فتاوى الحج

ابن عثيمين

مقدمة

مقدمة الحمد لله عظيم المنّه ... ناصر الدين بأهل السنّه وبعد أخي الكريم .. فبين يديك مجموعة من الأسئلة المتعلقة بالحج كنا قد عرضناها على علامة القصيم فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين حفظه الله وقد تفضل بالإجابة عليها بما تنشرح به الصدور، وها نحن نضعها بين يديك لتستفيد منها فيما يعرض لك من قضايا عند أدائك لفريضة الحج ولا ننسى أخي أن نذكرك وأنت تستعد لأداء الفريضة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حجَّ فلم يرفُث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" رواه البخاري ومسلم. وقوله عليه الصلاة والسلام: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنّة" رواه البخاري ومسلم. وأعلم أن الحج المبرور هو الذي لا يخالطه إثم. وقبل أن نودعك نسأل الله أن يتقبل حجك ويردك سالماً غانماً إلى أهلك وولدك، ونستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك. الناشر

الحج قبل الإسلام:

الحج قبل الإسلام: المسألة الأولى: كيف كان الحج قبل الإسلام؟ الجواب: الحج من العبادات المعروفة المألوفة قبل الإسلام وليس فيه تغيرٌ إلا شيئاً يسيراً، مثل كون أهل الحرم لا يقفون وقوف عرفة إلا بمزدلفة كما يدل عليه حديث جابر وكذلك كانوا ينصرفون من عرفة قبل غروب الشمس ولا يدفعون من مزدلفة إلا بعد شروقها فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فوقف بعرفة ولم يطلع منها إلا بعد غروب الشمس ودفع من مزدلفة حينما أسفر جداً قبل أن تطلع الشمس. وبيَّن للناس مناسكهم وفقه الناس في المناسك فقهاً كاملاً وكان يقول عليه الصلاة والسلام "لتأخذوا عني مناسككم" فتعلم الناس الحج ونقله الخلف عن السلف وتلقاه الخلف عن السلف حتى أصبح بيناً واضحاً ولله الحمد وإن كان وجد فيه بعض الاختلاف بين أهل العلم وهذا الاختلاف للمجتهد المصيب أجران والمجتهد المخطئ أجر واحد.

المواقيت:

المواقيت: المسألة الثانية: ما هو ميقات المكي للعمرة أي أهل مكة؟ الجواب: ميقات المكي للعمرة أن يخرج إلى أدنى الحل فيحرم منه إما إلى التنعيم أو الجعرانة أو عرفة أو الحديبية أو أي مكان من الحل فيحرم منه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة أن تخرج إلى التنعيم حين أرادت العمرة وهي بمكة. لا يقول قائل: إن عائشة ليست من أهل مكة لأننا نقول إن الآفاقي الذي يكون في مكة حكمه حكم أهل مكة في الإحرام ولهذا يحرم الآفاقي بالحج من مكة ولا يلزمه أن يخرج إلى الحل وهذا يدل على أن العمرة لا يصح الإحرام بها إلا من خارج الحرم فإن أحرم بها من الحرم فقد أحرم من غير الميقات الذي يلزمه الإحرام منه. المسألة الثالثة: شخص أراد أن يأخذ عمرة ولكنه نسي أن يحرم من الميقات؟ الجواب: يرجع لميقاته الذي نسي أن يحرم منه فيحرم من هناك وإن لم يستطع فإنه يحرم من مكانه الذي ذكر فيه ويذبح فدية في مكة يوزعها على فقراء مكة. أما إذا كان لم ينوِ العمرة وقال إن تيسر لي اعتمرت فإنه يحرم من حيث تيسر له. المسألة الرابعة: قدمت من خارج المملكة قاصداً العمرة وقبل وصولي إلى مطار جدة غيرت ثيابي للإحرام في الطائرة وكان في الطائرة شيخ أعرفه يعتمد عليه في العلم ولما سألته قال: بإمكانك الإحرام من مطار جدة تمسكت برأيه وأحرمت من المطار وبعد ما قضيت العمرة ذهبت إلى المدينة ومكثت شهري شوال وذي القعدة وسألت بعض من أثق في علمه من أصدقائي هل أنا متمتع بهذه الحالة حيث قد وافق إحرامي بالعمرة أول يوم من شوال، وهل يلزمني دم إذ قد سمعت وتأكدت من أفواه العلماء بأن مطار جدة لا يصح أن يكون ميقاتاً لمن يمر عليه وأفتاني بأن التمتع قد زال بمغادرة الحرم المكي مع أني لم أقصد التمتع عندما أحرمت وإنه يمكن أن أحرم بالحج كما يحرم المقيم المدينة المنورة، فأحرمت بالحج مفرداً، وأما تجاوز الميقات فقال لي: ليس عليك شيء لأنك جاوزته جاهلاً ومقتدياً برأي هذا الشيخ واطمأننت في ذلك وأديت مناسك حجي ولكن بعض زملائي يشكلون عليَّ ويناقشونني بأنه كان يلزمني الدم بأحد الأمرين. أرجو أن تزيلوا عني هذا الشك.؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين: هذا السؤال يتضمن شيئين، الشيء الأول: أنك تحرم وأنت في الطائرة حتى وصلت إلى جدة، والثاني: أنك عندما أحرمت للعمرة لم تنو التمتع وأنك سافرت إلى المدينة وأحرمت من ذي الحليفة في الحج فأما الأول فاعلم أن من كان في الطائرة ويريد الحج والعمرة فإنه يجب عليه أن يحرم إذا حاذى الميقات أي إذا كان فوقه. ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم "هُن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن. ممن يريد الحج أو العمرة" وقال عمر رضي الله عنه وقد جاءه أهل العراق يقولون له إن النبي صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل نجد قرناً وإنها جَوْر عن طريقنا يا أمير المؤمنين فقال رضي الله عنه انظروا إلى حذوها من طريقكم فقوله رضي الله عنه انظروا إلى حذوها يدل على أن المحاذاة معتبرة سواء كانت في الأرض فكان الميقات عن يمينك أو شمالك أو كنت من فوق فحاذيته من فوق وتأخيرك الإحرام إلى جدة يعني إنك تجاوزت الميقات بدون إحرام وأنت تريد العمرة وقد ذكر أهل العلم أن هذا موجب للفدية وهو دم تذبحه في مكة وتوزعه على الفقراء ولكن ما دمت قد سألت الشيخ الذي ذكرت أنه قدوة وإنه ذو علم وأفتاك بأنه يجوز الإحرام من مطار جدة وغلب على ظنك رجحان قوله على ما تقرر عندك من قبل لأنه يجب عليك إذا حاذيت الميقات فإنه لا شيء عليك لأنك أديت ما أوجب الله عليك في قوله تعالى {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} (1) ومن سأل من يظنه أهلاً للفتوى فأفتاه فأخطأ فإنما إثمه على من أفتاه أما هو فلا يلزمه شيء لأنه أتى بما أوجب الله عليه وأما الثاني وهو أنك لم تنو التمتع وسافرت إلى المدينة وأحرمت بالحج من ذي الحليفة فإن يجب أن تعلم أنه من قدم مكة في شهر الحج وهو يريد أن يحج فأتى بالعمرة قبل الحج فإنه متمتع لأن هذا هو معنى التمتع فإن الله تعالى يقول: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي} (2). ومعنى ذلك إن الإنسان إذا قدم مكة في أشهر الحج وكان يريده فإن المفروض أن

_ (1) سورة النحل الآية (43). (2) سورة البقرة الآية (196).

المسألة الخامسة: قول رجل تعدى ميقاته ودخل مكة وسأل ماذا يصنع فقيل له أرجع إلى أقرب ميقات وأحرم منه

يحرم بالحج ويبقى على إحرامه إلى يوم العيد فإذا أتى بعمرة وتحلل منها صدق عليه أنه تمتع بها إلى الحج ومعناه أنه تمتع بما أحل الله له حيث تحلل من عمرته فأصبح حلالاً يتمتع بكل محظورات الإحرام وهذا من نعمة الله سبحانه وتعالى- أنه خفّف عن العبد حتى أباح له أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج يتحلل منها ويتمتع بما أحل الله له إلى أن يأتي وقت الحج وعلى هذا ما دام أنك قادم من بلادك وأنت تريد الحج وأحرمت بالعمرة في أشهر الحج فأنت متمتع سواءً نويت أنك متمتع أم لم تنو لأن هذا الذي نويته هو حقيقة التمتع. بقي أن يقال سفرك إلى المدينة هل يسقط الهدى عنك أم لا فهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم فمنهم من يرى أن الإنسان إذا سافر بين العمرة والحج مسافة قصر انقطع تمتعه وسقط عنه دم التمتع لكن هذا قول ضعيف لأن هذا الشرط لم يذكره الله عز وجل في القرآن ولم ترد به سنة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذا فلا يسقط الدم عن التمتع إذا سافر بين العمرة والحج إلا إذا رجع إلى بلده فإنه حينئذ انقطع سفره برجوعه إلى بلده وصار منشأ للحج سفراً جديداً غير سفره الأول وحينئذ يسقط عنه هدي التمتع لأنه في الواقع أتى بالحج في سفر جديد غير السفر الأول فهذه الصورة فقط هي التي يسقط بها هدي التمتع لأنه لا يصدق عليه أنه تمتع بالعمرة إلى الحج حيث أنه انقطع حكم السفر وأنشأ سفراً جديداً لحجه. المسألة الخامسة: قول رجل تعدى ميقاته ودخل مكة وسأل ماذا يصنع فقيل له أرجع إلى أقرب ميقات وأحرم منه وفعل فهل يجزئ هذا أم لابد من الرجوع إلى ميقاته الذي جاوزه؟ الجواب: إذا مر الإنسان بالميقات ناوياً للنسك إما حجاً أو عمرة فإنه لا يحل له مجاوزته حتى يحرم منه بما أراد لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت وقال: "هن لهن ولمن أتى عليهن ممن غير أهلهن من يريد الحج أو العمرة" وهذه المسألة التي ذكر السائل أنه تجاوز الميقات بدون إحرام حتى وصل مكة ثم قيل له أرجع إلى أدنى ميقات فأحرم منه نقول له إن هذه الفتوى التي أفتيها ليست بصواب وإن عليه أن يذهب إلى الميقات الذي مر به لأنه الميقات الذي يجب الإحرام منه كما يدل على ذلك حديث عبد الله

المسألة السادسة: قدمت إلى مكة المكرمة من أجل العمل وأديت فريضة الحج عن نفسي وفي السنة

بن عباس رضي الله عنهما الذي أشرنا إليه آنفاً ولكن إن كان الذي أفتاه من أهل العلم الذين يثق بعلمهم ودينهم واعتمد على ذلك فإنه لا شيء عليه لأنه فعل ما يجب من سؤال أهل العلم وخطأ المفتي ليس عليه منه شيء. المسألة السادسة: قدمت إلى مكة المكرمة من أجل العمل وأديت فريضة الحج عن نفسي وفي السنة الثانية أردت أن أحج عن والدتي المتوفاة وقد سألت بعض الناس عن كيفية الإحرام فقالوا لي أن أذهب إلى جدة وأحرم من هناك وفعلاً ذهبت إلى جدة وأحرمت من هناك وأتممت مناسك الحج فهل حجتي هذه صحيحة أم يلزمني شيء آخر أفعله أفيدوني بارك الله فيكم؟ الجواب: إذا كنت في مكة فإن إحرامك بالحج يكون من مكانك الذي أنت فيه بمكة ولا حاجة أن تخرج إلى جدة ولا إلى غيرها ففي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت ثم قال ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة أما إذا كنت تريد أن تحرم بعمرة وأنت في مكة فإنه لابد أن تخرج لأدنى الحل يعني إلى خارج حدود الحرم حتى تُهِلْ بها ولهذا لما طلبت عائشة رضي الله عنها من النبي صلى الله عليه وسلم أن تأتي بعمرة أمر أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بها إلى التنعيم حتى تهل منه. وعلى هذا الذي قال لك لابد أن تخرج إلى جدة لا وجه لقوله وحجك بكل تقدير صحيح إن شاء الله تعالى ما دام متمشياً على منهاج الرسول صلى الله عليه وسلم ويكون لأمك كما أردته. المسألة السابعة: ما حكم من أتى من بلده بالطائرة. ولم يحرم في الميقات وأحرم من جدة؟ الجواب: إن كان عالماً فهو آثم وعليه الفدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء لتركه الواجب وهو الإحرام من الميقات وإن كان جاهلاً فليس بآثم لكن عليه الفدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء لتركه الواجب. لأن كل من أراد الحج والعمرة ومر بالمواقيت فإنه يجب عليه أن يحرم من أول ميقات يمر به.

المسألة الثامنة: ما حكم من خرج من الرياض إلى مكة ولم يقصد لا حجا ولا عمرة

المسألة الثامنة: ما حكم من خرج من الرياض إلى مكة ولم يقصد لا حجاً ولا عمرة ثم بعد وصوله مكة أراد الحج فأحرم من جدة قارناً فهل يجزئه الإحرام من جدة أم عليه دم لابد من ذهابه إلى المواقيت المعلومة. أفتونا مأجورين؟ الجواب: إذا تجاوز الإنسان الميقات وهو لا يريد حجاً ولا عمرة فليس عليه شيء وإذا تجددت له النية بعد أن تجاوز المواقيت فإنه يحرم من المكان الذي تجددت له به النية لقوله صلى الله عليه وسلم: "ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ". المحرم ماذا يلزمه وماذا عليه أن يفعل: المسألة التاسعة: إذا وقع على ثوب الإحرام دم قليل أو كثير فهل يصلي فيه وعليه الدم؟ وما حد ما يبطل الصلاة أو الحج من الدم إذا وقع على ثوب الإحرام؟ الجواب: الدم إذا كان خارجاً من السبيلين فهو نجس قليله وكثيره أما إذا كان خارجاً من غير السبيلين فإنه يعفى عن يسيره كما قاله أهل العلم ولا يضره إذا كان على ثوب الإحرام، أو في الصلاة. المسألة العاشرة: الاغتسال للمحرم هل يجوز؟ وأنه يحج عن جده المتوفى؟ الجواب: الاغتسال للمحرم لا بأس به لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم سواء أغتسل مرة أو مرتين أو أكثر ولكنه يجب أن يغتسل من الجناية إذا احتلم وهو محرم. وأما حجه عن جده المتوفي فلا بأس به لأنه جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

المسألة الحادية عشرة: من أحرم بالحج متمتعا واعتمر ولم يخلع إحرامه إلى أن ذبح الهدى جاهلا ماذا. عليه؟

المسألة الحادية عشرة: من أحرم بالحج متمتعاً واعتمر ولم يخلع إحرامه إلى أن ذبح الهدى جاهلاً ماذا عليه؟ الجواب: يجب عليك أن تعرف أن الإنسان إذا أحرم متمتعاً فإنه إذا طاف وسعى وقصر من شعره من جميع الرأس حل من إحرامه. فإذا استمررت في إحرامك فإنك إن كنت قد نويت الحج قبل أن تشرع في الطواف أي طواف العمرة فهذا لا حرج عليك وتكون قارناً فتكون ما أديت من الهدي عن القرآن وإن كنت بقيت على نية العمرة فطفت وسعيت ثم نويت الحج قبل أن تحلق أو تقصر فإن كثيراً من أهل العلم يقول إن إحرامك بالحج غير صحيح لأنه لا يصح إدخال الحج على العمرة بعد الشروع في طوافها ويرى بعض أهل العلم أنه لا بأس به وحيث إنك جاهل في هذه الحال فأرى أن لا شيء عليك وأن حجك صحيح إن شاء الله هذا إذا كنت أحرمت بالحج قبل التحلل من العمرة أما إن كنت تحللت منها فطفت وسعيت وقصرت وبقي ثوب الإحرام فقط ثم أحرمت بالحج فلا شيء عليك. المسألة الثانية عشرة: هل يجوز للمرأة المحرمة بالحج أن تغير ملابسها متى شاءت وهل للإحرام ملابس معينة وما حكم النقاب والقفازين للمحرمة؟ الجواب: نعم يجوز للمرأة المحرمة أن تغير ثيابها إلى ثياب أخرى سواء كان ذلك لحاجة أم لغير حاجة لكن بشرط أن تكون الثياب الأخرى ليست ثياب تبرج وجمال أمام الرجال. وعلى هذا فإذا أرادت أن تغير أحد ثيابها التي أحرمت بها فلا حرج عليها وليس للإحرام ثياب تخصصه بالنسبة للمرأة، بل تلبس ما شاءت، إلا أنها لا تلبس النقاب ولا تلبس القفازين والنقاب معروف هو الذي يوضع على الوجه ويكون فيه نقب للعينين أما القفازان فهما اللذان يلبسان في اليد ويسميان شراب اليدين وأما الرجل فله لباس خاص في الإحرام هو الإزار والرداء فلا يلبس القميص ولا السراويل ولا العمائم ولا البرانص

المسألة الثالثة عشرة: هل يجوز للمرأة أن تلبس الكفوف والجوارب في الحج؟

ولا الخفاف ويجوز له أن يغير رداءه إلى رداء آخر وإزاره إلى إزار آخر. المسألة الثالثة عشرة: هل يجوز للمرأة أن تلبس الكفوف والجوارب في الحج؟ الجواب: أما الجوارب فلها أن تلبسها في الحج لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يَنْه عنها المرأة وأما الكفوف وهما القفازان فإنها لا تلبسها لأن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى المرأة أن تلبس القفازين في حال الإحرام. المسألة الرابعة عشرة: ما حكم من دعس هرا وهو محرم في مكة؟ الجواب: الجواب على هذا من كلام الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ... } (1) يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم أي متلبسون بالإحرام أو أنتم في الحرم ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم أي عليه جزاء مثل ما قتل من النعم. ومن قتل الصيد بغير قصد فلا شيء عليه لأن الله اشترط فى وجوب الجزاء أن يكون عمداً وعلى هذا فنقول للأخ الذي قتل هراً ليس عليك شيء أولاً لأن الهر ليس من الصيد وثانياً لأنك غير متعمد. المسألة الخامسة عشرة: منع الرسول صلى الله عليه وسلم المحرمة من لبس القفازين أفلا تخشى على وجهها وكفيها؟ الجواب: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين أي أنه لا يجوز لها لبس النقاب ولكن إذا مر الرجال قريباً منها فإنه يجب عليها أن تغطي وجهها

_ (1) سورة المائدة الآية (95).

المسألة السادسة عشرة: ماذا يفعل الحاج في الهوم الثامن من ذى الحجة؟

بغير النقاب تغطيه بخمار كما كانت النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يفعلن ذلك لأن النقاب بالنسبة للوجه لباس كالقميص بالنسبة للبدن وأما لباس القفازين فهو حرام على المرأة في حال الإحرام وليس حرام عليها في حال الحل إلا أنه إذا مر الرجال قريباً منها فإنها تغطى يديها بعباءتها أو ثوبها. المسألة السادسة عشرة: ماذا يفعل الحاج في اليوم الثامن من ذي الحجة؟ الجواب: إن كان قارناً أو مفرداً وقد أحرم من قبل فالإحرام واضح وإذا كان متمتعاً فإنه يحرم في اليوم الثامن من ذي الحجة فيغتسل ويلبس ثياب الإحرام ويخرج إلى منى ويبقى فيها ويصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر وفي صباح يوم عرفة يسير إلى عرفة بعد طلوع الشمس. المسألة السابعة عشرة: إنني أخذت عمرة في أول شهر رمضان في هذا العام ومكثت مدة خمسة عشر يوماً ورجعت لأخذ عمرة بثوبي فأول ما وصلت إلى الحرم صليت ركعتين ونويتها تحية المسجد وطفت سبعة أشواط على البيت وتحولت بعدها فصليت ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام وتحولت إلى المسعى فسعيت سبعة أشواط وبعد ذلك قصرت من شعري؟ الجواب: الذي حصل منك هو أنك لم تحرم من الميقات والإحرام من الميقات واجب من الواجبات وقد ذكر العلماء أن من ترك واجباً من واجبات الحج أو العمرة فإنه عليه فدية يذبحها في مكة ويفرقها على الفقراء وأما بقاء اللباس عليك فالظاهر أنك جاهل لهذا الشيء لأنك لم تعلم أنه حرام والجاهل لا شيء عليه إذا فعل شيئاً من محظورات الإحرام.

الوقوف بعرفة:

الوقوف بعرفة: المسألة الثامنة عشرة: حج جندي من الجنود الذين في منى وأحرم يوم ثمانية وطاف وسعى في ذلك اليوم. ويوم عرفة صعد الساعة الثانية عشرة إلى عرفات ونزل منها قبل الساعة الرابعة من ذلك اليوم خيام أصحابه في وادي محسر وجلس معهم حتى العاشر ورمى وحلق هل حجه صحيح أم ناقص أفيدونا جزاكم الله خير. الجواب: هذا الرجل حجه ناقص لأنه ترك واجباً في الوقوف حيث لم يقف إلى غروب الشمس وترك واجباً في المبيت حيث لم يبت في مزدلفة وأما طوافه وسعيه السابق للوقوف فإنه لا يصح لأنه أحرم من مكة والذي يحرم من مكة لا يمكن أن يقدم السعي على الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة لأن السعي قبل ذلك لا يكون إلا بعد طواف القدوم والمحرم من مكة ليس له طواف قدوم.

الوقوف بمزدلفة:

الوقوف بمزدلفة: المسألة التاسعة عشرة: ما هو الدليل عل وجوب المبيت في مزدلفة ولا يكتفي بكونه سنة مع أن النبى صلى الله عليه وسلم قد رخص للنساء والضعفة الرحيل بعد نصف الليل؟ الجواب: الدليل على وجوبه قوله تعالى: { ... فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ... } (1) والأصل في الأمر الوجوب حتى يقوم دليل على صرفه عن الوجوب ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لعروة بن مضرس وقد اجتمع به في صلاة الفجر في مزدلفة فقال: يا رسول الله إني أتعبت نفسي وأكللت راحلتي وما تركت جبلاً إلا وقفت عنده فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك في عرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه ولأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للضعفة أن يدفعوا من منى في آخر الليل والترخيص يدل على أن الأصل العزيمة والوجوب بل إن بعض أهل العلم ذهب إلى أن الوقوف فيها ركن من أركان الحج لأن الله تعالى أمر به في قوله { ... فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ... } (2). والنبي عليه الصلاة والسلام حافظ عليه وقال وقفت ها هنا وجمعٌ كلها موقف أي مزدلفة ولكن القول الوسط أن المبيت بها واجب وليس يركن ولا سنة. المسألة العشرون: بتنا على مسافة (400 م) من حدود مزدلفة ولم نعلم ذلك إلا في الصباح فماذا علينا؟ الجواب: عليكم عند أهل العلم فدية شاة تذبحونها وتوزعونها على فقراء مكة لأنكم تركتم واجباً من واجبات الحج وبهذه المناسبة أود أن أذكر إخواني الحجاج بأن ينتبهوا للحدود

_ (1) سورة البقرة آية (198). (2) سورة البقرة (198).

المسألة الحادية والعشرون: رجل مصري مقيم بالمملكة واستقبل والدته بمطار جدة قادمة من مصر بنية الحج فلما وصلت ذهبوا وأدوا مناسك الحج فلما نفروا من عرفات إلى مزدلفة جمعوا صلاتي المغرب والعشاء

في المشاعر لا في عرفة ولا في مزدلفة فإن كثيراً من الناس يوم عرفة ينزلون خارج حدود عرفة ويبقون هناك إلى أن تغرب الشمس ثم ينصرفون ولا يكونون في عرفة وهؤلاء إذا انصرفوا فإنهم ينصرفون بدون حج ولهذا يجب أن الإنسان يتحرى حدود عرفة ويتعرف إليها وهي بنيان قائمة والحمد لله بيِّنة وكذلك في مزدلفة فإن كثيراً من الناس مع التعب من الانصراف من عرفة ينزلون قبل أن يصلوا إلى مزدلفة وهؤلاء إن لم يقوموا من مكانهم هذا إلا بعد طلوع الفجر بعد صلاة الفجر فإنه يكون قد فاتهم الوقوف في مزدلفة فيلزمهم فدية تذبح ويوزعونها على الفقراء لأنهم تركوا واجباً وترك الواجب عند أهل العلم موجب للفدية. المسألة الحادية والعشرون: رجل مصري مقيم بالمملكة واستقبل والدته بمطار جدة قادمة من مصر بنية الحج فلما وصلت ذهبوا وأدوا مناسك الحج فلما نفروا من عرفات إلى مزدلفة جمعوا صلاتي المغرب والعشاء ثم أجبرهم المطوف أن يذهبوا إلى منى قبل منتصف الليل فذهبوا بالإكراه وقضوا حجهم فماذا عليهم؟ مع العلم أن والدته سافرت لمصر ولا تتمكن أن ترجع وهل يصح حجها حيث أتت بالطائرة بدون محرم؟ الجواب: المبيت بمزدلفة من واجبات الحج وليس من أركانه وإذا تركه الإنسان مكرهاً فإنه لا شيء عليه، ولكن يجب على الإنسان إذا أكرهه المطوف أن يمتنع ولو امتنع أهل الحافلة كلهم ما تمكن المطوف من السير بدونهم ولكن إذا سارت الحافلة فإن كان الإنسان يمكنه أن يبقى بدون ضرر فليبْق وإن سارت الحافلة. وإن كان لا يمكنه إلا بضرر فإنه يسقط الوجوب عنه حينئذ ولا شيء عليه. أما الفقرة الأخيرة في السؤال وهو حضور أمه للحج بدون محرم فهذا مؤسف فإنها آثمة وعاصية للرسول صلى الله عليه وسلم منذ سافرت من القاهرة إلى أن ترجع أما حجها فصحيح على القول الراجح لأن هذه المعصية لا تختص بالحج بل في كل سفر فكل سفر تسافر المرأة بدون محرم فإنها عاصية فيه منذ خروجها من بلدها إلى أن ترجع إليه.

المسألة الثانية والعشرون: ما حكم الميبت بمزدلفة قبل نصف الليل؟

المسألة الثانية والعشرون: ما حكم المبيت بمزدلفة قبل نصف الليل؟ الجواب: المبيت بمزدلفة واجب وبعض العلماء يرى أنه ركن ولا يجوز المسير من مزدلفة إلا في آخر الليل وذلك بعد غروب القمر، كما كانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ترتقب غروب القمر فإذا غاب مشت. إلا أنه ينبغي أن يبقى حتى يصلى الفجر إلا الضعيف والمرأة وما أشبه ذلك ممن يشق عليهم زحام الناس فلهم أن يرحلوا من مزدلفة إلى منى في آخر الليل.

المبيت بمنى:

المبيت بمنى: المسألة الثالثة والعشرون: من لم يجد مكاناً في منى فبات بمكة؟ للجواب: هذا لا يجوز بل الواجب أن تبقوا حيث انتهاء الخيام ولو خارج منى إن لم تجدوا مكاناً إذا بحثتم وتم البحث ولم تجدوا مكاناً في منى كونوا عند آخر خيمة من خيام الناس وقد ذهب بعض أهل العلم في زمننا إلى أنه إذا لم يجد الإنسان مكاناً في منى فإنه يسقط عنه المبيت ويجوز له أن يبيت في أي مكان في مكة أو في غيرها وقاس ذلك على ما إذا ما فقد عضواً من أعضاء الوضوء فإنه يسقط غسله ولكن في هذا نظر لأن العضو يتعلق حكم الطهارة به ولم يوجد، أما هذا فإن المقصود من المبيت أن يكون الناس مجتمعين أمة واحدة في مكان واحد فالواجب أن يكون الإنسان عند آخر خيمة حتى يكون مع الحجيج ونظير ذلك ما إذا امتلأ المسجد من الجماعة وصار الناس يصلون حول المسجد فإنه لابد أن تتواصل الصفوف وأن يكون كل صف يلي الصف الآخر حتى تكون الجماعة جماعة واحدة فالمبيت نظير هذا وليس نظير العضو المفقود. المسألة الرابعة والعشرون: ترك الرمي في اليوم الثاني عشر ظاناً أن هذا هو التعجيل وترك المبيت بمنى وطواف الوداع جاهلاً. الجواب: حجك صحيح لأنك لم تترك ركناً من أركان الحج لكنك تركت فيه ثلاثة واجبات الواجب الأول المبيت بمنى ليلة الثالث عشر والواجب الثاني رمى الجمرات في اليوم الثاني عشر والواجب الثالث طواف الوداع والواجب عند أهل العلم إذا تركه الإنسان في الحج وجب عليه دم يذبحه في مكة ويفرقه على الفقراء، لكن ترك المبيت بمنى ليلة واحدة لا يوجب الدم. وبهذه المناسبة أود أن أنبه إخواني الحجاج على هذا الخطأ الذي

المسألة الخامسة والعشرون: لم يحصل لنا السكنى في منى لشدة الزحمة فيها وسكنا خارج حدود منى فهل هذا جائز أم لا؟

ارتكبه أخونا السائل فإن كثيراً من الحجاج يفهمون من قوله تعالى { ... فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ ... } (1) أي خرج في اليوم الحادي عشر يعتبرون اليومين يوم العيد ويوم الحادي عشر، والأمر ليس كذلك بل هذا خطأ في الفهم لأن الله تعالى قال { ... وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ... } (2) والأيام المعدودات هي: أيام التشريق وأيام التشريق أولها اليوم الحادي عشر وعلى هذا فيكون قوله { ... فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ ... } (3) أي من أيام التشريق وهو اليوم الثاني عشر فينبغي أن يصحح الإنسان مفهومة نحو هذه المسألة حتى لا يخطيء. المسألة الخامسة والعشرون: لم يحصل لنا السكنى في منى لشدة الزحمة فيها وسكنا خارج حدود منى فهل هذا جائز أم لا؟ الجواب: نعم إذا بحثتم بحثاً دقيقاً فلم تجدوا مكاناً في منى فلكم أن تنزلوا حيث انتهى الناس تنزلون في آخر الخيام وهذا نظير الرجل يأتي إلى المسجد فيجد المسجد مملوءاً بالناس فله أن يدخل معهم في الصلاة ولو كان خارج باب المسجد لكن لابد أن تتصل الصفوف وهكذا هذه الخيام لابد أن تتصل.

_ (1) سورة البقرة آية (203). (2) سورة البقرة آية (203). (3) سورة البقرة آية (203).

الطواف:

الطواف: المسألة السادسة والعشرون: في إحدى السنوات الماضية ذهبنا إلى الحج ومعنا امرأة كبيرة السن ولا تخلو من الأمراض وكانت ترافقها ابنتها وقد أحرمنا بعمرة متمتع إلى الحج وعند قدومنا إلى الحرم قدر الله إن المرأة العجوز لم تستطيع تكملة الطواف ولم تسْعَ بسبب المرض مع الزحمة وقد انتقلنا إلى منى فعرفات وقد أكملت جميع المناسك كالوقوف بعرفات والمبيت في مزدلفة وسعي وطواف الإفاضة ووكلت في رمي الجمرات وذبح الهدي وسعى وطواف الوداع علماً أن ابنتها عملت كعملها فهل حجها صحيح وما الذي يلزمها. الجواب: هذا الذي حصل من المرأة العجوز ليس فيه شيء لأن غاية ما فيه أنها أدخلت الحج على العمرة وصارت قارنة وليس عليها إلا طواف وسعي والطواف والسعي هذا يكفيها عن حجها وعمرتها وابنتها إذا كان فعلها كفعل أمها فحكمها كحكم أمها، وأما طواف الوداع فلابد من فعله حتى ولو حملاً على الأعناق وليس له سعي وبناءً على أنهما لم تقوما به فإن عليهما على كل واحدة فدية تذبح في مكة وتوزع على الفقراء. المسألة السابعة والعشرون: لو أن إنسان بدأ بالطواف ثم طاف ثلاثة أشواط أو أربعة ثم أقيمت الصلاة فماذا يفعل هل يقطع الطواف أم يكمل وإن قطعه هل يبني على ما طاف أم يبدأ من جديد؟ الجواب: إذا أقيمت الصلاة والإنسان يطوف فإنه يقطع الطواف ويدخل مع الجماعة فإذا سلم الإمام قام وأتى بما بقي عليه من الطواف فإذا قدر أنها أقيمت الصلاة وهو في منتصف الشوط الثالث فإنه يعرف مكانه من الشوط ويصلي فإذا صلى بدأ من مكانه الذي قطع شوطه فيه وأتم بقية الطواف ولا حاجة إلى إعادة الطواف من أوله ولا إعادة الشوط الذي قطع طوافه فيه.

المسألة الثامنة والعشرون: حججت ومعي جماعة وأتممنا حجنا ولله الحمد إلا أنه في نهاية الشوط الساس من طواف الوداع أغمي على زوجتي

المسألة الثامنة والعشرون: حججت ومعي جماعة وأتممنا حجنا ولله الحمد إلا أنه في نهاية الشوط السادس من طواف الوداع أغمي على زوجتي فاضطررت إلى حملها خارج الحرم ولم نتمكن أنا وأخوها وهي من إتمام الشوط السابع فهل علينا شيء؟ الجواب: نعم عليكم أن تعودوا للطواف من جديد ليكون آخر عهدكم بالبيت فإن كان الأمر قد فات وإنكم خرجتم من مكة فإن المشهور عند أهل العلم أن في ترك الواجب دماً يذبح في مكة ويوزع على الفقراء وبناء على ذلك على كل واحد منكم فدية في مكة يوزعها على الفقراء ولا حرج عيكم أن ترسلوا إلى أحد ممن تعرفونه من هناك ليقوم بذلك عنكم لأن التوكيل في ذبح الهدى جائز كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وكل علي بن أبي طالب أن يذبح بقية هديه في حجة الوداع. المسألة التاسعة والعشرون: هل يصح للحاج أو المعتمر أثناء الطواف بالبيت أن يدخل من حجر إسماعيل أثناء الطواف مع الدليل جزاكم الله خيراً؟ الجواب: أولاً: يقول السائل حجر إسماعيل وهذا الحجر ليس حجراً لإسماعيل وإسماعيل لا يدرى عنه لأن إسماعيل وأباه الخليل عليهما الصلاة والسلام قد بنيا البيت على أكبر من هذا إذ يشمل أكثر الحجر ولكن لمَّا انهدمت الكعبة في زمن قريش وجمعوا النفقة لها لم يحصلوا على مالٍ يكفي لبنائها على قواعد إبراهيم فبنوا ما هو موجود الآن وتركوا الباقي وحجروا عليه وسمي حجراً ويسمى أيضاً (الحطيم) لأنه محطوم من الكعبة وعلى هذا ينبغي أن لا يغير هذا التعبير لأن هذا التعبير خطاً خطا في اللفظ والمعنى. أما الجواب على سؤاله وهو الطواف بالدخول من أبواب الحجر فإنه لا يصح وذلك لأن الله تعالى يقول { ... ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ... } (1) ومن دخل من

_ (1) سورة الحج آية (29).

المسألة الثلاثون: أنا أسكن مدينة الطائف وكل شهرين أو ثلاثة أقوم باداء العمرة تطوعا فهل طواف الوداع واجب علي أم لا؟

أبواب الحجر فقد طاف ببعض البيت وليس بالبيت والنبي عليه الصلاة والسلام طاف من وراء الحجر وقال صلى الله عليه وسلم [لتأخذوا عني مناسككم] وعلى هذا فمن دخل من أبواب الحجر في طوافه فإن طوافه ليس بصحيح. المسألة الثلاثون: أنا أسكن مدينة الطائف وكل شهرين أو ثلاثة أقوم بأداء العمرة تطوعاً فهل طواف الوداع واجب علي أم لا؟ الجواب: إذا كنت تطوف وتسعى بنية أنك خارج من مكة إذا طفت وسعيت وقصرت رجعت إلى الطائف فليس عليك طواف وداع لأن الطواف الذي طفت يكفي أما إذا بقيت في مكة ولو أقمت ساعة أو ساعتين فإنه يجب عليك طواف الوداع لعموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا ينفر أحدٌ حتى يكون آخر عهده بالبيت) والعمرة كالحج الا ما ثبت بالنص تخالفهما فيه كالوقوف والمبيت والرمي لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال أصنع في عمرتك ما تصنع في حجك وسمى العمرة حجاً أصغر ولأن المعتمر دخل إلى البيت بطواف فلا يخرج منه الا بطواف. المسألة الحادية والثلاثون: لقد كنت حاجاً في العام الماضي ولما رجعت في اليوم الثاني من أيام التشريق يعد زوال الشمس مباشرة ذهبت إلى الطواف بالكعبة طواف الوداع وكان ذهابي من موقع خيامنا في آخر منى أي المرجم إلى الحرم سيراً على الأقدام ولما وصلنا إلى الحرم وجدناه مكتظاً بالناس ويكادون أن يصلوا بطوافهم إلى الأروقة في المسجد وكان الوقت ظهراً وكنا متعبين من السير فقال لي صاحباي هلموا لنطوف في الطابق العلوي تفادياً للزحمة والشمس وطفنا وذهبنا إلى بلدنا ولما ذهبنا في هذا العام للحج سألت بعض الشيوخ في منى فمنهم من قال لكثرة زحمة الناس وطوافهم تحت الأروقة فلا بأس أن يطوفوا فوق، ومنهم من قال لا يجوز لأن مستوى الطابق العلوي أعلى من مستوى الكعبة أرجو من سماحتكم بيان هذه النقطة؟

المسألة الثانية والثلاثون: ما حكم من أتم أعمال الحج ما عدا طواف الافاضة ثم توفي هل يطاف عنه أم لا؟

الجواب: الصواب مع من قال إن طوافك صحيح لأن المسجد كله محل للطواف وكما نص على هذا أهل العلم، لا فرق بين الطابق العلوي والوسط والأرضي وعلى هذا فلا شيء عليكم في هذا العمل الذي عملتموه. المسألة الثانية والثلاثون: ما حكم من أتم أعمال الحج ما عدا طواف الإفاضة ثم توفي هل يطاف عنه أم لا؟ الجواب: إذا توفي قبل طواف الإفاضة فإنه لا يطاف عنه لأن الرجل الذي وقصته ناقته بعرفة لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُتم الحج عنه إنما يبقى على ما هو عليه حتى وإن كان ذلك فريضة. المسألة الثالثة والثلاثون: ما حكم من طاف طواف الإفاضة ولم يسع حتى غربت الشمس بعد آخر أيام التشريق وما حكم السعي إذا سعى بعد غروب الشمس من ذلك اليوم وبعد أيام التشريق؟ الجواب: ليس عليه في ذلك شيء بل له أن يؤخر الطواف والسعي إلى آخر شهر ذي الحجة بل إن المشهور من مذهب الحنابلة رحمهم الله أن له أن يؤخر إلى ما شاء الله وإنه لا آخر لوقت الطواف والسعي لكنه يبقى على التحلل الأول حتى يطوف ويسعى لكن القول الراجح أنه لا يجوز أن يؤخر عن آخر شهر ذي الحجة لأن الله تعالى يقول {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ... } (1) وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة.

_ (1) سورة البقرة آية (197).

المسألة الرابعة والثلاثون: رجل كان يطوف طواف الافاضة في زحام شديد ولامس جسم إمرأة أجنبية عنه هل يبطل طوافه ويبدؤه من جديد قياسا عل الوضوء أم لا؟

المسألة الرابعة والثلاثون: رجل كان يطوف طواف الإفاضة في زحام شديد ولامس جسم امرأة أجنبية عنه هل يبطل طوافه ويبدؤه من جديد قياساً على الوضوء أم لا؟ الجواب: لا يفسد طوافه لأنه لا ينتقض وضوؤه بمس المرأة إن لم يخرج منه شيء ولكن يجب أن يعلم أنه ينبغي للإنسان أن يبتعد عن النساء الأجانب بقدر ما يمكنه لئلا يغويه الشيطان فيحصل منه تلذذ بملامستهن أو تمتع. المسألة الخامسة والثلاثون: ما حكم طواف الوداع للمعتمر إذا تأخر بعد العمرة يوماً أو بعض يوم؟ الجواب: طواف الوداع للمعتمر إذا كان من نيته حين قدم مكة أن يطوف ويسعى ويقصر أو يحلق ثم يرجع فلا طواف عليه لأن طواف العمرة في حقه صار بمنزلة طواف الوداع أما إذا بقى في مكة فالراجح أنه يجب عليه أن يطوف للوداع وذلك للأدلة التالية: أولاً: عموم قوله صلى الله عليه وسلم (لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت) وهذا شامل "وأحد" نكره في سياق النفي أو في سياق النهي فتعم كل من خرج. ثانياً: أن العمرة كالحج سماها النبي صلى الله عليه وسلم حجاً أصغر كما في حديث عمر بن حزم المشهور الذي تلقته الأمة بالقبول قال النبي صلى الله عليه وسلم [والعمرة هي الحج الأصغر]. ثالثاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليعلى بن أمية إصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك فإذا كنت تصنع طواف الوداع في حجك فاصنعه في عمرتك ولا يخرج من ذلك إلا ما أجمع العلماء على خروجه مثل الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة والمبيت بمنى ورمي الجمار فإن هذا بالإجماع ليس مشروعاً في العمرة ولأن الإنسان إذا طاف صار أبرأ لذمته وأحوط لأنك إذا طفت لم يقل أحدٌ من العلماء إنك أخطأت لكن إذا خرجت بدون طواف قال بعض أهل العلم إنك أخطأت حيث خرجت بدون وداع.

المسألة السادسة والثلاثون: حججت ولم أطف طواف الإفاضة فماذا علي نظرا للزحام؟

المسألة السادسة والثلاثون: حججت ولم أطف طواف الإفاضة فماذا عليَّ نظراً للزحام؟ الجواب: الحقيقة أن هذه المسألة من المسائل الهامة التي لا يجوز تأخير السؤال عنها إلى هذا الوقت بعد مضي أحد عشر شهراً إن كنت أديته في العام الماضي أو أكثر إن كنت أديته قبل ذلك. وطواف الإفاضة ركن لا يسقط بالتأخير ولا يمكن التحلل الكامل بدونه إلا في حال الحصر. ولهذا لما قيل للرسول صلى الله عليه وسلم إن صفية رضي الله عنها حائض قال أحابستنا هي. ولو كان أحد ينوب عن أحد في طواف الإفاضة لأمكن أن يطاف عن صفية ولا يقول النبي صلى الله عليه وسلم أحابستنا هي. وعلى هذا فأنت لا تزال في الحج والواجب عليك أن تذهب إلى مكة وأن تؤدى الركن الذي فرضه الله تعالى عليك في قوله { ... لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (1). المسألة السابعة والثلاثون: أنا أعمل الآن في مكة المكرمة مند عامين فهل عندما أسافر فترة إجازتي السنوية يجب أن أطوف طواف وداع مع العلم أنني أقوم بالحج سواء لي أو لأهلي المتوفين وهل يمكن عمل طواف الوداع ليلاً ثم السفر صباحاً، وهل يمكن النوم بعد الطواف وتناول الطعام أو شراؤه ثم السفر أم لا؟ الجواب: طواف الوداع واجب على كل إنسان مغادر مكة وهو حاج أو معتمر فإذا قدمت للحج أو العمرة وأتيت بذلك فإنك لا تخرج حتى تطوف للوداع أما إذا قدمت إلى مكة لغير حج ولا عمرة مثلاً لعمل أو لزيارة أو ما أشبه ذلك فإن طواف الوداع لا يلزمك حينئذٍ لأنك لم تأت بنسك حتى يلزمك طواف الوداع ويجب أن يكون طواف الوداع آخر شيء لقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده

_ (1) سورة الحج آية (29).

المسألة الثامنة والثلاثون: رجل سافر إلى أرضه ولم يطف طواف الأفاضة فما حكم هذا مع العلم أنه قد أتى أهله في تلك الفترة؟

بالبيت" ولكن العلماء رخصوا له في الأشياء التي يفعلها وهو عابرٌ وماش مثلاً يشتري حاجة في طريقه أو أن ينتظر رفقته متى جاؤوا ركب ومشى ومثله لو تغدى أو تعشى، وأما من طاف للوداع ثم أقام إقامة لغير هذه الأشياء وأمثالها فإنه يجب عليه أن يعيد طواف الوداع. المسألة الثامنة والثلاثون: رجل سافر إلى أرضه ولم يطف طواف الإفاضة فما حكم هذا مع العلم أنه قد أتى أهله في تلك الفترة؟ الجواب: يجب على هذا الرجل أن يمتنع عن أهله لأنه قد حل التحلل الأول دون الثاني ومن تحلل التحلل الأول دون الثاني أبيح له كل شيء إلا النساء ويلزمه أن يذهب إلى مكة ويطوف طواف الإفاضة لإنهاء نسكه أما إتيانه أهله في هذه المدة فإن كان جاهلاً فلا شيء عليه لأن جميع المحظورات لا شيء فيها مع الجهل وإن كان عالماً فإن عليه شاة كما قال أهل العلم عليه دم يذبحها ويوزعها على الفقراء وعليه أيضاً أن يحرم ليطوف طواف الإفاضة محرماً لأنه فسد إحرامه بجماعه بعد التحلل الأول. المسألة التاسعة والثلاثون: ما حكم الطواف وراء المقام أو وراء زمزم؟ الجواب: الطواف وراء المقام أو وراء زمزم جائز ولكنه كلما قرب من الكعبة فهو أفضل إلا أنه أحياناً لكثرة الناس يكون دنوه من الكعبة يشغله عما هو أهم من حضور القلب والدعاء فحينئذ لا حرج عليه أن يبتعد وعلى كل حال فقد ذكر أهل العلم رحمهم الله أن جميع المسجد أعلاه وأسفله كله محل للطواف. المسألة الأربعون: أنا من سكان جدة وقد حججت سبع مرات إلا أنني لم أطف طواف الوداع لأن بعض الناس قال: إن سكان جدة ليس عيهم طواف وداع؟

المسألة الحادية والأربعون: رجل طاف من داخل حجر إسماعيل وسعى؟

الجواب: إذا كان تركك للطواف مستنداً إلى فتوى عالم فليس عليك شيء وأما إذا كان مستنداً إلى كلام العامة فأنت مفرط في ترك السؤال عن هذا الحكم فعليك أن تفدي لترك هذا الواجب فدية تذبحها في مكة وتوزعها على الفقراء لأن أهل جدة ومن دونهم أيضاً يلزمهم طواف الوداع كما يلزم من كان أبعد منهم لعموم قول النبى صلى الله عليه وسلم "لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت". المسألة الحادية والأربعون: رجل طاف من داخل حجر إسماعيل وسعى؟ الجواب: هذا السؤال تقدم الجواب عن نظيره إلا أن فيه زيادة أنه جامع زوجته بناء على أنه قد تم نسكه فيكون جاهلاً ولا شيء عليه في هذا الجماع وأشرنا إلى أن هذا الحجر ليس حجراً لإسماعيل. المسألة الثانية والأربعون: طواف الإفاضة هل يجوز تأخيره مع طواف الوداع وهل للحاج أن يفصل بين الأشواط السبعة بشرب ماء وغيره؟ الجواب: نعم يجوز أن يؤخر طواف الإفاضة عند سفره فإذا طاف عند سفره أجزأه عن طواف الوداع ويجوز كذلك أن يشرب الإنسان وهو يطوف أو يسعى لكن بشرط ألا يخرج عن مكان الطواف ومكان السعي مدة طويلة.

السعي:

السعي: المسألة الثالثة والأربعون: في إحدى السنوات الماضية ذهبنا إلى الحج ومعنا امرأة كبيرة السن ولا تخلو من الأمراض وكانت ترافقنا ابنتها وقد أحرمنا بعمرة متمتع إلى الحج وعند قدومنا إلى الحرم قدر الله أن المرأة العجوز لم تستطع تكملة الطواف ولم تسْعَ بسبب المرض مع الزحمة وقد انتقلنا إلى منى فعرفات وقد أكملت جميع المناسك كالوقوف بعرفة والمبيت في مزدلفة وسعي وطواف الإفاضة ووكلت في رمي الجمرات وذبح الهدي وسعي وطواف الوداع علماً أن ابنتها عملت كعملها فهل حجها صحيح وما الذي يلزمها؟ الجواب: هذا الذي حصل من المرأة العجوز ليس فيه شيء لأن غاية ما فيه أنها أدخلت الحج على العمرة وصارت قارنة وليس عليها إلا طواف وسعى والطواف والسعي هذا يكفيها عن حجها وعمرتها وابنتها إذا كان فعلها كفعل أمها فحكمها كحكم أمها وأما طواف الوداع فلابد من فعله حتى ولو حملاً على الأعناق وليس له سعى وبناءً على أنهما لم تقوما به عليهما على كل واحدة فدية تذبح في مكة وتوزع على الفقراء. المسألة الرابعة والأربعون: جماعة سعوا بين الصفا والمروة فأتموا بخمسة أشواط ثم خرجوا من السعي ولم يذكروا الشوطين الباقيين إلا بعد أن تحولوا إلى رحالهم فما الحكم؟ الجواب: سعيهم المذكور لم يتم لأنه لابد من سعيهم سبعة أشواط وعليهم أن يرجعوا إلى المسعى ثم هل يكفيهم أن يكملوا السعي للشوطين الأخيرين أم لابد من استئناف السعي من جديد في هذا خلاف بين أهل العلم فمن قال إن الموالاة في السعي شرط قال إنه لا بد أن يعيدوا السعي من أوله ومن قال إنها سنة قال يكفيهم أن يأتوا بما بقي من السعي والذي أرى أن الأحوط في حقهم أن يعيدوا السعي من أوله لأن السعي عبادة واحدة لا ينبغي أن تتفرق أجزاؤها.

المسألة الخامسة والأربعون: معتمر لم يدر فسعى قبل أن يطوف هل عليه بعد إعادة الطواف أن يسعى ثانية؟

المسألة الخامسة والأربعون: معتمر لم يدر فسعى قبل أن يطوف هل عليه بعد إعادة الطواف أن يسعى ثانية؟ الجواب: الذي عليه جمهور أهل العلم أنه لا يصح سعي العمرة إلا بعد طوافها وذكر عن عطاء بن أبي رباح أنه يجوز أن يقدموا سعي العمرة على طوافها ولكن الراجح أنه لا يجوز، فإذا سعى قبل الطواف وجب عليه أن يعيد السعي بعد الطواف. المسألة السادسة والأربعون: ما حكم من طاف طواف الإفاضة ولم يسع حتى غربت الشمس بعد آخر أيام التشريق، وما حكم السعي إذا سعى بعد غروب الشمس من ذلك اليوم وبعد أيام التشريق؟ الجواب: ليس عليه في ذلك شيء بل له أن يؤخر الطواف والسعي إلى آخر شهر ذي الحجة بل إن المشهور من مذهب الحنابلة رحمهم الله أن له أن يؤخر إلى ما شاء وإنه لا آخر لوقت الطواف والسعي لكنه يبقى على التحلل الأول حتى يطوف ويسعى، لكن القول الراجح أنه لا يجوز أن يؤخر عن آخر شهر ذي الحجة لأن الله تعالى يقول {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ... } (1) وهي شوال وذو القعدة وذي الحجة. المسألة السابعة والأربعون: من سعى للحج بعد طواف الوداع جاهلاً؟ الجواب: الواجب على المسلم إذا أراد أن يفعل عبادة أن يسأل عنها من يثق به من أهل العلم لأجل أن يعبد الله على بصيرة والإنسان إذا أراد أن يسافر إلى بلد وهو لا يعرف طريقه تجده يسأل عن هذا الطريق وكيف يصل وأي طريق أقرب وأيسر، فكيف بطريق الجنة

_ (1) سورة البقرة آية (197).

المسألة الثامنة والأربعون: السائلة تقول: كنا نسعى بين الصفا والمروة ذهابا وايابا ظانين بذلك أنه شوط واحد.

وهو الأعمال الصالحة قالوا: الواجب على المرء إذا أراد أن يفعل عبادة أن يتعلم أحكامها قبل فعلها هذا أولاً. وإذا قدر أنه فعلها وحصل له إشكال فيها فليبادر به لا يأتي بعد أربعة أشهر يسأل لأنه إذا بادر حصل بذلك مصلحة وهو العلم ومصلحة أخرى وهي المبادرة بالإصلاح إذا كان أخطأ في شيء أما بالنسبة للجواب على هذا السؤال فنقول: من سعى بعد طواف الوداع ظناً منه أن عليه سعياً فإنه لا يؤثر على حجه شيئاً ولا على طواف الوداع شيئاً فهو أتى بفعل غير مشروع له لكنه جاهل فلا يجب عليه شيء. المسألة الثامنة والأربعون: السائلة تقول: كنا نسعى بين الصفا والمروة ذهاباً وإياباً ظانين بذلك أنه شوط واحد. الجواب: هذا خلاف المشروع لكن نظراً لجهلكم يجزئكم ويكون السعي المشروع الذي تثابون عليه هو السبعة الأشواط الأولى فقط التي هي في حسابكم ثلاثة أشواط ونصف، فإن السعي من الصفا إلى المروة شوط والرجوع من المروة إلى الصفا هو الشوط الثاني وهكذا حتى تتم الأشواط السبعة ويكون الانتهاء بالمروة لا بالصفا وهذا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأجمع المسلمون عليه. المسألة التاسعة والأربعون: ما الحكم لمن ذهب لأداء فريضة الحج والعمرة قارناً هل يجزيء طواف القدوم للحج عن طواف العمرة، وهل يجزيء السعي للحج للسعي للعمرة أم عليه أن يطوف طواف القدوم للحج ثم طواف بنية العمرة ثم سعي للحج ثم سعي للعمرة؟ الجواب: إذا حج الإنسان قارناً فإنه يجزئه طواف الحج وسعي الحج عن الحج والعمرة جميعاً ويكون طواف القدوم طواف سنة وإن شاء قدم السعي بعد طواف القدوم كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وإن شاء أخره إلى يوم العيد بعد طواف الإفاضة ولكن تقديمه أفضل لفعل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا كان يوم العيد فإنه يطوف طواف

المسألة الخمسون: حججت مفردا وطفت طواف القدوم وسعيت فهل علي سعي بعد طواف الأفاضة؟

الإفاضة فقط ولا يسعى لأنه سعى من قبل والدليل على أن الطواف والسعي يكفيان للحج والعمرة جميعاً قول الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها "طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يسعك لحجك وعمرتك" فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن طواف القارن وسعي القارن يكفي للحج والعمرة جميعاً. المسألة الخمسون: حججت مفرداً وطفت طواف القدوم وسعيت فهل عليّ سعي بعد طواف الإفاضة؟ الجواب: ليس عليك سعي بعد طواف الإفاضة فالمفرد إذا طاف للقدوم وسعى بعد طواف القدوم فإن هذا السعي هو سعي الحج فلا يعيده مرة أخرى بعد طواف الإفاضة. المسألة الحادية والخمسون: هل المسعى من الحرم؟ وهل تقربه الحائض وهل يجب على من دخل الحرم من المسعى أن يصلى تحية المسجد؟ الجواب: الذي يظهر أن المسعى ليس من المسجد ولذلك جعلوا جداراً فاصلاً بينهما لكنه جدار قصير ولا شك أن هذا خير للناس لأنه لو أدخل في المسجد وجعل منه لكانت المرأة إذا حاضت بين الطواف والسعي امتنع عليها أن تسعى والذي أفتى به أنها إذا حاضت بعد الطواف وقبل السعي فإنها تسعى لأن المسعى لا يعتبر من المسجد وأما تحية المسجد فقد يقال إن الإنسان إذا سعى بعد الطواف ثم عاد إلى المسجد فإنه يصليها ولو ترك تحية المسجد فلا شيء عليه والأفضل أن ينتهز الفرصة ويصلي ركعتين لما في الصلاة في هذا المكان من الفضل. المسألة الثانية والخمسون: رجل أتى بعمرة وترك أربعة أشواط من السعي نسياناً أو جهلاً فماذا عليه؟

المسألة الثالثة والخمسون: أنا شيخ كبير وطفت للعمرة ثم سعيت سبعة أشواط ولكني بدأت بالمروة وانتهت بالصفا ولبست المخيط؟

الجواب: عليه أن يتجنب محظورات الإحرام فوراً وإن يبادر فيذهب إلى مكة ويسعى ويقصر لتكميل عمرته التي ترك منها أربعة أشواط من السعي. المسألة الثالثة والخمسون: أنا شيخ كبير وطفت للعمرة ثم سعيت سبعة أشواط ولكني بدأت بالمروة وانتهيت بالصفا ولبست المخيط؟ الجواب: عليك الآن أن تخلع الخيط وأن تتجنب جميع المحظورات وأن تأتي بالشوط من الصفا إلى المروة إن كنت ذكرت عن قرب وإن طال الفصل فإنك تعيد السعي من أوله تبدأ بالصفا وتختتم بالمروة.

الحلق والتقصير

الحلق والتقصير: المسألة الرابعة والخمسون: هل يجب الحلق أو التقصير في التحلل الأكبر بعد أن حلق أو قصر شعره في التحلل الأصغر أي بعد انتهاء رمي الجمرات؟ الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين التحلل الأكبر هو التحلل الثاني والذي ينبغي للسائل أن يعبر بما عبر به الفقهاء حتى لا يشوش على من سمع فالتحلل الأكبر هو التحلل الثاني الذي يحل به كل شيء وليس في التحلل الثاني تقصير إن التقصير يكون في التحلل الأول لأن التحلل الأول يكون بالرمي والحلق أو التقصير والتحلل الثاني بالطواف مع السعي بالإضافة إلى الرمي أو الحلق أو التقصير. المسألة الخامسة والخمسون: ما حكم من نسي الحلق أو التقصير في العمرة فلبس المخيط ثم ذكر أنه لم يقصر أو يحلق؟ الجواب: حكمه أن يتجنب المحظورات ومنها لبس الخيط فيخلع ثوبه ثم يحلق أو يقصر. المسألة السادسة والخمسون: ماذا تفعل المرأة إذا سقط من رأسها شعرة رغم عنها؟ الجواب: لا تفعل شيئاً فإن المحرم إذا سقط منه شعرة أو شعرتان أو أكثر فليس عليه شيء، إنما حرم الله تعالى الحلق قال تعالى { ... وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ... } (1) ثم إذا كان الشيء بغير قصد فلا إثم فيه لقول الله تعالى { ... وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ... } (2).

_ (1) سورة البقرة آية (196). (2) سورة الأحزاب آية (5).

المسألة السابعة والخمسون: ما حكم من أتى بعمرة ثم نسي التقصير وأخذ شيئا من شعره للتحليق وظن أنه قد أنهى عمرته وفي خلال فترة نسيانه ذكر التقصير فقصر؟

المسألة السابعة والخمسون: ما حكم من أتى بعمرة ثم نسي التقصير وأخذ شيئاً من شعره للتحليق وظن أنه قد أنهى عمرته وفي خلال فترة نسيانه ذكر التقصير فقصر؟ الجواب: حكم من نسي التقصير في العمرة حتى تحلل من إحرامه وفعل شيئاً من محظورات الإحرام أن تحلله من إحرامه ليس عليه فيه شيء وما فعله من محظورات ولو كان جماعاً ليس عليه فيه شيء لأنه ناسٍ للحلق وجاهل في المحظور، وعليه فليس عليه شيء ولكن إذا ذكر وجب عليه أن يخلع ثيابه ويلبس ثياب الإحرام لأجل أن يقصر وهو محرم وهذا إذا كان رجلاً. أما إذا كانت امرأة فإنه لا يلزمها أن تخلع ثيابها لأن المرأة ليس لها ثياب خاصة للإحرام فالمرأة تلبس في الإحرام ما شاءت من الثياب وتبدل وتغير إلا أنها لا تتبرج بالزينة وكذلك الرجل يجوز أن يبدل ويغير مما يجوز لبسه في الإحرام فيجوز أن يغير رداءه إلى رداء آخر وإزاره إلى إزار آخر. المسألة الثامنة والخمسون: أيهما أفضل الحلاقة أم التقصير للتحلل؟ الجواب: الحلق أفضل من التقصير في العمرة لعموم دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة إلا في حال واحدة فإن التقصير أفضل وذلك للتمتع إذا كان الإنسان متمتعاً بالعمرة إلى الحج فإن التقصير أفضل لأجل أن يتوفر الشعر للحلق في الحج ولهذا لمّا قدم النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الرابع من ذي الحجة وأمر أصحابه بالتحلل أمرهم بالتقصير فقال: فليقصر ثم ليحل. المسألة التاسعة ولخمسون: من اعتمر ولم يحلق ولم يقصر ناسياً أو جاهلاً فهل عمرته صحيحة؟ الجواب: العمرة صحيحة وإن لم يحلق ولم يقصر وذلك أن الحلق أو التقصير ليس من أركان

المسألة الستون: تقول السائلة زرت مكة بنية العمرة ولكن بعد بقائي في مكة يوما مرضت ولم أستطع أن أكمل شعائر العمرة

العمرة إنما هو من الواجبات وإذا تركه الإنسان ناسياً فإنه يحلق متى ذكر إلا إذا فات الأوان فإنه يذبح فدية يتصدق بها على الفقراء وإذا تركه جاهلاً وعلم فإنه يحلق إلا إذا فات الأوان فإنه يذبح فدية يتصدق بها على الفقراء ولا إثم عليه في هذه الحالة ما دام ناسياً أو جاهلاً. المسألة الستون: تقول السائلة زرت مكة بنية العمرة ولكن بعد بقائي في مكة يوماً مرضت ولم أستطع أن أكمل شعائر العمرة فقد قمنا بطواف حول الكعبة سبع مرات وعلى الصفا والمروة ولم نستطع أن نذهب إلى المدينة لزيارة مرقد رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب هذا المرض ورجعت إلى البلد وأنا حزينة ومتألمة لسبب رجوعي وهل يعتبر لنا عمرة؟ الجواب: هذا العمل الذي قامت به هذه المرأة المعتمرة طواف وسعي بقي عليها أن تقصر من شعرها وإذا فعلت الثلاثة الطواف والسعي والتقصير فقد أتت بالعمرة كاملة. وأما زيارة المدينة فإنها ليست من مكملات العمرة ولا علاقة لها بالعمرة وإنما زيارة المسجد النبوي سنة مستقلة يفعلها الإنسان متى تيسر له ذلك فعمرتها الآن باقٍ عليها حسب سؤالها التقصير لأنها لم تقصر، والتقصير ليس له وقت فلو قصرت الآن فقد تمت عمرتها وقد بقي عليها أيضاً طواف الوداع إن كانت لم تسافر فوراً أما إذا سافرت فور انتهاء السعي والتقصير فإنه لا وداع عليها لأن الصحيح أن العمرة يجب فيها طواف الوداع لعموم قوله صلى الله عليه وسلم "لا ينفر أحدٌ حتى يكون آخر عهده بالبيت". ولأن العمرة كالحج إلا فيما ثبت الخلاف بينهما فيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم "إصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك أو كما تصنع في حجتك". فالعمرة حج أصغر كل ما يجب في الحج يجب فيها إلا ما قام الدليل على استثنائه كالوقوف والرمي والمبيت. فنقول إن كنت رجعت من بعد السعي فليس عليك طواف لأنك في الحقيقة صار

المسألة الحادية والستون: ما حكم حج من أحرم بالحج متمتعا وطاف وسعى ولكنه لم يحلق أو يقصر بل حل من إحرامه وبقي إلى يوم الثامن من ذي الحجة وأحرم بالحج من جدة إلى منى وأدى المناسك حتى طواف الوداع؟

طوافك الذي سعيت بعده آخر عهدك بالبيت وإن بقيت بمكة فإنك أخللت بطواف الوداع. أما قولها ولم أزر قبر النبي صلى الله عليه وسلم تريد أنها في سفرها للمدينة أرادت زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وشد الرحل لزيارة القبور أياً كانت هذه القبور لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى" والمقصود بهذا أنه لا تشد الرحال إلى أي مكان في الأرض يقصد العبادة بهذا الشد لأن الأمكنة التي تختص بشد الرحال هي الثلاثة المساجد وما عداها من الأمكنة لا تشد إليها الرحال. المسألة الحادية والستون: ما حكم حج من أحرم بالحج متمتعاً وطاف وسعى ولكنه لم يحلق أو يقصر بل حل من إحرامه وبقي إلى يوم الثامن من ذي الحجة وأحرم بالحج من جدة إلى منى وأدى المناسك حتى طواف الوداع؟ الجواب: هذا الحاج ترك التقصير في عمرته والتقصير من واجبات العمرة وفي ترك الواجب عند أهل العلم دم يذبحه الإنسان في مكة ويوزعه على الفقراء وعلى هذا فنقول لهذا الرجل يجب عليك أن تذبح فدية بمكة وتوزعها على الفقراء وبهذا تتم عمرتك وحجك، وإن كان خارج مكة فَوكَّلَ أن يذبح له في مكة جاز. التحلل الأول والثاني: المسألة الثانية والستون: ماذا يقصد بالتحلل الأول والتحلل الثاني؟ الجواب: التحلل الأول: يقصد به أن الإنسان يتحلل من جميع محظورات الإحرام إلا النساء، والتحلل الثاني: يقصد به أن الإنسان يتحلل من جميع المحظورات حتى النساء.

الرمي:

الرمي: المسألة الثالثة والستون: يقول السائل: أديت فريضة الحج والحمد لله وأثناء رمي الجمرات كان الزحام شديداً وقد حاولت جهدي أن تصيب الحصيات وكانت بعض الحصيات تطيش رغم محاولتي ورغم إعادتي بعضها فالذي أعيده كان يطيش فما الحكم في ذلك؟ الجواب: الحكم في ذلك أنه لا يجب أن تضرب العمود لأن هذه الأعمدة الموجودة في أحواض الجمار مجرد علم على مكان الرمي والواجب أن يقع الحصى في نفس الحوض فإذا وقع في نفس الحوض فهذا هو الواجب سواء استقر في الحوض أو تدحرج منه، فأنت أحرص أن تدنو من الحوض حتى يكون عندك يقين أو غلبة ظن أن الحصى وقع في الحوض فإذا تيقنت أو غلب على ظنك أنه وقع في الحوض فإن هذا كافٍ، ولو طاشت بعض الحصيات ولم تقع في الحوض فلا حرج عليك أن تأخذ من تحت قدمك أحجاراً وترمي بقية الحصيات. المسألة الرابعة والستون: لو أنه لم يستطع أخذ الحصيات من تحت قدمه ولكنه عاد وأخذ حصيات واستأنف البقية فما الحكم؟ الجواب: لا حرج عليه لو تعذر عليه فخرج وأخذ حصى ورمى به فلا حرج يكمل الباقي الذي طاش منه، ثم إن كثيراً من العامة يعتقدون أن ري الجمرات رمي للشياطين ويقولون إنما نرمي الشيطان تجد الإنسان يأتي بعنف شديد وحمق وغيظ وصياح وشتم وسب لهذه الجمرة حتى إني رأيت قبل أن تبنى الجسور على الجمرات رأيت رجلاً وامرأته وقد ركبا على الحصى يضربان بالحذاء يضربان هذا العمود الشاخص ويسبانه ويلعنانه والحصى يضربهما ولا يباليان بهذا وهذا من الجهل العظيم فإن رمي الجمرات عبادة عظيمة قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الطواف بالبيت والصفا

المسألة الرابعة والستون: بالنسبة للرمي إذا رمى الإنسان نفس العمود الشاخص الذى في وسط الحوض

والمروة ورمي الجمرات لإقامة ذكر الله" هذا هو الحكمة من رمي الجمرات يكبر الناس عند كل حصاة ليس بقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بل يكبر بقول: الله أكبر تعبداً لله الذي شرع رمي هذه الحصاة وهو في الحقيقة أعني رمي الجمرات غاية التعبد والتذلل لله سبحانه وتعالى لأن الإنسان لا يعرف حكمة حسية من رمي هذه الجمرات في هذه الأمكنة إلا أنها مجرد تعبد لله سبحانه وتعالى وانقياد لطاعته، لأن العبادات منها ما حكمته معلومة ظاهرة فالإنسان ينقاد لها تعبداً وطاعة له ثم ابتغاء لما يعلم فيها من المصالح ومنها ما لا يعلم حكمته ولكن كون الله يأمر بها ويتعبد عباده هي حكمة {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ... } (1). وما يحصل للقلب من الإنابة إلى الله والخشوع والاعتراف بكمال الرب ونقص العبد وحاجته إلى ربه ما يحصل له بهذه العبادة فهو من أكبر المصالح وأعظمها وأما الشيطان كان يقف لإبراهيم الخليل في هذه الأمكنة فقد ورد في حديث والله أعلم بصحته وعلى فرض صحته فإنه لا يعني أننا نفعلها كما فعلها إبراهيم أرأيت السعي بين الصفا والمروة أصله سعي أم إسماعيل بينهما أصابها الجوع والعطش فخافت على نفسها وابنها ونحن لا نسعى لهذا الغرض نسعى تعبداً لله عز وجل وتذللاً إليه وافتقاراً كي يغفر لنا ويرحمنا ثم هذا الرَمَل وهو في الأشواط الثلاثة الأولى في طواف القدوم أو طواف عمرة هذا أصله أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله ليغيظ المشركين به حينما قدم النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء فأصل مشروعيته لهذا الغرض ومع ذلك نحن الآن نفعله لا لهذا الغرض لا لإغاظة المشركين لأن هذا قد زال لكنه بقي فيه التعبد وهذا يدلنا على أنه لا يلزم إذا كان العمل المعين من هذه الأنساك أصله كذا أن يكون عملنا له الآن هو الشيء الذي شُرع من أجله. المسألة الرابعة والستون: بالنسبة للرمي إذا رمى الإنسان نفس العمود الشاخص الذي في وسط الحوض

_ (1) سورة الأحزاب آية (36).

المسألة الخامسة والستون: متى وقت رمي الجمرات ومن ومى قبل الزوال والرمي ليلا؟

وأصابه ولكن نفس الحصاة لم تستقر في الحوض ولم تصب الحوض أصابت العمود فسقطت في الأرض. الجواب: هذه لا تجزيء إذا ضربت العمود ثم طارت خارج الحوض فإنها لا تجزيء يجب عليه أن يرمى بدلها لأن وقوعها في الحوض واجب. المسألة الخامسة والستون: متى وقت رمي الجمرات ومن رمى قبل الزوال والرمي ليلاً؟ الجواب: وقت الرمي بالنسبة لرمي جمرة العقبة في يوم العيد يكون لأهل القدرة والنشاط من طلوع الشمس يوم العيد ولغيرهم من الصغار ومن لا يستطيع مزاحمة الناس من الصغار والنساء يكون وقت الرمي في حقهم من آخر الليل وكانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما كانت تتربص غروب القمر ليلة العيد إذا غاب فإذا غاب دفعت من مزدلفة إلى منى ورمت جمرة العقبة أما آخره فإنه إلى غروب الشمس من يوم العيد وإذا كان هناك زحام أو كان بعيداً وأحب أن يؤخره إلى الليل فلا حرج عليه في ذلك ولكنه لا يؤخره لطلوع الفجر من اليوم التالي وأما بالنسبة لرمي الجمار في أيام التشريق وهي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر فإن ابتداء الرمي يكون من زوال الشمس عند دخول وقت الظهر ويستمر إلى الليل وإذا كان هناك مشقة من زحام أو غيره فلا بأس أن يرمي في الليل ولا يحل الرمي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر إلا بعد الزوال لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرم إلا بعد الزوال وقال للناس "خذوا عني مناسككم" وكون الرسول صلى الله عليه وسلم يؤخر الرمي فيرمي في شدة الحر ويدع أول النهار مع أنه أبرد وأيسر دليل على أنه لا يحل الرمي قبل هذا الوقت ويدل لذلك أيضاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرمي من حين أن تزول الشمس قبل أن يصلي الظهر وهذا دليل على أنه لا يحل أن يرمي قبل الزوال وإلا لكان الرمي قبل الزوال أفضل لأجل أن يصلي الصلاة صلاة الظهر في أول وقتها لأن الصلاة في أول وقتها أفضل

المسألة السادسة والستون: ترك الرمي في اليوم الثاني عشر ظانا أن هذا هو التعجيل وترك المييت بمنى وطواف الوداع جاهلا؟

والحاصل أن الأولة قد دلت على أن الرمي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر لا يجوز قبل الزوال والله الموفق. المسألة السادسة والستون: ترك الرمي في اليوم الثاني عشر ظاناً أن هذا هو التعجيل وترك المبيت بمنى وطواف الوداع جاهلاً؟ الجواب: حجك صحيح لأنك لم تترك فيه ركناً من أركان الحج لكنك تركت فيه ثلاثة واجبات الواجب الأول: المبيت بمنى ليلة الثالث عشر. والواجب الثاني: رمي الجمرات في اليوم الثاني عشر، والواجب الثالث: طواف الوداع، والواجب عند أهل العلم إذا تركه الإنسان في الحج عليه دم يذبحه في مكة ويفرقه على الفقراء لكن ترك المبيت بمنى ليلة واحدة لا يوجب الدم وبهذه المناسبة أود أن أنبه إخواني الحجاج على هذا الخطأ الذي أرتكبه أخونا السائل فإن كثيراً من الحجاج يفهمون من قوله تعالى { ... فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ ... } (1) أي خرج في اليوم الحادي عشر يعتبرون اليومين يوم العيد واليوم الحادي عشر، والأمر ليس كذلك بل هذا خطأ في الفهم لأن الله تعالى قال {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ... } (2) والأيام المعدودات هي أيام التشريق وأيام التشريق أولها اليوم الحادي عشر وعلى هذا فيكون قوله { ... فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ... } (3) أي من أيام التشريق وهو اليوم الثاني عشر فينبغي أن يصحح الإنسان مفهومه نحو هذه المسألة حتى لا يخطئ. المسألة السابعة والستون: رجل وقف في عرفة وفي ذلك اليوم مرض وخرج وقت الرمي وأيام التشريق فماذا يفعل هذا الحاج وقد ذهب وقت الرمي وتعدى وقت طواف الإفاضة.

_ (1) سورة البقرة آية (203). (2) سورة البقرة آية (203). (3) سورة البقرة آية (203).

المسألة الثامنة والستون: جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: إني رميت بعدما أمسيت قال لا حرج صححه البيهقي. فهل هذا صحيح وأنه يجوز رمي جمرة العقبة بعد غروب شمس يوم النحر؟

الجواب: الحقيقة أن السؤال لم يفصل فيه أنه مَرِض في يوم عرفة ولا ندري هل بقي في عرفة حتى غروب الشمس وهل بات بمزدلفة وهل بات بمنى فهذا السؤال فيه أشكال واضح. فنقول إذا كان هذا الرجل مرض في يوم عرفة مرض مرضاً لا يتمكن معه من إتمام النسك وقد اشترط في ابتداء إحرامه "إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني" فإنه يحل ولا شيء عليه. ولكن إن كان هذا الحج فريضة فإنه يؤديه في سنة أخرى وإن كان لم يشترط فإنه على القول الراجح إذا لم يتمكن من إكمال حجه له أن يتحلل ولكن يجب عليه هدي لقوله تعالى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ... } (1) فقوله إن أحصرتم الصحيح أنه يشمل حصر العدو وحصر غيره ومعنى الإحصار أن يمنع الإنسان مانع من إتمام نسكه وعلى هذا فيتحلل ويذبح هدياً ولا شيء عليه سوى ذلك إلا إن كان لم يؤد فريضة الحج فإنه يحج من العام القادم أما إذا كان هذا الرجل استمر وقوفه وبات بمزدلفة ولكنه لم يبت بمنى ولم يرْمِ الجمرات فإنه في هذه الحالة يكون حجه صحيحاً ومجزئاً لكن عليه دم لكل واجب تركه فيلزمه على هذا دمان أحدهما للمبيت في منى والثاني لرمي الجمرات أما طواف الإفاضة فإنه يبقى حتى يعافيه الله فيطوف لأن طواف الإفاضة حده على القول الراجح إلى انتهاء شهر ذي الحجة فإن كان لعذر فمتى ينتهي عذره .. المسألة الثامنة والستون: جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: إني رميت بعدما أمسيت قال لا حرج صححه البيهقي. فهل هذا صحيح وأنه يجوز رمي جمرة العقبة بعد غروب شمس يوم النحر؟ الجواب: هذا ثابت أيضاً في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل فقيل له: رميت بعدما أمسيت. قال: لا حرج. وهو يدل على أن الرمي بالليل جائز لأنه لما قال:

_ (1) سورة البقرة آية (196).

المسألة التاسعة والستون: من أين تؤخذ حصا الجمار وما صفته وما حكم غسله؟

لا حرج ونحن نعلم أن المساء يكون في آخر النهار وأول الليل. وأطلق النبي صلى الله عليه وسلم قول: لا حرج دل ذلك على أنه. لا بأس أن يرمي الإنسان في الليل عن اليوم الذي يسبق الليلة وهذا هو القول الراجح من أقوال أهل العلم لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدد أول الرمي ولم يحدد آخره لكنه لا يؤخره إلى اليوم الثاني إلا لعذر. المسألة التاسعة والستون: من أين تؤخذ حصا الجمار وما صفته وما حكم غسله؟ الجواب: تؤخذ من أي مكان من منى أو من مزدلفة أو من الطريق بينهما أو من طريق الإنسان من خيمته إلى الجمرات المهم أن يرمي بحجر ويكون بين الحمص والبندق، ولا يُغسل فإن غسله كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من البدع. المسألة السبعون: حججت مع والدي وعمري (17) عاماً الفريضة وأنا جاهلة ولا أعرف شيئاً عن الحج وذهبت مع والدي للرجم لرمي الجمرات فأخذها والدي ورماها كلها جميعاً فهل حجي صحيح أم لا أفيدوني أفادكم الله؟ الجواب: الحج صحيح لأن رمى الجمرات ليس من أركان الحج ولكن إن كنت قادرة على الرمي في ذلك الوقت فإن رمي والدك عنك لا يجزئ وعليه فيجب عليك أن تذبحي فدية في مكة وتوزعيها على الفقراء فإن كنت لا تجدين شيئاً فليس عليك شيء.

الأنساك:

الأنساك: المسألة الحادية والسبعون: يدعي بعض الناس أن القران والإفراد قد نسخا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة بأن يتمتعوا فما رأي سماحتكم بهذا القول؟ الجواب: هذا قولٌ ضعيف ليس بصواب والعلماء يكادون يجمعون على أن الأنساك الثلاثة ما زال حكمها باقياً وهذا هو الصواب، فالإنسان مخير بين التمتع والإفراد والقران، ولكن التمتع أفضل إلا من كان معه هدي فالقران في حقه أفضل. المسألة الثانية والسبعون: أنا من المدينة المنورة وأحرمت بالعمرة وقصدي التمتع ثم خرجت بعد العمرة إلى جدة فهل أعتبر متمتعاً إذا رجعت وأتممت حجي؟ وماذا يضر لو أنه نوى التمتع من جديد إذا رجع إلى بلده؟ الجواب: نعم تعتبر متمتعاً لأن الصحيح أن السفر بين العمرة والحج لا يقطع التمتع إلا إذا رجع الإنسان إلى بلده ثم عاد إلى مكة محرماً بالحج وحده فهنا ينقطع التمتع لأنه أفرد كل واحد من العمرة والحج بسفر مستقل.

الحائض والنفساء:

الحائض والنفساء: المسألة الثالثة والسبعون: كيف تصلي الحائض ركعتي الإحرام وهل يجوز للمرأة الحائض ترديد آي الذكر الحكيم في سرها أم لا؟ الجواب: أولاً: ينبغي أن نعلم أن الإحرام ليس له صلاة فإنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه شرع لأمته صلاة للإحرام لا بقوله ولا بفعله ولا بإقراره. ثانياً: إن هذه المرأة الحائض التي حاضت قبل أن تحرم يمكنها أن تحرم وهي حائض لأن النبي عليه الصلاة والسلام أمر أسماء بنت عميس امرأة أبي بكر رضي الله عنه وعنها حين نفست في ذي الحليفة أمرها أن تغتسل بثوب وتحرم وهكذا الحائض أيضاً وتبقى على إحرامها حتى تطهر ثم تطوف بالبيت وتسعى. وأما قوله في السؤال: هل لها أن تقرأ القرآن. فنعم الحائض لها الحق تقرأ القرآن عند الحاجة أو المصلحة أما بدون حاجة ولا مصلحة إنما تريد أن تقرأه تعبداً وتقرباً إلى الله فالأحسن ألا تقرأه. المسألة الرابعة والسبعون: سافرت امرأة إلى الحج وجاءتها العادة الشهرية منذ خمسة أيام من تاريخ سفرها وبعد وصولها إلى الميقات اغتسلت وعقدت الإحرام وهي لم تطهر من العادة وحين وصولها إلى مكة المكرمة ظلت خارج الحرم ولم تفعل شيئاً من شعائر الحج أو العمرة ومكثت يومين في منى ثم طهرت واغتسلت وأدت جميع مناسك العمرة وهي طاهرة ثم عاد الدم إليها وهي في طواف الإفاضة للحج إلا أنها استحت وأكملت مناسك الحج ولم تخبر وليها إلا بعد وصولها إلى بلدها فما حكم ذلك؟ الجواب: الحكم في هذا أن الدم الذي أصابها في طواف الإفاضة إذا كان هو دم الحيض الذي تعرفه بطبيعته وأوجاعه فإن طواف الإفاضة لم يصح ويلزمها أن تعود إلى مكة لتطوف

المسألة اخامسة والسبعون: قدمت إمرأة محرمة بعمرة وبعد وصولها إلى مكة حاضت ومحرمها مضطر إلى السفر فورا، وليس لها أحد بمكة فما الحكم؟

طواف الإفاضة فتحرم بعمرة من الميقات وتؤدي العمرة بطواف وسعي وتقصير ثم تطوف طواف الإفاضة، أما إذا كان هذا الدم ليس دم الحيض الدم الطبيعي المعروف وإنما نشأ من شدة الزحام أو الروعة أو ما شابه ذلك فإن طوافها يصح عند من لا يشترط الطهارة للطواف فإن لم يمكنها الرجوع في المسألة الأولى بحيث تكون في بلاد بعيدة فحجها صحيح لأنها لا تستطيع أكثر مما صنعت. المسألة الخامسة والسبعون: قدمت امرأة محرمة بعمرة وبعد وصولها إلى مكة حاضت ومحرمها مضطر إلى السفر فوراً، وليس لها أحد بمكة فما الحكم؟ الجواب: تسافر معه وتبقى على إحرامها، ثم ترجع إذا طهرت وهذا إذا كانت في المملكة لأن الرجوع سهل ولا يحتاج إلى تعب ولا إلى جواز سفر ونحوه أما إذا كانت أجنبية ويشق عليها الرجوع فإنها تتحفظ وتطوف وتسعى وتقصر وتنتهي عمرتها في نفس السفر لأن طوافها حينئذٍ صار ضرورة والضرورة تبيح المحظور. المسألة السادسة والسبعون: ما حكم المرأة المسلمة التي حاضت في أيام حجها أيجزئها ذلك الحج؟ الجواب: هذا لا يمكن الإجابة عنه حتى يُعْرف متى حاضت وذلك لأن بعض أفعال الحج لا يمنع الحيض منه وبعضها يمنع منه، فالطواف لا يمكن أن تطوف إلا وهى طاهرة وما سواه من المناسك يمكن فله مع الحيض. المسألة السابعة والسبعون: تقول السائلة لقد قمت بأداء فريضة الحج العام الماضي وأديت جميع شعائر الحج ما عدا طواف الإفاضة وطواف الوداع حيث منعني منهما عذر شرعي فرجعت إلى بيتي في المدينة المنورة على أن أعود في يوم من الأيام لأطوف طواف الإفاضة وطواف الوداع وبجهل مني بأمور الدين فقد تحللت من كل شيء وفعلت كل شيء يحرم أثناء

المسألة الثامنة والسبعون: المرأة النفساء إذا بدأ نفاسها يوم التروية وأكملت أركان الحج عدا الطواف والسعي إلا أنها لاحظت أنها طهرت مبدئيا بعد عشرة أيام فهل تتطهر وتغتسل وتؤدي الركن الباقي الذي هو طواف الحج؟

الإحرام وسألت عن رجوعي لأطوف فقيل لي لا يصح لك أن تطوفي فقد أفسدت وعليك الإعادة أي إعادة الحج مرة أخرى في العام المقبل مع ذبح بقرة أو ناقة فهل هذا صحيح وهل هناك حل آخر فما هو وهل فسد حجي وهل عليّ إعادته أفيدوني عما يجب فعله بارك الله فيكم. الجواب: هذا أيضاً من البلاء الذي يحصل من الفتوى بغير علم (1) وأنت في هذه الحال يجب عليك أن ترجعي إلى مكة وتطوفي طواف الإفاضة فقط أما طواف الوداع فليس عليك طواف وداع ما دمت كنت حائضاً عند الخروج من مكة وذلك لأن الحائض لا يلزمها طواف الوداع لحديث ابن عباس رضي الله عنهما "أمر الناس أن يكون عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض" وفي رواية لأبي داود أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف" ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر أن صفية طافت طواف الإفاضة قال: "فلتنفر إذاً" ودل هذا أنّ طواف الوداع يسقط عن الحائض أما طواف الإفاضة فلابد لك منه ولما كنت تحللت من كل شيء جاهلة فإن هذا لا يضرك لأن الجاهل الذي يفعل شيئاً من محظورات الإحرام لا شيء عليه لقوله تعالى { ... رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ... } (2) قال الله تعالى "قد فعلت" وقولها { ... وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُم ... } (3). فجميع المحظورات التي منعها الله تعالى على المحرم إذا فعلها جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فلا شيء عليه لكن متى زال عذره وجب عليه أن يقلع عما تلبس به. المسألة الثامنة والسبعون: المرأة النفساء إذا بدأ نفاسها يوم التروية وأكملت أركان الحج عدا الطواف والسعي إلا أنها لاحظت أنها طهرت مبدئياً بعد عشرة أيام فهل تتطهر وتغتسل وتؤدي الركن الباقي الذي هو طواف الحج؟

_ (1) انظر جواب مسألة (98). (2) سورة البقرة آية (286). (3) سورة الأحزاب آية (5).

المسألة التاسعة والسبعون: امرأة أحرمت بالحج من السيل وهي حائض ولما وصلت إلى مكة ذهبت إلى جدة لحاجة لها وطهرت في جدة واغتسلت ومشطت شعرها ثم أتمت حجها فهل حجها صحيح وهل يلزمها شيء؟

الجواب: لا يجوز لها أن تغتسل وتطوف حتى تتيقن الطهر والذي يُفهم من السؤال حيث قالت: "مبدئياً" أنها لم تر الطهر كاملاً فلابد أن ترى الطهر كاملاً فمتى طهرت اغتسلت وأدت الطواف والسعي وإن سعت قبل الطواف فلا حرج لأن النبي صلى الله عليه وسلم، سئل في الحج عمن سعى قبل أن يطوف فقال: لا حرج. المسألة التاسعة والسبعون: امرأة أحرمت بالحج من السيل وهي حائض ولما وصلت إلى مكة ذهبت إلى جدة لحاجة لها وطهرت في جدة واغتسلت ومشطت شعرها ثم أتمت حجها فهل حجها صحيح وهل يلزمها شيء؟ الجواب: حجها صحيح ولا شيء عليها.

من حجت وليس لها محرم:

من حجت وليس لها محرم: المسألة الثمانون: امرأة من سبأ مشهورة بالصلاح وهي في أوسط عمرها وأقرب إلى الشيخوخة وأرادت أن تحج حجة الإسلام ولكن ليس لها محرم ويوجد من أعيان البلد من يريد الحج مشهور بالصلاح ومعه نسوة من محارمه. فهل يصح لهذه المرأة أن تحج مع هذا الخيِّر لعدم وجود محرم مع أنها مستطيعة من ناحية المال. أفتونا بارك الله فيكم لأننا اختلفنا مع بعض الإخوان؟ الجواب: لا يحل لهذه المرأة أن تحج بل محرم حتى وإن كانت مع نساء ورجل أمين لأن النبي صلى الله عليه وسلم خطب فقال: [لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم فقام رجل وقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا كذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: انطلق فحج مع امرأتك ولم يستفسر النبي صلى الله عليه وسلم منه هل كانت آمنة أو غير آمنة وهل كان معها نساء ورجال مأمونون أم لم يكن مع أن الحال تقتضي ذلك مع أن زوجها قد اكتتب في غزوة فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يدع الغزوة وأن يخرج مع امرأته وقد ذكر أهل العلم أن المرأة إذا لم يكن لها محرم فإن الحج لا يجب عليها حتى ولو ماتت لا يحج عنها من تركتها لأنها غير قادرة والله سبحانه وتعالى فرض الحج على المستطيع. المسألة الحادية والثمانون: إذا حجت المرأة بدون محرم فهل حجها صحيح وهل الصبي المميز يصلح أن يكون محرماً؟ الجواب: أما حجها فصحيح، ولكن سفرها بدون محرم محرَّم ومعصية للرسول صلى الله عليه وسلم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم والصغير الذي لم يبلغ لا يصلح أن يكون محرماً لأنه هو نفسه ليحتاج إلى ولاية وإلى نظر ومن

كان كذلك لا يمكن أن يكون ناظراً أو ولياً لغيره والذي يشترط أن يكون المحرم ذكراً بالغاً عاقلاً فإذا لم يكن كذلك فإنه ليس بمحرم وها هنا أمر نأسف له كثيراً وهو تهاون بعض النساء في السفر بالطائرة بدون محرم فإنهن يتهاونَّ بذلك تجد المرأة تسافر بالطائرة وحدها وتعليل هذا الفعل يقولون محرمها يشيعها في المطار الذي أقلعت منه الطائرة والمحرم الآخر يستقبلها في المطار الذي تهبط فيه الطائرة وهذه العلة عليلة في الواقع فإن محرمها الذي شيعها ليس يدخلها في الطائرة بل إنه يوصلها إلى صالة الانتظار وربما تتأخر الطائرة عن الإقلاع فتبقى هذه المرأة ضائعة وربما تطير الطائرة ولا تتمكن من الهبوط في المطار الذي تريد لسبب من الأسباب وتهبط في مكان آخر فتضيع هذه المرأة وربما تهبط في المطار الذي قصدته ولكن لا يأتي محرمها لسبب من الأسباب إما نوم أو مرض أو زحام أو حادث منعه من الوصول وإذا أنتفت هذه الموانع كلها ووصلت هذه الطائرة في وقتها ووجد المحرم الذي يستقبلها فإنه مَنِ الذي يكون إلى جانبها في الطائرة قد يكون بجانبها رجل لا يخشى الله تعالى ولا يرحم عباد الله فيغريها وتغتر به ويحصل بذلك الفتنة والمحذور -كما هو معلوم- فالواجب على المرأة أن تتقي الله عز وجل وأن لا تسافر إلا مع ذي محرم والواجب على الرجال أيضاً الذين جعلهم الله قوامين على النساء أن يتقوا الله عز وجل وأن لا يفرطوا في محارمهم وأن لا تذهب غيرتهم ودينهم فإن الإنسان مسئول عن أهله لأن الله جعلهم أمانة عنده فقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (1).

_ (1) سورة التحريم آية (6).

المعتدة هل يجوز حجها:

المعتدة هل يجوز حجها: المسألة الثانية والثمانون: المتوفى عنها زوجها هل يجوز لها الحج والمعتدة في غير وفاة؟ الجواب: أما بالنسبة للمتوفى عنها فإنه لا يجوز لها أن تخرج من بيتها وتسافر للحج حتى تنقضي العدة لأنها في هذه الحالة غير مستطيعة إذ أنه في هذه الحال يجب عليها أن تتربص في البيت قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ... } (1). فلابد أن تنتظر في بيتها حتى تنتهي العدة وأما المعتدة من غير وفاة فإن الرجعية حكم الزوجة فلا تسافر إلا بإذن زوجها ولكن لا حرج عليه إذا رأى من المصلحة أن يأذن لها بالحج وتحج مع محرم لها، وأما المبانة فإنها المشروع أن تبقى في بيتها أيضاً ولكن لها أن تحج إذا وافق الزوج على ذلك لأن له الحق في هذه العدة فإذا أذن لها أن تحج فلا حرج عليها والحاصل أن المتوفى عنها يجب أن تبقى في البيت ولا تخرج وأما المطلقة الرجعية فهي في حكم الزوجات وأمرها إلى زوجها وأما المبانة فلها حرية أكثر من الرجعية ولكن مع ذلك لزوجها أن يمنعها من ذلك صيانة لعدته.

_ (1) سورة البقرة آية (234).

مسائل تتعلق بالحج

مسائل تتعلق بالحج من فعل محظوراً من محظورات الِإحرام: المسألة الثالثة والثمانون: عند الميقات نويت العمرة متمتعاً بها إلى الحج ولكنني لم أخلع الملابس الداخلية السروال وذلك ناتج من شدة الحياء المصاحب لي في تلك الفترة وقد أديت العمرة محرماً وأنا لابس السروال وعند لبس الإحرام للحج عرفت أنني مخطيء فقمت بخلعه أثناء الإحرام. السؤال: هل عليّ شيء حيث لم أخلع سروالي أثناء تأدية العمرة فقط علماً أنني خلعته أثناء تأدية الحج مع معرفتي أن المخيط من مبطلات الإحرام مع أن السبب هو شدة الحياء حيث أنها أول مرة أعتمر وأحج وحيث مضى على عمرتي وحجي عدة سنوات أرجوا الإفادة. الجواب: المعروف عند أهل العلم أن لبس السروال يجب فيه إما فدية بذبحها في مكة لأنه متلبس في فعل المحظور في مكة وإما إطعام ستة مساكين في مكة لكل مسكين نصف صاع وإما صيام ثلاثة أيام قياساً على حلق الشعر الذي قال تعالى فيه { ... فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ... } (1) فيكون الواجب على هذا الرجل أن يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين هناك في مكة لكل مسكين نصف صاع أو أن يذبح فدية شاة يتصدق بها على فقراء الحرم وإن طالت المدة بين حجه وبين فديته هذه. وقوله في سؤاله علمت أن لبس المخيط من مبطلات الإحرام غير صحيح فإن لبس المخيط ليس من مبطلات الإحرام وإنما هو من محظورات الإحرام لا مبطلاته والإحرام ليس كغيره من العبادات، أعني الحج والعمرة ليس كغيرها من العبادات تبطلان بفعل المحظور بل يبقيان مع فعل المحظور إلا أن الجماع قبل التحلل الأول يفسد النسك ولا يبطله بل يستمر فيه ويقضيه بعد.

_ (1) سورة البقرة آية (196).

المسألة الرابعة والثمانون: ما حكم من عمل محظورا من محظورات الإحرام التسعة جاهلا أو ناسيا؟

وقوله في سؤاله أنه أبقى سراويله حياءً وخجلاً أقول له: إن هذا الحياء والخجل ليس محموداً، بل هو ضعف وخور، فإن الحياء الذي يمنع من ترك المحرم غير محمود فاعله وكذلك الحياء الذي يمنع من فعل الواجب فإنه غير محمود ولا ينبغي للإنسان أن يستحي من الحق بل عليه أن يفعل المشروع حتى وإن انتقده الناس فيه. المسألة الرابعة والثمانون: ما حكم من عمل محظوراً من محظورات الإحرام التسعة جاهلاً أو ناسياً؟ الجواب: إذا عمل الإنسان شيئاً من محظورات الإحرام ناسياً أو جاهلاً فلا شيء عليه لعموم قوله تعالى { ... رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ... } (1) وقوله { ... وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ... } (2) وقوله تعالى في خصوص الصيد { ... وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ... } (3) فدل هذا على أن غير المتعمد لا شيء عليه ولا فرق في هذا بين المحظور الذي يفسد النسك كالجماع وغيره. فكلها إذا فعلت نسياناً أو جهلاً أو إكراهاً لا شيء فيها وينبغي أن يعلم أن فاعل محظورات الِإحرام لا يخلو من ثلاث حالات إما أن يكون معذوراً بجهل أو نسيان أو إكراه فهذا لا شيء عليه، وإما أن يكون متعمداً بدون عذر يبيح له فعل المحظور فهذا عليه الإثم وما يقتضيه المحظور من فدية أو إفساد، وإما أن يكون متعمداً لكن لعذر يبيح له فعل المحظور فهذا عليه فدية بدون إثم لقوله تعالى { ... فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ... } (4) فيفعل المحظور لحاجته إليه أو ضرورته ويؤدى ما فيه من فدية إن كان فيه فدية.

_ (1) سورة البقرة آية (286). (2) سورة الأحزاب آية (5). (3) سورة المائدة آية (95). (4) سورة البقرة آية (196).

المسألة الخامسة والثمانون: ما حكم الحاج الذي باشر زوجته وهو محرم ولكنه لم ينزل وقد أمذى فهل عليه شىء؟

المسألة الخامسة والثمانون: ما حكم الحاج الذي باشر زوجته وهو محرم ولكنه لم ينزل وقد أمذى فهل عليه شيء؟ الجواب: إذا كان هذا بعد التحلل الثاني فلا شيء عليه لأن الإنسان إذا حل التحلل الثاني بأن رمى وحلق وطاف وسعى جاز له جميع المحظورات أما إذا كان قبل التحلل فإنه لا يحل له أن يباشر النساء فإن فعل فقد ذكر أهل العلم أن عليه فدية أذى يخير بين أن يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو يذبح شاة يوزعها على الفقراء.

المسألة السادسة والثمانون: أديت فريضة الحج وفي ليلة وأنا في منى تنومت ولم أتمكن من الغسل فهل علي شيء؟

من احتلم وهو محرم: المسألة السادسة والثمانون: أديت فريضة الحج وفي ليلة وأنا في منى تنومت ولم أتمكن من الغسل فهل علي شيء؟ الجواب؟ إذا لم تتمكن من الغسل وليس عندك ماء فإنك تتيمم لأنه يجب على الإنسان إذا أراد الصلاة وعليه جنابة أن يغتسل فإن لم يجد ماءً فليتيمم حتى يجد الماء ثم يغتسل أما فيما يتعلق بالحج فإن أفعال الحج لا يشترط لها الطهارة إلا الطواف بالبيت على خلاف فيه.

الاستنابة في الحج "الوكالة"

الاستنابة في الحج "الوكالة" المسألة السابعة والثمانون: رجل صحيح الجسم يريد أن يُحج عن نفسه فهل الحجة صحيحة أم لا؟ الجواب: إذا كانت الحجة فريضة كانت غير صحيحة لإمكان أدائها بنفسه وإن كانت نفلاً ففيه خلاف بين أهل العلم والذي يترجح لي أنه لا يصح أن ينوب من يحج عنه وهو قادر لأن الأصل في العبادات أن المخاطب بها من يفعلها ويقوم بها لما فيها من التعبد لله تعالى وخضوع القلب له وزيادة الإيمان ثم إنه لم يرد في السنة فيما أعلم الاستنابة عن الإنسان القادر في الفرض ولا في النفل وهذا الرجل بإمكانه إذا كان لديه مال أن يعين به حاجاً فإذا أعان به حاجاً كان له مثل أجره كما قال عليه الصلاة والسلام في الغازي "من جهز غازياً فقد غزا ومن خلفه في أهله فقد غزا" وبهذا يكون متمشياً على ما تقتضيه السنة. المسألة الثامنة والثمانون: يسأل سائل فيقول: إنه تصدق على كل من والده ووالدته بحجة فأعطى حجة أبيه لإمرأة على أساس أن تدفعها لزوجها ليحج بها حجة أمه لهذه المرأة ويسأل عن حكم ذلك؟ الجواب: لا بأس أن يدفع الإنسان شيئاً من المال لمن يحج عن أبيه الميت أو أمه الميتة لكن ينبغي أن يختار من يثق به في دينه وعلمه لأن بعض الناس يكون جاهلاً في بعض أحكام الحج فيفعل المحظور ويترك الواجب ومن الناس من قد لا يكون أميناً. فالمهم أن يختار من هو أمين في علمه وفي أدائه فيما ينبغي أن يؤديه وعلى ذلك فالذي أرى في مثل هذه المسائل أن يصرف ما يريد أن يبذله في الحج في بناء مساجد أو جعلها في المصالح العامة إلا إذا كان الحج فريضة فهو أولى، أما إذا كان تطوعاً فلا شك أن المساجد أفضل في الأمكنة التي تحتاج مساجد وأفضل من ذلك أن يدعو لوالديه ويجعل الأعمال الصالحة

المسألة التاسعة والثمانون: توفيت والدتي وأنا صغير السن وقد أجرت على حجها شخصا موثوقا به وأيضا والدي توفي وأنا لا أعرف منهما أحدا وقد سمعت من بعض أقاربي أنه حج. السؤال: هل هل يجوز أن أوجر على حجة والدتي أم يلزمني أن أحج عنا أنا بنفسي وأيضا والدي

له هو بنفسه لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" ولم يقل ولد صالح يعمل له مع أن سياق الحديث في العمل ولو كان العمل مما يندب إليه شرعاً لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم فعدول النبي صلى الله عليه وسلم مع أن الحديث في شأن العمل عدوله من العمل إلى الدعاء يدل على أن الدعاء أفضل. المسألة التاسعة والثمانون: توفيت والدتي وأنا صغير السن وقد أجّرتُ على حجها شخصاً موثوقاً به وأيضاً والدي توفي وأنا لا أعرف منهما أحداً وقد سمعت من بعض أقاربي أنه حج. السؤال: هل هل يجوز أن أؤجر على حجة والدتي أم يلزمني أن أحج عنا أنا بنفسي وأيضاً والدي هل أقوم بحجة له وأنا سمعت أنه حج. أرجو إفادتي وشكراً.؟ الجواب: يجوز للإنسان أن يحج عن أبيه وأمه المتوفين سواء كان حج فريضة أم نافلة وسواء أداها بنفسه أو أداها نائبه، ولكن ينبغي أن يستنيب من يعرف أنه ذو علم ودين لأن الكثير من الناس يجهلون أحكام الحج وكثراً من الناس يتهاونون بها فلا بد أن يكون النائب ذا علم ودين حتى يطمئن الإنسان أنه أدى الحج على ما ينبغي. المسألة التسعون: قول إذا أخذ شخص مالاً ليحج عن آخر وقدره سبعة آلاف ريال ثم استهلك في حجه ثلاثة آلاف ريال فقط وبقي الباقي معه فهل يجب عليه أن يرده إلي صاحبه أم ينتفع به وحلالاً عليه. الجواب: إذا أخذ دراهم ليحج بها وزادت هذه الدراهم على نفقته فإنه لا يلزمه أن يدفعها على من أعطاه هذه الدراهم الا إذا كان الذي أعطاه قال له حج منها ولم يقل حج بها فإذا قال حج منها فإنه إذا زاد شيء على النفقة يلزمه أن يرده إلى صاحبه فإن شاء عفا عنه وإن شاء أخذه، وأما إذا قال حج بها فإنه لا يلزمه أن يرده شيئاً إذا بقي اللهم

المسألة الحادية والتسعون: إذا أعطى رجل رجلا مالا ليحج عن قريب له متوفى وقام الذي أخذ الأجرة بأداء الحج على الوجه المطلوب هل له أجر حجة وللمتوفى وللذي دفع الأجرة ححة. أم يكون الذى قام بالحج محروما من ذلك؟

إلا إن كان الذي أعطاه رجلاً لا يدرى عن الأمور ويظن أن الحج يتكلف مصاريف كثيرة فأعطاه بناءً على غرته وعدم معرفته فحينئذٍ يجب عليه أن يبين له ويقول له إنني حججت بكذا وكذا وإن الذي أعطيتني أكثر مما أستحق حينئذٍ إذا رخص له فيه وسمح له فلا حرج. أما إذا قال خذ هذا تكلفة الحج فهذا ورد عليه ما زاد وما نقص يطالب به. المسألة الحادية والتسعون: إذا أعطى رجل رجلاً مالاً ليحج عن قريب له متوفى وقام الذي أخذ الأجرة بأداء الحج على الوجه المطلوب هل له أجر حجة وللمتوفى وللذي دفع الأجرة حجة. أم يكون الذي قام بالحج محروماً من ذلك؟ الجواب: الحج لمن نُوي له ولا يمكن أن يكون الحج لثلاثة ولكن الذي يقوم بالحج عن غيره إذا كان قصده بذلك نفع أخيه المسلم وقضاء حاجته فإنه يؤجر على هذا، أما من أخذ الدراهم وقصده بالحج الذي حجه عن غيره الوصول إلى هذه الدراهم فإنه كما قال شيخ الإسلام: ليس له في الآخرة من خلاق، لأنه أراد بعمل الآخرة شيئاً من الدنيا وقد قال تعالى {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (1). المسألة الثانية والتسعون: هل يجوز لمن يقود سيارته وحبسه السير في الطريق حتى صلاة العصر أن يوكل عنه من يرمي الجمرات؟ الجواب: لا حاجة أن يوكل أحداً في هذه الحال لأنه يمتد وقت الرمي إلى طلوع الفجر فبإمكانه أنه يرمي بعد صلاة العصر وبعد المغرب وبعد العشاء إلى طلوع الفجر.

_ (1) سورة هود آية (16،15).

المسألة الثالثة والتسعون: امرأة أدت الحج وقامت بجميع مناسكه إلا رمي الجمار فقد وكلت من يرمي عنها لأن معها طفلا صغيرا علما إن هذا الحج هو حج الفريضة فما حكم ذلك؟

المسألة الثالثة والتسعون: امرأة أدت الحج وقامت بجميع مناسكه إلا رمي الجمار فقد وكلت من يرمي عنها لأن معها طفلاً صغيراً علماً إن هذا الحج هو حج الفريضة فما حكم ذلك؟ الجواب: إذا كان ليس معها من يبقى عند هذا الطفل فلا حرج عليها إذا أنابت من يرمى عنها، أما إذا كان هناك من يمكن أن يبقى عند الطفل فإنه لا يحل لها أن توكل من يرمي عنها سواء كان ذلك في فريضة أم نافلة.

من حج وهو لا يصلي:

من حج وهو لا يصلي: المسألة الرابعة والتسعون: زوجتي لا تصلي وتصوم وتعتذر بجهلها في القراءة وتنوي الحج؟ الجواب: ذكرت أن زوجتك لا تصلي لكنها تصوم وأنك إذا أمرتها بالصلاة تقول إنها لا تعرف القراءة فعلمها القراءة إن لم يقم أحد بتعليمها ثم علمها كيف تصلي وما دام عذرها الجهل فالجهل يزول بالتعلم فعلمها وأرشدها إلى ذلك ثم إن أصرت على ترك الصلاة بعد العلم فإنها تكون كافرة -والعياذ بالله- وينفسخ نكاحها ولا يحل لها أن تأتي مكة. ولكن تصلي الآن وإن لم تحسن القراءة فإنها تذكر الله وتسبحه وتكبره في صلاتها ويكون هذا الذكر بدلاً عن القراءة حتى تتعلم ما يجب منها. وما مضى من أيام ليس عليها قضاؤه ولكن يجب على زوجها أن يهتم بإصلاح حالها بقدر استطاعته. المسألة الخامسة والتسعون: حججت عن نفسي ثم عن غيري وأنا لا أصلي ولا أصوم ثم تبت فما حكم حجي وكيف أقضي الصلاة والصوم وعقد الزواج لمن لا يصلي؟ الجواب: ما ذكر السائل إنه في أول أمره تارك للصلاة والصيام وأنه حج مرة لنفسه وهو على هذه الحال ومرة لأحد أقاربه وهو على هذه الحال أيضاً ثم يسأل ما شأن هاتين الحجتين وماذا يجب عليه بإزاء ما ترك من الفرائض فنقول أما حاله وهو تارك الصلاة فإنه كافر من جملة الكافرين الخارجين عن الإسلام لأن ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة موجب للخلود في النار كما دلَّ على ذلك الكتاب والسنة وقول الصحابة رضي الله عنهم وعلى هذا فإن من لا يصلي لا يحل أن يتزوج امرأة من المسلمين وإذا كان عنده امرأة فإن نكاحه منها ينفسخ ولا يحل الاستمرار عليه وإذا كان قد عقد له النكاح وهو على هذه الحال ثم من الله عليه بالتوبة فإنه يجب أن يجدد عقد النكاح لأن عقد النكاح الأول وهو لا يصلي عقد باطل لقوله تعالى {لَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ

وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ... } وقوله تعالى { ... فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ... } وهذه المسألة خطيرة جداً حيث إنه يوجد في مجتمعنا من لا يصلي ثم يعقد له النكاح على امرأة مؤمنة تؤمن بالله وتصلي أقولها وأكرر أن من عقد له النكاح وهو على هذه الحال أي لا يصلي ثم منَّ الله عليه بالهداية فإنه يجب أن يعاد عقد النكاح له مرة أخرى ليكون عقد النكاح عقداً صحيحاً وهذا الرجل الذي لا يصلي لا يحل له أن يدخل مكة لقوله تعالى { ... إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ... } (3) وأما حجه عن نفسه وهو لا يصلي فإنه غير مجزيء ولا مقبول ولا صحيح وهو لم يؤد الفريضة الآن فعليه أن يؤدى الفرض وكذلك حجه عن غيره لا ينتفع به ذلك الغير ولا يؤدي عنه إن كان حجاً عن فريضة ذلك لأنه وقع من كافر والكافر لا تصح منه العبادات لقوله تعالى {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} (4). وأما بالنسبة لما تركه من الأعمال السابقة فإنه لا يجب عليه قضاؤها لأن الصحيح أن كل عبادة مؤقتة بوقت. فإنه إذا أخرت عن وقتها عمداً بدون عذر شرعي فإنه لا ينفع قضاؤها لأن العبادة المحددة بوقت يجب أن تكون في هذا الوقت المحدد فلو فعلت قبله لم تصح ولو فعلت بعده بغير عذر شرعي يُسيغ التأخير لم تصح أيضاً لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" ولأننا لو قلنا بقضائها في هذه الحال لكان كل إنسان يهون عليه أن يؤخر الصلاة عن وقتها أو العبادة المؤقتة عن وقتها ما دام ينفعه إذا أتى بها بعد الوقت. فعلى الأخ السائل أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً وأن يستمر في فعل الطاعات والتقرب إلى الله عز وجل بكثرة الأعمال الصالحة ويكثر من

_ (1) سورة البقرة آية (221). (2) سورة الممتحنة آية (10). (3) سورة التوبة آية (28). (4) سورة التوبة آية (54).

الاستغفار والتوبة ولا يلزمه قضاء ما تول مما ذكره وقد قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم} (1) وهذه الآية نزلت في التائبين فكل ذنب يتوب العبد منه ولو كان شركاً بالله عز وجل فإن الله يتوب عليه.

_ (1) سورة الزمر آية (53).

تكرار العمرة بعد الحج:

تكرار العمرة بعد الحج: المسألة السادسة والتسعون: ما حكم العمرة بصفة دائمة وما حكم الأثر عن عبد الله بن عمر أنه اعتمر ألف عمرة؟ الجواب: تكرار العمرة في سفر واحد خلاف ما عليه السلف حتى أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ذكر في الفتاوى أنه يكره تكرار العمرة والإكثار منها باتفاق السلف ولا سيما الذين يكررونها في رمضان وبعد الحج عدة مرات من مكة فإن هذا لا يعرف عن السلف وهم خير قدوة.

من أراد الحج وعليه دين:

من أراد الحج وعليه دين: المسألة السابعة والتسعون: يقول رجل أريد أن أقضي فريضة الحج في هذا العام ولكني استلفت مبلغاً من المال من البنك فأسدد المبلغ على أقساط شهرية ولا تنتهي مدة التسديد إلا بعد ستة أشهر من الآن فهل يجب عليّ الحج وأداء الفريضة علماً بأنني اقترضت المبلغ قبل أن أفكر بأداء الفريضة ولغرض آخر أفيدوني عن ذلك جزاكم الله خيراً؟ الجواب: نحن الآن في شهر شوال ومقتضى ما قاله السائل أنه سيقضي الدين بعد ستة أشهر. مقتضى الكلام أنه لن يمكنه أن يسدده قبل الحج وسداد الدين أولى من الحج لأن الحج لا يجب على الإنسان المدين.

هل يصح حجه وماذا عليه:

هل يصح حجه وماذا عليه: المسألة الثامنة والتسعون: حججت مع أهلي وأنا صغير وفي اليوم الثامن من ذي الحجة احتلمت واغتسلت ولبست إحرامي وأتممت حجي ثم سألت بعد سنوات عن حجتي فقيل لي إنها لا تجزيء وأنا أريد أن أحج عن والدتي التي توفت ولم تحج إلا حجة واحدة فهل يجزيء حجي عنها أم لابد أن أحج أولاً عن نفسي ثم عنها؟ الجواب: الحج الذي حصل فيه الاحتلام في اليوم الثامن من ذي الحجة ثم اغتسلت وتابعت الحج هو حج صحيح مجزيء عن الفريضة ولا يجب عليك إعادته ومن قال لك إن حجك ليس مجزئاً فقد أخطأ. أما بالنسبة للحج عن أمك فلا بأس أن تحج عنها إن كانت لم تؤد الفريضة. أما إن كانت قد أدت الفريضة فالأفضل أن تدعو لها فهو خير من كونك تحج عنها واجعل الحج عن نفسك لأن العمل الصالح يكون للإنسان والدعاء يكون للميت هكذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له". المسألة التاسعة والتسعون: يقول السائل وفقني الله لأداء فريضة الحج علماً بأنني أديت العمرة في الشهر الحرام فقال لي أحد الإخوة المسلمين: إنك متمتع ويجب عليك هدي فذبحت بعد ما رميت الجمرة الأولى علماً بأنني تحللت من الإحرام قبل أن أحلق أو أقصر أو أخذ شعيرات من رأسي وقبل الذبح كذلك فعلمت من أحد الحجاج يوم الجمرة الثانية أن عليَّ هدياً للمرة الثانية أو صيام عشرة أيام ثلاثة بالحج وسبعة بعد رجوعي علماً بأن الثلاثة أيام مضى منها يومان والمبلغ الذي معي لا يتجاوز الألف ريال وكما وضحت لكم سابقاً ذبحت منه هدياً وما بقي منه في حدود مصاريف أيام الحج فأرجو أن توضحوا هل حجي صحيح أم لا وقد فات الأوان.؟

الجواب: فإنه قبل أن أجيب على سؤالك أحب أن أوجه إلى إخواننا عامة المسلمين التحذير من الفتوى بغير علم فإن الفتوى بغير علم جناية كبيرة حرمها الله عز وجل وقرنها بالشرك في قوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (1) فإن قوله تعالى "وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون" يشمل القول على الله في أسمائه وصفاته وفي أفعاله وأحكامه فالذي يفتي الناس بغير علم قد قال على الله ما لم يعلم ووقع فيما حرم الله فعليه أن يتوب إلى الله وعليه أن يمتنع عن صد الناس عن سبيل الله ومنعهم من سؤال أهل العلم لأنه يعتقد أعني هذا المستغني أن ما أجابه هذا المفتي الخاطيء صواب فيقف عن سؤال غيره وحينئذٍ يكون المفتي الخاطيء صاداً للناس عن سبيل ربهم وما أكثر الفتاوى التي تكون في الحج خاصة وهي فتاوى خاطئة بعيدة عن الصواب بل ليس فيها شيء من الصواب تكاد تجد عند كل عمود خيمة عالماً يفتي الناس وهذا من الخطورة بمكان فالواجب على المرء أن يتقي ربه ولا يفتي إلا عن علم يأخذه من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو من أقوال أهل العلم الذين يوثق بأقوالهم فهذا الذي أفتاك بما فعلت وأنه عليك هدي أو صيام عشرة أيام أخطأ في ذلك وعملك الذي عملته وهو أنك تحللت بعد أن رميت جمرة العقبة ولبست ثيابك ظاناً أن ذلك جائز قبل الحلق لا شيء عليك فيه بل إن بعض أهل العلم يقول أن من رمى جمرة العقبة يوم العيد فقد حلَّ من كل شيء إلا من النساء ولكن الصواب أنه لا يحل حتى يرمي ويحلق أو يقصر إلا أنك لما كنت جاهلاً في هذا الأمر فلا شيء عليك ليس عليك هدي ولا صيام عشرة أيام ثم إن فعل المحظور أيضاً إذا فعله الإنسان غير معذور فيه ليست هذه فديته بل إن فعل المحظور بل كل المحظورات غير جزاء العيد وفدية الجماع في الحج قبل التحلل الأول يخير بين ثلاثة أشياء إما أن يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو يذبح فدية يوزعها على الفقراء لقوله تعالى في

_ (1) سورة الأعراف آية (33).

حلق الرأس { ... وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ... } (1). وبهذه المناسبة أود أيضاً أن أحذر كثيراً من الناس الذين كلما سئلوا عن محظور من محظورات الإحرام قالوا للسائل: عليك دم عليك دم عليك دم مع أنه مما يخير فيه الإنسان بين هذه الثلاثة صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو ذبح شاة وحينئذ يلزم الناس بما لا يلزمهم والواجب على المفتي أن يراعي أحوال الناس وأن تكون فتواه مطابقة لما جاء في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. الخلاصة أن جوابي هذا: في شيئين: الشيء الأول: التحذير من الفتوى بغير علم التي لا تعتمد على كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أقوال أهل العلم الموثوق بهم عند تعذر أخذ الحكم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ثانياً: إن ما فعلته أنت أيها الأخ حيث لست حين رميت جمرة العقبة قبل أن تحلق ظاناً أنه جائز هذا لا شيء عليك فيه لأنك جاهل والجاهل الذي لا يدري فلا شيء عليه في أي محظور فعله ثم إنه وقع في سؤالك قلت قبل أن أحلق أو أقصر أو آخذ شعيرات وهذا يدل على أنك ترى أن أخذ شعيرات كاف للتقصير وهذا غير صحيح لأن أخذ الشعيرات لا يجزيء بل لابد من التقصير الذي يعم كل الرأس وإما حلق يعم كل الرأس وإما تقصير يعم الرأس أيضاً أما أخذ شعيرات من جانب فإن هذا لا يجزيء ولا يجوز الاقتصار عليه على القول الصحيح.

_ (1) سورة البقرة آية (196).

من كان يعمل جنديا في تنظيم الحج:

من كان يعمل جندياً في تنظيم الحج: المسألة المائة: يعمل جندياً في تنظيم الحج ولم يحج حيث لا يسمح له بذلك بدون إذن من مرجعه. الجواب: الإنسان الموظف ملتزم بأداء وظيفته حسب ما تقتضيه "وقد قال الله تعالى { ... وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} (1) وقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ... } (2) فالعقد الذي جرى بينك وبين الدولة عهد يجب عليك أن توفي به على حس ما يوجهونك به ولكني أرجو أن يكون للمسئولين في هذه الأمور نظر بحيث يوزعون هؤلاء الجنود جنود المرور وجنود الأمن والمطافئ وغيرهم وينظمونهم بحيث يكون لبعضهم فرصة أًن يؤدوا الحج في هذا العام والبعض الآخر فرصة أن يؤدوه في العام الآخر وهكذا حتى يتم للجميع أداء الفريضة وأما أن تختفي الفريضة وأنت مطالب بالعمل وليس عندك إجازة فهذا محرم عليك ولا حرج عليك إذا أخرت الحج إلى سنة أخرى من أجل اشتغالك بواجب عملك.

_ (1) سورة الأعراف آية (34). (2) سورة المائدة آية (1).

من قطع حجه ولم يتمه ماذا عليه:

من قطع حجه ولم يتمه ماذا عليه: المسألة الواحدة بعد المائة: سأل يقول أنا نويت الحج قبل أربع سنوات وذهبت مع أصحابي لأداء فريضة الحج ونويت حجاً وعمرة تمتعاً وبعد أداء العمرة فقدت أصدقائي ولم أكمل الحج فهل عليَّ في هذا شيء أم لا؟ علماً بأنني أديت الحج في السنة الماضية. الجواب: لا شيء عليك لأن المتمتع إذا أحرم بالعمرة ثم بدا له أن لا يحج قبل أن يحرم بالحج فلا شيء عليه إلا أن ينذر أن يحج هذا العام فإذا نذر وجب عليه الوفاء بنذره. المسألة الثانية بعد المائة: كنت أعمل سائقاً وفي شهر الحج اتفق جماعة على الحج وكلموني على ذلك بما أني سائق سيارة ولكي أنتقل بهم بين المشاعر ونويت الحج معهم وعندما وصلنا مكة ودخلنا المسجد الحرام وطفنا طواف القدوم بعد ذلك خرجنا وإذا بهم قد غيروا رأيهم وقالوا لي أوقف السيارة بمكة وأنت اذهب وحج لوحدك فكنت قد اتفقت معهم على مبلغ معين من المال وأعطوني أقل منه بكثير وعندها غضبت ونزلت إلى جدة وقطعت حجي ومن يومها وأنا لا أعرف ماذا يترتب عليَّ من جراء ذلك فهل لهم الحق أولاً في نقض هذا الاتفاق على الأجرة وثانياً: ماذا عليَّ في العدول عن الحج وهم أيضاً قد عدلوا عن الحج وقطعوه من تلك اللحظة. الجواب: أما بالنسبة للأجرة فإن لك الأجرة كاملة ما دام الفسخ من قبلهم لأنه لا عدوان منك أنت ولا تفريط وإنما هم الذين قطعوا ذلك على أنفسهم فيلزمهم أن يسلموا الأجرة كاملة وأما بالنسبة للحج فإن كنتم تحللتم بعمرة يعني طفتم وسعيتم وقصرتم ثم حللتم على نية أن تأتوا بالحج على وقته فإنه لا شيء عليكم حيث انصرفتم من الإحرام قبل أن تحرموا وأما إن كان ذلك بعد الإحرام فإنه يجب عليك الآن أن تتحلل بعمرة لفوات الحج وعليك أن تأتي بالحج الذي تحللت منه بدون عذر وعليك أيضاً كما قال أهل العلم أن تذبح لذلك فدية لأنه فاتك الوقوف بدون عذر.

أيهما أفضل الحج أم التبرع للمجاهدين:

أيهما أفضل الحج أم التبرع للمجاهدين: المسألة الثالثة بعد المائة: بالنسبة لمن أدى فريضة الحج وتيسر له أن يحج مرة أخرى هل يجوز له بدلاً من الحج أن يتبرع بقيمة نفقات الحج إلى المجاهدين المسلمين في أفغانستان وغيرها حيث إن الحج للمرة الثانية تطوع والتبرع للجهاد فرض. أفيدونا جزاكم الله عن المسلمين خير الجزاء؟ الجواب: إذا كان السائل يقول إن الحج الثاني تطوع وبذل الجهاد فرض فمقتضى ذلك إن حكم لنفسه بأن التبرع للجهاد أفضل لأنه واجب يأثم بتركه على حسب كلامه، وإنما الذي نرى أن الجهاد في أفغانستان ليس بفرض على الأعيان ولكن نرى أيضاً بذل الدراهم فيه أفضل من بذلها في حج التطوع لأن نفل الجهاد أفضل من نفل الحج.

تغيير النية في الحج:

تغيير النية في الحج: المسألة الرابعة بعد المائة: رجل نوى لنفسه وقد حج من قبل ثم بدا له أن يغير النية لقريب له وهو في عرفة فما حكم ذلك وهل يجوز ذلك أم لا؟ الجواب: ما دام قد دخل في الإحرام على أنه له فإنه لا يمكن أن يصرفه لغيره لأن العبادة إذا دخل فيها الإنسان بنية لا يخرج منها، ولأنه لو نوى أثناء الحج أنه لفلان لصار حجاً ناقصاً والحج ليس كغيره يمكنه أن يخرج منه ثم يستأنف من جديد لصاحبه، لهذا نقول يبقى الحج على حسب نيته الأولى ولا يمكن أن يصرف لغيره. المسألة الخامسة بعد المائة: في بعض كتب الحديث أن الحاج المفرد لا يجوز له أن ينتقل من الإفراد إلى القران فهل هذا صحيح؟ الجواب: هذا فيه خلاف بين العلماء منهم من قال: إن الإنسان إذا كان مفرداً فإنه لا يمكن أن ينتقل إلى القران أي أنه لا يمكن إدخال العمرة على الحج. وبعض العلماء يرى: أنه لا بأس به ويكون حينئذ قارناً. ولكن هناك شيء آخر أفضل من هذا وهو أن يجعل حجه عمرة ليكون متمتعاً إن لم يكن قد ساق الهدي فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه الذين ليس معهم هدي أن يحولوا إحرامهم بالحج إلى عمرة ليكونوا متمتعين.

من حج بجواز سفر مزور:

من حج بجواز سفر مزور: المسألة السادسة بعد المائة: لقد أديت فريضة الحج في عام مضى مع كفيلي ولقد كان اسمي الصحيح صالح جابر وقد اشتريت عقداً للعمل بدولة الكويت باسم عبد الله الشيخ نافع ولقد استخرجت جواز سفر بهذا الاسم كما أديت به فريضة الحج في ذلك العام فهل يصح حجي أم ماذا؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب: إن حجك صحيح لأن تزويرك لك لا يؤثر في صحة الحج ولكن عليك الإثم بتزويرك وعليك الآن أن تتوب إلى الله عز وجل وتعدل اسمك إلى الإسم الصحيح الذي كنت مسمى به من قبل حتى لا يحصل تلاعب على المسئولين ولئلا تسقط الحقوق التي وجبت عليك باسمك الأول لاختلاف اسمك الثاني عن اسمك الأول فتكون بذلك آكلاً للمال بالباطل مع الكذب. وبهذه المناسبة أود أن أنصح كل من سمع كلامي هذا بأن الأمر ليس بالهين بالنسبة لأولئك الذين يزورون الأسماء ويستعيرون أسماء لغيرهم من أجل أن يستفيدوا من إعانة الحكومة أو من أمور أخرى أو من أجل أن يصلوا لأغراض لهم بأسماء غيرهم من هذه الأسماء المزورة فإن ذلك تلاعب في المعاملات وكذب وغش وخداع للمسئولين والحكام وليعلموا أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا وإن من اتقى الله وقال قولاً سديداً أصلح الله له عمله وغفر له ذنبه كما قال تعالى { ... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (1) وقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ... } (2).

_ (1) سورة الطلاق آية (4). (2) سورة الأحزاب آية (70).

صيام عشرة ذي الحجة لمن أراد الحج:

صيام عشرة ذي الحجة لمن أراد الحج: المسألة السابعة بعد المائة: من كان يصوم عشرة ذي الحجة فأراد أن يحج فهل يصومهن أم لا؟ وهل يشترط أن تصام جميع الأيام العشرة أم يجوز صيام بعضها لمن أراد التطوع؟ الجواب: صيام عشرة ذي الحجة ليس بفرض فإن شاء الإنسان صامها وإن شاء لم يصمها سواء سافر إلى الحج أم بقي في بلده لأن كل صوم يكون تطوعاً فالإنسان فيه مخير وعلى هذا فإذا كان في بلده وأحب أن يصوم فليصم فإذا سافر ورأى المشقة في الصوم فإنه لا يصوم لأنه لا ينبغي لمن شق عليه الصوم في السفر أن يصوم لا فرضاً ولا نفلاً ولكن في عرفة لا يصوم لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان مفطراً في يوم عرفة وقد روى عنه أنه نهى عن صوم عرفة بعرفة.

من عليه دم:

من عليه دم: المسألة الثامنة بعد المائة: من وجب عليه دم لخطأ في الحج ولم يستطع ذبحها في الحرم فهل يجوز ذبحها في البلد الذي يعيش فيه وإطعامها الفقراء الذين هم عنده؟ الجواب: إن كان الدم دم جبران لترك واجب ففيه فدية يذبحها في مكة لأنها تتعلق بالنسك ولا يجزيء في غير مكة وإن كان لفعل محظور فإنه يجزيء فيه واحدة من ثلاثة أمور إما إطعام ستة مساكين وإما دم يكون في مكة أو مكان فعل محظور وإما صيام ثلاثة أيام في أي مكان إلا أن يكون هذا المحظور جماعاً قبل التحلل الأول في الحج فإن الواجب فيه بدنه يذبحها في مكان فعل المحظور أو في مكة ويفرقها على الفقراء أو يكون جزاء صيد فإن الواجب مثله أو كفارة إطعام مسكين أو عدل ذلك صيام. فإن كان صوماً ففي أي مكان وإن كان دماً فإن الله تعالى يقول: { ... هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ ... } (1) وإن كان طعاماً فالأحوط في مكة ويجزيء في المكان مكان الصيد، وما وجب كونه في الحرم فإما أن يباشر فعله بنفسه وإما أن يوكل ثقة بفعله عنه هناك.

_ (1) سورة المائدة الآية (95).

من لم يجد الهدي:

من لم يجد الهدي: المسألة التاسعة بعد المائة: حججت قبل سبع سنوات وكان حج تمتع صمت ثلاثة أيام في مكة حيث لم أستطع أن أضحي ورجعت لمقر عملي لكن مضت سنتان ولم أستطع أن أكمل صيام السبعة أيام الباقية عليَّ ففي السنة الثالثة راسلت أحد معارفي في مكة وطلبت منه أن يضحي عني وقد قام بذلك مشكوراً ودفعت له قيمتها وهذه الأضحية كانت بنية الأضحية التي فاتتني سابقاً ولم أستطع الصيام عنها أيضاً والآن أريد أن استفسر هل تجزيء تلك الأضحية المتأخرة أم يلزمني أن أكمل صيام سبعة أيام أم لزمني شيء آخر غير ذلك؟ الجواب: هذا السؤال الذي ساقه السائل ظهر لي منه أنه متمتع ولم يجد الهدي وأنه صام ثلاثة أيام في الحج وبقى عليه سبعة أيام ثم إنه تشاغل عن هذه السبعة أو تثاقلها وأراد أن يذبح الهدي والجواب على ذلك أنه لو كان هذا في وقت الهدي قبل مضي أيام التشريق لكان هذا التصرف صحيحاً أما بعد أن فات وقت الذبح بانتهاء أيام التشريق فإنه سيلزمه أن يصوم بقية الأيام العشرة وهي سبعة أيام نسأل الله العون. المسألة العاشرة بعد المائة: إني أديت مناسك العمرة في شهر شوال وبعد تأديتها رجعت إلى بلدتي وبما أني عازم إن شاء الله على تأدية فريضة الحج هذا العام فهل يكون عليَّ هدي أم لا؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب: إذا عدت إلى مكة فإن أحرمت بعمرة ثانية وبقيت إلى أن تحج فعليك الهدي أما إذا أتيت بالحج مفرداً فلا هدى عليك، لأن الإنسان إذا أتى بالعمرة في أشهر الحج ثم عاد إلى بلده ثم رجع من بلده محرماً بالحج وحده فإنه غير متمتع لقوله تعالى

المسألة الحادية عشرة بعد المائة: ذهبت هذا العام لقضاء فريضة الحج قارنا الحج والعمرة وبعد قضاء جميع مناسك الحج والعمرة حتى جاء يوم الهدي فوجئت بضياع المبلغ هناك ولم أعرف هل هو سقط أم أحد سرقه فلذلك لم أتمكن من الذبح ورجت إلى نية الصوم وبينما نويت الص

{ ... فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ... } (1) والإنسان الذي رجع إلى بلده ثم أنشأ سفراً جديداً لم يكن متمتعاً بالعمرة إلى الحج ولكن إن قصد الإنسان التحيل بالرجوع إلى بلده على إسقاط الهدي فإن الهدي لا يسقط في هذه الحال لأن التحيل على الواجبات لا يقطعها، كما أن التحيل على المحرومات لا يبيحها. المسألة الحادية عشرة بعد المائة: ذهبت هذا العام لقضاء فريضة الحج قارنا ًالحج والعمرة وبعد قضاء جميع مناسك الحج والعمرة حتى جاء يوم الهدي فوجئت بضياع المبلغ هناك ولم أعرف هل هو سقط أم أحد سرقه فلذلك لم أتمكن من الذبح ورجعت إلى نية الصوم وبينما نويت الصوم اعتراني مرض أنفلونزا فذهبت إلى المستشفى ولم أستطع الصوم ورجعت إلى مدينة الرياض بالسيارة المدفوع أجرها مقدماً قبل الذهاب والشروط. وعند وصولي زاد مرضي وإعيائي ولم أستطع الصوم فهل بعد تمام شفائي من المرض ينفع الصوم. وماذا أفعل بأنه كانت نيتي الهدي ولكن هذا قضاء الله وقدره. فأرجو إفادتي ماذا يجب عليَّ؟ الجواب: يجب عليك أن تصوم عشرة أيام منها الثلاثة التي في الحج ولا حرج عليك في هذا لأن تأخيرك الثلاثة لعذر. المسألة الثانية عشرة بعد المائة: ذبح حاج هديه بعرفات أيام التشريق ووزعها على من فيها. فهل يجوز ذلك؟ وماذا يجب عيه؟ إذا كان جاهلاً في الحكم أو عامداً،؟ وإذا ذبح هديه في عرفات ثم وزع لحمه داخل الحرم هل يجوز ذلك وما هو المكان الذي لا يجوز ذبح الهدي إلا فيه؟

_ (1) سورة البقرة الآية (196).

الجواب: الهدي الواجب بمتعة أو قران يجب أن يكون داخل أميال الحرم ولا يصح إذا ذبح في الحل لقول النبي صلى الله عليه وسلم "نحرت ها هنا ومنى كلها منحر" وقوله "كل فجاج مكة طريق منحر" قال الإمام أحمد رحمه الله: "مكة ومنى واحد" يريد رحمه الله أن جميع الحرم محل للذبح فإن ذبح في الحل فالمعروف عند أهل العلم أنه يجب عليه إعادة الهدي ويكون الهدي الذي يعيده مثل الهدي الذي ذبحه في الطيب واللحم وما أشبه ذلك.

الاضطباع في الحج واستخدام المظلة والحزام مع أنه مخيط:

الاضطباع في الحج واستخدام المظلة والحزام مع أنه مخيط: المسألة الثالثة عشرة بعد المائة: هل يجب الاضطباع في الحج والعمرة وما حكم استعمال المظلة والحزام مع أنه مخيط؟ الجواب: تضمن هذا السؤال ثلاثة مسائل: المسألة الأولى: إذا لبس إحرامه ولم يكشف كتفه الأيمن والواقع أن أكثر الحجاج يغلطون في هذه المسألة حيث يكشفون الكتف من حين الإحرام إلى أن يحلوا من الإحرام وهذا سببه الجهل وذلك لأن كشف الكتف الأيمن يشرع في طواف القدوم فقط وعلى هذا فإذا أحرمت فإنك تغطي جميع الكتفين حتى تشرع في طواف القدوم فإذا شرعت في طواف القدوم اضطبعت وذلك أن تكشف الكتف الأيمن وتجعل طرفي الرداء على الكتف الأيسر فإذا فرغت من الطواف أعدت الرداء على ما كان عليه والاضطباع في محله سنة وليس بواجب. وأما المسألة الثانية: وهي حمل المظلة على الرأس وقاية من حر الشمس فهذا لا بأس به ولا حرج ولا يدخل هذا في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تغطية الرأس لأن هذا ليس تغطية بل هو تظليل من الشمس والحر. وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معه أسامة بن زيد وبلال أحدهما يقود به راحلته والثاني رافعٌ ثوبه يظلله من الشمس حتى رمى جمرة العقبة وهذا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استظل بهذا الثوب وهو محرم قبل أن يتحلل. وأما المسألة الثالثة: وهي وضع الحزام على وسطه فإنه لا بأس به ولا حرج فيه وقوله مع أنه مخيط هذا القول مبني على فهم خاطيء من بعض العامة حيث ظن معنى قول العلماء يحرم على المحرم لبس المخيط أن المراد به ما كان فيه خياطة وليس كذلك بل المراد بلبس المخيط ما كان مخيطاً على قدر العضو وليس على هيئته المعتادة كالقميص والسراويل والفنيلة وما أشبهها وليس مراد أهل العلم ما كان فيه خياطة ولهذا لو أن الإنسان أحرم برداء مرقع أو بإزار مرقع لم يكن عليه في ذلك بأس وإن خيط بعضه ببعض.

المسألة الرابعه عشرة بعد المائة: هل يجوز للمعتمر أن يضع وباطا على ركبته لأنه يشعر بألم فيها؟

المسألة الرابعة عشرة بعد المائة: هل يجوز للمعتمر أن يضع رباطاً على ركبته لأنه يشعر بألم فيها؟ الجواب: نعم يجوز للمعتمر وللحاج أيضاً أن يربط رجله بسير يشدهُ عليها إن كانت تؤلمه بل وإن لم تؤلمه إذا كان له مصلحة في ذلك لأن السير وشبهه لا يعد لباساً وبالمناسبة أود أن أنبه إلى أمر اغتر فيه كثير من العامة وهو أن بعض العوام يظنون أن المحرم لا يلبس شيئاً فيه خياطة يقول لا تلبس شيئاً فيه خياطة حتى أنهم يسألون عن النعل المخروزة يقولون هل يجوز لبسها لأن فيها خياطة ويسألون عن الرداء أو الإزار إذا كان مرقعاً هل يجوز لبسه لأن فيه خياطة وهذا مبني على العبارة التي يعبر بها الفقهاء أن من المحظور لبس المخيط فظن بعض العامة أن معناها لبس ما فيه خياطة، بل مراد أهل العلم أن يلبس اللباس المعتاد الذي خيط على البدن كالقميص والسروال والفنيلة والكوت وما شبه ذلك وليتنا اقتصرنا على تعبير النبي صلى الله عليه وسلم ما حصل عندنا إشكال، فقد سئل ما يلبس المحرم أي ما هو الذي يلبسه المحرم فقال: لا يلبس القميص ولا السراويل ولا البرانص ولا العمائم ولا الخفاف.

الأضحية وأحكامها:

الأضحية وأحكامها: المسألة الخامسة عشرة بعد المائة: ما حكم الأضحية وهل تجوز للميت؟ الجواب: الأضحية سنة مؤكدة للقادر علها فيضحي الإنسان عن نفسه وأهل بيته وأما إفراد الميت بالأضحية فليس بسنة فإنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما أعلم أنه ضحى عن أحد ميت أضحية منفردة ولا عن أصحابه في حياته صلى الله عليه وسلم ولكن يضحي الإنسان عنه وعن أهل بيته وإذا نوى أن يكون الميت معهم فلا بأس. المسألة السادسة عشرة بعد المائة: إذا جاء وقت الذبح ولم يوجد في البيت رجل هل يجوز أن تقوم المرأة بذبح الأضحية؟ الجواب: نعم المرأة يجوز أن تذبح الأضحية وغيرها لأن الأصل تشارك الرجال والنساء في العبادات وغيرها إلا بدليل على أنه قد ثبت في قصة الجارية التي كانت ترعى غنماً بسلع فأصاب الذئب منها شاة فأخذت حجراً فذبحتها وذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأكلها. المسألة السابعة عشرة بعد المائة: ما حكم من حلق يوم عيد الأضحى قبل ذهابه إلى الصلاة علماً أنه نصح عن ذلك ولكن أصر على الحلاقة قبل الصلاة؟ الجواب: حكمه أنه عاص للرسول صلى الله عليه وسلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا بشرته ولا من ظفره شيئاً" فعليه أن يتوب إلى الله تعالى مما صنع وأما بالنسبة للأضحية فإن هذا لا

المسألة الثامنة عشرة بعد المائة: إذا ضحى رجل عن رجل هل يحلق المضحى عنه؟

يؤثر عليها شيئاً خلافاً لما يعتقده بعض العامة أن الإنسان إذا أخذ شيئاً من شعره وظفره في العشر فإنها تبطل أضحيته فإن هذا ليس بصحيح. المسألة الثامنة عشرة بعد المائة: إذا ضحى رجل عن رجل هل يحلق المضحى عنه؟ الجواب: أحكام الأضحية تتعلق بالموكل المضحى عنه بمعنى أن الإنسان إذا وكل شخصاً يذبح أضحيته فإن أحكام الأضحية تكون متعلقة بالموكِل. لا بالوكيل. المسألة التاسعة عشرة بعد المائة: هل يجوز للإنسان أن يمشط شعره في العاشر من ذي الحجة، وأيهما أفضل في الأضحية الكبش أم البقرة؟ الجواب: يجوز للإنسان أن يأخذ من شعره بعد أن يذبح أضحيته ولو في يوم العيد والكبش أفضل من سبع البقرة أو سبع البدنة فإن ضحى ببدنة أو بقرة كاملة فقد ذكر الفقهاء أنها أفضل من الواحدة من الضأن. المسألة العشرون بعد المائة: هل يجوز للمضحي أن يعطي الكافر من لحم أضحيته؟ وهل للمضحي أن يفطر من أضحيته؟ الجواب: يجوز للإنسان أن يعطي الكافر من لحم أضحيته صدقة بشرط أن لا يكون هذا الكافر ممن يقتلون المسلمين فإن كان ممن يقتلونهم فلا يعطى شيئاً لقوله تعالى {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ ... } (1) أما إفطار الإنسان من أضحيته فنعم إذا صلى

_ (1) سورة الممتحنة الآية (9،8).

الإنسان العيد وذبح أضحيته وأكل منها قبل أن يأكل من غيرها فلا بأس، بل ان العلماء يقولون هذا أفضل.

من أفرد الحج قبل العمرة أو اعتمر قبل أن يحج:

من أفرد الحج قبل العمرة أو اعتمر قبل أن يحج: المسألة الحادية والعشرون بعد المائة: حججت حجة فرض ولم أعتمر معها فهل عليَّ شيء؟ ومن اعتمر مع حجه هل يلزمه الاعتمار مرة أخرى؟ الجواب يجوز للإنسان أن يفرد الحج فيحج قبل العمرة أو يعتمر قبل أن يحج أو يعتمر مع حجه ولا حرج عليه. هل الأفضل تكرار الطواف أم التطوع بصلاة: المسألة الثانية والعشرون بعد المائة: هل الأفضل تكرار الطواف أم التطوع بصلاة؟ الجواب: الأفضل للإنسان ما هو أنفع لقلبه فأحياناً يكون الطواف أفضل إذا كان المطاف خالياً وكان الإنسان يجد من نفسه الخشوع وحضور القلب أكثر مما لو كان يصلي وأحياناً يكون الأمر بالعكس؟ لو كان المطاف مزدحماً والصلاة أخشع له وأحضر لقلبه ففي هذه الحال تكون الصلاة أفضل من الطواف. هل التمسح بأطراف الكعبة والمقام جائز؟ المسألة الثالثة والعشرون بعد المائة: رأيت الناس يتمسحون بالمقام ويحبونه ويتمسكون بأطراف الكعبة أرجو توضيح الحكم في ذلك؟

الجواب: المقام لا يطاف به ولا يُتمسح به ولا يقبل وإنما يصلي الطائف خلفه ركعتين خفيفتين يخففهما ويقرأ في الأولى "قل يا أيها الكافرون" (1) والثانية "قل هو الله أحد" (2) مع الفاتحة ولا يمكث في مكانه بل ينصرف من حين أن يسلم. هذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأما ما يفعله العامة الآن من كونهم يبقون يصلون عدة ركعات خلف المقام ويطيلون ويبقون يدعون أو يقرؤون فهذا خلاف السنة وليس لهم الحق في أن يحرموا من يريد الصلاة خلف المقام ويبقوا هم يحتجزون هذا المكان وأما التعلق بأستار الكعبة فليس بمشروع أيضا ً وإنما المشروع أن يستلم الحجر الأسود ويقبله إن أمكن ويستلم الركن اليماني بدون تقبيل.

_ (1) سورة الكافرون الآية (1). (2) سورة الإخلاص الآية (1).

§1/1