَةً بِالْغَيْبَةِ وَعَدَمِ الْحُضُورِ الْمَذْكُورَيْنِ عِنْدَ قَاضٍ أَوْ شَاهِدٍ وَهَلْ تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ الْمَذْكُورَةُ مَعَ أَنَّهَا بَيِّنَةُ نَفْيٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّ

الْمَرْأَةِ كَانَ خَاصًّا أَوْ عَامًّا تَزْوِيجُهَا الْمَذْكُورُ وَلَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ غَيْبَةِ زَوْجِهَا الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ وَعَدَمِ حُضُورِهِ فِيهَا بِالْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى نَفْيٍ لِأَنَّهُ مَحْصُورٌ وَأَمَّا إقَامَتُهَا عِنْدَ الشَّاهِدِ فَلَا اعْتِبَارَ بِهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ قَبِلْتُ نِكَاحَهَا أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَطَقَ بِالْقَافِ بَيْنَ الْكَافِ وَالْقَافِ كَمَا يَنْطِقُ بِهَا الْعَرَبُ أَوْ كَسَرَ تَاءَ قَبِلْت أَوْ ضَمَّ نُونَ نِكَاحِهَا أَوْ أَبْدَلَ الْكَافَ هَمْزَةً أَوْ الطَّاءَ تَاءً سَوَاءٌ كَانَ لَا يُحْسِنُ النُّطْقَ بِذَلِكَ إلَّا كَذَلِكَ أَوْ كَانَ نُطْقُهُ بِذَلِكَ غَالِبًا وَنُطْقُهُ بِالصَّوَابِ نَادِرًا بِعُسْرٍ أَوْ بِسُهُولَةٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ بِالْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ وَيَقَعُ فِيهَا الطَّلَاقُ بِهَا بِنَاءً عَلَى صِحَّتِهِمَا بِالتَّرْجَمَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَى أَنَّ الْخَطَأَ الْمَذْكُورَ لَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ وَلَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي إبْدَالِ الطَّاءِ تَاءً إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ يَنْطِقُونَ بِالتَّاءِ مَكَانَ الطَّاءِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ بَلَغَ وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يُعْرَفُ فِيهَا رُشْدُهُ فَتَزَوَّجَ بِإِذْنِ وَالِدِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى النِّكَاحِ فَهَلْ عَقْدُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الْحَجْرِ كَالسَّفِيهِ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ السَّفَهُ وَالرُّشْدُ طَارِئٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ عَقْدٌ غَيْرُ صَحِيحٍ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الْحَجْرِ

سُئِلَ) عَنْ أَرِقَّاءَ مُقِيمِينَ بِمَكَانٍ ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَلَمْ يَعْلَمْ مَالِكُهُمْ فَهَلْ إذَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى تَزْوِيجِهِمْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُزَوِّجَهُمْ خَوْفَ الْعَنَتِ وَهَلْ يَسُوغُ لَهُمْ التَّحْكِيمُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِالْمَكَانِ حَاكِمٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلْحَاكِمِ تَزْوِيجُ الْإِرْقَاءِ الْمَذْكُورِينَ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ الْمَفْسَدَةِ لِلضَّرُورَةِ، وَتَحْكِيمُ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ فِي النِّكَاحِ سَائِغٌ عِنْدَ فَقْدِ الْحَاكِمِ بِذَلِكَ الْمَكَانِ. (سُئِلَ) عَنْ بِنْتٍ يَتِيمَةٍ لَمْ تَحِضْ ذَكَرَتْ أَنَّهَا اسْتَكْمَلَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ مِنْ الْعَوَامّ أَنَّهَا اسْتَكْمَلَتْهَا ثُمَّ أَذِنَتْ لِأَخِيهَا فَزَوَّجَهَا فَهَلْ يَصِحُّ التَّزْوِيجُ عَمَلًا بِمَا ذُكِرَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ التَّزْوِيجُ فِي الْحَالِ الثَّانِي وَلَا يَصِحُّ فِي الْأَوَّلِ اسْتِصْحَابًا لِلصِّغَرِ إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي بُلُوغِهَا بِالسِّنِّ نَعَمْ إنْ تَبَيَّنَ بُلُوغُهَا حَالَ إذْنِهَا تَبَيَّنَّا صِحَّةَ الْعَقْدِ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ لَوْ قَالَتْ كُنْتُ زَوْجًا لِفُلَانٍ الْغَائِبِ فَطَلَّقَنِي أَوْ مَاتَ وَانْقَضَتْ عِدَّتِي لَا يُزَوِّجُهَا حَتَّى تُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِالِاسْتِفَاضَةِ عَلَى الطَّلَاقِ لَمْ تُسْمَعْ وَعَلَى الْمَوْتِ تُسْمَعُ وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَعَادَتْ وَزَعَمَتْ أَنَّهَا اعْتَدَّتْ وَنَكَحَتْ بِفُلَانٍ وَأَصَابَهَا وَطَلَّقَهَا وَاعْتَدَّتْ وَأَمْكَنَ ذَلِكَ جَازَ

أَنْ يُعَوِّلَ الْمُطَلِّقُ عَلَى قَوْلِهَا وَلَا يَجِبُ هُنَا لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ يَتَعَلَّقُ بِالْحَاكِمِ وَعِمَادُ أَمْرِهِ النَّظَرُ وَهُنَا بِخِلَافِهِ اهـ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ وَهَلْ امْتِنَاعُ التَّزْوِيجِ فِي الْأُولَى خَاصٌّ بِالسُّلْطَانِ وَهَلْ جَوَازُهُ فِي الثَّالِثَةِ خَاصٌّ بِالْوَلِيِّ الْخَاصِّ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ تَعْلِيلُهُ الْمَذْكُورُ وَلَوْ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ فِي الْأُولَى بِغَيْرِ الْبَيِّنَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ يُحْكَمُ بِبُطْلَانِ الْعَقْدِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ أُقِيمَتْ بَيِّنَةٌ بِالطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ بَعْدَ الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأُولَى مَفْرُوضَةٌ فِي تَزْوِيجِ الْحَاكِمِ لَهَا لِأَنَّ فَاعِلَ يُزَوِّجُهَا فِي كَلَامِهِ ضَمِيرٌ رَاجِعٌ إلَى السُّلْطَانِ فَامْتِنَاعُ التَّزْوِيجِ فِيهَا خَاصٌّ بِهِ دُونَ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ وَاقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُ وَالثَّالِثَةُ فَرْضُهَا فِي تَعْوِيلِ الْمُطَلِّقِ عَلَى قَوْلِهَا وَأَمَّا تَزْوِيجُهَا فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فَإِنْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ احْتَاجَ إلَى الْبَيِّنَةِ أَوْ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ فَلَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ادَّعَتْ طَلَاقًا مِنْ نِكَاحٍ مُعَيَّنٍ لَا يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ حَتَّى تُثْبِتَ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَلَهُ اعْتِمَادُ قَوْلِهَا وَقَدْ قِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَإِذَا زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ فِي الْأُولَى فِي غَيْرِ بَيِّنَةٍ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ فَإِنْ أُقِيمَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهَا كَانَتْ حِلًّا لِلتَّزْوِيجِ حَالَ الْعَقْدِ تَبَيَّنَّا صِحَّتَهُ

اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَتَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ لَيْسَ بِحُكْمٍ. (سُئِلَ) عَنْ إذْنِ الْمَرْأَةِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ النِّكَاحِ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَقَوْلُ الْوَلِيِّ لِوَكِيلِهِ زَوِّجْ ابْنَتِي إذَا فَارَقَهَا زَوْجُهَا أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا هَلْ يَصِحُّ إذْنُهَا وَتّ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ النِّكَاحِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ أَمْ لَا يَصِحَّانِ كَمَا رَجَّحَهُ فِي تَوْكِيلِ الْوَلِيِّ فِي أَوَّلِ الْوَكَالَةِ مِنْ الرَّوْضَةِ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ إذْنُهَا أَمْ يُفَرَّقُ بَيْنَ إذْنِهَا وَالتَّوْكِيلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ فِي التَّكْمِلَةِ فِي بَابِ النِّكَاحِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ إذْنُ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ لِوَلِيِّهَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ وَأَقَرَّاهُ وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْوَلِيِّ الْمَذْكُورِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَأَمَّا قَوْلُ الْبَغَوِيِّ فِي فَتَاوِيهِ عَقِبَ مَسْأَلَةِ الْإِذْنِ كَمَا لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِلْوَكِيلِ زَوِّجْ بِنْتِي إذَا فَارَقَهَا زَوْجُهَا أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَفِي هَذَا التَّوْكِيلِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقَدْ سَبَقَ فِي الْوَكَالَةِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيِهِ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ فَالْأَصَحُّ صِحَّةُ الْإِذْنِ دُونَ التَّوْكِيلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ تَزْوِيجَ الْوَلِيِّ بِالْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَتَزْوِيجَ الْوَكِيلِ

بِالْوِلَايَةِ الْجَعْلِيَّةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْوِلَايَةَ الشَّرْعِيَّةَ أَقْوَى مِنْ الْوِلَايَةِ الْجَعْلِيَّةِ فَيُكْتَفَى فِيهَا بِمَا لَا يُكْتَفَى بِهِ فِي الْجَعْلِيَّةِ وَأَنَّ بَابَ الْإِذْنِ أَوْسَعُ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْبَابَيْنِ بِحَمْلِ عَدَمِ الصِّحَّةِ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالصِّحَّةِ عَلَى التَّصَرُّفِ إذْ قَدْ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ وَيَصِحُّ التَّصَرُّفُ وَرُدَّ بِأَنَّهُ صَرِيحٌ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ كُفْءٍ بِرِضَاهَا وَرِضَا أَوْلِيَائِهَا فَاخْتَلَعَتْ مِنْهُ ثُمَّ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ بِهِ بِرِضَاهَا دُونَهُمْ هَلْ يَصِحُّ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَصِحُّ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَإِنْ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِبُطْلَانِهِ. (سُئِلَ) عَنْ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ إذَا عَضَلَ مَرَّاتٍ هَلْ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ وَيَصِيرُ فَاسِقًا أَوْ لَا وَعَمَّا لَوْ تَابَ وَلِيُّ النِّكَاحِ الْفَاسِقُ هَلْ يُزَوِّجُ فِي الْحَالِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ فَاسِقًا بِذَلِكَ إذَا غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ عَلَى مَعَاصِيهِ وَيُزَوِّجُ الْوَلِيُّ إذَا تَابَ فِي الْحَالِ وَلَا حَاجَةَ إلَى مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ الْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ وَإِنْ بَحَثَ فِيهِ الشَّيْخَانِ إذْ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ عَدَمُ الْفِسْقِ لَا قَبُولُ الشَّهَادَةِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ نَكَحَ مَنْ ظَنَّهَا مُعْتَدَّةً أَوْ مُسْتَبْرَأَةً أَوْ مُحْرِمَةً أَوْ مَحْرَمًا ثُمَّ بَانَ خِلَافٌ فَهَلْ النِّكَاحُ بَاطِلٌ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فِي تَحْرِيرِهِ أَوْ صَحِيحٌ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ النِّكَاحَ بَاطِلٌ عَلَى الرَّاجِحِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ فِي النِّكَاحِ يُسَنُّ أَنْ تَكُونَ جَمِيلَةً هَلْ الْجَمَالُ وَصْفٌ قَائِمٌ بِالذَّاتِ لَا يَخْتَلِفُ أَوْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَمَالِ الْوَصْفُ الْقَائِمُ بِالذَّاتِ الْمُسْتَحْسَنُ عِنْدَ ذَوِي الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ. (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ لَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ خَاصٌّ وَقَاضِي بَلَدِهَا جَائِرٌ ظَالِمٌ رَتَّبَ عَلَى عُقُودِ الْأَنْكِحَةِ مُكُوسًا لَهَا وَقْعٌ فَهَلْ لَهَا أَنْ تُفَوِّضَ أَمْرَهَا لِعَدْلٍ يُزَوِّجُهَا وَيَصِحُّ النِّكَاحُ لِلضَّرُورَةِ وَلِأَنَّ وُجُودَ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ كَالْعَدَمِ لِفِسْقِهِ بِأَخْذِ الْمَكْسِ الْمَذْكُورِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلْمَرْأَةِ تَفْوِيضَ تَزْوِيجِهَا لِعَدْلٍ وَيَصِحُّ تَزْوِيجُهُ إيَّاهَا لِلضَّرُورَةِ. (سُئِلَ) عَنْ فَتْحِ التَّاءِ مِنْ زَوَّجْتُك وَقَبِلْت نِكَاحَهَا فَهَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَصِحُّ النِّكَاحُ بِذَلِكَ لِأَنَّ اللَّحْنَ فِيهِ لَا يَمْنَعُ الْفَهْمَ. (سُئِلَ) هَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ لِسَانَ الْعَاقِدَيْنِ إذَا كَانَ يَضْبِطُ اللَّفْظَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إذْ مِنْ شُرُوطِ الشَّاهِدَيْنِ مَعْرِفَتُهُمَا لِسَانَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالرَّوْضِ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ كَالْبُلْقِينِيِّ وَالْأَذْرَعِيِّ. (سُئِلَ) هَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ إذَا لَمْ يَفْهَمْ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ

كَلَامَ الْآخَرِ ثُمَّ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ بِمَعْنَاهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ. (سُئِلَ) عَمَّنْ بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ السَّفَهُ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ هَلْ يَلِي نِكَاحَ مُوَلِّيَتِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ يَلِي نِكَاحَهَا. (سُئِلَ) هَلْ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُزَوِّجَ الْمَجْنُونَ عِنْدَ ظُهُورِ الْحَاجَةِ أَوْ لَا وَهَلْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَقْلٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُعَضِّدُهُ نَصُّ الْأُمِّ. اهـ. وَهُوَ الرَّاجِحُ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الشَّامِلِ خِلَافَهُ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ ظَهَرَتْ حَاجَةُ السَّفِيهِ إلَى النِّكَاحِ وَامْتَنَعَ مِنْهُ وَلِيُّهُ فَتَزَوَّجَ بِنَفْسِهِ هَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ أَوْ لَا فَإِنْ خَفَتْ الْحَاجَةُ وَتَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ السُّلْطَانِ فَتَزَوَّجَ بِنَفْسِهِ هَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ النِّكَاحَ فِي الْحَالَيْنِ بَاطِلٌ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَكَّمَتْ امْرَأَةٌ لَا وَلِيَّ لَهَا إلَّا الْحَاكِمُ عَدْلًا فِي تَزْوِيجِهَا وَلَيْسَ بِمُجْتَهِدٍ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ تَزْوِيجُهَا مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي لِقَوْلِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ فَعُلِمَ أَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سَفَرًا وَحَضَرًا مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي وَدُونِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهُ إيَّاهَا إلَّا عِنْدَ فَقْدِ الْقَاضِي إذْ الضَّرُورَةُ تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا وَمُرَادُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ بِقَوْلِهِ

الْمَذْكُورِ مَا إذَا كَانَ الْمُحَكَّمُ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ. (سُئِلَ) عَنْ وَكِيلِ الْوَلِيِّ فِي النِّكَاحِ إذَا زَوَّجَ بِدُونِ الْقَدْرِ الَّذِي سَمَّاهُ لَهُ مُوَكِّلُهُ هَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ جَزَمَ بَعْضُهُمْ بِبُطْلَانِهِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَكَّلَ وَالِدَهُ فِي عَقْدِ نِكَاحِهِ عَلَى بَكْرٍ مُعَيَّنَةً بِمَهْرٍ مُعَيَّنٍ وَأَشْهَدَ بِذَلِكَ شُهُودًا وَعَقَدَ وَالِدُهُ ذَلِكَ النِّكَاحَ بِحَضْرَةِ شُهُودٍ غَيْرِ شُهُودِ التَّوْكِيلِ وَلَمْ يَذْكُرُوا التَّوْكِيلَ فِي تَوْثِيقِهِمْ إمَّا لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِمْ عَلَيْهِ أَوْ لِنِسْيَانٍ وَقَعَ مِنْهُمْ حَالَ الْكِتَابَةِ فَهَلْ هَذَا الْعَقْدُ صَحِيحٌ وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ عِلْمُ شُهُودِهِ بِالتَّوْكِيلِ أَمْ الشَّهَادَةُ بِالتَّوْكِيلِ كَافِيَةٌ وَإِذَا عَقَدَ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ بِإِذْنِهِ بِمَهْرٍ مُعَيَّنٍ فِي ذِمَّةِ الْوَالِدِ هَلْ يَكُونُ لَازِمًا ذِمَّتُهُ وَإِنْ دَخَلَ الزَّوْجُ بِالزَّوْجَةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْعَقْدَ الْمَذْكُورَ صَحِيحٌ إنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ وَالشَّاهِدَانِ الْوَكَالَةَ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحَا بِهَا فِي التَّوْثِيقِ وَإِلَّا فَبَاطِلٌ وَعَقْدُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يَلْزَمُهُ بِهِ مُسَمَّاهُ وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ مَهْرُ مِثْلِهَا. (سُئِلَ) عَنْ وَكِيلِ الْوَلِيِّ إذَا زَوَّجَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى نَفَقَةِ الْمُتَوَسِّطِينَ وَقَدْ بَذَلَ حَالَ صَدَاقِهَا فَهَلْ يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ إذَا لَمْ يَخْطُبْهَا مَنْ يَقْدِرُ عَلَى نَفَقَةِ الْمُوسِرِينَ كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا بِكُفْءٍ أَوْ لَمْ يَخْطُبْهَا

أَكْفَأُ مِنْهُ وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنُ لَوْ زَوَّجَهَا مِنْ أَعْمَى صَحَّ وَلَا خِيَارَ إذْ لَيْسَ الْبَصَرُ مِنْ شَرْطِ الْكَفَاءَةِ (سُئِلَ) عَنْ شُرُوطِ الْإِجْبَارِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْفُقَهَاءُ هَلْ هِيَ شُرُوطٌ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ وَالْإِجْبَارِ أَمْ لِجَوَازِ الْإِجْبَارِ دُونَ الصِّحَّةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الشُّرُوطَ الْمَذْكُورَةَ إنَّمَا هِيَ لِجَوَازِ الْإِجْبَارِ أَمَّا صِحَّتُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ لَهَا جَمِيعُهَا فَإِنَّهُ لَوْ زَوَّجَهَا بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ صَحَّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ حَرُمَ الْإِجْبَارُ. (سُئِلَ) عَنْ تَاجِرِ قَمْحٍ يَقْرَأُ بَعْضَ الْقُرْآنِ زَوَّجَ ابْنَتَهُ لِرَجُلٍ شَلَبِيٍّ طَحَّانٍ فَهَلْ الزَّوْجُ كُفْءٌ لَهَا وَهَلْ الْعَقْدُ صَحِيحٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ الزَّوْجُ كُفْءَ الزَّوْجَةِ وَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ. (سُئِلَ) هَلْ لِلْمَرْأَةِ الْفَاسِقَةِ السَّفِيهَةِ الَّتِي لَا وَلِيَّ لَهَا وَلَا قَاضٍ بِقُرْبِهَا أَنْ تُوَلِّيَ أَمْرَهَا عَدْلًا لِيُزَوِّجَهَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ بِأَنَّ زَوْجَ وَالِدَتِهِ مَاتَ عَنْهَا أَوْ طَلَّقَهَا مِنْ مُدَّةِ كَذَا أَوْ أَنَّ وَلِيَّهَا الْخَاصَّ غَابَ عَنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ الْغَيْبَةَ الشَّرْعِيَّةَ فَزَوَّجَهَا الْقَاضِي فَهَلْ تُقْبَلُ الشَّهَادَتَانِ الْمَذْكُورَتَانِ وَيَصِحُّ التَّزْوِيجُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَتَانِ إلَّا إنْ شَهِدَ بِذَلِكَ حِسْبَةً وَأَمَّا التَّزْوِيجُ فَصَحِيحٌ إذَا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا شَهِدَ بِهِ. (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ ذَكَرَتْ

أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَصَدَّقَهَا مُطَلِّقُهَا عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ ذَلِكَ وَقَالَا إنَّهُ إنَّمَا طَلَّقَهَا طَلْقَتَيْنِ فَقَطْ فَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ سَمِعَ كَلَامَهُمَا الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ أَنْ يَحْضُرَ عَقَدَهُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَالٍ وَهَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ الْمَذْكُورُ سَوَاءٌ اعْتَذَرُوا عَنْ قَوْلِهِمَا الْأَوَّلِ بِنِسْيَانٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ سَمِعَ كَلَامَ الزَّوْجِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَحْضُرَ عَقْدَهُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَالٍ إذْ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُ الزَّوْجِ عَنْ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ الْمَذْكُورُ هَذَا إذَا لَمْ يَعْتَذِرْ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ بِنِسْيَانٍ أَوْ نَحْوِهِ. (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ لِغَيْبَةِ وَلِيِّهَا ثُمَّ قَدِمَ وَقَالَ كُنْت دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ بِيَمِينِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ كَمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ زَوَّجَ شَقِيقَتَهُ بِغَيْرِ كُفْءٍ بِرِضَاهَا دُونَ رِضَا شَقِيقِهَا الْآخَرِ ثُمَّ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ وَادَّعَى أَنَّ الزَّوْجَ غَيْرُ مُكَافِئٍ لَهَا وَلَا لِوَالِدِهَا فِي النَّسَبِ وَالدِّيَانَةِ وَالْعِفَّةِ وَأَنَّهُ غَيْرُ رَاضٍ بِهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً شَهِدَتْ بِذَلِكَ كُلِّهِ فَأَشْهَدَ الْقَاضِي عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ ذَلِكَ وَحَكَمَ بِمُوجَبِ عَدَمِ الْكَفَاءَةِ بَيْنَهُمَا وَمِنْ مُوجَبِهِ إلْغَاءُ النِّكَاحِ فَهَلْ حُكْمُهُ بِمُوجَبِ

عَدَمِ الْكَفَاءَةِ رَافِعٌ لِخِلَافِ الْمَالِكِيِّ الَّذِي لَا يَعْتَبِرُ الْكَفَاءَةَ فِي النَّسَبِ بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْكُمَ بِتَكَافُئِهِمَا مِنْ حَيْثُ النَّسَبُ وَإِذَا قُلْتُمْ نَعَمْ فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ هَذَا الزَّوْجَ عَقَدَ عَلَيْهَا ثَانِيًا مَعَ اسْتِمْرَارِ الْأَخِ عَلَى امْتِنَاعِهِ هَلْ يَسُوغُ لِلْمَالِكِيِّ أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّتِهِ أَمْ لَا لِأَنَّ حُكْمَ الشَّافِعِيِّ صَيَّرَ دَنَاءَةَ النَّسَبِ مَانِعَةً مِنْ الْكَفَاءَةِ وَرَفَعَ الْخِلَافَ فِيهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ حُكْمَهُ بِمُوجَبِ عَدَمِ الْكَفَاءَةِ رَافِعٌ لِخِلَافِ الْمَالِكِيِّ الَّذِي لَا يَعْتَبِرُ الْكَفَاءَةَ فِي النَّسَبِ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْكُمَ بِتَكَافُئِهِمَا مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حُكْمِ الشَّافِعِيِّ فَلَا يَسُوغُ لِلْمَالِكِيِّ أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ الثَّانِي لِمَا ذُكِرَ. (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ قَالَتْ إنَّ زَوْجَهَا فُلَانًا طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا هَلْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِلَا بَيِّنَةٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُزَوِّجَهَا حَتَّى تُقِيمَ بَيِّنَةً بِمَا قَالَتْهُ لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ لَهُ بِالنِّكَاحِ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّتْ بِهِ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا حَكَاهُ الزَّبِيلِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ فِيمَا إذَا حَضَرَتْ امْرَأَةٌ وَادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَطَلَبَتْ مِنْ الْحَاكِمِ التَّزْوِيجَ حَيْثُ قَالَ إنْ كَانَتْ غَرِيبَةً وَالزَّوْجُ غَائِبٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ وَإِنْ كَانَ

الزَّوْجُ فِي الْبَلَدِ وَلَيْسَتْ غَرِيبَةً فَلَا يَعْقِدُ النِّكَاحَ عَلَيْهَا مَا لَمْ تُثْبِتْ مَا ادَّعَتْهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيه أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ ادَّعَتْ عَلَى الْوَلِيِّ وَفَاةَ الزَّوْجِ أَوْ طَلَاقَهُ فَأَنْكَرَ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ وَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ بِتَزْوِيجِهَا أَوْ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ حِسْبَةً بِفَسَادِ النِّكَاحِ هَلْ تُسْمَعُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ فَفِي الْأَنْوَارِ قَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ فِي تَعْلِيقِهِ لَمْ تُسْمَعْ إلَّا بَيِّنَةٌ تَقُومُ عَلَى فَسَادِ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْفَتَاوَى وَلَوْ أَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْفَسَادِ لَمْ تُسْمَعْ وَحَاصِلُ كَلَامِهِمَا أَنَّهَا تُسْمَعُ إنْ شَهِدَتْ حِسْبَةً وَلَا تُسْمَعُ إنْ أَقَامَهَا الزَّوْجُ وَهُوَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُمَا. اهـ. وَكَمَا جَزَمَ بِهِ الْغَزِّيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَقَالَ فِيهِ: وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يُقِيمَهَا وَيَتَّجِهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ إقَامَتُهَا وَتَبِعَهُ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فِي مُخْتَصَرِهِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَحَلُّ تَبَيُّنِ الْبُطْلَانِ بِاعْتِرَافِهِمَا فِي حَقِّهِمَا أَمَّا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَوَافَقَا عَلَى فَسَادِ الْعَقْدِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوقِعَا نِكَاحًا بِلَا مُحَلِّلٍ لِلتُّهْمَةِ وَلِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَسْقُطُ بِقَوْلِهِمَا وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُسْمَعْ قَوْلُهُمَا وَلَا بَيِّنَتُهُمَا وَبِذَلِكَ أَفْتَى الْقَاضِي أَمَّا

بَيِّنَةُ الْحِسْبَةِ فَتُسْمَعُ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ. اهـ. وَنَقَلَ الْغَزِّيُّ فِي أَدَبِ الْقَاضِي عَنْ الزَّبِيلِيِّ سَمَاعَهَا وَلَوْ مِنْ الزَّوْجِ إنْ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِأَنَّهُ عَقَدَ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ وَإِلَّا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لَهَا وَذَكَرَ لَهُ نَظَائِرَ وَبَسَطَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَا تُسْمَعُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ قُلْتُمْ بِسَمَاعِ بَيِّنَةِ الْحِسْبَةِ فِي ذَلِكَ فَقَدْ جَرَتْ حَادِثَةٌ وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مِنْ وَاحِدَةٍ غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا أَنَّهُ لَا يُشَارِكُ فُلَانًا فِي دَوَابِّهِ الْمُدَّةَ الْفُلَانِيَّةَ وَشَارَكَهُ فِيهَا طُولَ الْمُدَّةِ عَالِمًا عَامِدًا ثُمَّ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ كُلُّ ذَلِكَ بِحُضُورِ بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ لَدَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ حِسْبَةً بِذَلِكَ وَحَكَمَ بِمُوجَبِهِ وَهُوَ حُصُولُ الْبَيْنُونَةِ الصُّغْرَى بِالطَّلَاقِ السَّابِقِ وَإِلْغَاءُ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لِوُقُوعِهِ فِي الْبَيْنُونَةِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الْمُطَلِّقُ بِلَا تَحْلِيلٍ فَهَلْ الْحُكْمُ وَالنِّكَاحُ صَحِيحَانِ وَهَلْ هَذِهِ الْحَادِثَةُ أَوْلَى بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَلَوْ أَقَامَهَا الزَّوْجُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ أَوْ لِضَعْفِهَا؟ (فَأَجَابَ) أَمَّا مَسْأَلَةُ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى مُفْسِدِ النِّكَاحِ فَتُسْمَعُ فِيهَا شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ إنْ شَهِدَتْ حِسْبَةً وَلَا تُسْمَعُ إنْ أَقَامَهَا الزَّوْجُ لِدَفْعِ التَّحْلِيلِ لِمُخَالَفَتِهَا الظَّاهِرَ وَهُوَ إقْدَامُهُ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُسْلِمَ بَلْ الْمُكَلَّفَ الرَّشِيدَ لَا يَقْدُمُ عَلَى الْعَقْدِ

الْفَاسِدِ. فَإِقْدَامُهُ عَلَى الْعَقْدِ يَقْتَضِي الْحُكْمَ وَالِاعْتِرَافَ بِاسْتِجْمَاعِ مُعْتَبَرَاتِهِ فَيَكُونُ مُكَذِّبًا لَدَعْوَاهُ وَبَيِّنَتِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ دَارًا ثُمَّ قَالَ كُنْت وَقَفْتهَا أَوْ عَبْدًا ثُمَّ قَالَ كُنْت أَعْتَقْته لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا وَأَحَالَ بِثَمَنِهِ ثُمَّ أَقَامَ الْمُتَبَايِعَانِ بَيِّنَةً بِحُرِّيَّتِهِ لَمْ تُسْمَعْ لِأَنَّهُمَا كَذَّبَاهَا بِالْبَيْعِ وَلَوْ قَبْلَ الْحَوَالَةِ بِغَيْرِ اعْتِرَافٍ بِالدَّيْنِ كَانَ قَبُولُهُ مُتَضَمِّنًا لِاسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ فَيُؤَاخَذُ بِذَلِكَ لَوْ أَنْكَرَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَالْحُكْمُ وَالنِّكَاحُ فِيهَا صَحِيحَانِ وَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ بِمَا ذَكَرَ فِيهَا وَإِنْ أَقَامَهَا الزَّوْجُ لِانْتِفَاءِ تَعْلِيلِ عَدَمِ سَمَاعِهَا فِي الْأُولَى وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ. رَجُلٌ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا فَفَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ بِمَشْهَدِهِمْ ثُمَّ قَالَ كُنْت خَالَعْتَهَا قَبْلَ هَذَا الْقَوْلِ قَالَ عَلَى الشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا حِسْبَةً عَلَى الطَّلَاقِ ثُمَّ هُوَ يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ خُلْعٍ سَابِقٍ بِالْبَيْنُونَةِ وَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ فَأَمَّا إذَا قَالَ أَوَّلًا إنِّي خَالَعْتُ زَوْجَتِي ثُمَّ رَآهُ الشُّهُودُ فَعَلَ ذَلِكَ لَا يَشْهَدُونَ بِالطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ السَّابِقُ مَقْبُولٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيهِ وَسُئِلَ السَّرَّاجُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ رَجُلٍ أَوْقَعَ عَلَى زَوْجَتِهِ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً ثُمَّ رَاجَعَهَا ثُمَّ حَلَفَ عَلَيْهَا بِالطَّلَاقِ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ

الْمَكَانَ الْفُلَانِيَّ فَدَخَلَتْهُ فَوَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فَمَكَثَتْ شَهْرَيْنِ وَأَسْقَطَتْ وَلَدَيْنِ وَلَمْ يُرَاجِعْهَا مِنْ الطَّلْقَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ أَنَّهَا طَلَبَتْهُ إلَى الْحَاكِمِ مَعَ عِلْمِهَا بِالطَّلَاقِ فَقَالَ هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَكَتَبَ الشُّهُودُ ذَلِكَ فَهَلْ يُؤَاخَذُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ. فَأَجَابَ نَعَمْ يُؤَاخَذُ بِهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ أَنَّهَا وَضَعَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّانِي مَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرَاجِعْهَا فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ اهـ وَأَيْضًا فَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ وَقَدْ اسْتَثْنَوْا مِنْ سَمَاعِ شَهَادَةِ غَيْرِ الْحِسْبَةِ مَا إذَا شَهِدَتْ بِمُفْسِدِ النِّكَاحِ بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَيَبْقَى مَا عَدَاهَا عَلَى الْأَصْلِ فِي سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَلَوْ أَقَامَهَا الزَّوْجُ وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْته مَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ تَقَارَّ الزَّوْجَانِ أَنَّهُ كَانَ قَدْ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يُرَاجِعْهَا وَلَا ابْتَدَأَ نِكَاحَهَا يَقْصِدُ بِذَلِكَ أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ فَإِنَّا لَا نُصَدِّقُهُ فِي ذَلِكَ وَنَمْنَعُهُ مِنْهَا فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ تَطْلِيقِهِ إيَّاهَا أَنَّهُ إنَّمَا طَلَّقَ مَنْكُوحَتَهُ. اهـ. إذْ لَيْسَ فِي عَدَمِ تَصْدِيقِهِ مَا يَقْتَضِي عَدَمَ سَمَاعِ بَيِّنَتِهِ وَلَا مَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَيْتُ فَإِنَّا لَا نَسْمَعُ بَيِّنَتَهُ لِأَنَّ سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ يَقْتَضِي

تَقَدُّمَ دَعْوَى. اهـ لِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي دَعْوَاهُ فَسَادُ الْعَقْدِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا. (سُئِلَ) هَلْ قَوْلُهُ لِوَالِدِهِ أَوْ غَيْرِهِ اقْبَلْ لِي أَحَدَ الْبَنَاتِ الثَّلَاثِ وَسَمَّاهُنَّ تَعْيِينٌ فَيَصِحُّ أَمْ إطْلَاقٌ فَلَا يَصِحُّ كَمَا رَجَّحَهُ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ؟ (فَأَجَابَ) هُوَ تَعْيِينٌ فَيَصِحُّ لِلْعِلْمِ بِمَا وَكَّلَ فِيهِ بَلْ الصِّحَّةُ هُنَا أَوْلَى مِنْهَا فِي قَوْلِهِ تَزَوَّجْ لِي مَنْ شِئْت وَوَجْهُ الصِّحَّةِ فِي هَذِهِ إتْيَانِهِ بِلَفْظٍ عَامٍّ مُتَنَاوِلٍ لِكُلٍّ مِنْ أَفْرَادِ النِّسَاءِ مُطَابِقَةٌ فَانْتَفَى الْغَرَرُ بِذَلِكَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَذِنَتْ لِمَنْ هُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَزَوَّجَهَا حَاضِرَةً فِيهِ هَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الْعِمَادِ فِي كِتَابِهِ تَوْقِيفُ الْحُكَّامِ فَإِنَّهُ بَنَى الْفَرْعَ عَلَى مَا لَوْ سَمِعَ تَزْكِيَةَ الشُّهُودِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ هَلْ يُعْمَلُ بِهِ فِي مَحَلِّهَا وَأَفْتَى بِهِ عَصْرِيٌّ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْإِذْنَ الْمَذْكُورَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ ارْتِبَاطِ أَثَرِهِ بِهِ وَأَفْتَيْتَهُمْ بِالْأَوَّلِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَبْنِيِّ وَالْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ التَّزْوِيجُ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُمْ لِلْقَاضِي تَزْوِيجُ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا إذَا حَضَرَتْ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ مُتَوَطِّنَةً كَانَتْ أَوْ لَا. اهـ. وَلَيْسَ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَبَيْنَ الْعَقْدِ مَانِعٌ سِوَى قَطْعِ الْمَسَافَةِ وَقَدْ زَالَ عَنْهُ فَإِذْنُهَا صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ أَثَرُهُ عَلَيْهِ حَالًا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَضَرَ قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ بِبَلَدِ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ

بِحُكْمِهِ فَإِنَّهُ يُمْضِيهِ إذَا عَادَ إلَى وِلَايَتِهِ أَوْ أَذِنَ لِشَخْصٍ قَبْلَ وَقْتِ الصَّلَاةِ لِيَطْلُبَ لَهُ الْمَاءَ فِيهِ أَوْ أَطْلَقَ أَوْ وَكَّلَ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ الْخَمْرَ بَعْدَ تَخَلُّلِهَا أَوْ مَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ أَوْ عَبْدَهُ بَعْدَ سَنَةٍ أَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي فِي الْعِيدِ أَوْ رَبِيعٍ أَوْ جُمَادَى فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ وَكَّلَ الْمُحْرِمُ مَنْ يُزَوِّجَهُ أَوْ يُزَوِّجَ مُوَلِّيَتِهِ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ أَوْ أَطْلَقَ وَقَدْ رَأَيْت كَلَامَ ابْنِ الْعِمَادِ الْمَذْكُورَ حَالَ إفْتَائِي الْأَوَّلِ وَقَدْ قَالَ فِي الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ وَجْهَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ لَهُ الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِمْ إنْ جَوَّزْنَا الْقَضَاءَ بِالْعِلْمِ وَخَالَفَهُ أَبُو عَاصِمٍ وَآخَرُونَ وَقَالُوا الْقِيَاسُ مَنْعُهُ كَمَا لَوْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ خَارِجَ وِلَايَتِهِ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ السَّمَاعِ بَعْدَ الْعَوْدِ إلَى وِلَايَتِهِ اهـ فَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ رُجْحَانِ الثَّانِي فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَبْنِيِّ وَالْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ أَنَّ شَهَادَةَ الْبَيِّنَةِ بِالتَّزْكِيَةِ كَشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي هِيَ مُسْتَنَدُ حُكْمِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَهُ فَبَانَ مَأْذُونًا هَلْ يَصِحُّ كَمُزَوِّجِ أَمَةِ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَوْتُهُ أَوْ لَا كَعَاقِدٍ عَلَى خُنْثَى فَبَانَ أُنْثَى؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ التَّزْوِيجُ كَمَا فِي النَّظِيرِ الْمَذْكُورِ وَغَيْرِهِ بِجَامِعِ أَنَّ الشَّكَّ فِي غَيْرِ حِلِّ الزَّوْجَيْنِ وَأَمَّا النَّظِيرُ الثَّانِي الْمَذْكُورُ فِي السُّؤَالِ فَالشَّكُّ فِيهِ فِي حِلِّ الْمَنْكُوحَةِ

فَافْتَرَقَا (سُئِلَ) هَلْ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ كُفْءٌ لِلرَّشِيدَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُكَافِئُهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ فَسَخَ نِكَاحَهَا بِالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ أَوْ بِالتَّضَرُّرِ بِالنِّكَاحِ حَاكِمٌ حَنْبَلِيٌّ وَحَكَمَ بِبَيْنُونَتِهَا فَهَلْ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا أَمْ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بِالْفَسْخِ بِالنَّفَقَةِ وَفِيمَنْ خَلَعَ زَوْجَتَهُ فِي الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ وَحَكَمَ بِهِ حَنْبَلِيٌّ فَهَلْ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهَا لِمُخْتَلَعِهَا أَمْ لَا وَهَلْ لِلشَّافِعِيِّ تَنْفِيذُ حُكْمِ الْمُخَالِفِ وَالْإِلْزَامِ بِمُقْتَضَاهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ التَّزْوِيجَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ وَالتَّنْفِيذَ وَالْإِلْزَامَ فِي الثَّالِثَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَكَذَا بَاطِنًا عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ جَزَمَ الْإِمَامُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي الشَّافِعِيِّ أَنْ يُزَوِّجَ فِي الْخُلْعِ مِنْ غَيْرِ مُحَلَّلٍ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً وَادَّعَى أَنَّهُ خَلَعَ زَوْجَةً مِنْ الْأَرْبَعِ قَبْلَ تَزَوُّجِهَا فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي صِحَّةِ التَّزَوُّجِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهَا. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا تَابَ الْفَاسِقُ هَلْ يَكُونُ كُفْئًا لِلْعَفِيفَةِ لِزَوَالِ الْفِسْقِ أَوْ لَا كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَالزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَعُودُ كُفْئًا لَهَا كَمَا لَا تَعُودُ عِفَّتُهُ وَحَصَانَتُهُ بِالتَّوْبَةِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا لَوْ اشْتَرَى رَقِيقًا فَوَجَدَهُ قَدْ زَنَى وَتَابَ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ لِأَنَّ أَثَرَ

الزِّنَا لَا يَزُولُ بِالتَّوْبَةِ بَلْ قَالَ الشَّيْخَانِ الْحِرْفَةُ الدَّنِيئَةُ فِي الْآبَاءِ وَالشُّهْرَةُ بِالْفِسْقِ مِمَّا يُعَيَّرُ بِهِ الْوَلَدُ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ حَالُ مَنْ أَبُوهُ كَذَلِكَ مَعَ مَنْ أَبُوهَا عَدْلٌ كَمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ مَعَ مَنْ أَبُوهَا مُسْلِمٌ وَالْحَقُّ أَنْ يُجْعَلَ النَّظَرُ فِي حَقِّ الْآبَاءِ دِينًا وَسِيرَةً وَحِرْفَةً مِنْ حِينِ النَّسَبِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَذِنَتْ لِلْحَاكِمِ فِي تَزْوِيجِهَا بِمَنْ ظَنَّتْ كَفَاءَتَهُ فَزَوَّجَهَا بِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافَهُ هَلْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ النِّكَاحِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ النِّكَاحِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ بِنْتُ الْعَالِمِ هَلْ هُوَ قَيْدٌ فَاَلَّتِي جَدُّهَا مَثَلًا عَالِمٌ يَكُونُ كُفْئًا لَهَا مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ فَوَاضِحٌ وَهُوَ مُرَادُهُمْ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِقَيْدٍ. (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ نَظَرُهُ لِلْمُعْتَدَّةِ لِخِطْبَتِهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهَا أَوْ عِلْمِهَا بِأَنَّهُ لِرَغْبَتِهِ فِي نِكَاحِهَا. (سُئِلَ) مَنْ يُزَوِّجُ بِنْتَ الْعَبْدِ مِنْ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُزَوِّجُهَا الْعَصَبَةُ مِنْ النَّسَبِ كَأَخِي أَبِيهَا الْحُرِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْحَاكِمُ. (سُئِلَ) هَلْ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ سَتْرُ وَجْهِهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ الْأَجَانِبِ أَوْ لَا كَمَا يَقْتَضِيه عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَالرَّوْضِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ اتِّفَاقَ

الْعُلَمَاءِ عَلَيْهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا سَتْرُ وَجْهِهَا بِحَضْرَةِ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَقُوَّةُ كَلَامِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ تَقْتَضِي رُجْحَانَهُ، وَعَلَّلَهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَنْعِ النِّسَاءِ مِنْ الْخُرُوجِ سَافِرَاتٍ وَنَقَلَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هَذَا الِاتِّفَاقَ وَأَقَرَّاهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ التَّرْجِيحُ بِقُوَّةِ الْمُدْرَكِ وَالْفَتْوَى عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ وَجَزَمَ بِهِ فِي تَدْرِيبِهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ اخْتِيَارُ الْجُمْهُورِ. اهـ. وَلَا اعْتِمَادَ عَلَى مَا حَمَلَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ الِاتِّفَاقَ الْمَذْكُورَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ (سُئِلَ) عَمَّنْ وَكَّلَ رَجُلًا فِي تَزْوِيجِ بِنْتِهِ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ بِفُلَانٍ وَهُوَ عَدُوٌّ لَهَا ظَانًّا أَنَّ الْعَدَاوَةَ لَا تَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ التَّزْوِيجِ فَزَوَّجَهَا فَهَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهَا بِهِ لِلضَّرَرِ اللَّاحِقِ لَهَا بِهِ بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ مِنْ تَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ أَوْ بِمُعْسِرٍ بِمَهْرِهَا أَوْ تَزْوِيجِ الْوَكِيلِ لَهَا بِأَدْنَى الْخَاطِبِينَ شَرَفًا (سُئِلَ) عَنْ أَخَوَيْنِ أَحَدُهُمَا حَائِكٌ وَتَاجِرٌ وَالْآخَرُ حَائِكٌ فَقَطْ زَوَّجَ الْأَوَّلُ بِنْتَه بِوِلَايَةِ الْإِجْبَارِ لِابْنِ الثَّانِي فَهَلْ هُوَ كُفْءٌ لَهَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُكَافِئُ بِنْتَ عَمِّهِ الْمَذْكُورَةَ لِأَنَّ الْمُكَافَأَةَ الْمُسَاوَاةُ وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الزَّوْجَيْنِ وَآبَائِهِمَا وَشَرَفُ التِّجَارَةِ عُرْفًا الْمُتَّصِفُ بِهِ وَالِدُهَا غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي

وَالِدِهِ وَظَاهِرُ أَنَّ ابْنَ الْحَائِكِ لَيْسَ كُفُؤًا لِبِنْتِ التَّاجِرِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ زَوَّجَ بِنْتَهُ الْبِكْرَ الْبَالِغَ بِغَيْرِ إذْنِهَا لِابْنِ أَخِيهِ وَصِفَةُ أَبِيهَا أَنَّهُ يَشْتَرِي الْغَزْلَ وَالْحَرِيرَ وَيُكْرِي عَلَيْهِ مَنْ يَحِيكُهُ لَهُ فَإِذَا صَارَ قُمَاشًا سَافَرَ بِهِ إلَى مَكَّةَ ثُمَّ إلَى الْيَمَنِ فَيَبِيعُهُ عَلَى التَّدْرِيجِ وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ نِيلَةً وَفُلْفُلًا وَزَنْجَبِيلًا وَغَيْرَهَا مِنْ أَصْنَافِ الْبَضَائِعِ وَمُدَّةُ إقَامَتِهِ لِذَلِكَ تَزِيدُ عَلَى سَنَتَيْنِ فَإِذَا وَصَلَ إلَى الطُّورِ كَتَبُوا اسْمَهُ فِي دِيوَانِ السُّلْطَانِ بِالتَّاجِرِ الْفُلَانِيِّ وَكَذَلِكَ إذَا وَصَلَ إلَى مِصْرَ وَيَبِيعُ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ مِنْ النِّيلَةِ وَيَشْتَرِي بِثَمَنِ ذَلِكَ غَزْلًا وَحَرِيرًا وَمَا بَقِيَ مِنْ النِّيلَةِ يَجْعَلُهُ فِي مَصْبَغَةٍ وَيُكْرِي عَلَيْهِ مَنْ يَتَعَهَّدُهَا فَيَصْبُغُ بِهَا غَزْلَهُ ثُمَّ يَدْفَعُهُ لِمَنْ يَنْسِجُهُ لَهُ ثُمَّ يَفْعَلُ بِهِ مَا مَرَّ وَهَكَذَا مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ وَقَبْلَهَا كَانَ حَائِكًا بِنَفْسِهِ وَصَنْعَةُ أَبِي الزَّوْجِ أَنَّهُ يَحِيكُ بِنَفْسِهِ وَقَدْ يَحِيكُ بِأُجْرَةٍ فَهَلْ الزَّوْجُ كُفْءٌ لِلزَّوْجَةِ الْمَذْكُورَةِ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ أَوْ لَا فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْعَقْدِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْءٍ لَهَا لِأَنَّهُ ابْنُ حَائِكٍ وَأَبُوهَا تَاجِرٌ. (سُئِلَ) عَنْ نِكَاحٍ عَقَدَهُ الْحَاكِمُ بِمَسْتُورِي الْعَدَالَةِ هَلْ يَصِحُّ كَالْوَلِيِّ الْخَاصِّ أَوْ لَا يَصِحُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ الْمَذْكُورُ

لِأَنَّ الصَّحِيحَ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ لَيْسَ بِحُكْمٍ وَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ مِنْ عَدَمِ انْعِقَادِهِ طَرِيقَةٌ ضَعِيفَةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَهُ حُكْمٌ وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا طَرِيقَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ التَّعْجِيزِ وَقَالَ الْأَصَحُّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي التَّتِمَّةِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ عِنْدَهُ أَخُو زَوْجَتِهِ أَمْرُدُ حَسَنٌ هَلْ يَجُوزُ لَهُ نَظَرُ وَجْهِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ نَظَرُهُ بِلَا شَهْوَةٍ مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْحُرْمَةِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الشَّهْوَةِ وَخَوْفِ الْفِتْنَةِ لَمْ يُصَرِّحْ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ بِحِكَايَتِهَا فِي الْمَذْهَبِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ زَوَّجَ أُخْتَهُ بِإِذْنِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ هِيَ بَالِغٌ أَوْ لَا هَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ قِيَاسًا عَلَى نَظَائِرِهِ أَوْ لَا كَمَا لَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ هَلْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ قِيَاسًا عَلَى نَظَائِرِهَا كَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَةَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا أَوْ زَوَّجَ الْخُنْثَى أُخْتَهُ مَثَلًا فَبَانَ رَجُلًا أَوْ عَقَدَ النِّكَاحَ بِخُنْثَيَيْنِ فَبَانَا رَجُلَيْنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ الْعِدَّةِ أَنَّ الشَّكَّ فِي مَسْأَلَتِنَا فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْعِدَّةِ فِي حِلِّ الْمَنْكُوحَةِ وَهُوَ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهِ. (سُئِلَ) عَنْ عَتِيقَةٍ

لِمُعْتِقِهَا ابْنٌ صَغِيرٌ وَأَبٌ هَلْ يُزَوِّجُهَا الْأَبُ أَوْ الْحَاكِمُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُزَوِّجُهَا الْأَبُ لِانْتِقَالِ الْوِلَايَةِ بِالصِّبَا إلَى الْأَبْعَدِ فِي الْوِلَايَةِ كَمَا فِي النَّسَبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَقَدْ نَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ الصَّوَابُ (سُئِلَ) عَمَّنْ حَكَّمَتْ فِي تَزْوِيجِهَا عَدْلًا لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْقَضَاءِ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ كَذَلِكَ وَلَّاهُ ذُو شَوْكَةٍ فَزَوَّجَهَا هَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا لِأَنَّ قَضَاءَ ذَلِكَ الْقَاضِي نَافِذٌ لِلضَّرُورَةِ بِخِلَافِ الْمُحَكَّمِ أَمَّا عِنْدَ فَقْدِ وَلِيِّهَا الْخَاصِّ وَالْعَامِّ وَلَوْ قَاضِي الضَّرُورَةِ فَيَصِحُّ تَزْوِيجُهَا بِتَحْكِيمِ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ امْتَنَعَ وَلِيُّهَا مِنْ تَزْوِيجِهَا بِكُفْءٍ دَعَتْ إلَيْهِ فَحَكَّمَتْ مَنْ يُزَوِّجُهَا بِهِ جَاعِلَةً مَا يَأْخُذُهُ الْقُضَاةُ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى الْعُقُودِ كَعَدَمِ الْحُكْمِ فَهَلْ يَصِحُّ التَّزْوِيجُ الْمَذْكُورُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيُّهَا مُجْبِرًا وَكَانَ الْمُحَكَّمُ بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ صَحَّ التَّزْوِيجُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ. (سُئِلَ) عَمَّا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ فِي الْخِطْبَةِ مِنْ أَنَّ سُكُوتَ الْبِكْرِ كَافٍ كَالتَّصْرِيحِ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَيْسَ بِكَافٍ فِي جَوَابِ خِطْبَتِهَا وَإِنْ جَرَى عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِهِ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. (سُئِلَ) هَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ بِقَوْلِ الزَّوْجِ

أَحْبَبْتُ أَوْ أَرَدْت النِّكَاحَ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ رَضِيت نِكَاحَهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ بِقَوْلِهِ أَحْبَبْت نِكَاحَهَا أَوْ أَرَدْت أَوْ اخْتَرْت نِكَاحَهَا لِأَنَّهَا أَلْفَاظٌ مُشْعِرَةٌ بِالْقَبُولِ مَعَ وُجُودِ لَفْظِ النِّكَاحِ الْمُعْتَدِّ بِهِ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ زَوْجِ خَالَتِهَا ظَانَّةً جَوَازَ جَمْعِهِمَا ثُمَّ زَوَّجَهُ إيَّاهَا بَعْدَ أَنْ أَبَانَ خَالَتَهَا بِذَلِكَ الْإِذْنِ فَهَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ لِصِحَّةِ الْإِذْنِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ وَكَّلَ الْمُحْرِمُ حَلَالًا فِي تَزْوِيجِهِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ أَوْ أَطْلَقَ أَوْ وَكَّلَهُ لِيَشْتَرِيَ هَذَا الْخَمْرَ بَعْدَ تَخَلُّلِهِ أَوْ أَذِنَ لَهُ الْحَاكِمُ فِي تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ قَبْلَ إذْنِهَا لَهُ ثُمَّ أَذِنَتْ لَهُ فَزَوَّجَهَا أَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا فَبَاعَهَا بَعْدَهُ أَوْ أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ فُلَانٍ كَافِرٍ فَأَسْلَمَ فَزَوَّجَهَا مِنْهُ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ أَوْ أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ فُلَانٍ فَإِذَا هُوَ فِي عِصْمَتِهِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ ثُمَّ أَبَانَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَزَوَّجَهَا مِنْهُ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ أَمْ بَاطِلٌ وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ وَعَلَى الصِّحَّةِ فَهَلْ يُرَدُّ الْقِيَاسُ عَلَى مَا لَوْ وَكَّلَ فِي تَزْوِيجِ أَمَتِهِ مِنْ فُلَانٍ إذَا وَضَعَتْ حَيْثُ لَا يَصِحُّ بِأَنَّ هَذَا تَعْلِيقٌ لِلْوَكَالَةِ وَهِيَ لَا تَقْبَلُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ النِّكَاحَ الْمَذْكُورَ صَحِيحٌ قِيَاسًا عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ وَنَظَائِرِهَا وَقِيَاسُ الْقَائِلِ

بِالْبُطْلَانِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فَاسِدٌ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ زَوَّجَ الْمُجْبِرُ الْبِكْرَ بِغَيْرِ إذْنِهَا فَشَهِدَتْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ بِثُيُوبَتِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ فَهَلْ يَصِحُّ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَمْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَاضِي؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ لِأَنَّا لَا نُبْطِلُهُ بِالشَّكِّ لِجَوَازِ إزَالَتِهَا بِوَثْبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا أَوْ أَنَّهَا خُلِقَتْ بِدُونِهَا وَقَدْ اعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِنْ أَفْتَى الْقَاضِي بِخِلَافِهِ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّهُ الْمَذْهَبُ. (سُئِلَ) هَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَ الْمَجُوسِيَّةَ الْمُجْبَرَةَ فِيهِ وَجْهَانِ فِي طَبَقَاتِ الْعَبَّادِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْفَارِسِيِّ الْجَوَازُ وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الْمَرْوَزِيِّ الْمَنْعُ مَا الْمُعْتَمَدُ وَكَيْفَ تُزَوَّجُ الْمُجْبَرَةُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَهُ تَزْوِيجَهَا كَأَخِيهَا وَنَحْوِهِ (سُئِلَ) عَمَّنْ خَطَبَ امْرَأَةً ثُمَّ أَنْفَقَ نَفَقَةً لِيَتَزَوَّجَهَا وَلَمْ يَتَزَوَّجْهَا هَلْ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى مَنْ دَفَعَهُ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ مَأْكَلًا أَوْ مَشْرَبًا أَمْ حَلْوَى أَمْ حُلِيًّا وَسَوَاءٌ رَجَعَ هُوَ أَمْ مُجِيبُهُ أَمْ مَاتَ أَحَدُهُمَا لِأَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَهُ لِأَجْلِ تَزْوِيجِهِ بِهَا فَيَرْجِعُ بِهِ إنْ بَقِيَ وَبِبَدَلِهِ إنْ تَلِفَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى التَّعَرُّضِ لِعَدَمِ قَصْدِهِ الْهَدِيَّةَ لَا لِأَجْلِ تَزَوُّجِهِ بِهَا لِأَنَّهُ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذْ لَوْ قَصَدَ ذَلِكَ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي عَدَمِ رُجُوعِهِ. (سُئِلَ) هَلْ الْعَدَاوَةُ الظَّاهِرَةُ بَيْنَ الْبِكْرِ وَأَبِيهَا

تَمْنَعُ وِلَايَةَ الْإِجْبَارِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَمْنَعُهَا كَمَا نَقَلَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا ثُمَّ نَقَلَا فِيهَا احْتِمَالًا لِلْخَطَّابِيِّ وَمَا نَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ مِنْ الْجَزْمِ بِالْإِجْبَارِ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ عَنْهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَا أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى وِلَايَتِهِ فَيُزَوِّجُهَا بِإِذْنِهَا. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا تَزَوَّجَ عَالِمٌ بِبِنْتِ عَالِمٍ وَلَمْ يَكُنْ أَبُو الزَّوْجِ عَالِمًا يَصِحُّ النِّكَاحُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا بِهِ بِإِذْنِهَا فِيهِ وَلَوْ بِسُكُوتِ الْبِكْرِ صَحَّ نِكَاحُهَا وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ لَهُ بِنْتٌ بِكْرٌ فَوَكَّلَ شَخْصًا فِي تَزْوِيجِهَا ثُمَّ غَابَ غَيْبَةً يَسُوغُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُزَوِّجَهَا لِغَيْبَتِهِ فَزَوَّجَهَا وَوَكِيلُهُ حَاضِرٌ هَلْ يَصِحُّ تَزْوِيجُهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ إيَّاهَا لِأَنَّ عِلَّةَ تَزْوِيجِهِ تَعَذُّرُهُ مِنْ جِهَةِ الْوَلِيِّ الْغَائِبِ وَلَمْ يَتَعَذَّرْ فِي مَسْأَلَتِنَا لِوُجُودِ وَكِيلِهِ فِيهَا (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ اتَّفَقَا عَلَى عَدَمِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ النِّكَاحِ لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ صَحِيحٌ إذَا أَرَادَ عَقْدًا جَدِيدًا فَلَوْ أَرَادَ التَّخَلُّصَ مِنْ الْمَهْرِ أَوْ أَرَادَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ مَهْرَ الْمِثْلِ أَيْ وَكَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى فَيَنْبَغِي قَبُولُهَا. اهـ. فَإِذَا قَبِلَهَا الْحَاكِمُ وَحَكَمَ بِفَسَادِ الْعَقْدِ هَلْ تَحِلُّ لِلزَّوْجِ بِلَا مُحَلِّلٍ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا نِكَاحُهَا بِلَا

مُحَلِّلٍ لِوُجُودِ الْحُكْمِ بِفَسَادِ النِّكَاحِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ جَمِيعُ مُقْتَضَاهُ. (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ فِيمَا إذَا زَوَّجَهَا الْمُجْبِرُ بِمُعْسَرٍ بِحَالِ صَدَاقِهَا بُطْلَانُهُ كَمَا عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ تَبَعًا لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْقَفَّالِ وَتَبِعَهُمْ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَالسَّمْهُودِيُّ أَمْ صِحَّتُهُ وَيَثْبُتُ الْفَسْخُ كَمَا عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ حَسَنٌ وَفِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَأَطَالَ فِي تَقْرِيرِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ بُطْلَانُهُ لِأَنَّهُ أَبْخَسَهَا حَقَّهَا لِتَزْوِيجِهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ كَذَا عَلَّلَهُ الْقَاضِي وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى اعْتِبَارِ الْيَسَارِ فِي الْكَفَاءَةِ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَوْ بَنَاهُ عَلَيْهِ لَكَانَ مِنْ صُوَرِ تَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ لَا أَنَّهُ مَقِيسٌ عَلَيْهِ وَبِأَنَّ صِحَّةَ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ مَنُوطَةٌ بِالْمَصْلَحَةِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ فِيهِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ الْمَحَلِّيِّ وَالنَّظَرُ بِشَهْوَةٍ حَرَامٌ لِكُلِّ مَنْظُورٍ إلَيْهِ مِنْ مَحْرَمٍ وَغَيْرِهِ غَيْرِ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ وَالتَّعَرُّضُ لَهُ هُنَا فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ لَيْسَ لِلِاخْتِصَاصِ بَلْ لِحِكْمَةٍ تَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ مَا مُرَادُهُ بِبَعْضِ الْمَسَائِلِ وَمَا هِيَ الْحِكْمَةُ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْبَعْضَ الَّذِي تَعَرَّضَ لَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَسْأَلَةُ الْأَمَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْأَمْرَدِ

بِشَهْوَةٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا فِي الْأَمَةِ وَالْأَمْرَدِ عِنْدَ انْتِفَائِهَا وَالْحِكْمَةُ مَعَ مَا ذَكَرْته أَنَّ الْأَمَةَ لَمَّا كَانَتْ فِي مَظِنَّةِ الِامْتِهَانِ وَالِابْتِذَالِ فِي الْخِدْمَةِ وَمُخَالَطَةِ الرِّجَالِ وَكَانَتْ عَوْرَتُهَا فِي الصَّلَاةِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا فَقَطْ كَالرَّجُلِ رُبَّمَا تُوُهِّمَ جَوَازُ النَّظَرِ إلَيْهَا وَلَوْ بِشَهْوَةٍ لِلْحَاجَةِ وَإِنَّ الصَّغِيرَةَ لَمَّا أَنْ كَانَتْ لَيْسَتْ مَظِنَّةً لِلشَّهْوَةِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ عَدَمِ تَمْيِيزِهَا رُبَّمَا تُوُهِّمَ جَوَازُ النَّظَرِ إلَيْهَا وَلَوْ بِشَهْوَةٍ وَإِنَّ الْأَمْرَدَ لَمَّا أَنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الرِّجَالِ وَكَانَتْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً إلَى مُخَالَطَتِهِمْ لَهُ فِي أَغْلَبِ الْأَحْوَالِ رُبَّمَا تُوُهِّمَ جَوَازُ نَظَرِهِمْ إلَيْهِ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ لِلْحَاجَةِ بَلْ لِلضَّرُورَةِ فَدَفَعَ تِلْكَ التَّوَهُّمَاتِ بِتَعَرُّضِهِ الْمَذْكُورِ وَأَفَادَ تَحْرِيمَ نَظَرِ كُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إلَى الْآخَرِ بِشَهْوَةٍ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ وَلَا مَحْرَمِيَّةٌ وَلَا سَيِّدِيَّةَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَتَحْرِيمَ نَظَرِ كُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ إلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إلَى الْمَرْأَةِ وَالْمَحْرَمِ إلَى مَحْرَمِهِ بِشَهْوَةٍ بِطَرِيقِ الْمُسَاوَاةِ وَنَاهِيَك بِحُسْنِ تَعَرُّضِهِ الْمَذْكُورِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ نَجَّارٍ زَوَّجَ بِنْتَه الْقَاصِرَ لِحَائِكٍ هَلْ تَزَوُّجُهَا بِهِ صَحِيحٌ لِكَوْنِهِ

كُفُؤًا لَهَا أَوْ لَا يَصِحُّ لِكَوْنِهِ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ كُفْءٌ لَهَا فَتَزْوِيجُهَا بِهِ صَحِيحٌ. (سُئِلَ) عَنْ النَّظَرِ إلَى فَرْجِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يُمَيِّزْ هَلْ هُوَ جَائِزٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ نَظَرَهُ حَرَامٌ إذْ الْأَصَحُّ أَنَّ الصَّغِيرَ كَالصَّغِيرَةِ وَإِنْ قَالَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي بِجَوَازِ النَّظَرِ إلَيْهِ إلَى التَّمْيِيزِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّغِيرَةِ. (سُئِلَ) هَلْ جَوَازُ نَظَرِ مُعَلِّمِ الْأَمْرَدِ مَقْصُورٌ عَلَى تَعْلِيمِ الْوَاجِبِ فَقَطْ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ جَوَازَهُ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَى الْوَاجِبِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ. (سُئِلَ) عَمَّنْ خَطَبَ أَمَةً هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا غَيْرَ عَوْرَتِهَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فَيَنْظُرُ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا. (سُئِلَ) عَنْ عَبْدٍ وُقِفَ عَلَى غَيْرِ رَشِيدٍ أَوْ عَلَى مَسْجِدٍ فَهَلْ يَتَزَوَّجُ أَمْ لَا وَإِذَا تَزَوَّجَ فَمَنْ الْآذِنُ لَهُ فِي ذَلِكَ وَإِذَا كَانَتْ الْأَمَةُ وَقْفًا عَلَى مَنْ ذُكِرَ فَهَلْ تُزَوَّجُ أَمْ لَا وَإِذَا زُوِّجَتْ فَمَنْ الْمُزَوِّجِ لَهَا وَهَلْ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ اللَّازِمَانِ لِلْعَبْدِ الْمَذْكُورِ يَكُونَانِ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ فِي كَسْبِهِ؟ (فَأَجَابَ) أَمَّا الْعَبْدُ الْمَذْكُورُ فَلَا يُزَوَّجُ بِحَالٍ إذْ الْحَاكِمُ وَوَلِيُّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَنَاظِرُ الْمَسْجِدِ لَا يَتَصَرَّفُونَ إلَّا بِالْمَصْلَحَةِ وَلَا مَصْلَحَةَ فِي تَزْوِيجِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعَلُّقِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ بِأَكْسَابِهِ وَأَمَّا الْأَمَةُ الْمَذْكُورَةُ فَيُزَوِّجُهَا

الْحَاكِمُ بِإِذْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى وَإِذْنِ النَّاظِرِ فِي الثَّانِيَةِ إذَا اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ تَزْوِيجَهَا. (سُئِلَ) عَنْ الْمَجْنُونِ الْمُنْقَطِعِ الْجُنُونِ هَلْ يُسْلَبُ الْوِلَايَةَ فِي النِّكَاحِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَغْلِيبًا لِزَمَنِ الْجُنُونِ فَيُزَوَّجُ الْأَبْعَدُ فِي زَمَنِ جُنُونِهِ أَمْ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ كَمَا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَالَ إنَّهُ الْأَشْبَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (سُئِلَ) عَنْ الْجَاهِلِ هَلْ يَكُونُ كُفُؤًا لِلْعَالِمَةِ إذَا اسْتَوَتْ الْأُصُولُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ الْجَاهِلُ كُفُؤًا لِلْعَالِمَةِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ خِلَافَهُ. (سُئِلَ) هَلْ مِنْ الْحِيَلِ فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدًا صَغِيرً أَوْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ بِرِضَاهَا ثُمَّ تَسْتَدْخِلَ حَشَفَتَهُ ثُمَّ يَبِيعَ الْعَبْدَ مِنْهَا فَيَنْفَسِخَ النِّكَاحُ وَيَحْصُلَ التَّحَلُّلُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْحِيلَةَ الْمَذْكُورَةَ إنَّمَا تَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ الْقَائِلِ بِجَوَازِ إجْبَارِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ عَلَى النِّكَاحِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَذِنَتْ الْمَرْأَةُ لِحَاكِمٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ شَخْصٍ وَالزَّوْجَةُ مُقِيمَةٌ فِي مَحَلِّ الْإِذْنِ وَالزَّوْجُ مُقِيمٌ فِي مَحَلِّ وِلَايَةِ الْحَاكِمِ فَهَلْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِذَلِكَ الْإِذْنِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَمْ لَا وَهَلْ لَوْ أَذِنَتْ الْمَرْأَةُ لِقَاضٍ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ ثُمَّ عُزِلَ ثُمَّ عَادَ وِلَايَتَهُ لَهُ تَزْوِيجُهَا

بِذَلِكَ الْإِذْنِ أَمْ لَا كَمَا لَمْ يُحْكَمْ بِالسَّمَاعِ الْأَوَّلِ لِبُطْلَانِهِ بِالْعَزْلِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِإِذْنِهَا لَهُ فِي حَالَتَيْهَا. (سُئِلَ) مَاذَا يُفِيدُهُ فِيمَا قَالَهُ الشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ شِهَابُ الدِّينِ بْنُ الْعِمَادِ الشَّافِعِيُّ فِي مُصَنِّفِهِ الْمُسَمَّى بِالْإِنْقَادِ عَلَى الشُّهُودِ وَالْعُقَّادِ بِأَنْ قَالَ وَلَوْ اسْتَنَابَ شَخْصًا فِي بَلَدِهِ فَاسْتَنَابَهُ قَاضٍ آخَرُ فِي أُخْرَى فَهَلْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ امْرَأَةً فِي إحْدَى الْبَلْدَتَيْنِ وَهُوَ فِي الْبَلَدِ الْأُخْرَى يُحْتَمَلُ جَوَازُ ذَلِكَ لِأَنَّهَا فِي مَحَلِّ تَصَرُّفِهِ وَيُحْتَمَلُ تَخْرِيجُهُ عَلَى تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ فِي النِّكَاحِ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ مُلَفَّقَةٌ ثُمَّ إنْ أَلْحَقْنَاهُ بِالْجَدِّ زَوَّجَ أَوْ بِالْعَمِّ فَلَا يُزَوِّجُ وَلِأَنَّ الَّذِي اسْتَنَابَهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّزْوِيجِ فَفَرْعُهُ أَوْلَى وَلَوْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَعَادَ فَلَهُ التَّزْوِيجُ كَمَا لَوْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ ثُمَّ خَرَجَ عَنْ مَحَلِّ الْوِلَايَةِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا فَإِنَّهُ يَحْكُمُ عَلَى الصَّحِيحِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِمَحَلِّ الْوِلَايَةِ نَفْسُ الْبَلَدِ الَّتِي يُحِيطُ بِهِ السُّوَرُ أَوْ الْبِنَاءُ الْمُتَّصِلُ دُونَ الْبَسَاتِينِ وَالْمَزَارِعِ هَلْ ذَلِكَ كُلُّهُ مُعْتَمَدٌ أَوْ فِي شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ وَمَاذَا يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَتِهِ تَفَضُّلًا مِنْ مَوْلَانَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ لَمْ أَرَ مَنْ اعْتَرَضَهُ وَالرَّاجِحُ أَنَّ لِلنَّائِبِ التَّزْوِيجَ الْمَذْكُورَ وَإِنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي تَشْمَلُ بِلَادَهَا

وَقُرَاهَا وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْبَسَاتِين وَالْمَزَارِعِ وَالْبَادِيَةِ وَغَيْرِهَا فَقَدْ قَالُوا وَلَوْ نَادَاهُ فِي طَرَفَيْ وِلَايَتَيْهِمَا أَمْضَاهُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَتْ لِلْقَاضِي أَذِنْت لِأَخِي أَنْ يُزَوِّجَنِي فَإِنْ عَضَلَ فَزَوِّجْنِي أَنْتَ هَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ التَّزْوِيجُ بِالْإِذْنِ الْمَذْكُورِ. (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ تَكْرِيرُ نَظَرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ إلَى الْمَخْطُوبَةِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَكَّلَ شَخْصًا فِي تَزْوِيجِ ابْنَتِهِ وَغَابَ فَزُوِّجَتْ فِي غَيْبَتِهِ وَمَاتَ فِي غَيْبَتِهِ وَلَمْ يَتَّضِحْ هَلْ مَوْتُهُ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ فَهَلْ الْعَقْدُ صَحِيحٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ صَحِيحٌ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ وُقُوعُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ. (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ نَظَرُ الْمَخْطُوبَةِ بِشَهْوَةٍ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ نَعَمْ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ النَّظَرِ إلَيْهَا وَالنَّظَرِ إلَى الْمَحْرَمِ بِجَامِعِ الْجَوَازِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ نَظَرُهُ الْمَذْكُورُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَحْرَمِهِ حَاجَتُهُ إلَى التَّزْوِيجِ. (سُئِلَ) عَمَّا نَقَلَهُ الْحِصْنِيُّ فِي بَابِ النِّكَاحِ فِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ فَرْعٌ تَزَوَّجَ عَتِيقٌ بِحُرَّةِ الْأَصْلِ فَأَتَتْ بِبِنْتٍ فَيُزَوِّجُهَا بَعْدَ الْعَصَبَاتِ الْحَاكِمُ وَقِيلَ وَلِيُّ الْأَبِ هَلْ تَعْتَمِدُونَ ذَلِكَ أَمْ وَلِيُّ الْأَبِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَاكِمِ هُنَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ وَلِيَّ الْأَبِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَاكِمِ

هُنَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَكَّلَ شَخْصًا فِي تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ فَقَالَ زَوِّجْهَا أَنْتَ مِنْ أَحَدٍ أَوْ مَنْ شِئْت تَزْوِيجَهَا فَوَكَّلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ كَذَلِكَ آخَرَ فَهَلْ الْآخَرُ وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ أَوْ وَكِيلُ الْوَكِيلِ وَهَلْ لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ أَنْ يَقْبَلَ نِكَاحَهَا مِنْهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْآخَرَ فِيهَا وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَقْبَلَ نِكَاحَهَا مِنْهُ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا كَانَ فِي الْغَنِيمَةِ جَارِيَةٌ وَلَمْ تُقْسَمْ الْغَنِيمَةُ عَلَى الْغَانِمِينَ وَلَا عَلَى أَهْلِ الْخُمُسِ وَلَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ الْجَوَارِي وَاحْتَاجَتْ إلَى مُؤْنَةٍ وَكِسْوَةٍ أَوْ خَافَتْ الْعَنَتَ فَهَلْ يَجُوزُ تَزْوِيجُهَا إذَا لَمْ تَنْدَفِعْ الْحَاجَةُ إلَّا بِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ زَوَّجَ الْجَارِيَةَ الْمَذْكُورَةَ الْإِمَامُ فَذَاكَ وَإِلَّا فَهِيَ مِنْ الْمَحَاوِيجِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ زَوَّجَ مُوَلِّيَتَهُ وَهُوَ مَعْلُومُ الْفِسْقِ بَيْنَ يَدَيْ حَاكِمٍ مَالِكِيٍّ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ حَكَمَ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ أَمْ لَا فَهَلْ لِلشَّافِعِيِّ الْحُكْمُ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُكْمٍ مِنْ الْمَالِكِيِّ أَوْ لَا وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الشَّافِعِيِّ التَّوَقُّفُ قَبْلَ حُكْمِهِ حَتَّى يَعْلَمَ مَا وَقَعَ مِنْ الْمَالِكِيِّ أَوْ لَا وَهَلْ لَوْ طَلَّقَ الزَّوْجُ ثَلَاثًا قَبْلَ حُكْمِ الشَّافِعِيِّ هَلْ لَهُ تَجْدِيدُ نِكَاحِهَا بِلَا مُحَلِّلٍ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الشَّافِعِيِّ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَوَقُّفٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُكْمِ الْمَالِكِيِّ

باب ما يحرم من النكاح

وَاحْتِيَاطًا لِلْأَبْضَاعِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُحَلِّلٍ بَلْ لَهُ تَجْدِيدُ نِكَاحِهَا لِتَبَيُّنِ عَدَمِ وُقُوعِ طَلَاقٍ لِكَوْنِهِ فِي غَيْرِ نِكَاحٍ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَك مَعَ قَوْلِهِمْ بِالْمَنْعِ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك عَبْدِي بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي دَارَك بِكَذَا وَهَلْ يَكُونُ قَوْلُهُ عَلَى أَنْ تُزَوِّجْنِي بِنْتَك اسْتِيجَابًا كَافِيًا فِي الْعَقْدِ أَوْ يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ بَعْدَ قَوْلِ الْمُخَاطَبِ تَزَوَّجْت بِنْتَك وَزَوَّجْتُك بِنْتِي؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَخَالُفَ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ النِّكَاحُ لَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّتِهِ الشَّرْطُ وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الْمُسَمَّى فَسَدَ الْمُسَمَّى وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ. [بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ] (بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ) (سُئِلَ) عَنْ الْأُخْتَيْنِ هَلْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي الْجَنَّةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ جَمْعِهِمَا فِي الْجَنَّةِ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ كَمَنْ تَزَوَّجَ إحْدَاهُمَا ثُمَّ مَاتَتْ فِي عِصْمَتِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَ الْأُخْرَى ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ تَتَزَوَّجْ بَعْدَهُ غَيْرَهُ. [هَلْ الْوَطْء فِي الدبر يحرم فُصُولٍ الزَّوْجَة] (سُئِلَ) هَلْ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ يُحَرِّمُ فُصُولَ الزَّوْجَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ كَالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ فِي تَحْرِيمِ فُصُولِ الزَّوْجَةِ وَتَحْرِيمِ الْأُصُولِ، وَالْفُصُولِ لِكُلٍّ مِنْ الْمَوْطُوءَةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَوْ بِالشُّبْهَةِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَوْصَى بِمَا تَحْمِلُهُ أَمَتُهُ لِشَخْصٍ ثُمَّ أَعْتَقَهَا

هل تصح مناكحتنا للجن

فَهَلْ يَكُونُ مَا تَلِدُهُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ رَقِيقًا لِلْمُوصَى لَهُ أَوْ حُرًّا تَبَعًا لِأُمِّهِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي نِكَاحِهَا شُرُوطُ الْأَمَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَوْلَادَهَا الْمَذْكُورِينَ أَرِقَّاءُ لِلْمُوصَى لَهُ وَيُشْتَرَطُ فِي نِكَاحِهَا شُرُوطُ نِكَاحِ الْأَمَةِ، وَعَلَى هَذَا يُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ: حُرَّةٌ لَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا إلَّا لِمَنْ يَصِحُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ. (سُئِلَ) عَنْ كَافِرٍ نَكَحَ أَمَةً وَبِنْتَهَا وَدَخَلَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ هِيَ الْأُمُّ أَوْ الْبِنْتُ ثُمَّ أَسْلَمَ مَا الْحُكْمُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَبْطُلُ نِكَاحُهُمَا. [هَلْ تَصِحّ مُنَاكَحَتنَا للجن] (سُئِلَ) هَلْ تَصِحُّ مُنَاكَحَتُنَا لِلْجِنِّ أَمْ لَا وَهَلْ هُمْ مُكَلَّفُونَ بِشَرْعِنَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ فَلَا يَجُوزُ لِلْآدَمِيِّ أَنْ يَنْكِحَ جِنِّيَّةً وَبِهِ أَفْتَى الْبَارِزِيُّ وَهُمْ مُكَلَّفُونَ بِأَحْكَامِ شَرْعِنَا. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِبَلَدٍ، ثُمَّ سَافَرَ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى وَتَزَوَّجَ بِهَا ثُمَّ إلَى أُخْرَى وَتَزَوَّجَ بِهَا، ثُمَّ تُوُفِّيَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِالثَّلَاثِ ثُمَّ ظَهَرَ الْأُولَيَانِ أَنَّهُمَا أُخْتَانِ وَظَهَرَتْ الثَّالِثَةُ أَنَّهَا أُمُّهُمَا وَطَالَبْنَ بِالْمِيرَاثِ فَهَلْ تَرِثُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ بِالزَّوْجِيَّةِ أَمْ لَا؟ وَمَا حُكْمُ مُهُورِهِنَّ هَلْ هُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَوْ الْمُسَمَّى؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلزَّوْجَةِ الْأُولَى صَدَاقَهَا الْمُسَمَّى لِصِحَّةِ نِكَاحِهَا وَتَرِثُ مِنْهُ بِالزَّوْجِيَّةِ وَنِكَاحُ كُلٍّ مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ بَاطِلٌ

وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَهْرُ الْمِثْلِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ أَمَةً بِشَرْطٍ ثُمَّ غَابَ عَنْهَا غِيبَةً تُسَوِّغُ لَهُ نِكَاحَ الْأَمَةِ فَتَزَوَّجَ أَمَةً ثَانِيَةً ثُمَّ غَابَ عَنْهَا غَيْبَةً تُسَوِّغُ لَهُ نِكَاحَ الْأَمَةِ فَتَزَوَّجَ أَمَةً ثَالِثَةً، ثُمَّ غَابَ عَنْهَا غَيْبَةً تُسَوِّغُ لَهُ نِكَاحَ الْأَمَةِ فَتَزَوَّجَ أَمَةً رَابِعَةً فَهَلْ يَصِحُّ نِكَاحُ كُلٍّ مِنْهُنَّ أَمْ لَا وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُنَّ كَمَا فِي نِكَاحِ الْحُرَّةِ عَلَى الْأَمَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ نِكَاحُ كُلٍّ مِنْهُنَّ لِوُجُودِ مُسَوِّغِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْغَائِبَاتِ لَا تُغْنِيهِ فَوُجُودُهَا كَالْعَدَمِ وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَهُنَّ، وَيَسْتَمِرُّ نِكَاحُهُنَّ؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ فَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا فِي خَوْفِ الْعَنَتِ وَالْإِحْرَامِ وَالْعِدَّةِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: يَا كَافِرَةُ أَوْ يَا نَصْرَانِيَّةُ هَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَمْ يُفَصَّلُ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِالتَّفْصِيلِ فَمَا هُوَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ نَوَى بِمَا قَالَهُ شَتْمَهَا لَمْ تَبِنْ مِنْهُ وَإِلَّا بَانَتْ. (سُئِلَ) عَمَّنْ عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ هَلْ يَجُوزُ لِوَلَدِهِ تَزْوِيجُهَا وَيَصِحُّ الْعَكْسُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَحْرُمُ زَوْجَةُ الْأَصْلِ عَلَى فَرْعِهِ وَزَوْجَةُ الْفَرْعِ عَلَى أَصْلِهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ انْتَقَلَ مِنْ دِينِ كُفْرٍ إلَى آخَرَ كَيَهُودِيٍّ تَنَصَّرَ هَلْ تَنْعَقِدُ لَهُ الْجِزْيَةُ أَمْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَنْتَقِلَ قَبْلَ أَنْ تُعْقَدَ لَهُ فَيُقَرَّ

بِالْجِزْيَةِ أَمْ بَعْدَهَا فَلَا يُقَرَّ وَهَلْ قَوْلُ الْكَمَالِ بْنِ أَبِي شَرِيفٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَوَارُثِ الْكُفَّارِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضِهِمْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمَا، فَلَوْ خَلَّفَ يَهُودِيٌّ ذِمِّيٌّ أَرْبَعَةَ بَنِينَ أَحَدُهُمْ نَصْرَانِيٌّ ذِمِّيٌّ بِأَنْ تَنَصَّرَ قَبْلَ عَقْدِ الْجِزْيَةِ لَهُ وَالثَّلَاثَةُ يَهُودِيٌّ ذِمِّيٌّ وَمُعَاهَدٌ وَحَرْبِيٌّ وَرِثَهُ مَا سِوَى الْحَرْبِيِّ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ مَنْ دَخَلَ أَوَّلُ آبَائِهِ فِي دِينِ الْيَهُودِيَّةِ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى، أَوْ دَخَلَ فِي دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ لَا تَنْعَقِدُ لَهُ الْجِزْيَةُ، وَمَا فِي النِّكَاحِ أَنَّ الْمُنْتَقِلَ مِنْ دِينِ كُفْرٍ إلَى آخَرَ كَمُرْتَدٍّ عَنْ الْإِسْلَامِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِسْلَامِ بَلَغَ الْمَأْمَنَ كَمَنْ نَبَذَ الْعَهْدَ ثُمَّ هُوَ حَرْبِيٌّ إنْ ظَفِرْنَا بِهِ قَتَلْنَاهُ؟ وَهَلْ يَجُوزُ عَقْدُ الْجِزْيَةِ لَهُ إذَا طَلَبَهَا بَعْدَ ذَلِكَ سَوَاءٌ رَجَعَ إلَى دِينِهِ الْأَوَّلِ أَوْ اسْتَمَرَّ عَلَى الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ وَهَلْ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ كَلَامِ الْكَمَالِ بْنِ أَبِي شَرِيفٍ وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَنْعَقِدُ الْجِزْيَةُ لِلْمُنْتَقِلِ الْمَذْكُورِ، وَالتَّفْرِقَةُ الْمَذْكُورَةُ بَحْثٌ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ وَبَيْنَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْمَذْكُورِ إذْ كَلَامُهُ فِي الْإِرْثِ وَكَلَامُهُمْ فِي التَّقْرِيرِ بِالْجِزْيَةِ وَلَا

باب الخيار في النكاح والإعفاف ونكاح العبد

يَجُوزُ عَقْدُ الْجِزْيَةِ لَهُ سَوَاءٌ أَرَجَعَ إلَى دِينِهِ الْأَوَّلِ أَمْ اسْتَمَرَّ عَلَى الدِّينِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ. [بَابُ الْخِيَارِ فِي النِّكَاحِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ] (سُئِلَ) عَمَّا إذَا كَانَتْ الْمُقَرَّرَةُ بِالْجِزْيَةِ أَمَةٌ فَهَلْ لَهَا الْخِيَارُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الرَّوْضِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا حَيْثُ قَالَا: وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَجْهَانِ وَقِيلَ: يَثْبُتُ قَطْعًا. اهـ. وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْجَمَالُ الْإِسْنَوِيُّ وَالتَّاجُ السُّبْكِيُّ وَالْغَالِبُ فِي الْمَسْأَلَةِ ذَاتِ الطَّرِيقَتَيْنِ أَنْ يَكُونَ الصَّحِيحُ مَا يُوَافِقُ طَرِيقَةَ الْقَطْعِ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا شُرِطَ فِي النِّكَاحِ حُرِّيَّةٌ فَبَانَ الزَّوْجُ رَقِيقًا هَلْ لِلزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ الْخِيَارُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْحُرَّةِ إذَا أَذِنَتْ فِي تَزْوِيجِهَا بِمِنْ ظَنَّتْ حُرِّيَّتَهُ فَبَانَ عَبْدًا لِمُوَافَقَةِ مَا ظَنَّتْهُ مِنْ السَّلَامَةِ مِنْ الرِّقِّ لِلْغَالِبِ وَلِمَا يَلْحَقُ وَلَدَهَا مِنْ الْعَارِ بِرِقِّ أَبِيهِ وَلِأَنَّ نَقْصَ الرِّقِّ مُؤَثِّرٌ فِي حُقُوقِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ لِسَيِّدِهِ مَنْعَهُ مِنْهَا لِحَقِّ الْخِدْمَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا نَفَقَةُ الْمُعْسِرِينَ. [الْوَطْء فِي الدبر هَلْ يَثْبُت الْفِرَاش وَالنَّسَب] (سُئِلَ) عَنْ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ هَلْ يَثْبُتُ الْفِرَاشَ وَالنَّسَبَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَصِيرُ الْأَمَةُ فِرَاشًا لِسَيِّدِهَا بِوَطْئِهِ

باب الصداق.

إيَّاهَا فِي دُبُرِهَا وَلَا يَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ رَجُلًا وَشَرَطَ لَهُ أَنَّ أَوْلَادَهُ مِنْهَا يَكُونُونَ أَحْرَارًا فَهَلْ هَذَا الشَّرْطُ يُفِيدُ حُرِّيَّتَهُمْ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ سَيِّدَهَا إنْ عَلَّقَ عِتْقَهُمْ كَأَنْ قَالَ: كُلُّ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ فَهُوَ حُرٌّ عَتَقَ كُلُّ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ، وَإِلَّا فَإِنْ اعْتَقَدَ الزَّوْجُ الْمَذْكُورُ أَنَّ أَوْلَادَهُ يَكُونُونَ أَحْرَارًا بِالشَّرْطِ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِمْ وَلَزِمَهُ قِيمَتُهُمْ لِمَالِكِهَا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ التَّحْرِيرِ وَلِلزَّوْجِ الْخِيَارُ فِي كُلِّ وَصْفٍ شُرِطَ وَلَمْ يَمْنَعْ صِحَّةَ النِّكَاحِ فَبَانَ خِلَافُهُ لَا إنْ سَاوَاهَا الزَّوْجُ فِيهِ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مُعْتَمَدٌ وَلَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّسَبِ وَالْعِفَّةِ وَالْحُرِّيَّةِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِشَرْطِ الْبَكَارَةِ ثُمَّ وَطِئَهَا وَادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهَا ثَيِّبًا وَادَّعَتْ أَنَّهُ أَزَالَ بَكَارَتَهَا وَصَدَّقْنَاهَا بِيَمِينِهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرُ مِثْلِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ مَتَى صَحَّ اسْتَقَرَّ بِوَطْئِهِ إلَّا إذَا فُسِخَ النِّكَاحُ بِسَبَبٍ سَابِقٍ عَلَى وَطْئِهِ فَيَجِبُ مَهْرُ مِثْلِهَا حِينَئِذٍ وَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِيهِ. [بَابُ الصَّدَاقِ.] (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَمَّنْ كَانَ لَهَا عَلَيْهِ صَدَاقٌ فَاسْتَدْعَى عَلَيْهِ شَاهِدٌ فَقَالَ لَهُ: عَوَّضْتهَا عَنْ نَظِيرِ صَدَاقِهَا كَذَا فَقَبِلَتْ وَذَلِكَ غَلَطٌ مِنْ الشَّاهِدِ وَكَانَ الصَّوَابُ أَنَّهُ

يَقُولُ: عَوَّضْتهَا عَنْ صَدَاقِهَا، فَهَلْ يَصِحُّ التَّعْوِيضُ الْمَذْكُورُ مَعَ وُجُودِ الْغَلَطِ الْمَذْكُورِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ التَّعْوِيضُ الْمَذْكُورُ وَلَا يَضُرُّ تَلَفُّظُ الشَّاهِدِ فِيهَا بِلَفْظِ " نَظِيرِ ". (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ زَوَّجَ مُوَلِّيَتَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ الشَّطْرُ مِنْهَا حَالٌّ وَالشَّطْرُ مُؤَجَّلٌ إلَى مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ فَهَلْ يَفْسُدُ الْمُسَمَّى كُلُّهُ وَيَرْجِعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ أَمْ الْمُؤَجَّلُ وَيَرْجِعُ إلَى مَا يُقَابِلُهُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا إذَا خَالَعَهَا عَلَى صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَفْسُدُ الْمُسَمَّى كُلُّهُ وَيَرْجِعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يُقَالُ: يَفْسُدُ الْمُؤَجَّلُ فَقَطْ وَيَرْجِعُ إلَى مَا يُقَابِلُهُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ لِتَعَذُّرِ التَّوْزِيعِ عَلَى الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ بِسَبَبِ جَهَالَةِ أَجَلِهِ وَإِنَّمَا مَحَلُّ التَّوْزِيعِ فِيمَا إذَا أَصْدَقهَا صَحِيحًا وَفَاسِدًا أَوْ خَالَعَهَا عَلَيْهِمَا عِنْدَ إمْكَانِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَذِنَتْ الْبَالِغَةُ لِأَبِيهَا أَوْ لِلْقَاضِي فِي أَنْ يُزَوِّجَهَا لِزَيْدٍ بِكَذَا فَزَادَ عَلَيْهِ قَدْرًا يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا أَوْ بِمُؤَجَّلٍ فَجَعَلَهُ حَالًّا فَهَلْ يَجِبُ لَهَا مَا أَذِنَتْ فِيهِ فَقَطْ لِاحْتِمَالِ أَنْ تُرِيدَ مُحَابَاةَ الزَّوْجِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الدِّمْيَاطِيُّ، أَوْ يَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ الْمَحَلِّيُّ، أَوْ يَجِبُ لَهَا مَا عَقَدَ بِهِ النِّكَاحَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَتْ

بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا رَشِيدَةً أَوْ مَحْجُورَةً عَيَّنَتْ الزَّوْجَ أَمْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ غَيْرُهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِالصَّدَاقِ الْمُسَمَّى فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْإِفْتَاءُ بِانْعِقَادِهِ بِالْمَأْذُونِ فِيهِ أَوْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَيْسَ بِشَيْءٍ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَذِنَتْ الْمَرْأَةُ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا بِصَدَاقٍ مَعْلُومٍ هَلْ يَسْتَفِيدُ بِهِ قَبْضَ حَالِّ صَدَاقِهَا كَالْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ مُطْلَقًا حَيْثُ يَقْبِضُ الثَّمَنَ أَمْ لَا فَلَا يَصِحُّ قَبْضُهُ إيَّاهُ إلَّا بِإِذْنِهَا فِيهِ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَكِيلِ الْبَيْعِ؟ (فَأَجَابَ) لَيْسَ لِوَلِيِّ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ دُونَ مَالِهَا قَبْضُ صَدَاقِهَا الْحَالِّ وَلَا بَعْضِهِ؛ لِأَنَّ إذْنَهَا لَهُ فِي تَزْوِيجِهَا لَا يُفِيدُهُ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَكِيلِ الْبَيْعِ أَنَّ مِنْ مُقْتَضَيَاتِهِ أَنْ يُسَلِّمَ عَاقِدُهُ الْمَبِيعَ وَيَقْبِضَ ثَمَنَهُ الْحَالَّ ابْتِدَاءً وَلَا كَذَلِكَ النِّكَاحُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِي الْمُفَوَّضَةِ يَفْرِضُ لَهَا الْقَاضِي مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ حَالًّا أَيَعْتَبِرُ بَلَدَ الْعَقْدِ أَمْ بَلَدَ الْمَرْأَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ بَلَدُ الْمَرْأَةِ إذَا كَانَتْ نِسَاءُ قَرَابَاتِهَا أَوْ بَعْضُهُنَّ بِهَا فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى فَالِاعْتِبَارُ بِهِنَّ وَإِنْ تَفَرَّقْنَ فِي الْبِلَادِ اُعْتُبِرَ أَقْرَبُهَا إلَى بَلَدِهَا فَإِنْ تَعَذَّرَتْ نِسَاءُ قَرَابَاتِهَا اُعْتُبِرَ أَجْنَبِيَّاتُ بَلَدِهَا. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ مِرَارًا

هَلْ يَلْزَمُهُ لِكُلِّ مَرَّةٍ مُتْعَةٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ لِلزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ مُتْعَةٌ بِكُلِّ طَلَاقٍ بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا وَكَذَا قَبْلَهُ أَنَّهُ لَمْ يُشْطَرْ بِهِ الْمَهْرُ. (سُئِلَ) عَنْ تَكَرُّرِ وَطْءِ الْمُطَلِّقِ رَجْعِيَّةً هَلْ يَتَعَدَّدُ بِهِ الْمَهْرُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّدُ. (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ بِصَدَاقٍ مِنْ الذَّهَبِ الْأَشْرَفِيِّ، وَكَانَ صَرْفُ كُلِّ دِينَارٍ يَوْمَئِذٍ مِنْ الْفُلُوسِ ثَلَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَتَغَيَّرَتْ الْمُعَامَلَةُ وَفُقِدَ الْمِثْلُ أَوْ عَزَّ وُجُودُهُ فَهَلْ اللَّازِمُ الْمِثْلُ أَوْ الْقِيمَةُ يَوْمَ التَّزْوِيجِ أَوْ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْوَاجِبَ لِلزَّوْجَةِ الدَّنَانِيرُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ الذَّهَبِ الْأَشْرَفِيِّ الْمُتَعَامِلِ بِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَإِنْ زَادَ سِعْرُهُ أَوْ نَقَصَ أَوْ عَزَّ وُجُودُهُ فَإِنْ فُقِدَ الذَّهَبُ الْأَشْرَفِيُّ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْمُطَالَبَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ مِنْهُ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَصْدَقَ امْرَأَةً تَعْلِيمَ سُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالتَّعْلِيمِ وَقُلْتُمْ بِأَنَّهُ لَا يَتَعَذَّرُ التَّعْلِيمُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَأْجِرُ مَنْ يُعَلِّمُهَا مِمَّنْ يَحِلُّ نَظَرُهُ إلَيْهَا وَطَلَبَتْ تَعْلِيمَ نِصْفِ السُّورَةِ الثَّانِي وَطَلَبَ الزَّوْجُ تَعْلِيمَهَا النِّصْفَ الْأَوَّلَ فَمَنْ يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عُسْرُ التَّنْصِيفِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ لَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّهِ كَمَا لَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّ جَمِيعِهِ وَتَعْلِيمُ نِصْفٍ مَشَاعٍ

ما يتقرر به المهر

لَا يُمْكِنُ وَالْقَوْلُ بِاسْتِحْقَاقِ نِصْفٍ مُعَيَّنٍ دُونَ النِّصْفِ الْآخَرِ تَحَكُّمٌ وَيُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ لَا سِيَّمَا أَنَّ السُّورَةَ مُخْتَلِفَةُ الْآيَاتِ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ وَالسُّهُولَةِ وَالصُّعُوبَةِ فَحِينَئِذٍ إنْ اتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ فَذَاكَ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إلَى نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ. ؟ (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ أَنَّهُ وَطِئَهَا مُكْرَهَةً وَقَالَ: بَلْ مُطَاوِعَةً فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهَا أَوْ قَوْلُهُ لِتُعَارِضْ أَصْلِ الطَّوَاعِيَةِ وَأَصْلِ بَقَاءِ الْحَبْسِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ فِي نَفْيِ الْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ إذْ الْقَاعِدَةُ تَصْدِيقُ نَافِيهِ بِيَمِينِهِ إذَا لَمْ تُوجَدُ أَمَارَتُهُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ إذَا اُسْتُمْهِلَتْ بَعْدَ تَسْلِيمِ الصَّدَاقِ لِنَحْوِ تَنَظُّفٍ أُمْهِلَتْ هَلْ يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي الْأَمَةِ إذَا اسْتَمْهَلَتْ سَيِّدَهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الْإِمْهَالُ فِي الْأَمَةِ لِمِلْكِ سَيِّدِهَا رَقَبَتَهَا وَمَنْفَعَتَهَا بِخِلَافِ الزَّوْجِ. (سُئِلَ) عَنْ وَكِيلِ الزَّوْجِ فِي النِّكَاحِ إذَا زَادَ عَلَى مُسَمَّاهُ أَوْ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ إطْلَاقِ الْإِذْنِ هَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى الرَّاجِحِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. [مَا يَتَقَرَّر بِهِ الْمَهْر] (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ يَتَقَرَّرُ الْمَهْرُ بِإِدْخَالِ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا وَإِنَّ إدْخَالَهَا مَعَ زَوَالِ الْبَكَارَةِ وَطْءٌ كَامِلٌ، فَهَلْ مَا يَفْهَمُهُ مِنْ

أَنَّ إدْخَالَهَا بِدُونِ زَوَالِ الْبَكَارَةِ وَطْءٌ غَيْرُ كَامِلٍ مُعْتَمَدٌ، فَإِنْ قُلْتُمْ بِهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّحْلِيلِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُمْ مُعْتَمَدٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي التَّحْلِيلِ الْوَطْءُ الْكَامِلُ لِخَبَرِ «حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَك» وَالْمُرَادُ بِهَا عِنْدَ اللُّغَوِيِّينَ اللَّذَّةُ الْحَاصِلَةُ بِالْوَطْءِ وَلِهَذَا اعْتَبَرُوا فِيهِ كَوْنَهُ مِمَّنْ يُمْكِنُ جِمَاعُهُ وَالِانْتِشَارُ بَلْ الِانْتِشَارُ بِالْفِعْلِ عَلَى الرَّاجِحِ وَقَدْ قَالُوا: لَيْسَ لَنَا وَطْءٌ يَتَوَقَّفُ تَأْثِيرُهُ عَلَى الِانْتِشَارِ إلَّا هَذَا وَكَوْنُهُ فِي الْقُبُلِ، وَأَنْ لَا يَقَعَ فِي رِدَّتِهِ أَوْ رِدَّتِهَا، بَلْ اعْتَبَرَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ الْإِنْزَالَ وَبَعْضُهُمْ تَغْيِيبَ جَمِيعِ الْبَاقِي مِنْ ذَكَرِ مَقْطُوعِ الْحَشَفَةِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي التَّقْرِيرِ مُجَرَّدُ الْوَطْءِ لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] نَعَمْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَطْءُ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّحْلِيلُ حَتَّى لَا يَتَقَرَّرَ الْمَهْرُ بِاسْتِدْخَالِ حَشَفَةِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْوَطْءُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ التَّقْرِيرُ أَيْضًا. اهـ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ فَرَضَ زَوْجُ الْمُفَوِّضَةِ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ حَالًّا هَلْ يُشْتَرَطُ رِضَاهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رِضَاهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ

باب الوليمة

وَهُوَ وَاضِحٌ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَتَلَتْ الزَّوْجَةُ الْحُرَّةُ زَوْجَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا كَمَا فِي بَعْضِ شُرُوحِ مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ عَادَ إلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَهُوَ صَيْدٌ وَالزَّوْجُ مُحْرِمٌ هَلْ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ أَمْ لَا وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا شَاءَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُمْ قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ إرْسَالُ الصَّيْدِ الْمَذْكُورِ لِأَجْلِ نِصْفِ الزَّوْجَةِ، وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ فِيمَا إذَا مَلَكَهُ بِإِرْثٍ وَنَحْوِهِ أَنَّهُ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ إلَّا بِإِرْسَالِهِ، فَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْته أَنَّهُ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ فِي مَسْأَلَتِنَا، وَأَنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ فِيهِ فَقَدْ قَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ إذَا قُلْنَا: إنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالْإِرْثِ كَانَ مِلْكًا لَهُ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ إلَّا بِالْقَتْلِ وَالْإِتْلَافِ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا ادَّعَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ التَّفْوِيضَ وَالْآخَرُ التَّسْمِيَةَ مَنْ الْمُصَدَّقُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّسْمِيَةِ مِنْ جَانِبٍ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ تَمَسُّكًا بِالْأَصْلِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَزَالَ بَكَارَتَهَا بِأُصْبُعِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا مَاذَا يَلْزَمُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَتَشَطَّرُ الصَّدَاقُ وَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهُ. [بَابُ الْوَلِيمَةِ] (بَابُ الْوَلِيمَةِ) (سُئِلَ) هَلْ يُكْرَهُ الْكَرْعُ مِنْ النَّهْرِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ كَرْعَ الشَّخْصِ مِنْ النَّهْرِ

بِأَنْ يَشْرَبَ الْمَاءَ بِفَمِهِ بِلَا عُذْرٍ غَيْرُ مَكْرُوهٍ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى كَرَاهَتِهِ. (سُئِلَ) عَنْ الْبُسُطِ إذَا كَانَ فِيهَا أَحْرُفٌ مُقَطَّعَةٌ أَوْ كُتِبَ فِيهَا غَيْرُ ذِكْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْأَسْمَاءِ الْمُعَظِّمَةِ هَلْ يَجُوزُ أَنْ تُبْسَطَ وَتُوطَأَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ فَرْشُ الْبُسُطِ الْمَذْكُورَةِ وَوَطْؤُهَا وَالْجُلُوسُ عَلَيْهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ وَإِنْ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِحُرْمَةِ الْمَشْيِ وَالْجُلُوسِ عَلَيْهَا. (سُئِلَ) عَنْ مُؤَدِّبِ الْأَطْفَالِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْ غَدَائِهِمْ كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْمُؤَدِّبِينَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْغَدَاءُ مِنْ مَالِ الْوَلِيِّ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْمُؤَدِّبِ رِضَاهُ بِأَكْلِهِ مِنْهُ جَازَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ. (سُئِلَ) عَنْ دَنَانِيرَ - عَلَيْهَا صُورَةُ حَيَوَانٍ - تَامَّةٍ أَيَحْرُمُ حَمْلُهَا كَحُرْمَةِ الثِّيَابِ الْمُصَوَّرَةِ وَيَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهَا بِنَاءً عَلَى حُرْمَتِهِ بِالْمَضْرُوبَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ حَمْلُهَا وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهَا فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ: عِنْدِي أَنَّ الدَّرَاهِمَ الرُّومِيَّةَ الَّتِي عَلَيْهَا الصُّوَرُ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُنْكَرُ لِامْتِهَانِهَا بِالْإِنْفَاقِ وَالْمُعَامَلَةِ وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يَتَعَامَلُونَ بِهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، فَلَمْ تَحْدُثْ الدَّرَاهِمُ الْإِسْلَامِيَّةُ إلَّا فِي زَمَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ. اهـ. (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ نَقْشُ الصُّوَرِ عَلَى

باب القسم والنشوز

الثَّوْبِ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِجَوَازِ ذَلِكَ يَجُوزُ عَلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ قِيَاسًا عَلَى الثَّوْبِ لِامْتِهَانِ ذَلِكَ بِالِاسْتِعْمَالِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ التَّصْوِيرُ الْمَذْكُورُ. (سُئِلَ) عَمَّا يَمْلِكُ بِهِ الضَّيْفُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِيهَا، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِوَضْعِهِ فِي فَمِهِ وَبَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِالِازْدِرَادِ أَنَّهُ مَلَكَهُ قَبْلَهُ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ. [بَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ] (بَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ) (سُئِلَ) عَمَّنْ قَامَ بِوَاجِبِ زَوْجَتَيْهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَمَسْكَنٍ وَخَادِمٍ ثُمَّ زَادَ إحْدَاهُمَا بِشَيْءٍ مِنْ جِنْسِ الْوَاجِبِ أَوْ غَيْرِهِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ لِلْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، كَمَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ فِي الْمَبِيتِ أَمْ لَا كَالْجِمَاعِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَزِيدَ الزَّوْجَةَ الْأُخْرَى عَلَى وَاجِبِهَا مِثْلَ مَا زَادَ تِلْكَ الزَّوْجَةَ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْعِرَاقِيِّ وَأَمَّا الِابْتِدَاءُ بِإِحْدَاهُنَّ فِيمَا إذَا أَرَادَ الطَّوَافَ عَلَيْهِنَّ فِي سَاعَةٍ بِلَا قُرْعَةٍ فَلَا نَقْلَ فِيهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ مَا الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ الْإِقْرَاعُ لِلِابْتِدَاءِ الْمَذْكُورِ تَحَرُّزًا عَنْ التَّرْجِيحِ بِلَا مُرَجِّحٍ؛ لِأَنَّهُنَّ مُسْتَوِيَاتٌ فِي الْحَقِّ فَوَجَبَتْ الْقُرْعَةُ؛ لِأَنَّهَا مُرَجِّحَةٌ. [الزِّيَادَة فِي الْقَسْم] (سُئِلَ) هَلْ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الْقَسْمِ عَلَى ثَلَاثٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ)

ما يثبت به نشوز المرأة لإسقاط نفقتها

بِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ فِيهِ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثِ إلَّا بِالرِّضَا فَإِنْ حَمَلَ نَصَّ الْأُمِّ عَلَيْهِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَهُوَ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَجَبَ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا حَقٌّ كَبَقِيَّةِ حَالِّ صَدَاقِهَا فَأَرَادَ السَّفَرَ بِهَا فَامْتَنَعَتْ لِقَبْضِ ذَلِكَ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ أَوْ لَا وَتَصِيرُ نَاشِزَةً؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَصِيرُ نَاشِزَةً بِامْتِنَاعِهَا الْمَذْكُورِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ كَانَ يَقْسِمُ لِثِنْتَيْنِ فَتَزَوَّجَ ثَالِثَةً فِي أَثْنَاءِ لَيْلَةِ إحْدَاهُمَا فَهَلْ يَقْطَعُ أَوْ يَقْسِمُ أَوْ يُكْمِلُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُكْمِلُ اللَّيْلَةَ. (سُئِلَ) عَنْ بَالِغٍ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ وَهُوَ غَيْرُ مُخْتَتِنٍ فَامْتَنَعَتْ مِنْ أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ الْوَطْءِ حَتَّى يَخْتَتِنَ هَلْ لَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَضُرَّهَا الْوَطْءُ وَلَا يُسْقِطُ بِذَلِكَ لَوَازِمَهَا الشَّرْعِيَّةَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ مَنْعُ زَوْجِهَا مِنْ وَطْئِهَا الْمَذْكُورِ فَإِنْ مَنَعَتْهُ صَارَتْ نَاشِزَةً. [مَا يَثْبُت بِهِ نُشُوز الْمَرْأَة لِإِسْقَاطِ نَفَقَتهَا] (سُئِلَ) هَلْ يَثْبُتُ نُشُوزُ الْمَرْأَةِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لِأَجْلِ إسْقَاطِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَثْبُتُ نُشُوزُهَا بِشَاهِدٍ وَيَمِينِ لِإِسْقَاطِ نَفَقَتِهَا وَكِسْوَتِهَا كَمَا تَثْبُتُ طَاعَتُهَا بِذَلِكَ لِاسْتِحْقَاقِهِمَا. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ دَفَعَ لِآخَرَ مَبْلَغًا بِسَبَبِ نُزُولِهِ لَهُ عَنْ وَظِيفَةٍ أَبْرَأَهُ مِنْهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ النُّزُولِ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَهُ

الرُّجُوعَ بِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَبْرَأَهُ مِنْهُ فِي مُقَابَلَةِ اسْتِحْقَاقِهِ لِتِلْكَ الْوَظِيفَةِ وَلَمْ يَحْصُلْ فَهُوَ كَمَا لَوْ صَالَحَهُ عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ مُؤَجَّلَةٍ عَلَى خَمْسَةٍ حَالَّةٍ فَإِنَّ الصُّلْحَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْ الْخَمْسَةِ فِي مُقَابَلَةِ حُلُولِ الْبَاقِي وَهُوَ لَا يَحِلُّ فَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ ضَرَبَهَا الزَّوْجُ وَادَّعَى نُشُوزَهَا فَأَنْكَرَتْ فَمَنْ الْمُصَدَّقُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ كَمَا رَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ إبَاحَةَ ضَرْبِهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وِلَايَةٌ مِنْ الشَّرْعِ لِلزَّوْجِ، وَالْوَلِيُّ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَظَاهِرٌ أَنَّ تَصْدِيقَهُ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ لَا لِإِسْقَاطِ نَفَقَتِهَا وَكِسْوَتِهَا. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَبَاحَ لِزَوْجِ ابْنَتِهِ السُّكْنَى بِمَكَانٍ يَمْلِكُهُ مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ سِتِّ سِنِينَ، وَلَمْ يَعْلَمْ الزَّوْجُ الْمَذْكُورُ بِذَلِكَ حَتَّى مَضَتْ عَشْرُ سِنِينَ بَعْدَ رُجُوعِهِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرُّجُوعِ الْمَذْكُورِ بِيَمِينِهِ أَمْ بِلَا يَمِينٍ؟ وَهَلْ لِلشَّافِعِيِّ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ رُجُوعِهِ اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِهِ، أَمْ بِنَاءً عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ هِبَةَ مَنَافِعِ الدَّارِ عَارِيَّةٌ أَمْ لَا وَمَا الْمُرَجَّحُ مِنْهُمَا فَإِنْ قُلْنَا: إنَّهَا عَارِيَّةٌ فَهَلْ الْمُعْتَمَدُ مَا أَطْلَقَهُ الشَّيْخَانِ نَقْلًا عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَوْ اسْتَعْمَلَ الْعَيْنَ الْمُعَارَةَ جَاهِلًا بِالرُّجُوعِ فَلَا أُجْرَةَ

عَلَيْهِ، أَمْ الْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةَ: إنَّ الْأَشْبَهَ تَخْرِيجُهُ عَلَى أَنَّ مَنْ أُبِيحَ لَهُ شَيْءٌ إذَا أَكَلَ مِنْهُ بَعْدَ رُجُوعِ الْمُبِيحِ جَاهِلًا هَلْ يَغْرَمُ أَمْ لَا، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: إنَّ الْجَهْلَ لَا يُؤَثِّرُ فِي ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُبِيحِ فِي رُجُوعِهِ الْمَذْكُورِ إذَا كَذَّبَهُ الْمُبَاحُ لَهُ وَقُلْنَا: إنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَا اسْتَعْمَلَهُ بَعْدُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ الْحُكْمُ بِرُجُوعِهِ اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِهِ، وَالْمُرَجَّحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ أَنَّ هِبَةَ مَنَافِعِ الدَّارِ هِبَةٌ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِقَبْضِهَا وَهُوَ اسْتِيفَاؤُهَا وَالْمُعْتَمَدُ فِي مَسْأَلَةِ الْعَارِيَّةِ مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْقَفَّالِ وَمَحَلُّ قَوْلِهِمْ: إنَّ الضَّمَانَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْجَهْلِ وَعَدَمِهِ إذَا لَمْ يُسَلِّطْهُ الْمَالِكُ وَلَمْ يُقَصِّرْ بِتَرْكِ إعْلَامِهِ وَالْمُسْتَعِيرُ قَدْ سَلَّطَهُ الْمَالِكُ وَقَصَّرَ بِتَرْكِ إعْلَامِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ عَصَتْهُ زَوْجَتُهُ عِنْدَ أَمْرِهِ لَهَا بِالنُّقْلَةِ أَوْ بِعَدَمِهَا وَالْحَالُ أَنَّهَا مَكَّنَتْهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ نُشُوزًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ نُورُ الدِّينِ الْمَحَلِّيُّ وَالشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ السُّيُوطِيّ أَمْ لَا كَمَا فِي جَوَاهِرِ الْقَمُولِيِّ وَنَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ شُرَّاحِ الْإِرْشَادِ وَأَقَرَّهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ عِصْيَانَهَا نُشُوزٌ وَيَزُولُ بِاسْتِمْتَاعِهِ بِهَا لِحُصُولِ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ بِهِ مَعَ كَوْنِهَا لَمْ تُفَوِّتْ عَلَيْهِ حَقًّا مِنْ حُقُوقِ التَّمَتُّعِ بِهَا فَقَدْ قَالَ

باب الخلع

الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا: إنَّهَا إذَا سَافَرَتْ مَعَهُ لِحَاجَتِهَا لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِوُجُودِ التَّمْكِينِ، وَعَلَّلَ الرَّافِعِيُّ كَوْنَهَا إذَا سَافَرَتْ مَعَهُ لِحَاجَتِهَا لَا تُعْطَى مِنْ سَهْمِ ابْنِ السَّبِيلِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ سَفَرُهَا بِإِذْنِهِ فَهِيَ مَكْفِيَّةٌ بِنَفَقَتِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مَعَهُ وَلَا تُعْطَى مُؤْنَةَ السَّفَرِ؛ لِأَنَّهَا عَاصِيَةٌ بِالْخُرُوجِ، وَفِي جَوَاهِرِ الْقَمُولِيِّ أَنَّهَا إذَا امْتَنَعَتْ مِنْ النُّقْلَةِ مَعَهُ لَمْ تَجِبْ النَّفَقَةُ إلَّا إذَا كَانَ يَسْتَمْتِعُ بِهَا فِي زَمَنِ الِامْتِنَاعِ، وَبِمَا قَرَّرْته عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْكِلُ بِأَنَّهَا لَوْ مَكَّنَتْهُ مِنْ الْجِمَاعِ وَمَنَعَتْهُ سَائِرَ الِاسْتِمْتَاعَاتِ كَانَ نُشُوزًا عَلَى الْأَصَحِّ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَبِالْمَنْعِ أَجَابَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ وَقَرَّبَهُ مِنْ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا لَمْ يُسَلِّمْ أَمَتَهُ لَيْلًا وَسَلَّمَهَا نَهَارًا أَيْ أَوْ بِالْعَكْسِ. [بَابُ الْخُلْعِ] (بَابُ الْخُلْعِ) (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ وَكِيلُ امْرَأَةٍ لِزَوْجِهَا: طَلِّقْهَا عَلَى كَذَا فَقَالَ الزَّوْجُ: هَاتِ، أَوْ قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ قَالَ: طَلَّقْتهَا عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا بِمَا ذُكِرَ أَوْ رَجْعِيًّا أَوْ لَا وَلَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا بِمَا ذُكِرَ إذْ الْمُتَخَلِّلُ بَيْنَ كَلَامَيْهِمَا يَسِيرٌ فَلَا يَضُرُّ. [الْوَكَالَة فِي الخلع] (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ وَكَّلَتْ رَجُلًا فِي اخْتِلَاعِهَا مِنْ عِصْمَةِ زَوْجِهَا عَلَى صَدَاقِهَا عَلَيْهِ

وَفِي قَبُولِ دِينَارِ ذَهَبٍ يُقَرِّرُهُ لَهَا الزَّوْجُ الْمَذْكُورُ عَنْ مُتْعَتِهَا الْوَاجِبَةِ لَهَا عَلَيْهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَفِي إبْرَائِهِ مِنْ الْمُقَرَّرِ عَنْ الْمُتْعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَسَأَلَ الْوَكِيلُ الزَّوْجَ أَنْ يَخْتَلِعَ مُوَكِّلَتَهُ عَلَى ذَلِكَ وَأَجَابَهُ لِذَلِكَ، وَقَرَّرَ لَهَا عَنْ الْمُتْعَةِ دِينَارًا ذَهَبًا وَقَبِلَهُ لَهَا وَكِيلُهَا وَأَبْرَأَ الزَّوْجَ مِنْهُ فَهَلْ يُلْزَمُ الزَّوْجُ بِالدِّينَارِ الْمُقَرَّرِ عَنْ الْمُتْعَةِ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُلْزَمُ الزَّوْجَ الدِّينَارُ الْمَذْكُورُ؛ لِحُصُولِ بَرَاءَتِهِ مِنْهُ بِإِبْرَاءِ الْوَكِيلِ، وَإِنَّمَا صَحَّ تَوْكِيلُهَا فِي الْإِبْرَاءِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَالِكَةً لَهُ حَالَ التَّوْكِيلِ لِجَعْلِهَا إيَّاهُ تَبَعًا لِلْمَمْلُوكِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ: إنْ أَبْرَأْتِنِي مِنْ صَدَاقِك طَلَّقْتُك. فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُ بَرَاءَةً صَحِيحَةً فَلَمْ يُطَلِّقْهَا فَهَلْ يَكُونُ قَوْلُهُ: " طَلَّقْتُك " وَعْدًا مِثْلَ قَوْلِهِ: " أُطَلِّقُك " فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ أَوْ تَعْلِيقًا مِثْلَ قَوْلِهِ: " فَأَنْتِ طَالِقٌ " حَتَّى يَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ الْقَائِلُ بِقَوْلِهِ: " طَلَّقْتُك " أَنَّهَا طَالِقٌ عِنْدَ حُصُولِ الْإِبْرَاءِ وَقَعَ عَلَيْهَا بِهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا إذَا قَصَدَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فَيَقَعُ عَلَيْهَا مَا قَصَدَهُ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ أَبْرَأْتِنِي طَلَّقْتُك. فَقَالَتْ: أَبْرَأَك اللَّهُ؛ تَعْنِي بِذَلِكَ أَبْرَأْتُك فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ

بِلَفْظِهِ الْأَوَّلِ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِإِبْرَائِهَا وَقَعَ إنْ عَلِمَا قَدْرَ الْمُبْرَأِ مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ، ثُمَّ إنْ ظَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهِ وَقَصَدَ بِلَفْظِهِ الثَّانِي الْإِخْبَارَ عَنْ الْأَوَّلِ وَطَابَقَهُ أَيْ فِي الْعَدَدِ لَمْ يَقَعْ وَإِلَّا وَقَعَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: خَلَعْتُك عَنْ عِصْمَتِي. وَلَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ خَالَعَ زَوْجَتَهُ عَلَى صَدَاقِهَا، ثُمَّ أَثْبَتَ أَبُوهَا أَنَّهَا مَحْجُورَةٌ هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا نَعَمْ إنْ كَذَبَ أَبَاهَا فِي دَعْوَاهُ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى تَمَامِ الْبَرَاءَةِ هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا أَبْرَأْته؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا بِالْبَرَاءَةِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى إبْرَائِهَا إيَّاهُ مِنْ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِوُقُوعِهِ فَهَلْ هُوَ رَجْعِيٌّ أَوْ بَائِنٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا إنْ كَانَتْ رَشِيدَةً وَهُمَا عَالِمَانِ بِقَدْرِهِ وَلَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ زَكَاةٌ وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ لِعَدَمِ وُجُودِ صِفَتِهِ وَهِيَ الْإِبْرَاءُ أَمَّا فِي حَالِ سَفَهِهَا وَجَهْلِهَا بِقَدْرِهِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي حَالِ جَهْلِهِ بِهِ فَلِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى الْمُعَاوَضَةِ فَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِهِ، وَأَمَّا فِي حَالِ

تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ فَلِأَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ جَمِيعِ الصَّدَاقِ، وَقَدْ مَلَكَ بَعْضَهُ مُسْتَحِقُّو الزَّكَاةِ فَلَا تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْ ذَلِكَ الْبَعْضِ فَلَمْ تُوجَدْ صِفَتُهُ وَإِنْ حَصَلَتْ بَرَاءَتُهُ مِمَّا عَدَاهُ وَيَنْبَغِي التَّفَطُّنُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهَا كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَيُغْفَلُ عَنْهَا وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْغَفْلَةِ مَفَاسِدُ. (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: طَلِّقْنِي طَلْقَةً وَاحِدَةً أَمْلِكُ بِهَا نَفْسِي وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِي؛ فَأَجَابَهَا عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ هُوَ خُلْعٌ أَوْ طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ خُلْعٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ أَبْرَأْتِنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً تَمْلِكِينَ بِهَا نَفْسَك فَأَبْرَأَتْهُ، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ الْمُبْرَأِ مِنْهُ فَقَالَ: أَبْرَأَتْنِي مِنْ جَمِيعِ حُقُوقِهَا، وَقَالَتْ: مِنْ دِينَارٍ وَاحِدٍ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهَا أَوْ قَوْلُهُ وَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ عَلَى ذَلِكَ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الْعِوَضِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ: مَتَى تَزَوَّجْت عَلَى زَوْجَتِي سَعَادَاتٍ بِزَوْجَةٍ غَيْرِهَا بِنَفْسِي أَوْ بِوَكِيلِي أَوْ بِفُضُولِيٍّ وَأَبْرَأْت ذِمَّتِي زَوْجَتِي سَعَادَاتٍ مِنْ خَمْسَةِ أَنْصَافٍ مِنْ بَقِيَّةِ صَدَاقِهَا عَلَيَّ أَوْ مَتَى تَسَرَّيْت عَلَيْهَا بِسُرِّيَّةٍ بِالثَّغْرِ الْمَذْكُورِ أَوْ مَتَى نَقَلْتُهَا مِنْ مَنْزِلِ سَكَنِ أَبِيهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا وَأَبْرَأْت ذِمَّتِي مِنْ

خَمْسَةِ أَنْصَافٍ مِنْ بَقِيَّةِ صَدَاقِهَا عَلَيَّ تَكُونُ طَالِقًا طَلْقَةً وَاحِدَةً تَمْلِكُ بِهِ نَفْسَهَا فَهَلْ يَخْتَصُّ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ بِالتَّعْلِيقِ الثَّانِي أَمْ يَرْجِعُ إلَى مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ حَتَّى لَوْ فَعَلَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ فِي التَّعْلِيقِ خَارِجَ الثَّغْرِ الْمَذْكُورِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَهَلْ إذَا وَكَّلَ وَكِيلًا ادَّعَى عَلَيْهَا وَأَلْزَمَهَا الْقَاضِي بِالِانْتِقَالِ إلَى مَحَلِّ طَاعَتِهِ بِغَيْرِ رِضَا أَبِيهَا وَرِضَاهَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَرْجِعُ قَوْلُ الْمُعَلِّقِ بِالثَّغْرِ الْمَذْكُورِ إلَى مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ إذْ هُوَ صِفَةٌ وَالرَّاجِحُ فِي الصِّفَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ عَوْدُهَا إلَى مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اشْتِرَاكُ الْمُتَعَاطِفَاتِ فِي الْمُتَعَلِّقَاتِ وَلِأَنَّهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَهَا مُتَأَخِّرَةٌ وَلِمَا بَعْدَهَا مُتَقَدِّمَةٌ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِانْتِقَالِهَا بِإِلْزَامِ الْقَاضِي إيَّاهَا بِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ: مَتَى حَضَرَتْ زَوْجَتِي إلَى حَاكِمٍ وَأَخْبَرَتْهُ أَنِّي سَكَنَتْ بِهَا فِي الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَرِضَا أَخِيهَا وَصَدَّقَهَا عَلَى ذَلِكَ مُسْلِمَانِ وَأَبْرَأْت ذِمَّتِي عَنْ نِصْفِ فِضَّةٍ مِنْ حَالِ صَدَاقِهَا عَلَيَّ كَانَتْ طَالِقًا، ثُمَّ سَكَنَ بِهَا فِي الدَّارِ الْمَذْكُورَة بِرِضَاهَا، ثُمَّ انْتَقَلَا إلَى غَيْرِهَا، ثُمَّ سَكَنَ بِهَا فِي الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا بِغَيْرِ رِضَاهَا فَهَلْ يَنْحَلُّ التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ

الكناية في الخلع

بِالسَّكَنِ الْأَوَّلِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْحَلُّ التَّعْلِيقُ بِالسَّكَنِ الْأَوَّلِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ تَشَاجَرَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ فَقَالَ لَهَا: إنْ أَبْرَأْتنِي طَلَّقْتُك فَقَالَتْ لَهُ: أَبْرَأَك اللَّهُ مِنْ الْحَقِّ وَالْمُسْتَحَقِّ وَمِمَّا تَدْعِي بِهِ النِّسَاءُ عَلَى الرِّجَالِ فَقَالَ لَهَا حِينَئِذٍ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَالْحَالُ أَنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ الْقَدْرَ الْمُبْرَأَ مِنْهُ فَهَلْ إذَا كَانَ كَذَلِكَ وَطَلَّقَ ظَانًّا صِحَّةَ الْبَرَاءَةِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ ظَنُّهُ الْمَذْكُورُ، وَإِنْ مَنَعَ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. [الْكِنَايَة فِي الخلع] (سُئِلَ) عَنْ لَفْظِ الْخُلْعِ عَارِيًّا عَنْ لَفْظِ الْمَالِ هَلْ هُوَ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ أَوْ كِنَايَةٌ فِيهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ: إنْ أَبْرَأَتْنِي زَوْجَتِي مِنْ حَالِّ صَدَاقِهَا عَلَيَّ، وَقَدْرُهُ كَذَا أَوْ مِنْ حُقُوقِهَا عَلَيَّ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَالزَّوْجَةُ غَائِبَةٌ عَنْ الْبَلَدِ، ثُمَّ أَبْرَأَتْهُ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرَيْنِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ أَبْرَأَتْهُ حَالَ بُلُوغِهَا خَبَرَ التَّعْلِيقِ، وَهِيَ رَشِيدَةٌ عَالِمَةٌ بِقَدْرِ مَا أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ، وَهُوَ عَالِمٌ بِقَدْرِ حُقُوقِهَا أَيْضًا وَقَعَ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ وَإِلَّا فَلَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَصَدَقَهَا زَوْجُهَا فِي ذِمَّتِهِ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، ثُمَّ بَعْدَ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ

قَالَ لَهَا: إنْ أَبْرَأَتْنِي مِنْ صَدَاقِهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ وَهِيَ رَشِيدَةٌ وَهُمَا عَالِمَانِ بِقَدْرِهِ هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ وُجُودِ صِفَتِهِ إذْ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ قَدْرِ الزَّكَاةِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْتَحَقِّينَ بِالْمَالِ الْمَذْكُورِ تَعَلُّقَ شِرْكَةٍ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: خَالَعْتُكِ وَقَصَدَ بِهِ الْعِوَضَ فَهَلْ يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ قَصْدَهُ بِهِ الْعِوَضِيَّةَ مُتَضَمِّنٌ لِالْتِمَاسِهِ جَوَابَهَا فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ إذَا لَمْ تَقْبَلْهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ ادَّعَتْ الْجَهْلَ بِقَدْرِ مَا أَبْرَأَتْ مِنْهُ هَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهَا أَمْ قَوْلُ الزَّوْجِ، أَمْ يُفْصَلُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مُجْبَرَةً أَوْ لَا، وَهَلْ يُعْتَبَرُ الْفَوْرُ سَوَاءٌ خَاطَبَهَا الزَّوْجُ كَقَوْلِهِ إنْ أَبْرَأَتْنِي أَمْ لَمْ يُخَاطِبْ كَقَوْلِهِ: إنْ أَبْرَأَتْنِي زَوْجَتِي؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا إنْ زُوِّجَتْ بِالْإِجْبَارِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ وَيُعْتَبَرُ فِي إبْرَائِهَا الْفَوْرُ إنْ لَمْ تَغِبْ وَإِلَّا فَعِنْدَ بُلُوغِهَا الْخَبَرَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ طَلَبَتْ مِنْ زَوْجِهَا أَنْ يُطَلِّقَهَا فَقَالَ لَهَا: طَلَاقُك بِصِحَّةِ بَرَاءَتِك فَأَبْرَأَتْهُ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ وَيَكُونُ ذَلِكَ صَرِيحًا لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ أَوْ لَا يَقَعُ إلَّا إنْ نَوَى فَيَكُونُ كِنَايَةً؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ صَحَّ إبْرَاؤُهَا طَلُقَتْ بَائِنًا؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى صِحَّةِ

أخذ العوض عن النزول عن الوظائف

إبْرَائِهَا وَقَدْ وُجِدَتْ وَهُوَ صَرِيحٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ إذْ تَقْدِيرُهُ طَلَاقُك وَاقِعٌ أَوْ حَاصِلٌ أَوْ كَائِنٌ بِصِحَّةِ إبْرَائِك لَا يُقَالُ قِيَاسُ قَوْلِهِمْ: أَنْتِ طَلَاقٌ كِنَايَةً أَنْ يَكُونَ هَذَا كِنَايَةً؛ لِأَنَّهُ عَبَّرَ فِيهِمَا بِالْمَصْدَرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: عِلَّةُ كَوْنِهِ كِنَايَةً، ثُمَّ إنَّ الْمَصَادِرَ غَيْرُ مَوْضُوعَةٍ لِلْأَعْيَانِ لَكِنَّهَا قَدْ يُتَجَوَّزُ بِهَا فَتَجِيءُ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا} [الملك: 30] أَيْ غَائِرًا فَصَيَّرَتْهُ النِّيَّةُ بِمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَقَعْ فِي مَسْأَلَتِنَا الْإِخْبَارُ عَنْ الذَّاتِ بِالْمَصْدَرِ كَمَا فِي تِلْكَ. [أَخَذَ الْعِوَض عَنْ النُّزُول عَنْ الْوَظَائِف] (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ أَوْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحِصْنِيُّ فِي شَرْحُ أَبِي شُجَاعٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ وَالرَّاجِحُ مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ فِيهِ فَقَدْ قَالَ: أَخَذْت مِنْ جَوَازِ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ جَوَازَ بَذْلِ الْمَالِ لِمَنْ بِيَدِهِ وَظِيفَةً لِيَنْزِلَ عَنْهَا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ لِمُجَرَّدِ اسْتِنْقَاذِهَا مِنْهُ، وَكَانَ لَا يُمْكِنُ نَزْعُهَا مِنْهُ إلَّا بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ أَهْلٍ لَهَا حُرِّمَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ لِوُجُوبِ التَّرْكِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا جَازَ قَالَ: وَمَا بَرِحْت أُفَكِّرُ فِيهِ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ، وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ رَأْيِي عَلَيْهِ هَذَا لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَلِّ بَيْنَ الْبَاذِلِ وَالْآخِذِ لِإِسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْهَا وَأَمَّا تَعَلُّقُ حَقِّ الْمَنْزُولِ لَهُ بِهَا فَلَا بَلْ الْأَمْرُ فِيهِ إلَى النَّاظِرِ يَفْعَلُ الْمَصْلَحَةَ

خلع السفيه

مِنْ امْتِنَاعٍ وَإِمْضَاءٍ فَلَوْ شَرَطَ الْبَاذِلُ عَلَى النَّازِلِ حُصُولَهَا لَهُ لَمْ يَجُزْ فَلَوْ رَضِيَ النَّازِلُ وَالْمَنْزُولُ لَهُ وَالنَّاظِرُ بِذَلِكَ الْعِوَضِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ جَازَ قُلْته اسْتِنْبَاطًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْخُلْعِ وَقَوَّاهُ عِنْدِي جَعْلُ الْمَاوَرْدِيِّ رَغْبَةَ الْأَجْنَبِيِّ فِي نِكَاحِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ غَرَضًا صَحِيحًا فِي مُخَالَعَتِهِ إيَّاهَا. (سُئِلَ) هَلْ يَتَسَلَّطُ وَكِيلُ الزَّوْجَةِ فِي الْخُلْعِ عَلَى تَسْلِيمِ مَا عَيَّنَتْهُ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ جَدِيدٍ وَجْهَانِ مَا الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَصَحَّهُمَا أَنَّ لِلْوَكِيلِ التَّسْلِيمَ الْمَذْكُورَ، كَمَا أَنَّ الْوَكِيلَ بِالشِّرَاءِ لَهُ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ. [خلع السَّفِيه] (سُئِلَ) مَا الْفَرْقُ بَيْنَ وُقُوعِ خُلْعِ السَّفِيهِ رَجْعِيًّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ جَهِلَ الزَّوْجُ سَفَهَهُ وَعَدَمَ سُقُوطِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ فِيمَا إذَا صَالَحَ عَنْ تَرِكَةٍ بِمَالٍ جَاهِلًا بِبُطْلَانِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ سَبَبَ وُقُوعِ الْخُلْعِ بَائِنًا كَوْنُ الْمُخْتَلِعِ أَهْلًا لِالْتِزَامِ الْعِوَضِ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَإِنْ جَهِلَ الزَّوْجُ، وَإِنَّمَا وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لِاسْتِقْلَالِ الزَّوْجِ بِهِ، وَسَبَبُ سُقُوطِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ تَقْصِيرُ ذِي الْحَقِّ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ حَالَ جَهْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُسْقِطَ حَقُّهُ بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ السَّفِيهَةِ: إنْ أَبْرَأَتْنِي مِنْ صَدَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُ وَهُمَا

عَالِمَانِ بِقَدْرِهِ هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْإِبْرَاءُ لَمْ يُوجَدْ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَتْ: إنْ طَلَّقْتَنِي فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِي. وَهِيَ رَشِيدَةٌ فَطَلَّقَهَا هَلْ يَقَعُ رَجْعِيًّا كَمَا قَالَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ الرَّابِعِ فِي سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ الْمَشْهُورُ أَوْ بَائِنًا كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ آخِرَ الْبَابِ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الْحَقُّ وَمَا الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ التَّحْقِيقَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ الزَّوْجُ عَدَمَ صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْإِبْرَاءِ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، أَوْ ظَنَّ صِحَّته وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ اهـ. وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ عَقِبَ قَوْلِهِمَا بِوُقُوعِهِ رَجْعِيًّا وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: طَلَّقَ طَمَعًا فِي شَيْءٍ وَرَغِبَتْ هِيَ فِي الطَّلَاقِ بِالْبَرَاءَةِ فَيَكُونُ فَاسِدًا كَالْخَمْرِ أَيْ فَيَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ قَوْلِهَا: إنْ طَلَّقْتنِي فَلَكَ أَلْفٌ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ تَعْلِيقًا لِلْإِبْرَاءِ فَهَذَا تَعْلِيقٌ لِلتَّمْلِيكِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدِّمْيَاطِيِّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ وَلَوْ طَلَبَ مِنْهَا الْبَرَاءَةَ عَلَى الطَّلَاقِ فَقَالَتْ لَهُ: أَبْرَأَك اللَّهُ، تَعْنِي بِذَلِكَ أَبْرَأْتُك فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ

ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت الْإِيقَاعَ بِشَرْطِ صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ قُبِلَ مِنْهُ ظَاهِرًا، فَلَوْ تَبَيَّنَ جَهْلُهَا بِمَا أَبْرَأَتْهُ لَمْ يَقَعْ. اهـ. وَنَسَبَ ذَلِكَ إلَى الْخَادِمِ وَإِلَى إفْتَاءِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَجَلِّهِمْ الْبُرْهَانُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ فَهَلْ ذَلِكَ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ مُنَجَّزًا وَإِرَادَتُهُ الْمَذْكُورَةُ لَا تَدْفَعُهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ صِحَّةِ إبْرَائِهَا وَعَدَمِ صِحَّتِهِ كَأَنْ جَهِلَتْ قَدْرَهُ. (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ ادَّعَتْ أَنَّهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى إبْرَائِهَا إيَّاهُ مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ وَقَدْ أَبْرَأَتْهُ فَقَالَ: إنَّمَا عَلَّقَتْهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى تَحَمُّلِك بِمَا فِي بَطْنِك وَلَمْ يُوجَدْ وَلَا بَيِّنَةَ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ أَمْ قَوْلُهَا وَهَلْ قَوْلُهَا: أَبْرَأَك اللَّهُ صَرِيحٌ فِي الْإِبْرَاءِ أَمْ كِنَايَةٌ فِيهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ، وَلِأَنَّ مَنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي شَيْءُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي صِفَتِهِ، وَقَوْلُهَا: أَبْرَأَك اللَّهُ صَرِيحٌ فِي الْإِبْرَاءِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ فِي بَابِ الْخُلْعِ فِي الْكَلَامِ عَلَى خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ قَبُولِ الْأَجْنَبِيِّ نَظَرًا لِشَوْبِ التَّعْلِيقِ هَلْ يَسْتَقِيمُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِمْ: التَّعْلِيقُ لَا رُجُوعَ فِيهِ، وَمَا تَحْرِيرُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ وَفِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَلِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ

تعليق الخلع

إجَابَةِ الزَّوْجِ نَظَرًا لِشَوْبِ الْجَعَالَةِ مَا الْمَعْنَى فِي تَخْصِيصِ ذَلِكَ بِالنَّظَرِ لِشَوْبِ الْجَعَالَةِ مَعَ أَنَّ الْمُعَاوَضَةَ تَقْتَضِي الرُّجُوعَ أَيْضًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّرْحِ نَظَرًا لِشَوْبِ الْمُعَاوَضَةِ وَهِيَ الصَّوَابُ وَلَوْ اتَّفَقَتْ نُسَخُهُ عَلَى شَوْبِ التَّعْلِيقِ كَانَ سَبْقُ قَلَمٍ وَقَوْلُ الشَّارِحِ نَظَرًا لِشَوْبِ الْجَعَالَةِ مِثَالٌ إذْ شَوْبُ الْمُعَاوَضَةِ كَذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْته قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ كَاخْتِلَاعِهَا لَفْظًا وَحُكْمًا، وَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَهَا الرُّجُوعُ قَبْلَ جَوَابِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا شَأْنَ الْمُعَاوَضَةِ وَالْجَعَالَةِ كِلْتَيْهِمَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ أَبْرَأْتنِي طَلَّقْتُك، وَهُمَا يَعْلَمَانِ الْقَدْرَ الْمُبْرَأَ مِنْهُ فَأَبْرَأَتْهُ فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَمْ بَائِنًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ إبْرَاءٍ وَتَطْلِيقٍ. [تَعْلِيق الخلع] (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَّقَ تَعْلِيقًا صُورَتُهُ مَتَى حَضَرَتْ زَوْجَتِي فُلَانَةُ إلَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ إلَى شَاهِدَيْنِ مَثَلًا وَأَخْبَرَتْ أَنَّنِي سَافَرْت عَنْهَا وَغِبْت فِي سَفَرِي مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينَ الْغَيْبَةِ، وَأَنَّنِي تَرَكْتُهَا بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقَ وَحَضَرَ مَعَهَا مُسْلِمَانِ صَدَّقَاهَا عَلَى ذَلِكَ وَأَبْرَأَتْ ذِمَّتِي زَوْجَتِي الْمَذْكُورَةِ مِنْ خَمْسَةِ أَنْصَافٍ مِنْ صَدَاقِهَا عَلَيَّ؛ كَانَتْ حِينَ ذَاكَ طَالِقًا فَهَلْ إذَا

وُجِدَتْ الصِّفَةُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا وَالْحَالُ أَنَّ هُنَاكَ عُذْرًا مِنْ أَسْرٍ أَوْ عُسْرٍ مِمَّا يَمْنَعُ الدَّفْعَ أَوْ الْوُجُوبَ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ إخْبَارِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ صَادِقَةً أَمْ كَاذِبَةً، كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي فَتْوَى الشَّيْخِ زَكَرِيَّا أَوْ لَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي التَّعْلِيقِ وَصَدَّقَهَا قَرِينَةٌ مِنْ الْمُعَلِّقِ دَالَّةٌ عَلَى إرَادَةِ صِدْقِهَا وَإِذَا كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى صِدْقِهَا لَمْ يَقَعْ بِإِخْبَارِهَا كَاذِبَةً كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْخَادِمِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ صَرَّحَ بِإِرَادَةِ صِدْقِهَا أَوْ لَا، وَيُحْمَلُ كَلَامُ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَرِينَةُ إرَادَةِ صِدْقٍ وَإِذَا خَرَجَتْ مِنْ مَنْزِلِ سَكَنِهَا طُولَ الْغَيْبَةِ أَوْ بَعْضِهَا وَأُقِيمَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالْغَيْبَةِ أَوْ لَا لِتَنْزِلَ الْغَيْبَةُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ عَلَى النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ وَغَيْرُهُ وَمَا الْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ مُطْلَقًا لِوُجُودِ صِفَاتِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ وَهِيَ صَادِقَةٌ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ أَوْ خَرَجَتْ فِي غَيْبَتِهِ إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَدْلُولَاتُ أَلْفَاظِ التَّعْلِيقِ وَقَدْ وُجِدَتْ بِلَا شَكٍّ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ ثَلَاثًا عَلَى صِفَةٍ إنْ فَعَلَ زَيْدٌ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْمَكَانَ الْفُلَانِيَّ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، ثُمَّ سَأَلَ الْحَالِفُ الْمَذْكُورُ مَنْ زَيْدٌ الْمَحْلُوفُ

عَنْهُ أَنَّهُ يُخَالِعُ زَوْجَتَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ لِيَفْعَلَ زَيْدٌ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ فَقَالَ: وَلَا أَخَالِعُ أَيْضًا وَقَصَدَ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ أَيْضًا وَعَدَمَ الْمُخَالَعَةِ قَبْلَ الْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، فَهَلْ إذَا خَالَعَ الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ فِي الْخُلْعِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى خَالَعَ الْحَالِفُ زَوْجَتَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ قَبْلَ وُجُودِ تِلْكَ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ لَمْ تَطْلُقْ زَوْجَتُهُ بِوُجُودِهَا. (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ حَضَرَتْ مَعَ زَوْجِهَا إلَى مَجْلِسِ الْحَاكِمِ الشَّرْعِيِّ وَتَسَلَّمَتْ مِنْهُ فِيهِ مَا كَانَ لَهَا تَحْتَ يَدِهِ مِنْ مَصَاغٍ وَقُمَاشٍ، وَسَأَلَتْهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً خُلْعًا عَلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ لَهَا مِنْ جَمِيعِ مَبْلَغِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ وَهُوَ بِتَصَادُقِهِمَا أَلْفًا نِصْفٌ سُلَيْمَانِيَّةٌ مَا حَلَّ مِنْهُ وَمَا لَمْ يَحِلُّ؛ فَأَجَابَ سُؤَالَهَا وَطَلَّقَهَا الطَّلْقَةَ الْمَسْئُولَةَ عَلَى الْعِوَضِ الْمَذْكُورِ. وَنَذَرَتْ السَّائِلَةُ الْمَذْكُورَةُ أَنَّهُ إنْ أَحْيَاهَا اللَّهُ بَقِيَّةَ يَوْمَ تَارِيخِهِ وَقَامَ قَائِمٌ شَرْعِيٌّ وَطَالَبَ الزَّوْجَ الْمَسْئُولَ بِحَقٍّ مَالِي مِنْ قِبَلِ مَبْلَغِ صَدَاقِهَا الْمَذْكُورِ وَانْتَزَعَ ذَلِكَ مِنْهُ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ كَانَ عَلَيْهَا الْقِيَامُ لَهُ بِمَا يَنْتَزِعُ مِنْهُ وَثَبَتَ ذَلِكَ لَدَى الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِ فِي الْمَجْلِسِ الْمَذْكُورِ بِحُضُورِهِمَا. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَظْهَرَتْ وَالِدَةُ الْمُطَلَّقَةِ مِنْ

يَدِهَا مُسْتَنِدًا شَرْعِيًّا شَهِدَ لَهَا بِأَنَّ ابْنَتَهَا السَّائِلَةَ أَحَالَتْهَا عَلَى ذِمَّةِ الزَّوْجِ الْمَسْئُولِ قَبْلَ السُّؤَالِ بِتِسْعِمِائَةِ نِصْفٍ مِنْ الصَّدَاقِ الْمَسْئُولِ عَلَيْهِ، فَهَلْ إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ الْمَذْكُورَةُ صَحِيحَةَ الْعِبَارَةِ تَقَعُ الطَّلْقَةُ الْمَسْئُولَةُ طَلَاقًا بَائِنًا، ثُمَّ بِتَقْدِيرِ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ بِأَنْ تَوَفَّرَتْ شَرَائِطُهَا الشَّرْعِيَّةُ وَثَبَتَتْ فَإِنْ كَانَ الْأَلْفَ نِصْفَ الْمَسْئُولِ عَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلِ السَّائِلَةِ عَلَى السَّائِلِ تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ فِي الْأَلْفِ وَالْمِائَةِ الْبَاقِيَةِ لَهَا فِي ذِمَّتِهِ إلَى حِينَ السُّؤَالِ وَجَوَابِهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِتِسْعِمِائَةٍ نَظِيرَ مَا أَحَالَتْ بِهِ عَلَيْهِ. أَوْ لَا تَقَعُ الطَّلْقَةُ أَصْلًا لِفَسَادِ الْبَرَاءَةِ فِي التِّسْعِمِائَةِ الْمُحَالِ بِهَا قَبْلَ السُّؤَالِ وَإِذَا قُلْتُمْ بِهَذَا الثَّانِي بَيَّنُوا لَنَا وَجْهَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَائِنًا فِيمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِرْشَادُ كَالرَّوْضِ فِيمَا إذَا سَأَلَتْهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا أَوْ يَخْتَلِعَهَا عَلَى بَرَاءَتِهِ مِنْ صَدَاقِهَا، وَكَانَتْ قَدْ أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، ثُمَّ يَجِبُ لَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ فَإِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَدْ يُسْتَفَادُ مِنْهَا أَنَّهُ إذَا فَسَدَتْ الْبَرَاءَةُ فِي الْبَعْضِ يَرْجِعُ إلَى بَدَلِهِ مِنْ الْمَرَدِّ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَهَلْ هَذَا النَّذْرُ بِتَقْدِيرِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَائِنًا صَحِيحٌ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ نَذْرُ الشَّيْءِ اللَّازِمِ لِلُزُومِهِ بِدُونِ الْتِزَامٍ وَهَلْ يُقَالُ لِمَنْ قَالَ: الْبَرَاءَةُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِرْشَادِ مَوْجُودَةٌ فِي نَفْسِ

كتاب الطلاق

الْأَمْرِ فَلِذَلِكَ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِيهَا لَوْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَوَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَمْ يَجِبْ لَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَتْ الطَّلْقَةُ الْمَسْئُولَةُ طَلْقَةً بَائِنَةً لِوُقُوعِهَا فِي مُقَابَلَةِ بَرَاءَةِ الزَّوْجِ مِنْ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ، ثُمَّ إنْ ثَبَتَتْ الْحَوَالَةُ الْمَذْكُورَةُ، وَكَانَ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ مَهْرَ مِثْلِهَا بَرِئَتْ ذِمَّةُ الزَّوْجِ مِنْ الْأَلْفِ وَالْمِائَةِ الْبَاقِيَةِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِتِسْعِمِائَةِ، وَالنَّذْرُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ: مَتَى مَضَى شَهْرُ شَوَّالٍ مَثَلًا وَلَمْ أَحْضُرْ لِلْمَحْكَمَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَأَدْفَعُ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْ صَدَاقَهَا كَانَتَا طَالِقَتَيْنِ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ حَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبَةِ الصَّدَاقِ اتِّفَاقٌ عَلَى إيقَاعِ الطَّلَاقِ فِي مُقَابَلَةِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ، ثُمَّ سَأَلَتْهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا عَلَى ذَلِكَ فَطَلَّقَهَا عَلَيْهِ، فَهَلْ إذَا فَعَلَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْحُضُورُ إلَى الْمَحْكَمَةِ الْمَذْكُورَةِ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقُ الْأُخْرَى لِكَوْنِهِ فَوَّتَ شَغْلَ ذِمَّتِهِ مِنْ الصَّدَاقِ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ لَا يَقَعُ لِفِعْلِهِ الْمَقْدُورَ وَعَدَمِ شَغْلِ ذِمَّتِهِ بِالصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ تِلْكَ الزَّوْجَةِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا [كِتَابُ الطَّلَاقِ] (كِتَابُ الطَّلَاقِ) (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَفْعَلُ الشَّيْءَ

الْفُلَانِيِّ، ثُمَّ فَعَلَهُ هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَقَعُ عَلَى الْحَالِفِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ صَرِيحٌ فِيهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى سَائِرِ مَذَاهِبِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ فِيهَا: تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ وُقُوعُ ذَلِكَ عَلَى الْمَذَاهِبِ كُلِّهَا أَيُّهُمَا الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ قَالَ الْغَزِّيُّ: إنَّهُ الْأَقْوَى إذْ لَوْ أَتَى شَخْصٌ بِصَرِيحِهِ وَقَالَ: لَمْ أَنْوِ بِهِ طَلَاقًا لَمْ يُقْبَلْ بِالْإِجْمَاعِ وَاحْتَجَّ لَهُ الْخَطَّابِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} [البقرة: 231] وَلِأَنَّا لَوْ لَمْ نَقُلْ بِذَلِكَ لَتَعَطَّلَتْ الْأَحْكَامُ وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إلَّا دَاوُد الظَّاهِرِيَّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَجَوَابُهُ أَنَّ التَّخْصِيصَ دَخَلَهُ بِالْإِجْمَاعِ وَقَدْ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إنَّ الْمُحَقِّقِينَ لَا يُقِيمُونَ لِلظَّاهِرِيَّةِ وَزْنًا وَأَنَّ خِلَافَهُمْ لَا يُعْتَبَرُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَكْرَهَ شَخْصٌ شَخْصًا عَلَى أَنْ يَقْبِضَ مِنْ شَخْصٍ شَيْئًا، ثُمَّ أَكْرَهَهُ حَتَّى أَخَذَ مِنْهُ ذَلِكَ فَهَلْ لِلْمُقْبِضِ الرُّجُوعُ عَلَى الْقَابِضِ الْمُكْرِهِ أَوْ لَا وَهَلْ يَشْهَدُ لِذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْوَدِيعَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلْمُقْبِضِ الرُّجُوعَ عَلَى الْقَابِضِ الْمُكْرِهِ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْوَدِيعَةِ، ثُمَّ إنْ

دَفَعَهُ لِلْمُكْرِهِ فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ بَلْ صَرَّحَ الْأَئِمَّةُ بِأَنَّ الْكُرْهَ عَلَى إتْلَافِ الْمَالِ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَقَرَارُهُ عَلَى الْمُكْرِهِ. (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا أَنْ تَخْرُجَ فِي لَيْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ إلَى مَكَان مُعَيَّنٍ فَقَالَ عَقِبَ سُؤَالِهَا: إنْ خَرَجْت فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَاصِدًا بِذَلِكَ مَنْعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ لَمَّا سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا سِوَى طَلْقَةٍ وَأَنَّهَا مِمَّنْ تُبَالِي بِحَلِفِهِ، ثُمَّ خَرَجَتْ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَقَالَ لَهَا الزَّوْجُ: أَمَا عَلِمْت بِالْحَلِفِ فَقَالَتْ: نَعَمْ وَلَكِنِّي لَمْ أَخْرُجْ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَرَدْت بَلْ إلَى غَيْرِهِ وَأَنْتَ لَمْ تَقْصِدْ بِحَلِفِك إلَّا مَنْعِي مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْهِ، فَهَلْ يَصَدَّقُ الزَّوْجُ فِي قَصْدِهِ الْخَاصِّ وَيَقْضِي بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْحَالُ مَا ذَكَرَ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَصَدَّقُ الزَّوْجُ إنْ قَصَدَ ذَلِكَ الْمَكَانَ الْمُعَيَّنَ وَلَا يَحْكُمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ لِلْقَرِينَةِ، وَإِنْ قَصَدَ مَكَانًا غَيْرَ ذَلِكَ الْمَكَانِ فَلَا يَصْدُقُ وَيَحْكُمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ظَاهِرًا وَلَكِنَّهُ يَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ مُتَزَوِّجٍ بِامْرَأَتَيْنِ قَالَ: مَتَى سَكَنْت بِزَوْجَتِي فَاطِمَةَ فِي بَلَدٍ مِنْ الْبِلَادِ، وَلَمْ تَكُنْ زَوْجَتِي أُمُّ الْخَيْرِ مَعَهَا كَانَتْ أُمُّ الْخَيْرِ طَالِقًا، ثُمَّ سَكَنَ بِالزَّوْجَتَيْنِ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى فَهَلْ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ أَمْ لَا وَإِذَا

قُلْتُمْ لَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ فَسَكَنَ بِزَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى هَلْ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِسُكْنَاهُ بِزَوْجَتَيْهِ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِسُكْنَى وَاحِدَةٍ إذْ لَيْسَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَيَّدَهَا بِوَاحِدَةٍ وَلِأَنَّ لِهَذِهِ الْيَمِينِ جِهَةَ بِرٍّ وَهِيَ سُكْنَاهُ بِزَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ فِي بَلَدٍ وَمَعَهَا زَوْجَتُهُ الْأُخْرَى أُمُّ الْخَيْرِ وَجِهَةُ حِنْثٍ وَهِيَ سُكْنَاهُ بِزَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ فِي بَلَدٍ دُونَ أُمِّ الْخَيْرِ وَيُفَارَقُ هَذَا مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ خَرَجْت لَابِسَةً حَرِيرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ لَهُ حَيْثُ لَا تَنْحَلُّ حَتَّى يَحْنَثَ بِخُرُوجِهَا ثَانِيًا لَابِسَةً لَهُ بِأَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى جِهَتَيْنِ، وَإِنَّمَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِخُرُوجٍ مُقَيَّدٍ فَإِذَا وُجِدَ وَقَعَ الطَّلَاقُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ تَشَاجَرَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ فَقَالَ لَهَا: عَلَيَّ الطَّلَاقُ إنْ طَلَبْت الطَّلَاقَ طَلَّقْتُك؛ فَقَالَتْ: طَلِّقْنِي. فَسَكَتَ عَنْهُ فَهَلْ يَقَعُ بِذَلِكَ طَلَاقٌ أَوْ لَا وَإِذَا وَقَعَ هَلْ يَكُونُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِلَفْظِهِ الْمَذْكُورِ تَعْلِيقَ طَلَاقِهَا عَلَى طَلَبِهَا لَهُ لَمْ يَقَعْ بِمُجَرَّدِ طَلَبِهَا، ثُمَّ إنْ قَصَدَ أَنَّهُ يُطَلِّقُهَا بَعْدَ طَلَبِهَا فَوْرًا وَمَضَى بَعْدَ طَلَبِهَا زَمَنٌ أَمْكَنَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيهِ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا طَلُقَتْ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ فَوْرًا لَمْ تَطْلُقْ إلَّا عِنْدَ يَأْسِهِ

مِنْ طَلَاقِهَا وَحَيْثُ وَقَعَ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ فَهُوَ رَجْعِيٌّ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَلَمْ يُكْمِلْ بِالْوَاقِعِ عَدَدَ طَلَاقِهَا. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ خَرَجْت فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَصَدَ إعْلَامَهَا وَمَنْعَهَا وَهِيَ مِمَّنْ تُبَالِي بِقَوْلِهِ بَعْدَ أَنْ سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ لِبَيْتِ شَخْصٍ أَوْ لِبَيْتِ شَخْصَيْنِ فَخَرَجَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ لِغَيْرِ الْبَيْتَيْنِ، ثُمَّ ادَّعَتْ بَعْدَ أَنْ سُئِلَتْ أَنَّ زَوْجَهَا لَمْ يَحْلِفْ إلَّا عَلَى الْخُرُوجِ لِبَيْتِ مَنْ سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ وَإِنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ لَمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهَا وَلَا تَطْلُقُ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهَا وَنِسْيَانِهِ أَوْ كِذْبِهَا مُعْتَقِدَةً أَنَّهُ غَيْرُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِقَبُولِ قَوْلِهَا فَهَلْ يَكُونُ جَارِيًا فِيمَا إذَا صَدَّقَهَا أَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا بِتَصْدِيقٍ وَلَا تَكْذِيبٍ أَوْ كَذَّبَهَا؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِحَلِفٍ بِطَلَاقٍ لَا بِطَلَاقٍ، وَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ إلَّا بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَى فِعْلِهِ عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا وَالْعِلْمُ وَالْعَمْدُ لَا يُعْلَمَانِ إلَّا مِنْهَا فَحَصَلَ شَكٌّ فِي وُجُودِ الصِّفَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَالطَّلَاقُ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا مَا لَوْ قَالَ: لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَدْخُلْ زَيْدُ الدَّارَ الْيَوْمَ وَشَكَّ فِي دُخُولِهِ فِي الْيَوْمِ، وَهَلْ إذَا فَسَّرَتْ مَا ادَّعَتْهُ بِأَنَّهَا لَمْ تَسْمَعْ مِنْ زَوْجِهَا إلَّا الْحَلِفَ عَلَى

الْخُرُوجِ لِبَيْتِ مَنْ سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ وَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ لَمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا وَيَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهَلْ الْمَسْأَلَةُ أَوْلَى مِمَّا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ وَصَاحِبِ الْأَنْوَارِ وَمُخْتَصَرَيْ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِمْ فِيمَا إذَا فَوَّضَ إلَيْهَا الطَّلَاقَ فَطَلُقَتْ بِكِتَابَةٍ وَقَالَتْ: مَا نَوَيْت وَقَالَ الزَّوْجُ: نَوَيْت مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْ النَّاوِي وَهَلْ هَذَا الِاقْتِضَاءُ مَعْمُولٌ بِهِ وَلَا يَكُونُ قَوْلُ الزَّوْجِ إقْرَارًا بِالطَّلَاقِ، وَإِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّهُ إقْرَارٌ بِهِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ شَرْطُهُ أَنْ يُعْلِمَهُ الْمُقِرُّ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يُعْلِمْهُ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الزَّوْجَ لَا عِلْمَ لَهُ بِنِيَّتِهَا وَلَا بِخُرُوجِهَا عَالِمَةً عَامِدَةً وَهَلْ إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ قَصَدَ بِحَلِفِهِ الْمَنْعَ مِمَّا سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ ظَاهِرٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ وَلَا تَطْلُقُ سَوَاءٌ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فِي دَعْوَاهَا أَوْ لَا، وَإِنَّمَا حَكَمْنَا بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيمَا ذُكِرَ عَمَلًا بِقَوْلِهَا، وَإِنْ كَانَ الِاعْتِبَارُ فِي تَعْيِينِ الْفِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِقَوْلِ الزَّوْجِ لِرُجُوعِهِ إلَّا أَنَّهَا فَعَلَتْ الْخُرُوجَ جَاهِلَةً بِأَنَّهُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي تَفْسِيرِ دَعْوَاهَا بِمَا ذَكَرَتْهُ وَيَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَقَبُولُ قَوْلِهَا فِي عَدَمِ نِيَّتِهَا الطَّلَاقَ إذَا

أَتَتْ بِكِنَايَتِهِ عِنْدَ تَفْوِيضِهِ إلَيْهَا أَوْلَى مِنْ قَبُولِ قَوْلِهَا فِي مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْ النَّاوِي، وَعِلْمُهَا بِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ سَمَاعُهَا لِلَفْظِ التَّعْلِيقِ قَدْ يُعْرَفُ مِنْ غَيْرِهَا، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهَا فِي عَدَمِ نِيَّتِهَا الطَّلَاقَ حَتَّى لَا يَكُونَ الزَّوْجُ مُقِرًّا بِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي أَنَّهُ قَصَدَ بِحَلِفِهِ الْمَنْعَ مِمَّا سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ ظَاهِرًا لِقِيَامِ الْقَرِينَةِ عَلَيْهِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي مِنْ جَوْزَتِي بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ عَلَى الزَّايِ وَقَالَ: أَرَدْت جَوْزَةَ حَلْقِي مَثَلًا فَهَلْ يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ وَلَا يَحْنَثُ إذَا وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَهَلْ الْعَامِّيُّ وَالْعَالِمُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَهَلْ إذَا قَالَ: مِنْ جُزْئِيٍّ أَوْ بَعْضِيٍّ مَا الْحُكْمُ وَهَلْ إذَا قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ مِنْ سَيْفِي وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يُؤَاخَذُ بِذَلِكَ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ أَوْ لَا وَهَلْ ذَلِكَ جَمِيعُهُ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ جَمِيعَ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ فِي صُوَرِ الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ فِيهِ حَتَّى لَا يَقَعَ بِهَا إلَّا بِنِيَّةٍ قَبْلَ تَمَامِ اللَّفْظِ إنْ عَزَمَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِقَوْلِهِ مِنْ جَوْزَتِي أَوْ جُزْئِيٍّ أَوْ بَعْضِيٍّ أَوْ سَيْفِي، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَإِلَّا فَهِيَ صَرِيحَةٌ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ

قَبْلَ إتْيَانِهِ بِنَحْوِ جَوْزَتِي، وَالْعَامِّيُّ وَالْعَالِمُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ شَاهِدٌ لِزَيْدٍ: قُلْ لِعَمْرٍو: طَلِّقْ بِنْتِي عَلَى كَذَا فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ الشَّاهِدُ لِعَمْرٍو: قُلْ لَهُ: طَلَّقْت بِنْتَك عَلَى كَذَا فَقَالَ: عَمْرٌو: طَلُقَتْ بِنْتُهُ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يَصِحُّ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ وَيَكُونُ صَرِيحًا أَوْ كِنَايَةً؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمَا ذَكَرَ وَهُوَ صَرِيحٌ وَلَا يَضُرُّ عُدُولُهُ عَنْ الْإِضَافَةِ لِضَمِيرِ الْمُخَاطَبِ إلَى الْإِضَافَةِ لِضَمِيرِ الْغَائِبِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَرَّرَ لِزَوْجَتِهِ فِيمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي ثَمَنِ طَعَامٍ وَإِدَامٍ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا، ثُمَّ قَالَ: مَتَى مَضَى أُسْبُوعٌ وَلَمْ أُوفِك الْمُقَرَّرَ الْمَذْكُورَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ نَشَزَتْ فَقَطَعَ عَنْهَا زَوْجُهَا الْمُقَرَّرَ الْمَذْكُورَ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِعَدَمِ دَفْعِ الْمُقَرَّرِ لِزَوْجَتِهِ زَمَنَ نُشُوزِهَا. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ فِي غَدٍ يُسَافِرُ لِمَوْضِعِ كَذَا فَأَصْبَحَ فِي غَدٍ يُسَافِرُ فَوَجَدَ ضَيْفًا جَاءَ فَاشْتُغِلَ بِهِ وَفِي عَزْمِهِ السَّفَرَ لِلْمَوْضِعِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَضَى حَاجَتَهُ وَأَرَادَ السَّفَرَ فَشَرَعَ فِيهِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْغَدِ مَا يَزِيدُ عَلَى مَا يُوصِلُهُ إلَى الْمَوْضِعِ الْمَذْكُورِ فَطَرَأَ عَلَيْهِ النِّسْيَانُ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ فَهَلْ يَحْنَثُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ غَدًا فَتَلِفَ فِيهِ بَعْدَ

تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ أَوْ لَا يَحْنَثُ كَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ لَمْ تَخْرُجِي اللَّيْلَةَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَالَعَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ فِي اللَّيْلَةِ وَجَدَّدَ الْعَقْدَ وَلَمْ تَخْرُجْ. وَكَمَسْأَلَةِ الْإِمَامِ السُّبْكِيّ الَّتِي فِيهَا الْحَلِفُ وَالْخُلْعُ وَخَالَفَ ابْنَ الرِّفْعَةِ وَالْبَاجِيَّ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ الْقَائِلُ فِيهَا بِعَدَمِ الْحِنْثِ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ الْمَجْعُولِ ظَرْفًا لِلْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَكَمَا لَوْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا وَمَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ فَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْعِصْيَانِ بِالتَّأْخِيرِ، وَإِنَّمَا حَنِثَ فِي مَسْأَلَةِ تَلَفِ الطَّعَامِ الْمَذْكُورَةِ، وَفِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهَا تُصَلِّي الْيَوْمَ الظُّهْرَ فَحَاضَتْ فِي وَقْتِهِ وَلَمْ تُصَلِّ وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْيَأْسَ حَصَلَ مِنْ الْبِرِّ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَحْنَثُ الْحَالِفُ الْمَذْكُورُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ السَّفَرِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يَفْعَلْهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامِ غَدًا فَتَلِفَ مِنْ الْغَدِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ وَكَمَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا فِي الشَّهْرِ، ثُمَّ خَالَعَ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْفِعْلِ كَمَا صَوَّبَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَوَافَقَهُ الْبَاجِيُّ، وَإِنْ خَالَفَهُمَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي وَكَمَا لَوْ حَلَفَ

أَنَّهَا تُصَلِّي الْيَوْمَ الظُّهْرَ فَحَاضَتْ فِي وَقْتِهِ بَعْدَ تَمَكُّنِهَا مِنْ فِعْلِهِ وَلَمْ تُصَلِّ وَكَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ فَانْصَبَّ بَعْدَ إمْكَانِ شُرْبِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَلَهُ نَظَائِرُ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ إنْ لَمْ تَخْرُجِي اللَّيْلَةَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَمَسْأَلَةِ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ لَمْ تَأْكُلِي هَذِهِ التُّفَّاحَةَ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ لِأَمَتِهِ إنْ لَمْ تَأْكُلِي التُّفَّاحَةَ الْأُخْرَى فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَالْتَبَسَتَا فَخَالَعَ وَبَاعَ فِي الْيَوْمِ، ثُمَّ جَدَّدَ وَاشْتَرَى حَيْثُ يَتَخَلَّصُ وَنَحْوُهُمَا وَاضِحٌ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْمَسَائِلِ الْأُوَلِ الْفِعْلُ وَهُوَ إثْبَاتٌ جُزْئِيٌّ وَلَهُ جِهَةُ بِرٍّ وَهُوَ فِعْلُهُ وَجِهَةُ حَنِثَ بِالسَّلْبِ الْكُلِّيِّ الَّذِي هُوَ نَقِيضُهُ وَالْحِنْثُ بِمُنَاقَضَةِ الْيَمِينِ وَتَفْوِيتِ الْبِرِّ فَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْهُ وَلَمْ يَفْعَلْ حَنِثَ لِتَفْوِيتِهِ بِاخْتِيَارِهِ، وَأَمَّا الْمَسَائِلُ الْأُخَرُ فَالْمَقْصُودُ فِيهَا التَّعْلِيقُ عَلَى الْعَدَمِ وَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْآخِرِ فَإِذَا صَادَفَهَا الْآخَرُ بَائِنًا لَمْ تَطْلُقْ وَلَيْسَ هُنَا إلَّا جِهَةُ حِنْثٍ فَقَطْ فَإِنَّهُ إذَا فَعَلَ لَا نَقُولُ: بِرٌّ بَلْ لَمْ يَحْنَثْ لِعَدَمِ شَرْطِهِ وَتَعْلِيلُ السَّائِلِ لِعَدَمِ الْحِنْثِ بِأَنَّ الْحِنْثَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ إلَخْ يُرَدُّ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَا فِي الْمَسَائِلِ الْأَوَّلِ كَمَا لَا يَخْفَى وَالتَّنْظِيرُ بِمَسْأَلَةِ الْمَوْتِ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ

فِيهِ وَقَوْلُهُ: إنَّ الْحِنْثَ فِي مَسْأَلَةِ تَلَفِ الطَّعَامِ وَمَسْأَلَةِ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهَا تُصَلِّي الْيَوْمَ الظُّهْرَ إنَّمَا هُوَ؛ لِأَنَّ الْيَأْسَ مِنْ الْبِرِّ حَصَلَ مَمْنُوعٌ، وَإِنَّمَا هُوَ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ التَّعْلِيلِ إذْ مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِيهِمَا إذَا كَانَ حَلِفُهُ بِالطَّلَاقِ، ثُمَّ خَالَعَ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْفِعْلِ وَلَمْ يَفْعَلْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلً بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَالِدِهِ جِمَالٌ مُشْتَرَكَةٌ وَبَيْنَهُمَا مَصَارِفُ بِسَبَبِ الْجِمَالِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يُخَلِّي الْجِمَالَ تَسْرَحُ إلَى الْغَيْطِ حَتَّى يُحَاسِبَهُ وَالِدُهُ عَلَى الْمَصْرُوفِ الْمَذْكُورِ فَامْتَنَعَ وَالِدُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَاضْطَرَّ إلَى تَسْرِيحِ الْجِمَالِ فَاسْتَفْتَى فَقِيهًا عَنْ خَلَاصِهِ مِنْ الْحِنْثِ فَقَالَ لَهُ أَنْ تَخْلَعَ زَوْجَتَك، ثُمَّ تُعِيدَهَا وَلَمْ يُعَيَّنْ لَهُ قَبْلَ التَّسْرِيحِ وَلَا بَعْدَهُ فَظَنَّ أَنَّ الْخُلْعَ بَعْدَ التَّسْرِيحِ مُخَلِّصٌ لَهُ فَسَرَّحَ الْجِمَالَ مُعْتَمِدًا عَلَى اعْتِقَادِهِ مِنْ قَوْلِ الْمُفْتِي فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ يَكُونُ مَعْذُورًا كَالنَّاسِي وَالْمُكْرَهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ بِتَسْرِيحِ الْجِمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لِاعْتِقَادِهِ انْحِلَالَ يَمِينِهِ اعْتِمَادًا عَلَى فَتْوَى الْفَقِيهِ فَصَارَ مَعْذُورًا كَالنَّاسِي. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ بِدَارِ صِهْرِهِ إلَّا إنْ كَانَ لَهُ فِيهَا مِلْكٌ فَمَلَّكَهُ صِهْرُهُ حِصَّةً مِنْ الدَّارِ وَسَكَنَهَا، ثُمَّ

الطلاق المعلق على صفة

إنَّ صِهْرَهُ قَالَ لَهُ: زَوْجَتُك طَلُقَتْ فَقَالَ: لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّك مَلَّكْتنِي الْحِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ فَأَنْكَرَ صِهْرُهُ ذَلِكَ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ صِهْرِ الْحَالِفِ بِيَمِينِهِ فِي أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ الْحَالِفُ الْحِصَّةَ الَّتِي ادَّعَى أَنَّهُ مَلَّكَهُ إيَّاهَا بِالنِّسْبَةِ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا، إذْ الْأَصْلُ بَقَاؤُهَا وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْحَالِفِ بِيَمِينِهِ فِي أَنَّ صِهْرَهُ مَلَّكَهُ تِلْكَ الْحِصَّةَ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ ضَرَبَ وَلَدَهُ فَتَعَرَّضَ بَعْضُ النَّاسِ لِتَخْلِيصِهِ مِنْهُ فَقَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا يَخْلُصُهُ أَحَدٌ، فَخَلَّصَهُ مِنْهُ بَعْضُ التُّرْكُمَانِ غَصْبًا عَلَيْهِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى تَخْلِيصِ الْوَلَدِ مِنْهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا. [الطَّلَاق الْمُعَلَّق عَلَى صفة] (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى صِفَةٍ فَقَالَ مَثَلًا: إنْ مَضَى هَذَا الْعَامُ وَلَمْ أَوْفِ لِفُلَانٍ دَيْنَهُ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا، ثُمَّ اسْتَمَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ مُعَاشِرًا سِنِينَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ وَانْحَصَرَ إرْثُهُ فِي ابْنَيْهِ وَزَوْجَتِهِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ وَثَبَتَ ذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِ، ثُمَّ أَقَامَ صَاحِبُ الدَّيْنِ مُطَالِبًا لِتَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِدِينِهِ وَأَثْبَتَ الدَّيْنَ وَالتَّعْلِيقَ الْمَذْكُورَيْنِ لَدَى الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِمَا

وَثَبَتَ أَيْضًا عِنْدَهُ انْحِصَارُ إرْثِ الْمَيِّتِ الْمَذْكُورِ فِي ابْنَيْهِ الْمَذْكُورَيْنِ وَمَنْ ثَبَتَ لَهُ الْإِرْثُ مَعَهُمَا وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِ أَيْضًا فَهَلْ تَرِثُ الزَّوْجَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ زَوْجِهَا الْمَذْكُورِ لِاحْتِمَالِ وَفَاءِ الدَّيْنِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ حَيًّا وَادَّعَى وَفَاءَهُ لَاحْتَمَلَ أَنَّهُ يُقِيمُ بِهِ حُجَّةً وَلِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ التَّعْلِيقَ وَلِاحْتِمَالِ عَجْزِهِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ وَاسْتِمْرَارِهَا أَوْ لَا وَهَلْ إذَا كَانَ الزَّوْجُ حَيًّا وَادَّعَى الْوَفَاءَ وَعَجَزَ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ لِاحْتِمَالِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَرِثُ الزَّوْجَةُ الْمَذْكُورَةُ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ زَوْجِهَا الْمَذْكُورِ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَيْهَا لِوُجُودِ صِفَتِهِ بِمُقْتَضَى تَعْلِيقِهِ الْمَذْكُورِ وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ احْتِمَالُ نِسْيَانِهِ أَوْ عَجْزِهِ عَنْ تَوْفِيَةِ الدَّيْنِ أَوْ أَدَائِهِ أَوْ حَوَالَةٍ مُسْتَحَقَّةٍ بِهِ أَوْ حَوَالَةِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ أَوْ إبْرَائِهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ الْوُقُوعِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ وَلِأَنَّ سَبَبَ الْإِرْثِ فِي ابْنَيْ الْمَيِّتِ مَوْجُودٌ وَشَكَّكْنَا فِي مُزَاحَمَةِ الزَّوْجَةِ لَهُمَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَمِيرَاثُ الزَّوْجَةِ لَمْ نَتَحَقَّقْهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مُقَدَّمٌ عَلَى كَوْنِ الْأَصْلِ بَقَاءَ الْعِصْمَةِ وَاسْتِمْرَارَهَا وَإِذَا كَانَ الزَّوْجُ حَيًّا وَادَّعَى أَدَاءَ الدَّيْنِ قَبْلَ

قَوْلِهِ بِيَمِينِهِ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَإِنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَقَدْ أَجَابَ بِهَذَا الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي فَتَاوِيهِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِعَدَمِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، ثُمَّ ادَّعَى الْإِنْفَاقَ فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لَا لِسُقُوطِ النَّفَقَةِ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ فِي هَذِهِ: الظَّاهِرُ الْوُقُوعُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ وَلَا يَبِيتُ فِيهَا أَوْ لَا يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ أَوْ لَا يَبِيتُ فِيهِ فَعَلَا سَطْحَ الدَّارِ أَوْ الْمَسْجِدِ مِنْ خَارِجٍ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْ بَاتَ فِيهِ هَلْ يَحْنَثُ أَوْ لَا وَهَلْ سَطْحُ الْمَسْجِدِ كَصَحْنِ الدَّارِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِ سَطْحِ الدَّارِ أَوْ الْمَسْجِدِ وَلَا بِالْمَبِيتِ فِيهِ إلَّا إذَا كَانَ مُسَقَّفًا كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ وَهُوَ بِحَيْثُ يَصْعَدُ إلَيْهِ مِنْ الدَّارِ أَوْ مِنْ الْمَسْجِدِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عَلِمَ أَنَّ سَطْحَ الْمَسْجِدِ كَصَحْنِ الدَّارِ، وَقَدْ اسْتَشْكَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ مَا ذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ فِي سَطْحِ الدَّارِ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى بِجَوَازِ الِاعْتِكَافِ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ أَوْ الْبَيْتِ، وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ سَطْحَ الْمَسْجِدِ بِمَنْزِلَةِ قَرَارِهِ فِي الْحُكْمِ دُونَ التَّسْمِيَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ بَيْتٌ كَانَ حُكْمُ سَطْحِهِ حُكْمَهُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا فَدَخَلَ سَطْحَهُ لَا يَحْنَثُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: يَبْطُلُ

بِرَحْبَةِ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ رَحْبَةُ الدَّارِ لَيْسَتْ مِنْ الدَّارِ فِي الْيَمِينِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ مَا قَرَّرَهُ الْأَئِمَّةُ فِي الدَّارِ الظَّاهِرُ: إنَّ الْمَدْرَسَةَ وَالرِّبَاطَ وَنَحْوَهُمَا كَالدَّارِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ أَخَذَ وَلَدَهُ مِنْ وَلَدِ رَبِيبِهِ رُمَّانَةً وَأَكَلَهَا فَجَاءَ الرَّجُلُ فَشَكَتْ زَوْجَتُهُ لَهُ وَلَدَهُ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا لَمْ يَجِئْ بِالرُّمَّانَةِ مَا أَنْتَ دَاخِلٌ لِي الدَّارِ وَلَمْ يَدْرِ مَا فَعَلَ بِهَا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا دَخَلَ وَلَدُهُ الدَّارَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِدُخُولِ وَلَدِهِ الدَّارَ لِعَدَمِ دُخُولِهِ لَهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: لَا عَلَيَّ الطَّلَاقُ مَا تَدْخُلِينَ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَتْهَا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِدُخُولِهَا الدَّارَ؛ لِأَنَّ اللَّفْظُ الْمَذْكُورُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْعُرْفِ لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ فَلَا النَّافِيَةُ دَاخِلَةٌ فِي التَّقْدِيرِ عَلَى فِعْلٍ يُفَسِّرُهُ الْفِعْلُ الْمَذْكُورُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا تَدْخُلِينَ هَذِهِ الدَّارَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ مَا تَدْخُلِينَهَا. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَ بَذْرٍ فِي أَرْضٍ بِنِصْفِ مُقَانٍ فَقَالَ لَهُ شَاهِدٌ: إنَّهُ بَاطِلٌ فَقَالَ ظَانًّا صِحَّتَهُ عَلَيَّ الطَّلَاقُ: إنَّهُ صَحِيحٌ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَلَا عِبْرَةَ بِظَنِّهِ الْمَذْكُورِ كَمَا لَوْ حَلَفَ رَافِضِيٌّ أَنَّ عَلِيًّا أَفْضَلُ مِنْ

أَبِي بَكْرٍ أَوْ مُعْتَزِلِيٌّ أَنَّ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ مِنْ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِاعْتِقَادِهِمَا فَإِنْ قُلْتُمْ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى الْحَالِفِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ حُكْمَهُمَا مِنْ الْعَقَائِدِ فَلَا يُعْذَرُ الْمُخْطِئُ فِيهِ وَقَدْ اتَّفَقَ عَلَيْهِ مَنْ يُعْتَدُّ بِاتِّفَاقِهِمْ بِخِلَافِ حُكْمِ مَسْأَلَتِنَا. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ يَمْلِكُ عَلَى زَوْجَتِهِ طَلْقَةً وَاحِدَةً حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ مَا بَقِيَ يَكْتُبُ رَفِيقُهُ فِي الشَّهَادَةِ شَيْئًا فَمَا خَلَاصُهُ مِنْ الْحِنْثِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْوِ الْحَالِفُ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ عَلَى اجْتِمَاعِ كِتَابَتِهِ وَكِتَابَةِ رَفِيقِهِ فِي وَرَقَةٍ تَخَلَّصَ مِنْ الْحِنْثِ بِأَنْ يَكْتُبَ أَوْ لَا، ثُمَّ يَكْتُبُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْوَرَقَةِ ثَانِيًا إذْ لَمْ يَكْتُبْ الْحَالِفُ مَعَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا كَتَبَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مَعَ الْحَالِفِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ يُسَافِرُ إلَى الْقَاهِرَةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي زَمَنٍ يُمْكِنُهُ فِيهِ السَّفَرُ إلَيْهَا، ثُمَّ مَضَتْ السَّنَةُ الْمَذْكُورَةُ وَلَمْ يُسَافِرْ وَلَا عُذْرَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ: طَلُقَتْ زَوْجَتُك، فَقَالَ: أَنَا كُنْت أَظُنُّ آخِرَ السَّنَةِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأُسَافِرُ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا وَهُوَ عَامِّيٌّ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لِعَدَمِ سَفَرِهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ مَعَ

تَمَكُّنِهِ وَلَا يَمْنَعُ وُقُوعَهُ ظَنُّهُ الْمَذْكُورُ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِآخَرَ: زَوْجَتُك فَقَالَ: هِيَ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ: قَصَدْت أَجْنَبِيَّةً أَوْ هَذَا الْحَائِطُ أَوْ الدَّابَّةُ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُطَلِّقِ الْمَذْكُورِ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ يَمْلِكُ عَلَى زَوْجَتِهِ طَلْقَةً وَعَلَّقَ لَهَا أَنَّهُ مَتَى تَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ تَكُونُ طَالِقًا، ثُمَّ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَدَى حَاكِمٌ وَلَكِنَّهُ مُقِرٌّ بِهِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ إذْ مِنْ ثُبُوتِهِ بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ إقْرَارُهُ بِهِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ مَا يَفْعَلُ هَذَا الشَّيْءَ فَأَفْتَاهُ قَاضٍ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ بِفِعْلِهِ فَفَعَلَهُ اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ الْمُفْتِي صِحَّةَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْحُكْمَ بِخِلَافِ مَا قَالَهُ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا أَمْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُفْتِي الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الْحَالِفِ إنْ ظَنَّ صِحَّةَ مَا أَفْتَاهُ بِهِ الْمُفْتِي سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُفْتِي عَالِمًا أَمْ جَاهِلًا. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ عَلَّقَ لِزَوْجَتِهِ أَنَّهُ مَتَى نَقَلَهَا مِنْ مَسْكَنِ وَالِدِهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ آخِرِ قِسْطٍ مِنْ أَقْسَاطِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ كَانَتْ طَالِقًا طَلْقَةً تَمْلِكُ بِهَا نَفْسَهَا، ثُمَّ إنَّ حَاكِمًا شَافِعِيًّا نَقَلَهَا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ

الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى الرَّجُلُ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ، وَإِنْ نَقَلَهَا بِنَفْسِهِ لِعَدَمِ وُجُودِ صِفَتِهِ إذْ مِنْهَا إبْرَاؤُهُ فِي آخِرِ قِسْطٍ مِنْ أَقْسَاطِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ وَلَا تُعْرَفُ مُدَّةُ حَيَاتِهِ لِيَعْرِفَ الْقِسْطَ الْأَخِيرَ وَتُبَرِّئُهُ مِنْهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ: مَتَى نَقَلْت زَوْجَتِي فُلَانَةَ مِنْ مَنْزِلِ سَكَنِ وَالِدِهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا وَرِضَا وَالِدِهَا بِنَفْسِي أَوْ بِوَكِيلِي أَوْ بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ وَأَبْرَأَتْ ذِمَّتِي مِنْ قِسْطٍ وَاحِدٍ آخِرِ أَقْسَاطِ صَدَاقِهَا عَلَيَّ كَانَتْ طَالِقًا طَلْقَةً وَاحِدَةً تَمْلِكُ بِهَا نَفْسَهَا فَهَلْ إذَا سَافَرَ بِهَا بِحُكْمِ حَاكِمٍ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى سَافَرَ بِهَا وَلَوْ بِحُكْمِ حَاكِمٍ مِنْ غَيْرِ رِضَاهَا وَرِضَا وَالِدِهَا وَأَبْرَأَتْ ذِمَّتَهُ مِنْ مُؤَجَّلِ صَدَاقِهَا وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ فِي تَعْلِيقِهِ الطَّلَاقَ عَلَى نَقْلِهِ إيَّاهَا بَيْنَ حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ، وَقَوْلُهُ فِيهِ أَوْ بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ نَكِرَةٌ فِي حَيِّزِ الشَّرْطِ فَتَعُمُّ سَائِرُ طُرُقِ نَقْلِهِ إيَّاهَا وَمِنْهَا نَقْلُهَا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَلَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ عَلَى الْأَصَحِّ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ: لِزَوْجَتِهِ الْمُحْرِمَةِ أَوْ الْمُعْتَدَّةِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ نَحْوُهُ بِنِيَّةِ تَحْرِيمِ

عَيْنِهَا أَوْ بِلَا نِيَّةٍ أَوْ لِأَمَتِهِ وَهِيَ مُزَوَّجَةٌ أَوْ مُعْتَدَّةٌ أَوْ مُرْتَدَّةٌ أَوْ مَجُوسِيَّةٌ هَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً مَاذَا يَقَعُ عَلَيْهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِفِعْلِ مَنْ يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ مَنْعَهُ لَكِنَّهُ عَلِمَ وَفَعَلَ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ جَاهِلًا هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَقَعُ الطَّلَاقُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُقِيمُ فِي بَلَدٍ شَهْرًا وَأَطْلَقَ فَأَقَامَ شَهْرًا مُفَرَّقًا هَلْ يَحْنَثُ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ شَهْرًا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَحْنَثُ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ تَشَاجَرَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ فِي أَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ قَدْ فَعَلَهُ فَأَطْبَقَ كَفَّهُ وَقَالَ: إنْ فَعَلْت هَذَا الْأَمْرَ فَأَنْتِ طَالِقٌ مُخَاطِبًا يَدَهُ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ ظَاهِرًا وَيَدِينُ كَمَا لَوْ قَالَ: حَفْصَةُ طَالِقٌ وَقَالَ: أَرَدْت أَجْنَبِيَّةً اسْمُهَا ذَلِكَ بَلْ الضَّمِيرُ أَعْرَفُ مِنْ الِاسْمِ الْعَلَمِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ إنَّ زَوْجَتَهُ لَا تُطْعِمُ أَوْلَادَهَا لَبَنًا وَلَا شَيْئًا إلَّا أَنْ أَطْعَمَهُمْ بِيَدِهِ فَهَلْ إذَا أَطْعَمَهُمْ مَرَّةً وَاحِدَةً تَنْحَلُّ الْيَمِينُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِالْمَرَّةِ الْمَذْكُورَةِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ زَوْجَتَهُ

لَا تَطْبُخُ لَهُ يَوْمَ كَذَا، ثُمَّ إنَّ زَوْجَةَ أَخِيهِ وَضَعَتْ الْقِدْرَ وَأَوْقَدَتْ عَلَيْهِ إلَى أَنَّ اسْتَوَى وَغَرَفَتْ مَا فِيهِ زَوْجَتُهُ هَلْ يَحْنَثُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ خَرَجَتْ زَوْجَتُهُ مِنْ مَنْزِلِهِ وَقَالَتْ: أَنَا لَا أَسْكُنُ إلَّا فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ فَقَالَ لَهَا: إنْ رُحْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ فَاسْتَمَرَّتْ رَائِحَةً، ثُمَّ أَنَّهُ أَدْرَكَهَا فَمَسَكَهَا وَوَضَعَهَا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ ثِنْتَانِ أَوْ يُقَالُ: إنْ قَصَدَ بِيَمِينِهِ مَنْعَهَا مِنْ الذَّهَابِ إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَذْهَبْ إلَيْهِ وَإِلَّا وَقَعَ عَلَيْهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ نَوَى بِلَفْظِهِ الثَّانِي الِاسْتِئْنَافَ فَيَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ هَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ رَوَاحَهَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي عَيَّنَتْهُ وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ إنْ لَمْ تَرُحْ إلَيْهِ، وَإِنْ قَصَدَ غَيْرَهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ ظَاهِرًا وَيَدِينُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ مِنْ مُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَأَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ وَلَمْ يُرَاجِعْهَا فَاعْتَرَفَ بِهِ وَشَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ ادَّعَى أَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي عِصْمَتِهِ وَأَنَّ اعْتِرَافَهُ الْمَذْكُورَ بَنَاهُ عَلَى ظَنِّ وُقُوعِ طَلَاقِهَا بِسَبَبِ أَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى عَدَمِ دَفْعِ مَبْلَغٍ لِشَخْصٍ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَقَدْ مَضَى بِلَا دَفْعٍ لِعَجْزِهِ عَنْهُ الْعَجْزَ الشَّرْعِيَّ فَهَلْ

تُقْبَلُ دَعْوَاهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْمَذْكُورَةُ فَتَسْتَمِرُّ فِي عِصْمَتِهِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ: لِآخَرَ فِي عِمَامَتِي دِينَارُ ذَهَبٍ فَحَلَفَ الْآخَرُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا ذَهَبٌ فَحَلَّهَا الْحَالِفُ فَأَخْرَجَ مِنْهَا دِينَارًا ذَهَبًا وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ شَرْعِيَّةٌ أَنَّ الدِّينَارَ الذَّهَبَ كَانَ فِي تِلْكَ الْعَامَّةِ وَقْتَ الْحَلِفِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ السُّيُوطِيّ فِي كِتَابِهِ الْقَوْلُ الْمُضِيءُ فِي الْحِنْثِ فِي الْمُضِيِّ وَاسْتَشْهَدَ لِذَلِكَ بِمَوَاضِعَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَغَيْرِهِمَا أَمْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقِ سَوَاءٌ قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَمْ أَطْلَقَ كَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ الْمَذْكُورِ أَمْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ فَيَحْنَثُ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ لَمْ يَكُنْ أَوْ كَانَ ظَانًّا مِنْهُ أَنَّهُ كَذَلِكَ أَوْ اعْتِقَادًا لِجَهْلِهِ بِهِ أَوْ نِسْيَانِهِ لَهُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِ مَا ظَنَّهُ أَوْ اعْتَقَدَهُ فَلَهُ أَحْوَالٌ أَحَدُهَا: أَنْ يَقْصِدَ بِحَلِفِهِ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي ظَنِّهِ أَوْ اعْتِقَادِهِ أَوْ فِيمَا انْتَهَى إلَيْهِ عِلْمُهُ أَيْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ فَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى أَنَّهُ يَظُنُّ ذَلِكَ أَوْ يَعْتَقِدُهُ وَهُوَ صَادِقٌ فِي أَنَّهُ

ظَانٌّ ذَلِكَ أَوْ يَعْتَقِدُهُ. ثَانِيهَا: أَنْ لَا يَقْصِدَ شَيْئًا فَلَا يَحْنَثُ عَلَى الْأَظْهَرِ حَمْلًا لِلَفْظِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ إذْ حُكْمُ الْحَالِفِ إنَّمَا هُوَ إدْرَاكٌ أَنَّ النِّسْبَةَ وَاقِعَةٌ أَوْ لَيْسَتْ بِوَاقِعَةٍ بِحَسَبِ مَا فِي ظَنِّهِ لَا بِحَسَبِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِخَبَرِ «أَنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ أَيْ لَا يُؤَاخِذُهُمْ بِهَا مَا لَمْ يَدُلُّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ كَضَمَانِ الْمُتْلِفِ. وَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا بِعَدَمِ حِنْثِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ فِي مَوَاضِعَ، مِنْهَا قَوْلُهُمَا فِي الْأَيْمَانِ أَنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ عَلَى الْمَاضِي كَمَا تَنْعَقِدُ عَلَى الْمُسْتَقْبِلِ وَأَنَّهُ إنْ كَانَ جَاهِلًا فَفِي الْحِنْثِ قَوْلَانِ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا وَمِنْهَا مَا لَوْ حَلَفَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ أَصَحُّ الْمَذَاهِبِ وَحَلَفَ الْمَالِكِيُّ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَيْرُ الْمَذَاهِبِ وَحَلَفَ الْحَنَفِيُّ كَذَلِكَ وَالْحَنْبَلِيُّ كَذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَلَفَ عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّهِ وَمِنْهَا مَا لَوْ جَلَسَ مَعَ جَمَاعَةٍ فَقَامَ وَلَبِسَ خُفَّ غَيْرِهِ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: اسْتَبْدَلْت بِخُفِّك فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، وَكَانَ خَرَجَ بَعْدَ الْجَمِيعِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ أَخَذَ بَدَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَمَا

قَرَّرْته فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ هُوَ الْمَعْرُوفُ. ثَالِثُهَا: أَنْ يَقْصِدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِأَنْ يَقْصِدَ بِهِ مَا يَقْصِدُ بِالتَّعْلِيقِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ كَحُكْمِهِ فَيَحْنَثُ حِينَئِذٍ كَمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عِنْدَ وُجُودِ صِفَتِهِ. وَعَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا مَا قَالَاهُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَشَارَ إلَى ذَهَبٍ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ فُلَانٌ وَشَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ الذَّهَبُ طَلُقَتْ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةً عَلَى النَّفْيِ إلَّا أَنَّهُ نَفْيٌ يُحِيطُ بِهِ الْعِلْمُ وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا فَعَلْت كَذَا فَشَهِدَ عَدْلَانِ بِأَنَّهُ فَعَلَهُ وَصَدَّقَهُمَا لَزِمَهُ الْأَخْذُ بِالطَّلَاقِ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ السُّنِّيُّ: إنْ لَمْ يَكُنْ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ مِنْ اللَّهِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَقَالَ الْمُعْتَزِلِيُّ: إنْ كَانَا مِنْ اللَّهِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ أَوْ قَالَ السُّنِّيُّ: إنْ لَمْ يَكُنْ أَبُو بَكْرٍ أَفْضَلَ مِنْ عَلِيٍّ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَقَالَ الرَّافِضِيُّ: إنْ لَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَقَعَ طَلَاقُ الْمُعْتَزِلِيِّ وَالرَّافِضِيِّ، بَلْ أَفْتَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ بِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ شَافِعِيٌّ بِالطَّلَاقِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَسْقُطُ فَرْضُهُ، وَحَلَفَ حَنَفِيٌّ أَنَّهُ يَسْقُطُ وَقَعَ طَلَاقُ زَوْجَةِ الْحَنَفِيِّ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ

الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ كَجَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْحِنْثِ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ كَالثَّالِثَةِ، أَخْذًا مِنْ كَلَامِ جَمَاعَةٍ كَابْنِ الصَّلَاحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ رَزِينٍ وَالْقَمُولِيِّ ضَعِيفٌ. وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ فِي الْحَالَةِ الثَّالِثَةِ كَالثَّانِيَةِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْمَوَاضِعِ الْأُوَلِ ضَعِيفٌ أَيْضًا. (سُئِلَ) عَمَّنْ اُتُّهِمَ بِسَرِقَةٍ فَأَنْكَرَ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهَا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَتْ عِنْدَهُ فَقِيلَ لَهُ: طَلَّقْت زَوْجَتَك فَقَالَ: أَتَيْت بِالْمَشِيئَةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ وَأَسْمَعْت نَفْسِي فَهَلْ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ أَمْ يَقَعُ فِي الظَّاهِرِ وَيَدِينُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ إنْ لَمْ تُكَذِّبْهُ زَوْجَتُهُ فِي الْمَشِيئَةِ وَلَمْ تَقُلْ الْبَيِّنَةُ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهَا عَقِبَ حَلِفِهِ فَإِنْ كَذَّبَتْهُ زَوْجَتُهُ وَحَلَفَتْ عَلَى عَدَمِ إتْيَانِهِ بِهَا وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَكَذَا إنْ قَالَتْ: الْبَيِّنَةُ ذَلِكَ إذْ هُوَ نَفْيٌ يُحِيطُ بِهِ الْعِلْمُ وَلَا يَدِينُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَّقَ تَعْلِيقًا صُورَتُهُ مَتَى غِبْت عَنْ زَوْجَتِي فُلَانَةَ مُدَّةَ شَهْرٍ وَتَرَكْتهَا بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُتْعَةٍ وَلَمْ أُرْسِلْ لَهَا شَيْئًا كَانَتْ طَالِقًا، ثُمَّ غَابَ عَنْهَا وَأَرَادَتْ إثْبَاتَ الْغِيبَةِ وَالتَّرْكِ وَعَدَمِ

الْإِرْسَالِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الْمَذْكُورَةِ لِيَقَعَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ فَكَيْفَ تَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِالتَّرْكِ وَعَدَمِ الْإِرْسَالِ الْمَذْكُورَيْنِ وَهِيَ شَهَادَةٌ غَيْرُ مَحْصُورَةٍ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَعْلَمَهَا إلَّا مَنْ صَحِبَ الزَّوْجَ الْمَذْكُورَ فَلَمْ يُفَارِقْهُ وَلَمْ يَغْفُلْ عَنْهُ لَحْظَةً وَاحِدَةً مِنْ حِينِ التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ إلَى انْتِهَاءِ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ وَلَوْ أَرْسَلَ لَهَا شَيْئًا مَعَ وَكِيلِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ لَا يَعْلَمُ الشَّاهِدُ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ لَهَا إلَّا بِإِعْلَامِهِ؟ (فَأَجَابَ) قَدْ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيهَا بِأَنَّ شَهَادَةَ الْبَيِّنَةِ لَا تُقْبَلُ فِي التَّرْكِ وَعَدَمِ الْإِرْسَالِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى صِفَةٍ بِأَنْ قَالَ: إنْ غِبْت عَنْ زَوْجَتِي ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَتَرَكْتهَا بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ شَرْعِيٍّ فَهِيَ طَالِقٌ، ثُمَّ غَابَ عَنْهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَرَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ شَافِعِيٍّ وَادَّعَتْ عَلَى الزَّوْجِ حَالَ غَيْبَتِهِ الْغَيْبَةَ الشَّرْعِيَّةَ أَنَّهُ صَدَرَ مِنْهُ التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ وَأَنَّهُ غَابَ عَنْهَا الْغَيْبَةَ الْمَذْكُورَةَ بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ وَلَهَا بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِالتَّعْلِيقِ وَبِالْغَيْبَةِ فَقَطْ وَأَرَادَتْ الْحَلِفَ مَعَهَا عَلَى أَنَّهُ تَرَكَهَا هَذِهِ الْمُدَّةَ بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ لِيَحْكُمَ لَهَا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهَا وَيْحُكُمْ بِهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِالتَّرْكِ الْمَذْكُورِ وَبِتَقْدِيرِ شَهَادَتِهَا

فَهِيَ شَهَادَةُ نَفْيٍ لَا تُقْبَلُ إذْ لَا سَبِيلَ إلَى عِلْمِهَا بِالتَّرْكِ الْمَذْكُورِ مَعَ مُلَازَمَتِهَا لِلزَّوْجِ هَذَا مَا ظَهَرَ أَوْ لَا، ثُمَّ حَصَلَ شَكٌّ بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ السُّبْكِيّ سُئِلَ عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا: إنْ مَضَتْ مُدَّةُ كَذَا وَلَمْ أَدْخُلْ بِهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَهُوَ غَائِبٌ فَقَالَ: إنْ شَهِدَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ بِبَكَارَتِهَا أَوْ حَلَفَتْ عَلَى نَفْيِ الدُّخُولِ لِأَجْلِ غَيْبَتِهِ حَكَمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، كَذَا نَقَلَهُ الْغَزِّيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ وَهُوَ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِحَلِفِهَا فِي مَسْأَلَتِنَا وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ بَعْدَهُ الْأَمْرُ الثَّانِي إنَّ عَدَمَ سَمَاعِ دَعْوَاهَا يُؤَدِّي إلَى تَضَرُّرِهَا لَا سِيَّمَا إذَا غَابَ غِيبَةً طَوِيلَةً وَلَا يُعْرَفُ مَكَانُهُ، ثُمَّ مَا تَقَدَّمَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَحَلَّفَهَا حَكَمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَهُوَ مَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إنَّهُ الظَّاهِرُ وَأَيَّدَهُ الْغَزِّيُّ بِنَقْلٍ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ نَفَقَةِ الْمُدَّةِ وَقَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَهَلْ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ أَوْ قَوْلُ الْقَاضِي وَمَا الْجَمْعُ بَيْنَ كَلَامِ السُّبْكِيّ وَبَيْنَ قَوْلِ الْأَصْحَابِ يُشْتَرَطُ فِي الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ أَنْ يَكُونَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِسَمَاعِ دَعْوَاهَا وَالْحُكْمِ لَهَا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى غَيْرِ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ

شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ أَيْضًا بِتَرْكِهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ نَفْيًا؛ لِأَنَّ الْمُعَلِّقَ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَيْهِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَتَخَيَّلُ مِنْ النَّفْيِ، وَكَمَا فِي نَظَائِرِهِ نَحْوُ الشَّهَادَةِ بِإِعْسَارِهِ وَأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَالشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ، وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ شَهَادَتَهَا لَا تُقْبَلُ وَتُعْلِمُهُ الْبَيِّنَةُ الْمُطَّلِعَةُ عَلَى أَحْوَالِ الزَّوْجَيْنِ الْبَاطِنَةِ وَعِبَارَةُ السُّبْكِيّ فِي فَتْوَاهُ وَحَلَفَتْ بِالْوَاوِ وَقَدْ رَأَيْتهَا كَذَلِكَ فِي نُسَخٍ مِنْ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْغَزِّيِّ. وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ مِنْ التَّعْبِيرِ بِأَوْ بَدَلَ الْوَاوِ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ غَلَطِ النُّسَّاخِ إذْ مَدْلُولُهُ حِينَئِذٍ الِاكْتِفَاءُ بِيَمِينِهَا بِلَا بَيِّنَةٍ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَتْ عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ لِأَجْلِ غَيْبَتِهِ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهَا أَيْضًا إذَا كَانَ الْمُعَلِّقُ حَاضِرًا، وَإِنَّمَا يَمِينُهَا الْمَذْكُورَةُ فِي كَلَامِهِ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ وَأَمَّا تَضَرُّرُهَا الْمَذْكُورُ فَلَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ مَعَ عَدَمِ الْمُسَوِّغِ الشَّرْعِيِّ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ غَابَ عَنْ زَوْجَتِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ وَلَمْ تَعْلَمْ مَكَانَهُ وَلَا إعْسَارَهُ وَلَا يَسَارَهُ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ تَمْكِينُهَا مِنْ فَسْخِ نِكَاحِهَا مَعَ تَضَرُّرِهَا بِغَيْبَتِهِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْإِنْفَاقِ فَالْمُعْتَمَدُ فِيهَا قَوْلُ الْقَاضِي وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِحُكْمِ نَظَائِرِهَا لَا مَا بَحَثَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ

وَدَعْوَى تَأْيِيدِهِ بِكَلَامِ الْأَصْحَابِ الْمَذْكُورِ مَمْنُوعَةٌ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ فَتْوَى السُّبْكِيّ مُوَافَقَةٌ لِقَوْلِ الْأَصْحَابِ الْمَذْكُورِ كَمَا قَرَّرْته وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا بَحَثَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّ الْمُرَادَ فِيهِ الْبَيِّنَةُ بِالتَّعْلِيقِ وَالْغَيْبَةِ وَأَمَّا التَّرْكُ الْمَذْكُورُ فَحَلِفُهَا كَافٍ فِيهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّهِ عَلَى جِنْسِ شَيْءٍ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ فِعْلِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا، ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ خَاطَبَ زَوْجَتَهُ بِطَلَاقٍ ظَانًّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى الْحَالِفِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ خِطَابِ الزَّوْجَةِ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَتِنَا اسْتَنَدَ فِي حَلِفِهِ إلَى غَلَبَةِ ظَنِّهِ بِخِلَافِ تِلْكَ فَإِنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِيهَا فِي مَحَلِّهِ وَظَنُّهُ غَيْرُ الْوَاقِعِ لَا يَدْفَعُهُ أَمَّا إذَا قَصَدَ فِي مَسْأَلَتِنَا مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ مَا يُخَلِّي زَيْدًا يَفْعَلُ كَذَا فَفَعَلَهُ زَيْدٌ وَلَمْ يَعْلَمْ الْحَالِفُ بِهِ أَوْ عَلِمَ بِهِ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ مَنْعِهِ مِنْهُ لِضَعْفِهِ وَقُوَّةِ شَوْكَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ لِأَمْرٍ آخَرَ مِنْ الْمَوَانِعِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَى إزَالَتِهَا هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ

لَا يَفْعَلُ كَذَا وَلَا يَخْلَعُ، ثُمَّ خَلَعَ وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ عَلَّقَ أَنَّهُ مَتَى نَقَلَ زَوْجَتَهُ مِنْ مَسْكَنِ أَبَوَيْهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا وَرِضَا أَبَوَيْهَا وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ قِسْطٍ مِنْ أَقْسَاطِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ كَانَتْ طَالِقًا طَلْقَةً تَمْلِكُ بِهَا نَفْسَهَا فَهَلْ لَهُ حِيلَةٌ فِي نَقْلِهَا وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهَا الْحَاكِمُ بِانْتِقَالِهَا مَعَ زَوْجِهَا فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ طَلَاقٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى سَائِرِ مَذَاهِبِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ سَأَلَهُ رَجُلٌ فِي رَجْعَتِهَا فَقَالَ: إنَّهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا اعْتِقَادًا مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ الْمَذْكُورَ وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ أَوْ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ وَقَصَدَ بِلَفْظِهِ الثَّانِي الْإِخْبَارَ عَنْهُ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ فَحَضَرَ رَبُّ الدَّيْنِ مَعَ آخَرَ وَقَبَضَ مِنْ غَرِيمِهِ أَرْبَعَمِائَةٍ أَعْنِي ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ نِصْفًا وَدَفَعَهَا لِذَلِكَ الشَّخْصِ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ شَرْعِيٍّ فَقَالَ الْغَرِيمُ: دَفَعْت لَك يَوْمَ حُضُورِ فُلَانٍ أَرْبَعَةً أَشَرَفِيَّةً يَعْنِي مِائَةَ نِصْفٍ وَقَالَ رَبُّ الدَّيْنِ: إنَّمَا دَفَعْت لِي أَرْبَعَمِائَةٍ فَقَطْ فَقَالَ الْغَرِيمُ: إنْ كُنْت مَا دَفَعْت لَك فِي يَوْمِ حُضُورِ

فُلَانٍ الْمَذْكُورِ أَرْبَعَ أَشَرَفِيَّةٍ يَعْنِي الْمِائَةَ نِصْفٍ كَانَتْ امْرَأَتُهُ بَائِنًا طَالِقًا ثَلَاثًا وَقَالَ رَبُّ الدَّيْنِ: إنْ كُنْت أَعْطَيْتنِي غَيْرَ الْأَرْبَعِ مِائَةٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ، وَالْحَالَةُ أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَهَلْ يَحْنَثَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَا حِنْثَ عَلَى أَحَدِهِمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ تَبَيَّنَ الْحَالُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّمَا حَلَلْت حَرُمْت فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ أَوْ ثَلَاثٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ عَدَدُ مَا لَاحَ بَرْقٌ أَوْ عَدَدُ مَا مَشَى الْكَلْبُ حَافِيًا أَوْ عَدَدُ مَا حَرَّكَ الْكَلْبُ ذَنَبَهُ وَلَيْسَ هُنَاكَ بَرْقٌ وَلَا كَلْبٌ فَهَلْ تَطْلُقُ طَلْقَةً أَوْ ثَلَاثًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا فَكَلَّمَهُمَا مُتَفَرِّقَيْنِ أَوْ مُجْتَمِعَيْنِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ قِيَاسًا عَلَى مَا فِي الْأَيْمَانِ أَمْ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا قَالَ فِي الْخَادِمِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ، وَعَلَى هَذَا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ لِإِعَادَةِ حَرْفِ النَّفْيِ فَيَحْنَثُ بِكَلَامِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ قَالَ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا، وَالطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أُكَلِّمُ عَمْرًا فَلَا

فَرْقَ بَيْنَ الْأَيْمَانِ وَالطَّلَاقِ وَقَدْ أَطَالَ صَاحِبُ الْخَادِمِ الْكَلَامَ انْتِصَارًا لِكَوْنِ الْحَلِفِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى إعَادَةِ حَرْفِ النَّفْيِ يَمِينًا وَاحِدَةٍ، ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ هَذَا يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلُ الْقَائِلِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا مَثَلًا لَا يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ بِكَلَامِهِمَا عَلَى الْأَصَحِّ اهـ. فَمَا قَالَهُ فَرَّعَهُ عَلَى خِلَافِ الْأَصَحِّ (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ زَوْجَتَهُ إنْ خَرَجَتْ وَغَابَتْ فَلَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ غَابَتْهُ نِصْفُ فِضَّةٍ كَبِيرٌ، ثُمَّ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهَا مَتَى خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا لِزِيَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَمْ يُعْطِهَا نَفَقَةً فِي غَيْبَتِهَا، ثُمَّ أَنَّهَا خَرَجَتْ وَغَابَتْ وَجَاءَتْ وَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا، ثُمَّ أَنَّهُ أَعْطَاهَا عَنْ كُلِّ يَوْمٍ غَابَتْهُ نِصْفًا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إلَّا إنْ قَصَدَ بِحَلِفِهِ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَدْفَعُ لَهَا نَفَقَةً بِسَبَبِ غَيْبَتِهَا. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَضَعَ دِينَارًا ذَهَبًا فِي حَانُوتِهِ فَفُقِدَ مِنْهُ وَلَمْ يَعْرِفْ مَنْ أَخَذَهُ وَالْحَالُ أَنَّ ابْنَهُ لَهُ عَادَةٌ بِطُلُوعِ ذَلِكَ الْحَانُوتِ وَالسَّرِقَةِ مِنْهُ فَظَنَّ وَالِدُهُ أَنَّهُ أَخَذَهُ فَحَلَفَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ مَا بَقِيَ يُكَلِّمُهُ وَلَا يُخَلِّيهِ يَدْخُلُ الدَّارَ إلَّا أَنْ أَتَى لَهُ بِالدِّينَارِ الْمَذْكُورِ بِعَيْنِهِ، فَاعْتَرَفَ ابْنُهُ بِأَنَّهُ أَخَذَهُ وَتَصَرَّفَ فِيهِ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ مَكَانَهُ أَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَنَّهُ مَا أَخَذَهُ وَلَا يَعْرِفُ مَكَانَهُ

فَهَلْ يَحْنَثُ إذَا كَلَّمَهُ أَوْ خَلَّاهُ يَدْخُلُ الدَّارَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ إذَا كَلَّمَهُ أَوْ خَلَّاهُ يَدْخُلُ الدَّارَ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِفِعْلِ مَنْ يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ وَقَصَدَ إعْلَامَهُ بِهِ فَفَعَلَ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ جَاهِلًا لَمْ تَطْلُقْ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَنْهَجِ وَقَيَّدَ عَدَمَ الطَّلَاقِ بِقَصْدِ الْإِعْلَامِ الْمَذْكُورِ فِي تَصْحِيحِ الْمِنْهَاجِ مُغْنِي الرَّاغِبِينَ، وَمَشَى عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَالْبَهْجَةِ وَالتَّقْيِيدُ بِذَلِكَ مَفْهُومٌ مِنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَهَلْ التَّقْيِيدُ بِذَلِكَ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ؟ وَقَوْلُهُ جَاهِلًا شَامِلٌ لِلْجَاهِلِ بِالتَّعْلِيقِ وَلِلْجَاهِلِ بِالْمُعَلَّقِ بِهِ فَأُخِذَ مِنْ مَنْطُوقِ عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ الْمَذْكُورَةِ وَمَفْهُومُهَا سَبْعٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً مِنْهَا ثَمَانُ مَسَائِلَ لَا يَقَعُ فِيهَا طَلَاقٌ، وَهِيَ أَنَّ الْمُبَالِيَ بِالتَّعْلِيقِ يَفْعَلُ ذَلِكَ نَاسِيًا عَالِمًا بِالتَّعْلِيقِ وَالْمُعَلَّقِ بِهِ أَوْ عَالِمًا بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ أَوْ جَاهِلًا بِهِمَا هَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ وَمِثْلُهَا فِي الْمُكْرَهِ أَوْ يَفْعَلُ ذَلِكَ جَاهِلًا بِالتَّعْلِيقِ وَالْمُعَلَّقِ بِهِ، أَوْ جَاهِلًا بِأَحَدِهِمَا؛ هَذِهِ ثَمَانُ مَسَائِلَ لَا طَلَاقَ فِيهَا وَفُهِمَ مِنْ عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ الْمَذْكُورَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً يَقَعُ فِيهَا الطَّلَاقُ، وَهِيَ مَا لَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِ مَنْ لَا يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ فَفَعَلَ نَاسِيًا لِلتَّعْلِيقِ أَوْ مُكْرَهًا أَوْ جَاهِلًا بِالتَّعْلِيقِ وَالْمُعَلَّقِ بِهِ أَوْ جَاهِلًا بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ أَوْ عَالِمًا بِهِمَا، فَهَذِهِ

خَمْسُ مَسَائِلَ وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَقْصِدَ الْمُعَلِّقُ إعْلَامَهُ أَوْ لَا فَهَذِهِ عَشْرُ مَسَائِلَ وَمَا لَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِ مَنْ يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ إعْلَامَهُ فَفَعَلَ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا هَاتَانِ مَسْأَلَتَانِ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يَفْعَلَهُ جَاهِلًا بِالتَّعْلِيقِ وَالْمُعَلَّقِ بِهِ أَوْ جَاهِلًا بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ أَوْ عَالِمًا بِهِمَا فَهَذِهِ سِتَّةٌ، وَمَا لَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِ مَنْ يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ إعْلَامَهُ بِهِ فَفَعَلَهُ جَاهِلًا بِالتَّعْلِيقِ وَالْمُعَلَّقِ بِهِ أَوْ جَاهِلًا بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ أَوْ عَالِمًا بِهِمَا هَذِهِ ثَلَاثٌ فَهَلْ أَخْذُ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ بِالْحُكْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ فِي الْمَذْهَبِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ التَّقْيِيدَ الْمَذْكُورَ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ، وَأَخْذُ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ الْمَذْكُورَةِ بِالْحُكْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ فِي الْمَذْهَبِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ عَلَى امْرَأَةٍ بِالطَّلَاقِ أَنَّهَا تَتَعَشَّى عِنْدَهُ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ أَنَّهَا أَكَلَتْ فِيهَا لُقْمَةً وَاحِدَةً مِنْ غَيْرِ شِبَعٍ فَهَلْ يَقَعُ عَلَى الْحَالِفِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْحَالِفِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ إذْ لَا تُسَمَّى اللُّقْمَةُ فِي الْعُرْفِ عَشَاءً، وَإِنْ كَانَ فِي اللُّغَةِ اسْمًا لِمَا يُؤْكَلُ بَعْدَ الزَّوَالِ إذْ قَدْرُ الْعَشَاءِ وَالْغَدَاءِ فَوْقَ

نِصْفِ الشِّبَعِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ لَهُ رَجُلٌ آخَرُ: احْلِفْ بِالطَّلَاقِ أَنَّك مَا تُخِلِّي عَلَى زَوْجَتِك بَابًا مَفْتُوحًا بَلْ تَعْبُرُ تُقْفِلُ وَتَخْرُجُ تُقْفِلُ، وَلَا تُخِلِّي عَلَيْهَا بَابًا مَفْتُوحًا إلَّا أَنْ سَهَوْتَ أَوْ نَسِيتَ، فَقَالَ فِي جَوَابِهِ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ وَشَكَّ الْآنَ هَلْ قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً مَا عُدْت أُخَلِّي عَلَيْهَا بَابًا مَفْتُوحًا إلَّا أَعْبُرُ أُقْفِلُ وَأَخْرُجُ أُقْفِلُ وَمَا أُخَلِّي الْبَابَ مَفْتُوحًا إلَّا أَنْ سَهَوْتُ أَوْ نَسِيتُ، ثُمَّ دَخَلَ وَخَرَجَ مِرَارًا عَدِيدَةً فِي يَوْمَيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ وَهُوَ يُقْفِلُ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَرَكَهُ بِغَيْرِ قُفْلٍ وَذَهَبَ عَامِدًا غَيْرَ سَاهٍ فَهَلْ قُفْلُهُ فِي ذَيْنِك الْيَوْمَيْنِ تَنْحَلُّ بِهِ الْيَمِينُ وَلَا يَحْنَثُ بِتَرْكِهِ بِغَيْرِ قُفْلٍ عَامِدًا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِقَفْلِهِ فِي ذَيْنِك الْيَوْمَيْنِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِتَرْكِهِ الْقَفْلَ بَعْدَهُمَا وَلَكِنْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ بِذَلِكَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى تَزَوُّجِهِ بِفُلَانَةَ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ فَزَوَّجَهَا لَهُ فُضُولِيٌّ وَأَجَازَهُ بِالْفِعْلِ، ثُمَّ حَكَمَ الْحَنَفِيُّ بِصِحَّتِهِ وَبِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ لِعَدَمِ تَزَوُّجِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ فَهَلْ لِلْحَاكِمِ الْمُخَالِفِ أَنْ يَحْكُمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ؟ (فَأَجَابَ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ وَجَعَلَ الْجَنَّةَ مُتَقَلَّبَهُ وَمَثْوَاهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ الْحُكْمُ بِوُقُوعِ

طلاق السكران

الطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ. [طَلَاق السَّكْرَان] (سُئِلَ) عَنْ سَكْرَانَ مُتَعَدٍّ بِسُكْرِهِ صَارَ طَافِحًا فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، ثُمَّ دَخَلَهُ فِيهَا فِي حَالَتِهِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ لِعِصْيَانِهِ بِإِزَالَةِ عَقْلِهِ فَجُعِلَ كَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ لِمَا ذَكَرَ فَجُعِلَ بِدُخُولِهِ كَأَنَّهُ عَامِدٌ عَالِمٌ بِأَنَّهُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مُخْتَارًا. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ: إنْ لَمْ تَجِئْ زَوْجَتِي إلَى مَنْزِلِي فِي هَذَا الْيَوْمِ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَمْ تَعْلَمْ بِحَلِفِهِ فَمَضَى ذَلِكَ الْيَوْمُ وَلَمْ تَجِئْ فِيهِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ عِنْدَ حَلِفِهِ إعْلَامَهَا بِهِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ وَإِلَّا وَقَعَ. [تَعْلِيق الطَّلَاق عَلَى شَرْط] (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى شَرْطٍ وَادَّعَى مُدَّعٍ أَنَّهُ نَجَّزَ طَلَاقَهَا وَأَقَامَ هُوَ بَيِّنَةٌ شَهِدَتْ لَهُ بِمَا قَالَهُ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً شَهِدَتْ لَهُ بِمَا قَالَ وَالْمَجْلِسُ وَاحِدٌ وَالْحَادِثَةُ وَاحِدَةٌ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الْمُنَجَّزُ أَمْ لَا يَقَعُ شَيْءٌ إلَّا بِوُجُودِ الشَّرْطِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ الشَّاهِدَةُ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِتَنْجِيزِهِ لِزِيَادَةِ عِلْمِ الشَّاهِدَةِ بِالتَّعْلِيقِ لِسَمَاعِهَا مَا لَمْ تَسْمَعْهُ تِلْكَ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا بِوُجُودِ شَرْطِهِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ: لِزَوْجَتِهِ: إنْ عَادَتْ بِنْتُكِ تَعْبُرُ لِي الْوَكَالَةَ خَبَطْتُهَا فَتَقْتُ

بَطْنَهَا فَعَبَرَتْ الْوَكَالَةَ فَلَمْ يَخْبِطْهَا وَالْحَالُ أَنَّهَا صَغِيرَةٌ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا وَمَا طَرِيقُ الْبِرِّ فِي ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِعُبُورِهَا الْوَكَالَةَ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ وَقْتًا لِفَتْقِ بَطْنِهَا إلَّا عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ الْفَتْقِ الْمَذْكُورِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ إنْ خَرَجْت أَنَا وَإِيَّاكَ مِنْ فَارَسْكُورَ لَا أَرْجِعُ إلَيْهَا إلَّا مَعَكَ فَخَرَجَا فَمَا طَرِيقُ الْبِرِّ فِي رُجُوعِ أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ دُونَ الْآخَرِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ بِرُجُوعِ زَوْجَتِهِ إلَى فَارَسْكُورَ وَحْدَهَا، وَأَمَّا هُوَ فَإِنْ رَجَعَ إلَيْهَا دُونَ زَوْجَتِهِ وَقَعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الطَّلَاقُ فَطَرِيقُهُ إنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَيْهَا دُونَهَا أَنْ يُخَالِعَهَا قَبْلَ رُجُوعِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ لَا يُقِيمُ فِي بَلَدٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَقَامَ فِيهَا يَوْمَيْنِ، ثُمَّ رَحَلَ عَنْهَا، ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا فَأَقَامَ بِهَا يَوْمًا آخَرَ فَهَلْ يَحْنَثُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْحِنْثِ كَمَا أَفْتَيْتُمْ بِهِ قَبْلَ هَذَا فَمَا جَوَابُكُمْ عَمَّا فِي الرَّوْضَةِ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا تَمْكُثُ زَوْجَتُهُ فِي الضِّيَافَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَخَرَجَتْ مِنْهَا لِثَلَاثَةٍ فَأَقَلَّ، ثُمَّ رَجَعَتْ لَهَا فَلَا حِنْثَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْنَثُ الْحَالِفُ إذَا أَطْلَقَ بِإِقَامَتِهِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَبَيْنَ عَدَمِ

طلاق الناسي

وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُكْثِ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ فِيهَا عَلَى مُكْثِهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الضِّيَافَةِ وَلَمْ تُوجَدْ فِي مُكْثِهَا الْأَوَّلِ، وَأَمَّا رُجُوعُهَا فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهَا رَجَعَتْ لِلضِّيَافَةِ بَلْ لَوْ فَرَضَ أَنَّهَا رَجَعَتْ لِلضِّيَافَةِ أَيْضًا لَمْ يَقَعُ الطَّلَاقُ لِانْقِطَاعِ مُدَّةِ الضِّيَافَةِ الْأُولَى عَنْ مُدَّةِ الثَّانِيَةِ فَلَا تُضَمُّ إحْدَاهُمَا إلَى الْأُخْرَى إذْ الضِّيَافَةُ مُخْتَصَّةٌ بِالْمُسَافِرِ بَعْدَ قُدُومِهِ. (سُئِلَ) عَنْ إنْسَانٍ عَلَّقَ تَعْلِيقًا صِفَتُهُ أَنَّهُ مَتَى مَضَى وَقْتُ كَذَا وَلَمْ يَدْفَعْ لِزَيْدٍ مَبْلَغًا مُعَيَّنًا فَزَوْجَتُهُ طَالِقٌ فَهَلْ إذَا قَدَرَ عَلَى الْبَعْضِ وَعَجَزَ عَنْ الْبَعْضِ يَلْزَمُهُ دَفْعُ الْبَعْضِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ وَإِذَا لَمْ يَدْفَعْهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ وَهَلْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ خَاصَّةٌ بِالْعِبَادَاتِ أَمْ عَامَّةٌ وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي عَدَمِ الْوُقُوعِ أَنْ يَكُونَ مُعْسِرًا فِي جَمِيعِ مُدَّةِ التَّعْلِيقِ أَمْ يَكْفِي وُجُودُهُ وَقْتَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ عِنْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُعَلِّقَ دَفْعُ الْبَعْضِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ إذْ لَا أَثَرَ لَهُ فِي بِرٍّ وَلَا حِنْثٍ لِانْتِفَاءِ دَفْعِ الْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ فِي الْحَالَتَيْنِ وَالْقَاعِدَةُ الْمَذْكُورَةُ تَجْرِي فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا، وَيُشْتَرَطُ فِي عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى الْمُعَلَّقِ كَوْنُهُ عَاجِزًا عَنْ دَفْعِ الْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ. [طَلَاق النَّاسِي] (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ: لَا حِنْثَ عَلَى النَّاسِي فِيمَا إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ

لَا يَفْعَلُ كَذَا وَقْتَ كَذَا، ثُمَّ نَسِيَ ذَلِكَ وَفَاتَ ذَلِكَ الْوَقْتُ لَا يَحْنَثُ هَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْفِعْلِ فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ، ثُمَّ نَسِيَ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْنَثُ الْحَالِفُ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْفِعْلِ قَبْلَ نِسْيَانِهِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ مَا يَسْكُنُ بِالدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ الَّتِي بِهَا وَالِدُهُ، ثُمَّ أَنَّهُ أَقَامَ بِهَا نَحْوَ شَهْرَيْنِ نَاوِيًا بِذَلِكَ زِيَارَةَ وَالِدِهِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِخُرُوجِ الْإِقَامَةِ الْمَذْكُورَةِ عَنْ زَمَنِ الزِّيَارَةِ عُرْفًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ أَوْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِصَرْفِ الْإِقَامَةِ عَنْ السُّكْنَى بِقَصْدِهِ بِهَا الزِّيَارَةَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِإِقَامَتِهِ الْمَذْكُورَةِ إنْ كَانَ حَالُ حَلِفِهِ سَاكِنًا بِالدَّارِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ السُّكْنَى سُكْنَى فَلَا تُؤَثِّرُ فِيهَا النِّيَّةُ الْمَذْكُورَةُ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ سَاكِنًا بِهَا حَالَ حَلِفِهِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ فَلَا تُؤَثِّرُ أَيْضًا نِيَّتُهُ فِي الزِّيَارَةِ مَعَ وُجُودِ سُكْنَاهُ حَقِيقَةً. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ أَنَّهُ يَبِيعُ دَابَّتَهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، ثُمَّ مَضَى مِنْ السَّنَةِ الَّتِي بَعْدَهَا خَمْسَةُ أَيَّامٍ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ أَوَّلَ السَّنَةِ الْجَدِيدَةِ يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يَبِعْهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى تَمَكَّنَ مِنْ بَيْعِهَا بَعْدَ حَلِفِهِ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّ زَوْجَتَهُ لَا تَتَوَجَّهُ لِمَنْزِلِ

وَالِدَتِهَا مُغْتَاظَةً، ثُمَّ ذَهَبَتْ إلَيْهِ وَاعْتَرَفَتْ بِأَنَّهَا ذَهَبَتْ إلَيْهِ مُغْتَاظَةً، ثُمَّ رَجَعَتْ وَقَالَتْ: أَنَا ذَهَبْت غَيْرَ مُغْتَاظَ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُ الزَّوْجَةِ عَمَّا اعْتَرَفَتْ بِهِ أَوَّلًا. (سُئِلَ) عَمَّنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ رَجْعِيًّا، ثُمَّ قَالَ لَهُ جَمَاعَةٌ فِي يَوْمِ الطَّلَاقِ: طَلِّقْ زَوْجَتَك، فَقَالَ: كُلُّ زَوْجَةٍ تَكُونُ فِي عِصْمَتِي فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَنِيَّتُهُ أَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ عِصْمَتِهِ لِكَوْنِهِ لَمْ يُرَاجِعْهَا، ثُمَّ رَاجَعَهَا فَهَلْ تَصِحُّ رَجْعَتُهَا أَوْ لَا وَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ إذْ الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ لَا يَنْفِي الْعِصْمَةَ وَالزَّوْجِيَّةَ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَاتِهِ دَخَلَتْ الرَّجْعِيَّةُ فِيهِ وَنِيَّتُهُ الْمَذْكُورَةُ لَا تَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ كَمَا لَوْ ظَنَّ زَوْجَتَهُ أَجْنَبِيَّةً أَوْ نَسِيَ النِّكَاحَ فَطَلَّقَهَا فَإِنَّهَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِي مَحَلِّهِ وَظَنُّ غَيْرِ الْوَاقِعِ لَا يَدْفَعُهُ فَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةِ مَا لَوْ قَالَتْ لَهُ: تَزَوَّجْت عَلَيَّ فَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ، وَقَالَ: أَرَدْت غَيْرَ الْمُخَاطَبَةِ حَيْثُ لَمْ تَطْلُقْ أَنَّهُ أَخْرَجَهَا بِالنِّيَّةِ مَعَ الْقَرِينَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرُك طَالِقٌ، وَلَا كَذَلِكَ مَسْأَلَتُنَا. وَقَدْ سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ

بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا يُجَامِعُ زَوْجَتَهُ مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَهِيَ مَعَهُ بِالثَّلَاثِ فَمَا خَلَاصُهُ فَأَجَابَ خَلَاصُهُ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا عَلَى عِوَضٍ طَلْقَةً وَاحِدَةً بِحَيْثُ تَبِينُ مِنْهُ، ثُمَّ يُجَدِّدُ عَقْدَهَا. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ نَزَلَ عَنْ حِمَارِهِ وَحَلَفَ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ يَرْكَبُهُ فَحَلَفَ الْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَرْكَبُهُ فَهَلْ إذَا حَمَلَ شَخْصٌ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَرَكِبَهُ تَنْحَلُّ يَمِينُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَمْ كَيْفَ الْحِيلَةُ مِنْ الْخَلَاصِ مِنْ الْحِنْثِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَنْحَلُّ يَمِينٌ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِمَا ذَكَرَ وَلَا يَحْنَثُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِهِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْيَأْسِ مِنْ رُكُوبِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يُعَيَّنْ لِرُكُوبِهِ وَقْتًا. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ ضَرَبْتِ أَمَتِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ رَفَسَتْهَا بِرِجْلِهَا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِهِ إذْ الرَّفْسُ ضَرْبٌ بِالرِّجْلِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ تَزَوَّجَ بِكْرًا فَقَالَ لَهُ شَخْصٌ: مَا لَك إحْلِيلٌ تُرْضِيهَا بِهِ فِي الْوَطْءِ فَقَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ تَحْتِي إحْلِيلٌ مِنْ هُنَاكَ إلَى عِنْدِك وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَائِلِ قَدْرُ ثُلُثَيْ قَصَبَةٍ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ: مَتَى مَكَّنَتْ زَوْجَتِي أَحَدًا مِنْ فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ وَفُلَانَةَ وَفُلَانَةَ مِنْ الدُّخُولِ فِي مَنْزِلِهَا كَانَتْ طَالِقًا فَمَكَّنَتْ إحْدَاهُنَّ مِنْ الدُّخُولِ، ثُمَّ

الْبَقِيَّةَ مِنْهُ فِي عِدَّتِهَا أَوْ بَعْدَ رَجْعَتِهَا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِتَمْكِينِ غَيْرِ الْأُولَى أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ بِهِ الطَّلَاقُ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ: مَتَى وَقَعَ طَلَاقِي عَلَى زَوْجَتِي كَانَ مُعَلَّقًا وَمَوْقُوفًا عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي كَذَا كَذَا دِينَارًا وَحَكَمَ بِصِحَّةِ التَّعْلِيقِ حَاكِمٌ شَافِعِيٌّ فَهَلْ التَّعْلِيقُ صَحِيحٌ؟ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ بِهِ حَتَّى إذَا طَلَّقَهَا بِتَنْجِيزٍ أَوْ تَعْلِيقٍ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ إلَّا بِإِعْطَائِهَا الْقَدْرَ الْمَذْكُورَ أَوْ لَا فَيَقَعُ عَلَيْهَا مَا أَوْقَعَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ التَّعْلِيقَ الْمَذْكُورَ لَاغٍ وَكَذَلِكَ الْحُكْمَ بِهِ إذْ الطَّلَاقُ الْوَاقِعُ يَسْتَحِيلُ تَعْلِيقُ وُقُوعُهُ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ فَيَقَعُ عَلَيْهَا مَا أَوْقَعَهُ، إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقْبَلُ الْإِيقَاعَ بِالشَّرْطِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَدْخُلِي الدَّارَ وَعَلَى أَلَّا تَدْخُلِي وَقَعَ فِي الْحَالِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا، ثُمَّ فَعَلَهُ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ طَلَاقٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ التَّعْلِيقَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَحْلِفُ بِهِ إلَّا عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيقِ فَإِذَا نَوَاهُ بِهِ وَقَعَ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ بَيْنَ جَرِّ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَعَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى يُحْمَلُ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ فِي تَمْهِيدِهِ مَا يَعْتَادُهُ النَّاسُ فِي

الْعِتْقِ حَيْثُ يَقُولُونَ: الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا وَكَثِيرًا مَا يَنْطِقُونَ بِهِ مُقْسَمًا بِهِ مَجْرُورًا فَيَقُولُونَ: وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ، بِزِيَادَةِ وَاوِ الْقَسَمِ وَذَلِكَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَإِنَّ مَدْلُولَ ذَلِكَ هُوَ الْقَسَمُ بِهِمَا فِي حَالِ لُزُومِهِمَا فَتَأَمَّلْهُ وَهُمَا لَا يَصِحَّانِ لِلْقَسَمِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَضْلًا عَنْ التَّقْيِيدِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَفْعَلُ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ قَاصِدًا عَدَمَ الطَّلَاقِ مُؤَوِّلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُ مُقَدَّرٌ عَلَيْهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، ثُمَّ فَعَلَهُ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ طَلَاقٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الطَّلَاقُ وَلَا يُدَيَّنُ إذْ قَصْدُهُ الْمَذْكُورُ رَافِعٌ لِلطَّلَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ يُوصِلُ آخَرَ عَشَرَةً أَشَرَفِيَّةً فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ فَأَوْصَلَهُ فِيهِ عَشَرَةً قُبْرُصِيَّةً هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إنْ عَجَزَ عَنْ دَفْعِ الْأَشْرَفِيَّةِ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ أَوْ قَصَدَ بِالْأَشْرَفِي مُطْلَقَ الدِّينَارِ الْمُتَعَامِلِ بِهِ وَإِلَّا فَيَقَعُ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ قَالَ: مَتَى ضَرَبْتُ زَوْجَتِي ضَرْبًا مُبَرِّحًا بِغَيْرِ ذَنْبٍ كَانَتْ طَالِقًا، ثُمَّ ضَرَبَهَا ضَرْبًا ظَهَرَ أَثَرُهُ عَلَى جِسْمِهَا فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إنَّهَا شَتَمَتْنِي وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ فَهَلْ ذَلِكَ يُسَمَّى ضَرْبًا مُبَرِّحًا أَمْ لَا وَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي أَنَّهَا شَتَمَتْهُ أَوْ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى كَانَ

الضَّرْبُ شَدِيدًا مُؤْذِيًا لَهَا فَمُبَرِّحٌ وَشَتْمُهَا إيَّاهُ ذَنْبٌ فَلَا تَطْلُقُ إنْ صَدَّقَتْهُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ ذَنْبًا لَا يَجُوزُ لَهُ ضَرْبُهَا بِسَبَبِهِ بَلْ يَرْفَعُهَا إلَى الْحَاكِمِ فَإِذَا حَلَفَتْ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ لَهُ زَوْجَتَانِ فَأَكْثَرُ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَفْعَلُ كَذَا، ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَاهُنَّ، ثُمَّ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَهَلْ لَهُ تَعْيِينُ الْمَيِّتَةِ لِلطَّلَاقِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَعْيِينُهَا لَهُ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ بِحَلِفِهِ جَمِيعَهُنَّ وَلَا مُعَيَّنَةً مِنْهُنَّ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ هُنَا بِحَالَةِ وُجُودِ الصِّفَةِ إذْ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى مَيِّتَةٍ لَا بِحَالَةِ التَّعْلِيقِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصَيْنِ بَيْنَهُمَا مَالُ شَرِكَةٍ فَتَنَازَعَا وَتَخَاصَمَا وَطَالَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا بِحَيْثُ أَنَّ أَحَدَهُمَا مِنْ شِدَّةِ غَضَبِهِ أَفْضَى بِهِ إلَى حَالَةٍ لَا يَعْقِلُ فِيهَا مَا يَقُولُ، وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يُصَالِحُ خَصْمَهُ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْمُحَاسَبَةِ وَالْمُخَاصَمَةِ وَكَثُرَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا فَعَرَضَ الْحَاضِرُونَ الصُّلْحَ فَصَالَحَ الْحَالِفُ نَاسِيًا لِطُولِ تَخَلُّلِ الْكَلَامِ بَيْنَ الْيَمِينِ وَالصُّلْحِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ فَهَلْ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ النِّسْيَانَ بِيَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ وَحُكِمَ لَهُ بِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ فَالْحُكْمُ صَحِيحٌ وَلَا يَجُوزُ نَقْضُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْحُكْمَ صَحِيحٌ فَالزَّوْجِيَّةُ

جمع الطلقات وزاد على العدد الشرعي

بَاقِيَةٌ بَيْنَهُمَا لِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ «أَنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» أَيْ لَا يُؤَاخِذُهُمْ بِهَا مَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ كَضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ، وَلِأَنَّ النِّسْيَانَ غَالِبٌ عَلَى الْإِنْسَانِ وَهُوَ عُذْرٌ لَهُ فِي الْمَنْهِيَّاتِ، وَالطَّلَاقُ مِنْهَا، وَلَيْسَ مَعَهُ فِي حَالَةِ نِسْيَانِهِ حَالَةٌ مُذَكِّرَةٌ لَهُ يُنْسَبُ مَعَهَا إلَى تَقْصِيرٍ فَفِعْلُهُ مَعَ نِسْيَانِهِ كَلَا فِعْلٍ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَلَا نُوقِعُهُ بِالشَّكِّ لِاحْتِمَالِ كَذِبِ الزَّوْجِ فِي دَعْوَاهُ النِّسْيَانَ، لَا يُقَالُ: قِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ الظِّهَارَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ فَفَعَلَ وَنَسِيَ مِنْ أَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ عَائِدُ عَدَمِ قَبُولِ دَعْوَاهُ النِّسْيَانَ فِي مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: صُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَفْعَلَ ذَاكِرًا لِلتَّعْلِيقِ، ثُمَّ نَسِيَ الظِّهَارَ عَقِبَ فِعْلِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّلُ بَيْنَهُمَا مَا يَسَعُ تَلَفُّظُهُ بِطَلَاقٍ فَنِسْيَانُهُ الظِّهَارَ عَقِبَ فِعْلِهِ عَامِدًا بِهِ بَعِيدٌ نَادِرٌ، وَلَا كَذَلِكَ مَسْأَلَتُنَا عَلَى أَنَّ الشَّيْخَيْنِ قَالَا فِي تِلْكَ عَقِبَ مَا مَرَّ: إنَّ الْأَحْسَنَ تَخْرِيجُهُ عَلَى قَوْلَيْ حِنْثِ النَّاسِي، وَاعْتَمَدَهُ السَّرَّاجُ الْبُلْقِينِيُّ فَلَا يَجُوزُ لِحَاكِمٍ نَقْضُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ. [جَمْعِ الطلقات وَزَادَ عَلَى الْعَدَد الشَّرْعِيّ] (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ عَقِبَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَا يَحْرُمُ جَمْعُ الطَّلْقَاتِ اللَّامُ فِي الطَّلْقَاتِ لِلْعَهْدِ الشَّرْعِيِّ وَهِيَ الثَّلَاثُ فَلَوْ طَلَّقَ أَرْبَعًا

قَالَ الرُّويَانِيُّ: عُزِّرَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ يَأْثَمُ هَلْ الْمُعْتَمَدُ تَعْزِيرُهُ وَتَأْثِيمُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَعْزِيرَ عَلَى مَنْ تَلَفَّظَ بِزِيَادَةٍ عَلَى عَدَدِ الطَّلَاقِ الشَّرْعِيِّ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ بِهَا إذْ لَيْسَ فِي لَفْظِهِ الْمَذْكُورِ إلَّا جَمْعُ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِهِ فِي كُتُبِهِمْ الْمُطَوَّلَاتِ وَالْمُخْتَصَرَاتِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً لَا رَجْعَةَ لِي مَعَهَا، أَوْ لِغَيْرِهَا أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً أَمْلِكُ مَعَهَا الرَّجْعَةَ هَلْ تَطْلُقُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِصِفَةٍ غَيْرِ مَوْجُودَةٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَطْلُقُ فِي الْأُولَى رَجْعِيًّا وَفِي الثَّانِيَةِ بَائِنًا. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُطَلِّقُ غَرِيمَهُ إلَّا بِحَقِّهِ كَامِلًا أَوْ بِحَبْسِهِ أَوْ يُطَلِّقُهُ حَاكِمٌ رَغْمًا عَلَيْهِ، ثُمَّ اقْتَضَى الْحَالُ إطْلَاقَهُ لِفَقْرِهِ فَهَلْ إذَا هَرَبَ وَأَمْكَنَهُ اتِّبَاعُهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا وَهَلْ إذَا أَطْلَقَهُ الْحَاكِمُ لِإِعْسَارِهِ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى إذْ مَعْنَى قَوْلِهِ أَنَّهُ لَا يُطَلِّقُ غَرِيمَهُ أَنْ لَا يُخَلِّيَ سَبِيلَهُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ مُتَلَّقَةٌ ثَلَاثًا نَاوِيًا بِهِ طَلَاقَهَا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ

قَالَ: إنْ وَضَعَتْ فُلَانَةُ وَهِيَ عَلَى عِصْمَتِي فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، ثُمَّ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا، ثُمَّ وَضَعَتْ فَهَلْ لَهُ رَدُّهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَهُ تَجْدِيدَ نِكَاحِ مُطَلَّقَتِهِ الْمَذْكُورَةِ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِوَضْعِهَا. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ قَالَ: طَلَاقٌ أَنْتِ يَا دَاهِيَةُ ثَلَاثِينَ وَنَوَى إيقَاعَ طَلْقَةٍ فَهَلْ يَقَعُ طَلْقَةٌ أَوْ ثَلَاثٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَوْلُهُ ثَلَاثِينَ مُتَعَلِّقٌ بِدَاهِيَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ سِيَاقِ الْكَلَامِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ تَعَلُّقِهِ بِالْمَصْدَرِ فَقَدْ يُرِيدُ ثَلَاثِينَ أَجْزَاءَ طَلْقَةٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُقُوعِ مَا زَادَ عَلَى الطَّلْقَةِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُ هَذَا الْيَوْمَ وَلَا فِي هَذَا الشَّهْرِ وَلَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَكَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ، وَكَانَ مِنْ ذَلِكَ الشَّهْرِ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ ذَاكِرًا عَالِمًا هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ فِي الْحَلِفِ بِهِ وَيَلْزَمُهُ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ عَطَفَ بِلَا الْمُقْتَضِيَةِ لِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ لِوُجُودِ الثَّلَاثِ صِفَاتِ وَيَلْزَمُهُ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا، ثُمَّ طَلَبَ مِنْهَا حَاجَةً فَقَالَ لَهَا: إنْ لَمْ تُعْطِيهَا لِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ ثَلَاثًا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ أَوْ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى أَطْلَقَ الْحَالِفُ حَلِفَهُ الْمَذْكُورَ وَقَعَ عَلَيْهِ بِهِ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ مَوْتِي هَلْ تَطْلُقُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ الْإِتْيَانَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ مَوْتِي قَبْلَ تَمَامِ لَفْظِ الطَّلَاقِ لَمْ تَطْلُقْ وَإِلَّا طَلُقَتْ فِي الْحَالِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا نَفَقَتِي بَعْدَ الْعِشَاءِ بِقِيمَةِ هَذَا ثَلَاثُمِائَةِ طَرِيقٍ وَأَشَارَ إلَى رَجُلٍ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَيْسَ بِمَالٍ فَلَا قِيمَةَ لَهُ وَلِأَنَّ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ كِنَايَةٌ عَنْ احْتِقَارِ الْمُشَارِ إلَيْهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ نَسِيَ أَنَّهُ مُتَزَوِّجٌ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ كَاذِبًا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ فِي مَحَلِّهِ، وَظَنُّهُ غَيْرِ الْوَاقِعِ لَا يَدْفَعُهُ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ اشْتَرَى شَيْئًا، ثُمَّ قَبَضَهُ، ثُمَّ سَأَلَ الْبَائِعَ أَنْ يُقِيلَهُ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يُقِيلُهُ، ثُمَّ بَاعَهُ لِبَائِعِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ عَدَدَ رَمْلِ كَوْمِ الْأَفْرَاحِ أَوْ عَدَدَ رَمْلِ بُلْبَيْسُ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ عَدَدَ نُجُومِ السَّمَاءِ أَوْ يَقَعُ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ

كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ عَدَدَ التُّرَابِ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ بِهِ وَاحِدٌ كَمَا قَالَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْقَاضِي وَصَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ إذْ الرَّمْلُ الْمَذْكُورُ فِي كَلَامِهِ عَامٌّ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَعْرِفَةِ سَوَاءٌ أَجُعِلَ جَمْعَ رَمْلَةٍ أَمْ اسْمَ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَعْمَلُ إلَّا شَرِيكًا وَقَالَتْ امْرَأَتُهُ: لَمْ تَسْتَثْنِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِمُشَابِهَتِهِ لِلْفَرْعِ الثَّانِي فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ أَمْ قَوْلُهَا لِإِفْتَائِكُمْ بِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا كَمَا فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِجَامِعِ تَكْذِيبِهَا إيَّاهُ فِيهِمَا، وَأَمَّا الْفَرْعُ الثَّانِي فَلَمْ تُكَذِّبْهُ فِيهِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَتْ عَلَى نَفْيِ سَمَاعِهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ أَقَمْتَ فِي مَحَلِّ كَذَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَقَامَتْهَا فِيهِ مُفَرَّقَةٌ لَا يَحْنَثُ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ أَقَمْت فِي قَرْيَةٍ لِلضِّيَافَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَقَامَتْ أَقَلَّ مِنْهَا، ثُمَّ رَجَعَتْ إلَيْهَا بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْهَا أَمْ يَحْنَثُ فَمَا الْفَرْقُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِالْإِقَامَةِ الْمَذْكُورَةِ لِصِدْقِ الِاسْمِ بِهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ أَوْ عَشَرَةِ أَيَّامِ أَوْ سَنَةٍ أَوْ صَوْمَهَا فَإِنَّهَا تُجْزِئُهُ مُفَرَّقَةً لِصِدْقِ الِاسْمِ بِدُونِ التَّتَابُعِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ شَهْرًا؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْيَمِينِ الْهَجْرُ وَلَا يَتَحَقَّقُ

بِدُونِ تَتَابُعٍ وَقَدْ أَفْتَيْتُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالْحِنْثِ، ثُمَّ تَوَهَّمَ خَطَئِي فِيهَا فَأُعِيدَ السُّؤَالُ فِيهَا مَعَ تَنْظِيرِهَا بِمَسْأَلَةِ الضِّيَافَةِ فَأَجَبْت فِيهَا أَيْضًا بِالْحِنْثِ وَإِنَّهَا لَيْسَتْ كَمَسْأَلَةِ الضِّيَافَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقُمْ لَهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهَا اسْمٌ لِمَا يُهَيَّأُ لِلْمُسَافِرِ مِنْ الطَّعَامِ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ السَّفَرِ وَلَمْ تَقُمْ ثَلَاثًا لَا فِي أَوَّلِ قُدُومِهَا وَلَا فِي ثَانِيهِ. (سُئِلَ) مَا الرَّاجِحُ مِنْ وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ قَالَ لِمُطَلَّقَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ: يَا مُطَلَّقَةُ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ: أَرَدْت تِلْكَ فَهَلْ يُقْبَلُ مِنْهُ أَوْ تَقَعُ طَلْقَةٌ أُخْرَى؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ: يَا مِائَةَ طَلْقَةٍ وَقَعَ ثَلَاثٌ أَوْ كَمِائَةِ طَالِقٍ هَلْ تَقَعُ وَاحِدَةٌ أَوْ ثَلَاثٌ؟ وَجْهَانِ رَجَّحَ كُلًّا مُرَجِّحُونَ مَا الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا، وَقَدْ سَوَّوْا بَيْنَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَلْفَ مَرَّةٍ أَوْ كَأَلْفِ مَرَّةٍ فِي أَنَّهُ يَقَعُ وَاحِدَةٌ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِمَا تَقَدَّمَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْ الْوَجْهَيْنِ أَوَّلُهُمَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا أَنَّ التَّشْبِيهَ فِيهَا بِذَوَاتِ الْمُطَلَّقَاتِ وَوَصْفُهُنَّ بِالْمُطَلَّقَاتِ حَاصِلٌ بِالطَّلْقَةِ الْوَاحِدَةِ فَحُمِلَ التَّشْبِيهُ فِيهَا عَلَى أَصْلِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ دُونَ الْعَدَدِ بِخِلَافِ الْأُولَى، وَإِنَّمَا سَوَّوْا بَيْنَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَلْفَ مَرَّةٍ أَوْ كَأَلْفِ مَرَّةٍ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْوَاحِدَةِ يَمْنَعُ لُحُوقَ

الْعَدَدِ وَأَوْقَعُوا فِي الْأُولَى الثَّلَاثَ لِتَضَمُّنِ كَلَامِهِ فِيهَا اتِّصَافَهَا بِإِيقَاعِ الثَّلَاثِ عَلَيْهَا حَالَ نِدَائِهَا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ بِحَذْفِ الْفَاءِ فَهَلْ هُوَ تَنْجِيزٌ أَوْ تَعْلِيقٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا بِوُجُودِ صِفَتِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَرَدْتُ التَّنْجِيزَ عُمِلَ بِهِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ تَشَاجَرَ مَعَ غَيْرِهِ فَقَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ مَا أَنَا سَاكِنٌ فِي بَلَدِك هَذِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ السَّنَةُ كَانَتْ الْأُخْرَى فَهَلْ يَحْنَثُ بِسُكْنَاهُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِسُكْنَاهُ فِي الْبَلَدِ السَّنَةَ الْأُولَى. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَشْهَدَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ عَلَى زَوْجَتِهِ وَأَنْ لَا يُسَافِرَ عَنْهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ مُتَوَالِيَةٍ بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ وَأَنْ يَسْكُنَ بِهَا فِي الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ مُدَّةَ الزَّوْجِيَّةِ وَمَتَى فَعَلَ غَيْرَ ذَلِكَ تَكُونُ طَالِقًا إلَّا بِرِضَاهَا فِي النَّقْلَةِ مِنْ الدَّارِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِوُجُودِ بَعْضِ الصِّفَاتِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمِيعِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا بِوُجُودِ جَمِيعِ الصِّفَاتِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ فِي ثَلَاثِ مَجَالِسَ قَاصِدًا بِالْمَرَّتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ الْإِخْبَارَ هَلْ يُقْبَلُ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ إرَادَةَ الْإِخْبَارِ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِقَبُولِ إرَادَةِ

الْإِخْبَارِ فِي نَظَائِرَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. (سُئِلَ) عَنْ جَوَابِ الْبُلْقِينِيِّ فِي فَتَاوِيهِ عَمَّنْ تَخَاصَمَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَقَالَ لَهَا: هَذَا الْبَيْتُ حَرَامٌ عَلَيَّ وَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَيْضًا وَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ أَنَّهَا بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ بَانِيًا عَلَى الظَّنِّ الْمَذْكُورِ. اهـ. هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ وَإِذَا قُلْتُمْ: نَعَمْ، فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الرَّوْضَةِ حَيْثُ قَالَ: لَوْ قَالَ: أَنْتِ بَائِنٌ، ثُمَّ قَالَ: بَعْدَ مُدَّةٍ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا: وَقَالَ: أَرَدْت بِالْبَائِنِ الطَّلَاقَ فَلَمْ تَقَعْ عَلَى الثَّلَاثِ لِمُصَادِفَتِهَا الْبَيْنُونَةَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا أَفْتَى بِهِ مُعْتَمَدٌ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِقَبُولِ إرَادَةِ الْأَخْبَارِ فِي نَظَائِرَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ وَاضِحٌ فَإِنَّهُ فِيهَا مُنْشِئٌ وَفِي هَذِهِ مُخْبِرٌ بِحَسَبِ ظَنِّهِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ فِي قَوَاعِدِهِ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إذَا أَخَذْتَ حَقَّك مِنِّي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ حَتَّى أَعْطَى بِنَفْسِهِ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي فِعْلِ الْمُكْرَهِ، وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْحِنْثِ وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ. اهـ. مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ الْحِنْثِ لَكِنَّ الْمُنَاسِبَ فَأَكْرَهَهَا السُّلْطَانُ

حَتَّى أَخَذَتْ بِنَفْسِهَا وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الرَّوْضِ: لَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى الْأَخْذِ وَمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ مَمْنُوعٌ فَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ الْإِكْرَاهَ بِحَقٍّ يَمْنَعُ الْحِنْثَ أَيْضًا. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الْبَلْدَةَ فَخَرَجَ مِنْهَا، ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا الْعِيَادَةَ أَوْ نَحْوَهَا هَلْ يَحْنَثُ بِالْمُكْثِ بِهَا أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِالْحِنْثِ بِهِ فَمَا قَدْرُهُ وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِهِ فَهَلْ هُوَ عُذْرٌ، وَإِنْ طَالَ الْمُكْثُ حَتَّى لَوْ عَادَ لِعِمَارَةٍ فَمَكَثَ لَهَا يَوْمًا فَأَكْثَرَ لَا يَحْنَثُ أَمْ يَحْنَثُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْمُكْثِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ لِلْعِيَادَةِ وَنَحْوِهَا كَمَا أَطْلَقَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا، وَإِنْ نَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ تَعْلِيقِ الْبَغَوِيِّ الْحِنْثَ بِهِ، وَلَا يُشْكِلُ مَا ذَكَرْتُهُ بِمَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَادَ مَرِيضًا قَبْلَ خُرُوجِهِ وَمَكَثَ عِنْدَهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ فِي مَسْأَلَتِنَا، ثُمَّ عَادَ وَثَمَّ لَمْ يَخْرُجْ. (سُئِلَ) عَمَّنْ ادَّعَى طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِعِوَضٍ فَأَنْكَرَتْ وَحَلَفَتْ فَوَجَبَتْ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ، ثُمَّ مَاتَ فِيهَا فَهَلْ تَرِثُهُ أَوْ لَا؟ فَإِنْ قُلْتُمْ بِإِرْثِهَا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ عَنْ أَرْبَعِ مُسْلِمَاتٍ وَأَرْبَعِ كِتَابِيَّاتٍ حَيْثُ لَا إرْثَ لِلْمُسْلِمَاتِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَرِثُ الزَّوْجَةُ مِنْ تَرِكَةِ مُطَلِّقِهَا لِثُبُوتِ كَوْنِهَا رَجْعِيَّةً بِيَمِينِهَا وَالْفَرْقُ

بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْمُسْلِمَاتِ وَالْكِتَابِيَّاتِ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمُسْلِمَاتِ الْإِرْثَ غَيْرُ مَعْلُومٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ يَخْتَارُ الْكِتَابِيَّاتِ وَلِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ لِلْإِرْثِ مَعْلُومٌ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ إرْثِ الْمُزَاحِمِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَهَا نَاسِيًا فَظَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهِ، ثُمَّ دَخَلَهَا عَامِدًا بِنَاءً عَلَى ظَنِّهِ الْمَذْكُورِ هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِدُخُولِهِ الْمَذْكُورِ لِظَنِّهِ انْحِلَالَ الْيَمِينِ وَأَنْ لَا طَلَاقَ مُعَلَّقٌ بِهِ بَلْ أَوْلَى بِعَدَمِ الْوُقُوعِ مِمَّنْ فَعَلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ جَاهِلًا بِأَنَّهُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مَعَ عِلْمِهِ بِبَقَاءِ الْيَمِينِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ فِي هَذِهِ الْبَلَدِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَلَى هَذِهِ الْمِئْذَنَةِ فَهَلْ إذَا أَذَّنَ الْأَذَانَ إلَّا كَلِمَةً فِي الْبَلَدِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْمِئْذَنَةِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ إزَالَةِ شَيْءٍ مِنْهَا يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُقْتَضَى لِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَذِّنَ أَذَانًا كَامِلًا بِأَنْ يَأْتِي بِكَلِمَاتِهِ الْخَمْسَ عَشْرَةَ فِي الْبَلَدِ الْمَذْكُورَةِ فِي السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْمِئْذَنَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ أُزِيلَ مِنْهَا مَا يَبْقَى بَعْدَهُ اسْمُهَا فَقَدْ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَلَوْ قَالَ: لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَانْهَدَمَتْ نَظَرَ إنْ بَقِيَتْ أُصُولُ الْحِيطَانِ وَالرُّسُومِ

حَنِثَ أَيْ لِبَقَاءِ اسْمِهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى وَطْءِ ضَرَّتِهَا فَادَّعَتْهُ الْمُعَلَّقُ طَلَاقُهَا وَأَنْكَرَهُ الزَّوْجُ فَبِمَ يَثْبُتُ الْوَطْءُ الْمَذْكُورُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ. (سُئِلَ) عَنْ الرَّاجِحِ فِي الْمَسْأَلَةِ السُّرَيْجِيَّةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ فِيهَا كَمَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا وُقُوعُ الْمُنَجَّزِ دُونَ الْمُعَلَّقِ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ وُقُوعِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلدَّوْرِ ضَعِيفٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ بَلْ نُسِبَ قَائِلُهُ إلَى مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ وَأَجَابُوا عَنْ شُبْهَتِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى عَدَمِ دَفْعِ نَفَقَتِهَا لَهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً، ثُمَّ ادَّعَى دَفْعَهَا لَهَا أَوْ أَنَّهَا نَشَزَتْ فِيهَا أَوْ فِي بَعْضِهَا أَوْ إعْسَارُهُ بِهَا أَوْ بِغَيْرِهَا إذَا عَلَّقَ بِهِ الطَّلَاقَ، وَإِنْ لَزِمَهُ ذَلِكَ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ أَوْ عَهْدٍ لَهُ مَالٌ أَوْ أَقَرَّ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَحِلَّ الْيَمِينَ وَيُسْقِطُهَا كَقَوْلِهِ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَإِنَّهُ يَمْلِكُ إسْقَاطَهَا بِأَنْ يَقُولَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ هَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ

أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ مَجِيءِ رَأْسِ الشَّهْرِ بِوَضْعِ حَمْلٍ أَوْ غَيْرِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ صُورَةَ مَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ أَنْ تُوجَدَ صِفَةُ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ فِي حَالِ بَيْنُونَتِهَا وَهَذَا وَاضِحٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ أَيُّ شَيْءٍ أَقُولُ أَنْتِ طَالِقٌ هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ قِيَاسًا عَلَى نَظَائِرِهِ أَمْ لَا، كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ نَوَتْ بِلَفْظِهَا الْمَذْكُورِ تَطْلِيقَ نَفْسِهَا طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ حَجْرًا مِنْ جِهَتِهَا حَيْثُ لَا يَنْكِحُ مَعَهَا مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَلَا أَرْبَعًا سِوَاهَا وَيَلْزَمُهُ صَوْنُهَا، فَصَحَّ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَيْهِ لِحِلِّ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِهَذَا الْحَجْرِ مَعَ النِّيَّةِ وَهَذَا حِينَئِذٍ قِيَاسُ النَّظَائِرِ، وَإِنْ لَمْ بِهِ طَلَاقًا أَوْ نَوَتْهُ وَلَمْ تَنْوِ إضَافَتَهُ إلَيْهَا لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ كِنَايَةٌ مِنْ حَيْثُ إضَافَتُهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ فَلَا بُدَّ فِي وُقُوعِهِ مِنْ صَرْفِهِ بِالنِّيَّةِ إلَى مَحَلِّهِ وَهَذَا مَحْمَلُ قَوْلِ بَعْضِهِمْ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ: كُلَّمَا لَبِسْت أَوْ رَكِبْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهَلْ تَكُونُ الِاسْتِدَامَةُ فِي ذَلِكَ مُوجِبَةً لِلتَّكْرَارِ أَمْ لَا وَيَكُونُ ذِكْرُ كُلَّمَا قَرِينَةً صَارِفَةً لِلِابْتِدَاءِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الِاسْتِدَامَةَ فِيهِمَا مُوجِبَةٌ لِلتَّكْرَارِ كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُمْ فِي الْمُخْتَصَرَاتِ وَالْمُطَوَّلَاتِ وَمَا نُسِبَ فِي السُّؤَالِ لِلْبُلْقِينِيِّ مِنْ أَنَّ ذِكْرَ كُلَّمَا قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ

لِلِابْتِدَاءِ مَمْنُوعٌ إذْ لَا يُصْرَفُ اللَّفْظُ عَنْ حَقِيقَتِهِ إلَى مَجَازِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ وَلَكِنِّي لَمْ أَرَ كَلَامَهُ. (سُئِلَ) عَنْ قَاعِدٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَقْعُدُ إلَى الْغُرُوبِ، ثُمَّ اسْتَمَرَّ قَاعِدًا، ثُمَّ قَامَ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ يُفِيدُ الْعُمُومَ إذْ هُوَ لِنَفْيِ جَمِيعِ وُجُوهِ الْقُعُودِ لِتَضَمُّنِ الْفِعْلِ الْمَنْفِيِّ لِمَصْدَرٍ مُنْكَرٍ فَمَدْلُولُ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ قُعُودًا قَبْلَ الْغُرُوبِ وَقَدْ اسْتَدَامَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ، وَاسْتِدَامَةُ الْقُعُودِ قُعُودٌ، لَا أَنَّهُ يُدِيمُ قُعُودَهُ إلَى الْغُرُوبِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْنَثْ مَنْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ شَهْرُ رَمَضَانَ بِمُسَاكَنَةِ بَعْضِهِ لِعَدَمِ إطْلَاقِهِ عَلَيْهِ حَقِيقَةً. (سُئِلَ) عَمَّنْ فَعَلَ شَيْئًا وَنَسِيَهُ وَعَلَّقَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَى فِعْلِهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ فَعَلَهُ وَصَدَقَ عَلَى فِعْلِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ نَسِيَهُ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِذَلِكَ الْفِعْلِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ دَخَلْتَ دَارَ جَارِي فُلَانٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ أَرَادَ ضَرْبَهَا فَخَرَجَتْ وَدَخَلَتْ تِلْكَ الدَّارِ خَوْفًا مِنْ ضَرْبِهِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ بِدُخُولِهَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ طَرِيقًا لِخَلَاصِهَا مِنْ ضَرْبِهِ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ بِهِ طَلَاقٌ لِكَوْنِهَا مُكْرَهَةٌ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ. (سُئِلَ)

طلاق الغضبان

عَنْ امْرَأَةٍ ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ أَوْقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ بِمُقْتَضَى أَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى طُلُوعِهَا مَكَانًا مُعَيَّنًا وَإِنَّهَا طَلَعَتْهُ فَصَدَّقَهَا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ طَلَّقَهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ حَلِفِهِ وَلَمْ يُرَاجِعْهَا، ثُمَّ أَنَّهُ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ وَيَدِينُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ وَتَطْلُقُ ثَلَاثًا وَلَا يَدِينُ لِاسْتِلْزَامِ دَعْوَاهُ رَفْعَ الطَّلَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَحَكَمَ الْحَنْبَلِيُّ بِمُوجِبِ الطَّلَاقِ وَقُلْتُمْ: إنَّ مُوجِبَهُ الْعِدَّةُ وَالْحَاكِمُ الْمَذْكُورُ يَرَى إسْقَاطَ الْعِدَّةِ إذَا كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا هَلْ يَجُوزُ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا عَقِبَ الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ عِدَّةٍ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا عَقِبَ طَلَاقِهَا مِنْ غَيْرِ عِدَّةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ يُنَفَّذُ ظَاهِرًا وَكَذَا بَاطِنًا، وَعَلَى أَنَّ قَوْلَهُ بِمُوجِبِ الطَّلَاقِ عَامٌّ؛ لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ: حَكَمْت بِكُلِّ مُقْتَضٍ مِنْ مُقْتَضَيَاتِهِ وَمِنْ مُقْتَضَيَاتِهِ عِنْدَهُ أَنْ لَا عِدَّةَ لَهُ. [طَلَاق الْغَضْبَان] (سُئِلَ) عَنْ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ فِي حَالِ الْغَضَبِ الشَّدِيدِ الْمُخْرِجِ عَنْ الْإِشْعَارِ هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ أَمْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ عَصْرِيٌّ وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالتَّنْجِيزِ أَمْ لَا وَهَلْ يُصَدَّقُ الْحَالِفُ فِي دَعْوَاهُ شِدَّةَ الْغَضَبِ وَعَدَمَ

الْإِشْعَارِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالْغَضَبِ فِيهَا نَعَمْ إنْ كَانَ زَائِلَ الْعَقْلِ عُذِرَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهَا تَخْرُجُ أَوْ تَأْكُلُ مَثَلًا ظَانًّا أَنَّهَا تَبِرُّ قَسَمَهُ فَخَالَفَتْ وَلَمْ تَفْعَلْ وَالْحَالُ أَنَّهَا تَكْرَهُهُ وَقَصْدُهَا الْخَلَاصَ مِنْ الْعِصْمَةِ وَهُوَ يَجْهَلُ ذَلِكَ فَهَلْ يَحْنَثُ بِفِعْلِهَا الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ الْمَذْكُورِ أَوْ لَا وَهَلْ هِيَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مِمَّنْ لَا تُبَالِي بِحَلِفِهِ كَالْحَجِيجِ وَالسُّلْطَانِ أَوْ مِمَّنْ تُبَالِي بِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ الْمُعَلِّقُ إعْلَامَهَا حَيْثُ يَحْنَثُ بِفِعْلِهَا وَلَوْ جَاهِلَةً أَوْ نَاسِيَةً أَوْ مُكْرَهَةً أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ فِيهَا بِفِعْلِهَا وَلَا أَثَرَ لِظَنِّهِ الْمَذْكُورَ وَهِيَ مِمَّنْ تُبَالِي بِحَلِفِهِ حَتَّى لَا يَقَعَ بِفِعْلِهَا نَاسِيَةً أَوْ جَاهِلَةً حَيْثُ قَصَدَ إعْلَامَهَا أَوْ مُكْرَهَةً. (سُئِلَ) عَمَّنْ لَهُ زَوْجَتَانِ بِمَسْكَنَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ ضَرَبَ إحْدَاهُمَا، ثُمَّ ذَهَبَ إلَى الْأُخْرَى لِيَضْرِبَهَا فَأَغْلَقَتْ الْبَابَ دُونَهُ فَقَالَ: أَنْتُمَا طَالِقٌ فَهَلْ يَخْتَصُّ الطَّلَاقُ بِالْحَاضِرَةِ الْوَاقِعِ لَهَا الْخِطَابُ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ لَحْنِ الْعَوَامّ دُونَ الْغَائِبَةِ لِكَوْنِهَا لَمْ تُخَاطَبْ بِالطَّلَاقِ وَلَمْ تُنَادَ فَلَا يَجْرِي فِيهَا الْمَنْقُولُ فِيمَا إذَا نَادَى إحْدَى زَوْجَتَيْهِ فَأَجَابَتْهُ الْأُخْرَى فَقَالَتْ: أَنْتِ طَالِقٌ وَهَلْ إذَا قَصَدَهُمَا بِلَفْظِهِ الْمَذْكُورِ تَطْلُقَانِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى

الْحَاضِرَةِ دُونَ الْغَائِبَةِ فَإِنْ قَصَدَهُمَا بِلَفْظِهِ الْمَذْكُورِ طَلُقَتَا كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَامَ فِي مَسْأَلَتِنَا مَقَامَ النِّدَاءِ فِي تِلْكَ إتْيَانِهِ بِضَمِيرِ الْجَمْعِ بِحَسَبِ عُرْفِ الْعَوَامّ الَّذِينَ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ ضَمِيرِ جَمْعِ الْمُذَكَّرِينَ وَالْمُؤَنَّثَاتِ وَيُؤَيِّدُهُ حُصُولُ مُشَاجَرَتِهِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ إفْرَادُ لَفْظَةِ طَالِقٌ؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي الصِّيغَةِ إذَا لَمْ يُخِلَّ بِالْمَعْنَى كَانَ كَالْخَطَأِ فِي الْإِعْرَابِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِدُخُولِهَا مَكَانًا مُعَيَّنًا فَدَخَلَتْهُ وَادَّعَتْ نِسْيَانَهَا أَوْ جَهْلَهَا أَوْ إكْرَاهَهَا هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي نِسْيَانِهَا مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي نِسْيَانِهَا مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ بَلْ لَا يُتَصَوَّرُ شَهَادَتُهَا بِهِ إذْ لَا اطِّلَاعَ لَهَا عَلَيْهِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا أَيْضًا فِي جَهْلِهَا بِالْمَكَانِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ عِلْمَهَا بِهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي كَوْنِهَا مُكْرَهَةً عَلَى دُخُولِهَا إلَّا بِقَرِينَةٍ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يُكَذِّبُهَا الزَّوْجُ فِي دَعْوَاهَا وَإِلَّا طَلُقَتْ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ يَأْكُلُ هَذِهِ الْقِطْعَةَ اللَّحْمَ فَقَالَ: أَنَا شَبْعَانُ وَسَآكُلُهَا فَتَرَكَهَا فَأُخِذَتْ وَعُدِمَتْ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ

الطَّلَاقُ إنْ فُقِدَتْ قَبْلَ تَمَكُّنِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مِنْ أَكْلِهَا. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ لَهُ زَوْجَتَانِ عَلَّقَ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ عَلَى صِفَةٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا، ثُمَّ خَالَعَ إحْدَاهُمَا فَهَلْ لَهُ بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ أَنْ يُعَيِّنَ الطَّلَاقَ فِي الَّتِي خَالَعَهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَعْيِينُ الطَّلَاقِ فِي الَّتِي بَانَتْ مِنْهُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالَةِ وُجُودِ الصِّفَةِ لَا بِحَالَةِ وُجُودِ التَّعْلِيقِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ مَا يَطْلُعُ إلَى بَيْتِ فُلَانٍ فَطَلَعَ مِنْ بَيْتٍ بِجِوَارِ ذَلِكَ الْبَيْتِ وَنَزَلَ مِنْ سَطْحِ الْبَيْتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ احْتَاجَ بَعْدَ انْتِهَاءِ صُعُودِهِ مِنْ ذَلِكَ الْبَيْتِ إلَى صُعُودٍ إلَى سَطْحِ الْبَيْتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ طَلَعَ حِينَئِذٍ إلَى ذَلِكَ الْبَيْتِ وَإِلَّا فَلَا يَحْنَثُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: يَوْمَ يَمُوتُ وَلَدِي تَكُونِي طَالِقًا ثَلَاثًا فَمَاتَ بِاللَّيْلِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ إلَّا إنْ أَرَادَ بِالْيَوْمِ الْوَقْتَ فَيَقَعُ؛ لِأَنَّهُ يُتَجَوَّزُ بِهِ عَنْهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِاَللَّهِ لَيَطَأَنَّ زَوْجَتَهُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فَخَرَجَ فِي الْحَالِ فَوَجَدَ الْفَجْرَ طَالِعًا هَلْ يَحْنَثُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِعَجْزِهِ عَنْهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ

أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقِي وَقَدْ قَالَ فِيهَا الصَّيْمَرِيُّ: تَطْلُقُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إرَادَةٌ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الصَّيْمَرِيُّ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إرَادَةٌ وَاضِحٌ أَمَّا إذَا كَانَتْ لَهُ إرَادَةٌ بِأَنْ قَصَدَ إتْيَانَهُ بِقَوْلِهِ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقِي قَبْلَ تَمَامِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فَلَا وُقُوعَ بِهِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهُك أَوْ وَجْهِي أَضْوَأَ مِنْ الْقَمَرِ لَا أَعْلَمُ جَوَابَهُمْ فِيهِ هَلْ لِأَحَدٍ فِيهِ جَوَابٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمَا ذَكَرَ فَفِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الصَّحِيحَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهُكِ أَحْسَنَ مِنْ الْقَمَرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ، وَلَوْ قَالَ: أَضْوَأَ فَالْحُكْمُ بِخِلَافِهِ أَيْ فَتَطْلُقُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ كَرَّرَ قَوْلَهُ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهَلْ يَتَعَدَّدُ الطَّلَاقُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّدُ الطَّلَاقُ إلَّا إنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ وَلَوْ طَالَ فُصِلَ وَتَعَدَّدَ مَجْلِسٌ. (سُئِلَ) عَنْ نَاظِرِ جَامِعٍ حَلَفَ عَلَى شَخْصٍ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يُجَاوِرُ عِنْدَهُ وَخُبْزُهُ وَجَامِكِيَّتِهِ وَطَعَامُهُ مَقْطُوعٌ كُلٌّ مِنْهَا فَمَا الَّذِي يَحْنَثُ بِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إلَّا بِأَنْ يُجَاوِرَ عِنْدَهُ مَعَ قَطْعِ كُلٍّ مِنْ خُبْزِهِ وَجَامِكِيَّتِهِ وَطَعَامِهِ (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ مُطْلَقَةٌ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ طَلَّقَ

بِالتَّشْدِيدِ هَلْ هُوَ صَرِيحٌ مُطْلَقًا أَوْ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ كِنَايَةُ طَلَاقٍ فِي حَقِّ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ مَحَلُّ التَّطْلِيقِ وَقَدْ أَضَافَهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ فَلَا بُدَّ فِي وُقُوعِهِ مِنْ صَرْفِهِ بِالنِّيَّةِ إلَى مَحَلِّهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنَا مِنْك طَالِقٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا: أَنْتُمَا طَالِقٌ ثَلَاثًا قَاصِدًا طَلَاقَهُمَا فَهَلْ يُطَلَّقَانِ ثَلَاثًا لِوُجُودِ اللَّفْظِ الصَّرِيحِ فِي طَلَاقِ الْمُخَاطَبَةِ وَلِوُجُودِ نِيَّةِ طَلَاقِهِمَا فِي غَيْرِ الْمُخَاطَبَةِ فَلَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِي اللَّفْظِ مِنْ وُقُوعِ ضَمِيرِ الْجَمْعِ مَوْقِعَ ضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَوُقُوعِ الْوَاوِ فِيهِ مَوْقِعَ الْمِيمِ وَالْإِخْبَارِ بِالْمُفْرَدِ عَنْ الْجَمْعِ إذْ الْخَطَأُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ أَمْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا الْمُخَاطَبَةُ فَقَطْ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ نَادَى إحْدَى زَوْجَتَيْهِ فَأَجَابَتْهُ الْأُخْرَى فَقَالَ مَعَ ظَنِّهِ أَنَّهَا الْمُنَادَاةُ: أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ دُونَ الْمُنَادَاةِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُمَا تَطْلُقَانِ ثَلَاثًا لِمَا ذَكَرَ عَلَى أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْعَوَامّ يُعَبِّرُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ عَنْ الْجَمَاعَةِ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَقَدْ قَالُوا: لَوْ نَادَى إحْدَى زَوْجَتَيْهِ فَأَجَابَتْهُ الْأُخْرَى فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ عَالِمًا بِأَنَّ الْمُجِيبَةَ غَيْرُ الْمُنَادَاةِ طَلُقَتْ الْمُنَادَاةُ وَكَذَا

الْمُجِيبَةُ عَلَى الصَّحِيحِ لَكِنْ يَدِينُ فِيهَا دُونَ الْمُنَادَاةِ. اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهِمَا فِي مَسْأَلَتِنَا أَوْلَى مِنْ وُقُوعِهِ عَلَيْهِمَا فِي هَذِهِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ تَغَيَّرَتْ عَلَيْهِ هَيْئَةُ بِكْرٍ تَزَوَّجَهَا بِلُبْسِهَا مَا لَا يَلِيقُ بِهَا وَقِيلَ لَهُ: هَذِهِ زَوْجَتُك فَظَنَّ أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا غَيْرُهَا فَقَالَ: إنْ كَانَتْ هَذِهِ زَوْجَتِي فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَأَفْتَى فِيهَا مُفْتٍ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ طَلَّقَهَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ فِي ظُلْمَةٍ وَهُوَ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً أَوْ أَنْكَحَهَا لَهُ أَبُوهُ أَوْ وَكِيلُهُ وَهُوَ لَا يَدْرِي وَأَفْتَى غَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ إلَى أَنَّهُ حَلَفَ جَاهِلًا وَالْجَاهِلُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ كَمَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ شَيْءٍ وَقَعَ جَاهِلًا بِهِ أَوْ نَاسِيًا لَمْ يَحْنَثْ كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّ زَيْدًا لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ، وَكَانَ فِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ عَلِمَ وَنَسِيَ فَإِنْ قَصَدَ بِحَلِفِهِ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يَحْنَثْ وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ هَذَا الذَّهَبَ هُوَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ فُلَانٍ فَشَهِدَ عَدْلَانِ بِأَنَّهُ غَيْرُهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إنْ جَهِلَ، ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ وَوَالِدَهَا تَرَافَعَا إلَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ فَادَّعَى وَالِدُهَا عَلَى الزَّوْجِ أَنَّ ابْنَتَهُ بَانَتْ مِنْهُ بِمُقْتَضَى الْيَمِينِ الْمَذْكُورَةِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّهِ وَاعْتِقَادُهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَتُهُ فَحَلَّفَهُ الْحَاكِمُ يَمِينًا عَلَى طِبْقِ

دَعْوَاهُ وَحَكَمَ بِبَقَاءِ الْعِصْمَةِ وَعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ مُعْتَمَدًا إفْتَاءَ الْمُجِيبِ الثَّانِي، فَهَلْ الْعُمْدَةُ عَلَى الْأَوَّلِ وَهَلْ تَمَسُّكُ الْأَوَّلِ بِمَا ذَكَرَهُ أَوْ الثَّانِي صَحِيحٌ وَهَلْ حُكْمُ الشَّافِعِيِّ صَحِيحٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْعُمْدَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ ظَنُّ الْمُعَلِّقِ خِلَافَ الْوَاقِعِ بَلْ وَلَا اعْتِقَادُهُ كَمَا فِي سَائِرِ التَّعَالِيقِ مِنْ نَحْوِ إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَأَنْتِ طَالِقٌ مُعْتَقِدًا كَوْنَهُ غَيْرَ غُرَابٍ فَبَانَ غُرَابًا حَيْثُ صَرَّحُوا فِيهِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الشَّرْطَ اللُّغَوِيَّ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ يَرْجِعُ إلَى كَوْنِهِ سَبَبًا يُوضَعُ الْمُعَلَّقُ حَتَّى يَلْزَمَ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ لِذَاتِهِ فَصَارَ الشَّرْطُ اللُّغَوِيُّ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي السَّبَبِ، وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِزِنَا فُلَانٍ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِهِ لَا يَظُنُّ أَنَّهُ يَزْنِي، وَكَانَ فُلَانٌ زَنَى يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْبِرَ الْحَالِفَ سِرًّا وَبِأَنَّ الْحَلِفَ بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ كَقَوْلِهِ: إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَكَانَ فِيهَا يُوجِبُ الْحِنْثُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ الشَّرْطُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَهُوَ لَمْ يَتَعَرَّضْ إلَّا لِلتَّعْلِيقِ بِكَوْنِهِ فِيهَا وَلَا أَثَرَ لِلْجَهْلِ بِكَوْنِهِ فِيهَا أَوْ النِّسْيَانِ لَهُ وَبِأَنَّ مَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِالطَّلَاقِ أَيْ بِغَيْرِ صِيغَةِ تَعْلِيقٍ عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ

لَمْ يَكُنْ أَوْ كَانَ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ كَذَلِكَ أَوْ اعْتَقَدَ لِجَهْلٍ بِهِ أَوْ نِسْيَانِهِ لَهُ. ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِ مَا ظَنَّهُ أَوْ اعْتَقَدَهُ فَلَهُ أَحْوَالٌ مِنْهَا أَنْ يَقْصِدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِأَنْ يُقْصَدَ بِهِ مَا يُقْصَدُ بِالتَّعْلِيقِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ كَحُكْمِهِ فَيَحْنَثُ حِينَئِذٍ كَمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِصِفَةٍ عِنْدَ وُجُودِهَا، وَعَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا مَا قَالَاهُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَشَارَ إلَى ذَهَبٍ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ فُلَانٍ فَشَهِدَ عَدْلَانِ بِأَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ الذَّهَبُ طَلُقَتْ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةً عَلَى النَّفْيِ إلَّا أَنَّهُ نَفْيٌ يُحِيطُ بِهِ الْعِلْمُ وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا فَعَلْتُ كَذَا فَشَهِدَ عَدَلَانِ بِأَنَّهُ فَعَلَهُ وَصَدَّقَهُمَا لَزِمَهُ الْأَخْذُ بِالطَّلَاقِ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: زَنَيْت أَوْ سَرَقْت أَوْ خَرَجْت فَأَنْكَرَ فَقَالَ: إنْ زَنَيْت أَوْ سَرَقْت أَوْ خَرَجْت فَأَنْتِ طَالِقٌ حَكَمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ لِإِقْرَارِهِ أَوَّلًا. وَقَدْ صَرَّحُوا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِوُجُودِ صِفَتِهِ مَعَ اعْتِقَادِ الْحَالِ خِلَافَهُ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا مَا لَوْ قَالَ السُّنِّيُّ: إنْ لَمْ يَكُنْ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ مِنْ اللَّهِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَقَالَ الْمُعْتَزِلِيُّ: إنْ كَانَ مِنْ اللَّهِ

فَامْرَأَتِي طَالِقٌ أَوْ قَالَ السُّنِّيُّ: إنْ لَمْ يَكُنْ أَبُو بَكْرٍ أَفْضَلَ مِنْ عَلِيٍّ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَقَالَ الرَّافِضِيُّ: إنْ لَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَقَعَ طَلَاقُ الْمُعْتَزِلِيِّ وَالرَّافِضِيِّ، وَأَمَّا لَوْ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ أَنْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ: إنْ كُنْت مِنْ أَهْلِهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَكَانَ كَافِرًا طَلُقَتْ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَحُجَّ فِي هَذَا الْعَامِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ كَانَ بِالْكُوفَةِ يَوْمَ الْأَضْحَى وَقَالَ هُوَ: قَدْ حَجَجْت طَلُقَتْ وَمَا لَوْ قَالَ: إنْ ضَرَبْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ ضَرَبَ غَيْرَهَا فَأَصَابَهَا فَإِنَّهَا تَطْلُقُ وَمَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا أَمَتَهُ فَقَالَ: إنْ لَمْ تَكُونِي أَحْلَى مِنْ زَوْجَتِي فَهِيَ طَالِقٌ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْحُرَّةُ فَلَا تَكُونُ أَحْلَى مِنْ نَفْسِهَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي حَامِدٍ الْمَرْوَزِيِّ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِفِعْلِ شَخْصٍ إذَا فَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْحَثُّ عَلَى عَدَمِ مُخَالَفَتِهِ لَهُ أَوْ الْمَنْعُ مِنْهَا. وَفِعْلُ النَّاسِي أَوْ الْجَاهِلِ لَمْ تُوجَدْ بِهِ مُخَالَفَةٌ فَعُفِيَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ الْمُعَلِّقُ الْحَثَّ أَوْ الْمَنْعَ كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِ مَنْ لَا يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ أَوْ يُبَالِي بِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ إعْلَامَهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِفِعْلِهِ وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ حِينَئِذٍ مُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ بِالْفِعْلِ مِنْ

غَيْرِ قَصْدِ حَثٍّ وَلَا مَنْعٍ وَكَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ لَا يُمَيِّزُ، وَلَا يَقْدَحُ فِيمَا ذَكَرْته مَا قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي الرُّسْتَاقِ فَذَهَبَتْ إلَى الْبَلَدِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَقِيلَ لَهُ: أَلَك زَوْجَةٌ فِي الْبَلَدِ؟ فَقَالَ: إنْ كَانَ لِي زَوْجَةٌ فِي الْبَلَدِ فَهِيَ طَالِقٌ، وَكَانَتْ فِي الْبَلَدِ فَعَلَى قَوْلِي حَنِثَ النَّاسِي. اهـ. لِمُخَالَفَتِهِ لِكَلَامِهِمْ وَلِقَوْلِهِ بِالْحِنْثِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: يَحْنَثُ النَّاسِي إذَا حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ مَاضٍ وَمَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْمُجِيبُ الثَّانِي مِنْ النُّقُولِ لَا دَلِيلَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا كَمَا يَظْهَرُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ حُكْمَ الشَّافِعِيِّ بِبَقَاءِ الْعِصْمَةِ وَعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ اعْتِمَادًا عَلَى إفْتَاءِ الثَّانِي بَاطِلٌ، وَإِنَّمَا أَطَلْت الْكَلَامَ فِيهَا لَمَّا بَلَغَنِي أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْمُفْتِينَ وَافَقُوا الثَّانِيَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَقَالَ لِامْرَأَةٍ: قَوْلِي لَهَا هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا هَلْ تَطْلُقُ أَوْ لَا وَهَلْ هُوَ إنْشَاءُ تَوْكِيلٍ لِلْمَرْأَةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ التَّوْكِيلُ لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِتَطْلِيقِهَا إيَّاهَا وَيُحْتَمَلُ الْإِخْبَارُ أَيْ أَنَّهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَتَكُونُ الْمَرْأَةُ مُخْبِرَةٌ لَهَا بِالْحَالِ وَالطَّلَاقُ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ فَإِنْ صَرَّحَ بِقَصْدِهِ شَيْئًا مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ عَمِلَ بِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ خَرَجْتَ

غَضْبَانَةً مِنِّي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَحَصَلَ لَهَا غَضَبٌ مِنْهُ وَمِنْ وَلَدِهَا فَخَرَجَتْ غَضْبَانَةً مِنْهُمَا فَهَلْ تَطْلُقُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مِنِّي فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِكَوْنِهَا غَضْبَانَةً وَمَفْهُومُ الصِّفَةِ مُعْتَبَرٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ خَرَجْتِ غَضْبَانَةً مِنِّي لَا مِنْ غَيْرِي أَوْ فِي مَوْضِعِ التَّعْلِيلِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ خَرَجْتِ غَضْبَانَةً مِنْ أَجْلِي لَا مِنْ أَجْلِ غَيْرِي. (سُئِلَ) مَا الْمُعْتَمَدُ فِي قَوْلِهِ: إنْ خَرَجْتِ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ اللَّامَ فِيهِ لِلتَّعْلِيلِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ خَرَجْت لِأَجْلِ غَيْرِ الْحَمَّامِ وَلَمْ تَخْرُجْ لِغَيْرِهِ فَقَطْ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَأْكُلُ لِفُلَانٍ طَعَامًا فَأَهْدَى الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لَهُ طَعَامًا أَوْ أَضَافَهُ بِهِ فَأَكَلَهُ هَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا لِقَوْلِ الْأَصْحَابِ إنَّ الضَّيْفَ يَمْلِكُهُ عِنْدَ وَضْعِهِ فِي فَمِهِ أَوْ عِنْدَ الِازْدِرَادِ عَلَى الرَّاجِحِ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ مِلْكَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ الْمَذْكُورِ لِمِلْكِهِ إيَّاهُ قَبْلَ ابْتِلَاعِهِ فَأَكَلَ طَعَامَهُ لَا طَعَامَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْأَيْمَانَ تُبْنَى عَلَى الْأَلْفَاظِ دُونَ الْقُصُودِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ ثَلَاثًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ هَلْ تَقْدِيرُهُ دُخُولًا ثَلَاثًا لِقُرْبِهِ أَوْ طَلَاقًا ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهُ الْمُعْتَادُ

أَوْ هُوَ عَائِدٌ إلَيْهِمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ تَقْدِيرَهُ دُخُولًا ثَلَاثًا فَتَقَعُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثَلَاثًا أَقْرَبُ إلَى دَخَلْت مِنْ طَالِقٌ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَمَلِ لِلْفِعْلِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُقُوعِ مَا زَادَ عَلَى طَلْقَةٍ لِلشَّكِّ فِي مُوجِبِهِ فَيُسْتَصْحَبُ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ فِيهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَقْصِدْ تَأْكِيدًا وَلَا اسْتِئْنَافًا وَتَحَقَّقَ أَنَّهُ أَتَى بِالْمَشِيئَةِ وَشَكَّ هَلْ وَقَعَتْ فِي كُلِّ الصِّيَغِ أَوْ فِي بَعْضِهَا وَلَا يَعْلَمُ عَيْنَهُ هَلْ هُوَ الْأَوَّلُ أَوْ غَيْرُهُ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ أَوْ بَعْضُهُ أَوْ لَا يَقَعُ شَيْءٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مُقْتَضَى إتْيَانِهِ بِالْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ وُقُوعَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَقَدْ تَحَقَّقْنَا بِإِتْيَانِهِ بِالْمَشِيئَةِ الْمُعْتَبَرَةِ رَفْعَ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَشَكَّكْنَا فِي رَفْعِ غَيْرِهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَلَفَ أَنَّهَا لَا تَقُومُ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَتَأَخَّرَتْ خَمْسَ دَرَجٍ، ثُمَّ قَامَتْ هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قِيَامَهَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْوَقْتِ الْمُشَارِ إلَيْهِ عِنْدَ حَلِفِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ وَلَدْتِ وَلَدًا وَمَاتَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا هَلْ يَقَعُ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تُفِيدُ التَّرْتِيبَ إلَّا إنْ أَرَادَ الْحَالِفُ ذَلِكَ فَلَا يَقَعُ؟ (فَأَجَابَ)

بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْحَالِفُ شَيْئًا عَمِلَ بِإِرَادَتِهِ وَإِلَّا وَقَعَ الطَّلَاقُ. (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الِابْتِلَاعَ أَكْلٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ أَمْ لَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الطَّلَاقِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي كُلِّ بَابٍ مَا ذُكِرَ فِيهِ، وَإِنَّمَا حَنِثَ بِالِابْتِلَاعِ فِي الْأَيْمَانِ دُونَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْأَيْمَانِ الْعُرْفُ وَأَهْلُهُ يُطْلِقُونَ اسْمَ الْأَكْلِ عَلَيْهِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ الْوَضْعُ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ لَا يَتَنَاوَلُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَهُمَا. (سُئِلَ) هَلْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي فَقَطْ صَرِيحٌ مُطْلَقًا أَوْ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا وَمَا الْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ فَتْوَى أَهْلِ الْعَصْرِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَلْزَمُنِي فِعْلٌ مُضَارِعٌ صَالِحٌ لِلْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ وَلِهَذَا صَرَّحُوا بِأَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الْعُقُودِ وَالْحُلُولِ وَغَيْرِهِمَا فَقَدْ قَالُوا: لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ: أُطَلِّقُ لَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ أَطْلَقَ لِلِاسْتِقْبَالِ فَإِنْ قَالَتْ: أَرَدْت الْإِنْشَاءَ وَقَعَ فِي الْحَالِ. وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَنَا أُقِرُّ بِمَا ادَّعَيْته، لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا، وَلَوْ قَالَ: أَبِيعُك هَذَا بِكَذَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحَ إيجَابِ وَنَظَائِرُ هَذِهِ كَثِيرَةٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامٍ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَتَوْجِيهُهُ بِأَنْ يَلْزَمَنِي مُسْتَعْمَلٌ فِي الْحَالِ لِلْعُرْفِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ صَرِيحٌ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلَيْنِ

مُتَزَوِّجٌ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنْتَ الْآخَرِ وَسَكَنَ كُلٌّ بِزَوْجَتِهِ فِي دَارٍ فَرَاحَتْ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ إلَى بَيْتِ أَبِيهَا غَضْبَانَةً، فَأَرَادَ زَوْجُ الْغَضْبَانَةِ أَنْ يُغْضِبَ بِنْتَه أَيْضًا فَرَاحَ إلَيْهَا فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَطَلَبَهَا أَنْ تَرُوحَ مَعَهُ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مَا يَرُوحُ إلَّا بِهَا وَأَطْلَقَ لَفْظَ الرَّوَاحِ فَخَرَجَتْ مَعَ أَبِيهَا الْحَالِفِ مِنْ دَارِ زَوْجِهَا فَوَجَدَهَا أَبُوهَا حَامِلَةً ثَقِيلَةً وَيُشَقُّ عَلَيْهَا الْمَشْيُ فَرَجَعَ الْحَالِفُ إلَى دَارِهِ وَتَرَكَ بِنْتَه فِي الطَّرِيقِ فَرَجَعَتْ إلَى دَارِ زَوْجِهَا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرُحْ بِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِرَوَاحِهِ الْمَذْكُورِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ مَتَى رُحْتِ دَارَ أَهْلِك طَلَّقْتُك فَرَاحَتْ وَلَمْ يُطَلِّقْ حَالًا فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ حَالًا أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ بِعَدَمِهِ فَمَا الْجَوَابُ عَنْ جَوَابِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا عَنْ سُؤَالِ صُورَتِهِ مَا قَوْلُكُمْ فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مِنْ زَوْجَتِهِ أَنَّهَا مَتَى خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا إلَى السُّوقِ أَوْ غَيْرِهِ اشْتَكَاهَا مِنْ السِّيَاسَةِ بِأَرْبَعَةِ نُقَبَاءَ فَخَرَجَتْ مِنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَهَلْ لَهُ تَأْخِيرُ الشَّكْوَى أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِمَا صُورَتُهُ لَيْسَ لَهُ تَأْخِيرُ الشَّكْوَى بَعْدَ خُرُوجِهَا؛ لِأَنَّ حَلِفَهُ يَنْحَلُّ إلَى قَوْلِهِ مَتَى خَرَجَتْ وَلَمْ أَشْتَكِ بِأَرْبَعَةِ

نُقَبَاءَ مَثَلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِإِثْبَاتٍ وَنَفْيٍ وَمَتَى لَا تَقْتَضِي الْفَوْرَ فِي الْإِثْبَاتِ وَتَقْتَضِيهِ فِي النَّفْيِ لَكِنَّهُ هُنَا إنَّمَا تَقْتَضِيهِ بَعْدَ الْخُرُوجِ وَقَدْ وُجِدَ. اهـ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ طَلَّقْتُك مَعْنَى فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِرَوَاحِهَا وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ فِي الْحَالِ وَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ الْحَالِفُ بِحَلِفِهِ شَكَوَاهَا عَلَى الْفَوْرِ بِدَلِيلِ تَقْدِيرِهِ الْمَذْكُورِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْفَوْرَ فَلَا تَطْلُقُ مَا دَامَ إمْكَانُ الشَّكْوَى مَوْجُودًا؛ لِأَنَّ مَتَى فِي مَسْأَلَتِنَا لَمْ تَقَعُ إلَّا فِي الْإِثْبَاتِ وَلَا دَلِيلَ عَلَى النَّفْيِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّخْصِ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ هَلْ هُوَ كِنَايَةٌ كَمَا قَالَهُ الْمُزَنِيّ فِي الْمَنْثُورِ وَقَالَ: لَا نَصَّ فِيهِ لِلشَّافِعِيِّ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ لَا يَعْرِفُونَهُ طَلَاقًا وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ وَفِي الزِّيَادَاتِ لِأَبِي عَاصِمٍ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْتُك طَلَاقُك إلَى أَنْ قَالَ: وَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي أَوْ وَاجِبٌ عَلَيَّ طَلُقَتْ لِلْعُرْفِ وَلَوْ قَالَ: فَرْضٌ عَلَيَّ لَمْ تَطْلُقْ لِعَدَمِ الْعُرْفِ فِيهِ وَرَأَى الْبُوشَنْجِيُّ أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: طَلَاقُك عَلَيَّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَنَوَى وَقَعَ، فَوَصْفُهُ بِوَاجِبٍ أَوْ فَرْضٍ يَزِيدُهُ

تَأْكِيدًا هَذَا لَفْظُ الرَّوْضَةِ وَكَلَامُ الْعَزِيزِ مُرَادِفُهُ وَوَجْهُ الِاقْتِضَاءِ أَنَّهُ مَا يُشَبَّهُ الشَّيْءُ إلَّا بِالْمُتَّفَقِ عَلَى تَرْجِيحِهِ أَوْ عَلَى الْقَطْعِ بِهِ فَاقْتَضَى كَلَامُهُمَا أَنَّ طَلَاقَك عَلَيَّ كِنَايَةٌ عَلَى الرَّاجِحِ أَوْ بِلَا خِلَافٍ وَيُؤَيِّدُهُ إنْ أَنْتِ طَلَاقٌ أَوْ الطَّلَاقُ كِنَايَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ. وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ هَكَذَا شُيُوعٌ فِي الشَّرْعِ وَلَا تَكْرَارَ فِي الْقُرْآنِ وَلَيْسَ جَارِيًا عَلَى قِيَاسِ اللِّسَانِ فَلَمْ يَكُنْ صَرِيحًا، وَإِنَّمَا كَانَ كِنَايَةً؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ قَدْ يَجِيءُ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا} [الملك: 30] أَيْ غَائِرًا وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ الْمَحَلُّ مِنْ أَنْتِ طَلَاقٌ أَوْ أَنْتِ الطَّلَاقُ أَوْ طَلَاقُك عَلَيَّ وَمِثْلُهُ عَلَيَّ طَلَاقُك لِعَدَمِ الْفَارِقِ فَمَعَ مَا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْمَحَلَّ مِنْ عَلَيَّ الطَّلَاقُ أَوْ الطَّلَاقُ عَلَيَّ أَوْلَى وَيَكُونُ الْفَرْقُ بَيْنَ " الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي "، " وَالطَّلَاقُ وَاجِبٌ عَلَيَّ " وَبَيْنَ " عَلَيَّ الطَّلَاقُ " ذِكْرُ مُتَعَلِّقِ الْجَارِ وَالْمَجْرُورِ فِي الْمِثَالَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَتَعْيِينُهُ لِمَعْنَى الطَّلَاقِ بِخِلَافِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ لِمَعْنَاهُ لِوُجُوبِ تَعَلُّقِ الْجَارِ وَالْمَجْرُورِ بِالْكَوْنِ أَوْ الِاسْتِقْرَارِ الْمُطْلَقِ وَذَلِكَ لَا يَتَعَيَّنُ لِمَعْنَى الطَّلَاقِ لِصَلَاحِيَّةِ الْكَوْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ الْمُطْلَقِ لِمَعْنَى الْفَرْضِ وَاللَّازِمِ وَالْوَاجِبِ بَلْ وَلِغَيْرِهَا عَلَى أَنَّ " عَلَيَّ

الطَّلَاقُ " لَمْ يَشْتَهِرْ اسْتِعْمَالُهُ لِمَعْنَى الطَّلَاقِ إنْشَاءً. وَإِنَّمَا اُشْتُهِرَ يَمِينًا لِمَعْنَاهُ مَعَ أَنَّ اشْتِهَارَ اللَّفْظِ بِمَعْنَى الطَّلَاقِ مَعَ احْتِمَالِهِ غَيْرَهُ كَانَتْ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ حَرَّمْتُك لَا يُصَيِّرُهُ صَرِيحًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَمْ هُوَ صَرِيحٌ كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْحَقُّ فِي هَذَا الزَّمَنِ لِاشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَى التَّطْلِيقِ، وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا: إنَّهُ الْأَوْجَهُ وَالْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ: إنَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَمْ لَيْسَ بِشَيْءٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ مَبْسُوطًا بَعْدَ إمْعَانِ النَّظَرِ فِيهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ قَوْلَ السَّائِلِ " عَلَيَّ الطَّلَاقُ " صَرِيحٌ فَفِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ لِلصَّيْمَرِيِّ فَإِنْ قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ، أَوْ قَالَ: الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي، فَكُلُّ هَذَا صَرِيحٌ لَا يَرْجِعُ فِيهِ إلَى إرَادَةٍ. اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ صَرِيحٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ النَّقْلِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْحَقُّ فِي هَذَا الزَّمَانِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ اُشْتُهِرَ بِهِ اشْتِهَارًا كَثِيرًا فِي مَعْنَى التَّطْلِيقِ بِحَيْثُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ غَيْرُهُ وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ الْمُفْتَى بِهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ لِاشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَى التَّطْلِيقِ اهـ. بَلْ سُئِلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَمَّنْ قَالَ: عَلَيَّ الْحَرَامُ مَا أَفْعَلُ كَذَا وَفَعَلَهُ فَقَالَ: يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ. اهـ. وَتَوَجَّهَ

صَرَاحَةً عَلَيَّ الطَّلَاقُ أَيْضًا بِأَنَّ " عَلَيَّ " فِي " عَلَيَّ الطَّلَاقُ " لِلِالْتِزَامِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي أَوْ طَلَاقُك لَازِمٌ لِي، وَأَمَّا مَا حَكَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبُوشَنْجِيَّ مِنْ أَنَّ الطَّلَاقَ لَازِمٌ لِي أَوْ وَاجِبٌ عَلَيَّ كِنَايَةٌ فَهُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ وَلِهَذَا حَكَاهُ حِكَايَةَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: طَلَاقُك عَلَيَّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَنَوَى وَقَعَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ عَلَى الرَّاجِحِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ فِي الطَّلَاقِ عُرْفًا، وَإِنَّمَا كَانَ قَوْلُهُ أَنْتِ طَلَاقٌ أَوْ الطَّلَاقُ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ وَالْمَصَادِرُ لَمْ تُوضَعْ لِلْأَعْيَانِ وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ فِيهَا تَوَسُّعًا فَتَجِيءُ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا} [الملك: 30] أَيْ غَائِرًا. وَقَوْلِ الشَّاعِرِ فَأَنْتِ طَلَاقٌ وَالطَّلَاقُ عَزِيمَةٌ فَلَا تَأْيِيدَ فِيهِ لِكَوْنِ " عَلَيَّ الطَّلَاقُ " كِنَايَةً، وَقَدْ عَلِمَ مِمَّا وَجَّهْت بِهِ صَرَاحَتَهُ أَنَّهُ كَقَوْلِهِ: الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي، وَعَلَى تَقْدِيرِ تَعَلُّقِ الْجَارِ وَالْمَجْرُورِ بِمُطْلَقِ الِاسْتِقْرَارِ فَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ الطَّلَاقُ اسْتَقَرَّ عَلَيَّ أَوْ مُسْتَقَرٌّ عَلَيَّ فَلَا احْتِمَالَ فِيهِ لِغَيْرِ الطَّلَاقِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ اُشْتُهِرَ لَفْظٌ لِلطَّلَاقِ كَالْحَلَالِ أَوْ حَلَالِ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ لَا يَصِيرُ صَرِيحًا عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فَلَمْ يُوضَعْ

لِلطَّلَاقِ بِخُصُوصِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ وَهُوَ لَا يُفَرِّقُ هُوَ وَلَا قَوْمُهُ بَيْنَ الطَّاءِ وَالتَّاءِ فَيَنْطِقُونَ بِالتَّاءِ مَكَانَ الطَّاءِ فَقَالَ: أَنْتِ تَالِقٌ أَوْ التَّلَاقُ لَازِمٌ لِي أَوْ وَاجِبٌ عَلَيَّ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ هَلْ يَكُونُ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ وَالشَّرَفُ الْمُنَاوِيُّ وَالسِّرَاجُ الْعَبَّادِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعَصْرِيِّينَ وَقَاسُوهُ عَلَى تَرْجَمَةِ الطَّلَاقِ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ تَرْجَمَةَ الطَّلَاقِ مَوْضُوعَةٌ فِي لُغَةِ الْعَجَمِ لِلطَّلَاقِ فَلَمْ تَحْتَمِلْ غَيْرَهُ بِخِلَافِ التَّلَاقِ بِالتَّاءِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ لِغَيْرِ الطَّلَاقِ فَإِذَا اُشْتُهِرَ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ يَكُونُ كِنَايَةً فِيهِ كَحَلَالِ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَحْوُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَلْفَاظَ الْمَذْكُورَةَ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَا إلَّا بِنِيَّتِهِ وَقَدْ شَمَلَهَا قَوْلُهُمْ إذَا اُشْتُهِرَ فِي الطَّلَاقِ سِوَى الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ الصَّرِيحَةِ كَحَلَالِ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ فَفِي الْتِحَاقِهِ بِالصَّرِيحِ أَوْجُهٌ أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْمُتَقَدِّمُونَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا. اهـ. وَيُؤَيِّدُهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِهَا عِنْدَ نِيَّتِهِ أَنَّ حَرْفَ التَّاءِ قَرِيبٌ مِنْ مَخْرَجِ الطَّاءِ وَيُبْدَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِالْعَجَمِيَّةِ عَلَى رُؤْيَتِهَا الْهِلَالَ

فَرَآهُ غَيْرُهَا فَهَلْ تَطْلُقُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْكَمَالِ بْنِ أَبِي شَرِيفٍ وَأَبِي يَحْيَى زَكَرِيَّا فِي شَرْحَيْ الْإِرْشَادِ وَالْبَهْجَةِ أَوْ لَا تَطْلُقْ بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ حَيْثُ قَالَ: إنْ عَلَّقَ بِالْعَجَمِيَّةِ حُمِلَ عَلَى الْمُعَايَنَةِ سَوَاءٌ فِيهِ الْبَصِيرُ وَالْأَعْمَى؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا فِي الْعَرَبِيَّةِ اهـ. وَكَمَا جَزَمَ بِهِ الْفُورَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَهُوَ مُقْتَضَى صَنِيعِ الزَّرْكَشِيّ فِي قَوَاعِدِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ إذْ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهَا لَا يَقْتَضِيهِ مَدْلُولُ اللَّفْظِ وَلَا عُرْفُ الْحَالِفِ وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَجَمِيَّ إذَا لَمْ يَعْرِفْ إلَّا ذَلِكَ فَالرَّاجِحُ الْفَرْقُ، وَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ مِنْهُ مَا يَعْرِفُهُ الْعَرَبِيُّ فَيُتَّجَهُ مِنْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْلِيلِ الْقَفَّالِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا فِي تَحْرِيرِ التَّنْقِيحِ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُحَالٍ كَقَوْلِهِ: إنْ وَلَدْتُمَا وَلَدًا أَوْ حِضْتُمَا حَيْضَةً فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ هَلْ يُنَافِيهِ قَوْلُ صَاحِبِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ: إنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً أَوْ وَلَدْتُمَا وَلَدًا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ لَغَتْ لَفْظَةُ الْحَيْضَةِ وَالْوَلَدِ قَالَ شَارِحُهُ لِاسْتِحَالَةِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي حَيْضَةٍ أَوْ وَلَدٍ وَاسْتَعْمَلَ الْبَاقِيَ فَإِذَا طَعَنَتَا فِي الْحَيْضِ أَوْ وَلَدَتَا

طَلُقَتَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي تَحْرِيرِ التَّنْقِيحِ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ فَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: إنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهُمَا يَلْغُو قَوْلُهُ: حَيْضَةً فَإِذَا ابْتَدَأَهُمَا الدَّمُ طَلُقَتَا، وَالثَّانِي إذَا تَمَّتْ الْحَيْضَتَانِ طَلُقَتَا وَهَذَا احْتِمَالٌ رَآهُ الْإِمَامُ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ يَلْغُو فَلَا تَطْلُقَانِ، وَإِنْ حَاضَتَا وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي قَوْلِهِ إنْ وَلَدْتُمَا وَلَدًا اهـ. فَمَا فِي التَّحْرِيرِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ هُوَ الْوَجْهُ الثَّالِثِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَاتِهِ ثَلَاثًا بِإِرَاقَةِ خَمْرٍ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَكْرَهَهُ شَخْصٌ عَلَى شُرْبِ هَذَا الْخَمْرِ أَوْ إرَاقَتِهَا عَلَيْهِ فَهَلْ يُبَاحُ لَهُ شُرْبُهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ شُرْبُهَا دَفْعًا لِضَرَرِهِ بِتَطْلِيقِ زَوْجَاتِهِ كَمَا ذَكَرَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إذَا مَضَى لَيْلٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهَلْ تَطْلُقُ بِمُضِيِّ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ بِأَقَلِّ الْجَمْعِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ إلَّا بِمُضِيِّ ثَلَاثِ لَيَالٍ فَإِنَّ اللَّيْلَ وَاحِدٌ بِمَعْنَى جَمْعٍ وَوَاحِدُهُ لَيْلَةٌ مِثْلُ تَمْرٍ وَتَمْرَةٍ وَقَدْ جُمِعَ عَلَى لَيَالٍ فَزَادُوا فِيهَا الْيَاءَ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَكَّلَ شَخْصًا فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِعَدَدٍ وَلَا نَوَاهُ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ ثَلَاثًا فَهَلْ تَطْلُقُ طَلْقَةً أَوْ ثَلَاثًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَطْلُقُ طَلْقَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهَا الْمَأْذُونُ فِيهَا وَقَدْ قَالُوا: لَوْ قَالَ

لِآخَرَ: نُرِيدُ أَنْ أُطَلِّقَ زَوْجَتَك فَقَالَ: نَعَمْ صَارَ وَكِيلًا فِي طَلْقَةٍ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يَأْكُلَ لِفُلَانٍ طَعَامًا فَأَكَلَ طَعَامَهُ نَاسِيًا حِلْفَهُ، ثُمَّ سَأَلَ شَخْصًا يَعْتَقِدُهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَفْتَاهُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، ثُمَّ أَكَلَ طَعَامَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَامِدًا ظَانًّا صِحَّةَ فَتْوَاهُ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِالْأَكْلِ بَعْدَ الْفُتْيَا سَوَاءٌ أَكَانَ مَنْ أَفْتَاهُ أَهْلًا لِلْفَتْوَى أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ بِأَكْلِهِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الْفَتْوَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ أَفْتَاهُ أَهْلًا لَهَا لِظَنِّهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ شَرَعَتْ الْمَوَاشِطُ فِي جَلَاءِ زَوْجَتِهِ فَقِيلَ لَهُ: إنَّ رِجَالًا أَجَانِبَ يُرِيدُونَ حُضُورَ جَلَائِهَا فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهَا لَا تَجْلِي عَلَيْهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَقِيلَ لَهُ قُلْ: إلَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهَا لَا تَجْلِي عَلَيْهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، ثُمَّ جَلِيَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ عَلَى النِّسَاءِ، ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا أَرَدْت بِلَفْظَةِ غَيْرِي الرِّجَالَ الْأَجَانِبَ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ بِحَلِفِهِ الْأَوَّلِ طَلْقَةٌ وَبِالثَّانِي طَلْقَتَانِ أَمْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ بِذَلِكَ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ فِي إرَادَتِهِ الْمَذْكُورَةِ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ لِلْقَرِينَةِ الْحَالِيَّةِ وَهِيَ غِيرَتُهُ عَلَى زَوْجَتِهِ مِنْ نَظَرِ الْأَجَانِبِ إيَّاهَا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ لَوْ خَاطَبَتْهُ زَوْجَتُهُ بِمَكْرُوهٍ كَيَا سَفِيهُ أَوْ يَا خَسِيسُ

فَقَالَ لَهَا: إنْ كُنْتُ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ مُكَافَأَتَهَا وَقَعَ وَإِلَّا فَتَعْلِيقٌ، هَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ لَهُ: أَنْتَ سَرَقْت مَتَاعَ وَلَدِي مَثَلًا أَوْ أَنْتَ زَنَيْتَ بِفُلَانَةَ مَثَلًا وَكَرَّرَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِرَارًا فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنَّهُ يَأْتِي فِيهَا التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ وَلَا بِالْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَنَحْوِهَا بَلْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ عِنْدَ قَوْلِهَا لَهُ مَكْرُوهًا وَقَالَ: قَصَدْتُ إنْ كُنْتُ كَمَا قُلْتِ لِي وَاتَّهَمْتنِي بِهِ مِنْ ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ - لِمَنْ خَاصَمَتْهُ بِقَوْلِهَا: تَزَوَّجْت عَلَيَّ - كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ أَوْ نِسَائِي طَوَالِقُ، وَقَالَ: أَرَدْت غَيْرَ الْمُخَاصِمَةِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِقُوَّةِ إرَادَتِهِ بِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ وَالْحَالِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مُكَافَأَتَهَا بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَصَدَ تَعْلِيقَ طَلَاقِهَا عَلَى اتِّصَافِهِ بِمَا وَصَفَتْهُ بِهِ مِنْ الْمَكْرُوهِ وَهَلْ الْحُكْمُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يَأْتِي فِيمَا إذَا خَاطَبَتْهُ بِصِفَةِ مَدْحٍ لَيْسَتْ فِيهِ كَيَا عَالِمُ فَقَالَ لَهَا: إنْ كُنْتُ كَمَا قُلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَيَكُونُ قَوْلُهُمْ خَاطَبَتْهُ بِمَكْرُوهٍ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْغَالِبُ ذَلِكَ أَمْ لَا وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ إذْ التُّهْمَةُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ مَوْجُودَةٌ، وَإِنْ كَانَ مَدْحًا وَرُبَّمَا يَنْحَلُّ قَوْلُهَا إلَى الِاسْتِهْزَاءِ بِهِ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا وَإِذَا ظَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِمَا وَقَعَ مِنْهُ مِنْ ذَلِكَ فَسَأَلَهُ الْقَاضِي أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الشُّهُودِ

فَقَالَ: قُلْت لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا هَلْ يُؤَاخَذُ بِذَلِكَ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ فِي التَّعْلِيقِ أَوْ إرَادَتُهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَمْ لَا يُؤَاخَذُ بِذَلِكَ لِاعْتِرَافِهِ وَلِقِيَامِ الْقَرِينَةِ عَلَى صِدْقِهِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي جَوَابِهِ لَهَا بِقَوْلِهِ لَهَا وَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ بَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ بِهِ الطَّلَاقُ ظَاهِرًا لِتَنْجِيزِهِ طَلَاقَهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْمُخَاصَمَةِ وَاضِحٌ، وَهُوَ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَتِنَا نَجَّزَ طَلَاقَهَا فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ إرَادَةُ تَعْلِيقِهِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْمُخَاصَمَةِ إنَّمَا أَتَى بِلَفْظٍ عَامٍّ فَقُبِلَتْ مِنْهُ إرَادَةُ تَخْصِيصِهِ لِفَوْتِهَا بِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ التَّفْصِيلَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يَأْتِي فِيمَا إذَا خَاطَبَتْهُ بِصِفَةِ مَدْحٍ، وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ مِنْهَا الِاسْتِهْزَاءَ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالَةِ قَصْدِهِ مُكَافَأَتِهَا قَدْ غَلَظَ عَلَى نَفْسِهِ بِإِرَادَتِهِ وُقُوعَ الطَّلَاقِ حَالًا وَمَتَى أُخْبِرَ الْقَاضِي أَوْ غَيْرُهُ بِمَا تَلَفَّظَ بِهِ أَوَّلًا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ بِإِخْبَارِهِ طَلَاقٌ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا قِيلَ: أَطَلَّقْت امْرَأَتَك ثَلَاثًا فَقَالَ: نَعَمْ طَلَّقْتُهَا ثَلَاثًا مَثَلًا، ثُمَّ قَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّ الَّذِي جَرَى بَيْنَنَا طَلَاقٌ وَقَدْ أَفْتَانِي بِخِلَافِهِ الْفُقَهَاءُ وَقَالَتْ الزَّوْجَةُ: بَلْ طَلَّقْتنِي ثَلَاثًا، لَمْ يُقْبَلْ مِنْ الزَّوْجِ إلَّا بِقَرِينَةٍ كَأَنْ تَخَاصَمَا فِي لَفْظَةٍ أَطْلَقَهَا فَقَالَ ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ التَّأْوِيلَ يُقْبَلُ وَهَذَا تَفْصِيلٌ لِلْإِمَامِ

نَقَلَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا عَنْهُ وَقَالَا: إنَّهُ قَوِيمٌ لَا بَأْسَ بِالْأَخْذِ بِهِ، ثُمَّ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْكِتَابَةِ وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا يَعْنِي تَصْدِيقَهُ مُطْلَقًا بِقَرِينَةٍ وَدُونَهَا هُوَ الْمَنْقُولُ وَكَلَامُ الْإِمَامِ بَحَثَ لَهُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ فَهَلْ الْمُعْتَمَدُ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي نَفْيِ الطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ بِقَرِينَةٍ وَدُونِهَا أَمْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَرِينَةِ كَنَظَائِرِهِ، وَهَلْ إذَا زَعَمَ فِي مَسْأَلَتِنَا أَنَّ الْفَقِيهَ أَفْتَاهُ أَوْ الْوَاعِظَ خَطَأً، ثُمَّ رَاجَعْت الْفُقَهَاءَ فَأَفْتَوْنِي بِخِلَافِهِ عَلَى الصَّوَابِ فَأَنْكَرَ الْفَقِيهُ أَوْ الْوَاعِظُ إفْتَاءَهُ بِذَلِكَ وَأَنْكَرَتْ الزَّوْجَةُ ذَلِكَ وَقَالَتْ: مَا لَك عُذْرٌ تَعْتَذِرُ بِهِ فِي دَفْعِ الطَّلَاقِ عَنْك وَلَا فِي رَفْعِ إقْرَارِك بِهِ يُطَالَبُ بِالْبَيَانِ عَلَى ذَلِكَ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ أَمْ لَا، كَمَا إذَا قَالَتْ: أَنَا زَوْجَةُ فُلَانٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ، وَإِنْ كَذَّبَهَا الْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ فِي ذَلِكَ وَكَمَا إذَا قَالَتْ: حَلَلْتُ وَطَلَّقَنِي الْمُحَلِّلُ وَاحْتَمَلَ ذَلِكَ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ ظَنَنْتُ أَنَّ الَّذِي جَرَى بَيْنَنَا طَلَاقٌ بِالثَّلَاثِ مَثَلًا وَأُفْتِيَتْ بِخِلَافِهِ وَبَيْنَ مَنْ ظَنَّ امْرَأَتَهُ أَجْنَبِيَّةً فَطَلَّقَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا فَبَانَتْ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ قَبُولُ قَوْلِ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ فِي قَوْلِهِ: إنَّمَا قُلْتُ: هِيَ طَالِقٌ عَلَى ظَنِّ أَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي جَرَى بَيْنَنَا طَلَاقٌ وَقَدْ أَفْتَوْنِي بِخِلَافِهِ، وَإِنْ نَازَعْته

بِالزَّوْجَةِ مُطْلَقًا، وَإِنْ أَنْكَرَ الْفَقِيهُ أَوْ الْوَاعِظُ إفْتَاءَهُ بِذَلِكَ وَقَبُولُ قَوْلِ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ فِي قَوْلِهِ أَرَدْت عَتَقْت بِمَا أَدَّيْت مُطْلَقًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الظَّنِّ وَبَيْنَ تَطْلِيقِهِ أَوْ إعْتَاقِهِ مَنْ ظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً، ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الظَّنِّ قَاصِدٌ لِلْإِخْبَارِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ مَوْقِعُ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ فِي مَحَلِّهِ وَظَنُّهُ الْمَذْكُورُ لَا يَدْفَعُهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ رُحْتِ إلَى الْمَحَلَّةِ بِغَيْرِ إذْنٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ قَالَ لَهَا: إنْ رُحْتِ إلَى الْمَحَلَّةِ بِإِذْنِي أَوْ بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَقْصِدْ التَّأْكِيدَ، ثُمَّ رَاحَتْ إلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ عَالِمَةً مُخْتَارَةً فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا أَمْ وَاحِدَةً؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ بِالتَّعْلِيقَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ طَلْقَتَانِ إنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ وَيَقَعُ عَلَيْهِ بِالتَّعْلِيقِ الثَّالِثِ طَلْقَةٌ أَيْضًا عَلَى كُلِّ التَّقْدِيرَيْنِ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ غَيْرُ التَّعْلِيقَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْعِمَادِ فِي أَحْكَامِ الْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ وَلَوْ أَتَى بِلَفْظٍ مُحْتَمِلٍ لِلطَّلَاقِ فَأَفْتَاهُ شَخْصٌ جَاهِلٌ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَأَنْشَأَ طَلَاقًا آخَرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَانَتْ بِالطَّلَاقِ الْأَوَّلِ لَمْ يَقَعْ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ظَنٍّ فَاسِدٍ وَقَدْ أَفْتَيْتُمْ بِعَدَمِ الْحِنْثِ فِي نَظَائِرِ الْمَسْأَلَةِ وَلَوْ كَانَ الْمُفْتِي غَيْرَ أَهْلٍ لِلْإِفْتَاءِ فِيمَا سُئِلَ عَنْهُ

وَقَدْ سُئِلَ الشَّيْخُ نُورُ الدِّينِ الْمَحَلِّيُّ عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا، فَأَخْبَرَهُ عَامِّيٌّ عَنْ فَتْوَى عَالِمٍ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ خَلَاصَهُ مِنْ الْحِنْثِ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا فَفَعَلَهُ اعْتِمَادًا عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يَحْنَثُ لِتَقْصِيرِهِ أَمْ لَا لِاعْتِمَادِهِ الْمَذْكُورِ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْعَامِّيَّ الْمُخْبِرَ لَهُ إذَا كَانَ عَدْلًا فَلَا حِنْثَ كَالْجَاهِلِ بِأَنَّهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ لِنَفْيِ الْحِنْثِ وُقُوعُ صِدْقِهِ فِي قَلْبِهِ، وَإِنْ كَانَ مَسْتُورَ الْعَدَالَةِ. اهـ. وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الْحَالِفِ إنْ ظَنَّ صِدْقَ مَا أَفْتَاهُ بِهِ الْمُفْتِي سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُفْتَى لَهُ بِذَلِكَ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا. اهـ. وَأَجَابَ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ الْغَزِّيُّ بِقَوْلِهِ: لَا يَحْنَثُ إذَا كَانَ الْمُفْتِي بِذَلِكَ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَى فَتْوَاهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَإِلَّا حَنِثَ وَمِنْ كَلَامِ السَّيِّدِ السَّمْهُودِيِّ فِي الثَّلَاثِ مَسَائِلِ الْمُهِمَّةِ قُلْتُ: قَوْلَهُ يَعْنِي الْجَلَالَ الْبُلْقِينِيَّ إذْ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَسْأَلَ رُبَّمَا يَفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ سَأَلَ وَلَكِنْ أَخْطَأَ مَنْ سَأَلَهُ أَنَّهُ يَكُونُ مَعْذُورًا فَلَا يَحْنَثُ وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا عَنْ شَخْصٍ قَالَ: إنْ وَقَفْتُ فِي مُهِمِّ أَخِي فَجَارِيَتِي حُرَّةٌ فَأَفْتَاهُ شَخْصٌ بِأَنَّهُ يَقِفُ فِيهِ وَيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ عِتْقٌ فَوَقَفَ فِيهِ اعْتِمَادًا عَلَى فِعْلِهِ فَأَجَابَ

بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ الْمُفْتِي مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَيُرْجَعُ إلَيْهِ فِي الْمُشْكِلَاتِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الْعِتْقُ كَذَلِكَ وَإِلَّا وَقَعَ فَالْحَاصِلُ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثُ طُرُقٍ أَشْهُرُهَا مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَأَوْسَطُهَا مَا ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ وَأَخَفُّهَا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ فَتَاوِيكُمْ فَمَا الْمُعْتَمَدُ فِي صِفَةِ مَنْ يُعْتَمَدُ عَلَى إفْتَائِهِ وَهَلْ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الرَّوْضِ وَقَدْ أَفْتَانِي بِخِلَافِهِ الْفُقَهَاءُ وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ وَقَدْ رَاجَعْتُ الْمُفْتِينَ الْجَمْعَ أَوْ الْجِنْسَ حَتَّى يَخْرُجَ غَيْرُ الْمُفْتِي وَغَيْرُ الْفَقِيهِ حَتَّى لَا يُعْذَرَ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى الْقَائِلِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُ مُخْبِرِهِ بِوُقُوعِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْإِفْتَاءِ وَيَقْصِدُ بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ الْإِخْبَارَ عَنْهُ بَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا أَتَى بِلَفْظٍ غَلَبَ عَلَى ظَنّه وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِهِ أَوْ عَلَّقَهُ عَلَى صِفَةٍ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وُجُودُهَا، ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِوُقُوعِهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ فَقَوْلُ ابْنِ الْعِمَادِ الْمَذْكُورِ لَا يَأْتِي إلَّا عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَقَدْ قَالُوا: إنَّهُ لَوْ خَاطَبَ زَوْجَتَهُ بِالطَّلَاقِ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَهُوَ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً طَلُقَتْ، وَلَوْ نَسِيَ أَنَّ لَهُ زَوْجَةً أَوْ زَوَّجَهُ أَبُوهُ فِي صِغَرِهِ أَوْ وَكِيلَهُ فِي كِبَرِهِ وَهُوَ لَا يَدْرِي فَقَالَ:

زَوْجَتِي طَالِقٌ أَوْ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ طَلُقَتْ نَعَمْ إنْ حَمَلَ قَوْلَهُ وَأَنْشَأَ طَلَاقًا آخَرَ عَلَى أَنَّهُ مَجَازٌ عَمَّا أَخْبَرَ بِمَعْنَى أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الْإِخْبَارَ عَمَّا يَظُنُّ وُقُوعَهُ اسْتَقَامَ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ مَا أَفْتَى بِهِ النُّورُ الْمَحَلِّيُّ وَبَعْضُهُمْ جَارٍ عَلَى سُنَنِ الصَّوَابِ، وَأَمَّا مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالشَّمْسُ الْغَزِّيُّ مِنْ حِنْثِ الْحَالِفِ إذَا كَانَ الْمُفْتِي مِمَّنْ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ عَدَمِ حُصُولِ غَلَبَةِ ظَنِّ الْحَالِفِ بِإِفْتَائِهِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ، وَتَعْلِيلُ الْحِنْثِ بِتَقْصِيرِ الْحَالِفِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا بَحَثَهُ الْعِرَاقِيُّ فِيمَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِفِعْلِ غَيْرِهِ فَفَعَلَهُ غَيْرُ عَالِمٍ بِحَلِفِهِ حَيْثُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ عَلَى الرَّاجِحِ بِقَوْلِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَوَسَّطَ بَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ فَيُقَالُ: إذَا قَصَدَ الْمَنْعَ وَتَمَكَّنَ مِنْ إعْلَامِهِ فَلَمْ يُعْلِمْهُ حَنِثَ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ كَلَا قَصْدٍ فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ كَمَنْ حَلَفَ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ دَارِهِ وَالْمَذْكُورُ فِي سَلَالِمِ الدَّارِ لَا يَدْرِي بِيَمِينِهِ وَلَا أَمْكَنَهُ إعْلَامَهُ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَقِبَ يَمِينِهِ جَاهِلًا بِحَلِفِهِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَهَذَا تَوَسُّطٌ حَسَنٌ. اهـ. وَرَدَ بِأَنَّ مَا بَحَثَهُ مَأْخُوذٌ مِنْ طَرِيقَةٍ ضَعِيفَةٍ قَائِلَةٍ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِفِعْلِ الْجَاهِلِ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْمُعَلِّقَ مُقَصِّرٌ حَيْثُ لَمْ يُعْلِمْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ بِهِ، ثُمَّ نَسِيَ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى

الْجَوَابِ عَنْ بَقِيَّةِ السُّؤَالِ لِعِلْمِهِ مِمَّا ذَكَرْته. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: مَتَى خَرَجَ هَذَا الطَّاجِنُ النُّحَاسُ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ وَمَتَى أَخْرَجْته مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ طَاجِنُنَا تَكُونِي طَالِقًا، ثُمَّ تَنَازَعَا فِي شَيْءٍ آخَرَ فَنَقَلَتْ أَمْتِعَتَهَا وَالطَّاجِنَ ضِمْنَهَا نَاسِيَةً لِحَلِفِهِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِيهِمَا أَوْ يَقَعُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَرَدْت بِالْأَوَّلِ إخْرَاجَهَا أَوْ إخْرَاجَ زَيْدٍ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ تَعْلِيقٍ عَلَى الْخُرُوجِ وَقَدْ وُجِدَ، وَإِذَا أَخَذَتْ لَهُ أَمْتِعَةً وَقَالَ لَهَا: رَضِيت بِهَا عَنْ جَمِيعِ حُقُوقِك عَلَيَّ فَلَا يَلْحَقُنِي بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ فَقَالَتْ: رَضِيت بِهَا فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فِي ثَلَاثٍ ظَانًّا صِحَّةَ تَعْوِيضِهَا إلَّا مُتْعَةً عَنْ بَقِيَّةِ صَدَاقِهَا وَكَسَاوِيهَا وَمُتْعَتِهَا وَسَائِرِ حُقُوقِهَا عَلَيْهِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ، وَإِنْ كَانَا يَجْهَلَانِ قَدْرَ حُقُوقِهَا أَوْ أَحَدِهِمَا وَهَلْ هَذَا كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا: إنْ أَبْرَأْتنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ: أَبْرَأْتُك أَوْ أَبْرَأَك اللَّهُ قَاصِدَةً بِذَلِكَ أَبْرَأْتُك فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ظَانًّا صِحَّةَ الْبَرَاءَةِ وَقَاصِدًا تَعْلِيقَ طَلَاقِهَا عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ فَهَلْ يَصِحُّ لِنَحْوِ جَهْلِهَا بِالْمُبْرَأِ مِنْهُ أَوْ لِسَفَهِهَا فَلَا يَقَعُ بِذَلِكَ، وَهَلْ إذَا اخْتَلَفَا فِي صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ وَعَدَمِهَا كَأَنْ قَالَ: الزَّوْجُ أَنَا جَاهِلٌ بِهِ

وَأَنْتِ سَفِيهَةٌ فَيُصَدَّقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِيَمِينِهِ أَوْ يُصَدَّقُ مَنْ ادَّعَى جَهْلَهُ أَوْ سَفَهَهُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ وَهَلْ يَشْهَدُ لِقَبُولِ قَوْلِ مَنْ ظَنَّ صِحَّةَ تَعْوِيضِهَا مَا فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِيمَنْ أَرَادَ سَفَرًا وَلَهُ عِنْدَ زَوْجَتِهِ أَسَاوِرُ ذَهَبٍ فَقَالَ لِرَجُلٍ: أَقْرِضْنِي دِينَارًا ذَهَبًا مَثَلًا وَخُذْ الْأَسَاوِرَ عِنْدَك إلَى أَنْ أَحْضَرَ فَأَقْرَضَهُ وَقَالَ لَهُ: أَرْسِلْ زَوْجَتَك غَدًا تَأْخُذَهَا مِنْ زَوْجَتِي وَسَافَرَ، ثُمَّ أَخَذَتْهَا زَوْجَةُ الْمُقْرِضِ وَدَفَعَتْهَا لِزَوْجِهَا، ثُمَّ قَالَتْ زَوْجَةُ الْمُقْتَرِضِ: مَا جَعَلْت الْأَسَاوِرَ عِنْدَ الْمُقْرِضِ إلَّا خَوْفًا عَلَيْهَا مِنِّي فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ مَا جَعَلَهَا عِنْدَهُ إلَّا رَهْنًا ظَانًّا أَنَّ مَا فَعَلَهُ رَهْنٌ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ طَلَاقٌ. اهـ. (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي قَوْلِهِ مَتَى أَخْرَجَتْهُ مِنْهُ وَيَقَعُ فِي قَوْلِهِ مَتَى خَرَجَ إلَّا أَنْ قَالَ: أَرَدْت بِهِ أَنْ لَا تُخْرِجَهُ فَيُقْبَلُ مِنْهُ وَلَا يَقَعُ بِخُرُوجِهِ الْمَذْكُورِ طَلَاقٌ وَيَقَعُ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ، وَإِنْ اعْتَقَدَ صِحَّةَ الِاعْتِيَاضِ، وَكَانَا جَاهِلَيْنِ بِقَدْرِ حُقُوقِهَا عَلَيْهِ فَقَدْ قَالُوا فِي ضَبْطِ مَا يُقْبَلُ وَيَدِينُ أَنَّ لِمَا يَدَّعِيه الشَّخْصُ مَعَ إطْلَاقِ اللَّفْظِ مَرَاتِبُ: إحْدَاهَا: أَنْ يَدَّعِيَ مَا يَرْفَعُ مَا صَرَّحَ بِهِ كَأَنْ قَالَ: أَرَدْت طَلَاقًا لَا يَقَعُ لَمْ يُقْبَلْ وَلَمْ

يَدِنْ. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَدَّعِيَ مَا يُفِيدُ الْمَلْفُوظَ كَأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ أَوْ مَشِيئَةِ زَيْدٍ فَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا وَيَدِينُ. الثَّالِثَةُ: أَنْ يَدَّعِيَ تَخْصِيصَ عَامٍ فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا بِقَرِينَةٍ وَلَا يُقْبَلُ بِدُونِهَا وَيَدِينُ وَقَالُوا: لَوْ خَاطَبَ زَوْجَتَهُ بِالطَّلَاقِ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَهُوَ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً طَلُقَتْ، وَلَوْ نَسِيَ أَنَّ لَهُ زَوْجَةً أَوْ زَوَّجَهُ بِهَا أَبُوهُ فِي صِغَرِهِ أَوْ وَكِيلُهُ فِي كِبَرِهِ وَهُوَ لَا يَدْرِي فَقَالَ: زَوْجَتِي طَالِقٌ أَوْ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِي مَحَلِّهِ وَظَنُّهُ غَيْرُ الْوَاقِعِ لَا يَدْفَعُهُ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ أَيْضًا فِي مَسْأَلَةِ " إنْ أَبْرَأْتنِي " الْمُسْتَشْهَدِ بِهَا لِمَا ذَكَرْته، نَعَمْ إنَّمَا يَصِحُّ مَا ذُكِرَ فِيهَا إذَا قَصَدَ بِقَوْلِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ الثَّلَاثَ، ثُمَّ أَنَّهُ ظَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ بِإِبْرَائِهَا، ثُمَّ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَاصِدًا بِهِ الْإِخْبَارَ عَنْ الْوَاقِعِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ بِهِ الطَّلَاقُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ لَهَا: إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ، ثُمَّ ظَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِإِبْرَائِهَا، ثُمَّ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ قَاصِدًا الْإِخْبَارَ عَنْ الْوَاقِعِ وَقَدْ نَجَّزَ الطَّلَاقَ فِي مَسْأَلَتِنَا وَقَصْدُهُ تَعْلِيقُهُ عَلَى صِحَّةِ التَّعْوِيضِ بِلَا لَفْظٍ مِنْ أَلْفَاظِ التَّعْلِيقِ لَا يَدْفَعُهُ، وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ رَجُلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ وَهَبَنِي اللَّهُ

مَهْرَك فَأَنَا أُطَلِّقُك، فَقَالَتْ: إنَّ اللَّهَ قَدْ وَهَبَك، فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَيَبْرَأُ الزَّوْجُ مِنْ الْمَهْرِ إنْ كَانَتْ أَرَادَتْ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تَرُدَّهُ فَلَا يَبْرَأُ فَإِنْ انْضَمَّ إلَى عَدَمِ إرَادَتِهَا إرَادَةُ الزَّوْجِ إيقَاعَ الطَّلَاقِ فِي مُقَابِلَتِهِ فَلَا يَقَعُ حِينَئِذٍ. اهـ. وَقَوْلُهُ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ ضَعِيفٌ وَلَا مُشَابَهَةَ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَبَيْنَ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا فِي مَسْأَلَةِ الْأَسَاوِرِ كَمَا يَظْهَرُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ وَمَتَى اخْتَلَفَا فِي صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ وَعَدَمِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِيهَا بِيَمِينِهِ، وَأَمَّا دَعْوَى الْجَهْلِ بِقَدْرِ الْمُبْرَأِ مِنْهُ فَقَدْ قَالُوا: لَوْ أَبْرَأَ الْمَدْيُونُ، ثُمَّ ادَّعَى الْجَهْلَ يُقَدَّرُ الْمُبْرَأُ مِنْهُ فَإِنْ بَاشَرَ سَبَبَ الدَّيْنِ بِنَفْسِهِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ أَوْ رَجَعَ إلَيْهِ عِنْدَ السَّبَبِ كَالثَّيِّبِ فِي الصَّدَاقِ لَمْ يُقْبَلْ وَإِلَّا فَيُقْبَلُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مِنْ زَوْجَتِهِ أَنَّهُ لَا يُرَاجِعُ مُطَلَّقَتَهُ فَوَكَّلَ مَنْ رَاجَعَهَا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَوَكَّلَ مَنْ تَزَوَّجَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ سَفِيرٌ مَحْضٌ فِيهِمَا أَوْ لَا يَقَعُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَهَلْ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا حِنْثَ بِرَجْعَةِ الْوَكِيلِ يَحْنَثُ أَوْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِرَجْعَةِ وَكِيلِهِ لِمَا ذُكِرَ وَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ عَدَمِ حِنْثِهِ بِهَا جَارٍ عَلَى مَا رَجَّحَهُ فِي مَسْأَلَةِ التَّزَوُّجِ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ فَقَدْ قَالُوا فِي تَصْحِيحِهِ إنَّ الْحِنْثَ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَلِقَاعِدَتِهِ وَلِلدَّلِيلِ وَلِلْأَكْثَرِينَ، وَنَقَلَ فِي حَوَاشِيهِ أَيْضًا عَدَمَ الْحِنْثِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَقَالَ: إنَّهُ الصَّوَابُ وَلَا يَحْنَثُ بِهَا إذَا اعْتَمَدَ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ يَوْمَ كَذَا، وَكَانَ مُعْسِرًا حِينَ حَلِفِهِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ يَسَارِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَاسْتَمَرَّ مُعْسِرًا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمَحْضِ الْيَوْمِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُسَافِرُ بِزَوْجَتِهِ الْحِجَازَ فَهَلْ يَحْنَثُ بِمُفَارَقَةِ عُمْرَانِ بَلَدِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ مُرَاجَعَتُهَا أَوْ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِوُصُولِهِ أَرْضَ الْحِجَازِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِمُفَارَقَتِهِ الْعُمْرَانَ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِيهِ عُرْفًا سَافَرَ إلَى الْحِجَازِ هَذَا فِي الظَّاهِرِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْحِجَازِ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالْحَيْضِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ ظَاهِرًا بِظُهُورِهِ فَإِنْ نَقَصَ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ. اهـ. أَوْ لَا حَتَّى تَنْتَهِيَ الْمُدَّةُ وَمَا الْفَرْقُ

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِعَدَمِ الْقَضَاء إلَّا بِانْتِفَائِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ بِشَرْطِهِ وَغَلَبَةِ ظَنِّ الْحَالِفِ بِإِعْسَارِهِ فِيهِ لَا يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِمُجَرَّدِ الْحَلِفِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُخْرِجُ الْقَضَاءَ عَنْ الْإِمْكَانِ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْعَجْزُ فِي الْحَالِ فَقَدْ قَالُوا: إنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ بِصِفَةٍ لَا يَقَعُ قَبْلَ وُجُودِهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِمَّنْ يَتَحَقَّقُ حُصُولُهَا كَمَجِيءِ الشَّهْرِ أَمْ لَا يَتَحَقَّقُ كَدُخُولِ الدَّارِ وَمُكَالَمَةِ الْغَيْرِ، وَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِعَدَدِ هَذِهِ الرُّمَّانَةِ قَبْلَ كَسْرِهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِعَدَدِ مَا فِي هَذَا الْبَيْتِ مِنْ الْجَوْزِ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَى مَا أَكَلْتِ عَنْ نَوَى مَا أَكَلْت وَقَدْ اخْتَلَطَا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَصَدَ التَّعْيِينَ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ فِيهَا إلَّا عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْهُ، وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ وَمَا عُزِيَ لِإِفْتَاءِ شَيْخِنَا فِي مَسْأَلَةِ الْقَضَاءِ مَعْنَاهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِمُجَرَّدِ الْحَلِفِ فَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لِمَسْأَلَةِ السَّفَرِ هَذَا مَعَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِيهَا يُخَالِفُ نَقْلَ الشَّيْخَيْنِ فِي تَعْلِيقَاتِ الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ فِي التَّعْلِيقَاتِ إلَى اللَّفْظِ وَإِلَى السَّابِقِ إلَى الْفَهْمِ فِي الْعُرْفِ الْغَالِبِ فَإِنْ تَطَابَقَا فَذَاكَ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يَمِيلُ إلَى اعْتِبَارِ الْوَضْعِ

وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ يَرَيَانِ اتِّبَاعَ الْعُرْفِ، ثُمَّ صَحَّحَ الشَّيْخَانِ فِي مَسَائِلِ الشَّتْمِ وَالْإِيذَاءِ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ وَلَمْ يَقْصِدْ الْمُكَافَأَةَ لَكِنْ عَمَّ الْعُرْفُ بِهَا أَنَّ الْمُرَاعَى الْوَضْعُ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ فِي مِثْلِ هَذَا وَقَضِيَّتُهُ أَنْ لَا يَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إلَّا بِوُصُولِهِ إلَى الْحِجَازِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَخَذَ خَرُوفَ غَيْرِهِ وَذَبَحَهُ فَحَلَفَ صَاحِبُهُ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُعْطِنَا خَرُوفًا غَيْرَهُ فَلَا أُكَلِّمُهُ فَهَلْ يَحْنَثُ بِكَلَامِهِ قَبْلَ إعْطَائِهِ خَرُوفًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِتَكْلِيمِهِ إيَّاهُ إلَّا عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ إعْطَائِهِ خَرُوفًا إذْ لَا يَفُوتُ إعْطَاؤُهُ إلَّا بِذَلِكَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي مَتَى بِعْت الْجَارِيَةَ تَزَوَّجْت هَلْ يُعْتَبَرُ تَزْوِيجُهُ عَلَى الْفَوْرِ بَعْدَ بَيْعِهِ الْجَارِيَةَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْفَوْرِيَّةُ إذْ الصِّيغَةُ الْمَذْكُورَةُ لَا تَقْتَضِيهِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ بَارِزَةٌ عَنْ عِصْمَتِي وَلَمْ يَنْوِ بِهِ طَلَاقًا هَلْ يَقَعُ بِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لِأَقْضِيَنَّك حَقَّك عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ إلَّا أَنْ تُؤَخِّرَنِي فَهَلْ إذَا أَخَّرَهُ تَرْتَفِعُ الْيَمِينُ رَأْسًا وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي التَّأْخِيرِ اللَّفْظُ وَهَلْ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ

أَوْ مُنْقَطِعٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَرْتَفِعُ الْيَمِينُ بِرِضَا صَاحِبِ الدَّيْنِ بِتَأْخِيرِ أَدَائِهِ عَنْ رَأْسِ الْهِلَالِ وَيُعْتَبَرُ فِي رِضَاهُ بِتَأْخِيرِهِ تَلَفُّظِهِ بِهِ إذْ الرِّضَا أَمْرٌ خَفِيٌّ فَأُنِيطَ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَهُوَ اللَّفْظُ وَالِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ مُتَّصِلٌ لِشُمُولِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ حَالَةَ مُطَالَبَتِهِ بِأَدَائِهِ فِي ذَلِكَ وَسُكُوتِهِ عَنْهَا وَرِضَاهُ بِتَأْخِيرِهِ عَنْ الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّ ابْنَتَهُ مَا تَطْلُعُ إلَى بَلَدِهِ وَهِيَ عَلَى عِصْمَةِ زَوْجِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً، ثُمَّ طَلَعَتْ إلَى بَلَدِهِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَى وَالِدِهَا الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لِكَوْنِ الرَّجْعِيَّةِ فِي حُكْمِ الْعِصْمَةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَى وَالِدِهَا الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ تَظُنَّ أَنَّ يَمِينَهُ انْحَلَّتْ بِالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ بِطُلُوعِهَا طَلَاقٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ إنْ أُخْتُك قَالَتْ لِي: إنَّهَا أَخَذَتْ مَهْرَهَا مِنْ فُلَانٍ عِشْرِينَ دِينَارًا وَهِيَ عِنْدَهَا فِي صُنْدُوقِهَا فَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ وَادَّعَتْ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِذَلِكَ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ كَمَا إذَا ادَّعَى دَفْعَ النَّفَقَةِ الْمُعَلَّقِ الطَّلَاقُ عَلَى دَفْعِهَا أَمْ لَا كَمَا إذَا ادَّعَتْ الْحَيْضَ وَنَحْوَهُ مِمَّا لَا يُعْلَمُ غَالِبًا إلَّا مِنْهَا، وَهَلْ هَذِهِ

كَمَسْأَلَةِ مَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ وَادَّعَتْ وُقُوعَهُ وَعَدَمَ الْإِذْنِ لَهَا وَادَّعَاهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْبَيَانَ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَالرَّوْضِ وَغَيْرِهِمَا وَقَالَ فِي الْخَادِمِ: إنَّهُ الْمُرَجَّحُ فِي الْمَذْهَبِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لِمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ نَظِيرُ مَسْأَلَةِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِدُخُولِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ، ثُمَّ تَزَوَّجَ بِوَكِيلٍ وَقَالَ: قَصَدْتُ بِنَفْسِي هَلْ يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا أَوْ يَدِينُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ لَفْظِهِ وَلِأَنَّ التَّزَوُّجَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ عَقْدِهِ بِنَفْسِهِ وَبَيْنَ عَقْدِ وَكِيلِهِ لَهُ وَمَتَى ادَّعَى إرَادَةَ أَحَدِ مَعْنَيَيْ الْمُشْتَرَكِ قُبِلَ ظَاهِرًا عَلَى الْأَصَحِّ بَلْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّ حِنْثَهُ بِتَزَوُّجِ وَكِيلِهِ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَلِلدَّلِيلِ وَلِلْأَكْثَرِينَ فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِعَدَمِ حِنْثِهِ وَقَالَ: إنَّهُ الصَّوَابُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ يَلْبَسُ هَذِهِ الْبُرْدَةُ بَقِيَّةَ هَذَا الشَّهْرِ فَلَبِسَهَا، ثُمَّ نَزَعَهَا قَبْلَ فَرَاغِ بَقِيَّةِ ذَلِكَ الشَّهْرِ وَلَمْ يَلْبَسْهَا فِيهَا هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ ظَنَّ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَنَّ

الْحَالِفَ تَخَلَّصَ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ بِلُبْسِهِ الْمَذْكُورَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ ذَلِكَ الطَّلَاقُ وَإِلَّا وَقَعَ لِانْتِفَاءِ لُبْسِهِ فِي جَمِيعِ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ زَوْجَتُهُ حَامِلٌ فَقَالَ لَهَا: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي مِنْك يَوْمَ تَضَعِي حَمْلَك طَلَّقْتُك، ثُمَّ أَنَّهَا وَضَعَتْ لَيْلًا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَهَلْ إذَا مَضَتْ اللَّيْلَةُ الَّتِي وَلَدَتْ فِيهَا وَلَمْ يُطَلِّقْهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ أَمْ لَا يَقَعُ حَتَّى يَمْضِيَ النَّهَارُ الَّذِي يَلِيهَا أَمْ لَا يَقَعُ شَيْءٌ لِكَوْنِهَا لَمْ تَلِدْ نَهَارًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ فِي السُّؤَالِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ إلَّا ثُلُثَ إلَّا رُبُعَ إلَّا سُدُسَ إلَّا ثُمُنَ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ، وَإِنْ قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ بِشَرْطِهِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَبَعَّضُ إذْ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا تَقَعُ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ فَلَا يَقَعُ إلَّا ثُلُثَ طَلْقَةٍ فَيَقَعُ إلَّا رُبُعَ طَلْقَةٍ فَلَا يَقَعُ إلَّا سُدُسَ طَلْقَةٍ فَيَقَعُ إلَّا ثُمُنَ طَلْقَةٍ فَلَا يَقَعُ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِلْقَاضِي: أَشْهَدُ عَلَى أَنَّ زَوْجَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: قَصَدْت الْإِتْيَانَ بِالِاسْتِثْنَاءِ قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِي وَأَتَيْت بِهِ مُتَّصِلًا بِحَيْثُ

سَمِعْتُهُ فَقَالَ الْقَاضِي: لَمْ أَسْمَعْ سِوَى الطَّلَاقِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ أَوْ لَا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ تُكَذِّبَهُ زَوْجَتُهُ فِيمَا قَالَهُ أَوْ لَا، وَهَلْ الِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ أَوْ لَا وَهَلْ قَوْلُهُ: أَشْهَدُ إلَخْ إنْشَاءٌ أَوْ إخْبَارٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ تُكَذِّبَهُ زَوْجَتُهُ فِيهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا فِي نَفْيِهِ فَإِذَا حَلَفَتْ حُكِمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ أَشْهَدُ إلَخْ أَرَادَ بِهِ الْإِنْشَاءَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَصَدْت الْإِتْيَانَ إلَخْ. (سُئِلَ) عَمَّنْ دَفَعَ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ دِينَارًا بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ كَثِيرِينَ، ثُمَّ طَالَبَهُ بِهِ وَأَنْكَرَ دَفْعَهُ فَحَلَفَ الْمَدْيُونُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ دَفَعَهُ لَهُ قُدَّامَ مِائَةِ نَفْسٍ مِنْ الْأَسَاكِفَةِ وَقَصَدَ الْكَثْرَةَ لَا الْعَدَدَ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّفْعُ قُدَّامَ مِائَةِ نَفْسٍ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ رَفْعِ بَعْضِهَا بِلَا لَفْظٍ وَلِأَنَّ فِيمَا ادَّعَاهُ رَفْعَ الطَّلَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ اللَّفْظِ الدَّالِ عَلَيْهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَرَدْت طَلَاقًا لَا يَقَعُ أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا لَمْ أَضْرِبْك مِائَةَ ضَرْبَةٍ

فَضَرَبَهَا أَقَلَّ مِنْ مِائَةٍ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْتُ بِالْمِائَةِ الْكَثْرَةَ لَا الْحَصْرَ فِيهَا فَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فَرْعٌ فِي ضَبْطِ مَا يَدِينُ فِيهِ وَمَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ لِمَا يَدَّعِيه الشَّخْصُ مِنْ النِّيَّةِ مَعَ مَا أَطْلَقَهُ مِنْ اللَّفْظِ أَرْبَعُ مَرَاتِبَ: أَحَدُهَا: أَنْ يَرْفَعَ مَا صَرَّحَ بِهِ بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْتُ طَلَاقًا لَا يَقَعُ عَلَيْك أَوْ لَمْ أُرِدْ إيقَاعَ الطَّلَاقِ فَلَا تُؤَثِّرُ دَعْوَاهُ وَلَا يَدِينُ بَاطِنًا. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ مَا يَدَّعِيه مُقَيَّدًا لِمَا تَلَفَّظَ بِهِ مُطْلَقًا بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ فَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا وَفِي التَّدْيِينِ الْخِلَافُ. الثَّالِثَةُ: أَنْ يَرْجِعَ مَا يَدَّعِيه إلَى تَخْصِيصِ عُمُومٍ فَيَدِينُ وَفِي الْقَبُولِ ظَاهِرًا خِلَافٌ. الرَّابِعَةُ: أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مُحْتَمِلًا لِلطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ شُيُوعٍ وَظُهُورٍ وَفِي هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ يَقَعُ لِلْكِنَايَاتِ وَيُعْمَلُ فِيهَا بِالنِّيَّةِ. اهـ. وَقَالَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ: وَالضَّابِطُ أَنَّهُ إنْ فَسَّرَ بِمَا يَرْفَعُ الطَّلَاقَ فَقَالَ: أَرَدْت طَلَاقًا لَا يَقَعُ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ بِتَخْصِيصِ مُتَعَدِّدٍ كَطَلَّقْتُكِ ثَلَاثًا وَأَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً أَوْ أَرْبَعَتَكُنَّ وَأَرَادَ إلَّا ثَلَاثَةً لَمْ يَدِنْ، وَإِنْ فُسِّرَ بِغَيْرِهِ مِنْ مُقَيَّدٍ لِلطَّلَاقِ أَوْ صَارِفٍ إلَى مَعْنًى آخَرَ أَوْ

مُخَصِّصٍ كَقَوْلِهِ: أَرَدْت إنْ دَخَلْت أَوْ طَلَاقًا مِنْ وَثَاقٍ أَوْ إلَّا فُلَانَةَ بَعْدَ كُلِّ امْرَأَةٍ لِي أَوْ نِسَائِي دِينَ اهـ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا إلَّا فِي شَرٍّ، ثُمَّ تَخَاصَمَا وَكَلَّمَهُ فِي شَرٍّ فَهَلْ إذَا كَلَّمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي خَيْرٍ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِكَلَامِهِ فِي الْخَيْرِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ انْحَلَّتْ بِكَلَامِهِ الْأَوَّلِ إذْ لَيْسَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَيَّدَهَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ وَلِأَنَّ لِهَذِهِ الْيَمِينِ جِهَةَ بِرٍّ وَهِيَ كَلَامُهُ فِي الشَّرِّ وَجِهَةُ حِنْثٍ وَهِيَ كَلَامُهُ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَقْتَضِي النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ جَمِيعًا وَإِذَا كَانَ لَهَا جِهَتَانِ وَوُجِدَتْ إحْدَاهُمَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِدَلِيلِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الْيَوْمَ الدَّارَ أَوْ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ فِي الْيَوْمِ بَرَّ وَإِنَّ تَرَكَ أَكْلَ الرَّغِيفِ، وَإِنْ أَكَلَهُ بَرَّ، وَإِنْ دَخَلَ الدَّارَ وَلَيْسَ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ خَرَجْت لَابِسَةً حَرِيرَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ لَهُ لَا تَنْحَلُّ حَتَّى يَحْنَثَ بِالْخُرُوجِ ثَانِيًا لَابِسَةً لَهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى جِهَتَيْنِ، وَإِنَّمَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِخُرُوجِ مُقَيِّدٍ فَإِذَا وُجِدَ وَقَعَ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ فِي الْكَوَاكِبِ: إنَّ لَوْلَا تَكُونَ تَارَةً حَرْفَ

امْتِنَاعٍ لِوُجُودٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلِيهَا إلَّا الْمُبْتَدَأُ عَلَى الْمَعْرُوفِ، نَحْوُ لَوْلَا زَيْدٌ لَأَكْرَمْتُك أَيْ امْتَنَعَ الْإِكْرَامُ لِأَجْلِ وُجُودِ زَيْدٍ، وَتَارَةً حَرْفَ تَحْضِيضٍ بِمَعْنَى هَلَّا وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا} [الفرقان: 7] إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَمِنْ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا دَخَلْتِ الدَّارَ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ وَرَدَتْ مِنْ الْيَمِينِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَرَادَ بِلَوْلَا التَّحْضِيضِيَّةُ وَأَتَى بِهَا بَعْدَ إيقَاعِ الطَّلَاقِ إمَّا حَثًّا لَهَا عَلَى الدُّخُولِ أَوْ إنْكَارًا أَوْ تَعْلِيلًا لِلْإِيقَاعِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَيَحْتَمِلُ إرَادَةُ لَوْلَا الِامْتِنَاعِيَّةُ إلَّا أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي الْإِعْرَابِ فَأَتَى بِالْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ عَقِبَهَا وَالِاسْمِيَّةِ جَوَابًا لَهَا، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ إلَى الْفَهْمِ فَإِنْ أَطْلَقَ أَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ فَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ مَا الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ امْتِنَاعًا وَتَحْضِيضًا عَمِلَ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا أَوْ لَمْ يُعْرَفْ قَصْدُهُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ حَمْلًا عَلَى أَنَّ لَوْلَا الِامْتِنَاعِيَّةَ لِتَبَادُرِهَا إلَى الْفَهْمِ عُرْفًا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالشَّكِّ وَلِأَنَّ الِامْتِنَاعِيَّةَ قَدْ يَلِيهَا الْفِعْلُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ فِي تَسْهِيلِهِ: وَقَدْ تَلِي الْفِعْلَ غَيْرَ مُفْهِمَةٍ تَحْضِيضًا اهـ. وَهُوَ

مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ: فَلَا يَلِيهَا إلَّا الْمُبْتَدَأُ عَلَى الْمَعْرُوفِ. اهـ وَلِأَنَّ التَّحْضِيضِيَّةَ تَخْتَصُّ بِالْمُضَارِعِ أَوْ مَا فِي تَأْوِيلِهِ نَحْوُ {لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ} [النمل: 46] وَنَحْوُ {لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} [المنافقون: 10] . (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ زَوْجَتَهُ لَا تَأْكُلُ كَذَا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَمَضَى وَادَّعَى أَنَّهَا أَكَلَتْهُ وَأَنْكَرَتْ وَحَلَفَتْ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِيَمِينِهَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ كَوْنِ غَيْرِهَا أَكَلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ مُتَيَسِّرَةٌ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ. (سُئِلَ) عَنْ الْإِكْرَاهِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَنَحْوُهُ هَلْ إذَا كَانَ بِحَقٍّ أَيَكُونُ كَالْعَدَمِ وَيَقَعُ الْمُعَلَّقُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَاقْتَضَاهُ تَقْيِيدُ الْأَذْرَعِيِّ مَسْأَلَةَ الْإِكْرَاهِ عَلَى أَخْذِ مَالِهِ عَلَى مَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى الْأَخْذِ وَتَعَقَّبَ الْخَادِمَ لَمَّا أَسْقَطَهُ صَاحِبُ الرَّوْضِ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ فِيمَنْ قَالَ: إنْ أَخَذْت مَالِكَ مِنِّي فَإِنْ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ حَتَّى أَعْطَى بِنَفْسِهِ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي فِعْلِ الْمُكْرَهِ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى مُبَاشَرَةِ الْإِعْطَاءِ بِنَفْسِهِ أَيْ لِيَكُونَ الْإِكْرَاهُ عَلَى وَجْهِ غَيْرِ الْحَقِّ وَإِلَّا فَيَحْنَثُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبِيلٌ إلَّا بِمُبَاشَرَةِ

الْإِعْطَاءِ بِنَفْسِهِ عَلَى الْمُتَّجَهِ قَالَ: لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ أَمْ يُمْنَعُ مِنْ الْحِنْثِ أَيْضًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا مَا ذَكَرْته وَمِنْهَا مَا فِي الْأَيْمَانِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يُوفِيهِ وَلَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ فَفَعَلَ مُكْرَهًا أَوْ لَا نَفْتَرِقُ حَتَّى أَسْتَوْفِيَ وَأَفْلَسَ فَمَنَعَهُ الْحَاكِمُ مِنْ مُلَازَمَتِهِ وَأَيْضًا لَا يُتَصَوَّرُ الْإِكْرَاهُ بِحَقٍّ عَلَى الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِصِفَتِهِ وَقَدْ يَتَخَلَّفُ الْأَثَرُ شَرْعًا كَمَا فِي الْحُكْمِ بِثُبُوتِ رَمَضَانَ بِعَدْلٍ مَعَ الْحُكْمِ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِهِ وَنَحْوِهِ وَأَيْضًا لَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ وَبِغَيْرِ حَقٍّ إلَّا فِي الْمُنَجَّزِ عَلَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمُنَازَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْخَادِمِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ، وَهَلْ فَرَّقَ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ بَيْنَ إكْرَاهِ الْحَاكِمِ وَإِكْرَاهِ غَيْرِهِ فَتُرْشِدُونَا إلَى النَّقْلِ فِي ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْإِكْرَاهَ الْمَذْكُورَ يَمْنَعُ مِنْ الْحِنْثِ لِمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي الْأَيْمَانِ وَغَيْرِهَا، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْحُكْمُ فِي الْإِكْرَاهِ بَيْنَ كَوْنِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَكَوْنِهِ بِحَقٍّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي عَقْدٍ أَوْ حِلٍّ يَحْصُلُ بِصِحَّتِهِ أَوْ نُفُوذِهِ مَصْلَحَةٌ لِلْآدَمِيِّ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ الطَّلَاقِ، وَلَا

يُفْتَرَقُ حُكْمُهُمَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَالْإِكْرَاهُ بِالْحَقِّ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَنَحْوِهَا إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الشَّرْعِ فَيَجِبُ امْتِثَالُ أَمْرِهِ لِنُفُوذِ حُكْمِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِشَخْصٍ: بَلَغَنِي أَنَّك طَلَّقْتَ زَوْجَتَك، فَقَالَ: خَلِّهَا مُطَلَّقَةً هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَذَا اللَّفْظِ سَوَاءٌ أَقَصَدَ الطَّلَاقَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ بِلَفْظِهِ الْمَذْكُورِ. (سُئِلَ) عَنْ مُسْتَنِدِ صُورَتِهِ بَعْدَ الْحَمْدَلَةِ هَذِهِ حُجَّةٌ صَحِيحَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَوَثِيقَةٌ مُحَرَّرَةٌ شَرْعِيَّةٌ يُعْرَبُ مَضْمُونُهَا وَيُخْبَرُ مَكْنُونُهَا بِمَجْلِسِ الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ بِغَزَّةَ الْمَحْرُوسَةِ أَجَلَّهَا اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ يَدَيْ مَوْلَانَا الْحَاكِمِ الْوَاضِعِ خَطَّهُ أَعْلَاهُ زَادَ اللَّهُ عُلَاهُ بَعْدَ أَنْ ادَّعَى مُدَّعٍ شَرْعِيٌّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ شَعْبَانَ مِنْ أَوْلَادِ نَاهِضٍ أَنَّهُ قَبْلَ تَارِيخِهِ حَنِثَ فِي زَوْجَتِهِ الْحُرْمَةُ عَائِشَةَ بِنْتِ الْمَقْدِسِيِّ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةِ جباليا مِنْ ضَوَاحِي غَزَّةَ الْمَحْرُوسَةِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ بِمُقْتَضَى أَنَّهُ لَمَّا تَشَاجَرَ هُوَ وَخَالَاهَا وَلَدَا مُحَمَّدٍ تكتوك بِسَبَبِ الْقَضِيَّةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَهُمْ قَبْلَ تَارِيخِهِ وَأَنَّ الشَّيْخَ سَابِقَ بْنَ بَصِيصٍ مِنْ النَّاحِيَةِ غوش عَلَى الْمُدَّعِي بِسَبَبِهِمْ فَأَجَابَهُ بِأَنْ

قَالَ لَهُ: كَيْفَ أَفْعَلُ فِيهَا طَلَّقْتهَا عِشْرِينَ مَرَّةً وَأَنْتَ تَغْصِبُنِي بِرُجُوعِهَا إلَيَّ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ سُؤَالَهُ فَأَجَابَ بِالِاعْتِرَافِ بِذَلِكَ، وَأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ إخْبَارًا عَنْ طَلَاقٍ سَابِقٍ مِنْهُ عَلَيْهَا عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ وَأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ إنْشَاءَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَلَا غَيْرَهُ وَحَلَفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّةَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ ذَلِكَ إلَّا كَذَلِكَ وَأَنَّهُ يَمْلِكُ عَلَيْهَا طَلْقَتَيْنِ حَلِفًا شَرْعِيًّا وَثَبَتَ ذَلِكَ لَدَى الْحَاكِمِ الْمُشَارِ إلَيْهِ الثُّبُوتَ الشَّرْعِيَّ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ آخِرُهُ حُكْمٌ، أَيَّدَ اللَّهُ تَعَالَى حُكْمَهُ بِمُوجِبِ ذَلِكَ حُكْمًا شَرْعِيًّا مَسْئُولًا فِيهِ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ الشَّرْعِيَّةَ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ. وَشَهِدَ بِذَلِكَ فِي سَابِعَ عَشَرَ جُمَادَى الثَّانِيَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ وَسُؤَالُ صُورَتِهِ بَعْدَ الْحَمْدَلَةِ مَا قَوْلُكُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكُمْ أَجْمَعِينَ وَنَفَّعَ بِعُلُومِكُمْ الْمُسْلِمِينَ فِي رَجُلٍ مِنْ عَوَامِّ النَّاسِ الْجَاهِلِينَ بِالْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْأَلْفَاظِ الْمَعْنَوِيَّةِ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَأَعَادَهَا إلَى عِصْمَتِهِ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ مَدِيدَةٍ حَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا تَشَاجُرٌ وَمُخَاصَمَةٌ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: لِمَ لَا تُطَلِّقُهَا وَتَسْتَرِيحُ مِنْهَا فَقَالَ: طَلَّقْتهَا عِشْرِينَ مَرَّةً وَتَغْصِبنِي بِرَدِّهَا إلَيَّ

وَأَرَادَ بِذَلِكَ الطَّلْقَةَ الْأُولَى وَالْعَوْدَ مِنْهَا وَبَالَغَ فِي الْعَدَدِ الزَّائِدِ وَادَّعَى عَلَيْهِ مُدَّعٍ شَرْعِيٌّ بِأَنَّهُ صَدَرَ مِنْهُ حِنْثٌ فِي زَوْجَتِهِ فُلَانَةَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ بِمُقْتَضَى أَنَّهُ قَالَ جَوَابًا لِلْقَائِلِ لِمَ لَا تُطَلِّقُهَا فَقَالَ: طَلَّقْتهَا عِشْرِينَ مَرَّةً كَمَا ذَكَرَ وَسُئِلَ سُؤَالَهُ فَأَجَابَ بِالِاعْتِرَافِ بِذَلِكَ أَيْ بِالْمُقْتَضَى وَأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ جَاهِلًا عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ وَأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ إنْشَاءَ طَلَاقٍ وَلَا تَكْرَارِهِ وَأَنَّهُ يَمْلِكُ عَلَيْهَا طَلْقَتَيْنِ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ يَمِينًا شَرْعِيَّةً، وَثَبَتَ ذَلِكَ لَدَى الْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ الْمُدَّعَى عِنْدَهُ وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِ مُسْتَنِدًا إلَى مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَاوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَمَا نَقَلَهُ الْقُونَوِيُّ فِي شَرْحِ الْحَاوِي فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِخْبَارِ عَنْ الطَّلَاقِ وَالْإِخْبَارِ عَنْهُ فِي الْمَاضِي مِنْ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا. فَهَلْ إذَا أَرَادَ بِذَلِكَ الْإِخْبَارَ عَنْ الطَّلَاقِ الْمَاضِي وَذِكْرُ الزِّيَادَةِ مُبَالَغَةٌ فِي الْعَدَدِ يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ لِذَلِكَ وَيُقْبَلُ مِنْهُ فَإِنْ قُلْتُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْكُمْ - يَقَعُ فَهَلْ الْحُكْمُ بِالْمُوجِبِ صَحِيحٌ أَمْ بَاطِلٌ وَهَلْ يُلَازِمُ الْحَاكِمَ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ مُسْتَنِدًا لِلنَّقْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَى مَا يُخَالِفُهُمَا وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ أَمْ لَا وَهَلْ يَلْزَمُ

الزَّوْجَ بِالْوَطْءِ بَعْدَ الْحُكْمِ شَيْءٌ مِنْ اللَّوَازِمِ الشَّرْعِيَّةِ أَمْ لَا وَمَا حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ أَفْتَوْنَا مَأْجُورِينَ أَثَابَكُمْ اللَّهُ الْجَنَّةَ؟ وَجَوَابُ صُورَتِهِ بَعْدَ الْحَمْدَلَةِ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي لَمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِك لَا يَقَعُ طَلَاقٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ وَلَمْ يُقِرَّ بِطَلَاقِهَا الْآنَ صَادِقًا وَلَا كَاذِبًا بَلْ أَخْبَرَ عَنْ أَمْرٍ مَضَى وَأَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ الْآنَ بَلْ هُوَ مُعْتَذِرٌ عَنْ بَقَائِهَا فِي عِصْمَتِهِ، وَمَنْقُولُ الرَّوْضَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الِاسْتِخْبَارِ عَنْ الطَّلَاقِ الْآنَ وَالْإِخْبَارُ بِهِ كَاذِبًا فَيَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ وَالْخِلَافُ وَلَيْسَتْ مَسْأَلَتُنَا مِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ فَنَقْطَعُ فِيهَا بِعَدَمِ الْقَبُولِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ وَقَعَ مِنْهُ فِي الْمَاضِي طَلَاقٌ فِي الْجُمْلَةِ فَهُوَ مُخْبِرٌ عَنْ حَقِيقَتِهِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ كَذَبَ فِي الْعَدَدِ إقَامَةً لِلْعُذْرِ فِي عَدَمِ الطَّلَاقِ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ فِي الْعِصْمَةِ حَالًا، وَحِينَئِذٍ فَحُكْمُ الْحَاكِمِ صَحِيحٌ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ ظَلَمَهُ بِشَيْءٍ لَزِمَهُ الْخُرُوجُ مِنْ مَظْلِمَتِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ بَلْ الزَّوْجَةُ بَاقِيَةٌ فِي عِصْمَتِهِ حَيْثُ الْأَمْرُ كَمَا شُرِحَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَكَتَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْغَزِّيِّ الشَّافِعِيِّ لَطَّفَ اللَّهُ بِهِ حَامِدًا وَمُصَلِّيًا وَمُسْلِمًا فَهَلْ السُّؤَالُ الْمَذْكُورُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ مُوَافِقٌ لِلْمُسْتَنَدِ الْمَذْكُورِ مَعْنًى

وَإِنْ اخْتَلَفَ لَفْظًا؟ فَإِنْ قُلْتُمْ: مُوَافِقٌ، فَهَلْ يَعْتَمِدُ الْحَاكِمُ الْمَذْكُورُ كَلَامَ الْمُفْتِي وَيْحُكُمْ لِلزَّوْجِ بِبَقَاءِ الْعِصْمَةِ أَمْ لَا، وَإِنْ قُلْتُمْ: مُخَالِفٌ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الزَّوْجِ بِمُوجِبِ الْمُسْتَنَدِ الْمَذْكُورِ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَهَلْ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ وَالزَّوْجَ بِذَلِكَ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ ثَلَاثًا، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فِي إخْبَارِهِ؛ لِأَنَّ تَلَفُّظَ الشَّخْصِ بِالطَّلَاقِ لَا يَكُونُ إلَّا إنْشَاءً أَوْ إخْبَارًا وَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ إنْشَاءً فِي مَسْأَلَتِنَا لِقَوْلِهِ وَتَغْصِبُنِي بِرَدِّهَا إلَيَّ فَتَعَيَّنَ كَوْنُهُ إخْبَارًا بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا عِشْرِينَ طَلْقَةً أَمَّا بِأَنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ عِشْرِينَ طَلْقَةً أَوْ أَوْقَعَهَا مُفَرَّقَةً فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَحِلُّ لَهُ تَجْدِيدُ نِكَاحِهَا إلَّا بَعْدَ التَّحْلِيلِ بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ بِلَفْظِهِ الْمَذْكُورِ الطَّلَاقُ الْوَاقِعُ مِنْهُ فِي الْمَاضِي لِمُخَالَفَتِهِ لَهُ فِي الْعَدَدِ فَلَا يَصِحُّ الْإِخْبَارُ بِهِ عَنْهُ لِعَدَمِ مُطَابَقَتِهِ لَهُ، وَقَوْلُهُ وَتَغْصِبُنِي بِرَدِّهَا إلَيَّ لَا يُفِيدُ كَوْنُهَا فِي عِصْمَتِهِ حَالَ نُطْقِهِ بِلَفْظِهِ الْمَذْكُورِ بَلْ لَوْ قَالَ بَدَلَهُ وَهِيَ الْآنَ فِي عِصْمَتِي لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ

وَلَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ فِي مَسْأَلَتِنَا فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ قِيلَ لَهُ: مَا تَصْنَعُ بِهَذِهِ الزَّوْجَةِ طَلِّقْهَا فَقَالَ: طَلُقَتْ وَقَعَ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى السُّؤَالِ وَالتَّعْوِيضِ وَقَدْ قَالُوا: لَوْ قِيلَ لِرَجُلٍ اسْتِخْبَارًا أَوْ الْتِمَاسًا لِلْإِنْشَاءِ أَطَلَّقْت امْرَأَتَك أَوْ فَارَقْتهَا أَوْ سَرَّحْتهَا أَوْ زَوْجَتُك طَالِقٌ فَقَالَ: طَلُقَتْ وَقَعَ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ قَطْعًا فِي الِاسْتِخْبَارِ وَالِالْتِمَاسِ وَلَوْ أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ كَاذِبًا لَمْ تَطْلُقْ بَاطِنًا وَطَلُقَتْ ظَاهِرًا وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ بَائِنٌ، ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت بِالْبَائِنِ الْبَائِنَ بِالطَّلَاقِ فَلَمْ يَقَعْ الثَّلَاثُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِإِقْدَامِهِ عَلَى الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ. اهـ. وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَاطِلٌ وَلَكِنْ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ فِيهِ لِاسْتِنَادِهِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ فِيهِ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ شَيْءٌ وَيَلْزَمُ مُطَلِّقَهَا بِوَطْئِهِ الْمَذْكُورِ مَهْرُ مِثْلِهَا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ: أَحْلَلْت أُخْتَك وَنَوَى الطَّلَاقَ يَكُونُ كِنَايَةً أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ بِكِنَايَةٍ (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ، ثُمَّ فَعَلَهُ وَشَكَّ هَلْ حَلَفَ

بِالطَّلَاقِ أَوْ بِاَللَّهِ هَلْ تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ وَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ أَمْ أَحَدُهُمَا وَيَجْتَهِدُ فِيهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجْتَنِبُ زَوْجَتَهُ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ الْحَالُ وَلَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ عَلَّقَ عَلَى نَفْسِهِ لِزَوْجَتِهِ بِأَنْ قَالَ بِصَرِيحِ لَفْظِهِ مَتَى تَزَوَّجْت عَلَى زَوْجَتِي لَيْلَى الْمَذْكُورَةِ امْرَأَةً غَيْرَهَا بِنَفْسِي أَوْ بِوَكِيلِي أَوْ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ بِمِصْرَ الْمَحْرُوسَةِ أَوْ تَسَرَّيْت عَلَيْهَا بِسُرِّيَّةٍ مُطْلَقًا بِمِصْرَ الْمَحْرُوسَةِ وَثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيَّ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ وَأَبْرَأَتْ ذِمَّتِي مِنْ خَمْسَةِ أَنْصَافٍ مِنْ صَدَاقِهَا عَلَيَّ بِمَحْكَمَةٍ شَرْعِيَّةٍ تَكُونُ إذْ ذَاكَ طَالِقًا وَاحِدَةً تَمْلِكُ بِهَا نَفْسَهَا فَهَلْ إذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا امْرَأَةً غَيْرَهَا بِالْخَانْكَةَ أَوْ بمنبوبة أَوْ بِالْجِيزَةِ وَحَضَرَ بِالْمَرْأَةِ الَّتِي تَزَوَّجَهَا عَلَيْهَا إلَى مِصْرَ أَوْ تَسَرَّى عَلَيْهَا بِسُرِّيَّةٍ فِي أَحَدِ الْبِلَادِ الْمَذْكُورَةِ أَعْلَاهُ وَحَضَرَ بِهَا إلَى مِصْرَ الْمَحْرُوسَةِ وَأَبْرَأَتْ زَوْجَتُهُ - الْمُعَلَّقُ لَهَا التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ أَعْلَاهُ - ذِمَّتَهُ مِنْ خَمْسَةِ أَنْصَافٍ مِنْ صَدَاقِهَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي مَسْأَلَةِ تَزَوُّجِهِ الْمَذْكُورِ، وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ تَسَرِّيهِ فَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِيهَا إنْ تَسَرَّى بِهَا فِي

مِصْرَ بِأَنْ وَطِئَهَا وَأَنْزَلَ فِيهَا وَحَجَبَهَا عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ التَّسَرِّي يُقَدَّرُ بِمُدَّةٍ فَيُقَالُ لَهُ كَذَا وَكَذَا مُتَّسِرٍ وَكُلَّمَا كَانَ كَذَلِكَ فَاسْتِدَامَتُهُ كَابْتِدَائِهِ وَلِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ كُلُّ فِعْلٍ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لَا تَكُونُ اسْتِدَامَتُهُ كَابْتِدَائِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ فِيمَنْ خَرَجَتْ امْرَأَتُهُ إلَى قَرْيَةٍ لِلضِّيَافَةِ فَقَالَ: إنْ مَكَثْتِ هُنَاكَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي عَدَمُ الْحِنْثِ فِيمَا إذَا خَرَجَتْ لِدُونِ الثَّلَاثَةِ، ثُمَّ عَادَتْ هَلْ الْمُرَادُ انْحِلَالُ الْيَمِينِ إذْ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي التَّرَدُّدُ فِيهِ بِخِلَافِ عَدَمِ الْحِنْثِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ إذْ الصِّفَةُ لَمْ تُوجَدْ فَإِنَّهَا لَمْ تَمْكُثْ بِالْبَلَدِ الْمُعَيَّنَةِ لِلضِّيَافَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ عَدَمُ الْحِنْثِ بِالْإِقَامَةِ الْمَذْكُورَةِ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ فِيهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ الضَّابِطَ فِي انْحِلَالِ الْيَمِينِ أَنَّ الْحَلِفَ إذَا كَانَ بِمَا لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَإِنْ وَمَتَى فَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ لَهَا جِهَةُ بِرٍّ وَجِهَةُ حِنْثٍ كَإِنْ خَرَجْتِ بِغَيْرِ إذْنِي وَوُجِدَتْ إحْدَاهُمَا، وَإِنْ كَانَ لَهَا جِهَةُ حِنْثٍ فَقَطْ لَمْ تَنْحَلَّ إلَّا بِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا نَقَلَاهُ عَنْ الْإِمَامِ فِيمَنْ قَالَ لِآخَرَ: إنْ بَدَأْتُك بِالسَّلَامِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَعَلَّقَ الْآخَرُ عِتْقَ عَبْدِهِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَسَلَّمَا

مَعًا مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ وَانْحِلَالِ الْيَمِينِ هَلْ يَكُونُ التَّعْلِيقُ بِمَتَى كَإِنْ كَمَا فِي التَّعْلِيقِ عَلَى الْخُرُوجِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ، عَلَى أَنَّ ابْنَ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ بَحَثَ فِي مَسْأَلَةِ جَرَيَانِ الْخِلَافِ الَّذِي فِي مَسْأَلَةِ الْخُرُوجِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ وَمَا وَجْهُ الِانْحِلَالِ فِي التَّعْلِيقِ بِمَتَى وَنَحْوِهَا مِمَّا وُضِعَ لِعُمُومِ الْأَزْمِنَةِ إذَا عَلَّقَ بِهَا الْخُرُوجَ بِغَيْرِ الْإِذْنِ أَوْ غَيْرِهِ إذَا لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِمَتَى كَالتَّعْلِيقِ بِإِنْ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ فِيهِ وَهِيَ عَدَمُ ابْتِدَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالسَّلَامِ وَكَوْنُ الصِّيغَةِ تَقْتَضِي عُمُومَ الْأَزْمِنَةِ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ انْحِلَالِهَا بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا كَمَا عُلِمَ مِنْ الضَّابِطِ الْمُتَقَدِّمِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ عَلَى عَدَمِ الْإِقَامَةِ أَوْ السُّكْنَى فَخَرَجَ فَوْرًا، ثُمَّ عَادَ لِعِيَادَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ هَلْ يَتَقَيَّدُ عَدَمُ الْحِنْثِ فِي ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَمْكُثْ كَمَا قِيلَ أَوْ لَا يَتَقَيَّدُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ عَدَمُ الْحِنْثِ بِمَا إذَا لَمْ يَمْكُثْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ فِي خِدْمَتِهِ رَجُلٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا أَخْدُمُ عِنْدَ غَيْرِك إلَّا أَنْ تَأْخُذَنِي يَدٌ عَادِيَةٌ فَأَخَذَتْهُ يَدٌ عَادِيَةٌ

وَاسْتَخْدَمَتْهُ مُدَّةً، ثُمَّ أَطْلَقَتْهُ فَهَلْ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ حَتَّى إذَا خَدَمَ عِنْدَ آحَادِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ الْعَادِيَةِ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِانْحِلَالِ الْيَمِينِ. (سُئِلَ) عَمَّا قَالَهُ الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عَلَى صَدِيقِهِ أَنَّهُ لَا يَبِيتُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إلَّا عِنْدَهُ فَمَضَتْ الْجُمُعَةُ وَلَمْ يَبِتْ عِنْدَهُ وَلَا عِنْدَ غَيْرِهِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ كَمَا نَقَلَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ مُعْتَمَدٌ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: طَلَّقْتُك مِثْلَ مَا طَلَّقَ زَيْدٌ زَوْجَتَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ كَمْ طَلَّقَ زَيْدٌ هَلْ يَقَعُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَطْلُقُ طَلْقَةً وَاحِدَةً إنْ كَانَ زَيْدٌ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَاحِدَةً وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ بِالتَّشْبِيهِ عَدَدَ الطَّلَاقِ وَإِلَّا طَلُقَتْ بِعَدَدِ طَلَاقِ زَيْدٍ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ ثَلَاثًا عَلَى صِفَةٍ قَائِلًا: إنْ تَزَوَّجَتْ أُمِّي وَلَمْ أَذْبَحْهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَتْ أُمُّهُ عَالِمَةً بِالْيَمِينِ مُتَذَكِّرَةً لَهُ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى الْحَالِفِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ إلَّا عِنْدَ يَأْسِهِ مِنْ ذَبْحِ أُمِّهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَكَانًا عَيَّنَهُ فَامْتَنَعَ مِنْ دُخُولِهِ مُدَّةً، ثُمَّ دَخَلَهُ فَقَالَ لَهُ الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ حَضَرُوا الْحَلِفَ: حَنِثْت

طلاق النائم

بِدُخُولِك فَقَالَ: مَا حَلَفْت إلَّا عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَقَدْ مَضَى أَكْثَرُ مِنْهَا وَصَرَّحْتُ بِتَعْيِينِ الْمُدَّةِ فِي صُلْبِ الْيَمِينِ فَقَالُوا: لَمْ نَسْمَعْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا حَلَفْت أَنْ لَا تَدْخُلَهُ مُطْلَقًا فَهَلْ الْمُصَدَّقُ هُوَ أَوْ الْجَمَاعَةُ وَإِذَا قُلْتُمْ بِتَصْدِيقِهِ هَلْ هُوَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَوْ بَاطِنًا فَقَطْ، وَهَلْ إذَا اعْتَمَدَ فِي دُخُولِهِ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ عَيَّنَ مُدَّةً وَقَدْ مَضَتْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَتَى بِقَوْلِهِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ مُتَّصِلًا بِحَلِفِهِ بِحَيْثُ أَسْمَعَ نَفْسَهُ وَقَدْ عَزَمَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ قَبْلَ تَمَامِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ كَذَلِكَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ إذْ لَيْسَ فِي شَهَادَتِهِمْ مَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِشَرْطٍ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إسْمَاعُ غَيْرِهِ، وَمَتَى غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حَالَ دُخُولِهِ أَنَّهُ عَيَّنَ فِي حَلِفِهِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ، وَإِنْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلْقَةُ الرَّابِعَةُ هَلْ تَطْلُقُ أَوْ لَا كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِمُحَالٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ قَرِيبَيْنِ مِنْ التَّعْلِيقِ بِمُحَالٍ وَأَرْجَحُهُمَا أَنَّهَا تَطْلُقُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا لَا يَقَعُ عَلَيْك. [طَلَاق النَّائِم] (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ شَخْصٌ: طَلُقَتْ وَأَنَا نَائِمٌ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ قَالَ:

طَلَّقْت وَأَنَا صَبِيٌّ أَمْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ النَّوْمَ لَا أَمَارَةَ لَهُ وَهَلْ التَّعْلِيقُ بِمُسْتَحِيلٍ يَقَعُ مُطْلَقًا فِي الْحَالِ أَمْ لَا وَهَلْ مِنْ الْمُسْتَحِيلِ مَا لَوْ حَلَفَ إنْ بَقِيَ لَك هُنَا مَتَاعٌ وَلَمْ أَكْسِرْهُ عَلَى رَأْسِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَبَقِيَ هَاوَنٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا مَسَائِلُ الْمُسْتَحِيلِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَعُلِّقَ بِمُسْتَحِيلٍ عُرْفًا كَأَنْ صَعِدْت السَّمَاءَ أَمْ عَقْلًا كَأَنْ أَحْيَيْت مَيِّتًا أَمْ شَرْعًا كَأَنْ نُسِخَ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَمِنْ الْمُسْتَحِيلِ مَسْأَلَةُ الْهَاوَن الْمَذْكُورَةُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ فِيهَا وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ لِحُصُولِ الْيَأْسِ فِيهِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ عُلِّقَ بِحَمْلٍ إلَخْ فَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الضَّمِيرُ فِي بَيْنِهِمَا يَرْجِعُ إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَكْثَرَ لَا إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعِ سِنِينَ فَإِنَّ حُكْمَ الْأَرْبَعِ سِنِينَ حُكْمُ مَا دُونَهَا كَمَا قَالَاهُ فَهَلْ ذَلِكَ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مُعْتَمَدٌ. (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ الْعَمَلُ بِمَسْأَلَةِ ابْنِ سُرَيْجٍ فِي الدُّورِ أَوْ لَا وَهَلْ يَصِحُّ الْحُكْمُ بِهَا أَوْ لَا؟ ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ فَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهَا، وَأَمَّا الْحُكْمُ بِهَا فَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنْ وَقَعَ مِمَّنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ التَّرْجِيحِ نَفَذَ وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِهِ. (سُئِلَ)

عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَقُولُ لِزَيْدٍ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ، ثُمَّ إنَّ الْحَالِفَ ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّيْءَ لِعَمْرٍو وَبِحَضْرَةِ زَيْدٍ وَسَمَاعِهِ لَهُ وَلَكِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِخِطَابِهِ إلَّا عَمْرًا فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا، وَهَلْ يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ خِطَابُ الْحَالِفِ لِمَنْ يَعْقِلُ وَمَنْ لَا يَعْقِلُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ مُطْلَقًا. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَقَلَّ مِنْ طَلْقَتَيْنِ وَأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ مَاذَا يَقَعُ عَلَيْهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ السَّكْرَانُ بَعْدَمَا طَلَّقَ: إنَّمَا شَرِبْت مُكْرَهًا أَوْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ مَا شَرِبْته مُسْكِرٌ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ أَوْ لَا يُصَدَّقُ إلَّا إذَا وُجِدَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْإِكْرَاهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ وَكَّلَ شَخْصًا بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ فَقَالَ الْوَكِيلُ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفُ طَلْقَةٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَوْ لَا كَمَا قَالَهُ الْفُورَانِيُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا: إنْ دَخَلْت الدَّارَ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَنَسِيت الْحَلِفَ، ثُمَّ دَخَلْت الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَهَلْ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْحَلُّ الْحَلِفُ بِمُضِيِّ ذَلِكَ الْيَوْمِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ الطَّلَاقَ أَنَّهُ يُوفِي زَيْدًا مَالَهُ

فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ، ثُمَّ جَاءَ الْوَقْتُ وَلَمْ يُوفِ وَادَّعَى عَجْزَهُ مَعَ أَنَّ لَهُ مَالًا فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَأَمْكَنَهُ السَّفَرُ إلَيْهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَلَمْ يُسَافِرْ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ يَشْتَغِلُ فِي الْحِيَاكَةِ عِنْدَ أَخِيهِ، ثُمَّ أَكْرَى نَفْسَهُ لِآخَرَ فِيهَا إجَارَةٌ صَحِيحَةٌ أَوْ فَاسِدَةٌ فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ عِنْدَ عِلْمَهُ بِذَلِكَ بَعْدَ تَوْبِيخِهِ لَهُ: إنْ عُدْت تَشْتَغِلُ عِنْدَهُ تَكُونُ امْرَأَتِي طَالِقًا، ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا قَصَدْت أَجِيرًا، وَأَمَّا مُسَاعَدَتُك إيَّاهُ مَجَّانًا فَلَمْ أَقْصِدْهَا بَلْ أَنَا أُسَاعِدُهُ أَيْضًا فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ إذَا سَاعَدَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مَجَّانًا لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْحَالِفِ الْمَذْكُورِ لِلْقَرِينَةِ الْمَذْكُورَةِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الْبَلَدَ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَخَرَجَ مِنْهُ حَالًا بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ، ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ وَمَكَثَ فِيهِ بِنِيَّةِ الزِّيَارَةِ لِأَهْلِهِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ أَوْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ: لَا فَمَا قَدْرُ الْمُدَّةِ الْمُغْتَفَرَةِ فِي الزِّيَارَةِ وَإِذَا عَادَ إلَى الْبَلَدِ الْمَذْكُورِ وَفَعَلَ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ قَبْلَ الْحَلِفِ مِنْ تَعَاطِي أَسْبَابِهِ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ مُكْثَهُ بِنِيَّةِ الزِّيَارَةِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَمْ لَا وَهَلْ الْعِيَادَةُ لِلْمَرِيضِ كَالزِّيَارَةِ

فِيمَا تَقَدَّمَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى مَكَثَ بَعْدَ الْعِيَادَةِ وَالزِّيَارَةِ حَنِثَ وَلَمْ يَحْصُلْ الْغَرَضُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْحَالِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ يَذْبَحُ الدَّجَاجَ وَدِيكَهُ فَضَاعَ الدِّيكُ قَبْلَ ذَبْحِهِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ أَوْ عِنْدَ الْيَأْسِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يُفْصَلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ تَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهِ وَقَصَّرَ عَنْهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى تَمَكَّنَ الْحَالِفُ مِنْ ذَبْحِ الدِّيكِ قَبْلَ ضَيَاعِهِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا يَحْنَثُ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ طُولِبَ بِدَيْنٍ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى إعْطَاءِ نِصْفِ فِضَّةٍ وَلَا غَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت أَنِّي لَيْسَ لِي قُدْرَةٌ إلَّا إنْ قَدَّرَنِي اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْإِعْطَاءِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَالَ الْحَلِفِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْحَالِفِ فَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ يُوَصِّلُ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ لِصَاحِبِهِ أَوْ يَدْفَعُهُ لِوَكِيلِهِ أَوْ يُوفِيهِ لَهُ فِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا فَغَابَ صَاحِبُ الدَّيْنِ فِي الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ أَوْ فِي الْمُدَّةِ حَتَّى انْقَضَتْ وَتَعَذَّرَ الِاجْتِمَاعُ بِهِ وَلَمْ يُوَصِّلْهُ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ فَهَلْ يَحْنَثُ بِذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ يَقُومُ الدَّفْعُ إلَى وَكِيلِهِ أَوْ الْحَاكِمِ عِنْدَ فَقْدِ الْوَكِيلِ مَقَامَ الدَّفْعِ إلَيْهِ

فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ أَمْ لَا وَإِذَا عَلِمَ الْحَالِفُ مَكَانَ صَاحِبِ الدَّيْنِ وَهُوَ بِبَلَدٍ آخَرَ وَلَمْ يُسَافِرْ لَهُ لِدَفْعِ مَا ذَكَرَ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى تَمَكَّنَ الْحَالِفُ مِنْ دَفْعِ الدَّيْنِ لِصَاحِبِهِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ غَيْبَتِهِ حَنِثَ، وَكَذَا إذَا أَمْكَنَهُ السَّفَرُ إلَيْهِ وَالدَّفْعُ إلَيْهِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يَدْفَعْ وَلَا يَقُومُ الدَّفْعُ إلَى وَكِيلِهِ أَوْ الْحَاكِمِ مَقَامَ الدَّفْعِ إلَيْهِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُخَلِّي زَيْدًا يَسْكُنُ دَارِهِ أَوْ لَا يَسْكُنُ عِنْدَهُ فِي دَارِهِ، ثُمَّ انْتَقَلَ مِلْكُ الدَّارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا بِبَيْعٍ مَثَلًا لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ سَكَنَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مَعَ الْحَالِفِ فِي الدَّارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا وَهَلْ نَقْلُ الْمَنْفَعَةِ كَنَقْلِ الْعَيْنِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الْحَالِفِ بِسُكْنَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ الْمَذْكُورَةِ وَلَيْسَ نَقْلُ مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ كَنَقْلِهَا. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ وَهَذِهِ الْبَلَدَ فَاسْتَأْجَرَتْهُ زَوْجَتُهُ أَوْ غَيْرُهَا لِلِاسْتِئْنَاسِ أَوْ لِحِرَاسَةِ مَتَاعٍ بِالْمَحَلِّ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَهَلْ إذَا أَلْزَمَهُ الْقَاضِي بَعْدَ الرَّفْعِ إلَيْهِ الْإِتْيَانَ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَأْجَرِ لَهَا فَأَتَى بِهَا وَسَكَنَ بِالْمَحَلِّ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لِمَا ذَكَرَ

يَقَعُ الطَّلَاقُ أَمْ لَا وَهَلْ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ الْأَجِيرِ نَهَارًا يُؤَثِّرُ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْأَجِيرِ الطَّلَاقُ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ اعْتَرَفَ فِي مَجْلِسٍ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَبَلَغَ وَالِدُهَا ذَلِكَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ الزَّوْجُ: مَا وَقَعَ الطَّلَاقُ الثَّانِي إلَّا عَلَى صِفَةٍ وَلَمْ تُوجَدْ وَهِيَ أَنِّي قُلْت لِأَبِيهَا: إنْ جِبْتَ لِي حَوَائِجِي تَكُونُ ابْنَتُك طَالِقًا ثَلَاثًا وَلَمْ يَأْتِ بِهَا وَكُنْت نَاسِيًا حَالَ الِاعْتِرَافِ الْأَوَّلِ وَالشُّهُودُ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ وَسَمِعُوهُ مِنِّي فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ ثَلَاثًا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ لِأَصْهَارِهِ لَبَنًا وَلَا خُبْزًا وَلَا طَبِيخًا وَاعْتَرَفَ بِذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَأَنَّهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ حَكَاهُ لِلْغَيْرِ وَأَنْكَرَ الثَّلَاثَ وَقَالَ: إنَّمَا قُلْت ثَلَاثًا نَاسِيًا أَوْ سَبَقَ لِسَانِي فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَمْ لَا وَيَدِينُ، وَإِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: قَيَّدْت الْحَلِفَ الْمَذْكُورَ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَنَسِيت ذِكْرَ ذَلِكَ عِنْدَ الِاعْتِرَافِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الَّتِي قَبْلَهَا. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ كَانَ يَأْتِي بِقَمْحَةٍ لِطَاحُونَةٍ

وَيَدْفَعُهُ لِلطَّحَّانِ أَوْ يُرْسِلُهُ مَعَ الْغَيْرِ لَهُ لِيَطْحَنَهُ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي غَزْلِهِ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهِ لِلْمَصْبَغَةِ وَدَفَعَهُ لِلصَّبَّاغِ أَوْ يُرْسِلُهُ لَهُ مَعَ الْغَيْرِ لِيَصْبُغَهُ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَطْحَنُ وَلَا يَصْبُغُ فِي الطَّاحُونَةِ وَالْمَصْبَغَةِ الْمَذْكُورَتَيْنِ، فَهَلْ إذَا طَحَنَ لَهُ الطَّحَّانُ أَوْ صَبَغَ لَهُ الصَّبَّاغُ الَّذِي كَانَ يَفْعَلُ لَهُ قَبْلَ الْحَلِفِ أَوْ غَيْرِهِ يَحْنَثُ أَوْ لَا وَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ: إنِّي أَرَدْت أَنْ لَا أَفْعَلَ بِنَفْسِي أَمْ لَا وَهَلْ إذَا أَتَى بِالْقَمْحِ أَوْ بِالْغَزْلِ أَوْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَطَحَنَ ذَلِكَ أَوْ صَبَغَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا يَحْنَثُ أَمْ لَا وَهَلْ إذَا أَشَارَ إلَى قَمْحٍ أَوْ غَزْلٍ وَقَالَ: لَا أَفْعَلُ، ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْ مِلْكِهِ وَفَعَلَ غَيْرَهُ مَا ذَكَرَ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا حِنْثَ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهَا الْمَذْكُورَةِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ طُولِبَ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَحْتَبِسُ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَاءَ بِعَرْضِ قِيمَتِهِ تُسَاوِي الدَّيْنَ فَلَمْ يَقْبَلُهُ الدَّائِنُ وَحَبَسَهُ الْقَاضِي فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَإِنْ مَكَّنَ الْقَاضِي مِنْ بَيْعِهِ فَهَلْ يَبِيعُهُ أَمْ لَا وَهَلْ لِلْقَاضِي حَبْسُ الْمَدِينِ عَلَى الدَّيْنِ مَعَ وُجُودِ الْعِوَضِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْحَالِفِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ فِي حَلِفِهِ إلَى غَلَبَةِ ظَنِّهِ. (سُئِلَ)

عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عَلَى مَنْ يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ دَارِهِ فَحُمِلَ بِإِذْنِ الْحَالِفِ وَأُدْخِلَ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى الْحَالِفِ الطَّلَاقُ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ فُلَانَةَ مَا هِيَ جَائِيَةٌ أَوْ مَا تَرُوحُ أَوْ مَا تَجِيءُ لِي دَارًا وَقَالَ: أَرَدْت دَارًا مِلْكِي فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا يَحْنَثُ بِدَارٍ جَاءَتْهَا مِلْكًا لِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ مِلْكُهُ حَالَ الْحَلِفِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْحَالِفِ الْمَذْكُورِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ لِي نَعْتًا فِي الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ: دَارًا أَيْ كَائِنَةً لِي فَلَا يَحْنَثُ لِمَجِيئِهَا لَهُ وَهُوَ فِي دَارٍ لَا يَمْلِكُهَا. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ: إنْ كَانَ حَمْلُك أُنْثَى فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَضَعَتْ أُنْثَى فَهَلْ - وَالْحَالُ مَا ذَكَرَ - يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالْوَضْعِ لِلْأُنْثَى وَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا فِي الْعِدَّةِ أَمْ تَبَيَّنَ بِالْوَضْعِ لِلْأُنْثَى الْحَمْلُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ حَالَ التَّعْلِيقِ وَيَتَبَيَّنُ بِالْوَضْعِ حَتَّى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ لَهُ رَجْعَتُهَا إلَّا بِإِذْنِهَا وَهَلْ، إذَا قَالَ لَهَا: إنْ وَضَعْت أُنْثَى فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَوَضَعَتْ أُنْثَى يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالْوَضْعِ وَيَمْلِكُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِوِلَادَتِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِوُقُوعِ طَلَاقِهَا مِنْ وَقْتِ تَلَفُّظِهِ الْمَذْكُورِ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوِلَادَتِهَا فَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهَا

وَتَطْلُقُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ بِوِلَادَتِهَا فَلَهُ رَجْعَتُهَا مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ لَهُ تَفْوِيضُ طَلَاقِهَا الْمُنَجَّزِ بِالرَّفْعِ مَا وَجْهُ رَفْعِهِ وَهَلْ يَصِحُّ جَرُّهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ وَجْهَ رَفْعِهِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ نَعْتٌ لِلتَّفْوِيضِ وَهُوَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ وَلْيَحْتَرِزْ بِهِ عَنْ تَفْوِيضِ طَلَاقِهَا بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ كَقَوْلِهِ: إنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَطَلِّقِي نَفْسَك، فَإِنَّهُ لَغْوٌ وَلَا يَصِحُّ جَرُّهُ عَلَى أَنَّهُ نَعْتٌ لِطَلَاقِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَصْفُهُ بِالتَّنْجِيزِ إلَّا بَعْدَ تَطْلِيقِهَا نَفْسَهَا. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ يَصُومُ النِّصْفَ الْأَخِيرَ مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا لَمْ يَصُمْ أَوْ لَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ وَبَيْنَ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالطَّلَاقِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ صَامَ بَعْدَ حَلِفِهِ مِنْ نِصْفِهِ الْأَوَّلِ وَوَصَلَ صَوْمُ نِصْفِهِ الثَّانِي بِهِ صَحَّ صَوْمُهُ وَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ وَإِلَّا وَقَعَ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ صَوْمِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ نِصْفِهِ الْأَوَّلِ هَذَا إنْ نَوَى بِحَلِفِهِ شَعْبَانَ سُنَّتَهُ، وَإِلَّا فَعِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ صَوْمِهِ النِّصْفَ الثَّانِيَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْأَئِمَّةِ فِي تَصَرُّفَاتِ السَّكْرَانِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ هَلْ الْمُرَادُ

بِالْأَحْكَامِ تَعَاطِيهِ الْعُقُودَ وَالْفُسُوخَ وَالْأَفْعَالَ كَالْقَتْلِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَبِالْأَسْبَابِ تَعَاطِيهِ الْأَسْبَابَ الْمُزِيلَةَ لِلْعَقْلِ كَالشُّرْبِ لِلْمُسْكِرِ وَتَعَاطِيهِ الدَّوَاءَ الْمُسْكِرَ أَمْ غَيْرُ ذَلِكَ وَهَلْ ذَكَرَ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْوَصْفُ الظَّاهِرُ الْمُنْضَبِطُ الْمُعَرِّفُ لِلْحُكْمِ وَهُوَ أَحَدُ أَقْسَامِ مُتَعَلِّقَاتِ خِطَابِ الْوَضْعِ وَهُوَ الَّذِي يُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهِ كَالزَّوَالِ لِوُجُوبِ الظُّهْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ لِوُجُوبِ الْمَغْرِبِ وَالزِّنَا لِوُجُوبِ الْحَدِّ، وَمَعْنَى خِطَابِ الْوَضْعِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَهُ فِي شَرِيعَتِهِ لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهِ تُعْرَفُ بِهِ الْأَحْكَامُ تَيْسِيرًا لَنَا، فَإِنَّ الْأَحْكَامَ مُغَيَّبَةٌ عَنَّا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خِطَابِ التَّكْلِيفِ مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْوَضْعِ هُوَ قَضَاءُ الشَّارِعِ عَلَى الْوَصْفِ بِكَوْنِهِ سَبَبًا أَوْ شَرْطًا أَوْ مَانِعًا وَخِطَابُ التَّكْلِيفِ الطَّلَبُ أَدَاءُ مَا تَقَرَّرَ بِالْأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ، وَقَدْ عَلِمَ مِمَّا ذَكَرْته أَنَّ قَوْلَ الْأَئِمَّةِ فِي تَصَرُّفَاتِ السَّكْرَانِ أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ مَعْنَاهُ أَنَّ أَقْوَالَهُ وَأَفْعَالَهُ أَسْبَابٌ مُعَرِّفَاتٌ لِلْأَحْكَامِ بِتَرْتِيبِهَا عَلَيْهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ جَاءَتْ لَهُ أُخْتُهُ فِي بَيْتِهِ فَحَلَفَ عَلَيْهَا بِالطَّلَاقِ أَنَّهَا مَا تَعُودُ إلَى

بَيْتِ زَوْجِهَا، ثُمَّ إنَّ زَوْجَهَا ادَّعَى عَلَى أَخِيهَا عِنْدَ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ أَنَّهُ مَنَعَ زَوْجَتَهُ مِنْ الْعَوْدِ إلَى بَيْتِهِ فَحَكَمَ عَلَيْهِ أَنْ يُمَكِّنَهَا مِنْ الْعَوْدِ إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا فَهَلْ يَخْلُصُ مِنْ الْحَلِفِ بِذَلِكَ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَخْلُصُ الْحَالِفُ مِنْ الْحَلِفِ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ عَلَى أُخْتِهِ بِذَهَابِهَا إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ لَهُ زَوْجَتَانِ يَمْلِكُ عَلَى إحْدَاهُمَا طَلْقَةً وَيَمْلِكُ عَلَى الْأُخْرَى ثَلَاثًا، ثُمَّ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْمَكَانَ الْفُلَانِيَّ مَثَلًا، ثُمَّ دَخَلَهُ عَالِمًا بِالْحَلِفِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ أَمْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَهَلْ لَهُ صَرْفُهُ جَمِيعَهُ إلَى مَنْ يَمْلِكُ عَلَيْهَا طَلْقَةً وَتَلْغُو الطَّلْقَتَانِ أَوْ يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَى مَنْ يَمْلِكُ عَلَيْهَا الثَّلَاثَ أَمْ يُوَزِّعُ طَلْقَةً عَلَى الْأُولَى تَبَيَّنَ بِهَا وَالْآخَرُ بِأَنَّ عَلَى الثَّانِيَةِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَهُ تَعْيِينَ مَنْ يَمْلِكُ عَلَيْهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً لِلطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَهَا لِطَلْقَةٍ وَالْأُخْرَى لِطَلْقَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ ذَلِكَ مَا أَفَادَ الْفُرْقَةَ الْمُوجِبَةَ لِلْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى وَقَدْ حَصَلَتْ بِتَعْيِينِهِ مَنْ يَمْلِكُ عَلَيْهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الزَّوْجِ لِشَخْصٍ

أَعْطَيْت بِيَدِك طَلَاقَ زَوْجَتِي أَوْ أَسْلَمْت إلَيْك طَلَاقَهَا وَلَا تُعْلِمُهَا إلَّا فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ وَلَا تُعْطِهَا إلَّا فِيهِ فَهَلْ تَكُونُ وَكَالَةٌ أَوْ تَقُومُ مَقَامَهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ نَوَى بِلَفْظِهِ الْمَذْكُورِ تَوْكِيلَهُ فِي طَلَاقِهَا صَارَ وَكِيلًا فِيهِ وَإِلَّا فَلَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: فِي طَلَاقِك نَقْصٌ أَوْ عَيْبٌ هَلْ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ؟ وَإِذَا قُلْتُمْ: نَعَمْ، فَهَلْ هُوَ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ بِلَفْظِهِ الْمَذْكُورِ طَلَاقٌ. (سُئِلَ) عَنْ أَلْفَاظٍ اُشْتُهِرَتْ فِي الطَّلَاقِ عِنْدَ أَهْلِ ضِيَارٍ بِبِلَادِ الْهِنْدِ وَبِلُغَتِهِمْ وَلَيْسَتْ تَرْجَمَةُ الطَّلَاقِ فِيهَا بَلْ هِيَ أَلْفَاظٌ اُشْتُهِرَتْ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ عِنْدَ التَّطْلِيقِ، وَاشْتِهَارُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عِنْدَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ اشْتِهَارِ الطَّلَاقِ فِي الطَّلَاقِ هَلْ هِيَ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ أَوْ لَا؟ وَإِذَا قُلْتُمْ: نَعَمْ فَهَلْ هِيَ كِنَايَةٌ أَوْ صَرِيحَةٌ؟ وَفِي تَطْلِيقِ أَهْلِ هَذِهِ الدِّيَارِ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ مَعَ عَدَمِ مَعْرِفَتِهِمْ مَعْنَاهُ وَغَايَةُ مَعْرِفَتِهِمْ أَنَّهُ لِلْفِرَاقِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ هَلْ تَطْلُقُ بِذَلِكَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَلْفَاظَ الْمَذْكُورَةَ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي الطَّلَاقِ، ثُمَّ إنْ احْتَمَلَتْ الطَّلَاقَ فَهِيَ كِنَايَةٌ فِيهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ وَلَفْظُ الطَّلَاقِ مِنْ الْمَذْكُورِينَ صَرِيحٌ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الزَّوْجِ

لِزَوْجَتِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ يَقَعُ طَلَاقُك أَوْ وَقَعَ أَوْ سَقَطَ هَلْ هُوَ مِنْ الصَّرِيحِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ عَقَدَ لَهُ وَلِيٌّ فَاسِقٌ مُجْبِرٌ عَلَى ابْنَتِهِ الْبَالِغَةِ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ إنْكَاحِ الْفَاسِقِ حَاكِمٌ مَالِكِيٌّ، ثُمَّ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى أَمْرٍ إنْ فَعَلَهُ، فَفَعَلَهُ نَاسِيًا التَّعْلِيقَ فَهَلْ لَهُ تَقْلِيدُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ إذَا شَكَكْنَا هَلْ حُكْمُ الْحَاكِمِ الْمَالِكِيِّ بِصِحَّةِ هَذَا الْعَقْدِ إذَا تَوَلَّاهُ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ بِجَعْلِ الْأَصْلِ حُكْمُهُ أَوْ عَدَمُ حُكْمِهِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ ذَلِكَ وَهَلْ لَلْمُتَمَذْهِبِ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَقْلِيدُ بَعْضِ أَصْحَابِهِ دُونَ بَعْضٍ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ أَوْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَلَّدَ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ الْمَذْكُورِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُقَلِّدَهُ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْحُكْمِ فِي حَالَةِ الشَّكِّ فِيهِ وَلَيْسَ لِمُقَلَّدِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَقْلِيدُ.

باب الرجعة

[بَابُ الرَّجْعَةِ] (بَابُ الرَّجْعَةِ) (سُئِلَ) عَمَّنْ شَكَّ هَلْ رَاجَعَ زَوْجَتَهُ فِي الْعِدَّةِ أَمْ بَعْدَهَا هَلْ يُحْكَمُ بِالرَّجْعَةِ أَمْ لَا (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَعْتَدُّ بِالرَّجْعَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِدَّةِ وَصِحَّةُ الرَّجْعَةِ. (سُئِلَ) هَلْ تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ لِمَنْ غَيَّبَ حَشَفَتَهُ فِي قُبُلِ زَوْجَتِهِ الْبِكْرِ وَلَمْ تَزُلْ بِهِ بَكَارَتُهَا لِكَوْنِهَا غَوْرَاءَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ ثَبَتَتْ الرَّجْعَةُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ لِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ بَعْدَ وَطْئِهَا فَتَجِبُ عَلَيْهَا عِدَّةُ الطَّلَاقِ. [بَابُ الْإِيلَاءِ] (بَابُ الْإِيلَاءِ) (سُئِلَ) عَنْ نِيَّةِ الْإِيلَاءِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهَا انْتِشَارُ الذَّكَرِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يُشْتَرَطُ فِيهَا انْتِشَارُ الذَّكَرِ كَمَا فِي التَّحْلِيلِ. [بَابُ الظِّهَارِ] (بَابُ الظِّهَارِ) (سُئِلَ) هَلْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمُظَاهِرِ بِالظِّهَارِ وَالْعَوْدِ أَوْ بِالظِّهَارِ، وَالْعَوْدُ شَرْطٌ أَوْ بِالْعَوْدِ لِأَنَّهُ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالظِّهَارِ وَالْعَوْدِ جَمِيعًا. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ هَذَا الشَّهْرَ وَالثَّانِيَ وَالثَّالِثَ مِثْلُ لَبَنِ أُمِّي فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ ظِهَارًا وَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ أَمْ لَا وَقَدْ اسْتَفْتَى السَّائِلُ شَخْصًا مِنْ الْمُفْتِينَ فَأَجَابَهُ بِأَنَّ هَذَا كِنَايَةُ ظِهَارٍ وَلَا ظِهَارٌ وَأَنَّهُ إذَا أَرَادَ النِّكَاحَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ شَخْصٌ فِي هَذَا

الْإِفْتَاءَ فَهَلْ الْإِفْتَاءُ صَحِيحٌ أَوْ الِاعْتِرَاضُ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ نَوَى بِقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ طَلَاقًا وَإِنْ تَعَدَّدَ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا أَوْ ظِهَارًا حَصَلَ مَا نَوَاهُ فِيهِمَا لِأَنَّ التَّحْرِيمَ يَنْشَأُ عَنْ الطَّلَاقِ وَعَنْ الظِّهَارِ بَعْدَ الْعَوْدِ فَصَحَّتْ الْكِنَايَةُ بِهِ عَنْهُمَا مِنْ بَابِ طَلَاقِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ أَوْ نَوَاهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتِّبًا تَخَيَّرَ وَثَبَتَ مَا اخْتَارَهُ مِنْهُمَا وَلَا يَثْبُتَانِ جَمِيعًا لِاسْتِحَالَةِ تَوَجُّهِ الْقَصْدِ إلَى الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ إذْ الطَّلَاقُ يُزِيلُ النِّكَاحَ وَالظِّهَارُ يَسْتَدْعِي بَقَاءَهُ وَقِيلَ إنْ نَوَى فِي الثَّانِيَةِ الظِّهَارَ أَوَّلًا صَحَّا مَعًا أَوْ الطَّلَاقَ أَوَّلًا وَكَانَ بَائِنًا فَلَا مَعْنَى لِلظِّهَارِ بَعْدَهُ أَوْ رَجْعِيًّا كَانَ الظِّهَارُ مَوْقُوفًا فَإِنْ رَاجَعَهَا فَهُوَ صَحِيحٌ وَالرَّجْعَةَ عَوْدٌ وَإِلَّا فَهُوَ لَغْوٌ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَمَّا قَوْلُهُ مِثْلُ لَبَنِ أُمِّي فَهُوَ لَغْوٌ لَا اعْتِبَارَ بِهِ لِصَيْرُورَةِ الْكَلَامِ الْمَذْكُورِ بِهِ مُتَنَاقِضًا لِمُنَافَاتِهِ لِقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إذْ لَبَنُ أُمِّهِ حَلَالٌ لَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنْ نَوَى بِهِ الظِّهَارَ فِي الْقِسْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لَا تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ إلَّا إنْ وَطِئَهَا قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ الثَّالِثِ فَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ لِصَيْرُورَتِهِ عَائِدًا حِينَئِذٍ وَإِنْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا أَوْ فَرْجِهَا أَوْ نَحْوِهِ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَزِمَهُ

كتاب الكفارة

كَفَّارَةُ يَمِينٍ إنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّةً أَوْ نَحْوَهَا [كِتَابُ الْكَفَّارَةِ] (كِتَابُ الْكَفَّارَةِ) (سُئِلَ) هَلْ يَكْفِي فِي الْكَفَّارَةِ اللَّبَنُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُجْزِئُ فِيهَا كَالْفِطْرَةِ وَإِنْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ عَدَمَ إجْزَائِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ دَفَعَ طَعَامَ الْكَفَّارَةِ لِلْإِمَامِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ تَفْرِقَتِهِ هَلْ يُجْزِئُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّهُ نَائِبُ الدَّافِعِ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْكَفَّارَةِ فَتَلَفُهَا فِي يَدِهِ كَتَلَفِهَا بَعْدَ عَزْلِهَا فِي يَدِ مَنْ لَزِمَتْهُ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ وَلَهُ عَبْدٌ فَأَعْتَقَ بَعْضَهُ عَنْ كَفَّارَةٍ وَبَعْضَهُ الْآخَرَ عَنْ الْأُخْرَى هَلْ يَصِحُّ الْعِتْقُ وَيَقَعُ كَمَا أَوْقَعَهُ أَمْ يَقَعُ عَنْ وَاحِدَةٍ أَمْ لَا يَقَعُ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ الْعِتْقُ وَيَقَعُ كَمَا أَوْقَعَهُ وَيَلْزَمُهُ إتْمَامُ كُلٍّ مِنْ الْكَفَّارَتَيْنِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمْت فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي فَهَلْ إذَا أَسْلَمَ يَعْتِقَ عَنْ الْكَفَّارَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى أَسْلَمَ عَتَقَ لَا عَنْ الْكَفَّارَةِ. [بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ] (بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ) (سُئِلَ) عَمَّنْ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهَلْ يُلْحَقُ بِالزَّوْجِ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ؟ (فَأَجَابَ)

بِأَنَّهُ يُلْحَقُ الْوَلَدُ بِالزَّوْجِ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ إذَا أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ نِكَاحِ الثَّانِي وَلِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قُبَيْلَ طَلَاقِ الْأَوَّلِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ هَذَا الْوَلَدُ لَيْسَ مِنِّي وَوَافَقَتْهُ زَوْجَتُهُ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يَنْتَفِي عَنْهُ مِنْ غَيْرِ لِعَانٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لِعَانِ الزَّوْجِ لِنَفْيِ مَنْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. (سُئِلَ) عَنْ الْمُلَاعَنَةِ هَلْ تَعُودُ لِزَوْجِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَعُودُ الْمُلَاعَنَةُ لِزَوْجِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ لَاعَنَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ هَلْ يَسْقُطُ الْحَدُّ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُحَدُّ لِلْقَذْفِ وَيَلْحَقُهُ النَّسَبُ لِأَنَّهُمَا حَقٌّ عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ حَدُّ الزِّنَا عَنْهَا فَقَدْ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ مَا يُفْهِمُ سُقُوطَهُ فِي ضِمْنِ تَعْلِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ فَقَالَ وَلَا تُحَدُّ وَلَا تَحْتَاجُ إلَى اللِّعَانِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَكْرَهَ امْرَأَةً عَلَى الزِّنَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ هَلْ يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمِنْهَاجِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ لِأَنَّا لَا نَعْرِفُ كَوْنَهُ مِنْهُ وَالشَّرْعُ مَنَعَ نَسَبَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ مُحَرَّمٌ وَيُفَارِقُ وَطْءَ الشُّبْهَةِ بِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ فِيهِ إنَّمَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ ظَنِّ الْوَاطِئِ وَلَا ظَنَّ هَاهُنَا

وَوَطْءُ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ شُبْهَةَ الْمِلْكِ فِيهَا قَامَتْ مَقَامَ الظَّنِّ فَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي ضَعِيفٌ (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ عَقِبَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَمَنْ زَنَى مَرَّةً ثُمَّ صَلُحَ لَمْ يَعُدْ مُحْصَنًا وَسَوَاءٌ قَذَفَهُ بِذَلِكَ الزِّنَا أَوْ أَطْلَقَ أَمَّا إذَا قَذَفَهُ بِزِنًا بَعْدَهُ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُحَدُّ إذَا ظَهَرَتْ التَّوْبَةُ وَقُبِلَتْ الشَّهَادَةُ قَبْلَ الزِّنَا الَّذِي رَمَاهُ بِهِ هَلْ مَا اسْتَظْهَرَهُ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ وُجُوبِ الْحَدِّ وَهُوَ الْمَنْقُولُ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ الْجُورِيُّ وَالْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَادَّعَى الْوِفَاقَ فِيهِ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ يَظْهَرُ الْحُكْمُ بِلُزُومِهِ إذَا ظَهَرَتْ التَّوْبَةُ وَقُبِلَتْ الشَّهَادَةُ قَبْلَ الزِّنَا الْمَذْكُورِ فِي صِيغَةِ الْقَذْفِ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ إنَّهُ قَدْ اسْتَبْعَدَ عَدَمَ وُجُوبِ الْحَدِّ مُسْتَبْعِدُونَ فِي حَالَةِ إضَافَةِ الْقَذْفِ فِي الزِّنَا إلَى مَا بَعْدَ التَّوْبَةِ وَلَمْ يَعْتَمِدُوهُ وَجْهًا اهـ فَظَهَرَ أَنَّ مَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّارِحُ لَيْسَ وَجْهًا فِي الْمَذْهَبِ (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَةٍ يَا عَاهِرَةُ هَلْ يَكُونُ صَرِيحًا فِي الْقَذْفِ أَوْ كِنَايَةً؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ وَأَصَحُّهُمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ فِيهِ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ فِي اللُّغَةِ هُوَ الزِّنَا يُقَالُ عَهَرَ فَهُوَ عَاهِرٌ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ

التعريض بالقذف

وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» فَإِنْ قَالَ الرَّجُلُ لَمْ أَعْلَمْ كَوْنَهُ قَذْفًا وَلَمْ أَنْوِهِ بِهِ قُبِلَ قَوْلُهُ لِخَفَائِهِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ. [التَّعْرِيض بالقذف] (سُئِلَ) عَنْ لَفْظِ التَّعْرِيضِ هَلْ هُوَ قَذْفٌ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ زَوْجَةٌ وَغَيْرِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَفْظَ التَّعْرِيضِ لَيْسَ مَدْلُولُهُ الْقَذْفَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ أَهْلُ مِصْرَ زُنَاةٌ مَثَلًا هَلْ يُحَدُّ أَوْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ الْحَدِّ فَهَلْ يَكُونُ هَذَا اللَّفْظُ غَيْبَةً مُحَرَّمَةً أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُحَدُّ الْقَائِلُ الْمَذْكُورُ لِلْعِلْمِ بِكَذِبِهِ وَهُوَ حَرَامٌ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِغَيْبَةٍ. [القذف بِالْكِنَايَةِ] (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ أَنْتَ عِلْقٌ أَوْ نَادَاهُ بِذَلِكَ هَلْ ذَلِكَ صَرِيحٌ فِي الْقَذْفِ أَمْ كِنَايَةٌ وَهَلْ يُعَزَّرُ بِذَلِكَ لِلْإِيذَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا فِي الْقَذْفِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الْقَذْفِ وَيُعَزَّرُ. [عِفَّة الصَّغِير هَلْ تَسْقُط بِزِنَاهُ] (سُئِلَ) عَمَّا إذَا زَنَى الصَّغِيرُ هَلْ تَسْقُطُ عِفَّتُهُ بِحَيْثُ لَوْ قُذِفَ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَسْقُطُ عِفَّتُهُ بِذَلِكَ. (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ قَالَتْ فُلَانٌ رَاوَدَنِي عَنْ نَفْسِي أَوْ نَزَلَ إلَى بَيْتِي وَكَذَّبَهَا هَلْ تُعَزَّرُ بِهَذَا اللَّفْظِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تُعَزَّرُ لِإِيذَائِهَا الْمَذْكُورِ. [بَابُ الْعِدَدِ] (بَابُ الْعِدَدِ) (سُئِلَ) عَمَّنْ ظَنَّ بُلُوغَ مُطَلَّقَتِهِ سِنَّ الْيَأْسِ بِقَرَائِنَ مِنْ غَيْرِ شَهَادَةٍ وَادَّعَتْ

بُلُوغَهَا ذَلِكَ وَانْقِطَاعَ حَيْضِهَا فَهَلْ يُحْكَمُ بِأَنَّ عِدَّةَ طَلَاقِهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ أَوْ بِحَلِفِهَا عَلَيْهِ أَوْ لَا بُدَّ لِذَلِكَ مِنْ بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ تَشْهَدُ بِبُلُوغِهَا سِنَّ الْيَأْسِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْأَخِيرِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ سِنُّ الشَّاهِدِ بِسِنِّ الْيَأْسِ مِثْلَ سِنِّهَا أَوْ أَكْثَرَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ أَنَّهَا بَلَغَتْ سِنَّ الْيَأْسِ حَتَّى تَعْتَدَّ بِالْأَشْهُرِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى حَلِفِهَا عَلَى ذَلِكَ (سُئِلَ) هَلْ الْمُفْتَى بِهِ فِيمَا إذَا طَلَّقَ رَجْعِيًّا وَعَاشَرَهَا حَتَّى مَضَتْ الْأَقْرَاءُ أَوْ الْأَشْهُرُ عَدَمُ الرَّجْعَةِ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ أَمْ صِحَّتُهَا وَهَلْ يَتَوَارَثَانِ وَيَصِحُّ الظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ وَاللِّعَانُ وَتَجِبُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى وَهَلْ يُحَدُّ إذَا وَطِئَهَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ الْمُفْتَى بِهِ عَدَمُ الرَّجْعَةِ وَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَصِحُّ الْإِيلَاءُ مِنْهَا وَلَا الظِّهَارُ وَلَا اللِّعَانُ وَلَا تَجِبُ لَهَا نَفَقَةٌ وَلَا كِسْوَةٌ وَتَجِبُ لَهَا السُّكْنَى لِأَنَّهَا بَائِنٌ إلَّا فِي الطَّلَاقِ وَلَا يُحَدُّ إذَا وَطِئَهَا (سُئِلَ) عَمَّنْ لَزِمَهَا عِدَّتَانِ لِشَخْصٍ إحْدَاهُمَا حَمْلٌ وَالْأُخْرَى أَقَرَاءٌ وَمَضَتْ الْأَقْرَاءُ قَبْلَ الْوَضْعِ هَلْ تَنْقَضِي بِهَا الْعِدَّةُ الْأُخْرَى؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَنْقَضِي بِهَا الْعِدَّةُ الْأُخْرَى بَلْ تَتَدَاخَلَانِ وَتَنْقَضِيَانِ بِالْوَضَعِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجْعِيَّةٍ

نَكَحَتْ فِي الْعِدَّةِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ هَلْ الْأَرْجَحُ كَوْنُهُ لِلثَّانِي أَوْ عَرْضُهُ عَلَى الْقَائِفِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَرْجَحَ كَوْنُهُ لِلثَّانِي. (سُئِلَ) عَنْ الرَّجْعِيَّةِ هَلْ لِمُطَلِّقِهَا أَنْ يَنْقُلَهَا مِنْ مَسْكَنِ الْفِرَاقِ إلَى أَيِّ مَسْكَنٍ شَاءَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ نَقْلُهَا مِنْ مَسْكَنِ الْفِرَاقِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي النِّهَايَةِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ أَوْلَى لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ اهـ وَإِنْ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ بِخِلَافِهِ. (سُئِلَ) عَنْ الْمَفْسُوخِ نِكَاحُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ هَلْ تَجِبُ لَهَا السُّكْنَى أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ تَجِبُ لَهَا السُّكْنَى. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ مَكِّيَّةٍ وَأَقَامَتْ مَعَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً وَأَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدَيْنِ ثُمَّ حَمَلَتْ بِثَالِثٍ ثُمَّ سَافَرَ الزَّوْجُ وَوَلَدَتْ فِي غَيْبَتِهِ فَحَضَرَ الزَّوْجُ حَالَ نِفَاسِهَا فَوَجَدَهَا تَهَيَّأَتْ لِلسَّفَرِ إلَى مَكَّةَ وَسَافَرَتْ فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطَأَهَا الزَّوْجُ فَغَابَتْ ثَلَاثَ سِنِينَ وَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ حَضَرَتْ إلَى مِصْرَ وَمَعَهَا وَلَدٌ رَابِعٌ عُمُرُهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَسَأَلَهَا الزَّوْجُ عَنْ ذَلِكَ فَادَّعَتْ أَنَّهَا لَمَّا وَضَعَتْ الْأَوَّلَ تَأَخَّرَ هَذَا الثَّانِي فِي

بَطْنِهَا بَعْدَ الْأَوَّلِ سَنَتَيْنِ وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ نَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّ الزَّوْجَ مِنْ وَضْعِهَا الْأَوَّلِ وَإِلَى تَارِيخِهِ لَمْ يَطَأْهَا وَالزَّوْجَةُ مُصَدِّقَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يَتْبَعُ الْوَلَدُ الثَّانِي الزَّوْجَ وَهَلْ يُمْكِنُ إقَامَةُ التَّوْأَمِ بَعْدَ أَخِيهِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ سَنَتَيْنِ وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْحَقُ الْوَلَدُ الثَّانِي الزَّوْجَ لِأَنَّهُ يَكْفِي فِي لُحُوقِ الْوَلَدِ بِالزَّوْجِ إمْكَانُ كَوْنِهِ مِنْهُ وَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِ الزَّوْجَةِ إنَّهُ تَوْأَمٌ لِأَنَّهُ مَتَى تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ فَلَيْسَا بِتَوْأَمَيْنِ بَلْ لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ إنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ لَمْ يُعْتَبَرْ قَوْلُهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَتْ امْرَأَةٌ قَبْلَ سِنِّ الْيَأْسِ انْقَطَعَ حَيْضِي ثُمَّ قَالَتْ كُنْت كَاذِبَةً وَلَمْ أَحِضْ قَطُّ وَأَنَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ ابْتِدَاءً هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهَا لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى رَحِمِهَا أَمْ لَا لِلتُّهْمَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا لِأَنَّ إقْرَارَهَا الْأَوَّلَ تَضَمَّنَ أَنَّ عِدَّتَهَا لَا تَنْقَضِي بِالْأَشْهُرِ فَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهَا عَنْهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَتْ أُرْضِعُ نَظِيفًا أَيْ لَمْ أَحِضْ زَمَنَ الرَّضَاعِ ثُمَّ قَالَتْ كُنْت كَاذِبَةً بَلْ أَحِيضُ وَأُرْضِعُ وَسِخَةً يُقْبَلُ قَوْلُهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا الثَّانِي لِتَضَمُّنِ دَعْوَاهَا حَيْضَهَا فِي زَمَنِ إمْكَانِهِ وَإِنْ خَالَفَ عَادَتَهَا بِقَوْلِهَا الْأَوَّلِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَتْ

وَصَلْت إلَى سِنِّ الْيَأْسِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ أَمْ لَا كَمَا لَوْ ادَّعَتْ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ بِالْأَشْهُرِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْأَشْهُرِ مَعَ تَكْذِيبِ الْمُطَلِّقِ لَهَا رُجُوعُ النِّزَاعِ فِيهَا إلَى وَقْتِ الطَّلَاقِ وَهُوَ الْمُصَدَّقُ فِي أَصْلِهِ فَكَذَا فِي وَقْتِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ صَارَتْ الْحُرَّةُ الْمُعْتَدَّةُ أَمَةً لِالْتِحَاقِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ هَلْ تُكْمِلُ عِدَّةَ حُرَّةٍ أَوْ تَرْجِعُ إلَى عِدَّةِ أَمَةٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تُكْمِلُ عِدَّةَ حُرَّةٍ. (سُئِلَ) عَمَّنْ تَزَوَّجَ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ ظَانًّا انْقِضَاءَهَا فَحَبِلَتْ مِنْهُ ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهِ مَعَ بَقَاءِ عِدَّةِ الْمُطَلِّقِ أَمْ لَا وَهَلْ فِي الْمَسْأَلَةِ نَقْلٌ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فَإِنَّ الزَّرْكَشِيَّ نَقَلَ فِي الْخَادِمِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ قَالَ لَوْ حَمَلَتْ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَأَرَادَ وَاطِئُ الشُّبْهَةِ نِكَاحَهَا فِي عِدَّتِهِ كَانَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ أَرَادَهُ الْمُطَلِّقُ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ نِكَاحَ الْأَجْنَبِيِّ فِي عِدَّتِهِ بَاطِلٌ قَطْعًا لِأَنَّهَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّةُ الطَّلَاقِ فَكَيْفَ يَجُوزُ نِكَاحُهَا لِأَجْنَبِيٍّ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الزَّوْجِ مَعَ أَنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِالْمَنْعِ اهـ ثُمَّ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ مَا خَالَفَ الْإِمَامُ كَلَامَ الْأَصْحَابِ فِيهِ مِنْ جَرَيَانِ

الْخِلَافِ الرَّاجِحُ فِيهِ أَيْضًا الْمَنْعُ لِأَنَّ الرَّاجِحَ مِنْ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ أَرَادَهُ الْمُطَلِّقُ الْمَنْعُ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ فَمَا الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ جَمِيعِهِ وَمَا الصَّوَابُ الْمُعْتَمَدُ فِيهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُجَدِّدَ نِكَاحَهَا فِي عِدَّتِهِ مَعَ بَقَاءِ عِدَّةِ الْمُطَلِّقِ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ كَالصَّرِيحِ فِي الْجَزْمِ بِهِ هُوَ وَاضِحٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ بَلْ جَزَمَ الشَّيْخَانِ فِي مَوْضِعٍ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُطَلِّقِ تَجْدِيدُ نِكَاحِهَا فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لِأَنَّهَا فِي عِدَّةِ الْغَيْرِ وَلَمْ يَحْكِيَا خِلَافًا فِيهِ وَأَطْلَقَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ نَقْلَ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَقْدُ نِكَاحٍ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ وَمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ مِنْ عَزْوِ الظَّاهِرِ إلَخْ إلَى الْإِمَامِ تُخَالِفُهُ عِبَارَةُ الْخَادِمِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْإِمَامُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ الْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَأَرَادَ الْوَاطِئُ بِالشُّبْهَةِ أَنْ يَنْكِحَهَا فِي عِدَّةِ نَفْسِهِ كَانَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ سَبَقَتْ عِدَّةُ الزَّوْجِ وَأَرَادَ تَجْدِيدَ نِكَاحِهَا وَعَلَيْهَا عِدَّةُ الشُّبْهَةِ لِأَنَّهَا الْآنَ مُعْتَدَّةٌ عَنْ أَجْنَبِيٍّ حَامِلٌ مِنْهُ إلَخْ وَالْعَجَبُ مِنْ سُكُوتِ ابْنِ الرِّفْعَةِ عَلَى ذَلِكَ وَقَوْلِهِ فِي الْمَطْلَبِ فَتَحَصَّلَ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ثَالِثُهَا يَصِحُّ فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ وَلَا يَصِحُّ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ وَصَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ نِكَاحَ

الْأَجْنَبِيِّ فِي عِدَّتِهِ بَاطِلٌ قَطْعًا لِأَنَّهَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّةُ الطَّلَاقِ فَكَيْفَ يَجُوزُ نِكَاحُهَا لِأَجْنَبِيٍّ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الزَّوْجِ مَعَ أَنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِالْمَنْعِ اهـ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ مَضْمُونُهُ الْقَطْعُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ بِخِلَافِ مَا حَكَاهُ الْإِمَامُ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهَا وَبِالْجُمْلَةِ فَالصَّوَابُ الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الصِّحَّةِ (سُئِلَ) عَمَّنْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِهَا ثُمَّ مَضَى أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ وَلَمْ تَضَعْهُ فَهَلْ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا إلَّا بِوَضْعِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِالْعِدَّةِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ وَهِيَ لَا تَحْصُلُ بِدُونِهِ لَا يُقَالُ قَدْ يَطُولُ مُكْثُهُ فَتَتَضَرَّرُ بِهِ لِأَنَّا نَقُولُ لَا اعْتِبَارَ بِذَلِكَ فَقَدْ قَالُوا إنَّهُ لَوْ مَكَثَ فِي بَطْنِهَا لِتَمَامِ الْأَرْبَعِ سِنِينَ حَيًّا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا إلَّا بِوَضْعِهِ وَقَالُوا فِيمَنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا فِي غَيْرِ أَوَانِهِ تَصْبِرُ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ وَأَيْضًا فَإِنَّهَا بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ تَسْتَعْمِلَ مَا يَحْصُلُ بِهِ وَضْعُهُ وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا تَنْقَضِي بِنَوْعٍ مِنْ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ؛ الْأَوَّلُ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ وَهِيَ لِحُرَّةٍ حَامِلٍ تَحِيضُ وَتَطْهُرُ أَوْ لِحَامِلٍ مِنْ الزِّنَا

عدة الأمة المتحيرة

الثَّانِي ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَهِيَ لِحُرَّةٍ حَامِلٍ لَمْ تَحِضْ أَوْ تَحَيَّرَتْ أَوْ يَئِسَتْ الثَّالِثُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَالنَّوْعَانِ الْأَوَّلَانِ مَنْفِيَّانِ فِي مَسْأَلَتِنَا فَتَعَيَّنَ الثَّالِثُ وَإِلَّا يَلْزَمُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِنَوْعٍ رَابِعٍ لَمْ يَذْكُرْهُ الْأَئِمَّةُ وَقَدْ قَالُوا لَا تَنْقَضِي بِانْفِصَالِ أَوَّلِ التَّوْأَمَيْنِ لِأَنَّهَا لَمْ تَضَعْ حَمْلَهَا وَلِأَنَّهُ لَا يَحْصُلْ بِهِ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا وَتَنْقَضِي بِانْفِصَالِ ثَانِيهِمَا وَأَمَّا قَوْلُهُمْ أَكْثَرَ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ فَإِنَّ صُورَتَهُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ مَوْتُهُ قَبْلَهَا. [عدة الْأَمَة الْمُتَحَيِّرَة] (سُئِلَ) عَنْ عِدَّةِ الْأَمَةِ الْمُتَحَيِّرَةِ بِشَهْرٍ وَنِصْفٍ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ طَلُقَتْ أَوَّلَ شَهْرٍ اعْتَدَّتْ بِشَهْرَيْنِ أَوْ وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرُ فَبِبَاقِيهِ وَشَهْرٍ بَعْدَهُ أَوْ دُونَ ذَلِكَ اعْتَدَّتْ بَعْدَ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ بِشَهْرَيْنِ وَإِنْ قَالَ الْبَارِزِيُّ إنَّ الْأَمَةَ الْمُتَحَيِّرَةَ تَعْتَدُّ بِشَهْرٍ وَنِصْفٍ لِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَهُوَ أَنَّ الْأَشْهُرَ أَصْلٌ فِي حَقِّهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ مُسِخَ زَوْجُهَا فَهَلْ يُفْصَلُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَمْوَاتِ كَحَجَرٍ فَتَعْتَدَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ أَوْ مِنْ الْأَحْيَاءِ كَتِمْسَاحٍ فَعِدَّتُهَا كَعِدَّةِ الْأَحْيَاءِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ طَلَاقٍ إنْ مُسِخَ زَوْجُهَا حَيَوَانًا أَوْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ إنْ مُسِخَ حَجَرًا (سُئِلَ) عَمَّا إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ سِنَّ الْيَأْسِ عِنْدَ إرَادَةِ

باب الاستبراء

التَّزْوِيجِ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهَا بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِهِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ وَأَقَامَتْ مَعَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً لَمْ تَحْبَلْ ثُمَّ حَبِلَتْ فَذَكَرَتْ أَنَّ فُلَانَةَ أَتَتْ لَهَا بِمَاءِ أَجْنَبِيٍّ تَحَمَّلَتْ بِهِ فَحَبِلَتْ مِنْهُ وَصَدَّقَهَا زَوْجُهَا وَتِلْكَ الْمَرْأَةُ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ الْحَمْلُ لَاحِقٌ بِالزَّوْجِ وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا ذُكِرَ أَوْ يُعْرَضُ الْوَلَدُ عَلَى الْقَائِفِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْوَلَدَ لَاحِقٌ بِالزَّوْجِ لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا ذُكِرَ. [بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ] (بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ) (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ أَوْلَدَ أَمَتَهُ بِنْتًا ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ بِنْتًا أُخْرَى ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ طَلَبَتْهُ إلَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ وَطَالَبَتْهُ بِفَرْضٍ لِلْبِنْتَيْنِ فَاعْتَرَفَ بِالْبِنْتِ الْأُولَى وَأَنْكَرَ الثَّانِيَةَ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْ مُسْتَوْلَدَتَهُ الْمَذْكُورَةَ بَعْدَ وِلَادَتِهَا الْبِنْتَ الْأُولَى فَهَلْ يَكْفِي ذَلِكَ فِي نَفْيِ الثَّانِيَةِ عَنْهُ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ تَنْتَفِي الْبِنْتُ الثَّانِيَةُ عَنْهُ بِحَلِفِهِ الْمَذْكُورِ إحَالَةً عَلَى فِرَاشِ النِّكَاحِ بَلْ لَوْ أَنْكَرَ وَطْأَهَا أَوْ لَمْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا بَعْدَ وِلَادَتِهَا الْبِنْتَ الْأُولَى لَمْ تَلْحَقْهُ الْبِنْتُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّ فِرَاشَ أُمِّهَا انْقَطَعَ بِوِلَادَتِهَا الْبِنْتَ الْأُولَى لِأَنَّهَا قَبْلَهَا لَمْ يَثْبُتْ لَهَا حُكْمُ

ما يقول عند الحلف على الاستبراء

الِاسْتِيلَادِ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ أَمَّا هِيَ فَالْأَصَحُّ أَنَّ فِرَاشَهَا لَا يَنْقَطِعُ بِوِلَادَتِهَا وَلَا بِدَعْوَى اسْتِبْرَائِهَا أَوْ إنْكَارِ وَطْئِهَا وَالْحَلِفِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُزَوِّجْهَا وَتَأْتِي بِوَلَدٍ يُمْكِنُ لُحُوقُهُ بِالزَّوْجِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ اشْتَرَى أَمَةً مِنْ امْرَأَةٍ حَامِلًا مِنْ الزِّنَا هَلْ يَجُوزُ لَهُ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ أَمْ لَا (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ لِتَزْوِيجِ الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ فِرَاشًا لِغَيْرِ مَنْ يُرِيدُ تَزَوُّجَهَا [مَا يَقُول عِنْد الْحُلْف عَلَى الِاسْتِبْرَاء] (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ وَإِذَا حَلَفَ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ فَهَلْ يَقُولُ اسْتَبْرَأْتهَا قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وِلَادَتِهَا هَذَا الْوَلَدَ أَوْ يَقُولُ وَلَدَتْهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ اسْتِبْرَائِي فِيهِ وَجْهَانِ مَا الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ هُمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَافٍ فِي حَلِفِهِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ. (سُئِلَ) عَنْ الْأَمَةِ الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ هَلْ يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطَأَهَا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا بِشَهْرٍ أَمْ بِحَيْضَةٍ إنْ كَانَتْ تَرَى الدَّمَ مَعَ الْحَمْلِ وَجَعَلْتُمُوهُ حَيْضًا مِنْ الزِّنَا كَالْعَدَمِ أَمْ لَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى تَضَعَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لِمُشْتَرِي الْأَمَةِ الْمَذْكُورَةِ وَطْؤُهَا بَعْدَ الْحَيْضَةِ

لِحُصُولِ اسْتِبْرَائِهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الرَّوْضِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي الْعِدَدِ إنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ خِلَافَهُ لِتَفْرِيعِهِمَا حُصُولَ اسْتِبْرَائِهَا بِهَا عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ وَكَذَا بَعْدَ الشَّهْرِ إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ مَلَكَ أَمَةً ثُمَّ بَاعَهَا الْآخَرُ فِي مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ ثُمَّ تَقَايَلَا فِي الْمَجْلِسِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ اسْتِئْنَافُ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ فِي ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ أَمْ تَبْنِي؟ وَهَلْ يَلْزَمُهُ اسْتِبْرَاءُ ذَاتِ الْحَيْضِ بِحَيْضَةٍ أَمْ لَا؟ وَهَلْ إذَا كَانَ الْبَيْعُ وَالتَّقَايُلُ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ يَلْزَمُهُ الِاسْتِبْرَاءُ ثَانِيًا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ اسْتِئْنَافُ الِاسْتِبْرَاءِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ بَلْ تَبْنِي وَلَا اسْتِبْرَاءَ فِي الشِّقِّ الثَّانِي. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى أَمَةً ثُمَّ وَطِئَهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَهَلْ إذَا حَاضَتْ حَالَ الْحَمْلِ يَكْفِيهِ ذَلِكَ فِي جَوَازِ وَطْئِهَا أَمْ لَا بُدَّ مِنْ وَضْعِهِ وَإِذَا لَمْ تَحِضْ حَالَ الْحَمْلِ هَلْ يَكْفِيهِ الْوَضْعُ فِي جَوَازِ الْوَطْءِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ حَيْضَةٍ بَعْدَهُ لِكَوْنِهِ مِنْهُ وَإِذَا قُلْتُمْ لَا بُدَّ مِنْ حَيْضَةٍ بَعْدَهُ هَلْ يَقُومُ النِّفَاسُ مَقَامَهَا فِي ذَلِكَ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ حَيْضَةٍ بَعْدَ النِّفَاسِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ ذَلِكَ فِي جَوَازِ وَطْئِهِ

باب الرضاع

إيَّاهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ وَضْعِ حَمْلِهَا فَإِذَا وَضَعَتْهُ جَازَ لَهُ وَطْؤُهَا وَإِنْ لَمْ تَحِضْ حَالَ حَبَلِهَا. [بَابُ الرَّضَاعِ] (بَابُ الرَّضَاعِ) (سُئِلَ) هَلْ يُحْتَاجُ فِي إقْرَارِ غَيْرِ الْفَقِيهِ بِالرَّضَاعِ إلَى ذِكْرِ شُرُوطِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرُهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَخْبَرَتْهُ أَمَةٌ بِأَنَّهَا أَرْضَعَتْ مَنْ يُرِيدُ التَّزَوُّجَ بِهَا فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ التَّزَوُّجُ بِهَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ أَخْبَرَتْهُ بِأَنَّهَا أَرْضَعَتْهَا قَبْلَ إتْمَامِهَا حَوْلَيْنِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّزَوُّجُ بِهَا وَإِلَّا جَازَ لَهُ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَتْ لَهُ زَوْجَةُ عَمِّهِ أَنَا أَرْضَعْتُك فَقَالَ خَمْسًا أَمْ أَقَلَّ فَقَالَتْ لَا أَدْرِي فَهَلْ يَنْقُضُ لَمْسُهَا وُضُوءَهُ وَهَلْ يَحِلُّ لَهُ التَّزَوُّجُ بِبِنْتِهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَنْقُضُ لَمْسُهَا وُضُوءَهُ وَيَحِلُّ لَهُ التَّزَوُّجُ بِبِنْتِهَا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ تَمَّ الْحَوْلَانِ فِي أَثْنَاءِ الرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ هَلْ يُؤَثِّرُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الرَّضَاعَ الْمَذْكُورَ يُؤَثِّرُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَقَرَّتْ أَنَّ سَيِّدَهَا أَخُوهَا مِنْ الرَّضَاعِ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ يُقْبَلُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا عَلَى سَيِّدِهَا. [بَابُ النَّفَقَاتِ] (بَابُ النَّفَقَاتِ) (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ سُقُوطُ نَفَقَةِ السَّفِيهَةِ بِأَكْلِهَا مَعَ

زَوْجِهَا عَلَى الْعَادَةِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ الْمُفْتَى بِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فِي فَتَاوِيهِ وَقَالَ الْبَكْرِيُّ لَمْ يَذْكُرْهَا الشَّيْخَانِ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّيْخَ ذَكَرَ ذَلِكَ تَفَقُّهًا أَمْ الْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمِنْهَاجِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا فِي الْمَنْهَجِ مِنْ عَدَمِ سُقُوطِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ بِأَكْلِهَا مَعَ زَوْجِهَا عَلَى الْعَادَةِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ رَشِيدَةٍ وَلَمْ يَأْذَنْ وَلِيُّهَا فِيهِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ صَغِيرَةً أَمْ مَجْنُونَةً أَمْ سَفِيهَةً وَسَكَتَ عَنْهَا فِي الرَّوْضَةِ لِفَهْمِهَا مِنْ الصَّغِيرَةِ وَلِهَذَا قَالَ الْأَصْفُونِيُّ فِي مُخْتَصَرِهَا فَلَوْ أَكَلَتْ مَعَهُ كَالْعَادَةِ فَالْأَصَحُّ سُقُوطُ نَفَقَتِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ رَشِيدَةٍ وَلَمْ يَأْذَنْ وَلِيُّهَا وَقَالَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي مُخْتَصَرِهَا وَلَوْ أَكَلَتْ مَعَهُ بِرِضَاهَا وَهِيَ رَشِيدَةٌ أَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا وَقَالَ الْحِجَازِيُّ فِي مُخْتَصَرِهَا هَذَا فِي رَشِيدَةٍ أَوْ صَغِيرَةٍ أَكَلَتْ بِإِذْنِ الْقَيِّمِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْإِسْنَوِيُّ وَالْعِرَاقِيُّ عَقِبَ كَلَامِ الرَّوْضَةِ إنَّ التَّعْبِيرَ بِالْبَالِغَةِ تَعْبِيرٌ نَاقِصٌ فَإِنَّهَا قَدْ تَكُونُ سَفِيهَةً أَوْ مَجْنُونَةً فَتَكُونُ كَالصَّغِيرَةِ فَالصَّوَابُ التَّعْبِيرُ بِالرَّشِيدَةِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَقِبَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ رَشِيدَةٍ أَيْ لِحَجْرِ سَفَهٍ أَوْ صِبًا

أَوْ جُنُونٍ وَلَمْ يَأْذَنْ وَلِيُّهَا فِيهِ أَيْ فَلَا تَسْقُطُ قَطْعًا وَلَا عِبْرَةَ بِرِضَاهَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ بِلَا خِلَافٍ. وَقَدْ اقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهَا لَوْ أَكَلَتْ مَعَهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهَا سَقَطَتْ عَلَى الصَّحِيحِ كَالرَّشِيدَةِ وَقَضِيَّةُ الْقِيَاسِ أَنَّ إذْن الْوَلِيِّ إنَّمَا يُعْتَبَرُ حَيْثُ يَكُونُ الْحَظُّ لَهَا فِيهِ أَمَّا لَوْ كَانَ حَظُّهَا فِي أَخْذِ الْمِقْدَارِ لَهَا لِكَوْنِهَا زَهِيدَةً أَوْ عَلِيلَةً فَلَا وَيَكُونُ إذْنُ الْوَلِيِّ كَعَدَمِهِ إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ فِي خِلَافِ الْمَصْلَحَةِ لَهَا وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ عَقِبَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ رَشِيدَةٍ أَيْ بِحَجْرِ سَفَهٍ أَوْ صِبًا أَوْ جُنُونٍ وَلَمْ يَأْذَنْ وَلِيُّهَا أَيْ فَلَا تَسْقُطُ قَطْعًا وَلَا عِبْرَةَ بِرِضَاهَا بِلَا خِلَافٍ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ الْغَرْقِيُّ عَقِبَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ رَشِيدَةٍ أَيْ بِحَجْرٍ أَوْ صِبًا أَوْ جُنُونٍ وَلَمْ يَأْذَنْ وَلِيُّهَا أَيْ فَلَا تَسْقُطُ قَطْعًا وَلَا عِبْرَةَ بِرِضَاهَا وَقَالَ النَّاشِرِيُّ عَقِبَ قَوْلِ الْحَاوِي أَوْ أَكَلَتْ مَعَهُ هَذَا فِي حَقِّ رَشِيدَةٍ مُخْتَارَةٍ أَكَلَتْ مَعَهُ الْكِفَايَةَ أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا أَذِنَ لَهَا وَلِيُّهَا وَكَانَ لَهَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْوَلِيُّ فَالزَّوْجُ مُتَطَوِّعٌ وَلَا تَسْقُطُ بِذَلِكَ نَفَقَتُهَا قَطْعًا أَمَّا الْأَمَة الَّتِي تَجِبُ نَفَقَتُهَا فَالْمُعْتَبَرُ إذْنُ سَيِّدِهَا الْمُطْلَقُ لَا إذْنُهَا (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ حَبَسَتْهُ

زَوْجَتُهُ عَلَى دَيْنٍ لَهَا عَلَيْهِ فَهَلْ يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَهُوَ بِالسِّجْنِ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَلَا كِسْوَةٌ لِمُدَّةِ حَبْسِهِ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِسَبَبِهَا كَمَا لَوْ حُبِسَتْ وَلَوْ ظُلْمًا بَلْ أَوْلَى لِتَمَكُّنِهَا مِنْ إطْلَاقِهِ أَوْ تَمْكِينِهِ مِنْهَا حَالَ كَوْنِهِ مَحْبُوسًا. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا أَكَلَتْ غَيْرُ الرَّشِيدَةِ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى الْعَادَةِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا وَهَلْ لِزَوْجِهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهَا بِمَا أَنْفَقَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْطِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّبَرُّعِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا بِمَا أَنْفَقَهُ وَلَمْ أَرَ مَا عُزِيَ لِلْعِرَاقِيِّ فِي فَتَاوِيهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ لَاعَبَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ فَأَمْنَتْ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ثَمَنُ مَاءِ غُسْلِهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ لَمَسَ أَجْنَبِيَّةً فَنَقَضَ وُضُوءَهَا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ مَاؤُهَا أَوْ يُفَصَّلُ فَيَجِبُ إنْ كَانَ بِشُبْهَةٍ كَوُجُوبِ الْمَهْرِ بِوَطْئِهَا أَمْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى اللَّامِسِ مَاءُ وُضُوءِ تِلْكَ الْمَلْمُوسَةِ مُطْلَقًا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ أَنَّ وُجُوبَ الْمَهْرِ فِيهِ لِانْتِفَاءِ زِنَا الْمَوْطُوءَةِ وَعِلَّةُ وُجُوبِ مَاءِ وُضُوءِ الْمَلْمُوسَةِ عَلَى لَامِسهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ كَوْنِهِ بِسَبَبِهِ وَكَوْنِهِ زَوْجًا

وَلِهَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا مَاءُ وُضُوئِهِ إذَا لَمَسَتْهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ نَكَحَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا وَتَسَلَّمَهَا وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا مُدَّةً وَلَمْ يَطَأْهَا وَلَا اسْتَمْتَعَ بِهَا هَلْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا بِمَا أَنْفَقَهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مِنْهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ أَوْ يَوْمٍ هَلْ يَجِبُ لَهَا كِسْوَةُ فَصْلٍ كَامِلٍ وَنَفَقَةُ يَوْمٍ كَامِلٍ أَمْ يَجِبُ لَهَا بِقِسْطِ مَا مَضَى خِلَافًا لِمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ النَّوَوِيِّ فِي فَتَاوِيهِ وَمَا الْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ وَالنَّوَوِيِّ فِي فَتَاوِيهِمَا وَالرُّويَانِيِّ وَالنَّوَوِيِّ فِي تَجْرِبَتِهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الظَّاهِرُ وَالْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْكِسْوَةَ تَجِبُ بِأَوَّلِ الْفَصْلِ وَالنَّفَقَةَ بِأَوَّلِ الْيَوْمِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ خَدَمَتْ الزَّوْجَةُ نَفْسَهَا أَوْ اسْتَأْجَرَتْ مَنْ يَخْدُمُهَا هَلْ تَسْقُطُ النَّفَقَةُ أَوْ الْأُجْرَةُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْخَادِمِ عَنْ الزَّوْجِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّاةَ لَازِمَةٌ لِلزَّوْجَةِ. (سُئِلَ) عَنْ نِكَاحٍ حَكَمَ بِمُوجَبِهِ حَاكِمٌ شَافِعِيٌّ ثُمَّ مَكَّنَتْ الزَّوْجَةُ وَمَضَتْ مُدَّةٌ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا وَلَمْ يَكْسُهَا فَهَلْ لِلْحَاكِمِ الْحَنَفِيِّ أَنْ يَحْكُمَ بِسُقُوطِهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ

الْحَنَفِيِّ أَنْ يَحْكُمَ بِسُقُوطِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ مَا تَضْمَنَّهُ حُكْمُ الشَّافِعِيِّ إذْ قَوْلُهُ بِمُوجَبِهِ مِنْ قَوْلِهِ حَكَمْت بِمُوجَبِهِ مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ فَكَأَنَّهُ قَالَ حَكَمْتُ بِكُلِّ مُقْتَضًى مِنْ مُقْتَضَيَاتِهِ وَمِنْهَا أَنَّ نَفَقَتَهَا وَكِسْوَتَهَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَقَدْ قَالُوا إنْ شُرِطَ فِي النِّكَاحِ شَرْطٌ يُخَالِفُ مُقْتَضَاهُ وَلَمْ يُخِلَّ بِمَقْصُودِهِ الْأَصْلِيِّ كَشَرْطِ أَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا صَحَّ النِّكَاحُ وَفَسَدَ الشَّرْطُ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمُوجِبِ الْعَقْدِ، وَقَالُوا لَوْ حَكَمَ الْحَنَفِيُّ بِمُوجَبِ التَّدْبِيرِ امْتَنَعَ الْحُكْمُ بِجَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ وَلَوْ حَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِمُوجَبِهِ امْتَنَعَ الْحُكْمُ بِمَنْعِ بَيْعِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَرَّرَ لِزَوْجَتِهِ فِي كَسَاوِيهَا كُلَّ شَهْرٍ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا وَثَبَتَ ذَلِكَ عَلَى يَدِ حَاكِمٍ حَنَفِيٍّ أَوْ مَالِكِيٍّ هَلْ لِلشَّافِعِيِّ نَقْضُهُ وَالْإِلْزَامُ بِالْأَصْنَافِ فِي الْمُدَّةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ إذَا رَجَعَتْ الزَّوْجَةُ عَنْ الرِّضَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الثُّبُوتُ عِنْدَ ذَلِكَ الْحَاكِمِ حُكْمًا فَلَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ الْإِلْزَامُ الْمَذْكُورُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْحُكَّامُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَرَّرَ لِزَوْجَتِهِ كِسْوَةً كُلَّ فَصْلٍ مَثَلًا كَذَا كَذَا نِصْفٍ وَحَكَمَ بِذَلِكَ مَنْ يَرَى صِحَّتَهُ ثُمَّ إنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ يَجْعَلُ الْفِرَاشَ وَالْغِطَاءَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهَا

مِنْ جُمْلَةِ الْمَبْلَغِ الَّذِي قَرَّرَهُ لَهَا فِي نَظِيرِ الْكِسْوَةِ الْمَذْكُورَةِ وَتَرَكَهَا بِلَا فِرَاشٍ وَبِلَا غِطَاءٍ حَتَّى أَضَرَّ بِهَا وَالْحَالُ أَنَّهَا لَا تَحْتَرِفُ بِحِرْفَةٍ مِنْ غَزْلٍ أَوْ تَطْرِيزٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لِتَشْتَرِيَ لَهَا فَرْشًا وَغِطَاءً لِكَوْنِهَا وَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا وَهُوَ ضَعِيفٌ وَهِيَ مُشْتَغِلَةٌ بِهِ فَهَلْ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْفَرْشِ وَالْغِطَاءِ فِيمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ الَّذِي فِي عِصْمَتِهِ وَالزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَهَا مُطَالَبَتَهُ بِالْفَرْشِ وَالْغِطَاءِ بِجَمِيعِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَلِمَا تَسْتَحِقُّهُ مِنْهُمَا فِي الْحَالِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ يَخْدُمُهَا فِي بَيْتِ أَبِيهَا أَوْ أُمِّهَا أَوْ أُخْتِهَا هَلْ تَسْتَحِقُّ الْإِخْدَامَ عَلَى الزَّوْجِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ تُخْدَمَ بِأَمَةٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مِمَّنْ تُخْدَمُ عَادَةً فِي بَيْتِ أَبِيهَا اسْتَحَقَّتْ إخْدَامَهَا عَلَى زَوْجِهَا وَإِلَّا فَلَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ تُخْدَمُ وَمَضَتْ مُدَّةٌ مِنْ غَيْرِ إخْدَامٍ هَلْ تُطَالِبُ الزَّوْجَ بِأُجْرَةِ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا مُطَالَبَةُ زَوْجِهَا بِأُجْرَةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ خَرَجَتْ امْرَأَةٌ بِغَيْرِ عُذْرٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا مِنْ مَسْكَنٍ غَيْرِ لَائِقٍ بِهَا مَعَ قُدْرَةِ الزَّوْجِ عَلَى اللَّائِقِ بِهَا أَوْ مِنْ لَائِقٍ لَكِنْ مَعَهَا فِيهِ مَنْ لَا تَسْكُنُ مَعَهُ فِيهِ إلَّا بِرِضَاهَا كَأُمِّ الزَّوْجِ وَزَوْجَتِهِ الْأُخْرَى

هَلْ تَسْقُطُ بِالْخُرُوجِ الْمَذْكُورِ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ الْمَذْكُورُ أَمْ لَا يَسْقُطُ ذَلِكَ إلَّا بِالْخُرُوجِ مِنْ مَسْكَنٍ لَائِقٍ لَيْسَ مَعَهَا فِيهِ مَنْ لَا تُسَاكِنُهُ إلَّا بِرِضَاهَا إذَا كَانَ الْخُرُوجُ لِغَيْرِ عُذْرٍ بِغَيْرِ إذْنٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِخُرُوجِهَا الْمَذْكُورِ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا فَقَدْ قَالُوا إنَّ خُرُوجَهَا مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا بِلَا إذْنٍ مِنْهُ نُشُوزٌ وَاسْتَثْنَوْا خُرُوجَهَا لِأُمُورٍ ذَكَرُوهَا لَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا مَوْجُودًا فِي مَسْأَلَتِنَا وَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ وَتَأْثَمُ بِخُرُوجِهَا الْمَذْكُورِ إنْ عَلِمَتْ تَحْرِيمَهُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى زَوْجَتِهِ النَّاشِزَةِ جَاهِلًا عَدَمَ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ هَلْ يَرْجِعُ أَوْ لَا؟ وَهَلْ مِثْلُ ذَلِكَ إذَا أَنْفَقَ عَلَى مَا صَارَ إلَيْهِ بِنِكَاحٍ أَوْ شِرَاءٍ فَاسِدٍ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَمَا الْفَرْقُ وَهَلْ إذَا نَشَزَتْ وَرَضِيَتْ بِإِسْقَاطِ لَوَازِمِهَا وَلَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلزَّوْجِ الرُّجُوعَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِبَذْلِ مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا مُدَّةَ نُشُوزِهَا ظَانًّا وُجُوبَ مُؤْنَتِهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ رَشِيدَةً أَوْ أَنْفَقَ بِإِذْنِ وَلِيِّهَا، أَمَّا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ رَشِيدٍ فَلِوَلِيِّهِ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ وَالْمُشْتَرِي

بِمَا أَنْفَقَاهُ فِي النِّكَاحِ وَالشِّرَاءِ الْفَاسِدَيْنِ وَإِنْ ظَنَّا وُجُوبَهُ عَلَيْهِمَا وَالْفَرْقُ أَنَّهُمَا شَرَطَا فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَا ذَلِكَ بِوَضْعِ الْيَدِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَتُجْبَرُ الزَّوْجَةُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى عَوْدِهَا إلَى طَاعَةِ زَوْجِهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ تَزَوَّجَ بِبِنْتِ زَيْنَبَ فَأَبَاحَتْ لَهُ زَيْنَبُ السُّكْنَى بِزَوْجَتِهِ فِي دَارٍ هِيَ سَكَنُ زَيْنَبَ فَسَكَنَ فِيهَا مُدَّةً بِزَوْجَتِهِ يَبِيتُ فِيهَا هُوَ وَزَوْجَتُهُ لَيْلًا وَيَخْرُجُ مِنْهَا دُونَ زَوْجَتِهِ نَهَارًا لِشُغُلِهِ ثُمَّ طَالَبَهُ أَخُو زَيْنَبَ الْمَذْكُورَةِ بِحِصَّتِهِمْ مِنْ أُجْرَةِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ تَكُونُ أُجْرَةُ حِصَّتِهِمْ أَرْبَاعًا عَلَى الزَّوْجِ رُبُعُهَا وَعَلَى زَوْجَتِهِ بَاقِيهَا أَوْ تَكُونُ كُلُّهَا عَلَى الزَّوْجِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَجِبُ الْأُجْرَةُ جَمِيعُهَا عَلَى الزَّوْجِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ كَانَ الْجِمَاعُ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ صَلَاةِ الْمَرْأَةِ هَلْ يَحْرُمُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ وَطْءُ زَوْجَتِهِ وَلَا عَلَى السَّيِّدِ وَطْءُ أَمَتِهِ وَإِنْ أَدَّى إلَى عَدَمِ صَلَاتِهَا الْمَكْتُوبَةَ. (سُئِلَ) عَنْ الزَّوْجِ إذَا غَابَ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَوْضِعٌ وَكَتَبَ الْحَاكِمُ لِحُكَّامِ الْبِلَادِ الَّتِي تَرِدُهَا الْقَوَافِلُ مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ عَادَةً وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهَا وَسَأَلَتْ الزَّوْجَةُ الْحَاكِمَ أَنْ يَفْتَرِضَ لَهَا النَّفَقَةَ عَلَى ذِمَّةِ الزَّوْجِ

نفقة الناشز

يُجِيبُهَا أَمْ لَا (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَفْرِضُ الْحَاكِمُ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ فِي مَالِ زَوْجِهَا الْحَاضِرِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا اقْتَرَضَ عَلَيْهِ وَيَأْخُذُ مِنْهَا فِي الْحَالَيْنِ كَفِيلًا بِمَا يُصْرَفُ إلَيْهَا لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ أَوْ طَلَاقِهِ. [نَفَقَة النَّاشِز] (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ نَشَزَتْ الْمَرْأَةُ لَيْلًا هَلْ تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْيَوْمِ الْآتِي أَوْ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنَفَقَةِ الْيَوْمِ الْمَاضِي إنْ كَانَ أَنْفَقَهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ أَنْفَقَ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنَفَقَةِ الْيَوْمِ الْمَاضِي إنْ بَذَلَهُ لَهَا وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ. (سُئِلَ) عَنْ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ هَلْ تَصِيرُ دَيْنًا بِفَرْضِ الْقَاضِي كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ أَمْ لَا كَمَا نُقِلَ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَغَيْرِهِمْ وَأَيُّ وَقْتٍ يَفْرِضُ الْقَاضِي فِيهِ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ تَصِيرُ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ دَيْنًا بِفَرْضِ الْقَاضِي وَصُورَتُهُ أَنْ يُقَدِّرَهَا الْقَاضِي وَيَأْذَنَ لِإِنْسَانٍ فِي أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الطِّفْلِ مَا قَدَّرَهُ فَإِذَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ أَوْ الْمُمْتَنِعِ وَهُوَ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الِاقْتِرَاضِ وَأَمَّا إذَا قَالَ الْحَاكِمُ قَدَّرْتُ عَلَى فُلَانٍ لِفُلَانٍ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا وَلَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا لَمْ يَصِرْ ذَلِكَ دَيْنًا وَلَيْسَ هُوَ مُرَادُ الشَّيْخَيْنِ وَإِنَّمَا يَفْرِضُهَا لِغَيْبَةِ الْقَرِيبِ أَوْ امْتِنَاعِهِ مِنْهَا. (سُئِلَ) عَنْ

شَخْصٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ وَقَالَ أَنْفِقِي عَلَيْهِ وَارْجِعِي عَلَيَّ بِذَلِكَ فَأَنْفَقَتْ عَلَيْهِ مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ طَالَبَتْهُ فَأَظْهَرَ لَهَا حُكْمَ حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ بِإِسْقَاطِ نَفَقَةٍ فِي الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ فَهَلْ حُكْمُ الشَّافِعِيِّ صَحِيحٌ مَانِعٌ لَهَا مِنْ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِهَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ عَلَيْهِ وَحُكْمُ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا. (سُئِلَ) عَنْ إبْرَاءِ الْمَرْأَةِ مِنْ كَسَاوِيهَا هَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ إبْرَاءَهَا مِنْ كَسَاوِيهَا قَبْلَ صَيْرُورَتِهَا مَعْلُومَةً لَهَا غَيْرُ صَحِيحٍ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ فَرَضَ عَلَيْهِ شَافِعِيٌّ فَرْضًا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَحَكَمَ بِذَلِكَ الْمُخَالِفَ فَهَلْ لِلْمُخَالِفِ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِتَقْرِيرِ النَّقْدِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْحُكْمُ بِتَقْرِيرِ النَّقْدِ لِمَا مَرَّ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ فَرَضَ لِوَلَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَرْضًا مُعَيَّنًا وَأَذِنَ لِأُمِّهِ فِي الْإِنْفَاقِ وَالِاسْتِدَانَةِ وَالرُّجُوعِ عَلَيْهِ فَفَعَلَتْ ذَلِكَ وَمَاتَ الْآذِنُ هَلْ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ السُّبْكِيّ أَمْ لَا لِقَوْلِهِمْ إنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِفَرْضِ قَاضٍ أَوْ إذْنِهِ فِي الِاقْتِرَاضِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَتْهُ لِإِذْنِهِ لَهَا فِي أَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ شَخْصٌ أَعْتِقْ عَبْدَك

عَنْ كَفَّارَتِي أَوْ ادْفَعْ إلَى هَذَا الْمِسْكِينِ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا مِنْ زَكَاتِي بَلْ لَوْ سَكَتَ عَنْ رُجُوعِهَا بِهِ رَجَعَتْ بَلْ إذْنُ الْحَاكِمِ لَهَا فِي الِاقْتِرَاضِ عَلَيْهِ لِغَيْبَةٍ أَوْ امْتِنَاعٍ كَافٍ فِيهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ إذْنَهُ فِيهِ أَوْلَى بِالرُّجُوعِ مِنْ إذْنِ الْحَاكِمِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ يَدْفَعُ لِزَوْجَتِهِ كَتَّانًا فَتَغْزِلُهُ وَيَنْسِجُهُ وَيَكْتَسِي هُوَ وَإِيَّاهَا وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةً هَلْ تَسْقُطُ كِسْوَتُهَا بِذَلِكَ وَهَلْ لِوَلِيِّهَا الْمُطَالَبَةُ بِكِسْوَتِهَا وَإِذَا طُولِبَ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى رَضِيَتْ بِأَخْذِ ذَلِكَ عِوَضًا عَنْ كِسْوَتِهَا وَهِيَ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا لَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّهَا مُطَالَبَتُهُ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِذَلِكَ طَالَبَتْهُ بِكِسْوَتِهَا وَطَالَبَهَا بِقِيمَةِ مَا دَفَعَهُ لَهَا لِأَجْلِ كِسْوَتِهَا (سُئِلَ) هَلْ يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْكِسْوَةِ بَعْدَ مُضِيِّ الزَّمَانِ وَالْمُتْعَةِ قَبْلَ فَرْضِهَا فَلَا يَضُرُّ جَهْلُ الْمَرْأَةِ بِقَدْرِ مَا ذَكَرَ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ لَا فَمَا الطَّرِيقُ إلَى صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ مِنْ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ فَإِنْ أَرَادَ صِحَّتَهُ اتَّفَقَا عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْهُمَا ثُمَّ تُبْرِئُ مِنْهُ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا تَنَازَعَ الزَّوْجُ مَعَ زَوْجَتِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَهِيَ فِي غَيْرِ مَحِلِّ طَاعَتِهِ أَوْ فِيهِ وَهُوَ يُرِيدُ مَحَلًّا غَيْرَهُ فَادَّعَتْ عَلَيْهِ

بِصَدَاقِهَا أَوْ بِبَقِيَّتِهِ وَبِنَفَقَتِهَا وَكِسْوَتِهَا فَأَجَابَ بِأَنَّهَا تَنْتَقِلُ لِمَحَلِّ طَاعَتِهِ بِمَكَانِ كَذَا وَتُطَالِبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَطَلَبَتْ مَا ادَّعَتْهُ قَبْلَ النُّقْلَةِ فَهَلْ تُجَابُ هِيَ وَإِنْ تَقَدَّمَ دَعْوَاهُ بِالنُّقْلَةِ أَمْ هُوَ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ دَعْوَاهَا بِمَا ادَّعَتْهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْحَاكِمَ يُقَدِّمُ مَنْ سَبَقَ دَعْوَاهُ. (سُئِلَ) هَلْ يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ الْكَسْبُ الَّذِي يَلِيقُ بِهِ لِعِيَالِهِ الْقَاصِرِينَ وَإِذَا قُلْتُمْ بِوُجُوبِهِ فَهَلْ يَكُونُ طَلَبُ الْعِلْمِ كَسْبًا أَمْ لَا وَهَلْ إذَا اشْتَغَلَ بِهِ تَرَكَ عِيَالَهُ هَلْ يَكُونُ تَضْيِيعًا لِعِيَالِهِ وَيَأْثَمُ بِتَضْيِيعِهِمْ أَمْ لَا؟ وَإِذَا أُطْلِقَ الْكَسْبُ فَمَا الْمُرَادُ بِهِ؟ وَهَلْ إذَا كَانَ لَهُ طِفْلٌ صَغِيرٌ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْكَسْبِ وَلَمْ يَكْتَسِبْ هَلْ يُكْرَهُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَهَلْ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ نَفَقَتُهُ أَوْ لَا وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ زَكَاةُ فِطْرٍ أَمْ لَا وَهَلْ إذَا كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ وَقُلْتُمْ بِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ زَكَاةُ فِطْرَتِهَا أَمْ لَا وَإِذَا كَانَ لَهُ عَبْدٌ وَلَهُ زَوْجَةٌ فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا فِي كَسْبِهِ وَإِذَا قُلْتُمْ بِوُجُوبِهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ زَكَاةُ فِطْرَتِهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَهِيَ فَقِيرَةٌ وَإِنْ كَانَتْ غَنِيَّةً فَمَنْ يَكُونُ مُخَاطَبًا بِزَكَاةِ فِطْرَتِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْكَسْبُ لِمُؤْنَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ وَيَفْعَلُ الْوَلِيُّ

بِمُوَلِّيهِ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَتَلْزَمُ زَكَاةُ فِطْرَةِ الطِّفْلِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَكِفَايَتُهُ وَلَا تَلْزَمُهُ زَكَاةُ فِطْرَةِ زَوْجَتِهِ وَتَجِبُ نَفَقَةُ زَوْجَةِ الْعَبْدِ فِي كَسْبِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ فِطْرَتِهَا وَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا إذَا كَانَتْ حُرَّةً عَلَى الْأَصَحِّ. (سُئِلَ) مَا قَوْلُكُمْ عَمَّا فِي فَتَاوِيكُمْ وَهُوَ لَوْ نَشَزَتْ الزَّوْجَةُ بِأَنْ أَمَرَهَا بِالنُّقْلَةِ أَوْ بِعَدَمِهَا فَأَبَتْ أَوْ خَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ وَلَا عُذْرَ أَوْ نَشَزَتْ بِغَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ اسْتَمْتَعَ بِهَا بِأَنَّ نَفَقَتَهَا تَجِبُ مِنْ حِينِ اسْتِمْتَاعِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ هَلْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْإِرْشَادِ كَغَيْرِهِ وَتَعُودُ لِغَدٍ بِعَوْدٍ وَعَلَى الرَّاجِحِ مِنْ قَوْلِهِ أَيْضًا وَبِنُشُوزٍ اسْتَرَدَّ مَا لِلْحَالِ أَوْ عَلَى الْمَرْجُوحِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِلَوْ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ السَّرَخْسِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا بِقِسْطِ زَمَنِ الطَّاعَةِ أَوَّلًا وَقَدْ نُقِلَ عَنْ فَتْوَى النُّورِ الْمَحَلِّيِّ مَا يُخَالِفُ وَبِمَعْنَاهُ قَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ وَعَزَاهُ لِلرَّوْضَةِ وَلِقَوْلِ الْأَصْحَابِ وَقَالَ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فَمَا الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُشْكِلُ عَلَى مَا أَفْتَيْت بِهِ قَوْلُ الْإِرْشَادِ وَتَعُودُ لِغَدٍ بِعَوْدٍ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا إذَا نَشَزَتْ بِخُرُوجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ عَادَتْ وَهُوَ حَاضِرٌ وَجَبَ لِغَدِهَا لَا بِيَوْمِ عَوْدِهَا وَلَا قَوْلُهُ

وَبِنُشُوزٍ اسْتَرَدَّ مَا لِلْحَالِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا إذَا نَشَزَتْ فِي يَوْمٍ وَلَوْ سَاعَةً اسْتَرَدَّ مِنْهَا نَفَقَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا أَفْتَيْت بِهِ بِأَنَّ امْتِنَاعَهَا مِنْ النُّقْلَةِ نُشُوزٌ وَيَزُولُ بِاسْتِمْتَاعِهِ بِهَا لِحُصُولِ التَّسْلِيمِ بِهِ مَعَ كَوْنِهَا لَمْ تُفَوِّتْ عَلَيْهِ حَقًّا مِنْ حُقُوقِ التَّمَتُّعِ بِهَا وَقَدْ قَالَ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ إنَّهَا إذَا امْتَنَعَتْ مِنْ النُّقْلَةِ مَعَهُ لَمْ تَجِبْ النَّفَقَةُ إلَّا إذَا كَانَ يَسْتَمْتِعُ بِهَا فِي زَمَنِ الِامْتِنَاعِ فَتَجِبُ وَيَصِيرُ اسْتِمْتَاعُهُ بِهَا عَفْوًا عَنْ النُّقْلَةِ حِينَئِذٍ اهـ وَنَقَلَهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَقَرُّوهُ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي حَاوِيهِ وَأَمَّا التَّمْكِينُ فَيَشْتَمِلُ عَلَى أَمْرَيْنِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِمَا أَحَدُهُمَا تَمْكِينُهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَالثَّانِي تَمْكِينُهُ مِنْ النُّقْلَةِ مَعَهُ حَيْثُ شَاءَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي تَزَوَّجَهَا فِيهِ وَإِلَى غَيْرِهِ مِنْ الْبِلَادِ إذَا كَانَتْ السَّبِيلُ مَأْمُونَةً فَلَوْ مَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا وَلَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ النُّقْلَةِ مَعَهُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ لِأَنَّ التَّمْكِينَ لَمْ يَكْمُلْ إلَّا أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا فِي زَمَنِ الِامْتِنَاعِ مِنْ النُّقْلَةِ فَيَجِبَ لَهَا النَّفَقَةُ وَيَصِيرَ اسْتِمْتَاعُهُ بِهَا عَفْوًا عَنْ النُّقْلَةِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ اهـ وَنَقَلَهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَقَرُّوهُ وَنَقَلَ

الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ عَنْ شَيْخِهِ الشَّرَفِ الْمُنَاوِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِيمَا إذَا امْتَنَعَتْ الزَّوْجَةُ مِنْ النُّقْلَةِ وَسَكَنَ الزَّوْجُ فِي بَيْتِهَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهَا النُّقْلَةَ فِي كُلِّ يَوْمٍ لِيَتَحَقَّقَ امْتِنَاعُهَا فَإِذَا امْتَنَعَتْ سَقَطَتْ نَفَقَةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ لِأَنَّ نُشُوزَ لَحْظَةٍ مِنْ الْيَوْمِ يُسْقِطُ نَفَقَةَ كُلِّ الْيَوْمِ اهـ وَقَالَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا وَلَوْ نَشَزَتْ فَغَابَ الزَّوْجُ فَعَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ وَرَفَعَتْ إلَى الْحَاكِمِ لِيُخْبِرَهُ بِذَلِكَ فَإِذَا عَادَ إلَيْهَا أَوْ بَعَثَ وَكِيلَهُ فَاسْتَأْنَفَ تَسْلِيمَهَا عَادَتْ النَّفَقَةُ، وَإِنْ مَضَى زَمَنُ إمْكَانِ الْعَوْدِ وَلَمْ يَعُدْ وَلَا بَعَثَ وَكِيلَهُ عَادَتْ النَّفَقَةُ أَيْضًا وَجُعِلَ كَالْمُسَلَّمِ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ لِأَنَّهَا سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ قَبْضَةِ الزَّوْجِ وَطَاعَتِهِ وَإِنَّمَا تَعُودُ إذَا عَادَتْ إلَى قَبْضَتِهِ. وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ فِي غَيْبَتِهِ إلَّا بِمَا مَرَّ، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا لَوْ نَشَزَتْ فِي الْمَنْزِلِ وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْهُ بَلْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا فَغَابَ ثُمَّ عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ عَادَتْ نَفَقَتُهَا مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى رَفْعِ الْأَمْرِ إلَى الْقَاضِي وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ وَحَاصِلُ ذَلِكَ الْفَرْقُ بَيْنَ النُّشُوزِ الْجَلِيِّ وَالْخَفِيِّ وَقَالُوا إنَّهَا إذَا سَافَرَتْ مَعَهُ لِحَاجَتِهَا لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا

وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِوُجُودِ التَّمْكِينِ وَعَلَّلَ الرَّافِعِيُّ كَوْنَهَا إذَا سَافَرَتْ مَعَهُ لَا تُعْطَى مِنْ سَهْمِ ابْنِ السَّبِيلِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ سَفَرُهَا بِإِذْنِهِ فَهِيَ مَكْفِيَّةٌ بِنَفَقَتِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا مَعَهُ وَلَا تُعْطَى مُؤْنَةُ السَّفَرِ لِأَنَّهَا عَاصِيَةٌ بِالْخُرُوجِ اهـ وَقَدْ وَقَفْت عَلَى النُّقُولِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فَلَمْ أَجِدْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مَا يُخَالِفُ مَا قُلْته إذْ هِيَ مَفْرُوضَةٌ فِي مُجَرَّدِ التَّمْكِينِ أَيْ مِنْ غَيْرِ اسْتِمْتَاعٍ بِهَا وَقَدْ أَحْبَبْتُ ذِكْرَهَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ طُولٌ وَهِيَ قَالَ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ أَخْلَى السَّيِّدُ فِي دَارِهِ بَيْتًا وَقَالَ لِلزَّوْجِ تَخْلُو بِهَا فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْحَيَاءَ وَالْمُرُوءَةَ يَمْنَعَانِهِ مِنْ دُخُولِ دَارِهِ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ اهـ. وَقَالَ فِي الْعَزِيزِ وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا أَسْكُنُ إلَّا فِي بَيْتِي أَوْ بَيْتِ كَذَا أَوْ بَلَدِ كَذَا فَهِيَ نَاشِزَةٌ لِأَنَّ التَّمْكِينَ التَّامَّ لَمْ يُوجَدْ وَهَذَا كَمَا لَوْ سَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ وَشَرَطَ أَنْ لَا يَنْقُلَهُ إلَى مَوْضِعِ كَذَا اهـ وَقَالَ فِي التَّتِمَّةِ التَّسْلِيمُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ اسْتِحْقَاقُ النَّفَقَةِ أَنْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا أَنَا فِي طَاعَتِكَ فَخُذْنِي إلَى أَيِّ مَكَان شِئْتَ فَإِذَا أَظْهَرَتْ الطَّاعَةَ مِنْ نَفْسِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَقَدْ

جُعِلَتْ مُمَكِّنَةً سَوَاءٌ تَسَلَّمَهَا الزَّوْجُ أَوْ لَمْ يَتَسَلَّمْهَا، فَأَمَّا إذَا قَالَتْ أُسَلِّمُ نَفْسِي إلَيْك فِي مَنْزِلِي أَوْ فِي مَوْضِعِ كَذَا دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْمَوَاضِعِ لَمْ يَكُنْ هَذَا تَسْلِيمًا تَامًّا كَالْبَائِعِ إذَا قَالَ لِلْمُشْتَرِي أُسَلِّمُ الْمَبِيعَ إلَيْك عَلَى شَرْطِ أَنْ لَا تَنْقُلَهُ مِنْ مَوْضِعِهِ أَوْ عَلَى شَرْطِ أَنْ تَتْرُكَهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا لَمْ يَكُنْ تَسَلُّمًا لِلْمَبِيعِ حَتَّى يَجِبَ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ عَلَى قَوْلِنَا تَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ اهـ. وَقَالَ فِيهَا وَلَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِلزَّوْجِ أَذِنْتُ لَك أَنْ تَدْخُلَ مَنْزِلِي مَتَى شِئْت مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَلَكِنْ لَا أُمَكِّنُ الْجَارِيَةَ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ دَارِي فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ لَهُ النَّفَقَةُ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ فِيهَا حَقًّا فَلَا يُكَلَّفُ إزَالَةَ يَدِهِ وَالزَّوْجُ قَدْ يُمَكَّنُ مِنْهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَحْتَشِمُ مِنْ دُخُولِ دَارِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَلَا يَكْمُلُ التَّسْلِيمُ اهـ وَلَمْ يَطَّلِعْ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ عَلَى كَلَامِ الْجَوَاهِرِ وَزَعَمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فَرَّعَهُ عَلَى رَأْيٍ لَهُ مَرْجُوحٍ وَهُوَ أَنَّ الْأَمَةَ إذَا سُلِّمَتْ لِزَوْجِهَا لَيْلًا لَا نَهَارًا يَجِبُ لَهَا الْقِسْطُ مِنْ النَّفَقَةِ اهـ وَإِنَّمَا أَطَلْت الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ إفْتَائِي فِيهَا بِكَلَامٍ مُخْتَصَرٍ فَلَمْ

يَمْتَنِعْ السَّائِلُ وَأَعَادَ سُؤَالَهُ عَنْهَا (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِي نِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ وَلَهُ إجْبَارُهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْجَنَابَةِ وَكَذَا الْمُسْلِمَةُ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَعَلَى إزَالَةِ الْوَسَخِ وَشَعْرِ الْإِبْطِ وَقَصِّ الظُّفْرِ إلَى آخِرِ مَا يُجْبِرُهَا عَلَيْهِ هَلْ تَكُونُ نَاشِزَةً بِامْتِنَاعِهَا مِمَّا أَجْبَرَهَا عَلَيْهِ مِنْهَا أَوْ لَا أَوْ يُفَصَّلُ فِيهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى امْتَنَعَتْ مِمَّا أَجْبَرَهَا عَلَيْهِ صَارَتْ نَاشِرَةً فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا إذْ بَعْضُهَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ حِلُّ الْوَطْءِ وَبَعْضُهَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَمَالُ التَّمَتُّعِ فَلَا يَحْصُلُ التَّمْكِينُ التَّامُّ. (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ فِيمَا إذَا غَابَ الزَّوْجُ وَلَمْ يُعْلَمْ إعْسَارُهُ وَتَعَذَّرَ تَحْصِيلُ نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ مِنْهُ جَوَازُ فَسْخِ نِكَاحِهَا كَمَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَ الرُّويَانِيُّ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ إنَّ الْمَصْلَحَةَ الْفَتْوَى بِهِ وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالْكَافِي وَغَيْرُهُمَا فِي مُنْقَطِعِ الْخَبَرِ أَمْ مَنْعُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَنْعُهُ كَمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ فِي التَّجْرِبَةِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ سَبَبِهِ وَهُوَ تَعْيِينُهُ بِعَجْزِهِ وَلِأَنَّ دَلِيلَ الْفَسْخِ لَا يَشْمَلُهُ وَهُوَ خَبَرُ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ

فسخ النكاح بتعذر النفقة

سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ فَقَالَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فَقِيلَ لَهُ سَنَةٌ فَقَالَ نَعَمْ سَنَةٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ سُنَّةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهَا إذَا فُسِخَتْ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ فَلَأَنْ تُفْسَخَ بِعَجْزِهِ عَنْ النَّفَقَةِ أَوْلَى لِأَنَّ الصَّبْرَ عَنْ التَّمَتُّعِ أَسْهَلُ مِنْهُ عَنْ النَّفَقَةِ، وَلَا يَجُوزُ لَهَا فَسْخُ نِكَاحِهَا بِسَبَبِ غَيْبَةِ زَوْجِهَا إلَّا إنْ ثَبَتَ إعْسَارُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ غَيْبَةِ الْمَالِ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَغَيْبَةِ الْمَالِكِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ إعْسَارُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَالُ غَائِبًا كَانَ الْعَجْزُ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا كَانَ التَّعَذُّرُ مِنْ جِهَتِهِمَا [فَسْخ النِّكَاح بِتَعَذُّرِ النَّفَقَة] (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ جَوَازُ فَسْخِ النِّكَاحِ بِتَعَذُّرِ النَّفَقَةِ أَوْ الْكِسْوَةِ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ إذَا غَابَ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَكَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ لَا فَسْخَ لَهَا مَا دَامَ الزَّوْجُ مُوسِرًا وَإِنْ غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً وَتَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ مِنْ مَالِهِ. (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ جَوَازُ الْفَسْخِ بِتَعَذُّرِ النَّفَقَةِ أَوْ الْكِسْوَةِ إذَا غَابَ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ سَوَاءٌ أَعُلِمَ مَوْضِعُهُ وَتَعَذَّرَ وُصُولُهَا إلَيْهِ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْضِعُهُ عُلِمَ يَسَارُهُ أَمْ لَا كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمَنْهَجِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ جَوَازِ الْفَسْخِ وَإِنْ جَوَّزَهُ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالْكَافِي وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْعَجْزَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ.

سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ جَوَازُ الْفَسْخِ بِإِعْسَارِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِبَعْضِ الْمَهْرِ الْحَالِّ الْمَقْبُوضِ بَاقِيهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَالرَّوْضِ أَمْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ؟ .؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ جَوَازُ الْفَسْخِ بِهِ كَمَا قَالَهُ الْجُورِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْبَارِزِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْوَجْهُ نَقْلًا وَمَعْنًى. (سُئِلَ) هَلْ يَجِبُ لِلزَّوْجَةِ الشَّرِيفَةِ أَنْ يَكُونَ لَهَا آلَةُ الطَّبْخِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِي أَنْ تَكُونَ مِنْ خَشَبٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ خَزَفٍ نَعَمْ إنْ اطَّرَدَتْ عَادَةُ أَمْثَالِهَا بِكَوْنِهَا نُحَاسًا وَجَبَتْ لَهَا كَذَلِكَ إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِيمَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ عَادَةُ أَمْثَالِهَا. . (سُئِلَ) عَمَّا إذَا خَرَجَتْ الزَّوْجَةُ لِزِيَارَةٍ أَوْ نَحْوِهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ بِالْبَلَدِ هَلْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا بِذَلِكَ وَإِذَا ادَّعَتْ

أَنَّ خُرُوجَهَا فِي غَيْبَتِهِ لِزِيَارَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَادَّعَى أَنَّهُ لِنُشُوزِهَا فَمَنْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ؟ .؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا بِخُرُوجِهَا الْمَذْكُورِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا فِيمَا ادَّعَتْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ وُجُوبِهِمَا وَعَدَمُ النُّشُوزِ. (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَتَرَكَ مَعَهَا أَوْلَادًا صِغَارًا وَلَمْ يَتْرُكْ عِنْدَهَا نَفَقَةً وَلَا أَقَامَ لَهَا مُنْفِقًا وَضَاعَتْ مَصْلَحَتُهَا وَمَصْلَحَةُ أَوْلَادِهَا وَحَضَرَتْ إلَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ وَأَنْهَتْ لَهُ ذَلِكَ وَشَكَتْ وَتَضَرَّرَتْ وَطَلَبَتْ مِنْهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا وَلِأَوْلَادِهَا نَفَقَةً فَفَرَضَ لَهُمْ عَنْ نَفَقَتِهِمْ نَقْدًا مُعَيَّنًا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَأَذِنَ لَهَا فِي إنْفَاقِ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَعَلَى أَوْلَادِهَا وَفِي الِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْأَخْذِ مِنْ مَالِهِ وَالرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَقَبِلَتْ مِنْهُ ذَلِكَ فَهَلْ هَذَا التَّقْدِيرُ وَالْفَرْضُ صَحِيحٌ أَوْ لَا؟ وَإِذَا قَرَّرَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ نَظِيرَ كِسْوَتِهَا عَلَيْهِ حِينَ الْعَقْدِ نَقْدًا كَمَا يُكْتَبُ فِي وَثَائِقِ الْأَنْكِحَةِ وَمَضَتْ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةٌ وَطَالَبَتْ بِمَا قَدَّرَهُ لَهَا عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَادَّعَتْ بِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ وَاعْتَرَفَ بِهِ وَأَلْزَمَهُ بِهِ فَهَلْ إلْزَامُهُ صَحِيحٌ أَوْ لَا؟ وَهَلْ

إذَا مَاتَ الزَّوْجُ وَتَرَكَ زَوْجَتَهُ وَلَمْ يُقَرِّرْ لَهَا كِسْوَةً وَأَثْبَتَتْ وَسَأَلَتْ الْحَاكِمَ الشَّافِعِيَّ أَنْ يُقَرِّرَ لَهَا عَنْ كِسْوَتِهَا الْمَاضِيَةِ الَّتِي حَلَفَتْ عَلَى اسْتِحْقَاقِهَا نَقْدًا، وَأَجَابَهَا لِذَلِكَ وَقَرَّرَهُ لَهَا كَمَا تَفْعَلُهُ الْقُضَاةُ الْآنَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ وَهَلْ مَا تَفْعَلُهُ الْقُضَاةُ مِنْ الْقَرْضِ لِلزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ عَنْ النَّفَقَةِ أَوْ الْكِسْوَةِ عِنْدَ الْغَيْبَةِ أَوْ الْحُضُورِ نَقْدًا صَحِيحٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ تَقْرِيرَ الْحَاكِمِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ صَحِيحٌ إذْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهِ، وَالْمَصْلَحَةُ تَقْتَضِيهِ فَلَهُ فِعْلُهُ وَيُثَابُ عَلَيْهِ بَلْ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ. (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ وَطْءُ زَوْجَتِهِ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ بِالصَّلَاةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الصَّلَاةُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا ضَاقَ الْوَقْتُ أَمْ اتَّسَعَ، وَسَوَاءٌ أَعَلِمَ أَنَّهَا تَجِدُ مَا تَغْتَسِلُ بِهِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَعَلِمَ أَنَّ الْوَقْتَ يَخْرُجُ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِالتَّحْرِيمِ فَهَلْ يُفْصَلُ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ؟ .؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى جَازَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ إتْمَامِ تِلْكَ الصَّلَاةِ كَالْقَضَاءِ الْمُوَسَّعِ وَالنَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ جَازَ لَهُ وَطْؤُهَا مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ كَالْمَكْتُوبَةِ الْمُؤَدَّاةِ وَالْقَضَاءِ الْمُضَيَّقِ حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْإِثْمَ

باب الحضانة

سَبَبُهُ مَنُوطٌ بِالْعَالِمِ بِتَحْرِيمِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ لَمْ يَكْتَسِبْ وَتَرَكَ عِيَالَهُ الْقَاصِرِينَ هَلْ يُكْرِهُهُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُجْبِرُ الْحَاكِمُ الْقَادِرَ عَلَى الْكَسْبِ عَلَيْهِ لِكِفَايَةِ أَبْعَاضِهِ الَّذِينَ كِفَايَتُهُمْ لَازِمَةٌ لَهُ. [بَابُ الْحَضَانَةِ] (بَابُ الْحَضَانَةِ) (سُئِلَ) عَنْ قَدْرِ مُدَّةِ اللِّبَأِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى الْأُمِّ فِيهَا الْإِرْضَاعُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ قَالَ الشَّيْخَانِ إنَّ مُدَّتَهُ يَسِيرَةٌ. اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَبَعْضُهُمْ: إنَّهَا سَبْعَةٌ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُشْبِهُ أَنْ يُرْجَعَ فِي مُدَّتِهِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ. [هَلْ تَثْبُت الْحَضَانَة لِلْأَعْمَى] (سُئِلَ) هَلْ تَثْبُتُ الْحَضَانَةُ لِلْأَعْمَى أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَثْبُتُ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. [هَلْ تَثْبُت الْحَضَانَة لِلْفَاسِقِ التَّائِب] (سُئِلَ) هَلْ الْفَاسِقُ إذَا تَابَ يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ بِمُجَرَّدِ التَّوْبَةِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ؟ . (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا بِمُجَرَّدِ التَّوْبَةِ. [المميز إذَا كَانَ كلا مِنْ أبويه مُتَزَوِّجًا يخير بَيْنهمَا] (سُئِلَ) عَنْ الْمُمَيِّزِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ أَبَوَيْهِ مُتَزَوِّجًا هَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا أَوْ يَأْخُذُهُ الْأَبُ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ حَضَانَةَ الْوَلَدِ لِأَبِيهِ. [حَضَانَة النَّاشِز] (سُئِلَ) عَنْ الزَّوْجَةِ إذَا نَشَزَتْ هَلْ تَسْتَحِقُّ حَضَانَةَ وَلَدِهَا مِنْ الزَّوْجِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ حَضَانَةَ وَلَدِهَا مِنْ زَوْجِهَا

باب نفقة الرقيق

وَلَا يَمْنَعُ مِنْهَا نُشُوزُهَا. [بَابُ نَفَقَةِ الرَّقِيقِ] (بَابُ نَفَقَةِ الرَّقِيقِ) (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اعْتَادَ أَهْلُ بَلَدٍ سَتْرَ عَوْرَاتِ أَرِقَّائِهِمْ بِالطِّينِ هَلْ يُكَلَّفُ السَّيِّدُ بِغَيْرِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ بِغَيْرِ التَّطْيِينِ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ قَالَ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا الْمَعْرُوفُ لِمِثْلِهِ بِبَلَدِهِ. (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَاءُ لِطَهَارَةِ رَقِيقِيهِ مُطْلَقًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَاءُ لِطَهَارَةِ رَقِيقِيهِ، وَلَوْ فِي السَّفَرِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي السَّفَرِ ضَعِيفٌ. [نَفَقَة الرَّقِيق هَلْ تَثْبُت بِفَرْضِ الْقَاضِي] (سُئِلَ) هَلْ نَفَقَةُ الرَّقِيقِ تَثْبُتُ بِفَرْضِ الْقَاضِي كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ السَّيِّدِ بِفَرْضِ الْقَاضِي فَقَدْ قَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ قَالَ الْحَاكِمُ لِعَبْدِ رَجُلٍ غَائِبٍ اسْتَدِنْ، وَأَنْفِقْ عَلَى نَفْسِك جَازَ، وَكَانَ دَيْنًا عَلَى السَّيِّدِ. اهـ. وَمَا عُزِيَ فِي السُّؤَالِ لِشَرْحِ الرَّوْضِ لَيْسَ فِيهِ وَلَكِنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِهِ وَعِبَارَتِهِ، وَتَسْقُطُ عَنْهُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ فَلَا تَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ بِجَامِعِ

كتاب الجنايات

وُجُوبِهَا بِالْكِفَايَةِ. [كِتَابُ الْجِنَايَاتِ] (كِتَابُ الْجِنَايَاتِ) (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَنْهَشَهُ أَفْعَى أَوْ حَبَسَهُ مَعَ سَبُعٍ فِي مَضِيقٍ فَقَتَلَهُ هَلْ يَتَعَيَّنُ فِي الْقِصَاصِ السَّيْفُ إذْ الْمُمَاثَلَةُ هُنَا غَيْرُ مَضْبُوطَةٍ أَوْ يُفْعَلُ بِهِ مِثْلُ فِعْلِهِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي الْقِصَاصِ السَّيْفُ لِمَا ذُكِرَ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا زَائِدَةً مِنْ رَقِيقٍ وَبَرِئَ وَلَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِذَلِكَ فَهَلْ يُقَوَّمُ قَبْلَ الْبُرْءِ، وَالدَّمُ سَائِلٌ وَيَلْزَمُهُ مَا نَقَصَ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَقْرَبُ نَقْصٍ إلَى الِانْدِمَالِ، وَهَكَذَا إلَى حَالِ سَيْلَانِ الدَّمِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قُطِعَتْ أُذُنُهُ ثُمَّ غَسَلَهَا وَلَصِقَهَا بِلَا دَمٍ فَعَادَتْ كَمَا كَانَتْ فَمَا عَلَى قَاطِعِهَا وَهَلْ هِيَ مُسْتَحِقَّةُ الْإِزَالَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى قَاطِعِ الْأُذُنِ دِيَتُهَا وَلَيْسَتْ مُسْتَحِقَّةُ الْإِزَالَةِ. (سُئِلَ) هَلْ تُغَلَّظُ الْحُكُومَاتُ وَالْغُرَّةُ فِي الْجَنِينِ بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِهِمْ؟ . (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تُغَلَّظُ بِمَا ذُكِرَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ ادَّعَى عِنْدَ حَاكِمٍ عَلَى شَخْصٍ دَيْنًا وَحَبَسَهُ الْحَاكِمُ بِسَبَبِهِ فَمَاتَ فِي الْحَبْسِ مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ وَلَا تَأَلُّمٍ هَلْ يَضْمَنُهُ الْمُدَّعِي أَوْ يَأْثَمُ

أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَنْ حَبَسَهُ وَلِيُّ الْأَمْرِ بِسَبَبِ دَيْنٍ عَلَيْهِ لِشَخْصٍ وَمَاتَ فِي الْحَبْسِ فَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ بِقِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَلَا يَأْثَمُ إنْ كَانَ مُحِقًّا فِي ذَلِكَ الدَّيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ يَظُنَّ إعْسَارَ الْمَحْبُوسِ بِالدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ مُبْطِلًا فِي ذَلِكَ أَوْ مُحِقًّا وَعَلِمَ أَوْ ظَنَّ إعْسَارَهُ بِهِ أَثِمَ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ رَقِيقٌ جَنَى عَلَى يَدِ نَفْسِهِ فَقَطَعَهَا عَمْدًا عُدْوَانًا فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِمَالِكِ نِصْفِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ جِنَايَةَ مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ عَلَى مِثْلِهِ تَقْتَضِي تَعَلُّقَ رُبُعِ دِيَةِ الْفَائِتِ بِهَا وَرُبُعِ قِيمَتِهِ بِرَقَبَةِ الْجَانِي وَرُبُعِ دِيَتِهِ وَرُبُعِ قِيمَتِهِ بِمَالِ الْجَانِي فَعَلَى هَذَا يَجِبُ فِي مَسْأَلَتِنَا لِمَالِكِ نِصْفِ الْقَاطِعِ عَلَيْهِ ثَمَنُ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَهُ مِنْ بَدَلِ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ رُبُعُ قِيمَتِهِ يَسْقُطُ مِنْهُ نِصْفُهُ وَهُوَ ثَمَنُ قِيمَتِهِ بِنِسْبَةِ مِلْكِهِ مِنْ الْقَاطِعِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ نِصْفُهَا بِجُزْءِ الْحُرِّيَّةِ وَنِصْفُهَا بِجُزْءِ الرِّقِّيَّةِ عَلَى سَبِيلِ الشُّيُوعِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى رَقِيقِهِ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ مَالٌ فَلَمْ يَجِبْ لَهُ عَلَى الْقَاطِعِ بِسَبَبِ قَطْعِهِ الْمَذْكُورِ إلَّا ثَمَنُ قِيمَتِهِ. (سُئِلَ) عَنْ

تَفْسِيرِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ أَحَدُهُمَا الْجِنَايَاتُ الْأُنْثَيَيْنِ بِجِلْدَةِ الْبَيْضَتَيْنِ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ لُزُومُ دِيَةٍ كَامِلَةٍ فِي الْجِلْدَةِ وَحْدَهَا، وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ فِي الْبَيْضَتَيْنِ بِجِلْدَتَيْهِمَا دِيَتَيْنِ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا إذَا انْفَرَدَا دِيَتُهَا فَهَلْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ؟ وَهَلْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ أَوْ أَنَّ مُرَادَ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ غَيْرُ ذَلِكَ فَيَبِينُ؟ (فَأَجَابَ) أَمَّا تَفْسِيرُهُ بِذَلِكَ فَلِأَنَّهُمَا مَدْلُولُهُمَا لُغَةً فَقَدْ قَالَ عِنْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فَيُقْطَعُ فَحْلٌ بِخَصِيٍّ وَعِنِّينٍ، وَالْخَصِيُّ مَنْ قُطِعَ خُصْيَتَاهُ أَيْ جِلْدَتَا الْبَيْضَتَيْنِ كَالْأُنْثَيَيْنِ مُثَنَّى خُصْيَةٍ وَهُوَ مِنْ النَّوَادِرِ وَالْخُصْيَتَانِ الْبَيْضَتَانِ. اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ كَصَاحِبَيْ الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ فَقَدْ قَالَ الْأَوَّلُ فِيهَا الْأُنْثَيَانِ الْخُصْيَتَانِ، وَقَالَ فِيهَا أَيْضًا أَبُو عَمْرٍو الْخُصْيَتَانِ الْبَيْضَتَانِ. اهـ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجِلْدَةَ لَا تُسَلُّ وَإِنَّمَا تُسَلُّ الْبَيْضَةُ لَكِنْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ ابْنِ السِّكِّيتِ أَنَّ الْأُنْثَيَيْنِ الْبَيْضَتَانِ، وَلَمَّا أَنْ كَانَ قَطْعُ جِلْدَتَيْ الْبَيْضَتَيْنِ يَسْتَلْزِمُ غَالِبًا بُطْلَانَ مَنْفَعَةِ الْبَيْضَتَيْنِ اقْتَصَرَ الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى

أرش الموضحة المشترك في إيضاحها جماعة

التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الْمَذْكُورِ الْبَيْضَتَيْنِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ فِي الْأُنْثَيَيْنِ كَمَالَ الدِّيَةِ، وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفَهَا، سَوَاءٌ أَقَطَعَهُمَا أَمْ سَلَّهُمَا أَمْ دَقَّهُمَا وَزَالَتْ مَنْفَعَتُهُمَا فَالْقَوْلُ بِأَنَّ فِي جِلْدَتَيْهِمَا دِيَةً، وَفِيهِمَا دِيَةً أُخْرَى أَوْ أَنَّ الْمَضْمُونَ بِالدِّيَةِ إنَّمَا هُوَ الْجِلْدَتَانِ غَيْرُ صَحِيحٍ. (سُئِلَ) عَنْ الذَّهَابِ إلَى الْمُنَجِّمِ هَلْ يَحْرُمُ أَوْ لَا وَهَلْ يَجُوزُ تَصْدِيقُهُ أَوْ لَا وَهَلْ وَرَدَ أَنَّ مَنْ صَدَّقَ عَرَّافًا رُدَّتْ صَلَاتُهُ مُدَّةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ لَا؟ .؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَحْرُمُ الذَّهَابُ لِلْمُنَجِّمِ وَتَصْدِيقُهُ فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ صَلَاةَ مَنْ صَدَّقَهُ لَا تُقْبَلُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَفِي صَحِيحِ الْإِمَامِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَصَدَّقَهُ لَمْ تُقْبَلْ صَلَاتُهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا» . [أرش الموضحة الْمُشْتَرَك فِي إيضَاحهَا جَمَاعَة] (سُئِلَ) عَنْ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ الْمُشْتَرِكِ فِي إيضَاحِهَا جَمَاعَةٌ هَلْ تُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ أَوْ يَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمْ أَرْشٌ كَامِلٌ، وَهَلْ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ مِنْ ذَلِكَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْفَتْوَى، وَهَلْ هُوَ مَبْنِيٌّ

عَلَى رَأْيِهِ فِي الِاقْتِصَاصِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُشْتَرَكِينَ فِي الْمُوضِحَةِ يَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمْ أَرْشُ مُوضِحَةٍ كَامِلٌ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يُوَزَّعُ أَرْشُهَا عَلَيْهِمْ، وَإِنْ رَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ لِأَنَّ أَسْبَابَ تَعَدُّدِ الْمُوضِحَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِتَعَدُّدِ الْأَرْشِ تَعَدُّدُ الْفَاعِلِ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ صُورَةَ تَعَدُّدِهَا بِتَعَدُّدِ الْفَاعِلِ فِي الْجِنَايَةِ الْمُرَتَّبَةِ، وَقَدْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ وَعَنْ الْبَغَوِيِّ الثَّانِي، وَعَكْسُهُ فِي الرَّوْضَةِ فَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيِهِ فِي الِاقْتِصَاصِ بِهَا مِنْ أَنَّهُ يُوَضَّحُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ مِثْلُ تِلْكَ الْمُوضِحَةِ أَمَّا عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْهُ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا عَلَى مَا فِي الرَّافِعِيِّ عَنْهُ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى اشْتِرَاكِهِمْ فِي إتْلَافِ النَّفْسِ أَوْ الطَّرَفِ حَيْثُ يَقْتَصُّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ مِثْلُ تِلْكَ الْجِنَايَةِ، وَإِذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الْمَالِ وُزِّعَ عَلَيْهِمْ وَلَا يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ دِيَةُ تِلْكَ النَّفْسِ فِي الْأُولَى، وَلَا دِيَةُ ذَلِكَ الطَّرَفِ فِي الثَّانِيَةِ. وَقَدْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَلَوْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي مُوضِحَةٍ وَآلَ إلَى الْأَرْشِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ أَرْشٌ كَامِلٌ عَلَى الْأَصَحِّ. (سُئِلَ) مَا الْجَوَابُ عَمَّا يُسْتَشْكَلُ مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ دَعَا إنْسَانًا إلَى دَارِهِ وَفِيهَا كَلْبٌ عَقُورٌ وَهُوَ

غَيْرُ عَالِمٍ بِهِ فَأَتْلَفَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِمْ لَوْ خَرَجَ كَلْبُهُ الْعَقُورُ مِنْ دَارِهِ فَأَتْلَفَ شَيْئًا ضَمِنَهُ؟ فَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ التَّقْصِيرَ فَهُوَ مَوْجُودٌ فِيهِمَا إذْ كَانَ مِنْ حَقِّهِ إعْلَامُهُ بِالْكَلْبِ أَوْ دَفْعُهُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ كَوْنُهُ ظَاهِرًا يُمْكِنُ دَفْعُهُ، وَلَهُ اخْتِيَارٌ فَهُوَ مَوْجُودٌ أَيْضًا فِيهِمَا عَلَى أَنَّ الْمُصَحَّحَ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ تَسَاوِيهِمَا فِي الضَّمَانِ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا لَوْ دَعَا غَيْرُ عَالِمٍ بِبِئْرٍ فِي دَارِهِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْكَلْبَ ظَاهِرٌ يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِخِلَافِ الْبِئْرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَطَّرِدُ فِيمَا لَوْ أَتْلَفَ خَارِجَ الدَّارِ فَإِنْ قِيلَ تَقْصِيرُهُ فِي عَدَمِ الْإِعْلَامِ مُقْتَضٍ لِلْإِثْمِ فَقَطْ قُلْنَا وَتَقْصِيرُهُ بِتَفْرِيطِهِ حَتَّى خَرَجَ مُقْتَضٍ عَلَى قِيَاسِهِ أَيْضًا لِلْإِثْمِ فَقَطْ فَمَا الْمُرَجَّحُ وَلَا يَرِدُ مَا لَوْ أَغْرَى عَلَيْهِ سَبُعًا فِي وَاسِعٍ إذْ ذَاكَ فِي سَبُعٍ لَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ جَوَابَ الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ أَنَّ سَبَبَ تَضْمِينِ صَاحِبِ الْكَلْبِ مَا أَتْلَفَهُ فِي الثَّانِيَةِ إخْلَالُهُ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ حِفْظِهِ فَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ: وَإِذَا اعْتَادَتْ الْهِرَّةُ أَوْ الْكَلْبُ فَتْحَ رَأْسِ الْقِدْرِ أَوْ أَخْذَ الطُّيُورِ أَوْ عَقْرَ النَّاسِ وَجَبَ عَلَيْهِ رَبْطُهُ وَحِفْظُهُ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَكَذَا لَوْ اعْتَادَ جَمَلٌ أَوْ حِمَارٌ

أَوْ فَرَسٌ الْعَضَّ أَوْ الرَّمْحَ أَوْ الْخَبْطَ. اهـ. وَالْإِخْلَالُ الْمَذْكُورُ مُنْتَفٍ فِي الْأَوْلَى وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ الْمَذْكُورَةِ وَاضِحٌ إذْ الْكَلْبُ فِيهَا ظَاهِرٌ يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِعَصًا أَوْ نَحْوِهَا وَيَفْتَرِسُ بِاخْتِيَارِهِ وَلَا كَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْبِئْرِ إذْ هِيَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ مُغَطَّاةً أَوْ مَوْضِعُهَا مُظْلِمًا أَوْ كَانَ الدَّاخِلُ أَعَمًى أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَقَدْ عُلِمَ انْتِفَاءُ إشْكَالِ هَذِهِ الْعِلَّةِ بِمَسْأَلَةِ خُرُوجِ الْكَلْبِ الْمَذْكُورَةِ فَالْمُرَجَّحُ الضَّمَانُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى. (سُئِلَ) مَا الْمُرَجَّحُ فِيمَا لَوْ كَانَ لَهُ يَدَانِ عَامِلَتَانِ وَلَمْ تُعْرَفْ الزَّائِدَةُ فَقَطَعَ قَاطِعٌ إحْدَاهُمَا فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ وَتَجِبُ نِصْفُ دِيَةٍ وَزِيَادَةُ حُكُومَةٍ فَلَوْ عَادَ، وَقَطَعَ الْأُخْرَى فَأَرَادَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْقِصَاصَ لِإِمْكَانِهِ وَرَدِّ مَا أَخَذَهُ غَيْرَ قَدْرِ الْحُكُومَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا، وَإِنَّمَا أَخَذَ الْأَرْشَ لِتَعَذُّرِهِ لَا لِإِسْقَاطِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ بَعْضَ الْقِصَاصِ فَلَا يَعُودُ إلَيْهِ؟ (فَأَجَابَ) هُمَا وَجْهَانِ، وَأَرْجَحُهُمَا ثَانِيهِمَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهَا الْقَوَدُ فَوَلَدَتْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ تُرْضِعُهُ غَيْرَ زَانِيَةٍ مُحْصَنَةٍ

فَهَلْ يُقْتَصُّ مِنْهَا لِكَوْنِهِ مُسْتَغْنِيًا بِالثَّانِيَةِ وَلِكَوْنِهِ حَقَّ آدَمِيٍّ أَمْ لَا لِكَوْنِهَا مُسْتَحِقَّةَ الْقَتْلِ وَهَلْ إذَا اُقْتُصَّ وَلَا ثَمَّ غَيْرُ الزَّانِيَةِ فَهَلْ تُحَدُّ أَمْ تُهْمَلُ إلَى اسْتِغْنَائِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا حَتَّى يُوجَدَ مَا يَسْتَغْنِي بِهِ مِنْ لَبَنٍ امْرَأَةٍ أَوْ بَهِيمَةٍ يَحِلُّ لَهُ شُرْبُهُ فَإِنْ بَادَرَ الْمُسْتَحِقُّ، وَقَتَلَهَا قَبْلَ وُجُودِ مَا ذَكَرَ فَمَاتَ الْوَلَدُ لَزِمَهُ الْقَوَدُ، وَحَيْثُ اقْتَصَّ مِنْهَا وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَسْتَغْنِي بِهِ الْوَلَدُ إلَّا لَبَنُ الزَّانِيَةِ أُخِّرَ حَدُّهَا. (سُئِلَ) مَا الْمُعْتَمَدُ فِي وَقْتِ اعْتِبَارِ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ إمَامُنَا الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خِلَافًا لِلْقَفَّالِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمَحَامِلِيِّ فِي اللُّبَابِ إنَّ الْجَنِينَ الْمُبَعَّضَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْحُرِّ هَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ مَا يُقَابِلُ الْحُرِّيَّةَ مِنْ الْغُرَّةِ وَمَا يُقَابِلُ الرِّقَّ مِنْ الْقِيمَةِ إذْ الْمُبَعَّضُ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ كَالْعَبْدِ وَذَلِكَ كَالنِّكَاحِ، وَفِي بَعْضِهَا كَالْحُرِّ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ وَفِي بَعْضِهَا كَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ بِاعْتِبَارَيْنِ كَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فَيَجِبُ بِهَا مَا يُقَابِلُ الْحُرِّيَّةَ بِقِسْطِهَا مِنْ الدِّيَةِ وَمَا يُقَابِلُ

الرِّقَّ بِقِسْطِهِ مِنْ الْقِيمَةِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمَحَامِلِيِّ عَلَى جُزْءِ الْحُرِّيَّةِ وَهُوَ اللَّائِقُ بِمَقَامِهِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الرَّوْضِ جَرَحَ ابْنُ عَتِيقَةٍ رَجُلًا ثُمَّ انْجَرَّ الْوَلَاءُ بِعِتْقِ أَبِيهِ فَمَاتَ الْجَرِيحُ فَعَلَى مَوَالِي الْأُمِّ بَدَلُ أَرْشِ الْجُرْحِ وَالْبَاقِي عَلَى الْجَانِي ثُمَّ قَالَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ جَنَى ابْنُ عَتِيقَةٍ ثُمَّ انْجَرَّ وَلَاؤُهُ ثُمَّ أَجْهَضَتْ جَنِينًا فَهَلْ الْغُرَّةُ عَلَى مَوَالِي الْأُمِّ أَمْ الْأَبِ وَجْهَانِ؟ . رَجَّحَ الشَّارِحُ مِنْهُمَا الْأَوَّلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهَلْ الْمُعْتَمَدُ مَا رَجَّحَهُ الشَّارِحُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ الْجُرْحَ فِي الْأُولَى أَوْجَبَ أَرْشًا قَبْلَ انْجِرَارِ الْوَلَاءِ فَوَجَبَ عَلَى مَوَالِي الْأُمِّ وَوَجَبَ مَا زَادَ بِالسِّرَايَةِ عَلَى الْجَانِي وَلَمْ يَجِبْ عَلَى مَوَالِي أُمِّهِ لِانْتِقَالِ الْوَلَاءِ عَنْهُمْ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَلَا عَلَى مَوَالِي أَبِيهِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ عَلَى الِانْجِرَارِ، وَالْجُرْحُ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ يَجِبْ بِهِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا وَجَبَ حِينَ الْإِجْهَاضِ، وَوَجْهُ الْخِلَافِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالِ الْجِنَايَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَتَجِبُ عَلَى مَوَالِي الْأَبِ وَوَجْهُ الْأَصَحِّ أَنَّ الْجِنَايَةَ تَبَيَّنَ أَنَّهَا أَوْجَبَتْ الْغُرَّةَ وَلَمْ يَزِدْ بَعْدَ انْجِرَارِ الْوَلَاءِ عَلَيْهَا

شَيْءٌ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ أَرْشُ الْجُرْحِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَدْرَ الدِّيَةِ أَوْ زَادَ عَلَيْهَا كَأَنْ قَطَعَ يَدَهُ أَوْ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ ثُمَّ عَتَقَ الْأَبُ ثُمَّ مَاتَ الْجَرِيحُ فَعَلَى مَوَالِي الْأُمِّ دِيَةٌ كَامِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ حِينَ كَانَ الْوَلَاءُ لَهُمْ يُوجِبُ هَذَا الْقَدْرَ، وَالْمُعْتَبَرُ أَنْ لَا يَزِيدَ قَدْرُ الْوَاجِبِ عَلَى مَوَالِي الْأُمِّ بِالسِّرَايَةِ الْحَاصِلَةِ بَعْدَ الِانْجِرَارِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَلْقَمَ الْحُوتَ شَخْصًا فَاقْتَصَّ مِنْهُ ثُمَّ قَذَفَهُ الْحُوتُ سَالِمًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُقْتَصَّ لَمْ يَلْزَمْهُ قِصَاصٌ لِلشُّبْهَةِ وَتَلْزَمُهُ دِيَةُ الْمُلْقَمِ فِي مَالِهِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ فَوْقَ نَخْلَةٍ يَقْطَعُ مِنْهَا جَرِيدًا وَتَحْتَهُ طِفْلٌ صَغِيرٌ عُمُرُهُ أَرْبَعُ سِنِينَ فَوَقَعَتْ جَرِيدَةٌ مِمَّا قَطَعَهُ فِي عَيْنِ الطِّفْلِ فَفَقَأَتْهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ دِيَتُهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ عَلِمَ الرَّجُلُ بِالصَّبِيِّ وَبِأَنَّهَا تَسْقُطُ عَلَيْهِ ضَمِنَ دِيَتَهَا، وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُهَا. . (سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَحَقَّ قِصَاصًا فَقَتَلَ الْجَانِيَ خَطَأً هَلْ يَقَعُ قِصَاصًا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ قِصَاصًا فَيَكُونُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ خُلِقَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَعْيُنٍ فَقَلَعَ شَخْصٌ أَحَدَهَا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ أَوْ ثُلُثُهَا أَوْ حُكُومَةٌ؟ (فَأَجَابَ)

بِأَنَّهُ مَتَى لَمْ تُعْرَفْ الزَّائِدَةُ مِنْهُنَّ وَجَبَ فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ فَقَدْ قَالُوا مَا وَجَبَتْ فِيهِ الدِّيَةُ وَهُوَ ثُنَائِيٌّ كَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فَفِي الْوَاحِدَةِ مِنْهُ نِصْفُ الدِّيَةِ أَوْ ثُلَاثِيٌّ كَالْأَنْفِ فَفِي الْوَاحِدَةِ مِنْهُ ثُلُثُهَا أَوْ رُبَاعِيٌّ كَالْأَجْفَانِ فَرُبْعُهَا، وَقَالُوا لَوْ انْقَسَمَتْ أُصْبُعٌ بِأَرْبَعِ أَنَامِلَ وَجَبَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ رُبْعُ الْعُشْرِ وَيُقَاسُ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ وَالنَّاقِصَةِ عَنْ الثَّلَاثِ ثُمَّ قَالُوا فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يُقَسِّمُوا دِيَةَ الْأَصَابِعِ عَلَيْهَا إذَا زَادَتْ أَوْ نَقَصَتْ كَمَا فِي الْأَنَامِلِ بَلْ أَوْجَبُوا فِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ حُكُومَةً قُلْنَا الْفَرْقُ أَنَّ الزَّائِدَةَ مِنْ الْأَصَابِعِ مُتَمَيِّزَةٌ، وَمِنْ الْأَنَامِلِ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ اهـ. فَإِنْ قِيلَ مَا ذَكَرْته فِي مَسْأَلَةِ الْأَعْيُنِ يُخَالِفُ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ مَنْ لَهُ يَمِينَانِ أَوْ شِمَالَانِ عَلَى مَنْكِبٍ أَوْ كَفَّانِ عَلَى مِعْصَمٍ وَاسْتَوَيَا بَطْشًا وَغَيْرَهُ أَنَّهُمَا كَيَدٍ وَاحِدَةٍ فَعَلَى قَاطِعِهِمَا الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ وَتَجِبُ مَعَ ذَلِكَ حُكُومَةٌ لِزِيَادَةِ الصُّورَةِ وَفِي قَطْعِ أَحَدِهِمَا نِصْفُ دِيَةِ الْيَدِ وَحُكُومَةٌ؛ لِأَنَّهَا نِصْفٌ فِي صُورَةِ الْكُلِّ قُلْت الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا رُجُوعُ الثِّنْتَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ

بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِآدَمِيٍّ وَاسْتُوْفِيَ مِنْهُ هَلْ يُطَالَبُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَثَّ كَلْبًا عَلَى شَخْصٍ فَقَتَلَهُ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْحَاثِّ الضَّمَانُ بِالْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْتُولُ بِافْتِرَاسِ الْكَلْبِ لَهُ بَالِغًا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْكَلْبُ ضَارٍ بِالطَّبِيعَةِ وَجَبَ عَلَى الْحَاثِّ الْقِصَاصُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَطَعَ أُذُنَ إنْسَانٍ فَذَهَبَ مَعَهَا السَّمْعُ، وَقُلْتُمْ بِأَنَّ فِيهَا دِيَةً كَامِلَةً فَهَلْ يَكُونُ حُكْمُ الْعَيْنِ مَعَ جُفُونِهَا كَذَلِكَ أَمْ لَا؟ . (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ حُكْمُ الْأُذُنِ مَعَ السَّمْعِ كَحُكْمِ الْعَيْنِ مَعَ الْبَصَرِ (سُئِلَ) عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِمْ السِّحْرُ فِي اللُّغَةِ صَرْفُ الشَّيْءِ عَنْ وَجْهِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَاهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْمَسْحُورَ يَصِيرُ بِسَبَبِ السِّحْرِ كَالْمُلْجِئِ إلَى فِعْلِ مَا سُحِرَ لِأَجْلِهِ. (سُئِلَ) عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِجِنَايَةٍ أَنَّهُ جَنَى عَلَى حَامِلٍ بِحُرٍّ فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا، وَأَنْكَرَ هَلْ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَإِنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا إنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا.

باب دعوى الدم والقسامة

[بَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ] (بَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ) (سُئِلَ) عَمَّا إذَا ثَبَتَ اللَّوْثُ فِي أَهْلِ قَرْيَةٍ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ عَدَمُ مُخَالَطَةِ غَيْرِهِمْ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْأُمِّ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَفِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَصَوَّبَهُ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ أَوْ عَدَمُ مُسَاكَنَتِهِمْ كَمَا صَحَّحَاهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا وَتَبِعَهُمَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَصَاحِبِ الْأَنْوَارِ وَابْنِ الْمُلَقِّنِ وَالدَّمِيرِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَمَا الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ طَرِيقٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الثَّانِي، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ طَرِيقٌ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ شَهِدَ إنْسَانٌ بِلَوْثٍ وَهُوَ يَعْلَمُ الْخَطَأَ وَشِبْهَ الْعَمْدِ وَالْعَمْدَ، وَقَالَ فِي شَهَادَتِهِ بِذَلِكَ قَتَلَهُ عَمْدًا فَهَلْ يَكْفِي ذَلِكَ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ تَفْصِيلِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَكْفِي الشَّهَادَةُ الْمَذْكُورَةُ. [كِتَابُ الْبُغَاةِ] (كِتَابُ الْبُغَاةِ) (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ الْبَاغِي يَخْرُجُ بِتَأْوِيلٍ هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْبَغْيَ لَيْسَ بِحَرَامٍ؛ لِأَنَّ الْبَاغِي إنَّمَا خَالَفَ بِتَأْوِيلٍ جَائِزٍ بِاعْتِقَادِهِ وَمَنْ صَرَّحَ

كتاب الردة

بِتَحْرِيمِهِ لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَمِّهِ فَكَلَامُهُ مَحْمُولٌ كَالْأَحَادِيثِ عَلَى مَنْ خَرَجَ عَنْ الطَّاعَةِ بِلَا تَأْوِيلٍ أَوْ بِتَأْوِيلٍ فَاسِدٍ. [كِتَابُ الرِّدَّةِ] (سُئِلَ) عَمَّنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ أَوْ نَهَى عَنْ الْمُنْكَرِ فَقَالَ لَهُ إنْسَانٌ أَنْتَ شِرِّيرٌ أَوْ كَثِيرُ الشَّرِّ أَوْ اُدْخُلْ الْجَنَّةَ وَاقْفِلْهَا وَرَاءَكَ أَوْ مَا لَكَ وَهَذَا الْفُضُولَ أَوْ مَا لَكَ فِي شَيْءٍ لَا يَعْنِيكَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ هَلْ يَكْفُرُ أَوْ لَا، وَقَدْ ذَكَرَ الْحِصْنِيُّ فِي شَرْحِ النِّهَايَةِ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ لِشَخْصٍ لِمَ لَا تَأْمُرْ فَقَالَ مَالِي وَلِهَذَا الْفُضُولِ كَفَرَ وَلَمْ يَعْزُهُ لِأَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ لَكِنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَكْفُرُ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ فِي مَسْأَلَةِ الْحِصْنِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمَحَلُّهَا إذَا قَصَدَ بِهِ الِاسْتِخْفَافَ بِحُكْمِ الشَّرْعِ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَإِلَّا فَلَا يَكْفُرُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ إنَّ اللَّهَ فِي جِهَةٍ هَلْ هُوَ مُسْلِمٌ، وَإِنْ لَزِمَهُ التَّجْسِيمُ؛ لِأَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَائِلَ الْمَذْكُورَ مُسْلِمٌ، وَإِنْ كَانَ مُبْتَدِعًا. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِآخَرَ

مَا الْإِيمَانُ قَالَ لَا أَدْرِي هَلْ يَكْفُرُ عَلَى مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ، وَأَقَرَّاهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفُرُ بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ، إذَا قَالَهُ احْتِقَارًا. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ سَأَلَ رَجُلًا شَيْئًا فَقَالَ لَهُ لَوْ جِئْتَنِي بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا قَبِلْتُكَ أَوْ مَا فَعَلْتُ كَذَا هَلْ يَكْفُرُ أَوْ لَا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ السُّبْكِيّ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ سُئِلَ فِي شَيْءٍ فَقَالَ لَوْ جَاءَ جِبْرِيلُ مَا فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ لَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ تَدُلُّ عَلَى تَعْظِيمِ جِبْرِيلَ عِنْدَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَكْفُرُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ السُّبْكِيّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ تَدُلُّ عَلَى تَعْظِيمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَوَّلُهُمَا مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَثَانِيهِمَا صَلَاتُهُ، وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَأَيْضًا فَمَدْلُولُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ رَتَّبَ عَدَمَ قَبُولِهِ السَّائِلَ أَوْ عَدَمَ فِعْلِهِ ذَلِكَ عَلَى مَجِيءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ وَهُوَ بِانْتِفَائِهِ الْمُفَادِ بِلَوْ يَكُونُ أَنْسَبَ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَقْبَلُهُ أَوْ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ مُطْلَقًا إلَّا مَعَ انْتِفَاءِ مَجِيئِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا مَعَ مَجِيئِهِ لِكَرَاهَتِهِ لَمَّا سُئِلَ فِيهِ، وَأَيْضًا فَلَوْ قُدِّرَ مَجِيئُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْمَسْئُولِ وَشَفَاعَتُهُ فِي قَضَاءِ

حَاجَةِ السَّائِلِ وَلَمْ يَقْبَلْهُ لَمْ يَكْفُرْ فَقَدْ شَفَعَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَضَايَا وَلَمْ تُقْبَلْ شَفَاعَتُهُ كَمَا فِي قِصَّةِ «بَرِيرَةَ أَنَّهُ خَيَّرَهَا لَمَّا عَتَقَتْ، وَأَنَّهَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا، وَأَنَّهُ شَفَعَ عِنْدَهَا فِيهِ فَقَالَ زَوْجُك، وَأَبُو وَلَدِكِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَأْمُرُنِي قَالَ لَا وَلَكِنِّي أَشْفَعُ قَالَتْ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ» ، وَقَدْ قَالُوا يُكْرَهُ رَدُّ السَّائِلِ بِوَجْهِ اللَّهِ. (سُئِلَ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي إسْلَامِ الْمُرْتَدِّ التَّلَفُّظُ بِالشَّهَادَتَيْنِ لِظَاهِرِ حَدِيثِ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» وَغَيْرِهِ وَظَاهِرِ نَصِّ الشَّافِعِيِّ حَيْثُ قَالَ إذَا اُدُّعِيَ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ ارْتَدَّ وَهُوَ يُنْكِرُ لَمْ أَكْشِفْ عَنْ حَقِيقَةِ حَالِهِ بَلْ أَقُولُ لَهُ اشْهَدْ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنْ تَبْرَأَ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ. اهـ. وَأَفْتَى السُّبْكِيُّ بِأَنَّ مَنْ تَلَفَّظَ بِالْكُفْرِ ثُمَّ جَاءَ إلَى الْقَاضِي وَتَلَفَّظَ بِالشَّهَادَتَيْنِ كَانَ لَهُ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ مَا صَدَرَ مِنْهُ وَنَقَلَهُ وَلَدُهُ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ عَنْ ابْنِ الْقَاصِّ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَتَبِعَ السُّبْكِيّ فِي إفْتَائِهِ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَالسِّرَاجُ الْبُلْقِينِيُّ قَائِلَيْنِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَا صَدَرَ مِنْهُ، وَقَالَ فِي الرَّوْضِ لَا بُدَّ فِي

إسْلَامِ الْمُرْتَدِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ مُطْلَقًا أَمْ يَكْفِي قَوْلُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ عَمَلًا بِظَاهِرِ حَدِيثِ «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» عَلَى أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ لِصِحَّةِ حَمْلِ هَذَا الْحَدِيثِ الْمُطْلَقِ عَلَى ذَلِكَ الْمُقَيَّدِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي إسْلَامِ الْمُرْتَدِّ وَغَيْرِهِ التَّلَفُّظُ بِالشَّهَادَتَيْنِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ لِخَبَرِ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ جَعَلَ الْإِتْيَانَ بِالشَّهَادَتَيْنِ غَايَةَ الْمُقَاتَلَةِ فَمَنْطُوقُهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِمَا يُقَاتَلْ، وَهَذَا مُفَسِّرٌ لِقَوْلِهِ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ كَالْعَلَمِ عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ، وَإِلَّا فَالْإِتْيَانُ بِهَا وَحْدَهَا لَا يَكْفِي بِلَا شُبْهَةٍ وَفِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ أَنَّ الْإِسْلَامَ أَنْ يَشْهَدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيَبْرَأَ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ وَاقْتَصَرَ فِي مَوَاضِعَ عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْبَرَاءَةَ فَقَالَ الْجُمْهُورُ لَيْسَ فِيهِ خِلَافٌ بَلْ إنْ كَانَ الْكَافِرُ مِمَّنْ يَعْتَرِفُ بِأَصْلِ رِسَالَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَقَوْمٍ مِنْ الْيَهُودِ

يَقُولُونَ: إنَّهُ مُرْسَلٌ إلَى الْعَرَبِ فَقَطْ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَرَاءَةِ، وَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا أَصْلَ الرِّسَالَةِ كَالْوَثَنِيِّ كَفَى فِي إسْلَامِهِ الشَّهَادَتَانِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَقَدْ رَأَيْتُ هَذَا التَّفْصِيلَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي كِتَابِ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ اهـ. وَالْمَذْهَبُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ كَلِمَتَيْ الشَّهَادَةِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا وَلَا يَحْصُلُ الْإِسْلَامُ إلَّا بِهِمَا وَحَكَى الْإِمَامُ مَعَ ذَلِكَ طَرِيقَةً أُخْرَى مَنْسُوبَةً إلَى الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ مَنْ أَتَى مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ بِكَلِمَةٍ تُخَالِفُ مُعْتَقَدَهُ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ فَإِذَا وَحَّدَ الْمُتَوَقِّفُ أَوْ قَالَ الْمُعَطِّلُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ جُعِلَ مُسْلِمًا وَعُرِضَ عَلَيْهِ شَهَادَةُ الرِّسَالَةِ فَإِنْ أَنْكَرَ صَارَ مُرْتَدًّا أَوْ الْيَهُودِيُّ إذَا قَالَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ. اهـ. وَاخْتَصَرَهُ الْأَصْفُونِيُّ بِقَوْلِهِ: فَصْلٌ فِي إسْلَامِ الْمُرْتَدِّ وَغَيْرِهِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا تَكْفِيَانِ مِمَّنْ يُنْكِرُ الرِّسَالَةَ إلَّا مِمَّنْ خَصَّهَا بِالْعَرَبِ حَتَّى يَقُولَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ إلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ أَوْ يَبْرَأَ مِنْ كُلِّ دِينٍ خَالَفَ دِينَ الْإِسْلَامِ وَاخْتَصَرَهُ ابْنُ الْمُقْرِي بِقَوْلِهِ فَصْلٌ لَا بُدَّ فِي إسْلَامِ الْمُرْتَدِّ وَغَيْرِهِ مِنْ

الشَّهَادَتَيْنِ مُطْلَقًا فَإِنْ كَانَ كُفْرُهُ بِإِنْكَارِ شَيْءٍ آخَرَ كَمَنْ خَصَّصَ رِسَالَةَ مُحَمَّدٍ بِالْعَرَبِ أَوْ جَحَدَ فَرْضًا أَوْ تَحْرِيمًا فَيَلْزَمُهُ مَعَ الشَّهَادَتَيْنِ الْإِقْرَارُ بِمَا أَنْكَرَ وَاخْتَصَرَهُ الْحِجَازِيُّ بِقَوْلِهِ فَصْلٌ فِي إسْلَامِ الْمُرْتَدِّ وَغَيْرِهِ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ وَتَكْفِيَانِ مِمَّنْ يُنْكِرُ الرِّسَالَةَ كَالْوَثَنِيِّ لَا مِمَّنْ خَصَّصَهَا بِالْعَرَبِ حَتَّى يَقُولَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ إلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ أَوْ يَبْرَأَ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ. وَعِبَارَةُ التَّنْبِيهِ: وَإِنْ ارْتَدَّ إلَى دِينٍ لَا تَأْوِيلَ لِأَهْلِهِ كَفَاهُ أَنْ يُقِرَّ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَإِنْ ارْتَدَّ إلَى دِينٍ يَزْعُمُ أَهْلُهُ أَنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَبْعُوثٌ إلَى الْعَرَبِ لَمْ يَصِحَّ إسْلَامُهُ حَتَّى يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَيَبْرَأَ مِنْ كُلِّ دِينٍ خَالَفَ دِينَ الْإِسْلَامِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ قَالَ الْإِمَامُ وَالْقَائِلُ بِهِ يَرَى أَنَّ النُّطْقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ تَعَبُّدٌ اهـ. وَعِبَارَةُ الْجَوَاهِرِ هَلْ يَكْفِي فِي الْحُكْمِ بِالْإِسْلَامِ الْإِتْيَانُ بِكَلِمَتَيْ الشَّهَادَتَيْنِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي مَوَاضِعَ أَنَّ الْإِسْلَامَ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَتَبْرَأَ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ وَاقْتَصَرَ فِي

مَوَاضِعَ عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ وَلِلْأَصْحَابِ فِيهِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا فِيهِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يُشْتَرَطُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ اهـ. وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَتَوْبَةُ الْمُرْتَدِّ، وَإِسْلَامُ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ أَنْ يَشْهَدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيَبْرَأَ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ وَلَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ وَلَا يَحْصُلُ الْإِسْلَامُ إلَّا بِهِمَا، وَأَمَّا الْبَرَاءَةُ فَإِنْ كَانَ الْكَافِرُ يَعْتَرِفُ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ وَيُنْكِرُ عُمُومَهَا كَقَوْمٍ مِنْ الْيَهُودِ يَقُولُونَ: إنَّهُ مَبْعُوثٌ إلَى الْعَرَبِ خَاصَّةً فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَرَاءَةِ، وَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا أَصْلَ الرِّسَالَةِ كَالْوَثَنِيِّ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْبَرَاءَةِ وَتَكْفِيهِ الشَّهَادَتَانِ، وَقَالَ الْبَدْرُ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَتَحْصُلُ تَوْبَةُ الْمُرْتَدِّ بِالتَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَهَكَذَا كُلُّ كَافِرٍ أَصْلِيٍّ إذَا كَانَ مُنْكِرًا رِسَالَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ كَانَ يَقُولُ: إنَّهُ بُعِثَ إلَى الْعَرَبِ فَقَطْ أَوْ يَقُولُ: إنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ بَعْدُ فَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ التَّبَرِّي مِنْ سَائِرِ الْأَدْيَانِ دُونَ الْإِسْلَامِ وَيَقُومُ مَقَامَهُ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَبْعُوثٌ إلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ، وَقَالَ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ وَلَا بُدَّ فِي إسْلَامِ الْمُرْتَدِّ

مِنْ أَنْ يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ رِدَّتُهُ بِجَحْدِ فَرْضٍ أَوْ اسْتِبَاحَةِ مُحَرَّمٍ فَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَرْجِعَ عَمَّا اعْتَقَدَهُ، وَأَمَّا الْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ فَإِنْ كَانَ وَثَنِيًّا أَوْ ثَنَوِيًّا لَا يُقِرّ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، وَقَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَيُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ جَمِيعِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ هَكَذَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَهِيَ طَرِيقَةٌ نَسَبَهَا الْإِمَامُ إلَى الْمُحَقِّقِينَ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اهـ. وَقَالَ الْغَزِّيُّ: إنَّ طَرِيقَةَ الْبَغَوِيِّ ضَعِيفَةٌ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ، وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَلَا بُدَّ فِي إسْلَامِ الْمُرْتَدِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِإِحْدَاهُمَا وَتَكْفِيَانِ مِمَّنْ يُنْكِرُ الرِّسَالَةَ إلَّا مَنْ خَصَّصَهَا بِالْعَرَبِ فَلَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ حَتَّى يَقُولَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ إلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ أَوْ يَبْرَأَ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ وَلَوْ كَانَ كُفْرُهُ بِجُحُودِ فَرْضٍ أَوْ اسْتِبَاحَةِ مُحَرَّمٍ وَلَمْ يَصِحَّ إسْلَامُهُ حَتَّى يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَيَرْجِعَ عَمَّا اعْتَقَدَهُ. اهـ. وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْته أَنَّ الْمَذْهَبَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ

لَا يَصِحُّ إسْلَامُ الْكَافِرِ مُرْتَدًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ إلَّا بِتَلَفُّظِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَأَنَّ مَا نَقَلَهُ الْحَلِيمِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَا فِي الْأَذْكَارِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُخَالِفُهُ طَرِيقَةٌ مُقَابِلَةٌ لِلْمَذْهَبِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ سَبَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فِي كُفْرِهِ وَجْهَانِ أَيُّهُمَا أَصَحُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْرٍ، وَإِنَّمَا هُوَ كَبِيرَةٌ. (سُئِلَ) هَلْ يُثَابُ الْكَافِرُ عَلَى تَلَفُّظِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ اللَّتَيْنِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِهِمَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَصْدِيقَ قَلْبِهِ بِمَا عَلِمَ ضَرُورَةَ مَجِيءِ الرَّسُولِ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَهُوَ الْإِيمَانُ سَابِقٌ عَلَيْهِ. (سُئِلَ) هَلْ يَكْفُرُ مَنْ قَالَ إنَّهُ يَكْرَهُ مَلَكَ الْمَوْتِ أَوْ يَبْغُضُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ كَرَاهَتَهُ أَوْ بُغْضَهُ إيَّاهُ بِسَبَبِ إزَالَتِهِ عَنْهُ الْحَيَاةَ لَا سَبَبِ كَوْنِهِ مَلَكًا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ إذَا أَتْلَفَ الْمُرْتَدُّ فِي حَالِ الْحَرْبِ شَيْئًا وَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ وَصَحَّحَهُ الْجُمْهُورُ وَصَحَّحَ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ عَدَمَ الضَّمَانِ، وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَلَمْ يُصَحِّحْ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا فِي الشَّرْحَيْنِ شَيْئًا وَالْمُعْتَمَدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ النَّصِّ، وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ

تَبِعَ فِيهِ شَيْخَهُ الْإِسْنَوِيَّ فَقَدْ قَالَ: إنَّهُ الصَّحِيحُ وَالْأَذْرَعِيَّ، وَقَدْ قَالَ: إنَّهُ الْوَجْهُ. وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الضَّمَانِ لِحَاجَةِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الضَّمَانِ عَنْ الْبَاغِينَ لِقَطْعِ الْفِتْنَةِ وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ كَمَا فِي إتْلَافِ ذَوِي الشَّوْكَةِ بِلَا تَأْوِيلٍ بَلْ هُمْ أَوْلَى بِعَدَمِ الضَّمَانِ تَرْغِيبًا لَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ، وَإِنْقَاذًا لَهُمْ مِنْ الْخُلُودِ فِي النَّارِ إذْ لَوْ ضَمَّنَّاهُمْ لَرُبَّمَا نَفَرُوا عَنْ الْعَوْدِ إلَى الْإِسْلَامِ وَحَمَلَهُمْ عَلَى التَّمَادِي عَلَى الْكُفْرِ، وَلِهَذَا سَقَطَ الضَّمَانُ عَنْ الْحَرْبِيِّ فِيمَا أَتْلَفَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ عَنْ الْحَرْبِيِّ فِيمَا أَتْلَفَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ هُوَ مَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ، وَأَصْلُهَا وَالشَّرْحُ الصَّغِيرُ، وَقَالَ فِي الْبَيَانِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ، وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ وَعِبَارَةُ الْأَصْفُونِيِّ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ وَلَوْ ارْتَدَّتْ طَائِفَةٌ لَهُمْ شَوْكَةٌ فَأَتْلَفُوا شَيْئًا فِي الْقِتَالِ ثُمَّ تَابُوا، وَأَسْلَمُوا فَفِي ضَمَانِهِمْ قَوْلَا الْبُغَاةِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَضَمَانُهُمْ كَالْبُغَاةِ. اهـ. وَقَالَ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِي أَنَّ أَهْلَ الْبَغْيِ هَلْ يَضْمَنُونَ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَ مُرْتَدُّونَ

هل تقبل الشهادة بالردة مطلقا

وَكَانَتْ لَهُمْ شَوْكَةٌ، وَأَتْلَفُوا فِي الْقِتَالِ مَالًا أَوْ نَفْسًا ثُمَّ أَسْلَمُوا وَرَأَى بَعْضُهُمْ الْأَظْهَرَ وُجُوبَ الضَّمَانِ وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ مِنْ تَضْمِينِهِمْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهِ بِتَضْمِينِ الْبُغَاةِ، وَمَنْ صَحَّحَهُ مِنْ الْأَصْحَابِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ قَائِلُونَ بِهِ فِي الْبُغَاةِ أَيْضًا، وَقَوْلُ الْكِفَايَةِ: إنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى التَّضْمِينِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِ نَظَرٌ. [هَلْ تَقْبَل الشَّهَادَة بالردة مُطْلَقًا] (سُئِلَ) هَلْ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالرِّدَّةِ مُطْلَقًا أَمْ لَا بُدَّ مِنْ التَّفْصِيلِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ مُطْلَقًا، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ الْمَنْقُولَ خِلَافُهُ، وَإِنَّهُ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ مَا قَالَهُ فَاحْتِمَالُ الْإِمَامِ وَجْهٌ فِي الْمَذْهَبِ، وَقَدْ رَجَّحَاهُ لِقُوَّةِ دَلِيلِهِ، وَلَا يُخَالِفُهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ نَسَبَ إلَى شَخْصٍ مَا يَقْتَضِي الرِّدَّةَ وَلَمْ تَنْهَضْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَصَدَ أَنْ يَحْكُمَ الْحَاكِمُ بِعِصْمَةِ دَمِهِ كَيْ لَا تَقُومَ عَلَيْهِ بَيِّنَةُ زُورٍ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى قَبُولَ تَوْبَتِهِ هَلْ لِلْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ بَعْدَ تَجْدِيدِ إسْلَامِهِ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ وَيَعْصِمَ دَمَهُ

هل التزي بزي الكفار يعتبر ردة

وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَخَالَفَهُ بَعْضُهُمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا ذُكِرَ. [هَلْ التزي بزي الْكُفَّارِ يعتبر رِدَّة] (سُئِلَ) عَنْ التَّزَيِّي بِزِيِّ الْكُفَّارِ هَلْ هُوَ رِدَّةٌ أَوْ لَا فَيَحْرُمُ فَقَطْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ لَيْسَ بِرِدَّةٍ بَلْ يَأْثَمُ الْعَامِدُ الْعَالِمُ بِتَحْرِيمِهِ. [كِتَابُ الزِّنَا] (كِتَابُ الزِّنَا) (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ الْحَادُّ أَوْ الْمَحْدُودُ مَعَ الْمَحْدُودِ لَهُ فِي عَدَدِ الْمَاضِي وَالْبَاقِي مِنْ الْحَدِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَمَنْ الْمُصَدَّقُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُصَدَّقُ الْحَادُّ وَالْمَحْدُودُ لَهُ دُونَ الْمَحْدُودِ. [الذِّمِّيّ إذَا أسلم بَعْد زِنَاهُ] (سُئِلَ) عَنْ ذِمِّيٍّ ثَبَتَ زِنَاهُ بِبَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ هَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُحَدُّ وَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ النَّصِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ بِسُقُوطِ الْحَدِّ بِالتَّوْبَةِ، وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ. (سُئِلَ) عَمَّا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْحَاوِي، وَنَظْمُهُ مِنْ أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا زَنَى بِمُعَاهَدَةٍ أَوْ أَمَةِ مُعَاهَدٍ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا لِمُخَالَفَتِهِ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهُ لَوْ وَطِئَ حَرْبِيَّةً لَا بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ حُدَّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُمَا لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ لِمَا ذُكِرَ فِي

السُّؤَالِ فَلْيُحْمَلْ عَلَى الذِّمِّيِّ فِي مَسْأَلَةِ الزِّنَا حَيْثُ لَا تَرَافُعَ إلَيْنَا فَلَا يُخَالِفُ تَصْرِيحَهُمْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُهُمَا، وَإِنْ أَوْهَمَتْ عِبَارَتُهُمَا فِيهِمَا شُمُولَهَا لِلْمُسْلِمِ وَلِهَذَا عَبَّرَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي إرْشَادِهِ بِقَوْلِهِ وَحَدُّ ذِمِّيٍّ لَا مُعَاهَدٍ بِسَرِقَةٍ أَوْ زِنًا لَا مَعَ مِثْلِهِ إلَّا بِتَرَافُعٍ. (سُئِلَ) عَمَّنْ زَنَى وَهُوَ بِكْرٌ ثُمَّ زَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ فَهَلْ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدَّانِ أَمْ يَدْخُلُ الْأَوَّلُ فِي الثَّانِي؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُجْلَدُ لِلزِّنَا الْأَوَّلِ ثُمَّ يُرْجَمُ لِلثَّانِي فَلَا يَدْخُلُ الْأَوَّلُ فِي الثَّانِي؛ لِأَنَّ التَّدَاخُلَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الِاتِّفَاقِ فِي الْجِنْسِ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، وَإِنْ جَرَى فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي بَابِ الزِّنَا عَلَى أَنَّهُ يُكْتَفَى بِالرَّجْمِ، وَإِنْ جَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا جَرَى عَلَيْهِ فِي بَابِ اللِّعَانِ. (سُئِلَ) عَنْ صَبِيٍّ أَوْلَجَ فِي أَجْنَبِيَّةٍ فَأَحَسَّ بِالْإِنْزَالِ وَاسْتَدَامَ هَلْ يُحَدُّ أَمْ لَا؟ .؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّ إيلَاجَهُ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ لِوُقُوعِهِ حَالَ عَدَمِ تَكْلِيفِهِ لِصِبَاهُ وَلِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْوَطْءِ لَيْسَتْ بِوَطْءٍ. (سُئِلَ) عَنْ تَأْخِيرِ الْجَلْدِ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَالَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَاجِبٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَمْ مُسْتَحَبٌّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ؟ (فَأَجَابَ)

النية في إقامة الحد

بِأَنَّ الْمَذْهَبَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَاعْتَمَدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وُجُوبَ تَأْخِيرِ الْجَلْدِ لِشِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ لِمَرَضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ إلَى اعْتِدَالِ الزَّمَانِ وَالْبَرْدِ؛ لِئَلَّا يَهْلِكَ الْمَحْدُودُ؛ وَلِأَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ بِخِلَافِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ فَلَا تُؤَخَّرُ؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُضَايَقَةِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ ذَنْبٌ يُوجِبُ حَدًّا أَوْ تَعْزِيرًا وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى هَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ السَّتْرُ عَلَى نَفْسِهِ سَوَاءٌ تَعَلَّقَ بِآدَمِيٍّ أَمْ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَإِذَا قُلْتُمْ بِاسْتِحْبَابِهِ فَهَلْ يُطَالَبُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْحَقُّ الْمَذْكُورُ لِلَّهِ تَعَالَى اُسْتُحِبَّ لَهُ السَّتْرُ عَلَى نَفْسِهِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ لِآدَمِيٍّ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إعْلَامُهُ بِهِ لِيَسْتَوْفِيَهُ أَوْ يَعْفُوَ عَنْهُ ثُمَّ مَا سَتَرَهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ تَابَ مِنْهُ فَالتَّوْبَةُ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا، وَإِلَّا فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ. [النِّيَّة فِي إقَامَة الْحَدّ] (سُئِلَ) هَلْ تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي إقَامَةِ الْحَدِّ حَتَّى لَوْ ضَرَبَهُ الْإِمَامُ لِمُصَادَرَةٍ أَوْ نَحْوِهَا لَمْ يَكْفِ عَنْ الْحَدِّ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَمْ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ كَمَا لَوْ حَدَّهُ

كتاب السرقة

لِلشُّرْبِ فَظَهَرَ أَنَّ حَدَّهُ حَدُّ الزِّنَا كَفَى وَكَمَا لَوْ أَخْطَأَ فِي السَّرِقَةِ مَنْ يَدِهِ الْيُمْنَى إلَى الْيُسْرَى وَمَا الْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ وَطِئَ جَنِينًا أُنْثَى قَبْلَ انْفِصَالِ كُلِّهِ هَلْ يُحَدُّ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَاطِئِ حَدُّ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ أَوْلَجَ ذَكَرَهُ فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ لِعَيْنِهِ مُشْتَهًى طَبَعًا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ فَحَزَّ شَخْصٌ رَأْسَهُ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ عَلَى الصَّحِيحِ. (سُئِلَ) عَنْ الْمُعْتَمَدِ فِيمَا لَوْ وَطِئَ الْمُكَلَّفُ الْمُخْتَارُ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَبِلَا شُهُودٍ هَلْ يَجِبُ الْحَدُّ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ قَاضِي عَجْلُونٍ فِي أَعْلَامِ التَّنْبِيهِ عَلَى الصَّوَابِ فِي تَصْحِيحِ الْإِسْنَوِيِّ خِلَافًا لِظَاهِرِ التَّنْبِيهِ كَالْحَاوِي وَكَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِلْوَلِيِّ الْعِرَاقِيِّ أَوْ لَا يُحَدُّ كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ فِي دَرْسِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ جَزَمَ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ بِالْحَدِّ وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَرَدَّ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ بِثُبُوتِ الْخِلَافِ فِيهِ عَنْ جَمَاعَةٍ بَيَّنُوهُ فَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْحَدِّ؛ لِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ؛ وَلِأَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ. [كِتَابُ السَّرِقَةِ]

سرقة المصاحف الموقوفة في المساجد

سُئِلَ) - رَضِّي اللَّهُ عَنْهُ وَرَحِمَهُ - عَمَّنْ اخْتَلَسَ مِنْ جَوْفِ مَيِّتٍ نِصَابًا فَهَلْ يُقْطَعُ كَمَا فِي الْكَفَنِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ مِنْ جَوْفِ مَيِّتٍ نِصَابًا لَمْ يُقْطَعْ إلَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَيِّتُ بِبَيْتٍ مُحْرَزٍ فَيُقْطَعُ. [سَرِقَة الْمَصَاحِف الْمَوْقُوفَة فِي الْمَسَاجِد] (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ سَرَقَ الْمُصْحَفَ الْمَوْقُوفَ فِي الْمَسْجِدِ هَلْ يُقْطَعُ بِهِ الْقَارِئُ وَغَيْرُهُ أَمْ يُفَرَّقُ أَمْ لَا فِيهِمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَقْرَبَ عَدَمُ قَطْعِ الْمُسْلِمِ مُطْلَقًا بِسَرِقَةِ الْمُصْحَفِ الْمَذْكُورِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ دَخَلَ السَّارِقُ حِرْزًا فِيهِ خَرُوفٌ، وَقَطَعَ أَلْيَتَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَرْشُ، وَهَلْ يَخْتَصُّ السَّارِقُ بِهَا أَوْ الْمَالِكُ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالثَّانِي فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا لَوْ غَصَبَ قَمْحًا وَلَحْمًا وَجَعَلَهُمَا هَرِيسَةً؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْأَلْيَةِ مَالِكُ الْخَرُوفِ كَمَا لَوْ قَتَلَ شَاةً يَكُونُ الْمَالِكُ أَحَقَّ بِجِلْدِهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْهَرِيسَةِ بَقَاءُ الْمَالِيَّةِ فِيهَا بِخِلَافِ الْأَلْيَةِ وَالْجِلْدِ. (سُئِلَ) هَلْ يَثْبُتُ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ الْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهَا إلَّا الْمَالُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ إنَّ الْإِمَامَ لَوْ وَكَّلَهُ فِي قَطْعِهَا فَبَاشَرَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ لَا يَقَعُ الْمَوْقِعُ وَهُوَ

كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْوَكَالَةِ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ فِي الْوَكَالَةِ لَكِنْ ذَكَرَا فِي بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ أَذِنَ لِلسَّارِقِ فِي قَطْعِ يَدِهِ فَقَطَعَهَا جَازَ، وَأَجْزَأَتْ عَنْ الْحَدِّ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْحَدِّ التَّنْكِيلُ، وَقَدْ حَصَلَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْبُلْقِينِيَّ قَالَ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا فَفِي الْإِذْنِ يَقَعُ الْمَوْقِعُ بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِ: لَوْ كَانَ عَلَى مِعْصَمِهِ كَفَّانِ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ الْأَصْلِيَّةُ مِنْ الزَّائِدَةِ فَالْمَنْقُولُ أَنَّهُمَا يُقْطَعَانِ وَعَنْ الْبَغَوِيِّ تُقْطَعُ إحْدَاهُمَا، وَاسْتَحْسَنَهُ الرَّافِعِيُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَصَوَّبَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَعَلَى هَذَا لَوْ سَرَقَ ثَانِيًا قُطِعَتْ الثَّانِيَةُ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ صَحَّحَ فِي الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ أَنَّهُ لَا يُخْتَنُ فِي أَحَدِ فَرْجَيْهِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ الْجُرْحَ مَعَ الْإِشْكَالِ مُمْتَنِعٌ مَا الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا لَا يُقْطَعَانِ فِي سَرِقَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ إحْدَاهُمَا، وَجَوَابُ الْإِشْكَالِ وُجُوبُ جِنَايَةِ السَّارِقِ وَتَعَلُّقُ حَقِّ الْآدَمِيِّ بِهَا وَلِهَذَا يَتَوَقَّفُ الْقَطْعُ عَلَى طَلَبِهِ مَالَهُ بِخِلَافِ خِتَانِ الْخُنْثَى فِيهِمَا. (سُئِلَ)

باب قاطع الطريق

عَنْ دَارٍ مُتَّصِلَةٍ بِالْعِمَارَةِ وَفِيهَا زَوْجَةُ صَاحِبِ الدَّارِ وَبَابُ كُلٍّ مِنْ الدَّارِ وَالْبَيْتِ تَارَةً يَكُونُ مَفْتُوحًا وَتَارَةً يَكُونُ مُغْلَقًا أَوْ مَرْدُودًا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فَسَرَقَ شَخْصٌ الْمَتَاعَ مِنْ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ بَيْتِهَا فَهَلْ يُقْطَعُ سَارِقُهُ بِذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ الْبَيْتُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حِرْزٌ لِلْوَدِيعَةِ الَّتِي أَحْرَزَهَا فِي الْبَيْتِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُتَيَقِّظَةً مُلَاحِظَةً قُطِعَ السَّارِقُ، وَإِلَّا فَلَا يُقْطَعُ لِكَوْنِ مَا سَرَقَهُ حِينَئِذٍ غَيْرَ مُحْرَزٍ وَالْبَيْتُ حِرْزٌ لِلْوَدِيعَةِ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ. [بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ] (بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ) (سُئِلَ) هَلْ يُقَدَّمُ قَطْعُ السَّرِقَةِ عَلَى التَّغْرِيبِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَمْ أَرَ لَهُمْ تَعَرُّضًا لِذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقَدَّمُ تَغْرِيبُ الزِّنَا عَلَى قَطْعِ السَّرِقَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إذَا اجْتَمَعَ عَلَى وَاحِدٍ حُدُودٌ مُتَمَحِّضَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى فَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا تُسْتَوْفَى كُلُّهَا وَيُقَدَّمُ مِنْهَا الْأَخَفُّ فَالْأَخَفُّ فَيُقَامُ حَدُّ الشُّرْبِ ثُمَّ يُمْهَلُ حَتَّى يَبْرَأَ ثُمَّ حَدُّ الزِّنَا وَيُمْهَلُ حَتَّى يَبْرَأَ ثُمَّ تُقْطَعُ يَدُهُ لِلسَّرِقَةِ وَيُقْتَلُ عَقِبَ ذَلِكَ اهـ. فَقَوْلُهُمْ يُقَدَّمُ مِنْهَا الْأَخَفُّ فَالْأَخَفُّ، وَقَوْلُهُمْ ثُمَّ حَدُّ الزِّنَا وَيُمْهَلُ حَتَّى يَبْرَأَ ثُمَّ تُقْطَعُ يَدُهُ

باب الشرب والتعزير

لِلسَّرِقَةِ كُلٌّ مِنْهُمَا كَالصَّرِيحِ فِي تَقْدِيمِ جَلْدِ الزِّنَا وَتَغْرِيبِهِ عَلَى قَطْعِ السَّرِقَةِ إذْ حَدُّ الزِّنَا مَجْمُوعُهُمَا، وَقَوْلُهُمْ حَتَّى يَبْرَأَ أَيْ إنْ قَدَّمَ التَّغْرِيبَ عَلَى الْجَلْدِ، وَإِلَّا فَحَتَّى تَنْتَهِيَ مُدَّةُ التَّغْرِيبِ وَلِهَذَا عَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ ثُمَّ لِلزِّنَا وَيُمْهَلُ حَتَّى يُقْطَعَ لِلسَّرِقَةِ. اهـ فَشَمِلَتْ إمْهَالَهُ لِلْبُرْءِ أَوْ لِلتَّغْرِيبِ. [بَابُ الشُّرْبِ وَالتَّعْزِيرِ] (بَابُ الشُّرْبِ وَالتَّعْزِيرِ) (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ جَمَاعَةٍ يَشْرَبُونَ الْقَهْوَةَ مُجْتَمَعِينَ لَا عَلَى وَجْهٍ مُنْكَرٍ بَلْ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى وَيُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَبَبِ أَنَّهَا تُعِينُ عَلَى السَّهَرِ فِي الْخَيْرِ فَهَلْ يَحْرُمُ شُرْبُهَا لِقَوْلِ بَعْضِ إنَّهَا مُسْكِرَةٌ أَمْ لَا وَهَلْ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْجَمِّ الْغَفِيرِ أَنَّهَا غَيْرُ مُسْكِرَةٍ وَلَا مُخَدِّرَةٍ أَمْ بِقَوْلِ عَدَدٍ قَلِيلٍ بِخِلَافِهِ وَهَلْ يُعْمَلُ بِقَوْلِ مُسْتَعْمِلِهَا بِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْكِرَةٍ وَلَا مُخَدِّرَة أَمْ بِقَوْلِ غَيْرِهِمْ وَهَلْ تُقَاسُ عَلَى غَيْرِهَا مِمَّا يَحْرُمُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحِلُّ شُرْبُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَعْيَانِ الْحِلُّ؛ لِأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ وَلِآيَةِ {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] ؛ وَلِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْكِرَةٍ وَلَا مُخَدِّرَةٍ فَقَدْ أَخْبَرَنِي جَمْعٌ مِمَّنْ أَثِقُ بِهِمْ

مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ مِمَّنْ اسْتَعْمَلَهَا أَنَّهَا لَا تُسْكِرُ وَلَا تُخَدِّرُ وَيُقَدَّمُ إخْبَارُ الْجَمِّ الْغَفِيرِ عَلَى إخْبَارِ الْعَدَدِ الْقَلِيلِ، وَإِخْبَارُ مُسْتَعْمِلِهَا عَلَى إخْبَارِ غَيْرِهِمْ وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهَا عَلَى غَيْرِهَا فِي التَّحْرِيمِ إلَّا إنْ وُجِدَ فِيهَا عِلَّةُ حُكْمِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ مِنْ إسْكَارٍ أَوْ تَخْدِيرٍ أَوْ إضْرَارٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِيهَا ثُمَّ رَأَيْتُ فَتْوَى لِبَعْضِ عُلَمَاءِ الْيَمَنِ وَهُوَ الْقَاضِي أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْمُزَجَّدُ الْيَمَنِيُّ أَنَّهَا لَا تُغَيِّرُ الْعَقْلَ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِهَا نَشَاطٌ، وَرَوْحَنَةٌ وَطِيبُ خَاطِرٍ لَا يَنْشَأُ عَنْهُ ضَرَرٌ بَلْ رُبَّمَا كَانَ مَعُونَةً عَلَى زِيَادَةِ الْعَمَلِ فَيُتَّجَهُ أَنَّ لَهَا حُكْمَهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَمَلُ طَاعَةً فَتَنَاوُلُهَا طَاعَةٌ أَوْ مُبَاحًا فَمُبَاحٌ فَإِنَّ لِلْوَسَائِلِ حُكْمُ الْمَقَاصِدِ اهـ. (سُئِلَ) عَنْ جَمَاعَةٍ شَرِبُوا مُبَاحًا، وَأَدَارُوهُ بَيْنَهُمْ كَإِدَارَةِ الْخَمْرِ وَلَمْ يَقْصِدُوا التَّشْبِيهَ بِشَارِبِهَا فَهَلْ يَحْرُمُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ شُرْبُهُمْ إيَّاهُ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ إذَا قَصَدُوا بِهِ التَّشْبِيهَ بِشَرَبَةِ الْخَمْرِ فَخَرَجَ بِهَذَا أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَعْرِفُوا أَنَّ هَذِهِ الْهَيْئَةَ هَيْئَةُ شُرْبِ الْخَمْرِ. ثَانِيهِمَا أَنْ يَعْرِفُوهَا وَلَمْ

باب الصيال

يَقْصِدُوا بِشُرْبِهِمْ الْمَذْكُورِ التَّشْبِيهَ الْمَذْكُورَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَصْدَهُمْ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُمْ. [بَابُ الصِّيَالِ] (بَابُ الصِّيَالِ) (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ عَالِمٍ تَوَحَّدَ فِي عَصْرِهِ وَمَلِكٍ عَادِلٍ تَفَرَّدَ فِي مِلْكِهِ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ إنْ قُتِلَ حَصَلَ لِلْمُسْلِمِينَ ضَرَرٌ بِقَتْلِهِ مِنْ وَهْنِ الْإِسْلَامِ وَتَفْرِيقِ كَلِمَةِ أَهْلِهِ وَائْتِلَافِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْبَغْيِ وَاخْتِلَافِ أَهْلِ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ وَتَعَطُّلِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَشَرَائِعِهِ وَفَسَادِ مَصَالِحِ الْعِبَادِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ فَإِذَا صَالَ عَلَيْهِ مُسْلِمٌ لِيَقْتُلَهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى دَفْعِهِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَسْلِمَ لِلْقَتْلِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَصُولِ عَلَيْهِ الِاسْتِسْلَامُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ الصَّائِلِ عَنْهُ، وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّ مَحَلَّ التَّدْرِيجِ فِي دَفْعِ الصَّائِلِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْفَاحِشَةِ أَمَّا مَنْ أَوْلَجَ فِي الْفَرْجِ فَيَجُوزُ أَنْ يُبْدَأَ بِقَتْلِهِ فَإِنَّهُ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ مُوَاقِعٌ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ وَالْأَصَحُّ فِيهِ مُرَاعَاةُ التَّدْرِيجِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَاكِنًا فَإِنْ كَانَ الْبَابُ مُغْلَقًا لَمْ يَدْخُلْ إلَّا بِإِذْنٍ، وَإِنْ كَانَ مَفْتُوحًا

باب إتلاف البهائم

فَوَجْهَانِ مَا الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُمَا عَدَمُ دُخُولِهِ إلَّا بِإِذْنٍ أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا} [النور: 28] أَيْ يَأْذَنُ لَكُمْ {فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ} [النور: 28] أَيْ حَتَّى يَأْتِيَ مَنْ يَأْذَنُ لَكُمْ فَإِنَّ الْمَانِعَ مِنْ الدُّخُولِ لَيْسَ الِاطِّلَاعُ عَلَى الْعَوْرَاتِ فَقَطْ بَلْ وَعَلَى مَا يُخْفِيهِ النَّاسُ عَادَةً مَعَ أَنَّ التَّصَرُّفَ فِي مَكَان يَسْتَحِقُّ الْغَيْرُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ مَحْظُورٌ وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا عَرَضَ فِيهِ حَرْقٌ أَوْ غَرَقٌ أَوْ كَانَ فِيهِ مُنْكَرٌ أَوْ نَحْوُهَا. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ عَضَّ يَدَ رَجُلٍ فَنَزَعَهَا مِنْهُ فَقُطِعَتْ جِلْدَتُهَا مِنْ النَّزْعِ وَمَسْكِ الْأَسْنَانِ فَهَلْ عَلَى الْعَاضِّ جَمِيعُ الضَّمَانِ أَمْ نِصْفُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَضْمَنُ الْعَاضُّ جَمِيعَ نَقْصِ الْمَعْضُوضِ لِتَعَدِّيهِ. [بَابُ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ] (بَابُ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ) (سُئِلَ) عَمَّنْ حَمَلَ مَتَاعَهُ فِي مَفَازَةٍ عَلَى دَابَّةِ رَجُلٍ بِلَا إذْنِهِ وَغَابَ فَأَلْقَاهُ الرَّجُلُ عَنْهَا أَوْ أَدْخَلَ دَابَّتَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فَأَخْرَجَهَا مِنْ زَرْعِهِ فَضَاعَتْ فَفِي الضَّمَانِ وَجْهَانِ مَا الْمُرَجَّحُ مِنْهُمَا، وَقَدْ أَطْلَقَهُمَا أَيْضًا صَاحِبُ الرَّوْضِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَرْجَحَ الْوَجْهَيْنِ عَدَمُ ضَمَانِ الْمَتَاعِ عَلَى مُلْقِيهِ

عَنْ دَابَّتِهِ، وَالدَّابَّةُ عَلَى مُخْرِجِهَا مِنْ زَرْعِهِ لِعُذْرِهِ بِاحْتِيَاجِهِ إلَى دَفْعِ ضَرَرِ دَابَّتِهِ، وَإِتْلَافِ زَرْعِهِ وَلَتَعَدِّي مَالِكِ الْمَتَاعِ وَالدَّابَّةِ بِمَا فَعَلَهُ وَيَشْهَدُ لَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدْ قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي بَحْرِهِ لَوْ دَخَلَتْ بَهِيمَةٌ دَارِهِ فَمَنَعَهَا بِضَرْبٍ لَا تَخْرُجُ إلَّا بِهِ لَا يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ دَارِهِ، وَقَدْ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَنَقَلَهُ الشَّيْخَانِ، وَأَقَرَّاهُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَغَيْرُهُ: إنَّهُ لَوْ دَخَلَتْ بَقَرَةٌ مِلْكَهُ فَأَخْرَجَهَا مِنْ ثُلْمَةٍ فَهَلَكَتْ إنْ لَمْ تَكُنْ الثُّلْمَةُ بِحَيْثُ تَخْرُجُ مِنْهَا الْبَقَرَةُ بِسُهُولَةٍ يَجِبُ الضَّمَانُ أَيْ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهَا كَالصَّائِلَةِ عَلَى مِلْكِهِ. وَكَلَامُ الْبَغَوِيِّ وَالرُّويَانِيِّ شَامِلٌ لِمَنْ سَيَّبَ دَابَّتَهُ وَلَمْ يَتَعَدَّ بِإِدْخَالِهَا مِلْكَ غَيْرِهِ وَلِمَا إذَا لَمْ تُتْلِفْ بِدُخُولِهَا شَيْئًا، وَإِنْ حَمَلَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ تُتْلِفُ وَلَعَلَّ سُكُوتَ الشَّيْخَيْنِ عَنْ تَرْجِيحِ عَدَمِ الضَّمَانِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا ذَكَرَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ سَابِقًا وَلَاحِقًا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ كَانَ عَلَى الْبَهِيمَةِ رَاكِبَانِ فَهَلْ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا أَوْ يَخْتَصُّ بِالْأَوَّلِ فِيهِ وَجْهَانِ مَا الْأَصَحُّ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَصَحَّهُمَا أَنَّ

الضَّمَانَ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ فِيهَا دُونَ الرَّدِيفِ، وَإِنْ حُكِمَ بِأَنَّهَا لَهُمَا عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا فِيهَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْيَدَيْنِ لَا تُكَذِّبُ الْأُخْرَى. (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ سَقَطَتْ عَلَى قَرْنِ جَامُوسَةٍ أَوْ نَتَفَتْ شَعْرًا مِنْ ذَنَبِ فَرَسٍ فَرَفَسَتْهَا فَمَاتَتْ وَفِي صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ نَخَسَ بِنُشَّابَةٍ مُهْرَةً فَرَفَسَتْهُ فَمَاتَ فَهَلْ يَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمْ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ كَمَا لَوْ عَلِمَ شَخْصٌ بِقُمَامَةٍ أَوْ قُشُورِ بِطِّيخٍ أَلْقَاهَا شَخْصٌ بِطَرِيقٍ فَمَشَى عَلَيْهِمَا قَصْدًا فَسَقَطَ فَمَاتَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ اسْتَعَارَ ثَوْرًا عَادَتُهُ النَّطْحُ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ فَسَاقَهُ ثُمَّ نَطَحَ إنْسَانًا فَمَاتَ فَهَلْ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ أَمْ الْمُعِيرِ أَمْ عَلَيْهِمَا أَمْ لَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَضْمَنُ عَاقِلَةُ الْمُسْتَعِيرِ دِيَةَ الْإِنْسَانِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِإِرْسَالِهِ الثَّوْرَ الْمَذْكُورَ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ يَنْبَغِي رَبْطُهُ وَكَفُّ شَرِّهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ وَلَمْ تَفِ بِهَا فَبَاقِيهَا عَلَيْهِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ لَهُ نَحْلٌ ثُمَّ إنَّهُ حَطَّهُ فِي دَارِ شَخْصٍ آخَرَ عَلَى الْعَادَةِ، وَالْحَالُ أَنَّ النَّحْلَ الْمَذْكُورَ لَهُ عَادَةٌ يَأْكُلُ

كتاب السير

الْمَارِّينَ عَلَى الطَّرِيقِ بِجَانِبِ الدَّارِ الَّتِي فِيهَا النَّحْلُ، وَالْحَالُ أَنَّ صَاحِبَ النَّحْلِ لَمْ يُعْلِمْ صَاحِبَ الدَّارِ، وَقَدْ تَعَدَّى النَّحْلُ عَلَى فَرَسِ صَاحِبِ الدَّارِ وَلِشَخْصٍ آخَرَ فِيهَا حِصَّةٌ فَهَلْ تَلْزَمُ صَاحِبَ النَّحْلِ لِتَعَدِّي النَّحْلِ عَلَى الْفَرَسِ وَعَادَتُهُ يَأْكُلُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ أَمْ تَلْزَمُ صَاحِبَ الدَّارِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُ صَاحِبَ النَّحْلِ قِيمَةُ الْفَرَسِ الْمَذْكُورَةِ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ إعْلَامِ صَاحِبِ الدَّارِ بِأَكْلِهِ الْمَذْكُورِ لِيَحْفَظَ حَيَوَانَاتِهِ مِنْهُ وَعَدَمِ كَفِّ شَرِّهِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ. [كِتَابُ السِّيَرِ] (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَلْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ الْغَزْوُ فِي كُلِّ عَامٍ مَعَ إشْحَانِ الثُّغُورِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا أَمْ أَحَدُهُمَا كَمَا فِي الرَّوْضِ وَهَلْ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ تَنَافٍ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْصُلُ فَرْضُ كِفَايَةِ الْجِهَادِ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ كَمَا أَفَادَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَيَسْقُطُ هَذَا الْفَرْضُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا أَنْ يَشْحَنَ الْإِمَامُ الثُّغُورَ بِالرِّجَالِ الْمُكَافِئِينَ لِلْعَدُوِّ فِي الْقِتَالِ وَيُوَلِّيَ عَلَى كُلِّ نَفَرٍ أَمِينًا كَافِيًا يُقَلِّدُهُ أَمْرَ الْجِهَادِ وَأُمُورَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِمَّا أَنْ يَدْخُلَ عَلَى دَارِ

تترس الكفار بأطفالهم ونسائهم في القتال

الْكُفْرِ غَازِيًا بِنَفْسِهِ بِالْجُيُوشِ أَوْ يُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ مَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ، وَأَقَلُّهُ مَرَّةٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَتَبِعَهُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ فِي شَرْحِهِ. وَعِبَارَةُ الْمُنْتَقَى وَالْكِفَايَةِ إمَّا بِإِشْحَانِ الْإِمَامِ الثُّغُورَ بِكِفَايَةِ مَنْ بِإِزَائِهِمْ، وَإِمَّا بِدُخُولِهِ دَارَهُمْ غَازِيًا أَوْ بَعْثِهِ صَالِحًا لَهُ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ إذْ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَتَحْصُلُ بِشَيْئَيْنِ حُصُولُهَا بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ وَتَحْصُلُ الْكِفَايَةُ بِإِشْحَانِ ثُغُورٍ بِمُكَافِئِينَ، وَإِحْكَامِ حُصُونٍ وَخَنَادِقَ وَتَقْلِيدِ أُمَرَاءَ، وَبِأَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ دَارَهُمْ بِجُيُوشِهِ، وَأَقَلُّهُ مَرَّةٌ فِي السَّنَةِ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا بَعَثَ الْإِمَامُ سَرِيَّةً، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَمِيرًا هَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِي الْأَحْكَامِ الدِّينِيَّةِ؟ وَجْهَانِ مَا الْأَصَحُّ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَصَحَّهُمَا عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ سُنَّةٌ. (سُئِلَ) هَلْ يُبَاحُ التَّبَسُّطُ بِالْحَلْوَى لِلْغَانِمِينَ كَالْفَاكِهَةِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُهَذِّبِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ تَبَسُّطُهُمْ بِهَا كَالسُّكَّرِ وَالْفَانِيدِ فَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُهَذِّبِ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ. [تترس الْكُفَّارِ بِأَطْفَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ فِي القتال] (سُئِلَ) عَمَّا إذَا تَتَرَّسَ الْكُفَّارُ بِأَطْفَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ

فِي الْقِتَالِ وَلَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى رَمْيِهِمْ هَلْ يَجُوزُ لَنَا رَمْيُهُمْ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَمْ لَا كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ؟ .؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ جَوَازُ رَمْيِهِمْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا كَمَا يَجُوزُ نَصْبُ الْمَنْجَنِيقِ عَلَى الْقَلْعَةِ، وَإِنْ كَانَ يُصِيبُهُمْ لِئَلَّا يَتَّخِذُوا ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى تَعْطِيلِ الْجِهَادِ أَوْ حِيلَةً إلَى اسْتِبْقَاءِ الْقِلَاعِ لَهُمْ، وَفِي ذَلِكَ فَسَادٌ عَظِيمٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ سَمِعَ سَلَامَ شَخْصٍ وَلَمْ يَقْصِدْهُ الْمُسَلِّمُ هَلْ يَجِبُ عَلَى السَّامِعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الرَّدُّ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى سَامِعِ السَّلَامِ الْمَذْكُورِ رَدُّ جَوَابِهِ. (سُئِلَ) هَلْ يَجِبُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ فَكُّ الْأَسْرَى أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ ذَلِكَ. (سُئِلَ) عَنْ الْقَارِئِ إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ شَخْصٌ وَكَانَ مُسْتَغْرِقًا، وَقُلْتُمْ بِكَرَاهَةِ ابْتِدَاءِ السَّلَامِ عَلَيْهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْقَارِئِ الْمُسْتَغْرِقِ رَدُّ السَّلَامِ لِكَرَاهَتِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ يَتَكَدَّرُ بِهِ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ مَشَقَّةِ الْأَكْلِ. (سُئِلَ) عَنْ شَابَّةٍ بَيْنَ رِجَالٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ فَرَدَّتْ هَلْ يَكْفِي أَمْ لَا، وَهَلْ رَدُّهَا حَرَامٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِي رَدُّهَا

قيام المسلمين بعضهم لبعض

فِيمَا ذَكَرَ حَيْثُ كَانَتْ عَجُوزًا أَوْ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُسَلِّمِ زَوْجِيَّةٌ أَوْ مَحْرَمِيَّةٌ أَوْ مِلْكٌ أَوْ أَمِنَتْ الْفِتْنَةَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ الْأَمَانُ، وَهِيَ مِنْ أَهْلِهِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ؛ وَلِأَنَّ السَّلَامَ بَيْنَهُمَا مَشْرُوعٌ حِينَئِذٍ وَيَجِبُ رَدُّهُ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ رَدَّهَا لَيْسَ بِحَرَامٍ بَلْ حَصَلَ بِهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَتُثَابُ عَلَيْهِ. [قِيَام الْمُسْلِمِينَ بَعْضهمْ لِبَعْض] (سُئِلَ) هَلْ يُسَنُّ لِلنَّاسِ الْقِيَامُ لِبَعْضِهِمْ بَعْضًا أَوْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يُسْتَحَبُّ الْقِيَامُ لِمُسْلِمٍ فِيهِ فَضِيلَةٌ مِنْ عِلْمٍ أَوْ صَلَاحٍ أَوْ شَرَفٍ أَوْ وِلَادَةٍ أَوْ وِلَايَةٍ مَصْحُوبَةٍ بِصِيَانَةٍ، وَيَكُونُ الْقِيَامُ لِلْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ وَالِاحْتِرَامِ لَا لِلرِّيَاءِ وَالْإِعْظَامِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُسْتَحَبُّ الْقِيَامُ لَهُ وَهُوَ جَائِزٌ. (سُئِلَ) مَا يَفْعَلُهُ الْأَخَوَانِ إذَا الْتَقَيَا بَعْدَ غَيْبَةٍ وَهَلْ لِلشَّخْصِ أَنْ يَنْحَنِيَ لِشَخْصٍ آخَرَ أَوْ لَا وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ لَثْمُهُ أَوْ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمُصَافَحَةِ بِالْيَدَيْنِ، وَإِذَا قَامَ الشَّخْصُ مِنْ مَجْلِسِهِ هَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى الْحَاضِرِينَ فِيهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ السُّنَّةَ الْمُصَافَحَةُ وَالسَّلَامُ، وَأَمَّا انْحِنَاءُ الْبَعْضِ لِلْبَعْضِ عِنْدَ ذَلِكَ فَجَائِزٌ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَيُسَنُّ لِلشَّخْصِ تَقْبِيلُ

وَجْهَ صَاحِبِهِ، وَمُعَانَقَتُهُ إذَا قَدِمَ مِنْ السَّفَرِ وَنَحْوِهِ وَيُكْرَهَانِ لِغَيْرِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الشَّخْصُ إذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسٍ، وَأَرَادَ مُفَارَقَةَ مَنْ فِيهِ فَالسُّنَّةُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ، وَإِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ الرَّدُّ. (سُئِلَ) عَنْ إمَامِ جَمَاعَةٍ سَلَّمَ عَلَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ مِنْ مَلَائِكَةٍ وَجِنٍّ وَإِنْسٍ وَهُنَاكَ شَخْصٌ لَيْسَ بِمُصَلٍّ فَظَنَّ أَنَّ الْإِمَامَ سَلَّمَ وَقَصَدَهُ بِالسَّلَامِ لِعِلْمِهِ بِفِقْهِ الْإِمَامِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ رَدُّ السَّلَامِ وَهَلْ ثَمَّ فَرْقٌ بَيْنَ السَّلَامِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَبَيْنَهُ فِي غَيْرِهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الشَّخْصِ رَدُّ السَّلَامِ الْمَذْكُورِ، وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ كَمَا أَطْلَقَ الْأَئِمَّةُ اسْتِحْبَابَ رَدِّ هَذَا السَّلَامِ الْمَذْكُورِ، وَإِنَّمَا أَوْجَبُوا رَدَّ السَّلَامِ الْوَاقِعِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ بِشُرُوطٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ السَّلَامَ فِي مَسْأَلَتِنَا إنَّمَا شُرِعَ لِلتَّحَلُّلِ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَا كَذَلِكَ السَّلَامُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ، وَإِنَّمَا حَنِثَ بِهِ الْحَالِفُ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ أَوْ السَّلَامِ لِصِدْقِ الِاسْمِ عَلَيْهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ يَجِبُ بِهَذَا الرَّدُّ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِوُجُوبِهِ فَهَلْ قَوْلُهُمْ وَصِيغَةُ السَّلَامِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَوْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ أَوْ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ

إرسال السلام للغائب

حَصْرٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِالصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ سُنَّةُ ابْتِدَاءِ السَّلَامِ وَيَجِبُ الرَّدُّ فِيهَا وَعِبَارَةُ الْأَصْحَابِ الْمَذْكُورَةُ، وَإِنْ أَفْهَمَتْ الْحَصْرَ فَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الصِّيغَةِ مَفْهُومٌ مِنْ عِبَارَتِهِمْ بِالْأَوْلَى بَلْ لَوْ قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ حَصَلَ بِهِ سُنَّةُ ابْتِدَاءِ السَّلَامِ وَوَجَبَ الرَّدُّ فَقَدْ حَكَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ خِلَافًا فِي التَّحَلُّلِ مِنْ الصَّلَاةِ بِهَا وَعَلَّلَ الْإِجْزَاءَ بِأَنَّ تَرْكَ التَّنْوِينِ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى. [إرْسَال السَّلَام لِلْغَائِبِ] (سُئِلَ) عَنْ إرْسَالِ السَّلَامِ لِلْغَائِبِ هَلْ يَكْفِي فِيهِ سَلِّمْ لِي عَلَى فُلَانٍ، وَالرَّسُولُ وَكِيلٌ فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ فُلَانٍ أَوْ فُلَانٌ يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ صِيغَةِ السَّلَامِ وَهَلْ الْكِتَابَةُ كِنَايَةٌ بِالسَّلَامِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّلَفُّظِ أَمْ تَكْفِي وَيَجِبُ بِهَا الرَّدُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ صِيغَةِ السَّلَامِ وَلَوْ مِنْ الْوَكِيلِ لَفْظًا أَوْ كِتَابَةً وَيَجِبُ الرَّدُّ فِي الْأُولَى بِاللَّفْظِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِهِ أَوْ بِالْكِتَابَةِ. (سُئِلَ) هَلْ يَكْفِي سَلِّمْ عَلَى فُلَانٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَمْ لَا كَمَا أَفْتَيْتُمْ بِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِي سَلِّمْ لِي عَلَى فُلَانٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُرْسِلَ جَعَلَ الرَّسُولَ نَائِبًا عَنْهُ فِي إتْيَانِهِ بِصِيغَةِ السَّلَامِ

رد السلام على الفاسق

فَيَقُولُ مَثَلًا السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ فُلَانٍ؛ لِقَوْلِهِمْ وَصِيغَةُ ابْتِدَاءِ السَّلَامِ كَذَا وَكَذَا وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْهَا مَسْأَلَةَ الْغَائِبِ وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا أَفْتَيْتُ بِهِ أَوَّلًا لَا يُخَالِفُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنَّ عِبَارَتِي فِيهِ لَا بُدَّ مِنْ صِيغَةِ السَّلَامِ لَفْظًا أَوْ كِتَابَةً وَلَوْ مِنْ الْوَكِيلِ. [رد السَّلَام عَلَى الْفَاسِق] (سُئِلَ) هَلْ يَجِبُ رَدُّ السَّلَامِ عَلَى الْفَاسِقِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ رَدُّهُ إذَا كَانَ تَرْكُهُ زَجْرًا لَهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ ابْتِدَاؤُهُ. [السَّلَام عَلَى الْمُلَبِّي] (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْمُلَبِّي؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ قَطْعُ التَّلْبِيَةِ فَإِنْ سُلِّمَ عَلَيْهِ رَدَّ السَّلَامَ لَفْظًا نَصَّ عَلَيْهِ هَلْ رَدُّهُ وَاجِبٌ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ أَوْ مَنْدُوبٌ؟ . (فَأَجَابَ) بِأَنَّ رَدَّهُ سُنَّةٌ لَا وَاجِبٌ إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ مَنْ سَلَّمَ فِي حَالَةٍ لَا يُسْتَحَبُّ فِيهَا السَّلَامُ لَا يَسْتَحِقُّ جَوَابًا فَيُتَمَسَّكُ بِعُمُومِهَا إلَى أَنْ يُوجَدَ مِنْهُمْ تَصْرِيحٌ بِخِلَافِهَا. (سُئِلَ) عَنْ أَرْضِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ هَلْ هِيَ مَوْقُوفَةٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ سَوَادَ الْعِرَاقِ مَوْقُوفٌ، وَأَمَّا مِصْرُ وَالشَّامُ فَلَمْ يَثْبُتْ وَقْفُهُمَا. [سلام الرَّجُل عَلَى الْمَرْأَة الْأَجْنَبِيَّة] (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَبْتَدِئَ الْمَرْأَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ بِالسَّلَامِ فَفِي الرَّوْضَةِ ذَكَرَ الْكَرَاهَةَ

وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَلَوْ سَلَّمَ رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ أَوْ عَكْسُهُ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ أَوْ مَحْرَمِيَّةٌ جَازَ وَوَجَبَ الرَّدُّ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ إلَّا أَنْ تَكُونَ عَجُوزًا خَارِجَةً عَنْ مَظِنَّةِ الْفِتْنَةِ اهـ. وَفَهِمَ صَاحِبُ الرَّوْضِ مِنْ ذَلِكَ الْجَوَازَ، وَعِبَارَةُ الْأَذْكَارِ فَإِنْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً فَإِنْ كَانَتْ جَمِيلَةً يُخَافُ الِافْتِتَانُ بِهَا لَمْ يُسَلِّمْ الرَّجُلُ عَلَيْهَا وَلَوْ سَلَّمَ عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ لَهَا رَدُّ الْجَوَابِ وَلَمْ تُسَلِّمْ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً فَإِنْ سَلَّمَتْ لَمْ تَسْتَحِقَّ جَوَابًا فَإِنْ أَجَابَهَا كُرِهَ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ عَجُوزًا لَا يُفْتَتَنُ بِهَا جَازَ أَنْ تُسَلِّمَ عَلَى الرَّجُلِ وَعَلَى الرَّجُلِ رَدُّ السَّلَامِ عَلَيْهَا. قُلْت: وَإِنْ كَانَتْ النِّسَاءُ جَمِيعًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ الرَّجُلُ أَوْ كَانَ الرِّجَالُ جَمِيعًا فَسَلَّمُوا عَلَى الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ جَازَ إذَا لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِنَّ وَلَا عَلَيْهَا وَلَا عَلَيْهِمْ فِتْنَةٌ اهـ. فَقَوْلُهُ فِيهِ: فَإِنْ كَانَتْ جَمِيلَةً فَضِدُّ الْجَمَالِ عَدَمُهُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ عَجُوزًا فَلَوْ لَمْ تَكُنْ عَجُوزًا أَوْ كَانَتْ غَيْرَ جَمِيلَةٍ لَا يُخَافُ مِنْهَا الِافْتِتَانُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَبْتَدِئَ الْمَرْأَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ بِالسَّلَامِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَقَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي أَذْكَارِهِ فَإِنْ كَانَتْ جَمِيلَةً

مصافحة الكافر

يُخَافُ مِنْهَا الِافْتِتَانُ ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ عَجُوزًا لَا يُفْتَتَنُ بِهَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَالضَّابِطُ خَوْفُ الْأَجْنَبِيِّ الِافْتِتَانَ بِتِلْكَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَعَدَمُهُ. [مُصَافَحَة الْكَافِر] (سُئِلَ) عَنْ مُصَافَحَةِ الْكَافِرِ هَلْ تَجُوزُ أَوْ لَا وَهَلْ تُسْتَحَبُّ مُصَافَحَةُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ عَلَى قُرْبٍ سَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مُصَافَحَةَ الْكَافِرِ جَائِزَةٌ وَلَا تُسَنُّ وَتُسَنُّ مُصَافَحَةُ الْمُسْلِمِ عِنْدَ كُلِّ لِقَاءٍ وَلَوْ عَلَى قُرْبٍ، وَسُنِّيَّتُهَا شَامِلَةٌ لِمُصَافَحَةِ الرَّجُلَيْنِ وَمُصَافَحَةِ الْمَرْأَتَيْنِ وَمُصَافَحَةِ الرَّجُلِ الْأُنْثَى إذَا كَانَتْ مَحْرَمًا لَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ أَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى، وَشَامِلَةٌ لِمُصَافَحَةِ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّ صَغِيرًا لَا يُشْتَهَى. [بَابُ الْأَمَانِ] (بَابُ الْأَمَانِ) (سُئِلَ) عَنْ الْمُسْلِمِينَ السَّاكِنِينَ فِي وَطَنٍ مِنْ الْأَوْطَانِ الْأَنْدَلُسِيَّةِ يُسَمَّى أرغون وَهُمْ تَحْتَ ذِمَّةِ السُّلْطَانِ النَّصْرَانِيِّ يَأْخُذُ مِنْهُمْ خَرَاجَ الْأَرْضِ بِقَدْرِ مَا يُصِيبُونَهُ فِيهَا وَلَمْ يَتَعَدَّ عَلَيْهِمْ بِظُلْمٍ غَيْرِ ذَلِكَ لَا فِي الْأَمْوَالِ وَلَا فِي الْأَنْفُسِ وَلَهُمْ جَوَامِعُ يُصَلُّونَ فِيهَا وَيَصُومُونَ رَمَضَانَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَيَفُكُّونَ

الْأُسَارَى مِنْ أَيْدِي النَّصَارَى إذَا حَلُّوا بِأَيْدِيهِمْ وَيُقِيمُونَ حُدُودَ الْإِسْلَامِ جَهْرًا كَمَا يَنْبَغِي وَيُظْهِرُونَ قَوَاعِدَ الشَّرِيعَةِ عِيَانًا كَمَا يَجِبُ وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ النَّصْرَانِيُّ فِي شَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِهِمْ الدِّينِيَّةِ وَيَدْعُونَ فِي خُطَبِهِمْ لِسَلَاطِينِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ شَخْصٍ وَيَطْلُبُونَ مِنْ اللَّهِ نَصْرَهُمْ وَهَلَاكَ أَعْدَائِهِمْ الْكُفَّارِ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يَخَافُونَ أَنْ يَكُونُوا عَاصِينَ بِإِقَامَتِهِمْ بِبِلَادِ الْكُفْرِ فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْهِجْرَةُ. وَهُمْ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ إظْهَارِ الدِّينِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى أَمَانٍ أَنْ يُكَلِّفُوهُمْ الِارْتِدَادَ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ عَلَى إجْرَاءِ أَحْكَامِهِمْ عَلَيْهِمْ أَوْ لَا تَجِبُ نَظَرًا إلَى مَا هُمْ فِيهِ مِنْ الْحَالِ الْمَذْكُورِ، ثُمَّ إنْ رَجُلًا مِنْ الْوَطَنِ الْمَذْكُورِ جَاءَ إلَى أَدَاءِ فَرِيضَةِ الْحَجِّ مِنْ غَيْرِ إذْنِ أَبَوَيْهِ مَخَافَةَ أَنْ يَمْنَعَاهُ مِنْهُ فَأَدَّاهَا فَهَلْ حَجُّهُ صَحِيحٌ أَوْ لَا لِإِيقَاعِهِ بِغَيْرِ إذْنِ أَبَوَيْهِ وَهَلْ يَجُوزُ رُجُوعُهُ إلَى أَبَوَيْهِ فِي الْوَطَنِ الْمَذْكُورِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَجِبُ الْهِجْرَةُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ وَطَنِهِمْ لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى إظْهَارِ دِينِهِمْ بِهِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ

عُثْمَانَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ إلَى مَكَّةَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ بِهَا بَلْ لَا تَجُوزُ لَهُمْ الْهِجْرَةُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يُرْجَى بِإِقَامَتِهِمْ بِهِ إسْلَامُ غَيْرِهِمْ وَلِأَنَّهُ دَارُ إسْلَامٍ فَلَوْ هَاجَرُوا مِنْهُ صَارَ دَارَ حَرْبٍ وَفِيمَا ذَكَرَ فِي السُّؤَالِ مِنْ إظْهَارِهِمْ أَحْكَامَ الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ وَعَدَمِ تَعَرُّضِ الْكُفَّارِ لَهُمْ بِسَبَبِهَا عَلَى تَطَاوُلِ السِّنِينَ الْكَثِيرَةِ مَا يُفِيدُ الظَّنَّ الْغَالِبَ بِأَنَّهُمْ آمِنُونَ مِنْهُمْ مِنْ إكْرَاهِهِمْ عَلَى الِارْتِدَادِ عَنْ الْإِسْلَامِ أَوْ عَلَى إجْرَاءِ أَحْكَامِ الْكُفْرِ عَلَيْهِمْ {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220] . وَأَمَّا خُرُوجُ الرَّجُلِ لِحَجِّ الْفَرْضِ بِغَيْرِ إذْنِ أَبَوَيْهِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِيهِ إذْ لَيْسَ لِأَبَوَيْهِ مَنْعُهُ مِنْ الْحَجِّ الْفَرْضِ لَا ابْتِدَاءً وَلَا إتْمَامًا كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَيَجُوزُ لَهُ بَعْدَ أَدَاءِ نُسُكِهِ رُجُوعُهُ إلَى أَبَوَيْهِ بِالْوَطَنِ الْمَذْكُورِ، وَحَجُّهُ صَحِيحٌ مُعْتَدٌّ بِهِ فِي إسْقَاطِ الْفَرْضِ (سُئِلَ) هَلْ تَدْخُلُ زَوْجَةُ الْحَرْبِيِّ فِي الْأَمَانِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِيهِ إلَّا إذَا صُرِّحَ بِذِكْرِهَا، وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَوْجَهُ دُخُولُهَا، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهَا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الرَّوْضِ فَلَوْ قَالَ الْأَسِيرُ لِلْكَافِرِ أَطْلِقْنِي بِكَذَا أَوْ قَالَ لَهُ الْكَافِرُ افْدِ

كتاب الجزية

نَفْسَك بِكَذَا فَقِيلَ لَزِمَهُ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ، وَمَا أَجَابَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ مُعْتَمَدٌ أَيْضًا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضِ كَأَصْلِهِ مُعْتَمَدٌ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ الْتَزَمَ لَهُمْ مَالًا لِيُطْلِقُوهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْوَفَاءُ بِهِ وَمِنْ أَنَّهُمْ لَوْ قَالُوا خُذْ هَذَا وَابْعَثْ لَنَا كَذَا مِنْ الْمَالِ فَقَالَ نَعَمْ فَكَأَنَّهُ مُكْرَهٌ فَلَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ، وَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ مَا هُنَا كَذَلِكَ. وَأَجَابَ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِهِ بِأَنَّ مَا مَرَّ فِي الْأُولَى صُورَتُهُ أَنْ يُعَاقِدَهُ عَلَى أَنْ يُطْلِقَهُ لِيَعُودَ إلَيْهِ أَوْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَالًا كَمَا أَفْصَحَ عَنْهُ الدَّارِمِيُّ وَهُنَا عَاقَدَهُ عَلَى رَدِّ الْمَالِ عَيْنًا، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَا عَقْدَ فِيهَا فِي الْحَقِيقَةِ اهـ. وَأَقُولُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُعَاقَدَةَ الْمَذْكُورَةَ تَقْتَضِي عِوَضًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَلَوْ صَحَّتْ لَمَلَكَ الْأَسِيرُ نَفْسَهُ بِهَا فِي مُقَابَلَةِ مَا الْتَزَمَ بِهِ مِنْ الْمَالِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَأَنَّ الْفِدَاءَ إنَّمَا يَقْتَضِي حُصُولَ غَرَضٍ لِمُلْتَزِمِهِ لَا حُصُولَ مِلْكٍ لَهُ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ طَلِّقْ زَوْجَتَك بِكَذَا أَوْ أَعْتِقْ مُسْتَوْلَدَتَك بِكَذَا فَفَعَلَ صَحَّ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَلَزِمَهُ الْعِوَضُ. [كِتَابُ الْجِزْيَةِ]

سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَلْ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ تَعْجِيلِ الْجِزْيَةِ وَجْهَانِ أَيُّهُمَا أَصَحُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَصَحَّهُمَا عَدَمُ الْجَوَازِ. (سُئِلَ) هَلْ يُمْنَعُ الذِّمِّيُّ مِنْ تَعْلِيَةِ بِنَائِهِ عَلَى بِنَاءِ جَارِهِ الْمُسْلِمِ مُطْلَقًا أَوْ يُشْتَرَطُ شَرْطُهُ فِي الْعَقْدِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهَلْ الْمَسْجِدُ كَالْجَارِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُمْنَعُ الذِّمِّيُّ مِنْ تَعْلِيَةِ بِنَائِهِ عَلَى بِنَاءِ جَارِهِ الْمُسْلِمِ وَمِنْ مُسَاوَاتِهِ لَهُ سَوَاءٌ أَشَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ حَالَ الْعَقْدِ أَمْ لَا كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمَحَامِلِيُّ فِي التَّجْرِبَةِ قَالَ وَهَذَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُ الْعَقْدِ وَلَوْ شُرِطَ كَانَ تَأْكِيدًا. اهـ. فَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ضَعِيفٌ وَالْمَسْجِدُ كَالْجَارِ الْمُسْلِمِ بِلَا شَكٍّ. (سُئِلَ) هَلْ الْمُرَادُ بِالْجَارِ الْمُلَاصِقُ لِمَنْزِلِ الذِّمِّيِّ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ الْمُرَادُ بِالْجَارِ أَهْلُ مَحَلَّتِهِ دُونَ جَمِيعِ الْبَلَدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ. (سُئِلَ) عَنْ كَنِيسَةٍ انْهَدَمَ بَعْضُهَا فَهَلْ لَهُمْ إعَادَتُهُ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ بِإِعَادَتِهِ فَهَلْ يُبْنَى بِمَا انْهَدَمَ مِنْهَا أَوْ بِآلَةٍ جَدِيدَةٍ، وَإِذَا لَمْ يَكْفِهَا مَا انْهَدَمَ مِنْهَا فَهَلْ تُعَادُ بِآلَةٍ جَدِيدَةٍ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ تَرْمِيمِ مَا انْهَدَمَ مِنْهَا إذَا كَانُوا يُقَرُّونَ عَلَيْهَا

وَمَتَى أَمْكَنَ تَرْمِيمُهُ بِمَا انْهَدَمَ مِنْهَا لَمْ يُعَدْ بِآلَةٍ جَدِيدَةٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ إلَّا بِآلَةٍ جَدِيدَةٍ لَمْ يُمْنَعُوا مِنْهُ لِتَعَيُّنِهِ طَرِيقًا فِيهِ. (سُئِلَ) عَمَّا ذَكَرَهُ الْجُوَيْنِيُّ مِنْ أَنَّ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ رُكُوبَ الْبَرَاذِينِ الْخَسِيسَةِ، وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَالْحِجَازِيُّ، وَإِطْلَاقُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ يُخَالِفُهُ مَا الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا ذَكَرَهُ الْجُوَيْنِيُّ كَالْبِغَالِ النَّفِيسَةِ بَلْ هِيَ أَوْلَى مِنْهَا لِمَا لَا يَخْفَى. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ الْمُقَامِ فِي الْمَرْكَبِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَالْبِرِّ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ إذَا أَذِنَ الْإِمَامُ، وَأَقَامَ بِمَوْضِعٍ وَاحِدٍ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ هُوَ الْمُرَادُ (سُئِلَ) عَمَّا إذَا أَعْلَى الذِّمِّيُّ بِنَاءَهُ عَلَى بِنَاءِ جَارِهِ الْمُسْلِمِ ثُمَّ بَاعَهُ لِمُسْلِمٍ أَوْ أَسْلَمَ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ هَدْمِهِ كَمَا نُقِلَ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَالْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ وُضِعَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَهُوَ مُسْتَحِقُّ الْهَدْمِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا حَدَثَ لَيْسَ بِمَانِعٍ مِنْ هَدْمِ الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ مِنْ حَاكِمٍ بِنَقْضِهِ قَبْلَ شِرَاءِ الْمُسْلِمِ، وَإِلَّا فَلَا يُنْقَضُ لِانْتِفَاءِ دَلِيلِ النَّقْضِ حِينَئِذٍ، وَالْفَرْقُ

أَنَّهُ كَمَا لَوْ لَمْ يُهْدَمْ حَتَّى رَفَعَ الْمُسْلِمُ بِنَاءَهُ عَلَيْهِ. (سُئِلَ) عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَحْدَثُوا مَكَانًا يَجْتَمِعُونَ فِيهِ لِصَلَاتِهِمْ هَلْ يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ بِمَنْعِهِمْ مِنْهُ فَإِذَا صَلَّى سُكَّانُ الْبُيُوتِ فِيهَا هَلْ يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا كَمَا لَا يُمْنَعُونَ مِنْ صَلَاتِهِمْ فِي كَنَائِسِهِمْ أَوْ بِيَعِهِمْ الَّتِي كَانُوا يُقَرُّونَ عَلَيْهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ إحْدَاثِهِمْ مَكَانًا لِاجْتِمَاعِهِمْ فِيهِ لِصَلَاتِهِمْ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا صَالَحَ نَصَارَى الشَّامِ كَتَبَ إلَيْهِمْ أَنْ لَا يَبْنُوا فِي بِلَادِهِمْ وَلَا فِيمَا حَوْلَهَا دَيْرًا وَلَا كَنِيسَةً وَلَا صَوْمَعَةَ رَاهِبٍ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ أَيُّمَا مِصْرٍ مَصَّرَتْهُ الْعَرَبُ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ يَبْنِيَ فِيهِ بِيعَةً وَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَحَقٌّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَفُوا لَهُمْ بِهِ اهـ. وَلِأَنَّ ذَلِكَ مَعْصِيَةٌ فَلَا يَجُوزُ إحْدَاثُهُ فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُمْ إنْ كَانُوا يَهُودًا فَهُوَ فِي مَعْنَى الْكَنِيسَةِ أَوْ نَصَارَى فَهُوَ فِي مَعْنَى الْبَيْعَةِ وَهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنْ إحْدَاثِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْأُمِّ وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَالِحَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى أَنْ يُنْزِلَهُ

مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مَنْزِلًا يُظْهِرُ فِيهِ جَمَاعَةً وَلَا كَنِيسَةً وَلَا نَاقُوسًا إنَّمَا يُصَالِحُهُمْ عَلَى ذَلِكَ فِي بَلَدِهِمْ الَّتِي وُجِدُوا فِيهَا فَفَتَحَهَا عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَدَعَهُمْ أَنْ يَنْزِلُوا لَا يُظْهِرُونَ هَذَا فِيهِ فَيُصَلُّونَ فِي مَنَازِلِهِمْ بِلَا جَمَاعَاتٍ تَرْفَعُ أَصْوَاتَهُمْ وَلَا نَوَاقِيسَ، وَلَا يَكُفُّهُمْ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ظَاهِرٌ اهـ. وَذَكَرَ نَحْوَهُ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَكَذَا يُمْنَعُونَ مِنْ إحْدَاثِ بَيْتِ نَارِ الْمَجُوسِ وَالصَّوَامِعِ وَمُجْتَمَعِ صَلَوَاتِهِمْ فَلَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ هُدِمَ اهـ. وَقَالَ الْقَمُولِيُّ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْبِيَعِ وَبَيْتِ نَارِ الْمَجُوسِ وَالصَّوَامِعِ وَمُجْتَمَعِ صَلَوَاتِهِمْ فَلَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ عَلَى غَفْلَةٍ مِنَّا نُقِضَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي قُوتِهِ وغنيته وَنَمْنَعُهُمْ أَيْ وُجُوبًا مِنْ إحْدَاثِ كَنِيسَةٍ أَيْ أَوْ نَحْوِهَا كَبِيعَةٍ وَدَيْرٍ وَصَوْمَعَةٍ وَبَيْتِ نَارِ مَجُوسٍ وَمُجْتَمَعِ صَلَاتِهِمْ اهـ. ثُمَّ قَالَ وَيَجِبُ أَنْ لَا يُظْهِرُوا تِلَاوَةَ مَا نُسِخَ مِنْ كُتُبِهِمْ وَلَا يُظْهِرُوا مَا نُسِخَ مِنْ صَلَاتِهِمْ، وَأَصْوَاتِ نَوَاقِيسِهِمْ اهـ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْبِيَعِ وَبَيْتِ نَارِ الْمَجُوسِ وَالصَّوَامِعِ وَمُجْتَمَعِ صَلَاتِهِمْ اهـ. وَقَالَ الْغَزِّيُّ: وَمَنْعُهُمْ وُجُوبًا إحْدَاثَ كَنِيسَةٍ

أَيْ لِلتَّعَبُّدِ وَبِيعَةٍ وَدَيْرٍ وَصَوْمَعَةٍ وَبَيْتِ نَارِ مَجُوسٍ وَمُجْتَمَعٍ لِصَلَاتِهِمْ. اهـ. وَلَا يَمْنَعُونَ سُكَّانَ الْبُيُوتِ مِنْ صَلَاتِهِمْ فِيهَا غَيْرَ مُظْهِرِينَ لَهَا وَلَا لِقِرَاءَتِهِمْ فِيهَا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ لَا عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ كَمَا لَا يُمْنَعُونَ مِنْ صَلَاتِهِمْ فِي كَنَائِسِهِمْ أَوْ بِيَعِهِمْ الَّتِي يُقَرُّونَ عَلَيْهَا لِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَيُصَلُّونَ فِي مَنَازِلِهِمْ بِلَا جَمَاعَاتٍ تَرْفَعُ أَصْوَاتَهُمْ وَلَا يَكُفُّهُمْ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ظَاهِرًا. اهـ. فَشَمَلَ صَلَاتَهُمْ فُرَادَى وَجَمَاعَةً إذَا لَمْ تُرْفَعْ أَصْوَاتُهُمْ أَيْ بِأَنْ لَمْ تَظْهَرْ لَنَا وَلِقَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَالِحَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى أَنْ يُنْزِلَهُ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مَنْزِلًا يُظْهِرُ فِيهِ جَمَاعَةً إذْ مَدْلُولُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَمْنَعُهُمْ مِنْ إظْهَارِ الْجَمَاعَةِ لَا مِنْ فِعْلِهَا بِلَا إظْهَارٍ وَلِقَوْلِهِ: وَلَا يَكُفُّهُمْ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ الْكَفُّ عَنْهُمْ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ظَاهِرًا لِاجْتِمَاعِهِمْ لِصَلَاتِهِمْ؛ وَلِأَنَّ هَذَا مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِمْ وَيَجِبُ أَنْ لَا يُظْهِرُوا تِلَاوَةَ مَا نُسِخَ مِنْ كُتُبِهِمْ وَلَا يُظْهِرُوا مَا نُسِخَ مِنْ صَلَوَاتِهِمْ، وَأَصْوَاتِ نَوَاقِيسِهِمْ وَمِنْ قَوْلِهِمْ وَيُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَنَاقُوسٍ وَعِيدٍ

القيام لأهل الذمة

لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ شَعَائِرِ الْكُفْرِ فَإِنَّ مَفْهُومَ التَّقْيِيدِ بِالْإِظْهَارِ أَنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ مِنْهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ جَمَاعَاتٌ مِنْهُمْ الْبَدْرُ الزَّرْكَشِيُّ. [الْقِيَام لأهل الذِّمَّة] (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ الْقِيَامُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ يُكْرَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ قَامَ لِمَوَدَّتِهِ لَهُ حُرِّمَ، وَإِلَّا كُرِهَ. (سُئِلَ) عَنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ هَلْ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ مُضَعَّفَةً حَيْثُ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةُ بِاسْمِ الزَّكَاةِ كَحَمَلَةِ الْأَمْوَالِ الَّتِي فِيهَا الزَّكَاةُ حَيْثُ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ تُضَعَّفُ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةُ إذْ هُوَ أَعَمُّ مِنْ زَكَاةِ الْمَالِ وَالْبَدَنِ أَمْ لَا تُضَعَّفُ، وَلَا تُؤْخَذُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ أَمْثِلَتِهِمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ زَكَاةُ الْفِطْرِ لَا مُضَعَّفَةً وَلَا غَيْرَ مُضَعَّفَةٍ إذْ لَوْ أُخِذَتْ مِنْهُمْ لَمَا صَحَّ إطْلَاقُ قَوْلِهِمْ أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْ مَالِ مَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ كَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَالنِّسَاءِ، وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ زَكَاةُ الْأَمْوَالِ، وَقَدْ بَيَّنُوهَا مُفَصَّلَةً. (سُئِلَ) هَلْ تُعْقَدُ الْجِزْيَةُ لِأَوْلَادِ مَنْ شَكَّ فِي أَصْلِ دُخُولِهِ فِي دِينِ الْيَهُودِيَّةِ أَوْ النَّصْرَانِيَّةِ قَبْلَ النَّسْخِ أَوْ بَعْدَهُ كَأَوْلَادِ مَنْ تَيَقَّنَ دُخُولَهُ فِي أَحَدِهِمَا وَشَكَّ فِي وَقْتِ دُخُولِهِ هَلْ كَانَ قَبْلَ

باب الهدنة

النَّسْخِ أَمْ بَعْدَهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُعْقَدُ الْجِزْيَةُ لِمَنْ ذُكِرَ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ تَجَاهَرَ الذِّمِّيُّ بِالْأَكْلِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ أَوْ بِشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ حَمْلِهِ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ مَنْعُهُ وَلَوْ أَدَّى إلَى تَلَفِ مَا تَجَاهَرَ بِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْإِنْكَارُ عَلَى الذِّمِّيِّ إذَا تَجَاهَرَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ حَمْلِهَا وَيَجُوزُ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ أَدَّى إلَى تَلَفِ مَا تَجَاهَرَ بِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ فِي الْأَكْلِ الْمَذْكُورِ، وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ لِأَجْلِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ. [بَابُ الْهُدْنَةِ] (بَابُ الْهُدْنَةِ) (سُئِلَ) عَنْ جَوَازِ عَقْدِ الْهُدْنَةِ لِلذُّرِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ فِيهِ وَجْهَانِ أَيُّهُمَا أَصَحُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَصَحَّهُمَا جَوَازُهُ كَذَلِكَ كَالْمَالِ. [بَابُ الذَّكَاةِ] (بَابُ الذَّكَاةِ) (سُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ رَجُلٍ وَقَعَ مِنْهُ جَمَلٌ أَوْ غَيْرُهُ فَخَافَ عَلَيْهِ أَنْ يَمُوتَ فَقَالَ لِرَجُلٍ يَا فُلَانُ انْحَرْهُ أَوْ اذْبَحْهُ ثُمَّ إنَّ الرَّجُلَ نَحَرَ الْجَمَلَ أَوْ ذَبَحَ الْبَقَرَةَ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ أَنَّ الْمَرِيءَ أَوْ بَعْضَهُ بَاقٍ فَهَلْ يَحِلُّ الْحَيَوَانُ بِهَذَا النَّحْرِ أَوْ الذَّبْحِ أَوْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ بِتَحْرِيمِهِ فَهَلْ يَضْمَنُهُ الْفَاعِلُ

ذبائح اليهود والنصارى

أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْحَيَوَانُ بِهَذَا النَّحْرِ أَوْ الذَّبْحِ وَيَضْمَنُهُ الْفَاعِلُ لِخَطَئِهِ فَهُوَ مَقْصُودٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ ذَبَحَ شَاةً بِسِكِّينٍ كَآلَّةٍ فَقَطَعَتْ بَعْضَ الْوَاجِبِ قَطْعُهُ ثُمَّ أَدْرَكَهُ ذَابِحٌ آخَرُ بِسِكِّينٍ أُخْرَى فَأَتَمَّ بِهَا الذَّبْحَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْأَوَّلُ يَدَهُ هَلْ تَحِلُّ كَمَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ الدِّيرِينِيِّ فِي كِتَابِهِ الدُّرَرِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ فِيهَا حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ قَبْلَ ذَبْحِ الثَّانِي أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَحِلُّ الذَّبِيحَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عِنْدَ شُرُوعِ الثَّانِي فِي الْقَطْعِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ. (سُئِلَ) هَلْ إذَا رُفِعَتْ يَدُ الذَّابِحِ قَبْلَ تَمَامِ الذَّبْحِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَاضْطِرَابِ الدَّابَّةِ أَوْ انْحِلَالِ وَثَائِقِهَا فَعَادَ فَوْرًا، وَأَتَمَّ الذَّبْحَ تَحِلُّ الذَّبِيحَةُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ تَحِلُّ. [ذبائح الْيَهُود وَالنَّصَارَى] (سُئِلَ) عَنْ ذَبَائِحِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي زَمَانِنَا هَلْ تَحِلُّ أَوْ لَا، وَهَلْ إذَا أَخْبَرَ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ هَلْ تَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَحِلُّ، لِعَدَمِ مَعْرِفَتِنَا شَرْطَ حِلِّهَا فَإِنْ ثَبَتَ كَوْنُ الذَّابِحِ إسْرَائِيلِيًّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ مِنَّا أَوْ إخْبَارِ عَدَدِ التَّوَاتُرِ مِنْهُمْ أَنَّ كَوْنَ أَوَّلِ آبَائِهِ دَخَلَ فِي دِينِهِ قَبْلَ نَسْخِهِ وَتَحْرِيفِهِ أَوْ بَيْنَهُمَا وَتَجَنَّبَ الْمُحَرَّفَ، حَلَّتْ. [الِاصْطِيَاد بِجَوَارِح السباع وَالطَّيْر] (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ

وَيَحِلُّ الِاصْطِيَادُ بِجَوَارِحِ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ كَكَلْبٍ وَفَهْدٍ وَبَازٍ وَشَاهِينِ بِشَرْطِ كَوْنِهَا مُعَلَّمَةً بِأَنْ تَنْزَجِرَ جَارِحَةُ السِّبَاعِ بِزَجْرِ صَاحِبِهَا وَتَسْتَرْسِلَ بِإِرْسَالِهِ وَتُمْسِكَ الصَّيْدَ وَلَا تَأْكُلَ مِنْهُ شَرْطَانِ أَوْ شَرْطٌ وَاحِدٌ وَيَكُونُ الشَّرْطُ الرَّابِعُ هُوَ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ بَعْدُ، وَيُشْتَرَطُ تَكَرُّرُ هَذِهِ الْأُمُورِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِأَنَّ مَسْكَ الصَّيْدِ شَرْطٌ وَعَدَمَ الْأَكْلِ مِنْهُ شَرْطٌ آخَرُ فَكَيْفَ يَأْتِي قَوْلُ الْمُصَحِّحِ إنَّ الْإِمَامَ اشْتَرَطَ أَمْرًا خَامِسًا وَهُوَ انْطِلَاقُهَا بِإِطْلَاقِ صَاحِبِهَا إنَّمَا يَكُونُ هَذَا عَلَى ذَلِكَ سَادِسًا لَا خَامِسًا، وَأَيًّا مَا كَانَ فَهَذَا نَقَلَهُ الْمُصَحِّحُ عَنْ الْإِمَامِ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ فَإِنَّ حَقِيقَةَ الْإِرْسَالِ الْإِذْهَابُ وَالِاسْتِرْسَالِ الرَّوَاحُ وَالذَّهَابُ، وَذَلِكَ بِعَيْنِهِ هُوَ حَقِيقَةُ الْإِطْلَاقِ وَالِانْطِلَاقِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُصَحِّحَ قَالَ فَلَوْ انْطَلَقَتْ بِنَفْسِهَا لَمْ تَكُنْ مُتَعَلِّمَةً قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ اسْتَرْسَلَ كَلْبٌ بِنَفْسِهِ فَقَتَلَ لَمْ يَحِلَّ فَاسْتَدَلَّ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى حُكْمِ مَسْأَلَةِ الِانْطِلَاقِ بِقَوْلِ الْمِنْهَاجِ اسْتَرْسَلَ كَلْبٌ بِنَفْسِهِ فَاقْتَضَى أَنَّ الِانْطِلَاقَ غَيْرُ الِاسْتِرْسَالِ فَالْمَسْأَلَةُ مُكَرَّرَةٌ

عَلَى ذَلِكَ وَالْقَصْدُ شِفَاءُ الْغَلِيلِ مِنْ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ وَيُمْسِكُ الْمَصِيدَ وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ أَفَادَ بِهِ شَرْطَيْنِ أَوَّلُهُمَا أَنَّهُ يُمْسِكُ الصَّيْدَ وَلَا يُخَلِّيهِ يَذْهَبُ بِهِ. وَثَانِيهِمَا أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: وَيُشْتَرَطُ تَكَرُّرُ هَذِهِ الْأُمُورِ بِحَيْثُ يَظُنُّ تَأَدُّبَ الْجَارِحَةِ فَبَيَّنَ بِهِ وَقْتَ اعْتِبَارِ هَذِهِ الْأُمُورِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ خَامِسٌ لَا سَادِسٌ، وَالشُّرُوطُ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمِنْهَاجِ شُرُوطٌ لِصَيْرُورَةِ الْجَارِحَةِ مُعَلَّمَةً وَيُشْتَرَطُ أَمْرٌ خَامِسٌ فِي حِلِّ مَا اصْطَادَتْهُ الْمُعَلَّمَةُ أَنْ لَا تَنْطَلِقَ بِنَفْسِهَا فَلَوْ انْطَلَقَتْ بِنَفْسِهَا فَقَتَلَتْ صَيْدًا لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ الصَّيْدُ فَالْخَامِسُ شَرْطٌ لِحِلِّهِ لَا لِتَعَلُّمِهَا، وَقَوْلُهُ لَمْ تَكُنْ مُعَلَّمَةً يَعْنِي لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ الصَّيْدُ لَا أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا مُعَلَّمَةً بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ اسْتَرْسَلَ كَلْبٌ بِنَفْسِهِ فَقَتَلَ لَمْ يَحِلَّ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ فِي هَذَا الْبَابِ: فَرْعٌ: إذَا رَمَى طَيْرَ الْمَاءِ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ فَأَصَابَهُ وَمَاتَ حَلَّ، وَالْمَاءُ لَهُ كَالْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْمَاءِ وَوَقَعَ فِيهِ بَعْدَ إصَابَةِ السَّهْمِ فَفِي حِلِّهِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا فِي الْحَاوِي، وَقَطَعَ فِي التَّهْذِيبِ بِالتَّحْرِيمِ، وَفِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ

بِالْحِلِّ. اهـ. هَلْ هَاتَانِ الصُّورَتَانِ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّامِي فِي الْبَرِّ أَوْ فِي الْبَحْرِ أَوْ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ بَعْدُ: فَلَوْ كَانَ الطَّائِرُ فِي هَوَاءِ الْبَحْرِ قَالَ فِي الْمُهَذَّبِ: إنْ كَانَ الرَّامِي فِي الْبَرِّ لَمْ يَحِلَّ، وَإِنْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ فِي الْبَحْرِ حَلَّ. اهـ. هَلْ هَذَا الْقَيْدُ لِمَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ الْعَقْلِيَّةَ تَقْتَضِي أَرْبَعَ صُوَرٍ أَنْ يَكُونَ الرَّامِي فِي الْبَحْرِ وَالطَّيْرُ فِيهِ أَوْ كِلَاهُمَا فِي الْبَرِّ أَوْ أَحَدُهُمَا وَهُوَ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ بَيِّنُوا ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ لَا فَرْقَ فِيهِمَا بَيْنَ كَوْنِ الرَّامِي فِي الْبَحْرِ أَوْ الْبَرِّ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْتَهُ الْحُكْمَ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ ذَبَحَ ذَبِيحَةً فَأَزَالَ رَأْسَهَا هَلْ تَحِلُّ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تَحِلُّ. (سُئِلَ) عَنْ بَقَرَةٍ خَرَجَ مِنْ فَرْجِهَا بَعْضُ الْجَنِينِ فَذَبَحَهُ شَخْصٌ هَلْ يَحِلُّ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحِلُّ الْجَنِينُ الْمَذْكُورُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَخْرَجَ السَّبُعُ حَشْوَةَ الشَّاةِ، وَأَبَانَهَا وَذُبِحَتْ وَفِيهَا حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ هَلْ يَحِلُّ أَكْلُهَا أَمْ لَا وَمَا الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَحِلُّ الشَّاةُ الْمَذْكُورَةُ وَالْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ فِي الْمَذْكُورَةِ تُعْرَفُ بِالْإِبْصَارِ وَالْحَرَكَةِ الِاخْتِيَارِيَّيْنِ.

باب الأضحية

[بَابُ الْأُضْحِيَّةِ] (بَابُ الْأُضْحِيَّةِ) (سُئِلَ) الْغَالِبُ فِي هَذَا الزَّمَانِ قَطْعُ أَلْيَةِ غَنَمِ الضَّأْنِ مِنْ طَرَفِهَا، وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَظُنُّ أَنَّ الْأَلْيَةَ تَكْبَرُ بِذَلِكَ فَهَلْ تُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ بِمَا هُوَ كَذَلِكَ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَقْطُوعُ يَنْسَحِبُ عَلَى الْأَرْضِ أَمْ لَا كَبِرَتْ بِهِ الْأَلْيَةُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ بِمَقْطُوعِ طَرَفِ الْأَلْيَةِ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ يَسِيرٌ عُرْفًا مِنْ عُضْوٍ كَبِيرٍ لَا سِيَّمَا وَهُمْ إنَّمَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ لِأَجْلِ كِبَرِ الْأَلْيَةِ فَهُوَ كَقَطْعِ الْبَيْضَتَيْنِ. (سُئِلَ) هَلْ تَتَأَدَّى سُنَّةُ التَّضْحِيَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ سَكَنُوا فِي بَيْتٍ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمْ قَرَابَةٌ بِتَضْحِيَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ تَتَأَدَّى، وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِي حَقِّ مَنْ فِي نَفَقَتِهِ مِنْهُمْ. (سُئِلَ) هَلْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ يُوَكِّلُ مُسْلِمًا فِي الذَّبْحِ وَالنِّيَّةِ أَنَّهُ لَا يُوَكِّلُ مُسْلِمًا فِي النِّيَّةِ وَآخَرَ فِي الذَّبْحِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْإِرْشَادِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ فِي النِّيَّةِ مُسْلِمًا مُمَيِّزًا وَيُوَكِّلَ فِي الذَّبْحِ غَيْرَهُ كَمَا لَوْ وَكَّلَ فِي الذَّبْحِ وَنَوَى هُوَ فَقَوْلُهُمْ الْمَذْكُورُ تَمْثِيلٌ لَا تَقْيِيدٌ إذْ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ تَفْوِيضِهِمَا وَتَفْوِيضِ النِّيَّةِ فَقَطْ فَإِنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَا تَمَكَّنَ الشَّخْصُ مِنْ فِعْلِهِ

نقل الأضحية عن بلد التضحية

جَازَ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ مَنْ يَتَمَكَّنُ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ لِنَفْسِهِ. (سُئِلَ) عَنْ الْغَنِيِّ إذَا أُهْدِيَ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَ زَوْجَتَهُ مِنْهُ وَأَوْلَادَهُ أَمْ يَخُصَّ بِهِ نَفْسَهُ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ تَعْبِيرُهُمْ بِالْأَكْلِ وَالْإِطْعَامِ وَهَلْ قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ مَنْعُ الْأَغْنِيَاءِ مِنْ إيثَارِ غَيْرِهِمْ، وَهُوَ بَعِيدٌ ظَاهِرٌ لِعُمُومِ الْإِيثَارِ فِي الْأَوْلَادِ وَغَيْرِهِمْ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَ مِنْهُ زَوْجَتَهُ وَأَوْلَادَهُ وَنَحْوَهُمْ؛ لِأَنَّ إطْعَامَهُ فِيهَا تَمْلِيكٌ لَهُ لِتَصْرِيحِهِمْ بِجَوَازِ الْإِهْدَاءِ مِنْ أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ لِلْأَغْنِيَاءِ وَهُوَ يُفِيدُ الْمِلْكَ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ لَا يَجُوزُ تَمْلِيكُ الْأَغْنِيَاءِ شَيْئًا مِنْهَا أَنَّهُ لَا يُمَلِّكُهُمْ ذَلِكَ لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَعِبَارَةُ الْوَجِيزِ: وَلَا يَجُوزُ تَمْلِيكُ الْأَغْنِيَاءِ لِلْبَيْعِ اهـ. وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَى أَنَّ الْإِهْدَاءَ إلَيْهِمْ إبَاحَةٌ لَا مِلْكَ فِيهِ لِلْمَهْدِيِّ إلَيْهِ وَلَا لِلْمُهْدِي. [نَقُلْ الْأُضْحِيَّة عَنْ بَلَد التَّضْحِيَة] (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ نَقْلُ الْأُضْحِيَّةِ عَنْ بَلَدِ التَّضْحِيَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَقْلُهَا وَلَوْ أُضْحِيَّةَ تَطَوُّعٍ بَلْ يَتَعَيَّنُ فُقَرَاءُ بَلَدِهَا؛ لِأَنَّ أَطْمَاعَهُمْ تَمْتَدُّ إلَيْهَا لِكَوْنِهَا

الأضحية بالحامل

مُؤَقَّتَةً بِوَقْتٍ كَالزَّكَاةِ بِخِلَافِ نَقْلِ الْمَنْذُورِ وَنَحْوِهِ. [الْأُضْحِيَّة بِالْحَامِلِ] (سُئِلَ) هَلْ تُجْزِئُ الْأُضْحِيَّةُ بِالْحَامِلِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ يُهْزِلُهَا؛ وَلِأَنَّ لَحْمَهَا رَدِيءٌ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: الْمَشْهُورُ بِأَنَّهَا تُجْزِي؛ لِأَنَّ مَا حَصَلَ بِهَا مِنْ نَقْصِ اللَّحْمِ يُجْبَرُ بِالْجَنِينِ فَهُوَ كَالْخَصِيِّ فَقَدْ رُدَّ بِأَنَّ الْجَنِينَ قَدْ لَا يَبْلُغُ حَدَّ الْأَكْلِ كَالْمُضْغَةِ بِأَنَّ زِيَادَةَ اللَّحْمِ لَا تَجْبُرُ عَيْبًا بِدَلِيلِ الْعَرْجَاءِ السَّمِينَةِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ مَلَكَ شَاةً، وَقَالَ هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ أَوْ جَعَلْتُهَا أُضْحِيَّةً وَلَوْ عِنْدَ الذَّبْحِ هَلْ تَصِيرُ بِذَلِكَ وَاجِبَةً، وَيَحْرُمُ أَكْلُهُ مِنْهَا، وَإِنْ نَوَى بِهِ التَّطَوُّعَ لِتَلَفُّظِهِ بِذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ يَحْرُمُ الْأَكْلُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ الْوَاجِبَةِ بِالنَّذْرِ ابْتِدَاءً أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الشَّاةَ الْمَذْكُورَةَ تَصِيرُ بِلَفْظِهِ الْمَذْكُورِ أُضْحِيَّةً، وَقَدْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُهُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ الْوَاجِبَةِ. [بَابُ الْعَقِيقَةِ] (بَابُ الْعَقِيقَةِ) (سُئِلَ) هَلْ يَحْرُمُ حَلْقُ الذَّقَنِ وَنَتْفِهَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ حَلْقَ لِحْيَةِ الرَّجُلِ وَنَتْفَهَا مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ، وَقَوْلُ الْحَلِيمِيِّ فِي مِنْهَاجِهِ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْلِقَ لِحْيَتَهُ وَلَا حَاجِبَيْهِ ضَعِيفٌ. [تَثْقِيب آذان الصبية] (سُئِلَ) عَنْ تَثْقِيبِ آذَانِ الصَّبِيَّةِ لِتَعْلِيقِ الْحَلَقِ

ختان الخنثى المشكل

فِيهَا هَلْ يَحْرُمُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ التَّثْقِيبُ الْمَذْكُورُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ: لِأَنَّهُ جُرْحٌ لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ حَاجَةٌ قَالَ إلَّا أَنْ تَثْبُتَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ رُخْصَةٌ وَلَمْ تَبْلُغْنَا. اهـ. لَكِنْ شَاحَحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَفِي الرِّعَايَةِ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَجُوزُ تَثْقِيبُ آذَانِ الصَّبِيَّةِ لِلزِّينَةِ وَيُكْرَهُ ثَقْبُ آذَانِ الصَّبِيِّ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِتَثْقِيبِ آذَانِ الصَّبِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (سُئِلَ) هَلْ يَحْرُمُ حَرْقُ الْجِلْدَةِ الْمَقْطُوعَةِ لِلْخِتَانِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ حَرْقُهَا لِاحْتِرَامِهَا وَلِهَذَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهَا وَيُسَنُّ دَفْنُهَا. [ختان الْخُنْثَى الْمُشْكِل] (سُئِلَ) عَنْ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ هَلْ يَجُوزُ خِتَانُهُ أَمْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ الْجَوَازِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ نَبَتَ لَهُ كَفَّانِ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ الْأَصْلِيَّةُ ثُمَّ سَرَقَ نِصَابًا حَيْثُ تُقْطَعُ إحْدَاهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ خِتَانُهُ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ لَا يَجُوزُ بِالشَّكِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةِ السَّرِقَةِ أَنَّ الْحَقَّ فِيهَا مُتَعَلِّقٌ بِالْآدَمِيِّ وَحُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُشَاحَحَةِ وَالْمُضَايَقَةِ، وَالْحَقُّ فِي الْخِتَانِ مُتَعَلِّقٌ

كتاب الأطعمة

بِالْبَارِي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَحُقُوقُهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَالْمُسَاهَلَةِ. [كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ] (كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ) (سُئِلَ) عَنْ التِّرْسَةِ هَلْ هِيَ حَلَالٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ هِيَ حَلَالٌ حَيْثُ كَانَتْ لَا تَعِيشُ إلَّا فِي الْمَاءِ فَقَدْ قَالُوا إنَّ مَا لَا يُهْلِكُهُ الْمَاءُ مِنْ الْحَيَوَانِ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا مَا يَعِيشُ فِيهِ، وَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ كَانَ عَيْشُهُ عَيْشَ الْمَذْبُوحِ كَالسَّمَكِ فَحَلَالٌ بِأَنْوَاعِهِ وَمَا لَيْسَ عَلَى صُورَةِ السَّمَكِ فَحَلَالٌ أَيْضًا؛ الثَّانِي مَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ، وَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ لَمْ يَمُتْ فَإِنْ لَمْ يَدُمْ عَيْشُهُ فَكَالسَّمَكِ، وَإِنْ دَامَ فَإِنْ كَانَ طَائِرًا كَالْبَطِّ وَالْإِوَزِّ فَهُوَ حَلَالٌ بِأَنْوَاعِهِ إلَّا اللَّقْلَقَ وَلَا تَحِلُّ مَيْتَتُهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ كَالضُّفْدَعِ وَالسَّرَطَانِ وَالتِّمْسَاحِ وَالسُّلَحْفَاءُ وَذَوَاتِ السَّمُومِ كَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ، فَحَرَامٌ اهـ. [أَكُلّ جوز الطَّيِّب] (سُئِلَ) عَنْ أَكْلِ جَوْزِ الطِّيبِ هَلْ يَجُوزُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَجُوزُ إنْ كَانَ قَلِيلًا، وَيَحْرُمُ إنْ كَانَ كَثِيرًا. (سُئِلَ) عَنْ أُمِّ الْخُلُولِ هَلْ يَجُوزُ أَكْلُهَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحِلُّ أَكْلُهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَدْلَانَ وَعُلَمَاءُ عَصْرِهِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ طَعَامِ الْبَحْرِ وَلَا تَعِيشُ إلَّا فِيهِ، وَقَدْ نَصَّ

الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى أَنَّ حَيَوَانَ الْبَحْرِ الَّذِي لَا يَعِيشُ إلَّا فِيهِ يُؤْكَلُ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّهُ أَفْتَى بِتَحْرِيمِهَا لَمْ يَصِحَّ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ زَالَ تَغَيُّرُ الْجَلَّالَةِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ هَلْ تَزُولُ الْكَرَاهَةُ أَمْ لَا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَاءِ حَيْثُ يَطْهُرُ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ بِنَفْسِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِمَا ذَكَرَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهَذَا فِي مُرُورِ الزَّمَانِ عَلَى اللَّحْمِ فَلَوْ مَرَّ عَلَى الْجَلَّالَةِ أَيَّامٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَأْكُلَ إلَّا طَاهِرًا فَزَالَتْ الرَّائِحَةُ زَالَتْ الْكَرَاهَةُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْعَلَفَ بِطَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْحَيَوَانَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْعَلَفِ. (سُئِلَ) عَنْ السَّمَكِ هَلْ يُشْوَى وَيُطْبَخُ بِرَوْثِهِ فِي بَاطِنِهِ وَلَمْ يُغْسَلْ هَلْ يَحْرُمُ أَكْلُهُ أَمْ لَا وَهَلْ يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِ الْمُصْرَانِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُهُ، وَالسَّلَفُ مَا زَالُوا يَتَسَاهَلُونَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِ مُصْرَانِهِ وَعُفِيَ عَنْ رَوْثِهِ لِعُسْرِ تَتَبُّعِهِ وَإِخْرَاجِهِ. (سُئِلَ) عَنْ الْقُرْصِ الْعَجِينِ الَّذِي تَضَعُهُ الْعَرَبُ وَالصَّيَّادُونَ فِي الزِّبْلِ حَتَّى يَسْتَوِيَ

بيض غير المأكول

وَيَأْكُلُونَ هَلْ أَكْلُهُ جَائِزٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُهُ وَيُعْفَى عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ إذَا ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسَعَ. (سُئِلَ) عَنْ طَعَامٍ وَقَعَ فِيهِ نَمْلٌ وَتَعَذَّرَ تَخْلِيصُهُ مِنْهُ فَهَلْ يَجُوزُ أَكْلُ ذَلِكَ الطَّعَامِ بِنَمْلِهِ أَوْ لَا يَجُوزُ لِمَوْتِهِ فِيهِ وَخَوْفِ ضَرَرِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَكْلُ الطَّعَامِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ ضَرَرُهُ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ. [بيض غَيْر الْمَأْكُول] (سُئِلَ) هَلْ بَيْضُ غَيْرِ الْمَأْكُولِ كَالرَّخَمِ طَاهِرٌ، وَيَحِلُّ أَكْلُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ طَاهِرٌ وَيَحِلُّ أَكْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ. (سُئِلَ) عَنْ آدَمِيٍّ عَشِقَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً أَدَّى إلَى هَلَاكِهِ لَوْ لَمْ يُقَبِّلْهَا فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ تَقْبِيلُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ مِنْهُ وَهَلْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ تَقْبِيلُهَا بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ إبْقَاءً لِمُهْجَتِهِ كَمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ غَصَّ بِلُقْمَةٍ إسَاغَتُهَا بِالْخَمْرِ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا وَكَمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ انْتَهَى بِهِ الْعَطَشُ إلَى الْهَلَاكِ شَرِبَهَا حَيْثُ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا وَكَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُضْطَرِّ أَكْلُ الْمَيْتَةِ، وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَجْمَعُوا عَلَى دَفْعِ أَعْظَمِ الْمَفْسَدَتَيْنِ بِارْتِكَابِ أَدْوَنِهِمَا. وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: مِنْ الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ أَنْ تُدْرَأَ

أكل الحشيشة

أَعْظَمُ الْمَفْسَدَتَيْنِ بِاحْتِمَالِ أَيْسَرِهِمَا إذَا تَعَيَّنَ وُقُوعُ إحْدَاهُمَا بِدَلِيلِ حَدِيثِ بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ فِي الْمَسْجِدِ لَمَّا نَهَاهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ زَجْرِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ وَحُكْمُ الْأَمْرَدِ كَذَلِكَ. [أَكُلّ الْحَشِيشَة] (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ أَكْلُ الْقَلِيلِ مِنْ الْحَشِيشَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُ الْقَلِيلِ مِنْهَا الَّذِي لَا يُسْكِرُ. (سُئِلَ) عَنْ الطَّائِرِ الْأَبْيَضِ الَّذِي يُسَمَّى بِالْجَوْزِيَّةِ وَغَالِبًا يَكُونُ فِي الْمَاءِ هَلْ يَحِلُّ أَكْلُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ حِلُّ أَكْلِهِ. (سُئِلَ) عَنْ هَذِهِ الزَّرَافَةِ الْمَعْرُوفَةِ هَلْ يَحِلُّ أَكْلُهَا بَعْدَ ذَبْحِهَا، وَإِذَا قُلْتُمْ بِالتَّحْرِيمِ فَمَا وَجْهُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ أَكْلُهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ: إنَّ الزَّرَافَةَ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنَّ بَعْضَهُمْ عَدَّهَا مِنْ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الْمَأْكُولِ وَغَيْرِهِ اهـ وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّ مَا فِي الْمَجْمُوعِ شَاذٌّ. [كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ] (كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ) (سُئِلَ) عَنْ الْإِشْكَالِ الْمَشْهُورِ فِي كِتَابِ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ فِي التَّنَافِي بَيْنَ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ وَالرَّوْضَةِ فِي الظَّاهِرِ وَهُوَ قَوْلُ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ نَقَلَتْ رِيحٌ الْغَرَضَ. . . إلَخْ. وَقَوْلُ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ وَلَا تُرَدُّ عَلَى

باب الأيمان

الْمِنْهَاجِ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَخِلَافُ مَا فَهِمَهُ ابْنُ شُهْبَةَ وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ وَخِلَافُ مَا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَخِلَافُ مَا نَقَلَ الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ ابْنُ قَاضِي عَجْلُونٍ فِي التَّصْحِيحِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ بِأَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ مِنْ الْمِنْهَاجِ فَمِنْ فَضْلِكُمْ بَيِّنُوا لَنَا مَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ الْمَحَلِّيِّ وَمَعْنَى كَلَامِ مَنْ ذَكَرَ غَيْرَهُ، وَمَا الصَّحِيحُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ وَلَا تُرَدُّ عَلَى الْمِنْهَاجِ أَنَّ كَلَامَ الْمِنْهَاجِ لَيْسَ شَامِلًا لَهَا، وَوَجْهُهُ أَنَّ كَلَامَهُ فِيمَا إذَا طَرَأَتْ الرِّيحُ بَعْدَ الرَّمْيِ وَنَقَلَتْ الْغَرَضَ عَنْ مَوْضِعِهِ، وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الرِّيحُ مَوْجُودَةً فِي الِابْتِدَاءِ فَيُحْسَبُ عَلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَقُولُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا كَلَامُ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى اتِّحَادِ تَصْوِيرِ مَسْأَلَةِ الْمِنْهَاجِ وَالرَّوْضَةِ. [بَابُ الْأَيْمَانِ] (بَابُ الْأَيْمَانِ) (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَمَّنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يُخَلِّيَ زَيْدًا يَنْسِجَ هَذَا الْغَزْلَ فَمَا خَلَاصُهُ مِنْ الْحِنْثِ مَعَ وُجُودِ نَسْجِ زَيْدٍ لَهُ، وَهَلْ يُحْمَلُ حَلِفُهُ الْمَذْكُورُ عَلَى عَدَمِ تَمْكِينِهِ زَيْدًا مِنْ نَسْجِهِ لَهُ أَوْ عَلَى مَنْعِهِ مِنْهُ أَمْ

غَيْرِهِمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْنَثُ الْحَالِفُ إذَا نَسَجَ زَيْدٌ الْغَزْلَ مَعَ عِلْمِ الْحَالِفِ بِنَسْجِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى مَنْعِهِ مِنْهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى هَذَا الْحَلِفِ لَا أَتْرُكُ زَيْدًا يَنْسِجُ هَذَا الْغَزْلَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِشَخْصٍ وَاَللَّهِ لَا تَدْخُلُ لِي دَارًا هَلْ يَكُونُ قَوْلُهُ لِي مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ تَدْخُلُ حَتَّى لَا يَحْنَثَ إذَا دَخَلَ دَارًا لَهُ هُوَ فِيهَا وَكَانَ الدُّخُولُ لِأَجْلِ غَيْرِ الْحَالِفِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ لَهُ وَيَحْنَثَ إذَا دَخَلَ عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ وَهُوَ فِي دَارِ غَيْرِهِ أَوْ يَكُونُ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ دَارًا لَا بِ " تَدْخُلُ " حَتَّى يَحْنَثَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ دَارًا لَهُ دُونَ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ دَارًا لَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ قَوْلَهُ لِي نَعْتٌ فِي الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ دَارًا، وَإِنْ كَانَ إعْرَابُهُ حَالًا لِتَقَدُّمِهِ عَلَى قَوْلِهِ دَارًا فَيَحْنَثُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ، وَقَدْ قَالَ الشَّيْخَانِ لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ لِزَيْدٍ مَالًا فَبَاعَهُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ لِحَجْرٍ أَوْ امْتِنَاعٍ حَنِثَ، وَإِنْ شَاحَحَهُمَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِاَللَّهِ أَنَّهُ مَا يُرَافِقُ زَيْدًا فِي الْمَرْكَبِ الْفُلَانِيِّ ثُمَّ قُلِعَ مِنْهَا لَوْحٌ ثُمَّ رَافَقَهُ هَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا وَفِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ الثَّوْبَ الْفُلَانِيَّ ثُمَّ قَطَعَ مِنْهُ قِطْعَةً ثُمَّ

لَبِسَهُ هَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْنَثُ الْحَالِفُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَلَا يَحْنَثُ فِي الثَّانِيَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى الْمُرَافَقَةُ مَعَ بَقَاءِ اسْمِ الْمَرْكَبِ، وَهُوَ حَاصِلٌ، وَالْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ لُبْسُهُ لِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الثَّوْبِ وَلَيْسَ بِحَاصِلٍ. (سُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَعَارَ ظُرُوفًا فَمَلَأَهَا عَسَلًا ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الظُّرُوفِ طَلَبَهَا فَحَلَفَ الْمُسْتَعِيرُ أَنَّ الشَّمْسَ لَا تَغْرُبُ حَتَّى يُفْرِغَهَا ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْعَسَلِ بَاعَهُ لِصَاحِبِ الظُّرُوفِ فَغَرُبَتْ الشَّمْسُ وَلَمْ يُفْرِغْهَا فَهَلْ يَحْنَثُ بِعَدَمِ التَّفْرِيغِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِعَدَمِ التَّفْرِيغِ قَبْلَ الْغُرُوبِ إنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَحْنَثُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ لَيُوَفِّيَنَّهُ دَيْنَهُ أَوْ لَيُعْطِيَنَّهُ إيَّاهُ يَوْمَ السَّبْتِ فَأَبْرَأَهُ مِنْهُ أَوْ أَعْطَاهُ إيَّاهُ قَبْلَ يَوْمِ السَّبْتِ فَهَلْ يَبْرَأُ بِذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِإِبْرَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ قَبْلَ يَوْمِ السَّبْتِ وَيَحْنَثُ بِإِعْطَائِهِ الدَّيْنَ قَبْلَهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِحَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ الْإِيفَاءَ أَوْ الْإِعْطَاءَ عَنْ يَوْمِ السَّبْتِ فَلَا يَحْنَثُ حِينَئِذٍ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ لَيُسَافِرَنَّ فِي الْبَحْرِ فِي هَذَا

الشَّهْرِ هَلْ يَبَرُّ بِالسَّفَرِ فِي النَّهْرِ لِكَوْنِهِ يُسَمَّى بَحْرًا فِي الْعُرْفِ أَمْ لَا يَبَرُّ لِظُهُورِ اللُّغَةِ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ الْمِلْحُ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ فَهَلْ يَكْفِيهِ السَّفَرُ الْقَصِيرُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَبَرُّ الْحَالِفُ الْمَذْكُورُ إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا بِسَفَرِهِ فِي النَّهْرِ الْعَظِيمِ كَنِيلِ مِصْرَ لِلْعُرْفِ بَلْ وَلِلُّغَةِ أَيْضًا فَقَدْ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ: الْبَحْرُ خِلَافُ الْبَرِّ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِعُمْقِهِ وَاتِّسَاعِهِ وَالْجَمْعُ أَبْحُرٌ وَبِحَارٌ وَبُحُورٌ وَكُلُّ نَهْرٍ عَظِيمٍ بَحْرٌ قَالَ عَدِيٌّ سَرَّهُ مَالُهُ وَكَثْرَةُ مَا يَمْلِكُ وَالْبَحْرُ مُعْرِضًا، وَالسَّدِيرُ يَعْنِي الْفُرَاتَ اهـ. وَيَكْفِيهِ السَّفَرُ الْقَصِيرُ فِي الْبَحْرِ بِأَنْ يَسِيرَ فِيهِ إلَى مَكَان لَا تَلْزَمُهُ فِيهِ الْجُمُعَةُ لِعَدَمِ سَمَاعِهِ النِّدَاءَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ لَا يُعَانِقُ زَوْجَتَهُ فَأَلْصَقَتْ ظَهْرَهَا بِبَطْنِهِ فَوَضَعَ يَدَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا عَلَى بَطْنِهَا أَوْ صَدْرِهَا وَضَمَّهَا بِهَا أَوْ بِهِمَا إلَيْهِ فَهَلْ يُطْلَقُ عَلَى ذَلِكَ عِنَاقٌ فِي الْعُرْفِ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَقَالَ الْحَالِفُ لَمْ أَظُنَّ أَنَّ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْوَضْعَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِعِنَاقٍ لَا لُغَةً وَلَا عُرْفًا. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي أَوْ عَتَقَ رَقِيقِي بَكْرٌ مَا فَعَلَ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ

ثُمَّ فَعَلَهُ مَاذَا يَلْزَمُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ نَوَى تَعْلِيقَ الْعِتْقِ بِذَلِكَ لَزِمَهُ فِي الْأَوْلَى كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَيَتَخَيَّرُ فِي الثَّانِيَةِ بَيْنَ إعْتَاقِ بَكْرٍ أَوْ كَفَّارَةِ يَمِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ بِالْفِعْلِ الْمَذْكُورِ شَيْءٌ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا دَخَلْت الدَّارَ مَثَلًا، وَأَعَادَ ذَلِكَ هَلْ تَلْزَمُهُ لِكُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ نَوَى أُخْرَى فَيَمِينَانِ بِكَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ كَرَّرَ لَا دَخَلْتُ فَقَطْ فَيَمِينٌ وَاحِدَةٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ هَذَا الْمَاءَ ثُمَّ احْتَاجَ إلَيْهِ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَاشْتَدَّ بِهِ الْعَطَشُ وَخَافَ التَّلَفَ إنْ لَمْ يَشْرَبْ مِنْهُ هَلْ يَحْنَثُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِشُرْبِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنَّهَا لَا تَبِيتُ فِي الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ فَبَاتَتْ فِيهِ مُكْرَهَةً هَلْ يَحْنَثُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ أَنَّهُ يُؤَدِّي غَرِيمَهُ دَيْنَهُ سَاعَةَ بَيْعِهِ هَذِهِ السِّلْعَةَ فَصَدَرَ مِنْهُ بَيْعُهَا بِبَلَدٍ يَتَعَذَّرُ وُصُولُ الدَّيْنِ فِيهَا إلَى صَاحِبِهِ سَاعَةَ الْبَيْعِ هَلْ يَبْرَأُ بِإِرْسَالِ الدَّيْنِ لَهُ حَالًّا وَبِأَدَائِهِ قَبْلَ بَيْعِ السِّلْعَةِ وَبِأَدَائِهِ لِوَكِيلِهِ أَوْ الْحَاكِمِ أَوْ عَدْلٍ وَهَلْ يُبَالِي بِكَوْنِ الْمُنْتَقِلِ عَنْ بَلَدِ الْحَلِفِ الْمَدْيُونَ أَوْ صَاحِبَ

الدَّيْنِ عَالِمًا بِالْحُكْمِ قَبْلَ السَّفَرِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ جَاهِلًا بِكَوْنِ السَّفَرِ بِالسِّلْعَةِ لِوُقُوفِ الْحَالِّ بِبَلَدِ الْحَلِفِ دُونَ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ أَيْضًا أَوْ لِطَلَبِ غُلُوِّ السِّعْرِ وَبِكَوْنِهِمَا حَاضِرَيْنِ بِبَلَدِ الْحَلِفِ أَيْضًا أَوْ الْمُسَافِرِ الْحَالِفِ وَبِكَوْنِ السَّفَرِ طَوِيلًا أَوْ قَصِيرًا، وَإِذَا عَجَزَ عَنْ إرْسَالِ الدَّيْنِ لِصَاحِبِهِ حَالًّا مَا طَرِيقُهُ إلَى الْبِرِّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَبَرُّ الْحَالِفُ الْمَذْكُورُ بِإِرْسَالِ الدَّيْنِ لِصَاحِبِهِ وَلَوْ حَالًّا وَلَا بِأَدَائِهِ لَهُ قَبْلَ سَاعَةِ بَيْعِهِ السِّلْعَةَ وَلَا بِأَدَائِهِ لِوَكِيلِهِ وَلَا لِحَاكِمٍ وَلَا لِعَدْلٍ غَيْرِهِ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ بَيْنَ كَوْنِ الْمُنْتَقِلِ عَنْ بَلَدِ الْحَلِفِ الْمَدْيُونَ وَبَيْنَ كَوْنِهِ صَاحِبَ الدَّيْنِ وَهَكَذَا جَمِيعُ الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَالِ، وَقَدْ عُلِمَ حِنْثُ الْحَالِفِ الْمَذْكُورِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَالِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي مَا فَعَلْتُ كَذَا مَثَلًا وَكَانَ كَاذِبًا فِي ذَلِكَ هَلْ يَلْزَمُهُ عِتْقٌ أَوْ إنْ كَانَ لَهُ رَقِيقٌ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَوْ يَكُونُ لَغْوًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَائِلَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يُحْلَفُ بِهِ إلَّا عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيقِ وَالِالْتِزَامِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ هَلْ ذَلِكَ

تَعْلِيقٌ لِعِتْقِ عَبْدِهِ حَتَّى يَقَعَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا أَوْ مِنْ نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ حَتَّى تَكْفِيَ فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْتَقُ الْعَبْدُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ بِلَا خِلَافٍ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصَيْنِ بَيْنَهُمَا شَرِكَةٌ فِي غِلَالٍ فَحَلَفَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مَا عَادَ يُشَارِكُ الْآخَرَ فَهَلْ يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَةِ الشَّرِكَةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا فَأَكَلَ الْقِشْدَةَ أَوْ عَكْسُهُ هَلْ يَحْنَثُ أَوْ لَا؟ . (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَحْنَثُ فِيهِمَا إنْ ظَهَرَ اللَّبَنُ، وَإِنْ كَانَ فِي عُرْفِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ تَغَايُرُهُمَا فَقَدْ قَالُوا إنَّ اللَّبَنَ يَتَنَاوَلُ الزُّبْدَ فِيهِ إنْ ظَهَرَ فِيهِ لَبَنٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ عِيدٍ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى مَا يُذْبَحُ يَوْمَ الْعِيدِ سَوَاءٌ أَكَانَ أُضْحِيَّةً أَوْ غَيْرَهَا أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا يُذْبَحُ أُضْحِيَّةً يَوْمَ الْعِيدِ، وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُحْمَلُ حَلِفُهُ عَلَى لَحْمِ مَا يُذْبَحُ يَوْمَ الْعِيدِ وَلَوْ غَيْرَ أُضْحِيَّةٍ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ عَلَى آخَرَ لَيَأْخُذَنَّ هَذَا الْمَتَاعَ فَحَلَفَ الْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ فَهَلْ إذَا أَخَذَهُ

نَاسِيًا أَوْ فِي أَمْتِعَةٍ جَاهِلًا بِكَوْنِهِ فِيهَا يَحْنَثُ أَوْ لَا؟ . (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْأَخْذِ الْمَذْكُورِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ حَنِثَ بِدُخُولِ مَا يَسْكُنُهَا بِمِلْكٍ لَا بِإِجَارَةٍ، وَإِعَارَةٍ وَغَصْبٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَا يَسْكُنُهُ فَيَحْنَثُ بِالْمِلْكِ وَغَيْرِهِ وَيَحْنَثُ بِمَا يَمْلِكُهُ وَلَا يَسْكُنُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِدَارِهِ مَسْكَنَهُ فَلَا يَحْنَثُ بِمَا لَا يَسْكُنُهُ هَلْ هُوَ خَاصٌّ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا أَمْ لَا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ كَلَامَهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَلِفِ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ، وَأَمَّا فِيهِمَا فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ بِبَيِّنَةٍ فِي ذَلِكَ فِيمَا عَلَيْهِ دُونَ مَالِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ وَتَمَكَّنَ مِنْهُ فِي الْوَقْتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ثُمَّ نَسِيَ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ فَهَلْ يَحْنَثُ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الرَّغِيفِ أَمْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْنَثُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلِلْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْحِنْثِ خَطَأٌ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَحْتَجِمُ

تعيين إحدى خصال الكفارة الثلاثة بالنذر

أَوْ لَا يَفْتَصِدُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِفِعْلِهِ فَفَعَلَهُ حَنِثَ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَلِفِ عَلَى الْأَصَحِّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ حِنْثُهُ بِالْحِجَامَةِ وَالْفَصْدِ وَعَدَمُ حِنْثِهِ فِي الْحَلِفِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ حَلِفَهُ فِيهِمَا عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ وَفِي الْحَلِفِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَإِنْ جَزَمَ الدَّمِيرِيُّ بِالْحِنْثِ فِيهَا أَيْضًا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ، وَأَفْهَمَتْ عِبَارَتُهُ أَنَّهُ إذَا قَبَضَهَا يَحْنَثُ بِلَا خِلَافٍ لَكِنْ مَتَى يَحْنَثُ فِيهِ وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي أَحَدُهُمَا حَالَةُ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ حَصَلَ بِهِ، وَالثَّانِي أَنَّ الْقَبْضَ دَالٌّ عَلَى الْمِلْكِ حَالَ الْهِبَةِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ حَانِثًا مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ مَا الْأَصَحُّ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَصَحَّهُمَا أَوَّلُهُمَا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ لَا صَلَّيْت فَأَحْرَمَ بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ حَنِثَ قَالَ الْقَفَّالُ إلَّا صَلَاةَ الْجِنَازَةِ فَلَا يَحْنَثُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا يُطْلَقُ عَلَيْهَا صَلَاةٌ عُرْفًا هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ هُوَ مُعْتَمَدٌ، وَقَدْ جَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ أَيْضًا. [تعيين إحْدَى خِصَال الْكَفَّارَة الثَّلَاثَة بالنذر] (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ إحْدَى خِصَالِ الْكَفَّارَةِ الثَّلَاثِ بِالنَّذْرِ لَمْ تَتَعَيَّنْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ إيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا

عَيَّنَ إحْدَى خِصَالِ الْكَفَّارَةِ بِالنَّذْرِ فَإِنْ كَانَتْ أَدْنَاهَا لَمْ تَتَعَيَّنْ، وَإِلَّا تَعَيَّنَتْ كَمَا فِي نَظَائِرِهَا فَإِنْ حَمَلَ قَوْلَ الْقَاضِي عَلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ فَهُوَ مُعْتَمَدٌ، وَإِلَّا فَلَا وَلَكِنَّ مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِ شُمُولُ الشِّقَّيْنِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: سَكَتُوا عَنْ الْوَاجِبِ الْمُخَيِّرِ إذَا عَيَّنَ خَصْلَةً مِنْهُ بِالنَّذْرِ هَلْ تَتَعَيَّنُ وَالْقِيَاسُ تَعَيُّنُ أَعْلَاهَا بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ أَنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُهَا فَكَأَنَّهُ يَتَطَوَّعُ بِالزَّائِدِ، وَالنَّذْرُ يَصِحُّ فِي التَّطَوُّعِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَ أَدْنَاهَا ثُمَّ رَأَيْت فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ الْجَزْمَ بِأَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ إيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ نَذَرَ الْإِمَامُ فِي الْأَسِيرِ خَصْلَةً مِنْ الْأَرْبَعِ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ. اهـ. وَالْإِمَامُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ الْأَحَطِّ فِي الْأَسِيرِ فَلَا يَأْتِي فِيهِ مَا ذَكَرَهُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ وَلَوْ حَلَفَ وَهُوَ فِي مِلْكِ زَيْدٍ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مِلْكِ عَمْرٍو فَهَلْ لِلثَّانِي الْمَنْعُ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَدْ أَذِنَ فِيهَا أَوْ فِي إحْدَاهَا ثُمَّ انْتَقَلَ عَنْهُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ أَوْ كَانَ الْحَلِفُ فِي مِلْكِ شَخْصٍ، وَالْحِنْثُ فِي مِلْكِ آخَرَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ نَظَرٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ فِي جَمِيعِهِ أَنَّ السَّيِّدَ الْأَوَّلَ إنْ أَذِنَ لَهُ فِي

الْحَلِفِ وَالْحِنْثِ أَوْ فِي الْحِنْثِ لَمْ يَكُنْ لِلثَّانِي مَنْعُهُ مِنْ الصَّوْمِ، وَإِنْ ضَرَّهُ، وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ إنْ ضَرَّهُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ هَذَا الْحِمَارَ أَوْ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ أَوْ عَلَى زَيْدٍ أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ فَهَدَمَ مِنْ حَائِطِ الْبَيْتِ قِطْعَةً أَوْ قَطَعَ ذَنَبَ الْحِمَارِ أَوْ قُطِعَتْ يَدُ زَيْدٍ أَوْ قَطَعَ مِنْ الثَّوْبِ قِطْعَةً أَوْ سَلَّ مِنْهُ خَيْطًا فَهَلْ يَحْنَثُ بِرُكُوبِ الْحِمَارِ أَوْ بِدُخُولِ الْبَيْتِ أَوْ عَلَى زَيْدٍ أَوْ بِلُبْسِ الثَّوْبِ بَعْدَمَا ذَكَرَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِمَا ذَكَرَ لِبَقَاءِ الِاسْمِ إلَّا فِي لُبْسِ الثَّوْبِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ لَيَشْكُوَنَّ فُلَانًا هَلْ يَبَرُّ بِشَكْوَاهُ لِلْحَاكِمِ فِي غَيْبَتِهِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ رَفْعِهِ إلَيْهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَبَرُّ بِشَكْوَاهُ لِلْحَاكِمِ فِي غَيْبَتِهِ فَإِنَّهُ يُقَالُ شَكَوْت فُلَانًا أَشْكُوهُ شَكْوًى وَشِكَايَةً وَشَكِيَّةً وَشَكَاةً إذَا أَخْبَرْت عَنْهُ بِسُوءِ فِعْلِهِ بِك فَهُوَ مَشْكُوٌّ وَمَشْكِيٍّ، وَالِاسْمُ الشَّكْوَى. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ لَا يَنْزِعُ قَمِيصًا لَابِسَهُ إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ أَجْنَبَ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ مَثَلًا فَنَزَعَهُ لِأَجْلِ الِاغْتِسَالِ هَلْ يَحْنَثُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ شَرْعًا عَلَى نَزْعِهِ.

سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَبِيتُ فِي هَذَا الْمَكَانِ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فَمَكَثَ فِيهِ مُعْظَمَهَا هَلْ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِمُكْثِهِ فِيهِ جَمِيعَهَا كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُشَتِّي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِجَمِيعِ الشِّتَاءِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِمُكْثِهِ فِيهِ مُعْظَمَ اللَّيْلِ فَفِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ نِصْفَ اللَّيْلِ إنْ بِتُّ مَعَ فُلَانٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَبَاتَ مَعَهُ بَقِيَّةَ اللَّيْلِ طَلُقَتْ عَلَى مُقْتَضَى الْقِيَاسِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَبِيتَ جَمِيعَ اللَّيْلِ وَلَا أَكْثَرَهُ قُلْت الْمُخْتَارُ أَنَّ الْمَبِيتَ يُحْمَلُ مُطْلَقُهُ عَلَى أَكْثَرِ اللَّيْلِ إذَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ كَمَا سَبَقَ فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى لَكِنَّ الظَّاهِرَ الْحِنْثُ هُنَا لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ اهـ. وَبِهَذَا جَزَمَ الْجِيلِيُّ فِي الْإِعْجَازِ وَفِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ اعْتِبَارُ أَكْثَرِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيمَا إذَا قَالَ إنْ بِتُّ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ بِمَاذَا يَحْنَثُ فَاعْتِبَارُ مُعْظَمِ اللَّيْلِ أَوْلَى بِالْمُرَاعَاةِ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ جَرَى عَلَيْهِ بَعْدَهُ جَمْعٌ مِنْ مُخْتَصَرِي كَلَامِهِ وَغَيْرُهُمْ كَابْنِ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيِّ وَاحْتَرَزَ النَّوَوِيُّ بِمُطْلَقِ الْمَبِيتِ عَنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فَإِنَّهُ حَنِثَ فِيهَا بِدُونِ الْمُعْظَمِ لِلْقَرِينَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ

ذِكْرَ النِّصْفِ فِيهَا مِثَالٌ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ أَنَّ الْمَبِيتَ بِمِنًى لَا يَحْصُلُ إلَّا بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ إلَّا بِمَكَانٍ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ، وَقَالُوا إنَّ مَبِيتَ لَيَالِي مِنًى وَاجِبٌ وَيَحْصُلُ بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ بِمَكَانٍ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِمَبِيتِهِ فِيهِ مُعْظَمَ اللَّيْلِ لَا يُقَالُ قِيَاسُ مَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُشَتِّيَ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِجَمِيعِ الشِّتَاءِ أَنْ لَا يَحْنَثَ فِي مَسْأَلَتِنَا إلَّا بِمُكْثِ جَمِيعِ اللَّيْلَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْقِيَاسُ الْمَذْكُورُ لَنَا لَا عَلَيْنَا؛ لِأَنَّ الشِّتَاءَ اسْمٌ لِجَمِيعِ فَصْلِهِ وَالْمَبِيتَ عِنْدَ انْتِفَاءِ تِلْكَ الْقَرِينَةِ اسْمٌ لِمُعْظَمِ اللَّيْلِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامَ زَيْدٍ فَأَكَلَهُ وَهُوَ ضَيْفٌ لَهُ هَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ حِنْثِهِ بِهِ فَهَلْ يَمْلِكُهُ بِوَضْعِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ بِوَضْعِهِ فِي فِيهِ أَوْ بِازْدِرَادِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ طَعَامَ زَيْدٍ لِمِلْكِهِ إيَّاهُ بِوَضْعِهِ فِي فَمِهِ كَمَا اقْتَضَى كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ تَرْجِيحَهُ وَصَرَّحَ بِتَرْجِيحِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ آخَرَ الدَّهْرَ كُلَّهُ أَوْ قَالَ كُلَّمَا كَلَّمْتُك فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَرُفِعَ إلَى

حَاكِمٍ فَحَكَمَ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يَهْجُرَهُ أَبَدًا فَهَلْ هَذَا الْحُكْمُ يَتَنَاوَلُ كُلَّ هِجْرَانٍ أَمْ لَا بُدَّ لِكُلِّ كَلَامٍ مِنْ تَقَدُّمِ حُكْمٍ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ كَلَّمَهُ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْكَلَامِ حَنِثَ سَوَاءٌ أَوُجِدَ هِجْرَانٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى مَضَى بَعْدَ حَلِفِهِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَمْ يَكُنْ فِي هَجْرِهِ لَهُ صَلَاحُ دِينٍ لَا لِلْهَاجِرِ وَلَا لِلْمَهْجُورِ ثُمَّ رَفَعَ إلَى الْحَاكِمِ وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِتَكْلِيمِهِ إيَّاهُ لَمْ يَحْنَثْ بِهِ فَلَوْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يَهْجُرَهُ أَبَدًا لَمْ يُعْتَدَّ بِحُكْمِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُسْتَقْبَلِ، وَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ حَتَّى يَحْنَثَ بِتَكْلِيمِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إذْ حُكْمُهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ هِجْرَانٍ مُحَرَّمٍ لِيَكُونَ إزَالَةً لِلْمُنْكَرِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِكُلِّ هِجْرَانٍ مُحَرَّمٍ مِنْ حُكْمٍ مُخْتَصٍّ بِهِ. (سُئِلَ) عَنْ الْعِرْقِيَّةِ تُجْزِئُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ كَمَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا قِيَاسًا عَلَى الْقَلَنْسُوَةِ وَالطَّاقِيَّةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُجْزِئُ فِيهَا الْعِرْقِيَّةُ الْمَعْرُوفَةُ وَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ وَغَيْرِهِ مِنْ إجْزَائِهَا لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا يُوضَعُ عَلَى الدَّابَّةِ كَالسَّجَّادَةِ أَسْفَلِ الْبَرْذَعَةِ أَوْ نَحْوِهَا فَإِنَّهَا تُسَمَّى فِي الْعُرْفِ عِرْقِيَّةٌ.

سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَ فُلَانٍ عِنْدَ رَأْسِ شَهْرٍ كَذَا فَقَضَاهُ قَبْلُ هَلْ يَحْنَثُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْنَثُ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ نَعَمْ إنْ نَوَى بِحَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ قَضَاءَهُ عَنْ رَأْسِ الشَّهْرِ لَمْ يَحْنَثْ. (سُئِلَ) عَمَّا نُقِلَ عَنْ ابْنِ رَزِينٍ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ يُوَفِّي فُلَانًا حَقَّهُ الَّذِي عَلَيْهِ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ فَأَحَالَهُ بِذَلِكَ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ يُوَفِّي أَنَّهُ يُعْطِيهِ ذَلِكَ حَنِثَ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ أَنَّهُ يَبْرَأُ إلَيْهِ مِنْهُ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ وَكَانَتْ الْحَوَالَةُ صَحِيحَةً فَقَدْ بَرَّتْ يَمِينُهُ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا أَفْتَى بِهِ مُعْتَمَدٌ لَكِنْ لَا يَتَقَيَّدُ حِنْثُهُ بِقَصْدِهِ بِهِ الْإِعْطَاءَ بَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ شَيْئًا. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَدَخَلَ إسْطَبْلًا مَنْسُوبًا لَهَا هَلْ يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي حَدِّ الدَّارِ أَوْ دَاخِلًا فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي أَوَّلِهِ بَابٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لِمَنْ دَخَلَهُ إنَّهُ دَخَلَهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رَامِخًا فَأَكَلَ بَلَحًا أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ عَجُّورًا فَأَكَلَ حَرِشًا أَوْ بِالْعَكْسِ هَلْ يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ

لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ فِيهِمَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً فَشَرِبَ مَاءً مُسْتَعْمَلًا أَوْ مُتَغَيِّرًا هَلْ يَحْنَثُ بِذَلِكَ حَتَّى فِي التَّغَيُّرِ التَّقْدِيرِيِّ أَمْ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ فِي التَّغَيُّرِ التَّقْدِيرِيِّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِشُرْبِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ بِنَاءً عَلَى مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ مُطْلَقٍ وَلَا بِشُرْبِ مَاءٍ مُتَغَيِّرٍ بِمُخَالِطٍ طَاهِرٍ يَسْتَغْنِي الْمَاءُ عَنْهُ تَغَيُّرًا يَمْنَعُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ تَغَيُّرُهُ تَقْدِيرِيًّا. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَوْ السَّنَةَ أَوْ هَذِهِ السَّنَةَ يَحْنَثُ إذَا سَكَنَ الْبَعْضَ أَوْ لَا يَحْنَثُ إلَّا فِي الْأُولَى كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِسُكْنَى الْبَعْضِ إلَّا فِي الْأُولَى. (سُئِلَ) هَلْ يَنْدَرِجُ الزَّيْتُونُ فِي الْفَاكِهَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَنْدَرِجُ فِيهَا إذْ الْبَلَحُ إذَا لَمْ يَحْمَرَّ أَوْ يَصْفَرَّ وَيَحْلُو لَيْسَ مِنْ الْفَاكِهَةِ فَالزَّيْتُونُ أَوْلَى. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا ثُمَّ حَكَمَ عَلَيْهِ حَاكِمٌ بِتَكْلِيمِهِ فَكَلَّمَهُ هَلْ يَحْنَثُ بِتَكْلِيمِهِ ثَانِيًا مُخْتَارًا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِهِ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى

ظَنِّهِ انْحِلَالُ الْيَمِينِ بِتَكْلِيمِهِ أَوَّلًا وَيَجْرِي هَذَا فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ فِي دَارِ زَوْجَتِهِ ثُمَّ اسْتَأْجَرَتْهُ لِأَمْرٍ يَلْزَمُ مِنْهُ سُكْنَاهُ فِيهَا فَامْتَنَعَ فَأَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ بِالْقِيَامِ بِالْعَمَلِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ وَمَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ فِي مَرْكَبِ فُلَانٍ فَاسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلٍ فِيهَا فَامْتَنَعَ فَأَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ الْعَمَلِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَتَسَرَّى وَهُوَ مُتَسَرٍّ هَلْ يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَةِ التَّسَرِّي أَمْ لَا كَاسْتِدَامَةِ التَّزَوُّجِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَةٍ إذْ هُوَ أَنْ يَحْجُبَ الْأَمَةَ عَنْ إجَابَتِهَا الرِّجَالَ وَيَطَأَهَا وَيُنْزِلُ فِيهَا؛ وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ تَسَرَّيْ سَنَةً مَثَلًا بِخِلَافِ التَّزَوُّجِ وَنَحْوِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ زَيْدًا فِي هَذِهِ الدَّارِ هَلْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ اتِّحَادِ الْمَرَافِقِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ فِي عُمْدَتِهِ وَهَلْ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ مَا يُخَالِفُهُ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ السُّؤَالَ غَيْرُ مُحَرَّرٍ إذْ الْمَحْكِيُّ فِيهَا حِنْثُهُ بِمُسَاكَنَتِهِ إيَّاهُ فِيهَا سَوَاءٌ اخْتَلَفَتْ مَرَافِقُ مَسْكَنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمْ اتَّحَدَتْ بَلْ لَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فِي هَذِهِ الْبَلَدِ أَوْ نَوَاهُ حَنِثَ بِمُسَاكَنَتِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ لَا يُخَلِّي زَيْدًا يَسْكُنُ الدَّارَ

هَذِهِ فَبَاعَهَا ثُمَّ سَكَنَهَا زَيْدٌ هَلْ يَحْنَثُ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ شَرْعًا مِنْ مَنْعِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ وَجْهَ مَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا مِنْ حِنْثِهِ تَفْوِيتُهُ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ فَكَأَنَّهُ مَكَّنَهُ مِنْ سُكْنَاهَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ لِزَوْجَتِهِ وَلَا يَنَامُ عِنْدَهَا فَأَجَّرَهَا نَفْسَهُ لِخِدْمَتِهَا، وَإِينَاسِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ بِعَمَلِ الْإِجَارَةِ فَدَخَلَ لَهَا وَنَامَ عِنْدَهَا فَهَلْ يَحْنَثُ بِذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ جَمِيعَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَمْ لَا وَهَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَكَانًا أَوْ لَا يَعْمَلُ لِفُلَانٍ كَذَا أَوْ لَا يَرْكَبُ كَذَا أَوْ لَا يُسَافِرُ فِي كَذَا فَأَجَّرَ نَفْسَهُ لِذَلِكَ أَوْ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ الْفُلَانِيَّةَ فِي السَّنَةِ الْفُلَانِيَّةِ ثُمَّ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِمَالِكِهَا لِيَحْرُسَ مَا فِيهَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ ثُمَّ أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا بِعَمَلِ الْإِجَارَةِ وَهَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ حَكَمَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ بِتَكْلِيمِهِ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ . (فَأَجَابَ) أَمَّا مَسْأَلَةُ الْإِجَارَةِ فَمَتَى أَلْزَمَهُ الْقَاضِي فِيهَا بِعَمَلِ الْإِجَارَةِ مُدَّتَهَا لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ

شَرْعًا لِتَنَاوُلِ حُكْمِهِ جَمِيعَ أَعْمَالِهَا فَلَا يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى تَجْدِيدِ الْتِزَامٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ عَدَمِ حِنْثِهِ فِي هَذِهِ وَبَيْنَ حِنْثِهِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى الْإِثْبَاتِ بِلَأَفْعَلَنَّ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَ فِيهَا إلَّا جِهَةُ حِنْثٍ فَقَطْ وَهِيَ فِعْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَمْنَعَ مِنْ حِنْثِهِ مَانِعٌ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَفْعَلْهُ لَا نَقُولُ بَرَّ بَلْ لَمْ يَحْنَثْ لِعَدَمِ شَرْطِهِ، وَأَمَّا لَأَفْعَلَنَّ فَالْفِعْلُ فِيهَا مَقْصُودٌ وَهُوَ إثْبَاتٌ جُزْئِيٌّ وَلَهُ جِهَةُ بِرٍّ وَهِيَ فِعْلُهُ وَجِهَةُ حِنْثٍ بِالسَّلْبِ الْكُلِّيِّ وَهُوَ نَقِيضُهُ وَالْحِنْثُ بِمُنَاقَضَةِ الْيَمِينِ وَتَفْوِيتِ الْبِرِّ فَإِذَا الْتَزَمَهُ وَفَوَّتَهُ بِفِعْلٍ مِنْ جِهَتِهِ حَنِثَ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ التَّكْلِيمِ فَحُكْمُ الْقَاضِي الْمُطْلَقُ فِيهَا مَحْمُولٌ عَلَى الْمَرَّةِ الْأُولَى فَيَحْنَثُ بِمَا بَعْدَهَا إلَّا أَنْ يَظُنَّ انْحِلَالَ الْيَمِينِ بِتَكْلِيمِهِ الْأَوَّلِ فَلَا يَحْنَثُ بِغَيْرِهِ أَيْضًا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ زَيْدًا، وَأَطْلَقَ وَانْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِبَيْتٍ عَلَيْهِ بَابٌ وَغُلِقَ فَهَلْ يُشْتَرَطُ انْفِرَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَرَافِقَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ فِي عُمْدَتِهِ، وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ الْجَوْجَرِيُّ وَقَدْ تَعَرَّضَ لَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا فِيمَا إذَا سَكَنَ أَحَدُهُمَا فِي حُجْرَةٍ بِالدَّارِ أَوْ سَكَنَا فِي حُجْرَتَيْنِ فِيهَا

وَصَرَّحُوا بِنَفْيِ اشْتِرَاطِهِ فِي بُيُوتِ الْخَانِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِمَا انْفِرَادُ الْمَرَافِقِ إذْ صُورَتُهُمَا أَنَّهُمَا مِنْ دَارِ كَبِيرَةٍ إذْ لَوْ سَكَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي دَارٍ فَلَا مُسَاكَنَةَ سَوَاءٌ أَكَانَتَا صَغِيرَتَيْنِ أَمْ كَبِيرَتَيْنِ أَمْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا كَبِيرَةً وَالْأُخْرَى صَغِيرَةً كَحُجْرَةٍ بِجَنْبِ دَارٍ وَلَوْ كَانَ الْبَيْتَانِ مِنْ دَارٍ صَغِيرَةٍ فَمُسَاكَنَةٌ. (سُئِلَ) هَلْ يُلْحَقُ سَفَرُ صَاحِبِ الْحَقِّ بِمَوْتِهِ فِي قَوْلِهِ لَأَقْضِيَنَّكَ حَقَّك غَدًا كَمَا فِي كَلَامِهِمْ أَمْ لَا كَمَا فِي فَتْوَى أَهْلِ الْعَصْرِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ سَفَرَ صَاحِبِ الْحَقِّ وَنَحْوِهِ كَمَوْتِهِ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ التَّفْصِيلِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَانْهَدَمَتْ ثُمَّ أُعِيدَتْ بِآلَتِهَا وَآلَةٍ أُخْرَى هَلْ يَحْنَثُ بِدُخُولِهَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ الْمُشَارِ إلَيْهَا وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ أُعِيدَتْ بِآلَتِهَا أَيْ فَقَطْ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَأْكُلَ بَعْضَ الرَّأْسِ أَوْ كُلَّهُ وَفِي فُرُوعِ ابْنِ الْقَطَّانِ إذَا قَالَ الرُّءُوسَ لَا بُدَّ مِنْ أَكْلِ ثَلَاثَةٍ مِنْهَا مَا الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّ إطْلَاقَ الْيَمِينِ مَحْمُولٌ عَلَى الْجِنْسِ حَتَّى لَوْ أَكَلَ رَأْسًا أَوْ بَعْضَهُ حَنِثَ وَفِي فُرُوعِ ابْنِ الْقَطَّانِ إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا آكُلُ رُءُوسًا فَعِنْدِي لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَأْكُلَ ثَلَاثَةً؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقَعُ عَلَى ثَلَاثَةٍ اهـ وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ الرُّءُوسَ وَرُءُوسًا ظَاهِرٌ. اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ قَالَ الرُّءُوسَ حَنِثَ بِرَأْسٍ وَاحِدٍ إذْ اللَّامُ فِيهِ لِلْجِنْسِ وَلَا يَحْنَثُ بِبَعْضِهِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت النِّسَاءَ أَوْ اشْتَرَيْت الْعَبِيدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِتَزَوُّجِ وَاحِدَةٍ وَبِشِرَاءِ وَاحِدٍ، وَإِنْ قَالَ رُءُوسًا لَا يَحْنَثُ إلَّا بِثَلَاثَةٍ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت نِسَاءً أَوْ اشْتَرَيْت عَبِيدًا فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الدَّمِيرِيَّ لَمْ يَنْقُلْ كَلَامَ الْفُرُوعِ عَلَى وَجْهِهِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ فِيمَا يَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهُ فِي اللَّهِ تَعَالَى وَيَقِلُّ فِي غَيْرِهِ أَنَّهُ يَكُونُ يَمِينًا ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ؟ (فَأَجَابَ) هُوَ يَمِينٌ بَاطِنًا أَيْضًا لِغَلَبَةِ اسْتِعْمَالِهِ فِي اللَّهِ تَعَالَى؛ وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَعَلَّقُ بِاللَّفْظِ الْمُحْتَرَمِ بِهِ فَاسْتِعْمَالُهُ عَلَى وَجْهِ الْقِلَّةِ فِي غَيْرِهِ لَا يُسْقِطُهَا بَاطِنًا فَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ضَعِيفٌ

كَجَزْمِهِ بِالتَّدْيِينِ فِي الْمُهَيْمِنِ وَالْقَيُّومِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ التَّعْيِيدِ بِبَلَدِ كَذَا مِنْ أَنَّ أَكْثَرَ الْيَوْمِ كَجَمِيعِهِ الْمُوَافِقِ لِمَسْأَلَةِ الْمَبِيتِ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ يَحْيَى النَّوَوِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ التَّشَتِّي؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَسْأَلَةِ التَّعْيِيدِ وَمَسْأَلَةِ التَّشَتِّي أَنَّ تَعْيِيدَ الشَّخْصِ صَيْرُورَتُهُ فِي وَقْتِ الْعِيدِ فَإِنَّهُ يُقَالُ عَيَّدُوا أَيْ شَهِدُوا الْعِيدَ وَاعْتُبِرَ أَكْثَرُهُ كَمَسْأَلَةِ الْمَبِيتِ وَلِلنَّظَرِ لِلْعُرْفِ مِنْ حَمْلِ التَّعْيِيدِ بِمَكَانٍ عَلَى إقَامَتِهِ فِيهِ أَكْثَرَهُ، وَأَنَّ لَفْظَهُ التَّشَتِّي يَقْتَضِي جَمِيعَ الشِّتَاءِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ جَمِيعُهُ. (سُئِلَ) عَمَّا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ فِي الطَّلَاقِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ تَزَوُّجِ النِّسَاءِ وَشِرَاءِ الْعَبِيدِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فَإِنَّهُ يُخَالِفُ مَنْقُولَهُمَا أَوَاخِرَ الْأَيْمَانِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ النَّاسَ فَمَا الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي الطَّلَاقِ مُعْتَمَدٌ وَكَذَا مَا ذَكَرَاهُ فِي آخِرِ الْأَيْمَانِ فَإِنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا لِاخْتِلَافِ صُورَتِهِمَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَدَخَلَ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ، وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا مَعًا يَحْنَثُ

أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِيهِمَا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ أَوْ خَشَبَةٍ فَشَدَّ مِائَةً وَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً أَوْ بِعِثْكَالٍ عَلَيْهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ بَرَّ إلَى آخِرِهِ هَلْ الْعِثْكَالُ يَقُومُ مَقَامَ السَّوْطِ وَالْخَشَبَةِ أَمْ لَا كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْعِثْكَالَ لَا يَقُومُ مَقَامَ السَّوْطِ كَمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحَيْنِ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ إنَّ الْفَارِقِيَّ قَيَّدَ اللَّيْمُونَ وَالنَّارِنْجَ بِكَوْنِهِ مِنْ الْفَاكِهَةِ بِمَا إذَا كَانَ طَرِيًّا هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مُعْتَمَدٌ وَهُوَ مُرَادُ الْأَصْحَابِ. (سُئِلَ) عَمَّا فِي الْأَنْوَارِ مِنْ قَوْلِهِ لَوْ حَلَفَ فِي جُنْحِ اللَّيْلِ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا الْيَوْمَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْكَلَامِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَلِيهِ وَلَا بَأْسَ بِالتَّكْلِيمِ فِي بَقِيَّةِ اللَّيْلِ مُعْتَمَدٌ أَمَّا مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ قَوْلِهِ يَوْمًا بِالتَّنْكِيرِ وَهُوَ الصَّوَابُ أَمَّا بِالتَّعْرِيفِ فَلَا يَنْعَقِدُ. اهـ كَلَامُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا فِي الْأَنْوَارِ صَحِيحٌ كَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ ذِكْرُ الْيَوْمِ

مُعَرَّفًا وَلَعَلَّهُ الْأَصْوَبُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ نَوَى صَوْمَ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ ثُمَّ حَنِثَ قَبْلَ الْفَجْرِ يَصِحُّ صَوْمُ الْغَدِ عَنْ الْكَفَّارَةِ بِتِلْكَ النِّيَّةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَنْ الْكَفَّارَةِ لِوُقُوعِ نِيَّتِهِ قَبْلَ الْحِنْثِ. (سُئِلَ) عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ غَدًا وَتَمَكَّنَ مِنْ أَكْلِهِ وَلَمْ يَأْكُلْهُ ثُمَّ تَلِفَ حَيْثُ قَالُوا يَحْنَثُ وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ لَمْ تَخْرُجِي اللَّيْلَةَ مِنْ الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقَةٌ حَيْثُ قَالُوا لَوْ خَالَعَ فِي اللَّيْلِ وَجَدَّدَ وَلَمْ تَخْرُجْ لَمْ تَطْلُقْ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ اللَّيْلَ كُلَّهُ مَحَلٌّ لِلْيَمِينِ وَلَمْ يَمْضِ جَمِيعُهُ وَهِيَ زَوْجَتُهُ حَتَّى تَطْلُقَ فَلِأَيِّ شَيْءٍ لَمْ يُجْرُوا هَذَا التَّعْلِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الرَّغِيفِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي أُولَاهُمَا الْفِعْلُ، وَقَدْ فَوَّتَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَحَنِثَ وَفِي ثَانِيهِمَا التَّعْلِيقُ عَلَى الْعَدَمِ وَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْآخَرِ فَإِذَا صَادَفَهَا الْآخَرُ بَائِنًا لَمْ تَطْلُقْ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَتَسَرَّى فَاشْتَرَى أَمَةً وَطِئَهَا هَلْ يَحْصُلُ بِهَذَا الْفِعْلِ التَّسَرِّي وَيَحْنَثُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ التَّسَرِّي بِمَا ذَكَرَ وَلَا يَحْنَثُ بِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَنَامُ فِي الْمَكَانِ

باب النذر

الْفُلَانِيِّ مَثَلًا وَكَانَ لِذَلِكَ الْمَكَانِ سَطْحٌ وَنَامَ الْحَالِفُ عَلَيْهِ هَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ إنْ لَمْ يَصْعَدْ إلَى السَّطْحِ مِنْ الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ ثُمَّ فَعَلَهُ وَشَكَّ هَلْ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ هَلْ تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ وَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَيَجْتَهِدُ فِيهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ، هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَإِلَّا رَاجَعَ زَوْجَتَهُ وَكَفَّرَ، وَقَدْ تَخَلَّصَ بِيَقِينٍ. (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ لَا يُصَيِّفُ هَذِهِ السَّنَةَ فِي هَذَا الْبَلَدِ فَأَقَامَ فِيهَا أَكْثَرَ الصَّيْفِ وَدَخَلَ قَبْلَ فَرَاغِهَا هَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِإِقَامَتِهِ الْمَذْكُورَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [بَابُ النَّذْرِ] (بَابُ النَّذْرِ) (سُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ قَالَ جَعَلْت مِنْ فَرَسِي هَذِهِ قِيرَاطًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ بَاعَهَا فَلِمَنْ يُصْرَفُ ثَمَنُ الْقِيرَاطِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ فُقَرَاءَ الْحَرَمِ النَّبَوِيِّ وَلَمْ يُرِدْ عِمَارَةَ الْحَرَمِ النَّبَوِيِّ وَمَا الْمَسْئُولُ إلَّا حَالَةُ الْإِطْلَاقِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُصْرَفُ ثَمَنُ الْقِيرَاطِ الْمَذْكُورِ فِي مَصَارِفِ الْحُجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ

النذر هل هو قربة

بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ نَاظِرُهُ لِصِحَّةِ النَّذْرِ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ حَالَ الْإِطْلَاقِ إذْ يَتَبَادَرُ مِنْهُ إلَى الْفَهْمِ غَيْرُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ اُشْتُهِرَ فِيهِ حَتَّى صَارَ كَأَنَّهُ حَقِيقَةٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ بَاعَ عَقَارًا ثُمَّ نَذَرَ أَنَّهُ إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ لِغَيْرِهِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا وَحَكَمَ بِمُوجَبِهِ حَاكِمٌ شَافِعِيٌّ ثُمَّ ظَهَرَ كَوْنُهُ عَلَيْهِ مَحْكُومًا بِمُوجَبِهِ مِمَّنْ يَرَاهُ فَهَلْ يَلْزَمُ الْبَائِعَ الْمَبْلَغُ الَّذِي نَذَرَهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ النَّذْرَ الْمَذْكُورَ نَذْرُ لَجَاجٍ فَيَتَخَيَّرُ نَاذِرُهُ بَيْنَ وَفَاءِ الْمَبْلَغِ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ نَذَرْت لِزَيْدٍ كَذَا وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الْإِقْرَارَ فَهَلْ هُوَ صَرِيحٌ فِي انْعِقَادِ النَّذْرِ أَوْ كِنَايَةٌ أَوْ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِيهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ مَتَى تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ بِسَبَبِ النَّذْرِ لِلْفُقَرَاءِ الْمُقِيمِينَ بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ كَذَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ قَالَهُ وَهُوَ رَاغِبٌ فِي تَزْوِيجِهَا لَزِمَهُ؛ لِأَنَّهُ نَذْرُ تَبَرُّرٍ أَوْ رَاغِبٍ عَنْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ؛ لِأَنَّهُ نَذْرُ لَجَاجٍ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ وَفَائِهِ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ. [النَّذْر هَلْ هُوَ قربة] (سُئِلَ) عَنْ النَّذْرِ هَلْ هُوَ قُرْبَةٌ أَوْ مَكْرُوهٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ نَذْرَ التَّبَرُّرِ قُرْبَةٌ فِي نَفْسِهِ وَنَذْرُ اللَّجَاجِ مَكْرُوهٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَقْرَضَ آخَرَ مَبْلَغًا

وَكَتَبَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَثِيقَةً وَنَذَرَ الْمُقْرِضُ لِلَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يُطَالِبُ الْمُقْتَرِضَ بِمَبْلَغِ الْقَرْضِ إلَّا مُقَسَّطًا أَرْبَعَةَ أَقْسَاطٍ مُتَسَاوِيَةٍ كُلُّ قِسْطٍ فِي آخِرِ سَنَةِ كَذَا أَوْ أَنَّهُ لَا يُحِيلُ بِالْقَرْضِ عَلَى الْمُقْتَرِضِ إلَّا عَلَى حُكْمِ التَّقْسِيطِ وَلَا يُقِرُّ بِالْمَبْلَغِ الْمُقْتَرَضِ لِأَحَدٍ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ وَحَكَمَ بِمُوجِبِ ذَلِكَ فَهَلْ - وَالْحَالَةُ هَذِهِ - يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالنَّذْرِ الْمَذْكُورِ أَعْلَاهُ وَيُمْنَعُ الْمُقْرِضُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ إلَّا عَلَى حُكْمِ التَّقْسِيطِ أَمْ لَا وَهَلْ لِلْمُقْرِضِ الْحَوَالَةُ بِذَلِكَ أَوْ الْإِقْرَارُ بِهِ لِغَيْرِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُقْرِضَ الْوَفَاءُ بِنَذْرِهِ الْمَذْكُورِ فَتَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مُطَالَبَةُ الْمُقْتَرِضِ بِالْقَرْضِ إلَّا عَلَى حُكْمِ التَّقْسِيطِ، وَالْحَوَالَةُ عَلَيْهِ أَيْضًا إلَّا كَذَلِكَ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَيْضًا الْإِقْرَارُ بِهِ لِغَيْرِهِ. (سُئِلَ) عَنْ نُظَّارٍ عَلَى مَسَاجِدَ وَمُكَلَّمِينَ عَلَى أَيْتَامٍ وَمُكَلَّفِينَ يَدْفَعُونَ نُقُودًا إلَى أَقْوَامٍ قَرْضًا ثُمَّ يَنْذِرُونَ فَيَقُولُ الْمُقْتَرِضُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْطِيَ أَيْتَامَ فُلَانٍ أَوْ فُلَانًا أَوْ نَاظِرَ الْجَامِعِ الْفُلَانِيِّ أَوْ الْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا مَا دَامَ مَبْلَغُ الْقَرْضِ فِي ذِمَّتِي فَهَلْ هَذَا

نَذْرٌ صَحِيحٌ لَازِمٌ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ أَوْ هُوَ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى رِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسِيئَةِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ دَاخِلٍ فِي نَذْرَيْ التَّبَرُّرِ وَالْقُرْبَةِ وَاللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ غَيْرَ الْمُجَازَاةِ فِي مُقَابَلَةِ بَقَاءِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ وَذَلِكَ لَيْسَ بِحُدُوثِ نِعْمَةٍ وَلَا انْدِفَاعِ بَلِيَّةٍ وَلَا قُرْبَةٍ بَيِّنُوا لَنَا ذَلِكَ بَيَانًا شَافِيًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ اشْتَمَلَ كُلٌّ مِنْ الْقَرْضِ وَالنَّذْرِ الْمَذْكُورَيْنِ عَلَى مَصَالِحَ أَمَّا الْقَرْضُ فَقَدْ صَرَّحَ الْأَئِمَّةُ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ وَالنَّاظِرِ تَنْمِيَةُ مَالِ مُوَلِّيهِ بِقَدْرِ الْمُؤَنِ إنْ أَمْكَنَتْ، وَقَدْ لَا يُحْسِنُهَا الْوَلِيُّ وَالنَّاظِرُ، وَإِنْ أَحْسَنَهَا وَتَوَلَّاهَا فَفِيهَا خَوْفُ تَلَفِ الْمَالِ أَوْ تَعَيُّبِهِ أَوْ خُسْرَانِهِ. وَإِنْ قَارَضَ عَلَيْهِ أَوْ شَارَكَ فِيهِ زَادَ عَلَيْهِ خَوْفَ دَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَالْقَرْضُ سَالِمٌ مِنْهَا، وَأَمَّا النَّذْرُ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ لِلْمُقْتَرِضِ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِانْتِفَاءِ مُطَالَبَةِ الْمُقْرِضِ لَهُ بِرَدِّ عَيْنِ الْمُقْرَضِ عِنْدَ بَقَائِهِ أَوْ بِرَدِّ بَدَلِهِ عِنْدَ تَلَفِهِ فِي الْحَالِ الْمُفَوِّتَةِ لِمَقْصُودِ الْقَرْضِ مِنْ الْإِرْفَاقِ بَلْ الْغَالِبُ حِينَئِذٍ إمْهَالُ الْمُقْتَرِضِ إلَى وَقْتِ إرَادَتِهِ أَدَاءَ الْمُقْرِضِ وَلِصَاحِبِ

الْمَالِ كَالْيَتِيمِ مَثَلًا الْوُثُوقُ بِحُصُولِ الْمَبْلَغِ الْمَنْذُورِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُقْتَرِضِ أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْمُقْرِضِ أَكْثَرَ مِمَّا افْتَرَضَهُ، وَقَدْ لَا يَثِقُ مِنْ نَفْسِهِ بِالْقِيَامِ بِهَذِهِ السُّنَّةِ بُخْلًا بِالْمَالِ أَوْ كَسَلًا عَنْ الْقِيَامِ بِهَا أَوْ فُتُورًا عَنْ الْقُرْبَةِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَ نَذْرِهَا فَإِذَا نَذَرَهَا تَحَتَّمَ عَلَيْهِ فِعْلُهَا، وَأَلْزَمَ نَفْسَهُ الْقِيَامَ بِهَا وَحَثَّهَا عَلَيْهِ خَشْيَةَ الْإِثْمِ وَحَصَلَ لَهُ بِالْقِيَامِ بِهَا ثَوَابُ الْقُرْبَةِ الْوَاجِبَةِ الَّذِي يَزِيدُ عَلَى ثَوَابِ الْقُرْبَةِ الْمَنْدُوبَةِ بِسَبْعِينَ دَرَجَةً فَالنَّذْرُ الْمَذْكُورُ نَذْرُ تَبَرُّرٍ وَصَحِيحٍ يَلْزَمُ نَاذِرَهُ الْوَفَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ الْتَزَمَ قُرْبَةً فِي مُقَابَلَةِ حُدُوثِ نِعْمَةٍ أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ اتَّجَرَ فِي الْمَبْلَغِ حَصَلَ لَهُ رِبْحُهُ وَهُوَ نِعْمَةٌ تَتَجَدَّدُ. وَإِلَّا انْدَفَعَ بِهِ عَنْهُ نِقْمَةٌ، وَهِيَ ضَرَرُ التَّضْيِيقِ عَلَيْهِ بِسَبَبِ أَدَاءِ الْمَبْلَغِ وَحَبْسُهُ عَلَيْهِ أَوْ مُلَازَمَتُهُ يَزِيدُ شُكْرَ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا يَدْفَعُهُ مِنْ النَّذْرِ إلَى مَنْ ذَكَرَ فِي السُّؤَالِ فَهُوَ رَاغِبٌ فِي السَّبَبِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا ظَاهِرًا فِي بَقَاءِ الْمُقْرَضِ فِي ذِمَّتِهِ فَهُوَ نَذْرُ مُجَازَاةٍ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مِنْ بَقَاءِ الْمُقْرَضِ فِي ذِمَّتِهِ الْحَاصِلِ بِهِ مَا مَرَّ مِنْ حُدُوثِ

نذر صوم يوم الجمعة منفردا

النِّعْمَةِ أَوْ انْدِفَاعِ النِّقْمَةِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ قُرْبَةٌ وَمُكَافَأَةُ إحْسَانٍ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ وَلَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى رِبَا النَّسِيئَةِ وَلَا إلَى غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الرِّبَا إذْ الرِّبَا لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْبَيْعِ أَوْ نَحْوِهِ، وَأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي نَذْرِ التَّبَرُّرِ وَالْقُرْبَةِ كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُمْ فِي الْمُخْتَصَرَاتِ فَضْلًا عَنْ الْمُطَوَّلَاتِ، وَأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ حُدُوثِ نِعْمَةٍ أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ بَلْ رَغْبَةُ النَّاذِرِ فِي حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَتِنَا أَشَدُّ مِنْهَا فِي كَثِيرٍ مِنْ مَسَائِلِ النَّذْرِ فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا إنْ جَامَعْتنِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ عَبْدٍ نَظَرَ إنْ قَالَتْهُ عَلَى سَبِيلِ الْمَنْعِ فَنَذْرُ لَجَاجٍ أَوْ عَلَى سَبِيلِ الشُّكْرِ لِلَّهِ مِنْ حَيْثُ يَرْزُقُهَا الِاسْتِمْتَاعَ بِزَوْجِهَا لَزِمَهَا الْوَفَاءُ اهـ. وَبِالْجُمْلَةِ فَمَنْ أَفْتَى بِبُطْلَانِ النَّذْرِ فِي مَسْأَلَتِنَا فَقَدْ أَخْطَأَ. [نَذْر صوم يَوْم الْجُمُعَةَ مُنْفَرِدًا] (سُئِلَ) هَلْ يَصِحُّ نَذْرُ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُنْفَرِدًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ نَذْرُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ نَذَرَ يَوْمًا مِنْ أُسْبُوعٍ ثُمَّ نَسِيَهُ ثُمَّ صَامَ آخِرَهُ وَهُوَ الْجُمُعَةُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقَعَ قَضَاءً، وَأَيْضًا فَإِنَّمَا يُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ فِي النَّفْلِ لَا فِي الْفَرْضِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى تَزَوُّجِهِ

الوفاء بنذر التبرر حالا

ثُمَّ نَذَرَ وَهَلْ يَصِحُّ هَذَا النَّذْرُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ النَّذْرَ الْمَذْكُورَ غَيْرُ صَحِيحٍ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ عَلَى صَدَاقٍ جُمْلَتُهُ كَذَا وَكَذَا وَنَذَرَتْ لِلَّهِ تَعَالَى نَذْرَ قُرْبَةٍ أَنَّهَا لَا تُطَالِبُهُ بِحَالِّ صَدَاقِهَا مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ فَهَلْ هَذَا النَّذْرُ صَحِيحٌ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ النَّذْرَ صَحِيحٌ وَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ الضُّحَى مَثَلًا مَعَ الْفَاتِحَةِ سُورَةُ الْإِخْلَاصِ فَتَرَكَهُ عَمْدًا هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ سَهْوًا ثُمَّ ذَكَرَهَا قَبْلَ بُلُوغِهِ مَثَلًا مِنْ قِيَامِ الثَّانِيَةِ يَأْتِي بِهَا كَمَا فِي السَّاهِي بِتَرْكِ الْفَاتِحَةِ أَيْ إذَا كَانَ غَيْرَ مَأْمُومٍ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ حَالَ تَعَمُّدِهِ تَرْكَهَا، وَإِنْ عَصَى بِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعَوْدُ إلَيْهَا حَالَ سَهْوِهِ بَعْدَ رُكُوعِهِ. [الوفاء بِنَذْر التَّبَرُّر حَالًا] (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ شَرْحِ التَّحْرِيرِ فِي نَذْرِ التَّبَرُّرِ فَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ حَالًّا هَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَبِالْأَوَّلِ عِنْدَ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ بِهِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ وَجَبَ فِي الْحَالِّ وُجُوبًا مُوَسَّعًا. (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ نَذَرَتْ لِلَّهِ تَعَالَى أَنْ لَا تُطَالِبَ زَوْجَهَا بِبَاقِي حَالِّ صَدَاقِهَا

تقبيل أضرحة الصالحين

عَلَيْهِ مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَحَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِمُوجِبِ ذَلِكَ فَهَلْ لَهَا أَنْ تُحِيلَ عَلَيْهِ أَوْ تُعِيرَهُ أَوْ تَهَبَهُ أَوْ تَبِيعَهُ لِلْغَيْرِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ أَوْ تَرْجِعَ عَنْ النَّذْرِ وَهَلْ إذَا أَسْقَطَ الزَّوْجُ حَقَّهُ مِنْ النَّذْرِ لَهَا مُطَالَبَتُهُ بِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَهَا أَنْ تُحِيلَ عَلَيْهِ بِهِ، وَكَذَا بَيْعُهُ لِغَيْرِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُعِيرَهُ أَوْ تَهَبَهُ لِغَيْرِهِ أَوْ تَرْجِعَ عَنْ النَّذْرِ، وَلَا مُطَالَبَتِهِ بِهِ، وَإِنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ النَّذْرِ. [تقبيل أَضْرِحَة الصَّالِحِينَ] (سُئِلَ) عَنْ تَقْبِيلِ أَضْرِحَةِ الصَّالِحِينَ هَلْ يُكْرَهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ فِعْلَ ذَلِكَ لِلتَّبَرُّكِ لَا يُكْرَهُ فَقَطْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُشِيرَ بِعَصَا، وَأَنْ يُقَبِّلَهَا، وَقَالُوا أَيَّ أَجْزَاءِ الْبَيْتِ قَبَّلَ فَحَسَنٌ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ اقْتَرَضَ مَالَ يَتِيمٍ مِنْ وَلِيِّهِ ثُمَّ نَذَرَ أَنَّهُ يُعْطِي الْيَتِيمَ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا مَا دَامَ الْمَبْلَغُ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ إنَّ الْوَلِيَّ قَبَضَ مِنْهُ بَعْضَ الْمَبْلَغِ فَهَلْ يَبْطُلُ النَّذْرُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَبْطُلُ النَّذْرُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ بَقَاءِ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ دَفَعَ لِآخَرَ دَرَاهِمَ، وَقَالَ أَوْصِلْهَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهَلْ يَصْرِفُهَا لِفُقَرَاءِ الْمَدِينَةِ أَوْ يَدْفَعُهَا لِلطَّوَاشِيِ فَيَضَعُهَا فِي

نذر الاعتكاف جنبا

الصُّنْدُوقِ الَّذِي يُؤْخَذُ مَا تَحَصَّلَ فِيهِ لِجِهَةِ السَّلْطَنَةِ أَوْ يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمَقَامِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِقَصْدِ بَاذِلِ الدَّرَاهِمِ وَنَحْوِهَا صَرْفَهَا فِي مَصَالِحِ مَقَامِهِ الشَّرِيفِ فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُهَا فِيهَا حَالًا أَوْ مَآلًا بَلْ يَصِحُّ النَّذْرُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ إذْ لَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ إلَى الْفَهْمِ غَيْرُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ اشْتَهَرَ فِيهِ حَتَّى صَارَ كَأَنَّهُ حَقِيقَتُهُ. [نَذْر الِاعْتِكَاف جنبا] (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ جُنُبًا هَلْ يَصِحُّ نَذْرُهُ كَمَا نَقَلُوهُ عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ لِحُرْمَةِ مُكْثِهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَالنَّذْرُ لَا يَنْعَقِدُ بِالْتِزَامِ مَعْصِيَةٍ. (سُئِلَ) عَمَّنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ وَبِهِ ضَامِنٌ، وَنَذَرَ أَنْ لَا يُطَالِبَ الْمَدْيُونَ بِدَيْنِهِ إلَى مُضِيِّ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ فَهَلْ تَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مُطَالَبَةُ الْمَدْيُونِ بِهِ قَبْلَ مُضِيِّهَا دُونَ الضَّامِنِ، وَهَلْ إذَا وَكَّلَ بِهَا أَوْ أَحَالَ بِهِ لِلْوَكِيلِ أَوْ الْمُحْتَالِ مُطَالَبَةُ الْمَدْيُونِ قَبْلَ مُضِيِّهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مُطَالَبَةُ الْمَدْيُونِ بِهِ قَبْلَ مُضِيِّهَا وَلَهُ مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بِالنَّذْرِ عَنْ كَوْنِهِ حَالًّا وَلَمْ يَتَعَلَّقْ نَذْرُهُ بِغَيْرِ الْمَدْيُونِ، وَلِكُلٍّ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُحْتَالِ مُطَالَبَةُ الْمَدْيُونِ

بِهِ قَبْلَ مُضِيِّهَا لِعَدَمِ تَنَاوُلِ النَّذْرِ لَهُمَا. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ نَذَرَتْ زَوْجَتُهُ أَنْ لَا تُطَالِبَ زَوْجَهَا بِحَالِّ صَدَاقِهَا مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ لَا بِنَفْسِهَا وَلَا بِوَكِيلِهَا هَلْ يَصِحُّ نَذْرُهَا وَهَلْ هُوَ نَذْرُ تَبَرُّرٍ حَتَّى تَمْتَنِعَ مُطَالَبَتُهُ بِهِ مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ مُطْلَقَةَ التَّصَرُّفِ صَحَّ نَذْرُهَا، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ وَهُوَ نَذْرُ تَبَرُّرٍ فَتَمْتَنِعُ الْمُطَالَبَةُ الْمَذْكُورَةُ مُدَّةَ دَوَامِهَا فِي عِصْمَتِهِ. (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ نَذَرَتْ أَنْ تَقُومَ عَنْ زَوْجِهَا بِكِسْوَتِهَا اللَّازِمَةِ لَهَا كَذَا وَكَذَا سَنَةً فَهَلْ يَصِحُّ هَذَا النَّذْرُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ النَّذْرَ الْمَذْكُورَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ مَضْمُونَهُ أَنَّهَا تَبْذُلُ دَيْنَهَا عَلَيْهِ لِنَفْسِهَا. (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ تَقْيِيدُ مَا لَوْ نَذَرَ قِرَاءَةَ سُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ طُولَ صَلَاةٍ أَوْ صَلَاةَ جَمَاعَةٍ بِالْفَرْضِ أَمْ لَا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ التَّقْيِيدِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ نَذَرَ أَنْ لَا يُطَالِبَ مَدْيُونَهُ بِدَيْنِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً هَلْ تُسْتَمَعُ دَعْوَاهُ بِهِ وَهَلْ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِي مُطَالَبَتِهِ بِهِ أَمْ لَا فَلَوْ قَبَضَهُ ثُمَّ ادَّعَى دَفْعَهُ لِمُوَكِّلِهِ أَوْ تَلِفَ فِي يَدِ مُوَكِّلِهِ قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِيهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُسْمَعُ

دَعْوَاهُ لِصَيْرُورَتِهِ كَالْمُؤَجَّلِ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِي مُطَالَبَتِهِ بِهِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ نَذْرِهِ مُطَالَبَةَ غَيْرِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَحَالَ بِهِ فَإِنَّ لِلْمُحْتَالِ الْمُطَالَبَةَ بِهِ، وَإِذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ دَفْعَهُ لِمُوَكِّلِهِ أَوْ تَلَفَهُ قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ تَلَفَهُ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ لَمْ يُعْرَفْ. (سُئِلَ) عَمَّنْ نَذَرَ قِرَاءَةَ خَتْمَةٍ هَلْ يَتَخَلَّصُ بِقِرَاءَةِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ ثَلَاثًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ نَذْرِهِ بِذَلِكَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ نَذَرْت لِلَّهِ عَلَيَّ إنْ طَالَبَ زَيْدٌ عُمَرَ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا كَانَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا نَذْرُ تَبَرُّرٍ وَقُرْبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى، وَحَكَمَ عَلَيْهِ حَاكِمٌ شَافِعِيٌّ بِمُوجِبِ مَا أَشْهَدَ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَهَلْ هَذَا نَذْرُ تَبَرُّرٍ وَقُرْبَةٍ لَازِمٌ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ نَذْرَ تَبَرُّرٍ وَقُرْبَةٍ أَوْ لَا حَتَّى لَوْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ نَذْرَ لَجَاجٍ وَلَمْ أُرِدْ بِهِ حُصُولَهُ يُقْبَلُ مِنْهُ. كَمَا نُقِلَ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ أَنَّ قَوْلَ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي إنْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَهَبَك أَلْفًا لَغْوٌ، وَقَيَّدَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ بِمَذْهَبٍ مُعْتَبَرٍ إلَى آخِرِهِ فَهَلْ إذَا قُلْتُمْ بِانْعِقَادِ النَّذْرِ وَلُزُومِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا تَقُولُونَ كَمَا هُوَ

ظَاهِرٌ إنَّ الْوَفَاءَ بِالْمَنْذُورِ عَلَى التَّرَاخِي وَتُقَيِّدُونَ لُزُومَ النَّذْرِ وَانْعِقَادَهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَرْجُو وَفَاءَهُ أَوْ لَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى صَرْفِهِ لَهُ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ تَنَاوُلِهِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِذَلِكَ أَوْ لَا وَهَلْ مِثْلُ النَّذْرِ الْعِتْقُ وَالْوَقْفُ فِي أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى الْوَاقِفِ أَوْ الْمُعْتِقِ دَيْنٌ لَا يَرْجُو وَفَاءَهُ أَوْ لَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى صَرْفِهِ لَهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ، وَإِعْتَاقُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَ النَّاذِرُ رَاغِبًا فِي مُطَالَبَةِ زَيْدٍ عُمَرَ، وَأَخْذِهِ مِنْهُ فَهُوَ نَذْرُ تَبَرُّرٍ، وَإِلَّا فَلَا يَنْعَقِدُ أَصْلًا وَالْوَفَاءُ بِالْمَنْذُورِ حَيْثُ لَزِمَ فَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي إذَا لَمْ يُقَيِّدْهُ النَّاذِرُ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِدَيْنٍ لَا يَرْجُو وَفَاءَهُ أَوْ لِمُؤْنَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ لَا يَجُوزُ تَبَرُّعُهُ بِهِ بِصَدَقَةٍ وَلَا نَذْرٍ وَلَا إعْتَاقٍ وَلَا وَقْفٍ إذْ الْحَرَامُ لَا يُتَقَرَّبُ بِهِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِأَمَتِهِ الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي لَا أَطَؤُك مُنْذُ كَذَا وَكَذَا وَعَيَّنَ مُدَّةً، وَأَرَادَ الْوَطْءَ وَوَطِئَهَا فَمَاذَا يَلْزَمُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ التَّعْلِيقَ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا؛ لِأَنَّ

النذر على الأضرحة

الْعِتْقَ لَا يُحْلَفُ بِهِ إلَّا عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيقِ وَالِالْتِزَامِ كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ عِتْقٌ وَالْحَلِفُ بِهِ عَلَى جِهَةٍ لِتَعْلِيقٍ وَالِالْتِزَامُ يَجِبُ فِيهِ مَا يَجِبُ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِرَجُلٍ مَعْلُومِ الْقَدْرِ، وَالدَّيْنُ الْمَذْكُورُ حَالٌّ فَقَالَ صَاحِبُ الدَّيْنِ نَذْرٌ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أُطَالِبَك إلَى مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَطَرَأَ لِلْمَدِينِ الْمَذْكُورِ سَفَرٌ وَلَمْ تَمْضِ الثَّلَاثَةُ شُهُورٍ فَهَلْ النَّذْرُ صَحِيحٌ أَمْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ بِصِحَّتِهِ فَهَلْ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَقْتَرِضَ وَيُحِيلَ الَّذِي اقْتَرَضَ مِنْهُ عَلَى الْمَدِينِ أَمْ لَا وَهَلْ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ أَيْضًا مِنْ يُطَالِبُ عَنْهُ لِيَخْلُصَ مِنْ النَّذْرِ الْمَذْكُورِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْتَرِضَ قَدْرَ ذَلِكَ الدَّيْنِ ثُمَّ يُحِيلُ الْمُقْرِضَ عَلَى الْمَدْيُونِ الْمَذْكُورِ وَلَهُ أَيْضًا أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يُطَالِبُ بِهِ لِانْتِفَاءِ مُطَالَبَةِ النَّاذِرِ لِلْمَدْيُونِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ. [النَّذْر عَلَى الْأَضْرِحَة] (سُئِلَ) هَلْ يَصِحُّ النَّذْرُ عَلَى الْأَضْرِحَةِ كَمَا هُوَ الْمَعْهُودُ الْآنَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا عَادَ نَفْعُهُ عَلَى الْأَحْيَاءِ انْعَقَدَ، وَإِلَّا فَلَا يَنْعَقِدُ. [شك فِي النَّذْر هَلْ هُوَ صَدَقَة أُمّ صِيَام] (سُئِلَ) عَمَّنْ كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ وَشَكَّ هَلْ هُوَ صَوْمٌ أَوْ صَلَاةٌ أَوْ صَدَقَةٌ أَوْ عِتْقٌ فَهَلْ يَلْزَمُهُ

كتاب القضاء

الْجَمِيعُ أَوْ يَجْتَهِدُ وَيَفْعَلُ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَقْرَضَ آخَرَ دَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَنَذَرَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْأَجَلُ الْمَذْكُورُ فَهَلْ هَذَا النَّذْرُ صَحِيحٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ قَارَنَ شَرْطًا لَاغِيًا فَلَغَا أَمْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُقْتَرِضُ مَلِيًّا فَالنَّذْرُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَيُطَالِبَهُ بِنَفْسِهِ وَبِوَكِيلِهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا فَالنَّذْرُ صَحِيحٌ فَلَا يُطَالَبَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ النَّذْرَ الْمَذْكُورَ صَحِيحٌ وَصُورَتُهُ أَنْ يَكُونَ الْمُقْتَرِضُ مُوسِرًا قَاصِدًا لِلْإِمْهَالِ وَلْيَرْتَفِقْ بِهِ أَوْ غَيْرَ قَاصِدٍ لِلْأَدَاءِ لِغَفْلَتِهِ عَنْهُ أَوْ لِغَيْبَةِ مَالِهِ. [كِتَابُ الْقَضَاءِ] (كِتَابُ الْقَضَاءِ) (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ قَاضٍ اسْتَنَابَ رَجُلًا فِي شُغْلٍ مُعَيَّنٍ كَتَزْوِيجِ امْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا وَلِيَّ لَهَا إلَّا الْحَاكِمُ وَتَحْلِيفٍ وَسَمَاعِ شَهَادَةٍ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَهَلْ تَجُورُ الِاسْتِنَابَةُ الْمَذْكُورَةُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أُذِنَ لِلْقَاضِي فِيهَا أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ قَدَرَ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ الشُّغْلِ بِنَفْسِهِ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا كَمَا قَطَعَ بِهِ الْقَفَّالُ فَاسْتَنَابَ

رَجُلًا فِي تَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ أَذِنَتْ لِلْقَاضِي أَوْ لِلرَّجُلِ فَزَوَّجَهَا ذَلِكَ الرَّجُلُ فَهَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ الْمَذْكُورُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْحِجَازِيِّ إجْرَاءً لِلِاسْتِنَابَةِ الْمَذْكُورَةِ مَجْرَى الِاسْتِخْلَافِ الْعَامِّ أَمْ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْأَنْوَارِ كَمَا لَوْ وُكِّلَ الْوَلِيُّ الْخَاصُّ فِي تَزْوِيجِهَا قَبْلَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَجُورُ الِاسْتِنَابَةُ الْمَذْكُورَةُ إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ فِيهَا أَوْ اسْتَنَابَ فِيمَا يَعْجِزُ عَنْهُ، وَإِذَا اسْتَنَابَ رَجُلًا فِي تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ بِشَرْطِهِ ثُمَّ أَذِنَتْ لِلْقَاضِي أَوْ لِلْوَلِيِّ فَزَوَّجَهَا ذَلِكَ الرَّجُلُ صَحَّ النِّكَاحُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاسْتِنَابَةَ الْمَذْكُورَةَ تَجْرِي مَجْرَى الِاسْتِخْلَافِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ طَعَنَ شَخْصٌ فِي الْقَاضِي وَقَالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِقَاضٍ لِفِسْقِهِ هَلْ يَصِحُّ حُكْمُ هَذَا الْقَاضِي لَهُ وَعَلَيْهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْفُذُ حُكْمُ الْقَاضِي عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّهُ فَاسِقٌ، وَكَذَا لَهُ إنْ وَلَّاهُ سُلْطَانٌ لَهُ شَوْكَةٌ أَوْ مَضَتْ بَعْدَ قَوْلِهِ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ ثُمَّ وُلِّيَ أَيْضًا، وَإِلَّا فَلَا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْقَاضِي أَشَهِدْت عَلَيْهِ هَلْ هُوَ بِمُجَرَّدِهِ حُكْمٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ بِحُكْمٍ. (سُئِلَ) مَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ إنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ

الْمُخَالِفِ فِي الْفُرُوعِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا وَقِيلَ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ يُفَصِّلُ وَقَدْ رَجَّحَ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ خِلَافَ الْأَوَّلِ فَمَا الْمُعْتَمَدُ؟ . (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَى نُفُوذِ الْحُكْمِ عَلَى مَا ذَكَرَ أَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ نَقْضِهِ، وَيَحِلُّ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ وَلَوْ لِغَيْرِ مُعْتَقِدِهِ كَحِلِّ أَخْذِ الشُّفْعَةِ بِالْجِوَارِ لِشَافِعِيٍّ حَكَمَ لَهُ حَنَفِيٌّ بِهَا، وَالْمُعْتَمَدُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ. (سُئِلَ) هَلْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى قَاضٍ مَعْزُولٍ أَنَّهُ حَكَمَ بِعَبْدَيْنِ مَثَلًا تَحْلِيفُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ تَحْلِيفُهُ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا أَذِنَ الْإِمَامُ لِلْقَاضِي فِي الِاسْتِخْلَافِ، وَأَطْلَقَ هَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ. (سُئِلَ) عَنْ قَاضٍ أَتَى إلَيْهِ شَخْصٌ بِمُسْتَنَدِ إقْرَارٍ بِدَيْنٍ وَقَالَ لَهُ: إنَّهُ بِشَهَادَتِك وَشَهَادَةِ وَلَدِك وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى الْمُقِرِّ فِيهِ وَهُوَ غَائِبٌ بِعِلْمِهِ فَأَنْكَرَ كَوْنَهُ خَطَّهُ أَوْ خَطَّ وَلَدِهِ ثُمَّ كَرَّرَ عَلَيْهِ السُّؤَالَ فِي ذَلِكَ فَحَكَمَ بِهِ غَيْرَ مُتَذَكِّرٍ لِلْإِشْهَادِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ بَعْدَ الْحُكْمِ تَأَمَّلَ الْمُسْتَنَدَ هُوَ وَوَلَدُهُ فَعَلِمَا أَنَّهُ مُزَوَّرٌ عَلَيْهِمَا فَهَلْ الْحُكْمُ صَحِيحٌ أَوْ لَا وَهَلْ لَهُ

أَنْ يَنْقُضَهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ بَاطِلٌ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ وَهُوَ التَّذَكُّرُ وَلِتَبَيُّنِ انْتِفَاءِ مُسْتَنَدِهِ كَمَا لَوْ حَكَمَ بِشَاهِدَيْنِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ عَدَمُ أَهْلِيَّتِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا لِلشَّهَادَةِ فَيُبَيِّنُ هُوَ وَغَيْرُهُ بُطْلَانَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نَقْضٍ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ آلَ النَّظَرُ إلَى قَاضٍ عَلَى عَقَارٍ مَثَلًا فَاسْتَأْجَرَهُ شَخْصٌ مِنْهُ أَوْ مِنْ مَأْذُونِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضًا لَهُ ثُمَّ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ بِصِحَّتِهِ أَوْ بِمُوجِبِهِ يَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ حُكْمًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِبَعْضِهِ كَمَا اسْتَثْنَاهُ الْبُلْقِينِيُّ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ صَارَ الْوَصِيُّ قَاضِيًا فَحَكَمَ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ هُوَ وَصِيٌّ فِيهِ فَإِنَّ الْجَلَالَ الْبَكْرِيَّ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْهُ فِي نُكَتِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ مَعَ مَسَائِلَ أُخَرَ تُضَارِعُهَا أَمْ لَا يَصِحُّ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ عُلَمَاءِ ثَغْرِ دِمْيَاطَ نَاقِلًا لَهُ عَنْ فَتْوَى نَجْلِهِ عَلَمِ الدِّينِ صَالِحٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ حُكْمَهُ صَحِيحٌ لِلْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ إذْ لَا تُهْمَةَ بَلْ الصِّحَّةُ هُنَا أَوْلَى مِنْهَا فِي الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي عَلَى الْوَقْفِ بِجِهَةِ الْقَضَاءِ تَنْقَطِعُ عَنْهُ بِانْقِطَاعِ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيُّ إذَا تَوَلَّى الْقَضَاءَ فَإِنَّ مَا حَكَمَ فِيهِ لِلْيَتِيمِ الَّذِي هُوَ تَحْتَ وَصِيَّتِهِ تَبْقَى وِلَايَتُهُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَزْلِ

فَقَوِيَتْ التُّهْمَةُ فِي حَقِّهِ وَضَعُفَتْ فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ شَهِدَ بِمَالٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ قَبْلَ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ لَقَبِلْنَا شَهَادَتَهُ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ يَشْهَدُ قَبْلَ الْوِلَايَةِ بِالْمَالِ لِمَنْ هُوَ مُوصًى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُ مَا نُقِلَ عَنْ فَتَاوَى عَلَمِ الدِّينِ صَالِحٍ، وَأَظُنُّ أَنَّهُ حَالَ إفْتَائِهِ لَمْ يَسْتَحْضِرْ مَا ذَكَرَهُ وَالِدُهُ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا قَالَ الْقَاضِي حَكَمْت بِطَلَاقِ فُلَانَةَ مِنْ زَوْجِهَا بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ بِمُقْتَضَى أَنَّهُ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ فِي الْخُبْزِ عِنْدَ فُلَانٍ وَخَالَفَاهُ فَقَالَا إنَّمَا شَهِدْنَا عِنْدَك أَنَّهُ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ عِنْدَهُ إلَّا شَرِيكًا، وَأَنَّهُ عَمِلَ عِنْدَهُ شَرِيكًا ثُمَّ غَيْرَ شَرِيكٍ، وَأَنَّ الْعُلَمَاءَ أَفْتَوْهُ بِانْحِلَالِ يَمِينِهِ بِذَلِكَ أَوَّلًا، وَادَّعَى الْحَالِفُ ذَلِكَ وَاسْتَمَرَّ الْقَاضِي عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يَشْهَدَا عِنْدِي بِالْمُسْتَثْنَى بَلْ بِالطَّلَاقِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَاضِي، وَلَوْ بَعْدَ عَزْلِهِ أَمْ لَا يُقْبَلُ إلَّا إنْ كَانَ مَوْثُوقًا بِعِلْمِهِ وَدِينِهِ وَعِفَّتِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ فِي الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِ الْقَاضِي بَعْدَ عَزْلِهِ وَكَذَا قَبْلَهُ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا فِيهِ. وَالْعِبْرَةُ فِيهِمَا بِقَوْلِ الشَّاهِدَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهِ لِدِيَانَتِهِ فَلَا اعْتِبَارَ

الهدية للقاضي قبل القضاء

بِقَوْلِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ إقْلِيمًا فَوَلَّى نَائِبًا عَنْهُ فِيهِ وَهُوَ فِي غَيْرِهِ فَهَلْ تَصِحُّ تِلْكَ التَّوْلِيَةُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَصِحُّ وِلَايَتُهُ لَهُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِحُكْمٍ وَكَوْنُهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ إنَّمَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ دُونَ الْإِذْنِ فَهُوَ كَمَا لَوْ وَكَّلَ الْمَحْرَمُ مَنْ يُزَوِّجُهُ أَوْ يُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ أَوْ أَطْلَقَ وَكَالتَّوْكِيلِ فِي شِرَاءِ الْخَمْرِ بَعْدَ تَخَلُّلِهَا وَنَظَائِرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَثِيرَةٌ فِي كَلَامِهِمْ وَقَدْ سَبَقَ لِي جَوَابٌ فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا، وَصُورَتُهَا إذَا وَلَّاهُ لِيَحْكُمَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ. [الْهَدِيَّة لِلْقَاضِي قَبْل الْقَضَاء] (سُئِلَ) هَلْ تَثْبُتُ الْهَدِيَّةُ لِلْقَاضِي قَبْلَ الْقَضَاءِ بِمُدَّةٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَثْبُتُ بِمُدَّةٍ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ. . [هَلْ يَشْتَرِط لصحة وِلَايَة الْقَضَاء الْقَبُول] (سُئِلَ) هَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ الْقَبُولُ لَفْظًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُوَلِّي إمَامًا أَمْ قَاضِيًا، وَهَلْ يَأْتِي ذَلِكَ فِي قَيِّمِ الْأَيْتَامِ وَفِيمَنْ اسْتَنَابَهُ الْقَاضِي فِي نَظَرِ وَقْفٍ خَاصٍّ أَوْ عَامٍّ؟ . (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا قَبُولُهُ لَفْظًا فَقَدْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا وَقَالَ الرَّافِعِيُّ كَالْوَكَالَةِ. اهـ. وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْقَيِّمِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ. [وِلَايَة الْفَاسِق لِلْقَضَاءِ] (سُئِلَ) هَلْ يَنْعَزِلُ الْفَاسِقُ الَّذِي وَلَّاهُ الْحُكْمَ ذُو الشَّوْكَةِ بِزِيَادَةِ فِسْقِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ

لَا يَنْعَزِلُ، وَإِنْ جَهِلَ فِسْقَهُ مَنْ وَلَّاهُ لِلضَّرُورَةِ. (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ فِي هَذَا الزَّمَانِ تَحْكِيمُ عَدْلٍ غَيْرِ مُجْتَهِدٍ فِي مَكَان لَا حَاكِمَ فِيهِ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ كَمَا فِي تَحْكِيمِ الْمَرْأَةِ إيَّاهَا فِي تَزْوِيجِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَحْكِيمُهُ فِيهَا، وَإِنْ جَازَ تَحْكِيمُهُ فِي التَّزْوِيجِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَذِنَ شَافِعِيٌّ لِذِمِّيٍّ فِي دُخُولِ مَسْجِدٍ فَدَخَلَهُ فَهَلْ لِلْمَالِكِيِّ مَنْعُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ مِمَّا أَذِنَ فِيهِ الشَّافِعِيُّ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ بِإِذْنِهِ. . (سُئِلَ) إذَا طُلِبَ مِنْ الْقَاضِي فِي زَمَانِنَا بَيَانُ مُسْتَنَدِ حُكْمِهِ هَلْ يَلْزَمُهُ بَيَانُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ بَيَانُهُ؛ لِأَنَّ قَضَاءَهُ إنَّمَا نَفَذَ لِلضَّرُورَةِ فَيُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَمَا ذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَيَانُهُ فَمَحَلُّهُ فِيمَنْ اتَّصَفَ بِصِفَاتِ الْقَضَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرُ التَّقْوَى وَالْوَرَعِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ كَانَ فِي الطَّلَبَةِ أَوْ الْمُسْتَفْتِينَ مَنْ قَصْدُهُ يَتَعَلَّمُ مَا تَعَلُّمُهُ فَرْضُ عَيْنٍ وَمَنْ قَصْدُهُ تَعَلُّمُ مَا تَعَلُّمُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي بِلَا تَرَدُّدٍ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الثَّانِي تَعَلُّمَهُ لَا يَأْثَمُ بِهِ

ولاية المرأة والكافر للقضاء

بَلْ وَلَا بِتَرْكِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. (سُئِلَ) عَمَّا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْحُكْمِ أَهُوَ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ حَكَمَ بِعِلْمِهِ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مُعْتَمَدٌ وَاضِحٌ إذْ كَيْفَ يَرْجِعُ عَنْ حُكْمٍ نَفَذَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا حَيْثُ كَانَ بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ كَظَاهِرِهِ أَوْ ظَاهِرًا فَقَطْ بِأَنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ خِلَافًا. [وِلَايَة الْمَرْأَة والكافر لِلْقَضَاءِ] (سُئِلَ) هَلْ يَنْفُذُ قَضَاءُ الْمَرْأَةِ وَالْكَافِرِ إذَا وَلِيَا بِالشَّوْكَةِ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: إنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَكَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْمَنْهَجِ فِي الْمَرْأَةِ وَصَرَّحَ بِهَا فِي شَرْحِهِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَوْ لَا يَنْفُذُ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ الظَّاهِرُ وَكَمَا قَيَّدَ فِي الْمَنْهَجِ بِالْإِسْلَامِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْفُذُ قَضَاءُ الْمَرْأَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ دُونَ الْكَافِرِ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ بَيْنَهُمَا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] فَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ اجْتِمَاعُ هَذِهِ الشُّرُوطِ مُتَعَذِّرٌ فِي عَصْرِنَا لِخُلُوِّ الْعَصْرِ عَنْ الْمُجْتَهِدِ الْمُسْتَقِلِّ فَالْوَجْهُ تَنْفِيذُ قَضَاءِ كُلِّ مَنْ وَلَّاهُ سُلْطَانٌ

ذُو شَوْكَةٍ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ فَاسِقًا كَيْ لَا تَتَعَطَّلَ مَصَالِحُ النَّاسِ، وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مُشْكِلِ الْوَسِيطِ مَا ذَكَرَهُ يُوَجَّهُ بِهِ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى تَنْفِيذِ أَحْكَامِ الْخُلَفَاءِ الظَّلَمَةِ، وَأَحْكَامِ مَنْ وُلُّوا غَيْرَ أَنَّهُ يُورَدُ عَلَيْهِ مَا إذَا وَلَّى السُّلْطَانُ قَاضِيًا كَافِرًا فَإِنَّهُ لَا تَنْفُذُ أَحْكَامُهُ مَعَ وُجُودِ الضَّرُورَةِ. اهـ. عَلَى أَنَّ ابْنَ يُونُسَ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ قَالَ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْإِسْلَامَ شَرْطٌ فِي ذِي الشَّوْكَةِ قَالَ وَقَدْ ظَهَرَ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ الشَّوْكَةُ لِلْكُفَّارِ فَلَوْ قَلَّدَ الْكَافِرُ ذُو الشَّوْكَةِ مُسْلِمًا الْقَضَاءَ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى تَعْطِيلِ الْأَحْكَامِ. اهـ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الظَّاهِرُ نُفُوذُهُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَضَى لِمَنْ لَا يَنْفُذُ لَهُ قَضَاؤُهُ لَهُ وَلِأَجْنَبِيٍّ هَلْ يَصِحُّ لِلْأَجْنَبِيِّ سَوَاءٌ أَكَانَ عَالِمًا بِالْحَالِ أَمْ جَاهِلًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ سَوَاءٌ أَعَلِمَ أَمْ جَهِلَ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِتَقْرِيرِ الْكَسَاوِي أَوْ شُفْعَةِ الْجِوَارِ مَثَلًا مِمَّا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ أَوْ حَكَمَ الْحَنْبَلِيُّ بِأَنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ هَلْ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يُنْفِذَهُ وَيَحْكُمَ بِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ أَمْ لَا كَمَا حَرَّرَهُ

الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ فَمَا الْجَوَابُ عَنْ كَلَامِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يُنْفِذَهُ وَيَحْكُمَ بِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْقَضَاءَ فِي مَحَلِّ اخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ يَنْفُذُ بَاطِنًا أَيْضًا، وَمَا فِي الرَّوْضِ حَكَاهُ أَصْلُهُ عَنْ ابْنِ كَجٍّ عَنْ النَّصِّ ثُمَّ حَكَى عَنْ السَّرَخْسِيِّ تَصْحِيحَ عَكْسِهِ قَالَ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ كَمَا لَوْ حَكَمَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ تَغَيُّرًا لَا يَقْتَضِي النَّقْضَ وَتَرَافَعَ خُصَمَاءُ لِحَادِثَةٍ إلَيْهِ فِيهَا فَإِنَّهُ يُمْضِي حُكْمَهُ الْأَوَّلَ، وَإِنْ أَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَى أَنَّ غَيْرَهُ أَصْوَبُ مِنْهُ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَصْفُونِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِهِ الْحِجَازِيُّ فِي مُخْتَصَرِهَا وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ وَلَعَلَّ مَا فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ إنَّمَا يَنْفُذُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا. (سُئِلَ) عَنْ الْقَاضِي إذَا جَازَ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ فَاسْتَخْلَفَ مَنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ هَلْ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ كَمَنْ وَلَّاهُ ذُو الشَّوْكَةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَيُفَارِقُ مَنْ وَلَّاهُ ذُو الشَّوْكَةِ بِخَوْفِ سَطْوَتِهِ وَبَأْسِهِ بِخِلَافِ الْقَاضِي غَالِبًا وَقَدْ أَطْلَقَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ

إذَا اسْتَخْلَفَ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ فَأَحْكَامُهُ بَاطِلَةٌ وَلَا يَجُوزُ إنْفَاذُهَا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ وَيُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْهَا أَيْ الْمَحْبُوسَةِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمْنَعَ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَيْهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْعِ الْحَاكِمِ لَهُ مِنْهُ إذَا اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ لَا عَلَى مَنْعِهَا إيَّاهُ فَانْدَفَعَ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا تُمْنَعُ الزَّوْجَةُ مِنْهُ إذَا حُبِسَتْ عَلَى الْأَصَحِّ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَكَمَ شَافِعِيٌّ مَثَلًا بِغَيْرِ مَذْهَبِهِ كَشُفْعَةِ الْجِوَارِ وَسُقُوطِ الْمُتْعَةِ وَكَوْنِ الْخُلْعِ فَسْخًا وَثُبُوتِ الْحَقِّ بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْحَقِّ، وَإِيجَارِ الْعَيْنِ لِغَيْرِ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ حُكْمِهِ كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ فَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْغَزِّيِّ كَغَيْرِهِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ لَا لِلصِّحَّةِ وَلَا لِلْجَوَازِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ السَّرَخْسِيِّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْغَزِّيِّ كَغَيْرِهِ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ، وَإِذَا اسْتَقْضَى مُقَلِّدٌ لِلضَّرُورَةِ فَحَكَمَ

المحكم هل ينفذ قضاؤه بعلمه كالقاضي

بِمَذْهَبِ غَيْرِ مُقَلَّدِهِ يُنْقَضُ شَافِعِيًّا كَانَ أَوْ حَنَفِيًّا. اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ السَّرَخْسِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُقَلِّدَ يَشْمَلُ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ وَلَا يَخْفَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ لِقُضَاةِ الضَّرُورَةِ مِنْ الْمَفَاسِدِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْوَجْهُ سَدُّ هَذَا الْبَابِ فِي هَذَا الزَّمَانِ إذَا لَوْ فُتِحَ لَأَدَّى إلَى مَفَاسِدَ لَا تُحْصَى فَالصَّوَابُ سَدُّ الْبَابِ، وَإِسْدَالُ الْحِجَابِ وَفَطْمُ الْجُهَّالِ عَنْ هَذَا الْمُحَالِ اهـ وَعِبَارَةُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَحُكْمُ اجْتِهَادِهِ أَوْ إمَامِهِ الَّذِي هُوَ فِي حَقِّهِ لِالْتِزَامِهِ تَقْلِيدِهِ كَالدَّلِيلِ فِي حَقِّ الْمُجْتَهِدِ أَمَّا إذَا قَلَّدَ فِي حُكْمِهِ غَيْرَ إمَامِهِ حَيْثُ يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ فَلَا يَنْقُضُ حُكْمُهُ؛ لِأَنَّهُ لِعَدَالَتِهِ إنَّمَا حَكَمَ بِهِ لِرُجْحَانِهِ عِنْدَهُ قَالَ الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِهِ فَعُلِمَ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلتَّرْجِيحِ. [المحكم هَلْ يَنْفُذ قَضَاؤُهُ بِعِلْمِهِ كَالْقَاضِي] (سُئِلَ) عَنْ الْمُحَكَّمِ هَلْ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ بِعِلْمِهِ كَالْقَاضِي أَوْ لَا فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَلْ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ كَالْحَاكِمِ عَلَى الْمُرَجَّحِ أَمْ لَا لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَطَّرِدَ فِيهِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ، وَأَوْلَى بِالْمَنْعِ اهـ. وَقَالَ

الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ، وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ كَالْحَاكِمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا أَيْ صَرِيحًا. اهـ. فَمَا الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُمَا مَنْعُهُ مِنْهُ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ إذْ لَيْسَ لَهُ الْحَبْسُ وَلَا التَّرْسِيمُ وَلَا الْحُكْمُ بِشَيْءٍ مِنْ الْعُقُوبَاتِ كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ بِمَنْعِهِ مِنْ الْقَاضِي. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي التَّحْكِيمِ وَخَرَجَ بِالْأَهْلِ غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ تَحْكِيمُهُ أَيْ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ. اهـ. فَإِنَّ مَفْهُومَهُ جَوَازُ تَحْكِيمِ مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِلِاجْتِهَادِ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي فَهَلْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَحْكِيمُ الْمُقَلِّدِ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي فَقَدْ قَالُوا إنَّ مِنْ شُرُوطِ الْقَضَاءِ كَوْنَهُ مُجْتَهِدًا فَإِنْ تَعَذَّرَ فَوَلَّى سُلْطَانٌ لَهُ شَوْكَةٌ مُقَلِّدًا نَفَذَ قَضَاؤُهُ لِلضَّرُورَةِ كَيْ لَا تَتَعَطَّلَ مَصَالِحُ النَّاسِ

وَكَمَا يَنْفُذُ قَضَاءُ قَاضِي الْبُغَاةِ لِمِثْلِ هَذِهِ الضَّرُورَةِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّ الْأَصْحَابَ احْتَرَزُوا بِقَوْلِهِمْ فِي الْحُكْمِ بِشَرْطِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْقَضَاءِ عَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ أَهْلٍ لَهُ فَلَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ قَطْعًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَا يَجِيءُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُوَلَّى مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ ذِي الشَّوْكَةِ لِفَقْدِ الْعِلَّةِ فِيهِ. اهـ. وَرَوَى يُونُسُ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الرُّفْقَةِ امْرَأَةٌ لَا وَلِيَّ لَهَا فَوَلَّتْ أَمْرَهَا رَجُلًا حَتَّى زَوَّجَهَا جَازَ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ صَحِيحٌ بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ فِي جَوَازِهِ فِي النِّكَاحِ لَكِنَّ شَرْطَهُ أَهْلِيَّةُ الْقَضَاءِ وَهُوَ بِعُسْرٍ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ الصِّحَّةُ إذَا وَلَّتْ أَمْرَهَا عَدْلًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ يُونُسُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَعُلِمَ أَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سَفَرًا وَحَضَرًا مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي وَدُونَهُ؛ لِأَنَّهُ الصَّحِيحُ فِي التَّحَكُّمِ سَوَاءٌ طَالَ السَّفَرُ أَمْ لَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا فِي بَابِ الْقَضَاءِ فِيمَا لَوْ خَطَبَ امْرَأَةً وَحَكَّمَ رَجُلًا فِي التَّزْوِيجِ مَا حَاصِلُهُ الصَّحِيحُ الْجَوَازُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ خَاصٌّ مِنْ نَسَبٍ أَوْ مُعْتِقٌ وَقَالَ الْعِزُّ بْنُ الْعِرَاقِيِّ مُرَادُهُ مَا إذَا

كَانَ الْمُحَكَّمُ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ فَأَمَّا هَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فَشَرْطُهُ السَّفَرُ وَفَقْدُ الْقَاضِي. اهـ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِشَرْطِ تَأَهُّلِ الْمُحَكَّمِ لِلْقَضَاءِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أُشِيعَ حَسَدٌ وَبُغْضٌ بَيْنَ قُضَاةِ إقْلِيمٍ هَلْ يَنْفُذُ لِأَحَدِهِمْ عَلَى الْآخَرِ حُكْمٌ أَوْ شَهَادَةٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى كَانَتْ الْإِشَاعَةُ مُوَافِقَةً لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُ أَحَدِهِمَا وَلَا شَهَادَتُهُ عَلَى الْآخَرِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ يَدَّعِي أَنَّ شَيْخَهُ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِفْتَاءِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ وَيُنْظَرُ فِيمَا يَكْتُبُهُ عَلَى السُّؤَالِ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ فِي فَتَاوَى شَيْخِهِ وَيَنْقُلَ مِنْهَا أَوْ غَيْرِ شَيْخِهِ وَيَنْسُبَهُ إلَى نَفْسِهِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ أَهْلِيَّتِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ عَلَى أَنَّ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْإِفْتَاءِ لَا يَتَوَقَّفُ إفْتَاؤُهُ عَلَى الْإِذْنِ لَهُ فِيهِ، وَلَهُ أَنْ يُفْتِيَ بِمَا يَعْتَمِدُهُ مِنْ فَتَاوَى شَيْخِهِ أَوْ غَيْرِهَا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ وَيُرْفَعُ مُسْلِمٌ عَلَى ذِمِّيٍّ هَلْ يُخَصُّ ذَلِكَ الرَّفْعُ بِالْمَجْلِسِ فَقَطْ وَيَقْطَعُ بِتَسَاوِيهِمَا فِيمَا عَدَاهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِ مَنْ حَكَاهُ فِي الْمَجْلِسِ خَاصَّةً، وَهُوَ الْجُمْهُورُ

أَمْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الْإِكْرَامِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْفُورَانِيُّ وَهَلْ مِنْ الْإِكْرَامِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ جَالِسًا وَالذِّمِّيُّ وَاقِفًا وَهَلْ الْخِلَافُ مِنْ ذَلِكَ لِلْجَوَازِ كَمَا نُقِلَ عَنْ سُلَيْمٍ وَعِبَارَتُهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُرْفَعَ الْمُسْلِمُ أَمْ فِي الْوُجُوبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّمْيِيزِ؟ (فَأَجَابَ) أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَرْفَعَ الْمُسْلِمَ عَلَى خَصْمِهِ الذِّمِّيِّ فِي الْمَجْلِسِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي بَاقِي وُجُوهِ الْإِكْرَامِ كَأَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ فِي حَالِ قِيَامِهِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ أَقْرَبَ إلَيْهِ مِنْ الذِّمِّيِّ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ بَلَغَ الْمُسْتَنِيبَ خَبَرُ الْعَزْلِ وَلَمْ يَبْلُغْ نَائِبَهُ وَقُلْتُمْ بِعَزْلِ الْمُسْتَنِيبِ وَعَدَمِ عَزْلِ نَائِبِهِ حَتَّى يَبْلُغَهُ الْخَبَرُ فَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ بِأَنْ بَلَغَ النَّائِبَ وَلَمْ يَبْلُغَ الْمُسْتَنِيبَ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْعَزِلُ مَنْ بَلَغَهُ خَبَرُ الْعَزْلِ دُونَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِي وِلَايَةِ الْقَاضِي لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا فَهَلْ يَكْفِي الشُّرُوعُ بِالنَّظَرِ كَمَا جَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ وَجَعَلَهُ كَالنُّطْقِ أَمْ لَا يَكْفِي كَمَا أَبَاهُ آخَرُونَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي الشُّرُوعُ بِالنَّظَرِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِي شُرُوطِ الْقَاضِي

يُشْتَرَطُ السَّمْعُ هَلْ الْمُرَادُ الصَّمَمُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ مَعَهُ السَّمْعُ أَمَّا صَمَمٌ يُمْكِنُ مَعَهُ السَّمْعُ وَلَوْ بِتَبْلِيغِ أَحَدٍ يَجُوزُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّمْعِ السَّمْعُ وَلَوْ بِتَبْلِيغِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْأَصَمِّ الَّذِي لَا يَسْمَعُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ خَلَا بَلَدٌ عَنْ مُفْتٍ هَلْ تَحْرُمُ الْإِقَامَةُ فِيهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَحْرُمُ الْإِقَامَةُ الْمَذْكُورَةُ فِيهَا. (سُئِلَ) عَنْ جَمَاعَةٍ فِي مَكَان كَزَاوِيَةٍ مَثَلًا وَمِنْهُمْ شَخْصٌ يُلْقِي بَيْنَهُمْ الْفِتَنَ هَلْ يَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ أَنْ يُخْرِجَ الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ النَّاظِرَ لَا يُخْرِجُ الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكِ لَهَا. (سُئِلَ) عَنْ مَسْأَلَةٍ ذَاتِ قَوْلَيْنِ أَوْ وَجْهَيْنِ أَوْ طَرِيقَيْنِ وَلَمْ يُصَحِّحْ شَيْئًا مِنْهُمَا أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ هَلْ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْمُجْتَهِدِ الْعَمَلُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ أَوْ بِهِمَا جَمِيعِهَا إذْ لَمْ يَجِدْ لَائِقًا بِالتَّصْحِيحِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَرْفَعُ أَمْرَهُ لِمَنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ التَّرْجِيحِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ عَمِلَ بِأَحَدِهِمَا لِلضَّرُورَةِ. (سُئِلَ) عَنْ مَسْأَلَةٍ لَمْ يَجِدْ فِيهَا نَقْلًا هَلْ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهَا عَمَلًا بِالْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا تَرَدَّدَ فِي حِلِّ شَيْءٍ

باب القضاء على الغائب

وَتَحْرِيمِهِ وَلَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ أَحَدُهُمَا جَازَ لَهُ تَعَاطِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّحْرِيمِ. [بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ] (بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ) . (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَكَمَ عَلَى غَائِبٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ وَكِيلٌ حَالَ الْحُكْمِ بِبَلَدِ الْحَاكِمِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ حُكْمَهُ عَلَى الْغَائِبِ نَافِذٌ، وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ لَهُ وَكِيلًا فِي بَلَدِ الْحَاكِمِ حَالَ الْحُكْمِ. [وكيل الْغَائِب هَلْ يَحْلِف يَمِين الِاسْتِظْهَار] (سُئِلَ) عَنْ وَكِيلٍ أَثْبَتَ الْوَكَالَةَ عَنْ غَائِبٍ هَلْ يَحْلِفُ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ أَمْ لَا، وَإِذَا ادَّعَى عَلَى حَاضِرٍ بِوَكَالَةِ غَائِبٍ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُثْبِتَ وَكَالَتَهُ بِحُضُورِ الْخَصْمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الْوَكِيلُ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ بِحَالٍ وَلَا بُدَّ فِي إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ مِنْ خَصْمٍ يَدَّعِي فِي وَجْهِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ ادَّعَى وَكِيلٌ عَلَى غَائِبٍ بِمَالٍ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ وَمُوَكِّلُهُ بِالْبَلَدِ فَهَلْ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ لِلْمُوَكِّلِ قَبْلَ أَنْ يُحَلِّفَهُ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ كَمَا تُفْهِمُهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمِنْهَاجِ وَشَرْحِهِ لِلْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ وَالْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ وَالْبَهْجَةِ أَمْ لَا كَمَا تُفْهِمُهُ عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحَيْ الْبَهْجَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ لِلْمُوَكِّلِ الْحَاضِرِ قَبْلَ أَنْ يُحَلِّفَهُ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ وَهَذَا مَجْزُومٌ بِهِ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَكَلَامُ الْكُتُبِ الْمَذْكُورَةِ مَحْمُولٌ عَلَى وَكِيلِ الْغَائِبِ وَسَكَتُوا

عَنْ تَصْوِيرِهِ بِذَلِكَ لِوُضُوحِهِ وَحِينَئِذٍ لَا تَخَالُفَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ مَاتَ وَلَهُ وَرَثَةٌ فَادَّعَى شَخْصٌ دَيْنًا عَلَيْهِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ وَيَحْكُمُ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ الْبَاقِينَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِمْ حَتَّى لَوْ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ لَا وَلِيَّ لَهُ نَصَّبَ الْقَاضِي عَنْهُ شَخْصًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ وَيَحْكُمُ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ بَاقِيهِمْ لَكِنْ لَا يَتَعَدَّى الْحُكْمُ إلَى غَيْرِ الْحَاضِرِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْغَائِبُ فِي غَيْرِ عَمَلِ الْحَاكِمِ فَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ وَيُكَاتَبَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ فِي غَيْرِ عَمَلِ وِلَايَتِهِ إذَا كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَمْ لَا وَهَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ صُورَتَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْغَائِبُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخَانِ لِلْحَاجَةِ إلَى الْحُكْمِ عَلَيْهِ كَالْغَائِبِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَيِّتٍ لَهُ مَوْجُودٌ تَحْتَ يَدِ أَجْنَبِيٍّ هَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِهِ مَعَ حُضُورِ الْوَارِثِ وَغَيْبَتِهِ أَمْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ سَمَاعِهَا فَمَا مَعْنَى قَوْلِ السُّبْكِيّ لِلْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ وَالدَّائِنِ الْمُطَالَبَةُ بِحُقُوقِ الْمَيِّتِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ مَعَ حُضُورِ الْوَارِثِ فَإِنْ غَابَ أَوْ كَانَ قَاصِرًا وَالْأَجْنَبِيُّ

مُقِرٌّ بِهِ فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُوَفِّيَهُ مِنْهُ وَيُحْمَلَ كَلَامُ السُّبْكِيّ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ إنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ غَائِبٍ عَلَى غَائِبٍ فَلَا تَحْلِيفَ أَوْ ادَّعَى عَلَى حَاضِرٍ فَقَالَ أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك أُمِرَ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ وَلَا يَنْظُرُ حُضُورَ الْمُوَكِّلِ هَلْ الْمُرَادُ بِغَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ فِيهِمَا الْغَيْبَةُ الشَّرْعِيَّةُ أَوْ مُطْلَقُ الْغَيْبَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَيْبَةِ فِيهِمَا الْغَيْبَةُ الَّتِي يَسُوغُ الْحُكْمُ بِهَا عَلَى الْغَائِبِ بِأَنْ تَكُونَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَوْ فِي غَيْرِ وِلَايَةِ ذَلِكَ الْحَاكِمِ إذْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْمَعَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ وَيَحْكُمَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَعْنَاهُ وَاضِحٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى غَيْبَتِهِ عَنْهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً بِلَا نَفَقَةٍ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ هَلْ يَتَوَقَّفُ حُكْمُهُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ وَهُوَ غَائِبٌ إلَى حَلِفِهَا يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ بِأَنَّ نَفَقَتَهَا بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّتِهِ مَا بَرِئَ مِنْ شَيْءٍ مِنْهَا بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ حُكْمُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُعْتَبَرَاتِهِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ لَهُ دَيْنٌ ثَابِتٌ مَحْكُومٌ بِهِ عَلَى غَائِبٍ وَلِلْغَائِبِ دَيْنٌ عَلَى حَاضِرٍ مُقِرٍّ بِهِ أَوْ ثَابِتٍ عَلَيْهِ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَهُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ لِيُوَفِّيَهُ الْحَاكِمُ مِنْ دَيْنِ الْغَائِبِ أَوْ الدَّعْوَى عَلَى الْمَنْصُوبِ عَنْ الْغَائِبِ

ما تجب فيه يمين الاستظهار

وَيَثْبُتُ الدَّيْنُ عَلَيْهِ وَيَأْمُرُ الْقَاضِي الْمَدِينَ الثَّانِيَ بِدَفْعِ مَا فِي ذِمَّتِهِ الْمُقَابِلِ لِلدَّيْنِ الْأَوَّلِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِرَبِّ الدَّيْنِ لِكُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ لِيُوَفِّيَهُ الْحَاكِمُ مِمَّا ثَبَتَ لِلْغَائِبِ عَلَى الْحَاضِرِ فَيُوَفِّيَهُ مِنْهُ وَقَدْ شَمَلَ هَذَا قَوْلَهُمْ: وَإِذَا ثَبَتَ دَيْنٌ عَلَى غَائِبٍ وَلَهُ مَالٌ وَفَّاهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ لِصِدْقِ الْمَالِ بِالْعَيْنِ وَالدَّيْنِ، وَإِنَّمَا تَمْتَنِعُ الدَّعْوَى عَلَى غَرِيمِ الْغَرِيمِ عِنْدَ ثُبُوتِ مَالِ الْغَرِيمِ. [مَا تجب فِيهِ يَمِين الِاسْتِظْهَار] (سُئِلَ) عَنْ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ تَجِبُ مُطْلَقًا فِي الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ أَمْ يَخْتَصُّ وُجُوبُهَا بِالْمَالِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَاتِهِمْ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَخْتَصُّ وُجُوبُهَا بِالْمَالِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَبِيعُ عَنْ الْغَائِبِ عَقَارًا لَيْسَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ أَمْ لَا كَمَا فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ الْقَاضِي عَنْ الْغَائِبِ عَقَارًا لَيْسَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ إذْ هُوَ فِيهِ كَالْمَعْزُولِ وَمَا عُزِيَ فِي السُّؤَالِ لِشَرْحِ الرَّوْضِ لَمْ أَرَهُ فِيهِ. (سُئِلَ) عَنْ غَائِبٍ لَهُ قَمْحٌ فِي حَاصِلِهِ وَغَلَا السِّعْرُ وَعُدِمَ الْقَمْحُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ فَهَلْ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ بَيْعُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ وَهَلْ يُجْبِرُهُ عَلَى بَيْعِهِ إنْ حَضَرُوا وَامْتَنَعَ مِنْهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ اضْطَرَّ

يمين الاستظهار هل تجب على المدعي على المتواري أو المتعزز

أَهْلُ ذَلِكَ الْبَلَدِ إلَى الْقَمْحِ الْمَذْكُورِ وَكَانَ فَاضِلًا عَنْ قُوتِ عِيَالِ مَالِكِهِ فِي سَنَتِهِمْ جَازَ لِلْحَاكِمِ بَيْعُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ، وَإِجْبَارُ مَالِكِهِ عَلَيْهِ إنْ حَضَرَ وَامْتَنَعَ مِنْهُ. [يَمِين الِاسْتِظْهَار هَلْ تجب عَلَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمُتَوَارِي أَوْ الْمُتَعَزِّز] (سُئِلَ) هَلْ تَجِبُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ عَلَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمُتَوَارِي أَوْ الْمُتَعَزِّزِ كَالْغَائِبِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَجِبُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ عَلَيْهِ كَالْمُدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْأَصَحُّ كَمَا اقْتَضَاهُ سِيَاقُ الْعَزِيزِ، وَإِطْلَاقُ الْجُمْهُورِ وَصَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ وَنَقَلَ الْبُلْقِينِيُّ الْوَجْهَيْنِ عَنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا ثُمَّ قَالَ: وَالْأَصَحُّ عِنْدَنَا تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي عَلَى الْمُتَمَرِّدِ؛ لِأَنَّهُ احْتِيَاطٌ لِلْقَضَاءِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ التَّمَرُّدُ وَقَالَ الْغَزِّيِّ الِاحْتِيَاطُ التَّحْلِيفُ فِي حَقِّ الْغَرِيمِ الْهَارِبِ مِنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَالْمُتَعَزِّزُ فِي الْبَلَدِ وَالْمُتَوَارِي كَالْغَائِبِ، وَإِنْ كَانَ الْفَرْقُ وَاضِحًا. اهـ. وَإِنْ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي بِخِلَافِهِ فِي إرْشَادِهِ وَصَحَّحَهُ فِي تَمْشِيَتِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْحُضُورِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الْمُخْتَارُ وِفَاقًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ. (سُئِلَ) عَمَّا نُقِلَ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْغَائِبِ بِإِسْقَاطِ حَقٍّ لَهُ كَمَا لَوْ قَالَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْته إيَّاهَا أَوْ أَبْرَأَنِي مِنْهَا

مِنْهَا وَلِي بَيِّنَةٌ بِهِ وَلَا آمَنُ إنْ خَرَجْت أَنْ يُطَالِبَنِي وَيَجْحَدَ الْقَبْضَ أَوْ الْإِبْرَاءَ فَاسْمَعْ بَيِّنَتِي وَاكْتُبْ بِذَلِكَ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ لَمْ يُجِبْهُ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى بِذَلِكَ وَالْبَيِّنَةَ لَا تُسْمَعُ إلَّا بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ بِالْحَقِّ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَطَرِيقُهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ إنْسَانٌ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ أَحَالَهُ بِهِ فَيَعْتَرِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ لِرَبِّهِ وَيَدَّعِيَ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْهُ أَوْ أَقْبَضَهُ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بِذَلِكَ وَالْبَيِّنَةُ، وَإِنْ كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا وَهَلْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ التَّوَصُّلُ إلَى إثْبَاتِ الْحُقُوقِ بِمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَ مِنْ عَدَمِ السَّمَاعِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَإِنْ حَكَى الْإِصْطَخْرِيُّ وَجْهًا بِالسَّمَاعِ وَاقْتَضَى كَلَامُ التَّتِمَّةِ الْجَزْمَ بِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ مُعْتَمَدٌ وَقَدْ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَالْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَنَقَلَهُ الْغَزِّيُّ فِي كِتَابِهِ أَدَبِ الْقَضَاءِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ تَعْلِيلِهِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ ادَّعَى عِنْدَ قَاضٍ عَلَى غَائِبٍ دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ هَلْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ كَمَا يُحْكَمُ عَلَى الْغَائِبِ

الحيلة في سقوط يمين الاستظهار

فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى. (سُئِلَ) هَلْ يَسُوغُ لِقَاضِي الشَّرْعِ أَنْ يَأْذَنَ لِقَاصِدِهِ أَنْ كُلُّ خَصْمٍ طَلَبَ خَصْمًا لِلشَّرْعِ يُحْضِرُهُ لَهُ مِنْ غَيْرِ رَفْعِ صَاحِبِ الدَّعْوَى أَمْرَهُ إلَى الْقَاضِي الْمَذْكُورِ، وَإِذَا قُلْتُمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَتَرَتَّبَتْ مَفْسَدَةٌ فَمَنْ يَكُونُ الضَّامِنُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَسُوغُ لِلْقَاضِي ذَلِكَ وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْقَضَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا ثُمَّ إذَا أَحْضَرَ الْمَطْلُوبَ إلَى الْقَاضِي فَصَلَ خُصُومَتَهُمَا ثُمَّ إنْ تَرَتَّبَ عَلَى الطَّلَبِ مَفْسَدَةٌ فَلَا ضَمَانَ بِسَبَبِهَا لَا عَلَى الْقَاضِي وَلَا عَلَى قَاصِدِهِ. [الْحِيلَة فِي سُقُوط يَمِين الِاسْتِظْهَار] (سُئِلَ) عَنْ الْحِيلَةِ فِي سُقُوطِ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ هَلْ هِيَ غَيْبَةُ الْمُوَكِّلِ فِي غَيْرِ عَمَلِ قَاضِي الدَّعْوَى كَمَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَسْقُطُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ فَلَا يَحْلِفُهَا الْوَكِيلُ وَلَا يُؤَخَّرُ الْحُكْمُ لِأَجْلِهَا. (سُئِلَ) عَمَّا أَشَارَ إلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ عَلَى غَائِبٍ مَعْرُوفِ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مُعْتَمَدٌ. [بَابُ الْقِسْمَةِ] (بَابُ الْقِسْمَةِ) . (سُئِلَ) عَنْ جَمَاعَةٍ مَالِكِينَ لِأَرْضٍ فَاقْتَسَمَهَا غَالِبُهُمْ ثُمَّ بَاعَ بَعْضُهُمْ مِمَّا خَصَّهُ بِالْقِسْمَةِ جُزْءًا مُعَيَّنًا لِشَخْصٍ ثُمَّ حَضَرَ بَاقِي الْمَالِكِينَ، وَأَقَرُّوا الْقِسْمَةَ

الْأُولَى، وَأَجْرَوْا قِسْمَةً ثَانِيَةً فَخَرَجَ بِالْقِسْمَةِ الثَّانِيَةِ مَا خَرَجَ بِالْأُولَى فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ فِي الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ فِي حِصَّةِ مَنْ قَسَّمَ أَوَّلًا مِنْ الْبَائِعِينَ وَغَيْرِهِمْ وَتَبْطُلُ فِي حِصَّةِ غَيْرِهِمْ وَيَكُونُ مِنْ بَابِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَمْ يَصِحُّ فِي الْجَمِيعِ أَمْ يَبْطُلُ فِيمَا عَدَا حِصَّةَ الْبَائِعِينَ فِي الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي جَمِيعِ الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْقِسْمَةِ الْأُولَى لِانْفِرَادِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ بِهَا وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَلَا يَجْرِي فِيهِ خِلَافُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ حَتَّى يَصِحَّ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَيَبْطُلَ فِيمَا عَدَاهُ إذْ مَحَلُّهُ فِي بَيْعِ الشَّرِيكِ الْمُشْتَرَكِ أَوْ جُزْءًا شَائِعًا مِنْهُ زَائِدًا عَلَى نَصِيبِهِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ مُنَاصَفَةً فَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا مِنْهَا قِطْعَةً وَبَاعَهَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ قَالَ الْبَغَوِيّ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا عَلَى كُلِّ قَوْلٍ قَالَ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَقِسْ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ. اهـ. وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي بَابِ الْقِسْمَةِ فَلَيْسَتْ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ إذْ هِيَ فِي قِسْمَةِ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ فِي الظَّاهِرِ كَاثْنَيْنِ مُشْتَرَكَيْنِ فِي الظَّاهِرِ فِي عَبْدَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْقِيمَةِ اقْتَسَمَاهُمَا لِهَذَا عَبْدٌ وَلِهَذَا عَبْدٌ ثُمَّ ظَهَرَ اسْتِحْقَاقُ ثَالِثٍ ثُلُثَهُمَا فَتَبْطُلُ الْقِسْمَةُ فِي الْمُسْتَحَقِّ وَيَبْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ

قسمة الأعيان المشتركة هل يشترط فيها القرعة

مِنْهُمَا ثُلُثَا عَبْدٍ. [قِسْمَة الْأَعْيَان الْمُشْتَرَكَة هَلْ يَشْتَرِط فِيهَا الْقُرْعَة] (سُئِلَ) عَنْ قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْقُرْعَةُ أَوْ يَكْفِي فِيهَا رِضَا الشَّرِيكَيْنِ وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ قِسْمَةِ الْمُتَشَابِهَاتِ وَغَيْرِهَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِي رِضَا الشَّرِيكَيْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ قِسْمَةَ الْمُتَشَابِهَاتِ أَمْ غَيْرَهَا. [هَلْ تَصِحّ قِسْمَة الْوَقْف عَنْ الْملك إذَا كَانَتْ إفْرَازًا] (سُئِلَ) عَنْ قِسْمَةِ الْوَقْفِ عَنْ الْمِلْكِ فَإِذَا كَانَتْ إفْرَازًا هَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ أَوْ لَا فَقَدْ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَبِيرِ قِسْمَةُ الْمِلْكِ عَنْ الْوَقْفِ إنْ قُلْنَا بَيْعٌ لَا تَجُوزُ، وَإِنْ قُلْنَا إفْرَازٌ جَازَتْ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَهُوَ الِاخْتِيَارُ. وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى الْجَوَازِ الدَّالِّ عَلَيْهِ جَازَتْ وَيَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْإِفْرَازِ وَيَكُونَ مُخَصِّصًا لِمَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَنَّ قِسْمَةَ التَّعْدِيلِ وَالرَّدِّ بَيْعٌ أَيْ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ قِسْمَةَ مِلْكٍ عَنْ وَقْفٍ إذْ لَا دَخْلَ لِلْبَيْعِ فِي الْوَقْفِ عَلَى أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَصْحَابِنَا أَجْرَوْا الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي قِسْمَةِ الْإِفْرَازِ فِي قِسْمَتَيْ التَّعْدِيلِ وَالرَّدِّ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ هُوَ الْمُخْتَارُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ فِي الْمَذْهَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ رَدٌّ أَوْ كَانَ رَدٌّ مِنْ أَصْحَابِ الْوَقْفِ أَيْ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَبَايَعُونَ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ الْمُطْلَقُ كَمَا فِي الْمَذْهَبِ فَإِنْ كَانَ مِنْ صَاحِبِ الْمِلْكِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ بِإِزَائِهِ جُزْءًا مِنْ الْوَقْفِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرُهُ أَفِيدُوا

الْجَوَابَ مَبْسُوطًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقِسْمَةَ الْمَذْكُورَةَ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهَا إفْرَازٌ لَا بَيْعٌ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الرُّويَانِيِّ وَهُوَ الِاخْتِيَارُ رَاجِعٌ إلَى الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ بُطْلَانُ الْقِسْمَةِ حَيْثُ قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ وَصِحَّتُهَا حَيْثُ قُلْنَا إنَّهَا إفْرَازٌ وَلَا تَخْصِيصَ فِيمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَذْهَبَ بُطْلَانُهَا فِي قِسْمَتَيْ التَّعْدِيلِ وَالرَّدِّ، وَصِحَّتُهَا فِي قِسْمَةِ الْمُتَشَابِهَاتِ، وَأَنَّ الْمَرْجُوحَ الْقَائِلَ بِأَنَّهَا إفْرَازٌ مُطْلَقًا صِحَّتُهَا أَيْضًا فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ وَكَذَا فِي قِسْمَةِ الرَّدِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّدُّ فِيهَا مِنْ صَاحِبِ الْمِلْكِ فَلَا تَصِحُّ، وَهَذَا وَاضِحٌ مِنْ عِبَارَةِ الشَّيْخَيْنِ. وَقَدْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْمِلْكِ عَنْ الْوَقْفِ حَيْثُ تَكُونُ الْقِسْمَةُ بَيْعًا وَحَيْثُ تَكُونُ إفْرَازًا جَازَتْ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ قِسْمَةُ الْمِلْكِ عَنْ الْوَقْفِ إنْ قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ لَا تَجُوزُ، وَإِنْ قُلْنَا إفْرَازٌ جَازَتْ الْقِسْمَةُ وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ. اهـ. وَمَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي بَابِ الْوَقْفِ وَالْبَغَوِيُّ وَصَاحِبُ الْكَافِي وَالْإِمَامُ وَغَيْرُهُمْ. (سُئِلَ) عَنْ مَنْزِلٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا لَهُ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَالْآخَرُ لَهُ الْبَقِيَّةُ وَهِيَ تِسْعَةُ أَسْهُمٍ فَصَاحِبُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَقَفَ حِصَّتَهُ عَلَى مَسْجِدٍ عَامِرٍ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِهِ ضَرِيحُ

كتاب الشهادات

وَلِيٍّ مِنْ أَوْلِيَائِهِ فَهَلْ إذَا طَلَبَ صَاحِبُ التِّسْعَةِ أَسْهُمٍ الْقِسْمَةَ يُجَابُ لِذَلِكَ وَيُجْبَرُ الشَّرِيكُ الثَّانِي الَّذِي وَقَفَ حِصَّتَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُجَابُ إلَى الْقِسْمَةِ إنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِالسُّكْنَى وَالْإِسْكَانِ، وَأَمْكَنَ قِسْمَةُ الْمَنْزِلِ قِسْمَةَ إفْرَازٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ وَالرَّدِّ لَا تَجُوزُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. [كِتَابُ الشَّهَادَاتِ] (كِتَابُ الشَّهَادَاتِ) . (سُئِلَ) عَمَّنْ ارْتَكَبَ صَغَائِرَ وَغَلَبَتْ طَاعَاتُهُ عَلَى مَعَاصِيهِ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ ارْتَكَبَ خَصْلَةً تُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟ . (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ فَإِنَّ لِرَدِّ الشَّهَادَةِ أَسْبَابًا مِنْهَا الْفِسْقُ وَمَنْ غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ مَعَاصِيَهُ الْمَذْكُورَةِ لَيْسَ بِفَاسِقٍ بَلْ هُوَ عَدْلٌ فَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَاحْتِيطَ فِي أَمْرِهِ بِالْمُقَابَلَةِ الْمَذْكُورَةِ لِمَا فِي الْحُكْمِ بِفِسْقِهِ مِنْ الضَّرَرِ الشَّدِيدِ لِسَلْبِ الْوِلَايَاتِ وَالْأَمَانَاتِ وَصَيْرُورَتِهِ كَافِرًا عِنْدَ الْخَوَارِجِ خَارِجًا عَنْ الْإِيمَانِ غَيْرَ دَاخِلٍ فِي الْكُفْرِ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ، وَمِنْهَا عَدَمُ الْمُرُوءَةِ وَهِيَ تَخَلُّقُهُ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ وَبِارْتِكَابِهِ مَا يُخِلُّ بِهَا وُجِدَ سَبَبُ رَدِّ شَهَادَتِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ وَكَّلَ شَخْصًا فِي الْمُطَالَبَةِ بِحَقِّهِ، وَأَرَادَ الْوَكِيلُ أَنْ يُثْبِتَ الْوَكَالَةَ بِشَهَادَةِ أَصْلِ الْمُوَكِّلِ أَوْ فَرْعِهِ هَلْ يُثْبِتُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقْبَلُ

اللعب بالطاب

شَهَادَةُ أَصْلِ الْمُوَكِّلِ وَفَرْعِهِ فِيهَا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ شَهِدَ الْأَصْلُ لِأَحَدِ فَرْعَيْهِ عَلَى الْآخَرِ أَوْ الْفَرْعُ لِأَحَدِ أَصْلَيْهِ عَلَى الْآخَرِ هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فِي الصُّورَتَيْنِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَصْلِ لِأَحَدِ فَرْعَيْهِ عَلَى الْآخَرِ وَلَا شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِأَحَدِ أَصْلَيْهِ عَلَى الْآخَرِ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا زَكَّى الْأَصْلُ أَوْ الْفَرْعُ مَنْ شَهِدَ لِفَرْعِهِ أَوْ أَصْلِهِ بِحَقٍّ أَيُقْبَلُ أَمْ لَا قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْقَسَامَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ التَّزْكِيَةُ لِلتُّهْمَةِ إذْ لَوْلَاهَا لَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ. (سُئِلَ) عَنْ الْغِيبَةِ هَلْ هِيَ كَبِيرَةٌ أَمْ صَغِيرَةٌ، وَهَلْ قَالُوا إنَّهَا فِي حَقِّ الْعَالِمِ كَبِيرَةٌ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ صَغِيرَةٌ وَمَا الْمُفْتَى بِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّهَا فِي حَقِّ الْعُلَمَاءِ وَحَمَلَةِ الْقُرْآنِ كَبِيرَةٌ لِشِدَّةِ احْتِرَامِهِمْ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا وَرَدَ فِي الْغِيبَةِ مِنْ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَمَا نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهَا كَبِيرَةٌ، وَأَمَّا فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ فَصَغِيرَةٌ. [اللَّعِب بِالطَّابِ] (سُئِلَ) هَلْ يَحْرُمُ اللَّعِبُ بِالطَّابِ أَوْ يُكْرَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ فِيهِ عَلَى مَا تُخْرِجُهُ الْجَرَائِدُ الْأَرْبَعُ وَفَارَقَ كَرَاهَةَ الشِّطْرَنْجِ بِأَنَّهُ وُضِعَ لِصِحَّةِ الْفِكْرِ وَالتَّدْبِيرِ فَهُوَ مُعِينٌ عَلَى الْحُرُوبِ، وَإِنْ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِكَرَاهَتِهِ.

ضرب الطبول عند مزار المشايخ

[ضَرْب الطُّبُول عِنْد مَزَار الْمَشَايِخ] سُئِلَ) عَنْ الطُّبُولِ الَّتِي تُضْرَبُ عِنْدَ مَزَارِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ يُكْرَهُ أَمْ يَحْرُمُ وَهَلْ يَجِبُ مَنْعُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُبَاحُ ضَرْبُ كُلِّ طَبْلٍ إلَّا طَبْلَ اللَّهْوِ كَالْكُوبَةِ، وَهِيَ طَبْلٌ طَوِيلٌ ضَيِّقُ الْوَسَطِ فَيَحْرُمُ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ ضَرْبِ الطُّبُولِ إلَّا طَبْلَ اللَّهْوِ فَيَجِبُ الْمَنْعُ مِنْهُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ فِي مُرُورِ شَخْصٍ عَلَيْهِ إنِّي لَا أُحِبُّ هَذَا طَبْعًا لَا لِشَيْءٍ وَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ مِنْ الصُّحْبَةِ وَلَا رَأَيْت مِنْهُ مَكْرُوهًا قَطُّ يُشِيرُ إلَى مَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ «الْأَرْوَاحَ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ وَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ» هَلْ ذَلِكَ غِيبَةٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِغِيبَةٍ؛ لِأَنَّهَا ذِكْرُ الْإِنْسَانِ بِمَا فِيهِ مِمَّا يَكْرَهُهُ وَهَذَا الْقَوْلُ إنَّمَا هُوَ ذِكْرُ أَمْرٍ قَائِمٍ بِقَلْبِ الْقَائِلِ. [حضر مَعْصِيَة كَبِيرَة وَلَمْ ينكر مَعَ الْقُدْرَة] (سُئِلَ) عَمَّنْ حَضَرَ مَعْصِيَةً كَبِيرَةً كَشُرْبِ الْخَمْرِ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ مَعَ قُدْرَتِهِ فَهَلْ سُكُوتُهُ عَلَى ذَلِكَ كَبِيرَةٌ أَوْ صَغِيرَةٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ تَرْكَ الْإِنْكَارِ الْمَذْكُورِ كَبِيرَةٌ. [ارْتَكَبَ مَا يخل بِالْمُرُوءَةِ فَهَلْ يَشْتَرِط لِقَبُولِ شَهَادَته مضي مُدَّة الِاسْتِبْرَاء] (سُئِلَ) عَمَّنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِارْتِكَابِهِ مَا يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ كَإِدَامَةِ الرَّقْصِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ تَكَسُّرٌ إذَا تَابَ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ مُضِيُّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ

حلف يمينا ثم ظهر كذبه

الْبُلْقِينِيِّ يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَا تُسْمَعُ شَهَادَةٌ بِصِفَةٍ مَا إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِاسْتِيلَائِهِ عَلَى كَذَا وَوَصْفِهِ الشُّهُودَ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ، نَقَلَهُ عَنْ الْجَلَالِ الْبَكْرِيِّ هَلْ الِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ فَقَدْ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ. (سُئِلَ) فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي وَقَالَ الْقَاضِي لَهُ احْلِفْ ثُمَّ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا تُحَلِّفْهُ فَحَلَّفَهُ وَقَضَى عَلَيْهِ فَهَلْ حُكْمُهُ صَحِيحٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ حُكْمَهُ صَحِيحٌ. [حَلَفَ يَمِينًا ثُمَّ ظَهْرِ كذبه] (سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ يَمِينًا ثُمَّ ظَهَرَ كَذِبُهُ فِيهَا فَهَلْ يُعَزَّرُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِتَعَمُّدِهِ الْكَذِبَ فِيهَا. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ لَهُ دَيْنٌ فِي تَرِكَةٍ بِبَلَدٍ قَاضِيهَا شَافِعِيٌّ فَأَثْبَتَهُ عِنْدَ مَالِكِيٍّ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ وَحَكَمَ بِهِ ثُمَّ أَوْصَلَهُ بِالشَّافِعِيِّ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْمُرَ مَنْ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ بِالدَّفْعِ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَوْ بِتَعْوِيضِهِ عَيْنًا مِنْهَا بِهِ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِهِ فَمَا وَجْهُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ أَنْ يَأْمُرَ مَنْ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ بِالدَّفْعِ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَوْ يَأْمُرَ مَنْ يُعَوِّضُهُ فِيهِ عَيْنًا مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ خِلَافَ مَذْهَبِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِيمَا فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ فِيهِ كَظَاهِرِهِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فِي مَحَلِّ

قول الشاهد في شهادة النسب سمعت الناس يقولون أنه ابنه

اخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ. [قَوْلُ الشَّاهِد فِي شَهَادَة النَّسَب سمعت النَّاس يَقُولُونَ أَنَّهُ ابْنه] (سُئِلَ) عَنْ شَهَادَةِ النَّسَبِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِيهَا قَوْلُ الشَّاهِدِ سَمِعْت النَّاسَ يَقُولُونَ أَنَّهُ ابْنُهُ وَكَذَا قَوْلُهُ فِي الْمِلْكِ سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ إنَّهُ لَهُ بَلْ يَشْهَدُ بِأَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ بِأَنَّهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ بِخِلَافِ مَا سَمِعَهُ كَمَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَحَمَلَهُ السُّبْكِيُّ عَلَى مَا إذَا ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الِارْتِيَابِ أَمَّا لَوْ بَتَّ شَهَادَتَهُ ثُمَّ قَالَ مُسْتَنِدِي الِاسْتِفَاضَةُ فَتُقْبَلُ وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي الِاسْتِصْحَابِ حَيْثُ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ مَا حَاصِلُهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْقَبُولِ إذَا صَرَّحَ الشَّاهِدُ بِأَنَّهُ مُعْتَمَدُهُ وَقَدْ قَالَا فِي شَهَادَةِ الْجَرْحِ يَجِبُ ذِكْرُ سَبَبِ الْجَرْحِ عَنْ رُؤْيَتِهِ أَوْ سَمَاعِهِ فِي أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ فَيَقُولُ رَأَيْته يَزْنِي أَوْ سَمِعْته يَقْذِفُ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ يَقُولُ فِي الِاسْتِفَاضَةِ اسْتَفَاضَ عِنْدِي قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَحَاصِلُهُ الْجَزْمُ بِجَوَازِهِ وَحِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِهِ هَلْ الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ أَوْ الْحَمْلُ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْإِطْلَاقِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ بِالْجَرْحِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا حَمَلَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ. (سُئِلَ) عَنْ مُسْتَنَدٍ صُورَتُهُ شُهُودُهُ الْوَاضِعُونَ خُطُوطَهُمْ آخِرَهُ وَمَنْ يَكْتُبُ عَنْهُ رَسْمِ شَهَادَتِهِ بِإِذْنِهِ وَحُضُورِهِ شَهِدُوا شَهَادَةً لَا يَشُكُّونَ فِيهَا وَلَا يَرْتَابُونَ بَلْ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ يَقْصِدُونَ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ

السَّيِّدَ الشَّرِيفَ فُلَانَ الْفُلَانِيَّ الْمَعْرِفَةَ الشَّرْعِيَّةَ وَيَشْهَدُونَ مَعَ ذَلِكَ بِصِحَّةِ نَسَبِهِ بِالتَّسَامُعِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي تَسُوغُ بِهِ الشَّهَادَةُ شَرْعًا، وَقَدْ سَمِعُوهُ مِنْ جُمُوعٍ كَثِيرَةٍ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ الشَّرِيفَ الْمُشَارَ إلَيْهِ شَرِيفٌ حَسَنِيٌّ مُتَّصِلٌ نَسَبُهُ بِفُلَانِ الْفُلَانِيِّ، وَأَنَّ فُلَانًا الْفُلَانِيَّ مُتَّصِلٌ نَسَبُهُ بِنَسَبِ الْإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلِمَتْ شُهُودُهُ ذَلِكَ وَشَهِدَتْ بِمَضْمُونِهِ فَهَلْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ صَحِيحَةٌ وَيَسُوغُ الْحُكْمُ بِمَضْمُونِهَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الشَّهَادَةَ الْمَذْكُورَةَ صَحِيحَةٌ وَيَسُوغُ الْحُكْمُ بِمَضْمُونِهَا وَذِكْرُ الشُّهُودِ التَّسَامُعَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لِلتَّقْوِيَةِ أَوْ حِكَايَةِ الْحَالِ وَقَدْ قَالَ الشَّيْخَانِ فِي شَهَادَةِ الْجَرْحِ يَجِبُ ذِكْرُ سَبَبِ رُؤْيَةِ الْجَرْحِ أَوْ سَمَاعِهِ فِي أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ فَيَقُولُ رَأَيْته يَزْنِي أَوْ سَمِعْته يَقْذِفُ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ يَقُولُ فِي الِاسْتِفَاضَةِ اسْتَفَاضَ عِنْدِي. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَحَاصِلُهُ الْجَزْمُ بِجَوَازِ ذِكْرِ التَّسَامُعِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ قَوْلُ الشَّاهِدِ سَمِعْت النَّاسَ يَقُولُونَ إنَّهُ ابْنُهُ وَكَذَا قَوْلُهُ فِي الْمِلْكِ سَمِعْتهمْ يَقُولُونَ إنَّهُ لَهُ بَلْ يَشْهَدُ بِأَنَّهُ ابْنُهُ، وَأَنَّهُ لَهُ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا ذَكَرَهُ

عَلَى وَجْهِ الِارْتِيَابِ وَلِهَذَا عَلَّلَاهُ بِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ خِلَافَ مَا سَمِعَهُ مِنْ النَّاسِ وَعَلَّلَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ بِأَنَّ ذِكْرَهُ يُشْعِرُ بِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالشَّهَادَةِ، وَأَلْفَاظُ الشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَسْأَلَتِنَا قَدْ أَفَادَتْ عِلْمَ الشُّهُودِ بِمَضْمُونِ شَهَادَتِهِمْ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. (سُئِلَ) عَنْ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ عِنْدَ حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ بِأَمْرٍ ثُمَّ حَكَمَ بِهِ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً شَهِدَتْ بِرُجُوعِ الشَّاهِدَيْنِ عَمَّا شَهِدَا بِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ فَهَلْ تُسْمَعُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا تُسْمَعُ وَتَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْحُكْمِ لِتَبَيُّنِ أَنْ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ كَمَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِفِسْقِ الشَّاهِدَيْنِ وَقْتَ الْحُكْمِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُمَا رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ عَلَى شَخْصٍ وَلَمْ يَرَ أَحَدًا أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ وَلَا سَمِعَ بِذَلِكَ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّهُ طَائِعٌ مُخْتَارٌ فِيهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقِرَّ هُوَ بِذَلِكَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا ذَكَرَ مِنْ غَيْرِ إقْرَارِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِهِ إذْ يَمْتَنِعُ بِهَا تَصْدِيقُهُ فِي دَعْوَى الْإِكْرَاهِ عِنْدَ ظُهُورِ أَمَارَتِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَعْذَرَ الشَّخْصُ فِي الشُّهُودِ بِعَدَمِ الدَّافِعِ وَالْمَطْعَنِ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِعَدَاوَتِهِمْ أَوْ بِفِسْقِهِمْ حَالَ الْإِعْذَارِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ بِيَمِينِهِ كَمَا فِي دَعْوَى النِّسْيَانِ، وَلَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ أَمْ لَا

شهادة الولادة والرضاع هل يكفي فيها السماع

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي جَهْلِهِ بِمَا ذَكَرَ ثُمَّ لَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ. [شَهَادَة الْوِلَادَة وَالرَّضَاع هَلْ يَكْفِي فِيهَا السَّمَاع] (سُئِلَ) هَلْ يَكْفِي السَّمَاعُ فِي شَهَادَةِ الْوِلَادَةِ وَالرَّضَاعِ كَمَا نَظَمَهُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ أَوْ لَا كَمَا فِي شَرْحِ أَخِيهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلشَّهَادَةِ بِهِمَا الْإِبْصَارُ كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ حَتَّى فِي الْمُخْتَصَرَاتِ فَإِنْ حُمِلَتْ الْوِلَادَةُ فِي النَّظْمِ عَلَى النَّسَبِ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ فَلَا مُخَالَفَةَ. [الشَّاهِد هَلْ يَجُوز لَهُ أَنْ يَشْهَد وَيُؤَدِّي وَاقِعَة مُخَالَفَةَ لِمَذْهَبِهِ] (سُئِلَ) عَنْ الشَّاهِدِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ وَيُؤَدِّيَ وَاقِعَةً مُخَالِفَةً لِمَذْهَبِهِ وَلَمْ يُقَلِّدْ وَلَمْ يَحْضُرْ الْوَاقِعَةَ اتِّفَاقًا حَتَّى لَوْ سَمِعَ إذْنَ صَغِيرَةٍ لِحَنَفِيٍّ فِي التَّزْوِيجِ، وَأَدَّاهُ عِنْدَهُ وَحَضَرَهُ فِي الْعَقْدِ، وَشَهِدَ بِهِ، وَأَدَّاهُ يَجُوزُ لَهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ وَيُؤَدِّيَ فِي الْوَاقِعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَوْ لَمْ يُقَلِّدْ وَلَمْ يَحْضُرْ الْوَاقِعَةَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمَنْعَ حِينَئِذٍ. (سُئِلَ) عَنْ وَلِيِّ يَتِيمٍ أَوْ مَجْنُونٍ بَاشَرَ عَقْدَ الْمُوَلِّيَةِ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ أَنْكَرَهُ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَهَلْ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَحْلِفَ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ عَلَى إثْبَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَهُ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَهُ الْحَلِفَ عَلَى وُقُوعِ عَقْدِ الْبَيْعِ بِمَا ذَكَرَ فَهُوَ حَلِفٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَالثَّمَنُ يَثْبُتُ ضِمْنًا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ ادَّعَى نَاظِرُ الْجَامِعِ أَوْ الْوَصِيُّ لِجِهَةِ الْجَامِعِ أَوْ الْيَتِيمِ مَالًا وَشَهِدَ بِهِ أَصْلُهُ أَوْ

رجع شهود الزنا عن شهادتهم بعد قتل الزاني

فَرْعُهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي دَعْوَى السُّلْطَانِ لِبَيْتِ الْمَالِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِمَا ذَكَرَ لِعُمُومِ الْمُدَّعَى بِهِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ بِشَهَادَتِهِ لِفَرْعِهِ أَوْ أَصْلِهِ مَالًا فَلَا تُهْمَةَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ شَهِدَ عِنْدَ حَاكِمٍ بِمَا فِي هَذِهِ الرُّقْعَةِ بَعْدَ أَنْ قَرَأَهَا وَتَأَمَّلَهَا وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِمَضْمُونِهَا ثُمَّ قَالَ الشَّاهِدُ إنِّي لَمْ أَعْرِفْ مَا فِيهَا وَلَكِنْ أَشْهَدُ بِكَذَا وَكَذَا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِيهَا الْمَحْكُومُ بِهِ فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ هَذِهِ وَدَعْوَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ مَا فِي الرُّقْعَةِ وَيُنْقَضُ الْحُكْمُ أَمْ يَمْضِي الْحُكْمُ وَتَكُونُ شَهَادَتُهُ الثَّانِيَةُ رُجُوعًا عَنْ الْأُولَى فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَنْ رَجَعَ عَنْ شَهَادَتِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ الثَّانِيَةُ الْمُخَالِفَةُ لِشَهَادَتِهِ الْأُولَى الْمَحْكُومِ بِهَا فَيَسْتَمِرُّ الْحُكْمُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ ادَّعَى أَنَّ زَوْجَتَهُ مَيِّتَةٌ لِأَجْلِ إرْثِهِ مِنْهَا أَوْ ادَّعَتْ أَنَّ فُلَانًا تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا وَطَلَبَتْ نِصْفَ الْمَهْرِ أَوْ أَنَّهَا زَوْجَةُ الْمَيِّتِ وَطَلَبَتْ الْإِرْثَ فَهَلْ يَثْبُتُ الْإِرْثُ فِيهِمَا وَالْمَهْرُ فِي الثَّانِيَةِ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهَا كُلٌّ مِمَّا ذَكَرَ فِيهِمَا. [رجع شُهُود الزِّنَا عَنْ شَهَادَتهمْ بَعْد قَتْلَ الزاني] (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ رَجَعَ شُهُودُ الزِّنَا بَعْدَ قَتْلِ الزَّانِي وَآلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ فَفِي تَعْزِيرِهِمْ وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي

وَغَيْرِهِ مَا الْمُعْتَمَدُ مِنْهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ تَعْزِيرِهِمْ إنْ رَآهُ الْإِمَامُ لِإِقْرَارِهِمْ بِشَهَادَةِ الزُّورِ فَإِنْ رَأَى تَرْكَهُ جَازَ؛ لِأَنَّ لَهُ تَرْكَ تَعْزِيرٍ وَجَبَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لِإِعْرَاضِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ جَمَاعَةٍ اسْتَحَقُّوهُ كَالْغَالِّ فِي الْغَنِيمَةِ وَلَاوِي عُنُقِهِ فِي حُكْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلزُّبَيْرِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ عِمَادٍ الرَّضِيِّ لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ لَا شَهَادَةَ لِي عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ شَهِدَ وَقَالَ كُنْت نَسِيت فَفِي قَبُولِهِ وَجْهَانِ وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا الْقَبُولُ مِمَّنْ اُشْتُهِرَتْ دِيَانَتُهُ فَهَلْ ذَلِكَ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا وَهَلْ يُلْحَقُ بِالنِّسْيَانِ غَيْرُهُ مِنْ الْأَعْذَارِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَمِثْلُ النِّسْيَانِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْأَعْذَارِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ كَانَ الْقَاضِي وَلِيَّ يَتِيمٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ، وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي جَوَازَ حُكْمِهِ لَهُ بِعِلْمِهِ فَهَلْ يَشْهَدُ لَهُ أَوْ لَا لِكَوْنِهِ مَحَلَّ تَصَرُّفِهِ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ جَوَازِ حُكْمِهِ لَهُ بِعِلْمِهِ وَعَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ لَهُ؟ . (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَشْهَدُ الْوَصِيُّ بِمَالِ الْيَتِيمِ الَّذِي فِي وِلَايَتِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَلِي أَمْرَ الْأَيْتَامِ كُلِّهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا فَلَا تُهْمَةَ وَلَا كَذَلِكَ الشَّهَادَةُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ ادَّعَى السُّلْطَانُ مَالًا لِبَيْتِ الْمَالِ فَشَهِدَ بِهِ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقْبَلُ كَمَا

قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِعُمُومِ الْمُدَّعَى بِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ ادَّعَى أَنَّ زَيْدًا وَكَّلَهُ فَشَهِدَ لَهُ بِهِ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ هَلْ تُقْبَلُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقْبَلُ لِكَوْنِهَا فِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْأَصْلِ أَوْ الْفَرْعِ. (سُئِلَ) عَمَّا اشْتَرَطَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي مَنْهَجِهِ كَغَيْرِهِ فِي الشَّاهِدِ مِنْ عَدَمِ حَجْرِ السَّفَهِ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ. (سُئِلَ) هَلْ يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ مُجَرَّدُ وُقُوعِ خُصُومَةٍ سَابِقَةٍ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي قَضِيَّةٍ أُخْرَى أَمْ لَا يَمْنَعُ لَهُ ذَلِكَ، وَإِذَا عَلِمَ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عَدَاوَةٌ سَابِقَةٌ ثُمَّ وُجِدَا مُتَصَاحِبَيْنِ هَلْ يَكْفِي ذَلِكَ فِي رَدِّ الْعَدَاوَةِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِزَوَالِهَا قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِي فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ الْخُصُومَةُ الدَّالَّةُ عَلَى الْعَدَاوَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَيْثُ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَى خَصْمِهِ؛ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ مَوْضِعُ عَدَاوَةٍ. اهـ. وَيَكْفِي فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ وُجُودُ صَحَابَتِهِمَا وَقْتَهَا. (سُئِلَ) عَنْ الْأَصْلِ فِي النَّاسِ الْجَرْحُ أَوْ عَدَمُهُ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِالثَّانِي فَهَلْ يَشْمَلُ مَسْتُورَ الْعَدَالَةِ وَالْحُرِّيَّةِ أَمْ عَدَمَهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ

الْأَصْلَ فِي الْمُسْلِمِ عَدَمُ الْفِسْقِ فَيَشْمَلُ الْمَسْتُورَ، وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ الْعَدَالَةُ، وَالْفِسْقُ وَالْعَدَالَةُ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةٌ إذْ الْعَدَالَةُ مَلَكَةٌ تَحْمِلُ عَلَى مُلَازَمَةِ التَّقْوَى، وَيُشْتَرَطُ فِيهَا اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ فَالصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ كَبِيرَةٌ وَلَا حَصَلَتْ لَهُ تِلْكَ الْمَلَكَةُ عَدْلٌ، وَالْفَاسِقُ إذَا تَابَ زَالَ عَنْهُ اسْمُ الْفِسْقُ بِالتَّوْبَةِ وَلَا يَكُونُ عَدْلًا حَتَّى تَحْصُلَ لَهُ تِلْكَ الْمَلَكَةُ وَالِاسْتِبْرَاءُ يُحَصِّلُهَا وَوَلِيُّ النِّكَاحِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ الْفِسْقِ، وَالْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ لَا يُحْكَمُ بِعَدَالَتِهِ حَتَّى يُخْتَبَرَ وَلَيْسَ بِفَاسِقٍ مَا لَمْ تَصْدُرْ مِنْهُ كَبِيرَةٌ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا رَجَعَ شُهُودُ الْعِتْقِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمَحْكُومُ بِعِتْقِهِ بِلَا وَارِثٍ مِنْ النَّسَبِ وَتَرَكَ مَالًا فَهَلْ يَسْتَحِقُّهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِإِعْتَاقِهِ إيَّاهُ؛ لِأَنَّهُ إمَّا عَتِيقُهُ فَوَلَاؤُهُ لَهُ أَوْ مَمْلُوكُهُ فَمَالُهُ لَهُ فَإِنْ قُلْتُمْ بِهِ فَهَلْ يَرْجِعُ الشُّهُودُ عَلَيْهِ بِمَا غَرِمُوهُ أَمْ لَا وَهَلْ إذَا قَالَ الْحَاكِمُ خُذْ الْمَالَ؛ لِأَنَّك مُعْتِقُهُ فَقَالَ بَلْ لِأَنِّي مَالِكُهُ فَهَلْ يَكُونُ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ بِشَيْءٍ وَالْمُقَرُّ لَهُ يُنْكِرُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الْمَالَ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِإِعْتَاقِهِ إيَّاهُ وَلَا يَرْجِعُ الشُّهُودُ عَلَيْهِ بِمَا غَرِمُوهُ مِنْ الْقِيمَةِ وَلَيْسَ قَوْلُ الْحَاكِمِ وَجَوَابُهُ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ

شهادة ذي الصدغين

بِشَيْءٍ لِمَنْ يُنْكِرُهُ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ. (سُئِلَ) هَلْ تَثْبُتُ مَقَادِيرُ أَنْصِبَاءِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بِالِاسْتِفَاضَةِ أَمْ لَا كَمَا فِي الْخَادِمِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: لَا تَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ شُرُوطُ الْوَقْفِ وَتَفَاصِيلُهُ بَلْ إنْ كَانَ وَقْفًا عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ أَوْ جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ قُسِّمَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ أَوْ عَلَى مَدْرَسَةٍ مَثَلًا وَتَعَذَّرَتْ مَعْرِفَةُ الشُّرُوطِ صَرَفَ النَّاظِرُ الْغَلَّةَ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ مَصَالِحِهَا. اهـ. بَلْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّ الشُّرُوطَ لَا تَسْتَفِيضُ أَصْلًا. [شَهَادَة ذِي الصُّدْغَيْنِ] (سُئِلَ) فِي رَوْضَةِ الْأَحْكَامِ وَجْهَانِ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ ذِي الصُّدْغَيْنِ وَفِي مَعْنَاهُ الدَّبُّوقَةُ وَفِي ثَالِثٍ إنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ يَعْتَادُونَ ذَلِكَ قُبِلَ، وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ الْأَقْرَبُ قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ وَمَا الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الثَّالِثُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَيُخِلُّ بِهَا فِي الثَّانِي وَكَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِيهِ. (سُئِلَ) عَمَّا حَكَى أَبُو الْفَرْجِ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَجْهَيْنِ أَيْ إذَا اعْتَادَهَا وَتَرَكَهَا هَلْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ أَمْ لَا مَا الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُمَا عَدَمُ رَدِّ شَهَادَتِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى تَرْكِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ وَتَسْبِيحَاتِ الصَّلَاةِ يَقْدَحُ فِي

الشَّهَادَةِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ اخْتَبَأَ فِي زَاوِيَةٍ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَفِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ وَجْهَانِ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِشُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ مَا الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُمَا عَدَمُ كَرَاهَةِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَيْهِ كَأَنْ يُقِرَّ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ إذَا خَلَّى بِهِ الْمُسْتَحِقُّ وَيَجْحَدَ إذَا حَضَرَ غَيْرُهُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُخْبِرَ الْخَصْمَ بِأَنَّهُ اخْتَبَأَ وَشُهِدَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُبَادِرَ إلَى تَكْذِيبِهِ إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ فَيُعَزِّرَهُ الْقَاضِي. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الرُّويَانِيِّ إنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا تَقَدُّمُ لَفْظِ الشَّهَادَةِ عَلَى لَفْظِ الزِّنَا فَإِنْ عَكَسَ لَمْ تُسْمَعْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْهُمَا فِي دَفْعِ حَدِّ الْقَذْفِ عَنْهُ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) هُوَ مُعْتَمَدٌ فَقَدْ قَالُوا فِي شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ، وَإِذَا أَرَادُوا الشَّهَادَةَ بِالزِّنَا فَيَقُولُونَ نُرِيدُ أَنْ نَشْهَدَ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا فَأَحْضِرْهُ، وَإِلَّا فَإِنْ ابْتَدَءُوا وَقَالُوا فُلَانٌ زَنَى حُدُّوا. اهـ. وَإِنْ ذَكَرَ الرُّويَانِيُّ فِيهِ احْتِمَالًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: نَعَمْ إنْ وَصَلُوا شَهَادَتَهُمْ بِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِقَذَفَةٍ لَكِنَّ كَلَامَ الرُّويَانِيِّ يَقْتَضِي بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ شَرْحِ التَّحْرِيرِ وَالْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ فِي الرَّدِّ بِعَيْبٍ وَدَعْوَى الْعُنَّةِ وَالْجِرَاحَةِ فِي عُضْوٍ بَاطِنٍ وَدَعْوَى الْإِعْسَارِ عَلَى الْغَائِبِ

وَالْمَيِّتِ وَفِيمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت مِنْ غَيْرِي ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ فَيُقِيمُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْبَيِّنَةَ بِمَا ادَّعَاهُ وَيَحْلِفُ مَعَهَا طَلَبًا لِلِاسْتِظْهَارِ هَلْ هُوَ كَمَا قَالَهُ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَمَا صُورَتُهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا كَمَا قَالَهُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ، وَأَصْلِ أَصْلِهِ وَغَيْرِهِمَا، وَصُورَةُ الْأُولَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ بِعَدَمِ عَيْبِ الْمَبِيعِ، وَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ أَنْتَ تَعْلَمُ حُدُوثَهُ فَيَحْلِفُ عَلَى قُدُومِهِ. وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَدَّعِيَ مَنْ ثَبَتَتْ عُنَّتُهُ وَطْءَ زَوْجَتِهِ فَتُقِيمُ شَاهِدَيْنِ بِبَكَارَتِهَا وَتَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ وَطْئِهِ إيَّاهَا لِاحْتِمَالِ عَوْدِ الْبَكَارَةِ. وَالثَّالِثَةُ أَنْ يُقِيمَ شَاهِدَيْنِ بِسَلَامَةِ الْعُضْوِ الْبَاطِنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثُمَّ يَطْلُبُ الْجَانِي حَلِفَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى سَلَامَتِهِ. وَالرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ أَنَّهُ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ بِمَالٍ عَلَى غَائِبٍ أَوْ مَيِّتٍ فَيَحْلِفُ مَعَهُمَا، وَمِثْلُهُمَا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ. وَالسَّادِسَةُ مَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت أَنَّهَا طَالِقٌ مِنْ غَيْرِي ثُمَّ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ بِتَطْلِيقِ غَيْرِهِ إيَّاهَا ثُمَّ يَحْلِفُ عَلَى إرَادَتِهِ إيَّاهُ. (وَسُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ لِلشَّافِعِيِّ مَثَلًا أَنْ يَشْهَدَ بِالْكُفْرِ عِنْدَ مَنْ لَا يَقْبَلُ التَّوْبَةَ أَوْ بِالتَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ عِنْدَ مَنْ يَرَى الْحَدَّ بِالتَّعْرِيضِ أَوْ بِمَا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ عِنْدَ مَنْ يُعَزِّرُ بِمَا

لَا يُجِيزُهُ الشَّافِعِيُّ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ طَلَبَ الشَّافِعِيُّ شُفْعَةَ الْجِوَارِ مِنْ الْحَنَفِيِّ حَتَّى يَكُونَ الْأَصَحُّ الْجَوَازَ أَوْ لَا يَجُوزُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ مَشَايِخِ مَشَايِخِنَا، قَالَ: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ سُرَاقَةَ فِي التَّلْقِينِ لَوْ شَهِدَ عَلَى مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَتَلَ كَافِرًا وَالْحَاكِمُ عِرَاقِيٌّ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْأَدَاءُ لِمَا فِيهِ مِنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ وَهَلْ عَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ لَوْ عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مِنْ قَرِينَةِ الْحَالِ أَوْ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّ لِسَانَهُ سَبَقَ إلَيْهِ، وَلَمْ يَقْصِدْهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ لَا كَمَا قَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ كَمَا لَوْ عَلِمَ فَقَطْ وَذَكَرَ أَنَّ الرَّافِعِيَّ قَدْ حَكَى مِثْلَهُ فِي نَظِيرٍ مِنْ الطَّلَاقِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا ذَكَرَ فَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ عَقِبَ كَلَامِ ابْنِ سُرَاقَةَ وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَشْهَدَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ أَوْ بِالتَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ أَوْ بِمَا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ عِنْدَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّوْبَةَ وَيَحُدُّهُ بِالتَّعْرِيضِ وَيُعَزِّرُهُ أَبْلَغَ مِمَّا يُوجِبُهُ الشَّافِعِيُّ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ الْوَجْهُ الَّذِي فِي طَلَبِ الشَّافِعِيِّ نَحْوَ شُفْعَةِ الْجِوَارِ مِنْ الْحَنَفِيِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ. اهـ. وَمَتَى عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ لِسَانَهُ سَبَقَ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ عَلَيْهِ، وَلَوْ عِنْدَ حَاكِمٍ مُوَافِقٍ لَهُ. (سُئِلَ) هَلْ يَثْبُتُ تَقَدُّمُ أَحَدِ

شهادة من يلعب الشطرنج بقارعة الطريق أو المسجد

الْوَارِثِينَ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ، وَكَذَا الشَّهَادَةُ بِتَقَدُّمِ أَحَدِ النِّكَاحَيْنِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَثْبُتُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَنْ ذَكَرَ إذَا كَانَ الْقَصْدُ مِنْهُمَا الْمَالَ كَمَا لَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ بِأَنَّ فُلَانًا نَكَحَهَا وَطَلَّقَهَا وَطَلَبَتْ نِصْفَ الْمَهْرِ أَوْ أَنَّهَا زَوْجَةُ فُلَانٍ الْمَيِّتِ فَطَلَبَتْ الْإِرْثَ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ طَلَّقَهَا بِعِوَضٍ. (سُئِلَ) عَنْ النُّشُوزِ إذَا كَانَ لِامْتِنَاعٍ مِنْ الْوَطْءِ بِغَيْرِ عُذْرٍ هَلْ تُقْبَلُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ الْمَذْكُورَةُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ شَهِدَا بِدَيْنٍ عَلَى مَيِّتٍ فَأَقَامَ وَارِثُهُ بَيِّنَةً بِأَنَّ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةً هَلْ يَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِمَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقْدَحُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ يَلْحَقُ الْوَارِثَ لِانْتِقَالِ التَّرِكَةِ إلَيْهِ فَهِيَ شَهَادَةٌ عَلَى الْخَصْمِ فِي الْحَقِيقَةِ. [شَهَادَة مِنْ يلعب الشِّطْرَنْج بِقَارِعَة الطَّرِيق أَوْ الْمَسْجِد] (سُئِلَ) عَمَّنْ يَلْعَبُ الشِّطْرَنْجَ بِقَارِعَةِ الطَّرِيقِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ مُصَوَّرٌ بِصُوَرِ الْحَيَوَانِ وَلَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُصَوِّرُ لَهُ أَوْ يَتَّخِذُهُ دِينًا وَهُوَ مِمَّنْ يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ هَلْ تَسْقُطُ شَهَادَتُهُ أَمْ لَا وَهَلْ لَعِبُهُ مَكْرُوهٌ أَوْ حَرَامٌ كَمَا لَوْ لَعِبَهُ مَعَ مُعْتَقِدٍ تَحْرِيمَهُ أَوْ عَلَى مَالٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ كَانَ هُوَ الْمُصَوِّرُ لَهُ أَوْ أَخْرَجَ بِهِ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ أَمْ لَا يَحْرُمُ فِيمَا

هل للحاكم أن يحكم بشهادة ابنه

ذَكَرَ أَوَّلًا وَلَا فِيمَا ذَكَرَ أَخِيرًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى اُقْتُرِنَ بِلَعِبِ الشِّطْرَنْجِ شَرْطُ مَالٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ فُحْشٌ أَوْ لَعِبٌ مَعَ مُعْتَقِدٍ تَحْرِيمَهُ أَوْ تَأْخِيرُ الْفَرِيضَةِ عَنْ وَقْتِهَا عَمْدًا وَكَذَا سَهْوٌ وَتَكَرَّرَ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ مُصَوَّرَةً بِصُوَرِ الْحَيَوَانِ فَهُوَ حَرَامٌ، وَإِلَّا فَهُوَ مَكْرُوهٌ نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ لَعِبَهُ يَكُونُ سَبَبًا لِرَدِّ شَهَادَتِهِ بِمَالٍ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِهَا حُرِّمَ وَمَتَى أَكَبَّ عَلَى لَعِبِهِ أَوْ لَعِبِهِ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ أَخَلَّ بِمُرُوءَتِهِ، وَإِنْ قَلَّ. [هَلْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُم بِشَهَادَةِ ابْنه] (سُئِلَ) عَنْ الْحَاكِمِ هَلْ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَةِ ابْنِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ تَعْدِيلَهُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَرْجَحُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ الْمَنْعُ. اهـ كَلَامُهُ. وَهَلْ مِثْلُ ذَلِكَ تَنْفِيذُ حُكْمِهِ لَهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ هُنَاكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَةِ ابْنِهِ إذَا لَمْ يُزَكِّهِ غَيْرُهُ بِخِلَافِ تَنْفِيذِ حُكْمِهِ. (سُئِلَ) عَنْ الْفَرْعِ إذَا شَهِدَ عَلَى مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ هَلْ تَصِحُّ شَهَادَتُهُ تَنْزِيلًا لِلْفَرْعِ مَنْزِلَةَ الْأَصْلِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْفَرْعِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَصْلُهُ، وَإِنَّمَا يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ وَكَّلَ عَمْرٌو بَكْرًا فِي اسْتِخْلَاصِ حَقٍّ لَهُ عَلَى زَيْدٍ هَلْ لِزَيْدٍ تَجْرِيحُ شُهُودِ الْوَكَالَةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِزَيْدٍ التَّجْرِيحَ الْمَذْكُورَ. (سُئِلَ) هَلْ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ

عَلَى مَعْرُوفٍ عَلَى الِاسْمِ وَالنَّسَبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَآهُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ حَتَّى يَشْهَدَ فِي غَيْبَتِهِ بِذَلِكَ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ رُؤْيَتِهِ فَمُسْتَنَدُ الشَّاهِدِ حَتَّى يَعْرِفَ الِاسْمَ وَالنَّسَبَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الشَّهَادَةُ فِي غَيْبَتِهِ وَطَرِيقُ مَعْرِفَتِهِ الْمَذْكُورَةِ الْإِخْبَارُ الَّذِي يُفِيدُ الْعِلْمَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ لَعَنَ الْكَافِرَ الْمُعَيَّنَ هَلْ يَمْتَنِعُ حَيًّا وَمَيِّتًا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ حَيًّا لَا مَيِّتًا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ النَّوَوِيِّ فِي أَذْكَارِهِ، وَأَمَّا لَعْنٌ الْإِنْسَانِ بِعَيْنِهِ مِمَّنْ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَعَاصِي كَيَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ ظَالِمٍ أَوْ زَانٍ أَوْ مُصَوِّرٍ أَوْ سَارِقٍ أَوْ آكُلْ رِبًا فَظَوَاهِرُ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَأَشَارَ الْغَزَالِيُّ إلَى تَحْرِيمِهِ إلَّا فِي حَقِّ مَنْ عَلِمْنَا أَنَّهُ مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ كَأَبِي لَهَبٍ، وَأَبِي جَهْلٍ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ، وَأَشْبَاهِهِمْ فَهَلْ الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ أَمْ الثَّانِي وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ عَلِمْنَا إلَخْ هَلْ يَشْمَلُ الظَّنَّ بِالِاسْتِصْحَابِ أَمْ يَخْتَصُّ بِمَنْ سَمِعْنَا مِنْهُ كَلِمَةَ الْكُفْرِ عِنْدَ الْمَوْتِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الثَّانِي وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ وَعَلِمْنَا إلَخْ الْمُرَادُ بِهِ الظَّنُّ بِالِاسْتِصْحَابِ، وَلِهَذَا نَحْكُمُ بِإِرْثِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا غَابَ الْقَاضِي عَنْ مَحْكَمَتِهِ بِبَلَدٍ آخَرَ فَجَاءَ مَنْ يَسْأَلُ الشُّهُودَ فِي كِتَابَةِ صَكٍّ أَوْ تَحَمُّلِ شَهَادَةٍ فَطَلَبَ مِنْهُ الشُّهُودُ مَبْلَغًا

عَلَى ذَلِكَ لِلْقَاضِي كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْمُحَاكِمِ الْآنَ هَلْ يَأْثَمُونَ أَمْ لَا؟ . وَبِفَرْضِ الْإِثْمِ فَهَلْ يَكُونُ خَوْفُهُمْ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُشَوِّشَ عَلَيْهِمْ بِسَبَبِ تَرْكِ الطَّلَبِ أَوْ تَخْيِيرِهِمْ السَّائِلَ بَيْنَ أَنْ يَزِنَ الْمَبْلَغَ، وَأَنْ يَصِيرَ بِمَسْئُولِهِ إلَى حُضُورِ الْقَاضِي عُذْرًا فِي نَفْيِ الْإِثْمِ أَمْ يُفَرَّقُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الضَّرُورِيِّ وَغَيْرِهِ؟ . وَهَلْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ مِنْ نَفْيِ الْإِثْمِ إذَا كَانَ مَا يَطْلُبُونَهُ يَدْفَعُهُ السَّائِلُ لِأَجْلِ غَرَضِهِ بِلَا تَوَقُّفٍ ظَاهِرٍ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ الرِّضَا وَهَلْ مَا يَأْخُذُهُ الشَّاهِدُ عَلَى كِتَابَةِ صَكٍّ أَوْ شَيْءٍ لِتَحَمُّلِ شَهَادَةٍ أَزْيَدُ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ بِرِضَا الْمُعْطِي حَلَالٌ أَمْ لَا؟ . وَهَلْ إذَا أَخَذَ الشُّهُودُ مِمَّنْ طَلَبَ كِتَابَةَ الصَّكِّ أَوْ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ مَبْلَغًا؛ لِأَنْفُسِهِمْ وَتَبَرَّعُوا بِهِ لِلْقَاضِي يَكُونُ ذَلِكَ نَافِيًا لِلْإِثْمِ عَنْ الشُّهُودِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا بَذَلَهُ صَاحِبُ الْحَاجَةِ بِاخْتِيَارِهِ لَا إثْمَ عَلَى طَالِبِهِ وَلَا عَلَى آخِذِهِ. (سُئِلَ) هَلْ مَدْلُولُ الشَّهَادَةِ وَالْخَبَرِ فِي التَّوَاتُرِ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا حَاصِلٌ بِهِ، وَالْإِسْلَامُ وَالْعَدَالَةُ شَرْطٌ فِيهِمَا دُونَ التَّوَاتُرِ، وَلَيْسَ كُلٌّ مِنْهُمَا شَرْطًا فِي الْخَبَرِ بِالتَّوَاتُرِ فَتَكُونُ الشَّهَادَةُ بِالتَّوَاتُرِ كَذَلِكَ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْعَدَدُ إذَا عَلِمَ الشُّهُودُ بِهِ كَأَنْ قَالَ نَبِيٌّ لِوَاحِدٍ فِي قَضِيَّتِهِ اشْهَدْ بِكَذَا يَجِبُ قَبُولُ

شَهَادَتِهِ كَعِيسَى - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ - حِينَ نُزُولِهِ وَخُزَيْمَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شَهِدَ وَحْدَهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَاقِعَةٍ، وَأَقَرَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ وَغَيْرُ خُزَيْمَةَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا، وَإِنَّمَا الْخُصُوصِيَّةُ لَهُ فِي شَهَادَتِهِ بِشَهَادَتَيْنِ مَعَ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ الْأَصْحَابُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: فِي شَهَادَةِ التَّسَامُعِ جَمْعٌ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ وَلَمْ يَشْتَرِطُوا الْعَدَالَةَ فِيهَا، وَالْعَدَالَةُ تَتَضَمَّنُ الْإِسْلَامَ وَسَمَّوْهَا شَهَادَةً، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ حُصُولُ مَعَانِيهَا وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِالتَّوَتُّرِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ وَتَعْيِينُ لَفْظِ أَشْهَدُ دُونَ أَعْلَمُ وَنَحْوِهِ لِمَعْنًى آخَرَ كَمَا فِي التَّشَهُّدِ وَالشَّهَادَتَيْنِ. وَيُتَّجَهُ السُّؤَالُ هَلْ يُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ فِي الشَّهَادَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ أَمْ لَا يُشْتَرَطُ إذَا كَانَتْ عَلَى شَرْطِ التَّوَاتُرِ، وَأَفَادَتْ بِهِ عِلْمَ الْيَقِينِ كَمَا لَوْ شَهِدَ جَمْعٌ مُتَوَاتِرٌ مِنْ الْكُفَّارِ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ وَيُقْطَعُ بِصِدْقِهِمْ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ بِهِلَالِ رَمَضَانَ بِلَفْظِ أَشْهَدُ وَعَلِمَ الْحَاكِمُ ذَلِكَ بِشَهَادَتِهِمْ عِلْمًا ضَرُورِيًّا وَالْحَالَةُ هَذِهِ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ حُكْمًا عَامًّا وَيَأْثَمَ بِتَرْكِهِ وَيَجِبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ صَوْمُ رَمَضَانَ

وَالْحَجُّ بَعْدَهُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ؟ . أَجِبْ أَنْتَ بَحْرٌ وَالْعُلُومُ جَوَاهِرُهُ وَلَا غَرْوَ أَنْ يُبْدِيَ جَوَاهِرَهُ الْبَحْرُ فَلَا زَالَتْ الدُّنْيَا تَقُومُ بِأَهْلِهَا بَنُوهَا لَهَا عَجْزٌ، وَأَنْتَ لَهَا صَدْرُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْإِسْلَامَ مُعْتَبَرٌ فِي التَّوَاتُرِ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّهَادَةِ وَلَيْسَ مُعْتَبَرًا بِالنِّسْبَةِ لِلرِّوَايَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ بَابَ الرِّوَايَةِ وَاسِعٌ، وَبَابَ الشَّهَادَةِ أَضْيَقُ وَمِنْ الدَّلِيلِ عَلَى اتِّسَاعِ بَابِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ وَابْنَ فُورَكٍ وَسُلَيْمَانَ الرَّازِيّ قَبِلُوا رِوَايَةَ مَسْتُورِ الْعَدَالَةِ. وَأَنَّ بَعْضَهُمْ قَبِلَ رِوَايَةَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ إذَا عُلِمَ مِنْهُ التَّحَرُّزُ عَنْ الْكَذِبِ؛ وَلِأَنَّهَا الْإِخْبَارُ عَنْ شَيْءٍ عَامٍّ لِلنَّاسِ فَلَيْسَ فِيهِ تُهْمَةٌ وَلَا عَدَاوَةٌ وَلَا ضَرَرٌ لِأَحَدٍ، وَلَا تَرَافُعَ فِيهِ إلَى الْحُكَّامِ وَمِنْ الدَّلِيلِ عَلَى ضِيقِ بَابِ الشَّهَادَةِ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا اعْتِمَادُ الْيَقِينِ، وَإِنَّمَا يَعْدِلُ عَنْهُ عِنْدَ عَدَمِ الْوُصُولِ إلَيْهِ إلَى ظَنٍّ قَرِيبٍ مِنْهُ عَلَى حَسَبِ الطَّاقَةِ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ الشَّهَادَةِ فَقَالَ لِلسَّائِلِ تَرَى الشَّمْسَ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ عَلَى مِثْلِهَا فَاشْهَدْ أَوْ دَعْ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ، وَأَنَّهَا تَعَبُّدٌ فِيهَا بِلَفْظِهَا، وَأَنَّ شَهَادَةَ الْكُفَّارِ وَالْأَعْدَاءِ لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ كَثُرُوا فَبِالْأَوْلَى أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَةٌ مُسْتَنَدُهَا إخْبَارُهُمْ إذْ الْفَرْعُ لَا يَكُونُ أَقْوَى

باب الدعوى والبينات

مِنْ الْأَصْلِ فَإِنَّهَا قَدْ تُفْضِي إلَى إذْهَابِ أَمْوَالٍ، وَإِذْهَابِ أَنْفُسٍ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِاشْتِرَاطِ الْإِسْلَامِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ صَاحِبُ الْعُبَابِ. [بَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ] (بَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ) (سُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي مُخْتَصَرِ أَدَبِ الْقَضَاءِ الْمُسَمَّى بِعِمَادِ الرِّضَا عَمَّنْ بَاعَ شَيْئًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَقْفٌ أَوْ قَالَ بِعْته قَبْلَ أَنْ أَمْلِكَهُ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ إنْ لَمْ يُصَرِّحْ حَالَ الْبَيْعِ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ. اهـ. فَفُهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا صَرَّحَ حَالَ الْبَيْعِ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ فَهَلْ هَذَا الْمَفْهُومُ صَحِيحٌ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ هُوَ صَحِيحٌ فَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُشْتَرِي عَلَى نَفْيِ قَوْلِ الْبَائِعِ الْمَذْكُورِ مِنْ غَيْرِ دَعْوًى حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ الْبَائِعُ عُذْرًا قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَخْبَرَ بِنَقْصٍ ثُمَّ ذَكَرَ زِيَادَةً عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ فِي بَابِ الْمُرَابَحَةِ وَقَوْلُهُ فِي الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ لِتَحْلِيفِ الْمُشْتَرِي هَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ أَوْ مُقَيَّدٍ بِمَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ حَالَ الْبَيْعِ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ لِلْمَفْهُومِ الْمَذْكُورِ وَفِي قَوْلِهِ فِي الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ إذَا ثَبَتَ لِجَمَاعَةٍ حَقٌّ عَلَى رَجُلٍ حَلَفَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ يَمِينًا وَلَا يَكْفِي لَهُمْ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ رَضُوا بِهَا. اهـ. فَمَا صُورَةُ هَذَا وَكَيْفَ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ثُبُوتِ حَقِّ

الْمُدَّعِي وَعَنْ قَوْلِهِ فِي الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ كُلُّ مَا يَدَّعِيهِ الْخَصْمُ مِمَّا لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعِي لِنَفْعِهِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِهِ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى نَفْسِهِ إلَّا إذَا قَالَ إنَّ الْمُدَّعِيَ أَبْرَأَنِي مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى. اهـ. فَفُهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَبْرَأَنِي مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمَذْكُورَةُ وَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى نَفْيِهِ فَهَلْ هَذَا الْمَفْهُومُ صَحِيحٌ فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَلِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَفْهُومَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى صَحِيحٌ مُصَرَّحٌ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ تَحْلِيفُ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّهُ بَائِعُهُ وَهُوَ مِلْكُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ الْمُرَابَحَةِ بِأَنَّ دَعْوَاهُ فِيهَا مَعَ كَوْنِهَا مُخَالِفًا لِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ مُتَضَمِّنَةٌ لِبُطْلَانِ مَا أَقْدَمَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ بِخِلَافِهَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُرَابَحَةِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ إلَى آخِرِهِ صُورَتُهُ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ حَالَ الْبَيْعِ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ إطْلَاقِ الْحَقِّ عَلَى الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ فَمَجَازٌ وَقَرِينَةُ الْمَجَازِ ذِكْرُ التَّحْلِيفِ، وَأَمَّا مَفْهُومُ الثَّالِثَةِ فَصَحِيحٌ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ نَفْسِ الدَّعْوَى لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا بِتَصَوُّرِ صُلْحٍ عَنْ إنْكَارٍ وَهُوَ لَاغٍ. (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ قَبُولُ قَوْلِ مُدَّعِي التَّخْصِيصِ ظَاهِرًا بِيَمِينِهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الشَّيْخِ الْإِسْنَوِيِّ أَمْ لَا يُقْبَلُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ

وَيَحْلِفُ خَصْمُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَصَدَ ذَلِكَ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَأَصْلِهِ وَهَلْ حُكْمُ دَعْوَى النِّسْيَانِ حُكْمُ دَعْوَى التَّخْصِيصِ بِلَا فَرْقٍ كَمَا عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ أَمْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي النِّسْيَانِ بِيَمِينِهِ دُونَ التَّخْصِيصِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِي التَّخْصِيصِ إلَّا لِتَحْلِيفِ خَصْمِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَصَدَ ذَلِكَ وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِي النِّسْيَانِ بِيَمِينِهِ. (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا بِأَنَّهُ نَكَحَهَا عَلَى مَبْلَغٍ جُمْلَتُهُ كَذَا فَأَجَابَ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ فَهَلْ يُقْبَلُ هَذَا الْجَوَابُ إذْ قَدْ يَنْكِحُهَا عَلَى عَيْنٍ أَوْ تَكُونُ مُفَوَّضَةً، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الزَّوْجِ فَتُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ تُقِيمُهَا عَلَى مَا ادَّعَتْهُ فَإِنْ لَمْ تُقِمْهَا وَطَلَبَتْ يَمِينَهُ فَذَكَرَ قَدْرًا دُونَ مَا ادَّعَتْهُ فَهَلْ يَتَحَالَفَانِ أَمْ لَا؟ . (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْ الزَّوْجِ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ بَلْ يُكَلَّفُ بِبَيَانِ الْمَهْرِ فَإِنْ ذَكَرَ قَدْرًا وَزَادَتْ عَلَيْهِ تَحَالَفَا، وَإِنْ أَصَرَّ مُنْكِرًا رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهَا وَقُضِيَ لَهَا بِمَا حَلَفَتْ عَلَيْهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا بِفُضُولِ كَسَاوِي فَأَجَابَ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ هَلْ يُقْبَلُ مِنْهُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الزَّوْجِيَّةِ ثُبُوتُ الْكَسَاوِي لِتَوَقُّفِهِ عَلَى التَّمَكُّنِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي

الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ إذْ الْأَصْلُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ عَدَمُ النُّشُوزِ الْمُسْقِطِ لِلْكِسْوَةِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ التَّمْكِينُ فَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ مِنْ حَالِ الزَّوْجَةِ نَعَمْ إنْ ادَّعَى عَدَمَ تَمْكِينِهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِي نَفْيِهِ. (سُئِلَ) عَنْ قَاضٍ حَضَرَ عِنْدَهُ خَصْمَانِ فَعَلِمَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مِنْهُمَا لَا يُصَوِّرُ دَعْوَاهُ فَيَقُولُ لَهُ الْقَاضِي أَنْتَ تَدَّعِي عَلَى غَرِيمِك هَذَا بِمَا هُوَ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْقَاضِي قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ إذْ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَفْصِلَ الْمُدَّعِيَ إذَا أَهْمَلَ وَصْفًا فَإِنْ أَهْمَلَ شَرْطًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَسْتَفْصِلَهُ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى مُعَيَّنِينَ مِنْ جُمْلَتِهِ نِصْفُ أَنْشَابِ غَيْطٍ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً شَهِدَتْ لَهُ بِجَرَيَانِ الْمِلْكِ وَالْيَدِ فِي جَمِيعِ الْمَوْقُوفِ إلَى صُدُورِ الْوَقْفِ، وَثَبَتَ جَمِيعُ ذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ وَحَكَمَ بِمُوجَبِ جَمِيعِ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ وَاسْتَمَرَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ وَاضِعِينَ الْيَدِ عَلَى جَمِيعِ الْمَوْقُوفِ مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ أَخْرَجَ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مُسْتَنَدًا نَاطِقًا بِأَنَّ أَبُوهُ اشْتَرَى سُدُسَ أَنْشَابِ الْغَيْطِ الْمَذْكُورِ مِنْ فُلَانٍ وَفِيهِ فَصْلُ جَرَيَانِ الْمِلْكِ وَالْيَدِ لِلْبَائِعِ إلَى حِينِ الْبَيْعِ مَثْبُوتٌ جَمِيعُ مَا فِيهِ مَحْكُومٌ بِمُوجَبِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ أَيْضًا مُؤَرَّخٌ بِتَارِيخٍ مُقَدَّمٍ

عَلَى تَارِيخِ الْوَقْفِ، وَالْحَالُ أَنَّ أَبَاهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ وَاضِعَ الْيَدِ عَلَى مَا خَصَّهُ مِنْ جَمِيعِ نِصْفِ أَنْشَابِ الْغَيْطِ مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ مِنْ لَدُنْ آلَ إلَيْهِ مَا خَصَّهُ مِنْ الْوَقْفِ إلَى أَنْ مَاتَ وَوَضَعَ ابْنُهُ يَدَهُ كَذَلِكَ وَبَقِيَّةُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ كَذَلِكَ إلَى أَنْ ادَّعَى أَنَّ سُدُسَ أَنْشَابِ نِصْفِ الْغَيْطِ الْمَوْقُوفَةِ مِلْكُهُ بِمُقْتَضَى الْمُسْتَنَدِ الشَّاهِدِ لِوَالِدِهِ بِمَا تَقَدَّمَ فَهَلْ الْمُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْوَقْفِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُهَا؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ مُقَدَّمَةٌ، وَإِنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُهَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَالْيَدُ فِيمَا ذَكَرَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَقَدْ حَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِمُوجِبِهِ فِي الْمُسْتَنَدَيْنِ وَمِنْ مُوجِبِهِ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُهَا وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِرَفْعِ الْخِلَافِ أَمْ بِبَيِّنَةِ الْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي لِتَقَدُّمِ تَارِيخِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقَدَّمُ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي عَلَى بَيِّنَةِ الْوَقْفِ لِإِضَافَتِهَا الْمِلْكَ إلَى سَبَبِهَا وَلِتَقَدُّمِ تَارِيخِهَا فَإِنَّهَا انْفَرَدَتْ بِإِثْبَاتِ الْمِلْكِ فِي زَمَانٍ لَمْ تُعَارِضْهَا فِيهِ بَيِّنَةُ الْوَقْفِ فَوَجَبَ وَقْفُ الْمُتَعَارِضِ، وَإِمْضَاءُ مَا لَيْسَ فِيهِ تَعَارُضٌ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْمِلْكِ الْمُتَقَدِّمِ يَمْنَعُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ الْمُتَأَخِّرُ إلَّا مِنْ صَاحِبِهِ وَلَمْ تَتَضَمَّنْهُ الشَّهَادَةُ لَهُ فَلَمْ يُحْكَمْ بِهَا وَلَمْ تُعَارِضْ بَيِّنَةَ الْمِلْكِ يَدٌ إذْ الْيَدُ فِي الْأَنْشَابِ لِلْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِاسْتِوَائِهِمَا

فِي الِاتِّصَالِ بِهَا وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا فَإِنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي تَضَمَّنَتْ أَنَّ يَدَهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مِلْكِهِ لِلْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ لَا لِمَنْفَعَتِهَا فَقَطْ بِسَبَبِ الْوَقْفِ، وَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْمُسْتَنَدِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ قَالَ مَتَى غِبْت عَنْ زَوْجَتِي أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ وَلَمْ أَحْضُرْ إلَيْهِمَا كَانَتْ طَالِقًا وَغَابَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ لَهُ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ أَوْ لَا هَلْ لِلْحَاكِمِ سَمَاعُ دَعْوَاهَا وَبَيِّنَتِهَا وَالْحُكْمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلْحَاكِمِ السَّمَاعَ وَالْحُكْمَ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَطَلَبَ الْحَلِفَ مَعَهُ هَلْ يُجَابُ وَيَثْبُتُ مَا ادَّعَاهُ لِقَوْلِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي بَابِ أَدَبِ الْقَضَاءِ وَتَعْبِيرِي بِالْحُجَّةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْبَيِّنَةِ لِشُمُولِهِ الشَّاهِدَ مَعَ الْيَمِينِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ قَالَ لِلْمُدَّعِي أَلَك حُجَّةٌ قَالَ نَعَمْ وَأُرِيدَ حَلِفُهُ مُكِّنَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ لِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ فِي الْعَزِيزِ فَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بَعْدَمَا حَلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سُمِعَتْ وَقَضَى بِهَا وَقَوْلُ الرَّوْضِ ثُمَّ إنْ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ سُمِعَتْ وَقَوْلُ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي فَائِدَةِ الْيَمِينِ وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُحْكَمُ بِهَا وَقَوْلُهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ

وَبَعْدَ هَذَا أَيْ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتُقَامُ جَوَازُ الْبَيِّنَةِ أَيْ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَتُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بَعْدُ أَيْ حَلِفِ الْخَصْمِ وَهَلْ تَعْبِيرُهُمْ بِالْبَيِّنَةِ يُخْرِجُ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ حَتَّى لَا يُجْزِئَ فِي ذَلِكَ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُجَابُ الْمُدَّعِي إلَى حَلِفِهِ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَثْبُتُ مَا ادَّعَاهُ وَيُحْكَمُ لَهُ بِهِ، وَتَعْبِيرُ الْأَئِمَّةِ فِي هَذِهِ بِالْبَيِّنَةِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَمِثْلُهَا الشَّاهِدُ مَعَ الْيَمِينِ كَمَا قَرَّرُوهُ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ بِقَوْلِهِمْ مَا ثَبَتَ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ ثَبَتَ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ إلَّا عُيُوبَ النِّسَاءِ وَنَحْوَهَا إذْ الِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي مَسْأَلَتِنَا صَاحِبُ الْعُدَّةِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْعِبَارَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَالِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ حَضَرَهُ جَمَاعَةٌ فَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَسَأَلَ الْمُتَكَلِّمُ بَعْضَهُمْ عَمَّا قَالَهُ فَقَالَ الْمُتَكَلِّمُ السَّاكِتُ عَنْ الْحَقِّ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ فَقَالَ الْمَسْئُولُ قَدْ قَصَدْتَنِي بِقَوْلِك السَّاكِتُ عَنْ الْحَقِّ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ فَقَالَ الْمُتَكَلِّمُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ نِسْبَةُ شَيْءٍ إلَيْك بَلْ ذَكَرَهَا النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ فَهَلْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةُ عِنْدَ الْقَاضِي أَمْ لَا؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ إذَا اُحْتُمِلَ الْمَنْوِيُّ وَلَا احْتِمَالَ لَهُ هُنَا وَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْكَلِمَةِ

الْمَذْكُورَةِ فَهُوَ أَثَرُ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ كَمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ الْمَحَلِّيُّ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ يَا ابْنَ الْحَلَالِ، وَأَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ وَنَحْوَهُ تَعْرِيضٌ لَيْسَ بِقَذْفٍ، وَإِنْ نَوَاهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسْمَعُ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةُ إذْ اللَّفْظُ شَامِلٌ لِلْمَنْوِيِّ أَوْ مُحْتَمِلٌ لَهُ سَوَاءٌ جُعِلَتْ أَلْ فِي السَّاكِتِ اسْمًا مَوْصُولًا كَمَا هُوَ رَأْيُ الْجُمْهُورِ بِمَعْنَى الَّذِي إذْ هُوَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ، وَمَدْلُولُ الْعَامِّ كُلِّيَّةٌ أَيْ مَحْكُومٌ فِيهِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مُطَابَقَةً فَكَأَنَّهُ قَالَ لِلْمَسْئُولِ أَنْتَ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ لِسُكُوتِك عَنْ الْحَقِّ أَمْ جَعَلْته حَرْفَ تَعْرِيفٍ كَمَا هُوَ رَأْيُ الْأَخْفَشِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ إنْ جُعِلَتْ لِلِاسْتِغْرَاقِ فَكَمَا مَرَّ أَوْ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ الْمَقْصُودِ بِهِ الْمَسْئُولَ فَذَاكَ أَوْ لِلْجِنْسِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ لِمَا صَدَقَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِفْرَادِ فَالْجِنْسُ يَتَحَقَّقُ فِي الْمَسْئُولِ كَمَا يَتَحَقَّقُ فِي غَيْرِهِ وَعَلَى تَقْدِيرٍ فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَظِيرَ مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ هَذَا اللَّحْمَ لَحْمُ مُذَكَّاةٍ أَوْ حَلَالٌ وَأُخْرَى بِأَنَّهُ لَحْمُ مَيْتَةٍ أَوْ حَرَامٌ فَهَلْ يَتَعَارَضَانِ أَمْ تُقَدَّمُ الْأُولَى؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقَدَّمُ الْأُولَى فَقَدْ قَطَعَ الدَّمِيرِيُّ وَالْهَرَوِيُّ وَالْعَبَّادِيُّ فِيمَا لَوْ جَاءَ الْمُسْلِمُ إلَيْهِ بِلَحْمٍ إلَى الْمُسْلِمِ فَقَالَ الْمُسَلَّمُ هُوَ لَحْمُ مَيْتَةٍ وَامْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ، وَقَالَ الْمُسَلِّمُ

إلَيْهِ هُوَ لَحْمُ مُذَكَّاةٍ فَعَلَيْك قَبُولُهُ بِأَنَّ الْمُصَدَّقَ الْمُسَلِّمُ. وَعَلَّلَهُ الْعَبَّادِيُّ بِأَنَّ اللَّحْمَ فِي حَالِ حَيَاةِ الْحَيَوَانِ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ تَحْرِيمِهِ حَتَّى تَتَحَقَّقَ الذَّكَاةُ الشَّرْعِيَّةُ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ بَيِّنَةَ التَّذْكِيَةِ أَوْ الْحِلِّ مُقَدَّمَةٌ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحَبَةٌ، وَالنَّافِلَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا لَا يُقَالُ الْقِيَاسُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ التَّعَارُضُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ آخِرَ كَلِمَةِ مَنْ عُرِفَ بِالتَّنَصُّرِ كَلِمَةُ النَّصْرَانِيَّةِ وَأُخْرَى بِأَنَّهَا كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ بَيْنَهُمَا. (سُئِلَ) عَمَّنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ فَادَّعَى أَحَدُ أَصْحَابِ الدُّيُونِ عَلَى وَارِثِهِ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ مِنْ تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِ عَلَى مَا بَقِيَ بِدَيْنِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّ السُّلْطَانَ أَخَذَهَا كُلَّهَا، وَأَنَّهُ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْحَاكِمِ تَحْلِيفَهُ فَحَلَّفَهُ كَذَلِكَ فَهَلْ يَكْفِيهِ ذَلِكَ لِجَمِيعِ أَرْبَابِ الدُّيُونِ حَتَّى لَا يَحْلِفَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لِثُبُوتِ عَدَمِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ يَحْلِفُ لِكُلِّ مُدَّعٍ مِنْهُمْ لِتَعَدُّدِ الْمُسْتَحِقِّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِيهِ الْيَمِينُ الْأُولَى لِمَا ذُكِرَ كَمَا قَالُوهُ فِي بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهَا إنْ طَلَبَ الْخَصْمُ يَمِينًا وَاحِدَةً، وَإِنْ تَعَدَّدُوا أَوْ فِيمَا إذَا طُولِبَ شَخْصٌ بِدَيْنٍ وَثَبَتَ إعْسَارُهُ بِيَمِينِهِ حَيْثُ لَزِمَهُ الدَّيْنُ لَا فِي

البينة بعد اليمين المردودة

مُقَابَلَةِ مَالٍ أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ لَا يُحَلِّفُهُ لِثُبُوتِ إعْسَارِهِ بِالْيَمِينِ الْأُولَى. وَكَمَا قَالُوا لَوْ ادَّعَى حَقًّا عَلَى جَمَاعَةٍ وَلَا بَيِّنَةَ وَنَكَلُوا حَلَفَ لَهُمْ يَمِينًا وَاحِدَةً وَلَوْ ادَّعَى عَلَى جَمَاعَةٍ حَقًّا، وَأَقَامَ شَاهِدًا عَلَيْهِمْ حَلَفَ لَهُمْ يَمِينًا وَاحِدَةً وَلَوْ لَمْ يَحْلِفْ وَنَكَلُوا وَرَدُّوهَا عَلَيْهِ فَحَلَفَ لَهُمْ يَمِينًا وَاحِدَةً جَازَ. اهـ. وَلَهُ نَظَائِرُ فِي كَلَامِهِمْ، وَإِنْ خَالَفَ فِيمَا ذَكَرْته الْبُلْقِينِيُّ حَيْثُ قَالَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ: سُئِلَتْ عَمَّا لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ وَرَثَةٌ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لِأَقْوَامٍ فَحَلَفَ أَحَدُ وَرَثَتِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَى مَوْجُودٍ لِمُوَرِّثِهِ فَجَاءَ مُدَّعٍ آخَرُ، وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْوَرَثَةِ عَلَى ذَلِكَ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ التَّحْلِيفِ فَأَجَبْت بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ الثَّانِيَ لَمْ يُحَلِّفْهُ مَرَّةً أُخْرَى إنَّمَا حَلَّفَهُ مُدَّعٍ آخَرُ، وَالْحُكْمُ وَارِدٌ عَلَى الشَّخْصِ لَا عَلَى الْعُمُومِ اهـ. [الْبَيِّنَة بَعْد الْيَمِين الْمَرْدُودَة] (سُئِلَ) هَلْ تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ بَعْدَ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُسْمَعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ فِي مَوْضِعٍ وَاعْتَمَدَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ سَمَاعِهَا فَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ بِثَلَاثَةِ أَرَادِبِ سِمْسِمٍ، وَأَقَامَ بِهِمَا شَاهِدَيْنِ سَلَمًا أَوْ قَرْضًا أَوْ بَيْعًا أَوْ إتْلَافًا أَوْ إقْرَارًا وَاخْتَلَفَتْ

مَكَايِيلُ النَّاحِيَةِ أَوْ اخْتَصَّ السِّمْسِمُ بِمِكْيَالٍ وَغَيَّرَهُ بِغَيْرِهِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْغَالِبُ كَالنَّقْدِ أَوْ الْمُخْتَصِّ بِهِ أَوْ الْأَقَلِّ فِي الْإِقْرَارِ أَمْ التَّحَالُفِ فِي الْعَقْدِ وَتَصِحُّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ بِهِ كَذَلِكَ أَمْ لَا فَمَا الْفَرْقُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ اخْتَصَّ السِّمْسِمُ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ بِمِكْيَالٍ حُمِلَتْ الْأَرَادِبُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَعَلَى الْمِكْيَالِ الْغَالِبِ فِيهَا فِي مَسَائِلِ الْمُعَامَلَاتِ وَالْإِتْلَافُ كَالنَّقْدِ الْغَالِبِ، وَفِي الْإِقْرَارِ يُحْمَلُ عَلَى الْأَقَلِّ فِي حَالَةِ الِاخْتِصَاصِ وَيَجِبُ الْبَيَانُ فِي غَيْرِهَا. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ دَفَعَ لِلْمُدَّعِي مَا ادَّعَاهُ أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ أَوْ أَبْرَأَهُ أَوْ قَالَ شَيْئًا مِمَّا يَصِيرُ بِهِ مُقِرًّا فَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُدَّعِي عَلَى ذَلِكَ وَحَرَّجَ عَلَى إثْبَاتِهِ يَجِبُ التَّرْسِيمُ عَلَيْهِ حَتَّى يُثْبِتَهُ إذَا لَمْ يَرْضَ غَرِيمُهُ بِإِرْسَالِهِ أَمْ لَا وَهَلْ قَوْلُهُمْ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يُخَالِفُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلًا فَلَا يَرْسِمُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ لِإِضْرَارِهِ بِهِ بِلَا حَاجَةٍ إلَيْهِ، وَإِلَّا رَسَمَ عَلَيْهِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَلَا يُخَالِفُ قَوْلُهُمْ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ خُصُوصًا إنْ خِيفَ مِنْ إطْلَاقِهِ هَرَبُهُ وَفَوَاتُ الْحَقِّ. (سُئِلَ) عَمَّنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ بِمَبْلَغٍ بِطَرِيقِ الْحَوَالَةِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْهِ وَحَلَفَ ثُمَّ ثَبَتَتْ الْحَوَالَةُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَيْنُهَا أَمْ يَسْتَمِرُّ حُكْمُ الْيَمِينِ

لِاحْتِمَالِ الْمُسْقِطِ كَمَا عَلَّلُوا بِهِ الِاكْتِفَاءَ بِنَحْوِ هَذَا الْجَوَابِ وَهَلْ الْإِعْسَارُ كَافٍ فِي صِحَّةِ هَذَا الْجَوَابِ أَمْ تَكُونُ الْيَمِينُ فَاجِرَةً وَهَلْ إذَا وَرَّى فِي يَمِينِهِ نَفَعَتْ التَّوْرِيَةُ وَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْك الْآنَ وَيَكُونُ جَوَابًا كَافِيًا وَتَنْصَرِفُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ فَإِذَا قِيلَ بِذَلِكَ فَانْتَقَلَ الْمُدَّعِي إلَى الدَّعْوَى لِأَجْلِ الثُّبُوتِ كَالدَّعْوَى بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ لِأَجْلِ ثُبُوتِهِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَسْتَمِرُّ حُكْمُ الْيَمِينِ، وَالْإِعْسَارُ كَافٍ فِي صِحَّةِ هَذَا الْجَوَابِ وَلِهَذَا قَالُوا لَوْ ادَّعَى دَيْنًا وَهُوَ مُؤَجَّلٌ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي دَعْوَاهُ الْأَجَلَ كَفَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْجَوَابِ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُهُ الْآنَ وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا فَأَنْكَرَهُ وَحَلَفَ ثُمَّ قَالَ لَهُ الْمُدَّعِي بَعْدَ أَيَّامٍ كُنْت مُعْسِرًا لَا يَلْزَمُك شَيْءٌ وَقَدْ أَيْسَرْت الْآنَ فَالْأَصَحُّ أَنَّ دَعْوَاهُ تُسْمَعُ إلَّا إذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا تَنْفَعُ الْحَالِفَ التَّوْرِيَةُ إنْ خَالَفَتْ نِيَّةَ الْقَاضِي الْمُسْتَحْلِفِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْك الْآنَ مَقْبُولٌ وَهُوَ جَوَابٌ كَافٍ تَنْصَرِفُ بِهِ عَنْهُ الْخُصُومَةُ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الدَّعْوَى بِالْمُؤَجَّلِ لَا تُسْمَعُ، وَإِنْ قَصَدَ بِهَا ثُبُوتَهُ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُؤَجَّلُ فِي عَقْدٍ كَسَلَمٍ وَقَصَدَ بِدَعْوَاهُ تَصْحِيحَ الْعَقْدِ سُمِعَتْ. (سُئِلَ) عَمَّنْ بِيَدِهِ

جَامُوسَةٌ أَقَامَتْ امْرَأَتُهُ بَيِّنَةً شَهِدَتْ لَهَا بِهَا فَادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِمَّنْ اشْتَرَاهَا مِنْهَا وَشَهِدَ بِذَلِكَ شَاهِدٌ وَامْتَنَعَ بَائِعُهُ مِنْ الْحَلِفِ مَعَهُ فَهَلْ يَحْلِفُ ذُو الْيَدِ تِلْكَ الْيَمِينَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِذِي الْيَدِ أَنْ يَحْلِفَهَا؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ بِهَا مِلْكًا لِغَيْرِهِ فَتُنْقَلُ مِنْهُ إلَيْهِ كَالْوَارِثِ فِيمَا يُثْبِتُهُ بِهَا مِلْكًا لِمُوَرِّثِهِ مُنْتَقِلًا مِنْهُ إلَيْهِ بِخِلَافِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ وَقَدْ قَالُوا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِهَا وَيَحْلِفَ عَلَى الْمَشْهُودِ أَمَّا مَعَ الشَّاهِدِ أَوْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ وَلَوْ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ عَمْرٍو، وَأَنَّ عَمْرًا اشْتَرَاهَا مِنْ ذِي الْيَدِ فَأَنْكَرَ فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى الْبَيْعَيْنِ وَلَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا يَضُرُّ التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ عِنْدَ قَاضٍ فَسَأَلَ الْقَاضِي عَنْ جَوَابِ الدَّعْوَى فَقَالَ لَهُ أَنْتَ خَصْمِي فَأَعَادَ الْقَاضِي سُؤَالَهُ الْمَذْكُورَ، وَأَعَادَ هُوَ قَوْلَهُ الْمَذْكُورَ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُمَا مِرَارًا فَحَكَمَ الْقَاضِي بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَرَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي وَحَلَّفَهُ لَهُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ، وَحَكَمَ لَهُ بِمُقْتَضَاهَا فَهَلْ يَكُونُ نُكُولًا وَيَصِحُّ مَا فَعَلَهُ الْقَاضِي مِنْ رَدِّ الْيَمِينِ وَالتَّحْلِيفِ وَالْحُكْمِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَ نُكُولٌ وَمَا فَعَلَهُ الْقَاضِي صَحِيحٌ إذَا لَمْ

يَكُنْ عَدُوًّا لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ بِيَدِهِ مَكَانٌ ادَّعَى عَلَيْهِ شَخْصٌ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ، وَأَظْهَرَ مِنْ يَدِهِ مَكْتُوبًا شَرْعِيًّا يَشْهَدُ بِالشِّرَاءِ وَالتَّسْلِيمُ ثَابِتٌ مَحْكُومٌ بِهِ مَعَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِلْبَائِعِ إلَى حِينِ صُدُورِ الْبَيْعِ فَأَظْهَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَكْتُوبًا شَرْعِيًّا يَشْهَدُ لَهُ بِشِرَائِهِ لَهُ مِنْ مَنْصُوبٍ شَرْعِيٍّ عَنْ وَرَثَةِ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ وَالتَّسْلِيمُ ثَابِتٌ مَحْكُومٌ بِهِ مَعَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِزَيْدٍ الْمَذْكُورِ إلَى حِينِ وَفَاتِهِ وَثُبُوتِهِ لِلْوَرَثَةِ إلَى حِينِ الْبَيْعِ مِنْ الْمَنْصُوبِ الْمَذْكُورِ، وَاتَّصَلَ كُلٌّ مِنْ الْمُسْتَنَدَيْنِ وَنَفَذَ عَلَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُقَدَّمُ مُسْتَنَدُ الشِّرَاءِ عَلَى وَضْعِ الْيَدِ وَيَكُونُ الْحَقُّ لَهُ أَوْ يُقَدَّمُ مُسْتَنَدُ الشِّرَاءِ السَّابِقِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقَدَّمُ مُسْتَنَدُ الشِّرَاءِ السَّابِق لِزِيَادَةِ عِلْمِ بَيِّنَتِهِ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَبَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ مُسْتَصْحَبَةٌ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ بِيَدِهِ عَيْنٌ فَادَّعَى عَلَيْهِ شَخْصٌ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ وَهِيَ مِلْكُهُ مِنْ مُدَّةِ سَنَةٍ ثُمَّ أَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ مِنْ مُدَّةِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ وَاضِعِ الْيَدِ كَمَا لَوْ ادَّعَى كُلّ مِنْهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقَدَّمُ الْبَيِّنَةُ السَّابِقَةُ التَّارِيخِ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِي دَعْوَاهُمَا الشِّرَاءَ مِنْ زَيْدٍ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ ادَّعَى عَلَى آخَرَ

بِدَيْنِ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ مَثَلًا فَأَجَابَ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْقَرْضِ أَوْ الْبَيْعِ مَثَلًا فَهَلْ يُلْزِمُهُ الْقَاضِي بِالْمُدَّعَى أَمْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِالِاسْتِحْقَاقِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُلْزِمَهُ الْقَاضِي بِالْمُدَّعَى بِهِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ ادَّعَى مِلْكَ عَيْنٍ بِيَدِ آخَرَ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ مِنْ سَنَتَيْنِ فَأَقَامَ الدَّاخِلُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ مِنْ سَنَةٍ فَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَمْ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْمَدْرَكِ الثَّالِثِ مِنْ مَدَارِك التَّرْجِيحِ فَقَالَ وَلَوْ نَسَبَ الْعَقْدَيْنِ إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَأَقَامَ هَذَا بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ مُنْذُ سَنَةٍ وَهَذَا بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ مُنْذُ سَنَتَيْنِ فَالسَّابِقُ أَوْلَى لَا مَحَالَةَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِنَحْوِ صَفْحَةٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ أَصْلِهَا مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى فِي يَدِ ثَالِثٍ فَأَمَّا إذْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْ التَّارِيخِ فَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ أَسْبَقَ فَهُوَ الْمُقَدَّمُ لَا مَحَالَةَ، وَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْآخَرِ أَسْبَقَ تَارِيخًا فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ سَبْقَ التَّارِيخِ مُرَجِّحًا فَكَذَلِكَ يُقَدَّمُ الدَّاخِلُ، وَإِنْ جَعَلْنَاهُ مُرَجِّحًا فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهُمَا تَرْجِيحُ الْيَدِ. اهـ كَلَامُهُ بِحُرُوفِهِ. فَإِنْ قُلْتُمْ بِتَقْدِيمِ سَابِقَةِ

التَّارِيخِ فَأَفِيدُونَا الْجَوَابَ عَنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ السَّابِقَةِ التَّارِيخِ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا بِانْتِقَالِ الْعَيْنِ مِنْ مِلْكِ زَيْدٍ مِنْ مُنْذُ سَنَتَيْنِ؛ وَلِأَنَّ الثَّانِيَ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ بَعْدَمَا زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنَّهَا رُدَّتْ إلَيْهِ ثُمَّ بَاعَهَا لِلْآخَرِ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَإِنْ ادَّعَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِهِ؛ وَلِأَنَّ الْيَدَ الْقَدِيمَةَ صَارَتْ لِلْأَوَّلِ، وَيَدُ الثَّانِي حَادِثَةٌ عَلَيْهَا فَلَا تُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَلَا يَبْقَى إلَّا الْعَقْدَانِ فَيُقَدَّمُ أَسْبَقُهُمَا وَهُوَ الْأَوَّلُ فَإِنَّ الْيَدَ الْمَوْجُودَةَ إنَّمَا نَعْمَلُ بِهَا وَنُقَدِّمُهَا إذَا لَمْ نَعْلَمْ حُدُوثَهَا فَإِذَا عَلِمْنَاهُ فَالْيَدُ فِي الْحَقِيقَةِ هِيَ الْأُولَى أَمَّا إذَا اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا أَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ أُرِّخَتْ إحْدَاهُمَا فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا مُرَجِّحًا وَهُوَ الْيَدُ فَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ أَصْلِهَا إلَخْ الْمُرَادُ بِالْمَسْأَلَةِ فِيهِ قَوْلُهُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا كَمَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةُ هَذَا عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ مُنْذُ سَنَتَيْنِ إلَخْ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَوْ نَسَبَا الْعَقْدَيْنِ إلَى شَخْصٍ إلَخْ فَهُوَ بَيَانٌ لِإِخْرَاجِهِ عَنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ الْمَحْكِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ إفْتَائِي بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. (سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ أَبْرَأَتْ زَوْجَهَا مِنْ صَدَاقِهَا فَادَّعَتْ بَقِيَّةُ وَرَثَتِهَا

الإمام الأعظم هل له سماع الدعوى والبينة بها

وُقُوعَ إبْرَائِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهَا، وَالزَّوْجُ وُقُوعَهُ فِي صِحَّتِهَا، وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِمُدَّعَاهُ فَمَنْ الْمُقَدَّمَةُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقَدَّمُ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِالْمَرَضِ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا. [الْإِمَام الْأَعْظَم هَلْ لَهُ سَمَاع الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَة بِهَا] (سُئِلَ) عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ هَلْ لَهُ سَمَاعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ بِهَا أَمْ ذَلِكَ مِنْ وَظِيفَةِ الْقَاضِي كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ سَمَاعَ الدَّعْوَى وَقَبُولَ الْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمَ بِهَا إذْ الْأَحْكَامُ الثَّابِتَةُ لِلْقَاضِي ثَابِتَةٌ لِلْإِمَامِ بَلْ مُرَادُ الْأَئِمَّةِ بِالْقَاضِي مَا يَشْمَلُ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ وَلِهَذَا حَيْثُ اخْتَلَفَ حُكْمُهُمَا صَرَّحُوا بِهِ كَانْعِزَالِ الْقَاضِي بِالْفِسْقِ دُونَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. (سُئِلَ) عَمَّا قَالَهُ الْقَاضِي شُرَيْحٌ فِي رَوْضَتِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً بِحَقٍّ فَهَلْ تُقْبَلُ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا جَدِّي وَلَمْ يُبَيِّنْ الرَّاجِحَ وَمَا الصَّحِيحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ: وَإِنْ قُلْنَا لَا يُقْبَلُ فَقَالَ لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ فِيمَا أَظُنُّ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ وَلَوْ قَالَ لَا حَقَّ لِي عَلَيْهِ فِيمَا أَعْلَمُ فَقَدْ قِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ قَالَ جَدِّي وَهُوَ غَلَطٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقُولُ مَا عَلِمْت وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَقَدْ قَيَّدْت النَّفْيَ بِالْعِلْمِ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ بَيِّنُوا الرَّاجِحَ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا، وَإِذَا ادَّعَى الْغَلَطَ أَوْ النِّسْيَانَ، وَأَبْدَى

عُذْرًا مُحْتَمَلًا، وَأَقَامَ بَيِّنَةً هَلْ تُقْبَلُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ قَبُولُ بَيِّنَتِهِ فِي قَوْلِهِ لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ فِيمَا أَظُنُّ أَوْ لَا حَقَّ لِي عَلَيْهِ فِيمَا أَعْلَمُ وَعَدَمُ قَبُولِهَا فِي قَوْلِهِ لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ نَعَمْ إنْ ذَكَرَ تَأْوِيلًا ظَاهِرًا كَغَلَطٍ أَوْ نِسْيَانٍ قُبِلَتْ. (سُئِلَ) عَنْ مُشْتَرٍ أَقَرَّ حَالَ شِرَائِهِ بِرُؤْيَةِ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ أَوْ مُسْتَأْجِرٍ حَالَ الْإِجَارَةِ بِرُؤْيَةِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ ثُمَّ ادَّعَى عَدَمَ رُؤْيَتِهِ لَهَا وَطَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَيَكُونُ لَهُ تَحْلِيفُ خَصْمِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ خَصْمِهِ لِمُخَالَفَتِهَا لِإِقْرَارِهِ فَهُوَ كَمَنْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ أَقْرَرْت لِعَزْمِي عَلَى الْإِتْلَافِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِالْقَبْضِ ثُمَّ ادَّعَى عَدَمَهُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِتَأْخِيرِ الْقَبْضِ عَنْ الْعَقْدِ، وَإِنَّ النَّاسَ يُقِرُّونَ بِهِ لِأَجْلِ رَسْمِ الْقِبَالَةِ لِيَقْبِضُوا بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا كَذَلِكَ الرُّؤْيَةُ فَإِنَّهُ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ وَلَا الشَّرْعُ بِتَأْخِيرِهَا عَنْ الْعَقْدِ حَتَّى نَقُولَ: إنَّهُ أَقَرَّ بِهَا لِأَجْلِ رَسْمِ الْقِبَالَةِ لِيَرَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ وَلَا تَأْوِيلٌ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي عِمَادِ الرِّضَا لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَالزِّنَا وَلَا مَا لَهُ فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ كَالْكَفَّارَةِ كَأَنْ يَقُولَ عَلَيْك كَفَّارَةُ قَتْلٍ أَوْ حَجٍّ، وَالْعَمَلُ بِذَلِكَ

إنَّمَا هُوَ بِشَهَادَةِ الْحِسْبَةِ. اهـ. هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ وَيَشْمَلُ الْأَوْقَافَ الْعَامَّةَ كَالْمَسَاجِدِ وَالْأَوْقَافِ الْمَبْرُورَةِ، وَأَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ سَمَاعِهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَنَسَبَهُ الْإِمَامُ إلَى الْعِرَاقِيِّينَ وَلَيْسَتْ الْأَوْقَافُ الْعَامَّةُ، وَأَمْوَالُ بَيْتِ الْمَالِ دَاخِلَةً فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ عَدَمِ سَمَاعِهَا الِاكْتِفَاءُ بِشَهَادَةِ الْحِسْبَةِ، وَإِنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُدَّعِي فِي الْمَشْهُودِ بِهِ وَمَنْ لَهُ الْحَقُّ لَمْ يَأْذَنْ فِي الطَّلَبِ وَالْإِثْبَاتِ بَلْ أَمَرَ فِيهِ بِالْإِعْرَاضِ وَالدَّفْعِ مَا أَمْكَنَ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ ظَفَرَ الْكَافِرُ فِي حَقِّهِ بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ هَلْ لَهُ تَمَلُّكُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَمَلُّكُهُ فَلَوْ تَمَلَّكَهُ لَمْ يَصِحَّ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ يَقُولُ فِي الدَّعْوَى بِالدَّارِ لِي فِي يَدِهِ وَلَا يَقُولُ لِي عِنْدَهُ وَلَا عَلَيْهِ وَفِي الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ يَجُوزُ لِي عِنْدَهُ وَفِي لِي عَلَيْهِ خِلَافٌ مَا الْأَصَحُّ مِنْهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصَحَّ مِنْهُ جَوَازُهُ لِصِدْقِهِ فِيهِ إذْ عَلَيْهِ حِفْظُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَمُؤْنَةُ رَدِّهِ وَهُوَ قِيَاسُ تَسْوِيَتِهِ فِي مَسْأَلَةِ الدَّارِ بَيْنَ لِي عِنْدَهُ وَلِي عَلَيْهِ فِي الْمَنْعِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ عِنْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَهَا بَيِّنَةً بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ لَمْ تُسْمَعْ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بِأَدَاءٍ وَإِبْرَاءٍ إلَى أَنَّ التَّصْوِيرَ فِي الدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا فَرَدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى

الْمُدَّعِي فَحَلَفَ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالْمِلْكِ سُمِعَتْ أَفْتَى بِهِ عُلَمَاءُ الْعَصْرِ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ وَلَعَلَّهُمْ بَنَوْهُ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْبَيِّنَةِ بَلْ رَجَّحَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ سَمَاعَهَا مُطْلَقًا كَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي مَوْضِعٍ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اخْتَصَّ أَحَدُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ بِيَدِهِ عِنْدَ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ قَالَ الرَّافِعِيُّ لَمْ تُرَجَّحْ بَيِّنَتُهُ بِهَا بِخِلَافِ الْأَمْلَاكِ حَيْثُ قُدِّمَ فِيهَا بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ وَفِي الْإِيضَاحِ لِلْمَسْعُودِيِّ وَأَمَالِي أَبِي الْفَرْجِ الرَّازِيِّ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً بِأَنَّهُ فِي يَدِهِ مِنْ سَنَةٍ، وَالثَّانِي بَيِّنَةً بِأَنَّهُ فِي يَدِهِ مِنْ شَهْرٍ، وَتَنَازَعَا فِي سَبَبِهِ فَصَاحِبُ الْمُتَقَدِّمَةِ التَّارِيخِ مُقَدَّمٌ لَكِنَّ هَذَا الْكَلَامَ غَيْرُ مُهَذَّبٍ فَإِنَّ ثُبُوتَ الْيَدِ لَا يَقْتَضِي ثُبُوتَ النَّسَبِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَلْ هُوَ كَلَامٌ مُهَذَّبٌ فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَ يَدٍ قَامَتْ بَيِّنَتُهُ كَبَيِّنَةِ الدَّاخِلِ قَالَ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَعَلَّهُمْ أَهْمَلُوهُ لِمَعْرِفَتِهِ مِنْ الْقَوَاعِدِ مَا الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ عَدَمِ تَرْجِيحِ بَيِّنَةِ صَاحِبِ الْيَدِ وَمُتَقَدِّمَةِ تَارِيخِهَا وَقَدْ عُلِمَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا قَاسَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْقَاضِي لَوْ كَانَ التَّدَاعِي بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ لَمْ تَرْجِعْ الْأُخْرَى بِمَا أَنْفَقَتْهُ قَطْعًا هَلْ هُوَ

مُعْتَمَدٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مُعْتَمَدٌ وَلَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ هُنَاكَ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ كِفَايَةُ الْوَلَدِ مِنْ أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ زَوَّجَ بِنْتَهُ الْبِكْرَ بِوِلَايَةِ الْإِجْبَارِ فَمَاتَ زَوْجُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَادَّعَى وَارِثُهُ أَنَّهُ كَانَ مُعْسِرًا حَالَ عَقْدِهَا بِحَالِ صَدَاقِهَا، وَأَنْكَرَ وَالِدُهَا ذَلِكَ وَقَالَ: إنَّهُ كَانَ مُوسِرًا بِهِ، وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ فَهَلْ تَتَعَارَضَانِ فَتَتَسَاقَطَانِ وَيَبْقَى النِّكَاحُ، وَيَسْتَحِقُّ مَهْرَهَا وَإِرْثَهَا مِنْ التَّرِكَةِ أَمْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقَدَّمُ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِيَسَارِهِ بِحَالِ صَدَاقِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا بِاطِّلَاعِهَا عَلَى مَا لَمْ تَطَّلِعْ عَلَيْهِ بَيِّنَةُ الْإِعْسَارِ بِهِ فَالنِّكَاحُ بَاقٍ عَلَى صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّهَا الظَّاهِرُ؛ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ جَرَيَانُهُ صَحِيحًا فَيَسْتَحِقُّ مَهْرَهَا وَإِرْثُهَا مِنْ تَرِكَةِ زَوْجِهَا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ كَغَيْرِهِمَا وَلَا تُحْضَرُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مُخَدَّرَةٌ أَيْ لَا تُكَلَّفُ حُضُورَ مَجْلِسِ الْحُكْمِ لِلدَّعْوَى عَلَيْهَا وَلَا بِحُضُورٍ لِلتَّحْلِيفِ إلَّا لِتَغْلِيظِ يَمِينٍ بِمَكَانٍ هَلْ يُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي وَلَا لِغَيْرِهِ إجْبَارُهَا عَلَى الْحُضُورِ إلَى مَجْلِسِهِ أَوْ بَيِّنَتِهِ أَوْ لَا يَجُوزُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ بِأَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ فَقَالَ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْعَثَ الْحَاكِمُ إلَيْهَا وَلَوْ أَحْضَرَهَا لِمَجْلِسِهِ كَانَ

الْحُكْمُ وَاقِعًا مَوْقِعَهُ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ لَا شَكَّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ جَائِزٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. اهـ. وَهَلْ يُفَرَّقُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الْقَاضِي الْعَدْلِ الْمُؤْتَمَنِ غَيْرِ الْمُتَعَنِّتِ وَغَيْرِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنَّمَا يُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّهَا لَا يَلْزَمُهَا الْحُضُورُ لَا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَإِنَّ فِي مَسْأَلَتِهَا وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الْحُضُورُ وَثَانِيهِمَا أَنَّهَا يَلْزَمُهَا. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ الْمَرْأَةُ الْمُخَدَّرَةُ هَلْ تُكَلَّفُ حُضُورَ مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ، وَأَصَحُّهُمَا لَا كَالْمَرِيضِ إلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ إنَّمَا يَتَحَتَّمُ حُضُورُ الْمُخَدَّرَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لِلتَّحْلِيفِ، وَأَمَّا مَا عَدَاهُ فَيُمْنَعُ فِيهِ بِالتَّوْكِيلِ مِنْ الْمُخَدَّرَةِ وَغَيْرِهَا. اهـ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَاضِي الْأَمِينِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ شَيْئًا، وَأَقَامَ بِهِ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ بِالْمِلْكِ فَمَا الْمُقَدَّمُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقَدَّمُ الشَّاهِدَانِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَقَدْ وُجِدَ مَعَهُمَا مُرَجِّحٌ آخَرُ وَهُوَ الْيَدُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ وَقْفًا وَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْوَاقِفُ وَوَضَعَ مَنْ آلَ إلَيْهِ الْوَقْفُ يَدَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى شَخْصٌ بِأَنَّ الْوَقْفَ لَمْ يَصِحَّ بِمُقْتَضَى أَنَّ الْوَاقِفَ مَلَّكَهُ ذَلِكَ قَبْلَ وَقْفِهِ أَوْ أَنَّهُ أَوْقَفَهُ عَلَى جِهَاتٍ أُخَرَ وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ هَلْ

تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَلَكِنْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْمَقْصُودُ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِيمَا لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ بِأَنَّ الْوَاقِفَ مَلَّكَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْوَقْفِ حَيْثُ أَجَابَ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تُسْمَعُ وَلَكِنْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْمَقْصُودُ لِتَقَدُّمِ الْوَقْفِ لِتَرْجِيحِهِ بِالْيَدِ وَبِحُكْمِ الْحَاكِمِ. اهـ. أَوْ تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْمَقْصُودُ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ كَمَا فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ مِنْ عِمَادِ الرِّضَا حَيْثُ قَالَ وَكَذَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ مَلَّكَهُ، وَأَنَّ الدَّاخِلَ غَصَبَ مِنْهُ أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ زَيْدٌ وَبَاعَهُ لِلدَّاخِلِ أَوْ اكْتَرَاهُ مِنْهُ أَوْ أَوْدَعَهُ عِنْدَهُ، وَأَقَامَ الدَّاخِلُ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ مَلَّكَهُ مُطْلَقًا فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ. وَهَلْ مَا أَجَابَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا أَجَابَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَهَبَتْ إلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ تَقْدِيمُ الْبَيِّنَةِ السَّابِقَةِ التَّارِيخِ وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ فِي الْفَتَاوَى عَلَى نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَرَدَدْت مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْمُخَالِفُ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ بَاعَ مَكَانًا أَوْ وَقَفَهُ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ لَهُ وَحِيَازَتِهِ إلَى حِينِ الْبَيْعِ أَوْ الْوَقْفِ وَحَكَمَ قَاضٍ شَافِعِيٌّ بِمُوجِبِ ذَلِكَ وَمِنْ مُوجِبِهِ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ بِمِلْكٍ أَوْ وَقْفٍ ثُمَّ ادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ مَلَّكَهُ أَوْ

وَقَفَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ الْوَقْفِ هَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ فَيُعْمَلُ بِهَا بِشَرْطِهِ إذْ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ إلَّا بَعْدَ إقَامَةِ الْخَارِجِ الْبَيِّنَةَ بِالْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ وَحِينَئِذٍ فَالْحُكْمُ بِالْمُوجِبِ لَاغٍ لَا اعْتِبَارَ بِهِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ ابْنًا وَبِنْتًا وَزَوْجَةً وَمِنْ جُمْلَةِ تَرِكَتِهِ أَرْبَعُونَ دِينَارًا ذَهَبًا عَلَى رَجُلٍ فَادَّعَى الِابْنُ بِالْأَرْبَعِينَ دِينَارًا أَوْ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْهَا وَالْحَالُ أَنَّ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ لَمْ يُوَكِّلُوهُ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِجُمْلَةِ الدَّيْنِ وَيَذْكُرُ أَنَّ حِصَّتَهُ مِنْهُ كَذَا ثُمَّ إنْ أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ نَكَلَ فَحَلَفَ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ أَوْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً ثَبَتَ جَمِيعُ الدَّيْنِ، وَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ مِنْهُ، وَإِنْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ ثَبَتَ نَصِيبُهُ فَقَطْ وَلَا يُشَارِكُهُ أَحَدٌ فِيهِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ ادَّعَى أَنَّ أَبَا زَوْجَتِهِ مَاتَ قَبْلَهَا فَوَرِثَتْهُ وَادَّعَتْ وَرَثَتُهُ أَنَّهَا مَاتَتْ قَبْلَهُ، وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ فَهَلْ تُقَدَّمُ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَتَعَارَضَانِ فَتَتَسَاقَطَانِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَةَ بِمَوْتِ الْأَبِ قَبْلَ بِنْتِهِ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ بِنَقْلِهَا مِنْ الْحَيَاةِ إلَى الْمَوْتِ، وَالشَّاهِدَةُ بِمَوْتِ الْبِنْتِ قَبْلَ

أَبِيهَا مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ بِنَقْلِهَا لَهَا مِنْ الْحَيَاةِ إلَى الْمَوْتِ فَتَعَارَضَتَا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا فِي كِتَابِهِ عِمَادِ الرِّضَا فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ فِيهِ وَيُرَجَّحُ بِحُكْمِ الْقَاضِي عَلَى قَوْلِ الْبَغَوِيِّ وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ خِلَافُهُ. اهـ. وَقَالَ فِيهِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ أَمَّا مُجَرَّدُ التَّعَارُضِ كَقِيَامِ بَيِّنَةٍ بَعْدَ الْحُكْمِ بِخِلَافِ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ الَّتِي حَكَمَ بِهَا فَلَا نَقْضَ فِيهِ وَاَلَّذِي يَتَرَجَّحُ أَنَّهُ لَا نَقْضَ بِهِ فَهَلْ الْمُفْتَى بِهِ وَالْمَعْمُولُ بِهِ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ أَوْ مَا فِي الْمُهِمَّاتِ أَوْ مَا فِي الْفَصْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ الْمَذْكُورِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي لَيْسَ بِمُرَجِّحٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي الْفَصْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ لَا يُخَالِفُهُ بَلْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ خَطَؤُهُ فِي حُكْمِهِ بَلْ حَصَلَ مُجَرَّدُ التَّعَارُضِ لِقِيَامِ بَيِّنَةٍ بَعْدَ حُكْمِهِ بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي رَتَّبَ عَلَيْهَا حُكْمَهُ، وَأَطْلَقَتْ الْبَيِّنَةُ الثَّانِيَةُ الْمِلْكَ لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ لِعَدَمِ تَبَيُّنِ الْخَطَأِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّعَارُضَ فِيمَا ذَكَرَهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى إذَا قُلْنَا إنَّ حُكْمَ الْقَاضِي لَيْسَ بِمُرَجِّحٍ، وَإِلَّا فَيُعْمَلُ بِهِ وَلَا تَعَارُضَ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى التَّعَارُضِ أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَلَا بِمَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ الثَّانِيَةُ إلَّا بِمُرَجِّحٍ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ كَالْيَدِ

أَوْ زِيَادَةِ الْعِلْمِ أَوْ سَبْقِ التَّارِيخِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ وَاضِعٍ يَدَهُ عَلَى مَكَان ثُمَّ تُوُفِّيَ فَوَضَعَ أَحَدُ أَوْلَادِهِ يَدَهُ عَلَيْهِ بِسُكْنَاهُ وَبِيَدِ بَعْضِهِمْ مَكْتُوبٌ وَقْفُهُ عَلَيْهَا فَلَمَّا عَلِمَ بِهِ السَّاكِنُ أَقَامَ بَيِّنَةً بِوَضْعِ يَدِهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فِي مِلْكِ وَالِدِهِ إلَى حِينِ مَوْتِهِ وَحَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ وَحَكَمَ بِوَقْفِيَّتِهِ حَاكِمٌ آخَرُ فَمَا الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا الْحُكْمُ بِوَقْفِيَّتِهِ لِزِيَادَةِ عِلْمِ بَيِّنَتِهِ وَاعْتِمَادِ بَيِّنَةِ الْمِلْكِ عَلَى ظَاهِرِ الْيَدِ وَهِيَ كَلَا يَدٍ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَيَدُهُ يَدُ مُتَعَدٍّ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ فَيَدُهُ يَدُ مِلْكٍ مِنْ عَيْنِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِهَا. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ تُوُفِّيَ وَالِدُهُ عَنْهُ وَعَنْ أَخِيهِ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا خَلَّفَهُ لَهُمَا قَاعَةٌ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْهَا لِشَخْصٍ فَادَّعَى أَخُوهُ أَنَّ وَالِدَهُ وَهَبَهُ جَمِيعَ الْقَاعَةِ، وَأَحْضَرَ شَاهِدًا بِذَلِكَ وَحَلَفَ مَعَهُ فَنَازَعَهُ الْمُشْتَرِي وَادَّعَى أَنَّ وَالِدَهُ رَجَعَ عَنْ الْهِبَةِ، وَأَقَامَ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ، وَأَثْبَتَ مُدَّعِي الْهِبَةِ مُسْتَنَدَهُ عَلَى حَاكِمٍ يَرَى عَدَمَ الرُّجُوعِ وَمُدَّعِي الرُّجُوعِ مُسْتَنَدَهُ عَلَى حَاكِمٍ يَرَى الرُّجُوعَ وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَجُهِلَ السَّابِقُ مِنْهُمَا فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرُّجُوعَ صَحِيحٌ فَيَسْتَمِرُّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي فِي الْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ

وَمُجَرَّدُ الثُّبُوتِ عِنْدَ الْحَاكِمَيْنِ لَا أَثَرَ لَهُ هُنَا وَعَلَى تَقْدِيرِ حُكْمِ الْحَاكِمَيْنِ بِمُوجِبِ ذَلِكَ فَيَسْتَمِرُّ مِلْكُ الْمُشْتَرِي لِلْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ عِنْدَ الْهِبَةِ قَدْ ثَبَتَ وَالْحُكْمَانِ لَمَّا تَعَارَضَا لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِأَسْبَقِهِمَا تَسَاقَطَا وَبَقِيَ الرُّجُوعُ، وَأَيْضًا فَالْأَصْلُ عَدَمُ سَبْقِ حُكْمِ الْحَاكِمِ الَّذِي لَا يَرَى الرُّجُوعَ حُكْمَ الْحَاكِمِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ. (سُئِلَ) عَنْ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ بِإِفْضَاءِ امْرَأَةٍ وَحُكِمَ بِهَا ثُمَّ شَهِدَتْ أُخْرَى بِعَدَمِهِ فَهَلْ يَنْقُضُ حُكْمُ الْقَاضِي وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ عَدَمِ الْإِفْضَاءِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ مَضَى بَيْنَ شَهَادَتَيْهِمَا زَمَنٌ يَحْتَمِلُ الْتِحَامُ الْإِفْضَاءِ فِيهِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا، وَإِلَّا تَبَيَّنَ تَعَارُضُهُمَا وَتَسَاقُطُهُمَا إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَأُ إحْدَاهُمَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ التَّرْجِيحِ بِالْحُكْمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَإِنْ تَبَيَّنَ خَطَأُ إحْدَاهُمَا عُمِلَ بِالْأُخْرَى. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ ثُمَّ الْمَأْخُوذُ مِنْ جِنْسِهِ يَتَمَلَّكُهُ. اهـ. هَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ إحْدَاثِ التَّمَلُّكِ أَمْ يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْمَنْقُولَ الثَّانِي، وَكَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَغَيْرِهِ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَحْضَرَ وَرَقَةً حَرَّرَ فِيهَا دَعْوَاهُ وَقَالَ أَدَّعِي بِمَا فِيهَا أَوْ أَدَّعِي ثَوْبًا بِالصِّفَاتِ الْمَكْتُوبَةِ فِيهَا فَهَلْ يُكْتَفَى بِذَلِكَ فِي صِحَّةِ

الدَّعْوَى كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ إذَا قَرَأَهَا الْقَاضِي أَوْ قُرِئَتْ عَلَيْهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِي مَا ذَكَرَ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْأَنْوَارِ وَلَوْ قَالَ لَهُ الْحَاكِمُ قُلْ بِاَللَّهِ فَقَالَ وَاَللَّهِ أَوْ بِاَللَّهِ أَوْ بِالرَّحْمَنِ أَوْ الرَّحِيمِ أَوْ بِالْعُكُوسِ أَوْ غَلَّظَ عَلَيْهِ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالزَّمَانِ أَوْ بِالْمَكَانِ فَامْتَنَعَ كَانَ نَاكِلًا هَلْ ذَلِكَ كُلُّهُ مُعْتَمَدٌ أَوْ فِي شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مُعْتَمَدٌ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ مَاتَ وَخَلَّفَ أَوْلَادًا قَاصِرِينَ وَبَالِغِينَ وَتَرَكَ مَوْجُودًا وَمِنْ جُمْلَتِهِ عَقَارٌ وَعَلَى الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ دُيُونٌ شَرْعِيَّةٌ فَأَقَامَ الْقَاضِي مُتَحَدِّثًا عَلَى الْقَاصِرِينَ وَبَاعَ الْبَالِغُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَبَاعَ مَنْصُوبُ الْقَاضِي عَنْ الْقَاصِرِينَ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ بِسَبَبِ وَفَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ بَعْدَ إجْهَارِ النِّدَاءِ وَانْتِهَاءِ الرَّغَبَاتِ فِي الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ وَثَبَتَ مَضْمُونُ الْقِيمَةِ عِنْدَ الْقَاضِي، وَأَنَّ الْحَظَّ وَالْمَصْلَحَةَ فِي بَيْعِ ذَلِكَ وَفِيمَا قُوِّمَتْ بِهِ، وَأَنَّ الِاسْتِظْهَارَ فِي ذَلِكَ أَلْفٌ نُصِّفَ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِمُوجِبِ ذَلِكَ ثُمَّ انْتَقَلَ الْمَبِيعُ الْمَذْكُورُ لِشَخْصٍ آخَرَ وَتَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ تَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ سَنَةً ادَّعَى شَخْصٌ مِنْ الْقَاصِرِينَ أَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ بِيعَ بِأَقَلَّ مِنْ

قِيمَتِهِ فَهَلْ دَعْوَاهُ مَقْبُولَةٌ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ ثُمَّ إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً شَهِدَتْ بِأَنَّ قِيمَةَ الْعَقَارِ وَقْتَ بَيْعِهِ كَذَا وَكَذَا وَالْحَالُ أَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى مَا بِيعَ بِهِ بِقَدْرٍ لَا يُتَسَامَحُ بِهِ تَبَيَّنَ خَطَأُ الْبَيِّنَةِ السَّابِقَةِ وَبُطْلَانُ الْبَيْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُمْ إذَا اخْتَلَفَتْ بَيِّنَتَانِ فِي قِيمَةِ عَيْنٍ قُدِّمَتْ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِالْأَقَلِّ مَحَلُّهُ فِي عَيْنٍ تَلِفَتْ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ وَرَثَةِ رَجُلٍ مُتَوَفَّى حِصَّةً فِي دَارٍ قَدْرُهَا سَبْعَةُ أَسْهُمٍ وَخُمُسَانِ وَادَّعَى شَخْصٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْجَارِيَ فِي مِلْكِهِ رُبُعُ الدَّارِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ لِلْمُدَّعِي حِصَّةً وَيَثْبُتُ مَا يَدَّعِيهِ فَالْتُمِسَ يَمِينُهُ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ أَمْ عَلَى الْبَتِّ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ إلَّا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَقَصَدَ الْحَاكِمُ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى الْبَتِّ وَامْتَنَعَ يَكُونُ نَاكِلًا أَمْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ لَا وَحَلَّفَ الْحَاكِمُ خَصْمَهُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ بَعْدَ امْتِنَاعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ فَهَلْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ جَوَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ بِكَافٍ وَالْجَوَابُ الْكَافِي أَنْ يَقُولَ لَيْسَ لَك فِي الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ مَا ادَّعَيْته، وَإِذَا حَلَفَ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ، وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ الْحَلِفِ كَانَ نَاكِلًا فَتُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى

كتاب العتق

الْمُدَّعِي فَإِذَا حَلَفَ الْيَمِينَ الْمَذْكُورَةَ ثَبَتَ لَهُ مَا ادَّعَاهُ. [كِتَابُ الْعِتْقِ] (كِتَابُ الْعِتْقِ) . (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ قَالَ لِعَبْدِهِ يَا وَلَدِي وَلَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ تَلَطُّفًا وَلَا نَوَى بِهِ عِتْقًا فَهَلْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ هَذَا اللَّفْظُ مِنْ كِنَايَاتِ الْعِتْقِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْعَادَةِ لِلْمُلَاطَفَةِ وَحُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَتَى بِلَفْظِ وَلَدِي فِي غَيْرِ النِّدَاءِ وَاللَّفْظُ الْمَذْكُورُ كِنَايَةٌ فِي الْعِتْقِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ جَرَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَنَّهُ يَعْتِقُ بِالنِّدَاءِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الْمُلَاطَفَةَ. (سُئِلَ) عَمَّا وَقَعَ بَعْدَ السَّبْعِمِائَةِ بِبِلَادِ الصَّعِيدِ أَنَّ عَبْدًا انْتَهَى الْمِلْكُ فِيهِ لِبَيْتِ الْمَالِ فَاشْتَرَى نَفْسَهُ مِنْ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ فَأَفْتَى الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ الدِّشْنَاوِيُّ بِالصِّحَّةِ ثُمَّ رُفِعَتْ الْوَاقِعَةُ إلَى الْقَاضِي شَمْسِ الدِّينِ الْأَصْبَهَانِيِّ فَقَالَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ وَلَيْسَ لِوَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ أَنْ يَعْتِقَ عَبْدَ بَيْتِ الْمَالِ قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي التَّوْشِيحِ وَالصَّوَابُ مَا أَفْتَى بِهِ الدِّشْنَاوِيُّ فَإِنَّ هَذَا الْعِتْقَ إنَّمَا وَقَعَ بِعِوَضٍ فَلَا تَضْيِيعَ فِيهِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ. اهـ. فَمَا الصَّوَابُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الصَّوَابَ بُطْلَانُهُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمُعْتِقِ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ، وَوُقُوعُهُ

قال لرقيقه الخنثى اعتدي

بِالْعِوَضِ الْمَذْكُورِ لَا أَثَرَ لَهُ كَمَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ كِتَابَتُهُ مَعَ أَنَّهَا غَيْرُ مُزِيلَةٍ لِلْمِلْكِ فِيهِ وَلِأَنَّهُ بَيْعُ بَعْضِ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ بِبَعْضٍ آخَرَ إذْ الْعِوَضُ الْمَذْكُورُ، وَإِنْ حَصَلَ فَقَدْ فَوَّتَهُ بِهِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ إذْ لَوْلَاهُ لَكَانَ مَا يَحْصُلُ مِلْكًا لَهُ؛ وَلِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ مَا بَاعَهُ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ وَهَذَا الْبَيْعُ لَوْ صَحَّ لَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ إتْلَافُ رَقَبَةِ الْعَبْدِ شَرْعًا قَبْلَ حُصُولِ الْعِوَضِ إذْ الرَّقِيقُ لَا يَمْلِكُ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ. [قَالَ لِرَقِيقِهِ الْخُنْثَى اعتدي] (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ لِرَقِيقِهِ الْخُنْثَى اعْتَدِّي أَوْ اسْتَبْرِئِي رَحِمَك وَنَوَى بِهِ الْعِتْقَ هَلْ يُعْتَقُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ كَمَا يَقْتَضِيهِ تَعْلِيلُهُمْ وَقَوْلُهُمْ إنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الْأَمَةِ عَلَى الْأَصَحِّ إذْ لَفْظُ الْأَمَةِ مُخْرِجٌ لِلْعَبْدِ وَالْخُنْثَى. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اشْتَرَى مِنْ شَخْصٍ رَقِيقًا شِرَاءً فَاسِدًا، وَأَذِنَ لَهُ فِي إعْتَاقِهِ فَأَعْتَقَهُ هَلْ يَنْفُذُ أَمْ لَا يَنْفُذُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ إنَّمَا كَانَ مَقْرُونًا بِمِلْكِ الْعِوَضِ فَلَمَّا لَمْ يَمْلِكْهُ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ بِالْإِذْنِ هَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ بِهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا إذَا قَالَ الْغَاصِبُ لِمَالِكِ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ أَعْتِقْ عَبْدَك هَذَا فَأَعْتَقَهُ جَاهِلًا أَنَّهُ عَبْدُهُ حَيْثُ يُعْتَقُ عَلَى الصَّحِيحِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ نُفُوذُ عِتْقِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَنْدَفِعُ بِالْجَهْلِ إذْ الْعِبْرَةُ بِمَا

فِي نَفْسِ الْآمِرِ لَا بِمَا فِي ظَنِّ الْمُكَلَّفِ. (سُئِلَ) عَنْ مَعْنَى قَوْلِ الْبَغَوِيِّ فِي فَتَاوِيهِ مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ لَهُ عَبْدٌ قِيمَتُهُ مِائَةٌ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ فَزَادَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ حَتَّى بَلَغَتْ مِائَةٌ وَخَمْسِينَ كَمْ يَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ قَالَ يَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ سُبُعٌ مِنْهَا غَيْرُ مَحْسُوبٍ مِنْ الثُّلُثِ يَبْقَى لِلْوَارِثِ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهِ فَبَيِّنُوا لَنَا طَرِيقَ الْمَأْخَذِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الطَّرِيقَ أَنَّ قِيمَةَ الْعَتِيقِ لَمَّا زَادَتْ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ زَادَتْ الْمَسْأَلَةُ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ كَالْكَسْبِ فَقِسْطُ مَا عَتَقَ لَا يُحْسَبُ عَلَى الْعَبْدِ وَقِسْطُ مَا رُقَّ تَزِيدُ بِهِ التَّرِكَةُ فَنَقُولُ عَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَذَلِكَ الشَّيْءِ مَحْسُوبٌ بِثُلُثَيْ شَيْءٍ يَبْقَى مَعَ الْوَرَثَةِ عَبْدًا لَا شَيْئًا يَعْدِلُ ضِعْفَ الْمَحْسُوبِ عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ شَيْءٌ وَثُلُثُ شَيْءٍ فَالْعَبْدُ سَبْعَةٌ وَالشَّيْءُ ثَلَاثَةٌ فَيَعْتِقُ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ وَقِيمَتُهَا يَوْمَ الْمَوْتِ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ وَسُبُعَانِ وَالْمَحْسُوبُ عَلَيْهِ مِنْهَا قِيمَةُ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ وَهُوَ اثْنَانِ، وَأَرْبَعُونَ وَسِتَّةُ أَسْبَاعٍ يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعٍ وَقِيمَتُهَا خَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ وَخَمْسَةُ أَسْبَاعٍ وَهِيَ ضِعْفُ الْمَحْسُوبِ عَلَى الْعَبْدِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَى بَعْضَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَفِي سِرَايَتِهِ نَظَرٌ، وَيُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ قُلْنَا إنَّهُ بَيْعٌ سَرِيٌّ

أعتق في مرض موته رقيقا لا يملك غيره

أَوْ افْتِدَاءٌ فَمَا الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ السِّرَايَةِ. . (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِ أَيْضًا لَوْ كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لِلْعَبْدِ هَلْ يَسْرِي عَلَيْهِ الْبَاقِي إذَا كَانَ مُوسِرًا يُتَّجَهُ بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّهُ عَقْدُ بَيْعٍ أَوْ عَتَاقَةٍ مَا الْأَصَحُّ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَصَحَّ مِنْهُمَا أَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ فَالْأَصَحُّ السِّرَايَةُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ وَبَقِيَ النَّظَرُ فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ الْحَامِلَ هَلْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ الْحَمْلُ أَوْ لَا يَنْبَغِي تَخْرِيجُهُمَا عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ أَوْ لَا إنْ قُلْنَا نَعَمْ عَتَقَ، وَإِلَّا فَلَا فَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهَا ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهَا هَلْ لَهُ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ بِنَاؤُهُ عَلَى الْعِلَّتَيْنِ فَلَوْ اشْتَرَاهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ انْفَصَلَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنْ قُلْنَا الْحَمْلُ يُعْلَمُ لَمْ يَرِثْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَكَانَ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يُعْلَمُ يَنْبَغِي أَنْ يَرِثَ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ بِالشِّرَاءِ بَلْ بَعْدَهُ فَإِذَا انْفَصَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَمَا الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ الْحَمْلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ وَهُوَ الْأَصَحُّ ثُمَّ إنْ رَدَّهَا بِالْعَيْبِ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِي حَمْلِهَا جَازَ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ رَدُّهَا قَهْرًا لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِسَبَبِ عِتْقِ الْحَمْلِ عَلَيْهِ وَلَا يَرِثُ. [أَعْتَقَ فِي مَرَض مَوْته رَقِيقًا لَا يَمْلِك غَيْره] (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ رَقِيقًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ ثُمَّ مَاتَ

فَهَلْ يَكُونُ الْعَبْدُ رَقِيقًا كُلَّهُ أَوْ حُرًّا كُلَّهُ أَوْ ثُلُثَهُ أَوْجُهٌ مَا الْأَصَحُّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَصَحَّهَا أَوَّلُهَا؛ لِأَنَّ مَا يَعْتِقُ يَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ لِلْوَرَثَةِ مِثْلَاهُ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ هُنَا شَيْءٌ. (سُئِلَ) عَمَّنْ مَرَّ بِعَبْدِهِ عَلَى مَكَّاسٍ وَخَافَ مُطَالَبَتَهُ بِمَكْسِ عَبْدِهِ فَقَالَ إنَّهُ حُرٌّ لَا عَبْدٌ وَقَصَدَ الْإِخْبَارَ هَلْ يُؤَاخَذُ بِهِ ظَاهِرًا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مُؤَاخَذَتُهُ بِذَلِكَ ظَاهِرًا. (سُئِلَ) عَمَّا سُئِلَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ وَتَرَكَ عَبْدًا فَادَّعَتْ زَوْجَتُهُ أَنَّهُ عَوَّضَهَا إيَّاهُ عَنْ صَدَاقِهَا، وَأَنَّهَا أَعْتَقَتْهُ فَهَلْ يُعْتَقُ نَصِيبُهَا وَيَسْرِي إلَى بَاقِيهِ أَوْ لَا فَقَالَ يُعْتَقُ نَصِيبُهَا وَلَا يَسْرِي؛ لِأَنَّ إقْرَارَهَا بِإِعْتَاقِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ وَالْأَوَّلُ يَقْتَضِي الْمُؤَاخَذَةَ فِي نَصِيبِهَا وَعَدَمَ السِّرَايَةِ وَالثَّانِي يَقْتَضِي السِّرَايَةَ فَحُمِلَ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ وَهُوَ عَدَمُهَا وَتُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهَا فِي إسْقَاطِ صَدَاقِهَا. اهـ. هَلْ يَسْقُطُ صَدَاقُهَا كَمَا قَالَهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ يُعْتَقُ نَصِيبُهَا وَلَا يَسْرِي مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهَا، وَإِلَّا فَتَجِبُ وَيُرَتَّبُ عَلَى قَوْلِهَا مُقْتَضَاهُ وَمِنْ أَنَّهُ يُسْقِطُ صَدَاقَهَا مَمْنُوعٌ إذْ هُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ ادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ الْحَوَالَةَ وَالْمَدْيُونُ الْوَكَالَةَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَدْيُونِ بِيَمِينِهِ فَإِذَا

حَلَفَ لَمْ يَسْقُطْ الدَّيْنُ بَلْ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ مِنْ الْمَدْيُونِ؛ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ بِجَحْدِهِ وَحَلِفِهِ وَالْحَيْلُولَةُ مُوجِبَةٌ لِلضَّمَانِ عَلَى الصَّحِيحِ وَهُوَ إنَّمَا اعْتَرَفَ بِبَرَاءَةِ الْمَدْيُونِ فِي مُقَابَلَةِ مَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ رَجَعَ إلَى حَقِّهِ فَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ قَدْ حَالَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَقِّهَا بِجَحْدِهِمْ التَّعْوِيضَ وَحَلِفِهِمْ عَلَى نَفْيِهِ وَهِيَ إنَّمَا اعْتَرَفَتْ بِبَرَاءَةِ ذِمَّةِ زَوْجِهَا مِنْ صَدَاقِهَا فِي مُقَابَلَةِ تَعْوِيضِهِ إيَّاهَا الْعَبْدَ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ رَجَعَتْ إلَى صَدَاقِهَا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ سُقُوطِهِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الرَّأْيِ الْمَرْجُوحِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَوَالَةِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ كَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ فَإِنَّهُ إنْ خَرَجَ لِلْوَاحِدِ فَعَتَقَ ثُلُثَهُ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ خَرَجَ لِلِاثْنَيْنِ فَكَيْفَ يَفْعَلُ هَلْ يُعْتِقُ مِنْ كُلٍّ سُدُسَهُ أَوْ يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا ثَانِيًا فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَقَلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ إلَى تَكْمِيلِ الْعِتْقِ مَا أَمْكَنَ، وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا الِاثْنَيْنِ بِمَثَابَةِ الْوَاحِدِ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَقْبَلَ عَلَى عَبْدِهِ وَهُوَ مَشْغُولٌ بِالْخِدْمَةِ وَالْعَمَلِ فَأَمَرَهُ بِتَرْكِ

الْعَمَلِ وَقَالَ لَهُ أَنْتَ مَعْتُوقٌ ثُمَّ ادَّعَى إرَادَةَ الْعِتْقِ مِنْ الْعَمَلِ هَلْ يُقْبَلُ ظَاهِرًا فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْقَبُولِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ فِيمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ اُفْرُغْ مِنْ الْعَمَلِ قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَأَنْتَ حُرٌّ، وَإِنْ قُلْتُمْ بِعَدَمِ الْقَبُولِ ظَاهِرًا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَقَدْ حَلَّهَا مِنْ وَثَاقٍ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إيمَاءً إلَى أَنَّ مَا فِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - جَارٍ عَلَى مَا أَجَابَ بِهِ فِي وَجِيزِهِ مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ فِي مَسْأَلَةِ النِّدَاءِ بِالِاسْمِ الْقَدِيمِ، وَأَنَّهُ قَالَ فِي عَقِبِ مَسْأَلَةِ الْفَتَاوَى وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ جَوَابِ الْكِتَابِ فِي النِّدَاءِ بِالِاسْمِ الْقَدِيمِ أَيْ فَعَلَى قَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْمُرَجَّحُ يُقْبَلُ فِي مَسْأَلَةِ الشُّغْلِ أَيْضًا ظَاهِرًا. وَأَمَّا الْفَرْقُ الَّذِي نَقَلَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا عَنْ الرَّافِعِيِّ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الشُّغْلِ وَمَسْأَلَةِ الزَّحْمَةِ فَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يُومِئُ أَيْضًا إلَى أَنَّهُ عَلَى طَرِيقَةِ الْغَزَالِيِّ لِيَجْمَعَ بِهِ بَيْنَ مَا ظَاهِرُهُ التَّنَاقُصُ مِنْ أَجْوِبَةِ الْغَزَالِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. فَإِنْ أَجَابَ فِي مَسْأَلَةِ الشُّغْلِ بِعَدَمِ الْقَبُولِ ظَاهِرًا، وَفِي مَسْأَلَةِ الزَّحْمَةِ بِالْقَبُولِ فَقَالَ الرَّافِعِيُّ عَقِبَ مَسْأَلَةِ الزَّحْمَةِ

باب التدبير

وَهَذَا إنْ أَرَادَهُ فِي الظَّاهِرِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ إلَخْ. وَالْمَسْأَلَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ عَقِبَ الْفَرْقِ بِالْفَارِسِيَّةِ تَدُلُّ عَلَى الْقَبُولِ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهَا بُنِيَتْ عَلَى الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَثَاقِ فِي الطَّلَاقِ وَكَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَكْسِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقْبَلُ إرَادَتُهُ ظَاهِرًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ أَرَادَ بِلَفْظِ مَعْتُوقٍ مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي وُضِعَ لَهَا، وَهُوَ النَّجَاةُ مِنْ الْعَمَلِ فَإِنَّهُ يُقَالُ أَعْتَقَ فُلَانًا فَرَسَهُ أَيْ أَنْجَاهَا فَقُبِلَتْ إرَادَتُهُ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ، وَأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْغَزَالِيِّ أَرَادَ بِلَفْظِ الْحُرِّ خِلَافَ مَوْضُوعِهِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ خِلَافُ الْعَبْدِ فَلَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ إنْ بِعْت عَبْدِي فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ بَاعَهُ هَلْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَعْتِقُ الْعَبْدُ الْمَذْكُورُ. [بَابُ التَّدْبِيرِ] (بَابُ التَّدْبِيرِ) (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ وَزَادَ مَرَضُهُ عَلَى الشَّهْرِ يَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ عَقِبَ الْحِيلَةِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ الْمَرْوَزِيِّ أَمْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ فِي مَسْأَلَةِ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الْعِتْقُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَوُجِدَتْ فِي الْمَرَضِ وَدَلَّ عَلَيْهِ أَيْضًا كَلَامُهُمْ فِي

تدبير المفلس كإعتاقه

بَابِ الْوَصِيَّةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَمَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ عَقِبَ الْحِيلَةِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ الْمَرْوَزِيِّ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِهِ وَهُوَ رَأْيٌ ضَعِيفٌ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ لَوْ انْفَصَلَ أَحَدُ تَوْأَمَيْنِ قَبْلَ تَدْبِيرِهَا وَالْآخَرُ بَعْدَهُ فَهَلْ هُمَا كَالْمُنْفَصِلِ قَبْلَ التَّدْبِيرِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ يُعْطَى كُلٌّ حُكْمَهُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ فِيهِ نَظَرٌ مَا الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ التَّدْبِيرِ لِلْمُنْفَصِلِ قَبْلَهُ وَيَثْبُتُ لِلْمُنْفَصِلِ بَعْدَهُ. [تَدْبِير الْمُفْلِس كَإِعْتَاقِهِ] (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ وَتَدْبِيرُ الْمُفْلِسِ كَإِعْتَاقِهِ وَقَدْ سَبَقَ فِي بَابِهِ وَاَلَّذِي سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَتَدْبِيرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ كَإِعْتَاقِهِ. اهـ. وَجَزَمَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِخِلَافِهِ فَمَا الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ تَدْبِيرَهُ صَحِيحٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ وَالدَّمِيرِيِّ: وَتَدْبِيرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إنْ فَضَلَ مَالُهُ بَعْدَ دُيُونِهِ نَفَذَ، وَإِلَّا فَلَا يَنْفُذُ، وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُمَا خِلَافَهُ إذْ لَا يَلْزَمُ إعْطَاءُ الْمُشَبَّهِ جَمِيعَ أَحْكَامِ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ كَلَامَهُمَا غَيْرُ مُعْتَمَدٍ إنْ لَمْ يُؤَوَّلْ بِمَا ذَكَرْته. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ

باب الكتابة

وَخَلَّفَ وَارِثًا فَنَجَّزَ عِتْقَ ذَلِكَ الْعَبْدِ هَلْ يَصِحُّ عِتْقُهُ أَمْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ بِالصِّحَّةِ فَلِمَنْ يَكُونُ الْوَلَاءُ، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ الْوَارِثُ مُتَعَدِّدًا فَأَعْتَقَهُ بَعْضُهُمْ بِغَيْرِ رِضَا الْبَاقِينَ يَنْفُذُ الْعِتْقُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَمْ لَا، وَإِذَا كَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ كَامِلًا وَالْبَعْضُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَنَجَّزَ الْعِتْقَ الْبَعْضُ الْكَامِلُ قَبْلَ مُضِيِّ ذَلِكَ الشَّهْرِ يَنْفُذُ الْعِتْقُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُ وَارِثِهِ مُتَّحِدًا كَانَ أَوْ مُتَعَدِّدًا لِلْعَبْدِ الْمَذْكُورِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ تَعْلِيقِ مُوَرِّثِهِ كَمَا لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِالْبَيْعِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يُزِيلُ مِلْكَهُ. [بَابُ الْكِتَابَةِ] (بَابُ الْكِتَابَةِ) . (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ لَوْ مَلَكَ الْمُكَاتَبُ بَعْضَ قَرِيبِهِ فَأَعْتَقَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ هَلْ يَسْرِي أَوْ يَكُونُ مِلْكُ الْمُكَاتَبِ مَانِعًا لِكَوْنِهِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِيهِ نَظَرٌ مَا الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ السِّرَايَةِ فِي الْحَالِ لِانْعِقَادِ سَبَبِ الْحُرِّيَّةِ لِنَصِيبِ الْمُكَاتَبِ وَفِي التَّعْجِيلِ ضَرَرٌ بِالسَّيِّدِ لِفَوَاتِ الْوَلَاءِ وَبِالْمُكَاتَبِ لِانْقِطَاعِ الْوَلَاءِ وَالْكَسْبِ عَنْهُ فَلَا يَسْرِي حَتَّى يَعْجِزَ الْمُكَاتَبُ وَيُرَقَّ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِ: وَهَلْ نَقُولُ مَلَكَهُ بِالْقَبْضِ ثُمَّ انْتَقَضَ الْمِلْكُ بِالرَّدِّ أَوْ نَقُولُ إذَا رُقَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ قَوْلَانِ مَا الرَّاجِحُ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ

ولد المكاتبة

لَا يَمْلِكُ الْمَعِيبَ إلَّا بِرِضَاهُ بِهِ. [وَلَد الْمُكَاتَبَة] (سُئِلَ) عَنْ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ هَلْ الْحَقُّ فِيهِ لِسَيِّدِهَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِسَيِّدِهَا، وَإِنْ قَالَ الشَّيْخَانِ يُشْبِهُ أَنَّهُ كَوَلَدِ الْمُكَاتَبِ مِنْ أَمَتِهِ أَيْ فَالْحَقُّ فِيهِ لِلْأُمِّ فَقَدْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ عِنْدِي أَنَّهُ وَهْمٌ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ يَمْلِكُ جَارِيَتَهُ، وَالْوَلَدُ يَتْبَعُ أَمَّهُ فِي الرِّقِّ وَوَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ إنَّمَا جَاءَهُ الرِّقُّ مِنْ أُمِّهِ لَا مِنْ رِقِّ أَبِيهِ الَّذِي هُوَ عَبْدُهَا وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْأَصْفُونِيُّ وَلَا الْحِجَازِيُّ وَلَا ابْنُ الْمُقْرِي وَلَا صَاحِبُ الْأَنْوَارِ. [بَيْع مَال الْكِتَابَة] (سُئِلَ) عَنْ بَيْعِ مَالِ الْكِتَابَةِ هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ. [بَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ] (بَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ) . (سُئِلَ) عَنْ ثُبُوتِ حُكْمِ الِاسْتِيلَادِ لِلْأَمَةِ مِنْ عِتْقِهَا بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَغَيْرِهِ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَلِدَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ أَمْ لَا فَإِنَّا مَا وَجَدْنَا الْمَسْأَلَةَ مُصَرَّحًا بِهَا فِي كَثِيرٍ مِنْ شُرُوحِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهَا لَا فِي الرَّوْضَةِ وَلَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ لَكِنْ فِي عِبَارَةِ الْإِرْشَادِ مَنْ أَتَتْ بِمُخَطَّطٍ بِإِحْبَالِ سَيِّدٍ عَتَقَتْ وَوَلَدُهَا بَعْدَهُ بِمَوْتِهِ قَالَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ فِي شَرْحِهِ كَالْمُتَعَقِّبِ لِهَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَقَوْلُهُ مَنْ أَتَتْ بِمُخَطَّطٍ ظَاهِرٌ فِي اعْتِبَارِ انْفِصَالِ الْوَلَدِ بِجُمْلَتِهِ وَلَيْسَ شَرْطًا فَلَوْ أَخْرَجَ رَأْسَهُ وَبَاقِيهِ مُجْتَنٍّ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَتْ صَرَّحَ

بِهِ الدَّارِمِيُّ فَقَالَ وَكَذَا لَوْ وَضَعَتْ عُضْوًا وَوَضَعَتْ الْبَاقِيَ أَوْ لَمْ تَضَعْهُ وَكَذَا سَاقَ الزَّرْكَشِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ عِبَارَةَ الدَّارِمِيِّ كَالْمُتَعَقِّبِ لِكَلَامِ الْمِنْهَاجِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَضَعَهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ لِأَجْلِ التَّعْبِيرِ بِثُمَّ أَمْ لَا يُعْتَبَرُ هَذَا الْمَفْهُومُ، وَإِنْ كَانَ يَحْضُرُكُمْ أَنَّ أَحَدًا صَرَّحَ بِذَلِكَ فَتَفَضَّلُوا بِإِفَادَتِهِ مَعَ أَنَّ اعْتِبَارَ هَذَا الْمَفْهُومِ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْوَلَدَ حُرٌّ نَسِيبٌ وَارِثٌ فَلِأَيِّ شَيْءٍ لَا يَثْبُتُ لِأُمِّهِ حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ حُكْمِ الْإِيلَادِ بِإِحْبَالِ الشَّخْصِ أَمَتَهُ وِلَادَتُهَا فِي حَيَاتِهِ بَلْ الشَّرْطُ كَوْنُ وَلَدِهَا مِنْ ذَلِكَ الْإِحْبَالِ لَاحِقًا بِهِ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي كُتُبِهِمْ الْمَبْسُوطَةِ وَالْمُخْتَصَرَةِ شَامِلٌ لِوِلَادَتِهَا فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ بِحَيْثُ يَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا وَعِبَارَةُ كَثِيرٍ مِنْهُمْ وَلَدُ الرَّجُلِ مِنْ أَمَتِهِ يَنْعَقِدُ حُرًّا وَتَصِيرُ الْأَمَةُ بِالْوِلَادَةِ مُسْتَوْلَدَةً تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ بِشَرْطِ أَنْ تَظْهَرَ عَلَى الْوَلَدِ خِلْقَةُ الْآدَمِيِّ وَلَوْ لِلْقَوَابِلِ. وَأَنْ يَكُونَ مَنْسُوبًا إلَيْهِ، وَأَنْ يَكُونَ قَدْ انْعَقَدَ حُرًّا، وَأَنْ يَكُونَ الْمِلْكُ مَقْرُونًا بِحَالَةِ الِاسْتِيلَادِ قَبْلَ وَضْعِهَا ثُمَّ وَضَعَتْهُ لِمُدَّةٍ يُحْكَمُ بِثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْهُ لَكِنْ هَلْ يَقْضِي بِعِتْقِهَا مِنْ حِينِ الْوِلَادَةِ أَوْ مِنْ حِينِ مَوْتِ السَّيِّدِ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَالْأَوْجُهُ الثَّانِي وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ

إكْسَابُهَا بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْوَضْعِ. اهـ. وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ هَؤُلَاءِ الشُّرَّاحُ مِمَّا عَبَّرُوا فِيهِ بِثُمَّ وَمِنْ كَلَامِ الدَّارِمِيِّ مَا يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ وِلَادَتِهَا فِي حَيَاتِهِ إذْ خُرُوجُ رَأْسِهِ أَوْ انْفِصَالُ عُضْوٍ مِنْهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ بِوِلَادَةٍ، وَإِنَّمَا نَبَّهُوا بِهِ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ بِعِتْقِهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا يَكْفِي فِيهِ ظُهُورُ بَعْضِ الْوَلَدِ لِرَفْعِ إيهَامِ تَوَقُّفِهِ عَلَى انْفِصَالِ جَمِيعِهِ وَلِإِفَادَةِ الْحُكْمِ بِهِ عِنْدَ انْفِصَالِ جَمِيعِهِ أَوْ بَعْضِهِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ بِقِيَاسِ الْأَوْلَى أَوْ الْمُسَاوَاةِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِمَّا ذَكَرَهُ هَؤُلَاءِ الشُّرَّاحُ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ لَا مُخَالَفَةٍ وَحِينَئِذٍ لَا إشْكَالَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ مَلَكَ بِنْتًا وَأُمَّهَا ثُمَّ وَطِئَهُمَا، وَأَوْلَدَهُمَا هَلْ أَوْلَادُهُ مِنْهُمَا نَسَبُهُمْ ثَابِتٌ مِنْهُ فَيَرِثُهُمْ وَيَرِثُونَهُ وَتَصِيرُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ الْأَمَتَيْنِ أُمَّ وَلَدٍ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَوْلَادَ الْمَذْكُورِينَ ثَابِتٌ نَسَبُهُمْ فَيَرِثُهُمْ وَيَرِثُونَهُ حَتَّى أَوْلَادَ مَنْ وَطِئَهَا ثَانِيًا، وَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ وَطْئِهَا وَصَارَتْ كُلٌّ مِنْ الْأَمَتَيْنِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَنِيَّ سَيِّدِهَا الْمُحْتَرَمَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَحَبِلَتْ مِنْهُ فَهَلْ يُلْحَقُ بِهِ وَيَرِثُ مِنْهُ أَمْ لَا وَهَلْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ أَمْ لَا لِكَوْنِهَا بِمَوْتِهِ انْتَقَلَتْ لِوَارِثِهِ وَهَلْ فِيهَا نَقْلٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَيَرِثُ مِنْهُ لِكَوْنِ مَنِيِّهِ

مُحْتَرَمًا حَالَ خُرُوجِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ مُحْتَرَمًا أَيْضًا حَالَ اسْتِدْخَالِهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ فَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَوْ أَنْزَلَ فِي زَوْجَتِهِ فَسَاحَقَتْ بِنْتَهُ فَحَبِلَتْ مِنْهُ لَحِقَهُ الْوَلَدُ وَكَذَا لَوْ مَسَحَ ذَكَرَهُ بِحَجَرٍ بَعْدَ إنْزَالِهِ فِيهَا فَاسْتَنْجَتْ بِهِ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ فَحَبِلَتْ مِنْهُ. اهـ. وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِانْتِفَاءِ مِلْكِهِ لَهَا حَالَ عُلُوقِهَا بِهِ. (سُئِلَ) هَلْ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ مَا يُلْقَى بِهِ الْحَمْلُ مَا لَمْ تُنْفَخْ فِيهِ رُوحٌ كَمَا قَالَهُ بِهِ ابْنُ الْعِمَادِ وَأَلْحَقَ بِهِ الْحَلِيمِيُّ الدَّوَاءَ لِقَطْعِ الْحَبَلِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ مَا يُلْقَى مَا لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ، وَإِنْ حُرِّمَ الدَّوَاءُ لِقَطْعِ الْحَبَلِ لِأَدَائِهِ إلَى قَطْعِ النَّسْلِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ أَحْبَلَ أَمَتَهُ ثُمَّ مَاتَ وَقَدْ خَرَجَ رَأْسُ جَنِينِهَا مَثَلًا فَهَلْ تَعْتِقُ حَالًا أَوْ لَا تَعْتِقُ حَتَّى يَتِمَّ خُرُوجُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا لَا تَعْتِقُ حَتَّى يَتِمَّ خُرُوجُهُ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخَانِ فِي الْعِدَدِ أَنَّ أَحْكَامَ الْجَنِينِ بَاقِيَةٌ لِلْمُنْفَصِلِ بَعْضُهُ كَمَنْعِ الْإِرْثِ وَسِرَايَةِ عِتْقِ الْأُمِّ إلَيْهِ وَعَدَمِ إجْزَائِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَوُجُوبِ الْغُرَّةِ عِنْدَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْأُمِّ وَتَبَعِيَّتِهَا فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَغَيْرِهِمَا. اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْوَلَدُ إذَا انْفَصَلَ بَعْضُهُ لَا يُعْطَى حُكْمُ الْمُنْفَصِلِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ إذَا صَاحَ وَاسْتَهَلَّ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَنْفَصِلَ الثَّانِيَةُ

إذَا حَزَّ إنْسَانٌ رَقَبَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْفَصِلَ. (سُئِلَ) عَنْ حِكْمَةِ قَوْلِ النَّوَوِيِّ فِي مِنْهَاجِهِ وَعِتْقُ الْمُسْتَوْلَدَةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَمْ يَقُلْ وَعِتْقُهَا؛ لِأَنَّهُ أَخَصْرُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ عَدَلَ عَنْهُ لِئَلَّا يُوهِمَ عَوْدَ الضَّمِيرِ إلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ وَهِيَ مَنْ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ شَامِلٌ لَهَا وَلِغَيْرِهَا. (سُئِلَ) عَنْ أُمِّ وَلَدٍ بِيعَتْ فِي دَيْنٍ ثُمَّ أَوْلَدَهَا مُشْتَرِيهَا ثُمَّ بِيعَتْ فِي دَيْنِهِ ثُمَّ مَلَكَهَا هَلْ يَنْفُذُ الْأَوَّلُ لِسَبْقِهِ أَوْ الثَّانِي لِقُرْبِ حَقِّهِ أَوْ يَنْفُذُ إيلَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْفُذُ إيلَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي قَدْرِ مَا مَلَكَهُ مِنْهَا لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِوَالِدِهِ فَرَهَنَ عَلَيْهِ أَمَةً فَوَطِئَهَا الْوَالِدُ، وَأَحْبَلَهَا وَهُوَ مُعْسِرٌ فَهَلْ يَنْفُذُ إيلَادُهُ وَلَا الْتِفَاتَ لِمَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ الرَّاهِنُ مِنْ الضَّرَرِ فَإِنَّهُ فَاتَ عَلَيْهِ الِارْتِفَاقُ بِالتَّوْفِيَةِ مِنْ الْأَمَةِ وَمَا يَلْزَمُ الْوَالِدُ مِنْ قِيمَةِ الْأَمَةِ بِتَأَخُّرِ الْحُصُولِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ مُعْسِرًا، وَالتَّقَاصُّ لَا يَتَأَتَّى فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ جِنْسُ الدَّيْنِ وَالْقِيمَةِ أَوْ صِفَتِهِ وَصَارَ يَلْزَمُ بِالتَّوْفِيَةِ مِنْ غَيْرِهَا وَيُحْبَسُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ بِالنُّفُوذِ فَلِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ لَا يَنْفُذُ الْإِيلَادُ مِنْ الْمَالِكِ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَيَنْفُذُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ كَمَا هُنَا وَلَا يُرَاعَى حَقُّ الرَّاهِنِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْفُذُ إيلَادُهُ

مستولدة الكافر إذا أسلمت

لِأَنَّ وَطْأَهُ إيَّاهَا مُتَضَمِّنٌ لِرِضَاهُ بِنُفُوذِ إيلَادِهِ لَهَا عِنْدَ حَبَلِهَا وَعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهَا فِي دَيْنِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ وَطِئَهَا الرَّاهِنُ الْمُعْسِرُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّ إيلَادَهُ يَنْفُذُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مَرْهُونَةً عِنْدَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ إيلَادُهُ لَهَا عِنْدَ إعْسَارِهِ. [مُسْتَوْلَدَة الْكَافِر إذَا أسلمت] (سُئِلَ) عَمَّا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ مُسْتَوْلَدَةَ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَتْ تَبِعَهَا وَلَدُهَا وَثَبَتَتْ لَهَا الْحَضَانَةُ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا وَهَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَيَثْبُتُ لَهَا إذْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْحَضَانَةِ مُسَلَّمٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مُعْتَمَدٌ وَهُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَالْمَعْنَى فِيهِ فَرَاغُهَا لِمَنْعِ السَّيِّدِ مِنْ قُرْبَانِهَا مَعَ وُفُورِ شَفَقَتِهَا. (سُئِلَ) عَنْ أَوْلَادِ الْأَبِ مِنْ أَمَةٍ مَلَكَهَا ابْنُهُ إذَا قُلْتُمْ: إنَّ نِكَاحَ الْأَبِ لَهَا لَا يَنْفَسِخُ وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ هَلْ هُمْ أَحْرَارٌ أَوْ أَرِقَّاءُ؟ .؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُمْ أَرِقَّاءُ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرِقِّهِمْ حِينَ نَكَحَهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [بَاب فِي مَسَائِلُ شَتَّى] [مَنْ فَعَلَ كَبِيرَةً وَلَمْ يَتُبْ وَلَكِنْ قَالَ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ] (هَذِهِ مَسَائِلُ شَتَّى لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِشَيْءٍ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ) (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَمَّنْ فَعَلَ كَبِيرَةً كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَلَمْ يَتُبْ وَلَكِنْ قَالَ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فَهَلْ يَغْفِرُهَا لَهُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِغْفَارِ الْمَذْكُورِ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 135] إلَى قَوْلِهِ {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ} [آل عمران: 136]

الْآيَةَ. وقَوْله تَعَالَى {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33] وَقَوْلُهُ {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ} [النساء: 110] الْآيَةَ وَقَدْ سَكَتَ الْبَغَوِيّ وَالْبَيْضَاوِيُّ وَالشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ الْأَسْيُوطِيُّ عَنْ تَفْسِيرِهِمْ الْآيَةَ الثَّانِيَةَ عَلَى إطْلَاقِهَا الشَّامِلِ لِلْكِتَابِ وَغَيْرِهِ وَالْكَبِيرَةِ وَغَيْرِهَا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى «يَا عِبَادِي إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وقَوْله تَعَالَى «يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ مُذْنِبٌ إلَّا مَنْ عَافَيْتُهُ وَاسْأَلُونِي الْمَغْفِرَةَ أَغْفِرْ لَكُمْ» وَلِقَوْلِهِ «يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُك عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُك بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا وَتَسْتَغْفِرُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ تَعَالَى فَيَغْفِرُ لَهُمْ» وَحَدِيثِ «مَا أَصَرَّ مَنْ اسْتَغْفَرَ وَإِنْ عَادَ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً» «وَقَالَ إبْلِيسُ لَا أَبْرَحُ أُغْوِي عِبَادَك مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَزَالَ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. فَإِنْ قُلْتُمْ الْمَغْفِرَةُ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ

مُقَيَّدَةٌ بِالتَّوْبَةِ فَمَا دَلِيلُ ذَلِكَ وَمَا الضَّرُورَةُ الدَّاعِيَةُ إلَيْهِ وَمَنْ قَالَ بِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ تَعَالَى الْكَبِيرَةَ أَوْ الصَّغِيرَةَ الَّتِي لَمْ يَتُبْ مِنْهَا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِغْفَارِ الْمَذْكُورِ، وَالْمَغْفِرَةُ الْمُرَتَّبَةُ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مُقَيَّدَةٌ بِالتَّوْبَةِ فَقَدْ قَالَ {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31] وَهَذَا أَمْرٌ عَلَى الْعُمُومِ وَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [التحريم: 8] الْآيَةَ. وَمَعْنَى النَّصُوحِ الْخَالِصُ لِلَّهِ تَعَالَى خَالِيًا عَنْ الشَّهَوَاتِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْ عَمِلْتُمْ الْخَطَايَا حَتَّى تَبْلُغَ السَّمَاءَ ثُمَّ نَدِمْتُمْ لَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الْعَبْدَ لَيُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ قِيلَ كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ يَكُونُ نَصَبَ يَمِينَهُ تَائِبًا مِنْهُ فَارًّا حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَفَّارَةُ الذَّنْبِ النَّدَامَةُ» وَيُرْوَى «أَنَّ إبْلِيسَ قَالَ وَعِزَّتِكَ لَا خَرَجْتُ مِنْ قَلْبِ بَنِي آدَمَ مَا دَامَ فِيهِ الرُّوحُ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَعِزَّتِي لَا أَحْجُبَنَّ عَنْهُ التَّوْبَةَ مَا دَامَ فِيهِ الرُّوحُ» . وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أُنْزِلَ

قَوْله تَعَالَى {فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا} [الإسراء: 25] فَالرَّجُلُ يُذْنِبُ ثُمَّ يَتُوبُ ثُمَّ يُذْنِبُ ثُمَّ يَتُوبُ ثُمَّ يُذْنِبُ ثُمَّ يَتُوبُ وَقَالَ الْفَضِيلُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَشِّرْ الْمُذْنِبِينَ أَنَّهُمْ إنْ تَابُوا قَبِلْتُ مِنْهُمْ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: لَا أُحَدِّثُكُمْ إلَّا عَنْ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ أَوْ كِتَابٍ مُنَزَّلٍ إنَّ الْعَبْدَ إذَا عَمِلَ ذَنْبًا ثُمَّ نَدِمَ عَلَيْهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ سَقَطَ عَنْهُ أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ عَيْنٍ وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي الْآيَةِ الْأُولَى وَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ بِالنَّدَمِ وَالتَّوْبَةِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَالْقُدْوَةُ فِيهَا عَلَى عُلَمَائِنَا الِاسْتِغْفَارُ الْمَطْلُوبُ هُوَ الَّذِي يَحِلُّ عُقَدَ الْإِصْرَارِ وَيُثَبِّتُ مَعْنَاهَا فِي الْجِنَانِ لَا التَّلَفُّظُ بِاللِّسَانِ فَأَمَّا مَنْ قَالَ بِلِسَانِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَقَلْبُهُ مُصِرٌّ عَلَى مَعْصِيَتِهِ فَاسْتِغْفَارُهُ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى اسْتِغْفَارٍ وَصَغِيرَتُهُ لَاحِقَةٌ بِالْكَبَائِرِ وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ اسْتِغْفَارُنَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِغْفَارٍ. قُلْت هَذَا يَقُولُهُ فِي زَمَانِهِ فَكَيْفَ فِي زَمَانِنَا هَذَا الَّذِي يُرَى فِيهِ الْإِنْسَانُ مُكِبًّا عَلَى الظُّلْمِ حَرِيصًا عَلَيْهِ وَالسُّبْحَةُ فِي يَدِهِ زَاعِمًا أَنَّهُ يَسْتَغْفِرُ مِنْ ذَنْبِهِ وَذَلِكَ اسْتِهْزَاءٌ مِنْهُ وَاسْتِخْفَافٌ وَفِي التَّنْزِيلِ {وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} [البقرة: 231] وَقَالَ الزَّنْجَانِيُّ ذِكْرُ اللَّهِ ذِكْرُ عِقَابِهِ وَخَطِيئَتِهِ وَالْحَيَاءِ مِنْهُ، وَالِاسْتِغْفَارُ قَوْلُهُمْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا فَإِنَّا تُبْنَا نَادِمِينَ مُقْلِعِينَ عَازِمِينَ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ وَهِيَ التَّوْبَةُ

ضمة القبر للميت هل هي قبل السؤال أو بعده

الْمُعْتَدُّ بِهَا وَقَالَ ابْنُ زُهْرَةَ فِيهَا {فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 135] أَيْ طَلَبُوا الْمَغْفِرَةَ وَيَلْزَمُ مِنْهُ الْإِقْلَاعُ وَالنَّدَمُ وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ فِي قَوْلِهِ {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا} [آل عمران: 135] وَقَدْ يَشْمَلُ الِاسْتِغْفَارُ الشُّرُوطَ الثَّالِثَةَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَيُرْوَى مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَا إصْرَارَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ» . لِأَنَّ الِاسْتِغْفَارَ الْمَطْلُوبَ هُوَ الَّذِي يَحِلُّ عُقْدَةَ الْإِصْرَارِ لَا مُجَرَّدَ اللَّفْظِ إلَى أَنْ قَالَ فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الِاسْتِغْفَارَ الْمَطْلُوبَ الْجَامِعُ لِشُرُوطِ التَّوْبَةِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُسْتَغْفِرُ مِنْ الذَّنْبِ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَيْهِ كَالْمُسْتَهْزِئِ بِرَبِّهِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ التَّوْبَةُ فَرْضُ عَيْنٍ فِي حَقِّ كُلِّ مُذْنِبٍ وَإِنَّمَا سَكَتَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ عَمَّا ذَكَرْنَاهُ عِنْدَ تَفْسِيرِهِمْ الْآيَةَ الثَّالِثَةَ اكْتِفَاءً مِنْهُمْ بِمَا ذَكَرُوهُ فِي الْآيَةِ الْأُولَى كَمَا هُوَ دَأْبُهُمْ. [ضَمَّةِ الْقَبْرِ لِلْمَيِّتِ هَلْ هِيَ قَبْلَ السُّؤَالِ أَوْ بَعْدَهُ] (سُئِلَ) عَنْ الصِّرَاطِ هَلْ وَرَدَ أَنَّهُ مِنْ كَذَا وَفِي ضَمَّةِ الْقَبْرِ لِلْمَيِّتِ هَلْ هِيَ قَبْلَ السُّؤَالِ أَوْ بَعْدَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الَّذِي وَرَدَ أَنَّ الصِّرَاطَ جِسْرٌ مَمْدُودٌ عَلَى مَتْنِ جَهَنَّمَ يَمُرُّ عَلَيْهِ جَمْعُ الْخَلَائِقِ يَعْبُرُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَتَزِلُّ فِيهِ أَقْدَامُ أَهْلِ النَّارِ وَقَدْ وَرَدَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ

وَاسْتَفَاضَتْ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّهُ أَدَقُّ مِنْ الشَّعْرِ وَأَحَدُّ مِنْ السَّيْفِ» وَقَدْ أَجْرَاهُ أَكْثَرُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ لَوَجَبَ تَأْوِيلُهُ لِيُوَافِقَ الْحَدِيثَ الْآخَرَ فِي قِيَامِ الْمَلَائِكَةِ جَنْبَيْهِ وَكَوْنِ الْكَلَالِيبِ فِيهِ وَإِعْطَاءِ الْمَارِّ عَلَيْهِ مِنْ النُّورِ قَدْرَ مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ وَمَا هُوَ فِي دِقَّةِ الشَّعْرِ لَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ بَلْ بِأَنَّ كَوْنَهُ أَدَقَّ مِنْ الشَّعْرِ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلْخَفِيِّ الْغَامِضِ. وَوَجْهُ غُمُوضِهِ أَنَّ يُسْرَ الْجَوَازِ عَلَيْهِ وَعُسْرَهُ عَلَى قَدْرِ الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِي وَإِنْ دَقَّ كُلٌّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ وَلَا يَعْلَمُ حُدُودَ ذَلِكَ إلَّا اللَّهُ. وَكَوْنُهُ أَحَدَّ مِنْ السَّيْفِ بِسُرْعَةِ إنْفَاذِ الْمَلَائِكَةِ أَمْرَ اللَّهِ بِإِجَازَةِ النَّاسِ عَلَيْهِ. وَضَمَّةُ الْقَبْرِ لِلْمَيِّتِ قَبْلَ سُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَالْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو يَعْلَى وَأَبُو أَحْمَدَ وَالْحَاكِمُ فِي الْكُنَى وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَأَبُو نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي الْحَجَّاجِ الثُّمَالِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَقُولُ الْقَبْرُ لِلْمَيِّتِ حِينَ يُوضَعُ فِيهِ وَيْحَك يَا ابْنَ آدَمَ مَا غَرَّكَ بِي أَلَمْ تَعْلَمْ أَنِّي بَيْتُ الْفِتْنَةِ» الْحَدِيثَ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ الْمَيِّتَ يَقْعُدُ وَهُوَ يَسْمَعُ

المراد بالأمانة في إنا عرضنا الأمانة

خَطْوَ مُشَيِّعِيهِ فَلَا يُكَلِّمُهُ شَيْءٌ أَوَّلَ مِنْ حُفْرَتِهِ فَيَقُولُ وَيْحَك يَا ابْنَ آدَمَ قَدْ حَذِرْتَنِي وَحُذِّرْتَ ضِيقِي» الْحَدِيثَ. وَرَوَى أَبُو الْقَاسِمِ السَّعْدِيُّ فِي كِتَابِ الرُّوحِ لَهُ لَا يَنْجُو مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ صَالِحٌ وَلَا طَالِحٌ غَيْرَ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فَبَيْنَهُمَا دَوَامُ الضَّغْطَةِ لِلْكَافِرِ وَحُصُولُ هَذِهِ الْحَالَةِ لِلْمُسْلِمِ فِي أَوَّلِ نُزُولِهِ إلَى قَبْرِهِ ثُمَّ يَعُودُ إلَى الْإِفْسَاحِ لَهُ فِيهِ. اهـ. [الْمُرَادُ بِالْأَمَانَةِ فِي إنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ] (سُئِلَ) مَا الْمُرَادُ بِالْأَمَانَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] الْآيَةَ.؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمَانَةِ فِي قَوْله تَعَالَى الطَّاعَةِ لَمَّا قَالَ {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [النساء: 13] وَعَلَّقَ بِالطَّاعَةِ الْفَوْزَ الْعَظِيمَ أَتْبَعَهُ قَوْلَهُ {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] وَهُوَ يُرِيدُ بِهَا الطَّاعَةَ فَعَظَّمَ أَمْرَهَا وَفَخَّمَ شَأْنَهَا وَسَمَّاهَا أَمَانَةً؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةُ الْأَدَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّهَا الْمُعَظَّمُ شَأْنُهَا بِحَيْثُ لَوْ عُرِضَتْ عَلَى هَذِهِ الْأَجْرَامِ الْعِظَامِ وَكَانَتْ ذَاتَ شُعُورٍ وَإِدْرَاكٍ لَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ مَعَ ضَعْفِ بِنْيَتِهِ وَرَخَاوَةِ قُوَّتِهِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْأَمَانَةِ الطَّاعَةُ الَّتِي تَعُمُّ الطَّبِيعِيَّةَ وَالِاخْتِيَارِيَّة؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَجْرَامَ الْعِظَامَ قَدْ انْقَادَتْ لِأَمْرِ اللَّهِ انْقِيَادَ مِثْلِهَا وَهُوَ مَا يَأْتِي مِنْ الْجَمَادَاتِ وَأَطَاعَتْ لَهُ الطَّاعَاتِ الَّتِي تَصِحُّ مِنْهَا وَتَلِيقُ بِهَا حَيْثُ

كم رمضان صامه رسول الله

لَمْ تَمْتَنِعْ عَنْ مَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ إيجَادًا وَتَكْوِينًا وَتَسْوِيَةً عَلَى هَيْئَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَأَشْكَالٍ مُتَنَوِّعَةٍ كَمَا قَالَ {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11] وَأَمَّا الْإِنْسَانُ فَلَمْ يَكُنْ صَالِحًا لِلتَّكْلِيفِ مِثْلَ حَالِ تِلْكَ الْجَمَادَاتِ وَإِبَاؤُهَا وَإِشْفَاقُهَا مَجَازٌ وَأَمَّا حَمْلُ الْأَمَانَةِ فَمِنْ قَوْلِكَ فُلَانٌ حَامِلٌ الْأَمَانَةَ وَمُحْتَمِلُهَا تُرِيدُ أَنَّهُ لَا يُؤَدِّيهَا إلَى صَاحِبِهَا فَمَعْنَى {فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا} [الأحزاب: 72] أَبَيْنَ أَنْ لَا يُؤَدِّيَنَّهَا وَأَبَى الْإِنْسَانُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْتَمِلًا لَهَا لَا يُؤَدِّيهَا. وَقِيلَ إنَّهُ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ هَذِهِ الْأَجْرَامَ خَلَقَ فِيهَا فَهْمًا وَقَالَ إنِّي فَرَضْتُ فَرِيضَةً وَخَلَقْتُ جَنَّةً لِمَنْ أَطَاعَنِي فِيهَا وَنَارًا لِمَنْ عَصَانِي فِيهَا فَقُلْنَ نَحْنُ مُسَخَّرَاتٌ عَلَى مَا خَلَقْتَ لَا نَحْتَمِلُ فَرِيضَةً وَلَا نَبْتَغِي ثَوَابًا وَلَا عِقَابًا وَلَمَّا خَلَقَ آدَمَ عَرَضَ عَلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ فَحَمَلَهُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْأَمَانَةِ التَّكْلِيفُ وَبِعَرْضِهَا عَلَيْهِنَّ اعْتِبَارُهَا بِالْإِضَافَةِ إلَى اسْتِعْدَادِهِنَّ وَبِإِبَائِهِنَّ الْإِبَاءُ الطَّبِيعِيُّ الَّذِي هُوَ عَدَمُ اللِّيَاقَةِ وَالِاسْتِعْدَادِ وَيُحَمِّلُ الْإِنْسَانَ قَابِلِيَّتُهُ وَاسْتِعْدَادُهُ لَهَا وَكَوْنُهُ ظَلُومًا جَهُولًا لِمَا غَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْقُوَّةِ الْغَضَبِيَّةِ وَالشَّهَوِيَّةِ. [كَمْ رَمَضَان صَامَهُ رَسُول اللَّه] (سُئِلَ) كَمْ صَامَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَمَضَانَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ صَامَ تِسْعَ مَرَّاتٍ. (سُئِلَ) هَلْ وَرَدَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَدٌ صَحِيحٌ أَوْ ضَعِيفٌ أَنَّ مَنْ

يأجوج ومأجوج هل هما من نسل آدم

وَافَقَ قَوْلَ عَطْسَتِهِ فَهُوَ قَوْلُ صِدْقٍ؟ .؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي يَحْصُلُ الْعُطَاسُ عِنْدَهُ صِدْقٌ لَهُ أَصْلٌ أَصِيلٌ فَقَدْ رَوَى أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَدَّثَ حَدِيثًا فَعَطَسَ عِنْدَهُ فَهُوَ حَقٌّ» . [يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ هَلْ هُمَا مِنْ نَسْلِ آدَمَ] (سُئِلَ) عَنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ هَلْ هُمَا مِنْ نَسْلِ آدَمَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُمْ مِنْ نَسْلِ آدَمَ وَحَوَّاءَ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَوْلَادِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ وَحُكِيَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّهُ قَالَ احْتَلَمَ آدَم - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَاخْتَلَطَ مَاؤُهُ بِالتُّرَابِ فَأَسِفَ عَلَى ذَلِكَ فَخُلِقُوا مِنْ ذَلِكَ الْمَاءَ فَهُمْ مُتَّصِلُونَ بِنَا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ لَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَهَذَا ضَعِيفٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يَحْتَلِمُونَ. [كَيْفَ عَرَفَ الْمَلَائِكَةُ وُقُوعَ الْفَسَادِ مِنْ بَنِي آدَمَ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ وُقُوعِهِ] (سُئِلَ) كَيْفَ عَرَفَ الْمَلَائِكَةُ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - وُقُوعَ الْفَسَادِ مِنْ بَنِي آدَمَ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ وُقُوعِهِ حَيْثُ قَالُوا {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 30] الْآيَةَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ عَرَفَ الْمَلَائِكَةُ ذَلِكَ بِإِخْبَارٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ تَلَقٍّ مِنْ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَوْ اسْتِنْبَاطٍ مِمَّا رُكِّزَ فِي عُقُولِهِمْ أَنَّ الْعِصْمَةَ مِنْ خَوَاصِّهِمْ أَوْ قِيَاسِ أَحَدِ الثَّقَلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ حَيْثُ أُسْكِنُوا

هل الملائكة كلهم مطلعون على اللوح المحفوظ

الْأَرْضَ فَأَفْسَدُوا فِيهَا قَبْلَ سُكْنَى الْمَلَائِكَةِ. [هَلْ الْمَلَائِكَة كُلّهمْ مطلعون عَلَى اللَّوْح الْمَحْفُوظ] (سُئِلَ) عَنْ الْمَلَائِكَةِ هَلْ كُلُّهُمْ مُطَّلِعُونَ عَلَى مَا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَمْ بَعْضُهُمْ وَإِذَا قُلْتُمْ بَعْضُهُمْ فَهَلْ هُمْ مُعَيَّنُونَ؟ (فَأَجَابَ) لَيْسَ كُلُّ الْمَلَائِكَةِ مُطَّلِعِينَ عَلَى مَا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ هُوَ رَاكِعٌ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ سَاجِدٌ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَمَا مِنَّا إِلا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ} [الصافات: 164] أَيْ مَقَامٌ فِي الْعِبَادَاتِ وَالِانْتِهَاءِ إلَى أَمْرِ اللَّهِ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ لَا يَتَجَاوَزُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ شَأْنُهُ الِاسْتِغْرَاقُ فِي مَعْرِفَةِ الْحَقِّ وَالتَّنَزُّهِ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهِ كَمَا وَصَفَهُمْ فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ فَقَالَ {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 20] وَهُمْ الْعِلِّيُّونَ وَالْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ لَيْسَ بِمُعَيَّنٍ، وَأَمَّا الِاطِّلَاعُ عَلَى مَا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ لِأَجْلِ الْإِيحَاءِ وَإِنْفَاذِ الْأَمْرِ فَمُخْتَصٌّ بِإِسْرَافِيلَ وَجَبْرَائِيلَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ -. (سُئِلَ) هَلْ قَوْلُ سَيِّدِي عُمَرَ بْنِ الْفَارِضِ قَلْبِي يُحَدِّثُنِي بِأَنَّك مُتْلِفِي ... رُوحِي فِدَاكَ عَرَفْتَ أَمْ لَمْ تَعْرِفْ لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ الْخِطَابُ لِغَيْرِهِ وَإِذَا قُلْتُمْ بِأَنَّهُ لِلَّهِ تَعَالَى فَهَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ؟ (فَأَجَابَ) إنَّ الْخِطَابَ لِلَّهِ تَعَالَى وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عَرَفْتَ أَمْ لَا تَعْرِفُ جَازَيْتَ أَمْ لَمْ تُجَازِ فَهُوَ مَجَازٌ

هَذَا أَحَدُ مَا قِيلَ فِي تَأْوِيلِهِ وَحُكِيَ عَنْ شِهَابِ الدِّينِ الْحِجَازِيِّ الشَّاعِرِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي زَمَنِهِ إنْكَارٌ عَلَى الشَّيْخِ بِسَبَبِ هَذَا الْبَيْتِ، وَأَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ يُنْكِرُ عَلَى الشَّيْخِ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَرَأَى الشَّيْخَ فِي الْمَنَامِ وَقَالَ لَهُ إنَّ هَذَا الْتِفَاتٌ أَيْ عَرَفْتَ يَا عَذُولِي أَمْ لَمْ تَعْرِفْ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْله تَعَالَى {يُحْيِي وَيُمِيتُ} [البقرة: 258] لِمَ قَدَّمَ يُحْيِي عَلَى يُمِيتُ مَعَ أَنَّ الْمَوْتَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْحَيَاةِ؛ لِأَنَّ مَوْتَ الشَّيْءِ وَهُوَ كَوْنُهُ جَمَادًا سَابِقٌ عَلَى حَيَاتِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ إنَّمَا هُوَ الْحَيَاةُ لَا الْمَوْتُ بِنَاءً عَلَى رَأْيِ الْأَكْثَرِينَ مِنْ أَنَّ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَيِّتِ عَلَى الْجَمَادِ مَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ مَا يَحِلُّهُ الْمَوْتُ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ بِصِفَةِ مَنْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَيًّا فِي الْعَادَةِ فَيَكُونُ فِيهِ الْحَيَاةُ وَالرُّطُوبَةُ، وَأَمَّا عَلَى رَأْيِ غَيْرِهِمْ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ حَقِيقَةٌ فَالْجَوَابُ إنَّ مِنْ الْحِكْمَةِ فِي تَقْدِيمِ يُحْيِي عَلَى يُمِيتُ الِاهْتِمَامَ بِشَأْنِهِ لِلْإِشَارَةِ أَوَّلًا إلَى الرَّدِّ عَلَى مُنْكِرِي الْبَعْثِ، وَأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَدَرَ عَلَى الْإِحْيَاءِ أَوَّلًا قَدَرَ أَنْ يُحْيِيَهُمْ ثَانِيًا فَإِنَّ بَدْءَ الْخَلْقِ لَيْسَ بِأَهْوَنَ عَلَيْهِ تَعَالَى مِنْ إعَادَتِهِ وَمِنْهَا أَيْضًا التَّذْكِيرُ أَوَّلًا بِنِعْمَةِ الْحَيَاةِ الَّتِي مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ خُصُوصًا الْحَيَاةَ الثَّانِيَةَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ الَّتِي هِيَ الْحَيَاةُ الْحَقِيقِيَّةُ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ} [العنكبوت: 64]

من قال إن حديث النبي مثل القرآن العزيز

وَإِنْ حَلَّ قَوْلُهُ يُحْيِي عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ حَتَّى تَشْمَلَ الْحَيَاةُ مَا يَخُصُّ الْإِنْسَانَ مِنْ الْفَضَائِلِ كَالْعَقْلِ وَالْإِسْلَامِ وَالْعِلْمِ فَفِيهِ تَذْكِيرُ نِعْمَةٍ هِيَ أَعْظَمُ النِّعَمِ وَمِنْ إطْلَاقَاتِ الْحَيَاةِ عَلَى الْفَضَائِلِ قَوْله تَعَالَى {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} [الأنعام: 122] . [مَنْ قَالَ إنَّ حَدِيثَ النَّبِيِّ مِثْلُ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ] (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ إنَّ حَدِيثَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلُ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ وَإِنَّهُ كَمَا يَحْرُمُ الْكَلَامُ الَّذِي يَمْنَعُ اسْتِمَاعَ الْقُرْآنِ كَذَلِكَ يَحْرُمُ الْكَلَامُ الَّذِي يَمْنَعُ اسْتِمَاعَ الْحَدِيثِ هَلْ هُوَ مُصِيبٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ قَوْلَ هَذَا الْقَائِلِ مَرْدُودٌ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُرْآنِ عِنْدَ أَئِمَّةِ أُصُولِ الدِّينِ الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ الْأَزَلِيُّ الْقَائِمُ بِذَاتِهِ تَعَالَى فَهُوَ صِفَةٌ أَزَلِيَّةٌ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ؛ لِأَنَّهَا حَادِثَةٌ وَلَا يَصِحُّ اعْتِقَادُ ظَاهِرِ مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ مِنْ حَقِيقَةِ التَّشْبِيهِ وَهِيَ الْمُسَاوَاةُ فَإِنَّ الْقُرْآنَ صِفَةٌ قَدِيمَةٌ لِلْقَدِيمِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَحَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُرُوفٌ، وَأَصْوَاتٌ حَادِثَةٌ صِفَةٌ لِحَادِثٍ وَقَدْ ذَكَرَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ فِي تَفْسِيرِ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] أَنَّهُ لَيْسَ كَذَاتِهِ ذَاتٌ وَلَا كَاسْمِهِ اسْمٌ وَلَا كَفِعْلِهِ فِعْلٌ وَلَا كَصِفَتِهِ صِفَةٌ وَجَلَّتْ الذَّاتُ الْقَدِيمَةُ أَنْ تَكُونَ لَهَا صِفَةٌ حَادِثَةٌ

كَمَا اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ لِلذَّاتِ الْحَادِثَةِ صِفَةٌ قَدِيمَةٌ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْحَقِّ وَالسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَقَالَ الْمُحَقِّقُ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ عِنْدَ قَوْلِ الْإِمَامِ النَّسَفِيِّ وَلَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ: فَإِنَّ أَوْصَافَهُ تَعَالَى مِنْ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ أَجَلُّ وَأَعْلَى مِمَّا فِي الْمَخْلُوقَاتِ بِحَيْثُ لَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَهُمَا. وَالْمُرَادُ بِالْقُرْآنِ عِنْدَ أَئِمَّةِ أُصُولِ الْفِقْهِ اللَّفْظُ الْمُنَزَّلُ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْإِعْجَازِ بِسُورَةٍ مِنْهُ الْمُتَعَبَّدُ بِتِلَاوَتِهِ وَلَا يَصِحُّ عَلَى هَذَا أَيْضًا إرَادَةُ حَقِيقَةِ التَّشْبِيهِ فَقَدْ صَرَّحَ الْأَئِمَّةُ بِأَنَّ التَّعَبُّدَ بِالتِّلَاوَةِ مِنْ خَوَاصِّ الْقُرْآنِ وَبِأَنَّ الْإِعْجَازَ أَيْضًا مِنْ خَوَاصِّ الْقُرْآنِ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ لِكَوْنِ الْقُرْآنِ فِي أَعْلَى مَرَاتِبِ الْبَلَاغَةِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الدَّقَائِقِ وَالْخَوَاصِّ الْخَارِجَةِ عَنْ طَوْقِ الْبَشَرِ فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا الْقَائِلَ مُخْطِئٌ فِي إطْلَاقِ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّشْبِيهَ فِي أَمْرٍ مَقْبُولٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ مِنْ التَّجَاسُرِ عَلَى مِثْلِ هَذَا، وَإِنْ اعْتَقَدَ حَقِيقَةَ التَّشْبِيهِ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ مَذْهَبِ أَهْلِ الْحَقِّ وَالسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَمِنْهَا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ الَّذِي يَمْنَعُ اسْتِمَاعَ الْقُرْآنِ وَقِيَاسِ الْكَلَامِ الَّذِي يَمْنَعُ اسْتِمَاعَ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ إذَا الْإِصْغَاءُ وَالِاسْتِمَاعُ إلَى الْقُرْآنِ سُنَّةٌ لَا وَاجِبٌ.

السموات هل خلقت قبل الأرض أو العكس

[السَّمَوَاتِ هَلْ خُلِقَتْ قَبْلَ الْأَرْضِ أَوْ الْعَكْسُ] سُئِلَ) عَنْ السَّمَوَاتِ هَلْ خُلِقَتْ قَبْلَ الْأَرْضِ أَوْ الْعَكْسُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي أَنَّ الْأَرْضَ خُلِقَتْ قَبْلَ السَّمَوَاتِ أَوْ بَعْدَهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ بِأَقْوَاتِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْحُوَهَا قَبْلَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَوَى إلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَسَطَهَا وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: 30] فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ قَبْلَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَدْحُوَّةٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَبِهِ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [فصلت: 9] {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت: 10] {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11] {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: 12] الْآيَةَ. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْأَصَحُّ وَالْقَوْلُ الثَّانِي قَالَ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا إنَّ السَّمَاءَ خُلِقَتْ قَبْلَ الْأَرْضِ، وَإِنَّ لَفْظَةَ ثُمَّ فِي قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [فصلت: 11] لَيْسَتْ

هل يجوز وصف الله بالعقل كما يوصف بالعلم

لِلتَّرْتِيبِ، وَإِنَّمَا جَاءَتْ لِتَعْدِيدِ النِّعَمِ كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتُكَ النِّعَمَ الْعَظِيمَةَ ثُمَّ رَفَعْتُ قَدْرَكَ ثُمَّ دَفَعْتَ الْخُصُومَ عَنْكَ وَلَعَلَّ بَعْضَ مَا أَخَّرَهُ فِي الذِّكْرِ قَدْ تَقَدَّمَ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَرْتِيبٌ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ. وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ قَوْلِهِ {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: 30] بِأَنَّ مَعْنَى بَعْدَ هَاهُنَا مَعْنَى مَعَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [القلم: 13] أَيْ مَعَ ذَلِكَ زَنِيمٌ قَالَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ مُجَاهِدٍ وَالْأَرْضَ مَعَ ذَلِكَ دَحَاهَا، وَفِيمَا تَمَسَّكَ بِهِ أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّانِي نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي ثُمَّ التَّرْتِيبُ وَالْأَصْلَ فِي بَعْدَ الْبَعْدِيَّةُ، وَإِبْدَالُ الْحُرُوفِ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ مَجَازٌ وَاتِّسَاعٌ فِي اللِّسَانِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ قِيلَ إنَّ بَعْدَ هَاهُنَا بِمَعْنَى قَبْلَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء: 105] وَهُوَ الْقُرْآنُ. [هَلْ يَجُوزُ وَصْفُ اللَّهِ بِالْعَقْلِ كَمَا يُوصَفُ بِالْعِلْمِ] (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ وَصْفُ اللَّهِ بِالْعَقْلِ كَمَا يُوصَفُ بِالْعِلْمِ أَوْ يَمْتَنِعُ وَصْفُهُ بِالْعَقْلِ وَعَلَى هَذَا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْعَقْلِ وَهَلْ الْعَقْلُ أَفْضَلُ مِنْ الْعِلْمِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ الْعَقْلَ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ فَقَالَ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي مَا خَلَقْتُ خَلْقًا هُوَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْكَ بِكَ آخُذُ وَبِك أُعْطِي وَبِك أُثِيبُ وَبِكَ أُعَاقِبُ» ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَصْفُ اللَّهِ بِالْعَقْلِ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ عِلْمٌ

هل الغلام الذي قتله الخضر مؤمن من أهل الجنة

مَانِعٌ عَنْ الْإِقْدَامِ عَلَى مَا لَا يَنْبَغِي مَأْخُوذٌ مِنْ الْعِقَالِ وَهَذَا الْمَعْنَى إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِيمَنْ يَدْعُوهُ الدَّاعِي فِيمَا لَا يَنْبَغِي وَالْعَقْلُ أَفْضَلُ مِنْ الْعِلْمِ إذْ هُوَ أَسَاسٌ لَهُ وَلِجَمِيعِ التَّكَالِيفِ وَالْعِبَادَاتِ وَهُوَ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ الْخَمْسِ الْوَاجِبِ حِفْظُهُمَا فِي كُلِّ مِلَّةٍ، وَأَمَّا الِاسْتِدْلَال بِالْمَرْوِيِّ الْمَذْكُورِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ تَيْمِيَّةَ وَغَيْرُهُ. [هَلْ الْغُلَامُ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ مُؤْمِنٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ] (سُئِلَ) هَلْ الْغُلَامُ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ مُؤْمِنٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لِإِقْرَارِهِ بِالتَّوْحِيدِ فِي عَالَمِ الذَّرِّ كَمَا شَمَلَهُ قَوْله تَعَالَى {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] عَلَى الْفِطْرَةِ وَلِقَوْلِ النَّوَوِيِّ الصَّحِيحِ الْمُخْتَارِ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ إنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَطْفَالِ الْكُفَّارِ فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا كَانَ هَذَا حُكْمَ أَطْفَالِ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ فَكَيْفَ بِالْغُلَامِ الْمَذْكُورِ الَّذِي أَبَوَاهُ مُؤْمِنَانِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ التَّكْلِيفِ فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِأَنَّهُ يُعَذَّبُ كَالْكُفَّارِ مِنْ غَيْرِ وُرُودِ نَصٍّ بِذَلِكَ أَوْ هُوَ كَافِرٌ يَخْلُدُ فِي النَّارِ لِقِرَاءَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا وَلِحَدِيثِ «وَأَمَّا الْغُلَامُ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ فَكَانَ طُبِعَ كَافِرًا» نَقَلَهُمَا الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِهِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالثَّانِي فَمَا الْجَوَابُ عَمَّا ذُكِرَ فِي الْأَوَّلِ وَمَا الْجَمْعُ

بَيْنَ قِرَاءَةِ كَانَ كَافِرًا وَحَدِيثِ «يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» وَهَلْ يُخَلَّدُ فِي النَّارِ أَحَدٌ مِمَّنْ مَاتَ مِنْ أَطْفَالِ الْكُفَّارِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْغُلَامَ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ طُبِعَ كَافِرًا» وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ هَلْ كَانَ بَالِغًا أَوْ لَا فَقَالَ بِالْأَوَّلِ ابْنُ جُبَيْرٍ وَالْكَلْبِيُّ وَكَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ كَانَ رَجُلًا وَمِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ أَنْ تُسَمِّيَ الرَّجُلَ صَبِيًّا إلَى أَرْبَعِينَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى {بِغَيْرِ نَفْسٍ} [المائدة: 32] فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِقَتْلِ نَفْسٍ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ بِنَفْسٍ وَبِغَيْرِ نَفْسٍ، وَقِرَاءَةُ أَبِي وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا، وَالْكُفْرُ وَالْإِيمَانُ مِنْ صِفَاتِ الْمُكَلَّفِينَ وَلَا يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ إلَّا بِحُكْمِ التَّبَعِيَّةِ لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ نَحْوَهُمَا قَالَ بَعْضُهُمْ فَتَعَيَّنَ أَنْ يُصَارَ إلَيْهِ، وَقَالَ وَبِالثَّانِي جَمَاعَةٌ وَعَلَى هَذَا فَتَسْمِيَتُهُ كَافِرًا إمَّا مَجَازٌ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ لَوْ بَلَغَ فَلَا مَانِعَ مِنْ دُخُولِهِ الْجَنَّةَ إذَا لَمْ يَرِدْ نَصٌّ بِتَعْذِيبِهِ فَضْلًا عَنْ خُلُودِهِ فِي النَّارِ، وَإِمَّا حَقِيقَةٌ وَتَكُونُ الْأَحْكَامُ إذْ ذَاكَ مَنُوطَةٌ بِالتَّمْيِيزِ. وَهَذَا نَظِيرُ مَا ذُكِرَ فِي شَرِيعَتِنَا فَقَدْ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمَعْرِفَةِ أَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا صَارَتْ مُتَعَلِّقَةً بِالْبُلُوغِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ أُنِيطَتْ بِخَمْسَةَ

السيد الخضر هل هو نبي أو ولي وهل هو حي الآن

عَشَرَ عَامَ الْخَنْدَقِ فَقَدْ تَكُونُ مَنُوطَةً قَبْلَ ذَلِكَ بِسِنِّ التَّمْيِيزِ وَيُؤَيَّدُ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَعَ كَوْنِهِ صَبِيًّا. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ قَالَ لِصَاحِبِهِ وَقَدْ حَضَرَ جَمَاعَةً يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى قُمْ فَاذْكُرْ اللَّهَ مَعَهُمْ فَقَالَ سَيْفُ الشَّرْعِ قَطَعَنِي عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ مَعَهُمْ وَهُوَ أَنَّى أَرَى مِنْ نَفْسِي أَنَّهَا لَا تُقَدَّمُ لِذَلِكَ إلَّا بِمُجَرَّدِ كَلَامِكَ فَسَحَبَهُ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِلْإِيذَاءِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ السَّحْبُ عَلَى فَاعِلِهِ لِإِيذَائِهِ الْمَسْحُوبَ. [السَّيِّدِ الْخَضِرِ هَلْ هُوَ نَبِيٌّ أَوْ وَلِيٌّ وَهَلْ هُوَ حَيٌّ الْآنَ] (سُئِلَ) عَنْ السَّيِّدِ الْخَضِرِ هَلْ هُوَ نَبِيٌّ أَوْ وَلِيٌّ وَهَلْ هُوَ حَيٌّ الْآنَ أَمْ مَيِّتٌ وَهَلْ هُوَ خَلْقٌ مِنْ الْبَشَرِ أَمْ مِنْ الْمَلَائِكَةِ، وَإِذَا كَانَ حَيًّا فَأَيْنَ مَقَرُّهُ وَمَا مَأْكَلُهُ وَمُشْرَبُهُ وَكَذَلِكَ سَيِّدُنَا إلْيَاسَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَوْمُ يُونُسَ السُّؤَالُ عَنْهُمَا كَذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) أَمَّا السَّيِّدُ الْخَضِرُ فَالصَّحِيحُ كَمَا قَالَهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ نَبِيٌّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف: 82] وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى وَ {آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} [الكهف: 65] أَيْ الْوَحْيَ وَالنُّبُوَّةَ لَا وَلِيٌّ، وَإِنْ خَالَفَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ لَمْ يَكُنْ الْخَضِرُ نَبِيًّا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّحِيحُ أَيْضًا أَنَّهُ حَيٌّ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ عَلَى أَنَّهُ حَيٌّ وَالْعَامَّةُ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ

وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْأَكْثَرُونَ مِنْ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ حَيٌّ مَوْجُودٌ بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الصُّوفِيَّةِ، وَأَهْلِ الصَّلَاحِ وَحِكَايَتُهُمْ فِي رُؤْيَتِهِ وَالِاجْتِمَاعِ بِهِ وَالْأَخْذِ عَنْهُ وَسُؤَالِهِ وَجَوَابِهِ وَوُجُودِهِ فِي الْمَوَاضِعِ الشَّرِيفَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى. اهـ. وَالصَّحِيحُ أَيْضًا أَنَّهُ مِنْ الْبَشَرِ لَا مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَمَقَرُّ السَّيِّدِ الْخَضِرِ وَالسَّيِّدِ إلْيَاسَ أَرْضُ الْعَرَبِ فَقَدْ قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ إنَّ الْخَضِرَ، وَإِلْيَاسَ لَا يَزَالَانِ حَيَّيْنِ فِي الْأَرْضِ مَا دَامَ الْقُرْآنُ فِي الْأَرْضِ فَإِذَا رُفِعَ مَاتَا وَقَالَ الْأَئِمَّةُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ فِي الْأَرْضِ لِلْعَهْدِ لَا لِلْجِنْسِ وَهِيَ أَرْضُ الْعَرَبِ بِدَلِيلِ تَصَرُّفِهِمَا فِيهَا غَالِبًا دُونَ أَرْضِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَأَقَاصِي جُزُرِ الْهِنْدِ وَالسِّنْدِ مِمَّا لَا يَقْرَعُ السَّمْعَ اسْمُهُ وَلَا يُعْلَمُ عِلْمُهُ. وَأَمَّا السَّيِّدُ إلْيَاسُ فَهُوَ إلْيَاسُ بْنُ يَاسِينَ سِبْطُ هَارُونَ أَخِي مُوسَى وَقِيلَ إنَّهُ إدْرِيسُ وَقِيلَ إنَّهُ الْخَضِرُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إلْيَاسُ صَاحِبُ الْبَرَارِي وَالْخَضِرُ صَاحِبُ الْجَزَائِرِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَقَدْ قَالُوا إنَّهُ لَمَّا عَظُمَتْ الْأَحْدَاثُ فِي بَنِي إسْرَائِيلَ وَنَسُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَبَدُوا الْأَوْثَانَ مِنْ دُونِهِ بَعَثَ اللَّهُ إلَيْهِمْ إلْيَاسَ نَبِيًّا وَتَبِعَهُ الْيَسَعُ وَآمَنَ بِهِ فَلَمَّا عَتَا عَلَيْهِ بَنُو إسْرَائِيلَ دَعَا رَبَّهُ أَنْ يُرِيحَهُ مِنْهُمْ

فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى سَلْنِي أُعْطِكَ قَالَ تَرْفَعُنِي إلَيْك وَتُؤَخِّرُ عَنِّي مَذَاقَةَ الْمَوْتِ فَقِيلَ لَهُ اُخْرُجْ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَمَا اسْتَقْبَلَكَ مِنْ شَيْءٍ فَارْكَبْهُ وَلَا تَهَبْهُ فَخَرَجَ وَمَعَهُ الْيَسَعُ فَقَالَ الْيَسَعُ يَا إلْيَاسُ مَا تَأْمُرُنِي بِهِ فَلَمَّا رُفِعَ رَمَى إلَيْهِ كِسَاءَهُ مِنْ الْجَوِّ الْأَعْلَى وَكَانَ ذَلِكَ عَلَامَةَ اسْتِخْلَافِهِ إيَّاهُ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ وَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ ثُمَّ قَطَعَ اللَّهُ عَنْ إلْيَاسَ حَاجَةَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَكَسَاهُ الرِّيشَ، وَأَلْبَسَهُ النُّورَ وَطَارَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ فَصَارَ إنْسِيًّا مَلَكِيًّا سَمَائِيًّا أَرْضِيًّا وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ مَرِضَ، وَأَحَسَّ بِالْمَرَضِ فَبَكَى فَأَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ أَتَبْكِي عَلَى الدُّنْيَا أَمْ جَزَعًا مِنْ الْمَوْتِ أَمْ خَوْفًا مِنْ النَّارِ فَقَالَ لَا وَعِزَّتِكَ، وَإِنَّمَا جَزَعِي كَيْفَ يَحْمَدُكَ الْحَامِدُونَ بَعْدِي وَلَا أَذْكُرُكَ وَيَصُومُ الصَّائِمُونَ بَعْدِي وَلَا أَصُومُ وَيُصَلِّي الْمُصَلُّونَ وَلَا أُصَلِّي قَالَ لَهُ يَا إلْيَاسُ وَعِزَّتِي لَأَخَّرْتُكَ إلَى وَقْتٍ لَا يَذْكُرُنِي فِيهِ ذَاكِرٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ نَقَلُوا أَنَّ الْخَضِرَ، وَإِلْيَاسَ يَكُونَانِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ شَهْرَ رَمَضَانَ فَيَصُومَانِهِ وَيَجْتَمِعَانِ فِي كُلِّ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَاتٍ وَيَقُولَانِ عِنْدَ افْتِرَاقِهِمَا مِنْ الْمَوْسِمِ مَا شَاءَ اللَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا يَسُوقُ الْخَيْرَ إلَّا اللَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا يَصْرِفُ السُّوءَ

إلَّا اللَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ مَا تَكُونُ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ تَوَكَّلْت عَلَى اللَّهِ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. وَوَرَدَ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى إذَا كُنَّا عِنْدَ الْحَجَرِ سَمِعْنَا صَوْتًا يَقُولُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَرْحُومَةِ الْمَغْفُورِ لَهَا الْمَتُوبِ عَلَيْهَا الْمُسْتَجَابِ لَهَا فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا أَنَسُ اُنْظُرْ مَا هَذَا الصَّوْتُ فَدَخَلْتُ الْجَبَلَ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ طُولُهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ فَلَمَّا نَظَرَ إلَيَّ قَالَ أَنْتَ رَسُولُ النَّبِيِّ قُلْت نَعَمْ قَالَ ارْجِعْ إلَيْهِ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ وَقُلْ لَهُ هَذَا أَخُوكَ إلْيَاسُ يُرِيدُ لِقَاءَكَ فَجَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى إذَا كُنَّا قَرِيبًا مِنْهُ تَقَدَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَأَخَّرْتُ فَتَحَدَّثَا طَوِيلًا فَنَزَلَ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ مِنْ السَّمَاءِ يُشْبِهُ السُّفْرَةَ فَدَعَوْنِي فَأَكَلْتُ مَعَهُمَا فَإِذَا فِيهَا كَمْأَةٌ وَرُمَّانٌ وَكَرَفْسٌ فَلَمَّا أَكَلْت قُمْت فَتَنَحَّيْت وَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَاحْتَمَلَتْهُ فَإِذَا أَنَا أَنْظُرُ إلَى بَيَاضِ ثِيَابِهِ فِيهَا فَقُلْتُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مَا هَذَا الطَّعَامُ الَّذِي أَكَلْنَاهُ أَمِنْ السَّمَاءِ نَزَلَ عَلَيْهِ

فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلْتُهُ عَنْهُ فَقَالَ يَأْتِينِي بِهِ جِبْرِيلُ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَكْلَةٌ وَفِي كُلِّ حَوْلٍ شَرْبَةٌ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ» . وَأَمَّا قَوْمُ يُونُسَ فَرُوِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ إلَيْهِمْ نَبِيًّا فَأَقَامَ يَدْعُوهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ وَتَرْكِ مَا هُمْ عَلَيْهِ تِسْعَ سِنِينَ فَأَبَوْا فَلَمَّا أَيِسَ مِنْ إيمَانِهِمْ أَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ أَنْ أَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْعَذَابَ يُصَبِّحُهُمْ بَعْدَ ثَلَاثَةٍ وَقِيلَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ فَأَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ فَقَالَ اُرْقُبُوهُ فَإِنْ أَقَامَ مَعَكُمْ وَبَيْنَ أَظْهُرِكُمْ فَلَا بَأْسَ عَلَيْكُمْ، وَإِنْ ارْتَحَلَ عَنْكُمْ فَنُزُولُ الْعَذَابِ عَلَيْكُمْ لَا شَكَّ فِيهِ فَلَمَّا دَنَا الْمَوْعِدُ غَامَتْ السَّمَاءُ غَيْمًا أَسْوَدَ ذَا دُخَانٍ شَدِيدٍ فَهَبَطَ حَتَّى غَشِيَ مَدِينَتَهُمْ فَخَافُوا فَطَلَبُوا يُونُسَ فَلَمْ يَجِدُوهُ فَأَيْقَنُوا بِصِدْقِهِ فَتَابُوا وَدَعَوْا اللَّهَ وَلَبِسُوا الْمُسُوحَ وَبَرَزُوا إلَى الصَّعِيدِ بِأَنْفُسِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ وَفَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَحَنَّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَعَلَتْ الْأَصْوَاتُ وَالضَّجِيجُ، وَأَخْلَصُوا التَّوْبَةَ، وَأَظْهَرُوا الْإِيمَانَ وَرَدُّوا الْمَظَالِمَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَتَضَرَّعُوا إلَى اللَّهِ فَرَحِمَهُمْ وَكَشَفَ عَنْهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ إنَّ اللَّهَ خَلَقَ قَبْلَ آدَمَ كَذَا وَكَذَا بَشَرًا يُسَمَّى كُلٌّ مِنْهُمْ آدَمَ وَقَبْلَ جِبْرِيلَ كَذَا وَكَذَا مَلَكًا يُسَمَّى كُلٌّ مِنْهُمْ

كيفية تلقي النبي القرآن من جبريل

جِبْرِيلَ وَيَخْلُقُ فِي كُلِّ يَوْمٍ جَنَّةً وَنَارًا وَحِسَابًا وَعِقَابًا فَهَلْ مَا قَالَهُ صَحِيحٌ وَرَدَ فِي الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا قَالَهُ هَذَا الرَّجُلُ قَدْ قِيلَ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لِعَدَمِ وُرُودِ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الشَّمْسَ السَّخَاوِيَّ قَالَ: إنَّ الْبَيْهَقِيّ رَوَى فِي بَدْءِ الْخَلْقِ مِنْ كِتَابِهِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْله تَعَالَى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: 12] قَالَ سَبْعُ أَرْضِينَ فِي كُلِّ أَرْضٍ نَبِيٌّ كَنَبِيِّكُمْ وَآدَمُ كَآدَمَ وَنُوحٌ كَنُوحٍ، وَإِبْرَاهِيمُ كَإِبْرَاهِيمَ وَعِيسَى كَعِيسَى وَمِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الضُّحَى بِلَفْظِ فِي كُلِّ أَرْضٍ نَحْوُ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ عَقِبَهُ: إسْنَادُهُ هَذَا صَحِيحٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ شَاذٌّ بِمُرَّةَ لَا أَعْلَمُ لِأَبِي الضُّحَى عَلَيْهِ مُتَابِعًا وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ بَعْدَ عَزْوِهِ لِابْنِ جَرِيرٍ بِلَفْظِ فِي كُلِّ أَرْضٍ مِنْ الْخَلْقِ مِثْلُ مَا فِي هَذِهِ حَتَّى آدَمَ كَآدَمَ، وَإِبْرَاهِيمَ كَإِبْرَاهِيمَ وَهُوَ مَحْمُولٌ إنْ صَحَّ نَقْلُهُ عَنْهُ أَيْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ الْإِسْرَائِيلِيَّات وَذَلِكَ وَأَمْثَالُهُ إنْ لَمْ يُخْبِرْ بِهِ وَيَصِحُّ سَنَدُهُ إلَى مَعْصُومٍ فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَى قَائِلِهِ. [كَيْفِيَّةِ تَلَقِّي النَّبِيِّ الْقُرْآنَ مِنْ جِبْرِيلَ] (سُئِلَ) عَنْ كَيْفِيَّةِ تَلَقِّي

الجواز على الصراط هل هو قبل وزن الأعمال أم بعده

النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقُرْآنَ مِنْ جِبْرِيلَ وَهُوَ مِنْ اللَّهِ وَهَلْ بَيْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَاسِطَةٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُنَزَّلِ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَظْهَرُهَا أَنَّهُ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى وَثَانِيهَا أَنَّهُ الْمَعْنَى خَاصَّةً، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَعَبَّرَ عَنْهُ بِلُغَةِ الْعَرَبِ وَتَمَسَّكَ هَذَا الْقَائِلُ بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ - عَلَى قَلْبِكَ} [الشعراء: 193 - 194] وَالْمُنَزَّلُ عَلَى الْقَلْبِ هُوَ الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ وَثَالِثُهَا أَنَّ جِبْرِيلَ أَلْقَى عَلَيْهِ الْمَعْنَى، وَأَنَّهُ عَبَّرَ عَنْهُ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ، وَأَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ يَقْرَءُونَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ ثُمَّ إنَّهُ نَزَلَ بِهِ كَذَلِكَ بَعْدَ ذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي كَيْفِيَّةِ تَلَقِّي جِبْرِيلَ الْقُرْآنَ عَلَى أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَلْهَمَهُ إيَّاهُ وَقَدْ عَبَّرَ عَنْهُ بِأَنَّ جِبْرِيلَ تَلَقَّفَهُ تَلَقُّفًا رُوحَانِيًّا وَثَانِيهَا أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ اللَّهِ وَثَالِثُهَا أَنَّهُ حَفِظَهُ مِنْ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَيْ بِأَمْرِ إسْرَافِيلَ كَمَا وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي أَحَادِيثَ. [الْجَوَازِ عَلَى الصِّرَاطِ هَلْ هُوَ قَبْلَ وَزْنِ الْأَعْمَالِ أَمْ بَعْدَهُ] (سُئِلَ) عَنْ الْجَوَازِ عَلَى الصِّرَاطِ هَلْ هُوَ قَبْلَ وَزْنِ الْأَعْمَالِ أَمْ بَعْدَهُ وَفِي سُؤَالِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ هَلْ هُوَ خَاصٌّ بِالْقُبُورِ وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ: لِلْمَقْبُورِ أَوْ عَامٌّ لِلْمَقْبُورِ وَغَيْرِهِ وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِهِ

أَيْضًا مَجْمَعَ الْجَوَامِعِ: وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ إنَّ «الْمَيِّتَ إذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ» يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الْمَسْأَلَةِ بِالْمَقْبُورِ، وَالظَّاهِرُ الْعُمُومُ لِلْغَرِيقِ وَالْحَرِيقِ، وَأَكْلِ السِّبَاعِ وَغَيْرِهِمْ وَالْحَدِيثُ وَرَدَ عَلَى الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ وَمَا مَعْنَى قَوْلِ الْإِشْبِيلِيِّ لَيْسَ فِي إحْيَاءِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ وَسُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ إحَالَةٌ. وَهَلْ الْمَيِّتُ يُسْأَلُ قَبْلَ أَنْ يُقْبَرَ أَمْ لَا وَهَلْ الشَّهِيدُ فِي غَيْرِ مَعْرَكَةِ الْقِتَالِ يُسْأَلُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ الْجَوَازُ عَلَى الصِّرَاطِ قَبْلَ وَزْنِ الْأَعْمَالِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الْوَزْنِ إلَّا الِاسْتِقْرَارُ فِي أَحَدِ الدَّارَيْنِ إلَى أَنْ يُرِيدَ اللَّهُ إخْرَاجَ مَنْ قَضَى بِتَعْذِيبِهِ مِنْ الْمُوَحِّدِينَ فَيَخْرُجُونَ مِنْ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ، وَسُؤَالُ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ عَامٌّ لِلْمَقْبُورِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ مَصْلُوبًا أَوْ غَرِيقًا أَوْ مَأْكُولًا لِلدَّوَابِّ أَوْ أُحْرِقَ حَتَّى صَارَ رَمَادًا وَذُرِّيَ فِي الرِّيحِ كَمَا جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَقَدْ تَبَرَّكَ الْجَلَالُ الْمُحَقِّقُ الْمَحَلِّيُّ بِلَفْظِ الْخَبَرِ فِي التَّعْبِيرِ بِالْمَقْبُورِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ. وَمَعْنَى كَلَامِ الْإِشْبِيلِيِّ أَنَّ كُلًّا مِنْ إحْيَاءِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ وَسُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ لَهُ لَيْسَ بِمُسْتَحِيلٍ بَلْ هُوَ مُمْكِنٌ فِي نَفْسِهِ عَقْلًا وَقَدْ أَخْبَرَ الصَّادِقُ عَنْهُ فَهُوَ حَقٌّ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمَقْبُورَ يُسْأَلُ فِي قَبْرِهِ، وَأَنَّ

غَيْرَهُ يُسْأَلُ أَيْضًا وَشَهِيدُ غَيْرِ الْمَعْرَكَةِ لَا الْمَبْطُونُ فَإِنَّهُ لَا يُسْأَلُ. (سُئِلَ) عَمَّا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ الْإِسْلَامَ بُنِيَ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَحَجِّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا فَمَا الْأَفْضَلُ مِنْ الْخَمْسِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ قَالَ الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ صَحِيحٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ قَالَ إيمَانٌ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَكَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَفْضَلَ الْخَمْسِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إذْ يُعْتَبَرُ فِيهَا تَصْدِيقُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْقَلْبِ فِي جَمِيعِ مَا عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ مَجِيئُهُ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ إيمَانٌ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ إذْ هُوَ مَبْنَى سَائِرِ الْعِبَادَاتِ ثُمَّ الصَّلَاةُ ثُمَّ الصَّوْمُ ثُمَّ الْحَجُّ ثُمَّ الزَّكَاةُ نَعَمْ إنْ عَرَضَتْ حَالَةٌ تَقْتَضِي الْمُوَاسَاةَ لِمُضْطَرٍّ بِالزَّكَاةِ كَانَتْ أَفْضَلَ وَقِسْ الْحَجَّ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ غَيْرَهَا. وَمُحَصَّلُ مَا أَجَابَ بِهِ الْعُلَمَاءُ عَنْ الْحَدِيثَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا

العمى هل يجوز على الأنبياء

اخْتَلَفَتْ الْأَجْوِبَةُ بِأَنَّهُ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ أَنَّ الْجَوَابَ اخْتَلَفَ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ السَّائِلِينَ بِأَنَّهُ أَعْلَمَ كُلَّ قَوْمٍ بِمَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ أَوْ بِمَا لَهُمْ فِيهِ رَغْبَةٌ أَوْ بِمَا هُوَ لَائِقٌ بِهِمْ أَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ بِأَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَفْضَلَ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ فَقَدْ كَانَ الْجِهَادُ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ؛ لِأَنَّهُ الْوَسِيلَةُ إلَى الْقِيَامِ بِهَا وَالتَّمَكُّنِ مِنْ أَدَائِهَا وَقَدْ تَظَافَرَتْ النُّصُوصُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَفِي وَقْتِ مُوَاسَاةِ الْمُضْطَرِّ تَكُونُ الصَّدَقَةُ أَفْضَلَ أَوْ أَنَّ الْأَفْضَلَ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا، وَالْمُرَادُ بِهَا الْفَضْلُ أَيْ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ فَحُذِفَتْ مِنْ وَهِيَ مُرَادَةٌ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعْمَالِ فِي غَيْرِ الْحَدِيثِ الْأَخِيرِ الْبَدَنِيَّةُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْإِيمَانِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَدِيثِ الْأَخِيرِ. [الْعَمَى هَلْ يَجُوزُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ] (سُئِلَ) عَنْ الْعَمَى هَلْ يَجُوزُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ نَقَلَ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ امْتِنَاعَ وُقُوعِهِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ لِسَيِّدِنَا يَعْقُوبَ وَشُعَيْبٍ غِشَاوَةٌ وَقِيلَ بَلْ عَمًى وَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ لَمَّا جَاءَهُ الْقَمِيصُ وَقِيلَ إنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَجُوزُ الْعَمَى عَلَى الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَقَدْ حُكِيَ وُقُوعُهُ لِسَيِّدِنَا يَعْقُوبَ

الفرار من الطاعون والدخول عليه هل هما حرامان

وَشُعَيْبٍ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ} [يوسف: 84] فَقِيلَ إنَّ الْعَبْرَةَ مَحَقَتْ سَوَادَهُمَا وَقَلَبَتْهُ إلَى الْبَيَاضِ وَقِيلَ ضَعُفَ بَصَرُهُ وَكَانَ يُبْصِرُ يَسِيرًا وَقِيلَ عَمِيَ سِتَّ سِنِينَ قَالَهُ مُقَاتِلٌ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَارْتَدَّ بَصِيرًا} [يوسف: 96] إذْ مَا سِوَى الْبَصِيرِ هُوَ الْأَعْمَى وَقَالَ السُّبْكِيُّ الْحَقُّ لَمْ يَعْمَ نَبِيٌّ أَبَدًا، وَإِنَّمَا حَصَلَ لِيَعْقُوبَ غِشَاوَةٌ وَزَالَتْ وَلَمْ أَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ وَلَكِنْ فِيهِ أَنَّ مِنْ شَرْطِ النُّبُوَّةِ السَّلَامَةَ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُنَفِّرَةِ كَالْبَرَصِ وَالْجُذَامِ وَنَحْوَ ذَلِكَ. [الْفِرَارِ مِنْ الطَّاعُونِ وَالدُّخُولِ عَلَيْهِ هَلْ هُمَا حَرَامَانِ] (سُئِلَ) عَنْ الْفِرَارِ مِنْ الطَّاعُونِ وَالدُّخُولِ عَلَيْهِ هَلْ هُمَا حَرَامَانِ أَمْ لَا أَمْ الْفِرَارُ وَحْدَهُ وَهَلْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ، وَأَنْتُمْ بِهَا» الْبَلَدُ الَّذِي هُوَ فِيهَا أَمْ جَمِيعُ الْإِقْلِيمِ وَهَلْ يَكُونُ الْفِرَارُ حَرَامًا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْفِرَارِ مِنْ الطَّاعُونِ وَالدُّخُولِ عَلَيْهِ حَرَامٌ فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الطَّاعُونُ مَوْتٌ شَامِلٌ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَفِرَّ مِنْ أَرْضٍ نَزَلَ فِيهَا، وَأَنْ يَقْدُمَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ خَارِجًا عَنْ الْأَرْضِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا وَقَالَ التَّاجُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ مَذْهَبُنَا وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. اهـ. أَيْ حَمْلًا لِلنَّهْيِ عَنْهُمَا عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهِيَ التَّحْرِيمُ مَا لَمْ يَصْرِفْ

الأطفال والسقط هل يأتون إلى المحشر ركبانا كالمتقين

عَنْهَا صَارِفٌ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إنَّ النَّهْيَ عَنْهُمَا لِلتَّنْزِيهِ وَحَكَى الْبَغَوِيّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ عَنْ قَوْمٍ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْفِرَارِ مِنْ الطَّاعُونِ لِلتَّحْرِيمِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْقُدُومِ عَلَيْهِ لِلتَّنْزِيهِ وَالْمُرَادُ بِالْأَرْضِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ» مَحَلُّ الْإِقَامَةِ الْوَاقِعُ بِهِ الطَّاعُونُ سَوَاءٌ كَانَ بَلَدًا أَمْ قَرْيَةً أَمْ مَحَلَّةً أَوْ غَيْرَهَا لَا جَمِيعُ الْإِقْلِيمِ، وَالْفِرَارُ مِنْ الطَّاعُونِ حَرَامٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَإِنْ عَمَّ جَمِيعَ الْبِلَادِ لِشُمُولِ النَّهْيِ وَعِلَلِهِ. [الْأَطْفَال والسقط هَلْ يَأْتُونَ إلَى الْمَحْشَر ركبانا كَالْمُتَّقِينَ] (سُئِلَ) عَنْ الْأَطْفَالِ وَالسِّقْطِ هَلْ يَأْتُونَ إلَى الْمَحْشَرِ رُكْبَانًا كَالْمُتَّقِينَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَأْتُونَ الْمَحْشَرَ رُكْبَانًا كَالْمُتَّقِينَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قُطِعَ رَأْسُهُ وَدُفِنَ بِمَكَانٍ آخَرَ هَلْ يُسْأَلُ الرَّأْسُ أَمْ بَاقِي الْبَدَنِ أَمْ كِلَاهُمَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ السُّؤَالَ لِلرَّأْسِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى اللِّسَانِ الْمُجِيبِ كَمَا وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ (سُئِلَ) هَلْ يُحْشَرُ الْأَطْفَالُ وَالسُّقُوطُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَارِهِمْ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) تُحْشَرُ الْأَطْفَالُ وَالسُّقُوطُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ هَذَا مُقْتَضَى الْكِتَابِ الْعَزِيزِ لَكِنْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ إنَّ سِقْطَ الْمَرْأَةِ يَكُونُ فِي نَهْرٍ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ يَتَقَلَّبُ فِيهِ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ فَيُبْعَثُ ابْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. [مَاهِيَّة الميزان وَمَا الْمَوْزُون] (سُئِلَ) عَنْ الْمِيزَانِ هَلْ وَرَدَ أَنَّهُ مِنْ

الأرواح هل ورد أنها تأتي إلى القبور في كل ليلة جمعة

كَذَا وَمَا الْمَوْزُونُ؟ الْأَعْمَالُ وَحْدَهَا أَمْ صُحُفُهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ أَنَّ الْمِيزَانَ ذُو لِسَانٍ وَكِفَّتَيْنِ، وَأَنَّ كِفَّةَ الْحَسَنَاتِ مِنْ نُورٍ وَكِفَّةَ السَّيِّئَاتِ مِنْ ظُلْمَةٍ وَقَدْ وَرَدَ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَوْزُونَ أَشْخَاصُ الْأَعْمَالِ بِأَنْ تَصِيرَ جَوَاهِرَ وَمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَوْزُونَ صُحُفُهَا وَرَجَّحَ كُلًّا مِنْهُمَا جَمَاعَةٌ. [الْأَرْوَاحِ هَلْ وَرَدَ أَنَّهَا تَأْتِي إلَى الْقُبُورِ فِي كُلِّ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ] (سُئِلَ) عَنْ الْأَرْوَاحِ هَلْ وَرَدَ أَنَّهَا تَأْتِي إلَى الْقُبُورِ فِي كُلِّ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ تَزُورُهَا وَتَمْكُثُ عَلَى ظَاهِرِهَا إلَى غُرُوبِ شَمْسِهَا، وَإِنَّهَا تَأْتِي دُورَ أَهْلِهَا وَهَلْ تَأْتِي إلَى الْقُبُورِ فِي سَائِرِ أَيَّامِ الْجُمُعَةِ وَهَلْ تُبْصِرُ مَنْ هُنَاكَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَوْدُ الرُّوحِ إلَى الْجَسَدِ فِي الْقَبْرِ لِسَائِرِ الْمَوْتَى وَقَدْ قَالَ الْيَافِعِيُّ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ أَرْوَاحَ الْمَوْتَى تُرَدُّ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ مِنْ عِلِّيِّينَ أَوْ مِنْ سِجِّينٍ إلَى أَجْسَادِهِمْ فِي قُبُورِهِمْ عِنْدَ إرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَخُصُوصًا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَيَجْلِسُونَ وَيَتَحَدَّثُونَ وَيُنَعَّمُ أَهْلُ التَّنْعِيمِ وَيُعَذَّبُ أَهْلُ الْعَذَابِ قَالَ وَتَخْتَصُّ الْأَرْوَاحُ دُونَ الْأَجْسَادِ بِالنَّعِيمِ وَالْعَذَابِ مَا دَامَتْ فِي عِلِّيِّينَ أَوْ فِي سِجِّينٍ وَفِي الْقَبْرِ يَشْتَرِكُ الرُّوحُ وَالْجَسَدُ وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ الْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزَّائِرَ مَتَى جَاءَ عَلِمَ بِهِ الْمَزُورُ وَسَمِعَ كَلَامَهُ، وَأَنِسَ بِهِ وَهَذَا عَامٌّ فِي

حَقِّ الشُّهَدَاءِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَنَّهُ لَا تَوْقِيتَ فِي ذَلِكَ وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ أَثَرِ الضِّحَاكِ الدَّالِّ عَلَى التَّوْقِيتِ فَتَكُونُ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى وَهِيَ مُتَّصِلَةٌ بِالْبَدَنِ بِحَيْثُ إذَا سَلَّمَ الْمُسْلِمُ عَلَى صَاحِبِهِمَا رَدَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَهِيَ فِي مَكَانِهَا هُنَاكَ وَقَدْ مَثَّلَ بَعْضُهُنَّ ذَلِكَ بِالشَّمْسِ فِي السَّمَاءِ وَشُعَاعِهَا فِي الْأَرْضِ. وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ عَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ قَالَ رَأَيْتُ عَاصِمًا فِي النَّوْمِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِسِنِينَ فَقُلْتُ هَلْ تَعْلَمُونَ بِزِيَارَتِنَا إيَّاكُمْ قَالَ نَعَمْ نَعْلَمُ بِهَا عَشِيَّةَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ كُلَّهُ وَيَوْمَ السَّبْتِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ قُلْتُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ دُونَ الْأَيَّامِ كُلِّهَا قَالَ لِفَضْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَعِظَمِهِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَقَدْ قِيلَ إنَّهَا تَزُورُ قُبُورَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ عَلَى الدَّوَامِ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهَا تَأْتِي قُبُورَهَا وَدُورَ أَهْلِهَا فِي وَقْتٍ يُرِيدُهُ اللَّهُ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مَأْذُونٌ لَهَا فِي التَّصَرُّفِ، وَإِنَّهَا تُبْصِرُ مَنْ هُنَاكَ سَوَاءٌ أَتَتْ إلَى الْقُبُورِ أَمْ الدُّورِ. (سُئِلَ) عَنْ أَرْوَاحِ الْأَطْفَالِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ فِي زَمَنِ الْوَبَاءِ هَلْ هُمْ فِي حَسْرَةٍ وَوَحْشَةٍ لِفِرَاقِ أَهْلِهِمْ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَرْوَاحَ الْأَطْفَالِ فِي فَرَحٍ وَسُرُورٍ فَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ فِي الْإِسْلَامِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ شَبْعَانَ رَيَّانَ يَقُولُ

معنى قوله تعالى فعصى آدم ربه فغوى

يَا رَبِّ اُرْدُدْ عَلَيَّ أَبَوَيَّ» . [مَعْنَى قَوْله تَعَالَى فَعَصَى آدَم رَبَّهُ فَغَوَى] (سُئِلَ) عَنْ قَوْله تَعَالَى فَ {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: 121] فَإِنَّ الْعِصْيَانَ مِنْ الْكَبَائِرِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} [الجن: 23] وَالْغِوَايَةُ تُؤَكِّدُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ اتِّبَاعِ الشَّيْطَانِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر: 42] وَقَالَ {فَتَابَ عَلَيْهِ} [البقرة: 37] وَالتَّوْبَةُ لَا تَكُونُ إلَّا عَنْ ذَنْبٍ وَقَالَ {فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأعراف: 19] وَ {قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23] وَالظُّلْمُ ذَنْبٌ وَالْخُسْرَانُ لَوْلَا الْمَغْفِرَةُ دَلِيلُ كَوْنِهِ كَبِيرَةً، وَقَالَ {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} [البقرة: 36] وَاسْتِحْقَاقُ الْإِخْرَاجِ بِسَبَبِ إزْلَالِ الشَّيْطَانِ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الصَّادِرِ مِنْهُمَا كَبِيرَةً؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْجَوَابَ مِنْ أَوْجُهٍ. الْأَوَّلِ أَنَّ آدَمَ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا حِينَئِذٍ وَالْمُدَّعِي مُطَالَبٌ بِالْبَيَانِ إذْ كَيْفَ يَدَّعِي أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ وَلَا أُمَّةَ لَهُ هُنَاكَ كَانَ نَبِيًّا مَبْعُوثًا لِتَبْلِيغِ الْأَحْكَامِ وَهَلْ كَانَ الِاجْتِبَاءُ بِالتَّوْبَةِ إلَّا بَعْدَ تِلْكَ الْقِصَّةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ} [طه: 122] ثُمَّ إنَّ كَلِمَةَ ثُمَّ لِلتَّرَاخِي وَالْمُهْلَةِ فَهَذِهِ الْقِصَّةُ كَانَتْ قَبْلَ النُّبُوَّةِ. الثَّانِي أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ ظَالِمًا وَخَاسِرًا؛ لِأَنَّهُ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَخَسِرَ حَظَّهُ بِتَرْكِ الْأَوْلَى بِهِ، وَأَمَّا إسْنَادُ الْغَيِّ وَالْعِصْيَانِ

إلَيْهِ مَعَ صِغَرِ زَلَّتِهِ فَتَعْظِيمٌ لَهَا وَزَجْرٌ بَلِيغٌ لِأَوْلَادِهِ عَنْهَا، وَإِنَّمَا أُمِرَ بِالتَّوْبَةِ تَلَافِيًا لِمَا فَاتَهُ، وَجَرَى عَلَيْهِ مَا جَرَى مُعَاتَبَةً لَهُ عَلَى تَرْكِ الْأَوْلَى وَوَفَاءً بِمَا قَالَهُ لِلْمَلَائِكَةِ قَبْلَ خَلْقِهِ فَلَمْ يَكُنْ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْجَنَّةِ بِهَذَا السَّبَبِ. الثَّالِثِ: أَنَّهُ فَعَلَهُ نَاسِيًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: 115] وَلَكِنَّهُ عُوتِبَ بِتَرْكِ التَّحَفُّظِ عَنْ أَسْبَابِ النِّسْيَانِ، وَلَعَلَّهُ وَإِنْ حُطَّ عَنْ الْأُمَّةِ لَمْ يُحَطَّ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ لِعِظَمِ قَدْرِهِمْ وَكَثْرَةِ مَعَارِفِهِمْ وَعُلُوِّ مَنَازِلِهِمْ إذْ يَلْزَمُهُمْ مِنْ التَّحَفُّظِ وَالتَّيَقُّظِ مَا لَا يَلْزَمُ غَيْرَهُمْ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بِلَفْظِ: «الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْعُلَمَاءُ ثُمَّ الصَّالِحُونَ» وَقَالَ تَعَالَى {مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: 30] . أَوْ ادَّعَى فِعْلَهُ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ عَلَى طَرِيقِ السَّيِّئَةِ الْمُقَدَّرَةِ دُونَ الْمُؤَاخَذَةِ كَتَنَاوُلِ السُّمِّ مَعَ الْجَهْلِ بِهِ، وَهَذَا الثَّالِثُ جَارٍ عَلَى رَأْيِ مَنْ جَوَّزَ وُقُوعَ الذَّنْبِ مِنْهُمْ سَهْوًا. الرَّابِعِ أَنَّ آدَمَ أَقْدَمَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ اجْتِهَادٍ أَخْطَأَ فِيهِ فَإِنَّهُ ظَنَّ أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ أَوْ أَنَّ الْإِشَارَةَ إلَى عَيْنِ تِلْكَ

الأرضين هل هي طباق بعضها فوق بعض

الشَّجَرَةِ فَتَنَاوَلَ مِنْ غَيْرِهَا مِنْ نَوْعِهَا وَكَانَ الْمُرَادُ بِهَا الْإِشَارَةَ إلَى النَّوْعِ كَمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَخَذَ حَرِيرًا وَذَهَبًا بِيَدِهِ وَقَالَ هَذَانِ حَرَامَانِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهَا» أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ، وَإِنَّمَا جَرَى عَلَيْهِ مَا جَرَى تَعْظِيمًا لِشَأْنِ الْخَطِيئَةِ لِيَجْتَنِبَهَا أَوْلَادُهُ، وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ إنَّمَا أَكَلَ بَعْدَ أَنْ سَقَتْهُ حَوَّاءُ الْخَمْرَ فَكَانَ فِي غَيْرِ عَقْلِهِ وَكَذَلِكَ قَالَ يَزِيدُ بْنُ قُسَيْطٍ وَكَانَا يَحْلِفَانِ بِاَللَّهِ إنَّهُ مَا أَكَلَ مِنْ الشَّجَرَةِ وَهُوَ يَعْقِلُ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَهَذَا فَاسِدٌ نَقْلًا وَعَقْلًا أَمَّا النَّقْلُ فَلَمْ يَصِحَّ بِحَالٍ، وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ خَمْرَ الْجَنَّةِ فَقَالَ {لا فِيهَا غَوْلٌ} [الصافات: 47] وَأَمَّا الْعَقْلُ فَلِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ مَعْصُومُونَ عَمَّا يُؤَدِّي إلَى الْإِخْلَالِ بِالْفَرَائِضِ وَاقْتِحَامِ الْجَرَائِمِ. [الْأَرْضِينَ هَلْ هِيَ طِبَاقٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ] (سُئِلَ) عَنْ الْأَرْضِينَ هَلْ طِبَاقٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا عَلَى أَقْوَالٍ أَحَدُهَا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ: إنَّهَا سَبْعُ أَرْضِينَ طِبَاقًا بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ بَيْنَ كُلِّ أَرْضٍ وَأَرْضٍ مَسَافَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ كَمَا بَيْنَ كُلِّ سَمَاءٍ وَسَمَاءٍ وَفِي كُلِّ أَرْضٍ سُكَّانٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، ثَانِيهَا سَبْعُ أَرْضِينَ وَلَكِنَّهَا مُطْبَقَةٌ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ مِنْ غَيْرِ فُتُوقٍ فَلَا فُرْجَةَ بَيْنَهُنَّ بِخِلَافِ السَّمَوَاتِ وَثَالِثُهَا

أَنَّهَا سَبْعَةُ أَقَالِيمَ لِظُهُورِ أَمْرِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ السَّبْعَةِ السَّيَّارَةِ فِي إقْلِيمٍ مِنْهَا وَرَابِعُهَا أَنَّهَا سَبْعُ أَرْضِينَ مُنْبَسِطَةٍ لَيْسَ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ يُفَرِّقُ بَيْنَهَا الْبِحَارُ. وَقِيلَ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ دَالَّةٌ عَلَيْهِ فِي التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ خَبَرَ «أَنَّ بَيْنَ كُلِّ أَرْضٍ وَاَلَّتِي تَلِيهَا مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ» ، وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ الْعَظَمَةِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كِثْفُ الْأَرْضِ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ وَكِثَفُ الثَّانِيَةِ مِثْلُ ذَلِكَ وَمَا بَيْنَ كُلِّ أَرْضِينَ مِثْلُ ذَلِكَ» . (سُئِلَ) عَمَّنْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ كُلِّ إمَامٍ مَا لَمْ يَتَتَبَّعْ الرُّخَصَ وَمَا مَعْنَى قَوْلِ أَهْلِ الْأُصُولِ إنَّهُ يَلْزَمُ الْمُقَلِّدَ اعْتِقَادُ أَرْجَحِيَّةِ مَذْهَبِ مَنْ يُقَلِّدُهُ أَوْ مُسَاوَاتِهِ لِغَيْرِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَهَلْ إذَا وَجَدَ الْإِنْسَانُ فِي كُتُبِ الْمُقَلِّدِينَ الْآنَ مَنْقُولَاتٍ عَنْ بَعْضِ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ ذَوِي الْمَذَاهِبِ الْمَهْجُورَةِ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِهِ وَالْعَمَلُ تَقْلِيدًا لِلْمَنْقُولِ عَنْهُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ الْمَذْكُورُ وَقَوْلُ أَئِمَّةِ الْأُصُولِ الْمَذْكُورِ وَاضِحُ الْمَعْنَى إذْ الِاعْتِقَادُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ الدَّلِيلِ فَضْلًا عَنْ النَّظَرِ فِيهِ لِحُصُولِهِ

بِالتَّسَامُعِ بَيْنَ النَّاسِ وَنَحْوِهِ، وَيَمْتَنِعُ عَلَى الْوَاحِدِ تَقْلِيدُ الْمُنْتَقَلِ عَنْهُ لَا لِنَقْضِ اجْتِهَادِهِ بَلْ لِانْتِفَاءِ الثِّقَةِ بِمَذْهَبِهِ إذْ شُهْرَةُ الْمَذَاهِبِ سَبَبٌ لِظُهُورِ تَقْيِيدِ مُطْلَقِهَا وَتَخْصِيصِ عُمُومِهَا وَبِانْتِفَائِهَا تَنْتَفِي الثِّقَةُ بِمَذْهَبِهِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ رَوَى حَدِيثًا هُوَ «مَا مِنْ أَحَدٍ إلَّا هَمَّ بِمَعْصِيَةٍ أَوْ عَمِلَهَا إلَّا يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا فَاعْتُرِضَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يُجِبْ» فَهَلْ هَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ أَمْ بَاطِلٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَمَا الْجَوَابُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِلَفْظِ «مَا أَحَدٌ إلَّا وَقَدْ أَخْطَأَ أَوْ هَمَّ بِخَطِيئَةٍ لَيْسَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا» وَهُوَ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَالْجَوَابُ مِنْ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى عَظِيمِ شَرَفِهِ وَرِفْعَةِ مَنْزِلَتِهِ زِيَادَةً عَلَى عِصْمَتِهِ. ثَانِيهَا إبْقَاؤُهُ عَلَى عُمُومِهِ لَهُ وَجَوَازُ وُقُوعِ الْأَمْرَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ النُّبُوَّةِ. ثَالِثُهَا أَنَّ أَوْ فِيهِ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَيَكْفِي فِي صِدْقِهِ عَلَيْهِ وُقُوعُ الْهَمِّ مِنْهُ وَلَوْ بَعْدَ النُّبُوَّةِ إذْ هُوَ مَيْلُ الطَّبْعِ وَمُنَازَعَةُ الشَّهْوَةِ لَا الْقَصْدُ الِاخْتِيَارِيُّ وَلَيْسَ دَاخِلًا

إبليس هل كان جنيا

تَحْتَ التَّكْلِيفِ بَلْ الْحَقِيقُ بِالْمَدْحِ وَالْأَجْرِ الْجَزِيلِ مَنْ كَفَّ نَفْسَهُ عَنْ الْفِعْلِ عِنْدَ قِيَامِ هَذَا الْهَمِّ أَوْ مُشَارَفَتِهِ وَهَذِهِ الْأَجْوِبَةُ جَارِيَةٌ عَلَى رَأْيِ الْمُحَقِّقِينَ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَعْصُومُونَ لَا يَصْدُرُ عَنْهُمْ ذَنْبٌ وَلَوْ صَغِيرَةً سَهْوًا. رَابِعُهَا جَوَازُ خَطَئِهِ بِفِعْلِهِ صَغِيرَةً مِنْ غَيْرِ صَغَائِرِ الْخِسَّةِ سَهْوًا لَا الدَّالَّةَ عَلَى الْخِسَّةِ بِشَرْطِ أَنْ يُنَبَّهُوا فَيَنْتَبِهُوا. خَامِسُهَا جَوَازُ خَطَئِهِ بِاجْتِهَادِهِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِهِ عَلَيْهِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْآمِدِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وَالْحَنَابِلَةِ، وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَإِنْ كَانَ الرَّاجِحُ خِلَافَهُ. [إبْلِيسَ هَلْ كَانَ جِنِّيًّا] (سُئِلَ) عَنْ إبْلِيسَ هَلْ كَانَ جِنِّيًّا بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف: 50] فَكَيْفَ تَنَاوَلَهُ الْأَمْرُ وَهُوَ لِلْمَلَائِكَةِ خَاصَّةً؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ إبْلِيسَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ عَلَى الصَّحِيحِ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ جَرِيرٍ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَقَتَادَةَ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ وَرَجَّحَهُ الطَّبَرِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ، وَإِلَّا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ أَمْرُهُ وَلَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكَانَ اسْمُهُ عَزَازِيلَ وَكَانَ مِنْ أَشْرَفِ الْمَلَائِكَةِ وَكَانَ مِنْ خُزَّانِ الْجَنَّةِ وَكَانَ رَئِيسَ مَلَائِكَةِ

سَمَاءِ الدُّنْيَا وَكَانَ لَهُ سُلْطَانُهَا وَسُلْطَانُ الْأَرْضِ وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ الْمَلَائِكَةِ اجْتِهَادًا، وَأَكْثَرُهُمْ عِلْمًا وَكَانَ لَهُ يَسُوسُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَرَأَى لِنَفْسِهِ بِذَلِكَ شَرَفًا وَعَظَمَةً فَذَلِكَ الَّذِي دَعَاهُ إلَى الْكُفْرِ فَعَصَى فَمَسَخَهُ اللَّهُ شَيْطَانًا رَجِيمًا، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} [الكهف: 50] فَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فِعْلًا وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ نَوْعًا وَمِنْهَا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ رَوَيَا أَنَّ مِنْ الْمَلَائِكَةِ ضَرْبًا يُقَالُ لَهُمْ الْجِنُّ وَمِنْهُمْ إبْلِيسُ خُلِقَ مِنْ نَارِ السَّمُومِ وَخُلِقَتْ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ وَالْحَسَنُ وَغَيْرُهُمَا: إنَّهُ أَبُو الْجِنِّ كَمَا أَنَّ آدَمَ أَبُو الْبَشَرِ وَلَمْ يَكُنْ مَلَكًا لَكِنْ لَمَّا نَشَأَ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمَلَائِكَةِ وَكَانَ مَأْمُورًا بالألون مِنْهُمْ فَغَلَّبُوا عَلَيْهِ، وَالْجِنُّ مَأْمُورُونَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ لَكِنَّهُ اسْتَغْنَى بِذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ فَإِنَّهُ إذَا عُلِمَ أَنَّ الْأَكَابِرَ مَأْمُورُونَ بِالتَّذَلُّلِ لِأَحَدٍ وَالتَّوَسُّلِ بِهِ عُلِمَ أَنَّ الْأَصَاغِرَ أَيْضًا مَأْمُورُونَ بِهِ. وَقِيلَ إنَّهُ كَانَ مِنْ الْجِنِّ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْأَرْضِ وَقَاتَلَهُمْ الْمَلَائِكَةُ فَسَبَوْهُ صَغِيرًا وَتَعَبَّدَ مَعَهُمْ وَخُوطِبَ وَاحْتَجَّ لِكَوْنِهِ مِنْ الْجِنِّ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَ الْمَلَائِكَةَ بِقَوْلِهِ {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]

قراءة سورة الإخلاص ثلاثا هل هو سنة

وَبِقَوْلِهِ {إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} [الكهف: 50] وَالْجِنُّ غَيْرُ الْمَلَائِكَةِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. [قِرَاءَةِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ ثَلَاثًا هَلْ هُوَ سُنَّةٌ] (سُئِلَ) عَنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ ثَلَاثًا هَلْ هُوَ سُنَّةٌ وَكَذَلِكَ مَسْحُ الْوَجْهِ عِنْدَ قِرَاءَتِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقِرَاءَةَ الْمَذْكُورَةَ سُنَّةٌ، وَأَصْلُهَا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فَمَنْ قَرَأَهَا مَرَّةً فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَمَنْ قَرَأَهَا مَرَّتَيْنِ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَيْ الْقُرْآنِ وَمَنْ قَرَأَهَا ثَلَاثًا فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ وَرَوَى ابْنُ مَرْدُوَيْهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ خَبَرَ «مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ فَإِنْ قُبِضَ قُبِضَ شَهِيدًا، وَإِنْ عَاشَ عَاشَ مَغْفُورًا لَهُ» وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ خَبَرَ «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُصْبِحُ وَحِينَ تُمْسِي ثَلَاثًا تَكْفِك مِنْ كُلِّ شَيْءٍ» . بَلْ قَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ فِي فَضْلِ قِرَاءَتِهَا سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَأَحَادِيثُ فِي فَضْلِ قِرَاءَتِهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ مِنْهَا خَبَرُ «مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ رِضْوَانَهُ وَالْجَنَّةَ» وَمِنْهَا خَبَرُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ حَتَّى يَخْتِمَهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ قَصْرًا فِي الْجَنَّةِ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إذًا نَسْتَكْثِرُ يَا رَسُولَ

قول المؤمن أنا مؤمن إن شاء الله هل يجوز

اللَّهِ» . وَأَمَّا مَسْحُ الْوَجْهِ عِنْدَهَا فَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ الْبُخَارِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ وَالنَّسَائِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَوَى إلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] وَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1] وَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1] ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» وَوَرَدَ فِي الْخَبَرِ فِي فَضْلِ قِرَاءَتِهَا أَحَدَ عَشَرَ وَاثْنَيْ عَشَرَ وَخَمْسَةَ عَشَرَ، وَأَحَدًا وَعِشْرِينَ وَثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ وَمِائَةً وَمِائَتَيْنِ وَثَلَثَمِائَةٍ، وَأَلْفَ مَرَّةٍ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ اخْتَصَّتْ بِفَضَائِلَ عَظِيمَةٍ. [قَوْلِ الْمُؤْمِنِ أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ هَلْ يَجُوزُ] (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْمُؤْمِنِ أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ هَلْ يَجُوزُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ مَنْ قَامَ بِهِ التَّصْدِيقُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ حَقًّا كَمَا قَالَ تَعَالَى {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال: 4] فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ الشَّكَّ فِي الْحَالِ، وَالشَّكُّ لَا يُجَامِعُ الْإِيمَانَ، وَهَذَا كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ أَنَا حَيٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَأَنَا شَابٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ؛ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْمَشِيئَةِ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا يُشَكُّ فِي ثُبُوتِهِ فِي الْحَالِ أَوْ فِي مَعْدُومِ خَطَرِ الْوُجُودِ لَا فِيمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي الْحَالِ قَطْعًا وَذَهَبَ جُمْهُورُ السَّلَفِ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ

عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَالْمَنْقُولُ عَنْ أَمَامِنَا الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقُولَ أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَلْ يُؤْثِرُهُ عَلَى الْجَزْمِ وَلَيْسَ شَكًّا فِي الْإِيمَانِ الْحَالِ فَإِنَّهُ فِي الْحَالِ مُتَحَقِّقٌ لَهُ جَازِمٌ بِاسْتِمْرَارِهِ عَلَيْهِ إلَى الْخَاتِمَةِ الَّتِي يَرْجُو حُسْنَهَا بَلْ لَمَّا كَانَتْ آيَةُ النَّجَاةِ إيمَانَ الْمُوَافَاةِ، وَالْأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا وَذَلِكَ غَيْبٌ لَا سَبِيلَ لِلْمَخْلُوقِ إلَى الْعِلْمِ بِهِ فَوَّضَهُ إلَى الْمَشِيئَةِ، وَهَذَا لَا يُمْكِنُ لِأَحَدٍ النِّزَاعُ فِيهِ أَوْ يُقَالُ أَتَى بِهَا عَلَى سَبِيلِ التَّبَرُّكِ، وَإِحَالَةِ الْأُمُورِ إلَى مَشِيئَتِهِ تَأَدُّبًا كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ «، وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ» مَعَ كَوْنِهِ مَقْطُوعًا بِهِ. وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا ذَكَرَهُ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ فِي الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالْإِيمَانِ مُجَرَّدُ حُصُولِ الْمَعْنَى فَهُوَ حَاصِلٌ فِي الْحَالِ، وَإِنْ أُرِيدَ مَا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ النَّجَاةُ فَهُوَ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا قَطْعَ بِحُصُولِهِ فِي الْحَالِ فَمَنْ قَطَعَ بِالْحُصُولِ أَرَادَ الْأَوَّلَ وَمَنْ فَوَّضَ إلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَرَادَ الثَّانِيَ. (سُئِلَ) أَيُّهُمَا أَفْضَلُ الْعَسَلُ أَمْ اللَّبَنُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ اللَّبَنَ أَفْضَلُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِي تَعْرِيفِ الصَّحَابِيِّ إنَّهُ مَنْ لَقِيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُؤْمِنًا وَلَوْ لَحْظَةً هَلْ يَتَنَاوَلُ

فرق المسلمين غير أهل السنة هل يعاقبون على عقائدهم المخالفين فيها

الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَتَّى يَدْخُلَ سَيِّدُنَا عِيسَى مَعَ شَرَفِ نُبُوَّتِهِ وَرِسَالَتِهِ وَكَوْنِهِ مِنْ أُولَى الْعَزْمِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَا الْفَائِدَةُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْ كَانَ مُوسَى وَعِيسَى حَيَّيْنِ لَمَا وَسِعَهُمَا إلَّا اتِّبَاعِي» ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ التَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الَّذِينَ اجْتَمَعُوا بِهِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَالْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ لَقَوْهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ أَوْ غَيْرَهَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ اللُّقْيَا الْمُتَعَارَفُ لَا مَا وَقَعَ عَلَى وَجْهِ خَرْقِ الْعَادَةِ وَمَقَامُهُمْ فَوْقَ رُتْبَةِ الصُّحْبَةِ. (سُئِلَ) عَنْ ذِمِّيٍّ لَهُ عَلَى مُسْلِمٍ حَقٌّ شَرْعِيٌّ مَالِيٌّ أَوْ عَرْضِيٌّ فَهَلْ يُلْغَى فِي الْآخِرَةِ أَمْ يُخَفَّفُ عَنْهُ الْعَذَابُ بِحَسَبِ ذَلِكَ الْحَقِّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُلْغَى وَيُخَفَّفُ عَنْهُ الْعَذَابُ بِحَسَبِ ذَلِكَ الْحَقِّ. [فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرِ أَهْلِ السُّنَّةِ هَلْ يُعَاقَبُونَ عَلَى عَقَائِدِهِمْ الْمُخَالِفِينَ فِيهَا] (سُئِلَ) عَنْ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرِ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَبْرِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا هَلْ يُعَاقَبُونَ عَلَى عَقَائِدِهِمْ الْمُخَالِفِينَ فِيهَا أَهْلَ السُّنَّةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ الْعِقَابُ عَلَى فِرَقِ الْإِسْلَامِ غَيْرِ أَهْلِ السُّنَّةِ إلَّا اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً بِسَبَبِ عَقَائِدِهِمْ الْمُخَالِفَةِ لِعَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إلَّا وَاحِدَةً وَهِيَ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي» وَكَانَ ذَلِكَ

هل محبة سيدنا أبي بكر وسائر الصحابة واجبة

مِنْ مُعْجِزَاتِهِ حَيْثُ وَقَعَ مَا أَخْبَرَ بِهِ قَالَ الْآمِدِيُّ: وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عَقِيدَةٍ وَاحِدَةٍ وَطَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ إلَّا مَنْ كَانَ يُبْطِنُ النِّفَاقَ وَيُظْهِرُ الْإِسْلَامَ. اهـ. وَلَمْ يَزَلْ الْخِلَافُ يَتَشَعَّبُ وَالْآرَاءُ تَتَفَرَّقُ حَتَّى تَفَرَّقَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ، وَأَرْبَابُ الْمَقَالَاتِ إلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً. [هَلْ مَحَبَّةُ سَيِّدِنَا أَبِي بَكْرٍ وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ وَاجِبَةٌ] (سُئِلَ) هَلْ مَحَبَّةُ سَيِّدِنَا أَبِي بَكْرٍ وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ وَاجِبَةٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَحَبَّتَهُمْ وَاجِبَةٌ إذْ يَجِبُ تَعْظِيمُهُمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَظَّمَهُمْ، وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ كَقَوْلِهِ {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ} [التوبة: 100] وَقَوْلِهِ {يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [التحريم: 8] وَقَوْلِهِ {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح: 29] وَقَوْلِهِ {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى عِظَمِ قَدْرِهِمْ وَكَرَامَتِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ، وَالرَّسُولُ قَدْ أَحَبَّهُمْ، وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» وَمِنْهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَصْحَابِي لَا تَتَّخِذُونَهُمْ غَرَضًا

بِعِدَى مَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ وَمَنْ آذَى اللَّهَ فَيُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ» وَمِنْهَا قَوْلُهُ «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» . وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ «كَانَ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ شَيْءٌ فَسَبَّهُ خَالِدُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَسُبُّوا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِي فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ إلَخْ» الْخِطَابُ لِلصَّحَابَةِ السَّابِّينَ نَزَّلَهُمْ لِسَبِّهِمْ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِهِمْ مَنْزِلَةَ غَيْرِهِمْ حَيْثُ عُلِّلَ بِمَا ذَكَرَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْيَأْسُ مِنْ بُلُوغِ مَنْ بَعْدَهُمْ مَرْتَبَةَ أَحَدِهِمْ فِي الْفَضْلِ فَإِنَّ هَذَا الْمَفْرُوضَ مِنْ مِلْكِ الْإِنْسَانِ ذَهَبًا بِقَدْرِ أُحُدٍ مُحَالٌ فِي الْعَادَةِ لَمْ يَتَّفِقْ لِأَحَدٍ مِنْ الْخَلْقِ وَبِتَقْدِيرِ وُقُوعِهِ، وَإِنْفَاقِهِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ لَمْ يَبْلُغْ الثَّوَابُ الْمُرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ ثَوَابَ الْوَاحِدِ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إذَا تَصَدَّقَ بِنِصْفِ مُدٍّ وَلَوْ مِنْ شَعِيرٍ وَذَلِكَ بِالتَّقْرِيبِ رُبُعُ قَدَحٍ بِالْكَيْلِ الْمِصْرِيِّ وَذَلِكَ إذَا طُحِنَ وَعُجِنَ لَا يَبْلُغُ رَغِيفًا عَلَى الْمُعْتَادِ وَمَنْ تَدَبَّرَ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَجِدْ فِي مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ شَيْئًا أَبْلَغَ مِنْهُ. اهـ. إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ

الْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ فِي الْكُتُبِ الصِّحَاحِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] مَا الْحِكْمَةُ فِي إعَادَةِ لَفْظِ الصِّيغَتَيْنِ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ ذِكْرِهِمَا فِي الْآيَةِ قَبْلَهَا وَقَوْلُهُ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] طَلَبُ الْهِدَايَةِ إلَى غَيْرِ صِرَاطِهِمْ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ فِي الْآيَةِ قَبْلَهَا بِالْمَنْطُوقِ وَفِيهَا بِالْمَفْهُومِ فَمَا حِكْمَةُ الطَّلَبِ ثَانِيًا فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ ذِكْرَ الصِّيغَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ لِحِكَمٍ مِنْهَا عَدَمُ تَقَدُّمِ ذِكْرِهِمَا فِي السُّورَةِ عِنْدَ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَالشَّامِ وَفُقَهَائِهَا وَمَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَغَيْرِهِمْ إذْ الْبَسْمَلَةُ لَيْسَتْ مِنْهَا عِنْدَهُمْ، وَإِنَّمَا هِيَ لِلْفَصْلِ وَالتَّبَرُّكِ وَمِنْهَا عِنْدَ قُرَّاءِ مَكَّةَ وَالْكُوفَةِ وَفُقَهَائِهَا وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ اسْتِحْقَاقِهِ تَعَالَى لِلْمَحَامِدِ كُلِّهَا اتِّصَافَهُ بِهِمَا وَهُوَ كَوْنُهُ مُنْعِمًا عَلَى الْعَالَمِينَ بِالنِّعَمِ كُلِّهَا ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا عَاجِلِهَا وَآجِلِهَا عَظِيمِهَا وَلَطِيفِهَا فَإِنَّ تَرَتُّبَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يُشْعِرُ بِعِلِّيَّتِهِ لَهُ، وَالدَّلَالَةُ مِنْ طَرِيقِ الْمَفْهُومِ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِهِمَا وَبِبَاقِي الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ مَعَهُمَا لَا يَسْتَأْهِلُ؛ لَأَنْ يُحْمَدَ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُعْبَدَ وَالدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى مُتَفَضِّلٌ بِكَوْنِهِ مُوجِدًا

لِلْعَالَمِينَ رَبًّا لَهُمْ مُنْعِمًا عَلَيْهِمْ بِتِلْكَ النِّعَمِ مَالِكًا لِيَوْمِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ مُخْتَارًا فِيهِ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ لِإِيجَابٍ بِالذَّاتِ أَوْ وُجُوبٍ عَلَيْهِ اقْتَضَتْهُ سَوَابِقُ الْأَعْمَالِ حَتَّى يَسْتَحِقَّ بِهِ الْحَمْدَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فَهُوَ بَدَلٌ مِنْ الَّذِينَ أَوْ صِفَةٌ لَهُ مُبَيِّنَةٌ أَوْ مُقَيِّدَةٌ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْمُنْعَمَ عَلَيْهِمْ هُمْ الَّذِينَ سَلِمُوا مِنْ الْغَضَبِ وَالضَّلَالِ فَجَمَعُوا بَيْنَ النِّعْمَةِ الْمُطْلَقَةِ وَبَيْنَ السَّلَامَةِ مِنْ الْغَضَبِ وَالضَّلَالِ، وَقَدْ اُعْتُبِرَ مَفْهُومُ أَحَدِهِمَا مَعَ مَنْطُوقِ الْآخَرِ لِيَتَّفِقَا فَمِنْ حُكْمِهِ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ التَّقْوِيَةُ وَالتَّأْكِيدُ، وَأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْحُكْمِ عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَى الْأَخِيرِ التَّقْيِيدُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْقَائِلِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِمَّا سِوَى اللَّهِ هَلْ ذَلِكَ سَائِغٌ وَهَلْ هُوَ عَلَى حَدِّ قَوْلِ لَبِيدٍ الَّذِي شَهِدَ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ خُصُوصًا وَمَا لِمَا لَمْ يَعْقِلْ أَمْ لَا اُبْسُطُوا لَنَا الْجَوَابَ وَبَيِّنُوهُ بَيَانًا شَافِيًا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الِاسْتِغْفَارَ الْمَذْكُورَ سَائِغٌ بَلْ هُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ قَائِلَهُ قَدْ تَرَقَّى فِي مَقَامَاتِ الْخَوَاصِّ إلَى أَنْ صَارَ إلَى أَعْلَى مَرَاتِبِ التَّقْوَى وَهُوَ أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْ كُلِّ مَا شَغَلَهُ سَوَاءٌ مِنْ الْخَلْقِ إذْ زِيَادَةُ الْحُبِّ لَهَا سَبَبَانِ أَحَدُهُمَا خُلُوُّ الْقَلْبِ عَمَّا

سِوَاهُ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كُلَّمَا خَلَّى عَنْ شَيْءٍ اتَّسَعَ لِغَيْرِهِ فَقَطْعُ الْعَلَائِقِ بِسَبَبِ التَّجْرِيدِ وَالتَّفْرِيدِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ {قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} [الأنعام: 91] وَثَانِيهِمَا كَمَالُ الْمَعْرِفَةِ وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ مَنْ طَلَبَنِي وَجَدَنِي وَمَنْ طَلَبَ غَيْرِي لَمْ يَجِدْنِي فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ هَذَا، وَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إلَى دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّ مِنْ أَهْلِ مَحَبَّتِي بِجَبَلِ لُبْنَانَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ نَفْسًا مِنْهُمْ شَوَابُّ وَكُهُولٌ وَمِنْهُمْ مَشَايِخُ فَإِذَا أَتَيْتهمْ فَأَقْرِئْهُمْ مِنِّي السَّلَامَ وَقُلْ لَهُمْ إنَّ رَبَّكُمْ يُقْرِئُكُمْ السَّلَامَ وَيَقُولُ لَكُمْ أَلَا تَسْأَلُونِي حَاجَةً فَإِنَّكُمْ أَحْبَابِي، وَأَصْفِيَائِي، وَأَوْلِيَائِي أَفْرَحُ لِفَرَحِكُمْ وَأُسَارِعُ إلَى مَحَبَّتِكُمْ فَأَتَاهُمْ دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَبَلَّغَهُمْ مَا قَالَهُ رَبُّهُمْ فَقَالَ أَحَدُهُمْ أَنْتَ هَدَيْت قُلُوبَنَا لِذِكْرِك وَفَرَّغْتنَا لِلِاشْتِغَالِ بِك فَأَغْفِرْ لَنَا تَقْصِيرَنَا فِي شُكْرِك وَقَالَ آخَرُ اللَّهُمَّ اُمْنُنْ عَلَيْنَا بِاشْتِغَالِ الْقَلْبِ بِك عَنْ كُلِّ شَيْءٍ دُونَك. وَفِي أَخْبَارِ دَاوُد قُلْ لِعِبَادِي الْمُتَوَجِّهِينَ إلَى مَحَبَّتِي مَا ضَرَّكُمْ إذَا حَجَبْتُكُمْ عَنْ خَلْقِي وَرَفَعْت الْحِجَابَ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ حَتَّى تَنْظُرُوا إلَيَّ بِعُيُونِ قُلُوبِكُمْ وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّ اللَّهَ

تَعَالَى أَوْحَى إلَى بَعْضِ أَنْبِيَائِهِ إنَّمَا أَتَّخِذُ مِنْ خَلْقِي مَنْ لَا يَفْتُرُ عَنْ ذِكْرِي وَلَا يَكُونُ لَهُ غَيْرِي وَلَا يُؤْثِرُ عَلَيَّ شَيْئًا مِنْ خَلْقِي، وَإِنْ احْتَرَقَ بِالنَّارِ لَمْ يَجِدْ لِحَرْقِ النَّارِ وَقْعًا، وَإِنْ قُطِعَ بِالْمَنَاشِيرِ لَمْ يَجِدْ لِلَمْسِ الْحَدِيدِ أَلَمًا فَمَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحُبُّ إلَى هَذَا الْحَدِّ فَمِنْ أَيْنَ يَعْرِفُ مَا وَرَاءَ الْحُبِّ مِنْ الْكَرَامَاتِ. وَقَدْ قَالَ الْأَئِمَّةُ: إنَّ أَعْلَى دَرَجَاتِ الزُّهْدِ أَنْ يَرْغَبَ عَنْ كُلِّ مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى عَنْ الْآخِرَةِ، وَيَرْغَبَ فِي اللَّهِ تَعَالَى وَشَرْطُهُ أَنْ لَا يَعُودَ فِي شَيْءٍ مِمَّا رَغِبَ عَنْهُ وَيَرْغَبُ فِيهِ فَيَكُونُ قَدْ رَجَعَ فِي الثَّمَنِ فَتَمَامُ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ بِحِفْظِ الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ عَمَّا يُنَاقِضُ زُهْدَهُ، وَأَعْلَى دَرَجَاتِ التَّوْحِيدِ أَنْ لَا يَرَى فِي الْوُجُودِ إلَّا وَاحِدًا وَهُوَ مُشَاهَدَةُ الصِّدِّيقِينَ وَتُسَمِّيهِ الصُّوفِيَّةُ الْفَنَاءَ فِي التَّوْحِيدِ فَلَا يَرَى نَفْسَهُ لِكَوْنِ بَاطِنِهِ مُسْتَغْرَقًا بِالْوَاحِدِ الْحَقِّ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ أَبِي يَزِيدَ ثُمَّ أَنْسَانِي ذِكْرَ نَفْسِي وَمَعْنَى كَوْنِ هَذَا مُوَحِّدًا أَنَّهُ لَمْ يَخْطِرْ فِي شُهُودِهِ وَقَلْبِهِ إلَّا الْوَاحِدُ الْحَقُّ وَفَنَى عَنْ الْوَسَائِطِ وَعَنْ نَفْسِهِ. وَسَبَبُ التَّرَقِّي إلَى هَذِهِ الدَّرَجَةِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا خَالِقَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّهُ لَا تَتَحَرَّكُ ذَرَّةٌ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَأَنَّهُ لَا فَقْرَ وَلَا غِنَى وَلَا مَوْتَ وَلَا حَيَاةَ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ

قوله تعالى إنها بقرة صفراء هل الصحيح أنها سوداء أم صفراء

مُخْتَرِعُ الْكُلِّ فَمَنْ شَاهَدَ هَذَا وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَنَى عَمَّا سِوَاهُ وَلَا يَنْظُرُ إلَى شَيْءٍ فَالْكُلُّ مُسَخَّرٌ تَحْتَ قُدْرَتِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَشَدُّ شَيْءٍ عَلَى النَّفْسِ الْإِخْلَاصُ إذْ لَيْسَ لَهَا فِيهِ نَصِيبٌ، وَالْإِخْلَاصُ كَوْنُ الْعَبْدِ وَحَرَكَاتِهِ لِلَّهِ تَعَالَى خَاصَّةً وَقَالَ بَعْضُهُمْ الشَّوْقُ نَارُ اللَّهِ تَعَالَى أَشْعَلَهَا فِي قُلُوبِ أَوْلِيَائِهِ حَتَّى يَحْتَرِقَ بِهَا مَا فِي قُلُوبِهِمْ لِغَيْرِهِ مِنْ الْخَوَاطِرِ وَالْإِرَادَاتِ وَالْعَوَارِضِ وَالْحَاجَاتِ. [قَوْله تَعَالَى إنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ هَلْ الصَّحِيحُ أَنَّهَا سَوْدَاءُ أَمْ صَفْرَاءُ] (سُئِلَ) عَنْ قَوْله تَعَالَى {إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ} [البقرة: 69] هَلْ الصَّحِيحُ أَنَّهَا سَوْدَاءُ أَمْ صَفْرَاءُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهَا صَفْرَاءُ اللَّوْنِ مِنْ الصُّفْرَةِ الْمَعْرُوفَةِ قَالَ مَكِّيٌّ عَنْ بَعْضِهِمْ حَتَّى الْقَرْنِ وَالظُّفُرِ، وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ وَغَيْرُهُ كَانَتْ صَفْرَاءَ الْقَرْنِ وَالظِّلْفِ فَقَطْ وَعَنْ الْحَسَنِ أَنَّ صَفْرَاءَ مَعْنَاهُ سَوْدَاءُ شَدِيدَةُ السَّوَادِ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ وَهَذَا شَاذٌّ لَا يُسْتَعْمَلُ مَجَازًا إلَّا فِي الْإِبِلِ قَالَ تَعَالَى {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} [المرسلات: 33] وَلَوْ أَرَادَ السَّوَادَ لَمَا أَكَّدَهُ بِالْفُقُوعِ؛ لِأَنَّهُ نَعْتٌ مُخْتَصٌّ بِالصُّفْرَةِ لَا يُوصَفُ بِهِ السَّوَادُ يُقَالُ أَصْفَرُ فَاقِعٌ كَمَا يُقَالُ أَسْوَدُ حَالِكٌ فَكَأَنَّهُ قِيلَ صَفْرَاءُ شَدِيدَةُ الصُّفْرَةِ. (سُئِلَ) عَنْ النَّصَارَى هَلْ فِيهِمْ أَحَدٌ يُقِرُّ لِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالرِّسَالَةِ لَكِنَّهُ لِلْعَرَبِ

تأويل قوله تعالى وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم

خَاصَّةً أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ بَعْضَ النَّصَارَى يَزْعُمُ أَنَّهُ مَبْعُوثٌ إلَى آخِرِ الزَّمَانِ وَلَكِنَّهُ يُقَيِّدُ رِسَالَتَهُ بِالْعَرَبِ كَمَا تَعْتَقِدُهُ الْعِيسَوِيَّةُ مِنْ الْيَهُودِ. [تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّك أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ] (سُئِلَ) عَنْ قَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - {وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] فَإِنَّ ضَمِيرَ الْجَمْعِ فِيهِ عَائِدٌ عَلَى الْكُفَّارِ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ وَهُوَ لَا يَغْفِرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48] فَكَيْفَ تَعَرَّضَ فِي سُؤَالِهِ لِلْعَفْوِ عَنْهُمْ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَكَمَ بِ إنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِهِ عَلَى أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا: أَنَّ الضَّمِيرَ فِي تُعَذِّبْهُمْ لِمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَلَى الْكُفْرِ وَالضَّمِيرُ فِي تَغْفِرْ لَهُمْ لِمَنْ تَابَ مِنْهُمْ قَبْلَ الْمَوْتِ فَإِنَّ عِيسَى عَلِمَ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ تَابَ وَرَجَعَ عَنْ ذَلِكَ. ثَانِيهَا: أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُمْ أَحْدَثُوا مَعَاصِيَ وَعَمِلُوا بَعْدَهُ بِمَا لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِهِ إلَّا أَنَّهُمْ عَلَى عَمُودِ دِينِهِ فَقَالَ فَإِنْ تَغْفِرْ مَا أَحْدَثُوا بَعْدِي مِنْ الْمَعَاصِي. ثَالِثُهَا: أَنَّهُ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْطَافِ لَهُمْ وَالرَّأْفَةِ بِهِمْ كَمَا يَسْتَعْطِفُ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ فَإِنْ عَصَوْك. رَابِعُهَا: أَنَّهُ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ التَّسْلِيمِ لِأَمْرِهِ وَالِاسْتِجَارَةِ مِنْ عَذَابِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ لِكَافِرٍ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ

الْكَافِرَ لَا يُغْفَرُ لَهُ اجْتِرَاءً عَلَى كِتَابِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ أَخْبَارَهُ تَعَالَى لَا تُنْسَخُ. خَامِسُهَا: أَنَّهُ مَا قَالَ إنَّك تَغْفِرُ لَهُمْ وَلَكِنَّهُ بَنَى الْكَلَامَ عَلَى إنْ فَقَالَ إنْ تُعَذِّبْهُمْ عَدَلْت؛ لِأَنَّهُمْ أَحِقَاءُ بِالْعَذَابِ، وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ مَعَ كُفْرِهِمْ لَمْ تَعْدِلْ فِي الْمَغْفِرَةِ وَجْهَ حِكْمَةٍ فَإِنَّ الْمَغْفِرَةَ حَسَنَةٌ لِكُلِّ مُجْرِمٍ فِي الْعُقُولِ بَلْ مَتَى كَانَ الْمُجْرِمُ أَعْظَمُ جُرْمًا كَانَ الْعَفْوُ عَنْهُ أَحْسَنَ، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ: غُفْرَانُ الشِّرْكِ جَائِزٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ جُمْهُورِ الْبَصْرِيِّينَ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ قَالُوا؛ لِأَنَّ الْعِقَابَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْمُذْنِبِ وَلَيْسَ فِي إسْقَاطِهِ مَضَرَّةٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا بَلْ دَلَّ الدَّلِيلُ السَّمْعِيُّ فِي شَرْعِنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ فَعَدَمُ غُفْرَانِ الشِّرْكِ مُقْتَضَى الْوَعِيدِ فَلَا امْتِنَاعَ فِيهِ لِذَاتِهِ لِيَمْتَنِعَ التَّرْدِيدُ وَالتَّعْلِيقُ. سَادِسُهَا: أَنَّهُ كَلَامٌ عَلَى طَرِيقِ إظْهَارِ قُدْرَتِهِ تَعَالَى عَلَى مَا يُرِيدُ وَعَلَى مُقْتَضَى حُكْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وَلِهَذَا قَالَ {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 129] تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ لَا امْتِنَاعَ لِأَحَدٍ مِنْ عِزَّتِهِ وَلَا اعْتِرَاضَ فِي حُكْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وَلَمْ يَقُلْ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَإِنْ اقْتَضَاهُمَا الظَّاهِرُ سَابِعُهَا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِهِ أَنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ثَامِنُهَا أَنْ يَغْفِرَ لَهُمْ يَعْنِي لِكَذِبِهِمْ الَّذِي قَالُوهُ عَلَى خَاصَّتِهِ لَا لِشِرْكِهِمْ. (سُئِلَ) هَلْ

يُقَالُ لِمَنْ هُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّهُ سَيِّدٌ شَرِيفٌ وَهَلْ لَهُ تَعْلِيقُ عَلَامَةِ الشَّرَفِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ الْأُمُورُ الْمَذْكُورَةُ لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلَادِ الْعَبَّاسِ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ أَقَارِبِهِ، وَأَوْلَادِ بَنَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا لِأَوْلَادِ سَيِّدَتِنَا فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَالشَّرَفُ مُخْتَصٌّ بِأَوْلَادِهَا الذُّكُورِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَمُحْسِنٍ فَأَمَّا مُحْسِنٌ فَمَاتَ صَغِيرًا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْعَقِبُ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَإِنَّمَا اخْتَصَّا بِالشَّرَفِ هُمَا وَذُرِّيَّتُهُمَا لِانْتِسَابِهِمَا إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ أَوْلَادِ أَقَارِبِهِ وَكَوْنِ أُمِّهِمَا أَفْضَلَ بَنَاتِهِ وَكَوْنِهَا سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِ وَسَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّهَا بَضْعَةٌ مِنِّي يُرِيبُنِي مَا رَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا» وَكَوْنِهَا أَشْبَهَ بَنَاتِهِ بِهِ فِي الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ حَتَّى فِي الْخَشْيَةِ وَمِنْهَا إكْرَامُهُ لَهَا حَتَّى أَنَّهَا كَانَتْ إذَا جَاءَتْ إلَيْهِ قَامَ لَهَا، وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ لِمَا أَوْدَعَهُ اللَّهُ فِيهَا مِنْ السِّرِّ. رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ أَبْشِرْ يَا أَبَا الْحَسَنِ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَك بِهَا فِي السَّمَاءِ قَبْلَ أَنْ أُزَوِّجَك بِهَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ هَبَطَ عَلَيَّ مَلَكٌ مِنْ السَّمَاءِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْك

يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْشِرْ بِاجْتِمَاعِ الشَّمْلِ وَطَهَارَةِ النَّسْلِ فَمَا اسْتَتَمَّ كَلَامَهُ حَتَّى هَبَطَ جِبْرِيلُ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ ثُمَّ وَضَعَ فِي يَدِهِ حَرِيرَةً بَيْضَاءَ فِيهَا سَطْرَانِ مَكْتُوبَانِ بِالنُّورِ فَقُلْت مَا هَذِهِ الْخُطُوطُ فَقَالَ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ اطَّلَعَ إلَى الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً فَاخْتَارَك مِنْ خَلْقِهِ وَبَعَثَك بِرِسَالَتِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَيْهَا ثَانِيًا فَاخْتَارَ لَك مِنْهَا أَخًا وَوَزِيرًا وَصَاحِبًا وَحَبِيبًا فَزَوَّجَهُ ابْنَتَك فَاطِمَةَ فَقُلْت مَنْ هَذَا الرَّجُلُ فَقَالَ أَخُوك فِي الدِّينِ وَابْنُ عَمِّك فِي النَّسَبِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ آمُرَك بِتَزْوِيجِهَا بِعَلِيٍّ فِي الْأَرْضِ، وَأَنَا أُبَشِّرُهَا بِغُلَامَيْنِ زَكِيَّيْنِ مُحَبَّبَيْنِ فَاضِلَيْنِ طَاهِرَيْنِ خَيِّرَيْنِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» . (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ ثَالِثٍ» أَوْ كَمَا قَالَ مَا لَفْظُ الْحَدِيثِ وَهَلْ هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَمْ فِي غَيْرِهِمَا وَمَا مَعْنَاهُ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِأَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ تَشْوِيشُ الْحَاضِرِ بِذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَهَلْ النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ أَمْ لِلتَّنْزِيهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ «إذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ وَاحِدٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «حَتَّى يَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُحْزِنَهُ» وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَالْمُنَاجَاةُ الْمُسَارَّةُ يُقَالُ تَنَاجَى الْقَوْمُ

أَيْ سَارَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنْ تَنَاجِي اثْنَيْنِ بِحَضْرَةِ ثَالِثٍ وَكَذَا ثَلَاثَةٌ فَأَكْثَرَ بِحَضْرَةِ وَاحِدٍ وَهُوَ نَهْيُ تَحْرِيمٍ إذْ هُوَ الْأَصْلُ فِي النَّهْيِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْجَمَاعَةِ الْمُنَاجَاةُ دُونَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ. وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ النَّهْيَ عَامٌّ فِي كُلِّ الْأَزْمَانِ وَالْأَحْوَالِ وَفِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إنَّمَا النَّهْيُ عَنْ الْمُنَاجَاةِ فِي السَّفَرِ دُونَ الْحَضَرِ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ مَظِنَّةُ الْخَوْفِ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ، وَأَنَّ هَذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ فَلَمَّا فَشَا الْإِسْلَامُ، وَأَمِنَ النَّاسُ سَقَطَ النَّهْيُ وَكَانَ الْمُنَافِقُونَ يَقُولُونَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ لِيُحْزِنُوهُمْ أَمَّا إذَا كَانُوا أَرْبَعَةً فَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ اثْنَيْنِ فَلَا بَأْسَ بِالْإِجْمَاعِ وَقَدْ بَيَّنَ فِي الْحَدِيثِ غَايَةَ الْمَنْعِ وَهِيَ أَنْ يَجِدَ الثَّالِثُ مَنْ يَتَحَدَّثُ مَعَهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَتَحَدَّثُ مَعَ رَجُلٍ فَجَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يُنَاجِيَهُ فَلَمْ يُنَاجِهِ حَتَّى دَعَا رَابِعًا فَقَالَ لَهُ وَلِلْأَوَّلِ تَأَخَّرْ أَوْ نَاجِي الرَّجُلَ الطَّالِبَ لِلْمُنَاجَاةِ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَفِيهِ أَيْضًا التَّنْبِيهُ عَلَى التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُحْزِنَهُ أَيْ يَقَعَ فِي نَفْسِهِ مَا يَحْزَنُ لِأَجْلِهِ كَأَنْ يُقَدِّرَ فِي نَفْسِهِ أَنَّ الْحَدِيثَ عَنْهُ بِمَا

يَكْرَهُ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ أَهْلًا فَيُشْرِكُوهُ فِي حَدِيثِهِمْ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَحَصَلَ كُلُّهُ مِنْ بَقَائِهِ وَحْدَهُ فَإِذَا كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ أَمِنَ ذَلِكَ. وَعَلَى هَذَا يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ كُلُّ الْأَعْدَادِ فَلَا يَتَنَاجَى أَرْبَعَةٌ دُونَ وَاحِدٍ وَلَا عَشَرَةٌ وَلَا أَلْفٌ مَثَلًا لِوُجُودِ الْمَعْنَى فِي حَقِّهِ بَلْ وُجُودُهُ فِي الْعَدَدِ الْكَثِيرِ أَمْكَنُ وَأَوْقَعُ، فَيَكُونُ بِالْمَنْعِ أَوْلَى، وَإِنَّمَا خَصَّ الثَّلَاثَةَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ عَدَدٍ يَتَأَتَّى ذَلِكَ الْمَعْنَى فِيهِ وَشَمَلَ الْحَدِيثُ التَّنَاجِيَ فِي الْمَنْدُوبِ وَالْوَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْقَائِلِ اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى رُوحِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ فِي الْأَرْوَاحِ وَصَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى جَسَدِهِ فِي الْأَجْسَادِ وَصَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى قَبْرِهِ فِي الْقُبُورِ وَصَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى اسْمِهِ فِي الْأَسْمَاءِ هَلْ تَجُوزُ هَذِهِ الصَّلَاةُ وَمَا مَعْنَى عَلَى قَبْرِهِ مَعَ قَوْلِ ابْنِ الْوَرْدِيِّ بِلَا صَلَاةٍ فَهِيَ لَا تَحْسُنُ لَك وَلِي عَلَى غَيْرِ نَبِيٍّ أَوْ مَلَكٍ إلَّا تَبَعًا كَعَلَى آلِ النَّبِيِّ فَهَلْ الْقَبْرُ كَالْآلِ وَالِاسْمُ كَالْمُسَمَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ غَيْرُهُ أَمْ لَا فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّهُ تَعْبِيرٌ بِالْمَحَلِّ عَنْ الْحَالِ رُدَّ بِاتِّحَادِ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ فِي الْقَبْرِ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الِاسْمِ عَلَى الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الصَّلَاةَ الْمَذْكُورَةَ لَيْسَتْ بِمَكْرُوهَةٍ بَلْ مَأْمُورٌ بِهَا وَفِيهَا مِنْ طَلَبِ تَعْظِيمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ

اعتقد أن القرآن مخلوق

يُوجَدْ فِي كَثِيرٍ مِنْ صِيَغِ الصَّلَاةِ وَقَدْ تَكَرَّرَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِيهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ. وَوَجْهُهُ فِي اسْمِهِ أَنَّ كُلَّ حُكْمٍ وَرَدَ عَلَى اسْمٍ فَهُوَ وَارِدٌ عَلَى مَدْلُولِهِ إلَّا بِقَرِينَةٍ كَضَرْبِ فِعْلٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا قِيلَ ذَكَرْت اسْمَ زَيْدٍ فَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ ذَكَرَ لَفْظَ الِاسْمِ بَلْ إنَّهُ ذَكَرَ لَفْظَ زَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ مَدْلُولُ اسْمِ زَيْدٍ إذْ مَدْلُولُهُ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَيْهِ وَهُوَ لَفْظُ زَيْدٍ فَكَذَا قَوْلُهُ وَصَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى اسْمِهِ مَعْنَاهُ عَلَى مَدْلُولِ اسْمِهِ، وَأَنَّ مَعْنَى الصَّلَاةِ لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِلَفْظِ الِاسْمِ. وَوَجْهُهُ فِي قَبْرِهِ هَذَا الْمَعْنَى الثَّانِي وَحِينَئِذٍ فِيهِ التَّعْبِيرُ بِالْمَحَلِّ عَنْ الْحَالِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] وَالْجَوَابُ عَنْ دَعْوَى اتِّحَادِ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُضَافِ فِيهِمَا الْمُسَمَّى وَبِالْمُضَافِ إلَيْهِ الِاسْمُ وَيَصِحُّ إبْقَاءُ الِاسْمِ وَالْقَبْرِ عَلَى حَقِيقَتِهِمَا وَلَمْ تَقَعْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا اسْتِقْلَالًا بَلْ تَبَعًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا كَالْآلِ وَنَحْوِهِ، وَيُرَادُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِمَا طَلَبُ تَعْظِيمِهِمَا وَقَدْ عَظَّمَ اللَّهُ تَعَالَى اسْمَهُ وَقَبْرَهُ وَلِهَذَا قَالُوا يُكْرَهُ اسْتِصْحَابُ اسْمِهِ حَالَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَقَالُوا إنَّ قَبْرَهُ الشَّرِيفَ أَفْضَلُ مِنْ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ. [اعتقد أَنْ الْقُرْآن مَخْلُوق] (سُئِلَ) عَمَّنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْقُرْآنَ بِالْمَعْنَى النَّفْسِيِّ الْقَائِمِ بِذَاتِ اللَّهِ

سورة القدر هل ورد أنها نصف القرآن

تَعَالَى مَخْلُوقٌ هَلْ يَكْفُرُ بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ جَاهِلًا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِذَلِكَ، وَإِنْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهُ يَكْفُرُ بِهِ. [سُورَةِ الْقَدْرِ هَلْ وَرَدَ أَنَّهَا نِصْفُ الْقُرْآنِ] (سُئِلَ) عَنْ سُورَةِ الْقَدْرِ هَلْ وَرَدَ أَنَّهَا نِصْفُ الْقُرْآنِ وَهَلْ وَرَدَ فِي سُورَةِ الْكَافِرُونَ حَدِيثُ أَنَّهَا رُبُعُ الْقُرْآنِ وَهَلْ وَرَدَ فِي سُورَةِ الْإِخْلَاصِ حَدِيثٌ كَذَلِكَ أَنَّهَا ثُلُثُ الْقُرْآنِ وَمَا الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ أَخْرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ قَرَأَ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] عَدَلَتْ رُبُعَ الْقُرْآنِ وَمَنْ قَرَأَ {إِذَا زُلْزِلَتِ} [الزلزلة: 1] عَدَلَتْ نِصْفَ الْقُرْآنِ وَمَنْ قَرَأَ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] تَعْدِلُ رُبُعَ الْقُرْآنِ، وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» وَفِي كِتَابِ الرَّدِّ لِأَبِي بَكْرٍ الْأَنْبَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] تَعْدِلُ رُبُعَ الْقُرْآنِ» وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ الْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَحَدِيثِ أَنَّ « {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَوَجْهُ كَوْنِ سُورَةِ الْقَدْرِ تَعْدِلُ رُبُعَ الْقُرْآنِ أَنَّ مَقَاصِدَهَا مَحْصُورَةٌ فِي بَيَانِ التَّرْغِيبِ

وَالتَّرْهِيبِ وَالْأَحْكَامِ وَالْقَصَصِ وَقَدْ اشْتَمَلَتْ عَلَى التَّرْغِيبِ. وَوَجْهُ كَوْنِ سُورَةِ الْكَافِرُونَ تَعْدِلُ رُبُعَ الْقُرْآنِ النَّظَرَ إلَى أَنَّ مَقَاصِدَهَا فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، وَقَدْ اشْتَمَلَتْ عَلَى الْأَمْرِ وَبِهَذِهِ الِاعْتِبَارَاتِ وَمَا شَابَهَهَا يُوَجَّهُ مَا وَرَدَ فِي غَيْرِ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ فَفِي {إِذَا زُلْزِلَتِ} [الزلزلة: 1] بِأَنَّ مُتَعَلَّقَهُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْآخِرَةِ وَفِي {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] بِأَنَّ مَقَاصِدَهَا فِي بَيَانِ الْعَقَائِدِ وَالْأَحْكَامِ وَالْقَصَصِ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعَقَائِدِ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا خَالَفَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ الْجَدِيدُ مَا عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ فَمَا الْمَعْمُولُ بِهِ إنْ قُلْتُمْ النَّصُّ فَمَا بَالُ عُلَمَاءِ عَصْرِنَا يُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ خَالَفَ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ أَوْ مَا عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ فَقَدْ صَرَّحَا بِأَنَّ نَصَّ الْإِمَامِ فِي حَقِّ الْمُقَلِّدِ كَالدَّلِيلِ الْقَاطِعِ وَكَيْفَ يَتْرُكَانِهِ وَيَذْكُرَانِ كَلَامَ الْأَصْحَابِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ قَدْ اجْتَهَدَا فِي تَحْرِيرِ الْمَذْهَبِ غَايَةَ الِاجْتِهَادِ وَلِهَذَا كَانَتْ عِنَايَاتُ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ، وَإِشَارَاتُ مَنْ سَبَقَنَا مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمُحَقِّقِينَ مُتَوَجِّهَةً إلَى تَحْقِيقِ مَا عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَالْأَخْذِ بِمَا صَحَّحَاهُ بِالْقَبُولِ وَالْإِذْعَانِ مُؤَدِّينَ ذَلِكَ بِالدَّلَائِلِ وَالْبُرْهَانِ، وَإِذَا انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ وَالْعَمَلُ بِمَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ الْمَذْهَبُ

شخص قال إن الله تعالى بجهة العلو، وإنه استوى على العرش

وَمَا ذَاكَ إلَّا لِحُسْنِ النِّيَّةِ، وَإِخْلَاصِ الطَّوِيَّةِ وَقَدْ اُعْتُرِضَ عَلَى الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بِالْمُخَالَفَةِ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ كَثُرَ اللَّهَجُ بِهَذَا حَتَّى قِيلَ: إنَّ الْأَصْحَابَ مَعَ الشَّافِعِيِّ كَالشَّافِعِيِّ، وَنَحْوَهُ مَعَ الْمُجْتَهِدِينَ مَعَ نُصُوصِ الشَّارِعِ وَلَا يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى النَّصِّ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ هَذَا ضَعِيفٌ فَإِنَّ هَذِهِ رُتْبَةُ الْعَوَامّ أَمَّا الْمُتَبَحِّرُ فِي الْمَذْهَبِ فَلَهُ رُتْبَةُ الِاجْتِهَادِ الْمُفِيدِ كَمَا هُوَ شَأْنُ أَصْحَابِ الْوُجُوهِ الَّذِينَ لَهُمْ أَهْلِيَّةُ التَّخْرِيجِ وَالتَّرْجِيحِ، وَتَرْكُ الشَّيْخَيْنِ لِذِكْرِ النَّصِّ الْمَذْكُورِ لِكَوْنِهِ ضَعِيفًا أَوْ مُفَرَّعًا عَلَى ضَعِيفٍ وَقَدْ تَرَكَ الْأَصْحَابُ نُصُوصَهُ الصَّرِيحَةَ لِخُرُوجِهَا عَلَى خِلَافِ قَاعِدَتِهِ، وَأَوَّلُوهَا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ لِمَنْ يَكُونُ إرْثُهُ فَلَا يَنْبَغِي الْإِنْكَارُ عَلَى الْأَصْحَابِ فِي مُخَالَفَةِ النُّصُوصِ، وَلَا يُقَالُ لَمْ يَطَّلِعُوا عَلَيْهَا، وَإِنَّهَا شَهَادَةُ نَفْيٍ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ اطَّلَعُوا عَلَيْهَا وَصَرَفُوهَا عَنْ ظَاهِرِهَا بِالدَّلِيلِ وَلَا يَخْرُجُونَ بِذَلِكَ عَنْ مُتَابَعَةِ الشَّافِعِيِّ كَمَا أَنَّ الْمُجْتَهِدَ يَصْرِفُ ظَاهِرَ نَصِّ الشَّارِعِ إلَى خِلَافِهِ لِذَلِكَ، وَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ مُتَابَعَتِهِ وَفِي هَذَا كِفَايَةٌ لِمَنْ أَنْصَفَ. [شَخْصٍ قَالَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى بِجِهَةِ الْعُلُوِّ، وَإِنَّهُ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ] (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ قَالَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى بِجِهَةِ الْعُلُوِّ، وَإِنَّهُ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ اسْتِوَاءً يَلِيقُ بِجَلَالِهِ بِلَا

كَيْفٍ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55] وَبِقَوْلِهِ {ذِي الْمَعَارِجِ} [المعارج: 3] {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4] وَبِقَوْلِ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ، وَإِنَّهُ فَوْقَ عَرْشِهِ الْمَجِيدِ بِذَاتِهِ وَبِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ حَيْثُ ذَكَرَ حَدِيثَ يَنْزِلُ رَبُّنَا وَبِمَا ذَكَرَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْفِقْهِ الْأَكْبَرِ وَهُوَ بَعْدَ أَوَّلِهِ بِنَحْوِ وَرَقَتَيْنِ وَبِمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ الْحَفِيدِ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالْكَشْفِ عَنْ مَنَاهِجِ الْأَدِلَّةِ حَيْثُ قَالَ الْقَوْلُ فِي الْجِهَةِ، وَأَمَّا هَذِهِ الصِّفَةُ فَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الشَّرِيعَةِ يُثْبِتُونَهَا حَتَّى نَفَتْهَا الْمُعْتَزِلَةُ وَمُتَأَخِّرُو الْأَشْعَرِيَّةِ كَأَبِي الْمَعَالِي وَمَنْ اقْتَدَى بِقَوْلِهِ إلَى أَنْ قَالَ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ إثْبَاتَ الْجِهَةِ وَاجِبٌ شَرْعًا وَعَقْلًا إلَى آخِرِ كَلَامِهِ، وَبِقَوْلِ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الدَّارِمِيِّ فِي الرَّدِّ عَلَى بِشْرِ الْمَرِيسِيِّ بِمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي مَوْضِعِهِ وَبِمَا قَالَهُ الْأَشْعَرِيُّ فِي كِتَابِهِ الْإِبَانَةِ وَبِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ فِي كِتَابِهِ الْحِلْيَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ بِجِهَةِ الْعُلُوِّ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ، فَمَا مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ حَنْبَلٍ فِي هَذَا الْقَوْلِ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا وَهَلْ فِي كَلَامِهِمْ نَصٌّ فِي إثْبَاتِ هَذَا الْمَعْنَى أَوْ نَفْيِهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي كَلَامِهِمْ نَصٌّ فِي إثْبَاتِ ذَلِكَ وَلَا نَفْيِهِ فَمَا حَقِيقَةُ مَذَاهِبِهِمْ فِي ذَلِكَ

وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْجَوَابُ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ بِمَا هُوَ نَصٌّ لِهَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ وَنُظَرَائِهِمْ لَا بِمَا قَالَهُ بَعْضُ مُقَلِّدِي هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ فَقَدْ يَكُونُ غَيْرَ مَا قَالَهُ إمَامُهُ فَقَدْ وَجَدْنَا الشَّيْخَ جَلَالَ الدِّينِ الْمَحَلِّيَّ نَقَلَ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّأْوِيلِ وَمَعْنَى {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] اسْتَوْلَى وَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ كُرَّاسٍ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَمَنْ قَالَ إنَّ الِاسْتِوَاءَ بِمَعْنَى الِاسْتِيلَاءِ فَقَدْ أَخْطَأَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ تَعَالِيهِ وَقَهْرِهِ وَلَوْ كَانَ مَا قَالَهُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ نَقْلًا لِلشَّافِعِيِّ لِمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذِهِ الْعِبَارَةَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ لِتَطَلُّبِ نَصِّ الْأَئِمَّةِ وَنُظَرَائِهِمْ، وَالْمَقْصُودُ إمْعَانُ النَّظَرِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْجَوَابُ بِمَا يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قَوْلًا أَوْدَعَهَا كِتَابَهُ الْأَسْنَى فِي شَرْحِ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى، وَإِذَا قُلْتُمْ إنَّ مَذْهَبَ الْأَئِمَّةِ فِيمَا قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ إنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ فَمَاذَا يَلْزَمُهُ بَيِّنُوا لَنَا الْجَوَابَ بَيَانًا شَافِيًا مَبْسُوطًا وَاذْكُرُوا مَا قَالَهُ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ مَعْزُوًّا كُلُّ قَوْلٍ لِقَائِلِهِ؟ (فَأَجَابَ) الْحَمْدُ لِلَّهِ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ مَا عَدَا مَنْ سَيَأْتِي أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بِجِهَةِ الْعُلُوِّ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي كُتُبِ

الْكَلَامِ مَبْسُوطَاتِهَا وَمُخْتَصَرَاتِهَا وَقَدْ رَوَوْهُ بِأَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ لَا يَحْتَمِلُهَا هَذَا الْجَوَابُ قَالَ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَلَّامَةُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ غَانِمٍ الْمَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ حَلُّ الرُّمُوزِ وَمَفَاتِيحُ الْكُنُوزِ سُئِلَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ الرَّازِيّ فَقِيلَ لَهُ أَخْبِرْنَا عَنْ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ إلَهٌ وَاحِدٌ فَقِيلَ لَهُ كَيْفَ هُوَ فَقَالَ إلَهٌ قَادِرٌ قِيلَ أَيْنَ هُوَ قَالَ بِالْمِرْصَادِ فَقَالَ السَّائِلُ لَمْ أَسْأَلْك عَنْ هَذَا فَقَالَ مَا كَانَ غَيْرُ هَذَا فَهُوَ صِفَةُ الْمَخْلُوقِ فَأَمَّا صِفَتُهُ تَعَالَى فَاَلَّذِي أَخْبَرْت عَنْهُ. وَسُئِلَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ عَنْ قَوْلِهِ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] فَقَالَ الْحَقُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَرَفْنَا بِهَذَا الْقَوْلِ مَنْ هُوَ مَا عَرَفْنَا مَا هُوَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ مَا هُوَ إلَّا هُوَ. وَقِيلَ لِصُوفِيٍّ أَيْنَ اللَّهُ فَقَالَ قَبَّحَك اللَّهُ هَلْ تَطْلُبُ مَعَ الْعَيْنِ أَيْنَ قَالَ تَعَالَى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] وَسُئِلَ الشِّبْلِيُّ عَنْ قَوْلِهِ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] فَقَالَ الرَّحْمَنُ لَمْ يَزُلْ وَالْعَرْشُ مُحْدَثٌ فَالْعَرْشُ بِالرَّحْمَنِ اسْتَوَى، وَسُئِلَ ذُو النُّونِ فِي قَوْلِهِ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] فَقَالَ أَثْبَتَ ذَاتَه وَنَفَى مَكَانَهُ فَهُوَ مَوْجُودٌ بِذَاتِهِ وَالْأَشْيَاءُ كُلُّهَا مَوْجُودَةٌ بِحِكْمَةٍ كَمَا شَاءَ. وَسُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ الِاسْتِوَاءِ فَقَالَ اسْتَوَى كَمَا أَخْبَرَ لَا كَمَا يَخْطِرُ لِلْبَشَرِ وَسُئِلَ

الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ عَنْ الِاسْتِوَاءِ فَقَالَ آمَنْت بِلَا تَشْبِيهٍ وَصَدَّقْت بِلَا تَمْثِيلٍ وَاتَّهَمْت نَفْسِي فِي الْإِدْرَاكِ، وَأَمْسَكْت عَنْ الْخَوْضِ فِيهِ كُلَّ الْإِمْسَاكِ وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ مَنْ قَالَ لَا أَعْرِفُ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ هُوَ أَمْ فِي الْأَرْضِ فَقَدْ كَفَرَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يُوهِمُ أَنَّ لِلْحَقِّ تَعَالَى مَكَانًا فَهُوَ مُشَبَّهٌ. وَسُئِلَ الْإِمَامُ مَالِكٌ عَنْ الِاسْتِوَاءِ فَقَالَ الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ لِلسَّائِلِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا أَرَاك إلَّا خَارِجِيًّا أَخْرِجُوهُ عَنِّي. وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ وَمَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ اخْتِلَافًا فِي صِحَّةِ الِاعْتِقَادِ فَقَدْ أَعْظَمَ الْفِرْيَةَ عَلَى أَئِمَّةِ الْأُمَّةِ وَسَاءَ ظَنُّهُ بِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ سُئِلَ مِصْبَاحُ التَّوْحِيدِ وَصَبَاحُ التَّفْرِيدِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - بِمَ عَرَفْت رَبَّك فَقَالَ عَرَفْت رَبِّي بِمَا عَرَّفَنِي بِهِ نَفْسَهُ لَا يُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ وَلَا يُقَاسُ بِالنَّاسِ قَرِيبٌ فِي بُعْدِهِ بَعِيدٌ فِي قُرْبِهِ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا يُقَالُ تَحْتَهُ شَيْءٌ، وَأَمَامَ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا يُقَالُ أَمَامَهُ شَيْءٌ وَهُوَ فِي كُلِّ شَيْءٍ لَا كَشَيْءٍ فِي شَيْءٍ فَسُبْحَانَ مَنْ هُوَ كَذَا وَلَيْسَ هَكَذَا غَيْرُهُ اهـ. وَمَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِمَّا ظَاهِرُهُ الْقَوْلُ بِالْجِهَةِ مَصْرُوفٌ عَنْ ظَاهِرِهِ لِلْأَدِلَّةِ

الْعَقْلِيَّةِ الْقَاطِعَةِ بِخِلَافِهِ كَمَا سَيَأْتِي. وَأَمَّا قَوْلُ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ، وَإِنَّهُ فَوْقَ عَرْشِهِ الْمَجِيدِ بِذَاتِهِ فَقَدْ قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ فِي شَرْحِهَا: إنَّهُ قَدْ أَخَذَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ بِذَاتِهِ وَسَمِعْت شَيْخَنَا أَبَا عَلِيٍّ الْجُبَّائِيَّ يَقُولُ إنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ دُسَّتْ عَلَى الْمُصَنِّفِ فَإِنْ صَحَّ هَذَا فَلَا إشْكَالَ فِي سُقُوطِ الِاعْتِرَاضِ ثُمَّ أَطَالَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ إلَى أَنْ قَالَ: وَالضَّمِيرُ فِي بِذَاتِهِ يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْعَرْشِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي فَكَأَنَّهُ قِيلَ الْعَرْشُ الْمَجِيدُ فِي ذَاتِهِ فِي الشَّرَفِ وَالْعِظَمِ وَالْكَرَمِ. وَإِمَّا فَوْقِيَّةٌ مَعْنَوِيَّةٌ بِمَعْنَى الشَّرَفِ وَالْجَمَالِ وَالْكَمَالِ وَالْمَكَانَةِ لَا فَوْقِيَّةُ أَحْيَازٍ، وَأَمْكِنَةٍ فَإِنَّهُ تَعَالَى يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْمَكَانُ وَالْجِهَاتُ وَمُشَابَهَةُ الْمَخْلُوقَاتِ وَهِيَ إمَّا بِمَعْنَى الْحُكْمِ وَالْمُلْكِ فَيَرْجِعُ إلَى مَعْنَى الْقَهْرِ أَوْ بِمَعْنَى عَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ وَالْمُخَالَفَةِ فَيَرْجِعُ إلَى مَعْنَى التَّنْزِيهِ، وَإِنْ أَعَدْت الضَّمِيرَ فِي بِذَاتِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ الْفَوْقِيَّةَ الْمَعْنَوِيَّةَ لَهُ تَعَالَى بِالذَّاتِ لَا بِالْغَيْرِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمَجِيدُ بِضَمِّ الدَّالِ لَا بِخَفْضِهَا فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى مَجِيدٌ بِذَاتِهِ لَا بِكَثْرَةِ أَمْوَالٍ وَضَخَامَةِ أَجْنَادٍ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ الْمَجِيدُ وَبِذَاتِهِ

مُتَعَلِّقٌ بِالْمَجِيدِ أَوْ بِمَحْذُوفٍ حَالًا مِنْهُ اهـ. وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ الْحَفِيدِ فَمَرْدُودٌ إذْ هُوَ كَذِبٌ حَمَلَهُ عَلَيْهِ اعْتِقَادُهُ الْفَاسِدُ وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَلِيِّ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَلِيلٍ الْإِشْبِيلِيُّ السَّكُونِيُّ الْأَشْعَرِيُّ وَلْيُحْتَرَزْ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْحَفِيدِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْمُعْتَقَدِ فَاسِدٌ. اهـ. وَأَمَّا كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ كَالْأَشْعَرِيِّ وَعُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الدَّارِمِيِّ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ إنْ كَانَ فِيهِ مَا ظَاهِرُهُ إثْبَاتُ الْجِهَةِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ إلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَأْوِيلُهُ فَهُوَ كَذِبٌ عَلَيْهِ ثُمَّ رَأَيْت بِالنَّسَبِ مَا نُسِبَ لِلْأَشْعَرِيِّ فِي الْإِبَانَةِ وَحَاصِلُهُ مَعَ التَّأَمُّلِ إثْبَاتُ الِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ وَعَدَمُ تَأْوِيلِهِ بِالِاسْتِيلَاءِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ السَّلَفِ، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْقَاهِرِ فِي كِتَابِهِ الْحِلْيَةِ فَهُوَ مَاشٍ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ الْمَرْدُودِ. وَأَمَّا تَخْطِئَةُ ابْنِ رُشْدٍ تَأْوِيلَ الِاسْتِوَاءِ بِالِاسْتِيلَاءِ فَهُوَ لِمَا فِيهِ مِنْ إيهَامِ الْمُفَاعَلَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ كَابْنِ الْأَعْرَابِيِّ حَيْثُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا مَعْنَى قَوْلِ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] قَالَ إنَّهُ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا أَخْبَرَ فَقَالَ الرَّجُلُ إنَّمَا مَعْنَى قَوْلِهِ اسْتَوَى أَيْ اسْتَوْلَى فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ مَا يُدْرِيك الْعَرَبُ لَا تَقُولُ

اسْتَوْلَى عَلَى الشَّيْءِ فُلَانٌ حَتَّى يَكُونَ لَهُ فِيهِ مُضَادٌّ فَأَيُّهُمَا غَلَبَ قِيلَ قَدْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى لَا مُضَادَّ لَهُ فَهُوَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا أَخْبَرَ. اهـ. وَالْمُؤَوِّلُونَ بِهِ لَا يُسَلِّمُونَ تَعْلِيلَهُ وَعِبَارَةُ الطَّوَالِعِ اللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ بِجِسْمٍ خِلَافًا لِلْمُجَسِّمَةِ وَلَا فِي جِهَةٍ خِلَافًا لِلْكَرَامِيَّةِ وَالْمُشَبِّهَةِ لَنَا أَنَّهُ تَعَالَى لَوْ كَانَ فِي جِهَةٍ وَحَيِّزٍ فَإِمَّا أَنْ يَنْقَسِمَ فَيَكُونُ جِسْمًا وَكُلُّ جِسْمٍ مُرَكَّبٌ وَمُحْدَثٌ لِمَا سَبَقَ فَيَكُونُ الْوَاجِبُ مُرَكَّبًا وَمُحْدَثًا هَذَا خُلْفٌ أَوْ لَا يَنْقَسِمُ فَيَكُونُ جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ، وَهُوَ مُحَالٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ تَعَالَى لَوْ كَانَ فِي حَيِّزٍ وَجِهَةٍ لَكَانَ مُتَنَاهِي الْقَدْرِ كَمَا سَبَقَ فَكَانَ مُحْتَاجًا فِي تَقْدِيرِهِ إلَى مُخَصَّصٍ وَمُرَجَّحٍ وَهُوَ مُحَالٌ. اهـ. وَقَالَ الْإِمَامُ النَّسَفِيُّ فِي شَرْحِ عُمْدَتِهِ: صَانِعُ الْعَالَمِ لَيْسَ فِي جِهَةٍ خِلَافًا لِبَعْضِ الْكَرَّامِيَّةِ فَإِنَّهُمْ يُعَيِّنُونَ لَهُ جِهَةَ الْعُلُوِّ مِنْ غَيْرِ اسْتِقْرَارٍ عَلَى الْعَرْشِ وَلَيْسَ مُتَمَكِّنًا بِمَكَانٍ وَعِنْدَ الْمُشَبِّهَةِ وَالْمُجَسِّمَةِ وَالْكَرَّامِيَّةِ مُتَمَكِّنٌ عَلَى الْعَرْشِ وَقَالَ الْكَمَالُ بْنُ الْهُمَامِ فِي الْمُسَايَرَةِ الَّتِي اخْتَصَرَ فِيهَا الرِّسَالَةَ الْقُدْسِيَّةَ لِحُجَّةِ الْإِسْلَامِ الْغَزَالِيِّ الْأَصْلُ السَّابِعُ أَنَّهُ تَعَالَى لَيْسَ مُخْتَصًّا بِجِهَةٍ؛ لِأَنَّ الْجِهَاتِ الَّتِي هِيَ الْفَوْقُ وَالتَّحْتُ وَالْيَمِينُ إلَى آخِرِهَا حَادِثَةٌ

بِأَحْدَاثِ الْإِنْسَانِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ فَإِنَّ مَعْنَى الْفَوْقِ مَا يُحَاذِي رَأْسَهُ مِنْ فَوْقُ وَالْبَاقِي ظَاهِرٌ وَلِمَا يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ أَوْ بَطْنِهِ مَا يُحَاذِي ظَهْرَهُ مِنْ فَوْقِهِ ثُمَّ هِيَ اعْتِبَارِيَّةٌ فَإِنَّ النَّمْلَةَ إذَا مَشَتْ عَلَى سَقْفٍ كَانَ الْفَوْقُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا جِهَةَ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَاذِي لِظَهْرِهَا وَلَوْ كَانَ كُلُّ حَادِثٍ مُسْتَدِيرًا كَالْكُرَةِ لَمْ تُوجَدْ وَاحِدَةٌ مِنْ هَذِهِ الْجِهَاتِ وَقَدْ كَانَ فِي الْأَزَلِ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ الْمَوْجُودَاتِ فَقَدْ كَانَ لَا فِي جِهَةٍ وَلِأَنَّ مَعْنَى الِاخْتِصَاصِ بِالْجِهَةِ اخْتِصَاصُهُ بِحَيِّزٍ هُوَ كَذَا وَقَدْ بَطَلَ اخْتِصَاصُهُ بِالْحَيِّزِ لِبُطْلَانِ الْجَوْهَرِيَّةِ وَالْجِسْمِيَّةِ فَإِنْ أُرِيدَ بِالْجِهَةِ غَيْرُ هَذَا مِمَّا لَيْسَ فِيهِ حُلُولُ حَيِّزٍ وَلَا جِسْمِيَّةٍ فَلْيُبَيَّنْ حَتَّى يُنْظَرَ أَيَرْجِعُ إلَى التَّغْرِيَةِ فَنُخَطِّئُهُ فِي مُجَرَّدِ التَّعْبِيرِ أَوْ إلَى غَيْرِهِ فَيَبِينُ فَسَادُهُ. الْأَصْلُ الثَّامِنُ أَنَّهُ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَعَ الْحُكْمِ بِأَنَّهُ لَيْسَ كَاسْتِوَاءِ الْأَجْسَامِ عَلَى الْأَجْسَامِ فِي التَّمَكُّنِ وَالْمُمَاسَّةِ وَالْمُحَاذَاةِ لَهَا بَلْ بِمَعْنَى يَلِيقُ بِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَحَاصِلُهُ وُجُوبُ الْإِيمَانِ بِأَنَّهُ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَعَ نَفْيِ التَّشْبِيهِ فَأَمَّا كَوْنُ الْمُرَادِ أَنَّهُ اسْتِيلَاؤُهُ عَلَى الْعَرْشِ فَأَمْرٌ جَائِزُ الْإِرَادَةِ إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى إرَادَتِهِ عَيْنًا فَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا مَا ذَكَرْنَاهُ. اهـ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الرِّسَالَةِ

الْقُدْسِيَّةِ: وَأَمَّا رَفْعُ الْأَيْدِي عِنْدَ السُّؤَالِ إلَى جِهَةِ السَّمَاءِ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا قِبْلَةٌ لِلدُّعَاءِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى مَا هُوَ وَصْفٌ لِلْمَدْعُوِّ مِنْ الْجَلَالِ وَالْكِبْرِيَاءِ تَنْبِيهًا بِقَصْدِ جِهَةِ الْعُلُوِّ عَلَى جِهَةِ الْمَجْدِ وَالْعُلَا فَإِنَّهُ تَعَالَى فَوْقَ كُلِّ مَوْجُودٍ بِالْعَظَمَةِ وَالِاسْتِعْلَاءِ وَالْقَهْرِ وَالِاسْتِيلَاءِ. اهـ. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابِهِ لُمَعُ الْأَدِلَّةِ فِي قَوَاعِدِ عَقَائِدِ أَهْلِ السُّنَّةِ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تَقَدَّسَ عَنْ الِاخْتِصَاصِ بِالْجِهَاتِ وَالِاتِّصَافِ بِالْمُحَاذَاةِ لَا تَحُدُّهُ الْأَفْكَارُ وَلَا تَحْوِيهِ الْأَقْطَارُ وَلَا تَكْشِفُهُ الْأَقْدَارُ وَيَحِلُّ عَنْ قَبُولِ الْحَدِّ وَالْمِقْدَارِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مُخْتَصٍّ بِجِهَةٍ شَاغِلٌ لَهَا وَكُلَّ مُتَحَيِّزٍ قَابِلٌ لِمُلَاقَاةِ الْجَوَاهِرِ وَمُفَارَقَتِهَا وَكُلَّ مَا يَقْبَلُ الِاجْتِمَاعَ وَالِافْتِرَاقَ لَا يَخْلُو عَنْهُ، وَمَا لَا يَخْلُو عَنْ الِاجْتِمَاعِ وَالِافْتِرَاقِ حَادِثٌ كَالْجَوَاهِرِ. وَأَطَالَ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ بْنُ التِّلِمْسَانِيِّ فِي شَرْحِهَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ إلَى أَنْ قَالَ وَالْجَوَابُ الْجَلِيُّ عَنْ الْجَمِيعِ أَيْ جَمِيعِ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي اسْتَنَدَ إلَيْهَا مُثْبِتُو الْجِهَةِ أَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْعَقْلِ فَلَا يُتَصَوَّرُ وُرُودُهُ بِمَا يُكَذِّبُ الْعَقْلَ فَإِنَّهُ شَاهِدُهُ فَلَوْ أَتَى بِذَلِكَ لَبَطَلَ الشَّرْعُ وَالْعَقْلُ مَعًا إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَيَقُولُ كُلُّ لَفْظٍ يَرِدُ فِي الشَّرْعِ فِي الذَّاتِ وَالْأَسْمَاءِ

وَالصِّفَاتِ بِمَا يُوهِمُ خِلَافَ الْعَقْلِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ آحَادًا أَوْ مُتَوَاتِرًا فَإِنْ كَانَ آحَادًا وَهُوَ نَصٌّ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ قَطَعْنَا بِتَكْذِيبِ نَاقِلِهِ أَوْ سَهْوِهِ وَغَلَطِهِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فَالظَّاهِرُ مِنْهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَإِنْ كَانَ مُتَوَتِّرًا فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ نَصًّا لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرًا أَوْ مُحْتَمَلًا فَحِينَئِذٍ فَنَقُولُ الِاحْتِمَالُ الَّذِي دَلَّ الْعَقْلُ عَلَى خِلَافِهِ لَيْسَ بِمُرَادٍ مِنْهُ فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ إزَالَتِهِ احْتِمَالٌ وَاحِدٌ تَعَيَّنَ أَنَّهُ الْمُرَادُ بِحُكْمِ الْحَالِ، وَإِنْ بَقِيَ احْتِمَالَانِ أَوْ أَكْثَرُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَدُلَّ قَاطِعٌ عَلَى تَعْيِينِ وَاحِدٍ أَوْ لَا فَإِنْ دَلَّ حُمِلَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ قَاطِعٌ عَلَى التَّعْيِينِ خَشْيَةَ الْإِلْحَادِ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ كَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ وَيُعْزَى إلَى مَالِكٍ الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ بِمَعْنَى أَنَّ مَحَامِلَ الِاسْتِوَاءِ فِي اللُّغَةِ مَعْلُومَةٌ بَعْدَ نَفْيِ الِاسْتِقْرَارِ مِنْ الْقَهْرِ أَوْ الْغَلَبَةِ وَالْقَصْدِ إلَى خَلْقِ شَيْءٍ هُوَ الْعَرْشُ كَمَا قَالَ {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} [فصلت: 11] أَيْ قَصَدَ إلَى خَلْقِهَا أَوْ التَّنَاهِي فِي صِفَاتِ الْكَمَالِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} [القصص: 14] يَعْنِي أَنَّ كُلَّ هَذِهِ الْمَحَامِلِ مَعْلُومَةٌ فِي اللِّسَانِ قَوْلُهُ وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ لَنَا قَوْلُهُ وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ

يَعْنِي أَنَّ التَّصْدِيقَ بِأَنَّ لَهُ مَعْنًى يَصِحُّ فِي وَصْفِهِ تَعَالَى وَاجِبٌ قَوْلُهُ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ يَعْنِي أَنَّ تَعْيِينَهُ بِطَرِيقِ الظُّنُونِ بِدْعَةٌ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ مِنْ الصَّحَابَةِ التَّصَرُّفُ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ بِالظُّنُونِ وَحَيْثُ عَمِلُوا بِالظُّنُونِ إنَّمَا عَمِلُوا بِهَا فِي تَوْصِيلِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ لَا فِي الْمُعْتَقَدَاتِ الْإِيمَانِيَّةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَ التَّعْيِينَ بِالِاجْتِهَادِ دَفْعًا لِلْخَبْطِ فِي الْعَقَائِدِ وَهُوَ مَذْهَبُ صَاحِبِ الْكِتَابِ ثُمَّ جَلَّى التَّأْوِيلَاتِ إلَى أَنْ قَالَ فَإِنْ قَالُوا جَمِيعُ مَا ذَكَرْتُمُوهُ تَأْوِيلٌ وَالتَّأْوِيلُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ قُلْنَا قَدْ أَوَّلْتُمْ قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] وقَوْله تَعَالَى {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7] الْآيَةَ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَلْبُ الْمُؤْمِنِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ» وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ» فَحَمَلْتُمْ الْمَعِيَّةَ فِي الْآيَتَيْنِ عَلَى مَعِيَّةِ الْعِلْمِ وَالْإِحَاطَةِ وَالْمُشَاهَدَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى لِمُوسَى، وَأَخِيهِ {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46] وَحَمَلْتُمْ قَوْلَهُ «الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ» أَيْ مَحَلُّ عَهْدِهِ الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ الْمِيثَاقَ عَلَى بَنِي آدَمَ فَإِنْ صَحَّ مِنْكُمْ تَأْوِيلُ ذَلِكَ لِمُخَالَفَةِ الْعَقْلِ فَيَجِبُ تَأْوِيلُ مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِ كَذَلِكَ قَالُوا أَوَّلْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ

ضَرُورَةِ الْعَقْلِ، وَمَا صِرْتُمْ إلَيْهِ مُحْتَاجٌ إلَى نَظَرِ الْعَقْلِ وَهُوَ حَرَامٌ أَوْ بِدْعَةٌ قُلْنَا لَا بُدَّ مِنْ الِاعْتِرَافِ بِصِدْقِ نَظَرِ الْعَقْلِ، وَإِلَّا لَمْ يَثْبُتْ لَكُمْ شَرْعٌ تَسْنُدُونَ إلَيْهِ شَيْئًا مِنْ الْمَعَارِفِ وَالْأَحْكَامِ فَإِنْ قَالُوا يَجِبُ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا اللَّهُ وَتَكُونُ الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ وَلَيْسَتْ عَاطِفَةً وَحَظُّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ الْإِيمَانُ بِهِ قُلْنَا بِهِ وَاجِبٌ عَلَى عُمُومِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَا يَبْقَى لِوَصْفِهِمْ بِالرُّسُوخِ فِي الْعِلْمِ، وَأَنَّهُمْ أُولُوا الْأَلْبَابِ فَائِدَةٌ بَلْ الرَّاسِخُ فِي الْعِلْمِ ذُو اللُّبِّ يَعْلَمُ الْوَجْهَ الَّذِي يُشَابِهُ الْبَاطِلَ فَيَنْفِيهِ وَالْوَجْهَ الَّذِي يُشَابِهُ الْحَقَّ فَيُثْبِتُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فَ {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: 29] مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْبَعْضِيَّةِ وَهُوَ بَاطِلٌ فَيَنْفِيهِ وَبَيْنَ إضَافَةِ التَّشْرِيفِ وَالتَّعْظِيمِ وَهُوَ حَقٌّ فَيُعَيِّنُهُ. اهـ. وَقَالَ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ: وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِحَقِيقَةِ الْجِسْمِيَّةِ وَالْجِهَةِ فَقَدْ بَنَوْا مَذْهَبَهُمْ عَلَى قَضَايَا وَهْمِيَّةٍ كَاذِبَةٍ تَسْتَلْزِمُهَا وَعَلَى ظَوَاهِرِ آيَاتٍ، وَأَحَادِيثَ تُشْعِرُ بِهَا ثُمَّ ذَكَرَهَا وَجَوَابَ تِلْكَ الْقَضَايَا إلَى أَنْ قَالَ: وَالْجَوَابُ أَيْ عَنْ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ أَنَّهَا ظَنِّيَّاتٌ سَمْعِيَّةٌ فِي مُعَارَضَةِ قَطْعِيَّاتٍ عَقْلِيَّةٍ فَيُقْطَعُ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى ظَوَاهِرِهَا وَنُفَوِّضُ الْعِلْمَ بِمَعَانِيهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى مَعَ

اعْتِقَادِ حَقِيقَتِهَا جَرْيًا عَلَى الطَّرِيقِ الْأَسْلَمِ الْمُوَافِقِ لِلْوَقْفِ عَلَى اللَّهِ فِي قَوْلِهِ {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ} [آل عمران: 7] أَوْ تُؤَوَّلُ تَأْوِيلَاتٍ مُنَاسَبَةً مُوَافِقَةً لِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ الْعَقْلِيَّةُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَشُرُوحِ الْحَدِيثِ سُلُوكًا لِلطَّرِيقِ الْأَحْكَمِ الْمُوَافِقِ لِلْعَطْفِ فِي قَوْلِهِ {إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: 7] فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا كَانَ الدِّينُ الْحَقُّ نَفْيَ الْحَيِّزِ وَالْجِهَةِ فَمَا بَالُ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ وَالْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ مُشْعِرَةٌ فِي مَوَاضِعَ لَا تُحْصَى بِثُبُوتِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقَعَ فِي مَوْضِعٍ مِنْهَا تَصْرِيحٌ بِنَفْيِ ذَلِكَ وَتَحْقِيقٌ كَمَا كُرِّرَتْ الدَّلَالَةُ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ وَوَحْدَتِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَحَقِيقَةِ الْمَعَادِ وَحَشْرِ الْأَجْسَادِ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ، وَأَكَّدَتْ غَايَةَ التَّأْكِيدِ مَعَ أَنَّ هَذَا أَيْضًا حَقِيقٌ بِغَايَةِ التَّأْكِيدِ وَالتَّحْقِيقِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي فِطْرَةِ الْعُقَلَاءِ مَعَ اخْتِلَافِ الْأَدْيَانِ وَالْآرَاءِ مِنْ التَّوَجُّهِ إلَى الْعُلُوِّ عِنْدَ الدُّعَاءِ وَرَفْعِ الْأَيْدِي إلَى السَّمَاءِ؟ أُجِيبُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ التَّنْزِيهُ عَنْ الْجِهَةِ مِمَّا يَقْصُرُ عَنْهُ عُقُولُ الْعَامَّةِ حَتَّى تَكَادَ تَجْزِمُ بِنَفْيِ مَا لَيْسَ فِي الْجِهَةِ كَانَ الْأَنْسَبُ فِي خِطَابَاتِهِمْ وَالْأَقْرَبُ إلَى صَلَاحِهِمْ وَالْأَلْيَقُ بِدَعْوَتِهِمْ إلَى الْحَقِّ مَا يَكُونُ ظَاهِرًا فِي التَّشْبِيهِ وَكَوْنُ الصَّانِعِ فِي

أَشْرَفِ الْجِهَاتِ مَعَ تَشْبِيهَاتٍ دَقِيقَةٍ فِي التَّنْزِيهِ الْمُطْلَقِ عَمَّا هُوَ سِمَاتُ الْحُدُوثِ، وَتَوَجُّهُ الْعُقَلَاءِ إلَى السَّمَاءِ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ بَلْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ السَّمَاءَ قِبْلَةُ الدُّعَاءِ وَمِنْهَا تُتَوَقَّعُ الْخَيْرَاتُ وَالْبَرَكَاتُ وَهُبُوطُ الْأَنْوَارِ وَنُزُولُ الْأَمْطَارِ. اهـ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهِ فِي الْجِهَةِ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُمْ أُمِرُوا بِالتَّوَجُّهِ فِي الصَّلَاةِ إلَى الْكَعْبَةِ وَلَيْسَ هُوَ فِي جِهَةِ الْكَعْبَةِ وَأُمِرُوا بِرَمْيِ أَبْصَارِهِمْ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِمْ حَالَةَ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ وَلَيْسَ هُوَ فِي الْأَرْضِ وَكَذَا حَالُ السُّجُودِ أُمِرُوا بِوَضْعِ الْوُجُوهِ عَلَى الْأَرْضِ وَلَيْسَ هُوَ تَحْتَ الْأَرْضِ فَكَذَا هُنَا بَلْ تَعَبُّدٌ مَحْضٌ وَخُضُوعٌ وَخُشُوعٌ وَقِيلَ إنَّ الْعَرْشَ جَعَلَهُ قِبْلَةً لِلْقُلُوبِ عِنْدَ الدُّعَاءِ كَمَا جُعِلَتْ الْكَعْبَةُ قِبْلَةَ الْأَبْدَانِ فِي الصَّلَاةِ. وَعِبَارَةُ الْمَوَاقِفِ الْمَقْصِدُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ تَعَالَى لَيْسَ فِي جِهَةٍ، وَخَالَفَ فِيهِ الْمُشَبِّهَةُ وَخَصَّصُوهُ بِجِهَةِ الْفَوْقِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ كَرَّامٍ إلَى أَنَّ كَوْنَهُ فِي الْجِهَةِ لِكَوْنِ الْأَجْسَامِ فِيهَا قَالَ وَهُوَ مَا بَيْنَ الصَّفْحَةِ الْعُلْيَا مِنْ الْعَرْشِ وَتَجُوزُ عَلَيْهِ الْحَرَكَةُ وَالِانْتِقَالُ وَتَبَدُّلُ الْجِهَاتِ وَعَلَيْهِ الْيَهُودُ حَتَّى قَالُوا الْعَرْشُ يَئِطُّ مِنْ تَحْتِهِ أَطِيطَ الرَّحْلِ

الْجَدِيدِ تَحْتَ الرَّاكِبِ، وَأَنْ يَفْصِلَ عَنْ الْعَرْشِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ أَرْبَعُ أَصَابِعَ وَزَادَ بَعْضُ الْمُشَبِّهَةِ كمض وكهمش، وَأَحْمَدَ الْهُجَيْمِيِّ أَنَّ الْمُخْلِصِينَ يُعَايِنُونَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: مُحَاذٍ لِلْعَرْشِ غَيْرُ مُمَاسٍّ لَهُ فَقِيلَ بِمَسَافَةٍ مُتَنَاهِيَةٍ وَقِيلَ غَيْرِ مُتَنَاهِيَةٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَيْسَ كَكَوْنِ الْأَجْسَامِ فِي الْجِهَةِ لَنَا وُجُوهٌ وَالْأَوَّلُ لَوْ كَانَ فِي مَكَان لَزِمَ قِدَمُ الْمَكَانِ. وَقَدْ بَرْهَنَا أَنْ لَا قَدِيمَ سِوَى اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَيْهِ الِاتِّفَاقُ، الثَّانِي الْمُمَكَّنُ يَحْتَاجُ إلَى مَكَان وَالْمَكَانُ مُسْتَغْنٍ عَنْ الْمُتَمَكِّنِ لِجَوَازِ الْخَلَاءِ فَيَلْزَمُ إمْكَانُ الْوَاجِبِ وَوُجُوبُ الْمَكَانِ وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ الثَّالِثُ لَوْ كَانَ فِي مَكَان فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَازِ أَوْ جَمِيعِهَا وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِتَسَاوِي الْأَحْيَازِ فِي أَنْفُسِهَا وَنِسْبَتِهِ إلَيْهَا فَيَكُونُ اخْتِصَاصُهُ بِبَعْضِهَا تَرْجِيحًا بِلَا مُرَجَّحٍ أَوْ يَلْزَمُ الِاحْتِيَاجُ إلَى الْغَيْرِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ تَدَاخُلُ الْمُتَحَيِّزَيْنِ فَإِنَّهُ مُحَالٌ بِالضَّرُورَةِ. وَالرَّابِعُ لَوْ كَانَ مُتَحَيِّزًا لَكَانَ جَوْهَرًا فَإِمَّا أَلَّا يَنْقَسِمَ أَوْ يَنْقَسِمَ وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ جُزْءٌ لَا يَتَجَزَّأُ وَهُوَ أَخَسُّ الْأَشْيَاءِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ. وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ يَكُونُ جِسْمًا وَكُلُّ جِسْمٍ مُرَكَّبٌ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُنَافِي

الْوُجُوبَ، وَأَيْضًا فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ كُلَّ جِسْمٍ مُحْدَثٌ فَيَلْزَمُ حُدُوثُ الْوَاجِبِ، وَأَطَالَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ إلَى أَنْ قَالَ فَالْجَوَابُ أَيْ عَنْ الظَّوَاهِرِ الْمُوهِمَةِ لِلتَّجْسِيمِ مِنْ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ أَنَّهَا ظَوَاهِرُ ظَنِّيَّةٌ لَا تُعَارِضُ الْيَقِينِيَّاتِ كَيْفَ وَمَهْمَا تَعَارَضَ دَلِيلَانِ وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِمَا مَا أَمْكَنَ فَنُؤَوِّلُ الظَّوَاهِرَ إمَّا إجْمَالًا وَنُفَوِّضُ تَفْصِيلَهُ إلَى اللَّهِ كَمَا هُوَ رَأْيُ مَنْ يَقِفُ عَلَى {إِلا اللَّهُ} [آل عمران: 7] عَلَيْهِ أَكْثَرُ السَّلَفِ كَمَا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ وَالْكَيْفِيَّةُ مَجْهُولَةٌ وَالْبَحْثُ عَنْهَا بِدْعَةٌ، وَإِمَّا تَفْصِيلًا كَمَا هُوَ رَأْيُ طَائِفَةٍ فَنَقُولُ الِاسْتِوَاءُ الِاسْتِيلَاءُ نَحْوَ قَدْ اسْتَوَى عَمْرٌو عَلَى الْعِرَاقِ وَالْعِنْدِيَّةُ بِمَعْنَى الِاصْطِفَاءِ وَالْإِكْرَامِ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ قَرِيبٌ مِنْ الْمَلِكِ {وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: 22] أَيْ أَمْرُهُ، وَ {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ} [فاطر: 10] أَيْ يَرْتَضِيهِ فَإِنَّ الْكَلِمَ عَرَضٌ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الِانْتِقَالُ وَمَنْ فِي السَّمَاءِ أَيْ حُكْمُهُ وَسُلْطَانُهُ أَوْ مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُوَكَّلٌ بِالْعَذَابِ وَعَلَيْهِ فَقِسْ سَائِرَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ. اهـ. وَقَالَ السَّيِّدُ فِي شَرْحِهَا فَالْعُرُوجُ إلَيْهِ هُوَ الْعُرُوجُ إلَى مَوْضِعٍ يُتَقَرَّبُ إلَيْهِ بِالطَّاعَةِ فِيهِ، وَإِتْيَانُهُ فِي ظُلَلٍ إتْيَانُ عَذَابِهِ، وَالدُّنُوُّ هُوَ قُرْبُ الرَّسُولِ إلَيْهِ بِالطَّاعَةِ، وَالتَّقْدِيرُ بِقَابَ قَوْسَيْنِ تَصْوِيرُ الْمَعْقُولِ

بِالْمَحْسُوسِ، وَالنُّزُولُ مَحْمُولٌ عَلَى اللُّطْفِ وَالرَّحْمَةِ وَتَرْكِ مَا يَصْعَدُ عَنْهُ عِظَمُ الذَّاتِ وَعُلُوُّ الْمَرْتَبَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ، وَخُصَّ بِاللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْخَلَوَاتِ، وَأَنْوَاعِ الْخُضُوعِ وَالْعِبَادَاتِ. اهـ. وَمَعْنَى وَرَافِعُك إلَيَّ، إلَى مَحَلِّ كَرَامَتِي وَمَقَرِّ مَلَائِكَتِي وَقَالَ حُجَّةُ الْإِسْلَامِ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ الِاقْتِصَادِ فِي الِاعْتِقَادِ إنَّهُ تَعَالَى لَيْسَ فِي جِهَةٍ مَخْصُوصَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ السِّتِّ وَمَنْ عَرَفَ مَعْنَى لَفْظِ الْجِهَةِ وَمَعْنَى لَفْظِ الِاخْتِصَاصِ فَهِمَ قَطْعًا اسْتِحَالَةَ الْجِهَةِ عَلَى غَيْرِ الْجَوَاهِرِ وَالْأَعْرَاضِ إذْ الْحَيِّزُ مَعْقُولٌ وَهُوَ الَّذِي يَخْتَصُّ الْجَوْهَرُ بِهِ وَلَكِنَّ الْحَيِّزَ إنَّمَا يَصِيرُ جِهَةً إذَا أُضِيفَ إلَى شَيْءٍ آخَرَ مُتَحَيِّزٍ فَإِنْ قِيلَ نَفْيُ الْجِهَةِ مُؤَدٍّ إلَى مُحَالٍ وَهُوَ إثْبَاتُ مَوْجُودٍ تَخْلُو عَنْهُ الْجِهَاتُ السِّتُّ وَيَكُونُ لَا دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَهُ وَلَا مُتَّصِلًا بِهِ وَلَا مُنْفَصِلًا عَنْهُ وَذَلِكَ مُحَالٌ قُلْنَا مُسَلَّمٌ أَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ يَقْبَلُ الِاتِّصَالَ فَوُجُودُهُ لَا مُنْفَصِلًا وَلَا مُتَّصِلًا بِهِ مُحَالٌ، وَأَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ يَقْبَلُ الِاخْتِصَاصَ بِجِهَةٍ فَوُجُودُهُ مَعَ خُلُوِّ الْجِهَاتِ السِّتِّ عَنْهُ مُحَالٌ. فَأَمَّا مَوْجُودٌ لَا يَقْبَلُ الِاتِّصَالَ وَلَا الِاخْتِصَاصَ بِالْجِهَةِ فَخُلُوُّهُ عَنْ طَرَفَيْ النَّقْصِ غَيْرُ مُحَالٍ وَهُوَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ يَسْتَحِيلُ مَوْجُودٌ لَا يَكُونُ عَاجِزًا

وَلَا قَادِرًا وَلَا عَالِمًا وَلَا جَاهِلًا فَإِنَّ الْمُتَضَادَّيْنِ لَا يَخْلُو الشَّيْءُ عَنْهُمَا فَيُقَالُ لَهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ قَابِلًا لِلْمُتَضَادَّيْنِ فَيَسْتَحِيلُ خُلُوُّهُ عَنْهُمَا أَمَّا الْجِدَارُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ وَاحِدًا مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ فَقَدَ شَرْطَهُمَا وَهُوَ الْحَيَاةُ فَخُلُوُّهُ عَنْهُمَا لَيْسَ بِمُحَالٍ فَلِذَلِكَ شَرْطُ الِاتِّصَالِ وَالِاخْتِصَاصِ بِالْجِهَاتِ التَّحَيُّزُ وَالْقِيَامُ بِالْمُتَحَيِّزِ فَإِذَا فَقَدَ هَذَا لَمْ يَسْتَحِلْ الْخُلُوُّ عَنْ مُضَادَّتِهِ. اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ احْتَجَّ النَّافُونَ لِلْعُلُوِّ عَلَى الْعَرْشِ بِوُجُوهٍ أَحَدُهُمَا لَوْ كَانَ عَلَى الْعَرْشِ لَكَانَ فِي جِهَةٍ وَثُبُوتُهَا فِي الْقَدِيمِ يُؤَدِّي إلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا حُدُوثُ الْقَدِيمِ أَوْ قُدُومُ الْحَادِثِ؛ لِأَنَّ أَمَارَاتِ الْحُدُوثِ إنْ لَمْ تَبْطُلْ دَلَالَتُهَا ثَبَتَ حُدُوثُ الْقَدِيمِ، وَإِنْ بَطَلَتْ دَلَالَتُهَا لَمْ يَثْبُتْ حُدُوثُ الْعَالَمِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْجِهَةَ مِنْ أَمَارَاتِ الْحُدُوثِ أَنَّ التَّعَرِّي مِنْ الْجِهَةِ ثَابِتٌ فِي الْأَزَلِ فَلَوْ ثَبَتَتْ الْجِهَةُ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ لَتَغَيَّرَ عَمَّا كَانَ وَلَحَدَثَ فِيهِ مُمَاسَّةٌ وَالتَّغْيِيرُ وَقَبُولُ الْحَوَادِثِ مِنْ أَمَارَاتِ الْحُدُوثِ ثَانِيهَا لَوْ كَانَتْ ذَاتُهُ مُخْتَصَّةً بِجِهَةٍ فَأَمَّا أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْهَا أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ فَإِنْ تَمَكَّنَ كَانَ مَحَلًّا لِلْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ كَانَ كَالزَّمَنِ الْعَاجِزِ، وَأَنَّهُ مِنْ أَمَارَاتِ الْحُدُوثِ. ثَالِثُهَا لَوْ كَانَ فِي جِهَةٍ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْجِهَاتِ كُلِّهَا وَذَلِكَ مُحَالٌ، وَإِنْ اخْتَصَّ بِبَعْضِهَا

احْتَاجَ إلَى مُخَصَّصٍ لِاسْتِوَاءِ الْكُلِّ رَابِعُهَا لَوْ كَانَ بِجِهَةٍ مِنْ الْعَالَمِ مُحَاذِيًا لَهُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لِجِسْمِ الْعَالَمِ أَوْ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ مِنْهُ وَكَذَا لَا بُدَّ مِنْ مَسَافَةٍ مُقَدَّرَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَالَمِ، وَكُلُّ ذَلِكَ يُوجِبُ التَّقْدِيرَ بِمِقْدَارٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَلَامَةً فَيَحْتَاجُ إلَى مُخَصِّصٍ وَمُقَدِّرٍ. خَامِسُهَا لَوْ ثَبَتَ اخْتِصَاصُهُ بِالْعَرْشِ فَإِنْ كَانَ الِاخْتِصَاصُ لِاقْتِضَاءِ ذَاتِهِ أَوْ صِفَتِهِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الِاخْتِصَاصُ ثَابِتًا فِي الْأَزَلِ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي وَعَدَمِ جَوَازِ تَخَلُّفِ الْمُقْتَضَيْ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَا لِاقْتِضَاءِ ذَاتِهِ وَصِفَتِهِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ تَخْصِيصٍ. سَادِسُهَا لَوْ كَانَ عَلَى الْعَرْشِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لَهُ أَوْ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ مِنْهُ وَذَلِكَ يُوجِبُ التَّنَاهِي وَالتَّبْعِيضَ وَالتَّجَزُّؤَ. سَابِعُهَا لَوْ كَانَ عَلَى الْعَرْشِ لَكَانَ مُشَارًا إلَيْهِ بِالْحِسِّ وَكُلَّمَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ إمَّا مُتَنَاهٍ مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ أَوْ مِنْ بَعْضِهَا أَوْ غَيْرَ مُتَنَاهٍ أَصْلًا، وَالثَّالِثُ بَاطِلٌ لِوُجُوبِ تَنَاهِي الْأَجْسَامِ، وَلِأَنَّهُ تَعَالَى لَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَنَاهٍ مِنْ كُلِّ الْجَوَانِبِ لَكَانَ الْعَالَمُ سَارِيًا فِي ذَاتِ اللَّهِ وَحَالًّا فِيهِ فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ ذَاتُهُ مُخَالِطَةً لِلْقَاذُورَاتِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ هَذَا الْمَقَالِ وَعَنْ هَذَا الْوَهْمِ وَالْخَيَالِ، وَالثَّانِي أَيْضًا بَاطِلٌ؛ لِوُجُوبِ تَنَاهِي الْأَجْسَامِ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَنَاهٍ مِنْ بَعْضِ

الْجَوَانِبِ دُونَ بَعْضٍ لَافْتَقَرَ تَخْصِيصُ بَعْضِ الْجَوَانِبِ بِالتَّنَاهِي وَبَعْضِهَا بِعَدَمِ التَّنَاهِي إلَى تَخْصِيصٍ لِوُجُوبِ تَسَاوِي جَمِيعِ الْجَوَانِبِ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْمَاهِيَّةِ، وَإِنْ فُرِضَ اخْتِلَافُهَا فِي الْمَاهِيَّةِ وَالْحَقِيقَةِ فَكُلُّ ذَاتٍ كَانَتْ مُرَكَّبَةً مِنْ أَجْزَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي الْمَاهِيَّةِ وَالطَّبِيعَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْتَهِيَ ذَلِكَ التَّرْكِيبُ إلَى أَجْزَاءٍ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا فِي نَفْسِهِ بَسِيطًا خَالِيًا مِنْ التَّرْكِيبِ كَالْجُزْءِ الْوَاحِدِ مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ الْبَسِيطَةِ لَا بُدَّ أَنْ يُمَاسَّ بِيَمِينِهِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَمَسَّهُ بِيَسَارِهِ وَبِالضِّدِّ فَيَكُونُ التَّفْرِيقُ عَلَى تِلْكَ الْأَجْزَاءِ جَائِزًا فَالتَّأْلِيفُ وَالتَّفْرِيقُ عَلَى تِلْكَ الْأَجْزَاءِ جَائِزَانِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ افْتَقَرَ تَأْلِيفُهُمَا وَتَرْكِيبُهُمَا إلَى مُؤَلِّفٍ وَمُرَكِّبٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُحَالٌ فَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُشَارٌ إلَيْهِ بِالْحِسِّ لَكَانَ مُتَنَاهِيًا مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ، وَإِذَا كَانَ مُتَنَاهِيًا مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ كَانَ وُجُودُ أَزْيَدَ مِمَّا وُجِدَ أَوْ أَنْقَصَ مِمَّا وُجِدَ جَائِزًا فَيَفْتَقِرُ فِي اخْتِصَاصِهِ بِالْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ إلَى مُخَصِّصٍ وَذَلِكَ عَلَى خَالِقِ الْعَالَمِ مُحَالٌ. اهـ. وَفِي هَذَا الْقَدْرِ كِفَايَةٌ فِي اعْتِقَادِ الْحَقِّ لِمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ مَا قَالَهُ الْقَائِلُ الْمَذْكُورُ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بِجِهَةِ الْعُلُوِّ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنْ وُفِّقَ وَرَجَعَ إلَى الِاعْتِقَادِ الْحَقِّ فَذَاكَ، وَإِلَّا

تعريف الحكم الشرعي

فَإِنْ رُفِعَ إلَى الْحَاكِمِ وَثَبَتَ عَلَيْهِ مَا نُسِبَ إلَيْهِ مِنْ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ عَزَّرَهُ الْحَاكِمُ التَّعْزِيرَ اللَّائِقَ بِحَالِهِ الرَّادِعَ لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ عَنْ ارْتِكَابِ مِثْلِ قَبِيحِ أَقْوَالِهِ خُصُوصًا إذَا خِيفَ مِنْهُ انْتِشَارُ بِدْعَتِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [تَعْرِيفِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ] (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا قَوْلُكُمْ فِي قَوْلِ الْكَمَالِ بْنِ أَبِي شَرِيفٍ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمُحَلَّى فِي تَعْرِيفِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ فَائِدَةٌ لَفْظُ الْفِعْلِ يُطْلَقُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ لَفْظٌ لِلْفَاعِلِ مَوْجُودٌ كَالْهَيْئَةِ الْمُسَمَّاةِ بِالصَّلَاةِ مِنْ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَنَحْوِهَا كَالْهَيْئَةِ الْمُسَمَّاةِ بِالصَّوْمِ وَهِيَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ بَيَاضَ النَّهَارِ وَهَذَا يُقَالُ فِيهِ الْفِعْلُ بِالْمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ وَقَدْ يُطْلَقُ لَفْظُ الْفِعْلِ عَلَى نَفْسِ إيقَاعِ الْفَاعِلِ هَذَا الْمَعْنَى وَيُقَالُ فِيهِ الْفِعْلُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ الَّذِي هُوَ أَحَدُ مَدْلُولَيْ الْفِعْلِ النَّحْوِيِّ، وَمُتَعَلَّقُ التَّكْلِيفِ إنَّمَا هُوَ الْفِعْلُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ بِالْمَعْنَى الثَّانِي أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ لَا وُجُودَ لَهُ فِي الْخَارِجِ إذْ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا لَكَانَ لَهُ مَوْقِعٌ فَيَكُونُ لَهُ إيقَاعٌ وَهَكَذَا فَيَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ الْمُحَالُ. اهـ. هَلْ هُوَ مُسَلَّمٌ أَوْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ بِتَسْلِيمِهِ فَمَا مَعْنَى كَوْنِ الْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةِ صِفَةً لِلْفَاعِلِ، وَإِنَّمَا الظَّاهِرُ أَنَّهَا أَثَرُ صِفَةٍ

لِلْفَاعِلِ أَوْ مُتَعَلِّقُ صِفَةٍ فَإِنْ كَانَتْ صِفَةً مَعَ كَوْنِهَا أَثَرًا لِلصِّفَةِ أَوْ مُتَعَلِّقَ الصِّفَةِ لَزِمَ كَوْنُ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ صِفَةً مَعَ كَوْنِهِ أَثَرَ صِفَةٍ أَوْ مُتَعَلِّقَاتِهَا فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ أَمْ لَا وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَمَا الْمُحْوِجُ إلَى حَمْلِ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ فِي تَعْرِيفِ الْحُكْمِ عَلَى مَعْنَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَمَا الَّذِي يُلْزِمُ عَلَى حَمْلِهِ عَلَى الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَإِلَى أَيِّ قَاعِدَةٍ يَرْجِعُ هَذَا الْمَبْحَثُ مِنْ قَوَاعِدِ الْأُصُولِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ صَلِّ مَثَلًا إذَا صَدَرَ مِنْ الشَّارِعِ فَمَعْنَاهُ الْمَطْلُوبُ هُوَ أَحَدُ مَدْلُولَيْ صَلِّ وَهُوَ الْحَدَثُ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ مُتَعَلَّقَ التَّكْلِيفِ هُوَ الْحَدَثُ لَا الْهَيْئَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ الْمَحْمَلِ الْمَذْكُورِ مُوجِبٌ قَدْ خَفِيَ عَنَّا فَطَلَبْت مِنْكُمْ جَوَابَهُ فَأَجَابَ مُجِيبٌ بِمَا نَصُّهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مَا تَضَمَّنَهُ كَلَامُ الشَّيْخِ الْمُحَقِّقِ الْمُشَارِ إلَيْهِ كَلَامٌ صَحِيحٌ مُحَقَّقٌ إذْ حَاصِلُهُ أَنَّ الْفِعْلَ يُطْلَقُ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا التَّأَثُّرُ وَالْإِيجَادُ الْعَادِيَّانِ لَا الْحَقِيقِيَّانِ إذْ هُمَا تَأْثِيرُ اللَّهِ تَعَالَى وَإِيجَادُهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمُعَبِّرُ عَنْهُ بِالْإِيقَاعِ تَحَاشِيًا عَنْ لَفْظِ التَّأْثِيرِ وَالْإِيجَادِ وَهُوَ أَحَدُ مَدْلُولَيْ الْفِعْلِ النَّحْوِيِّ. وَالثَّانِي أَثَرُ هَذَا التَّأْثِيرِ وَهُوَ الْهَيْئَةُ الْمُسَمَّاةُ بِالْأَسْمَاءِ الشَّرْعِيَّةِ وَكِلَا الْمَعْنَيَيْنِ وَصْفُ الْفَاعِلِ إلَّا أَنَّ

الْأَوَّلَ اعْتِبَارِيٌّ لَهُ تَحَقُّقٌ فِي الْعَقْلِ لَا فِي الْخَارِجِ وَالثَّانِي لَهُ تَحَقُّقٌ فِيهِمَا فَالْأَوَّلُ وَصْفُ الْفَاعِلِ قَائِمٌ بِهِ فِي الْفِعْلِ يُمَيِّزُ الْعَقْلُ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ وَلَا تَحَقُّقَ لَهُ فِي الْخَارِجِ فَلَا مَانِعَ مِنْ جَعْلِهِ أَحَدَ مَدْلُولَيْ الْفِعْلِ النَّحْوِيِّ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ مُتَعَلِّقَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا طَلَبٌ فِي الْأَغْلَبِ، وَإِنَّمَا يُطْلَبُ مِنْ الْمُكَلَّفِ تَحْصِيلُ الْأَفْعَالِ وَتَحْقِيقُهَا فِي الْخَارِجِ وَالثَّانِي وَصْفٌ لِلْفَاعِلِ قَائِمٌ بِهِ قِيَامًا خَارِجِيًّا؛ لِأَنَّ الْهَيْئَةَ الْمُسَمَّاةَ بِالصَّلَاةِ صِفَةٌ وُجُودِيَّةٌ قَائِمَةٌ بِالْمُصَلِّي، وَإِذَا اتَّضَحَ هَذَا اتَّضَحَ الْمَعْنَى وَالْفَرْقُ بَيْنَ صَلَّى وَصَلِّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ شَطَبَ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ طُولًا وَعَرْضًا وَكَتَبَ بَاطِنَهُ مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْكَلَامُ الْمَنْسُوبُ إلَى الشَّيْخِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بَاطِنُهُ عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْأُصُولِيِّينَ وَفِيهِ نِزَاعٌ، وَمَعْنَى كَوْنِ الْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةِ صِفَةً لِلْفَاعِلِ أَنَّهَا مَعْنًى وُجُودِيٌّ قَائِمٌ بِالْفَاعِلِ فَيَكُونُ صِفَةً لَهُ وَهِيَ بِعَيْنِهَا مَعَ ذَلِكَ أَثَرُ صِفَةٍ لَهُ أُخْرَى وَمُتَعَلَّقٌ لِتِلْكَ الصِّفَةِ الْأُخْرَى وَتِلْكَ الصِّفَةُ الْأُخْرَى وَصْفٌ لِلْفَاعِلِ وَهُوَ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ وَيَتَحَقَّقُ فِي الْعَقْلِ دُونَ الْخَارِجِ وَلَيْسَ فِي الْخَارِجِ قَائِمًا بِالْفَاعِلِ قِيَامَ الْبَيَاضِ بِالْأَبْيَضِ كَمَا فِي الْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةِ بَلْ هُوَ قَائِمٌ بِهِ فِي الْعَقْلِ قِيَامَ الْإِمْكَانِ بِالْمُمْكِنِ وَمَعْنَى قِيَامِهِ بِهِ فِي الْعَقْلِ أَنَّ

الْعَقْلَ يَتَحَقَّقُ فِيهِ ذَاتٌ مَوْصُوفَةٌ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ مُتَمَيِّزٌ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ عِنْدَ الْعَقْلِ، وَمَعْنَى عَدَمِ قِيَامِهِ بِهِ فِي الْخَارِجِ أَنَّ الْخَارِجَ لَيْسَ فِيهِ ذَاتٌ مَوْصُوفَةٌ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ أَعْنِي الْإِيقَاعَ وَتَأْثِيرَهُ وَمُتَعَلَّقَهُ وَهُوَ الْهَيْئَةُ مُتَمَيِّزٌ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِينَ بَلْ الْمَوْجُودُ فِي الْخَارِجِ الذَّاتُ وَالْهَيْئَةُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ: إنَّ التَّأْثِيرَ وَالْأَثَرَ فِي الْخَارِجِ وَاحِدٌ كَمَا فَسَّرُوهُ وَلَا اسْتِحَالَةَ فِي كَوْنِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ صِفَةً وُجُودِيَّةً لِلْفَاعِلِ، وَأَثَرًا وَمُتَعَلَّقًا لِصِفَةٍ أُخْرَى اعْتِبَارِيَّةٍ وَالْمُحْوِجُ إلَى جَعْلِ الْفِعْلِ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ قَاعِدَةٌ أُصُولِيَّةٌ، وَهِيَ قَوْلُهُمْ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ شَيْءٌ يُسْتَدْعَى حُصُولُهُ وَتَصَوُّرُ وُقُوعِهِ أَيْ وُجُودِهِ وَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُكَلَّفَ بِهِ فِي النَّهْيِ فِعْلٌ هُوَ كَفُّ النَّفْسِ لَا تَرْكُ الْفِعْلِ بِمَعْنَى نَفْيِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْفِعْلَ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ اعْتِبَارِيٌّ لَا يُسْتَدْعَى حُصُولُهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْجُمْهُورُ وَفِيهَا نِزَاعٌ لِبَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِعِ مَثَلًا صَلِّ فَمَعْنَاهُ طَلَبُ الصَّلَاةِ أَيْ الْهَيْئَةِ الْمُسَمَّاةِ بِالصَّلَاةِ وَمَعْنَى صَلِّ أَوْجِدْ الْهَيْئَةَ الْمَذْكُورَةَ فَلَيْسَ اتِّحَادُ الْهَيْئَةِ هُوَ الْمَعْنَى الْمَطْلُوبُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. فَبَحَثَ فِي ذَلِكَ بَاحِثٌ

بِمَا صَوَّرْته فِي جَوَابِ الْمُجِيبِ نَظَرٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. الْأَوَّلُ: أَنَّهُ بَنَى جَوَابَهُ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا يَظْهَرُ بِنَاؤُهُ عَلَيْهَا فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهَا قَصْرُ تَعَلُّقِ التَّكْلِيفِ عَلَى الْفِعْلِ دُونَ نَفْيِ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ مَقْدُورٌ لِلْمُكَلَّفِ غَيْرُ حَاصِلٍ قَبْلَ التَّكْلِيفِ فَلَمْ يَصِحَّ تَعَلُّقُ التَّكْلِيفِ بِهِ عَلَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْبَحْثِ وَلَا مَدْخَلَ لِهَذَا الْمَعْنَى فِي التَّعْلِيلِ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الْفِعْلَ سَوَاءٌ أُرِيدَ بِهِ الْهَيْئَةُ أَوْ إيجَادُهَا دَاخِلٌ تَحْتَ قُدْرَةِ الْمُكَلَّفِ. وَغَيْرُ حَاصِلٍ قَبْلَ الطَّلَبِ فَيَصِحُّ تَعَلُّقُ التَّكْلِيفِ بِهِ فَلَيْسَ فِي قَوْلِهِمْ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ الْهَيْئَةُ أَوْ إيجَادُهَا وَلَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ وَمَا قَالَ مِنْ الْفَائِدَةِ عَلَى إجْمَالٍ فِي كَلَامِهِ بَيَانُهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَمُتَعَلَّقُ التَّكْلِيفِ إنَّمَا هُوَ الْفِعْلُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي إلَخْ. وَإِنْ تَبِعَ فِيهِ غَيْرَهُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِمُتَعَلَّقِ التَّكْلِيفِ مَا وَقَعَ التَّكْلِيفُ بِإِيجَادِهِ لَا مَا وَقَعَ التَّكْلِيفُ بِهِ فَإِنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ إطْلَاقِ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيَّ مُكَلَّفٌ بِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ مَطْلُوبٌ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ مَطْلُوبٌ إيجَادُهُ إذْ الْمَطْلُوبُ إيجَادُهُ إنَّمَا هُوَ الْهَيْئَةُ الْحَاصِلَةُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَلَا بُعْدَ فِي ذَلِكَ إذْ غَايَتُهُ تَعَلُّقُ الْخِطَابِ بِالْأَمْرَيْنِ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ الْخِطَابَ يَتَعَلَّقُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ عَلَى الْوَجْهِ

الْمَذْكُورِ آنِفًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ مُقْتَضَى اللُّغَةِ الَّتِي بُنِيَ عَلَيْهَا خِطَابُ الشَّارِعِ بِشَهَادَةِ كَلَامِ النُّحَاةِ النَّاقِلِينَ لِلُّغَةِ الْمُتَرْجِمِينَ عَنْهَا حَيْثُ قَالُوا إنَّ مَدْلُولَ الْفِعْلِ الْحَدَثُ وَالزَّمَانُ. وَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدَثِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ فَهُوَ مَدْلُولُ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ؛ لِأَنَّهُ مُخْبَرٌ بِهِ فِيهِمَا وَمَدْلُولُ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِهِ فَيَكُونُ إيجَادُ الْهَيْئَةِ وَهُوَ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ مَطْلُوبًا، وَإِلَّا لَبَطَلَ قَوْلُهُمْ إنَّ الْحَدَثَ أَحَدُ مَدْلُولَيْ الْفِعْلِ وَقَوْلُهُمْ إنَّ الْمُشْتَقَّ فِيهِ مَا فِي الْمُشْتَقِّ مِنْهُ وَزِيَادَةٌ، فَجَاءَ مِنْ هَذَا نَظَرٌ ثَانٍ فِي قَوْلِ الْمُجِيبِ الْمَذْكُورِ فَلَيْسَ إيجَادُ الْهَيْئَةِ هُوَ الْمَعْنَى الْمَطْلُوبُ فَلْيُتَأَمَّلْ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ التَّأَمُّلِ ظَهَرَ إيجَادُ الْهَيْئَةِ هُوَ الْمَعْنَى الْمَطْلُوبُ. وَعَلَى مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْفِعْلَ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ يَكُونُ مُتَعَلَّقًا لِلتَّكْلِيفِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ تَدُلُّ عِبَارَاتُ الْأُصُولِيِّينَ حَيْثُ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ السُّبْكِيّ فَإِنْ اقْتَضَى الْخِطَابُ مَا نَصُّهُ أَيْ طَلَبُ كَلَامِ اللَّهِ النَّفْسِيِّ الْفِعْلَ مِنْ الْمُكَلَّفِ لِشَيْءٍ إلَخْ فَدَلَّ قَوْلُهُ أَيْ طَلَبُ كَلَامِ اللَّهِ الْفِعْلَ لِشَيْءٍ عَلَى تَعَلُّقِ التَّكْلِيفِ بِالْفِعْلِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَقَدْ عَلَّقَ التَّكْلِيفَ بِهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مَطْلُوبٌ، وَالْمُرَادُ بِالشَّيْءِ هُوَ الْهَيْئَةُ الْحَاصِلَةُ بِهِ وَقَدْ عَلَّقَ التَّكْلِيفَ بِالْفِعْلِ الْمُتَعَلَّقِ بِهَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى

أَنَّ فِعْلَهَا مَطْلُوبٌ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِنَا إنَّهَا مَطْلُوبٌ تَحْصِيلُهَا بَلْ كَلَامُ الْمُجِيبِ فِي جَوَابِهِ الْأَوَّلِ يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ. وَإِنَّمَا يُطْلَبُ مِنْ الْمُكَلَّفِ تَحْصِيلُ الْأَفْعَالِ وَتَحْقِيقُهَا فِي الْخَارِجِ. اهـ. وَفِي كَلَامِ الْمُجِيبِ نَظَرٌ ثَالِثٌ فِي تَفْرِيقِهِ بَيْنَ صَلِّ وَصَلَّى صَرَّحَ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي جَوَابِهِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُوَضِّحْهُ ثُمَّ أَوْضَحَهُ فِي جَوَابِهِ الثَّانِي بِمَا لَا وَجْهَ لَهُ حَيْثُ قَالَ إنَّ مَعْنَى صَلِّ طَلَبُ الصَّلَاةِ أَيْ الْهَيْئَةِ وَمَعْنَى صَلَّى أَوْجَدَ الْهَيْئَةَ مَا خَلَا الْأَمْرَ. وَكُلُّهَا إنَّمَا وُضِعَتْ لِطَلَبِ الْمَعَانِي الْمَصْدَرِيَّةِ أَعْنِي إيقَاعَاتِ الْآثَارِ، وَإِيجَادَهَا وَتِلْكَ الْمَعَانِي هُوَ الْمُخْبِرُ بِهَا فِي الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ وَالْأَمْرِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تِلْكَ الْمَعَانِي؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَعْنَى صَلَّى أَوْجَدَ الْهَيْئَةَ كَانَ مَعْنَى صَلِّ أَوْجِدْ الْهَيْئَةَ فَيَكُونُ إيجَادُ الْهَيْئَةِ هُوَ الْمَطْلُوبَ، وَلَا يُخَالِفُ فِي هَذَا عَاقِلٌ فَضْلًا عَنْ فَاضِلٍ فَهَلْ مَا ذَكَرَهُ هَذَا الْبَاحِثُ مِنْ حَمْلِ مُتَعَلَّقِ التَّكْلِيفِ عَلَى مَا وَقَعَ التَّكْلِيفُ بِإِيحَادِهِ لَا عَلَى عُمُومِهِ فِيهِ وَفِيمَا وَقَعَ التَّكْلِيفُ بِهِ صَحِيحٌ أَمْ فَاسِدٌ وَحِينَئِذٍ فَمَا وَجْهُ فَسَادِهِ بَيِّنُوا لَنَا ذَلِكَ بَيَانًا شَافِيًا تُؤْجَرُوا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؟ (فَأَجَابَ) الْحَمْدُ لِلَّهِ اللَّهُمَّ اهْدِ لِمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِك مَا قَالَهُ الْكَمَالُ

مُسَلَّمٌ وَمَعْنَى كَوْنِ الْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةِ صِفَةً لِلْفَاعِلِ أَنَّهُ فَاعِلُهَا إذْ لَوْ لَمْ تَكُنْ صِفَةً لَهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُشْتَقَّ لَهُ مِنْهَا اسْمٌ كَالْمُصَلِّي وَالصَّائِمِ، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهَا أَثَرَ صِفَةٍ اعْتِبَارِيَّةٍ فِي كَوْنِهَا صِفَةً حَقِيقِيَّةً وَهُوَ صَحِيحٌ لَا إشْكَالَ فِيهِ وَالْحَوْجُ إلَى حَمْلِ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ فِي تَعْرِيفِ الْحُكْمِ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي أَنَّ مَنَاطَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ هِيَ الْأَفْرَادُ الْمَوْجُودَةُ فِي الْخَارِجِ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ لَا يَتَعَلَّقُ إلَّا بِمَا يُوجَدُ فِي الْخَارِجِ لَا الْمَاهِيَّاتِ الْمَعْقُولَةِ إذْ لَا تَكْلِيفَ بِهَا لِعَدَمِ وُجُودِهَا فِي الْخَارِجِ؛ لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ بِهِ يَجِبُ إيقَاعُهُ، وَالْإِتْيَانُ بِمَا لَا يَقْبَلُ الْوُجُودَ فِي الْخَارِجِ لَا يُمْكِنُ فَلَا تَكْلِيفَ بِهِ. وَقَدْ قَالُوا إنَّ الْحُكْمَ نَفْسُ خِطَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَالْإِيجَابُ مَثَلًا هُوَ نَفْسُ قَوْله تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلاةَ} [الإسراء: 78] وَلَيْسَ لِلْفِعْلِ صِفَةٌ مِنْ الْقَوْلِ إذْ الْقَوْلُ يَتَعَلَّقُ بِالْمَعْدُومِ وَهُوَ فِعْلُ الصَّلَاةِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ، وَإِذَا كَانَ الْفِعْلُ مَعْدُومًا فَصِيغَتُهُ الْمُتَأَخِّرَةُ عَنْهُ أَوْلَى بِالْعَدَمِ فَالْحُكْمُ وَهُوَ الْإِيجَابُ مَثَلًا لَهُ تَعَلُّقٌ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ، وَإِنْ كَانَ مَعْدُومًا فَبِالنَّظَرِ إلَى نَفْسِهِ الَّتِي هِيَ صِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى يُسَمَّى إيجَابًا وَبِالنَّظَرِ إلَى مَا تَعَلَّقَ بِهِ وَهُوَ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ يُسَمَّى وُجُوبًا فَهُمَا مُتَّحِدَانِ بِالذَّاتِ مُخْتَلِفَانِ بِالِاعْتِبَارِ؛ لِأَنَّ

الْإِيجَابَ هُوَ الْحُكْمُ وَالْوُجُوبَ أَثَرُهُ وَالْوَاجِبَ مُتَعَلَّقُهُ. وَالْحُكْمُ الَّذِي هُوَ خِطَابُ اللَّهِ إذَا نُسِبَ إلَى الْحَاكِمِ يُسَمَّى إيجَابًا أَوْ نَدْبًا أَوْ تَحْرِيمًا أَوْ كَرَاهَةً أَوْ إبَاحَةً، وَإِلَى مَا فِيهِ الْحُكْمُ وَهُوَ الْفِعْلُ يُسَمَّى وُجُوبًا أَوْ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا أَوْ حُرْمَةً أَوْ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا أَوْ مُبَاحًا وَقَالُوا إنَّ التَّكْلِيفَ كَالْأَمْرِ يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ قَبْلَ الْمُبَاشَرَةِ لَهُ وَيَسْتَمِرُّ إلَى فَرَاغِهِ مِنْهُ وَعَلَيْهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ التَّعَلُّقَ قَبْلَ الْمُبَاشَرَةِ عَلَى مَعْنَى الِاقْتِضَاءِ وَالتَّرْغِيبِ وَحَالَ حُدُوثِهِ عَلَى مَعْنَى الطَّاعَةِ لَا الِاقْتِضَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ مُتَحَقِّقٌ. وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ قَبْلَ الْفِعْلِ أَمْرُ إنْذَارٍ، وَإِعْلَامٍ وَعِنْدَ إيجَادِهِ اقْتِضَاءٌ، وَإِلْزَامٌ وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ إنَّ التَّعَلُّقَ قَبْلَ الْحُدُوثِ وَيَنْقَطِعُ عِنْدَ الْحُدُوثِ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ يَنْقَطِعُ التَّعْلِيقُ حَالَ الْمُبَاشَرَةِ، وَإِلَّا يَلْزَمُ طَلَبُ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ وَلَا فَائِدَةَ فِي طَلَبِهِ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْفِعْلَ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْفَرَاغِ مِنْهُ لِانْتِفَائِهِ بِانْتِفَاءِ حُرْمَتِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْفِعْلَ الْمَطْلُوبَ شَرْعًا لَا يَكُونُ آنِيًّا سَوَاءٌ قِيلَ الْآنَ ظَرْفُ الزَّمَانِ أَمْ جُزْؤُهُ عُلِمَ ذَلِكَ بِاسْتِقْرَاءِ الْأَفْعَالِ الْمَطْلُوبَةِ فِي الشَّرْعِ بَلْ إنَّمَا يَكُونُ زَمَانِيًّا إمَّا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِمْرَارِ كَالْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ التَّدْرِيجِ كَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ

برهان سيدنا محمد أقوى من براهين سائر الرسل

وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يَكُونُ الْفِعْلُ ذَا أَجْزَاءٍ يَتَعَلَّقُ الْأَمْرُ بِالْفِعْلِ ذِي الْأَجْزَاءِ بِالذَّاتِ، وَتَعَلُّقُهُ بِالْأَجْزَاءِ بِالْعَرَضِ وَلَا يَنْقَطِعُ التَّعَلُّقُ مَا لَمْ يَحْدُثْ الْفِعْلُ بِتَمَامٍ، وَحُدُوثُ جَمِيعِ أَجْزَائِهِ لِانْتِفَاءِ الْمُرَكَّبِ بِانْتِفَاءِ جُزْئِهِ. وَقَالَ الْآمِدِيُّ: اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى جَوَازِ التَّكْلِيفِ بِالْفِعْلِ قَبْلَ حُدُوثِهِ سِوَى شُذُوذٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَعَلَى امْتِنَاعِهِ بَعْدَ حُدُوثِ الْفِعْلِ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ تَعَلُّقِهِ فِي أَوَّلِ زَمَانِ حُدُوثِهِ فَأَثْبَتَهُ أَصْحَابُنَا وَنَفَاهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ إلَّا أَنَّهُ يُنْسَبُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ انْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ حَالَ حُدُوثِ الْفِعْلِ إلَى الشَّيْخِ الْأَشْعَرِيِّ وَالشَّيْخُ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ إنَّمَا يَتَلَقَّى مِنْ قَضَايَا مَذْهَبِهِ. وَوَجْهُ بِنَاءِ ذَلِكَ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ مَا ذَكَرَ الْمُجِيبُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ بِشَيْءٍ يَسْتَدْعِي حُصُولَهُ وَتَصَوُّرَ وُقُوعِهِ أَيْ بِوُجُودِهِ فَإِنَّهُ مُحْوِجٌ إلَى جَعْلِ الْفِعْلِ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ فَكَمَا لَا يَصِحُّ التَّكْلِيفُ بِنَفْيِ الْفِعْلِ لَا يَصِحُّ التَّكْلِيفُ بِالْفِعْلِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ بِجَامِعِ عَدَمِ تَصَوُّرِ وُجُودِهِمَا وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْته مَا يَنْدَفِعُ بِهِ النَّظَرَانِ الْأَوَّلَانِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي تَفْسِيرِ الْأَمْرِ وَالْمَاضِي وَجْهٌ ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ مَعْنَى صَلِّ طَلَبُ الصَّلَاةِ أَيْ الْهَيْئَةِ الْمُسَمَّاةِ بِالصَّلَاةِ لَا بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ لِمَا مَرَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [بُرْهَانُ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ أَقْوَى مِنْ بَرَاهِينِ سَائِرِ الرُّسُلِ] (سُئِلَ) عَنْ بَعْضِ الْيَهُودِ

وَالنَّصَارَى أَنَّهُمْ أَوْرَدُوا سُؤَالًا عَلَى النُّبُوَّةِ صُورَتُهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ مُحَمَّدًا خَاتَمُ الرُّسُلِ، وَأَفْضَلُهُمْ وَمَنْ يَكُونُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بُرْهَانُهُ أَقْوَى الْبَرَاهِينِ لَا يُتَرَدَّدُ فِيهِ وَنَحْنُ نَرَى الْأَمْرَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَإِنَّ مُوسَى قَلَبَ الْعَصَا حَيَّةً وَعِيسَى أَحْيَا الْمَوْتَى وَصَالِحٌ أَتَى بِنَاقَةٍ مِنْ جَبَلٍ جَمَادٍ وَمُحَمَّدٌ إنَّمَا أَتَى بِكَلَامٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَقَعَ فِيهِ النِّزَاعُ وَالْخِلَافُ الْعَظِيمُ هَلْ هُوَ قَدِيمٌ أَوْ مُحْدَثٌ وَهَلْ إعْجَازُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ لِلصَّرْفِ عَنْهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْخِلَافِ الْوَاقِعِ، وَإِنَّمَا كَانَ مُحَمَّدٌ صَاحِبَ سَيْفٍ وَقَهْرٍ وَغَلَبٍ تَغَلَّبَ عَلَى النَّاسِ فَانْقَادُوا لَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ بُرْهَانُ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْوَى مِنْ بَرَاهِينِ سَائِرِ الرُّسُلِ وَمَا خُصَّ نَبِيٌّ بِشَيْءٍ إلَّا وَكَانَ لِنَبِيِّنَا مِثْلُهُ فَإِنَّهُ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَكَانَ نَبِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا إلَّا فِي حَالِ نُبُوَّتِهِ وَزَمَانِ رِسَالَتِهِ فَأُعْطِيَ آدَم أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَهُ بِيَدِهِ وَأُعْطِيَ نَبِيُّنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَوَلَّى شَرْحَ صَدْرِهِ بِنَفْسِهِ وَخَلَقَ فِيهِ الْإِيمَانَ وَالْحِكْمَةَ وَهُوَ الْخَلْقُ النَّبَوِيُّ وَتَوَلَّى مِنْ آدَمَ الْخَلْقَ الْوُجُودِيَّ وَمِنْ نَبِيِّنَا الْخَلْقَ النَّبَوِيِّ، وَأَمَّا سُجُودُ الْمَلَائِكَةِ لَهُ فَلِأَجْلِ أَنَّ نُورَ نَبِيِّنَا كَانَ فِي جَبْهَتِهِ وَكَمَا عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا عَلَّمَ نَبِيَّنَا الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا

وَذَوَاتَهَا، وَأَمَّا إدْرِيسُ فَرَفَعَهُ اللَّهُ مَكَانًا عَلِيًّا وَرَفَعَ نَبِيَّنَا إلَى مَكَان لَمْ يُرْفَعْ إلَيْهِ غَيْرُهُ، وَأَمَّا نُوحٌ فَنَجَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْغَرَقِ وَنَجَّاهُ مِنْ الْخَسْفِ وَأُعْطِيَ نَبِيُّنَا أَنَّ أُمَّتَهُ لَمْ تَهْلِكْ بِعَذَابٍ مِنْ السَّمَاءِ، وَأَمَّا إبْرَاهِيمُ فَكَانَتْ نَارُ نُمْرُودَ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا وَأُعْطِيَ نَبِيُّنَا نَظِيرَ ذَلِكَ إطْفَاءَ نَارِ الْحَرْبِ عَنْهُ وَنَاهِيَك بِنَارٍ حَطَبُهَا السُّيُوفُ وَوَهَجُهَا الْحُتُوفُ وَمُوقِدُهَا الْجَسَدُ وَمَطْلَبُهَا الرُّوحُ وَالْجَسَدُ قَالَ تَعَالَى {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} [المائدة: 64] ، وَأَمَّا مَا أُعْطِيَهُ مِنْ مَقَامِ الْخُلَّةِ فَقَدْ أُعْطِيَهُ نَبِيُّنَا وَزَادَ عَلَيْهِ بِمَقَامِ الْمَحَبَّةِ. وَأَمَّا مَا أُعْطِيَهُ مُوسَى مِنْ قَلْبِ الْعَصَا حَيَّةً غَيْرَ نَاطِقَةٍ فَأُعْطِيَ نَبِيُّنَا تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَالْحَصَى فِي كَفِّهِ الشَّرِيفِ وَتَسْلِيمَ الْحَجَرِ عَلَيْهِ وَتَأْمِينَ أُسْكُفَّةِ الْبَابِ وَحَوَائِطِ الْبَيْتِ عَلَى دُعَائِهِ، وَكَلَامَهُ لِلْجَبَلِ وَكَلَامَ الْجَبَلِ لَهُ، وَكَلَامَ الشَّجَرِ لَهُ وَسَلَامَهَا عَلَيْهِ وَطَوَاعِيَتَهَا لَهُ وَشَهَادَتَهَا لَهُ بِالرِّسَالَةِ وَحُنَيْنَ الْجِذْعِ شَوْقًا إلَيْهِ وَسُجُودَ الْجَمَلِ وَشَكَوَاهُ إلَيْهِ وَسُجُودَ الْغَنَمِ، وَكَلَامَ الذِّئْبِ وَشَهَادَتَهُ لَهُ بِالرِّسَالَةِ، وَكَلَامَ الْحِمَارِ لَهُ، وَكَلَامَ الضَّبِّ لَهُ. وَأُعْطِيَ مُوسَى الْيَدَ الْبَيْضَاءَ وَكَانَ بَيَاضُهَا يَغْشَى الْبَصَرَ وَأُعْطِيَ نَبِيُّنَا أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَنْتَقِلُ نُورًا فِي أَصْلَابِ الْآبَاءِ وَبُطُونِ الْأُمَّهَاتِ مِنْ لَدُنْ آدَمَ إلَى أَنْ انْتَقَلَ إلَى عَبْدِ اللَّهِ وَأَعْطَى

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ حِينَ صَلَّى مَعَهُ الْعِشَاءَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ مَطِيرَةٍ عُرْجُونًا وَقَالَ انْطَلِقْ بِهِ فَإِنَّهُ سَيُضِيءُ لَك مِنْ بَيْنَ يَدَيْك عَشْرٌ وَمِنْ خَلْفِك عَشْرٌ فَأَضَاءَ لَهُ الْعُرْجُونُ حَتَّى دَخَلَ بَيْتَهُ. وَأُعْطِيَ مُوسَى انْفِرَاقَ الْبَحْرِ لَهُ، وَأُعْطِيَ نَبِيُّنَا انْشِقَاقَ الْقَمَرِ لَهُ وَرُدَّتْ الشَّمْسُ لَهُ بَعْدَ مَا غَرُبَتْ فَمُوسَى تَصَرَّفَ فِي عَالَمِ الْأَرْضِ وَنَبِيُّنَا تَصَرَّفَ فِي عَالَمِ السَّمَاءِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: ذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ بَحْرًا يُسَمَّى الْمَكْفُوفُ، بَحْرُ الْأَرْضِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَالْقَطْرَةِ مِنْ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ذَلِكَ الْبَحْرُ انْفَلَقَ لِنَبِيِّنَا حَتَّى جَاوَزَهُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ انْفِرَاقِ الْبَحْرِ لِمُوسَى وَمِمَّا أُعْطِيَهُ مُوسَى إجَابَةَ دُعَائِهِ، وَأُعْطِيَ نَبِيُّنَا مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يُحْصَى فَمِنْهُ تَفْجِيرُ الْمَاءِ بِتَبُوكَ وَانْبِعَاثُهُ بِمَسِّهِ وَدَعْوَتِهِ وَمِنْهَا تَكَثُّرُ الطَّعَامِ الْقَلِيلِ بِبَرَكَةِ دُعَائِهِ. وَمِمَّا أُعْطِيَ مُوسَى تَفْجِيرَ الْمَاءِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَمَا أُوتِيَهُ نَبِيُّنَا مِنْ نَبْعِ الْمَاءِ وَانْفِجَارِهِ مِنْ يَدِهِ وَبَيْنِ أَصَابِعِهِ أَعْظَمُ فِي الْمُعْجِزَةِ فَإِنَّا نُشَاهِدُ هَذَا الْمَاءَ يَنْفَجِرُ مِنْ الْأَنْهَارِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَمُعْجِزَةُ نَبِيِّنَا هَذِهِ لَمْ تَكُنْ لِنَبِيٍّ قَبْلَهُ يَخْرُجُ الْمَاءُ مِنْ بَيْنِ لَحْمٍ وَدَمٍ فَكَفَى شُرْبَ وَطَهَارَةَ الْجَيْشِ وَكَانُوا أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَكُلُّ مُعْجِزَةٍ لِلرُّسُلِ قَدْ سَلَفَتْ

أَتَى بِأَعْجَبَ مِنْهَا عِنْدَ إظْهَارِهِ فَمَا الْعَصَا حَيَّةٌ تَسْعَى بِأَعْجَبَ مِنْ تَفْجِيرِ سَلْسَلِ مَاءٍ مِنْ كَفِّهِ جَارٍ. وَمِمَّا أُعْطِيَهُ مُوسَى الْكَلَامَ، وَأُعْطِيَ نَبِيُّنَا مِثْلَهُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَزِيَادَةَ الدُّنُوِّ، وَأَيْضًا كَانَ مَقَامُ الْمُنَاجَاةِ فِي حَقِّ نَبِيِّنَا فَوْقَ السَّمَوَاتِ الْعُلَى وَسِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَالْمُسْتَوَى وَحُجُبِ النُّورِ وَالرَّفْرَفِ وَمَقَامُ الْمُنَاجَاةِ لِمُوسَى طُورَ سَيْنَاءَ. وَأَمَّا مَا أُعْطِيَهُ هَارُونُ مِنْ فَصَاحَةِ اللِّسَانِ فَقَدْ كَانَ نَبِيُّنَا مِنْ الْفَصَاحَةِ وَالْبَلَاغَةِ بِالْمَحَلِّ الْأَفْضَلِ وَالْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يُجْهَلُ، وَأَمَّا مَا أُعْطِيَهُ يُوسُفُ مِنْ شَطْرِ الْحُسْنِ فَأُعْطِيَ نَبِيُّنَا الْحُسْنَ كُلَّهُ، وَأَمَّا مَا أُعْطِيَهُ مِنْ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا وَنُقِلَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ ثَلَاثُ مَنَامَاتٍ فَأُعْطِيَ نَبِيُّنَا مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يَدْخُلُهُ الْحَصْرُ، وَأَمَّا مَا أُعْطِيَهُ دَاوُد مِنْ تَلْيِينِ الْحَدِيدِ إذَا مَسَحَهُ فَأُعْطِيَ نَبِيُّنَا أَنَّ الْعُودَ الْيَابِسَ اخْضَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَوْرَقَ وَمَسَحَ شَاةَ أُمِّ مَعْبَدٍ الْجَرْبَاءَ فَدَرَّتْ. وَأَمَّا مَا أُعْطِيَهُ سُلَيْمَانُ مِنْ كَلَامِ الطَّيْرِ وَتَسْخِيرِ الشَّيَاطِينِ وَالرِّيحِ وَالْمُلْكِ الَّذِي لَمْ يُعْطَهُ أَحَدٌ مِنْ بَعْدِهِ فَأُعْطِيَ نَبِيُّنَا مِثْلَ ذَلِكَ وَزِيَادَةً أَمَّا كَلَامُ الطَّيْرِ وَالْوَحْشِ فَنَبِيُّنَا كَلَّمَهُ الْحَجَرُ وَسَبَّحَ فِي كَفِّهِ الْحَصَى، وَكَلَّمَهُ ذِرَاعُ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ وَكَلَّمَهُ الظَّبْيُ وَشَكَا إلَيْهِ الْبَعِيرُ، وَرُوِيَ أَنَّ طَيْرًا فُجِعَ بِوَلَدِهِ فَجَعَلَ يُرَفْرِفُ عَلَى رَأْسِهِ وَيُكَلِّمُهُ، وَأَمَّا الرِّيحُ الَّتِي كَانَتْ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ تَحْمِلُهُ أَيْنَ

أَرَادَ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ فَقَدْ أُعْطِيَ نَبِيُّنَا الْبُرَاقَ الَّذِي هُوَ أَسْرَعُ مِنْ الرِّيحِ بَلْ أَسْرَعُ مِنْ الْبَرْقِ الْخَاطِفِ فَحَمَلَهُ مِنْ الْفَرْشِ إلَى الْعَرْشِ فِي سَاعَةٍ زَمَانِيَّةٍ، وَأَقَلُّ مَسَافَةِ ذَلِكَ سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ وَذَلِكَ مَسَافَةُ السَّمَوَاتِ، وَأَمَّا إلَى الْمُسْتَوَى، وَإِلَى الرَّفْرَفِ فَذَلِكَ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ. وَأَيْضًا الرِّيحُ سُخِّرَتْ لِسُلَيْمَانَ لِتَحْمِلَهُ إلَى نَوَاحِي الْأَرْضِ وَنَبِيُّنَا زُوِيَتْ لَهُ الْأَرْضُ أَيْ جُمِعَتْ حَتَّى رَأَى مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَفَرْقٌ بَيْنَ مَنْ يَسْعَى إلَى الْأَرْضِ وَبَيْنَ مَنْ تَسْعَى لَهُ الْأَرْضُ، وَأَمَّا مَا أُعْطِيَهُ مِنْ تَسْخِيرِ الشَّيَاطِينِ فَقَدْ رَبَطَ نَبِيُّنَا أَبَا الشَّيَاطِينِ إبْلِيسَ فِي سَارِيَةٍ مِنْ سِوَارِي الْمَسْجِدِ وَخَيْرٌ مِنْهُ إيمَانُ الْجِنِّ بِنَبِيِّنَا فَسُلَيْمَانُ اسْتَخْدَمَهُمْ وَنَبِيُّنَا اسْتَسْلَمَهُمْ. وَأَمَّا عَدُّ الْجِنِّ مِنْ جُنُودِ سُلَيْمَانَ فَخَيْرٌ مِنْهُ عَدُّ الْمَلَائِكَةِ جِبْرِيلَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ جُمْلَةِ أَجْنَادِهِ بِاعْتِبَارِ الْجِهَادِ وَاعْتِبَارِ تَكْثِيرِ السَّوَادِ عَلَى طَرِيقِ الْأَجْنَادِ، وَأَمَّا عَدُّ الطَّيْرِ مِنْ جُمْلَةِ أَجْنَادِهِ فَأَعْجَبُ مِنْهُ حِمَايَةُ الْغَارِ وَتَوْكِيرُهَا فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ وَحِمَايَتُهَا لَهُ مِنْ عَدُوِّهِ، وَالْغَرَضُ مِنْ اسْتِكْثَارِ الْجُنْدِ إنَّمَا هُوَ الْحِمَايَةُ وَقَدْ حَصَلَتْ مِنْ أَعْظَمِ شَيْءٍ بِأَيْسَرِ شَيْءٍ. وَأَمَّا مَا أُعْطِيَهُ مِنْ الْمُلْكِ فَنَبِيُّنَا خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا مَلِكًا وَنَبِيًّا عَبْدًا فَاخْتَارَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا، وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ يَا خَيْرَ عَبْدٍ عَلَى كُلِّ الْمُلُوكِ وَلِي

وَأَمَّا مَا أُعْطِيَهُ صَالِحٌ مِنْ النَّاقَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأُعْطِيَهُ عِيسَى مِنْ إبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ، وَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى فَأُعْطِيَ نَبِيُّنَا رَدَّ الْعَيْنِ إلَى مَكَانِهَا بَعْدَمَا سَقَطَتْ فَعَادَتْ أَحْسَنَ مَا كَانَتْ وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مَا أُومِنُ بِك حَتَّى تُحْيِيَ لِي ابْنَتِي فَأَتَى قَبْرَهَا وَقَالَ يَا فُلَانَةُ فَقَالَتْ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَكَانَتْ امْرَأَةُ مُعَاذِ ابْنِ عَفْرَاءَ بَرْصَاءَ فَشَكَتْ ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَسَحَ عَلَيْهَا فَأَذْهَبَ اللَّهُ الْبَرَصَ مِنْهَا وَسَبَّحَ الْحَصَى فِي كَفِّهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ الْحَجَرُ وَحَنَّ لِفِرَاقِهِ الْجِذْعُ وَذَلِكَ أَبْلَغُ مِنْ تَكْلِيمِ الْمَوْتَى؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جِنْسِ مَا لَا يَتَكَلَّمُ، وَأَمَّا مَا أُعْطِيَهُ عِيسَى مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ مَا تُخْفِيهِ النَّاسُ فِي بُيُوتِهِمْ فَقَدْ أُعْطِيَ نَبِيُّنَا ذَلِكَ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ وَزَادَ فِي التَّرَقِّي لِمَزِيدِ الدَّرَجَاتِ وَسَمَاعِ الْمُنَاجَاةِ وَالْحُظْوَةِ فِي الْحَضْرَةِ الْقُدْسِيَّةِ بِالْمُشَاهَدَاتِ. وَأَمَّا قَوْلُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مُحَمَّدٌ إنَّمَا أَتَى بِكَلَامٍ فَجَوَابُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ مُعْجِزَةَ كُلِّ نَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ بِالْوَجْهِ الشَّهِيرِ أَبْرَعَ مَا يَكُونُ فِي زَمَانِ ذَلِكَ النَّبِيِّ الَّذِي أَرَادَ إظْهَارَهُ فَكَانَ السِّحْرُ فِي زَمَنِ مُوسَى قَدْ انْتَهَى إلَى غَايَةٍ فَجَعَلَ اللَّهُ مُعْجِزَتَهُ قَلْبَ الْعَصَا حَيَّةً وَكَانَ الطِّبُّ فِي زَمَنِ عِيسَى قَدْ انْتَهَى إلَى غَايَةٍ فَجَعَلَ اللَّهُ مُعْجِزَتَهُ إحْيَاءَ الْمَوْتَى وَبَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّنَا إلَى الْعَرَبِ فَجَعَلَ مُعْجِزَتَهُ الْقُرْآنَ الَّذِي عَجَزَ

الْمُرْسَلُ إلَيْهِمْ عَنْ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ وَبِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ فَهُوَ أَعْجَبُ فِي الْآيَةِ، وَأَوْضَحُ فِي الدَّلَالَةِ مِنْ إحْيَاءِ الْمَوْتَى، وَإِبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى إلَى أَهْلِ الْبَلَاغَةِ، وَأَرْبَابِ الْفَصَاحَةِ وَرُؤَسَاءِ الْبَيَانِ وَالْمُتَقَدِّمِينَ فِي اللَّسَنِ بِكَلَامٍ مُفْهَمِ الْمَعْنَى عِنْدَهُمْ فَأَعْجَزَ بِفَصَاحَتِهِ وَبَلَاغَتِهِ كُلَّ فَصِيحٍ وَبَلِيغٍ مِمَّنْ طُولِبَ بِمُعَارَضَتِهِ مِنْ الْعَرَبِ الْعَرْبَاءِ وَمَصَاقِعِ الْخُطَبَاءِ مَعَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْمُضَادَّةِ وَالْمُصَادَمَةِ، وَإِفْرَاطِهِمْ فِي الْمُعَادَاةِ وَالْمُعَانَدَةِ فَكَانَ عَجْزُهُمْ عَنْهُ أَعْجَبَ مِنْ عَجْزِ مَنْ شَاهَدَ الْمَسِيحَ عِنْدَ إحْيَاءِ الْمَوْتَى؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَطْمَعُونَ فِيهِ وَلَا فِي إبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ وَلَا يَتَعَاطَوْنَ عِلْمَهُ وَقُرَيْشٌ كَانَتْ تَتَعَاطَى الْكَلَامَ الْفَصِيحَ وَالْبَلَاغَةَ وَالْفَصَاحَةَ وَالْخَطَابَةَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعَجْزَ عَنْهُ إنَّمَا كَانَ لِيَصِيرَ عَلَمًا عَلَى رِسَالَتِهِ وَصِحَّةِ نُبُوَّتِهِ إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَلَامًا مُنَزَّلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَأَمْكَنَهُمْ الْإِتْيَانُ بِمَا يُسَاوِيهِ أَوْ يُدَانِيهِ فِي حُسْنِ الْأُسْلُوبِ وَالتَّرَاكِيبِ لَكِنَّهُمْ اخْتَارُوا بَذْلَ الْمُهَجِ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُمْكِنْهُمْ الْمُعَارَضَةُ بِأَقْصَرِ سُورَةٍ مِنْهُ وَهَذِهِ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ وَبُرْهَانٌ وَاضِحٌ، وَمُعْجِزَةُ الْقُرْآنِ بَاقِيَةٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمُعْجِزَةُ كُلِّ نَبِيٍّ انْقَرَضَتْ بِانْقِرَاضِهِ أَوْ دَخَلَهَا التَّغْيِيرُ وَالتَّبْدِيلُ كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ. وَمِنْ وُجُوهِ إعْجَازِ الْقُرْآنِ النَّظْمُ

الْبَدِيعُ الْمُخَالِفُ لِكُلِّ نَظْمٍ مَعْهُودٍ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ، وَالْأُسْلُوبُ الْمُخَالِفُ لِجَمِيعِ أَسَالِيبِ الْعَرَبِ وَالْجَزَالَةُ الَّتِي لَا تَقَعُ مِنْ مَخْلُوقٍ وَالتَّصَرُّفُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ عَرَبِيٌّ حَتَّى وَقَعَ الِاتِّفَاقُ مِنْ جَمِيعِهِمْ عَلَى إصَابَتِهِ فِي وَضْعِ كُلِّ كَلِمَةٍ وَحَرْفٍ مَوْضِعَهُ وَالْإِخْبَارِ عَنْ الْأُمُورِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ مِنْ أَوَّلِ الدُّنْيَا إلَى وَقْتِ نُزُولِهِ مِنْ أُمِّيٍّ مَا كَانَ يَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا يَخُطُّهُ بِيَمِينِهِ فَأَخْبَرَ بِمَا كَانَ مِنْ قِصَّةِ الْأَنْبِيَاءِ مَعَ أُمَمِهِمْ وَالْقُرُونِ الْخَالِيَةِ فِي دَهْرِهَا وَذَكَرَ مَا سَأَلَهُ أَهْلُ الْكِتَابِ عَنْهُ وَتَحَدَّوْهُ بِهِ مِنْ قِصَّةِ أَهْلِ الْكَهْفِ وَشَأْنِ مُوسَى وَالْخَضِرِ وَحَالِ ذِي الْقَرْنَيْنِ فَجَاءَهُمْ وَهُوَ أُمِّيٌّ مِنْ أُمَّةٍ أُمِّيَّةٍ لَيْسَ لَهَا بِذَلِكَ عِلْمٌ بِمَا عَرَفُوا مِنْ الْكُتُبِ السَّالِفَةِ صِحَّتَهُ فَتَحَقَّقُوا صِدْقَهُ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ ضَرُورَةَ أَنَّ هَذَا لَا سَبِيلَ إلَيْهِ إلَّا عَنْ تَعَلُّمٍ وَمِنْهَا الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ الْمُدْرَكِ بِالْحِسِّ فِي الْعِيَانِ فِي كُلِّ مَا وَعَدَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَهِيَ تَنْقَسِمُ إلَى أَخْبَارٍ مُطْلَقَةٍ كَوَعْدِهِ بِنَصْرِ رَسُولِهِ، وَإِخْرَاجِ الَّذِينَ أَخَرَجُوهُ مِنْ وَطَنِهِ، وَإِلَى وَعْدٍ مُقَيَّدٍ بِشَرْطٍ كَقَوْلِهِ {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3] {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: 11] {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2] وَمِنْهَا الْأَخْبَارُ عَنْ الْمُغَيَّبَاتِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الَّتِي لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهَا إلَّا بِالْوَحْيِ فَمِنْ ذَلِكَ

مَا وَعَدَ اللَّهُ نَبِيَّهُ بِأَنَّهُ سَيُظْهِرُ دِينَهُ عَلَى الْأَدْيَانِ بِقَوْلِهِ {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} [التوبة: 33] الْآيَةَ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إذَا غَزَا جُيُوشَهُ عَرَّفَهُمْ بِمَا وَعَدَهُمْ اللَّهُ مِنْ إظْهَارِ دِينِهِ لِيَثِقُوا بِالنَّصْرِ، وَكَانَ عُمَرُ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَلَمْ يَزَلْ الْفَتْحُ يَتَوَالَى شَرْقًا وَغَرْبًا بَرًّا وَبَحْرًا قَالَ تَعَالَى {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور: 55] . وَقَالَ {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: 27] وَقَالَ {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} [الأنفال: 7] وَقَالَ {الم} [الروم: 1] {غُلِبَتِ الرُّومُ} [الروم: 2] {فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الروم: 3] فَهَذِهِ كُلُّهَا أَخْبَارٌ عَنْ الْغُيُوبِ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا إلَّا رَبُّ الْعَالَمِينَ أَوْ مَنْ أَوْقَفَهُ عَلَيْهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى قَدْ أَوْقَفَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ لِتَكُونَ دَلَالَةً عَلَى صِدْقِهِ. وَمِنْ وُجُوهِ إعْجَازِ الْقُرْآنِ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ الْعِلْمِ الَّذِي هُوَ قِوَامُ جَمِيعِ الْأَنَامِ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَفِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ وَمِنْهَا الْحِكَمُ الْبَالِغَةُ الَّتِي لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَنْ تَصْدُرَ فِي كَثْرَتِهَا وَشَرَفِهَا مِنْ آدَمِيٍّ وَمِنْهَا التَّنَاسُبُ فِي جَمِيعِ مَا تَضَمَّنَهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا مِنْ غَيْرِ اخْتِلَالٍ وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا مِنْ التَّكْرِيمِ بِمَا لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ «أُعْطِيت خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي فَإِنَّ كُلَّ نَبِيٍّ يُبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً

هل تنام الملائكة

وَبُعِثْت إلَى كُلِّ أَحْمَرَ، وَأَسْوَدَ وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَأَيُّمَا رَجُلٍ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ حَيْثُ كَانَ وَنُصِرْت بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ» لَا يُقَالُ إنَّ كَثِيرًا مِمَّا ذَكَرْت مِنْ الْمُعْجِزَاتِ إنَّمَا ثَبَتَ بِالْآحَادِ وَالْمَطْلُوبُ فِي الرَّدِّ عَلَى هَؤُلَاءِ الْأَدِلَّةُ الْيَقِينِيَّةُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ أَفَادَ مَجْمُوعُهَا التَّوَاتُرَ الْمَعْنَوِيَّ الْمُفِيدَ لِلْيَقِينِ بِصِدْقِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي دَعْوَةِ الرِّسَالَةِ. [هَلْ تَنَامُ الْمَلَائِكَةُ] (سُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَلْ تَنَامُ الْمَلَائِكَةُ أَمْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 20] ؟ (فَأَجَابَ) قَالَ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيُّ النَّوْمُ حَالَةٌ تَعْرِضُ لِلْحَيَوَانِ مِنْ اسْتِرْخَاءِ أَعْضَاءِ الدِّمَاغِ مِنْ رُطُوبَاتِ الْأَبْخِرَةِ الْمُتَصَاعِدَةِ بِحَيْثُ تَقِفُ الْحَوَاسُّ الظَّاهِرَةُ عَنْ الْإِحْسَاسِ رَأْسًا. اهـ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَبِالْجُمْلَةِ فَالنَّوْمُ فُتُورٌ يَعْتَرِي الْإِنْسَانَ وَلَا يَفْقِدُ مَعَهُ عَقْلَهُ. اهـ. وَقَالَ الزَّنْجَانِيُّ ذَكَرَ وَالِدِي وَشَيْخِي قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فِي كِتَابِ جَوَامِعِ الْحَقَائِقِ وَالْأُصُولِ فِي شَرْحِ أَحَادِيثِ الرَّسُولِ عِنْدَ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ» إنَّ النَّوْمَ لَمَّا كَانَ حَالَةً تَعْرِضُ لِلْحَيَوَانِ بِوَاسِطَةِ اسْتِرْخَاءٍ يَحْدُثُ فِي الْأَعْصَابِ الدِّمَاغِيَّةِ عِنْدَ تَصَاعُدِ الْأَبْخِرَةِ إلَيْهَا اسْتَحَالَ عُرُوضُهُ لِلْمُنَزَّهِ عَنْ الْجِسْمِيَّةِ. اهـ. وَقَدْ عُلِمَ

هل بعث النبي إلى الملائكة كالإنس والجن

مِنْ تَفْسِيرِ النَّوْمِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُمْ لَا يَنَامُونَ فَإِنَّهُمْ أَجْسَامٌ لَطِيفَةٌ قَادِرَةٌ عَلَى التَّشَكُّلِ بِأَشْكَالٍ مُخْتَلِفَةٍ. [هَلْ بُعِثَ النَّبِيّ إلَى الْمَلَائِكَةِ كَالْإِنْسِ وَالْجِنِّ] (سُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَلْ بُعِثَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْمَلَائِكَةِ كَالْإِنْسِ وَالْجِنِّ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَالْبَارِزِيُّ وَالْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي الْخَصَائِصِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) لَمْ يُبْعَثْ إلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَدْ فَسَّرَ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «وَأُرْسِلْتُ إلَى الْخَلْقِ كَافَّةً بِالْإِنْسِ وَالْجِنِّ» كَمَا فَسَّرَ بِهِمَا مَنْ بَلَغَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19] أَيْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ وَالْعَالَمِينَ فِي قَوْله تَعَالَى {نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: 1] وَصَرَّحَ الْحَلِيمِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ رَسُولًا إلَى الْمَلَائِكَةِ وَفِي الْبَابِ الْخَامِسَ عَشَرَ بِانْفِكَاكِهِمْ مِنْ شَرْعِهِ، وَفِي تَفْسِيرِ الْإِمَامِ الرَّازِيِّ وَالْبُرْهَانِ لِلنَّسَفِيِّ حِكَايَةُ الْإِجْمَاعِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَسُولًا إلَيْهِمْ، وَعِبَارَةُ الرَّازِيِّ ثُمَّ قَالُوا: هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَحْكَامٍ. الْأَوَّلُ أَنَّ الْعَالَمَ كُلُّ مَا سِوَى اللَّهِ فَيَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْمَلَائِكَةِ لَكِنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَكُنْ رَسُولًا إلَى الْمَلَائِكَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَبْقَى كَوْنُهُ رَسُولًا إلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ جَمِيعًا وَبَطَلَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّهُ كَانَ

رَسُولًا إلَى الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ اهـ. وَفِي بَعْضِ نُسَخِهِ لِكِتَابَيْنَا، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَالْمُرَادُ بِالْعَالَمِينَ هُنَا الْإِنْسُ وَالْجِنُّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ رَسُولًا إلَيْهِمَا وَنَذِيرًا لَهُمَا. اهـ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19] مَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فَهُوَ نَذِيرٌ لَهُ. اهـ. وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ أَيْ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ يَا أَهْلَ مَكَّةَ وَسَائِرَ مَنْ بَلَغَهُ مِنْ الْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ وَمِنْ الثَّقَلَيْنِ وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: 1] لِلْجِنِّ وَالْإِنْسِ. اهـ. وَقَالَ الْبَغَوِيّ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ أَيْ لِلْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَذِيرًا قَالَ السَّمَرْقَنْدِيُّ: وَمَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَقَالَ {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: 1] الْإِنْسُ وَالْجِنُّ اهـ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ عَنْ رِسَالَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى فِي تَعْدَادِ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ: الْآيَةُ الْعَاشِرَةُ {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: 1] قَالَ الْمُفَسِّرُونَ كُلُّهُمْ فِي تَفْسِيرِهَا لِلْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَلِلْمَلَائِكَةِ. اهـ. وَمِمَّنْ جَزَمَ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَسُولًا إلَيْهِمْ مَحْمُودُ بْنُ حُمْرَةَ الْكَرْمَانِيُّ فِي كِتَابِ الْعَجَائِبِ وَالْغَرَائِبِ وَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ وَزَيْنُ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي نُكَتِهِ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ وَالْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَالْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي شَرْحِ التَّقْرِيبِ وَالْحَدِيثِ وَشَرْحِ الْكَوْكَبِ السَّاطِعِ فِي الْأُصُولِ

وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ لِمَا رَجَّحَهُ فِي الْخَصَائِصِ بِأُمُورٍ. أَوَّلُهَا قَالَ وَهُوَ أَقْوَاهَا قَوْله تَعَالَى {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} [الأنبياء: 26] {لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} [الأنبياء: 27] الْآيَةَ فَهِيَ إنْذَارٌ لِلْمَلَائِكَةِ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْقُرْآنِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ. ثَانِيهَا قَالَ عِكْرِمَةُ صُفُوفُ أَهْلِ الْأَرْضِ عَلَى صُفُوفِ أَهْلِ السَّمَاءِ فَإِذَا وَافَقَ آمِينَ فِي الْأَرْضِ آمِينَ فِي السَّمَاءِ غُفِرَ لِلْعَبْدِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَلَا تَصَافُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا قَالُوا وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا قَالَ يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْأُوَلَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ.» ثَالِثُهَا أَنَّ إسْرَافِيلَ مُؤَذِّنُ أَهْلِ السَّمَاءِ يَسْمَعُ تَأْذِينَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِينَ إلَّا الْجِنَّ وَالْإِنْسَ ثُمَّ يَتَقَدَّمُ بِهِمْ عَظِيمُ الْمَلَائِكَةِ يُصَلِّي بِهِمْ، وَأَنَّ مِيكَائِيلَ يَؤُمُّ الْمَلَائِكَةَ فِي الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ. رَابِعُهَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إنَّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ صَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ. خَامِسُهَا مَا رُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا «إذَا كَانَ الرَّجُلُ فِي أَرْضٍ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ صَلَّى خَلْفَهُ مَلَكَانِ، فَإِذَا أَذَّنَ وَأَقَامَ صَلَّى خَلْفَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مَا لَا يُرَى طَرَفَاهُ يَرْكَعُونَ بِرُكُوعِهِ وَيَسْجُدُونَ بِسُجُودِهِ وَيُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَائِهِ» . وَذَكَرَ السُّبْكِيُّ فِي الْحَلَبِيَّاتِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ تَحْصُلُ بِالْمَلَائِكَةِ كَمَا

تَحْصُلُ بِالْآدَمِيِّينَ قَالَ وَبَعْدَ أَنْ قُلْت ذَلِكَ بَحْثًا رَأَيْته مَنْقُولًا فِي فَتَاوَى الْحَنَّاطِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا فِيمَنْ صَلَّى فِي فَضَاءٍ مِنْ الْأَرْضِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَكَانَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ حَلَفَ أَنَّهُ صَلَّى بِالْجَمَاعَةِ هَلْ يَحْنَثُ أَوْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَكُونُ بَارًّا فِي يَمِينِهِ وَقَالَ الْأَصْحَابُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُصَلِّي إذَا سَلَّمَ أَنْ يَنْوِيَ بِالسَّلَامِ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ مِنْ مَلَائِكَةٍ، وَإِنْسٍ وَجِنٍّ. سَادِسُهَا أَنَّهُ لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ مَلَكٌ مِنْ الْحِجَابِ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ إلَى أَنْ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ أَخَذَ الْمَلَكُ بِيَدِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدَّمَهُ فَأَمَّ أَهْلَ السَّمَاءِ فَيَوْمَئِذٍ أَكْمَلَ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ الشَّرَفَ عَلَى أَهْلِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَفِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ الْمَلَكُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ اللَّهُ صَدَقَ عَبْدِي دَعَا إلَى فَرِيضَتِي إلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ تَقَدَّمْ فَتَقَدَّمَ فَأَمَّ أَهْلَ السَّمَاءِ فَتَمَّ لَهُ شَرَفُهُ عَلَى سَائِرِ الْخَلْقِ. قَالَ الْجَلَالُ: وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى إرْسَالِهِ إلَى الْمَلَائِكَةِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ. الْأَوَّلُ شَهَادَةُ الْمَلَكِ بِالرِّسَالَةِ مُطْلَقًا حَيْثُ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. الثَّانِي قَوْلُ اللَّهِ فِي دُعَاءِ الْمَلَكِ إلَى الصَّلَاةِ دَعَا إلَى فَرِيضَتِي فَإِنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فُرِضَتْ عَلَى أَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا فُرِضَتْ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ. الثَّالِثُ إمَامَتُهُ لِأَهْلِ السَّمَوَاتِ وَصَلَاةُ

الْمَلَائِكَةِ بِأَسْرِهِمْ خَلْفَهُ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى اتِّبَاعِهِمْ لَهُ. الرَّابِعُ قَوْلُهُ فَيَوْمَئِذٍ أَكْمَلَ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ الشَّرَفَ عَلَى أَهْلِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَإِكْمَالُ الشَّرَفِ لَهُ بِبَعْثِهِ إلَيْهِمْ وَكَوْنِهِمْ مِنْ أَتْبَاعِهِ وَكَأَنَّهُ فِي هَذَا الْوَقْتِ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ وَلَمْ يَكُنْ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ. سَابِعُهَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَزَلَ آدَم بِالْهِنْدِ وَاسْتَوْحَشَ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَنَادَى بِالْآذَانِ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَرَّتَيْنِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ فَهَذِهِ شَهَادَةٌ مِنْ جِبْرِيلَ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ثَامِنُهَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ عَلَى الْعَرْشِ وَعَلَى كُلِّ سَمَاءٍ وَعَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَعَلَى أَوْرَاقِ أَشْجَارِ الْجَنَّةِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. تَاسِعُهَا قَدْ صَرَّحَ السُّبْكِيُّ فِي تَأْلِيفٍ لَهُ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُرْسِلَ إلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ فَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُنْت نَبِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ» وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بُعِثْت إلَى النَّاسِ كَافَّةً» قَالَ وَلِهَذَا أَخَذَ اللَّهُ الْمَوَاثِيقَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 81] . وَقَالَ

السُّدِّيُّ فِي الْآيَةِ لَمْ يُبْعَثْ نَبِيٌّ قَطُّ مِنْ لَدُنْ نُوحٍ إلَّا أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَهُ لَتُؤْمِنَنَّ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ يَزَلْ يَتَقَدَّمُ فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى آدَمَ فَمَنْ بَعْدَهُ وَلَمْ تَزَلْ الْأُمَمُ تَتَبَاشَرُ بِهِ وَتَسْتَفْتِحُ بِهِ، وَقَالَ أَيْضًا أَوْحَى اللَّهُ إلَى عِيسَى آمِنْ بِمُحَمَّدٍ وَمُرْ مَنْ أَدْرَكَهُ مِنْ أُمَّتِك أَنْ يُؤْمِنَ فَلَوْلَا مُحَمَّدٌ مَا خَلَقْت آدَمَ وَلَا الْجَنَّةَ وَلَا النَّارَ. قَالَ السُّبْكِيُّ: عَرَفْنَا بِالْخَبَرِ الصَّحِيحِ حُصُولَ الْكَمَالِ مِنْ قَبْلِ خَلْقِ آدَمَ لِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَأَنَّهُ أَعْطَاهُ النُّبُوَّةَ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ ثُمَّ أَخَذَ لَهُ الْمَوَاثِيقَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ لِيَعْلَمُوا أَنَّهُ الْمُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُ نَبِيُّهُمْ وَرَسُولُهُمْ وَفِي أَخْذِ الْمَوَاثِيقِ وَهِيَ فِي مَعْنَى الِاسْتِحْلَافِ وَلِذَلِكَ دَخَلَتْ لَامُ الْقَسَمِ فِي {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} [آل عمران: 81] لَطِيفَةٌ أُخْرَى وَهِيَ كَانَ إيمَانُ الْبَيْعَةِ الَّتِي تُؤْخَذُ لِلْخُلَفَاءِ أُخِذَتْ مِنْ هُنَا فَانْظُرْ هَذَا التَّعْظِيمَ الْعَظِيمَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ رَبِّهِ فَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَبِيُّ الْأَنْبِيَاءِ. وَلِهَذَا ظَهَرَ فِي الْآخِرَةِ جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ تَحْتَ لِوَائِهِ، وَفِي الدُّنْيَا كَذَلِكَ لَيْلَةُ الْإِسْرَاءِ صَلَّى بِهِمْ وَلَوْ اتَّفَقَ مَجِيئُهُ فِي زَمَنِ آدَمَ وَنُوحٍ، وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَجَبَ عَلَيْهِمْ فَنُبُوَّتُهُ عَلَيْهِمْ وَرِسَالَتُهُ إلَيْهِمْ مَعْنًى حَاصِلٌ لَهُ، وَإِنَّمَا أَمْرُهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى اجْتِمَاعِهِمْ بِهِ فَتَأَخُّرُ ذَلِكَ الْأَمْرِ رَاجِعٌ إلَى وُجُودِهِمْ لَا إلَى عَدَمِ اتِّصَافِهِ بِمَا يَقْتَضِيهِ

وَفَرْقٌ بَيْنَ تَوَقُّفِ الْفِعْلِ عَلَى قَبُولِ الْمَحَلِّ وَتَوَقُّفِهِ عَلَى أَهْلِيَّةِ الْفَاعِلِ فَهُنَا لَا تَوَقُّفَ مِنْ جِهَةِ الْفَاعِلِ وَلَا مِنْ جِهَةِ ذَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الشَّرِيفَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ وُجُودِ الْعَصْرِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِ فَلَوْ وُجِدَ فِي عَصْرِهِمْ لَزِمَهُمْ اتِّبَاعُهُ بِلَا شَكٍّ وَلِهَذَا يَأْتِي عِيسَى فِي آخِرِ الزَّمَانِ عَلَى شَرِيعَتِهِ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْهَا مِنْ أَمْرٍ وَنَهْيٍ مَا يَتَعَلَّقُ بِسَائِرِ الْأُمَّةِ، وَهُوَ نَبِيٌّ كَرِيمٌ عَلَى حَالِهِ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْءٌ وَكَذَلِكَ لَوْ بُعِثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي زَمَانِهِ أَوْ زَمَانِ مُوسَى، وَإِبْرَاهِيمَ وَنُوحٍ وَآدَمَ كَانُوا مُسْتَمِرِّينَ عَلَى نُبُوَّتِهِمْ وَرِسَالَتِهِمْ إلَى أُمَمِهِمْ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَبِيٌّ عَلَيْهِمْ وَرَسُولٌ إلَى جَمِيعِهِمْ فَنُبُوَّتُهُ وَرِسَالَتُهُ أَعَمُّ وَأَشْمَلُ وَأَعْظَمُ، وَتَتَّفِقُ مَعَ شَرَائِعِهِمْ فِي الْأُصُولِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَلِفُ، وَتُقَدَّمُ شَرِيعَتُهُ فِيمَا عَسَاهُ يَقَعُ الِاخْتِلَافُ فِيهِ مِنْ الْفُرُوعِ إمَّا عَلَى سَبِيلِ التَّخْصِيصِ، وَإِمَّا عَلَى سَبِيلِ النَّسْخِ أَوْ لَا نَسْخَ وَلَا تَخْصِيصَ بَلْ تَكُونُ شَرِيعَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ هَذِهِ الشَّرِيعَةَ وَالْأَحْكَامُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَشْخَاصِ. اهـ. كَلَامُ السُّبْكِيّ قَالَ الْجَلَالُ وَيَدُلُّ لِكَوْنِهِ مُرْسَلًا إلَى الْأَنْبِيَاءِ أَنَّهُ كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ نَبِيُّ الْأَنْبِيَاءِ

وَرَسُولٌ إلَيْهِمْ، وَأَنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ رَسُولًا إلَى الْمَلَائِكَةِ، وَأَنْ تَكُونَ مِنْ أَتْبَاعِهِ. عَاشِرُهَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُعْطِيَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أُمُورًا لَمْ يُعْطَهَا أَحَدٌ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ مِنْهَا قِتَالُهُمْ مَعَهُ وَمَشْيُهُمْ خَلْفَ ظَهْرِهِ إذَا مَشَى، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ أَيَّدَنِي بِأَرْبَعَةِ وُزَرَاءَ اثْنَيْنِ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَاثْنَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» وَالْوَزِيرُ مِنْ أَتْبَاعِ الْمَلِكِ ضَرُورَةً فَجِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ رُءُوسُ أَهْلِ مِلَّتِهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ كَمَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رُءُوسُ أَهْلِ مِلَّتِهِ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَأَنَّهُ لَمَّا مَاتَ صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ بِأَسْرِهِمْ لَمْ يَتَخَلَّفْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَسْأَلُونَ الْمَوْتَى فِي قُبُورِهِمْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِأَحَدٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ سِوَاهُ. وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَحْضُرُ أُمَّتَهُ إذَا لَاقَتْ الْعَدُوَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى لِنُصْرَتِهِ وَهَذِهِ خَصِيصَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَأَنَّ جِبْرِيلَ يَحْضُرُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِهِ لِيَطْرُدَ عَنْهُ الشَّيْطَانَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَنْزِلُ كُلَّ سَنَةٍ لَيْلَةَ الْقَدْرِ عَلَى أُمَّتِهِ وَتُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّهَا أُعْطِيت قِرَاءَةَ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ مِنْ كِتَابِهِ وَلَمْ تُعْطَ قِرَاءَةَ شَيْءٍ مِنْ سَائِرِ الْكُتُبِ، وَأَنَّهُ نَزَلَ إلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مَا لَمْ يَنْزِلْ إلَى الْأَرْضِ مُنْذُ خُلِقَ كَإِسْرَافِيلَ، وَأَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ

الذي أمر به نبينا في قوله تعالى ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا

اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْ عَلَى أَحَدٍ قَبْلَهُ. وَأَنَّهُ وُكِّلَ بِقَبْرِهِ الشَّرِيفِ مَلَكٌ يُبَلِّغُهُ سَلَامَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ يَنْزِلُ عَلَى قَبْرِهِ الشَّرِيفِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَضْرِبُونَهُ بِأَجْنِحَتِهِمْ وَيَحُفُّونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يُمْسُوا فَإِذَا أَمْسَوْا عَرَجُوا وَهَبَطَ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ كَذَلِكَ إلَى أَنْ يُصْبِحُوا إلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ خَرَجَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ. اهـ. مُلَخَّصًا. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْأَدِلَّةِ تَصْرِيحٌ بِبَعْثَتِهِ إلَيْهِمْ وَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ عِبَادَتِهِمْ وَبَيْنَ بَعْثَتِهِ إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ عِبَادَتَهُمْ تَكُونُ بِالْأَخْذِ عَنْ رَبِّهِمْ أَوْ بِإِرْسَالِ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِهِمْ إلَيْهِمْ كَجِبْرِيلَ أَوْ إسْرَافِيلَ أَوْ غَيْرِهِمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: 75] وَقَالَ تَعَالَى {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولا} [الإسراء: 95] ، وَإِنَّمَا سُقْت الْأَدِلَّةَ الْمَذْكُورَةَ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ الْوَاقِفُ عَلَى إفْتَائِي الْمَذْكُورِ أَنَّنِي لَوْ وَقَفْت عَلَيْهَا لَمَا خَالَفْتهمَا وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَوْ كَانَتْ دَالَّةً عَلَى الْمُدَّعِي يَكْفِي فِي رَدِّهَا مُسْتَنَدُ الْإِجْمَاعِ. [الَّذِي أُمِرَ بِهِ نَبِيُّنَا فِي قَوْله تَعَالَى ثُمَّ أَوْحَيْنَا إلَيْك أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا] (سُئِلَ) مَا الَّذِي أُمِرَ بِهِ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: 123] أَنَّ شَرِيعَتَهُ نَاسِخَةٌ لِجَمِيعِ الشَّرَائِعِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ أُمِرَ بِاتِّبَاعِهِ

فِي التَّوْحِيدِ وَالدَّعْوَةِ إلَيْهِ بِالرِّفْقِ، وَإِيرَادِ الدَّلَائِلِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَالْمُجَادَلَةِ مَعَ كُلِّ أَحَدٍ عَلَى حَسَبِ فَهْمِهِ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ أُمِرَ بِاتِّبَاعِهِ فِي مَنَاسِكِ الْحَجِّ كَمَا عَلَّمَ إبْرَاهِيمَ جِبْرِيلُ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ أُمِرَ بِاتِّبَاعِهِ فِي التَّبَرِّي مِنْ الْأَوْثَانِ وَالتَّزَيُّنِ بِالْإِسْلَامِ وَقِيلَ أُمِرَ بِاتِّبَاعِهِ فِي جَمِيعِ مِلَّتِهِ إلَّا مَا أُمِرَ بِتَرْكِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: وَالصَّحِيحُ الِاتِّبَاعُ فِي عَقَائِدِ الشَّرْعِ دُونَ الْفُرُوعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48] . اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فَإِنْ قِيلَ الْمِلَّةُ الدِّينُ وَهُوَ مَا كَانَ يَدْعُو إلَيْهِ مِنْ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ فَلَمْ يَكُنْ دِينُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاسِخًا لِدِينِهِ قُلْنَا يَلْزَمُ الْحَمْلُ عَلَى إرَادَةِ الْأُصُولِ كَمَا ذَهَبَتْ إلَيْهِ الْفِئَةُ الْمُحَقِّقَةُ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ تَوْفِيقًا بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَوْنُ دِينِهِ نَاسِخًا لِدِينِهِ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ فُرُوعِهِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82] هَلْ قَالَ فِي أَزَلٍ لِلْأَشْيَاءِ كُلِّهَا كُونِي فَتَكُونُ عِنْدَ إرَادَةِ خَلْقِهَا أَمْ إذَا أَرَادَ خَلْقَ شَيْءٍ يَقُولُ كُنْ فَتَكُونُ كُنْ مُكَرَّرَةً بِحَسَبِ الْمَخْلُوقَاتِ وَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ كُنْ هَلْ يَأْمُرُ مَلَكًا يَقُولُهَا أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ قَوْلَ كُنْ لِلْأَشْيَاءِ كُلِّهَا وَلَا لِبَعْضِهَا لَا فِي الْأَزَلِ

وَلَا فِيمَا لَا يَزَالُ لَا مِنْ اللَّهِ وَلَا مِنْ مَلَكٍ بَلْ الْمُرَادُ بِهَا تَمْثِيلُهُ لِتَأْثِيرِ قُدْرَتِهِ تَعَالَى فِي مُرَادِهِ بِأَمْرِ الْمُطَاعِ لِلْمُطِيعِ فِي حُصُولِ الْمَأْمُورِ بِهِ مِنْ غَيْرِ امْتِنَاعٍ وَتَوَقُّفٍ وَافْتِقَارٍ إلَى مُزَاوَلَةِ عَمَلٍ وَاسْتِعْمَالِ آلَةٍ قَطْعًا لِمَادَّةِ الشُّبْهَةِ وَهُوَ قِيَاسُ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى قُدْرَةِ الْخَلْقِ فَبِمُجَرَّدِ إرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى إيجَادَ شَيْءٍ يُوجَدُ. (سُئِلَ) مَا مَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْخَادِمُ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقِينَ» ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ لِصَاحِبِ الْمَالِ ثَوَابَ الْمَبْلَغِ الْمُتَصَدَّقِ بِهِ وَلِلْخَادِمِ ثَوَابَ سَعْيِهِ فِي إيصَالِ الصَّدَقَةِ فَلَوْ أَعْطَى الْمَالِكُ لِخَادِمِهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ لِيَدْفَعَهَا لِلْفَقِيرِ عَلَى بَابِ دَارِهِ مَثَلًا فَأَجْرُ الْمَالِكِ أَكْثَرُ وَلَوْ أَعْطَاهُ رَغِيفًا لِيَذْهَبَ إلَى فَقِيرٍ فِي مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ بِحَيْثُ يُقَابَلُ مَشْيُ الذَّاهِبِ إلَيْهِ بِأُجْرَةٍ تَزِيدُ عَلَى الرَّغِيفِ فَأَجْرُ الْخَادِمِ أَكْثَرُ، وَقَدْ يَكُونُ عَمَلُهُ قَدْرَ الرَّغِيفِ فَيَكُونُ قَدْرُ الْأَجْرِ بَيْنَهُمَا سَوَاءً. (سُئِلَ) عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَيْرُكُمْ فِي رَأْسِ الْمِائَتَيْنِ الْخَفِيفُ الْحَاذِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا خِفَّةُ الْحَاذِ قَالَ مَنْ لَا أَهْلَ لَهُ وَلَا مَالٌ» . اهـ. وَهَلْ صَحَّ وَحَدِيثُ تَنَاكَحُوا إلَخْ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَوَّلَ قَالَ شَيْخُنَا الشَّمْسُ السَّخَاوِيُّ فِي الْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ إنَّ الْحَدِيثَ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ دَاوُد بْنِ الْجَرَّاحِ

عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا بِهِ وَعَلَّقَهُ رُوَاةٌ وَكَذَا قَالَ الْخَلِيلِيُّ ضَعَّفَهُ الْحُفَّاظُ وَخَطَّئُوهُ. اهـ. فَإِنْ صَحَّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَيَّامِ الْفِتَنِ وَفِي مَعْنَاهُ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ كُلُّهَا وَاهِيَةٌ. اهـ. فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ مَنْ كُرِهَ لَهُ التَّزْوِيجُ. (سُئِلَ) مَا مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ} [محمد: 19] مَعَ أَنَّهُ عَالِمٌ بِذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَاهُ اُثْبُتْ عَلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنْ الْعِلْمِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ أَوْ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ أَعْلَمَك أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَمَا عَلِمْته اسْتِدْلَالًا فَاعْلَمْهُ خَبَرًا يَقِينًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ قَبْلَ الْبَعْثَةِ فَأَمَرَهُ بِالثَّبَاتِ عَلَى ذَلِكَ الْعِلْمِ بِطَرِيقِ الْخَيْرِ وَالْيَقِينِ أَوْ فَاذْكُرْ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَعَبَّرَ عَنْ الذِّكْرِ بِالْعِلْمِ لِحُدُوثِهِ عَنْهُ أَوْ الْمُرَادُ بِهِ الْأُمَّةُ. (سُئِلَ) هَلْ الْأَشْجَعُ سَيِّدُنَا أَبُو بَكْرٍ أَوْ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمْ أَبُو بَكْرٍ أَشْجَعُ مُطْلَقًا كَرًّا وَفَرًّا أَمْ أَبُو بَكْرٍ أَفْرَسُ مِنْ جِهَةِ ثَبَاتِ الْقَلْبِ وَعَلِيٌّ أَشْجَعُ مِنْ جِهَةِ الْكَرِّ وَالْفَرِّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ سَيِّدَنَا أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَشْجَعُ مِنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذْ الشَّجَاعَةُ شِدَّةُ الْقَلْبِ عَلَى الْبَأْسِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ شِدَّةُ قَلْبِهِ يَوْمَ وَفَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَا فَعَلَهُ عَلِيٌّ بِالْكَفَّارَةِ لَمْ يُسَاوِهِ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ رَأَيْت الْقُرْطُبِيَّ قَالَ وَفِي

رقيب وعتيد هل هما ملكان يكتبان اللفظ ليلا ونهارا

هَذَا أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى شَجَاعَةِ الصِّدِّيقِ فَإِنَّ الشَّجَاعَةَ حَدُّهَا ثُبُوتُ الْقَلْبِ عِنْدَ حُلُولِ الْمَصَائِبِ وَلَا مُصِيبَةَ بَعْدُ أَعْظَمُ مِنْ مَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَظَهَرَتْ عِنْدَهَا شَجَاعَتُهُ وَعِلْمُهُ. [رَقِيبٍ وَعَتِيدٍ هَلْ هُمَا مَلَكَانِ يَكْتُبَانِ اللَّفْظَ لَيْلًا وَنَهَارًا] (سُئِلَ) عَنْ رَقِيبٍ وَعَتِيدٍ هَلْ هُمَا مَلَكَانِ يَكْتُبَانِ اللَّفْظَ لَيْلًا وَنَهَارًا أَمْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ إنَّهُمَا مَلَكَانِ يَكْتُبَانِ اللَّفْظَ فَأَيْنَ مَقْعَدُهُمَا، وَإِذَا قُلْتُمْ إنَّ مَلَائِكَةَ اللَّيْلِ غَيْرُ مَلَائِكَةِ النَّهَارِ فَمَا اسْمُ مَلَائِكَةِ اللَّيْلِ وَهَلْ رَقِيبٌ وَعَتِيدٌ لِلنَّاسِ كَافَّةً أَمْ لِكُلِّ شَخْصٍ رَقِيبٌ وَعَتِيدٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [ق: 17] قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدُ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمْ هُمَا مَلَكَانِ أَحَدُهُمَا عَنْ الْيَمِينِ يَكْتُبُ الْحَسَنَاتِ وَالْآخَرُ عَنْ الشِّمَالِ يَكْتُبُ السَّيِّئَاتِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا مَلَكَانِ بِالنَّهَارِ وَمَلَكَانِ بِاللَّيْلِ وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَاتِبُ الْحَسَنَاتِ عَلَى يَمِينِ الرَّجُلِ وَكَاتِبُ السَّيِّئَاتِ عَلَى يَسَارِهِ» وَقَالَ الْحَسَنُ وَالضَّحَّاكُ مَجْلِسُهُمَا تَحْتَ الشَّفَتَيْنِ عَلَى الْحَنَكِ وَكَانَ الْحَسَنُ يُعْجِبُهُ أَنْ يُنَظِّفَ عَنْفَقَتَهُ أَيْ مُلَازِمٌ ثَابِتٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ ضِدَّ الْقَائِمِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا لَا يُفَارِقَانِهِ وَذَكَرَ الْحَسَنُ أَنَّهُمَا يُفَارِقَانِهِ فِي حَالِ قَضَاءِ حَاجَتِهِ وَفِي حَالِ جِمَاعِهِ، وَالرَّقِيبُ هُوَ الْحَافِظُ أَوْ الْمُتَتَبِّعُ لِلْأُمُورِ أَوْ الشَّاهِدُ وَالْعَتِيدُ هُوَ الْحَاضِرُ مَعَهُ أَيْنَمَا كَانَ أَوْ الْحَافِظُ الْمُعِدُّ

هارون هل هو رسول كما نطق به القرآن

وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمَلَكَيْنِ الْكَاتِبَيْنِ لَيْسَا بِمُسَمَّيَيْنِ بِرَقِيبٍ وَعَتِيدٍ، وَأَنَّ لِكُلِّ شَخْصٍ مَلَكَيْنِ فَإِذَا مَاتَ الشَّخْصُ اسْتَأْذَنَا رَبَّهُمَا فِي صُعُودِهِمَا السَّمَاءَ فَيَقُولُ إنَّ سَمَاوَاتِي مَمْلُوءَةٌ مِنْ خَلْقِي يُسَبِّحُونَ فَيَقُولَانِ يَا رَبَّنَا فَأَيْنَ نَكُونُ فَيَقُولُ قُومَا عَلَى قَبْرِ عَبْدِي فَكَبِّرَانِي وَهَلِّلَانِي وَاذْكُرَانِي وَاكْتُبَا ذَلِكَ لِعَبْدِي إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ الْكَاتِبَيْنِ. [هَارُونَ هَلْ هُوَ رَسُولٌ كَمَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ] (سُئِلَ) عَنْ السَّيِّدِ هَارُونَ هَلْ هُوَ رَسُولٌ كَمَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَنَقَلَ ابْنُ عَطِيَّةَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ أَوْ غَيْرُ رَسُولٍ كَمَا هُوَ الصَّرِيحُ فِي كَلَامِ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيِّ وَغَيْرِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذُكِرَ فِي السَّيِّدِ هَارُونَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ بِخِلَافٍ مَعْنَوِيٍّ فَيَلْزَمُ كَوْنُ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ غَيْرُ رَسُولٍ مُنْكَرًا لِإِيحَاءِ اللَّهِ تَعَالَى إلَيْهِ وَالْأَمْرِ بِالتَّبْلِيغِ الدَّالِّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَإِنَّمَا هُوَ خِلَافٌ رَاجِعٌ إلَى اللَّفْظِ وَالتَّسْمِيَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى تَعْرِيفِ الرَّسُولِ وَالنَّبِيِّ الرَّاجِعِ إلَى الِاصْطِلَاحِ وَلَا مُشَاحَّةَ فِيهِ وَفِيهِ أَقْوَالٌ مِنْهَا مَا جَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ وَغَيْرِهِمْ وَمِنْهُمْ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيُّ أَنَّ الرَّسُولَ مَنْ بَعَثَهُ اللَّهُ بِشَرِيعَةٍ مُجَرَّدَةٍ يَدْعُو النَّاسَ إلَيْهَا وَالنَّبِيُّ يَعُمُّهُ مَنْ بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِتَقْرِيرٍ سَابِقٍ كَأَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ الَّذِينَ كَانُوا بَيْنَ مُوسَى وَعِيسَى. اهـ. وَعَلَى هَذَا فَهَارُونُ نَبِيٌّ

هل الأفضل الاشتغال بالاستغفار أم الصلاة على النبي

لَا رَسُولٌ وَمِنْهَا أَنَّهُ أُوحِيَ إلَيْهِ بِشَرْعٍ، وَأُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ أَوْ نَسْخٌ لِبَعْضِ شَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ كَيُوشَعَ، وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِتَبْلِيغِهِ فَهُوَ نَبِيٌّ فَقَطْ فَهَارُونُ عَلَى هَذَا رَسُولٌ وَنَقَلَ ابْنُ عَطِيَّةَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ يَعْنِي بَيْنَ الْقَائِلِينَ بِهَذَا التَّعْرِيفِ الثَّانِي. [هَلْ الْأَفْضَل الِاشْتِغَال بِالِاسْتِغْفَارِ أُمّ الصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ] (سُئِلَ) هَلْ الْأَفْضَلُ الِاشْتِغَالُ بِالِاسْتِغْفَارِ أَمْ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْ غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ فَالصَّلَاةُ لَهُ أَفْضَلُ أَمْ مَعَاصِيهِ فَالِاسْتِغْفَارُ لَهُ أَفْضَلُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِالِاسْتِغْفَارِ مُطْلَقًا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْأُصُولِيِّينَ شُكْرُ النِّعَمِ وَاجِبٌ بِالشَّرْعِ لَا بِالْعَقْلِ فَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ لَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ تَارِكَهُ عَاصٍ، وَأَشْكَلَ عَلَيْهِ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ سَجْدَةُ الشُّكْرِ سُنَّةٌ فَهَلْ يُقَالُ مَعْنَاهُ أَنَّ مَا أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ وَاجِبٌ وَمَا لَا فَلَا أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ الشُّكْرُ الْعُرْفِيُّ وَهُوَ صَرْفُ الْعَبْدِ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ عَلَيْهِ إلَى مَا خُلِقَ لِأَجْلِهِ كَصَرْفِ النَّظَرِ إلَى مَصْنُوعَاتِهِ وَالسَّمْعِ إلَى تَلَقِّي أَوَامِرِهِ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ الْمُرَادُ بِشُكْرِ النِّعَمِ الْإِتْيَانُ بِالْمُسْتَحْسِنَاتِ الْعَقْلِيَّةِ وَالِانْتِهَاءُ

ما أجمع عليه القراء من حروف القرآن وصفاتها

عَنْ الْمُسْتَقْبَحَاتِ الْعَقْلِيَّةِ. وَجَرَى بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ الشُّكْرُ اللُّغَوِيُّ، وَهُوَ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ لِإِنْعَامِهِ بِالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَالصِّحَّةِ وَغَيْرِهَا بِاللِّسَانِ بِأَنْ يَتَحَدَّثَ بِهَا أَوْ بِالْقَلْبِ بِأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ تَعَالَى وَلِيُّهَا أَوْ غَيْرُهُ كَانَ يَخْضَعُ لَهُ تَعَالَى. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَكَادُ يَخْلُو فِي وَقْتٍ عَنْ الشُّكْرِ فَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ الْمَذْكُورُ. [مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْقُرَّاءُ مِنْ حُرُوفِ الْقُرْآنِ وَصِفَاتِهَا] (سُئِلَ) عَمَّا رَوَتْهُ الْقُرَّاءُ، وَأَجْمَعُوا عَلَى التَّلَفُّظِ بِهِ فِي سَائِرِ طُرُقِهِمْ مِنْ حُرُوفِ الْقُرْآنِ وَصِفَاتِهَا كَأَحْكَامِ النُّونِ السَّاكِنَةِ وَالتَّنْوِينِ وَتَرْقِيقِ الرَّاءَاتِ وَتَفْخِيمِهَا هَلْ هُوَ عَيْنُ مَا قَرَأَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَلَقَّاهُ عَنْ جِبْرِيلَ عَنْ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَمْ لَا وَهَلْ يَحْرُمُ عَلَى الْعَالِمِ الْعَامِدِ تَغْيِيرُ ذَلِكَ حَرْفًا أَوْ صِفَةً أَمْ لَا وَهَلْ هُوَ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ مِنْ الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ الْوَارِدَةِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آحَادًا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْقُرَّاءُ مِنْ حُرُوفِ الْقُرْآنِ وَصِفَاتِهَا قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى اعْتِمَادِهِ وَكَتَبُوا فِي ذَلِكَ مُصَنَّفَاتٍ، وَحَصَلَ بِذَلِكَ مَا وَعَدَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ حِفْظِ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] فَهُوَ عَيْنُ مَا قَرَأَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَلَقَّاهُ عَنْ جِبْرِيلَ وَتَلَقَّفَهُ هُوَ تَلَفُّظًا رُوحَانِيًّا أَوْ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ اللَّهِ

تَعَالَى أَوْ أَنَّهُ حَفِظَهُ مِنْ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَوْ بِأَمْرِ إسْرَافِيلَ كَمَا وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي أَحَادِيثَ. فَمَنْ غَيَّرَ حَرْفًا مِنْهُ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ وَكَذَا مَنْ غَيَّرَ صِفَةً؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مَقْطُوعٌ بِأَنَّهَا قُرْآنٌ كَسَائِرِ حُرُوفِهِ وَكَلِمَاتِهِ فَالْقَارِئُ كَذَلِكَ مِنْ الدَّاخِلِينَ فِي خَبَرِ «رُبَّ قَارِئٍ لِلْقُرْآنِ وَالْقُرْآنُ يَلْعَنُهُ» وَمُخْطِئٌ لِلصَّوَابِ؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ عِنْدَهُمْ عَلَى قِسْمَيْنِ جَلِيٍّ وَخَفِيٍّ فَالْجَلِيُّ خَطَأٌ يَعْرِضُ لِلَّفْظِ وَيُخِلُّ بِالْمَعْنَى وَالْعُرْفِ كَرَفْعِ الْمَجْرُورِ وَنَصْبِهِ، وَالْخَفِيُّ خَطَأٌ يَعْرِضُ لِلَّفْظِ وَلَا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى بَلْ بِالْعُرْفِ كَتَرْكِ الْإِخْفَاءِ وَالْإِقْلَابِ وَالْغُنَّةِ، وَقَدْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا تَحْرُمُ الْقِرَاءَةُ بِالشَّوَاذِّ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا لَيْسَتْ قُرْآنًا؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ لِإِعْجَازِهِ النَّاسَ عَنْ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِ أَقْصَرِ سُورَةٍ تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ تَوَاتُرًا بَلْ حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى تَحْرِيمِهَا قَالَ الْعُلَمَاءُ مَنْ قَرَأَ بِالشَّاذِّ إنْ كَانَ جَاهِلًا بِتَحْرِيمِهِ عَرَفَ ذَلِكَ فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ كَانَ عَالِمًا بِهِ عُزِّرَ تَعْزِيرًا بَلِيغًا إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ عَنْ ذَلِكَ وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ قَادِرٍ عَلَى الْإِنْكَارِ أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهِ. وَمَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ مِنْ الشَّاذِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْلًا وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الْقِرَاءَةُ بِالْأَلْحَانِ إنْ أَخْرَجَتْ لَفْظَ

من قال لا أحد من آباء رسول الله أو آباء الأنبياء كان كافرا

الْقُرْآنِ عَنْ صِيغَتِهِ بِإِدْخَالِ حَرَكَاتٍ فِيهِ أَوْ إخْرَاجِ حَرَكَاتٍ عَنْهُ أَوْ قَصْرِ مَمْدُودٍ أَوْ مَدِّ مَقْصُورٍ يَفْسُقُ بِهِ الْقَارِئُ وَيَأْثَمُ بِهِ الْمُسْتَمِعُ؛ لِأَنَّهُ عَدَلَ بِهِ عَنْ نَهْجِهِ الْقَوِيمِ إلَى الِاعْوِجَاجِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} [الزمر: 28] . اهـ. وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ لَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ إلَّا بِمَا تَوَاتَرَ نَقْلُهُ وَاسْتَفَاضَ وَتَلَقَّتْهُ الْأَئِمَّةُ بِالْقَبُولِ كَالْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ فَإِنَّ الشَّرْطَ فِي ذَلِكَ الْيَقِينُ وَالْقَطْعُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ فَمَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ ذَلِكَ فَمَمْنُوعٌ مِنْهُ مَنْعَ تَحْرِيمٍ لَا مَنْعَ كَرَاهَةٍ وَمَمْنُوعٌ مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ وَمَمْنُوعٌ مِنْهُ مَنْ عَرَفَ الْمَصَادِرَ وَالْمَبَانِيَ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ وَعَلَى كُلِّ مَنْ قَدَرَ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ الْقِيَامُ بِوَاجِبِهِ. اهـ. [مَنْ قَالَ لَا أَحَدَ مِنْ آبَاءِ رَسُولِ اللَّهِ أَوْ آبَاءِ الْأَنْبِيَاءِ كَانَ كَافِرًا] (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لَا أَحَدَ مِنْ آبَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ آبَاءِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ كَافِرًا، وَأَنْكَرَ أَنْ يُقَالَ أَنَّ وَالِدَ إبْرَاهِيمَ كَانَ كَافِرًا وَذَكَرَ أَنَّ آزَرَ كَانَ عَمَّهُ وَمَا كَانَ أَبَاهُ هَلْ هُوَ مُصِيبٌ أَوْ مُخْطِئٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَائِلَ الْمَذْكُورَ مُخْطِئٌ فِي قَوْلِهِ مُتَّبِعٌ فِيهِ رَأْيَ الشِّيعَةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ وَلِمَا عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَغَيْرُهُمْ أَمَّا الْكِتَابُ الْعَزِيزُ فَلِقَوْلِهِ

{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 74] وَقَوْلِهِ {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} [التوبة: 114] وَقَوْلِهِ {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} [مريم: 41] {إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} [مريم: 42] ، وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ الْمَذْكُورُ: إنَّ آزَرَ كَانَ عَمَّ إبْرَاهِيمَ وَمَا كَانَ أَبَاهُ فَمَرْدُودٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ حَقِيقَتِهِ إلَى مَجَازِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِيهِ وَقَدْ اتَّفَقَتْ أَئِمَّةُ التَّفْسِيرِ، وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَغَيْرُهُمْ عَلَى أَنَّ أَبَا إبْرَاهِيمَ كَانَ كَافِرًا. وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي اسْمِهِ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَالضَّحَّاكُ وَالْكَلْبِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ اسْمُ أَبِي إبْرَاهِيمَ آزَرُ وَهُوَ تَارَحُ مِثْلُ إسْرَائِيلَ وَيَعْقُوبَ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ اسْمَهُ آزَرُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّ اسْمَهُ تَارَحُ وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ إنَّ أَبَا إبْرَاهِيمَ اسْمُهُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ تَارَحُ وَبِغَيْرِهَا آزَرُ وَقَالَ مُقَاتِلٌ وَغَيْرُهُ: آزَرُ لَقَبٌ لِأَبِي إبْرَاهِيمَ وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ فِي كِتَابِ الْعَرَائِسِ إنَّ اسْمَ أَبِي إبْرَاهِيمَ الَّذِي سَمَّاهُ أَبُوهُ تَارَحُ فَلَمَّا صَارَ مَعَ النُّمْرُودِ قَيِّمًا عَلَى خَزَائِنِهِ الْبَهِيَّةِ سَمَّاهُ آزَرَ وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَغَيْرُهُمَا: آزَرُ اسْمٌ لِلصَّنَمِ. وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْوَارِدَةُ بِكُفْرِ أَبِي إبْرَاهِيمَ كَثِيرَةٌ، وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ وَالدَّيْلَمِيُّ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ

رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «حَقُّ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ أَنْ لَا يُسَمِّيَهُ إلَّا بِمَا سَمَّى إبْرَاهِيمُ بِهِ أَبَاهُ حَيْثُ قَالَ يَا أَبَتِ وَلَا يُسَمِّيهِ بِاسْمِهِ» وَقَالَ السُّدِّيُّ دَخَلَ آزَرُ فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَدْ طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضِ فَوَاقَعَهَا فَحَمَلَتْ بِإِبْرَاهِيمَ وَقَالَ أَيْضًا خَرَجَ نُمْرُودُ بِالرِّجَالِ إلَى الْعَسْكَرِ وَنَحَّاهُمْ عَنْ النِّسَاءِ تَخَوُّفًا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْلُودِ فَمَكَثَ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ طَرَأَتْ لَهُ حَاجَةٌ فِي الْمَدِينَةِ فَلَمْ يَأْتَمِنْ عَلَيْهَا أَحَدًا مِنْ قَوْمِهِ إلَّا آزَرَ فَبَعَثَ إلَيْهِ وَدَعَاهُ وَقَالَ لَهُ إنَّ لِي حَاجَةً أَخْتَارُ أَنْ أُوصِيَك بِهَا وَلَا أَبْعَثُك فِيهَا إلَّا لِثِقَتِي بِك فَأَقْسَمْت عَلَيْك أَنْ لَا تَدْنُوَ مِنْ أَهْلِك فَقَالَ آزَرُ أَنَا أَشَحُّ عَلَى دِينِي مِنْ ذَلِكَ فَأَوْصَاهُ بِحَاجَتِهِ فَدَخَلَ الْمَدِينَةَ ثُمَّ قَضَى حَاجَتَهُ وَقَالَ لَوْ دَخَلْت عَلَى أَهْلِي فَنَظَرْت إلَيْهِمْ فَدَخَلَ فَلَمَّا نَظَرَ إلَى أُمِّ إبْرَاهِيمَ لَمْ يَتَمَالَكْ نَفْسَهُ حَتَّى وَاقَعَهَا فَحَمَلَتْ بِإِبْرَاهِيمَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: إنَّ آزَرَ سَأَلَ زَوْجَتَهُ عَنْ حَمْلِهَا بَعْدَ وِلَادَتِهَا مَا فَعَلَ فَقَالَتْ وَلَدْت غُلَامًا فَمَاتَ فَصَدَّقَهَا وَسَكَتَ عَنْهَا، وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ وَالِدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا بَلْ كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ بَعْثَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ قَبْلَ وِلَادَتِهِ. وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ اللَّهَ أَحْيَا أَبَوَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَوْتِهِمَا وَآمَنَا بِهِ أَوْ لَا

فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ فِي كِتَابِ السَّابِقِ وَاللَّاحِقِ، وَأَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ شَاهِينَ فِي كِتَابِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ لَهُ بِإِسْنَادَيْهِمَا عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «حَجَّ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَّةَ الْوَدَاعِ فَمَرَّ بِي عَلَى عَقَبَةِ الْحَجُونِ وَهُوَ بَاكٍ حَزِينٌ مُغْتَمٌّ فَبَكَيْت لِبُكَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ إنَّهُ طَعَنَ فَنَزَلَ فَقَالَ يَا حُمَيْرَاءُ اسْتَمْسِكِي فَاسْتَنَدْت إلَى جَنْبِ الْبَعِيرِ فَمَكَثَ عَنِّي طَوِيلًا مَلِيًّا ثُمَّ إنَّهُ عَادَ إلَيَّ وَهُوَ فَرِحٌ مُبْتَسِمٌ فَقُلْت لَهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ نَزَلْت مِنْ عِنْدِي، وَأَنْتَ بَاكٍ حَزِينٌ مُغْتَمٌّ فَبَكَيْت لِبُكَائِك يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ إنَّك عُدْت إلَيَّ، وَأَنْتَ فَرِحٌ تَبْتَسِمُ فَعَمَّ ذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ ذَهَبْتُ لِقَبْرِ أُمِّي آمِنَةَ فَسَأَلْت اللَّهَ رَبِّي أَنْ يُحْيِيَهَا فَأَحْيَاهَا فَآمَنَتْ بِي أَوْ قَالَ فَآمَنَتْ وَرَدَّهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» وَقَدْ ذَكَرَ نَسَبَهُ قَالَ مَجْهُولٌ السُّهَيْلِيُّ فِي الرَّوْضِ الْأُنُفِ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْيَا لَهُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَآمَنَا بِهِ وَهَذَا نَاسِخٌ لِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ أَبِي فَقَالَ فِي النَّارِ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ قَالَ إنَّ أَبِي، وَأَبَاك فِي النَّارِ» . وَحَدِيثِ مَسْلَمَةَ بْنِ بُرَيْدٍ الْجُعْفِيِّ وَفِيهِ فَلَمَّا رَأَى مَا دَخَلَ عَلَيَّ قَالَ وَأُمِّي مَعَ أُمِّك وَقَدْ قِيلَ إنَّ الْحَدِيثَ فِي إيمَانِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ مَوْضُوعٌ يَرُدُّهُ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ قَالَ تَعَالَى

{وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} [النساء: 18] وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [البقرة: 217] فَمَنْ مَاتَ كَافِرًا لَمْ يَنْفَعْهُ الْإِيمَانُ بَعْدَ الرَّجْعَةِ بَلْ لَوْ آمَنَ عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ لَمْ يَنْفَعْهُ فَكَيْفَ بَعْدَ الْإِعَادَةِ وَفِي التَّفْسِيرِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «لَيْتَ شِعْرِي مَا فَعَلَ أَبَوَايَ فَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} [البقرة: 119] » وَقَدْ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْخَطَّابِ مُحَمَّدُ بْنُ دِحْيَةَ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَذَلِكَ أَنَّ فَضَائِلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَصَائِصَهُ لَمْ تَزَلْ تَتَوَالَى وَتَتَتَابَعُ إلَى حِينِ مَمَاتِهِ فَيَكُونُ هَذَا مِمَّا فَضَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَكْرَمَهُ بِهِ وَلَيْسَ إحْيَاؤُهُمَا، وَإِيمَانُهُمَا بِهِ يَمْتَنِعُ عَقْلًا وَلَا شَرْعًا فَقَدْ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ إحْيَاءُ قَتِيلِ بَنِي إسْرَائِيلَ، وَإِخْبَارُهُ بِقَاتِلِهِ وَكَانَ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُحْيِي الْمَوْتَى وَكَذَلِكَ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْيَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدَيْهِ جَمَاعَةً مِنْ الْمَوْتَى فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ إيمَانِهِمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا زِيَادَةً فِي كَرَامَتِهِ وَفَضِيلَتِهِ مَعَ مَا وَرَدَ مِنْ الْخَبَرِ فِي ذَلِكَ فَيَكُونُ ذَلِكَ خُصُوصًا فِيمَنْ مَاتَ كَافِرًا وَقَوْلُهُ فَمَنْ مَاتَ كَافِرًا إلَى آخِرِ كَلَامِهِ مَرْدُودٌ لِمَا رُوِيَ مِنْ الْخَبَرِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَدَّ الشَّمْسَ عَلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَغِيبِهَا ذَكَرَهُ أَبُو حَفْصٍ الطَّحَاوِيُّ وَقَالَ إنَّهُ حَدِيثُ ثَابِتٍ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ رُجُوعُ

الشَّمْسِ نَافِعًا، وَأَنَّهُ لَا يَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الْوَقْتِ لَمَا رَدَّهَا عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ يَكُونُ إحْيَاءُ أَبَوَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَافِعًا لِإِيمَانِهِمَا وَتَصْدِيقِهِمَا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قَبِلَ اللَّهُ تَعَالَى إيمَانَ قَوْمِ يُونُسَ وَتَوْبَتَهُمْ مَعَ تَلَبُّسِهِمْ بِالْعَذَابِ فِيمَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْأَقْوَالِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ. وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ الْآيَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ قَبْلَ إيمَانِهِمْ وَكَوْنِهِمَا فِي الْعَذَابِ. اهـ. وَقَالَ الْحَافِظُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ نَاصِرٍ الدِّمَشْقِيُّ: حَبَا اللَّهُ النَّبِيَّ مَزِيدَ فَضْلٍ ... عَلَى فَضْلٍ وَكَانَ بِهِ رَءُوفًا فَأَحْيَا أُمَّهُ وَكَذَا أَبَاهُ ... لِإِيمَانٍ بِهِ فَضْلًا لَطِيفًا فَسَلِّمْ فَالْقَدِيمُ بِذَا قَدِيرٌ ، وَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ بِهِ ضَعِيفًا وَحِينَئِذٍ فَقَدْ صَارُوا مِنْ السُّعَدَاءِ الْفَائِزِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» وقَوْله تَعَالَى {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5] وَمِنْ رِضَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا يَدْخُلَ أَحَدٌ مِنْ أَبَوَيْهِ النَّارَ وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سَأَلْت رَبِّي أَنْ لَا يُدْخِلَ النَّارَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَأَعْطَانِي ذَلِكَ» أَوْرَدَهُ الْحَافِظُ مُحِبُّ الدِّينِ الطَّبَرِيُّ فِي كِتَابِهِ ذَخَائِرِ الْعُقْبَى وَلِهَذَا لَمَّا سُئِلَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ إنَّ أَبَا النَّبِيِّ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّارِ فَأَجَابَ بِأَنَّ مَنْ قَالَ إنَّ أَبَا النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّارِ فَهُوَ مَلْعُونٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [الأحزاب: 57] قَالَ وَلَا أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُقَالَ عَنْ أَبِيهِ إنَّهُ فِي النَّارِ فَإِنْ قِيلَ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى كَوْنِهِمَا لَمْ يَكُونَا كَافِرَيْنِ أَنَّهُمَا مَاتَا قَبْلَ الْبَعْثَةِ وَلَا تَعْذِيبَ قَبْلَهَا لِقَوْلِهِ {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا} [الإسراء: 15] وَقَدْ أَطْبَقَتْ أَئِمَّةُ الْأَشْعَرِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْأُصُولِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ يَمُوتُ نَاجِيًا، وَأَنَّهُ لَا يُقَاتَلُ حَتَّى يُدْعَى إلَى الْإِسْلَامِ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا تَمَسُّكَ لِهَذَا الْقَائِلِ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَإِنَّ مَعْنَى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا} [الإسراء: 15] يُبَيِّنُ الْحُجَجَ وَيُمَهِّدُ الشَّرَائِعَ فَمَدْلُولُهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ بِبَعْثِهِ أَحَدًا مِنْ رُسُلِهِ وَيُسَمَّى ذَلِكَ الزَّمَنُ زَمَنَ الْفَتْرَةِ فَالزَّمَنُ الَّذِي بَيْنَ بَعْثَةِ عِيسَى وَبَعْثَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ زَمَنَ فَتْرَةٍ؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَزَالُوا مُتَعَبِّدِينَ بِشَرِيعَةِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى نُسِخَتْ بِشَرِيعَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَبُوهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ حَالَ تَعَبُّدِهِمْ بِشَرِيعَةِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِهَذَا قَالَ أَئِمَّتُنَا

مَنْ دَخَلَ آبَاؤُهُ فِي دِينِ الْيَهُودِيَّةِ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُقِرَّ بِالْجِزْيَةِ؛ لِأَنَّهُمْ تَمَسَّكُوا بِدِينٍ بَاطِلٍ وَسَقَطَتْ فَضِيلَةٌ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ فِي كِتَابِ الْإِصَابَةِ: وَبَحِيرَاءُ الرَّاهِبُ الَّذِي بَشَّرَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَدْرِي أَدْرَكَ الْبَعْثَةَ أَمْ لَا وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ مَنْدَهْ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابَيْهِمَا فِي الصَّحَابَةِ وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ مَاتَ عَلَى دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ قَبْلَ نَسْخِهِ بِالْبَعْثَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ فَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ} [الشعراء: 218] {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء: 219] فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمَّا فُرِضَ قِيَامُ اللَّيْلِ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بُيُوتِ الصَّحَابَةِ لِيَنْظُرَ مَاذَا يَصْنَعُونَ لِشِدَّةِ حِرْصِهِ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْهُمْ مِنْ الطَّاعَاتِ فَوَجَدَهَا كَبُيُوتِ الزَّنَانِيرِ لِكَثْرَةِ مَا سُمِعَ مِنْ قِرَاءَتِهِمْ وَتَسْبِيحِهِمْ وَتَهْلِيلِهِمْ فَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء: 219] طَوَافُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى السَّاجِدِينَ أَوْ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْجَمَاعَةِ فَتَقَلُّبُهُ فِي السَّاجِدِينَ كَوْنُهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَمُخْتَلِطًا بِهِمْ حَالَ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَخْفَى حَالُك عَلَى اللَّهِ تَعَالَى كُلَّمَا قُمْت وَتَقَلَّبْت فِي السَّاجِدِينَ أَيْ مَعَهُمْ فِي الِاشْتِغَالِ بِأُمُورِ الدِّينِ أَوْ أَنَّ مَعْنَاهُ تَقَلُّبُ بَصَرِهِ فِيمَنْ يُصَلِّي خَلْفَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَتِمُّوا

الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي» . وَأَمَّا قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَالزُّهْرِيِّ وَابْنِ مُحَيْصِنٍ قَوْله تَعَالَى {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 128] بِفَتْحِ الْفَاءِ فَمَعْنَاهُ مِنْ أَشْرَفِكُمْ، وَأَفْضَلِكُمْ، وَأَعَزِّكُمْ نَسَبًا كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي سُؤَالِ هِرَقْلَ لِأَبِي سُفْيَانَ قَالَ «كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟ قُلْتُ هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ قَالَ هِرَقْلُ وَكَذَلِكَ تُبْعَثُ الرُّسُلُ فِي نَسَبٍ مِنْ قَوْمِهَا» . وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمْ أَزَلِ أُنْقَلُ مِنْ أَصْلَابِ الطَّاهِرِينَ إلَى أَرْحَامِ الطَّاهِرَاتِ» فَمَعْنَاهُ لَمْ يَقَعْ فِي نَسَبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا كَانَ سِفَاحًا فَقَدْ قَالَ الْكَلْبِيُّ كَتَبْت لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسَمِائَةِ أُمٍّ فَمَا وَجَدْت فِيهِ سِفَاحًا وَلَا شَيْئًا مِمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ فَإِنْ قِيلَ قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ} [الأنعام: 74] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ آزَرَ كَانَ عَمَّهُ لَا أَبَاهُ؛ لِأَنَّهُ قُرِئَ آزَرُ بِضَمِّ الرَّاءِ عَلَى النِّدَاءِ وَبَدْءُ الْأَبِ بِالِاسْمِ الْأَصْلِيِّ مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْإِيذَاءِ وَقَدْ حَكَى تَعَالَى عَنْ إبْرَاهِيمَ الْحِلْمَ فَقَالَ {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} [هود: 75] وَكَيْفَ يَلِيقُ بِالرَّجُلِ الْحَلِيمِ مِثْلُ هَذَا الْجَفَاءِ لِأَبِيهِ وَقَالَ تَعَالَى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23] وَقَالَ {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: 23] . وَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى مُوسَى إلَى فِرْعَوْنَ أَمَرَهُ

بِالرِّفْقِ مَعَهُ فَقَالَ {فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا} [طه: 44] وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنْ يَصِيرَ ذَلِكَ رِعَايَةً لِحَقِّ تَرْبِيَتِهِ إيَّاهُ فَالْأَبُ أَوْلَى بِالرِّفْقِ فَالْجَوَابُ أَنَّ أَبَاهُ لَمَّا كَانَ مُصِرًّا عَلَى كُفْرِهِ اسْتَحَقَّ التَّغْلِيظَ، وَأَنْ يُخَاطَبَ بِالْغِلْظَةِ زَجْرًا لَهُ عَنْ ذَلِكَ الْقَبِيحِ وَقَدْ قَالَ فُقَهَاؤُنَا: يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ قَتْلُ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ الْحَرْبِيِّ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَحْرَمًا لَهُ أَوْ غَيْرَ مَحْرَمٍ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُ يَسُبُّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يُكْرَهُ لَهُ قَتْلُهُ وَبِالْجُمْلَةِ فَيَنْبَغِي لِذَلِكَ الْقَائِلِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ الْمُوَافِقِ لِأَهْلِ الْبِدْعَةِ إلَى اعْتِقَادِ الْحَقِّ الَّذِي أَطْبَقَ عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إلَّا وَاحِدَةً وَهِيَ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي» . وَلَا شَكَّ أَنَّ الشِّيعَةَ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» وَعَنْ أَبِي سُرَيْجٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَلَيْسَ تَشْهَدُونَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ قَالُوا بَلَى قَالَ إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ طَرَفُهُ بِيَدِ اللَّهِ وَطَرَفُهُ بِأَيْدِيكُمْ

هل ورد أن النبي زوج بنته زينب لكافر وكانت كافرة

فَتَمَسَّكُوا بِهِ فَإِنَّكُمْ لَنْ تَضِلُّوا وَلَنْ تَهْلِكُوا بَعْدَهُ أَبَدًا» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَمَسَّكَ بِسُنَّتِي عِنْدَ فَسَادِ أُمَّتِي فَلَهُ أَجْرُ مِائَةِ شَهِيدٍ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الِاقْتِصَادُ فِي السُّنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ الِاجْتِهَادِ فِي الْبِدْعَةِ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنِّي أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي مِنْ ثَلَاثٍ مِنْ زَلَّةِ عَالِمٍ وَمِنْ هَوًى مُتَّبَعٍ وَمِنْ حَكَمٍ جَائِرٍ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ حَجَبَ التَّوْبَةَ عَنْ كُلِّ صَاحِبِ بِدْعَةٍ حَتَّى يَدَعَ بِدْعَتَهُ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ تَعَالَى لِصَاحِبِ بِدْعَةٍ صَوْمًا وَلَا حَجًّا وَلَا عُمْرَةً وَلَا جِهَادًا وَلَا صَرْفًا وَلَا عَدْلًا يَخْرُجُ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا تَخْرُجُ الشَّعْرَةُ مِنْ الْعَجِينِ» . وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَقَدْ تَرَكَتْكُمْ مِثْلَ الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا مِثْلُ نَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا إلَّا هَالِكٌ» [هَلْ وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ زَوَّجَ بِنْتَهُ زَيْنَبَ لِكَافِرٍ وَكَانَتْ كَافِرَةً] (سُئِلَ) هَلْ وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَ بِنْتَهُ زَيْنَبَ لِكَافِرٍ وَكَانَتْ كَافِرَةً أَمْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ بِوُرُودِهِ فَهَلْ هَذَا قَبْلَ النُّبُوَّةِ أَمْ بَعْدَهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ وَرَدَ أَنَّ سَيِّدَتَنَا زَيْنَبَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

هَاجَرَتْ وَتَخَلَّفَ زَوْجُهَا أَبُو الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ كَافِرًا بِمَكَّةَ وَلَمْ يَنْقَطِعْ نِكَاحُهَا بِهِجْرَتِهَا وَلَمْ يَكُنْ مَوْقُوفًا عَلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ لَمْ يَكُنْ شُرِعَ حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ تَحْرِيمِ الْمُسْلِمَاتِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ فَلَمَّا نَزَلَتْ تَوَقَّفَ نِكَاحُهَا عَلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَلَمْ تَلْبَثْ إلَّا يَسِيرًا حَتَّى جَاءَ أَبُو الْعَاصِ، وَأَظْهَرَ إسْلَامَهُ فَرَدَّهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنِكَاحِهَا الْأَوَّلِ فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ تَوَقُّفِ نِكَاحِهَا عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَبَيْنَ إسْلَامِهِ إلَّا الْيَسِيرُ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ هِجْرَتِهِ وَإِسْلَامِهَا سِتُّ سِنِينَ وَكَانَ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ النُّبُوَّةِ. (سُئِلَ) هَلْ الِاشْتِغَالُ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَفْضَلُ مَا قُلْت أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» أَوْ الِاشْتِغَالُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ» وَلِتَحْرِيمِ قِرَاءَتِهِ عَلَى ذِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَمَسِّ مَا كُتِبَ فِيهِ وَحَمْلِهِ عَلَى الْمُحْدِثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْقُرْآنِ فَتَفْضِيلُهَا عَلَى بَقِيَّةِ كَلَامِهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ تَفْضِيلِ بَعْضِ الْقُرْآنِ عَلَى بَعْضٍ وَهُوَ صَحِيحٌ وَرَدَتْ بِهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ لَا مِنْ بَابِ

أفضل نساء النبي

تَفْضِيلِ غَيْرِ الْقُرْآنِ عَلَى الْقُرْآنِ وَانْدَفَعَ السُّؤَالُ. [أَفْضَل نِسَاء النَّبِيّ] (سُئِلَ) هَلْ الْأَفْضَلُ فِي نِسَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَائِشَةُ أَمْ خَدِيجَةُ وَهَلْ الْأَفْضَلُ خَدِيجَةُ أَمْ فَاطِمَةُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَفْضَلَ مِنْ نِسَائِهِ سَيِّدَتُنَا خَدِيجَةُ ثُمَّ عَائِشَةُ وَفَاطِمَةُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهَا بَضْعَةٌ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ لَا أُفَضِّلُ عَلَى بَضْعَةٍ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدًا. (سُئِلَ) عَنْ الْجَوَابِ عَنْ قَوْلِ النَّوَوِيِّ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُوُفِّيَ ضُحَى يَوْمِ الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشَرَةَ خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إحْدَى عَشْرَةَ مِنْ الْهِجْرَةِ حَيْثُ اعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ مَا قَالَهُ خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ مَعَ كَوْنِ الْوَقْفَةِ بِعَرَفَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَا عَلَى تَقْدِيرِ تَمَامِ الشُّهُورِ وَلَا عَلَى تَقْدِيرِ نَقْصِهَا وَلَا عَلَى تَقْدِيرِ تَمَامِ بَعْضِهَا وَنَقْصِ بَعْضِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ أُجِيبَ عَنْ اعْتِرَاضِهِ بِأَنَّهُ عَجِيبٌ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُوُفِّيَ فِي الثَّالِثَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ إذَا خَلَا ثِنْتَا عَشْرَةَ ثُمَّ تُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ ضُحَى يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ثَالِثَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ عَلَى تَقْدِيرِ تَمَامِ تِلْكَ الْأَشْهُرِ. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ إنَّ الِاحْتِلَامَ إنْ كَانَ مِنْ الشَّيْطَانِ لَمْ يَجُزْ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنْ كَانَ بِسَبَبِ بَرْدٍ أَوْ

هل يحشر السقط الذي لم ينفخ فيه الروح

ضَعْفٍ فَيَجُوزُ هُوَ مُصِيبٌ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ الْأَئِمَّةُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاحْتِلَامُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ مِنْ الشَّيْطَانِ وَهُمْ مَعْصُومُونَ. اهـ. وَحَقِيقَةُ الِاحْتِلَامِ نُزُولُ الْمَنِيِّ فِي النَّوْمِ فَأَفَادَ تَعْلِيلُهُمْ أَنَّ خُرُوجَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ سَبَبُهُ الشَّيْطَانَ، وَإِنَّمَا كَانَ بِسَبَبِ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ صُدُورُهُ مِنْهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَحِينَئِذٍ فَالْقَائِلُ مُصِيبٌ. [هَلْ يحشر السقط الَّذِي لَمْ ينفخ فِيهِ الرُّوح] (سُئِلَ) عَنْ السِّقْطِ الَّذِي لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ هَلْ يُحْشَرُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُحْشَرُ ذَلِكَ السِّقْطُ فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الصُّورَ قَرْنٌ مِنْ نُورٍ يُجْعَلُ فِيهِ الرُّوحُ يُقَالُ إنَّ فِيهِ ثَقْبًا عَلَى عَدَدِ أَرْوَاحِ الْخَلَائِقِ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ ذَهَبَ كُلُّ رُوحٍ إلَى جَسَدِهِ {فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ} [يس: 51] أَيْ الْقُبُورِ {يَنْسِلُونَ} [يس: 51] فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ لَمْ تُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ لَا يُحْشَرُ. [يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ هَلْ يَجُوزُ لَعْنُهُ] (سُئِلَ) عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ هَلْ يَجُوزُ لَعْنُهُ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ سِبْطَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ أَمَرَ بِقَتْلِهِ أَوْ لَا يَجُوزُ لَعْنُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ وَلَا أَمَرَ بِقَتْلِهِ وَفِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُلْجَمٍ الَّذِي قَتَلَ عَلِيًّا هَلْ هُوَ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَعْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ لَعْنِ الْمُصَلِّينَ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ

الْقِبْلَةِ وَلَا يُخَالِفُهُ قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ اللَّعْنِ عَلَى مَنْ قَتَلَ الْحُسَيْنَ أَوْ أَمَرَ بِهِ أَوْ أَجَازَهُ أَوْ رَضِيَ بِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ عَلَى وَجْهِ التَّعْمِيمِ وَهُوَ لَعْنُ الطَّوَائِفِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ بِالْأَوْصَافِ دُونَ تَعْيِينِ الْإِنْسَانِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ «لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَآكِلَ ثَمَنِهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ بَلْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ قَتَلَ الْحُسَيْنَ وَلَا أَمَرَ بِقَتْلِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ حُجَّةُ الْإِسْلَامِ الْغَزَالِيُّ وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ لَا يَجُوزُ لَعْنُ يَزِيدَ وَلَا تَكْفِيرُهُ فَإِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُؤْمِنِينَ إنْ شَاءَ رَحِمَهُ. وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا وَقَدْ طَعَنَ الْحُسَيْنَ سِنَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ فَأَلْقَاهُ عَنْ فَرَسِهِ، وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ خولي بْنُ يَزِيدَ بْنِ حِمْيَرٍ وَنَزَلَ لِيَحُزَّ رَأْسَهُ فَأَرْعَدَتْ يَدَاهُ فَنَزَلَ أَخُوهُ شِبْلُ بْنُ يَزِيدَ فَاحْتَزَّ رَأْسَهُ وَدَفَعَهُ إلَى أَخِيهِ خولي وَلَمَّا قَدِمُوا بِهِ عَلَى يَزِيدَ وَذَكَرُوا لَهُ قَتْلَهُ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ وَقَالَ وَيْحَكُمْ كُنْت أَرْضَى مِنْ طَاعَتِكُمْ بِدُونِ قَتْلِ الْحُسَيْنِ لَعَنَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ أَمَا وَاَللَّهِ لَوْ كُنْت صَاحِبَهُ لَعَفَوْت عَنْهُ ثُمَّ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَغَفَرَ لَهُ وَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فِي السَّبْيِ قَالَ حُلُّوا عَنْهُمْ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ الْبَابَ، وَأَمَالَ الْمَطْبَخَ وَكَسَاهُمْ

وَأَخْرَجَ لَهُمْ جَوَائِزَ كَثِيرَةً ثُمَّ قَالَ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ابْنِ مَرْجَانَةَ نَسَبٌ مَا قَتَلَهُمْ ثُمَّ رَدَّهُمْ إلَى الْمَدِينَةِ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْته رَدُّ مَا قَدِمَ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ عَلَيْهِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِلَعْنِ يَزِيدَ عَلَى التَّعْيِينِ مُسْتَنِدًا إلَى أَنَّ تَفَاصِيلَ مَا نُقِلَ عَنْهُ مِنْ رِضَاهُ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ وَاسْتِبْشَارِهِ بِهِ قَدْ تَوَاتَرَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا. اهـ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: اعْلَمْ أَنَّك فِي هَذَا الْمَقَامِ بَيْنَ أَنْ تُسِيءَ الظَّنَّ بِمُسْلِمٍ وَتَطْعَنَ فِيهِ وَتَكُونَ كَاذِبًا أَوْ تُحْسِنَ الظَّنَّ بِهِ وَتَكُفَّ لِسَانَك عَنْ الطَّعْنِ فِيهِ، وَأَنْتَ مُخْطِئٌ فَالْخَطَأُ فِي حُسْنِ الظَّنِّ بِالْمُسْلِمِينَ أَسْلَمُ مِنْ الصَّوَابِ بِالطَّعْنِ فِيهِمْ فَلَوْ سَكَتَ إنْسَانٌ عَنْ لَعْنِ إبْلِيسَ أَوْ لَعْنِ أَبِي جَهْلٍ أَوْ أَبِي لَهَبٍ أَوْ أَحَدٍ مِنْ الْأَشْرَارِ طُولَ عُمْرِهِ لَمْ يَضُرَّهُ السُّكُوتُ وَلَوْ هَفَا هَفْوَةً بِالطَّعْنِ فِي مُسْلِمٍ بِمَا هُوَ بَرِيءٌ عِنْدَ اللَّهِ مِنْهُ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْهَلَاكِ، وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الَّذِي قَتَلَ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ فَهُوَ مُسْلِمٌ مِنْ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّهُ قَتَلَهُ مُتَأَوِّلًا بِأَنَّهُ وَكِيلُ امْرَأَةٍ قَتَلَ عَلِيٌّ أَبَاهَا فَاقْتَصَّ مِنْهُ يَعْنِي مُتَأَوِّلًا عِنْدَ نَفْسِهِ فِيمَا كَانَ مُخْطِئًا فِيهِ وَفِيمَا لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ يَتَأَوَّلُ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَأَوَّلَ وَقَدْ قَطَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ يَدَيْهِ

هل يحرم الاشتغال بعلم المنطق

وَرِجْلَيْهِ فَلَمْ يَجْزَعْ ثُمَّ أَرَادُوا قَطْعَ لِسَانِهِ فَجَزِعَ فَقِيلَ لَهُ لِمَ لَا جَزِعْت لِقَطْعِ يَدَيْك وَرِجْلَيْك وَجَزِعْت لِقَطْعِ لِسَانِك فَقَالَ إنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ تَمُرَّ سَاعَةٌ مِنْ نَهَارٍ وَلَا أَذْكُرُ فِيهَا اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى. [هَلْ يَحْرُمُ الِاشْتِغَالُ بِعِلْمِ الْمَنْطِقِ] (سُئِلَ) هَلْ يَحْرُمُ الِاشْتِغَالُ بِعِلْمِ الْمَنْطِقِ وَكَانَ الْفَارَابِيُّ يُسَمِّيهِ رَئِيسَ الْعُلُومِ، وَأَنْكَرَهُ ابْنُ سِينَا وَقَالَ هُوَ خَادِمُهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ فِي الِاشْتِغَالِ بِهِ ثَلَاثَةَ مَذَاهِبَ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ: يَحْرُمُ الِاشْتِغَالُ بِهِ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ لَا يُوثَقُ بِعُلُومِهِ وَالْمُخْتَارُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ جَوَازُهُ لِمَنْ وَثِقَ بِصِحَّةِ ذِهْنِهِ وَمَارَسَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَغَايَتُهُ عِصْمَةُ الْإِنْسَانِ عَنْ أَنْ يَضِلَّ فَكُرِهَ وَنِسْبَتُهُ إلَى الْمَعَانِي كَنِسْبَةِ النَّحْوِ إلَى الْأَلْفَاظِ وَهُوَ آلَةٌ لِغَيْرِهِ مِنْ الْعُلُومِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى آلَةٍ أُخْرَى. (سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ مِنْ كَرَامَاتِ الْوَلِيِّ أَنْ يَقُولَ لِلشَّيْءِ كُنْ فَيَكُونُ فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ فَعَقِيدَتُهُ فَاسِدَةٌ فَهَلْ مَا ادَّعَاهُ صَحِيحٌ أَوْ بَاطِلٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا قَالَهُ صَحِيحٌ إذْ الْكَرَامَةُ الْأَمْرُ الْخَارِقُ لِلْعَادَةِ يُظْهِرُهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدِ وَلِيِّهِ وَقَدْ قَالَ الْأَئِمَّةُ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مُعْجِزَةً لِنَبِيٍّ جَازَ أَنْ يَكُونَ كَرَامَةً لِوَلِيٍّ لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا إلَّا التَّحَدِّيَ فَمَرْجِعُ الْكَرَامَةِ إلَى قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى نَعَمْ إنْ أَرَادَ اسْتِقْلَالَ الْوَلِيِّ بِذَلِكَ فَهُوَ كَافِرٌ. [هَلْ الْمَلَائِكَةُ وَالْجِنُّ يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ] (سُئِلَ) عَمَّا

أَفْتَى بِهِ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُعْتَمَدٌ وَهَلْ الْجِنُّ كَذَلِكَ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ وَهَلْ النَّاسُ يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْجَنَّةِ أَمْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ السُّيُوطِيّ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا يَرَوْنَ رَبَّهُمْ وَاحْتَجَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [الأنعام: 103] وَقَدْ اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ الْمُؤْمِنُونَ فَبَقِيَ عَلَى عُمُومِهِ فِي الْمَلَائِكَةِ. اهـ. وَمَا اُحْتِيجَ بِهِ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَيْسُوا بِمُؤْمِنِينَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي حَقِّ الْكُفَّارِ {كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15] ذَكَرَ ذَلِكَ تَحْقِيرًا لِشَأْنِهِمْ فَلَزِمَ مِنْهُ كَوْنُ الْمُؤْمِنِينَ مُبَرَّئِينَ مِنْهُ وَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونُوا مَحْجُوبِينَ عَنْهُ بَلْ رَائِينَ لَهُ قَالَ الْحَسَنُ: وَكَمَا حَجَبَ الْكُفَّارَ فِي الدُّنْيَا عَنْ تَوْحِيدِهِ حَجَبَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَنْ رُؤْيَتِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَمَّا حَجَبَ أَعْدَاءَهُ فَلَمْ تَرَهُ تَجَلَّى لِأَوْلِيَائِهِ رَأَوْهُ وَقَالَ تَعَالَى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} [القيامة: 22] {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 23] وَقَالَ تَعَالَى {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يُرِيدُ لِلَّذِينَ قَالُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى

{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] فَقَالَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا هُمْ أَهْلُ التَّوْحِيدِ وَالْحُسْنَى الْجَنَّةُ وَالزِّيَادَةُ الرُّؤْيَةُ إلَى وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى» . وَرُوِيَ عَنْ «النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْعَمَلَ فِي الدُّنْيَا الْجَنَّةُ وَالزِّيَادَةُ النَّظَرُ إلَى وَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ» وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّوْحِيدِ؛ لِأَنَّ مَنْ اتَّقَى اللَّهَ تَعَالَى لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا فَقَدْ أَحْسَنَ الْعَمَلَ وَلَا شَكَّ أَنَّ كُلَّ مَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ يَتَمَتَّعُ بِالنَّظَرِ إلَى وَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ وَيَتَفَاوَتُونَ فِي ذَلِكَ، وَأَعْلَاهُمْ مَنْ نَظَرَ إلَى رَبِّهِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا كَمَا فِي الصَّحِيحِ وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ الْحُسْنَى الْجَنَّةُ وَالزِّيَادَةُ النَّظَرُ إلَى وَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا وَتُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنْجِينَا مِنْ النَّارِ قَالَ فَيَكْشِفُ اللَّهُ لَهُمْ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ مِنْ النَّظَرِ إلَى رَبِّهِمْ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] » . وَعَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُنَادِيًا يُنَادِي يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ بِصَوْتٍ يُسْمِعُ أَوَّلَهُمْ وَآخِرَهُمْ إنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةً، الْحُسْنَى الْجَنَّةُ وَالزِّيَادَةُ النَّظَرُ إلَى وَجْهِ الرَّحْمَنِ» وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

«أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَنْظُرُونَ إلَى رَبِّهِمْ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ» وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ مُؤْمِنِي الْجِنِّ يَرَوْنَهُ أَيْضًا، وَأَنَّ رُؤْيَةَ الْمُؤْمِنِينَ لَهُ تَعَالَى إنَّمَا هِيَ فِي الْجَنَّةِ. (سُئِلَ) هَلْ ثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْخَيْرُ فِي وَفِي أُمَّتِي إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ لَا أَعْرِفُهُ. اهـ. وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ ثَابِتٌ فِي أَحَادِيثَ مِنْهَا حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ بِطُرُقٍ «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ» أَيْ السَّاعَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ وَحَدِيثُ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ «لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ» . (سُئِلَ) هَلْ ثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ عُلَمَاءُ أُمَّتِي كَأَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ قَدْ اُشْتُهِرَ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُخَرِّجٌ وَلَمْ يُوجَدْ فِي كِتَابٍ مُعْتَبَرٍ وَلَكِنْ يُؤْخَذُ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَصْحَابِ السُّنَنِ وَغَيْرِهِمْ «الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ» . (سُئِلَ) هَلْ ثَبَتَ أَنَّهُ قَالَ إنَّ اللَّهَ يَسْتَحْيِي أَنْ يُعَذِّبَ عَبْدًا بِمَسْأَلَةٍ قَالَ بِهَا عَالِمٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَمْ يَرَ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ فِي حَدِيثٍ وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ بِهَا مُقَلِّدًا لَهُ فِيهَا وَيُغْنِي عَنْهُ «اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ لِلنَّاسِ» رَوَاهُ الشَّيْخُ نَصْرُ الْمَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِ الْحُجَّةِ مَرْفُوعًا وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمَدْخَلِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِنْ قَوْلِهِ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ

هل ترى المؤمنات ربهن في الآخرة

نَحْوَهُ، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَا سَرَّنِي لَوْ أَنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَخْتَلِفُوا؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَخْتَلِفُوا لَمْ تَكُنْ رُخْصَةٌ. اهـ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْأَحْكَامِ. (سُئِلَ) هَلْ ثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَنْ أَكَلَ مَعَ مَغْفُورٍ لَهُ غُفِرَ لَهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يَرْوِيهَا الْقُصَّاصُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَكَلَ مَعَ غَفُورٍ غُفِرَ لَهُ» وَلَيْسَ لَهُ إسْنَادٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا هُوَ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا يَرْوُونَهُ عَنْ سِنَانٍ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ صَحِيحًا عَلَى الْإِطْلَاقِ فَقَدْ يَأْكُلُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ. [هَلْ ترى الْمُؤْمِنَات رَبّهنَّ فِي الْآخِرَة] (سُئِلَ) هَلْ تَرَى الْمُؤْمِنَاتُ رَبَّهُنَّ فِي الْآخِرَةِ كَالْمُؤْمِنِينَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ نَعَمْ. [أَيْ السَّمَاوَات وَالْأَرْضِينَ أَفْضَل] (سُئِلَ) أَيُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِينَ أَفْضَلُ؟ (فَأَجَابَ) أَخْرَجَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ فِي كِتَابِ الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ سَيِّدُ السَّمَوَاتِ السَّمَاءُ الَّتِي فِيهَا الْعَرْشُ وَسَيِّدُ الْأَرْضِينَ الَّتِي نَحْنُ عَلَيْهَا. اهـ. وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ السَّمَاءَ الْأُولَى أَفْضَلُ مِمَّا سِوَاهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} [الملك: 5] . (سُئِلَ) هَلْ يُكْرَهُ إفْرَادُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْآلِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ خَالِدٌ فِي شَرْحِ التَّوْضِيحِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ)

هل سجود الملائكة لآدم على جباههم أو كان انحناء

بِأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ كَثِيرُونَ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِهِ. [هَلْ سُجُودُ الْمَلَائِكَةِ لِآدَمَ عَلَى جِبَاهِهِمْ أَوْ كَانَ انْحِنَاءً] (سُئِلَ) هَلْ سُجُودُ الْمَلَائِكَةِ لِآدَمَ عَلَى جِبَاهِهِمْ أَوْ كَانَ انْحِنَاءً؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ قَالَ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيُّ وَالْمَأْمُورُ بِهِ إمَّا الْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ فَالْمَسْجُودُ لَهُ بِالْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَجَعْلُ آدَمَ قِبْلَةَ سُجُودِهِمْ تَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ أَوْ سَبَبًا لِوُجُوبِهِ، وَإِمَّا الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ وَهُوَ التَّوَاضُعُ لِآدَمَ تَحِيَّةً وَتَعْظِيمًا لَهُ كَسُجُودِ إخْوَةِ يُوسُفَ لَهُ لَا سُجُودَ عِبَادَةٍ إبْقَاءً لَهُ عَلَى أَصْلِهِ وَهُوَ الْخُضُوعُ وَالتَّذَلُّلُ أَوْ الْمُرَادُ السُّجُودُ الَّذِي فِي الصَّلَاةِ لَكِنْ لِلَّهِ وَآدَمُ قِبْلَةٌ لَهُ كَمَا جُعِلَتْ الْقِبْلَةُ قِبْلَةً فِي الصَّلَاةِ فَكَانَ السُّجُودُ طَاعَةً لِلَّهِ تَعَالَى وَتَكْرِيمًا لِآدَمَ بِالسُّجُودِ إلَيْهِ. اهـ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ سُجُودَ الْمَلَائِكَةِ إيمَاءٌ وَخُضُوعٌ ذَكَرَهُ النَّقَّاشُ وَغَيْرُهُ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا وَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ خِلَافُ مَا فِي الرَّوْضَةِ مَا الْمُعْتَمَدُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي حَقِّ مَنْ لَيْسَ لَهُ أَهْلِيَّةُ تَرْجِيحِ أَحَدِ الدَّلِيلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مَا فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّ النَّوَوِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُتَتَبِّعٌ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ لَا مُخْتَصِرٌ لِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ. [الْمَطَرِ هَلْ يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْ مِنْ السَّحَابِ] (سُئِلَ) عَنْ الْمَطَرِ هَلْ يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْ مِنْ السَّحَابِ أَوْ تُجَوِّزُونَ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ الشَّيْءَ يُؤَثِّرُ فِي الْأَرْضِ فَتَخْرُجُ مِنْهَا

أَبْخِرَةٌ مُتَصَاعِدَةٌ فَإِذَا وَصَلَتْ إلَى الْجَوِّ بَرَدَتْ فَثَقُلَتْ فَنَزَلَتْ إلَى ضِيقِ الْمَرْكَزِ فَاتَّصَلَتْ فَتَوَلَّدَ مِنْ اتِّصَالِ بَعْضِ الذَّرَّاتِ بِالْبَعْضِ قَطَرَاتُ الْمَطَرِ فَمَا الرَّاجِحُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَطَرُ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ بَلْ يَبْتَدِئُ نُزُولُهُ مِنْ السَّمَاءِ إلَى السَّحَابِ وَمِنْهُ إلَى الْأَرْضِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ ظَوَاهِرُ الْآيَاتِ وَالْآثَارِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ - وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} [البقرة: 19 - 22] {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا - وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ - أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ - وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ} [النور: 48 - 43] {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} [الذاريات: 22] وَأَخْرَجَ الشَّيْخُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الْعَظَمَةِ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمَطَرِ مِنْ السَّمَاءِ أَمْ مِنْ السَّحَابِ قَالَ مِنْ السَّمَاءِ فَالسَّحَابُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْمَاءُ مِنْ السَّمَاءِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ الْمَطَرُ مَاءٌ يَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ فَيَنْزِلُ مِنْ سَمَاءٍ إلَى سَمَاءٍ حَتَّى يَجْتَمِعَ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَجْتَمِعُ فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ الْأَيْزَمُ فَتَجِيءُ السَّحَابُ السُّودُ فَتَدْخُلُهُ فَتَشْرَبُهُ مِثْلَ شُرْبِ الْإِسْفَنْجَةِ فَيَسُوقُهَا اللَّهُ حَيْثُ يَشَاءُ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ كَعْبٍ قَالَ السَّحَابُ غِرْبَالُ

الْمَطَرِ وَلَوْلَا السَّحَابُ حِينَ يَنْزِلُ الْمَاءُ مِنْ السَّمَاءِ لَأَفْسَدَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَرْضِ وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ الْمَطَرُ مِنْهُ مِنْ السَّمَاءِ وَمِنْهُ مَا يَسْقِيهِ الْغَيْمُ مِنْ الْبَحْرِ فَيُعْذِبُهُ الرَّعْدُ وَالْبَرْقُ فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ الْبَحْرِ فَلَا يَكُونُ لَهُ نَبَاتٌ، وَأَمَّا النَّبَاتُ فَمَا كَانَ مِنْ السَّمَاءِ. (سُئِلَ) هَلْ وَرَدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ وَعَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مَنْ يَقُولُ اللَّهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ اللَّهُ اللَّهُ» وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ اللَّهُ اللَّهُ» . (سُئِلَ) هَلْ وَرَدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إلَّا عَلَى شِرَارِ الْخَلْقِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ جَاءَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إلَّا عَلَى شِرَارِ الْخَلْقِ مَنْ لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا يَتَهَارَجُونَ تَهَارُجَ الْحُمُرِ» وَفِي كِتَابِ الْفِرْدَوْسِ لِأَبِي دَاوُد «لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ إلَّا شِدَّةً وَلَا الدُّنْيَا إلَّا إدْبَارًا وَلَا النَّاسُ إلَّا شُحًّا وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ» وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: هَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَمَا جَانَسَهَا مَعْنَاهَا الْخُصُوصُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا أَنَّ الدِّينَ يَنْقَطِعُ كُلَّهُ فِي جَمِيعِ الْأَقْطَارِ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ

هل مريم ابنة عمران أفضل نساء العالمين على الإطلاق

ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ الْإِسْلَامَ يَبْقَى إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إلَّا أَنَّهُ يَضْعُفُ وَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ.» (سُئِلَ) هَلْ وَرَدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ جُبِلَتْ الْقُلُوبُ عَلَى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إلَيْهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَالَ «جُبِلَتْ الْقُلُوبُ عَلَى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إلَيْهَا وَبُغْضِ مَنْ أَسَاءَ عَلَيْهَا» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ عَدِيٍّ أَنَّ الْمَعْرُوفَ فِيهِ الْوَقْفُ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ. اهـ. وَمَعْنَاهُ ثَابِتٌ «تَهَادَوْا تَحَابُّوا» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -. [هَلْ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ أَفْضَلُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ عَلَى الْإِطْلَاقِ] (سُئِلَ) هَلْ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ أَفْضَلُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَوْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ أَفْضَلُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 42] وَلِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ بَعْدَ مَرْيَمَ فَاطِمَةُ وَخَدِيجَةُ» وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي خَيْرَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ سَارَّهَا ثَانِيًا عِنْدَ مَوْتِهِ «أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إلَّا مَرْيَمَ» وَلِخَبَرِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ

كُرَيْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَرْيَمُ ثُمَّ فَاطِمَةُ» وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَلِخَبَرِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ «قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْتِ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إلَّا مَرْيَمَ الْبَتُولَ» . وَلِخَبَرِ ابْنِ جَرِيرٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ ثُمَّ فَاطِمَةُ ثُمَّ خَدِيجَةُ» وَلِخَبَرِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ بَعْدَ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ» وَلِخَبَرٍ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ نِسَاءُ قُرَيْشٍ أَحَنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى بَعْلٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ وَلَوْ عَلِمْت أَنَّ مَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ رَكِبَتْ بَعِيرًا مَا فَضَّلْت عَلَيْهَا أَحَدًا» وَلِخَبَرِ الطَّبَرَانِيِّ «خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ ثُمَّ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ ثُمَّ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ» وَلِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ قَدْ بَلَّغَتْهَا الْوَحْيَ عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ شِفَاهًا بِالتَّكْلِيفِ وَالْإِخْبَارِ وَالْبِشَارَةِ كَرَامَةً لَهَا كَمَا بَلَّغَتْ سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ وَلِهَذَا اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ الصَّحِيحُ أَنَّهَا نَبِيَّةٌ؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ خَصَّهَا بِمَا لَمْ يُؤْتِهِ أَحَدًا مِنْ النِّسَاءِ وَذَلِكَ أَنَّ رُوحَ الْقُدُسِ

كَلَّمَهَا وَظَهَرَ لَهَا وَنَفَخَ فِي دِرْعِهَا وَدَنَا مِنْهَا لِلنَّفْخَةِ وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَلَمْ تَسْأَلْ آيَةً عِنْدَمَا بُشِّرَتْ كَمَا سَأَلَ زَكَرِيَّا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْآيَةِ وَلِذَلِكَ سَمَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي تَنْزِيلِهِ صِدِّيقَةٌ فَقَالَ {وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ} [المائدة: 75] وَقَالَ {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: 12] فَشَهِدَ لَهَا بِالصِّدِّيقِيَّةِ وَشَهِدَ لَهَا بِالتَّصْدِيقِ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَشَهِدَ لَهَا بِالْقُنُوتِ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَجَابِرٌ فِي قَوْله تَعَالَى {وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 42] مَعْنَاهُ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ كُلِّهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي النِّسَاءِ امْرَأَةٌ وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِ أَبٍ غَيْرَهَا وَلِأَنَّهَا قُبِلَتْ فِي التَّحْرِيرِ وَلَمْ يَكُنْ التَّحْرِيرُ فِي الْإِنَاثِ فَهِيَ مُخْتَارَةٌ عَلَى النِّسَاءِ كُلِّهِنَّ بِمَا لَهَا مِنْ الْخَصَائِصِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ إذْ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ مَرْيَمَ أَفْضَلُ مِنْ نِسَاءِ جَمِيعِ الْعَالَمِ مِنْ حَوَّاءَ إلَى آخِرِ امْرَأَةٍ تَقُومُ عَلَيْهَا السَّاعَةُ. ثُمَّ بَعْدَهَا فِي الْفَضِيلَةِ فَاطِمَةُ ثُمَّ خَدِيجَةُ وَمَا مَرَّ فِي خَبَرِ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ تَفْضِيلِ خَدِيجَةَ عَلَيْهَا فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى تَفْضِيلِهَا عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ الْأُمُومَةُ. وَقَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ إنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ مَرْيَمَ أَفْضَلُ مِنْ الْكُلِّ، وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ أَنَّهَا مُصْطَفَاةٌ عَلَى عَالَمِ زَمَانِهَا فَهُوَ تَرْكٌ لِلظَّاهِرِ وَذَكَرَ ابْنُ عَطِيَّةَ نَحْوَهُ وَقَدْ اُسْتُثْنِيَ مِنْ

المعتمد في إيمان المقلد

كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ إلَّا تَبَعًا لَهُمْ مَنْ اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِ كَلُقْمَانَ وَمَرْيَمَ عَلَى الْأَشْهَرِ مِنْ أَنَّهُمَا لَيْسَا نَبِيَّيْنِ فَفِي الْأَذْكَارِ لِلنَّوَوِيِّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إفْرَادُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا يَرْتَفِعَانِ عَنْ حَالِ مَنْ يُقَالُ فِيهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِمَا فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ مِمَّا يَرْفَعُهُمَا. [الْمُعْتَمَدُ فِي إيمَانِ الْمُقَلِّدِ] (سُئِلَ) مَا الْمُعْتَمَدُ فِي إيمَانِ الْمُقَلِّد مِنْ الْخِلَافِ الْمُنْتَشِرِ. (فَأَجَابَ) قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ الْعَوَامَّ مُؤْمِنُونَ، وَأَنَّهُمْ حَشْوُ الْجَنَّةِ لَكِنْ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا بُدَّ مِنْ نَظَرٍ عَقْلِيٍّ فِي الْعَقَائِدِ وَقَدْ حَصَلَ لَهُمْ مِنْهُ الْقَدْرُ الْكَافِي فَإِنَّ فِطْرَتَهُمْ جُبِلَتْ عَلَى تَوْحِيدِ الصَّانِعِ وَقِدَمِهِ وَحُدُوثِ الْمَوْجُودَاتِ، وَإِنْ عَجَزُوا عَنْ التَّعْبِيرِ عَنْهُ عَلَى اصْطِلَاحِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْعِلْمُ بِالْأَدِلَّةِ عِلْمٌ زَائِدٌ لَا يَلْزَمُهُمْ وَكَذَا نَقَلَ إلْكِيَا فِي تَعْلِيقِهِ إجْمَاعَ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ فَالْمُعْتَمَدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ كُلَّهُمْ مَنْ قَالَ بِإِيمَانِ الْمُقَلِّدِ وَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ مُقَابِلَ التَّقْلِيدِ هُنَا هُوَ الِاسْتِدْلَال بِالْأَثَرِ عَلَى الْمُؤَثِّرِ وَبِالْمَصْنُوعِ عَلَى الصَّانِعِ وَلَا يَلْزَمُ مَنْ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ الِاقْتِدَارُ عَلَى إيرَادِ الْحُجَجِ وَدَفْعِ الشُّبْهَةِ لَوْ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ مُبْتَدِعٌ بَلْ ذَلِكَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ الَّتِي يَقُومُ

بِهَا مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ عَالِمٌ مُتَبَحِّرٌ فَالْمُرَادُ بِالِاسْتِدْلَالِ مُجَرَّدُ الِانْتِقَالِ مِنْ الْأَثَرِ إلَى الْمُؤَثِّرِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْأَعْرَابِيِّ مِنْ قَوْلِهِ الْبَعْرَةُ تَدُلُّ عَلَى الْبَعِيرِ وَآثَارُ الْأَقْدَامِ عَلَى الْمَسِيرِ فَسَمَاءٌ ذَاتُ أَبْرَاجٍ، وَأَرْضٌ ذَاتُ فِجَاجٍ كَيْفَ لَا تَدُلُّ عَلَى الصَّانِعِ الْخَبِيرِ. فَإِذَا كَانَ مَعْنَى الِاسْتِدْلَالِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى تَحْرِيرِ الْأَدِلَّةِ وَدَفْعِ الشُّبْهَةِ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مُقَلِّدٌ قَطُّ إذْ أَجْهَلُ مَنْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُمْ كَالرُّعَاةِ وَسُكَّانِ الْبَوَادِي إذَا رَأَى شَيْئًا عَجِيبًا يَقُولُ سُبْحَانَ مَنْ خَلَقَهُ وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ مِنْهُ عَلَى وُجُودِ الْعَالَمِ، وَإِذَا كَانَ هَذَا حَالَ أَجْهَلِهِمْ فَكَيْفَ حَالُ مَنْ نَشَأَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْوُعَّاظِ وَلَازَمَ الْجَمَاعَةَ وَالْجُمُعَةَ. اهـ. وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: الْحَقُّ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ بِطَرِيقٍ إجْمَالِيٍّ تَرْفَعُ النَّاظِرَ عَنْ حَضِيضِ التَّقْلِيدِ فَرْضُ عَيْنٍ لَا مَخْرَجَ عَنْهُ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ وَبِدَلِيلٍ تَفْصِيلِيٍّ يُمْكِنُ مَعَهُ إزَاحَةُ الشَّبَهِ، وَإِلْزَامُ الْمُنْكِرِينَ، وَإِرْشَادُ الْمُسْتَرْشِدِينَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَقَالَ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ لَيْسَ الْخِلَافُ فِي هَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَشَئُوا فِي دِيَارِ الْإِسْلَامِ مِنْ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى وَالصَّحَارِي وَلَا الَّذِينَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ بَلْ فِيمَنْ

معنى قوله تعالى وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم

نَشَأَ عَلَى شَاهِقِ جَبَلٍ وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَأَخَذَهُ إنْسَانٌ، وَأَخْبَرَهُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ اعْتِقَادُهُ وَصَدَّقَهُ بِمُجَرَّدِ إخْبَارِهِ مِنْ غَيْرِ تَدَبُّرٍ وَتَفَكُّرٍ فَهَذَا مَحْمَلُ كَلَامِ الْأَشْعَرِيِّ وَبِهِ يَسْتَقِيمُ مَا وَرَدَ فِي الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ مِنْ قَبُولِ الْإِيمَانِ مِنْ الْعَوَامّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ اسْمُ الْمُقَلِّدِ. اهـ. وَقَالَ غَيْرُهُ فَإِذَا حَصَلَ عَنْ ذَلِكَ جَزْمٌ لَا يَجُوزُ مَعَهُ كَوْنُ الْوَاقِعِ النَّقِيضَ فَقَدْ قَامَ بِالْوَاجِبِ مِنْ الْإِيمَانِ إذْ لَمْ يَبْقَ سِوَى الِاسْتِدْلَالِ وَمَقْصُودُ الِاسْتِدْلَالِ هُوَ حُصُولُ ذَلِكَ الْجَزْمِ فَإِذَا حَصَلَ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ تَمَّ قِيَامُهُ بِالْوَاجِبِ. (سُئِلَ) مَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ حَقِيقَةَ زِيَادَةِ طُولِ أَعْنَاقِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ أَكْثَرُ رَجَاءً؛ لِأَنَّ رَاجِي الشَّيْءِ يَمُدُّ عُنُقَهُ إلَيْهِ وَقِيلَ لَا يُلْجِمُهُمْ الْعَرَقُ فَإِنَّ الْعَرَقَ يَأْخُذُ النَّاسَ بِقَدْرِ أَعْمَالِهِمْ وَرُوِيَ إعْنَاقًا بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ أَكْثَرُ إسْرَاعًا إلَى الْجَنَّةِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْعَنَقِ بِالْفَتْحِ وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ السَّيْرِ. [مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَإِذْ أَخَذَ رَبُّك مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ] (سُئِلَ) عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ} [الأعراف: 172] الْآيَةَ قَالَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيّ فِي تَفْسِيرِهِ أَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ

جَلَّ ذِكْرُهُ يَوْمَ خَلَقَ آدَمَ قَبَضَ مِنْ صُلْبِهِ قَبْضَتَيْنِ فَوَقَعَ كُلُّ طَيِّبٍ فِي يَمِينِهِ وَكُلُّ خَبِيثٍ بِيَدِهِ الْأُخْرَى فَقَالَ هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ وَلَا أُبَالِي وَهَؤُلَاءِ أَصْحَابُ النَّارِ وَلَا أُبَالِي ثُمَّ أَعَادَهُمْ فِي صُلْبِ آدَمَ فَهُمْ يَنْسِلُونَ عَلَى ذَلِكَ إلَى الْآنَ» وَذَكَرَ أَحَادِيثَ أُخْرَى بِمَعْنَى ذَلِكَ، وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ بَنِي آدَمَ مَخْلُوقُونَ الْآنَ مُودَعُونَ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَا مَعْنَاهُ «لَمْ أَزَلْ أُنْقَلُ مِنْ الْأَصْلَابِ الطَّيِّبَةِ إلَى الْأَرْحَامِ الطَّاهِرَةِ حَتَّى خَرَجْت مِنْ بَيْنِ أَبَوَيَّ» وَقَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: 17] فِي سُورَةِ نُوحٍ مَا مَعْنَاهُ إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَلَقَ النَّبَاتَاتِ مِنْ الْأَرْضِ وَجَعَلَهَا أَغْذِيَةً لَنَا وَخَلَقَ مِنْ الْأَغْذِيَةِ الْمَنِيَّ وَخَلَقَنَا مِنْ هَذَا الْمَنِيِّ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخَلْقَ مَخْلُوقٌ مِنْ الْمَنِيِّ الَّذِي يَحْدُثُ مِنْ الْأَغْذِيَةِ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِهِمْ مَخْلُوقِينَ مُودَعِينَ فِي الْأَصْلَابِ فَالْمَسْئُولُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِطَرِيقٍ وَاضِحٍ مُوجَزٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْرَجَ نَسَمَ بَنِي آدَمَ مِنْ صُلْبِهِ فَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ كَالذَّرِّ وَفِي بَعْضِهَا كَالْخَرْدَلَةِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ إنَّهَا الْأَرْوَاحُ قَبْلَ خَلْقِ الْأَجْسَادِ، وَإِنَّهُ جَعَلَ فِيهَا مِنْ الْمَعْرِفَةِ مَا عَلِمَتْ بِهِ مَا خَاطَبَهَا بِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا

رؤية الله تعالى في المنام

أَمَّا عَلَى كَوْنِ الْمُخْرَجِ الْأَرْوَاحَ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمَذْكُورَةَ فِي إخْرَاجِ الْمَعْدُومِ إلَى عَالَمِ الذَّرِّ وَكَلَامِ الْفَخْرِ الرَّازِيِّ فِي ابْتِدَاءِ الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ، وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي صُلْبِ آدَمَ حَقِيقَةً إلَّا أَوْلَادُهُ وَغَيْرُهُمْ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَصْلَابِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا. (سُئِلَ) هَلْ وَرَدَ أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ جَاءَ لَهُ مَلَكٌ يُقَالُ لَهُ نِكَارٌ قَبْلَ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ أَمْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ بِهِ فِي صُورَةٍ لِمَاذَا وَهَلْ يَسْأَلَانِ الْمَيِّتَ بِلُغَتِهِ أَمْ بِغَيْرِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ مَجِيءُ نِكَارٍ وَيَسْأَلَانِ الْمَيِّتَ بِلُغَتِهِ. [رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمَنَامِ] (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَآنِي حَقًّا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ» إلَخْ مَا الْحِكْمَةُ فِي ذِكْرِهِ نَفْسَهُ الشَّرِيفَةَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي حَقِّ الْبَارِي جَلَّ وَعَلَا وَهَلْ إذَا أَجَابَ مُجِيبٌ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا كَانَتْ صُورَتُهُ الشَّرِيفَةُ مُشَابِهَةً لِلصُّورَةِ الْبَشَرِيَّةِ، وَأَمْكَنَ أَنْ يَتَخَيَّلَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَتَمَثَّلُ بِهَا فَنَاسَبَ أَنْ يَذْكُرَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَمَّا الْبَارِي جَلَّ وَعَلَا فَلَيْسَ كَمِثْلِهِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ الْعَقْلُ أَنْ يُجَوِّزَ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ فَلَمْ يَحْتَجْ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ يَكُونُ مُصِيبًا فِي ذَلِكَ أَمْ لَا. (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ خَصَّ نَفْسَهُ الشَّرِيفَةَ بِالذِّكْرِ لِحِكَمٍ مِنْهَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ فَقَدْ رَآنِي حَقًّا، وَلَا

كَذَلِكَ الْبَارِي جَلَّ وَعَلَا فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمَنَامِ أَوْهَامٌ وَخَوَاطِرُ فِي الْقَلْبِ بِأَمْثَالٍ لَا تَلِيقُ بِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْهَا وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ إنَّ ذَلِكَ لَا يُوهِمُ رُؤْيَةَ الذَّاتِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ فَإِنْ تَوَهَّمَ شَخْصٌ خِلَافَ الْحَقِّ فُسِّرَ لَهُ مَعْنَاهُ قَالَ: وَالْخِلَافُ عَائِدٌ إلَى إطْلَاقِ اللَّفْظِ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى حُصُولِ الْمَعْنَى أَنَّ ذَاتَ اللَّهِ غَيْرُ مَرْئِيَّةٍ فَإِنَّ الْمَرْئِيَّ مِثَالٌ وَاَللَّهُ يَضْرِبُ الْأَمْثَالَ لِذَاتِهِ وَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْ الْمِثْلِ وَمِنْهَا أَنَّ رُؤْيَةَ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ جَمَاعَةٌ إنَّهَا مُسْتَحِيلَةٌ؛ لِأَنَّ مَا يُرَى فِي الْمَنَامِ خَيَالٌ وَمِثَالٌ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْقَدِيمِ مُحَالٌ. وَمِنْهَا مَا أَجَابَ بِهِ الْمُجِيبُ الْمَذْكُورُ فَإِنَّهُ مُصِيبٌ. (سُئِلَ) مَا الْمُرَادُ بِالرَّبْوَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ} [المؤمنون: 50] هَلْ هِيَ رَبْوَةُ دِمَشْقَ أَمْ رَبْوَةُ الْبَهْنَسَا. (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفُوا فِيهَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ إنَّهَا رَبْوَةُ دِمَشْقَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ هِيَ الرَّمْلَةُ مِنْ فِلَسْطِينَ وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ قَتَادَةُ وَكَعْبٌ إنَّهَا بَيْتُ الْمَقْدِسِ قَالَ كَعْبٌ وَهِيَ أَقْرَبُ الْأَرْضِ إلَى السَّمَاءِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا وَقَالَ وَهْبٌ وَابْنُ زَيْدٍ إنَّهَا مِصْرُ وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ إنَّهَا إسْكَنْدَرِيَّةُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ

سَعْدِ الدِّينِ سَمِعَ صَوْتًا دَلَّ عَلَى كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا لِقَوْلِ الشَّيْخِ خَالِدٍ سَمِعَهُ بِلَا صَوْتٍ وَقِيلَ بِلَفْظٍ مِنْ كُلِّ الْجِهَاتِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا صَحِيحٌ وَيَتَّضِحُ بِذِكْرِ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ فَذَهَبَ الْأَشْعَرِيُّ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ الْقَدِيمَ الَّذِي هُوَ صِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى يَجُوزُ أَنْ يُسْمَعَ بِلَا صَوْتٍ وَلَا حَرْفٍ كَمَا يُرَى فِي الْآخِرَةِ بِلَا كَمٍّ وَلَا كَيْفٍ وَهَذَا هُوَ الْمُرَجَّحُ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ وَمَنَعَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ ذَلِكَ وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ أَبِي مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيِّ، وَأَنَّهُ سَمِعَهُ بِصَوْتٍ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ أَوْ مِنْ جِهَةٍ بِلَا اكْتِسَابٍ وَعَلَى هَذَا فَرَّعَ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ كَلَامَهُ. (سُئِلَ) عَمَّا قِيلَ إنَّهُ لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ} [آل عمران: 18] إلَى قَوْلِهِ الْإِسْلَامُ كَانَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا خَرَّتْ الْأَصْنَامُ كُلُّهَا سَاجِدَةً لِلَّهِ تَعَالَى هَلْ لَهُ أَصْلٌ؟ . (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ كَانَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا لِكُلِّ قَبِيلَةٍ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ صَنَمٌ أَوْ صَنَمَانِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ} [آل عمران: 18] الْآيَةَ قَالَ فَأَصْبَحَتْ الْأَصْنَامُ كُلُّهَا قَدْ خَرَّتْ سُجَّدًا لِلْكَعْبَةِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِ أُمِرْت أَنْ أَحْكُمَ بِالظَّاهِرِ وَاَللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ هَلْ

هُوَ مِنْ كَلَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ (فَأَجَابَ) قَالَ شَيْخُنَا الشَّمْسُ السَّخَاوِيُّ: لَا وُجُودَ لَهُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورَةِ وَلَا الْأَجْزَاءِ الْمَنْثُورَةِ وَجَزَمَ الْعِرَاقِيُّ بِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ وَقَدْ أَنْكَرَهُ الْمُزَنِيّ وَغَيْرُهُ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عُمَرَ إنَّمَا نَأْخُذُكُمْ الْآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ بَلْ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رَفَعَهُ «إنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أُنَقِّبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ» وَفِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ «إنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْت لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا» قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ إنَّهُ يُؤْخَذُ مَعْنَاهُ مِنْهُ وَقَدْ تَرْجَمَ لَهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ بَابُ الْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَقِبَ إيرَادِهِ فِي كِتَابِ الْأُمِّ فَأَخْبَرَهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُ إنَّمَا يَقْضِي بِالظَّاهِرِ، وَأَنَّ أَمْرَ السَّرَائِرِ إلَى اللَّهِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا: إنَّ بَعْضَ مَنْ لَا تَمْيِيزَ لَهُ ظَنَّ هَذَا حَدِيثًا آخَرَ مُنْفَصِلًا عَنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فَنَقَلَهُ كَذَلِكَ ثُمَّ قَلَّدَهُ مَنْ بَعْدَهُ وَلِأَجْلِ هَذَا يُوجَدُ فِي كُتُبِ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ دُونَ غَيْرِهِمْ حَتَّى أَوْرَدَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْقَضَاءِ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْأُمِّ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَرُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «تَوَلَّى اللَّهُ مِنْكُمْ السَّرَائِرَ وَدَرَأَ عَنْكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ» وَكَذَا

هل كتب النبي بيده

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ أَحْكَامَ الدُّنْيَا عَلَى الظَّاهِرِ، وَأَنَّ أَمْرَ السَّرَائِرِ إلَى اللَّهِ. وَأَغْرَبَ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ الْجِيزِيُّ فِي كِتَابِهِ إدَارَةُ الْحُكَّامِ فَقَالَ فِيمَا نُقِلَ عَنْ مُغَلْطَاي مِمَّا وَقَفْت عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي «قِصَّةِ الْكِنْدِيِّ وَالْحَضْرَمِيِّ اللَّذَيْنِ اخْتَصَمَا فِي الْأَرْضِ فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ قَضَيْت عَلَيَّ وَالْحَقُّ لِي فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أَقْضِي بِالظَّاهِرِ وَاَللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ» قَالَ شَيْخُنَا وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ وَلَا أَدْرِي أَسَاقَ لَهُ إسْمَاعِيلُ إسْنَادًا أَمْ لَا اهـ. [هَلْ كَتَبَ النَّبِيّ بِيَدِهِ] (سُئِلَ) هَلْ كَتَبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ وَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا أَنَّهَا صَدَرَتْ مِنْهُ مُعْجِزَةً وَمِنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ بِوَحْيٍ وَمِنْهَا أَنَّهُ أَمَرَ مَنْ كَتَبَ فَنُسِبَتْ إلَيْهِ الْكِتَابَةُ تَجَوُّزًا وَهَذَا أَرْجَحُهَا فَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي رِوَايَةٍ. [الْأَنْبِيَاءَ يَأْتُونَ لِأَجْلِ شَفَاعَةِ النَّبِيّ وَيَسْأَلُونَهُ إيَّاهَا] (سُئِلَ) هَلْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ أَنَّ النَّاسَ إذَا أَتَوْا آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَسْأَلُونَهُ يَدُلُّهُمْ عَلَى نُوحٍ وَيَقُولُ، وَأَنَا أَذْهَبُ مَعَكُمْ، وَأَنَّ نُوحًا يَدُلُّهُمْ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَيَقُولُ، وَأَنَا أَذْهَبُ مَعَكُمْ، وَأَنَّ إبْرَاهِيمَ يَدُلُّهُمْ عَلَى مُوسَى وَيَقُولُ، وَأَنَا أَذْهَبُ مَعَكُمْ، وَأَنَّ مُوسَى يَدُلُّهُمْ عَلَى عِيسَى وَيَقُولُ وَأَنَا أَذْهَبُ مَعَكُمْ وَأَنَّ عِيسَى يَدُلُّهُمْ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

وَيَقُولُ، وَأَنَا أَذْهَبُ مَعَكُمْ فَيَأْتُونَهُ فَيَسْأَلُونَهُ الشَّفَاعَةَ فِي إرَاحَةِ النَّاسِ مِنْ طُولِ الْوُقُوفِ وَهَلْ السَّائِلُ فِي ذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ أَمْ غَيْرُهُمْ أَمْ الْجَمِيعُ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَأْتُونَ لِأَجْلِ شَفَاعَتِهِ وَيَسْأَلُونَهُ إيَّاهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي عُلُوِّ مَقَامِهِ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ حَدَّثَنِي نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنِّي لَقَائِمٌ أَنْتَظِرُ أُمَّتِي إذْ جَاءَنِي عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ هَذِهِ الْأَنْبِيَاءُ قَدْ جَاءَتْك يَسْأَلُونَ أَوْ قَالَ يَجْتَمِعُونَ إلَيْك تَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ جَمِيعِ الْأُمَمِ إلَى حَيْثُ شَاءَ لِعِظَمِ مَا هُمْ فِيهِ فَالْخَلْقُ مُلْجَمُونَ فِي الْعَرَقِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَهُوَ عَلَيْهِ كَالزَّكْمَةِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَغْشَاهُ الْمَوْتُ قَالَ يَا عِيسَى انْتَظِرْ حَتَّى أَرْجِعَ إلَيْك قَالَ وَذَهَبَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَامَ تَحْتَ الْعَرْشِ فَلَقِيَ مَا لَمْ يَلْقَ مَلَكٌ مُصْطَفًى وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إلَى جِبْرِيلَ أَنْ اذْهَبْ إلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ لَهُ ارْفَعْ رَأْسَك وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَرُوَاتُهُ مُحْتَجٌّ بِهِمْ فِي الصَّحِيحِ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْقَائِلِ فِي مَجْلِسِ الذِّكْرِ اللَّهُ اللَّهُ فِي حَالِ صَحْوِهِ مِنْ اسْتِغْرَاقٍ هَلْ يُسَمَّى ذِكْرًا أَوْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ بِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى ذِكْرًا هَلْ

يُثَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى ذِكْرًا عُرْفًا لِعَدَمِ إفَادَتِهِ لَكِنَّهُ يُثَابُ لِقَصْدِ الذِّكْرِ كَمَا أَنَّ ذَا الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ آثِمٌ بِنُطْقِهِ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ مِنْ الْقُرْآنِ بِقَصْدِ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى مَعْصِيَةً وَشَرَعَ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ قَارِئًا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مريم: 71] هَلْ الْوُرُودُ الدُّخُولُ أَمْ مُوَافَاةُ الْمَحَلِّ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ فَهَلْ هُوَ عَامٌّ لِجَمِيعِ الْبَشَرِ حَتَّى الْأَنْبِيَاءِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْوُرُودَ الدُّخُولُ لِجَمِيعِ الْبَشَرِ فَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَا يَبْقَى بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ إلَّا دَخَلَهَا فَتَكُونُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بَرْدًا وَسَلَامًا كَمَا كَانَتْ عَلَى إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حَتَّى أَنَّ لِلنَّارِ ضَجِيجًا مِنْ بَرْدِهِمْ ثُمَّ يُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا {وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: 72] » وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَيْضًا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْهُ فَقَالَ «إذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ بَعْضُهُمْ قَدْ وَعَدَنَا رَبُّنَا أَنْ نَدْخُلَ النَّارَ فَيُقَالُ لَهُمْ قَدْ وَرَدْتُمُوهَا وَهِيَ خَامِدَةٌ» وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا} [مريم: 71] قَالَ مُجْتَازٌ فِيهَا» وَعَنْ يَعْلَى بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «تَقُولُ النَّارُ لِلْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جُزْ يَا مُؤْمِنٌ فَقَدْ أَطْفَأَ نُورُك لَهَبِي» وَعَنْ

ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَرِدُ النَّاسُ النَّارَ ثُمَّ يَصْدُرُونَ مِنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ فَأَوَّلُهُمْ كَلَمْحِ الْبَصَرِ ثُمَّ كَالرِّيحِ ثُمَّ كَحُضْرِ الْفَرَسِ ثُمَّ كَالرَّاكِبِ فِي رَحْلٍ ثُمَّ كَشَدِّ الرَّجُلِ فِي مَشْيِهِ» وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْوُرُودُ الدُّخُولُ لَا يَبْقَى أَحَدٌ إلَّا دَخَلَهَا وَكَذَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَالْحَسَنُ وَغَيْرُهُمْ. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101] فَالْمُرَادُ عَنْ عَذَابِهَا وَالِاحْتِرَاقِ بِهَا فَمَنْ دَخَلَهَا وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهَا وَلَا يَحُسُّ مِنْهَا وَجَعًا وَلَا أَلَمًا فَهُوَ مُبْعَدٌ عَنْهَا فِي الْحَقِيقَةِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْآخَرُ: لَا يَرِدُهَا مُؤْمِنٌ، وَقَوْلُ عِكْرِمَةَ: إنَّمَا يَرِدُهَا الظَّلَمَةُ وَقِيلَ وُرُودُهَا الْجَوَازُ عَلَى الصِّرَاطِ فَإِنَّهُ مَمْدُودٌ عَلَيْهَا، وَقَالَ بِهَذَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ قَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ وَكَعْبُ الْأَحْبَارِ وَالسُّدِّيُّ وَقِيلَ هُوَ وُرُودُ إشْرَافٍ وَاطِّلَاعٍ وَقُرْبٍ وَقِيلَ وُرُودُ الْمُؤْمِنَ مَسُّ الْحُمَّى إيَّاهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» وَفِي الْحَدِيثِ «الْحُمَّى حَظُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ النَّارِ» . (سُئِلَ) عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا} [النساء: 83] وَكَيْفَ اسْتَثْنَى الْقَلِيلَ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ لَاتَّبَعَ الْكُلُّ الشَّيْطَانَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْخِطَابَ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَفِي مَعْنَى الْآيَةِ أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا أَنَّ مَعْنَاهَا لَوْلَا

فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ بِإِرْسَالِ الرَّسُولِ، وَإِنْزَالِ الْكِتَابِ لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ بِالْكُفْرِ وَالضَّلَالِ إلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ تَفَضَّلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِعَقْلٍ رَاجِحٍ اهْتَدَى بِهِ إلَى الْحَقِّ أَوْ عَصَمَهُ مِنْ مُتَابَعَةِ الشَّيْطَانِ كَزَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَجَمَاعَةٍ سِوَاهُ اهْتَدَوْا بِكَمَالِ عَقْلِهِمْ إلَى اتِّبَاعِ الْحَقِّ وَالصَّوَابِ وَقِيلَ إنَّ فَضْلَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَرَحْمَتَهُ الْقُرْآنُ وَقِيلَ الِاسْتِثْنَاءُ إنَّمَا هُوَ مِنْ الِاتِّبَاعِ أَيْ لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ كُلُّكُمْ إلَّا قَلِيلًا مِنْ الْأُمُورِ كُنْتُمْ لَا تَتَّبِعُونَهُ فِيهَا. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: إنَّ اللَّهَ هَدَى الْكُلَّ لِلْإِيمَانِ فَمِنْهُمْ مَنْ تَمَكَّنَ فِيهِ حَتَّى لَا يَخْطِرَ لَهُ خَاطِرُ شَكٍّ وَلَا عَنَّتْ لَهُ شُبْهَةُ ارْتِيَابٍ فَذَلِكَ هُوَ الْقَلِيلُ وَهُمْ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى وَسَائِرُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الْعَرَبِ لَمْ يَخْلُ مِنْ الْخَوَاطِرِ {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ} [النساء: 83] بِتَجْدِيدِ الْهِدَايَةِ لَضَلُّوا وَاتَّبَعُوا الشَّيْطَانَ. وَثَانِيهَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُمَا إنَّ مَعْنَاهَا أَذَاعُوا بِهِ إلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ لَمْ يُذِعْ وَلَمْ يُفْشِ، وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ النَّحْوِيِّينَ الْكِسَائِيُّ وَالْأَخْفَشُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ وَالطَّبَرِيُّ وَثَالِثُهَا أَنَّ مَعْنَاهَا لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ إلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ قَالَهُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا وَاخْتَارَهُ الزَّجَّاجُ قَالَ؛ لِأَنَّ هَذَا الِاسْتِنْبَاطَ الْأَكْثَرُ يَعْرِفُهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْلَامُ

الصلوات الرباعية هل فرضت أولا أربعا أربعا أو ركعتين ركعتين

خَبَرٍ، وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ الْفَرَّاءُ قَالَ؛ لِأَنَّ عِلْمَ السِّرِّ إذَا ظَهَرَ عَلِمَهُ الْمُسْتَنْبِطُ وَغَيْرُهُ، وَالْإِذَاعَةُ تَكُونُ فِي بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ فَلِذَلِكَ اسْتَحْسَنُوا الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِذَاعَةِ قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ عَلَى الْمَجَازِ يُرِيدُ أَنَّ فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَقَوْلُهُ {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ} [النساء: 83] كَلَامٌ تَامٌّ. وَرَابِعُهُمَا أَنَّ قَوْلَهُ {إِلا قَلِيلا} [النساء: 83] عِبَارَةٌ عَنْ الْعُمُومِ أَيْ لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ كُلُّكُمْ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذَا قَوْلٌ قَلِقٌ. [الصَّلَوَاتِ الرُّبَاعِيَّةِ هَلْ فُرِضَتْ أَوَّلًا أَرْبَعًا أَرْبَعًا أَوْ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ] (سُئِلَ) عَنْ الصَّلَوَاتِ الرُّبَاعِيَّةِ هَلْ فُرِضَتْ أَوَّلًا أَرْبَعًا أَرْبَعًا أَوْ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ فُرِضَتْ الصَّلَوَاتُ الرُّبَاعِيَّةُ أَرْبَعًا أَرْبَعًا فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَأَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَ فِي الْحَضَرِ فَأَجَبْت عَنْهُ بِأَنَّهَا قَالَتْهُ عَنْ اجْتِهَادِهَا بِنَاءً عَلَى ظَنِّهَا وَبِأَنَّهُ مُعَارَضٌ بِفِعْلِهَا حَيْثُ أَتَمَّتْ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ فَقَدْ قَالَتْ «يَا رَسُولَ اللَّهِ قَصَرْتَ أَنْتَ، وَأَتْمَمْتُ أَنَا، وَأَفْطَرْتَ أَنْتَ وَصُمْتُ أَنَا فَقَالَ أَحْسَنْتِ يَا عَائِشَةُ وَمَا عَابَ عَلَيَّ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمَعْرِفَةِ إسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَبِإِفْتَائِهَا بِالْإِتْمَامِ فِيهِ، وَالْعِبْرَةُ عِنْدَ الْمُخَالِفِ بِفِعْلِ الصَّحَابِيِّ أَوْ بِرَأْيِهِ لَا بِمَرْوِيِّهِ وَبِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُسْلِمٍ «فُرِضَتْ الصَّلَاةُ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ وَرَكْعَتَيْنِ» بِأَنَّ الْمَعْنَى فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ لِمَنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِمَا وَبِأَنَّ قَوْلَهُمَا

هل كان نبينا بعد بعثته متعبدا بشريعة أحد من الأنبياء

فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ أَيْ قَبْلَ الْإِسْرَاءِ فَإِنَّهَا قَبْلَهُ كَانَتْ صَلَاةٌ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَصَلَاةٌ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْله تَعَالَى {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ} [غافر: 55] وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّ الصَّلَاةَ فُرِضَتْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إلَّا الْمَغْرِبَ فَزِيدَتْ عَقِبَ الْهِجْرَةِ إلَّا الصُّبْحَ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «فُرِضَتْ صَلَاةُ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ وَاطْمَأَنَّ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ وَتُرِكَتْ صَلَاةُ الْفَجْرِ لِطُولِ الْقِرَاءَةِ وَصَلَاةُ الْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّهَا وَتْرُ النَّهَارِ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ اسْتَقَرَّ فَرْضُ الرُّبَاعِيَّةِ خُفِّفَ مِنْهَا فِي السَّفَرِ عِنْدَ نُزُولِ قَوْله تَعَالَى {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النساء: 101] » فَعَلَى هَذَا الْمُرَادُ بِقَوْلِ عَائِشَةَ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا آلَ إلَيْهِ الْأَمْرُ مِنْ التَّخْفِيفِ لَا أَنَّهَا اسْتَمَرَّتْ مُنْذُ فُرِضَتْ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْقَصْرَ عَزِيمَةٌ. [هَلْ كَانَ نَبِيُّنَا بَعْدَ بَعْثَتِهِ مُتَعَبِّدًا بِشَرِيعَةِ أَحَدٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ] (سُئِلَ) هَلْ كَانَ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ بَعْثَتِهِ مُتَعَبِّدًا بِشَرِيعَةِ أَحَدٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ أَمْ لَا عَلَى الصَّحِيحِ وَمَنْ قَالَ إنَّهُ كَانَ مُتَعَبِّدًا بِمِلَّةِ مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ هَلْ هَذَا الِاسْتِدْلَال صَحِيحٌ أَمْ لَا وَيَكُونُ صَوْمُهُ لَهُ مِنْ شَرِيعَتِنَا إمَّا بِإِيحَاءٍ أَوْ اجْتِهَادٍ مِنْهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ مُتَعَبِّدًا بَعْدَ بَعْثَتِهِ بِشَرْعِ أَحَدٍ قَبْلَهُ وَعَلَيْهِ

هل ينقطع العذاب عن الكفار بين النفختين

الْأَكْثَرُونَ مِنْ الْأَشْعَرِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ بِامْتِنَاعِهِ عَقْلًا وَغَيْرُهُمْ بِامْتِنَاعِهِ نَقْلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48] وَلِأَنَّ لَهُ شَرْعًا يَخُصُّهُ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُتَعَبِّدًا بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ لَوَجَبَ عَلَيْنَا تَعَلُّمُ ذَلِكَ الشَّرْعِ وَلَوَجَبَ الْبَحْثُ عَنْهُ عَلَى الْمُجْتَهِدِينَ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ إجْمَاعًا؛ وَلِأَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ شَرِيعَتَهُ نَاسِخَةٌ لِلشَّرَائِعِ أَيْ مَا يَقْبَلُ النَّسْخَ مِنْهَا وَقِيلَ إنَّهُ كَانَ مُتَعَبِّدًا بِمَا لَمْ يُنْسَخْ مِنْ شَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ اسْتِصْحَابًا لِتَعَبُّدِهِ بِهِ قَبْلَ الْبَعْثَةِ وَاسْتَدَلَّ قَائِلُهُ بِأَدِلَّةٍ أُخْرَى وَمَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ إلَى أَنَّهُ مُوَافِقٌ لَا مُتَابِعٌ وَحِينَئِذٍ فَصَوْمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ عَاشُورَاءَ كَانَ عَلَى الرَّاجِحِ لِدَلِيلٍ فِي شَرِيعَتِهِ. (سُئِلَ) مَا الْأَسْمَاءُ الَّتِي تُنْعَتُ وَيُنْعَتُ بِهَا وَالْأَسْمَاءُ الَّتِي لَا تُنْعَتُ وَلَا يُنْعَتُ بِهَا وَالْأَسْمَاءُ الَّتِي تُنْعَتُ وَلَا يُنْعَتُ بِهَا وَالْأَسْمَاءُ الَّتِي لَا تُنْعَتُ وَيُنْعَتُ بِهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْأَسْمَاءَ الَّتِي تُنْعَتُ وَيُنْعَتُ بِهَا كَثِيرٌ مِنْهَا أَسْمَاءُ الْإِشَارَةِ وَنَعْتُهَا مَصْحُوبٌ أَيْ خَاصَّةٌ، وَإِنْ كَانَ جَامِدًا مَحْضًا كَالرَّجُلِ فَالرَّاجِحُ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِّ أَنَّهُ نَعْتٌ وَعِنْدَ ابْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ عَطْفُ بَيَانٍ وَمِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي لَا تُنْعَتُ وَلَا يُنْعَتُ بِهَا الْمُضْمَرَاتُ خِلَافًا لِلْكِسَائِيِّ فِي نَعْتِ ذِي الْغَيْبَةِ، وَمِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تُنْعَتُ وَلَا يُنْعَتُ بِهَا الْأَعْلَامُ وَمِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي لَا تُنْعَتُ وَيُنْعَتُ بِهَا أَيُّ مُضَافَةً إلَى نَكِرَةٍ تُمَاثِلُ الْمَنْعُوتَ مَعْنًى نَحْوَ جَاءَنِي رَجُلٌ أَيُّ رَجُلٍ أَيْ كَامِلٌ فِي صِفَةِ الرُّجُولِيَّةِ. [هَلْ يَنْقَطِعُ الْعَذَابُ عَنْ الْكُفَّارِ بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ] (سُئِلَ) هَلْ يَنْقَطِعُ الْعَذَابُ عَنْ الْكُفَّارِ بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَوْ لَا بَلْ يُعَذَّبُونَ إلَى أَنْ يُبْعَثُوا؟ (فَأَجَابَ)

بِأَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ بَلْ يُعَذَّبُونَ إلَى أَنْ يُبْعَثُوا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [غافر: 46] أَيْ فِي الْبَرْزَخِ وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 46] فَإِنَّ عَرْضَهُمْ عَلَى النَّارِ إحْرَاقُهُمْ مِنْ قَوْلِهِمْ عُرِضَ الْأُسَارَى عَلَى السَّيْفِ إذَا قُتِلُوا بِهِ وَذَلِكَ لِأَرْوَاحِهِمْ وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا مَاتَ الْكَافِرُ عُرِضَ عَلَى النَّارِ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ وَيُقَالُ لَهُ هَذَا مَقْعَدُك إلَى أَنْ يَبْعَثَك اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ أَرْوَاحَ آلِ فِرْعَوْنَ وَمَنْ كَانَ مِثْلَهُمْ مِنْ الْكُفَّارِ تُعْرَضُ عَلَى النَّارِ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ فَيُقَالُ لَهُمْ هَذِهِ دَارُكُمْ فَذَلِكَ دَأْبُهُمْ إلَى الْقِيَامَةِ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طُيُورٍ سُودٍ تُعْرَضُ عَلَى النَّارِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِيّ قَالَ رَجُلٌ لِلْأَوْزَاعِيِّ رَأَيْنَا طُيُورًا تَخْرُجُ مِنْ الْبَحْرِ تَأْخُذُ نَاحِيَةَ الْمَغْرِبِ بِيضًا صِغَارًا فَوْجًا فَوْجًا لَا يَعْلَمُ عَدَدَهَا إلَّا اللَّهُ، وَإِذَا كَانَ الْعِشَاءُ رَجَعَتْ مِثْلُهَا سُودًا قَالَ تِلْكَ الطُّيُورُ فِي حَوَاصِلِهَا أَرْوَاحُ آلِ فِرْعَوْنَ يُعْرَضُونَ عَلَى النَّارِ غُدُوًّا وَعَشِيًّا فَتَرْجِعُ إلَى أَوْكَارِهَا وَقَدْ احْتَرَقَتْ رِيَاشُهَا وَصَارَتْ سَوْدَاءَ فَيَنْبُتُ عَلَيْهَا مِنْ اللَّيْلِ رِيشًا بِيضًا وَتَنَاثُرُ السُّودُ ثُمَّ تَغْدُو وَتُعْرَضُ غُدُوًّا وَعَشِيًّا فَذَلِكَ دَأْبُهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. اهـ. وَذِكْرُ الْوَقْتَيْنِ يَحْتَمِلُ التَّخْصِيصَ وَالتَّأْبِيدَ عَلَيْهَا.

سُئِلَ) عَنْ قَوْله تَعَالَى {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} [الكهف: 38] فَإِنَّ أَصْلَهُ لَكِنْ أَنَا، مَا الرَّاجِحُ فِي تَصْرِيفِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ فِي تَصَرُّفِهِ نَقْلُ حَرَكَةِ الْهَمْزَةِ إلَى نُونِ لَكِنْ فَقَدْ قَالَ السَّمِينُ وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ لَكِنْ أَنَا فَنُقِلَتْ حَرَكَةُ أَنَا إلَى نُونِ لَكِنْ وَحُذِفَتْ الْهَمْزَةُ فَالْتَقَى مِثْلَانِ فَأُدْغِمَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِجَرْيِ الْأَوَّلِ عَلَى الْقَوَاعِدِ. اهـ. وَقَالَ السَّفَاقِسِيُّ: أَصْلُهُ لَكِنْ أَنَا فَنُقِلَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ إلَى نُونِ لَكِنْ وَحُذِفَتْ الْهَمْزَةُ فَالْتَقَى مِثْلَانِ فَأُدْغِمَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ وَقِيلَ حُذِفَتْ الْهَمْزَةُ مِنْ أَنَا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ ثُمَّ أُدْغِمَتْ نُونُ لَكِنْ السَّاكِنَةُ فِي نُونِ أَنَا اهـ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: قَالَ النَّحَّاسُ مَذْهَبُ الْكِسَائِيّ وَالْفَرَّاءِ وَالْمَازِنِيِّ أَنَّ الْأَصْلَ لَكِنْ أَنَا فَأُلْقِيَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ عَلَى نُونِ لَكِنْ فَأُدْغِمَتْ النُّونُ فِي النُّونِ. اهـ. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: الْأَصْلُ لَكِنْ أَنَا فَأُلْقِيَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ عَلَى النُّونِ وَقِيلَ حُذِفَتْ حَذْفًا وَأُدْغِمَتْ النُّونُ فِي النُّونِ. اهـ. وَقَالَ ابْنُ زُهْرَةَ: الْأَصْلُ لَكِنْ أَنَا فَأُلْقِيَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ عَلَى النُّونِ وَحُذِفَتْ الْهَمْزَةُ فَبَقِيَتْ لَكِنَّنَا بِنُونَيْنِ مُتَحَرِّكَيْنِ فَلَمَّا تَلَاقَتْ النُّونَانِ أُسْكِنَتْ الْأُولَى وَأُدْغِمَتْ فِي الثَّانِيَةِ وَقِيلَ حُذِفَتْ الْهَمْزَةُ مَعَ حَرَكَتِهَا وَأُدْغِمَتْ النُّونُ فِي النُّونِ فَصَارَتْ لَكِنَّا كَمَا تَرَى. (سُئِلَ) عَنْ مَنَافِعِ الْقُرْآنِ لِلْإِمَامِ الْبَاقِي إذَا أَخَذَ شَخْصٌ مِنْهَا شَيْئًا أَوْ مِنْ مَنَافِعِ الْقُرْآنِ لِلْبَوْنِيِّ أَوْ لِلسُّهْرَوَرْدِيِ وَعَمِلَ بِهِ لِخَرَابِ دِيَارِ الظَّلَمَةِ يُؤْذُونَ عِبَادَ اللَّهِ تَعَالَى يَأْثَمُ بِذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ يُسَمَّى ذَلِكَ سِحْرًا أَوْ مَنَافِعَ

الْقُرْآنِ فَتَنَزَّهَ عَنْ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ بَلْ يُثَابُ عَلَيْهِ الثَّوَابَ الْجَزِيلَ؛ لِأَنَّهُ سَاعٍ فِي دَفْعِ ظُلْمِهِمْ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ فَهُوَ فِي مَعْنَى دَفْعِ الظَّالِمِينَ {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220] «وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» وَلَيْسَ ذَلِكَ سِحْرًا كَيْفَ وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ «وَمَا أَدْرَاك أَنَّهَا رُقْيَةٌ» . (سُئِلَ) عَمَّا يُذْكَرُ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ مَا تَرَكَ الْقَاتِلُ عَلَى الْمَقْتُولِ مِنْ ذَنْبٍ هَلْ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَوْ قَتَلَ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمَقْتُولَ ظُلْمًا تُكَفَّرُ عَنْهُ ذُنُوبُهُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْقَتْلِ مُطْلَقًا كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ الَّذِي صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ «أَنَّ السَّيْفَ مَحَّاءٌ لِلْخَطَايَا» . وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ إذَا جَاءَ الْقَتْلُ مَحَا كُلَّ شَيْءٍ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَلَهُ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ نَحْوَهُ وَلِلْبَزَّارِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَرْفُوعًا «لَا يَمُرُّ الْقَتْلُ بِذَنْبٍ إلَّا مَحَاهُ» وَرَوَى مُسْلِمٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إلَّا الدَّيْنَ» قَالَ الْقُرْطُبِيُّ قَالَ عُلَمَاؤُنَا ذِكْرُ الدَّيْنِ تَنْبِيهٌ عَلَى مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالذِّمَمِ كَالْغَصْبِ، وَأَخْذِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَقَتْلِ الْعَمْدِ، وَالْجِرَاحَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ التَّبِعَاتِ فَإِنَّ كُلَّ هَذَا أَوْلَى أَنْ لَا يُغْفَرَ بِالْقَتْلِ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ أَشَدُّ وَالْقِصَاصُ فِي هَذَا كُلِّهِ بِالسَّيِّئَاتِ وَالْحَسَنَاتِ حَسْبَمَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ. اهـ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الشَّهِيدُ يَشْفَعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ» . (سُئِلَ) عَمَّنْ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

هل السماء أفضل أم الأرض

أَنَّهُ قَالَ مَنْ نَامَ بِالنَّهَارِ مِنْ غَيْرِ قِيَامِ اللَّيْلِ مَقَتَهُ اللَّهُ هَلْ هَذَا الْحَدِيثُ مَوْضُوعٌ أَوْ وَارِدٌ وَهَلْ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَرْوِيَ أَحَادِيثَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجَازَ بِهَا، وَلَا هِيَ وَارِدَةٌ فِي كِتَابٍ مَشْهُورٍ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بَلْ لَا يَصِحُّ مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْتَ الْبُغْضُ وَقِيلَ أَشَدَّهُ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْوِيَ حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا إذَا أَخَذَهُ مِنْ كِتَابٍ مُعْتَمَدٍ وَقَابَلَهُ عَلَى أَصْلٍ مُعْتَمَدٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ رِوَايَةٌ، وَإِنْ حَكَى بَعْضُهُمْ اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِمُعَلِّمٍ أَنْ يَقُولَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى يَكُونَ عِنْدَهُ ذَلِكَ الْقَوْلُ مَرْوِيًّا وَلَوْ عَلَى أَقَلِّ وُجُوهِ الرِّوَايَاتِ. [هَلْ السَّمَاءُ أَفْضَلُ أَمْ الْأَرْضُ] (سُئِلَ) هَلْ السَّمَاءُ أَفْضَلُ أَمْ الْأَرْضُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْأَرْضَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ بِقَاعًا مِنْهَا بِالْبَرَكَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى} [آل عمران: 96] وَقَوْلِهِ {فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ} [القصص: 30] وَقَوْلِهِ {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء: 1] وَقَوْلِهِ {مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} [الأعراف: 137] وَقَوْلِهِ {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا} [فصلت: 10] وَلِأَنَّهُ خَلَقَ الْأَنْبِيَاءَ الْمُكَرَّمِينَ مِنْ الْأَرْضِ، وَأَكْرَمَ نَبِيَّهُ فَجَعَلَ الْأَرْضَ كُلَّهَا مَسْجِدًا وَجَعَلَ تُرَابَهَا لَهُ طَهُورًا، وَأَرْجَحُهُمَا أَنَّ السَّمَاءَ أَفْضَلُ لِأُمُورٍ مِنْهَا أَنَّ السَّمَاءَ مُتَعَبَّدُ الْمَلَائِكَةِ وَمَا فِيهَا بُقْعَةٌ عُصِيَ اللَّهُ فِيهَا، وَأَنَّ آدَمَ لَمَّا أَتَى بِتِلْكَ الْمَعْصِيَةِ فِي الْجَنَّةِ قِيلَ لَهُ اهْبِطْ مِنْ الْجَنَّةِ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَسْكُنُ فِي

الاستعارة بالكتابة والقرينة الدالة عليها

جِوَارِي مَنْ عَصَانِي، وَأَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَهَا سَقْفًا مَحْفُوظًا وَجَعَلَ فِيهَا بُرُوجًا، وَأَنَّهُ قَدَّمَهَا فِي الذِّكْرِ عَلَى الْأَرْضِ فِي الْأَكْثَرِ، وَأَنَّهُ زَيَّنَهَا بِتِسْعَةِ أَشْيَاءَ بِالْمَصَابِيحِ وَبِالشَّمْسِ وَبِالْقَمَرِ وَبِالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَاللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَالْقَلَمِ، وَأَنَّهُ جَعَلَهَا قِبْلَةَ الدُّعَاءِ وَمَحَلَّ الضِّيَاءِ وَالصَّفَاءِ وَالطَّهَارَةِ وَالْعِصْمَةِ مِنْ الْخَلَلِ وَالْفَسَادِ، وَأَنَّهُ سَمَّاهَا بِأَسْمَاءٍ تَدُلُّ عَلَى عَظِيمِ شَأْنِهَا سَمَّاهَا سَقْفًا مَحْفُوظًا وَسَبْعًا طِبَاقًا وَسَبْعًا شِدَادًا ثُمَّ ذَكَرَ عَاقِبَةَ أَمْرِهَا فَقَالَ {وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ} [المرسلات: 9] {وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ} [التكوير: 11] {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ} [الأنبياء: 104] وَ {تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ} [المعارج: 8] وَ {تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا} [الطور: 9] {فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} [الرحمن: 37] وَذَكَرَ مَبْدَأَهَا فِي آيَتَيْنِ فَقَالَ {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} [فصلت: 11] وَقَالَ {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} [الأنبياء: 30] فَهَذَا الِاسْتِقْصَاءُ الشَّدِيدُ فِي كَيْفِيَّةِ حُدُوثِهَا وَفِنَائِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ خَلَقَهَا مُحْكَمَةً بَالِغَةً، وَأَنَّهُ جَعَلَهَا مُؤَثِّرَةً غَيْرَ مُتَأَثِّرَةٍ، وَالْأَرْضُ مُتَأَثِّرَةٌ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ، وَالْمُؤَثِّرُ أَشْرَفُ مِنْ الْقَابِلِ، وَأَنَّهُ فِي الْأَكْثَرِ ذَكَرَهَا بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَالْأَرْضُ بِلَفْظِ الْوَحْدَةِ، وَأَنَّهُ جَعَلَ لَوْنَهَا أَنْفَعَ الْأَلْوَانِ لِلْبَصَرِ وَشَكْلَهُ أَفْضَلَ الْأَشْكَالِ. [الِاسْتِعَارَةِ بِالْكِتَابَةِ وَالْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا] (سُئِلَ) مَا مَعْنَى قَوْلِ الْبَيْضَاوِيِّ فِي تَفْسِيرِهِ {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ} [البقرة: 27] وَالنَّقْضُ فَتْحُ التَّرْكِيبِ، وَأَصْلُهُ فِي طَاقَاتِ الْحَبْلِ فَاسْتِعْمَالُهُ فِي إبْطَالِ الْعَهْدِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَهْدَ يُسْتَعَارُ لَهُ الْحَبْلُ لِمَا فِيهِ مِنْ رَبْطِ أَحَدِ الْمُتَعَاهِدَيْنِ بِالْآخَرِ فَإِنْ أُطْلِقَ مَعَ لَفْظِ الْحَبْلِ كَانَ تَرْشِيحًا لِلْمَجَازِ، وَإِنْ ذُكِرَ

مَعَ الْعَهْدِ كَانَ رَمْزًا إلَى مَا هُوَ مِنْ رَوَادِفِهِ وَهُوَ أَنَّ الْعَهْدَ حَبْلٌ فِي إثْبَاتِ الْوَصْلَةِ بَيْنَ الْمُتَعَاهِدَيْنِ كَقَوْلِك شُجَاعٌ يَفْتَرِسُ أَقْرَانَهُ وَعَالِمٌ يَغْتَرِفُ مِنْهُ النَّاسُ فَإِنَّ فِيهِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ أَسَدٌ فِي شَجَاعَتِهِ وَبَحْرٌ بِالنَّظَرِ إلَى إفَادَتِهِ؟ (فَأَجَابَ) قَوْلُ الْمُفَسِّرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَيَانٌ لِمَا فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مِنْ الِاسْتِعَارَةِ بِالْكِتَابَةِ وَالْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا فَالْمُسْتَعَارُ بِالْكِتَابَةِ هُوَ الْحَبْلُ اُسْتُعِيرَ لِلْعَهْدِ لِمَا فِيهِ مِنْ رَبْطِ أَحَدِ الْمُتَعَاهِدَيْنِ بِالْآخَرِ وَكَنَّى عَنْ الْحَبْلِ بِذِكْرِ النَّقْضِ الَّذِي هُوَ مِنْ رَوَادِفِهِ وَلَوَازِمِهِ فَقَوْلُهُ {يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ} [البقرة: 27] اسْتِعَارَةٌ تَحْقِيقِيَّةٌ تَصْرِيحِيَّةٌ؛ لِأَنَّ إبْطَالَ الْعَهْدِ أَمْرٌ مُحَقَّقٌ وَهِيَ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ بِالْكِنَايَةِ فَإِذَا قِيلَ يَنْقُضُونَ حَبْلَ اللَّهِ كَانَ إطْلَاقُ لَفْظِ الْحَبْلِ عَلَى الْعَهْدِ مَجَازًا عَلَاقَتُهُ الْمُشَابَهَةُ أَيْ اسْتِعَارَةٌ تَصْرِيحِيَّةٌ وَذَكَرَ النَّقْضَ تَرْشِيحًا. ثُمَّ قَالَ الْمُفَسِّرُ كَقَوْلِك شُجَاعٌ يَفْتَرِسُ أَقْرَانَهُ وَعَالِمٌ يَغْتَرِفُ مِنْهُ النَّاسُ أَيْ فَإِنَّ افْتِرَاسَ الشُّجَاعِ أَقْرَانَهُ اسْتِعَارَةٌ لِبَطْشِهِ وَقَتْلِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّصْرِيحِ وَبِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ اسْتِعَارَةِ الْبَحْرِ لَهُ وَكُلٌّ مِنْ التَّصْرِيحَتَيْنِ قَرِينَةٌ لِمَا تَفَرَّعَتْ عَلَيْهِ مِنْ الِاسْتِعَارَةِ بِالْكِنَايَةِ. (سُئِلَ) هَلْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ لَا يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ إلَّا فَاسِقٌ وَلَا يَسْتَحْلِفُ بِهِ إلَّا مُنَافِقٌ أَمْ لَا؟ . . (فَأَجَابَ) لَمْ أَرَ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ وَعَلَى تَقْدِيرِ وُرُودِهِ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ خَارِجٌ عَلَى سَبِيلِ الزَّجْرِ وَالرَّدْعِ. (سُئِلَ) هَلْ وَرَدَ مَنْ قَصَدَنَا وَجَبَ حَقُّهُ عَلَيْنَا أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) لَمْ أَرَ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ لَكِنَّ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ إذْ الْمَقْصُودُ بِهِ التَّرْغِيبُ فِي قَضَاءِ حَاجَةِ السَّائِلِ، وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ

هل يقطع بدخول طائفة من المسلمين النار

بَلَغَهُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ مِسْكِينًا سَأَلَهَا وَهِيَ صَائِمَةٌ وَلَيْسَ فِي بَيْتِهَا إلَّا رَغِيفٌ فَقَالَتْ لِمَوْلَاةٍ لَهَا أَعْطِيهِ إيَّاهُ فَقَالَتْ لَيْسَ لَك مَا تُفْطِرِينَ عَلَيْهِ فَقَالَتْ أَعْطِهِ إيَّاهُ فَفَعَلَتْ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ ابْنِ هِشَامٍ فِي شَرْحِ الْقَطْرِ فِي بَابِ الْمَفْعُولِ مَعَهُ يَجِبُ نَصْبُهُ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَذَلِكَ إذَا كَانَ الْعَطْفُ مُمْتَنِعًا لِمَانِعٍ مَعْنَوِيٍّ كَقَوْلِك لَا تَنْهَ عَنْ الْقَبِيحِ، وَإِتْيَانَهُ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ فَمَا وَجْهُ التَّنَاقُضِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ لَفْظَ الْقَبِيحِ يَقْتَضِي وُجُودَهُ بِأَنْ يَكُونَ فَاعِلُهُ مُتَلَبِّسًا بِهِ إذْ فَعِيلٌ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ وَلَفْظُ إتْيَانِهِ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ الْقَبِيحَ مَعْدُومٌ حَالَ التَّكَلُّمِ بِهِ فَيَلْزَمُ مِنْ الْعَطْفِ إفَادَةُ وُجُودِ الْقَبِيحِ وَعَدَمُ وُجُودِ ذَلِكَ الْقَبِيحِ. [هَلْ يُقْطَعُ بِدُخُولِ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ النَّارَ] (سُئِلَ) هَلْ يُقْطَعُ بِدُخُولِ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ النَّارَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ لِلْأَدِلَّةِ الْقَطْعِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ بَلْ قَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ إنَّ صَاحِبَ الْكَبِيرَةِ إذَا لَمْ يَتُبْ عَنْهَا مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْهَا أَبَدًا وَقَدْ قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ: قَدْ تَوَاتَرَتْ الْأَحَادِيثُ فِي أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ بِذُنُوبِهِ غَيْرَ أَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي يَبْقَى فِيهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ وَاَلَّذِي تَلْحَقُهُ الشَّفَاعَةُ ابْتِدَاءً حَتَّى لَا يُعَذَّبُ أَصْلًا غَيْرُ مَعْلُومٍ فَالذَّنْبُ خَطَرُهُ عَظِيمٌ وَرَبُّنَا غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَعَذَابُهُ شَدِيدٌ أَلِيمٌ. اهـ. وَمِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ أَنَّ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَفَاعَاتٍ مِنْهَا إخْرَاجُ مَنْ أُدْخِلَ النَّارَ مِنْ الْمُوَحِّدِينَ وَيُشَارِكُهُ فِيهَا الْأَنْبِيَاءُ وَالْمَلَائِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلَكِنَّهُ اخْتَصَّ بِالشَّفَاعَةِ لِمَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ الْإِيمَانِ فِي إخْرَاجِهِ مِنْ النَّارِ وَمِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ أَنَّ غَيْرَ الْكُفَّارِ مِنْ الْعُصَاةِ وَمُرْتَكِبِي الْكَبَائِرِ لَا يُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] وَلَا شَكَّ أَنَّ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ قَدْ عَمِلَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا وَهُوَ إيمَانُهُ فَأَمَّا أَنْ تَكُونَ رُؤْيَتُهُ لِلْخَيْرِ قَبْلَ

ضغطة القبر لكل أحد أم لإناس دون إناس

دُخُولِهِ النَّارَ وَهُوَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ لِاسْتِحَالَةِ الْخُرُوجِ مِنْ الْجَنَّةِ بَعْدَ دُخُولِهَا أَوْ بَعْدَ دُخُولِهَا أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا وَفِيهِ الْمَطْلُوبُ وَهُوَ خُرُوجُهُ عَنْهَا وَعَدَمُ خُلُودِهِ فِيهَا وقَوْله تَعَالَى {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ} [التوبة: 72] وقَوْله تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا} [الكهف: 107] وقَوْله تَعَالَى {وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [النجم: 31] وقَوْله تَعَالَى {هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ} [الرحمن: 60] فَقَدْ ثَبَتَ لِصَاحِبِ الْكَبِيرَةِ بِإِيمَانِهِ وَسَائِرِ مَا يَكُونُ لَهُ مِنْ الْحَسَنَاتِ اسْتِحْقَاقُ الثَّوَابِ، وَأَمَّا الْوَعِيدُ بِبَقَائِهِمْ الدَّائِمِ فَلُطْفٌ بِالْعِبَادِ لِكَوْنِهِ أَزْجَرَ عَنْ الْمَعَاصِي فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَا يَكْتَرِثُ بِالْعَذَابِ الْمُنْقَطِعِ عِنْدَ الْمَيْلِ إلَى الِاسْتِلْذَاذِ ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ تَحْقِيقِ الْوَعِيدِ تَصْدِيقًا لِلْمُخْبِرِ وَصَوْنًا لِلْقَوْلِ عَنْ التَّبْدِيلِ. (سُئِلَ) عَنْ تَعْرِيفِ الْيَمِينِ وَالْمِرَاءِ. (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَى الْيَمِينِ الْبَرَكَةُ وَمَعْنَى الْمِرَاءِ الرِّيَاءُ. (سُئِلَ) عَنْ تَعْرِيفِ الْأَثَرِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ تَعْرِيفَ الْأَثَرِ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ هُوَ الْحَدِيثُ سَوَاءٌ أَكَانَ مَرْفُوعًا أَوْ مَوْقُوفًا، وَإِنْ قَصَرَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْمَوْقُوفِ. (سُئِلَ) عَنْ تَعْرِيفِ الْعَرَبِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْعَرَبَ لَفْظٌ اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ فِي غَيْرِ لُغَتِهِمْ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدُّنْيَا حَرَامٌ عَلَى أَهْلِ الْآخِرَةِ وَالْآخِرَةُ حَرَامٌ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا وَهُمَا حَرَامٌ عَلَى أَهْلِ اللَّهِ هَلْ هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ اللَّفْظُ الْمَذْكُورُ. [ضَغْطَة الْقَبْر لِكُلِّ أَحَد أُمّ لِإِنَاسِ دُون إنَاس] (سُئِلَ) عَنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ لِكُلِّ أَحَدٍ أَمْ لِأُنَاسٍ دُونَ أُنَاسٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَمْ نَرَ فِيهَا تَخْصِيصًا. (سُئِلَ) عَمَّا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي قَوْله تَعَالَى اُقْتُلُوا {الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: 36] إنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ اُقْتُلُوا كَافَّةَ الْمُشْرِكِينَ فَمَا وَجْهُهُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ وَجْهَهُ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُ نَصْبُ كَافَّةٍ عَلَى الْحَالِ كَقَاطِبَةٍ، وَإِنَّهَا لَا تُثَنَّى وَلَا تُجْمَعُ وَلَا يَدْخُلُهَا

أسباب التحريم والتحليل

أَلْ وَلَا يُتَصَرَّفُ فِيهَا بِغَيْرِ الْحَالِ. [أَسْبَاب التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ] (سُئِلَ) عَمَّا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَالَ كُلُّ مَا كَانَ حَرَامًا بِوَصْفِهِ وَبِسَبَبِهِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا فَلَا يَأْتِيهِ التَّحْلِيلُ إلَّا مِنْ جِهَةِ الضَّرُورَةِ أَوْ إلَّا كِرَاءً وَمَا كَانَ حَلَالًا بِوَصْفِهِ دُونَ سَبَبِهِ فَلَا يَأْتِيهِ التَّحْرِيمُ إلَّا مِنْ جِهَةِ سَبَبِهِ، وَمَا كَانَ حَلَالًا بِسَبَبِهِ فَلَا يَأْتِيهِ التَّحْرِيمُ إلَّا مِنْ جِهَةِ وَصْفِهِ، وَالْمَسْئُولُ مِنْ الصَّدَقَاتِ إيضَاحُ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَسْبَابَ التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا قَائِمٌ بِالْمَحَلِّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ وَالثَّانِي خَارِجٌ عَنْ الْمَحَلِّ فَأَمَّا الْقَائِمُ بِالْمَحَلِّ مِنْ أَسْبَابِ التَّحْرِيمِ فَهُوَ كُلُّ صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِالْمَحَلِّ مُوجِبَةٍ لِلتَّحْرِيمِ كَصِفَةِ الْخَمْرِ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ لِمَا قَامَ بِشُرْبِهَا مِنْ النَّشْوَةِ الْمُطْرِبَةِ الْمُفْسِدَةِ لِلْعُقُولِ وَكَالْمَيْتَةِ حَرُمَتْ لِمَا قَامَ بِهَا مِنْ الِاسْتِقْذَارِ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ حَرُمَ صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِهِ وَكَالسُّمُومِ الْقَاتِلَةِ حَرُمَتْ لِمَا قَامَ بِهَا مِنْ الصِّفَاتِ الْقَاتِلَةِ، وَأَمَّا الْقَائِمُ بِالْمَحَلِّ مِنْ أَسْبَابِ التَّحْلِيلِ فَكُلُّ صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِالْمَحَلِّ مُوجِبَةٌ لِلتَّحْلِيلِ كَصِفَةِ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالرُّطَبِ وَالْعِنَبِ وَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَأَمَّا الْخَارِجُ فَضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا الْأَسْبَابُ الْبَاطِلَةُ كَالْغَصْبِ وَالْقِمَارِ وَالْحُرِّيَّةِ الْمَانِعَةِ مِنْ الْبَيْعِ فَهَذِهِ أَسْبَابٌ خَارِجَةٌ عَنْ الْمَحَلِّ مُوجِبَةٌ لِتَحْرِيمِ الْفِعْلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ. الضَّرْبُ الثَّانِي الْأَسْبَابُ الصَّحِيحَةُ كَالْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَالْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ وَالْمُعَامَلَاتِ الْمَحْكُومِ بِصِحَّتِهَا فَقَوْلُ الشَّيْخِ: كُلُّ مَا كَانَ حَرَامًا بِوَصْفِهِ وَبِسَبَبِهِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا فَلَا يَأْتِيهِ التَّحْلِيلُ إلَّا مِنْ جِهَةِ الضَّرُورَةِ أَوْ الْإِكْرَاهِ. مِثَالُ الْأَوَّلِ الْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ إذَا غَصَبَهُمَا مِنْ ذِمِّيٍّ. وَمِثَالُ مَا كَانَا حَرَامًا بِوَصْفِهِ شُرْبُهُ خَمْرًا مُحْتَرَمَةً وَعَقْدُهُ عَلَى الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ عَقْدًا اتَّفَقَا عَلَى مِثْلِهِ إذَا عَقَدَ عَلَى غَيْرِهِمَا وَمِثَالُ مَا كَانَ حَرَامًا بِسَبَبِهِ أَكْلُهُ مَالًا غَصَبَهُ أَوْ أَخَذَهُ بِقِمَارٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَأْتِيهِ

السحر هل يجب على المكلف باجتنابه تعلمه

التَّحْلِيلُ إلَّا مِنْ جِهَةِ اضْطِرَارِهِ إلَى تَنَاوُلِهِ أَوْ إكْرَاهِهِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَمَا كَانَ حَلَالًا بِسَبَبِهِ لَا يَأْتِيهِ التَّحْرِيمُ إلَّا مِنْ جِهَةٍ وَصِفَةٍ. مِثَالُ الْأَوَّلِ أَكْلُهُ بُرًّا مَغْصُوبًا أَوْ شَاةً مَغْصُوبَةً أَوْ بُرًّا مُشْتَرَكًا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَنَصِيبُ شَرِيكِهِ أَتَاهُ التَّحْرِيمُ مِنْ جِهَةِ سَبَبِهِ. وَمِثَالُ الثَّانِي تَنَاوُلُهُ كَثِيرَ الَّذِي يَنْفَعُ قَلِيلُهُ وَيَضُرُّ كَثِيرُهُ كَالسَّقَمُونْيَا وَالْأَفْيُونِ. [السِّحْرِ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ بِاجْتِنَابِهِ تَعَلُّمُهُ] (سُئِلَ) عَنْ السِّحْرِ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ بِاجْتِنَابِهِ تَعَلُّمُهُ؛ لِأَنَّ اجْتِنَابَ مَا لَا يُعْرَفُ مُحَالٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مَعْرِفَتِهِ تَمْيِيزُهُ مِنْ غَيْرِهِ مِمَّا فِيهِ شُبْهَةٌ مِنْ الْعُلُومِ كَالسِّيمِيَاءِ وَالشَّعْبَذَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ تَعْلِيمَ السِّحْرِ وَتَعَلُّمَهُ حَرَامٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ} [البقرة: 102] بَلْ قَوْله تَعَالَى {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} [البقرة: 102] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ تَعْلِيمِهِ وَتَعَلُّمِهِ كُفْرٌ مُطْلَقًا، وَلَكِنَّهُ حِكَايَةُ حَالٍ تَصْدُقُ بِصُورَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ مَا تَضَمَّنَتْ الْكُفْرَ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ مَا هُنَّ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ» فَعَدَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْكَبَائِرِ وَثَنَّاهُ بِالشِّرْكِ، وَأَمَرَنَا بِاجْتِنَابِهِ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَا يُقَالُ بِوُجُوبِهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعْجِزَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ، وَالْعِلْمُ بِكَوْنِ الْمُعْجِزَةِ مُعْجِزَةً وَاجِبٌ وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ؟ وَجَوَابُهُ أَنَّ السِّحْرَ أَوْ نَحْوَهُ إنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الْإِعْجَازِ الَّذِي هُوَ كَفَلْقِ الْبَحْرِ، وَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى، وَإِبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ جَمِيعِ الْعُقَلَاءِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَلْتَبِسُ السِّحْرُ بِالْمُعْجِزَةِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ بَلَغَ السِّحْرُ حَدَّ الْإِعْجَازِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِدُونِ دَعْوَى التَّحَدِّي فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا الْتِبَاسَ أَوْ يَكُونَ مَعَهُ

فَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ أَنْ لَا يَخْلُقَ اللَّهُ عَلَى يَدِهِ أَوْ أَنْ يَقْدِرَ غَيْرُهُ عَلَى مُعَارَضَتِهِ، وَإِلَّا كَانَ تَصْدِيقًا لِلْكَاذِبِ، وَأَنَّهُ يُحَالُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِكَوْنِهِ كَذِبًا، وَأَنَّ السِّحْرَ يُوجَدُ مِنْ ذَلِكَ السَّاحِرِ وَمِنْ غَيْرِهِ فَقَدْ يَكُونُ جَمَاعَةٌ يَعْرِفُونَهُ وَيُمْكِنُهُمْ الْإِتْيَانُ بِهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَالْمُعْجِزَةُ لَا يُمَكِّنُ اللَّهُ أَحَدًا أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهَا وَيُعَارِضَهَا. وَاجْتِنَابُهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَعَلُّمِهِ بَلْ عَلَى تَصَوُّرِهِ بِوَجْهٍ مَا فَإِنْ تَصَوَّرَهُ بِرَسْمِهِ كَانَ آثِمًا؛ لِأَنَّهُ بِهِ وَقَفَ عَلَى جَمِيعِ جُزْئِيَّاتِهِ إجْمَالًا حَتَّى أَنَّ كُلَّ جُزْئِيَّةٍ تَرِدُ عَلَيْهِ عَلِمَ أَنَّهَا مِنْهُ. وَقَدْ رَسَمَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ عِلْمٌ بِكَيْفِيَّةِ اسْتِعْدَادَاتٍ تَقْتَدِرُ بِهَا النُّفُوسُ الْبَشَرِيَّةُ عَلَى ظُهُورِ التَّأْثِيرِ فِي عَالَمِ العناص، وَبَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ كَلَامٌ مُؤَلَّفٌ يُعَظَّمُ بِهِ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَتُنْسَبُ إلَيْهِ الْمَقَادِيرُ وَالْكَائِنَاتُ وَبَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ كُلُّ أَمْرٍ يَخْفَى سَبَبُهُ وَيُتَخَيَّلُ مِنْهُ عَلَى غَيْرِ حَقِيقَةٍ وَيَجْرِي مَجْرَى التَّمْوِيهِ وَالتَّخْيِيلِ، وَبَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ مَا يُسْتَعَانُ فِي تَحْصِيلِهِ بِالتَّقَرُّبِ إلَى الشَّيْطَانِ مِمَّا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْإِنْسَانُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي فِي اجْتِنَابِهِ مَا ذَكَرْته مَا قَالَهُ أَئِمَّتُنَا مِنْ أَنَّ مِنْ فَرْضِ الْعَيْنِ عِلْمَ دَاءِ الْقُلُوبِ الْمُفْسِدَ لَهَا لِيَحْتَرِزَ عَنْهَا وَهِيَ عِلْمُ أَمْرَاضِهَا الَّتِي تُخْرِجُهَا مِنْ الصِّحَّةِ وَتَحْصُلُ عِنْدَهَا كَالْعُجْبِ وَهُوَ اسْتِعْظَامُ الْآدَمِيِّ نَفْسَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَالرُّكُونُ إلَيْهَا مَعَ نِسْيَانِ إضَافَتِهَا لِلْمُنْعِمِ، وَالْكِبْرُ وَهُوَ أَنْ يَتَعَدَّى الشَّخْصُ طَوْرَهُ وَقَدْرَهُ وَهُوَ خُلُقٌ فِي النَّفْسِ، وَأَفْعَالٌ تَصْدُرُ مِنْ الْجَوَارِحِ وَالْحَسَدِ وَهُوَ كَرَاهَتُك نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَى غَيْرِك وَهُوَ تَمَنِّيك زَوَالَهَا عَنْهُ هَذَا إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَطْهِيرُ قَلْبِهِ مِنْهَا بِغَيْرِ الْعِلْمِ الْمَذْكُورِ، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ كَأَنْ رُزِقَ قَلْبًا سَلِيمًا مِنْهَا كَفَاهُ ذَلِكَ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَمْيِيزِ السِّحْرِ عَمَّا فِيهِ شِبْهُهُ مِنْ الْعُلُومِ كالسيميا وَالشَّعْبَذَةِ لِمُشَارَكَتِهَا إيَّاهُ فِي وُجُوبِ اجْتِنَابِهَا لِتَحْرِيمِهَا عَلَى أَنَّ

هل باب التوبة يفتح بعد تغلقه وحينئذ تقبل التوبة

كَثِيرًا مِنْ الْعُلَمَاءِ أَدْرَجُوهَا فِيهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْته فِي رُسُومِهِ. وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ فَأَمَّا سَائِرُ أَنْوَاعِ السِّحْرِ أَعْنِي الْإِتْيَانَ بِضُرُوبِ الشَّعْبَذَةِ وَالْآلَاتِ الْعَجِيبَةِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى النِّسَبِ الْهَنْدَسِيَّةِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ. [هَلْ بَابُ التَّوْبَةِ يُفْتَحُ بَعْدَ تَغَلُّقِهِ وَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ التَّوْبَةُ] (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ التَّذْكِرَةِ إنَّ بَابَ التَّوْبَةِ يُفْتَحُ بَعْدَ تَغَلُّقِهِ وَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ التَّوْبَةُ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ ذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ فِي حَدِيثٍ فِيهِ طُولٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّمْسَ تُحْبَسُ عَنْ النَّاسِ حِينَ تَكْثُرُ الْمَعَاصِي فِي الْأَرْضِ وَيَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ فَلَا يَأْمُرُ بِهِ أَحَدٌ وَيَفْشُو الْمُنْكَرُ فَلَا يُنْهَى عَنْهُ وَتَسْجُدُ مِقْدَارَ لَيْلَةٍ تَحْتَ الْعَرْشِ كُلَّمَا سَجَدَتْ وَاسْتَأْذَنَتْ رَبَّهَا تَعَالَى مِنْ أَيْنَ تَطْلُعُ لَمْ يُحَرْ إلَيْهَا جَوَابٌ حَتَّى يُوَافِيَهَا الْقَمَرُ فَيَسْجُدُ مَعَهَا وَيَسْتَأْذِنُ مِنْ أَيْنَ يَطْلُعُ فَلَا يُحَارُ إلَيْهِمَا جَوَابٌ حَتَّى يَحْبِسَهَا مِقْدَارَ ثَلَاثِ لَيَالٍ لِلشَّمْسِ وَلَيْلَتَيْنِ لِلْقَمَرِ فَلَا يَعْرِفُ طُولَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ إلَّا الْمُجْتَهِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَهُمْ يَوْمَئِذٍ عِصَابَةٌ قَلِيلَةٌ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ. فَإِذَا تَمَّ لَهَا مِقْدَارُ ثَلَاثِ لَيَالٍ أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَيَقُولُ إنَّ الرَّبَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَأْمُرُكُمَا أَنْ تَرْجِعَا إلَى مَغَارِبِكُمَا فَتَطْلُعَا مِنْهُ، وَإِنَّهُ لَا ضَوْءَ لَكُمَا عِنْدَنَا وَلَا نُورَ فَيَطْلُعَانِ مِنْ مَغَارِبِهِمَا أَسْوَدَانِ لَا ضَوْءَ لِلشَّمْسِ وَلَا نُورَ لِلْقَمَرِ مِثْلُهُمَا فِي كُسُوفِهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} [القيامة: 9] وَقَوْلُهُ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: 1] فَيَرْتَفِعَانِ كَذَلِكَ مِثْلَ الْبَعِيرَيْنِ وَالْفَرَسَيْنِ فَإِذَا بَلَغَتْ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ سُرَّةَ السَّمَاءِ وَهِيَ مُنْتَصَفُهَا جَاءَهُمَا جِبْرِيلُ فَأَخَذَ بِقُرُونِهِمَا وَرَدَّهُمَا إلَى الْمَغْرِبِ فَلَا يُغْرِبُهُمَا مِنْ مَغَارِبِهِمَا وَلَكِنْ يُغْرِبُهُمَا مِنْ بَابِ التَّوْبَةِ ثُمَّ يَرُدُّ الْمِصْرَاعَيْنِ ثُمَّ يَلْتَئِمُ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا صَدْعٌ فَإِذَا أُغْلِقَ بَابُ التَّوْبَةِ لَمْ يُقْبَلْ لِعَبْدٍ بَعْدَ

الجمع المحلى باللام أو الإضافة هل هو للعموم

ذَلِكَ تَوْبَةٌ، وَلَمْ تَنْفَعْهُ حَسَنَةٌ يَعْمَلُهَا إلَّا مَنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنًا فَإِنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158] . ثُمَّ إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ يُكْسَيَانِ بَعْدَ ذَلِكَ الضَّوْءَ وَالنُّورَ ثُمَّ يَطْلُعَانِ عَلَى النَّاسِ وَيَغْرُبَانِ كَمَا كَانَا قَبْلَ ذَلِكَ يَطْلُعَانِ وَيَغْرُبَانِ. اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ بَابَ التَّوْبَةِ بَعْدَ أَنْ يُغْلَقَ لَا يُفْتَحُ. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ ابْنِ هِشَامٍ فِي شَرْحِ شُذُورِهِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى كِلَا وَكِلْتَا فِي إعْرَابِ قَوْلِهِ {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا} [الإسراء: 23] إلَى أَنْ قَالَ وَقِيلَ إنَّ (أَحَدُهُمَا) بَدَلٌ مِنْ الْأَلِفِ أَوْ فَاعِلُ يَبْلُغَانِ عَلَى أَنَّ الْأَلِفَ عَلَامَةٌ وَلَيْسَا بِشَيْءٍ فَتَأَمَّلْ فَمَا وَجْهُ التَّأَمُّلِ وَهَلْ هُوَ كَمَا قَالَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ وَجْهَ تَأَمُّلِ ضَعْفِ الْإِعْرَابَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ؛ لِأَنَّ فِي أَوَّلِهِمَا إبْدَالَ الْبَعْضِ مِنْ الْكُلِّ ثُمَّ عَطْفَ الْكُلِّ عَلَيْهِ. وَفِي ثَانِيهِمَا إلْحَاقَ عَلَامَةِ التَّثْنِيَةِ لِلْفِعْلِ مَعَ كَوْنِ فَاعِلِهِ مُفْرَدًا فَإِنَّ أَوْ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ فَالْإِعْرَابُ الْمُرْتَضَى فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَمَّا عَلَى الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ فَأَحَدُهُمَا فَاعِلٌ وَكِلَاهُمَا مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَالْأَلِفُ عَلَامَةٌ لِرَفْعِهِ؛ لِأَنَّهُ مُضَافٌ لِلضَّمِيرِ، وَأَمَّا عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى بِالْأَلِفِ فَالْأَلِفُ فَاعِلٌ، وَأَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا وَفَائِدَةُ إعَادَةِ ذَلِكَ التَّوْكِيدُ. (سُئِلَ) عَمَّنْ نَسِيَ الْقُرْآنَ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُهُ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ بِوُجُوبِهِ فَهَلْ تَرْكُهُ كَبِيرَةٌ وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَالِغِ وَغَيْرِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ نَسِيَهُ وَهُوَ بَالِغٌ تَهَاوُنًا وَتَكَاسُلًا كَانَ نِسْيَانُهُ كَبِيرَةً وَيَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُهُ إنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ لِلْخُرُوجِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ. [الْجَمْعِ الْمُحَلَّى بِاللَّامِ أَوْ الْإِضَافَةِ هَلْ هُوَ لِلْعُمُومِ] (سُئِلَ) عَنْ الْجَمْعِ الْمُحَلَّى بِاللَّامِ أَوْ الْإِضَافَةِ هَلْ هُوَ لِلْعُمُومِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ عَهْدٌ لِتَبَادُرِهِ إلَى الذِّهْنِ كَمَا قِيلَ بِهِ أَوْ لَا وَهَلْ أَفْرَادُهُ آحَادٌ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا أَوْ لَا فَإِذَا قِيلَ بِأَنَّهُ

لِلْعُمُومِ كَمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُفْرَدِ الْمُحَلَّى إذْ هُوَ مِثْلُهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَفِي قَوْلِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ عِنْدَ قَوْلِ بَعْضِ الْمُتُونِ يَجِبُ الْحَجُّ عَلَى الْأَحْرَارِ إنَّمَا ذَكَرَ الْأَحْرَارَ وَمَا بَعْدَهُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ مَعَ أَنَّهُ مُحَلًّى بِاللَّامِ، وَالْمُحَلَّى يَبْطُلُ فِيهِ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ إذْ الْعَادَةُ جَرَتْ وَقْتَ خُرُوجِهِمْ بِالْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ مِنْ الرُّفَقَاءِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ. اهـ. وَفِي قَوْلِهِ إنَّ إخْفَاءَ الزَّكَاةِ أَفْضَلُ هَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْجَمْعَ الْمُحَلَّى بِاللَّامِ وَالْإِضَافَةِ لِلْعُمُومِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ عَهْدٌ؛ لِمَا ذُكِرَ؛ وَلِأَدِلَّةٍ أُخَرَ مِنْهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِنَا فِي التَّشَهُّدِ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ فَإِنَّكُمْ إذَا قُلْتُمْ ذَلِكَ فَقَدْ سَلَّمْتُمْ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَأَفْرَادُهُ آحَادٌ فِي الْإِثْبَاتِ لِشُمُولِهِ أَفْرَادًا كُلُّهَا مِثْلُ الْمُفْرَدِ كَمَا ذَكَرَهُ أَئِمَّةُ الْأُصُولِ وَالنَّحْوِ، وَدَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِقْرَاءُ، وَصَرَّحَ بِهِ أَئِمَّةُ التَّفْسِيرِ فِي كُلِّ مَا وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ نَحْوَ {أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [البقرة: 33] {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31] {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ} [البقرة: 34] {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134] {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود: 83] إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَلِهَذَا صَحَّ بِلَا خِلَافٍ نَحْوَ جَاءَنِي الْقَوْمُ أَوْ الْعُلَمَاءُ إلَّا زَيْدًا، وَإِلَّا الزَّيْدَيْنِ مَعَ امْتِنَاعٍ قَوْلِك جَاءَنِي كُلُّ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَّا زَيْدًا عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَّصِلِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ أَفْرَادِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ. وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ عُمُومَ الْجَمْعِ مُسَاوٍ لِعُمُومِ الْمُفْرَدِ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَكِنْ فُرِّقَ بَيْنَ الْمُفْرَدِ وَالْمُعَرَّفِ فَاللَّامُ الْجِنْسِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْمُفْرَدَ صَالِحٌ؛ لَأَنْ يُرَادَ بِهِ جَمِيعُ الْجِنْسِ، وَأَنْ يُرَادَ بِهِ بَعْضُهُ، وَالْوَاحِدُ مِنْهُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} [يوسف: 13] وَالْجَمْعُ صَالِحٌ؛ لَأَنْ يُرَادَ بِهِ جَمِيعُ الْجِنْسِ، وَأَنْ يُرَادَ بَعْضُهُ لَا الْوَاحِدُ؛ لِأَنَّ وِزَانَهُ فِي تَنَاوُلِ الْجَمْعِيَّةِ فِي الْجِنْسِ وِزَانَ الْمُفْرَدِ فِي تَنَاوُلِ الْجِنْسِيَّةِ، وَالْجَمْعِيَّةُ فِي الْجِنْسِ لَا فِي وَحَدَاتِهِ. وَقَوْلُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ جَارٍ عَلَى الرَّاجِحِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَالْمُحَلَّى يَبْطُلُ فِيهِ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ مَعْنَاهُ أَنَّ

القائل بخلق القرآن ومنكر العلم بالجزئيات هل يكفر

أَفْرَادَهُ حِينَئِذٍ آحَادٌ لَا جُمُوعٌ ثُمَّ أَفَادَ أَنَّ نُكْتَةَ التَّعْبِيرِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ الَّذِي هُوَ مَوْضُوعٌ لِلثَّلَاثَةِ فَمَا فَوْقَهَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ اللَّازِمِ مُوَافَقَةٌ لِعَادَةِ النَّاسِ فِي الْخُرُوجِ لِلْحَجِّ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَالِكِ إظْهَارُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ كَالصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَلِيَرَاهُ غَيْرُهُ فَيَعْمَلُ؛ وَلِئَلَّا يُسَاءَ الظَّنُّ بِهِ وَخَصَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ قَالَ أَمَّا الْبَاطِنَةُ فَالْإِخْفَاءُ فِيهَا أَوْلَى لِآيَةِ {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 271] فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ ذَلِكَ الشَّارِحِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَهُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ. [الْقَائِل بخلق الْقُرْآن ومنكر الْعِلْم بِالْجُزْئِيَّاتِ هَلْ يكفر] (سُئِلَ) عَنْ الْقَائِلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَمُنْكِرِ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّاتِ يَكْفُرَانِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ تَكْفِيرُ الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ. [شرع مِنْ قبلنا هَلْ هُوَ شرع لَنَا] (سُئِلَ) عَنْ شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا إذَا وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ هَلْ يَكُونُ شَرْعًا لَنَا أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعًا لَنَا، وَإِنْ وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ؛ لِأَنَّ شَرِيعَةَ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاسِخَةٌ لِجَمِيعِ الشَّرَائِعِ. [الْمُرَاد بِالْوَيْلِ فِي قَوْله تَعَالَى فَوَيْل للمصلين] (سُئِلَ) عَنْ الْوَيْلِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} [الماعون: 4] {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5] هَلْ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ وَهَلْ هُوَ مُعَدٌّ لِمَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ جَمِيعُ مَا فِي الْآيَةِ أَوْ مَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ فَرْدٌ مِنْهَا؟ . (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَى الْوَيْلِ فِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ الْخِزْيُ وَالْعَذَابُ وَالْهَلَكَةُ، وَقِيلَ هُوَ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ وَظَاهِرُ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى جَمِيعِ مَا فِي الْآيَةِ لَا عَلَى بَعْضِهِ. (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ رِوَايَةُ الْحَدِيثِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِثُبُوتِهِ وَصِحَّتِهِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِي فِي جَوَازِ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِثُبُوتِهِ كَأَنْ رَوَاهُ مِنْ أَصْلٍ مُعْتَمَدٍ. [هَلْ يَجُوز تتبع الرخص] (سُئِلَ) عَنْ تَتَبُّعِ الرُّخَصِ هَلْ يَجُوزُ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمَذْهَبَ مَنْعُ تَتَبُّعِ الرُّخَصِ بِأَنْ يَخْتَارَ مِنْ كُلِّ مَذْهَبٍ مَا هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ. [الْمُرَاد بِقَوْلِهِ تَعَالَى إذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إنِّي مُتَوَفِّيك وَرَافِعُك إلَيَّ] (سُئِلَ) عَنْ قَوْله تَعَالَى {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55] الْوَفَاةُ الْمُرَادُ بِهَا انْقِضَاءُ الْأَجَلِ بِالْمَوْتِ أَمْ بِمَعْنًى آخَرَ وَهَلْ أُرْسِلَ وَرُفِعَ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ أَمْ بَعْدَهَا فَإِذَا فُرِضَ أَنَّهُ أُرْسِلَ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ هَلْ تَكُونُ خُصُوصِيَّةً لِذَلِكَ النَّبِيِّ أَمْ لَا وَهَلْ الْوَاوُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55] لِمُطْلَقِ

من مات يوم الجمعة هل يوقى فتنة القبر

الْجَمْعِ أَوْ لِلِاسْتِئْنَافِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ فِي مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} [آل عمران: 55] إنِّي مُسْتَوْفٍ أَجَلَك وَمُؤَخِّرُك إلَى الْأَجَلِ الْمُسَمَّى عَاصِمًا إيَّاكَ مِنْ قَتْلِهِمْ أَوْ قَابِضُك مِنْ الْأَرْضِ وَرَافِعُك إلَيَّ مِنْ غَيْرِ مَوْتٍ، مِنْ قَوْلِهِمْ تَوَفَّيْتُ الشَّيْءَ وَاسْتَوْفَيْته إذَا أَخَذْته وَقَبَضْته تَامًّا لِلرَّدِّ عَلَى النَّصَارَى حَيْثُ زَعَمُوا أَنَّ اللَّهَ رَفَعَ رُوحَهُ دُونَ جَسَدِهِ أَوْ مُتَوَفِّيك نَائِمًا وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر: 42] فَجَعَلَ النَّوْمَ وَفَاةً، وَإِنَّمَا رَفَعَهُ نَائِمًا لِئَلَّا يَلْحَقَهُ خَوْفٌ أَوْ أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55] لَا تُفِيدُ التَّرْتِيبَ وَالْمَوْتُ بَعْدَ انْقِضَاءِ أَجَلِهِ أَوْ مُمِيتُك عَنْ الشَّهَوَاتِ الْعَائِقَةِ عَنْ الْعُرُوجِ إلَى عَالَمِ الْمَلَكُوتِ أَوْ أَنَّ فِي الْآيَةِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا تَقْدِيرُهُ إنِّي رَافِعُك إلَيَّ وَمُطَهِّرُك مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمُتَوَفِّيك بَعْدَ إنْزَالِك إلَى الْأَرْضِ وَقِيلَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَاتَهُ ثَلَاثَ سَاعَاتٍ مِنْ النَّهَارِ وَقِيلَ سَبْعَ سَاعَاتٍ ثُمَّ رَفَعَهُ إلَيْهِ. وَأَوْحَى اللَّهُ إلَى عِيسَى عَلَى رَأْسِ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَرَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً فَكَانَتْ نُبُوَّتُهُ ثَلَاثَ سِنِينَ وَعَاشَتْ أُمُّهُ بَعْدَ رَفْعِهِ سِتَّ سِنِينَ. (سُئِلَ) عَمَّنْ مَاتَ بَعْدَ تَوْبَتِهِ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ، وَأَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى دُخُولَهُ الْجَنَّةَ هَلْ يَشْرَبُهَا فِي الْآخِرَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ «التَّائِبَ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» أَنَّهُ يَشْرَبُهَا فِي الْآخِرَةِ. (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ لِلْقَارِئِ وَهُوَ مَارٌّ فِي الْقِرَاءَةِ أَنْ يُسَكِّنَ آخِرَ الْحُرُوفِ وَهُوَ مَارٌّ مِنْ غَيْرِ وَقْفٍ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحَرِّكَ الْوَقْفَ عِنْدَ الْوَقْفِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ التَّسْكِينُ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّ الْوَصْلَ بِنِيَّةِ الْوَقْفِ جَائِزٌ دُونَ التَّحْرِيكِ الْمَذْكُورِ. [مِنْ مَاتَ يَوْم الْجُمُعَةَ هَلْ يوقى فِتْنَة الْقَبْر] (سُئِلَ) هَلْ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُوقَى فِتْنَةَ الْقَبْرِ؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ وَرَدَ عَنْهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ» وَمَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ رُؤْيَتِهِمَا وَسُؤَالِهِمَا خَوْفٌ وَلَا فَزَعٌ وَيُثَبَّتُ. (سُئِلَ) عَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ نَصٌّ هَلْ يَجُوزُ لِلْمُجْتَهِدِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي أُصُولِ

هل الأطفال يسألون في القبر

الدِّينِ أَمْ لَا (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهَا. (سُئِلَ) هَلْ الْأَفْضَلُ الْجِهَادُ؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَمْ الزِّرَاعَةُ لِأَجْلِ الْحَدِيثِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْجِهَادَ أَفْضَلُ. [هَلْ الْأَطْفَال يَسْأَلُونَ فِي الْقَبْر] (سُئِلَ) عَنْ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ هَلْ وَرَدَ أَنَّهُمَا يَسْأَلَانِ الْأَطْفَالَ وَيُلْهَمُونَ الْجَوَابَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الطِّفْلَ لَا يُسْأَلُ وَلَا مَجْنُونٌ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ تَكْلِيفٌ. [هَلْ يحشر النَّاس عَلَى طول آدَم] (سُئِلَ) هَلْ يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى طُولِ آدَمَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَكُونُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ ثُمَّ عِنْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ يَصِيرُونَ طُولًا وَاحِدًا فَفِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ «يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ» وَفِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِي صِفَاتِ الْجَنَّةِ مَا ذَكَرْته. [هَلْ أَحَدًا مِنْ الْخَلْقِ يُحْشَرُ بِلِحْيَتِهِ] (سُئِلَ) هَلْ وَرَدَ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْخَلْقِ يُحْشَرُ بِلِحْيَتِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ جُرْدًا مُرْدًا كَمَا ثَبَتَ فِي الْخَبَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ قَبْلَهُ. (سُئِلَ) عَنْ الْأَطْفَالِ وَمَنْ مَاتَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ يَتَزَوَّجُونَ فِي الْآخِرَةِ أَوْ لَا وَهَلْ وَرَدَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا تَزَوَّجَتْ بِأَزْوَاجٍ وَمَاتَتْ عِنْدَ آخِرِهِمْ تَأْخُذُ الْأَوَّلَ أَوْ الْأَخِيرَ أَوْ تُخَيَّرُ وَهَلْ كَذَلِكَ الرَّجُلُ إذَا تَزَوَّجَ بِأَزْوَاجٍ كَثِيرَةٍ وَمَاتَ وَمَعَهُ الْأَخِيرَةُ مِنْهُنَّ يَأْخُذُ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةَ أَوْ يُخَيَّرُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَنْ ذُكِرَ يَتَزَوَّجُونَ وَيَتَزَوَّجْنَ فِي الْآخِرَةِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ إذَا كَانَ لَهَا أَزْوَاجٌ كَانَتْ زَوْجَةً لِمَنْ كَانَ زَوْجُهَا آخِرًا فَقَدْ قَالَ حُذَيْفَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنْ سَرَّكِ أَنْ تَكُونِي زَوْجَتِي فِي الْجَنَّةِ فَلَا تَتَزَوَّجِي مِنْ بَعْدِي فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لِآخِرِ أَزْوَاجِهَا وَخَطَبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ أُمَّ الدَّرْدَاءِ فَأَبَتْ وَقَالَتْ سَمِعْت أَبَا الدَّرْدَاءِ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «الْمَرْأَةُ لِآخِرِ أَزْوَاجِهَا فِي الْآخِرَةِ» وَقَالَ إنْ أَرَدْتِ أَنْ تَكُونِي زَوْجَتِي فِي الْآخِرَةِ فَلَا تَتَزَوَّجِي مِنْ بَعْدِي وَقِيلَ إنَّهَا تَكُونُ زَوْجَةً لِأَحْسَنِهِمْ خُلُقًا وَقِيلَ إنَّهَا تَتَخَيَّرُ، وَأَمَّا الرَّجُلُ إذَا تَزَوَّجَ زَوْجَاتٍ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ بَعْضَهُنَّ كُنَّ كُلُّهُنَّ زَوْجَاتٍ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِنْ طَلَّقَ بَعْضَهُنَّ وَتَزَوَّجْنَ غَيْرَهُ كُنَّ لِأَزْوَاجِهِنَّ. [الْأَطْفَال هَلْ يحاسبون] (سُئِلَ) عَنْ الْأَطْفَالِ هَلْ يُحَاسَبُونَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُمْ لَا يُحَاسَبُونَ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ. [هَلْ يَقْطَع بِقَبُولِ تَوْبَة الْمُسْلِم إذَا اسْتَوْفَتْ شُرُوطهَا] (سُئِلَ) عَنْ تَوْبَةِ الْمُسْلِمِ إذَا وُجِدَتْ شُرُوطُهَا هَلْ يُقْطَعُ بِقَبُولِهَا

تفضيل البشر على الملائكة

كَتَوْبَةِ الْكَافِرِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ التَّوْبَةَ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِقَبُولِهَا. (سُئِلَ) هَلْ وَرَدَ أَنَّ الْكَلْبَ أَفْضَلُ مِنْ الْآدَمِيِّ الْمُهْدَرِ الدَّمِ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ مَا ذُكِرَ، وَأَيْضًا مَعْنَاهُ غَيْرُ صَحِيحٍ. [تَفْضِيلُ الْبَشَرِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ] (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّ خَوَاصَّ الْبَشَرِ أَفْضَلُ مِنْ خَوَاصِّ الْمَلَائِكَةِ وَخَوَاصَّ الْمَلَائِكَةِ أَفْضَلُ مِنْ عَوَامِّ الْبَشَرِ، وَخَوَاصَّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ مِنْ عَوَامِّ الْمَلَائِكَةِ هَلْ هَذَا تَفْصِيلٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ بِالتَّفْصِيلِ فَمَا الْمُرَادُ بِخَوَاصِّ الْبَشَرِ وَعَوَامِّهِ وَمَا الْمُرَادُ بِخَوَاصِّ الْمَلَائِكَةِ وَعَوَامِّهَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَقْوَالٍ أَحَدُهَا تَفْضِيلُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَشْعَرِيِّ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَثَانِيهَا تَفْضِيلُ الْمَلَائِكَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ وَاخْتَارَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ وَالْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ وَالْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ وَأَبُو شَامَةَ الْمَقْدِسِيُّ وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ وَقَدْ رُوِيَتْ أَحَادِيثُ الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ الْمَلَكِ وَالْبَشَرِ وَلِكُلِّ دَلِيلٍ وَجْهٌ. وَثَالِثُهَا الْوَقْفُ وَبِهِ قَالَ إلْكِيَا الْهِرَّاسِيُّ وَقَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ: الْخِلَافُ فِي التَّفْضِيلِ بِمَعْنَى أَيُّهُمَا أَكْثَرُ ثَوَابًا عَلَى الطَّاعَاتِ. اهـ. وَعِبَارَةُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَبَعْدَهُ الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْمَلَائِكَةُ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ قَالَ شَارِحُهُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيِّ فَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ الْبَشَرِ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ. اهـ. وَهَذَا ظَاهِرُ مَا فِي الْمَوَاقِفِ وَالْمَقَاصِدِ إذْ الْوَاقِعُ فِيهِمَا أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي تَفْضِيلِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِشَيْءٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَذَلِكَ يُؤْذِنُ بِفَضْلِ الْمَلَائِكَةِ مُطْلَقًا عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي عَقَائِدِ النَّسَفِيِّ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الرُّسُلِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُ قَالَ: وَرُسُلُ الْمَلَائِكَةِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الْبَشَرِ، وَعَامَّةُ الْبَشَرِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الْمَلَائِكَةِ. اهـ. وَأَرَادَ بِالرَّسُولِ مَا يَشْمَلُ النَّبِيَّ وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ عَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِالْخَوَاصِّ بَدَلَ الرُّسُلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَلَفْظُهُ خَوَاصُّ الْبَشَرِ يَشْمَلُ جَمِيعَ الْأَوْلِيَاءِ وَقَدْ صَرَّحَ بِالْأَوْلِيَاءِ الْبَيْهَقِيّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ فَقَالَ: قَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِي الْمَلَائِكَةِ وَالْبَشَرِ

فَذَهَبَ ذَاهِبُونَ إلَى أَنَّ الرُّسُلَ مِنْ الْبَشَرِ أَفْضَلُ مِنْ الرُّسُلِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَوْلِيَاءُ مِنْ الْبَشَرِ أَفْضَلُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ، وَعِبَارَةُ الْكَمَالِ بْنِ الْهُمَامِ فِي الْمُسَايَرَةِ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مِنْ بَنِي آدَمَ كَالرُّسُلِ وَغَيْرِهِمْ أَفْضَلُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ خَوَاصُّهُمْ كَالْأَنْبِيَاءِ أَفْضَلُ مِنْ خَوَاصِّهِمْ وَعَوَامُّهُمْ كَالصُّلَحَاءِ أَفْضَلُ مِنْ عَوَامِّهِمْ. اهـ. وَالتَّفْصِيلُ حَسَنٌ صَحِيحٌ مُعْتَمَدٌ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْته خَوَاصُّ الْبَشَرِ وَعَوَامُّهُمْ وَخَوَاصُّ الْمَلَائِكَةِ وَعَوَامُّهُمْ. (سُئِلَ) عَمَّا يَقَعُ مِنْ الْعَامَّةِ مِنْ قَوْلِهِمْ عِنْدَ الشَّدَائِدِ يَا شَيْخُ فُلَانٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الِاسْتِغَاثَةِ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ فَهَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ أَمْ لَا وَهَلْ لِلرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَالْمَشَايِخِ إغَاثَةٌ بَعْدَ مَوْتِهِمْ وَمَاذَا يُرَجِّحُ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الِاسْتِغَاثَةَ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ جَائِزَةٌ وَلِلرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ إغَاثَةٌ بَعْدَ مَوْتِهِمْ؛ لِأَنَّ مُعْجِزَةَ الْأَنْبِيَاءِ وَكَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ لَا تَنْقَطِعُ بِمَوْتِهِمْ. أَمَّا الْأَنْبِيَاءُ فَلِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ كَمَا وَرَدَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ وَتَكُونُ الْإِغَاثَةُ مِنْهُمْ مُعْجِزَةً لَهُمْ. وَالشُّهَدَاءُ أَيْضًا أَحْيَاءٌ شُوهِدُوا نَهَارًا جِهَارًا يُقَاتِلُونَ الْكُفَّارَ. وَأَمَّا الْأَوْلِيَاءُ فَهِيَ كَرَامَةٌ لَهُمْ فَإِنَّ أَهْلَ الْحَقِّ عَلَى أَنَّهُ يَقَعُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ بِقَصْدٍ وَبِغَيْرِ قَصْدٍ أُمُورٌ خَارِقَةٌ لِلْعَادَةِ يُجْرِيهَا اللَّهُ تَعَالَى بِسَبَبِهِمْ وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِهَا أَنَّهَا أُمُورٌ مُمْكِنَةٌ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ وُقُوعِهَا مُحَالٌ وَكُلُّ مَا هَذَا شَأْنُهُ فَهُوَ جَائِزُ الْوُقُوعِ وَعَلَى الْوُقُوعِ قِصَّةُ مَرْيَمَ وَرِزْقُهَا الْآتِي مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَلَى مَا نَطَقَ بِهِ التَّنْزِيلُ وَقِصَّةُ أَبِي بَكْرٍ، وَأَضْيَافِهِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ وَجَرَيَانُ النِّيلِ بِكِتَابِ عُمَرَ وَرُؤْيَتُهُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ بِالْمَدِينَةِ جَيْشَهُ بِنَهَاوَنْدَ حَتَّى قَالَ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ يَا سَارِيَةَ الْجَبَلَ مُحَذِّرًا لَهُ مِنْ وَرَاءِ الْجَبَلِ لِكَمِينِ الْعَدُوِّ هُنَاكَ، وَسَمَاعُ سَارِيَةَ كَلَامَهُ وَبَيْنَهُمَا مَسَافَةُ شَهْرَيْنِ، وَشُرْبُ خَالِدٍ السُّمَّ مِنْ غَيْرِ تَضَرُّرٍ بِهِ. وَقَدْ جَرَتْ خَوَارِقُ عَلَى أَيْدِي الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ لَا يُمْكِنُ إنْكَارُهَا لِتَوَاتُرِ مَجْمُوعِهَا، وَبِالْجُمْلَةِ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مُعْجِزَةً لِنَبِيٍّ جَازَ أَنْ يَكُونَ

ضغطة القبر هل هي قبل سؤال الملكين أو بعدها

كَرَامَةً لِوَلِيٍّ لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا إلَّا التَّحَدِّي. (سُئِلَ) عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِمْ يُعْمَلُ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ هَلْ مَعْنَاهُ إثْبَاتُ الْحُكْمِ بِهِ، وَإِذَا قُلْتُمْ مَعْنَاهُ ذَلِكَ فَمَا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي كَلَامٍ عَلَى شُرُوطِ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ، وَأَنْ لَا يَلْزَمَ عَلَيْهِ إثْبَاتُ حُكْمٍ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ حَكَى النَّوَوِيُّ فِي عِدَّةٍ مِنْ تَصَانِيفِهِ إجْمَاعَ أَهْلِ الْحَدِيثِ عَلَى الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ فِي الْفَضَائِلِ وَنَحْوِهَا خَاصَّةً وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَحَادِيثُ الْفَضَائِلِ لَا يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى مَنْ يَحْتَجُّ بِهِ وَقَالَ الْحَاكِمُ سَمِعْت أَبَا زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِيَّ يَقُولُ الْخَبَرُ إذَا وَرَدَ لَمْ يُحَرِّمْ حَلَالًا وَلَمْ يُحَلِّلْ حَرَامًا وَلَمْ يُوجِبْ؛ حُكْمًا وَكَانَ فِيهِ تَرْغِيبٌ أَوْ تَرْهِيبٌ أُغْمِضَ عَنْهُ وَتُسُوهِلَ فِي رِوَايَتِهِ، وَلَفْظُ ابْنِ مَهْدِيٍّ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمَدْخَلِ إذَا رَوَيْنَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْأَحْكَامِ شَدَّدْنَا فِي الْأَسَانِيدِ وَانْتَقَدْنَا فِي الرِّجَالِ، وَإِذَا رَوَيْنَا فِي الْفَضَائِلِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ سَهَّلْنَا فِي الْأَسَانِيدِ وَتَسَامَحْنَا فِي الرِّجَالِ. وَلَفْظُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ عَنْهُ: الْأَحَادِيثُ الرَّقَائِقُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُتَسَاهَلَ فِيهَا حَتَّى يَجِيءَ شَيْءٌ فِيهِ حُكْمٌ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَيَّاشٍ عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ: رَجُلٌ نَكْتُبُ عَنْهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ يَعْنِي الْمَغَازِيَ وَنَحْوَهَا، وَإِذَا جَاءَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ أَرَدْنَا قَوْمًا هَكَذَا وَقَبَضَ أَصَابِعَ يَدَيْهِ الْأَرْبَعَ. وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَهُوَ خَارِجٌ بِقَوْلِهِمْ مِنْ فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ وَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّ الْمُرَادَ الْأَعْمَالُ وَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّ الْمُرَادَ بِفَضَائِلِ الْأَعْمَالِ التَّرْغِيبُ وَالتَّرْهِيبُ وَفِي مَعْنَاهَا الْقَصَصُ وَنَحْوُهَا. (سُئِلَ) عَنْ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ انْفَرَدَ بَعْضُهُمْ فِيهَا بِمُؤَلَّفٍ وَمِنْ جُمْلَةِ مَحَامِلِهِ أَنْ يَتَوَقَّفَ الْإِمَامُ فِي حُكْمٍ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْحَدِيثِ الدَّالِّ عَلَيْهِ فَيَقُولُ إنْ صَحَّ الْحَدِيثُ قُلْت بِهِ. [ضَغْطَةِ الْقَبْرِ هَلْ هِيَ قَبْلَ سُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ أَوْ بَعْدَهَا] (سُئِلَ) عَنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ هَلْ هِيَ قَبْلَ سُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ أَوْ بَعْدَهَا وَهَلْ تَكُونُ الرُّوحُ حَالَ الضَّغْطَةِ فِي الْجَسَدِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الضَّغْطَةَ قَبْلَ سُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ فَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

كيفية عرض الأمانة على السموات والأرض

«إنَّ الْعَبْدَ إذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَأَنَّهُ يَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ لِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ فَيُقَالُ لَهُ اُنْظُرْ إلَى مَقْعَدِك مِنْ النَّارِ وَقَدْ أَبْدَلَك اللَّهُ مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا» . وَقَالَ قَتَادَةُ وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ قَالَ مُسْلِمٌ سَبْعُونَ ذِرَاعًا وَيُمْلَأُ عَلَيْهِ خُضْرًا إلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. اهـ. وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ ضَغْطَةَ الْقَبْرِ قَبْلَ سُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ؛ لِأَنَّهَا تَعُمُّ الْمُؤْمِنَ وَغَيْرَهُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ مَا أُجِيرَ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ أَحَدٌ وَلَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الَّذِي مِنْدِيلٌ مِنْ مَنَادِيلِهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا رَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «هَذَا الَّذِي تَحَرَّكَ لَهُ وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَشَهِدَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ لَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً ثُمَّ فُرِّجَ عَنْهُ» «وَلَمَّا دَفَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنَتَهُ زَيْنَبَ جَلَسَ عِنْدَ الْقَبْرِ فَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ رَأَيْنَا وَجْهَك يَا رَسُولَ اللَّهِ تَرَبَّدَ آنِفًا ثُمَّ سُرِّيَ عَنْك فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرْت ابْنَتِي وَضَعْفَهَا وَعَذَابَ الْقَبْرِ فَدَعَوْتُ اللَّهَ فَفَرَّجَ عَنْهَا، وَأَيْمُ اللَّهِ لَقَدْ ضُمَّتْ ضَمَّةً سَمِعَهَا مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ» وَتَكُونُ الرُّوحُ حَالَ الضَّغْطَةِ وَسُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ فِي الْجَسَدِ. [كَيْفِيَّةِ عَرْضِ الْأَمَانَةِ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ] (سُئِلَ) عَنْ كَيْفِيَّةِ عَرْضِ الْأَمَانَةِ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهَلْ كَانَ الْعَرْضُ عَلَيْهِمَا فِي آنٍ وَاحِدٍ أَوْ لَا وَهَلْ كَانَ الْعَرْضُ عَلَى السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَوْ الْأَرْضِ قَبْلَ السَّمَاءِ وَهَلْ تُعْرَضُ قَبْلَ آدَمَ عَلَى غَيْرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ فِي كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ تَأْوِيلًا يَطُولُ ذِكْرُهَا مِنْهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ هَذِهِ الْأَجْرَامَ خَلَقَ فِيهَا فَهْمًا، وَقَالَ إنِّي فَرَضْت فَرِيضَةً وَخَلَقْتُ الْجَنَّةَ لِمَنْ أَطَاعَنِي فِيهَا وَنَارًا لِمَنْ عَصَانِي فَقُلْنَ نَحْنُ مُسَخَّرَاتٌ عَلَى مَا خَلَقْتَنَا لَا نَحْتَمِلُ فَرِيضَةً وَلَا نَبْغِي ثَوَابًا وَلَا عِقَابًا وَالْعَرْضُ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ وَاحِدٌ فَلَمْ يَسْبِقْهُ عَرْضٌ آخَرُ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلَيْنِ نَقَلَ

أَحَدُهُمَا عَنْ الْجَلَالِ السُّيُوطِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ فِي مُصَنَّفِهِ أُنْمُوذَجِ اللَّبِيبِ فِي خَصَائِصِ الْحَبِيبِ، وَأَعَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امْرَأَةَ أَبِي رُكَانَةَ إلَيْهِ بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ مُحَلِّلٍ، وَأَسْلَمَ رَجُلٌ عَلَى أَنْ لَا يُصَلِّيَ صَلَاتَيْنِ فَقَبِلَ مِنْهُ، وَقَالَ الْآخَرُ كَذَبَ هَذَا النَّاقِلُ فِي هَذَا النَّقْلِ فَأَيُّهُمَا كَذَبَ وَهَلْ يُقَالُ فِي الْحَدِيثِ غَيْرِ الْمَوْضُوعِ إذَا كَانَ ضَعِيفًا بِأَنَّهُ كَذِبٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَسْأَلَةَ الطَّلَاقِ وَاقِعَةُ حَالٍ وَوَقَائِعُ الْأَحْوَالِ إذَا تَطَرَّقَ إلَيْهَا الِاحْتِمَالُ كَسَاهَا ثَوْبَ الْإِجْمَالِ وَسَقَطَ بِهَا الِاسْتِدْلَال فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ وَحِينَئِذٍ فَهُنَاكَ قَوْلٌ بِفَسَادِ نِكَاحِ الْكُفَّارِ، وَإِنْ قَرَّرْنَاهُمْ عَلَيْهِ، وَالطَّلَاقُ فِي الْفَاسِدِ لَا يَقَعُ فَفِي الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَحَلُّلٍ وَيَكُونُ هَذَا مِنْ أَدِلَّتِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَبَيَّنَ لَهُ فَسَادُ نِكَاحِهِ بِسَبَبٍ اقْتَضَاهُ، وَإِذَا انْتَفَى مَا ذَكَرْنَاهُ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَصَّ أَبَا رُكَانَةَ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخَصَائِصَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْقَوَاعِدِ الْمُقَرَّرَةِ فِي الشَّرِيعَةِ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الصَّلَاةِ فَقَوْلُهُ فِيهَا: فَقَبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ أَيْ إسْلَامَهُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَأَخَّرَ وُجُوبَ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ عَلَيْهِ إلَى وَقْتِ دُخُولِهَا وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي الْحَدِيثِ الضَّعِيفِ غَيْرِ الْمَوْضُوعِ إنَّهُ كَذِبٌ؛ لِأَنَّ تَضْعِيفَهُ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. (سُئِلَ) هَلْ وَرَدَ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا كَثُرَ دَمْعُهُ نَافَقَ أَوْ مَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ. (سُئِلَ) عَمَّا لَوْ سَمِعَ مِنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ الْأَعْيَانِ الْمُنْتَسِبِينَ لِلْفَتْوَى بِمِصْرَ الْآنَ مَنْ شَاعَ فِي النَّاسِ وَظَهَرَ فِيهِمْ مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ سِيرَتُهُ وَسَرِيرَتُهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَفَرَّجَ عَلَى مَغَانِي الْعَرَبِ تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ فَهَلْ يُحْمَلُ هَاتَانِ اللَّفْظَتَانِ وَهُمَا مَغَانِي الْعَرَب وَتَطْلُقُ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَمْ هُمَا مِنْ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي فِيهِ احْتِمَالٌ وَبَيَانُ الْمُحَالِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْإِطْلَاقِ فَهَلْ جَاءَ فِيمَا قَالَهُ الْعَالِمُ مِنْ نَصٍّ صَرِيحٍ أَوْ حَدِيثٍ صَحِيحٍ

الأنبياء هل يسألون كآحاد الناس

وَإِنْ قُلْتُمْ بِالْمُشْتَرَكِ الَّذِي يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ فَمَا الدَّلِيلُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ التَّفَرُّجَ عَلَى مَغَانِي الْعَرَبِ يَلْزَمُ مِنْهُ مُحَرَّمَاتٌ كَالنَّظَرِ إلَى النِّسَاءِ الْأَجْنَبِيَّاتِ الْمُتَزَيِّنَاتِ الْمُرْصَدَاتِ لِقَصْدِ الزِّنَا بِهِنَّ وَعَدَمُ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِنَّ، وَإِقْرَارُهُنَّ عَلَيْهِ وَلَمَّا كَانَ كُلُّ أَحَدٍ يَشُقُّ عَلَيْهِ وُقُوعُ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ قَصَدَ ذَلِكَ الْعَالِمُ بِلَفْظِهِ الْمَذْكُورِ زَجْرَهُمْ وَرَدْعَهُمْ عَنْهُ لَا حَقِيقَتَهُ مِنْ تَطْلِيقِ زَوْجَةِ مَنْ تَفَرَّجَ عَلَيْهِنَّ إذْ لَا قَائِلَ بِهِ وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ إخْرَاجِ اللَّفْظِ لِلزَّجْرِ وَالرَّدْعِ مِنْ غَيْرِ إرَادَةِ حَقِيقَتِهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ» . (سُئِلَ) عَنْ إطْلَاقِ الْفُقَهَاءِ نَفْيَ الْجَوَازِ هَلْ ذَلِكَ نَصٌّ فِي الْحُرْمَةِ فَقَطْ أَوْ يُطْلَقُ عَلَى الْكَرَاهَةِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ حَقِيقَةَ نَفْيِ الْجَوَازِ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ التَّحْرِيمُ وَقَدْ يُطْلَقُ الْجَوَازُ عَلَى رَفْعِ الْحَرَجِ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا أَوْ مَكْرُوهًا أَمْ عَلَى مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَهُوَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ أَعْلَى وَمَا لَيْسَ مِنْ الْعُقُودِ كَالْعَارِيَّةِ. [الْأَنْبِيَاء هَلْ يَسْأَلُونَ كَآحَادِ النَّاس] (سُئِلَ) عَنْ الْأَنْبِيَاءِ هَلْ يُسْأَلُونَ كَآحَادِ النَّاسِ أَمْ لَهُمْ سُؤَالٌ مَخْصُوصٌ بِهِمْ وَهَلْ الشُّهَدَاءُ كَالْمَقْتُولِ بِالطَّعْنِ أَوْ الْبَطْنِ أَوْ الْحَرْقِ أَوْ الْغَرَقِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ يُسْأَلُونَ فِي قُبُورِهِمْ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُسْأَلُ النَّبِيُّونَ فِي قُبُورِهِمْ وَكَذَلِكَ شَهِيدُ الْمَعْرَكَةِ. (سُئِلَ) هَلْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ حَمَّامًا أَوْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ بِهِ فَهَلْ كَانَتْ حَمَّامَاتُهُمْ كَالْحَمَّامَاتِ الْآنَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمَّامًا وَلَمْ يَكُنْ الْحَمَّامُ فِي الْحِجَازِ فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ أَرْضٌ وَسَتَجِدُونَ فِيهَا بُيُوتًا يُقَالُ لَهَا الْحَمَّامَاتُ فَلَا يَدْخُلَنَّهَا الرِّجَالُ إلَّا بِالْأُزُرِ وَامْنَعُوهَا النِّسَاءَ إلَّا مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ» ثُمَّ رَأَيْت الْكَمَالَ الدَّمِيرِيَّ فِي شَرْحِهِ لِلْمِنْهَاجِ قَالَ وَالْمُسَخَّنُ وَلَوْ بِالنَّجَاسَةِ لَا تُكْرَهُ الطَّهَارَةُ بِهِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ لَا تَجُوزُ الطَّهَارَةُ بِهِ وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْحَمَّامَ بِالْجُحْفَةِ

هل يؤاخذ المكلف بحديث النفس

وَهُوَ مُحْرِمٌ. [هَلْ يُؤَاخِذ الْمُكَلَّف بِحَدِيثِ النَّفْس] (سُئِلَ) هَلْ يُؤَاخَذُ الشَّخْصُ بِالْهَاجِسِ وَالْخَاطِرِ وَحَدِيثِ النَّفْسِ وَالْهَمِّ وَالْعَزْمِ أَمْ لَا وَمَا تَعْرِيفُ كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ الْمُكَلَّفُ بِالْهَاجِسِ وَلَا بِالْخَاطِرِ وَلَا بِحَدِيثِ النَّفْسِ وَلَا بِالْهَمِّ وَيُؤَاخَذُ بِالْعَزْمِ فَالْهَاجِسُ مَا يُلْقَى فِي النَّفْسِ وَالْخَاطِرُ مَا يَجْرِي فِي النَّفْسِ بَعْدَ إلْقَائِهِ فِيهَا وَحَدِيثُ النَّفْسِ التَّرَدُّدُ هَلْ يَفْعَلُ أَوْ لَا يَفْعَلُ وَالْهَمُّ قَصْدُ الْفِعْلِ وَالْعَزْمُ الْجَزْمُ بِقَصْدِ الْفِعْلِ. [إذَا أَوْجَبَ الشَّارِعُ شَيْئًا ثُمَّ نُسِخَ وُجُوبُهُ فَهَلْ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ] (سُئِلَ) عَمَّا إذَا أَوْجَبَ الشَّارِعُ شَيْئًا ثُمَّ نُسِخَ وُجُوبُهُ فَهَلْ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ أَوْ لَا وَهَلْ الدَّلِيلُ الدَّالُّ عَلَى الْإِيجَابِ يَكُونُ دَالًّا عَلَى الْجَوَازِ دَلَالَةً مَا أَمْ لَا وَهَلْ الدَّلَالَةُ زَالَتْ بِزَوَالِ الْوُجُوبِ أَمْ هِيَ بَاقِيَةٌ أَمْ لَا وَهَلْ يَرْجِعُ الْأَمْرُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْوُجُوبِ مِنْ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ أَمْ لَا وَهَلْ الْجَوَازُ يَكُونُ جِنْسًا لِلْوُجُوبِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) نَعَمْ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ وَذَهَبَ إلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ أَنَّ الْوُجُوبَ إذَا نُسِخَ بَقِيَ الْجَوَازُ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: لَا يَبْقَى الْجَوَازُ بَلْ يَعُودُ الْأَمْرُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِيجَابِ مِنْ إبَاحَةٍ أَوْ تَحْرِيمٍ أَوْ بَرَاءَةٍ أَصْلِيَّةٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَوَازِ رَفْعُ الْحَرَجِ عَنْ الْفِعْلِ الشَّامِلِ لِلْمَنْدُوبِ وَالْمُبَاحِ وَالْمَكْرُوهِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ رَفْعُ الْحَرَجِ عَنْ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ مَعَ اسْتِوَاءِ الطَّرَفَيْنِ وَهُوَ الْإِبَاحَةُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ رَفْعُ الْحَرَجِ عَنْهُمَا مَعَ تَرَجُّحِ الْفِعْلِ وَهُوَ الِاسْتِحْبَابُ، وَإِذَا صُرِفَ الْأَمْرُ عَنْ الْوُجُوبِ جَازَ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى النَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ. وَالْجَوَازُ لَهُ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ وَعَلَيْهِ لَا يَكُونُ الْجَوَازُ جِنْسًا لِلْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ جِنْسًا لَهُ لَكَانَ نَوْعُهُ وَهُوَ الْوُجُوبُ كَذَلِكَ وَهُوَ مُحَالٌ وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ عَدَمُ الْحَرَجِ عَنْ الْفِعْلِ وَهَذَا جِنْسٌ لِلْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ وَالْمُبَاحِ وَالْمَكْرُوهِ. (سُئِلَ) عَنْ اللَّحْمِ وَاللَّبَنِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ مِنْ الْآخَرِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ اللَّبَنَ أَفْضَلُ مِنْ اللَّحْمِ لِأَوْجُهٍ مِنْهَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَخَذَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ الْقَدَحَ الَّذِي فِيهِ اللَّبَنُ قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ قَدْ أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ وَمِنْهَا أَنَّ

رجلا طلق زوجته ثلاثا مكرها ثم بعد انقضاء عدتها نكح أختها

مِنْهُ اللِّبَأَ وَلَا يَعِيشُ الْوَلَدُ بِدُونِهِ غَالِبًا، وَمِنْهَا أَنَّ اللَّبَنَ مَنْشَأُ الْإِنْسَانِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ وَمِنْهَا أَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ وَبِفُرُوعِهِ مِنْ أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ. (سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ رَوَى رِوَايَةً قَدْ سَمِعَهَا مِنْ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ مَنْ اسْتَطَاعَ الْحَجَّ وَلَمْ يَحُجَّ إنْ شَاءَ يَمُوتُ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ إثْمٌ أَمْ لَا وَهَلْ الْحَدِيثُ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ وَالْحَدِيثُ يُعْمَلُ بِهِ فَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْبَيْهَقِيّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ يَقُولُ بِصَرِيحِ لَفْظِهِ: أَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى السَّرَّاءِ لَا عَلَى الضَّرَّاءِ وَعَلَى الصِّحَّةِ لَا عَلَى السَّقَمِ وَعَلَى النِّعْمَةِ لَا عَلَى النِّقْمَةِ وَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يَقُولُ لَسْت مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَقَامِ الَّذِي يَسْتَوِي فِيهِ لَهُمْ السَّرَّاءُ وَالضَّرَّاءُ وَيَقُولُ إنَّ الرَّاضِيَ بِذَلِكَ وَالصَّابِرَ عَلَيْهِ لَا يَسْأَلُ اللَّهَ فِي زَوَالِ شَيْءٍ مِنْهُ إذَا نَزَلَ بِهِ فَهَلْ هُوَ مُصِيبٌ أَوْ مُبْتَدِعٌ مُلْحِدٌ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُبْتَدِعٍ وَلَا مُلْحِدٍ، وَإِنْ فَاتَتْهُ تِلْكَ الدَّرَجَةُ الْعَظِيمَةُ؛ لِأَنَّهُ رَاضٍ بِمَا أَصَابَهُ مِنْ الضُّرِّ اقْتَصَرَ عَلَى الْحَمْدِ الَّذِي ثَوَابُهُ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَمِدَ فِي مُقَابَلَةِ النِّعْمَةِ أُثِيبَ عَلَيْهَا ثَوَابَ الْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ كَثَوَابِ سَبْعِينَ مَنْدُوبًا. (سُئِلَ) عَنْ أَفْضَلِ خُطُوَاتِ الْإِنْسَانِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَفْضَلَ خُطُوَاتِ الْإِنْسَانِ مَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ أَدَاءُ الْمَكْتُوبَاتِ الْخَمْسِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ أَفْضَلَ الْعِبَادَاتِ بَعْدَ الْإِيمَانِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ قَالَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالِمٌ بِالْكُلِّيَّاتِ دُونَ الْجُزْئِيَّاتِ فَقِيلَ لَهُ لَا يَقُولُ بِهَذَا مُسْلِمٌ فَقَالَ لَهُمْ يَقُولُ بِهِ مُسْلِمٌ وَلَا يَكْفُرُ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ أَطْبَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ عِلْمَهُ تَعَالَى شَامِلٌ لِكُلِّ الْمَعْلُومَاتِ جُزْئِيَّاتِهَا وَكُلِّيَّاتِهَا لِلْأَدِلَّةِ الْقَطْعِيَّةِ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى أَنَّهُ يَعْلَمُ دَبِيبَ النَّمْلَةِ السَّوْدَاءِ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ، وَأَنَّ عِلْمَهُ مُحِيطٌ بِجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا وَكَيْفَ لَا وَهُوَ خَالِقُهَا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} [الملك: 14] وَضَلَّتْ الْفَلَاسِفَةُ بِقَوْلِهِمْ إنَّهُ يَعْلَمُ الْجُزْئِيَّاتِ عَلَى الْوَجْهِ الْكُلِّيِّ لَا الْجُزْئِيِّ. [رَجُلًا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا مُكْرَهًا ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا نَكَحَ أُخْتَهَا] (سُئِلَ) عَنْ

حَادِثَةٍ وَقَعَتْ بِالْيَمَنِ وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا مُكْرَهًا ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا نَكَحَ أُخْتَهَا تَقْلِيدًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قَوْلِهِ بِوُقُوعِ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ فَأَفْتَاهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ لَهُ وَطْءَ هَذِهِ بِهَذَا النِّكَاحِ تَقْلِيدًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَوَطْءَ الْأُولَى تَقْلِيدًا لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ زَوْجَتُهُ لَمْ تَزُلْ عِصْمَتُهَا عَنْ مِلْكِهِ فَاعْتُرِضَ بِأَنَّ فِي هَذَا تَلْفِيقَ التَّقْلِيدِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ التَّلْفِيقِ فِي شَيْءٍ؛ لِأَنَّ شَرْطَ التَّلْفِيقِ اللَّذَيْنِ قَلَّدَ فِيهِمَا إمَامَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ كَلَوْ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ وَصَلَّى بِنَجَاسَةٍ كَلْبِيَّةٍ لِأَنَّ فِعْلَهُ الْآنَ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدُ الْإِمَامَيْنِ، وَأَمَّا مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهُ حَالَ وَطْئِهِ الْأُولَى تَقْلِيدًا لِلشَّافِعِيِّ مُنْفَكٌّ عَنْ وَطْءِ الثَّانِيَةِ تَقْلِيدًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَعَكْسُهُ فَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ صُورَةٌ اتَّفَقَ الْإِمَامَانِ عَلَى بُطْلَانِهَا أَوْ حُرْمَتِهَا، وَإِنَّمَا وَقَعَ مِنْهُ فِعْلَانِ مُتَبَايِنَانِ قَالَ بِحِلِّ كُلٍّ عَلَى حِدَتِهِ إمَامٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَلَّدَ أَبَا حَنِيفَةَ فِي نِكَاحِ امْرَأَةٍ بِلَا وَلِيٍّ وَالشَّافِعِيَّ فِي نِكَاحِ امْرَأَةٍ أُخْرَى هِيَ بِنْتُهُ مِنْ الزِّنَا مَعَ أَنَّ تَلْفِيقَ التَّقْلِيدِ سَائِغٌ كَمَا حَرَّرَهُ الْكَمَالُ بْنُ الْهُمَامِ فِي تَحْرِيرِهِ وَغَيْرِهِ، وَأَقَامَ الْبُرْهَانَ الْوَاضِحَ عَلَى جَوَازِهِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ بَعْضُ أَكَابِرِ تَلَامِذَتِهِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ حَيْثُ نَقَلَهُ عَنْهُ وَأَقَرَّهُ. اهـ. وَاعْتَرَضَ ذَلِكَ الْمُفْتِي أَيْضًا بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ أَرْبَعًا ثُمَّ عَلَّقَ طَلَاقَهُنَّ التَّعْلِيقَ الْمَانِعَ لِوُقُوعِهِ مُطَلِّقًا عِنْدَ أَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى مَا قِيلَ ثُمَّ وَجَدَ مَا يَقْتَضِي الْوُقُوعَ عِنْدَ غَيْرِهِمْ وَنَكَحَ أَرْبَعًا أُخْرَى تَقْلِيدًا لِمَنْ قَالَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ. وَهُمْ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ جَازَ لَهُ أَنْ يَطَأَ الْأُولَيَاتِ تَقْلِيدًا لِلْقَائِلِينَ بِعَدَمِ الطَّلَاقِ، وَأَنْ يَطَأَ الْأُخْرَيَاتِ تَقْلِيدًا لِمَنْ قَالَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَالْتَزَمَ ذَلِكَ وَقَالَ بِحِلِّهِ، وَإِنَّهُ مِثْلُ مَا مَرَّ فِي الْأُخْتَيْنِ لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا وَزَعَمَ أَنَّ جَوَازَ التَّقْلِيدِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَجَوَازَ تَلْفِيقِهِ يَدُلُّ عَلَيْهِمَا فِعْلُ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَسْأَلُونَ مِنْ هَذَا ثُمَّ مِنْ هَذَا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ تَلْفِيقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهَلْ مَا زَعَمَهُ هَذَا الْمُفْتِي صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ أَمْ غَيْرُ صَحِيحٍ فَمَا دَلِيلُهُ وَمَا الْبُرْهَانُ عَلَيْهِ وَلَوْ

سُلِّمَ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى بَعْضِ التَّلْفِيقِ فَهُوَ لَا يَقْتَضِي مَنْعَ اعْتِبَارِ رِعَايَةِ مَا قَالَهُ الْكَمَالُ وَمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ مَا الَّذِي يُلَامُ عَلَيْهِ أَوْ يُرَدُّ بِهِ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْكَمَالَ بَلَغَ رُتْبَةً مِنْ مَرَاتِبِ الِاجْتِهَادِ كَمَا قِيلَ فَيَكْفِي الِاسْتِنَادُ لِمَا قَالَهُ لَوْ لَمْ يَتَّضِحْ الدَّلِيلُ عَلَى مَا قَالَهُ فَكَيْفَ وَقَدْ اتَّضَحَ سِيَّمَا وَقَدْ بَانَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ التَّلْفِيقِ فِي شَيْءٍ تَفَضَّلُوا أَدَامَ اللَّهُ بِكُمْ إيضَاحَ الْعَوِيصَاتِ، وَإِجْلَاءَ الْمُدْلَهِمَّاتِ. وَأَوْضِحُوا الْجَوَابَ بِالْبَسْطِ الشَّافِي وَالْأَدِلَّةِ الْوَاضِحَةِ فَإِنَّ جَمَاعَةً اسْتَفْتَوْا عَنْ ذَلِكَ الْمُفْتِي فَاخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ صَوَّبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ سَفَّهَهُ وَلَمْ يَزِدْ إلَّا تَمَادِيًا عَلَى مَقَالَتِهِ وَتَصْمِيمًا عَلَى مُنَاظَرَتِهِ زَاعِمًا أَنَّ كُلَّ مَنْ رَدَّ عَلَيْهِ فَإِنَّمَا يَرُدُّ عَلَيْهِ بِالصَّدَدِ وَالتَّبَاهِي بِكَلَامِ مَنْ سَبَقَ فَمَنْ هُوَ مِثْلُ الْكَمَالِ وَمَقَامُهُ فَلَا يَكُونُ كَلَامُهُ حُجَّةً عَلَيْهِ وَلَهُ مِنْ هَذَا النَّحْوِ فِي الِاسْتِدْلَالِ الْمَجَالُ الْوَاسِعُ فَأَنْعِمُوا بِبَيَانِ الْحَقِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمُشْكِلَةِ مَعَ بَسْطِ الدَّلِيلِ وَالْمَنْقُولَاتِ الْمُوَافِقَةِ وَالْمُخَالِفَةِ فَيَتَبَيَّنُ لِذَلِكَ الْمُفْتِي صَوَابُ رَأْيِهِ أَوْ فَسَادُهُ فَلَعَلَّهُ يَرْجِعُ عَمَّا أَفْتَى بِهِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُسْتَبْشَعٌ إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ لَنَا شَخْصٌ يَنْكِحُ الْأُخْتَيْنِ أَوْ يَنْكِحُ ثَمَانٍ إخْوَةً وَلَا يَسْمَحُ فَقِيهٌ بِمِثْلِ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ أَدِلَّةَ ذَلِكَ الْمُفْتِي ظَاهِرَةٌ بِبَادِئِ الرَّأْيِ فِي الْحِلِّ فَتَفَضَّلُوا بِإِيضَاحِ الْحَقِّ أَثَابَكُمْ اللَّهُ الْجَنَّةَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ أَخْطَأَ الْمُفْتِي فِي فَتْوَاهُ الْمَذْكُورَةِ قَطْعًا لِمُخَالَفَتِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [النساء: 23] وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَقَدْ قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْمَحْصُولِ: شَرْطُ التَّقْلِيدِ أَنْ لَا يَفْعَلَ أَمْرًا يُجْمِعُ عَلَى إبْطَالِهِ إمَامُهُ الْأَوَّلُ وَإِمَامُهُ الثَّانِي. اهـ. وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ لِلتَّقْلِيدِ شُرُوطٌ أَحَدُهَا أَنْ لَا يَجْتَمِعَ فِي صُورَةٍ يَقَعُ الْإِجْمَاعُ عَلَى بُطْلَانِهَا. اهـ. وَجَوَابُ الْمُفْتِي عَمَّا ذُكِرَ مِنْ التَّلْفِيقِ بَاطِلٌ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ فِيهِ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَلَيْسَتْ مَسْأَلَةُ مَنْ قَلَّدَ أَبَا حَنِيفَةَ فِي نِكَاحِ امْرَأَةٍ بِلَا وَلِيٍّ وَالشَّافِعِيَّ فِي نِكَاحِ امْرَأَةٍ أُخْرَى هِيَ بِنْتُهُ مِنْ الزِّنَا نَظِيرَ مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ وَقَدْ رَأَيْت كَلَامَ ابْنِ الْهُمَامِ فِي

شخص بلغته دعوة النبي فآمن بالله بقلبه ولم يتلفظ بالشهادتين

تَحْرِيرِهِ فَلَمْ أَرَ فِيهِ مَا نَسَبَهُ الْمُفْتِي إلَيْهِ وَمَا زَعَمَهُ الْمُفْتِي مِنْ جَوَازِ وَطْءِ الثَّمَانِ زَوْجَاتٍ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَالِ لَا يُمْكِنُ أَحَدٌ أَنْ يَقُولَ بِهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْإِجْمَاعِ. وَمَا زَعَمَهُ أَيْضًا مِنْ جَوَازِ التَّقْلِيدِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَجَوَازِ تَلْفِيقِهِ، وَأَنَّ فِعْلَ الصَّحَابَةِ يَدُلُّ عَلَيْهِمَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ فِعْلِ الصَّحَابَةِ وَلَا قَوْلِهِمْ مَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ فِي مَسْأَلَتِنَا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَمَدْلُولُ اللَّفْظِ إمَّا مَعْنًى جُزْئِيٌّ إلَى قَوْلِهِ أَوْ لَفْظٌ مُفْرَدٌ يُسْتَعْمَلُ كَالْكَلِمَةِ فَهِيَ قَوْلٌ مُفْرَدٌ ثُمَّ قَالَ الشَّارِحُ الْمَحَلِّيُّ يَعْنِي كَمَدْلُولِ الْكَلِمَةِ بِمَعْنَى مَاصَدَقِهَا فَمَاذَا تَفْهَمُونَ فِي هَاتَيْنِ الْغَايَتَيْنِ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الشَّارِحَ إنَّمَا قَالَ يَعْنِي كَمَدْلُولِ الْكَلِمَةِ بِمَعْنَى مَاصَدَقِهِا أَيْ الْأَفْرَادِ الَّتِي يَصْدُقُ لَفْظُ الْكَلِمَةِ عَلَى كُلٍّ مِنْهَا اسْمًا كَانَ أَوْ فِعْلًا أَوْ حَرْفًا؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الْمَدْلُولِ عَلَى الْمَاصَدَقِ إطْلَاقٌ مَجَازِيٌّ؛ لِأَنَّهُ مَدْلُولٌ لُغَةً وَحَقِيقَةُ الْمَدْلُولِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ إطْلَاقُهُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ خَاصَّةً، وَاللَّفْظُ يَدُلُّ عَلَى مَاصَدُقِهِ مِنْ جِهَةِ اشْتِمَالِهِ عَلَى الْمَفْهُومِ الَّذِي وُضِعَ لَهُ وَقَدْ قَالَ الشَّارِحُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِطْلَاقُ الْمَدْلُولِ عَلَى الْمَاصَدَقِ كَمَا هُنَا سَائِغٌ وَالْأَصْلُ إطْلَاقُهُ عَلَى الْمَفْهُومِ أَيْ مَا وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ. [شَخْصٍ بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ النَّبِيِّ فَآمَنَ بِاَللَّهِ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِالشَّهَادَتَيْنِ] (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَآمَنَ بِاَللَّهِ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ إلَى أَنْ مَاتَ فَهَلْ هَذَا الْإِيمَانُ يَنْفَعُهُ وَيَكُونُ فِي الْجَنَّةِ أَوْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ يَنْفَعُهُ فَمَا وَجَبَ عَنْ قَوْلِ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ حَيْثُ قَالَ وَاتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ الَّذِي يُحْكَمُ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ لَا يَكُونُ إلَّا مَنْ اعْتَقَدَ بِقَلْبِهِ دِينَ الْإِسْلَامِ اعْتِقَادًا جَازِمًا خَالِيًا مِنْ الشُّكُوكِ وَنَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ أَصْلًا إلَّا إذَا عَجَزَ عَنْ النُّطْقِ لِخَلَلٍ فِي لِسَانِهِ أَوْ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْهُ لِمُعَالَجَةِ الْمَنِيَّةِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مُؤْمِنٌ فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ دُونَ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ فِي الشَّرْعِ تَصْدِيقُ الْقَلْبِ بِمَا

عَلِمَ ضَرُورَةَ مَجِيءِ الرَّسُولِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِهِ وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالشَّهَادَتَيْنِ مِنْ الْمُتَمَكِّنِ مِنْهُ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْإِيمَانِ عَلَيْهِ أَوْ جُزْءٌ مِنْهُ فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَدْ قَالَ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ أَمَّا إذَا جَعَلْنَا الْإِيمَانَ اسْمًا لِلتَّصْدِيقِ فَقَطْ، وَأَنَّ الْإِقْرَارَ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ فِي الدُّنْيَا مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَخَلَفِهِ وَالدَّفْنِ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُطَالَبَةِ بِالْعُشْرِ وَالزَّكَوَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهُوَ مُؤْمِنٌ فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ. اهـ وَقَالَ غَيْرُهُ: مَنْ عَجَزَ عَنْ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ لِخَرَسٍ أَوْ اخْتِرَامِ مَنِيَّةٍ قَبْلَ التَّمَكُّنِ صَحَّ إيمَانُهُ قَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ قَطْعًا وَقَالَ فِي الشِّفَاءِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ فَأَبَى مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ كَأَبِي طَالِبٍ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا بِالِاتِّفَاقِ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يُعْرَضْ عَلَيْهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ إنَّهُ يَكْفِيهِ وَقَالَ كَيْفَ يُعَذَّبُ مَنْ قَلْبُهُ مَمْلُوءٌ بِالْإِيمَانِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ غَيْرَ أَنَّهُ لِخَفَائِهِ أُنِيطَ الْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ الظَّاهِرِ وَعَلَى هَذَا فَهُوَ مُؤْمِنٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُ مُؤْمِنٍ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا عَكْسُ الْمُنَافِقِ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي الْإِرْشَادِ أَيْضًا. (سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ الْعَيْدَرُوسِ السَّيِّدِ الْعَارِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى عَبْدِ اللَّهِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَسَرَّهُ فِي كِتَابِهِ الْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ أَجْمَعَ الْعَارِفُونَ عَلَى أَنَّ أَفْضَلَ الْعِبَادَاتِ مَعَ اللَّهِ الْأَنْفَاسُ أَعْنِي أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهَا وَدُخُولُهَا بِذِكْرِ الْجَلَالَةِ وَلَوْ قَوْلَك اللَّهُ اللَّهُ أَوْ ذِكْرَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَهُوَ الذِّكْرُ الْخَفِيُّ الَّذِي لَمْ تَتَحَرَّكْ بِهِ الشَّفَتَانِ أَعْنِي أَفْضَلَ الْعِبَادَاتِ حِفْظُ الْأَنْفَاسِ كَوْنُهَا الْأَنْفَاسَ الْهَوَائِيَّةَ الْجُسْمَانِيَّةَ يَكُونُ دُخُولُهَا وَخُرُوجُهَا عَلَى أَفْضَلِ الرِّضَا وَالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهَا جَوَاهِرُ الْأَعْمَارِ الْمُثْمِرَاتُ لِلْأَسْرَارِ وَالْأَنْوَارِ وَهَذَا مَعْدُودٌ مِنْ الْمَقَامَاتِ. اهـ كَلَامُهُ. فَهَلْ هَذَا النَّقْلُ عَنْ إجْمَاعِ الْعَارِفِينَ صَحِيحٌ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَقَدْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ بِأَنَّ الْأَفْضَلَ الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ وَالْقَلْبِ جَمِيعًا ثُمَّ مَا كَانَ بِالْقَلْبِ وَقَدْ ذَكَرَ مَا بِالْقَلْبِ غَيْرُهُ أَيْضًا؟ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ

وَهَلْ الْمُرَادُ بِحِفْظِ الْأَنْفُسِ إعْمَالُ النَّفَسِ فِي الذِّكْرِ عِنْدَ خُرُوجِ النَّفَسِ وَدُخُولِهِ أَوْ مُجَرَّدُ ذِكْرِ الْقَلْبِ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكِ النَّفَسِ بِذَلِكَ خُرُوجًا وَدُخُولًا بَيِّنُوا لَنَا بَيَانًا شَافِيًا آجَرَكُمْ اللَّهُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ النَّقْلَ عَنْ إجْمَاعِ الْعَارِفِينَ صَحِيحٌ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ وَلَكِنْ هَذَا مَقَامُ الْكُمَّلِ، وَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ هُوَ مَقَامٌ دُونَ هَذَا الْمَقَامِ. (سُئِلَ) عَنْ إمَامٍ يَؤُمُّ بِأُجْرَةٍ وَيَتْرُكُ فِي قِرَاءَتِهِ الْمَمْدُودَ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ كَالْمُتَّصِلِ وَالْمُثَقَّلِ وَنَحْوَهُمَا فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَهَلْ ذَلِكَ يَضُرُّ فِي الصَّلَاةِ لِخَلَلٍ أَوْ بُطْلَانٍ وَهَلْ إذَا عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ، وَأَصَرَّ عَلَيْهِ يَفْسُقُ بِهِ أَوْ لَا وَهَلْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً أَمْ لَا وَهَلْ يَكُونُ غَيْرُهُ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ فَقِيهٍ، وَهَلْ إذَا عَلِمَ بِهِ الْإِمَامُ أَيَّدَ اللَّهُ بِهِ الدِّينَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْهَاهُ عَمَّا ارْتَكَبَهُ يُعَزِّرُهُ التَّعْزِيرَ اللَّائِقَ بِحَالَةِ الْقَامِعِ لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمَدَّ مُتَوَاتِرٌ عِنْدَ الْقُرَّاءِ وَأَئِمَّةِ الْأُصُولِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَصْلُهُ وَقَدْرُهُ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَأَبُو شَامَةَ إنَّ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى أَصْلِهِ لَيْسَ بِمُتَوَاتِرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا سَلَفَ لَهُمَا فِيهِ فَقَدْ قَالَ الْعَلَّامَةُ شَيْخُ الْقُرَّاءِ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْجَزَرِيِّ فِي أَوَّلِ النَّشْرِ لَا أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا تَقَدَّمَ ابْنَ الْحَاجِبِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ نَصَّ أَئِمَّةُ الْأُصُولِ عَلَى تَوَاتُرِ ذَلِكَ كُلِّهِ كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ فِي كِتَابِهِ الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ وَلِأَنَّ نَقَلَةَ مَرَاتِبِ الْمَدِّ هُمْ نَقَلَةُ أَصْلِ الْقُرْآنِ وَهُمْ عَدَدُ التَّوَاتُرِ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَأَبُو شَامَةَ مُعْتَرِفَانِ بِذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا ذُكِرَ فَشُبْهَتُهُمَا سَاقِطَةٌ؛ لِأَنَّ ضَبْطَ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ وَلَا تَكْلِيفَ بِمَا فَوْقَ الْوُسْعِ. وَالنَّقَلَةُ الَّذِينَ بَلَغُوا حَدَّ التَّوَاتُرِ إذَا قَالُوا الْمَدُّ الْفَرْعِيُّ قَدْرُ ثَلَاثِ أَلِفَاتٍ وَنُقِلَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ عَصْرٌ بَعْدَ عَصْرٍ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَنَا قَطْعًا صَارَ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ قُرْآنٌ كَسَائِرِ كَلِمَاتِهِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا، وَأَمَّا أَنَّ الْقَارِئَ هَلْ يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ غَيْرِ نُقْصَانٍ وَزِيَادَةٍ فَذَلِكَ أَمْرٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِنَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي كَوْنِهِ مَعْلُومًا كَوْنُهُ مِنْ الْقُرْآنِ تَوَاتُرًا إلَّا فِي أَنَّ زَيْدًا وَعَمْرًا هَلْ يَقْدِرَانِ

هل الصحيح أن الإسلام والإيمان متغايران

عَلَى قِرَاءَتِهِ عَلَى مَا نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ أَوْ لَا وَهَذَا مِمَّا لَا رَيْبَ فِيهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي الْفَاتِحَةِ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ وَكَذَا فِي الْفَاتِحَةِ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ إذَا كَانَ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ وَلَا يَفْسُقُ بِهِ عِنْدَ إصْرَارِهِ عَلَيْهِ إذَا غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ مَعَاصِيَهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ، وَغَيْرُهُ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ فَقِيهٍ، وَإِذَا رُفِعَ أَمْرُهُ إلَى الْإِمَامِ - أَيَّدَ اللَّهُ بِهِ الدِّينَ - نَهَاهُ عَنْ فِعْلِهِ الْمَذْكُورِ فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ عَنْهُ عَزَّرَهُ التَّعْزِيرَ اللَّائِقَ بِحَالِهِ. [هَلْ الصَّحِيحُ أَنَّ الْإِسْلَامَ وَالْإِيمَانَ مُتَغَايِرَانِ] (سُئِلَ) هَلْ الصَّحِيحُ أَنَّ الْإِسْلَامَ وَالْإِيمَانَ مُتَغَايِرَانِ حَتَّى يَكُونَ كُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمًا وَلَا عَكْسَ أَمْ لَا بَيِّنُوا لَنَا مَعْنَى الْآيَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] وَكَذَا الْآيَةُ فِي الذَّارِيَاتِ {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 35] ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْإِسْلَامَ إعْمَالُ الْجَوَارِحِ وَلَا يُعْتَبَرُ إلَّا مَعَ الْإِيمَانِ وَلِذَلِكَ فَسَّرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا «سَأَلَهُ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ الْإِسْلَامِ فَقَالَ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إنْ اسْتَطَعْتَ إلَيْهِ سَبِيلًا» وَلَكِنْ لَا يُعْتَبَرُ وَيَقَعُ مُعْتَدًّا بِهِ إلَّا مَعَ الْإِيمَانِ وَهُوَ التَّصْدِيقُ الْآتِي، وَأَمَّا الْإِيمَانُ فَهُوَ تَصْدِيقُ الْقَلْبِ بِمَا عَلِمَ ضَرُورَةَ مَجِيءِ الرَّسُولِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ إلَّا مَعَ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ مِنْ الْقَادِرِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ مُؤْمِنٌ لَا يَكُونُ مُسْلِمًا، وَلَا مُسْلِمٌ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا وَهَذَا مُرَادُ الْجُمْهُورِ بِقَوْلِهِمْ إنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ لَا الِاتِّحَادُ فِي مَفْهُومِ الِاسْمَيْنِ كَمَا هُوَ شَأْنُ التَّرَادُفِ لُغَةً وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى قَوْله تَعَالَى {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 35] {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات: 36] ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي صِدْقَ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُسْلِمِ لِاتِّحَادِ مَفْهُومِهِمَا، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] فَوَارِدٌ فِي قَوْمٍ مُنَافِقِينَ يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ وَيُخْفُونَ الْكُفْرَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [خَاتِمَة الْكتاب] هَذَا آخِرُ مَا عَلَّقَ مِنْ فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ وَارِثِ عُلُومِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُكَرَّمِينَ الْإِمَامِ الشَّهِيرِ الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَأَرْضَاهُ وَجَعَلَ الْجَنَّةَ مُتَقَلَّبَهُ وَمَثْوَاهُ آمِينَ.

§1/1