غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر

الحموي، أحمد بن محمد مكي

[مقدمة الكتاب]

[مُقَدِّمَة الْكتاب] 1 - قَالَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ، 2 - عَلَى مَا أَنْعَمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ. إخْبَارٌ صِيغَةً، إنْشَاءٌ مَعْنًى. وَلَا مَحْذُورَ فِي عَدَمِ مَحْمُودِيَّتِهِ فِي الْأَزَلِ بِمَا أَنْشَأَهُ الْعِبَادُ مِنْ الْمَحَامِدِ، وَإِنَّمَا الْمَحْذُورُ عَدَمُ اتِّصَافِهِ بِمَا يَحْمَدُونَهُ مِنْ الْكِمَالَاتِ وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ. وَبِهَذَا التَّقْرِيرُ يَسْقُطُ مَا قِيلَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى كَوْنِهِ إنْشَاءً انْتِفَاءَ الِاتِّصَافِ بِالْجَمِيلِ قَبْلَ حَمْدِ الْحَامِدِ ضَرُورَةُ أَنَّ الْإِنْشَاءَ يُقَارِنُ مَعْنَاهُ لَفْظَهُ فِي الْوُجُودِ (انْتَهَى) . عَلَى أَنَّ اللَّازِمَ مِنْ الْمُقَارَنَةِ انْتِفَاءُ وَصْفِ الْوَاصِفِ الْمُعَيَّنِ لَا الِاتِّصَافُ وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -) الْجُمْلَةَ الِاسْمِيَّةَ عَلَى الْفِعْلِيَّةِ وَإِنْ كَانَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْإِنْشَاءِ أَقَلَّ مِنْ الْقَلِيلِ لِإِفَادَتِهَا الثَّبَاتَ وَالدَّوَامَ كَمَا قِيلَ وَفِيهِ أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ دَوَامُ الْإِنْشَاءِ أَوْ الْمَنْشَأِ كَالثَّنَاءِ فَهُوَ غَيْرُ ثَابِتٍ أَوْ مُتَعَلِّقُ إنْشَاءِ الِاتِّصَافِ بِالْجَمِيلِ فَدَوَامُ ذَلِكَ إنَّمَا يُسْتَفَادُ بِطَرِيقِ الْإِخْبَارِ وَالْغَرَضُ الْإِنْشَاءُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ إنْشَاءُ نِسْبَةِ الِاتِّصَافِ بِالْجَمِيلِ عَلَى الدَّوَامِ بِأَنْ يُنْسَبَ إلَيْهِ الِاتِّصَافُ بِذَلِكَ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ قَصْدَ الْإِنْشَاءِ يُنَافِي إفَادَةَ الْجُمْلَةِ الدَّوَامَ فَلْيُتَأَمَّلْ فِي هَذَا الْمَقَامِ. (2) عَلَى مَا أَنْعَمَ: قِيلَ إنْ كَانَتْ جُمْلَةُ الْحَمْدِ خَبَرِيَّةً فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَلَّقَ قَوْلُهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ: إمَّا بِالْمُبْتَدَأِ وَهُوَ الْحَمْدُ وَالْمَعْنَى كُلُّ حَمْدٍ عَلَى أَنْعَامِهِ وَلِأَجْلِهِ، أَوْ جِنْسِ الْحَمْدِ عَلَى أَنْعَامِهِ وَلِأَجْلِهِ مِلْكٌ أَوْ مُسْتَحَقٌّ لِلَّهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مِمَّا لَا شُبْهَةَ فِي صِحَّتِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْإِخْبَارِ بِهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ فَإِنَّ ثُبُوتَ كُلِّ حَمْدٍ أَوْ جِنْسِ الْحَمْدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى أَنْعَامِ اللَّهِ لِلَّهِ مِمَّا لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ (انْتَهَى) . (أَقُولُ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ سَلَّمْنَا أَنَّ الْإِخْبَارَ بِذَلِكَ مِمَّا لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ لِعِلْمِهِ بِذَلِكَ لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ ذَلِكَ مَحْذُورٌ مَانِعُ مِنْ كَوْنِ الْجُمْلَةِ حَمْدًا أَلَا تَرَى أَنَّك لَوْ قُلْت اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي أَوْ خَالِقِي أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا وَرَدَ فِي السُّنَّةِ كَانَ ذَلِكَ مَعْلُومًا لِكُلِّ وَاحِدٍ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ وَمَعَ ذَلِكَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ مِنْ حُصُولِ الثَّوَابِ وَكَذَا قَوْلُك أَنْتَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وَنَحْوُهُ بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ حَمْدًا لَهُ فَإِنْ كَانَ فِيمَا ذُكِرَ خُصُوصِيَّةٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ الْمُقْتَضَى فَلِتَكُنْ هَذِهِ الْخُصُوصِيَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي قَوْلِنَا الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ. وَكَمْ فِي السُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ مِنْ جُمَلٍ مَعْلُومَةٍ لِكُلِّ أَحَدٍ بَلْ بِالضَّرُورَةِ وَأَمَرَ الشَّارِعُ بِهَا لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا مُقْتَضَاهَا (وَالثَّانِي بِالْحَمْدِ اللَّازِمِ لِهَذَا الْخَبَرِ كَأَنَّهُ قِيلَ حَمْدِي اللَّازِمُ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ لِأَجْلِ إنْعَامِهِ) . أَقُولُ: لَك أَنْ تَقُولَ فِيهِ ارْتِكَابُ خِلَافِ مَا هُوَ الْمَشْهُورُ بَيْنَهُمْ مِنْ أَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ لَفْظٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ وَظَاهِرُ أَنَّ الْحَمْدَ اللَّازِمَ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ لَيْسَ هُوَ بِلَفْظٍ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ مَعْنًى لَزِمَ مِنْ الْمَعْنَى الْخَبَرِيِّ وَيُفْهَمُ مِنْ قُوَّةِ الْكَلَامِ أَنَّ الْمَحْمُودَ عَلَيْهِ هُوَ قَوْلُهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ (وَلَك أَنْ تَقُولَ جَازَ أَنْ يَكُونَ الْمَحْمُودُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ هُوَ الذَّاتُ أَوْ الصِّفَاتُ الذَّاتِيَّةُ) وَكَأَنَّهُ قَالَ حَمْدِي اللَّازِمُ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ لِأَجْلِ الْإِنْعَامِ صَادِرٌ فِي مُقَابِلَةِ الذَّاتِ الْعَلِيَّةِ وَالصِّفَاتِ الذَّاتِيَّةِ (وَلَا يُقَالُ أَنَّ صُدُورَهُ لِأَجْلِ الْإِنْعَامِ يُنَافِي أَنْ يَكُونَ فِي مُقَابَلَةِ الذَّاتِ) لِأَنَّا نَقُولُ لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ فَقَدْ صَرَّحَ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّ الْمَحْمُودَ عَلَيْهِ لَيْسَ بَاعِثًا حَقِيقِيًّا عَلَى الْحَمْدِ (وَالثَّالِثُ) تَعَلُّقُهُ بِخَبَرِ الْمُبْتَدَأِ، أَعْنِي لِلَّهِ مَعَ حَمْلِ أَلْ عَلَى الْجِنْسِ، وَأَمَّا تَعَلُّقُهُ بِخَبَرِ الْمُبْتَدَأِ أَعْنِي لِلَّهِ مَعَ حَمْلِ أَلْ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ فَلَا يَنْبَغِي جَوَازُهُ إذْ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَنَّ كُلَّ حَمْدٍ مَمْلُوكٌ أَوْ مُسْتَحَقٌّ لِأَجْلِ إنْعَامِهِ وَقَضِيَّتُهُ انْحِصَارُ عِلَّةِ مَمْلُوكِيَّةِ الْحَمْدِ أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ فِي الْإِنْعَامِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ غَيْرُ الْإِنْعَامِ كَالذَّاتِ وَصِفَاتِهَا الذَّاتِيَّةِ تَكُونُ عِلَّةً أَيْضًا لِمَا ذُكِرَ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ مَعَ حَمْلِ أَلْ عَلَى الْجِنْسِ، إذْ مِلْكُ جِنْسِ الْحَمْدِ وَاسْتِحْقَاقُهُ لِأَجْلِ الْإِنْعَامِ لَا يُنَافِي مِلْكَهُ وَاسْتِحْقَاقَهُ لِغَيْرِهِ أَيْضًا وَكَذَا تَعَلُّقُهُ بِمَحْذُوفٍ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ. وَلِلَّهِ صِلَةُ الْمُبْتَدَأِ مَعَ حَمْلِ أَلْ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ أَيْضًا إذْ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ كُلُّ حَمْدٍ لِلَّهِ كَائِنٌ لِأَجْلِ إنْعَامِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ بَعْضُ الْحَمْدِ كَائِنٌ لِأَجْلِ غَيْرِ الْإِنْعَامِ كَالذَّاتِ وَالصِّفَاتِ بِخِلَافِ ذَلِكَ مَعَ حَمْلِ أَلْ عَلَى الْجِنْسِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَتْ إنْشَائِيَّةً يَنْبَغِي تَعَلُّقُ الظَّرْفِ بِمَضْمُونِ الْجُمْلَةِ وَكَأَنَّهُ قِيلَ أَصِفُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِمَالِكِيَّتِهِ كُلَّ وَصْفٍ جَمِيلٍ أَوْ جِنْسَهُ لِأَجْلِ إنْعَامِهِ أَوْ بِاسْتِحْقَاقِ ذَلِكَ

وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالِاخْتِصَاصُ بِهِ بِمَعْنَى أَنَّ كُلَّ وَصْفٍ بِجَمِيلٍ أَوْ جِنْسَ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْإِنْعَامِ أَصِفُهُ تَعَالَى بِمَالِكِيَّتِهِ أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ وَالِاخْتِصَاصُ بِهِ لِأَجْلِ إنْعَامِهِ. وَبِالْمُبْتَدَأِ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَصِفُهُ بِمَالِكِيَّتِهِ كُلَّ وَصْفٍ بِجَمِيلٍ أَوْ جِنْسَهُ لِأَجْلِ إنْعَامِهِ أَوْ بِاسْتِحْقَاقِ ذَلِكَ أَوْ لِاخْتِصَاصٍ بِهِ بِمَعْنَى أَنَّ كُلَّ وَصْفٍ بِجَمِيلٍ أَوْ جِنْسَ ذَلِكَ لِأَجْلِ إنْعَامِهِ أَصِفُهُ تَعَالَى بِمَالِكِيَّتِهِ أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ أَوْ الِاخْتِصَاصِ بِهِ وَلَا إشْكَالَ فِي صِحَّتِهِ وَحُسْنِهِ. (انْتَهَى) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ دَقِيقٌ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ بِمَعْنَى أَنَّ كُلَّ وَصْفٍ بِجَمِيلٍ أَوْ جِنْسَ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْإِنْعَامِ أَصِفُ اللَّهَ تَعَالَى بِمَالِكِيَّتِهِ إلَى آخِرِهِ. فَتَأَمَّلْ حَقَّ التَّأَمُّلِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى تَعَلُّقِهِ بِالْمُبْتَدَأِ الْإِخْبَارُ عَنْ الْمَصْدَرِ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ يَعْنِي يَذْكُرُ مُتَعَلِّقَهُ وَهُوَ لَا يَجُوزُ. عَارَضَهُ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْمِفْتَاحِ وَاخْتَارَ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالِاسْتِقْرَارِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الْخَبَرُ أَوْ بِمَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَمْدُ أَيْ نَحْمَدُهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ. وَفِي حَوَاشِي الْمَوْلَى عَلَاءِ الدِّينِ فِي مُصَنَّفِهِ عَلَى الْمُطَوَّلِ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الظَّرْفَ مُسْتَقَرُّ خَبَرٍ بَعْدَ خَبَرٍ لِيَظْهَرَ تَحَقُّقُ الِاسْتِحْقَاقَيْنِ لَا لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَمْدِ فُصِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَامِلِهِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ الذَّاتِيَّ أَقْدَمُ مِنْ الْوَصْفِيِّ كَمَا قِيلَ فَتَدَبَّرْ. وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ لَا مَوْصُولٌ اسْمِيٌّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَعَلَى مَا قِيلَ يَجُوزُ جَعْلُهَا تَعْلِيلِيَّةً وَيَجُوزُ جَعْلُهَا لِلْمُصَاحَبَةِ وَبِمَعْنَى فِي وَبِمَعْنَى مَعَ وَيُمْكِنُ جَعْلُهَا لِلِاسْتِعْلَاءِ إشَارَةً إلَى تَفْخِيمِ الْحَمْدِ (انْتَهَى) . (أَقُولُ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَبَعِيدٌ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ إذْ لَا مَعْنَى لِجَعْلِ الْحَمْدِ مَظْرُوفًا عَلَى الْإِنْعَامِ وَأَمَّا الرَّابِعُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيْنَ الثَّانِي فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ وَأَمَّا الْخَامِسُ فَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّ الْحَمْدَ مِنْ جُمْلَةِ النِّعَمِ وَبِأَنَّ إرَادَةَ الِاسْتِعْلَاءِ عَلَى الْإِنْعَامِ مُخِلٌّ بِالْبَلَاغَةِ فِي هَذَا الْمَحِلِّ وَلِهَذَا كَانَتْ النِّعْمَةُ فِي الْغَالِبِ إذَا ذُكِرَتْ مَعَ الْحَمْدِ فِي الْقُرْآنِ لَمْ تَقْتَرِنْ بِعَلَى وَحَيْثُ أُشِيرَ إلَى ذِكْرِ النِّعْمَةِ أُتِيَ بِعَلَى «كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ» إشَارَةً إلَى سِتْرِ النِّعْمَةِ وَاسْتِيلَاءِ الْحَمْدِ عَلَيْهَا. (3) وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ: صَلَّى فِعْلٌ مَاضٍ قِيَاسًا مَصْدَرُهُ التَّصْلِيَةُ وَهُوَ مَهْجُورٌ فَلَا يُقَالُ لِعَدَمِ السَّمَاعِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْقِيَاسُ. كَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَفِي الْقَامُوسِ مَا يُؤَيِّدُهُ حَيْثُ قَالَ صَلَّى صَلَاةً لَا تَصْلِيَةً دُعَاءً (انْتَهَى) . أَقُولُ دَعْوَى عَدَمِ السَّمَاعِ مَمْنُوعَةٌ فَقَدْ سُمِعَ فِي الشِّعْرِ الْقَدِيمِ كَمَا فِي الْعِقْدِ لِابْنِ عَبْدِ رَبِّهِ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQتَرَكْت الْقِيَانَ وَعَزْفَ الْقَيَانِ ... وَأَدْمَنْت تَصْلِيَةً وَابْتِهَالًا وَهُوَ مِنْ شِعْرٍ أَنْشَدَهُ ثَعْلَبٌ وَلَهُ قِصَّةٌ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرهَا ثُمَّ قَالَ قَوْلَهُ تَصْلِيَةً وَابْتِهَالًا تَصْلِيَةً مِنْ الصَّلَاةِ وَابْتِهَالًا مِنْ الدُّعَاءِ يُقَالُ صَلَّيْت صَلَاةً وَتَصْلِيَةً (انْتَهَى) . وَقَدْ ذَكَرَهُ الزَّوْزَنِيُّ فِي مَصَادِرِهِ فَقَالَ: التَّصْلِيَةُ " نماز كردن ودروددان " (انْتَهَى) . وَكَأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَهُ أَكْثَرُ أَهْلِ اللُّغَةِ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ قِيَاسِيٌّ وَأَهْلُ اللُّغَةِ عِنَايَتُهُمْ بِالْمَصَادِرِ السَّمَاعِيَّةِ دُونَ الْقِيَاسِيَّةِ فَتَرْكُهُمْ لَهُ وَإِنْ سُمِعَ اتِّكَالًا عَلَى الْقِيَاسِ. وَعَلَى هَذَا فَتَرْكُ اسْتِعْمَالِ التَّصْلِيَةِ فِي الْخُطَبِ إنَّمَا هُوَ لِإِيهَامِ اللَّفْظِ مَا لَيْسَ مُرَادًا وَهُوَ التَّصْلِيَةُ بِمَعْنَى التَّعْذِيبِ بِالنَّارِ فَإِنَّهُ مُصْدَرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ يُقَالُ صَلَاهُ تَصْلِيَةً كَمَا يُقَالُ صَلَّى تَصْلِيَةً لَا لِعَدَمِ السَّمَاعِ. وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ مُحَمَّدٍ الْقُهُسْتَانِيِّ وَالصَّلَاةُ اسْمٌ مِنْ التَّصْلِيَةِ وَكِلَاهُمَا مُسْتَعْمَلٌ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ بِمَعْنَى أَدَاءِ الْأَرْكَانِ، فَإِنَّ مَصْدَرَهُ لَمْ يُسْتَعْمَلْ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ. وَأَلِفُهَا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ الْوَاوِ وَلَمْ يُكْتَبْ بِهَا إلَّا فِي الْقُرْآنِ كَمَا قَالَ ابْنُ دُرُسْتَوَيْهِ (انْتَهَى) . هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِلَفْظِهَا عَلَى سَبِيلِ الْإِيجَازِ وَأَمَّا مَعْنَاهَا فَفِي الْكَشَّافِ فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى {يُقِيمُونَ الصَّلاةَ} [المائدة: 55] أَنَّهَا تَحْرِيكُ الصَّلَاتَيْنِ حَقِيقَةً سُمِّيَتْ بِهَا الْأَرْكَانُ الْمَخْصُوصَةُ لِتَحَرُّكِهِمَا فِيهَا ثُمَّ سُمِّيَ بِهَا الدُّعَاءُ تَشْبِيهًا لِلدَّاعِي بِالْمُصَلِّي فِي تَخَشُّعِهِ فَهِيَ فِي الدُّعَاءِ اسْتِعَارَةٌ مِنْ الْمَجَازِ الْمُرْسَلِ. وَفِي الْكَشَّافِ أَيْضًا عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ} [الأحزاب: 43] أَنَّ الصَّلَاةَ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَرْكَانِ الْمَخْصُوصَةِ ثُمَّ نُقِلَتْ إلَى الِانْعِطَافِ عَلَى وَجْهِ التَّرَحُّمِ كَانْعِطَافِ عَائِدِ الْمَرِيضِ عَلَيْهِ وَالْمَرْأَةِ عَلَى وَلَدِهَا لِوُجُودِهِ فِيهَا، ثُمَّ مِنْهُ إلَى الدُّعَاءِ فَيَكُونُ فِي الدُّعَاءِ مَجَازًا عَنْ الِاسْتِعَارَةِ (انْتَهَى) . وَفِي الْفَائِقِ أَنَّ الصَّلَاةَ تَقْوِيمُ الْعُودِ ثُمَّ قِيلَ لِلرَّحْمَةِ صَلَاةٌ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى تَقْوِيمِ الْعَمَلِ ثُمَّ نُقِلَتْ إلَى الدُّعَاءِ فَهِيَ فِي الدُّعَاءِ مَجَازٌ مُرْسَلٌ عَنْ الِاسْتِعَارَةِ (انْتَهَى) . وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنهمَا مِنْ الْخِلَافِ وَقَدْ تَعَقَّبَ مَا فِي الْكَشَّافِ الْعَلَّامَةُ سَعْد الدَّيْن فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ {وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ} [البقرة: 3] بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِنْصَافَ هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّهَا حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ فِي الدُّعَاءِ مَجَازٌ فِي الْعِبَادَةِ الْمَخْصُوصَةِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الدُّعَاءِ وَبَيَّنَ ذَلِكَ أَحْسَنَ بَيَانٍ. وَهَذَا هُوَ مَا اشْتَهَرَ بَيْنَهُمْ. وَفِي بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ لِابْنِ الْقَيِّمِ قَوْلُهُمْ الصَّلَاةُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِمَعْنَى الرَّحْمَةِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQبَاطِلٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى غَايَرَ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 157] وَالثَّانِي أَنَّ سُؤَالَ الرَّحْمَةِ يُشْرَعُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ وَالصَّلَاةَ تَخْتَصُّ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِآلِهِ فَهِيَ حَقٌّ لَهُ وَلِآلِهِ وَلِهَذَا مَنَعَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى مُعَيَّنٍ غَيْرِهِ وَلَمْ يَمْنَعْ أَحَدٌ مِنْ التَّرَحُّمِ عَلَى مُعَيَّنٍ غَيْرِهِ. الثَّالِثُ أَنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى عَامَّةٌ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وَصَلَاتَهُ خَاصَّةٌ بِخَوَاصِّ عِبَادِهِ وَقَوْلَهُمْ الصَّلَاةُ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ مُشْكِلٌ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا أَنَّ الدُّعَاءَ يَكُونُ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالصَّلَاةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْخَيْرِ وَالثَّانِي أَنَّ دَعَوْت يَتَعَدَّى بِاللَّامِ وَصَلَّيْت لَا يَتَعَدَّى إلَّا بِعَلَى وَدَعِي الْمُتَعَدِّي بِعَلَى لَيْسَ بِمَعْنَى صَلَّى وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَيْسَتْ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ وَالثَّالِثُ أَنَّ فِعْلَ الدُّعَاءِ يَقْتَضِي مَدْعُوًّا وَمَدْعُوًّا لَهُ تَقُولُ دَعَوْت اللَّهَ لَك بِخَيْرٍ. وَفِعْلُ الصَّلَاةِ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ فَلَا تَقُولُ صَلَّيْت اللَّهَ عَلَيْك وَلَا لَك فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْنَاهُ فَأَيُّ تَبَايُنٍ أَظْهَرُ مِنْ هَذَا؟ ، وَلَكِنَّ التَّقْلِيدَ يُعْمِي عَنْ إدْرَاكِ الْحَقَائِقِ فَإِيَّاكَ وَالْإِخْلَادَ إلَى أَرْضِهِ (انْتَهَى) قَوْلُهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ظَرْفٌ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِصَلَى وَفِي كَلَامِهِ إطْلَاقُ السَّيِّدِ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ حَكَاهَا ابْنُ الْمُنِيرِ فِي الْمُقْتَفَى أَحَدُهَا جَوَازُ إطْلَاقِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى غَيْرِهِ الثَّانِي لَا يُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ وَعَزَاهُ إلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ. الثَّالِثُ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِدَلِيلِ مَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالُوا لَهُ يَا سَيِّدَنَا قَالَ: إنَّمَا السَّيِّدُ اللَّهُ» . وَفِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يَرُدُّ هَذَا الْقَوْلَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عمران: 39] وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ» . كَذَا فِي التَّعْلِيقِ وَذَكَرَ الشِّهَابُ الْخَفَاجِيُّ أُسْتَاذُنَا عَنْ الْإِنْكَارِ حِكَايَةً عَنْ النَّحَّاسِ أَنَّهُ جَوَّزَ إطْلَاقَهُ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنْ يُعَرَّفَ قَالَ وَالْأَظْهَرُ جَوَازُهُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ لِغَيْرِهِ تَعَالَى ثُمَّ قَالَ قَدْ عَرَفْت الْأَقْوَالَ أَرْبَعَةً وَالصَّحِيحُ مِنْهَا أَنَّهُ يَجُوزُ إطْلَاقُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى غَيْرِهِ مُطْلَقًا وَهُوَ فِي اللَّهِ بِمَعْنَى الْعَظِيمِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَفِي غَيْرِهِ بِمَعْنَى الشَّرِيفِ الْفَاضِلِ الرَّئِيسِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَاسْتِعْمَالُ الْعَرَبِ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي الْمَحْكِيُّ عَنْ مَالِكٍ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الْإِطْلَاقِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَجْهُهُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ الَّتِي وَصَلَتْ إلَيْهِ وَلِأَنَّ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ مَنْ يَسُودُ قَوْمَهُ أَيْ يَرْأَسُهُمْ فَعِزُّهُ بِعِزِّهِمْ وَفَخْرُهُ بِكَوْنِهِ مَتْبُوعًا وَهَذَا لَا يَلِيقُ بِاَللَّهِ الْغَنِيِّ عَنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَالَمِينَ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ وَهُوَ اخْتِصَاصُهُ تَعَالَى بِهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ مَعْنَاهُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُتَصَرِّفُ فِي أُمُورِ غَيْرِهِ وَهَذَا لَا يَلِيقُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ الْقَائِلُ بِالتَّفْصِيلِ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ الْأَغْلَبِيِّ وَالْمُعَرَّفُ بِاللَّامِ هُوَ الْمَعْرُوفُ الْمَعْهُودُ بِالْعَظَمَةِ وَكَوْنُهُ مَلْجَأً أَوْ هُوَ أَيْضًا لَا يَلِيقُ بِغَيْرِهِ وَضَعْفُهُ ظَاهِرٌ لِمَا مَرَّ. 1 - وَمُحَمَّدٌ عَلَمٌ شَخْصِيٌّ لِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ مَعْنَى اللَّقَبِ مِنْ حَيْثُ إشْعَارِهِ بِالْمَدْحِ ذَكَرَهُ مُلَّا شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَهُوَ أَشْهَرُ أَسْمَائِهِ الشَّرِيفَةِ وَهِيَ أَلْفٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَقِيلَ ثَلَثُمِائَةٍ وَقِيلَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَهُوَ مَنْقُولٌ مِنْ اسْمِ مَفْعُولِ الْفِعْلِ الْمُضَعَّفِ أَيْ الْمُكَرَّرِ الْعَيْنِ وَهُوَ حُمِّدَ بِالتَّشْدِيدِ سَمَّاهُ بِهِ جَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِمَوْتِ أَبِيهِ فِي سَابِعِ وِلَادَتِهِ بِإِلْهَامٍ تَفَاؤُلًا بِأَنْ يَكْثُرَ حَمْدُ الْخَلْقِ لَهُ. وَفِي السِّيَرِ قِيلَ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِمَ سَمَّيْت ابْنَك مُحَمَّدًا وَلَيْسَ مِنْ أَسْمَاءِ آبَائِكَ وَلَا قَوْمِك قَالَ رَجَوْت أَنْ يُحْمَدَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ رَجَاءَهُ لِمَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ. وَقِيلَ لَمْ يُسَمَّ بِهِ أَحَدٌ قَبْلَهُ إلَّا خَمْسَةُ عَشَرَ كَمَا بَيَّنَهُ بَعْضُهُمْ وَأَمَّا اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمْ يُسَمَّ بِهِ أَحَدٌ قَبْل وِلَادَتِهِ وَقِيلَ إنَّ اللَّهَ سَمَّاهُ قَبْلَ خَلْقِ الْخَلْقِ بِأَلْفَيْ عَامٍ وَاشْتُقَّ لَهُ مِنْ الْحَمْدِ اسْمَانِ أَحَدُهُمَا يُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ فِي الْمَحْمُودِيَّةِ وَهُوَ مُحَمَّدٌ وَالْآخَرُ يُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ فِي الْحَامِدِيَّةِ وَهُوَ أَحْمَدُ، وَاشْتَهَرَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا وَهُوَ الْأَفْضَلُ عَلَى الْأَصَحِّ اشْتِهَارًا أَكْثَرَ وَخَصَّ بِهِ. كَلِمَةَ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ أَنْسَبُ بِمَا لَهُ مِنْ مَقَامِ الْمَحْمُودِيَّةِ وَهَذَا كُلُّهُ مَشْهُورٌ إلَّا التَّصْرِيحُ بِالْأَفْضَلِيَّةِ فَنَقَلَهُ بَعْضُ مَشَايِخِ شُيُوخِنَا. هَذَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَ أَحْمَدَ يُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ فِي الْحَامِدِيَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَنْقُولٌ مِنْ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَنْقُولٌ مِنْ الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ كَمَا قِيلَ بِهِ، فَلَا. وَقَدْ ادَّعَى السَّخَاوِيُّ فِي سَفَرِ السَّعَادَةِ وَسَفِيرِ الْإِفَادَةِ أَنَّ أَحْمَدَ أَبْلَغُ مِنْ مُحَمَّدٍ كَمَا أَنَّ أَحْمَرَ أَبْلَغُ مِنْ مُحَمَّرٍ وَذَكَرَ أَنَّهُ لَيْسَ مَنْقُولًا مِنْ الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ وَلَا هُوَ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ إنَّمَا مِثَالُ هَذَا أَنْ يُقَالَ لَك أَيْنَ مِنْ كَرَمَ أَفْعَلُ فَتَقُولُ أَكْرَمَ وَمِنْ هَذَا " اللَّهُ أَكْبَرُ ". وَذَكَرَ الْكَافِيجِيُّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهُ بِأَحْمَدَ قَبْلَ أَنْ سَمَّاهُ بِمُحَمَّدٍ لِلْآيَةِ أَعْنِي قَوْله تَعَالَى {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6] (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمُّلٌ وَمَا اشْتَهَرَ مِنْ أَنَّ مُحَمَّدًا مَنْقُولٌ مِنْ اسْمِ مَفْعُولِ الْفِعْلِ الْمُضَعَّفِ كَمَا سَبَقَ هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ وَقِيلَ مَنْقُولٌ مِنْ الْمَصْدَرِ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ كَمَا تَكُونُ اسْمَ مَفْعُولٍ كَمَا هُوَ الْكَثِيرُ تَكُونُ مَصْدَرًا كَمَا فِي

وَسَلَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْله تَعَالَى {وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} [سبأ: 19] وَقِيلَ أَنَّهُ مُرْتَجَلٌ وَمَشَى عَلَيْهِ ابْنُ مُعْطِي بَلْ صَرَّحَ الزَّجَّاجِيُّ بِأَنَّ الْأَعْلَامَ كُلَّهَا مُرْتَجِلَةٌ خِلَافًا لِسِيبَوَيْهِ فِي أَنَّهَا كُلَّهَا مَنْقُولَةٌ لِأَنَّ النَّقْلَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِدَلِيلٍ وَلَا دَلِيلَ عَلَى قَصْدِ النَّقْلِ إذْ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالتَّصْرِيحِ مِنْ الْوَاضِعِ. وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ تَصْرِيحٌ. أَقُولُ هَذَا لَا يَتِمُّ فِي اسْمِ مُحَمَّدٍ وَإِنْ تَمَّ فِي غَيْرِهِ لِأَنَّ دَلِيلَ قَصْدِ النَّقْلِ مِنْ الْوَاضِعِ مَوْجُودٌ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْمُتَقَدِّمُ. وَفِي شَرْحِ الْهَادِي مُحَمَّدٌ مُفَعَّلٌ مِنْ الْحَمِيدِ وَالتَّكْرِيرُ فِيهِ لِلتَّكْثِيرِ مَنْقُولٌ مِنْ الصِّفَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّفَاؤُلِ وَأَخْطَأَ مَنْ قَالَ أَنَّهُ مُرْتَجَلٌ (انْتَهَى) . وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قُلْته. قَالَ أُسْتَاذُنَا كَأَنَّهُ أَيْ الْقَائِلُ بِالِارْتِجَالِ ادَّعَى أَنَّ الْعَرَبَ إنَّمَا قَالَتْ فِي غَيْرِ الْعَلَمِ مَحْمُودٌ لَا مُحَمَّدٌ وَهَذَا مُرَادُ حَسَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِقَوْلِهِ: فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وَهَذَا مُحَمَّدٌ. فَتَدَبَّرْ (انْتَهَى) . أَقُولُ وَجْهُ التَّدَبُّرِ أَنَّهُ سُمِعَ فِي الْوَصْفِيَّةِ بِغَيْرِ الْعَلَمِيَّةِ مُحَمَّدٌ قَالَ الْأَعْشَى: إلَيْك أَبَيْت اللَّعْنَ كَانَ كَلَالَهَا ... إلَى الْمَاجِدِ الْفَرْعِ الْجَوَّادِ الْمُحَمَّدِ (4) وَسَلَّمَ: أَيْ عَلَيْهِ وَحَذَفَ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ وَهُوَ كَثِيرٌ وَمَصْدَرُ سَلَّمَ التَّسْلِيمُ، وَالسَّلَامُ اسْمٌ مِنْهُ وَمَعْنَاهُ السَّلَامَةُ مِنْ النَّقَائِصِ وَيَكُونُ بِمَعْنَى التَّحِيَّةِ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ كَرِهَ إفْرَادَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخِرِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَنَا لَا يُكْرَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَهَذَا الْخِلَافُ فِي حَقِّ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ كَرَاهَةِ الْأَفْرَادِ لِأَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَمَنْ ادَّعَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُورِدَ نَقْلًا صَرِيحًا وَلَا يَجِدُ إلَيْهِ سَبِيلًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. كَذَا فِي شَرْحِ الْعَلَّامَةِ مَيْرَكٍ عَلَى الشَّمَائِلِ ثُمَّ إنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مَعْطُوفَتَانِ عَلَى جُمْلَةِ الْحَمْدِ عَطْفُ فِعْلِيَّةٍ عَلَى اسْمِيَّةٍ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحْسَنٍ كَمَا فِي مُغْنِي اللَّبِيبِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ هُمَا مَعْطُوفَتَانِ عَلَى جُمْلَةِ أَنْعَمَ وَالتَّقْدِيرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إنْعَامِهِ وَعَلَى صَلَاتِهِ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَسَلَامِهِ. وَعَلَى هَذَا فَيَكُونَانِ مِنْ جُمْلَةِ الْمَحْمُودِ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ هَذَا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَالصِّنَاعَةِ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ فَوَاتُ إحْرَازِ فَضِيلَةِ الصَّلَاةِ بِالْكِتَابَةِ وَإِنْ حَصَلَتْ بِالنُّطْقِ وَهُوَ خِلَافُ

وَبَعْدُ؛ فَإِنَّ الْفِقْهَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ فِي الْخُطَبِ 1 - بَقِيَ أَنْ يُقَالَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَتَشَهَّدْ فِي خُطْبَتِهِ وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ فَهِيَ كَالْيَدِ الْجَذْمَاءِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ. قِيلَ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ تَشَهَّدَ بِاللِّسَانِ يَدْفَعُهُ صَرِيحُ لَفْظِ الْحَدِيثِ (انْتَهَى) . أَقُولُ لَيْسَ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ صَرَاحَةٌ بِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِالتَّشَهُّدِ فِي الْخُطْبَةِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْكِتَابَةِ حَتَّى يَكُونَ دَافِعًا لِلْجَوَابِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ وَمَا قِيلَ فِي الْجَوَابِ بِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ لِينًا غَيْرُ سَدِيدٍ لِأَنَّهُ بِفَرْضِ ذَلِكَ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْفَضَائِلِ كَيْفَ وَقَدْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ؟ ، وَمَا قِيلَ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي خُطْبَةِ النِّكَاحِ لَا فِي الْكُتُبِ وَالرَّسَائِلِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْعَامَّ يَجْرِي عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى يَرِدَ مَا يُخَصِّصُهُ. وَذِكْرُهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ لَا يَصْلُحُ مُخَصِّصًا وَقَوْلُ التُّورْبَشْتِيِّ: الْمُرَادُ بِالتَّشَهُّدِ الْحَمْدُ رُدَّ بِالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى " كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا شَهَادَتَانِ " وَبِأَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ لِلتَّشَهُّدِ هُوَ الْإِتْيَانُ بِالشَّهَادَةِ وَأَمَّا هَذَا فَهُوَ مَعْنًى مَجَازِيٌّ وَالْحَمْلُ عَلَى الْمَجَازِ بِغَيْرِ قَرِينَةٍ صَارِفَةٍ عَنْ الْحَقِيقَةِ غَيْرُ مَرْضِيٍّ (5) وَبَعْدُ فَإِنَّ الْفِقْهَ: بَعْدُ، كَلِمَةٌ يُؤْتَى بِهَا لِلِانْتِقَالِ مِنْ أُسْلُوبٍ إلَى آخَرَ وَهُوَ ظَرْفُ زَمَانٍ بِمَعْنَى كَثِيرًا وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي الْمَكَانِ وَيَصِحُّ إرَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا هَاهُنَا وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الضَّمِّ، لِحَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِيَّةٌ مَعْنَاهُ أَيْ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ فِي الْإِشَارَاتِ وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي ضَبْطِ بَعْدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا الضَّمُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، ثَانِيهَا مَعَ التَّنْوِينِ، ثَالِثهَا: النَّصْبُ وَالتَّنْوِينُ، رَابِعُهَا: فَتْحُ الدَّالِ مَعَ تَقْدِيرِ لَفْظِ الْمُضَافِ إلَيْهِ حَكَاهُ النَّحَّاسُ (انْتَهَى) . وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ تَأْتِي هُنَا مَا عَدَا النَّصْبَ مَعَ التَّنْوِينِ فَإِنَّهَا لَمْ تُرْسَمْ بِأَلْفٍ وَقَدْ بَيَّنَ ابْنُ هِشَامٍ تِلْكَ الْأَوْجُهَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الضَّمِّ إذَا حُذِفَ الْمُضَافُ إلَيْهِ وَنُوِيَ مَعْنَاهُ وَتُعْرَبُ فِي ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَهِيَ مَا إذَا ذُكِرَ الْمُضَافُ إلَيْهِ أَوْ حُذِفَ وَنُوِيَ لَفْظُهُ أَوْ حُذِفَ وَلَمْ يُنْوَ شَيْءٌ وَلَمْ يُذْكَرْ الضَّمُّ مَعَ التَّنْوِينِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْثَمِيِّ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّهَا فَاعِلٌ لَفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ مَهْمَا يَكُنْ بَعْدُ أَيْ يُوجَدُ. قَالَ الشِّهَابُ أَحْمَدُ الْغَيْنَمِيُّ وَهُوَ قَرِيبٌ (انْتَهَى) . (أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فَاسِدًا فَهُوَ بَعِيدٌ فَمَا مَعْنَى نِسْبَةُ الْوُجُودِ إلَى بَعْدُ؟ وَكَوْنُ الْمُرَادُ لَفْظَهَا بَعِيدٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ فِي التَّعْلِيقِ وَالْغَرَضِ مِنْهُ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَبَعْدُ قَدْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQاخْتَلَفُوا فِيهَا فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهَا عَاطِفَةُ قِصَّةٍ عَلَى قِصَّةٍ، أَيْ عَاطِفَةُ مَضْمُونٍ سِيقَ لِغَرَضِ سَبَبِ التَّصْنِيفِ عَلَى مَضْمُونٍ سِيقَ لِقَصْدِ التَّبَرُّكِ، وَالْعَامِلُ فِي بَعْدُ عَلَى هَذَا مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ أَقُولُ. وَنَحْوُهُ، وَالْفَاءُ زَائِدَةٌ لِلْإِشْعَارِ بِاللُّزُومِ أَوْ عَاطِفَةٌ. وَالتَّقْدِيرُ: وَأَقُولُ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ. كَذَا قِيلَ. أَقُولُ لَا يَتَأَتَّى الْإِشْعَارُ بِاللُّزُومِ إذَا كَانَتْ الْوَاوُ عَاطِفَةً وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمُحَقِّقُ الرَّضِيُّ إنَّ الْفَاءَ دَخَلَتْ لِتَوَهُّمِ: إمَّا إجْرَاءً لِلْمُتَوَهَّمِ مَجْرَى الْمُحَقَّقِ أَوْ لِتَقْدِيرِ " أَمَّا " قَبْلَ " بَعْدُ " عَلَى مَا جَوَّزَهُ الْجُرْجَانِيُّ. وَقَدْ جَوَّزَ الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدٌ الْقُهُسْتَانِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى النُّقَايَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَبَعْدُ. فَإِنَّ الْمُتَوَسِّلَ إلَى اللَّهِ بِأَقْوَى الذَّرِيعَةِ، أَنْ يَكُونَ الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ وَالْفَاءُ لِلتَّعْلِيلِ وَبَيَّنَهُ بِمَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ الْبَعِيدِ ثُمَّ قَالَ وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا لِمَا فِي الْمَشْهُورِ مِنْ الضَّعْفِ فَإِنَّ تَقْدِيرَ " أَمَّا " مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَ الْجَزَاءِ أَمْرًا وَنَهْيًا نَاصِبًا لِمَا قَبْلَهَا أَوْ مُفَسِّرًا لَهُ كَمَا فِي الرَّضِيِّ وَأَمَّا تَوَهُّمُ " أَمَّا " فَلَمْ يَعْتَبِرْهُ أَحَدٌ مِنْ النَّحْوِيِّينَ (انْتَهَى) . وَقَدْ جَوَّزَ الْفَاضِلُ الدَّمَامِينِيُّ فِي الْمَنْهَلِ الصَّافِي شَرْحِ الْوَافِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَبَعْدُ فَقَالَ: أَضْعَفُ عِبَادِ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ الْوَاوُ لِلْعَطْفِ وَالْفَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَوْ عَاطِفَةً أَوْ زَائِدَةً وَقَرَّرَ ذَلِكَ بِمَا يَطُولُ فَرَاجِعْهُ. وَقِيلَ الْوَاوُ فِي وَبَعْدُ لَيْسَتْ عَاطِفَةً بَلْ عِوَضًا عَنْ أَمَّا وَالْعَامِلُ فِي بَعْدُ الْفِعْلُ الْمُقَدَّرُ وَوَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْعَامِلَ فِي بَعْدُ هَاهُنَا الْوَاوُ النَّائِبَةُ عَنْ أَمَّا الْمُتَضَمِّنَةُ مَعْنَى الشَّرْطِ وَفِعْلِهِ وَالتَّقْدِيرُ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ (انْتَهَى) . وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ بَحَثَ الْمُحَقِّقُ الْفَزِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي حَوَاشِي التَّلْوِيحِ فِي جَعْلِ الْوَاوِ عِوَضًا عَنْ أَمَّا بِأَنْ جَعَلَهَا عِوَضًا يَقْتَضِي مُنَاسَبَةً بَيْنَ الْوَاوِ وَأَمَّا مُصَحَّحَةً لِتَعْوِيضِهَا وَلَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَهُمَا (انْتَهَى) . وَقَالَ ابْنُ إيَازٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ الْفُصُولِ وَأَمَّا حَذْفُ أَمَّا فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ أَمَّا نَائِبَةٌ عَنْ الْفِعْلِ وَأَدَاةِ الشَّرْطِ مَعًا فَلَوْ حُذِفَ كَانَ فِيهِ حَذْفُ النَّائِبِ وَالْمَنُوبِ وَهَذَا إجْحَافٌ كَثِيرٌ وَقَدْ ارْتَكَبَ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ هَذَا الْمَحْظُورَ وَاسْتَسْهَلُوهُ وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ أَمَّا مَعَ بَعْدُ فَيَقُولُونَ فِي أَمَّا بَعْدُ: وَبَعْدُ فَإِنَّ الْأَمْرَ كَذَا. وَقَدْ صَنَعَ ابْنُ مُعْطِي فِي خُطْبَةِ أَلْفِيَّتِهِ هَذَا فَقَالَ: وَبَعْدُ فَالْعِلْمُ جَلِيلُ الْقَدْرِ. وَمُرَادُهُ أَمَّا بَعْدُ (انْتَهَى) . أَقُولُ فِي كَوْنِ مَا صَنَعَهُ ابْنُ مُعْطِي مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ نَظَرٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالْوَاوِ الْعَطْفَ لَا أَنَّهَا عِوَضٌ عَنْ أَمَّا، وَكَوْنُ مُرَادِهِ أَمَّا بَعْدُ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ قَاطِعَةٌ عَلَيْهِ وَعَلَى تَسْلِيمِهِ فَقَدْ نَقَلَ الرَّضِيُّ أَنَّ أَمَّا يَجُوزُ حَذْفُهَا إذَا كَانَ الْجَزَاءُ

أَشْرَفُ الْعُلُومِ قَدْرًا، 7 - وَأَعْظَمُهَا أَجْرًا، 8 - وَأَتَمُّهَا عَائِدَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمْرًا نَهْيًا فَمَنْعُ جَوَازِ حَذْفِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ مَمْنُوعٌ فَتَأَمَّلْ وَالْفِقْهُ هُوَ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقِهَا بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ لَا الْعِلْمِ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ كَذَا فِي فُصُولِ الْبَدَائِعِ. (6) أَشْرَفُ الْعُلُومِ قَدْرًا: الشَّرَفُ الْعُلُوُّ وَقَدْرًا مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ وَهُوَ مَبْلَغُ الشَّيْءِ وَأَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ كَمَا فِي الْمَغْرِبِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمَرْتَبَةُ وَالْمَزِيَّةُ وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ عِلْمَ الْفِقْهِ أَشْرَفُ مِنْ عِلْمِ الْكَلَامِ وَالتَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْعُلُومَ أَشْرَفُ مِنْ الْفِقْهِ لِأَنَّ شَرَفَ الْعِلْمِ بِشَرَفِ مَوْضُوعِهِ وَمَوْضُوعُ هَذِهِ الْعُلُومِ أَشْرَفُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَحِينَئِذٍ فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ مِنْ أَشْرَفِ الْعُلُومِ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ مُرَادَهُ مِنْ الْفِقْهِ مَعْرِفَةُ النَّفْسِ مَا لَهَا وَمَا عَلَيْهَا فَيَدْخُلُ عِلْمُ الْكَلَامِ فِيهِ لَكِنَّ الْمَقَامَ يُنْبِئُ عَنْهُ (انْتَهَى) . وَفِيهِ أَنَّهُ مَعَ نُبُوءِ الْمَقَامِ عَنْهُ غَيْرُ حَاسِمٍ لِمَادَّةِ الْإِشْكَالِ. وَالْحَقُّ أَنْ يُقَالَ أَنَّ اللَّامَ فِي الْعُلُومِ لَيْسَتْ لِلِاسْتِغْرَاقِ بَلْ لِلْجِنْسِ وَالْحُكْمُ عَلَى الْجِنْسِ لَا يَسْتَدْعِي الْحُكْمَ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ الْفِقْهُ مِنْ جُمْلَةِ الْعُلُومِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مُفَضَّلًا عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّ اسْمَ التَّفْضِيلِ إذَا أُضِيفَ وَقُصِدَ بِهِ الزِّيَادَةُ عَلَى مَا أُضِيفَ إلَيْهِ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ اسْتِعْمَالِهِ أَنْ يَكُونَ بَعْضًا مِمَّا أُضِيفَ إلَيْهِ؛ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ لُغَةً خَارِجٌ عَنْهُ مُرَادًا كَمَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَّصِلِ وَالْمَقْصُودُ تَفْضِيلُهُ عَلَى مَا يُشَارِكُهُ فِي هَذَا الْمَفْهُومِ أَعْنِي مَفْهُومَ الشَّرَفِ فَلَا يَلْزَمُ التَّفْضِيلُ عَلَى نَفْسِهِ كَذَا حَقَّقَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ فِي مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ فَلْيُحْفَظْ. (7) وَأَعْظَمُهَا أَجْرًا: الْعِظَمُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ ضِدُّ الصِّغَرِ وَمَتَى وُصِفَ عَبْدٌ بِالْعَظَمَةِ فَهُوَ ذَمٌّ وَالْأَجْرُ الْجَزَاءُ عَلَى الْعَمَلِ كَالْإِجَارَةِ مُثَلَّثَةً وَالْجَمْعُ أُجُورٌ. (8) وَأَتَمُّهَا عَائِدَةً: التَّمَامُ ضِدُّ النُّقْصَانِ وَالْعَائِدَةُ الْمَعْرُوفُ وَالصِّلَةُ وَالْعَطْفُ وَالْمَنْفَعَةُ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَخِيرُ (أَقُولُ) وَعَلَى كَوْنِ الْعَائِدِ بِمَعْنَى الصِّلَةِ يُعْجِبُنِي قَوْلُ بَعْضِ الْأُدَبَاءِ: لَقَدْ مَرِضْت وَعَادَنِي ... مَنْ لَيْسَ مَعَهُ خَرْدَلَةٌ تَعْسًا لَهُ مِنْ زَائِرٍ ... وَعَائِدٍ بِلَا صِلَةٍ

وَأَعَمُّهَا فَائِدَةً، 10 - وَأَعْلَاهَا مَرْتَبَةً 11 - وَأَسْنَاهَا مَنْقَبَةً، 12 - يَمْلَأُ الْعُيُونَ نُورًا، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَعَمُّهَا فَائِدَةً: أَعَمُّ مِنْ الْعُمُومِ وَهُوَ الشُّمُولُ يُقَالُ أَعَمُّهُمْ بِالْعَطِيَّةِ أَيْ أَشْمَلُهُمْ فَلَمْ يَفُتْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَالْفَائِدَةُ لُغَةً مِنْ الْفُؤَادِ لِأَنَّهَا تُعْقَلُ بِهِ وَعَلَيْهِ قَوْلُ أُسْتَاذِي: مِنْ الْفُؤَادِ اُشْتُقَّتْ الْفَائِدَةُ ... وَالنَّفْسُ يَا صَاحِ بِذَا شَاهِدَةٌ لِذَا تَرَى أَفْئِدَةَ النَّاسِ قَدْ ... مَالَتْ لِمَنْ فِي قُرْبِهِ فَائِدَةٌ أَوْ مِنْ الْفَيْدِ مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ عِلْمٍ أَوْ مَالٍ وَفَسَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِالزِّيَادَةِ تَحْصُلُ لِلْإِنْسَانِ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ فَادَتْ لَهُ فَائِدَةً وَفَيْدًا وَأَفَدْته أَعْطَيْته وَأَفَدْت مِنْهُ أَخَذَتْ وَعُرْفًا كُلُّ نَافِعٍ دِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ أَوْ هِيَ مَا يَكُونُ بِهِ الشَّيْءُ أَحْسَنَ حَالًا مِنْهُ بِغَيْرِهِ. (10) وَأَعْلَاهَا مَرْتَبَةً: أَيْ أَرْفَعُهَا مَنْزِلَةً قَالَ فِي الْقَامُوسِ الرُّتْبَةُ بِالضَّمِّ وَالْمَرْتَبَةُ الْمَنْزِلَةُ. (11) وَأَسْنَاهَا مَنْقَبَةً: السَّنَا ضَوْءُ الْبَرْقِ وَيُمَدُّ. وَالْمَنْقَبَةُ بِالْفَتْحِ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ عِلْمَ الْفِقْهِ أَظْهَرُ الْعُلُومِ طَرِيقًا لِأَنَّ طَرِيقَهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ قَوْلِيًّا أَوْ فِعْلِيًّا أَوْ سُكُوتِيًّا وَالْقِيَاسُ الصَّحِيحُ. وَهَذِهِ فِي صِحَّةِ الدَّلَالَةِ وَظُهُورِهَا لَا يُضَاهِيهَا غَيْرُهَا مِنْ الدَّلَالَاتِ الْعَقْلِيَّةِ وَالطَّبْعِيَّةِ وَالْعَادِيَّةِ لِاخْتِلَافِهَا وَعَدَمِ انْضِبَاطِهَا لِاخْتِلَافِ الْعُقُولِ وَالطِّبَاعِ وَالْعَادَاتِ وَفَسَّرَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ الْمَنْقَبَةَ هُنَا بِالْفِعْلِ الْكَرِيمِ وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (12) يَمْلَأُ الْعُيُونَ نُورًا: يَمْلَأُ مِنْ الْمِلْءِ وَهُوَ مِقْدَارُ مَا يَأْخُذُهُ الْإِنَاءُ إذَا امْتَلَأَ يُقَالُ مَلَأْت الْوِعَاءَ فَهُوَ مَلْءٌ وَامْتَلَأَ بَطْنُهُ وَتَمَلَّأَ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَمَنْ الْمَجَازِ نَظَرْت إلَيْهِ فَمَلَأْت مِنْهُ عَيْنِي وَهُوَ مَلْآنُ مِنْ الْكَرَمِ ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَالْعُيُونُ جَمْعُ عَيْنٍ الْبَاصِرَةُ وَهِيَ مُؤَنَّثٌ وَالْمُرَادُ عَيْنُ الْبَصِيرَةِ لَا الْبَاصِرَةُ إلَّا بِتَكَلُّفٍ. وَالنُّورُ بِالضَّمِّ قِيلَ أَنَّهُ كَيْفِيَّةٌ عَارِضَةٌ مِنْ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنَّارِ عَلَى ظَاهِرِ الْأَجْسَامِ بِعُرُوضِهَا تُصَيِّرُ الْمَرْئِيَّاتِ مُنْكَشِفَةً مُتَجَلِّيَةً؛ وَلِهَذَا قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ هُوَ الظَّاهِرُ بِنَفْسِهِ الْمُظْهِرُ لِغَيْرِهِ. وَالْحَقُّ أَنَّهُ الثَّانِي مِنْ الْأَضْوَاءِ وَالْأَضْوَاءُ قِيلَ هِيَ أَجْسَامٌ شَفَّافَةٌ تَنْفَصِلُ عَنْ الْمُضِيءِ لِأَنَّهَا مُتَحَرِّكَةٌ بِدَلِيلِ

وَالْقُلُوبَ سُرُورًا، ـــــــــــــــــــــــــــــQانْحِدَارِهَا عَنْ الْكَوَاكِبِ وَانْعِكَاسِهَا وَكُلُّ مُتَحَرِّكٍ جِسْمٌ. وَرُدَّ بِمَنْعِ حَرَكَتِهَا. وَقَوْلُهُ لِأَنَّهَا مُتَحَرِّكَةٌ وَفِي نُسْخَةٍ مُنْحَدِرَةً وَمُنْعَكِسَةً قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ بَلْ هُوَ يُحْدِثُ فِي مُقَابِلَةِ الْمُقَابِلِ دَفَعَهُ لَكِنْ لَمَّا كَانَ حُدُوثُهُ مِنْ شَيْءٍ عَالٍ فِي مَكَان مُقَابِلٍ سَبَقَ إلَى الْوَهْمِ أَنَّهُ مُنْحَدِرٌ وَمُنْعَكِسٌ فَالْحَقُّ أَنَّهَا كَيْفِيَّاتٌ فَمِنْهَا مَا هُوَ ضَوْءٌ أَوَّلٌ وَهُوَ الْحَاصِلُ فِي الْجِسْمِ مِنْ مُقَابَلَةِ الْمُضِيءِ لِذَاتِهِ كَضَوْءِ وَجْهِ الْأَرْضِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيُسَمَّى ضِيَاءٌ إنْ قَوِيَ وَشُعَاعًا إنْ ضَعُفَ وَمِنْهَا مَا هُوَ ثَانٍ وَهُوَ الْحَاصِلُ فِي الْجِسْمِ مِنْ مُقَابَلَةِ الْمُضِيءِ بِالْغَيْرِ كَالضَّوْءِ الْحَاصِلِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَقْتَ الْإِسْفَارِ وَعَقِيبَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَإِنَّهُ صَارَ مُضِيئًا بِالْهَوَى الَّذِي صَارَ مُضِيئًا بِالشَّمْسِ وَكَالضَّوْءِ الْحَاصِلِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَقْتَ الْإِسْفَارِ مِنْ مُقَابَلَةِ الْقَمَرِ وَيُسَمَّى هَذَا النَّوْعُ نُورًا وَالْكَلَامُ مُشْتَمِلٌ عَلَى تَشْبِيهِ الْمَعْقُولِ بِالْمَحْسُوسِ بِوَجْهٍ تَخْيِيلِيٍّ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْبِدْعَةُ وَكُلُّ مَا هُوَ جَهْلٌ يَجْعَلُ صَاحِبَهَا كَمَنْ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ فَلَا يَهْتَدِي لِلطَّرِيقِ وَلَا يَأْمَنُ أَنْ يَنَالَ مَكْرُوهًا شُبِّهَتْ الْبِدْعَةُ بِالظُّلْمَةِ فَلَزِمَ أَنْ يُشَبَّهَ عِلْمُ الشَّرِيعَةِ وَكُلُّ مَا هُوَ عِلْمٌ وَهِدَايَةٌ بِالنُّورِ. وَشَاعَ هَذَا حَتَّى تُخُيِّلَ أَنَّهُ مِمَّا لَهُ بَيَاضٌ وَإِشْرَاقٌ كَذَا فِي التَّقْرِيرِ. أَقُولُ عَلَى هَذَا كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْقُلُوبِ دُونَ الْعُيُونِ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِلنُّورِ بِمَعْنَى الْعِلْمِ وَأَنْ يُعَبِّرَ فِي الْفِقْرَةِ الَّتِي بَعْدَهَا بِالنُّفُوسِ بَدَلَ الْقُلُوبِ دُونَ الْعُيُونِ وَاعْلَمْ أَنَّ النُّور مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَلَهُ سِرٌّ عَظِيمٌ مَنْ كَتَبَهُ هَكَذَا " ن ور " خَمْسَ مَرَّاتٍ وَعَلَّقَهُ عَلَى مَنْ شَكَا وَجَعَ مَعِدَتِهِ وَخَفَقَانَ قَلْبِهِ أَزَالَ اللَّهُ تَعَالَى مَا يَشْكُوهُ وَإِذَا وُضِعَ عَلَى مَوْضِعِ أَلَمٍ سَكَنَ. (13) وَالْقُلُوبَ سُرُورًا: الْقُلُوبُ جَمْعُ قَلْبٍ وَهُوَ الْفُؤَادُ أَوْ أَخُصُّ مِنْهُ وَالْعَقْلُ كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ الْقَلْبُ مُضْغَةٌ فِي الْفُؤَادِ مُعَلَّقَةٌ بِالنِّيَاطِ فَهُوَ أَخُصُّ مِنْ الْفُؤَادِ وَفِي الصِّحَاحِ أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ. قَالَ الْبَدْرُ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَحْسَنُ قَوْلُ غَيْرِهِ الْفُؤَادُ غِشَاءُ الْقَلْبِ وَالْقَلْبُ حَبَّةُ سُوَيْدَاهُ وَيُؤَيِّدُ الْفَرْقَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَلْيَنَ قُلُوبًا وَأَرَقَّ أَفْئِدَةً) وَفِي شَرْحِ الشِّفَاءِ لِلسَّيِّدِ عِيسَى الصَّفَوِيِّ أَنَّ الْفُؤَادَ ثَابِتٌ فِي الْجَنْبِ الْأَيْسَرِ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَنَّهُ مَحِلُّ الْعِلْمِ، وَالْقُوَّةِ الْمُدْرِكَةِ قَائِمَةٌ بِهِ، لَا بِالدِّمَاغِ (انْتَهَى) . وَهُوَ مَنْبَعُ الْحَيَاةِ وَعُنْصُرٌ لِحَرَارَةِ الْجِسْمِ وَلِتَحْقِيقِ أَنَّهُ سِرٌّ لَطِيفٌ بِهِ يُدْرِكُ الْإِدْرَاكَ وَيُعَبِّرُ عَنْهُ بِهَذِهِ الْجَارِحَةِ تَقْرِيبًا لِلْأَذْهَانِ. قِيلَ وَيُسَمَّى الْقَلْبُ قَلْبًا لِتَقَلُّبِهِ وَعَلَيْهِ قَوْلُ بَعْضِ الْأُدَبَاءِ:

وَالصُّدُورَ انْشِرَاحًا 15 - وَيُفِيدُ الْأُمُورَ اتِّسَاعًا وَانْفِتَاحًا، 16 - هَذَا لِأَنَّ مَا بِالْخَاصِّ وَالْعَامِّ مِنْ الِاسْتِقْرَارِ عَلَى سُنَنِ النِّظَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلصَّبِّ بَعْدَك حَالَةٌ لَا تُعْجِبُ ... وَتَتِيهُ مِنْ صَلَفٍ عَلَيْهِ وَتَعْجَبُ وَأَقُولُ لِلْقَلْبِ الَّذِي لَا يَنْتَهِي ... عَنْ حُبِّهِ أَبَدًا وَلَا يَتَجَنَّبُ قَدْ كَادَ أَنَّك لَا يُسَمِّيك الْوَرَى ... قَلْبًا لِأَنَّك عَنْهُ لَا تَتَقَلَّبُ وَالسُّرُورُ الْفَرَحُ. (14) وَالصُّدُورَ انْشِرَاحًا: الصُّدُورُ جَمْعُ صَدْرٍ أَعْلَى مُقَدِّمِ كُلِّ شَيْءٍ وَالصَّدْرُ مُذَكَّرٌ وَأُنِّثَ فِي قَوْلِ الْأَعْشَى: وَتَشْرَقُ بِالْقَوْلِ الَّذِي قَدْ أَذَعْته ... كَمَا شَرِقَتْ صَدْرُ الْقَنَاةِ مِنْ الدَّمِ لِاكْتِسَابِهِ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَقَدْ تَقَصَّيْت عَمَّا يَكْتَسِبُهُ الْمُضَافُ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ فَأَوْصَلْت ذَلِكَ إلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَيْئًا وَلَمْ يَسْبِقنِي أَحَدٌ إلَى ذَلِكَ إذْ غَايَةُ مَا أَوْصَلَهَا الْجَمَالُ بْنُ هِشَامٍ فِي الْمُغْنِي إلَى عَشْرَةٍ وَالْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ النَّحْوِيَّةِ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَقَدْ نَظَمْتهَا فِي أَبْيَاتٍ وَهِيَ: ثَمَانٌ وَعَشْرٌ يَكْتَسِبُهَا الْمُضَافُ مِنْ ... مُضَافٍ إلَيْهِ فَأُسْمِعْتهَا مُفَصِّلًا فَتَعْرِيفٌ تَخْصِيصٌ وَتَخْفِيفٌ بَعْدَهُ ... بِنَاءٌ وَإِعْرَابٌ وَتَصْغِيرٌ قَدْ تَلَا وَتَذْكِيرٌ تَأْنِيثٌ وَتَصْدِيرٌ بَعْدَهُ ... إزَالَةُ قُبْحٍ وَالتَّجَوُّزُ يَا فَلَا وَظَرْفِيَّةٌ جِنْسِيَّةٌ مَصْدَرِيَّةٌ ... وَشَرْطٌ وَتَنْكِيرٌ فَلَا تَكُ مُهْمِلَا وَتَثْنِيَةٌ جَمْعٌ وَقَدْ تَمَّ جَمْعُنَا ... صَحِيحًا مِنْ الْأَدْوَا عَلَى رَغْمِ مَنْ قَلَا وَالِانْشِرَاحُ مُطَاوِعٌ شَرَحْته فَانْشَرَحَ أَيْ وَسَّعْته فَاتَّسَعَ لَكِنَّ بَابَ الْمُطَاوَعَةِ تَخُصُّ بِكُلِّ فِعْلٍ عِلَاجِيٍّ وَشَرْحُ الصَّدْرِ أَمْرٌ مَعْنَوِيٌّ لَا مُعَالَجَةَ فِيهِ فَتَأَمَّلْ. (15) وَيُفِيدُ الْأُمُورَ اتِّسَاعًا وَانْفِتَاحًا: الْإِفَادَةُ بَذْلُ الْفَائِدَةِ وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهَا وَالْأُمُورُ جَمْعُ أَمْرٍ بِمَعْنَى الْحَادِثَةِ قَالَ الرَّضِيُّ فِي شَرْحِ الشَّافِيَةِ يُطْلَقُ الْأَمْرُ عَلَى الشَّيْءِ فَيَشْتَمِلُ الْأَعْيَانَ وَالْمَعَانِيَ. وَالِاتِّسَاعُ مُطَاوِعٌ وَسَّعَهُ فَاتَّسَعَ مِنْ وَسَّعَهُ تَوْسِيعًا ضِدُّ ضَيَّقَهُ وَالِانْفِتَاحُ مُطَاوِعُ فَتَحَهُ فَانْفَتَحَ ضِدُّ غَلَقَ. (16) هَذَا لِأَنَّ مَا بِالْخَاصِّ وَالْعَامِّ مِنْ الِاسْتِقْرَارِ عَلَى سُنَنِ النِّظَامِ وَالِاسْتِمْرَارِ عَلَى

وَالِاسْتِمْرَارِ عَلَى وَتِيرَةِ الِاجْتِمَاعِ وَالِالْتِئَامِ، 17 - إنَّمَا هُوَ بِمَعْرِفَةِ الْحَلَالِ مِنْ الْحَرَامِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتِيرَةِ الِاجْتِمَاعِ وَالِالْتِئَامِ: كَلِمَةُ هَذَا مُسْتَعْمَلَةٌ هُنَا لِلرَّبْطِ أَيْ لِرَبْطِ مَا بَعْدَهَا بِمَا قَبْلَهَا عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ} [ص: 55] وَالْإِشَارَةُ تَعُودُ إلَى اتِّصَافِ الْفِقْهِ بِمَا ذُكِرَ وَالْمَقْصُودُ هُنَا رَبْطُ الْمَعْلُولِ بَعْلَتِهِ وَالْعَامُّ التَّامُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَاسْمُ جَمْعٍ لِلْعَامَّةِ ضِدُّ الْخَاصَّةِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا. وَالْخَاصُّ وَالْخَاصَّةُ ضِدُّ الْعَامِّ وَالْعَامَّةُ وَالْخُوَيْصَةُ تَصْغِيرُ الْخَاصَّةِ يَاؤُهَا سَاكِنَةٌ لِأَنَّ يَاءَ التَّصْغِيرِ لَا يَتَحَرَّكُ وَقَوْلُهُ مِنْ الِاسْتِقْرَارِ بَيَانٌ لِمَا فِي مَحِلِّ النَّصْبِ عَلَى الْحَالِ مِنْ أَقَرَّهُ فِي مَكَانِهِ فَاسْتَقَرَّ أَيْ ثَبَتَ. وَقَوْلُهُ عَلَى سُنَنِ انْتِظَامِ ظَرْفٍ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِالِاسْتِقْرَارِ. وَالسُّنَنُ مُثَلَّثَةً وَبِضَمَّتَيْنِ الطَّرِيقُ الْوَاضِحَةُ وَالنِّظَامُ بِالْكَسْرِ كُلُّ خَيْطٍ يُنْظَمُ بِهِ لُؤْلُؤٌ وَنَحْوُهُ وَمَصْدَرٌ لَنَظَمْت الشَّيْءَ فَانْتَظَمَ أَيْ أَقَمْته فَاسْتَقَامَ وَهُوَ عَلَى نِظَامٍ وَاحِدٍ أَيْ نَهْجٍ غَيْرِ مُخْتَلِفٍ. وَالِاسْتِمْرَارُ هُوَ الْمُضِيُّ عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ. الْوَتِيرَةُ الطَّرِيقَةُ أَوْ طَرِيقٌ تَلَازَقَ الْجَبَلَ وَالِالْتِئَامُ الْمُوَافَقَةُ مِنْ لَائَمَهُ مُلَاءَمَةً أَيْ وَافَقَهُ (17) إنَّمَا هُوَ بِمَعْرِفَةِ الْحَلَالِ مِنْ الْحَرَامِ: أَيْ بِتَمْيِيزِ الْحَلَالِ مِنْ الْحَرَامِ وَالْمَعْرِفَةُ الْعِلْمُ لَكِنَّهَا هُنَا مُتَضَمَّنَةٌ لِمَعْنَى التَّمْيِيزِ لَتَعَدِّيهَا بِمِنْ. وَالْحَلَالُ يُفْتَحُ وَيُكْسَرُ، ضِدُّ الْحَرَام كَالْحِلِّ بِالْكَسْرِ وَالْحَرَامُ كَسَحَابٍ ضِدُّ الْحَلَالِ وَهُوَ فِي الشَّرِيعَةِ مَا ثَبَتَ الْمَنْعُ عَنْهُ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ وَأَمَّا الْمَكْرُوهُ تَحْرِيمًا مَا ثَبَتَ الْمَنْعُ عَنْهُ بِظَنِّيٍّ وَهُوَ إلَى الْحَرَامِ أَقْرَبُ بِمَعْنَى أَنَّ فَاعِلَهُ يَسْتَحِقُّ مَحْذُورًا دُونَ الْعُقُوبَةِ بِالنَّارِ كَحِرْمَانِ الشَّفَاعَةِ. كَذَا فِي التَّلْوِيحِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَكْرُوهَ تَحْرِيمًا لَيْسَ فَوْقَ الْكَبِيرَةِ وَمُرْتَكِبَهَا لَيْسَ مَحْرُومًا مِنْ الشَّفَاعَةِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ التَّوْبَةِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي» فَكَيْفَ يَصِحُّ تَرَتُّبُ اسْتِحْقَاقِ حِرْمَانِ الشَّفَاعَةِ عَلَى فِعْلِهِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الشَّفَاعَةَ لَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّخَلُّصِ عَنْ النَّارِ بَلْ قَدْ تَكُونُ لِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ وَلَوْ سُلِّمَ فَالْمُرَادُ بِالْحِرْمَانِ حِرْمَانٌ مُؤَقَّتٌ لَا مُؤَبَّدٌ بِأَنْ تَتَأَخَّرَ الشَّفَاعَةُ لِمُرْتَكِبِهِ عَنْ الشَّفَاعَةِ لِمَنْ لَمْ يَرْتَكِبْهُ وَلَوْ سُلِّمَ فَاسْتِحْقَاقُ حِرْمَانِ الشَّفَاعَةِ لَا يُنَافِي وُقُوعَهَا كَمَا لَا يُنَافِي اسْتِحْقَاقُ الْعِقَابِ عَفْوَهُ

وَالتَّمْيِيزُ بَيْنَ الْجَائِزِ وَالْفَاسِدِ فِي وُجُوهِ الْأَحْكَامِ، 19 - بُحُورُهُ زَاخِرَةٌ، 20 - وَرِيَاضُهُ نَاضِرَةٌ، 21 - وَنُجُومُهُ زَاهِرَةٌ 22 - وَأُصُولُهُ ثَابِتَةٌ وَفُرُوعُهُ نَابِتَةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالتَّمْيِيزُ بَيْنَ الْجَائِزِ وَالْفَاسِدِ فِي وُجُوهِ الْأَحْكَامِ: التَّمْيِيزُ عَزْلُ الشَّيْءِ مِنْ الشَّيْءِ وَإِفْرَازُهُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَفِي الْمِصْبَاحِ مَيَّزْت الشَّيْءَ أَيْ عَزَلْته وَفَصَلْته مِنْ غَيْرِهِ وَالتَّفْعِيلُ مُبَالَغَةٌ وَذَلِكَ يَكُونُ فِي الْمَنْهِيَّاتِ نَحْوَ {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [الأنفال: 37] وَالْجَائِزُ الْمَاضِي وَالنَّافِذُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمُبَاحُ وَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْمُبَاحِ وَالْجَائِزِ بِأَنَّ كُلَّ مُبَاحٍ جَائِزٌ دُونَ الْعَكْسِ لِأَنَّ الْجَوَازَ ضِدُّ الْحُرْمَةِ، وَالْإِبَاحَةَ ضِدُّ الْكَرَاهَةِ فَإِذَا انْتَفَى الْجَوَازُ ثَبَتَ ضِدُّهُ وَهُوَ الْحُرْمَةُ فَتَنْتَفِي الْإِبَاحَةُ أَيْضًا وَإِذَا انْتَفَتْ الْإِبَاحَةُ ثَبَتَ ضِدُّهَا وَهُوَ الْكَرَاهَةُ وَلَا يَنْتَفِي بِهِ الْجَوَازُ لِجَوَازِ اجْتِمَاعِ الْجَوَازِ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. وَالْفَاسِدُ مِنْ الْفَسَادِ ضِدُّ الصَّلَاحِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا كُلُّ مَا مُنِعَ عَنْهُ شَرْعًا. وَوُجُوهُ الْأَحْكَامِ طُرُقُهَا وَالْأَحْكَامُ جَمْعُ حُكْمٍ وَهُوَ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ. (19) بُحُورُهُ زَاخِرَةٌ: الْبَحْرُ الْمَاءُ الْكَثِيرُ أَوْ الْمِلْحُ فَقَطْ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَزَاخِرَةٌ مِنْ زَخَرَ الْبَحْرُ ظَمَأَ وَتَمَلَّأَ وَفِي الْكَلَامِ اسْتِعَارَةٌ مَكِنِيَّةٌ وَتَخْيِيلِيَّةٌ وَمُرَشَّحَةٌ. (20) وَرِيَاضُهُ نَاضِرَةٌ: الرِّيَاضُ جَمْعُ رَوْضَةٍ وَيُجْمَعُ عَلَى رَوْضٍ وَالرِّيضَةُ بِالْكَسْرِ مِنْ الرَّمْلِ وَالْعُشْبِ مُسْتَنْقَعُ الْمَاءِ لِاسْتِرَاضَةِ الْمَاءَ فِيهَا أَيْ لِاسْتِنْقَاعِهِ وَالنَّاضِرُ الشَّدِيدُ الْخُضْرَةِ وَيُبَالَغُ بِهِ فِي كُلِّ لَوْنٍ فَيُقَالُ أَخْضَرُ نَاضِرٌ أَوْ أَصْفَرُ أَوْ أَحْمَرُ نَاضِرٌ أَوْ فِي الْكَلَامِ اسْتِعَارَةٌ مَكْنِيَّةٌ وَتَخْيِيلِيَّةٌ وَتَرْشِيحِيَّةٌ. (21) وَنُجُومُهُ زَاهِرَةٌ: النُّجُومُ جَمْعُ نَجْمٍ وَهُوَ الْكَوْكَبُ وَزَاهِرَةٌ مُنِيرَةٌ مُشْرِقَةٌ مِنْ زَهِرَ زُهُورًا تَلَأْلَأَ. (22) وَأُصُولُهُ ثَابِتَةٌ وَفُرُوعُهُ نَابِتَةٌ: الْأُصُولُ جَمْعُ أَصْلٍ وَهُوَ لُغَةً أَسْفَلُ الشَّيْءِ وَفِي الْعُرْفِ مَا يُبْتَنَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَالْمُرَادُ بِهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ. وَالْفُرُوعُ جَمْعُ

لَا يَفْنَى بِكَثْرَةِ الْإِنْفَاقِ كَنْزُهُ، 24 - وَلَا يَبْلَى عَلَى طُولِ الزَّمَانِ عِزُّهُ، 25 - وَإِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ كُنْهَ صِفَاتِهِ ... وَلَوْ أَنَّ أَعْضَائِي جَمِيعًا تَكَلَّمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَرْعٍ ضِدُّ الْأَصْلِ وَفِي الْعُرْفِ مَا يُبْتَنَى عَلَى غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ بِهَا الْأَشْيَاءُ الثَّابِتَةُ أَحْكَامُهَا بِالْأُصُولِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ وَالْمَسْنُونِ وَالْمَنْدُوبِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْمَكْرُوهِ كَرَاهَةً تَحْرِيمِيَّةً وَتَنْزِيهِيَّةً. وَالنَّابِتُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ نَبَتَ الزَّرْعُ إذَا ظَهَرَ مِنْ الْأَرْضِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا ظُهُورُ أَحْكَامِ تِلْكَ الْفُرُوعِ. (23) لَا يَفْنَى بِكَثْرَةِ الْإِنْفَاقِ كَنْزُهُ: شَبَّهَ مَسَائِلَ الْفِقْهِ بِالشَّيْءِ النَّفِيسِ الْمُكْنَزِ تَحْتَ الْأَرْضِ تَشْبِيهًا مُضْمَرًا فِي النَّفْسِ وَأَثْبَتَ لَهُ شَيْئًا مِنْ رَوَادِفِ الْمُشَبَّهِ بِهِ تَخْيِيلًا وَهُوَ الْكَنْزُ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ الْمَكِنِيَّةِ الْمُسْتَتْبَعَةِ لِلتَّخَيُّلِيَّةِ وَشَبَّهَ تَعَاطِيَ الْمَسَائِلَ الْفِقْهِيَّةَ بِالْإِفَادَةِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ الْمَكْنِيَّةِ الْمُسْتَتْبَعَةِ لِلتَّخَيُّلِيَّةِ وَشَبَّهَ تَعَاطِيَ الْمَسَائِلَ الْفِقْهِيَّةَ بِالْإِفَادَةِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ الْأَصْلِيَّةِ التَّصْرِيحِيَّةِ وَقَوْلُهُ بِكَثْرَةِ الْإِنْفَاقِ أَيْ بِالْإِنْفَاقِ الْكَثِيرِ مِنْ قَبِيلِ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى مَوْصُوفِهَا. (24) وَلَا يَبْلَى عَلَى طُولِ الزَّمَانِ عِزُّهُ: يَبْلَى مِنْ بَلِيَ الثَّوْبُ يَبْلَى بَلَاءً فَنِيَ وَقَوْلُهُ عَلَى طُولِ الزَّمَانِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ أَيْ الزَّمَانُ الطَّوِيلُ. وَعَلَى بِمَعْنَى لَامَ التَّعْلِيلِ أَوْ بِمَعْنَى مِنْ وَالتَّقْدِيرُ لَا يَفْنَى عِزُّ الْعِلْمِ لِأَجْلِ مُضِيِّ الزَّمَانِ الطَّوِيلِ عَلَيْهِ أَوْ لَا يَبْلَى بَلَاءً نَاشِئًا مِنْ طُولِ الزَّمَانِ وَالْمُرَادُ بِعِزِّ الْعِلْمِ الْجَاهُ وَالشَّرَفُ الْحَاصِلُ بِهِ وَفِي مَنْشُورِ الْحِكَمِ: كُلُّ عِزٍّ فَإِلَى ذُلٍّ مَصِيرُهُ، إلَّا عَنْ الْعِلْمِ. (25) وَإِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ كُنْهَ صِفَاتِهِ ... وَلَوْ أَنَّ أَعْضَائِي جَمِيعًا تَكَلَّمُ بَيْتَ شَعْرٍ لَا أَعْلَمُ قَائِلَهُ وَالِاسْتِطَاعَةُ الْقُدْرَةُ عَلَى الشَّيْءِ. وَالْكُنْهُ بِالضَّمِّ جَوْهَرُ الشَّيْءِ وَقَدْرُهُ وَغَايَتُهُ. وَالصِّفَاتُ جَمْعُ صِفَةٍ وَهِيَ مَا قَامَ بِالشَّيْءِ كَالْعِلْمِ وَالسِّيَادَةِ وَالْأَعْضَاءُ جَمْعُ عُضْوٍ بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ كُلُّ لَحْمٍ وَافِرٍ بِعَظْمِهِ وَتَكَلَّمُ أَصْلِهِ تَتَكَلَّمُ فَحُذِفَتْ إحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا وَالْمَعْنَى أَنِّي لَا أَقْدِرُ عَلَى إدْرَاكِ ذِكْرِ غَايَةِ صِفَاتِهِ أَوْ قَدْرِ صِفَاتِهِ لَوْ فُرِضَ أَنَّ جَمِيعَ أَعْضَائِي تَتَكَلَّمُ بِصِفَاتِهِ فَمَا بَالُك وَلَيْسَ مِنْ أَعْضَائِي يَتَكَلَّمُ إلَّا عُضْوٌ وَاحِدٌ وَهُوَ اللِّسَانُ.

وَأَهْلُهُ قِوَامُ الدِّينِ وَقُوَّامُهُ، 27 - وَبِهِمْ ائْتِلَافُهُ وَانْتِظَامُهُ، 28 - وَإِلَيْهِمْ الْمَفْزَعُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَهْلُهُ قِوَامُ الدِّينِ وَقُوَّامُهُ: أَهْلُ الرَّجُلِ عَشِيرَتُهُ وَقَرَابَتُهُ وَأَهْلُ الْأَمْرِ وُلَاتُهُ وَأَهْلُ الْبَيْتِ سُكَّانُهُ وَأَهْلُ الْمَذْهَبِ مَنْ يَدِينُ بِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَالْقِوَامُ بِالْكَسْرِ نِظَامُ الْأَمْرِ وَعِمَادُهُ وَمِلَاكُهُ وَالْقُوَّامُ بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ جَمْعُ قَيِّمٍ وَهُوَ مَنْ يَنْتَصِبُ لِلشَّيْءِ وَيَقُومُ بِخِدْمَتِهِ وَمِنْهُ قَيِّمُ الْوَقْفِ. وَفَرَّقَ فِي الْمَبْسُوطِ بَيْنَ الْقَيِّمِ وَالْمُتَوَلِّي فَقَالَ الْقَيِّمُ مَنْ فُوِّضَ إلَيْهِ الْحِفْظُ وَالْجَمْعُ وَالتَّفْرِيقُ وَالْقَيِّمُ تَحْتَ يَدِ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ يَفْعَلُ بِإِذْنِهِ. (27) وَبِهِمْ ائْتِلَافُهُ وَانْتِظَامُهُ: الِائْتِلَافُ مَصْدَرُ أَلِفَهُ كَعَلِمَهُ بِمَعْنَى الْمُوَافَقَةِ وَالِانْتِظَامُ مُطَاوِعٌ نَظَّمَهُ فَانْتَظَمَ أَيْ أَقَامَهُ فَاسْتَقَامَ وَذَلِكَ الِانْتِظَامُ الْحَاصِلُ بِهِمْ بِإِفَادَتِهِمْ لِمَسَائِلِ الدِّينِ تَقْرِيرًا وَتَحْرِيرًا. (28) وَإِلَيْهِمْ الْمَفْزَعُ فِي الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا: الْمَفْزَعُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنَى الِالْتِجَاءِ وَالْآخِرَةُ وَالْأُخْرَى دَارُ الْبَقَاءِ وَالدُّنْيَا نَقِيضُ الْآخِرَةِ وَقَدْ يُنَوَّنُ وَالْجَمْعُ دُنَى كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَفِي تَفْسِيرِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ عَرَفَةَ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ {فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [البقرة: 85] مَا نَصُّهُ دُنْيَا فَعَلَى تَأْنِيثِ الْأَدْنَى مِنْ الدُّنُوِّ وَهُوَ الْقُرْبُ وَأَلِفُهَا لِلتَّأْنِيثِ وَلَا تُحْذَفُ مِنْهَا إلَّا ضَرُورَةً كَقَوْلِهِ: يَوْمَ تَرَى النُّفُوسُ مَا أَعَدَّتْ ... فِي سَعْيِ دُنْيَا طَالَمَا مُدَّتْ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ وَهِيَ كُلُّ فُعْلَى صِفَةٍ لَامُهَا وَاوٌ تُبْدَلُ يَاءً نَحْوَ الْعُلْيَا وَالدُّنْيَا فَأَمَّا قَوْلُهُمْ " الْقُصْوَى عِنْدَ تَمِيمٍ وَالْحَلْوَى عِنْدَ الْجَمِيعِ " فَشَاذٌّ فَلَوْ كَانَتْ فُعْلَى اسْمًا صَحَّتْ الْوَاوُ كَقَوْلِهِ: إذَا رَأَى بِحُزْوَى هَجَتْ لَعَيْنِ عَبْرَةٍ فَاءَ الْهَوَى يَرْفَضُّ أَوْ يَتَرَقْرَقُ وَقَدْ اُسْتُعْمِلْت اسْتِعْمَالَ الْأَسْمَاءِ فَلَمْ يُذْكَرْ مَوْصُوفُهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا} [الأنفال: 67] وَقَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ فِي الْمَقْصُورِ وَالْمَمْدُودِ: وَالدُّنْيَا مَقْصُورَةٌ مُؤَنَّثَةٌ تُكْتَبُ

وَالْمَرْجِعُ فِي التَّدْرِيسِ وَالْفَتْوَى، 30 - خُصُوصًا أَنَّ أَصْحَابَنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - لَهُمْ خُصُوصِيَّةُ السَّبَقِ فِي هَذَا الشَّأْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْأَلِفِ هَذَا لُغَةُ نَجْدٍ وَتَمِيمٍ إلَّا أَنَّ أَهْلَ الْحِجَازِ وَبَنِي أَسَدٍ يُلْحِقُونَهَا وَنَظَائِرَهَا بِالْمَصَادِرِ ذَوَاتِ الْوَاوِ وَيَقْلِبُونَ دُنْوَى سُرْوَى وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ بِكُلِّ فُعْلَى مَوْضِعُ لَامِهَا وَاوٌ يَفْتَحُونَ أَوَّلَهَا وَيَقْلِبُونَ يَاءَهَا وَاوًا وَأَمَّا أَهْلُ اللُّغَةِ الْأُولَى فَيَضُمُّونَ الدَّالَ وَيَقْلِبُونَ الْوَاوَ يَاءً لِاسْتِثْقَالِهِمْ الْوَاوَ مَعَ الضَّمَّةِ. (29) وَالْمَرْجِعُ فِي التَّدْرِيسِ وَالْفَتْوَى: الْمَرْجِعُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنَى الرُّجُوعِ وَهُوَ الْعُودُ إلَى الشَّيْءِ وَالتَّدْرِيسُ مِنْ دَرَسَ الْكِتَابَ قَرَأَهُ قَالَ الشَّاعِرُ: هَذَا سُرَاقَةُ لِلْقُرْآنِ يُدَرِّسُهُ وَالْفُتْيَا وَالْفَتْوَى وَتُفْتَحُ مَا أَفْتَى بِهِ الْفَقِيهُ وَأَفْتَاهُ فِي الْأَمْرِ أَبَانَهُ كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَفِي حَوَاشِي الْكَشَّافِ لِلسَّيِّدِ السَّنَدِ اشْتِقَاقُ الْفَتْوَى مِنْ الْفَتِيِّ لِأَنَّهَا جَوَابٌ فِي حَادِثَةٍ أَوْ إحْدَاثِ حُكْمٍ أَوْ تَقْوِيَةٍ لِبَيَانٍ مُشْكِلٍ يَعْنِي أَنَّهُ يُلَاحِظُ فِيهَا مَا يُنْبِئُ عَنْهُ الْفَتِيُّ مِنْ الْحُدُوثِ أَوْ الْقُوَّةِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ حَقِيقَةً الِاشْتِقَاقُ. وَعَرَّفَهَا بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ بِأَنَّهَا الْإِخْبَارُ عَنْ الْحُكْمِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْإِلْزَامِ قِيلَ اُحْتُرِزَ بِالْقَيْدِ الْأَخِيرِ عَنْ الْقَضَاءِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْقَضَاءُ إنْشَاءٌ فَلَا يَصْدُقُ مَا قَبْلَ هَذَا الْقَيْدِ عَلَيْهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْفَتْوَى مَأْخُوذٌ عَنْ الْفَتَى وَهُوَ الشَّابُّ الْقَوِيُّ سُمِّيَ الْحُكْمُ فَتْوَى لِتَقَوِّي السَّائِلِ بِهِ فِي جَوَابِ الْحَادِثَةِ وَفِيهِ أَنَّ الْفَتْوَى بَيَانُ حُكْمِ الْحَادِثَةِ وَهُوَ جَوَابُهَا لَا الْحُكْمُ كَمَا ذُكِرَ. قَالَ فِي الْمُجْمَلِ أَفْتَى الْفَقِيهُ فِي الْمَسْأَلَةِ إذَا بَيَّنَ حُكْمَهَا. قَالَ فِي الْبَيَانِ أَفْتُونِي أَجِيبُونِي عَنْ سُؤَالِ رُؤْيَايَ فِي الْمَنَامِ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي أَجِيبُونِي. (30) خُصُوصًا أَنَّ أَصْحَابَنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - لَهُمْ خُصُوصِيَّةُ السَّبَقِ فِي هَذَا الشَّأْنِ: خُصُوصًا مَصْدَرُ خَصَّهُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ مَعَ مُلَاحَظَةِ مَفْعُولٍ بِهِ مُقَدَّرٍ فِي نَظْمِ الْكَلَامِ وَالتَّقْدِيرُ أَخُصُّ أَصْحَابَنَا بِالْإِنْصَافِ بِمَا ذُكِرَ خُصُوصًا. وَقَوْلُهُ إنَّ أَصْحَابَنَا إلَخْ تَعْلِيلٌ لِلتَّخْصِيصِ بِمَا ذُكِرَ مَعَ مُلَاحَظَةِ لَامِ التَّعْلِيلِ الْمُقَدَّرَةِ الَّتِي لِأَجْلِهَا فُتِحَتْ هَمْزَةُ أَنَّ وَالتَّقْدِيرُ إنَّمَا خَصَّصْت أَصْحَابَنَا بِالِاتِّصَافِ بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ أَصْحَابَنَا لَهُمْ خُصُوصِيَّةُ السَّبَقِ فِي هَذَا الشَّأْنِ وَالْخُصُوصِيَّةُ بِالضَّمِّ وَتُفْتَحُ بِمَعْنَى الِاخْتِصَاصِ وَالْمُرَادُ

وَالنَّاسُ لَهُمْ أَتْبَاعٌ؛ 32 - وَالنَّاسُ فِي الْفِقْهِ عِيَالٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، 33 - وَلَقَدْ أَنْصَفَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَيْثُ قَالَ: مِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَبَحَّرَ فِي الْفِقْهِ فَلْيَنْظُرْ إلَى كُتُبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، 34 - كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ وَهْبَانَ عَنْ حَرْمَلَةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَصْحَابِنَا أَصْحَابُ مَذْهَبِنَا وَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -. وَالسَّبَقُ التَّقَدُّمُ وَهَذَا الشَّأْنُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّدْرِيسِ وَالْفَتْوَى وَنَحْوِهِمَا. هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ هَذَا الْمَحِلُّ. (31) وَالنَّاسُ لَهُمْ أَتْبَاعٌ: النَّاسُ يَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى دُخُولِ أَنَّ قَبْلَهُ مَعَ مُلَاحَظَةِ أَدَاةِ التَّعْلِيلِ. وَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا إنَّمَا خَصَّصْت أَصْحَابَنَا بِالِاتِّصَافِ بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ النَّاسَ لَهُمْ أَتْبَاعٌ وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِالرَّفْعِ وَتَكُونُ الْوَاوُ لِلْحَالِ وَالتَّقْدِيرُ عَلَى هَذَا لِأَنَّ أَصْحَابَنَا لَهُمْ خُصُوصِيَّةُ السَّبَقِ فِي هَذَا الشَّأْنِ وَالْحَالُ أَنَّ النَّاسَ لَهُمْ أَتْبَاعٌ وَالنَّاسُ الْبَشَرُ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي اشْتِقَاقِهِ فَقِيلَ مِنْ نَاسَ يَنُوسُ إذَا تَحَرَّكَ وَقِيلَ مِنْ الْأُنْسِ وَهُوَ السُّكُونُ وَالْأُلْفَةُ وَقِيلَ مِنْ النِّسْيَانِ وَعَلَى الثَّانِي قَوْلُ الشَّاعِرِ: وَمَا سُمِّيَ الْإِنْسَانُ إلَّا لِأُنْسِهِ ... وَمَا الْقَلْبُ إلَّا أَنَّهُ يَتَقَلَّبُ وَالْأَتْبَاعُ جَمْعُ تَبَعٍ مُحَرَّكَةً وَهُوَ مَنْ يَمْشِي خَلْفَك وَيَأْخُذُ بِقَوْلِك. (32) وَالنَّاسُ فِي الْفِقْهِ عِيَالٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ أَنْ يُقَالَ لِمَ كَانَ النَّاسُ أَتْبَاعًا لِأَصْحَابِك فِيمَا ذُكِرَ؟ فَقَالَ النَّاسُ فِي الْفِقْهِ عِيَالٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَيْ كَالْعِيَالِ وَالْعِيَالُ كَكِتَابٍ جَمْعُ عَيِّلٍ وَهُوَ مَنْ يَكُونُ نَفَقَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ. (33) وَلَقَدْ أَنْصَفَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَيْثُ قَالَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَبَحَّرَ فِي الْفِقْهِ فَلْيَنْظُرْ إلَى كُتُبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَنْصَفَ مِنْ الْإِنْصَافِ وَهُوَ الْعَدْلُ وَحَيْثُ هُنَا ظَرْفُ زَمَانٍ وَالْمَعْنَى وَلَقَدْ عَدَلَ الشَّافِعِيُّ وَقْتَ قَوْلِهِ هَذَا وَالتَّبَحُّرُ التَّوَسُّعُ يُقَالُ تَبَحَّرَ فِي الْعِلْمِ تَوَسَّعَ وَتَعَمَّقَ وَنَظَرَ الشَّيْءَ وَإِلَيْهِ تَأَمَّلَ بِالْبَصَرِ وَقَوْلُهُ إلَى كُتُبِ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْ كُتُبِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ الْمُصَنَّفَةِ عَلَى مَذْهَبِهِ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَمْ يُصَنِّفْ شَيْئًا سِوَى الْفِقْهِ الْأَكْبَرِ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ عَلَى مَا اشْتَهَرَ. (34) كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ وَهْبَانَ عَنْ حَرْمَلَةَ: أَيْ عَلَى مَا نَقَلَهُ وَإِلَّا مَا هُنَا عَيْنُهُ لَا مِثْلُهُ

وَهُوَ كَالصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، 36 - وَلَهُ أَجْرُهُ وَأَجْرُ مِنْ دَوَّنَ الْفِقْهَ وَأَلَّفَهُ وَفَرَّعَ أَحْكَامَهُ عَلَى أُصُولِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَحَرْمَلَةُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَرْمَلَةَ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَذَكَرَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالصَّحِيفَةِ فِي مَنَاقِبِ فَقِيهِ الْوَقْتِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمُزَنِيّ رَوَى عَنْ الشَّافِعِيِّ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -) هَذَا الَّذِي رَوَاهُ حَرْمَلَةُ وَنَقَلَ أَيْضًا فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الصَّبَّاحِ قَالَ سَمِعْت الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: قِيلَ لِمَالِكٍ هَلْ رَأَيْت أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ نَعَمْ رَأَيْت رَجُلًا لَوْ كَلَّمَك فِي هَذِهِ السَّارِيَةِ أَنْ يَجْعَلَهَا ذَهَبًا لَقَامَ بِحُجَّتِهِ. وَنَقَلَ أَيْضًا فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُفْلِسٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُقَاتِلٌ قَالَ سَمِعْت ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ إنَّ الْأَثَرَ قَدْ عُرِفَ وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى الرَّأْيِ فَرَأْيُ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ وَأَبِي حَنِيفَةَ؛ وَأَبُو حَنِيفَةَ أَحْسَنُهُمْ رَأْيًا وَأَدَقُّهُمْ فِطْنَةً وَأَغْوَصُهُمْ عَلَى الْفِقْهِ وَهُوَ أَفْقَهُ الثَّلَاثَةِ. (35) وَهُوَ كَالصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ سِيقَتْ لِبَيَانِ إحْرَازِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَصَبَ السَّبَقِ فِي الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ وَالصِّدِّيقُ كَسِكِّيتٍ لَقَبُ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شَيْخُ الْخُلَفَاءِ وَوَجْهُ الشَّبَهِ بَيْنَهُمَا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ابْتَدَأَ أَمْرًا لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهِ وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ابْتَدَأَ تَدْوِينَ الْفِقْهِ وَكَانَ قَبْلَهُ مَحْفُوظًا فِي الصُّدُورِ وَأَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ابْتَدَأَ جَمَعَ الْقُرْآنِ بَعْدَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَشُورَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَذَا قِيلَ. وَقِيلَ وَجْهُ الشَّبَهِ بَيْنهمَا أَنَّ الصِّدِّيقَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ مِنْ الرِّجَالِ وَأَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَوَّلُ مَنْ دَوَّنَ الْفِقْهَ (36) وَلَهُ أَجْرُهُ وَأَجْرُ مَنْ دَوَّنَ الْفِقْهَ وَأَلَّفَهُ وَفَرَّعَ أَحْكَامَهُ عَلَى أُصُولِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ: أَيْ أَجْرُ تَدْوِينِ الْفِقْهِ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْفِقْهِ مَعَ مُلَاحَظَةِ الْمُضَافِ الَّذِي قَدَّرْنَاهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. وَأَجْرُ مَنْ دَوَّنَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا أَنَّ لِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَجْرُ جَمْعِ الْقُرْآنِ وَأَجْرُ مَنْ جَمَعَهُ بَعْدَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يُقَالُ كَمَا أَنَّ لِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَجْرُ إيمَانِهِ وَأَجْرُ كُلِّ مَنْ آمَنَ بَعْدَهُ مِنْ الرِّجَالِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قُلْت وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» أَيْ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (أَقُولُ) الْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ إذْ الْقُرْآنُ بَعْدَ مَا جُمِعَ لَا يُتَصَوَّرُ جَمْعُهُ ثَانِيًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ

وَإِنَّ الْمَشَايِخَ الْكِرَامَ 38 - قَدْ أَلَّفُوا. ـــــــــــــــــــــــــــــQيُرَادَ مِنْ جَمْعِهِ ثَانِيًا كِتَابَتُهُ مَجْمُوعًا. وَقِيلَ كَالصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي أَنَّ لَهُ أَجْرَ التَّصْدِيقِ وَأَجْرَ مَنْ صَدَّقَ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ فَتَحَ بَابَ التَّصْدِيقِ وَقَوْلُهُ دَوَّنَهُ أَيْ جَعَلَهُ دِيوَانًا وَالدِّيوَانُ - وَيُفْتَحُ - مَجْمَعُ الصُّحُفِ وَالْكِتَابُ يُكْتَبُ فِيهِ أَهْلُ الْجَيْشِ وَأَهْلُ الْعَطِيَّةِ وَأَوَّلُ مَنْ وَضَعَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَوْلُهُ فَرَّعَ أَحْكَامَهُ أَيْ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ أُصُولِهَا بِقَوَاعِدِ الِاسْتِنْبَاطِ (37) وَإِنَّ الْمَشَايِخَ الْكِرَامَ: عَطَفَ عَلَى أَنَّ أَصْحَابَنَا. وَالْمَشَايِخُ جَمْعُ شَيْخٍ وَهُوَ لُغَةً مَنْ اسْتَبَانَتْ فِيهِ السِّنُّ أَوْ مَنْ بَلَغَ خَمْسِينَ أَوْ إحْدَى وَخَمْسِينَ إلَى آخِرِ عُمُرِهِ أَوْ إلَى الثَّمَانِينَ وَلَهُ جُمُوعٌ خِلَافُ هَذَا ذَكَرَهَا فِي الْقَامُوسِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ فِي الْعِلْمِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ هَذَا السِّنَّ. وَالْكِرَامُ جَمْعُ كَرِيمٍ وَهُوَ الصَّفُوحُ. (38) قَدْ أَلَّفُوا: التَّأْلِيفُ جَعْلُ الْأَشْيَاءِ الْكَثِيرَةِ بِحَيْثُ يُطْلَقُ عَلَيْهَا اسْمُ الْوَاحِدِ سَوَاءً كَانَ لِبَعْضِ أَجْزَائِهِ نِسْبَةٌ إلَى الْبَعْضِ بِالتَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ أَوْ لَا. وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ التَّأْلِيفُ أَعُمَّ مِنْ التَّرْتِيبِ ذَكَرَهُ السَّيِّدُ السَّنَدُ. قَالَ بَعْضُهُمْ وَأَعَمُّ مِنْ التَّصْنِيفِ وَهُوَ جَعْلُ كُلِّ صِنْفٍ عَلَى حِدَةٍ قَالَ ابْنُ أَحْمَرَ: سُقْيًا لِحُلْوَانَ ذِي الْكُرُومِ ... وَمَا صُنِّفَ مِنْ تِينِهِ وَمِنْ عِنَبِهِ فَالتَّأْلِيفُ لِكَوْنِهِ مُطْلَقَ الضَّمِّ أَعَمُّ مِنْ التَّصْنِيفِ لِكَوْنِهِ جَعَلَ كُلَّ صِنْفٍ عَلَى حِدَةٍ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ التَّأْلِيفُ يَرْجِعُ مَعْنَاهُ إلَى جَمْعِ كَلَامِ الْغَيْرِ وَضَمِّهِ فَحَسْبُ وَالتَّصْنِيفُ إبْرَازُ صِفَاتِ الْمَعَانِي وَإِثْبَاتُ الْأَفْكَارِ الْغَرِيبَةِ عَلَى وَجْهٍ لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهِ وَالْمُؤَلِّفُ مَنْ يَجْمَعُ كَلَامَ غَيْرِهِ وَيَضُمُّهُ بِإِيقَاعِ الْأُلْفَةِ مِنْ غَيْرِ ابْتِكَارِ مَعْنَى مِنْ عِنْدِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَاضِعُ الْعِلْمِ أَوْلَى بِاسْمِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْمُؤَلِّفِ وَإِنْ صَحَّ أَيْضًا فِيهِ لِأَنَّ الْعِلْمَ مُطْلَقًا بِمَعْنَى الْإِدْرَاكِ جِنْسٌ وَمَا تَحْتَهُ مِمَّا فِي الظَّنِّ وَالْيَقِينِ نَوْعٌ فَوَاضِعُ الْعِلْمِ لَمَّا لَاحَظَ الْغَايَةَ الْمَقْصُودَةَ لَهُ فَوَجَدَهَا تَتَرَتَّبُ عَلَى الْعِلْمِ بِأَحْوَالِ شَيْءٍ أَوْ أَشْيَاءَ مِنْ جِهَةٍ خَاصَّةٍ وَضَعَهُ لِيَبْحَثَ عَنْهُ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ فَقَيَّدَ ذَلِكَ النَّوْعَ مِنْ الْعِلْمِ بِعَارِضٍ كُلِّيٍّ فَصَارَ صِنْفًا وَقِيلَ لِوَاضِعِهِ صَنَّفَ الْعِلْمَ أَيْ جَعَلَهُ صِنْفًا مُتَنَاسِبًا فَهُوَ بِاسْمِ الْمُصَنِّفِ أُوَفِّقُ.

مَا بَيْنَ مُخْتَصَرٍ وَمُطَوَّلٍ 40 - مِنْ مُتُونٍ وَشُرُوحٍ وَفَتَاوَى، 41 - وَاجْتَهَدُوا فِي الْمَذْهَبِ وَالْفَتْوَى وَحَرَّرُوا وَنَقَّحُوا، شَكَرَ اللَّهُ سَعْيَهُمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا بَيْنَ مُخْتَصَرٍ وَمُطَوَّلٍ: أَيْ أَلَّفُوا تَأْلِيفًا مِنْهَا مُخْتَصَرٌ وَمِنْهَا مُطَوَّلٌ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَالْعِبَارَةُ لَا تُفِيدُهُ. وَالْمُخْتَصَرُ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ الِاخْتِصَارِ وَهُوَ تَقْلِيلُ اللَّفْظِ وَتَكْثِيرُ الْمَعْنَى. وَالْمُطَوَّلُ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ التَّطْوِيلِ وَهُوَ زِيَادَةُ اللَّفْظِ عَلَى مَا يُؤَدِّي أَصْلَ الْمُرَادِ مَعَ كَوْنِ الزَّائِدِ غَيْرَ مُتَعَيَّنٍ فَإِنْ تُعُيِّنَ فَهُوَ الْحَشْوُ وَيُوصَفُ الْكَلَامُ بِكَوْنِهِ طَوِيلًا عَرِيضًا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِعَارَةِ لِمُشَابِهَتِهِ لِلْجِسْمِ فِي اتِّصَالِ الْأَجْزَاءِ وَتَوَالِيهَا فَطُولُهُ كَثْرَةُ أَلْفَاظِهِ لِكَثْرَةِ مَعَانِيهِ وَعَرْضُهُ كَثْرَةُ أَلْفَاظِهِ لِتَوْضِيحِ مَعَانِيهِ وَالْإِيجَازُ أَدَاءُ الْمَقْصُودِ بِأَقَلَّ مِنْ عِبَارَتِهِ الْمُتَعَارَفَةِ وَالْإِطْنَابُ أَدَاؤُهُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا. (40) مِنْ مُتُونٍ وَشُرُوحٍ وَفَتَاوَى: بَيَانٌ لِمَا. (41) وَاجْتَهَدُوا فِي الْمَذْهَبِ وَالْفَتْوَى وَحَرَّرُوا وَنَقَّحُوا شَكَرَ اللَّهُ سَعْيَهُمْ: أَيْ فِي تَقْرِيرِ مَسَائِلِهِ وَتَحْرِيرِهَا وَالْمَذْهَبُ لُغَةً مَوْضِعُ الذَّهَابِ وَهُوَ الْمُرُورُ فَحَاصِلُهُ الطَّرِيقُ ثُمَّ نَقَلَ مِنْهُ إلَى الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الِاجْتِهَادِيَّةِ الَّتِي هِيَ طَرَائِقُ الْمُجْتَهِدِينَ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا بِأَقْدَامِ عُقُولِهِمْ الرَّاجِحَةُ لِتَحْصِيلِ الظَّنِّ بِهَا وَأَمَّا مَعْنَاهُ فِي الْعُرْفِ وَهُوَ مَا اُخْتُصَّ بِهِ الْمُجْتَهِدُ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْفَرْعِيَّةِ الِاجْتِهَادِيَّةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَدِلَّةِ الظَّنِّيَّةِ وَهَذَا يَشْتَمِلُ جَمِيعَ مَذَاهِبِ الْمُجْتَهِدِينَ. وَالتَّعْرِيفُ الْخَاصُّ لِمَذْهَبِ إمَامِنَا هُوَ مَا اُخْتُصَّ بِهِ مِنْ تِلْكَ الْأَحْكَامِ وَعَرَّفَ بَعْضُهُمْ الْمَذْهَبَ بِأَنَّهُ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ الْفَرْعِيَّةُ الِاجْتِهَادِيَّةُ وَأَسْبَابُهَا وَشُرُوطُهَا وَمَوَانِعُهَا وَالْحِجَجُ الْمُثْبِتَةُ لِلْأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ. وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ نَفْسَ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ بِمَذْهَبِ الْمُجْتَهِدِ وَإِنَّمَا مَذْهَبُهُ الْمَسَائِلُ الِاجْتِهَادِيَّةُ الَّتِي يَكُونُ ذَلِكَ الْحُكْمُ مِنْ جُمْلَةِ مَبَادِهَا التَّصَوُّرِيَّةِ. الثَّانِي: أَنَّ الْبَحْثَ عَنْ السَّبَبِ وَالشَّرْطِ وَالْمَانِعِ وَالْحَجَّةِ لَيْسَ بِوَظِيفَةِ الْمُجْتَهِدِ أَصَالَةً وَإِنَّمَا وَظِيفَتُهُ قَصْدًا وَأَصَالَةً هُوَ الْبَحْثُ عَنْ الْأَحْكَامِ سَوَاءً كَانَتْ أَحْكَامَ الْأَدِلَّةِ وَالْأَسْبَابِ أَوْ الشُّرُوطِ أَوْ الْمَوَانِعِ وَالْمُرَادُ مِنْ الْأَحْكَامِ الْوُجُوبُ وَالنَّدْبُ وَالْحَلَالُ وَالْحَرَامُ وَالْكَرَاهِيَةُ. وَالِاجْتِهَادُ لُغَةً تَحَمُّلُ الْمَشَقَّةِ فِي أَمْرٍ. وَاصْطِلَاحًا اسْتِفْرَاغُ الْفَقِيهِ الْوُسْعَ لِتَحْصِيلِ الظَّنِّ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ.

إلَّا أَنِّي لَمْ أَرَ لَهُمْ كِتَابًا يَحْكِي كِتَابَ الشَّيْخِ تَاجِ الدِّينِ السُّبْكِيّ الشَّافِعِيّ مُشْتَمِلًا عَلَى فُنُونٍ فِي الْفِقْهِ، وَقَدْ كُنْت لَمَّا وَصَلْت فِي شَرْحِ الْكَنْزِ 43 - إلَى تَبْيِيضِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، أَلَّفْت كِتَابًا مُخْتَصَرًا 44 - فِي الضَّوَابِطِ وَالِاسْتِثْنَاءَات مِنْهَا، 45 - سَمَّيْته بِالْفَوَائِدِ الزَّيْنِيَّةِ فِي الْفِقْهِ الْحَنَفِيَّةِ وَصَلَ إلَى خَمْسِمِائَةِ ضَابِطَةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَّا أَنِّي لَمْ أَرَ لَهُمْ كِتَابًا يَحْكِي كِتَابَ الشَّيْخِ تَاجِ الدِّينِ السُّبْكِيّ الشَّافِعِيِّ مُشْتَمِلًا عَلَى فُنُونٍ فِي الْفِقْهِ وَقَدْ كُنْت لَمَّا وَصَلْت فِي شَرْحِ الْكَنْزِ: اسْتِدْرَاكٌ مِنْ قَوْلِهِ قَدْ أَلَّفُوا. وَقَوْلُهُ: يَحْكِي أَيْ يُشَابِهُ وَقَوْلُهُ يَشْتَمِلُ عَلَى فُنُونٍ فِي الْفِقْهِ مِنْ اشْتِمَالِ الْكُلِّ عَلَى أَجْزَائِهِ كَاشْتِمَالِ السَّكَنْجَبِينِ عَلَى الْخَلِّ وَالْعَسَلِ فَلَا يَلْزَمُ اتِّحَادُ الْمُشْتَمِلِ وَالْمُشْتَمَلِ عَلَيْهِ. وَالِاشْتِمَالُ عَلَى الشَّيْءِ الْإِحَاطَةُ بِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاشْتِمَالِ وَالشُّمُولِ أَنَّ الشُّمُولَ يُوصَفُ بِهِ الْمَفْهُومُ الْكُلِّيُّ بِالنِّسْبَةِ إلَى جُزْئِيَّاتِهِ وَالِاشْتِمَالُ يُوصَفُ بِهِ الْكُلُّ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَجْزَائِهِ كَذَا فِي حَوَاشِي الْمَوْلَى؛ زَادَهُ عَلَى صَدْرِ الشَّرِيعَةِ. وَالْفُنُونُ جَمْعُ فَنٍّ وَهُوَ النَّوْعُ وَالضَّرْبُ مِنْ الشَّيْءِ يُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى أَفْنَانٍ. (43) إلَى تَبْيِيضِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَلَّفْت كِتَابًا مُخْتَصَرًا: التَّبْيِيضُ فِي اصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِينَ عِبَارَةٌ عَنْ كِتَابَةِ الشَّيْءِ عَلَى وَجْهِ الضَّبْطِ وَالتَّحْرِيرِ مِنْ غَيْرِ شَطْبٍ بَعْدَ كِتَابَتِهِ كَيْفَ مَا اتَّفَقَ. (44) فِي الضَّوَابِطِ وَالِاسْتِثْنَاءَات مِنْهَا: الضَّوَابِطُ جَمْعُ ضَابِطَةٍ وَهُوَ عَلَى مَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي دِيبَاجَةِ الْفَنِّ الثَّانِي مَا يَجْمَعُ فُرُوعًا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ الْقَاعِدَةِ وَهِيَ مَا يَجْمَعُهَا مِنْ أَبْوَابٍ شَتَّى، وَالِاسْتِثْنَاءَات جَمْعُ اسْتِثْنَاءٍ بِمَعْنَى الْمُسْتَثْنَى وَلِذَا جَمَعَهُ وَإِلَّا فَالْمَصْدَرُ لَا يُثْنَى وَلَا يُجْمَعُ إلَّا إذَا قُصِدَ بِهِ التَّنْوِيعُ أَوْ لَحِقَتْهُ تَاءُ الْوَحْدَةِ. (45) سَمَّيْته بِالْفَوَائِدِ الزَّيْنِيَّةِ فِي الْفِقْهِ الْحَنَفِيَّةِ وَصَلَ إلَى خَمْسِمِائَةِ ضَابِطَةٍ: فِي الصِّحَاحِ سَمَّيْت فُلَانًا زَيْدًا وَسَمَّيْته بِزَيْدٍ بِمَعْنًى وَأَسْمَيْته مِثْلَهُ فَتَسَمَّى بِهِ وَتَقُولُ هُوَ سَمِيُّ فُلَانٍ إذَا وَافَقَ اسْمُهُ اسْمَهُ كَمَا تَقُولُ هُوَ كَنِيُّهُ (انْتَهَى) . وَالِاسْمُ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ

فَأُلْهِمْت أَنْ أَصْنَعَ كِتَابًا عَلَى النَّمَطِ السَّابِقِ مُشْتَمِلًا عَلَى سَبْعَةِ فُنُونٍ. 47 - يَكُونُ هَذَا الْمُؤَلَّفُ النَّوْعُ الثَّانِي مِنْهَا: 48 - الْأَوَّلُ: مَعْرِفَةُ الْقَوَاعِدِ الَّتِي تُرَدُّ إلَيْهَا وَفَرَّعُوا الْأَحْكَامَ عَلَيْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الْجَوْهَرِ وَالْعَرَضِ لِلتَّمْيِيزِ وَهَلْ أَسْمَاءُ الْكُتُبِ مِنْ قَبِيلِ عَلَمِ الْجِنْسِ أَوْ اسْمِ الْجِنْسِ؟ قِيلَ بِهَذَا وَقِيلَ بِهَذَا وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ عَلَمِ الْجِنْسِ كَمَا حَقَّقَهُ الدَّوَانِيُّ فِي شَرْحِ التَّهْذِيبِ وَأَمَّا مُسَمَّاهَا فَالْمُخْتَارُ. أَنَّهَا الْأَلْفَاظُ مِنْ حَيْثُ دَلَالَتِهَا عَلَى الْمَعَانِي. وَالزَّيْنِيَّةُ نِسْبَةٌ إلَى زَيْنِ الدِّينِ عَلَى مَا هُوَ الْأَصْلُ فِي النِّسْبَةِ إلَى صَدْرِ الْمُرَكَّبِ الْإِضَافِيِّ وَأَمَّا الْبَكْرِيُّ وَالزُّبَيْرِيُّ فِي النِّسْبَةِ إلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ فَمُسْتَثْنَيَانِ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحِلِّهِ. (46) فَأُلْهِمْت أَنْ أَضَعَ كِتَابًا عَلَى النَّمَطِ السَّابِقِ مُشْتَمِلًا عَلَى سَبْعَةِ فُنُونٍ: الْإِلْهَامُ تَلْقِينُ الْخَبَرِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لِعَبْدِهِ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 8] لِأَنَّ الْإِلْهَامَ فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى التَّعْلِيمِ وَالتَّبْيِينِ كَمَا فِي تَفْسِيرِ الْمُحَقِّقِ السَّيِّدِ مُعِينِ الدِّينِ الصَّفَوِيِّ وَالْمُرَادُ بِالْوَضْعِ التَّأْلِيفُ، وَالنَّمَطُ الطَّرِيقُ وَالنَّوْعُ وَالْمُرَادُ تَصْنِيفُ كِتَابٍ يَحْكِي كِتَابَ الشَّيْخِ تَاجِ الدِّينِ السُّبْكِيّ الشَّافِعِيِّ. (47) يَكُونُ هَذَا الْمُؤَلَّفُ النَّوْعُ الثَّانِي مِنْهَا: أَيْ بِمَنْزِلَتِهِ لَا أَنْ يَكُونَ عَيْنَهُ فَإِنَّ فِيهِ فَوَائِدُ وَضَوَابِطُ لَمْ تُذْكَرْ فِي الْفَنِّ الثَّانِي. وَفِي الْفَنِّ الثَّانِي فَوَائِدُ وَضَوَابِطُ لَمْ تُذْكَرْ فِيهِ وَحِينَئِذٍ لَا يُسْتَغْنَى بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ كَمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (48) الْأَوَّلُ مَعْرِفَةُ الْقَوَاعِدِ الَّتِي تُرَدُّ إلَيْهَا وَفَرَّعُوا الْأَحْكَامَ عَلَيْهَا: أَيْ تُرَدُّ الْفُرُوعُ إلَيْهَا وَالْمُرَادُ بِرَدِّ الْفُرُوعِ إلَيْهَا اسْتِخْرَاجُهَا مِنْهَا وَطَرِيقُ الِاسْتِخْرَاجِ أَنْ تُضَمَّ كُبْرَى إلَى الصُّغْرَى سَهْلَةَ الْحُصُولِ كَأَنْ يُقَالَ مَثَلًا هَذَا الثَّوْبُ طَاهِرٌ يَقِينًا وَكُلُّ طَاهِرٍ يَقِينًا لَا تَزُولُ طَهَارَتُهُ بِالشَّكِّ. يَنْتُجُ بَعْدَ إسْقَاطِ الْمُكَرَّرِ مِنْ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ: هَذَا الثَّوْبُ لَا تَزُولُ طَهَارَتُهُ بِالشَّكْلِ. وَبِهَذَا التَّقْرِيرُ يَظْهَرُ أَنْ لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ: وَفَرَّعُوا الْأَحْكَامَ عَلَيْهَا. وَالْمَعْرِفَةُ الْعِلْمُ وَقَدْ فَرَّقَ الْأَكْثَرُونَ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْعِلْمَ يَتَعَلَّقُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالنِّسَبِ أَيْ وُضِعَ لِنِسْبَةِ شَيْءٍ إلَى آخَرَ وَلِهَذَا يَتَعَدَّى إلَى الْمَفْعُولَيْنِ بِخِلَافِ " عَرَفَ " فَإِنَّهُ وُضِعَ لِلْمُفْرَدَاتِ تَقُولُ عَرَفْت زَيْدًا. الثَّانِي أَنَّ الْعِلْمَ لَا يَسْتَدْعِي سَبْقَ جَهْلٍ بِخِلَافِ الْمَعْرِفَةِ وَلِهَذَا لَا يُقَالُ. اللَّهُ تَعَالَى عَارِفٌ. وَيُقَالُ لَهُ عَالَمٌ وَقَدْ نَصَّ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ أَيْضًا وَمِنْهُمْ الْآمِدِيُّ فِي إبْكَارِ الْأَفْكَارِ عَلَى نَحْوِهِ فَقَالَ إنَّ الْمَعْرِفَةَ لَا تُطْلَقُ عَلَى الْعِلْمِ الْقَدِيمِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِمَادٍ الْأَفْقَهِيِّ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى شَرْحِ مِنْهَاجِ الْبَيْضَاوِيِّ لِلْعَلَّامَةِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْإِسْنَوِيِّ: فِي كَلَامِ الْفَرِيقَيْنِ نَظَرٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُمْ قَسَّمُوا الْعِلْمَ إلَى مُفْرَدٍ وَإِلَى مُرَكَّبٍ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِهِ وَالْعِلْمُ ضَرْبَانِ عِلْمٌ بِمُفْرَدٍ ثُمَّ قَالَ وَعِلْمٌ بِمَرْكَبٍ وَأَمَّا الْفَرْقُ الثَّانِي فَلِأَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ فَلَا يَصِحُّ إطْلَاقُ غَيْرَ الْمَأْذُونِ فِيهِ عَلَيْهِ وَقَدْ رَدَّهُ " تَعَرَّفْ إلَى اللَّهِ فِي الرَّخَا يَعْرِفْك فِي الشِّدَّةِ " وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ} [البقرة: 65] إنَّ عَلِمْتُمْ بِمَعْنَى عَرَفْتُمْ أَعْيَانَهُمْ وَقِيلَ عَلِمْتُمْ أَحْكَامَهُمْ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَعْرِفَةَ مُتَوَجِّهَةٌ إلَى ذَاتِ الشَّيْءِ وَالْعِلْمُ مُتَوَجِّهٌ إلَى أَحْوَالِ الشَّيْءِ فَإِذَا قُلْت عَرَفْت زَيْدًا فَالْمُرَادُ شَخْصُهُ وَإِذَا قُلْت عَلِمْت زَيْدًا فَالْمُرَادُ الْعِلْمُ بِأَحْوَالِهِ مِنْ فَضْلٍ وَنَقْصٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَتَعَدَّى الْفِعْلُ إلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ وَهُوَ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ عَلِمْتُمْ بِمَعْنَى عَرَفْتُمْ وَعَلَى الثَّانِي إلَى مَفْعُولَيْنِ. وَحَكَى الْأَخْفَشُ وَلَقَدْ عَلِمْت زَيْدًا وَلَمْ يَكُنْ أَعْلَمُهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ {لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} [الأنفال: 60] كُلُّ هَذَا بِمَعْنَى الْمَعْرِفَةِ فَاعْلَمْهُ. انْتَهَى كَلَامُ الْقُرْطُبِيِّ. قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْعِمَادِ فَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ أَيْضًا تَسْتَدْعِي سَبْقَ عِلْمٍ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّ مَلَكًا يَأْتِي النَّاسَ وَهُمْ فِي الْمَوْقِفِ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك لَسْت رَبَّنَا وَنَحْنُ فِي مَكَانِنَا هَذَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا أَتَانَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا وَيَقَعُوا سَاجِدِينَ» فَلَوْلَا تَقَدَّمَ عِلْمٌ لَهُمْ لَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَيَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ» ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَعْرِفَتُهُمْ لَهُ أَنَّهُمْ عَرَفُوهُ بِأَوْصَافِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ رَأَوْهُ قَبْلَ ذَلِكَ إمَّا فِي الْبَرْزَخِ وَإِمَّا عِنْدَ الْمَوْتِ لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «إنَّكُمْ لَنْ تَرَوْا رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا» وَقَالَ تَعَالَى {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات: 13] فَلَوْلَا تَقَدَّمَ عِلْمٌ لَمَا تَعَارَفُوا

وَهِيَ أُصُولُ الْفِقْهِ فِي الْحَقِيقَةِ، 50 - وَبِهَا يَرْتَقِي الْفَقِيهُ إلَى دَرَجَةِ الِاجْتِهَادِ وَلَوْ فِي الْفَتْوَى، 51 - وَأَكْثَرُ فُرُوعِهَا ظَفِرْت بِهِ فِي كُتُبٍ غَرِيبَةٍ أَوْ عَثَرْت بِهِ فِي غَيْرِ مَظِنَّةٍ 52 - إلَّا أَنِّي بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ لَا أَنْقُلُ إلَّا الصَّحِيحَ الْمُعْتَمَدَ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQفَطَاحَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ الْمَعْرِفَةَ تَسْتَدْعِي سَبْقَ الْجَهْلِ بِخِلَافِ الْعِلْمِ بَلْ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ (انْتَهَى) . فَلْيُحْفَظْ. (49) وَهِيَ أُصُولُ الْفِقْهِ فِي الْحَقِيقَةِ: أَيْ كَأُصُولِ الْفِقْهِ وَإِلَّا فَلَيْسَتْ أُصُولٌ لِفِقْهٍ؛ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْحَقِيقَةِ فَتَأَمَّلْ. (50) وَبِهَا يَرْتَقِي الْفَقِيهُ إلَى دَرَجَةِ الِاجْتِهَادِ وَلَوْ فِي الْفَتْوَى: عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ هِيَ أُصُولُ الْفِقْهِ. وَقَوْلُهُ بِهَا مُتَعَلِّقُ يَرْتَقِي. قُدِّمَ لِإِفَادَةِ الْحَصْرِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ بِمُزَاوَلَةِ التَّخْرِيجِ عَلَى تِلْكَ الْقَوَاعِدِ يَبْلُغُ الْفَقِيهُ دَرَجَةَ الِاجْتِهَادِ وَالْمُرَادُ بِالْفَقِيهِ الْمُقَلِّدُ فِي الْفِقْهِ وَالدَّرَجَةُ الْمَرْقَاةُ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْمَرْتَبَةُ وَالِاجْتِهَادُ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَلَكَةِ الَّتِي تَحْصُلُ لِلْإِنْسَانِ يَقْتَدِرُ بِهَا عَلَى اسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ فِي الْفَتْوَى أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الِاجْتِهَادُ الْحَاصِلُ مِنْ مُزَاوَلَةِ الْقَوَاعِدِ كَائِنًا فِي الْفَتْوَى وَمُجْتَهِدُ الْفَتْوَى هُوَ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى اسْتِخْرَاجِ أَحْكَامِ الْحَوَادِثِ الَّتِي لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهَا الْإِمَامُ وَلَا أَصْحَابُهُ مِنْ قَوَاعِدِهِمْ وَأُصُولِهِمْ كَنُصَيْرِ بْنِ يَحْيَى وَالْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ وَغَيْرِهِمْ. (51) وَأَكْثَرُ فُرُوعِهَا ظَفِرْتُ بِهِ فِي كُتُبٍ غَرِيبَةٍ: الظَّفَرُ هُوَ الْفَوْزُ بِالْمَطْلُوبِ وَالْمُرَادُ الْغَرِيبَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَعْضِ النَّاسِ، لِعَدَمِ عِنَايَتِهِ بِتَحْصِيلِ تِلْكَ الْكُتُبِ، لَا مُطْلَقًا، وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحَ هُوَ فِي بَعْضِ رَسَائِلِهِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّقْلُ مِنْ الْكُتُبِ الْغَرِيبَةِ الَّتِي لَمْ تَشْتَهِرْ - أَوْ عَثَرْت بِهِ فِي غَيْرِ مَظِنَّةٍ - عَثَرَ كَنَصَرَ مِنْ الْعُثُورِ وَهُوَ الِاطِّلَاعُ عَلَى الشَّيْءِ وَيَتَعَدَّى بِعَلَى لَا بِالْبَاءِ إلَّا أَنَّهُ هُنَا ضُمِّنَ مَعْنَى الظَّفَرِ وَحِينَئِذٍ يُشَكَّلُ عَطْفُهُ عَلَى الظَّفَرِ بِأَوْ، وَالْمَظِنَّةُ بِكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ مَوْضِعُ الشَّيْءِ وَمَعْدِنُهُ، مَفْعِلَةٌ مِنْ الظَّنِّ بِمَعْنَى الْعِلْمِ وَكَانَ الْقِيَاسُ فَتْحَ الظَّاءِ وَإِنَّمَا كُسِرَ لِأَجْلِ الْهَاءِ، كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ ابْنُ هِشَامٍ اللَّخْمِيُّ فِي شَرْحِ شَوَاهِدِ كِتَابِ الْجُمَلِ. وَفِي التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ. (52) إلَّا أَنِّي بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ لَا أَنْقُلُ إلَّا الصَّحِيحَ الْمُعْتَمَدَ فِي الْمَذْهَبِ وَإِنْ كَانَ

الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَ مُفَرَّعًا عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ أَوْ رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ نَبَّهْت عَلَى ذَلِكَ غَالِبًا. 53 - وَحُكِيَ أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا طَاهِرٍ الدَّبَّاسَ جَمَعَ قَوَاعِدَ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَبْعَ عَشْرَةَ قَاعِدَةً 54 - وَرَدَّهُ إلَيْهَا. 55 - وَلَهُ حِكَايَةٌ مَعَ أَبِي سَعِيدٍ الْهَرَوِيِّ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فَإِنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ سَافَرَ إلَيْهِ وَكَانَ أَبُو طَاهِرٍ ضَرِيرًا، يُكَرِّرُ كُلَّ لَيْلَةٍ تِلْكَ الْقَوَاعِدِ بِمَسْجِدِهِ بَعْدَ أَنْ يَخْرُجَ النَّاسُ مِنْهُ، فَالْتَفَّ الْهَرَوِيُّ بِحَصِيرٍ وَخَرَجَ النَّاسُ وَأَغْلَقَ أَبُو طَاهِرٍ بَابَ الْمَسْجِدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُفَرَّعًا عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ أَوْ رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ نَبَّهْت عَلَى ذَلِكَ غَالِبًا: اسْتِدْرَاكٌ مِنْ قَوْلِهِ ظَفِرْت إلَى آخِرِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا فِي غَيْرِ الْمَظِنَّةِ وَالْكُتُبِ الْغَرِيبَةِ يُتَوَهَّمُ أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا فَرُفِعَ هَذَا التَّوَهُّمُ بِالِاسْتِدْرَاكِ. وَالْحَوْلُ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّصَرُّفِ وَالتَّنْبِيهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْكَمَالِ إعْلَامُ مَا فِي ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ لِلْمُخَاطِبِ وَفِي الصِّحَاحِ نَبَّهْت عَلَى الشَّيْءِ وَقَّفْته عَلَيْهِ فَتَنَبَّهَ هُوَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ غَالِبًا قَيْدٌ فِي التَّنْبِيهِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ بِالْفِعْلِ بِسَبَبِ إسْقَاطِ الْخَافِضِ لَا أَنَّ نَزْعَ الْخَافِضِ عَامِلٌ كَمَا حَقَّقَهُ الرَّضِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةَ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الشِّيرَازِيُّ فِي شَرْحِ الْعَضُدِيِّ وَهُوَ أَوْلَى. (53) وَحُكِيَ أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا طَاهِرٍ الدَّبَّاسَ جَمَعَ قَوَاعِدَ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَبْعَ عَشْرَةَ قَاعِدَةً: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ سُفْيَانَ مَنْسُوبٌ إلَى الدَّبْسِ الْمَأْكُولِ وَمِنْ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ: وَإِذَا طَلَبْت الْعِلْمَ فَاعْلَمْ أَنَّهُ ... حِمْلٌ فَأَبْصِرْ أَيَّ شَيْءٍ تَحْمِلُ وَإِذَا عَلِمْت بِأَنَّهُ مُتَفَاضِلٌ ... فَاشْغَلْ فُؤَادَك بِاَلَّذِي هُوَ أَفْضَلُ (54) وَرَدَّهُ إلَيْهَا: يَعْنِي بِتَعَسُّفٍ وَتَكَلُّفٍ وَقَوْلٍ جُمَلِيٍّ. وَأَمَّا رَدَّهُ عَلَى سَبِيلِ الْوُضُوحِ فَيَرْبُو عَلَى الْخَمْسِينَ بَلْ الْمِائَتَيْنِ كَذَا قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ. (55) وَلَهُ حِكَايَةٌ مَعَ أَبِي سَعِيدٍ الْهَرَوِيِّ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ سَافَرَ إلَيْهِ وَكَانَ أَبُو طَاهِرٍ ضَرِيرًا يُكَرِّرُ كُلَّ لَيْلَةٍ تِلْكَ الْقَوَاعِدَ بِمَسْجِدِهِ بَعْدَ أَنْ يَخْرُجَ النَّاسُ مِنْهُ فَالْتَفَّ الْهَرَوِيُّ بِحَصِيرَةٍ وَخَرَجَ النَّاسُ وَأَغْلَقَ أَبُو طَاهِرٍ بَابَ الْمَسْجِدِ: الْمَقْصُودُ مِنْ

وَسَرَدَ مِنْهَا سَبْعَةً 57 - فَحَصَلَتْ لِلْهَرَوِيِّ سَعْلَةٌ فَأَحَسَّ بِهِ أَبُو طَاهِرٍ 58 - فَضَرَبَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ، 59 - ثُمَّ لَمْ يُكَرِّرْهَا فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQسَوْقِ هَذِهِ الْحِكَايَةِ التَّنْوِيهُ بِشَرَفِ الْقَوَاعِدِ حَيْثُ سَافَرَ مِثْلُ هَذَا الْإِمَامِ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ تِلْكَ الْقَوَاعِدِ وَهَذَا لَيْسَ أَبُو سَعِيدٍ الْهَرَوِيُّ الشَّافِعِيُّ هُوَ صَاحِبُ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ مَعَ أَبِي طَاهِرٍ الدَّبَّاسِ وَإِنَّمَا هُوَ نَاقِلٌ لِلْحِكَايَةِ عَنْهُ مَعَ بَعْضِ عُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ بِهَرَاةَ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيِّ وَمِثْلُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (56) وَسَرَدَ مِنْهَا سَبْعَةً: شَبَّهَ قِرَاءَتَهَا مُنْتَظِمَةً مُتَّسِقَةً بِسَرْدِ الدَّرْعِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ التَّبَعِيَّةِ وَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ سَبْعًا لِأَنَّ الْمَعْدُودَ مُؤَنَّثٌ عَلَى مَا هُوَ الْقَاعِدَةُ الْمَشْهُورَةُ (لَا يُقَالُ الْقَاعِدَةُ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمُمَيَّزُ مَذْكُورًا بَعْدَ الْعَدَدِ وَأَمَّا إذَا حُذِفَ أَوْ قُدِّرَ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ فِي اسْمِ الْعَدَدِ إلْحَاقُ التَّاءِ وَحَذْفُهَا) لِأَنَّا نَقُولُ مَا ذُكِرَ مِنْ جَوَازِ التَّاءِ وَعَدَمِهَا إذَا كَانَ الْمُمَيَّزُ الْأَيَّامُ وَحْدَهَا وَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرُ الْأَيَّامِ فَالْوَجْهُ مُطَابَقَةُ الْقَاعِدَةِ الْأَصْلِيَّةِ مِنْ إثْبَاتِ التَّاءِ فِي الْمُذَكَّرِ وَحَذْفِهَا فِي الْمُؤَنَّثِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَيَّامُ مَعَ اللَّيَالِي فَالْمَسْمُوعُ حَذْفُ التَّاءِ تَغْلِيبًا لِلَّيَالِيِ. كَذَا قَرَّرَهُ الْإِمَامُ السُّبْكِيُّ فِي رِسَالَةِ إبْرَازِ الْحُكْمِ قَالَ وَفِي كَلَامِ سِيبَوَيْهِ وَابْنِ مَالِكٍ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ انْتَهَى فَلْيُحْفَظْ. (57) فَحَصَلَتْ لِلْهَرَوِيِّ سَعْلَةٌ فَأَحَسَّ بِهِ أَبُو طَاهِرٍ: السَّعْلَةُ وَالسُّعَالُ بِضَمِّ أَوَّلِهِمَا حَرَكَةٌ تَدْفَعُ بِهَا الطَّبِيعَةُ الْأَذَى عَنْ الرِّئَةِ وَالْأَعْضَاءِ الَّتِي تَتَّصِلُ بِهَا وَقَدْ اسْتَشْكَلَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْأَطِبَّاءِ عَدَّهُ فِي الْأَمْرَاضِ لِأَنَّ الْأُمُورَ الطَّبِيعِيَّةَ الْعَارِضَةَ لِلْإِنْسَانِ لَا تُعَدُّ مَرَضًا وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ عَدَّهُ مَرَضًا بِاعْتِبَارِ كَثْرَةِ عُرُوضِهِ وَاسْتِمْرَارِهِ لَا بِاعْتِبَارِ أَصْلِ عُرُوضِهِ. (58) فَضَرَبَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ: فِيهِ أَنَّهُ كَيْفَ يَصْدُرُ هَذَا مِنْ مِثْلِ هَذَا الْعَالَمِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ضَرْبُهُ وَلَا إخْرَاجُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِأَجْلِ مَا ذُكِرَ. (59) ثُمَّ لَمْ يُكَرِّرْهَا فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ: عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ أَخْرَجَهُ. أَقُولُ فِيهِ إنَّ فِي عَدَمِ تَكْرِيرِهَا بَعْدَ ذَلِكَ خَشْيَةَ مَنْ يَسْمَعُهَا وَيَسْتَفِيدُهَا كَتْمًا لِلْعِلْمِ وَهُوَ مَذْمُومٌ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «مَنْ كَتَمَ عِلْمًا أَلْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجَامٍ مِنْ النَّارِ» .

فَرَجَعَ الْهَرَوِيُّ إلَى أَصْحَابِهِ وَتَلَاهَا عَلَيْهِمْ 61 - الثَّانِي: الضَّوَابِطُ وَمَا دَخَلَ فِيهَا وَمَا خَرَجَ عَنْهَا وَهُوَ أَنْفَعُ الْأَقْسَامِ لِلْمُدَرِّسِ وَالْمُفْتِي وَالْقَاضِي، فَإِنَّ بَعْضَ الْمُؤَلَّفِينَ يَذْكُرُ ضَابِطَهُ 62 - وَيَسْتَثْنِي مِنْهُ أَشْيَاءَ، فَأَذْكُرُ فِيهَا أَنِّي زِدْت عَلَيْهِ أَشْيَاءَ أُخَرَ، فَمَنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْمَزِيدِ 63 - ظَنَّ الدُّخُولَ وَهِيَ خَارِجَةٌ كَمَا سَتَرَاهُ 64 - وَلِهَذَا وَقَعَ مَوْقِعًا حَسَنًا عِنْدَ ذَوِي الْإِنْصَافِ، وَابْتَهَجَ بِهِ مَنْ هُوَ مِنْ أُولِي الْأَلْبَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَرَجَعَ الْهَرَوِيُّ إلَى أَصْحَابِهِ وَتَلَاهَا عَلَيْهِمْ: أَيْ الْقَوَاعِدَ السَّبْعَ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْ الدَّبَّاسِ قِيلَ مِنْهَا - الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ - وَالثَّانِيَةُ الْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ - وَالثَّالِثَةُ - الضَّرَرُ يُزَالُ - وَالرَّابِعَةُ الْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ - وَالْخَامِسَةُ الْأُمُورُ بِمَقَاصِدِهَا - كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (61) الثَّانِي الضَّوَابِطُ وَمَا دَخَلَ فِيهَا وَمَا خَرَجَ عَنْهَا وَهُوَ أَنْفَعُ الْأَقْسَامِ لِلْمُدَرِّسِ وَالْمُفْتِي وَالْقَاضِي فَإِنَّ بَعْضَ الْمُؤَلِّفِينَ يَذْكُرُ ضَابِطَهُ: أَيْ الْفَنُّ الثَّانِي مِنْ الْفُنُونِ السَّبْعَةِ وَقَوْلُهُ مَا خَرَجَ عَنْهَا أَيْ اُسْتُثْنِيَ مِنْهَا وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى. (62) وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ أَشْيَاءُ فَأَذْكُرُ فِيهِ أَنِّي زِدْت عَلَيْهِ أَشْيَاءَ أُخَرَ فَمَنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْمَزِيدِ: الْأَشْيَاءُ جَمْعُ شَيْءٍ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ مَوْجُودٍ حِسًّا كَالْأَجْسَامِ أَوْ حُكْمًا كَالْأَقْوَالِ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ مَا يَصِحُّ أَنْ يُعْلَمَ بِهِ وَيُخْبِرَ عَنْهُ. (63) ظَنَّ الدُّخُولَ وَهِيَ خَارِجَةٌ كَمَا سَتَرَاهُ: أَيْ اعْتَقَدَهُ وَغَيْرُ خَافٍ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْخَطَأِ وَالْفَسَادِ وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَوَائِدِ الزَّيْنِيَّةِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْفَتْوَى بِمَا تَقْتَضِيه الضَّوَابِطُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ كُلِّيَّةً بَلْ أَغْلَبِيَّةً خُصُوصًا وَهِيَ لَمْ تَثْبُتْ عَنْ الْإِمَامِ بَلْ اسْتَخْرَجَهَا الْمَشَايِخُ مِنْ كَلَامِهِ. (64) وَلِهَذَا وَقَعَ مَوْقِعًا حَسَنًا عِنْدَ ذَوِي الْإِنْصَافِ وَابْتَهَجَ بِهِ مَنْ هُوَ مِنْ أُولِي الْأَلْبَابِ: كِنَايَةً عَنْ تَلَقِّي الْفُضَلَاءِ لَهُ بِالْقَبُولِ وَالْإِنْصَافِ وَالْعَدْلِ، وَالِابْتِهَاجُ السُّرُورُ بِالشَّيْءِ.

الثَّالِثُ: مَعْرِفَةُ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ 66 - الرَّابِعُ: مَعْرِفَةُ الْأَلْغَازِ. 67 - الْخَامِسُ: الْحِيَلُ 68 - السَّادِسُ: الْأَشْبَاهُ وَالنَّظَائِرُ 69 - السَّابِعُ: مَا حُكِيَ عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَصَاحِبِيهِ وَالْمَشَايِخِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَالْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمُطَارَحَاتِ وَالْمُكَاتَبَاتِ وَالْمُرَاسَلَاتِ وَالْغَرِيبَاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّالِثُ مَعْرِفَةُ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ: أَيْ الْفَنُّ الثَّالِثُ مِنْ الْفُنُونِ السَّبْعَةِ مَعْرِفَةُ مَا يَجْتَمِعُ مَعَ آخَرَ فِي حُكْمٍ فَأَكْثَرَ وَيَفْتَرِقُ مِنْهُ فِي حُكْمٍ آخَرَ فَأَكْثَرَ كَالذِّمِّيِّ وَالْمُسْلِمِ بِأَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ فِي أَحْكَامٍ وَيَفْتَرِقَانِ فِي أَحْكَامٍ كَمَا سَيَتَّضِحُ لَك ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ. (66) الرَّابِعُ الْأَلْغَازُ: أَيْ الْفَنُّ الرَّابِعُ مِنْ الْفُنُونِ السَّبْعَةِ فِي الْأَلْغَازِ وَالْأَلْغَازُ جَمْعُ لُغْزٍ بِالضَّمِّ وَبِضَمَّتَيْنِ وَبِالتَّحْرِيكِ وَكَصُرَدٍ وَكَالْحُمَيْرَاءِ وَكَالسُّمَيْهِيِّ وَالْأُلْغُوزَةُ مَا يُعْمَى بِهِ وَأَلْغَزَ كَلَامَهُ وَفِيهِ عَمَّى مُرَادَهُ. كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَالْمُرَادُ الْمَسَائِلُ الَّتِي قَصَدَ إخْفَاءَ وَجْهِ الْحُكْمِ فِيهَا لِأَجْلِ الِامْتِحَانِ. (67) الْخَامِسُ الْحِيَلُ: أَيْ الْفَنُّ الْخَامِسُ مَسَائِلُ الْحِيَلِ. الْحِيَلُ جَمْعُ حِيلَةٍ وَهِيَ الْحِذْقُ وَجَوْدَةُ النَّظَرِ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مَا يَكُونُ مُخَلِّصًا شَرْعِيًّا لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِحَادِثَةِ دِينِيَّةٍ وَلِكَوْنِ الْمُخَلِّصِ مِنْ ذَلِكَ لَا يُدْرَكُ إلَّا بِالْحِذْقِ وَجَوْدَةِ النَّظَرِ أَطْلَقَ عَلَيْهِ لَفْظَ الْحِيلَةِ. (68) السَّادِسُ الْأَشْبَاهُ وَالنَّظَائِرُ: أَيْ الْفَنُّ السَّادِسُ الْأَشْبَاهُ وَالنَّظَائِرُ مِنْ الْمَسَائِلِ وَالْأَشْبَاهِ جَمْعُ شَبَهٍ وَالشَّبَهُ وَالشَّبِيهُ الْمِثْلُ وَالنَّظَائِرُ جَمْعُ نَظِيرٍ وَهُوَ الْمُنَاظِرُ وَالْمِثْلُ وَالْمُرَادُ بِهَا الْمَسَائِلُ الَّتِي تُشْبِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا مَعَ اخْتِلَافِهَا فِي الْحُكْمِ لِأُمُورٍ خَفِيَّةٍ أَدْرَكَهَا الْفُقَهَاءُ بِدِقَّةِ أَنْظَارِهِمْ وَقَدْ صَنَّفُوا لِبَيَانِهَا كُتُبًا كَفُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ وَالْكَرَابِيسِيِّ وَهُمَا عِنْدِي وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. (69) السَّابِعُ مَا حُكِيَ عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَصَاحِبِيهِ وَالْمَشَايِخِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَالْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمُطَارَحَاتِ وَالْمُكَاتَبَاتِ وَالْمُرَاسَلَاتِ وَالْغَرِيبَاتِ: أَيْ الْفَنُّ السَّابِعُ الْحِكَايَاتُ الْمَنْقُولَةُ عَنْ الْإِمَامِ وَأَصْحَابِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالْإِمَامِ أَبُو حَنِيفَةَ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِهِ وَلَا كُنْيَتِهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْإِيهَامِ وَهُوَ طَرِيقٌ مِنْ طُرُقِ الْبَلَاغَةِ وَلِأَنَّ فِيهِ

وَأَرْجُو مِنْ كَرَمِ اللَّهِ الْفَتَّاحِ أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ إذَا تَمَّ بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ 71 - يَصِيرُ نُزْهَةً لِلنَّاظِرِينَ، 72 - وَمَرْجِعًا لَلْمُدَرِّسِينَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQشَارَةً إلَى عُلُوِّ شَأْنِهِ وَرِفْعَةِ قَدْرِهِ وَمَكَانِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى أَنَّهُ الْمَشْهُورُ الَّذِي لَا يُشْتَبَهُ وَالْبَيِّنُ الَّذِي لَا يَلْتَبِسُ قَالَ الشَّاعِرُ: لَسْنَا نُسَمِّيك إجْلَالًا وَتَكْرِمَةً ... وَقَدْرُك الْمُعْتَلِي عَنْ ذَاكَ يَكْفِينَا وَقَوْلُهُ: مِنْ الْمُطَارَحَاتِ وَالْمُرَاسَلَاتِ وَالْمُكَاتَبَاتِ بَيَانٌ لِمَا. وَالْمُطَارَحَاتُ جَمْعُ مُطَارَحَةٍ وَهِيَ أَنْ يَطْرَحَ أَحَدُ الْعَالِمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مَسْأَلَةً فَيَتَكَلَّمَانِ فِيهَا أَشْفَاهًا. وَالْمُرَاسَلَاتُ جَمْعُ مُرَاسَلَةٍ وَهِيَ أَنْ يُرَاسِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَالِمَيْنِ إلَى الْآخَرِ بِمَسْأَلَةٍ يَسْأَلُهُ عَنْهَا سَوَاءً كَانَ بِمُكَاتَبَةٍ أَوْ رَسُولٍ وَعَلَى هَذَا فَعَطْفُ الْمُكَاتَبَاتِ عَلَى الْمُرَاسَلَاتِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (70) فَأَرْجُو مِنْ كَرَمِ الْفَتَّاحِ أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ إذَا تَمَّ بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ: الرَّجَاءُ اعْتِقَادُ حُصُولِ الْخَيْرِ الْمُمْكِنِ، وَتَفْسِيرُهُ بِطَلَبِ الْمَحْبُوبِ تَسَامُحٌ لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ وَيُرَادِفُهُ الْأَمَلُ (وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالتَّمَنِّي) أَنَّ الرَّجَاءَ يَكُونُ فِي الْمُمْكِنِ فَقَطْ وَالتَّمَنِّي فِيهِ وَفِي الْمُسْتَحِيلِ أَيْضًا وَالْكَرَمُ الْفَضْلُ وَالْإِحْسَانُ وَالْفَتَّاحُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى (71) يَصِيرُ نُزْهَةً لِلنَّاظِرِينَ: النُّزْهَةُ اسْمٌ مِنْ التَّنَزُّهِ وَهُوَ التَّبَاعُدُ، وَمَكَانٌ نَزِهٌ كَكَتِفٍ وَنَزِيهٌ وَأَرْضٌ نَزِهَةٌ بِكَسْرِ الزَّايِ وَنَزِيهَةٌ بَعِيدَةٌ عَنْ الرِّيفِ وَعُمْقِ الْمِيَاهِ وَذِبَّانِ الْقُرَى وَمَدِّ الْبِحَارِ وَفَسَادِ الْهَوَى، وَتَنَزَّهَ الرَّجُلُ تَبَاعَدَ عَنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ فَهُوَ نَزِيهٌ وَاسْتِعْمَالُ التَّنَزُّهِ فِي الْخُرُوجِ إلَى الْبَسَاتِينِ وَالْخُضَرِ وَالرِّيَاضِ غَلَطٌ قَبِيحٌ كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَقَدْ يُقَالُ اسْتِعْمَالُ التَّنَزُّهِ بِهَذَا الْمَعْنَى مَجَازِيٌّ وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ غَلَطًا لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمَجَازِيَّ لَا يَشْتَرِطُ اسْتِعْمَالَ الْعَرَبِ لَهُ لِأَنَّ الْمَجَازَ مَوْضُوعٌ بِالْوَضْعِ النَّوْعِيِّ لَا الشَّخْصِيِّ كَمَا حُقِّقَ فِي مَحِلِّهِ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ وُجُودُ عَلَاقَةٍ مِنْ الْعَلَاقَاتِ الَّتِي اعْتَبَرَتْهَا الْعَرَبُ فِي الْمَعَانِي الْمَجَازِيَّةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ هُنَا وَهِيَ اللُّزُومُ إذْ مِنْ لَازِمِ الْخُرُوجِ إلَى الْبَسَاتِينِ الْبُعْدُ عَنْ الرِّيفِ وَالْقُرَى وَمَدِّ الْبِحَارِ وَالنَّاظِرِينَ جَمْعُ نَاظِرٍ مِنْ نَظَرَ فِي الشَّيْءِ إذَا فَكَّرَ فِيهِ وَتَأَمَّلَهُ. (72) وَمَرْجِعًا لِلْمُدْرَسِينَ: الْمَرْجِعُ مَكَانُ الرُّجُوعِ الْمُدَرِّسِينَ جَمْعُ مُدَرِّسٍ مِنْ دَرَسَ الْكِتَابَ قَرَأَهُ.

وَمَطْلَبًا لِلْمُحَقِّقِينَ، 74 - وَمُعْتَمَدًا لِلْقُضَاةِ وَالْمُفْتِينَ، 75 - لِلْمُحَصِّلِينَ 76 - وَكَشْفًا لِكَرْبِ الْمَلْهُوفِينَ 77 - هَذَا لِأَنَّ الْفِقْهَ أَوَّلُ فُنُونِي، 78 - طَالَ مَا أَسْهَرْتُ فِيهِ عُيُونِي ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَطْلَبًا لِلْمُحَقِّقِينَ: الْمَطْلَبُ مَوْضِعُ الطَّلَبِ وَالْمُحَقِّقِينَ جَمْعُ مُحَقِّقٍ وَالتَّحْقِيقُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ إثْبَاتُ الْمَسْأَلَةِ بِدَلِيلِهَا وَالتَّدْقِيقُ إثْبَاتُ دَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ بِدَلِيلٍ آخَرَ فَبَيْنَهُمَا تَبَايُنٌ. قَالَ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيُّ يَصِحُّ كَوْنُ التَّدْقِيقِ أَخَصَّ بِأَنْ يُقَالَ التَّحْقِيقُ تَفْعِيلٌ مِنْ حَقَّ ثَبَتَ فَهُوَ إثْبَاتُ الْمَسْأَلَةِ بِدَلِيلِهَا، سَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَجْهٍ فِيهِ دِقَّةٌ أَوْ لَا وَالتَّدْقِيقُ إثْبَاتُهَا بِدَلِيلِ دَلِيلِهَا عَلَى وَجْهٍ فِيهِ دِقَّةٌ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الدِّقَّةُ لِإِثْبَاتِ دَلِيلَ الْمَسْأَلَةِ بِدَلِيلٍ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ دِقَّةٌ. (74) وَمُعْتَمَدًا لِلْقُضَاةِ وَالْمُفْتِينَ: أَيْ مُعْتَمَدًا عَلَيْهِ مِنْ الِاعْتِمَادِ وَالِاتِّكَاءِ وَالِاتِّكَالِ وَالْعُمْدَةُ بِالضَّمِّ مَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ. (75) وَغَنِيمَةً لِلْمُحَصِّلِينَ: الْمُرَادُ بِالْغَنِيمَةِ هُنَا الْفَوْزُ بِالشَّيْءِ بِلَا مَشَقَّةٍ وَالْمُحَصِّلِينَ جَمْعُ مُحَصِّلٍ مِنْ التَّحْصِيلِ جَمْعُ الشَّيْءِ وَتَمْيِيزُهُ وَأَصْلُهُ اسْتِخْرَاجُ الذَّهَبِ مِنْ حَجَرِ الْمَعْدِنِ. (76) وَكَشْفًا لِكُرُوبِ الْمَلْهُوفِينَ: أَيْ كَاشِفًا لِحُزْنِ الْمَلْهُوفِينَ الَّذِي يَأْخُذُ بِالنَّفْسِ وَالْمَلْهُوفِينَ جَمْعُ مَلْهُوفٍ وَهُوَ الْمَظْلُومُ الْمُضْطَرُّ يَسْتَغِيثُ وَيَتَحَسَّرُ. (77) هَذَا لِأَنَّ الْفِقْهَ أَوَّلُ فَنُونِي: كَلِمَةُ هَذَا يُؤْتَى بِهَا أَثْنَاءَ الْكَلَامِ لِرَبْطِ مَا بَعْدَهَا بِمَا قَبْلَهَا عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ} [ص: 55] وَالْفُنُونُ جَمْعُ فَنٍّ وَهُوَ النَّوْعُ مِنْ الشَّيْءِ، وَأَضَافَ الْفُنُونَ إلَى نَفْسِهِ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ وَالْمُرَادُ أَنَّ الْفِقْهَ أَوَّلُ فَنٍّ اشْتَغَلَ بِهِ.، (78) طَالَ مَا أَسْهَرْت فِيهِ عُيُونِي: قَالَ امْتَدَّ. وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ وَالسَّهَرُ عَدَمُ النَّوْمِ لَيْلًا وَالْمَعْنَى امْتَدَّ إسْهَارِي عَيْنِي فِي طَلَبِ تَحْصِيلِ الْفِقْهِ وَاسْتِعْمَالُ الْجَمْعِ مَوْضِعَ الْمُثَنَّى وَكَذَا

وَأَعْمَلْت بَدَنِي إعْمَالَ الْجِدِّ 80 - مَا بَيْنَ بَصَرِي وَيَدِي وَظُنُونِي، 81 - وَلَمْ أَزَلْ مُنْذُ زَمَنِ الطَّلَبِ 82 - أَعْتَنِي 83 - بِكُتُبِهِ 84 - قَدِيمًا وَحَدِيثًا، ـــــــــــــــــــــــــــــQاسْتِعْمَالُ الْمُفْرَدِ مَوْضِعَ الْمُثَنَّى عَرَبِيٌّ شَائِعٌ سَائِغٌ؛ تَقُولُ رَجُلٌ ذُو مَنَاكِبَ وَإِنَّمَا لَهُ مَنْكِبَانِ وَمِنْ الثَّانِي قَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ: فَالْعَيْنُ بَعْدَهُمْ كَأَنَّ حِدَاقَهَا ... سُمِلَتْ بِشَوْكٍ فَهِيَ عُورٌ تَدْمَعُ وَكِتَابَةُ طَالَمَا وَقَلَّمَا مَوْصُولَةٌ بِمَا، عَلَى مَا نَقَلَهُ الْمُطَرِّزِيُّ عَنْ ابْنِ جِنِّي وَلَكِنَّ ابْنَ دُرُسْتَوَيْهِ لَمْ يُجِزْ أَنْ يُوصَلَ شَيْءٌ مِنْ الْأَفْعَالِ بِمَا، سِوَى نِعْمَ وَبِئْسَ وَهَذَا إذَا كَانَتْ مَا كَافَّةً فَإِنْ كَانَتْ مَصْدَرِيَّةً فَلَيْسَ إلَّا الْفَصْلَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ مِنْ بَابِ مَا يُقْطَعُ وَمَا لَا يُقْطَعُ فَاحْفَظْهُ. (79) وَأَعْمَلْت بَدَنِي إعْمَالَ الْجِدِّ: أَعْمَلْت مِنْ الْإِعْمَالِ اسْتِعْمَالُ الْعَيْنِ وَالْبَدَنِ مِنْ الْجَسَدِ. مَا سِوَى الرَّأْسِ. وَالْجِدُّ بِالْكَسْرِ الِاجْتِهَادُ. (80) مَا بَيْنَ بَصَرِي وَيَدْي وَظُنُونِي: أَيْ عَمَلًا مُفَرِّقًا بَيْنَ مَا ذَكَرَ. فَلِلْبَصَرِ مِنْ ذَلِكَ النَّظَرُ فِي كُتُبِهِ، وَلِلْيَدِ كِتَابَةُ مَسَائِلِهِ وَالظَّنُّ بِمَعْنَى مَحِلَّهُ وَهُوَ الْعَقْلُ وَالتَّدَبُّرُ وَالتَّفَكُّرُ فِي مَسَائِلِهِ وَأَطْلَقَ الْيَدَ وَأَرَادَ الْيَدَيْنِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الشَّيْئَانِ لَا يَفْتَرِقَانِ مِنْ خَلْقٍ أَوْ غَيْرِهِ أَجْزَأَ مِنْ ذِكْرِهِمَا ذِكْرُ أَحَدِهَا كَالْعَيْنِ تَقُولُ كَحَّلْت عَيْنِي وَأَنْتَ تُرِيدُ عَيْنَيْك وَمِثْلُ الْعَيْنَيْنِ الْمَنْخِرَانِ وَالرِّجْلَانِ وَالْخُفَّانِ وَالنَّعْلَانِ تَقُولُ لَبِسْت خُفِّي تُرِيدُ خُفَّيْك كَذَا فِي شَرْحِ الْحَمَاسَةِ. (81) وَلَمْ أَزَلْ مُنْذُ زَمَنِ الطَّلَبِ: أَيْ لَمْ أَنْفَكُّ مِنْ ابْتِدَاءِ زَمَنِ الطَّلَبِ أَيْ طَلَبِ الْفِقْهِ أَيْ مُحَاوِلَةِ تَحْصِيلِهِ. (82) أَعْتَنِي: أَيْ أَهْتَمُّ. (83) بِكُتُبِهِ: أَيْ مَا صُنِّفَ فِيهِ مِنْ الْكُتُبِ. (84) قَدِيمًا وَحَدِيثًا: أَيْ فِي الزَّمَنِ الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ.

وَأَسْعَى فِي تَحْصِيلِ مَا هُجِرَ مِنْهَا سَعْيًا حَثِيثًا، 86 - إلَى أَنْ وَقَفْت مِنْهَا عَلَى الْجَمِّ الْغَفِيرِ، 87 - وَأَحَطْتُ بِغَالِبِ الْمَوْجُودِ 88 - فِي بَلَدِنَا (الْقَاهِرَةِ) 89 - مُطَالَعَةً وَتَأَمُّلًا 90 - بِحَيْثُ لَمْ يَفُتْنِي مِنْهَا 91 - إلَّا النَّزْرُ الْيَسِيرُ، كَمَا سَتَرَاهُ عِنْدَ سَرْدِهَا، مَعَ ضَمِّ الِاشْتِغَالِ وَالْمُطَالَعَةِ لَكُتُبِ الْأُصُولِ مِنْ ابْتِدَاءِ أَمْرِي، كَكِتَابِ الْبَزْدَوِيِّ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ، وَالتَّقْوِيمُ لِأَبِي زَيْدٍ الدَّبُوسِيِّ، وَالتَّنْقِيحُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَسْعَى فِي تَحْصِيلِ مَا هُجِرَ مِنْهَا سَعْيًا حَثِيثًا: السَّعْيُ الْمَشْيُ وَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا الِاهْتِمَامُ. وَالتَّحْصِيلُ الْجَمْعُ. وَمَا هُجِرَ مِنْهَا أَيْ تُرِك كَشُرُوحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَالزِّيَادَاتِ وَالسِّيَرِ الْكَبِيرِ وَالْحَثِيثُ السَّرِيعُ. (86) إلَى أَنْ وَقَفْت مِنْهَا عَلَى الْجَمِّ الْغَفِيرِ: الْوُقُوفُ عَلَى الشَّيْءِ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ وَالْجَمُّ الْكَثِيرُ وَالْغَفِيرُ مِنْ الْغَفْرِ وَهُوَ السِّتْرُ. وَالْمَعْنَى أَنَّ الْكُتُبَ الْفِقْهِيَّةَ الَّتِي اطَّلَعَ عَلَيْهَا لِعَظْمِ كَثْرَتِهَا تَسْتُرُ وَجْهَ الْأَرْضِ. (87) وَأَحَطْت بِغَالِبِ الْمَوْجُودِ: مِنْ أَحَاطَ بِالشَّيْءِ عِلْمًا إذَا بَلَغَ أَقْصَاهُ. (88) فِي بَلَدِنَا الْقَاهِرَةِ: أَيْ الْمُسَمَّاةُ بِالْقَاهِرَةِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْقَاهِرَةِ قَاعِدَةُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ. (89) وَمُطَالَعَةً وَتَأَمُّلًا: مَنْصُوبَانِ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُطَالَعَةُ مِنْ اطَّلَعَ عَلَى أَمْرٍ عَلِمَهُ، وَالتَّأَمُّلُ التَّشَبُّثُ فِي الْأَمْرِ. (90) بِحَيْثُ لَمْ يَفُتْنِي مِنْهَا: أَيْ أَحَطْت بِغَالِبِ الْمَوْجُودِ مُطَالَعَةً وَتَأَمُّلًا إحَاطَةً مُتَلَبِّسَةً بِحَيْثُ إنِّي لَمْ يَفُتْنِي شَيْءٌ فَوَاتًا نَاشِئًا مِنْهَا أَيْ مِنْ تَرْكِ مُطَالَعَتِهَا وَتَأَمُّلِهَا. فَكُلٌّ مِنْ الْجَارَّيْنِ وَالْمَجْرُورَيْنِ وَقَعَ صِفَةً لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ وَالْفَوَاتُ الْإِعْوَازُ يُقَالُ فَاتَهُ الشَّيْءُ أَعْوَزَهُ وَقَالَ الرَّاغِبُ الْفَوْتُ بُعْدُ الشَّيْءِ عَنْ الْإِنْسَانِ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ إدْرَاكُهُ. (91) إلَّا النَّزْرَ الْيَسِيرَ كَمَا سَتَرَاهُ عِنْدَ سَرْدِهَا مَعَ ضَمِّ الِاشْتِغَالِ وَالْمُطَالَعَةِ لِكُتُبِ

وَشَرْحُهُ وَشَرْحُ شَرْحِهِ وَحَوَاشِيهِ، وَشُرُوحُ الْبَزْدَوِيِّ مِنْ الْكَشْفِ الْكَبِيرِ وَالتَّقْرِيرُ، 92 - حَتَّى اخْتَصَرْتُ تَحْرِيرَ الْمُحَقِّقِ ابْنَ الْهُمَامِ وَسَمَّيْته لُبَّ الْأُصُولِ. ثُمَّ شَرَحْت الْمَنَارَ 93 - شَرْحًا جَاءَ، بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ، فَائِقًا عَلَى نَوْعِهِ 94 - فَنَشْرَعُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ، فِيمَا قَصَدْنَاهُ 95 - مِنْ هَذَا التَّأْلِيفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأُصُولِ مِنْ ابْتِدَاءِ أَمْرِي كَكِتَابِ الْبَزْدَوِيِّ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ وَالتَّقْوِيمُ لِأَبِي زَيْدٍ الدَّبُوسِيِّ وَالتَّنْقِيحُ وَشَرْحِهِ وَشَرْحِ شَرْحِهِ وَحَوَاشِيهِ وَشُرُوحُ الْبَزْدَوِيِّ مِنْ الْكَشْفِ الْكَبِيرِ وَالتَّقْرِيرِ: اسْتِثْنَاءٌ مُفْرَغٌ وَالنَّزْرُ الشَّيْءُ الْقَلِيلُ وَالْيَسِيرُ مُرَادِفٌ لَهُ فَهُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ. (92) حَتَّى اخْتَصَرْت تَحْرِيرَ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ وَسَمَّيْته لُبَّ الْأُصُولِ ثُمَّ شَرَحْت الْمَنَارَ: أَيْ كِتَابُهُ الْمُسَمَّى بِالتَّحْرِيرِ قَوْلُهُ ابْنِ الْهُمَامِ أَيْ هُمَامِ الدِّينِ فَالْأَلِفُ وَاللَّامُ عِوَضٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ الْوَاقِعِ جُزْءَ عَلَمٍ. نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ جِنِّي فِي شَرْحِ دِيوَانِ الْمُتَنَبِّي عَنْ قَوْلِهِ: وُقِينَا السَّيْفُ حَمْلَتُهُ صَدُوقٌ ... إذَا لَاقَى وَغَارَتُهُ لَجُوجٌ قَالَ أَرَادَ سَيْفَ الدَّوْلَةِ فَعَرَّفَهُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ لَمَّا كَانَ مَعْرُوفًا بِالْإِضَافَةِ (انْتَهَى) . وَقَدْ جَعَلَ الْمُؤَلِّفُ اخْتِصَارَهُ غَايَةً لِمُطَالَعَةِ كُتُبِ الْأُصُولِ لِأَنَّهُ كِتَابٌ فِي غَايَةِ الْوَجَازَةِ وَالدِّقَّةِ فَلَا يُقْدِمُ عَلَى اخْتِصَارِهِ إلَّا مَنْ بَلَغَ النِّهَايَةَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ كَمَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ لِمَنْ طَالَعَهُ. (93) شَرْحًا جَاءَ بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ فَائِقًا عَلَى نَوْعِهِ: مِنْ فَاقَ الرَّجُلُ أَصْحَابَهُ يَفُوقُهُمْ عَلَاهُمْ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ لَفْظِ الْفَوْقِ الْمُسْتَعْمَلِ لِلْفَضِيلَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} [الأنعام: 165] . (94) فَنَشْرَعُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ فِيمَا قَصَدْنَاهُ: الْفَاءُ فَصِيحَةٌ لَا اسْتِئْنَافِيَّةٌ وَالشُّرُوعُ فِي الشَّيْءِ الْأَخْذُ فِيهِ. (95) مِنْ هَذَا التَّأْلِيفِ: يَعْنِي الْحَاضِرَ ذِهْنًا وَإِنْ تَأَخَّرَ وَضْعُ الْخُطْبَةِ عَلَى مَا حَقَّقَهُ الْفَاضِلُ الدَّوَانِيُّ فِي شَرْحِ التَّهْذِيبِ.

بَعْدَ تَسْمِيَتِهِ (بِالْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ) تَسْمِيَةً لَهُ بِاسْمِ بَعْضِ فُنُونِهِ، 97 - سَائِلًا اللَّهَ تَعَالَى الْقَبُولَ وَأَنْ يَنْفَعَ بِهِ مُؤَلِّفَهُ 98 - وَمَنْ نَظَرَ فِيهِ 99 - إنَّهُ خَيْرُ مَأْمُولٍ 100 - وَإِنَّهُ يَدْفَعُ عَنْهُ كَيْدَ الْحَاسِدِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْدَ تَسْمِيَتِهِ بِالْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ تَسْمِيَةً لَهُ بِاسْمِ بَعْضِ فَنُونِهِ: يَعْنِي أَنَّ التَّسْمِيَةَ بِهَذَا الِاسْمِ مَجَازٌ عَلَاقَتُهُ الْكُلِّيَّةُ وَالْجُزْئِيَّةُ وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ بَعْضٌ مِنْ ذَلِكَ الْكِتَابِ فَأُطْلِقَ عَلَى كُلِّهِ. (97) سَائِلًا اللَّهَ تَعَالَى الْقَبُولَ وَأَنْ يَنْفَعَ بِهِ مُؤَلِّفَهُ: سَائِلًا حَالٌ مِنْ فَاعِلِ نَشْرَعُ وَكَانَ الْأَوْلَى عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ سَائِلِينَ لِوُجُوبِ الْمُطَابَقَةِ بَيْنَ الْحَالِ وَصَاحِبِهَا. وَالْقَبُولُ الرِّضَاءُ وَالنَّفْعُ مَا يُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى الْخَيْرِ. (98) وَمَنْ نَظَرَ فِيهِ: أَيْ وَأَنْ يَنْفَعَ بِهِ مَنْ نَظَرَ فِيهِ أَيْ تَأَمَّلَ. قَالَ الرَّاغِبُ النَّظَرَ قَدْ يُرَادُ بِهِ التَّأَمُّلُ وَالتَّفَحُّصُ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ الْمَعْرِفَةُ الْحَاصِلَةُ بَعْدَ الْفَحْصِ وَاسْتِعْمَالُ النَّظَرِ فِي الْبَصِيرَةِ أَكْثَرُ عِنْدَ الْخَاصَّةِ، وَالْعَامَّةُ بِالْعَكْسِ (انْتَهَى) . وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ النَّظَرُ يَجِيءُ لُغَةً بِمَعْنَى الِانْتِظَارِ وَيَسْتَعْمِلُ بِغَيْرِ صِلَةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد: 13] وَبِمَعْنَى الْفِكْرِ وَيُسْتَعْمَلُ بِفِي يُقَالُ نَظَرَ فِي كَذَا وَبِمَعْنَى الرَّأْفَةِ وَيُسْتَعْمَلُ بِاللَّامِ يُقَالُ نَظَرَ الْأَمِيرُ لِفُلَانٍ وَبِمَعْنَى الرُّؤْيَةَ وَيُسْتَعْمَلُ بِإِلَى قَالَ الشَّاعِرُ: نَظَرْت إلَى مَنْ حَسَّنَ اللَّهُ وَجْهَهُ ... فَيَا نَظْرَةً كَادَتْ عَلَى وَامِقٍ تَقْضِي ثُمَّ قَالَ وَلَا يَمْتَنِعُ حَمْلُ النَّظَرِ الْمُطْلَقِ يَعْنِي عَنْ الصِّلَةِ عَلَى الرُّؤْيَةِ يَعْنِي بِطَرِيقِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ، إنَّمَا الْمُمْتَنِعُ حَمْلُ الْمَوْصُولِ بِإِلَى عَلَى غَيْرِهَا وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ مَنْ وَهِمَ أَنَّ النَّظَرَ مُطْلَقًا مَوْصُولًا بِمَعْنَى الرُّؤْيَةِ فَقَدْ وَهِمَ، (99) إنَّهُ خَيْرُ مَأْمُولٍ: أَيْ إنَّمَا سَأَلْته مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ خَيْرٌ مَرْجُوٍّ. (100) وَأَنْ يَدْفَعَ عَنْهُ كَيْدَ الْحَاسِدِينَ: عَطَفَ عَلَى يَنْفَعَ. وَالدَّفْعُ الْمَنْعُ وَهُوَ لَا يَعْتَمِدُ سَبْقَ الثُّبُوتِ بِخِلَافِ الرَّفْعِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْفُقَهَاءُ الرَّفْعُ أَقْوَى مِنْ الدَّفْعِ كَمَا فِي

وَافْتِرَاءَ الْمُتَعَصِّبِينَ. 102 - وَلَعَمْرِي إنَّ هَذَا الْفَنَّ لَا يُدْرَكُ بِالتَّمَنِّي، 103 - وَلَا يُنَالُ، بِسَوْفَ 104 - وَلَعَلَّ، 105 - وَلَوْ أَنِّي، 106 - وَلَا يَنَالُهُ إلَّا مَنْ كَشَفَ عَنْ سَاعِدِ الْجِدِّ، وَشَمَّرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُسْتَصْفَى وَالْكَيْدُ الْمَكْرُ وَالْخُبْثُ وَالْحَاسِدِينَ جَمْعُ حَاسِدٍ وَهُوَ تَمَنِّي تَحَوُّلِ النِّعْمَةِ مِنْ غَيْرِهِ إلَيْهِ. (101) وَافْتِرَاءَ الْمُتَعَصِّبِينَ: الِافْتِرَاءُ الْكَذِبُ وَالْمُتَعَصِّبِينَ جَمْعُ مُتَعَصِّبٍ مِنْ تَعَصَّبَ أَتَى بِالْعُصْبَةِ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ. (102) وَلَعَمْرِي إنَّ هَذَا الْفَنَّ لَا يُدْرَكُ بِالتَّمَنِّي: الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ وَلَعَمْرِي قَسَمٌ وَاللَّامُ لَامُ الِابْتِدَاءِ وَعَمْرِي مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ وُجُوبًا تَقْدِيرُهُ مَا أُقْسِمُ بِهِ. وَجَوَابُ الْقَسَمِ قَوْلُهُ إنَّ هَذَا الْفَنَّ إلَى آخِرِهِ سَادٌّ مَسَدَّ الْخَبَرِ الْمَحْذُوفِ. وَفِي الْقَامُوسِ وَعَمْرُك اللَّهِ مَا فَعَلْت كَذَا وَعَمْرُك اللَّهِ، أَصْلُهُ عَمَّرَك اللَّهُ تَعْمِيرًا وَأَعْمَرَك اللَّهُ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا تُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ وَتَسْأَلُهُ بِطُولِ عُمُرِهِ وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنْ قَوْلِ لَعَمْرُ اللَّهِ (انْتَهَى) . (أَقُولُ فَعَلَى هَذَا مَا كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذَا الْقَسَمِ الْجَاهِلِيِّ الَّذِي وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ. وَالْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْفَنِّ الْفِقْهُ. وَقَوْلُهُ لَا يُدْرَكُ أَيْ لَا يُلْحَقُ. مِنْ الدَّرَكِ مُحَرَّكَةً اللِّحَاقُ وَالتَّمَنِّي وَهُوَ طَلَبُ الشَّيْءِ الْمَحْبُوبِ وَلَوْ مُسْتَحِيلًا) . (103) وَلَا يُنَالُ بِسَوْفَ: أَيْ بِلَفْظِ سَوْفَ بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا سَوْفَ أَقْرَأُ كَذَا وَأَكْتُب كَذَا. (104) وَلَعَلَّ: أَيْ وَلَا بِلَفْظِ لَعَلَّ كَأَنْ يَقُولَ لِعَلِّي أَقْرَأُ كَذَا. (105) وَلَوْ أَنِّي: أَيْ وَلَا بِلَفْظِ لَوْ أَنِّي كَأَنْ يَقُولَ لَوْ أَنِّي فَعَلْت كَذَا. وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «إيَّاكَ وَاللَّوْ فَإِنَّ اللَّوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» . وَقَالَ الشَّاعِرُ: فَلَسْت بِمُدْرِكٍ مَا فَاتَ عَنِّي ... بِلَهَفٍ وَلَا بِلَيْتَ وَلَا لَوْ أَنِّي (106) وَلَا يَنَالُهُ إلَّا مَنْ كَشَفَ عَنْ سَاعِدِ الْجِدِّ وَشَمَّرَ: النَّوَالُ الْعَطَاءُ وَالْكَشْفُ رَفْعُ الْغِطَاءِ عَنْ الشَّيْءِ وَالسَّاعِدُ مِنْ إنْسَانٍ ذِرَاعُهُ وَمِنْ الطَّائِرِ جَنَاحُهُ وَالْجِدُّ بِكَسْرِ الْجِيمِ

وَاعْتَزَلَ أَهْلَهُ، وَشَدَّ الْمِئْزَرَ، 108 - وَخَاضَ الْبِحَارَ، وَخَالَطَ الْعَجَاجَ، 109 - يَدْأَبُ فِي التَّكْرَارِ وَالْمُطَالَعَةِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، 110 - وَيُنَصِّبُ نَفْسَهُ لِلتَّأْلِيفِ وَالتَّحْرِيرِ بَيَانًا وَمَقِيلًا، ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاجْتِهَادُ. الْمُرَادُ بِالتَّشْمِيرِ التَّهَيُّؤُ لِلْأَمْرِ وَفِي قَوْلِهِ سَاعِدُ الْجِدِّ اسْتِعَارَةٌ مَكْنِيَّةٌ وَتَخْيِيلِيَّةٌ وَتَرْشِيحِيَّةٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ شَبَّهَ الْجِدَّ بِإِنْسَانٍ تَشْبِيهًا مُضْمَرًا فِي النَّفْسِ ثُمَّ أَثْبَتَ لِلْمُشَبَّهِ شَيْئًا مِنْ لَوَازِمِ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَهُوَ السَّاعِدُ ثُمَّ أَثْبَتَ لِلسَّاعِدِ الْكَشْفَ وَالتَّشْمِيرَ عَلَى طَرِيقِ التَّرْشِيحِ ثُمَّ إنَّ هَذَا الْكَلَامَ كِنَايَةٌ عَنْ الِاهْتِمَامِ وَالِاعْتِنَاءِ بِأَمْرِ الْفِقْهِ. وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْكِنَايَةُ مَبْنِيَّةً عَلَى الِاسْتِعَارَةِ الْمَكْنِيَّةِ فَتَأَمَّلْ. (107) وَاعْتَزَلَ أَهْلَهُ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ: الِاعْتِزَالُ مُطَاوِعٌ عَزَلْته فَاعْتَزَلَ أَيْ نَحَّيْته فَتَنَحَّى وَأَهْلُ الرَّجُلِ عَشِيرَتُهُ وَالشَّدُّ التَّقْوِيَةُ لِلْإِيثَاقِ. (108) وَخَاضَ الْبِحَارَ وَخَالَطَ الْعَجَاجَ: الْخَوْضُ الدُّخُولُ فِي الْمَاءِ وَخَالَطَ مِنْ الْخَلْطِ وَهُوَ الْمَزْجُ مِنْ خَلَطَهُ فَأَخْلَطَهُ. وَالْعَجَاجُ الْغُبَارُ وَالْإِبِلُ الْكَثِيرُ وَالْمُرَادُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يَنَالُ الْفِقْهَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْعُلُومِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ إلَّا مَنْ رَحَلَ فِي تَحْصِيلِهِ بَرًّا وَبَحْرًا. (109) يَدْأَبُ فِي التَّكْرَارِ وَالْمُطَالَعَةِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا: جُمْلَةُ يَدْأَبُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ يَنَالُ، وَالدَّءُوبُ الْجِدُّ فِي الْعَمَلِ وَالتَّعَبُ. وَالتَّكْرَارُ قِرَاءَةُ الْمَسَائِلِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى لِأَجْلِ الْحِفْظِ. وَالْمُطَالَعَةُ مِنْ اطَّلَعَ عَلَى الْأَمْرِ عَلِمَهُ وَالْبُكْرَةُ بِالضَّمِّ الْغُدُوُّ وَالْأَصِيلُ الْعَشِيُّ وَالْجَمْعُ أُصُلٌ بِضَمَّتَيْنِ وَأُصْلَانٌ وَآصَالٌ وَأَصَائِلُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ بَلْ هَذَا عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ ضَرَبْتُهُ الظَّهْرَ وَالْبَطْنَ أَيْ ضَرَبْت جَمِيعَهُ وَإِنَّمَا خَصَّ الْبُكْرَةَ وَالْأَصِيلَ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَطَايِبِ الْأَوْقَاتِ لِلِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ وَلِكَوْنِهِمَا مِنْ أَطَايِبِ الْأَوْقَاتِ خَصَّتْهُمَا الْخَنْسَاءُ بِتَذَكُّرِ أَخِيهَا فِيهَا حَيْثُ قَالَتْ: يُذَكِّرُنِي طُلُوعُ الشَّمْسِ صَخْرًا ... وَأَذْكُرُهُ لِكُلِّ مَغِيبِ شَمْسٍ (110) وَيُنَصِّبُ نَفْسَهُ لِلتَّأْلِيفِ وَالتَّحْرِيرِ بَيَاتًا وَمَقِيلًا: عَطَفَ عَلَى جُمْلَةِ يَدْأَبُ وَنَصَبَ الشَّيْءَ رَفَعَهُ وَالْمُرَادُ بِالنَّفْسِ النَّفْسُ النَّاطِقَةُ الَّتِي يُعَبِّرُ عَنْهَا كُلُّ أَحَدٍ بِأَنَا. وَالتَّأْلِيفُ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ وَتَحْرِيرُ الْكَلَامِ بَيَانُهُ بِالْكِتَابَةِ وَتَقْرِيرُهُ بَيَانُهُ بِالْعِبَارَةِ كَمَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلْمُحَقِّقِ التَّفْتَازَانِيِّ إلَّا أَنَّهُ فَسَّرَهُ فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْمِفْتَاحِ بِتَهْذِيبِ

لَيْسَ لَهُ هِمَّةٌ إلَّا مُعْضِلَةً وَبِحِلِّهَا، 112 - أَوْ مُسْتَصْعَبَةً عَزَّتْ عَلَى الْقَاصِرِينَ إلَّا وَيَرْتَقِي إلَيْهَا وَيَحِلُّهَا، 113 - عَلَى أَنَّ ذَلِكَ 114 - لَيْسَ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ يُؤْتِيه مَنْ يَشَاءُ 115 - وَهَأَنَذَا 116 - أَذْكُرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكَلَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ وَالْبَيَاتُ: فِعْلُ الشَّيْءِ لَيْلًا وَالْمَقِيلُ نِصْفُ النَّهَارِ. (111) لَيْسَ لَهُ هِمَّةٌ إلَّا مُعْضِلَةً بِحَلِّهَا: الْهِمَّةُ الْأَمْرُ الدَّاعِي إلَى الْفَلَاحِ مِنْ الْهَمِّ وَهُوَ الْقَصْدُ وَالْمُعْضِلَةُ مِنْ أَعْضَلَ الْأَمْرُ إذَا اشْتَدَّ صُعُوبَةً. وَالْمُرَادُ بِحَلِّهَا بَيَانُهَا بِمَا يُزِيلُ إعْضَالَهَا عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ وَذَلِكَ أَنَّهُ شَبَّهَ الْبَيَانَ الْمُزِيلَ لِلصُّعُوبَةِ بِحَلِّ الرِّبَاطِ ثُمَّ اشْتَقَّ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمُشَبَّهِ بِهِ الْفِعْلُ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ التَّبَعِيَّةِ. (112) أَوْ مُسْتَصْعَبَةٌ عَزَّتْ عَلَى الْقَاصِرِينَ فَيَرْتَقِي إلَيْهَا وَيَحِلُّهَا: الْمُسْتَصْعَبَةُ الصَّعْبَةُ مِنْ صَعُبَ الْأَمْرُ صُعُوبَةً صَارَ صَعْبًا فَالسِّينُ وَالتَّاءُ زَائِدَتَانِ لِلْمُبَالَغَةِ وَالصَّعْبُ نَقِيضُ الذَّلُولِ. وَعَزَّ الشَّيْءُ صَارَ عَزِيزًا لَا يُوصَلُ إلَيْهِ لِعِزَّتِهِ. وَالْقَاصِرِينَ جَمْعُ قَاصِرٍ وَالْمُرَادُ الْعَاجِزُ عَنْ إدْرَاكِ الْمَسَائِلِ الدَّقِيقَةِ. وَقَوْلُهُ يَحِلُّهَا فِيهِ عَيْبٌ مِنْ عُيُوبِ السَّجْعِ وَهُوَ الْإِيطَاءُ وَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ وَيُذِلُّهَا أَيْ يَجْعَلُهَا ذَلُولًا. وَيَحِلُّهَا أَيْ يُنَزِّلُهَا مِنْ حَلَّ بِهِ حُلُولًا إذَا نَزَلَ عَلَى طَرِيقِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ فَمِنْ ضِيقِ الْعَطَنِ وَضَعْفِ الْفِطَنِ. (113) عَلَى أَنَّ ذَلِكَ: أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ حَلِّ الْمُعْضِلَةِ وَالْمُسْتَصْعَبَةِ. (114) لَيْسَ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ: أَيْ مِمَّا يَكْتَسِبُهُ بِالتَّعْلِيمِ بَلْ هُوَ بِالْإِلْهَامِ الَّذِي هُوَ إلْقَاءُ مَعْنًى فِي الْقَلْبِ بِطَرِيقِ الْفَيْضِ وَالتَّفْضِيلِ. (115) وَهَأَنَذَا: يُرْسَمُ بِدُونِ أَلِفٍ قَبْلَ نَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي كُتُبِ الرَّسْمِ وَهَا حَرْفُ تَنْبِيهٍ وَأَنَا ضَمِيرٌ مُنْفَصِلٌ مُبْتَدَأٌ. (116) أَذْكُرُ: خَبَرَهُ. وَفِيهِ إدْخَالُ حَرْفِ التَّنْبِيهِ عَلَى ضَمِيرِ الرَّفْعِ الَّذِي لَمْ يُخْبِرْ عَنْهُ بِاسْمِ إشَارَةٍ وَهُوَ شَاذٌّ كَمَا فِي حَوَاشِي التَّسْهِيلِ لِابْنِ هِشَامٍ حَيْثُ صَرَّحَ بِشُذُوذِ قَوْلِ الشَّاعِرِ: أَنَا حَكَمٌ هَا أَنْتَ نَجْمٌ مُجَالِدٌ وَالذِّكْرُ بِالْكَسْرِ التَّذْكَارُ وَالشَّيْءُ الَّذِي يَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ.

الْكُتُبَ الَّتِي نَقَلْت مِنْهَا 118 - مُؤَلَّفَاتِي الْفِقْهِيَّةَ الَّتِي اجْتَمَعَتْ عِنْدِي 119 - فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَةٍ. فَمِنْ شُرُوحِ الْهِدَايَةِ: النِّهَايَةُ وَغَايَةُ الْبَيَانِ، وَالْعِنَايَةُ، وَمِعْرَاجُ الدِّرَايَةِ وَالْبِنَايَةُ، وَالْغَايَةُ، وَفَتْحُ الْقَدِيرِ. وَمِنْ شُرُوحِ الْكَنْزِ: الزَّيْلَعِيُّ وَالْعَيْنِيُّ وَمِسْكِينٌ. وَمِنْ شُرُوحِ الْقُدُورِيِّ: السِّرَاجُ الْوَهَّاجُ، وَالْجَوْهَرَةُ، وَالْمُجْتَبَى وَالْأَقْطَعُ. وَمِنْ شُرُوحِ الْمَجْمَعِ: ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكُتُبَ الَّتِي نَقَلْت مِنْهَا: النَّقْلُ التَّحْوِيلُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْأَخْذُ. (118) مُؤَلَّفَاتِي الْفِقْهِيَّةَ الَّتِي اجْتَمَعَتْ عِنْدِي: أَيْ حُصِّلَتْ بَعْدَ مَا كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً سَوَاءٌ كَانَتْ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ وَالْعَارِيَّةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. (119) فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَةٍ فَمِنْ شُرُوحِ الْهِدَايَةِ النِّهَايَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ وَالْعِنَايَةُ وَمِعْرَاجُ الدِّرَايَةِ وَالْبِنَايَةُ وَفَتْحُ الْقَدِيرِ وَمِنْ شُرُوحِ الْكَنْزِ الزَّيْلَعِيُّ وَالْعَيْنِيُّ وَمِسْكِينٌ وَمَنْ شُرُوحِ الْقُدُورِيِّ السِّرَاجُ الْوَهَّاجُ وَالْجَوْهَرَةُ وَالْمُجْتَبَى وَالْأَقْطَعُ وَمِنْ شُرُوحِ الْجَمْعِ لِلْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْمَلَكِ وَرَأَيْت شَرْحًا لِلْعَيْنِيِّ وَقْفًا وَشَرْحِ مُنْيَةَ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ وَشَرْحُ الْوَافِي لِلْكَافِي وَشَرْحُ الْوُقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ وَإِيضَاحُ الْإِصْلَاحِ وَشَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْعَلَّامَةِ الْفَارِسِيِّ وَتَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَالْبَدَائِعُ لِلْكَاسَانِيِّ وَشَرْحُ التُّحْفَةِ وَالْمَبْسُوطِ شَرْحُ الْكَافِي: قَالَ فِي أَعْلَامِ الْأَخْبَارِ حِينَ ذُكِرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ صَنَّفَ الْكَثِيرَ الْمُخْتَصَرَ وَالْمُنْتَقَى وَالْكَافِي وَالْإِشَارَاتِ وَغَيْرَهَا ثُمَّ قَالَ أَمَّا الْكَافِي فَقَدْ شَرَحَهُ الْمَشَايِخُ مِنْهُمْ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ بِالْمَبْسُوطِ (انْتَهَى) . وَهُوَ يُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَكِنْ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ فَرَأَيْت الصَّوَابَ فِي تَأْلِيفِ شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَهُوَ كَمَا تَرَى يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ شَرْحُ الْمُخْتَصَرِ لَا شَرْحُ الْكَافِي كَذَا قِيلَ. أَقُولُ لَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِ السَّرَخْسِيِّ أَطْلَقَ عَلَى الْكَافِي مُخْتَصَرًا وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ بِالْمُخْتَصَرِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْحَاكِمَ الشَّهِيدَ جَمَعَ كُتُبَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الَّتِي صَنَّفَهَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالْكَافِي عَلَى وَجْهِ الِاخْتِصَارِ بِحَذْفِ الْمُكَرَّرِ وَذِكْرِ الْمُقَرَّرِ فَأَطْلَقَ عَلَيْهِ السَّرَخْسِيُّ مُخْتَصَرًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ.

لِلْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْمَلِكِ، وَرَأَيْت شَرْحًا لِلْعَيْنِيِّ وَقْفًا، وَشَرْحُ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ، وَشَرْحُ الْوَافِي لِلْكَافِي، وَشَرْحُ الْوُقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ، وَإِيضَاحُ الْإِصْلَاحِ، وَشَرْحُ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْعَلَّامَةِ الْفَارِسِيِّ، وَتَلْخِيصُ الْجَامِعِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَالْبَدَائِعُ لِلْكَاسَانِيِّ، وَشَرْحُ التُّحْفَةِ وَالْمَبْسُوطُ شَرْحُ الْكَافِي، 120 - وَالْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ وَشَرْحُ الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ لِمُلَّا خُسْرو وَالْهِدَايَةُ، وَشَرْحُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ، وَشَرْحُ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ وَالِاخْتِيَارُ. وَمِنْ الْفَتَاوَى: الْخَانِيَّةُ، وَالْخُلَاصَةُ، وَالْبَزَّازِيَّةُ، وَالظَّهِيرِيَّةُ، وَالْوَلْوالِجِيَّة، وَالْعُمْدَةُ، وَالْعُدَّةُ، وَالصُّغْرَى، وَالْوَاقِعَاتُ لِلْحُسَامِ الشَّهِيدِ، وَالْقُنْيَةُ، وَالْمُنْيَةُ وَالْغُنْيَةُ، وَمَآلُ الْفَتَاوَى، وَالتَّلْقِيحُ لِلْمَحْبُوبِيِّ، وَالتَّهْذِيبُ لِلْقَلَانِسِيِّ، وَفَتَاوَى قَارِي الْهِدَايَةِ، وَالْقَاسِمِيَّةُ وَالْعِمَادِيَّةُ، وَجَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَالْخَرَاجُ لِأَبِي يُوسُفَ، وَأَوْقَافُ الْخَصَّافِ، وَالْإِسْعَافُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ وَشَرْحُ الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ لِمُلَّا خُسْرو وَالْهِدَايَةُ وَشَرْحُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانَ وَشَرْحُ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ وَالِاخْتِيَارُ وَمِنْ الْفَتَاوَى الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةُ وَالْبَزَّازِيَّةُ وَالظَّهِيرِيَّةُ وَالْوَلْوالِجِيَّة وَالْعُمْدَةُ وَالصُّغْرَى وَالْوَاقِعَاتُ لِلْحُسَامِ الشَّهِيدِ وَالْقُنْيَةُ وَالْمُنْيَةُ وَالْغُنْيَةُ وَمَآلُ الْفَتَاوَى وَالتَّلْقِيحُ لِلْمَحْبُوبِيِّ وَالتَّهْذِيبُ لِلْقَلَانِسِيِّ وَفَتَاوَى قَارِي الْهِدَايَةِ وَالْقَاسِمِيَّةُ وَالْعِمَادِيَّةُ وَجَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَالْخَرَاجُ لِأَبِي يُوسُفَ وَأَوْقَافُ الْخَصَّافِ وَالْإِسْعَافُ: قِيلَ لَمْ يَذْكُرْ أَوْقَافَ هِلَالٍ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ كَثِيرٌ شَائِعٌ وَيَنْقُلُ عَنْهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَشْيَاءَ فَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِأَيِّ شَيْءٍ تَرَكَهُ أَقُولُ دَعْوَى أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ ذِكْرَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْكُتُبِ الَّتِي اجْتَمَعَتْ عِنْدَهُ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ نَقْلُهُ عَنْهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ بِالْوَاسِطَةِ.

وَالْحَاوِي الْقُدْسِيُّ، 122 - وَالْيَتِيمَةُ وَالْمُحِيطُ الرَّضَوِيُّ، 123 - وَالذَّخِيرَةُ وَشَرْحُ مَنْظُومَةِ النَّسَفِيِّ، وَشَرْحُ مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ لَهُ وَلِابْنِ الشِّحْنَةِ، وَالصَّيْرَفِيَّةُ، وَخِزَانَةُ الْفَتَاوَى، وَبَعْضُ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ، وَبَعْضُ السِّرَاجِيَّةِ وَالتَّتَارْخَانِيَّة، وَالتَّجْنِيسُ، وَخِزَانَةُ الْفِقْهِ، وَحَيْرَةُ الْفُقَهَاءِ، وَمَنَاقِبُ الْكَرْدَرِيِّ، وَطَبَقَاتُ عَبْدِ الْقَادِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحَاوِي الْقُدْسِيُّ: قِيلَ وَالْحَاوِي لِأَصْحَابِنَا اثْنَانِ الْحَاوِي الْقُدْسِيُّ وَأَظُنُّهُ لِرَجُلٍ مُتَأَخِّرٍ كَانَ يُسَمَّى قَاضِيَ الْقُدْسِ وَلَا أَعْرِفُ تَفْصِيلَ تَرْجَمَتِهِ وَالْحَاوِي الْحَصِيرِيُّ وَهُوَ لِلشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ أَنْوَشَ الْحَصِيرِيِّ كَانَ مِنْ تَلَامِذَةِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَتَرْجَمَتُهُ بِذَيْلِ تَارِيخِ بَغْدَادَ لِلسَّمْعَانِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ عَبْدُ الْقَادِرِ فِي طَبَقَاتِهِ وَلَا الشَّيْخُ قَاسِمُ بْنُ قُطُلُوبُغَا (انْتَهَى) أَقُولُ بَقِيَ حَاوٍ ثَالِثٌ وَهُوَ حَاوِي الزَّاهِدِي مُؤَلِّفُهُ صَاحِبُ الْقَنِيَّةِ وَهُوَ عَزِيزُ الْوُجُودِ وَرَأَيْتُ عِنْدَ بَعْضِ شُيُوخِنَا مِنْهُ نُسْخَةً (122) وَالْيَتِيمَةُ وَالْمُحِيطُ الرَّضَوِيُّ قِيلَ لَمْ يَقِفْ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ وَلَا عَلَى الذَّخِيرَةِ الْبُرْهَانِيَّةِ الَّتِي هِيَ مُخْتَصَرُ الْمُحِيطِ وَهُمَا لِمُصَنِّفٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْإِمَامُ بُرْهَانُ الدِّينِ مَحْمُودُ بْنُ تَاجِ الدِّينِ بْنِ مَاذَةْ وَهُوَ ابْنُ أَخِ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ عَمْرِو بْنِ بُرْهَانِ الدِّينِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَاذَهْ وَأَبُوهُ أَيْضًا إمَامٌ كَبِيرٌ يُعْرَفُ بِتَاجِ السَّعِيدِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُؤَلَّفٌ مَشْهُورٌ وَكَثِيرًا مَا يَغْلُطُ الطَّلَبَةُ فَيَظُنُّونَ أَنَّهُ صَاحِبُ الْمُحِيطِ الْكَبِيرِ أَعْنِي بُرْهَانَ الدِّينِ مُحَمَّدَ بْنَ مُحَمَّدِ السَّرَخْسِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (انْتَهَى) . أَقُولُ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ النَّقَلُ عَنْ الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ فَإِنْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ هَذَا الْقَائِلُ يَكُونُ نَقْلُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ بِالْوَاسِطَةِ (123) وَالذَّخِيرَةِ وَشَرْحُ مَنْظُومَةِ النَّسَفِيِّ لِلْمُصَفَّى وَشَرْحَيْ مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ لَهُ وَلِابْنِ الشِّحْنَةِ وَالصَّيْرَفِيَّةُ وَخِزَانَةُ الْفَتَاوَى وَبَعْضِ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَبَعْضِ السِّرَاجِيَّةِ والتتارخانية وَالتَّجْنِيسِ وَخِزَانَةُ الْفِقْهِ وَحَيْرَةُ الْفُقَهَاءِ وَمَنَاقِبُ الْكَرْدَرِيِّ وَطَبَقَاتُ عَبْدِ الْقَادِرِ

[الفن الأول قول في القواعد الكلية]

الْفَنُّ الْأَوَّلُ قَوْلٌ فِي الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ 1 - الْقَاعِدَةُ الْأُولَى لَا ثَوَابَ إلَّا بِالنِّيَّةِ 2 - صَرَّحَ بِهِ الْمَشَايِخُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْفِقْهِ أَوَّلُهَا فِي الْوُضُوءِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْفَنُّ الْأَوَّلُ قَوْلٌ فِي الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ] [الْقَاعِدَةُ الْأُولَى لَا ثَوَابَ إلَّا بِالنِّيَّةِ] الْمُرَادُ بِالْقَاعِدَةِ الْكُلِّيَّةِ الْقَوَاعِدُ الَّتِي لَمْ تَدْخُلْ قَاعِدَةٌ مِنْهَا تَحْتَ قَاعِدَةٍ أُخْرَى وَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا بَعْضُ الْأَفْرَادِ. قِيلَ الْقَوَاعِدُ جَمْعُ قَاعِدَةٍ وَهِيَ لُغَةً الْأَسَاسُ وَاصْطِلَاحًا حُكْمٌ كُلِّيٌّ يَنْطَبِقُ عَلَى جَمِيعِ جُزْئِيَّاتِهِ لِتُعْرَفَ أَحْكَامُهَا مِنْهُ. قَالَهُ فِي شَرْحِ التَّوْضِيحِ النَّحْوِيِّ وَمِثْلَهُ فِي شَرْحِ التَّنْقِيحِ الْأُصُولِيِّ وَكَانَ حَقَّ الْمُصَنِّفِ بَيَانُهَا وَلَاءَمَ الْخَوْضُ فِيهَا لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الشَّيْءِ فَرْعُ تَصَوُّرِهِ (انْتَهَى) . أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ مَا فَسَّرَ بِهِ الْقَاعِدَةَ نَقْلًا مِنْ شَرْحِ التَّوْضِيحِ وَشَرْحِ التَّنْقِيحِ غَيْرُ صَحِيحٍ هُنَا لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ غَيْرُهَا عِنْدَ النُّحَاةِ وَالْأُصُولِيِّينَ إذْ هِيَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ حُكْمٌ أَكْثَرِيٌّ لَا كُلِّيٌّ يَنْطَبِقُ عَلَى أَكْثَرِ جُزْئِيَّاتِهِ لِتُعْرَفَ أَحْكَامُهَا مِنْهُ وَأَمَانًا لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ حَقَّ الْمُصَنِّفِ بَيَانُهَا مِمَّا يُتِمُّ لَوْ كَانَ هَذَا التَّأْلِيفُ مَوْضُوعًا لِلْمُبْتَدِئِ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى تَصَوُّرِهِ فِي الْقَاعِدَةِ وَلَيْسَ الْكِتَابُ مَوْضُوعًا لَهُ بَلْ هُوَ مَوْضُوعٌ لِمَنْ يَعْرِفُ مَعْنَى الْقَاعِدَةِ وَيَحْتَاجُ إلَى فُرُوعِهَا كَفُضَلَاءِ الْمُدَرِّسِينَ وَالْقُضَاةِ وَالْمُفْتِينَ كَمَا يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَبَقَ وَأَرْجُو مِنْ كَرَمِ الْفَتَّاحِ إلَى آخِرِهِ. (1) الْأُولَى لَا ثَوَابَ إلَّا بِالنِّيَّةِ: هِيَ بِالتَّشْدِيدِ، وَقَدْ تُخَفَّفُ. لُغَةً عَزْمُ الْقَلْبِ عَلَى الشَّيْءِ، وَاصْطِلَاحًا قَصْدُ الطَّاعَةِ وَالتَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي إيجَادِ فِعْلٍ. وَفِيهِ إنَّ هَذَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ فِي عِبَادَةٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا ثَوَابٌ، وَالْمَنْهِيَّاتُ الْمُتَرَتَّبُ عَلَيْهَا عِقَابٌ فَالصَّوَابُ تَفْسِيرُهَا بِتَوَجُّهِ الْقَلْبِ نَحْوَ إيجَادِ فِعْلٍ أَوْ تَرْكِهِ، مُوَافِقٌ لِغَرَضِ جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ، حَالًا أَوْ مَآلًا؛ وَالْمُرَادُ مِنْ الْعَزْمِ إرَادَةُ الْفِعْلِ. (2) صَرَّحَ بِهِ الْمَشَايِخُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْفِقْهِ أَوَّلُهَا فِي الْوُضُوءِ: يَعْنِي بِغَيْرِ نَبِيذِ التَّمْرِ وَسُؤْرِ الْحِمَارِ. أَمَّا فِيهِمَا فَالنِّيَّةُ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ، كَمَا فِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنِّفِ وَكَلَامُهُ فِيهِ مُقَيَّدٌ لِإِطْلَاقِهِ هُنَا.

سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهَا شَرْطُ الصِّحَّةِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ أَوْ لَا كَمَا فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ. 4 - وَعَلَى هَذَا 5 - قَرَّرُوا حَدِيثَ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمُقْتَضَى، ـــــــــــــــــــــــــــــQسَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهُ: شَرَطَ الصِّحَّةَ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْجَمْعِ. أَوْ لَا كَمَا فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ: تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِهِ: صَرَّحُوا بِهِ الْمَشَايِخُ. (4) وَعَلَى هَذَا: أَيْ عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهُ لَا ثَوَابَ إلَّا بِالنِّيَّةِ فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِالْفِعْلِ الَّذِي بَعْدَهُ وَقُدِّمَ عَلَيْهِ لِإِفَادَةِ الْحَصْرِ. (5) قَرَّرُوا حَدِيثَ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمُقْتَضَى: أَيْ مِنْ قَبِيلِ الدَّلَالَةِ فِيهِ بِاقْتِضَاءِ النَّصِّ لَا بِعِبَارَتِهِ وَالْمُقْتَضَى بِفَتْحِ الضَّادِ اللَّازِمُ الْمُتَقَدِّمُ الَّذِي اقْتَضَى النَّصُّ تَقْدِيرَهُ، لِتَوَقُّفِ صِدْقِ الْمَنْطُوقِ عَلَيْهِ وَصِحَّتِهِ شَرْعًا أَوْ عَقْلًا، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُتَقَدِّمِينَ وَأَمَّا عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ، كَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ، فَمِنْ بَابِ الْمُضْمَرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُقْتَضَى عِنْدَهُمْ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْمَنْطُوقُ شَرْعًا فَقَطْ؛ وَالْمُتَوَقَّف عَلَيْهِ هُنَا إنَّمَا هُوَ صِدْقُ الْمُتَكَلِّمِ لَا الصِّحَّةُ الشَّرْعِيَّةُ، فَيَكُونَ مُضْمَرًا لَا مُقْتَضًى. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُقْتَضَى ثَابِتٌ شَرْعًا وَالْمُضْمَرُ ثَابِتٌ لُغَةً. وَفَرْقٌ آخَرُ هُوَ أَنَّ الْمُقْتَضَى لَا عُمُومَ لَهُ عِنْدَنَا وَالْمُضْمَرُ لَهُ عُمُومٌ بِالْإِجْمَاعِ، يَعْنِي مَا عَدَا صَدْرَ الْإِسْلَامِ. وَثَمَّ فُرُوقٌ أُخَرُ مَذْكُورَةٌ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ. لَا يُقَالُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَعُمَّ ذَلِكَ الْمُقَدَّرُ عَلَى جِهَةِ الْإِضْمَارِ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَلَمَّا لَمْ يَعُمَّ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُقْتَضَى لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ عَدَمَ الْعُمُومِ فِي الْحَدِيثِ لَيْسَ لِأَجْلِ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُقْتَضَى، بَلْ لِأَنَّ الْمُضْمَرَ وَإِنْ جَازَ عُمُومُهُ كَمَا مَرَّ، لَكِنَّ الْأَعْمَالَ لَمَّا أُضِيفَتْ إلَى غَيْرِ مَحِلِّهَا، وَهُوَ النِّيَّةُ لِتَحَقُّقِ الْأَعْمَالِ بِدُونِهَا كَثِيرًا؛ فَاحْتِيجَ إلَى إضْمَارِ مَحِلٍّ يَحْتَمِلُ النِّيَّةَ. وَمَا أُضْمِرَ هُنَا هُوَ الْحُكْمُ فَإِنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِمَا ذَكَرْنَا وَهُوَ يَحْتَمِلُ الْحُكْمَ الدُّنْيَوِيَّ وَهُوَ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ وَالْأُخْرَوِيَّ وَهُوَ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ فَلَمَّا كَانَ مُحْتَمِلًا لَهُمَا لَمْ يَكُنْ إطْلَاقُهُ دَالًّا عَلَى أَحَدِهِمَا عَلَى التَّعْيِينِ فَكَانَ مُشْتَرِكًا وَالْمُشْتَرِكُ لَا عُمُومَ لَهُ عِنْدَنَا بَلْ حُكْمُهُ التَّوَقُّفُ حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ لَكِنْ قَامَ الدَّلِيلُ هُنَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكْمِ الْحُكْمُ الْأُخْرَوِيُّ وَهُوَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنْ لَا ثَوَابَ وَلَا عِقَابَ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ حَدِيثٍ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْعَجَبُ أَنَّ مَالِكًا لَمْ يُخْرِجْهُ

إذْ لَا يَصِحُّ بِدُونِ التَّقْدِيرِ لِكَثْرَةِ وُجُودِ الْأَعْمَالِ بِدُونِهَا، فَقَدَّرُوا مُضَافًا أَيْ حُكْمَ الْأَعْمَالِ. 7 - وَهُوَ نَوْعَانِ 8 - أُخْرَوِيٌّ، وَهُوَ الثَّوَابُ وَاسْتِحْقَاقُ الْعِقَابِ، وَدُنْيَوِيٌّ، وَهُوَ الصِّحَّةُ وَالْفَسَادُ. 9 - وَقَدْ أُرِيدَ الْأُخْرَوِيُّ بِالْإِجْمَاعِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمُوَطَّإِ. وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى رَأْيِ مَنْ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ الْمُضْمَرِ وَالْمُقْتَضَى بَلْ جَعَلَ الْمُضْمَرَ قِسْمًا مِنْهُ كَعَامَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَمِنْهُمْ أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ عَلَى قَوْلِهِ. (6) إذْ لَا يَصِحُّ بِدُونِ التَّقْدِيرِ لِكَثْرَةِ وُجُودِ الْأَعْمَالِ بِدُونِهَا فَقَدَّرُوا مُضَافًا أَيْ حُكْمُ الْأَعْمَالِ: يَعْنِي أَنَّ حَقِيقَةَ هَذَا التَّرْكِيبِ مَتْرُوكَةٌ، بِدَلَالَةِ مَحِلِّ الْكَلَامِ لِأَنَّ كَلِمَةَ إنَّمَا لِلْحَصْرِ وَقَدْ دَخَلَتْ عَلَى الْمُعَرَّفِ فَاللَّامُ الِاسْتِغْرَاقِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُوجَدَ عَمَلٌ بِلَا نِيَّةٍ وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَعْمَالِ تُوجَدُ بِلَا نِيَّةٍ فَصَارَ مَجَازًا عَنْ حُكْمِهِ، فَالتَّقْدِيرُ حُكْمُ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبِّبِ أَوْ مِنْ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ. (7) وَهُوَ نَوْعَانِ: أَقُولُ فِي الْمُسْتَصْفَى وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْحُكْمِ إمَّا جَوَازُ الْأَعْمَالِ أَوْ فَضِيلَتُهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ مُرَادًا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى نَسْخِ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ مُطْلَقًا وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّمَ الْأَعْرَابِيَّ الْوُضُوءَ وَلَمْ يَذْكُرْ النِّيَّةَ فَلَوْ كَانَتْ شَرْطًا لِلْجَوَازِ وَالصِّحَّةِ لَبَيَّنَهَا، فَتَعِينَ الثَّانِي. (8) أُخْرَوِيٌّ وَهُوَ الثَّوَابُ وَاسْتِحْقَاقُ الْعِقَابِ وَدُنْيَوِيٌّ وَهُوَ الصِّحَّةُ وَالْفَسَادُ: قِيلَ أَقْحَمَ لَفْظَ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَمْ يَقُلْ وَالْعِقَابُ كَمَا فِي الثَّوَابِ لِأَنَّ الْعِقَابَ مَوْكُولٌ إلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى. عَلَى أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْعِقَابِ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْمُخَالَفَةِ لِلنَّهْيِ. وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا عَلَى أَنَّهُ إنْ فَعَلَ بِنِيَّةِ الْمُخَالَفَةِ وَقَصَدَهَا يُكَفَّرُ فَإِنْ ارْتَكَبَ وَلَمْ يَقْصِدْ الْمُخَالَفَةَ لِلنَّهْيِ يَكُونُ آثِمًا. (9) وَقَدْ أُرِيدَ الْأُخْرَوِيُّ بِالْإِجْمَاعِ: يَعْنِي لَمَّا اخْتَلَفَ الْحُكْمَانِ صَارَ الِاسْمُ بَعْدَ كَوْنِهِ مَجَازًا مُشْتَرَكًا. وَيَكْفِي فِي تَصْحِيحِهِ مَا هُوَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْحُكْمُ الْأُخْرَوِيُّ. وَلَا

لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا ثَوَابَ وَلَا عِقَابَ إلَّا بِالنِّيَّةِ، فَانْتَفَى الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا، 11 - إمَّا لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ وَلَا عُمُومَ لَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQدَلِيلَ عَلَى مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ فَلَا يَصْلُحُ تَقْدِيرُهُ حُجَّةً عَلَيْنَا وَقَدْ انْدَفَعَ بِهَذَا التَّقْرِيرِ مَا أَوْرَدَهُ فِي الْكَشْفِ وَشَرْحِ الْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنَارِ: أَنَّ قَوْلَهُمْ الْحُكْمُ مُشْتَرَكٌ وَلَا عُمُومَ لَهُ مَمْنُوعٌ، بَلْ هَذَا فِي الْمُشْتَرَكِ اللَّفْظِيِّ أَمَّا الْمُشْتَرَكُ الْمَعْنَوِيُّ فَلَهُ عُمُومٌ كَالشَّيْءِ، وَالْحُكْمُ مِنْهُ، فَيَتَنَاوَلُ الْكُلَّ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى الْأَعَمَّ إذْ تَفْسِيرُ الْحُكْمِ: الْأَثَرُ الثَّابِتُ بِالشَّيْءِ مَعَ أَنَّ الْأَكْمَلَ فِي تَقْرِيرِهِ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ أَنْ لَوْ كَانَ الْحُكْمُ مَقُولًا عَلَيْهِمَا بِالتَّوَاطُؤِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْجَوَازَ وَالْفَسَادَ وَإِنْ كَانَا أَثَرَيْنِ ثَابِتَيْنِ بِالْأَعْمَالِ مُوجِبَيْنِ لَهُمَا، لَكِنَّ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ لَيْسَا كَذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ (انْتَهَى) . يَعْنِي لِتَخَلُّفِهِمَا فِي الْأَوَّلِ بِعَدَمِ الْقَبُولِ بَعْدَ الصِّحَّةِ وَفِي الثَّانِي بِالْعَفْوِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ كَوْنُ الْأُخْرَوِيِّ مُرَادًا بِالْإِجْمَاعِ فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ لِأَنَّ النِّزَاعَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيِّ لَيْسَ إلَّا فِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنْ لَا ثَوَابَ إلَّا بِالنِّيَّةِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنْ يُرَادَ بِالْحُكْمِ الْمُقَدَّرِ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الْحُكْمُ الْأُخْرَوِيُّ عَلَى أَنْ لَا ثَوَابَ إلَّا بِالنِّيَّةِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنْ يُرَادَ بِالْحُكْمِ الْمُقَدَّرِ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الْحُكْمُ الْأُخْرَوِيُّ الَّذِي هُوَ الثَّوَابُ. (10) لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا ثَوَابَ وَلَا عِقَابَ إلَّا بِالنِّيَّةِ فَانْتَفَى الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا: أَقُولُ فِيهِ إنَّهُ ذَكَرَ فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ نَقْلًا عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّ الْوُضُوءَ غَيْرَ الْمَنْوِيِّ مُثَابٌ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرُ مُثَابٍ عَلَيْهِ؛ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ كَمَا فِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنِّفِ فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ هُنَا لِلْإِجْمَاعِ أَيْ إجْمَاعُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا الْإِجْمَاعُ مُطْلَقًا. (11) أَمَّا لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ وَلَا عُمُومَ لَهُ: قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى: أَوْ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْحُكْمِ بِهَذَا الطَّرِيقِ يَكُونُ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ، إذْ هُوَ جَعَلَ غَيْرَ الْمَذْكُورِ مَذْكُورًا تَصْحِيحًا لِلْمَذْكُورِ وَلَا عُمُومَ لَهُ لِأَنَّهُ مِنْ صِفَاتِ النَّظْمِ، وَهُوَ غَيْرُ مَنْظُومٍ، وَقَدْ أُرِيدَ بِهِ الثَّوَابُ إجْمَاعًا فَيَنْتِجُ الْآخَرُ. وَإِذَا ثَبَتَ بِمَا ذَكَرنَا أَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَرِّضٍ لِلْجَوَازِ بَلْ هُوَ مُتَعَرِّضٌ لِلثَّوَابِ، ثَبَتَ أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ إنَّمَا ثَوَابُ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ (انْتَهَى) . وَفِي حَوَاشِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ لِلْعَلَّامَةِ قَاسِمِ بْنِ قُطْلُوبُغَا: يُمْكِنُ أَنْ يُقَرِّرَ الْحَدِيثُ بِوَجْهٍ غَيْرِ هَذَا

أَوْ لِانْدِفَاعِ الضَّرُورَةِ بِهِ مِنْ صِحَّةِ الْكَلَامِ بِهِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى الْآخَرِ. 13 - وَالثَّانِي أَوْجَهُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُسَلِّمُهُ الْخَصْمُ لِأَنَّهُ قَائِلٌ بِعُمُومِ الْمُشْتَرَكِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالْأَعْمَالِ الْعِبَادَاتُ، وَبِهِ نَقُولُ أَنَّهُ لَا عِبَادَةَ إلَّا بِالنِّيَّةِ أَمَّا إذَا أَتَى بِالْوُضُوءِ الْمَأْمُورِ بِهِ بِغَيْرِ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ فَالْحَدِيثُ سَاكِتٌ عَنْهُ. (12) أَوْ لِانْدِفَاعِ الضَّرُورَةِ بِهِ مِنْ صِحَّةِ الْكَلَامِ بِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْآخَرِ: يَعْنِي أَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي قُدِّرَ فِي الْحَدِيثِ بِدَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ لَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا لَفْظِيًّا فَالْمُشْتَرَكُ اللَّفْظِيُّ لَا عُمُومَ لَهُ عِنْدَنَا، أَوْ مَعْنَوِيًّا، فَهُوَ وَإِنْ كَانَ لَهُ عُمُومٌ، لَكِنَّ الضَّرُورَةَ الَّتِي أَوْجَبَتْ تَقْدِيرَ الْحُكْمِ تَنْدَفِعُ بِإِرَادَةِ أَحَدِ فَرْدَيْهِ وَهُوَ الْأُخْرَوِيُّ. هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: وَالثَّانِي أَوْجُهُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُسَلِّمُهُ الْخَصْمُ لِأَنَّهُ قَائِلٌ بِعُمُومِ الْمُشْتَرَكِ؛ لَكِنَّ فِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْأَكْمَلِ مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا اشْتِرَاكًا مَعْنَوِيًّا أَنْ لَوْ كَانَ مَقُولًا عَلَيْهِمَا بِالتَّوَاطُؤِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ. (13) وَالثَّانِي أَوْجُهُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُسَلِّمُهُ الْخَصْمُ لِأَنَّهُ قَائِلٌ بِعُمُومِ الْمُشْتَرَكِ: قِيلَ وَإِنَّمَا جَازَ الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَوْجُهَ لِأَنَّ بِنَاءَ الْمُخْتَلِفِ عَلَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِ جَائِزٌ فِي التَّحْقِيقِ، بِنَاءً عَلَى مَا أَثْبَتَ الْمَعْنَى كَمَا فِي كِتَابِ الْأُصُولِ (انْتَهَى) . قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى شَرْحِ النَّافِعِ فِي آخِرِ بَابِ جِنَايَاتِ الْحَجِّ: يَجُوزُ الِاسْتِدْلَال بِالْمُخْتَلَفِ فِيهِ لِلْإِيضَاحِ. وَقَالَ الْفَاضِلُ حَسَنُ جَلَبِي فِي حَوَاشِيهِ عَلَى التَّلْوِيحِ فِي بَحْثِ الْمُطْلَقِ: أَنَّهُ يَجُوزُ رَدُّ الْمُخْتَلِفِ إلَى الْمُخْتَلَفِ فِي طَرِيقِ الِاحْتِجَاجِ إذَا كَانَ الْخَصْمُ مُلْزَمًا (انْتَهَى) . بَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا اشْتَرَكَ مُحْرِمَانِ فِي قَتْلِ صَيْدٍ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ كَامِلٌ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى إحْرَامِهِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّرِكَةَ فِي الْإِتْلَافِ فَوْقَ الدَّلَالَةِ، وَالدَّلَالَةُ عَلَى الصَّيْدِ تُوجِبُ الْجَزَاءَ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِمَا جَزَاءٌ وَاحِدٌ. وَحَاصِلُ الْخِلَافِ يَرْجِعُ إلَى أَصْلٍ وَهُوَ أَنَّ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْجَزَاءِ بِقَتْلِ الصَّيْدِ بَدَلٌ مَحْضٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَلَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الْكَفَّارَةِ. وَعِنْدَنَا كَفَّارَةٌ وَبَدَلٌ. وَإِذَا كَانَ بَدَلًا مَحْضًا عِنْدَهُ يَتَّحِدُ بِاتِّحَادِ الْمَحِلِّ وَيَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِ وَلَا اعْتِبَارَ لِتَعَدُّدِ الْفَاعِلِ وَلَا لِاتِّحَادِهِ. فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ هَذَا الِاسْتِدْلَال عَلَى الشَّافِعِيِّ وَعِنْدَهُ لَا يَجِبُ الْجَزَاءُ عَلَى الدَّالِ؟ قِيلَ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِالْمُخْتَلَفِ فِيهِ لِلْإِيضَاحِ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ لِمَا

فَحِينَئِذٍ 15 - لَا يَدُلُّ 16 - عَلَى اشْتِرَاطِهَا فِي الْوَسَائِلِ لِلصِّحَّةِ 17 - وَلَا عَلَى الْمَقَاصِدِ أَيْضًا 18 - وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ الْوُضُوءَ الَّذِي لَيْسَ بِمَنْوِيٍّ، لَيْسَ بِمَأْمُورٍ بِهِ وَلَكِنَّهُ مِفْتَاحٌ لِلصَّلَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ أَحَقَّ لِوُجُوبِ الْجَزَاءِ مِنْ الدَّلَالَةِ، وَقَدْ دَلَّ الدَّلِيلُ السَّمْعِيُّ عَلَى وُجُوبِ الْجَزَاءِ فِي الدَّلَالَةِ، فَيَجِبُ فِي الشَّرِكَةِ. وَهَذَا لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَنْ عَلِيٍّ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهُمْ قَالُوا: عَلَى الدَّالِ الْجَزَاءُ. وَقَالَ عَطَاءٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ الْجَزَاءَ عَلَى الدَّالِ. فَكَأَنَّهُ عَدَّ مَسْأَلَةَ الدَّلَالَةِ كَالْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا وَلَمْ يَعْتَبِرْ خِلَافَ الشَّافِعِيِّ (انْتَهَى) . (14) فَحِينَئِذٍ: أَيْ حِينَ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ الدُّنْيَوِيُّ مُرَادًا لِمَا ذَكَرَ مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنْ لَا ثَوَابَ وَلَا عِقَابَ إلَّا بِالنِّيَّةِ. (15) لَا يَدُلُّ: قِيلَ: أَيْ انْدِفَاعُ الضَّرُورَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي يَدُلُّ يَرْجِعُ إلَى الْحَدِيثِ. (16) عَلَى اشْتِرَاطِهَا فِي الْوَسَائِلِ لِلصِّحَّةِ: أَيْ وَلَا يَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى اشْتِرَاطِهَا فِي الْمَقَاصِدِ لِلصِّحَّةِ، وَإِنَّمَا أُخِذَ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ. وَالْمُرَادُ بِالْمَقَاصِدِ مَا لَا يَكُونُ فِي ضِمْنِ شَيْءٍ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ. قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى: وَمَنْ هُنَا نَشَأَ إشْكَالٌ عَلَى مَنْ اسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى اشْتِرَاطِهَا فِي الْعِبَادَاتِ، كَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ مَعَ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ حَدِيثَ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» مِنْ قَبِيلِ ظَنِّيِّ الثُّبُوتِ وَالدَّلَالَةِ. وَهُوَ يُفِيدُ السُّنِّيَّةَ وَالِاسْتِحْبَابَ دُونَ الْوُجُوبِ وَالِافْتِرَاضِ (انْتَهَى) . قِيلَ: كَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَلَا فِي الْمَقَاصِدِ (انْتَهَى) . يَعْنِي لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ اشْتَرَطَ عَلَى كَذَا بَلْ فِي كَذَا وَجَعَلَ عَلَى بِمَعْنَى فِي كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ} [القصص: 15] خِلَافُ الظَّاهِرِ فِي هَذَا الْمَقَامِ (18) وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ الْوُضُوءَ الَّذِي لَيْسَ بِمَنْوِيٍّ لَيْسَ بِمَأْمُورٍ بِهِ وَلَكِنَّهُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQمِفْتَاحٌ لِلصَّلَاةِ: قِيلَ عَلَيْهِ أَنَّ كَوْنَهُ مِفْتَاحًا لِلصَّلَاةِ كَيْفَ ثَبَتَ بِغَيْرِ الْأَمْرِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (انْتَهَى) . وَالْجَوَابُ إنَّهُ ثَبَتَ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ» وَكَوْنُهُ مِفْتَاحًا لَهَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ طَهَارَةً عَلَى مَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي آخِرِ آيَةِ الْوُضُوءِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} [المائدة: 6] فَإِنَّهُ وَإِنْ ذُكِرَ لِبَيَانِ حَالِ التَّيَمُّمِ، وَلَكِنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ الْإِشَارَةِ إلَى حَالِ الْوُضُوءِ كَمَا لَا يَخْفَى. لَكِنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْوُضُوءَ الْمَأْمُورَ بِهِ يَتَأَدَّى بِغَيْرِ النِّيَّةِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمَنْ وَافَقَهُ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] الْآيَةَ. لِأَنَّ مَعْنَاهُ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ لِلصَّلَاةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا} [النور: 2] {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] أَيْ لِلزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَكَقَوْلِهِ إذَا جَاءَ الشِّتَاءُ فَتَأَهَّبْ أَيْ لِلشِّتَاءِ وَهَذَا لِأَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْجَزَاءِ لِلشَّرْطِ فَيَتَقَيَّدُ بِهِ. وَهَذَا مَعْنَى النِّيَّةِ؛ فَلَوْ تَوَضَّأَ لِلتَّبَرُّدِ وَغَيْرِهِ لَمْ يَأْتِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ وَصَارَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّحْرِيرُ بِنِيَّةِ هَذِهِ الْكَفَّارَةِ وَلَا يَجُوزُ بِدُونِهَا لِتَعَلُّقِ الْجَزَاءِ بِالشَّرْطِ فَكَذَا هُنَا وَجَوَابُنَا عَنْهُ بِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ النَّقْضُ وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ مَا ذَكَرْتُمْ مَنْقُوضٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] أَيْ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ السَّعْيَ وَوُجُوبَ أَخْذِ الزِّينَةِ أَيْ سِتْرِ الْعَوْرَةِ لِلصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ التَّوْلِيَةَ إلَى الْقِبْلَةِ وَتَطْهِيرَ الثَّوْبِ لَمْ يُشْتَرَطْ لَهُ النِّيَّةُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ. فَكَذَا فِي الْوُضُوءِ. وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِيهَا فَمَا هُوَ جَوَابُكُمْ عَنْهَا؟ فَهَلْ جَوَابُنَا عَنْ الْوُضُوءِ عَلَى أَنَّهُمْ تَرَكُوا مَفْهُومَ الْآيَةِ لِأَنَّهُمْ قَالُوا لَوْ نَوَى كُلَّمَا يَحْتَاجُ إلَى الطَّهَارَةِ غَيْرَ

وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَتْ فِي الْعِبَادَاتِ بِالْإِجْمَاعِ أَوْ بِآيَةِ {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: 5] 20 - وَالْأَوَّلُ أَوْجُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّلَاةِ صَحَّتْ نِيَّتُهُ وَتَمَّ وُضُوءُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الصَّلَاةَ وَالثَّانِي الْحِلُّ وَتَحْرِيرُهُ أَنَّ مَا ذُكِرَ فَهُوَ فِيمَا إذَا كَانَ حُكْمًا غَيْرَ شَرْطٍ لِحُكْمٍ آخَرَ. أَمَّا إذَا كَانَ شَرْطًا لِحُكْمٍ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ. وَهُنَا شَرْطٌ لِأَنَّ الشَّرْطَ يُرَاعَى وُجُودُهُ مُطْلَقًا لَا وُجُودُهُ قَصْدًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ} [الجمعة: 9] الْآيَةَ. لَمَّا كَانَ السَّعْيُ شَرْطًا لِأَدَاءِ الْجُمُعَةِ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي السَّعْيِ أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ الْجُمُعَةِ حَتَّى إذَا سَعَى لِغَيْرِ قَصْدِ الْجُمُعَةِ، لِقَصْدِ حَاجَةٍ أَوْ لِزِيَارَةِ إنْسَانٍ وَحَضَرَتْ الْجُمُعَةُ فَأَدَّى، يَجُوزُ، وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ اشْتِرَاطَ الْقَصْدِ لِلْفِعْلِ الِاخْتِيَارِيِّ وَفِعْلُ الْعَبْدِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الْبَابِ، لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ سَالَ عَلَيْهِ الْمَطَرُ فَغَسَلَ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ أَوْ جَمِيعَ الْبَدَنِ أَجْزَأَهُ عَنْ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ. فَقَدْ تَبَيَّنَ بِمَا أَوْضَحْنَاهُ لَك أَنَّ مَا قِيلَ لَا نِزَاعَ لِأَصْحَابِنَا فِي أَنَّ الْوُضُوءَ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي النَّصِّ الْمَذْكُورِ لَا يَصِحُّ بِدُونِ النِّيَّةِ وَأَنَّ مَا يَظُنُّهُ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا أَنَّ الْوُضُوءَ الْمَأْمُورَ بِهِ يَتَأَدَّى بِغَيْرِ نِيَّةٍ غَلَطٌ لَيْسَ كَذَلِكَ يَعْنِي بَلْ يَصِحُّ بِدُونِ النِّيَّةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ الظَّنُّ الَّذِي يَظُنُّهُ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا غَلَطًا كَذَا حَقَّقَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْكَمَالِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَهُوَ تَحْقِيقٌ وَبِالْقَبُولِ حَقِيقٌ لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْكِتَابِ وَلَا يُورَدُ عَلَيْهِ فِي مَنْهَلٍ غَيْرِ مَنَاهِلِهِ الْعِذَابِ (19) قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَتْ إلَخْ. جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْرِيرُهُ أَنْ يُقَالَ: إذَا لَمْ يَدُلَّ الْحَدِيثُ عَلَى اشْتِرَاطِهَا فِي الْمَقَاصِدِ لِلصِّحَّةِ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهَا؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَتْ. إلَى آخِرِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَقْوَالَ تَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ: أَحَدُهَا التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِرَارًا مِنْ الرِّيَاءِ، الثَّانِي التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ الْمُحْتَمَلَةِ لِغَيْرِ الْمَقْصُودِ، وَالثَّالِثُ قَصْدُ الْإِنْشَاءِ لِيَخْرُجَ سَبْقُ اللِّسَانِ. يَعْنِي فِي غَيْرِ الْأَيْمَانِ وَالطَّلَاقِ. (20) قَوْلُهُ: أَوْجُهُ إلَى آخِرِهِ. قِيلَ لِأَنَّ عَطْفَ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِزِيَادَةِ التَّأْكِيدِ وَالِاهْتِمَامِ جَائِزٌ وَاقِعٌ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ؛ أَعْنِي الْعِبَادَةَ إنَّمَا تُطْلَقُ عَلَى الْعَمَلِ لَا الْعِلْمِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمَّلْ.

لِأَنَّ الْعِبَادَةَ فِيهَا بِمَعْنَى التَّوْحِيدِ بِقَرِينَةِ عَطْفِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، 22 - فَلَا تُشْتَرَطُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَمَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْخَفِيفَةِ عَنْ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ وَالْأَوَانِي لِلصِّحَّةِ. 23 - وَأَمَّا اشْتِرَاطُهَا فِي التَّيَمُّمِ فَلِدَلَالَةِ آيَتِهِ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ الْقَصْدُ، 24 - وَأَمَّا غَسْلُ الْمَيِّتِ، فَقَالُوا لَا تُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَحْصِيلِ طَهَارَتِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِبَادَةَ إلَى آخِرِهِ. أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ: أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ قَوْلَهُ وَالثَّانِي أَوْجُهُ يَقْتَضِي صِحَّةَ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ عَلَى شَرْطِيَّةِ النِّيَّةِ لِصِحَّةِ الْعِبَادَاتِ. وَقَوْلُهُ فِي تَعْلِيلِ الْأَوْجُهِ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ فِيهَا بِمَعْنَى التَّوْحِيدِ يَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ. وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ عَلَى تَسْلِيمِ بَقَاءِ الْعِبَادَةِ عَلَى مَعْنَاهَا الْحَقِيقِيِّ لَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ الْمُخْلِصِينَ بِمَعْنَى النَّاوِينَ، وَنَوَى يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ لَا بِحَرْفِ الْجَرِّ. إلَّا أَنْ يُقَالَ اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ وَلَيْسَ مُتَعَدِّيَةً. وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْآيَةِ (أُمِرُوا) الْأَمْرُ الَّذِي أُمِرُوا بِهِ فِي كُتُبِهِمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَيْضَاوِيُّ. عَلَى أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَرِدْ فِي شَرْعِنَا مَا يُخَالِفُهُ فَتَأَمَّلْ (22) قَوْلُهُ: فَلَا تُشْتَرَطُ إلَخْ أَيْ النِّيَّةَ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا يَدُلُّ. (23) قَوْلُهُ: وَأَمَّا اشْتِرَاطُهَا إلَخْ. جَوَابٌ عَنْ قِيَاسِ الشَّافِعِيِّ الْوُضُوءَ عَلَى التَّيَمُّمِ بِإِبْدَاءِ الْفَارِقِ بَيْنَ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ. وَتَحْرِيرُهُ أَنَّ التَّيَمُّمَ يُنْبِئُ عَنْ الْقَصْدِ فَفِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فَشَرَطْنَاهَا فِيهِ. وَلَا كَذَلِكَ الْوُضُوءُ فَإِنَّهُ غَسْلٌ وَمَسْحٌ وَذَا يَتَحَقَّقُ بِلَا نِيَّةٍ، فَاشْتِرَاطُهَا فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ، وَهِيَ نَسْخٌ؛ وَإِنَّمَا قَالَ يُنْبِئُ دُونَ يَدُلُّ وَلَا دَلَالَتَهُ عَلَى الْقَصْدِ اللُّغَوِيِّ وَالِانْتِقَالُ مِنْهُ إلَى الْقَصْدِ الْخَاصِّ وَهُوَ قَصْدُ إبَاحَةِ الصَّلَاةِ الْمُعْتَبَرُ هُنَا بِقَرِينَةِ أَنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ الْإِنْبَاءِ (24) قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَسْلُ الْمَيِّتِ إلَخْ. قَالَ فِي الْأَكْمَلِ قِيلَ النِّيَّةُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي غَسْلِ الْمَيِّتِ حَتَّى لَوْ أُخْرِجَ الْغَرِيقُ وَجَبَ غَسْلُهُ. إلَّا إذَا حُرِّكَ عِنْدَ الْإِخْرَاجِ بِنِيَّةِ الْغُسْلِ لِأَنَّ الْخِطَابَ بِالْغُسْلِ تَوَجَّهَ عَلَى بَنِي آدَمَ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ شَيْءٌ عِنْدَ عَدَمِ التَّحْرِيكِ. وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْمَاءَ مُزِيلٌ بِطَبْعِهِ. فَكَمَا لَا تَجِبُ النِّيَّةُ فِي غَسْلِ الْحَيِّ فَكَذَا لَا تَجِبُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ وَلِهَذَا قَالَ قَاضِي خَانَ فِي فَتَاوَاهُ: مَيِّتٌ غَسَّلَهُ أَهْلُهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ أَجْزَأَهُمْ ذَلِكَ.

وَإِنَّمَا هِيَ شَرْطٌ لِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ مِنْ ذِمَّةِ الْمُكَلَّفِينَ. وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ: أَنَّ الْغَرِيقَ 26 - يُغَسَّلُ ثَلَاثًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إنْ نُوِيَ عِنْدَ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْمَاءِ يُغَسَّلْ مَرَّتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يُنْوَ فَثَلَاثًا، وَعَنْهُ يُغَسَّلُ مَرَّةً وَاحِدَةً، كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هِيَ إلَخْ قِيلَ يُشَكَّلُ عَلَى هَذَا مَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانَ فِي فَتَاوَاهُ حَيْثُ قَالَ: مَيِّتٌ غَسَّلَهُ أَهْلُهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْغُسْلِ أَجْزَأَهُمْ ذَلِكَ (انْتَهَى) . فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ فِي كَوْنِهِ مُجْزِيًا عَنْهُمْ النِّيَّةَ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَالنِّيَّةُ فِي غَسْلِهِ أَيْ الْمَيِّتَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ (انْتَهَى) . أَقُولُ لَا صَرَاحَةَ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ قَاضِي خَانْ وَعَنْ التَّتَارْخَانِيَّة لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِ قَاضِي خَانْ أَجْزَأَهُمْ ذَلِكَ فِي حَقِّ طَهَارَتِهِ، بِمَعْنَى أَنَّ الطَّهَارَةَ وَقَعَتْ صَحِيحَةً حَتَّى تَصِحَّ فِي أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ. وَمَعْنَى قَوْلِ التَّتَارْخَانِيَّة لَيْسَتْ بِشَرْطٍ أَيْ فِي صِحَّةِ الْغُسْلِ وَهَذَا لَا يُنَافِي بَقَاءَ الْفَرْضِ فِي ذِمَّتِهِمْ مِنْ حَيْثُ عَدَمِ النِّيَّةِ؛ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمُحَقِّقُ فِي الْفَتْحِ الظَّاهِرِ اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ فِيهِ لِإِسْقَاطِ وُجُوبِهِ عَنْ الْمُكَلَّفِ لَا لِتَحْصِيلِ طَهَارَتِهِ؛ وَهِيَ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ (انْتَهَى) . قِيلَ وَهَلْ يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْغُسْلِ بِخُصُوصِهِ أَوْ يَكْفِي صُدُورُهَا مِنْ أَحَدِ الْمُكَلَّفِينَ؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي. قَوْلُهُ: وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ إلَخْ. قِيلَ إذَا كَانَ ظَاهِرًا لِوُقُوعِهِ فِي الْمَاءِ لَا تَشْتَغِلُ ذِمَّةُ الْمُكَلَّفِينَ بِغُسْلِهِ؛ كَمَا لَوْ وَقَعَ جُنُبٌ فِي الْمَاءِ وَخَرَجَ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ: يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنْ ذِمَّتِهِ بِالْغُسْلِ بَعْدَ مَا وَقَعَ لِخُرُوجِهِ طَاهِرًا (انْتَهَى) . قِيلَ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنهمَا بِأَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ جَانِبِ الشَّارِعِ وَلَمْ يُوجَدْ. وَأَمَّا وُقُوعُ الْجُنُبِ فَبِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمَّلْ. (26) قَوْلُهُ: يُغَسَّلُ ثَلَاثًا إلَخْ. يَعْنِي قِيَاسًا عَلَى الْغِسْلَاتِ الثَّلَاثِ الْمُزِيلَةِ لِلْمُحْدَثِ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ. وَوَجْهُ غَسْلِهِ مَرَّتَيْنِ قِيَاسًا عَلَى الثَّوْبِ النَّجِسِ بِالنَّجَاسَةِ غَيْرِ الْمَرْئِيَّةِ. إذَا غُسِلَ مَرَّةً ثُمَّ أُضِيفَ إلَيْهِ ثَوْبٌ آخَرُ طَاهِرٌ، فَإِنَّهُ يُغْسَلُ مَا بَقِيَ. وَوَجْهُ غَسْلِهِ مَرَّةً قِيَاسًا عَلَى إزَالَةِ الْحَدَثِ بِمَرَّةٍ. كَذَا قِيلَ. وَقِيلَ يُغْسَلُ ثَلَاثًا لِيَكُونَ مُؤَدًّى عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ فَرْضًا وَسُنَّةً فَالْأُولَى فَرْضٌ وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ سُنَّةٌ، أَوْ الثَّانِيَةُ سُنَّةٌ وَالثَّالِثَةُ تَكْمِيلٌ لَهَا، أَوْ الثَّالِثَةُ تَقَعُ فَرْضًا عَلَى مَا نَصُّوا عَلَيْهِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ مِنْ الِاخْتِلَافِ فَلْيُتَأَمَّلْ

وَأَمَّا فِي الْعِبَادَاتِ كُلِّهَا فَهِيَ شَرْطُ صِحَّتِهَا إلَّا الْإِسْلَامَ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِدُونِهَا 28 - بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: إنَّ إسْلَامَ الْمُكْرَهِ صَحِيحٌ. 29 - وَلَا يَكُونُ مُسْلِمًا بِمُجَرَّدِ نِيَّةِ الْإِسْلَامِ 30 - بِخِلَافِ الْكُفْرِ، 31 - كَمَا سَنُبَيِّنُهُ فِي بَحْثِ التُّرُوكِ 32 - وَأَمَّا الْكُفْرُ فَيُشْتَرَطُ لَهُ النِّيَّةُ لِقَوْلِهِمْ: إنَّ كُفْرَ الْمُكْرَهِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّهُ إذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ هَازِلًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَأَمَّا فِي الْعِبَادَاتِ إلَخْ أَقُولُ: وَكَذَا الِانْتِقَالُ مِنْ عِبَادَةٍ إلَى غَيْرِهَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ السَّادِسِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ. (28) قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ إلَخْ أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَقَيَّدَهُ فِي الْبَحْرِ بِالْحَرْبِيِّ نَقْلًا عَنْ سِيَرِ الْخَانِيَّةِ. وَذَكَرَ فِي النَّهْرِ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْحَرْبِيِّ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْخَانِيَّةِ وَإِنَّمَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ عَلَى أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَأَمَّا مَذْهَبُنَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَرْبِيِّ وَالذِّمِّيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَشْفِ وَالتَّلْوِيحِ وَالِاخْتِيَارِ وَحِينَئِذٍ فَالْإِطْلَاقُ هُنَا فِي مَحِلِّهِ (29) قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ مُسْلِمًا إلَخْ. اسْتِئْنَافُ كَلَامٍ وَلَيْسَ مِنْ تَتِمَّةِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ يَصِحُّ بِدُونِ النِّيَّةِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ " وَلَا يَكُونُ " يَرْجِعُ لِلْكَافِرِ الْمَعْلُومِ مِنْ مَسَاقِ الْكَلَامِ، لَا لِلْمُكْرَهِ. بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بِمُجَرَّدِ نِيَّةِ الْإِسْلَامِ لَوْ كَانَتْ شَرْطًا فِيهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ، فَإِنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الِانْقِيَادُ لِلْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي وَهُوَ فِعْلٌ وَالْفِعْلُ لَا يَتِمُّ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ دُونَ فِعْلٍ. (30) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكُفْرِ إلَخْ. فَإِنَّهُ تُرِكَ. فَإِذَا حُكِمَ بِإِسْلَامِ الْمُكْرَهِ بِدُونِهَا عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ، إذْ لَا وُجُودَ لِلْمَشْرُوطِ بِدُونِ الشَّرْطِ. (31) قَوْلُهُ: كَمَا سَنُبَيِّنُهُ إلَخْ. فِي آخِرِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ (32) قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْكُفْرُ إلَخْ. لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْكُفْرِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ مُفَادَهُ.

يُكَفَّرُ. إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ عَيْنَهُ كُفْرٌ، كَمَا عُلِمَ فِي الْأُصُولِ مِنْ بَحْثِ الْهَزْلِ. 34 - فَلَا تَصِحُّ صَلَاةٌ مُطْلَقًا، وَلَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ، إلَّا بِهَا، فَرْضًا أَوْ وَاجِبًا أَوْ سُنَّةً أَوْ نَفْلًا. وَإِذَا نَوَى قَطَعَهَا لَا يَخْرُجُ عَنْهَا إلَّا بِمُنَافٍ، وَلَوْ نَوَى الِانْتِقَالَ عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا، فَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ غَيْرَ الْأُولَى وَشَرَعَ بِالتَّكْبِيرِ، صَارَ مُنْتَقِلًا وَإِلَّا فَلَا 35 - وَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِإِمَامٍ إلَّا بِنِيَّةٍ وَتَصِحُّ الْإِمَامَةُ بِدُونِ نِيَّتِهَا خِلَافًا لِلْكَرْخِيِّ وَأَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ، كَمَا فِي الْبِنَايَةِ 36 - إلَّا إذَا صَلَّى خَلْفَهُ نِسَاءٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ إلَخْ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْهَزْلُ بِالرِّدَّةِ كُفْرٌ لِأَنَّهُ اسْتِخْفَافٌ فَيَكُونَ مُرْتَدًّا بِعَيْنِ الْهَزْلِ، لَا بِمَا هَزَلَ بِهِ أَيْ لَيْسَ كُفْرُهُ بِمَا هَزَلَ بِهِ، وَهُوَ اعْتِقَادُ مَعْنَى كَلِمَةِ الْكُفْرِ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا هَازِلًا فَإِنَّهُ غَيْرُ مُعْتَقِدِ مَعْنَاهَا بَلْ كُفْرُهُ بِعَيْنِ الْهَزْلِ فَإِنَّهُ اسْتِخْفَافٌ بِالدِّينِ فَهُوَ كُفْرٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} [التوبة: 65] {لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 66] (انْتَهَى) . وَبِهِ يَظْهَرُ فَسَادُ مَا قِيلَ أَنَّ عَيْنَهُ كُفْرٌ، أَيْ عَيْنَ الْهَزْلِ بِمَعْنَى أَنَّهُ قَصَدَ الْهَزْلَ فَتَحْصُلُ النِّيَّةُ بِهَذَا الْقَصْدِ. (34) قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ إلَخْ. تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَأَمَّا فِي الْعِبَادَاتِ كُلِّهَا (35) قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ إلَخْ. الِاقْتِدَاءُ رَبْطُ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي بِصَلَاةِ إمَامِهِ وَقَدْ وَهِمَ الْمُصَنَّفُ فِي الْبَحْرِ فَجَعَلَهُ تَعْرِيفًا لِلْإِمَامَةِ وَقَدْ عَرَّفَ الْإِمَامُ ابْنُ عَرَفَةَ الْإِمَامَةَ فِي حُدُودٍ بِأَنَّهَا اتِّبَاعُ الْمُصَلِّي فِي جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ (انْتَهَى) . وَالِاتِّبَاعُ فِي التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ مَصْدَرُ الْفِعْلِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَجْهُولِ لَا الْمَعْلُومِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَتَصِحُّ الْإِمَامَةُ إلَخْ. إلَّا أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُثَابًا عَلَيْهَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا ثَوَابَ إلَّا بِالنِّيَّةِ. (36) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا صَلَّى إلَخْ. اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَتَصِحُّ الْإِمَامَةُ بِدُونِ نِيَّتِهَا.

فَإِنَّ اقْتِدَاءَهُنَّ بِهِ بِلَا نِيَّةِ الْإِمَامِ لِلْإِمَامَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ. 38 - وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَيْنِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَؤُمَّ أَحَدًا فَاقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ 39 - صَحَّ الِاقْتِدَاءُ. وَهَلْ يَحْنَثُ؟ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: 40 - يَحْنَثُ قَضَاءً لَا دِيَانَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنَّ اقْتِدَاءَهُنَّ إلَخْ قِيلَ هَذَا بِنَاءٌ عَلَى الرَّاجِحِ إلَّا أَنَّ عُمُومَ كَلَامِهِ مُتَنَاوِلٌ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ مَعَ أَنَّ نِيَّةَ إمَامَتِهَا فِيهَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ اقْتِدَائِهَا إجْمَاعًا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ الصَّلَاةُ الْكَامِلَةُ وَهِيَ ذَاتُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَخْذًا مِنْ أَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْفَرْدِ الْكَامِلِ. (38) قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ إلَخْ. أَقُولُ: فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مَا فِي إمَامَةِ النِّسَاءِ لِقِلَّةِ الْفِتْنَةِ عِنْدَ كَثْرَةِ الْجَمْعِ. وَقَالَ فِي السِّرَاجِ وَأَمَّا فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ فَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ قَالُوا لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ إمَامَتَهَا كَسَائِرِ الصَّلَاةِ. وَقَوْلُ مِنْ قَالَ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ اعْتِمَادٌ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ. قَالَ فِي جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ وَالْمُشْكَلَاتِ وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمَرْأَةِ بِالرَّجُلِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ. وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إمَامَتَهَا وَكَذَلِكَ الْعِيدَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ فِتْنَةَ الْمَرْأَةِ تَقِلُّ عِنْدَ كَثْرَةِ الْجَمْعِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ بَحْثٌ لِنَقْلِ الْمُصَنِّفِ تَصْحِيحَ مَا اسْتَثْنَاهُ بَعْضُهُمْ وَإِنَّ فَهْمَ ذَلِكَ مِنْ التَّصْحِيحِ الثَّانِي الْمَذْكُورِ فِي جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ فَمَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ بِعَيْنِهِ تَصْحِيحُ مَا اسْتَثْنَاهُ بَعْضُهُمْ. أَقُولُ: يُحْتَمَلُ أَنَّ نُسْخَةَ الْقَائِلِ سَقَطَ مِنْهَا لَفْظُ " وَصُحِّحَ " الْمَوْجُودُ فِي نُسْخَةِ الْمُؤَلَّفِ الْمُتَدَاوَلَةِ عِنْدَنَا فَذَكَرَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ اعْتِمَادُ قَوْلِ الْأَكْثَرِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ: أَوَّلًا أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فِي الْعِبَادَاتِ كُلِّهَا وَبَعْضُهُمْ اسْتَثْنَى الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَيْنِ فَحَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ الصَّحِيحَ دَلَّ عَلَى الِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ سُقُوطِهَا لَكِنْ سَقَطَ مِنْ كَلَامِ الْقَائِلِ لَفْظُ عَدَمِ قَبْلَ قَوْلِهِ اعْتِمَادَ (39) قَوْلُهُ: صَحَّ الِاقْتِدَاءُ إلَخْ. قَالَ الْحَصِيرِيُّ فِي الْحَاوِي عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. (40) قَوْلُهُ: يَحْنَثُ قَضَاءً إلَخْ. يَعْنِي إذَا رَكَعَ وَسَجَدَ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي نُسْخَةٍ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَهَذِهِ النُّسْخَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ لِأَنَّ مَا فِي الْخَانِيَّةِ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِيهِ نَاوِيًا أَنْ لَا يَؤُمَّ

إلَّا إنْ أَشْهَدَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فَلَا يَحْنَثُ قَضَاءً، وَكَذَا لَوْ أَمَّ النَّاسَ هَذَا الْحَالِفُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ صَحَّتْ وَحَنِثَ قَضَاءً، 42 - وَلَا يَحْنَثُ أَصْلًا إذَا أَمَّهُمْ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَؤُمَّ فُلَانًا فَأَمَّ النَّاسَ 43 - نَاوِيًا أَنْ لَا يَؤُمَّهُ وَيَؤُمَّ غَيْرَهُ 44 - فَاقْتَدَى بِهِ فُلَانٌ حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ (انْتَهَى) . وَلَكِنْ 45 - لَا ثَوَابَ لَهُ عَلَى الْإِمَامَةِ. 46 - وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ كَالصَّلَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَشْهَدَ إلَخْ بِأَنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ يُصَلِّي صَلَاةَ نَفْسِهِ وَلَا يَؤُمُّ أَحَدًا (42) قَوْلُهُ: وَلَا يَحْنَثُ أَصْلًا إلَخْ. قَالَ قَاضِي خَانَ فِي فَتَاوِيهِ: لِأَنَّ يَمِينَهُ يَنْصَرِفُ إلَى الصَّلَاةِ الْمُطْلَقَةِ وَهِيَ الْمَكْتُوبَةُ وَالنَّافِلَةُ. وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ مُطْلَقَةٍ (انْتَهَى) . وَأَصْلًا مَصْدَرٌ مُؤَكَّدٌ لِانْتِفَاءِ الْحِنْثِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ الْمَصْدَرِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْفِعْلِ أَيْ انْتَفَى الْحِنْثُ انْتِفَاءً كُلِّيًّا أَوْ انْتِفَاءً مُتَلَبِّسًا بِالْكُلِّيَّةِ. كَذَا قَرَّرَهُ السَّيِّدُ السَّنَدُ فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ فِي مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ. (43) قَوْلُهُ: نَاوِيًا أَنْ لَا يَؤُمَّهُ بِتَعْيِينِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَيَؤُمَّ مَعْطُوفًا عَلَى النَّفْيِ لَا عَلَى الْمَنْفِيِّ: قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَؤُمَّ فُلَانًا بِعَيْنِهِ فَصَلَّى وَنَوَى أَنْ يَؤُمَّ النَّاسَ فَصَلَّى ذَلِكَ الرَّجُلُ مَعَ النَّاسِ خَلْفَهُ حَنِثَ الْحَالِفُ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا نَوَى أَنْ يَؤُمَّ النَّاسَ دَخَلَ فِيهِمْ هَذَا الْوَاحِدُ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَيَؤُمَّ مَعْطُوفٌ عَلَى النَّفْيِ لَا عَلَى الْمَنْفِيِّ. (44) قَوْلُهُ: فَاقْتَدَى بِهِ فُلَانٌ إلَخْ. لِأَنَّهُ لَمَّا نَوَى أَنْ يَؤُمَّ النَّاسَ دَخَلَ فِيهِمْ فُلَانٌ وَغَيْرُهُ، فَإِذَا اقْتَدَى بِهِ فُلَانٌ حَنِثَ لِوُجُودِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ. (45) قَوْلُهُ: لَا ثَوَابَ لَهُ إلَخْ. أَيْ عَلَى إمَامَةِ مَنْ لَمْ يَنْوِ الصَّلَاةَ بِهِ أَمَّا مَنْ نَوَى الصَّلَاةَ بِهِمْ فَيُثَابُ عَلَى إمَامَتِهِمْ (46) قَوْلُهُ: وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ كَالصَّلَاةِ، أَيْ مِنْ جِهَةِ الِاحْتِيَاجِ إلَى النِّيَّةِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ

وَكَذَا سَجْدَةُ الشُّكْرِ عَلَى قَوْلِ مِنْ يَرَاهَا 48 - مَشْرُوعَةً. 49 - وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي نِيَّتِهَا لَا فِي الْجَوَازِ 50 - وَكَذَا سُجُودُ السَّهْوِ، 51 - وَلَا تَضُرُّهُ نِيَّةُ عَدَمِهِ وَقْتَ السَّلَامِ. 52 - وَأَمَّا النِّيَّةُ لِلْخُطْبَةِ فِي الْجُمُعَةِ فَشَرْطٌ لِصِحَّتِهَا، حَتَّى لَوْ عَطَسَ بَعْدَ صُعُودِ الْمِنْبَرِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ لِلْعُطَاسِ غَيْرُ قَاصِدٍ لَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَقْصُودَةٌ، فَسَقَطَ مَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ حَيْثُ قَالَ: فِيهِ نَظَرٌ. لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ كَالصَّلَاةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، لِتَخَالُفِهِمَا فِي لُزُومِ الْحِنْثِ، كَمَا مَرَّ قَرِيبًا وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ مِثْلُهَا فِي اشْتِرَاطِ مَا يُشْتَرَطُ لَهَا مِنْ الْوُضُوءِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهِمَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ أَجْنَبِيَّةً عَنْ الْمَقَامِ (47) قَوْلُهُ: وَكَذَا سَجْدَةُ الشُّكْرِ إلَخْ. يَعْنِي لَا بُدَّ فِي صِحَّتهَا مِنْ النِّيَّةِ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ. (48) قَوْلُهُ: مَشْرُوعَةً أَيْ جَائِزَةً كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي فَنِّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ حَيْثُ قَالَ: إنَّ سَجْدَةَ الشُّكْرِ جَائِزَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا وَاجِبَةٌ وَهُوَ مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَشْرُوعَةً أَيْ وُجُوبًا (انْتَهَى) . (49) قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ. أَقُولُ فَعَلَى هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَنِّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ خِلَافَ الْمُعْتَمَدِ (50) قَوْلُهُ: وَكَذَا سُجُودُ السَّهْوِ يَعْنِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْ النِّيَّةِ. (51) قَوْلُهُ: وَلَا تَضُرُّهُ إلَخْ أَيْ لَا تَضُرُّ مَرِيدَ السُّجُودِ نِيَّةُ عَدَمِ السُّجُودِ وَقْتَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ أَيْ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِتْيَانِ بِهِ. قِيلَ يَنْبَغِي ذِكْرُ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: وَإِذَا نَوَى قَطَعَهَا لَا يَخْرُجُ عَنْهَا (انْتَهَى) (52) قَوْلُهُ: أَمَّا النِّيَّةُ إلَخْ. فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَأَمَّا خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ فَفِي اشْتِرَاطِ نِيَّتِهَا خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا بِمَثَابَةِ رَكْعَتَيْنِ؛ وَالْوَاجِبُ أَنْ لَا يَقْصِدَ غَيْرَهَا (انْتَهَى) . أَقُولُ: ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهَا. وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْعِنَايَةِ.

لَمْ تَصِحُّ، كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِ 54 - وَخُطْبَةُ الْعِيدَيْنِ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِمْ: يُشْتَرَطُ لَهَا مَا يُشْتَرَطُ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، 55 - سِوَى تَقْدِيمِ الْخُطْبَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ إلَخْ. قِيلَ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَفِي رِوَايَةٍ يُجْزِيه ذَلِكَ 1 - وَفِي الْخَانِيَّة وَلَوْ عَطَسَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ يُرِيدُ التَّحْمِيدَ عَلَى الْعُطَاسِ، فَذَبَحَ لَا يَحِلُّ لِأَنَّ الشَّرْطَ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَى الذَّبْحِ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِالْقَصْدِ بِخِلَافِ الْخَطِيبِ إذَا عَطَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِهِ الْجُمُعَةُ (انْتَهَى) . لَكِنَّ الْمَذْهَبَ مَا تَقَدَّمَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالذَّبْحِ عَلَى الرِّوَايَةِ الْقَائِلَةِ بِالْإِجْزَاءِ فِي الْخُطْبَةِ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي الْخُطْبَةِ الذِّكْرُ مُطْلَقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] وَقَدْ وُجِدَ. وَفِي الذَّبِيحَةِ الْمَأْمُورُ بِهِ الذِّكْرُ عَلَيْهَا وَذَلِكَ بِأَنْ يَقْصِدَهُ (انْتَهَى) . قُلْت هَذَا الْفَرْقُ يُومِئُ إلَيْهِ كَلَامُ قَاضِي خَانْ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِي وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ آخِرُ الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ قُبَيْلَ قَوْلِهِ: تَكْمِيلٌ (54) قَوْلُهُ: خُطْبَةُ الْعِيدَيْنِ إلَخْ. يُنْظَرُ حُكْمُ بَاقِي الْخُطَبِ، وَهِيَ خُطْبَةُ النِّكَاحِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ وَالْخُطَبِ الثَّلَاثَةِ فِي الْمَوْسِمِ هَلْ هِيَ كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ؟ هَكَذَا تَوَقَّفْت ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ: وَيُنْصِتُ الْمُؤْتَمُّ. وَكَذَا فِي الْخُطْبَةِ مَا نَصَّهُ: وَالْخُطْبَةُ شَامِلَةٌ لِخُطْبَةِ النِّكَاحِ وَالْمَوْسِمِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا مَرَّ. وَاَلَّذِي مَرَّ فِي بَحْثِ الْأَوْقَاتِ، عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ، وَيُكْرَهُ إذَا خَرَجَ لِلْخُطْبَةِ النَّفَلُ مَا نَصُّهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَيُكْرَهُ عِنْدَ الْخُطْبَةِ النَّفَلُ لِيَشْتَمِلَ خُطْبَةَ النِّكَاحِ وَالْخُطَبَ الثَّلَاثَةَ فِي الْمَوْسِمِ؛ فَإِنَّ الِاسْتِمَاعَ وَاجِبٌ فِيهَا كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ (انْتَهَى) . أَقُولُ وَيُخَالِفُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي خُطْبَةِ الْعِيدَيْنِ نَقْلًا عَنْ الْمُنْيَةِ أَنَّ الْكَلَامَ لَا يَكْرَهُ فِيهِ كَمَا يَكْرَهُ فِي الْجُمُعَةِ (انْتَهَى) . وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِأَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا يَكْرَهُ فِيهِ إلَى آخِرِهِ أَيْ كَرَاهَةٌ كَالْكَرَاهَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَحِينَئِذٍ لَا يَنْتَفِي أَصْلُ الْكَرَاهَةِ (55) قَوْلُهُ: سِوَى تَقْدِيمِ إلَخْ قِيلَ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْخُطْبَةَ شَرْطٌ. لَكِنَّ تَقْدِيمَهَا لَيْسَ

وَأَمَّا الْأَذَانُ فَلَا تُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ 57 - وَإِنَّمَا هِيَ شَرْطٌ لِلثَّوَابِ عَلَيْهِ 58 - وَأَمَّا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ، فَشَرْطُ الْجُرْجَانِيِّ لِصِحَّتِهِ النِّيَّةَ، وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ يُصَلِّي فِي الصَّحْرَاءِ، وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا كَانَ يُصَلِّي إلَى مِحْرَابٍ، كَذَا فِي الْبِنَايَةِ. وَأَمَّا سِتْرُ الْعَوْرَةِ فَلَا تُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ خِلَافًا. 59 - وَلَا تُشْتَرَطُ لِلثَّوَابِ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ، بَلْ يُثَابُ عَلَى نِيَّتِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQبِشَرْطٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْخُطْبَةُ نَفْسُهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِيهِمَا أَصْلًا (56) قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْآذَانُ إلَى آخِرِهِ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَأَمَّا الْآذَانُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ (انْتَهَى) . وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الْمَشْهُورِ يُشْتَرَطُ لَهُ النِّيَّةُ. (57) قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هِيَ شَرْطٌ إلَخْ. أَقُولُ: يُخَالِفُ هَذَا مَا سَيَأْتِي فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ حَيْثُ نُقِلَ عَنْ الْعَيْنِيِّ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ فَإِنَّ النِّيَّةَ فِي كَلَامِهِ نَكِرَةٌ وَقَعَتْ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ فَتَعُمَّ النَّفْيَ النِّيَّةُ لِلصِّحَّةِ وَالثَّوَابِ؛ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تُخَصَّ بِنَفْيِ النِّيَّةِ لِلصِّحَّةِ (58) قَوْلُهُ: وَأَمَّا اسْتِقْبَالُ إلَخْ. قِيلَ: عَلَيْهِ عِبَارَتُهُ تُفِيدُ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ. وَفِي الْقَرْمَانِيِّ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ: وَأَمَّا نِيَّةُ الْكَعْبَةِ بَعْدَ مَا تَوَجَّهَ إلَيْهَا هَلْ تُشْتَرَط أَوْ لَا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ تُشْتَرَطُ، وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَامِدٍ لَا تُشْتَرَطُ، وَقَالَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ فِي تَجْنِيسِهِ لَا تُشْتَرَطُ فِي الصَّحِيحِ وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ إنْ كَانَ يُصَلِّي إلَى الْمَحَارِيبِ فَكَمَا قَالَ الْحَامِدِيُّ وَإِنْ كَانَ يُصَلِّي فِي الصَّحْرَاءِ فَكَمَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمَّلْ (59) قَوْلُهُ: وَلَا تُشْتَرَطُ إلَخْ. لِأَنَّهُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ تَكُونُ بِوُجُودِ شَرَائِطِهَا وَأَرْكَانِهَا وَالثَّوَابُ عَلَيْهَا بِوُجُودِ الْعَزِيمَةِ وَهُوَ الْإِخْلَاصُ فَإِنَّ مِنْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ نَجَسٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى صَلَّى، وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ مُقَصِّرًا. لَمْ يَجُزْ فِي الْحُكْمِ لِفَقْدِ شَرْطِهِ وَيَسْتَحِقُّ

وَإِنْ كَانَتْ فَاسِدَةً بِغَيْرِ تَعَمُّدِهِ كَمَا لَوْ صَلَّى مُحْدِثًا عَلَى ظَنِّ طَهَارَتِهِ، 61 - وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ وَأَمَّا الزَّكَاةُ؛ فَلَا يَصِحُّ أَدَاؤُهَا إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَعَلَى هَذَا فَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي الْإِسْبِيجَابِيُّ: أَنَّ مَنْ امْتَنَعَ عَنْ أَدَائِهَا أَخَذَهَا الْإِمَامُ كَرْهًا وَوَضَعَهَا فِي أَهْلِهَا، وَتُجْزِيهِ لِأَنَّهُ لِلْإِمَامِ وِلَايَةَ أَخْذِهَا، فَقَامَ أَخْذُهُ مَقَامَ دَفْعِ الْمَالِكِ بِاخْتِيَارِهِ. 62 - فَهُوَ ضَعِيفٌ. 63 - وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ كَرْهًا. قَالَ فِي الْمُحِيطِ: ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّوَابَ لِصِحَّةِ عَزِيمَتِهِ. وَإِذَا صَلَّى رِيَاءً وَسُمْعَةً تَصِحُّ فِي الْحُكْمِ يَعْنِي لِوُجُودِ شَرَائِطِهَا وَأَرْكَانِهَا وَلَمْ يَسْتَحِقَّ الثَّوَابَ لِفَقْدِ الْإِخْلَاصِ. يَعْنِي لِعَدَمِ صِحَّةِ عَزِيمَتِهِ. كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى شَرْحِ النَّافِعِ (60) قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ فَاسِدَةً إلَخْ. أَيْ الْعِبَادَةُ لَا النِّيَّةُ وَإِنْ كَانَتْ أَقْرَبَ مَذْكُورًا وَلَوْ أَظْهَرَ الضَّمِيرَ لَكَانَ أُولَى. (61) قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ حِوَالَةٌ غَيْرُ رَائِجَةٍ وَإِنَّا لَمْ نَعْثِرْ فِيمَا سَيَأْتِي عَلَى تَحْقِيقِ مَا ذَكَرَهُ هُنَا (62) قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ إلَخْ. قِيلَ: يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا نَوَى عِنْدَ أَخْذِهِ مِنْهُ أَوْ عَقِبَهُ، لِأَنَّ دِينَهُ وَنَتِيجَةَ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ كَيْ لَا يَضِيعُ مَالُهُ مَجَّانًا مَعَ إمْكَانِ تَحْصِيلِ الثَّوَابِ. فَتَدَبَّرْ (انْتَهَى) . وَقِيلَ عَلَيْهِ: الْمُصَرَّحُ بِهِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ؛ وَإِنْ نَوَى قَالَ فِي الصُّوفِيَّةِ: إذَا أَخَذَ زَكَاةَ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ وَنَوَى أَدَاءَ الزَّكَاةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَفِي الْوَاقِعَاتِ: السُّلْطَانُ إذَا أَخَذَ الصَّدَقَاتِ وَنَوَى بِأَدَائِهَا إلَيْهِ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِ، الْأَحْوَطُ أَنْ يُفْتَى بِالْأَدَاءِ. ثَانِيًا كَمَا لَوْ لَمْ يَنْوِ لِانْعِدَامِ الْفَقِيرِ وَهُوَ الِاخْتِيَارُ الصَّحِيحُ (انْتَهَى) . عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ عَقِبَهُ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْبَحْثِ السَّابِعِ مِنْ النِّيَّةِ: أَنَّهُ هَلْ تَجُوزُ الزَّكَاةُ بِنِيَّةٍ مُتَأَخِّرَةٍ عَنْ الْأَدَاءِ؟ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لَوْ دَفَعَهَا بِلَا نِيَّةٍ ثُمَّ نَوَى بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا فِي يَدِ الْفَقِيرِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا. (63) قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْأَخْذِ كَرْهًا، أَيْ عَدَمُ إجْزَاءِ الزَّكَاةِ

وَمَنْ امْتَنَعَ عَنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ فَالسَّاعِي لَا يَأْخُذُ مِنْهُ الزَّكَاةَ كَرْهًا، وَلَوْ أَخَذَ لَا يَقَعُ عَنْ الزَّكَاةِ لِكَوْنِهَا بِلَا اخْتِيَارٍ، 64 - وَلَكِنْ يُجْبِرُهُ بِالْحَبْسِ لِيُؤَدِّيَ بِنَفْسِهِ (انْتَهَى) وَخَرَجَ عَنْ اشْتِرَاطِهَا لَهَا. ، 65 - مَا إذَا تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ النِّصَابِ بِلَا نِيَّةٍ فَإِنَّ الْفَرْضَ يَسْقُطُ عَنْهُ. 66 - وَاخْتَلَفُوا فِي سُقُوطِ زَكَاةِ الْبَعْضِ إذَا تَصَدَّقَ بِهِ، وَقَالُوا وَتُشْتَرَطُ نِيَّةُ التِّجَارَةِ فِي الْعُرُوضِ 67 - وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُقَارِنَةً لِلتِّجَارَةِ، فَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا لِلْقَنِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَرْهًا أَقُولُ. كَلَامُهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ. فَإِنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِي الْبَاطِنَةِ دُونَ الظَّاهِرَةِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَحَمْلُهُ عَلَى زَكَاةِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ يَمْنَعُ مِنْهُ قَوْلُهُ: وَمَنْ امْتَنَعَ عَنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ فَالسَّاعِي لَا يَأْخُذُهَا مِنْهُ كَرْهًا. فَإِنَّ السَّاعِيَ لَا يَأْخُذُ زَكَاةَ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ لِأَنَّ الدَّفْعَ فِيهَا إلَى الْفُقَرَاءِ مُفَوَّضٌ إلَى أَرْبَابِهَا. (64) قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يَجْبُرُهُ إلَخْ. قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ: ثُمَّ الزَّكَاةُ تَجِبُ عَلَى التَّرَاخِي فِي رِوَايَةِ ابْنِ شُجَاعٍ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى الْفَوْرِ، وَعَنْهُ إذَا حَالَ عَلَيْهِ حَوْلَانِ وَلَمْ يُؤَدِّ أَثِمَ وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ. وَإِذَا وَقَفَ الْإِمَامُ عَلَيْهِ عَزَّرَهُ وَحَبَسَهُ وَطَالَبَهُ (انْتَهَى) . وَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا أَعْنِي التَّعْزِيرَ وَالْحَبْسَ فِي زَكَاةِ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ لَا الْبَاطِنَةِ، إذْ الدَّفْعُ فِيهَا إلَى الْفُقَرَاءِ مُفَوَّضٌ إلَى أَرْبَابِهَا فَلَا مُطَالَبَةَ لِلْإِمَامِ فِيهَا (65) قَوْلُهُ: مَا إذَا تَصَدَّقَ إلَخْ: قِيلَ لَفْظُ التَّصَدُّقِ يُشْعِرُ بِأَنَّ نِيَّةَ أَصْلِ الْعِبَادَةِ وُجِدَتْ، وَهِيَ كَافِيَةٌ، وَنِيَّةُ الْفَرْضِ إنَّمَا تُشْتَرَطُ لِلْمُزَاحَمَةِ بَيْنَ الْجُزْءِ الَّذِي هُوَ الْوَاجِبُ وَسَائِرِ أَجْزَائِهِ. وَفِي أَدَاءِ الْكُلِّ تَحَقُّقُ أَدَاءِ الْوَاجِبِ، فَلَا يُحْتَاجُ إلَى التَّعْيِينِ لِصَيْرُورَةِ الْوَاجِبِ مُتَعَيَّنًا بِدَفْعِهِ بِخِلَافِ التَّصَدُّقِ بِالْبَعْضِ (66) قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا إلَخْ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَسْقُطُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَسْقُطُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اعْتَبَرَ الْجُزْءَ بِالْكُلِّ (67) قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ إلَخْ: لَكِنْ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ إلَّا إذَا اتَّجَرَ لِأَنَّ التِّجَارَةَ

نَاوِيًا أَنَّهُ إنْ وَجَدَ رِبْحًا بَاعَهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ. وَلَوْ نَوَى التِّجَارَةَ فِيمَا خَرَجَ مِنْ أَرْضِهِ الْعُشْرِيَّةُ أَوْ الْخَرَاجِيَّةُ أَوْ الْمُسْتَأْجَرَةُ أَوْ الْمُسْتَعَارَةُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِعْلٌ لَا يَتِمُّ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَتَحْقِيقُ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ الزَّكَاةَ قَدْ اُعْتُبِرَ فِي نِصَابِهَا النَّمَاءُ وَالنَّمَاءُ عَلَى قِسْمَيْنِ: خِلْقِيٌّ وَفِعْلِيٌّ. فَالْأَوَّلُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالثَّانِي مَا يَكُونُ بِإِعْدَادِ الْعَبْدِ كَالْعُرُوضِ. فَالْأَوَّلُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ التِّجَارَةِ وَالثَّانِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا. غَيْرَ أَنَّ التِّجَارَةَ مِنْ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ فَلَا يَتَحَقَّقُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِهَا بِعَمَلٍ هُوَ تِجَارَةٌ. حَتَّى لَوْ اشْتَرَى ثِيَابًا لِلْبِذْلَةِ ثُمَّ نَوَى بِهَا التِّجَارَةَ لَا تَكُونُ لَهَا مَا لَمْ يَبِعْهَا لِيَكُونَ بَذْلُهَا لِلتِّجَارَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى فِيمَا هُوَ لِلتِّجَارَةِ أَنْ يَكُونَ لِلْخِدْمَةِ حَيْثُ يَصِحُّ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ لِأَنَّ التُّرُوكَ يُكْتَفَى فِيهَا بِمُجَرَّدِهَا. وَنَظِيرُهَا السَّفَرُ وَالْفِطْرُ وَالْإِسْلَامُ. زَادَ الشَّارِحُ وَكَوْنُهُ عَلُوفَةً لَا يَثْبُتُ وَاحِدٌ مِنْهَا إلَّا بِالْعَمَلِ، وَتَثْبُتُ أَضْدَادُهَا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ. وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْفَتْحِ أَنَّ السَّائِمَةَ تَصِيرُ عَلُوفَةً بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ. وَوَقَفَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ بِحَمْلِ مَا فِي الشَّرْحِ عَلَى مَا إذَا وَقَعَتْ النِّيَّةُ وَهِيَ فِي الْمَرْعَى، وَمَا فِي الْفَتْحِ عَلَى مَا إذَا وَقَعَتْ النِّيَّةُ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَفِي الدِّرَايَةِ مَا يُخَالِفُهُمَا ثُمَّ نِيَّةُ التِّجَارَةِ قَدْ تَكُونُ صَرِيحَةً وَقَدْ تَكُونُ دَلَالَةً. فَالْأَوْلَى أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ عَقْدِ التِّجَارَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَمْلُوكُ بِهِ لِلتِّجَارَةِ، سَوَاءً كَانَ الْعَقْدُ شِرَاءً أَوْ إجَارَةً لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الثَّمَنِ نَقْدًا أَوْ عَرْضًا. أَمَّا الْعَرْضُ الْمَمْلُوكُ بِالْإِرْثِ فَلَا تَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ التِّجَارَةِ إجْمَاعًا إلَّا إذَا تَصَرَّفَ فِيهِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ؛ يَعْنِي وَنَوَى وَقْتَ التَّصَرُّفِ أَنْ يَكُونَ بَذْلَةً لِلتِّجَارَةِ، وَلَا تَكْفِيهِ النِّيَّةُ السَّابِقَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْبَحْرِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ وَرِثَ سَائِمَةً كَانَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ. وَيَلْحَقُ بِالْإِرْثِ مَا دَخَلَهُ مِنْ حُبُوبِ أَرْضِهِ فَنَوَى إمْسَاكَهَا لِلتِّجَارَةِ فَلَا تَجِبُ لَوْ بَاعَهَا بَعْدَ حَوْلٍ. وَأَمَّا الدَّلَالَةُ فَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ عَيْنًا مِنْ الْأَعْيَانِ بِغَرَضِ التِّجَارَةِ أَوْ يُؤَاجِرَ دَارِهِ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ بِعَرْضٍ مِنْ الْعُرُوضِ فَتَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ التِّجَارَةَ صَرِيحًا. لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ: الِاخْتِلَافُ فِي بَدَلِ مَنَافِعِ عَيْنٍ مُعَدٍّ لِلتِّجَارَةِ فَفِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْ الْأَصْلِ أَنَّهُ لِلتِّجَارَةِ بِلَا نِيَّةٍ. وَفِي الْجَامِعِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّوَقُّفِ عَلَى النِّيَّةِ فَكَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ وَمَشَايِخُ بَلْخِي كَانُوا

وَلَوْ قَارَنَتْ مَا لَيْسَ بَدَلَ مَالٍ بِمَالِ، كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْخَلْعِ وَالْمَهْرِ وَالْوَصِيَّةِ، 69 - لَا تَصِحُّ عَلَى الصَّحِيحِ. وَفِي السَّائِمَةِ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ إسَامَتِهَا لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ أَكْثَرُ الْحَوْلِ، فَإِنْ قُصِدَ بِهِ التِّجَارَةُ فَفِيهَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ إنْ قَارَنَتْ الشِّرَاءَ وَإِنْ قُصِدَ بِهِ الْحَمْلُ وَالرُّكُوبُ أَوْ الْأَكْلُ فَلَا زَكَاةَ أَصْلًا. وَأَمَّا النِّيَّةُ فِي الصَّوْمِ فَشَرْطُ صِحَّتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ 70 - وَلَوْ عَلَّقَهَا بِالْمَشِيئَةِ صَحَّتْ 71 - لِأَنَّهَا إنَّمَا تُبْطِلُ الْأَقْوَالَ، وَالنِّيَّةُ لَيْسَتْ مِنْهَا، وَالْفَرْضُ وَالسُّنَّةُ وَالنَّفَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُصَحِّحُونَ رِوَايَةَ الْجَامِعِ (68) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَارَنَتْ مَا لَيْسَ إلَخْ. قِيلَ: لَكِنْ إذَا اتَّجَرَ فِيهَا هَلْ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ وَقْتِ نِيَّةِ التِّجَارَةِ؟ أَوْ مِنْ وَقْتِ التِّجَارَةِ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ (انْتَهَى) . أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ وَقْتِ التِّجَارَةِ لِأَنَّهُ وَقْتُ تَعَلُّقِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ بِالذِّمَّةِ. (69) قَوْلُهُ: لَا تَصِحُّ عَلَى الصَّحِيحِ. وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَصِحُّ؛ وَقِيلَ الْخِلَافُ عَلَى الْعَكْسِ وَرَجَّحَ الصِّحَّةَ فِي الْفَتْحِ، وَصَحَّحَ عَدَمَهَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِيهَا: لَوْ اسْتَقْرَضَ عَرَضًا وَنَوَى أَنْ يَكُونَ لِلتِّجَارَةِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ. وَإِلَيْهِ أُشِيرَ فِي الْجَامِعِ. كَذَا فِي النَّهْرِ (70) قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَّقَهَا بِالْمَشِيئَةِ صَحَّتْ إلَخْ. أَيْ وَلَوْ عَلَّقَ النِّيَّةَ بِالْمَشِيئَةِ صَحَّتْ، سَوَاءٌ كَانَتْ نِيَّةَ صَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَا نِيَّةَ الصَّوْمِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ. فَإِنَّ التَّعْلِيلَ يَدْفَعُهُ وَمَسْأَلَةُ صِحَّةِ تَعْلِيقِ النِّيَّةِ بِالْمَشِيئَةِ صَرَّحَ بِهَا فِي الْخُلَاصَةِ وَصَحَّحَهَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ (71) قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إنَّمَا تُبْطِلُ. قِيلَ: يُشَكَّلُ عَلَى هَذَا مَا فِي الْفَوَائِدِ التَّاجِيَّةِ: لَوْ وَكَّلَهُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ، إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ التَّوْكِيلُ وَبَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ. وَلَوْ قَالَ أَمْرُكِ بِيَدِك إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ وَلَا يَكُونُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ (انْتَهَى) .

فِي أَصْلِهَا سَوَاءٌ. وَأَمَّا النِّيَّةُ فِي الْحَجِّ فَهِيَ شَرْطُ صِحَّتِهِ أَيْضًا فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلًا وَالْعُمْرَةُ كَذَلِكَ، 73 - وَلَا تَكُونُ إلَّا سُنَّةً 74 - وَالْمَنْذُورُ كَالْفَرْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ فِي الْأَقْوَالِ يَشْتَمِلُ الْأَوَامِرَ. وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ. قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ: الِاسْتِثْنَاءُ هَلْ يُعْمَلُ فِي الْأَوَامِرِ؟ قِيلَ: يُعْمَلُ وَقِيلَ: لَا. وَصَرَّحَ بِأَنَّ: إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي الصَّوْمِ لِطَلَبِ التَّوْفِيقِ. فَظَهَرَ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِيهِ لِلِاسْتِثْنَاءِ حَتَّى يُقَالُ أَنَّ النِّيَّةَ لَيْسَتْ مِنْ الْأَقْوَالِ فَلَا تَبْطُلُ بِالِاسْتِثْنَاءِ (72) قَوْلُهُ: فِي أَصْلِهَا سَوَاءٌ أَيْ النِّيَّةُ فَتَكُونَ شَرْطًا لِصِحَّةِ مَا ذَكَرَهُ عَلَى السَّوَاءِ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ التَّعْيِينِ وَعَدَمِهِ فَتَخْتَلِفُ وَكَذَا النِّيَّةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى فَرْضِ الصَّلَاةِ وَوَاجِبِهَا وَسُنَّتِهَا وَنَفْلِهَا. سَوَاءٌ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ. وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِنْ جِهَةِ التَّعْيِينِ وَعَدَمِهِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ. (73) قَوْلُهُ: وَلَا تَكُونُ إلَّا سُنَّةً. يَعْنِي مُؤَكَّدَةً وَهُوَ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ بَلْ صَرَّحَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ يَعْنِي بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلَّا فَقَدْ تَكُونُ وَاجِبَةً بِالنَّذْرِ. وَقَدْ حَكَى ابْن وَهْبَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مَنْظُومَتِهِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ فَقَالَ وَمِنْ اعْتِمَارٍ وَافْتَرَضَهُ كِفَايَةً ... وَأَكَّدُوا وَجَبَ وَالْجَمِيعُ مُقَرَّرٌ (74) قَوْلُهُ: وَالْمَنْذُورُ كَالْفَرْضِ. يَعْنِي فِي الِاحْتِيَاجِ إلَى النِّيَّةِ لِلصِّحَّةِ، وَفِي التَّعْيِينِ وَالتَّشْبِيهِ مَبْنِيٌّ أَنَّ الْمَنْذُورَ وَاجِبٌ لَا فَرْضٌ. وَفِيهِ كَلَامٌ يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةٍ إلَى فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ كِتَابِ الصَّوْمِ. قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ كِتَابِ الصَّوْمِ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ قِيلَ لِمَ كَانَ الْمَنْذُورُ وَاجِبًا مَعَ أَنَّ ثُبُوتَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج: 29] وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ عَامٌّ دَخَلَهُ الْخُصُوصُ فَإِنَّهُ خَصَّ مِنْهُ النَّذْرَ بِالْمَعْصِيَةِ، وَبِمَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ كَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ لَوْ كَانَ، لَكِنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِنَفْسِهِ بَلْ لِغَيْرِهِ، حَتَّى لَوْ نَذَرَ الْوُضُوءَ لِكُلِّ صَلَاةٍ لَمْ يَلْزَمْ. فَصَارَتْ النِّيَّةُ كَالْآيَةِ الْمُؤَوَّلَةِ فَيُفِيدُ الْوُجُوبَ

وَلَوْ نَذَرَ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ لَا تَلْزَمُهُ إلَّا حَجَّةُ الْإِسْلَامِ كَمَا لَوْ نَذَرَ الْأُضْحِيَّةَ. وَالْقَضَاءُ فِي الْكُلِّ كَالْأَدَاءِ مِنْ جِهَةِ أَصْلِ النِّيَّةِ. 76 - وَأَمَّا الِاعْتِكَافُ فَهِيَ شَرْطُ صِحَّتِهِ وَاجِبًا كَانَ أَوْ سُنَّةً أَوْ نَفْلًا. 77 - أَمَّا الْكَفَّارَاتُ فَالنِّيَّةُ شَرْطُ صِحَّتِهَا عِتْقًا أَوْ صِيَامًا أَوْ إطْعَامًا. 78 - وَأَمَّا الضَّحَايَا فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ النِّيَّةِ، لَكِنْ عِنْدَ الشِّرَاءِ لَا عِنْدَ الذَّبْحِ. وَتَفَرَّعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهَا بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ فَذَبَحَهَا غَيْرُهُ بِلَا إذْنٍ، فَإِنْ أَخَذَهَا مَذْبُوحَةً وَلَمْ يَضْمَنْهُ أَجْزَأَتْهُ، وَإِنْ ضَمِنَهُ لَا تُجْزِيهِ كَمَا فِي أُضْحِيَّةِ الذَّخِيرَةِ، وَهَذَا إذَا ذَبَحَهَا عَنْ نَفْسِهِ، وَأَمَّا إذَا ذَبَحَهَا عَنْ مَالِكِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. . وَهَلْ تَتَعَيَّنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ نَذَرَ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ إلَخْ. يَعْنِي لِعَدَمِ صِحَّةِ النَّذْرِ لِفَقْدِ شَرْطِهِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَنْذُورُ وَاجِبًا. وَفِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى: وَلَوْ قَالَ الْمَرِيضُ إنْ عَافَانِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ مَرَضِي هَذَا فَعَلَيَّ حَجَّةٌ، فَبَرَأَ فَلَزِمَتْهُ حَجَّةٌ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ لِأَنَّ الْحَجَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا لِلَّهِ وَلَوْ بَرَأَ وَحَجَّ جَازَ ذَلِكَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ. يَعْنِي وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى لِلنَّذْرِ. وَلَوْ نَوَى غَيْرَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ صَحَّتْ نِيَّتُهُ (انْتَهَى) . قَوْلُهُ: مِنْ جِهَةِ أَصْلِ النِّيَّةِ وَالتَّعْيِينِ إلَّا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعْيِينُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي أَدَائِهِ (76) قَوْلُهُ: وَأَمَّا الِاعْتِكَافُ إلَخْ. فِيهِ أَنَّ الِاعْتِكَافَ بِاعْتِبَارِ أَصْلِهِ لَا يَكُونُ إلَّا سُنَّةً أَوْ نَفْلًا. فَلَا يَكُونُ وَاجِبًا إلَّا أَنْ يُرَادَ الْوُجُوبُ بِطَرِيقِ النَّذْرِ لَا بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى (77) قَوْلُهُ: أَمَّا الْكَفَّارَاتُ إلَخْ. لَكِنَّ الْكَفَّارَاتِ إذَا كَانَتْ بِالصَّوْمِ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ مُبَيَّتَةً (78) قَوْلُهُ: وَأَمَّا الضَّحَايَا إلَخْ. قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ قَدْ تَكْفِي النِّيَّةُ عِنْدَ الشِّرَاءِ عَنْ النِّيَّةِ وَقْتَ الذَّبْحِ. وَكَوْنُهَا شَرْطًا عِنْدَ الشِّرَاءِ مَمْنُوعٌ، لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ مَثَلًا فِي يَوْمِ الْأُضْحِيَّةِ وَذَبَحَهَا وَنَوَى الْأُضْحِيَّةَ تُجْزِيهِ بِلَا شَكٍّ. وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الذَّخِيرَةِ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهَا عِنْدَ الذَّبْحِ، لَا عَلَى اشْتِرَاطِهَا عِنْدَ الشِّرَاءِ

الْأُضْحِيَّةُ بِالنِّيَّةِ؟ قَالُوا: إنْ كَانَ فَقِيرًا وَقَدْ اشْتَرَاهَا بِنِيَّتِهَا 79 - تَعَيَّنَتْ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا لَمْ تَتَعَيَّنْ. 80 - وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ مُطْلَقًا فَيَتَصَدَّقُ بِهَا الْغَنِيُّ بَعْدَ أَيَّامِهَا حَيَّةً. 81 - وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهَا مَقَامَهَا، كَمَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ. قَالُوا: وَالْهَدَايَا كَالضَّحَايَا 82 - وَأَمَّا الْعِتْقُ فَعِنْدَنَا لَيْسَ بِعِبَادَةٍ وَضْعًا بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ مِنْ الْكَافِرِ وَلَا عِبَادَةَ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تَعَيَّنَتْ إلَخْ. بِشَرْطِ أَنْ يَتَلَفَّظَ الْفَقِيرُ بِلِسَانٍ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَلَفَّظْ فَلَا تَتَعَيَّنُ. (80) قَوْلُهُ: وَلِلصَّحِيحِ إلَخْ. قِيلَ لَا يَلْزَمُ إذَا نَوَى بِهِ أَنْ يُضَحِّيَ. وَلَمْ يَتَلَفَّظْ وَقْتَ شِرَائِهَا. لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي غَنِيًّا لَا تَجِبُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ فَلَهُ بَيْعُهَا وَإِنْ فَقِيرًا، ذَكَرَ فِي الشَّافِي أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ بِالنِّيَّةِ وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا. إلَّا أَنْ يَقُولَ بِلِسَانِهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَا. (81) قَوْلُهُ: وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهَا مَقَامَهَا إلَخْ. كَذَا فِي النُّسَخِ وَقِيلَ: عَلَيْهِ يَتَأَمَّلُ فِي هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ فَإِنَّهُ مُنَافٍ لِمَا تَقَدَّمَ. وَلَعَلَّ مُرَادَهُ إذَا هَلَكَتْ (انْتَهَى) . أَقُولُ: فَعَلَى هَذَا فَتَكُونُ الْإِقَامَةُ عَلَى الْغَنِيِّ إذَا هَلَكَتْ لَيْسَ بِوَاجِبَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعَيْنِيِّ وَغَيْرُهُ بِخِلَافِ الْفَقِيرِ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ اللَّامُ فِي لِقَوْلِهِ لَهُ بِمَعْنَى " عَلَى " عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] (82) قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْعِتْقُ. فَعِنْدَنَا لَيْسَ بِعِبَادَةٍ وَضْعًا، يَعْنِي وَإِنْ كَانَ قُرْبَةً، لِأَنَّ الْعِبَادَةَ مَا تَعَبَّدَ بِهِ بِشَرْطِ النِّيَّةِ وَمَعْرِفَةِ الْمَعْبُودِ، وَالْقُرْبَةُ مَا تَقَرَّبَ بِهِ بِشَرْطِ مَعْرِفَةِ الْمُتَقَرَّبِ إلَيْهِ وَهِيَ تُوجَدُ بِدُونِ الْعِبَادَةِ فِي الْقُرْبَةِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ كَالْعِتْقِ وَالْوَقْفِ وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ مِنْ الْقُرُبَاتِ

فَإِنْ نَوَى وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ عِبَادَةً مُثَابًا عَلَيْهَا، وَإِنْ أَعْتَقَ بِلَا نِيَّةٍ صَحَّ وَلَا ثَوَابَ لَهُ 84 - إنْ كَانَ صَرِيحًا. 85 - وَأَمَّا الْكِنَايَاتُ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ النِّيَّةِ 86 - فَإِنْ أَعْتَقَ لِلصَّنَمِ أَوْ لِلشَّيْطَانِ صَحَّ وَأَثِمَ. وَإِنْ أَعْتَقَ لِأَجْلِ مَخْلُوقٍ صَحَّ، وَكَانَ مُبَاحًا لَا ثَوَابَ وَلَا إثْمَ. 87 - وَيَنْبَغِي أَنْ يُخَصَّصَ الْإِعْتَاقُ لِلصَّنَمِ بِمَا إذَا كَانَ الْمُعْتِقُ كَافِرًا، أَمَّا الْمُسْلِمُ إذَا أَعْتَقَ لَهُ قَاصِدًا تَعْظِيمَهُ كَفَرَ، كَمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْإِعْتَاقُ لِمَخْلُوقٍ مَكْرُوهًا. وَالتَّدْبِيرُ وَالْكِنَايَةُ كَالْعِتْقِ. وَأَمَّا الْجِهَادُ، فَمِنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ، 88 - فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ خُلُوصِ النِّيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى إلَخْ. أَيْ الْمُعْتِقُ الْمُسْلِمُ وَلَا يَصِحُّ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَى الْكَافِرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ. (84) قَوْلُهُ: إنْ كَانَ صَرِيحًا قُيِّدَ فِي قَوْلِهِ صَحَّ. وَلَوْ ذَكَرَهُ عَقِبَهُ لَكَانَ أَوْلَى. وَمِمَّا أُلْحِقَ بِالصَّرِيحِ: وَهَبْت لَك نَفْسَك أَوْ نَفْسُك مِنْك، فَيُعْتَقُ. قِيلَ أَوْ لَمْ يُقْبَلُ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ وَلَوْ تَلَفَّظَ بِالْعِتْقِ مُهَجِّيًا بِأَنْ قَالَ أَنْتَ حِينَئِذٍ وَكَانَ كِنَايَةً يَعْتِقُ بِالنِّيَّةِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ تَأَمَّلْ (85) قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْكِنَايَةُ أَيْ كِنَايَةُ الْعِتْقِ. (86) قَوْلُهُ: وَإِنْ أَعْتَقَ لِلصَّنَمِ إلَخْ وَإِنَّمَا صَحَّ الْإِعْتَاقُ لِوُجُودِ رُكْنِهِ الْمُؤَثِّرِ فِي إزَالَةِ الرِّقِّ وَصِفَةُ الْقُرْبَةِ لَا تَأْثِيرَ لَهَا. (87) قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُخَصَّصَ إلَخْ. مِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنِّفِ. قِيلَ لَيْسَ لَفْظُ يَنْبَغِي هُنَا لِلْحَثِّ بَلْ بِمَعْنَى يَجِبُ؛ كَمَا فِي قَوْلِ الْقُدُورِيِّ: وَيَنْبَغِي لِلنَّاسِ أَنْ يَلْتَمِسُوا الْهِلَالَ فِي التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ (88) قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ خُلُوصِ النِّيَّةِ، أَيْ النِّيَّةِ الْخَالِصَةِ ظَاهِرَةً فِي حُصُولِ

وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ فَكَالْعِتْقِ إنْ قَصَدَ التَّقَرُّبَ فَلَهُ الثَّوَابُ، وَإِلَّا فَهِيَ صَحِيحَةٌ فَقَطْ. وَأَمَّا الْوَقْفُ فَلَيْسَ بِعِبَادَةٍ وَضْعًا بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ مِنْ الْكَافِرِ، 90 - فَإِنْ نَوَى الْقُرْبَةَ فَلَهُ الثَّوَابُ، وَإِلَّا فَلَا 91 - وَأَمَّا النِّكَاحُ فَقَالُوا إنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعِبَادَاتِ حَتَّى أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهِ أَفْضَلُ مِنْ التَّخَلِّي لِمَحْضِ الْعِبَادَةِ، وَهُوَ عِنْدَ الِاعْتِدَالِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ، فَيَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ 92 - لِتَحْصِيلِ الثَّوَابِ؛ وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ إعْفَافَ نَفْسِهِ وَتُحْصِينَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّوَابِ لَا الصِّحَّةِ، لِأَنَّ الثَّوَابَ بُنِيَ عَلَى وُجُودِ الْعَزِيمَةِ وَهُوَ الْإِخْلَاصُ وَأَمَّا الصِّحَّةُ فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِخْلَاصِ، بَلْ عَلَى أَصْلِ النِّيَّةِ؛ فَإِنَّهُ لَوْ صَلَّى رِيَاءً صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَكَانَ غَيْرَ مُثَابٍ عَلَيْهَا فَكَذَلِكَ الْجِهَادُ (89) قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ فَكَالْعِتْقِ إلَخْ. يَعْنِي فِي الِاحْتِيَاجِ إلَى النِّيَّةِ لِحُصُولِ الثَّوَابِ. قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى الْقُرْبَةَ يَعْنِي الْوَاقِفُ الْمُسْلِمُ لَا الْكَافِرُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلنِّيَّةِ لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِهَا الْإِسْلَامَ (91) قَوْلُهُ: وَأَمَّا النِّكَاحُ. الْمُرَادُ بِالنِّكَاحِ هُنَا الْوَطْءُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْعَقْدِ الصَّحِيحِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: حَتَّى أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهِ أَفْضَلُ مِنْ التَّخَلِّي لِمَحْضِ الْعِبَادَةِ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ عَلَى ذَلِكَ بِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ أَنَّ السُّنَنَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى النَّوَافِلِ بِالْإِجْمَاعِ، الثَّانِي أَنَّهُ أَوْعَدَ عَلَى تَرْكِ السَّنَةِ وَلَا وَعِيدَ عَلَى تَرْكِ النَّافِلَةِ، الثَّالِثُ أَنَّهُ فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَاظَبَ عَلَيْهِ وَثَبَتَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَمْ يَتَخَلَّ عَنْهُ بَلْ كَانَ يَزِيدُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ التَّخَلِّي لِلنَّوَافِلِ أَفْضَلَ لَفَعَلَهُ وَإِذَا ثَبَتَ أَفْضَلِيَّةٌ فِي حَقِّهِ ثَبَتَ فِي حَقِّ أُمَّتِهِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الشَّرَائِعِ هُوَ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ وَالرَّابِعُ أَنَّهُ سَبَبٌ مُوَصِّلٌ إلَى مَا هُوَ مُفَضَّلٌ عَلَى النَّوَافِلِ، لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِصِيَانَةِ النَّفْسِ عَنْ الْفَاحِشَةِ وَلِصِيَانَةِ نَفْسِهَا عَنْ الْهَلَاكِ بِالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى وَاللِّبَاسِ وَلِحُصُولِ الْوَلَدِ الْمُوَحِّدِ. وَأَمَّا مَدْحُهُ يَحْيَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِكَوْنِهِ سَيِّدًا وَحَصُورًا وَهُوَ مَنْ لَا يَأْتِي النِّسَاءَ مَعَ الْقُدْرَةِ فَهُوَ مِنْ شَرِيعَتِهِمْ لَا فِي شَرِيعَتِنَا. (92) قَوْلُهُ: لِتَحْصِيلِ الثَّوَابِ يَعْنِي لَا لِلصِّحَّةِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ قَرِيبًا لِأَنَّهُ لَيْسَ

وَحُصُولَ وَلَدٍ. وَفَسَّرْنَا الِاعْتِدَالَ 93 - فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ شَرْحِ الْكَنْزِ، لَمْ تَكُنْ النِّيَّةُ فِيهِ شَرْطُ صِحَّتِهِ، قَالُوا: يَصِحُّ النِّكَاحُ مَعَ الْهَزْلِ، لَكِنْ 94 - قَالُوا حَتَّى لَوْ عَقَدَ بِلَفْظٍ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ فَفِيهِ خِلَافٌ. وَالْفَتْوَى عَلَى صِحَّتِهِ، 95 - عَلِمَ الشُّهُودُ أَوْ لَا، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. 96 - وَعَلَى هَذَا سَائِرُ الْقُرُبِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ النِّيَّةِ، بِمَعْنَى تَوَقُّفِ حُصُولِ الثَّوَابِ عَلَى قَصْدِ التَّقَرُّبِ بِهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ نَشْرِ الْعِلْمِ تَعْلِيمًا وَإِفْتَاءً وَتَصْنِيفًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQعِبَادَةً بَلْ قَرِيبًا مِنْهَا وَإِنَّمَا يَصِيرُ عِبَادَةً بِالنِّيَّةِ (93) قَوْلُهُ: فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ إلَخْ. وَصَفَ الشَّرْحَ بِكَوْنِهِ كَبِيرًا لِلْكَشْفِ وَبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا لِلِاحْتِرَازِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَرْحٌ صَغِيرٌ وَعِبَارَتُهُ فِي الشَّرْحِ الَّتِي أَحَالَ عَلَيْهَا نَصَّهَا حَيْثُ قَالَ فِيهِ: وَالْمُرَادُ بِهِ حَالَةُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَطْءِ وَالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ مَعَ عَدَمِ الْخَوْفِ مِنْ الزِّنَا وَالْجَوْرِ وَتَرْكِ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ. فَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَوْ خَافَ وَاحِدًا مِنْ الثَّلَاثَةِ فَلَيْسَ مُعْتَدِلًا فَلَمْ يَكُنْ سُنَّةً فِي حَقِّهِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَدَائِعِ. (94) قَوْلُهُ: قَالُوا: لَوْ عَقَدَ بِلَفْظٍ إلَخْ. أَقُولُ: هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ فَهْمَ الشَّاهِدَيْنِ لَيْسَ بِشَرْطٍ. وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ شَرْطٌ كَمَا اخْتَارَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ سَمَاعُهُمَا مَعًا مَعَ الْفَهْمِ. (95) قَوْلُهُ: عَلِمَ الشُّهُودُ أَوْ لَا إلَخْ. أَقُولُ: فِيهِ إيذَانٌ بِأَنَّ فَهْمَ الشَّاهِدَيْنِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْجَوْهَرَةِ: يُشْتَرَطُ السَّمَاعُ وَالْفَهْمُ وَهُوَ الصَّحِيحُ (انْتَهَى) . فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي ذَلِكَ. (96) قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا سَائِرُ الْقُرَبِ إلَخْ: أَيْ عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ النِّكَاحَ يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ لِتَحْصِيلِ ثَوَابِ بَاقِي الْقُرَبِ، الْقُرَبُ جَمْعُ قُرْبَةٍ وَهِيَ مَا كَانَ مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ مِنْهُ رَجَاءَ الثَّوَابِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى. وَقِيلَ الْقُرْبَةُ مَا يَصِيرُ بِهِ الْمُتَقَرِّبُ مَثُوبًا وَقِيلَ هِيَ الطَّاعَةُ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ طَاعَةً وَلَا يَكُونُ قُرْبَةً، لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْقُرْبَةِ

وَأَمَّا الْقَضَاءُ، فَقَالُوا إنَّهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ، فَالثَّوَابُ عَلَيْهِ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهَا 98 - وَكَذَلِكَ إقَامَةُ الْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ، وَكُلِّ مَا يَتَعَاطَاهُ الْحُكَّامُ وَالْوُلَاةُ، وَكَذَا تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَأَدَاؤُهَا 99 - وَأَمَّا الْمُبَاحَاتُ فَإِنَّهَا تَخْتَلِفُ صِفَتُهَا بِاعْتِبَارِ مَا قُصِدَتْ لِأَجْلِهِ. فَإِذَا قُصِدَ بِهَا التَّقَوِّي عَلَى الطَّاعَاتِ أَوْ التَّوَصُّلُ إلَيْهَا كَانَتْ عِبَادَةً، كَالْأَكْلِ وَالنَّوْمِ وَاكْتِسَابِ الْمَالِ وَالْوَطْءِ وَأَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعِلْمَ بِالْمُتَقَرَّبِ إلَيْهِ، فَمُحَالٌ وُجُودُ الْقُرْبَةِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْمَعْبُودِ بِالنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ الْمُؤَدِّيَيْنِ إلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى. فَهِيَ وَاجِبَةٌ فِي إطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ. فَكُلُّ قُرْبَةٍ طَاعَةٌ وَلَا تَنْعَكِسُ، وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ وَاجِبَةٌ وَطَاعَةٌ وَلَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ لِأَنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنْهُ. كَذَا فِي قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ. وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا أَنَّ الطَّاعَةَ فِعْلُ مَا يُثَابُ عَلَيْهِ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ نِيَّةٌ أَوْ لَا عَرَفَ مَا يَفْعَلُهُ لِأَجْلِهِ أَوْ لَا. وَالْقُرْبَةُ فِعْلُ مَا يُثَابُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ مَنْ يَتَقَرَّبُ إلَيْهِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى نِيَّةٍ. وَالْعِبَادَةُ مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَمَا يُتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ فَنَحْوُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ مِنْ كُلِّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ قُرْبَةٌ وَطَاعَةٌ وَعِبَادَةٌ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، وَالْوَقْفُ وَالْعِتْقُ وَالصَّدَقَةُ وَنَحْوُهَا مِمَّا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ قُرْبَةٌ وَطَاعَةٌ لَا عِبَادَةٌ. وَالنَّظَرُ الْمُؤَدِّي إلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى طَاعَةٌ لَا قِرْبَةٌ وَلَا عِبَادَةٌ (انْتَهَى) . وَقَوَاعِدُ مَذْهَبِنَا لَا تَأْبَاهُ (97) قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْقَضَاءُ فَقَالُوا إنَّهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَالْقَضَاءُ بِالْحَقِّ مِنْ أَقْوَى الْفَرَائِضِ وَأَشْرَفِ الْعِبَادَاتِ بَعْدَ الْإِيمَانِ، أَمَرَ اللَّهُ بِهِ كُلَّ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ (98) قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إقَامَةُ الْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ إلَخْ: يَعْنِي الثَّوَابَ عَلَيْهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ كَالْقَضَاءِ (99) قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُبَاحَاتُ إلَخْ أَقُولُ: حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ: وَأَمَّا الْمُبَاحَاتُ فَلَا تَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ إلَّا إذَا أُرِيدَ الثَّوَابُ عَلَيْهَا فَتَفْتَقِرُ إلَيْهَا وَأَمَّا الْمَسْنُونَاتُ وَالْمَنْدُوبَاتُ فَتَفْتَقِرُ إلَيْهَا فِي إيقَاعِهَا طَاعَةً لِيُثَابَ عَلَيْهَا، وَأَمَّا الْوَاجِبَاتُ فَمَا كَانَ مِنْهَا عِبَادَةً يَفْتَقِرُ إلَيْهَا وَمَا لَمْ يَكُنْ عِبَادَةً لَا يَفْتَقِرُ إلَيْهَا، كَقَضَاءِ الدُّيُونِ وَرَدِّ الْمَغْصُوبِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا وَمِنْ سَائِرِ الْمُعَامَلَاتِ إيصَالُ النَّفْعِ إلَى الْآدَمِيِّ

الْمُعَامَلَاتُ فَأَنْوَاعٌ: فَالْبَيْعُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا، وَكَذَا الْإِقَالَةُ وَالْإِجَارَةُ، لَكِنْ قَالُوا: إنْ عَقَدَ بِمُضَارِعٍ لَمْ يُصَدَّرْ بِسَوْفَ أَوْ السِّينِ تَوَقَّفَ عَلَى النِّيَّةِ 100 - فَإِنْ نَوَى بِهِ الْإِيجَابَ لِلْحَالِ كَانَ بَيْعًا، 101 - وَإِلَّا لَا. بِخِلَافِ صِيغَةِ الْمَاضِي فَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ، 102 - وَأَمَّا الْمُضَارِعُ الْمُتَمَحِّضُ لِلِاسْتِقْبَالِ فَهُوَ كَالْأَمْرِ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى بِهِ الْإِيجَابَ لِلْحَالِ كَانَ بَيْعًا فِي الْكِفَايَةِ نَقْلًا عَنْ الطَّحَاوِيِّ إذَا قَالَ أَبِيعُ مِنْك أَوْ أَشْتَرِي مِنْك وَأَرَادَ الْحَالَ يَصِحُّ الْبَيْعُ، هُوَ الصَّحِيحُ (انْتَهَى) . فَإِنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا تَرَكَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَيَانَهُ، فَإِنْ قُلْتَ النِّيَّةُ إنَّمَا تَعْمَلُ فِي الْمُحْتَمَلَاتِ لَا فِي الْمَوْضُوعَاتِ الْأَصْلِيَّةِ وَالْفِعْلُ الْمُضَارِعُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ عَلَى مَا عُرِفَ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ وَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْأَثَرُ وَهُوَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اُسْتُعْمِلَ فِيهِ لَفْظُ الْمَاضِي الَّذِي يَدُلُّ عَلَى تَحَقُّقِ وُجُودِهِ فَكَانَ الِانْعِقَادُ مُفْتَقِرًا إلَيْهِ. وَلِأَنَّ لَفْظَ الْمُضَارِعِ إنْ كَانَ مِنْ جَانِبِ الْبَائِعِ كَانَ عِدَةً لَا بَيْعًا وَإِنْ كَانَ مِنْ جَانِبِ الْمُشْتَرِي كَانَ مُسَاوَمَةً. لَا يُقَالُ سَلَّمْنَا أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ، لَكِنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا هِيَ لِدَفْعِ الْمُحْتَمَلِ وَهُوَ الْعِدَةُ لَا الْإِرَادَةُ الْحَقِيقِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْمَعْهُودَ أَنَّ الْمَجَازَ يَحْتَاجُ إلَى مَا يَنْفِي إرَادَةَ الْحَقِيقَةِ لَا أَنَّ الْحَقِيقَةَ تَحْتَاجُ إلَى مَا يَنْفِي إرَادَةَ الْمَجَازِ عَلَى أَنَّهُ دَافِعٌ لِلْمَعْقُولِ دُونَ الْأَثَرِ فَإِنْ قِيلَ مَا وَجْهُ مَا نُقِلَ عَنْ الطَّحَاوِيِّ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُضَارِعَ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ فِي غَيْرِ الْبُيُوعِ وَالْحَقِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ فِيهَا هُوَ لَفْظُ الْمَاضِي، وَالْمُضَارِعُ فِيهَا مَجَازٌ فَيَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ. فَعَلَى هَذَا ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي الْقُنْيَةِ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلُ الْبَلَدِ يَسْتَعْمِلُونَ الْمُضَارِعَ لِلْحَالِ لَا لِلْوَعْدِ وَالِاسْتِقْبَالِ فَإِنْ كَانَ كَأَهْلِ خَوَارِزْمَ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا. (101) قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَا. أَيْ وَأَنْ لَا يُنْوَى بِهِ الْحَالُ بِأَنْ نَوَى الِاسْتِقْبَالَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَا يَصِحُّ (102) قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُضَارِعُ الْمُتَمَحِّضُ لِلِاسْتِقْبَالِ فَهُوَ كَالْأَمْرِ إلَخْ. مِثْلُ سَأَبِيعُك أَوْ سَوْفَ أَبِيعُك. وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ مَا تَمَحَّضَ لِلْحَالِ " كَأَبِيعُكَ " الْآنَ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ.

وَلَا بِالنِّيَّةِ. وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ. وَقَالُوا لَا يَصِحُّ مَعَ الْهَزْلِ لِعَدَمِ الرِّضَى بِحُكْمِهِ مَعَهُ. 104 - وَأَمَّا الْهِبَةُ، فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ. قَالُوا لَوْ وَهَبَ مُمَازِحًا صَحَّتْ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَلَكِنْ لَوْ لُقِّنَ الْهِبَةَ وَلَمْ يَعْرِفْهَا لَمْ تَصِحَّ، لَا لِأَجْلِ أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا بِالنِّيَّةِ. أَيْ نِيَّةِ الْحَالِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْأَمْرَ لَا يَصِحُّ نِيَّةُ الْحَالِ وَهُوَ مُخَالِفٌ، لِمَا يُفْهَمُ مِنْ التُّحْفَةِ حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا إذَا كَانَا بِلَفْظَيْنِ يُعَبِّرُ بِهِمَا عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ، إمَّا عَلَى سَبِيلِ الْأَمْرِ أَوْ الْخَبَرِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْحَالِ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ؛ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ اشْتَرِ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ، وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت (انْتَهَى) . وَقَدْ أَفْهَمَ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْحَالِ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِالْأَمْرِ إذَا نَوَى الْحَالَ. وَفِي النَّهْرِ: أَنَّ الْأَمْرَ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ إلَّا إذَا دَلَّ عَلَى الْمَاضِي: كَخُذْهُ بِكَذَا فَقَالَ أَخَذْته. فَإِنَّهُ كَالْمَاضِي. إلَّا أَنَّ اسْتِدْعَاءَ الْمَاضِي الْبَيْعَ بِالْوَضْعِ وَهَذَا بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ (104) قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْهِبَةُ فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ. قَالُوا لَوْ وَهَبَ مَازِحًا لَصَحَّتْ. كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. قِيلَ لَيْسَ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ يُفْهَمُ مِنْهُ مَا ذَكَرَ، لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِيهَا وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: لَوْ قَالَ هَبْ لِي عَلَى وَجْهِ الْمِزَاحِ، فَوَهَبَ. وَقِيلَ: وَسَلَّمَ جَازَ إذْ الْمِزَاحُ إنَّمَا وَقَعَ فِي طَلَبِ الْهِبَةِ ثُمَّ وَقَعَتْ هِيَ بِلَا مِزَاحٍ ظَاهِرٍ، أَوْ مُسْتَجْمِعَةٍ لِشَرَائِطِهَا؛ وَالظَّاهِرُ يَكْفِي فِي مِثْلِ ذَلِكَ فَلَا يُقَالُ إنَّ الْهِبَةَ تَصِحُّ بِلَا نِيَّةٍ بَلْ لَوْ صَدَّقَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ لَا تَصِحُّ. فَتَأَمَّلْ. ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ كَمَا هُنَا أَيْضًا حَيْثُ قَالَ فِيهِ: أَطْلَقَهَا، أَيْ الْهِبَةَ، فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمِزَاحِ فَإِنَّ الْهِبَةَ صَحِيحَةٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَاعْتَرَضَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ الرَّمْزِ شَرْحِ نَظْمِ الْكَنْزِ، فَقَالَ: لَيْسَ فِي الْخُلَاصَةِ مَا يُفِيدُ دَعْوَاهُ إلَخْ. إنَّمَا يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ طَلَبَ الْهِبَةَ مَزْحًا لَا جِدًّا فَوَهَبَهُ جِدًّا وَسَلَّمَهُ صَحَّتْ الْهِبَةُ. لِأَنَّ الْوَاهِبَ غَيْرُ مَازِحٍ، وَقَدْ قَبِلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبُولًا صَحِيحًا. وَقَدْ وَقَعَ لِلْمُؤَلِّفِ مِثْلُ هَذَا فِي كِتَابِ الْأَشْبَاهِ. وَأَزَلْنَا هَذَا الِاشْتِبَاهَ فِي حَاشِيَته. لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ مَا يُؤَيِّدُ مَا فَهِمَهُ الْمُؤَلِّفُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ حِكَايَةَ الشَّيْخِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، لَمَّا مَرَّ بِقَوْمٍ يَضْرِبُونَ الطُّنْبُورَ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ هَبُوهُ مِنِّي حَتَّى تَرَوْا كَيْفَ أَضْرِبُ فَدَفَعُوهُ إلَيْهِ فَضَرَبَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَكَسَرَهُ وَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ كَيْفَ أَضْرِبُ؟ قَالُوا: أَيُّهَا الشَّيْخُ خَدَعْتَنَا. وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ

وَإِنَّمَا هُوَ لِفَقْدِ شَرْطِهَا وَهُوَ الرِّضَى. وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهَا لَمْ تَصِحَّ، 106 - بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ؛ فَإِنَّهُمَا يَقَعَانِ بِالتَّلْقِينِ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُهُمَا، لِأَنَّ الرِّضَى لَيْسَ شَرْطَهُمَا وَلِذَا 107 - لَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهِمَا يَقَعَانِ. وَأَمَّا الطَّلَاقُ، فَصَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQاحْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كَسْرِ الْمَلَاهِي، أَنَّهُ يُوجِبُ الضَّمَانَ وَهَذَا دَلِيلُ مَا مَرَّ أَنَّ هِبَةَ الْمَازِحِ جَائِزَةٌ (انْتَهَى) . قِيلَ وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى أَنَّهُمْ مَزَحُوا بِالْهِبَةِ بَلْ ظَاهِرُ طَلَبِهِ الْهِبَةُ الْجَدِّيَّةُ فَأَجَابُوهُ بِهَا. غَايَتُهُ أَنَّهُ وَعَدَهُمْ أَنْ يَضْرِبَ وَأَرَادَ الْكَسْرَ وَأَفْهَمهُمْ أَنَّهُ أَرَادَ مِثْلَ ضَرْبِهِمْ فَلَمَّا وَهَبُوهُ وَمَلَك تَصَرَّفَ بِمَا أَرَادَ مِنْ ضَرْبِهَا عَلَى الْأَرْضِ وَهُوَ إمَامٌ جَلِيلُ الْقَدْرِ فِي الزُّهْدِ وَالْعِلْمِ، لَهُ فِي ذَلِكَ مُؤَلَّفَاتٌ مَا يُظَنُّ بِهِ الِاكْتِفَاءُ بِالْمِزَاحِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم. وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْهِبَةَ جِدِّيَّةٌ قَوْلُ صَاحِبِ الْخِزَانَةِ فِيهَا: جَازَتْ الْهِبَةُ لِاسْتِجْمَاعِ الشَّرَائِطِ. وَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّ دَلِيلَ الْهِبَةِ الْمَقَامَ هِيَ هِبَةُ الْمُلَاهِي لِلْمَشْهُورِ بِالْعِلْمِ وَالزُّهْدِ كَمَا ذَكَرَتْ غَيْرُ مُنَاسَبَةٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ مَزْحًا وَنَقْلُهُ عَنْ الْخِزَانَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمُدَّعِي إذْ الْمُرَادُ بِالشَّرَائِطِ التَّكْلِيفُ (105) قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هُوَ لِفَقْدِ شَرْطِهَا. قِيلَ: فِيهِ أَنَّ الْهِبَةَ مَعَ الْهَزْلِ تَصِحُّ وَرَضِيَ مَعَهُ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِ عَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ مَعَ الْهَزْلِ بِعَدَمِ الرِّضَى مَعَهُ وَهَذَا تَدَافُعٌ (106) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَإِنَّهُمَا يَقَعَانِ إلَخْ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَقَّنَهُ الطَّلَاقَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَوْ الْعَتَاقَ أَوْ التَّدْبِيرَ أَوْ لَقَّنَهَا الزَّوْجُ الْإِبْرَاءَ عَنْ الْمَهْرِ وَنَفَقَةِ الْعِدَّةِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَهِيَ لَا تَعْلَمُ. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: لَا تَقَعُ دِيَانَةً وَقَالَ مَشَايِخُ أُوزْجَنْدَ لَا تَقَعُ أَصْلًا صِيَانَةً لِأَمْلَاكِ النَّاسِ عَنْ الْإِبْطَالِ بِالتَّلْبِيسِ. وَكَمَا لَوْ بَاعَ وَاشْتَرَى بِالْعَرَبِيِّ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ. وَالْبَعْضُ فَرَّقُوا بَيْنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْخُلْعِ وَالْهِبَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ لِلرِّضَى أَثَرًا فِي وُجُودِ الْبَيْعِ لَا الطَّلَاقِ وَالْهِبَةِ وَتَمَامُهَا بِالْقَبْضِ. وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ وَكَذَا لَوْ لُقِّنَتْ الْخُلْعَ، وَهِيَ لَا تَعْلَمُ. وَقِيلَ: يَصِحُّ الْخُلْعُ بِقَبُولِهَا. وَالْمُخْتَارُ مَا ذَكَرْنَا (انْتَهَى) . فَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلَّفُ. (107) قَوْلُهُ: وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهِمَا يَقَعَانِ. أَقُولُ: الْمُرَادُ الْإِكْرَاهُ عَلَى إنْشَاءِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فَيَقَعُ طَلَاقُ الْمُكْرَهِ لِمَا صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: الطَّلَاقُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْعَتَاقُ وَالْيَمِينُ» وَلَا يَصِيرُ بِهَذَا الطَّلَاقُ فَلَا تَرِثُ مِنْهُ. كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ لَا يَقَعُ قَضَاءً وَدِيَانَةً، بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ هَازِلًا أَوْ كَاذِبًا حَيْثُ يَقَعُ قَضَاءً إلَّا إذَا أُشْهِدَ قَبْلَ ذَلِكَ، لِزَوَالِ التُّهْمَةِ بِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. وَقَيَّدَهُ الْبَزَّازِيُّ بِالْمَظْلُومِ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى كِتَابَةٍ فَكَتَبَ: فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانَةِ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ. وَعَلَّلَهُ قَاضِي خَانْ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ أُقِيمَتْ مَقَامَ الْعِبَارَةِ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ، وَلَا حَاجَةَ. هُنَا وَحَصَرَ بَعْضُهُمْ مَا يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ فِي عَشَرَةٍ فَقَالَ: يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ عِتْقٌ وَرَجْعَةُ ... نِكَاحٍ وَإِيلَاءُ طَلَاقِ مُفَارِقٍ وَفَيْءِ ظِهَارٍ وَالْيَمِينِ وَنَذْرِهِ ... وَعَفْوٍ لِقَتْلِ شَابٍّ مِنْهُ مُفَارِقِي وَحَصَرَهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي الْخِزَانَةِ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْفَيْءَ، فَصَارَتْ تِسْعَةَ عَشَرَ وَزَادَ الْمُصَنِّفُ فِي بَحْرِهِ الْإِكْرَاهَ عَلَى قَبُولِ الْوَدِيعَةِ. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: أُكْرِهَ عَلَى قَبُولِ الْوَدِيعَةِ فَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ فَلِمُسْتَحِقِّهَا تَضْمِينُ الْمُودَعِ إنْ كَانَ بِفَتْحِ الدَّالِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَهِيَ عِشْرُونَ نَظَمَهَا أَخُو الْمُصَنِّفِ فِي أَبْيَاتٍ ذَكَرَهَا فِي النَّهْرِ فَقَالَ: طَلَاقٌ وَإِيلَاءٌ ظِهَارٌ وَرَجْعَةٌ ... نِكَاحٌ مَعَ اسْتِيلَادٍ عَفْوٌ عَنْ الْعَمْدِ رَضَاعٌ وَأَيْمَانٌ وَفَيْءٌ وَنَذْرُهُ ... قَبُولُ الْإِيدَاعِ كَذَا الصُّلْحُ عَنْ عَمْدِ طَلَاقٌ عَلَى جُعْلٍ يَمِينٌ بِهِ أَتَتْ ... كَذَا الْعِتْقُ وَالْإِسْلَامُ تَدْبِيرٌ لِلْعَبْدِ وَإِيجَابٌ إحْسَانٌ وَعِتْقٌ فَهَذِهِ ... تَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ عِشْرُونَ فِي عَدِّ ثُمَّ قَالَ: ظَهَرَ لِي بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ مَا فِي الْقُنْيَةِ هُوَ بِكَسْرِ الدَّالِ لَا بِالْفَتْحِ، فَلَيْسَ مِنْ الْمَوَاضِعِ فِي شَيْءٍ. وَذَلِكَ أَنَّهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ: أُكْرِهَ بِالْحَبْسِ عَلَى إيدَاعِ مَالِهِ عِنْدَ هَذَا الرَّجُلِ وَأُكْرِهَ الْمُودَعُ أَيْضًا عَلَى قَبُولِهِ فَضَاعَ. لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرَهِ وَالْقَابِضِ، لِأَنَّهُ مَا قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ كَمَا لَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ فَأَلْقَته فِي حِجْرِهِ فَأَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ فَضَاعَ فِي يَدِهِ لَا يُضْمَنُ (انْتَهَى) . وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ: وَجَدْنَا نُسْخَةً صَحِيحَةً مِنْ الْقُنْيَةِ بِكَسْرِ الدَّالِ. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى هَذِهِ شَخْصٌ أَوْدَعَ عِنْدَهُ رَجُلٌ شَيْئًا مُكْرَهًا عَلَى قَبُولِهِ فَاسْتَحَقَّهُ آخَرُ، فَلَهُ أَنْ يَضْمَنَ الْمُودِعَ الْمُكْرِهَ بِكَسْرِ الدَّالِ وَالرَّاءِ، فَانْحَزَمَ الْحِسَابُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ. أَقُولُ: قَالَ فِي الْمُحِيطِ: مِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالسَّرِقَةِ مُكْرَهًا (انْتَهَى) . وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ مِنْ كِتَابِ الْإِكْرَاهِ: يَصِحُّ إقْرَارُهَا بِاسْتِيفَاءِ الْمَهْرِ مُكْرَهَةً. إنْ أُكْرِهَتْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالضَّرْبِ، عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فَصَارَتْ إحْدَى وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً

فَالْأَوَّلُ لَا يَحْتَاجُ فِي وُقُوعِهِ إلَيْهَا؛ فَلَوْ طَلَّقَ 109 - غَافِلًا أَوْ سَاهِيًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَالْأَوَّلُ لَا يَحْتَاجُ فِي وُقُوعِهِ عَلَيْهَا إلَيْهَا. قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي الْبَحْرِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُمْ الصَّرِيحُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَضَاءِ. أَمَّا فِي الدِّيَانَةِ فَيَحْتَاجُ لَكِنَّ وُقُوعَهُ فِي الْقَضَاءِ بِلَا نِيَّةٍ إنَّمَا هُوَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْصِدَهَا بِالْخِطَابِ، بِدَلِيلِ مَا قَالُوا: لَوْ كَرَّرَ مَسَائِلَ الطَّلَاقِ بِحَضْرَةِ زَوْجَتِهِ وَيَقُول أَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَنْوِ، لَا تَطْلُقُ. وَفِي مُتَعَلِّمٍ يَكْتُبُ نَاقِلًا كِتَابَ رَجُلٍ. قَالَ: ثُمَّ يَقِفُ وَيَكْتُبُ امْرَأَتِي طَالِقٌ. وَكَمَا كَتَبَ قَرَنَ الْكِتَابَةَ بِالتَّلَفُّظِ بِقَصْدِ الْحِكَايَةِ، لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ. وَفِي الْقُنْيَةِ امْرَأَةٌ كَتَبَتْ: أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَتْ لِزَوْجِهَا اقْرَأْ عَلَيَّ هَذَا، فَقَرَأَ لَا تَطْلُقُ. وَمَا فِي الْفَتْحِ الْقَدِيرِ: وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَصْدِ بِالْخِطَابِ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ عَالَمًا بِمَعْنَاهُ أَوْ النِّيَّةِ كَمَا يُفِيدُهُ فُرُوعٌ. وَذَكَرَ مَا ذَكَرْنَا فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِالْوُقُوعِ قَضَاءً فِيمَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ، وَإِنْ كَانَ شَرْطًا لِلْوُقُوعِ دِيَانَةً لَا قَضَاءً فَكَذَلِكَ، لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْوُقُوعَ قَضَاءً فِيمَا لَوْ كَرَّرَ مَسَائِلَ الطَّلَاقِ بِحَضْرَتِهَا. وَفِي الْمُتَعَلِّمِ: فَالْحَقُّ مَا اقْتَصَرْنَا عَلَيْهِ (انْتَهَى كَلَامُهُ) . قِيلَ وَهَذَا وَهْمٌ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ شَرْطُ الْوُقُوعِ قَضَاءً وَدِيَانَةً فَخَرَجَ مَا لَا يَقَعُ فِيهِ لَا قَضَاءً وَلَا دِيَانَةً. كَمَنْ كَرَّرَ مَسَائِلَ الطَّلَاقِ وَمَا يَقَعُ فِيهِ قَضَاءً فَقَطْ كَمَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ بِالطَّلَاقِ. وَبِهِ عُرِفَ أَنَّهُ لَا يَرِدُ عَلَى مَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ فِيهِ دِيَانَةً كَمَا أَفْصَحَ بِهِ ابْنُ الْهُمَامِ فِي آخِرِ كَلَامِهِ، حَيْثُ قَالَ: وَهُوَ يُشِيرُ إلَيْهِ، أَيْ إلَى الْوُقُوعِ قَضَاءً فَقَطْ. أَقُول: فِي الْخُلَاصَةِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا لَوْ سَبَقَ لِسَانُهُ بِالطَّلَاقِ وَلَوْ كَانَ بِالْعَتَاقِ يَدِينُ (انْتَهَى) . يَعْنِي لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَبِهَذَا يَبْطُلُ قَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ: أَنَّ الْوَاقِعَ فِي الْقَضَاءِ بِشَرْطِ أَنْ يَقْصِدَ خِطَابَهَا الظُّهُورُ أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ اسْقِنِي فَسَبَقَ لِسَانُهُ بِالْخِطَابِ لَمْ يَقْصِدْهُ خِطَابَهَا. (109) قَوْلُهُ: غَافِلًا أَوْ سَاهِيًا. الْغَفْلَةُ سَهْوٌ يَعْتَرِي الْإِنْسَانَ مِنْ قِلَّةِ التَّحَفُّظِ وَالتَّيَقُّظِ كَمَا فِي عُمْدَةِ الْحُفَّاظِ فِي تَفْسِيرِ أَشْرَفِ الْأَلْفَاظِ، لِلْعَلَّامَةِ الشِّهَابِ السَّمِينِ؛ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ السَّهْوَ مُرَادِفٌ لِلْغَفْلَةِ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ عَطْفُهُ بِأَوْ. وَفِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ أَنَّ النِّسْيَانَ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ التَّرْكِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: النِّسْيَانُ تَرْكُ الْإِنْسَانِ ضَبْطَ مَا اسْتَوْدَعَ عَلَى حِفْظِهِ إمَّا لِضَعْفِ قَلْبِهِ وَإِمَّا عَنْ غَفْلَةٍ وَإِمَّا عَنْ قَصْدٍ، حَتَّى يَنْحَذِفَ عَنْ قَلْبِهِ ذِكْرُهُ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ النِّسْيَانَ غَيْرُ السَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ.

أَوْ مُخْطِئًا وَقَعَ، 111 - حَتَّى قَالُوا. إنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِالْأَلْفَاظِ الْمُصَحَّفَةِ قَضَاءً، وَلَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَقْصِدَهَا بِاللَّفْظِ. قَالُوا لَوْ كَرَّرَ مَسَائِلَ الطَّلَاقِ بِحَضْرَتِهَا وَيَقُولُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ: أَنْتِ طَالِقٌ، لَمْ يَقَعْ وَلَوْ كَتَبْت امْرَأَتِي طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَتْ لَهُ اقْرَأْ عَلَيَّ فَقَرَأَ عَلَيْهَا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا 112 - لِعَدَمِ قَصْدِهَا بِاللَّفْظِ. 113 - وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ: إنَّ الصَّرِيحَ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ مُخْطِئًا. وَقَعَ شَرْحُ الْبُخَارِيِّ لِلْعَيْنِ: إنَّمَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُخْطِئِ لِأَنَّ الْقَصْدَ أَمْرٌ بَاطِنِيٌّ، لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، بَلْ يَتَعَلَّقُ بِالسَّبَبِ الظَّاهِرِ الدَّالِ، وَهُوَ أَهْلِيَّةُ الْقَصْدِ بِالْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ فَإِنْ قِيلَ: عَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ طَلَاقُ النَّائِمِ. وَالْجَوَابُ: أَنَّ النَّوْمَ يُنَافِي أَصْلَ الْعَمَلِ بِالْعَقْلِ لِأَنَّ النَّوْمَ مَانِعٌ عَنْ اسْتِعْمَالِ نُورِ الْعَقْلِ فَكَانَتْ أَهْلِيَّةُ الْقَصْدِ مَعْدُومَةً بِيَقِينٍ، فَافْهَمْ. (111) قَوْلُهُ: حَتَّى قَالُوا إنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِالْأَلْفَاظِ الْمُصَحَّفَةِ قَضَاءً. الْأَلْفَاظُ الْمُصَحَّفَةُ خَمْسٌ: تَلَاقٌ وَتَلَاغٌ وَطَلَاغٌ وَتَلَاكٌ وَطَلَاكٌ فَيَقَعُ قَضَاءً، وَلَا يَصْدُقُ إلَّا إذَا أُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ التَّكَلُّمِ، بِأَنْ قَالَ: امْرَأَتِي قَبِلَتْ مِنِّي الطَّلَاقَ وَأَنَا لَا أُطَلِّقُ فَأَقُولُ هَذَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْبَحْرِ. وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ يَشْتَمِلُ مَا إنْ لَمْ يَكُنْ أَلْثَغَ وَفِي الْمُحِيطِ مِنْ بَابِ الْحِيَلِ وَالتَّعْرِيضِ فِي الْخَلْفِ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: طَارِقٌ. وَأَدْغَمَ الرَّاءَ وَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا يَفْهَمَ ذَلِكَ مَنْ يَسْمَعُ خَلْفَهُ، لَا يَلْزَمُهُ بِذَلِكَ شَيْءٌ فَلَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ لِأَنَّ طَارِقًا لَيْسَ بِطَالِقٍ (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمَّلْ. (112) قَوْلُهُ: لِعَدَمِ قَصْدِهَا قِيلَ صَوَابُهُ. قَصْدِهِ لِأَنَّ قَصْدَهَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (انْتَهَى) . أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ قَوْلَهُ قَصْدِهَا مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلَى الْمَفْعُولِ لَا الْفَاعِلِ كَمَا فَهِمَ الْمُصَنِّفُ. (113) قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ أَنَّ الصَّرِيحَ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ قِيلَ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الطَّلَاقِ فِي الصَّرِيحِ مَعَ ظُهُورِ الْمُرَادِ بِهِ، حَتَّى يَخْرُجَ مَا لَوْ كَانَ يُكَرِّرُ مَسَائِلَ الطَّلَاقِ بِحَضْرَتِهَا كَمَا مَرَّ

وَقَالُوا: لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ؛ نَاوِيًا الطَّلَاقَ مِنْ وَثَاقٍ لَمْ يَقَعْ دِيَانَةً وَوَقَعَ قَضَاءً، وَفِي عِبَارَةِ بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ طَلَاقَ الْمُخْطِئِ وَاقِعٌ قَضَاءً لَا دِيَانَةً، فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ الصَّرِيحَ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا قَضَاءً وَيَحْتَاجُ إلَيْهَا دِيَانَةً، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ إنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا هَازِلًا يَقَعُ قَضَاءً وَدِيَانَةً، 115 - لِأَنَّ الشَّارِعَ، جَعَلَ هَزْلَهُ بِهِ جِدًّا. وَقَالُوا 116 - لَا تَصِحُّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ، وَلَا نِيَّةُ الْبَائِنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَالُوا: لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نَاوِيًا الطَّلَاقَ مِنْ وَثَاقٍ لَمْ يَقَعْ دِيَانَةً وَلَوْ نَوَى عَنْ الْعَمَلِ لَمْ يَصْدُقْ أَصْلًا، وَعَنْهُ صَدَقَ دِيَانَةً كَمَا فِي التُّحْفَةِ. وَلَوْ نَوَى الْإِخْبَارَ كَذِبًا لَمْ يَصْدُقْ قَضَاءً، كَمَا فِي الْمَشَارِعِ. كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْقُهُسْتَانِيِّ وَالْوَثَاقُ بِفَتْحِ الْوَاو وَكَسَرَهَا الْقَيْدُ. وَمَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَبَعًا لِبَعْضِهِمْ قَيَّدَهُ فِي الْمُحِيطِ بِمَا إذَا لَمْ يُقْرِنْهُ بِالثَّلَاثِ أَمَّا لَوْ قَرَنَهُ لَمْ يَصْدُقْ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ رَفْعُ الْقَيْدِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَانْصَرَفَ إلَى قَيْدِ النِّكَاحِ كَيْ لَا يَلْغُوَ (انْتَهَى) . وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُفِيدُ اتِّحَادَ الْحُكْمِ فِيمَا لَوْ قَالَ مَرَّتَيْنِ. (115) قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ هَزْلَهُ جِدًّا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ» (116) قَوْلُهُ: لَا تَصِحُّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ. أَقُولُ: حَقُّ الْعِبَارَةِ وَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ الْبَائِنِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، بَلْ يَقَعُ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً وَإِنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِنِيَّةِ الْإِبَانَةِ قَصَدَ تَنْجِيزَ مَا عَلَّقَهُ الشَّارِعُ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. فَيُرَدُّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا كَانَ وَاحِدَةً لَا أَكْثَرَ، لِأَنَّهُ لَفْظٌ فَرْدٌ حَتَّى قِيلَ لِلْمَثْنَى طَالِقَانِ وَلِلثَّلَاثِ طَوَالِقُ فَلَا يَحْتَمِلُ الْعَدَدَ لِأَنَّهُ ضِدُّهُ. وَذِكْرُ الطَّالِقِ ذِكْرَ الطَّلَاقِ هُوَ صِفَةٌ لِلْمَرْأَةِ. لَا الطَّلَاقُ هُوَ تَطْلِيقٌ وَالْعَدَدُ الَّذِي يَقْتَرِنُ بِهِ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ مَعْنَاهُ طَلَاقًا ثَلَاثًا كَقَوْلِك أَعْطَيْته جَزِيلًا. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: أَنَّ ذِكْرَ طَالِقٍ ذَكَرَ الطَّلَاقِ، هُوَ صِفَةٌ لِلْمَرْأَةِ مَا بَيَّنَهُ الْعَلَّامَةُ التَّفْتَازَانِيِّ فِي التَّلْوِيحِ مِنْ أَنَّ الطَّلَاقَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ طَالِقٌ لُغَةً، صِفَةٌ لِلْمَرْأَةِ وَهُوَ لَيْسَ بِمُتَعَدِّدٍ فِي ذَاتِهِ بَلْ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ مَلْزُومِهِ أَعْنِي التَّطْلِيقَ الَّذِي هُوَ صِفَةُ الرَّجُلِ.

وَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ فِي الْمَصْدَرِ؛ أَنْتِ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ أَمَةً، 118 - وَتَصِحُّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ هُنَا غَيْرُ ثَابِتٍ لُغَةً بَلْ اقْتِضَاءً؛ فَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ فِيهِ فَلَا يَصِحُّ فِيمَا تُبْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا الْوَجْهُ مَذْكُورٌ فِي الْهِدَايَةِ. وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا الْكَلَامَ جَوَابًا عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: إنَّ ذِكْرَ الطَّالِقِ ذِكْرٌ لِلطَّلَاقِ لُغَةً. كَذَلِكَ ذِكْرُ الْعَالِمِ ذِكْرٌ لِلْعِلْمِ. فَقَالَ ذِكْرُ الطَّالِقِ ذِكْرٌ لِلطَّلَاقِ الَّذِي هُوَ صِفَةٌ لِلْمَرْأَةِ، لَا لِلطَّلَاقِ الَّذِي هُوَ تَطْلِيقٌ (انْتَهَى) . وَحَاصِلُهُ أَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَتَضَمَّنُ مَصْدَرًا هُوَ صِفَةٌ لِلْمَرْأَةِ. وَغَيْرُ مُتَعَدِّدٍ لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ مَلْزُومِهِ الَّذِي هُوَ صِفَةُ الرَّجُلِ، أَعْنِي التَّطْلِيقَ فَيَكُونُ ثَابِتًا اقْتِضَاءً، فَلَا يَعُمُّ إذْ لَا عُمُومَ لِلْمُقْتَضَى عِنْدَنَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْوَحْدَةُ الِاعْتِبَارِيَّةُ كَمَا يُرَادُ مِنْ الصَّرِيحِ كَسَائِرِ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ بِأَنْ يُرَادَ مَجْمُوعُ أَفْرَادِ الْجِنْسِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَجْمُوعٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ مَجَازٌ وَالْمَجَازُ صِفَةُ اللَّفْظِ وَالْمُقْتَضَى لَيْسَ بِلَفْظٍ. هَذَا مُرَادُ الْعَلَّامَةِ التَّفْتَازَانِيِّ فِيمَا ذَكَرَهُ فِي التَّلْوِيحِ (117) قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ فِي أَنْتِ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ حَيْثُ يُسْتَعْمَلُ فِي الطَّلَاقِ كَانَ الْغَالِبُ إرَادَةُ الِاسْمِ بِهِ، كَرَجُلٍ عَدْلٍ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ صَرِيحًا فِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ أَنْتِ ذَاتُ طَلَاقٍ، أَوْ أَنَّهُ جَعَلَهَا عَنْيَهُ ادِّعَاءَ مُبَالَغَةٍ وَبِتَقْدِيرِهَا تَصِحُّ إرَادَةُ الثَّلَاثِ وَلَمَّا كَانَ هَذَا مِنْ مُحْتَمَلَاتِ اللَّفْظِ تَوَقَّفَ عَلَى النِّيَّةِ. وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا أَوْرَدَهُ مِنْ أَنَّهُ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الِاسْمُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مَصْدَرًا لِأَنَّ الْإِرَادَةَ بِاللَّفْظِ لَيْسَتْ إلَّا بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ فَإِذَا فُرِضَ أَنَّ مَعْنَاهُ لَيْسَ إلَّا مَا تَصْلُحُ إرَادَتُهُ مَعَهُ فَكَيْفَ يُرَادُ بِهِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ. كَذَا فِي الْفَتْحِ مُلَخَّصًا. هَذَا وَنِيَّةُ الثَّلَاثِ إنَّمَا صَحَّتْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، بِخِلَافِ الثِّنْتَيْنِ فِي الْحُرَّةِ لِأَنَّهُ عَدَدٌ مَحْضٌ. وَأَلْفَاظُ الْوُحْدَانِ لَا يُرَاعَى فِيهَا الْعَدَدُ الْمَحْضُ بَلْ التَّوْحِيدُ وَهُوَ بِالْفَرْدِيَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ أَوْ الْجِنْسِيَّةِ وَالْمَثْنَى بِمَعْزِلٍ عَنْهُمَا. (118) قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ. قِيلَ يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَاحِدَةً وَأَمَّا إذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً قَبْلَ ذَلِكَ يَقَعُ وَاحِدَةً لِأَنَّهُ فَرْدٌ حَقِيقَةً وَلَوْ نَوَى ثِنْتَيْنِ

وَأَمَّا كِنَايَاتُهُ 120 - فَلَا يَقَعُ بِهَا إلَّا بِالنِّيَةِ دِيَانَةً، سَوَاءً كَانَ مَعَهَا مُذَاكَرَةُ الطَّلَاقِ أَوْ لَا. وَالْمُذَاكَرَةُ إنَّمَا تَقُومُ مَقَامَ النِّيَّةِ فِي الْقَضَاءِ 121 - إلَّا فِي لَفْظِ الْحَرَامِ، فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ وَلَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا فَيَنْصَرِفُ إلَى الطَّلَاقِ إذَا كَانَ الزَّوْجُ مِنْ قَوْمٍ يُرِيدُونَ بِالْحَرَامِ الطَّلَاقَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَمَّا كِنَايَاتُهُ. الْكِنَايَةُ لُغَةً شَيْءٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ، أَوْ يُرَادُ بِهِ غَيْرُهُ وَشَرِيعَةً مَا اُعْتُبِرَ فِي نَفْسِهِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ أَوْ الْمَجَازِيُّ؛ فَإِنَّ الْحَقِيقَةَ الْمَهْجُورَةَ كِنَايَةٌ كَالْمَجَازِ غَيْرِ الْغَالِبِ الِاسْتِعْمَالِ. وَكِنَايَةُ الطَّلَاقِ مَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ فَيَسْتَتِرُ الْمُرَادُ مِنْهُ فِي نَفْسِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْكِنَايَةِ هُنَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْبَيَانِيُّونَ مِمَّا اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَاهُ لِيَنْتَقِلَ بِقَرِينَتِهِ إلَى مَلْزُومِهِ الَّذِي هُوَ الطَّلَاقُ، فَإِنَّ الْبَائِنَ مَثَلًا مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ لِيَنْتَقِلَ بِقَرِينَتِهِ إلَى مَلْزُومِهِ الَّذِي هُوَ الطَّلَاقُ فَتَطْلُقُ بِصِفَةِ الْبَيْنُونَةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ. وَرَدَّ بِأَنَّ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا فِي الْوَاقِعِ فَمِنْ أَيْنَ يَلْزَمُ الطَّلَاقُ بِصِفَةِ الْبَيْنُونَةِ كَمَا فِي التَّلْوِيحِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ لَكِنْ بِمُلَاحَظَةِ لَازِمِهِ فَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمُكَنَّى عَنْهُ طُولُ الْقَامَةِ إذَا لُوحِظَ اتِّصَافَةٌ بِطُولِ النِّجَادِ. وَلَوْ فَرَضْنَا عَلَى أَنَّ الْبَائِنَ إنَّمَا يَكُونُ كِنَايَةً عَنْ الطَّلَاقِ الْمَلْزُومِ لِلْبَيْنُونَةِ لَا عَنْ مُطْلَقِ الطَّلَاقِ فَيَسْتَلْزِمُ الْبَيْنُونَةَ لِاسْتِتْبَاعِهِ لَهَا، فَثَبَتَ الطَّلَاقُ بِصِفَةِ الْبَيْنُونَةِ. (120) قَوْلُهُ: فَلَا يَقَعُ بِهَا إلَّا بِالنِّيَّةِ إلَخْ. فَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَا يَقَعُ لِاحْتِمَالِهِ غَيْرَ الطَّلَاقِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي تَرْكِهِ النِّيَّةَ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْقُهُسْتَانِيِّ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ دِيَانَةً لَا يَقَعُ بِهَا طَلَاقٌ قَضَاءً وَإِنَّمَا نَوَى وَفِيهِ نَظَرٌ. (121) قَوْلُهُ: إلَّا فِي لَفْظِ الْحَرَامِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ بِهِ بِلَا نِيَّةٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالصَّرِيحِ فَيَقَعَ رَجْعِيًّا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ إنَّمَا هُوَ إيقَاعُ الْبَائِنِ بِهِ لَا الرَّجْعِيِّ، وَالْجَوَابُ مُتَهَافِتٌ. هَذَا، وَلَوْ قَالَ وَهَبْتُكِ طَلَاقَكِ وَقَعَ قَضَاءً بِلَا نِيَّتِهِ. وَصَرَّحَ فِي الْمُجْتَبَى بِأَنَّ لَفْظَ الصَّرِيحِ يَقَعُ بِهِ الرَّجْعِيُّ بِلَا نِيَّةٍ. بِهِ أَفْتَى مَشَايِخُ خَوَارِزْمَ الْمُتَقَدِّمُونَ وَالْمُتَأَخِّرُونَ. وَلَوْ قَالَ اذْهَبِي فَتَزَوَّجِي وَقَالَ: لَمْ أَنْوِ، لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ مَعْنَاهُ إنْ أَمْكَنَك. قَالَهُ قَاضِي خَانْ. وَفِي الْحَافِظِيَّةِ وُقُوعُهُ بِالْوَاوِ بِلَا نِيَّةٍ (انْتَهَى) .

وَأَمَّا تَفْوِيضُ الطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ، فَمَا كَانَ مِنْهُ صَرِيحًا لَا تُشْتَرَطُ لَهُ النِّيَّةُ، وَمَا كَانَ كِنَايَةً اُشْتُرِطَتْ لَهُ. وَأَمَّا الرَّجْعَةُ فَكَالنِّكَاحِ لِأَنَّهَا اسْتِدَامَتُهُ، لَكِنْ مَا كَانَ مِنْهَا صَرِيحًا 123 - لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا، وَكِنَايَتُهَا تَحْتَاجُ إلَيْهَا 124 - وَأَمَّا الْيَمِينُ بِاَللَّهِ؛ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا فَيَنْعَقِدُ إذَا حَلَفَ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا أَوْ مُخْطِيًا أَوْ مُكْرَهًا. وَكَذَا إذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَبِهِ يُعْلَمُ عَدَمُ صِحَّةِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي لَفْظِ الْحَرَامِ. وَاَللَّهُ وَلِيُّ الْفَضْلِ وَالْإِنْعَامِ (122) قَوْلُهُ: وَأَمَّا تَفْوِيضُ الطَّلَاقِ إلَخْ. هُوَ أَنْ يُفَوِّضَ إلَى شَخْصٍ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ أَوْ إلَيْهَا نَفْسَهَا وَالْخُلْعُ هُوَ أَنْ يَخْلَعَ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ عَلَى مَالٍ بِأَنْ يَقُولَ خَلَعْتُك عَلَى كَذَا وَالْإِيلَاءُ هُوَ أَنْ يَحْلِفَ أَنْ لَا يَقْرَبَ زَوْجَتَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَالظِّهَارُ هُوَ أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. مِثَالُهُ فِي تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ أَنْ يَقُولَ لَهَا اخْتَارِي وَأَمْرُك بِيَدِك وَفِي الْخُلْعِ خَالَعْتُكَ أَوْ بَارَأْتُك. وَلَمْ يَذْكُرْ الْعِوَضَ لِأَنَّهُمَا كِنَايَتَانِ وَفِي الْإِيلَاءِ: لَا أَبِيت مَعَكِ عَلَى فِرَاشٍ وَلَا أَقْرَبُ فِرَاشَكِ، أَوْ لَا يَجْمَعُ رَأْسِي وَرَأْسَكِ وِسَادَةٌ فَهَذَا كِنَايَةٌ وَفِي الظِّهَارِ أَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ أُمِّي أَوْ كَأُمِّي. فَكَمَا نَوَى لِأَنَّهُ مِنْ الْكِنَايَاتِ (انْتَهَى) . (123) قَوْلُهُ: تَحْتَاجُ إلَيْهَا أَيْ إلَى النِّيَّةِ إلَخْ. كَقَوْلِهِ أَنْتِ عِنْدِي كَمَا كُنْت أَوْ أَنْتِ امْرَأَتِي فَهَذَا كِنَايَةٌ (124) قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْيَمِينُ بِاَللَّهِ إلَى قَوْلِهِ أَوْ نَاسِيًا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ سَاهِيًا. قِيلَ الْمُرَادُ بِالنَّاسِي الْمُخْطِئُ كَمَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَقُولَ اسْقِنِي الْمَاءَ فَقَالَ وَاَللَّهِ لَا أَشْرَبُ الْمَاءَ وَقِيلَ مَنْ تَلَفَّظَ بِالْيَمِينِ ذَاهِلًا عَنْهُ وَالْمُلْجِئُ إلَى ذَلِكَ أَنَّ حَقِيقَةَ النِّسْيَانِ فِي الْيَمِينِ لَا يُتَصَوَّرُ. كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ. قَالَ الْعَيْنِيُّ وَتَبِعَهُ الشُّمُنِّيُّ بَلْ يُتَصَوَّرُ بِأَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَحْلِفَ ثُمَّ نَسِيَ الْحَلِفَ السَّابِقَ فَحَلَفَ. وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِيًا لَا أَنَّهُ حَلَفَ نَاسِيًا انْتَهَى. وَأَقُولُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ نَاسِيًا فِي التَّصْوِيرِ الْمَذْكُورِ وَجُودُ الْحَلِفِ نَاسِيًا حَيْثُ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ الْحَلِفَ

وَأَمَّا نِيَّةُ تَخْصِيصِ الْعَامِّ فِي الْيَمِينِ فَمَقْبُولَةٌ دِيَانَةً اتِّفَاقًا، وَقَضَاءً عِنْدَ الْخَصَّافِ، 126 - وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ إنْ كَانَ الْحَالِفُ مَظْلُومًا. وَكَذَلِكَ اُخْتُلِفَ هَلْ الِاعْتِبَارُ لِنِيَّةِ الْحَالِفِ أَوْ لِنِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفْ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَمَّا نِيَّةُ تَخْصِيصِ الْعَامِّ فِي الْيَمِينِ بِالنِّيَّةِ فَمَقْبُولَةٌ دِيَانَةً اتِّفَاقًا. ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْحَلِفُ بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ. وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْخَانِيَّةِ حَيْثُ قَالَ فِيهَا: رَجُلُ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ أَعْطَيْت مِنْ حِنْطَتِي أَحَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَقَالَ نَوَيْت بِذَلِكَ أُمَّهَا صُدِّقَ دِيَانَةً لِأَنَّهُ نَوَى تَخْصِيصَ الْعَامِّ وَذَلِكَ جَائِزٌ دَيَّانَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى. وَعَلَى قَوْلِ الْخَصَّافِ صَحَّتْ نِيَّتُهُ فِي مِثْلِ هَذَا مُطْلَقًا. قَالُوا هَذَا إذَا قَالَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَإِنْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ لِأَنَّ تَخْصِيصَ الْعَامِّ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا فَرِقَّ بَيْنَ الْعَرَبِيَّةِ وَالْفَارِسِيَّةِ (126) قَوْلُهُ: وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ. نَقَلَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ الطَّلَاقِ أَنَّ نِيَّةَ تَخْصِيصِ الْعَامِّ لَا تَصِحُّ وَعِنْدَ الْخَصَّافِ تَصِحُّ حَتَّى أَنَّ مَنْ حَلَفَ وَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ نَوَيْت مِنْ بَلَدِ كَذَا لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ الْخَصَّافُ تَصِحُّ وَكَذَا مِنْ غَصَبَ دَرَاهِمَ إنْسَانٍ وَوَقَّتَ الْخَصْمُ عَمَّا نَوَى خَاصًّا لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ الْخَصَّافُ تَصِحُّ وَلَكِنَّ هَذَا فِي الْقَضَاءِ أَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَنِيَّةُ تَخْصِيصِ الْعَامِّ صَحِيحَةٌ بِالْإِجْمَاعِ. وَمَا قَالَهُ الْخَصَّافُ مُخَلَّصٌ لِمَنْ حَلِفُهُ ظَالِمٌ وَالْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. فَمَنْ وَقَعَ فِي أَيْدِي الظَّلَمَةِ وَأَخَذَ بِقَوْلِ الْخَصَّافِ لَا بَأْسَ بِهِ (انْتَهَى) . وَفِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ مَظْلُومًا يُفْتَى بِقَوْلِ الْخَصَّافِ (انْتَهَى) . وَفَرْقٌ بَيْنَ قَوْلِ الشَّيْخِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْخَصَّافِ وَقَوْلِ الْوَلْوَالِجيَّةِ فَمَتَى وَقَعَ فِي أَيْدِي الظَّلَمَةِ وَأَخَذَ بِقَوْلِ الْخَصَّافِ لَا بَأْسَ بِهِ وَكَذَا قَوْلُ صَاحِبِ الْخُلَاصَةِ يُفْتَى بِقَوْلِ الْخَصَّافِ فَتَأَمَّلْ. قِيلَ لَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا لَوْ قَالَ لَا أَشْتَرِي جَارِيَةً وَنَوَى مُوَلِّدَةً فَإِنَّ نِيَّتَهُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ تَخْصِيصُ الصِّفَةِ فَأَشْبَهَ الْبَصْرِيَّةَ وَالْكُوفِيَّةَ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى مِنْ بَلْدَةِ كَذَا كَذَا فِي الْوُصُولِ إلَى تَحْرِيرِ الْوُصُولِ وَكَمَا يُخَصَّصُ الْعَامُّ بِالنِّيَّةِ يُخَصَّصُ بِقَرِينَةِ الْحَالِ وَمِنْهُ مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ يَقَعُ عَلَى

وَالْفَتْوَى عَلَى اعْتِبَارِ نِيَّةِ الْحَالِفِ إنْ كَانَ مَظْلُومًا خُصُوصًا، لَا إنْ كَانَ ظَالِمًا، كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ. وَأَمَّا الْإِقْرَارُ وَالْوَكَالَةُ فَيَصِحَّانِ بِدُونِهَا، وَكَذَا الْإِيدَاعُ وَالْإِعَارَةُ وَالْإِجَازَةُ وَكَذَا الْقَذْفُ وَالسَّرِقَةُ . وَأَمَّا الْقِصَاصُ فَمُتَوَقِّفٌ عَلَى قَصْدِ الْقَاتِلِ الْقَتْلَ، قَالُوا: لَمَّا كَانَ الْقَصْدُ أَمْرًا بَاطِنِيًّا أُقِيمَتْ الْآلَةُ مَقَامَهُ، فَإِنْ قَتَلَهُ بِمَا يُفَرِّقُ الْأَجْزَاءَ عَادَةً كَانَ عَمْدًا وَوَجَبَ الْقِصَاصُ، وَإِلَّا فَإِنْ قَتَلَهُ بِمَا لَا يُفَرِّقُ الْأَجْزَاءَ عَادَةً، لَكِنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا فَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. وَأَمَّا الْخَطَأُ بِأَنْ يَقْصِدَ مُبَاحًا فَيُصِيبُ آدَمِيًّا كَمَا عُلِمَ فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQكُلِّ قَتِيلٍ فِي تِلْكَ السَّفْرَةِ مَا لَمْ يَرْجِعُوا وَإِنْ قَالَ حَالَ الْقِتَالِ يُقَيَّدُ بِذَلِكَ الْقِتَالِ. وَفِي التَّلْوِيحِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَصِيرِيِّ مَا جَازَ تَخْصِيصُهُ بِالنِّيَّةِ جَازَ تَخْصِيصُهُ بِالْعُرْفِ لِأَنَّهُ أَرَادَ جَمِيعَ النَّاسِ فَلَمَّا جَازَ تَخْصِيصُهُ بِإِرَادَتِهِ وَحْدَهُ جَازَ تَخْصِيصُهُ بِإِرَادَةِ جَمِيعِ النَّاسِ كَيْفَ وَقَدْ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى إرَادَتِهِ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِفْهَامُ وَتَحْصِيلُ الْمَقْصُودِ مِنْ الْكَلَامِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ وَلِهَذَا حَمَلْنَا اللَّفْظَ عَلَى الْمَجَازِ الْمُتَعَارَفِ (انْتَهَى) . (127) قَوْلُهُ: وَالْفَتْوَى عَلَى اعْتِبَارِ نِيَّةِ الْحَالِفِ إنْ كَانَ مَظْلُومًا. قَيَّدَهُ بَعْضُ أَرْبَابِ الْفَتْوَى بِمَا إذَا كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى؛ أَمَّا إذَا كَانَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ فَالِاعْتِبَارُ بِنِيَّةِ الْحَالِفِ مُطْلَقًا. قَالَ فِي مَآلِ الْفَتَاوَى: إذَا اسْتَحْلَفَهُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ ظُلْمٌ. وَالنِّيَّةُ نِيَّةُ الْحَالِفِ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحْلِفُ مُحِقًّا وَفِيهَا أَيْضًا الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ إنْ كَانَ مَظْلُومًا وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ مَظْلُومًا فَعَلَى نِيَّتِهِ وَفِي تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ: الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ إنْ كَانَ مَظْلُومًا وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا فَعَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ. وَهَذَا عَلَى أَمْرٍ فِي الْمَاضِي أَمَّا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَعَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ. لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَحْلِفِ الِاسْتِحْلَافُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. فَلَمْ يَكُنْ الْحَالِفُ ظَالِمًا (انْتَهَى) . وَفِي الْخُلَاصَةِ: الْيَمِينُ إذَا كَانَتْ بِالْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ أَوْ مَا

وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، قَالُوا: إنَّ الْقُرْآنَ يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ بِالْقَصْدِ، فَجَوَّزُوا لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ قِرَاءَةَ مَا فِيهِ مِنْ الْأَذْكَارِ بِقَصْدِ الذِّكْرِ، وَالْأَدْعِيَةِ بِقَصْدِ الدُّعَاءِ، لَكِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ: لَوْ قَرَأَ بِقَصْدِ الذِّكْرِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQشَاكَلَ ذَلِكَ. النِّيَّةُ نِيَّةُ الْحَالِفِ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا (انْتَهَى) . وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: رَجُلٌ حَلَّفَ رَجُلًا فَحَلَفَ وَنَوَى غَيْرَ مَا أَرَادَ الْمُسْتَحْلِفُ إنْ كَانَ الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَيُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْمُحَلِّفِ ظَالِمًا كَانَ أَوْ مَظْلُومًا. وَإِنْ كَانَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ مَظْلُومًا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ ظَالِمًا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْمُحَلِّفِ (انْتَهَى) . فَظَهَرَ بِمَا نَقْلنَا أَنَّ إطْلَاقَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَبِمَا إذَا كَانَ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمَاضِي. ثُمَّ لَا يَخْفَى عَلَيْك مُخَالَفَةُ عِبَارَةِ مَآلِ الْفَتَاوَى لِلْأُخْرَى وَمُخَالَفَتُهُ لِتَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ لَهَا. فَتَأَمَّلْ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: فِي الْأَيْمَانِ فِي الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ حَلَّفَ سُلْطَانٌ رَجُلًا لِيَأْخُذَ بِالتُّهْمَةِ غُرَمَاءَ الْمُتَوَارِي وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُمْ وَهُوَ يَعْلَمُهُمْ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ الرَّجُلِ الَّذِي تَوَارَى وَيُرِيدُ غَيْرَهُ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى سَبِّ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُ مُحَمَّدًا لَيْسَ بِرَسُولٍ. وَلَا شَكَّ فِي صِحَّتِهِ عِنْدَ الْخَصَّافِ وَيُفْتَى بِقَوْلِهِ فِي الْمَظْلُومِ وَمِثْلِهِ فِي الْخَانِيَّةِ هَذَا زُبْدَةُ مَا فِي الْمُعْتَبَرَاتِ فَاغْتَنِمْهُ (128) قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. قَالُوا إنَّ الْقُرْآنَ يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ قُرْآنًا بِالْقَصْدِ إلَخْ. الْمُرَادُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي كَلَامِهِ مَا يَشْمَلُ عَلَى دُعَاءٍ وَذِكْرٍ بِدَلِيلِ آخِرِ كَلَامِهِ حَيْثُ قَالَ فَجَوَّزُوا لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ قِرَاءَةَ مَا فِيهِ مِنْ الْأَذْكَارِ بِقَصْدِ الذِّكْرِ وَالْأَدْعِيَةِ بِقَصْدِ الدُّعَاءِ فَعَلَى هَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ أَحَدَهُمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْآيَةِ وَمَا دُونَهَا عِنْدَ الْكَرْخِيِّ وَرَجَّحَهُ جَمْعٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَنَسَبَهُ فِي الْبَدَائِعِ إلَى الْعَامَّةِ لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ: «لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ وَلَا الْحَائِضُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ» وَشَيْئًا نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَيَعُمُّ وَأَبَاحَ الطَّحَاوِيُّ مَا دُونَ الْآيَةِ وَرَجَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّصْحِيحَ قَدْ اخْتَلَفَ فِيمَا دُونَ الْآيَةِ، وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ أَوْلَى لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ مُطْلَقَةٌ وَالتَّعْلِيلُ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ مَرْدُودٌ. هَذَا وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي تَعْلِيمِ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ يُلَقَّنُ كَلِمَةً كَلِمَةً وَلَمْ يَكُنْ مِنْ قَصْدِهِ أَنْ يَقْرَأَ آيَةً تَامَّةً. كَذَا فِي

وَأَجَبْنَا عَنْهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ بِأَنَّهُ فِي مَحِلِّهِ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِعَزِيمَتِهِ. وَقَالُوا: إنَّ الْمَأْمُومَ إذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِنِيَّةِ الذِّكْرِ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخُلَاصَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَهَذَا عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ. أَمَّا عَلَى قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ فَتَعْلِيمُ نِصْفِ الْآيَةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: وَلَمْ يَكُنْ مِنْ قَصْدِهِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ. عَلَى أَنَّ فِي تَخْرِيجِ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَائِلٌ بِاسْتِوَاءِ الْآيَةِ وَمَا دُونَهَا فِي الْمَنْعِ، إذَا كَانَ ذَلِكَ بِقَصْدِ الْقُرْآنِ. وَلَا شَكَّ فِي صِدْقِ مَا دُونَ الْآيَةِ عَلَى الْكَلِمَةِ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى قَصْدِ التَّعْلِيمِ لَمْ يَتَقَيَّدْ بِالْكَلِمَةِ وَأَقُولُ: بَلْ التَّرْجِيحُ صَحِيحٌ إذْ الْكَرْخِيُّ وَإِنْ مَنَعَ مَا دُونَ الْآيَةِ لَكِنْ بِهِ يُسَمَّى قَارِيًا. وَلِهَذَا قَالُوا يُكْرَهُ التَّهَجِّي بِالْقِرَاءَةِ. وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ بِالتَّعْلِيمِ كَلِمَةً كَلِمَةً لَا يُعَدُّ قَارِئًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَقُولُ فِيهِ بَحْثٌ، إذْ الذِّكْرُ لَا يُبْطِلُهَا وَالصَّوَابُ فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْقُرْآنَ يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ قُرْآنًا بِالْقَصْدِ إلَّا إذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فِي الصَّلَاةِ بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ فَالنِّيَّةُ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ فِيهَا. فَتَأَمَّلْ (129) قَوْلُهُ: وَأَجَبْنَا عَنْهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ بِأَنَّهُ فِي مَحِلِّهِ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِعَزِيمَتِهِ. حَاصِلُ الْجَوَابِ تَقْيِيدُ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْقُرْآنَ يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ قُرْآنًا بِالنِّيَّةِ، بِمَا لَمْ يَكُنْ فِي مَحِلِّهِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرُ سَقَطَ مَا قِيلَ إذَا كَانَ الْإِشْكَالُ نَقَضًا لِقَوْلِك الْقُرْآنُ يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ قُرْآنًا بِالنِّيَّةِ فَالْجَوَابُ الْمَذْكُورُ تَقْرِيرٌ لِلْإِشْكَالِ (انْتَهَى) . يَعْنِي لِأَنَّ غَايَةَ مَا أَفَادَهُ أَنَّ الْقُرْآنَ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ قُرْآنًا بِالنِّيَّةِ لِكَوْنِهِ فِي مَحِلِّهِ فَتَدَبَّرْ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ نَسَبَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْجَوَابَ هُنَا إلَى نَفْسِهِ وَنَسَبَهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْعَلَّامَةِ الْخَاصِّيِّ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ: ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُمْ قَالُوا هُنَا، وَفِي بَابِ مَا يَقْصِدُ، الصَّلَاةَ إنَّ الْقُرْآنَ يَتَغَيَّرُ بِالْعَزِيمَةِ فَأَوْرَدَ الْخَاصِّيُّ بِأَنَّ الْعَزِيمَةَ لَوْ كَانَتْ مُغَيِّرَةً لِلْقُرْآنِ لَكَانَ يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فِي الْأُولَيَيْنِ بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ لَا تَكُونُ مُجْزِيَةً. وَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهَا مُجْزِيَةٌ وَأَجَابَ بِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي مَحِلِّهَا لَا تَتَغَيَّرُ بِالْعَزِيمَةِ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُولَيَيْنِ فَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ لَا يُجْزِيهِ (انْتَهَى)

مَعَ أَنَّهُ تَحْرُمُ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهَا فِي الصَّلَاةِ. وَأَمَّا الضَّمَانُ؛ فَهَلْ يَتَرَتَّبُ فِي شَيْءٍ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ؟ 131 - فَقَالُوا فِي الْمُحْرِمِ: إذَا لَبِسَ ثَوْبًا ثُمَّ نَزَعَهُ وَمِنْ قَصْدِهِ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ لَا يَتَعَدَّدُ الْجَزَاءُ، وَإِنْ قَصَدَ أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ تَعَدَّدَ الْجَزَاءُ بِلُبْسِهِ. وَقَالُوا فِي الْمُودَعِ إذَا لَبِسَ ثَوْبَ الْوَدِيعَةِ ثُمَّ نَزَعَهُ وَفِي نِيَّتِهِ أَنْ يَعُودَ إلَى لُبْسِهِ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الضَّمَانِ. وَأَمَّا التُّرُوكُ؛ كَتَرْكِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَذَكَرُوهُ فِي الْأُصُولِ فِي بَحْثِ، مَا تُتْرَكُ بِهِ الْحَقِيقَةُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ تَحْرُمُ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهَا فِي الصَّلَاةِ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِهَذَا الْكَلَامِ إبْدَاءُ الْإِشْكَالِ عَلَى عَدَمِ حُرْمَةِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ إذَا قَصَدَ بِهَا الذِّكْرَ؛ وَفِيهِ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِالصَّلَاةِ مُطْلَقَ الصَّلَاةِ الشَّامِلَةِ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَمُسَلَّمٌ لِتَصْرِيحِهِمْ، بَلْ تَصْرِيحُهُ بِعَدَمِ حُرْمَتِهَا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إنْ قَصَدَ بِهَا الذِّكْرَ وَإِنْ أَرَادَ بِالصَّلَاةِ ذَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَمُسَلَّمٌ أَيْضًا لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُقْتَدِيَ مَمْنُوعٌ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي ذَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ خَلْفَ الْإِمَامِ، سَوَاءٌ قَصَدَ الذِّكْرَ أَوْ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ لِمَطْلُوبِيَّةِ الْإِنْصَاتِ فِيهَا بِخِلَافِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، فَلِأَنَّهَا مَحِلُّ الدُّعَاءِ وَلَيْسَتْ مَحِلًّا لِلْقِرَاءَةِ. وَإِنْ جَازَتْ الْقِرَاءَةُ فِيهَا خَلْفَ الْإِمَامِ بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: مَنْ قَرَأَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، إنْ قَرَأَهَا بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ قَرَأَهَا بِنِيَّةِ الْقِرَاءَةِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ مَحِلُّ الدُّعَاءِ وَلَيْسَ بِمَحِلِّ الْقِرَاءَةِ (انْتَهَى) . وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ سَقَطَ مَا قِيلَ إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ الصَّلَاةَ مُطْلَقًا فَمَمْنُوعٌ بِدَلِيلِ نَقْلِهِ عَدَمَ حُرْمَتِهَا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَإِنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ ذَاتَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَمْ يَتِمَّ الْإِشْكَالُ (انْتَهَى) (131) قَوْلُهُ: فَقَالُوا فِي الْمُحْرِمِ إذَا لَبِسَ ثَوْبًا إلَخْ. أَقُولُ هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُكَفِّرْ لِلْأَوَّلِ وَقَالَ فِي النَّهْرِ: أَوْ نَزَعَ الثَّوْبَ لَيْلًا وَعَاوَدَ لُبْسَهُ نَهَارًا أَوْ عَكْسَهُ، تَجِبُ شَاةٌ إلَّا أَنْ يَعْزِمَ عَلَى التَّرْكِ عِنْدَ الْخَلْعِ، فَإِنْ عَزَمَ ثُمَّ لَبِسَ تَعَدَّدَ الْجَزَاءُ إنْ كَفَّرَ لِلْأَوَّلِ اتِّفَاقًا

عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» فَذَكَرُوهُ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ؛ 133 - وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَرْكَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لِلْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ النَّهْيِ، 134 - وَأَمَّا لِحُصُولِ الثَّوَابِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِلَّا فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ (انْتَهَى) . وَفِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَوْ كَانَ يَنْزِعُهُ لَيْلًا وَيُعَاوِدُهُ نَهَارًا أَوْ عَكْسَهُ يَلْزَمُهُ دَمٌ وَاحِدٌ، مَا لَمْ يَعْزِمْ عَلَى التَّرْكِ عِنْدَ النَّزْعِ، فَإِنْ عَزَمَ عَلَيْهِ ثُمَّ لَبِسَ تَعَدَّدَ الْجَزَاءُ كَفَّرَ لِلْأَوَّلِ أَمْ لَا وَفِي الثَّانِي خِلَافٌ لِمُحَمَّدٍ (132) قَوْلُهُ: عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» حَيْثُ قَالُوا الْمُرَادُ بِالْأَعْمَالِ مَا يَشْتَمِلُ عَمَلَ الْقَلْبِ فَيَدْخُلُ فِيهِ كَفُّ النَّفْسِ فِي النَّهْيِ فَإِنَّهُ عَمَلٌ، لَكِنَّ اعْتِبَارَ النِّيَّةِ فِي التُّرُوكِ إنَّمَا هُوَ لِحُصُولِ الثَّوَابِ لَا لِلْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ النَّهْيِ، لِأَنَّ مَنَاطَ الْوَعِيدِ بِالْعِقَابِ فِي النَّهْي هُوَ فِعْلُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، فَمُجَرَّدُ تَرْكِهِ كَافٍ فِي انْتِفَاءِ الْوَعِيدِ. وَمَنَاطُ الثَّوَابِ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ كَفُّ النَّفْسِ عَنْهُ وَهُوَ عَمَلٌ مُنْدَرِجٌ فِي الْحَدِيثِ. وَعَلَى هَذَا فَفَرْقُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَيْنَ الْوُضُوءِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ، بِأَنَّ الْوُضُوءَ فِعْلٌ فَيَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ، وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ مِنْ بَابِ التُّرُوكِ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ، كَتَرْكِ الزِّنَا ضَعِيفٌ. فَإِنَّ التَّكْلِيفَ أَبَدًا لَا يَقَعُ إلَّا بِالْفِعْلِ الَّذِي هُوَ مَقْدُورُ الْمُكَلَّفِ لَا لِعَدَمِ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مَقْدُورِ وُجُودِهِ قَبْلَ التَّكْلِيفِ كَمَا عُرِفَ فِي مُقْتَضَى النَّهْيِ أَنَّهُ كَفُّ النَّفْسِ عَنْ الْفِعْلِ لَا عَدَمِ الْفِعْلِ فَلِهَذَا لَا يُثَابُ الْمُكَلَّفُ عَلَى التُّرُوكِ إلَّا إذَا تَرَكَ قَاصِدًا، فَلَا يُثَابُ عَلَى تَرْكِ الزِّنَا إلَّا إذَا كَفَّ نَفْسَهُ عَنْهُ قَصْدًا أَمَّا إذَا اشْتَغَلَ عَنْهُ بِالنَّوْمِ وَالْعِبَادَةِ وَتَرَكَهُ بِلَا قَصْدٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ الْمُوجِبَيْنِ لِلثَّوَابِ وَالْعِقَابِ. (133) قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَرْكَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ إلَخْ. لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ بِهِ فِي النَّهْيِ الْكَفُّ أَيْ الِانْتِهَاءُ، وَالتَّرْكُ مِنْ حَيْثُ هُوَ هُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفِعْلٍ وَالتَّكْلِيفُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الَّذِي تَتَنَاوَلُهُ الْقُدْرَةُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا بِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ فِي الْخُرُوجِ عَنْ الْعُهْدَةِ. (134) قَوْلُهُ: وَأَمَّا لِحُصُولِ الثَّوَابِ يَعْنِي فَيَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ؛ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ

فَإِنْ كَانَ كَفًّا، وَهُوَ أَنْ تَدْعُوَهُ النَّفْسُ إلَيْهِ قَادِرًا عَلَى فِعْلِهِ فَيَكُفَّ نَفْسَهُ عَنْهُ خَوْفًا مِنْ رَبِّهِ فَهُوَ مُثَابٌ، 136 - وَإِلَّا فَلَا ثَوَابَ عَلَى تَرْكِهِ، فَلَا يُثَابُ عَلَى تَرْكِ الزِّنَا وَهُوَ يُصَلِّي، 137 - وَلَا يُثَابُ الْعِنِّينُ عَلَى تَرْكِ الزِّنَا، وَلَا الْأَعْمَى عَلَى تَرْكِ النَّظَرَ إلَى الْمُحَرَّمِ. وَعَلَى هَذَا قَالُوا فِي الزَّكَاةِ: لَوْ نَوَى مَا لِلتِّجَارَةِ أَنْ يَكُونَ لِلْخِدْمَةِ كَانَ لِلْخِدْمَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، وَهُوَ مَا إذَا نَوَى فِيمَا كَانَ لِلْخِدْمَةِ أَنْ يَكُونَ لِلتِّجَارَةِ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQجَوَابُ أَمَّا مَحْذُوفًا لِدَلَالَةِ سِيَاقِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ (135) قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ كَفًّا: أَقُولُ حَيْثُ أَوَّلَ التَّرْكَ بِالْكَفِّ فَالثَّوَابُ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ إلَّا عَلَى الْفِعْلِ؛ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْكَفَّ فِعْلُ النَّفْسِ فَإِنَّ الْفِعْلَ كَمَا يُنْسَبُ إلَى الْجَوَارِحِ يُنْسَبُ إلَى النَّفْسِ، وَحِينَئِذٍ فَالتَّرْكُ مِنْ حَيْثُ هُوَ هُوَ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مُثَابًا عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْكَفَّ فِعْلٌ بَلْ هُوَ تَرْكُهُ وَتَرْكُهُ غَيْرُهُ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ فِعْلٌ لِلنَّفْسِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان: 30] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ أَبِي حُذَيْفَةَ النَّسَوَائِيِّ «أَيُّ الْأَعْمَالِ خَيْرٌ؟ فَسَكَتُوا فَقَالَ: حِفْظُ اللِّسَانِ» . (136) قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا ثَوَابَ عَلَى تَرْكِ الزِّنَا إلَخْ. تَحْقِيقُهُ كَمَا فِي فُصُولِ الْبَدَائِعِ لِلشَّمْسِ الْفَنَارِيِّ: إنَّ التَّرْكَ بِمَعْنَى عَدَمِ الْفِعْلِ لَا يَصِحُّ طَلَبُهُ، إمَّا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ وَإِمَّا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَطْلُوبًا لَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الثَّوَابُ، فَيَكُونَ كُلُّ مُكَلَّفٍ مُثَابًا بِاعْتِبَارِ عَدَمِ فِعْلِ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا تُحْصَى. وَلَا قَائِلَ بِهِ وَالْمَطْلُوبُ الْفِعْلِ كَفًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (137) قَوْلُهُ: وَلَا يُثَابُ الْعِنِّينُ عَلَى تَرْكِ الزِّنَا إلَخْ. قِيلَ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْعُنَّةَ لَا تُنَافِي حُصُولَ الشَّهْوَةِ فَإِذَا اشْتَهَرَ الْمُبَاشَرَةُ وَلَوْ بِلَا إيلَاجٍ فَلِمَ لَا يُثَابُ عَلَى التَّرْكِ وَالْكَفِّ فَتَأَمَّلْ وَقِيلَ عَلَيْهِ أَيْضًا قَالَ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى: وَذُكِرَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْكَلَامِ أَنَّ تَوْبَةَ الْيَائِسِ هَلْ تُعْتَبَرُ؟ اُخْتُلِفَ فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُعْتَبَرُ، حَتَّى إنَّ مَنْ تَابَ عَنْ شَيْءٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ،

[القاعدة الثانية الأمور بمقاصدها]

يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ حَتَّى يَعْمَلَ لِأَنَّ التِّجَارَةَ عَمَلٌ، فَلَا تَتِمُّ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وَالْخِدْمَةُ تَرْكُ التِّجَارَةِ فَتَتِمُّ بِهَا. . قَالُوا وَنَظِيرُهُ الْمُقِيمُ وَالصَّائِمُ وَالْكَافِرُ وَالْمَعْلُوفَةُ وَالسَّائِمَةُ. 138 - حَيْثُ لَا يَكُونُ مُسَافِرًا وَلَا مُفْطِرًا وَلَا مُسْلِمًا وَلَا سَائِمَةً بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وَيَكُونُ مُقِيمًا 139 - وَصَائِمًا وَكَافِرًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ لِأَنَّهَا تَرْكُ الْعَمَلِ، 140 - كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ، 141 - وَمِنْ هُنَا وَمِمَّا قَدَّمْنَاهُ يَعْنِي فِي الْمُبَاحَاتِ، وَمِمَّا سَنَذْكُرُهُ عَنْ الْمَشَايِخِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQكَالْمَجْبُوبِ يَتُوبُ عَنْ الزِّنَا فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهَا. قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ: مَا خَطَرَ بِبَالِهِ فِعْلُ الزِّنَا وَهُنَا خَطَرَ بِبَالِهِ وَتَابَ عَنْهُ (انْتَهَى) . وَأَقُولُ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ خَطَرَ بِبَالِهِ أَيْ مُصَمَّمًا عَلَى فِعْلِهِ لَا مُجَرَّدِ الْخُطُورِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَتُوبَ مِنْهُ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَبُولِ التَّوْبَةِ حُصُولُ الثَّوَابِ. (138) قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا يَكُونُ مُسَافِرًا وَلَا مُفْطِرًا وَلَا مُسْلِمًا وَلَا سَائِمَةً يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَلَا عَلُوفَةً تَتْمِيمًا لِلتَّقَابُلِ (139) قَوْلُهُ: وَصَائِمًا أَيْ مَعَ تَحَقُّقِ الشُّرُوعِ إذْ نَوَى الصَّوْمَ لَيْلًا لَمْ يَصِرْ صَائِمًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ قَبْلَ الْفَجْرِ. (140) قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ. قِيلَ يُشَكَّلُ عَلَى هَذَا مَا فِي النِّهَايَةِ مَعْزَيَا لِلذَّخِيرَةِ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مُدْمِنِ الْخَمْرِ. ثُمَّ قَالَ بِشَرْطِ الْإِدْمَانِ فِي الشُّرْبِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْإِدْمَانَ فِي النِّيَّةِ يَعْنِي يَشْرَبُ وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يَشْرَبَ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا وَجَدَهُ (انْتَهَى) . اعْتَبَرَ كَوْنَهُ مُدْمِنًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَالْإِدْمَانُ فِعْلٌ وَهُوَ لَا يَتِمُّ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ. لَكِنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْإِدْمَانَ بِالنِّيَّةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ أَيْضًا فِي شُرْبِ الْخَمْرِ لِأَنَّ شُرْبَ قَطْرَةٍ مِنْهُ كَبِيرَةٌ وَهِيَ مُسْقِطَةٌ لِلْعَدَالَةِ مِنْ غَيْرِ إصْرَارٍ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمَشَايِخُ الْإِدْمَانَ لِيَظْهَرَ شُرْبُهُ عِنْدَ الْقَاضِي [الْقَاعِدَة الثَّانِيَةُ الْأُمُورُ بِمَقَاصِدِهَا] (141) قَوْلُهُ: وَمِنْ هُنَا إلَخْ. وَهُوَ أَنَّ مَا لِلتِّجَارَةِ إذَا نَوَى أَنْ يَكُونَ لِلْخِدْمَةِ

صَحَّ لَنَا وَضْعُ قَاعِدَةٍ لِلْفِقْهِ. هِيَ الثَّانِيَةُ: الْأُمُورُ بِمَقَاصِدِهَا 143 - كَمَا عَلِمْت فِي التُّرُوكِ. وَذَكَرَ قَاضِي خَانَ فِي فَتَاوَاهُ 144 - إنَّ بَيْعَ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا إنْ قَصَدَ بِهِ التِّجَارَةَ فَلَا يَحْرُمُ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ لِأَجْلِ التَّخْمِيرِ حَرُمَ وَكَذَا غَرْسُ الْكَرْمِ عَلَى هَذَا (انْتَهَى) . وَعَلَى هَذَا عَصِيرُ الْعِنَبِ بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ أَوْ الْخَمْرِيَّةِ وَالْهَجْرُ فَوْقَ ثَلَاثٍ دَائِرٌ مَعَ الْقَصْدِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ لِلْخِدْمَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ بِخِلَافِ عَكْسِهِ. وَقَوْلُهُ وَمَا قَدَّمْنَاهُ يَعْنِي فِي الْمُبَاحَاتِ وَهُوَ أَنَّ الْمُبَاحَ يَخْتَلِفُ صِفَةً بِاعْتِبَارِ مَا قُصِدَ لِأَجْلِهِ. وَقَوْلُهُ وَمِمَّا سَنَذْكُرُهُ عَنْ الْمَشَايِخِ مِنْ بَيْعِ الْعَصِيرِ وَمِنْ الْهَجْرِ فَوْقَ ثَلَاثٍ. (142) قَوْلُهُ: صَحَّ لَنَا وَضْعُ قَاعِدَةٍ لِلْفِقْهِ إلَخْ. ظَاهِرُهُ أَنَّهُ اسْتَخْرَجَ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ مِنْ كَلَامِهِمْ وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مُصَرَّحٌ بِهَا. (143) قَوْلُهُ: كَمَا عَلِمْت فِي التُّرُوكِ مِنْ أَنَّ التَّرْكَ إنْ كَانَ كَفًّا كَانَ مُثَابًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا (144) قَوْلُهُ: إنَّ بَيْعَ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا إلَخْ. فُسِّرَ فِي مُشْكِلَاتِ الْقُدُورِيِّ مَنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا بِالْمَجُوسِيِّ لَا الْمُسْلِمِ. أَمَّا بَيْعُهُ مِنْ الْمُسْلِمِ فَيُكْرَهُ؛ يَعْنِي لِأَنَّ الْمَجُوسَ يَسْتَحِلُّونَ ذَلِكَ وَيَجُوزُ لَنَا أَنْ نَدَعْهُمْ يَتَّخِذُونَ الْخَمْرَ وَيُشْرِبُونَهَا أَمَّا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ فَفِيهِ إعَانَةٌ عَلَى الْفِسْقِ وَالْمَعْصِيَةِ فَيُكْرَهُ. وَفِي فُصُولِ الْعَلَائِيِّ: وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ كَرْمٍ وَعِنَبٍ وَعَصِيرٍ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا بَاعَهُ مِنْ ذِمِّيٍّ بِثَمَنٍ لَا يَشْتَرِيهِ الْمُسْلِمُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَإِنْ ابْتَاعَهُ الْمُسْلِمُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ يُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (انْتَهَى) . وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ (انْتَهَى) . وَفِي السِّرَاجِ لَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ مِنْ الْمَجُوسِ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا تُقَامُ بِعَيْنِ الْعَصِيرِ، بَلْ بَعْدَ تَغَيُّرِهِ (انْتَهَى) وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَا بَأْسَ أَنَّ تَرْكَهُ أَوْلَى لِأَنَّ لَفْظَةَ لَا بَأْسَ تَكُونُ لِمَا تَرْكُهُ أَوْلَى غَالِبًا، فَإِنْ قُلْت قَدْ جَوَّزُوا بَيْعَ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا وَلَمْ يُجَوِّزُوا بَيْعَ الْأَمْرَدِ مِمَّنْ يَلُوطُ بِهِ. فَمَا الْفَرْقُ؟ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الْمَعْصِيَةَ فِي الْأَمْرَدِ تَقُومُ بِعَيْنِهِ بِخِلَافِ الْعَصِيرِ فَإِنَّهُ حَلَالٌ

فَإِنْ قَصَدَ هَجْرَ الْمُسْلِمِ 146 - حَرُمَ وَإِلَّا لَا 147 - وَالْإِحْدَادُ لِلْمَرْأَةِ عَلَى مَيِّتٍ غَيْرِ زَوْجِهَا فَوْقَ ثَلَاثٍ دَائِرٌ مَعَ الْقَصْدِ، فَإِنْ قَصَدَتْ تَرْكَ الزِّينَةِ وَالتَّطَيُّبِ لِأَجْلِ الْمَيِّتِ حَرُمَ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا. وَكَذَا قَوْلُهُمْ إنَّ الْمُصَلِّيَ 148 - إذَا قَرَأَ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ جَوَابًا لِكَلَامٍ بَطُلَتْ صَلَاتُهُ. وَكَذَا إذَا أُخْبِرَ الْمُصَلِّي بِمَا يَسُرُّهُ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ قَاصِدًا الشُّكْرَ بَطُلَتْ، أَوْ بِمَا يَسُوءُهُ فَقَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، أَوْ بِمَوْتِ إنْسَانٍ فَقَالَ: إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ، قَاصِدًا لَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَكَذَا قَوْلُهُمْ بِكُفْرِهِ إذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي مَعْرِضِ كَلَامٍ النَّاسِ، كَمَا إذَا اجْتَمَعُوا فَقَرَأَ {فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا} [الكهف: 99] ، وَكَذَا إذَا قَرَأَ {وَكَأْسًا دِهَاقًا} [النبأ: 34] عِنْدَ رُؤْيَةِ كَأْسٍ. وَلَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي أَلْفَاظِ التَّكْفِيرِ، كُلُّهَا تَرْجِعُ إلَى قَصْدِ الِاسْتِخْفَافِ بِهِ. وَقَالَ قَاضِي خَانْ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ هَجْرَ الْمُسْلِمِ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ مُوجِبٍ شَرْعِيٍّ لِلْهَجْرِ. (146) قَوْلُهُ: حَرُمَ وَإِلَّا لَا. أَيْ بِأَنْ كَانَ الْهَجْرُ لِمُوجِبٍ شَرْعِيٍّ لَا يَحْرُمُ. هَذَا هُوَ الْمُرَادُ. وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ قَاصِرَةً عَنْ إفَادَتِهِ (147) قَوْلُهُ: وَالْإِحْدَادُ لِلْمَرْأَةِ عَلَى مَيِّتٍ غَيْرِ زَوْجِهَا. الْإِحْدَادُ مَصْدَرُ أَحَدَّتْ الْمَرْأَةُ أَيْ امْتَنَعَتْ عَنْ الزِّينَةِ وَالْخِضَابِ (148) قَوْلُهُ: إذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي مَعْرِضِ كَلَامِ النَّاسِ إلَخْ. ذُكِرَ فِي الْقَامُوسِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الزُّهْرِيِّ لَا تُنَاظِرُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَلَا بِكَلَامِ رَسُولِهِ لَا تَجْعَلُوا شَيْئًا نَظِيرًا لَهُمَا، مَعْنَاهُ لَا تَجْعَلُوهُمَا مِثْلًا لِشَيْءٍ يُعْرِضُهُ بِهِ. كَقَوْلِ الْقَائِلِ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى لِمُسَمًّى بِمُوسَى جَاءَ فِي وَقْتٍ مَطْلُوبٍ

الْفُقَّاعِيُّ إذَا قَالَ عِنْدَ فَتْحِ الْفُقَّاعِ لِلْمُشْتَرِي: صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ: قَالُوا يَكُونُ آثِمًا، وَكَذَا الْحَارِسُ إذَا قَالَ فِي الْحِرَاسَةِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ يَعْنِي لِأَجْلِ الْإِعْلَامِ، بِأَنَّهُ مُسْتَيْقِظٌ بِخِلَافِ الْعَالِمِ إذَا قَالَ فِي الْمَجْلِسِ: صَلَّوْا عَلَى النَّبِيِّ. فَإِنَّهُ يُثَابُ عَلَى ذَلِكَ 150 - وَكَذَا الْقَارِئُ إذَا قَالَ: كَبَّرُوا يُثَابُ. 151 - لِأَنَّ الْحَارِسَ وَالْفُقَّاعِيَّ يَأْخُذَانِ بِذَلِكَ أَجْرًا. رَجُلٌ جَاءَ إلَى بَزَّازٍ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُ ثَوْبًا فَلَمَّا فَتَحَ الْمَتَاعَ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَوْ قَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ. إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ إعْلَامَ الْمُشْتَرِي جَوْدَةَ ثِيَابِهِ وَمَتَاعِهِ كُرِهَ (انْتَهَى) وَفِيهَا أَيْضًا إذَا قَالَ الْمُسْلِمُ لِلذِّمِّيِّ: أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَك. قَالُوا إنْ نَوَى بِقَلْبِهِ أَنْ يُطِيلَ بَقَاءَهُ. 152 - لَعَلَّهُ أَنْ يُسْلِمَ أَوْ يُؤَدِّيَ الْجِزْيَةَ عَنْ ذُلٍّ وَصَغَارٍ لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْفُقَّاعِيُّ. نِسْبَةٌ إلَى بَيْعِ الْفُقَّاعِ وَهُوَ شَرَابٌ يُتَّخَذُ مِنْ الشَّعِيرِ سُمِّيَ فُقَّاعًا لِمَا يَعْلُوهُ مِنْ الزَّبَدِ. كَذَا فِي شَمْسِ الْعُلُومِ. وَمِثْلُ الْفُقَّاعِيِّ الطَّرْقِيُّ يَأْثَمُ وَلَا يُؤْجَرُ بِهِ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ (150) قَوْلُهُ: وَكَذَا الْقَارِئُ بِالْقَافِ وَالرَّاءِ؛ وَفِي نُسْخَةٍ الْغَازِي بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالزَّاءِ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِمَا فِي الْمُجْتَبَى بَعْدَ كَلَامٍ وَالْغَازِي أَمَرَ بِالتَّكْبِيرِ حَيْثُ بَارَزَ لَا يُكْرَهُ انْتَهَى. (151) قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَارِسَ وَالْفُقَّاعِيَّ يَأْخُذَانِ بِذَلِكَ أَجْرًا. أَقُولُ هَذَا التَّعْلِيلُ عَلِيلٌ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفُقَّاعِيِّ فَلِأَنَّ عِلَّةَ الْإِثْمِ فِيهِ لَيْسَتْ أَخْذَ الْأَجْرِ، بَلْ إعْلَامَهُ جَوْدَةَ الْفُقَّاعِ بِالصَّلَاةِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَارِسِ فَلِأَنَّ عِلَّةَ الْإِثْمِ فِيهِ لَيْسَتْ أَخْذَ الْأَجْرِ بَلْ إعْلَامَهُ بِالذِّكْرِ أَنَّهُ مُسْتَيْقِظٌ كَمَا اعْتَرَفَ هُوَ بِهِ (152) قَوْلُهُ: لَعَلَّهُ أَنْ يُسْلِمَ أَوْ يُؤَدِّيَ الْجِزْيَةَ، أَيْ أَوْ لَعَلَّهُ أَنْ يُؤَدِّيَ الْجِزْيَةَ وَفِيهِ أَنَّ أَدَاءَ الْجِزْيَةِ حَيْثُ كَانَ ذِمِّيًّا أَمْرٌ مُتَحَقِّقٌ لَا مَرْجُوٌّ

هَذَا دُعَاءٌ لَهُ إلَى الْإِسْلَامِ أَوْ لِمَنْفَعَةِ الْمُسْلِمِينَ. ثُمَّ قَالَ (انْتَهَى) . 153 - رَجُلٌ أَمْسَكَ الْمُصْحَفَ فِي بَيْتِهِ وَلَا يَقْرَأُ قَالُوا إنْ نَوَى بِهِ الْخَيْرَ وَالْبَرَكَةَ لَا يَأْثَمُ وَيُرْجَى لَهُ الثَّوَابُ. ثُمَّ قَالَ: رَجُلٌ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي مَجْلِسِ الْفِسْقِ قَالُوا إنْ نَوَى أَنَّ الْفَسَقَةَ يَشْتَغِلُونَ بِالْفِسْقِ وَأَنَا أَشْتَغِلُ بِالتَّسْبِيحِ فَهُوَ أَفْضَلُ وَأَحْسَنُ وَإِنْ سَبَّحَ فِي السُّوقِ نَاوِيًا أَنَّ النَّاسَ يَشْتَغِلُونَ بِأُمُورِ الدُّنْيَا، وَأَنَا أُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، 154 - فَهُوَ أَفْضَلُ وَأَحْسَنُ 155 - مِنْ أَنْ يُسَبِّحَ وَحْدَهُ فِي غَيْرِ السُّوقِ. وَإِنْ سَبَّحَ عَلَى وَجْهِ الِاعْتِبَارِ يُؤْجَرُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ سَبَّحَ عَلَى أَنَّ الْفَاسِقَ يَعْمَلُ الْفِسْقَ كَانَ آثِمًا. ثُمَّ قَالَ: 156 - إنْ سَجَدَ لِلسُّلْطَانِ فَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ التَّحِيَّةَ وَالتَّعْظِيمَ دُونَ الصَّلَاة لَا يَكْفُرُ. أَصْلُهُ أَمْرُ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: رَجُلٌ أَمْسَكَ الْمُصْحَفَ فِي بَيْتِهِ إلَخْ. هَلْ يَتَأَتَّى هَذَا فِي كُتُبِ الْعِلْمِ إذَا أَمْسَكَهَا لَمْ أَرَهُ. أَقُولُ الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهَا لَيْسَتْ كَالْمُصْحَفِ لِأَنَّ الْمُصْحَفَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَتَبَرَّكَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهِ بِخِلَافِ كُتُبِ الْعِلْمِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ يَتَبَرَّكَ بِهَا دُونَ قِرَاءَتِهَا وَعَلَى هَذَا فَيَحْرُمُ حَبْسُهَا خُصُوصًا إذَا كَانَتْ وَقْفًا. (154) قَوْلُهُ: فَهُوَ أَفْضَلُ وَأَحْسَنُ. أَيْ مِنْ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: رَجُلٌ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى فِي مَجْلِسِ الْفِسْقِ وَبِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ التَّسْبِيحِ، فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ يُسَبِّحَ اللَّهَ تَعَالَى وَحْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا (155) قَوْلُهُ: إنْ سَبَّحَ عَلَى أَنَّ الْفَاسِقَ يَعْمَلُ الْفِسْقَ أَيْ عَلَى قَصْدِ إعْلَامِ أَنَّ الْفَاسِقَ يَعْمَلُ الْفِسْقَ (156) قَوْلُهُ: إنْ سَجَدَ لِلسُّلْطَانِ إلَخْ. قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ

وَسُجُودُ إخْوَةِ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - 158 - وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى السُّجُودِ لِلْمَلِكِ بِالْقَتْلِ فَإِنْ أَمَرُوهُ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ 159 - فَالْأَفْضَلُ الصَّبْرُ، كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ وَإِنْ كَانَ لِلتَّحِيَّةِ فَالْأَفْضَلُ السُّجُودُ (انْتَهَى) 160 - وَقَالُوا: الْأَكْلُ فَوْقَ الشِّبَعِ حَرَامٌ بِقَصْدِ الشَّهْوَةِ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّقَوِّي عَلَى الصَّوْمِ أَوْ مُؤَاكَلَةَ الضَّيْفِ فَمُسْتَحَبٌّ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ إذَا قَبَّلَ أَحَدٌ بَيْن يَدَيْ السُّلْطَانِ الْأَرْض أَوْ انْحَنَى لَهُ أَوْ طَأْطَأَ رَأْسَهُ لَهُ لَا يُكَفَّرُ، لِأَنَّهُ يُرِيدُ تَعْظِيمَهُ لَا عِبَادَتَهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ إذَا سَجَدَ وَاحِدٌ لِهَؤُلَاءِ الْجَبَابِرَةِ فَهُوَ كَبِيرَةٌ مِنْ الْكَبَائِرِ. وَقِيلَ يُكَفَّرُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُكَفَّرَ مُطْلَقًا قَالَ أَكْثَرُهُمْ هُوَ عَلَى وُجُوهٍ إنْ أَرَادَ بِهِ الْعِبَادَةَ يَكْفُرُ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ التَّحِيَّةَ لَا يَكْفُرُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إرَادَةٌ كَفَرَ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. أَمَّا تَقْبِيلُ الْأَرْضِ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ السُّجُودِ إلَّا أَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ وَضْعِ الْخَدِّ وَالْجَبِينِ عَلَى الْأَرْضِ. (157) قَوْلُهُ: وَسُجُودُ إخْوَةِ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَعْنِي لِيُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. (158) قَوْلُهُ: وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى السُّجُودِ لِلْمَلِكِ إلَخْ. قِيلَ صُورَةُ السُّجُودِ فِيهِمَا وَاحِدَةٌ فَيَنْبَغِيَ أَنْ يَسْجُدَ وَيَنْوِيَ السُّجُودَ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا يَصْبِرُ عَلَى الْقَتْلِ. (159) قَوْلُهُ: فَالْأَفْضَلُ الصَّبْرُ. أَفْعَلُ هُنَا لَيْسَ عَلَى بَابِهِ بَلْ لِمَعْنَى فَاعِلٍ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الرَّضِيُّ فِي مِثْلِ هَذَا (160) قَوْلُهُ: وَقَالُوا الْأَكْلُ فَوْقَ الشِّبَعِ حَرَامٌ. فِي الْمُبْتَغَى نَقْلًا عَنْ الْمُجْتَبَى: الْأَكْلُ عَلَى مَرَاتِبَ: فَرْضٌ وَهُوَ قَدْرُ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْهَلَاكُ وَيُمْكِنُ الصَّلَاةُ مَعَهُ قَائِمًا وَمُبَاحٌ وَهُوَ قَدْرُ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْكِفَايَةِ إلَى شِبَعٍ وَحَرَامٌ، وَهُوَ الْأَكْلُ فَوْقَ الشِّبَعِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَكْلُ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ غَدًا، وَالثَّانِي الْأَكْلُ مَعَ الضَّيْفِ فَوْقُ الشِّبَعِ لِئَلَّا يُمْسِكَ الضَّيْفُ عَنْ الْأَكْلِ حَيَاءً، لِأَنَّ إسَاءَةَ الْقِرَى مَذْمُومَةٌ وَلِهَذَا مَنْ نَزَلَ ضَيْفًا عَلَى إنْسَانٍ فَلَمْ يُضِفْهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَظْهَرَ بِالشِّكَايَةِ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:

وَقَالُوا: الْكَافِرُ إذَا تَتَرَّسَ بِمُسْلِمٍ فَإِنْ رَمَاهُ مُسْلِمٌ فَإِنْ قَصَدَ قَتْلَ الْمُسْلِمِ حَرُمَ، وَإِنْ قَصَدَ قَتْلَ الْكَافِرِ لَا. وَلَوْلَا خَوْفُ الْإِطَالَةِ لَأَوْرَدْنَا فُرُوعًا كَثِيرَةً شَاهِدَةً لِمَا أَسَّسْنَاهُ مِنْ الْقَاعِدَةِ وَهِيَ الْأُمُورُ بِمَقَاصِدِهَا. وَقَالُوا فِي بَابِ اللُّقَطَةِ؛ إنْ أَخَذَهَا بِنِيَّةِ رَدِّهَا حَلَّ رَفْعُهَا وَإِنْ أَخَذَهَا بِنِيَّةِ نَفْسِهِ كَانَ غَاصِبًا آثِمًا وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ: إذَا تَوَسَّدَ الْكِتَابَ فَإِنْ قَصَدَ الْحِفْظَ لَا يُكْرَهُ وَإِلَّا كُرِهَ 162 - وَإِنْ غَرَسَ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنْ قَصَدَ الظِّلَّ لَا يُكْرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: 148] يَعْنِي مُنِعَ مِنْهُ حَقُّهُ فِي الْقِرَى. وَلَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ الرِّيَاضَةُ بِتَقْلِيلِ الْأَكْلِ حَتَّى يَضْعُفَ عَنْ أَدَاءِ الْعِبَادَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «نَفْسُك مَطِيَّتُك فَأَرْفِقْ بِهَا» وَمِنْ الرِّفْقِ أَنْ لَا يُؤْذِيَهَا وَلَا يُجِيعَهَا وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ» . فَإِنْ تَرَكُوا أَكْلَهُمْ وَشُرْبَهُمْ فَقَدْ عَصَوْا لِأَنَّ مَنْ امْتَنَعَ عَنْ أَكْلِ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ حَتَّى مَاتَ يَكُونُ عَاصِيًا فَمَا ظَنُّك بِمَنْ تَرَكَ الْحَلَالَ حَتَّى مَاتَ بِالْمَجَاعَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَشَى بَطْنُهُ أَوْ رَمِدَتْ عَيْنَاهُ فَلَمْ يُعَالِجْ حَتَّى مَاتَ (انْتَهَى) (قُلْت وَمِنْهُ يُعْلَمُ حُرْمَةُ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ جَهَلَةِ الصُّوفِيَّةِ مِنْ الرِّيَاضَةِ بِتَرْكِ الْأَكْلِ حَتَّى يَضْعُفَ عَنْ أَشْغَالِهِ وَعِبَادَتِهِ وَيَعْتَقِدُ أَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ) (161) قَوْلُهُ: وَقَالُوا الْكَافِرُ إذَا تَتَرَّسَ بِمُسْلِمٍ إلَخْ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ إذَا تَتَرَّسَ الْكُفَّارُ بِنَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يُسْأَلُ ذَلِكَ النَّبِيُّ أَنَرْمِي أَوْ لَا إنْ كَانَ قَالَ ارْمِ يَرْمِي وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى. وَفِيهِ تَأَمَّلْ (162) قَوْلُهُ: وَإِنْ غَرَسَ فِي الْمَسْجِدِ إلَخْ. قِيلَ إطْلَاقُ الْمَنْفَعَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَنْفَعَةُ نِزَازَةَ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْغَرْسُ لِهَذَا الْغَرَضِ الصَّحِيحِ. كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ (انْتَهَى) . وَقِيلَ عَلَيْهِ الْمُرَادُ بِالْمَنْفَعَةِ وَفِيهِ أَنَّهُ مَرْدُودٌ بِمَا فِي فَتَاوَى الْعَلَائِيِّ: إنْ غَرَسَ شَجَرًا فِي الْمَسْجِدِ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ ثَمَرَهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ وَرَقِهِ (انْتَهَى) . قِيلَ

[حقيقة النية]

163 - _ وَإِنْ قَصَدَ مَنْفَعَةً أُخْرَى يُكْرَهُ. وَكِتَابَةُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ كَانَ يُقْصَدُ الْعَلَامَةُ لَا يُكْرَهُ وَلِلتَّهَاوُنِ يُكْرَهُ وَالْجُلُوسُ عَلَى جَوَالِقَ فِيهِ مُصْحَفٌ، إنْ قَصَدَ الْحِفْظَ لَا يُكْرَهُ وَإِلَّا يُكْرَهُ [حَقِيقَة النِّيَّة] ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ يَشْمَلُهُمَا الْكَلَامُ عَلَى النِّيَّةِ. 164 - وَفِيهَا مَبَاحِثُ: 165 - الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ حَقِيقَتِهَا الثَّانِي فِي بَيَانِ مَا شُرِعَتْ لِأَجْلِهِ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ تَعْيِينِ الْمَنْوِيِّ وَعَدَمِ تَعْيِينِهِ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ التَّعَرُّضِ لِصِفَةِ الْمَنْوِيِّ مِنْ الْفَرْضِيَّةِ وَالنَّفْلِيَّةِ وَالْأَدَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَرَقِ وَالثَّمَرِ أَنَّ الْغَرْسَ لَمَّا كَانَ لَا يَجُوزُ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ تَكُونَ لِلْأَرْضِ نِزَازَةٌ أَوْ لِلِاسْتِظْلَالِ وَهُوَ لَا يَكُونُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ إلَّا بِالْوَرَقِ، بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ لَكِنَّ هَذَا الْفَرْقَ لَا يَتَأَتَّى فِيمَا إذَا كَانَ الْغَرْسُ، لِكَوْنِ الْأَرْضِ نَزَّازَةً إلَّا أَنْ يُقَالَ بِوُجُودِ الْأَوْرَاقِ عَلَى الْأَشْجَارِ يَكْثُرُ شُرْبَهَا لِلْمَاءِ النَّازِّ فَتَحْصُلُ الصَّلَابَةُ لِلْأَرْضِ. (163) قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَ مَنْفَعَةً أُخْرَى يُكْرَهُ. قِيلَ عَلَيْهِ: يَنْدَرِجُ فِيهِ مَا لَوْ غَرَسَهَا لِيَنْتَفِعَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ بِهَا أَوْ يَبِيعَ ثَمَرَهَا لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ وَفِيهِ نَظَرٌ (انْتَهَى) . أَقُولُ فِي النَّظَرِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: وَلِلتَّهَاوُنِ يُكْرَهُ. أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ بِالتَّهَاوُنِ بِاسْمِ اللَّهِ يَكْفُرُ. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ لَوْ كَرَّرَ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ آخَرُ أَهُوَ ابْنُ عَمِّك كَفَرَ. لِلِاسْتِهَانَةِ بِهِ فَمَنْ تَهَاوَنَ بِاَللَّهِ كَفَرَ وَكَذَا اسْتِخْفَافُهُ بِالْقُرْآنِ وَالْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُعَظَّمُ (انْتَهَى) . قَالَ فِي الصِّحَاحِ اسْتَهَانَ بِهِ وَتَهَاوَنَ بِهِ اسْتَخَفَّهُ وَأَهَانَهُ اسْتَخَفَّ بِهِ (164) قَوْلُهُ: وَفِيهَا مَبَاحِثُ أَيْ فِي النِّيَّةِ وَالْمَبَاحِثُ جَمْعُ مَبْحَثٍ مَوْضِعَ الْبَحْثِ وَهُوَ لُغَةً التَّفْتِيشُ وَاصْطِلَاحًا إثْبَاتُ الْمَحْمُولِ لِلْمَوْضُوعِ. (165) قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ حَقِيقَتِهَا. حَقِيقَةُ الشَّيْءِ مَا بِهِ الشَّيْءُ هُوَ هُوَ وَهِيَ أَخَصُّ مِنْ مَفْهُومِهِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الشَّيْءِ عِبَارَةٌ عَنْ ذَاتِيَّاتِهِ، وَالْمَفْهُومُ أَعَمُّ وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ اللَّفْظِ سَوَاءٌ كَانَ ذَاتِيًّا لَهُ أَوْ لَا.

وَالْقَضَاءِ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ الْإِخْلَاصِ فِيهَا السَّادِسُ فِي بَيَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ عِبَادَتَيْنِ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ السَّابِعُ فِي بَيَانِ وَقْتِهَا الثَّامِنُ فِي بَيَانِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ اسْتِمْرَارِهَا. وَفِيهِ حُكْمُهَا فِي كُلِّ رُكْنٍ مِنْ الْأَرْكَانِ التَّاسِعُ فِي مَحِلِّهَا الْعَاشِرُ فِي شُرُوطِهَا. أَمَّا الْأَوَّلُ 166 - فَهِيَ، فِي اللُّغَةِ، الْقَصْدُ. كَمَا فِي الْقَامُوسِ نَوَى الشَّيْءَ يَنْوِيهِ نِيَّةً 167 - مُشَدَّدَةٌ وَتُخَفَّفُ قَصَدَهُ. وَفِي الشَّرْعِ كَمَا فِي التَّلْوِيحِ قَصْدُ الطَّاعَةِ وَالتَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي إيجَادِ الْفِعْلِ. 168 - وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ النِّيَّةَ فِي التُّرُوكِ لِأَنَّهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ لَا يَتَقَرَّبُ بِهَا إلَّا إذَا صَارَ التَّرْكُ كَفًّا وَهُوَ فِعْلٌ وَهُوَ الْمُكَلَّفُ بِهِ فِي النَّهْي لَا التَّرْكِ بِمَعْنَى الْعَدَمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ دَاخِلًا تَحْتَ الْقُدْرَةِ لِلْعَبْدِ كَمَا فِي التَّحْرِيرِ وَعَرَّفَهَا الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيُّ بِأَنَّهَا شَرْعًا الْإِرَادَةُ الْمُتَوَجِّهَةُ نَحْوَ الْفِعْلِ ابْتِغَاءً لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى وَامْتِثَالًا لِحُكْمِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَهِيَ فِي اللُّغَةِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ نَوَى الشَّيْءَ إلَخْ أَقُولُ صَوَابُ الْعِبَارَةِ فَهِيَ فِي اللُّغَةِ الْقَصْدُ مِنْ نَوَى الشَّيْءَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (167) قَوْلُهُ: مُشَدَّدَةٌ وَتُخَفَّفُ عَلَيْهِ هَذَا تَخْفِيفٌ غَيْرُ قِيَاسِيٍّ لِأَنَّ نِيَّةَ أَصْلُهَا نِوْيَةٌ أُدْغِمَتْ الْوَاوُ فِي الْيَاءِ يَعْنِي بَعْدَ قَلْبِهَا يَاءٍ وَلَا يَجُوزُ نِيَةٌ عَلَى وَزْنِ عِدَّةٌ قِيَاسًا (انْتَهَى) . أَقُولُ مُرَادُ صَاحِبِ الْقَامُوسِ أَنَّهَا مُخَفَّفَةٌ فِيمَا سَمِعَ وَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ الْقِيَاسُ يَعْنِي بِالْحَذْفِ وَعَدَمِ الْقَلْبِ وَالْإِدْغَامِ. (168) قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ النِّيَّةَ فِي التُّرُوكِ. تَقْرِيرُ الْوُرُودِ أَنَّ التَّعْرِيفَ غَيْرُ جَامِعٍ لِأَنَّهُ لَا يَشْتَمِلُ التُّرُوكَ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ جَامِعٌ لِأَنَّ الْفِعْلَ يَعُمُّ فِعْلَ الْجَوَارِحِ وَالْقَلْبِ فَيَدْخُلُ الْكَفُّ

[ما شرعت لأجله النية]

وَلُغَةً انْبِعَاثُ الْقَلْبِ نَحْوَ مَا يَرَاهُ مُوَافِقًا لِغَرَضٍ مِنْ جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضَرٍّ حَالًا أَوْ مَآلًا الثَّانِي فِي بَيَانِ مَا شُرِعَتْ لِأَجْلِهِ قَالُوا الْمَقْصُودُ مِنْهَا تَمْيِيزُ الْعِبَادَاتِ مِنْ الْعَادَاتِ وَتَمْيِيزُ بَعْضِ الْعِبَادَاتِ عَنْ بَعْضٍ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ كَالْإِمْسَاكِ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ. 169 - قَدْ يَكُونُ حِمْيَةً أَوْ تَدَاوِيًا 170 - أَوْ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَالْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ قَدْ يَكُونُ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَقَدْ يَكُونُ قُرْبَةً. 171 - وَدَفْعُ الْمَالِ قَدْ يَكُونُ هِبَةً أَوْ لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ وَقَدْ يَكُونُ قُرْبَةً، زَكَاةً أَوْ صَدَقَةً وَالذَّبْحُ قَدْ يَكُونُ لِأَكْلٍ فَيَكُونُ مُبَاحًا 172 - أَوْ مَنْدُوبًا 173 - أَوْ لِلْأُضْحِيَّةِ فَيَكُونُ عِبَادَةً أَوْ لِقُدُومِ أَمِيرٍ فَيَكُونُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا شُرِعَتْ لِأَجْلِهِ النِّيَّة] قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ حِمْيَةً أَوْ تَدَاوِيًا. فِيهِ أَنَّ الْإِمْسَاكَ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ تَدَاوِيًا هُوَ الْحِمْيَةُ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «الْمَعِدَةُ بَيْتُ الدَّاءِ وَالْحِمْيَةُ رَأْسُ الدَّوَاءِ وَأَصْلُ كُلِّ دَاءٍ الْبَرَدَةُ» أَيْ إدْخَالُ الطَّعَامِ عَلَى الطَّعَامِ قَبْلَ هَضْمِهِ وَحِينَئِذٍ يَشْكُلُ عَطْفُ التَّدَاوِي عَلَى الْحِمْيَةِ بِأَوْ. (170) قَوْلُهُ: أَوْ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ. أَيْ الْمُفْطِرِ، فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْجَمْعِ بِاعْتِبَارِ وَاحِدِهِ. (171) قَوْلُهُ: وَدَفْعُ الْمَالِ: مُبْتَدَأٌ. أَقُولُ: لَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ مِنْ الْجُزَازَةِ وَحَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يُقَالَ: وَدَفْعُ الْمَالِ قَدْ يَكُونُ لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ هِبَةً أَوْ بَيْعًا، وَقَدْ يَكُونُ لِغَرَضٍ أُخْرَوِيٍّ زَكَاةً أَوْ صَدَقَةً. (172) قَوْلُهُ: أَوْ مَنْدُوبًا. كَالذَّبْحِ بِنِيَّةِ التَّصَدُّقِ عَلَى الْفُقَرَاءِ. (173) قَوْلُهُ: أَوْ لِلْأُضْحِيَّةِ فَيَكُونُ عِبَادَةً أَقُولُ: حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ فَيَكُونُ

حَرَامًا أَوْ كُفْرًا عَلَى قَوْلٍ ثُمَّ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى يَكُونُ بِالْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَالْوَاجِبِ. فَشُرِعَتْ لِتَمْيِيزِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ فَتَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ مَا لَا يَكُونُ عِبَادَةً أَوْ مَا لَا يَلْتَبِسُ بِغَيْرِهِ لَا تُشْتَرَطُ فِيهِ 175 - كَالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى - كَمَا قَدَّمْنَاهُ - وَالْمَعْرِفَةِ وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَالنِّيَّةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ 176 - وَالْأَذْكَارِ لِأَنَّهَا مُتَمَيِّزَةٌ لَا تَلْتَبِسُ بِغَيْرِهَا 177 - وَمَا عَدَا الْإِيمَانَ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا وَلَكِنَّهُ يُخَرَّجُ عَلَى الْإِيمَانِ الْمُصَرَّحِ بِهِ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ وَهْبَانَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ قَالَ إنَّ مَا لَا يَكُونُ إلَّا عِبَادَةً لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاجِبًا وَعِبَادَةً إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ عِبَادَةً أَنْ لَا يَكُونَ وَاجِبًا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ وَاجِبًا أَنْ يَكُونَ عِبَادَةً فَتَأَمَّلْ. (174) قَوْلُهُ: حَرَامًا أَوْ كُفْرًا. أَقُولُ: حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ أَوْ حَرَامًا أَوْ كُفْرًا، يَعْنِي بَعْدَ قَوْلِهِ حَرَامًا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، فَتَكُونُ الذَّبِيحَةُ مَيْتَةً كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَبْحَثِ الْخَامِسِ وَفِي ذَبَائِحِ الْفَنِّ الثَّانِي. (175) قَوْلُهُ: كَالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى. كَمَا قَدَّمْنَا. الَّذِي قَدَّمَهُ الْإِسْلَامُ لَا الْإِيمَانُ وَهُوَ غَيْرُهُ وَإِنْ كَانَا لَا يَفْتَرِقَانِ. (176) قَوْلُهُ: وَالْأَذْكَارِ. قِيلَ عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إلَى أَصْلِ الْوَضْعِ أَمَّا مَا حَدَثَ فِيهِ عُرْفًا كَالتَّسْبِيحِ لِلتَّعَجُّبِ فَلَا. كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هَلْ هِيَ مَوْضُوعَةٌ بِنَفْسِهَا لِلْعِبَادَةِ وَإِنَّمَا تَكُونُ عِبَادَةً بِالنِّيَّةِ. (177) قَوْلُهُ: وَمَا عَدَا الْإِيمَانَ، لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا. أَقُولُ: صَرَّحَ بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ السَّمَدِيسِيُّ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ يَجِبُ فِي الْقِرَاءَةِ إذَا كَانَتْ مَنْذُورَةً لِيَتَمَيَّزَ الْوَاجِبُ عَنْ غَيْرِهِ وَقِيَاسُهُ إنْ نَذَرَ الذِّكْرَ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَذَلِكَ نَعَمْ إنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ كُلَّمَا ذَكَرَ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ لِتُمَيِّزْهُ بِسَبَبِهِ.

[تعيين المنوي وعدمه]

وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ 179 - وَنَقَلَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ التِّلَاوَةَ وَالْأَذْكَارَ وَالْآذَانَ لَا تَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ تَعْيِينِ الْمَنْوِيِّ وَعَدَمِهِ، الْأَصْلُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمَنْوِيَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْعِبَادَاتِ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ عِبَادَةً فَإِنْ كَانَ وَقْتُهَا ظَرْفًا لِلْمُؤَدِّي بِمَعْنَى أَنَّهُ يَسَعَهُ وَغَيْرَهُ 180 - فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ 181 - كَالصَّلَاةِ كَأَنْ يَنْوِيَ الظُّهْرَ فَإِنْ قَرَنَهُ بِالْيَوْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ. قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: إنَّمَا لَمْ تَحْتَجْ النِّيَّةُ إلَى نِيَّةٍ لِأَنَّهَا مُنْصَرِفَةٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِصُورَتِهَا فَلَا جَرَمَ لَا تَفْتَقِرُ النِّيَّةُ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّهَا لَوْ افْتَقَرَتْ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى لَزِمَ التَّسَلْسُلُ، وَلِذَلِكَ يُثَابُ الْإِنْسَانُ عَلَى نِيَّةٍ مُنْفَرِدَةً وَلَا يُثَابُ عَلَى الْفِعْلِ مُنْفَرِدًا لِانْصِرَافِهَا بِصُورَتِهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالْفِعْلُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ مَا لِلَّهِ تَعَالَى وَمَا لِغَيْرِهِ. وَأَمَّا كَوْنُ الْإِنْسَانِ يُثَابُ عَلَى النِّيَّةِ حَسَنَةً وَعَلَى الْفِعْلِ عَشْرًا، إذَا نَوَى فَلِأَنَّ الْأَفْعَالَ هِيَ الْمَقَاصِدُ وَالنِّيَّاتُ وَسَائِلٌ. (179) قَوْلُهُ: وَنَقَلَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ الْإِجْمَاعَ إلَخْ. هَذَا يُخَالِفُ ظَاهِرَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْقَاعِدَةِ الْأُولَى مِنْ أَنَّ الْأَذَانَ تُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ لِتَحْصِيلِ الثَّوَابِ وَقَدْ نَبَّهْنَا عَلَى ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ [تَعْيِينِ الْمَنْوِيِّ وَعَدَمِهِ] (180) قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ. كَالصَّلَاةِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَدَلِيلُ اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» فَهَذَا ظَاهِرٌ فِي اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ فِي الْفَرَائِضِ لِتَسَاوِي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ صُورَةً وَفِعْلًا فَلَا يُمَيَّزُ بَيْنَهُمَا إلَّا بِالتَّعْيِينِ. (181) قَوْلُهُ: كَالصَّلَاةِ إلَخْ. تَمْثِيلٌ لِمَا وَقْتُهُ ظَرْفٌ لَهُ، وَقَوْلُهُ كَأَنْ يَنْوِيَ، تَصْوِيرٌ لِلتَّعْيِينِ وَفِي الْعِبَارَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ أَوْجَبَ الرَّكَاكَةَ وَكَانَ حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يُقَالَ: فَإِنْ كَانَ وَقْتُهَا ظَرْفًا لِلْمُؤَدِّي بِمَعْنَى أَنَّهُ يَسَعُهُ وَغَيْرَهُ كَالصَّلَاةِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ كَأَنْ يَنْوِيَ الظُّهْرَ مَثَلًا.

كَظُهْرِ الْيَوْمِ صَحَّ 183 - وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ 184 - أَوْ بِالْوَقْتِ وَلَمْ يَكُنْ خَرَجَ الْوَقْتُ. فَإِنْ خَرَجَ وَنَسِيَهُ لَا يُجْزِيهِ فِي الصَّحِيحِ وَفَرْضُ الْوَقْتِ كَظُهْرِ الْوَقْتِ 185 - إلَّا فِي الْجُمُعَةِ فَإِنَّهَا بَدَلٌ لَا أَصْلٌ 186 - إلَّا أَنْ يَكُونَ اعْتِقَادَهُ أَنَّهَا فَرْضُ الْوَقْتِ فَإِنْ نَوَى الظُّهْرَ لَا غَيْرَ اُخْتُلِفَ فِيهِ. وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ قَالُوا وَعَلَامَةُ التَّعْيِينِ لِلصَّلَاةِ أَنْ نَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ سُئِلَ أَيُّ صَلَاةٍ تُصَلِّي يُمْكِنُهُ أَنْ يُجِيبَ بِلَا تَأَمُّلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَظُهْرِ الْيَوْمِ. الْإِضَافَةُ لَامِيَّةٌ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ وَكَوْنُهَا عَلَى مَعْنَى فِي تَدْرِيسٌ لَا تَحْقِيقٌ كَمَا حَقَّقَهُ الرَّضِيُّ. (183) قَوْلُهُ: وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَاصَلَ بِمَا قَبْلَهُ. (184) قَوْلُهُ: أَوْ بِالْوَقْتِ. عَطْفٌ عَلَى (بِالْيَوْمِ) . (185) قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْجُمُعَةِ فَإِنَّهَا بَدَلٌ لِلْأَصْلِ إلَخْ. أَقُولُ فِيهِ: إنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْجُمُعَةَ فَرْضُ الْوَقْتِ وَلَيْسَتْ بَدَلًا كَمَا صَرَّحَ هُوَ بِهِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَحِينَئِذٍ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعْفِ. أَقُولُ: فِيهِ: إنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ حَيْثُ قَالَ: إنَّ الْجُمُعَةَ فَرْضُ ابْتِدَاءِ نِسْبَتِهَا النِّصْفُ مِنْ الظُّهْرِ وَإِنْ كَانَ فَرْضُ الْوَقْتِ هُوَ الظُّهْرُ عِنْدَنَا بِدَلَالَةِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنْ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ يُصَلِّي الظُّهْرَ قَضَاءً وَحِينَئِذٍ كَانَ الصَّوَابُ فِي تَعْلِيلِ عَدَمِ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ بِنِيَّةِ فَرْضِ الْوَقْتِ فِي الْجُمُعَةِ بِأَنَّ فَرْضَ الْوَقْتِ هُوَ الظُّهْرُ وَإِنْ كُنَّا مَأْمُورِينَ بِأَدَائِهِ بِالْجُمُعَةِ. (186) قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ اعْتِقَادَهُ أَنَّهَا فَرْضُ الْوَقْتِ يَعْنِي بِأَنْ كَانَ يَرَى رَأْيَ زُفَرَ إنَّ فَرْضَ الْوَقْتِ هُوَ الْجُمُعَةُ لَا الظُّهْرِ فَحِينَئِذٍ تَصِحُّ نِيَّةُ فَرْضِ الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ الْمَذْهَبُ أَنَّ فَرْضَ الْوَقْتِ هُوَ الظُّهْرُ. هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ وَفِيهِ شَيْءٌ فَتَدَبَّرْهُ

وَإِنْ كَانَ وَقْتُهَا مِعْيَارًا لَهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَتَّسِعُ غَيْرَهَا كَالصَّوْمِ فِي يَوْمِ رَمَضَانَ فَإِنَّ التَّعْيِينَ لَيْسَ بِشَرْطٍ إنْ كَانَ الصَّائِمُ صَحِيحًا مُقِيمًا فَيَصِحُّ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ وَنِيَّةِ النَّفْلِ وَوَاجِبٌ آخَرُ لِأَنَّ التَّعْيِينَ فِي الْمُتَعَيَّنِ لَغْوٌ وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ وُقُوعُهُ عَنْ رَمَضَانَ سَوَاءٌ نَوَى وَاجِبًا آخَرَ أَوْ نَفْلًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ وَقْتُهَا مِعْيَارًا. الْمُرَادُ مِنْ الْمِعْيَارِ الْمُثْبِتُ بِقَدْرِ الْفِعْلِ حَيْثُ يَطُولُ بِطُولِهِ وَيَقْصُرُ بِقِصَرِهِ، وَوَقْتُ الصَّوْمِ مِعْيَارٌ، لَا ظَرْفٌ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ كَذَا فِي الْبِنَايَةِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَالصَّحِيحُ وُقُوعُهُ عَنْ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ لَمَّا صَامَ الْتَحَقَ بِالصَّحِيحِ؛ وَاخْتَارَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمَعِ؛ وَقِيلَ: يَقَعُ عَمَّا نَوَى كَالْمُسَافِرِ؛ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ. وَقِيلَ: إنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَمِنْ ثَمَّ اعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ وَقِيلَ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ أَنْ يَضُرَّهُ الصَّوْمُ فَيَتَعَلَّقُ بِخَوْفِ الزِّيَادَةِ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَضُرَّهُ الصَّوْمُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَرَضَ عَلَى قِسْمَيْنِ: مَا لَا يَضُرُّهُ الصَّوْمُ. مَعَهُ كَالْأَمْرَاضِ الرُّطُوبِيَّةِ وَفَسَادِ الْهَضْمِ بَلْ يُفِيدُهُ فَلَا رُخْصَةَ فِيهِ، وَمَا يَضُرُّهُ كَالْحُمَّيَاتِ الْمُطْبِقَةِ وَوَجَعِ الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ فَفِيهَا الرُّخْصَةُ. وَأَمَّا بِالْعَجْزِ عَنْ الصَّوْمِ أَوْ خَوْفِ الِازْدِيَادِ، فَفِي صُورَةِ خَوْفِ الِازْدِيَادِ لَوْ صَامَ فَهُوَ كَالْمُسَافِرِ وَفِي صُورَةِ الْعَجْزِ فَكَالصَّحِيحِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْغَابِيّ عَلَى الْمُغْنِي، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا إذَا أَطْلَقَ النِّيَّةَ عَنْ صِفَةِ النَّفْلِ، وَالْوَاجِبُ لِوُقُوعِ الْخِلَافِ فِيهَا بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ وَفَهْمُهُمَا مِنْ اللَّتَيْنِ فِي النَّفْلِ، فَمَنْ قَالَ بِوُقُوعِهَا عَنْ النَّفْلِ قَالَ بِعَدَمِ وُقُوعِهَا عَنْ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ لَمَّا صَارَ رَمَضَانُ فِي حَقِّهِ بِمَنْزِلَةِ شَعْبَانَ حَتَّى قِيلَ سَائِرُ أَنْوَاعِ الصَّوْمِ، فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ لِيَنْصَرِفَ صَوْمُهُ إلَيْهِ، وَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ بِوُقُوعِ النَّفْلِ عَنْ رَمَضَانَ فَلَا أَشُكُّ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ مَعَ أَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ الْفَرْضَ، فَبِالنِّيَّةِ الْمُطْلَقَةِ الَّتِي تَحْتَمِلُهُ أَوْلَى أَنْ يَقَعَ عَنْ الْفَرْضِ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ إطْلَاقَ النِّيَّةِ بِوُقُوعِ صَوْمِهِ عَنْ رَمَضَانَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ.

وَأَمَّا الْمُسَافِرُ فَإِنْ نَوَى عَنْ وَاجِبٍ آخَرَ وَقَعَ عَمَّا نَوَاهُ لَا عَنْ رَمَضَانَ. 189 - وَفِي النَّفْلِ رِوَايَتَانِ. وَالصَّحِيحُ وُقُوعُهُ عَنْ رَمَضَانَ وَإِنْ كَانَ وَقْتُهَا مُشْكِلًا كَوَقْتِ الْحَجِّ يُشْبِهُ الْمِعْيَارَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي السَّنَةِ إلَّا حَجَّةً وَاحِدَةً. وَالظَّرْفُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ أَفْعَالَهُ لَا تَسْتَغْرِقُ وَقْتَهُ فَيُصَابُ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ نَظَرًا إلَى الْمِعْيَارِيَّةِ. وَإِنْ نَوَى نَفْلًا وَقَعَ عَمَّا نَوَى نَظَرًا إلَى الظَّرْفِيَّةِ وَلَا يَسْقُطُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُسَافِرُ فَإِنْ نَوَى عَنْ وَاجِبٍ آخَرَ وَقَعَ عَمَّا نَوَاهُ. لِأَنَّ لَهُ أَنْ لَا يَصُومَ فَلَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى مَا نَوَى؛ وَقَالَ لَا يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ يُفَارِقُ الْمُقِيمَ فِي رُخْصَتِهِ التَّرْكُ فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ صَارَ كَالْمُقِيمِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ قِيلَ: الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ إذَا صَامَا رَمَضَانَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَيْلًا، عَلَى قَوْلِهِمَا. قَالَ الْقَاضِي خَانْ مَرِيضٌ أَوْ مُسَافِرٌ لَمْ يَنْوِ الصَّوْمَ مِنْ اللَّيْلِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ نَوَى بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُجْزِيهِ. وَبِهِ أَخَذَ الْحَسَنُ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (انْتَهَى) . أَقُولُ قَدْ نَبَّهَ فِي الْبَحْرِ عَلَى عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ، وَصَحَّ صَوْمُ رَمَضَانَ وَالنَّظَرُ الْمُعَيَّنُ بِالنِّيَّةِ مِنْ اللَّيْلِ إلَى مَا قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ، حَيْثُ قَالَ: فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ لِأَنَّهُ لَا تَفْصِيلَ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ الدَّلِيلِ. وَقَالَ: زُفَرُ لَا يَجُوزُ الصَّوْمُ لِلْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ إلَّا بِنِيَّةٍ مِنْ اللَّيْلِ لِأَنَّ الْأَدَاءَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِمَا فَصَارَ كَالْقَضَاءِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّغْلِيظِ؛ وَالْمُنَاسِبُ لَهُمَا التَّخْفِيفُ. وَفِي الْخَانِيَّةِ مَرِيضٌ أَوْ مُسَافِرٌ لَمْ يَنْوِ الصَّوْمَ مِنْ اللَّيْلِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ نَوَى بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ؟ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يُجْزِيهِمَا (انْتَهَى) . وَبِهِ أَخَذَ الْحَسَنُ قَالَ صَاحِبُ الْكَشْفِ الْكَبِيرِ: فَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا يُجْزِيهِمَا (انْتَهَى) . وَهَذِهِ الْإِشَارَةُ مَدْفُوعَةٌ بِصَرِيحِ الْمَنْقُولِ مِنْ أَنَّ عِنْدَنَا لَا فَرْقَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَالنِّهَايَةِ والولوالجية وَغَيْرِهِ (189) قَوْلُهُ: وَفِي النَّفْلِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ وُقُوعُهُ عَنْ رَمَضَانَ. وَفِي شَرْحِ

التَّعْيِينُ فِي الصَّلَاةِ لِضِيقِ الْوَقْتِ لِأَنَّ السَّعَةَ بَاقِيَةٌ؛ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ شَرَعَ مُتَنَفِّلًا صَحَّ. 190 - وَإِنْ كَانَ حَرَامًا وَلَا يَتَعَيَّنُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْوَقْتِ بِتَعْيِينِ الْعَبْدِ قَوْلًا وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ بِفِعْلِهِ كَالْحَانِثِ فِي الْيَمِينِ لَا يَتَعَيَّنُ وَاحِدٌ مِنْ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ إلَّا فِي ضِمْنِ فِعْلِهِ هَذَا فِي الْأَدَاءِ؛ 191 - وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ صَلَاةً وَصَوْمًا 192 - أَوْ حَجًّا وَأَمَّا إنْ كَثُرَتْ الْفَوَائِتُ فَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ لِتَمْيِيزِ الْفُرُوضِ الْمُتَّحِدَةِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ وَاحِدٍ فَصَامَ يَوْمًا نَاوِيًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ: وَلَوْ نَوَى الْمُسَافِرُ عَنْ النَّفْلِ فَهُوَ عَنْ رَمَضَانَ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ لِأَنَّ الْأَهَمَّ هَذَا. وَالْمَرِيضُ عِنْدَ الْكَرْخِيِّ عَلَى هَذَا. وَقِيلَ: يَجْعَلُ عَنْ رَمَضَانَ، كَيْفَ نَوَى بِالْإِجْمَاعِ، لِأَنَّ الْمُبِيحَ فِي حَقِّهِ الْعَجْزُ، وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا عَجْزَ؛ وَفِي حَقِّ الْمُسَافِرِ الْمُبِيحُ السَّفَرُ وَهُوَ بِهِ قَائِمٌ (انْتَهَى) . وَفِيهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ فَصَامَهُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ يَقَعُ عَنْ النَّذْرِ، وَإِنْ نَوَى وَاجِبًا آخَرَ يَقَعُ عَمَّا نَوَى، لِأَنَّهُ مَشْرُوعٌ لَهُ، وَالْفَرْضُ مَشْرُوعٌ عَلَيْهِ وَالْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ تَغْيِيرَ الْوَقْتِ فِيمَا عَلَيْهِ (190) قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ حَرَامًا. قِيلَ عَلَيْهِ: لَيْسَتْ الْحُرْمَةُ لِلشُّرُوعِ وَإِنَّمَا هِيَ لِتَأْخِيرِ الْمَكْتُوبَةِ عَنْ وَقْتِهَا (انْتَهَى) . وَفِيهِ أَنَّ الشُّرُوعَ فِي النَّفْلِ لَمَّا لَزِمَ مِنْهُ تَأْخِيرُ الْمَكْتُوبَةِ عَنْ وَقْتِهَا نَسَبَ الْحُرْمَةَ إلَيْهِ قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا أَوْ حَجًّا. أَقُولُ فِيهِ أَنَّ أَدَاءَ الصَّلَاةِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّعْيِينِ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعْيِينِ هُنَا الزِّيَادَةُ فِي التَّعْيِينِ لَا أَصْلُ التَّعْيِينِ، إذْ فِي أَدَاءِ الصَّلَاةِ يَكْفِيهِ فِي التَّعْيِينِ أَنْ يَنْوِيَ الظُّهْرَ مَثَلًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِ الْيَوْمِ بِخِلَافِ الْقَضَاءِ. (192) قَوْلُهُ: أَوْ حَجًّا. قِيلَ: فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ فِي الْأَدَاءِ لَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ فَكَيْفَ شُرِطَ فِي الْقَضَاءِ

عَنْهُ وَلَكِنْ لَمْ يُعَيِّنْ أَنَّهُ عَنْ يَوْمِ كَذَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ، 193 - وَلَا يَجُوزُ فِي رَمَضَانَيْنِ مَا لَمْ يُعَيِّنْ أَنَّهُ صَائِمٌ عَنْ رَمَضَانَ سَنَةَ كَذَا وَأَمَّا قَضَاءُ الصَّلَاةِ فَلَا يَجُوزُ مَا لَمْ يُعَيِّنْ الصَّلَاةَ وَيَوْمَهَا 194 - بِأَنْ يُعَيِّنَ ظُهْرَ يَوْمِ كَذَا 195 - وَلَوْ نَوَى أَوَّلَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ أَوْ آخِرَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ جَازَ وَهَذَا هُوَ الْمَخْلَصُ لِمَنْ لَمْ يَعْرِفْ الْأَوْقَاتَ الْفَائِتَةَ أَوْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ 196 - أَوْ أَرَادَ التَّسْهِيلَ عَلَى نَفْسِهِ. وَذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّ نِيَّةَ التَّعْيِينِ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تُشْتَرَطْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْوَاجِبَ مُخْتَلِفٌ مُتَعَدِّدٌ بَلْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مُرَاعَاةَ التَّرْتِيبِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُهُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ إلَّا بِنِيَّةِ التَّعْيِينِ حَتَّى لَوْ سَقَطَ التَّرْتِيبُ بِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ فِي رَمَضَانَيْنِ مَا لَمْ يُعَيِّنْ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا خِلَافُ الْمُخْتَارِ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا: لَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمٌ مِنْ رَمَضَانَيْنِ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَفْضَلُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ (انْتَهَى) . أَقُولُ سَيَأْتِي فِي الصَّفْحَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ عَلَى الْمُخْتَارِ؛ فَالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَفُتْهُ بَيَانُ مَا هُوَ الْمُخْتَارُ؛ عَلَى أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ صَحَّحَ عَدَمَ الْجَوَازِ. قِيلَ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِمُوَافَقَةِ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ. (194) قَوْلُهُ: بِأَنْ يُعَيِّنَ ظُهْرَ يَوْمِ كَذَا. أَقُولُ: هَذَا عِنْدَ وُجُودِ الْمُزَاحِمِ أَمَّا عِنْدَ عَدَمِهِ فَلَا، كَمَا لَوْ كَانَ فِي ذِمَّتِهِ ظُهْرٌ وَاحِدٌ فَائِتٌ، فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ أَنْ يَنْوِيَ مَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الظُّهْرِ الْفَائِتِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ أَيِّ يَوْمٍ وَإِنَّ أَدْنَى التَّعْيِينِ كَافٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ الْحَلَبِيِّ. (195) قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى أَوَّلَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ إلَخْ: قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ: فَإِذَا نَوَى الْأَوَّلَ وَصَلَّى فَمَا يَلِيهِ يَصِيرُ أَوَّلًا وَكَذَا لَوْ نَوَى آخَرُ عَلَيْهِ وَصَلَّى فَمَا قَبْلَهَا يَصِيرُ آخِرًا. (196) قَوْلُهُ: أَوْ أَرَادَ التَّسْهِيلَ عَلَى نَفْسِهِ. كَذَا فِي النَّسْخِ. وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى أَوَّلَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ أَوْ آخِرَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ جَازَ وَإِنْ عَلِمَ الْأَوْقَاتَ وَلَمْ تُشْبِهُ عَلَيْهِ.

تَكْفِيهِ نِيَّةُ الظُّهْرِ لَا غَيْرُ 197 - وَهَذَا مُشْكِلٌ وَمَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا كَقَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ خِلَافَهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ 198 - وَقَالُوا فِي التَّيَمُّمِ لَا يَجُوزُ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ الْجُنُبُ يُرِيدُ بِهِ الْوُضُوءَ جَازَ خِلَافًا لِلْخَصَّافِ لِكَوْنِهِ يَقَعُ لَهُمَا عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ فَيُمَيَّزُ بِالنِّيَّةِ كَالصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ. قَالُوا وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهَا لِيَقَعَ طَهَارَةً وَإِذَا وَقَعَ طَهَارَةً جَازَ أَنْ يُؤَدِّيَ بِهِ مَا شَاءَ لِأَنَّ الشُّرُوطَ يُرَاعَى وُجُودُهَا لَا غَيْرُ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ لِلْعَصْرِ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ غَيْرُهُ. الضَّابِطُ فِي هَذَا الْبَحْثِ التَّعْيِينُ لِتَمْيِيزِ الْأَجْنَاسِ 199 - فَنِيَّةُ التَّعْيِينِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ لَغْوٌ؛ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ. وَالتَّصَرُّفُ إذَا لَمْ يُصَادِفْ مَحَلَّهُ كَانَ لَغْوًا 200 - وَيُعْرَفُ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ بِاخْتِلَافِ السَّبَبِ وَالصَّلَاةُ كُلُّهَا مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهَذَا مُشْكِلٌ. أَقُولُ: وَجْهُ إشْكَالِهِ أَنَّهُ يَهْدِمُ قَاعِدَتَهُمْ الَّتِي تَوَاطَئُوا عَلَيْهَا وَهِيَ أَنَّ التَّعْيِينَ يَكُونُ لِتَمْيِيزِ الْأَجْنَاسِ وَالصَّلَوَاتُ كُلُّهَا مِنْ قَبِيلِ مُخْتَلَفِ الْجِنْسِ لِاخْتِلَافِ أَسْبَابِهَا (198) قَوْلُهُ: وَقَالُوا فِي التَّيَمُّمِ إلَخْ. أَقُولُ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا مَحَلَّ لِذِكْرِهَا هُنَا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَكُونُ مَنْوِيًّا مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مَنْوِيًّا مِنْ غَيْرِهَا فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ قُبَيْلَ: الْمَبْحَثِ الرَّابِعِ بِأَسْطُرٍ (199) قَوْلُهُ: فَنِيَّةُ التَّعْيِينِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ لَغْوٌ. وَالْجِنْسُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ كُلِّيٌّ مَقُولٌ عَلَى أَفْرَادٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ حَيْثُ الْمَقَاصِدِ وَالْأَحْكَامِ؛ وَالنَّوْعُ الْكُلِّيُّ مَقُولٌ عَلَى أَفْرَادٍ مُتَّفِقَةٍ مِنْ حَيْثُ الْمَقَاصِدِ وَالْأَحْكَامِ. كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْبُرْجُنْدِيِّ (200) قَوْلُهُ: وَيُعْرَفُ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ بِاخْتِلَافِ السَّبَبِ. وَهُوَ عِبَارَةٌ عَمَّا يَكُونُ طَرِيقًا لِلْوُصُولِ إلَى الْحُكْمِ غَيْرِ مُؤَثِّرٍ فِيهِ.

قَبِيلِ الْمُخْتَلِفِ حَتَّى الظُّهْرَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ أَوْ الْعَصْرَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ بِخِلَافِ أَيَّامِ رَمَضَانَ 201 - فَإِنَّهُ يَجْمَعُهَا شُهُودُ الشَّهْرِ فَتَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ 202 - فَصَامَ بِنِيَّةِ يَوْمٍ آخَرَ أَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ صَوْمِ يَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَصَامَ يَوْمًا 203 - عَنْ قَضَاءِ صَوْمِ يَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى عَنْ رَمَضَانَيْنِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ كَمَا إذَا نَوَى ظُهْرَيْنِ أَوْ ظُهْرًا عَنْ عَصْرٍ أَوْ نَوَى ظُهْرَ يَوْمِ السَّبْتِ وَعَلَيْهِ ظُهْرُ يَوْمِ الْخَمِيسِ 204 - وَعَلَى هَذَا أَدَاءُ الْكَفَّارَاتِ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّعْيِينِ فِي جِنْسٍ وَاحِدٍ وَلَوْ عَيَّنَ لُغِيَ. وَفِي الْأَجْنَاسِ لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا حَقَّقْنَاهُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجْمَعُهَا شُهُودُ الشَّهْرِ. اُخْتُلِفَ فِي سَبَبِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ فَقِيلَ سَبَبُهُ الْأَيَّامُ دُونَ اللَّيَالِي وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِ بِمَعْنَى أَنَّ الْجُزْءَ الْأَوَّلَ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ سَبَبٌ لِوُجُوبِ صَوْمِهِ؛ وَاخْتَارَ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ السَّبَبَ مُطْلَقُ شُهُودِ الشَّهْرِ يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي، وَقَدْ جَمَعَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا فَشُهُودُ جُزْءٍ مِنْهُ سَبَبٌ لِكُلِّهِ؛ ثُمَّ كُلُّ يَوْمٍ سَبَبُ وُجُودِ أَدَائِهِ. غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ تَكَرَّرَ سَبَبُ وُجُوبِ صَوْمِ الْيَوْمِ بِاعْتِبَارِ خُصُوصِيَّتِهِ وَدُخُولِهِ فِي ضِمْنِ غَيْرِهِ. كَذَا فِي الْفَتْحِ (202) قَوْلُهُ: فَصَامَ بِنِيَّةِ يَوْمٍ آخَرَ. مِثَالُهُ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ خَامِسٍ مِنْ رَمَضَانَ لِمُعَيَّنٍ فَصَامَ يَوْمًا بِنِيَّةِ قَضَاءِ عَاشِرِ رَمَضَانَ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ. (203) قَوْلُهُ: عَنْ قَضَاءِ صَوْمِ يَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ. أَيْ عَنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْ الْيَوْمَيْنِ (204) قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا أَدَاءُ الْكَفَّارَاتِ إلَخْ. الْمُشَارُ إلَيْهِ وُجُوبُ التَّعْيِينِ فِي الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ وَلُغَوِيَّتِهِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ

الظِّهَارِ مِنْ كِتَابِنَا شَرْحِ الْكَنْزِ وَأَمَّا فِي الزَّكَاةِ فَقَالُوا لَوْ عَجَّلَ خَمْسَةَ سُودٍ عَنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ سُودٍ فَهَلَكَتْ السُّودُ قَبْلَ الْحَوْلِ 205 - وَعِنْدَهُ نِصَابٌ آخَرُ كَانَ الْمُعَجَّلُ عَنْ الْبَاقِي. وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي الصَّوْمِ: وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَ وَاحِدٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَنْوِيَ أَوَّلَ يَوْمٍ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ مِنْ هَذَا الرَّمَضَانِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّن جَازَ 206 - وَكَذَا لَوْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَيْنِ عَلَى الْمُخْتَارِ 207 - حَتَّى لَوْ نَوَى الْقَضَاءَ لَا غَيْرُ جَازَ وَلَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ فِطْرٍ 208 - فَصَامَ وَاحِدًا وَسِتِّينَ يَوْمًا عَنْ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ وَلَمْ يُعَيَّنْ يَوْمَ الْقَضَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعِنْدَهُ نِصَابٌ آخَرُ. أَيْ مِنْ الدَّرَاهِمِ السُّودِ لِيَتَحَقَّقَ بِهِ اتِّحَادُ الْجِنْسِ فَيَكُونُ الْمُؤَدَّى عَنْهُ بِلَا تَعْيِينٍ (206) قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَيْنِ. وَجْهُهُ أَنَّ التَّعْيِينَ حَاصِلٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلَ يَوْمٍ وَجَبَ عَلَى قَضَاءٍ لِانْصِرَافِهِ إلَى الْيَوْمِ الَّذِي عَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ الْأَوَّلِ. (207) قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ نَوَى الْقَضَاءَ لَا غَيْرُ جَازَ. قِيلَ تَفْرِيعٌ عَلَى مَا قِيلَ. قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ كَانَا مِنْ رَمَضَانَيْنِ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ لَوْ نَوَى الْقَضَاءَ لَا غَيْرُ، وَعَلَيْهِ يَوْمَانِ مِنْ رَمَضَانَ وَاحِدٍ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَشْبِيهِ يَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَيْنِ بِيَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَ وَاحِدٍ فِي كَوْنِ النِّيَّةِ نِيَّةَ أَوَّلَ يَوْمٍ وَجَبَ عَلَى الْقَضَاءِ تَشْبِيهًا بِهَا فِي الِاكْتِفَاءِ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ لَا غَيْرُ، فَلَا يُرَدُّ أَنَّ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ يَدْفَعُ مَا مَهَّدَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (انْتَهَى) . أَقُولُ فِيهِ إنَّ مَا هُنَا لَا يَدْفَعُ مَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّ مَا هُنَا عَلَى الْمُخْتَارِ وَذَلِكَ عَلَى خِلَافِهِ وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ إلَى مَا تَكَلَّفَهُ؛ عَلَى أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ قَدْ صُحِّحَ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ سَابِقًا. (208) قَوْلُهُ: فَصَامَ أَحَدَ وَسِتِّينَ يَوْمًا عَنْ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ. قِيلَ: ظَاهِرٌ أَنَّهُ فِي

وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ عَجَّلَ الزَّكَاةَ عَنْ أَحَدِ الْمَالَيْنِ فَاسْتُحِقَّ مَا عَجَّلَ عَنْهُ قَبْلَ الْحَوْلِ لَمْ يَكُنْ الْمُعَجَّلُ عَنْ الْبَاقِي وَكَذَا لَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْدَ الْحَوْلِ. 210 - لِأَنَّ فِي الِاسْتِحْقَاقِ عَجَّلَ عَمَّا لَمْ يَكُنْ مِلْكَهُ فَبَطَلَ التَّعْجِيلُ وَفِيهَا أَيْضًا لَوْ كَانَ لَهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ الْحَوَامِلِ يَعْنِي الْحَبَالَى فَعَجَّلَ شَاتَيْنِ عَنْهَا وَعَمَّا فِي بُطُونِهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ خَمْسٌ قَبْلَ الْحَوْلِ أَجْزَأَهُ عَمَّا عَجَّلَ وَإِنْ عَجَّلَ عَمَّا تَحْمِلُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكُلِّ لَيْلَةٍ يَنْوِي الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ مَعًا إلَى آخِرِ الْأَيَّامِ فَيَجْزِي ذَلِكَ عَنْهُمَا وَذَلِكَ بِأَنْ يُلْغِيَ الْقَضَاءَ فِي سِتِّينَ مِنْهُمَا، فَيَكُونُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَيُلْغِيَ نِيَّةَ الْكَفَّارَةِ فِي الْوَاحِدَةِ فَيَجْزِيَ عَنْ الْقَضَاءِ، فَإِنْ أَرَادَ هَذَا، فَذَاكَ، وَإِلَّا لَمْ يَتَشَخَّصْ الْمُرَادُ؛ فَإِنْ قُلْت قَدْ تَمَهَّدَ أَنَّ التَّعْيِينَ وَاجِبٌ عِنْدَ تَغَايُرِ الْجِنْسَيْنِ وَلَا تَعْيِينَ عِنْدَ نِيَّةِ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ مَعًا، فَالْجَوَابُ أَنَّ التَّعْيِينَ حَاصِلٌ عِنْدَ إلْغَاءِ الْآخَرِ كَمَا يُعْرَفُ بِالتَّأَمُّلِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: هَذَا الْفَرْعُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ مَعْزِيًّا لِأَبِي اللَّيْثِ وَقَيَّدَهُ بِالْفَقِيرِ. قَالَ كَأَنَّهُ نَوَى الْقَضَاءَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَسِتِّينَ عَنْ الْكَفَّارَةِ (انْتَهَى) (209) قَوْلُهُ: وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ عَجَّلَ الزَّكَاةَ عَنْ أَحَدِ الْمَالَيْنِ. أَيْ الْمُخْتَلِفَيْنِ. بَقِيَ الْكَلَامُ فِيمَا إذَا عَجَّلَ زَكَاةَ أَحَدِ النِّصَابَيْنِ الْمُتَّفِقَيْنِ كَمَا إذَا كَانَ عِنْدَهُ أَرْبَعُونَ مِثْقَالًا مِنْ الذَّهَبِ فَعَجَّلَ زَكَاةَ وَاحِدٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إنْ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ بِأَنْ اُسْتُحِقَّ عِشْرُونَ مِثْقَالًا مِنْ الْأَرْبَعِينَ فَلَا رَيْبَ فِي أَنَّ الْمُعَجَّلَ يَكُونُ عَنْ الْبَاقِي، أَمَّا إذَا كَانَ كُلُّ نِصَابٍ مُفْرَزًا عَنْ الْآخَرِ وَعَجَّلَ مِنْ عَيْنِ أَحَدِهِمَا عَنْهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمُعَجَّلُ عَنْهُ بِعَيْنِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعَجَّلَ لَا يُجْزِي عَنْ النِّصَابِ الْبَاقِي وَيَكُونَانِ كَالْمُخْتَلِفِينَ لِانْتِهَاضِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ كَوْنُهُ لَمْ يَمْلِكْ الْمُعَجَّلَ. (210) قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِي الِاسْتِحْقَاقِ عَجَّلَ عَمَّا لَمْ يَكُنْ مِلْكَهُ. إنْ أُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ بِالضَّمَانِ يَصِيرُ مِلْكَهُ أَمْكَنَ الْجَوَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ مَوْقُوفٌ عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُهُ مُسْتَنِدًا إلَى مَا قَبْلَ التَّعْجِيلِ وَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَتَأَمَّلْ

لَا يَجُوزُ. هَذَا كُلُّهُ فِي الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ كَالْمَنْذُورِ وَالْوِتْرِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَالْعِيدِ عَلَى الصَّحِيحِ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَيَنْوِي الْوِتْرَ لَا الْوِتْرَ الْوَاجِبَ 211 - لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ وَفِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ يَنْوِي الصَّلَاةَ لِلَّهِ تَعَالَى وَالدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ 212 - وَلَا يَلْزَمُهُ التَّعْيِينُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ لِأَيِّ تِلَاوَةٍ سَجَدَ لَهَا كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. وَأَمَّا النَّوَافِلُ فَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا أَنَّهَا تَصِحُّ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ 213 - وَأَمَّا السُّنَنُ الرَّوَاتِبُ فَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ تَعْيِينِهَا. وَالصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ لِأَنَّهَا تَصِحُّ بِنِيَّةِ النَّفْلِ وَبِمُطْلَقِ النِّيَّةِ 214 - وَتَفَرَّعَ عَلَيْهِ لَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عَلَى ظَنٍّ أَنَّهَا تَهَجُّدٌ بِظَنِّ بَقَاءِ اللَّيْلِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ كَانَتْ عَنْ سُنَّةِ الْفَجْرِ عَلَى الصَّحِيحِ فَلَا يُصَلِّيهَا بَعْدَهُ لِلْكَرَاهَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ. قَدْ يُقَالُ لِمَ لَا يَنْوِي الْوِتْرَ الْوَاجِبَ مَنْ اعْتَقَدَ وُجُوبَهُ تَقْلِيدًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، إذْ السُّنِّيَّةُ عِنْدَهُ مَرْجُوحَةٌ فَيَنْبَغِي كَوْنُ النِّيَّةِ عَلَى طِبْقِ الِاعْتِقَادِ (212) قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ التَّعْيِينُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ إلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. قِيلَ: كَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى اتِّحَادِ الْجِنْسِ، بِاعْتِبَارِ أَنَّ التِّلَاوَةَ الَّتِي هِيَ السَّبَبُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَ أَفْرَادُهَا (213) قَوْلُهُ: وَأَمَّا السُّنَنُ الرَّوَاتِبُ فَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ تَعَيُّنِهَا إلَخْ. قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: فَعَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِ تَعْيِينِهَا بِعَيْنِهَا بِإِضَافَتِهَا إلَى الظُّهْرِ مَثَلًا وَكَوْنِهَا الَّتِي قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا (214) قَوْلُهُ: وَتَفَرَّعَ عَلَيْهِ لَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ إلَخْ. هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ التَّجْنِيسِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ السُّنَّةَ تَطَوُّعٌ فَتُؤَدَّى بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ، لَكِنْ رَدَّهُ فِي الْمَزِيدِ بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُمَا لَا يَنُوبَانِ عَنْ

وَأَمَّا مَنْ قَالَ إذَا صَلَّى رَكْعَةً قَبْلَ الطُّلُوعِ وَأُخْرَى بَعْدَهُ كَانَتَا عَنْ السُّنَّةِ فَبَعِيدٌ 216 - لِأَنَّ السُّنَّةَ لَا بُدَّ مِنْ الشُّرُوعِ فِيهَا فِي الْوَقْتِ؛ وَلَمْ يُوجَدْ. وَقَالُوا لَوْ قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ فِي الظُّهْرِ سَاهِيًا بَعْدَ مَا قَعَدَ لِلْأَخِيرَةِ فَإِنَّهُ يَضُمُّ سَادِسَةً وَتَكُونُ الرَّكْعَتَانِ نَفْلًا 217 - وَلَا تَكُونَانِ عَنْ سُنَّةِ الظُّهْرِ عَلَى الصَّحِيحِ وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ لِأَنَّ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ لِكَوْنِ السُّنَّةِ لَمْ تُشْرَعْ إلَّا بِتَحْرِيمِهِ مُبْتَدَئِهِ وَلَمْ تُوجَدْ وَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي التَّرَاوِيحِ هَلْ تَقَعُ التَّرَاوِيحُ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ؟ فَصَحَّحَ قَاضِي خَانْ الِاشْتِرَاطَ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ كَالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، كَمَا إذَا صَلَّى الظُّهْرَ سِتًّا وَقَدْ قَعَدَ عَلَى رَأْسِ الرَّابِعَةِ؛ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْجَوَابِ لِأَنَّ السُّنَّةَ مَا وَاظَبَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمُوَاظَبَتُهُ كَانَتْ بِتَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ. لَا يُقَالُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِكَرَاهَةِ التَّطَوُّعِ قَبْلَ الْفَجْرِ، بِخِلَافِهِ بَعْدَ الظُّهْرِ، لِأَنَّا نَقُولُ ذَلِكَ فِي التَّطَوُّعِ الْقَصْدِيُّ، وَأَمَّا هَذَا فَغَيْرُ قَصْدِيٍّ فَلَا يُكْرَهُ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ. قِيلَ: وَعَلَى التَّصْحِيحِ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الشَّرْعِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ. (215) قَوْلُهُ: لِأَنَّ السُّنَّةَ لَا بُدَّ مِنْ الشُّرُوعِ فِيهَا فِي الْوَقْتِ إلَخْ. قِيلَ وَإِذَا لَمْ يَكُونَا عَنْ سُنَّةِ الْفَجْرِ هَلْ يَقْطَعُ؟ قَالَ الْكَمَالُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ: وَإِذَا تَطَوَّعَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَةً طَلَعَ الْفَجْرُ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُتِمَّهَا رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْفِلْ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَصْدًا. (216) قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَنْ قَالَ إذَا صَلَّى رَكْعَةً إلَى قَوْلِهِ بَعِيدٍ. أَقُولُ كَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ فَخَطَأٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (217) قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونَانِ عَنْ سُنَّةِ الظُّهْرِ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى. قَوْلُهُ: أَوْ أَوَّلَ مَا أَدْرَكَ وَقْتَهُ. قِيلَ: لَفْظُ أَوَّلِ حَشْوٌ مُفْسِدٌ (انْتَهَى) . قُلْت وَلَيْسَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْهُمَامِ الَّذِي نَقَلَهُ عَنْهُ

وَتَفَرَّعَ أَيْضًا عَلَى اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ لِلسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ وَعَدَمِهِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى هِيَ: لَوْ صَلَّى بَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا فِي مَوْضِعٍ يَشُكُّ فِي صِحَّةِ الْجُمُعَةِ نَاوِيًا آخِرَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ أَوْ أَوَّلَ. أَدْرَكَ وَقْتَهُ وَلَمْ يُؤَدِّهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ صِحَّةَ الْجُمُعَةِ. فَعَلَى الصَّحِيحِ الْمُعْتَمَدِ تَنُوبُ عَنْ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ظُهْرٌ فَائِتٌ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَا؛ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ؛ وَهُوَ أَيْضًا يَتَفَرَّعُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ إذَا بَطَلَ وَصْفُهَا لَا يَبْطُلُ أَصْلُهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. 219 - خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيهَا إنَّهَا تَكُونُ عَنْ السُّنَّةِ إلَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُوَ يَتَفَرَّعُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ إلَخْ. قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهَذَا مَنْ شَرَعَ مَعَ إمَامٍ فَأَدَّيَا الظُّهْرَ، فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ إمَامَهُ سَهَا عَنْ الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ وَقَيَّدَ الْخَامِسَةَ بِسَجْدَةٍ فَسَدَ فَرْضُهُ وَفَرْضُ الْقَوْمِ، وَلَمْ يَكُنْ الْمَأْمُومُ صَلَّى سُنَّةَ الظُّهْرِ قَبْلَهُ، يَنُوبُ هَذَا لِأَرْبَعٍ عَنْ سُنَّةِ الظُّهْرِ وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ لِأَئِمَّتِنَا. (219) قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ. أَقُولُ: فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ؛ قَالَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ سَمِعْت وَالِدِي يَقُولُ: لَيْسَ هَذَا مَذْهَبًا لِمُحَمَّدٍ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ بَلْ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إخْرَاجِ نَفْسِهِ عَنْ الْعُهْدَةِ بِالْمُضِيِّ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ حَتَّى قَالَ مُحَمَّدٌ فِيمَنْ صَلَّى رَكْعَةً عَنْ الظُّهْرِ، ثُمَّ أُقِيمَتْ ثُمَّ إنَّهُ أَضَافَ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى ثُمَّ قَطَعَ ثُمَّ شَرَعَ مَعَ الْإِمَامِ إحْرَازًا لِلنَّفْلِ فَإِنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّقَصِّي عَنْ الْعَهْدِ بِالْمُضِيِّ فِيهَا، بِخِلَافِ، الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ وَهُمَا لَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً أَوْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ بَعْدَ رَكْعَةٍ مِنْ الْفَجْرِ (انْتَهَى) . وَاعْلَمْ أَنَّ خِلَافَ مُحَمَّدٍ فِي الصَّلَاةِ دُونَ الْحَجِّ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا خِلَافًا فِيمَا لَوْ حَجّ عَنْهُ - وَهُوَ صَحِيحٌ - حَجَّةَ الْإِسْلَامِ أَوْ كَانَ مَرِيضًا ثُمَّ صَحَّ بَطَلَ وَصْفُ الْفَرِيضَةِ لِفَقْدِ شَرْطٍ وَهُوَ الْعَجْزُ وَبَقِيَ أَصْلُ الْحَجِّ - تَطَوُّعًا لِلْأَمْرِ وَلِهَذَا يَمْضِي فِي صَحِيحِهِ كَمَا يَمْضِي فِي فَاسِدِهِ. ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ

وَيَنْبَغِي أَنْ تُلْحَقَ الصِّيَامَاتُ الْمَسْنُونَةُ بِالصَّلَاةِ الْمَسْنُونَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ لَهَا التَّعْيِينُ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ تَكْمِيلُ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً. 221 - رَكْعَتَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَفِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَرْبَعٌ قَبْلَهَا وَأَرْبَعٌ بَعْدَهَا وَالتَّرَاوِيحُ عِشْرُونَ رَكْعَةً بِعَشْرِ تَسْلِيمَاتٍ 222 - بَعْدَ الْعِشَاءِ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحِقَ الصِّيَامَاتِ الْمَسْنُونَةَ بِالصَّلَاةِ إلَى قَوْلِهِ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ. قِيلَ عَلَيْهِ: أَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالنَّفَلُ بِنِيَّتِهِ أَيْ يَصِحُّ بِنِيَّةِ النَّفْلِ؛ وَبِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ (انْتَهَى) . أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ السُّنَّةَ غَيْرُ النَّفْلِ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ وَإِنْ اسْتَعْمَلَ النَّفَلَ قَلِيلًا فِيمَا زَادَ عَلَى الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ (221) قَوْلُهُ: رَكْعَتَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: أَجْمَعُوا أَنَّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَاعِدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَا يَجُوزُ، وَغَيْرُهُ مِنْ السُّنَنِ يَجُوزُ أَدَاؤُهَا قَاعِدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى التَّرَاوِيحِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُخْتَارِ. قِيلَ: إنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا وَلَمْ يَقُلْ فِي غَيْرِهَا؛ وَقَدْ فَهِمَ بَعْضُهُمْ مِنْ قَوْلِ عُلَمَائِنَا أَنَّ سُنَّةَ الْفَجْرِ لَا يَجُوزُ قَاعِدًا، أَيْ لَا يَحِلُّ أَدَاؤُهَا قَاعِدًا وَهَذَا خَطَأٌ لِمَا قُلْنَا مِنْ مُرَاعَاةٍ لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا، كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: مِنْ أَنَّ هَذِهِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ اخْتَصَّتْ بِزِيَادَةِ تَأْكِيدٍ وَتَرْغِيبٍ وَتَرْهِيبٍ وَوَعِيدٍ، فَالْتَحَقَتْ بِالْوَاجِبَاتِ فَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ مَعْنَى لَا يَجُوزُ لَا يَصِحُّ (انْتَهَى) . أَقُولُ لَا صَرَاحَةَ فِي هَذَا فَتَدَبَّرْ (222) قَوْلُهُ: بَعْدَ الْعِشَاءِ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ. فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ وَقْتَ التَّرَاوِيحِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَأَشَرْتُ إلَى أَنَّهُ قَبْلَ الْوِتْرِ وَبَعْدَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَقِيلَ اللَّيْلُ كُلُّهُ وَقِيلَ بَعْدَ الْعِشَاءِ قَبْلَ الْوِتْرِ؛ وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ. وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ أَنَّ التَّرَاوِيحَ سُنَّةٌ هُوَ الصَّحِيحُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَاعْلَمْ أَنَّ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ لَا تُقْضَى عَلَى الْأَصَحِّ

وَصَلَاةُ الْوِتْرِ عَلَى قَوْلِهِمَا وَصَلَاةُ الْعِيدَيْنِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَصَلَاةُ الْكُسُوفِ عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ وَاجِبَةٌ وَصَلَاةُ الْخُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ عَلَى قَوْلٍ وَأَمَّا الْمُسْتَحَبُّ فَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ 224 - وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَبَعْدِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقِيلَ تُقْضَى مَا لَمْ يَمْضِ رَمَضَانُ وَقِيلَ: مَا لَمْ تَأْتِ تَرَاوِيحُ اللَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ. (223) قَوْلُهُ: وَصَلَاةُ الْوِتْرِ. عَلَى قَوْلِهِمَا وَلَا يَجُوزُ مِنْ قُعُودٍ عَلَى قَوْلِهِمَا مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يُصَلِّ مِنْ قُعُودٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمِنْهُ يُعْلَمُ خَطَأُ مَا وَقَعَ الْآنَ عَنْ شِرْذِمَةٍ مِنْ طَلَبَةِ الْأَرْوَامِ الْوَاقِعِينَ فِي الْأَوْهَامِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ صَلَاةُ الْوِتْرِ مِنْ قُعُودٍ عَلَى قَوْلِهِمَا، لِكَوْنِهِ سُنَّةً وَالْعَمَلُ أَنَّ صَلَاةَ الْوِتْرِ بِجَمَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْخَانِيَّةِ وَفِي النِّهَايَةِ اخْتَارَ عُلَمَاؤُنَا أَنْ يُوتِرَ فِي مَنْزِلِهِ لَا بِجَمَاعَةٍ، وَرَجَّحَ ابْنُ الْهُمَامِ الْأَوَّلِ وَلَوْ صَلَّوْا بِجَمَاعَةٍ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَيَّدَهُ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ التَّدَاعِي أَمَّا لَوْ اقْتَدَى وَاحِدٌ بِوَاحِدٍ أَوْ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ لَا يُكْرَهُ وَإِذَا اقْتَدَى ثَلَاثَةٌ بِوَاحِدٍ اُخْتُلِفَ وَإِنْ اقْتَدَى أَرْبَعَةٌ بِوَاحِدٍ كُرِهَ اتِّفَاقًا (244) قَوْلُهُ: وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَبَعْدَهَا. أَيْ وَأَرْبَعُ بَعْدَهَا قَالَ الْبُرْهَانُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الْكَبِيرِ: وَإِذْ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُؤَكَّدَ بَعْدَ الظُّهْرِ رَكْعَتَانِ وَتُسْتَحَبُّ، الْأَرْبَعُ، وَكَذَا بَعْدَ الْعِشَاءِ. فَاعْلَمْ أَنَّ الشَّيْخَ كَمَالَ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ قَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَصْرِ هَلْ تُعْتَبَرُ الْأَرْبَعُ غَيْرُ رَكْعَتَيْ الْمُؤَكَّدَةِ أَوْ بِهِمَا، وَعَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي: هَلْ تُؤَدَّى تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ لَا قَالَ جَمَاعَةٌ: لَا، لِأَنَّهُ إنْ نَوَى عِنْدَ التَّحْرِيمَةِ السُّنَّةَ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي وَالْمُسْتَحَبُّ لَمْ يُصَدَّقْ فِي السُّنَّةِ. قَالَ: وَوَقَعَ عِنْدِي أَنَّهُ إذَا صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ الظُّهْرِ بِتَسْلِيمَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ يَقَعُ عَنْ السُّنَّةِ وَالنَّدْبِ سَوَاءٌ احْتَسَبَ الْمُؤَكَّدَ مِنْهَا أَوْ لَا. لِأَنَّ الْمُفَادَ مِنْ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا كَانَ كَأَنَّمَا تَهَجَّدَ لَيْلَةً، وَمَنْ صَلَّاهُنَّ بَعْدَ الْعِشَاءِ كَانَ كَمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ» . أَنَّهُ إذَا أَوْقَعَ أَرْبَعًا الظُّهْرَ مُطْلَقًا، حَصَلَ الْوَعْدُ الْمَذْكُورُ وَذَلِكَ صَادِقٌ مَعَ كَوْنِ الرَّاتِبَةِ مِنْهَا، وَكَوْنِهَا بِتَسْلِيمَةٍ فِيهِمَا وَكَوْنُ الرَّكْعَتَيْنِ لَيْسَتَا بِتَسْلِيمَةٍ عَلَى حِدَةٍ لَا يَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِهَا سُنَّةً وَإِنْ كَانَ عَدَمُ

وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْعِشَاءِ وَسِتٌّ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْمَغْرِبِ 226 - وَسُنَّةُ الْوُضُوءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَوْنِهِمَا بِتَحْرِيمَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ يَمْنَعُ مِنْهُ لِثُبُوتِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُحَلِّلِ وَالتَّحْرِيمَةِ؛ فَإِنَّ الْمُحَلِّلَ غَيْرُ مَقْصُودٍ إلَّا لِلْخُرُوجِ عَنْ الْعِبَادَةِ عَلَى وَجْهٍ حَسَنٍ وَأَمَّا النِّيَّةُ فَلَا مَانِعَ مِنْ جِهَتِهَا، سَوَاءٌ نَوَى أَرْبَعًا لِلَّهِ تَعَالَى فَقَطْ أَوْ نَوَى الْمَنْدُوبَ بِالْأَرْبَعِ أَوْ لِسُنَّةٍ بِهَا أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وُقُوعُ السُّنَّةِ بِنِيَّةِ مُطْلَقِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ سُنَّةً كَوْنُهُ مَفْعُولًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْمُ السُّنَّةِ حَادِثٌ مِنَّا، وَأَمَّا هُوَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَإِنَّمَا كَانَ يَنْوِي الصَّلَاةَ لِلَّهِ تَعَالَى فَقَطْ لَا السُّنَّةَ فَلَمَّا وَاظَبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى الْفِعْلِ لِذَلِكَ سَمَّيْنَاهُ سُنَّةً، فَمَنْ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ الْفِعْلِ فِي وَقْتِهِ فَقَدْ فَعَلَ مَا يُسَمَّى بِلَفْظِ السُّنَّةِ، وَحِينَئِذٍ تَقَعُ الْأُولَيَانِ سُنَّةً لِوُجُودِ تَمَامِ عِلَّتِهَا، وَالْأُخْرَيَانِ نَفْلًا مَنْدُوبًا، فَهَذَا الْقِسْمُ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ كِلَا الْأَمْرَيْنِ، وَأَمَّا الثَّانِي وَالثَّالِثُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ نِيَّةُ الصَّلَاةِ وَزِيَادَةً فَعِنْدَ عَدَمِ مُطَابِقَةِ الْوَصْفِ لِلْوَاقِعِ يَلْغُو فَبَقِيَ نِيَّةُ مُطْلَقِ الصَّلَاةِ وَبِهَا يَتَأَدَّى كُلٌّ مِنْ السُّنَّةِ وَالْمَنْدُوبِ. ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا فِي الْهِدَايَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا وَهُوَ قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ الْأَرْبَعَ أَفْضَلُ يَعْنِي بَعْدَ الْعِشَاءِ، خُصُوصًا عِنْدَ الْإِمَامِ، فَإِنَّهُ يَرَى أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي النَّوَافِلِ مُطْلَقًا أَرْبَعٌ أَرْبَعٌ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ؛ فَإِذَا جَعَلَ الْمُصَلِّي مَا بَعْدَ الْعِشَاءِ أَرْبَعًا أَدَّاهَا بِتَسْلِيمَةٍ فَتَثْبُتُ الْأَفْضَلِيَّةُ مِنْ وَجْهَيْنِ: مِنْ جِهَةِ زِيَادَةِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ، وَمَنْ جِهَةِ كَوْنِهَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ؛ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ خُصُوصًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَعْنًى، لِأَنَّ الْأَرْبَعَ أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ بَلْ كَلَامُ الْكُلِّ فِي هَذَا الْمَقَامِ يُفِيدُ مَا قُلْنَا، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الرَّاتِبَةَ بَعْدَ الْعِشَاءِ رَكْعَتَانِ وَالْأَرْبَعُ أَفْضَلُ وَالِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهَا تُؤَدَّى بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضُمَّ إلَيْهَا الرَّاتِبَةَ فَيُصَلِّي سِتًّا فَالنِّيَّةُ حِينَئِذٍ عِنْدَ التَّحْرِيمَةِ إمَّا أَنْ يَكُونَ نِيَّةَ السُّنَّةِ أَوْ الْمَنْدُوبِ وَقَدْ أَهْدَرَ ذَلِكَ وَأَجْزَأَتْ عَنْ السُّنَّةِ. وَالْحَالُ فِي السُّنَّةِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ كَالْحَالِ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ فَلَوْ احْتَسَبَ الرَّاتِبَةَ انْتَهَضَ سَبَبًا لِلْوَعْدِ (انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ) . (225) قَوْلُهُ: وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الظُّهْرِ. وَقِيلَ: أَرْبَعٌ (226) قَوْلُهُ: سُنَّةُ الْوُضُوءِ. كَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ وَرَكْعَتَا الْوُضُوءِ أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُسْتَحَبَّاتِ لَا فِي السُّنَّةِ.

وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ 228 - وَيَنُوبُ عَنْهَا كُلُّ صَلَاةٍ أَدَّاهَا عِنْدَ الدُّخُولِ وَقَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ بَعْدَ الْقُعُودِ 229 - وَرَكْعَتَا الْإِحْرَامِ، 230 - كَذَلِكَ تَنُوبُ عَنْهَا كُلُّ صَلَاةٍ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا. 231 - وَصَلَاةُ الضُّحَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ. جَعَلَهَا مُسْتَحَبَّةً مَعَ أَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ الْحَدِيثِ مُوَاظَبَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُقْتَضِيَةُ لِلسُّنِّيَّةِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي صَلَاةِ التَّحِيَّةِ أَنَّهُ يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ أَوْ يُصَلِّي قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ. وَعَامَّةُ الْعُلَمَاءِ قَالُوا إنَّهُ يُصَلِّي كَمَا دَخَلَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (228) قَوْلُهُ: وَيَنُوبُ عَنْهَا كُلُّ صَلَاةٍ أَدَّاهَا عِنْدَ الدُّخُولِ إلَخْ. فِي الْقُنْيَةِ دُخُولُ الْمَسْجِدِ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ، أَوْ لِلِاقْتِدَاءِ يَنُوبُ عَنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ؛ وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إذَا دَخَلَهُ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ (229) قَوْلُهُ: وَرَكْعَتَا الْإِحْرَامِ ذَكَرَهُمَا مِنْ الْمُسْتَحَبَّاتِ، وَالْمَذْكُورُ فِي أَكْثَرَ الْمَنَاسِكِ أَنَّهُمَا سُنَّةٌ (230) قَوْلُهُ: كَذَلِكَ يَنُوبُ عَنْهَا كُلُّ صَلَاةٍ إلَخْ. قِيلَ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ صَلَاةَ الْإِحْرَامِ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَصَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ وَغَيْرِهَا، مِمَّا لَا تَنُوبُ الْفَرِيضَةُ مَقَامَهَا بِخِلَافِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَشُكْرِ الْوُضُوءِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ كَمَا حَقَّقَهُ فِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ. فَقَوْلُهُ: كَذَلِكَ يَنُوبُ عَنْهَا كُلُّ صَلَاةٍ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، كَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ شَرْحِ مَنَاسِكِ السِّنْدِيِّ لِمُلَّا عَلِيٍّ الْقَارِيّ (231) قَوْلُهُ: وَصَلَاةُ الضُّحَى إلَخْ. وَقْتُ صَلَاةِ الضُّحَى مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إلَى مَا قَبْلَ الزَّوَالِ، قَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي: وَوَقْتُهَا الْمُخْتَارُ، إذَا مَضَى رُبْعُ النَّهَارِ؛ لِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَتَرْمَضُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْمِيمِ أَيْ تُتْرَكُ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي إخْفَاقِهَا. كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِلْبُرْهَانِ الْحَلَبِيِّ وَفِي الْبَدَائِعِ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ الضُّحَى: إنَّهُ مِنْ

وَأَقَلُّهَا أَرْبَعٌ وَأَكْثَرُهَا ثِنْتَا عَشَرَ رَكْعَةٍ 233 - وَصَلَاةُ الْحَاجَةِ وَصَلَاةُ الِاسْتِخَارَةِ كَمَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَتَمَامِهَا مَعَ الْكَلَامِ عَلَى صَلَاةِ الرَّغَائِبِ وَلَيْلَةُ الْبَرَاءَةِ مَذْكُورَةٌ فِيهِ لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ الْحَلَبِيِّ ضَابِطُهُ فِيمَا إذَا عَيَّنَ وَأَخْطَأَ الْخَطَأَ فِيمَا لَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ لَهُ لَا يَضُرُّ كَتَعْيِينِ مَكَانِ الصَّلَاةِ وَزَمَانِهَا وَعَدَدِ الرَّكَعَاتِ فَلَوْ عَيَّنَ عَدَدَ رَكَعَاتٍ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا صَحَّ لِأَنَّ التَّعْيِينَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَالْخَطَأُ فِيهِ لَا يَضُرُّهُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَنِيَّةُ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَالسَّجَدَاتِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ وَلَوْ نَوَى الظُّهْرَ ثَلَاثًا وَخَمْسًا صَحَّتْ وَتَلْغُو نِيَّةُ التَّعْيِينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالسَّاعَةِ الَّتِي تَحِلُّ فِيهَا الصَّلَاةُ إلَى الزَّوَالِ. وَهُوَ وَقْتُ صَلَاةِ الضُّحَى (انْتَهَى) . وَقَدْ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ أَمِيرِ الْحَاجِّ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُنْيَةِ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ وَلَمْ يَرَ عَلَى نَصٍّ لِمَشَايِخِنَا عَلَى أَوَّلِ وَقْتِهَا وَآخِرِهِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ. قُلْت: وَقَدْ عَلِمَ مِمَّا نَقَلْنَاهُ أَوَّلَ وَقْتِ صَلَاةِ الضُّحَى وَآخِرَهُ. (232) قَوْلُهُ: وَأَقَلُّهَا أَرْبَعٌ إلَخْ. عِبَارَةُ ابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ تُفِيدُ أَنَّ أَقَلَّهَا رَكْعَتَانِ، وَهُوَ يُخَالِفُ لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَعِبَارَتُهُ: وَأَمَّا سَجْدَةُ الضُّحَى فَقَدْ وَرَدَتْ الْأَحَادِيثُ فِي قَدْرِهَا مِنْ رَكْعَتَيْنِ إلَى اثْنَيْ عَشَرَ رَكْعَةً. (233) قَوْلُهُ: وَصَلَاةُ الْحَاجَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ كَانَتْ لَهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى حَاجَةٌ أَوْ إلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُحْسِنْ الْوُضُوءَ ثُمَّ لِيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ لِيُثْنِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلِيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ، ثُمَّ لِيَقُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَسْأَلُك مُوجِبَاتِ رَحْمَتِك وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِك، وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إثْمٍ، لَا تَدَعْ لِي ذَنْبًا إلَّا غَفَرْته وَلَا هَمًّا إلَّا فَرَّجْته، وَلَا حَاجَةً هِيَ لَك رِضًى إلَّا قَضَيْتهَا، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَهُ. وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ «أَنَّ رَجُلًا ضَرِيرَ الْبَصَرِ أَتَى النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ اُدْعُ اللَّهَ لِي أَنْ يُعَافِيَنِي قَالَ: إنْ شِئْت دَعَوْت وَإِنْ

وَكَمَا إذَا عَيَّنَ الْإِمَامُ مَنْ يُصَلِّي بِهِ فَبَانَ غَيْرُهُ وَمِنْهُ مَا إذَا عَيَّنَ الْأَدَاءَ فَبَانَ أَنَّ الْوَقْتَ خَرَجَ أَوْ الْقَضَاءَ فَبَانَ أَنَّهُ بَاقٍ وَعَلَى هَذَا الشَّاهِدِ إذَا ذَكَرَ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَالْخَطَأُ فِيهِ لَا يَضُرُّهُ وَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ سَأَلَهُمْ الْقَاضِي عَنْ لَوْنِ الدَّابَّةِ فَذَكَرُوا لَوْنًا 235 - ثُمَّ شَهِدُوا عِنْدَ الدَّعْوَى وَذَكَرُوا لَوْنًا آخَرَ تُقْبَلُ. وَالتَّنَاقُضُ فِيمَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لَا يَضُرُّ. وَأَمَّا فِيمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعْيِينُ كَالْخَطَأِ مِنْ الصَّوْمِ إلَى الصَّلَاةِ وَعَكْسِهِ وَمَنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ إلَى الْعَصْرِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ. 236 - وَمِنْ ذَلِكَ مَا إذَا نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو، الْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُعَيَّنَ الْإِمَامُ عِنْدَ كَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ كَيْ لَا يَظْهَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQشِئْت صَبَرْت فَهُوَ خَيْرٌ لَك قَالَ فَادْعُهُ. فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ. اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك وَأَتَوَجَّهُ إلَيْك بِنَبِيِّك مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إنِّي تَوَجَّهْت بِك إلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ لِتَقْضِيَ لِي اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِي» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِلْبُرْهَانِ إبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ (234) قَوْلُهُ: وَكَمَا إذَا عَيَّنَ الْإِمَامَ مَنْ يُصَلِّي بِهِ: أَقُولُ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَقْرَأَ (الْإِمَامُ بِالرَّفْعِ) عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ وَالْمَفْعُولِ (مِنْ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ وَالْفَاعِلُ (مِنْ) لِمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا مِنْ أَنَّهُ إذَا نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو وَكَانَ الْخَطَأُ مُضِرًّا. (235) قَوْلُهُ: ثُمَّ شَهِدُوا عِنْدَ الدَّعْوَى. يُفِيدُ أَنَّ ذِكْرَهُمْ أَوَّلًا كَانَ قَبْلَ الشَّهَادَةِ وَفِيهِ بُعْدٌ. كَذَا قِيلَ. وَفِيهِ أَنَّهُ لَا بُعْدَ لِجَوَازِ أَنْ يَذْكُرَ الشَّاهِدَانِ اللَّوْنَ عَلَى طَرِيقِ الْأَخْبَارِ لَا الشَّهَادَةِ (236) قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ مَا إذَا نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ إلَخْ. أَقُولُ فِيهِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي الْخَطَأِ فِيمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعْيِينُ، وَتَعْيِينُ الْإِمَامِ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَمَا

كَوْنُهُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَا يَجُوزُ. فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ الْقَائِمَ فِي الْمِحْرَابِ 237 - كَائِنًا مَنْ كَانَ وَلَوْ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ أَنَّهُ زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو 238 - جَازَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ الْقَائِمِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ زَيْدٌ وَهُوَ عَمْرٌو صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِمَا نَوَى لَا لِمَا رَأَى. وَهُوَ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: 239 - صَلَّى الظُّهْرَ وَنَوَى أَنَّ هَذَا ظُهْرُ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ جَازَ ظُهْرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ. وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُعَيَّنَ الْإِمَامُ بَلْ يَكْفِي نِيَّةَ الِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ الْحَاضِرِ وَإِمَامِ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ مَعَهُ فَإِنْ عَيَّنَهُ بِاسْمِ الْعِلْمِ وَأَخْطَأَ، كَأَنْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ فَبَانَ أَنَّهُ عَمْرٌو بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَحِينَئِذٍ كَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَذْكُرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ بِمَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعْيِينُ، فَلَا يَضُرُّ فِيهِ الْخَطَأُ إلَّا عَلَى أَنَّهُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ فَيَضُرُّ فِيهِ الْخَطَأُ. (237) قَوْلُهُ: كَائِنًا مَنْ كَانَ. اُخْتُلِفَ فِي كَانَ وَكَائِنٍ فِي مِثْلِ هَذَا. فَقَالَ الْفَارِسِيُّ هُمَا نَاقِصَانِ وَفِي " كَائِنًا " ضَمِيرٌ هُوَ اسْمُهُ، وَخَبَرُهُ مَنْ، وَهُوَ مَوْصُولٌ وَصِلَتُهُ كَانَ وَاسْمُهَا ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فِيهَا وَخَبَرُهَا مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ إيَّاهُ، وَالضَّمِيرَانِ عَائِدَانِ إلَى الشَّخْصِ الْمَنْوِيِّ وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ: حِينَئِذٍ يَنْوِي الْقَائِمُ كَائِنًا الَّذِي كَانَ إيَّاهُ، وَكَائِنًا حَالٌ مِنْ الْقَائِمِ وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ (مَنْ) نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهَذَا الْكَلَامُ يَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ بَيَانٍ. (238) قَوْلُهُ: جَازَ الِاقْتِدَاءُ إلَخْ. لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْوَصْلَيَّ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْجَوَابِ. قَوْلُهُ: صَلَّى الظُّهْرَ وَنَوَى أَنَّ هَذَا ظُهْرُ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ إلَخْ. مِثْلُهُ فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي قَالَ الْبُرْهَانُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِهَا: إنْ نَوَى ظُهْرَ الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَنَوَى أَنَّ هَذَا ظُهْرُ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ، أَيْ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ يَوْمُ الثُّلَاثَاءِ، وَأَنَّ الظُّهْرَ مِنْهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ أَيْ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ، وَأَنَّ الظُّهْرَ مِنْهُ، جَازَ ظُهْرُهُ، وَالْغَلَطُ إنَّمَا هُوَ فِي تَعْيِينِ الْوَقْتِ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّهُ إذَا حَصَلَ تَعْيِينُ الْفَرْضِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ

فَالْغَلَطُ فِي تَعْيِينِ الْوَقْتِ لَا يَضُرُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQنَوْعِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ ظُهْرَانِ مَثَلًا، وَنَوَى الظُّهْرَ وَلَمْ يُعَيَّنْ أَحَدَهُمَا أَنَّهُ ظُهْرُ أَيُّ يَوْمٍ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ (انْتَهَى) . وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ أَمِيرِ الْحَاجِّ فِي شَرْحِهِ أَنَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَفْصِيلًا وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ نَوَى ظُهْرَ هَذَا الْيَوْمِ، الْيَوْمُ الَّذِي هُوَ فِيهِ كَائِنًا مَا كَانَ، أَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ هُوَ فِي الْوَاقِعِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ أَوْ الْأَرْبِعَاءِ أَوْ الِاثْنَيْنِ، لِأَنَّهُ قَدْ عَرَّفَهُ بِالْإِشَارَةِ فَلَغَتْ التَّسْمِيَةُ. وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْجَوَازِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَوْ يَكُونُ نَوَى ظُهْرَ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ أَيْ ظُهْرَ وَقْتِ الْمُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي هُوَ فِيهِ غَيْرِ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ فَلَا يَصِحُّ شُرُوعُهُ فِي ظُهْرِ يَوْمِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ، لِعَدَمِ مُطَابِقَةِ هَذَا الْقَصْدِ وَالْإِرَادَةِ لَهُ (انْتَهَى) . هَذَا زُبْدَةُ مَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَبِهِ وَضَحَ الصُّبْحُ لِذِي عَيْنَيْنِ. (240) قَوْلُهُ: فَالْغَلَطُ فِي تَعْيِينِ الْوَقْتِ لَا يَضُرُّ. قَالَ الزَّاهِدِيُّ: لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْوَقْتِ فِي الْقَضَاءِ دُونَ الْأَدَاءِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: رَجُلٌ صَلَّى الظُّهْرَ وَنَوَى أَنَّ هَذَا مِنْ ظُهْرِ يَوْمِهِ وَهُوَ يَوْمُ الثُّلَاثَاءِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ جَازَ ظُهْرُهُ. وَتَعْيِينُ الْوَقْتِ لَيْسَ بِشَرْطٍ (انْتَهَى) . قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ تَعْيِينَ الْوَقْتِ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْقَضَاءِ وَالْأَدَاءِ عِنْدَ وُجُودِ الْمُزَاحِمِ لِذَلِكَ الْمُؤَدِّي ضَرُورَةَ وُجُوبِ تَعْيِينِهِ أَدَاءً كَانَ أَوْ قَضَاءً، لِأَنَّ تَعْيِينَ الْوَقْتِ لَازِمٌ غَيْرُ مُنْفَكٍّ لِتَعْيِينِ الْمُؤَدَّى عِنْدَ وُجُودِ الْمُزَاحِمِ كَمَا يَشْهَدُ بِهِ تَعْلِيلَاتُ فُرُوعِ الْبَابِ؛ ثُمَّ قَالَ وَإِنَّمَا قُلْت عِنْدَ وُجُودِ الْمُزَاحِمِ لِأَنَّ عِنْدَ عَدَمِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِ الْوَقْتِ لِأَنَّ عَدَمَهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ تَعْيِينِهِ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الْخَانِيَّةِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي ذِمَّتِهِ ظُهْرٌ وَاحِدٌ فَائِتَةٌ كَفَاهُ أَنْ يَنْوِيَ مَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الظُّهْرِ لِفَائِتٍ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ أَيِّ يَوْمٍ فَإِنَّ أَدْنَى التَّعْيِينِ كَافٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ مُرَادَ صَاحِبِ الْخُلَاصَةِ بِقَوْلِهِ وَتَعْيِينُ الْوَقْتِ لَيْسَ بِشَرْطِ تَعْيِينِ الْيَوْمِ بِاسْمِهِ الْمُطَابِقِ لَهُ بَعْدَ تَعْيِينِهِ بِإِضَافَةٍ أَوْ إشَارَةٍ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَاعْلَمْهُ. أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَهُ فِي الْأَدَاءِ دُونَ الْقَضَاءِ، وَلَا يُلَائِمُهُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ وَمِثْلُهُ فِي الصَّوْمِ إلَخْ (انْتَهَى) وَقِيلَ عَلَيْهِ أَيْضًا: هَذَا النَّقْلُ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ فِي بَيَانِ تَعْيِينِ الْمَنْوِيِّ وَعَدَمِهِ، حَيْثُ قَالَ وَأَمَّا قَضَاءُ الصَّلَاةِ فَلَا يَجُوزُ إلَخْ. وَيُخَالِفُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الضَّابِطَةِ حَيْثُ ذَكَرَ فِي عِنْوَانِهِ أَنَّ التَّعْيِينَ لِتَمْيِيزِ الْأَجْنَاسِ فَتَأَمَّلْ.

وَمِثْلُهُ فِي الصَّوْمِ لَوْ نَوَى قَضَاءَ يَوْمِ الْخَمِيسِ فَإِذَا عَلَيْهِ غَيْرُهُ 242 - لَا يَجُوزُ، 243 - وَلَوْ نَوَى قَضَاءَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الصَّوْمِ وَهُوَ يَظُنُّهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ فِي الصَّوْمِ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يُخْفِي أَنَّ الظَّاهِرَ كَوْنُ الْمُرَادِ فِي مَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ الْأَدَاءَ وَقَدْ صَرَّحَ فِي مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ بِإِرَادَةِ الْقَضَاءِ مَعَ اخْتِلَافِ حُكْمِ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَكَيْفَ يَسُوغُ إطْلَاقُ مُمَاثِلِهِ؟ أَقُولُ: فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَلَوْ وَقَعَ الْخَطَأُ فِي الِاعْتِقَادِ دُونَ التَّعْيِينِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ، كَأَنْ يَنْوِيَ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ صَوْمَ غَدٍ وَهُوَ يَعْتَقِدُهُ الثُّلَاثَاءَ وَنَظِيرُهُ فِي الِاقْتِدَاءِ أَنْ يَنْوِيَ الِاقْتِدَاءَ بِالْحَاضِرِ مَعَ اعْتِقَادِهِ أَنَّهُ زَيْدٌ وَهُوَ عَمْرٌو فَإِنَّهُ يَصِحُّ قَطْعًا فِي الصَّلَاةِ لَوْ أَدَّى الظُّهْرَ فِي وَقْتِهَا مُعْتَقِدًا أَنَّهُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَكَانَ الثُّلَاثَاءَ وَلَوْ طَافَ الْمُحْرِمُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ طَافَ لِعُمْرَةٍ أَوْ عَكْسِهِ أَجْزَأَهُ وَلَوْ تَيَمَّمَ مُعْتَقِدًا أَنَّ حَدَثَهُ أَصْغَرُ فَبَانَ أَنَّهُ أَكْبَرُ أَوْ عَكْسُهُ صَحَّ (انْتَهَى) وَمِنْهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ التَّأَمُّلِ. (242) قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ. يَعْنِي لِأَنَّهُ لَوْ نَوَى قَضَاءَ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهُ تَعْيِينُ الْيَوْمِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا عَيَّنَ الْيَوْمَ بِكَوْنِهِ الْخَمِيسَ، وَكَانَ الَّذِي عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ غَيْرُ الْخَمِيسِ لَمْ يُجِزْ، وَإِنَّمَا لَا يَلْزَمُهُ تَعْيِينُ الْيَوْمِ فِي قَضَاءِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ كُلَّهَا مِنْ قَبِيلِ مُخْتَلِفِ السَّبَبِ، حَتَّى الظُّهْرَ مِنْ يَوْمَيْنِ لِأَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمٍ غَيْرِ وَقْتِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمٍ آخَرَ حَقِيقِيَّةً وَحُكْمًا، أَمَّا حَقِيقَةً فَظَاهِرٌ. وَكَذَا حُكْمًا لِأَنَّ الْخِطَابَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِوَقْتٍ يَجْمَعهُمَا بَلْ بِدُلُوكِ الشَّمْسِ وَالدُّلُوكُ فِي يَوْمٍ غَيْرِ الدُّلُوكِ فِي يَوْمٍ آخَرَ بِخِلَافِ صَوْمِ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِشُهُودِ الشَّهْرِ وَهُوَ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا بِلَيَالِيِهَا فَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى تَعْيِينِ صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ مَثَلًا أَوْ يَوْمِ الْأَحَدِ، حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَيْنِ يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ عَنْ أَحَدِهِمَا كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ مِنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَجَعَلَ هَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ نَظِيرَ مَا لَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا نَوَى وَهُوَ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ؛ وَجْهُ عَدَمِ الْجَوَازِ أَنَّ الْقَضَاءَ يَحْتَاجُ إلَى التَّعْيِينِ وَقَدْ أَخْطَأَ فِي التَّعْيِينِ فَلَا يَجُوزُ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ فَصَامَهُ بِنِيَّةِ يَوْمٍ آخَرَ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّ الْيَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَ جِنْسٌ وَاحِدٌ. (243) قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى قَضَاءَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الصَّوْمِ وَهُوَ يَظُنُّهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ إلَخْ. قِيلَ فِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْ.

وَهُوَ غَيْرُهُ جَازَ، وَلَوْ كَانَ يَرَى شَخْصَهُ فَنَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهَذَا الْإِمَامِ الَّذِي هُوَ زَيْدٌ فَإِذَا هُوَ خِلَافُهُ جَازَ لِأَنَّهُ عَرِفَهُ بِالْإِشَارَةِ فَلَغَتْ التَّسْمِيَةُ. 244 - وَكَذَا لَوْ كَانَ آخِرُ الصُّفُوفِ لَا يَرَى شَخْصَهُ فَنَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ الْقَائِمِ فِي الْمِحْرَابِ الَّذِي هُوَ زَيْدٌ فَإِذَا هُوَ غَيْرُهُ جَازَ أَيْضًا. وَمِثْلُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخَطَأِ فِي تَعْيِينِ الْمَيِّتِ فَعِنْدَ الْكَثْرَةِ يَنْوِي الْمَيِّتَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامُ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعُمَدِ لَوْ قَالَ اقْتَدَيْت بِهَذَا الشَّابِّ فَإِذَا هُوَ شَيْخٌ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ قَالَ اقْتَدَيْت بِهَذَا الشَّيْخِ 245 - فَإِذَا هُوَ شَابٌّ صَحَّ 246 - لِأَنَّ الشَّابَّ يُدْعَى شَيْخًا لِعِلْمِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي آخِرِ الصُّفُوفِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا يُخَالِفُ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَابِقًا مِنْ قَوْلِهِ: لَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو (انْتَهَى) . وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يُخَالِفُهُ إذْ هُنَا نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ الْقَائِمِ فِي الْمِحْرَابِ فَعَرَّفَهُ فَاللَّامُ التَّعْرِيفِ فَلَغَتْ التَّسْمِيَةُ، كَمَا لَوْ أَشَارَ إلَيْهِ وَسَمَّاهُ فَظَهَرَ خِلَافُهُ، فَإِنَّ التَّسْمِيَةَ تَلْغُو بِخِلَافِ مَا نَقَلَهُ سَابِقًا (انْتَهَى) . وَقِيلَ عَلَيْهِ أَيْضًا: إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَيْنُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَهِيَ مَا إذَا نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْقَائِمِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ زَيْدٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ السَّابِقَةَ لَمْ يَزِدْ فِيهَا عَلَى نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِالْقَائِمِ فِي الْمِحْرَابِ، لَكِنْ ظَنَّهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ زَيْدًا وَفِي هَذِهِ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْقَائِمِ الَّذِي هُوَ زَيْدٌ بِحَيْثُ تَقَيَّدَ الْقَائِمُ بِالْمَوْصُولِ مَعَ صِلَتِهِ وَبِهَذَا الْقَدْرِ يَتَحَقَّقُ الْمُغَايِرَةُ بَيْنَهُمَا. (245) قَوْلُهُ: فَإِذَا هُوَ شَابٌّ صَحَّ. قِيلَ عَلَيْهِ: يُخَالِفُ لِمَا سَبَقَ فَتَأَمَّلْهُ. (246) قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشَّابَّ يُدْعَى شَيْخًا. قِيلَ عَلَيْهِ: قَدْ يُقَالُ ذَكَرْتُمْ فِي مَوَاضِعَ شَتَّى أَنَّ التَّسْمِيَةَ تَلْغُو مَعَ الْإِشَارَةِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهَا، وَقَضِيَّةِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَعَدَمِ النَّظَرِ إلَى كَوْنِ الشَّابِّ يُدْعَى شَيْخًا دُونَ عَكْسِهِ وَحِينَئِذٍ لَا يَتَّجِهُ قَوْلُهُ وَالْإِشَارَةُ هُنَا لَا تَكْفِي لِأَنَّ لَازِمَ إلْغَاءِ التَّسْمِيَةِ، كَوْنُ الْإِشَارَةِ إلَى الْإِمَامِ لِظُهُورِ أَنَّ كَوْنَهَا إلَى

[مسألة ينوي خلاف ما يؤدي]

وَالْإِشَارَةُ هُنَا لَا تَكْفِي لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ إشَارَةً إلَى الْإِمَامِ إنَّمَا هِيَ إلَى شَابٍّ أَوْ شَيْخٍ فَتَأَمَّلْ وَعَلَى هَذَا لَوْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ الذَّكَرِ فَبَانَ أَنَّهُ أُنْثَى لَوْ عَكَسَهُ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا يَضُرُّ إلَّا إذَا بَانَ أَنَّهُمْ أَكْثَرُ لِأَنَّ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يَنْوِ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَهُوَ الزَّائِدُ [مَسْأَلَةٌ يَنْوِي خِلَافَ مَا يُؤَدِّي] 248 - مَسْأَلَةٌ لَيْسَ لَنَا وَأَنْ يَنْوِيَ خِلَافَ مَا يُؤَدِّي إلَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ فِي سُجُودِ السَّهْوِ نَوَاهَا جُمُعَةً وَيُصَلِّيهَا ظُهْرًا، عِنْدَهُ. وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُصَلِّيهَا جُمُعَةً فَلَا اسْتِثْنَاءَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّابِّ أَوْ الشَّيْخِ إنَّمَا هُوَ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ إلْغَائِهَا، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ صَرَّحَ بِإِلْغَاءِ التَّسْمِيَةِ مَعَ الْإِشَارَةِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهَذَا الْإِمَامِ الَّذِي هُوَ زَيْدٌ. (247) قَوْلُهُ: وَالْإِشَارَةُ هُنَا لَا تَكْفِي إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِهَذَا الْقَائِمِ فِي الْمِحْرَابِ الَّذِي هُوَ زَيْدٌ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَصِحُّ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ زَيْدٌ، أَيْ الَّذِي ظَنَّهُ زَيْدًا، فَلَا تَبْطُلُ الْإِشَارَةُ بِهِ وَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا جَزَمَ بِأَنَّهُ شَابٌّ، فَقَدْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِغَيْرِ الْإِمَامِ فَصَارَ كَالِاقْتِدَاءِ بِزَيْدٍ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو، أَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَعَكْسِهِ بِأَنَّ الشَّابَّ يُدْعَى شَيْخًا فَبَعِيدٌ، وَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ التَّأَمُّلِ. فِي الْبَزَّازِيَّةِ زَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَعَلَى الْعَكْسِ: يَجُوزُ. وَقِيلَ لَا يَجُوزُ. قُلْت وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ أَوْ أَنَّهُ يُشْبِهُ الشَّابَّ، وَهَذَا يُرَجِّحُ إرَادَةَ الظَّنِّ فِي مَقَامِ الصِّحَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ لَعَلَّ كَوْنُهُ يُشْبِهُ الشَّيْخَ مَعَ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْإِشَارَةِ فَإِنَّهُ لَوْ اعْتَبَرَهَا لَأَشْكَلَ فَتَأَمَّلْ (248) قَوْلُهُ: مَسْأَلَةٌ. لَيْسَ لَنَا وَأَنْ يَنْوِيَ خِلَافَ مَا يُؤَدِّي إلَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الْجُمُعَةِ. أَيْ إلَّا مُصَلَّى الْجُمُعَةِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الْجُمُعَةِ. أَقُولُ: الْحَصْرُ مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُمْ قَالُوا لَوْ طَافَ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَقَعَ عَنْ الْفَرْضِ، فَقَدْ نَوَى خِلَافَ مَا أَدَّى.

وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَنْوِيُّ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْمَقْصُودَةِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الْوَسَائِلِ كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ؛ قَالُوا فِي الْوُضُوءِ لَا يَنْوِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ. وَاعْتَرَضَ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ عَلَى الْكَنْزِ فِي قَوْلِهِ وَنِيَّةَ بِنَاءً عَلَى عَوْدِ الضَّمِيرِ إلَى الْوُضُوءِ وَكَذَا اعْتَرَضُوا عَلَى الْقُدُورِيِّ فِي قَوْلِهِ يَنْوِي الطَّهَارَةَ. وَالْمَذْهَبُ أَنْ يَنْوِيَ مَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِالطَّهَارَةِ مِنْ الْعِبَادَاتِ، أَوْ رَفْعُ الْحَدَثِ. وَعِنْدَ الْبَعْضِ نِيَّةُ الطَّهَارَةِ تَكْفِي وَأَمَّا فِي التَّيَمُّمِ فَقَالُوا إنَّهُ يَنْوِي عِبَادَةً مَقْصُودَةً لَا تَصِحُّ إلَّا بِالطَّهَارَةِ مِثْلَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ قَالُوا لَوْ تَيَمَّمَ لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِذَلِكَ فِيمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي الْبَحْثِ الثَّامِنِ. وَيُمْنَعُ الْحَصْرُ أَيْضًا بِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ تَطَوُّعًا فَظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ كَانَ عَنْ رَمَضَانَ، وَيُمْنَعُ الْحَصْرُ أَيْضًا إذَا قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ سَاهِيًا بَعْدَ مَا قَعَدَ لِلْأَخِيرَةِ فَإِنَّهُ يَضُمُّ إلَيْهَا سَادِسَةً وَتَكُونُ الرَّكْعَتَانِ نَائِبَتَيْنِ عَنْ سُنَّةِ الظُّهْرِ فِي قَوْلٍ. وَيُمْنَعُ الْحَصْرُ أَيْضًا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْ تَهَجُّدٍ عَلَى ظَنِّ بَقَاءِ اللَّيْلِ فَظَهَرَ أَنَّ الْفَجْرَ قَدْ طَلَعَ فَإِنَّهُمَا تَنُوبَانِ عَنْ سُنَّةِ الْفَجْرِ عَلَى الصَّحِيحِ؛ وَيُمْنَعُ الْحَصْرُ أَيْضًا بِمَا لَوْ نَوَى كَفَّارَةَ الظِّهَارِ أَوْ كَفَّارَةَ الصَّوْمِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْعِتْقِ، فَإِنَّهُ يَمْضِي فِي الصَّوْمِ النَّفَلُ وَهُوَ خِلَافُ مَا نَوَى بِلَا شَكٍّ. وَيُمْنَعُ الْحَصْرُ أَيْضًا بِمَا إذَا كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ مُنْفَرِدًا فَأُقِيمَتْ الْجَمَاعَةُ وَقَدْ قَيَّدَ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ فَإِنَّهُ يَتِمُّ شَفْعًا وَيَقَعُ نَفْلًا، فَقَدْ نَوَى خِلَافَ مَا أَدَّى وَيُمْنَعُ الْحَصْرُ أَيْضًا بِمَا إذَا نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ فَصَامَهُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ يَقَعُ عَنْ النَّذْرِ، كَمَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ. وَيُمْنَعُ الْحَصْرُ أَيْضًا بِمَا لَوْ نَوَى بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ تَطَوُّعًا، كَانَ عَنْ سُنَّةِ الْفَجْرِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مِنْهُ لِأَنَّ الْوَقْتَ مُتَعَيِّنٌ لَهَا. ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ: وَبَعْدَ الْفَجْرِ بِأَكْثَرَ مِنْ سُنَّةِ رَمَضَانَ أَجُزْأَهُ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا (249) قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ. هَذَا مُقَابِلُ قَوْلَهُ أَوَّلَ الْمَبْحَثِ الثَّالِثِ فَإِنْ كَانَ الْمَنْوِيُّ عِبَادَةً.

[صفة المنوي من الفريضة والنافلة والأداء والقضاء]

أَوْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لَا تُؤَدَّى بِهِ الصَّلَاةُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِعِبَادَةٍ مَقْصُودَةٍ وَإِنَّمَا هِيَ اتِّبَاعٌ لِغَيْرِهَا وَفِي التَّيَمُّمِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ رِوَايَتَانِ. فَعِنْدَ الْعَامَّةِ لَا يَجُوزُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. 250 - وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُحْدِثًا. وَأَمَّا إذَا كَانَ جُنُبًا فَتَيَمَّمَ لَهَا جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ الرَّابِعُ، فِي صِفَةِ الْمَنْوِيِّ مِنْ الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ وَالْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ. أَمَّا الصَّلَاةُ فَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ أَنَّهُ يَنْوِي الْفَرِيضَةَ فِي الْفَرْضِ فَقَالَ مَعْزِيًّا إلَى الْمُجْتَبَى لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الصَّلَاة وَنِيَّةِ الْفَرْضِ وَنِيَّةِ التَّعْيِينِ. 251 - حَتَّى لَوْ نَوَى الْفَرْضَ لَا يُجْزِيهِ 252 - وَالْوَاجِبَاتُ كَالْفَرَائِضِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَأَمَّا النَّافِلَةُ وَالسُّنَّةُ الرَّاتِبَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُحْدِثًا أَمَّا إذَا كَانَ جُنُبًا إلَخْ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَكُونَ الْمَنْوِيُّ عِبَادَةً مَقْصُودَةً أَوْ جُزْأَهَا، وَهُوَ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالطَّهَارَةِ وَالْقُرْآنُ جُزْءٌ مِنْ الْعِبَادَةِ الْمَقْصُودَةِ، إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ جُنُبًا وَجَدَ الشَّرْطَ الْآخِرَ وَهُوَ عَدَمُ حِلِّ الْفِعْلِ إلَّا بِالطَّهَارَةِ، فَحَصَلَ الشَّرْطُ فَجَازَتْ الصَّلَاةُ بِهِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ مُحْدِثًا عَدَمُ الشَّرْطِ الْآخِرِ فَلَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ بِهِ [صِفَةِ الْمَنْوِيِّ مِنْ الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ وَالْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ] (251) قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ نَوَى الْفَرْضَ لَا يُجْزِيهِ. تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الصَّلَاةِ وَنِيَّةِ الْفَرْضِ وَنِيَّةِ التَّعْيِينِ، وَفِيهِ أَنَّ نِيَّةَ الْفَرْضِ إحْدَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا فَكَيْفَ يُجْزِيهِ مُجَرَّدَ نِيَّةِ الْفَرْضِ؟ ، وَعِبَارَةُ الْمُجْتَبَى: فَإِذَا نَوَى الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ جَمَعَ هَذَا الْوُجُوهَ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَعْلَمُ مَا فِي نَقْلِ الْمُصَنِّفِ عَنْ الْمُجْتَبَى مِنْ الْخَلَلِ (252) قَوْلُهُ: وَالْوَاجِبَاتُ كَالْفَرَائِضِ. يُفِيدُ أَنَّ تَعْيِينَهَا إمَّا بِخُصُوصِيَّتِهَا أَوْ بِكَوْنِهَا وَاجِبَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْوِتْرِ أَنَّهُ يَنْوِي الْوِتْرَ لَا الْوَاجِبَ؛ وَعَلَّلَهُ ثَمَّةَ بِأَنَّ وُجُوبَهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ

فَقَدَّمْنَا أَنَّهَا تَصِحُّ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ، وَبِنِيَّةٍ مُبَايِنَةٍ وَتَفَرَّعَ عَلَى اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْفَرِيضَةِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْرِفْ افْتِرَاضَ الْخَمْسِ إلَّا أَنَّهُ يُصَلِّيهَا فِي أَوْقَاتِهَا لَا تَجُوزُ وَكَذَا لَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ مِنْهَا فَرْضًا وَنَفْلًا وَلَا يُمَيِّزُ وَلَمْ يَنْوِ الْفَرْضَ فِيهَا فَإِنْ نَوَى الْفَرْضَ فِي الْكُلِّ جَازَ 254 - وَلَوْ ظَنَّ الْكُلَّ فَرْضًا جَازَ وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ ذَلِكَ فَكُلُّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا مَعَ الْإِمَامِ جَازَ إنْ نَوَى صَلَاةَ الْإِمَامِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْقُنْيَةِ الْمُصَلُّونَ سِتَّةٌ الْأَوَّلُ مَنْ عَلِمَ الْفُرُوضَ مِنْهَا وَالسُّنَنَ مِنْهَا 255 - وَعَلِمَ مَعْنَى الْفَرْضِ أَنَّهُ مَا يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ بِفِعْلِهِ وَالْعِقَابَ بِتَرْكِهِ. وَالسُّنَّةُ مَا يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ بِفِعْلِهَا وَلَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهَا فَنَوَى الظُّهْرَ أَوْ الْفَجْرَ أَجْزَأَتْهُ وَأَغْنَتْ نِيَّةَ الظُّهْرِ عَنْ نِيَّةِ الْفَرْضِ وَالثَّانِي مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَيَنْوِي الْفَرْضَ فَرْضًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَأَفَادَ أَنَّ الْوَاجِبَاتِ لَيْسَتْ كَالْفَرْضِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. (253) قَوْلُهُ: فَقَدَّمْنَا أَنَّهَا تَصِحُّ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ أَوْ نِيَّةٍ مُبَايِنَةٍ أَقُولُ: الَّذِي قَدَّمَهُ أَنَّهَا تَصِحُّ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهَا تَصِحُّ بِنِيَّةٍ مُبَايِنَةٍ (254) قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَنَّ الْكُلَّ فَرْضًا. فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ: أَمَّا غَيْرُهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ الْفَرَائِضَ مِنْ النَّوَافِلِ فَصَلَّى وَنَوَى الْفَرْضَ فِي الْكُلِّ جَازَتْ صَلَاتُهُ أَمَّا صَلَاةُ الْقَوْمِ لِكُلِّ صَلَاةٍ لَيْسَ لَهَا سُنَّةٌ قَبْلَهَا كَصَلَاةِ الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ تَجُوزُ أَيْضًا، وَكُلُّ صَلَاةٍ قَبْلَهَا سُنَّةٌ، مِثْلَهَا كَصَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْفَجْرِ لَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْقَوْمِ (255) قَوْلُهُ: وَعَلِمَ مَعْنَى الْفَرْضِ أَنَّهُ مَا يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ بِفِعْلِهِ إلَخْ. الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ مَا ثَبَتَ بِقَطْعِيٍّ يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ بِفِعْلِهِ

وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُ مَا فِيهِ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ تُجْزِيهِ وَالثَّالِثُ يَنْوِي الْفَرْضَ وَيَعْلَمُ مَعْنَاهُ لَا تُجْزِيهِ وَالرَّابِعُ عَلِمَ أَنَّ فِيمَا يُصَلِّيهِ النَّاسُ فَرَائِضَ وَنَوَافِلَ فَيُصَلِّي كَمَا يُصَلِّي النَّاسُ وَلَا يُمَيِّزُ الْفَرَائِضَ مِنْ النَّوَافِلِ لَا تُجْزِيهِ، لِأَنَّ تَعْيِينَ النِّيَّةِ فِي الْفَرْضِ شَرْطٌ وَقِيلَ يُجْزِيهِ مَا صَلَّى فِي الْجَمَاعَةِ وَنَوَى الصَّلَاةَ الْإِمَامُ. وَالْخَامِسُ اعْتَقَدَ أَنَّ الْكُلَّ فَرْضٌ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَالسَّادِسُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ صَلَاةٌ مَفْرُوضَةٌ وَلَكِنَّهُ كَانَ يُصَلِّيهَا لِأَوْقَاتِهَا لَمْ يُجْزِهِ وَأَمَّا فِي الصَّوْمِ فَقَدْ عَلِمَتْ أَنَّهُ يَصِحُّ بِنِيَّةٍ مُبَايِنَةٍ وَبِمُطْلَقِ النِّيَّةِ، فَلَا يُشْتَرَطُ لِصَوْمِ رَمَضَانَ أَدَاءُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ حَتَّى قَالُوا لَوْ نَوَى لَيْلَةَ الشَّكِّ صَوْمَ آخِرَ شَعْبَانَ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ الصَّوْمِ أَنَّهُ أَوَّلُ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَتُشْتَرَطُ لَهَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ مُتَنَوِّعَةٌ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ نِيَّةِ الزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِ لِأَنَّهُ تَعْجِيلٌ بَعْدَ أَصْلِ الْوُجُوبِ لِأَنَّ سَبَبَهُ هُوَ النِّصَابُ النَّامِي. وَقَدْ وُجِدَ بِخِلَافِ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ بِخِلَافِ تَعْجِيلِ الصَّلَاةِ عَلَى وَقْتِهَا فَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِكَوْنِ وَقْتِهَا سَبَبًا لِلْوُجُوبِ وَشَرْطًا لِصِحَّةِ الْأَدَاءِ وَأَمَّا الْحَجُّ فَقَدَّمْنَا أَنَّهُ يَصِحُّ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ وَلَكِنْ عَلَّلُوهُ 256 - بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ نَوَى فِي نَفْسِ الْأَمْرِ الْفَرِيضَةَ؛ قَالُوا لِأَنَّهُ لَا يَتَحَمَّلُ الْمَشَاقَّ الْكَثِيرَةَ إلَّا لِأَجْلِ الْفَرْضِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ نَوَى فِي نَفْسِ الْأَمْرِ الْفَرِيضَةَ. الْمُرَادُ بِنَفْسِ الْأَمْرِ هُنَا مَا يَجِدُهُ الْعَقْلُ لِضَرُورَةٍ أَوْ دَلِيلٍ.

فَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَاقِعُ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الْفَرْضَ لَمْ يُجْزِهِ. 258 - لِأَنَّ صَرْفَهُ إلَى الْفَرْضِ حَمْلًا لَهُ عَلَيْهِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَهُوَ حَسَنٌ جِدًّا. 259 - فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِ لِأَنَّهُ لَوْ نَوَى النَّفَلَ فِيهِ وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ كَانَ نَفْلًا وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِ فِي الْكَفَّارَاتِ وَلِذَا قَالُوا أَنَّ صَوْمَ الْكَفَّارَاتِ وَقَضَاءَ رَمَضَانَ يَحْتَاجُ إلَى تَبْيِيتِ النِّيَّةِ مِنْ اللَّيْلِ لِأَنَّ الْوَقْتَ صَالِحٌ لِصَوْمِ النَّفْلِ؛ وَأَمَّا الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ فَلَا دَخْلَ لَهُمَا فِي هَذَا الْمَبْحَثِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قِيلَ عَلَيْهِ: فِي هَذَا الِاسْتِنْبَاطِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ أَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي النِّيَّةِ فِيهِ يَصْرِفُ إلَى الْفَرْضِ حُكْمًا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَكَيْفَ يَقُولُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِ، وَهُوَ مُصَادِمٌ لِكَلَامِهِمْ إنْ كَانَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ الْإِطْلَاقُ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ بِالصَّرْفِ إلَيْهِ وَجَدَتْ نِيَّةَ الْفَرْضِ فَهُوَ عَيْنُ مَا قَالُوا تَمَامًا. (258) قَوْلُهُ: لِأَنَّ صَرْفَهُ إلَى الْفَرْضِ. أَيْ مُتَعَيِّنٌ فَخَبَرُ أَنَّ مَحْذُوفٌ وَهُوَ لَا يَجُوزُ. (259) قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: مُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ لَا يَقَعَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ الْمَرِيضُ حَجَّهُ بِالْبُرْءِ فَبَرَأَ وَحَجَّ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُنْيَةِ وَالسِّرَاجِيَّةِ حَيْثُ قَالَا: مَرِيضٌ عَلَّقَ الْحَجَّ بِالْبُرْءِ، وَحَجَّ جَازَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَرُدَّ مَا قِيلَ بِأَنَّهُ أَيْ الْمَرِيضُ أَطْلَقَ نِيَّةَ الْحَجِّ فَصُرِفَ إلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: لَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ مُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنْ لَا يَقَعَ الْحَجُّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُنْيَةِ وَالسِّرَاجِيَّةِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا مُوَافَقَةُ مَا فِي الْمُنْيَةِ وَالسِّرَاجِيَّةِ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ فَلَا دَخْلَ لَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ، إذَا لَمْ يَدْعُ الْقَائِلَ مُخَالَفَةِ مَا فِي الْمُنْيَةِ وَالسِّرَاجِيَّةِ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرَ

لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهِمَا وَأَمَّا التَّيَمُّمُ فَلَا تُشْتَرَطُ لَهُ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ لِأَنَّهُ مِنْ الْوَسَائِلِ. وَقَدَّمْنَا أَنَّ نِيَّةَ رَفْعِ الْحَدَثِ كَافِيَةٌ وَعَلَى هَذَا الشُّرُوطِ كُلِّهَا لَا تُشْتَرَطُ لَهَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ لِقَوْلِهِمْ إنَّمَا يُرَاعَى حُصُولُهَا لَا تَحْصِيلِهَا. وَكَذَا الْخُطْبَةُ لَا تُشْتَرَطُ لَهَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ وَإِنْ شَرَطْنَا لَهَا النِّيَّةَ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَفَّلُ بِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فَرْضًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَلِذَا لَا تُعَادُ نَفْلًا وَلَمْ أَرَ حُكْمَ صَلَاةِ الصَّبِيِّ فِي نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُشْتَرَطَ لِكَوْنِهَا غَيْرَ فَرْضٍ فِي حَقِّهِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ صَلَاةَ كَذَا الَّتِي فَرَضَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْمُكَلَّفِ فِي هَذَا الْوَقْتِ. 261 - وَلَمْ أَرَ أَيْضًا حُكْمَ نِيَّةِ فَرْضِ الْعَيْنِ فِي فَرْضِ الْعَيْنِ وَفَرْضِ الْكِفَايَةِ فِيهِ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ 262 - وَأَمَّا الصَّلَاةُ الْمُعَادَةُ لِارْتِكَابِ مَكْرُوهٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ، فَلَا شَكَّ إنَّهَا جَائِزَةٌ لَا فَرْضَ. لِقَوْلِهِمْ بِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِالْأُولَى، فَعَلَى هَذَا يَنْوِي كَوْنَهَا جَائِزَةً لِنَقْضِ الْفَرْضِ عَلَى أَنَّهَا نَفْلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهِمَا. هَذَا فِي غَيْرِ الْوُضُوءِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ وَسُؤْرِ الْحِمَارِ فَإِنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فِيهِمَا كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ (261) قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ أَيْضًا حُكْمَ نِيَّةِ فَرْضِ الْعَيْنِ إلَخْ. أَقُولُ: فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْفَرَائِضِ تَعْيِينُ فَرْضِ الْعَيْنِ بِلَا خِلَافٌ. وَكَذَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ لَا تُشْتَرَطُ فِيهَا نِيَّةُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ (262) قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصَّلَاةُ الْمُعَادَةُ لِارْتِكَابِ مَكْرُوهٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ إلَخْ قِيلَ عَلَيْهِ: أَنَّ الْإِعَادَةَ إنْ كَانَتْ لِتَرْكِ وَاجِبٍ فَوَاجِبَةٌ وَإِنْ كَانَتْ لِتَرْكِ سُنَّةٍ فَسُنَّةٌ (انْتَهَى) . أَقُولُ الْجَوَازُ يُنَافِي الْوُجُوبَ وَالسُّنَّةَ

تَحْقِيقًا وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يَسْقُطُ بِهَا فَلَا خَفَاءَ فِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ. وَأَمَّا نِيَّةُ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ فَفِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا عَيَّنَ الصَّلَاةَ الَّتِي يُؤَدِّيَهَا صَحَّ. نَوَى الْأَدَاءَ أَوْ الْقَضَاءَ وَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ فِي الْأُصُولِ فِي بَحْثِ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ: أَنَّ أَحَدَهُمَا يُسْتَعْمَلُ مَكَانَ الْآخَرِ حَتَّى يَجُوزُ الْأَدَاءُ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ وَبِالْعَكْسِ؛ وَبَيَانُهُ أَنَّ مَا لَا يُوصَفُ بِهِمَا لَا تُشْتَرَطُ لَهُ كَالْعِبَادَةِ الْمُطْلَقَةِ عَنْ الْوَقْتِ كَالزَّكَاةِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَالْكَفَّارَاتِ. وَكَذَا مَا لَا يُوصَفُ بِالْقَضَاءِ كَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَلَا الْتِبَاسَ لِأَنَّهَا إذَا فَاتَتْ مَعَ الْإِمَامِ يُصَلِّي الظُّهْرَ، وَأَمَّا مَا يُوصَفُ بِهِمَا كَصَلَاةِ الْخَمْسِ فَقَالُوا لَا تُشْتَرَطُ أَيْضًا. قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَوْ نَوَى الْأَدَاءَ. عَلَى ظَنِّ بَقَاءِ الْوَقْتِ فَتَبَيَّنَ خُرُوجَهُ أَجْزَأَهُ وَكَذَا عَكْسُهُ. وَفِي الْبِنَايَةِ لَوْ نَوَى فَرْضَ الْوَقْتِ بَعْدَ مَا خَرَجَ الْوَقْتُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ شَكَّ فِي خُرُوجِهِ فَنَوَى فَرْضَ الْوَقْتِ جَازَ وَفِي الْجُمُعَةِ يَنْوِيَهَا وَلَا يَنْوِيَ فَرْضَ الْوَقْتِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة 263 - كُلُّ وَقْتٍ شَكَّ فِي خُرُوجِهِ فَنَوَى ظُهْرَ الْوَقْتِ مَثَلًا، فَإِذَا هُوَ قَدْ خَرَجَ. الْمُخْتَارُ الْجَوَازُ وَاخْتَلَفُوا أَنَّ الْوَقْتِيَّةَ هَلْ تَجُوزُ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ؟ وَالْمُخْتَارُ الْجَوَازُ إذَا كَانَ فِي قَلْبِهِ فَرْضُ الْوَقْتِ وَكَذَا الْقَضَاءُ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ هُوَ الْمُخْتَارُ. وَذَكَرَ فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ وَشَرْحِ أُصُولِ فَجْرِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْأَدَاءَ يَصِحُّ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ حَقِيقَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كُلُّ وَقْتٍ شَكَّ فِي خُرُوجِهِ فَنَوَى ظُهْرَ الْوَقْتِ إلَخْ. مِثْلُهُ فِي

كَنِيَّةِ مَنْ نَوَى أَدَاءَ ظُهْرِ الْيَوْمِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ عَلَى ظَنٍّ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَعِبَارَتُهَا: وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ شَاكًّا فِي بَقَاءِ وَقْتِ الظُّهْرِ فَنَوَى ظُهْرَ الْوَقْتِ فَإِذَا الْوَقْتُ قَدْ خَرَجَ. يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ، وَالْأَدَاءُ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ يَجُوزُ؛ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارِ. كَذَا ذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ أَمِيرِ الْحَاجِّ فِي شَرْحِهِ: أَمَّا كَوْنُ الْقَضَاءِ يَجُوزُ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ، وَالْأَدَاءُ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ مَرِيدًا مَا عَلَيْهِ بِتِلْكَ. وَإِنَّمَا لَاحَظَ هَذَا الْوَصْفَ إمَّا مَجَازًا أَوْ لِلْجَهْلِ بِاتِّصَافِهِ وَحِينَئِذٍ قَيَّدَ بِالْوَصْفِ الْمُخَالِفِ لَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَتَعُمُّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا وَغَيْرِهَا. وَأَمَّا إنَّهُ إذَا كَانَ شَاكًّا فِي وَقْتِ إنَّهُ بَاقٍ فَنَوَى ظُهْرَ الْوَقْتِ وَالْوَقْتُ قَدْ خَرَجَ يَجُوزُ، فَخِلَافُ الْمَسْطُورِ فِيمَا وَقَفَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مِنْ الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ فِي الْمَذْهَبِ مَعَ مُسَاعَدَةِ الْوَجْهِ. لِذَلِكَ فَإِنَّ الْمَسْطُورَ فِيهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ فَرْضُ الْوَقْتِ هُوَ الْعَصْرُ، فَإِذَا نَوَى فَرْضَ الْوَقْتِ كَانَ نَاوِيًا لِلْعَصْرِ، وَصَلَاةُ الظُّهْرِ لَا يَجُوزُ بِنِيَّةٍ الْعَصْرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ. وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ غَلَطٌ مِنْهُ (انْتَهَى) . وَقَالَ الْبُرْهَانُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِهِ: أَمَّا جَوَازُ الْقَضَاءِ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ وَعَكْسِهِ فَمُجْمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، وَأَمَّا نِيَّةُ ظُهْرِ الْوَقْتِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا يَجُوزُ، وَلَيْسَ مِنْ الْقَضَاءِ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ. قَالَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: قَوْلُهُ كَالظُّهْرِ مَثَلًا، أَيْ إذَا قُرِنَ بِالْيَوْمِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ قَضَاءٌ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ أَوْ بِالْوَقْتِ، أَيْ إذَا قَرَنَ الظُّهْرَ بِالْوَقْتِ وَلَمْ يَكُنْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَإِنْ خَرَجَ وَنَسِيَهُ لَا يُجْزِيهِ فِي الصَّحِيحِ (انْتَهَى) . وَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا لَوْ نَوَى ظُهْرَ الْوَقْتِ أَوْ عَصْرَ الْوَقْتِ يَجُوزُ هَذَا إذَا كَانَ يُصَلِّي فِي الْوَقْتِ فَإِنْ صَلَّى بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ فَنَوَى الظُّهْرَ، لَا يَجُوزُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بِضَمِّ الْوَقْتِ حِينَئِذٍ وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ بِضَمِّ الْيَوْمِ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ ظُهْرَ الْيَوْمِ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ، وَيَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ ظُهْرَ الْوَقْتِ بِخُرُوجِهِ لِصِحَّةِ التَّسْمِيَةِ ظُهْرَ الْيَوْمِ لَا ظُهْرَ الْوَقْتِ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَيْسَ لَهُ إذْ اللَّامُ لِلْعَهْدِ لَا لِلْجِنْسِ، فَلَا تُضَافُ إلَيْهِ؛ فَعَلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَا اخْتَارَهُ فِي الْمُحِيطِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - غَيْرُ الْمُخْتَارِ (انْتَهَى) . وَالْحَقُّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبُرْهَانِ مِنْ أَنَّ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ الْمُحِيطِ خِلَافُ الْمُخْتَارِ، لَا إنَّهُ غَلَطٌ (264) قَوْلُهُ: كَنِيَّةِ مَنْ نَوَى أَدَاءَ ظُهْرِ الْيَوْمِ إلَخْ. أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ إذَا لَمْ يَصِحَّ فِيهِ

الْوَقْتَ بَاقٍ. 265 - وَكَنِيَّةِ الْأَسِيرِ الَّذِي اشْتَبَهَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ فَتَحَرَّى شَهْرًا وَصَامَهُ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ فَوَقَعَ صَوْمُهُ بِشَهْرِ رَمَضَانَ. 266 - وَعَكْسُهُ كَنِيَّةِ مَنْ نَوَى قَضَاءَ الظُّهْرِ عَلَى ظَنٍّ أَنَّ الْوَقْتَ قَدْ خَرَجَ وَلَمْ يَخْرُجْ بَعْدُ. 267 - وَكَنِيَّةِ الْأَسِيرِ الَّذِي صَامَ رَمَضَانَ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ عَلَى ظَنٍّ أَنَّهُ قَدْ مَضَى. 268 - وَالصِّحَّةُ فِيهِ بِاعْتِبَارَاتِهِ الَّتِي بِأَصْلِ النِّيَّةِ، وَلَكِنَّهُ أَخْطَأَ فِي الظَّنِّ وَالْخَطَأُ فِي مِثْلِهِ مَعْفُوٌّ (انْتَهَى) . وَأَمَّا الْحَجُّ 269 - فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُشْتَرَطَ فِيهِ نِيَّةُ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَدَاءُ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ، بَلْ صَحَّ الْقَضَاءُ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ وَحِينَئِذٍ فَالتَّمْثِيلُ غَيْرُ صَحِيحٍ. (265) قَوْلُهُ: وَكَنِيَّةِ الْأَسِيرِ الَّذِي اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إلَخْ. قِيلَ: شَمَلَ إطْلَاقُهُ مَا إذَا لَمْ يُبَيِّتْ النِّيَّةَ وَلَمْ يُعَيِّنْهَا أَيْضًا، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا ظَنَّ أَنَّهُ رَمَضَانَ وَأَنَّ الصَّوْمَ أَدَاءٌ أُعْطِي حُكْمُ الْأَدَاءِ حَقِيقَةً لِظَنِّهِ (انْتَهَى) . ثُمَّ إنَّ فِي جَعْلِ هَذَا تَمْثِيلًا لِمَا صَحَّ فِيهِ الْأَدَاءُ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ نَظَرٌ بَلْ صَحَّ فِيهِ الْقَضَاءُ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ وَحِينَئِذٍ فَالتَّمْثِيلُ غَيْرُ صَحِيحٍ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ. (266) قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ كَنِيَّةِ مَنْ نَوَى قَضَاءَ الظُّهْرِ إلَخْ. فِيهِ أَنَّ هَذَا التَّمْثِيلَ إنَّمَا يَصِحُّ لِلْأَصْلِ دُونَ الْعَكْسِ. (267) قَوْلُهُ: وَكَنِيَّةِ الْأَسِيرِ الَّذِي صَامَ رَمَضَانَ إلَخْ. فِيهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَمْثِيلًا لِلْعَكْسِ بَلْ هُوَ تَمْثِيلٌ لِلْأَصْلِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ. (268) قَوْلُهُ: وَالصِّحَّةُ فِيهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ أَتَى إلَخْ. أَيْ أَتَى مُضِيَّ رَمَضَانَ فَيَلْزَمُ الْإِتْيَانُ بِالتَّعْيِينِ وَالتَّبْيِينِ لِأَنَّهُمَا شَرْطٌ فِي الْقَضَاءِ وَإِذَا كَانَ الْأَصْلُ فِي الْأَدَاءِ أَصْلُ النِّيَّةِ لَا غَيْرَ فَقَدْ وُجِدَ فِي ضِمْنِ التَّعْيِينِ. (269) قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُشْتَرَطَ فِيهِ إلَخْ. فَإِنَّهُ غَيْرُ مُوَقَّتٍ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْحَجَّ مُشْكِلٌ يُشْبِهُ الظَّرْفَ الْمِعْيَارَ.

[بيان الإخلاص]

وَالْخَامِسُ فِي بَيَانِ الْإِخْلَاصِ. صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الْإِخْلَاصِ فِيهَا وَلَمْ أَرَ مَنْ أَوْضَحَهُ. لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ بِأَنَّهُ 271 - لَا رِيَاءَ فِي الْفَرَائِضِ؛ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ بِالْإِخْلَاصِ ثُمَّ خَالَطَهُ الرِّيَاءُ فَالْعِبْرَةُ لِلسَّابِقِ وَلَا رِيَاءَ فِي الْفَرَائِضِ فِي حَقِّ سُقُوطِ الْوَاجِبِ. ثُمَّ قَالَ: 272 - الصَّلَاةُ لِإِرْضَاءِ الْخُصُومِ لَا تُفِيدُ بَلْ يُصَلِّي لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ كَانَ خَصْمَهُ لَمْ يَعْفُ يُؤْخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. 273 - جَاءَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّهُ 274 - يُؤْخَذُ لِدَانَقٍ ثَوَابُ سَبْعِ مِائَةِ صَلَاةٍ بِالْجَمَاعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَيَانُ الْإِخْلَاصِ] قَوْلُهُ: وَالْخَامِسُ فِي بَيَانِ الْإِخْلَاصِ. قِيلَ هُوَ سِرٌّ بَيْنَك وَبَيْنَ رَبِّك لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكْتُبُهُ، وَلَا شَيْطَانٌ فَيُفْسِدُهُ، وَلَا هَوًى فَيُمِيلُهُ. (271) قَوْلُهُ: لَا رِيَاءَ فِي الْفَرَائِضِ. أَقُولُ: مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْوَاقِعَاتِ مِنْ أَنَّ الرِّيَاءَ لَا يَدْخُلُ فِي الصَّوْمِ الْفَرِيضَةِ، وَفِي سَائِرِ الطَّاعَاتِ يَدْخُلُ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» نَفِي شَرِكَةَ الْغَيْرِ وَهَذَا لَمْ يُذْكَرْ فِي حَقِّ سَائِرِ الطَّاعَاتِ. وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ الْكَسْبِ مِنْ الْمُبْتَغَى (انْتَهَى) . أَقُولُ التَّقَيُّدِ بِالْفَرِيضَةِ يَقْتَضِي دُخُولَ الرِّيَاءِ فِي الصَّوْمِ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ. وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ يَقْتَضِي عَدَمَ الدُّخُولِ مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْ. (272) قَوْلُهُ: الصَّلَاةُ لِإِرْضَاءِ الْخُصُومِ. أَيْ بِنِيَّةِ إرْضَاءِ الْخُصُومِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا فَائِدَةَ فِي النِّيَّةِ. (273) قَوْلُهُ: جَاءَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ. أَقُولُ: لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا الْكُتُبُ السَّمَاوِيَّةُ لَا كُتُبُ الْعُلَمَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حَدِيثًا نَقَلَهُ الْعُلَمَاءُ فِي كُتُبِهِمْ. (274) قَوْلُهُ: يُؤْخَذُ لِدَانَقٍ ثَوَابٌ إلَخْ. الدَّانَقُ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا سُدُسُ الدِّرْهَمِ وَهُوَ قِيرَاطَانِ وَالْقِيرَاطُ خُمْسُ شَعِيرَاتٍ، وَيُجْمَعُ عَلَى دَوَانِقَ وَدَوَانِيقَ.

فَلَا فَائِدَةَ فِي النِّيَّةِ وَإِنْ كَانَ عَفَا 276 - فَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ فَمَا الْفَائِدَةُ حِينَئِذٍ. وَقَدْ أَفَادَ الْبَزَّازِيُّ بِقَوْلِهِ فِي حَقِّ سُقُوطِ الْوَاجِبِ أَنَّ الْفَرَائِضَ مَعَ الرِّيَاءِ صَحِيحَةٌ مُسْقِطَةٌ لِلْوَاجِبِ 277 - وَلَكِنْ ذَكَرُوا فِي كِتَابِ الْأُضْحِيَّةِ بِأَنَّ الْبَدَنَةَ تَجْزِي عَنْ سَبْعَةٍ إنْ كَانَ الْكُلُّ مُرِيدًا الْقُرْبَةَ وَإِنْ اخْتَلَفَ جِهَاتُهَا مِنْ ضَحِيَّةٍ وَقِرَانٍ وَمُتْعَةٍ قَالُوا فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ مُرِيدًا لَحْمًا لِأَهْلِهِ أَوْ كَانَ نَصْرَانِيًّا لَمْ يُجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَعَلَّلُوا بِأَنَّ الْبَعْضَ إذَا لَمْ يَقَعْ قُرْبَةً خَرَجَ الْكُلُّ عَنْ أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً 278 - لِأَنَّ الْإِرَاقَةَ لَا تَتَجَزَّأُ فَعَلَى هَذَا لَوْ ذَبَحَهَا أُضْحِيَّةً لِلَّهِ تَعَالَى وَلِغَيْرِهِ لَا تُجْزِيهِ بِالْأُولَى. وَيَنْبَغِي أَنْ تُحَرَّمَ. وَصَرَّحَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ أَلْفَاظِ التَّكْفِيرِ أَنَّ الذَّبْحَ لِلْقَادِمِ مِنْ حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ أَوْ أَمِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ يَجْعَلُ الْمَذْبُوحَ مَيْتَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَا فَائِدَةَ فِي النِّيَّةِ أَيْ فِي الصَّلَاةِ بِنِيَّةِ إرْضَاءِ الْخُصُومِ. (276) قَوْلُهُ: فَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ. كَذَا فِي النَّسْخِ بِأَلْفٍ بَعْدَ وَاوٍ، مِنْ الْمُؤَاخَذَةِ وَالظَّاهِرُ فَلَا يُؤْخَذُ بِهِ مِنْ الْأَخْذِ أَيْ لَا يُؤْخَذُ بِالدَّانَقِ ثَوَابُ سَبْعِمِائَةِ صَلَاةٍ كَمَا يَقْتَضِيهِ السِّيَاقُ (277) قَوْلُهُ: وَلَكِنْ ذَكَرُوا فِي كِتَابِ الْأُضْحِيَّةِ إلَخْ. أَقُولُ فِيهِ: إنْ أَرَادَ أَحَدُهُمْ لَحْمًا لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الرِّيَاءِ حَتَّى يُتِمَّ بِهِ الِاسْتِدْرَاكَ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ بَلْ عَدَمُ إجْزَاءِ الْبَدَنَةِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ لِفَقْدِ شَرْطِ صِحَّةِ الْأُضْحِيَّةِ بِهَا. (278) قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِرَاقَةَ لَا تَتَجَزَّأُ. قِيلَ عَلَيْهِ: فَإِنْ قِيلَ عَدَمُ تَجَزِّيهَا لَا يَسْتَلْزِمُ مَا ذَكَرْتُمْ وَلِمَ لَمْ تَقُولُوا إذَا وَقَعَ الْبَعْضُ قُرْبَةً كَانَ الْكُلُّ قُرْبَةً. أُجِيبَ بِأَنَّ الْقُرْبَةَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْإِرَاقَةِ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ فِي حَقِّ مَنْ قَصَدَ اللَّحْمَ لِأَهْلِهِ؛ وَحَقِّ النَّصْرَانِيِّ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ

وَاخْتَلَفُوا فِي كُفْرِ الذَّابِحِ فَالشَّيْخُ السفكردري وَعَبْدُ الْوَاحِدِ الدَّرَقِيُّ الْحَدِيدِيُّ وَالنَّسَفِيُّ وَالْحَاكِمُ عَلَى أَنَّهُ يُكَفَّرُ وَالْفَضْلِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ الزَّاهِدُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ افْتَتَحَ خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى ثُمَّ دَخَلَ فِي قَلْبِهِ الرِّيَاءُ 280 - فَهُوَ عَلَى مَا افْتَتَحَ. وَالرِّيَاءُ أَنَّهُ لَوْ خَلَّى عَنْ النَّاسِ لَا يُصَلِّي وَلَوْ كَانَ مَعَ النَّاسِ يُصَلِّي، فَأَمَّا لَوْ صَلَّى مَعَ النَّاسِ يُحْسِنُهَا وَلَوْ صَلَّى وَحْدَهُ لَا يُحْسِنُهَا فَلَهُ ثَوَابُ أَصْلِ الصَّلَاةِ دُونَ الْإِحْسَانِ 281 - وَلَا يَدْخُلُ الرِّيَاءُ فِي الصَّوْمِ وَفِي الْيَنَابِيعِ قَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَوْ صَلَّى رِيَاءً فَلَا أَجْرَ لَهُ وَعَلَيْهِ الْوِزْرُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُكَفَّرُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا أَجْرَ لَهُ وَلَا وِزْرَ عَلَيْهِ. 282 - وَهُوَ كَأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَكَيْفَ يَكُونُ الْكُلُّ قُرْبَةً مَعَ عَدَمِ شَرْطِهَا، بِخِلَافِ الْعَكْسِ لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ عَلَى إلْغَاءِ نِيَّةِ مَنْ نَوَى الْقُرْبَةَ فَتَدَبَّرْ (279) قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي كُفْرِ الذَّابِحِ. قِيلَ: هَلْ الْمُرَادُ بِالذَّابِحِ الْآمِرُ أَوْ الْمُبَاشِرُ إذْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْمُبَاشِرِ مَجَازٌ فِي الْآمِرِ (انْتَهَى) . (280) قَوْلُهُ: فَهُوَ عَلَى مَا افْتَتَحَ. قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ: لِأَنَّ التَّحَرُّزَ عَمَّا يَعْرِضُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لَا يُمْكِنُ (281) قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ الرِّيَاءُ فِي الصَّوْمِ. قِيلَ: لِأَنَّهُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ وَبِهِ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَدْخُلُ إذَا بَيَّنَ أَنَّهُ صَائِمٌ فَتَأَمَّلْ (انْتَهَى) . وَفِيهِ أَنَّهُ صَرَّحَ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ بِأَنَّهُ إذَا بَيَّنَ أَنَّهُ صَائِمٌ لَا يَدْخُلُ الرِّيَاءُ فِي الصَّوْمِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الرِّيَاءُ فِي إخْبَارِهِ (انْتَهَى) . وَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ التَّأَمُّلِ (282) قَوْلُهُ: وَهُوَ كَأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ. قِيلَ عَلَيْهِ: إذَا كَانَ لَا وِزْرَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ كَأَنَّهُ

يَقْرَأَ الْقُرْآنَ فَيَخَافُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ الرِّيَاءُ. 283 - فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتْرُكَ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَوْهُومٌ وَصَرَّحُوا فِي كِتَابِ السِّيَرِ بِأَنَّ السُّوقِيَّ لَا سَهْمَ لَهُ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ لَمْ يَقْصِدْ إلَّا التِّجَارَةَ لَا إعْزَازَ الدِّينِ وَإِرْهَابَ الْعَدُوِّ. فَإِنْ قَاتَلَ اسْتَحَقَّهُ لِأَنَّهُ ظَهَرَ بِالْمُقَاتَلَةِ أَنَّ قَصْدَهُ الْقِتَالُ، وَالتِّجَارَةُ تَبَعٌ فَلَا تَضُرُّهُ كَالْحَاجِّ إذَا أَتْجَرَ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ لَا يَنْقُصُ أَجْرُهُ. ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ. 284 - وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَاجَّ إذَا خَرَجَ تَاجِرًا فَلَا أَجْرَ لَهُ وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ 285 - لَوْ طَافَ غَرِيمُهُ لَا يُجْزِيهِ وَلَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ طَالِبًا غَرِيمَهُ أَجْزَأَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ يُصَلِّ لِأَنَّ نَفِيَ الْوِزْرِ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ اسْتِحْقَاقِ الْعُقُوبَةِ، وَكَوْنُهُ لَمْ يُصَلِّ يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَ الْعُقُوبَةِ فَعَلَيْك بِالتَّأَمُّلِ. (283) قَوْلُهُ: فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتْرُكَهُ. وَمِثْلُهُ قَوْلُ السُّهْرَوَرْدِيّ: اعْمَلْ وَإِنْ خِفْت الْعَجَبَ مُسْتَغْفِرًا عَنْهُ (284) قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَاجَّ إذَا خَرَجَ تَاجِرًا إلَخْ. قِيلَ: بَيَانُهُ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ مُعْظَمُ الْقَصْدِ الْحَجُّ وَالتِّجَارَةُ فِي الطَّرِيقِ تَبَعًا، وَفِي الثَّانِي الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: إذَا خَرَجَ تَاجِرًا وَلَا يَضُرُّهُ. قَوْلُهُ: إنَّ الْحَاجَّ إلَخْ. لِأَنَّ كَوْنَهُ حَاجًّا يُصَدَّقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْحَجُّ مُعْظَمَ قَصْدِهِ (انْتَهَى) . وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي مَسْأَلَةٍ: السَّفَرُ لِلْحَجِّ وَالتِّجَارَةُ إنْ كَانَ الْقَصْدُ الدُّنْيَوِيُّ هُوَ الْأَغْلَبُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَجْرٌ، وَإِنْ كَانَ الدِّينِيُّ أَغْلَبُ كَانَ لَهُ أَجْرٌ يُقَدِّرُهُ وَإِنْ تَسَاوَيَا تَسَاقَطَا. وَفِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - تَأَثَّمُوا أَنْ يَتَّجِرُوا فِي الْمَوْسِمِ بِمِنًى فَنَزَلَتْ {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] أَيْ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ. (285) قَوْلُهُ: لَوْ طَافَ طَالِبًا غَرِيمَهُ إلَخْ. قِيلَ ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَلَوْ

وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ وَقَالُوا لَوْ فَتَحَ الْمُصَلِّي عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. لِقَصْدِ التَّعْلِيمِ. وَرَأَيْت فَرْعًا فِي بَعْضِ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ حَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِيمَنْ قَالَ لَهُ إنْسَانٌ صَلِّ الظُّهْرَ وَلَك دِينَارٌ فَصَلَّى بِهَذِهِ النِّيَّةِ أَنَّهُ تُجْزِيهِ صَلَاتَهُ. وَلَا يَسْتَحِقُّ الدِّينَارَ. وَلَمْ أَرَ مِثْلَهُ لِأَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَيَنْبَغِي عَلَى قَوَاعِدِنَا أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ. أَمَّا الْإِجْزَاءُ فَلَمَّا قَدَّمْنَا أَنَّ الرِّيَاءَ لَا يَدْخُلُ الْفَرَائِضَ فِي حَقِّ سُقُوطِ الْوَاجِبِ أَمَّا عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الدِّينَارِ فَلِأَنَّ أَدَاءَ الْفَرْضِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِمْ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْأَبُ ابْنَهُ لِلْخِدْمَةِ لَا أَجْرَ لَهُ. ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ عَلَيْهِ وَاجِبَةً بَلْ أَفْتَى الْمُتَقَدِّمُونَ بِأَنَّ الْعِبَادَاتِ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَيْهَا كَالْإِمَامَةِ وَالْأَذَانِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْفِقْهِ 287 - وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْجَوَازِ 288 - وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ إذَا نَوَى الْإِعْتَاقَ لِرَجُلٍ كَانَ مُبَاحًا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعَ نِيَّةِ الطَّوَافِ؛ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَسَيَأْتِي عَنْ قَرِيبٍ الْمُرَادُ الطَّوَافُ لِطَلَبِ الْغَرِيمِ بِلَا نِيَّةٍ وَأَنَّهُ لَوْ اشْتَمَلَ عَلَى النِّيَّةِ لَأَجْزَأَ. (286) قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ. سَيَأْتِي فِي الْمَبْحَثِ الثَّامِنِ (287) قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا. أَفْتَى بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْجَوَازِ. قِيلَ عَلَيْهِ: أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى تَعْلِيمِ الْفِقْهِ بَاطِلٌ (انْتَهَى) . أَقُولُ مُرَادُ قَاضِي خَانْ إجْمَاعُ الْمُتَقَدِّمِينَ فَلَا مُعَارَضَةَ. (288) قَوْلُهُ: وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ إذَا نَوَى الْإِعْتَاقَ لِرَجُلٍ إلَخْ. أَقُولُ: لَا مَحَلَّ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِخْلَاصِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْعِتْقِ لَيْسَ الْعِبَادَةُ وَضْعًا وَلِذَا يَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الْأُولَى

وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا نَوَى الصَّوْمَ وَالْحِمْيَةَ وَيَشْمَلُهَا 290 - مَا إذَا أَشْرَكَ بَيْنَ عِبَادَةٍ وَغَيْرِهَا فَهَلْ تَصِحُّ الْعِبَادَةُ؟ وَإِذَا. صَحَّتْ فَهَلْ يُثَابُ بِقَدْرِهِ أَوْ لَا ثَوَابَ لَهُ أَصْلًا؟ وَأَمَّا الْخُشُوعُ فِيهَا بِظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ فَمُسْتَحَبٌّ وَفِي الْقُنْيَةِ شَرَعَ فِي الْفَرْضِ وَشَغَلَهُ الْفِكْرُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ الْمَسْأَلَةِ حَتَّى أَتَمَّ صَلَاتَهُ لَا تُسْتَحَبُّ إعَادَتُهُ وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ لَا يُعِيدُ وَفِي بَعْضِهَا لَمْ يَنْقُصْ أَجْرُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ تَقْصِيرٍ مِنْهُ السَّادِسُ فِي بَيَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ عِبَادَتَيْنِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْوَسَائِلِ أَوْ فِي الْمَقَاصِدِ فَإِنْ كَانَ فِي الْوَسَائِلِ فَالْكُلُّ صَحِيحٌ. قَالُوا لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا نَوَى الصَّوْمَ وَالْحِمْيَةَ إلَخْ. فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: لَوْ نَوَى الصَّوْمَ وَالْحِمْيَةَ أَوْ التَّدَاوِي، فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ لِأَنَّ الْحِمْيَةَ أَوْ التَّدَاوِي حَاصِلٌ قَصْدُهُ، أَمْ لَا فَلَمْ يَجْعَلْ قَصْدَهُ تَشْرِيكًا وَتَرْكًا لِلْإِخْلَاصِ، بَلْ هُوَ قَصْدٌ لِلْعِبَادَةِ عَلَى حَسَبِ وُقُوعِهَا لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَتِهَا حُصُولُ الْحِمْيَةِ أَوْ التَّدَاوِي؛ وَلَوْ نَوَى الصَّلَاةَ وَدَفَعَ غَرِيمُهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ عَنْ الْغَرِيمِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى قَصْدٍ. وَكَذَا لَوْ نَوَى الطَّوَافَ مُلَازَمَةَ الْغَرِيمِ أَوْ السَّعْيِ خَلْفَهُ لِمَا ذُكِرَ. وَلَوْ قَرَأَ آيَةً وَقَصَدَ الْقِرَاءَةَ وَالْإِفْهَامَ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ الْقِرَاءَةُ وَمَا صَحَّحُوهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِجْزَاءِ وَأَمَّا الثَّوَابُ فَلَا (290) قَوْلُهُ: مَا إذَا أَشْرَكَ بَيْنَ عِبَادَةٍ وَغَيْرِهَا. أَيْ فِي النِّيَّةِ فَلَا يَرُدُّ مَا قَدَّمَهُ آنِفًا مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالتِّجَارَةِ مِنْ جُزْئِيَّاتِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ الْحَجِّ وَالتِّجَارَةِ فِي النِّيَّةِ. فَإِنْ قُلْت إذَا خَرَجَ تَاجِرًا ثُمَّ حَجَّ. كَانَ حَاصِلُهُ أَنَّهُ نَوَى التِّجَارَةَ أَوَّلًا ثُمَّ نَوَى الْحَجَّ ثَانِيًا فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي النِّيَّةِ. أُجِيبَ: فَإِنَّ هَذَا الْجَمْعَ فِي مُطْلَقِ النِّيَّةِ فِي زَمَانَيْنِ مُتَفَارِقَيْنِ، وَالْكَلَامُ الْآنَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَغَيْرِهَا فِي نِيَّةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ نِيَّةِ الصَّوْمِ وَالْحِمْيَةِ؛ وَمِثْلُهُ نِيَّةُ الْوُضُوءِ وَالتَّبَرُّدِ وَمَا يُشْبِهُ وَأَمَّا الْخُشُوعُ فِيهَا بِظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ فَمُسْتَحَبٌّ. أَقُولُ: فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الضِّيَاءِ: أَنَّ الْخُشُوعَ فِي جُزْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ شَرْطُ صِحَّتِهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ

[الجمع بين عبادتين بنية واحدة]

اغْتَسَلَ الْجُنُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِلْجُمُعَةِ وَلِرَفْعِ الْجَنَابَةِ ارْتَفَعَتْ جَنَابَتُهُ وَحَصَلَ لَهُ ثَوَابُ غُسْلِ الْجُمُعَةِ. وَإِنْ كَانَ فِي الْمَقَاصِدِ 291 - فَإِمَّا أَنْ يَنْوِيَ فَرْضَيْنِ أَوْ نَفَلَيْنِ أَوْ فَرْضًا وَنَفْلًا. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ فِي غَيْرِهَا 292 - فَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تَصِحَّ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا. قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ لَوْ نَوَى صَلَاتَيْ فَرْضٍ كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لَمْ تَصِحَّا اتِّفَاقًا 293 - وَلَوْ نَوَى فِي الصَّوْمِ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ كَانَ عَنْ الْقَضَاءِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَكُونُ تَطَوُّعًا وَإِنْ نَوَى كَفَّارَةَ الظِّهَارِ وَكَفَّارَةَ الْيَمِينِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْجَمْعُ بَيْنَ عِبَادَتَيْنِ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ] قَوْلُهُ: فَإِمَّا أَنْ يَنْوِيَ فَرْضَيْنِ. قِيلَ: لَمْ يُنَبِّهْ عَلَى مَا إذَا نَوَى فَرْضًا وَوَاجِبًا. قَالَ صَدْرُ الدِّينِ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ فِي شَرْحِ التَّهْذِيبِ: إذَا نَوَى فَرْضًا وَوَاجِبًا كَمَا نَوَى الظُّهْرَ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ أَوْ صَلَاةَ الْعِيدِ بَطَلَتْ النِّيَّةُ وَلَمْ يَصِرْ شَارِعًا فِي أَحَدِهِمَا. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَصِيرُ شَارِعًا فِي الْفَرْضِ. وَهِيَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ الْإِمَامِ (انْتَهَى) . وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى مَا إذَا نَوَى وَاجِبًا كَمَا لَوْ نَوَى بِسَلَامَةِ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى الْحَاضِرِينَ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (292) قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ فَلَا تَصِحُّ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. قِيلَ: لَمْ يُعَلِّلْهُ، وَعَلَّلَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ يَصِيرُ بِذَلِكَ مُتَلَاعِبًا. فَإِنْ قِيلَ لَا يَكُونُ تَطَوُّعًا، أُجِيبَ بِأَنَّهُ فَرْعُ الِانْعِقَادِ. وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ (انْتَهَى) . أَقُولُ عَلَّلَهُ فِي السِّرَاجِ بِأَنَّهُمَا وَاجِبَانِ مُخْتَلِفَانِ فَلَا يَتَدَاخَلَانِ (انْتَهَى) . وَمُرَادُهُ بِالْوَاجِبِ الْفَرْضُ (293) قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى فِي الصَّوْمِ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ إلَخْ. كَانَ عَنْ الْقَضَاءِ لِأَنَّ سَبَبَهُ إيجَابُ اللَّهِ تَعَالَى وَسَبَبُ الْكَفَّارَةِ إيجَابُ الْعَبْدِ عَلَى نَفْسِهِ، فَانْصَرَفَ إلَى الْأَقْوَى لِتَرَجُّحِهِ

يَجْعَلُهُ لِأَيِّهِمَا شَاءَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَكُونُ تَطَوُّعًا 295 - وَلَوْ نَوَى الزَّكَاةَ وَكَفَّارَةَ الظِّهَارِ جَعَلَهُ عَنْ أَيِّهِمَا شَاءَ 296 - وَلَوْ نَوَى الزَّكَاةَ وَكَفَّارَةَ الْيَمِينِ فَهُوَ عَنْ الزَّكَاةِ 297 - وَلَوْ نَوَى مَكْتُوبَةً وَصَلَاةَ جِنَازَةٍ فَهِيَ عَنْ الْمَكْتُوبَةِ وَقَدْ ظَهَرَ بِهَذَا أَنَّهُ إذَا نَوَى فَرْضَيْنِ 298 - فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْوَى انْصَرَفَ إلَيْهِ، فَصَوْمُ الْقَضَاءِ أَقْوَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يَجْعَلُهُ لِأَيِّهِمَا شَاءَ. قِيلَ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْجَعْلَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي جُزْءٍ مِنْهُ وَإِلَّا كَانَ تَطَوُّعًا قَالَ مُحَمَّدٌ يَكُونُ تَطَوُّعًا. قِيلَ عَلَيْهِ: لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّ عِنْدَهُ إذَا فَسَدَ الْوَصْفُ بَطَلَ الْأَصْلُ كَمَا تَقَدَّمَ (295) قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى الزَّكَاةَ وَكَفَّارَةَ الظِّهَارِ. أَيْ نَوَى بِالتَّصَدُّقِ الزَّكَاةَ وَكَفَّارَةَ الظِّهَارِ. قِيلَ: أَمَّا إنْ كَانَ النِّيَّةُ عِنْدَ الْإِفْرَازِ قَبْلَ الدَّفْعِ إلَى الْفَقِيرِ فَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ جَعْلِهِ قَبْلَ الدَّفْعِ عَنْ أَيِّهِمَا شَاءَ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ النِّيَّةُ عِنْدَ الدَّفْعِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَعْلَ يُعْتَبَرُ وَلَوْ بَعْدَ الدَّفْعِ فَتَأَمَّلْ (انْتَهَى) . وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ: أَنَّهُ يَقَعُ نَفْلًا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ فَيَتَدَافَعَانِ، فَيَبْقَى نَفْسُ التَّمْلِيكِ مِنْ الْفَقِيرِ، وَهُوَ تَطَوُّعٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِ النِّيَّةِ (296) قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى الزَّكَاةَ وَكَفَّارَةَ الْيَمِينِ إلَخْ. بَقِيَ لَوْ نَوَى عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينٍ وَظِهَارٍ. ذَكَرَ التُّمُرْتَاشِيُّ أَنَّهُ يَجْعَلُهُ عَنْ أَيِّهِمَا شَاءَ (297) قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى مَكْتُوبَةً وَصَلَاةَ جِنَازَةٍ. هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذَاتُ خِلَافٍ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا، وَأَبُو يُوسُفَ. قِيلَ: مَعَ مُحَمَّدٍ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ شَارِعًا فِي الظُّهْرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهَا أَقْوَى لِكَوْنِهَا مُطْلَقَةً. ذَكَرَ ذَلِكَ الصَّدْرُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي الْغَرِّ بَقِيَ مَا لَوْ نَوَى عَلَى الْجِنَازَةِ ثُمَّ وُضِعَتْ أُخْرَى، فَنَوَاهَا، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يَكُونُ مُسْتَأْنَفًا وَيَسْتَقْبِلُ الْأُولَى وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الثَّانِيَةَ يُتِمُّ الْأُولَى، وَيَسْتَقْبِلُ الْأُخْرَى، وَإِنْ نَوَى لَهُمَا فَهِيَ لِلْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى وَتَبِعَهُ الْفَخْرُ الزَّيْلَعِيُّ وَابْنُ الْهُمَامِ. وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يُتِمَّ بِهَذَا (298) قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِي الصَّوْمِ فَلَهُ الْخِيَارُ إلَخْ. قِيلَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَصْرِفْهُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ يَكُونُ تَطَوُّعًا.

مِنْ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُوَّةِ فَإِنْ كَانَ فِي الصَّوْمِ فَلَهُ الْخِيَارُ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ 299 - وَكَذَا الزَّكَاةُ وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَأَمَّا الزَّكَاةُ مَعَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، فَالزَّكَاةُ أَقْوَى وَأَمَّا فِي الصَّلَاةِ فَيُقَدِّمُ الْأَقْوَى أَيْضًا 300 - وَلِذَا قَدَّمْنَا الْمَكْتُوبَةَ عَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ 301 - وَلِذَا قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ لَوْ نَوَى مَكْتُوبَتَيْنِ 302 - فَهِيَ لِلَّتِي دَخَلَ وَقْتُهَا وَلَوْ نَوَى فَائِتَتَيْنِ فَهِيَ لِلْأُولَى مِنْهُمَا 303 - وَلَوْ نَوَى فَائِتَةً وَوَقْتِيَّةً فَهِيَ لِلْفَائِتَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي آخِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَذَا الزَّكَاةُ وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ. قِيلَ: لَمْ يَذْكُرْ وَجْهَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْقُوَّةِ وَوَجْهٌ فِي الزَّكَاةِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ مَعَ الْحَاجَةِ. (300) قَوْلُهُ: وَلِذَا قَدَّمْنَا الْمَكْتُوبَةَ عَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ. قِيلَ: سَيَأْتِي فِي الْفَنِّ الثَّالِثِ فِيمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ مَا يُخَالِفُهُ (انْتَهَى) . أَقُولُ: لَا مُخَالَفَةَ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا إذَا نَوَى الْمَكْتُوبَةَ وَالْجِنَازَةَ مَعًا وَمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا دَخَلَ الْوَقْتُ وَحَضَرَ الْجِنَازَةَ هَلْ يَشْرَعُ فِي الْفَرْضِ أَوْ فِي الْجِنَازَةِ (301) قَوْلُهُ: وَلِذَا قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ لَوْ نَوَى مَكْتُوبَتَيْنِ إلَخْ. قِيلَ: قَدْ سَبَقَ آنِفًا عَنْ السِّرَاجِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى فَرْضَيْنِ لَمْ يَصِحَّ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، فَبَيْنَ النَّقْلَيْنِ مُنَافَاةٌ ظَاهِرَةٌ (انْتَهَى) . وَقِيلَ لَا مُنَافَاةَ؛ فَإِنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى نَوَى فَرْضَيْنِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ الْآخَرِ فَبَطَلَا، بِخِلَافِ الْمَكْتُوبَتَيْنِ فَإِنَّ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا لَمْ تَكُنْ مَكْتُوبَةً عَلَيْهِ، وَاَلَّتِي دَخَلَ وَقْتُهَا مَكْتُوبَةً فَحَصَلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ بَيْنَ النَّفْلَيْنِ مُنَافَاةٌ ظَاهِرَةٌ. (302) قَوْلُهُ: فَهِيَ لِلَّتِي دَخَلَ وَقْتُهَا. قِيلَ: لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَشْمَلُ صُورَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا نَوَى وَقْتِيَّةً وَفَائِتَةً، وَالثَّانِيَةَ نَوَى وَقْتِيَّةً. وَمَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا، لَكِنْ لَمَّا صَرَّحَ بِحُكْمِ نِيَّةِ الْوَقْتِيَّةِ وَالْفَائِتَةِ بَقِيَ الْحُكْمُ مَقْصُورًا عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (303) قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى فَائِتَةً وَوَقْتِيَّةً إلَخْ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَذَكَرَ فِي

الْوَقْتِ وَلَوْ نَوَى 304 - الظُّهْرَ وَالْفَجْرَ وَعَلَيْهِ الْفَجْرُ مِنْ يَوْمِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ فَهِيَ عَنْ الْفَجْرِ وَإِنْ كَانَ فِي آخِرِهِ فَهِيَ عَنْ الظُّهْرِ 305 - وَنَفَى مَا إذَا كَبَّرَ نَاوِيًا لِلتَّحْرِيمَةِ وَلِلرُّكُوعِ وَمَا إذَا طَافَ لِلْفَرْضِ وَلِلْوَدَاعِ، وَإِنْ نَوَى فَرْضًا وَنَفْلًا فَإِنْ نَوَى الظُّهْرَ وَالتَّطَوُّعَ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تُجْزِيهِ عَنْ الْمَكْتُوبَةِ وَيَبْطُلُ التَّطَوُّعُ. 306 - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا تُجْزِيهِ عَنْ الْمَكْتُوبَةِ وَلَا التَّطَوُّعَ وَإِنْ نَوَى الزَّكَاةَ وَالتَّطَوُّعَ يَكُونُ عَنْ الزَّكَاةِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ التَّطَوُّعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا تَكُونُ لِلْوَقْتِيَّةِ إذَا كَانَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا لِتَرَجُّحِهَا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى كَوْنِ الْمُصَلِّي صَاحِبَ تَرْتِيبٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ تَرْتِيبٍ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِحَّ وَاحِدَةٌ إذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ لِلتَّزَاحُمِ (304) قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى الظُّهْرَ وَالْفَجْرَ إلَخْ. قِيلَ: لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ هَذَا الْفَرْعِ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ نَوَى فَائِتَةً وَوَقْتِيَّةً إلَخْ. أَقُولُ: هَذَا وَإِنْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ، إلَّا أَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ بَيَانِ مَا إذَا نَوَى فَائِتَةً وَوَقْتِيَّةً وَكَانَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِيَّةِ. هَذَا وَلَوْ قَالَ: لَوْ نَوَى فَائِتَةً وَوَقْتِيَّةً فَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِهِ فَلِلْفَائِتَةِ وَإِنْ كَانَ فِي آخِرِهِ فَلِلْوَقْتِيَّةِ، لَكَانَ أَخَصْرَ (305) قَوْلُهُ: وَنَفَى مَا إذَا كَبَّرَ نَاوِيًا لِلتَّحْرِيمَةِ وَلِلرُّكُوعِ، وَأَمَّا إذَا طَافَ لِلْفَرْضِ وَلِلْوَدَاعِ إلَخْ. كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ ذَلِكَ. وَذَكَرَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: لَوْ طَافَ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ وَالْوَدَاعِ صَحَّ لِلْفَرْضِ، وَلَا يَكْفِي لِلْوَدَاعِ حَتَّى وَلَوْ خَرَجَ عَقِبَهُ لَزِمَهُ دَمٌ. (306) قَوْلُهُ: وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تُجْزِيهِ عَنْ الْمَكْتُوبَةِ. يَعْنِي لِلْمُنَافَاةِ بَيْنَ الْوَصْفَيْنِ وَبِهِ قَالَ الثَّلَاثَةُ كَمَا فِي شَرْحِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ

وَلَوْ نَوَى نَافِلَةً وَجِنَازَةً فَهِيَ عَنْ النَّافِلَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ 308 - وَأَمَّا إذَا نَوَى نَافِلَتَيْنِ كَمَا إذَا نَوَى بِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ التَّحِيَّةَ وَالسُّنَّةَ أَجْزَأَتْ عَنْهُمَا وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا نَوَى سُنَّتَيْنِ كَمَا إذَا نَوَى فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ صَوْمَهُ عَنْهُ وَعَنْ يَوْمِ عَرَفَةَ إذَا وَافَقَهُ فَإِنَّ نَافِلَةَ التَّحِيَّةِ إنَّمَا كَانَتْ ضِمْنًا لِلسُّنَّةِ 309 - لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَأَمَّا التَّعَدُّدُ فِي الْحَجِّ فَقَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ بَابِ الْإِحْرَامِ: 310 - لَوْ أَحْرَمَ نَذْرًا وَنَفْلًا كَانَ نَفْلًا أَوْ فَرْضًا، وَتَطَوُّعَا كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى نَافِلَةً وَجِنَازَةً، فَهِيَ عَنْ النَّافِلَةِ. قِيلَ عَلَيْهِ: إنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ قَوِيَّةٌ وَالنَّفَلَ ضَعِيفٌ، وَحِينَئِذٍ، فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ عَنْ الْجِنَازَةِ لَا النَّافِلَةَ (انْتَهَى) . وَفِيهِ إنَّ صَلَاةَ النَّافِلَةِ أَقْوَى مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَإِنْ كَانَتْ فَرْضًا مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا صَلَاةٌ كَامِلَةٌ ذَاتُ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ بِخِلَافِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ (308) قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا نَوَى نَافِلَتَيْنِ إلَى قَوْلِهِ أَجْزَأَتْ عَنْهُمَا. لِأَنَّ التَّحِيَّةَ وَالسُّنَّةَ قَرِيبَانِ، أَحَدُهُمَا. وَهِيَ التَّحِيَّةُ تَحْصُلُ بِلَا قَصْدٍ، فَلَا يُمْنَعُ حُصُولُهَا قَصْدَ غَيْرِهَا، وَكَذَا لَوْ نَوَى الْفَرْضَ وَالتَّحِيَّةَ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. قِيلَ: وَلَوْ تَعَرَّضَ الْمُصَنِّفُ لِنَفْلٍ مُخْتَلِفِ السَّبَبِ لَكَانَ أَوْلَى كَمَنْ أَخَّرَ التَّرَاوِيحَ إلَى آخِرِ اللَّيْلِ، وَنَوَى التَّرَاوِيحَ وَقِيَامَ آخِرِ اللَّيْلِ لِأَنَّ سَبَبَ التَّرَاوِيحِ غَيْرُ سَبَبِ قِيَامِ اللَّيْلِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. (309) قَوْلُهُ: لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ. قِيلَ: يُسْتَفَادُ مِنْهُ إجْزَاءُ النِّيَّةِ عَنْ الِاثْنَيْنِ، وَعَرَفَتِهِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ فِيهِ أَيْضًا كَمَا لَا يَخْفَى (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمَّلْ. أَقُولُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ صَامَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ مِثْلَ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ وَنَوَى مَعَهُ الصَّوْمَ عَنْ يَوْمِ عَرَفَةَ أَفْتَى بَعْضُهُمْ بِالصِّحَّةِ وَالْحُصُولِ عَنْهُمَا (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ الْحُكْمُ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى. (310) قَوْلُهُ: لَوْ أَحْرَمَ نَذْرًا وَنَفْلًا إلَخْ. قِيلَ: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ نَذْرًا وَفَرْضًا لِأَنَّهُمَا أَقْوَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْأَقْوَى فَالْأَقْوَى

تَطَوُّعًا عِنْدَهُمَا فِي الْأَصَحِّ وَمِنْ بَابِ إضَافَةِ الْإِحْرَامِ إلَى الْإِحْرَامِ 311 - وَلَوْ أَحْرَمَ بِحَجَّتَيْنِ مَعًا، أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ لَزِمَاهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْمَعِيَّةِ يَلْزَمُهُ إحْدَاهُمَا وَفِي التَّعَاقُبِ الْأُولَى فَقَطْ، وَإِذَا لَزِمَاهُ عِنْدَهُمَا ارْتَفَضَتْ إحْدَاهُمَا بِاتِّفَاقِهِمَا، لَكِنْ اخْتَلَفَا فِي وَقْتِ الرَّفْضِ، فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَقِيبَ صَيْرُورَتِهِ مُحْرِمًا بِلَا مُهْلَةٍ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا شَرَعَ فِي الْأَعْمَالِ، وَقِيلَ: إذَا تَوَجَّهَ سَائِرًا، وَنَصَّ فِي الْمَبْسُوطِ عَلَى أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا جَنَى قَبْلَ الشُّرُوعِ، فَعَلَيْهِ دَمَانِ لِلْجِنَايَةِ عَلَى إحْرَامَيْنِ، وَدَمٌ وَاحِدٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَوْ جَامَعَ قَبْلَ الشُّرُوعِ، فَعَلَيْهِ دَمَانِ لِلْجِمَاعِ وَدَمٌ ثَالِثٌ لِلرَّفْضِ، فَإِنَّهُ يَرْفُضُ إحْدَاهُمَا وَيَمْضِي فِي الْأُخْرَى وَيَقْضِي الَّتِي مَضَى فِيهَا 312 - وَحَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ مَكَانَ الَّتِي رَفَضَهَا، وَلَوْ قَتَلَ صَيْدًا فَعَلَيْهِ قِيمَتَانِ، أَوْ أُحْصِرَ، فَدَمَانِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ، إذَا أَهَلَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْرَمَ بِحَجَّتَيْنِ إلَخْ. فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَلَوْ أَحْرَمَ بِحَجَّتَيْنِ تَنْعَقِدُ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُ حَجَّتَيْنِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ، وَمَا قِيلَ فِي طَرِيقِهِ أَيْ الْجَمْعِ بَيْنَ حَجَّتَيْنِ مِنْ، أَنَّهُ يَدْفَعُ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فَيَرْمِي وَيَحْلِقُ وَيَطُوفُ، ثُمَّ يُحْرِمُ مِنْ مَكَّةَ وَيَعُودُ قَبْلَ الْفَجْرِ إلَى عَرَفَاتٍ، مَرْدُودٌ بِأَنَّهُمْ قَالُوا: الْمُقِيمُ بِمِنًى لِلرَّمْيِ لَا تَنْعَقِدُ عُمْرَتُهُ؛ لِاشْتِغَالِهِ بِالرَّمْيِ، وَالْحَاجُّ بَقِيَ عَلَيْهِ رَمْيُ أَيَّامِ مِنًى؛ وَصُرِّحَ بِاسْتِحَالَةِ وُقُوعُ حَجَّتَيْنِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ، وَحُكِيَ فِيهِ الْإِجْمَاعُ. (312) قَوْلُهُ: وَحَجَّةً وَعُمْرَةً أَيْ وَيَقْضِي حَجَّةً وَعُمْرَةً مَكَانَ الَّتِي رَفَضَهَا.

[فائدة ما يتفرع على الجمع بين الشيئين في النية]

بِعُمْرَتَيْنِ مَعًا، أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ بِلَا فَصْلٍ، وَأَمَّا إذَا نَوَى عِبَادَةً، ثُمَّ نَوَى، فِي أَثْنَائِهَا الِانْتِقَالَ عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا، فَإِنْ كَبَّرَ نَاوِيًا لِلِانْتِقَالِ عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا، صَارَ خَارِجًا عَنْ الْأُولَى، وَإِنْ نَوَى وَلَمْ يُكَبِّرْ لَا يَكُونُ خَارِجًا، 313 - كَمَا إذَا نَوَى تَجْدِيدَ الْأُولَى وَكَبَّرَ، وَتَمَامُهُ فِي مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ فِي شَرْحِنَا عَلَى الْكَنْزِ فَائِدَةٌ 314 - يَتَفَرَّعُ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ فِي النِّيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْعِبَادَاتِ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ نَاوِيًا الطَّلَاقَ وَالظِّهَارَ، أَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ نَاوِيًا فِي إحْدَاهُمَا الطَّلَاقَ وَفِي الْأُخْرَى الظِّهَارَ. 315 - وَقَدْ كَتَبْنَاهُ فِي بَابِ الْإِيلَاءِ مِنْ شَرْحِ الْكَنْزِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ (السَّابِعُ) فِي وَقْتِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا إذَا نَوَى تَجْدِيدَ الْأُولَى وَكَبَّرَ؛ تَنْظِيرٌ لِلِانْتِقَالِ بِالنِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ [فَائِدَةٌ مَا يَتَفَرَّعُ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ فِي النِّيَّةِ] (314) قَوْلُهُ: يَتَفَرَّعُ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فِي النِّيَّةِ إلَخْ. فِي الْجَوْهَرَةِ مِنْ الْإِيمَانِ، وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ، يَنْوِي فِي إحْدَاهُمَا الطَّلَاقَ، وَفِي الْأُخْرَى الْإِيلَاءَ، كَانَتَا طَالِقَتَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْوَاحِدَ لَا يُحْمَلُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ، فَإِذَا أَرَادَ أَحَدَهُمَا حُمِلَ عَلَى الْأَغْلَظِ مِنْهُمَا، وَهُوَ الطَّلَاقُ، وَكَذَا إذَا قَالَ: أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ، يَنْوِي فِي إحْدَاهُمَا ثَلَاثًا وَفِي الْأُخْرَى وَاحِدَةً تَطْلُقَانِ ثَلَاثًا؛ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ اللَّفْظَ الْوَاحِدَ لَا يُحْمَلُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ فَيُحْمَل عَلَى أَشَدِّهِمَا، كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ. وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ يَنْوِي الطَّلَاقَ وَالظِّهَارَ، فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا فَمَا اخْتَارَهُ يَثْبُتُ، وَقِيلَ: يَثْبُتُ الطَّلَاقُ لِقَوْلِهِ وَقِيلَ: الظِّهَارُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ. (315) قَوْلُهُ: وَقَدْ كَتَبْنَاهُ فِي بَابِ الْإِيلَاءِ مِنْ شَرْحِ الْكَنْزِ حَوَالَةٌ غَيْرُ رَائِجَةٍ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكْتُبْهُ فِي بَابِ الْإِيلَاءِ

[وقت النية]

الْأَصْلُ أَنَّ وَقْتَهَا أَوَّلُ الْعِبَادَاتِ، وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ حَقِيقِيٌّ وَحُكْمِيٌّ، فَقَالُوا فِي الصَّلَاةِ: لَوْ نَوَى قَبْلَ الشُّرُوعِ فَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَوْ نَوَى عِنْدَ الْوُضُوءِ أَنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ، أَوْ الْعَصْرَ مَعَ الْإِمَامِ، وَلَمْ يَشْتَغِلْ بَعْدَ النِّيَّةِ بِمَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ إلَّا، أَنَّهُ لَمَّا انْتَهَى إلَى مَكَانِ الصَّلَاةِ لَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ جَازَتْ صَلَاتُهُ بِتِلْكَ النِّيَّةِ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَفِي التَّجْنِيسِ إذَا تَوَضَّأَ فِي مَنْزِلِهِ لِيُصَلِّيَ الظُّهْرَ، ثُمَّ حَضَرَ الْمَسْجِدَ وَافْتَتَحَ الصَّلَاةَ بِتِلْكَ النِّيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِعَمَلٍ آخَرَ يَكْفِيهِ ذَلِكَ 317 - هَكَذَا 318 - قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الرُّقَيَّاتِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْمُتَقَدِّمَةَ عَلَى الشُّرُوعِ تَبْقَى إلَى وَقْتِ الشُّرُوعِ حُكْمًا كَمَا فِي الصَّوْمِ، إذَا لَمْ يُبَدِّلْهَا بِغَيْرِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [وَقْتُ النِّيَّةِ] قَوْلُهُ: الْأَصْلُ أَنَّ وَقْتَهَا أَوَّلُ الْعِبَادَاتِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ وَقْتَ النِّيَّةِ أَوَّلُ الْعِبَادَاتِ، أَوْ نَحْوُهَا وَخَرَجَ عَنْ ذَلِكَ الصَّوْمُ، فَجُوِّزَ تَقْدِيمُ نِيَّتِهِ عَلَى أَوَّلِ الْوَقْتِ لِعُسْرِ مُرَاقَبَتِهِ، وَكَذَلِكَ الزَّكَاةُ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ، وَمَا فِي غَيْرِ الْعِبَادَاتِ، كَنِيَّتِهِ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْيَمِينِ، فَإِنَّهُمَا قَبْلَ فَرَاغِ الْمُسْتَثْنَى. (317) قَوْلُهُ: هَكَذَا، يَحْتَمِلُ هَذَا اللَّفْظُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا حَرْفُ تَنْبِيهٍ دَاخِلَةٌ عَلَى اسْمِ الْإِشَارَةِ تَقْدِيرًا، وَالْكَافُ حَرْفُ تَشْبِيهٍ جَارَةٌ لِاسْمِ الْإِشَارَةِ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَوْ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، وَثَانِيهِمَا أَنَّهَا فِعْلٌ بِمَعْنَى: خُذُوا، كَذَا: جَارٌّ وَمَجْرُورٌ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا. (318) قَوْلُهُ: قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الرُّقَيَّاتِ: هُوَ اسْم كِتَابٍ أَمْلَاهُ مُحَمَّدٌ بِالرَّقَّةِ حِينَ كَانَ مُقِيمًا بِهَا فَنُسِبَ إلَيْهَا، وَهُوَ مِنْ كُتُبِ النَّوَادِرِ.

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ: إنْ كَانَ عِنْدَ الشُّرُوعِ بِحَيْثُ لَوْ سُئِلَ: أَيَّةُ صَلَاةٍ تُصَلِّي يُجِيبُ عَلَى الْبَدَاهَةِ مِنْ غَيْرِ تَفَكُّرٍ، فَهِيَ نِيَّةٌ تَامَّةٌ، وَلَوْ احْتَاجَ إلَى التَّأَمُّلِ لَا تَجُوزُ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَقَدْ شَرَطُوا عَدَمَ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ لِصِحَّةِ تِلْكَ النِّيَّةِ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ يَتَخَلَّلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشُّرُوعِ الْمَشْيُ إلَى مَقَامِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمُرَادِ بِمَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْأَعْرَاضِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَغَلَ بِكَلَامٍ، أَوْ أَكْلٍ، أَوْ تَقُولُ: عُدَّ الْمَشْيُ إلَيْهَا مِنْ أَفْعَالِهَا غَيْرَ قَاطِعٍ لِلنِّيَّةِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا، أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ تَكُونَ مُقَارِنَةً لِلشُّرُوعِ، وَلَا يَكُونُ شَارِعًا بِنِيَّةٍ مُتَأَخِّرَةٍ؛ لِأَنَّ مَا مَضَى لَا يَقَعُ عِبَادَةً لِعَدَمِ النِّيَّةِ، فَكَذَا الْبَاقِي لِعَدَمِ التَّجَزِّي، وَنَقَلَ ابْنُ وَهْبَانَ اخْتِلَافًا بَيْنَ الْمَشَايِخِ خَارِجًا عَنْ الْمَذْهَبِ مُوَافِقًا لِمَا نُقِلَ عَنْ الْكَرْخِيِّ مِنْ جَوَازِ التَّأْخِيرِ عَنْ التَّحْرِيمَةِ، فَقِيلَ: إلَى الثَّنَاءِ، وَقِيلَ: إلَى التَّعَوُّذِ، وَقِيلَ: إلَى الرُّكُوعِ وَقِيلَ إلَى الرَّفْعِ، وَالْكُلُّ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقِرَانِ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا، 320 - وَفِي الْجَوْهَرَةِ: وَلَا مُعْتَبَرَ بِقَوْلِ الْكَرْخِيِّ. ، وَأَمَّا النِّيَّةُ فِي الْوُضُوءِ فَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: إنَّ مَحَلَّهَا عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ إلَى آخِرِهِ. قِيلَ: وَمِثْلُ الصَّلَاةِ الصَّوْمُ عِنْدَهُ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا لَا تَكُونُ نِيَّةً؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ الْعِلْمِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ عَلِمَ الْكُفْرَ لَا يَكْفُرُ، وَلَوْ نَوَاهُ يَكْفُرُ كَمَا فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى. (320) قَوْلُهُ: وَفِي الْجَوْهَرَةِ: وَلَا مُعْتَبَرَ بِقَوْلِ الْكَرْخِيِّ، فَإِنَّهُ قَاسَ الصَّلَاةَ عَلَى

وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فِي أَوَّلِ السُّنَنِ عِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ إلَى الرُّسْغَيْنِ؛ لِيَنَالَ ثَوَابَ السُّنَنِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ، وَقَالُوا: الْغُسْلُ كَالْوُضُوءِ فِي السُّنَنِ وَفِي التَّيَمُّمِ يَنْوِي عِنْدَ الْوَضْعِ عَلَى الصَّعِيدِ 322 - وَلَمْ أَرَ وَقْتَ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ 323 - لِلثَّوَابِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ وَقْتَ اقْتِدَاءِ أَحَدٍ بِهِ لَا قَبْلَهُ 324 - كَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ وَقْتَ نِيَّةِ الْجَمَاعَةِ أَوَّلَ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ، وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاةِ الْإِمَامِ، هَذَا لِلثَّوَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّوْمِ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الْقِرَانِ فِي الصَّوْمِ لِمَكَانِ الْحَرَجِ، وَالْحَرَجُ يَنْدَفِعُ بِتَقْدِيمِ النِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ، فَلَا ضَرُورَةَ إلَى التَّأْخِيرِ، وَجَوَازُ التَّأْخِيرِ فِي الصَّوْمِ لِلْحَرَجِ، قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: يَنْدَفِعُ الْحَرَجُ بِالتَّقْدِيمِ فِي الصَّوْمِ أَيْضًا كَمَا لَا يَخْفَى (321) قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فِي أَوَّلِ السُّنَنِ إلَخْ، فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ نَقْلًا عَنْ التُّحْفَةِ أَنَّ مَحَلَّهَا فِي الْوُضُوءِ قَبْلَ سَائِرِ السُّنَنِ، فَتُسَنُّ عِنْدَنَا قَبْلَ غَسْلِ الْوَجْهِ، كَمَا تُفْرَضُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (انْتَهَى) . وَظَاهِرُ التَّعْبِيرِ يَنْبَغِي أَنَّ مَا ذَكَرَهُ تَفَقُّهٌ لَا مَنْقُولٌ، وَقَدْ عَلِمْتُ الْمَنْقُولَ عَنْ أَعْظَمِ الْفُحُولِ (322) قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ وَقْتَ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ، قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ مِنْ الِابْتِدَاءِ أَنْ يَكُونَ إمَامًا لِكُلِّ مَنْ يَقْتَدِي بِهِ، بَلْ قَدْ يَقْتَدِي بِهِ مَنْ لَا يَرَاهُ مِنْ الْجِنِّ، وَالْمَلَائِكَةِ كَمَا وَرَدَ فِي الْآثَارِ، وَأَمَّا مَا قَاسَ عَلَيْهِ فَذَاكَ أَوَّلُ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُقَدِّمَ النِّيَّةَ عَلَيْهَا. (323) قَوْلُهُ: لِلثَّوَابِ. أَيْ لَا لِلصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ فِي غَيْرِ النِّسَاءِ، فَنِيَّتُهَا تَتَمَخَّضُ لِنِيلِ الثَّوَابِ (324) قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ وَقْتَ نِيَّةِ الْجَمَاعَةِ إلَخْ، اسْم يَكُونُ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى نِيَّةِ الْإِمَامَةِ، وَقَوْلُهُ: وَقْتَ نِيَّةِ الْجَمَاعَةِ خَبَرُ يَكُونُ، وَقَوْلُهُ: أَوَّلَ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ بَدَلٌ مِنْ الْخَبَرِ.

وَأَمَّا لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ فَقَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَنْوِيَ الِاقْتِدَاءَ عِنْدَ افْتِتَاحِ الْإِمَامِ، 326 - فَإِنْ نَوَى حِينَ وَقَفَ. 327 - عَالِمًا بِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ، جَازَ، وَإِنْ نَوَى ذَلِكَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ شَرَعَ وَلَمْ يَشْرَعْ اُخْتُلِفَ فِيهِ قِيلَ: لَا يَجُوزُ ، وَأَمَّا نِيَّةُ التَّقَرُّبِ لِصَيْرُورَةِ الْمَاءِ مُسْتَعْمَلًا فَوَقْتُهَا عِنْدَ الِاغْتِرَافِ ، وَأَمَّا وَقْتُهَا فِي الزَّكَاةِ فَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَلَا يَجُوزُ أَدَاءُ الزَّكَاةِ إلَّا بِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ لِلْأَدَاءِ، أَوْ مُقَارِنَةٍ لِعَزْلِ مِقْدَارِ مَا وَجَبَ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ فَكَانَتْ مِنْ شَرْطِهَا النِّيَّةُ، وَالْأَصْلُ فِيهَا الِاقْتِرَانُ إلَّا أَنَّ الدَّفْعَ يَتَفَرَّقُ، فَاكْتُفِيَ بِوُجُودِهَا حَالَةَ الْعَزْلِ تَيْسِيرًا كَتَقْدِيمِ النِّيَّةِ فِي الصَّوْمِ، وَقَدْ جَوَّزُوا التَّقْدِيمَ عَلَى الْأَدَاءِ لَكِنْ عِنْدَ الْعَزْلِ، وَهَلْ تَجُوزُ بِنِيَّةٍ مُتَأَخِّرَةٍ عَنْ الْأَدَاءِ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَمَّا لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ، أَيْ، وَأَمَّا نِيَّةُ الْإِمَامَةِ لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ كَمَا فِي حَقِّ النِّسَاءِ؛ هَذَا مُفَادُ السِّيَاقِ لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ. وَالْمُسْتَشْهَدُ بِهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: لَا يُلَائِمُهُ، فَإِنَّهُ فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ لَا فِي نِيَّةِ الْإِمَامَةِ لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ كَمَا تَرَى. (326) قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى حِينَ وَقَفَ إلَخْ، أَمَّا صِحَّةُ شُرُوعِهِ فِي الْأُولَى؛ فَلِأَنَّهُ جَزْمٌ فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ، غَيْرَ أَنَّهُ تُقَدَّمُ نِيَّتُهُ عَلَى نِيَّةِ الْإِمَامِ، وَاسْتَصْحَبَهَا إلَى شُرُوعِ الْإِمَامِ فَصَحَّتْ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ؛ فَلِأَنَّهُ ظَنَّ الشُّرُوعَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الظَّنَّ غَيْرُ الْجَزْمِ؛ لِأَنَّ الظَّنَّ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ، وَشَرْطُ الْجَزْمِ فِي النِّيَّةِ؛ فَلِذَا لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهُ. (327) قَوْلُهُ: عَالِمًا بِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ جَازَ بِخِلَافِ تَكْبِيرِ الْمَأْمُومِ لِلِاقْتِدَاءِ، فَإِنَّهَا لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُتَأَخِّرَةً عَنْ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ لِلْمَأْمُومِ، صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدَ قَوْلِهِ: خَاتِمَةٌ بِنَحْوِ صَفْحَةٍ، وَهَذَا يُخَالِفُ نِيَّةَ الِاقْتِدَاءِ، فَإِنَّهَا لَا يَجُوزُ أَنْ تَتَقَدَّمَ كَمَا عُلِمَ مِنْ الْفَرْقِ

328 - فَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لَوْ دَفَعَهَا بِلَا نِيَّةٍ، ثُمَّ نَوَى بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا فِي يَدِ الْفَقِيرِ جَازَ، وَإِلَّا، فَلَا، وَأَمَّا صَدَقَةُ الْفِطْرِ. 329 - فَكَالزَّكَاةِ نِيَّةً وَمَصْرِفًا قَالُوا: إلَّا الذِّمِّيَّ فَإِنَّهُ مَصْرِفٌ لِلْفِطْرِ دُونَ الزَّكَاةِ ، وَأَمَّا الصَّوْمُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ فَرْضًا، أَوْ نَفْلًا فَإِنْ كَانَ فَرْضًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ أَدَاءَ رَمَضَانَ، أَوْ غَيْرَهُ، فَإِنْ كَانَ أَدَاءَ رَمَضَانَ جَازَ نِيَّةٌ مُتَقَدِّمَةٌ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَبِمُقَارِنَةٍ، وَهُوَ الْأَصْلُ 330 - وَبِمُتَأَخِّرَةٍ عَنْ الشُّرُوعِ إلَى مَا قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ الشَّرْعِيِّ تَيْسِيرًا عَلَى الصَّائِمِينَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ أَدَاءِ رَمَضَانَ مِنْ قَضَاءٍ، أَوْ نَذْرٍ، أَوْ كَفَّارَةٍ فَيَجُوزُ بِنِيَّةٍ مُتَقَدِّمَةٍ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ 331 - وَيَجُوزُ بِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ لِطُلُوعِ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْقِرَانُ كَمَا فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ، وَلَوْ دَفَعَهَا بِلَا نِيَّةٍ إلَخْ قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا مُخَالِفٌ لِسَائِرِ الْمُتُونِ. (329) قَوْلُهُ: فَكَالزَّكَاةِ نِيَّةً وَمَصْرِفًا. قَالُوا: إلَّا الذِّمِّيَّ فَإِنَّهُ مَصْرِفٌ إلَخْ. هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ (330) قَوْلُهُ: وَبِمُتَأَخِّرَةٍ عَنْ الشُّرُوعِ إلَى مَا قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ الشَّرْعِيِّ، وَهُوَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَأَمَّا اللُّغَوِيُّ فَمِنْ طُلُوعِهَا إلَى غُرُوبِهَا. (331) قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ بِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ لِطُلُوعِ الْفَجْرِ، قِيلَ عَلَيْهِ: رُبَّمَا يُشْكِلُ عَلَى التَّعْبِيرِ بِوُجُوبِ التَّبْيِيتِ بِالْقَضَاءِ، وَالْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ التَّبْيِيتَ يَسْتَدْعِي الْوُقُوعَ فِي جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ، وَهُوَ مَفْقُودٌ عِنْدَ مُقَارَنَةِ طُلُوعِ الْفَجْرِ تَأَمَّلْ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُقَارَنَةِ الْمُقَارَبَةُ لَا الْمُقَارَنَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِالتَّأَمُّلِ إلَى هَذَا

[بيان عدم اشتراط النية في البقاء وحكمها مع كل ركن]

فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ كَانَ نَفْلًا فَرَمَضَانُ أَدَاءً 332 - وَأَمَّا الْحَجُّ فَالنِّيَّةُ فِيهِ سَابِقَةٌ عَلَى الْأَدَاءِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، وَهُوَ النِّيَّةُ عِنْدَ التَّلْبِيَةِ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ سَوْقِ الْهَدْيِ فَلَا يُمْكِنُ فِيهِ الْقِرَانُ وَالتَّأْخِيرُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ أَفْعَالُهُ إلَّا إذَا تَقَدَّمَ الْإِحْرَامُ، وَهِيَ رُكْنٌ فِيهِ، أَوْ شَرْطٌ عَلَى قَوْلَيْنِ. فَائِدَةٌ: هَلْ تَصِحُّ نِيَّةُ عِبَادَةٍ، وَهِيَ فِي عِبَادَةٍ أُخْرَى؟ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: نَوَى فِي صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، أَوْ نَافِلَةٍ الصَّوْمَ 333 - تَصِحُّ نِيَّتُهُ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. الثَّامِنُ فِي بَيَانِ عَدَمِ اشْتِرَاطِهَا فِي الْبَقَاءِ وَحُكْمِهَا مَعَ كُلِّ رُكْنٍ قَالُوا: فِي الصَّلَاةِ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي الْبَقَاءِ لِلْحَرَجِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ، فَكَذَا فِي بَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ وَفِي الْقُنْيَةِ لَا تَلْزَمُ نِيَّةُ الْعِبَادَةِ فِي كُلِّ جُزْءٍ إنَّمَا تَلْزَمُ فِي جُمْلَةِ مَا يَفْعَلُهُ فِي كُلِّ حَالٍ، وَفِي الْبِنَايَةِ افْتَتَحَ الْمَكْتُوبَةَ 334 - وَمِنْ الْغَرِيبِ مَا فِي الْمُجْتَبَى: وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْعِبَادَةِ، وَهِيَ التَّذَلُّلُ، وَالْخُضُوعُ عَلَى أَبْلَغِ الْوُجُوهِ وَنِيَّةِ الطَّاعَةِ، وَهِيَ فِعْلُ مَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَمَّا الْحَجُّ إلَخْ، ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّ تَقْدِيمَ النِّيَّةِ فِي الْحَجِّ يَجُوزُ حَتَّى لَوْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ يُرِيدُ الْحَجَّ فَأَحْرَمَ وَلَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ جَازَ (333) قَوْلُهُ: تَصِحُّ نِيَّتُهُ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ قِيلَ: هَذَا إذَا نَوَى بِالْقَلْبِ، وَأَمَّا لَوْ تَلَفَّظَ بِاللِّسَانِ فَسَدَتْ. [بَيَانُ عَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي الْبَقَاءِ وَحُكْمُهَا مَعَ كُلِّ رُكْنٍ] (334) قَوْلُهُ: وَمَنْ الْغَرِيبِ مَا فِي الْمُجْتَبَى إلَخْ، قِيلَ: إنْ أَرَادَ الْغَرَابَةَ مِنْ حَيْثُ النَّقْلُ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ، وَإِنْ أَرَادَ مِنْ جِهَةِ تَفْسِيرِ الْعِبَارَةِ بِمَا ذَكَرَ فَهِيَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ لِلْعَلَّامَةِ الْبِقَاعِيِّ فِي مُنَاسِبَاتِهِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5] (انْتَهَى) . أَقُولُ: لَمْ يُرِدْ وَاحِدًا

أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ وَنِيَّةِ الْقُرْبَةِ، وَهِيَ طَلَبُ الثَّوَابِ بِالْمَشَقَّةِ فِي فِعْلِهَا 335 - وَيَنْوِي أَنَّهُ يَفْعَلُهَا مَصْلَحَةً لَهُ فِي دِينِهِ 336 -، وَأَنْ يَكُونَ أَقْرَبَ إلَى مَا وَجَبَ عِنْدَهُ عَقْلًا مِنْ الْفِعْلِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَأَبْعَدَ عَمَّا حُرِّمَ عَلَيْهِ مِنْ الظُّلْمِ وَكُفْرَانِ النِّعْمَةِ، ثُمَّ هَذِهِ النِّيَّاتُ مِنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ إلَى آخِرِهَا خُصُوصًا عِنْدَ الِانْتِقَال مِنْ رُكْنٍ إلَى رُكْنٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْعِبَادَةِ فِي كُلِّ رُكْنٍ، وَالنَّفَلُ كَالْفَرْضِ فِيهَا إلَّا فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ 337 - وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ فِي النَّوَافِلِ أَنَّهَا لُطْفٌ فِي الْفَرَائِضِ وَتَسْهِيلٌ لَهَا 338 - وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْعِبَادَةَ الَّتِي هِيَ ذَاتُ أَفْعَالٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُمَا، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الْغَرَابَةَ فِي كَوْنِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهَا، فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ لَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ فِي كُتُبِهِمْ مُتُونًا وَشُرُوحًا وَفَتَاوَى. (335) قَوْلُهُ: وَيَنْوِي أَنَّهُ يَفْعَلُهَا، عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: نِيَّةُ الْعِبَادَةِ بَعْدَ تَقْدِيرِ السَّابِكِ وَالسَّبْكِ بِالْمَصْدَرِ. (336) قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ: أَنَّهُ يَفْعَلُهَا إلَخْ أَيْ وَيَنْوِي حِينَئِذٍ كَوْنَ فِعْلِهَا أَقْرَبَ إلَى مَا وَجَبَ عَقْلًا وَأَبْعَدَ عَمَّا حُرِّمَ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى أَقْرَبَ أَيْ وَيَنْوِي كَوْنَ فِعْلِهَا أَبْعَدَ. (337) قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ فِي النَّوَافِلِ أَنَّهُمَا لُطْفٌ فِي الْفَرَائِضِ وَتَسْهِيلٌ لَهَا. أَقُولُ: إنَّمَا كَانَتْ النَّوَافِلُ لُطْفًا فِي الْفَرَائِضِ، بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا مُكَمِّلَاتٌ وَجَوَابِرُ لِلْفَرَائِضِ فَكَانَتْ رِفْقًا فِي أَدَائِهَا؛ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «أَنَّ النَّوَافِلَ جَوَابِرُ الْفَرَائِضِ» ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّهَا تَجْبُرُ السُّنَنَ الَّتِي فِي الْفَرَائِضِ إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْدِلَ شَيْءٌ مِنْ السُّنَنِ وَاجِبًا أَبَدًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: (وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ أَحَدٌ بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْت عَلَيْهِ) . (338) قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْعِبَادَاتِ ذَاتُ أَفْعَالٍ يُكْتَفَى

يَكْتَفِي بِالنِّيَّةِ فِي أَوَّلِهَا، وَلَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا فِي كُلِّ فِعْلٍ اكْتِفَاءً بِانْسِحَابِهَا عَلَيْهَا، إلَّا إذَا نَوَى بِبَعْضِ الْأَفْعَالِ غَيْرَ مَا وُضِعَ لَهُ، قَالُوا لَوْ طَافَ طَالِبًا لِغَرِيمٍ لَا يُجْزِيهِ، وَلَوْ وَقَفَ كَذَلِكَ بِعَرَفَاتٍ أَجْزَأَهُ وَقَدَّمْنَاهُ. 339 - وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّوَافَ عَهْدُ قُرْبَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ، وَفَرَّقَ الزَّيْلَعِيُّ بَيْنَهُمَا بِفَرْقٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ النِّيَّةَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ تَضَمَّنَتْ جَمِيعَ مَا يَفْعَلُ فِي الْإِحْرَامِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ النِّيَّةِ، وَالطَّوَافُ يَقَعُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ وَفِي الْإِحْرَامِ مِنْ وَجْهٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالنِّيَّةِ فِي أَوَّلِهَا. قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَمِنْ مِشْكَاةِ هَذَا الْأَصْلِ مَا قِيلَ بِإِيجَابِ نِيَّةِ سُجُودِ السَّهْوِ دُونَ نِيَّةِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَعَلَّلَ الْأَخِيرَ بِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ تَشْمَلُهُ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَوْ كَانَ بِالْعَكْسِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ أَعْلَقُ بِالصَّلَاةِ مِنْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَآكُدُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُشْرَعُ لِلْمَأْمُومِ إذَا سَهَا الْإِمَامُ وَلَمْ يَسْجُدْ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي تَوْجِيهِ ذَلِكَ إنْ صَحَّ أَنْ يُقَالَ: إنَّ التِّلَاوَةَ مِنْ لَوَازِمِ الصَّلَاةِ فَكَانَ التَّالِي عِنْدَ نِيَّتِهَا يَسْتَحْضِرُهَا وَفِي ذِكْرِهِ تَعَرُّضٌ لَهَا، وَلَيْسَ السَّهْوُ نَفْسُهُ مِنْ لَوَازِمِ الصَّلَاةِ، بَلْ وُقُوعُهُ فِيهَا بِخِلَافِ الْغَالِبِ، فَلَمْ يَكُنْ فِي النِّيَّةِ إيمَاءٌ إلَيْهِ وَلَا أَذْكَارٌ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِدْيَةُ الْمَحْظُورَاتِ فِي الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ النِّيَّةِ، لَا يُقَالُ: يُكْتَفَى بِنِيَّةِ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ لَوَازِمِ الْإِحْرَامِ وَلَا مِنْ ضَرُورِيَّاتِهِ بِخِلَافِ طَوَافِ الْقُدُومِ مَثَلًا، فَإِنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَاهِيَّةِ الْحَجِّ لَكِنَّهُ مِنْ لَوَازِمِهِ؛ فَلِذَلِكَ لَا تُشْتَرَطُ لَهُ نِيَّةٌ اكْتِفَاءً بِنِيَّةِ الْحَجِّ فَهُوَ نَظِيرُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ. (339) قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّوَافَ إلَخْ، لَك أَنْ تَقُولَ: الْفَرْقُ مُسَلَّمٌ فِي نَفْسِهِ لَكِنْ لَا يَدْفَعُ الْمَحْذُورَ، إذْ يَصْدُقُ عَلَى الْوُقُوفِ لِطَلَبِ الْغَرِيمِ أَنَّهُ نَوَى غَيْرَ مَا وُضِعَ لَهُ، فَلَا يُغْنِي فِي دَفْعِهِ شَيْئًا، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ نَوَى بِهِ غَيْرَ مَا وُضِعَ لَهُ وَضْعًا مُسْتَقِلًّا، نَعَمْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا نَوَى بِهِ غَيْرَ مَا وُضِعَ لَهُ وَضْعًا غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ لَا يَضُرُّهُ.

[محل النية]

فَاشْتُرِطَ فِيهِ أَصْلُ النِّيَّةِ لَا تَعْيِينُ الْجِهَةِ، وَقَالُوا: لَوْ طَافَ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَقَعَ عَنْ الْفَرْضِ، وَلَوْ طَافَ بَعْدَ مَا حَلَّ النَّفْرُ، وَنَوَى التَّطَوُّعَ أَجْزَأَهُ عَنْ الصَّدْرِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ 340 - وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ نِيَّةَ الْعِبَادَةِ تَنْسَحِبُ عَلَى أَرْكَانِهَا 341 - وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنْ نِيَّةَ التَّطَوُّعِ فِي بَعْضِ الْأَرْكَانِ لَا تُبْطِلُهُ، وَفِي الْقُنْيَةِ: وَإِنْ تَعَمَّدَ أَنْ لَا يَنْوِيَ الْعِبَادَةَ بِبَعْضِ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ الصَّلَاةِ لَا يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ، ثُمَّ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِعْلًا لَا تَتِمُّ الْعِبَادَةُ بِدُونِهِ فَسَدَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ أَسَاءَ (انْتَهَى) التَّاسِعُ فِي مَحَلِّهَا 342 - مَحَلُّهَا الْقَلْبُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَقَدَّمْنَا حَقِيقَتَهَا، وَهُنَا أَصْلَانِ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي التَّلَفُّظُ بِاللِّسَانِ دُونَهُ - وَفِي الْقُنْيَةِ، وَالْمُجْتَبَى، وَمَنْ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُحْضِرَ قَلْبَهُ لِيَنْوِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُوَ مَبْنِيٌّ إلَخْ، قِيلَ: فِي الْبِنَاءِ عَلَيْهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ الِانْسِحَابِ عَلَى الْأَرْكَانِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ أَصْلِ النِّيَّةِ فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ، وَلَوْ سَلِمَ فَلَا يَنْتَهِضُ بِالنِّسْبَةِ إلَى طَوَافِ الصَّدْرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَرْكَانِ. (341) قَوْلُهُ: وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ نِيَّةَ التَّطَوُّعِ فِي بَعْضِ الْأَرْكَانِ لَا يُبْطِلُهُ، قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَذْكُورَ كَوْنُ طَوَافِ الرُّكْنِ يَتَأَدَّى بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ، فَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ نِيَّةَ التَّطَوُّعِ فِي بَعْضِ الْأَرْكَانِ، أَيْ فِي حَقِّ بَعْضِ الْأَرْكَانِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَأَدَّى بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ، فَهُوَ الْمُصَرَّحُ بِهِ كَمَا تَرَى، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ نِيَّةَ التَّطَوُّعِ فِي خِلَالِ بَعْضِ الْأَرْكَانِ، فَفِي اسْتِفَادَتِهِ مِنْهُ نَظَرٌ قَدْ أَسَاءَ [مَحَلُّ النِّيَّةِ] (342) قَوْلُهُ: مَحَلُّهَا الْقَلْبُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ أَقُولُ: يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا إيجَابُ الِاعْتِكَافِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّلَفُّظِ، وَلَا يُكْتَفَى فِي إيجَابِهِ بِالنِّيَّةِ كَمَا فِي الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةِ، وَسَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَرِيبًا. (343) قَوْلُهُ: وَفِي الْقُنْيَةِ، وَالْمُجْتَبَى، وَمَنْ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُحْضِرَ قَلْبَهُ إلَخْ، قِيلَ: ظَاهِرُهُ

[اختلاف اللسان والقلب في النية]

بِقَلْبِهِ، أَوْ يَشُكُّ فِي النِّيَّةِ يَكْفِيهِ التَّكَلُّمُ بِلِسَانِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا (انْتَهَى) . ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا 344 -: وَلَا يُؤَاخَذُ بِالنِّيَّةِ حَالَ سَهْوِهِ 345 -؛ لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ الصَّلَاةِ فِيمَا يَسْهُو مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَصَلَاتُهُ مُجْزِيَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ بِهَا ثَوَابًا (انْتَهَى) . ، وَمِنْ فُرُوعِ هَذَا الْأَصْلِ أَنَّهُ 346 - لَوْ اخْتَلَفَ اللِّسَانُ، وَالْقَلْبُ فَالْمُعْتَبَرُ مَا فِي الْقَلْبِ، وَخَرَجَ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ الْيَمِينُ لَوْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَى لَفْظِ الْيَمِينِ بِلَا قَصْدٍ 347 - إنْ عُقِدَتْ الْكَفَّارَةُ، أَوْ قَصَدَ الْحَلِفَ عَلَى شَيْءٍ فَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى غَيْرِهِ، هَذَا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا فِي الطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ فِعْلَ اللِّسَانِ يَكُونُ بَدَلًا عَنْ نِيَّةِ الْقَلْبِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ نَصْبَ الْأَبْدَالِ بِالرَّأْيِ لَا يَجُوزُ (انْتَهَى) . أَقُولُ: حَيْثُ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى نِيَّةِ الْقَلْبِ صَارَ الذِّكْرُ اللِّسَانِيُّ أَصْلًا فِي حَقِّهِ لَا بَدَلًا (344) قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَاخَذُ بِالنِّيَّةِ حَالَ سَهْوِهِ إلَخْ: أَيْ لَا يُطَالَبُ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ مَا شَرَعَ فِيهَا حَالَ سَهْوِهِ، كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ. (345) قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ الصَّلَاةِ فِيمَا يَسْهُو مَعْفُوٌّ عَنْهُ، يَعْنِي، وَإِذَا عُفِيَ عَمَّا يَفْعَلُهُ فِي الصَّلَاةِ فِي حَالِ السَّهْوِ عَنْ الصَّلَاةِ فَأَحْرَى أَنْ لَا يُؤَاخَذَ بِالنِّيَّةِ حَالَ سَهْوِهِ مِنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ مَا شَرَعَ فِيهَا، هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ، وَفِي أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ، وَلَوْ نَوَى حَالَ غَيْرِ السَّهْوِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَبْحَثِ الثَّامِنِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي الْبَقَاءِ لِلْحَرَجِ فِي الصَّلَاةِ، وَغَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ بَلْ صَرَّحَ فِي الْقُنْيَةِ نَفْسِهَا بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ نِيَّةُ الْعِبَادَةِ فِي كُلِّ جُزْءٍ، إنَّمَا يَلْزَمُ فِي جُمْلَةِ مَا يَفْعَلُهُ فِي كُلِّ حَالٍ، صَحَّ [اخْتِلَافُ اللِّسَانِ وَالْقَلْبِ فِي النِّيَّةِ] (346) قَوْلُهُ: لَوْ اخْتَلَفَ اللِّسَانُ، وَالْقَلْبُ، كَمَا لَوْ نَوَى بِقَلْبِهِ الظُّهْرَ وَنَطَقَ بِالْعَصْرِ، أَوْ بِقَلْبِهِ الْحَجَّ وَنَطَقَ بِالْعُمْرَةِ، أَوْ بِعَكْسِهِ صَحَّ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (347) قَوْلُهُ: إنْ عُقِدَتْ الْكَفَّارَةُ: أَيْ إنْ عُقِدَتْ الْيَمِينُ مُوجِبَةٌ لِلْكَفَّارَةِ إنْ حَنِثَ، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ لَا تُؤَدِّيهِ

فَيَقَعُ قَضَاءً لَا دِيَانَةً. 348 - وَمِنْ فُرُوعِهِ، لَوْ قَصَدَ بِلَفْظٍ غَيْرَ مَعْنَاهُ الشَّرْعِيِّ 349 - وَإِنَّمَا قَصَدَ مَعْنًى آخَرَ كَلَفْظِ الطَّلَاقِ إذَا أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ عَنْ وَثَاقٍ لَمْ يُقْبَلْ قَضَاءً وَيُدَيَّنُ وَفِي الْخَانِيَّةِ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ وَقَالَ: قَصَدْت بِهِ عَنْ عَمَلِ كَذَا لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً، وَقَدْ حَكَى فِي الْبَسِيطِ أَنَّ بَعْضَ الْوُعَّاظِ طَلَبَ مِنْ الْحَاضِرِينَ شَيْئًا فَلَمْ يُعْطُوهُ، فَقَالَ مُتَضَجِّرًا مِنْهُمْ: طَلَّقْتُكُمْ ثَلَاثًا، وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ فِيهِمْ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ 350 - فَأَفْتَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ. قَالَ الْغَزَالِيُّ 351 - وَفِي الْقَلْبِ مِنْهُ شَيْءٌ (انْتَهَى) قُلْت يَتَخَرَّجُ عَلَى مَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ الْعِتْقِ. 352 - رَجُلٌ قَالَ: عَبِيدُ أَهْلِ بَلْخِي أَحْرَارٌ، وَقَالَ: عَبِيدُ أَهْلِ بَغْدَادَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِنْ فُرُوعِهِ، أَيْ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ: فِي كَوْنِهِ مِنْ فُرُوعِهِ نَظَرٌ، بَلْ هُوَ مِنْ فُرُوعِ مَا خَرَجَ عَنْ الْأَصْلِ مِنْ الطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ وَفِيهِ أَنَّ مَا خَرَجَ لَيْسَ أَصْلًا حَتَّى يَكُونَ مَا ذَكَرَ مِنْ فُرُوعِهِ. (349) قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَصَدَ مَعْنًى آخَرَ حَشْوٌ لَا طَائِلَ تَحْتَهُ. (350) قَوْلُهُ: فَأَفْتَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، أَقُولُ: إمَامُ الْحَرَمَيْنِ لَقَبٌ لِإِمَامَيْنِ كَبِيرَيْنِ مِنْ حَنَفِيٍّ وَشَافِعِيٍّ، فَالْحَنَفِيُّ أَبُو الْمُظَفَّرِ يُوسُفُ الْقَاضِي الْجُرْجَانِيُّ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ حَمَاةَ فِي تَارِيخِهِ، وَالشَّافِعِيُّ أَبُو الْمَعَالِي عَبْدُ الْمَلِكِ، أَعْلَمُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (انْتَهَى) . أَقُولُ: لَمْ يَذْكُرْ هَلْ الْمُرَادُ هُنَا الْحَنَفِيُّ، أَوْ الشَّافِعِيُّ؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الشَّافِعِيُّ حَيْثُ قَابَلَ إفْتَاءَهُ بِقَوْلِ الْغَزَالِيِّ (351) قَوْلُهُ: وَفِي الْقَلْبِ مِنْهُ شَيْءٌ، أَيْ مِنْ إفْتَائِهِ. ، (352) قَوْلُهُ: رَجُلٌ قَالَ عَبِيدُ أَهْلِ بَلْخِي أَحْرَارٌ إلَخْ: قِيلَ: هَذِهِ الْفُرُوعُ مُشْكِلَةٌ

أَحْرَارٌ وَلَمْ يَنْوِ عَبْدَهُ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ، وَقَالَ: كُلُّ عَبِيدِ أَهْلِ بَلْخِي، أَوْ قَالَ: كُلُّ عَبِيدِ أَهْلِ بَغْدَادَ أَحْرَارٌ، أَوْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ فِي الْأَرْضِ، أَوْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا، قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يُعْتَقُ عَبْدُهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يُعْتَقُ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي الطَّلَاقِ، وَبِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَخَذَ عِصَامُ بْنُ يُوسُفَ، وَبِقَوْلِ مُحَمَّدٍ أَخَذَ شَدَّادٌ. ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَوْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ فِي هَذِهِ السِّكَّةِ وَعَبْدُهُ فِي السِّكَّةِ، أَوْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ حُرٌّ، وَهُوَ فِيهِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَلَوْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ حُرٌّ وَعَبِيدُهُ فِيهَا يُعْتَقُ عَبِيدُهُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَلَوْ قَالَ: وَلَدُ آدَمَ كُلُّهُمْ أَحْرَارٌ لَا يُعْتَقُ عَبِيدُهُ فِي قَوْلِهِمْ (انْتَهَى) . فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْوَاعِظَ إذَا كَانَ فِي دَارٍ طَلُقَتْ، وَإِنْ كَانَ فِي الْجَامِعِ، أَوْ السِّكَّةِ فَعَلَى الْخِلَافِ، وَالْأَوْلَى تَخْرِيجُهَا عَلَى مَسْأَلَةِ الْيَمِينِ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا فَسَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ هُوَ فِيهِمْ قَالُوا حَنِثَ، وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْعِتْقِ، لَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ الْقَائِلِ بِالْعِتْقِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ، وَالْفُرُوعِ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ، أَمْرًا كَانَ، أَوْ نَهْيًا، أَوْ خَبَرًا، أَوْ اسْتِخْبَارًا فِي الْمُخْتَارِ، كَمَا فِي شَرْحِ الْبَدِيعِ؛ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَمِلَ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ بِقَاعِدَةٍ أُخْرَى عِنْدَهُ، وَهِيَ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِخُصُوصِ الْغَرَضِ لَا لِعُمُومِ اللَّفْظِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ غَرَضَهُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ عَدَمُ دُخُولِ عَبْدِهِ تَحْتَهُ، حَتَّى لَوْ نَوَاهُ قُلْنَا بِدُخُولِهِ فَيُعْتَقُ، وَمَشَى مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَعَلَى قَاعِدَتِهِ الْمُقَرَّرَةِ عَلَى قَوْلِهِ وَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ دُونَ خُصُوصِ الْغَرَضِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ كَمَا لَا يَخْفَى، وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى تَرْجِيحِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا فِيمَا عَلِمْتُ رَجَّحَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ.

نَوَاهُمْ دُونَهُ دُيِّنَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً (انْتَهَى) . فَعِنْدَ عَدَمِ نِيَّةِ الْوَاعِظِ يَحِقُّ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا، فَإِنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْيَمِينِ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ يَعْلَمُ أَنَّ زَيْدًا فِيهِمْ، أَوْ لَا وَتَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا فُرُوعٌ لَوْ قَالَ لَهَا: يَا طَالِقُ، وَهُوَ اسْمُهَا وَلَمْ يَقْصِدْ الطَّلَاقَ قَالُوا: لَا يَقَعُ كَيَا حُرُّ، وَهُوَ اسْمُهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ 353 - وَفَرَّقَ الْمَحْبُوبِيُّ فِي التَّلْقِيحِ بَيْنَ الطَّلَاقِ فَلَا يَقَعُ، وَبَيْنَ الْعِتْقِ فَيَقَعُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ. وَلَوْ نَجَّزَ الطَّلَاقَ، وَقَالَ: أَرَدْت بِهِ التَّعْلِيقَ عَلَى كَذَا لَمْ يُقْبَلُ قَضَاءً وَيَدِينُ، وَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ، وَقَالَ: أَرَدْت غَيْرَك فُلَانَةَ لَمْ يُقْبَلْ كَذَلِكَ ، وَفِي الْكَنْزِ 354 - لَوْ قَالَتْ: تَزَوَّجْتَ عَلَيَّ، فَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ طَلُقَتْ الْمُحَلِّفَةُ، وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ لِقَاضِي خَانْ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ وَبِهِ أَخَذَ مَشَايِخُنَا، وَفِي الْمَبْسُوطِ: وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَصَحُّ عِنْدِي وَلَوْ قِيلَ لَهُ: أَلَكَ امْرَأَةٌ غَيْرُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ هَذِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفَرَّقَ الْمَحْبُوبِيُّ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَا يَأْتِي، وَهُوَ قَوْلُهُ: خِلَافُ الْمَشْهُورِ، وَعِبَارَتُهُ: وَلَوْ قَالَ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ: سَمَّيْتُك حُرًّا لَا يُعْتَقُ، وَلَوْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ دَعَاهُ يَا حُرُّ لَا يُعْتَقُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: سَمَّيْتُك مُطَلَّقَةً، ثُمَّ قَالَ: يَا مُطَلَّقَةُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحُرَّ اسْمٌ صَالِحٌ فَصَحَّتْ التَّسْمِيَةُ بِهِ، وَهُوَ اسْمٌ لِبَعْضِ النَّاسِ، أَمَّا الْمُطَلَّقَةُ لَيْسَ اسْمًا صَالِحًا فَلَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ، وَالنِّدَاءُ يَقَعُ عَلَى إثْبَاتِ الْمُطَلَّقَ فَتَطْلُقُ بِخِلَافِ الْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ بِهِ وَقَعَ النِّدَاءُ عَلَى الِاسْمِ لَا عَلَى الْمَعْنَى، فَلَا يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْمَعْنَى، كَقَوْلِهِ: يَا يَزِيدُ لِمَنْ لَمْ يَزِدْ وَيَا كَلْبُ لِمَنْ لَمْ يُكَلِّبْ (انْتَهَى) . (354) قَوْلُهُ: قَالَ: تَزَوَّجْت عَلَيَّ إلَخْ. قِيلَ: قَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا تَطْلُقُ الْمُحَلِّفَةُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ خَرَجَ جَوَابًا لِكَلَامِهَا، فَيَكُونُ

وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْكَنْزِ مَذْكُورٌ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. وَفِي الْكَنْزِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ، عَتَقَ عَبْدُهُ الْقِنُّ وَأُمَّهَاتُ، أَوْلَادِهِ وَمُدَبِّرُوهُ، وَفِي شَرْحِ الزَّيْلَعِيِّ: وَلَوْ قَالَ: أَرَدْت بِهِ الرِّجَالَ دُونَ النِّسَاءِ دِينَ، وَكَذَا لَوْ نَوَى غَيْرَ الْمُدَبِّرِ، وَلَوْ قَالَ: نَوَيْت السُّودَ دُونَ الْبِيضِ، أَوْ عَكْسَهُ لَا يَدَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ تَخْصِيصُ الْعَامِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُطَابِقًا لَهُ وَلِأَنَّهُ قَصَدَ إرْضَاءَهَا، وَذَلِكَ بِطَلَاقِ غَيْرِهَا فَيَتَقَيَّدُ بِهِ. وَقَالَا: تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالْعُمُومِ وَاجِبٌ؛ وَقَدْ أَمْكَنَ هَاهُنَا فَلْيُعْمَلْ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ غَرَضُهُ إيحَاشَهَا حَيْثُ اعْتَرَضَتْ عَلَيْهِ فِيمَا أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ، وَلَوْ نَوَى غَيْرَهَا صَدَقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَ الْعَامِّ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ إلَّا أَنَّ أَصْحَابَ الْمُتُونِ مَشَوْا عَلَى قَوْلِهِمَا فَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ عَلَى مَا فِي الْمُتُونِ إذَا عَارَضَهُ مَا فِي الْفَتَاوَى. (355) قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْكَنْزِ مَذْكُورٌ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ عِبَارَتُهَا، وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ قَوْلَ الزَّوْجِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ مَا يَحْتَمِلُ الدُّخُولَ تَحْتَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، فَقَوْلُهَا: إنَّك قَدْ تَزَوَّجْت عَلَيَّ امْرَأَةً، اسْمُ الْمَرْأَةِ يَتَنَاوَلُهَا كَمَا لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهَا فَتَدْخُلُ، وَأَمَّا هُنَا قَوْلُهُ: غَيْرُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ لَا يَحْتَمِلُ هَذِهِ الْمَرْأَةَ فَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلَ الزَّوْجِ (انْتَهَى) . وَقَدْ فَرَّقَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ قَائِلًا: لَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ قَوْلَهُ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ نَصٌّ فِي الْعُمُومِ وَلَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَصْرِفُهُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ السَّائِلِ أَلَكَ امْرَأَةٌ غَيْرُ هَذِهِ؟ اشْتَمَلَ عَلَى الصَّارِفِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: غَيْرُ هَذِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَهَا عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ دُخُولِ الزَّوْجَةِ الْمُخَاطَبَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْكَنْزِ غَيْرَ بَعِيدٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ يَتَقَيَّدُ بِقَرِينَةِ الْحَالِ كَمَا فِي يَمِينِ الْفَوْرِ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ يُقَالُ: تَغَدَّ مَعِي؛ فَقَالَ: إنْ تَغَدَّيْت فَعَبْدِي حُرٌّ مَثَلًا حَيْثُ يَتَقَيَّدُ بِقَرِينَةِ الْحَالِ، أَوْ جَعَلَ الْمُرَادَ مِنْهُ إنْ تَغَدَّيْت مَعَك لِيَحْصُلَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي جَوَابِ قَوْلِهَا: تَزَوَّجْت عَلَيَّ امْرَأَةً، فَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك طَالِقٌ، فَلَا تَطْلُقُ الْمُخَاطَبَةُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْفَرْقِ لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ.

وَالثَّانِيَ تَخْصِيصُ الْوَصْفِ، 357 - وَلَا عُمُومَ لِغَيْرِ اللَّفْظِ، فَلَا تَعْمَلُ فِيهِ نِيَّةُ التَّخْصِيصِ 358 - وَلَوْ نَوَى النِّسَاءَ دُونَ الرِّجَالِ لَمْ يُدَيَّنْ وَفِي الْكَنْزِ: إنْ لَبِسْت، أَوْ أَكَلْت، أَوْ شَرِبْتُ وَنَوَى مُعَيَّنًا لَمْ يُصَدَّقْ أَصْلًا وَلَوْ زَادَ ثَوْبًا، أَوْ طَعَامًا، أَوْ شَرَابًا دُيِّنَ، وَفِي الْمُحِيطِ: لَوْ نَوَى جَمِيعَ الْأَطْعِمَةِ فِي لَا يَأْكُلُ طَعَامًا وَجَمِيعَ مِيَاهِ الْعَالَمِ فِي: لَا يُشْرِبُ شَرَابًا 359 - يُصَدَّقُ قَضَاءً (انْتَهَى) 360 - وَفِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ يُصَدَّقُ دَيَّانَةً لَا قَضَاءً وَقِيلَ قَضَاءً أَيْضًا. وَفِي الْكَنْزِ وَلَوْ قَالَ لِمَوْطُوءَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَقَعَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالثَّانِي تَخْصِيصُ الْوَصْفِ قِيلَ عَلَيْهِ: إنَّ السُّودَ، وَالْبِيضَ أَفْرَادُ الْمَمْلُوكِ، فَإِرَادَةُ السُّودِ مِنْ اللَّفْظِ، إرَادَةُ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ مِنْهُ، وَهُوَ مَعْنَى تَخْصِيصِ الْعَامِّ، فَالْمُخَصَّصُ فِي الْحَقِيقَةِ لَفْظُ كُلِّ مَمْلُوكٍ، وَهُوَ عَامٌّ؛ وَدَعْوَى أَنَّهُ تَخْصِيصُ الْوَصْفِ الَّذِي لَيْسَ بِلَفْظٍ لَا طَائِلَ تَحْتَهُ. (357) قَوْلُهُ: وَلَا عُمُومَ لِغَيْرِ اللَّفْظِ، قَالَ فِي بَدِيعِ الِاتِّفَاقِ: عَلَى أَنَّ الْعُمُومَ مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ حَقِيقَةً بِمَعْنَى وُقُوعِ الشَّرِكَةِ فِي اللَّفْظِ وَفِي الْمَعَانِي مَجَازٌ. (358) قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى النِّسَاءَ دُونَ الرِّجَالِ لَمْ يُدَيَّنْ. أَقُولُ: تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَرَدْت بِهِ الرِّجَالَ دُونَ النِّسَاءِ دُيِّنَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَمْلُوكَ حَقِيقَةٌ لِلذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِنَّ عِنْدَ انْفِرَادِهِنَّ، فَتَكُونُ نِيَّتُهُ لَغْوًا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: نَوَيْت الرِّجَالَ خَاصَّةً، حَيْثُ يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ، لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً، كَذَا فِي الزَّيْلَعِيِّ. (359) قَوْلُهُ: يُصَدَّقُ قَضَاءً، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تُفِيدُ الْعُمُومَ، فَقَدْ نَوَى مَا هُوَ مَدْلُولُ اللَّفْظِ. (360) قَوْلُهُ: وَفِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ يُصَدَّقُ دَيَّانَةً لَا قَضَاءً فِي الْبَحْرِ:، وَالْفَرْقُ بَيْنَ

عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ، وَإِنْ نَوَى أَنْ يَقَعَ الثَّلَاثُ السَّاعَةَ 361 - لَوْ عِنْدَ كُلِّ شَهْرٍ وَاحِدَةٌ صَحَّتْ نِيَّتُهُ (انْتَهَى) ، وَفِي شَرْحِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ وَنَوَى ثَلَاثًا، أَوْ مُتَفَرِّقَةً عَلَى الْأَطْهَارِ صَحَّ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ فِي النِّيَّةِ الْجُمْلَةِ. ، وَفِي الْخَانِيَّةِ: 362 - وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مَنْكُوحَتِهِ وَرَجُلٍ فَقَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - 363 - وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَقَعُ. ، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ وَقَالَ: طَلَّقْت أَحَدَيْكُمَا طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ 364 - وَلَوْ قَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ وَعَنْهُمَا أَنَّهَا تَطْلُقُ، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَمَا لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلطَّلَاقِ كَالْبَهِيمَةِ، وَالْحَجَرِ وَقَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ فِي قَوْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالدِّيَانَةِ، وَالْقَضَاءِ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، وَأَمَّا فِي الْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ فِيهَا حَقٌّ حَتَّى يَرْفَعَ الْحَالِفَ لِلْقَاضِي. (361) قَوْلُهُ: أَوْ عِنْدَ كُلِّ شَهْرٍ وَاحِدَةٌ صَحَّتْ نِيَّتُهُ، وَجْهُهُ: أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ لِلسُّنَّةِ عَلَى إرَادَةِ الثُّبُوتِ لِلسُّنَّةِ لَا عَلَى إرَادَةِ الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ (362) قَوْلُهُ: وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مَنْكُوحَتِهِ وَرَجُلٍ، قِيلَ: مُقْتَضَى مَا قَالَهُ فِيمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَمَا لَيْسَ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ، كَالْبَهِيمَةِ، وَالْحَجَرِ، لَا يَقَعُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ، لَكِنْ فِي الْمُحِيطِ مَا يُفِيدُ الْجَوَابَ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ حَيْثُ قَالَ: إنَّ إضَافَةَ الطَّلَاقِ إلَى الرَّجُلِ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فَحُكْمُهُ يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ، وَهُوَ الْحُرْمَةُ. (363) قَوْلُهُ: وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَقَعُ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يَصِحُّ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُوصَفُ بِالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ يُسَمَّى طَلَاقًا، وَهُوَ يُوصَفُ بِالْبَيْنُونَةِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ (364) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا، إنْ أُرِيدَ عَدَمُ نِيَّةِ الطَّلَاقِ، فَفِيهِ أَنَّ الصَّرِيحَ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ لَمْ يَنْوِ زَوْجَتَهُ، أَوْ الْأَجْنَبِيَّةَ، فَلَعَلَّ وَجْهَ

أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا تَطْلُقُ 365 - وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ الْحَيَّةِ، وَالْمَيِّتَةِ، وَقَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ الْحَيَّةُ (انْتَهَى) ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا نَوَى عَدَمَهُ فِيمَا قُلْنَا بِالْوُقُوعِ فِيهِ أَنَّهُ يُدَيَّنُ. ، وَفِيهَا لَوْ قَالَ لَهَا: يَا مُطَلَّقَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ طَلَّقْتهَا قَبْلَهُ 366 - أَوْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ لَكِنْ مَاتَ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ، إنْ لَمْ يَنْوِ الْإِخْبَارَ طَلُقَتْ 367 - وَإِنْ نَوَى بِهِ الْإِخْبَارَ صُدِّقَ دِيَانَةً وَقَضَاءً عَلَى الصَّحِيحِ 368 - وَلَوْ نَوَى بِهِ الشَّتْمَ دِينَ فَقَطْ. (الْأَصْلُ الثَّانِي) مِنْ التَّاسِعِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَعَ نِيَّةِ الْقَلْبِ التَّلَفُّظُ فِي جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ؛ وَلِذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQعَدَمِ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ أَنَّهُ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى الْأَحَدِ الْمُبْهَمِ، وَهُوَ غَيْرُ مَحَلٍّ لِلطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ كُلِّيٌّ. (365) قَوْلُهُ: وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَمَا لَيْسَ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ إلَخْ. فِي النَّوَازِلِ: أَنَّ مُحَمَّدًا مَعَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ رَجَّحَا قَوْلَهُمَا. قَالَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ نَأْخُذُ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (366) قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ لَكِنْ مَاتَ، الظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ سَقْطًا وَالتَّقْدِيرُ كَانَ لَهَا زَوْجٌ لَكِنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُطَلِّقَهَا. (367) قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى بِهِ الْإِخْبَارَ، فِيهِ أَنَّ النِّدَاءَ مِنْ قَبِيلِ الْإِنْشَاءِ فَفِي جَعْلِهِ إخْبَارًا تَجَوُّزٌ، وَوَجْهُهُ تَضَمُّنُهُ الْإِخْبَارَ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: الْأَوْصَافُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهَا كَانَتْ إخْبَارًا فَتَدَبَّرْ. (368) قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى بِهِ الشَّتْمَ، وَجْهُ كَوْنِهِ شَتْمًا أَنَّ النِّسَاءَ يَغَرْنَ بِهِ عَادَةً فَيَحْصُلُ بِهِ التَّأَذِّي كَالشَّتْمِ.

[لا يشترط مع نية القلب التلفظ في العبادات]

قَالَ فِي الْمَجْمَعِ: وَلَا مُعْتَبَرَ بِاللِّسَانِ، وَهَلْ يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ، أَوْ يُسَنُّ، أَوْ يُكْرَهُ؟ أَقُولُ: اخْتَارَ فِي الْهِدَايَةِ الْأَوَّلَ لِمَنْ لَمْ تَجْتَمِعْ عَزِيمَتُهُ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ لَا فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ وَلَا فِي ضَعِيفٍ 369 - وَزَادَ ابْنُ أَمِيرِ الْحَاجِّ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَفِي الْمُفِيدِ كَرِهَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا النُّطْقَ بِاللِّسَانِ، وَرَآهُ الْآخَرُونَ سُنَّةً، وَفِي الْمُحِيطِ الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ سُنَّةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ صَلَاةَ كَذَا فَيَسِّرْهَا لِي وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي، وَنَقَلُوا فِي كِتَابِ الْحَجِّ أَنَّ طَلَبَ التَّيْسِيرِ لَمْ يُنْقَلْ إلَّا فِي الْحَجِّ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ، وَقَدْ حَقَقْنَاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَفِي الْقُنْيَةِ، وَالْمُجْتَبَى، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ 370 - وَخَرَجَ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسَائِلُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ [لَا يُشْتَرَطُ مَعَ نِيَّةِ الْقَلْبِ التَّلَفُّظُ فِي الْعِبَادَاتِ] قَوْلُهُ: وَزَادَ ابْنُ أَمِيرِ الْحَاجِّ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلُ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ. أَقُولُ: يُؤَيِّدُهُ مَا فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ تَيْمِيَّةَ: أَنَّ النِّيَّةَ الْوَاجِبَةَ مَحَلُّهَا الْقَلْبُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ سِوَى بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَإِنَّهُ يُوجِبُ التَّلَفُّظَ بِهَا، وَهُوَ مَحْجُوجٌ بِالْإِجْمَاعِ، ثُمَّ هَلْ يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بِهَا بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ الْجَهْرِ بِهَا وَتَكْرَارِهَا؟ فَاسْتَحَبَّ التَّلَفُّظَ بِهَا مَشْيَخَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَمْ يَسْتَحِبَّهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ أَوْلَى فَإِنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ لَمْ يَفْعَلْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَصْحَابُهُ، وَلَوْ كَانَ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ لَفَعَلُوهُ (370) قَوْلُهُ: وَخَرَجَ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسَائِلُ. قِيلَ عَلَيْهِ: أَيُّ أَصْلٍ خَرَجَ عَنْهُ هَذَا قَوْلٌ خَرَجَ عَنْ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ قَرِيبًا، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَعَ نِيَّةِ الْقَلْبِ التَّلَفُّظُ أَفَادَ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ هَلْ يَحْتَاجُ مَعَ النِّيَّةِ إلَى لَفْظٍ فِي الْجُمْلَةِ أَمْ تَكْفِي فِيهِ النِّيَّةُ؟

مِنْهَا النَّذْرُ لَا تَكْفِي فِي إيجَابِهِ النِّيَّةُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّلَفُّظِ بِهِ صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ. 372 - وَمِنْهَا الْوَقْفُ وَلَوْ مَسْجِدًا لَا بُدَّ مِنْ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَيْهِ. 373 - وَأَمَّا تَوَقُّفُ شُرُوعِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَالْإِحْرَامِ عَلَى الذِّكْرِ وَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ؛ فَلِأَنَّهُ مِنْ الشَّرَائِطِ لِلشُّرُوعِ، وَأَمَّا الطَّلَاقُ، وَالْعَتَاقُ فَلَا يَقَعَانِ بِالنِّيَّةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّلَفُّظِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ هِيَ: رَجُلٌ لَهُ امْرَأَتَانِ عَمْرَةُ وَزَيْنَبُ فَقَالَ: يَا زَيْنَبُ فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى الَّتِي أَجَابَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْهَا النَّذْرُ. قُلْت: وَمِنْهَا مَا لَوْ بَاعَ بِأَلْفٍ وَفِي الْبَلَدِ نُقُودٌ لَا غَالِبَ فِيهَا فَقِيلَ: وَنَوَى نَوْعًا لَمْ يَصِحَّ، حَتَّى بَيَّنَّاهُ لَفْظًا، بِخِلَافِ الْخُلْعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يُفْتَقَرُ فِيهِ مَا لَا يُفْتَقَرُ فِي الْبَيْعِ؛ وَبِخِلَافِ النِّكَاحِ، كَمَا لَوْ قَالَ مَنْ لَهُ بَنَاتٌ: زَوَّجْتُك بِنْتِي وَنَوَى وَاحِدَةً كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَمِنْهَا مَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ لَوْ مَلَكَ شَاةً بِالْهِبَةِ وَغَيْرَهَا يَنْوِيهَا لِلْأُضْحِيَّةِ تَكُونُ لِلْأُضْحِيَّةِ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَهُ لَا، مَا لَمْ يَتَلَفَّظْ، وَذَكَرَ الْحَاكِمُ الِاخْتِلَافَ، وَهَكَذَا رَوَى الْحَسَنُ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا يَنْوِيهَا لِلْأُضْحِيَّةِ تَصِيرُ لَهَا عِنْدَهُمَا أَيْضًا وَالزَّعْفَرَانِيُّ: لَا تَصِيرُ بِالشِّرَاءِ حَتَّى يُوجِبَهَا بِلِسَانِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِهَا، بَلْ كَانَتْ عِنْدَهُ، فَأَضْمَرَهَا أُضْحِيَّةً لَا تَصِيرُ لَهَا (انْتَهَى) . فَلْتُرَاجَعْ، وَمِنْهَا الِاعْتِكَافُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَرِيبًا. (372) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الْوَقْفُ إلَخْ. أَقُولُ: يُسْتَثْنَى عَنْ الْوَقْفِ وَقْفُ الْمَسْجِدِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: إذَا أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا بِنِيَّةِ جَعْلِهَا مَسْجِدًا كَانَتْ مَسْجِدًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى لَفْظٍ (انْتَهَى) (373) قَوْلُهُ: وَأَمَّا تَوَقُّفُ شُرُوعِهِ فِي الصَّلَاةِ إلَخْ. كَأَنَّهُ جَوَابُ سُؤَالٍ مَطْوِيٍّ يَرِدُ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِ الْأَصْلِ الثَّانِي فَإِنَّ مِنْ جُمْلَةِ أَفْرَادِهِ الصَّلَاةُ، وَالْإِحْرَامُ وَالشُّرُوعُ فِيهِمَا

إنْ كَانَتْ امْرَأَتَهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ امْرَأَتَهُ بَطَلَ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ الْجَوَابَ جَوَابًا لِكَلَامِ الَّتِي أَجَابَتْهُ، وَإِنْ قَالَ: نَوَيْت زَيْنَبَ 375 - طُلِّقْت زَيْنَبُ 376 - فَقَدْ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى زَيْنَبَ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ 377 - وَمِنْهَا حَدِيثُ النَّفْسِ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ 378 - مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ، أَوْ تَعْمَلْ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَتَوَقَّفُ عَلَى الذِّكْرِ وَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ فِيهِمَا، وَفِي وُرُودِهِ تَأَمُّلٌ، إذْ الْكَلَامُ فِي التَّلَفُّظِ بِالْمَنْوِيِّ لَا بِشَيْءٍ آخَرَ. (374) قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ. فِيهِ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ. (375) قَوْلُهُ: طَلَّقْتُ زَيْنَبَ أَيْ مَعَ طَلَاقِ عَمْرَةَ؛ لِأَنَّهُ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ خَرَجَ جَوَابًا لِكَلَامِهِ (376) ، فَقَدْ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى زَيْنَبَ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَك أَنْ تَمْنَعَهُ بِأَنَّ لِقَوْلِهِ جَوَابًا لِعَمْرَةَ: أَنْتِ طَالِقٌ مَدْخَلِيَّةً فِي طَلَاقِ زَيْنَبَ إذْ لَوْلَا التَّلَفُّظُ بِهِ لَمْ يَقَعْ عَلَى زَيْنَبَ طَلَاقٌ كَمَا لَمْ يَقَعْ عَلَى عَمْرَةَ، وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ خِطَابَ عَمْرَةَ إنَّمَا هُوَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا زَيْنَبُ فَلَا يَبْعُدُ وُقُوعُ طَلَاقِ عَمْرَةَ بِهِ؛ لِكَوْنِهَا الْمُخَاطَبَةَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَوُقُوعِ طَلَاقِ زَيْنَبَ بِهِ لِظَنِّ أَنَّهَا الْمُخَاطَبَةُ؛ فَكَوْنُ طَلَاقِ زَيْنَبَ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، أَيْ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ، مَمْنُوعٌ (انْتَهَى) . وَقِيلَ عَلَيْهِ أَيْضًا: هَذَا التَّفْرِيعُ غَيْرُ صَحِيحٍ، فَقَدْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَعَلَّلَ بِأَنَّ الْوُقُوعَ عَلَى الْأُولَى بِالْإِشَارَةِ وَعَلَى الْأُخْرَى بِالْإِقْرَارِ لَا بِالنِّيَّةِ (377) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا حَدِيثُ النَّفْسِ. أَيْ مِمَّا خَرَجَ عَنْ الْأَصْلِ الثَّانِي، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَعَ نِيَّةِ الْقَلْبِ التَّلَفُّظُ فِي جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ، وَفِيهِ أَنَّ حَدِيثَ النَّفْسِ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ، حَتَّى يَصِحَّ خُرُوجُهُ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ. وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ هَذَا الْكِتَابِ: وَأَمَّا حَدِيثُ النَّفْسِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. (378) قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ، أَوْ تَعْمَلْ بِهِ، وَالْجَارُّ، وَالْمَجْرُورُ صِلَةُ تَتَكَلَّمُ لَا تَعْمَلُ، فَإِنَّهُ لَا يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ، وَلَوْ ذَكَرَهُ عَقِيبَ مَا هُوَ صِلَةٌ لَهُ لَكَانَ، أَوْلَى وَكَانَ مُطَابِقًا لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ.

كَمَا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ، وَحَاصِلُ مَا قَالُوهُ أَنَّ الَّذِي يَقَعُ فِي النَّفْسِ مِنْ قَصْدِ الْمَعْصِيَةِ، أَوْ الطَّاعَةِ عَلَى خَمْسِ مَرَاتِبَ، الْهَاجِسُ، وَهُوَ مَا يُلْقَى فِيهَا 380 - ثُمَّ جَرَيَانُهُ فِيهَا، وَهُوَ الْخَاطِرُ، ثُمَّ حَدِيثُ النَّفْسِ، وَهُوَ مَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ التَّرَدُّدِ هَلْ يَفْعَلُ، أَوْ لَا، ثُمَّ الْهَمُّ، وَهُوَ تَرْجِيحُ قَصْدِ الْفِعْلِ، ثُمَّ الْعَزْمُ، وَهُوَ قُوَّةُ ذَلِكَ الْقَصْدِ، وَالْجَزْمُ بِهِ، فَالْهَاجِسُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ وَرَدَ عَلَيْهِ لَا قُدْرَةَ لَهُ وَلَا صُنْعَ، وَالْخَاطِرُ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى دَفْعِهِ بِصَرْفِ الْهَاجِسِ أَوَّلَ وُرُودِهِ، وَلَكِنَّهُ هُوَ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ 381 - مَرْفُوعَانِ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَإِذَا ارْتَفَعَ حَدِيثُ النَّفْسِ ارْتَفَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ، وَهُوَ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ، أَوْ تَعْمَلْ بِهِ» . قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ مَالِكٍ فِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ: وَأَنَّ حَدِيثَ نَفْسِ الْمُتَجَاوَزِ عَنْهُ نَوْعَانِ: ضَرُورِيٌّ، وَهُوَ مَا يَقَعُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَاخْتِيَارِيٌّ، وَهُوَ مَا يَقَعُ بِقَصْدٍ، وَالْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي: إذْ الْأَوَّلُ مَعْفُوٌّ عَنْ جَمِيعِ الِاسْمِ إذَا لَمْ يَصِرْ عَلَيْهِ لِامْتِنَاعِ الْخُلُوِّ عَنْهُ، وَإِنَّمَا عُفِيَ النَّوْعُ الثَّانِي عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ تَكْرِيمًا لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، ثُمَّ قَالَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ النَّفْسِ لَيْسَ بِكَلَامٍ، حَتَّى لَوْ حَدَّثَ نَفْسَهُ فِي الصَّلَاةِ لَا تَبْطُلُ، وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بِقَلْبِهِ لَا تَطْلُقُ، وَأَمَّا إذَا كَتَبَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ طَلَاقًا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ، أَوْ تَعْمَلْ» ، وَالْكِتَابَةُ عَمَلٌ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (380) قَوْلُهُ: ثُمَّ جَرَيَانُهُ فِيهَا جَعَلَ الْجَرَيَانَ بَيْنَ الْإِلْقَاءِ فِي النَّفْسِ وَبَيْنَ التَّرَدُّدِ فِي الْفِعْلِ، وَكَانَ حَاصِلُهُ، وَأَنَّ اسْتِرْسَالَ ذَلِكَ الْمُلْقَى وَامْتِدَادَهُ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٌ فِي الْفِعْلِ. (381) قَوْلُهُ: مَرْفُوعَانِ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ، أَوْ تَعْمَلْ» وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ

مَا قَبْلَهُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى وَهَذِهِ الثَّلَاثُ لَوْ كَانَتْ فِي الْحَسَنَاتِ لَمْ يُكْتَبْ بِهَا أَجْرٌ لِعَدَمِ الْقَصْدِ، وَأَمَّا الْهَمُّ فَقَدْ بُيِّنَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ 382 - أَنَّ الْهَمَّ بِالْحَسَنَةِ يُكْتَبُ حَسَنَةً 383 - وَأَنَّ الْهَمَّ بِالسَّيِّئَةِ لَا يُكْتَبُ سَيِّئَةً، وَيُنْظَرُ، فَإِنْ تَرَكَهَا لِلَّهِ تَعَالَى كُتِبَتْ حَسَنَةً، وَإِنْ فَعَلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً 384 -، وَالْأَصَحُّ فِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُكْتَبُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ وَحْدَهُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَاحِدَةً، وَأَمَّا الْهَمُّ فَمَرْفُوعٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ «إذَا هَمَّ عَبْدِي بِسَيِّئَةٍ فَلَا تَكْتُبُوهَا سَيِّئَةً، وَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا سَيِّئَةً، وَإِذَا هَمَّ بِحَسَنَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا حَسَنَةً، وَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا عَشْرًا كَذَا» فِي الْمَبَارِقِ شَرْحِ الشَّارِقِ. (382) قَوْلُهُ: إنَّ الْهَمَّ بِالْحَسَنَةِ يُكْتَبُ حَسَنَةً فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: الْمُنْقَطِعُ عَنْ الْجَمَاعَةِ لِعُذْرٍ مِنْ أَعْذَارِهَا إذَا كَانَ نِيَّتُهُ حُضُورَهَا لَوْلَا الْعُذْرُ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهَا، وَخَرَجَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْوَاقِفَ لَوْ شَرَطَ الْمَبِيتَ فِي خَانِقَاهُ، مَثَلًا، فَبَاتَ مَنْ شَرَطَ مَبِيتَهَا خَارِجَهَا لِعُذْرٍ مِنْ خَوْفٍ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ زَوْجَتِهِ، أَوْ مَالٍ وَنَحْوِهَا، لَا يَسْقُطُ مِنْ مَعُونَتِهِ شَيْءٌ، وَهُوَ مِنْ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ الْحَسَنِ (انْتَهَى) . (383) قَوْلُهُ: وَإِنَّ الْهَمَّ بِالسَّيِّئَةِ لَا يُكْتَبُ سَيِّئَةً. قِيلَ: إطْلَاقُهُ يَشْتَمِلُ الْهَمَّ بِكُلِّ مَكَان وَزَمَانٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْعَبْدَ مُؤَاخَذٌ بِالْهَمِّ بِالسَّيِّئَةِ بِمَكَّةَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ، وَإِنَّمَا قَالَ: لَمْ تُكْتَبْ سَيِّئَةً، وَلَمْ يَقُلْ: لَيْسَتْ بِسَيِّئَةٍ؛ لِأَنَّ الْهَمَّ بِالسَّيِّئَةِ سَيِّئَةٌ، وَإِنْ لَمْ تُكْتَبْ لِكَوْنِهَا مَغْفُورَةً بِعَفْوِ اللَّهِ تَعَالَى وَوَعْدِهِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ؛ لِقَوْلِهِ: - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ هَمَّ بِالسَّيِّئَةِ لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ» وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ لَيْسَتْ بِمَغْفُورَةٍ كَالْهَمِّ بِالْكُفْرِ. (384) قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ فِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُكْتَبُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ وَحْدَهُ إلَخْ. هَذَا وَمَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ: أَنَّ الَّذِي يَقَعُ فِي النَّفْسِ إلَى قَوْلِهِ: وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ كَلَامُ التَّقِيِّ السُّبْكِيّ فِي الْحَلَبِيَّاتِ وَبَقِيَ لَهُ تَتِمَّةٌ، فَإِنَّهُ قَالَ: بَعْدَ قَوْلِهِ، وَإِنَّ الْهَمَّ مَرْفُوعٌ، مَا لَفْظُهُ: وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ

وَأَمَّا الْعَزْمُ فَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ 386 - وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ الْهَمِّ الْمَرْفُوعِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ: هَمَّ بِمَعْصِيَةٍ لَا يَأْثَمُ إنْ لَمْ يُصَمِّمْ عَزَمَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَزَمَ يَأْثَمُ إثْمَ الْعَزْمِ لَا إثْمَ الْعَمَلِ بِالْجَوَارِحِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمْرًا يَتِمُّ بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ كَالْكُفْرِ. الْعَاشِرُ فِي شُرُوطِ النِّيَّةِ الْأَوَّلُ الْإِسْلَامُ؛ وَلِذَا لَمْ تَصِحَّ الْعِبَادَاتُ مِنْ كَافِرٍ، صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ (فَلَغَا تَيَمُّمُ كَافِرٍ لَا وُضُوءُهُ) ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ شَرْطُ التَّيَمُّمِ دُونَ الْوُضُوءِ فَيَصِحُّ وُضُوءُهُ وَغُسْلُهُ فَإِذَا أَسْلَمَ بَعْدَهُمَا صَلَّى بِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ النَّفْسِ مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ، أَوْ تَعْمَلْ لَيْسَ لَهُ مَفْهُومٌ، حَتَّى يُقَالَ: إنَّهَا إذَا تَكَلَّمَتْ، أَوْ عَمِلَتْ يُكْتَبُ عَلَيْهَا حَدِيثُ النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْهَمُّ لَا يُكْتَبُ فَحَدِيثُ النَّفْسِ أَوْلَى (انْتَهَى) . يُخَالِفُهُ مَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، فَقَالَ: إنَّهُ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ مِنْ إطْلَاقِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أَوْ تَعْمَلْ وَلَمْ يَقُلْ: تَعْمَلْهُ، قَالَ: فَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِتَحْرِيمِ الْمَشْيِ إلَى مَعْصِيَةٍ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْيُ فِي نَفْسِهِ مُبَاحًا، لَكِنْ لِانْضِمَامِ قَصْدِ الْحَرَامِ إلَيْهِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَشْيِ، وَالْقَصْدِ لَا يُحَرَّمُ عِنْدَ انْفِرَادِهِ أَمَّا إذَا اجْتَمَعَا فَإِنَّ مَعَ الْهَمِّ عَمَلًا لِمَا هُوَ مِنْ أَسْبَابِ الْهُمُومِ آيَةً، فَاقْتَضَى إطْلَاقًا، أَوْ تَعْمَلُ الْمُؤَاخَذَةَ فَاشْدُدْ بِهَذِهِ الْفَائِدَةِ يَدَيْك وَاِتَّخِذْهُ أَصْلًا يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَيْك (انْتَهَى) . وَرَجَّحَهُ وَلَدُهُ فِي مَنْعِ الْمَوَانِعِ أَخْذًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ. (385) قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْعَزْمُ فَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ، أَقُولُ: مِنْ ذَلِكَ مَا فِي الْمُلْتَقَطِ: إنْ تَرَكْتُ شُرْبَ الشَّرَابِ أَبَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَهُوَ يَعْزِمُ عَلَى شُرْبِهَا وَلَا يَشْرَبُهَا أَبَدًا لَا يَحْنَثُ انْتَهَى. يَعْنِي؛ لِأَنَّ الْعَزْمَ عَلَى الشُّرْبِ كَالشُّرْبِ، وَقَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى تَرْكِ الشُّرْبِ فَلَا يَحْنَثُ حَيْثُ عَزَمَ عَلَى الشُّرْبِ وَيَأْثَمُ عَلَى عَزْمِهِ عَلَى الشُّرْبِ. (386) قَوْلُهُ: وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ الْهَمِّ إلَخْ. هَذَا كَلَامُ السُّبْكِيّ فِي الْحَلَبِيَّاتِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: وَرُبَّمَا تَمَسَّكَ هَذَا الْبَعْضُ بِقَوْلِ أَهْلِ اللُّغَةِ: هَمَّ بِالشَّيْءِ عَزَمَ عَلَيْهِ، وَالتَّمَسُّكُ بِهَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لِأَنَّ اللُّغَوِيَّ لَا يَتَنَزَّلُ إلَى هَذِهِ الدَّقَائِقِ، وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِحَدِيثِ «إذَا

[شروط النية]

لَكِنْ: قَالُوا إذَا انْقَطَعَ دَمُ الْكِتَابِيَّةِ لِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ حَلَّ وَطْؤُهَا بِمُجَرَّدِ الِانْقِطَاعِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْغُسْلِ 388 -؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِهِ 389 - وَإِنْ صَحَّ مِنْهَا لِصِحَّةِ طَهَارَةِ الْكَافِرِ قَبْلَ إسْلَامِهِ. فَائِدَةٌ قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَعْلِمْ النَّصْرَانِيَّ الْفِقْهَ، وَالْقُرْآنَ لَعَلَّهُ يَهْتَدِي وَلَا يَمَسُّ الْمُصْحَفَ، وَإِنْ اغْتَسَلَ، ثُمَّ مَسَّ فَلَا بَأْسَ بِهِ، 390 - وَلَا تَصِحُّ الْكَفَّارَةُ مِنْ كَافِرٍ فَلَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ وقَوْله تَعَالَى {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ} [التوبة: 12] أَيْ الصُّورِيَّةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ، وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ: إنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ» . فَعَلَّلَ بِالْحِرْصِ [شُرُوطُ النِّيَّةِ] (387) قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالُوا: أَقُولُ: لَا مَوْقِعَ لِهَذَا الِاسْتِدْرَاكِ حَيْثُ صَحَّ مِنْهَا الْغُسْلُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلْ. (388) قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِهِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِالْفُرُوعِ فِي الْفِعْلِ. (389) قَوْلُهُ: وَإِنْ صَحَّ مِنْهَا؛ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي الْغُسْلِ. (390) قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ الْكَفَّارَةُ مِنْ كَافِرٍ فَلَا يَنْعَقِدُ يَمِينُهُ. أَقُولُ: وَجْهُ التَّفْرِيعِ أَنَّ الْيَمِينَ حُكْمُهَا وُجُوبُ الْبِرِّ، وَوُجُوبُ الْكَفَّارَةِ فِي الْحِنْثِ، وَالْكَفَّارَةُ لَا تَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ لِكَوْنِهَا عِبَادَةً، وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ مِنْهُ الْكَفَّارَةُ لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ لِتَخَلُّفِ مُوجِبِهِ عَنْهُ تَأَمَّلْ.

وَقَدْ كَتَبْنَا فِي الْفَوَائِدِ أَنَّ نِيَّةَ الْكَافِرِ لَا تُعْتَبَرُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَالْخُلَاصَةِ هِيَ صَبِيٌّ وَنَصْرَانِيٌّ خَرَجَا إلَى مَسِيرَةِ ثَلَاثٍ فَبَلَغَ الصَّبِيُّ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ قَصَرَ الْكَافِرُ لِاعْتِبَارِ قَصْدِهِ لَا الصَّبِيُّ فِي الْمُخْتَارِ. الثَّانِي التَّمْيِيزُ: فَلَا تَصِحُّ عِبَادَةُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ وَلَا مَجْنُونٍ، وَمِنْ فُرُوعِهِ عَمَلُ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ خَطَأٌ، 392 - وَلَكِنَّهُ أَعَمُّ مِنْ كَوْنُ الصَّبِيِّ مُمَيِّزًا، أَوْ لَا 393 - وَيُنْتَقَضُ وُضُوءُ السَّكْرَانِ لِعَدَمِ تَمْيِيزِهِ 394 - وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِالسُّكْرِ كَمَا فِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَدْ كَتَبْنَا فِي الْفَوَائِدِ إلَخْ. أَقُولُ: لَا وَجْهَ لِلِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ إذْ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: لَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْكَافِرِ، أَيْ فِيمَا كَانَ عِبَادَةً وَضْعًا، وَالسَّفَرُ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ وَضْعًا عَلَى أَنَّ الْمَوْجُودَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ مُجَرَّدُ قَصْدٍ لَا نِيَّةٍ، وَالنِّيَّةُ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ الْقَصْدِ، إذْ هِيَ قَصْدُ الطَّاعَةِ وَالتَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي إيجَادِ الْفِعْلِ، وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ مُجَرَّدَ الْقَصْدِ مِنْ الْكَافِرِ مُعْتَبَرٌ، وَإِلَّا لَالْتَحَقَ بِالْبَهَائِمِ وَلَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا فَتَدَبَّرْ. (392) قَوْلُهُ: وَلَكِنَّهُ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِ الصَّبِيِّ مُمَيِّزًا، أَوْ لَا. أَقُولُ حِينَئِذٍ: لَا وَجْهَ لِلتَّفْرِيعِ عَلَى مَا ذَكَرَ. (393) قَوْلُهُ: وَيُنْتَقَضُ وُضُوءُ السَّكْرَانِ لِعَدَمِ تَمْيِيزِهِ، أَقُولُ: لَا وَجْهَ لِذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا، ثُمَّ فِي تَعْلِيلِ النَّقْضِ بِعَدَمِ التَّمْيِيزِ نَظَرٌ، إذْ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ عَدَمَ التَّمْيِيزِ بَلْ النَّاقِضُ هُوَ السُّكْرُ الْمُسْتَلْزِمُ لِاسْتِتَارِ الْعَقْلِ الْمُسْتَلْزِمِ غَالِبًا لِحُدُوثِ الْحَدَثِ. (394) قَوْلُهُ: وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِالسُّكْرِ. أَقُولُ لَا وَجْهَ لِذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا كَالَّتِي قَبْلَهَا، ثُمَّ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالسُّكْرِ لِانْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِهِ، وَصُورَةُ انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِهِ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَشْرَبَ وَيُطَهِّرَ فَمَهُ، ثُمَّ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ، ثُمَّ يَحْصُلُ لَهَا السُّكْرُ أَثْنَاءَ الصَّلَاةِ.

الثَّالِثُ الْعِلْمُ بِالْمَنْوِيِّ فَمَنْ جَهِلَ فَرْضِيَّةَ الصَّلَاةِ لَمْ تَصِحَّ مِنْهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْقُنْيَةِ) 395 - إلَّا فِي الْحَجِّ فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِصِحَّةِ الْإِحْرَامِ الْمُبْهَمِ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَحَّحَهُ فَإِنْ عَيَّنَ حَجًّا، أَوْ عُمْرَةً صَحَّ إنْ كَانَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْأَفْعَالِ، وَإِنْ شَرَعَ تَعَيَّنَتْ عُمْرَةً. الرَّابِعُ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِمُنَافٍ بَيْنَ النِّيَّةِ، وَالْمَنْوِيِّ، قَالُوا: إنَّ النِّيَّةَ الْمُتَقَدِّمَةَ عَلَى التَّحْرِيمَةِ جَائِزَةٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَأْتِيَ بَعْدَهَا بِمُنَافٍ 396 - لَيْسَ مِنْهَا 397 - وَعَلَى هَذَا تَبْطُلُ الْعِبَادَةُ بِالِارْتِدَادِ فِي أَثْنَائِهَا 398 - وَتَبْطُلُ صُحْبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ بِالرِّدَّةِ إذَا مَاتَ عَلَيْهَا فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَهَا فَإِنْ كَانَ فِي حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا مَانِعَ مِنْ عَوْدِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا فِي الْحَجِّ. اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْمَنْوِيِّ فِي كُلِّ عِبَادَةٍ إلَّا فِي الْحَجِّ، وَأَفَادَ قَوْلُهُ: وَمَنْ جَهِلَ فَرِيضَةَ الصَّلَاةِ إلَخْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ بِالْمَنْوِيِّ الْعِلْمُ بِكَوْنِهِ فَرْضًا، أَوْ غَيْرَهُ، وَحِينَئِذٍ فَدَلِيلُ الِاسْتِثْنَاءِ لَا يَسْتَلْزِمُهُ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْإِحْرَامِ الْمُبْهَمِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْجَهْلَ بِفَرِيضَةِ الْحَجِّ إذْ الْمُرَادُ بِإِبْهَامِ الْإِحْرَامِ عَدَمُ تَعْيِينِ كَوْنِهِ قِرَانًا، أَوْ تَمَتُّعًا، أَوْ إفْرَادًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْمَنَاسِكِ وَجَعَلُوا دَلِيلَ الْمَسْأَلَةِ تَقْرِيرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِعْلَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَمِنْ الْبَيِّنِ عِلْمُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِفَرِيضَةِ الْحَجِّ وَظَنُّهُ كَوْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ بِحَجِّ نَفْلٍ بَعْدَ افْتِرَاضِهِ عَلَيْهِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ (396) قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنْهَا أَيْ مِنْ النِّيَّةِ بِمَعْنَى الْمَنْوِيِّ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ. (397) قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا إلَخْ فِي التَّفْرِيعِ نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ (398) قَوْلُهُ: وَتَبْطُلُ صُحْبَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالرِّدَّةِ: قَالَ: فِي التَّفْرِيعِ نَظَرٌ أَيْضًا.

وَإِلَّا فَفِي عَوْدِهَا نَظَرٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّ ، وَمَنْ الْمُنَافِي نِيَّةُ الْقَطْعِ 400 - فَإِذَا نَوَى قَطْعَ الْإِيمَانِ صَارَ مُرْتَدًّا لِلْحَالِ وَلَوْ نَوَى قَطْعَ الصَّلَاةِ لَمْ تَبْطُلْ، وَكَذَا سَائِرُ الْعِبَادَاتِ إلَّا إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ وَنَوَى الدُّخُولَ فِي أُخْرَى فَالتَّكْبِيرُ هُوَ الْقَاطِعُ لِلْأُولَى لَا مُجَرَّدُ النِّيَّةِ، وَأَمَّا الصَّوْمُ الْفَرْضُ إذَا شَرَعَ فِيهِ بَعْدَ الْعَجْزِ، ثُمَّ نَوَى قَطْعَهُ وَالِانْتِقَالَ إلَى صَوْمِ النَّفْلِ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ 401 - وَالْفَرْقُ أَنَّ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ فِي الصَّلَاةِ جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ لَا رُجْحَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فِي التَّحْرِيمَةِ وَهُمَا فِي الصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ جِنْسٌ وَاحِدٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ 402 - وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ لَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ ثُمَّ غَيَّرَ نِيَّتَهُ فِي الصَّلَاةِ، وَجَعَلَهَا تَطَوُّعًا صَارَتْ تَطَوُّعًا وَلَوْ نَوَى الْأَكْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَفِي عَوْدِهَا نَظَرٌ أَقُولُ: فِي شَرْحِ النُّخْبَةِ لِابْنِ حَجَرٍ بَعْدَ كَلَامٍ وَلَوْ تَخَلَّلَتْ رِدَّةٌ أَيْ بَيْنَ أَنْ لَقِيَهُ مُؤْمِنًا بِهِ وَبَيْنَ مَوْتِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ فَإِنَّ اسْمَ الصُّحْبَةِ بَاقٍ سَوَاءٌ رَجَعَ إلَى الِاسْمِ فِي حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ بَعْدَهُ وَسَوَاءٌ لَقِيَهُ ثَانِيًا أَمْ لَا (400) قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ إلَخْ، قِيلَ عَلَيْهِ: إنَّ مَا ذَكَرَهُ أَفَادَ اسْتِوَاءَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فِي أَنَّهُمَا لَا يَنْقَطِعَانِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ إنَّمَا تَنْقَطِعُ بِالتَّكْبِيرِ يَعْنِي لِلدُّخُولِ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى، وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْفَرْقِ إذْ الْمَحْجُوجُ إلَيْهِ اخْتِلَافُ الْحُكْمِ وَلَيْسَ فَلَيْسَ (402) قَوْلُهُ: وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ، وَلَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ إلَخْ، مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا مِنْ أَنَّ الْقَاطِعَ التَّكْبِيرُ لَا مُجَرَّدُ النِّيَّةِ، وَمُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ فِي الْوَرَقَةِ الثَّالِثَةِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْمَكْتُوبَةَ وَفِي أَثْنَائِهَا، ظَنَّهَا تَطَوُّعًا، وَتَمَّمَهَا عَلَى نِيَّةِ التَّطَوُّعِ أَجْزَأَتْهُ كَمَا فِي الْبِنَايَةِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: وَكَأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ فِي الْحُكْمِ، وَفِيهِ أَنَّهُ، وَإِنْ وَافَقَهُ فِي

أَوْ الْجِمَاعَ فِي الصَّوْمِ لَا يَضُرُّهُ، وَكَذَا لَوْ نَوَى فِعْلًا مُنَافِيًا فِي الصَّلَاةِ لَمْ تَبْطُلْ وَلَوْ نَوَى الصَّوْمَ مِنْ اللَّيْلِ، ثُمَّ قَطَعَ النِّيَّةَ قَبْلَ الْفَجْرِ سَقَطَ حُكْمُهَا بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَ بَعْدَ مَا أَمْسَكَ بَعْدَ الْفَجْرِ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ كَالْأَكْلِ بَعْدَ النِّيَّةِ مِنْ اللَّيْلِ لَا يُبْطِلُهَا وَلَوْ نَوَى قَطْعَ السَّفَرِ بِالْإِقَامَةِ صَارَ مُقِيمًا وَبَطَلَ سَفَرُهُ بِخَمْسِ شَرَائِطَ: تَرْكِ السَّيْرِ حَتَّى لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ سَائِرًا لَمْ تَصِحَّ، وَصَلَاحِيَّةِ الْمَوْضِعِ لِلْإِقَامَةِ، فَلَوْ نَوَاهَا فِي بَحْرٍ، أَوْ جَزِيرَةٍ لَمْ تَصِحَّ، وَاتِّحَادِ الْمَوْضِعِ، وَالْمُدَّةِ، وَالِاسْتِقْلَالِ بِالرَّأْيِ. 403 - فَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ التَّابِعِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ، وَإِذَا نَوَى الْمُسَافِرُ الْإِقَامَةَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ فِي الْوَقْتِ تَحَوَّلَ فَرْضُهُ إلَى الْأَرْبَعِ سَوَاءٌ نَوَاهَا فِي أَوَّلِهَا، أَوْ فِي وَسَطِهَا، أَوْ فِي آخِرِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ مُنْفَرِدًا، أَوْ مُقْتَدِيًا، أَوْ مُدْرِكًا، أَوْ مَسْبُوقًا 404 - أَمَّا اللَّاحِقُ لَا يُتِمُّهَا بِنِيَّتِهَا بَعْدَ فَرَاغِ إمَامِهِ لِاسْتِحْكَامِ فَرْضِهِ بِفَرَاغِ إمَامِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحُكْمِ إلَّا أَنَّ مَوْضِعَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُخْتَلِفٌ، فَإِنَّ مَا هُنَا غَيَّرَ نِيَّتَهُ الْفَرْضَ بِنِيَّةِ النَّفْلِ، وَمَا هُنَاكَ لَيْسَ فِيهِ تَغَيُّرَ نِيَّتِهِ الْفَرْضَ بَلْ مُجَرَّدَ ظَنِّ أَنَّ الْمَكْتُوبَةَ تَطَوُّعٌ فَأَتَمَّهَا بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ، بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الظَّنِّ أَجْزَأَتْهُ، لَكِنَّ الَّذِي فِي نُسَخِ هَذَا الْكِتَابِ أَجْزَأَتْهُ عَنْ الْمَكْتُوبَةِ وَحِينَئِذٍ لَا مُوَافَقَةَ فِي الْحُكْمِ (403) قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ التَّابِعِ أَقُولُ: مِنْ الِاتِّبَاعِ، الْأَسِيرُ مَعَ مَنْ أَسَرَهُ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ: مُسْلِمٌ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، إنْ كَانَتْ مَسِيرَةُ الْعَدُوِّ مُدَّةَ سَفَرٍ، يَقْصُرُ وَإِلَّا فَلَا،، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَيَسْأَلُهُ، وَإِنْ سَأَلَهُ وَلَمْ يُخْبِرْهُ يَنْظُرُ، إنْ كَانَ الْعَدُوُّ مُسَافِرًا يَقْصُرُ وَإِلَّا فَلَا (انْتَهَى) ، وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ. (404) قَوْلُهُ: أَمَّا اللَّاحِقُ قِيلَ إلَخْ، يَشْتَمِلُ إطْلَاقُهُ مَا إذَا كَانَ إمَامُهُ مُقِيمًا فَيَنْبَغِي

وَلَوْ نَوَى بِمَالِ التِّجَارَةِ الْخِدْمَةَ، كَانَ لِلْخِدْمَةِ بِالنِّيَّةِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى عَكْسِهِ 406 - لَمْ يُؤَثِّرْ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ. 407 - وَأَمَّا نِيَّةُ الْخِيَانَةِ فِي الْوَدِيعَةِ فَلَمْ أَرَهَا صَرِيحَةً لَكِنَّ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: مِنْ جِنَايَاتِ الْإِحْرَامِ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا تَعَدَّى، ثُمَّ أَزَالَ التَّعَدِّيَ، وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ لَا يَزُولُ التَّعَدِّي. فَرْعٌ وَتَقْرُبُ مِنْ نِيَّةِ الْقَطْعِ نِيَّةُ الْقَلْبِ، وَهِيَ نِيَّةُ نَقْلِ الصَّلَاةِ إلَى أُخْرَى قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالشُّرُوعِ بِالتَّحْرِيمَةِ لَا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ غَيْرَ الْأُولَى كَأَنْ يَشْرَعَ فِي الْعَصْرِ بَعْدَ افْتِتَاحِ الظُّهْرِ فَيَفْسُدُ الظُّهْرُ بَعْدَ رَكْعَتَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQاعْتِبَارُ نِيَّتِهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ الْمُؤْتَمَّ يُصَلِّي الرَّبَاعِيَةَ أَرْبَعًا تَبَعًا لِإِمَامِهِ وَتَكُونُ الرَّكْعَتَانِ نَافِلَةً لَهُ، بِاعْتِبَارِ نِيَّتِهِ تَصِيرُ الْأَرْبَعُ فَرْضًا، وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ تَأَمَّلْ. أَقُولُ: قَدْ تَأَمَّلْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا اقْتَدَى بِالْمُقِيمِ يَصِحُّ وَيُتِمُّ؛ لِأَنَّهُ يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ إلَى الْأَرْبَعِ بِالتَّبَعِيَّةِ كَمَا يَتَغَيَّرُ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ لِاتِّصَالِ الْمُغَيَّرِ بِالسَّبَبِ، وَهُوَ الْوَقْتُ، وَفَرْضُ الْمُسَافِرِ قَابِلٌ لِلتَّغَيُّرِ حَالَ قِيَامِ الْوَقْتِ كَنِيَّةِ الْإِقَامَةِ فِيهِ فَقَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ نِيَّتُهُ حِينَئِذٍ لَا وَجْهَ لَهُ، وَقَوْلُهُ يَكُونُ رَكْعَتَانِ نَافِلَةً عَجِيبٌ، وَأَعْجَبَ مِنْهُ قَوْلُهُ: وَبِاعْتِبَارِ نِيَّتِهِ تَصِيرُ الْأَرْبَعُ فَرْضًا، وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ. (405) قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى بِمَالِ التِّجَارَةِ الْخِدْمَةَ تَقَدَّمَ فِي بَحْثِ التُّرُوكِ. (406) قَوْلُهُ: لَمْ تُؤَثِّرْ أَيْ النِّيَّةُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّأْثِيرُ بِالْفِعْلِ. (407) قَوْلُهُ: وَأَمَّا نِيَّةُ الْخِيَانَةِ فِي الْوَدِيعَةِ فَلَمْ أَرَهَا صَرِيحَةً أَقُولُ فِيهِ: إنَّ مَا ذَكَرَهُ عَنْ فَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ صَرِيحٌ فِيهَا فَلَعَلَّ مُرَادَهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْفَتَاوَى، أَقُولُ قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ آخِرَ الْقَاعِدَةِ الْأُولَى مَا نَصُّهُ قَالُوا فِي الْمُودَعِ: إذَا لَبِسَ ثَوْبَ الْوَدِيعَةِ، ثُمَّ نَزَعَهُ، وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يَعُودَ إلَى لُبْسِهِ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الضَّمَانِ (انْتَهَى) ، فَقَدْ نَسِيَ الْمُصَنِّفُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ فَاَللَّهُ تَعَالَى يَرْحَمُهُ وَيُكْرِمُ مَثْوَاهُ

[فرع تقرب من نية القطع نية القلب]

الظُّهْرِ وَشَرْطُهُ أَنْ لَا يَتَلَفَّظَ بِالنِّيَّةِ فَإِنْ تَلَفَّظَ بِهَا بَطَلَتْ الْأُولَى مُطْلَقًا، وَقَدْ ذَكَرْنَا تَفَارِيعَهَا فِي مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ الْكَنْزِ (فَصْلٌ) ، وَمِنْ الْمُنَافِي التَّرَدُّدُ وَعَدَمُ الْجَزْمِ فِي أَصْلِهَا وَفِي الْمُلْتَقَط، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَنْ اشْتَرَى خَادِمًا لِلْخِدْمَةِ، وَهُوَ يَنْوِي إنْ أَصَابَ رِبْحًا بَاعَهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ 408 - وَقَالُوا: لَوْ نَوَى يَوْمَ الشَّكِّ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ شَعْبَانَ فَنَفْلٌ وَإِلَّا فَمِنْ رَمَضَانَ صَحَّتْ نِيَّتُهُ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الصَّوْمِ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ فَشَكَّ أَنَّهُ قَضَاهَا، أَوْ لَا فَقَضَاهَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ عَلَيْهِ 409 - لَا تُجْزِيهِ لِلشَّكِّ وَعَدَمِ الْجَزْمِ بِتَعْيِينِهَا. 410 - وَلَوْ شَكَّ فِي دُخُولِ وَقْتِ الْعِبَادَةِ فَأَتَى بِهَا فَبَانَ أَنَّهُ فَعَلَهَا فِي الْوَقْتِ لَمْ يُجْزِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: لَوْ صَلَّى الْفَرْضَ وَعِنْدَهُ أَنَّ الْوَقْتَ لَمْ يَدْخُلْ فَظَهَرَ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَرْعٌ تَقْرُبُ مِنْ نِيَّةِ الْقَطْعِ نِيَّةُ الْقَلْبِ] قَوْلُهُ: وَقَالُوا لَوْ نَوَى يَوْمَ الشَّكِّ إنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ شَعْبَانَ إلَخْ، فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ: وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَنْبَغِي أَنْ يَعْزِمَ لَيْلَةَ الشَّكِّ إنَّهُ إنْ كَانَ الْغَدُ مِنْ رَمَضَانَ فَهُوَ صَائِمٌ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا أَجْمَعَ (انْتَهَى) ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَغَيْرُهُ. (409) قَوْلُهُ: لَا تَجْزِيهِ لِلشَّكِّ وَعَدَمِ الْجَزْمِ، قِيلَ: لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ ظَاهِرٌ عَلَى تَقْدِيرِ تَرَدُّدِهِ فِي نَفْسِ النِّيَّةِ بِأَنْ نَوَى تِلْكَ الْفَائِتَةَ إنْ كَانَتْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَهِيَ فَرْضُ الْوَقْتِ، مَثَلًا، أَمَّا إذَا نَوَى الْفَائِتَةَ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ، وَلَمْ يُرَدِّدْ فِيهَا غَيْرَ أَنَّهُ شَاكٌّ فِي أَنَّهُ قَضَاهَا أَمْ لَا، فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ: فَقَضَاهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْزِيَهُ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْقَضَاءِ وَعَدَمِهِ خَارِجٌ عَنْ النِّيَّةِ. (410) قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ فِي دُخُولِ وَقْتِ الْعِبَادَةِ إلَخْ، قِيلَ: بَلْ يَجِبُ أَنْ يُجْزِيَهُ وَمَا

[فرع عقب النية بالمشيئة]

يُجْزِيهِ، وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ: أَدْرَكَ الْقَوْمَ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا يَدْرِي أَنَّهَا الْمَكْتُوبَةُ، أَوْ التَّرْوِيحَةُ يُكَبِّرُ وَيَنْوِي الْمَكْتُوبَةَ عَلَى أَنَّهَا إنْ لَمْ تَكُنْ مَكْتُوبَةً يَقْضِيهَا يَعْنِي الْعِشَاءَ 411 - فَإِذَا هُوَ فِي الْعِشَاءِ صَحَّ، وَإِنْ كَانَ فِي التَّرْوِيحَةِ يَقَعُ نَفْلًا. فَرْعٌ 412 - عَقَّبَ النِّيَّةَ بِالْمَشِيئَةِ فَقَدَّمْنَا أَنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّيَّاتِ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ لَمْ يَبْطُلْ، وَإِنْ كَانَ يَتَعَلَّقُ بِالْأَقْوَالِ كَالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ بَطَلَ 413 - النِّيَّةُ شَرْطٌ عِنْدَنَا فِي كُلِّ الْعِبَادَاتِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَاسَ عَلَيْهِ لَا جَامِعَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا اعْتَقَدَ عَدَمَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَصَلَّى وَمَا ذَكَرَ فِيمَا إذَا شَكَّ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ، أَوْ صَلَّى مَعَ الشَّكِّ إلَى أَيْ جِهَةٍ؟ ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَصَابَ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا شَكَّ وَبَنَى صَلَاتَهُ عَلَيْهِ احْتَمَلَ، فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ صَوَابٌ بَطَلَ الْحُكْمُ بِالِاسْتِصْحَابِ وَثَبَتَ الْجَوَازُ فِي الْأَصْلِ. (411) قَوْلُهُ: فَإِذَا هُوَ فِي الْعِشَاءِ صَحَّ، قَدْ يُقَالُ: لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا الْفَرْعِ وَالسَّابِقِ، وَهُوَ مَا إذَا تَذَكَّرَ مَكْتُوبَةً وَشَكَّ فِي قَضَائِهَا إلَى آخِرِهِ لِوُجُودِ التَّرَدُّدِ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ فِيهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ. أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ تَرَدُّدٌ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ [فَرْعٌ عَقَّبَ النِّيَّةَ بِالْمَشِيئَةِ] (412) قَوْلُهُ: عَقَّبَ النِّيَّةَ بِالْمَشِيئَةِ إلَى قَوْلِهِ لَمْ تَبْطُلْ، أَيْ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهَا عَمَلُ الْقَلْبِ دُونَ اللِّسَانِ فَلَا يَعْمَلُ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ هُنَا الْإِبْطَالُ بَلْ هُوَ لِلِاسْتِعَانَةِ وَطَلَبِ التَّوْفِيقِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا مَانِعَ أَنْ تَكُونَ فِيهَا رِوَايَتَانِ، وَإِلَّا فَيَطْلُبُ الْفَرْقَ، وَهُوَ خَفِيٌّ إذْ الْإِيمَانُ اعْتِقَادٌ، وَهُوَ أَصْلُ الْوَاجِبَاتِ فَيُطْلَبُ فِيهِ اسْتِدَامَةُ الْمَعُونَةِ وَالتَّوْفِيقِ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَتَأَمَّلْ (413) قَوْلُهُ: النِّيَّةُ شَرْطٌ عِنْدَنَا فِي كُلِّ الْعِبَادَاتِ، قِيلَ: رُبَّمَا يُقَالُ: هِيَ رُكْنٌ فِي الْإِحْرَامِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ سَوَاءٌ كَانَتْ التَّلْبِيَةُ رُكْنًا، أَوْ شَرْطًا، وَلَا مَخْلَصَ إلَّا

[قاعدة تخصيص العام بالنية]

رُكْنٌ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا شَرْطٌ كَالنِّيَّةِ. 414 - وَقِيلَ بِرُكْنِيَّتِهَا قَاعِدَةٌ فِي الْأَيْمَانِ 415 - تَخْصِيصُ الْعَامِّ بِالنِّيَّةِ مَقْبُولٌ دَيَّانَةً لَا قَضَاءً وَعِنْدَ الْخَصَّافِ يَصِحُّ قَضَاءً أَيْضًا فَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، ثُمَّ: قَالَ نَوَيْت مِنْ بَلْدَةِ كَذَا لَمْ يَصِحَّ. مَنْ غَصَبَ دَرَاهِمَ إنْسَانٍ فَلَمَّا حَلَّفَهُ الْخَصْمُ عَامًّا نَوَى خَاصًّا وَمَا قَالَهُ الْخَصَّافُ مُخَلِّصٌ لِمَنْ حَلَّفَهُ ظَالِمٌ 416 - وَالْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، فَمَنْ وَقَعَ فِي يَدِ الظَّلَمَةِ وَأَخَذَ بِقَوْلِ الْخَصَّافِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. 417 - وَلَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ وَقَالَ: عَنَيْت بِهِ الرِّجَالَ دُونَ النِّسَاءِ دِينَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: نَوَيْت السُّودَ دُونَ الْبِيضِ، أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ يُصَدَّقْ دِيَانَةً أَيْضًا كَقَوْلِهِ: نَوَيْت النِّسَاءَ دُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْتِزَامِ أَنَّهُ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ، إذْ لَا يَلْزَمُ كَوْنُ شَرْطِ الْعِبَادَةِ عِبَادَةً فَتَأَمَّلْ. (414) قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِرُكْنِيَّتِهَا مُسْتَدْرَكٌ لِانْفِهَامِهِ مِنْ قَوْلِهِ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا شَرْطٌ [قَاعِدَةٌ تَخْصِيصُ الْعَامِّ بِالنِّيَّةِ] وَلَهُ (415) قَوْلُهُ: تَخْصِيصُ الْعَامِّ بِالنِّيَّةِ مَقْبُولٌ يَعْنِي مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: مَا أَكَلْت طَعَامًا وَيَنْوِي بِقَلْبِهِ مَا أَكَلْت الطَّعَامَ الْفُلَانِيَّ وَمَا أَكَلْت فِي الدَّارِ وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ جَوَّزَهُ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَعَامَّةُ الْعُلَمَاءِ، وَمَنَعَهُ عُلَمَاؤُنَا الْمُتَقَدِّمُونَ، وَجَوَّزَهُ مِنْ أَئِمَّتِنَا الْخَصَّافُ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: الْخَصَّافُ رَجُلٌ كَبِيرٌ يَجُوزُ أَنْ يُقْتَدَى بِهِ، فَقَالَ مَشَايِخُنَا: إنْ كَانَ الْحَالِفُ مَظْلُومًا يُرِيدُ بِيَمِينِهِ مَخْلَصًا مِنْ الظُّلْمِ فَنَوَى التَّخْصِيصَ يُفْتَى بِقَوْلِ الْخَصَّافِ أَنَّهُ يَجُوزُ. (416) قَوْلُهُ: وَالْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، فِيهِ: أَنَّهُ مُخَالِفٌ لَهُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْقَاعِدَةِ الْأُولَى مِنْ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ: إنْ كَانَ الْحَالِفُ مَظْلُومًا. (417) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ إلَخْ. يَعْنِي؛ لِأَنَّهُ نَوَى

الرِّجَالِ، وَالْفَرْقُ بَيِّنَاهُ فِي الشَّرْحِ مِنْ بَابِ الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ. 418 - وَأَمَّا تَعْمِيمُ الْخَاصِّ بِالنِّيَّةِ فَلَمْ أَرَهُ الْآنَ. قَاعِدَةٌ فِيهِ أَيْضًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّخْصِيصَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي اللَّفْظِ الْعَامِّ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: نَوَيْت السُّودَ دُونَ الْبِيضِ، أَوْ بِالْعَكْسِ حَيْثُ لَا يُصَدَّقُ دِيَانَةً وَلَا قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ نَوَى التَّخْصِيصَ بِوَصْفٍ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ، وَلَا عُمُومَ لَهُ إذْ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ اللَّفْظِ فَلَا تَعْمَلُ فِيهِ نِيَّةُ التَّخْصِيصِ، كَمَا لَوْ قَالَ: نَوَيْتُ النِّسَاءَ دُونَ الرِّجَالِ لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ حَقِيقَةً لِلذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ، فَإِنَّ الْأُنْثَى لَا يُقَالُ لَهَا مَمْلُوكٌ لَكِنْ عِنْدَ الِاخْتِلَاطِ يُسْتَعْمَلُ فِيهِنَّ لَفْظُ التَّذْكِيرِ عَادَةً بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِنَّ عِنْدَ انْفِرَادِهِنَّ، فَتَكُونُ نِيَّتُهُ لَغْوًا، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: نَوَيْتُ الرِّجَالَ خَاصَّةً حَيْثُ يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ، لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً، كَذَا فِي الزَّيْلَعِيِّ (418) قَوْلُهُ: وَأَمَّا تَعْمِيمُ الْخَاصِّ بِالنِّيَّةِ فَلَمْ أَرَهُ، قِيلَ: لَا شَكَّ فِي عَدَمِ قَبُولِهِ قَضَاءً وَدِيَانَةً، إذَا انْعَدَمَ احْتِمَالُ اللَّفْظِ لَهُ، وَمَنْعُهُ عُمُومَ الْمُشْتَرَكِ يَدُلُّ عَلَى مَنْعِهِ بِالْأَوْلَى، إذْ لَيْسَ ذَلِكَ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا فِيهِ، فَكَيْفَ يُقَالُ بِالْعُمُومِ؟ نَعَمْ قَدْ يَعُمُّ اللَّفْظُ عُرْفًا كَالنَّجْوَى، أَوْ عَقْلًا كَتَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ، وَتَحْقِيقُهُ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ ذَكَرَ عُلَمَاؤُنَا أَنَّ الثَّابِتَ بِدَلَالَةِ النَّصِّ ثَابِتٌ بِالنَّظْمِ، فَلَا يَكُونُ ثَابِتًا بِالنِّيَّةِ وَبِهِ تَعْلَمُ الْمَسْأَلَةَ فَتَأَمَّلْ (انْتَهَى) أَقُولُ: ذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ مَسْأَلَةً نَصَّ فِيهَا عَلَى تَعْمِيمِ الْخَاصِّ بِالنِّيَّةِ، فَقَالَ: قَالَ: أَيَّةُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، فَهَذَا عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ جَمِيعَ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ أَيَّ الْمُضَافَ إلَى النَّكِرَةِ لَا تَعُمُّ إلَّا إذَا وُصِفَتْ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ، وَهُنَا لَمْ تُوصَفْ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ، وَهَذَا وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ مَا رَوَاهُ سُوَيْدُ بْنُ حَنْظَلَةَ قَالَ: خَرَجْنَا وَمَعَنَا وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ فَأَخَذَهُ أَعْدَاءٌ لَهُ فَخَرَّجَ الْقَوْمُ أَنْ يَحْلِفُوا، أَوْ حَلَفْتُ أَنَّهُ أَخِي فَخُلِّيَ عَنْهُ الْعَدُوُّ فَذَكَرْت ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «صَدَقْت، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ» ، فَأَجَازَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَقَّهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَخَ خَاصٌّ خُصُوصَ النَّوْعِ، فَإِنَّ الْأُخُوَّةَ نَوْعٌ خَاصٌّ مِنْ الْقَرَابَةِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأُصُولِيِّينَ مِنْ أَنَّ الْخَاصَّ لَا يَتَعَمَّمُ بِالنِّيَّةِ؛ لِعَدَمِ احْتِمَالِ التَّعْمِيمِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِالنَّظَرِ إلَى اسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ مِنْ الْأَدِلَّةِ، وَمَا هُنَا بِالنَّظَرِ إلَى الْإِيمَانِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى

الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ إنْ كَانَ مَظْلُومًا، وَعَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ إنْ كَانَ ظَالِمًا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ قَاعِدَةٌ فِيهَا أَيْضًا 420 - الْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأَلْفَاظِ لَا عَلَى الْأَغْرَاضِ، فَلَوْ اغْتَاظَ مِنْ إنْسَانٍ فَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِي لَهُ شَيْئًا بِفَلْسٍ فَاشْتَرَى لَهُ شَيْئًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ لَمْ يَحْنَثْ ـــــــــــــــــــــــــــــQعُرْفِ الْحَالِفِينَ وَأَغْرَاضِهِمْ، وَهُنَا مَسْأَلَةٌ نَصَّ فِيهَا عَلَى تَعْمِيمِ الْمُشْتَرَكِ بِالنِّيَّةِ فِي الْأَيْمَانِ، ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْثِ الرَّابِعِ مِنْ الْقَاعِدَةِ: الْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ، نَقَلَهَا عَنْ الْمَبْسُوطِ، وَهِيَ إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَغِيبَ فَحَلَّفَتْهُ امْرَأَتُهُ فَقَالَ: كُلُّ جَارِيَةٍ أَشْتَرِيهَا فَهِيَ حُرَّةٌ، وَيَعْنِي كُلَّ سَفِينَةٍ جَارِيَةٍ عَمِلَتْ نِيَّتُهُ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ (انْتَهَى) . وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا تَعْمِيمٌ لِلْمُشْتَرَكِ بِالنِّيَّةِ، فَإِنَّ الْجَارِيَةَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْقَيْنَةِ وَالسَّفِينَةِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَبِهَذَا التَّحْرِيرِ سَقَطَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقِيلِ، وَالْقَالِ وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى حَقَائِقِ الْأَحْوَالِ (419) قَوْلُهُ: الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ إنْ كَانَ مَظْلُومًا إلَخْ، قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا قَوْلُ الْخَصَّافِ الْمَذْكُورُ قَرِيبًا، وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ، وَذِكْرُ هَذَا عَلَى الْإِطْلَاقِ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: إنَّمَا أَطْلَقَ اتِّكَالًا عَلَى قُرْبِ الْعَهْدِ فَمَا أَطْلَقَهُ هُنَا مُقَيَّدٌ بِمَا قَبْلَهُ وَعِبَارَاتُ الْمُصَنَّفِينَ يُحْمَلُ فِيهَا الْمُطَلَّقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَإِنْ بَعُدَ الْعَهْدُ فَمَا بَالَك، وَالْعَهْدُ قَرِيبٌ وَمَا بِالْعَهْدِ مِنْ قِدَمٍ فَيُنْسَى، بَقِيَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ إلَخْ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، وَأَمَّا فِيهِمَا فَالْمُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْحَالِفِ ظَالِمًا، أَوْ مَظْلُومًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَالْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ. وَعِبَارَةُ الذَّخِيرَةِ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَمَا إنْ اسْتَحْلَفَ بِالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، وَهُوَ ظَالِمٌ، أَوْ مَظْلُومٌ فَنَوَى خِلَافَ الظَّاهِرِ بِأَنْ نَوَى الطَّلَاقَ عَنْ الْوَثَاقِ، أَوْ الْعَتَاقِ عَنْ عَمَلِ كَذَا، أَوْ نَوَى الْإِخْبَارَ فِيهِ كَاذِبًا، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُطَّلِعٌ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ مَظْلُومًا لَا يَأْثَمُ إثْمَ الْغَمُوسِ، وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا يَأْثَمُ إثْمَ الْغَمُوسَ (انْتَهَى) (420) قَوْلُهُ: الْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأَلْفَاظِ لَا عَلَى الْأَغْرَاضِ، يَعْنِي مَتَى أَمْكَنَ اعْتِبَارُ اللَّفْظِ لِمَا فِي الْجَامِعِ الْبَزَّازِيِّ، وَالْأَصْلُ اللَّفْظُ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَالْغَرَضُ نَعَمْ

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُهُ بِعَشَرَةٍ فَبَاعَهُ بِأَحَدَ عَشَرَ، أَوْ بِتِسْعَةٍ لَمْ يَحْنَثْ مَعَ أَنَّ غَرَضَهُ الزِّيَادَةُ لَكِنْ لَا حِنْثَ بِلَا لَفْظٍ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِيهِ بِعَشَرَةٍ 422 - فَاشْتَرَاهُ بِأَحَدَ عَشَرَ حَنِثَ 423 - وَتَمَامُهُ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْفَارِسِيِّ فُرُوعٌ: ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ عِنْدَنَا لَا عَلَى الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعَلَى الِاسْتِعْمَالِ الْقُرْآنِيِّ كَمَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ، وَعَلَى النِّيَّةِ مُطْلَقًا كَمَا نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ فِي النَّهْرِ: وَالْمُرَادُ عُرْفُ الْحَالِفِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ ظَاهِرٌ، أَوْ الْمَقْصُودُ غَالِبًا فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ اُعْتُبِرَ فِيهِ عُرْفُ أَهْلِهَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ اُعْتُبِرَ فِيهِ عُرْفُ غَيْرِهِمْ، وَفِي مُشْتَرَكٍ تُعْتَبَرُ اللُّغَةُ، عَلَى أَنَّهَا الْعُرْفُ (انْتَهَى) . وَفِي الْفَتْحِ: الْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ إذَا لَمْ تَكُنْ نِيَّةٌ فَإِنْ كَانَتْ، وَاللَّفْظُ يَحْتَمِلُهُ، انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ بِاعْتِبَارِهَا (421) قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُهُ بِعَشَرَةٍ فَبَاعَهُ بِأَحَدَ عَشَرَ إلَخْ. فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ قَالَ لِعَبْدِهِ: حُرٌّ إنْ بِعْته فَبَاعَهُ بِتِسْعَةٍ لَا يَحْنَثُ، وَكَذَا بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْعَشَرَةِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي بِتِسْعَةٍ فَاشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ يَحْنَثُ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِأَحَدَ عَشَرَ اُعْتُبِرَ الْمَقْصُودُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَاللَّفْظُ مِنْ الْآخَرِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْعَ بِتِسْعَةٍ لَا يُثْبِتُ مَا يُثْبِتُهُ الْبَيْعُ بِعَشَرَةٍ أَمَّا بِعَشَرَةٍ يُثْبِتُ مَا يُثْبِتُهُ الشِّرَاءُ بِتِسْعَةٍ. (422) قَوْلُهُ: فَاشْتَرَاهُ بِأَحَدَ عَشَرَ حَنِثَ، قِيلَ: لِأَنَّ غَرَضَ الْحَالِفِ عَدَمُ الشِّرَاءِ بِالْعَشَرَةِ؛ لِكَوْنِهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ فَمَا زَادَ عَلَيْهَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، قِيلَ: وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَهْدِمُ قَاعِدَتَكُمْ، إذْ لَوْ كَانَ الْعِبْرَةُ بِاللَّفْظِ لَمْ يَحْنَثْ بِالشِّرَاءِ بِأَحَدَ عَشَرَ لِاخْتِلَافِ اللَّفْظَيْنِ (انْتَهَى) ، وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. (423) قَوْلُهُ: وَتَمَامُهُ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ، قَالَ فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ: رَجُلَانِ تَسَاوَيَا ثَوْبًا فَحَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يَشْتَرِي بِعَشَرَةٍ فَاشْتَرَاهُ بِأَحَدَ عَشَرَ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ وَزِيَادَةٍ وَالزِّيَادَةُ عَلَى شَرْطِ الْحِنْثِ لَا تَمْنَعُ الْحِنْثَ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَهَا وَدَخَلَ دَارًا أُخْرَى؛ وَلَوْ كَانَ الْحَالِفُ الْبَائِع لَا يَبِيعُهَا بِعَشَرَةٍ فَبَاعَهُ بِأَحَدَ عَشَرَ لَمْ يَحْنَثْ لِحُصُولِ شَرْطِ بُرْئِهِ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ الزِّيَادَةُ وَقَدْ وُجِدَ (انْتَهَى)

لَوْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقًا، أَوْ حُرَّةً فَنَادَاهَا إنْ قَصَدَ الطَّلَاقَ، أَوْ الْعِتْقَ وَقَعَا، أَوْ النِّدَاءَ فَلَا، أَوْ أَطْلَقَ فَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُهُ وَلَوْ كَرَّرَ لَفْظَ الطَّلَاقِ فَإِنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ وَقَعَ الْكُلُّ، أَوْ التَّأْكِيدَ فَوَاحِدَةٌ دِيَانَةً، وَالْكُلُّ قَضَاءً 424 - وَكَذَا إذَا أَطْلَقَ وَلَوْ: قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً فِي ثِنْتَيْنِ 425 - فَإِنْ نَوَى مَعَ ثِنْتَيْنِ دَخَلَ بِهَا أَوَّلًا وَإِلَّا 426 - فَإِنْ نَوَى وَثِنْتَيْنِ فَثَلَاثٌ إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ 427 - كَمَا إذَا نَوَى الظَّرْفَ، أَوْ أَطْلَقَ وَلَوْ نَوَى الضَّرْبَ، وَالْحِسَابَ فَكَذَلِكَ 428 - وَكَذَا فِي الْإِقْرَارِ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ أُمِّي، أَوْ كَأُمِّي رُجِعَ إلَى قَصْدِهِ لِيَنْكَشِفَ حُكْمُهُ، فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ الْكَرَامَةَ فَهُوَ كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا أَطْلَقَ، يَعْنِي لَوْ كَرَّرَ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَنْوِ الِاسْتِئْنَافَ وَلَا التَّأْكِيدَ يَقَعُ الْكُلُّ قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ يُجْعَلُ تَأْسِيسًا لَا تَأْكِيدًا؛ لِأَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ التَّأْكِيدِ كَمَا سَيَأْتِي. (425) قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى مَعَ ثِنْتَيْنِ فَثَلَاثٌ دَخَلَ بِهَا، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَفِيهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا (426) قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى وَثِنْتَيْنِ فَثَلَاثٌ إلَخْ، فَإِنَّهُ إذَا جُعِلَتْ أَدَاةُ الظَّرْفِ بِمَعْنَى وَاوِ الْعَطْفِ اقْتَضَى الْعَطْفُ انْسِحَابَ الطَّلَاقِ لِضَرُورَةِ التَّشْرِيكِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ حَرْفُ الْعَطْفِ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ، وَفِي مِثْلِهِ لَا يَقَعُ الثَّالِثُ إلَّا عَلَى الْمَدْخُولِ بِهَا (427) قَوْلُهُ: كَمَا إذَا نَوَى الظَّرْفَ، أَوْ أَطْلَقَ، سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا، أَوْ لَا. (428) قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي الْإِقْرَارِ، أَيْ فِي قَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي دِرْهَمَيْنِ، إنْ قَصَدَ مَعَ دِرْهَمَيْنِ فَثَلَاثٌ، وَإِنْ قَصَدَ الضَّرْبَ، أَوْ الظَّرْفَ فَوَاحِدٌ، كَذَا قِيلَ وَفِيهِ قُصُورٌ فِي الْبَيَانِ إذْ بَقِيَ مَا لَوْ قَصَدَ وَدِرْهَمَيْنِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ.

قَالَ؛ لِأَنَّ التَّكْرِيمَ بِالتَّشْبِيهِ فَاشٍ فِي الْكَلَامِ، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ الظِّهَارَ فَهُوَ ظِهَارٌ؛ لِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ بِجَمِيعِهَا، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْت الطَّلَاقَ فَهُوَ طَلَاقٌ بَائِنٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هُوَ ظِهَارٌ 429 - وَإِنْ عَنَى بِهِ التَّحْرِيمَ لَا غَيْرُ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إيلَاءٌ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ظِهَارٌ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَأُمِّي وَنَوَى ظِهَارًا، أَوْ طَلَاقًا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إيلَاءٌ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ظِهَارٌ ، وَمِنْهَا لَوْ قَرَأَ الْجُنُبُ قُرْآنًا فَإِنْ قَصَدَ التِّلَاوَةَ حَرُمَ، وَإِنْ قَصَدَ الذِّكْرَ فَلَا وَلَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فِي صَلَاتِهِ عَلَى الْجِنَازَةِ إنْ قَصَدَ الدُّعَاءَ وَالثَّنَاءَ لَمْ يُكْرَهْ 430 - وَإِنْ قَصَدَ التِّلَاوَةَ كُرِهَ 431 - عَطَسَ الْخَطِيبُ: فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ: إنْ قَصَدَ الْخُطْبَةَ صَحَّتْ، وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ عَنَى بِهِ التَّحْرِيمَ لَا غَيْرُ، أَيْ كَمَا إذَا قَالَ هَذَا الثَّوْبُ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَقَدْ جَعَلُوهُ يَمِينًا، حَتَّى إذَا لَمَسَهُ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ، وَبِهِ يَظْهَرُ تَرْجِيحُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُ تَحْرِيمُ قُرْبَانِهَا فَيَكُونُ إيلَاءً؛ كَأَنَّهُ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك (430) قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَ التِّلَاوَةَ كُرِهَ، أَقُولُ: قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْقَاعِدَةِ الْأُولَى أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِنِيَّةِ الذِّكْرِ لَا يَحْرُمُ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَرَأَهَا بِنِيَّةِ التِّلَاوَةِ يَحْرُمُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ هَاهُنَا، وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِأَنْ يُرَى بِالْحُرْمَةِ هُنَاكَ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ، فَإِنَّهُمْ قَدْ يُطْلِقُونَ الْحُرْمَةَ وَيُرِيدُونَ بِهَا كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ (431) قَوْلُهُ: عَطَسَ الْخَطِيبُ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، إنْ قَصَدَ الْخُطْبَةَ صَحَّتْ، وَإِنْ قَصَدَ الْحَمْدَ لِلْعُطَاسِ لَمْ يَصِحَّ، أَقُولُ فِي ذَبَائِحِ فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ مَا يُخَالِفُهُ وَعِبَارَتُهُ: لَوْ

قَصَدَ الْحَمْدَ لِلْعُطَاسِ لَمْ تَصِحَّ. ذَبَحَ فَعَطَسَ وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ فَكَذَلِكَ، ذَكَرَ الْمُصَلِّي آيَةً لَوْ ذَكَرَ، أَوْ قَصَدَ بِهِ جَوَابَ الْمُتَكَلِّمِ فَسَدَتْ وَإِلَّا فَلَا 432 - تَكْمِيلٌ فِي النِّيَابَةِ قَالَ فِي النِّيَّةِ قَالَ فِي تَيَمُّمِ الْقُنْيَةِ: مَرِيضٌ يَمَّمَهُ غَيْرُهُ فَالنِّيَّةُ عَلَى الْمَرِيضِ دُونَ التَّيَمُّمِ، وَفِي الزَّكَاةِ قَالُوا الْمُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ، فَلَوْ نَوَاهَا وَدَفَعَ الْوَكِيلُ بِلَا نِيَّةٍ أَجْزَأَتْهُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الشَّرْحِ، وَفِي الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ الِاعْتِبَارُ لِنِيَّةِ الْمَأْمُورِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ بَابِ النِّيَابَةِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْأَفْعَالَ إنَّمَا صَدَرَتْ مِنْ الْمَأْمُورِ فَالْمُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ تَنْبِيهٌ اشْتَمَلَتْ قَاعِدَةُ الْأُمُورِ بِمَقَاصِدِهَا عَلَى عِدَّةِ قَوَاعِدَ كَمَا تَبَيَّنَ لَك وَقَدْ أَتَيْنَا عَلَى عُيُونِ مَسَائِلِهَا وَإِلَّا فَمَسَائِلُهَا لَا تُحْصَى وَفُرُوعُهَا لَا تُسْتَقْصَى خَاتِمَةٌ تَجْرِي قَاعِدَةُ الْأُمُورِ بِمَقَاصِدِهَا فِي عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ أَيْضًا فَأَوَّلُ مَا اعْتَبَرُوا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ لِعُطَاسِهِ وَذَبَحَ لَا يَحِلُّ، وَالْخَطِيبُ إذَا عَطَسَ وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ جَازَ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَاجِبَ عِنْدَ الذَّبْحِ التَّسْمِيَةُ عَلَى مَذْبُوحٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] فَأَمَّا عِنْدَ الْجُمُعَةِ، فَالْوَاجِبُ مُجَرَّدُ الذِّكْرِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] وَقَدْ وُجِدَ؛ فَلِهَذَا جَازَ . (432) قَوْلُهُ: تَكْمِيلٌ فِي النِّيَابَةِ قَالَ فِي النِّيَّةِ إلَخْ أَقُولُ فِيهِ: إنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ عَقِيبَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ شَيْئًا تَكُونُ النِّيَّةُ فِيهِ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ، وَحِينَئِذٍ كَانَ الصَّوَابُ فِي التَّرْجَمَةِ أَنْ يُقَالَ: تَكْمِيلٌ فِي عَدَمِ جَرَيَانِ النِّيَابَةِ فِي النِّيَّةِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ النِّيَابَةَ فِي النِّيَّةِ وُجُودًا، أَوْ عَدَمًا، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي النِّيَّةِ إذَا اقْتَرَنَتْ بِالْفِعْلِ كَتَفْرِقَةِ الذَّكَاءِ وَذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُؤَكِّلَ مَنْ يَذْبَحُ وَيَنْوِي وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ وَأَفْطَرَ يَوْمًا

[تنبيه ما اشتملت عليه قاعدة الأمور بمقاصدها من قواعد]

ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ فَقَالَ سِيبَوَيْهِ، وَالْجُمْهُورُ بِاشْتِرَاطِ الْقَصْدِ فِيهِ فَلَا يُسَمَّى كَلَامًا مَا نَطَقَ بِهِ النَّائِمُ وَالسَّاهِي وَمَا تَحْكِيهِ الْحَيَوَانَاتُ الْمُعَلَّمَةُ وَخَالَفَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَشْتَرِطْهُ وَسَمَّى كُلَّ ذَلِكَ كَلَامًا وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّانَ 433 - وَفُرِّعَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْفِقْهِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ فَكَلَّمَهُ نَائِمًا بِحَيْثُ يَسْمَعُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمَبْسُوطِ شَرَطَ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِلَا عُذْرٍ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ جَازَ لَهُ أَنْ يُؤَكِّلَ مَنْ يَصُومُ عَنْهُ وَيَنْوِي فِي حَيَاتِهِ، ذَكَرَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ [تَنْبِيهٌ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ قَاعِدَةُ الْأُمُورِ بِمَقَاصِدِهَا مِنْ قَوَاعِدَ] (433) قَوْلُهُ: وَفُرِّعَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْفِقْهِ إلَخْ، قِيلَ: هَذَا التَّفْرِيعُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَهُوَ غَرِيبٌ فَإِنَّ الَّذِي شَرَطَ قَصْدُهُ الصَّادِرُ مِنْهُ الْكَلَامُ فَلَمْ يُسَمِّ كَلَامَ النَّائِمِ الصَّادِرَ مِنْهُ كَلَامًا فَأَيْنَ هَذَا مِنْ مُخَاطَبَةِ الْيَقْظَانِ لِلنَّائِمِ. (انْتَهَى) . قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ إلَى الْآنَ حُكْمَ مَا إذَا كَلَّمَهُ مُغْمًى عَلَيْهِ، قِيلَ: مُقْتَضَى اشْتِرَاطِ الْقَصْدِ فِي الْكَلَامِ أَنْ لَا يَحْنَثَ (انْتَهَى) . أَقُولُ: هَذَا الْقَائِلُ فَهِمَ أَنَّ قَوْلَهُ مُغْمًى عَلَيْهِ حَالٌ مِنْ الْفَاعِلِ فَقَالَ مَا قَالَ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ إلَى أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ حَالٌ مِنْ الْمَفْعُولِ كَ " نَائِمًا " فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا الَّتِي فَرَّعَهَا عَلَى الْقَاعِدَةِ، وَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا فِي ذَلِكَ التَّفْرِيعِ كَمَا قُدِّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا تَغْفُلْ. قَوْلُهُ: وَتَجْرِي هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي الْعَرُوضِ إلَخْ. قِيلَ: كَيْفَ يَخْرُجُ عَلَيْهَا مَا وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ بِشَيْءٍ لَا يَقْصِدُهُ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، وَيُجَابُ بِالْمَقْصُودِ إنَّمَا هُوَ إفَادَةُ الْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْهُ لَا كَوْنُهُ شِعْرًا، فَهُوَ، وَإِنْ وَافَقَ الْوَزْنَ الشِّعْرِيَّ لَكِنْ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الشَّعْرَ فَتَأَمَّلْ، فَإِنَّهُ مِنْ مَدَارِك الْأَفْهَامِ وَمَزَالِقِ الْأَقْدَامِ، أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْبَارِيَ عَزَّ وَعَلَا عَلِمَ الْوَزْنَ وَأَرَادَهُ وَعَلِمَ أَنَّ فِيهِ فَائِدَةً وَحِكْمَةً، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَمْ يَخْرُجْ مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى مَنْظُومًا بِقَيْدِ الْقَصْدِ فَتَأَمَّلْ. وَأَصْلُ هَذَا الْإِشْكَالِ ذَكَرَهُ عَلَّامَةُ الْمَغْرِبِ ابْنُ مَرْزُوقٍ فِي شَرْحِ الْخَزْرَجِيَّةِ وَلَمْ يُجِبْ عَنْهُ فَقَالَ: وَهَذَا أَيْ إخْرَاجُ مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى مَنْظُومًا يُقَيِّدُ الْقَصْدَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ فِي كَلَامِ مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الذُّهُولُ، وَالْغَفْلَةُ.

أَنْ يُوقِظَهُ وَعَلَيْهِ مَشَايِخُنَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْتَبِهْ كَانَ كَمَا إذَا نَادَاهُ مِنْ بَعِيدٍ، وَهُوَ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ صَوْتَهُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِيهَا كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الشَّرْحِ وَلَمْ أَرَ إلَى الْآنَ حُكْمَ إذَا مَا كَلَّمَهُ مُغْمًى عَلَيْهِ، أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ سَكْرَانَ، وَلَوْ سَمِعَ آيَةَ السَّجْدَةِ مِنْ حَيَوَانٍ صَرَّحُوا بِعَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَى الْمُخْتَارِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْقَارِئِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَمِعَهَا مِنْ جُنُبٍ، أَوْ حَائِضٍ، وَالسَّمَاعُ مِنْ الْمَجْنُونِ لَا يُوجِبُهَا، وَمِنْ النَّائِمِ يُوجِبُهَا عَلَى الْمُخْتَارِ. وَكَذَا تَجِبُ بِسَمَاعِهَا مِنْ سَكْرَانَ، وَمِنْ ذَلِكَ الْمُنَادَى النَّكِرَةُ إنْ قَصَدَ نِدَاءَ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ يُعَرَّفُ وَوَجَبَ بِنَاؤُهُ عَلَى الضَّمِّ، وَإِلَّا لَمْ يُعَرَّفْ وَأُعْرِبَ بِالنَّصْبِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْعَلَمُ الْمَنْقُولُ مِنْ صِفَةٍ إنْ قُصِدَ بِهِ لَمْحُ الصِّفَةِ الْمَنْقُولِ مِنْهَا أُدْخِلَ فِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ وَإِلَّا فَلَا، وَفُرُوعُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ وَتَجْرِي هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي الْعَرُوضِ أَيْضًا، فَإِنَّ الشِّعْر عِنْدَ أَهْلِهِ كَلَامٌ مَوْزُونٌ مَقْصُودٌ بِهِ ذَلِكَ، أَمَّا مَا يَقَعُ مَوْزُونًا اتِّفَاقًا لَا عَنْ قَصْدٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى شِعْرًا، وَعَلَى ذَلِكَ خُرِّجَ مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] وَفِي كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَقَوْلِهِ: هَلْ أَنْتَ إلَّا إصْبَعٌ دَمِيتُ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هَلْ أَنْتَ إلَخْ، أَقُولُ إنَّمَا يَتَأَتَّى الِاسْتِشْهَادُ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّجَزَ شِعْرٌ، أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِشِعْرٍ إنَّمَا هُوَ نَثْرٌ مُقَفًّى فَلَا، وَأَيْضًا إنَّمَا يَتَأَتَّى الِاسْتِشْهَادُ بِهِ عَلَى رِوَايَةِ كَسْرِ التَّاءِ مَعَ الْإِشْبَاعِ، أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ سُكُونِهَا فَلَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

[القاعدة الثالثة اليقين لا يزول بالشك يتدرج في هذه القاعدة قواعد]

الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ يَتَدَرَّجُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوَاعِدُ] قَوْلُهُ: الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ، قِيلَ: لَا شَكَّ مَعَ الْيَقِينِ فَكَيْفَ يَرْتَفِعُ مَا لَا وُجُودَ لَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْأَصْلُ الْيَقِينُ لَا يُزِيلُهُ شَكٌّ طَارِئٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ الْيَقِينُ طُمَأْنِينَةُ الْقَلْبِ عَلَى حَقِيقَةِ الشَّيْءِ: يُقَالُ: يَقِنَ الْمَاءُ فِي الْحَوْضِ إذَا اسْتَقَرَّ فِيهِ وَالشَّكُّ لُغَةً مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ وَفِي اصْطِلَاحِ الْأُصُولِ اسْتِوَاءُ طَرَفَيْ الشَّيْءِ، وَهُوَ فِي الْوُقُوفِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، بِحَيْثُ لَا يَمِيلُ الْقَلْبُ إلَى أَحَدِهِمَا، فَإِنْ تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَطْرَحْ الْآخَرَ فَهُوَ ظَنٌّ، فَإِنْ طَرَحَهُ فَهُوَ غَالِبُ الظَّنِّ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْيَقِينِ، وَإِنْ لَمْ يَتَرَجَّحْ فَهُوَ وَهْمٌ، وَأَمَّا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَهُوَ كَاللُّغَةِ فِي سَائِرِ الْأَبْوَابِ، لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسَاوِي وَالرَّاجِحِ كَمَا زَعَمَ النَّوَوِيُّ، وَلَكِنْ هَذَا إنَّمَا قَالُوهُ فِي الْأَحْدَاثِ، وَقَدْ فَرَّقُوا فِي مَوَاضِيعَ كَثِيرَةٍ بَيْنَهُمَا، وَلِبَعْضِ مُتَأَخِّرِي الْأُصُولِيِّينَ عِبَارَةٌ أُخْرَى، أَوْ جُزْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مَعَ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ، وَهِيَ أَنَّ الْيَقِينَ جَزْمُ الْقَلْبِ مَعَ الِاسْتِنَادِ إلَى الدَّلِيلِ الْقَطْعِيِّ، وَالِاعْتِقَادُ جَزْمُ الْقَلْبِ مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ إلَى الدَّلِيلِ الْقَطْعِيِّ كَاعْتِقَادِ الْعَاصِي، وَالظَّنُّ تَجْوِيزُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَقْوَى مِنْ الْآخَرِ،، وَالْوَهْمُ تَجْوِيزُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَضْعَفُ مِنْ الْآخَرِ وَالشَّكُّ تَجْوِيزُ أَمْرَيْنِ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (انْتَهَى) . اعْلَمْ أَنَّ الشَّكَّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: شَكٌّ طَرَأَ عَلَى أَصْلٍ حَرَامٍ، وَشَكٌّ طَرَأَ عَلَى أَصْلٍ مُبَاحٍ، وَشَكٌّ لَا يُعْرَفُ أَصْلُهُ، فَالْأَوَّلُ، مِثْلُ: أَنْ يَجِدَ شَاةً مَذْبُوحَةً فِي بَلَدٍ فِيهَا مُسْلِمُونَ وَمَجُوسُ فَلَا تَحِلُّ، حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهَا ذَكَاةُ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا حَرَامٌ وَشَكَكْنَا فِي الذَّكَاةِ الْمُبِيحَةِ، فَلَوْ كَانَ الْغَالِبُ فِيهَا الْمُسْلِمِينَ جَازَ الْأَكْلُ عَمَلًا بِالْغَالِبِ الْمُفِيدِ لِلطُّهُورِيَّةِ، وَالثَّانِي: أَنْ يَجِدَ مَاءً مُتَغَيِّرًا وَاحْتَمَلَ تَغَيُّرَهُ بِنَجَاسَةٍ، أَوْ طُولِ مُكْثٍ، يَجُوزُ التَّطْهِيرُ بِهِ عَمَلًا بِأَصْلِ الطَّهَارَةِ. وَالثَّالِثُ: مِثْلُ مُعَامَلَةِ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْمَأْخُوذَ مِنْ مَالِهِ عَيْنُ الْحَرَامِ فَلَا تَحْرُمُ مُبَايَعَتُهُ لِإِمْكَانِ الْحَلَالِ وَعَدَمِ التَّحْرِيمِ، وَلَكِنْ يُكْرَهُ خَوْفًا مِنْ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. هَذَا وَقَدْ نُقِضَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ بِالْمَسْأَلَةِ الْأُصُولِيَّةِ، وَهُوَ جَوَازُ نَسْخِ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْيَقِينِ الْقَطْعَ بَلْ إنَّ الشَّيْءَ الثَّابِتَ بِشَيْءٍ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِمِثْلِهِ، وَالنَّصُّ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ، وَهُوَ كَافٍ فِي الْأَحْكَامِ، كَذَا فِي قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ

وَدَلِيلُهَا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا» ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ بَابِ الْأَنْجَاسِ مَا يُوَضِّحُهَا فَنَسُوقُ عِبَارَتَهُ بِتَمَامِهَا. قَوْلُهُ تَطْهِيرُ النَّجَاسَةِ وَاجِبٌ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُتَمَكَّنْ مِنْ الْإِزَالَةِ لِخَفَاءِ خُصُوصِ الْمَحَلِّ الْمُصَابِ مَعَ الْعِلْمِ بِتَنْجِيسِ الثَّوْبِ قِيلَ: الْوَاجِبُ غَسْلُ طَرَفٍ مِنْهُ فَإِنْ غَسَلَهُ بِتَحَرٍّ، أَوْ بِلَا تَحَرٍّ طَهُرَ 2 - وَذِكْرُ الْوَجْهِ يُبَيِّنُ أَنْ لَا أَثَرَ لِلتَّحَرِّي، وَهُوَ 3 - أَنْ يَغْسِلَ بَعْضَهُ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَةُ الثَّوْبِ وَقَعَ الشَّكُّ فِي قِيَامِ النَّجَاسَةِ، لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمَغْسُولِ مَحَلَّهَا فَلَا يَقْضِي بِالنَّجَاسَةِ بِالشَّكِّ كَذَا، أَوْرَدَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ قَالَ: وَسَمِعْت الْإِمَامَ تَاجَ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُهُ وَيَقِيسُهُ عَلَى مَسْأَلَةٍ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ هِيَ: إذَا فَتَحْنَا حِصْنًا وَفِيهِمْ ذِمِّيٌّ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ إلَخْ. ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْبُخَارِيِّ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ فِي مُسْلِمٍ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ لَا بِهَذَا اللَّفْظِ وَاَلَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: «شُكِيَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ: لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا» انْتَهَى، قِيلَ: هَذِهِ الْقَاعِدَةُ تَدْخُلُ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ، وَالْمَسَائِلُ الْمُخَرَّجَةُ عَلَيْهَا تَبْلُغُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْفِقْهِ وَأَكْثَرَ. (2) قُلْت قَوْلُهُ: وَذِكْرُ الْوَجْهِ: أَيْ وَجْهِ طَهَارَةِ الثَّوْبِ بِغَسْلِ طَرَفٍ مِنْهُ. (3) قَوْلُهُ: أَنْ يَغْسِلَ بَعْضَهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْآتِي: وَقَعَ الشَّكُّ فِي قِيَامِ النَّجَاسَةِ، وَفِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَوَقَعَ وَلَا صِحَّةَ لَهُ وَلَا يَظْهَرُ لِتَقْدِيمِ الْمَعْمُولِ عَلَى عَامِلِهِ هُنَا نُكْتَةٌ.

يُعْرَفُ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ لِقِيَامِ الْمَانِعِ بِيَقِينٍ فَلَوْ قُتِلَ الْبَعْضُ، أَوْ أُخْرِجَ حَلَّ قَتْلُ الْبَاقِي لِلشَّكِّ فِي قِيَامِ الْمُحَرَّمِ، كَذَا هُنَا، وَفِي الْخُلَاصَةِ بَعْدَ مَا ذَكَرَهُ مُجَرَّدًا عَنْ التَّعْلِيلِ، فَلَوْ صَلَّى مَعَهُ صَلَاةً، ثُمَّ ظَهَرَتْ النَّجَاسَةُ فِي طَرَفٍ آخَرَ تَجِبُ إعَادَةُ مَا صَلَّى (انْتَهَى) . وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: ثَوْبٌ فِيهِ نَجَاسَةٌ لَا يَدْرِي مَكَانَهَا يَغْسِلُ الثَّوْبَ كُلَّهُ 4 - وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ، وَذَلِكَ التَّعْلِيلُ مُشْكِلٌ عِنْدِي، فَإِنَّ غَسْلَ طَرَفٍ يُوجِبُ الشَّكَّ فِي طُهْرِ الثَّوْبِ بَعْدَ الْيَقِينِ بِنَجَاسَةٍ قَبْلُ 5 - وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ شَكٌّ فِي الْإِزَالَةِ بَعْدَ تَيَقُّنِ قِيَامِ النَّجَاسَةِ، وَالشَّكُّ لَا يَرْفَعُ الْمُتَيَقَّنَ قَبْلَهُ، وَالْحَقُّ أَنَّ ثُبُوتَ الشَّكِّ فِي كَوْنِ الطَّرَفِ الْمَغْسُولِ وَالرَّجُلِ الْمُخْرَجِ هُوَ مَكَانَ النَّجَاسَةِ، وَالْمَعْصُومَ الدَّمِ 6 - يُوجِبُ أَلْبَتَّةَ الشَّكَّ فِي طُهْرِ الْبَاقِي وَإِبَاحَةِ دَمِ الْبَاقِينَ 7 - وَمَنْ ضَرُورَةِ صَيْرُورَتِهِ مَشْكُوكًا فِيهِ ارْتِفَاعُ الْيَقِينِ عَنْ تَنَجُّسِهِ وَمَعْصُومِيَّتُهُ، وَإِذَا صَارَ مَشْكُوكًا فِي نَجَاسَتِهِ جَازَتْ الصَّلَاةُ مَعَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ، وَهُوَ الْعَمَلُ بِأَقْوَى الدَّلِيلِينَ. (5) قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ، أَيْ حَاصِلُ تَقْرِيرِ الْإِشْكَالِ فِي التَّعْلِيلِ. (6) قَوْلُهُ: يُوجِبُ أَلْبَتَّةَ إلَخْ. جُمْلَةُ يُوجِبُ خَبَرُ إنَّ فِي قَوْلِهِ: إنَّ ثُبُوتَ الشَّكِّ إلَخْ وَقَعَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ قَبْلَ قَوْلِهِ: يُوجِبُ اللَّفْظُ الَّذِي، وَهِيَ مُحَرَّفَةٌ مِنْ لَفْظِ الذِّمِّيِّ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِهَا الدَّمُ، وَهِيَ، أَوْلَى مِنْ نُسْخَةِ الذِّمِّيِّ. (7) قَوْلُهُ: وَمِنْ ضَرُورَةِ صَيْرُورَتِهِ، قِيلَ: هَذَا الضَّمِيرُ لِلطَّرَفِ، أَوْ لِلْبَاقِي مِنْ الثَّوْبِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ (انْتَهَى) . أَقُولُ: لَكِنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ يَقْتَضِي رُجُوعَهُ لِلْبَاقِي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ: جَازَتْ الصَّلَاةُ مَعَهُ إلَخْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ النَّجَاسَةِ كَانَ طَاهِرًا بِيَقِينٍ.

إلَّا أَنَّ هَذَا إنْ صَحَّ لَمْ يَبْقَ لِكَلِمَتِهِمْ الْمَجْمَعِ عَلَيْهَا - أَعْنِي قَوْلَهُمْ: الْيَقِينُ لَا يَرْتَفِعُ بِالشَّكِّ - مَعْنًى 8 - فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ 9 - لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَثْبُتَ شَكٌّ فِي مَحَلِّ ثُبُوتِ الْيَقِينِ لِيُتَصَوَّرَ ثُبُوتُ شَكٍّ فِيهِ لَا يَرْتَفِعُ بِهِ ذَلِكَ الْيَقِينُ، فَمِنْ هَذَا حَقَّقَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَرْتَفِعُ بِهِ حُكْمُ الْيَقِينِ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَخْلُصُ الْإِشْكَالُ فِي الْحُكْمِ لَا الدَّلِيلِ فَنَقُولُ: وَإِنْ ثَبَتَ الشَّكُّ فِي طَهَارَةِ الْبَاقِي وَنَجَاسَتِهِ لَكِنْ لَا يَرْتَفِعُ حُكْمُ ذَلِكَ الْيَقِينِ السَّابِقِ بِنَجَاسَتِهِ، وَهُوَ عَدَمُ جَوَازِ الصَّلَاةِ، فَلَا تَصِحُّ بَعْدَ غَسْلِ الطَّرَفِ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ الطَّارِئَ لَا يَرْفَعُ حُكْمَ الْيَقِينِ السَّابِقِ، عَلَى مَا حُقِّقَ مِنْ أَنَّهُ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِمْ: الْيَقِينُ لَا يَرْتَفِعُ بِالشَّكِّ فَغَسْلُ الْبَاقِي، وَالْحُكْمُ بِطَهَارَةِ الْبَاقِي مُشْكِلٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى كَلَامُ فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُمْ: الْقِسْمَةُ فِي الْمِثْلِيِّ مِنْ الْمُطَهِّرَاتِ يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ تَنَجَّسَ بَعْضُ الْبُرِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ، أَيْ حِينَ إذْ وَجَبَ ثُبُوتُ الشَّكِّ فِي كَوْنِ الطَّرَفِ الْمَغْسُولِ مَكَانَ النَّجَاسَةِ، وَالرَّجُلِ الْمُخْرَجِ، وَالْمَعْصُومِ الدَّمِ الشَّكَّ فِي طُهْرِ الْبَاقِي وَإِبَاحَةِ دَمِ الْبَاقِينَ. (9) قَوْلُهُ: لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَثْبُتَ شَكٌّ فِي مَحَلِّ ثُبُوتِ الْيَقِينِ إلَخْ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ قَدْ يُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا ثَبَتَ حُكْمٌ بِمَحَلٍّ مَعْلُومٍ، ثُمَّ شَكَّ فِي زَوَالِهِ عَنْهُ بِاحْتِمَالِ وُجُودِ دَلِيلِ الزَّوَالِ وَعَدَمِهِ عَلَى السَّوَاءِ، كَمَا إذَا شَكَّ فِي الْحَدَثِ بَعْدَ تَيَقُّنِ الطَّهَارَةِ، أَوْ عَكْسِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ كَالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، بِخِلَافِ مِثْلِ مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ وَالذِّمِّيِّ فَإِنَّ النَّجَاسَةَ وَحُرْمَةَ الْقَتْلِ لَمْ يَثْبُتَا يَقِينًا لِمَحَلٍّ مَعْلُومٍ بَلْ تَثْبُتُ لِمَجْهُولٍ، مَعَ أَنَّ ضِدَّهُمَا، وَهِيَ الطَّهَارَةُ وَحِلُّ الْقَتْلِ ثَابِتٌ بِيَقِينٍ لِمَحَلٍّ مَعْلُومِ إلَّا أَنَّهُ امْتَنَعَ الْعَمَلُ بِهِ لِثُبُوتِ ذَلِكَ الْمَجْهُولِ فِيهِ يَقِينًا،

قُسِمَ، طَهُرَ لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي كُلِّ جُزْءٍ هَلْ هُوَ الْمُتَنَجِّسُ، أَوْ لَا.؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِذَا زَالَ الْيَقِينُ وَوَقَعَ الشَّكُّ فِي بَقَاءِ ذَلِكَ الْمَجْهُولِ وَعَدَمِهِ لَا يَمْتَنِعُ الْعَمَلُ بِمَا كَانَ ثَابِتًا يَقِينًا؛ لِأَنَّ الْيَقِينَ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الشَّكَّ قِسْمَانِ: قِسْمٌ طَارِئٌ عَلَى الْيَقِينِ أَيْ حَاصِلٌ بِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهُ وَشَكٌّ طَارِئٌ بِالْيَقِينِ أَيْ بِمُعَارَضَةِ دَلِيلٍ مَعَ دَلِيلٍ آخَرَ، فَالْأَوَّلُ لَا يُزِيلُ الْيَقِينَ وَالثَّانِي يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ يَقِينًا، بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّكَّ إنَّمَا يَنْشَأُ عَنْ عَدَمِ الدَّلِيلِ، أَوْ عَنْ تَقَابُلِ دَلِيلَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ مُتَّحِدَيْنِ زَمَانًا وَمَحَلًّا، حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَ زَمَانُهُمَا يَكُونُ الثَّانِي نَاسِخًا لِلْأَوَّلِ إذَا كَانَ دَلِيلُ الْوُجُودِ دُونَ الْبَقَاءِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ مَحَلُّهُمَا فَلَا تَقَابُلَ، وَإِنْ جُهِلَ حَصَلَ الشَّكُّ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَى الزَّوَالِ عَنْ الْمَحَلِّ الْآخَرِ، وَالْبَقَاءِ فِيهِ، فَإِذَا ثَبَتَ حُكْمٌ يَقِينًا لِمَحَلٍّ مَعْلُومٍ، وَالشَّكُّ فِي ثُبُوتِ ضِدِّ ذَلِكَ الْحُكْمِ لِذَلِكَ الْمَحَلِّ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي عَدَمِ دَلِيلٍ، أَوْ فِي تَقَابُلِ دَلِيلَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ يَقْتَضِي أَحَدُهُمَا بَقَاءَ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ، وَالْآخَرُ عَدَمَهُ، وَحِينَئِذٍ يَتَسَاقَطَانِ وَيَبْقَى الْحُكْمُ الْأَوَّلُ بِدَلِيلٍ، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْيَقِينُ لَا يَرْتَفِعُ بِالشَّكِّ. وَهَذَا هُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ قِسْمَيْ الشَّكِّ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَأَتَّى الشَّكُّ حِينَئِذٍ مِنْ دَلِيلٍ مُعَارِضٍ لِدَلِيلِ الْأَوَّلِ مُسَاوٍ لَهُ يَكُونُ نَسْخًا إنْ كَانَ الْأَوَّلُ دَلِيلَ الْوُجُودِ دُونَ الْبَقَاءِ فَهُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ قِسْمَيْ الشَّكِّ أَمَّا إذَا ثَبَتَ حُكْمٌ يَقِينًا لِمَحَلٍّ مَجْهُولٍ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الشَّكُّ فِي دَلِيلٍ مُعَارِضٍ لِدَلِيلٍ مُسَاوٍ لَهُ يُثْبِتُ ضِدَّ ذَلِكَ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لَمْ يُتَيَقَّنْ كَوْنُ الدَّلِيلِ الْآخَرِ نَاسِخًا بَلْ احْتَمَلَ أَنْ يَثْبُتَ ضِدُّ الْحُكْمِ فِي الْمَحَلِّ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ نَاسِخًا، فَإِنْ ثَبَتَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ فَلَا يَكُونُ نَاسِخًا احْتِمَالًا عَلَى السَّوَاءِ فَحَصَلَ الشَّكُّ ضَرُورَةً فِي بَقَاءِ الْحُكْمِ فِي الْمَحَلِّ الْمَجْهُولِ وَعَدَمِهِ، وَهُوَ أَيْضًا فِي الْقِسْمِ مِنْ قِسْمَيْ الشَّكِّ، وَهُوَ نَاشِئٌ مِنْ الْيَقِينِ الْأَوَّلِ مَعَ مُعَارِضِهِ، وَلَيْسَ بِشَكٍّ خَارِجٍ عَنْهُ وَرُدَّ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ إلَى يَقِينٍ آخَرَ غَيْرِ الْيَقِينِ الْعَارِضِ فَتَأَمَّلْ، وَأَمْعِنْ النَّظَرَ، فَإِنَّ الْإِمَامَ الرَّبَّانِيَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيَّ لَمْ يَضَعْ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ فِي السِّيَرِ مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقٍ، خُصُوصًا، وَهِيَ فِي أَمْرِ الْقَتْلِ الَّذِي هُوَ عَظِيمُ الْخَطَرِ يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ (انْتَهَى) . قُلْت وَهُوَ تَحْقِيقٌ وَبِالْقَبُولِ حَقِيقٌ. (10) قَوْلُهُ: قُسِمَ طَهُرَ لِوُقُوعِ الشَّكِّ، هَذَا خِلَافُ التَّحْقِيقِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ، وَإِنَّمَا جَازَ لِكُلٍّ الِانْتِفَاعُ لِلشَّكِّ فِيهَا حَتَّى لَوْ جُمِعَ عَادَ كَمَا فِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

[قاعدة الأصل بقاء ما كان على ما كان]

يَتَدَرَّجُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوَاعِدُ مِنْهَا قَوْلُهُمْ: 12 - الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ وَتَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا مَسَائِلُ مِنْهَا: 13 - مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ فَهُوَ مُتَطَهِّرٌ، وَمَنْ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الطَّهَارَةِ فَهُوَ مُحْدِثٌ، كَمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَلَكِنْ ذُكِرَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ إذَا دَخَلَ بَيْتَ الْخَلَاءِ وَجَلَسَ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَشَكَّ هَلْ خَرَجَ مِنْهُ، أَوْ لَا كَانَ مُحْدِثًا، وَإِنْ جَلَسَ لِلْوُضُوءِ وَمَعَهُ مَاءٌ، ثُمَّ شَكَّ هَلْ تَوَضَّأَ أَمْ لَا كَانَ مُتَوَضِّئًا عَمَلًا بِالْغَالِبِ فِيهِمَا وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ اسْتَيْقَنَ بِالتَّيَمُّمِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ فَهُوَ عَلَى تَيَمُّمِهِ، وَكَذَا لَوْ اسْتَيْقَنَ بِالْحَدَثِ وَشَكَّ فِي التَّيَمُّمِ أَخَذَ بِالْيَقِينِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ 14 - وَلَوْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ، وَالْحَدَثَ وَشَكَّ فِي السَّابِقِ فَهُوَ مُتَطَهِّرٌ. وَفِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ [قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ] قَوْلُهُ: وَيَنْدَرِجُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوَاعِدُ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ فِي أَوَّلِ فَنِّ الْقَوَاعِدِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ الْقَوَاعِدُ الَّتِي لَمْ تَدْخُلْ قَاعِدَةٌ مِنْهَا تَحْتَ قَاعِدَةٍ أُخْرَى لَا الْكُلِّيَّةُ بِمَعْنَى الصِّدْقِ عَلَى جَمِيعِ الْأَفْرَادِ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ فَرْدٌ. (12) قَوْلُهُ: الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْبَقَاءُ، وَالْعَدَمُ طَارِئٌ. (13) قَوْلُهُ: مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ، يَعْنِي الْحَقِيقِيَّ، أَوْ الْحُكْمِيَّ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ نَامَ، أَوْ هَلْ نَامَ مُتَّكِئًا، أَوْ لَا؟ ، أَوْ زَالَتْ إحْدَى أَلْيَتَيْهِ، أَوْ شَكَّ هَلْ كَانَ قَبْلَ الْيَقَظَةِ، أَوْ بَعْدَهَا (14) قَوْلُهُ: وَلَوْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ، وَالْحَدَثَ وَشَكَّ فِي السَّابِقِ إلَخْ. فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لِلْعَلَّامَةِ مُحَمَّدٍ السَّمَدِيسِيِّ مَا نَصُّهُ: مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ، وَالْحَدَثَ وَشَكَّ فِي السَّابِقِ فَيُؤْمَرُ بِالتَّذَكُّرِ فِيمَا قَبْلَهُمَا، فَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ بَعْدَ ذَلِكَ الْحَدَثِ وَشَكَّ فِي انْتِقَاضِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ الْحَدَثُ الثَّانِي قَبْلَهَا، أَوْ بَعْدَهَا، وَإِنْ كَانَ مُتَطَهِّرًا

الْبَزَّازِيَّةِ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْ عُضْوًا لَكِنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِعَيْنِهِ غَسْلَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى؛ لِأَنَّهُ آخِرُ الْعَمَلِ 15 - رَأَى الْبَلَّةَ بَعْدَ الْوُضُوءِ سَائِلًا مِنْ ذَكَرِهِ يُعِيدُ، وَإِنْ كَانَ يَعْرِضُهُ كَثِيرًا وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ بَوْلٌ، أَوْ مَاءٌ لَا يَلْتَفِت إلَيْهِ وَيَنْضَحُ فَرْجَهُ وَإِزَارَهُ بِالْمَاءِ قَطْعًا لِلْوَسْوَسَةِ، وَإِذَا بَعُدَ عَهْدُهُ عَنْ الْوُضُوءِ، أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ بَوْلٌ لَا تَنْفَعُهُ الْحِيلَةُ (انْتَهَى) 16 - وَمِنْ فُرُوعِ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو أَلْفٌ مَثَلًا فَبَرْهَنَ عَمْرٌو عَلَى الْأَدَاءِ، وَالْإِبْرَاءِ فَبَرْهَنَ زَيْدٌ عَلَى أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفًا لَمْ تُقْبَلْ، حَتَّى يُبَرْهِنَ أَنَّهَا حَادِثَةٌ بَعْدَ الْأَدَاءِ، أَوْ الْإِبْرَاءِ، شَكَّ فِي وُجُودِ النَّجَسَ فَالْأَصْلُ بَقَاءُ الطَّهَارَةِ؛ وَلِذَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: حَوْضٌ تَمْلَأُ مِنْهُ الصِّغَارُ، وَالْعَبِيدُ بِالْأَيْدِي الدَّنِسَةِ، وَالْجِرَارِ الْوَسِخَةِ يَجُوزُ الْوُضُوءُ مِنْهُ مَا لَمْ يُعْلَمْ بِهِ نَجَاسَةٌ؛ وَلِذَا أَفْتَوْا بِطَهَارَةِ طِينِ الطُّرُقَاتِ، وَفِي الْمُلْتَقَطِ فَأْرَةٌ فِي الْكُوزِ لَا يَدْرِي أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْجَرَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِنْ كَانَ يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَيَقِّنٌ حَدَثًا بَعْدَ تِلْكَ الطَّهَارَةِ وَشَكَّ فِي زَوَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ الطَّهَارَةُ الثَّانِيَةُ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهُ أَمْ لَا بِأَنْ يَكُونَ وَالَى بَيْنَ الطَّهَارَتَيْنِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْقُصُورِ (15) قَوْلُهُ: رَأَى الْبَلَّةَ بَعْدَ الْوُضُوءِ سَائِلًا، أَقُول: صَوَابُهُ سَائِلَةً؛ لِأَنَّهُ حَالٌ مِنْ الْبَلَّةِ وَلَا بُدَّ مِنْ مُطَابَقَةِ الْحَالِ لِصَاحِبِهَا تَأْنِيثًا وَتَذْكِيرًا (16) قَوْلُهُ: وَمِنْ فُرُوعِ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو أَلْفٌ إلَخْ، فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: عَلِمْنَا لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو أَلْفًا فَأَقَامَ عَمْرٌو بَيِّنَتَهُ بِالْأَدَاءِ، أَوْ الْإِبْرَاءِ فَأَقَامَ زَيْدٌ بَيِّنَتَهُ أَنَّ عَمْرًا أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ مُطْلَقًا، لَمْ يَثْبُتْ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ شَيْءٌ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْأَلْفَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ هُوَ الْأَلْفُ الَّذِي عَلِمْنَا وُجُوبَهُ وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِإِبْرَائِهِ فَلَا تَشْتَغِلُ ذِمَّتُهُ بِالِاحْتِمَالِ.

لَا يَقْضِي بِفَسَادِ الْجَرَّةِ بِالشَّكِّ، وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ رَأَى فِي ثَوْبِهِ قَذَرًا وَقَدْ صَلَّى فِيهِ وَلَا يَدْرِي مَتَى أَصَابَهُ يُعِيدُهَا مِنْ آخِرِ حَدَثٍ أَحْدَثَهُ وَفِي الْمَنِيِّ آخِرِ رَقْدَةٍ (انْتَهَى) . 18 - يَعْنِي احْتِيَاطًا وَعَمَلًا بِالظَّاهِرِ. أَكَلَ آخِرَ اللَّيْلِ وَشَكَّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ صَحَّ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلُ بَقَاءُ اللَّيْلِ، وَكَذَا فِي الْوُقُوفِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَأْكُلَ مَعَ الشَّكِّ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ أَمْسَى بِالْأَكْلِ مَعَ الشَّكِّ إذَا كَانَ بِبَصَرِهِ عِلَّةٌ، أَوْ كَانَتْ اللَّيْلَةُ مُقْمِرَةً، أَوْ مُتَغَيِّمَةً، أَوْ كَانَ فِي مَكَان لَا يَسْتَبِينُ فِيهِ الْفَجْرُ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ طُلُوعُهُ لَا يَأْكُلُ، 19 - فَإِنْ أَكَلَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَبِنْ لَهُ شَيْءٌ 20 - لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ أَكَلَ بَعْدَهُ قَضَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا يَقْضِي بِفَسَادِ الْجَرَّةِ، مَفْهُومُهُ الْقَضَاءُ بِفَسَادِ الْكَوْنِ. (18) قَوْلُهُ: احْتِيَاطًا. عَمَلًا بِالظَّاهِرِ مِنْ قَبِيلِ تَدَاخُلِ الْمَفْعُولِ لِأَجَلِهِ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {حَزَنًا أَلا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} [التوبة: 92] قَالَ فِي الْكَشَّافِ: أَنْ لَا يَجِدُوا: مَفْعُولٌ وَنَاصِبُهُ الْمَفْعُولُ لَهُ الَّذِي هُوَ حَزَنًا قَالَ الطِّيبِيُّ: عَلَى التَّدَاخُلِ فِي الْمَفْعُولِ (انْتَهَى) . هُوَ مِمَّا لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ أَصْحَابُ مُتُونِ الْعَرَبِيَّةِ وَشُرُوحِهَا فَلْيُحْفَظْ (19) قَوْلُهُ: وَإِنْ أَكَلَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَبِنْ لَهُ شَيْءٌ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْيَقِينَ لَا يَزُولُ إلَّا بِمِثْلِهِ وَلِأَنَّ الْمُتَيَقَّنُ دُخُولُ اللَّيْلِ فِي الْوُجُودِ وَأَمَّا الْحُكْمُ بِبَقَائِهِ فَظَنِّيٌّ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِالِاسْتِصْحَابِ، وَالْإِمَارَةِ الْمُوجِبَةِ عَدَمَ ظَنِّ بَقَاءِ اللَّيْلِ دَلِيلٌ ظَنِّيٌّ أَيْضًا فَتَعَارَضَ دَلِيلَانِ ظَنِّيَّانِ فِي قِيَام اللَّيْلِ وَعَدَمِهِ فَيَتَهَاتَرَانِ فَلْيُعْمَلْ بِالْأَصْلِ، وَهُوَ بَقَاءُ اللَّيْلِ. (20) قَوْلُهُ: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. قِيلَ عَلَيْهِ: فِيهِ أَنَّ الظَّنَّ كَافٍ فِي تَرَتُّبِ الْأَحْكَامِ، وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ الْقَضَاء عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَبِنْ لَهُ (انْتَهَى) . وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ

وَلَا كَفَّارَةَ، وَلَوْ شَكَّ فِي الْغُرُوبِ لَمْ يَأْكُلْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النَّهَارِ فَإِنْ أَكَلَ وَلَمْ يَسْتَبِنْ لَهُ شَيْءٌ قَضَى 21 - وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ وَتَمَامُهُ فِي الشَّرْحِ مِنْ الصَّوْمِ 22 - ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَدَمَ وُصُولِ النَّفَقَةِ، وَالْكُسْوَةِ الْمُقَرَّرَتَيْنِ فِي مُدَّةٍ مَدِيدَةٍ فَالْقَوْلُ لَهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُمَا فِي ذِمَّتِهِ كَالْمَدْيُونِ إذَا ادَّعَى دَفْعَ الدَّيْنِ وَأَنْكَرَ الدَّائِنُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي التَّمْكِينِ مِنْ الْوَطْءِ فَالْقَوْلُ لِمُنْكَرِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي السُّكُوتِ وَالرَّدِّ لَهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرِّضَاءِ 23 - وَلَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْعِدَّةِ فِي الرَّجْعَةِ فِيهَا فَالْقَوْلُ لَهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً فَالْقَوْلُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ فَيَمْلِكُ الْإِخْبَارَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQيَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ مَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَى مُجَرَّدِ الشَّكِّ فَقَدْ يُطْلَقُ الظَّنُّ عَلَيْهِ، أَمَّا إذَا حَصَلَ ظَنٌّ حَقِيقِيٌّ فَيَجِبُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ، قَالَ: وَإِنْ تَسَحَّرَ، وَأَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّ الْفَجْرَ طَالِعٌ قَالَ مَشَايِخُنَا: عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ التَّعْلِيلُ لِلْحُكْمِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِمْ الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ. (21) قَوْلُهُ: وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ، فِي الْبَدَائِعِ: الصَّحِيحُ عَدَمُ الْوُجُوبِ، قَالَ: لِأَنَّ احْتِمَالَ الْغُرُوبِ قَائِمٌ فَكَانَتْ الشُّبْهَةُ ثَابِتَةً وَهَذِهِ الْكَفَّارَةُ لَا تَجِبُ مَعَ الشُّبْهَةِ (22) قَوْلُهُ: ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَدَمَ وُصُولِ النَّفَقَةِ إلَخْ، قِيلَ: يُشْكَلُ عَلَى هَذَا أَنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ مُضِيَّ عِدَّتِهَا فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ، صُدِّقَتْ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِدَّةِ، فَقَدْ قَالُوا: لَوْ ادَّعَتْ الْمُطَلَّقَةُ امْتِدَادَ الطُّهْرِ وَعَدَمَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ صُدِّقَتْ وَلَهَا النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا وَيُشْكَلُ أَيْضًا: بِأَنَّ الْمُودَعَ لَوْ ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ، أَوْ ادَّعَى الْهَلَاكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ الْبَقَاءُ (23) قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْعِدَّةِ فِي الرَّجْعَةِ فِيهَا إلَخْ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَلَدَتْ وَطَلَّقَهَا، فَقَالَ: طَلَّقْت بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَلِيَ الرَّجْعَةُ، وَقَالَتْ: قَبْلَهَا، فَلَا رَجْعَةَ، وَلَمْ يُعَيِّنَا

وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الطَّوْعِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِيهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَإِنْ بَرْهَنَا فَبَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي الْإِكْرَاهَ، أَوْلَى، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ اللَّحْمَ لَحْمُ مَيِّتَةٍ، أَوْ ذَبِيحَةِ مَجُوسِيٍّ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ، لَمْ أَرَهُ الْآنَ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ: الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْبُطْلَانِ لِكَوْنِهِ مُنْكِرًا. أَصْلُ الْبَيْعِ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقْتًا لِلْوِلَادَةِ وَلَا لِلطَّلَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ سَلْطَنَةِ النِّكَاحِ، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى يَوْمِ الْوِلَادَةِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَالَ: طَلَّقْت يَوْمَ السَّبْتِ وَقَالَتْ: الْخَمِيسِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَعَدَمُ الطَّلَاقِ، أَوْ عَلَى وَقْتِ الطَّلَاقِ، وَاخْتَلَفَا فِي وَقْتِ الْوِلَادَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوِلَادَةِ إذْ ذَاكَ. (24) قَوْلُهُ: لَوْ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الطَّوْعِ إلَخْ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الصُّلْحِ، وَالْإِقْرَارِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ: لَوْ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الطَّوْعِ، وَالْكُرْهِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي الصُّغْرَى: كُنَّا نَقُولُ: أَوَّلًا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْكُرْهَ، وَهُوَ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ زَوَالَ الْمِلْكِ، قَالَ: وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَفْتَى بِهِ وَذَكَرَ أَيْضًا فِي آخِرِ ضَمَانِ الْمُكَاتَبِ أَنَّ الْمَوْلَى مَعَ الْمُكَاتَبِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الصِّحَّةِ، وَالْفَسَادِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الصِّحَّةَ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ وَالنُّكْتَةُ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ لِلْعِصَامِ أَنَّ مُدَّعِيَ الْفَسَادِ يَدَّعِي لُحُوقَ شَرْطٍ زَائِدٍ، وَالْآخَرُ يُنْكِرُ، فَعَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ فِي مَسْأَلَةِ الطَّوْعِ وَالْكُرْهِ، قَوْلَ مُدَّعِي الطَّوْعِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْإِكْرَاهِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ ذَكَرَهَا الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَلَنَا قَوْلٌ عَلَى قِيَاسِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ: الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الطَّوْعَ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى وُجُودِ عَقْدٍ وَاحِدٍ، وَعَلَى قِيَاسِ الْعِبَارَةِ الْأُولَى إنْ ادَّعَى الْبَائِعُ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْبَيْعِ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ بِدَعْوَى الْإِكْرَاهِ يَدْفَعُ الِاسْتِحْقَاقَ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ ادَّعَى الْبَيْعَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِي الطَّوَاعِيَةَ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ بِدَعْوَى الْفَسَادِ لَا يَدْفَعُ الِاسْتِحْقَاقَ عَنْ نَفْسِهِ (انْتَهَى) . وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: الصَّحِيحُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الطَّوْعَ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْآخَرِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْجَوَابِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَيِّنَةُ الطَّوْعِ، أَوْلَى، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَادَّعَى أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ

[قاعدة الأصل براءة الذمة]

وَبِاعْتِبَارِ أَنَّ الشَّاةَ فِي حَالِ حَيَاتِهَا مُحَرَّمَةٌ فَالْمُشْتَرِي مُتَمَسِّكٌ بِأَصْلِ التَّحْرِيمِ إلَى أَنْ يَتَحَقَّقَ زَوَالُهُ ادَّعَتْ الْمُطَلَّقَةُ امْتِدَادَ الطُّهْرِ وَعَدَمَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ صُدِّقَتْ وَلَهَا النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا إلَّا إذَا ادَّعَتْ الْحَبَلَ فَإِنَّ لَهَا النَّفَقَةَ إلَى سَنَتَيْنِ فَإِنْ مَضَتَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنْ لَا حَبَلَ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهَا كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. 26 - قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَلِذَا لَمْ يُقْبَلْ فِي شُغْلِهَا شَاهِدٌ وَاحِدٌ. 27 -؛ وَلِذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِمُوَافَقَتِهِ الْأَصْلَ، وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي لِدَعْوَةِ مَا خَالَفَ الْأَصْلَ، فَإِذَا اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْمُتْلَفِ، وَالْمَغْصُوبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَارِمِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَرَاءَةُ عَمَّا زَادَ وَلَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ، أَوْ حَقٍّ قَبْلَ تَفْسِيرِهِ بِمَا لَهُ قِيمَةٌ، فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِدَرَاهِمَ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: تَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَلْجِئَةً، وَالْآخَرُ يُنْكِرُ التَّلْجِئَةَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي التَّلْجِئَةَ فِي الْبَيْعِ، وَالتَّلْجِئَةُ فِي الْبَيْعِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ إنِّي أَبِيعُ دَارِي مِنْك بِكَذَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِبَيْعٍ بَلْ تَلْجِئَةٌ وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ يَبِيعُ فِي الظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَهَذَا الْبَيْعُ يَكُونُ بَاطِلًا بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ الْهَازِلِ. (25) قَوْلُهُ: وَبِاعْتِبَارِ أَنَّ الشَّاةَ فِي حَالِ حَيَاتِهَا مُحَرَّمَةٌ، أَيْ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُ الْغَيْرِ لَا يَظْهَرُ غَيْرُ هَذَا [قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ] (26) قَوْلُهُ: قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ. فِي فَتْحُ الْقَدِيرِ، وَمِنْهَا مِنْ صِيَغِ الْقَرْضِ مَلَكْته عَلَى أَنْ تَرُدَّ بَدَلَهُ، فَلَوْ اخْتَلَفَا عَلَى ذِكْرِ الْبَدَلِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآخِذِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ (27) قَوْلُهُ: وَلِذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَخْ، وَأَمَّا إذَا تَعَارَضَ الْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ فَيُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْكَمَالُ بْنُ الْهُمَامِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَإِذَا قَالَ الزَّوْجُ: بَلَغَك الْخَبَرُ.

[قاعدة من شك هل فعل شيئا أم لا فالأصل أنه لم يفعل]

دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ مَعَ أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافًا فَقِيلَ: أَقَلُّهُ اثْنَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَرَاءَةُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ ثَلَاثَةٌ وَعَلَيْهِ مَبْنَى الْإِقْرَارِ. 28 - قَاعِدَةٌ مَنْ شَكَّ هَلْ فَعَلَ شَيْئًا أَمْ لَا 29 - فَالْأَصْلُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ وَتَدْخُلُ فِيهَا قَاعِدَةٌ أُخْرَى مَنْ تَيَقَّنَ الْفِعْلَ وَشَكَّ فِي الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ حَمَلَ عَلَى الْقَلِيلِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ 30 - لَا أَنْ تَشْتَغِلَ الذِّمَّةُ بِالْأَصْلِ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِالْيَقِينِ وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ إلَى قَاعِدَةٍ ثَالِثَةٍ هِيَ مَا ثَبَتَ بِيَقِينٍ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِيَقِينٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ غَالِبُ الظَّنِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [قَاعِدَةٌ مَنْ شَكَّ هَلْ فَعَلَ شَيْئًا أَمْ لَا فَالْأَصْلُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ] قَوْلُهُ: قَاعِدَةٌ: مَنْ شَكَّ هَلْ فَعَلَ. فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: اعْلَمْ أَنَّ مُرَادَ الْفُقَهَاءِ بِالشَّكِّ فِي الْمَاءِ، وَالْحَدَثِ وَالنَّجَاسَةِ وَالصَّلَاةِ، وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهَا هُوَ التَّرَدُّدُ بَيْنَ وُجُودِ الشَّيْءِ وَعَدَمِهِ سَوَاءٌ كَانَ الطَّرَفَانِ فِي التَّرَدُّدِ سَوَاءٌ، أَوْ أَحَدُهُمَا رَاجِحًا، فَهَذَا مَعْنَاهُ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ أَمَّا أَصْحَابُ الْأُصُولِ فَإِنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ ذَلِكَ فَقَالُوا: التَّرَدُّدُ إنْ كَانَ عَلَى السَّوَاءِ، فَهُوَ الشَّكُّ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَاجِحًا فَالرَّاجِحُ ظَنٌّ، وَالْمَرْجُوحُ وَهْمٌ (انْتَهَى) . وَقَدْ تَقَدَّمَ لَنَا فِي ذَلِكَ كَلَامٌ. (29) قَوْلُهُ: فَالْأَصْلُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ. أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ فِي الصَّلَاةِ بِمَا إذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ فِي فَصْلِ مَسَائِلِ الشَّكِّ: شَكَّ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهُ هَلْ أَدَّاهَا أَمْ لَا، فَإِنْ فِي الْوَقْتِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهَا، وَبَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (انْتَهَى) ، وَبِهَذَا سَقَطَ مَا أَوْرَدَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي قَرِيبًا: شَكَّ فِي صَلَاةٍ هَلْ صَلَّاهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ مِنْ أَنَّ الْقَاعِدَةَ تَقْتَضِي الْإِعَادَةَ وَلَوْ بَعْدَ الْوَقْتِ فَمَا فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ (انْتَهَى) . وَقَوْلُ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ أَيْ آخِرَ الْوَقْتِ وَإِلَّا فَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ (انْتَهَى) . وَأَرَادَ بِمَا فِيهِ مَا قَالَ الْبَعْضُ وَقَدْ عَلِمْت سُقُوطَهُ. (30) قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَشْتَغِلَ ذِمَّتُهُ بِالْأَصْلِ. الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَصْلِ الْفِعْلُ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِلِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْ.

وَلِذَا قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ: وَلَوْ لَمْ يَفُتْهُ مِنْ الصَّلَاةِ شَيْءٌ، وَاجِبٌ أَنْ يَقْضِيَ صَلَاةَ عُمْرِهِ مُنْذُ أَدْرَكَ لَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ 32 - إلَّا إذَا كَانَ أَكْبَرُ ظَنِّهِ فَسَادَهَا بِسَلْبِ الطَّهَارَةِ، أَوْ تَرْكِ شَرْطٍ فَحِينَئِذٍ يَقْضِي مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ يُكْرَهُ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْهُ (انْتَهَى) . شَكَّ فِي صَلَاةٍ هَلْ صَلَّاهَا أَمْ لَا، أَعَادَ فِي الْوَقْتِ شَكَّ فِي رُكُوعٍ، أَوْ سُجُودٍ، وَهُوَ فِيهَا أَعَادَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا فَلَا ، وَإِنْ شَكَّ أَنَّهُ كَمْ صَلَّى، فَإِنْ كَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ اسْتَأْنَفَ، وَإِنْ كَثُرَ تَحَرَّى، وَإِلَّا أَخَذَ بِالْأَقَلِّ وَهَذَا إذَا شَكَّ فِيهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ الْفَرَاغ أَنَّهُ تَرَكَ فَرْضًا وَشَكَّ فِي تَعْيِينِهِ قَالُوا: يَسْجُدُ سَجْدَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَقْعُدُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَةً، ثُمَّ يَسْجُدُ بِسَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَقْعُدُ، ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بَعْدَ السَّلَامِ: إنَّك صَلَّيْت الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَشَكَّ فِي صِدْقِهِ وَكَذِبِهِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ احْتِيَاطًا 33 -؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي صِدْقِهِ شَكٌّ فِي الصَّلَاةِ. وَلَوْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلِذَا قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَالْعَصْرِ، فَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ السَّلَفِ بِشُبْهَةِ الْفَسَادِ، وَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، قِيلَ: يُكْرَهُ وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ وَيَقْرَأُ فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ. (32) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ أَكْبَرُ ظَنِّهِ فَسَادَهَا يَعْنِي فَيُسْتَحَبُّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ الْعِبَارَةِ وَفِيهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَكْبَرُ الظَّنِّ هُوَ الْيَقِينَ كَيْفَ يَكُونُ الْقَضَاءُ مُسْتَحَبًّا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ فَتَأَمَّلْ (33) قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشَّكَّ فِي صِدْقِهِ شَكٌّ فِي الصَّلَاةِ. قِيلَ عَلَيْهِ: فِيهِ أَنَّ الشَّكَّ فِي

الْإِمَامِ، وَالْقَوْمِ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ عَلَى يَقِينٍ لَا يُعِيدُ وَإِلَّا أَعَادَ بِقَوْلِهِمْ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. 34 - وَلَوْ صَلَّى رَكْعَةً بِنِيَّةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ شَكَّ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ فِي الْعَصْرِ، ثُمَّ شَكَّ فِي الثَّالِثَةِ أَنَّهُ فِي التَّطَوُّعِ ثُمَّ شَكَّ فِي الرَّابِعَةِ أَنَّهُ فِي الظُّهْرِ قَالُوا: يَكُونُ فِي الظُّهْرِ وَالشَّكُّ لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَلَوْ تَذَكَّرَ مُصَلِّي الْعَصْرِ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةً وَلَمْ يَدْرِ هَلْ تَرَكَهَا مِنْ الظُّهْرِ، أَوْ الْعَصْرِ الَّذِي هُوَ فِيهَا تَحَرَّى، فَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يُتِمُّ الْعَصْرَ وَيَسْجُدُ سَجْدَةً وَاحِدَةً 35 - ثُمَّ يُعِيدُ الظُّهْرَ احْتِيَاطًا، ثُمَّ يُعِيدُ الْعَصْرَ 36 - فَإِنْ لَمْ يُعِدْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ، وَفِي الْمُجْتَبَى إذَا شَكَّ أَنَّهُ كَبَّرَ لِلِافْتِتَاحِ أَوْ لَا؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ شَيْئًا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ يُعِيدُ احْتِيَاطًا، وُجُوبُ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ (انْتَهَى) (34) قَوْلُهُ: وَلَوْ صَلَّى رَكْعَةً بِنِيَّةِ الظُّهْرِ مَعَ قَوْلِهِ، ثُمَّ شَكَّ أَنَّهُ فِي الْعَصْرِ، قِيلَ: لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ نَوَى الظُّهْرَ الْفَائِتَةَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ لِلْحَاضِرِ لِيَكُونَ الشَّكُّ أَنَّهُ فِي الْعَصْرِ الْحَاضِرِ، وَيَجُوزُ أَنَّهُ نَوَى الظُّهْرَ الْحَاضِرَ وَشَكَّ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ فِي الْعَصْرِ الْفَائِتَةِ إلَخْ، ثُمَّ الظَّاهِرُ مِنْ كَوْنِهِ شَكَّ فِي الرَّابِعَةِ أَنَّهُ فِي الظُّهْرِ أَنَّ الْمُرَادَ الظُّهْرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ إذَا أُعِيدَتْ مَعْرِفَةً فَالثَّانِيَةُ عَيْنُ الْأُولَى (35) قَوْلُهُ: ثُمَّ يُعِيدُ الظُّهْرَ احْتِيَاطًا قِيلَ عَلَيْهِ: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ، وَهُوَ فِيهَا أَعَادَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا فَلَا، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ لَيْسَ فِي الظُّهْرِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْعَصْرِ، وَفِي قَوْلِهِ: احْتِيَاطًا: جَوَابٌ عَنْ ذَلِكَ إذْ بِهِ عَلِمَ أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ غَيْرِ الِاحْتِيَاطِ وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ فَافْهَمْ. (36) قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُعِدْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، قِيلَ: لَا يُشْكَلُ عَلَيْهِ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ السَّجْدَةِ الْمَتْرُوكَةِ مِنْ الظُّهْرِ لَيْسَ مَظْنُونًا بَلْ هُوَ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ إعَادَةَ

أَوْ هَلْ أَحْدَثَ، أَوْ لَا، أَوْ هَلْ أَصَابَتْ النَّجَاسَةُ ثَوْبَهُ، أَوْ لَا، أَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ، أَوْ لَا اسْتَقْبَلَ إنْ كَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَّا فَلَا (انْتَهَى) . وَلَا شَكَّ أَنَّهَا تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ، أَوْ الْقُنُوتِ لَمْ يَصِرْ شَارِعًا وَتَمَامُهُ فِي الشَّرْحِ مِنْ آخِرِ سُجُودِ السَّهْوِ وَلَا شَكَّ فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ، ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ يَتَحَرَّى كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَقَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا: يُؤَدِّي ثَانِيًا؛ لِأَنَّ تَكْرَارَ الرُّكْنِ وَالزِّيَادَةَ عَلَيْهِ لَا يُفْسِدُ الْحَجَّ، وَزِيَادَةُ الرَّكْعَةِ تُفْسِدُ الصَّلَاةَ فَكَانَ التَّحَرِّي فِي بَابِ الصَّلَاةِ أَحْوَطَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْحَجِّ يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: 38 - شَكَّ فِي الْقِيَامِ فِي الْفَجْرِ أَنَّهَا الْأُولَى، أَوْ الثَّانِيَةُ رَفَضَهُ 39 - وَقَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ 40 -، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ، ثُمَّ أَتَمَّ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، فَإِنْ شَكَّ فِي سَجْدَتِهِ أَنَّهَا عَنْ الْأَوَّلِ أَمْ عَنْ الثَّانِيَةِ يَمْضِي فِيهَا، وَإِنْ شَكَّ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQالظُّهْرَ لَيْسَتْ وَاجِبَةً بَلْ مُسْتَحِيَةٌ وَلَا تَجِبُ إعَادَةُ الْعَصْرِ (37) قَوْلُهُ: أَوْ هَلْ أَحْدَثَ، أَوْ لَا، قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ الشَّكُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَالشَّكِّ فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ مُتَيَقِّنٌ بِالْوُضُوءِ فَلَا يَحْكُمُ بِالْحَدَثِ (38) قَوْلُهُ: شَكَّ فِي الْقِيَامِ فِي الْفَجْرِ أَنَّهَا الْأُولَى، أَوْ الثَّانِيَةُ وَفِي نُسْخَةٍ، أَوْ الثَّالِثَةُ، وَهِيَ، أَوْلَى كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ فَلْيُرَاجَعْ (39) قَوْلُهُ: وَقَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ بَلْ لِيَتَأَكَّدَ بِهِ رَفْضُ الْقِيَامِ. (40) قَوْلُهُ: ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ هُوَ مُلَائِمٌ لِمَا سَبَقَ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ أَوَّلُ شَكٍّ حَصَلَ لَهُ إذْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ عِنْدَ عُرُوضِهِ، وَغَيْرُ مُلَائِمٍ عَلَى تَقْدِيرِ خِلَافِهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهِ التَّحَرِّي لِيَظْهَرَ لَهُ غَالِبُ الرَّأْيِ وَإِلَّا يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ

السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ إتْمَامَهَا لَازِمٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ قَعَدَ، ثُمَّ قَامَ وَصَلَّى رَكْعَةً وَأَتَمَّ بِسَجْدَةِ السَّهْوِ. 41 - وَإِنْ شَكَّ فِي سَجْدَتِهِ أَنَّهُ صَلَّى الْفَجْرَ رَكْعَتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَ إنْ كَانَ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ 42 - فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى 43 - يُمْكِنُ إصْلَاحُهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ إتْمَامَ الْمَاهِيَةِ بِالرَّفْعِ عِنْدَهُ 44 - فَتَرْتَفِعُ السَّجْدَةُ بِالرَّفْضِ ارْتِفَاعُهَا بِالْحَدَثِ فَيَقُومُ وَيَقْعُدُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إلَى أَنْ قَالَ نَوْعٌ مِنْهُ، تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا قَوِيًّا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ تَرَكَ رُكْنًا فِعْلِيًّا يُحْمَلُ عَلَى تَرْكِ الرُّكُوعِ فَيَسْجُدُ ثُمَّ يَقْعُدُ، ثُمَّ يَقُومُ وَيُصَلِّي رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْنِ. صَلَّى صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي رَكْعَةٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِأَيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إنْ شَكَّ فِي سَجْدَتِهِ قِيلَ عَلَيْهِ: لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَعْنًى مُحَصَّلٌ. (42) قَوْلُهُ: فَسَدَتْ صَلَاتُهُ أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ قَيَّدَ الثَّالِثَةَ بِالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَخَلَطَ الْمَكْتُوبَةَ بِالنَّافِلَةِ قَبْلَ: إتْمَامُهَا أَيْ الْمَكْتُوبَةِ تَفْسُدُ الْمَكْتُوبَةُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ. (43) قَوْلُهُ: يُمْكِنُ إصْلَاحُهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ إتْمَامُ هَذِهِ الرَّكْعَةِ؛ لِأَنَّهَا ثَانِيَةٌ فَيَجُوزُ، وَلَوْ كَانَتْ ثَالِثَةً مِنْ وَجْهٍ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَذَكَّرَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى انْتَقَضَتْ تِلْكَ السَّجْدَةُ أَصْلًا فَصَارَتْ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ كَمَا لَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ الرَّكْعَةِ الْخَامِسَةِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ " زه " الَّتِي أَنْكَرَهَا أَبُو يُوسُفَ عَلَى مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ " زه ": صَلَاةٌ فَسَدَتْ يُصْلِحُهَا الْحَدَثُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ (44) فَتَرْتَفِعُ السَّجْدَةُ بِالرَّفْضِ ارْتِفَاعُهَا بِالْحَدَثِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ بَعْدَ تَصْوِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا نَصُّهُ: فَيَرْفُضُ وَيَقْعُدُ وَيَتَشَهَّدُ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى.

صَلَاةٍ أَعَادَ الْفَجْرَ، وَالْوِتْرَ، وَإِنْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ فِي رَكْعَتَيْنِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ تَذَكَّرَ التَّرْكَ فِي الْأَرْبَعِ فَذَوَاتُ الْأَرْبَعِ كُلُّهَا، (انْتَهَى) ، وَمِنْهَا 45 - شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا لَمْ يَقَعْ. شَكَّ أَنَّهُ؛ طَلَّقَ وَاحِدَةً، أَوْ أَكْثَرَ، بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ إلَّا أَنْ يَسْتَيْقِنَ بِالْأَكْثَرِ، أَوْ يَكُونَ أَكْبَرُ ظَنِّهِ عَلَى خِلَافِهِ 46 - وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ: عَزَمْت عَلَى أَنَّهُ ثَلَاثٌ يَتْرُكُهَا، وَإِنْ أَخْبَرَهُ عُدُولٌ حَضَرُوا ذَلِكَ الْمَجْلِسَ بِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ 47 - وَصَدَّقَهُمْ أَخَذَ بِقَوْلِهِمْ 48 - إنْ كَانُوا عُدُولًا ، وَعَنْ الْإِمَامِ الثَّانِي حَلَفَ بِطَلَاقِهَا وَلَا يَدْرِي أَثَلَاثٌ أَمْ أَقَلُّ يَتَحَرَّى 49 - وَإِنْ اسْتَوَيَا عَمِلَ بِأَشَدِّ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ، وَمِنْهَا شَكَّ فِي الْخَارِجِ أَمَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ وَكَانَ فِي النَّوْمِ فَإِنْ تَذَكَّرَ احْتِلَامًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا، لَمْ يَقَعْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي فَتَاوَاهُ: وَلَا اعْتِبَارَ بِالشَّكِّ. (46) قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ: عَزَمْت عَلَى أَنَّهُ ثَلَاثٌ يَتْرُكُهَا ظَاهِرُهُ وُجُوبُ التَّرْكِ، وَإِنْ ظَنَّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَنَّهَا وَاحِدَةٌ. (47) قَوْلُهُ: وَصَدَّقَهُمْ. مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ خِلَافُ كَلَامِهِمْ يَأْخُذُ بِظَنِّهِ. (48) قَوْلُهُ: إنْ كَانُوا عُدُولًا، فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي إخْبَارِ الْعُدُولِ (49) قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَوَيَا عَمِلَ بِأَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ، قِيلَ: يَنْبَغِي إذَا اسْتَوَيَا أَنْ يَأْخُذَ بِالْأَقَلِّ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَيَقَّنُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ

وَجَبَ الْغُسْلُ اتِّفَاقًا وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَمَلًا بِالْأَقَلِّ، وَهُوَ الْمَذْيُ وَوَجَبَ عِنْدَهُمَا احْتِيَاطًا؛ 50 - كَقَوْلِهِمَا بِالنَّقْضِ بِالْمُبَاشَرَةِ الْفَاحِشَةِ 51 - وَكَقَوْلِ الْإِمَامِ فِي الْفَأْرَةِ الْمَيِّتَةِ إذَا وُجِدَتْ فِي بِئْرٍ وَلَمْ يَدْرِ مَتَى وَقَعَتْ. هُنَا فُرُوعٌ لَمْ أَرَهَا الْآنَ: الْأَوَّلُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَشَكَّ فِي قَدْرِهِ 52 - يَنْبَغِي لُزُومُ إخْرَاجِ الْقَدْرِ الْمُتَيَقَّنِ. ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْقَضَاءِ إذَا شَكَّ فِيمَا يَدَّعِي عَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يُرْضِيَ خَصْمَهُ وَلَا يَحْلِفُ احْتِرَازًا عَنْ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ، وَإِنْ أَبَى خَصْمُهُ إلَّا حَلِفَهُ إنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مُحِقٌّ لَا يَحْلِفُ، وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ مُبْطِلٌ سَاغَ لَهُ الْحَلِفُ (انْتَهَى) الثَّانِي: لَهُ إبِلٌ وَبَقَرٌ وَغَنَمٌ سَائِمَةٌ وَشَكَّ فِي أَنَّ عَلَيْهِ زَكَاةَ كُلِّهَا، أَوْ بَعْضِهَا يَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ زَكَاةُ الْكُلِّ الثَّالِثُ شَكَّ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الصِّيَامِ الرَّابِعُ شَكَّتْ فِيمَا عَلَيْهَا مِنْ الْعِدَّةِ هَلْ هِيَ عِدَّةُ طَلَاقٍ، أَوْ وَفَاةٍ 53 - يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَ الْأَكْثَرُ عَلَيْهَا وَعَلَى الصَّائِمِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَقَوْلِهِمَا بِالنَّقْضِ بِالْمُبَاشَرَةِ الْفَاحِشَةِ. فِيهِ: أَنَّ الْقَائِلَ بِالنَّقْضِ بِذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ، لَا أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. (51) قَوْلُهُ: وَكَقَوْلِ الْإِمَامِ فِي الْفَأْرَةِ الْمَيِّتَةِ، فَإِنَّهُ يُوجِبُ إعَادَةَ ثَلَاثَةٍ أَيَّامٍ عَلَى مَنْ تَوَضَّأَ مِنْهَا إذَا كَانَتْ مُنْتَفِخَةً وَإِلَّا فَمُنْذُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ احْتِيَاطًا، وَقَالَا: يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا مِنْ وَقْتِ الْعِلْمِ بِهَا مُطْلَقًا، وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَقَوْلُهُ اسْتِحْسَانٌ، وَإِذَا عَلِمَ وَقْتَ الْوُقُوعِ فَمِنْ وَقْتِهِ. (52) قَوْلُهُ: يَنْبَغِي لُزُومُ إخْرَاجِ الْقَدْرِ الْمُتَيَقَّنِ، قِيلَ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَوَرُّعٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ (53) قَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَ الْأَكْثَرُ عَلَيْهَا وَعَلَى الصَّائِمِ إلَخْ، قِيلَ عَلَيْهِ: إنَّ الشَّكَّ

تَرَكَ صَلَاةً وَشَكَّ أَنَّهَا أَيَّةُ صَلَاةٍ تَلْزَمُهُ صَلَاةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عَمَلًا بِالِاحْتِيَاطِ. الْخَامِسُ شَكَّ فِي الْمَنْذُورِ هَلْ هُوَ صَلَاةٌ أَمْ صِيَامٌ، أَوْ عِتْقٌ، أَوْ صَدَقَةٌ يَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَوْ قَالَ: عَلَيَّ نَذْرٌ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْمَنْذُورِ كَعَدَمِ تَسْمِيَتِهِ السَّادِسُ شَكَّ هَلْ حَلَفَ بِاَللَّهِ، أَوْ بِالطَّلَاقِ، أَوْ بِالْعَتَاقِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَلِفُهُ بَاطِلًا 54 -، ثُمَّ رَأَيْت الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي شَكِّ الْأَيْمَانِ: حَلَفَ وَنَسِيَ أَنَّهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، أَوْ بِالطَّلَاقِ، أَوْ بِالْعَتَاقِ 55 - فَحَلِفُهُ بَاطِلٌ (انْتَهَى) ، وَفِي الْيَتِيمَةِ إذَا كَانَ يَعْرِفُ أَنَّهُ حَلَفَ مُعَلِّقًا بِالشَّرْطِ وَيَعْرِفُ الشَّرْطَ، وَهُوَ دُخُولُ الدَّارِ وَنَحْوُهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَدْرِي إنْ كَانَ بِاَللَّهِ أَمْ كَانَ بِالطَّلَاقِ فَلَوْ وَجَدَ الشَّرْطَ مَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَالَ: 56 - يُحْمَلُ عَلَى الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى إنْ كَانَ الْحَالِفُ مُسْلِمًا، قِيلَ لَهُ: كَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي مَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ فِي تَعْيِينِ الْفَائِتَةِ مَعَ الْجَزْمِ بِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ، فَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ إلَّا بِقَضَاءِ الْخَمْسِ، وَالشَّكُّ فِي الصِّيَامِ لَيْسَ عَلَى وِزَانِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَرَدِّدٌ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ فِي نَظَائِرِهَا الْأَخْذُ بِالْأَقَلِّ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ فَتَأَمَّلْ. (54) قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ إلَخْ. أَقُولُ فِيهِ: إنَّ الَّذِي فِي الْبَزَّازِيَّةِ حَلَفَ وَنَسِيَ، وَاَلَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ حَلَفَ وَشَكَّ، وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ النِّسْيَانَ غَيْرُ الشَّكِّ. (55) قَوْلُهُ: فَحَلِفُهُ بَاطِلٌ أَيْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، قِيلَ: أَمَّا الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ فَإِنَّهُمَا لَا يَقَعَانِ بِالشَّكِّ وَأَمَّا الْحَلِفُ بِاَللَّهِ؛ فَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالشَّكِّ (انْتَهَى) ، وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. (56) قَوْلُهُ: يَحْمِلُ عَلَى الْيَمِينِ بِاَللَّهِ، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَيَجِبُ حَمْلُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالْمَشْرُوعِ دُونَ الْمَحْظُورِ.

[قاعدة الأصل العدم]

يَمِينًا عَلَيْك؟ قَالَ: أَعْلَمُ أَنَّ عَلَيَّ أَيْمَانًا كَثِيرَةً غَيْرَ أَنِّي لَا أَعْرِفُ عَدَدَهَا، مَاذَا يَصْنَعُ؟ قَالَ: 57 - يَحْمِلُ عَلَى الْأَقَلِّ حُكْمًا، وَأَمَّا الِاحْتِيَاطُ فَلَا نِهَايَةَ لَهُ (انْتَهَى) . 58 - قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ الْعَدَمُ فِيهَا فُرُوعٌ مِنْهَا: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يَحْمِلُ عَلَى الْأَقَلِّ حُكْمًا إلَخْ، فِي اخْتِصَارِ كِتَابِ حَاطِبِ لَيْلٍ وَجَارِفِ سَيْلٍ فِي رَجُلٍ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ، وَنَسِيَ الْيَمِينَ الْمَحْلُوفَ بِهَا فَمَا يَدْرِي أَطَلَاقٌ أَمْ حَجٌّ أَمْ صَدَقَةٌ وَفَعَلَ الشَّيْءَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مَا حُكْمُ اللَّهِ فِي حَقِّهِ؟ وَقَدْ قِيلَ: يَلْزَمُهُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ جَمِيعُ الْأَيْمَانِ، وَفِيهِ حَرَجٌ وَضِيقٌ وَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ (انْتَهَى) [قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ الْعَدَمُ] (58) قَوْلُهُ: قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ الْعَدَمُ، قِيلَ: يَرُدُّ عَلَيْهَا لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَدْخُلْ فَأَنْتَ حُرٌّ وَادَّعَى الْعَبْدُ عَدَمَ الدُّخُولِ تَثْبُتُ الْحُرِّيَّةُ، قَالُوا: الْقَوْلُ لِلْمَوْلَى مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الدُّخُولِ فَتَأَمَّلْ. أَقُولُ: يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْعَمَّارِيُّ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ فِيمَنْ يُصْلِحُ خَصْمًا لِغَيْرِهِ: رَجُلٌ وَهَبَ لِعَبْدِ رَجُلٍ شَيْئًا، ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ، وَمَوْلَى الْعَبْدِ غَائِبٌ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا يُقْضَى لَهُ بِالرُّجُوعِ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا لَا يُقْضَى لَهُ بِالرُّجُوعِ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْمَوْلَى، فَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ: أَنَا مَحْجُورٌ، وَقَالَ الْوَاهِبُ: لَا بَلْ أَنْتَ مَأْذُونٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَاهِبِ مَعَ يَمِينِهِ اسْتِحْسَانًا (انْتَهَى) . وَيُزَادُ أَيْضًا مَا فِي الْخَانِيَّةِ: إذَا وَهَبَ رَجُلٌ شَيْئًا وَأَرَادَ الرُّجُوعَ فَادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ هَلَاكَ الْمَوْهُوبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَيُزَادُ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ الْفَقِيهُ فِي النَّوَازِلِ: قَالَ السَّارِقُ: قَدْ اسْتَهْلَكْتُهُ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ: لَمْ تَسْتَهْلِكْهُ، وَهُوَ عِنْدَك قَائِمٌ هَلْ يَحْلِفُ؟ قَالَ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ السَّارِقِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ (انْتَهَى) . وَيُزَادُ أَيْضًا مَا فِي الْقُنْيَةِ: رَجُلٌ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي غَلَّاتِ امْرَأَتِهِ، ثُمَّ مَاتَتْ فَادَّعَى وَرَثَتُهَا أَنَّ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهَا، فَعَلَيْك الضَّمَانُ، وَقَالَ الزَّوْجُ: بَلْ بِإِذْنِهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَقَدْ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْغَصْبِ، وَيُزَادُ أَيْضًا مَا فِي الْبَحْرِ: لَوْ اخْتَلَفَا فِي هِبَةِ الْمَهْرِ فَقَالَتْ: وَهَبْت لَك بِشَرْطِ أَنْ لَا تُطَلِّقْنِي، وَقَالَ: بِغَيْرِ شَرْطٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا (انْتَهَى) . وَيُزَادُ أَيْضًا مَا فِي الْحَافِظِيَّةِ: لَوْ قَالَ: إنْ شَرِبْتُ سَكَرًا بِغَيْرِ إذْنِك فَأَنْتِ كَذَا فَشَرِبَهُ، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْإِذْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَالْبَيِّنَةُ لَهَا (انْتَهَى) . وَيُزَادُ أَيْضًا مَا فِي

الْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ. لَكِنْ قَالُوا فِي الْعِنِّينِ لَوْ ادَّعَى الْوَطْءَ وَأَنْكَرَتْ وَقُلْنَ: بِكْرٌ 60 - خُيِّرَتْ 61 - وَإِنْ قُلْنَ: ثَيِّبٌ فَالْقَوْلُ لَهُ لِكَوْنِهِ مُنْكِرًا اسْتِحْقَاقَ الْفُرْقَةِ عَلَيْهِ، وَالْأَصْلُ السَّلَامَةُ مِنْ الْعُنَّةِ ، وَفِي الْقُنْيَةِ افْتَرَقَا وَقَالَتْ: افْتَرَقْنَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَالَ الزَّوْجُ قَبْلَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّهَا تُنْكِرُ سُقُوطَ نِصْفِ الْمَهْرِ (انْتَهَى) . وَمِنْهَا 62 - الْقَوْلُ قَوْلُ الشَّرِيكِ وَالْمُضَارِبِ أَنَّهُ لَمْ يَرْبَحْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَمْ أَرْبَحْ إلَّا كَذَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزَّائِدِ، وَفِي الْمَجْمَعِ مِنْ الْإِقْرَارِ: وَجَعَلْنَا الْقَوْلَ لِلْمُضَارِبِ إذَا أَتَى بِأَلْفَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّيْرَفِيَّةِ: لَوْ قَالَ: إنْ ذَهَبْت إلَى بَيْتِ أَبِي بِغَيْرِ إذْنِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَادَّعَى إذْنَهَا وَأَنْكَرَتْ، فَالْقَوْلُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ (انْتَهَى) . (59) قَوْلُهُ: الْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي الْوَطْءِ. قِيلَ: يَنْقُضُ عَلَيْهِ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: أَخْبَرْت أَنَّ الثَّانِيَ جَامَعَهَا وَأَنْكَرَ الْجِمَاعَ حَلَّتْ لِلْأَوَّلِ وَلَوْ عَلَى الْقَلْبِ لَا (60) قَوْلُهُ: خُيِّرَتْ: يُفِيدُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بَعْدَ مُضِيِّ الْحَوْلِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ شَيْءٌ آخَرُ. (61) قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَ: ثَيِّبٌ، التَّقْيِيدُ بِنُونِ الْجَمْعِ لِبَيَانِ الْأَوْلَى، وَإِلَّا فَالْوَاحِدَةُ يُكْتَفَى بِقَوْلِهَا وَالِاثْنَانِ أَحْوَطُ، كَمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ، وَحَاصِلُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً، وَإِنْ نَكَلَ فِي الِابْتِدَاءِ يُؤَجَّلُ سَنَةً، وَإِنْ نَكَلَ فِي الِانْتِهَاءِ يُخَيَّرُ، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا تَثْبُتُ الْعُنَّةُ فِيهِ بِقَوْلِهِنَّ: فَيُؤَجَّلُ، أَوْ يُفَرَّقُ (62) قَوْلُهُ: الْقَوْلُ قَوْلُ الشَّرِيكِ، وَالْمُضَارِبِ. قِيلَ: وَكَذَا الْوَصِيُّ إذَا قَالَ: لَمْ أَتْجُرْ فِي مَالِ الْيَتِيمِ، وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا، وَانْجَرَّ الْكَلَامُ إلَى أَنَّ الْوَصِيَّ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَّجِرَ وَيَرْبَحَ فِي مَالِ الْقَاصِرِ، أَوْ لَا وَلَمْ يَقَعْ الْوُقُوفُ عَلَى نَصٍّ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ (انْتَهَى) قُلْت: مَا اسْتَظْهَرَهُ صَرَّحَ بِهِ فِي مُعِينِ الْمُغْنِي

وَقَالَ: هُمَا أَصْلٌ وَرِبْحٌ لَا لِرَبِّ الْمَالِ (انْتَهَى) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ، وَإِنْ كَانَ عَدَمُ الرِّبْحِ لَكِنْ عَارَضَهُ أَصْلٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْقَابِضِ فِي مِقْدَارِ مَا قَبَضَهُ. ، وَلَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ النَّفَقَةَ عَلَى الزَّوْجِ بَعْدَ فَرْضِهَا فَادَّعَى الْوُصُولَ إلَيْهَا وَأَنْكَرَتْ، فَالْقَوْلُ لَهَا كَالدَّائِنِ إذَا أَنْكَرَ وُصُولَ الدَّيْنِ ، وَلَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ نَفَقَةَ أَوْلَادِهَا الصِّغَارِ بَعْدَ فَرْضِهَا وَادَّعَى الْأَبُ الْإِنْفَاقَ، فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ الْيَمِينِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالثَّانِيَةُ خَرَجَتْ عَنْ الْقَاعِدَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ 63 - وَكَذَا فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ، وَكَذَا فِي أَنَّهُ مَا نَهَاهُ عَنْ شِرَاءِ كَذَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّهْيِ. وَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهَا قَرْضٌ وَالْآخِذُ أَنَّهَا مُضَارَبَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ فِيهَا قَوْلَ الْآخِذِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى جَوَازِ التَّصَرُّفِ لَهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الضَّمَانِ. أَقُولُ هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا قَالَ: أَعْطَيْتُك الْمَالَ قَرْضًا وَقَالَ: بَلْ مُضَارَبَةً أَمَّا إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ: أَخَذْت الْمَالَ قَرْضًا فَقَالَ: بَلْ أَخَذْته مُضَارَبَةً لَا، وَكَذَا بَعْدَ هَلَاكِهِ، فَإِنَّ الْقَوْلَ لِلْمَالِكِ أَنَّهُ قَرْضٌ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا؛ وَلِذَا قَالَ فِي الْكَنْزِ: ، وَإِنْ قَالَ: أَخَذْت مِنْك أَلْفًا وَدِيعَةً وَهَلَكَتْ، 64 - وَقَالَ: أَخَذْتهَا غَصْبًا فَهُوَ ضَامِنٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَذَا فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ. قِيلَ: هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا قَالَ: أَعْطَيْتنِي، أَمَّا لَوْ قَالَ: أَخَذْت بَعْدَ هَلَاكِ الْمَالِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ كَمَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا. (64) قَوْلُهُ: وَقَالَ أَخَذْتهَا غَصْبًا فَهُوَ ضَامِنٌ: لَا يُقَالُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ

وَلَوْ قَالَ: أَعْطَيْتنِيهَا وَدِيعَةً، وَقَالَ: غَصَبْتهَا لَا (انْتَهَى) وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ دَفَعَ لِآخَرَ عَيْنًا، ثُمَّ اخْتَلَفَ فَقَالَ الدَّافِعُ: قَرْضٌ وَقَالَ الْآخَرُ: هَدِيَّةٌ، 66 - فَالْقَوْلُ لِلدَّافِعِ (انْتَهَى) 67 -؛ لِأَنَّ مُدَّعِيَ الْهِبَةِ يَدَّعِي الْإِبْرَاءَ عَنْ الْقِيمَةِ مَعَ كَوْنِ الْعَيْنِ مُتَقَوِّمَةً بِنَفْسِهَا، وَمِنْهَا لَوْ أَدْخَلَتْ الْمَرْأَةُ حَلَمَةَ ثَدْيِهَا فِي فَمِ الرَّضِيعِ وَلَا يُدْرَى أَدَخَلَ اللَّبَنُ فِي حَلْقِهِ أَمْ لَا، يَحْرُمُ النِّكَاحُ 68 -؛ لِأَنَّ فِي الْمَانِعِ شَكًّا، كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي قَاعِدَةِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَبْضَاعِ الْحُرْمَةُ وَمِنْهَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ، وَالْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ فَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِهِ كَمَا فِي إجَارَةِ التَّهْذِيبِ، وَمِنْهَا لَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِإِقْرَارٍ، أَوْ بَيِّنَةٍ فَادَّعَى الْأَدَاءَ، أَوْ الْإِبْرَاءَ فَالْقَوْلُ لِلدَّائِنِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ، وَمِنْهَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ فَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ فَالْقَوْلُ لَهُ وَاخْتُلِفَ فِي تَعْلِيلِهِ فَقِيلَ: لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَقِيلَ: لِأَنَّ الْأَصْلَ لُزُومُ الْعَقْدِ وَمِنْهَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْآخِذِ كَمَا فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّهُمَا فِي الْأُولَى اتَّفَقَا عَلَى جَوَازِ التَّصَرُّفِ لِلْآخِذِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ، وَهُوَ الْفَرْقُ. (65) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ أَعْطَيْتنِيهَا وَدِيعَةً لَا يَخْفَى؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَابِقَتِهَا إلَّا بِقَوْلِهِ فِي الْأُولَى: أَخَذْتُهَا وَفِي الثَّانِيَةِ: أَعْطَيْتنِيهَا، مَعَ زِيَادَةِ دَعْوَى الْهَلَاكِ فِي الْأُولَى وَلَا يَظْهَرُ لِذَلِكَ تَأْثِيرٌ فِي اخْتِلَافِ الْحُكْمِ فَتَأَمَّلْ (66) قَوْله: فَالْقَوْلُ لِلدَّافِعِ أَيْ مَعَ يَمِينِهِ. (67) قَوْلُهُ: لِأَنَّ مُدَّعِيَ الْهِبَةِ لَعَلَّهُ الْهَدِيَّةُ، أَوْ لَعَلَّ الْأَوَّلَ الْهِبَةُ (68) قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِي الْمَانِعِ شَكًّا. أَقُولُ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ، وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دُخُولِ اللَّبَنِ.

[تنبيه ليس الأصل العدم مطلقا]

اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ فَقِيلَ: الْقَوْلُ لِمَنْ نَفَاهُ عَمَلًا بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَقِيلَ: لِمَنْ ادَّعَاهُ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ لُزُومَ الْعَقْدِ، وَقَدْ حَكَيْنَا الْقَوْلَيْنِ فِي الشَّرْحِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَمِنْهَا لَوْ قَالَ: غَصَبْت مِنْك أَلْفًا وَرَبِحْت فِيهَا عَشْرَةَ آلَافٍ فَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: بَلْ كُنْتُ أَمَرْتُك بِالتِّجَارَةِ بِهَا فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ كَمَا فِي إقْرَارِ الْبَزَّازِيَّةِ يَعْنِي لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ، وَهُوَ عَدَمُ الْغَصْبِ ، وَمِنْهَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا؛ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي تَغْيِيرِ الْمَبِيعِ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّغْيِيرِ [تَنْبِيهٌ لَيْسَ الْأَصْلُ الْعَدَمَ مُطْلَقًا] 69 - تَنْبِيهٌ لَيْسَ الْأَصْلُ الْعَدَمَ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا هُوَ فِي الصِّفَاتِ الْعَارِضَةِ وَأَمَّا فِي الصِّفَاتِ الْأَصْلِيَّةِ فَالْأَصْلُ الْوُجُودُ وَتَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ، أَوْ كَاتِبٌ وَأَنْكَرَ وُجُودَ ذَلِكَ الْوَصْفِ فَالْقَوْلُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُمَا لِكَوْنِهِمَا مِنْ الصِّفَاتِ الْعَارِضَةِ. وَلَوْ اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ وَأَنْكَرَ قِيَامَ الْبَكَارَةِ وَادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُودُهَا لِكَوْنِهَا صِفَةً أَصْلِيَّةً، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ خِيَارِ الشَّرْطِ وَعَلَى هَذَا تَفَرَّعَ لَوْ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تَنْبِيهٌ لَيْسَ الْأَصْلُ الْعَدَمَ مُطْلَقًا، قِيلَ: خَرَجَ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ مَا لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ: لَمْ أَدْخُلْهَا وَقَالَ الزَّوْجُ: دَخَلْتهَا فَالْقَوْلُ لَهُ وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا: إنْ لَمْ أُجَامِعْك فِي حَيْضَتِك فَالْقَوْلُ لَهُ أَنَّهُ جَامَعَهَا مَعَ أَنَّهُ يَدَّعِي صِفَةً عَارِضَةً، وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا، وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ مَا خَرَجَ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ كَمَا هُوَ دَأْبُهُ (انْتَهَى) . وَقِيلَ عَلَيْهِ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الزَّوْجَ هُنَا يَدَّعِي صِفَةً أَصْلِيَّةً، وَهِيَ مِلْكُ النِّكَاحِ الثَّابِتِ لَهُ وَلِنُكُورِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَالْمَرْأَةُ تَدَّعِي زَوَالَ الْمِلْكِ الثَّابِتِ بِيَقِينٍ، وَالْأَصْلُ فِي الصِّفَاتِ الْأَصْلِيَّةِ الْوُجُودُ

[قاعدة الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته]

كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي خَبَّازٌ فَهُوَ حُرٌّ فَادَّعَاهُ عَبْدٌ وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى فَالْقَوْلُ لِلْمَوْلَى ، وَلَوْ قَالَ: كُلُّ جَارِيَةٍ بِكْرٍ لِي فَهِيَ حُرَّةٌ، فَادَّعَتْ جَارِيَةٌ أَنَّهَا بِكْرٌ، وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى فَالْقَوْلُ لَهَا وَتَمَامُ تَفْرِيعِهِ فِي شَرْحِنَا عَلَى الْكَنْزِ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عِنْدَ شَرْحِ قَوْلِهِ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الشَّرْطِ [قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ إضَافَةُ الْحَادِثِ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ] ِ، مِنْهَا مَا قَدَّمْنَاهُ فِيمَا لَوْ رَأَى فِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةً وَقَدْ صَلَّى فِيهِ وَلَا يَدْرِي مَتَى أَصَابَتْهُ يُعِيدُهَا مِنْ آخِرِ حَدَثٍ أَحْدَثَهُ، وَالْمَنِيُّ مِنْ آخِرِ رَقْدَةٍ وَيَلْزَمُهُ الْغُسْلُ فِي الثَّانِيَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ احْتِلَامًا. وَفِي الْبَدَائِعِ يُعِيدُ مِنْ آخِرِ مَا احْتَلَمَ. 70 - وَقِيلَ فِي الْبَوْلِ يَعْتَبِرُ مِنْ آخِرِ مَا بَالَ، وَفِي الدَّمِ مِنْ آخِرِ مَا رَعَفَ. وَلَوْ فَتَقَ جُبَّةً فَوَجَدَ فِيهَا فَأْرَةً مَيِّتَةً وَلَمْ يَعْلَمْ مَتَى دَخَلَتْ فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا ثُقْبٌ يُعِيدُ الصَّلَاةَ مُذْ يَوْمِ وَضَعَ الْقُطْنَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ فِيهَا ثُقْبٌ 71 - يُعِيدُهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقِيلَ فِي الْبَوْلِ يَعْتَبِرُ مِنْ آخِرِ مَا بَالَ، قِيلَ: هُوَ أَخَصُّ مِنْ الْأَوَّلِ لِصِدْقِ الْأَوَّلِ بِمَا إذَا كَانَ آخِرُ حَدَثٍ أَحْدَثَهُ بِالرُّعَافِ، أَوْ الْقَيْءِ وَكَانَ الْمَرْئِيُّ فِي الثَّوْبِ مَثَلًا بَوْلًا، فَإِنَّهُ يُعِيدُ مِنْ وَقْتِ الْحَدَثِ بِالْقَيْءِ، أَوْ الرُّعَافِ، وَعَلَى الثَّانِي يُعِيدُ مِنْ آخِرِ بَوْلٍ بَالَهُ (71) قَوْلُهُ: يُعِيدُهَا مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهَا قَدْ يُقَالُ: قَضِيَّةُ الْقِيَاسِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ إذَا لَمْ تَنْتَفِخْ الْفَأْرَةُ وَلَمْ تَتَفَسَّخْ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ مُنْذُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، كَمَا لَا يَخْفَى كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ قَرِيبًا.

وَقَدْ عَمِلَ الشَّيْخَانِ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ، فَحَكَمَا بِنَجَاسَةِ الْبِئْرِ إذَا وُجِدَتْ فِيهَا فَأْرَةٌ مَيِّتَةٌ مِنْ وَقْتِ الْعِلْمِ بِهَا مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهَا حَادِثٌ فَيُضَافُ إلَى أَقْرَبِ، أَوْقَاتِهِ وَخَالَفَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَاسْتَحْسَنَ إعَادَةَ صَلَاةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إنْ كَانَتْ مُنْتَفِخَةً أَوْ مُنْفَسِخَةً، وَإِلَّا فَمُنْذُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ 73 - عَمَلًا بِالسَّبَبِ الظَّاهِرَ دُونَ الْمَوْهُومِ، احْتِيَاطًا كَالْمَجْرُوحِ إذَا لَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ يُحَالُ بِهِ عَلَى الْجُرْحِ (وَمِنْهَا) لَوْ كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ عَبْدٌ فَقَالَ رَجُلٌ: فَقَأْت عَيْنَهُ، وَهُوَ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: فَقَأْتهَا، وَهُوَ فِي مِلْكِي فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي، فَيَأْخُذُ أَرْشَهُ، (وَمِنْهَا) : ادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا أَبَانَهَا فِي الْمَرَضِ وَصَارَ فَارًّا فَتَرِثُ، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ: أَبَانَهَا فِي صِحَّتِهِ فَلَا تَرِثُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا فَتَرِثُ 74 - (وَخَرَجَ) عَنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسْأَلَةُ الْكَنْزِ مِنْ مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْقَضَاءِ، وَإِنْ مَاتَ ذِمِّيٌّ فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ: أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَدْ عَمِلَ الشَّيْخَانِ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ؛ وَلِذَا كَانَ قَوْلُهُمَا قِيَاسًا، وَقَوْلُ الْإِمَامِ اسْتِحْسَانًا، وَفِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ: الْمُخْتَارُ قَوْلُهُمَا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِعَامَّةِ الْكُتُبِ؛ فَقَدْ رَجَحَ دَلِيلُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ، وَقَالُوا: إنَّهُ الِاحْتِيَاطُ فَكَانَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ: إنَّ مَا عُجِنَ بِمَائِهَا قِيلَ: يُلْقَى لِلْكِلَابِ وَقِيلَ تُعْلَفُ بِهِ الْمَوَاشِي، وَقِيلَ: يُبَاعُ مِنْ شَافِعِيِّ الْمَذْهَبِ، أَوْ دَاوُدِيِّ الْمَذْهَبِ (73) قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالسَّبَبِ الظَّاهِرِ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: وَإِلَّا مُنْذُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ (74) قَوْلُهُ: وَخَرَجَ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسْأَلَةُ الْكَنْزِ إلَخْ، قِيلَ: التَّقْيِيدُ بِكَوْنِ الزَّوْجِ ذِمِّيًّا اتِّفَاقِيٌّ لَا احْتِرَازِيٌّ، فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا، وَلَهُ امْرَأَةٌ نَصْرَانِيَّةٌ فَجَاءَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ مُسْلِمَةً، وَقَالَتْ: أَسْلَمْت قَبْلَ مَوْتِهِ.

وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ: أَسْلَمَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ 75 - فَالْقَوْلُ لَهُمْ 76 - مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ الْمَذْكُورَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا وَبِهِ قَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - 77 - وَإِنَّمَا خَرَجُوا عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِيهَا لِأَجْلِ تَحْكِيمِ الْحَالِ، وَهُوَ أَنَّ سَبَبَ الْحِرْمَانِ ثَابِتٌ فِي الْحَالِ فَيَثْبُتُ فِيمَا مَضَى (وَمِمَّا) فَرَّعْته عَلَى الْأَصْلِ مَا فِي الْيَتِيمَةِ وَغَيْرِهَا 78 - وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ، ثُمَّ مَاتَ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: أَقَرَّ فِي الصِّحَّةِ وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ فِي مَرَضِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ ادَّعَتْ مَا هُوَ حَادِثٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ بَعْدَ الْكُفْرِ حَادِثٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَكَانَتْ مُدَّعِيَةً، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا بِحُجَّةٍ كَمَا فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ. (76) قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ الْمَذْكُورَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لَهَا، وَهُوَ إضَافَةُ الْحَادِثِ إلَى أَقْرَبِ، أَوْقَاتِهِ. (77) قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا خَرَجُوا عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِيهَا لِأَجْلِ تَحْكِيمِ الْحَالِ إلَخْ، اعْلَمْ أَنَّ زُفَرَ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -) يَقُولُ: إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ حَادِثٌ وَالْأَصْلُ فِي الْحَوَادِثِ أَنْ تُضَافَ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهَا، وَأَقْرَبُ أَوْقَاتِهَا مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَتُضَافُ إلَيْهِ، وَقَالَ الْمَشَايِخُ: سَبَبُ الْحِرْمَانِ ثَابِتٌ فِي الْحَالِ، فَيَثْبُتُ فِيمَا مَضَى تَحْكِيمًا لِلْحَالِ كَمَا فِي جَرْيِ مَاءِ الطَّاحُونِ، وَهَذَا الظَّاهِرُ يُعْتَبَرُ لِلدَّفْعِ وَلَا يَصْلُحُ لِلِاسْتِحْقَاقِ، وَهِيَ تَدَّعِي بِهِ الِاسْتِحْقَاقَ وَيَصْلُحُ لِلدَّفْعِ، وَهُمْ يَدَّعُونَ بِهِ الدَّفْعَ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُمْ. (78) قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ إلَخْ. قِيلَ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُشْكِلُ عَلَى مَسْأَلَةِ مَا لَوْ وَهَبَتْ مَهْرَهَا لِلزَّوْجِ وَمَاتَتْ، فَقَالَ: كَانَتْ فِي الصِّحَّةِ، وَالْوَرَثَةُ: كَانَتْ فِي الْمَرَضِ، فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ، كَمَا فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ؛ وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ فِي مَسْأَلَةِ إقْرَارِ الْحُكْمِ كَذَلِكَ، أَوْ بِالْعَكْسِ، لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ: التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَرَثَةِ لَا الزَّوْجِ،

وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُقَرِّ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَتَهُ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَهُمْ فَلَهُ ذَلِكَ. وَمِمَّا فَرَّعْته عَلَى هَذَا الْأَصْلِ قَوْلُهُمْ: لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ وَتَحْتَهُ نَصْرَانِيَّةٌ فَجَاءَتْ مُسْلِمَةً بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَتْ: أَسْلَمْت قَبْلَ مَوْتِهِ، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ: أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْقَوْلُ لَهُمْ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي مَسَائِلَ شَتَّى. وَمِمَّا خَرَجَ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ لَوْ قَالَ الْقَاضِي بَعْدَ عَزْلِهِ لِرَجُلٍ: أَخَذْت مِنْك أَلْفًا وَدَفَعْتهَا إلَى زَيْدٍ قَضَيْت بِهَا عَلَيْك، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَخَذْتهَا ظُلْمًا بَعْدَ الْعَزْلِ فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْقَاضِي مَعَ أَنَّ الْفِعْلَ حَادِثٌ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ إلَى أَقْرَبِ، أَوْقَاتِهِ، وَهُوَ وَقْتُ الْعَزْلِ، وَبِهِ قَالَ الْبَعْضُ وَاخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ أَسْنَدَهُ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلضَّمَانِ. 80 - وَكَذَلِكَ إذَا زَعَمَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ أَنَّهُ دَفَعَ لَهُ قَبْلَ تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ. 81 - وَخَرَجَ أَيْضًا عَنْهُ مَا لَوْ قَالَ الْعَبْدُ لِغَيْرِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ: قَطَعْت يَدَك وَأَنَا عَبْدٌ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: بَلْ قَطَعْتُهَا وَأَنْتَ حُرٌّ كَانَ الْقَوْلُ لِلْعَبْدِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ وَقَدْ أَعْتَقَهُ: أَخَذْتُ مِنْك غَلَّةَ كُلِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ وَيَصِيرُ الْحُكْمُ فِيهِمَا عَلَى مِنْوَالٍ. (79) قَوْلُهُ: وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُقَرِّ لَهُ، وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَتُهُ أَيْضًا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَسَيَذْكُرُهُ فِي الْإِقْرَارِ. (80) قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إذَا زَعَمَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ أَنَّهُ فَعَلَهُ قَبْلَ تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ يَعْنِي إذَا ادَّعَى الْقَاضِي أَنَّهُ فَعَلَهُ حَالَ قَضَائِهِ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ أَسْنَدَهُ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلضَّمَانِ هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ، وَفِيهِ: أَنَّ فِعْلَ الْقَاضِي حَادِثٌ أُضِيفَ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ الْقَاعِدَةِ لَا مِمَّا خَرَجَ عَنْهَا، وَحِينَئِذٍ يَشْكُلُ التَّشْبِيهُ فَتَأَمَّلْ (81) قَوْلُهُ: وَخَرَجَ أَيْضًا عَنْهُ مَا لَوْ قَالَ الْعَبْدُ إلَخْ، قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَمِمَّا

شَهْرٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَأَنْتَ عَبْدٌ فَقَالَ الْمُعْتَقُ أَخَذْتهَا بَعْدَ الْعِتْقِ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَوْلَى. 82 - وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا قَالَ: بِعْت وَسَلَّمْت قَبْلَ الْعَزْلِ وَقَالَ الْمُوَكِّلُ: بَعْدَ الْعَزْلِ 83 - كَانَ الْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ إنْ كَانَ الْبَيْعُ مُسْتَهْلَكًا، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ. 84 - وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْغَلَّةِ 85 - لَا يُصَدَّقُ فِي الْغَلَّةِ الْقَائِمَةِ. ، وَمِمَّا وَافَقَ الْأَصْلَ مَا فِي النِّهَايَةِ لَوْ أَعْتَقَ أَمَةً، ثُمَّ قَالَ لَهَا: قَطَعْت يَدَك وَأَنْتِ أَمَتِي فَقَالَتْ هِيَ: قَطَعْتهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQخَرَجَ عَنْهُ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: هَلَكَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى حِفْظِهِ فَقَالَ الْأَجِيرُ: هَلَكَ بَعْدَ تَمَامِ السَّنَةِ، وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: بَعْدَ شَهْرٍ، فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنَّمَا يُضَافُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ حَتَّى يُصَدَّقَ الْأَجِيرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمَذْكُورَ ظَاهِرٌ يَصْلُحُ لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ وَغَرَضُ الْأَجِيرِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ (82) قَوْلُهُ: وَكَذَا الْوَكِيلُ أَيْ خَرَجَ عَنْ الْأَصْلِ عَلَى أَحَدِ التَّقْرِيرَيْنِ لَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُوَكِّلِ لَمْ يَخْرُجْ حِينَئِذٍ عَنْ الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا يَخْرُجُ عَنْهُ إذَا كَانَ مُسْتَهْلِكًا، ثُمَّ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُوَكِّلِ بَعْدَ الْعَزْلِ أَيْ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَزْلِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَكِيلِ بَعْدَ الْعَزْلِ قَبْلَ الْعِلْمِ نَافِذٌ انْتَهَى. (83) قَوْلُهُ: كَانَ الْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ إلَخْ؛ لِإِنْكَارِهِ الضَّمَانَ فِي الْمُسْتَهْلِكِ وَادِّعَائِهِ خُرُوجَ الْمِلْكِ فِي الْقَائِمِ عَنْ الْمُوَكِّلِ وَمِثْلُهُ الْغَلَّةُ الْمُسْتَهْلَكَةُ، وَالْقَائِمَةُ (84) قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْغَلَّةِ إلَخْ يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ ادَّعَى أَنَّ الْغَلَّةَ اكْتَسَبَهَا وَهُوَ عَبْدٌ وَقَالَ الْمُعْتَقُ: اكْتَسَبْتهَا وَأَنَا مُعْتَقٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا قَائِمَةٌ فِي يَدِهِ. (85) قَوْلُهُ: لَا يُصَدَّقُ فِي الْغَلَّةِ الْقَائِمَةِ أَيْ السَّيِّدُ فَيَكُونُ الْحَاصِلُ أَنَّ الْخُرُوجَ عَنْ الْأَصْلِ بِسَبَبِ كَوْنِ الْقَوْلِ لِلسَّيِّدِ مَحَلُّهُ مَا إذَا كَانَتْ الْغَلَّةُ هَالِكَةً، وَإِلَّا كَانَ عَلَى الْأَصْلِ فَهُوَ تَقْيِيدٌ لِلْإِطْلَاقِ السَّابِقِ

وَأَنَا حُرَّةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا 86 - وَكَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ أَخَذَهُ مِنْهَا، 87 - عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَهُ قُبَيْلَ الشَّهَادَاتِ، 88 - وَتَحْتَاجُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ إلَى نَظَرٍ دَقِيقٍ لِلْفَرْقِ بَيْنَهَا وَفِي الْمَجْمَعِ مِنْ الْإِقْرَارِ: وَلَوْ أَقَرَّ حَرْبِيٌّ أَسْلَمَ، بِأَخْذِ الْمَالِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، أَوْ بِإِتْلَافِ خَمْرٍ بَعْدَهُ، أَوْ مُسْلِمٌ بِمَالِ حَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ بِقَطْعِ يَدِ مُعْتِقِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ فَكَذَّبُوهُ فِي الْإِسْنَادِ، أُفْتِيَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ فِي الْكُلِّ (انْتَهَى) . وَقَالَا: يَضْمَنُ وَمِمَّا فُرِّعَ عَلَيْهِ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا، ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ أَخَذَهُ مِنْهَا إلَخْ يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ غَلَّةِ الْعَبْدِ الْقَائِمَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَوْلَى، بِخِلَافِ غَلَّةِ الْجَارِيَةِ فَإِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ: وَكَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ أَخَذَهُ مِنْهَا، أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لَا فِي الْغَلَّةِ الْقَائِمَةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا، وَالْفَرْقُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: فَأَجَابَ بِالْفَرْقِ أَيْ صَاحِبُ النِّهَايَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَوْلَى أَقَرَّ بِأَخْذِ مَالَهَا ثُمَّ ادَّعَى التَّمْلِيكَ لِنَفْسِهِ فَيُصَدَّقُ فِي إقْرَارِهِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ التَّمْلِيكَ لَهُ. (87) قَوْلُهُ: عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ مَعَ أَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلضَّمَانِ بِإِسْنَادِ الْفِعْلِ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلضَّمَانِ. (88) قَوْلُهُ: وَتَحْتَاجُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ إلَى نَظَرٍ دَقِيقٍ قِيلَ: صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الشَّرْحِ بِمَا يُجَابُ بِهِ عَنْ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: اعْلَمْ أَنَّ الْمُقِرَّ إذَا أَسْنَدَ إقْرَارَهُ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلضَّمَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ (انْتَهَى) . وَرُدَّ بِأَنَّ الْعَبْدَ يُقَالُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا بِأَنْ يُقَالَ كَوْنُهُ عَبْدَهُ لَا يَنْفِي عَنْهُ الضَّمَانَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ فِيمَا إذَا كَانَ مَأْذُونًا، وَيَضْمَنُ لَوْ أَتْلَفَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونَ، كَمَا هُوَ الْمَعْلُومُ فِي الْمُتُونِ وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْقَاضِي فَإِنَّ كَوْنَهُ قَاضِيًا لَا يَنْفِي عَنْهُ الضَّمَانَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَعَهَّدَ الْقَاضِي الْجَوْرَ كَانَ ضَامِنًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَرْتَضِ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا وَقَالَ: يُحْتَاجُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ إلَى نَظَرٍ دَقِيقٍ، وَتَصْنِيفُ هَذَا الْكِتَابِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْبَحْرِ.

[قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة]

ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مَرِيضًا وَمَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ يَتَزَايَدُ فَيَحْصُلُ الْمَوْتُ بِالزَّائِدِ فَلَا يُضَافُ إلَى السَّابِقِ لَكِنْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَلَيْسَ مِنْ فُرُوعِهَا مَا لَوْ إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا، ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَادِثًا بَعْدَ الشِّرَاءِ، أَوْ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لَا شَكَّ عِنْدَنَا فِي كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ لَا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ حَادِثٌ أُضِيفَ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ 89 - لِأَنَّهَا لَوْ وَلَدَتْ قَبْلَ الشِّرَاءِ مَلَكَهَا 90 - فَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدِهِ عِنْدَهَا قَاعِدَةٌ هَلْ 91 - الْأَصْلُ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ الْإِبَاحَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَوْ التَّحْرِيمُ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَنَسَبَهُ الشَّافِعِيَّةُ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي الْبَدِيعِ الْمُخْتَارِ أَنْ لَا حُكْمَ لِلْأَفْعَالِ قَبْلَ الشَّرْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَوْ وَلَدَتْ قَبْلَ الشِّرَاءِ ثُمَّ مَلَكَهَا يَعْنِي كُلًّا، أَوْ بَعْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: قَالَ فِي الْمُحِيطِ: وَإِذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ الْمَنْكُوحَةُ مِنْ الزَّوْجِ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا هُوَ وَآخَرُ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلزَّوْجِ لِمَا قُلْنَا وَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهَا بِالشِّرَاءِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَانْتَقَلَ نَصِيبُ الشَّرِيكِ بِالضَّمَانِ. (90) قَوْلُهُ: فَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ السَّبَبَ فِيهِ هُوَ الْجُزْئِيَّةُ، وَالْجُزْئِيَّةُ إنَّمَا تَثْبُتُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ الْوَلَدِ مِنْهُمَا كُلًّا، وَقَدْ ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُ فَتَثْبُتُ الْجُزْئِيَّةُ بِهَذِهِ الْوَاسِطَةِ وَقَدْ كَانَ الْمَانِعُ حِينَ الْوِلَادَةِ مِلْكُ الْغَيْرِ فَزَالَ [قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ] (91) قَوْلُهُ: الْأَصْلُ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ إلَخْ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمُ بْنُ قُطُلُوبُغَا فِي بَعْضِ تَعَالِيقِهِ أَنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ عِنْدَ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا، وَقَيَّدَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ بِزَمَنِ الْفَتْرَةِ فَقَالَ: إنَّ النَّاسَ لَنْ يُتْرَكُوا سُدًى فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَزْمَانِ، وَإِنَّمَا هَذَا بِنَاءٌ عَلَى زَمَنِ الْفَتْرَةِ لِاخْتِلَافِ الشَّرَائِعِ وَوُقُوعِ التَّحْرِيفَاتِ، فَلَمْ يَبْقَ الِاعْتِقَادُ، وَالْوُثُوقُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الشَّرَائِعِ فَظَهَرَتْ الْإِبَاحَةُ بِمَعْنَى عَدَمِ الْعِقَابِ، بِمَا لَمْ يُوجَدْ لَهُ مُحَرِّمٌ وَلَا مُبِيحٌ انْتَهَى.

وَالْحُكْمُ عِنْدَنَا، وَإِنْ كَانَ أَزَلِيًّا فَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا عَدَمُ تَعَلُّقِهِ بِالْفِعْلِ قَبْلَ الشَّرْعِ فَانْتَفَى التَّعَلُّقُ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ (انْتَهَى) . وَفِي شَرْحِ الْمَنَارِ لِلْمُصَنِّفِ: الْأَشْيَاءُ فِي الْأَصْلِ عَلَى الْإِبَاحَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ، وَمِنْهُمْ الْكَرْخِيُّ 93 - وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ: الْأَصْلُ فِيهَا الْحَظْرُ 94 - وَقَالَ أَصْحَابُنَا: الْأَصْلُ فِيهَا التَّوَقُّفُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَدَلِيلُ هَذَا الْقَوْلِ قَوْله تَعَالَى {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] أَخْبَرَ بِأَنَّهُ خَلَقَهُ لَنَا عَلَى وَجْهِ الْمِنَّةِ عَلَيْنَا، وَأَبْلَغُ وُجُوهِ الْمِنَّةِ إطْلَاقُ الِانْتِفَاعِ فَتَثْبُتُ الْإِبَاحَةُ. (92) قَوْلُهُ: وَالْحُكْمُ عِنْدَنَا، وَإِنْ كَانَ أَزَلِيًّا. جَوَابُ سُؤَالٍ مَطْوِيٍّ تَقْدِيرُهُ أَنْ يُقَالَ: إذَا كَانَ الْحُكْمُ عِنْدَكُمْ أَزَلِيًّا ثَابِتًا قَبْلَ الشَّرْعِ كَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُكُمْ بِأَنَّهُ لَا حُكْمَ قَبْلَ الشَّرْعِ. وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ بِأَنَّ نَفْسَ الْحُكْمِ، وَإِنْ كَانَ أَزَلِيًّا عِنْدَنَا لَكِنَّ تَعَلُّقَهُ التَّنْجِيزِيَّ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ لَيْسَ بِأَزَلِيٍّ، وَالْمُرَادُ هُنَا عَدَمُ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ التَّنْجِيزِيِّ بِالْفِعْلِ لَا عَدَمُ تَعَلُّقِهِ الْعِلْمِيِّ فَإِنَّهُ أَزَلِيٌّ عِنْدَنَا وَإِنَّمَا كَانَ تَعَلُّقُ التَّنْجِيزِيِّ مَنْفِيًّا قَبْلَ الشَّرْعِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَعَلَّقَ، فَتَعَلُّقُهُ إمَّا لِفَائِدَةِ الْأَدَاءِ، وَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ قَبْلَ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِتْيَانِ بِعَيْنِ مَا أُمِرَ بِهِ فِي وَقْتِهِ وَذَلِكَ مَوْقُوفٌ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ وَبِكَيْفِيَّتِهِ وَلَا عِلْمَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ الشَّرْعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا} [الإسراء: 15] ، وَإِمَّا لِفَائِدَةِ تَرَتُّبِ الْعِقَابِ عَلَى التَّرْكِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ أَيْضًا قَبْلَ الشَّرْعِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ. (93) قَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ: الْأَصْلُ فِيهَا الْحَظْرُ وَدَلِيلُهُ أَنَّ التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَجُوزُ. (94) قَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: الْأَصْلُ فِيهَا التَّوَقُّفُ، وَدَلِيلُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ طَرِيقَ ثُبُوتِ الْأَحْكَامِ سَمْعِيٌّ وَعَقْلِيٌّ، وَالْأَوَّلُ غَيْرُ مَوْجُودٍ، وَكَذَا الثَّانِي فَلَا تُقْطَعُ عَلَى

حُكْمٍ لَكِنَّا لَمْ نَقِفْ عَلَيْهِ بِالْعَقْلِ (انْتَهَى) . وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ فَصْلِ الْحِدَادِ: إنَّ الْإِبَاحَةَ أَصْلٌ (انْتَهَى) ، وَيَظْهَرُ أَثَرُ هَذَا الِاخْتِلَافِ فِي الْمَسْكُوتِ عَنْهُ وَيَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا مَا أَشْكَلَ حَالُهُ فَمِنْهَا الْحَيَوَانُ الْمُشْكِلُ أَمْرُهُ 95 - وَالنَّبَاتُ الْمَجْهُولُ اسْمُهُ (وَمِنْهَا) إذَا لَمْ يَعْرِفْ حَالَ النَّهْرِ هَلْ هُوَ مُبَاحٌ، أَوْ مَمْلُوكٌ (وَمِنْهَا) لَوْ دَخَلَ بُرْجَهُ حَمَامٌ وَشَكَّ هَلْ هُوَ مُبَاحٌ، أَوْ مَمْلُوكٌ 96 - (وَمِنْهَا) مَسْأَلَةُ الزَّرَافَةِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْقَائِلِ بِالْإِبَاحَةِ " الْحِلُّ فِي الْكُلِّ "، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الزَّرَافَةِ فَالْمُخْتَارُ عِنْدَهُمْ حِلُّ أَكْلِهَا وَقَالَ السُّيُوطِيّ: وَلَمْ يَذْكُرْهَا أَحَدٌ فِي الْمَالِكِيَّةِ، وَالْحَنَفِيَّةِ وَقَوَاعِدُهُمْ تَقْتَضِي حِلَّهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ فِي الْأَبْضَاعِ التَّحْرِيمُ؛ وَلِذَا قَالَ فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ شَرْحِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ الْأَصْلُ فِي النِّكَاحِ الْحَظْرُ وَأُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ (انْتَهَى) . فَإِذَا تَقَابَلَ فِي الْمَرْأَةِ حِلٌّ وَحُرْمَةٌ غَلَبَتْ الْحُرْمَةُ (وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ التَّحَرِّي فِي الْفُرُوجِ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدِ الْحُكْمَيْنِ فَإِنَّ مَنْ قَالَ بِالْإِبَاحَةِ عَقْلًا يَجُوزُ، وَوَرَدَ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ فِي ذَلِكَ بِعَيْنِهِ بِالْحَظْرِ فَيَنْقُلُهُ مِنْ الْحَظْرِ إلَى الْإِبَاحَةِ، وَمَا وُضِعَ الْعَقْلُ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ تَغْيِيرُهُ كَشُكْرِ الْمُنْعِمِ كَذَا فِي تُحْفَةِ الْوُصُولِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا فِيهِ ضَرَرٌ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِغَيْرِهِ خَارِجٌ عَنْ مَوْضِعِ الْخِلَافِ، وَقِيلَ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى أَنَّ الْحُسْنَ، وَالْقُبْحُ ذَاتِيٌّ، أَوْ شَرْعِيٌّ. (95) قَوْلُهُ: وَالنَّبَاتُ الْمَجْهُولُ إلَخْ يُعْلَمُ مِنْهُ حِلُّ شُرْبِ الدُّخَانِ. (96) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا مَسْأَلَةُ الزَّرَافَةِ بِفَتْحِ الزَّاءِ وَضَمِّهَا حَكَاهُمَا الْجَوْهَرِيُّ حَيَوَانٌ طَوِيلُ الْيَدَيْنِ قَصِيرُ الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ الْيَرْبُوعِ وَفِي كِتَابِ عَجَائِبِ الْمَخْلُوقَاتِ لَمَّا

[قاعدة الأصل في الأبضاع التحريم]

وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ مِنْ بَابِ التَّحَرِّي: لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ أَرْبَعُ جَوَارٍ أَعْتَقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِعَيْنِهَا، ثُمَّ نَسِيَهَا فَلَمْ يَدْرِ أَيَّتَهُنَّ أَعْتَقَ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَتَحَرَّى لِلْوَطْءِ وَلَا لِلْبَيْعِ وَلَا يَسَعُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ حَتَّى تَبِينَ الْمُعْتَقَةُ مِنْ غَيْرِهَا، وَكَذَلِكَ إذَا طَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ بِعَيْنِهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ نَسِيَهَا وَكَذَلِكَ إنْ مَيَّزَ كُلَّهُنَّ إلَّا وَاحِدَةً لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَقْرَبَهَا حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهَا غَيْرُ الْمُطَلَّقَةِ وَكَذَلِكَ يَمْنَعُهُ الْقَاضِي عَنْهَا حَتَّى يُخْبِرَ أَنَّهَا غَيْرُ الْمُطَلَّقَةِ فَإِذَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ اسْتَحْلَفَهُ أَلْبَتَّةَ أَنَّهُ مَا طَلَّقَ هَذِهِ بِعَيْنِهَا ثَلَاثًا ثُمَّ خَلَّى بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ حَلَفَ، وَهُوَ جَاهِلٌ بِهَا فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْرَبَهَا فَإِنْ بَاعَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ثَلَاثًا مِنْ الْجَوَارِي فَحَكَمَ الْحَاكِمُ فَإِنْ أَجَازَ بَيْعَهُنَّ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ رَأْيِهِ وَجَعَلَ الْبَاقِيَةَ هِيَ الْمُعْتَقَةَ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ بَعْضُ مَا بَاعَ بِشِرَاءِ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ مِيرَاثٍ لَمْ يَنْبَغِ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى فِيهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَطَأَ شَيْئًا مِنْهُنَّ بِالْمِلْكِ إلَّا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ، أَوْ أَمَتُهُ (وَلَا يَجُوزُ التَّحَرِّي فِي الْفُرُوجِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ فِي كُلِّ مَا جَازَ لِلضَّرُورَةِ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَتْ الزَّرَافَةُ تَرْعَى وَتَقْتَاتُ بِهِ جَعَلَ يَدَيْهَا أَطْوَلَ مِنْ رِجْلَيْهَا لِيُمْكِنَهَا ذَلِكَ بِسُهُولَةٍ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الزَّرَافَةَ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ النَّاقَةِ وَالضَّبُعِ فَتَجِيءُ بِوَلَدٍ خِلْقَةَ النَّاقَةِ وَالضَّبُعِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ لَكِنَّ الْجَاحِظَ لَمْ يَرْتَضِ فِي كِتَابِ الْحَيَوَانِ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرَهُ مِنْ تَرْكِيبِ خَلْقِ الزَّرَافَةِ وَرَدَّهُ رَدًّا بَلِيغًا [قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ فِي الْأَبْضَاعِ التَّحْرِيمُ] قَوْلُهُ: وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ إلَخْ، فِي شَرْحِ الزَّيْلَعِيِّ فِي الْإِقْرَارِ: أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ، ثُمَّ نَسِيَهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ.

[مسألة صبية أرضعها قوم ولم يعرفوا المعتقة]

وَالْفُرُوجُ لَا تَحِلُّ بِالضَّرُورَةِ. ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ أَعْتَقَ جَارِيَةً مِنْ رَقِيقِهِ، ثُمَّ نَسِيَهَا وَمَاتَ لَمْ يَجُزْ لِلْقَاضِي التَّحَرِّي وَلَا بِقَوْلِهِ لِلْوَرَثَةِ: أَعْتِقُوا أَيَّتُهُنَّ شِئْتُمْ، أَوْ أَعْتِقُوا الَّتِي أَكْبَرُ ظَنِّكُمْ أَنَّهَا حُرَّةٌ وَلَكِنَّهُ يَسْأَلُهُمْ، فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّ الْمَيِّتَ أَعْتَقَ هَذِهِ بِعَيْنِهَا 99 - أَعْتَقَهَا وَاسْتَحْلَفَهُمْ عَلَى عَمَلِهِمْ فِي الْبَاقِيَاتِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا أَعْتَقَهُنَّ كُلَّهُنَّ 100 - وَأَسْقَطَ عَنْهُنَّ قِيمَةَ إحْدَاهُنَّ وَسَعَيْنَ فِيمَا بَقِيَ وَخَرَجَ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسْأَلَةٌ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: صَبِيَّةٌ أَرْضَعَهَا قَوْمٌ 101 - وَلَمْ يَعْرِفُوا الْمُعْتَقَةَ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَطَأَ جَارِيَتَهُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهَا الْمُعْتَقَةُ بِعَيْنِهَا، وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِ أَحَدِهِمْ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَعْتَقَ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنَّهُ لَا يَقْرَبُ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ ذَلِكَ، وَلَوْ قَرُبَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حَرَامًا وَلَوْ اشْتَرَاهُنَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ قَدْ عَلِمَ ذَلِكَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَقْرَبَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ حَتَّى يَعْرِفَ الْمُعْتَقَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْفُرُوجُ لَا تَحِلُّ بِالضَّرُورَةِ أَقُولُ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا عَنْ كَشْفِ الْأَسْرَارِ فَتَدَبَّرْ. قَوْلُهُ: أَعْتَقَهَا وَاسْتَحْلَفَهُمْ أَيْ حَكَمَ بِعِتْقِهَا. (100) قَوْلُهُ: وَأَسْقَطَ عَنْهُنَّ قِيمَةَ إحْدَاهُنَّ، قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: أَسْقَطَ عَنْهُنَّ رُبُعَ قِيمَتِهِنَّ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَخْتَلِفُ وَلَا يَجُوزُ تَعْيِينُ قِيمَةِ إحْدَاهُنَّ بِعَيْنِهَا (انْتَهَى) . أَقُولُ فِيهِ: إنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ مَا ذَكَرَهُ أَنْ لَوْ كَانَ الرَّقِيقُ أَرْبَعَةً، وَأَمَّا لَوْ كَانَ أَزِيدَ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ أَنْقَصَ فَلَا، وَالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَفْرِضْ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَرْبَعَةِ بَلْ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، [مَسْأَلَةٌ صَبِيَّةٌ أَرْضَعَهَا قَوْمٌ وَلَمْ يَعْرِفُوا الْمُعْتَقَةَ] (101) قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْرِفُوا الْمُعْتَقَةَ، فِيهِ نَظَرٌ، إذْ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ جَارِيَةً، وَمَنْ الْمَعْلُومِ مَعْرِفَتُهُمْ كُلَّ جَارِيَةٍ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: وَلَمْ يَعْرِفُوا الْمُعْتَقَةَ (انْتَهَى) ، وَفِيهِ تَأَمُّلٌ.

وَلَوْ اشْتَرَاهُنَّ إلَّا وَاحِدَةً حَلَّ لَهُ وَطْؤُهُنَّ فَإِنْ فَعَلَ، ثُمَّ اشْتَرَى الْبَاقِيَةَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْءُ شَيْءٍ مِنْهُنَّ وَلَا بَيْعُهُ حَتَّى يَعْلَمَ الْمُعْتَقَةَ مِنْهُنَّ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ إنَّمَا هِيَ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْمَرْأَةِ سَبَبٌ مُحَقَّقٌ لِلْحُرْمَةِ فَلَوْ كَانَ فِي الْحُرْمَةِ شَكٌّ لَمْ يُعْتَبَرْ؛ وَلِذَا قَالُوا: لَوْ كَانَ فِي الْحُرْمَةِ شَكٌّ لَمْ يُعْتَبَرْ وَلِذَا قَالُوا: لَوْ أَدْخَلَتْ الْمَرْأَةُ حَلَمَةَ ثَدْيِهَا فِي فَمِ رَضِيعَةٍ وَوَقَعَ الشَّكُّ فِي وُصُولِ اللَّبَنِ إلَى جَوْفِهَا لَمْ تَحْرُمْ؛ لِأَنَّ فِي الْمَانِعِ شَكًّا كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَفِي الْقُنْيَةِ: امْرَأَةٌ كَانَتْ تُعْطِي ثَدْيَهَا صَبِيَّةً وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، ثُمَّ تَقُولُ لَمْ يَكُنْ فِي ثَدْيِ لَبَنٌ حِينَ أَلْقَمْتهَا ثَدْيِي وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا جَازَ لِابْنِهَا أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَذِهِ الصَّبِيَّةِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ: صَغِيرٌ وَصَغِيرَةٌ بَيْنَهُمَا شُبْهَةُ الرَّضَاعِ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ حَقِيقَةً قَالُوا: لَا بَأْسَ بِالنِّكَاحِ بَيْنَهُمَا هَذَا إذَا لَمْ يُخْبِرْ بِذَلِكَ أَحَدٌ 102 -، فَإِنْ أَخْبَرَ بِهِ عَدْلٌ ثِقَةٌ يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْخَبَرُ بَعْدَ النِّكَاحِ وَهُمَا كَبِيرَانِ، فَالْأَحْوَط أَنْ يُفَارِقَهَا، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْبُضْعَ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِيهِ الْحَظْرَ يُقْبَلُ فِي حِلِّهِ خَبَرُ الْوَاحِدِ. قَالُوا لَوْ اشْتَرَى أَمَةَ زَيْدٍ وَقَالَ بَكْرٌ: وَكَّلَنِي زَيْدٌ بِبَيْعِهَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا ، وَكَذَا لَوْ جَاءَتْ أَمَةٌ قَالَتْ لِرَجُلٍ: إنَّ مَوْلَايَ بَعَثَنِي إلَيْك هَدِيَّةً ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ أَخْبَرَ بِهِ عَدْلٌ ثِقَةٌ، قِيلَ: يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِمْ: لَا يَثْبُتُ الرَّضَاعُ إلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، لَكِنَّهُ بِقَوْلِهِمْ: يُقْبَلُ خَبَرُ وَاحِدٍ عَدْلٍ فِي الدِّيَانَاتِ إلَّا أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا مَشَى عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ.

وَظَنَّ صِدْقَهَا حَلَّ وَطْؤُهَا. ، وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا وَكَّلَ شَخْصًا فِي شِرَاءِ جَارِيَةٍ وَوَصَفَهَا، فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ جَارِيَةً بِالصِّفَةِ وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهَا لِلْمُوَكِّلِ، فَمُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ حُرْمَتُهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ شِرَاءُ الْوَكِيلِ الْجَارِيَةَ بِالصِّفَاتِ الْمُعَيَّنَةِ ظَاهِرًا فِي الْحِلِّ وَلَكِنَّ الْأَصْلَ التَّحْرِيمُ وَيَنْبَغِي الرُّجُوعُ إلَى قَوْلِ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ وَلَهُ نَظَائِرُ فِي الْفِقْهِ. وَلَمَّا كَانَ الْأَوْلَى الِاحْتِيَاطُ فِي الْفُرُوجِ 104 - قَالَ فِي الْمُضْمَرَاتِ: إذَا عَقَدَ عَلَى أَمَتِهِ مُنَزَّهًا عَنْ وَطْئِهَا حَرَامًا عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِمَالِ أَوْ مَحْلُوفًا عَلَيْهَا بِعِتْقِهَا وَقَدْ حَنِثَ الْحَالِفُ وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ لَا سِيَّمَا إذَا تَدَاوَلَتْهَا الْأَيْدِي، فَمَا وَقَعَ لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ أَنَّ وَطْءَ السَّرَارِي اللَّاتِي يُجْلَبْنَ الْيَوْمَ مِنْ الرُّومِ، وَالْهِنْدِ وَالتُّرْكِ حَرَامٌ، إلَّا أَنْ يَنْتَصِبَ فِي الْمَغَانِمِ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ مَنْ يُحْسِنُ قِسْمَتَهَا فَيَقْسِمُهَا مِنْ غَيْرِ حَيْفٍ وَلَا ظُلْمٍ، أَوْ تَحْصُلَ قِسْمَةٌ مِنْ مُحْكِمٍ، أَوْ يَتَزَوَّجَ بَعْدَ الْعِتْقِ بِإِذْنِ الْقَاضِي، أَوْ الْمُعْتِقِ، وَالِاحْتِيَاطُ اجْتِنَابُهُنَّ مَمْلُوكَاتِ وَحَرَائِرَ. فُرُوعٌ لَهَا حُكْمٌ لَازِمٌ فَإِنَّ الْجَارِيَةَ الْمَجْهُولَةَ الْحَالِ الْمَرْجِعُ فِيهَا إلَى صَاحِبِ الْيَدِ إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَظَنَّ صِدْقَهَا، قِيلَ عَلَيْهِ: إنَّ الْهَدِيَّةَ إمَّا إبَاحَةٌ، أَوْ تَمْلِيكٌ، وَلَا إبَاحَةَ فِي الْأَبْضَاعِ، وَالتَّمْلِيكُ يَفْتَقِرُ إلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ، وَلَمْ يُوجَدْ فَكَيْفَ يَحِلُّ الْوَطْءُ؟ قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُضْمَرَاتِ إلَخْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي مُتَفَرِّقَاتِ كِتَابِ الْبُيُوعِ: اشْتَرَى جَارِيَةً يَتَزَوَّجُهَا احْتِيَاطًا إنْ أَرَادَ وَطِئَهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ حُرَّةً ارْتَفَعَتْ الْحُرْمَةُ، وَإِنْ أَمَةً لَا يَضُرُّهُ النِّكَاحُ، وَخَاصَّةً الْجَوَارِيَ الْمَجْلُوبَةَ مِنْ الْأَتْرَاكِ فِي بِلَادِنَا؛ لِأَنَّ عَادَةَ

[قاعدة الأصل في الكلام الحقيقة]

وَإِلَى إقْرَارِهَا إنْ كَانَتْ كَبِيرَةً، وَإِنْ عُلِمَ حَالُهَا فَلَا إشْكَالَ تَنْبِيهٌ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ مِنْ كِتَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ إنَّ أَصْحَابَنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - احْتَاطُوا فِي أَمْرِ الْفُرُوجِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ: لَوْ كَانَتْ جَارِيَةٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَخَافُ عَلَيْهَا مِنْ شَرِيكِهِ وَطَلَبَ أَنْ تُوضَعَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ يَوْمًا حِشْمَةً لِلْمِلِكِ (انْتَهَى) . [قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ] ُ وَعَلَى ذَلِكَ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ: 106 - مِنْهَا النِّكَاحُ لِلْوَطْءِ وَعَلَيْهِ حُمِلَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22] فَحُرِّمَتْ مَزْنِيَّةُ الْأَبِ كَحَلِيلَتِهِ، وَكَذَا لَوْ قَضَى شَافِعِيٌّ بِحِلِّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَتْرَاكِ بَيْعُ الْأَوْلَادِ وَالزَّوْجَاتِ، وَهُمْ إذَا كَانُوا كَفَرَةً فَالْبَيْعُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَالْحَرْبِيُّ وَالذِّمِّيُّ لَا يَمْلِكُ بَيْعَ وَلَدِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِذَا بَاعَ فِي دَارِ الْحَرْبِ إنْ أَخْرَجَهُ مِنْهُ كُرْهًا يَتَمَلَّكُ، وَإِنْ أَخْرَجَ الْمُشْتَرِي بِاخْتِيَارِهِ فَالِاحْتِيَاطُ النِّكَاحُ، وَسَيَأْتِي فِي السِّيَرِ تَفَاصِيلُ الْمَسْأَلَةِ انْتَهَى (105) قَوْلُهُ: وَإِلَى إقْرَارِهَا إنْ كَانَتْ كَبِيرَةً، قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يَنْبَغِي عَدَمُ التَّعْوِيلِ عَلَى قَوْلِهَا لِغَلَبَةِ الْجَهْلِ وَعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ؛ لِأَنَّ الْفُرُوجَ يُحْتَاطُ فِيهَا (انْتَهَى) وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. (106) قَوْلُهُ: مِنْهَا النِّكَاحُ لِلْوَطْءِ: وَعَلَيْهِ حُمِلَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22] أَقُولُ: وَهَذَا مُخْتَارُ صَاحِبِ الْمَنَارِ تَبَعًا لِفَخْرِ الْإِسْلَامِ، وَلَكِنَّ عَامَّةَ الْمَشَايِخِ وَجُمْهُورَ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ هُوَ الْعَقْدُ، أَقُولُ: وَجَوَّزَ

لَمْ يَنْفُذْ لِمُخَالَفَتِهِ الْكِتَابَ بِخِلَافِ الْقَضَاءِ بِحِلِّ مَمْسُوسَتِهِ 108 -، وَالْفَرْقُ مَذْكُورٌ فِي ظِهَارِ شَرْحِنَا، وَحُرْمَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا بِلَا وَطْءٍ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ، أَوْ مَنْكُوحَتِهِ: إنْ نَكَحْتُك فَعَلَيَّ وَطْءٌ فَلَوْ عَقَدَ عَلَى الْأَمَةِ بَعْدَ إعْتَاقِهَا، أَوْ عَلَى الزَّوْجَةِ بَعْدَ إبَانَتِهَا لَمْ يَحْنَثْ كَمَا فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ وَمِنْهَا لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ، أَوْ أَوْصَى لِوَلَدِ زَيْدٍ لَا يَدْخُلُ وَلَدُ وَلَدِهِ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ اسْتَحَقَّهُ وَلَدُ الِابْنِ 109 - وَاخْتُلِفَ فِي وَلَدِ الْبِنْتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالزَّيْلَعِيُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَفْهُومًا مِنْ الْآيَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ: أَقُولُ لَيْسَ فِي الْآيَةِ نَفْيٌ بَلْ نَهْيٌ (107) قَوْلُهُ: لَمْ يَنْفُذْ لِمُخَالَفَتِهِ الْكِتَابَ، أَقُولُ فِيهِ: إنَّ هَذِهِ الْمُخَالَفَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَا ذَهَبُوا إلَيْهِ مِنْ كَوْنِهِ حَقِيقَةً فِي الْوَطْءِ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ، فَلَيْسَ مُخَالَفَةُ الْكِتَابِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَنَفِيِّ بِخُصُوصِهِ. (108) قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ مَذْكُورٌ فِي ظِهَارِ شَرْحِنَا، وَهُوَ أَنَّ حُرْمَةَ الْوَطْءِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فَلَمْ تَنْفُذْ قَضَاءُ الشَّافِعِيِّ بِحِلِّ أُصُولِ الْمُزَنِيَّةِ وَفُرُوعِهَا بِخِلَافِ التَّقْبِيلِ (انْتَهَى) ، وَفِيهِ أَنَّ الْفَرْقَ الْمَطْلُوبَ هُنَا بَيْنَ الْوَطْءِ وَاللَّمْسِ لَا بَيْنَ الْوَطْءِ وَالتَّقْبِيلِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ التَّقْبِيلِ وُجُودُ اللَّمْسِ. (109) قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي وَلَدِ الْبِنْتِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَهُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، أَوْ الْإِفْرَادِ مُقْتَصِرًا عَلَى الطَّبَقَةِ الْأُولَى، أَوْ غَيْرَ مُقْتَصِرٍ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ، وَالصُّورَةُ الرَّابِعَةُ، وَهِيَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي لَا خِلَافَ فِيهَا فِي دُخُولِ وَلَدِ الْبِنْتِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (انْتَهَى) وَيُرَدُّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ إطْلَاقٌ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا يَذْكُرُ صُورَةً وَاحِدَةً، وَهِيَ صُورَةُ لَفْظِ الْإِفْرَادِ بِالْجَمْعِ وَالِاخْتِصَارِ عَلَى الطَّبَقَةِ الْأُولَى، ثُمَّ قَالَ: وَاخْتُلِفَ فِي وَلَدِ الْبِنْتِ أَيْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي ذَلِكَ.

فَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَدَمُ الدُّخُولِ وَصُحِّحَ فَإِذَا وُلِدَ لِلْوَاقِفِ وَلَدٌ رَجَعَ مِنْ وَلَدِ الِابْنِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ حَقِيقَةٌ فِي وَلَدِ الصُّلْبِ 111 -، وَهَذَا فِي الْمُفْرَدِ. 112 - وَأَمَّا إذَا وَقَفَ، أَوْلَادَهُ، دَخَلَ النَّسْلُ كُلُّهُ كَذِكْرِ الطَّبَقَاتِ الثَّلَاثِ لَفْظَ الْوَلَدِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَكَأَنَّهُ لِلْعُرْفِ فِيهِ وَإِلَّا فَالْوَلَدُ مُفْرَدًا، أَوْ جَمْعًا حَقِيقَةٌ فِي الصُّلْبِ. 113 -، وَمِنْهَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يَشْتَرِي، أَوْ لَا يُؤَجِّرُ، أَوْ لَا يَسْتَأْجِرُ، أَوْ لَا يُصَالِحُ عَنْ مَالٍ، أَوْ لَا يُقَاسِمُ، أَوْ لَا يُخَاصِمُ أَوْ لَا يَضْرِبُ وَلَدَهُ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِالْمُبَاشَرَةِ، وَلَا يَحْنَثُ بِالتَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّهَا الْحَقِيقَةُ، وَهُوَ مَجَازٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ إلَى قَوْلِهِ: وَصُحِّحَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْإِسْعَافِ وَلَمْ يَعْزُهُ صَاحِبُ الْإِسْعَافِ، لَكِنْ رَأَيْت عَزْوَهُ فِي الذَّخِيرَةِ. (111) قَوْلُهُ: وَهَذَا الْمُفْرَدُ إلَخْ. قِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ دُخُولُ الْوَلَدِ فِي صُورَةِ الذِّكْرِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ مَبْنِيًّا عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْبَعْضُ مِنْ جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ، إذَا كَانَ اللَّفْظُ مَجْمُوعًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الْهُمَامِ فِي أُصُولِهِ حَيْثُ قَالَ: وَالْحَقُّ أَنَّ هَذَا مِنْ مَوَاضِعِ جَوَازِ الْجَمْعِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْأَبْنَاءَ وَالْآبَاءَ جَمْعٌ. (112) قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا وَقَفَ أَوْلَادَهُ دَخَلَ النَّسْلُ كُلُّهُ إلَخْ قِيلَ عَلَيْهِ: لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيرٍ، فَإِنَّ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ ظَاهِرًا وَفِي الِاخْتِيَارِ: فِيهِ تَفْصِيلٌ وَلَفْظُهُ تَدْخُلُ الْبُطُونُ كُلُّهَا لِعُمُومِ اسْمِ الْأَوْلَادِ، لَكِنْ يَتَقَدَّمُ الْأَوَّلُ فَإِذَا انْقَرَضَ (113) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ إلَخْ. فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى: حَلَفَ لَا يَكْتُبُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَكَتَبَ، وَالْحَالُ أَنَّهُ سُلْطَانٌ لَا يَكْتُبَ بِنَفْسِهِ، لَا يَحْنَثُ (انْتَهَى) ، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَحْنَثُ فِيهَا بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ، إلَّا أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ نَوَى الْمُبَاشَرَةَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ الضَّابِطُ فِيمَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ وَفِيمَا لَا يَحْنَثُ شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ تَرْجِعُ

إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ لَا يُبَاشِرُ ذَلِكَ الْفِعْلَ كَالْقَاضِي وَالْأَمِيرِ فَحِينَئِذٍ يَحْنَثُ بِهِمَا 115 -، وَإِنْ كَانَ يُبَاشِرُهُ مَرَّةً وَيُوَكِّلُ فِيهِ أُخْرَى فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ الْأَغْلَبُ قَالَ فِي الْكَنْزِ بَعْدَهُ: مَا يَحْنَثُ بِهِ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ، وَالْخُلْعُ وَالْعِتْقُ، وَالْكِتَابَةُ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ عَمْدٍ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ، وَالْقَرْضُ وَالِاسْتِقْرَاضُ وَضَرْبُ الْعَبْدِ وَالذَّبْحُ، وَالْبِنَاءُ، وَالْخِيَاطَةُ، وَالْإِيدَاعُ وَالِاسْتِيدَاعُ، وَالْإِعَارَةُ وَالِاسْتِعَارَةُ وَقَضَاءُ الدَّيْنِ وَقَبْضُهُ، وَالْكِسْوَةُ، وَالْحَمْلُ ، وَالْأَفْعَالُ، وَالْعُقُودُ فِي الْأَيْمَانِ هَلْ تَخْتَصُّ بِالصَّحِيحِ، أَوْ تَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ فَقَالُوا: 116 - الْإِذْنُ فِي النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَالتَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحُقُوقُ فِيهِ لِلْمُبَاشِرِ، فَالْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ بِمُبَاشَرَةِ الْمَأْمُورِ. (114) قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ لَا يُبَاشِرُ ذَلِكَ، قِيلَ عَلَيْهِ: فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ قَرِينَةً صَارِفَةً لِلْكَلَامِ إلَى الْمَجَازِ. (115) قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ يُبَاشِرُهُ مَرَّةً إلَخْ. هَذَا الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْقَاضِي خَانْ وَقِيلَ: يَنْظُرُ فِي الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ إنْ كَانَتْ مِمَّا يَشْتَرِيَهَا بِنَفْسِهِ لِشَرَفِهَا لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَلَا بِوَكِيلٍ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ مِمَّا لَا يَشْتَرِيهَا بِنَفْسِهِ لِخِسَّتِهَا، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ، يَحْنَثُ بِشِرَاءِ التَّوْكِيلِ كَمَا فِي الْكَافِي قَوْلُهُ: الْإِذْنُ فِي النِّكَاحِ إلَخْ. وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا الصَّحِيحَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الْإِعْفَافُ وَالتَّحْصِينُ وَذَلِكَ بِالْجَائِزِ وَلَهُ أَنَّ اللَّفْظَ مُطْلَقٌ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ، وَبَعْضُ الْمَقَاصِدِ مِنْ النِّكَاحِ حَاصِلٌ فِي الْفَاسِدِ كَالنَّسَبِ، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي حَقِّ لُزُومِ الْمَهْرِ وَفِي حَقِّ انْتِهَاءِ الْإِذْنِ بِالْعَقْدِ فَيَنْتَهِي بِهِ عِنْدَهُ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا لَا يَنْتَهِي، وَأَمَّا الْوُقُوفُ فَلَا يَنْتَهِي بِهِ اتِّفَاقًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِذْنِ لِلْعَبْدِ بِالنِّكَاحِ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ بِالنِّكَاحِ، فَإِنَّ التَّوْكِيلَ لَا يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ وَلَا يَنْتَهِي بِهِ اتِّفَاقًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِيهِ ثُبُوتُ الْحَمْلِ الْإِعْفَافُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَأَمَّا إذَا حَلَفَ

وَالتَّوْكِيلُ بِالنِّكَاحِ لَا يَتَنَاوَلُهُ، وَالْيَمِينُ عَلَى النِّكَاحِ إنْ كَانَتْ عَلَى الْمَاضِي تَتَنَاوَلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ لَا وَالْيَمِينُ عَلَى الصَّلَاةِ كَالْيَمِينِ عَلَى النِّكَاحِ، وَكَذَا عَلَى الْحَجِّ وَالصَّوْمِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَكَذَا عَلَى الْبَيْعِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ ، وَمِنْهَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الْيَوْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالصَّحِيحِ قِيَاسًا وَيَتَقَيَّدُ بِهِ اسْتِحْسَانًا وَمِثْلُهُ لَا يَتَزَوَّجُ الْيَوْمَ كَمَا فِي الْمُحِيطِ ، وَمِنْهَا لَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ كَانَ 117 - إقْرَارًا بِالْمِلْكِ لَهُ 118 - حَتَّى لَوْ ادَّعَى أَنَّهَا مَسْكَنُهُ لَمْ تُقْبَلْ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَوْلُهُ: فُلَانٌ سَاكِنٌ هَذِهِ الدَّارَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِكَوْنِهَا لَهُ بِخِلَافِ زَرْعِ فُلَانٍ، أَوْ غَرْسٍ، أَوْ بِنَاءٍ وَادَّعَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِالْأَجْرِ فَهِيَ لِلْمُقِرِّ وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّاةِ حَنِثَ بِلَحْمِهَا؛ لِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ مَا تَزَوَّجَ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ، وَأَمَّا التَّوْكِيلُ بِالْبَيْعِ فَيَتَنَاوَلُهُمَا؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ فِي الْبَيْعِ يُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ، وَأَطْلَقَ فِي الْإِذْنِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ أُذِنَ لَهُ فِي نِكَاحِ حُرَّةٍ، أَوْ أَمَةٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُعَيَّنَةً فَاتِّفَاقِيٌّ. (117) قَوْلُهُ: إقْرَارًا بِكَوْنِهَا لَهُ لَا خَفَاءَ فِي أَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِ مِنْ إضَافَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ إلَى مَفْعُولِهِ، وَكَانَ إفَادَةُ الْمِلْكِ بِطَرِيقِ أَنَّ لِلْفَرْدِ الْكَامِلِ سُكْنَى الْمِلْكِ فَانْصَرَفَ الْمِلْكُ إلَيْهِ. (118) قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ ادَّعَى أَنَّهَا مَسْكَنُهُ لَمْ يُقْبَلْ لَا يُقَالُ: اللَّامُ فِيهَا لِلِاخْتِصَاصِ، وَهُوَ يَعُمُّ الْمِلْكَ وَالسُّكْنَى؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ كَذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْفَرْدِ الْكَامِلِ، وَهُوَ اخْتِصَاصُ الْمِلْكِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى غَيْرِهِ؛ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ اللَّامَ لِلْمِلْكِ حَقِيقَةً كَيْ يُفِيدَهُ جَعْلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ جُزْئِيَّاتِ قَاعِدَةِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ

الْحَقِيقَةُ دُونَ لَبَنِهَا وَنِتَاجَهَا. 119 - بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ حَنِثَ بِثَمَرِهَا وَطَلْعِهَا 120 - لَا بِمَا اتَّصَلَ بِهِ صَنْعَةٌ حَادِثَةٌ كَالدِّبْسِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا ثَمَرٌ حَنِثَ بِمَا أَكَلَهُ مِمَّا اشْتَرَاهُ بِثَمَنِهَا وَمِنْهَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِ عَيْنِهَا لِلْإِمْكَانِ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ خُبْزِهَا: ، وَمِنْهَا حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ دِجْلَةَ 121 - حَنِثَ بِالْكَرْعِ لِأَنَّهُ الْحَقِيقَةُ وَلَا يَحْنَثُ بِالشُّرْبِ بِيَدِهِ، أَوْ بِإِنَاءٍ بِخِلَافِ مِنْ مَاءِ دِجْلَةَ. وَمِنْهَا، أَوْصَى لِمَوَالِيهِ وَلَهُ عُتَقَاءُ وَلَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ إلَخْ. إنَّمَا حَنِثَ بِأَكْلِ ثَمَرِهَا، وَطَلْعِهَا لِتَعَذُّرِ الْحَقِيقَةِ، فَيَصِيرُ إلَى الْمَجَازِ بِالْإِجْمَاعِ. وَالْحَقِيقَةُ الْمُتَعَذِّرَةُ هِيَ مَا لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِمَشَقَّةِ، أَوْ مَا هُجِرَ، وَهِيَ مَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ إلَّا أَنَّ النَّاسَ هَجَرُوهُ وَتَرَكُوهُ، مِثَالُ الْمُتَعَذِّرَةِ: لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ النَّخْلَةَ وَالْمَجَازُ أَنْ يَأْكُلَ ثَمَرَهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا ثَمَرَةٌ فَقِيمَتَهَا، وَلَوْ تَكَلَّفَ وَأَكَلَ مِنْ عَيْنِهَا لَا يَحْنَثُ فِي الصَّحِيحِ، وَمِثَالُ الْمَهْجُورِ: لَوْ حَلَفَ لَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي دَارِ فُلَانِ فَإِنَّ حَقِيقَتَهُ، وَهُوَ وَضْعُ الْقَدَمِ حَافِيًا وَلَكِنَّ النَّاسَ هَجَرُوهُ لِلْمَجَازِ فِيهِ الدُّخُولُ؛ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْحَقِيقَةُ مُسْتَعْمَلَةً، وَالْمَجَازُ مُتَعَارَفًا فَالْحَقِيقَةُ، أَوْلَى عِنْدَ الْإِمَامِ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا الْمَجَازُ الْمُتَعَارَفُ، أَوْلَى بِدَلَالَةِ الْعُرْفِ وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا يُطْلَبُ مِنْ كُتُبِ الْأُصُولِ. (120) قَوْلُهُ: لَا بِمَا اتَّصَلَ بِهِ صَنْعَةٌ حَادِثَةٌ، الْمُرَادُ بِالثَّمَرِ الَّذِي اتَّصَلَ بِهِ صَنْعَةٌ حَادِثَةٌ فَصَارَ حَقِيقَةً أُخْرَى، فَيَكُونُ قَوْلُهُ: كَالدِّبْسِ بَيَانٌ لِلْحَقِيقَةِ الْأُخْرَى الْحَاصِلَةِ بِاتِّصَالِ الصَّنْعَةِ الْحَادِثَةِ بِالثَّمَرِ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِسَبَبِ اتِّصَالِ صَنْعَةٍ حَادِثَةٍ بِالثَّمَرِ (121) قَوْلُهُ: حَنِثَ بِالْكَرْعِ. الْكَرْعُ تَنَاوُلُ الْمَاءِ بِفِيهِ مِنْ مَوْضِعِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْرَبَ بِكَفِّهِ، أَوْ بِإِنَاءٍ، وَبَابُهُ خَضَعَ وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى مِنْ بَابِ فَهِمَ، كَذَا

عُتَقَاءُ اخْتَصَّتْ بِالْأَوَّلِينَ؛ لِأَنَّهُمْ مَوَالِيهِ حَقِيقَةً، وَالْآخَرُونَ مَجَازًا بِالتَّسَبُّبِ. ، وَمِنْهَا: أَوْصَى لِأَبْنَاءِ زَيْدٍ وَلَهُ صُلْبِيُّونَ وَحَفَدَةٌ 122 - فَالْوَصِيَّةُ لِلصُّلْبِيَّيْنِ وَنُقِضَ عَلَيْنَا الْأَصْلُ الْمَذْكُورُ بِالْمُسْتَأْمِنِ عَلَى أَبْنَائِهِ لِدُخُولِ الْحَفَدَةِ، وَبِمَنْ حَلَفَ لَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي دَارِ زَيْدٍ حَنِثَ بِالدُّخُولِ مُطْلَقًا، وَبِمَنْ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ فَقَدِمَ لَيْلًا عَتَقَ، وَبِمَنْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ دَارَ زَيْدٍ عَمَّتْ النِّسْبَةُ لِلْمِلْكِ وَغَيْرِهِ 123 - وَبِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدًا رَحِمَهُمَا اللَّهُ قَالَا فِيمَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ رَجَبٍ نَاوِيًا لِلْيَمِينِ أَنَّهُ نَذَرَ يَمِينٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَمَانَ لِحَقْنِ الدَّمِ الْمُحْتَاطِ فِيهِ فَانْتَهَضَ الْإِطْلَاقُ شُبْهَةً تَقُومُ مَقَامَ الْحَقِيقَةِ فِيهِ، وَوَضْعُ الْقَدَمِ مَجَازٌ عَنْ الدُّخُولِ بِهِ فَعَمَّ، وَالْيَوْمُ إذَا قُرِنَ بِفِعْلٍ لَا يَمْتَدُّ كَانَ لِمُطْلَقِ الْوَقْتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: 16] وَالنَّهَارُ إذَا امْتَدَّ لِكَوْنِهِ مِعْيَارًا وَالْقُدُومُ غَيْرُ مُمْتَدٍّ فَاعْتُبِرَ مُطْلَقُ الْوَقْتِ، وَإِضَافَةُ الدَّارِ نِسْبَةٌ لِلسُّكْنَى، وَهِيَ عَامَّةٌ وَالنَّذْرُ مُسْتَفَادٌ مِنْ الصِّيغَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ. قَوْلُهُ أَوْ لَهُ صُلْبِيُّونَ وَحَفَدَةٌ. قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي سُورَةِ النَّحْلِ: الْحَفَدَةُ الْبَنَاتُ، وَقِيلَ: أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ (122) قَوْلُهُ: فَالْوَصِيَّةُ لِلصُّلْبِيِّينَ، وَنُقِضَ عَلَيْنَا الْأَصْلُ الْمَذْكُورُ، وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ. (123) قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدً رَحِمَهُمَا اللَّهُ قَالَا إلَخْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِالْمُسْتَأْمِنِ

[خاتمة فيها فوائد في قاعدة اليقين لا يزول بالشك]

وَالْيَمِينُ مِنْ الْمُوجِبِ فَإِنَّ إيجَابَ الْمُبَاحِ يَمِينٌ كَتَحْرِيمِهِ 125 - بِالنَّصِّ 126 - وَمَعَ الِاخْتِلَافِ لَا جَمْعَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. . وَمِنْ هَذَا الْأَصْلِ: لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي صَلَاةً فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِرَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا الْحَقِيقَةُ بِخِلَافِ لَا يُصَلِّي؛ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يُقَيِّدَهَا بِسَجْدَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ آتِيًا بِجَمِيعِ الْأَرْكَانِ، وَهَلْ يَحْنَثُ بِوَضْعِ الْجِهَةِ، أَوْ بِالرَّفْعِ؟ قَوْلَانِ هُنَا مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ الثَّانِي كَمَا رَجَّحُوهُ فِي الصَّلَاةِ ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِالْأَرْبَعِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّيه جَمَاعَةً لَمْ يَحْنَثْ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ وَاخْتُلِفَ فِيمَا إذَا أَتَى بِالْأَكْثَرِ [خَاتِمَةٌ فِيهَا فَوَائِدُ فِي قَاعِدَةِ الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ] [الأولي يُسْتَثْنَى مِنْ قَاعِدَة الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ مَسَائِلُ] خَاتِمَةٌ فِيهَا فَوَائِدُ فِي تِلْكَ الْقَاعِدَةِ أَعْنِي: الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ. الْقَاعِدَةُ الْأُولَى تُسْتَثْنَى مِنْهَا مَسَائِلُ: الْأُولَى الْمُسْتَحَاضَةُ الْمُتَحَيِّرَةُ يَلْزَمُهَا الِاغْتِسَالُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ الثَّانِيَةُ: إذَا وَجَدَ بَلَلًا وَلَا يَدْرِي أَنَّهُ مَنِيٌّ، أَوْ مَذْيٌ قَدَّمْنَا إيجَابَ الْغُسْلِ مَعَ وُجُودِ الشَّكِّ. الثَّالِثَةُ: وَجَدَ فَأْرَةً مَيِّتَةً وَلَمْ يَدْرِ مَتَى وَقَعَتْ وَكَانَ قَدْ تَوَضَّأَ مِنْهَا، قَدَّمْنَا وُجُوبَ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ مُفَصَّلًا مَعَ الشَّكِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْيَمِينُ مِنْ الْمُوجِبِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ إيجَابُ الْمُبَاحِ فَيَسْتَدْعِي تَحْرِيمَ ضِدِّهِ، وَأَنَّهُ يَمِينٌ فَكَانَ نَذْرًا بِصِيغَتِهِ يَمِينًا بِمُوجِبِهِ، كَشِرَاءِ الْقَرِيبِ: تَمَلُّكٌ بِصِيغَتِهِ، تَحْرِيرٌ بِمُوجِبِهِ. (125) قَوْلُهُ: بِالنَّصِّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهُ يَمِينٌ لَا بِتَحْرِيمٍ. (126) قَوْلُهُ: وَمَعَ الِاخْتِلَافِ لَا جَمْعَ، أَيْ لَا جَمْعَ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ لِأَنَّ النَّذْرَ مِنْ الصِّيغَةِ، وَالْيَمِينَ مِنْ الْمُوجِبِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَنَا

الرَّابِعَةُ: قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَوْ شَكَّ هَلْ كَبَّرَ لِلِافْتِتَاحِ، أَوْ لَا، أَوْ أَحْدَثَ أَوْ لَا، أَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ، أَوْ لَا وَكَانَ أَوَّلَ مَا عَرَضَ لَهُ اسْتَقْبَلَ. الْخَامِسَةُ: أَصَابَتْ ثَوْبَهُ نَجَاسَةٌ وَلَا يَدْرِي أَيَّ مَوْضِعٍ أَصَابَتْهُ، غَسَلَ الْكُلَّ عَلَى مَا قَدَّمْنَا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ. السَّادِسَةُ: رَمَى صَيْدًا فَجَرَحَهُ، ثُمَّ تَغَيَّبَ عَنْ بَصَرِهِ، ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا وَلَا يَدْرِي سَبَبَ مَوْتِهِ يَحْرُمُ مَعَ وُجُودِ الشَّكِّ لَكِنْ شَرَطَ فِي الْكَنْزِ لِحُرْمَتِهِ أَنْ يَقْعُدَ عَنْ طَلَبِهِ، وَشَرَطَ قَاضِي خَانْ أَنْ يَتَوَارَى عَنْ بَصَرِهِ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ مَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. السَّابِعَةُ: لَوْ أَكَلَتْ الْهِرَّةُ فَأْرَةً قَالُوا: إنْ شَرِبَتْ عَلَى فَوْرِهَا الْمَاءَ يَتَنَجَّسُ كَشَارِبِ الْخَمْرِ إذَا شَرِبَ الْمَاءَ عَلَى فَوْرِهِ وَلَوْ مَكَثَتْ سَاعَةً، ثُمَّ شَرِبَتْ لَا يَتَنَجَّسُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِاحْتِمَالِ غَسْلِهَا فَمَهَا بِلُعَابِهَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَتَنَجَّسُ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَزُولُ إلَّا بِالْمُطْلَقِ كَالْحُكْمِيَّةِ: وَهُنَا مَسَائِلُ تَحْتَاجُ إلَى الْمُرَاجَعَةِ وَلَمْ أَرَهَا الْآنَ: مِنْهَا 127 - شَكَّ مُسَافِرٌ أَوَصَلَ بَلَدَهُ، أَوْ لَا؟ ، وَمِنْهَا: شَكَّ مُسَافِرٌ هَلْ نَوَى الْإِقَامَةَ، أَوْ لَا، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ التَّرَخُّصُ بِالشَّكِّ ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّتَارْخَانِيَّة ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: شَكَّ مُسَافِرٌ هَلْ نَوَى الْإِقَامَةَ إلَخْ. أَقُولُ: مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ، وَقَوْلُهُمْ: الْأَصْلُ الْعَدَمُ أَنْ يَسْتَمِرَّ حُكْمُ السَّفَرِ مَعَ الشَّكِّ فِي الْوُصُولِ إلَى بَلَدِهِ، وَهَلْ نَوَى الْإِقَامَةَ، أَوْ لَا؟ قِيلَ: وَالْمُتَبَادَرُ إلَى الْفَهْمِ مِنْ عِبَارَةِ

وَلَوْ شَكَّ فِي الصَّلَاةِ أَمُقِيمٌ، أَوْ مُسَافِرٌ صَلَّى أَرْبَعًا وَيَقْعُدُ عَلَى الثَّانِيَةِ احْتِيَاطًا فَكَذَلِكَ إذَا شَكَّ فِي نِيَّةِ الْإِقَامَةِ. وَمِنْهَا: صَاحِبُ الْعُذْرِ إذَا شَكَّ فِي انْقِطَاعِهِ فَصَلَّى بِطَهَارَتِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِحَّ. ، وَمِنْهَا: جَاءَ مِنْ قُدَّامِ الْإِمَامِ وَشَكَّ أَمُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ أَمْ لَا، وَمِنْهَا: شَكَّ هَلْ سَبَقَ الْإِمَامَ بِالتَّكْبِيرِ، أَوْ لَا ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُومُ هَلْ سَبَقَ إمَامَهُ بِالتَّكْبِيرِ، أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَبَّرَ بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَبَّرَ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِهِ 129 -، وَإِنْ اشْتَرَكَ الظَّنَّانِ أَجْزَأَ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ مَحْمُولٌ عَلَى السَّدَادِ حَتَّى يَظْهَرَ الْخَطَأُ (انْتَهَى) . وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَهِيَ الشَّكُّ فِي التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ ، وَمِنْهَا: مَنْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ وَشَكَّ فِي قَضَائِهَا فَهِيَ سِتٌّ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: رَجُلٌ لَا يَدْرِي هَلْ فِي ذِمَّتِهِ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ أَمْ لَا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ الْفَوَائِتَ، ثُمَّ قَالَ: وَإِذَا لَمْ يَدْرِ الرَّجُلُ أَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْفَوَائِتِ، أَوْ لَا 130 - الْأَفْضَلُ أَنْ يَقْرَأَ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ فِي الْأَرْبَعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّتَارْخَانِيَّة فِيمَا لَمْ يَكُنْ سَفَرٌ مُحَقَّقٌ سَابِقٌ عَلَى شَكٍّ فِي الْإِقَامَةِ وَالسَّفَرِ، فَإِنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ لَكِنْ مَا تَقَدَّمَ عَارَضَهُ عَدَمُ جَوَازِ الرُّخْصَةِ بِالشَّكِّ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (128) قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ فِي الصَّلَاةِ أَمُقِيمٌ، أَوْ مُسَافِرٌ، وَقِيلَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ شَكُّهُ فِي ذَلِكَ أُجِيبَ بِأَنَّهُ مُمْكِنٌ، كَأَحَدِ الْجُنْدِ إذَا لَمْ يَدْرِ هَلْ نَوَى أَمِيرُهُ الْإِقَامَةَ، أَوْ لَا لِأَنَّهُ تَابِعٌ. قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَكَ الظَّنَّانِ، كَأَنَّ الْمُرَادَ اسْتِوَاءُ الِاحْتِمَالَيْنِ. قَوْلُهُ: الْأَفْضَلُ أَنْ يَقْرَأَ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ إلَخْ. يَعْنِي لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ

[الثانية الشك تساوي الطرفين]

الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ انْتَهَى. (الْفَائِدَةُ) الثَّانِيَةُ الشَّكُّ تَسَاوِي الطَّرَفَيْنِ 131 - وَالظَّنُّ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ وَهُوَ تَرْجِيحُ جِهَةِ الصَّوَابِ، وَالْوَهْمُ رُجْحَانُ جِهَةِ الْخَطَأِ، وَأَمَّا أَكْبَرُ الرَّأْيِ وَغَالِبُ الظَّنِّ 132 - فَهُوَ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ إذَا أَخَذَ بِهِ الْقَلْبُ، وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ اللَّامِشِيُّ فِي أُصُولِهِ 133 - وَحَاصِلُهُ 134 - أَنَّ الظَّنَّ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْفَوَائِتِ فَيَقَعُ عَنْ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ فَتُؤْخَذُ فِيهَا الْفَاتِحَةُ وَالسُّورَةُ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ سَقَطَ مَا قِيلَ: لَعَلَّهُ أَنْ يَقْرَأَ فِي الظُّهْرِ وَمَا بَعْدَهُ بِحَذْفِ لَفْظَةِ سُنَّةٍ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ ذَاتَ الْأَرْبَعِ يَجِبُ أَنْ يَقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ، بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ يَقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الْفَاتِحَةَ كَذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِ يَنْوِي السُّنَّةَ وَلَا يَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ إذْ الْفَرِيضَةُ لَا تَتَأَدَّى بِنِيَّةِ السُّنَّةِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَنْوِي بِهَا الْفَرِيضَةَ مَعَ الْقِرَاءَاتِ فِي الْكُلِّ. [الثَّانِيَةُ الشَّكُّ تَسَاوِي الطَّرَفَيْنِ] (131) قَوْلُهُ: وَالظَّنُّ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ إلَخْ. قِيلَ: كَأَنَّهُ أَرَادَ بِجِهَةِ الصَّوَابِ مُطَابِقَةَ الْقَوَاعِدِ وَبِجِهَةِ الْخَطَأِ عَدَمَهَا، فَإِنَّ الظَّنَّ حِينَئِذٍ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ الْمُطَابِقُ، كَمَا أَنَّ الْوَهْمَ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ الْغَيْرُ الْمُطَابِقِ، وَسَكَتَ عَنْ الطَّرَفِ الْمَرْجُوحِ الْمُطَابِقِ مُطْلَقًا، وَغَيْرِ الْمُطَابِقِ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ الْوَهْمَ الطَّرَفُ الْمَرْجُوحُ مُطْلَقًا. (132) قَوْلُهُ: فَهُوَ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ إذَا أَخَذَ بِهِ الْقَلْبُ. قِيلَ: إنْ أَرَادَ بِأَخْذِ الْقَلْبِ الْجَزْمَ فَهُوَ يُنَافِي كَوْنَهُ رَاجِحًا، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ أَقْصَى مَرَاتِبِ الظَّنِّ بِحَيْثُ يَقْرُبُ مِنْ مَرْتَبَةِ الْجَزْمِ فَلَا بَأْسَ بِهِ. (133) قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ، أَيْ مَا ذَكَرَهُ اللَّامِشِيُّ فِي أُصُولِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَهُ اللَّامِشِيُّ (134) قَوْلُهُ: إنَّ الظَّنَّ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مِنْ قَبِيلِ الشَّكِّ. قِيلَ عَلَيْهِ: إنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ

[الثالثة في الاستصحاب]

مِنْ قَبِيلِ الشَّكِّ؛ لِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ التَّرَدُّدَ بَيْنَ وُجُودِ الشَّيْءِ وَعَدَمِهِ سَوَاءٌ اسْتَوَيَا، أَوْ تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا، وَكَذَا قَالُوا فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ: لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْف دِرْهَمٍ فِي ظَنِّي لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لِلشَّكِّ (انْتَهَى) . وَغَالِبُ الظَّنِّ عِنْدَهُمْ مُلْحَقٌ بِالْيَقِينِ، وَهُوَ الَّذِي يُبْتَنَى عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ يَعْرِفُ ذَلِكَ مَنْ تَصَفَّحَ كَلَامَهُمْ فِي الْأَبْوَابِ، صَرَّحُوا فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ بِأَنَّ الْغَالِبَ كَالْمُتَحَقِّقِ، وَصَرَّحُوا فِي الطَّلَاقِ بِأَنَّهُ إذَا ظَنَّ الْوُقُوعَ لَمْ يَقَعْ، وَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وَقَعَ الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ فِي الِاسْتِصْحَابِ 136 -، وَهُوَ كَمَا فِي التَّحْرِيرِ الْحُكْمُ بِبَقَاءِ أَمْرٍ مُحَقَّقٍ لَمْ يُظَنَّ عَدَمُهُ وَاخْتُلِفَ فِي حُجِّيَّتِهِ فَقِيلَ حُجَّةٌ مُطْلَقًا وَنَفَاهُ كَثِيرٌ مُطْلَقًا وَاخْتَارَ الْفُحُولُ الثَّلَاثَةُ أَبُو زَيْدٍ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُقَالَ: إنَّ الظَّنَّ قَدْ يُطْلَقُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْ التَّرَدُّدِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَرَجَّحُ بِوَجْهٍ مَا ثُمَّ يَزُولُ التَّرَجُّحُ بِمُعَارِضٍ لَهُ، فَسَمَّوْهُ ظَنًّا بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الْحَالِ وَبَنَوْا عَلَيْهِ الْحُكْمَ فِي الْمَالِ فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ التَّوْفِيقُ بَيْنَ كَلَامِهِمْ فِي الْأُصُولِ وَكَلَامِهِمْ فِي الْفُرُوعِ، وَلَا يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مُطْلَقًا مِنْ قَبِيلِ الشَّكِّ، لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ تَرْكُهُمْ اسْتِعْمَالَهُ بِمَعْنَى الطَّرَفِ الرَّاجِحِ أَصْلًا فَتَأَمَّلْ. (135) قَوْلُهُ: مِنْ قَبِيلِ الشَّكِّ إلَخْ. وَعَلَيْهِ فَالشَّكُّ أَعَمُّ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الشَّكَّ تَسَاوِي الطَّرَفَيْنِ عِنْدَ غَيْرِ الْفُقَهَاءِ كَالْمَعْقُولِينَ [الثَّالِثَةُ فِي الِاسْتِصْحَابِ] قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا فِي التَّحْرِيرِ إلَخْ. وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ الْحُكْمُ بِثُبُوتِ أَمْرٍ فِي وَقْتٍ آخَرَ، وَهَذَا يَشْتَمِلُ نَوْعَيْهِ، وَهُمَا جَعْلُ الْحُكْمِ الثَّابِتِ فِي الْمَاضِي مُصَاحِبًا لِلْحَالِ، أَوْ جَعْلُ الْحَالِ مُصَاحِبًا لِذَلِكَ الْحُكْمِ.

حُجَّةٌ لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ، وَهُوَ الْمَشْهُورَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ أَصْلًا 138 -؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ اسْتِمْرَارُ عَدَمِهِ الْأَصْلِيِّ 139 -؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْوُجُودِ لَيْسَ مُوجِبَ بَقَائِهِ فَالْحُكْمُ بِبَقَائِهِ بِلَا دَلِيلٍ، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ وَمِمَّا فُرِّعَ عَلَيْهِ الشِّقْصُ إذَا بِيعَ مِنْ الدَّارِ وَطَلَبَ الشَّرِيكُ الشُّفْعَةَ فَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي مِلْكَ الطَّالِبِ فِيمَا فِي يَدِهِ فَالْقَوْلُ لَهُ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَمِنْهَا: الْمَفْقُودُ لَا يَرِثُ عِنْدَنَا وَلَا يُورَثُ وَقَدَّمْنَا فُرُوعًا مَبْنِيَّةً عَلَيْهِ فِي قَاعِدَةِ أَنَّ الْحَادِثَ يُضَافُ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ. وَفِي إقْرَارِ الْبَزَّازِيَّةِ: 140 - صَبَّ دُهْنًا لِإِنْسَانٍ عِنْدَ الشُّهُودِ فَادَّعَى مَالِكُهُ الضَّمَانَ فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: حُجَّةٌ لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ أَيْ لِدَفْعِ إلْزَامِ الْغَيْرِ لَا لِإِلْزَامِ الْغَيْرِ. (138) قَوْلُهُ: لِأَنَّ الدَّفْعَ اسْتِمْرَارُ عَدَمِهِ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِكَوْنِ الِاسْتِصْحَابِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ مُطْلَقًا لَا فِي الدَّفْعِ وَلَا فِي الْإِثْبَاتِ، فَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الدَّفْعَ اسْتِمْرَارُ عَدَمِهِ الْأَصْلِيِّ تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ حُجِّيَّتِهِ، فِي الدَّفْعِ. وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ مُوجِبَ الْوُجُودِ لَيْسَ مُوجِبَ بَقَائِهِ تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ حُجِّيَّتِهِ فِي الْإِثْبَاتِ (139) قَوْلُهُ: لِأَنَّ مُوجِبَ الْوُجُودِ إلَخْ، أَيْ الْمُثْبِتُ لِحُكْمٍ فِي الشُّرُوعِ لَا يُوجِبُ بَقَاءَهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ الْإِثْبَاتُ، وَالْبَقَاءُ غَيْرُ الثُّبُوتِ، فَلَا يَثْبُتَ بِهِ الْبَقَاءُ كَالْإِيجَادِ لَا يُوجِبُ الْبَقَاءَ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ الْوُجُودُ لَا غَيْرُ، يَعْنِي لَمَّا كَانَ الْإِيجَادُ عِلَّةً لِلْوُجُودِ لَا لِلْبَقَاءِ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْبَقَاءُ حَتَّى صَحَّ الْإِفْنَاءُ بَعْدَ الْإِيجَادِ، وَلَوْ كَانَ الْإِيجَادُ مُوجِبًا لِلْبَقَاءِ كَمَا كَانَ مُوجِبًا لِلْوُجُودِ لَمَّا تُصُوِّرَ الْإِفْنَاءُ بَعْدَ الْإِيجَادِ لِاسْتِحَالَةِ الْفَنَاءِ مَعَ الْبَقَاءِ، وَلَمَّا صَحَّ الْإِفْنَاءُ عُلِمَ أَنَّ الْإِيجَادَ لَا يُوجِبُ الْبَقَاءَ. قَوْلُهُ: صَبَّ دُهْنًا لِإِنْسَانٍ إلَخْ. قِيلَ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الدُّهْنَ، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الدُّهْنَ الْمُنَجَّسَ مَالٌ بِدَلِيلِ جَوَازِ بَيْعِهِ فَهُوَ مَالٌ قَابِلٌ لِلتَّمْلِيكِ وَالتَّمَلُّكِ

كَانَتْ نَجِسَةً لِوُقُوعِ فَأْرَةٍ فِيهَا فَالْقَوْلُ لِلصَّابِّ 141 - لِإِنْكَارِهِ الضَّمَانَ 142 - وَالشُّهُودُ يَشْهَدُونَ عَلَى الصَّبِّ لَا عَدَمِ النَّجَاسَةِ ، وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَ لَحْمَ طَوَّافٍ فَطُولِبَ بِالضَّمَانِ فَقَالَ: كَانَتْ مَيْتَةً فَأَتْلَفْتهَا لَا يُصَدَّقُ وَلِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ لَحْمٌ ذَكِيٌّ بِحُكْمِ الْحَالِ. قَالَ الْقَاضِي لَا يَضْمَنُ فَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِمَسْأَلَةِ كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ، وَهِيَ: أَنَّ رَجُلًا لَوْ قَتَلَ رَجُلًا فَلَمَّا طُلِبَ مِنْهُ الْقِصَاصَ قَالَ: كَانَ ارْتَدَّ، أَوْ قَتَلَ أَبِي فَقَتَلْته قِصَاصًا، أَوْ لِلرِّدَّةِ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيَكُونُ مَالًا مَعْصُومًا، وَنَقَلَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، الضَّمَانَ حَيْثُ قَالَ: أَرَاقَ زَيْتَ مُسْلِمٍ، أَوْ سَمْنَهُ وَقَدْ وَقَعَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ (انْتَهَى) . وَهُوَ تَنَاقُضٌ بِحَسْبِ الظَّاهِرِ وَالْجَوَابُ يُحْمَلُ الضَّمَانُ الْمَنْفِيُّ عَلَى ضَمَانِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ إذْ هُوَ الْمُتَبَادَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ، وَحُمِلَ الضَّمَانُ الْمُثْبَتُ عَلَى ضَمَانِ الْقِيمَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هُنَا تَقْيِيدٌ حَسَنٌ لِقَوْلِهِمْ: الْمِثْلِيُّ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ، أَوْ وَزْنٌ أَيْ وَكَانَ عَلَى صِفَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ مِنْ الطَّهَارَةِ فَإِنْ خَرَجَ عَنْهَا بِالنَّجَسِ صَارَ قِيَمِيًّا كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْبَزَّازِيَّةِ ثَانِيًا وَفِي فُصُولِ الْعَلَّامِيِّ: وَإِنْ أَتْلَفَ زَيْتَ غَيْرِهِ فِي السُّوقِ، أَوْ سَمْنَهُ، أَوْ خَلَّهُ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَقَالَ: أَتْلَفْته لِكَوْنِهِ نَجِسًا؛ لِأَنَّهُ مَاتَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الزَّيْتَ الْمُنَجَّسَ وَنَحْوُهُ قَدْ يُبَاعُ فِي السُّوقِ، وَإِنْ أَتْلَفَ لَحْمَ قَصَّابٍ فِي السُّوقِ وَقَالَ: أَتْلَفْته لِكَوْنِهِ مَيْتَةً ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْمَيْتَةَ لَا تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَجَازَ لِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى أَنَّهَا ذَكِيَّةٌ. (141) قَوْلُهُ: لِإِنْكَارِهِ الضَّمَانَ، الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ فُرُوعِ الْعَمَلِ بِالِاسْتِصْحَابِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزَّمَانِ فَيُدْفَعُ بِهِ دَعْوَى الْمِلْكِ. (142) قَوْلُهُ: وَالشُّهُودُ يَشْهَدُونَ عَلَى الصَّبِّ كَأَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ يُتَوَهَّمُ وُرُودُهُ، وَهُوَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الضَّمَانَ يَكُونُ مُسْتَنِدًا إلَى شَهَادَةِ الشُّهُودِ فَدُفِعَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِعَدَمِ النَّجَاسَةِ شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْيِ

يُسْمَعُ، فَأَجَابَ وَقَالَ: لِأَنَّهُ لَوْ قُبِلَ لَأَدَّى إلَى فَتْحِ بَابِ الْعُدْوَانِ، فَإِنَّهُ يَقْتُلُ وَيَقُولُ: كَانَ الْقَتْلُ كَذَلِكَ وَأَمْرُ الدَّمِ عَظِيمٌ فَلَا يُهْمَلُ بِخِلَافِ الْمَالِ فَإِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الدَّمِ أَهْوَنُ حَتَّى حُكِمَ فِي الْمَالِ بِالنُّكُولِ 143 - وَفِي الدَّمِ يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ، أَوْ يَحْلِفَ وَاكْتُفِيَ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ فِي الْمَالِ وَبِخَمْسِينَ يَمِينًا فِي الدَّمِ (انْتَهَى) ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي الدَّم يُحْبَسُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْحَالِ، وَحِينَئِذٍ فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: وَفِي الدَّمِ بِالْحَبْسِ أَيْ لَا بِالنُّكُولِ، قَالَ ابْنُ الدَّبَرِيِّ فِي تَكْمِلَتِهِ لِشَرْحِ الْهِدَايَةِ: وَظَاهِرُ عِبَارَاتِهِمْ أَنَّهُ فِي حَبْسِهِ لَا يُطْعَمُ وَلَا يُسْقَى لِيَأْتِيَ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِقْرَارِ وَالْيَمِينِ، وَفِي الْبَيَانِيَّةِ مِثْلُهُ، أَوْ أَصْرَحُ كَذَا فِي الرَّمْزِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُدْسِيِّ.

[القاعدة الرابعة المشقة تجلب التيسير]

الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ الْمَشَقَّةُ تَجْلُبُ التَّيْسِيرَ) وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] وقَوْله تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] 1 - (وَفِي حَدِيثِ «أَحَبُّ الدِّينِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ» ) قَالَ الْعُلَمَاءُ: يَتَخَرَّجُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ جَمِيعُ رُخَصِ الشَّرْعِ وَتَخْفِيفَاتِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ أَسْبَابَ التَّخْفِيفِ فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا سَبْعَةٌ: 2 - الْأَوَّلُ السَّفَرُ، وَهُوَ نَوْعَانِ: 3 - مِنْهُ مَا يَخْتَصُّ بِالطَّوِيلِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهَا، وَهُوَ الْقَصْرُ، وَالْفِطْرُ، وَالْمَسْحُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ 4 - وَسُقُوطُ الْأُضْحِيَّةُ عَلَى مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَالثَّانِي مَا لَا يَخْتَصُّ بِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ، مُطْلَقُ الْخُرُوجِ عَنْ الْمِصْرِ، وَهُوَ تَرْكُ الْجُمُعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ الْمَشَقَّةُ تَجْلُبُ التَّيْسِيرَ] قَوْلُهُ: وَفِي الْحَدِيثِ «أَحَبُّ الدِّينِ» الْحَدِيثَ إلَخْ. هَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ. (2) قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ السَّفَرُ، قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَقَعَتْ حَادِثَةٌ فِي عَهْدِنَا، وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا حَلَفَ لَيُسَافِرَنَّ، فَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ خُرُوجُهُ بِالنِّيَّةِ، أَوْ يُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْخُرُوجِ مِنْ مِصْرِهِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ مَتَى خَرَجَ قَاصِدًا لِلسَّفَرِ وَجَاوَزَ عِمْرَانَ مِصْرِهِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُسَافِرٌ حَتَّى جَازَ لَهُ قَصْرُ الصَّلَاةِ، كَمَا أَفَادَهُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ فَلَا يَحْنَثُ وَلَوْ عَادَ بَعْدَ ذَلِكَ. (3) قَوْلُهُ: مِنْهُ مَا يَخْتَصُّ بِالطَّوِيلِ إلَخْ. الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ: الْأَوَّلُ مِنْهُ حَتَّى يُحْسِنَ مُقَابَلَتَهُ لِقَوْلِهِ، وَالثَّانِي مَا لَا يَخْتَصُّ بِهِ. (4) قَوْلُهُ: وَسُقُوطُ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِثْلُهُ فِي السِّرَاجِ وَالنِّهَايَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ، قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَلَكِنْ قَدْ حَمَلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -

وَالْعِيدَيْنِ وَالْجَمَاعَةِ، وَالنَّفَلُ عَلَى الدَّابَّةِ، وَجَوَازُ التَّيَمُّمِ، وَاسْتِحْبَابُ الْقُرْعَةِ بَيْنَ نِسَائِهِ، وَالْقَصْرُ لِلْمُسَافِرِ عِنْدَنَا رُخْصَةُ إسْقَاطٍ بِمَعْنَى الْعَزِيمَةِ، بِمَعْنَى أَنَّ الْإِتْمَامَ لَمْ يَبْقَ مَشْرُوعًا حَتَّى أَثِمَ بِهِ وَفَسَدَتْ لَوْ أَتَمَّ وَلَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ إنْ لَمْ يَنْوِ إقَامَتَهُ قُبَيْلَ سُجُودِ الثَّالِثَةِ. 5 - الثَّانِي: الْمَرَضُ؛ وَرُخَصُهُ كَثِيرَةٌ: التَّيَمُّمُ عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ عَلَى عُضْوِهِ، أَوْ مِنْ زِيَادَةِ الْمَرَضِ، أَوْ بُطْئِهِ، 6 -، وَالْقُعُودُ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ وَالِاضْطِجَاعُ فِيهَا، وَالْإِيمَاءُ، وَالتَّخَلُّفُ عَنْ الْجَمَاعَةِ مَعَ حُصُولِ الْفَضِيلَةِ، وَالْفِطْرُ فِي رَمَضَانَ لِلشَّيْخِ الْفَانِي مَعَ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَيْهِ، وَالِانْتِقَالُ مِنْ الصَّوْمِ إلَى الْإِطْعَامِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَالْفِطْرُ فِي رَمَضَانَ، وَالْخُرُوجُ مِنْ الْمُعْتَكَفِ، وَالِاسْتِنَابَةُ فِي الْحَجِّ وَفِي رَمْيِ الْجِمَارِ وَإِبَاحَةُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ «لَيْسَ عَلَى الْفَقِيرِ وَالْمُسَافِرِ أُضْحِيَّةٌ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَلْدَةٍ، أَوْ قَرْيَةٍ حَتَّى تَسْقُطَ الْأُضْحِيَّةُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ» . قَوْلُهُ: الثَّانِي الْمَرَضُ إلَخْ. الْمَرَضُ: حَالَةٌ لِلْبَدَنِ يَزُولُ بِهَا اعْتِدَالُ الطَّبِيعَةِ، وَأَنَّهُ لَا يُنَافِي أَهْلِيَّةَ الْحُكْمِ، أَيْ أَهْلِيَّةَ وُجُوبِ الْحُكْمِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ لَا يُخِلُّ بِالْعَقْلِ وَلَا يَمْنَعُهُ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ؛ فَلِذَا صَحَّ نِكَاحُ الْمَرِيضِ، وَالْمَرَضُ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ صِيَانَةً لِحَقِّ الْوَارِثِ، وَهُوَ الثُّلُثَانِ، وَحَقِّ الْغَرِيمِ، وَهُوَ قَدْرُ الدَّيْنِ إذَا اتَّصَلَ الْمَرَضُ بِالْمَوْتِ مُسْتَنِدًا إلَى أَوَّلِهِ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِوَارِثِهِ وَلَا وَصِيَّتُهُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَيُقَدَّمُ دَيْنُ الصِّحَّةِ عَلَى دَيْنٍ أَقَرَّ بِهِ فِيهِ. (6) قَوْلُهُ: وَالْقُعُودُ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ إلَخْ. فِي التُّمُرْتَاشِيِّ نَقْلًا عَنْ الْإِيضَاحِ: لَوْ قَضَى فِي الصِّحَّةِ فَعَلَ كَمَا يَفْعَلُهُ الْأَصِحَّاءُ، وَفِي الْإِسْبِيجَابِيِّ: لَوْ قَضَى فِي الْمَرَضِ فَائِتَةً فِي الصِّحَّةِ بِالتَّيَمُّمِ، أَوْ بِالْإِيمَاءِ جَازَ.

مَعَ الْفِدْيَةِ، وَالتَّدَاوِي بِالنَّجَاسَاتِ وَبِالْخَمْرِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَاخْتَارَ قَاضِي خَانْ عَدَمَهُ وَإِسَاغَةُ اللُّقْمَةِ إذَا غَصَّ بِهَا اتِّفَاقًا، وَإِبَاحَةُ النَّظَرِ لِلطَّبِيبِ حَتَّى الْعَوْرَةِ وَالسَّوْأَتَيْنِ، الثَّالِثُ: الْإِكْرَاهُ. 7 - الرَّابِعُ: النِّسْيَانُ. الْخَامِسُ الْجَهْلُ وَسَيَأْتِي لَهَا مَبَاحِثُ السَّادِسُ: الْعُسْرُ وَعُمُومُ الْبَلْوَى؛ كَالصَّلَاةِ مَعَ النَّجَاسَةِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا كَمَا دُونَ رُبْعِ الثَّوْبِ مِنْ مُخَفَّفَةٍ 8 - وَقَدْرِ الدِّرْهَمِ مِنْ الْمُغَلَّظَةِ، وَنَجَاسَةُ الْمَعْذُورِ الَّتِي تُصِيبُ ثِيَابَهُ وَكَانَ كُلَّمَا غَسَلَهُ خَرَجَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الرَّابِعُ النِّسْيَانُ وَهُوَ عَدَمُ اسْتِحْضَارِ الشَّيْءِ وَقْتَ الْحَاجَةِ، فَيَشْمَلُ السَّهْوَ عِنْدَ الْحُكَمَاءِ، فَإِنَّ اللُّغَةَ لَا تُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ لَا يُنَافِي الْوُجُوبَ لِكَمَالِ الْعَقْلِ وَلَيْسَ عُذْرًا فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ لَوْ أَتْلَفَ مَالَ إنْسَانٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَفِي حُقُوقِهِ تَعَالَى عُذْرٌ فِي سُقُوطِ الْإِثْمِ، أَمَّا الْحُكْمُ فَإِنْ كَانَ مَعَ مُذَكِّرٍ وَلَا دَاعِيَ إلَيْهِ كَأَكْلِ الْمُصَلِّي فَلَا يَسْقُطُ الْحُكْمُ لِتَقْصِيرِهِ، بِخِلَافِ سَلَامِهِ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّهُ، أَوْ لَا مُذَكِّرَ مَعَ دَاعٍ كَأَكْلِ الصَّائِمِ فَيَسْقُطُ الْحُكْمُ، وَكَالتَّسْمِيَةِ فِي الذَّبِيحَةِ فَإِنَّ ذَبْحَ الْحَيَوَانِ يُوجِبُ هَيْبَةً وَخَوْفًا لِنُفُورِ الطَّبْعِ، فَتَكْثُرُ الْغَفْلَةُ عَنْ التَّسْمِيَةِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِاشْتِغَالِ قَلْبِهِ بِالْخَوْفِ، وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ النِّسْيَانَ غَيْرُ عَفْوٍ فِي مَسَائِلَ: مِنْهَا: لَوْ نَسِيَ الْمُحْدِثُ غَسْلَ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ، وَمِنْهَا لَوْ صَلَّى قَاعِدًا مُتَوَهِّمًا عَجْزَهُ عَنْ الْقِيَامِ نَاسِيًا قُدْرَتَهُ عَلَى الْقِيَامِ وَمِنْهَا إذَا حَكَمَ الْحَكَمَ بِالْقِيَاسِ نَاسِيًا النَّصَّ، وَمِنْهَا لَوْ نَسِيَ الرَّقَبَةَ فِي الْكَفَّارَةِ فَصَامَ، وَمِنْهَا لَوْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ نَجِسٍ نَاسِيًا، وَمِنْهَا لَوْ فَعَلَ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ نَاسِيًا. (8) قَوْلُهُ: وَقَدْرِ الدِّرْهَمِ مِنْ الْمُغَلَّظَةِ، الْمُرَادُ بِالدِّرْهَمِ الْمِثْقَالُ وَعَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ زَمَانٍ دِرْهَمٌ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي السِّرَاجِ وَقِيلَ: قَدْرُ الدِّرْهَمِ كَعَرْضِ الْكَفِّ، وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ، أَيْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ بَسْطُ الدِّرْهَمِ مِنْ حَيْثُ الْمِسَاحَةُ، وَهُوَ قَدْرُ عُرْضِ الْكَفِّ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ مِنْ حَيْثُ الْوَزْنُ وَوَفَّقَ الْهِنْدُوَانِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ رِوَايَةَ الْمِسَاحَةِ فِي الرَّقِيقِ كَالْبَوْلِ، وَرِوَايَةَ الْوَزْنِ فِي الثَّخِينِ وَاخْتَارَ هَذَا التَّوْفِيقَ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ لِأَنَّ إعْمَالَ الرِّوَايَتَيْنِ إذَا أَمْكَنَ، أَوْلَى

وَدَمُ الْبَرَاغِيثِ، وَالْبَقِّ فِي الثَّوْبِ، وَإِنْ كَثُرَ، وَبَوْلٌ تَرَشَّشَ عَلَى الثَّوْبِ قَدْرَ رُءُوسِ الْإِبَرِ 10 - وَطِينُ الشَّوَارِعِ وَأَثَرُ نَجَاسَةٍ عَسُرَ زَوَالُهُ 11 - وَبَوْلُ سِنَّوْرٍ فِي غَيْرِ أَوَانِي الْمَاءِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى 12 -، وَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَ فِي الْهِرَّةِ وَالْفَأْرَةِ وَخُرْءِ حَمَامٍ وَعُصْفُورٍ، وَإِنْ كَثُرَ، وَخُرْءِ الطُّيُورِ الْمُحَرَّمَةِ فِي رِوَايَةٍ، وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً 13 - وَرِيقُ النَّائِمِ مُطْلَقًا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ، وَأَفْوَاهُ الصِّبْيَانِ وَغُبَارُ السِّرْقِينِ ـــــــــــــــــــــــــــــQخُصُوصًا مَعَ مُنَاسَبَةِ هَذَا التَّوْزِيعِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ وَقْتُ الْإِصَابَةِ فَلَوْ كَانَ دُهْنًا نَجِسًا قُدِّرَ الدِّرْهَمُ وَقْتَ الْإِصَابَةِ فَانْبَسَطَ فَصَارَ أَكْثَرَ مِنْهُ لَا يَمْنَعُ فِي اخْتِيَارِ الْمَرْغِينَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَمُخْتَارُ غَيْرِهِمْ الْمَنْعُ، وَلَوْ صَلَّى قَبْلَ انْبِسَاطِهِ جَازَتْ، وَبَعْدَهُ لَا، وَبِهِ أَخَذَ الْأَكْثَرُونَ كَمَا فِي السِّرَاجِ. (9) قَوْلُهُ: وَدَمُ الْبَرَاغِيثِ وَالْبَقِّ، فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَيْسَتْ نَجِسَةً مَعْفُوًّ عَنْهَا، وَإِنَّمَا هِيَ طَاهِرَةٌ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَقَعْ الِاتِّفَاقُ عَلَى طَهَارَتِهَا كَمَا يَعْرِفُهُ مَنْ اطَّلَعَ عَلَى كَلَامِهِمْ فِي الْكُتُبِ الْمَبْسُوطَةِ ذَكَرَهَا بِطَرِيقِ الِاسْتِطْرَادِ تَبَعًا لِمَا هُوَ نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ. (10) قَوْلُهُ: وَطِينُ الشَّوَارِعِ أَطْلَقَهُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِيهِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ فَهُوَ نَجِسٌ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي السِّرَاجِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: مَشَى فِي الطِّينِ فَأَصَابَهُ، لَا يَجِبُ فِي الْحُكْمِ غَسْلُهُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَثَرَ النَّجَاسَةِ، وَالِاحْتِيَاطُ فِي الصَّلَاةِ غَسْلُهُ. (11) قَوْلُهُ: وَبَوْلُ سِنَّوْرٍ فِي الْقَامُوسِ: الْهِرَّةُ السِّنَّوْرُ وَفِي مُخْتَصَرِ حَيَاةِ الْحَيَوَانِ السِّنَّوْرُ وَاحِدٌ، وَالْجَمْعُ السَّنَانِيرُ، حَيَوَانٌ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِدَفْعِ الْفَأْرَةِ. (12) قَوْلُهُ: وَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَ فِي الْهِرَّةِ وَالْفَأْرَةِ إلَخْ أَيْ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْعَفْوَ عَنْ بَوْلِهَا بِالْأَوَانِي، وَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْعَفْوَ عَنْ بَوْلِ الْفَأْرَةِ أَصْلًا حَتَّى يَسُوغَ نَقْلُ الْإِطْلَاقِ فِيهِ. (13) قَوْلُهُ: وَرِيقُ النَّائِمِ مُطْلَقًا، هَذَا الْإِطْلَاقُ لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ تَفْصِيلٍ سَابِقٍ وَلَا

وَقَلِيلُ الدُّخَانِ النَّجِسِ، وَمَنْفَذُ الْحَيَوَانِ، ، 15 - وَالْعَفْوُ عَنْ الرِّيحِ، وَالْفُسَاءِ، إذَا أَصَابَ السَّرَاوِيلَ الْمُبْتَلَّةَ، وَالْمَقْعَدَةَ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ، وَكَانَ الْحَلْوَانِيُّ لَا يُصَلِّي فِي سَرَاوِيلِهِ، وَلَا تَأْوِيلَ لِفِعْلِهِ إلَّا التَّحَرُّزُ مِنْ الْخِلَافِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُنَا بِأَنَّ النَّارَ مُطَهِّرَةٌ لِلرَّوْثِ، وَالْعَذِرَةِ، فَقُلْنَا بِطَهَارَةِ رَمَادِهِمَا تَيْسِيرًا، وَإِلَّا لَزِمَتْ نَجَاسَةُ الْخُبْزِ فِي غَالِبِ الْأَمْصَارِ، 16 - وَمِنْ ذَلِكَ طَهَارَةُ بَوْلِ الْخُفَّاشِ وَخُرْئِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَاحِقٍ، حَتَّى قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِلْبُرْهَانِ إبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ: الْمَاءُ الَّذِي يَسِيلُ مِنْ فَمِ النَّائِمِ طَاهِرٌ، وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ إنْ جَفَّ وَبَقِيَ لَهُ أَثَرٌ أَيْ رِيحٌ، أَوْ لَوْنٌ بِأَنْ كَانَ مُنْتِنًا، أَوْ أَصْفَرَ فَهُوَ نَجِسٌ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْغَالِبَ كَوْنُهُ مِنْ الْبَلْغَمِ، وَهُوَ طَاهِرٌ مُطْلَقًا عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ مَا كَانَ مُتَغَيِّرًا، فَالظَّاهِرُ كَوْنُهُ مِنْ الْمَعِدَةِ وَمَا خَرَجَ مِنْهَا نَجِسٌ، وَاسْتَثْنَاهُمَا الْبَلْغَمُ لِلزَّوْجَةِ، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ، عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قُرْحَةٍ وَنَحْوِهَا أَيْضًا، وَقَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ: هُوَ طَاهِرٌ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ الْجَوْفِ، وَهُوَ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا فِي الْمُحِيطِ، فَإِنَّ تَغَيُّرَ اللَّوْنِ وَالرَّائِحَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْجَوْفِ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ قُرْحَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا فَلَا خَفَاءَ فِي نَجَاسَتِهِ، وَالْكَلَامُ فِيمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ (14) قَوْلُهُ: وَقَلِيلُ الدُّخَانِ النَّجِسِ هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ دُخَانَ النَّجَاسَةِ نَجِسٌ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ. (15) قَوْلُهُ: وَالْعَفْوُ عَنْ الرِّيحِ وَالْفُسَاءِ عَطْفٌ عَلَى الرِّيحِ، عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَمَا ذَكَرَ مِنْ الْعَفْوِ الْمُقْتَضِي لِلنَّجَاسَةِ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ، وَالصَّحِيحُ طَهَارَةُ عَيْنِهَا. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: عَفَى عَنْ كَذَا، وَكَذَا أَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ حُكْمَ النَّجَاسَةِ مَعَ أَنَّ مَظِنَّةَ النَّجَاسَةِ لِانْتِفَائِهِ عَنْهَا. (16) قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ طَهَارَةُ بَوْلِ الْخُفَّاشِ هُوَ كَرُمَّانِ الْوَطْوَاطِ سُمِّيَ بِهِ لِصِغَرِ عَيْنِهِ وَضَعْفِ بَصَرِهِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. وَيُقَالُ لَهُ الْخَطَّافُ لِأَنَّهُ يَخْطَفُ الْبَعُوضَ، وَهُوَ طَعَامُهُ كَمَا قَالَ الْجَاحِظُ فِي كِتَابِ الْبَيَانِ. فِيهِ قَدْرُ الدِّرْهَمِ. قَالَ: وَلَا بَوْلَ لِغَيْرِهَا مِنْ

، وَالْبَعْرُ إذَا وَقَعَ فِي الْمِحْلَبِ وَرُمِيَ قَبْلَ التَّفَتُّتِ، وَتَخْفِيفُ نَجَاسَةِ الْأَرْوَاثِ عِنْدَهُمَا، وَمَا يُصِيبَ الثَّوْبَ مِنْ بُخَارَاتِ النَّجَاسَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَمَا يُصِيبُهُ مِمَّا سَالَ مِنْ الْكَنِيفِ، مَا لَمْ يَكُنْ أَكْبَرُ رَأْيِهِ النَّجَاسَةَ وَمَاءُ الطَّابَقِ اسْتِحْسَانًا، وَصُورَتُهُ: أُحْرِقَتْ الْعَذِرَةُ فِي بَيْتٍ فَأَصَابَ مَاءُ الطَّابَقِ ثَوْبَ 18 - إنْسَانٍ، وَكَذَا الْإِصْطَبْلُ إذَا كَانَ حَارًّا، أَوْ عَلَى كُوَّتِهِ طَابَقٌ، أَوْ بَيْتُ بَالُوعَةٍ إذَا كَانَ عَلَيْهِ طَابَقٌ وَتَقَاطَرَ مِنْهُ، وَكَذَا الْحَمَّامُ إذَا أُهْرِيقَ فِيهِ النَّجَاسَةُ فَعَرِقَ حِيطَانُهَا وَكُوَّتُهَا وَتَقَاطَرَ مِنْهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي الْإِصْطَبْلِ كُوزٌ مُعَلَّقٌ فِيهِ مَاءٌ فَتَرَشَّحَ فِي أَسْفَلِ الْكُوزِ. 19 - وَالْقَوْلُ بِطَهَارَةِ الْمِسْكِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ دَمًا، ـــــــــــــــــــــــــــــQالطُّيُورِ، وَبَوْلُ سَائِرِ الطُّيُورِ الْبِلَّةُ الَّتِي تَكُونُ مَعَ خَرْئِهَا (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ عَلَى مَا فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى لِمَا إذَا يُعْتَبَرُ الْخُرْءُ فَتَأَمَّلْ (17) . قَوْلُهُ: وَالْبَعْرُ إذَا وَقَعَ فِي الْمِحْلَبِ فَدُفِعَ فِي الْحَالِ، يَعْنِي إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ اللَّبَنُ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ قَبْلَ التَّفَتُّتِ. (18) قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي الْإِصْطَبْلِ كُوزٌ إلَخْ، فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ الْحَلَبِيِّ بَعْدَ كَلَامٍ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي الْإِصْطَبْلِ كُوزٌ مُعَلَّقٌ فِيهِ مَاءٌ فَرَشَحَ مِنْ أَسْفَلِ الْكُوزِ، فِي الْقِيَاسِ يَكُونُ نَجِسًا؛ لِأَنَّ الْبَوْلَ فِي أَسْفَلِ الْكُوزِ صَارَ نَجِسًا بِبُخَارِ الْإِصْطَبْلِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَتَنَجَّسُ؛ لِأَنَّ الْكُوزَ طَاهِرٌ، وَالْمَاءَ الَّذِي فِيهِ طَاهِرٌ فَمَا تَرَشَّحَ مِنْهُ يَكُونُ طَاهِرًا (19) قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ بِطَهَارَةِ الْمِسْكِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: قَوْلُنَا بِأَنَّ النَّارَ مُطَهِّرَةٌ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَعَيْنُ الْمِسْكِ قَالُوا: يَجُوزُ أَكْلُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ مَا اُشْتُهِرَ مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّهُ دَمٌ وَلَمْ أَرَ لَهُمْ تَعْلِيلًا (انْتَهَى) . وَقِيلَ عَلَيْهِ: إنَّ الْمَسْأَلَةَ مُعَلَّلَةٌ، فَقَدْ قَالَ فِي النَّجَاتِيَّةِ

وَالزَّبَادِ، وَإِنْ كَانَ عَرَقَ حَيَوَانٍ مُحَرَّمِ الْأَكْلِ، وَالتُّرَابِ الطَّاهِرِ إذَا جُعِلَ طِينًا بِالْمَاءِ النَّجِسِ، أَوْ عَكْسُهُ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلطَّاهِرِ أَيُّهُمَا كَانَ 21 - وَمَا تَرَشَّشَ عَلَى الْغَاسِلِ مِنْ غُسَالَةِ الْمَيِّتِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَمَا رُشَّ بِهِ السُّوقُ إذَا ابْتَلَّ بِهِ قَدَمَاهُ، وَمَوَاطِئِ الْكِلَابِ وَالطِّينِ الْمُسَرْقَنِ وَرَدْغَةِ الطَّرِيقِ، وَمَشْرُوعِيَّةِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُزِيلٍ، حَتَّى لَوْ نَزَلَ الْمُسْتَنْجِي بِهِ فِي مَاءٍ نَجِسَةٍ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ كُلَّ مَائِعٍ قَالِعٍ يُزِيلُ النَّجَاسَةَ الْحَقِيقِيَّةَ، وَمَسِّ الْمُصْحَفِ لِلصِّبْيَانِ لِلتَّعَلُّمِ، وَمَسْحِ الْخُفِّ فِي الْحَضَرِ لِمَشَقَّةِ نَزْعِهِ فِي كُلِّ وُضُوءٍ، وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَ نَزْعُهُ لِلْغَسْلِ لِعَدَمِ تَكَرُّرِهِ 22 -، وَأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ عَلَى الْمَاءِ بِالِاسْتِعْمَالِ مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا عَلَى الْعُضْوِ وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمِسْكُ حَلَالٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ يُؤْكَلُ فِي الطَّعَامِ وَيُجْعَلُ فِي الْأَدْوِيَةِ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ الْمِسْكَ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ دَمًا فَقَدْ تَغَيَّرَ فَيَصِيرُ طَاهِرًا كَرَمَادِ الْعَذِرَةِ (انْتَهَى) . وَالْمُرَادُ بِالتَّغَيُّرِ الِاسْتِحَالَةُ إلَى طِيبٍ، وَهُوَ مِنْ الْمُطَهِّرَاتِ عِنْدَنَا، وَإِنَّمَا قَالَ: حَلَالٌ دُونَ طَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الطَّهَارَةِ الْحِلُّ كَمَا فِي التُّرَابِ بِخِلَافِ الْكَعْسِ، وَبِمَا قَالَهُ قَاضِي خَانْ عُلِمَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُعَلَّلَةٌ (20) قَوْلُهُ: وَالزَّبَادِ عَطْفٌ عَلَى الْمِسْكِ، وَإِنَّمَا كَانَ طَاهِرًا لِاسْتِحَالَتِهِ إلَى الطِّبِّ (21) قَوْله: وَمَا تَرَشَّشَ عَلَى الْغَاسِلِ إلَخْ. فِي السِّرَاجِ: الْمَيِّتُ إنْ كَانَ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ فَهِيَ نَجِسَةٌ وَإِلَّا فَهِيَ طَاهِرَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ (22) قَوْلُهُ: وَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ عَلَى الْمَاءِ بِالِاسْتِعْمَالِ: مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا انْفَصَلَ صَارَ مُسْتَعْمَلًا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ فِي مَكَان، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَقِيلَ: الْمُسْتَعْمَلُ مَا زَالَ عَنْ الْبَدَنِ وَاسْتَقَرَّ فِي مَكَان مِنْ أَرْضٍ، أَوْ إنَاءٍ، وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْكَنْزِ

بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ إذَا لَاقَى الْمُتَنَجِّسَ مَا لَمْ يَنْفَصِلْ عَنْهُ، وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّهُ التَّغَيُّرُ بِالْمُكْثِ وَالطِّينِ 23 - وَالطُّحْلُبِ وَكُلِّ مَا يَعْسُرُ صَوْنُهُ عَنْهُ وَإِبَاحَةُ الْمَشْيِ وَالِاسْتِدْبَارِ عِنْدَ سَبْقِ الْحَدَثِ وَإِبَاحَتُهُمَا فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ 24 - وَإِبَاحَةُ النَّافِلَةِ عَلَى الدَّابَّةِ خَارِجَ الْمِصْرِ بِالْإِيمَاءِ. 25 - وَفِيهِ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِبَاحَةُ الْقُعُودِ فِيهَا بِلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالطُّحْلُبُ بِضَمِّ الطَّاءِ وَاللَّامُ مَفْتُوحَةً وَمَضْمُومَةً الْأَخْضَرُ الَّذِي يَعْلُو عَلَى الْمَاءِ، كَذَا فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ (24) قَوْلُهُ: وَإِبَاحَةُ النَّافِلَةِ عَلَى الدَّابَّةِ لَفْظُ النَّافِلَةِ يَتَنَاوَلُ السُّنَنَ الرَّوَاتِبَ، فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ عَلَى الدَّابَّةِ. أَطْلَقَ إبَاحَةَ النَّافِلَةِ عَلَى الدَّابَّةِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ مُسَافِرًا، أَوْ مُقِيمًا خَارِجًا إلَى بَعْضِ النَّوَاحِي لِحَاجَةٍ. وَصَحَّحَهُ فِي النِّهَايَةِ: وَيَشْمَلُ مَا إذَا قَدَرَ عَلَى النُّزُولِ أَوْ لَا وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ خَارِجِ الْمِصْرِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا يَجُوزُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْصُرَ فِيهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَلَمْ تُشْتَرَطْ طَهَارَةُ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْكَافِي. وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ أَيْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى السِّرَاجِ، أَوْ الرِّكَابَيْنِ وَالدَّابَّةِ، لِأَنَّ فِيهَا ضَرُورَةٌ فَسَقَطَ اعْتِبَارُهَا وَقَيَّدَ بِالنَّافِلَةِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ، وَالْوَاجِبَ بِأَنْوَاعِهِ مِنْ الْوِتْرِ، وَالْمَنْذُورِ وَمَا لَزِمَهُ بِالشُّرُوعِ وَالْإِفْسَادِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالسَّجْدَةِ الَّتِي تُلِيَتْ لَا تَجُوزُ عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لِعَدَمِ لُزُومِ الْحَرَجِ فِي النُّزُولِ، وَمِنْ الْأَعْذَارِ أَنْ يَخَافَ اللِّصَّ، أَوْ السَّبُعَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ أَوْ لَمْ يَقِفْ لَهُ رُفَقَاؤُهُ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ جَمُوحًا لَا يَقْدِرُ عَلَى رُكُوبِهَا إلَّا بِمُعِينٍ، وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَجِدُ مِنْ يُرْكِبُهُ، وَمِنْ الْأَعْذَارِ الطِّينُ وَالْمَطَرُ بِأَنْ يَكُونَ بِحَالٍ يَغِيبُ وَجْهُهُ فِي الطِّينِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، وَالْأَرْضُ نَدِيَّةٌ فَإِنَّهُ يُصَلِّي، كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ الرَّجُلُ حَمَلَ امْرَأَتَهُ مِنْ الْقَرْيَةِ إلَى الْمِصْرِ كَانَ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى الدَّابَّةِ فِي الطَّرِيقِ إذَا كَانَتْ لَا تَقْدِرُ عَلَى النُّزُولِ. (25) قَوْلُهُ: وَفِيهِ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَيْ: إبَاحَةُ النَّافِلَةِ عَلَى الدَّابَّةِ فِي الْمِصْرِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَجُوزُ وَيُكْرَهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ

عُذْرٍ وَوَسَّعَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْعِبَادَاتِ كُلِّهَا 26 - فَلَمْ يَقُلْ: إنَّ مَسَّ الْمَرْأَةِ وَالذَّكَرِ نَاقِضٌ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ النِّيَّةَ فِي الطَّهَارَةِ وَلَا الدَّلْكَ، وَوَسَّعَ فِي الْمِيَاهِ فَفَوَّضَهُ إلَى رَأْيِ الْمُبْتَلَى بِهِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ مُقَارَنَةَ النِّيَّةِ لِلتَّكْبِيرِ، وَلَمْ يُعَيِّنْ مِنْ الْقُرْآنِ شَيْئًا حَتَّى الْفَاتِحَةَ عَمَلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] وَالتَّعْيِينُ بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ عُسْرٌ، وَأَسْقَطَ الْقِرَاءَةَ عَنْ الْمَأْمُومِ، بَلْ مَنَعَهُ مِنْهَا شَفَقَةً عَلَى الْإِمَامِ دَفْعًا لِلتَّخْلِيطِ عَنْهُ كَمَا يُشَاهَدُ بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ، وَلَمْ يَخُصَّ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ بِلَفْظٍ، وَإِنَّمَا جَوَّزَهَا بِكُلِّ مَا يُفِيدُ التَّعْظِيمَ وَأَسْقَطَ نَظْمَ الْقُرْآنِ عَنْ الْمُصَلِّي؛ فَجَوَّزَهُ بِالْفَارِسِيِّ تَيْسِيرًا عَلَى الْخَاشِعِينَ. 27 - وَرُوِيَ رُجُوعُهُ عَنْهُ 28 - وَأَسْقَطَ فَرْضَ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ تَيْسِيرًا، وَأَسْقَطَ لُزُومَ التَّفْرِيقِ عَلَى الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ فِي الزَّكَاةِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَجَوَّزَ تَأْخِيرَ النِّيَّةِ فِي الصَّوْم وَعَدَمَ التَّعْيِينِ لِصَوْمِ رَمَضَانَ، وَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَمْ يَقُلْ: إنَّ مَسَّ الْمَرْأَةِ الذَّكَرَ إلَخْ. فِيهِ أَنَّ أَصْحَابَهُ يَقُولُونَ بِذَلِكَ أَيْضًا. (27) قَوْلُهُ: وَرُوِيَ رُجُوعُهُ. قِيلَ عَلَيْهِ: إنَّ رِوَايَةَ الرُّجُوعِ مَشْهُورَةٌ عَنْهُ، فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهِ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ (28) قَوْلُهُ: وَأَسْقَطَ فَرْضَ الطُّمَأْنِينَةِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: إنَّمَا ذُكِرَ عِنْدَ الْكُلِّ فَلَا وَجْهَ لِإِضَافَةِ الْإِسْقَاطِ إلَى الْإِمَامِ وَقَدْ يُقَالُ: الْإِضَافَةُ إلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى أَصْحَابِهِ فَتَأَمَّلْ

يَجْعَلْ لِلْحَجِّ إلَّا رُكْنَيْنِ؛ الْوُقُوفَ وَطَوَافَ الزِّيَارَةِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ الطَّهَارَةَ لَهُ وَلَا السِّتْرَ وَلَمْ يَجْعَلْ السَّبْعَةَ كُلَّهَا أَرْكَانًا بَلْ الْأَكْثَرَ، وَلَمْ يُوجِبْ الْعُمْرَةَ فِي الْعُمْرِ، كُلُّ ذَلِكَ لِلتَّيْسِيرِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ 29 -، وَمِنْ ذَلِكَ الْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَمِنْ ثَمَّ لَا يُسْتَحَبُّ الْإِبْرَادُ فِي الْجُمُعَةِ لِاسْتِحْبَابِ التَّبْكِيرِ إلَيْهَا عَلَى مَا قِيلَ، وَلَكِنْ ذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ 30 - إنَّهَا كَالظُّهْرِ فِي الزَّمَانَيْنِ وَتَرْكِ الْجَمَاعَةِ لِلْمَطَرِ وَالْجُمُعَةِ بِالْأَعْذَارِ الْمَعْرُوفَةِ، وَكَذَا أَسْقَطَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ الْأَعْمَى الْجُمُعَةَ، وَالْحَجَّ 31 -، وَإِنْ وَجَدَ قَائِدًا دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ عَنْهُ 32 - وَعَدَمُ وُجُوبِ قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ عَلَى الْحَائِضِ لِتَكَرُّرِهَا، بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَبِخِلَافِ الْمُسْتَحَاضَةِ لِنُدُورِ ذَلِكَ، وَسُقُوطُ الْقَضَاءِ عَنْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ إذَا زَادَ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ 33 - وَعَنْ الْمَرِيضِ الْعَاجِزِ عَنْ الْإِيمَاءِ بِالرَّأْسِ، كَذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ الْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ. لَيْسَ شِدَّةُ الْحَرِّ قَيْدًا مُعْتَبَرًا فِي اسْتِحْبَابِ الْإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ، بَلْ الْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ مُسْتَحَبٌّ فِي الصَّيْفِ سَوَاءُ كَانَ الْحَرُّ شَدِيدًا، أَوْ لَا. (30) قَوْلُهُ: كَالظُّهْرِ فِي زَمَانَيْنِ. أَيْ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ. (31) قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَ قَائِدًا؛ لِأَنَّ الْقَادِرَ بِقُدْرَةِ غَيْرِهِ لَا يُعَدُّ قَادِرًا عِنْدَهُ (32) قَوْلُهُ: وَعَدَمُ وُجُوبِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَائِضِ. أَقُولُ: لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا لَا يَخْتَصُّ بِالْإِمَامِ، إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا. (33) قَوْلُهُ: وَعَنْ الْمَرِيضِ الْعَاجِزِ عَنْ الْإِيمَاءِ. مَعْطُوفُ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ

عَلَى الصَّحِيحِ 35 - وَجَوَازُ صَلَاةِ الْفَرْضِ فِي السَّفِينَةِ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ لِخَوْفِ دَوَرَانِ الرَّأْسِ. وَكَانَ الصَّوْمُ فِي السَّنَةِ شَهْرًا، وَالْحَجُّ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً، وَالزَّكَاةُ رُبْعَ الْعَشْرِ، تَيْسِيرًا 36 - وَلِذَا قُلْنَا إنَّهَا وَجَبَتْ بِقُدْرَةٍ مُيَسَّرَةٍ حَتَّى سَقَطَتْ بِهَلَاكِ الْمَالِ وَأَكْلُ الْمَيْتَةِ وَأَكْلُ مَالِ الْغَيْرِ مَعَ ضَمَانِ الْبَدَلِ، إذَا اُضْطُرَّ، وَأَكْلُ الْوَلِيِّ، وَالْوَصِيِّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ بِقَدْرِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ، وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْكَنْزِ (35) قَوْلُهُ: وَجَوَازُ صَلَاةِ الْفَرْضِ فِي السَّفِينَةِ. مَسْأَلَةُ السَّفِينَةِ فِيهَا تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّ السَّفِينَةَ إمَّا سَائِرَةٌ، أَوْ مَرْبُوطَةٍ، وَالْمَرْبُوطَةُ إمَّا فِي الشَّطِّ وَإِمَّا فِي اللُّجَّةِ، وَالْمَرْبُوطَةُ فِي اللُّجَّةِ إمَّا شَدِيدَةُ الِاضْطِرَابِ، أَوْ لَا. فَالسَّائِرَةُ، وَالْمَرْبُوطَةُ فِي اللُّجَّةِ شَدِيدَةُ الِاضْطِرَابِ تَجُوزُ صَلَاةُ الْفَرْضِ فِيهَا قَاعِدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ عِنْدَ الْإِمَامِ مَعَ الْإِسَاءَةِ. قَالَا: لَا تَجُوزُ إلَّا بِعُذْرٍ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مِنْ الْأَرْكَانِ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِعُذْرٍ وَلَهُ أَنَّ دَوَرَانَ الرَّأْسِ فِيهَا بِالْقِيَامِ غَالِبٌ، وَالْغَالِبُ كَالْمُتَحَقِّقِ. وَأَمَّا الْمَرْبُوطَةُ بِالشَّطِّ، وَهِيَ مُسْتَقِرَّةٌ غَيْرُ مُضْطَرِبَةٍ فَقِيلَ: عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا، وَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْجَوَازِ اتِّفَاقًا وَأَمَّا غَيْرُ الْمُسْتَقِرَّةِ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا أَصْلًا (36) قَوْلُهُ: وَلِذَا قُلْنَا فِيهَا وَجَبَتْ بِقُدْرَةٍ مُيَسَّرَةٍ، أَيْ بِالْقُدْرَةِ الْمُوجِبَةِ لِتَيْسِيرِ الْأَدَاءِ عَلَى الْعَبْدِ. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ: إذَا هَلَكَ النِّصَابُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ وَلَمْ يُؤَدِّ سَقَطَتْ عَنْهُ الزَّكَاةُ عِنْدَنَا لِعَدَمِ بَقَاءِ الْقُدْرَةِ الْمُيَسَّرَةِ الَّتِي هِيَ وَصْفُ النَّمَاءِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُمْكِنَةً بِدُونِهِ، فَشُرِطَ النَّمَاءُ لِيَكُونَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ. وَالْوَاجِبُ إذَا وَجَبَ بِصِفَةِ الْيُسْرِ لَا يَبْقَى عِنْدَ انْتِفَائِهَا، وَإِلَّا لَانْقَلَبَ الْيُسْرُ عُسْرًا. وَقَيَّدَ بِالْهَلَاكِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اُسْتُهْلِكَ الْمَالُ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَسْقَطَ الْوَاجِبَ عَنْ نَفْسِهِ بِالتَّعَدِّي خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلنَّظَرِ فَجُعِلَتْ الْقُدْرَةُ الْمُيَسَّرَةُ بَاقِيَةً فِيهِ تَقْدِيرًا، زَجْرًا لَهُ وَنَظَرًا لِلْفَقِيرِ

وَجَوَازُ تَقَدُّمِ النِّيَّةِ عَلَى الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَفْصِلْ أَجْنَبِيٌّ، وَتَقَدُّمِ النِّيَّةِ عَلَى الصَّوْمِ مِنْ اللَّيْلِ، وَتَأَخُّرُهَا عَنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى مَا قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ الشَّرْعِيِّ دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ عَنْ جِنْسِ الصَّائِمِينَ؛ لِأَنَّ الْحَائِضَ تَطْهُرُ بَعْدَهُ، وَالْكَافِرَ يُسْلِمُ وَالصَّغِيرَ يَبْلُغُ كَذَلِكَ 38 - وَإِبَاحَةُ التَّحَلُّلِ مِنْ الْحَجِّ بِالْإِحْصَارِ، وَالْفَوَاتِ 39 - وَإِبَاحَةُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَعْيَ حَشِيشِ الْحَرَمِ لِلْحَاجِّ فِي الْمَوْسِمِ تَيْسِيرًا 40 - وَلُبْسُ الْحَرِيرِ لِلْحَكَّةِ، وَالْقِتَالِ وَبَيْعُ الْمَوْصُوفِ فِي الذِّمَّةِ كَالسَّلَمِ، جُوِّزَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ دَفْعًا لِحَاجَةِ الْمَفَالِيسِ وَالِاكْتِفَاءُ بِرُؤْيَةِ ظَاهِرِ الصُّبْرَةِ وَالْأُنْمُوذَجِ وَمَشْرُوعِيَّةُ خِيَارِ الشَّرْطِ لِلْمُشْتَرِي دَفْعًا لِلنَّدَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَجَوَازُ تَقَدُّمِ النِّيَّةِ عَلَى الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَفْصِلْ أَجْنَبِيٌّ يَعْنِي غَيْرَ الْمَشْيِ لِلْفَقِيرِ (38) قَوْلُهُ: وَإِبَاحَةُ التَّحَلُّلِ مِنْ الْحَجِّ بِالْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ يَعْنِي يُبَاحُ التَّحَلُّلُ مِنْ الْحَجِّ بِسَبَبِ الْإِحْصَارِ بِسَرَقِ الْهَدْيِ وَبِسَبَبِ الْفَوَاتِ بِالْعُمْرَةِ، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ، وَالْعِبَارَةُ لَا تُفِيدُهُ (29) قَوْلُهُ: وَإِبَاحَةُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَعْيَ حَشِيشِ الْحَرَمِ إلَخْ. سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفِيًا فِي أَحْكَامِ الْحَرَمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (40) قَوْلُهُ: وَلُبْسُ الْحَرِيرِ لِلْحَكَّةِ، وَالْقِتَالِ سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْحَظْرِ، وَالْإِبَاحَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لُبْسُ الْحَرِيرِ الْخَالِصِ فِي الْحَرْبِ، وَقَدْ ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِي كِتَابِ الْكَرَاهَةِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَصَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرَ بِذَلِكَ (انْتَهَى) . يَعْنِي فَلَا يَجُوزُ لُبْسُ الْحَرِيرِ الْخَالِصِ لِغَيْرِهِمَا

وَخِيَارُ نَقْدِ الثَّمَنِ دَفْعًا لِلْمُمَاطَلَةِ. 42 - وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ بَيْعُ الْأَمَانَةِ الْمُسَمَّى بِبَيْعِ الْوَفَاءِ جَوَّزَهُ مَشَايِخُ بَلْخِ بُخَارَى تَوْسِعَةً، وَبَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ بَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ 43 -، وَمِنْ ذَلِكَ أَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ بِالرَّدِّ لِخِيَارِ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ، إمَّا مُطْلَقًا أَوْ إذَا كَانَ فِيهِ غُرُورُ رَحْمَةٍ عَلَى الْمُشْتَرِي. وَمِنْهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَالتَّحَالُفِ، وَالْإِقَالَةِ وَالْحَوَالَةِ وَالرَّهْنِ وَالضَّمَانِ، وَالْإِبْرَاءُ وَالْقَرْضِ وَالشَّرِكَةِ وَالصُّلْحِ، وَالْحَجْرِ، وَالْوَكَالَةِ وَالْإِجَارَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَخِيَارُ نَقْدِ الثَّمَنِ بِأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي: إنْ لَمْ أُنْقِدِ الثَّمَنَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَنَا. (42) قَوْلُهُ: وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ بَيْعُ الْأَمَانَةِ الْمُسَمَّى بِبَيْعِ الْوَفَاءِ. صُورَتُهُ كَمَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى أَنْ يَقُولَ: بِعْته مِنْك عَلَى أَنْ تَبِيعَهُ مِنِّي مَتَى جِئْت بِالثَّمَنِ. وَفِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنِّفِ: وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي: بِعْت مِنْك هَذَا الْعَيْنَ بِدَيْنِك عَلَى أَبِي، إنْ قَضَيْت الدَّيْنَ فَهُوَ لِي، أَوْ يَقُولَ الْبَائِعُ: بِعْت مِنْك هَذَا بِكَذَا عَلَى أَنِّي إنْ دَفَعْتُ لَك الثَّمَنَ تَدْفَعُ الْعَيْنَ لِي. وَفِيهِ ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ بَلْ تِسْعَةٌ كُلُّهَا مَرْجُوحَةٌ، لَكِنْ فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْغَزِّيِّ: أَنَّ أَكْثَرَ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الرَّهْنِ. وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى: أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ بَاطِلٌ، وَهُوَ رَهْنٌ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الرَّهْنِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَفِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْته شِرَاءً بَاتًّا، وَقَالَ الْبَائِعُ بَيْعُ الْوَفَاءِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَدَّعِي زَوَالَ عَيْنِهِ بِالْبَتَاتِ، وَمُدَّعِي الْوَفَاءِ يُنْكِرُ الزَّوَالَ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَمَنْ أَرَادَ زِيَادَةَ الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِ الْوَفَاءِ فَلْيَرْجِعْ إلَى الْبَزَّازِيَّةِ وَفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ (43) قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ أَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ بِالرَّدِّ بِخِيَارِ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي التَّنْوِيرِ لَا رَدَّ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَيُفْتَى بِالرَّدِّ إنْ غَرَّهُ، وَفِي الزَّيْلَعِيِّ: قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: قِيمَتُهُ كَذَا فَاشْتَرَاهُ فَظَهَرَ أَقَلَّ فَلَهُ الرَّدُّ لِحُكْمِ أَنَّهُ غَرَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ فَلَا، وَبِهِ أَفْتَى الصَّدْرُ الشَّهِيدُ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ خِيَارُ الرَّدِّ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ مَعَ التَّغْرِيرِ لِلْبَائِعِ

وَالْمُزَارِعَةِ، وَالْمُسَاقَاةِ، عَلَى قَوْلِهِمَا الْمُفْتَى بِهِ لِلْحَاجَةِ، وَالْمُضَارَبَةِ، وَالْعَارِيَّةِ، الْوَدِيعَةِ، لِلْمَشَقَّةِ الْعَظِيمَةِ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَا يَنْتَفِعُ إلَّا بِمَا هُوَ مِلْكُهُ وَلَا يَسْتَوْفِي إلَّا مَنْ عَلَيْهِ حَقُّهُ، وَلَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِكَمَالِهِ وَلَا يَتَعَاطَى أُمُورَهُ إلَّا بِنَفْسِهِ 44 - فَسَهُلَ الْأَمْرُ بِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ، وَالْإِعَارَةِ وَالْقَرْضِ، وَبِالِاسْتِعَانَةِ بِالْغَيْرِ وَكَالَةً وَإِيدَاعًا وَشَرِكَةً وَمُضَارَبَةً وَمُسَاقَاةً، وَبِالِاسْتِيفَاءِ مِنْ غَيْرِ الْمَدْيُونِ حَوَالَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ الْمُشْتَرِي كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ كَثِيرٍ، ثُمَّ مَاتَ مَنْ لَهُ ذَلِكَ هَلْ يَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ وَيَمْلِكُ الرَّدَّ بِهِ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ كَمَا فِي خِيَارِ الْعَيْبِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَمْ أَرَهُ. وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْغَزِّيُّ تِلْمِيذُ الْمُصَنِّفِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الرَّدِّ بِالْغَبْنِ، وَإِنَّمَا اخْتَارَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الرَّدَّ لِلْمُشْتَرِي إذَا حَصَلَ التَّغْرِيرُ مِنْ الْبَائِعِ عَكْسُهُ، وَغَايَتُهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ فِي الرَّدِّ. وَأَمَّا كَوْنُهُ كَخِيَارِ الْعَيْبِ فَلَا. فَلْيَكُنْ كَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ وَنَحْوِهِمَا كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ، وَمُوجِبُهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ إلَّا مَشِيئَةً وَإِرَادَةً فَلَا يُتَصَوَّرُ انْتِقَالُهُ إلَى الْوَارِثِ إلَى آخِرِ كَلَامِهِمْ. وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ نُورُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ غَانِمٍ الْمَقْدِسِيُّ: وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقِرِّينَ فَيَسِيرٌ، وَمَا لَا، فَفَاحِشٌ كَمَا فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ، وَكَمَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي مَغْبُونًا يَكُونُ الْبَائِعُ كَذَلِكَ كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِي الْهِدَايَةِ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ: الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْغَزِّيُّ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ فِي الْغَبْنِ الْفَاحِشِ عَدَمُ الرَّدِّ، يُعَارِضُ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ عَنْ خِزَانَةِ الْفَتَاوَى أَنَّ الْمَذْهَبَ الرَّدُّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمَذْهَبِ وَظَاهِرِ الْمَذْهَبِ (44) قَوْلُهُ: فَسَهُلَ الْأَمْرُ بِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ إلَى قَوْلِهِ، وَالْقَرْضِ، قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فِي قَوْلِهِ: وَالْقَرْضِ. نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِالْقَرْضِ، وَهُوَ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ، وَهُوَ الْمُقْرِضُ بَلْ يَمْلِكُهُ الْمُسْتَقْرِضُ وَيَنْتَفِعُ بِهِ، وَهُوَ عَلَى مِلْكِهِ، فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْقَرْضَ وُضِعَ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ فَإِنْ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ مِلْكُ الْغَيْرِ أُبِيحَ تَمْلِيكُهُ، فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْقَرْضِ فَالْبَيْعُ، وَالْهِبَةُ كَذَلِكَ فَأَوْجُهُ تَخْصِيصِ الْقَرْضِ بِالذِّكْرِ

وَبِالتَّوْثِيقِ عَلَى الدَّيْنِ بِرِهَانٍ وَكَفِيلٍ، وَلَوْ بِالنَّفْسِ وَبِإِسْقَاطِ بَعْضِ الدَّيْنِ صُلْحًا، أَوْ كُلَّهُ إبْرَاءٌ، وَلِحَاجَةِ افْتِدَاءِ يَمِينِهِ؛ جَوَّزْنَا الصُّلْحَ عَنْ إنْكَارِ وَلِفَقْدِ مَا شُرِعَتْ الْإِجَارَةُ لَهُ لَوْ جُعِلَتْ الْمَنَافِعُ أُجْرَةً عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، قُلْنَا: لَا يَجُوزُ 45 - وَقُلْنَا: الْإِجَارَةُ عَلَى مَنْفَعَةٍ غَيْرِ مَقْصُودَةٍ مِنْ الْعَيْنِ لَا تَجُوزُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِالْعَارِيَّةِ كَمَا عُلِمَ فِي إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ، وَمِنْ التَّخْفِيفِ جَوَازُ الْعُقُودِ الْحَائِزَةِ؛ لِأَنَّ لُزُومَهَا شَاقٌّ فَتَكُونُ سَبَبًا لِعَدَمِ تَعَاطِيهَا 46 - وَلُزُومُ اللَّازِمَةِ، وَإِلَّا لَمْ يَسْتَقِرَّ بَيْعٌ وَلَا غَيْرُهُ، وَوَقَفْنَا عَزْلَ الْوَكِيلِ عَلَى عِلْمِهِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ عَنْهُ، وَكَذَا عَزْلُ الْقَاضِي وَصَاحِبُ وَظِيفَتِهِ. وَمِنْهُ إبَاحَةُ النَّظَرِ لِلطَّبِيبِ وَالشَّاهِدِ، وَعِنْدَ الْخِطْبَةِ 47 - وَلِلسَّيِّدِ. وَمِنْهُ جَوَازُ النِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِمَا فِي اشْتِرَاطِهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ الَّتِي لَا يَتَحَمَّلُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فِي بَنَاتِهِمْ وَأَخَوَاتِهِمْ، مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقُلْنَا: الْإِجَارَةُ عَلَى مَنْفَعَةٍ غَيْرِ مَقْصُودَةٍ مِنْ الْعَيْنِ لَا تَجُوزُ، وَذَلِكَ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ ثِيَابًا لِيَبْسُطَهَا فِي بَيْتِهِ وَلَا يَجْلِسَ عَلَيْهَا، أَوْ دَابَّةً لِيَرْبِطَهَا فِي فِنَائِهِ لِيَظُنَّ النَّاسُ أَنَّهَا لَهُ، أَوْ لِيَجْعَلَهَا جَنِيبَةً بَيْنَ يَدَيْهِ لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ مِنْ الْعَيْنِ (46) قَوْلُهُ: وَلُزُومُ اللَّازِمَةِ، أَيْ: وَمِنْ التَّخْفِيفِ لُزُومُ اللَّازِمَةِ (47) قَوْلُهُ: وَلِلسَّيِّدِ، أَيْ: إبَاحَةُ النَّظَرِ لِلسَّيِّدِ. قِيلَ: الظَّاهِرُ أَنَّ إبَاحَةَ نَظَرِ السَّيِّدِ لِعَدَمِ كَوْنِ وَجْهِ الْقَيْنَةِ مِنْ الْعَوْرَةِ، وَرُبَّمَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. أَقُولُ: لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْقَيْنَةِ فَإِنَّ وَجْهَ الْحُرَّةِ أَيْضًا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلسَّيِّدِ أَيْضًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالسَّيِّدِ مَرِيدُ شِرَاءِ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ الشَّهْوَةَ، وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِاعْتِبَارِ مَجَازِ الْأَوَّلِ

نَظَرِ كُلِّ خَاطِبٍ؛ فَنَاسَبَ التَّيَسُّرُ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ خِيَارُ رُؤْيَةٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ وَلَهُ الْخِيَارُ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ 48 -، وَمِنْ ثَمَّ قُلْنَا: إنَّ الْأَمْرَ إيجَابٌ فِي النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَمِنْ هُنَا وَسَّعَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَجَوَّزَهُ بِلَا وَلِيٍّ وَمِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ عَدَالَةِ الشُّهُودِ، وَلَمْ يُفْسِدْهُ بِالشُّرُوطِ الْمُفْسِدَةِ، وَلَمْ يَخُصَّهُ بِلَفْظِ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ، بَلْ قَالَ 49 -: يَنْعَقِدُ بِمَا يُفِيدُ مِلْكَ الْعَيْنِ لِلْحَالِ، وَصَحَّحَهُ بِحُضُورِ ابْنَيْ الْعَاقِدَيْنِ وَنَاعِسِينَ وَسُكَارَى يَذْكُرُونَهُ بَعْدَ الصَّحْوِ، وَبِعِبَارَةِ النِّسَاءِ وَجَوَّزَ شَهَادَتَهُنَّ فِيهِ، فَانْعَقَدَ بِحَضْرَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، كُلُّ ذَلِكَ دَفْعًا لِمَشَقَّةِ الزِّنَا وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ. وَمِنْ هُنَا قِيلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ قُلْنَا أَيْ مِنْ هَاهُنَا، أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا فِي النِّكَاحِ دُونَ الْبَيْعِ. قُلْنَا: الْأَمْرُ إيجَابٌ فِي النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ قَوْلَهُ: زَوِّجْنِي تَوْكِيلٌ، وَقَوْلَهُ: زَوَّجْتُك قَائِمٌ مَقَامَ الطَّرَفَيْنِ، بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ لِمَا عُرِفَ أَنَّ الْوَاحِدَ فِي النِّكَاحِ يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَلَمْ يَطَّلِعْ صَاحِبُ الدُّرَرِ، وَالْغُرَرِ عَلَى مَا فِي الْخَانِيَّةِ فَاعْتَرَضَ عَلَى الْكَنْزِ بِأَنَّهُ خَالَفَ الْقَوْمَ. وَاعْلَمْ أَنَّ هُنَا ثَمَانِيَةَ مَوَاطِنَ يَكُونُ الْأَمْرُ إيجَابًا فِي بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ: مِنْهَا الْبَيْعُ، وَالْإِقَالَةُ لَا يَكُونُ الْأَمْرُ فِيهِمَا إيجَابًا، وَالنِّكَاحُ، وَالْخُلْعُ هُوَ فِيهِمَا إيجَابٌ هَذِهِ أَرْبَعَةٌ، وَالْخَامِسُ لَوْ قَالَ لِعَبْدٍ: اشْتَرِ نَفْسَك مِنِّي بِكَذَا فَقَالَ: فَعَلْتُ عَتَقَ وَالسَّادِسُ لَوْ قَالَ: هَبْ لِي هَذَا الْعَبْدَ فَقَالَ: وَهَبْت مِنْك تَمَّ. وَالسَّابِعُ قَالَ لِصَاحِبِ دَيْنٍ: أَبْرِئْنِي فَقَالَ: أَبْرَأْتُك يَتِمُّ. وَالثَّامِنُ قَالَ: اُكْفُلْ نَفْسَ فُلَانٍ لِفُلَانٍ فَقَالَ: كَفَلْت يَتِمُّ. فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَقَدِمَ وَأَجَازَ جَازَ. (49) قَوْلُهُ: يَنْعَقِدُ بِمَا يُفِيدُ مِلْكَ الْعَيْنِ لِلْحَالِ، فَيَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ، وَالْعَطِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ وَالتَّمْلِيكِ، وَالْجُعْلِ، وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَأَمَّا بِلَفْظِ السَّلَمِ فَإِنْ جَعَلَ الْمَرْأَةَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ إجْمَاعًا، وَإِنْ جَعَلَهَا مُسَلَّمًا فِيهَا فَفِيهِ اخْتِلَافٌ. بَقِيَ الْكَلَامُ فِي

عَجِبْتُ لِحَنَفِيٍّ يَزْنِي. وَمِنْهُ إبَاحَةُ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ؛ فَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى وَاحِدَةٍ تَيْسِيرًا عَلَى الرَّجُلِ وَعَلَى النِّسَاءِ أَيْضًا لِكَثْرَتِهِنَّ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى أَرْبَعَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَى الرَّجُلِ فِي الْقَسْمِ وَغَيْرِهِ. وَمِنْهُ مَشْرُوعِيَّةُ الطَّلَاقِ لِمَا فِي الْبَقَاءِ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عِنْدَ التَّنَافُرِ ، وَكَذَا 50 - مَشْرُوعِيَّةُ الْخُلْعِ وَالِافْتِدَاءِ وَالرَّجْعَةِ فِي الْعِدَّةِ قَبْلَ الثَّلَاثِ، 51 - وَلَمْ يُشْرَعْ دَائِمًا ـــــــــــــــــــــــــــــQلَفْظِ التَّجْوِيزِ، هَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِلْكِ الْمُتْعَةِ اتِّصَالٌ حَتَّى تَصِحَّ اسْتِعَارَتُهُ كَمَا اُسْتُعِيرَ لَفْظُ الْهِبَةِ، وَالْبَيْعِ لَهُ أَمْ لَا؟ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا اتِّصَالَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ التَّجْوِيزَ مَصْدَرُ جَوَّزَ الْفَقِيهُ؛ كَذَا إذَا قَالَ بِحِلِّهِ، أَوْ بِمَعْنَى الْمُرُورِ، وَلَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ مَا يَصْلُحُ عَلَاقَةً لِلِاسْتِعَارَةِ. وَلِلْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْغَزِّيِّ تِلْمِيذِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رِسَالَةٌ فِي ذَلِكَ وَحَاصِلُهَا عَدَمُ صِحَّةِ الْعَقْدِ بِهَذَا اللَّفْظِ الْوَاقِعِ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْفَلَّاحِينَ. (50) قَوْلُهُ: مَشْرُوعِيَّةُ الْخُلْعِ وَالِافْتِدَاءِ. عَطَفَ الِافْتِدَاءَ عَلَى الْخُلْعِ عَطْفَ تَفْسِيرٍ. قَالَ فِي الْمَجْمَعِ إذَا افْتَدَتْ الْمَرْأَةُ بِمَالِ يَخْلَعُهَا عَلَيْهِ فَفَعَلَ وَقَعَ طَلْقَةً بَائِنَةً وَلَزِمَهَا الْمَالُ. (51) قَوْلُهُ: وَلَمْ يُشْرَعْ دَائِمًا، بَلْ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ مَحْظُورٌ لَا لِحَاجَةٍ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَيُحْمَلُ لَفْظُ الْمُبَاحِ عَلَى مَا أُبِيحَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ أَعْنِي أَوْقَاتَ تَحَقُّقِ الْحَاجَةِ كَكِبَرٍ وَرِيبَةٍ لَكِنْ فِي الْعِنَايَةِ تَبَعًا لِلدِّرَايَةِ ذَهَبَ بَعْضُ النَّاسِ إلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُبَاحٍ إلَّا لِلضَّرُورَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَعَنَ اللَّهُ كُلَّ ذَوَّاقٍ مِطْلَاقٍ» ، وَالْعَامَّةُ عَلَى إبَاحَتِهِ بِالنُّصُوصِ الْمُطْلَقَةِ وَهَذَا خِلَافُ مَا رَجَّحَهُ فِي الْفَتْحِ، وَهُوَ الْحَقُّ إذْ لَا خِلَافَ لِأَحَدٍ فِي عَدَمِ كَرَاهَةِ الْمَسْنُونِ مِنْهُ، يَعْنِي الْمُبَاحَ، وَلَا يُنَافِيه قَوْلُهُمْ: الْأَصْلُ فِيهِ الْحَظْرُ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّارِعَ تَرَكَ هَذَا الْأَصْلَ فَأَبَاحَهُ كَقَوْلِهِمْ: الْأَصْلُ فِي الطَّلَاقِ الْحَظْرُ، وَالْإِبَاحَةُ لِلْحَاجَةِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ عُرِفَ أَنَّ مَا فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّ بَيْنَ حُكْمِهِمْ بِالْإِبَاحَةِ وَتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهُ مَحْظُورٌ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ، وَالْحَاجَةُ مَا ذَكَرْنَا فِي بَيَانِ سَبَبِهِ تَدَافُعًا مَمْنُوعٌ بَلْ الْحَاجَةُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي النَّهْرِ.

لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَى الزَّوْجَةِ. ، وَمِنْهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى الْمَوْلَى بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا، وَمِنْهُ مَشْرُوعِيَّةُ الْكَفَّارَةِ فِي الظِّهَارِ، وَالْيَمِينِ تَيْسِيرًا عَلَى الْمُكَلَّفِينَ، وَكَذَا التَّخْيِيرُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لِتَكَرُّرِهَا بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْكَفَّارَاتِ لِنُدْرَةِ وُقُوعِهَا، وَمَشْرُوعِيَّةُ التَّخْيِيرِ فِي نَذْرٍ مُعَلَّقٍ 53 - بِشَرْطٍ لَا يُرَادُ كَوْنُهُ بَيْنَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَالْوَفَاءِ بِالْمَنْذُورِ 54 - عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَإِلَيْهِ رَجَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَبْعَةِ أَيَّامٍ، وَمِنْهُ مَشْرُوعِيَّةُ الْكِتَابَةِ لِيَتَخَلَّصَ الْعَبْدُ مِنْ دَوَامِ الرِّقِّ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعُسْرِ، وَلَمْ يُبْطِلْهَا بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ تَوْسِعَةً. وَمِنْهُ مَشْرُوعِيَّةُ الْوَصِيَّةِ عِنْدَ الْمَوْتِ لِيَتَدَارَكَ الْإِنْسَانُ مَا فَرَطَ مِنْهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَصَحَّ لَهُ فِي الثُّلُثِ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهِ دَفْعًا لِضَرَرِ الْوَرَثَةِ حَتَّى أَجَزْنَاهَا بِالْجَمِيعِ عِنْدَ عَدَمِ الْوَارِثِ، وَأَوْقَفْنَاهَا عَلَى إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ إذَا كَانَتْ لِوَارِثٍ وَأَبْقَيْنَا التَّرِكَةَ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ حُكْمًا حَتَّى تُقْضَى حَوَائِجُهُ مِنْهَا رَحْمَةً عَلَيْهِ، وَوَسَّعْنَا الْأَمْرَ فِي الْوَصِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَى الزَّوْجَةِ بِالْمُفَارَقَةِ بَعْدَ كَمَالِ الِازْدِوَاجِ، وَالِائْتِلَافِ. (53) قَوْلُهُ: بِشَرْطٍ لَا يُرَادُ كَوْنُهُ إلَخْ. فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ لِصَدْرِ الشَّرِيعَةِ: إنْ كَانَ الشَّرْطُ أَمْرًا حَرَامًا كَأَنْ زَنَيْت مَثَلًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَخَيَّرَ؛ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ تَخْفِيفٌ وَالْحَرَامُ لَا يُوجِبُ التَّخْفِيفَ (54) قَوْلُهُ: عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى التَّخْيِيرِ مُطْلَقًا.

فَجَوَّزْنَاهَا بِالْمَعْدُومِ وَلَمْ نُبْطِلْهَا بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ. ، وَمِنْهُ إسْقَاطُ الْإِثْمِ عَنْ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْخَطَأِ وَالتَّيْسِيرِ عَلَيْهِمْ بِالِاكْتِفَاءِ بِالظَّنِّ وَلَوْ كُلِّفُوا الْأَخْذَ بِالْيَقِينِ لَشَقَّ وَعَسُرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ وَوَسَّعَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَابِ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ تَيْسِيرًا، فَصَحَّحَ تَوْلِيَةَ الْفَاسِقِ، 56 - وَقَالَ: إنَّ فِسْقَهُ لَا يَعْزِلُهُ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَجَوَّزْنَاهَا بِالْمَعْدُومِ قِيلَ: إطْلَاقُهُ فِي الْمَعْدُومِ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ هُوَ فِي مَعْدُومٍ خَاصٍّ وَهُوَ الثَّمَرَةُ وَنَحْوُهَا مِمَّا يَقْبَلُ التَّمْلِيكَ بِعَقْدٍ مِنْ الْعُقُودِ، أَمَّا لَوْ، أَوْصَى بِمَا تَلِدُ أَغْنَامُهُ لَا يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ اللَّامَ فِي الْمَعْدُومِ لِلْعَهْدِ، وَالْمَعْهُودُ مَا ذَكَرْنَا. قَوْلُهُ: وَقَالَ إنَّ فِسْقَهُ لَا يَعْزِلُهُ. هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَأَطْلَقَ الْفِسْقَ فَشَمِلَ الْفِسْقَ بِأَخْذِ الرِّشْوَةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ الْقَضَاءَ بِالرِّشْوَةِ، أَوْ قَضَى فِيمَا ارْتَشَى. نَقَلَ فِي الْخَانِيَّةِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فِيمَا ارْتَشَى وَنَقَلَ فِي الْعِمَادِيَّةِ خِلَافًا فِيهِ وَيَنْفُذُ فِيمَا سِوَاهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ، وَقِيلَ: يَنْفُذُ فِيهَا وَحُجَّتُهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ حَاصِلَ أَمْرِ الرِّشْوَةِ فِيمَا إذْ قَضَى بِحَقِّ إيجَابِهَا فِسْقُهُ وَقَدْ فَرَضَ أَنَّ الْفِسْقَ لَا يُوجِبُ الْعَزْلَ، فَوَلَائِيَّتُهُ وَقَضَاؤُهُ بِحَقِّ فَلِمَ لَا يَنْفُذُ وَخُصُوصُ هَذَا الْفِسْقِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ، وَغَايَةُ مَا وُجِّهَ بِهِ أَنَّهُ إذْ ارْتَشَى عَامِلٌ لِنَفْسِهِ يَعْنِي وَالْقَضَاءُ عَمَلٌ لِلَّهِ تَعَالَى (انْتَهَى) . وَبَحَثَ فِيهِ فِي الْبَحْرِ بِأَنْ لَيْسَ هَذَا مُرَادَهُمْ بَلْ مُرَادُهُمْ أَنَّهُ قَضَى لِنَفْسِهِ يَعْنِي وَالْقَضَاءُ لِنَفْسِهِ بَاطِلٌ (انْتَهَى) . وَقِيلَ عَلَيْهِ: كَيْفَ يُجْعَلُ قَضَاءُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَضَاءً لِنَفْسِهِ، وَهُوَ إنَّمَا قَضَى لِبَكْرٍ مَثَلًا عَلَى عُمَرَ، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ أَخَذَ عَلَى قَضَائِهِ بِالْحَقِّ مَالًا فَصَارَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ، وَالْقَضَاءُ عَمَلٌ لِلَّهِ تَعَالَى. فَبَحْثُ صَاحِبِ الْفَتْحِ مُتَّجَهٌ لَكِنْ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ: أَنَّهُ لَوْ ارْتَشَى وَقَضَى لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فِيمَا ارْتَشَى، وَفِي السِّرَاجِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَوْ قَضَى الْقَاضِي زَمَانًا بَيْنَ النَّاسِ، ثُمَّ عُلِمَ أَنَّهُ مُرْتَشٍ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي الَّذِي يَخْتَصِمُونَ إلَيْهِ أَنْ يُبْطِلَ كُلَّ قَضَايَاهُ (انْتَهَى) . وَفِي مِنَحِ الْغَفَّارِ: أَخَذَ الْقَضَاءَ بِرِشْوَةٍ أَوْ ارْتَشَى وَحَكَمَ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى لَمْ

لَمْ يُوجِبْ تَزْكِيَةَ الشُّهُودِ حَمْلًا لِحَالِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصَّلَاحِ 58 - وَلَمْ يُقْبَلْ الْجَرْحُ الْمُجَرَّدُ فِي الشَّاهِدِ. وَوَسَّعَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْقَضَاءِ، وَالْوَقْفِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا، فَجَوَّزَ لِلْقَاضِي تَلْقِينُ الشَّاهِدِ 59 - وَجَوَّزَ كِتَابَ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ سَفَرٍ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ شَيْئًا مِمَّا شَرَطَهُ الْإِمَامُ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَصِرْ قَاضِيًا وَفِي الثَّانِي صَارَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ، وَالْقَضَاءُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا لِلَّهِ تَعَالَى، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَمَنْ أَخَذَ الْقَضَاءَ بِرِشْوَةٍ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ قَاضِيًا وَلَوْ قَضَى لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَبِهِ يُفْتَى (57) قَوْلُهُ: وَلَمْ يُوجِبْ تَزْكِيَةَ الشُّهُودِ، أَيْ لَمْ يُوجِبْ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَزْكِيَةَ الشُّهُودِ بَلْ يَقْتَصِرُ الْحَاكِمُ بِظَاهِرِ عَدَالَةِ الْمُسْلِمِ إلَّا فِي الْحُدُود، وَالْقِصَاصِ فَإِنَّهُ يَسْأَلُ عَنْهُمْ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا بُدَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُمْ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ فِي السِّرِّ، وَالْعَلَانِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَطْعَنْ الْخَصْمُ؛ لِأَنَّ بِنَاءَ الْقَاضِي عَلَى الْحُجَّةِ وَهِيَ شَهَادَةُ الْعَدْلِ، فَإِنْ طَعَنَ الْخَصْمُ يَسْأَلُ عَنْهُمْ اتِّفَاقًا وَأَلَّا يَسْأَلَ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَفِي غَيْرِهِمَا الِاخْتِلَافُ قَالَ صَدْرُ الشَّهِيدِ فِي الْكُبْرَى: وَالْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَفِي الْحَقَائِقِ: وَمَحَلُّ السُّؤَالِ عَلَى قَوْلِهِمَا عِنْدَ جَهْلِ الْقَاضِي كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ وَفِيهِ يَكْفِي فِي التَّزْكِيَةِ قَوْلُ الْمُزَكِّي، وَهُوَ عَدْلٌ فِي الْأَصَحِّ وَفِي الْبَحْرِ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَسْأَلُ فِي السِّرِّ وَقَدْ تَرَكَ التَّزْكِيَةَ فِي الْعَلَانِيَةِ فِي زَمَانِنَا كَيْ لَا يُخْدَعَ الْمُزَكِّي، أَوْ يُخَوَّفَ (انْتَهَى) ، وَلَوْ عَرَفَهُمْ الْقَاضِي بِالْعَدَالَةِ وَطَعَنَ فِيهِمْ الْخَصْمُ لَمْ أَرَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِمَعْرِفَتِهِ إيَّاهُمْ (58) قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقْبَلْ الْجَرْحُ الْمُجَرَّدُ عَلَى الشَّاهِدِ، أَيْ الْمُجَرَّدُ عَنْ حَقٍّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ حُقُوقِ الْعِبَادِ مِمَّا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ (59) قَوْلُهُ: وَجَوَّزَ كِتَابَ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ سَفَرٍ. أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَوْ ذَهَبَ إلَى الْقَاضِي لَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ إلَى مَنْزِلِهِ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ، أَوْ لَا،، وَالْمُفْتَى بِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ فِي يَوْمِهِ، كَمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ، وَإِنَّمَا جَوَّزَهُ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِشُرُوطِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ سَرْدُ

وَصَحَّحَ الْوَقْفَ عَلَى النَّفْسِ 61 - وَعَلَى جِهَةٍ تَنْقَطِعُ 62 - وَوَقْفَ الْمَشَاعَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ التَّسْلِيمَ إلَى الْمُتَوَلِّي وَلَا حُكْمَ الْقَاضِي، وَجَوَّزَ اسْتِبْدَالَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ بِلَا شَرْطٍ، وَجَوَّزَهُ مَعَ الشَّرْطِ تَرْغِيبًا فِي الْوَقْفِ وَتَيْسِيرًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ. فَقَدْ بَانَ بِهَذَا أَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ يَرْجِعُ إلَيْهَا غَالِبُ أَبْوَابِ الْفِقْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَيْسِيرَاتِ الشَّرْعِ وَمُرَادَهُ كِتَابُ الْقَاضِي الْمَعْهُودِ بِشُرُوطِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِهِ، وَهِيَ أَنْ لَا يَكُونَ فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مِنْ قَاضِي رُسْتَاقٍ إلَى قَاضِي مِصْرٍ كَمَا فِي السِّرَاجِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كِتَابَةِ عِنْوَانِهِ فِي بَاطِنِهِ، هِيَ أَنْ يُكْتَبَ فِيهَا اسْمُهُ وَاسْمُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَأَبِيهِ وَجَدِّهِ حَتَّى لَوْ أَخَلَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا لَا يُقْبَلُ الْكِتَابُ، وَأَنْ تَكُونَ كِتَابَةُ الْعِنْوَانِ مِنْ دَاخِلِ الْكِتَابِ فَلَوْ كَانَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَمْ يُقْبَلْ. قِيلَ: هَذَا فِي عُرْفِهِمْ وَأَمَّا فِي عُرْفِنَا: الْعِنْوَانُ يُكْتَبُ عَلَى الظَّاهِرِ فَيُعْمَلُ بِهِ. كَذَا فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَعَلَى أَصْلِ الرِّوَايَةِ لَا يُقْبَلُ الْكِتَابُ فِي الْمَنْقُولَاتِ بِأَسْرِهَا، وَعَنْ الثَّانِي تَجْوِيزُهُ فِي الْعَبْدِ لِغَلَبَةِ الْإِبَاقِ إلَّا فِي الْأَمَةِ، وَعَنْهُ الْجَوَازُ فِي الْكُلِّ، وَعَمَلُ الْفُقَهَاءِ الْيَوْمَ عَلَيْهِ. قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ الْوَقْفَ عَلَى النَّفْسِ، وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْخَانِيَّةِ. (61) قَوْلُهُ: وَعَلَى جِهَةٍ تَنْقَطِعُ، لَمْ يُبَيِّنْ بَعْدَ انْقِطَاعِهَا لِمَنْ يَكُونُ الْوَقْفُ، لِلْفُقَرَاءِ، أَوْ يَعُودُ إلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ لِلِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ، وَفِي الْأَجْنَاسِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذَا وُقِفَ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ جَازَ، وَإِذَا مَاتَ رَجَعَ عَلَى وَرَثَتِهِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. قَالَ: وَفِي جَامِعِ الْبَرَامِكَةِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذَا انْقَرَضَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ يُصْرَفُ إلَى الْمَسَاكِينِ فَحَصَلَ عَنْهُ رِوَايَتَانِ (62) قَوْلُهُ: وَوَقْفَ الْمَشَاعِ، أَيْ وَجَوَّزَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقْفَ الْمَشَاعِ قَالَ فِي الْمُضْمَرَاتِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَجُوزُ. وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى قَوْلِهِ وَبِهِ يُفْتَى كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَالْخِلَافُ فِي مَشَاعٍ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، لَكِنْ لَوْ قَضَى بِجَوَازِهِ صَحَّ إجْمَاعًا.

السَّبَبُ السَّابِعُ: النَّقْصُ؛ فَإِنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْمَشَقَّةِ فَنَاسَبَ التَّخْفِيفَ؛ فَمِنْ ذَلِكَ عَدَمُ تَكْلِيفِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فَفَوَّضَ أَمْرَ أَمْوَالِهِمَا إلَى الْوَلِيِّ، وَتَرْبِيَتَهُ وَحَضَانَتَهُ إلَى النِّسَاءِ رَحْمَةً عَلَيْهِ، وَلَمْ يُجْبِرْهُنَّ عَلَى الْحَضَانَةِ تَيْسِيرًا عَلَيْهِنَّ، وَعَدَمُ تَكْلِيفِ النِّسَاء بِكَثِيرٍ 64 - مِمَّا وَجَبَ عَلَى الرِّجَالِ؛ كَالْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ 65 - وَالْجِهَادِ وَالْجِزْيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي الْكَنْزِ وَمَشَاعٌ قَضَى بِجَوَازِهِ أَيْ صَحَّ بِالِاتِّفَاقِ، وَأَطْلَقَ فِي الْقَضَاءِ فَشَمِلَ الْقَضَاءَ مِنْ الْحَنَفِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَالْمُرَادُ بِالشُّيُوعِ هُنَا الْمُقَارِنُ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: هَذَا مُشْكِلٌ إذْ قَضِيَّةُ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الْأَوْصَافَ الرَّاجِعَةَ إلَى الْمَحَالِّ يَسْتَوِي فِيهَا الِابْتِدَاءُ، وَالْبَقَاءُ أَنْ يَكُونَ الشُّيُوعُ الطَّارِئُ كَالْمُقَارِنِ فِي مَنْعِ الصِّحَّةِ كَمَا قَالُوهُ فِي الرَّهْنِ مِنْ أَنَّ الشُّيُوعَ الطَّارِئَ مُفْسِدٌ لِلرَّهْنِ عَلَى الصَّحِيحِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ (انْتَهَى) . وَأَقُولُ: هَذَا الْأَصْلُ لَيْسَ كُلِّيًّا إذْ قَدْ خَرَجَ عَنْهُ بِالنَّصِّ بَقَاءُ الصَّلَاةِ عِنْدَ سَبْقِ الْحَدَثِ، حَتَّى جَازَ الْبِنَاءُ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ الْأَصْلِ بِنَصٍّ تَوْفِيقًا بَيْنَ كَلَامَيْهِمْ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ صَنْعَةٍ مُنَافِيَةٍ لِحُكْمٍ يَسْتَوِي فِيهَا الِابْتِدَاءُ، وَالْبَقَاءُ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ شَيْءٌ بِنَصٍّ وَقَدْ يُقَالُ: الضَّابِطُ الْمَذْكُورُ خَاصٌّ بِالْأَمَانَاتِ فَإِنَّ لِبَقَائِهَا حُكْمَ ابْتِدَائِهَا أَمَّا الْوَقْفُ وَنَحْوُهُ فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَمَانَاتِ، وَالرَّهْنُ عَيْنًا أَمَانَةٌ، بِدَلِيلِ وُجُوبِ كَفَنِ عَبْدِ الرَّهْنِ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْمَضْمُونُ إنَّمَا هُوَ الْمَالِيَّةُ (63) قَوْلُهُ: السَّبَبُ السَّابِعُ النَّقْصُ: بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ فَإِنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْمَشَقَّةِ إذْ النُّفُوسُ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ الْكَمَالِ فَنَاسَبَ التَّخْفِيفَ فِي التَّكْلِيفَاتِ. (64) قَوْلُهُ: مِمَّا وَجَبَ عَلَى الرِّجَالِ كَالْجَمَاعَةِ: صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْجَمَاعَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الرِّجَالِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: نَفْيُ تَكْلِيفِهِمْ بِمَا وَجَبَ عَلَى الرِّجَالِ لَا يُنَافِي الِاسْتِحْبَابَ مَعَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي حَقِّهِنَّ مَكْرُوهَةٌ. (65) قَوْلُهُ: وَالْجِهَادُ يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ الْغَيْرُ عَامًّا إذْ لَوْ كَانَ عَامًّا وَجَبَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَخْرُجَ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا.

[ختام قاعدة المشقة تجلب التيسير بفوائد مهمة]

وَتَحَمُّلِ الْعَقْلِ عَلَى قَوْلٍ. وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ، وَإِبَاحَةُ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَحُلِيِّ الذَّهَبِ، 67 - وَعَدَمُ تَكْلِيفِ الْأَرِقَّاءِ بِكَثِيرٍ مِمَّا وَجَبَ عَلَى الْأَحْرَارِ؛ لِكَوْنِهِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ فِي الْحُدُودِ وَالْعِدَّةِ مِمَّا سَيَأْتِي فِي أَحْكَامِ الْعَبِيدِ. وَهَذِهِ فَوَائِدُ مُهِمَّةٌ نَخْتِمُ بِهَا الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ. (الْفَائِدَةُ) الْأُولَى الْمَشَاقُّ عَلَى قِسْمَيْنِ: مَشَقَّةٌ لَا تَنْفَكُّ عَنْهَا الْعِبَادَةُ غَالِبًا، كَمَشَقَّةِ الْبَرْدِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَمَشَقَّةِ الصَّوْمِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَطُولِ النَّهَارِ، وَمَشَقَّةِ السَّفَرِ الَّتِي لَا انْفِكَاكَ لِلْحَجِّ وَالْجِهَادِ عَنْهَا، وَمَشَقَّةِ أَلَمِ الْحَدِّ وَرَجْمِ الزُّنَاةِ، وَقَتْلِ الْجُنَاةِ وَقِتَالِ الْبُغَاةِ، فَلَا أَثَرَ لَهَا فِي إسْقَاطِ الْعِبَادَاتِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ. 68 - وَأَمَّا جَوَازُ التَّيَمُّمِ لِلْخَوْفِ مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ لِلْجَنَابَةِ؛ فَالْمُرَادُ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَتَحَمُّلِ الْعَقْلِ عَلَى قَوْلٍ وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ. اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ مِمَّنْ لَهُ حَظٌّ فِي الدِّيوَانِ عَقْلٌ، بِخِلَافِ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ جُزْءٍ مِنْ الدِّيَةِ عَلَى الْقَاتِلِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ أَحَدُ الْعَوَاقِلِ؛ لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ نَفْسُهُ وَهَذَا لَا يُوجَدُ مِنْهُمَا، وَالْفَرْضُ لَهُمَا مِنْ الْعَطَايَا لِلْمَعُونَةِ لَا لِلنُّصْرَةِ كَفَرْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَهَذَا صَحِيحٌ فِيمَا إذَا قَتَلَ غَيْرُهُمَا، وَأَمَّا إذَا بَاشَرَا الْقَتْلَ بِأَنْفُسِهِمَا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا يُشَارِكَانِ الْعَاقِلَةَ، وَكَذَا الْمَجْنُونُ إذَا قَتَلَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكُونُ كَوَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِلَةِ، كَذَا فِي الزَّيْلَعِيِّ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْفَسَادِ وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى الصَّوَابِ. (67) قَوْلُهُ: وَعَدَمُ تَكْلِيفِ الْأَرِقَّاءِ إلَخْ، فَمِنْ ذَلِكَ عَدَمُ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْعَبْدِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ يَجِبُ عَلَيْهِ كَذَا قَالُوا: وَقِيلَ: عَلَيْهِ إنَّ مَنَافِعَ الْعَبْدِ لَا تَصِيرُ مَمْلُوكَةً بِالْإِذْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَالُهُ بَعْدَ الْإِذْنِ كَحَالِهِ قَبْلَهُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ حَجَّ بِإِذْنِ الْمَوْلَى لَا يَسْقُطُ عَنْهُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ لِهَذَا الْمَعْنَى [خِتَام قَاعِدَة الْمَشَقَّة تجلب التَّيْسِير بِفَوَائِد مُهِمَّة] [الْفَائِدَةُ الْأُولَى الْمَشَاقُّ عَلَى قِسْمَيْنِ] (68) قَوْلُهُ: وَأَمَّا جَوَازُ التَّيَمُّمِ لِلْخَوْفِ مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ إلَخْ. سَوَاءٌ كَانَ خَارِجَ الْمِصْرِ أَوْ فِيهِ يَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ فِي الْمِصْرِ. وَجَوَازُهُ عِنْدَهُ مَشْرُوطٌ بِأَنْ

الْخَوْفِ: الْخَوْفُ مِنْ الِاغْتِسَالِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ أَوْ مِنْ حُصُولِ مَرَضٍ. وَلِذَا اشْتَرَطَ فِي الْبَدَائِعِ لِجَوَازِهِ مِنْ الْجَنَابَةِ؛ أَنْ لَا يَجِدَ مَكَانًا يَأْوِيهِ، وَلَا ثَوْبًا يَتَدَفَّأُ بِهِ، وَلَا مَاءً مُسَخَّنًا وَلَا حَمَّامًا 69 - وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْحَدَثِ الْأَصْغَرِ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ 70 - لِعَدَمِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ الْخَوْفِ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ. وَأَمَّا الْمَشَقَّةُ الَّتِي تَنْفَكُّ عَنْهَا الْعِبَادَاتُ غَالِبًا فَعَلَى مَرَاتِبَ: الْأُولَى: مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ فَادِحَةٌ كَمَشَقَّةِ الْخَوْفِ عَلَى النُّفُوسِ وَالْأَطْرَافِ وَمَنَافِعِ الْأَعْضَاءِ فَهِيَ مُوجِبَةٌ لِلتَّخْفِيفِ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْحَجِّ طَرِيقٌ إلَّا مِنْ الْبَحْرِ، وَكَانَ الْغَالِبُ عَدَمَ السَّلَامَةِ لَمْ يَجِبْ. الثَّانِيَةُ: مَشَقَّةٌ خَفِيفَةٌ؛ كَأَدْنَى وَجَعٍ فِي أُصْبُعٍ أَوْ أَدْنَى صُدَاعٍ فِي الرَّأْسِ أَوْ سُوءِ مِزَاجٍ خَفِيفٍ فَهَذَا لَا أَثَرَ لَهُ وَلَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَقْدِرَ عَلَى تَسْخِينِ الْمَاءِ، وَلَا عَلَى أُجْرَةِ الْحَمَّامِ فِي الْمِصْرِ، وَلَا يَجِدَ ثَوْبًا يَتَدَفَّأُ بِهِ، وَلَا مَكَانًا يَأْوِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَدَائِعِ. وَالِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ - قِيلَ - اخْتِلَافُ زَمَانٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أُجْرَةَ الْحَمَّامِ فِي زَمَانِهِمَا كَانَتْ تُؤْخَذُ بَعْدَ الدُّخُولِ كَمَا فِي زَمَانِنَا فَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْأُجْرَةِ دَخَلَ ثُمَّ يُعَلِّلُ بِالْعُسْرَةِ، وَفِي زَمَانِهِ قَبْلَهُ، فَيَتَعَذَّرُ. وَقِيلَ: اخْتِلَافُ بُرْهَانٍ؛ بِنَاءً عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي جَوَازِ التَّيَمُّمِ لِغَيْرِ الْوَاجِدِ قَبْلَ الطَّلَبِ مِنْ رَفِيقِهِ إذَا كَانَ لَهُ رَفِيقٌ فَعَلَى قَوْلِهِمَا يُقَيَّدُ بِأَنْ يَتْرُكَ طَلَبَ الْمَاءِ الْحَارِّ جَمِيعُ أَهْلِ الْمِصْرِ أَمَّا إنْ طَلَبَ فَمُنِعَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ (69) قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ بِالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ يَعْنِي بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الْمُصَفَّى، وَجَوَّزَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ (70) قَوْلُهُ: لِعَدَمِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ الْخَوْفِ إلَخْ. يَعْنِي بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُجَرَّدُ وَهْمٍ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي الْمِصْرِ كَمَا فِي الْفَتْحِ

مَصَالِحِ الْعِبَادَاتِ أَوْلَى مِنْ دَفْعِ مِثْلِ هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ الَّتِي لَا أَثَرَ لَهَا. وَمِنْ هُنَا رُدَّ عَلَى مَنْ قَالَ مِنْ مَشَايِخِنَا: إنَّ الْمَرِيضَ إذَا نَوَى الصَّوْمَ فِي رَمَضَانَ عَنْ وَاجِبٍ آخَرَ؛ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَمَّا نَوَى إنْ كَانَ مَرَضًا لَا يَضُرُّ مَعَهُ الصَّوْمُ، وَإِلَّا فَيَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ بِأَنَّ مَا لَا يَضُرُّ لَيْسَ بِمُرَخِّصٍ لِلْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ، وَكَلَامُنَا فِي مَرِيضٍ رُخِّصَ لَهُ الْفِطْرُ. تَنْبِيهٌ: 71 - مُطْلَقُ الْمَرَضِ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ؛ إنْ كَانَ بِالزَّوْجِ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ خَلْوَتِهِ بِهَا بِخِلَافِ مَرَضِهَا الثَّالِثَةُ: مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ هَاتَيْنِ؛ كَمَرِيضٍ فِي رَمَضَانَ يَخَافُ مِنْ الصَّوْمِ زِيَادَةَ الْمَرَضِ أَوْ بُطْءَ الْبُرْءِ فَيَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ، وَهَكَذَا فِي الْمَرَضِ الْمُبِيحِ لِلتَّيَمُّمِ، 72 - وَاعْتُبِرَ فِي الْحَجِّ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ الْمُنَاسِبَيْنِ لِلشَّخْصِ، حَتَّى قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ كُلِّ إنْسَانٍ مَا يَصِحُّ مَعَهُ بَدَنُهُ. وَقَالُوا: لَا يَكْتَفِي بِالْعُقْبَةِ فِي الرَّاحِلَةِ، بَلْ لَا بُدَّ فِي الْحَجِّ مِنْ شِقِّ مَحْمِلٍ أَوْ رَأْسِ زَامِلَةٍ 73 - وَمِنْ الْمُشْكِلِ التَّيَمُّمُ؛ فَإِنَّهُمْ اشْتَرَطُوا فِي الْمَرَضِ الْمُبِيحِ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مُطْلَقُ الْمَرَضِ، وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ إنْ كَانَ بِالزَّوْجِ إلَخْ. هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْبَحْرِ؛ لِأَنَّ مَرَضَهُ لَا يُعَرَّى عَنْ فُتُورٍ وَتَكَسُّرِ عَادَةٍ (72) قَوْلُهُ: وَاعْتَبَرُوا فِي الْحَجِّ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ الْمُشْكِلِ لَيْسَ هَذَا مَا الْكَلَامُ فِيهِ (73) قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمُشْكِلِ التَّيَمُّمُ إلَخْ. الْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الْمَرَضَ مُشَاهَدٌ مَحْسُوسٌ يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَرَاتِبِهِ، وَتَفَاوُتِ أَحْوَالِهِ شِدَّةً وَضَعْفًا، قِلَّةً وَكَثْرَةً، بِخِلَافِ الْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ فَأُقِيمَ مُطْلَقُ السَّفَرِ مُقَامَ الْمَشَقَّةِ عَلَى مَا عُرِفَ تَحْقِيقُهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ.

[الفائدة الثانية تخفيفات الشرع أنواع]

أَنْ يَخَافَ مِنْ الْمَاءِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عُضْوِهِ ذَهَابًا 75 - أَوْ مَنْفَعَةً أَوْ حُدُوثَ مَرَضٍ أَوْ بُطْءَ بُرْءٍ، وَلَمْ يُبِيحُوهُ بِمُطْلَقِ الْمَرَضِ مَعَ أَنَّ مَشَقَّةَ السَّفَرِ دُونَ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ، وَلَمْ يُوجِبُوا شِرَاءَ الْمَاءِ بِزِيَادَةٍ فَاحِشَةٍ عَلَى قِيمَتِهِ 76 - لَا الْيَسِيرَةِ الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: تَخْفِيفَاتُ الشَّرْعِ أَنْوَاعٌ: الْأَوَّلُ: تَخْفِيفُ إسْقَاطٍ كَإِسْقَاطِ الْعَادَاتِ عِنْدَ وُجُودِ أَعْذَارِهَا الثَّانِي: تَخْفِيفُ تَنْقِيصٍ: كَالْقَصْرِ فِي السَّفَرِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْإِتْمَامَ أَصْلٌ 77 - وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: الْقَصْرُ أَصْلٌ، وَالْإِتْمَامُ فُرِضَ بَعْدَهُ، 78 - فَلَا إلَّا فِي صُورَةٍ. وَالثَّالِثُ: تَخْفِيفُ إبْدَالٍ 79 - كَإِبْدَالِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ بِالتَّيَمُّمِ، وَالْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ بِالْقُعُودِ وَالِاضْطِجَاعِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِالْإِيمَاءِ، وَالصِّيَامِ بِالْإِطْعَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَنْ يَخَافَ مِنْ الْمَاءِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى عُضْوِهِ ذَهَابًا نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ (75) قَوْلُهُ: أَوْ مَنْفَعَةً. أَيْ وَخَافَ عَلَى عُضْوِهِ لَوْ فَقَدَ مَنْفَعَتَهُ بِحَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ. وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ سَقَطَ مَا قِيلَ إنَّهُ عُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ ذَهَابًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ مَنْفَعَةٍ تَخْتَصُّ بِهِ. (76) قَوْلُهُ: لَا الْيَسِيرَةَ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَوْجَبُوهُ بِزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ. فِيهِ: أَنْ (لَا) إنَّمَا يُعْطَفُ بِهَا الْإِثْبَاتُ فَكَانَ الظَّاهِرُ بَلْ الْيَسِيرَةُ [الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ تَخْفِيفَاتُ الشَّرْعِ أَنْوَاعٌ] (77) قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّ الْقَصْرَ إلَخْ. الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّ الْأَصْلَ فِي الْفَرْضِ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ، وَزِيدَ رَكْعَتَانِ فِي الْحَضَرِ. (78) قَوْلُهُ: فَلَا إلَّا فِي صُورَةٍ أَيْ فَلَا تَخْفِيفَ تَنْقِيصٍ إلَّا فِي صُورَةٍ (79) قَوْلُهُ: كَإِبْدَالِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ بِالتَّيَمُّمِ. اعْلَمْ أَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ بِلَا شَكٍّ اتِّفَاقًا لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْبَدَلِيَّةِ فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْخِلَافُ لِأَصْحَابِنَا مَعَ الشَّافِعِيِّ. فَقَالَ مَشَايِخُنَا: هُوَ بَدَلٌ مُطْلَقًا عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ وَلَيْسَ بِضَرُورِيٍّ، وَيَرْتَفِعُ بِهِ الْحَدَثُ إلَى

الرَّابِعُ: تَخْفِيفُ تَقْدِيمٍ؛ كَالْجَمْعِ بِعَرَفَاتٍ وَتَقْدِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى الْحَوْلِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ، وَقَبْلَهُ عَلَى الصَّحِيحِ بَعْدَ تَمَلُّكِ النِّصَابِ فِي الْأَوَّلِ، وَوُجُودِ الرَّأْسِ بِصِفَةِ الْمُؤْنَةِ وَالْوِلَايَةِ فِي الثَّانِي. الْخَامِسُ: تَخْفِيفُ تَأْخِيرٍ كَالْجَمْعِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَتَأْخِيرِ رَمَضَانَ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، وَتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا فِي حَقِّ مُشْتَغِلٍ بِإِنْقَاذِ غَرِيقٍ وَنَحْوِهِ. السَّادِسُ: تَخْفِيفُ تَرْخِيصٍ، كَصَلَاةِ الْمُسْتَجْمِرِ مَعَ بَقِيَّةِ النَّجْوِ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ لِلْغُصَّةِ. السَّابِعُ: تَخْفِيفُ تَغْيِيرٍ؛ كَتَغْيِيرِ نَظْمِ الصَّلَاةِ لِلْخَوْفِ الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: الْمَشَقَّةُ وَالْحَرَجُ، إنَّمَا يُعْتَبَرَانِ فِي مَوْضِعٍ لَا نَصَّ فِيهِ، وَأَمَّا مَعَ النَّصِّ بِخِلَافِهِ فَلَا، وَلِذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ بِحُرْمَةِ رَعْيِ حَشِيشِ الْحَرَمِ وَقَطْعِهِ، إلَّا الْإِذْخِرَ. وَجَوَّزَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَعْيَهُ لِلْحَرَجِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقْتِ وُجُودِ الْمَاءِ. إلَّا أَنَّهُ مُبِيحٌ لِلصَّلَاةِ مَعَ الْحَدَثِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هُوَ بَدَلٌ ضَرُورِيٌّ مُبِيحٌ مَعَ قِيَامِ الْحَدَثِ حَقِيقَةً، فَلَا يَجُوزُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَلَا يُصَلِّي بِهِ أَكْثَرَ مِنْ فَرِيضَةٍ؛ الثَّانِي الْخِلَافُ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالْإِمَامِ الْبَدَلِيَّةُ بَيْنَ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بَيْنَ الْفِعْلَيْنِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ جَوَازُ اقْتِدَاءِ الْمُتَوَضِّئِ بِالْمُتَيَمِّمِ فَأَجْزَأَهُ وَمَنَعَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِ الْمَشَايِخِ أَنَّ التُّرَابَ مُطَهِّرٌ بِشَرْطِ عَدَمِ الْمَاءِ فَإِذَا وُجِدَ الْمَاءُ فُقِدَ الشَّرْطُ. فَيَنْعَقِدُ الْمَشْرُوطُ وَهُوَ طَهُورِيَّةُ التُّرَابِ،؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الْمَشْرُوطِ، وَالْمَذْكُورُ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الشَّرْطَ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ، وَلَا مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الشَّرْطَ إذَا كَانَ مُسَاوِيًا لِلْمَشْرُوطِ اسْتَلْزَمَهُ، وَهُنَاكَ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ عَدَمِ الْمَاءِ، وَجَوَازِ التَّيَمُّمِ مُسَاوٍ لِلْآخَرِ لَا مَحَالَةَ فَجَازَ أَنْ يَسْتَلْزِمَهُ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ، لَا يُقَالُ لَا تُسَلَّمُ مُسَاوَاتُهُمَا؛ لِجَوَازِهِ مَعَ وُجُودِ حَالِ مَرَضِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ حَالَ مَرَضِهِ حُكْمًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُجُوبِ الْقُدْرَةُ، وَهُوَ لَيْسَ بِقَادِرٍ حَالَ الْمَرَضِ

[الفائدة الثالثة المشقة والحرج إنما يعتبران في موضع لا نص فيه]

80 - وَرُدَّ عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي جِنَايَاتِ الْإِحْرَامِ. وَقَالَ فِي الْأَنْجَاسِ: إنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ بِتَغْلِيظِ نَجَاسَةِ الْأَرْوَاثِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنَّهَا رِكْسٌ أَيْ: نَجَسٌ. وَلَا اعْتِبَارَ عِنْدَهُ بِالْبَلْوَى فِي مَوْضِعِ النَّصِّ، 81 - كَمَا فِي بَوْلِ الْآدَمِيِّ فَإِنَّ الْبَلْوَى فِيهِ أَعَمُّ (انْتَهَى) . وَفِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي: مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ زَادَ فِي تَفْسِيرِ الْغَلِيظَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَا حَرَجَ فِي اجْتِنَابِهِ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ، وَفِي الْغَلِيظَةِ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَلَا بَلْوَى فِي إصَابَتِهِ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ أَيْضًا، وَفِي الْمُحِيطِ وَهِيَ زِيَادَةٌ حَسَنَةٌ يَشْهَدُ لَهَا بَعْضُ فُرُوعِ الْبَابِ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَلَا حَرَجَ فِي اجْتِنَابِهِ، وَلَا بَلْوَى فِي إصَابَتِهِ عَلَى اخْتِلَافِ الْعِبَارَتَيْنِ 82 - إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى جِنْسِ الْمُكَلَّفِينَ 83 - فَيَقَعُ الِاتِّفَاقُ عَلَى صِدْقِ الْقَضِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ وَهِيَ: أَنَّ مَا عَمَّتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ الْمَشَقَّةُ وَالْحَرَجُ إنَّمَا يُعْتَبَرَانِ فِي مَوْضِعٍ لَا نَصَّ فِيهِ] قَوْلُهُ: وَرُدَّ عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرْنَا. يَعْنِي مِنْ أَنَّ الْحَرَجَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي مَوْضِعٍ لَا نَصَّ فِيهِ. وَفِيهِ أَنَّ الرَّدَّ إنَّمَا يَتِمُّ أَنْ لَوْ كَانَ أَبُو يُوسُفَ يَقُولُ بِذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقُولُ بِهِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ جَوَّزَ الْكَيْلَ فِيمَا يُوزَنُ، وَالْوَزْنَ فِيمَا يُكَالُ، عَمَلًا بِالْعُرْفِ، وَإِنْ وَرَدَ النَّصُّ فِيهِ بِخِلَافِهِ (81) قَوْلُهُ: كَمَا فِي بَوْلِ الْآدَمِيِّ أَيْ كَمَا لَا يُعْتَبَرُ عُمُومُ الْبَلْوَى فِيهِ (82) قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى جِنْسِ جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ. أَيْ: مَا ذَكَرَ مِنْ عَدَمِ الْحَرَجِ فِي الِاجْتِنَابِ، وَعَدَمِ الْبَلْوَى فِي الْإِصَابَةِ بِالْإِضَافَةِ إلَى جِنْسِ الْمُكَلَّفِينَ الصَّادِقِ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْهُمْ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى جَمْعِ الْمُكَلَّفِينَ (83) . قَوْلُهُ: فَيَقَعُ الِاتِّفَاقُ إلَخْ: تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَلَا حَرَجَ إلَخْ. وَالْمُرَادُ بِالِاتِّفَاقِ الِاتِّفَاقُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ

[الفائدة الرابعة ذكر بعضهم أن الأمر إذا ضاق اتسع وإذا اتسع ضاق]

بَلِيَّتُهُ خَفَّتْ قَضِيَّتُهُ (انْتَهَى) الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: 84 - ذَكَرَ بَعْضُهُمْ، أَنَّ الْأَمْرَ إذَا ضَاقَ اتَّسَعَ، وَإِذَا اتَّسَعَ ضَاقَ، 85 - وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بَعْضُهُمْ 86 - بِقَوْلِهِ كُلُّ مَا تَجَاوَزَ عَنْ حَدِّهِ انْعَكَسَ إلَى ضِدِّهِ. وَنَظِيرُ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ فِي التَّعَاكُسِ قَوْلُهُمْ: يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَقَوْلُهُمْ يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْبَقَاءِ 87 - وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُ فُرُوعِهِمَا. أَصْلُهَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَالْبَيْهَقِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْأَمْرَ إذَا ضَاقَ اتَّسَعَ وَإِذَا اتَّسَعَ ضَاقَ] قَوْلُهُ: ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْأَمْرَ إذَا ضَاقَ اتَّسَعَ، الْمُرَادُ بِالْبَعْضِ الشَّافِعِيُّ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ بِمَعْنَى قَاعِدَةِ الْمَشَقَّةِ تَجْلُبُ التَّيْسِيرَ الْآتِيَةِ. وَالْمُرَادُ بِالِاتِّسَاعِ التَّرَخُّصُ عَنْ الْأَقْيِسَةِ وَطَرْدِ الْقَوَاعِدِ، وَالْمُرَادُ بِالضِّيقِ الْمَشَقَّةُ (85) قَوْلُهُ: وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بَعْضُهُمْ، أَيْ وَفَّقَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِالْبَعْضِ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ (86) قَوْلُهُ: بِقَوْلِهِ كُلَّمَا تَجَاوَزَ عَنْ حَدِّهِ انْعَكَسَ إلَى ضِدِّهِ. الْوَاقِعُ فِي عِبَارَةِ الْكَثِيرِينَ عَادَ إلَى ضِدِّهِ وَقَدْ نَوَّرَ الْغَزَالِيُّ هَذَا الْجَمْعَ بِقَوْلِهِ: أَلَا تَرَى أَنَّ قَلِيلَ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ لَمَّا اُضْطُرَّ إلَيْهِ سُومِحَ فِيهِ وَكَثِيرَهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ بِهِ حَاجَةٌ لَمْ يُسَامَحْ بِهِ (87) قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُ فُرُوعِهِمَا. يَعْنِي فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْقَوَاعِدِ

[القاعدة الخامسة الضرر يزال ويتعلق بها قواعد]

الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ الضَّرَرُ يُزَالُ 1 - وَفَسَّرَهُ فِي الْمُغْرِبِ بِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ الرَّجُلُ أَخَاهُ ابْتِدَاءً وَلَا جَزَاءً (انْتَهَى) . وَذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الْغَصْبِ وَالشُّفْعَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَيُبْتَنَى عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ كَثِيرٌ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ. فَمِنْ ذَلِكَ؛ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَجَمِيعُ أَنْوَاعِ الْخِيَارَاتِ، وَالْحَجْرُ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ، وَالشُّفْعَةُ فَإِنَّهَا لِلشَّرِيكِ؛ 2 - لِدَفْعِ ضَرَرِ الْقِسْمَةِ، وَلِلْجَارِ لِدَفْعِ ضَرَرِ جَارِ السَّوْءِ (بِجِيرَانِهَا تَغْلُو الدِّيَارُ وَتَرْخُصُ) . وَالْقِصَاصُ وَالْحُدُودُ، وَالْكَفَّارَاتُ وَضَمَانُ الْمُتْلَفَاتِ 3 - وَالْجَبْرُ عَلَى الْقِسْمَةِ بِشَرْطِهِ؛ وَنَصْبُ الْأَئِمَّةِ وَالْقُضَاةِ وَدَفْعُ الصَّائِلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ الضَّرَرُ يُزَالُ وَيَتَعَلَّق بِهَا قَوَاعِدُ] قَوْلُهُ: وَفَسَّرَهُ فِي الْمُغْرِبِ بِأَنْ لَا يَضُرُّ الرَّجُلُ أَخَاهُ إلَخْ. فِي حَوَاشِي الْمُعَلِّقِ مِنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: اُخْتُلِفَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الضَّرَرِ وَالضِّرَارِ فَقِيلَ: الضَّرَرُ فِعْلُ الْوَاحِدِ وَالضِّرَارُ فِعْلُ الِاثْنَيْنِ. وَقِيلَ: الضَّرَرُ أَنْ يَضُرَّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَفِعَ، وَالضِّرَارُ أَنْ يَضُرَّهُ ابْتِدَاءً وَقِيلَ: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ (انْتَهَى) (2) قَوْلُهُ: لِدَفْعِ ضَرَرِ الْقِسْمَةِ. قِيلَ عَلَيْهِ: الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ أَنَّ الشُّفْعَةَ شُرِعَتْ؛ لِدَفْعِ جَارِ السَّوْءِ لَا لِدَفْعِ أُجْرَةِ الْقَسَّامِ، وَلِهَذَا تَجِبُ فِي الْعَقَارِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَرَحًى وَحَمَّامٍ وَبِئْرٍ وَبَيْتٍ صَغِيرٍ؛ وَلِأَنَّ أُجْرَةَ الْقَسَّامِ مَشْرُوعَةٌ فَلَا يَلْحَقُ الضَّرَرُ بِالْمُشْتَرِي لِدَفْعِ حُكْمٍ مَشْرُوعٍ، وَلَوْ كَانَتْ لِدَفْعِ أُجْرَةِ الْقَسَّامِ لَوَجَبَتْ فِي الْمَنْقُولِ، وَإِنَّمَا الْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ عِنْدَ الْإِمَامِ دَفْعُ ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ بِسُوءِ الْعِشْرَةِ عَلَى الدَّوَامِ (3) . قَوْلُهُ: وَالْجَبْرُ عَلَى الْقِسْمَةِ بِشَرْطِهِ، وَهُوَ اتِّحَادُ الْجِنْسِ فِي الْعُرُوضِ، أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّرَاضِي؛ لِانْعِدَامِ الِاخْتِلَاطِ بَيْنَهُمَا فَلَا تَقَعُ الْقِسْمَةُ تَمْيِيزًا فِي الْعُرُوضِ بَلْ تَقَعُ مُعَاوَضَةً فَيَكُونُ بِالتَّرَاضِي لَا بِالْجَبْرِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ

[الأولى الضرورات تبيح المحظورات]

وَقِتَالُ الْمُشْرِكِينَ وَالْبُغَاةِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ: بَاعَ أَغْصَانَ فِرْصَادٍ، وَالْمُشْتَرِي إذَا ارْتَقَى لِقَطْعِهَا يَطَّلِعُ عَلَى عَوْرَاتِ الْجِيرَانِ؛ يُؤْمَرُ بِأَنْ يُخْبِرَهُمْ وَقْتَ الِارْتِقَاءِ؛ لِيَسْتَتِرُوا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ 4 - فَإِنْ فَعَلَ وَإِلَّا رُفِعَ إلَى الْحَاكِمِ؛ لِيَمْنَعَهُ مِنْ الِارْتِقَاءِ (انْتَهَى) 5 - وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَعَ الَّتِي قَبْلَهَا مُتَّحِدَةٌ 6 - أَوْ مُتَدَاخِلَةٌ، وَتَتَعَلَّق بِهَا قَوَاعِدُ : الْأُولَى: الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ، 7 - وَمِنْ ثَمَّ جَازَ أَكْلُ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَ، أَيْ فَبِهَا وَنَعِمَتْ فَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ (5) قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَعَ الَّتِي قَبْلَهَا مُتَّحِدَةٌ. الصَّوَابُ مُتَّحِدَتَانِ أَيْ تَصْدُقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا تَصْدُقُ عَلَيْهِ الْأُخْرَى وَحِينَئِذٍ فَلَا فَائِدَةَ لِذِكْرِهَا (6) قَوْلُهُ: أَوْ مُتَدَاخِلَةٌ. الصَّوَابُ مُتَدَاخِلَتَانِ أَيْ دَاخِلَةٌ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي الْأُخْرَى، وَفِيهِ مَا فِيهِ فَتَأَمَّلْ [الْأُولَى الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ] (7) قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ جَازَ أَكْلُ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ، وَكَذَا لِلتَّدَاوِي قَالَ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ نَقْلًا عَنْ التَّهْذِيبِ: يَجُوزُ لِلْعَلِيلِ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَشُرْبُ الدَّمِ وَالْبَوْلِ إذَا أَخْبَرَهُ طَبِيبٌ مُسْلِمٌ أَنَّ شِفَاءَهُ فِيهِ، وَلَمْ يَجِدْ مِنْ الْمُبَاحِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ. وَإِنْ قَالَ الطَّبِيبُ: يَتَعَجَّلُ شِفَاؤُك بِهِ، فِيهِ وَجْهَانِ: وَهَلْ يَجُوزُ لِلْعَلِيلِ شُرْبُ الْخَمْرِ لِلتَّدَاوِي إذَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا يَقُومُ مَقَامَهُ فِيهِ وَجْهَانِ (انْتَهَى) . وَفِي النَّوَازِلِ: كَتْبُ الْفَاتِحَةِ بِالدَّمِ عَلَى الْجَبْهَةِ يَجُوزُ، وَلَوْ كَتَبَ بِالْبَوْلِ إنْ عَرَفَ أَنَّ فِيهِ شِفَاءً فَلَا بَأْسَ، لَكِنْ لَمْ يُنْقَلْ. وَهَذَا لِأَنَّ الْحُرْمَةَ تَسْقُطُ عِنْدَ الِاسْتِشْفَاءِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَطْشَانَ يُرَخَّصُ لَهُ شُرْبُ الْخَمْرِ، وَلِلْجَائِعِ الْمَيْتَةُ (انْتَهَى) . وَفِي اللَّآلِئِ التَّدَاوِي بِلَبَنِ الْأَتَانِ إذَا أَشَارَ إلَيْهِ وَلَا بَأْسَ بِهِ. قَالَ صَدْرُ الشَّهِيدِ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ لَبَنَهَا حَرَامٌ، وَالِاسْتِشْفَاءُ بِالْحَرَامِ حَرَامٌ (انْتَهَى) . قُلْت: هَذَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَ فِي التَّدَاوِي بِالدَّمِ وَالْبَوْلِ (انْتَهَى) . وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ مَا

[الثانية ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها]

وَإِسَاغَةُ اللُّقْمَةِ بِالْخَمْرِ، وَالتَّلَفُّظُ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ لِلْإِكْرَاهِ 9 - وَكَذَا إتْلَافُ الْمَالِ، وَأَخْذُ مَالِ الْمُمْتَنِعِ الْأَدَاءِ مِنْ الدَّيْنِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَدَفْعُ الصَّائِلِ، وَلَوْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ. وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ 10 - بِشَرْطِ عَدَمِ نُقْصَانِهَا؛ قَالُوا: لِيَخْرُجَ مَا لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ نَبِيًّا، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ لِلْمُضْطَرِّ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ أَعْظَمُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ مِنْ مُهْجَةِ الْمُضْطَرِّ (انْتَهَى) . وَلَكِنْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - مَا يُفِيدُهُ؛ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِ غَيْرِهِ بِقَتْلٍ لَا يُرَخَّصُ لَهُ، فَإِنْ قَتَلَهُ أَثِمَ؛ لِأَنَّ مَفْسَدَةَ قَتْلِ نَفْسِهِ أَخَفُّ مِنْ مَفْسَدَةِ قَتْلِ غَيْرِهِ. وَقَالُوا: لَوْ دُفِنَ بِلَا تَكْفِينٍ لَا يُنْبَشُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَفْسَدَةَ هَتْكِ حُرْمَتِهِ أَشَدُّ مِنْ عَدَمِ تَكْفِينِهِ الَّذِي قَامَ السَّتْرُ بِالتُّرَابِ مَقَامَهُ. وَكَذَا قَالُوا: لَوْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ وَأُهِيلَ عَلَيْهِ التُّرَابُ؛ صُلِّيَ عَلَى قَبْرِهِ وَلَا يُخْرَجُ 11 - الثَّانِيَةُ: مَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، وَلِذَا قَالَ فِي أَيْمَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَقُومُ مَقَامَهُ. وَفِي صَلَاةِ الْجَلَالِيِّ: اُخْتُلِفَ فِي الِاسْتِرْقَاءِ بِالْقُرْآنِ يَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ عَلَى الْمَرِيضِ وَالْمَلْدُوغِ أَوْ يُكْتَبَ عَلَى وَرَقٍ وَيُعَلَّقَ أَوْ يُكْتَبَ فِي طَشْتٍ وَيُغْسَلَ وَيُسْقَى الْمَرِيضُ فَأَبَاحَهُ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَأَبُو قِلَابَةَ وَكَرِهَهُ النَّخَعِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ (8) قَوْلُهُ: وَإِسَاغَةُ اللُّقْمَةِ بِالْخَمْرِ. يَعْنِي إذَا غَصَّ بِهَا (9) قَوْلُهُ: وَكَذَا إتْلَافُ الْمَالِ، كَمَا إذَا خَافُوا غَرَقَ السَّفِينَةِ لِكَثْرَةِ حِمْلِهَا فَإِنَّهُ يُبَاحُ إتْلَافُ الْمَالِ (10) قَوْلُهُ: بِشَرْطِ عَدَمِ نُقْصَانِهَا. أَيْ الضَّرُورَةِ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ عَنْ ذَلِكَ الْمَحْظُورِ الَّذِي اقْتَضَتْ إبَاحَتَهُ [الثَّانِيَةُ مَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا] (11) قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ مَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ إلَخْ. فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ هَاهُنَا خَمْسَةُ مَرَاتِبَ

الظَّهِيرِيَّةِ: إنَّ الْيَمِينَ الْكَاذِبَةَ لَا تُبَاحُ لِلضَّرُورَةِ وَإِنَّمَا يُبَاحُ التَّعْرِيضُ، (انْتَهَى) . يَعْنِي؛ لِانْدِفَاعِهَا بِالتَّعْرِيضِ، وَمِنْ فُرُوعِهِ: الْمُضْطَرُّ لَا يَأْكُلُ مِنْ الْمَيْتَةِ إلَّا قَدْرَ سَدِّ الرَّمَقِ وَالطَّعَامُ فِي دَارِ الْحَرْبِ يُؤْخَذُ عَلَى سَبِيلِ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ. قَالَ فِي الْكَنْزِ: وَيَنْتَفِعُ فِيهَا بِعَلَفٍ وَطَعَامٍ وَحَطَبٍ وَسِلَاحٍ وَدُهْنٍ بِلَا قِسْمَةٍ، وَبَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْهَا لَا، وَمَا فَضَلَ رُدَّ إلَى الْغَنِيمَةِ. وَأَفْتَوْا بِالْعَفْوِ عَنْ بَوْلِ السِّنَّوْرِ فِي الثِّيَابِ دُونَ الْأَوَانِي؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِي الْأَوَانِي؛ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِتَخْمِيرِهَا. وَفَرَّقَ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ فِي الْبَعْرِ بَيْنَ آبَارِ الْفَلَوَاتِ؛ فَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا رُءُوسٌ حَاجِزَةٌ وَالْإِبِلُ تَبْعَرُ حَوْلَهَا، وَبَيْنَ آبَارِ الْأَمْصَارِ؛ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ، بِخِلَافِ الْكَثِيرِ. وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ آبَارِ الْفَلَوَاتِ وَالْأَمْصَارِ، وَبَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْمُنْكَسِرِ، وَبَيْنَ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ. وَيُعْفَى عَنْ ثِيَابِ الْمُتَوَضِّئِ إذَا أَصَابَهَا مِنْ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، 12 - عَلَى رِوَايَةِ النَّجَاسَةِ لِلضَّرُورَةِ وَلَا يُعْفَى عَمَّا يُصِيبُ ثَوْبَ غَيْرِهِ؛ لِعَدَمِهَا، وَدَمُ الشَّهِيدِ طَاهِرٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، نَجِسٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQضَرُورَةٌ وَحَاجَةٌ وَمَنْفَعَةٌ وَزِينَةٌ وَفُضُولٌ. فَالضَّرُورَةُ بُلُوغُهُ حَدًّا إنْ لَمْ يَتَنَاوَلْ الْمَمْنُوعَ هَلَكَ إذَا قَارَبَهُ، وَهَذَا يُبِيحُ تَنَاوُلَ الْحَرَامِ. وَالْحَاجَةُ كَالْجَائِعِ الَّذِي لَوْ لَمْ يَجِدْ مَا يَأْكُلُهُ لَمْ يَهْلِكْ غَيْرَ أَنَّهُ يَكُونُ فِي جَهْدٍ وَمَشَقَّةٍ وَهَذَا لَا يُبِيحُ الْحَرَامَ، وَيُبِيحُ الْفِطْرَ فِي الصَّوْمِ. وَالْمَنْفَعَةُ كَاَلَّذِي يَشْتَهِي خُبْزَ الْبُرِّ، وَلَحْمَ الْغَنَمِ وَالطَّعَامَ الدَّسِمَ وَالزِّينَةُ كَالْمُشْتَهِي الْحَلْوَى وَالسُّكَّرَ، وَالْمَفْضُولُ التَّوَسُّعُ بِأَكْلِ الْحَرَامِ وَالشُّبْهَةِ (12) قَوْلُهُ: عَلَى رِوَايَةِ النَّجَاسَةِ. رَوَى الْحَسَنُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ نَجِسٌ

[تذنيب يقرب من هذه القاعدة ما جاز لعذر بطل بزواله]

لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ، وَالْجَبِيرَةُ يَجِبُ أَنْ لَا تَسْتُرَ مِنْ الصَّحِيحِ إلَّا بِقَدْرِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَالطَّبِيبُ إنَّمَا يَنْظُرُ مِنْ الْعَوْرَةِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ. وَفَرَّعَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَيْهَا؛ أَنَّ الْمَجْنُونَ لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ؛ لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِهَا (انْتَهَى) ، وَلَمْ أَرَهُ لِمَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - 13 - تَذْنِيبٌ: يَقْرُبُ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ: مَا جَازَ لِعُذْرٍ بَطَلَ بِزَوَالِهِ، فَبَطَلَ التَّيَمُّمُ إذَا قَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ. فَإِنْ كَانَ لِفَقْدِ الْمَاءِ بَطَلَ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لِمَرَضٍ بَطَلَ بِبُرْئِهِ، وَإِنْ كَانَ لِبَرْدٍ بَطَلَ بِزَوَالِهِ. وَيَنْبَغِي أَنْ تُخَرَّجَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ؛ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ؛ إذَا كَانَ الْأَصْلُ مَرِيضًا فَصَحَّ بَعْدَ الْإِشْهَادِ، أَوْ مُسَافِرًا فَقَدِمَ أَنْ يَبْطُلَ الْإِشْهَادُ 14 - عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَا تَجُوزُ إلَّا لِمَوْتِ الْأَصِيلِ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ الثَّالِثَةُ: الضَّرَرُ لَا يَزَالُ بِالضَّرَرِ، وَهِيَ مُقَيِّدَةٌ لِقَوْلِهِمْ: الضَّرَرُ يُزَالُ، أَيْ لَا بِضَرَرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQنَجَاسَةً مُغَلَّظَةً. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ مُخَفَّفَةً. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَيْضًا. وَجْهُ التَّنَجُّسِ أَنَّهُ مَاءٌ أُزِيلَ بِهِ مَانِعُ الصَّلَاةِ فَصَارَ كَمَا لَوْ أُزِيلَ بِهِ النَّجَاسَةُ الْحَقِيقِيَّةُ. وَكُلٌّ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ ضَعِيفٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ طَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى [تَذْنِيبٌ يَقْرُبُ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا جَازَ لِعُذْرٍ بَطَلَ بِزَوَالِهِ] (13) قَوْلُهُ: تَذْنِيبٌ: الْفَرْقُ بَيْنَ التَّذْنِيبِ وَالتَّذْيِيلِ أَنَّ التَّذْنِيبَ إلْحَاقُ مَا قَلَّ بِمَا قَبْلَهُ وَالتَّذْيِيلَ إلْحَاقُ مَا كَثُرَ بِمَا قَبْلَهُ (14) قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَا تَجُوزُ إلَّا بِمَوْتِ الْأَصِيلِ إلَخْ: مُشْعِرٌ بِالْحَضَرِ فِيمَا ذَكَرُوا بِأَنَّ فِي الْحَضَرِ خِلَافًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِمَا فِي الْقُنْيَةِ أَنَّ الْأَصِيلَ إذَا كَانَ مُخَدَّرَةً يَجُوزُ إشْهَادُهَا عَلَى شَهَادَتِهَا، وَهِيَ الَّتِي لَا تُخَالِطُ الرِّجَالَ، وَلَوْ خَرَجَتْ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ وَلِلْحَمَّامِ (انْتَهَى) . وَكَذَا إذَا حُبِسَ الْأَصِيلُ فِي سِجْنِ الْوَالِي، وَأَمَّا فِي سِجْنِ

[الثالثة الضرر لا يزال بالضرر]

وَمِنْ فُرُوعِهَا عَدَمُ وُجُوبِ الْعِمَارَةِ عَلَى الشَّرِيكِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لِمُرِيدِهَا أَنْفِقْ وَاحْبِسْ الْعَيْنَ إلَى اسْتِيفَاءِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ أَوْ مَا أَنْفَقْتَهُ، فَالْأَوَّلُ إنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي، وَالثَّانِي إنْ كَانَ بِإِذْنِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ 16 - وَكَتَبْنَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ: أَنَّ الشَّرِيكَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ، وَلَا يُجْبَرُ السَّيِّدُ عَلَى تَزْوِيجِ عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ تَضَرُّرًا، وَلَا يَأْكُلُ الْمُضْطَرُّ طَعَامَ مُضْطَرٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَاضِي فَفِيهِ خِلَافٌ كَمَا فِي الْمُحِيطِ. وَأَمَّا الثَّانِي: فَلَمْ نَعْثُرْ عَلَيْهِ. الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: أَنْ يَبْطُلَ الْإِشْهَادُ فِي صُورَةٍ مَا إذَا كَانَ الْأَصِيلُ مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا، وَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّ السُّلْطَانَ وَالْأَمِيرَ لَا يَجُوزُ إشْهَادُهُمَا عَلَى شَهَادَتِهِمَا، وَهُمَا فِي الْبَلَدِ [الثَّالِثَةُ الضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ] (15) قَوْلُهُ: وَمِنْ فُرُوعِهَا عَدَمُ وُجُوبِ الْعِمَارَةِ عَلَى الشَّرِيكِ إلَخْ. الْمُنَاسِبُ لِلسِّيَاقِ أَنْ يَقُولَ عَدَمُ إجْبَارِ الشَّرِيكِ عَلَى الْعِمَارَةِ (16) قَوْلُهُ: وَكَتَبْنَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ إلَى قَوْلِهِ: إنَّ الشَّرِيكَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ، وَعِبَارَتُهُ: اخْتَلَفُوا فِي مَنْعِ هَدْمِ صَاحِبِ السُّفْلِ الْجِدَارَ الْحَامِلَ لِلْعُلُوِّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، فَإِنْ هَدَمَهُ أُجْبِرَ عَلَى بِنَائِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَدَّى عَلَى صَاحِبِ الْعُلُوِّ الَّذِي هُوَ قَرَارُ الْعُلُوِّ كَالرَّاهِنِ إذَا قَتَلَ الْمَرْهُونَ، وَالْمَوْلَى إذْ قَتَلَ عَبْدَهُ الْمَدْيُونَ. فَرْقٌ بَيْنَ التَّعَلِّي، وَحَقِّ التَّسْفِيلِ حَيْثُ لَوْ هَدَمَ فِي الْأَوَّلِ يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ، وَلَوْ هَدَمَ فِي الثَّانِي لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ. وَفِي الذَّخِيرَةِ: السُّفْلُ إذْ كَانَ لِرَجُلٍ وَعُلُوٌّ لِآخَرَ فَسَقْفُ السُّفْلِ وَجَزُوعُهُ وَهَوَادِيهِ وَبَوَارِيهِ وَطِينُهُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ غَيْرَ أَنَّ صَاحِبَ الْعُلُوِّ مَسْكَنُهُ فِي ذَلِكَ (انْتَهَى) . ثُمَّ قَالَ: وَهِيَ مَسْأَلَةُ الثَّانِيَةِ وَفِي الْحَائِطِ بَيْنَ اثْنَيْنِ لَوْ كَانَ لَهُمَا خَشَبٌ فَبَنَى أَحَدُهُمَا، لِلِبَانِي أَنْ يَمْنَعَ الْآخَرَ مِنْ وَضْعِ الْخَشَبِ حَتَّى يُعْطِيَهُ نِصْفَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا وَفِي الْأَقْضِيَةِ: حَائِطٌ مُشْتَرَكٌ أَرَادَ أَحَدُهُمَا نَقْضَهُ وَأَبَى الشَّرِيكُ، إنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يُخَافُ سُقُوطُهُ لَا يُجْبَرُ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُخَافُ سُقُوطُهُ - عَنْ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ - يُجْبَرُ، وَإِنْ هَدَمَاهُ، وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا الْبِنَاءَ، وَأَبَى الْآخَرُ؛ إنْ كَانَ أَسَاسُ الْحَائِطِ عَرِيضًا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبْنِيَ حَائِطًا فِي نَصِيبِهِ بَعْدَ

آخَرَ وَلَا شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ. تَنْبِيهٌ: يُتَحَمَّلُ الضَّرَرُ الْخَاصُّ؛ لِأَجْلِ دَفْعِ ضَرَرِ الْعَامِّ. وَهَذَا مُقَيِّدٌ لِقَوْلِهِمْ: الضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِمِثْلِهِ 17 - وَعَلَيْهِ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا: جَوَازُ الرَّمْيِ إلَى كُفَّارٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقِسْمَةِ وَلَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ يُجْبَرُ. كَذَا عَنْ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَتَفْسِيرُ الْجَبْرِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِقْهُ الشَّرِيكُ أَنْفَقَ عَلَى الْعِمَارَةِ، وَرَجَعَ عَلَى الشَّرِيكِ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَ. وَفِي الشَّهَادَاتِ الْفُضْلَى لَوْ هَدَمَاهُ، وَامْتَنَعَ أَحَدُهُمَا يُجْبَرُ، وَلَوْ انْهَدَمَ لَا يُجْبَرُ. وَلَكِنْ يُمْنَعُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ مَا لَمْ يَسْتَوْفِ نِصْفَ مَا أَنْفَقَ فِيهِ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، وَإِنْ كَانَ بِلَا قَضَاءٍ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ كَذَا فِي الْفَتْحِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ هَدَمَ ذُو السُّفْلِ سُفْلَهُ، وَذُو الْعُلُوِّ عُلُوَّهُ أَخَذَ ذُو السُّفْلِ بِنَاءَ سُفْلِهِ، وَإِذَا فَوَّتَ عَلَيْهِ حَقًّا لَحِقَ بِالْمِلْكِ فَيَضْمَنُ كَمَا لَوْ فَوَّتَ عَلَيْهِ مِلْكًا (انْتَهَى) . فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا جَبْرَ عَلَى ذِي الْعُلُوِّ، وَظَاهِرُ مَا فِي الْفَتْحِ خِلَافُهُ (انْتَهَى) . وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا بَنَى صَاحِبُ السُّفْلِ سُفْلَهُ وَطَلَبَ مِنْ ذِي الْعُلُوِّ بِنَاءَ عُلُوِّهِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ وَلَوْ انْهَدَمَ السُّفْلُ بِغَيْرِ صُنْعٍ مِنْ صَاحِبِهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي. وَلِصَاحِبِ الْعُلُوِّ أَنْ يَبْنِيَ بَيْتًا وَيَبْنِيَ عَلَيْهِ عُلُوَّهُ ثُمَّ يَرْجِعَ وَيَمْنَعَهُ مِنْ السَّكَنِ حَتَّى يَدْفَعَ إلَيْهِ؛ لِكَوْنِهِ مُضْطَرًّا كَمُسْتَعِيرِ الرَّهْنِ إذَا قَضَى الدَّيْنَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَوْ انْهَدَمَ الْعُلُوُّ وَالسُّفْلُ فَكَذَلِكَ، ثَمَّ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ أَوْ بِمَا أَنْفَقَ قَبْلُ إنْ كَانَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ مُضْطَرًّا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ بِقِيمَةِ السُّفْلِ مَبْنِيًّا لَا بِمَا أَنْفَقَ. وَقِيلَ: إنْ بَنَى بِأَمْرِ الْقَاضِي يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ، وَإِلَّا رَجَعَ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ كَذَا فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَإِذْنُ الشَّرِيكِ كَإِذْنِ الْقَاضِي فَيَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ، كَمَا حَرَّرَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ. وَإِذْ قُلْنَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ فَهَلْ الْمُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْبِنَاءِ أَوْ وَقْتَ الرُّجُوعِ؟ فَفِيهِ قَوْلَانِ وَالصَّحِيحُ: وَقْتُ الْبِنَاءِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَبْنِيَّ يُبْنَى عَلَى مِلْكِ الشَّرِيكِ أَوْ عَلَى مِلْكِ الْبَانِي ثُمَّ يَنْتَقِلُ مِنْهُ (انْتَهَى) (17) قَوْلُهُ: وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِقَوْلِهِمْ: الضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِمِثْلِهِ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ إطْلَاقٌ حَتَّى يُجْعَلَ هَذَا مُقَيِّدًا لَهُ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: الضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِمِثْلِهِ، وَإِذَا أُزِيلَ

تَتَرَّسُوا بِصِبْيَانِ الْمُسْلِمِينَ. وَمِنْهَا: وُجُوبُ نَقْضِ حَائِطٍ مَمْلُوكٍ 19 - مَالَ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ عَلَى مَالِكِهَا؛ دَفْعًا لِلضَّرَرِ الْعَامِّ، وَمِنْهَا: جَوَازُ الْحَجْرِ عَلَى الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْحُرِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي ثَلَاثٍ: 20 - الْمُفْتِي الْمَاجِنِ، وَالطَّبِيبِ الْجَاهِلِ، وَالْمُكَارِي الْمُفْلِسِ؛ دَفْعًا لِلضَّرَرِ الْعَامِّ 21 - وَمِنْهَا: جَوَازُهُ عَلَى السَّفِيهِ عِنْدَهُمَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، 22 - دَفْعًا لِلضَّرَرِ الْعَامِّ. وَمِنْهَا: بَيْعُ مَالِ الْمَدْيُونِ الْمَحْبُوسِ عِنْدَهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالضَّرَرُ بِتَحَمُّلِ ضَرَرِ الْخَاصِّ لَمْ يَزُلْ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّ الْخَاصَّ لَيْسَ مِثْلَ الْعَامِّ فَتَأَمَّلْ (18) قَوْلُهُ: تَتَرَّسُوا بِصِبْيَانِ الْمُسْلِمِينَ: قِيلَ: عِبَارَةُ أَكْثَرِهِمْ تَتَرَّسُوا بِأُسَارَى الْمُسْلِمِينَ إذْ لَا قَائِلَ بِتَخْصِيصِ الصِّبْيَانِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: تَخْصِيصُ الصِّبْيَانِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ لِلرَّحْمَةِ فَإِذَا عُلِمَ الْحُكْمُ فِيهِمْ عُلِمَ فِي غَيْرِهِمْ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. (19) قَوْلُهُ: مَالَ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ: الْمَيْلُ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ رَهَنَ أَوْ انْشَقَّ طُولًا أَوْ عَرْضًا (20) قَوْلُهُ: الْمُفْتِي الْمَاجِنِ وَالطَّبِيبِ الْجَاهِلِ إلَخْ: الْمُفْتِي الْمَاجِنُ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْحِيَلَ، وَالطَّبِيبُ الْجَاهِلُ الَّذِي يَسْقِي النَّاسَ الدَّوَاءَ وَيَمُوتُ الْمَرِيضُ، وَالْمُكَارِي الْمُفْلِسُ الَّذِي يُكَارِي الدَّابَّةَ، وَيَأْخُذُ الْكِرَاءَ فَإِذَا جَاءَ أَوَانُ السَّفَرِ رَأَيْته لَا دَابَّةَ لَهُ فَيَنْقَطِعُ الْمُكْتَرِي عَنْ الرُّفْقَةِ، كَذَا فِي الدُّرَرِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا: يَصِحُّ الْحَجْرُ عَلَى الْكُلِّ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْقَضَاءِ بِالْإِفْلَاسِ. (21) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا جَوَازُهُ عَلَى السَّفِيهِ السَّفَهُ: الْعَمَلُ بِخِلَافِ مُوجَبِ الشَّرْعِ، وَاتِّبَاعُ الْهَوَى، وَمِنْ عَادَةِ السَّفِيهِ التَّبْذِيرُ، وَالْإِسْرَافُ فِي النَّفَقَةِ، وَالتَّصَرُّفُ لَا لِغَرَضٍ، أَوْ لِغَرَضٍ لَا يَعْتَدُّ بِهِ الْعُقَلَاءُ مِنْ أَهْلِ الدِّيَانَةِ مِثْلَ دَفْعِ الْمَالِ إلَى الْمُغَنِّي، وَشِرَاءِ الْحَمَامِ الطَّيَّارَةِ بِثَمَنٍ غَالٍ وَالْغَبْنِ فِي التِّجَارَاتِ. (22) قَوْلُهُ: دَفْعًا لِضَرَرِ الْعَامِّ: قِيلَ: كَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي رَأَيْنَاهَا، وَالصَّوَابُ النَّصْبُ

لِقَضَاءِ دَيْنِهِ، دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ 23 - وَمِنْهَا: التَّسْعِيرُ عِنْدَ تَعَدِّي أَرْبَابِ الطَّعَامِ فِي بَيْعِهِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ. وَمِنْهَا: بَيْعُ طَعَامِ الْمُحْتَكَرِ جَبْرًا عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَامْتِنَاعِهِ مِنْ الْبَيْعِ، دَفْعًا لِلضَّرَرِ الْعَامِّ 24 - وَمِنْهَا: مَنْعُ اتِّخَاذِ حَانُوتٍ لِلطَّبْخِ بَيْنَ الْبَزَّازِينَ، وَكَذَا كُلُّ ضَرَرٍ عَامٍّ، كَذَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ. وَتَمَامُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى التَّمْيِيزِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ انْتَهَى وَفِيهِ خَفَاءٌ (23) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا التَّسْعِيرُ إلَخْ، فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ: وَلَا يَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُسَعِّرَ لِمَا بَيَّنَّا يَعْنِي أَنَّ الْمُسَعِّرَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى أَرْبَابُ الطَّعَامِ تَعَدِّيًا فَاحِشًا فِي الْقِيمَةِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ بِمَشُورَةِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ صِيَانَةَ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ عَنْ الضَّيَاعِ، وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا: إذَا خَافَ الْإِمَامُ عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ الْهَلَاكَ أَخَذَ الطَّعَامَ مِنْ الْمُحْتَكِرِ، وَفَرَّقَهُ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا وَجَدُوا رَدُّوا مِثْلَهُ، وَلَيْسَ هَذَا حَجْرًا، وَإِنَّمَا هُوَ لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي الْمَخْمَصَةِ (24) . قَوْلُهُ: وَمِنْهَا مَنْعُ اتِّخَاذِ حَانُوتٍ لِلطَّبْخِ بَيْنَ الْبَزَّازِينَ: اعْلَمْ أَنَّ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ اخْتِلَافًا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ عَلَى أَصْلِ الْإِمَامِ، وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَصَرَّفَ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ، وَإِنْ لَحِقَ بِالْغَيْرِ الضَّرَرُ، وَأَفْتَى بِهَذِهِ الطَّائِفَةُ لَكِنْ تَرَكَ غَالِبُ الْمُتَأَخِّرِينَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ يَتَعَدَّى ضَرَرُ تَصَرُّفِهِ إلَى غَيْرِهِ ضَرَرًا بَيِّنًا، وَقَالُوا بِالْمَنْعِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ: عُلُوٌّ لِرَجُلٍ وَسُفْلٌ لِآخَرَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ أَنْ يَبْنِيَ مَا بَدَا لَهُ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالسُّفْلِ، وَذَكَرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ: لَهُ ذَلِكَ أَضَرَّ بِالْأَسْفَلِ أَوْ لَمْ يَضُرَّ. هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْمُخْتَارُ وَالْفَتْوَى أَنَّهُ إذَا أَشْكَلَ أَنَّهُ يَضُرُّ أَمْ لَا، لَا يَمْلِكُ، وَإِذَا عُلِمَ لَا يَضُرُّ يَمْلِكُ (انْتَهَى) . وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ: لَوْ حَفَرَ صَاحِبُ السُّفْلِ فِي مِسَاحَةِ بِئْرٍ أَوْ مَا شِبْهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَإِنْ تَضَرَّرَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ، وَعِنْدَهُمَا الْحُكْمُ مَعْلُومٌ بِعِلَّةِ الضَّرَرِ. قِيلَ: يَحْتَاجُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ تَصَرُّفِهِ فِي سَاحَةِ السُّفْلِ، وَبَيْنَ

فِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ مِنْ الدَّعْوَى. تَنْبِيهٌ آخَرُ: تَقْيِيدُ الْقَاعِدَةِ أَيْضًا بِمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْظَمَ ضَرَرًا مِنْ الْآخَرِ؛ فَإِنَّ الْأَشَدَّ يُزَالُ بِالْأَخَفِّ، فَمِنْ ذَلِكَ الْإِجْبَارُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَالنَّفَقَاتِ الْوَاجِبَاتِ. وَمِنْهَا: حَبْسُ الْأَبِ لَوْ امْتَنَعَ عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى وَلَدِهِ؛ 25 - بِخِلَافِ الدَّيْنِ. وَمِنْهَا: لَوْ غَصَبَ سَاجَةً، أَيْ خَشَبَةً، وَأَدْخَلَهَا فِي بِنَائِهِ؛ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَكْثَرَ يَمْلِكُهَا صَاحِبُهُ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَمْ يَنْقَطِعْ حَقُّ الْمَالِكِ عَنْهَا. وَمِنْهَا: لَوْ غَصَبَ أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ؛ 26 - فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ أَكْثَرَ قَلَعَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQتَصَرُّفِهِ فِي السُّفْلِ أَوْ الْعُلُوِّ حَيْثُ يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِي سَاحَةِ السُّفْلِ، وَإِنْ تَحَقَّقَ ضَرَرُ صَاحِبِ الْعُلُوِّ بِذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ صَاحِبِ السُّفْلِ إذَا أَضَرَّ بِهِ صَاحِبَ الْعُلُوِّ وَعَكْسُهُ. مَعَ أَنَّ الْكُلَّ تَصَرُّفُ الْإِنْسَانِ فِي مِلْكِهِ. وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي: عُلُوٌّ لِرَجُلٍ وَسُفْلٌ لِآخَرَ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ أَنْ يَبْنِيَ بِنَاءً أَوْ يَتِدَ وَتَدًا عِنْدَ الْإِمَامِ إلَّا بِرِضَى صَاحِبِ السُّفْلِ، وَعِنْدَهُمَا لَهُ ذَلِكَ. وَقِيلَ: قَوْلُهُمَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ: وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا أَشْكَلَ فَعِنْدَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَعِنْدَهُمَا لَهُ ذَلِكَ (25) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الدَّيْنِ: يَعْنِي لَا يُحْبَسُ الْأَبُ لِدَيْنِ وَلَدِهِ وَكَذَا كُلُّ أَصْلٍ لِدَيْنِ فَرْعِهِ. قِيلَ: إلَّا إذَا ظَهَرَ لِلْقَاضِي تَمَرُّدُهُ فَإِنَّهُ يَحْبِسُهُ؛ لِمَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى، وَفِي الْبَابِ الْخَامِسِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ قَالَ: رَجُلٌ لَهُ عَلَى أَبِيهِ مَهْرُ الْأُمِّ أَوْ دَيْنٌ آخَرُ فَأَقَرَّ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهُ لَا يُحْبَسُ مَا لَمْ يَتَمَرَّدْ عَلَى الْحَاكِمِ، وَهَذَا بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ لَهَا، يَعْنِي، وَإِنْ لَمْ يَتَمَرَّدْ فَإِنَّ فِيهِ صِيَانَةَ مُهْجَةٍ (26) قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَكْثَرَ إلَخْ. أَقُولُ: لَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا تَسَاوَيَا. وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ السَّاحَةِ وَالْبِنَاءِ سَوَاءً، فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ جَازَ، وَإِنْ تَنَازَعَا يُبَاعُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِمَا، وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَالِهِمَا

وَرُدَّتْ، 28 - وَإِلَّا ضَمِنَ لَهُ قِيمَتَهَا وَمِنْهَا: لَوْ ابْتَلَعَتْ دَجَاجَةٌ لُؤْلُؤَةً؛ يُنْظَرُ إلَى أَكْثَرِهِمَا قِيمَةً فَيَضْمَنُ صَاحِبُ الْأَكْثَرِ قِيمَةَ الْأَقَلِّ. وَعَلَى هَذَا لَوْ أَدْخَلَ فَصِيلَ غَيْرِهِ فِي دَارِهِ فَكَبِرَ فِيهَا، وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهُ إلَّا بِهَدْمِ الْجِدَارِ، وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ الْبَقَرُ رَأْسَهُ فِي قِدْرٍ مِنْ النُّحَاسِ فَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ، هَكَذَا ذَكَرَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ وَفَصَّلَ الشَّافِعِيَّةُ؛ فَقَالُوا: إنْ كَانَ صَاحِبُ الْبَهِيمَةِ مَعَهَا فَهُوَ مُفَرِّطٌ بِتَرْكِ الْحِفْظِ، فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَأْكُولَةٍ كُسِرَتْ الْقِدْرُ، وَعَلَيْهِ أَرْشُ النَّقْصِ. أَوْ مَأْكُولَةً فَفِي ذَبْحِهَا وَجْهَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا فَإِنْ فَرَّطَ صَاحِبُ الْقِدْرِ كُسِرْت، وَلَا أَرْشَ، وَإِلَّا فَلَهُ الْأَرْشُ. 29 - وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِمَسْأَلَةِ الْبَقَرَةِ مَا لَوْ سَقَطَ دِينَارُهُ فِي مِحْبَرَةِ غَيْرِهِ، وَلَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِكَسْرِهَا 30 - وَمِنْهَا: جَوَازُ دُخُولِ بَيْتِ غَيْرِهِ إذَا سَقَطَ مَتَاعُهُ فِيهِ وَخَافَ صَاحِبُهُ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَهُ مِنْهُ أَخْفَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَلَعَهَا وَرُدَّتْ إلَخْ: قِيلَ: هَلْ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ تَمَلُّكُهَا بِالْقِيمَةِ جَبْرًا عَلَى الْغَصْبِ؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَرْضَ إنْ انْتَقَضَتْ بِالْقَلْعِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا (28) قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنَ لَهُ قِيمَتَهَا، لَا خَفَاءَ أَنَّهُ يَشْمَلُ صُورَةَ الْمُسَاوَاةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ (29) قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِمَسْأَلَةِ الْبَقَرَةِ إلَخْ: إيضَاحُ هَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَكَذَا فِي الْمُحِيطِ (30) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا جَوَازُ دُخُولِ بَيْتِ غَيْرِهِ إلَخْ، قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بَعْدَ نَقْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعْلِمَ ذَلِكَ أَهْلَ الصَّلَاحِ أَنَّهُ إنَّمَا دَخَلَهَا لِهَذَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهَا أَهْلُ الصَّلَاحِ، وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَدْخُلَ وَيَأْخُذَ مَالَهُ فِي السِّرِّ فَلَا بَأْسَ بِهِ

وَمِنْهَا: مَسْأَلَةُ الظَّفَرِ بِجِنْسِ دَيْنِهِ، وَمِنْهَا: جَوَازُ شَقِّ بَطْنِ الْمَيِّتَةِ؛ لِإِخْرَاجِ الْوَلَدِ إذَا كَانَتْ تُرْجَى حَيَاتُهُ. وَقَدْ أَمَرَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَعَاشَ الْوَلَدُ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ. قَالُوا 32 - بِخِلَافِ مَا إذَا ابْتَلَعَ لُؤْلُؤَةً فَمَاتَ 33 - فَإِنَّهُ لَا يُشَقُّ بَطْنُهُ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْآدَمِيِّ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْمَالِ. وَسَوَّى الشَّافِعِيَّةُ بَيْنَهُمَا فِي جَوَازِ الشَّقِّ. وَفِي تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِنْهَا مَسْأَلَةُ الظَّفَرُ بِجِنْسِ دَيْنِهِ إلَخْ. فِي الِاسْتِحْسَانِ: الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي هَذَا الْحُكْمِ، وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَرَاهِمُ فَظَفِرَ بِدَرَاهِمِ مَدْيُونِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ دَرَاهِمَ إنْ لَمْ يَكُنْ دَرَاهِمُهُ أَجْوَدَ، وَلَمْ يَكُنْ مُؤَجِّلًا، وَإِنْ ظَفِرَ بِدَنَانِيرِ مَدْيُونِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الدَّنَانِيرَ. وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الدَّيْنِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ (انْتَهَى) . وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْعَتَّابِيِّ: رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَرَاهِمُ، وَظَفِرَ بِدَرَاهِمَ مَدْيُونِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ دَرَاهِمَ الْمَدْيُونِ مُؤَجَّلًا كَانَ أَوْ لَا، وَإِذَا ظَفِرَ بِدَنَانِيرِ مَدْيُونِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الدَّنَانِيرَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ (انْتَهَى) ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ (32) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا ابْتَلَعَ لُؤْلُؤَةً: قِيلَ: ظَاهِرُهُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمَذْهَبُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمُقْتَضَى مَا عَلَّلَ بِهِ أَنَّهُ لَوْ ابْتَلَعَ دَنَانِيرَ غَيْرِهِ تُشَقُّ بَطْنُهُ وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ، فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ تُشَقُّ بَطْنُهُ فِي اللُّؤْلُؤَةِ وَالدَّنَانِيرِ، وَأَنَّ عَدَمَ الشَّقِّ فِي الدُّرَّةِ إنَّمَا هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ قَدْ طَالَعْت الْبَزَّازِيَّةَ فَرَأَيْته فِي مَحَلٍّ ذَكَرَ مَا هُوَ مُوَافِقٌ لِمُقْتَضَى مَا عَلَّلَ بِهِ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَا هُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قِيلَ. ثُمَّ قَالَ: وَلَعَلَّ الَّذِي اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُ الْمُصَنِّفِ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ الْبَزَّازِيُّ فِي آخِرِ الْكِتَابِ، وَصَاحِبُ الْقِيلِ لَمْ يَطَّلِعْ إلَّا عَلَى الْأَوَّلِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: ذِكْرُهُ فِي آخِرِ الْكِتَابِ غَيْرُ مُسْتَلْزِمٍ لِلصِّحَّةِ. (33) قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُشَقُّ بَطْنُهُ إلَخْ: قَيَّدَهُ فِي الْجَوْهَرَةِ بِمَا إذَا مَاتَ إنْ بَلَعَ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْبَلُوعِ أَنْ يُشَقَّ بَطْنُهُ

[الرابعة إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما]

مِنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ، وَقِيمَةُ الدُّرَّةِ فِي تَرِكَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا لَا يَجِبُ شَيْءٌ (انْتَهَى) . 34 - وَمِنْهَا طَلَبُ صَاحِبِ الْأَكْثَرِ الْقِسْمَةَ، وَشَرِيكُهُ يَتَضَرَّرُ؛ فَإِنَّ صَاحِبَ الْكَثِيرِ يُجَابُ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ فِي عَدَمِ الْقِسْمَةِ أَعْظَمُ مِنْ ضَرَرِ شَرِيكِهِ بِهَا نَشَأَتْ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَاعِدَةٌ رَابِعَةٌ، وَهِيَ مَا 35 - إذَا تَعَارَضَ مَفْسَدَتَانِ رُوعِيَ أَعْظَمُهُمَا ضَرَرًا بِارْتِكَابِ أَخَفِّهِمَا. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ: ثُمَّ الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ مَنْ اُبْتُلِيَ بِبَلِيَّتَيْنِ، وَهُمَا مُتَسَاوِيَتَانِ يَأْخُذُ بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ، وَإِنْ اخْتَلَفَا يَخْتَارُ أَهْوَنَهُمَا؛ لِأَنَّ مُبَاشَرَةَ الْحَرَامِ لَا تَجُوزُ إلَّا لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي حَقِّ الزِّيَادَةِ. مِثَالُهُ: رَجُلٌ عَلَيْهِ جُرْحٌ لَوْ سَجَدَ سَالَ جُرْحُهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ لَمْ يَسِلْ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي قَاعِدًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِنْهُ طَلَبُ صَاحِبِ الْأَكْثَرِ الْقِسْمَةَ إلَخْ. هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ. وَجْهُهُ أَنَّ صَاحِبَ الْأَكْثَرِ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَخُصَّهُ بِالِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ وَيَمْنَعَ غَيْرَهُ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ وَهَذَا مِنْهُ طَلَبُ الْحَقِّ وَالْإِنْصَافِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ غَيْرَهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ فَوَجَبَ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُجِيبَهُ؛ لِأَنَّهُ نُصِّبَ الْقَاضِي لِإِيصَالِ الْحُقُوقِ إلَى أَهْلِهَا وَدَفْعِ الْمَظَالِمِ وَلَا يُعْتَبَرُ تَضَرُّرُ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمِلْكِ غَيْرِهِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالْهِدَايَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حُكْمَ مَا لَوْ طَلَبَ صَاحِبُ الْقَلِيلِ؛ لِوُجُودِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ فَقِيلَ: لَا يُقَسَّمُ بِطَلَبِهِ وَقِيلَ: يُقَسَّمُ. قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَدْ صَحَّ الْأَوَّلُ أَيْضًا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ. قَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ: وَعَلَيْهِ مَشَى الْأَئِمَّةُ: الْبُرْهَانِيُّ وَالنَّسَفِيُّ وَصَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَغَيْرُهُمْ [الرَّابِعَةُ إذَا تَعَارَضَ مَفْسَدَتَانِ رُوعِيَ أَعْظَمُهُمَا ضَرَرًا بِارْتِكَابِ أَخَفِّهِمَا] (35) قَوْلُهُ: إذَا تَعَارَضَ مَفْسَدَتَانِ إلَخْ: فِيهِ أَنَّ هَذَا عَيْنُ السَّابِقَةِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَاخْتَلَفَ الْعُنْوَانُ لَا غَيْرُ فَتَأَمَّلْ

يُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ السُّجُودِ أَهْوَنُ مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ الْحَدَثِ. أَلَا تَرَى أَنَّ تَرْكَ السُّجُودِ جَائِزٌ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ فِي التَّطَوُّعِ عَلَى الدَّابَّةِ 36 -، وَمَعَ الْحَدَثِ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ. وَكَذَا شَيْخٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِرَاءَةِ قَائِمًا وَيَقْدِرُ عَلَيْهَا قَاعِدًا، يُصَلِّي قَاعِدًا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ فِي النَّفْلِ 37 - وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ الْقِرَاءَةِ بِحَالٍ، وَلَوْ صَلَّى فِي الْفَصْلَيْنِ قَائِمًا مَعَ الْحَدَثِ، وَتَرَكَ الْقِرَاءَةَ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبَانِ نَجَاسَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ، يَتَخَيَّرُ مَا لَمْ يَبْلُغْ أَحَدُهُمَا قَدْرَ رُبُعِ الثَّوْبِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَنْعِ، وَلَوْ كَانَ دَمُ أَحَدِهِمَا قَدْرَ الرُّبُعِ، وَدَمُ الْآخَرِ أَقَلَّ يُصَلِّي فِي أَقَلِّهِمَا دَمًا، وَلَا يَجُوزُ عَكْسُهُ؛ لِأَنَّ لِلرُّبُعِ حُكْمَ الْكُلِّ، وَلَوْ كَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْرُ الرُّبُعِ أَوْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ 38 - لَكِنْ لَا يَبْلُغُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ، وَفِي الْآخَرِ قَدْرُ الرُّبُعِ، صَلَّى فِي أَيِّهِمَا شَاءَ؛ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحُكْمِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي أَقَلِّهِمَا نَجَاسَةً. وَلَوْ كَانَ رُبُعُ أَحَدِهِمَا طَاهِرًا، وَالْآخَرِ أَقَلَّ مِنْ الرُّبُعِ يُصَلِّي فِي الَّذِي رُبُعُهُ طَاهِرٌ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْعَكْسِ. وَلَوْ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَعَ الْحَدَثِ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ، لَا يُقَالُ تَجُوزُ الصَّلَاةُ مَعَهُ لِصَاحِبِ الْعُذْرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ عَدَمُ جَوَازِهَا مَعَهُ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْعُذْرِ. (37) قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ الْقِرَاءَةِ بِحَالٍ، يَعْنِي لِغَيْرِ الْأَخْرَسِ وَالْأُمِّيِّ (38) قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يَبْلُغُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ: مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَ الرُّبُعِ يَقُومُ مَقَامَ الْكُلِّ يَقْتَضِي التَّسَاوِيَ، وَإِنْ بَلَغَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ حِينَئِذٍ أَيْضًا فَلَا يَكُونُ لِلتَّقْيِيدِ فَائِدَةٌ

امْرَأَةً لَوْ صَلَّتْ قَائِمَةً يَنْكَشِفُ مِنْ عَوْرَتِهَا مَا يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ، وَلَوْ صَلَّتْ قَاعِدَةً لَا يَنْكَشِفُ مِنْهَا شَيْءٌ؛ فَإِنَّهَا تُصَلِّي قَاعِدَةً؛ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ تَرْكَ الْقِيَامِ أَهْوَنُ. وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ يُغَطِّي جَسَدَهَا، وَرُبُعَ رَأْسِهَا وَتَرَكَتْ تَغْطِيَةَ الرَّأْسِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ كَانَ يُغَطِّي أَقَلَّ مِنْ الرُّبُعِ لَا يَضُرُّهَا تَرْكُهُ؛ لِأَنَّ لِلرُّبُعِ حُكْمَ الْكُلِّ، وَمَا دُونَهُ لَا يُعْطَى لَهُ حُكْمُ الْكُلِّ وَالسَّتْرُ أَفْضَلُ تَقْلِيلًا لِلِانْكِشَافِ (انْتَهَى) 39 - وَمَنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ؛ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إذَا خَرَجَ لِلْجَمَاعَةِ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ، وَلَوْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ قَائِمًا، يَخْرُجُ إلَيْهَا 40 - وَيُصَلِّي قَاعِدًا وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَنَقَلَ عَنْ شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي تَصْحِيحًا آخَرَ أَنَّهُ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ قَائِمًا، وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ؛ لَوْ اُضْطُرَّ، وَعِنْدَهُ مَيْتَةٌ، وَمَالُ الْغَيْرِ 41 - فَإِنَّهُ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ. 42 - وَعَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: مَنْ وَجَدَ طَعَامَ الْغَيْرِ لَا يُبَاحُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: قَدْ تَتَبَّعْت خُلَاصَةَ الْفَتَاوَى فَلَمْ أَرَ مَا ذَكَرَهُ بَلْ رَأَيْته فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى صَحَّحَ أَنَّهُ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ قَائِمًا، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ خُلَاصَةَ الْعَنْبَرِيِّ وَقَدْ نَقَلَ عَنْ خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى فِي الْبَحْرِ مِثْلَ مَا ذَكَرْنَا (40) قَوْلُهُ: وَيُصَلِّي قَاعِدًا؛ لَكِنْ يُكَبِّرُ قَائِمًا ثُمَّ يَقْعُدُ عِنْدَ الرُّكُوعِ كَمَا قَالَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيّ (41) قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ. الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ رِضَى الْمَالِكِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ (42) . قَوْلُهُ: وَعَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَنْ وَجَدَ طَعَامَ الْغَيْرِ لَا يُبَاحُ لَهُ الْمَيْتَةُ

لَهُ الْمَيْتَةُ، وَعَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ الْغَصْبُ أَوْلَى مِنْ الْمَيْتَةِ. وَبِهِ أَخَذَ الطَّحْطَاوِيُّ وَغَيْرُهُ وَخَيَّرَهُ الْكَرْخِيُّ، كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ اُضْطُرَّ الْمُحْرِمُ، وَعِنْدَهُ مَيْتَةٌ وَصَيْدٌ أَكَلَهَا دُونَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: لَوْ كَانَ الصَّيْدُ مَذْبُوحًا فَالصَّيْدُ أَوْلَى وِفَاقًا. وَلَوْ 43 - اُضْطُرَّ، وَعِنْدَهُ صَيْدٌ وَمَالُ الْغَيْرِ فَالصَّيْدُ أَوْلَى، وَكَذَا الصَّيْدُ أَوْلَى مِنْ لَحْمِ الْإِنْسَانِ، 44 - وَعَنْ مُحَمَّدٍ؛ الصَّيْدُ أَوْلَى مِنْ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ (انْتَهَى) . وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِي آخِرِ كِتَابِ الْإِكْرَاهِ لَوْ قَالَ لَهُ لَتُلْقِيَنَّ نَفْسَك فِي النَّارِ أَوْ مِنْ الْجَبَلِ أَوْ لَأَقْتُلَنَّكَ؛ وَكَانَ الْإِلْقَاءُ بِحَيْثُ لَا يَنْجُو مِنْهُ، وَلَكِنْ فِيهِ نَوْعُ خِفَّةٍ فَلَهُ الْخِيَارُ؟ إنْ شَاءَ فَعَلَ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ وَصَبَرَ حَتَّى يُقْتَلَ، عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّهُ اُبْتُلِيَ بِبَلِيَّتَيْنِ فَيَخْتَارُ مَا هُوَ الْأَهْوَنُ فِي زَعْمِهِ. وَعِنْدَهُمَا يَصْبِرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْنِي، وَيُبَاحُ لَهُ طَعَامُ الْغَيْرِ. قَالَ فِي سِيَرِ الْفَتْحِ: إنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَنَا فِي الْمُضْطَرِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَكْلُ مَالِ الْغَيْرِ مَعَ الضَّمَانِ فَلَمْ يَكُنْ فَرْضًا فَهُوَ كَالْمُبَاحِ بِتَقْدِيرِ شَرْطِ السَّلَامَةِ كَالْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ (43) . قَوْلُهُ: وَلَوْ اُضْطُرَّ الْمُحْرِمُ إلَخْ، يُقَاسُ عَلَيْهِ الْحَلَالُ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَيْدِ الْحَرَمِ (44) قَوْلُهُ: وَعَنْ مُحَمَّدٍ الصَّيْدُ أَوْلَى مِنْ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ (انْتَهَى) . فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى: مُحْرِمٌ مُضْطَرٌّ وَجَدَ صَيْدًا وَكَلْبًا فَالْكَلْبُ أَوْلَى مِنْ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّ فِي الصَّيْدِ ارْتِكَابَ مَحْظُورَيْنِ وَلَوْ وَجَدَ صَيْدًا، وَمَالَ الْغَيْرِ يَذْبَحُ الصَّيْدَ، وَلَا يَأْكُلُ مَالَ الْغَيْرِ عِنْدَ الْكُلِّ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي الصَّيْدِ وَالْخِنْزِيرِ كَالْحُكْمِ فِي الصَّيْدِ وَالْكَلْبِ؛ لِأَنَّ فِي أَكْلِ الْخِنْزِيرِ ارْتِكَابَ مَحْظُورٍ وَاحِدٍ كَالْكَلْبِ وَالْكَلْبُ كَالْخِنْزِيرِ فِي نَجَاسَةِ عَيْنِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ أَكْلَ الْخِنْزِيرِ أَشْنَعُ؛ لِأَنَّهُ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ نَجِسُ الْعَيْنِ بِالِاتِّفَاقِ فَافْتَرَقَا

وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُبَاشَرَةَ الْفِعْلِ سَعْيٌ فِي إهْلَاكِ نَفْسِهِ فَيَصْبِرُ تَحَامِيًا عَنْهُ. وَأَصْلُهُ أَنَّ الْحَرِيقَ إذَا وَقَعَ فِي سَفِينَةٍ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ صَبَرَ فِيهَا يَحْتَرِقُ، وَلَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ يَغْرَقُ؛ 45 - فَعِنْدَهُ يَخْتَارُ أَيَّهُمَا شَاءَ. وَعِنْدَهُمَا يَصْبِرُ، ثُمَّ إذَا أَلْقَى نَفْسَهُ فِي النَّارِ فَاحْتَرَقَ 46 - فَعَلَى الْمُكْرِهِ الْقِصَاصُ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَهُ: لَتُلْقِيَنَّ نَفْسَك مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ أَوْ لَأَقْتُلَنَّكَ بِالسَّيْفِ فَأَلْقَى نَفْسَهُ فَمَاتَ 47 - فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَجِبُ الدِّيَةُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْقَتْلِ بِالْمُثَقَّلِ (انْتَهَى) . الْخَامِسَةُ: وَنَظِيرُ الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ قَاعِدَةٌ خَامِسَةٌ؛ وَهِيَ دَرْءُ الْمَفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ. فَإِذَا تَعَارَضَتْ مَفْسَدَةٌ وَمَصْلَحَةٌ قُدِّمَ دَفْعُ الْمَفْسَدَةِ غَالِبًا؛ لِأَنَّ اعْتِنَاءَ الشَّرْعِ بِالْمَنْهِيَّاتِ أَشَدُّ مِنْ اعْتِنَائِهِ بِالْمَأْمُورَاتِ، وَلِذَا قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ» ، وَرَوَى فِي الْكَشْفِ حَدِيثًا «لَتَرْكُ ذَرَّةٍ مِمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ الثَّقَلَيْنِ» وَمِنْ ثَمَّ جَازَ تَرْكُ الْوَاجِبِ دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ، وَلَمْ يُسَامَحْ فِي الْإِقْدَامِ عَلَى الْمَنْهِيَّاتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَعِنْدَهُ يَخْتَارُ أَيَّهُمَا شَاءَ وَعِنْدَهُمَا يَصْبِرُ. جَعَلَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ أَبَا يُوسُفَ مَعَ الْإِمَامِ فِي التَّخْيِيرِ، وَكَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي لَمْ يَذْكُرْ غَيْرَ مَذْهَبِ الْإِمَامِ. (46) قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمُكْرِهِ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ بِالنَّارِ كَالْقَتْلِ بِالْمُحَدَّدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تُفَرِّقُ الْأَجْزَاءَ. (47) قَوْلُهُ: فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَجِبُ الدِّيَةُ أَيْ: عَلَى عَاقِلَتِهِ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُمَا، وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ

[الخامسة درء المفاسد أولى من جلب المصالح]

خُصُوصًا الْكَبَائِرَ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْبَزَّازِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: وَمَنْ لَمْ يَجِدْ سُتْرَةً تَرَكَ الِاسْتِنْجَاءَ، وَلَوْ عَلَى شَطِّ نَهْرٍ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ رَاجِحٌ عَلَى الْأَمْرِ حَتَّى اسْتَوْعَبَ النَّهْيُ الْأَزْمَانَ، وَلَمْ يَقْتَضِ الْأَمْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْخَامِسَةُ دَرْءُ الْمَفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ] قَوْلُهُ: خُصُوصًا الْكَبَائِرَ. اعْلَمْ أَنَّ الْكَبَائِرَ اخْتَلَفَ الرِّوَايَاتُ فِيهَا، رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهَا تِسْعَةٌ: الشِّرْكُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ وَالزِّنَا، وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ، وَالسِّحْرُ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، وَالْإِلْحَادُ فِي الْحَرَمِ. وَزَادَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَكْلُ الرِّبَا وَزَادَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - السَّرِقَةَ، وَشُرْبَ الْخَمْرِ وَقِيلَ: كُلُّ مَا أَوْعَدَ عَلَيْهِ الشَّارِعُ بِخُصُوصِهِ. وَقِيلَ: كُلُّ مَعْصِيَةٍ أَصَرَّ عَلَيْهَا الْعَبْدُ فَهِيَ كَبِيرَةٌ، وَكُلُّ مَا اسْتَغْفَرَ عَنْهُ فَهِيَ صَغِيرَةٌ كَذَا فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ لِلْمُحَقِّقِ التَّفْتَازَانِيِّ وَاعْتُرِضَ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ كُلَّ مَعْصِيَةٍ أَصَرَّ عَلَيْهَا الْعَبْدُ فَهِيَ كَبِيرَةٌ إلَخْ. بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31] ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِ الْكُلِّ كَبَائِرَ يُقَالُ: فِي الَّذِي يُكَفَّرُ، وَبِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِ الْكُلِّ صَغَائِرَ يُقَالُ فِي الْكَبَائِرِ الَّتِي تُجْتَنَبُ؛ فَإِنْ قِيلَ: الْمُرَادُ بِالْكَبَائِرِ فِي الْآيَةِ جُزْئِيَّاتُ الْكُفْرِ؛ فَإِذَا اجْتَنَبَ كُفِّرَ مَا عَدَاهَا قُلْنَا: تَكْفِيرُ مَا عَدَاهَا مُتَعَلِّقٌ بِالْمَشِيئَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يُكَفَّرَ الْقَتْلُ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةُ بِمُجَرَّدِ اجْتِنَابِ الْمُسْلِمِ الْكُفْرَ، وَلَا قَائِلَ بِذَلِكَ أَحَدٌ (انْتَهَى) . وَفِي السِّرَاجِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَةِ، الْكَبِيرَةُ: مَا كَانَتْ حَرَامًا مَحْضًا شُرِعَ عَلَيْهَا عُقُوبَةٌ مَحْضَةٌ بِنَصٍّ قَاطِعٍ إمَّا فِي الدُّنْيَا، وَإِمَّا فِي الْآخِرَةِ، وَكَذَا الْإِعَانَةُ عَلَى الْمَعَاصِي وَالْفُجُورِ، وَالْحَثُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْكَبَائِرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ (انْتَهَى) . وَفِي السِّرَاجِ أَيْضًا: إنَّ سَبَّ الصَّحَابَةِ كَبِيرَةٌ، وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْرٍ مَعَ أَنَّهُ كُفْرٌ (انْتَهَى) . وَفِيهِ أَنَّ الْكَبِيرَةَ لَا تُنَافِي الْكُفْرَ بَلْ تُجَامِعُهُ كَمَا فِي الْإِشْرَاكِ بِاَللَّهِ فَمِنْ أَيْنَ جَاءَ الْإِشْعَارُ؟ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ سَاكِتٌ عَنْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الِاخْتِيَارِ فِي فَصْلِ الْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ إنْ سَبَّ أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَبَغَضَهُ لَا يَكُونُ كُفْرًا لَكِنْ يُضَلَّلُ فَإِنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يُكَفِّرْ شَاتِمَهُ حَتَّى لَمْ يَقْتُلْهُ

التَّكْرَارَ (انْتَهَى) وَالْمَرْأَةُ إذَا وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ، وَلَمْ تَجِدْ سُتْرَةً مِنْ الرِّجَالِ تُؤَخِّرُهُ، 49 - بِخِلَافِ الرَّجُلِ إذَا لَمْ يَجِدْ سُتْرَةً مِنْ الرِّجَالِ لَا يُؤَخِّرُهُ وَيَغْتَسِلُ. وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ إذَا لَمْ يَجِدْ سُتْرَةً يَتْرُكُهُ. 50 - وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّجَاسَةَ الْحُكْمِيَّةَ أَقْوَى، وَالْمَرْأَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ كَالرَّجُلِ بَيْنَ الرِّجَالِ، كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ وَمِنْ فُرُوعِ ذَلِكَ الْمُبَالَغَةُ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ مَسْنُونَةٌ، وَتُكْرَهُ لِلصَّائِمِ وَتَخْلِيلُ الشَّعْرِ سُنَّةٌ فِي الطَّهَارَةِ، وَيُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ، وَقَدْ تُرَاعَى الْمَصْلَحَةُ لِغَلَبَتِهَا عَلَى الْمَفْسَدَةِ؛ فَمِنْ ذَلِكَ الصَّلَاةُ مَعَ اخْتِلَالِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا مِنْ الطَّهَارَةِ أَوْ السَّتْرِ أَوْ الِاسْتِقْبَالِ؛ فَإِنَّ فِي كُلِّ ذَلِكَ مَفْسَدَةً لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِخْلَالِ بِخِلَالِ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَنْ لَا يُنَاجَى إلَّا عَلَى أَكْمَلِ الْأَحْوَالِ وَمَتَى تَعَذَّرَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرَّجُلِ إذَا لَمْ يَجِدْ سُتْرَةً إلَخْ. قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يُرَجَّحَ النَّهْيُ هُنَا عَلَى الْأَمْرِ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يَرْتَكِبُ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ وَهُوَ كَشْفُ الْعَوْرَةِ؛ لِأَجْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَهُوَ الْغُسْلُ كَمَا فِي فِعْلِ الِاسْتِنْجَاءِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَكْثَرِيَّةٌ لَا كُلِّيَّةٌ كَمَا هُوَ دَأْبُ قَوَاعِدِ الْفِقْهِ، يَعْنِي مَا لَوْ كَانَ الرَّجُلُ بَيْنَ النِّسَاءِ، وَقِيَاسُهُ أَنْ يُؤَخِّرَ كَالْمَرْأَةِ بَيْنَ الرِّجَالِ فَإِنَّ نَظَرَ الْجِنْسِ لِلْجِنْسِ أَخَفُّ مِنْ نَظَرِ الْجِنْسِ إلَى غَيْرِ الْجِنْسِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ (50) قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّجَاسَةَ الْحُكْمِيَّةَ أَقْوَى. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَجُوزُ مَعَ وُجُودِ الْحَدَثِ بِحَالٍ، وَتَجُوزُ مَعَ وُجُودِ النَّجَاسَةِ الْحَقِيقِيَّةِ إذَا كَانَتْ مِقْدَارَ الدِّرْهَمِ فِي الْمُغَلَّظَةِ، وَمِقْدَارَ رُبُعِ الثَّوْبِ فِي الْمُخَفَّفَةِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَلِيلَ النَّجِسِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ دُونَ قَلِيلِ الْحَدَثِ، كَذَا قَالُوا. وَفِيهِ أَنَّ الْجَبِيرَةَ يَجُوزُ تَرْكُ الْمَسْحِ عَلَيْهَا مُطْلَقًا لَوْ ضَرَّ الْمَسْحُ أَوْ لَا عِنْدَ الْإِمَامِ مَعَ أَنَّ تَحْتَهَا حَدَثًا.

[السادسة الحاجة تنزل منزلة الضرورة]

جَازَتْ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ عَلَى هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ. وَمِنْهُ الْكَذِبُ مَفْسَدَةٌ مُحَرَّمَةٌ، وَهُوَ مَتَى تَضَمَّنَ جَلْبَ مَصْلَحَةٍ تُرَدُّ، وَعَلَيْهِ جَازَ 51 - كَالْكَذِبِ لِلْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ، وَعَلَى الزَّوْجَةِ لِإِصْلَاحِهَا، وَهَذَا النَّوْعُ رَاجِعٌ إلَى ارْتِكَابِ أَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ فِي الْحَقِيقَةِ السَّادِسَةُ الْحَاجَةُ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ، عَامَّةً كَانَتْ أَوْ خَاصَّةً، وَلِهَذَا 52 - جُوِّزَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِلْحَاجَةِ وَكَذَا قُلْنَا لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَالْكَذِبِ لِلْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: يَجُوزُ الْكَذِبُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: فِي الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ، وَفِي الْحَرْبِ وَمَعَ امْرَأَتِهِ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: أَرَادَ بِهَا الْمَعَارِيضَ لَا الْكَذِبَ الْخَالِصَ. وَمِثْلُهُ فِي أَوَاخِرِ الْحِيَلِ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَالْمَعَارِيضُ: أَنْ يَتَكَلَّمَ الرَّجُلُ بِكَلِمَةٍ يُظْهِرُ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا، وَمُرَادُهُ شَيْءٌ آخَرُ كَمَا فِي شَرْحِ الشِّرْعَةِ عَنْ الْبُسْتَانِ وَفِي بَعْضِ الْمُعْتَبَرَاتِ: وَمِنْ الْكَذِبِ الَّذِي لَا يُوجِبُ الْفِسْقَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي الْمُبَالَغَةِ كَقَوْلِهِ: قُلْت لَك كَذَا مِائَةِ مَرَّةٍ، لَا يُرَادُ بِهِ تَعْمِيمُ الْمَرَّاتِ بِعَدَدِهَا بَلْ تَفْهِيمُ الْمُبَالَغَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَالَ لَهُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَانَ كَذِبًا، وَإِنْ قَالَ مَرَّاتٍ يُعْتَادُ مِثْلُهَا فِي الْكَثْرَةِ فَلَا يَأْثَمُ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ الْمِائَةَ. وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى أَنَّ الْكَذِبَ يُبَاحُ؛ لِإِحْيَاءِ حَقِّهِ؛ وَلِدَفْعِ الظُّلْمِ عَنْ نَفْسِهِ كَالشَّفِيعِ يَعْلَمُ بِالْبَيْعِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَإِذَا أَصْبَحَ يَشْهَدُ، وَيَقُولُ عَلِمْت الْآنَ، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ تَبْلُغُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَتَخْتَارُ نَفْسَهَا مِنْ الزَّوْجِ، وَتَقُولُ رَأَيْت الدَّمَ الْآنَ (انْتَهَى) . وَفِي شَرْحِ الْعَيْنِيِّ لِلْبُخَارِيِّ فِي بَابِ شِرَاءِ الْمَمْلُوكِ مِنْ الْحَرْبِيِّ فِي حَدِيثِ قُتَيْبَةَ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ مَا نَصُّهُ: وَفِيهِ أَيْ: الْحَدِيثِ، الْحِيَلُ فِي التَّخْلِيصِ مِنْ الظَّلَمَةِ بَلْ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَخَلَّصُ إلَّا بِالْكَذِبِ جَازَ لَهُ الْكَذِبُ الصَّرِيحُ، وَقَدْ يَجِبُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ بِالِاتِّفَاقِ كَكَوْنِهِ يُنْجِي نَبِيًّا أَوْ وَلِيًّا مِمَّنْ يُرِيدُ قَتْلَهُ أَوْ لِنَجَاةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ عَدُوِّهِمْ. وَقَالَ الْفُقَهَاءُ لَوْ طَلَبَ ظَالِمٌ وَدِيعَةً لِإِنْسَانٍ لِيَأْخُذَهَا غَصْبًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِنْكَارُ وَالْكَذِبُ فِي أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهَا (انْتَهَى) . فَلْيُحْفَظْ [السَّادِسَةُ الْحَاجَةُ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ] (52) قَوْلُهُ: جُوِّزَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِيهَا

تَجُوزُ إجَارَةُ بَيْتٍ بِمَنَافِعِ بَيْتٍ لِاتِّحَادِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ فَلَا حَاجَةَ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفَ، وَمِنْهَا ضَمَانُ الدَّرَكِ 53 -: جُوِّزَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ. وَمِنْ ذَلِكَ جَوَازُ السَّلَمِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ؛ لِكَوْنِهِ بَيْعَ الْمَعْدُومِ دَفْعًا لِحَاجَةِ الْمَفَالِيسِ، وَمِنْهَا جَوَازُ الِاسْتِصْنَاعِ لِلْحَاجَةِ، وَدُخُولُ الْحَمَّامِ مَعَ جَهَالَةِ مُكْثِهِ فِيهَا وَمَا يَسْتَعْمِلُهُ مِنْ مَائِهَا، وَشَرْبَةُ السَّقَّاءِ، وَمِنْهَا الْإِفْتَاءُ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْوَفَاءِ حِينَ كَثُرَ الدَّيْنُ عَلَى أَهْلِ بُخَارَى وَهَكَذَا بِمِصْرَ وَقَدْ سَمَّوْهُ بَيْعَ الْأَمَانَةِ، وَالشَّافِعِيَّةُ يُسَمُّونَهُ الرَّهْنَ الْمُعَادَ، وَهَكَذَا سَمَّاهُ بِهِ فِي الْمُلْتَقَطِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ بَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ. وَفِي الْقُنْيَةِ وَالْبُغْيَةِ 54 - يَجُوزُ لِلْمُحْتَاجِ الِاسْتِقْرَاضُ بِالرِّبْحِ (انْتَهَى) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ الْمَنَافِعُ مَعْدُومٌ فَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ لِذَلِكَ (53) قَوْلُهُ: جُوِّزَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْبَائِعِ فَيَصِيرُ كَفِيلًا وَمَكْفُولًا عَنْهُ. وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ ضَمِنَهُ غَيْرُ الْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ؛ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فِي حَقِّهِ (54) . قَوْلُهُ: يَجُوزُ لِلْمُحْتَاجِ الِاسْتِقْرَاضُ بِالرِّبْحِ، وَذَلِكَ نَحْوَ أَنْ يَقْتَرِضَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مَثَلًا، وَيَجْعَلَ لِرَبِّهَا شَيْئًا مَعْلُومًا فِي كُلِّ يَوْمٍ رِبْحًا

[القاعدة السادسة العادة محكمة]

الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةُ: 1 - الْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ، وَأَصْلُهَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ» قَالَ الْعَلَائِيُّ لَمْ أَجِدْهُ مَرْفُوعًا فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ أَصْلًا، وَلَا بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ بَعْدَ طُولِ الْبَحْثِ، وَكَثْرَةِ الْكَشْفِ وَالسُّؤَالِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا عَلَيْهِ، 2 - أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ اعْتِبَارَ الْعَادَةِ وَالْعُرْفِ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي الْفِقْهِ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ حَتَّى جَعَلُوا ذَلِكَ أَصْلًا، فَقَالُوا فِي الْأُصُولِ فِي بَابِ مَا تُتْرَكُ بِهِ الْحَقِيقَةُ: تُتْرَكُ الْحَقِيقَةُ بِدَلَالَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَالْعَادَةِ، كَذَا ذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فَاخْتُلِفَ فِي عَطْفِ الْعَادَةِ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ فَقِيلَ هُمَا مُتَرَادِفَانِ، وَقِيلَ الْمُرَادُ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةُ الْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ] قَوْلُهُ: الْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ: اعْلَمْ أَنَّ مَادَّةَ الْعِبَادَةِ تَقْتَضِي تَكْرَارَ الشَّيْءِ، وَعَوْدَهُ تَكْرَارًا كَثِيرًا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ وَاقِعًا بِطَرِيقِ الِاتِّفَاقِ، وَلِذَلِكَ كَانَ خَرْقُ الْعَوَائِدِ عِنْدَهُمْ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي مُعْجِزَةِ النَّبِيِّ أَوْ كَرَامَةِ الْوَلِيِّ (2) قَوْلُهُ: أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ. قَالَ السَّخَاوِيُّ فِي الْمَقَاصِدِ الْحَسَنَةِ: «مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ» وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ وَوَهَمَ مَنْ عَزَاهُ لِلْمُسْنَدِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي وَائِلٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: " إنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاخْتَارَ لَهُمْ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَعَثَهُ بِرِسَالَةٍ ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاخْتَارَ لَهُمْ أَصْحَابَهُ فَجَعَلَهُمْ أَنْصَارَ دِينِهِ وَوُزَرَاءَ نَبِيِّهِ فَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ وَمَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ قَبِيحًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ قَبِيحٌ "، وَهُوَ مَوْقُوفٌ حَسَنٌ (انْتَهَى) . فَكَانَ الْعَلَائِيُّ تَبِعَ مَنْ وَهَمَ فِي نِسْبَتِهِ إلَى الْمُسْنَدِ.

الِاسْتِعْمَالِ نَقْلُ اللَّفْظِ عَنْ مَوْضُوعِهِ الْأَصْلِيِّ إلَى مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ شَرْعًا، وَغَلَبَةُ اسْتِعْمَالِهِ فِيهِ، وَمِنْ الْعَادَةِ نَقْلُهُ إلَى مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ عُرْفًا، وَتَمَامُهُ فِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ. وَذَكَرَ الْهِنْدِيُّ فِي شَرْحِ الْمُغْنِي: الْعَادَةُ عِبَارَةٌ عَمَّا يَسْتَقِرُّ فِي النُّفُوسِ مِنْ الْأُمُورِ الْمُتَكَرِّرَةِ الْمَقْبُولَةِ عِنْدَ الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ، وَهِيَ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ: الْعُرْفِيَّةُ الْعَامَّةُ، كَوَضْعِ الْقَدَمِ، وَالْعُرْفِيَّةُ الْخَاصَّةُ: كَاصْطِلَاحِ كُلِّ طَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ، كَالرَّفْعِ لِلنُّحَاةِ، وَالْفَرْقِ وَالْجَمْعِ وَالنَّقْضِ لِلنُّظَّارِ. وَالْعُرْفِيَّةُ الشَّرْعِيَّةُ: كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ، تُرِكَتْ مَعَانِيهَا اللُّغَوِيَّةُ بِمَعَانِيهَا الشَّرْعِيَّةِ (انْتَهَى) . فَمَا فُرِّعَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ حَدُّ الْمَاءِ الْجَارِي، الْأَصَحُّ أَنَّهُ مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ جَارِيًا، وَمِنْهَا وُقُوعُ الْبَعْرِ الْكَثِيرِ فِي الْبِئْرِ؛ 3 - الْأَصَحُّ أَنَّ الْكَثِيرَ مَا يَسْتَكْثِرُهُ النَّاظِرُ. وَمِنْهَا حَدُّ الْمَاءِ الْكَثِيرِ الْمُلْحَقِ بِالْجَارِي، الْأَصَحُّ تَفْوِيضُهُ إلَى رَأْيِ الْمُبْتَلَى بِهِ لَا التَّقْدِيرُ بِشَيْءٍ مِنْ الْعُشْرِ وَنَحْوِهِ، وَمِنْهَا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ، قَالُوا: لَوْ زَادَ الدَّمُ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ يُرَدُّ إلَى أَيَّامِ عَادَتِهَا. وَمِنْ ذَلِكَ الْعَمَلُ الْمُفْسِدُ لِلصَّلَاةِ مُفَوَّضٌ إلَى الْعُرْفِ لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ رَآهُ يَظُنُّ أَنَّهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَمِنْهَا: 4 - تَنَاوُلُ الثِّمَارِ السَّاقِطَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْأَصَحُّ أَنَّ الْكَثِيرَ مَا يَسْتَكْثِرُ النَّاظِرُ إلَخْ: فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ هُوَ الْمُخْتَارُ، وَفِي الْهِدَايَةِ، وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ قَالَ الْأَكْمَلُ: لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يُقَدِّرُ شَيْئًا بِالرَّأْيِ فِي مِثْلِ هَذَا مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى التَّقْدِيرِ فَكَانَ هَذَا مُوَافِقًا لِمَذْهَبِهِ. (4) قَوْلُهُ: تَنَاوُلُ الثِّمَارِ السَّاقِطَةِ: فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا: مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ أَنَّ ذَلِكَ إنْ

وَفِي إجَارَةٍ الظِّئْرِ وَفِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ مِنْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعُرْفُ فِي كَوْنِهِ كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا. وَأَمَّا الْمَنْصُوصُ عَلَى كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ، فَلَا اعْتِبَارَ بِالْعُرْفِ فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَوَّاهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ بَابِ الرِّبَا، وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلرِّبَا، وَإِنَّمَا الْعُرْفُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ الصَّلَاةِ: وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يَقُولُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ فِي الْمِصْرِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَتَنَاوَلَ شَيْئًا مِنْهَا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ صَاحِبَهَا أَبَاحَ ذَلِكَ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً؛ لِأَنَّ فِي الْأَمْصَارِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ مُبَاحًا عَادَةً، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ يَعْنِي الْبُسْتَانَ فَإِنْ كَانَ الثِّمَارُ مِمَّا تَبْقَى، وَلَا تَفْسُدُ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْإِذْنِ، وَإِنْ كَانَ الثِّمَارُ مِمَّا لَا يَبْقَى قَالَ: بَعْضُهُمْ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَهُ أَبَاحَ ذَلِكَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ النَّهْيَ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً، وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الرَّسَاتِيقِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا مُرَابَعَةٌ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الثِّمَارِ الَّتِي تَبْقَى لَا يَسَعُهُ الْأَخْذُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْإِذْنَ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الثِّمَارِ الَّتِي لَا تَبْقَى اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَسَعُهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا لَمْ يَعْلَمْ النَّهْيَ. هَذَا فِي الثِّمَارِ السَّاقِطَةِ مِنْ الْأَشْجَارِ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَشْجَارِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ مَوْضِعٍ مَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ كَثِيرِ الثِّمَارِ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَشِحُّونَ بِمِثْلِهِ فَيَسَعُهُ أَنْ يَأْكُلَ وَلَا يَسَعُهُ أَنْ يَحْمِلَ. لَكِنْ فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ خَاصَّةٌ بِالْأَكْلِ فِي السَّاقِطِ تَحْتَ الْأَشْجَارِ، وَمُقْتَضَى مَا فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: لَهُ أَنْ يَأْخُذَ، وَإِلَّا قَدْ يُعْلَمُ الْأَكْلُ وَالْحَمْلُ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مَا عَلَى الْأَشْجَارِ فَقَدْ قَيَّدَهَا قَاضِي خَانْ بِالْأَكْلِ دُونَ الْحَمْلِ، وَلَوْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْأَخْذِ النِّيَّةَ فَابْنُ وَهْبَانَ قَيَّدَ الْمُطْلَقَ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ مَرَّ بِالْأَشْجَارِ صَيْفًا إلَخْ. وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ الْأَخْذِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الثِّمَارُ فِي الرُّسْتَاقِ، وَهِيَ سَاقِطَةٌ وَهِيَ مِمَّا لَا تَبْقَى؛ يُخَالِفُهُ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ حَيْثُ حَكَى بِخِلَافِ ذَلِكَ (5) قَوْلُهُ: وَفِي إجَارَةِ الظِّئْرِ: يَعْنِي يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ، وَحَذَفَ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ وَهُوَ قَلِيلٌ بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَقَوَّاهُ فِي الْفَتْحِ الْقَدِيرِ

السُّرَّةُ إلَى مَوْضِعِ نَبَاتِ الشَّعْرِ مِنْ الْعَانَةِ لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ؛ لِتَعَامُلِ الْعُمَّالِ فِي الْإِبْدَاءِ عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عِنْدَ الِاتِّزَارِ، 6 - وَفِي النَّزْعِ عِنْدَ الْعَادَةِ الظَّاهِرَةِ نَوْعُ حَرَجٍ. وَهَذَا ضَعِيفٌ وَبَعِيدٌ؛ لِأَنَّ التَّعَامُلَ بِخِلَافِ النَّصِّ لَا يُعْتَبَرُ (انْتَهَى بِلَفْظِهِ) وَفِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ فَلَا يُكْرَهُ لِمَنْ لَهُ عَادَةٌ 7 -، وَكَذَا صَوْمُ يَوْمَيْنِ قَبْلَهُ، وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ كَرَاهِيَةِ صَوْمِهِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ مُطْلَقًا. وَمِنْهَا قَبُولُ الْهَدِيَّةِ لِلْقَاضِي مِمَّنْ لَهُ عَادَةٌ بِالْإِهْدَاءِ لَهُ قَبْلَ تَوْلِيَتِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى الْعَادَةِ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا رَدَّ الزَّائِدَ، وَالْأَكْلُ مِنْ الطَّعَامِ الْمُقَدَّمِ لَهُ ضِيَافَةً بِلَا صَرِيحِ الْإِذْنِ. وَمِنْهَا أَلْفَاظُ الْوَاقِفِينَ تَبْتَنِي عَلَى عُرْفِهِمْ كَمَا فِي وَقْفِ فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَكَذَا لَفْظُ النَّاذِرِ وَالْمُوصِي وَالْحَالِفِ، وَكَذَا الْأَقَارِيرُ تَبْتَنِي عَلَيْهِ 8 - إلَّا فِيمَا نَذْكُرُهُ 9 - وَسَيَأْتِي فِي مَسَائِلِ الْإِيمَانِ وَتَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَبَاحِثُ الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ: بِمَاذَا تَثْبُتُ الْعَادَةُ؟ وَفِي ذَلِكَ فُرُوعٌ: الْأَوَّلُ: الْعَادَةُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي النَّزْعِ عِنْدَ الْعَادَةِ: كَذَا فِي النُّسَخِ وَاَلَّذِي فِي نُسَخِ الظَّهِيرِيَّةِ: وَفِي النَّزْعِ عَنْ الْعَادَةِ، وَهُوَ الصَّوَابُ (7) قَوْلُهُ: وَكَذَا صَوْمُ يَوْمَيْنِ قَبْلَهُ، كَذَا فِي النُّسَخِ، وَالصَّوَابُ: وَكَذَا لَوْ صَامَ يَوْمَيْنِ قَبْلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (8) قَوْلُهُ: إلَّا فِيمَا نَذْكُرُهُ: ظَاهِرُهُ رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى جَمِيعِ مَا قَبْلَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ رَاجِعٌ إلَى الْأَقَارِيرِ، وَلَفْظِ الْحَالِفِ (9) قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي مَسَائِلِ الْإِيمَانِ. يَعْنِي فِي فَصْلِ تَعَارُضِ الْعُرْفِ مَعَ الشَّرْعِ، وَالضَّمِيرُ فِي سَيَأْتِي رَاجِعٌ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا فِيمَا نَذْكُرُهُ، وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْأَقَارِيرِ فَذَكَرَهُ فِي الْمَبْحَثِ الرَّابِعِ مِنْ الْمَبَاحِثِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْقَاعِدَةِ

[الثاني تعليم الكلب الصائد يترك أكله للصيد]

بَابِ الْحَيْضِ؛ اُخْتُلِفَ فِيهَا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِمَرَّتَيْنِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَثْبُتُ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، قَالُوا: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهَلْ الْخِلَافُ فِي الْأَصْلِيَّةِ أَوْ فِي الْجَعْلِيَّةِ أَوْ فِيهِمَا؟ مُسْتَوْفًى فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا [الثَّانِي تَعْلِيمُ الْكَلْبِ الصَّائِدِ يَتْرُكُ أَكْلَهُ لِلصَّيْدِ] 10 - الثَّانِي: تَعْلِيمُ الْكَلْبِ الصَّائِدِ يَتْرُكُ أَكْلَهُ لِلصَّيْدِ بِأَنْ يَصِيرَ التَّرْكُ عَادَةً، وَذَلِكَ بِتَرْكِ الْأَكْلِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ 11 - الثَّالِثُ: لَمْ أَرَ بِمَاذَا تَثْبُتُ الْعَادَةُ بِالْإِهْدَاءِ لِلْقَاضِي الْمُقْتَضِيَةُ لِلْقَبُولِ؟ . [الْمَبْحَثُ الثَّانِي إنَّمَا تُعْتَبَرُ الْعَادَةُ إذَا اطَّرَدَتْ أَوْ غَلَبَتْ] ْ؛ وَلِذَا قَالُوا فِي الْبَيْعِ: لَوْ بَاعَ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ، وَكَانَا فِي بَلَدٍ اخْتَلَفَ فِيهِ النُّقُودُ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَالِيَّةِ وَالرَّوَاجِ انْصَرَفَ الْبَيْعُ إلَى الْأَغْلَبِ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَعَارَفُ فَيَنْصَرِفُ الْمُطْلَقُ إلَيْهِ، وَمِنْهَا لَوْ بَاعَ التَّاجِرُ فِي السُّوقِ شَيْئًا بِثَمَنٍ، وَلَمْ يُصَرِّحَا بِحُلُولٍ وَلَا تَأْجِيلٍ، وَكَانَ الْمُتَعَارَفُ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَنَّ الْبَائِعَ يَأْخُذُ كُلَّ جُمُعَةٍ قَدْرًا مَعْلُومًا انْصَرَفَ إلَيْهِ بِلَا بَيَانٍ. قَالُوا: لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَشْرُوطِ وَلَكِنْ إذَا بَاعَهُ الْمُشْتَرِيَ تَوْلِيَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ التَّقْسِيطَ لِلْمُشْتَرِي هَلْ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ؟ فَمِنْهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ بِمَاذَا تَثْبُتُ الْعَادَةُ وَفِي ذَلِكَ فُرُوعٌ] [الْأَوَّلُ الْعَادَةُ فِي بَابِ الْحَيْضِ] قَوْلُهُ: الثَّانِي تَعْلِيمُ الْكَلْبِ الصَّائِدِ إلَخْ: أَيْ تَعْلِيمُ الْكَلْبِ الصَّائِدِ يَتَحَقَّقُ بِتَرْكِ أَكْلِهِ لِلصَّيْدِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا الْبَازِيُّ فَبِالرُّجُوعِ إذَا دَعَوْته وَالْفَهْدُ بِالرُّجُوعِ وَتَرْكِ الْأَكْلِ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ [الثَّالِثُ ثُبُوتُ الْعَادَةُ بِالْإِهْدَاءِ لِلْقَاضِي الْمُقْتَضِيَةُ لِلْقَبُولِ] (11) قَوْلُهُ: الثَّالِثُ لَمْ أَرَ بِمَاذَا تَثْبُتُ الْعَادَةُ بِالْإِهْدَاءِ إلَخْ. أَقُولُ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدٌ السَّمَدِيسِيُّ فِي كِتَابِهِ الَّذِي أَلَّفَهُ فِي الْقَوَاعِدِ أَنَّهَا تَثْبُتُ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ

مَنْ أَثْبَتَهُ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً بِلَا بَيَانٍ لِكَوْنِهِ حَالًّا بِالْعَقْدِ، ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي التَّوْلِيَةِ. وَمِنْهَا فِي اسْتِئْجَارِ الْكَاتِبِ، قَالُوا الْحِبْرُ عَلَيْهِ وَالْأَقْلَامُ، وَالْخَيَّاطُ قَالُوا: الْخَيْطُ وَالْإِبْرَةُ عَلَيْهِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْكُحْلُ عَلَى الْكَحَّالِ لِلْعُرْفِ 12 - وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ طَعَامُ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِخِلَافِ عَلْفِ الدَّابَّةِ فَإِنَّهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ حَتَّى لَوْ شَرَطَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَسَدَتْ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ 13 - بِخِلَافِ اسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ بِطَعَامِهَا وَكِسْوَتِهَا فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا لِلْعُرْفِ، وَتَفَرَّعَ عَلَى أَنَّ عَلْفَ الدَّابَّةِ عَلَى مَالِكِهَا دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ إذْ الْمُسْتَأْجِرُ لَوْ تَرَكَهَا بِلَا عَلْفٍ حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَمِنْهَا مَا فِي وَقْفِ الْقُنْيَةِ: بَعَثَ شَمْعًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إلَى مَسْجِدٍ فَاحْتَرَقَ، وَبَقِيَ مِنْهُ ثُلُثُهُ أَوْ دُونَهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ وَلَا لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الدَّافِعِ، وَلَوْ كَانَ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ (انْتَهَى) 14 - وَمِنْهَا الْبَطَالَةُ فِي الْمَدَارِسِ، كَأَيَّامِ الْأَعْيَادِ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَشَهْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَطَعَامُ الْعَبْدِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، يَشْمَلُ بِإِطْلَاقِهِ الْإِجَارَةَ مُيَاوَمَةً (13) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ اسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ بِطَعَامِهَا: أَيْ بِشَرْطِ طَعَامِهَا وَكِسْوَتِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنَّهُ لَا يَفْسُدُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ لِلْعُرْفِ، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَبِهِ تَظْهَرُ الْمُخَالَفَةُ (14) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الْبَطَالَةُ فِي الْمَدَارِسِ إلَخْ. فِي الذَّخِيرَةِ: قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: مَنْ يَأْخُذُ الْأُجْرَةَ مِنْ الطَّلَبَةِ فِي يَوْمٍ لَا دَرْسَ عَلَيْهِ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ جَائِزًا (انْتَهَى) . قِيلَ: وَهَذَا النَّقْلُ عَنْ الْمَشَايِخِ يَكْفِي لَنَا لَكِنْ لَيْسَ هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ مُشْتَغِلًا بِنَوْعِ تَحْصِيلٍ مِنْ الْعِلْمِ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ الْعَتَّابِيُّ فِي فَتَاوِيهِ، وَلَعَلَّ إطْلَاقَ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ لَا يَخْلُو عَنْ نَوْعِ تَحْصِيلٍ

رَمَضَانَ فِي دَرْسِ الْفِقْهِ لَمْ أَرَهَا صَرِيحَةً فِي كَلَامِهِمْ. وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ مَشْرُوطَةً لَمْ يَسْقُطْ مِنْ الْمَعْلُومِ شَيْءٌ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِبَطَالَةِ الْقَاضِي، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي أَخْذِ الْقَاضِي مَا رُتِّبَ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فِي يَوْمِ بَطَالَتِهِ، فَقَالَ فِي الْمُحِيطِ: إنَّهُ يَأْخُذُ فِي يَوْمِ الْبَطَالَةِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَرِيحُ لِلْيَوْمِ الثَّانِي وَقِيلَ: لَا يَأْخُذُ (انْتَهَى) . وَفِي الْمُنْيَةِ: الْقَاضِي يَسْتَحِقُّ الْكِفَايَةَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فِي يَوْمِ الْبَطَالَةِ فِي الْأَصَحِّ، وَاخْتَارَهُ فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ، وَقَالَ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فِي الْمَدَارِسِ؛ لِأَنَّ يَوْمَ الْبَطَالَةِ لِلِاسْتِرَاحَةِ، وَفِي الْحَقِيقَةِ يَكُونُ لِلْمُطَالَعَةِ وَالتَّحْرِيرِ عِنْدَ ذِي الْهِمَّةِ، وَلَكِنْ تَعَارَفَ الْفُقَهَاءُ فِي زَمَانِنَا بَطَالَةً طَوِيلَةً أَدَّتْ إلَى أَنْ صَارَ الْغَالِبُ الْبَطَالَةَ، وَأَيَّامُ التَّدْرِيسِ قَلِيلَةً، وَبَعْضُ الْمُدَرِّسِينَ يَتَقَدَّمُ فِي أَخْذِ الْمَعْلُومِ عَلَى غَيْرِهِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ الْمُدَرِّسَ مِنْ الشَّعَائِرِ مُسْتَدِلًّا بِمَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ مَعَ أَنَّ مَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُدَرِّسِ لِلْمَدْرَسَةِ لَا فِي كُلِّ مُدَرِّسٍ، فَخَرَجَ مُدَرِّسُ الْمَسْجِدِ كَمَا هُوَ فِي مِصْرَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَدْرَسَةَ تَتَعَطَّلُ إذَا غَابَ الْمُدَرِّسُ بِحَيْثُ تَتَعَطَّلُ أَصْلًا بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَطَّلُ؛ لِغَيْبَةِ الْمُدَرِّسِ فَائِدَةٌ: نَقَلَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّ الْإِمَامَ لِلْمَسْجِدِ يُسَامَحُ فِي كُلِّ شَهْرٍ أُسْبُوعًا لِلِاسْتِرَاحَةِ أَوْ لِزِيَارَةِ أَهْلِهِ. 15 - وَعِبَارَتُهُ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ: يَتْرُكُ الْإِمَامَةَ لِزِيَارَةِ أَقْرِبَائِهِ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعِبَارَتُهُ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ إلَخْ. لَيْسَ فِي عِبَارَةِ الْقُنْيَةِ ذِكْرُ الْأُسْبُوعِ فِي كُلِّ شَهْرٍ فَتَبَيَّنْهُ.

[فصل في تعارض العرف مع الشرع]

الرَّسَاتِيقِ أُسْبُوعًا، أَوْ نَحْوَهُ أَوْ لِمُصِيبَتِهِ أَوْ لِاسْتِرَاحَتِهِ لَا بَأْسَ بِهِ 16 -، وَمِثْلُهُ عَفْوٌ فِي الْعَادَةِ وَالشَّرْعِ (انْتَهَى) . وَمِنْهَا الْمَدَارِسُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَى دَرْسِ الْحَدِيثِ، وَلَا يُعْلَمُ مُرَادُ الْوَاقِفِ فِيهَا هَلْ يُدَرَّسُ فِيهَا عِلْمُ الْحَدِيثِ الَّذِي هُوَ مَعْرِفَةُ الْمُصْطَلَحِ كَمُخْتَصَرِ ابْنِ الصَّلَاحِ؟ أَوْ يُقْرَأُ مَتْنُ الْحَدِيثِ كَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَنَحْوِهِمَا، وَيُتَكَلَّمُ عَلَى مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ فِقْهٍ أَوْ عَرَبِيَّةٍ أَوْ لُغَةٍ أَوْ مُشْكِلٍ أَوْ اخْتِلَافٍ كَمَا هُوَ عُرْفُ النَّاسِ الْآنَ؟ قَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ: وَهُوَ شَرْطُ الْمَدْرَسَةِ الشَّيْخُونِيَّةِ كَمَا رَأَيْته فِي شَرْطِ وَاقِفِهَا. قَالَ: وَقَدْ سَأَلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ حَجَرٍ شَيْخَهُ الْحَافِظَ أَبَا الْفَضْلِ الْعِرَاقِيَّ عَنْ ذَلِكَ، فَأَجَابَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ اتِّبَاعُ شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ فَإِنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي شُرُوطٍ، وَكَذَلِكَ اصْطِلَاحُ كُلِّ بَلَدٍ؛ فَإِنَّ أَهْلَ الشَّامِ يُلْقُونَ دُرُوسَ الْحَدِيثِ بِالسَّمَاعِ، وَيَتَكَلَّمُ الْمُدَرِّسُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، بِخِلَافِ الْمِصْرِيِّينَ، فَإِنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بَيْنَهُمْ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ بِحَسَبِ مَا يُقْرَأُ فِيهَا مِنْ الْحَدِيثِ. [فَصْلٌ فِي تَعَارُضِ الْعُرْفِ مَعَ الشَّرْعِ] ِ: فَإِذَا تَعَارَضَا قُدِّمَ عُرْفُ الِاسْتِعْمَالِ خُصُوصًا فِي الْأَيْمَانِ، فَإِذَا حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى الْفِرَاشِ أَوْ عَلَى الْبِسَاطِ أَوْ لَا يَسْتَضِيءُ بِالسِّرَاجِ لَمْ يَحْنَثْ بِجُلُوسِهِ عَلَى الْأَرْضِ، وَلَا بِالِاسْتِضَاءَةِ بِالشَّمْسِ، وَإِنْ سَمَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى فِرَاشًا وَبِسَاطًا وَسَمَّى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ عَفْوٌ إلَخْ: ظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُحْرَمُ الْمَرْسُومَ الْمُعَيَّنَ، وَقَدْ نَقَلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَصَّافِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْهُ بِمُقْتَضَى كَلَامِ الْخَصَّافِ فَرَاجِعْهُ.

[مسائل يقدم الشرع على العرف]

الشَّمْسَ سِرَاجًا. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ لَحْمِ السَّمَكِ، وَإِنْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى لَحْمًا فِي الْقُرْآنِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةً فَرَكِبَ كَافِرًا لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى دَابَّةً، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ تَحْتَ سَقْفٍ فَجَلَسَ تَحْتَ السَّمَاءِ، لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ سَمَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى سَقْفًا [مَسَائِلَ يُقَدَّمُ الشَّرْعُ عَلَى الْعُرْفِ] إلَّا فِي مَسَائِلَ فَيُقَدَّمُ الشَّرْعُ عَلَى الْعُرْفِ: الْأُولَى: لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي لَمْ يَحْنَثْ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ كَمَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ. الثَّانِيَةُ: 17 - لَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ لَمْ يَحْنَثْ بِمُطْلَقِ الْإِمْسَاكِ، وَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِصَوْمِ سَاعَةٍ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِنِيَّتِهِ مِنْ أَهْلِهِ. الثَّالِثَةُ: لَوْ حَلَفَ لَا يَنْكِحُ فُلَانَةَ حَنِثَ بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ النِّكَاحُ الشَّائِعُ شَرْعًا لَا بِالْوَطْءِ كَمَا فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ، بِخِلَافِ لَا يَنْكِحُ زَوْجَتَهُ فَإِنَّهُ لِلْوَطْءِ. الرَّابِعَةُ: 18 - لَوْ قَالَ: لَهَا إنْ رَأَيْتِ الْهِلَالَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَعَلِمَتْ بِهِ مِنْ غَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ إلَخْ: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِمَّا قُدِّمَ فِيهِ عُرْفُ الشَّرْعِ عَلَى عُرْفِ اللُّغَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: عُرْفُ الِاسْتِعْمَالِ فِي هَذَا مُوَافِقٌ لِعُرْفِ اللُّغَةِ. (18) قَوْلُهُ: لَوْ قَالَ لَهَا إنْ رَأَيْتِ الْهِلَالَ إلَخْ: قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ رَأَيْتهَا فِي الْمَسَائِلِ الْمُخْتَصَرَةِ مِنْ الْقَوَاعِدِ الصُّغْرَى لِلشَّيْخِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ طَلُقَتْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حَمْلًا لِلرُّؤْيَةِ عَلَى الْعِرْفَانِ، وَهَذَا خِلَافُ الْوَضْعِ وَعُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ، وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي ذَلِكَ. وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِصِحَّةِ قَوْلِ النَّاسِ رَأَيْنَا الْهِلَالَ، وَإِنْ لَمْ يَرَهُ كُلُّهُمْ، وَجَوَابُهُ أَنَّ قَوْلَ النَّاسِ رَأَيْنَا الْهِلَالَ مَجَازٌ نِسْبَةُ فِعْلِ الْبَعْضِ إلَى الْكُلِّ كَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ فَإِنْ تَقْتُلُونَا نَقْتُلُكُمْ، مَعْنَاهُ فَإِنْ تَقْتُلُوا بَعْضَنَا نَقْتُلُكُمْ، وَلَيْسَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِمَا مَرَّ بِمَحَلِّ النِّزَاعِ فَإِنَّ مَجَازَ مَحَلِّ النِّزَاعِ لَا يَشْهَدُ بِمَا ذَكَرَهُ فَإِنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى نَفْسِ رُؤْيَتِهَا وَهِيَ وَاحِدَةٌ لَا يُنْسَبُ إلَيْهَا مَا وُجِدَ فِي

رُؤْيَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ لِكَوْنِ الشَّارِعِ اسْتَعْمَلَ الرُّؤْيَةَ فِيهِ بِمَعْنَى الْعِلْمِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ» فَلَوْ كَانَ الشَّرْعُ يَقْتَضِي الْخُصُوصَ، وَاللَّفْظُ يَقْتَضِي الْعُمُومَ اعْتَبَرْنَا خُصُوصَ الشَّرْعِ. 19 - قَالُوا لَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ لَا يَدْخُلُ الْوَارِثُ اعْتِبَارًا لِخُصُوصِ الشَّرْعِ، 20 - وَلَا يَدْخُلُ الْوِلْدَانُ، وَالْوَالِدُ لِلْعُرْفِ. وَهُنَا فَرْعَانِ مُخَرَّجَانِ لَمْ أَرَهُمَا الْآنَ صَرِيحًا؛ أَحَدُهُمَا: حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا 21 - لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ الْمَيْتَةِ. الثَّانِي: حَلَفَ لَا يَطَأُ لَمْ يَحْنَثْ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ، وَأَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً فَشَرِبَ مَاءً تَغَيَّرَ بِغَيْرِهِ فَالْعِبْرَةُ لِلْغَالِبِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الرَّضَاعِ فَصْلٌ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرِهَا. وَاسْتِدْلَالُ نَوْعٍ آخَرَ مِنْ الْمَجَازِ لَا يُنَاسِبُهُ وَلَا يُوَافِقُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، فَقَدْ كَفَانَا إمَامُنَا فِي الرَّدِّ عَلَى إمَامِهِمْ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُ مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقٍ وَلَا تَبَصُّرٍ 1 - وَقَالَ الْحَصِيرِيُّ فِي التَّحْرِيرِ: حَلَفَ لَا يَرَى هِلَالَ كَذَا بِالْكُوفَةِ فَكَانَ بِهَا، وَلَمْ يَرَ الْهِلَالَ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْكَيْنُونَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي كَوْنِهِ. ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ نَوَى حَقِيقَةَ الرُّؤْيَةِ صَدَقَ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ وَلَيْسَ بِمَهْجُورَةٍ (انْتَهَى) (19) . قَوْلُهُ: قَالُوا لَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ إلَخْ. قِيلَ: هَذَا فِيمَا لَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ نَفْسِهِ أَمَّا لَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ فُلَانٍ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَخْرُجَ الْوَارِثُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (20) قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ الْوِلْدَانُ وَالْوَالِدُ لِلْعُرْفِ. فِي الْخَانِيَّةِ: وَقَفَ عَلَى ذَوِي قَرَابَةٍ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ وَالِدُهُ وَوَلَدُهُ وَجَدُّهُ. رَجُلٌ قَالَ: أُوصِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَقَارِبِي أَوْ ذَوِي قَرَابَتِي. قَالَ هِلَالٌ: يَصِحُّ الْوَقْفُ، وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ وَالِدُ الْوَاقِفِ وَلَا جَدُّهُ وَلَا وَلَدُهُ. (21) قَوْلُهُ: لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ الْمَيْتَةِ: قِيلَ: وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَالْإِنْسَانِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ.

[حلف لا يركب حيوانا فركب إنسان]

تَعَارُضِ الْعُرْفِ مَعَ اللُّغَةِ: صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ، وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ لَا عَلَى الْحَقَائِقِ اللُّغَوِيَّةِ، وَعَلَيْهَا فُرُوعٌ: مِنْهَا: لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْخُبْزَ حَنِثَ بِمَا يَعْتَادُهُ أَهْلُ بَلَدِهِ، فَفِي الْقَاهِرَةِ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِخُبْزِ الْبُرِّ، وَفِي طَبَرِسْتَانَ يَنْصَرِفُ إلَى خُبْزِ الْأُرْزِ، وَفِي زَبِيدَ إلَى خُبْزِ الذُّرَةِ وَالدُّخْنِ، وَلَوْ أَكَلَ الْحَالِفُ خِلَافَ مَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْخُبْزِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْقَطَائِفِ إلَّا بِالنِّيَّةِ. وَمِنْهَا: الشِّوَاءُ وَالطَّبِيخُ عَلَى اللَّحْمِ، 22 - فَلَا يَحْنَثُ بِالْبَاذِنْجَانِ وَالْجَزَرِ الْمَشْوِيِّ، وَلَا يَحْنَثُ بِالْمُزَوَّرَةِ فِي الطَّبِيخِ وَلَا بِالْأُرْزِ الْمَطْبُوخِ بِالسَّمْنِ بِخِلَافِ الْمَطْبُوخِ بِالدُّهْنِ وَلَا بِقَلِيَّةٍ يَابِسَةٍ. وَمِنْهَا: الرَّأْسُ مَا يُبَاعُ فِي مِصْرِهِ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِرَأْسِ الْغَنَمِ: وَمِنْهَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا فَدَخَلَ ضَيْعَةً أَوْ كَنِيسَةً أَوْ بَيْتَ نَارٍ أَوْ الْكَعْبَةَ لَمْ يَحْنَثْ. تَنْبِيهٌ: خَرَجَتْ عَنْ بِنَاءِ الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ مَسَائِلُ: الْأُولَى: حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا يَحْنَثُ بِأَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ عَلَى مَا فِي الْكَنْزِ وَلَكِنَّ الْفَتْوَى عَلَى خِلَافِهِ. وَجَوَابُ الزَّيْلَعِيِّ بِأَنَّهُ عُرْفٌ عَمَلِيٌّ فَلَا يَصْلُحُ مُقَيَّدًا بِخِلَافِ الْعُرْفِ اللَّفْظِيِّ فَقَدْ رَدَّهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِقَوْلِهِمْ فِي الْأُصُولِ: الْحَقِيقِيَّةُ تُتْرَكُ بِدَلَالَةِ الْعَادَةِ إذْ لَيْسَتْ الْعَادَةُ إلَّا عُرْفًا عَمَلِيًّا (انْتَهَى) [حَلَفَ لَا يَرْكَبُ حَيَوَانًا فركب إنْسَان] الثَّانِيَةُ: حَلَفَ لَا يَرْكَبُ حَيَوَانًا يَحْنَثُ بِالرُّكُوبِ عَلَى الْإِنْسَانِ؛ لِتَنَاوُلِ اللَّفْظِ وَالْعُرْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي تَعَارُضِ الْعُرْفِ مَعَ اللُّغَةِ] قَوْلُهُ: فَلَا يَحْنَثُ بِالْبَاذِنْجَانِ وَالْجَزَرِ الْمَشْوِيِّ إلَخْ: هَذَا قَوْلُهُمَا وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ

[حلف لا يأكل لحما فأكل الكبد]

الْعَمَلِيِّ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُرْكَبُ عَادَةً لَا يَصْلُحُ مُقَيَّدًا، ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ. 23 - بِخِلَافِ لَا يَرْكَبُ دَابَّةً 24 - كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَقَدْ اسْتَمَرَّ عَلَى مَا مَهَّدَهُ، وَقَدْ عَلِمْت رَدَّهُ لَكِنْ لَمْ يُجِبْ ابْنُ الْهُمَامِ عَنْ هَذَا الْفَرْعِ الثَّالِثَةُ: لَوْ حَلَفَ لَا يَهْدِمُ بَيْتًا حَنِثَ بِهَدْمِ بَيْتِ الْعَنْكَبُوتِ، بِخِلَافِ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا وَفَرَّقَ الزَّيْلَعِيُّ بَيْنَهُمَا بِإِمْكَانِ الْعَمَلِ بِحَقِيقَتِهِ فِي الْهَدْمِ، بِخِلَافِ الدُّخُولِ، وَلَوْ صَحَّ هَذَا الْمِلْكُ لَمْ يَصِحَّ بِنَاءُ الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْعَمَلِ بِحَقِيقَتِهِ اللُّغَوِيَّةِ [حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا فَأَكْلِ الْكَبِدِ] الرَّابِعَةُ: حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا حَنِثَ بِأَكْلِ الْكَبِدِ، وَالْكِرْشِ عَلَى مَا فِي الْكَنْزِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى لَحْمًا عُرْفًا، وَلِذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ: إنَّهُ إنَّمَا يَحْنَثُ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَأَمَّا فِي عُرْفِنَا فَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ لَحْمًا (انْتَهَى) . وَهُوَ حَسَنٌ جِدًّا، وَمِنْ هَذَا وَأَمْثَالِهِ عُلِمَ أَنَّ الْعَجَمِيَّ يُعْتَبَرُ عُرْفُهُ قَطْعًا، وَمِنْ هُنَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي قَوْلِ صَاحِبِ الْكَنْزِ: وَالْوَاقِفُ عَلَى السَّطْحِ دَاخِلٌ: أَنَّ الْمُخْتَارَ لَا يَحْنَثُ فِي الْعَجَمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى دَاخِلًا عِنْدَهُمْ (انْتَهَى) [الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ الْعَادَةُ الْمُطَّرِدَةُ هَلْ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الشَّرْطِ] ِ؟ قَالَ فِي إجَارَةِ الظَّهِيرِيَّةِ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ [تَنْبِيهٌ خَرَجَتْ عَنْ بِنَاءِ الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ مَسَائِلُ] قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَا يَرْكَبُ دَابَّةً: يَعْنِي فَلَا يَحْنَثُ لَوْ رَكِبَ إنْسَانًا كَافِرًا كَانَ أَوْ مُسْلِمًا. (24) قَوْلُهُ: كَمَا قَدَّمْنَاهُ: الَّذِي قَدَّمَهُ فِي فَصْلِ تَعَارُضِ الْعُرْفِ مَعَ الشَّرْعِ لَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةً فَرَكِبَ كَافِرًا لَمْ يَحْنَثْ فَخَصَّصَهُ بِالْكَافِرِ، وَمُقْتَضَى مَا هُنَا عَدَمُ التَّخْصِيصِ.

[حلف لا يهدم بيتا فهدم بيت العنكبوت]

الْمَعْرُوفُ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْعًا (انْتَهَى) . وَقَالُوا: فِي الْإِجَارَاتِ لَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى خَيَّاطٍ؛ لِيَخِيطَهُ لَهُ أَوْ إلَى صَبَّاغٍ؛ لِيَصْبُغَهُ لَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ أُجْرَةً، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْأَجْرِ وَعَدَمِهِ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْعَمَلِ بِالْأُجْرَةِ؛ فَهَلْ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ شَرْطِ الْأُجْرَةِ؟ فِيهِ اخْتِلَافٌ قَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ: لَا أُجْرَةَ لَهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنْ كَانَ الصَّابِغُ حَرِيفًا لَهُ أَيْ مُعَامِلًا لَهُ فَلَهُ الْأَجْرُ، وَإِلَّا لَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنْ كَانَ الصَّابِغُ مَعْرُوفًا بِهَذِهِ الصَّنْعَةِ بِالْأَجْرِ، وَقِيَامِ حَالِهِ بِهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَإِلَّا فَلَا اعْتِبَارَ لِلظَّاهِرِ الْمُعْتَادِ. وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ؛ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (انْتَهَى) . وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِصَابِغٍ بَلْ كُلُّ صَانِعٍ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلْعَمَلِ بِأُجْرَةٍ فَإِنَّ السُّكُوتَ كَالِاشْتِرَاطِ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ نُزُولُ الْخَانِ وَدُخُولُ الْحَمَّامِ وَالدَّلَّالِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الْمُعَدُّ لِلِاسْتِغْلَالِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَلِذَا قَالُوا: الْمَعْرُوفُ كَالْمَشْرُوطِ، فَعَلَى الْمُفْتَى بِهِ صَارَتْ عَادَتُهُ كَالْمَشْرُوطِ صَرِيحًا، وَهُنَا مَسْأَلَتَانِ لَمْ أَرَهُمَا الْآنَ، يُمْكِنُ تَخْرِيجُهُمَا عَلَى أَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَشْرُوطِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْمَشْرُوطُ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْعًا. 25 - مِنْهَا: لَوْ جَرَتْ عَادَةُ الْمُقْتَرِضِ بِرَدِّ أَزَيْدَ مِمَّا اقْتَرَضَ هَلْ يَحْرُمُ إقْرَاضُهُ تَنْزِيلًا لِعَادَتِهِ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ؟ وَمِنْهَا لَوْ بَارَزَ كَافِرًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [حَلَفَ لَا يَهْدِمُ بَيْتًا فَهَدْمِ بَيْتِ الْعَنْكَبُوتِ] قَوْلُهُ: وَمِنْهَا لَوْ جَرَتْ عَادَةُ الْمُقْتَرَضِ: الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: الْأُولَى أَيْ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ لَمْ يَرَهُمَا هَلْ يَحْرُمُ إقْرَاضُهُ؟ قِيلَ: الَّذِي يُؤَدِّي إلَيْهِ نَظَرُ الْفَقِيهِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُكَافَأَةِ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَهُوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ شَرْعًا حَيْثُ دَفَعَهُ الْمُقْرِضُ قَرْضًا

مُسْلِمٌ، وَاطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِالْأَمَانِ لِلْكَافِرِ، هَلْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاطِ الْأَمَانِ لَهُ فَيَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إعَانَةُ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِ؟ وَحِينَ تَأْلِيفِ هَذَا الْمَحَلِّ وَرَدَ عَلَيَّ سُؤَالٌ فِيمَنْ آجَرَ مَطْبَخًا لِطَبْخِ السُّكَّرِ وَفِيهِ فَخَّارٍ، أَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي اسْتِعْمَالِهَا فَتَلِفَ ذَلِكَ، وَقَدْ جَرَى الْعُرْفُ فِي الْمَطَابِخِ بِضَمَانِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ 26 - فَأَجَبْتُ بِأَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَشْرُوطِ فَصَارَ كَأَنَّهُ صَرَّحَ بِضَمَانِهَا عَلَيْهِ. وَالْعَارِيَّةُ إذَا اُشْتُرِطَ فِيهَا الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ 27 - تَصِيرُ مَضْمُونَةً عِنْدَنَا فِي رِوَايَةٍ، ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْعَارِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَحْضًا فَجَازَاهُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ وَدَفَعَهُ الْمُسْتَقْرِضُ لَا عَلَى وَجْهِ الرِّبَا، وَيَظْهَرُ فِي الثَّانِيَةِ حُرْمَةُ الْإِعَانَةِ لِلْعَادَةِ الْمُطَّرِدَةِ تَأَمَّلْ، وَمِنْهَا الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: وَالثَّانِيَةُ. (26) قَوْلُهُ: فَأَجَبْت بِأَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَشْرُوطِ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَنْبَغِي بَلْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْتَى بِهَذَا أَصْلًا؛ لِأَنَّ رِوَايَةَ الضَّمَانِ عَلَى تَقْدِيرِ التَّصْرِيحِ بِالشَّرْطِ إنَّمَا ذُكِرَتْ عَلَى سَبِيلِ إرْخَاءِ الْعَنَانِ مَعَ الشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ بِالضَّمَانِ فِي الْحَدِيثِ، وَإِلَّا فَقَالَ أَبَدًا. فَقَوْلُهُ: أَبَدًا تُفِيدُ الْعُمُومَ وَشُمُولَ حَالِ الشَّرْطِ، وَمَعَ ذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ وَأَقَرَّهُ، فَقَالَ: وَلَوْ شُرِطَ فِيهِمَا الضَّمَانُ، وَإِنَّمَا الضَّمَانُ بِالتَّعَدِّي. وَنَقَلَ عَنْ الْيَنَابِيعِ مَا ذَكَرَ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا، وَفِيهِ الشَّرْطُ لَغْوٌ وَلَا تَضَمُّنَ فَفِي كُلِّ ذَلِكَ تَأْكِيدٌ لِلْحُكْمِ وَتَحْذِيرٌ مِنْ أَنْ يَعْمَلَ بِتِلْكَ الرِّوَايَةِ الْمُخَالِفَةِ لِلدِّرَايَةِ عَلَى تَقْدِيرِ التَّصْرِيحِ بِالشَّرْطِ. وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِهِ فَجَمِيعُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ تُنَادِي بِأَنَّهُ قَوْلٌ مَقْبُولٌ لَا مَجْرُوحٌ. قَالَ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِقَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ: رَجُلٌ أَعَارَ شَيْئًا، وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَعِيرُ ضَامِنًا لِمَا هَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَصِحَّ هَذَا الضَّمَانُ، وَلَا يَكُونُ ضَامِنًا عِنْدَنَا، وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِ (انْتَهَى) . هَذَا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْجَوَابِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ نَفْسُهُ فِي الْفَوَائِدِ الزَّيْنِيَّةِ: أَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْإِفْتَاءُ مِنْ الْقَوَاعِدِ وَالضَّوَابِطِ، وَإِنَّمَا عَلَى الْمُفْتِي حِكَايَةُ النَّقْلِ الصَّرِيحِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. (27) قَوْلُهُ: تَصِيرُ مَضْمُونَةً عِنْدَنَا فِي رِوَايَةٍ: فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الصَّحِيحَ الْمُفْتَى بِهِ خِلَافُهُمَا، وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى مَا أَطَالَ بِهِ بَعْضُ أَرْبَابِ الْحَوَاشِي.

وَجَزَمَ بِهِ فِي الْجَوْهَرَةِ وَلَمْ يَقُلْ فِي رِوَايَةٍ، لَكِنْ نَقَلَ بَعْدَهُ فُرُوعَ الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْيَنَابِيعِ ثُمَّ قَالَ: 28 - وَأَمَّا الْوَدِيعَةُ وَالْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ فَلَا يُضْمَنَانِ، بِحَالٍ (انْتَهَى) . وَلَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: قَالَ أَعِرْنِي هَذَا عَلَى أَنَّهُ إنْ ضَاعَ فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ فَأَعَارَهُ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ (انْتَهَى) . وَمِمَّا تَفَرَّعَ عَلَى أَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَشْرُوطِ لَوْ جَهَّزَ الْأَبُ بِنْتَه جِهَازًا، وَدَفَعَهُ لَهَا ثُمَّ 29 - ادَّعَى أَنَّهَا عَارِيَّةٌ، وَلَا بَيِّنَةَ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ؛ وَالْفَتْوَى أَنَّهُ إنْ كَانَ الْعُرْفُ مُسْتَمِرًّا أَنَّ الْأَبَ يَدْفَعُ ذَلِكَ الْجِهَازَ مِلْكًا لَا عَارِيَّةً لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ مُشْتَرَكًا فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ كَذَا فِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ. وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَعِنْدِي أَنَّ الْأَبَ إنْ كَانَ مِنْ كِرَامِ النَّاسِ، وَأَشْرَافِهِمْ لَمْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَوْسَاطِ النَّاسِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ (انْتَهَى) . وَفِي الْكُبْرَى لِلْخَاصِّيِّ أَنَّ الْقَوْلَ لِلزَّوْجِ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَعَلَى الْأَبِ الْبَيِّنَةُ 30 -؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لِلزَّوْجِ كَمَنْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ؛ لِيُقَصِّرَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَجْرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَمَّا الْوَدِيعَةُ وَالْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ إلَخْ: هَذَا يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي نَقْلُهُ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ مِنْ أَنَّ الْعَيْنَ الْمُودَعَةَ إذَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَى حِفْظِهَا، وَهَلَكَتْ يَضْمَنُهَا الْمُودَعُ، ذَكَرَ ذَلِكَ الزَّيْلَعِيُّ فِي بَحْثِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْمَذْكُورَةَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ، وَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ الْإِجَارَاتِ وَفِي النِّهَايَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ هُنَا عِنْدَ الْفَتْوَى. (29) قَوْلُهُ: ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا عَارِيَّةٌ: قِيلَ: هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْأَبُ يَدْفَعُ لِكُلِّ عَارِيَّةٍ أَمَّا لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِدَفْعِ الْبَعْضِ فَلَا. وَهَذَا تَقْيِيدٌ لَطِيفٌ نَصَّ عَلَيْهِ فِي جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ. (30) قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لِلزَّوْجِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يَكُونَ الْأَمْلَاكُ فِي

فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْإِجَارَةِ بِشَهَادَةِ الظَّاهِرِ (انْتَهَى) . وَعَلَى كُلِّ قَوْلٍ فَالْمَنْظُورُ إلَيْهِ الْعُرْفُ؛ فَالْقَوْلُ الْمُفْتَى بِهِ نَظَرَ إلَى عُرْفِ بَلَدِهِمَا، وَقَاضِي خَانْ نَظَرَ إلَى حَالِ الْأَبِ فِي الْعُرْفِ، وَمَا فِي الْكُبْرَى نَظَرَ إلَى مُطْلَقِ الْعُرْفِ مِنْ أَنَّ الْأَبَ إنَّمَا يُجَهِّزُ مِلْكًا؛ وَفِي الْمُلْتَقَطِ مِنْ الْبُيُوعِ، وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ: الْأَشْيَاءُ عَلَى ظَاهِرِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ؛ فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ الْحَلَالَ فِي الْأَسْوَاقِ لَا يَجِبُ السُّؤَالُ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ الْحَرَامَ فِي وَقْتٍ أَوْ كَانَ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ حَيْثُ وَجَدَهُ وَلَا يَتَأَمَّلُ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَالسُّؤَالُ عَنْهُ حَسَنٌ (انْتَهَى) . وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ دُخُولَ الْبَرْذعَةِ وَالْإِكَافِ فِي بَيْعِ الْحِمَارِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ حَمْلَ الْأَجِيرِ الْأَحْمَالَ إلَى دَاخِلِ الْبَابِ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّعَارُفِ، ذَكَرَهُ فِي الْإِجَارَاتِ. وَفِي إجَارَاتِ مُنْيَةِ الْمُفْتِي: رَجُلٌ دَفَعَ غُلَامَهُ إلَى حَائِكٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً؛ لِيَتَعَلَّمَ النَّسْجَ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْأَجْرُ عَلَى أَحَدٍ فَلَمَّا عَلِمَ الْعَمَلَ طَلَبَ الْأُسْتَاذُ الْأَجْرَ مِنْ الْمَوْلَى وَالْمَوْلَى مِنْ الْأُسْتَاذِ؛ يُنْظَرُ إلَى عُرْفِ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ فَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ يَشْهَدُ لِلْأُسْتَاذِ؛ يُحْكَمُ بِأَجْرِ مِثْلِ تَعْلِيمِ ذَلِكَ الْعَمَلِ عَلَى الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ يَشْهَدُ لِلْمَوْلَى فَأَجْرُ مِثْلِ ذَلِكَ الْغُلَامِ عَلَى الْأُسْتَاذِ، وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَ ابْنَهُ (انْتَهَى) . وَمِمَّا بَنُوهُ عَلَى الْعُرْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَدِ الْمَلِكِ فَيَكُونُ مَا فِي يَدِ الزَّوْجَةِ مِلْكًا لَهَا ظَاهِرًا، (31) قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْإِجَارَةِ. هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ. (31) قَوْلُهُ: وَمِمَّا بَنُوهُ عَلَى الْعُرْفِ. قِيلَ عَلَيْهِ: كَوْنُ هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى الْعُرْفِ غَيْرُ

[المبحث الرابع العرف الذي تحمل عليه الألفاظ]

أَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ السُّوقِ إذَا اسْتَأْجَرُوا حُرَّاسًا، وَكَرِهَ الْبَاقُونَ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تُؤْخَذُ مِنْ الْكُلِّ، وَكَذَا فِي مَنَافِعِ الْقُرْبَةِ وَتَمَامُهُ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي، 34 - وَفِيهَا لَوْ دَفَعَ غَزْلًا إلَى حَائِكٍ؛ لِيَنْسِجَهُ بِالنِّصْفِ جَوَّزَهُ مَشَايِخُ بُخَارَى وَأَبُو اللَّيْثِ وَغَيْرُهُ لِلْعُرْفِ (انْتَهَى) . الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ: الْعُرْفُ الَّذِي تُحْمَلُ عَلَيْهِ الْأَلْفَاظُ 35 - إنَّمَا هُوَ الْمُقَارِنُ السَّابِقُ دُونَ الْمُتَأَخِّرِ؛ 36 - وَلِذَا قَالُوا لَا عِبْرَةَ بِالْعُرْفِ الطَّارِئِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعْرُوفٍ (انْتَهَى) . وَقِيلَ لَا يُقَالُ لَا وَجْهَ لِلْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا لَمْ يَقَعْ عَقْدُ الْإِجَارَةِ كَمَا يُفِيدُهُ التَّمْثِيلُ بِالْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْقَاعِدَةُ أَعَمُّ، وَيَصِحُّ بِنَاءُ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَيْهَا إذْ الْحَاصِلُ أَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ السُّوقِ إذَا اسْتَأْجَرُوا أَجِيرًا وَجَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ الْأَجْرَ يَكُونُ عَلَى الْكُلِّ فَهُوَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ عَلَى الْكُلِّ هُوَ الْمَعْرُوفُ فَهُوَ كَالْمَشْرُوطِ. (33) قَوْلُهُ: إنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ السُّوقِ لَوْ اسْتَأْجَرُوا إلَخْ، وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ رَئِيسُ السُّوقِ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ. (34) قَوْلُهُ: وَفِيهَا لَوْ دَفَعَ إلَى حَائِكٍ إلَخْ: اُسْتُفِيدَ مِنْهُ تَقْيِيدُ مَسْأَلَةِ قَفِيزِ الطَّحَّانِ بِمَا إذَا لَمْ يَجْرِ فِيهَا عُرْفُ أَهْلِ بُخَارَى وَجَازَتْ عِنْدَهُمْ. [الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ الْعُرْفُ الَّذِي تُحْمَلُ عَلَيْهِ الْأَلْفَاظُ] (35) قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ الْمُقَارِنُ السَّابِقُ أَيْ السَّابِقُ لِوَقْتِ اللَّفْظِ، وَاسْتَقَرَّ حَتَّى صَارَ فِي وَقْتِ الْمَلْفُوظِ بِهِ، وَأَمَّا الْمُقَارِنُ الطَّارِئُ فَلَا أَثَرَ لَهُ، وَلَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ اللَّفْظُ السَّابِقُ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ مَا عَسَاهُ يُقَالُ: كَيْفَ يَكُونُ الْعُرْفُ مُقَارِنًا سَابِقًا وَسَقَطَ؟ قِيلَ: الظَّاهِرُ أَوْ السَّابِقُ وَسَقَطَتْ أَوْ سَهْوًا. (36) قَوْلُهُ: وَلِذَا قَالُوا لَا عِبْرَةَ بِالْعُرْفِ الطَّارِئِ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَأَغْرَبَ مَنْ حَكَى فِي جَوَازِ التَّخْصِيصِ بِهِ قَوْلَانِ، وَبَنَى بَعْضُهُمْ عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَتَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَطَالَةِ فِي الْمَدَارِسِ فَقَدْ اشْتَهَرَ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ تَرْكُ الدُّرُوسِ فِي

فَلِذَا اُعْتُبِرَ فِي الْمُعَامَلَاتِ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي التَّعْلِيقِ فَيَبْقَى عَلَى عُمُومِهِ وَلَا يُخَصِّصُهُ الْعُرْفُ. وَفِي آخِرِ الْمَبْسُوطِ إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَغِيبَ فَحَلَّفَتْهُ امْرَأَتُهُ فَقَالَ: كُلُّ جَارِيَةٍ اشْتَرَيْتهَا فَهِيَ حُرَّةٌ، وَهُوَ يَعْنِي كُلَّ سَفِينَةٍ جَارِيَةٍ، عَمِلَ بِنِيَّتِهِ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ} [الرحمن: 24] وَالْمُرَادُ السُّفُنُ، فَإِذَا نَوَى ذَلِكَ عَمِلَتْ نِيَّتُهُ؛ لِأَنَّهَا ظَالِمَةٌ فِي هَذَا الِاسْتِحْلَافِ وَنِيَّةُ الْمَظْلُومِ فِيمَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ مُعْتَبَرَةٌ، وَإِنْ حَلَّفَتْهُ بِطَلَاقِ كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك فَلْيَقُلْ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك فَهِيَ طَالِقٌ، وَهُوَ يَنْوِي بِذَلِكَ كُلَّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَى رَقَبَتِك فَيَعْمَلُ بِنِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ (انْتَهَى) . وَأَمَّا الْإِقْرَارُ فَهُوَ إخْبَارٌ عَنْ وُجُوبٍ سَابِقٍ، وَرُبَّمَا يُقَدَّمُ الْوُجُوبُ عَلَى الْعُرْفِ الْغَالِبِ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ. الثَّانِيَةُ كِسْوَةُ الْكَعْبَةِ، فَإِنَّ ابْنَ عَبْدَانَ مَنَعَ مِنْ بَيْعِهَا، وَأَوْجَبَ رَدَّ مَنْ حَمَلَ مِنْهَا شَيْئًا. (37) قَوْلُهُ: فَلِذَا اُعْتُبِرَ الْعُرْفُ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي التَّعْلِيقِ: اعْلَمْ أَنَّ الْعَادَةَ الْغَالِبَةَ إنَّمَا تُقَيِّدُ لَفْظَ الْمُطْلَقِ إذَا تَعَلَّقَ بِإِنْشَاءِ أَمْرٍ فِي الْحَالِ دُونَ مَا يَقَعُ إخْبَارًا عَنْ مُتَقَدِّمٍ فَلَا يُقَيِّدُهُ الْعُرْفُ الْمُتَأَخِّرُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْعَادَةُ الْغَالِبَةُ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي الْمُعَامَلَاتِ؛ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا أَوْ رَغْبَةِ النَّاسِ فِيمَا يَرُوجُ فِي الْبُقْعَةِ غَالِبًا، وَلَا تُؤَثِّرُ فِي التَّعْلِيقِ وَالْإِقْرَارِ وَالدَّعْوَى بَلْ يَبْقَى اللَّفْظُ عَلَى عُمُومِهِ فِيهَا. أَمَّا فِي التَّعْلِيقِ فَلِقِلَّةِ وُقُوعِهِ، وَأَمَّا فِي الْإِقْرَارِ وَالدَّعْوَى فَلِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ وُجُوبٍ سَابِقٍ، وَرُبَّمَا تَقَدَّمَ الْوُجُوبُ عَلَى الْعُرْفِ الْغَالِبِ أَوْ غَلَبَ فِي بُقْعَةٍ أُخْرَى

فَسَّرَهَا أَنَّهَا زُيُوفٌ، أَوْ نَبَهْرَجَةٌ يُصَدَّقُ إنْ وَصَلَ، وَإِنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ أَوْ قَرْضٍ لَمْ يُصَدَّقْ. عِنْدَ الْإِمَامِ إذَا قَالَ هِيَ زُيُوفٌ وَصَلَ أَوْ فَصَلَ، وَصَدَّقَاهُ إنْ وَصَلَ، وَإِنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ غَصْبًا أَوْ وَدِيعَةً قَالَ: هِيَ زُيُوفٌ صُدِّقَ مُطْلَقًا. وَكَذَا الدَّعْوَى لَا تَنْزِلُ عَلَى الْعَادَةِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى وَالْإِقْرَارَ إخْبَارٌ بِمَا تَقَدَّمَ فَلَا يُقَيِّدُهُ الْعُرْفُ الْمُتَأَخِّرُ بِخِلَافِ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ بَاشَرَهُ لِلْحَالِ فَقَيَّدَهُ الْعُرْفُ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الدَّعْوَى مَعْزِيًّا إلَى اللَّامِشِيِّ: إذَا كَانَتْ النُّقُودُ فِي الْبَلَدِ مُخْتَلِفَةً أَحَدُهَا أَرَوْجُ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى مَا لَمْ يُبَيِّنْ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ حُمْرٍ وَفِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ حُمْرٌ لَا يَصْلُحُ بِلَا بَيَانٍ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْأَرْوَجِ (انْتَهَى) . وَقَدْ أَوْسَعْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ أَوَّلِ الْبَيْعِ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَخْرُجَ عَلَيْهَا مَسْأَلَتَانِ؛ أَحَدُهُمَا مَسْأَلَةُ الْبَطَالَةِ فِي الْمَدَارِسِ فَإِذَا اسْتَمَرَّ عُرْفٌ بِهَا فِي أَشْهُرٍ مَخْصُوصَةٍ حُمِلَ عَلَيْهَا مَا وُقِفَ بَعْدَهَا لَا مَا وُقِفَ قَبْلَهَا. الثَّانِيَةُ: إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِلْحَاكِمِ وَكَانَ الْحَاكِمُ إذْ ذَاكَ شَافِعِيًّا ثُمَّ صَارَ الْآنَ حَنَفِيًّا لَا قَاضِيَ غَيْرَهُ إلَّا نِيَابَةً. هَلْ يَكُونُ النَّظَرُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ الْحَاكِمُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ فَلَا يُحْمَلُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَيْهِ؟ 38 - فَمُقْتَضَى الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ. وَلَكِنْ قَالُوا فِي الْأَيْمَانِ لَوْ حَلَّفَهُ وَالِي بَلْدَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَمُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ: فِيهِ أَنَّ أَلْ فِي الْحَاكِمِ لِلْعَهْدِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَقَضِيَّةُ كَوْنِ النَّظَرِ لِذَلِكَ الْحَاكِمِ شَافِعِيًّا أَوْ كَانَ حَنَفِيًّا، وَكَوْنُهُ شَافِعِيًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إذْ ذَاكَ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لَهُ دَخْلٌ فِي ثُبُوتِ الْحُكْمِ فَالظَّاهِرُ إذَا كَانَ النَّظَرُ لَهُ، وَإِنْ صَارَ حَنَفِيًّا فِيمَا عَلِمْت، وَكَوْنُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْقَاعِدَةِ فِي حَيِّزِ الْمَنْعِ فَتَدَبَّرْ.

لِيُعْلِمَهُ بِكُلِّ دَاعِرٍ دَخَلَ الْبَلْدَةَ بَطَلَتْ الْيَمِينُ بِعَزْلِ الْوَالِي فَلَا يَحْنَثُ إذَا لَمْ يُعْلِمْ الْوَالِيَ الثَّانِيَ، وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمَ 40 - مَا إذَا حَلَفَ مَتَى رَأَى مُنْكَرًا رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي؛ هَلْ يُعَيَّنُ الْقَاضِي حَالَةَ الْيَمِينِ؟ وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ لَوْ وَقَفَ بَلَدًا عَلَى الْحَرَمِ الشَّرِيفِ، وَشَرَطَ النَّظَرَ لِلْقَاضِي هَلْ يَنْصَرِفُ إلَى قَاضِي الْحَرَمِ أَوْ قَاضِي الْبَلْدَةِ الْمَوْقُوفَةِ أَوْ قَاضِي بَلَدِ الْوَاقِفِ؟ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَخْرَجَ مِنْ مَسْأَلَةِ مَا لَوْ كَانَ الْيَتِيمُ فِي بَلَدٍ وَمَالُهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَهَلْ النَّظَرُ عَلَيْهِ لِقَاضِي بَلَدِ الْيَتِيمِ أَوْ لِقَاضِي بَلَدِ مَالِهِ؟ صَرَّحُوا بِالْأَوَّلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النَّظَرُ لِقَاضِي الْحَرَمِ. 41 - وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْأَرْجَحَ كَوْنُ النَّظَرِ لِقَاضِي الْبَلَدِ الْمَوْقُوفَةِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرِفُ بِمَصَالِحِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاقِفَ قَصَدَهُ، وَبِهِ تَحْصُلُ الْمَصْلَحَةُ. 42 - وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا كَانَ الْعَقَارُ لَا فِي وِلَايَةِ الْقَاضِي وَتَنَازَعَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِيُعْلِمَهُ بِكُلِّ دَاعِرٍ. الدَّعَرُ بِفَتْحَتَيْنِ وَالدَّعَارَةُ بِالْفَتْحِ الْخَبَثُ وَالْفِسْقُ وَبَابُهُ ضَرَبَ، وَعَلِمَ كَذَا فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ. (40) قَوْلُهُ: مَا إذَا حَلَفَ مَتَى رَأَى مُنْكَرًا إلَخْ. إنْ كَانَ ضَمِيرُ حَلَفَ لِلْوَالِي فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْقَاضِي وَقْتَ الْحَلِفِ عَلَى أَنَّ أَلْ لِلْعَهْدِ أَوْ الْقَاضِي وَقْتَ رُؤْيَةِ الْمُنْكَرِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَالظَّاهِرُ انْحِلَالُ الْيَمِينِ بِعَزْلِ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي بَقِيَتْ الْيَمِينُ بَعْدَ عَزْلِ الْقَاضِي وَقْتَ الْحَلِفِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى ذِي بَصِيرَةٍ. (41) قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: هَذَا هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا شُبْهَةَ فِيهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ ظَاهِرٌ لِذَوِي الطَّبْعِ السَّلِيمِ. (42) . قَوْلُهُ: وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا كَانَ الْعَقَارُ لَا فِي وِلَايَةِ الْقَاضِي. فِي الْخُلَاصَةِ الصَّحِيحُ أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي فِي الْمَحْدُودِ يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَحْدُودُ فِي وِلَايَتِهِ، وَمِثْلُهُ فِي

[تنبيه هل يعتبر في بناء الأحكام العرف العام أو مطلق العرف]

فِيهِ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَمْ يَصِحَّ قَضَاؤُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ نَظَرَ إلَى التَّدَاعِي وَالتَّرَافُعِ، وَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَنْبِيهٌ: هَلْ يُعْتَبَرُ فِي بِنَاءِ الْأَحْكَامِ الْعُرْفُ الْعَامُّ أَوْ مُطْلَقُ الْعُرْفِ وَلَوْ كَانَ خَاصًّا؟ الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ: قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الْإِمَامِ الْبُخَارِيِّ الَّذِي خُتِمَ بِهِ الْفِقْهُ: 43 - الْحُكْمُ الْعَامُّ لَا يَثْبُتُ بِالْعُرْفِ الْخَاصِّ وَقِيلَ: يَثْبُتُ (انْتَهَى) . 44 - وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ لَوْ اسْتَقْرَضَ أَلْفًا وَاسْتَأْجَرَ الْمُقْرِضُ لِحِفْظِ مِرْآةٍ أَوْ مِلْعَقَةٍ كُلَّ شَهْرٍ بِعَشَرَةٍ 45 - وَقِيمَتُهَا لَا تَزِيدُ عَلَى الْأَجْرِ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: صِحَّةُ الْإِجَارَةِ بِلَا كَرَاهَةٍ اعْتِبَارًا لِعُرْفِ خَوَاصِّ بُخَارَى. 46 - وَالصِّحَّةُ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِلِاخْتِلَافِ، وَالْفَسَادُ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْإِجَارَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَعَلَيْهِ مَشَى فِي التَّنْوِيرِ وَحَكَى الْقَوْلَ الْآخَرَ بِقَوْلٍ ذَكَرَهُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْكِتَابِ. [تَنْبِيهٌ هَلْ يُعْتَبَرُ فِي بِنَاءِ الْأَحْكَامِ الْعُرْفُ الْعَامُّ أَوْ مُطْلَقُ الْعُرْفِ] (43) قَوْلُهُ: الْحُكْمُ الْعَامُّ لَا يَثْبُتُ بِالْعُرْفِ الْخَاصِّ. يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْحُكْمَ الْخَاصَّ يَثْبُتُ بِالْعُرْفِ الْخَاصِّ. وَفِيهَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَدَارِسِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى دَرْسِ الْحَدِيثِ وَلَا يُعْلَمُ مُرَادُ الْوَاقِفِ مِنْهَا، هَلْ يُدَرَّسُ فِيهَا عِلْمُ الْحَدِيثِ الَّذِي هُوَ مَعْرِفَةُ الْمُصْطَلَحِ أَوْ يُقْرَأُ مَتْنُ الْحَدِيثِ حَيْثُ قِيلَ بِاتِّبَاعِ اصْطِلَاحِ كُلِّ بَلَدٍ؟ . (44) قَوْلُهُ: وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ لَوْ اسْتَقْرَضَ أَلْفًا وَاسْتَأْجَرَ الْمُقْرَضَ إلَخْ: يَعْنِي لِأَجْلِ حِلِّ الْمُرَابَحَةِ فِي الْقَرْضِ. (45) قَوْلُهُ: وَقِيمَتُهَا لَا تَزِيدُ عَلَى الْأَجْرِ. يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِقْدَارَ أَجْرِ الْحِفْظِ، وَزِيَادَةً أَنَّهُ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ إنْ لَمْ تَكُنْ مَشْرُوطَةً فِي الْقَرْضِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْقُنْيَةِ. (46) قَوْلُهُ: وَالصِّحَّةُ مَعَ الْكَرَاهَةِ إلَخْ: يَعْنِي صِيَانَةً لِلنَّاسِ عَنْ الْوُقُوعِ فِي الرِّبَا الْمَحْضِ.

بِالتَّعَارُفِ الْعَامِّ وَلَمْ يُوجَدْ، وَقَدْ أَفْتَى الْأَكَابِرُ بِفَسَادِهَا. وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ اسْتِئْجَارِ الْمُسْتَقْرِضِ الْمُقْرِضَ: التَّعَارُفُ الَّذِي تَثْبُتُ بِهِ الْأَحْكَامُ لَا يَثْبُتُ بِتَعَارُفِ أَهْلِ بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَ الْبَعْضِ. وَعِنْدَ الْبَعْضِ 47 - إنْ كَانَ يَثْبُتُ وَلَكِنْ أَحْدَثَهُ بَعْضُ أَهْلِ بُخَارَى فَلَمْ يَكُنْ مُتَعَارَفًا مُطْلَقًا كَيْفَ، وَإِنَّ هَذَا الشَّيْءَ لَمْ يَعْرِفْهُ عَامَّتُهُمْ بَلْ تَعَارَفَهُ خَوَاصُّهُمْ فَلَا يَثْبُتُ التَّعَارُفُ بِهَذَا الْقَدْرِ، قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: 48 - وَهُوَ الصَّوَابُ (انْتَهَى) . وَذَكَرَ فِيهَا مِنْ كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ قُبَيْلَ التَّحَرِّي؛ لَوْ تَوَاضَعَ أَهْلُ بَلْدَةٍ عَلَى زِيَادَةٍ فِي سَنَجَاتِهِمْ الَّتِي تُوزَنُ بِهَا الدَّرَاهِمُ وَالْإِبْرَيْسَمُ عَلَى مُخَالَفَةِ سَائِرِ الْبُلْدَانِ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ (انْتَهَى) . وَفِي إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ فِي إجَارَةِ الْأَصْلِ؛ اسْتَأْجَرَهُ؛ لِيَحْمِلَ طَعَامَهُ بِقَفِيزٍ مِنْهُ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ، وَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ لَا يُتَجَاوَزُ بِهِ الْمُسَمَّى، وَكَذَا إذَا دَفَعَ إلَى حَائِكٍ غَزْلًا عَلَى أَنْ يَنْسِجَهُ بِالثُّلُثِ. وَمَشَايِخُ بَلْخِي وَخُوَارِزْمَ أَفْتَوْا: يَجُوزُ إجَارَةُ الْحَائِكِ لِلْعُرْفِ، وَبِهِ أَفْتَى أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ أَيْضًا؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إنْ كَانَ يَثْبُتُ، كَذَا فِي النُّسَخِ بِلَا وَاوٍ، وَالْأَوْلَى الْوَاوُ كَمَا فِي نُسَخِ الْقُنْيَةِ. (48) قَوْلُهُ: وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعُ الْمَعْدُومِ، وَجُوِّزَتْ عَلَى مُنَافَاةِ الدَّلِيلِ لِلْحَاجَةِ فَإِذَا وَرَدَتْ عَلَى مَا لَا يَحْتَاجُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى اسْتِيفَاءِ مَنَافِعِهِ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ، وَالْمُسْتَقْرِضُ إذَا اسْتَأْجَرَ الْمُقْرِضَ؛ لِيَحْفَظَ مِرْآةً أَوْ مِلْعَقَةً غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَى هَذَا الْعَقْدِ لِحِفْظِ الْعَيْنِ، وَإِنَّمَا اسْتَأْجَرَهُ؛ لِيَتَوَسَّلَ بِهِ الْمُقْرِضُ إلَى الْمُرَابَحَةِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مُنَافَاةِ الدَّلِيلِ وَانْعَدَمَتْ الْحَاجَةُ الْمُجَوِّزَةِ لَمْ يَجُزْ، بِخِلَافِ جَوَازِ بَيْعِ الْمُقْرِضِ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ مِمَّا يُسَاوِي طَسُوجًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، فَإِنَّهُ عَلَى وِفَاقِ الدَّلِيلِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَوْجُودٍ مَمْلُوكٍ لَهُ بِالْقَاضِي.

الْفَتْوَى عَلَى جَوَابِ الْكِتَابِ لَا الطَّحَّانِ 50 -؛ لِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُ إبْطَالُ النَّصِّ، (انْتَهَى) . وَفِيهَا مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِ الْوَفَاءِ فِي الْقَوْلِ السَّادِسِ مِنْ أَنَّهُ صَحِيحٌ. قَالُوا لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِ فِرَارًا مِنْ الرِّبَا فَأَهْلُ بَلْخِي اعْتَادُوا الدَّيْنَ، وَالْإِجَارَةَ وَهِيَ لَا تَصِحُّ فِي الْكَرْمِ، وَأَهْلُ بُخَارَى اعْتَادُوا الْإِجَارَةَ الطَّوِيلَةَ وَلَا يُمْكِنُ فِي الْأَشْجَارِ فَاضْطُرُّوا إلَى بَيْعِهَا وَفَاءً. وَمَا ضَاقَ عَلَى النَّاسِ أَمْرٌ إلَّا اتَّسَعَ حُكْمُهُ (انْتَهَى) . وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ، وَلَكِنْ أَفْتَى كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ بِاعْتِبَارِهِ؛ 51 -: فَأَقُولُ عَلَى اعْتِبَارِهِ: 52 - يَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِأَنَّ مَا يَقَعُ فِي بَعْضِ أَسْوَاقِ الْقَاهِرَةِ مِنْ خُلُوِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْفَتْوَى عَلَى جَوَابِ الْكِتَابِ، وَهُوَ عَدَمُ الْجَوَازِ. (50) قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ: أَيْ عَدَمِ الْجَوَازِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ بِالنَّهْيِ عَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ وَهُوَ فِي مَعْنَاهُ. (51) قَوْلُهُ فَأَقُولُ عَلَى اعْتِبَارِهِ: يَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِأَنَّ مَا يَقَعُ فِي بَعْضِ أَسْوَاقِ الْقَاهِرَةِ مِنْ خُلُوِّ الْحَوَانِيتِ لَازِمًا، وَيَصِيرُ الْخُلُوُّ فِي الْحَانُوتِ حَقًّا لَهُ قِيلَ عَلَيْهِ: كَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِهِ مَعَ كَوْنِهِ مُخَالِفًا لِلْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ الشَّرِيفَةِ؟ (انْتَهَى) . وَقَالَ شَيْخُنَا فِي الرِّسَالَةِ الْمُسَمَّاةِ بِمُفِيدَةِ الْحُسْنَى لِدَفْعِ ظَنِّ الْخُلُوِّ بِالسُّكْنَى بَعْدَ أَنْ نَقَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (52) قَوْلُهُ: يَنْبَغِي إلَخْ: مِمَّا لَا يَنْبَغِي فَإِنَّهُ لَا مُمَاثَلَةَ بَيْنَ مَا اُعْتُبِرَ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى عُرْفِ الْخَاصِّ وَبَيْنَ الْخُلُوِّ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْعُرْفِ الْخَاصِّ عَلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي جَمِيعِ تِلْكَ الْمَسَائِلِ ضَرَرُهَا الْتَزَمَ بِهِ فَاعِلُهَا مُخْتَارًا لِنَفْسِهِ أَوْ مُقْتَصَرًا فِي اسْتِيفَاءِ شَرْطٍ يَمْنَعُ عَنْهُ الضَّرَرَ، وَأَمَّا الْوَقْفُ فَنَاظِرُهُ لَا يَمْلِكُ إتْلَافَهُ وَلَا تَعْطِيلَهُ. أَقُولُ: وَلَا الْوَقْفَ، هَذَا هُوَ

الْحَوَانِيتِ لَازِمٌ، وَيَصِيرُ الْخُلُوُّ فِي الْحَانُوتِ حَقًّا لَهُ؛ فَلَا يَمْلِكُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ إخْرَاجَهُ مِنْهَا، وَلَا إجَارَتَهَا لِغَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَتْ وَقْفًا. وَقَدْ وَقَعَ فِي حَوَانِيتِ الْجَمَلُونِ بِالْغُورِيَّةِ أَنَّ السُّلْطَانَ الْغُورِيَّ لَمَّا بَنَاهَا أَسْكَنَهَا لِلتُّجَّارِ بِالْخُلُوِّ وَجَعَلَ لِكُلِّ حَانُوتٍ قَدْرًا أَخَذَهُ مِنْهُمْ، وَكَتَبَ ذَلِكَ بِمَكْتُوبِ الْوَقْفِ وَكَذَا أَقُولُ عَلَى اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ، قَدْ تَعَارَفَ الْفُقَهَاءُ بِالْقَاهِرَةِ النُّزُولَ عَنْ الْوَظَائِفِ بِمَالِ يُعْطَى لِصَاحِبِهَا وَتَعَارَفُوا ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفَرْقُ الْجَلِيُّ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ فَكَيْفَ يَقُولُ لَا يُمْكِنُ صَاحِبَ الْحَانُوتِ إخْرَاجُ صَاحِبِ الْخُلُوِّ مِنْهَا وَلَا يُمْكِنُهُ إجَارَتُهَا لِغَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَتْ وَقْفًا أَلَيْسَ هَذَا حَجْرًا عَلَى الْحُرِّ الْمُكَلَّفِ عَمَّا يَمْلِكُهُ شَرْعًا بِمَا لَمْ يَقُلْ بِهِ صَاحِبُ الْمَذْهَبِ؟ وَمِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّ حِفْظَ الْمَالِ مِنْ الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا فِي سَائِرِ الْأَدْيَانِ. وَيُمْنَعُ الْمَالِكُ مِنْ إجَارَةِ مِلْكِهِ بِلُزُومِ إتْلَافِ مَالِهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ بِهِ الشَّارِعُ مِثْلَ مَا لَوْ رَضِيَ بِالرِّبَا مَعَ غَيْرِهِ وَكَرِضَاهُ بِقَفِيزِ الطَّحَّانِ، وَبَعْضُ عَمَلِهِ أُجْرَةٌ هُوَ مَمْنُوعُ مِنْهُ شَرْعًا، وَمِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّ صَاحِبَ الْخُلُوِّ لَا يُعْطِي أُجْرَةَ الْأَشْيَاءِ يَسِيرًا وَيَأْخُذُ هُوَ فِي نَظِيرِ خُلُوِّهِ قَدْرًا كَثِيرًا، يَجُوزُ هَذَا حَتَّى فِي الْوَقْفِ. وَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ مَنْ سَكَنَ فِي الْوَقْفِ يَلْزَمُ أُجْرَتُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَتْ، وَبِمَنْعِهِ النَّاظِرَ مِنْ إجَارَةِ الْحَانُوتِ الْوَقْفِ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْخُلُوِّ يَفُوتُ نَفْعُ الْوَقْفِ، وَيَنْعَدِمُ غَلَّتُهُ وَيَتَعَطَّلُ مَا جَعَلَهُ الْوَاقِفُ مِنْ نَحْوِ إقَامَةِ شَعَائِرِ مَسْجِدٍ بِدَفْعِ أُجْرَةِ الدُّكَّانِ مَثَلًا لِلْقَائِمِ بِهَا فَإِنَّ صَاحِبَ الْخُلُوِّ إذَا لَمْ يُسْتَأْجَرْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلْوَقْفِ، وَقَدْ لَا يُسْتَأْجَرُ وَلَا يُسْكِنُ غَيْرَهُ، يَضِيعُ نَفْعُ الْوَقْفِ لَمَّا لَمْ يَقُلْ بِهِ إمَامُ الْمَذْهَبِ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ مَذْهَبِهِ. ثُمَّ قَالَ: هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي رَدِّ جَوَازِ الْخُلُوِّ بِاعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا الْأَعْلَامِ. وَأَمَّا ظَنُّ مَشْرُوعِيَّتِهِ بِلَفْظِ السُّكْنَى فَلَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ بِوَجْهٍ لَا خَاصٍّ وَلَا عَامٍّ (انْتَهَى) . قَوْلُهُ: وَأَمَّا ظَنُّ مَشْرُوعِيَّتِهِ بِلَفْظِ السُّكْنَى أَشَارَ بِهِ إلَى الرَّدِّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ بِلَالٍ الْحَنَفِيِّ حَيْثُ صَنَّفَ رِسَالَةً فِي جَوَازِ الْخُلُوِّ أَخْذًا مِمَّا نَصَّ عَلَيْهِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسَ عَشَرَ وَغَيْرِهِ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ وَالْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَالْخُلَاصَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَوَاقِعَاتِ الضَّرِيرِيِّ: اشْتَرَى سُكْنَى وَقْفٍ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مَا أَذِنْت لَهُ بِالسُّكْنَى فَأَمَرَهُ بِالرَّفْعِ فَلَوْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَرَارِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِثَمَنِهِ وَلَا بِنُقْصَانِهِ (انْتَهَى) . قِيلَ: وَفِي الْأَخْذِ مِنْ الذَّخِيرَةِ فِي ذَلِكَ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي فَصْلِ الْعُيُوبِ عَنْ الْفَتَاوَى الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ بَاعَ سُكْنَى لَهُ فِي حَانُوتٍ لِغَيْرِهِ فَآجَرَ الْمُشْتَرِي الْحَانُوتَ بِكَذَا فَظَهَرَ أَنَّ أُجْرَةَ الْحَانُوتِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قَالُوا: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ السُّكْنَى بِهَذَا الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الْحَانُوتِ (انْتَهَى) . قَالَ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ مَعْرُوفٍ الزَّاهِدُ: هَذَا نَقْلٌ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْخُلُوِّ الْمُتَعَارَفِ فِي زَمَانِنَا وَلُزُومِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَقَدْ وَقَعَ عَنْ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ نِزَاعٌ فِي ذَلِكَ فَاسْتَفْتَيْت الْمَوْلَى الْأَعْظَمِ مُفْتِي دَارِ السَّلْطَنَةِ السُّلَيْمَانِيَّةِ مَوْلَانَا أَبَا السُّعُودِ تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِغُفْرَانِهِ فَأَيَّدَ كَلَامَ مُحَرِّرِهِ بِقَوْلِهِ: نَقْلٌ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْخُلُوِّ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ نَقْلًا صَرِيحًا فَإِنْ كُنْت فِي رَيْبٍ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْك بِالرُّجُوعِ إلَى الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ إذْ الْمُرَادُ مِنْ السُّكْنَى لَيْسَ مَا تَوَهَّمُوهُ بَلْ الْمُرَادُ بِهَا الْعِمَارَةُ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْخُلُوِّ، فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ نَقْلًا صَرِيحًا فَإِنْ كُنْت فِي رَيْبٍ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْك بِالرُّجُوعِ إلَى الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ فَلَعَلَّك تَجِدُ فِيهَا مَا يَرْفَعُ دَغْدَغَةَ قَلْبِك، ثُمَّ إنَّ الْمَرْحُومَ الْأُسْتَاذَ الْمَذْبُورَ نَوَّرَ اللَّهُ تَعَالَى مَرْقَدَهُ رَأَيْنَا كَثِيرًا مِنْ فَتَاوَاهُ عَلَى خِلَافِ مَا نَقَلَهُ هَذَا الْقَائِلُ (انْتَهَى) . أَقُولُ: دَعْوَى أَنَّ السُّكْنَى الْعِمَارَةُ مَمْنُوعٌ بَلْ الْمُرَادُ السُّكْنَى الدُّكَّانُ مَا يَكُونُ مِنْ الْخَشَبِ مُرَكَّبًا فِيهَا، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ فِي الْفَصْلِ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي شَهَادَاتِ الْجَامِعِ: إذَا ادَّعَى سُكْنَى دَارٍ أَوْ حَانُوتٍ وَبَيَّنَ حُدُودَهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ السُّكْنَى نَقْلِيٌّ فَلَا يُحَدَّدُ. وَذَكَرَ رَشِيدُ الدِّينِ فِي فَتَاوِيهِ: وَإِنْ كَانَ السُّكْنَى نَقْلِيًّا لَكِنْ لَمَّا اتَّصَلَ بِالْأَرْضِ اتِّصَالَ تَأْيِيدٍ كَانَ تَعْرِيفُهُ بِمَثَابَةِ تَعْرِيفِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ فِي سَائِرِ النَّقْلِيَّاتِ لَا يَكُونُ تَعْرِيفُهُ بِالْحُدُودِ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ مُمْكِنٌ فَوَقَعَ الِاسْتِغْنَاءُ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ عَنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ. وَأَمَّا السُّكْنَى فَلَا يُمْكِنُ؛ لِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ فِي الْبِنَاءِ تَرْكِيبَ فَرَّادٍ فَالْتَحَقَ بِمَا لَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ أَصْلًا (انْتَهَى) . فَظَهَرَ لَك بِهَذَا أَنَّ السُّكْنَى هُوَ مَا يَكُونُ مُرَكَّبًا فِي الْحَانُوتِ مُتَّصِلًا بِهِ فَهُوَ اسْمُ عَيْنٍ لَا اسْمَ مَعْنًى كَمَا فَهِمَهُ الْبَعْضُ. وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُفِيدُ مَا تَوَهَّمَهُ هَذَا الْبَعْضُ. وَهَلْ يَجُوزُ الِاسْتِدْلَال بِبَعْضِ كَلَامٍ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ مُرَادُ الْمُتَكَلِّمِ أَلَا تَرَى تَمَامَ الْعِبَادَةِ الَّذِي نَصَّ فِيهَا عَلَى حَقِيقَةِ السُّكْنَى أَنَّهُ شَيْءٌ مُرَكَّبٌ يُرْفَعُ، فَهَلْ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْخُلُوِّ بِظَنِّ أَنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخُلُوَّ يُرْفَعُ ثُمَّ يُرَدُّ عَلَى بَائِعِهِ وَيُقَالُ: فَلَوْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَرَارِ فَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ وَلَا نُقْصَانِهِ الْحَاصِلِ بِالْقَلْعِ مِنْ الدُّكَّانِ سُبْحَانَك هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ. وَقَدْ نَقَلَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ عَنْ وَاقِعَاتِ الضَّرِيرِيِّ مَا نَصُّهُ: رَجُلٌ فِي يَدِهِ دُكَّانٌ فَغَابَ وَرَفَعَ الْمُتَوَلِّي أَمْرَهُ إلَى الْقَاضِي فَأَمَرَ الْقَاضِي بِفَسْخِهِ، وَإِجَارَتِهِ فَفَعَلَ الْمُتَوَلِّي ذَلِكَ وَحَضَرَ الْغَائِبُ فَهُوَ أَوْلَى بِدُكَّانِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ الْإِجَارَةَ، وَيَرْجِعُ بِخُلُوِّهِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيُؤْمَرُ الْمُسْتَأْجِرُ بِأَدَاءِ ذَلِكَ إنْ رَضِيَ بِهِ وَإِلَّا يُؤْمَرَ بِالْخُرُوجِ مِنْ الدُّكَّانِ (انْتَهَى) . قِيلَ: فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْخُلُوِّ فِي عِبَارَتِهِ مَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ مِنْ أَنَّهُ اسْمٌ لِمَا يَمْلِكُهُ دَافِعُ الدَّرَاهِمِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي دَفَعَ الدَّرَاهِمَ فِي مُقَابَلَتِهَا فَهُوَ نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. أَقُولُ مَا نَقَلَهُ عَنْ وَاقِعَاتِ الضَّرِيرِيِّ مِنْ ذِكْرِ لَفْظَةِ الْخُلُوِّ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا مَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ كَذِبٌ، فَإِنَّ الثِّقَاتِ مِنْ النَّقْلَةِ كَصَاحِبِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْفُصُولَيْنِ نَقَلَ عِبَارَاتِ وَاقِعَاتِ الضَّرِيرِيِّ وَلَمْ يَذْكُرَ فِيهَا لَفْظَ الْخُلُوِّ كَيْفَ، وَقَدْ ذَكَرَ الْعِرَاقِيُّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْخُلُوِّ لَمْ يَقَعْ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ التَّعَرُّضُ لَهَا؟ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا. وَقَدْ اُشْتُهِرَ نِسْبَةُ مَسْأَلَةِ الْخُلُوِّ إلَى مَذْهَبِ عَالَمِ الْمَدِينَةِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. وَالْحَالُ أَنْ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ عَنْهُ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، حَتَّى قَالَ الْبَدْرُ الْعِرَاقِيُّ إنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ التَّعَرُّضُ بِمَسْأَلَةِ الْخُلُوِّ فِيمَا أَعْلَمُ، وَإِنَّمَا فِيهَا فُتْيَا لِلْعَلَّامَةِ نَاصِرِ الدِّينِ اللَّقَّانِيِّ الْمَالِكِيِّ بَنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ، وَخَرَّجَهَا عَلَيْهِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التَّخْرِيجِ فَيُعْتَبَرُ تَخْرِيجُهُ، وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ وَقَدْ اُشْتُهِرَتْ فُتْيَاهُ فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ، وَتَلْقَاهَا عُلَمَاءُ عَصْرِهِ بِالْقَبُولِ وَهَبَّتْ عَلَيْهَا نَسِيمَاتُ الصِّبَا وَالْقَبُولِ وَلْنَذْكُرْ صُوَرَ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ وَاَللَّهُ الْهَادِي لِلصَّوَابِ. فَنَصُّ السُّؤَالِ: مَا تَقُولُ السَّادَاتُ الْعُلَمَاءُ أَئِمَّةُ الدِّينِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِي خُلُوِّ الْحَوَانِيتِ الَّذِي صَارَ عُرْفًا بَيْنَ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ وَغَيْرِهَا وَوَرِثْت النَّاسُ فِي ذَلِكَ مَالًا كَثِيرًا حَتَّى وَصَلَ خُلُوُّ الْحَانُوتِ فِي بَعْضِ الْأَسْوَاقِ أَرْبَعَمِائَةٍ دِينَارٍ ذَهَبًا جَدِيدًا؟ فَهَلْ إذَا مَاتَ شَخْصٌ وَلَهُ وَارِثٌ شَرْعِيٌّ يَسْتَحِقُّ خُلُوَّ حَانُوتِ مُوَرِّثِهِ عَمَلًا بِعُرْفِ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ أَمْ لَا وَهَلْ إذَا مَاتَ شَخْصٌ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يُخْلِفْ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ فَإِنَّهُ يُوَفِّي ذَلِكَ مِنْ خُلُوِّ حَانُوتِهِ؟ أَفْتَوْنَا مَأْجُورِينَ؟ . وَنَصُّ الْجَوَابِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَعَمْ إذَا مَاتَ شَخْصٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَمْ يُخْلِفْ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ فَإِنَّهُ يُوَفَّى مِنْ خُلُوِّ حَانُوتِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانُهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ (انْتَهَى) . ثُمَّ إنَّ حَقِيقَةَ الْخُلُوِّ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ نُورُ الدِّينِ عَلِيٌّ الْأُجْهُورِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ مِنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQشَرْحِ مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ إنَّهُ اسْمٌ لِمَا يَمْلِكُهُ دَافِعُ الدَّرَاهِمِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي دَفَعَ الدَّرَاهِمَ فِي مُقَابَلَتِهَا (انْتَهَى) . وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْمَنْفَعَةُ عِمَارَةً كَأَنْ يَكُونَ فِي الْوَقْتِ أَمَاكِنُ آيِلَةٍ إلَى الْخَرَابِ فَيُكْرِيهَا نَاظِرُ الْوَقْفِ لِمَنْ يَعْمُرُهَا وَيَكُونُ مَا صَرَفَهُ خُلُوًّا لَهُ وَيَصِيرُ شَرِيكًا لِلْوَاقِفِ بِمَا زَادَتْهُ عِمَارَتُهُ. مَثَلًا لَوْ كَانَتْ الْأَمَاكِنُ قَبْلَ الْعِمَارَةِ بِنِصْفٍ كُلَّ يَوْمٍ وَصَارَتْ بَعْدَهَا تُكْتَرَى بِثَلَاثَةِ أَنْصَافٍ فَيَكُونُ صَاحِبُ الْخُلُوِّ شَرِيكًا بِالثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ، فَإِذَا احْتَاجَتْ تِلْكَ الْمَحَلَّاتُ إلَى عِمَارَةٍ كَانَ عَلَى الْوَاقِفِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ مَثَلًا الثُّلُثُ، وَعَلَى صَاحِبِ الْخُلُوِّ الثُّلُثَانِ، أَوْ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ غَيْرَ عِمَارَةٍ كَوَقِيدِ مِصْبَاحٍ مَثَلًا وَلَوَازِمِهِ لَا خُصُوصَ الْعِمَارَةِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّ الْمَنْفَعَةَ بِهَا دُونَ غَيْرِهَا إذْ الْمُعْتَبَرُ إنَّمَا هُوَ عَوْدُ الدَّرَاهِمِ لِمَنْفَعَتِهِ فِي الْوَقْتِ، كَأَنْ يَكُونَ فِي الْوَقْفِ عِمَارَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرهَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِذْنُ فِي ذَلِكَ لِلْوَاقِفِ أَوْ لِلنَّاظِرِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِالْوَاقِفِ؛ وَأَمَّا مَا يُدْفَعُ مِنْ خُلُوِّ الْحَوَانِيتِ لِمَنْ هُوَ مُسْتَأْجِرٌ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا، فَقَدْ قَالَ فِيهِ بَعْضُهُمْ: إنَّ مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ مَلَكَهُ نَظَرًا لِكَوْنِ الْعَقْدِ صَحِيحًا فَالْمُسْتَأْجِرُ قَدْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ، وَحِينَئِذٍ فَلَهُ أَخْذُ الْخُلُوِّ وَيُورَثُ عَنْهُ وَأَمَّا كَوْنُهُ إجَارَةً لَازِمَةً فَهَذَا لَا نِزَاعَ فِيهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْوَاقِفَ لَمَّا يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ مَحَلًّا لِلْوَقْفِ فَيَأْتِي لَهُ إنَاسٌ يَدْفَعُونَ لَهُ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ شَخْصٍ مَحَلٌّ مِنْ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُرِيدُ الْوَاقِفُ بِنَاءَهَا فَإِذَا قَبِلَ مِنْهُمْ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ فَكَأَنَّهُ بَاعَهُمْ تِلْكَ الْحِصَّةَ بِمَا دَفَعُوهُ لَهُ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ جُزْءًا مِنْ تِلْكَ الْحِصَّةِ الَّتِي لِكُلٍّ، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ وَظَّفَ عَلَيْهِمْ كُلَّ شَهْرٍ كَذَا فَلَيْسَ لِلْوَاقِفِ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ تَصَرُّفٌ إلَّا بِقَبْضِ الْحِصَّةِ الْمُوَظَّفَةِ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَجِّهَهُ لِغَيْرِهِ، وَكَأَنَّ رَبَّ الْخُلُوِّ صَارَ شَرِيكًا لِلْوَاقِفِ فِي تِلْكَ الْحِصَّةِ. وَشُرُوطُ صِحَّةِ الْخُلُوِّ أَنْ يَكُونَ مَا بَذَلَ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَائِدًا عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ بِأَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا فِيهِ فَمَا يُفْعَلُ الْآنَ مِنْ أَخْذِ النَّاظِرِ الدَّرَاهِمَ مِمَّنْ فِي يَدِهِ الْخُلُوُّ، وَيَصْرِفُهَا فِي مَصَالِحِ نَفْسِهِ هُوَ بِحَيْثُ لَا يَعُودُ عَلَى الْوَقْفِ مِنْهَا شَيْءٌ وَيُجْعَلُ لِدَافِعِهَا خُلُوًّا فِي الْوَقْفِ. فَهَذَا الْخُلُوُّ غَيْرُ صَحِيحٍ وَيَرْجِعُ الدَّافِعُ بِدَرَاهِمِهِ عَلَى النَّاظِرِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ لِلْوَقْفِ رَيْعٌ يُعْمَرُ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ يَفِي بِعِمَارَتِهِ وَمَصَارِيفِهِ كَأَوْقَافِ الْمُلُوكِ الْكَثِيرَةِ الرَّيْعِ صُرِفَ مِنْهُ عَلَى مَصَالِحِهِ وَمَنَافِعِهِ، وَلَا يَصِحُّ فِيهِ حِينَئِذٍ خُلُوٌّ. فَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ كَانَ بَاطِلًا وَلِلْمُسْتَأْجِرِ الرُّجُوعُ عَلَى النَّاظِرِ بِمَا دَفَعَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّهُ يُنْزَعْ مِنْهُ عَلَى شَرْطٍ، وَلَمْ يَتِمَّ لِظُهُورِ عَدَمِ صِحَّةِ خُلُوِّهِ، وَأَنْ يُثْبِتَ ذَلِكَ الصَّرْفَ عَلَى مَنَافِعِ الْوَقْفِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَلَوْ صَدَّقَهُ النَّاظِرُ عَلَى الصَّرْفِ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتٍ

فَيَنْبَغِي الْجَوَازُ، وَأَنَّهُ لَوْ نَزَلَ لَهُ وَقَبَضَ مِنْهُ الْمَبْلَغَ ثُمَّ أَرَادَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا ظُهُورِ عِمَارَةٍ إنْ كَانَتْ هِيَ الْمَنْفَعَةَ فَلَا عِبْرَةَ بِهَذَا التَّصْدِيقِ؛ لِأَنَّ النَّاظِرَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي مُصْرَفِ الْوَقْفِ حَيْثُ كَانَ لِذَلِكَ الْوَقْفِ شَاهِدٌ. وَفَائِدَةُ الْخُلُوِّ أَنَّهُ كَالْمِلْكِ فَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ مِنْ بَيْعٍ، وَإِجَارَةٍ وَهِبَةٍ وَرَهْنٍ وَوَفَاءِ دَيْنٍ، وَإِرْثٍ وَوَقْفٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْأَخِيرِ. وَهَذِهِ الْأُمُورُ تُؤْخَذُ مِنْ فَتْوَى النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ حَيْثُ جَعَلَهُ كَالْمِلْكِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ تَعَدُّدِ الْخَلَوَاتِ إذْ الْمِلْكُ يَتَعَدَّدُ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ هَذَا كُلِّهِ الْعَلَّامَةُ شِهَابُ الدِّينِ أَحْمَدُ الشُّهُورِيُّ الْمَالِكِيُّ فَأَجَابَ بِمَا لَفْظُهُ: الْخَلَوَاتُ الشَّرْعِيَّةُ يَصِحُّ وَقْفُهَا وَيَكُونُ لَازِمًا مُبْرَمًا مَعَ شُرُوطِ اللُّزُومِ كَالْجَوَازِ وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ كَالدَّيْنِ كَوَقْفِ صَحِيحِ الْإِمْلَاكِ. وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِذَلِكَ وَرَهْنُهُ، وَإِجَارَتُهُ وَعَارِيَّتُهُ وَالْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ، كُلُّ ذَلِكَ صَحِيحٌ، وَلِوَاقِفِهِ أَنْ يَجْعَلَهُ مُؤَبَّدًا أَوْ مُوَقِّتًا عَلَى مُعَيَّنٍ فَقَطْ أَوْ عَلَيْهِ وَعَلَى ذُرِّيَّتِهِ أَوْ عَلَى جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ الْخَيْرِ كَوُقُودِ مِصْبَاحٍ وَتَفْرِيقِ خُبْزٍ وَتَسْبِيلِ مَاءٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، مِمَّا يَنُصُّ عَلَيْهِ الْوَاقِفُ وَيَرَاهُ، وَيَشْتَرِطُ فِيهِ، مِمَّا يَجُوزُ لَهُ اشْتِرَاطُهُ مِنْ الْأُمُورِ الْجَائِزَةِ كُلُّ ذَلِكَ عَمَلًا بِمَا أَفْتَى بِهِ خَاتِمَةُ الْمُحَقِّقِينَ أَعْلَمُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ الشَّيْخُ نَاصِرُ الدِّينِ اللَّقَانِيُّ فِي جَوَابِ مَا سُئِلَ عَنْهُ (انْتَهَى) . وَخَالَفَ الْعَلَّامَةُ الْأُجْهُورِيُّ فِي صِحَّةِ وَقْفِ الْخُلُوِّ، وَقَالَ بِبُطْلَانِهِ، وَأَمَّا أُجْرَتُهُ فَصَحَّحَ وَقْفَهَا، لَكِنَّ الَّذِي شَاعَ وَذَاعَ وَمَلَأَ الْأَرْضَ وَالْبِقَاعَ وَأَكَبَّ النَّاسُ عَلَى مُقْتَضَاهُ وَالْعَمَلِ بِمَضْمُونِهِ وَفَحْوَاهُ مَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الشُّهُورِيُّ مِنْ صِحَّةِ وَقْفِ الْخُلُوِّ، وَجَرَى بِهِ الْعَمَلُ كَثِيرًا فِي سَائِرِ الْمَمَالِكِ، سِيَّمَا فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ صِحَّتَهُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ، لِمَا يَلْزَمُ عَلَى الْحُكْمِ بِبُطْلَانِهِ مِنْ ضَيَاعِ أَمْوَالِ النَّاسِ وَتَفَاقُمِ الْأَمْرِ بَيْنَهُمْ وَكَثْرَةِ الْخِصَامِ الْمُؤَدِّي لِلتَّقَاطُعِ وَالتَّدَابُرِ الْمُنَافِيَيْنِ لِأُخُوَّةِ الْإِسْلَامِ، فَهَذَا مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفْتَى بِالْبُطْلَانِ لِمَا عَلِمْتَهُ سِيَّمَا إنْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى خَيْرَاتٍ كَتَفْرِقَةِ خُبْزٍ وَتَسْبِيلِ مَاءٍ وَوَفَاءِ دَيْنٍ، وَإِعَانَةٍ عَلَى حَجٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْبِرِّ وَالْقُرَبِ، إذْ بِبُطْلَانِهِ يَبْطُلُ مَا ذُكِرَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. هَذَا خُلَاصَةُ مَا حَرَّرَهُ بَعْضُ فُضَلَاءِ الْمَالِكِيَّةِ فِي تَأْلِيفٍ مُسْتَقِلٍّ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى أَقْوَمِ الْمَسَالِكِ. وَإِنَّمَا أَطَلْنَا الْكَلَامَ فِي هَذَا الْمَقَامِ لِكَثْرَةِ دَوْرَانِ الْخُلُوِّ بَيْنَ الْأَنَامِ، وَاحْتِيَاجِ كَثِيرٍ مِنْ الْقُضَاةِ إلَيْهَا، وَابْتِنَاءِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ عَلَيْهَا خُصُوصًا قُضَاةَ الْأَرْوَامِ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ شُعُورٌ وَلَا إلْهَامٌ. قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي الْجَوَازُ وَأَنَّهُ إلَخْ: قِيلَ عَلَيْهِ: كَيْفَ يَنْبَغِي الْجَوَازُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ

الرُّجُوعَ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَّا رِشْوَةٌ. وَالْعُرْفُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِخِلَافِهِ نَصٌّ وَالْإِلْزَامُ تَحْلِيلُ مَا تَعَارَفَهُ الْعَوَامُّ وَبَعْضُ الْخَوَاصِّ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. وَقِيلَ عَلَيْهِ أَيْضًا: الْعَجَبُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ فِيمَا سَيَأْتِي إنَّ الْحُقُوقَ الْمُجَرَّدَةَ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا وَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ عَدَمَ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْوَظَائِفِ بِالْأَوْقَافِ. وَلَقَدْ رَأَيْت كَثِيرًا مِنْ الْمَوَالِي مُجْمِعِينَ عَلَى جَوَازِ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الْمَقَامِ؛ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ فِي أَمْثَالِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ غَيْرُ مُثْبِتٍ فَلَا مُعْتَبَرَ بِقَوْلِهِ (انْتَهَى) . وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: قَدْ قَالُوا فِي النُّزُولِ يَنْبَغِي الْإِبْرَاءُ بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِمَنْعِ الرُّجُوعِ ثُمَّ قَالَ فِي الْحَاصِلِ: إنَّ فِي أَصْلِ صِحَّةِ النُّزُولِ نَظَرًا ظَاهِرًا، وَأُصُولُ الْمَذْهَبِ يَقْتَضِي عَدَمُ صِحَّةِ هَذَا وَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ قَاسِمٌ الْحَنَفِيُّ بِجَوَازِهِ كَمَا حَكَاهُ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رِسَالَةٍ لَهُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ نَظْمِ دُرَرِ الْبِحَارِ فِي بَابِ الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ الْكِبَارِ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُحْكَمَ بِصِحَّةِ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ الدِّينِيَّةِ قِيَاسًا عَلَى تَرْكِ الْمَرْأَةِ قِسْمَهَا لِصَاحِبَتِهَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا مُجَرَّدُ إسْقَاطٍ (انْتَهَى) . قُلْت: لَمْ يَتَعَرَّضْ الشَّيْخُ الْعَيْنِيُّ لِبَيَانِ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْإِسْقَاطِ وَقَدْ اسْتَخْرَجَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا نُورُ الدِّينِ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ صِحَّةَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالرَّمْزِ شَرْحِ نَظْمِ الْكَنْزِ مِنْ فَرْعٍ ذَكَرَهُ السَّرَخْسِيُّ فِي مَبْسُوطِهِ، وَهُوَ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ لِشَخْصٍ وَبِخِدْمَتِهِ لِآخَرَ لَوْ قُطِعَ طَرَفُهُ أَوْ شُجَّ مُوضِحَةً فَأُدِّيَ الْأَرْشُ فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ تُنْقِصُ الْخِدْمَةَ شَرَى بِهِ عَبْدًا آخَرَ يَخْدُمُهُ أَوْ يُضَمُّ إلَى ثَمَنِ الْعَبْدِ بَعْدَ بَيْعِهِ فَيَشْتَرِي بِهِ عَبْدًا؛ لِيَقُومَ مَقَامَ الْأَوَّلِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي بَيْعِهِ لَمْ يُبَعْ، وَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى قِسْمَةِ الْأَرْشِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَلَهُمَا ذَلِكَ. وَلَا يَكُونُ مَا يَسْتَوْفِيهِ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ مِنْ الْأَرْشِ بَدَلَ الْخِدْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاعْتِيَاضَ عَنْهَا، وَلَكِنَّهُ إسْقَاطٌ لِحَقِّهِ كَمَا لَوْ صَالَحَ مُوصًى لَهُ بِالرَّقَبَةِ عَلَى مَالٍ لِيُسَلِّمَ الْعَبْدَ لَهُ (انْتَهَى) . قَالَ فَرُبَّمَا يَشْهَدُ هَذَا لِلنُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ بِمَالٍ (انْتَهَى) . فَلْيُحْفَظْ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ جِدًّا وَذَكَرَ الشَّمْسُ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّهُ أَفْتَى بِحِلِّ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَقْسَامِ الْجَعَالَةِ فَيَسْتَحِقُّهُ النَّازِلُ وَيَسْقُطُ حَقُّهُ، وَإِنْ لَمْ يُقْرِرْ النَّاظِرُ الْمَنْزُولُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (انْتَهَى) . ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْجَعَالَةِ.

وَقَدْ اعْتَبَرُوا عُرْفَ الْقَاهِرَةِ فِي مَسَائِلَ؛ مِنْهَا مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ دُخُولِ السُّلَّمِ فِي الْبَيْتِ الْمَبِيعِ فِي الْقَاهِرَةِ دُونَ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ بُيُوتَهُمْ طَبَقَاتٌ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا إلَّا بِهِ. وَقَدْ تَمَّتْ الْقَوَاعِدُ الْكُلِّيَّةُ وَهِيَ سِتٌّ: الْأُولَى: لَا ثَوَابَ إلَّا بِالنِّيَّةِ. الثَّانِيَةُ: الْأُمُورُ بِمَقَاصِدِهَا. الثَّالِثَةُ: الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ. الرَّابِعَةُ: الْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ. الْخَامِسَةُ: الضَّرَرُ يُزَالُ. السَّادِسَةُ: الْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ. وَالْآنَ نَشْرَعُ فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْقَوَاعِدِ فِي قَوَاعِدَ كُلِّيَّةٍ يَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا مَا لَا يَنْحَصِرُ مِنْ الصُّوَرِ الْجُزْئِيَّةِ، وَدَلِيلُهَا الْإِجْمَاعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَدْ اعْتَبَرُوا عُرْفَ الْقَاهِرَةِ إلَخْ. قِيلَ: لَيْسَ النَّظَرُ فِيمَا ذَكَرَ بِمُجَرَّدِ الْعُرْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ لَهُ حَيْثُ كَانَ خَاصًّا عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنَّمَا النَّظَرُ لِكَوْنِ السُّلَّمِ كَالْمَشْرُوطِ فِي جُمْلَةِ الْمَبِيعِ كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ بِعْتُك الْبَيْتَ بِسُلَّمِهِ تَأَمَّلْ.

[النوع الثاني من القواعد]

الْقَاعِدَةُ الْأُولَى: الِاجْتِهَادُ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ 1 - وَقَدْ حَكَمَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مَسَائِلَ، وَخَالَفَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيهَا، وَلَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ وَعِلَّتُهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ الِاجْتِهَادُ الثَّانِي بِأَقْوَى مِنْ الْأَوَّلِ 2 - وَأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ لَا يَسْتَقِرَّ حُكْمٌ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ. 3 - وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فِي الْهِدَايَةِ: لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ الثَّانِيَ كَالِاجْتِهَادِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْقَوَاعِدِ] [الْقَاعِدَةُ الْأُولَى الِاجْتِهَادُ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ] قَوْلُهُ: وَقَدْ حَكَمَ أَبُو بَكْرٍ فِي مَسَائِلِهِ إلَخْ. وَقَدْ صَحَّ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِمَا كَثُرَ اشْتِغَالُهُ قَلَّدَ الْقَضَاءَ أَبَا الدَّرْدَاءِ، وَاخْتَصَمَ إلَيْهِ رَجُلَانِ فَقَضَى لِأَحَدِهِمَا ثُمَّ أَتَى الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَسَأَلَهُ عَنْ حَالِهِ فَقَالَ قَضَى عَلَيَّ فَقَالَ لَهُ: لَوْ كُنْت أَنَا مَكَانَهُ لَقَضَيْت لَك فَقَالَ لَهُ: مَا يَمْنَعُك عَنْ الْقَضَاءِ فَقَالَ لَهُ: لَيْسَ هُنَاكَ نَصٌّ وَالرَّأْيُ مُشْتَرَكٌ يَعْنِي وَلَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِ الرَّأْيَيْنِ عَلَى الْآخَرِ. (2) قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ لَا يَسْتَقِرَّ حُكْمٌ. لِأَنَّهُ لَوْ نُقِضَ بِهِ لَنُقِضَ النَّقْضُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مَا مِنْ اجْتِهَادٍ إلَّا وَيَجُوزُ أَنْ يَتَغَيَّرَ وَيَتَسَلْسَلَ، وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ، وَمِنْ ثَمَّ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ حُكْمُ الْحَاكِمِ فِي الْمَسَائِلِ الْمُجْتَهَدِ فِيهَا، وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْمُصِيبَ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ. (3) قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فِي الْهِدَايَةِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: كَيْفَ يَكُونُ أَوْلَى مِمَّا فِي الْهِدَايَةِ مَعَ أَنَّ فِي الْهِدَايَةِ مَا زَعَمْت أَنَّهُ يَكْفِي. وَزِيَادَةُ تَرْجِيحٍ وَهُوَ اتِّصَالُ الْقَضَاءِ بِهِ إذْ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ رُبَّمَا يَكُونُ مَعَ شَيْءٍ كَانَ فِي وَقْتِهِ، وَغُيِّبَ عَنْ الْفَاعِلِ بَعْدَهُ إنْ كَانَ الْمُجْتَهِدُ الثَّانِي هُوَ الْأَوَّلَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ غَيْرَهُ فَالْأَمْرُ أَظْهَرُ. عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ السَّبْقِ لَا يُظْهِرُ كَوْنُهُ مُرَجَّحًا، أَلَا تَرَى أَنَّ فِي الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ يُعْمَلُ بِالثَّانِي وَلَا يُنْظَرُ إلَى سَبَقَ الْأَوَّلِ بَلْ، وَلَا إلَى الْعَمَلِ بِهِ (انْتَهَى) . وَقِيلَ: إنَّ كَلَامَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ رَاجِعٌ إلَيْهِ بِنَوْعِ عِنَايَةٍ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى ذَوِي الدِّرَايَةِ.

[فروع على قاعدة الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد]

الْأَوَّلِ، وَقَدْ تَرَجَّحَ الْأَوَّلُ بِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهِ فَلَا يُنْقَضُ بِمَا هُوَ دُونَهُ (انْتَهَى) . 4 - لِأَنَّهُ يَكْفِي بِأَنَّ الثَّانِيَ كَالْأَوَّلِ 5 - وَلَا حَاجَةَ إلَى تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ بِغَيْرِ السَّبْقِ مَعَ مَا أَوْرَدَهُ فِي الْعِنَايَةِ عَلَى قَوْلِهِ: إنَّ الْأَوَّلَ تَرَجَّحَ بِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِأَنَّهُ تَرْجِيحٌ لِلْأَصْلِ بِفَرْعِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقَضَاءِ رَأْيُ الْمُجْتَهِدِ فَكَيْفَ يَتَرَجَّحُ بِالْقَضَاءِ. وَإِنْ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْفَرْعَ يُرَجَّحُ أَصْلُهُ مِنْ حَيْثُ بَقَاؤُهُ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مِنْهُ، فَالشَّيْئَانِ إذَا تَسَاوَيَا فِي الْقُوَّةِ، وَكَانَ لِأَحَدِهِمَا فَرْعٌ فَإِنَّهُ يَتَرَجَّحُ عَلَى مَا لَا فَرْعَ لَهُ إلَى آخِرِهِ. 6 - وَمِنْ فُرُوعِ ذَلِكَ لَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فِي الْقِبْلَةِ 7 - عَمِلَ بِالثَّانِي حَتَّى لَوْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ إلَى أَرْبَعِ جِهَاتٍ بِالِاجْتِهَادِ فَلَا قَضَاءَ. وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِيمَا لَوْ صَلَّى رَكْعَةً بِالتَّحَرِّي إلَى جِهَةٍ ثُمَّ تَغَيَّرَ إلَى أُخْرَى ثُمَّ عَادَ إلَى الْأُولَى. وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الشَّرْحِ، وَذَكَرَ فِيهِ اخْتِلَافًا فِي الْخُلَاصَةِ، مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَسْتَقْبِلُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَسْتَقْبِلُ (انْتَهَى) وَمِنْهَا لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِرَدِّ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ ثُمَّ تَابَ فَأَعَادَهَا لَمْ تُقْبَلْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي بِأَنَّ الثَّانِيَ كَالْأَوَّلِ، تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: وَهَذَا أَوْلَى. وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ بِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهِ مُسْتَدْرَكٌ، وَالتَّرْجِيحُ حَاصِلٌ بِالسَّبْقِ. (5) قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ إلَى تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ إلَخْ: نَعَمْ وَلَكِنْ لَا ضَرَرَ بِهِ. [فُرُوعٌ عَلَى قَاعِدَةِ الِاجْتِهَادُ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ] [تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فِي الْقِبْلَةِ] (6) . قَوْلُهُ: وَمِنْ فُرُوعِ ذَلِكَ اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِلْقَاعِدَةِ وَذَكَرَهُ بِتَأْوِيلِهَا بِالْأَصْلِ الْمَذْكُورِ. (7) قَوْلُهُ: عَمِلَ بِالثَّانِي: يَعْنِي وَلَا يَكُونُ سَبْقُ الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ مُرَجِّحًا لَهُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى لَوْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ إلَخْ. وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ قَرِيبًا وَلَا حَاجَةَ إلَى تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ بِغَيْرِ السَّبْقِ فَتَأَمَّلْ

[حكم الحاكم بشيء ثم تغير اجتهاده]

وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ قَبُولَ شَهَادَتِهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ يَتَضَمَّنُ نَقْضَ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ. وَأَصْلُهُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ: 9 - مَنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِعِلَّةٍ ثُمَّ زَالَتْ ثُمَّ ادَّعَاهَا فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا فِي أَرْبَعَةٍ: الصَّبِيِّ، وَالْعَبْدِ، وَالْكَافِرِ، وَالْأَعْمَى، (انْتَهَى) . وَمِنْهَا لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ ثَوْبَانِ أَحَدُهُمَا نَجَسٌ، فَتَحَرَّى بِأَحَدِهِمَا، وَصَلَّى ثُمَّ وَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى طَهَارَةِ الْآخَرِ لَمْ يَعْتَبِرْ الثَّانِيَ، وَعَلَى هَذَا مَسْأَلَةٌ فِي الشَّهَادَاتِ: شَهِدَتْ طَائِفَةٌ بِقَتْلِهِ يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ، وَطَائِفَةٌ بِمَوْتِهِ بِالْكُوفَةِ، بَغْتَةً: فَإِنْ قُضِيَ بِإِحْدَاهُمَا قَبْلَ حُضُورِ الْأُخْرَى لَمْ تُعْتَبَرْ الثَّانِيَةُ لِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهَا. وَمُقْتَضَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ تَحَرَّى، وَظَنَّ طَهَارَةَ أَحَدِ الْإِنَاءَيْنِ فَاسْتَعْمَلَهُ وَتَرَكَ الْآخَرَ ثُمَّ تَغَيَّرَ ظَنُّهُ لَا يَعْمَلُ بِالثَّانِي بَلْ يَتَيَمَّمُ، وَلَكِنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ التَّحَرِّي فِي الْإِنَاءَيْنِ. وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ قُبَيْلَ التَّيَمُّمِ لَوْ كَانَا إنَاءَيْنِ. يُرِيقُهُمَا وَيَتَيَمَّمُ اتِّفَاقًا (انْتَهَى) [حَكَمَ الْحَاكِمُ بِشَيْءٍ ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ] 10 - وَمِنْهَا لَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِشَيْءٍ، ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ لَا يُنْقَضُ الْأَوَّلُ وَيَحْكُمُ بِالْمُسْتَقْبَلِ بِمَا رَآهُ ثَانِيًا. وَمِنْهَا حُكْمُ الْقَاضِي فِي الْمَسَائِلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [حَكَمَ الْقَاضِي بِرَدِّ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ ثُمَّ تَابَ فَأَعَادَهَا] قَوْلُهُ: وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ: يُمْكِنُ التَّعْلِيلُ بِأَنَّ قَبُولَهَا فِي الْحَادِثَةِ بَعْدَ رَدِّهَا فِيهَا مَحَلُّ تُهْمَةٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَاكِمِ، فَالرَّدُّ لِسَدِّ بَابِ التُّهْمَةِ، وَحَسْمِ مَادَّةِ إسَاءَةِ الظَّنِّ بِهِ فَتَأَمَّلْ. (9) قَوْلُهُ: مَنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِعِلَّةٍ إلَخْ. جَعَلَ ابْنُ الْهُمَامِ مِنْ ذَلِكَ الزَّوْجَ إذَا شَهِدَ لِزَوْجَتِهِ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ ثُمَّ زَالَتْ الزَّوْجِيَّةُ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهَا. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَدْ سَبَقَ قَلَمٌ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ كَانَ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ الْأُولَى لِامْرَأَتِهِ ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ رُدَّتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا تُقْبَلُ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَدًا [كَانَ لِرَجُلٍ ثَوْبَانِ أَحَدُهُمَا نَجَسٌ فَتَحَرَّى بِأَحَدِهِمَا وَصَلَّى ثُمَّ وَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى طَهَارَةِ الْآخَرِ] (10) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا لَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِشَيْءٍ ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ إلَخْ. رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَضَى فِي حَادِثَةٍ بِقَضِيَّةٍ ثُمَّ قَضَى فِيهَا بِخِلَافِ ذَلِكَ فَقِيلَ فِي ذَلِكَ

[يستثنى من قاعدة الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد مسألتين]

الِاجْتِهَادِيَّةِ لَا يُنْقَضُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ: إذَا رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمُ حَاكِمٍ أَمْضَاهُ إنْ لَمْ يُخَالِفْ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَالْإِجْمَاعَ. وَقَدْ بَيَّنَّا شُرُوطَ الْقَضَاءِ وَمَعْنَى الْإِمْضَاءِ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَكَتَبْنَا الْمَسَائِلَ الْمُسْتَثْنَاةَ فِي النَّوْعِ الثَّانِي. [يُسْتَثْنَى مِنْ قَاعِدَةِ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ مَسْأَلَتَيْنِ] ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ بَعْضَهُمْ اسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ، أَعْنِي الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ مَسْأَلَتَيْنِ: 11 - أَحَدُهُمَا نَقْضُ الْقِسْمَةِ إذَا ظَهَرَ فِيهَا غَبْنٌ فَاحِشٌ، فَإِنَّهَا وَقَعَتْ بِالِاجْتِهَادِ فَكَيْفَ يُنْقَضُ بِمِثْلِهِ؟ 12 - وَالْجَوَابُ أَنَّ نَقْضَهَا لِفَوَاتِ شَرْطِهَا فِي الِابْتِدَاءِ، وَهُوَ الْمُعَادَلَةُ فَظَهَرَ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ صَحِيحَةً مِنْ الِابْتِدَاءِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ ظَهَرَ خَطَأُ الْقَاضِي بِفَوْتِ شَرْطٍ فَإِنَّهُ يُنْقَضُ قَضَاؤُهُ، وَالثَّانِيَةُ: إذَا رَأَى الْإِمَامُ شَيْئًا ثُمَّ مَاتَ أَوْ عُزِلَ 13 - فَلِلثَّانِي تَغْيِيرُهُ حَيْثُ كَانَ مِنْ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَقَالَ: تِلْكَ كَمَا قَضَيْنَا، وَهَذِهِ كَمَا نَقْضِي (انْتَهَى) . وَقَدْ جَرَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ الْعُمْرِيَّةُ مَجْرَى الْمَثَلِ. [حُكْمُ الْقَاضِي فِي الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ لَا يُنْقَضُ] (11) قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا. نَقْضُ الْقِسْمَةِ إذَا ظَهَرَ فِيهَا غَبْنٌ إلَخْ. قِيلَ: مَحَلُّ سَمَاعِ دَعْوَى الْغَبْنِ مَا لَمْ يُقِرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ، ثُمَّ إذَا ظَهَرَ غَبْنٌ فَاحِشٌ فِي الْقِسْمَةِ فَإِنْ كَانَتْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بَطَلَتْ عِنْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْقَاضِي مُفِيدٌ بِالْعَدْلِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَلَوْ وَقَعَتْ بِالتَّرَاضِي يَبْطُلُ فِي الْأَصَحِّ وَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ. ذَلِكَ وَالْفَاحِشُ هُوَ الَّذِي لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُتَقَوِّمِينَ. (12) قَوْلُهُ: وَالْجَوَابُ أَنَّ نَقْضَهَا إلَخْ. حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَاعِدَةِ أَنَّ الِاجْتِهَادَ الْمُسْتَوْفِي شُرُوطَهُ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ. (13) قَوْلُهُ: فَلِلثَّانِي تَغْيِيرُهُ إلَخْ: قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاء: رُبَّمَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ

[تنبيهات]

وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا حُكْمٌ يَدُورُ مَعَ الْمَصْلَحَةِ، فَإِذَا رَآهَا الثَّانِي وَجَبَ اتِّبَاعُهَا. تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ: كَثُرَ فِي زَمَانِنَا، وَقَبْلَهُ أَنَّ الْمُوَثِّقِينَ يَكْتُبُونَ عَقِبَ الْوَاقِعَةِ عِنْدَ الْقَاضِي مِنْ بَيْعٍ وَنِكَاحٍ، وَإِجَارَةٍ وَوَقْفٍ، وَإِقْرَارٍ وَحُكْمٍ بِمُوجِبِهِ. فَهَلْ يُمْنَعُ النَّقْضُ لَوْ رُفِعَ إلَى آخَرَ؟ 15 - فَأَجَبْت مِرَارًا بِأَنَّهُ إنْ كَانَ فِي حَادِثَةٍ خَاصَّةٍ بِهِ وَدَعْوَى صَحِيحَةٍ مِنْ خَصْمٍ عَلَى خَصْمٍ يَمْنَعُهُ، وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ حُكْمًا صَحِيحًا تَمَسُّكًا بِمَا ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ وَتَبِعَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْكَرْدَرِيُّ فِي فَتَاوَى الْبَزَّازِيَّةِ وَالْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ أَنَّ شَرْطَ نَفَاذِ الْقَضَاءِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ أَنْ يَكُونَ فِي حَادِثَةٍ وَدَعْوَى صَحِيحَةٍ. فَإِنْ فَاتَ هَذَا الشَّرْطُ كَانَ فَتْوَى لَا حُكْمًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ الْجَلَالِ السُّيُوطِيِّ فِي حِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ: أَنَّ الْإِمَامَ إذَا هَدَمَ الْكَنِيسَةَ لَا تُعَادُ فَتَأَمَّلْ. (14) قَوْلُهُ: وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا حُكْمٌ إلَخْ، حَاصِلُهُ تَقْيِيدُ الْقَاعِدَةِ بِعَدَمِ الْمَصْلَحَةِ بِمَعْنَى أَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ إلَّا إذَا اشْتَمَلَ النَّقْضُ عَلَى مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ. [تَنْبِيهَاتٌ] [الْمُوَثِّقِينَ يَكْتُبُونَ عَقِبَ الْوَاقِعَةِ عِنْدَ الْقَاضِي] (15) قَوْلُهُ: فَأَجَبْت مِرَارًا بِأَنَّهُ إنْ كَانَ فِي حَادِثَةٍ إلَخْ: قِيلَ عَلَيْهِ: لَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ وَيُجْعَلُ مُمْتَنِعَ النَّقْضِ إذَا صَدَرَ مِنْ الْحَاكِمِ عَنْ دَعْوَى عَلَى خَصْمٍ، وَهَذَا لَازِمٌ فِيمَا صَرَّحَ الْحَاكِمُ بِهِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ حَكَمْت بِبُطْلَانِ هَذَا الْبَيْعِ أَوْ صِحَّتِهِ. وَلَكِنَّ الْكَلَامَ فِي قَوْلِهِ حَكَمْت بِمُوجِبِ هَذَا الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ الْمُوجِبَ حَتَّى إذَا كَانَ مُوجِبُهُ الْفَسَادَ كَانَ حُكْمًا بِالْفَسَادِ، وَإِنْ كَانَ مُوجِبُهُ الصِّحَّةَ كَانَ حُكْمًا بِالصِّحَّةِ. وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ وَلَا حَرَّرَهُ فَلَا يُفِيدُ التَّمَسُّكَ بِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ بَعْدَهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حُكْمًا إلَّا بَعْدَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْحُكْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ إذَا لَمْ يَجُزْ الْحُكْمُ الْمُعَيَّنُ أَعْنِي الْبُطْلَانَ أَوْ الصِّحَّةَ مَثَلًا بِلَا تَقَدُّمِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ، وَجَوَابٍ بِإِنْكَارٍ وَهُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْعِمَادِيِّ فَعَدَمُ الْجَوَازِ فِيمَا إذَا كَانَ مَا حَكَمَ بِهِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَمَا فِي مَبْحَثِنَا، وَهُوَ الْحُكْمُ بِمُوجِبِ الْعَقْدِ أَوْلَى وَأَظْهَرُ فَلْيُتَدَبَّرْ.

[قال الموثق وحكم بموجبه حكما صحيحا فهل يكتفي به]

وَزَادَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ أَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ. وَقَالَ لَوْ قَضَى شَافِعِيٌّ بِمُوجِبِ بَيْعِ الْعَقَارِ لَا يَكُونُ قَضَاءً بِأَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ، وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي حَنَفِيًّا لَا يَكُونُ قَضَاءً بِأَنَّ الشُّفْعَةَ لِلْجَارِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفُرُوعِ، وَمَشَى عَلَيْهِ ابْنُ الْغَرْسِ وَأَوْضَحَهُ بِأَمْثِلَةٍ. الثَّانِي: لَوْ قَالَ الْمُوَثِّقُ، وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِ حُكْمًا صَحِيحًا مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ الشَّرْعِيَّةَ. فَهَلْ يَكْتَفِي بِهِ؟ 17 - فَأَجَبْت مِرَارًا بِأَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ تِلْكَ الْحَادِثَةِ وَالدَّعْوَى وَكَيْفِيَّةِ الْحُكْمِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ. 18 - وَلَوْ كَتَبَ فِي السِّجِلِّ: ثَبَتَ عِنْدِي بِمَا تَثْبُتُ بِهِ الْحَوَادِثُ الْحُكْمِيَّةُ أَنَّهُ كَذَا. لَا يَصِحُّ مَا لَمْ يُبَيِّنْ الْأَمْرَ عَلَى التَّفْصِيلِ، ثُمَّ قَالَ، وَحَكَى أَنَّهُ لَمَّا اسْتَقْصَى قَاضِي عَنْبَسَةَ بِبُخَارَى كَانَ يَكْتُبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَزَادَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ إلَخْ: وَعِبَارَتُهُ الْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ تَقَدُّمِ دَعْوَى لِصِحَّةِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ. [قَالَ الْمُوَثِّقُ وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِ حُكْمًا صَحِيحًا فَهَلْ يَكْتَفِي بِهِ] (17) قَوْلُهُ: فَأَجَبْت مِرَارًا بِأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِهِ: قِيلَ عَلَيْهِ: الْمَعْرُوفُ عَنْ كَثِيرِ مِنْ مَشَايِخِنَا أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِهِ؛ لِتَصْرِيحِ عُلَمَائِنَا فِي مَوَاضِعَ شَتَّى أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يُحْمَلُ عَلَى السَّدَادِ مَا أَمْكَنَ، وَأَنَّ قَوْلَ الْمُوَثِّقِ حَكَمَ حُكْمًا صَحِيحًا مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ يَنْتَظِمُ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ صُدُورِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ مِنْ مُدَّعٍ عَلَى مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَكُتُبُ الْمَذْهَبِ نَاطِقَةٌ بِذَلِكَ فَرَاجِعْ مِنْهَا مَا شِئْت تَجِدُهُ مُطَابِقًا لِمَا ذَكَرْنَا (انْتَهَى) . وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ: أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي الْعَدْلِ لَا يُتَعَقَّبُ وَيُحْمَلُ حَالُهُ عَلَى السَّدَادِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (انْتَهَى) . (18) قَوْلُهُ: وَلَوْ كُتِبَ فِي السِّجِلِّ، هُوَ الَّذِي يُسَمَّى فِي زَمَانِنَا الْحُجَّةَ الَّتِي تَكُونُ فِي يَدِ الْمُدَّعِي. وَقَالَ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ:: السِّجِلُّ الْحُجَّةُ الَّتِي فِيهَا حُكْمُ الْقَاضِي، لَكِنْ هَذَا فِي عُرْفِهِمْ، وَفِي عُرْفِنَا: كِتَابٌ كَبِيرٌ يُضْبَطُ فِيهِ وَقَائِعُ النَّاسِ، وَمَا يَحْكُمُ بِهِ الْقَاضِي، وَمَا يَكْتُبُ عَلَيْهِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْحُجَّةُ قَوْلُهُمْ: لِأَنَّ السِّجِلَّ يُرَدُّ مِنْ مِصْرٍ إلَى مِصْرٍ وَلَا يُرَدُّ مِنْ مِصْرٍ إلَى مِصْرٍ إلَّا الْحُجَّةُ.

الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ فِي مَحَاضِرِهِمْ لَا، فَأَوْرَدُوا عَلَيْهِ أَجْوِبَتَهُ فِي سِجِلَّاتٍ كُتِبَتْ بِتِلْكَ النُّسْخَةِ بِعَيْنِهَا بِنَعَمْ؛ فَقَالَ: إنَّكُمْ لَا تُفَسِّرُونَ الشَّهَادَةَ، وَقَبْلَك الْقَاضِي عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ وَقَبْلَهُ شَيْخُنَا أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ، وَكَانَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمَا؛ فَأَمَّا أَنْتَ وَأَمْثَالُك لَا تَثِقُ بِالْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَةِ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّفْسِيرِ. وَعَنْ السَّيِّدِ الْإِمَامِ أَبِي شُجَاعٍ قَالَ: كُنَّا نَتَسَاهَلُ فِي ذَلِكَ كَمَشَايِخِنَا حَتَّى طَالَبْتُهُمْ بِتَفْسِيرِ الشَّهَادَةِ فَلَمْ يَأْتُوا بِهَا صَحِيحَةً فَتَحَقَّقَ عِنْدِي أَنَّ الصَّوَابَ هُوَ الِاسْتِفْسَارُ (انْتَهَى) . وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ كِتَابِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ: الْأَصْلُ فِي الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ أَنْ يُبَالَغَ فِي الذِّكْرِ وَالْبَيَانِ بِالصَّرِيحِ، وَلَا يُكْتَفَى بِالْإِجْمَالِ حَتَّى قِيلَ: لَا يُكْتَفَى فِي الْمَحَاضِرِ بِأَنْ يَكْتُبَ حَضَرَ فُلَانٌ وَأَحْضَرَ مَعَهُ فُلَانًا فَادَّعَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ، إلَى أَنْ قَالَ، وَكَذَا لَا يُكْتَفَى بِذِكْرِ قَوْلِهِ فَشَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَعْدَ الِاسْتِشْهَاد مَا لَمْ يَذْكُرْ عَقِيبَ دَعْوَى الْمُدَّعِي هَذَا، إلَى أَنْ قَالَ: وَيُكْتَبُ فِي السِّجِلِّ حُكْمُ الْقَاضِي، وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ بِتَمَامِهَا. وَلَا يُكْتَفَى بِمَا يُكْتَبُ ثَبَتَ عِنْدِي عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَثْبُتُ بِهِ الْحَوَادِثُ الْحُكْمِيَّةُ إلَى آخِرِهِ، وَحَكَى فِيهَا وَاقِعَةَ الْحَلْوَانِيِّ مَعَ قَاضِي عَنْبَسَةَ إلَى أَنْ قَالَ: وَالْمُخْتَارُ فِي هَذَا الْبَابِ 19 - أَنْ يُكْتَفَى بِهِ فِي السِّجِلَّاتِ دُونَ الْمَحَاضِرِ؛ لِأَنَّ السِّجِلَّ يُرَدُّ مَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَنْ يَكْتَفِيَ بِهِ فِي السِّجِلَّاتِ دُونَ الْمَحَاضِرِ: يُخَالِفُهُ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِ الشَّهَادَةِ فِيهِمَا كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ قُبَيْلَ بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ.

[الثالث لا فرق بين الحكم بالصحة والحكم بالموجب]

مِصْرٍ إلَى آخَرَ فَلَا يَكُونُ فِي التَّدَارُكِ حَرَجٌ (انْتَهَى) . الثَّالِثُ: 20 - أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ، وَالْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ بِاعْتِبَارِ الِاسْتِوَاءِ فِي الشَّرْطِ السَّابِقِ فَإِنْ وَقَعَ التَّنَازُعُ بَيْنَ خَصْمَيْنِ فِي الصِّحَّةِ كَانَ الْحُكْمُ بِهَا صَحِيحًا، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا تَنَازُعٌ فِيهَا فَلَا، وَكَذَا الْحُكْمُ بِالْمُوجِبِ إنْ وَقَعَ تَنَازُعٌ فِي مُوجِبٍ خَاصٍّ مِنْ مَوَاجِبِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الثَّابِتِ عِنْدَ الْقَاضِي وَوَقَعَتْ الدَّعْوَى بِشُرُوطِهَا، كَانَ حُكْمًا بِذَلِكَ الْمُوجِبِ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَلَا، فَإِذَا أَقَرَّ بِوَقْفِ عَقَارِهِ عِنْدَ الْقَاضِي، وَشَرَطَ فِيهِ شُرُوطًا وَثَبَتَ مِلْكُهُ لِمَا وَقَفَهُ وَسَلَّمَهُ إلَى نَاظِرٍ ثُمَّ تَنَازَعَا عِنْدَ قَاضٍ حَنَفِيٍّ، وَحَكَمَ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ وَلُزُومِهِ وَمُوجِبِهِ لَا يَكُونُ حُكْمًا بِالشُّرُوطِ؛ فَلَوْ وَقَعَ التَّنَازُعُ فِي شَيْءٍ مِنْ الشُّرُوطِ عِنْدَ مُخَالِفٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِمُقْتَضَى مَذْهَبِهِ، وَلَا يَمْنَعُهُ حُكْمُ الْحَاكِمِ الْحَنَفِيِّ السَّابِقِ إذْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَعَانِي الشُّرُوطِ إنَّمَا حَكَمَ بِأَصْلِ الْوَقْفِ، وَمَا تَضَمَّنَهُ مِنْ صِحَّةِ الشُّرُوطِ، فَلَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ الْحُكْمُ بِإِبْطَالِهِ بِاعْتِبَارِ اشْتِرَاطِ الْعِلَّةِ لَهُ أَوْ النَّظَرِ أَوْ الِاسْتِدْلَالِ. 21 - الرَّابِعُ: بَيَّنَّا فِي الشَّرْحِ حُكْمَ مَا إذَا حَكَمَ بِقَوْلٍ ضَعِيفٍ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الثَّالِثُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَالْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ] قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ، وَبَيْنَ الْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ بِاعْتِبَارِ الِاسْتِوَاءِ فِي الشَّرْطِ السَّابِقِ: أَيْ مِنْ صُدُورِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ مِنْ مُدَّعٍ عَلَى مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْإِجْمَالِ. وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ بِاعْتِبَارِ الِاسْتِوَاءِ فِي الشَّرْطِ السَّابِقِ أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ مُنْصَبٌّ إلَى نَفَاذِ الْعَقْدِ الصَّادِرِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ وَقْفٍ بِمُوجِبِ مَا صَدَرَ عَنْهُ، وَلَا يَسْتَدْعِي ثُبُوتَ أَنَّهُ مَالِكٌ إلَى حِينِ الْبَيْعِ أَوْ الْوَقْفِ. [الرَّابِعُ حَكَمَ بِقَوْلٍ ضَعِيفٍ فِي مَذْهَبِهِ أَوْ بِرِوَايَةٍ مَرْجُوعٍ عَنْهَا] (21) قَوْلُهُ: الرَّابِعُ بَيَّنَّا فِي الشَّرْحِ حُكْمَ مَا إذَا حَكَمَ بِقَوْلٍ ضَعِيفٍ إلَخْ: وَهُوَ أَنَّ

[السادس القضاء بخلاف شرط الواقف]

مَذْهَبِهِ أَوْ بِرِوَايَةٍ مَرْجُوعٍ عَنْهَا، وَمَا إذَا خَالَفَ مَذْهَبَهُ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا. الْخَامِسُ: مِمَّا لَا يَنْفُذُ الْقَضَاءُ بِهِ مَا إذَا قَضَى بِشَيْءٍ مُخَالِفٍ لِلْإِجْمَاعِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمَا خَالَفَ الْأَئِمَّةَ الْأَرْبَعَةَ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ خِلَافٌ لِغَيْرِهِمْ، فَقَدْ صَرَّحَ فِي التَّحْرِيرِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ عَلَى عَدَمِ الْعَمَلِ بِمَذْهَبٍ مُخَالِفٍ لِلْأَرْبَعَةِ لِانْضِبَاطِ مَذَاهِبِهِمْ وَانْتِشَارِهَا وَكَثْرَةِ أَتْبَاعِهِمْ. [السَّادِسُ الْقَضَاءُ بِخِلَافِ شَرْطِ الْوَاقِفِ] ِ كَالْقَضَاءِ بِخِلَافِ النَّصِّ لَا يَنْفُذُ 22 -؛ لِقَوْلِ الْعُلَمَاءِ: شَرْطُ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ. صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحَيْ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ وَابْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَصَرَّحَ السُّبْكِيُّ فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّ مَا خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ 23 - فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ، وَهُوَ حُكْمٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ 24 - سَوَاءٌ كَانَ نَصُّهُ فِي الْوَقْفِ نَصًّا أَوْ ظَاهِرًا، (انْتَهَى) . وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ أَصْحَابِنَا، كَمَا فِي الْهِدَايَةِ: إنَّ الْحُكْمَ إذَا كَانَ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَضَاءَ لَا يَنْفُذُ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَأَمَّا إذَا خَالَفَ مَذْهَبَهُ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا يَنْفُذُ عِنْدَ الْإِمَامِ فِي النِّسْيَانِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، وَفِي الْعَمْدِ رِوَايَتَانِ عَنْهُ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَنْفُذُ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَاخْتَلَفَتْ الْفَتْوَى، فَقِيلَ: عَلَى قَوْلِهِمَا، وَقِيلَ: عَلَى قَوْلِهِ (انْتَهَى) . وَكَذَا إذَا قَضَى بِخِلَافِ الْمُفْتَى بِهِ، كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رِسَالَةِ طَلَبِ الْيَمِينِ بَعْدَ حُكْمِ الْمَالِكِيِّ، وَالْمُرَادُ مِنْ النَّفَاذِ الصِّحَّةُ، وَمِنْ عَدَمِهِ عَدَمُهَا لَا الصِّحَّةُ مَعَ التَّوَقُّفِ. [الْخَامِسُ قَضَى بِشَيْءٍ مُخَالِفٍ لِلْإِجْمَاعِ] (22) قَوْلُهُ: لِقَوْلِ الْعُلَمَاءِ: شَرْطُ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ: قِيلَ: أَرَادَ بِهِ فِي لُزُومِ الْعَمَلِ، وَذَلِكَ أَيْضًا بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُكْمِهِ فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ إنْكَارُ بَعْضِ الْمُحَصَّلَيْنِ فِي زَمَانِنَا حَيْثُ قَالَ: هَذِهِ كَلِمَةٌ شَنِيعَةٌ غَيْرُ صَحِيحَةٍ (انْتَهَى) . (23) قَوْلُهُ: فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ: أَيْ كَالْمُخَالِفِ لِلنَّصِّ. (24) قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ نَصُّهُ نَصًّا إلَخْ: الْمُرَادُ بِالنَّصِّ أَوَّلًا الْعِبَارَةُ وَثَانِيًا بِالْمَعْنَى الْأُصُولِيِّ.

لَمْ يَنْفُذْ، وَعِبَارَتُهُ؛ أَوْ يَكُونُ قَوْلًا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْقُدُورِيِّ بَانَ إلَى آخِرِهِ، 25 - وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْوَلْوالِجِيَّة، وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَرَّرَ فَرَّاشًا لِلْمَسْجِدِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْوَاقِفِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ، وَلَا يَحِلُّ لِلْفَرَّاشِ تَنَاوُلُ الْمَعْلُومِ (انْتَهَى) . 26 - وَبِهَذَا عُلِمَ حُرْمَةُ إحْدَاثِ الْوَظَائِفِ، وَإِحْدَاثِ الْمُرَتَّبَاتِ بِالْأَوْلَى 27 -، وَإِنْ فَعَلَ الْقَاضِي، وَإِنْ وَافَقَ الشَّرْعَ نَفَذُوا لَا رَدَّ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْوَلْوالِجِيَّة إلَخْ: فَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْحِلِّ عَدَمُ النَّفَاذِ، وَالْكَلَامُ فِيهِ. (26) قَوْلُهُ: وَبِهَذَا عُلِمَ حُرْمَةُ إحْدَاثِ الْوَظَائِفِ، وَإِحْدَاثِ الْمُرَتَّبَاتِ: الْمُرَادُ بِالْوَظَائِفِ إعْطَاءُ الْمَعَالِيمِ لِلْأَشْخَاصِ فِي مُقَابَلَةِ الْخِدْمَةِ، وَبِالْمَرْتَبَاتِ إعْطَاؤُهَا لَا فِي مُقَابَلَةِ خِدْمَةٍ بَلْ لِصَلَاحِ الْمُعْطَى أَوْ عِلْمِهِ أَوْ فَقْرِهِ، وَيُسَمَّى فِي عُرْفِ الرُّومِ الزَّوَائِدَ، هَذَا وَقَدْ كَتَبَ بَعْضُ مُعَاصِرِي الْمُصَنِّفِ عَلَى قَوْلِهِ: وَبِهَذَا عُلِمَ حُرْمَةُ إحْدَاثِ الْوَظَائِفِ قَدْ حَرَّمَ بِمَقَالَتِهِ مَا فَعَلَهُ بِقَالَبِهِ وَقَلْبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُدَرِّسًا فِي صَرْغَتْمَشَ زَادَ فِيهَا عِدَّةَ وَظَائِفَ، وَلَا نَعْلَمُ لَهُ سَنَدًا فِي حِلِّهِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: الْمُعَاصَرَةُ حِجَابٌ كَثِيفٌ، سَنَدُ الْمُصَنِّفِ فِي حِلِّهِ أَنَّ وَقْفَ الْمَرْحُومِ صَرْغَتْمَشَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْوُزَرَاءِ، وَالْأُمَرَاءِ وَالْمُلُوكِ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ وَقْفٌ صُورِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ، وَقَدْ أَفْتَى عَلَامَةُ الْوُجُودِ الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ مُفْتِي السَّلْطَنَةِ السُّلَيْمَانِيَّةِ بِأَنَّ أَوْقَافَ الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ لَا تُرَاعَى شُرُوطُهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ تَرْجِعُ إلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يَجُوزُ الْإِحْدَاثُ إذَا كَانَ الْمُقَرَّرُ فِي الْوَظِيفَةِ أَوْ الْمُرَتَّبِ مِنْ مَصَارِيفِ بَيْتِ الْمَالِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِحَقَائِقِ الْأَحْوَالِ. (27) قَوْلُهُ: وَإِنْ فَعَلَ الْقَاضِي إلَخْ: عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ فِي قَوْلِهِ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعُدَّ الْجَارَ.

[القاعدة الثانية إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام]

الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ 1 - إذَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ غَلَبَ الْحَرَامُ وَبِمَعْنَاهَا مَا اجْتَمَعَ مُحَرِّمٌ وَمُبِيحٌ إلَّا غَلَبَ الْمُحَرِّمُ، وَالْعِبَارَةُ الْأُولَى لَفْظُ حَدِيثٍ أَوْرَدَهُ جَمَاعَةٌ «مَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ إلَّا غَلَبَ الْحَرَامُ الْحَلَالَ» ) . 2 - قَالَ الْعِرَاقِيُّ: لَا أَصْلَ لَهُ وَضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ شَارِحُ الْكَنْزِ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ مَرْفُوعًا. . فَمِنْ فُرُوعِهَا مَا إذَا تَعَارَضَ دَلِيلَانِ أَحَدُهُمَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وَالْآخَرُ الْإِبَاحَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ إذَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ غَلَبَ الْحَرَامُ] قَوْلُهُ: إذَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ غَلَبَ الْحَرَامُ. يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ الْحَلَالُ مُبَاحًا أَوْ وَاجِبًا؛ وَخَصَّ الشَّافِعِيَّةُ الْحَلَالَ بِالْحَلَالِ الْمُبَاحِ، وَقَالُوا: لَوْ اخْتَلَطَ الْوَاجِبُ بِالْمُحَرَّمِ رُوعِيَ مَصْلَحَةُ الْوَاجِبِ، وَلَهُ أَمْثِلَةٌ: أَحَدُهَا: اخْتِلَاطُ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بِالْكُفَّارِ يَجِبُ غُسْلُ الْجَمِيعِ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ وَيُمَيِّزُ بِالنِّيَّةِ، وَاحْتَجَّ لَهُ الْبَيْهَقِيُّ «بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ اخْتِلَاطٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُسْلِمِينَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ» . الثَّانِيَةُ: إذَا اخْتَلَطَ الشُّهَدَاءُ بِغَيْرِهِمْ يَجِبُ غُسْلُ الْجَمِيعِ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ الْغُسْلُ وَالصَّلَاةُ عَلَى الْكُفَّارِ وَالشُّهَدَاءِ حَرَامًا. الثَّالِثَةُ الْمَرْأَةُ يَجِبُ عَلَيْهَا كَشْفُ وَجْهِهَا فِي الْإِحْرَامِ، وَلَا يُمْكِنُ إلَّا بِكَشْفِ شَيْءٍ مِنْ الرَّأْسِ وَسَتْرُ الرَّأْسِ وَاجِبٌ فِي الصَّلَاةِ فَإِذَا صَلَّتْ رَاعَتْ مَصْلَحَةَ الْوَاجِبِ. الرَّابِعَةُ: الْمُضْطَرُّ يَجِبُ عَلَيْهِ أَكْلُ الْمَيْتَةِ، وَإِنْ كَانَ حَرَامًا. الْخَامِسَةُ: الْهِجْرَةُ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ بِلَادِ الْكُفَّارِ وَاجِبَةٌ، وَإِنْ كَانَ سَفَرُهَا وَحْدَهَا حَرَامًا (انْتَهَى) . وَخَرَّجَ أَئِمَّتُنَا هَذِهِ الْمَسَائِلَ عَلَى قَاعِدَةِ مَا إذَا تَعَارَضَ الْمَانِعُ وَالْمُقْتَضِي كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْقَاعِدَةِ. (2) قَوْلُهُ: قَالَ الْعِرَاقِيُّ لَا أَصْلَ لَهُ: أَيْ لَا سَنَدَ لَهُ، قَالَ السُّيُوطِيّ فِي شَرْحِ التَّقْرِيبِ: قَوْلُ الْمُحَدِّثِينَ: هَذَا الْحَدِيثُ لَا أَصْلَ لَهُ: أَيْ لَا سَنَدَ لَهُ.

[فروع على قاعدة إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام]

قُدِّمَ التَّحْرِيمُ، وَعَلَّلَهُ الْأُصُولِيُّونَ بِتَقْلِيلِ النَّسْخِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قُدِّمَ الْمُبِيحُ لَلَزِمَ تَكْرَارُ النَّسْخِ 4 -؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ، فَإِذَا جُعِلَ الْمُبِيحُ مُتَأَخِّرًا كَانَ الْمُحَرِّمُ نَاسِخًا لِلْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ، ثُمَّ يَصِيرُ مَنْسُوخًا بِالْمُبِيحِ. وَلَوْ جُعِلَ الْمُحَرِّمُ مُتَأَخِّرًا لَكَانَ نَاسِخًا لِلْمُبِيحِ، وَهُوَ لَمْ يَنْسَخْ شَيْئًا؛ لِكَوْنِهِ عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ 5 -، وَفِي التَّحْرِيرِ يُقَدَّمُ الْمُحَرِّمُ تَقْلِيلًا لِلنَّسْخِ وَاحْتِيَاطًا، وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ فِي بَابِ التَّعَارُضِ، وَمَنْ ثَمَّةَ قَالَ عُثْمَانُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فُرُوعٌ عَلَى قَاعِدَةِ إذَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ غَلَبَ الْحَرَامُ] [تَعَارَضَ دَلِيلَانِ أَحَدُهُمَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَالْآخَرُ الْإِبَاحَةَ] قَوْلُهُ: قُدِّمَ التَّحْرِيمُ: قِيلَ: صَوَابُهُ قُدِّمَ الْمُبِيحُ، كَمَا يُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَلَوْ جُعِلَ الْمُحَرِّمُ مُتَأَخِّرًا؛ يُوَضِّحُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِيمَا إذَا تَعَارَضَ الْحَظْرُ وَالْمُبِيحُ، فَالْحَظْرُ جُعِلَ مُتَأَخِّرًا نَاسِخًا لِلْمُبِيحِ تَقْلِيلًا لِلنَّسْخِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ، فَلَوْ جُعِلَ الْمُبِيحُ مُتَأَخِّرًا يَلْزَمُ تَكْرَارُ النَّسْخِ؛ لِأَنَّ الْحَظْرَ يَكُونُ نَاسِخًا لِلْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ، ثُمَّ الْمُبِيحُ يَكُونُ نَاسِخًا لِلْحَظْرِ فَيَلْزَمُ التَّكْرَارُ وَلَوْ جُعِلَ الْحَظْرُ مُتَأَخِّرًا لَا يَلْزَمُ إلَّا نَسْخٌ وَاحِدٌ (انْتَهَى) . فَجُعِلَ الْحَظْرُ آخِرًا (انْتَهَى) . أَقُولُ: قَدْ قَدَّمْنَا عَنْ شَرْحِ الْمَنَارِ أَنَّ الْإِبَاحَةَ الْأَصْلِيَّةَ لَيْسَتْ حُكْمًا شَرْعِيًّا فَلَا يَكُونُ رَفْعُهَا نَسْخًا، إذْ النَّسْخُ عِبَارَةٌ عَنْ انْتِهَاءِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ، وَلَيْسَتْ حُكْمًا شَرْعِيًّا، وَحِينَئِذٍ لَمْ يَتَكَرَّرْ النَّسْخُ. (4) قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ: فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ اتِّفَاقًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَوْلُ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْإِبَاحَةَ الْأَصْلِيَّةَ لَيْسَتْ حُكْمًا شَرْعِيًّا فَلَا يَكُونُ رَفْعُهَا نَسْخًا إذْ النَّسْخُ عِبَارَةٌ عَنْ انْتِهَاءِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ إلَّا إذَا أُرِيدَ بِالنَّسْخِ تَغْيِيرُ الْأَمْرِ الْأَصْلِيِّ فَيَتَغَيَّرُ مَرَّتَيْنِ فَيَتَكَرَّرُ النَّسْخُ بِهَذَا الْمَعْنَى كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنَارِ. (5) قَوْلُهُ: وَفِي التَّحْرِيمِ تَقْلِيلًا لِلنَّسْخِ فِيهِ: أَنَّ تَقْلِيلَ النَّسْخِ فِي تَقْدِيمِ الْمُبِيحِ لَا فِي تَقْدِيمِ الْمُحَرِّمِ إذْ فِي تَقْدِيمِ التَّحْرِيمِ تَكْرَارُ نَسْخٍ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَلْيُحَرَّرْ.

[اشتبه محرمة بأجنبيات محصورات]

- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، لَمَّا سُئِلَ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ أُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ: أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ 6 - فَالتَّحْرِيمُ أَحَبُّ إلَيْنَا. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مِنْ هَذَا النَّوْعِ حَدِيثَ «لَك مِنْ الْحَائِضِ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ» ) وَحَدِيثَ «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلَّا النِّكَاحَ» ) فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ. وَالثَّانِي يَقْتَضِي إبَاحَةَ مَا عَدَا الْوَطْءَ فَرُجِّحَ التَّحْرِيمُ احْتِيَاطًا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -، وَخَصَّ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - شِعَارَ الدَّمِ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ عَمَلًا بِالثَّانِي. وَمِنْهَا لَوْ اشْتَبَهَ مُحَرَّمَةٌ بِأَجْنَبِيَّاتٍ مَحْصُورَاتٍ لَمْ يَحِلَّ، كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي قَاعِدَةِ الْأَصْلِ فِي الْأَبْضَاعِ التَّحْرِيمُ 7 -، وَمِنْهَا مَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مَأْكُولٌ، وَالْآخَرُ غَيْرُ مَأْكُولٍ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ. فَإِذَا نَزَا كَلْبٌ عَلَى شَاةٍ فَوَلَدَتْ لَا يُؤْكَلُ الْوَلَدُ 8 -، وَكَذَا إذَا نَزَا حِمَارٌ عَلَى فَرَسٍ فَوَلَدَتْ بَغْلًا لَمْ يُؤْكَلْ، وَالْأَهْلِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَالتَّحْرِيمُ أَحَبُّ إلَيْنَا إنَّمَا كَانَ التَّحْرِيمُ أَحَبَّ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ مُبَاحٍ؛ لِاجْتِنَابِ مُحَرَّمٍ، وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ. [اشْتَبَهَ مُحَرَّمَةٌ بِأَجْنَبِيَّاتٍ مَحْصُورَاتٍ] (7) . قَوْلُهُ: وَمِنْهَا مَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مَأْكُولٌ إلَخْ: الْأُولَى: مَا أَحَدُ أَبَوَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ فِي الْأُضْحِيَّةِ: وَالْمَوْلُودُ بَيْنَ الْأَهْلِيِّ وَالْوَحْشِيِّ يَتْبَعُ الْأُمَّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي التَّبَعِيَّةِ الْأُمُّ حَتَّى إنْ نَزَا الذِّئْبُ عَلَى الشَّاةِ يُضَحَّى بِالْوَلَدِ (انْتَهَى) . وَمِثْلُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ وَفِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى: وَلَوْ نَزَا كَلْبٌ عَلَى شَاةٍ فَوَلَدَتْ؛ قَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ: لَا يَجُوزُ، وَقَالَ الْإِمَامُ الْخَيْزَاخِيزِيُّ إنْ كَانَ يُشْبِهُ الْأُمَّ يَجُوزُ، وَلَوْ نَزَا شَاةٌ عَلَى الظَّبْيِ قَالَ الْإِمَامُ الْخَيْزَاخِيزِيُّ إنْ كَانَ يُشْبِهُ الْأُمَّ يَجُوزُ، وَلَوْ نَزَا ظَبْيٌ عَلَى شَاةٍ قَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ: لَا يَجُوزُ وَقَالَ الْإِمَامُ الْخَيْزَاخِيزِيُّ الْعِبْرَةُ لِلْمُشَابَهَةِ. (8) قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا نَزَا حِمَارٌ عَلَى فَرَسٍ فَوَلَدَتْ إلَخْ: هَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُمْ اعْتَبِرُوا الْأُمَّ

[مجوسي أخذ بيد مسلم فذبح والسكين في يد المسلم]

إذَا نَزَا عَلَى الْوَحْشِيِّ فَنَتَجَ لَا تَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ بِهِ، كَذَا فِي الْفَوَائِدِ التَّاجِيَّةِ ، وَمِنْهَا لَوْ شَارَكَ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمَ غَيْرُ الْمُعَلَّمِ، أَوْ كَلْبُ مَجُوسِيٍّ أَوْ كَلْبٌ لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ عَمْدًا حَرُمَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. [مَجُوسِيٌّ أَخَذَ بِيَدِ مُسْلِمٍ فَذَبَحَ وَالسِّكِّينُ فِي يَدِ الْمُسْلِمِ] وَمِنْهَا مَا فِي صَيْدِ الْخَانِيَّةِ: مَجُوسِيٌّ أَخَذَ بِيَدِ مُسْلِمٍ فَذَبَحَ وَالسِّكِّينُ فِي يَدِ الْمُسْلِمِ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ لِاجْتِمَاعِ الْمُحَرِّمِ وَالْمُبِيحِ فَيَحْرُمُ، كَمَا لَوْ عَجَزَ مُسْلِمٌ عَنْ مَدِّ قَوْسِهِ بِنَفْسِهِ فَأَعَانَهُ عَلَى مَدِّهِ مَجُوسِيٌّ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ (انْتَهَى) [وَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ] وَمِنْهَا عَدَمُ جَوَازِ وَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ [بَعْضُ الشَّجَرَةِ فِي الْحِلِّ وَبَعْضُهَا فِي الْحَرَمِ] ، وَمِنْهَا لَوْ كَانَ بَعْضُ الشَّجَرَةِ فِي الْحِلِّ، وَبَعْضُهَا فِي الْحَرَمِ، وَمِنْهَا لَوْ كَانَ بَعْضُ الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ، وَالْبَعْضُ فِي الْحَرَمِ. وَالْمَنْقُولُ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّ الِاعْتِبَارَ لِقَوَائِمِهِ لَا لِرَأْسِهِ. 9 - حَتَّى لَوْ كَانَ قَائِمًا فِي الْحِلِّ، وَرَأْسُهُ فِي الْحَرَمِ فَلَا شَيْءَ بِقَتْلِهِ. وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ قَوَائِمِهِ فِي الْحَرَمِ حَتَّى لَوْ كَانَ 10 - بَعْضُهَا فِي الْحَرَمِ، وَبَعْضُهَا فِي الْحِلِّ وَجَبَ الْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ؛ لِتَغْلِيبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [شَارَكَ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمَ غَيْرُ الْمُعَلَّمِ] قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ كَانَ قَائِمًا فِي الْحِلِّ إلَخْ: قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ نَقْلًا عَنْ النَّوَادِرِ: لَوْ كَانَ ظَبْيٌ قَائِمًا فِي الْحِلِّ، وَرَأْسُهُ فِي الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ إنْسَانٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِقَتْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الصَّيْدِ قَوَائِمُهُ، وَلَوْ كَانَ قَائِمًا فِي الْحَرَمِ وَرَأْسُهُ فِي الْحِلِّ ضَمِنَ قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ بِقَوَائِمِهِ. وَفِي مَنَاسِكِ الطَّرَابِيشِيِّ، وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مُحَمَّدٍ: ظَبْيٌ قَائِمٌ فِي الْحِلِّ وَرَأْسُهُ فِي الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ إنْسَانٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي الصَّيْدِ الْقَائِمِ يُعْتَبَرُ قَوَائِمُهُ، وَلَوْ كَانَ قَائِمًا فِي الْحَرَمِ وَرَأْسُهُ فِي الْحِلِّ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ بِقَوَائِمِهِ بَلْ هُوَ مُلْقًى عَلَى الْأَرْضِ فَاجْتَمَعَ الْمُحَرِّمُ وَالْمُبِيحُ. وَفِي الْمَنَاسِكِ الْمَذْكُورَةِ: وَلَوْ قِيلَ، وَبَعْضُ قَوَائِمِهِ فِي الْحِلِّ، وَبَعْضُهَا فِي الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ تَرْجِيحًا لِلْحَظْرِ. (10) قَوْلُهُ: وَبَعْضُهَا فِي الْحَرَمِ: قِيلَ: لَا يَخْفَى أَنَّ الْبَعْضَ يَصْدُقُ بِالْأَقَلِّ وَبِالْأَكْثَرِ، وَلَوْ اُعْتُبِرَ الْأَكْثَرُ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ.

[اختلطت مساليخ المذكاة بمساليخ الميتة]

الْحَظْرِ عَلَى الْإِبَاحَةِ (انْتَهَى) . وَأَمَّا الْمَنْقُولُ فِي الْأُولَى فَفِي الْأَجْنَاسِ: الْأَغْصَانُ تَابِعَةٌ لِأَصْلِهَا، وَذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ أَصْلُهَا فِي الْحَرَمِ، وَالْأَغْصَانُ فِي الْحِلِّ فَعَلَى قَاطِعِ أَغْصَانِهَا الْقِسْمَةُ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَصْلُهَا وَأَغْصَانُهَا. وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ بَعْضُ أَصْلِهَا فِي الْحِلِّ، وَبَعْضُهُ فِي الْحَرَمِ فَعَلَى الْقَاطِعِ الضَّمَانُ سَوَاءٌ كَانَ الْغُصْنُ مِنْ جَانِبِ الْحِلِّ أَوْ مِنْ جَانِبِ الْحَرَمِ (انْتَهَى) . وَمِنْهَا لَوْ اخْتَلَطَتْ مَسَالِيخُ الْمُذَكَّاةِ بِمَسَالِيخِ الْمَيْتَةِ، وَلَا عَلَامَةَ تُمَيِّزُ، وَكَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلْمَيْتَةِ أَوْ اسْتَوَيَا لَمْ يَجُزْ تَنَاوُلُ شَيْءٍ مِنْهَا، وَلَا بِالتَّحَرِّي إلَّا عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلْمُذَكَّاةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّحَرِّي. وَمِنْهَا لَوْ اخْتَلَطَ وَدَكُ الْمَيْتَةِ بِالزَّيْتِ وَنَحْوِهِ لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَالْمَسْأَلَتَانِ فِي صَلَاةِ الْخُلَاصَةِ مِنْ فَصْلِ اشْتِبَاهِ الْقِبْلَةِ. 11 - وَمُقْتَضَى الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَطَ لَبَنُ بَقَرٍ بِلَبَنِ أَتَانٍ، أَوْ مَاءٌ وَبَوْلٌ، عَدَمُ جَوَازِ التَّنَاوُلِ وَلَا بِالتَّحَرِّي. وَمِنْهَا لَوْ اخْتَلَطَتْ زَوْجَتُهُ بِغَيْرِهَا فَلَيْسَ لَهُ الْوَطْءُ، وَلَا بِالتَّحَرِّي سَوَاءٌ كُنَّ مَحْصُورَاتٍ أَوْ لَا، كَمَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ، وَقَالُوا لَوْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ مُبْهِمًا 12 - حَرُمَ الْوَطْءُ قَبْلَ التَّعْيِينِ، وَلِهَذَا كَانَ وَطْءُ إحْدَاهُمَا تَعْيِينًا لِطَلَاقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [اخْتَلَطَتْ مَسَالِيخُ الْمُذَكَّاةِ بِمَسَالِيخِ الْمَيْتَةِ] قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَطَ، إلَى قَوْلِهِ، وَلَا بِالتَّحَرِّي أَقُولُ كَيْفَ يَتَأَتَّى التَّحَرِّي مَعَ الِاخْتِلَاطِ حَتَّى يَصِحَّ نَفْيُهُ. [اخْتَلَطَتْ زَوْجَتُهُ بِغَيْرِهَا فَهَلْ لَهُ الْوَطْءُ] (12) قَوْلُهُ: حَرُمَ الْوَطْءُ قَبْلَ التَّعْيِينِ إلَخْ. قِيلَ: لَا، يُقَالُ: بَيْنَ قَوْلِهِ يَحْرُمُ الْوَطْءُ قَبْلَ التَّعْيِينِ، وَقَوْلُهُ كَانَ الْوَطْءُ تَعْيِينًا تَدَافُعٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ حَرُمَ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قَبْلَ تَعْيِينِ الْمُطَلَّقَةِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِذَا عَيَّنَ إحْدَاهُمَا لِلطَّلَاقِ، وَحَلَّ لَهُ وَطْءُ

[أسلم على أكثر من أربع]

الْأُخْرَى. وَمِنْ صُوَرِهَا مَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعٍ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ، 13 - عَلَى قَوْلِ مَنْ خَيَّرَهُ وَهُوَ مُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَأَمَّا الشَّيْخَانِ فَقَالَا بِبُطْلَانِ النِّكَاحِ. قَالَ فِي الْمَجْمَعِ مِنْ فَصْلِ نِكَاحِ الْكَافِرِ: لَوْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ خَمْسٌ، أَوْ أُخْتَانِ أَوْ أُمٌّ وَبِنْتٌ بَطَلَ النِّكَاحُ، وَإِنْ رَتَّبَ فَالْأَخِيرُ، وَخَيَّرَهُ فِي اخْتِيَارِهِ أَرْبَعًا مُطْلَقًا أَوْ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ، 14 - وَالْبِنْتَ أَوْ الْأُمَّ (انْتَهَى) وَمِنْهَا لَوْ رَمَى صَيْدًا فَوَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ عَلَى سَطْحٍ أَوْ جَبَلٍ ثُمَّ تَرَدَّى مِنْهُ إلَى الْأَرْضِ 15 - حَرُمَ لِلِاحْتِمَالِ، وَالِاحْتِيَاطُ الْحُرْمَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ ابْتِدَاءً فَإِنَّهُ يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ وَخَرَجَتْ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَسَائِلُ: الْأُولَى: مَنْ أَحَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاحِدَةِ الْأُخْرَى، ثُمَّ إذَا وَطِئَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا يُحْكَمُ بِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ هِيَ الْأُخْرَى وَلَا يَذْهَبُ عَلَيْك قَوْلُهُمْ مَا قَبْلَ قَوْلِ الْمُعَلِّلِ، وَلِهَذَا كَانَ كَذَا لِمَا بَعْدَهُ، وَمَا بَعْدَهُ أَنَّ عَلَى مَا قَبْلَهُ؛ فَإِنْ قِيلَ: الطَّلَاقُ وَاقِعٌ عَلَى إحْدَاهُمَا مُبْهَمَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَكَيْفَ يُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُ بِاخْتِيَارِهِ أُجِيبَ بِأَنَّهُ إذَا نَوَى وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً مِنْهُمَا عِنْدَ قَوْلِهِ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ، فَلَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَ الْمَنْوِيَّةَ بِأَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ وَاحِدَةً عِنْدَ الطَّلَاقِ فَالشَّارِعُ جَعَلَ لَهُ تَعْيِينَ الْمُطَلَّقَةِ بِاخْتِيَارِهِ، وَلَا بُعْدَ فِيهِ [أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعٍ] (13) قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلِ مَنْ حَرَّمَ، وَهُوَ مُحَمَّدٌ كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ، وَالصَّوَابُ خَيَّرَ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ: وَخَيَّرَهُ يَعْنِي مُحَمَّدًا فِي اخْتِيَارِ أَرْبَعٍ. (14) قَوْلُهُ: وَالْبِنْتِ: لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الْأُخْتَيْنِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ بَلْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَرْبَعٍ، وَالتَّقْدِيرُ وَخَيَّرَهُ فِي اخْتِيَارِ الْبِنْتِ أَوْ أُمِّهَا [رَمَى صَيْدًا فَوَقَعَ فِي مَاءٍ] (15) قَوْلُهُ: حَرُمَ لِلِاحْتِمَالِ: أَيْ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ أَيْ بِالتَّرَدِّي لَا بِآلَةِ الصَّيْدِ أَوْ بِالْغَرَقِ فِيمَا لَوْ وَقَعَ فِي مَاءٍ

[الاجتهاد في الأواني إذا كان بعضها طاهرا وبعضها نجسا]

أَبَوَيْهِ كِتَابِيٌّ وَالْآخَرُ مَجُوسِيٌّ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ نِكَاحُهُ وَذَبِيحَتُهُ، وَيُجْعَلُ كِتَابِيًّا وَلَا يَقْتَضِي أَنْ يُجْعَلَ مَجُوسِيًّا، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. وَلَوْ كَانَ الْكِتَابِيُّ الْأَبَ فِي الْأَظْهَرِ عِنْدَهُ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ التَّحْرِيمِ؛ لَكِنَّ أَصْحَابَنَا تَرَكُوا ذَلِكَ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ، فَإِنَّ الْمَجُوسِيَّ شَرٌّ مِنْ الْكِتَابِيِّ فَلَا يُجْعَلُ الْوَلَدُ تَابِعًا لَهُ [الِاجْتِهَادُ فِي الْأَوَانِي إذَا كَانَ بَعْضُهَا طَاهِرًا وَبَعْضُهَا نَجِسًا] الثَّانِيَةُ: الِاجْتِهَادُ فِي الْأَوَانِي إذَا كَانَ بَعْضُهَا طَاهِرًا، وَبَعْضُهَا نَجِسًا، وَالْأَقَلُّ نَجِسٌ فَالتَّحَرِّي جَائِزٌ، وَيُرِيقُ مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ نَجِسٌ، مَعَ أَنَّ الِاحْتِيَاطَ أَنْ يُرِيقَ الْكُلَّ، وَيَتَيَمَّمَ كَمَا إذَا كَانَ الْأَقَلُّ طَاهِرًا 16 - عَمَلًا بِالْأَغْلَبِ فِيهِمَا. الثَّالِثَةُ: الِاجْتِهَادُ فِي ثِيَابٍ مُخْتَلِطَةٍ بَعْضُهَا نَجِسٌ وَبَعْضُهَا طَاهِرٌ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ الْأَكْثَرُ نَجِسًا أَوْ لَا. 17 - وَالْفَرْقُ بَيْنَ الثِّيَابِ وَالْأَوَانِي أَنَّهُ لَا خَلَفَ لَهَا فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَلِلْوُضُوءِ خَلَفٌ فِي التَّطْهِيرِ، وَهُوَ التَّيَمُّمُ. وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ، 18 - وَأَمَّا فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ فَيَتَحَرَّى لِلشُّرْبِ اتِّفَاقًا كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ قُبَيْلَ التَّيَمُّمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [خَرَجَتْ عَنْ قَاعِدَةِ إذَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ غَلَبَ الْحَرَامُ مَسَائِلُ] [الْأُولَى مَنْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ كِتَابِيٌّ وَالْآخَرُ مَجُوسِيٌّ] (16) قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالْأَغْلَبِ فِيهِمَا: قِيلَ عَلَيْهِ: لَوْ قَالَ: الْأَحْوَطَ مَكَانَ الْأَغْلَبِ لَكَانَ أَنْسَبَ. [الثَّالِثَةُ الِاجْتِهَادُ فِي ثِيَابٍ مُخْتَلِطَةٍ بَعْضُهَا نَجِسٌ وَبَعْضُهَا طَاهِرٌ] (17) قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الثِّيَابِ وَالْأَوَانِي إلَخْ: فِيهِ أَنَّهُمْ قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْعَارِيَ إذَا لَمْ يَجِدْ ثَوْبًا يُلَطِّخُ جَسَدَهُ أَوْ يَسْتُرُ عَوْرَتُهُ بِحَشِيشٍ أَوْ بِمَاءٍ إنْ كَانَ كَدِرًا، وَلَا شَكَّ أَنَّ السَّتْرَ بِمَا ذُكِرَ خَلَفٌ عَنْ الثِّيَابِ فَتَأَمَّلْ. (18) قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ فَيَتَحَرَّى لِلشُّرْبِ اتِّفَاقًا: قِيلَ عَلَيْهِ: لَيْسَ الْكَلَامُ فِي الشُّرْبِ، وَلِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ بَلْ فِي التَّحَرِّي لِلْوُضُوءِ هَلْ يَتَحَرَّى فِيهَا أَوْ لَا.

[الرابعة سقى شاة خمرا ثم ذبحها من ساعته]

وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِمَسْأَلَةِ الْأَوَانِي الثَّوْبُ الْمَنْسُوجُ لَحْمَتُهُ مِنْ حَرِيرٍ وَغَيْرِهِ، فَيَحِلُّ إنْ كَانَ الْحَرِيرُ أَقَلَّ وَزْنًا أَوْ اسْتَوَيَا بِخِلَافِ مَا إذَا زَادَ وَزْنًا وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ. وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ التَّحَرِّي فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ: لَوْ اخْتَلَطَتْ أَوَانِيهِ بِأَوَانِي أَصْحَابِهِ فِي السَّفَرِ، وَهُمْ غُيَّبٌ أَوْ اخْتَلَطَ رَغِيفُهُ بِأَرْغِفَةِ غَيْرِهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: يَتَحَرَّى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَتَحَرَّى وَيَتَرَبَّصُ حَتَّى يَجِيءَ أَصْحَابُهُ، وَهَذَا فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ، 20 - وَأَمَّا فِي حَالَةِ الِاضْطِرَارِ جَازَ التَّحَرِّي مُطْلَقًا (انْتَهَى) . وَقَدْ جَوَّزَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - مَسَّ كُتُبِ التَّفْسِيرِ لِلْمُحْدِثِ وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ كَوْنِ الْأَكْثَرِ تَفْسِيرًا أَوْ قُرْآنًا، وَلَوْ قِيلَ بِهِ اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ لَكَانَ حَسَنًا الرَّابِعَةُ: 21 - لَوْ سَقَى شَاةً خَمْرًا ثُمَّ ذَبَحَهَا مِنْ سَاعَتِهِ فَإِنَّهَا تَحِلُّ بِلَا كَرَاهَةٍ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَمُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ التَّحْرِيمُ، وَمُقْتَضَى الْفَرْعِ أَنَّهُ لَوْ عَلَفَهَا عَلَفًا حَرَامًا، لَمْ يَحْرُمْ لَبَنُهَا وَلَحْمُهَا، وَإِنْ كَانَ الْوَرَعُ التَّرْكَ، ثُمَّ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بَعْدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِمَسْأَلَةِ الْأَوَانِي الثَّوْبُ الْمَنْسُوجُ لَحْمَتُهُ مِنْ حَرِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ: أَقُولُ: مُقْتَضَى الْإِلْحَاقِ لَيْسَ الْحِلُّ إذَا كَانَ الْحَرِيرُ أَقَلَّ، بَلْ جَوَازُ التَّحَرِّي، وَلَا مَعْنَى لِلتَّحَرِّي هَاهُنَا فَتَأَمَّلْ. (20) قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي حَالَةِ الِاضْطِرَارِ جَازَ التَّحَرِّي مُطْلَقًا: يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ أَصْحَابُهَا حُضُورًا أَوْ غُيَّبًا، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلتَّحَرِّي إذَا كَانَ أَصْحَابُهَا حُضُورًا [الرَّابِعَةُ سَقَى شَاةً خَمْرًا ثُمَّ ذَبَحَهَا مِنْ سَاعَتِهِ] (21) قَوْلُهُ: لَوْ سَقَى شَاةً خَمْرًا إلَخْ: فِي جَعْلِ هَذَا مِمَّا غَلَبَ فِيهِ الْحَلَالُ الْحَرَامَ نَظَرٌ إذْ لَيْسَ هُنَا مُحَرَّمٌ غَلَبَهُ الْحَلَالُ؛ لِيَصِحَّ خُرُوجُهُ عَنْ الْقَاعِدَةِ. (22) قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ سَاعَةٍ إلَى يَوْمٍ تَحِلُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِحُصُولِ النُّمُوِّ بِالسَّقْيِ.

[الخامسة أكل المحرم شيئا قد استهلك فيه الطيب]

وَلَوْ بَعْدَ سَاعَةٍ إلَى يَوْمٍ تَحِلُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ (انْتَهَى) . 23 - الْخَامِسَةُ: أَنْ يَكُونَ الْحَرَامُ مُسْتَهْلَكًا فَلَوْ أَكَلَ الْمُحْرِمُ شَيْئًا قَدْ اُسْتُهْلِكَ فِيهِ الطِّيبُ فَلَا فِدْيَةً، وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ فِي جِنَايَاتِ الْإِحْرَامِ السَّادِسَةُ: إذَا اخْتَلَطَ مَائِعٌ طَاهِرٌ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ فَالْعِبْرَةُ لِلْغَالِبِ. 24 - فَإِنْ غَلَبَ الْمَاءُ جَازَتْ الطَّهَارَةُ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَبَيَّنَّا فِي الطِّهَارَاتِ مِنْ شَرْحِ الْكَنْزِ بِمَاذَا تُعْتَبَرُ الْغَلَبَةُ السَّابِعَةُ: لَوْ اخْتَلَطَ لَبَنُ الْمَرْأَةِ بِمَاءٍ أَوْ بِدَوَاءٍ أَوْ بِلَبَنِ شَاةٍ فَالْمُعْتَبَرُ الْغَالِبُ، وَتَثْبُتُ الْحُرْمَةُ إذَا اسْتَوَيَا احْتِيَاطًا كَمَا فِي الْغَايَةِ. وَاخْتُلِفَ فِيمَا إذَا اخْتَلَطَ لَبَنُ امْرَأَةٍ بِلَبَنِ أُخْرَى وَالصَّحِيحُ ثُبُوتُ الْحُرْمَةِ فِيهِمَا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْغَلَبَةِ 25 - كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الرَّضَاعِ . الثَّامِنَةُ: إذَا كَانَ غَالِبُ مَالِ الْمُهْدِي حَلَالًا، فَلَا بَأْسَ بِقَبُولِ هَدِيَّتِهِ، وَأَكْلِ مَالِهِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ مِنْ حَرَامٍ، وَإِنْ كَانَ غَالِبُ مَالِهِ الْحَرَامَ لَا يَقْبَلُهَا، وَلَا يَأْكُلُ إلَّا إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْخَامِسَةُ أَكَلَ الْمُحْرِمُ شَيْئًا قَدْ اُسْتُهْلِكَ فِيهِ الطِّيبُ] قَوْلُهُ: الْخَامِسَةُ أَنْ يَكُونَ الْحَرَامُ مُسْتَهْلَكًا: أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا مِمَّا خَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ بَلْ هُوَ مُقَيِّدٌ لَهَا فَتَأَمَّلْ [السَّادِسَةُ اخْتَلَطَ مَائِعٌ طَاهِرٌ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ] (24) قَوْلُهُ: فَإِنْ غَلَبَ الْمَاءُ جَازَتْ الطَّهَارَةُ بِهِ: أَشْكَلَ بِمَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اسْتَوَيَا كَأَنْ اخْتَلَطَ رَطْلُ مَاءِ وَرْدٍ، أَوْ مُسْتَعْمَلٍ بِرَطْلِ مَاءٍ مُطْلَقٍ لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ بِهِ احْتِيَاطًا [السَّابِعَةُ اخْتَلَطَ لَبَنُ الْمَرْأَةِ بِمَاءٍ] (25) قَوْلُهُ: كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الرَّضَاعِ: أَيِّ رَضَاعِ شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ وَعِبَارَتُهُ: وَإِذَا اخْتَلَطَ لَبَنُ امْرَأَتَيْنِ تَعَلَّقَ التَّحْرِيمُ لِأَغْلَبِهِمَا عِنْدَهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: تَعَلَّقَ بِهِمَا لِبَقَاءِ مَا كَانَ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ لَا يَغْلِبُ الْجِنْسَ، وَهُوَ رِوَايَةُ عَنْ الْإِمَامِ، قَالَ فِي الْغَايَةِ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَحْوَطُ. وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ قِيلَ: إنَّهُ الْأَصَحُّ، وَفِي الْجَوْهَرَةِ: إذَا تَسَاوَيَا تَعَلَّقَ بِهِمَا جَمِيعًا إجْمَاعًا؛ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ

[التاسعة اختلطت حمامة المملوك بغير المملوك]

قَالَ: إنَّهُ حَلَالٌ وَرِثَهُ أَوْ اسْتَقْرَضَهُ. قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: وَكَانَ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ الْحَاكِمُ يَأْخُذُ جَوَائِزَ السُّلْطَانِ، وَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا بِمَالٍ مُطْلَقٍ ثُمَّ يَنْقُدُهُ مِنْ أَيِّ مَالٍ شَاءَ كَذَا رَوَاهُ الثَّانِي عَنْ الْإِمَامِ، وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الْمُبْتَلَى بِطَعَامِ السُّلْطَانِ، وَالظَّلَمَةِ يَتَحَرَّى فَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ حِلُّهُ قَبِلَ وَأَكَلَ، وَإِلَّا لَا، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (اسْتَفْتِ قَلْبَك. . . الْحَدِيثَ) ، وَجَوَابُ الْإِمَامِ فِيمَنْ فِيهِ وَرَعٌ وَصَفَاءُ قَلْبٍ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُدْرِكُ بِالْفِرَاسَةِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْكَرَاهَةِ [التَّاسِعَةُ اخْتَلَطَتْ حَمَامَةُ الْمَمْلُوكِ بِغَيْرِ الْمَمْلُوكِ] التَّاسِعَةُ: إذَا اخْتَلَطَتْ حَمَامَةُ الْمَمْلُوكِ بِغَيْرِ الْمَمْلُوكِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا تَحْرُمُ، وَإِنَّمَا تُكْرَهُ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ اللُّقَطَةِ: اتَّخَذَ بُرْجَ حَمَامٍ فِي قَرْيَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْفَظَهَا، وَيَعْلِفَهَا وَلَا يَتْرُكَهَا بِلَا عَلَفٍ كَيْ لَا يَتَضَرَّرَ النَّاسُ، فَإِنْ اخْتَلَطَ حَمَامُ غَيْرِ صَاحِبِهَا لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا، وَلَوْ أَخَذَهَا طَلَبَ صَاحِبَهَا كَالضَّالَّةِ إلَى آخِرِ مَا فِيهَا [الْعَاشِرَةُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ أَكْثَرَ بُيُوعَاتِ أَهْلِ السُّوقِ لَا تَخْلُو عَنْ الْفَسَادِ] الْعَاشِرَةُ: قَالَ فِي الْقُنْيَةِ 26 - مِنْ الْكَرَاهَةِ: غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ أَكْثَرَ بُيُوعَاتِ أَهْلِ السُّوقِ لَا تَخْلُو عَنْ الْفَسَادِ فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ هُوَ الْحَرَامَ تَنَزَّهَ عَنْ شِرَائِهِ، وَلَكِنْ مَعَ هَذَا لَوْ اشْتَرَاهُ يَطِيبُ لَهُ، (انْتَهَى) . وَقَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمُلْتَقَطِ فِي الْمَبْحَثِ الثَّالِثِ مِنْ قَاعِدَةِ اعْتِبَارِ الْعُرْفِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا بَأْسَ بِشِرَاءِ جَوْزِ الدَّلَّالِ الَّذِي يَعُدُّ الْجَوْزَ فَيَأْخُذُ عَنْ كُلِّ أَلْفٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الثَّامِنَةُ كَانَ غَالِبُ مَالِ الْمُهْدِي حَلَالًا فَمَا حُكْم قَبُولِ هَدِيَّتِهِ] قَوْلُهُ: وَلَكِنْ مَعَ هَذَا لَوْ اشْتَرَاهُ يَطِيبُ لَهُ، وَوَجْهُهُ أَنَّ كَوْنَ الْغَالِبِ فِي السُّوقِ الْحَرَامَ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَ الْمُشْتَرَى حَرَامًا؛ لِجَوَازِ كَوْنِهِ مِنْ الْحَلَالِ الْمَغْلُوبِ، وَالْأَصْلُ الْحِلُّ

[تتمة على قاعدة إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام]

عَشَرَةً، وَشِرَاءُ لَحْمِ السَّلَّاخِينَ إذَا كَانَ الْمَالِكُ رَاضِيًا بِذَلِكَ عَادَةً، وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ بَيْضِ الْمُقَامِرِينَ الْمُكَسَّرَةِ وَجَوْزَاتِهِمْ إذَا عَرَفَ أَنَّهُ أَخَذَهَا قِمَارًا (انْتَهَى) . أَمَّا مَسْأَلَةُ الْخَلْطِ فَمَذْكُورَةٌ بِأَقْسَامِهَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْوَدِيعَةِ 27 - وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مَا إذَا اخْتَلَطَ الْحَلَالُ بِالْحَرَامِ فِي الْبَلَدِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ الشِّرَاءُ، وَالْأَخْذُ إلَّا أَنْ تَقُومَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْحَرَامِ، كَذَا فِي الْأَصْلِ 28 - (تَتِمَّةٌ) 29 - يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ 30 - فِي عَقْدٍ أَوْ نِيَّةٍ وَيَدْخُلُ ذَلِكَ فِي أَبْوَابٍ: مِنْهَا النِّكَاحُ: قَالُوا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مَا إذَا اخْتَلَطَ الْحَلَالُ بِالْحَرَامِ إلَخْ: فِي التُّمُرْتَاشِيِّ فِي بَابِ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّقَةِ مِنْ كِتَابِ الْكَرَاهَةِ مَا نَصُّهُ: لِرَجُلٍ مَالٌ حَلَالٌ اخْتَلَطَهُ مَالٌ مِنْ الرِّبَا أَوْ الرَّشَاةِ أَوْ الْغُلُولِ أَوْ السُّحْتِ أَوْ مِنْ مَالِ الْغَصْبِ أَوْ السَّرِقَةِ أَوْ الْخِيَانَةِ أَوْ مِنْ مَالِ يَتِيمٍ فَصَارَ مَالُهُ كُلُّهُ شُبْهَةً لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُشَارِكَهُ أَوْ يُبَايِعَهُ أَوْ يَسْتَقْرِضَ مِنْهُ أَوْ يَقْبَلَ هَدِيَّتَهُ أَوْ يَأْكُلَ فِي بَيْتِهِ، وَكَذَا إذَا مَنَعَ صَدَقَاتِهِ وَزَكَاتَهُ وَعُشْرَهُ صَارَ مَالُهُ شُبْهَةً لِمَا فِي أَخْذِهِ مِنْ مَالِ الْفَقِيرِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تُرَى الْأَشْيَاءُ حَلَالًا فِي أَيْدِي النَّاسِ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَك شَيْءٌ مِمَّا وَصَفْنَا [تَتِمَّةٌ عَلَى قَاعِدَةِ إذَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ غَلَبَ الْحَرَامُ] (28) قَوْلُهُ: تَتِمَّةٌ: فَتْحُ التَّاءِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ. (29) قَوْلُهُ: يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ: قِيلَ عَلَيْهِ: الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَغْلَبِيَّةُ الْحَرَامِ عَلَى الْحَلَالِ مَعَ أَنَّ الْغَلَبَةَ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ الْمَسَائِلِ لِلْحَلَالِ عَلَى الْحَرَامِ كَمَا تَرَى، وَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ الْمُشَارِ إلَيْهِ قَاعِدَةَ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهَا بِعُنْوَانِ الْقَاعِدَةِ؛ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَلْزَمُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ حُصُولُ قَاعِدَةٍ أُخْرَى، فَتَكُونُ الْإِشَارَةُ إلَيْهَا نَظَرًا إلَى جَانِبِ الْمَعْنَى. (30) قَوْلُهُ: فِي عَقْدٍ أَوْ نِيَّةٍ: لَمْ يَذْكُرْ مِثَالًا حَلَالًا لِمَا إذْ جَمَعَ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ فِي النِّيَّةِ.

لَوْ جَمَعَ بَيْنَ مَنْ تَحِلُّ وَمَنْ لَا تَحِلُّ 32 - كَمُحَرَّمَةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ، وَوَثَنِيَّةٍ وَخَلِيَّةٍ وَمَنْكُوحَةٍ وَمُعْتَدَّةٍ وَمُحْرِمَةٍ، صَحَّ نِكَاحُ الْحَلَالِ اتِّفَاقًا. 33 -، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبِيهِ فِي انْقِسَامِ الْمُسَمَّى مِنْ الْمَهْرِ وَعَدَمِهِ، وَهِيَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَيْسَ مِنْهُ مَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ خَمْسٍ أَوْ أُخْتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ الْجَمْعُ لَا إحْدَاهُنَّ أَوْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ. 34 - وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً وَحُرَّةً مَعًا فِي عَقْدٍ بَطَلَ فِيهِمَا وَمِنْهَا الْمَهْرُ؛ فَإِذَا سَمَّى مَا يَحِلُّ، وَمَا يَحْرُمُ كَأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَشَرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَوْ جَمَعَ بَيْنَ مَنْ تَحِلُّ وَمَنْ لَا تَحِلُّ إلَخْ: إنَّمَا صَحَّ نِكَاحُ الْحَلَالِ الْمَضْمُومَةِ إلَى الْمُحَرَّمَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي إحْدَاهُمَا فَيُقَدَّرُ بِقَدْرِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَشَاةٍ زَكِيَّةٍ وَمَيْتَةٍ بَطَلَ الْبَيْعُ فِيهِمَا، أَنَّ الْبَيْعَ يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ. وَقَبُولُ الْعَقْدِ فِيمَا لَا يَجُوزُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ فِيمَا يَجُوزُ، وَالنِّكَاحُ لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ (32) . قَوْلُهُ: كَمُحَرَّمَةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ إلَخْ: كَذَا فِي النُّسَخِ، وَالصَّوَابُ كَحَلَالٍ وَمَجُوسِيَّةٍ، وَالْوَاوُ فِي الْمَعْطُوفَاتِ بِمَعْنَى أَوْ، وَقَوْلُهُ وَخَلِيَّةٌ أَيْ غَيْرُ مُزَوَّجَةٍ، وَمَنْكُوحَةٍ أَيْ مَنْكُوحَةُ الْغَيْرِ، وَقَوْلُهُ مُعْتَدَّةٌ أَيْ مُعْتَدَّةُ الْغَيْرِ وَمُحَرَّمَةٌ أَيْ مِنْ حَرُمَ نِكَاحُهَا عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ. (33) قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبِيهِ فِي انْقِسَامِ الْمُسَمَّى: فَقَالَا: يُقْسَمُ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا فَمَا أَصَابَ الَّتِي صَحَّ نِكَاحُهَا أَلْزَمَهُ وَمَا أَصَابَ الْأُخْرَى لَا يَلْزَمُهُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُقْسَمُ وَالْمُسَمَّى كُلُّهُ لِلَّتِي صَحَّ نِكَاحُهَا، وَالدَّلِيلُ لَهُمَا، وَلَهُ مُسْتَوْفًى فِي مَحَلٍّ (34) قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً وَحُرَّةً مَعًا فِي عَقْدٍ بَطَلَ فِيهِمَا أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ فِي بَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ بِنَفَاذِ نِكَاحِ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى لَوْ زَوَّدَهُ عَلَى نِكَاحِ الْأَمَةِ دُونَ الْأَمَةِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: الْمُجْمِعُ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فِي النِّكَاحِ إنْ نَكَحَهُمَا جُمْلَةً صَحَّ نِكَاحُ الْحُرَّةِ وَبَطَلَ نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ فَتَعَيَّنَ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَبْقُ قَلَمٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ النَّاسِخِ

دَرَاهِمَ، وَدَنٍّ مِنْ خَمْرٍ فَلَهَا الْعَشَرَةُ، وَبَطَلَ الْخَمْرُ، وَمِنْهَا الْخُلْعُ؛ كَالْمَهْرِ فَفِيهِمَا غَلَبَ الْحَلَالُ الْحَرَامَ 35 -؛ لِمَا أَنَّ اشْتِرَاطَهُ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَهُمَا لَا يَبْطُلَانِ بِهِ. وَأَمَّا إذَا زَوَّجَ الْوَلِيَّ الصَّغِيرَ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنْ كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا صَحَّ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَسَدَ النِّكَاحُ، وَقِيلَ: يَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. وَمِنْهَا الْبَيْعُ؛ فَإِذَا جَمَعَ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً؛ فَإِنْ كَانَ الْحَرَامُ لَيْسَ بِمَالٍ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الذَّكِيَّةِ وَالْمَيْتَةِ وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ، 36 - فَإِنَّهُ يَسْرِي الْبُطْلَانُ إلَى الْحَلَالِ؛ لِقُوَّةِ بُطْلَانِ الْحَرَامِ، وَكَذَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ خَلٍّ وَخَمْرٍ. وَإِنْ كَانَ الْحَرَامُ ضَعِيفًا كَأَنْ يَكُونَ مَالًا فِي الْجُمْلَةِ كَمَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْمُدَبَّرِ وَالْقِنِّ أَوْ بَيْنَ الْقِنِّ وَالْمُكَاتَبِ أَوْ أُمِّ الْوَلَدِ 37 - أَوْ عَبْدِ غَيْرِهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَسْرِي الْفَسَادُ إلَى الْقِنِّ لِضَعْفِهِ 38 -، وَاخْتُلِفَ فِيمَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ وَقْفٍ وَمِلْكٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَسْرِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِمَا أَنَّ اشْتِرَاطَهُ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَهُمَا لَا يَبْطُلَانِ بِهِ. قَضِيَّتُهُ: أَنَّ كُلَّ مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لَا يَغْلِبُ فِيهِ الْحَلَالُ الْحَرَامَ، وَيُنْتَقَضُ ذَلِكَ بِالْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ مَعَ أَنَّهُ يَغْلِبُ فِيهَا الْحَلَالُ الْحَرَامَ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا (36) قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَسْرِي الْبُطْلَانُ إلَى الْحَلَالِ. هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ. وَقَالَا: يَصِحُّ فِي الْعَبْدِ وَالذَّكِيَّةِ، وَيَبْطُلُ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ مُتَعَدِّدَةٌ فَلَا يَسْرِي مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ. (37) قَوْلُهُ أَوْ عَبْدُ غَيْرِهِ: أَيْ لَوْ جَمَعَ بَيْنَ قِنِّهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ (38) قَوْلُهُ: اُخْتُلِفَ فِيمَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ وَقْفٍ وَمِلْكٍ، وَقَدْ كَتَبَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رَسَائِلَ

الْفَسَادُ إلَى الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ مَالٌ نَعَمْ إذَا كَانَ مَسْجِدًا عَامِرًا فَهُوَ كَالْحُرِّ بِخِلَافِ الْغَامِرِ بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ الْخَرَابِ فَكَالْمُدَبَّرِ 39 - وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الثَّلَاثَةُ، وَيَبْطُلُ فِيمَا زَادَ، بَلْ يَبْطُلُ فِي الْكُلِّ، لَكِنْ إذَا سَقَطَ الزَّائِدُ قَبْلَ دُخُولِهِ انْقَلَبَ الْبَيْعُ صَحِيحًا 40 - وَمِنْهَا مَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ مَجْهُولٍ وَمَعْلُومٍ فِي الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ الْمَجْهُولُ لَا تُفْضِي جَهَالَتُهُ إلَى الْمُنَازَعَةِ لَا يَضُرُّ، وَإِلَّا فَسَدَ فِي الْكُلِّ كَمَا عُلِمَ فِي الْبُيُوعِ. وَمِنْهَا الْإِجَارَةُ؛ فَهِيَ كَالْبَيْعِ 41 -؛ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي أَنَّهُمَا يَبْطُلَانِ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا فِي كُلِّ شَهْرٍ بِكَذَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ فَقَطْ. 42 - وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمَ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ نَسَّاجًا؛ لِيَنْسِجَ لَهُ ثَوْبًا، طُولُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ: أَيْ مَا جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ وَغَلَبَ الْحَلَالُ عَلَى الْحَرَامِ (40) قَوْلُهُ: وَمِنْهُ مَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ مَجْهُولٍ وَمَعْلُومٍ إلَخْ، وَصُورَتُهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ إذَا كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَقَالَ لَهُ: بِعْنِي هَذَا الثَّوْبَ بِبَعْضِ الْعَشَرَةِ، وَبِعْنِي الْآخَرَ بِمَا بَقِيَ، فَبَاعَهُ وَقَبِلَهُ الْمُشْتَرِي، صَحَّ؛ لِعَدَمِ إفْضَاءِ الْجَهَالَةِ إلَى التَّنَازُعِ، وَلَوْ قَالَ: هَذَا بِبَعْضِ الْعَشَرَةِ لَا يَجُوزُ (41) . قَوْلُهُ: لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي أَنَّهُمَا يَبْطُلَانِ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ أَقُولُ لَا مَوْقِعَ لِهَذَا التَّعْلِيلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (42) قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ إلَخْ: قِيلَ عَلَيْهِ: قَدْ ذَكَرَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ غَزْلًا إلَيْهِ؛ لِيَنْسِجَهُ سَبْعًا فِي أَرْبَعٍ فَحَاكَهُ أَكْبَرَ مِنْهُ أَوْ أَصْغَرَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مِثْلَ غَزْلِهِ الثَّوْبَ وَسَلَّمَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ثَوْبَهُ، وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ إلَّا فِي النُّقْصَانِ فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِهِ وَلَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى. وَكَذَا لَوْ شَرَطَ ثَخِينًا

كَذَا، وَعَرْضُهُ كَذَا فَخَالَفَ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، هَلْ يَسْتَحِقُّ بِقَدْرِهِ أَوْ لَا يَسْتَحِقُّ أَصْلًا 43 - وَمِنْهَا الْكَفَالَةُ وَالْإِبْرَاءُ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَعَدَّى إلَى الْجَائِزِ، وَقَالُوا لَوْ قَالَ لَهَا: ضَمِنْت لَك نَفَقَتَك كُلَّ شَهْرٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ 44 - وَمِنْهَا الْهِبَةُ، وَهِيَ لَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ فَلَا يَتَعَدَّى إلَى الْجَائِزِ، وَمِنْهَا الْإِهْدَاءُ؛ قَالُوا: لَوْ أَهْدَى إلَى الْقَاضِي مَنْ لَهُ عَادَةٌ بِالْإِهْدَاءِ لَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَزَادَ، يَرُدُّ الْقَاضِي الزَّائِدَ لَا الْكُلَّ، كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، فَلَمْ يَتَعَدَّ إلَى الْجَائِزِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إنْ زَادَ فِي الْقَدْرِ. 45 - وَأَمَّا إذَا زَادَ فِي الْمَعْنَى كَمَا إذَا كَانَتْ عَادَتُهُ إهْدَاءَ ثَوْبِ كَتَّانٍ فَأَهْدَى ثَوْبًا حَرِيرًا؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَجَاءَ بِهِ رَقِيقًا أَوْ عَلَى ضِدِّهِ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَلَا يُجَاوِزُ مَا سَمَّى (انْتَهَى) . وَقِيلَ فِي الْهِدَايَةِ: وَمَسْأَلَةُ الْخَيَّاطِ تُؤْخَذُ هَذِهِ مِنْهَا (انْتَهَى) . وَفِيهِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمَ إلَخْ: أَيْ صَرِيحًا (43) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الْكَفَالَةُ وَالْإِبْرَاءُ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَعَدَّى إلَى الْجَائِزِ أَقُولُ: أَمَّا فِي الْكَفَالَةِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْإِبْرَاءِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَدَّى إلَى الْجَائِزِ (44) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الْهِبَةُ وَهِيَ لَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: لِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ التَّعْلِيلِ. (45) قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا زَادَ فِي الْمَعْنَى كَمَا إذَا كَانَتْ عَادَتُهُ إلَخْ: قِيلَ: يَنْظُرُ مَا لَوْ كَانَتْ عَادَتُهُ إهْدَاءَ ثَوْبِ كَتَّانٍ قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ فَأَهْدَى ثَوْبًا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ؛ وَيَتَبَادَرُ إلَى الْفَهْمِ أَنَّهَا كَالثَّوْبِ الْكَتَّانِ مَعَ الْحَرِيرِ تَأَمَّلْ

لَمْ أَرَهُ الْآنَ لِأَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -، وَيَنْبَغِي وُجُوبُ رَدِّ الْكُلِّ لَا بِقَدْرِ مَا زَادَ فِي قِيمَتِهِ؛ 47 - لِعَدَمِ تَمْيِيزِهَا مِنْ الْجَائِزِ وَمِنْهَا الْوَصِيَّةُ؛ فَلَوْ أَوْصَى لِأَجْنَبِيٍّ وَوَارِثِهِ فَلِلْأَجْنَبِيِّ نِصْفُهَا، وَبَطَلَتْ لِلْوَارِثِ؛ كَمَا فِي الْكَنْزِ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى لِلْقَاتِلِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ. وَمِنْهَا الْإِقْرَارُ؛ 48 - قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ لِوَارِثِهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ: لَمْ يَصِحَّ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ أَيْضًا (انْتَهَى) . وَفِي الْمَجْمَعِ مِنْ الْإِقْرَارِ: لَوْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ مَعَ أَجْنَبِيٍّ فَتَكَاذَبَا الشَّرِكَةَ صَحَّحَهُ فِي الْأَجْنَبِيِّ (انْتَهَى) . وَمِنْهَا بَابُ الشَّهَادَةِ: فَإِذَا جَمَعَ فِيهَا بَيْنَ مَنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، وَمَنْ لَا تَجُوزُ؛ فَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْهَا: رَجُلٌ مَاتَ، وَأَوْصَى لِفُقَرَاءِ جِيرَانِهِ بِشَيْءٍ، وَأَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ وَصِيَّتَهُ فَشَهِدَ عَلَى الْوَصِيَّةِ رَجُلَانِ مِنْ جِيرَانِهِ لَهُمَا أَوْلَادٌ مَحَاوِيجُ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا لِأَوْلَادِهِمَا فِيمَا يَخُصُّ أَوْلَادَهُمَا فَبَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا فِي ذَلِكَ، فَإِذَا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا فِي حَقِّ الْأَوْلَادِ بَطَلَتْ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ وَاحِدَةٌ، كَمَا لَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَذَفَ أَمَتَهُمَا، وَفُلَانَةَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا. وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي وَقْفِ الْأَصْلِ؛ إذَا وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ جِيرَانِهِ فَشَهِدَ بِذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَمْ أَرَهُ الْآنَ لِأَصْحَابِنَا: قِيلَ: لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: يَنْظُرَ إلَى قِيمَةِ الثَّوْبَيْنِ فَإِذَا زَادَ قِيمَةُ الْحَرِيرِ عَلَى الْكَتَّانِ وَجَبَ رَدُّ الْقَدْرِ الزَّائِدِ. (47) قَوْلُهُ: لِعَدَمِ تَمْيِيزِهَا مِنْ الْجَائِزِ: قِيلَ: فِيهِ نَظَرٌ إذْ تَظْهَرُ الزِّيَادَةُ بِأَنْ يُقَوَّمَ الثَّوْبُ الْكَتَّانُ الْمُعْتَادُ، وَيُقَوَّمَ الثَّوْبُ الْحَرِيرُ فَيَرُدُّ الْفَضْلَ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ (48) قَوْلُهُ: قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ إلَخْ. غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِمَا مَرَّ الْكَلَامُ فِيهِ مِنْ فُرُوعِ أَغْلَبِيَّةِ الْحَلَالِ عَلَى الْحَرَامِ

فَقِيرَانِ مِنْ جِيرَانِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا؛ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مَا ذُكِرَ فِي الْوَقْفِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ فِي الْوَقْفِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجُوزُ أَنْ تَبْطُلَ الشَّهَادَةُ فِي الْبَعْضِ، وَتَبْقَى فِي الْبَعْضِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا تُقْبَلُ أَصْلًا. 49 - وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْوَقْفِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانُوا قَلِيلِينَ يُحْصَوْنَ (انْتَهَى) وَفِي الْقُنْيَةِ: أَخٌ وَأُخْتٌ ادَّعَيَا أَرْضًا، وَشَهِدَا زَوْجُهَا وَرَجُلٌ آخَرُ تُرَدُّ شَهَادَتُهُمَا فِي حَقِّ الْأُخْتِ وَالْأَخِ؛ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ مَتَى رُدَّ بَعْضُهَا تُرَدُّ كُلُّهَا. وَفِي رَوْضَةِ الْفُقَهَاءِ إذَا شَهِدَ لِمَنْ لَا تَجُوزُ لَهُ الشَّهَادَةُ وَلِغَيْرِهِ لَا تَجُوزُ لِمَنْ لَا تَجُوزُ لَهُ الشَّهَادَةُ بِالِاتِّفَاقِ، وَاخْتُلِفَ فِي حَقِّ الْآخَرِ فَقِيلَ تَبْطُلُ، وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ (انْتَهَى) . كَتَبْنَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ أَنَّ شَهَادَةَ الْعَدُوِّ لَا تُقْبَلُ إذَا كَانَتْ؛ لِأَجْلِ الدُّنْيَا؛ 50 - سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى عَدُوِّهِ أَوْ غَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فِسْقٌ وَهُوَ لَا يَتَجَزَّأُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْوَقْفِ: حَاصِلُهُ أَنَّ صِحَّةَ الشَّهَادَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى التَّحَرِّي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، بَلْ عَلَى قِلَّةِ الْجِيرَانِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ (50) قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى عَدُوِّهِ أَوْ غَيْرِهِ: قِيلَ عَلَيْهِ: مُفَادُهُ أَنَّ عَدُوَّ الشَّخْصِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الشَّخْصِ، وَلَا عَلَى غَيْرِهِ، وَلَا مَعْنَى لَهُ إذْ شَهَادَةُ عَدُوِّ زَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو مَقْبُولَةٌ فَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا (انْتَهَى) . أَقُولُ: حَيْثُ كَانَ عَدَمُ قَبُولِ شَهَادَةِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّهُ يَفْسُقُ بِالْعَدَاوَةِ، وَالْفِسْقُ مِمَّا لَا يَتَجَزَّأُ فَلَهُ مَعْنًى. وَلَيْسَ فِي الْعِبَارَةِ

وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ اخْتِلَافُ الشَّاهِدَيْنِ مَانِعٌ مِنْ قَبُولِهَا؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا طَابَقَ الدَّعْوَى، وَالْآخَرَ خَالَفَهَا، وَكَتَبْنَا فِي الْفَوَائِدِ الْمُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ. ، 52 - وَمِنْهَا الْقَضَاءُ؛ فَإِذَا امْتَنَعَ الْقَضَاءُ لِلْبَعْضِ امْتَنَعَ لِلْبَاقِينَ، كَمَا فِي شَهَادَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ. وَمِنْهَا بَابُ الْعِبَادَاتِ؛ 53 - فَلَوْ نَوَى صَوْمَ جَمِيعِ الشَّهْرِ فِيمَا عَدَا الْيَوْمَ الْأَوَّلَ. وَلَيْسَ مِنْهُ مَا إذَا عَجَّلَ زَكَاةَ سَنَتَيْنِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ بَعْدَ مِلْكِ النِّصَابِ فَهُوَ صَحِيحٌ فِيهِمَا، وَإِلَّا فَلَا فِيهِمَا. 54 - وَلَيْسَ مِنْهُ أَيْضًا مَا إذَا نَوَى حَجَّتَيْنِ وَأَحْرَمَ بِهِمَا مَعًا؛ فَإِنَّا نَقُولُ بِدُخُولِهِ فِيهِمَا لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ رَفْضِهِ لِإِحْدَاهُمَا كَمَا عُلِمَ فِي بَابِ إضَافَةِ الْإِحْرَامِ إلَى الْإِحْرَامِ، وَلَيْسَ مِنْهُ مَا إذَا نَوَى التَّيَمُّمَ لِفَرْضَيْنِ؛؛ لِأَنَّا نَقُولُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالتَّيَمُّمِ الْوَاحِدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQسَقْطٌ، وَحِينَئِذٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ لَوْ كَانَ عَدَمُ الْقَبُولِ مَبْنِيًّا عَلَى التُّهْمَةِ فَتَأَمَّلْ. (51) قَوْلُهُ: وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ: الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ " بِهَذَا " مَا ذَكَرَ مِنْ أَغْلَبِيَّةِ الْحَلَالِ الْحَرَامَ مَعَ أَنَّ الْفَرْعَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ مِنْهُ (52) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الْقَضَاءُ فَإِنْ امْتَنَعَ الْقَضَاءُ مِنْ الْبَعْضِ؛ كَمَا إذَا قَضَى لِابْنِهِ وَغَيْرِهِ، وَحَيْثُ امْتَنَعَ الْقَضَاءُ لَهُمَا فَلَا وَجْهَ لِجَعْلِهِ مِنْ فُرُوعِ أَغْلَبِيَّةِ الْحَلَالِ الْحَرَامَ. (53) قَوْلُهُ: فَلَوْ نَوَى صَوْمَ جَمِيعِ الشَّهْرِ، إنْ قِيلَ: كَيْفَ يَكُونُ هَذَا مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْقَاعِدَةِ وَلَا حَرَامَ هُنَا؟ أُجِيبَ بِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ يُشْبِهُ الْحَرَامَ فَحَيْثُ جَمَعَ بَيْنَ مَا لَا يَصِحُّ، وَمَا يَصِحُّ فَكَأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ، وَهُوَ كَافٍ فِي جَعْلِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ جُزْئِيَّاتِهَا، وَمِنْ هَذَا الْجَوَابِ يَخْرُجُ الْجَوَابُ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا تَقَدَّمَ (54) قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهُ مَا إذَا نَوَى التَّيَمُّمَ لِفَرْضَيْنِ إلَخْ؛ نَعَمْ هُوَ مِنْهُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَمَا عُرِفَ فِي مَحَلِّهِ

مَا شَاءَ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ 55 - وَمِنْهَا: مَا إذَا صَلَّى عَلَى حَيٍّ وَمَيِّتٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ عَلَى الْمَيِّتِ 56 - وَمِنْهَا: مَا إذَا اسْتَنْجَى لِلْبَوْلِ بِحَجَرٍ ثُمَّ نَامَ فَاحْتَلَمَ فَأَمْنَى فَأَصَابَ ثَوْبَهُ لَمْ يَطْهُرْ بِالْفَرْكِ؛ لِأَنَّ الْبَوْلَ لَا يَطْهُرُ بِهِ فَلَا يَطْهُرُ الْمَنِيُّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَلِهَذَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مَسْأَلَةُ الْمَنِيِّ مُشْكِلَةٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ فَحْلٍ يُمْذِي أَوَّلًا وَالْمَذْيُ لَا يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ تَبَعًا لَهُ (انْتَهَى) . وَقَدْ يُقَالُ: يُمْكِنُ جَعْلُ الْبَوْلِ الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِجْمَارِ تَبَعًا لَهُ أَيْضًا، وَجَوَابُهُ أَنَّ التَّبِيعَةَ فِيمَا هُوَ لَازِمٌ لَهُ وَهُوَ الْمَذْيُ، بِخِلَافِ الْبَوْلِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ 57 - وَمِنْهَا بَابُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ؛ فَلَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ، وَغَيْرَهَا أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ، وَعَبْدَ غَيْرِهِ أَوْ طَلَّقَهَا أَرْبَعًا نَفَذَ فِيمَا يَمْلِكُهُ وَمِنْهَا: وَلَوْ اسْتَعَارَ شَيْئًا؛ لِيَرْهَنَهُ عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ فَرَهَنَهُ بِأَزْيَدَ قَالَ فِي الْكَنْزِ: وَلَوْ عَيَّنَ قَدْرًا أَوْ جِنْسًا أَوْ بَلَدًا فَخَالَفَ، ضَمَّنَ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِنْهَا إذَا صَلَّى عَلَى حَيٍّ وَمَيِّتٍ إلَخْ: ذَكَرَ السُّيُوطِيّ فِي الْأَشْبَاهِ فِي النِّيَّةِ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ أَنَّ نَظِيرَ ذَلِكَ مَنْ صَلَّى عَلَى مَوْتَى لَا يَجِبُ تَعْيِينُ عَدَدِهِمْ، فَلَوْ اعْتَقَدَهُمْ عَشَرَةً فَبَانُوا أَكْثَرَ أَعَادَ عَلَى الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ، وَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ فَالْأَظْهَرُ الصِّحَّةُ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ (56) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا مَا إذَا اسْتَنْجَى بِحَجَرٍ إلَخْ: الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْحَجَرَ مُخَفِّفٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ قَالِعٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ، لَا تَرِدُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ. قَوْلُهُ: وَلِذَا قَالَ إلَخْ: فِيهِ أَنَّهُمَا مِمَّا جُمِعَ فِيهَا بَيْنَ مَا يَصِحُّ وَمَا لَا يَصِحُّ لَا بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ، وَغَلَبَ الْحَلَالُ الْحَرَامَ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ (57) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا بَابُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ.

[تنبيه على قاعدة إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام]

أَوْ الْمُرْتَهِنَ (انْتَهَى) . وَاسْتَثْنَى الشَّارِحُ مَا إذَا عَيَّنَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَرَهَنَهُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ؛ فَإِنَّهُ لَا يُضَمَّنُ 58 -؛ لِكَوْنِهِ خِلَافًا إلَى خَيْرٍ (انْتَهَى) وَمِنْهَا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ وَقْفَهُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، فَزَادَ النَّاظِرُ عَلَيْهَا؛ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْفَسَادُ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ 59 - لَا فِيمَا زَادَ عَلَى الْمَشْرُوطِ 60 -؛ لِأَنَّهَا كَالْبَيْعِ لَا يَقْبَلُ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ ثُمَّ قَالَ: وَالْعَقْدُ إذَا فَسَدَ فِي بَعْضِهِ فَسَدَ فِي جَمِيعِهِ . (تَنْبِيهٌ) : 61 - وَلَيْسَ مِنْ الْقَاعِدَةِ؛ مَا إذَا اجْتَمَعَ فِي الْعِبَادَاتِ جَانِبُ الْحَضَرِ، وَجَانِبُ السَّفَرِ فَإِنَّا لَا نُغَلِّبُ جَانِبَ الْحَضَرِ وَمُقْتَضَاهَا تَغْلِيبُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ خِلَافًا إلَخْ: اُسْتُفِيدَ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِكَوْنِ الْمُعَيَّنِ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ اتِّفَاقِيٌّ فَإِذَا عَيَّنَ لَهُ قَدْرًا أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ فَرَهَنَ فِي أَقَلِّ مِنْهُ لَمْ يُضَمَّنْ؛ لِأَنَّهُ خِلَافٌ إلَى خَيْرٍ (59) قَوْلُهُ: لَا فِيمَا زَادَ عَلَى الشُّرُوطِ: أَقُولُ: صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِالْفَسَادِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ. (60) قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا كَالْبَيْعِ لَا تَقْبَلُ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ: فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَمَعَ بَيْنَ عَبْدٍ مُدَبَّرٍ أَوْ مِلْكٍ وَوَقْفٍ صَحَّ فِي الْعَبْدِ وَالْمِلْكِ وَيَبْطُلُ فِيمَا عَدَاهُمَا [تَنْبِيهٌ عَلَى قَاعِدَةِ إذَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ غَلَبَ الْحَرَامُ] (61) قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْ الْقَاعِدَةِ مَا إذَا اُجْتُمِعَ بَيْنَ الْعِبَادَاتِ إلَخْ: قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَمَنْ ابْتَدَأَ الْمَسْحَ، وَهُوَ مُقِيمٌ إلَخْ: لَمْ يَجْتَمِعْ الْإِقَامَةُ وَالسَّفَرُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَكَانَ الِاعْتِبَارُ لِلْمَوْجُودِ، وَهُوَ السَّفَرُ (انْتَهَى) . وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي فَصْلِ الْعَوَارِضِ: وَصَوْمُهُ أَحَبُّ مَا نَصُّهُ فِي الْمُحِيطِ: لَوْ أَرَادَ الْمُسَافِرُ أَنْ يُقِيمَ فِي مِصْرٍ أَوْ يَدْخُلَ فِي مِصْرِهِ كُرِهَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ؛ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي الْيَوْمِ الْمُبِيحُ، وَهُوَ السَّفَرُ، وَالْمُحَرِّمُ، وَهُوَ الْإِقَامَةُ فَرَجَّحْنَا الْمُحَرِّمَ احْتِيَاطًا. (انْتَهَى) تَأَمَّلْ

لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ الْمُبِيحُ وَالْمُحَرِّمُ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - قَالُوا فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ: وَلَوْ ابْتَدَأَ، وَهُوَ مُقِيمٌ فَسَافَرَ قَبْلَ إتْمَامِ يَوْمٍ، وَلَيْلَةٍ انْتَقَلَتْ مُدَّتُهُ إلَى مُدَّةِ الْمُسَافِرِ فَيَمْسَحُ ثَلَاثًا، وَلَوْ كَانَ عَلَى عَكْسِهِ انْتَقَلَتْ إلَى مُدَّةِ الْمُقِيمِ، وَمُقْتَضَاهَا اعْتِبَارُ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ فِيهِمَا تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْحَضَرِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُ لَوْ مَسَحَ أَحَدَ الْخُفَّيْنِ حَضَرَا، وَالْآخَرَ سَفَرًا فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ طَرْدًا لِلْقَاعِدَةِ، وَأَمَّا عِنْدَنَا فَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّ مُدَّتَهُ مُدَّةُ الْمُسَافِرِ 62 - وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ قَاصِرًا فَبَلَغَتْ سَفِينَتُهُ دَارَ إقَامَتِهِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ، وَلَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ فِي دَارِ الْإِقَامَةِ فَسَارَتْ سَفِينَتُهُ فَلَيْسَ لَهُ الْقَصْرُ، 63 - وَلَمْ أَرَهُمَا الْآنَ. وَعِنْدَنَا فَائِتَةُ السَّفَرِ إذَا قَضَاهَا فِي الْحَضَرِ يَقْضِيهَا رَكْعَتَيْنِ، وَعَكْسُهُ يَقْضِيهَا أَرْبَعًا؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ، وَأَمَّا بَابُ الصَّوْمِ فَإِذَا صَامَ مُقِيمًا فَسَافَرَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ أَوْ عَكْسُهُ حُرِّمَ الْفِطْرُ (فَصْلٌ) : تَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَاعِدَةُ إذَا تَعَارَضَ الْمَانِعُ، وَالْمُقْتَضِي فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ الْمَانِعُ؛ فَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ الْمَاءُ عَنْ سُنَنِ الطَّهَارَةِ حُرِّمَ فِعْلُهَا، وَلَوْ جَرَحَهُ جُرْحَيْنِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ مَضْمُونًا، وَهَدَرًا، وَمَاتَ بِهِمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ قَاصِرًا إلَخْ: يُسْتَفَادُ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِهِ أَنَّهَا مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْقَاعِدَةِ؛ لِأَنَّ الْحَضَرَ مُحَرِّمٌ لِلْقَصْرِ، وَالسَّفَرَ مُبِيحٌ لَهُ، وَقَدْ غَلَّبَ جَانِبَ الْحَضَرِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ مُقِيمًا فَسَارَتْ السَّفِينَةُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ، وَهُوَ تَغْلِيبٌ لِجَانِبِ الْمُحَرِّمِ. (63) قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَهُمَا الْآنَ أَقُولُ: قَدْ ذَكَرَهُمَا الزَّيْلَعِيُّ فِي بَابِ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: وَلَوْ مَسَحَ مُقِيمٌ فَسَافَرَ قَبْلَ يَوْمٍ، وَلَيْلَةٍ إلَخْ فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْتَ

[خرجت عن قاعدة إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام مسائل]

فَلَا قِصَاصَ [خَرَجَتْ عَنْ قَاعِدَةِ إذَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ غَلَبَ الْحَرَامُ مَسَائِلُ] [الْأُولَى لَوْ اُسْتُشْهِدَ الْجُنُبُ] . وَخَرَجَتْ عَنْهَا مَسَائِلُ: 64 - الْأُولَى: لَوْ اُسْتُشْهِدَ الْجُنُبُ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَمُقْتَضَاهَا أَنْ لَا يُغَسَّلَ كَقَوْلِهِمَا 65 - الثَّانِيَةُ: لَوْ اخْتَلَطَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتَى الْكُفَّارِ فَمُقْتَضَاهَا عَدَمُ التَّغْسِيلِ لِلْكُلِّ 66 -، وَالشَّافِعِيَّةُ قَالُوا بِتَغْسِيلِ الْكُلِّ، وَلَمْ يُفَصِّلُوا، فَأَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فَصَّلُوا فَقَالَ الْحَاكِمُ فِي الْكَافِي مِنْ كِتَابِ التَّحَرِّي: وَإِذَا اخْتَلَطَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ، وَمَوْتَى الْكُفَّارِ فَمَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْمُسْلِمِينَ صُلِّيَ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْكُفَّارِ تُرِكَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِمْ عَلَامَةٌ، وَالْمُسْلِمُونَ أَكْثَرُ غُسِّلُوا، وَكُفِّنُوا، وَصُلِّيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ إذَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ] قَوْلُهُ: الْأُولَى: لَوْ اُسْتُشْهِدَ الْجُنُبُ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ. وَكَذَا الْحَائِضُ، وَالنُّفَسَاءُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي السِّرَاجِ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَعْدَ الطَّهَارَةِ أَوْ قَبْلَ الِانْقِطَاعِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي الْمَجْنُونِ كَمَا فِي الْبَحْرِ. قِيلَ: يَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَجْنُونٍ بَلَغَ مَجْنُونًا أَمَّا مَنْ بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ فَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى مَا يُطَهِّرُهُ، إذْ ذُنُوبُهُ الْمَاضِيَةُ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ بِجُنُونِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَجْنُونَ إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى جُنُونِهِ حَتَّى مَاتَ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا مَضَى؛ لِأَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى التَّوْبَةِ، وَلَهُ نَقْلٌ فِي هَذَا الْحُكْمِ. [الثَّانِيَةُ لَوْ اخْتَلَطَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتَى الْكُفَّارِ] (65) قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ: لَوْ اخْتَلَطَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتَى الْكُفَّارِ إلَخْ: قِيلَ: يُعَارِضُهُ كَوْنُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَرْضَ كِفَايَةٍ فَالِاحْتِيَاطُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ بِنِيَّةِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ الْكُفَّارِ. (66) قَوْلُهُ: وَالشَّافِعِيَّةُ قَالُوا بِتَغْسِيلِ الْكُلِّ، وَلَمْ يُفَصِّلُوا أَقُولُ: قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ خَصَّصُوا الْقَاعِدَةَ بِالْحَلَالِ الْمُبَاحِ دُونَ الْحَلَالِ الْوَاجِبِ فَمِنْ ثَمَّ قَالُوا: يُغَسَّلُ الْكُلُّ؛ مُرَاعَاةً لِمَصْلَحَةِ الْوَاجِبِ. ، وَقَدْ رَجَّحُوا الْمَانِعَ عَلَى الْمُقْتَضِي فِي مَسْأَلَةِ الْعُلُوِّ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَضُرُّ ضَرَرًا بَيِّنًا يُمْنَعُ. وَكَذَا إنْ أَشْكَلَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ لَا يُمْنَعُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَالْعِمَادِيَّةِ.

عَلَيْهِمْ، وَيَنْوُونَ بِالصَّلَاةِ، وَالدُّعَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ دُونَ الْكُفَّارِ، وَيُدْفَنُونَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ الْفَرِيقَانِ سَوَاءً أَوْ كَانَتْ الْكُفَّارُ أَكْثَرَ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ، وَيُغَسَّلُونَ، وَيُكَفَّنُونَ، وَيُدْفَنُونَ فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ. (انْتَهَى) وَقَدْ رَجَّحُوا الْمَانِعَ عَلَى الْمُقْتَضِي فِي مَسْأَلَةِ: سُفْلٌ لِرَجُلٍ، وَعُلُوٌّ لِآخَرَ فَإِنْ كُلًّا مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ لِحَقِّ الْآخَرِ فَمِلْكُهُ مُطْلَقٌ لَهُ، وَتَعَلُّقُ حَقِّ الْآخَرِ بِهِ مَانِعٌ، وَكَذَا تَصَرُّفُ الرَّاهِنِ، وَالْمُؤَجِّرِ فِي الْمَرْهُونِ، وَالْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ مَنْعٌ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَالْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْحَقُّ هُنَا عَلَى الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِهِ إلَّا مَنْفَعَةٌ بِالتَّأْخِيرِ، وَفِي تَقْدِيمِ الْمِلْكِ 67 - تَفْوِيتُ عَيْنٍ عَلَى الْآخَرِ. ، وَتَمَامُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ مَسَائِلِ الْحِيطَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تَفْوِيتُ عَيْنٍ عَلَى الْآخَرِ: قِيلَ: فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَفُوتُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ إلَّا حَقُّ حَبْسِ الْعَيْنِ. وَغَايَتُهُ بَقَاءُ دَيْنِهِ بِلَا رَهْنٍ، وَالْفَائِتُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا، وَلَهُ حَقُّ اسْتِرْدَادِ الْأُجْرَةِ أَوْ بَعْضِهَا لَوْ عَجَّلَ، فَمَا وَجْهُ فَوَاتِ الْعَيْنِ عَلَيْهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَتَحَقَّقُ الْفَوَاتُ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا لَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ مُفْلِسًا، وَكَذَا الْمُؤَجِّرُ مَعَ تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ فَتَأَمَّلْ

[القاعدة الثالثة الإيثار في القرب]

الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ 1 -: لَمْ أَرَهَا الْآنَ لِأَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -، وَأَرْجُو مِنْ كَرَمِ الْفَتَّاحِ أَنْ يَفْتَحَ بِهَا أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ مَسَائِلِهَا؛ 2 -: وَهِيَ الْإِيثَارُ فِي الْقُرَبِ 3 -، وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: الْإِيثَارُ فِي الْقُرَبِ مَكْرُوهٌ، وَفِي غَيْرِهَا مَحْبُوبٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ الْإِيثَارُ فِي الْقُرَبِ] قَوْلُهُ: لَمْ أَرَهَا الْآنَ لِأَصْحَابِنَا إلَخْ: أَقُولُ: فِي الْمُضْمَرَاتِ نَقْلًا عَنْ النِّصَابِ، وَإِنْ سَبَقَ أَحَدٌ بِالدُّخُولِ إلَى الْمَسْجِدِ، وَأَخَذَ مَكَانَهُ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَدَخَلَ رَجُلٌ أَكْبَرُ مِنْهُ سِنًّا أَوْ أَهْلُ عِلْمٍ، يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ، وَيُقَدِّمَهُ تَعْظِيمًا لَهُ (انْتَهَى) . قِيلَ: فَهَذَا مُفِيدٌ لِجَوَازِ الْإِيثَارِ فِي الْقُرَبِ عَمَلًا بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] إلَّا إذَا قَامَ دَلِيلُ تَخْصِيصٍ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْإِيثَارِ فِي الْقُرَبِ مَا قَالُوهُ: إنَّ مِنْ الْآدَابِ أَنْ يُبْدَأَ بِغَسْلِ أَيْدِي الشُّبَّانِ قَبْلَ الطَّعَامِ، وَبِأَيْدِي الشُّيُوخِ بَعْدَهُ فَالشُّيُوخُ يُؤْثِرُونَ الشُّبَّانَ قَبْلَهُ، وَيُقَدِّمُونَهُمْ، وَالشُّبَّانُ يُؤْثِرُونَ الشُّيُوخَ بَعْدَهُ مَعَ أَنَّ غَسْلَ الْأَيْدِي قَبْلَ الطَّعَامِ، وَبَعْدَهُ سُنَّةٌ فَهَذَا إيثَارٌ فِي الْقُرَبِ (انْتَهَى) ، وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. (2) قَوْلُهُ: وَهِيَ الْإِيثَارُ فِي الْقُرَبِ: الْإِيثَارُ: أَنْ يُؤْثِرَ غَيْرَهُ بِالشَّيْءِ مَعَ حَاجَتِهِ إلَيْهِ، وَعَكْسُهُ الْأَثَرَةُ، وَهِيَ اسْتِيثَارُهُ عَنْ أَخِيهِ بِمَا هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً» ، وَالْإِيثَارُ ضَرْبَانِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ فِيمَا لِلنَّفْسِ فِيهِ حَظٌّ فَهُوَ مَطْلُوبٌ كَالْمُضْطَرِّ يُؤْثِرُ بِطَعَامِهِ غَيْرَهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ مُسْلِمًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] . وَالثَّانِي: فِي الْقُرَبِ كَمَنْ يُؤْثِرُ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ غَيْرَهُ، وَيَتَأَخَّرُ أَوْ يُؤْثِرُهُ بِقُرْبِهِ مِنْ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ. (3) قَوْلُهُ: قَالَ الشَّافِعِيَّةُ: الْإِيثَارُ فِي الْقُرَبِ مَكْرُوهٌ: أَقُولُ: قَدْ قَدَّمْنَا

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] ، وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: لَا إيثَارَ فِي الْقُرُبَاتِ فَلَا إيثَارَ بِمَاءِ الطَّهَارَةِ، وَلَا بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَلَا بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ بِالْعِبَادَاتِ التَّعْظِيمُ، وَالْإِجْلَالُ؛ فَمَنْ آثَرَ بِهِ فَقَدْ تَرَكَ إجْلَالَ الْإِلَهِ، وَتَعْظِيمَهُ. وَقَالَ الْإِمَامُ: لَوْ دَخَلَ الْوَقْتُ، وَمَعَهُ مَاءٌ يَتَوَضَّأُ بِهِ فَوَهَبَهُ لِغَيْرِهِ؛ لِيَتَوَضَّأَ بِهِ لَمْ يَجُزْ، لَا أَعْرِفُ فِيهِ خِلَافًا؛ لِأَنَّ الْإِيثَارَ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالنُّفُوسِ لَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقُرَبِ، وَالْعِبَادَاتِ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ: لَا يُقَامُ أَحَدٌ مِنْ مَجْلِسِهِ لِيُجْلَسَ فِي مَوْضِعِهِ فَإِنْ قَامَ بِاخْتِيَارِهِ لَمْ يُكْرَهْ، فَإِنْ انْتَقَلَ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْإِمَامِ كُرِهَ. قَالَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: لِأَنَّهُ آثَرَ بِالْقُرْبَةِ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْفُرُوقِ: مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَمَعَهُ مَاءٌ يَكْفِيهِ بِطَهَارَتِهِ، وَهُنَاكَ مَنْ يَحْتَاجُهُ لِلطَّهَارَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْإِيثَارُ، وَلَوْ أَرَادَ الْمُضْطَرُّ إيثَارَ غَيْرِهِ بِالطَّعَامِ؛ لِاسْتِبْقَاءِ مُهْجَتِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ خَافَ فَوَاتَ مُهْجَتِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَقَّ فِي الطَّهَارَةِ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَسُوغُ فِيهِ الْإِيثَارُ، وَالْحَقُّ فِي حَالِ الْمَخْمَصَةِ لِنَفْسِهِ. 4 - وَكُرِهَ إيثَارُ الطَّالِبِ غَيْرَهُ بِنَوْبَتِهِ فِي الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْعِلْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ قَرِيبًا أَنَّ الْإِيثَارَ فِي الْقُرَبِ لَا يَجُوزُ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُمْ يُقَالُ لِلْمَكْرُوهِ غَيْرُ جَائِزٍ فَلَا مُخَالَفَةَ حِينَئِذٍ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ (4) قَوْلُهُ: وَكُرِهَ إيثَارُ الطَّالِبِ غَيْرَهُ بِنَوْبَتِهِ: قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا فِيمَنْ فَاتَ نَوْبَتَهُ بِإِيثَارِهِ، وَأَمَّا إيثَارُ مُجَرَّدِ تَقْدِيمِ نَوْبَتِهِ فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ.

وَالْمُسَارَعَةَ إلَيْهِ قُرْبَةٌ، وَالْإِيثَارُ بِالْقُرَبِ مَكْرُوهٌ 5 - قَالَ الْأَسْيُوطِيُّ: مِنْ الْمُشْكِلِ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَنْ جَاءَ، وَلَمْ يَجِدْ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ فُرْجَةً فَإِنَّهُ يَجُرُّ شَخْصًا بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَيُنْدَبُ لِلْمَجْرُورِ أَنْ يُسَاعِدَهُ، فَهَذَا يُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ قُرْبَةً، وَهُوَ أَجْرُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ (انْتَهَى) . ثُمَّ رَأَيْت فِي الْهِبَةِ مِنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي 6 - فَقِيرٌ مُحْتَاجٌ مَعَهُ دَرَاهِمُ فَأَرَادَ أَنْ يُؤْثِرَ عَلَى نَفْسِهِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَصْبِرُ عَلَى الشِّدَّةِ فَالْإِيثَارُ أَفْضَلُ، وَإِلَّا فَالْإِنْفَاقُ عَلَى نَفْسِهِ أَفْضَلُ (انْتَهَى) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَالَ السُّيُوطِيّ: وَمِنْ الْمُشْكِلِ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قِيلَ: قَدْ يُقَالُ لَا إشْكَالَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ دَفْعِ الْمَكْرُوهِ عَنْ الْمُفْرَدِ، وَتَأَخُّرِهِ مَعَهُ لِدَفْعِهِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْإِيثَارِ بِالْفَضِيلَةِ فَلَا إيثَارَ إذَنْ، وَأَمَّا مَا فِي الْمُنْيَةِ فَهُوَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَصَرْفُهُ لِنَفْسِهِ أَهَمُّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «ابْدَأْ بِنَفْسِك» (انْتَهَى) ، وَقِيلَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ يَفُوتُ لَكِنْ تَحْصُلُ لَهُ قُرْبَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُنْفَرِدًا فِي الصَّفِّ، وَهَذَا مِمَّا يُسَاوِي الْقُرْبَةَ الْأُولَى بِخِلَافِ فَوَاتِ الْقِرَاءَةِ فَإِنَّ إيثَارَهُ لَا يُوَازِي بِهِ فَتَأَمَّلْ (6) قَوْلُهُ: فَقِيرٌ مُحْتَاجٌ إلَخْ: لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْإِيثَارِ فِي الْقُرَبِ لِمَا قَدَّمَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ: ثُمَّ رَأَيْت فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي أَنَّهُ مِنْهُ

[القاعدة الرابعة التابع تابع وتدخل فيها قواعد]

الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ 1 - التَّابِعُ تَابِعٌ تَدْخُلُ فِيهَا قَوَاعِدُ. الْأُولَى: أَنَّهُ لَا يُفْرَدُ بِالْحُكْمِ، وَمِنْ فُرُوعِهَا الْحَمْلُ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأُمِّ تَبَعًا، وَلَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ، وَالْهِبَةُ كَالْبَيْعِ. 2 - وَمِنْهَا الشُّرْبُ، وَالطَّرِيقُ يَدْخُلَانِ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ تَبَعًا، وَلَا يُفْرَدَانِ بِالْبَيْعِ عَلَى الْأَظْهَرِ ، وَمِنْهَا لَا كَفَّارَةَ فِي قَتْلِ الْحَمْلِ، وَمِنْهَا لَا لِعَانَ بِنَفْيِهِ . وَخَرَجَتْ عَنْهَا مَسَائِلُ: مِنْهَا يَصِحُّ إعْتَاقُ الْحَمْلِ دُونَ أُمِّهِ بِشَرْطِ أَنْ تَلِدَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَمِنْهَا 3 - يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْوَصِيَّةِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَمِنْهَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ لَهُ، وَلَوْ بِحِمْلِ دَابَّةٍ. وَمِنْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ التَّابِعُ تَابِعٌ وَتَدْخُلُ فِيهَا قَوَاعِدُ] [الْأُولَى أَنَّهُ لَا يُفْرَدُ بِالْحُكْمِ] قَوْلُهُ: التَّابِعُ تَابِعٌ: أَيْ غَيْرُ مُنْفَكٍّ عَنْ مَتْبُوعِهِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ سَقَطَ مَا قِيلَ: هَذَا الْحَمْلُ غَيْرُ مُفِيدٍ، إذْ لَا يُقَالُ الْقَائِمُ قَائِمٌ فَتَأَمَّلْ. (2) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الشُّرْبُ، وَالطَّرِيقُ، مُرَادُهُ بَيْعُ حَقِّ الْمُرُورِ، وَأَمَّا بَيْعُ رَقَبَةِ الطَّرِيقِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَحْدُودَةً أَوْ لَا، فَهُوَ صَحِيحٌ أَمَّا إذَا كَانَتْ مَحْدُودَةً فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَحْدُودَةٍ فَيُقَدَّرُ بِعَرْضِ بَابِ الدَّارِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ، وَأَمَّا بَيْعُ حَقِّ الْمُرُورِ فَيُصْبِحُ تَبَعًا بِالْإِجْمَاعِ، وَوَحَّدَهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ، وَفِي رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ لَا يَجُوزُ، وَصَحَّحَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مِنْ الْحُقُوقِ، وَبَيْعُ الْحُقُوقِ بِالِانْفِرَادِ لَا يَجُوزُ، وَالشُّرْبُ كَحَقِّ الْمُرُورِ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ بِالْإِجْمَاعِ، وَوَحَّدَهُ فِي رِوَايَةٍ، وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِ بَلْخِي؛ لِأَنَّهُ نَصِيبٌ مِنْ الْمَاءِ، وَلَمْ يَجُزْ فِي الْأُخْرَى، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَهْلِ بُخَارَى لِلْجَهَالَةِ (3) قَوْلُهُ: يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْوَصِيَّةِ فِي الْفَتْحِ: وَأَمَّا تَوْرِيثُهُ، وَالْوَصِيَّةُ بِهِ، وَلَهُ فَلَا تَثْبُتُ لَهُ إلَّا بَعْدَ الِانْفِصَالِ فَتَثْبُتُ لِلْوَلَدِ لَا لِلْحَمْلِ، وَأَمَّا الْعِتْقُ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ

يَصِحُّ الْإِقْرَارُ لَهُ إنْ بَيَّنَ الْمُقِرُّ سَبَبًا صَالِحًا، وَوُلِدَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يَرِثُ بِشَرْطِ وِلَادَتِهِ حَيًّا، وَمِنْهَا أَنَّهُ يُورَثُ فَتُقَسَّمُ الْغُرَّةُ بَيْنَ، وَرَثَةِ الْجَنِينِ إذَا ضَرَبَتْ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْهُ. وَمِنْهَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ سَبَبًا إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلِّ الْمُدَّةِ فِي الْآدَمِيِّ 5 - وَفِي مُدَّةٍ يُتَصَوَّرُ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فِي الْبَهَائِمِ، وَمِنْهَا صِحَّةُ تَدْبِيرِهِ، وَمِنْهَا ثُبُوتُ نَسَبِهِ. 6 - فَقَوْلُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ فِي بَابِ اللِّعَانِ: إنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَتَرَتَّبُ عَلَى الْحَمْلِ قَبْلَ، وَضْعِهِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ لِمَا عَلِمْت مِنْ ثُبُوتِ الْأَحْكَامِ لَهُ قَبْلَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالشَّرْطِ فَعِتْقُهُ مُعَلَّقٌ مَعْنًى (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْحَمْلِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ، وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى، وَقَدْ وَقَعَ الِاسْتِفْتَاءُ عَمَّا لَوْ نَصَّبَ الْقَاضِي، وَصِيًّا عَلَى الْحَمْلِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُفِيدُ عَدَمَ الصِّحَّةِ. (4) قَوْلُهُ: يَصِحُّ الْإِقْرَارُ لَهُ إلَخْ: فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ نَقْلًا عَنْ الْيَنَابِيعِ: الصَّحِيحُ لِهَذَا الْإِقْرَارِ إنَّمَا هُوَ الْوَصِيَّةُ بِالْحَمْلِ بِشَرْطِ أَنْ يُولَدَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (انْتَهَى) . وَفِيهِ أَنَّ لَازِمَ الْإِقْرَارِ مِلْكُ الْمُقَرِّ لَهُ الْمُقَرَّ بِهِ حِينَ الْإِقْرَارِ. (5) قَوْلُهُ: وَفِي مُدَّةٍ يُتَصَوَّرُ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فِي الْبَهَائِمِ: قَالَ الْخُجَنْدِيُّ: الْإِقْرَارُ بِالْحَمْلِ جَائِزٌ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَوْلَى، وَكَذَا بِمَا فِي بَطْنِ دَابَّتِهِ إذَا عُلِمَ وُجُودُهُ فِي الْبَطْنِ، وَأَقَلُّ مُدَّةِ حَمْلِ الدَّوَابِّ سِوَى الشِّيَاهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَأَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ فِي الشِّيَاهِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ. وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ صَاحِبِ الْيَنَابِيعِ الْمُصَحِّحِ لِهَذَا الْإِقْرَارِ الْوَصِيَّةُ بِالْحَمْلِ (6) قَوْلُهُ: فَقَوْلُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ إلَخْ: قِيلَ: لَا مَانِعَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ الْأَحْكَامَ أَيْ أَحْكَامَ اللِّعَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ.

[الثانية التابع يسقط بسقوط المتبوع]

فَالْمُرَادُ بَعْضُهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْعِنَايَةِ. ، وَخَرَجَ عَنْهَا أَيْضًا مَا لَوْ قَالَ الْمَدْيُونُ تَرَكْت الْأَجَلَ أَوْ أَبْطَلْته أَوْ جَعَلْت الْمَال حَالًّا فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الْأَجَلُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَغَيْرِهَا؛ مَعَ أَنَّهُ صِفَةٌ لِلدَّيْنِ، وَالصِّفَةُ تَابِعَةٌ لِمَوْصُوفِهَا فَلَا تُفْرَدُ بِحُكْمٍ. وَمِمَّا خَرَجَ عَنْهَا لَوْ أَسْقَطَ الْجَوْدَةَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا حَقُّهُ كَمَا فِي الْأَصْلِ، وَمِمَّا خَرَجَ عَنْهَا لَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي حَبْسِ الرَّهْنِ، قَالُوا صَحَّ، ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ فِي الْفُصُولِ وَمِنْهُ الْكَفِيلُ لَوْ أَبْرَأَهُ الطَّالِبُ صَحَّ، 8 - مَعَ أَنَّ الرَّهْنَ وَالْكَفِيلَ تَابِعَانِ لِلدَّيْنِ، وَهُوَ بَاقٍ، وَوَافَقْنَا الشَّافِعِيَّةُ فِي الرَّهْنِ، وَالْكَفِيلِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَخَالَفُونَا فِي الْأَجَلِ، وَالْجَوْدَةِ فَارِقِينَ بِأَنَّ شَرْطَ الْقَاعِدَةِ أَنْ لَا يَكُونَ الْوَصْفُ مِمَّا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ، فَإِنْ أُفْرِدَ كَالرَّهْنِ، وَالْكَفِيلِ أُفْرِدَ بِالْحُكْمِ. الثَّانِيَةُ: التَّابِعُ يَسْقُطُ بِسُقُوطِ الْمَتْبُوعِ مِنْهَا مَنْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ فِي أَيَّامِ الْجُنُونِ، وَقُلْنَا بِعَدَمِ الْقَضَاءِ لَا يَقْضِي سُنَنَهَا الرَّوَاتِبَ ، وَمِنْهَا مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ، وَتَحَلَّلَ بِأَفْعَالٍ لَا يَأْتِي بِالرَّمْيِ، وَالْمَبِيتِ؛ لِأَنَّهُمَا تَابِعَانِ لِلْوُقُوفِ، وَقَدْ سَقَطَ، 9 - وَمِنْهَا لَوْ مَاتَ الْفَارِسُ سَقَطَ سَهْمُ الْفَرَسِ لَا عَكْسُهُ. ، وَخَرَجَ عَنْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ بَعْضُهَا: يَعْنِي فَيَكُونُ عُمُومُ الْجَمْعِ الْمُحَلَّى بِاللَّامِ مِنْ قَبِيلِ الْكُلِّيِّ لَا الْكُلِّيَّةِ (8) قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الرَّهْنَ، وَالْكَفِيلَ تَابِعَانِ لِلدَّيْنِ: قِيلَ: فِي عَطْفِ الْكَفِيلِ عَلَى الرَّهْنِ شَيْءٌ فَتَأَمَّلْ (انْتَهَى) . أَقُولُ: لَعَلَّ مُرَادَهُ بِالشَّيْءِ أَنَّ الْكَفِيلَ لَيْسَ تَابِعًا لِلدَّيْنِ بَلْ لِلْأَصِيلِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ، وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ فِي التَّبَعِيَّةِ، وَوَجْهُ التَّأَمُّلِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ أَنَّ الْكَفِيلَ لَمَّا كَانَ يُمْكِنُ وَفَاءُ الدَّيْنِ مِنْهُ كَمَا يُمْكِنُ مِنْ الرَّهْنِ جُعِلَ تَابِعًا لِلدَّيْنِ [الثَّانِيَةُ التَّابِعُ يَسْقُطُ بِسُقُوطِ الْمَتْبُوعِ] (9) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا لَوْ مَاتَ الْفَارِسُ سَقَطَ سَهْمُ الْفَرَسِ لَا عَكْسُهُ: ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ

[تنبيه يسقط الفرع إذا سقط الأصل]

مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي دِيوَانِ الْخَرَاجِ كَالْمُقَاتِلَةِ، وَالْعُلَمَاءِ، وَطَلَبَتِهِمْ، وَالْمُفْتِينَ، وَالْفُقَهَاءِ، يُفْرَضُ لِأَوْلَادِهِمْ تَبَعًا 10 - وَلَا يَسْقُطُ بِمَوْتِ الْأَصْلِ تَرْغِيبًا،، وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ، وَمِمَّا خَرَجَ عَنْهَا: 11 - الْأَخْرَسُ يَلْزَمُهُ تَحْرِيكُ اللِّسَانِ فِي تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ، وَالتَّلْبِيَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ، أَمَّا بِالْقِرَاءَةِ فَلَا عَلَى الْمُخْتَارِ مَعَ أَنَّ الْمَتْبُوعَ قَدْ سَقَطَ، وَهُوَ التَّلَفُّظُ. وَمِنْهَا إجْرَاءُ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِ الْأَقْرَعِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْمُخْتَارِ. [تَنْبِيهٌ يَسْقُطُ الْفَرْعُ إذَا سَقَطَ الْأَصْلُ] تَنْبِيهٌ: يَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ مَا قِيلَ؛ يَسْقُطُ الْفَرْعُ إذَا سَقَطَ الْأَصْلُ، وَمِنْ فُرُوعِهِ قَوْلُهُمْ: إذَا بَرِئَ الْأَصِيلُ بَرِئَ الْكَفِيلُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَقَدْ يَثْبُتُ الْفَرْعُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ أَوْ لَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا مَاتَ قَبْلَ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ. قَالَ فِي النُّقَايَةِ: وَيُعْتَبَرُ أَيْ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مُجَاوَرَةُ الدَّرْبِ (10) قَوْلُهُ: وَلَا يَسْقُطُ بِمَوْتِ الْأَصْلِ تَرْغِيبًا إلَخْ: قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُتُونِ أَنَّ الذَّرَارِيَّ يُعْطَوْنَ بَعْدَ مَوْتِ آبَائِهِمْ كَمَا يُعْطَوْنَ فِي حَيَاتِهِمْ، وَتَعْلِيلُ الْمَشَايِخِ بِأَنَّ عَلَى الْآبَاءِ عُمْلَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَنَفَقَةَ الذَّرَارِيّ عَلَى الْآبَاءِ فَلَوْ لَمْ يُعْطَوْا كِفَايَتُهُمْ لَاحْتَاجُوا إلَى الِاكْتِسَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِحَالِ حَيَاةِ آبَائِهِمْ. قَالَ: وَلَمْ أَرَ نَقْلًا صَرِيحًا فِي الْإِعْطَاءِ بَعْدَ مَوْتِ آبَائِهِمْ حَالَ الصِّغَرِ (انْتَهَى) . يَعْنِي، وَلَا نَقْلًا صَرِيحًا فِي عَدَمِ الْإِعْطَاءِ، بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: إذَا وَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَ ظَاهِرِ الْمُتُونِ، وَتَعْلِيلِ الْمَشَايِخِ أَيُّهُمَا يَتَرَجَّحُ فَيَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى الْآخَرِ فَلْيُحَرَّرْ. (11) قَوْلُهُ: الْأَخْرَسُ يَلْزَمُهُ تَحْرِيكُ اللِّسَانِ إلَخْ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَحْرِيكُ اللِّسَانِ، قَالَ فِي الْمُحِيطِ: الْأَخْرَسُ، وَالْأُمِّيُّ افْتَتَحَا بِالنِّيَّةِ أَجْزَأَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا أَتَيَا بِأَقْصَى مَا فِي وُسْعِهِمَا. وَفِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي: وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا تَحْرِيكُ اللِّسَانِ عِنْدَنَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ

[الثالثة التابع لا يتقدم على المتبوع]

الْأَصْلُ. وَمِنْ فُرُوعِهِ لَوْ قَالَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو أَلْفٌ، وَأَنَا ضَامِنٌ بِهِ فَأَنْكَرَ عَمْرٌو لَزِمَ الْكَفِيلَ إذَا ادَّعَاهَا زَيْدٌ دُونَ الْأَصِيلِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. ، وَمِنْهَا لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ الْخُلْعَ فَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ بَانَتْ، وَلَمْ يَثْبُتْ الْمَالُ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي الْخُلْعِ، وَمِنْهَا لَوْ قَالَ بِعْت عَبْدِي مِنْ زَيْدٍ فَأَعْتَقَهُ فَأَنْكَرَ زَيْدٌ عِتْقَ الْعَبْدِ، وَلَمْ يُثْبِتْ الْمَالَ، وَمِنْهَا لَوْ قَالَ بِعْته مِنْ نَفْسِهِ فَأَنْكَرَ الْعَبْدُ عَتَقَ الْعَبْدُ بِلَا عِوَضٍ. [الثَّالِثَةُ التَّابِعُ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَتْبُوعِ] ِ؛ فَلَا يَصِحُّ تَقَدُّمُ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ فِي تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ، وَلَا فِي الْأَرْكَانِ إنْ انْتَقَلَ قَبْلَ مُشَارَكَةِ الْإِمَامِ 12 -، وَفَرَّعَ عَلَيْهِ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ مَا إذَا سَبَقَ إمَامَهُ فِي الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ الرَّابِعَةُ: يُغْتَفَرُ فِي التَّوَابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا، وَقَرِيبٌ مِنْهَا؛ يُغْتَفَرُ فِي الشَّيْءِ ضِمْنًا مَا لَا يُغْتَفَرُ قَصْدًا، وَفِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ، وَالثَّلَاثِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِيمَا يَثْبُتُ ضِمْنًا وَحُكْمًا، وَلَا يَثْبُتُ قَصْدًا. 13 - مِنْهُ: قِنٌّ لَهُمَا أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَوْ شَرَى الْمُعْتِقُ نَصِيبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفَرَّعَ عَلَيْهِ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ مَا إذَا سَبَقَ إمَامَهُ فِي الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ إلَخْ: بِأَنْ سَبَقَهُ بِالرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَأَتَى بِهِمَا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مَعَهُ فَإِنَّهُمَا يَنْتَقِلَانِ إلَى الْأُولَى أَوْ فِي الثَّانِيَةِ، وَأَتَى بِهِمَا فِي الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْتَقِلَانِ إلَى الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ، وَأَتَى بِهِمَا فِي الرَّابِعَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْتَقِلَانِ إلَى الثَّالِثَةِ، وَبَقِيَتْ الرَّابِعَةُ بِلَا رُكُوعٍ، وَسُجُودٍ؛ لِأَنَّهُمَا قَبْلَ الْإِمَامِ لَا يَقَعَانِ مُعْتَبَرَيْنِ فَبَقِيَتْ الرَّابِعَةُ بِلَا رُكُوعٍ وَسُجُودٍ، فَيُصَلِّي رَكْعَةً بِلَا قِرَاءَةٍ، وَتَتِمُّ صَلَاتُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الرُّبَاعِيَّةِ اتِّفَاقِيٌّ [الرَّابِعَةُ يُغْتَفَرُ فِي التَّوَابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا] (13) قَوْلُهُ: مِنْهُ قِنٌّ لَهُمَا: أَيْ مِمَّا يَثْبُتُ ضِمْنًا، وَلَا يَثْبُتُ قَصْدًا، لَكِنْ لَوْ أَدَّى

السَّاكِتِ لَمْ يَجُزْ، وَلَا يَتَمَكَّنُ السَّاكِتُ مِنْ نَقْلِ مِلْكِهِ إلَى أَحَدٍ، لَكِنْ لَوْ أَدَّى الْمُعْتِقُ الضَّمَانَ إلَى السَّاكِتِ مَلَكَ نَصِيبَهُ، ، وَمِنْهُ غَصَبَ قِنًّا فَأَبَقَ مِنْ يَدِهِ، وَضَمَّنَهُ الْمَالِكُ يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ، وَلَوْ شَرَاهُ قَاصِدًا لَمْ يَجُزْ ، وَمِنْهُ فُضُولِيٌّ زَوَّجَهُ امْرَأَةً بِرِضَاهَا ثُمَّ الزَّوْجُ، وَكَّلَهُ بَعْدَهُ بِأَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً 14 - فَقَالَ نَقَضْت ذَلِكَ النِّكَاحَ لَمْ يَنْتَقِضْ، وَلَوْ لَمْ يَنْقُضْهُ قَوْلًا، وَلَكِنْ زَوَّجَهُ إيَّاهَا بَعْدَ ذَلِكَ انْتَقَضَ النِّكَاحُ الْأَوَّلُ. وَمِنْهُ لَوْ شَرَى كَرِيرٌ عَيْنًا، وَأَمَرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِقَبْضِهِ لِلْمُشْتَرَى لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ غِرَارَةً 15 - وَأَمَرَهُ أَنْ يَكِيلَهُ فِيهَا صَحَّ إذْ الْبَائِعُ لَا يَصْلُحُ، وَكِيلًا عَنْ الْمُشْتَرِي فِي الْقَبْضِ قَصْدًا، وَيَصْلُحُ ضِمْنًا، وَحُكْمًا؛ لِأَجْلِ الْغِرَارَةِ. وَمِنْهُ شِرَاءُ مَا لَمْ يَرَهُ فَوَكَّلَ وَكِيلًا بِقَبْضِهِ فَقَالَ الْوَكِيلُ: قَدْ أَسْقَطْت الْخِيَارَ، أَعْنِي خِيَارَ الرُّؤْيَةِ، لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُ الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ قَبَضَهُ الْوَكِيلُ، وَهُوَ يَرَاهُ سَقَطَ خِيَارُ رُؤْيَةِ مُوَكِّلِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - خِلَافًا لَهُمَا. وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ مَنْ لَا تَجُوزُ إجَازَتُهُ ابْتِدَاءً، وَتَجُوزُ انْتِهَاءً ، وَمِنْهُ الْقَاضِي إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُعْتِقُ الضَّمَانَ إلَى السَّاكِتِ مَلَكَ مِنْهُ نَصِيبَهُ، وَفَائِدَتُهُ صَيْرُورَةُ الْوِلَايَةِ جَمِيعًا. (14) قَوْلُهُ: فَقَالَ نَقَضْت ذَلِكَ النِّكَاحَ لَمْ يَنْتَقِضْ: اعْلَمْ أَنَّ الْفُضُولِيَّ فِي النِّكَاحِ لَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ، وَفِي بَابِ الْبَيْعِ يَمْلِكُ، وَالْفَرْقُ كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: أَنَّ الْبَيْعَ يَلْحَقُهُ الْعُهْدَةُ فَيَثْبُتُ لَهُ الرُّجُوعُ كَيْ لَا يَتَضَرَّرَ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّ الْحُقُوقَ تَرْجِعُ إلَى الْمَعْقُودِ لَهُ كَذَا فِي الْفُضُولِيِّ. (15) قَوْلُهُ: وَأَمَرَهُ أَنْ يَكِيلَهُ فِيهَا صَحَّ: أَيْ التَّوْكِيلُ بِالْقَبْضِ الَّذِي فِي ضِمْنِ الْأَمْرِ بِالْكَيْلِ فِي الْغِرَارَةِ

اسْتَخْلَفَ مَعَ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يُفَوِّضْ لَهُ الِاسْتِخْلَافَ لَمْ يَجُزْ، وَمَعَ هَذَا لَوْ حَكَمَ خَلِيفَتُهُ، وَهُوَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ قَاضِيًا، وَجَازَ الْقَاضِي أَحْكَامَهُ يَجُوزُ. وَمِنْهُ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ لَا يَمْلِكُ التَّوْكِيلَ بِهِ 16 -، وَيَمْلِكُ إجَازَةُ بَيْعٍ بَائِعِهِ فُضُولِيٌّ؛ 17 - وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ إذَا أَجَازَ يُحِيطُ عِلْمُهُ بِمَا أَتَى بِهِ خَلِيفَتُهُ 18 - وَوَكِيلُ الْوَكِيلِ كَذَلِكَ، فَتَكُونُ إجَازَتُهُ فِي الِانْتِهَاءِ عَنْ بَصِيرَةٍ بِخِلَافِ الْإِجَازَةِ فِي الِابْتِدَاءِ. 19 -، وَمِنْهُ الْقَاضِي لَوْ قَضَى فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ يَوْمَيْنِ بِأَنْ كَانَ لَهُ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ فِي يَوْمَيْنِ مِنْ كُلِّ أُسْبُوعٍ لَا غَيْرُ، فَقَضَى فِي الْأَيَّامِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ لَهُ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ 20 - فَإِذَا جَاءَتْ نَوْبَتُهُ أَجَازَ مَا قَضَى جَازَتْ إجَازَتُهُ (انْتَهَى) . ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَمْلِكُ إجَازَةَ بَيْعٍ بَائِعُهُ فُضُولِيٌّ: الْجُمْلَةُ صِفَةُ بَيْعٍ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ مِنْ الرَّكَاكَةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَيَمْلِكُ إجَازَةَ بَيْعِ مَا، وَكَّلَ بِبَيْعِهِ لَوْ بَاعَهُ فُضُولِيٌّ. (17) قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِيهِ: أَيْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ جَوَازِ إجَازَةِ الْقَاضِي، وَالْوَكِيلِ. (18) قَوْلُهُ: وَوَكِيلُ الْوَكِيلِ كَذَلِكَ قِيلَ: لَعَلَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (انْتَهَى) ، وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. (19) قَوْلُهُ: وَمِنْهُ الْقَاضِي لَوْ قَضَى فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ إلَخْ: قِيلَ: نَظِيرُ مَا ذَكَرَ لَوْ شَرَطَ وَاقِفٌ حُضُورَ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْجُمُعَةِ، فَصَارَ مَنْ عَلَيْهِ يَحْضُرُ بَعْدَهُ، وَيَجْعَلُهُ قَضَاءً عَنْهُ كَمَا فِي حَوَاشِي الْهَامِشِ فَيَجُوزُ عَنْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَعَ أَنَّ الْعُذْرَ مَوْجُودٌ (انْتَهَى) . وَأَقُولُ فِي كَوْنِ هَذَا نَظِيرًا نَظَرٌ،، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِمُخَالَفَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ هَذَا، وَفِي كَوْنِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ فُرُوعِ الْقَاعِدَةِ نَظَرٌ أَيْضًا. (20) قَوْلُهُ: فَإِذَا جَاءَ نَوْبَتُهُ أَجَازَ مَا قَضَى جَازَتْ إجَازَتُهُ الصَّوَابَ فَأَجَازَ مَا

[فائدة يغتفر في الابتداء ما لا يغتفر في البقاء]

فَائِدَةٌ) : ظَفِرْت بِمَسْأَلَتَيْنِ؛ يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْبَقَاءِ، عَكْسُ الْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ. الْأُولَى: يَصِحُّ تَقْلِيدُ الْفَاسِقِ الْقَضَاءَ ابْتِدَاءً، وَلَوْ كَانَ عَدْلًا ابْتِدَاءً فَفَسَقَ الْعَزْلُ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْكَمَالِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ. الثَّانِيَةُ: لَوْ أَبَقَ الْمَأْذُونُ الْحَجْزُ، وَلَوْ أَذِنَ لِلْآبِقِ صَحَّ، كَمَا فِي قَضَاءِ الْمِعْرَاجِ 21 -، وَقَيَّدَهُ قَاضِي خَانْ بِمَا فِي يَدِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَضَى جَازَتْ إجَازَتُهُ؛ لِأَنَّ مَجْمُوعَ الشَّرْطِ، وَالْجَزَاءِ إذَا وَقَعَ جَزَاءُ الشَّرْطِ قَبْلَهُ وَجَبَ اقْتِرَانُهُ بِالْفَاءِ، وَالضَّمِيرُ فِي أَجَازَ يَرْجِعُ إلَى الْإِمَامِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ. [فَائِدَةٌ يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْبَقَاءِ] (21) . قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ قَاضِي خَانْ بِمَا فِي يَدِهِ أَقُولُ: لَيْسَ فِي عِبَارَةِ قَاضِي خَانْ مَا ذَكَرَهُ، وَنَصُّ عِبَارَتِهِ: وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ مَعَ مَنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ صَحَّ إذْنُهُ (انْتَهَى) . يَعْنِي تَطَبُّعًا لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ، وَيُفْتَقَرُ فِي الضِّمْنِيَّاتِ مَا لَمْ يُفْتَقَرْ فِي الْقَصْدِيَّاتِ

[القاعدة الخامسة تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة]

الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ تَصَرُّفُ الْإِمَامِ عَلَى الرَّعِيَّةِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ 1 - وَقَدْ صَرَّحُوا بِهِ فِي مَوَاضِعَ. مِنْهَا فِي كِتَابِ الصُّلْحِ فِي مَسْأَلَةِ صُلْحِ الْإِمَامِ عَنْ الظُّلَّةِ الْمَبْنِيَّةِ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ فِي مَوَاضِعَ، وَصَرَّحُوا فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ 2 -: أَنَّ السُّلْطَانَ لَا يَصِحُّ عَفْوُهُ عَنْ قَاتِلِ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ، 3 - وَإِنَّمَا لَهُ الْقِصَاصُ، وَالصُّلْحُ 4 -، وَعَلَّلَهُ فِي الْإِيضَاحِ بِأَنَّهُ نُصِّبَ نَاظِرًا، وَلَيْسَ مِنْ النَّظَرِ لِلْمُسْتَحِقِّ الْعَفْوُ، وَأَصْلُهَا مَا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (إنِّي أَنْزَلْتُ نَفْسِي مِنْ مَالِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَنْزِلَةِ وَلِيِّ الْيَتِيمِ إنْ احْتَجْتُ أَخَذْتُ مِنْهُ فَإِذَا أَيْسَرْتُ رَدَدْتُهُ فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ تَصَرُّفُ الْإِمَامِ عَلَى الرَّعِيَّةِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ] قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحُوا بِهِ فِي مَوَاضِعَ: أَيْ بِالْقَاعِدَةِ، وَذِكْرُ الضَّمِيرِ بِتَأْوِيلِهَا بِالْأَصْلِ. (2) قَوْلُهُ: إنَّ السُّلْطَانَ لَا يَصِحُّ عَفْوُهُ إلَخْ: لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْعَامَّةِ، وَالْإِمَامَ نَائِبٌ عَنْهُمْ فِيمَا هُوَ أَنْظَرُ لَهُمْ، وَلَيْسَ مِنْ النَّظَرِ إسْقَاطُ حَقِّهِمْ مَجَّانًا. (3) قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَهُ الْقِصَاصُ، وَالصُّلْحُ: أَيْ الدِّيَةُ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِي الدُّرَرِ، وَالْغُرَرِ: وَهَلْ إذَا طَلَبَ الْإِمَامُ الدِّيَةَ يَنْقَلِبُ الْقِصَاصُ مَالًا كَمَا فِي الْوَلِيِّ. (4) قَوْلُهُ: وَعَلَّلَهُ فِي الْإِيضَاحِ بِأَنَّهُ نُصِّبَ نَاظِرًا. أَيْ نُصِّبَ نَاظِرًا فِي أُمُورِ الْعَامَّةِ فِي الْمَصْلَحَةِ، وَلِهَذَا قَالُوا: لَا يَصِحُّ، وَقْفُ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ.

اسْتَغْنَيْتُ اسْتَعْفَفْتُ) . وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ قَالَ: بَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ عَلَى الصَّلَاةِ وَالْحَرْبِ، وَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ عَلَى الْقَضَاءِ وَبَيْتِ الْمَالِ، وَبَعَثَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ عَلَى مِسَاحَةِ الْأَرْضِينَ، وَجَعَلَ بَيْنَهُمْ شَاةً كُلَّ يَوْمٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ، شَطْرُهَا، وَبَطْنُهَا لِعَمَّارٍ، وَرُبُعُهَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَرُبُعُهَا الْآخَرُ لِعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ: وَقَالَ إنِّي أَنْزَلْت نَفْسِي، وَإِيَّاكُمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ بِمَنْزِلَةِ وَلِيِّ الْيَتِيمِ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6]- وَاَللَّهِ مَا أَرَى أَرْضًا تُؤْخَذُ مِنْهَا شَاةٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ إلَّا اُسْتُسْرِعَ خَرَابُهَا (انْتَهَى) . 6 - فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ التَّفْضِيلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَاَللَّهِ مَا أَرَى أَرْضًا تُؤْخَذُ مِنْهَا شَاةٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ إلَّا اُسْتُسْرِعَ خَرَابُهَا إلَخْ: فِي كِتَابِ الْمُسَامَرَاتِ، وَالْمُحَاضَرَاتِ لِلشَّيْخِ مُحْيِي الدِّينِ بْنِ عَرَبِي: أَنَّ بِالْعَدْلِ يَكْثُرُ الْخَرَاجُ، وَيَنْمُو الْمَالُ. رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ الْمَالِكِيِّ عَنْ إبْرَاهِيمَ الْخُزَاعِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْخٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَوْ جَاءَتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِفَاسِقِهَا، وَجِئْنَا بِالْحَجَّاجِ لَغَلَبْنَاهُمْ، وَمَا كَانَ يَصْلُحُ لِدُنْيَا، وَلَا آخِرَةٍ، لَقَدْ وُلِّيَ الْعِرَاقَ، وَهِيَ أَوْفَرُ مَا تَكُونُ مِنْ الْعِمَارَةِ فَأَخْرَبَهَا حَتَّى صَارَ خَرَاجُهَا أَرْبَعِينَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَقَدْ أَدَّى إلَى عَامِلِي هَذَا ثَمَانِينَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَإِنْ بَقِيَتْ إلَى قَابِلٍ رَجَوْت أَنْ يُؤَدُّوا إلَيَّ مَا أَدَّوْا إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: مِائَةَ أَلْفِ أَلْفٍ، وَفِي مُقَدِّمَةِ تَارِيخِ خَلْدُونٍ مِثْلُهُ. (6) قَوْلُهُ: فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ التَّفْضِيلُ. فِي تَفْرِيقِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَبُو يُوسُفَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ.

وَلَكِنْ قَالَ فِي الْمُحِيطِ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ: وَالرَّأْيُ إلَى الْإِمَامِ مِنْ تَفْضِيلٍ، وَتَسْوِيَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمِيلَ فِي ذَلِكَ إلَى هَوًى، وَلَا يَحِلُّ لَهُمْ إلَّا مَا يَكْفِيهِمْ، وَيَكْفِي أَعْوَانَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ، وَإِنْ فَضَلَ مِنْ الْمَالِ شَيْءٌ بَعْدَ إيصَالِ الْحُقُوقِ إلَى أَرْبَابِهَا قَسَّمَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ قَصَّرَ فِي ذَلِكَ كَانَ اللَّهُ عَلَيْهِ حَسِيبًا (انْتَهَى) . وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ الْخَرَاجِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ أَمْوَالَ بَيْتِ الْمَالِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ قَالَ: وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ بَيْتًا يَخُصُّهُ، وَلَا يَخْلِطُ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ نَوْعٍ حُكْمًا يَخْتَصُّ بِهِ. إلَى أَنْ قَالَ: وَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ تَعَالَى وَيَصْرِفَ إلَى كُلِّ مُسْتَحِقٍّ قَدْرَ حَاجَتِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ فَإِنْ قَصَّرَ فِي ذَلِكَ كَانَ اللَّهُ عَلَيْهِ حَسِيبًا (انْتَهَى) . وَفِي كِتَابِ الْخَرَاجِ لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَسَّمَ الْمَالَ بَيْنَ النَّاسِ بِالسَّوِيَّةِ فَجَاءَ نَاسٌ، فَقَالُوا لَهُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إنَّك قَسَّمْت هَذَا الْمَالَ فَسَوَّيْت بِهِ بَيْنَ النَّاسِ، وَمِنْ النَّاسِ إنَاسٌ لَهُمْ فَضْلٌ وَسَوَابِقُ وَقِدَمٌ فَلَوْ فَضَّلْت أَهْلَ السَّوَابِقِ وَالْقِدَمِ، وَالْفَضْلِ لِفَضْلِهِمْ؟ فَقَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ السَّوَابِقِ وَالْقِدَمِ، وَالْفَضْلِ فَمَا أَعَرَفَنِي بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ شَيْءٌ ثَوَابُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا مَعَاشٌ فَالْأُسْوَةُ فِيهِ خَيْرٌ مِنْ الْأَثَرَةِ. فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَجَاءَ الْفُتُوحُ فَضَّلَ وَقَالَ: لَا أَجْعَلُ مَنْ قَاتَلَ مَعَ غَيْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَنْ قَاتَلَ مَعَهُ؛ فَفَرَضَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَكِنْ قَالَ فِي الْمُحِيطِ: اسْتِدْرَاكٌ عَلَى التَّفْرِيعِ لَوْ صَحَّ

لِأَهْلِ السَّوَابِقِ، وَالْقِدَمِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارِ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا أَوْ لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَفَرَضَ لِمَنْ كَانَ إسْلَامُهُ كَإِسْلَامِ أَهْلِ بَدْرٍ بِدُونِ ذَلِكَ؛ أَنْزَلَهُمْ عَلَى قَدْرِ مَنَازِلِهِمْ مِنْ السَّوَابِقِ (انْتَهَى) . وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ مَا يَحِلُّ لِلْمُدَرِّسِ، وَالْمُتَعَلِّمِ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُسَوِّي بَيْنَ النَّاسِ فِي الْعَطَاءِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَكَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُعْطِيهِمْ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَالْفِقْهِ، وَالْفَضْلِ؛ وَالْأَخْذُ بِمَا فَعَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي زَمَانِنَا أَحْسَنُ فَتُعْتَبَرُ الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ (انْتَهَى) 8 -، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: السُّلْطَانُ إذَا تَرَكَ الْعُشْرَ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ جَازَ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا، لَكِنْ إنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ لَهُ فَقِيرًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى السُّلْطَانِ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا ضَمِنَ السُّلْطَانُ الْعُشْرَ لِلْفُقَرَاءِ مِنْ بَيْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: السُّلْطَانُ إذَا تَرَكَ الْعُشْرَ إلَخْ: فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ جَعَلَ الْعُشْرَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِهِمْ، وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ: وَإِذَا تَرَكَ الْإِمَامُ خَرَاجَ أَرْضِ رَجُلٍ أَوْ كَرْمِهِ أَوْ بُسْتَانِهِ، وَلَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِصَرْفِ الْخَرَاجِ إلَيْهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَحِلُّ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَحِلُّ، وَعَلَيْهِ رَدُّهُ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَاهِلَ إذَا أَخَذَ مِنْ الْحَوَالِي أَيْ الْخَرَاجِ شَيْئًا عَلَيْهِ رَدُّهُ لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَحِلُّ، وَعَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ أَوْ إلَى مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ كَالْمُفْتِي، وَالْقَاضِي، وَالْجُنْدِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَثِمَ. كَذَا فِي الْبَحْرِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ: سُئِلَ الرَّازِيّ عَنْ بَيْتِ الْمَالِ هَلْ لِلْأَغْنِيَاءِ فِيهِ نَصِيبٌ؟ فَأَجَابَ لَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا أَوْ قَاضِيًا، وَلَيْسَ لِلْفُقَهَاءِ فِيهِ نَصِيبٌ إلَّا فَقِيهًا فَرَّغَ نَفْسَهُ لِتَعْلِيمِ الْفِقْهِ أَوْ الْقُرْآنِ (انْتَهَى) . وَلَيْسَ مُرَادُ الرَّازِيِّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْعَامِلِ، وَالْقَاضِي بَلْ كُلُّ مَنْ فَرَّغَ نَفْسَهُ لِعَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ فَيَدْخُلُ الْجُنْدِيُّ، وَالْمُفْتِي فَيَسْتَحِقَّانِ الْكِفَايَةَ مَعَ الْغَنَاءِ، وَيَجُوزُ صَرْفُ الْخَرَاجِ إلَى نَفَقَةِ الْكَعْبَةِ كَمَا فِي بَعْضِ الْمُعْتَبَرَاتِ

[تنبيه كان فعل الإمام مبنيا على المصلحة فيما يتعلق بالأمور العامة]

مَالِ الْخَرَاجِ لِبَيْتِ مَالِ الصَّدَقَةِ (انْتَهَى) (تَنْبِيهٌ) : إذَا كَانَ فِعْلُ الْإِمَامِ مَبْنِيًّا عَلَى الْمَصْلَحَةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأُمُورِ الْعَامَّةِ لَمْ يَنْفُذْ أَمْرُهُ شَرْعًا إلَّا إذَا وَافَقَهُ، 9 - فَإِنْ خَالَفَهُ لَمْ يَنْفُذُ، 10 - وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ مِنْ بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ: وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخْرِجَ شَيْئًا مِنْ يَدِ أَحَدٍ إلَّا بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ (انْتَهَى) . وَقَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ: وَلَوْ أَنَّ سُلْطَانًا أَذِنَ لِقَوْمٍ أَنْ يَجْعَلُوا أَرْضًا مِنْ أَرَاضِيِ الْبَلْدَةِ حَوَانِيتَ مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسْجِدِ فَرَّقَ أَوْ أَمَرَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا فِي مَسْجِدِهِمْ، قَالُوا: إنْ كَانَتْ الْبَلْدَةُ فُتِحَتْ عَنْوَةً، وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِالْمَارِّ، وَالنَّاسِ يَنْفُذُ أَمْرُ السُّلْطَانِ فِيهَا. وَإِنْ كَانَتْ الْبَلْدَةُ فُتِحَتْ صُلْحًا تَبْقَى عَلَى مِلْكِ مُلَّاكِهَا، فَلَا يَنْفُذُ أَمْرُ السُّلْطَانِ فِيهَا (انْتَهَى) . . وَفِي صُلْحِ الْبَزَّازِيَّةِ: رَجُلٌ لَهُ عَطَاءٌ فِي الدِّيوَانِ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَكْتُبَ فِي الدِّيوَانِ اسْمَ أَحَدِهِمَا، وَيَأْخُذَ الْعَطَاءَ، وَالْآخَرُ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْعَطَاءِ، وَيَبْذُلَ لَهُ مَنْ كَانَ الْعَطَاءُ لَهُ مَالًا مَعْلُومًا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [تَنْبِيهٌ كَانَ فِعْلُ الْإِمَامِ مَبْنِيًّا عَلَى الْمَصْلَحَةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأُمُورِ الْعَامَّةِ] قَوْلُهُ: فَإِنْ خَالَفَهُ لَمْ يَنْفُذْ: قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ الْكَنْزِ نَاقِلًا عَنْ أَئِمَّتِنَا: إطَاعَةُ الْإِمَامِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَاجِبَةٌ فَلَوْ الْإِمَامُ أَمَرَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَجَبَ. (10) قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ إلَخْ: قِيلَ عَلَيْهِ: إنَّمَا قَالَ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ اسْتَوْلَى عَلَى أَرْضٍ، وَأَحْيَاهَا لَا عَلَى الْعُمُومِ، وَلَكِنْ ذَكَرَ فِي مَوَاضِعَ مَا نَصُّهُ فَإِنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَخَذَ فِي ذَلِكَ بِالسُّنَّةِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَقْطَعَهُ الْوُلَاةُ الْمَهْدِيُّونَ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ. . . إلَخْ وَمَفْهُومُ ذَلِكَ أَنَّ غَيْرَ الْمَهْدِيِّينَ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ فِيهِمْ كَذَلِكَ

[تنبيه آخر تصرف القاضي فيما له فعله في أموال اليتامى]

فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ، وَيُرَدُّ بَدَلُ الصُّلْحِ، وَالْعَطَاءِ لِلَّذِي جَعَلَ الْإِمَامُ الْعَطَاءَ لَهُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لِلْعَطَاءِ بِإِثْبَاتِ الْإِمَامِ لَا دَخْلَ لَهُ لِرِضَاءِ الْغَيْرِ وَجُعْلِهِ غَيْرَ أَنَّ السُّلْطَانَ إنْ مَنَعَ الْمُسْتَحِقَّ فَقَدْ ظَلَمَ مَرَّتَيْنِ فِي قَضِيَّةِ حِرْمَانِ الْمُسْتَحِقِّ، وَإِثْبَاتِ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ مَقَامَهُ (انْتَهَى) . [تَنْبِيهٌ آخَرُ تَصَرُّفُ الْقَاضِي فِيمَا لَهُ فِعْلُهُ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى] (تَنْبِيهٌ آخَرُ) : تَصَرُّفُ الْقَاضِي فِيمَا لَهُ فِعْلُهُ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى، وَالتَّرِكَاتِ، وَالْأَوْقَافِ مُقَيَّدٌ بِالْمَصْلَحَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَبْنِيًّا عَلَيْهَا لَمْ يَصِحَّ، وَلِهَذَا قَالَ فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا: أَوْصَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِالثُّلُثِ قِنًّا، وَيَعْتِقَهُ؛ فَبَانَ بَعْدَ الِائْتِمَارِ، وَالْإِيصَاءِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِالثُّلُثَيْنِ فَشِرَاءُ الْقَاضِي عَنْ الْمُوصِي كَيْ لَا يَصِيرَ خَصْمًا بِالْعُهْدَةِ، وَإِعْتَاقُهُ لَغْوٌ لِتَعَدِّي الْوَصِيَّةِ، وَهِيَ الثُّلُثُ بَعْدَ الدَّيْنِ. قَالَ الْفَارِسِيُّ شَارِحُهُ: وَأَمَّا إعْتَاقُهُ فَهُوَ لَغْوٌ 11 -؛ لِتَعَذُّرِ تَنْفِيذِهِ بِاعْتِبَارِ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي مُقَيَّدَةٌ بِالنَّظَرِ، وَلَمْ يُوجَدْ النَّظَرُ فَيَلْغُو (انْتَهَى) . وَفِي قَضَاءِ الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ مِنْ مَالِهِ عَلَى فُقَرَاءِ بَلْدَةِ كَذَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَكَانَ الْوَصِيُّ بَعِيدًا مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ، وَلَهُ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ غَرِيمٌ لَهُ عَلَيْهِ الدَّرَاهِمُ، وَلَمْ يَجِدْ الْوَصِيُّ إلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ سَبِيلًا، فَأَمَرَ الْقَاضِي الْغَرِيمَ بِصَرْفِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ تَنْفِيذِهِ بِاعْتِبَارِ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ: فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُحِيطًا بِالثُّلُثَيْنِ لَا غَيْرُ فَلِمَ لَا يَصِحُّ الْعِتْقُ، وَيَسْعَى الْعَبْدُ فِيمَا يَبْقَى عَلَيْهِ إنْ بَقِيَ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ إلْغَاءَ الْعِتْقِ إنَّمَا نَشَأَ مِنْ كَوْنِ الْمُتَصَرِّفِ هُوَ الْقَاضِيَ لِكَوْنِ تَصَرُّفِهِ مَشْرُوطًا بِالنَّظَرِ، وَالْمَصْلَحَةِ كَمَا يُشِيرُ قَوْلُهُ آنِفًا، كَيْ لَا يَصِيرَ خَصْمًا بِالْعُهْدَةِ، حَتَّى لَوْ وَقَعَ شِرَاءُ الْعَبْدِ، وَإِعْتَاقُهُ مِنْ، وَصِيٍّ فَالظَّاهِرُ نُفُوذُ الْعِتْقِ، وَاسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ.

إلَى الْفُقَرَاءِ، فَالدَّيْنُ بَاقٍ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي ذَلِكَ، وَوَصِيَّةُ الْمَيِّتِ قَائِمَةٌ (انْتَهَى) . وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ أَمْرَ الْقَاضِي لَا يَنْفُذُ إلَّا إذَا وَافَقَ الشَّرْعَ. 12 - وَصَرَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ، وَالْوَلْوالِجِيَّة، وَغَيْرِهِمَا بِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَرَّرَ فَرَّاشًا لِلْمَسْجِدِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْوَاقِفِ لَمْ يَحِلَّ لِلْقَاضِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَحِلَّ لِلْفَرَّاشِ تَنَاوُلُ الْمَعْلُومِ (انْتَهَى) . 13 - وَبِهِ عُلِمَ حُرْمَةُ إحْدَاثِ الْوَظَائِفِ بِالْأَوْقَافِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مَعَ احْتِيَاجِهِ لِلْفَرَّاشِ لَمْ يَجُزْ تَقْرِيرُهُ؛ لِإِمْكَانِ اسْتِئْجَارِ فَرَّاشٍ بِلَا تَقْرِيرِ، فَتَقْرِيرُ غَيْرِهِ مِنْ الْوَظَائِفِ لَا يَحِلُّ بِالْأَوْلَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَصَرَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ، وَالْوَلْوالِجِيَّة إلَخْ: عِبَارَةُ الْوَلْوَالِجيَّةِ فِيمَا يَجُوزُ لِقَيِّمِ الْوَاقِفِ، وَلَوْ نَصَّبَ خَادِمًا لِمَسْجِدٍ، وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا إنْ كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ ذَلِكَ فِي وَقْفِهِ حَلَّ لَهُ الْأَخْذُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي وَقْفِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ الْأَخْذُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلنَّاظِرِ فِعْلُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ (13) قَوْلُهُ: وَبِهِ عُلِمَ حُرْمَةُ إحْدَاثِ الْوَظَائِفِ إلَخْ: شَمِلَ بِإِطْلَاقِهِ مَا إذَا كَانَ فِي الْوَقْفِ فَائِضٌ، وَسَيُصَرِّحُ بِهِ بَعْدُ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهَلْ يُصْرَفُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَى الْمَسْجِدِ وَقْفًا مُطْلَقًا أَوْ عَلَى عِمَارَتِهِ كَمُؤَذِّنٍ، وَإِمَامٍ، لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ لَهُمَا شَيْئًا. الظَّاهِرُ مِمَّا هُنَا لَا يُصْرَفُ إلَّا إذَا شَرَطَ، وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ صُرِفَ لَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ مَصَالِحِهِ. ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ رَأَيْت الشَّافِعِيَّةَ قَدْ نَصَّتْ عَلَى ذَلِكَ، وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهُ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَمَا ذَكَرَهُ: أَيْ صَاحِبُ الرَّوْضَةِ، مِنْ أَنَّهُ لَا يُصْرَفُ لِلْمُؤَذِّنِ، وَالْإِمَامِ فِي الْوَقْفِ الْمُطْلَقِ هُوَ مُقْتَضَى مَا قَالَهُ فِي الْأَصْلِ عَنْ الْبَغَوِيِّ لَكِنَّهُ نَقَلَ بَعْدَهُ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يُصْرَفُ لَهُمَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا فِي الْوَقْفِ عَلَى مَصَالِحِهِ، وَكَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ لِلْمَسْجِدِ (انْتَهَى) . وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهُ أَيْضًا، وَقَالَ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، وَيَتَّجِهُ إلْحَاقُ الْحَصِيرِ، وَالدُّهْنِ بِهِمَا فِي ذَلِكَ.

وَبِهِ عُلِمَ أَيْضًا حُرْمَةُ إحْدَاثِ الْمُرَتَّبَاتِ بِالْأَوْقَافِ بِالْأَوْلَى، وَقَدْ سُئِلْتُ عَنْ تَقْرِيرِ الْقَاضِي الْمُرَتَّبَاتِ بِالْأَوْقَافِ فَأَجَبْت بِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ وَقْفٍ مَشْرُوطٍ لِلْفُقَرَاءِ 15 - فَالتَّقْرِيرُ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ، وَلِلنَّاظِرِ الصَّرْفُ إلَى غَيْرِهِ، وَقَطْعُ الْأَوَّلِ إلَّا إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِعَدَمِ تَقْرِيرِ غَيْرِهِ؛ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ. 16 - وَهِيَ فِي أَوْقَافِ الْخَصَّافِ، وَغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَمْ يَحِلَّ، 17 - وَكَذَا إنْ كَانَ مِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ، وَقَرَّرَهُ لِمَنْ يَمْلِكُ نِصَابًا. ثُمَّ سُئِلْت: لَوْ قُرِّرَ مِنْ فَائِضِ وَقْفٍ سَكَتَ الْوَاقِفُ عَنْ مَصْرِفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبِهِ عُلِمَ أَيْضًا إحْدَاثُ الْمُرَتَّبَاتِ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: بَلِيَّةُ إحْدَاثِ الْمُرَتَّبَاتِ حَدَثَتْ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَتِسْعِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ، جَاءَ قَاضٍ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ مِنْ بَلَدِ السُّلْطَانِ، وَمَدّ يَدَهُ، وَأَطْلَقَ عَنَانَ قَلَمِهِ، وَلَمْ يُبْقِ وَقْفًا إلَّا، وَقَرَّرَ فِيهِ إلَّا مَا شَذَّ، وَجَاءَ قَاضٍ بَعْدَهُ، وَفَعَلَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ دُونَهُ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَدَمَّرَ الْأَوْقَافَ. (15) قَوْلُهُ: فَالتَّقْرِيرُ صَحِيحٌ: يَعْنِي إذَا كَانَ الْمُقَرِّرُ فَقِيرًا كَمَا يُفِيدُهُ مَا بَعْدَهُ. (16) قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي أَوْقَافِ الْخَصَّافِ، وَغَيْرِهِ: أَيْ فِي بَابِ: الرَّجُلُ يَقِفُ الْأَرْضَ فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ أَوْ فِي الْحَجِّ أَوْ فِي ابْنِ السَّبِيلِ، فَهَذَا جَائِزٌ إذَا كَانَ قَدْ حَكَمَ بِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ ذَكَرَ فَرْعًا عَنْ الْقُنْيَةِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ قَبْلَ أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ طَالَبَ الْقَيِّمُ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ أَنْ يُفْرَضَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ لِلْإِمَامِ فَأَبَى فَأَمَرَهُ الْقَاضِي فَأَقْرَضَهُ ثُمَّ مَاتَ الْإِمَامُ مُفْلِسًا لَا يُضَمَّنُ (انْتَهَى) . مَعَ أَنَّ الْقَيِّمَ لَيْسَ لَهُ إقْرَاضُ مَالِ الْمَسْجِدِ، وَلَكِنْ سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ مَا فِي الْقُنْيَةِ لَا يُنَافِي مَا هُنَا عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ؛ لِأَنَّ النَّاظِرَ لَا يَضْمَنُ مَا أَقْرَضَهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَلْيُرَاجَعْ. (17) قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ كَانَ مِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ: قِيلَ عَلَيْهِ: الَّذِي ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِمَنْ يَمْلِكُ نِصَابًا فَقَطْ، وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ هُنَا الْحُرْمَةُ.

فَائِضِهِ فَهَلْ يَصِحُّ؟ فَأَجَبْت بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَيْضًا 18 -؛ لِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة: إنَّ فَائِضَ الْوَقْفِ لَا يُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ، وَإِنَّمَا يَشْتَرِي بِهِ الْمُتَوَلِّي مُسْتَغَلَّا. وَصَرَّحَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ 19 - وَتَبِعَهُ فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ بِأَنَّهُ لَا يُصْرَفُ فَائِضُ، وَقْفٍ لِوَقْفٍ آخَرَ اتَّحَدَ، وَاقِفُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ (انْتَهَى) . وَكَتَبْنَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَخْ: قَالَ بَعْضُهُمْ: الَّذِي، وَقَفْت عَلَيْهِ فِي تَصَرُّفِ الْقَيِّمِ هَكَذَا الْقِيَاسُ إذَا اجْتَمَعَتْ الْغَلَّةُ فَاشْتَرَى بِهَا بُيُوتًا لِلْغَلَّةِ جَازَ. وَهَلْ تُعْتَبَرُ وَقْفًا؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا إنْ احْتَاجُوا إلَيْهَا، قَالَ الْفَقِيهُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ، وَبِمَعْنَى ذَلِكَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي آخَرِ الثَّانِي فِي نَصْبِ الْمُتَوَلِّي (انْتَهَى) . وَهُوَ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الَّذِي فِيهَا لَا يَصْرِفُ الْقَاضِي الْفَاضِلَ مِنْ وَقْفِ الْمَسْجِدِ إلَخْ ثُمَّ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لِجَوَازِ احْتِيَاجِ الْمَسْجِدِ إلَى عِمَارَةٍ كَثِيرَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعِيدَ لَهَا مَا صَرَفَ إلَيْهَا بِشِرَاءِ مُسْتَغَلٍّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَوْقَافُ الْمَدَارِسِ، وَالرِّبَاطِ فِي حُكْمِهِ بِخِلَافِ مَا لَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مِنْ الْأَوْقَافِ (انْتَهَى) . وَهُوَ مُطَابِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَعَلَى هَذَا يَكُونُ صَاحِبُ التَّتَارْخَانِيَّة ذَكَرَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. قِيلَ: وَيُعَارِضُهُ مَا فِي فَتَاوَى الْإِمَامِ قَاضِي خَانْ فِي أَنَّ النَّاظِرَ لَهُ صَرْفُ فَائِضِ الْوَقْفِ إلَى جِهَاتِ بِرٍّ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ. (19) قَوْلُهُ: وَتَبِعَهُ فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ بِأَنَّهُ لَا يَصْرِفُ فَائِضَ وَقْفِ إلَخْ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الْمَفْهُومُ مِنْ الدُّرَرِ، وَالْغُرَرِ أَنَّهُ إذَا اتَّحَدَ الْوَاقِفُ وَنَوْعُ الْمَصْرِفِ بِأَنْ بَنَى رَجُلٌ مَسْجِدَيْنِ، وَوَقَفَ لَهُمَا أَوْقَافًا مُسْتَقِلَّةً أَوْ مَدْرَسَتَيْنِ، يَجُوزُ صَرْفُ زَائِدِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْوَاقِفُ بِأَنْ يَقِفَ رَجُلٌ مَسْجِدًا، وَيَقِفَ رَجُلٌ آخَرُ مَسْجِدًا آخَرَ، وَيَخْتَلِفُ الْمَصْرِفُ بِأَنْ بَنَى رَجُلٌ مَسْجِدًا، وَمَدْرَسَةً فَلَا. ثُمَّ قَالَ: وَعِبَارَةُ الدُّرَرِ، وَالْغُرَرِ هَكَذَا إذَا اتَّحَدَ الْوَاقِفُ، وَالْجِهَةُ بِأَنْ بَنَى رَجُلٌ مَسْجِدَيْنِ، وَعَيَّنَ لِمَصَالِحِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَقْفًا، وَقَلَّ مَرْسُومُ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِأَنْ انْتَقَضَ مَرْسُومُ إمَامِ أَحَدِ الْمَسْجِدَيْنِ أَوْ مُؤَذِّنِهِ بِسَبَبِ كَوْنِهِ وَقَفَهُ خَرَابًا جَازَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَصْرِفَ مِنْ فَاضِلِ الْوَقْفِ الْآخَرِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا كَشَيْءٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَ أَحَدُهُمَا بِأَنْ بَنَى رَجُلَانِ مَسْجِدَيْنِ أَوْ رَجُلٌ مَسْجِدًا

كِتَابِ الْقَضَاءِ أَنَّ مِنْ الْقَضَاءِ الْبَاطِلِ الْقَضَاءَ بِخِلَافِ شَرْطِ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُ كَمُخَالَفَةِ النَّصِّ، وَفِي الْمُلْتَقَطِ: الْقَاضِي إذَا زَوَّجَ الصَّغِيرَةَ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ لَمْ يَجُزْ (انْتَهَى) . فَعُلِمَ أَنَّ فِعْلَهُ مُقَيَّدٌ بِالْمَصْلَحَةِ، وَلِهَذَا صَرَّحُوا بِأَنَّ الْحَائِطَ إذَا مَالَ إلَى الطَّرِيقِ فَأَشْهَدُوا وَاحِدًا عَلَى مَالِكِهَا ثُمَّ أَبْرَأَهُ الْقَاضِي لَمْ يَصِحَّ، كَمَا فِي التَّهْذِيبِ، وَكَذَا لَا يَصِحُّ تَأْجِيلُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَيْسَ لَهُ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَدْرَسَةً، وَوَقَفَ لَهُمَا أَوْقَافًا فَلَا انْتَهَى كَلَامُهُ. وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ فِي الْكِتَابِ أَعَمُّ مِنْ هَذَا فَإِنَّهُ إذَا بَنَى رَجُلٌ مَسْجِدَيْنِ، وَجَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَقْفًا مُسْتَقِلًّا فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهُ وَقْفٌ آخَرُ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ صَرْفُ فَائِضِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَجُوزُ صَرْفُ فَائِضِ وَقْفٍ اتَّحَدَ، وَاقِفُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ، وَهُوَ يُضَادُّهُ فَقَدْ أَسَاءَ فِي النَّقْلِ (انْتَهَى) . وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ كَلَامَ الدُّرَرِ، وَالْغُرَرِ: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اتَّحَدَ الْوَاقِفُ، وَالْجِهَةُ جَازَ لِلْحَاكِمِ صَرْفُ فَاضِلِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ، وَقَدْ أَطْلَقَ صَاحِبُ هَذَا الْكِتَابِ الْمَنْعَ نَقْلًا عَنْ الدُّرَرِ، وَالْغُرَرِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْحَالُ أَنَّ مَا فِي الدُّرَرِ، وَالْغُرَرِ نَقْلًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ إنَّمَا هُوَ التَّفْصِيلُ (انْتَهَى)

[القاعدة السادسة الحدود تدرأ بالشبهات]

الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةُ: «الْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ» 1 -، وَهُوَ حَدِيثٌ رَوَاهُ الْأَسْيُوطِيُّ، مَعْزِيًّا إلَى ابْنِ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «ادْفَعُوا الْحُدُودَ مَا اسْتَطَعْتُمْ» ، وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ 2 - فَإِنْ وَجَدْتُمْ لِلْمُسْلِمِينَ مَخْرَجًا فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ، فَإِنَّ الْإِمَامَ لَأَنْ يُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ» ، وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَوْقُوفًا (ادْرَءُوا الْحُدُودَ وَالْقَتْلَ عَنْ عِبَادِ اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: أَجْمَعَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَالْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ فِي ذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَتَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ. وَالشُّبْهَةُ مَا يُشْبِهُ الثَّابِتَ، وَلَيْسَ بِثَابِتٍ، وَأَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - قَسَّمُوهَا إلَى شُبْهَةٍ فِي الْفِعْلِ، وَتُسَمَّى شُبْهَةَ الِاشْتِبَاهِ، وَإِلَى شُبْهَةٍ فِي الْمَحَلِّ؛ فَالْأُولَى تَتَحَقَّقُ فِي حَقِّ مَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْحِلُّ، وَالْحُرْمَةُ فَظَنَّ غَيْرَ الدَّلِيلِ دَلِيلًا فَلَا بُدَّ مِنْ الظَّنِّ، وَإِلَّا فَلَا شُبْهَةَ أَصْلًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةُ الْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ] قَوْلُهُ: وَهُوَ حَدِيثٌ ذَكَرَ الضَّمِيرَ الرَّاجِعَ لِلْقَاعِدَةِ مُرَاعَاةً لِلْخَبَرِ. (2) قَوْلُهُ: فَإِنْ وَجَدْتُمْ لِلْمُسْلِمِينَ مَخْرَجًا فَخَلُّوا سَبِيلَهُ، أَرْجَعَ ضَمِيرَ الْأَفْرَادِ عَلَى الْجَمْعِ بِاعْتِبَارِ وَاحِدِهِ.

كَظَنِّهِ حِلَّ وَطْءِ جَارِيَةِ زَوْجَتِهِ 4 - أَوْ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ جَدِّهِ، وَإِنْ عَلَا، وَوَطْءِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَائِنًا عَلَى مَالٍ، وَالْمُخْتَلِعَةِ أَوْ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا أَعْتَقَهَا، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ،، وَوَطْءِ الْعَبْدِ جَارِيَةَ مَوْلَاهُ، وَالْمُرْتَهِنِ فِي حَقِّ الْمَرْهُونَةِ فِي رِوَايَةٍ، وَمُسْتَعِيرُ الرَّهْنِ كَالْمُرْتَهِنِ. فَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَا حَدَّ إذَا قَالَ: ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي، وَلَوْ قَالَ: عَلِمْت أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيَّ وَجَبَ الْحَدُّ، 5 - وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الظَّنَّ 6 - وَالْآخَرُ لَمْ يَدَّعِ، لَا حَدَّ عَلَيْهِمَا حَتَّى يُقِرَّا جَمِيعًا بِعِلْمِهِمَا بِالْحُرْمَةِ 7 - وَالشُّبْهَةُ فِي الْمَحَلِّ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَظَنِّهِ حِلَّ وَطْءِ جَارِيَةِ زَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ زِنًا؛ لِعَدَمِ الْمِلْكِ، وَحَقِّ التَّمَلُّكِ فِيهَا؛ غَيْرَ أَنَّ الْبُسُوطَةَ تَجْرِي بَيْنَهُمَا فِي الِانْتِفَاعِ بِالْأَمْوَالِ، وَالرِّضَى بِذَلِكَ عَادَةً، وَهِيَ تُجَوِّزُ الِانْتِفَاعَ بِالْمَالِ شَرْعًا، فَإِذَا ظَنَّ الْوَطْءَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ يُعْذَرُ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الْجَوَارِي مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِخْدَامِ فَيَشْتَبِهُ الْحِلَّ، وَالِاشْتِبَاهُ فِي مَحَلِّهِ مَعْذُورٌ فِيهِ. (4) قَوْلُهُ: أَوْ أَبِيهِ: لَوْ قَالَ أَوْ أَصْلِهِ، وَإِنْ عَلَا لَكَانَ أَوْلَى. (5) قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الظَّنَّ، قَالَ فِي الْبَحْرِ: أَطْلَقَ فِي ظَنِّ الْحِلِّ فَيَشْمَلُ ظَنَّ الرَّجُلِ، وَظَنَّ الْجَارِيَةِ فَإِنْ ظَنَّا فَلَا حَدَّ، وَإِنْ عَلِمَا الْحُرْمَةَ وَجَبَ الْحَدُّ، وَإِنْ ظَنَّهُ الرَّجُلُ، وَعَلِمَتْهَا الْجَارِيَةُ أَوْ الْعَكْسُ فَلَا حَدَّ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ إذَا تَمَكَّنَتْ فِي الْفِعْلِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ تَتَعَدَّى إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ ضَرُورَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (6) قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ لَمْ يَدَّعِ: يَشْمَلُ الشَّاكَّ، وَالْعَالِمَ بِالْحُرْمَةِ (7) قَوْلُهُ: وَالشُّبْهَةُ فِي الْمَحَلِّ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ: قِيلَ عَلَيْهِ: الْمَذْكُورُ فِي الْكُتُبِ خَمْسَةٌ، وَقَدْ عَدُّوا الْجَارِيَةَ الْمَمْهُورَةَ مِنْ أَفْرَادِ الشُّبْهَةِ فِي الْمَحَلِّ فِي غَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَقْطٌ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: هَذَا عَلَى مَا فِي نُسَخِهِ، وَأَمَّا عَلَى مَا هُوَ ثَابِتٌ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ فَلَا سَقْطَ.

جَارِيَةُ ابْنِهِ، وَالْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا بَائِنًا بِالْكِنَايَاتِ،، وَالْجَارِيَةُ الْمَبِيعَةُ إذَا، وَطِئَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ تَسْلِيمِهَا إلَى الْمُشْتَرِي،، وَالْمَجْعُولَةُ مَهْرًا إذَا وَطِئَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ تَسْلِيمِهَا إلَى الزَّوْجَةِ، وَالْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ الْوَاطِئِ وَغَيْرِهِ، وَالْمَرْهُونَةُ إذَا وَطِئَهَا الْمُرْتَهِنُ فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الرَّهْنِ 9 -، وَعَلِمَتْ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِالْمُخْتَارَةِ فَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَا يَجِبُ الْحَدُّ، وَإِنْ قَالَ: عَلِمْت أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ هُوَ الشُّبْهَةُ فِي نَفْسِ الْحُكْمِ. وَيَدْخُلُ فِي النَّوْعِ الثَّانِي: وَطْءُ جَارِيَةِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ، وَمُكَاتَبِهِ، وَوَطْءُ الْبَائِعُ الْجَارِيَةَ الْمَبِيعَةَ بَعْدَ الْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَاَلَّتِي فِيهَا الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، وَجَارِيَتُهُ الَّتِي هِيَ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ، وَجَارِيَتُهُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَالزَّوْجَةِ الْمُحَرَّمَةِ بِالرِّدَّةِ أَوْ بِالْمُطَاوَعَةِ لِابْنِهِ أَوْ بِجِمَاعِهِ لِأُمِّهَا (انْتَهَى مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ) . وَهُنَا شُبْهَةٌ ثَالِثَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَهِيَ شُبْهَةُ الْعَقْدِ فَلَا حَدَّ إذَا وَطِئَ مُحَرَّمَةً بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحُرْمَةِ، فَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ امْرَأَةً تَزَوَّجَهَا بِلَا شُهُودٍ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا أَوْ مَوْلَاهُ. وَقَالَا: يُحَدُّ فِي وَطْءِ مُحَرَّمَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا، إذَا قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: جَارِيَةُ ابْنِهِ، لَوْ قَالَ جَارِيَةُ فَرْعِهِ، وَإِنْ سَفَلَ لَكَانَ أَوْلَى، هَذَا وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ ابْنِهِ، وَأَجْنَبِيٍّ هَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ؟ لَمْ أَرَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِمْ: إنَّ مَا فِيهَا مِنْ الْمِلْكِ يَكْفِي لِصِحَّةِ الِاسْتِيلَاءِ، وَفِيمَا لَوْ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْوَاطِئِ، وَغَيْرِهِ فَلْيَكُنْ مَا فِيهَا مِنْ حَقِّ التَّمَلُّكِ دَارِئًا لِلْحَدِّ؛ لِأَنَّ لِلْأَبِ حَقَّ تَمَلُّكِ مَالِ ابْنِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ. (9) قَوْلُهُ: وَعَلِمَتْ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِالْمُخْتَارَةِ أَقُولُ: عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ تَنْكِيرِ الرِّوَايَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَالْمُرْتَهِنُ فِي حَقِّ الْمَرْهُونَةِ فِي رِوَايَةٍ.

عَلِمْت أَنَّهَا حَرَامٌ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ 10 - وَمِنْ الشُّبْهَةِ وَطْءُ امْرَأَةٍ اُخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ نِكَاحِهَا . وَمِنْهَا شُرْبُ الْخَمْرِ لِلتَّدَاوِي 11 - وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ تَحْرِيمُهُ ، وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ 12 -، وَاخْتُلِفَ فِي التَّوْكِيلِ بِإِثْبَاتِهَا، وَمِمَّا بُنِيَ عَلَى أَنَّهَا تُدْرَأُ بِهَا أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ، وَلَا بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي، وَلَا بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِحَدٍّ مُتَقَادِمٍ سِوَى حَدِّ الْقَذْفِ إلَّا إذَا كَانَ لِبُعْدِهِمْ عَنْ الْإِمَامِ. ، وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ السَّكْرَانِ بِالْحُدُودِ الْخَالِصَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِنْ الشُّبْهَةِ وَطْءُ امْرَأَةٍ اُخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ نِكَاحِهَا، كَالْمَنْكُوحَةِ بِالْأَوْلَى حَتَّى إذَا كَانَ الزَّوْجُ شَافِعِيًّا فَوَطِئَهَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ، أَقُولُ لَا خَفَاءَ فِي أَنَّ الشُّبْهَةَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ شُبْهَةُ عَقْدٍ، فَلَوْ قَالَ: وَمِنْ شُبْهَةِ الْعَقْدِ وَطْءُ امْرَأَةٍ إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى (11) قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ تَحْرِيمَهُ أَيْ الشُّرْبِ لِلتَّدَاوِي، فِيهِ تَأَمَّلْ (12) قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي التَّوْكِيلِ بِإِثْبَاتِهَا: ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّ حَدَّ الزِّنَا وَالشُّرْبِ مُخْتَلَفٌ فِي صِحَّةِ التَّوْكِيلِ بِإِثْبَاتِهِمَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِإِثْبَاتِهِمَا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا تُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَى وَجْهِ الْحِسْبَةِ فَإِذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ لَا يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ، وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِإِثْبَاتِ الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَالسَّرِقَةِ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِذَا قَامَتْ، وَثَبَتَ الْحَقُّ فَلِلْمُوَكَّلِ اسْتِيفَاؤُهُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِإِثْبَاتِهَا كَمَا لَا يَجُوزُ بِاسْتِيفَائِهَا، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُضْطَرِبٌ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مَعَ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَّا أَنَّهُ لَا يُجَوِّزُهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَلَا رِضَا الْخَصْمِ، وَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ بِأَحَدِهِمَا. وَقِيلَ: هَذَا الْخِلَافُ فِي حَالَةِ غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ، وَأَمَّا فِي حَالِ حَضْرَتِهِ فَهُوَ جَائِزٌ إجْمَاعًا

إلَّا أَنَّهُ يُضَمَّنُ الْمَالَ، وَلَا يُسْتَحْلَفُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لِرَجَاءِ النُّكُولِ، وَفِيهِ شُبْهَةٌ حَتَّى إذَا أَنْكَرَ الْقَاذِفُ تُرِكَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ ، وَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، وَلَوْ بَرْهَنَ الْقَاذِفُ بِرَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ، وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى قَرَارِ الْمَقْذُوفِ بِالزِّنَا 14 - فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، فَلَوْ بَرْهَنَ بِثَلَاثَةٍ عَلَى الزِّنَا حُدَّ، وَحُدُّوا ، وَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مَالِ أَصْلِهِ، وَإِنْ عَلَا، وَفَرْعِهِ، وَإِنْ سَفَلَ، 15 -، وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ 16 - وَسَيِّدِهِ 17 - وَعَبْدِهِ، 18 - وَمِنْ بَيْتٍ مَأْذُونٍ بِدُخُولِهِ، 19 - وَلَا فِيمَا كَانَ أَصْلُهُ مُبَاحًا كَمَا عَلِمْت تَفَارِيعَهُ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ لَا يُضَمَّنُ الْمَالَ: يَعْنِي فِيمَا لَوْ أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ، وَيُضَمَّنُ الْمَالَ الْمَسْرُوقَ. (14) قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمَقْذُوفِ، وَأَمَّا الْقَاذِفُ فَيُحَدُّ (15) قَوْلُهُ: وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَيْ، وَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ (16) قَوْلُهُ: وَسَيِّدِهِ أَيْ، وَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ السَّيِّدِ مِنْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ. (17) قَوْلُهُ: وَعَبْدِهِ؛ أَيْ، وَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ الْعَبْدِ مِنْ سَيِّدِهِ. (18) قَوْلُهُ: وَمِنْ بَيْتٍ مَأْذُونٍ إلَخْ: أَيْ، وَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مَالٍ مِنْ بَيْتٍ مَأْذُونٍ فِي دُخُولِهِ. (19) قَوْلُهُ: وَلَا فِيمَا كَانَ أَصْلُهُ مُبَاحًا كَذَا فِي النُّسَخِ بِالنَّصْبِ، وَالصَّوَابُ بِالرَّفْعِ، وَلَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ مَالِ أَصْلُهُ مُبَاحٌ كَالْكَلَأِ الْمُحَرَّزِ، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَذْفُ اسْمِ لَا، وَهُوَ لَا يَجُوزُ.

، وَيَسْقُطُ الْقَطْعُ بِدَعْوَاهُ كَوْنِ الْمَسْرُوقِ مِلْكَهُ، وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ، وَهُوَ اللِّصُّ الظَّرِيفُ، وَكَذَا إذَا ادَّعَى أَنَّ الْمَوْطُوءَةَ زَوْجَتُهُ 21 -، وَلَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ . تَنْبِيهٌ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُتَرْجِمِ فِي الْحُدُودِ كَغَيْرِهَا؛ فَإِنْ قِيلَ: وَجَبَ أَنْ لَا يُقْبَلَ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُتَرْجِمِ بَدَلٌ عَنْ عِبَارَةِ الْعَجَمِيِّ، وَالْحُدُودُ لَا تَثْبُتُ بِالْأَبْدَالِ؛ 22 - أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا تَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي؟ أُجِيبُ بِأَنَّ كَلَامَ الْمُتَرْجِمِ لَيْسَ بِبَدَلٍ عَنْ كَلَامِ الْأَعْجَمِيِّ، 23 - لَكِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَعْرِفُ لِسَانَهُ، وَلَا يَقِفُ عَلَيْهِ، وَهَذَا الرَّجُلُ الْمُتَرْجِمُ يَعْرِفُهُ، وَيَقِفُ عَلَيْهِ، فَكَانَتْ عِبَارَتُهُ كَعِبَارَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، لَا بِطَرِيقِ الْبَدَلِ بَلْ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ؛ لِأَنَّهُ يُصَارُ إلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ الْقَطْعُ بِدَعْوَاهُ كَوْنِ الْمَسْرُوقِ مِلْكَهُ: أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُ الْمَسْرُوقِ مِلْكَهُ بَعْدَ مَا ثَبَتَ السَّرِقَةُ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ دَارِئَةٌ لِلْحُدُودِ فَتُحَقَّقُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، بِدَلِيلِ صِحَّةِ الرُّجُوعِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ. كَمَا فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ مَا يُقْطَعُ، وَمَا لَا يُقْطَعُ. وَقَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ: الْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى ادَّعَى شُبْهَةً، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهَا سَقَطَ الْحَدُّ، وَبِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى يَسْقُطُ أَيْضًا إلَّا الْإِكْرَاهَ خَاصَّةً لَا يُسْقِطُ الْحَدَّ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِكْرَاهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ مَا يُوجِبُ الْحَدَّ، وَمَا لَا يُوجِبُهُ. (21) قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ: أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ كَوْنُهَا زَوْجَتَهُ؛ لِأَنَّهَا لَوْ عُلِمَ كَوْنَهَا زَوْجَتَهُ لَمْ تَحْتَجْ إلَى دَعْوَاهَا لِتَكُونَ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْحَدِّ (22) قَوْلُهُ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا تَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ: ضَمِيرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْحُدُودِ بِاعْتِبَارِ وَاحِدِهَا. (23) قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَعْرِفُ لِسَانَهُ إلَخْ: الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَعْرِفُ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ التَّعْلِيلِ لَا مَقَامَ الِاسْتِدْرَاكِ، وَقَدْ رَاجَعْت عِبَارَةَ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ فَوَجَدْتهَا بِصِيغَةِ التَّعْلِيلِ كَمَا صَوَّبْت.

[تنبيه القصاص كالحدود في الدفع بالشبهة]

التَّرْجَمَةِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ مَعْرِفَةِ كَلَامِهِ كَالشَّهَادَةِ يُصَارُ إلَيْهَا عِنْدَ عَدَمِ الْإِقْرَارِ؛ كَذَا فِي شَرْحِ الْأَدَبِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ مِنْ الثَّامِنِ، وَالثَّلَاثِينَ. تَنْبِيهٌ: الْقِصَاصُ كَالْحُدُودِ فِي الدَّفْعِ بِالشُّبْهَةِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِمَا تَثْبُتُ بِهِ الْحُدُودُ، وَمِمَّا فُرِّعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ نَائِمًا فَقَالَ ذَبَحْته، وَهُوَ مَيِّتٌ فَلَا قِصَاصَ، وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ، كَمَا فِي الْعُمْدَةِ 24 -. وَمِنْهَا لَوْ جُنَّ الْقَاتِلُ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْقِصَاصِ فَإِنَّهُ يَنْقَلِبُ دِيَةً. وَلَا قِصَاصَ بِقَتْلِ مَنْ قَالَ اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ، 25 -، وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ،، وَالْأَصَحُّ عَدَمُهُ. 26 - وَلَا قِصَاصَ إذَا قَالَ اُقْتُلْ عَبْدِي أَوْ أَخِي أَوْ ابْنِي أَوْ أَبِي 27 - لَكِنْ لَا شَيْءَ فِي الْعَبْدِ، وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي غَيْرِهِ، وَاسْتَثْنَى فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ مَا إذَا قَالَ: اُقْتُلْ ابْنِي، وَهُوَ صَغِيرٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [تَنْبِيهٌ الْقِصَاصُ كَالْحُدُودِ فِي الدَّفْعِ بِالشُّبْهَةِ] قَوْلُهُ: وَمِنْهَا لَوْ جُنَّ الْقَاتِلُ إلَخْ: ضَمِيرُ مِنْهَا يَرْجِعُ لِلْفُرُوعِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ الْمَقَامِ ثُمَّ يُنْظَرُ وَجْهُ كَوْنِ الْمَجْنُونِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْقِصَاصِ شُبْهَةً انْقَلَبَ بِسَبَبِهَا الْقِصَاصُ دِيَةً، وَلَعَلَّهُ فِي صَيْرُورَتِهِ بَعْدَ الْجُنُونِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، وَالْحُدُودُ لَا تُقَامُ عَلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ ثُمَّ فِي مُعِينِ الْمُفْتِي: وَلَوْ جُنَّ بَعْدَ الْقَتْلِ قَبْلَ الْحُكْمِ إنْ كَانَ هَذَا الْجُنُونُ الْحَادِثُ مُطْبِقًا سَقَطَ الْقِصَاصُ، وَإِلَّا فَلَا (25) قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُهُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ: الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُسْتَوْفٍ فَرَاجَعَهُ إنْ شِئْت. (26) قَوْلُهُ: وَلَا قِصَاصَ، إذَا قَالَ: اُقْتُلْ عَبْدِي إلَخْ:، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْثَمُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْقِصَاصِ نَفْيُ الْإِثْمِ. (27) قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا شَيْءَ فِي الْعَبْدِ، أَيْ لَا قِصَاصَ، وَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ عَبْدَهُ مَالُهُ، وَعِصْمَةُ مَالِهِ تَثْبُتُ حَقًّا لَهُ فَجَازَ أَنْ تَسْقُطَ بِإِذْنِهِ كَمَا فِي سَائِرِ أَمْوَالِهِ

الْقِصَاصُ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا قِصَاصَ بِقَتْلِ مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مَحْقُونُ الدَّمِ عَلَى التَّأْيِيدِ أَوْ لَا ، وَفِي الْخَانِيَّةِ: ثَلَاثَةٌ قَتَلُوا رَجُلًا عَمْدًا ثُمَّ شَهِدُوا بَعْدَ التَّوْبَةِ أَنَّ الْوَلِيَّ عَفَا عَنْهُ، 28 - قَالَ الْحَسَنُ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ إلَّا أَنْ يَقُولَ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَفَا عَنَّا، وَعَنْ هَذَا الْوَاحِدِ، فَفِي هَذَا الْوَجْهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تُقْبَلُ فِي حَقِّ الْوَاحِدِ، وَقَالَ الْحَسَنُ: أَقْبَلُ فِي حَقِّ الْكُلِّ (انْتَهَى) . 29 -، وَكَتَبْنَا مَسْأَلَةَ الْعَفْوِ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ الدَّعْوَى عِنْدَ قَوْلِهِ: وَقِيلَ لِخَصْمِهِ أَعْطِهِ كَفِيلًا، فَلْيُرَاجَعْ ، وَكَتَبْت فِي الْفَوَائِدِ أَنَّ الْقِصَاصَ كَالْحُدُودِ إلَّا فِي سَبْعِ مَسَائِلَ: 30 - الْأُولَى: يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِعِلْمِهِ فِي الْقِصَاصِ دُونَ الْحُدُودِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. الثَّانِيَةُ: الْحُدُودُ لَا تُوَرَّثُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَالَ الْحَسَنُ لَا تُقْبَلُ فِي حَقِّ الْكُلِّ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ لِقَوْلِهِ فِي صَدْرِ الْعِبَارَةِ قَالَ الْحَسَنُ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ إلَّا أَنْ يَقُولَ الِاثْنَانِ مِنْهُمْ عَفَى عَنَّا، وَعَنْ هَذَا الْوَاحِدِ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْأَوَّلِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِي حَقِّ الْوَاحِدِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي مُوَافَقَةِ الْحَسَنِ لِأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَقَدْ رَاجَعْت الْخَانِيَّةَ فَلَمْ أَرَ الْمَسْأَلَةَ. (29) قَوْلُهُ: وَكَتَبْنَا مَسْأَلَةَ الْعَفْوِ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ إلَخْ: هِيَ لَوْ قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ عَلَى الْعَفْوِ، أُجِّلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ مَضَتْ، وَلَمْ يَأْتِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ يَقْتَضِي بِالْقِصَاصِ قِيَاسًا، كَالْأَمْوَالِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُؤَجَّلُ اسْتِعْظَامًا لِأَمْرِ الدَّمِ (30) قَوْلُهُ: الْأُولَى: يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِعِلْمِهِ فِي الْقِصَاصِ دُونَ الْحُدُودِ، وَإِطْلَاقُهُ فِي الْحُدُودِ غَيْرُ وَاقِعٍ مَوْقِعَهُ؛ لِدُخُولِ حَدِّ الْقَذْفِ تَحْتَهَا، وَالْحُكْمُ فِيهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُطْلَقُ يَنْصَرِفُ لِلْفَرْدِ الْكَامِلِ، وَهِيَ الْحُدُودُ الْخَالِصَةُ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يُرَدُّ حَدُّ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَقَّ الْعَبْدِ، ثُمَّ إنَّ الْقَضَاءَ بِعِلْمِهِ فِي الْقِصَاصِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي غَيْرِ الْحُدُودِ، وَالْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ مُطْلَقًا؛ لِفَسَادِ قُضَاةِ الزَّمَانِ

وَالْقِصَاصُ يُوَرَّثُ. الثَّالِثَةُ: لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ فِي الْحُدُودِ، وَلَوْ كَانَ حَدَّ الْقَذْفِ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ. الرَّابِعَةُ التَّقَادُمُ لَا يَمْنَعُ مِنْ الشَّهَادَةِ بِالْقَتْلِ بِخِلَافِ الْحُدُودِ سِوَى حَدِّ الْقَذْفِ. الْخَامِسَةُ: يَثْبُتُ بِالْإِشَارَةِ، وَالْكِتَابَةِ مِنْ الْأَخْرَسِ بِخِلَافِ الْحُدُودِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ مَسَائِلَ شَتَّى. 32 - السَّادِسَةُ: لَا تَجُوزُ الشَّفَاعَةُ فِي الْحُدُودِ، وَتَجُوزُ فِي الْقِصَاصِ. السَّابِعَةُ: الْحُدُودُ سِوَى حَدِّ الْقَذْفِ، لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّعْوَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْقِصَاصُ يُوَرَّثُ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا. (32) قَوْلُهُ: السَّادِسَةُ لَا تَجُوزُ الشَّفَاعَةُ فِي الْحُدُودِ إلَخْ: الشَّفَاعَةُ ضَرَاعَةٌ عِنْدَ الْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ، سُمِّيَتْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَشْفَعُ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ، وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَقَدْ صَحَّ «اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا وَلْيَقْضِ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا شَاءَ» ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ إعَانَةِ الْمُسْلِمِ، وَدَفْعِ الظُّلْمِ عَنْهُ، وَلَا يَكُونُ فِي حَدٍّ وَلَا حَقٍّ لَازِمٍ، وَإِنَّمَا هِيَ لِلذَّنْبِ الَّذِي يُمْكِنُ الْعَفْوُ عَنْهُ، وَقَدْ شَفَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَفِي مُسْلِمٍ لَمَّا حَلَفَ الصِّدِّيقُ أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهِ فَقَالَ تَعَالَى {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ} [النور: 22] الْآيَةَ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ الشَّفَاعَةِ فِي الْحُدُودِ إذَا بَلَغَ الْإِمَامَ، وَأَنَّهُ يَحْرُمُ التَّشْفِيعُ فِيهِ، فَأَمَّا قَبْلَ بُلُوغِ الْإِمَامِ فَأَجَازَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَشْفُوعُ فِيهِ صَاحِبَ شَرٍّ، وَأَذًى لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يُشْفَعْ فِيهِ. وَأَمَّا الْمَعَاصِي الَّتِي لَا حَدَّ فِيهَا، وَلَا كَفَّارَةَ، وَوَاجِبُهَا التَّعْزِيرُ فَتَجُوزُ الشَّفَاعَةُ فِيهَا، وَالتَّشْفِيعُ، سَوَاءٌ بَلَغَتْ الْإِمَامَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا أَهْوَنُ، ثُمَّ الشَّفَاعَةُ فِيهَا مُسْتَحَبَّةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَشْفُوعُ فِيهِ صَاحِبَ أَذًى. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ: وَإِطْلَاقُ الشَّفَاعَةِ فِي التَّعْزِيرِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا سَقَطَ حَقُّهُ كَانَ لِلْإِمَامِ التَّعْزِيرُ؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِلْإِصْلَاحِ، وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي أَوْقَاتِهِ، وَفِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَنْبَغِي اسْتِحْبَابُهَا.

[تنبيه التعزير يثبت مع الشبهة]

بِخِلَافِ الْقِصَاصِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الدَّعْوَى، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. تَنْبِيهٌ: التَّعْزِيرُ يَثْبُتُ مَعَ الشُّبْهَةِ، وَلِذَا قَالُوا يَثْبُتُ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ الْمَالُ، وَيَجْرِي فِيهِ الْحَلِفُ، وَيُقْضَى فِيهِ بِالنُّكُولِ، وَالْكَفَّارَاتُ تَثْبُتُ مَعَهَا أَيْضًا إلَّا كَفَّارَةَ الْفِطْرَةِ فِي رَمَضَانَ فَإِنَّهَا تُسْقِطُهَا، وَلِذَا لَا تَجِبُ عَلَى النِّسْيَانِ وَالْخَطَأِ، وَبِإِفْسَادِ صَوْمٍ مُخْتَلَفٍ فِي صِحَّتِهِ كَمَا عُلِمَ فِي مَحَلِّهِ، وَأَمَّا الْفِدْيَةُ فَهَلْ تُسْقِطُهَا؟ لَمْ أَرَهَا الْآنَ. 33 - وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ شَرَطُوا فِي الشُّبْهَةِ أَنْ تَكُونَ قَوِيَّةً، قَالُوا: فَلَوْ قَتَلَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا فَقَتَلَهُ وَلِيُّ الذِّمِّيِّ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِرَأْيِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَمَنْ شَرِبَ النَّبِيذَ يُحَدُّ، وَلَا يُرَاعَى خِلَافُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (انْتَهَى) . فَلَوْ غَصَبَ صَبِيًّا فَمَاتَ فِي يَدِهِ فَجْأَةً أَوْ بِحُمَّى لَمْ يُضَمَّنْ، وَلَا يَرِدُ مَا لَوْ مَاتَ بِصَاعِقَةٍ أَوْ بِنَهْشَةِ حَيَّةٍ أَوْ بِنَقْلِهِ إلَى أَرْضٍ مَسْبَعَةٍ أَوْ إلَى مَكَانِ الصَّوَاعِقِ أَوْ إلَى مَكَان يَغْلِبُ فِيهِ الْحُمَّى، وَالْأَمْرَاضُ؛ فَإِنَّ دِيَتَهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ إتْلَافٍ لَا ضَمَانُ غَصْبٍ، وَالْحُرُّ يُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ، وَالْعَبْدُ يُضْمَنُ بِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [تَنْبِيهٌ التَّعْزِيرُ يَثْبُتُ مَعَ الشُّبْهَةِ] قَوْلُهُ: وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ إلَخْ: أَقُولُ: لَا عَجَبَ فِي الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْأَدِلَّةِ الصَّحِيحَةِ الشَّرْعِيَّةِ بَلْ ذَلِكَ سُوءُ أَدَبٍ

[القاعدة السابعة الحر لا يدخل تحت اليد فلا يضمن بالغصب ولو صبيا]

الْقَاعِدَةُ السَّابِعَةُ الْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ فَلَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ، وَلَوْ صَبِيًّا 1 -، وَالْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ لَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ، وَلَوْ صَغِيرًا، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الزَّيْلَعِيِّ قُبَيْلَ بَابِ الْقَسَامَةِ، وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْحُرِّ 2 - وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمَ مَا إذَا، وَطِئَ حُرَّةً بِشُبْهَةٍ فَأَحْبَلَهَا، وَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ وُجُوبِ دِيَتِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ أَمَةً 3 - وَمِنْ فُرُوعِ الْقَاعِدَةِ لَوْ طَاوَعَتْهُ حُرَّةٌ عَلَى الزِّنَا فَلَا مَهْرَ لَهَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَلَوْ كَانَ الْوَاطِئُ صَبِيًّا فَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ، وَهَذَا مِمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَاعِدَةُ السَّابِعَةُ الْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ فَلَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَلَوْ صَبِيًّا] قَوْلُهُ: وَالْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ لَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ إلَخْ: أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْقِيَاسَ ضَمَانُهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قِنٌّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، وَالْجَوَابُ أَنَّ لَهُ يَدًا عَلَى نَفْسِهِ؛ لِكَوْنِهِ حُرًّا يَدًا فَأَخَذَ حُكْمَ الْحُرِّ، وَطُرِدَ الْحُكْمُ فِي الْغَيْرِ. (2) قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمَ مَا إذَا وَطِئَ حُرَّةً بِشُبْهَةٍ إلَخْ قِيلَ عَلَيْهِ هَذَا مَذْكُورٌ فِي الْمُخْتَارِ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ قَالَ: وَلَوْ زَنَى بِالْجَارِيَةِ الْمَغْصُوبَةِ فَحَبِلَتْ، وَمَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْعَلُوقِ، وَلَا يَضْمَنُ الْحُرَّةَ، وَقَالَ: لَا يَضْمَنُ الْأَمَةَ أَيْضًا (انْتَهَى) . وَهُوَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ ضَمَانِ الْحُرَّةِ، وَهُوَ شَهِيرٌ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ (انْتَهَى) . وَغَيْرُ خَافٍ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُؤْخَذُ حُكْمُهُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُخْتَارِ لَا أَنَّهُ عَيْنُهُ إذْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا إذَا وَطِئَ حُرَّةً بِشُبْهَةٍ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَارِ مَا إذَا غَصَبَ حُرَّةً، وَزَنَى بِهَا [فُرُوعٌ عَلَى قَاعِدَةِ الْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ فَلَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَلَوْ صَبِيًّا] (3) قَوْلُهُ: وَمِنْ فُرُوعِ الْقَاعِدَةِ لَوْ طَاوَعَتْهُ حُرَّةٌ عَلَى الزِّنَا فَلَا مَهْرَ لَهَا أَقُولُ: فِي جَعْلِ هَذَا مِنْ فُرُوعِ الْقَاعِدَةِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْمَهْرِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِكَوْنِ الزِّنَا بِالْحُرَّةِ يُوجِبُ الْحَدَّ دُونَ الْمَهْرِ لَا لِكَوْنِ الْحُرَّةِ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ

[وخرج عن هذه القاعدة إذا تنازع رجلان في امرأة وكانت في بيت أحدهما أو دخل بها أحدهما]

يُقَالُ لَنَا: وَطْءٌ خَلَا عَنْ الْحَدِّ وَالْعُقْرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا طَاوَعَتْهُ أَمَةٌ 4 - لِكَوْنِ الْمَهْرِ حَقَّ السَّيِّدِ ، وَخَرَجَ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوْلُ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: إذَا تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي امْرَأَةٍ، وَكَانَتْ فِي بَيْتِ أَحَدِهِمَا أَوْ دَخَلَ بِهَا أَحَدُهُمَا فَهُوَ الْأَوْلَى؛ لِكَوْنِهِ دَلِيلًا عَلَى سَبْقِ عَقْدِهِ. 5 - وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ الزَّوْجَةَ فِي يَدِ الزَّوْجِ؛ لِمَا قَدَّمْنَاهُ؛ وَلِقَوْلِهِمْ فِي بَابِ التَّخَالُفِ إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِيمَا يَصْلُحُ لَهُمَا مُعَلِّلِينَ بِأَنَّهَا فِي يَدِ الزَّوْجِ فَهِيَ، وَمَا فِي يَدِهَا فِي يَدِهِ فَيُقَالُ فِي أَصْلِ الْقَاعِدَةِ: الْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ يَدِ أَحَدٍ، 6 - إلَّا الزَّوْجَةَ فَإِنَّهَا فِي يَدِ زَوْجِهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ رَأَيْت فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ التَّاسِعَ عَشَرَ مَا نَصُّهُ: امْرَأَةٌ فِي دَارِ رَجُلٍ يَدَّعِي أَنَّهَا امْرَأَتُهُ، وَفِي خَارِجٍ يَدَّعِيهَا، وَهِيَ تُصَدِّقُهُ؛ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الدَّارِ، فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْيَدَ تَثْبُتُ عَلَى الْحُرَّةِ بِحِفْظِ الدَّارِ كَمَا فِي الْمَتَاعِ (انْتَهَى) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (4) قَوْلُهُ: لِكَوْنِ الْمَهْرِ حَقَّ السَّيِّدِ أَقُولُ: الْمُنَاسِبُ فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يُقَالَ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ [وَخَرَجَ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ إذَا تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي امْرَأَةٍ وَكَانَتْ فِي بَيْتِ أَحَدِهِمَا أَوْ دَخَلَ بِهَا أَحَدُهُمَا] () (5) قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ الزَّوْجَةَ فِي يَدِ الزَّوْجِ يَعْنِي؛ لِيُظْهِرَ بِذَلِكَ مُنَافَاةَ الْمَسْأَلَةِ لِلْقَاعِدَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنْ لَا مُنَافَاةَ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ كَوْنِ الْحُرِّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ كَوْنُهُ لَا يَسْتَوْلِي عَلَيْهِ اسْتِيلَاءَ الْغَصْبِ وَالْمِلْكِ، وَكَوْنُ الزَّوْجَةِ فِي يَدِ الزَّوْجِ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ الدُّخُولَ تَحْتَ الْيَدِ الْمَذْكُورِ فِي الْقَاعِدَةِ أَعَمُّ مِنْ الْغَصْبِ، وَالْمِلْكِ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ. (6) قَوْلُهُ: إلَّا الزَّوْجَةَ فَإِنَّهَا فِي يَدِ زَوْجِهَا قِيلَ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الدُّخُولَ تَحْتَ الْيَدِ أَعَمُّ مِنْ الْغَصْبِ، وَالْمِلْكِ، وَإِلَّا فَقَصْرُهُ عَلَى الْغَصْبِ، وَالْمِلْكِ لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ

[القاعدة الثامنة إذا اجتمع أمران من جنس واحد ولم يختلف مقصودهما دخل أحدهما في الآخر غالبا]

الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ 1 - إذَا اجْتَمَعَ أَمْرَانِ مِنْ جِنْسٍ، وَاحِدٍ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَقْصُودُهُمَا دَخَلَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخِرِ غَالِبًا. فَمِنْ فُرُوعِهَا: إذَا اجْتَمَعَ حَدَثٌ وَجَنَابَةٌ، أَوْ جَنَابَةٌ، وَحَيْضٌ 2 - كَفَى الْغُسْلُ الْوَاحِدُ ، وَلَوْ بَاشَرَ الْمُحْرِمُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَلَزِمَتْهُ شَاةٌ، ثُمَّ جَامَعَ فَمُقْتَضَاهَا الِاكْتِفَاءُ بِمُوجِبِ الْجِمَاعِ، وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ صَرِيحًا. وَمِنْهَا لَوْ قَصَّ الْمُحْرِمُ أَظْفَارَ يَدَيْهِ، وَرِجْلَيْهِ فِي مَجْلِسٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ إذَا اجْتَمَعَ أَمْرَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَقْصُودُهُمَا دَخَلَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخِرِ غَالِبًا] قَوْلُهُ: إذَا اجْتَمَعَ أَمْرَانِ إلَخْ: أَوْ أُمُورٌ، وَقَدْ يُقَالُ: الْمُرَادُ بِالْمَثْنَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ فَيَصْدُقُ بِالِاثْنَيْنِ، وَالثَّلَاثِ (2) قَوْلُهُ: كَفَى الْغُسْلُ الْوَاحِدُ هَذَا ظَاهِرُ الْجَوَابِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ يَكُونُ مِنْ الْأَوَّلِ لَا مِنْ الثَّانِي، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ إذَا رَعَفَ ثُمَّ بَالَ فَإِنَّ الْوُضُوءَ يَكُونُ مِنْ الْأَوَّلِ لَا مِنْ الثَّانِي عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ: إنْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ مُتَّحِدَيْنِ يَكُونُ مِنْ الْأَوَّلِ لَا مِنْ الثَّانِي، كَمَا إذَا بَالَ، ثُمَّ بَالَ. وَرُوِيَ عَنْ خَلَفِ بْنِ أَيُّوبَ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ؛ لِيَسْأَلَهُ عَمَّنْ رَعَفَ ثُمَّ بَالَ هَلْ الْوُضُوءُ يَكُونُ مِنْ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي فَكَتَبَ إلَيْهِ أَنَّ الْوُضُوءَ يَكُونُ مِنْهُمَا جَمِيعًا، ثُمَّ قَالَ، وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ إنَّمَا تَظْهَرُ فِي مَسْأَلَةٍ وَهِيَ: أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ إنْ تَوَضَّأْت مِنْ الرُّعَافِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، فَرَعَفَ ثُمَّ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا. أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيِّ فَلِأَنَّهُ وُجِدَ الرُّعَافُ أَوَّلًا، وَيَقَعُ أَيْضًا عَلَى قَوْلِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ تَكُونُ مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَأَمَّا إذَا بَال ثُمَّ رَعَفَ ثُمَّ تَوَضَّأَ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِالْوُضُوءِ مِنْ الرُّعَافِ، وَالْوُضُوءُ هَاهُنَا، وَقَعَ مِنْ الْبَوْلِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْأَوَّلُ، وَعِنْدَ غَيْرِهِ يَقَعُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ عِنْدَ غَيْرِهِ يَكُونُ الْوُضُوءُ مِنْهُمَا جَمِيعًا. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ مُتَفَرِّقَاتِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ

وَاحِدٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ فِي مَجَالِسَ فَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَجِبُ لِكُلِّ يَدٍ دَمٌ، وَلِكُلِّ رِجْلٍ دَمٌ إذَا وُجِدَ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَجْلِسٍ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ دِمَاءٍ إذَا وُجِدَ فِي كُلِّ مَجْلِسٍ قَلْمُ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ فَجَعَلْنَاهَا جِنَايَةً، وَاحِدَةً مَعْنًى لِاتِّحَادِ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ الِارْتِفَاقُ، فَإِذَا اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ يُعْتَبَرُ الْمَعْنَى، وَإِذَا اخْتَلَفَ تُعْتَبَرُ جِنَايَاتٍ لِكَوْنِهَا أَعْضَاءً مُتَبَايِنَةً 3 - وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ لَوْ جَامَعَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى مَعَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ نِسْوَةٍ إلَّا أَنَّ مَشَايِخَنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - قَالُوا: فِي الْجِمَاعِ بَعْدَ الْوُقُوفِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى: عَلَيْهِ بَدَنَةٌ، وَفِي 4 - الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ عَلَيْهِ شَاةٌ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ: فَإِنْ جَامَعَهَا مَرَّةً أُخْرَى فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ رَفْضَ الْحَجَّةِ الْفَاسِدَةِ يَلْزَمُهُ دَمٌ آخَرُ بِالْجِمَاعِ الثَّانِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَلَوْ نَوَى بِالْجِمَاعِ الثَّانِي رَفْضَ الْحَجَّةِ الْفَاسِدَةِ لَا يَلْزَمُهُ بِالْجِمَاعِ الثَّانِي شَيْءٌ (انْتَهَى) . ، وَمِنْهَا لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَصَلَّى الْفَرْضَ أَوْ الرَّاتِبَةَ دَخَلَتْ فِيهِ التَّحِيَّةُ، وَلَوْ طَافَ الْقَادِمُ عَنْ فَرْضٍ، وَنَذْرٍ دَخَلَ فِيهِ طَوَافُ الْقُدُومِ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ طَوَافُ الْوَدَاعِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَقْصُودٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ لَوْ جَامَعَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى إلَخْ: أَيْ وَيَجْرِي عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ الَّذِي مَرَّ فِي قَصِّ الْمُحْرِمِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ مَا لَوْ جَامَعَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى امْرَأَةً أَوْ نِسْوَةً فَإِنْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ يَجِبُ دَمٌ وَاحِدٌ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ فِي مَجَالِسَ فَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَجِبُ لِكُلِّ جِمَاعٍ دَمٌ. (4) قَوْلُهُ: وَفِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ عَلَيْهِ شَاةٌ، ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَلَوْ قَبْلَ الْحَلْقِ

وَمَقْصُودَهُمَا مُخْتَلِفٌ . وَلَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَصَلَّى فِيهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ 6 - لَا تَنُوبُ عَنْ تَحِيَّةِ الْبَيْتِ؛ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَلَوْ صَلَّى فَرِيضَتَهُ عَقِيبَ طَوَافٍ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكْفِيَهُ عَنْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، بِخِلَافِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَاجِبَةٌ، فَلَا تَسْقُطُ بِفِعْلِ غَيْرِهَا بِخِلَافِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ. 7 - وَلَوْ تَلَا آيَةَ سَجْدَةٍ فَسَجَدَ سَجْدَةً صَلَاتِيَّةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ كَفَتْ عَنْ التِّلَاوَةِ؛ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ التَّعْظِيمُ، وَكَذَا لَوْ رَكَعَ لَهَا فَوْرًا أَجْزَأَتْ قِيَاسًا، وَهَذِهِ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُعْمَلُ فِيهَا بِالْقِيَاسِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ. وَكَذَا لَوْ تَلَا آيَةً، وَكَرَّرَهَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ اكْتَفَى بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ تَعَدَّدَ السَّهْوُ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَتَعَدَّدْ الْجَابِرُ، بِخِلَافِ الْجَابِرِ فِي الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْجِنَايَةِ إذَا اخْتَلَفَ جِنْسُهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِسُجُودِ السَّهْوِ رَغْمُ أَنْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَقْصُودَهُمَا مُخْتَلِفٌ، إذْ الْمَقْصُودُ بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ تَفْرِيغُ الذِّمَّةِ، وَبِطَوَافِ الْوَدَاعِ تَوْدِيعُ الْبَيْتِ، وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا جَارٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، إذْ الْمَقْصُودُ بِالْغَرَضِ، وَالْمَنْذُورِ تَفْرِيغُ الذِّمَّةِ، وَبِطَوَافِ الْقُدُومِ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ فِي أَوَّلِ اللِّقَاءِ، وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ فَتَأَمَّلْ (6) قَوْلُهُ: لَا تَنُوبُ عَنْ تَحِيَّةِ الْبَيْتِ، وَهِيَ الطَّوَافُ، وَالْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ تَقْتَضِي أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْجَمَاعَةِ لَغْوٌ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْجِنْسِ مُتَحَقِّقٌ مَعَ الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا (7) قَوْلُهُ: وَلَوْ تَلَا آيَةَ سَجْدَةٍ قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ فَسَجَدَ: حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يُقَالَ: وَتَلَا آيَةَ سَجْدَةٍ فَسَجَدَ لَهَا قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ فَلَوْ سَجَدَ بَعْدَ مَا قَرَأَهَا لَمْ تَجْزِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَكَذَا الرُّكُوعُ لَهَا فَوْرًا أَقُولُ: وَهَذِهِ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُعْمَلُ فِيهَا بِالْقِيَاسِ.

الشَّيْطَانِ، وَقَدْ حَصَلَ بِالسَّجْدَتَيْنِ آخِرَ الصَّلَاةِ، وَالْمَقْصُودُ فِي الثَّانِي جَبْرُ هَتْكِ الْحُرْمَةِ، فَلِكُلٍّ جَبْرٌ، فَاخْتَلَفَ الْمَقْصُودُ وَلَوْ زَنَى أَوْ شَرِبَ أَوْ سَرَقَ مِرَارًا كَفَى حَدٌّ وَاحِدٌ سَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلُ مُوجِبًا؛ لِمَا أَوْجَبَهُ الثَّانِي أَوْ لَا فَلَوْ زَنَى بِكْرًا ثُمَّ ثَيِّبًا كَفَى الرَّجْمُ، وَلَوْ قَذَفَ مِرَارًا وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً، فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ كَفَى حَدٌّ وَاحِدٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا زَنَى فَحُدَّ ثُمَّ زَنَى فَإِنَّهُ يُحَدُّ ثَانِيًا، وَلَوْ زَنَى وَشَرِبَ، وَسَرَقَ أُقِيمَ الْكُلُّ؛ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَلَوْ وَطِئَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مِرَارًا لَمْ يَلْزَمْ بِالثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ شَيْءٌ. 8 - وَلَوْ فِي يَوْمَيْنِ فَإِنْ كَانَا مِنْ رَمَضَانَيْنِ تَعَدَّدَتْ، وَإِلَّا فَإِنْ كَفَّرَ لِلْأَوَّلِ تَعَدَّدَتْ، وَإِلَّا اتَّحَدَتْ، وَلَوْ قَتَلَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ وَاحِدٌ لِلْإِحْرَامِ؛ لِكَوْنِهِ أَقْوَى، وَلَوْ لَبِسَ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا مُطَيَّبًا فَعَلَيْهِ فِدْيَتَانِ؛ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَلِذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي قَوْلِ الْكَنْزِ (أَوْ خَضَّبَ رَأْسَهُ بِحِنَّاءٍ) : هَذَا إذَا كَانَ مَائِعًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُلَبَّدًا فَعَلَيْهِ دَمَانِ: دَمٌ لِلطِّيبِ، وَدَمٌ لِتَغْطِيَةِ الرَّأْسِ (انْتَهَى) . وَيَتَعَدَّدُ الْجَزَاءُ عَلَى الْقَارِنِ فِيمَا عَلَى الْمُفْرِدِ بِهِ دَمٌ؛ لِكَوْنِهِ مُحْرِمًا بِإِحْرَامَيْنِ عِنْدَنَا 9 -، وَقَوْلُهُمْ: إلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ. اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّهُ حَالَةَ الْمُجَاوَزَةِ لَمْ يَكُنْ قَارِنًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ فِي يَوْمَيْنِ؛ فَإِنْ كَانَا مِنْ رَمَضَانَيْنِ تَعَدَّدَتْ إلَخْ؛ يَعْنِي فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ: قَالَ فِي الْأَسْرَارِ: وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ. (9) قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُمْ إلَّا أَنْ يُجَاوِزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ أَقُولُ قَدْ

وَلَوْ تَكَرَّرَ الْوَطْءُ بِشُبْهَةٍ، وَاحِدَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ شُبْهَةَ مِلْكٍ لَمْ يَجِبْ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ صَادَفَ مِلْكَهُ، وَإِنْ كَانَتْ شُبْهَةَ اشْتِبَاهٍ، وَجَبَ لِكُلِّ وَطْءٍ مَهْرٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَطْءٍ صَادَفَ مِلْكَ الْغَيْرِ، فَالْأَوَّلُ كَوَطْءِ جَارِيَةِ ابْنِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ، وَالْمَنْكُوحَةِ فَاسِدًا، وَمِنْ الثَّانِي كَوَطْءِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَكَةَ. لَوْ وَطِئَ مُكَاتَبَةً مُشْتَرَكَةً مِرَارًا اتَّحَدَ فِي نَصِيبِهِ لَهَا، وَتَعَدَّدَ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَالْكُلُّ لَهَا 11 - وَلَا يَتَعَدَّدُ فِي الْجَارِيَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. 12 - وَمَنْ زَنَى بِأَمَةٍ فَقَتَلَهَا لَزِمَهُ الْحَدُّ، وَالْقِيمَةُ لِاخْتِلَافِهِمَا، 13 - وَلَوْ زَنَى بِحُرَّةٍ فَقَتَلَهَا وَجَبَ الْحَدُّ مَعَ الدِّيَةِ. وَلَوْ زَنَى بِكَبِيرَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQذَكَرُوا فَرْعَا مُسْتَثْنًى مِنْ الْقَاعِدَةِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ فِيهِ مُتَّصِلٌ، وَهُوَ مَا إذَا أَفَاضَ الْقَارِنُ قَبْلَ الْإِمَامِ مِنْ عَرَفَةَ، وَجَاوَزَ حُدُودَهَا فَإِنَّ عَلَيْهِ دَمًا وَاحِدًا مَعَ كَوْنِهِ قَارِنًا (10) قَوْلُهُ: وَلَوْ تَكَرَّرَ الْوَطْءُ بِشُبْهَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ وَطِئَ مُكَاتَبَةً مُشْتَرَكَةٍ مِرَارًا اتَّحَدَ فِي نِصْفِهِ إلَخْ: أَيْ عَلَيْهِ فِي نِصْفِهِ نِصْفُ مَهْرٍ، وَعَلَيْهِ فِي نِصْفِ شَرِيكِهِ بِكُلِّ وَطْءٍ نِصْفُ مَهْرٍ (11) قَوْلُهُ: وَلَا يَتَعَدَّدُ فِي الْجَارِيَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ. أَقُولُ: لِأَنَّ وَطْأَهُ كَانَ عَلَى ظَنِّ الْمِلْكِ كَمَا لَوْ وَطِئَ مَنْكُوحَتَهُ مِرَارًا ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا، يَلْزَمُهُ مَهْرٌ وَاحِدٌ فَكَذَا هُنَا، وَهَذَا مِمَّا خَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ (12) قَوْلُهُ: وَمَنْ زَنَى بِأَمَةٍ فَقَتَلَهَا إلَخْ: أَيْ بِفِعْلِ الزِّنَا لَزِمَهُ الْحَدُّ، وَالْقِيمَةُ؛ لِأَنَّهُ جَنَى جِنَايَتَيْنِ فَيُوَفِّرُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حُكْمَهَا: الْحَدُّ بِالزِّنَا، وَالْقِيمَةُ بِالْقَتْلِ، وَلَا يَتَدَاخَلَانِ؛ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ مُخْتَلِفَانِ وَجَبَا بِجِنَايَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، أَحَدُهُمَا بِالزِّنَا، وَالْآخَرُ بِإِتْلَافِ النَّفْسِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ. (13) قَوْلُهُ: وَلَوْ زَنَى بِحُرَّةٍ فَقَتَلَهَا، وَجَبَ الْحَدُّ مَعَ الدِّيَةِ، يَعْنِي قَتَلَهَا بِفِعْلِ الزِّنَا، وُجُوبُ الْحَدِّ مَعَ الدِّيَةِ هُنَا بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ لَا تُمْلَكُ بِضَمَانٍ.

فَأَفْضَاهَا، فَإِنْ كَانَتْ مُطَاوِعَةً مِنْ غَيْرِ دَعْوَى شُبْهَةٍ فَعَلَيْهِمَا الْحَدُّ، 14 - وَلَا شَيْءَ فِي الْإِفْضَاءِ، وَلَا مَهْرَ لَهَا لِوُجُوبِ الْحَدِّ، وَإِنْ كَانَ مَعَ دَعْوَى شُبْهَةٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا، وَلَا شَيْءَ فِي الْإِفْضَاءِ، وَوَجَبَ الْعُقْرُ، وَإِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً مِنْ غَيْرِ دَعْوَى شُبْهَةٍ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ دُونَهَا، وَلَا مَهْرَ لَهَا فَإِنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ بَوْلُهَا فَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، 15 - وَإِلَّا حُدَّ، وَضُمِّنَ ثُلُثَ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ دَعْوَى شُبْهَةٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ كَانَ الْبَوْلُ يَسْتَمْسِكُ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَيَجِبُ الْمَهْرُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَإِنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ الْبَوْلُ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَهِيَ كَالْكَبِيرَةِ إلَّا فِي حَقِّ سُقُوطِ الْأَرْشِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَإِنْ كَانَ يَسْتَمْسِكُ بَوْلُهَا فَعَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَكَمَالُ الْمَهْرِ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَالدِّيَةُ فَقَطْ، كَذَا فِي شَرْحِ الزَّيْلَعِيِّ مِنْ الْحُدُود ، وَأَمَّا الْجِنَايَةُ إذَا تَعَدَّدَتْ بِقَطْعِ عُضْوِهِ 16 - ثُمَّ قَتْلِهِ فَإِنَّهَا لَا تَتَدَاخَلُ فِيهَا إلَّا إذَا كَانَ خَطَأَيْنِ عَلَى وَاحِدٍ، وَلَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا بُرْءٌ 17 - وَصُوَرُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ فِي الْإِفْضَاءِ: يَعْنِي لِرِضَاهَا بِهِ. (15) قَوْلُهُ: وَإِلَّا حُدَّ، وَضُمِّنَ ثُلُثَ الدِّيَةِ؛ لِمَا أَنَّ جِنَايَتَهُ جَائِفَةٌ (16) قَوْلُهُ: ثُمَّ قَتَلَهُ، عَطْفٌ عَلَى قَطَعَ، وَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ، وَهُوَ الضَّمِيرُ الْعَائِدُ عَلَى الْمَقْطُوعِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِالْمَصْدَرِ. (17) قَوْلُهُ: وَصُوَرُهَا: أَيْ الْجِنَايَةِ الْمُتَعَدِّدَةِ، وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمُقَيَّدِ مَعَ قَيْدِهِ.

سِتَّةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَطَعَ ثُمَّ قَتَلَ 19 - فَإِمَّا أَنْ يَكُونَا عَمْدَيْنِ أَوْ خَطَأَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا عَمْدًا، وَالْآخَرُ خَطَأً، وَكُلٌّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ إمَّا عَلَى وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ، وَكُلٌّ مِنْ الثَّمَانِيَةِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّانِي قَبْلَ الْبُرْءِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ فِي بَحْثِ الْأَدَاءِ، وَالْقَضَاءِ. وَالْمُعْتَدَّةُ إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، وَجَبَتْ أُخْرَى 20 - وَتَدَاخَلَتَا، وَالْمَرْئِيُّ مِنْهُمَا، سَوَاءٌ كَانَ الْوَاطِئُ صَاحِبَ الْعِدَّةِ الْأُولَى أَوْ غَيْرَهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَقَدْ عَلِمْت مَا احْتَرَزْنَا عَنْهُ بِقَوْلِنَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَبِقَوْلِنَا، وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَقْصُودُهُمَا، وَبِقَوْلِنَا غَالِبًا، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: سِتَّةَ عَشَرَ: حَاصِلُهُ مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ فِي ثَمَانِيَةٍ. (19) قَوْلُهُ: فَإِمَّا أَنْ يَكُونَا عَمْدَيْنِ إلَخْ: اعْلَمْ أَنَّ الْعَمْدَيْنِ إذَا لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا بُرْؤُهُمَا فِي شَخْصٍ وَاحِدٌ لَا يَتَدَاخَلَانِ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا يَتَدَاخَلَانِ فَيُقْتَلُ جَزَاءً، وَلَا تُقْطَعُ يَدُهُ. (20) قَوْلُهُ: وَتَدَاخَلَتَا، وَالْمَرْئِيُّ مِنْهُمَا: فَلَوْ كَانَ الْوَطْءُ بِشُبْهَةٍ بَعْدَ انْقِضَاءِ حَيْضَةٍ مَثَلًا فَحَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ بَعْدَهُمَا تَمَّتْ الْعِدَّةُ الْأُولَى، وَوَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تُتِمَّ الْعِدَّةَ الثَّانِيَةَ بِحَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ

[القاعدة التاسعة إعمال الكلام أولى من إهماله متى أمكن فإن لم يمكن أهمل]

الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةُ: إعْمَالُ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ مَتَى أَمْكَنَ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أُهْمِلَ، وَلِذَا اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا فِي الْأُصُولِ عَلَى أَنَّ الْحَقِيقَةَ إذَا كَانَتْ مُتَعَذِّرَةً فَإِنَّهُ يُصَارُ إلَى الْمَجَازِ 1 - فَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ أَوْ هَذَا الدَّقِيقِ حَنِثَ فِي الْأَوَّلِ بِأَكْلِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا 2 - وَبِثَمَنِهَا إنْ بَاعَهَا، وَاشْتَرَى بِهِ مَأْكُولًا، وَفِي الثَّانِي بِمَا يَتَّخِذُ مِنْهُ كَالْخُبْزِ، وَلَوْ أَكَلَ عَيْنَ الشَّجَرَةِ، وَالدَّقِيقِ لَمْ يَحْنَثْ عَلَى الصَّحِيحِ 3 -. وَالْمَهْجُورُ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا كَالْمُتَعَذِّرِ، وَإِنْ تَعَذَّرَتْ الْحَقِيقَةُ، وَالْمَجَازُ أَوْ كَانَ اللَّفْظُ مُشْتَرَكًا بِلَا مُرَجِّحٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةُ إعْمَالُ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ مَتَى أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أُهْمِلَ] قَوْلُهُ: فَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ إلَخْ: الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِي الْمِثَالَيْنِ عَدَمُ الْأَكْلِ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَذِّرٍ، بَلْ الْمُتَعَذِّرُ الْأَكْلُ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْيَمِينَ إذَا دَخَلَتْ فِي النَّفْيِ كَانَتْ لِلْمَنْعِ فَمُوجِبُ الْيَمِينِ أَنْ يَصِيرَ مَمْنُوعًا بِالْيَمِينِ، وَمَا لَا يَكُونُ مَأْكُولًا لَا يَكُونُ مَمْنُوعًا بِالْيَمِينِ. (2) قَوْلُهُ: وَبِثَمَنِهَا إنْ بَاعَهَا، وَاشْتَرَى بِهِ مَأْكُولًا. لَا يَخْفَى مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الرَّكَاكَةِ، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ: وَيَأْكُلُ مَا اشْتَرَاهُ بِثَمَنِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَهَا ثَمَرَةٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْمَلَكِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا ثَمَرَةٌ حَنِثَ بِثَمَنِهَا إنْ بَاعَهَا، وَاشْتَرَى بِهِ مَأْكُولًا، وَأَكَلَهُ (3) قَوْلُهُ: وَالْمَهْجُورُ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا كَالْمُتَعَذِّرِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُتَعَذِّرَ مَا لَا يُتَّصَلُ إلَيْهِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ، وَمِثَالُهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالْمَهْجُورُ مَا تَيَسَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ، وَلَكِنَّ النَّاسَ تَرَكُوهُ كَوَضْعِ الْقَدَمِ، وَمِثَالُ الْمَهْجُورِ شَرْعًا مَا لَوْ، وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْجَوَابِ مَجَازًا فَيَتَنَاوَلُ الْإِنْكَارَ، وَالْإِقْرَارَ بِإِطْلَاقِهِ بِاعْتِبَارِ عُمُومِ الْمَجَازِ

أُهْمِلُ لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ، 5 - فَالْأَوَّلُ قَوْلُهُ لِامْرَأَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ لِأَبِيهَا: هَذِهِ بِنْتِي 6 -؛ لَمْ تُحَرَّمْ بِذَلِكَ أَبَدًا. وَالثَّانِي: لَوْ أَوْصَى لِمَوَالِيهِ، وَلَهُ مُعْتِقٍ (بِالْكَسْرِ) ، وَمُعْتَقٌ (بِالْفَتْحِ) 7 - بَطَلَتْ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُعْتِقٌ (بِالْكَسْرِ) ، وَلَهُ مَوَالٍ أَعْتَقَهُمْ، وَلَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ الْحَقِيقَةَ مَهْجُورَةٌ شَرْعًا إذْ الْخُصُومَةُ مُنَازَعَةٌ، وَهِيَ حَرَامٌ فَانْصَرَفَ إلَى الْجَوَابِ؛ لِأَنَّهَا سَبَبُهُ. (4) قَوْلُهُ: أُهْمِلَ لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ؛ كَذَا فِي النُّسَخِ، وَالصَّوَابُ أُهْمِلَ لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ أَيْ إمْكَانِ إعْمَالِ الْكَلَامِ. (5) قَوْلُهُ: فَالْأَوَّلُ: كَقَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ إلَخْ: أَيْ الْمَعْرُوفَةِ النَّسَبِ أَمَّا وَجْهُ تَعَذُّرِ الْحَقِيقَةِ فَلِأَنَّ اشْتِهَارَ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْ الْغَيْرِ يَمْنَعُ ثُبُوتَهُ مِنْهُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْإِقْرَارِ عَلَى الْغَيْرِ، وَلَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لِتَكْذِيبِ الْقَاضِي إيَّاهُ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ؛ لِكَوْنِهِ إقْرَارًا بِالْحُرْمَةِ عَلَى الْغَيْرِ، وَهِيَ الْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّهَا تُحَرَّمُ عَلَيْهِ بِهِ فَقَامَ تَكْذِيبُهُ مَقَامَ الرُّجُوعِ إذْ تَكْذِيبُ الشَّرْعِ لَيْسَ بِأَدْنَى مِنْ تَكْذِيبِ نَفْسِهِ، وَالرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ صَحِيحٌ فَلَمْ يَثْبُتْ، وَأَمَّا امْتِنَاعُ حُكْمِ الْمَجَازِ، وَهُوَ الطَّلَاقُ الْمُحَرَّمُ فَالْمُخَالَفَاتُ بَيْنَ الْحُرْمَةِ الثَّابِتَةِ بِالطَّلَاقِ، وَبَيْنَ الْحُرْمَةِ الثَّابِتَةِ بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ الثَّابِتَةَ بِهَا تُنَافِي النِّكَاحَ وَالْمَحَلِّيَّةَ، وَالْحُرْمَةُ الثَّابِتَةُ بِالطَّلَاقِ تُثْبِتُ النِّكَاحَ وَالْمَحَلِّيَّةَ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُسْتَعَارَ قَوْلُهُ: هَذِهِ بِنْتِي لِلطَّلَاقِ الْمُحَرَّمِ. (6) قَوْلُهُ: لَمْ: تُحَرَّمْ بِذَلِكَ أَبَدًا إلَخْ: أَقُولُ: لَكِنَّهُ إنْ أَصَرَّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ يُفَرِّقُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا لَا؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ تَثْبُتُ بِهَذَا اللَّفْظِ بَلْ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِصْرَارِ صَارَ ظَالِمًا لَهَا بِمَنْعِ حَقِّهَا فِي الْجِمَاعِ فَيَجِبُ التَّفْرِيقُ، كَمَا فِي الْجَبِّ، وَالْعُنَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الطَّحْطَاوِيُّ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْإِصْرَارُ أَنْ يَقُولَ مَا قُلْته حَقٌّ. (7) قَوْلُهُ: بَطَلَتْ إلَخْ: أَيْ الْوَصِيَّةُ، قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْوَصِيَّةَ إلَى الْأَعْلَى الْإِنْعَامُ، وَشُكْرُ الْمُنْعِمِ وَاجِبٌ، وَإِلَى الْأَسْفَلِ زِيَادَةُ إنْعَامٍ، وَهُوَ مَنْدُوبٌ، وَالصَّرْفُ إلَى الْوَاجِبِ

[ما تفرع علي قاعدة إعمال الكلام أولى من إهماله متى أمكن فإن لم يمكن أهمل]

مَوَالٍ أَعْتَقُوهُمْ انْصَرَفَتْ إلَى مَوَالِيهِ؛ لِأَنَّهُمْ الْحَقِيقَةُ، وَلَا شَيْءَ لِمَوَالِي مَوَالِيهِ؛ لِأَنَّهُمْ الْمَجَازُ، وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا 8 -. وَمِمَّا فَرَّعْته عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ لَهُ امْرَأَتَانِ فَقَالَ لِإِحْدَاهُمَا: أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا، فَقَالَتْ الثَّلَاثَةُ يَكْفِينِي، فَقَالَ الزَّوْجُ: أَوْقَعْت الزِّيَادَةَ عَلَى فُلَانَةَ، لَا يَقَعُ عَلَى الْأُخْرَى شَيْءٌ. وَكَذَا لَوْ قَالَ الزَّوْجُ: الثَّلَاثُ لَك، وَالْبَاقِي لِصَاحِبَتِك، لَا تَطْلُقُ الْأُخْرَى (انْتَهَى) . لِعَدَمِ إمْكَانِ الْعَمَلِ فَأُهْمِلَ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ حَكَمَ بِبُطْلَانِ مَا زَادَ فَلَا يُمْكِنُ إيقَاعُهُ عَلَى أَحَدٍ 9 - وَمِنْهَا حِكَايَةُ الْأُسْتَاذِ الطَّحَاوِيِّ حَكَاهَا فِي يَتِيمَةِ الدَّهْرِ مِنْ الطَّلَاقِ. ، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مَنْ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا، وَمَنْ لَا يَقَعُ، وَقَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ فَفِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مَنْكُوحَتِهِ، وَرَجُلٍ، وَقَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَقَعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْلَى، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّرْجِيحُ بِهَذَا؛ لِأَنَّ مَقَاصِدَ النَّاسِ مُخْتَلِفَةٌ، مِنْهُمْ مَنْ يَقْصِدُ الْإِحْسَانَ إلَى الْأَسْفَلِ تَتْمِيمًا لِلْإِحْسَانِ فَوَجَبَ التَّوَقُّفُ إلَى الْبَيَانِ فَإِذَا انْقَطَعَ رَجَاؤُهُ تَعَيَّنَ الْبُطْلَانُ [مَا تَفَرَّعَ عَلَيَّ قَاعِدَة إعْمَالُ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ مَتَى أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أُهْمِلَ] (8) قَوْلُهُ: وَمِمَّا فَرَّعْته عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَخْ: أَقُولُ: ذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ خِلَافًا فَقَالَ: وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ خَمْسِينَ طَلْقَةً، فَقَالَتْ: ثَلَاثٌ تَكْفِينِي، فَقَالَ: الْبَاقِي لِصَاحِبَتِك تَطْلُقُ كَالْوَاحِدَةِ مِنْ الْبَوَاقِي ثَلَاثًا ثَلَاثًا. وَقَالَ الطَّحْطَاوِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ وَأَبُو عَلِيٍّ الرَّازِيّ، وَالشَّافِعِيِّ لَا يَقَعُ عَلَى صَاحِبَاتِهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ مَنْ وَرَاءَ الثَّلَاثِ غَيْرُ عَامِلٍ أَصْلًا (انْتَهَى) . أَقُولُ: لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ الْقَوْلِ بِوُقُوعِ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ، وَكَأَنَّهُ لِضَعْفِ هَذَا الْقَوْلِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ قَاضِي خَانْ. (9) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا حِكَايَةُ أُسْتَاذِ الطَّحَاوِيِّ

وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ، وَأَجْنَبِيَّةٍ، وَقَالَ: طَلَّقْت إحْدَاكُمَا طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ، وَلَوْ قَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ، وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا، لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ، وَبَيْنَ مَا لَيْسَ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ كَالْبَهِيمَةِ، وَالْحَجَرِ، وَقَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَطْلُقُ ، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ الْحَيَّةِ، وَالْمَيِّتَةِ، وَقَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ الْحَيَّةُ (انْتَهَى) ثُمَّ قَالَ فِيهَا: وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ إحْدَاهُمَا صَحِيحَةُ النِّكَاحِ، وَالْأُخْرَى فَاسِدَةُ النِّكَاحِ، وَقَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ صَحِيحَةُ النِّكَاحِ كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ مَنْكُوحَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ، وَقَالَ: (إحْدَاكُمَا) طَالِقٌ (انْتَهَى) . وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ، وَغَيْرِهَا، وَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ، إلَّا إذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا، وَبَيْنَ جِدَارٍ أَوْ بَهِيمَةٍ؛ لِأَنَّ الْجِدَارَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلطَّلَاقِ أُعْمِلَ اللَّفْظُ فِي امْرَأَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَفْهُومُ آدَمِيًّا فَإِنَّهُ صَالِحٌ فِي الْجُمْلَةِ، 11 - إلَّا أَنَّهُ يَشْكُلُ بِالرَّجُلِ فَإِنَّهُ لَا يُوصَفُ بِالطَّلَاقِ عَلَيْهِ، وَلِذَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنَا مِنْك طَالِقٌ لُغِيَ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الطَّلَاقَ لِإِزَالَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ، وَأَجْنَبِيَّةٍ، وَقَالَ: طَلَّقْت إحْدَاكُمَا إلَخْ: قِيلَ: لَمْ يُبَيِّنْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الصِّيغَةِ، وَبَيْنَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ مَعَ مَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ. (11) قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ يَشْكُلُ بِالرَّجُلِ إلَخْ: هُوَ نَقْضٌ إجْمَالِيٌّ حَاصِلُهُ أَنَّ الْعِلَّةَ وُجِدَتْ، وَتَخَلَّفَ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ مَحَلِّيَّةِ الرَّجُلِ لِلطَّلَاقِ يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَى الزَّوْجَةِ، وَقَدْ تَخَلَّفَ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَحَلِّيَّةِ لِلطَّلَاقِ مَحَلِّيَّةَ الْمَضْمُومِ بِاعْتِبَارِ شَخْصِهِ بَلْ بِاعْتِبَارِ نَوْعِهِ، وَنَوْعُ الرَّجُلِ مَحَلٌّ لَهُ

الْوَصْلَةِ، وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا 12 - وَمِمَّا فَرَّعْته عَلَى الْقَاعِدَةِ قَوْلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِيمَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ الْأَكْبَرِ سِنًّا مِنْهُ: هَذَا ابْنِي فَإِنَّهُ أَعْمَلَهُ عِتْقًا مَجَازًا عَنْ هَذَا حُرٌّ، وَهُمَا أَهْمَلَاهُ، وَقَالَ فِي الْمَنَارِ مِنْ بَحْثِ الْحُرُوفِ مِنْ أَوْ: وَقَالَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ وَدَابَّتِهِ: هَذَا حُرٌّ أَوْ هَذَا: إنَّهُ بَاطِلٌ 13 -؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِأَحَدِهِمَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَحَلٍّ لِلْعِتْقِ، وَعِنْدَهُ هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِمَّا فَرَّعْته عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ قَوْلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ إلَخْ: قِيلَ: يَحْتَاجُ هَذَا الْفَرْعُ - مَعَ فَرْعِ الْمَرْأَةِ الْمَعْرُوفَةِ لِأَبِيهَا إذَا قَالَ لَهَا: هَذِهِ بِنْتِي لَمْ تُحَرَّمْ - إلَى الْفَرْقِ لِأَبِي حَنِيفَةَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحُرْمَةَ الثَّابِتَةَ بِقَوْلِهِ: هَذَا ابْنِي لَا يُنَافِي الْمِلْكَ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ حِينِ مَلَكَهُ لَا انْتِفَاءَ الْمِلْكِ مِنْ الْأَصْلِ، وَعَمَلُهُ فِي الْمَجَازِ عِتْقُهُ مِنْ حِينِ مَلَكَهُ أَيْضًا، وَصُلْحٌ مَجَازًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِلْمَرْأَةِ الْمَعْرُوفَةِ النَّسَبِ: هَذِهِ بِنْتِي فَإِنَّ الْحُرْمَةَ الثَّابِتَةَ بِهِ تُنَافِي النِّكَاحَ وَالْمَحَلِّيَّةَ، وَالْحُرْمَةُ الثَّابِتَةُ بِالطَّلَاقِ تُثْبِتُ النِّكَاحَ، وَالْمَحَلِّيَّةَ فَلَمْ تَجُزْ اسْتِعَارَتُهُ لِلطَّلَاقِ الْمُحَرَّمِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا. (13) قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِأَحَدِهِمَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ إلَخْ: يَعْنِي أَنَّ أَوْ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ أَعَمُّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى التَّعْيِينِ، وَالْأَعَمُّ يَجِبُ صِدْقُهُ عَلَى الْأَخَصِّ، وَالْوَاحِدُ الْأَعَمُّ الَّذِي يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَالدَّابَّةُ غَيْرُ صَالِحٍ لِلْعِتْقِ، وَإِنَّمَا يَصْلُحُ لَهُ الْوَاحِدُ الْمُعَيَّنُ الَّذِي هُوَ الْعَبْدُ، وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ إيجَابَ الْعِتْقِ إنَّمَا هُوَ عَلَى مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ لَا عَلَى الْمَفْهُومِ الْعَامِّ، إذَا لَا أَحْكَامَ تَتَعَلَّقُ بِالذَّوَاتِ لَا بِالْمَفْهُومَاتِ. هَكَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّلْوِيحِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ غَيْرَ عَيْنٍ صَالِحًا لِلْإِيجَابِ، وَبِدُونِ صَلَاحِيَّةٍ لِمَحَلٍّ لَا يَصِحُّ الْإِيجَابُ أَصْلًا، وَعِنْدَ الْإِمَامِ هُوَ كَذَلِكَ، أَيْ هُوَ اسْمٌ لِأَحَدِهِمَا غَيْرُ عَيْنٍ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لَكِنْ يَحْتَمِلُ أَحَدُهُمَا عَلَى التَّعْيِينِ مَجَازًا حَتَّى لَزِمَهُ التَّعْيِينُ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدَيْنِ كَمَا فِي الْإِقْرَارِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ يَحْتَمِلُ كَلَامُهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ إذْ الْمَرْءُ لَا يُجْبَرُ عَلَى بَيَانِ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ مِنْ مُحْتَمَلَاتِ كَلَامِهِ، وَلَمَّا تَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِالْحَقِيقَةِ، أَعْنِي الْوَاحِدَ الْغَيْرَ الْمُعَيَّنِ فَالْعَمَلُ بِمَجَازٍ أَعْنِي الْوَاحِدَ الْمُعَيَّنَ أَوْلَى مِنْ إلْغَاءِ الْكَلَامِ وَإِبْطَالِهِ، وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، وَهُوَ أَنَّ الْمَجَازَ خَلَفٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ فِي التَّكَلُّمِ

كَذَلِكَ لَكِنْ عَلَى احْتِمَالِ التَّعْيِينِ حَتَّى لَزِمَهُ التَّعْيِينُ، كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدَيْنِ، وَالْعَمَلُ بِالْمُحْتَمَلِ أَوْلَى مِنْ الْإِهْدَارِ، فَجَعَلَ مَا وُضِعَ لِحَقِيقَتِهِ مَجَازًا يَحْتَمِلُهُ، وَإِنْ اسْتَحَالَتْ حَقِيقَتُهُ، وَهُمَا يُنْكِرَانِ الِاسْتِعَارَةَ عِنْدَ اسْتِحَالَةِ الْحُكْمِ (انْتَهَى) . قَيَّدَ بِأَوْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ، وَدَابَّتِهِ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ عَتَقَ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ 14 - وَبَيَّنَّا الْفَرْقَ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ 15 - وَمِنْهَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَوْلَادُ أَوْلَادٍ حُمِلَ عَلَيْهِمْ صَوْنًا لِلَّفْظِ عَنْ الْإِهْمَالِ عَمَلًا بِالْمَجَازِ، وَكَذَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مَوَالِيه وَلَيْسَ لَهُ مَوَالٍ وَإِنَّمَا لَهُ مَوَالٍ اسْتَحَقُّوا، كَمَا فِي التَّحْرِيرِ. وَلَيْسَ مِنْهَا مَا لَوْ أَتَى بِالشَّرْطِ وَالْجَوَابُ بِلَا فَاءٍ، فَإِنَّا لَا نَقُولُ بِالتَّعْلِيقِ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ فَيَتَنَجَّزُ وَلَا يَنْوِي، خِلَافًا لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ فِي مَكَّةَ فَيَتَنَجَّزُ إلَّا إذَا أَرَادَ فِي دُخُولِكِ مَكَّةَ فَيَدِينُ، وَإِذَا دَخَلْتِ مَكَّةَ تَعْلِيقٌ. وَقَدْ جَعَلَ الْإِمَامُ الْأُسْيُوطِيُّ مِنْ فُرُوعِهَا مَا وَقَعَ فِي فَتَاوَى السُّبْكِيّ فَنَذْكُرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQعِنْدَهُ فَيُصَارُ إلَى الْمَجَازِ عِنْدَ عَدَمِ صِحَّةِ التَّكَلُّمِ، وَإِنْ اسْتَحَالَ حُكْمُ الْحَقِيقَةِ وَعِنْدَهُمَا: الْمَجَازُ خَلَفٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ فِي الْحُكْمِ فَلَا يُصَارُ إلَى الْمَجَازِ عِنْدَ اسْتِحَالَةِ حُكْمِ الْحَقِيقَةِ فَيَلْغُو. ثُمَّ ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ نَوَى عَبْدَهُ بِهَذَا الْإِيجَابِ لَا يُعْتَقُ عِنْدَهُمَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ اللَّغْوَ لَا حُكْمَ لَهُ، وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ يُعْتِقُ عَبْدَهُ إذَا نَوَى. (14) قَوْلُهُ: وَبَيَّنَّا الْفَرْقَ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ إلَخْ: وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ هَذَا تَخْيِيرٌ، وَقَوْلُهُ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ إيقَاعٌ، فَإِنَّمَا يَقَعُ عَلَى مَنْ يَقْبَلُ الْعِتْقَ فَأَمَّا التَّخْيِيرُ فَيَصِحُّ بَيْنَ مَنْ يَقْبَلُ الْعِتْقَ، وَمَنْ لَا يَقْبَلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ انْتَهَى، وَفِيهِ تَأَمَّلْ

كَلَامَهُمَا بِالتَّمَامِ، ثُمَّ نَذْكُرُ مَا يَسَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِمَّا يُنَاسِبُ أُصُولَنَا. قَالَ السُّبْكِيُّ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَقَفَ عَلَيْهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ ذَكَرًا وَأُنْثَى لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ نَسْلٍ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ وَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى نَسْلِهِ عَلَى الْفَرِيضَةِ، وَعَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ عَلَى مَنْ كَانَ دَرَجَتَهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ؛ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ إلَيْهِ فَالْأَقْرَبُ. 15 - وَيَسْتَوِي الْأَخُ الشَّقِيقُ وَالْأَخُ مِنْ الْأَبِ. وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ اسْتَحَقَّ مَا كَانَ اسْتَحَقَّهُ الْمُتَوَفَّى لَوْ بَقِيَ حَيًّا إلَى أَنْ يَصِيرَ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ، وَقَامَ وَلَدُهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مَقَامَ الْمُتَوَفَّى، فَإِذَا انْقَرَضُوا فَعَلَى الْفُقَرَاءِ، وَلَوْ تُوُفِّيَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ 16 - وَانْتَقَلَ الْوَقْفُ إلَى وَلَدَيْهِ؛ أَحْمَدَ وَعَبْدِ الْقَادِرِ، ثُمَّ تُوُفِّيَ عَبْدُ الْقَادِرِ، وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ وَهُمْ عَلَيَّ وَعَمْرٌو وَلَطِيفَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يَسْتَوِي الْأَخُ الشَّقِيقُ وَالْأَخُ لِأَبٍ إلَخْ. قِيلَ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ فَقَدْ نَقَلَ تَقْدِيمَ الْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ وَضَعُفَ مَا هُنَا فَرَاجِعْهُ. (16) قَوْلُهُ: وَانْتَقَلَ الْوَقْفُ إلَى وَلَدَيْهِ أَحْمَدَ وَعَبْدِ الْقَادِرِ إلَخْ. قِيلَ: لَمْ يَذْكُرْ مَوْتَهُ وَلَا تَخْتَلِفُ قِسْمَةُ نَصِيبِ عَبْدِ الْقَادِرِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ لِاشْتِرَاطِ انْتِقَالِ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ لِوَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ لَا عَنْ وَلَدٍ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَلَمْ يَخْلُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَنْ أَحَدِ هَذَيْنِ

وَوَلَدَيْ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ الْمُتَوَفَّى حَالَ حَيَاةِ وَالِدِهِ؛ وَهُمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةُ، ثُمَّ تُوُفِّيَ عَمْرٌو عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ لَطِيفَةُ وَتَرَكَتْ بِنْتًا تُسَمَّى فَاطِمَةَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ عَلَيَّ وَتَرَكَ بِنْتًا تُسَمَّى زَيْنَبَ، ثُمَّ تُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ لَطِيفَةَ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ. فَإِلَى مَنْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ فَاطِمَةَ الْمَذْكُورَةِ.؟ فَأَجَابَ: الَّذِي ظَهَرَ لِي الْآنَ أَنَّ نَصِيبَ عَبْدِ الْقَادِرِ جَمِيعَهُ يُقَسَّمُ مِنْ هَذَا الْوَقْفِ عَلَى سِتِّينَ جُزْءًا لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْهُ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ، وَلِمَلَكَةَ أَحَدَ عَشَرَ، وَلِزَيْنَبِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ. وَلَا يَسْتَمِرُّ هَذَا الْحُكْمُ فِي أَعْقَابِهِمْ، بَلْ كُلُّ وَقْتٍ بِحَسْبِهِ. قَالَ: وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ الْقَادِرِ لَمَّا تُوُفِّيَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ وَهُمْ عَلِيٌّ وَعَمْرٌو وَلَطِيفَةُ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، لِعَلِيٍّ خُمُسَاهُ، وَلِعَمْرٍو خُمُسَاهُ، وَلِلَطِيفَةَ خُمُسُهُ. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ عِنْدَنَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يُشَارِكُهُمْ عَبْدُ الْقَادِرِ وَمَلَكَةُ وَلَدَا مُحَمَّدٍ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، وَنَزَلَا مَنْزِلَةَ أَبِيهِمَا فَيَكُونُ لَهُمَا السُّبُعَانِ، وَلِعَلِيٍّ السُّبُعَانِ، وَلِعَمْرٍو السُّبُعَانِ، وَلِلَطِيفَةَ السُّبُعُ. وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا، فَهُوَ مَرْجُوحٌ عِنْدَنَا لِأَنَّ التَّمَكُّنَ مِنْ مَأْخَذِهِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ: إحْدَاهَا: أَنَّ مَقْصُودَ الْوَاقِفِ أَنْ لَا يُحْرَمَ أَحَدٌ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ. وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمَقَاصِدَ إذَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا اللَّفْظُ لَا يُعْتَبَرُ. 17 - الثَّانِي إدْخَالُهُمْ فِي الْحُكْمِ وَجَعْلُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ كُلِّ أَصْلٍ وَفَرْعِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الثَّانِي إدْخَالُهُمْ فِي الْحُكْمِ وَجَعْلِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ كُلِّ أَصْلٍ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ هَذَا إنَّمَا يَتَمَشَّى قَطْعًا لَوْ كَانَ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ صَرِيحًا فِي تَرْتِيبِ الطَّبَقَاتِ وَحَجْبِ كُلِّ

لَا بَيْنَ الطَّبَقَتَيْنِ جَمِيعًا، وَهَذَا مُحْتَمَلٌ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ. وَقَدْ كُنْتُ مِلْتُ إلَيْهِ مَرَّةً فِي وَقْفٍ لِلَفْظٍ اقْتَضَاهُ فِيهِ لَسْتُ أَعُمُّهُ فِي كُلِّ تَرْتِيبٍ. الثَّالِثُ: الِاسْتِنَادُ إلَى قَوْلِ الْوَاقِفِ؛ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ بِشَيْءٍ قَامَ وَلَدُهُ مَقَامَهُ. وَهَذَا أَقْوَى لَكِنْ إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ صَدَقَ عَلَى الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ. وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ كَانَ قَدْ وَقَعَ مِثْلُهَا فِي الشَّامِ قَبْلَ التِّسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ. وَطَلَبُوا فِيهَا نَقْلًا فَلَمْ يَجِدُوهُ فَأَرْسَلُوا إلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ يَسْأَلُونَ عَنْهَا وَلَا أَدْرِي مَا أَجَابُوهُمْ، لَكِنِّي رَأَيْتُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِيمَا إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى أَوْلَادِهِ، وَمَنْ مَاتَ وَلَا وَلَدَ لَهُ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى الْبَاقِينَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، فَمَاتَ وَاحِدٌ عَنْ وَلَدِهِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَيْهِ، فَإِذَا مَاتَ آخَرُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى أَخِيهِ وَابْنِ أَخِيهِ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ. فَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي 18 - أَنَّهُ إنَّمَا صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ بَعْدَ مَوْتِ وَالِدِهِ فَيَقْتَضِي أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQطَبَقَةٍ مَا تَحْتَهَا بِأَنْ يَقُولَ نَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ بَعْدَ وَفَاةِ عَبْدِ الْقَادِرِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا لَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ لِتَقَدُّمِ طَبَقَتِهِ وَحَجْبِهِ بِأَوْلَادِ عَبْدِ الْقَادِرِ فَكَانَ وَلَدُهُ مُحَمَّدٌ يَقُومُ مَقَامَهُ بِمُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَأَمَّا هُنَا فَلَمْ يَقُلْ صَرِيحًا بِالْحَجْبِ وَقَالَ: عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى أَوْلَادِهِ وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى وَلَدَيْ مُحَمَّدٍ شَيْءٌ، وَنَظَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى لَفْظِ ثُمَّ فَقَطْ وَأَنَّهُ يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ وَحَجْبَ كُلِّ طَبَقَةٍ لِمَا تَحْتَهُ وَهُوَ الْحَقُّ فَالْكَلَامُ فِيهِ تَطْوِيلٌ. (18) قَوْلُهُ: أَنَّهُ إنَّمَا صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ بَعْدَ مَوْتِ وَالِدِهِ إلَخْ. قِيلَ: حَاصِلُ فَرْقِهِ أَنَّ أَهْلَ الْوَقْفِ مَنْ رَجَعَ إلَيْهِ الْوَقْفُ بِالْفِعْلِ، وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مَنْ لَهُ الْوَقْفُ بِالْقُوَّةِ.

ابْنَ عَبْدِ الْقَادِرِ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَأَنَّهُ إنَّمَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ أَهْلِ الْوَقْفِ إذَا آلَ إلَيْهِ الِاسْتِحْقَاقُ. قَالَ: وَمِمَّا يُتَنَبَّهُ لَهُ أَنَّ بَيْنَ أَهْلِ الْوَقْفِ وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ عُمُومًا وَخُصُوصًا مِنْ وَجْهٍ. 19 - فَإِذَا وَقَفَ مَثَلًا عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى عَمْرٍو ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ فَعَمْرٌو مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ فِي حَيَاةِ زَيْدٍ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ قَصَدَهُ الْوَاقِفُ بِخُصُوصِهِ وَسَمَّاهُ وَعَيَّنَهُ، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ حَتَّى يُوجَدَ شَرْطُ اسْتِحْقَاقِهِ، وَهُوَ مَوْتُ زَيْدٍ وَأَوْلَادِهِ إذَا آلَ إلَيْهِمْ الِاسْتِحْقَاقُ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ. وَلَا يُقَالُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ إنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهُ الْوَاقِفُ، وَإِنَّمَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ جُمْلَةُ الْأَوْلَادِ كَالْفُقَرَاءِ. قَالَ: فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْقَادِرِ وَالِدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَصْلًا وَلَا مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَنُصَّ عَلَى اسْمِهِ. قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ يَسْتَحِقُّ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَبُوهُ جَرَى عَلَيْهِ الْوَقْفُ فَيُنْقَلُ هَذَا الِاسْتِحْقَاقُ إلَى أَوْلَادِهِ. قَالَ: وَهَذَا قَدْ كُنْتُ فِي وَقْتٍ أَبَحْتُهُ ثُمَّ رَجَعْتُ عَنْهُ. فَإِنْ قُلْتَ: قَدْ قَالَ الْوَاقِفُ إنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ أَهْلِ الْوَقْفِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ فَقَدْ سَمَّاهُ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِذَا وَقَفَ مَثَلًا عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى عَمْرٍو إلَخْ. لَا يَخْفَى أَنَّ زَيْدًا أَيْضًا مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ قَصَدَهُ الْوَاقِفُ بِخُصُوصِهِ وَسَمَّاهُ وَعَيَّنَهُ كَعَمْرٍو فَقُدِّمَ عَلَيْهِ فَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ، كَمَا هُوَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَبَيْنَ اللَّفْظَيْنِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَعَمُّ مُطْلَقًا، وَهَذَا ظَاهِرٌ جِدًّا بَعْدَ تَسْلِيمِ أَنَّ عُمَرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ بَلْ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ فَقَطْ.

أَهْلِ الْوَقْفِ، مَعَ عَدَمِ اسْتِحْقَاقٍ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَطْلَقَ أَهْلَ الْوَقْفِ عَلَى مَنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ الْوَقْفُ " فَيَدْخُلُ مُحَمَّدٌ وَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةُ فِي ذَلِكَ فَيَسْتَحِقَّانِ. 20 - وَنَحْنُ إنَّمَا نَرْجِعُ فِي الْأَوْقَافِ إلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُ وَاقِفِيهَا سَوَاءٌ وَافَقَ ذَلِكَ عُرْفَ الْفُقَهَاءِ أَمْ لَا. قُلْتُ لَا نُسَلِّمُ مُخَالَفَةَ ذَلِكَ لِمَا قُلْنَاهُ، أَمَّا أَوَّلًا، فَلِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ وَإِنَّمَا قَالَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا صَارَ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَيَتَرَتَّبُ اسْتِحْقَاقًا آخَرَ فَيَمُوتُ قَبْلَهُ، فَنَصَّ الْوَاقِفُ عَلَى أَنَّ وَلَدَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ الَّذِي لَمْ يَصِلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (20) قَوْلُهُ: وَنَحْنُ إنَّمَا نَرْجِعُ فِي الْأَوْقَافِ إلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُ وَاقِفِيهَا إلَخْ. قَالَ فِي التَّيْسِيرِ: الْوُقُوفُ عَلَى غَوَامِضِ الْوُقُوفِ خَالَفَهُ مَنْعُ السُّبْكِيّ وَتَبِعَهُ جَمْعٌ، مِنْهُمْ الزَّرْكَشِيُّ الْعَمَلُ بِالْمَفَاهِيمِ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِينَ لِغَلَبَةِ الذُّهُولِ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا كَانَتْ حُجَّةً فِي كَلَامِهِ تَعَالَى وَرَسُولُهُ الْمُبَلِّغُ عَنْهُ، لِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْعُمُومِ فَإِنَّهُ حُجَّةٌ فِي الْأَوْقَافِ بِلَا خَوْفٍ. ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي السُّلَالَاتِ (انْتَهَى) . وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ فِي بَابِ: الرَّجُلُ يَجْعَلُ أَرْضَهُ وَقْفًا عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَعَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِهِ وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ ثُمَّ قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَبَدًا عَلَى فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ وَفُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمَا عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا كَانَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَتَرَكَ وَلَدًا، قَالَ: يَرْجِعُ نَصِيبُهُ لِلْمَسَاكِينِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْوَاقِفَ إنَّمَا اشْتَرَطَ أَنْ يَرْجِعَ نَصِيبُ الَّذِي يَمُوتُ مِنْهُمَا إلَى الْبَاقِي إذَا لَمْ يَتْرُكْ الْمَيِّتُ وَارِثًا فَهَذَا قَدْ تَرَكَ وَارِثًا وَهُوَ وَلَدُهُ. قُلْتُ: فَلِمَ لَا يَجْعَلُ نَصِيبَ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا لِوَلَدِهِ قَالَ مِنْ قَبْلُ: إنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ لِوَلَدِ الْمَيِّتِ، وَإِنَّمَا قَالَ: فَمَنْ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا كَانَ ذَلِكَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا فَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ لَمْ يَكُنْ لِلْبَاقِي وَلَا لِوَلَدِهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ.

إلَيْهِ، وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ قَالَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ أَوْ الْبَطْنَ الَّذِي بَعْدَهُ، وَإِنْ وَصَلَ إلَيْهِ الِاسْتِحْقَاقُ، أَعْنِي أَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، قَدْ يَتَأَخَّرُ اسْتِحْقَاقُهُ إمَّا لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِمُدَّةٍ كَقَوْلِهِ: فِي سَنَةِ كَذَا فَيَمُوتُ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، وَإِلَى الْآنَ مَا اسْتَحَقَّ مِنْ الْغَلَّةِ شَيْئًا إمَّا لِعَدَمِهَا أَوْ لِعَدَمِ شَرْطِ الِاسْتِحْقَاقِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ أَوْ غَيْرِهِ. هَذَا حُكْمُ الْوَقْفِ بَعْدَ مَوْتِ عَبْدِ الْقَادِرِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ عَمْرٌو عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ 21 - انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى إخْوَتِهِ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ، فَيَصِيرُ نَصِيبُ عَبْدِ الْقَادِرِ كُلُّهُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا؛ لِعَلِيٍّ الثُّلُثَانِ وَلِلَطِيفَةَ الثُّلُثُ، وَيَسْتَمِرُّ حِرْمَانُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةَ، فَلَمَّا مَاتَتْ لَطِيفَةُ انْتَقَلَ نَصِيبُهَا، وَهُوَ الثُّلُثُ، إلَى ابْنَتِهَا فَاطِمَةَ وَلَمْ يَنْتَقِلْ إلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةَ شَيْءٌ لِوُجُودِ أَوْلَادِ عَبْدِ الْقَادِرِ وَهُمْ يَحْجُبُونَهُمَا؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُهُ، وَقَدْ قَدَّمَهُمْ عَلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ الَّذِينَ هُمَا مِنْهُمْ. وَلَمَّا تُوُفِّيَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ وَخَلَّفَ بِنْتَهُ زَيْنَبَ، احْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ: نَصِيبُهُ كُلُّهُ وَهُوَ ثُلُثَا نَصِيبِ عَبْدِ الْقَادِرِ لَهَا، عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ: مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ. وَتَبْقَى هِيَ وَبِنْتُ عَمَّتِهَا مُسْتَوْعِبَتَيْنِ نَصِيبَ جَدِّهِمَا؛ لِزَيْنَبِ ثُلُثَاهُ، وَلِفَاطِمَةَ ثُلُثُهُ. وَاحْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ: إنَّ نَصِيبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (21) قَوْلُهُ: انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى إخْوَتِهِ إلَخْ. كَذَا فِي النُّسَخِ بِالتَّاءِ وَالصَّوَابُ أَخَوَيْهِ بِتَغْلِيبِ الْأَخِ عَلَى الْأُخْتِ.

عَبْدِ الْقَادِرِ كُلَّهُ يُقَسَّمُ عَلَى أَوْلَادِهِ الْآنَ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، فَقَدْ أَثْبَتَ الْجَمِيعُ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ اسْتِحْقَاقًا بَعْدَ الْأَوْلَادِ، وَإِنَّمَا حَجَبْنَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةَ، وَهُمَا مِنْ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ بِالْأَوْلَادِ، فَإِذَا انْقَرَضَ الْأَوْلَادُ زَالَ الْحَجْبُ فَيَسْتَحِقَّانِ وَيُقَسَّمُ نَصِيبُ عَبْدِ الْقَادِرِ بَيْنَ جَمِيعِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، فَلَا يَحْصُلُ لِزَيْنَبِ جَمِيعُ نَصِيبِ أَبِيهَا، وَيَنْقُصُ مَا كَانَ بِيَدِ فَاطِمَةَ بِنْتِ لَطِيفَةَ. وَهَذَا أَمْرٌ اقْتَضَاهُ النُّزُولُ الْحَادِثُ بِانْقِرَاضِ طَبَقَةِ الْأَوْلَادِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ شَرْطِ الْوَاقِفِ؛ إنَّ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ بَعْدَهُمْ فَلَا شَكَّ أَنَّ فِيهِ مُخَالَفَةً لِظَاهِرِ قَوْلِهِ: أَنَّ مَنْ مَاتَ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَنَّ نَصِيبَ عَلِيٍّ لِبِنْتِهِ زَيْنَبَ، وَاسْتِمْرَارَ نَصِيبِ لَطِيفَةَ لِبِنْتِهَا فَاطِمَةَ، فَخَالَفَتَاهُ بِهَذَا الْعَمَلِ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَلَوْ لَمْ نُخَالِفْ ذَلِكَ لَزِمَنَا مُخَالَفَةَ قَوْلِ الْوَاقِفِ: أَنَّ بَعْدَ الْأَوْلَادِ يَكُونُ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ، فَظَاهِرُهُ يَشْمَلُ الْجَمِيعَ. فَهَذَانِ الظَّاهِرَانِ تَعَارَضَا، وَهُوَ تَعَارُضٌ قَوِيٌّ صَعْبٌ لَيْسَ فِي هَذَا الْوَقْفِ مَحَلٌّ أَصْعَبُ مِنْهُ، وَلَيْسَ التَّرْجِيحُ فِيهِ بِالْهَيِّنِ بَلْ هُوَ مَحَلُّ نَظَرِ الْفَقِيهِ. 22 - وَخَطَرَ لِي فِيهِ أَطْرُقٌ: مِنْهَا أَنَّ الشَّرْطَ الْمُقْتَضِيَ لِاسْتِحْقَاقِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ جَمِيعِهِمْ مُتَقَدِّمٌ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ، وَالشَّرْطَ الْمُقْتَضِيَ لِإِخْرَاجِهِمْ بِقَوْلِهِ: مَنْ مَاتَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ مُتَأَخِّرٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (22) قَوْلُهُ: وَخَطَرَ لِي فِيهِ أَطْرُقٌ إلَخْ. جَمْعُ طَرِيقٍ وَيُجْمَعُ عَلَى طُرُقٍ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ طُرُقٌ بِلَا هَمْزَةٍ.

فَالْعَمَلُ بِالْمُتَقَدِّمِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ النَّسْخِ حَتَّى يُقَالَ: الْعَمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ أَوْلَى، وَمِنْهَا أَنَّ تَرْتِيبَ الطَّبَقَاتِ أَصْلٌ، وَذِكْرَ انْتِقَالِ نَصِيبِ الْوَالِدِ إلَى وَلَدِهِ فَرْعٌ وَتَفْصِيلٌ لِذَلِكَ الْأَصْلِ، فَكَانَ التَّمَسُّكُ بِالْأَصْلِ أَوْلَى. وَمِنْهَا: 23 - أَنَّ مَنْ صِيغَتُهُ عَامَّةٌ بِقَوْلِهِ: مَنْ مَاتَ وَلَهُ وَلَدٌ. صَالِحٌ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْهُمْ وَلِمَجْمُوعِهِمْ، وَإِذَا أُرِيدَ مَجْمُوعَهُمْ كَانَ انْتِقَالُ نَصِيبِ مَجْمُوعِهِمْ إلَى مَجْمُوعِ الْأَوْلَادِ عَنْ مُقْتَضَيَاتِ هَذَا الشَّرْطِ، فَكَانَ إعْمَالًا لَهُ مِنْ وَجْهٍ مَعَ إعْمَالِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ بِذَلِكَ كَانَ إلْغَاءً لِلْأَوَّلِ عَنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَهُوَ مَرْجُوحٌ. وَمِنْهَا إذَا تَعَارَضَ الْأَمْرُ بَيْنَ إعْطَاءِ بَعْضِ الذُّرِّيَّةِ وَحِرْمَانِهِمْ تَعَارُضًا لَا تَرْجِيحَ فِيهِ فَالْإِعْطَاءُ أَوْلَى. لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِينَ. وَمِنْهَا أَنَّ اسْتِحْقَاقَ زَيْنَبَ لِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ، وَهُوَ الَّذِي يَخُصُّهَا، إذَا شُرِّكَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَقِيَّةِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ مُحَقَّقٌ، وَكَذَا فَاطِمَةُ. 24 - وَالزَّائِدُ عَلَى الْمُحَقَّقِ فِي حَقِّهَا مَشْكُوكٌ فِيهِ وَمَشْكُوكٌ فِي اسْتِحْقَاقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةَ لَهُ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ تَرْجِيحٌ فِي التَّعَارُضِ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ، فَيُقَسَّمُ بَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةَ وَزَيْنَبَ وَفَاطِمَةَ. وَهَلْ يُقَسَّمُ لِلرَّجُلِ؛ مِثْلُ حَظِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (23) قَوْلُهُ: أَنَّ مَنْ صِيغَتُهُ عَامَّةٌ إلَخْ. كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ مَنْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ صِيغَتَهُ بَدَلٌ مِنْ مَنْ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: (بِقَوْلِهِ) بِمَعْنَى فِي. (24) قَوْلُهُ: وَالزَّائِدُ عَلَى الْمُحَقَّقِ فِي حَقِّهَا مَشْكُوكٌ إلَخْ. فِيهِ وَوُقُوعُ الشَّكِّ فِيهِ بِاعْتِبَارِ تَعَارُضِ شَرْطَيْ الْوَقْفِ الْمَذْكُورَيْنِ.

الْأُنْثَيَيْنِ، فَيَكُونُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ خُمُسَاهُ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْإِنَاثِ خُمُسُهُ، نَظَرًا إلَيْهِمْ دُونَ أُصُولِهِمْ، أَوْ يَنْظُرُ إلَى أُصُولِهِمْ فَيَنْزِلُونَ مَنْزِلَتَهُمْ لَوْ كَانُوا مَوْجُودِينَ فَيَكُونُ لِفَاطِمَةَ خُمُسُهُ، وَلِزَيْنَبِ خُمُسَاهُ، وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةَ خُمُسَاهُ، فِيهِ احْتِمَالٌ، وَأَنَا إلَى الثَّانِي أَمِيلُ، حَتَّى لَا يَفْضُلَ فَخِذٌ عَلَى فَخِذٍ فِي الْمِقْدَارِ بَعْدَ ثُبُوتِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ وَالْبَاقُونَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، زَيْنَبُ بِنْتُ خَالِهَا وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةُ وَلَدَا عَمِّهَا، وَكُلُّهُمْ فِي دَرَجَتِهَا، وَجَبَ قَسْمُ نَصِيبِهَا بَيْنَهُمْ؛ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ نِصْفُهُ، وَلِمَلَكَةَ رُبْعُهُ، وَلِزَيْنَبِ رُبْعُهُ. وَلَا نَقُولُ: هُنَا يَنْظُرُ إلَى أُصُولِهِمْ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ مُسَاوِيهِمْ وَمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِمْ فَكَانَ اعْتِبَارُهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ أَوْلَى، فَأَجْمَعُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةَ الْخُمُسَانِ حَصَلَا لَهُمَا بِمَوْتِ عَلِيٍّ وَنِصْفُ وَرُبْعُ الْخُمُسِ الَّذِي لِفَاطِمَةَ بَيْنَهُمَا بِالْفَرِيضَةِ، فَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ خُمُسٌ، وَنِصْفُ خُمُسٍ، وَثُلُثُ خُمُسٍ، وَلِمَلَكَةَ ثُلُثَا خُمُسٍ، وَرُبْعُ خُمُسٍ، وَاجْتَمَعَ لِزَيْنَبِ الْخُمُسَانِ بِمَوْتِ وَالِدِهَا، وَرُبْعُ خُمُسِ فَاطِمَةَ، 25 - فَاحْتَجْنَا إلَى عَدَدٍ يَكُونُ لَهُ خُمُسٌ وَلِخُمُسِهِ ثُلُثٌ وَرُبْعٌ وَهُوَ سِتُّونَ، فَقَسَّمْنَا نَصِيبَ عَبْدِ الْقَادِرِ عَلَيْهِ لِزَيْنَبِ خُمُسَاهُ، وَرُبْعُ خُمُسِهِ، وَهُوَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (25) قَوْلُهُ: فَاحْتَجْنَا إلَى عَدَدٍ يَكُونُ لَهُ خُمُسٌ إلَى آخِرِهِ. لِأَنَّا نَضْرِبُ مُخْرَجَ الْخُمُسِ وَهُوَ خَمْسَةٌ فِي مُخْرَجِ الثُّلُثِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ يَحْصُلُ خَمْسَةَ عَشَرَ تُضْرَبُ فِي مُخْرَجِ الرُّبْعِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ يَحْصُلُ سِتُّونَ، فَخُمُسُهَا اثْنَا عَشَرَ وَثُلُثُهُ أَرْبَعَةٌ وَرُبْعُهُ ثَلَاثَةٌ.

وَهُوَ خُمُسٌ وَنِصْفُ خُمُسٍ وَثُلُثُ خُمُسٍ. وَلِمَلَكَةَ أَحَدَ عَشَرَ وَهِيَ ثُلُثَا خُمُسٍ وَرُبْعُ خُمُسٍ. فَهَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَلَا أَشْتَهِي لِأَحَدٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ يُقَلِّدُنِي بَلْ يَنْظُرُ لِنَفْسِهِ. انْتَهَى. كَلَامُ السُّبْكِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِحَمْدِ اللَّهِ. 26 - قُلْتُ قَائِلُهُ الْأُسْيُوطِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ اخْتِيَارُهُ أَوَّلًا؛ دُخُولُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةَ بَعْدَ مَوْتِ عَبْدِ الْقَادِرِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ: وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ إلَى آخِرِهِ. وَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ مَمْنُوعٌ. وَمَا ذَكَرَهُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ اللَّفْظِ وَخِلَافُ الْمُتَبَادَرِ إلَى الْأَفْهَامِ بَلْ صَرِيحُ كَلَامِ الْوَاقِفِ أَنَّهُ أَرَادَ بِأَهْلِ الْوَقْفِ الَّذِي مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ، الَّذِي لَمْ يَدْخُلْ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَكِنَّهُ بِصَدَدِ أَنْ يَصِيرَ إلَيْهِ. وَقَوْلُهُ لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ دَلِيلٌ قَوِيٌّ لِذَلِكَ، 27 - فَإِنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ وَفِي سِيَاقِ كَلَامٍ مَعْنَاهُ النَّفْيُ فَيَعُمُّ، لِأَنَّ الْمَعْنَى: وَلَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ. وَهَذَا صَرِيحٌ فِي رَدِّ التَّأْوِيلِ الَّذِي قَالَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ الْمُتَوَفَّى لَوْ بَقِيَ حَيًّا إلَى أَنْ يَصِيرَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَنَافِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (26) قَوْلُهُ: قُلْتُ قَائِلُهُ الْأَسْيُوطِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ اخْتِيَارُهُ إلَخْ. لَا الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَائِلُهُ السُّيُوطِيّ. (27) قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ إلَخْ. وَالشَّرْطُ فِي مَعْنَى النَّفْيِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّضِيُّ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ فِي سِيَاقِ كَلَامٍ مَعْنَاهُ النَّفْيُ فِي مَوْقِعِ التَّفْسِيرِ.

الْوَقْفِ. فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، لَاسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ عَلَى وَلَدِهِ فَإِنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ. وَلَا يُنَافِي هَذَا اشْتِرَاطَهُ التَّرْتِيبَ فِي الطَّبَقَاتِ بِثُمَّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَامٌّ خَصَّصَهُ هَذَا كَمَا خَصَّصَهُ أَيْضًا قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ إلَى آخِرِهِ؛ وَأَيْضًا فَإِنَّا إذَا عَمِلْنَا بِعُمُومِ اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ لَزِمَ مِنْهُ إلْغَاءُ هَذَا الْكَلَامِ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَنْ لَا يَعْمَلَ فِي صُورَةٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةُ لِمَا اسْتَوَيَا فِي الدَّرَجَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ عَادَ عَلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ، فَبَقِيَ قَوْلُهُ: وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ إلَى آخِرِهِ مُهْمَلًا لَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ فِي صُورَةٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْمَلْنَاهُ وَخَصَّصْنَا بِهِ عُمُومَ التَّرْتِيبِ، فَإِنَّ فِيهِ إعْمَالًا لِلْكَلَامَيْنِ وَجَمْعًا بَيْنَهُمَا، وَهَذَا أَمْرٌ يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِهِ حِينَئِذٍ. فَنَقُولُ: لَمَّا مَاتَ عَبْدُ الْقَادِرِ قُسِّمَ نَصِيبُهُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ وَوَلَدَيْ وَلَدِهِ أَسْبَاعًا؛ وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةَ السُّبُعَانِ أَثْلَاثًا، فَلَمَّا مَاتَ عَمْرٌو عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى أَخَوَيْهِ وَوَلَدَيْ أَخِيهِ لِيَصِيرَ نَصِيبُ عَبْدِ الْقَادِرِ كُلُّهُ بَيْنَهُمْ، لِعَلِيٍّ خُمُسَانِ، وَلِلَطِيفَةَ خُمُسٌ، وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةَ خُمُسَانِ، أَثْلَاثًا. وَلَمَّا تُوُفِّيَتْ لَطِيفَةُ انْتَقَلَ نَصِيبُهَا بِكَمَالِهِ لِبِنْتِهَا فَاطِمَةَ. وَلَمَّا مَاتَ عَلِيٌّ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ بِكَمَالِهِ لِبِنْتِهِ زَيْنَبَ. وَلَمَّا تُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ لَطِيفَةَ وَالْبَاقُونَ فِي دَرَجَتِهَا: زَيْنَبُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةُ، قُسِّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نَصِيبُهَا بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ اعْتِبَارًا بِهِمْ لَا بِأُصُولِهِمْ كَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ، لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ نِصْفُهُ، وَلِكُلِّ بِنْتٍ رُبْعٌ. فَاجْتَمَعَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بِمَوْتِ عَمْرٍو خُمُسٌ وَثُلُثٌ، وَبِمَوْتِ فَاطِمَةَ نِصْفُ خُمُسٍ، وَلِمَلَكَةَ بِمَوْتِ عَمْرٍو ثُلُثَا خُمُسٍ، وَبِمَوْتِ فَاطِمَةَ رُبْعُ خُمُسٍ، فَيُقَسَّمُ نَصِيبُ عَبْدِ الْقَادِرِ سِتِّينَ جُزْءًا لِزَيْنَبِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَهِيَ خُمُسَانِ وَرُبْعُ خُمُسٍ، وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَهِيَ خُمُسٌ وَنِصْفُ خُمُسٍ وَثُلُثُ خُمُسٍ، وَلِمَلَكَةَ أَحَدَ عَشَرَ وَهِيَ ثُلُثَا خُمُسٍ وَرُبْعٍ، فَصَحَّ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ. لَكِنَّ الْفَرْقَ بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةَ وَالْجَزْمَ حِينَئِذٍ بِصِحَّةِ هَذِهِ الْقِسْمَةِ. وَالسُّبْكِيُّ تَرَدَّدَ فِيهَا وَجَعَلَهَا مِنْ بَابِ قِسْمَةِ الْمَشْكُوكِ فِي اسْتِحْقَاقِهِ وَنَحْنُ لَا نَتَرَدَّدُ فِي ذَلِكَ. وَسُئِلَ السُّبْكِيُّ أَيْضًا عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى حَمْزَةَ ثُمَّ أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ، وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِهِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى الْبَاقِينَ مِنْ إخْوَتِهِ، وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ وَلَهُ وَلَدٌ اسْتَحَقَّ وَلَدُهُ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ الْمُتَوَفَّى لَوْ كَانَ حَيًّا، فَمَاتَ حَمْزَةُ وَخَلَفَ وَلَدَيْنِ وَهُمَا: عِمَادُ الدِّينِ وَخَدِيجَةُ. وَوَلَدَ وَلَدٍ مَاتَ أَبُوهُ فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ وَهُوَ نَجْمُ الدِّينِ بْنُ مُؤَيِّدِ الدِّينِ ابْنِ حَمْزَةَ فَأَخَذَ الْوَالِدَانِ نَصِيبَهُمَا، وَوَلَدُ الْوَلَدِ نَصِيبَ الَّذِي لَوْ كَانَ حَيًّا أَبُوهُ لَأَخَذَهُ، ثُمَّ مَاتَتْ خَدِيجَةُ. فَهَلْ يَخْتَصُّ أَخُوهَا بِالْبَاقِي أَوْ يُشَارِكُهُ مَعَ وَلَدِ أَخِيهِ نَجْمِ الدِّينِ؟ . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَأَجَابَ بِأَنَّهُ تَعَارَضَ فِيهِ اللَّفْظَانِ فَيَحْتَمِلُ الْمُشَارَكَةَ، وَلَكِنَّ الْأَرْجَحَ اخْتِصَاصُ الْأَخِ وَيُرَجِّحُهُ أَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى الْأُخُوَّةِ وَعَلَى الْبَاقِينَ مِنْهُمْ كَالْخَاصِّ وَقَوْلُهُ: وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ كَالْعَامِّ فَيُقَدَّمُ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِّ (انْتَهَى) . هَذَا آخِرُ مَا أَوْرَدَهُ الْأَسْيُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَنَا أَذْكُرُ حَاصِلَ السُّؤَالِ وَحَاصِلَ جَوَابِ السُّبْكِيّ، وَحَاصِلَ مَا خَالَفَ فِيهِ الْأَسْيُوطِيَّ، ثُمَّ أَذْكُرُ بَعْدَهُ مَا عِنْدِي فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَطَلْتُ فِيهَا لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا، وَقَدْ أَفْتَيْتُ فِيهَا مِرَارًا. أَمَّا حَاصِلُ السُّؤَالِ: الْوَاقِفُ وَقَفَ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ مُرَتِّبًا بَيْنَ الْبُطُونِ بِثُمَّ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَشَرَطَ انْتِقَالَ نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى عَنْ وَلَدٍ إلَيْهِ وَعَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَى مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ، وَأَنَّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ وَلَهُ وَلَدٌ، قَامَ مَقَامَهُ لَوْ بَقِيَ حَيًّا، فَمَاتَ الْوَاقِفُ عَنْ الْوَلَدَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ ثَلَاثَةٍ وَوَلَدَيْ ابْنٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ، ثُمَّ مَاتَ اثْنَانِ مِنْ الثَّلَاثَةِ عَنْ وَلَدَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ وَاحِدٌ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ. وَحَاصِلُ جَوَابِ السُّبْكِيّ: أَنَّ مَا خَصَّ الْمُتَوَفَّى وَهُوَ النِّصْفُ مَقْسُومٌ بَيْنَ أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ وَلَا شَيْءَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَأَجَابَ بِأَنَّهُ تَعَارَضَ فِيهِ اللَّفْظَانِ إلَخْ. يَعْنِي فِي اسْتِحْقَاقِ وَلَدِ أَخِيهِ مَعَهُ فَإِنَّ قَوْلَهُ: مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ وَلَهُ وَلَدٌ اسْتَحَقَّ وَلَدُهُ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ الْمُتَوَفَّى، وَيَصْدُقُ عَلَى نَجْمِ الدِّينِ أَنَّ وَالِدَهُ مُؤَيِّدَ الدِّينِ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحِقَّ مَا كَانَتْ خَدِيجَةُ تَسْتَحِقُّهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحِقَّ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ وَالِدُهُ لَوْ كَانَ حَيًّا فِي حِصَّتِهَا، إذْ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا لَشَارَكَ أَخَاهُ عِمَادَ الدِّينِ وَأَخَذَ هُوَ أَيْ مُؤَيِّدُ الدِّينِ النِّصْفَ وَعِمَادُ الدِّينِ النِّصْفَ، فَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَسْتَحِقَّ نَجْمُ الدِّينِ، وَقَوْلُهُ: مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِهِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِلْبَاقِينَ مِنْ إخْوَتِهِ يَقْتَضِي أَنْ يَخْتَصَّ عِمَادُ الدِّينِ بِهِ لِأَنَّهُ أَخُوهَا.

لِوَلَدَيْ ابْنِهِ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاتِهِ. وَمَنْ مَاتَ مِنْ الثَّلَاثَةِ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ رُدَّ نَصِيبُهُ إلَى إخْوَتِهِ فَيَكُونُ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا. وَمَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لَهُ مَا دَامَ أَهْلُ طَبَقَةِ أَبِيهِ. ثُمَّ مَنْ مَاتَ بَعْدَهُمْ يُقَسَّمُ نَصِيبُهُ بَيْنَ جَمِيعِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ بِالسَّوِيَّةِ، فَيَدْخُلُ وَلَدُ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، فَتُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ بِمَوْتِ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ وَيَزُولُ الْحَجْبُ عَنْ وَلَدَيْ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ مَا دَامَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ، فَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ وَيُقَسَّمُ الرُّبْعُ عَلَى هَذَا، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَتَكُونُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، فَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الثَّانِي عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَيْهِ إلَى أَنْ يَنْقَرِضَ أَهْلُ تِلْكَ الطَّبَقَةِ فَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ، وَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ. وَهَكَذَا يُفْعَلُ فِي كُلِّ بَطْنٍ. وَحَاصِلُ مُخَالَفَةِ الْأَسْيُوطِيِّ لَهُ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ؛ وَهُوَ أَنَّ أَوْلَادَ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ لَا يُحْرَمُونَ مَعَ بَقَاءِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَأَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ مَعَهُمْ، 29 - وَوَافَقَهُ عَلَى انْتِقَاضِ الْقِسْمَةِ. قُلْتُ أَمَّا مُخَالَفَتُهُ فِي أَوْلَادِ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ فَوَاجِبَةٌ، لِمَا ذَكَرَهُ الْأَسْيُوطِيُّ، 30 - وَأَمَّا قَوْلُهُ تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ بَعْدَ انْقِرَاضِ كُلِّ بَطْنٍ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (29) قَوْلُهُ: وَوَافَقَهُ عَلَى انْتِقَاضِ الْقِسْمَةِ إلَخْ. فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَلَامَ السُّيُوطِيِّ لَا يَظْهَرُ مِنْهُ نَقْضُ الْقِسْمَةِ؛ نَعَمْ عَلَى كَلَامِ السُّبْكِيّ (انْتَهَى) . وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ عَدَمَ تَعَرُّضِهِ لِنَقْضِ الْقِسْمَةِ بِالرَّدِّ دَلِيلٌ عَلَى الْمُوَافَقَةِ. (30) قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَوْلُهُ تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ بَعْدَ انْقِرَاضِ كُلِّ بَطْنٍ إلَخْ. الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ

فَقَدْ أَفْتَى بِهِ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْعَصْرِ وَعَزَوْا ذَلِكَ إلَى الْخَصَّافِ، 32 - وَلَمْ يَتَنَبَّهُوا لِمَا صَوَّرَهُ الْخَصَّافُ وَمَا صَوَّرَهُ السُّبْكِيُّ. فَأَنَا أَذْكُرُ حَاصِلَ مَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ بِاخْتِصَارٍ، وَأُبَيِّنُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْفَرْقِ. فَذَكَرَ الْخَصَّافُ صُوَرًا: الْأُولَى: وَقَفَ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ بِلَا تَرْتِيبٍ بَيْنَ الْبُطُونِ اسْتَحَقَّ الْجَمِيعُ بِالسَّوِيَّةِ؛ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلُ، فَتُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحَسَبِ قِلَّتِهِمْ وَكَثْرَتِهِمْ. الثَّانِيَةُ: وَقَفَ عَلَيْهِمْ شَارِطًا تَقْدِيمَ الْبَطْنِ الْأَعْلَى ثَمَّ وَلَمْ يَزِدْ، فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQرُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلسُّيُوطِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ السُّيُوطِيَّ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِنَقْضِ الْقِسْمَةِ لَا بِإِثْبَاتٍ وَلَا بِنَفْيٍ بَلْ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلسُّبْكِيِّ، وَعَلَيْهِ فَفِي الْعِبَارَةِ تَفْكِيكٌ لِلضَّمِيرِ وَهُوَ مَعِيبٌ عِنْدَ الْمُصَنِّفِينَ. (31) قَوْلُهُ: فَقَدْ أَفْتَى بِهِ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْعَصْرِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: كَأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُمْ مُخْطِئُونَ وَهُوَ عَلَى الصَّوَابِ، وَالْأَمْرُ بِالْعَكْسِ لَا ارْتِيَابَ، فَالْمُفْتِي بِذَلِكَ بَعْضُ مَشَايِخِهِ الَّذِينَ هُمْ بِالْإِصْلَاحِ وَاتِّبَاعِ الْمَنْقُولِ مَعْرُوفُونَ، وَقَدْ أَفْتَى فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ أَفَاضِلُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالتَّرْتِيبُ فِيهَا بِلَفْظِ ثُمَّ، وَهُمْ مَشَايِخُنَا وَمَشَايِخُهُمْ مِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ سَرِيُّ الدِّينِ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ الْحَنَفِيُّ، وَتَبِعَهُ الْمُحَقِّقُ نُورُ الدِّينِ الْمَحَلِّيُّ الشَّافِعِيُّ، وَالشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيُّ الْحَنَفِيُّ وَقَاضِي الْقُضَاةِ شَيْخُنَا نُورُ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيُّ، وَالشَّيْخُ الْعُمْدَةُ الْمَحَلِّيُّ الشَّافِعِيُّ، وَشَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ شِهَابُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ وَمِنْهُمْ قَاضِي الْقُضَاةِ بُرْهَانُ الدِّينِ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ، وَتَبِعَهُ الْعَلَّامَةُ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِخْمِيمِيُّ وَغَيْرُهُمْ. (32) قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَنَبَّهُوا لِمَا صَوَّرَهُ الْخَصَّافُ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: هَلْ يَتَوَهَّمُ عَاقِلٌ فَضْلًا عَنْ فَاضِلٍ أَنَّ هَؤُلَاءِ وَغَيْرَهُمْ جَمِيعًا لَمْ يَتَنَبَّهُوا الْفَرْقَ الَّذِي خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ وَأَطْلَعَهُ عَلَيْهِ، مَعَ عُلُوِّ مَقَامِهِمْ وَارْتِفَاعِ شَأْنِهِمْ بَلْ هُوَ الْمُحْتَاجُ إلَى الِانْتِبَاهِ وَإِزَالَةِ الِاشْتِبَاهِ عَافَانَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاهُ، بَلْ يَجِبُ أَنْ نَتْبَعَهُ لِمَا قَالَهُ الزَّيْنِيُّ قَاسِمٌ فِي الْعَثْمَةِ وَنَقَلَهُ عَنْ أَكَابِرِ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ مُتَابَعَتِهِمْ لِلْإِمَامِ الْخَصَّافِ فِي نَقْضِ الْقِسْمَةِ وَمَا نَقَلَهُ مِنْ عِبَارَتِهِ فَلَوْ مَاتَ الْعَشَرَةُ وَتَرَكَ كُلٌّ وَالِدًا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، وَكُلَّمَا مَاتَ وَاحِدٌ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ جُمْلَةَ الْعَشَرَةِ مَاتُوا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ فَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ فَتَأَمَّلْ.

شَيْءَ لِأَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي مَا دَامَ وَاحِدٌ مِنْ الْأَعْلَى. وَمَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَلَا شَيْءَ لِوَلَدِهِ، وَيَسْتَحِقُّ مَنْ مَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ مَعَ أَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي لَا مَعَ الْأَوَّلِ لِكَوْنِهِ مِنْهُمْ. 33 - الثَّالِثَةُ: وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَأَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ، لَا يَدْخُلُ وَلَدُ مَنْ كَانَ أَبُوهُ مَاتَ قَبْلَ الْوَقْفِ، لِكَوْنِهِ خَصَّصَ أَوْلَادَ الْوَلَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَخَرَجَ قَبْلَهُ. الرَّابِعَةُ: وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، عَلَى أَنْ يَبْدَأَ بِالْبَطْنِ الْأَعْلَى ثُمَّ وَثُمَّ. قُلْنَا: لَا شَيْءَ لِلْبَطْنِ الثَّانِي مَا دَامَ وَاحِدٌ مِنْ الْأَعْلَى، فَلَوْ مَاتَ وَاحِدٌ عَنْ الْبَطْنِ الثَّانِي وَتَرَكَ وَلَدًا مَعَ وُجُودِ الْأَعْلَى ثُمَّ انْقَرَضَ الْأَعْلَى فَلَا مُشَارَكَةَ لَهُ مَعَ الْبَطْنِ الثَّانِي لِأَنَّهُ مِنْ الثَّالِثِ، فَإِذَا انْقَرَضَ الثَّانِي شَارَكَ الثَّالِثُ. الْخَامِسَةُ: وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَنَسْلِهِ وَلَمْ يُرَتِّبْ، وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لَهُ، وَحُكْمُهُ قِسْمَةُ الْغَلَّةِ بَيْنَ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ بِالسَّوِيَّةِ، فَمَا أَصَابَ الْمُتَوَفَّى كَانَ لِوَلَدِهِ فَيَكُونُ لِهَذَا الْوَلَدِ سَهْمَانِ؛ سَهْمُهُ الْمَجْعُولُ لَهُ مَعَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ. السَّادِسَةُ: وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ ذَكَرًا وَأُنْثَى وَعَلَى أَوْلَادِ الذُّكُورِ مِنْ وَلَدِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ. وَحُكْمُهُ قِسْمَةُ الْغَلَّةِ بَيْنَ وَلَدِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (33) قَوْلُهُ: الثَّالِثَةُ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَأَوْلَادِهِمْ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَظْهَرُ إخْرَاجُ مَنْ مَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ الْوَقْفِ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْوَاقِفِينَ التَّعْمِيمُ بِمِثْلِهِ وَكَوْنُهُ يَحْرُمُ بِسَبَبِ مَوْتِ أَبِيهِ بَعِيدٌ جِدًّا، بَلْ نَظِيرُ ذَلِكَ لَوْ قَالَ: عَلَى أَوْلَادِي الْفُقَرَاءِ. أَوْ يَقُولُ: الْفُقَرَاءُ مِنْ أَوْلَادِي، فَكَانَ لَهُ أَوْلَادٌ أَغْنِيَاءُ وَلَهُمْ أَوْلَادٌ فُقَرَاءُ يُحْرَمُونَ لِغِنَاءِ آبَائِهِمْ، وَالْجَوَابُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَوْلَادِ إنَّمَا حُرِّمُوا؛ لِأَنَّهُ أَضَافَهُمْ إلَى الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا لِلْمَوْجُودِينَ.

ذَكَرًا وَأُنْثَى وَأَوْلَادِ الذُّكُورِ ذَكَرًا وَأُنْثَى بِالسَّوِيَّةِ، فَيَدْخُلُ أَوْلَادُ بَنَاتِ الْبَنِينَ، فَلَوْ قَالَ بَعْدَهُ: يُقَدَّمُ الْأَعْلَى ثُمَّ وَثُمَّ؛ اخْتَصَّ وَلَدُهُ لِصُلْبِهِ ذَكَرًا وَأُنْثَى، فَإِذَا انْقَرَضُوا صَارَ لِوَلَدِ الْبَنِينَ دُونَ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ ثُمَّ لِأَوْلَادِ هَؤُلَاءِ أَبَدًا. السَّابِعَةُ: وَقَفَ عَلَى بَنَاتِهِ وَأَوْلَادِهِنَّ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِنَّ. وَحُكْمُهُ أَنَّ الْغَلَّةَ لِبَنَاتِهِ وَنَسْلِهِنَّ. فَلَوْ قَالَ: يُقَدَّمُ الْبَطْنُ الْأَعْلَى اُتُّبِعَ، فَإِنْ شَرَطَ بَعْدَ انْقِرَاضِهِنَّ وَنَسْلِهِنَّ لِوَلَدِهِ الذُّكُورِ وَنَسْلِهِمْ اُتُّبِعَ، فَإِنْ مَاتَ بَعْضُ وَلَدِهِ الذُّكُورِ عَنْ أَوْلَادٍ وَبَقِيَ الْبَعْضُ وَلَهُمْ أَوْلَادٌ، وَحُكْمُهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّرْتِيبِ أَنَّ الْغَلَّةَ لَهُمْ سَوَاءٌ، فَإِنْ رَتَّبَ فَالْغَلَّةُ لِلْبَاقِينَ مِنْ وَلَدِهِ فَإِذَا انْقَرَضُوا كَانَتْ لِوَلَدِ الْمُتَوَفَّى. الثَّامِنَةُ: وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِمْ مُرَتِّبًا شَارِطًا أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لَهُ وَعَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَرَاجِعٌ إلَى الْوَقْفِ. وَحُكْمُهُ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْأَعْلَى ثُمَّ وَثُمَّ. فَإِنْ قُسِّمَتْ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ بَعْضُهُمْ عَنْ نَسْلٍ. قَالَ: تُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ الْمَوْجُودِينَ يَوْمَ الْوَقْفِ، وَعَلَى أَوْلَادِهِ الْحَادِثِينَ لَهُ بَعْدَهُ؛ فَمَا أَصَابَ الْأَحْيَاءَ أَخَذُوهُ وَمَا أَصَابَ الْمَيِّتَ كَانَ لِوَلَدِهِ، وَإِنَّمَا جَعَلَ لِوَلَدِ مَنْ مَاتَ حِصَّةَ أَبِيهِ مَعَ وُجُودِ الْبَطْنِ الْأَعْلَى مَعَ كَوْنِ الْوَاقِفِ شَرَطَ تَقْدِيمَ الْأَعْلَى لِكَوْنِهِ قَالَ بَعْدَهُ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لَهُ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْأَعْلَى إلَّا وَاحِدًا فَيُجْعَلُ سَهْمُ الْمَيِّتِ لِابْنِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْبَطْنِ الثَّالِثِ مَعَ وُجُودِ الْأَعْلَى وَلَوْ كَانَ عَدَدُ الْبَطْنِ الْأَعْلَى عَشَرَةً فَمَاتَ اثْنَانِ بِلَا وَلَدٍ وَنَسْلٍ، ثُمَّ مَاتَ آخَرَانِ عَنْ وَلَدٍ لِكُلٍّ، ثُمَّ مَاتَ آخَرَانِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ. وَحُكْمُهُ أَنْ تُقَسَّمَ الْغَلَّةُ عَلَى سِتَّةٍ؛ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَعَلَى الْمَيِّتَيْنِ اللَّذَيْنِ تَرَكَا أَوْلَادًا فَمَا أَصَابَ الْأَرْبَعَةَ فَهُوَ لَهُمْ وَمَا أَصَابَ الْمَيِّتَيْنِ كَانَ لِأَوْلَادِهِمَا، وَلَوْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الْعَشَرَةِ عَنْ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَ ثَمَانِيَةٌ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ، تُقَسَّمُ عَلَى سَهْمَيْنِ؛ سَهْمٌ لِلْحَيِّ وَسَهْمٌ لِلْمَيِّتِ يَكُونُ لِأَوْلَادِهِ، فَلَوْ قَسَمْنَاهَا سِنِينَ بَيْنَ الْأَعْلَى وَهُمْ عَشَرَةٌ ثُمَّ مَاتَ اثْنَانِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَ وَاحِدٌ عَنْ أَرْبَعَةِ أَوْلَادٍ وَوَاحِدٌ عَنْ أَوْلَادٍ ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَاحِدٌ وَتَرَكَ وَلَدًا وَمَاتَ آخَرُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ، تُقَسَّمُ الْغَلَّةُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ. فَمَا أَصَابَ الْأَحْيَاءَ أَخَذُوهُ وَمَا أَصَابَ الْمَوْتَى كَانَ لِأَوْلَادِهِمْ لِكُلٍّ سَهْمُ أَبِيهِ، ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى مَا أَصَابَ الْأَرْبَعَةَ يُقَسَّمُ أَرْبَاعًا فَيُرَدُّ سَهْمُ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَى أَصْلِ الْوَقْفِ فَتُعَادُ الْقِسْمَةُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ؛ فَمَا أَصَابَ وَالِدَهُمْ قُسِّمَ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ وَبَيْنَ أَخِيهِمْ الْمَيِّتِ الَّذِي مَاتَ عَنْ وَلَدٍ أَثْلَاثًا، فَمَا أَصَابَ الْمَيِّتَ كَانَ لِوَلَدِهِ، فَلَوْ لَمْ يَمُتْ أَحَدٌ مِنْ الْبَطْنِ الْأَعْلَى وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الثَّانِي عَنْ وَلَدٍ أَوْ مَاتَ بَعْضُ الْأَعْلَى ثُمَّ مِنْ الثَّانِي رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ عَنْ وَلَدٍ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِوَلَدِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ أَبِيهِ وَلَا لِأَوْلَادِ مَنْ مَاتَ مِنْ الثَّانِي لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْأَبِ. ثُمَّ أَعَادَ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الصُّورَةَ الثَّامِنَةَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ وَفَرَّعَ أَنَّ الْبَطْنَ الْأَعْلَى لَوْ كَانُوا عَشَرَةً وَكَانَ لَهُمْ ابْنَانِ مَاتَا قَبْلَ الْوَقْفِ وَتَرَكَ كُلٌّ وَلَدًا، لَا حَقَّ لَهُمَا مَا دَامَ وَاحِدٌ مِنْ الْأَعْلَى لِأَنَّهُمَا مِنْ الْبَطْنِ الثَّانِي فَلَا حَقَّ لَهُمَا حَتَّى يَنْقَرِضَ الْأَوَّلُ، فَلَوْ مَاتَ الْعَشَرَةُ وَتَرَكَ كُلٌّ وَلَدًا أَخَذَ كُلٌّ نَصِيبَ أَبِيهِ وَلَا شَيْءَ لِوَلَدِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْوَاقِفِ، وَإِنْ اسْتَوَوْا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فِي الطَّبَقَةِ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ قُسِّمَتْ عَلَى عَشَرَةٍ فَمَا أَصَابَ الْحَيَّ أَخَذَهُ وَمَا أَصَابَ الْمَوْتَى كَانَ لِأَوْلَادِهِمْ، فَإِنْ مَاتَ الْعَاشِرُ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَتْ الْقِسْمَةُ لِانْقِرَاضِ الْبَطْنِ الْأَعْلَى وَرَجَعَتْ إلَى الْبَطْنِ الثَّانِي، فَيُنْظَرُ إلَى أَوْلَادِ الْعَشَرَةِ وَأَوْلَادِ الْمَيِّتِ قَبْلَ الْوَقْفِ فَيَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ، وَلَا يَرُدُّ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ إلَى وَلَدِهِ إلَّا قَبْلَ انْقِرَاضِ الْبَطْنِ الْأَعْلَى فَيَقْسِمُ عَلَى عَدَدِ الْبَطْنِ الْأَعْلَى فَمَا أَصَابَ الْمَيِّتَ كَانَ لِوَلَدِهِ، فَإِذَا انْقَرَضَ الْبَطْنُ الْأَعْلَى نَقَضْنَا الْقِسْمَةَ وَجَعَلْنَاهَا عَلَى عَدَدِ الْبَطْنِ الثَّانِي. وَلَمْ نَعْمَلْ بِاشْتِرَاطِ انْتِقَالِ نَصِيبِ الْمَيِّتِ إلَى وَلَدِهِ هُنَا لِكَوْنِ الْوَاقِفِ قَالَ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ، فَلَزِمَ دُخُولُ أَوْلَادِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْوَقْفِ فَلَزِمَ نَقْضُ الْقِسْمَةِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ إلَّا الْعَشَرَةُ فَمَاتُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَكُلَّمَا مَاتَ وَاحِدٌ تَرَكَ أَوْلَادًا حَتَّى مَاتَ الْعَشَرَةُ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ تَرَكَ خَمْسَةَ أَوْلَادٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَرَكَ سِتَّةَ أَوْلَادٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَرَكَ وَاحِدًا. أَلَيْسَ قُلْتُ فَمَنْ مَاتَ كَانَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ.؟ فَلَمَّا مَاتَ الْعَاشِرُ كَيْفَ تَقْسِمُ الْغَلَّةَ.؟ قَالَ: أَنْقُضُ الْقِسْمَةَ الْأُولَى وَأَرُدُّ ذَلِكَ إلَى عَدَدِ الْبَطْنِ الثَّانِي فَأَنْظُرُ جَمَاعَتَهُمْ فَأَقْسِمُهَا عَلَى عَدَدِهِمْ. وَيَبْطُلُ قَوْلُهُ: مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ، لِأَنَّ الْأَمْرَ يُؤَوَّلُ إلَى قَوْلِهِ وَوَلَدِ وَلَدَيْ. وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ جَمِيعُ وَلَدِ وَلَدِ الصُّلْبِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ؛ فَنَظَرْنَا إلَى الْبَطْنِ الثَّالِثِ فَوَجَدْنَاهُمْ ثَمَانِيَةَ أَنْفُسٍ، وَكَذَلِكَ كُلُّ بَطْنٍ يَصِيرُ لَهُمْ فَإِنَّمَا تُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِهِمْ وَيَبْطُلُ مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ (انْتَهَى) . فَأَخَذَ بَعْضُ الْعَصْرِيِّينَ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الصُّورَةِ الثَّامِنَةِ وَبَيَانِ حُكْمِهَا أَنَّ الْخَصَّافَ قَائِلٌ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ فِي مِثْلِ مَسْأَلَةِ السُّبْكِيّ وَلَمْ يَتَأَمَّلْ الْفَرْقَ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ، فَإِنَّ فِي مَسْأَلَةِ السُّبْكِيّ؛ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ بِكَلِمَةٍ ثُمَّ بَيَّنَ الطَّبَقَتَيْنِ. وَفِي مَسْأَلَةِ الْخَصَّافِ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ بِالْوَاوِ لَا بِثُمَّ، فَصَدْرُ مَسْأَلَةِ الْخَصَّافِ اقْتَضَى اشْتِرَاكَ الْبَطْنِ الْأَعْلَى مَعَ السُّفْلَى، وَصَدْرُ مَسْأَلَةِ السُّبْكِيّ اقْتَضَى عَدَمَ الِاشْتِرَاكِ. 34 - فَالْقَوْلُ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ وَعَدَمِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا. وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْخَصَّافَ بَعْدَ مَا قَرَّرَ نَقْضَ الْقِسْمَةِ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، قَالَ: فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (34) قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ وَعَدَمِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: قُلْنَا لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ بَنَاهُ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ فِي جَوَابِ قَوْلِ السَّائِلِ فَلِمَ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ وَتَرَكْتَ قَوْلَهُ: فَإِنْ حَدَثَ الْمَوْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ كَانَ نَصِيبُهُ مَرْدُودًا إلَى وَلَدِهِ وَإِلَى وَلَدِ وَلَدِهِ إلَخْ؟ . قَالَ: مَنْ.؟ قِيلَ: إنَّا وَجَدْنَا بَعْضَهُمْ يَدْخُلُ فِي الْغَلَّةِ وَيَجِبُ حَقُّهُ فِيهَا بِنَفْسِهِ لَا بِأَبِيهِ فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ وَقَسَمْنَا الْغَلَّةَ عَلَى عَدَدِهِمْ. وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ الْوَاقِفَ عَلَى الصِّفَةِ الْمَشْرُوحَةِ قَدْ رَتَّبَ فِي وَقْفِهِ تَرْتِيبًا يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَ الْبَطْنِ الْأَعْلَى مُقَدَّمًا عَلَى غَيْرِهِ مَعَ صِلَةِ الْبَعْضِ الْأَسْفَلِ مَعَ وُجُودِ الْبَطْنِ الْأَعْلَى، يَجْعَلُ نَصِيبَ الْمَيِّتِ مِنْ الْبَطْنِ الْأَعْلَى مَرْدُودًا لِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ، قَصْدًا لِعَدَمِ حِرْمَانِهِ مِنْ الْوُصُولِ إلَى شَيْءٍ مِنْ صَدَقَتِهِ وَوَقْفِهِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ الَّذِي صِلَتُهُ صِلَةُ أَبِيهِ غَالِبًا، وَكَانَ كَلَامُهُ مُشْتَمِلًا عَلَى تَرْتِيبَيْنِ: تَرْتِيبُ أَفْرَادٍ وَهُوَ تَرْتِيبُ الْفَرْعِ عَلَى أَصْلِهِ وَعَدَمِ حِرْمَانِ أَحَدٍ مِنْ الْبَطْنِ بِفَرْعٍ غَيْرَهُ، وَتَرْتِيبُ جُمْلَةٍ وَهُوَ تَرْتِيبُ اسْتِحْقَاقِ جُمْلَةِ الْبَطْنِ الثَّانِي عَلَى انْقِرَاضِ جُمْلَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَهُوَ تَرْتِيبٌ جُمْلِيٌّ فَيَكُونُ الْوَقْفُ مُنْحَصِرًا فِي الْبَطْنِ الَّذِي يَلِيهِ وَيُبْطِلُ حُكْمَ مَا انْتَقَلَ مِنْ الْمَيِّتِ الْأَبِ الْأَعْلَى إلَى وَلَدِهِ مِنْ الْأَسْفَلِ، وَيَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْوَقْفِ جَمِيعُ الْبَطْنِ الثَّانِي فَيَضْرِبُ مَعَهُمْ بِسَهْمِهِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ بِقَوْلِ الْوَاقِفِ: وَوَلَدِ وَلَدِي بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ كَمَا يَضْرِبُ وَلَدُ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْوَقْفِ مِنْ الْبَطْنِ الْأَعْلَى بِسَهْمِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَطْنِ الثَّانِي

قُلْتَ: فَلِمَ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ عِنْدَك مَعْمُولٌ بِهِ وَتَرَكْتَ قَوْلَهُ: كُلَّمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQيَسْتَحِقُّ لِعُمُومِ قَوْلِهِ: وَعَلَى وَلَدِ وَلَدِي. وَلَمْ يَبْقَ حِينَئِذٍ مِمَّنْ يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى انْتِقَالِ نَصِيبِ أَحَدٍ إلَى وَلَدِهِ لِاسْتِوَاءِ أَهْلِ الْبَطْنِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ. لَا يُقَالُ: الِاسْتِوَاءُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا مَاتَ أَهْلُ الطَّبَقَةِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ، لِأَنَّا نَقُولُ: صَرِيحُ كَلَامِ الْخَصَّافِ يُنَادِي بِخِلَافِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: يُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الْأَوْلَادِ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ فَيَأْخُذُ الْأَحْيَاءُ سِهَامَهُمْ وَسِهَامُ الْأَمْوَاتِ تُعْطَى لِأَوْلَادِهِمْ، قُلْتُ وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِوَاءُ قِسْمَانِ: حَقِيقِيٌّ وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادَرُ، وَحُكْمِيٌّ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ ثَمَّةَ أَوْلَادٌ وَأَسْفَلَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَاقِفَ جَعَلَ ابْنَ الِابْنِ عِنْدَ عَدَمِهِ قَائِمًا مَقَامَهُ فَقَدْ جَعَلَهُ مِنْ تِلْكَ الطَّبَقَةِ حُكْمًا وَهَذَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي ابْتِدَاءِ الْوَقْفِ بِأَنْ كَانَ لِلْوَاقِفِ وَلَدٌ مَاتَ قَبْلَ وَقْفِهِ، وَلَهُ وَلَدٌ ذَكَرَ الزَّيْنِيُّ قَاسِمٌ صُورَتَيْنِ أَفْتَى فِيهِمَا الْعَلَّامَةُ السُّبْكِيُّ وَالْعَلَّامَةُ الْبُلْقِينِيُّ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ، وَقَرَارُهُ بِمَا ذَكَرْنَا. وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِهِ: وَهَذَا التَّعْلِيلُ مِنْ الْخَصَّافِ يَقْتَضِي أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ: يَقْتَضِي أَنَّ الشَّرْطَيْنِ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِينَ مُتَعَارِضَانِ وَرَجَّحَ الثَّانِي لِاسْتِحْقَاقِهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَاسْتِحْقَاقِهِمْ فِي الْأَوَّلِ بِآبَائِهِمْ، وَالِاسْتِحْقَاقُ بِالنَّفْسِ مُقَدَّمٌ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ بِالْأَبِ، لِأَنَّ ذَلِكَ بِلَا وَاسِطَةٍ، وَقَدْ تَرَجَّحَ أَيْضًا بِأَنَّ قَوْلَهُ لِوَلَدِ وَلَدِهِ مُطْلَقٌ وَتَقْيِيدُهُ دُونَ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ أَسْهَلُ، وَالْبَطْنُ الثَّانِي عُمُومٌ فَتَخْصِيصُهُ ضَعِيفٌ وَاحْتَمَلَ تَقَيُّدَ الْمُطْلَقِ لِأَنَّهُ قَدْ عَمِلَ بِهِ فِي حَيَاةِ أَعْمَامِهِ، وَلَمْ يَحْتَمِلْ تَخْصِيصَ الْعَامِّ لِمَا فِيهِ مِنْ حِرْمَانِ بَعْضِ الْأَفْرَادِ بِالْكُلِّيَّةِ. ثُمَّ قَالَ: وَعِنْدِي لِكَلَامِ الْخَصَّافِ وَمَنْ وَافَقَهُ تَوْجِيهٌ بِبَحْثٍ أُصُولِيٍّ وَهُوَ أَنَّ فِيهِ اسْتِنْبَاطَ مَعْنًى مِنْ النَّصِّ يُخَصِّصُهُ، فَإِنْ فَهِمَ أَنَّ الْمَعْنَى فِي جَعْلِ الْوَاقِفِ نَصِيبَ مَنْ لَهُ وَلَدٌ لِوَلَدِهِ أَنْ لَا يَحْرِمَ وَلَدَهُ مَعَ وُجُودِ الطَّبَقَةِ الَّتِي هِيَ أَعْلَى مِنْهُ، كَذَلِكَ مَنْ لَهُ وَلَدٌ لِوَلَدِهِ أَنْ لَا يَحْرِمَ وَلَدَهُ مَعَ وُجُودِ الطَّبَقَةِ الَّتِي هِيَ أَعْلَى مِنْهُ، فَأَعْطَاهُ لِذَلِكَ نَصِيبَ وَالِدِهِ، فَإِذَا لَمْ يُحْرَمْ فَلَا يُعْطَى نَصِيبَ وَالِدِهِ وَلَا يُعْطَى مَا تَقْتَضِيهِ الْقِسْمَةُ عَلَى طَبَقَتِهِ. فَحُمِلَ عَلَى مَا إذَا وُجِدَ مِنْ أَهْلِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى أَحَدٌ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُعْطِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَصِيبًا لَحُرِمَ وَأُخْرِجَ عَنْهُ مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ الطَّبَقَةِ الْأُولَى أَحَدٌ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُعْطِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَصِيبًا لَحُرِمَ وَأُخْرِجَ عَنْهُ مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ الطَّبَقَةِ الْأُولَى أَحَدٌ فَإِنَّهُ لَا يُحْرَمُ حَاجِبٌ فَأَعْطَيْنَاهُ مَا يَلِيقُ بِطَبَقَتِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْأُصُولِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ غَيْرِنَا. وَقَدْ عُلِمَ فِي مَحَلِّهِ.

حَدَثَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ الْمَوْتُ كَانَ نَصِيبُهُ مَرْدُودًا إلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا.؟ قُلْتُ مِنْ قَبْلُ: إنَّا وَجَدْنَا بَعْضَهُمْ يَدْخُلُ فِي الْغَلَّةِ وَيَجِبُ حَقُّهُ فِيهَا بِنَفْسِهِ لَا بِأَبِيهِ فَعَمِلْنَا بِذَلِكَ وَقَسَّمْنَا الْغَلَّةَ عَلَى عَدَدِهِمْ (انْتَهَى) . فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ سَبَبَ نَقْضِهَا دُخُولُ وَلَدِ الْوَلَدِ مَعَ الْوَلَدِ بِصَدْرِ الْكَلَامِ، فَإِذَا كَانَ صَدْرُهُ لَا يَتَنَاوَلُ وَلَدَ الْوَلَدِ مَعَ الْوَلَدِ بَلْ مُخْرِجٌ لَهُ فَكَيْفَ يُقَالُ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ.؟ فَإِنْ قُلْتَ: قَدْ صَدَقْتَ أَنَّ الْخَصَّافَ صَوَّرَهَا بِالْوَاوِ وَلَكِنْ ذَكَرَ بَعْدَهُ مَا يُفِيدُ مَعْنَى ثُمَّ، وَهُوَ تَقْدِيمُ الْبَطْنِ الْأَعْلَى فَاسْتَوَيَا. قُلْتُ نَعَمْ، لَكِنْ هُوَ إخْرَاجٌ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الْأَوَّلِ بِخِلَافِ التَّعْبِيرِ بِثُمَّ مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ، فَإِنَّ الْبَطْنَ الثَّانِيَ لَمْ يَدْخُلْ مَعَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِكَلَامِ الْخَصَّافِ عَلَى مَسْأَلَةِ السُّبْكِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَعَ أَنَّ السُّبْكِيَّ بَنَى الْقَوْلَ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ عَلَى أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا ذَكَرَ شَرْطَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ يُعْمَلُ بِأَوَّلِهِمَا.؟ قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ النَّسْخِ حَتَّى يُعْمَلَ بِالْمُتَأَخِّرِ. 35 - فَإِنْ كَانَ هَذَا رَأْيَ السُّبْكِيّ فِي الشَّرْطَيْنِ، فَلَا كَلَامَ فِي عَدَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (35) قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ هَذَا رَأْيَ السُّبْكِيّ إلَخْ. قِيلَ: عَدَمُ التَّعْوِيلِ إنْ كَانَ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ كَلَامَ السُّبْكِيّ فَهُوَ كَلَامُ مَنْ جَهِلَ مَقَامَ السُّبْكِيّ، فَإِنَّهُ اُشْتُهِرَ حَالُهُ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ وَبَلَغَ رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ وَأَيْضًا إذَا كَانَ الْكَلَامُ مُتَّجِهًا يَجِبُ الِالْتِفَاتُ إلَيْهِ وَالتَّعْوِيلُ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ قَالَهُ مَشْهُورٌ أَوْ غَيْرُهُ. وَهَكَذَا الْكَلَامُ مُتَّجِهٌ عَلَى مَذْهَبِهِمْ أَنَّ الْوَقْفَ إذَا تَمَّ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْوَاقِفِ وَقَفْتُ كَذَا فَالشَّرْطُ الثَّانِي إذَا وَقَعَ كَانَ بَعْدَ خُرُوجِ الْأَمْرِ مِنْ يَدِهِ فَيَلْغُو، وَاسْتِشْكَالُهُ كَوْنُهُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، مَعَ قَوْلِهِمْ: شَرْطُ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ سَاقِطٌ بِالْمَرَّةِ

التَّعْوِيلِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ فَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى قَوْلِهِمْ: أَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ. فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الْعَمَلَ بِالْمُتَأَخِّرِ، وَحَيْثُ كَانَ مَبْنَى كَلَامِ السُّبْكِيّ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ الْقَوْلُ بِهِ عَلَى مَذْهَبِنَا؛ فَإِنَّ مَذْهَبَنَا الْعَمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا. قَالَ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ إنَّهُ لَوْ كَتَبَ فِي أَوَّلِ الْمَكْتُوبِ بَعْدَ الْوَقْفِ: لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَكَتَبَ فِي آخِرِهِ: عَلَى أَنَّ لِفُلَانٍ بَيْعَ ذَلِكَ وَالِاسْتِبْدَالَ بِثَمَنِهِ، كَانَ لَهُ الِاسْتِبْدَالُ. قَالَ مِنْ قَبْلُ: إنَّ الْآخَرَ نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَ عَلَى عَكْسِهِ امْتَنَعَ بَيْعُهُ (انْتَهَى) . فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، وَعَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، وَعَلَى ذُرِّيَّتِهِ وَنَسْلِهِ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ، وَبَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ، تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا السُّفْلَى. عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ، وَعَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي هَذَا الْوَقْفِ وَاسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِهِ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ اسْتَحَقَّ مَا ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ هَذَا لَمْ يُرَدْ بِهِ أَنَّهُ مِثْلُهُ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، تَعَالَى اللَّهُ أَنْ يُشَبَّهَ كَلَامُ النَّاسِ بِكَلَامِهِ عُمُومًا فَإِنَّهُ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ. وَالْوَاقِفُ عَبْدٌ مِنْ الْعَبِيدِ وَإِنَّمَا شَبَّهُوهُ بِهِ فِي لُزُومِ اتِّبَاعِهِ بِأَمْرِ الشَّارِعِ فِيمَا لَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ. قَالَ الْمُحَقِّقُ الْحُجَّةُ قَاسِمٌ فِي قَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ: نُصُوصُ الْوَاقِفِ كَنُصُوصِ الشَّارِعِ، يَعْنِي فِي الْفَهْمِ لَا فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ مَعَ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ لَفْظَهُ وَلَفْظَ الْمُوصِي وَالْحَالِفِ وَالنَّاذِرِ وَكُلِّ عَاقِدٍ يُحْمَلُ عَلَى عَادَتِهِ فِي خِطَابِهِ، وَاللُّغَةُ الَّتِي يَتَكَلَّمُ بِهَا وَافَقَتْ لُغَةَ الْعَرَبِ وَلُغَةَ الشَّارِعِ أَوْ لَا، وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى صَلَاةٍ أَوْ صِيَامٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ جِهَادٍ غَيْرِ شَرْعِيٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ (انْتَهَى) . فَكَيْفَ يُشَبَّهُ بِنَصِّ الشَّارِعِ.؟

كَانَ يَسْتَحِقُّهُ أَبُوهُ لَوْ كَانَ حَيًّا. هَذِهِ الصُّورَةُ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ بِالْقَاهِرَةِ، لَكِنَّ بَعْضَهُمْ يُعَبِّرُ عَنْهَا بِثُمَّ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ، وَبَعْضَهُمْ بِالْوَاوِ، فَإِنْ كَانَ بِالْوَاوِ يُقَسَّمُ الْوَقْفُ بَيْنَ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا وَبَيْنَ أَوْلَادِ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ قَبْلَ دُخُولِهِ؛ فَلَهُمْ مَا خَصَّ آبَاءَهُمْ لَوْ كَانَ حَيًّا مَعَ إخْوَتِهِ. فَمَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَلَهُ وَلَدٌ كَانَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ. وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ كَانَ نَصِيبُهُ لِإِخْوَتِهِ، فَيَسْتَمِرُّ الْحَالُ كَذَلِكَ إلَى انْقِرَاضِ الْبَطْنِ الْأَعْلَى. وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْخَصَّافِ الَّتِي قَالَ فِيهَا بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ حَيْثُ ذَكَرَ بِالْوَاوِ، وَقَدْ عَلِمْتَهُ. وَإِنْ ذَكَرَ بِثُمَّ، فَمَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ، وَيَسْتَمِرُّ لَهُ وَلَا يُنْقَضُ أَصْلًا بَعْدَهُ وَلَوْ انْقَرَضَ أَهْلُ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ، فَإِذَا مَاتَ أَحَدُ وَلَدَيْ الْوَاقِفِ عَنْ وَلَدٍ وَالْآخَرُ عَنْ عَشَرَةٍ كَانَ النِّصْفُ لِوَلَدِ مَنْ مَاتَ وَلَهُ وَلَدٌ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْعَشَرَةِ، فَإِذَا مَاتَ ابْنَا الْوَاقِفِ اسْتَمَرَّ النِّصْفُ لِلْوَاحِدِ وَالنِّصْفُ لِلْعَشَرَةِ، وَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الطَّبَقَةِ؛ فَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَهُ وَلَدٌ مَخْصُوصٌ مِنْ تَرْتِيبِ الْبُطُونِ فَلَا يُرَاعَى التَّرْتِيبُ فِيهِ. ثُمَّ مَنْ كَانَ لَهُ شَيْءٌ يَنْتَقِلُ إلَى وَلَدِهِ، وَهَكَذَا إلَى آخِرِ الْبُطُونِ، حَتَّى لَوْ قَدَّرَ أَنَّ الْوَاقِفَ مَاتَ عَنْ وَلَدَيْنِ ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا مَاتَ عَنْ عَشَرَةِ أَوْلَادٍ، وَالثَّانِي عَنْ وَلَدٍ وَاحِدٍ، وَالْوَلَدُ أَخْلَفَ كُلٌّ أَوْلَادًا حَتَّى وَصَلُوا إلَى الْمِائَةِ فِي الْبَطْنِ الْعَاشِرِ يُعْطَى لِلْوَاحِدِ نِصْفُ الْوَقْفِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَ الْمِائَةِ، وَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الدَّرَجَةِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِمْ: تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى؛ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ انْتِقَالَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ لِوَلَدِهِ أَنَّ كُلَّ أَصْلٍ يَحْجُبُ فَرْعَهُ وَفَرْعَ غَيْرِهِ؛ فَلَا حَقَّ لِأَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي مَا دَامَ وَاحِدٌ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ مَوْجُودًا، وَإِنْ اشْتَرَطَ الِانْتِقَالَ إلَى الْوَلَدِ فَالْمُرَادُ أَنَّ الْأَصْلَ يَحْجُبُ فَرْعَ نَفْسِهِ لَا فَرْعَ غَيْرِهِ، لَكِنْ يَقَعُ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْأَوْقَافِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ، ثُمَّ يَقُولُونَ: تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا السُّفْلَى. وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّأْكِيدِ وَإِنْ حَجَبَ الْعُلْيَا السُّفْلَى. وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ ثُمَّ وَمَا ذَكَرْنَاهُ، كَانَ مَا بَعْدَ ثُمَّ تَأْكِيدًا لِأَنَّ تَرْتِيبَ الطَّبَقَاتِ مُسْتَفَادٌ مِنْ ثُمَّ. كَمَا أَفَادَهُ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْعَلَّامَةَ عَبْدَ الْبَرِّ بْنَ الشِّحْنَةِ نَقَلَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ عَنْ فَتَاوَى السُّبْكِيّ وَاقِعَتَيْنِ غَيْرَ مَا نَقَلَهُ الْأَسْيُوطِيُّ، وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ نَسَبَ السُّبْكِيَّ إلَى التَّنَاقُضِ، وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَتَبَ خَطَّهُ تَحْتَ جَوَابِ ابْنِ الْقَمَّاحِ بِشَيْءٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ خَطَؤُهُ فَرَجَعَ عَنْهُ، وَأَطَالَ فِي تَقْرِيرِهِ، وَنَظَّمَ لِلْوَاقِعَةِ أَبْيَاتًا. فَمَنْ رَامَ زِيَادَةَ الِاطِّلَاعِ فَلْيَرْجِعْ إلَيْهِ. وَلَمْ تَزَلْ الْعُلَمَاءُ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ مُخْتَلِفِينَ فِي فَهْمِ شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ إلَّا مَنْ رَحِمَهُ اللَّهِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَالْمُيَسِّرُ لِكُلِّ عَسِيرٍ. (تَنْبِيهٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ انْتِقَالَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ لِوَلَدِهِ إلَخْ. هَذَا أَيْضًا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا تَوَهَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ يَحْجُبُ فَرْعَ غَيْرِهِ لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ كَمَا فِي وَلَدِ وَلَدِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْوَقْفِ، فَإِنَّهُ يَحْجُبُهُ الْوَلَدُ لِكَوْنِهِ أَعْلَى مِنْ طَبَقَتِهِ نَعَمْ إذَا انْقَرَضَتْ الطَّبَقَةُ اسْتَحَقَّ وَلَدُ وَلَدِ الْمَذْكُورِ مَعَ مَنْ فِي طَبَقَتِهِ فَالْإِطْلَاقُ خَطَأٌ.

يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوْلُهُمْ: التَّأْسِيسُ خَيْرٌ مِنْ التَّأْكِيدِ. فَإِذَا دَارَ اللَّفْظُ بَيْنَهُمَا. 38 - تَعَيَّنَ الْحَمْلُ عَلَى التَّأْسِيسِ، وَلِذَا قَالَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: 39 - لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ طَلُقَتْ ثَلَاثًا، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ بِهِ التَّأْكِيدَ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً. ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْكِنَايَاتِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: إذَا حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ، ثُمَّ حَلَفَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينَيْنِ، وَإِنْ نَوَى بِالثَّانِي الْأَوَّلَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وَفِي التَّجْرِيدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذَا حَلَفَ بِأَيْمَانٍ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةٌ، وَالْمَجْلِسُ وَالْمَجَالِسُ فِيهِ سَوَاءٌ، وَلَوْ قَالَ: عَنَيْتُ بِالثَّانِي الْأَوَّلَ لَمْ يَسْتَقِمْ ذَلِكَ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى. وَلَوْ حَلَفَ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ يَسْتَقِيمُ. وَفِي الْأَصْلِ أَيْضًا: لَوْ قَالَ: هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوْلُهُمْ التَّأْسِيسُ خَيْرٌ مِنْ التَّأْكِيدِ إلَخْ. أَقُولُ فِي دُخُولِهِ فِي الْقَاعِدَةِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَمْلِ عَلَى التَّأْكِيدِ إهْمَالُ الْكَلَامِ وَإِلَّا لَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِهِ تَعَالَى وَكَلَامِ نَبِيِّهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ أَصْلُ وَضْعِ اللَّفْظِ أَنْ يَكُونَ مُفِيدًا غَيْرَ مَا أَفَادَهُ غَيْرُهُ كَانَ فِي الْحَمْلِ عَلَى التَّأْكِيدِ إهْمَالُ اللَّفْظِ كَمَا هُوَ أَصْلُ الْوَضْعِ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَالْإِهْمَالُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَا ضَرَرَ فِي وُقُوعِهِ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلَامِ رَسُولِهِ وَحِينَئِذٍ يَتِمُّ دُخُولُهُ فِي الْقَاعِدَةِ فَتَأَمَّلْ. (38) قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الْحَمْلُ عَلَى التَّأْسِيسِ إلَخْ. الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: الْأَوْلَى الْحَمْلُ عَلَى التَّأْسِيسِ. فَإِنَّ قَوْلَهُ التَّأْسِيسُ خَيْرٌ مِنْ التَّأْكِيدِ لَا يَقْتَضِي تَعْيِينَ الْحَمْلِ عَلَى التَّأْسِيسِ بَلْ يَقْتَضِي أَرْجَحِيَّةَ الْحَمْلِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ. (39) قَوْلُهُ: لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ إلَخْ. يَعْنِي قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا.

يَهُودِيٌّ وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ. 40 - وَلَوْ قَالَ: هُوَ يَهُودِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا هُوَ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا، فَهُمَا يَمِينَانِ. وَفِي النَّوَازِلِ: رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا، وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ شَهْرًا، وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ سَنَةً. إنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ سَاعَةٍ فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيْمَانٍ، وَإِنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ الْغَدِ فَعَلَيْهِ يَمِينَانِ، وَإِنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ شَهْرٍ فَعَلَيْهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ سَنَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (انْتَهَى مَا فِي الْخُلَاصَةِ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا هُوَ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا فَهُمَا يَمِينَانِ. يَعْنِي لِتَعَدُّدِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ.

[القاعدة العاشرة الخراج بالضمان]

[الْقَاعِدَةُ الْعَاشِرَةُ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ] ِ» 1 - هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ ذِكْرُ السَّبَبِ؛ وَهُوَ «أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ عَبْدًا فَأَقَامَ عِنْدَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُقِيمَ، ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَخَاصَمَهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ اسْتَعْمَلَ غُلَامِي. فَقَالَ: الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْخَرَاجُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَلَّةُ الْعَبْدِ؛ يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ فَيَسْتَعْمِلُهُ زَمَانًا ثُمَّ يَعْثُرُ مِنْهُ عَلَى عَيْبٍ دَلَّسَهُ الْبَائِعُ فَيَرُدُّهُ وَيَأْخُذُ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَيَفُوزُ بِغَلَّتِهِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي ضَمَانِهِ، وَلَوْ هَلَكَ هَلَكَ مِنْ مَالِهِ (انْتَهَى) . وَفِي الْفَائِقِ: كُلُّ مَا خَرَجَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ خَرَاجُهُ؛ فَخَرَاجُ الشَّجَرَةِ ثَمَرُهُ، وَخَرَاجُ الْحَيَوَانِ دَرُّهُ وَنَسْلُهُ (انْتَهَى) . وَذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي أُصُولِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ إلَخْ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَفْظُ الْحَدِيثِ مُبْهَمٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: إنَّ مِلْكَ الْخَرَاجِ بِضَمَانِ الْأَصْلِ وَاقْتِضَاءُ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمُبْهَمِ لَيْسَ بِالْمُهِينِ الْجَوَازَ. وَالْحَدِيثُ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ إلَّا أَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ قَدْ اسْتَعْمَلُوهُ فِي الْبُيُوعِ، وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُتَوَقَّفَ عَنْهُ فِيمَا سِوَاهُ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَلَا أَعْرِفُ لِمَخْلَدِ بْنِ خُفَافٍ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْقَوَاعِدِ: هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ يَعْنِي صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ الْقَطَّانِ وَالْمُنْذِرِيُّ وَالذَّهَبِيُّ، وَالْبُخَارِيُّ وَإِنْ ضَعَّفَهُ إلَّا أَنَّ ابْنَ عَدِيٍّ قَالَ: كُنَّا نَظُنُّ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ مَخْلَدٍ

أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ، لَا يَجُوزُ نَقْلُهُ بِالْمَعْنَى. وَقَالَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِي بَابِ خِيَارِ الْعَيْبِ: إنَّ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ غَيْرَ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ الْأَصْلِ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ، كَالْكَسْبِ وَالْغَلَّةِ، وَتُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَضُرُّ حُصُولُهَا لَهُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ جُزْءًا مِنْ الْمَبِيعِ فَلَمْ يَمْلِكْهَا بِالثَّمَنِ، وَإِنَّمَا مَلَكَهَا بِالضَّمَانِ وَبِمِثْلِهِ يَطِيبُ الرِّبْحُ لِلْحَدِيثِ. وَهُنَا سُؤَالَانِ لَمْ أَرَهُمَا لِأَصْحَابِنَا. - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: أَحَدُهُمَا: لَوْ كَانَ الْخَرَاجُ فِي مُقَابَلَةِ الضَّمَانِ لَكَانَتْ الزَّوَائِدُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِلْبَائِعِ، تَمَّ الْعَقْدُ أَوْ انْفَسَخَ، لِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِهِ وَلَا قَائِلَ بِهِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْخَرَاجَ يُعَلَّلُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِالْمِلْكِ وَبَعْدَهُ بِهِ وَبِالضَّمَانِ مَعًا. 3 - وَاقْتَصَرَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى التَّعْلِيلِ بِالضَّمَانِ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ عِنْدَ الْبَائِعِ وَأَقْطَعُ لِطَلَبِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَّا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فِيمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ حَتَّى وَجَدْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ مَخْلَدٍ. هَذَا مُلَخَّصُ مَا فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ شَرْحِ سُنَنِ أَبِي دَاوُد لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيِّ. (2) قَوْلُهُ: إنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ لَا يَجُوزُ نَقْلُهُ بِالْمَعْنَى إلَخْ. إذْ يَعْجِزُ غَيْرُهُ عَنْ الْإِتْيَانِ بِهِ لِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا قُدْرَةَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ، فَإِذَا نُقِلَ وَبُدِّلَ خَرَجَ عَنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ إذْ هُوَ مَخْصُوصٌ بِهِ، وَمِثْلُ مَا كَانَ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ مَا تُعُبِّدَ بِأَلْفَاظِهِ كَالْأَذَانِ وَالتَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ نَقْلُهُ بِالْمَعْنَى. وَالْخِلَافُ فِي نَقْلِ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى فِي غَيْرِ هَذَيْنِ. (3) قَوْلُهُ: وَاقْتَصَرَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى التَّعْلِيلِ بِالضَّمَانِ إلَخْ. فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَدَاةُ تَعْلِيلٍ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْبَاءُ فِي الْحَدِيثِ لِلسَّبَبِيَّةِ، وَالسَّبَبُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً مَجَازًا.

وَاسْتِبْعَادِهِ أَنَّ الْخَرَاجَ لِلْمُشْتَرِي. الثَّانِي: لَوْ كَانَتْ الْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ الزَّوَائِدُ لِلْغَاصِبِ، لِأَنَّ ضَمَانَهُ أَشَدُّ مِنْ ضَمَانِ غَيْرِهِ. وَبِهَذَا اُحْتُجَّ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قَوْلِهِ أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَضْمَنُ مَنَافِعَ الْغَصْبِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - 5 - قَضَى بِذَلِكَ فِي ضَمَانِ الْمِلْكِ وَجَعَلَ الْخَرَاجَ لِمَنْ هُوَ مَالِكُهُ إذَا تَلِفَ تَلِفَ عَلَى مِلْكِهِ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي. وَالْغَاصِبُ لَا يَمْلِكُ الْمَغْصُوبَ، 6 - وَبِأَنَّ الْخَرَاجَ هُوَ الْمَنَافِعُ جَعَلَهَا لِمَنْ عَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَمْلِكُ الْمَغْصُوبَ، بَلْ إذَا أَتْلَفَهَا فَالْخِلَافُ فِي ضَمَانِهَا عَلَيْهِ فَلَا يَتَنَاوَلُ مَوْضِعَ الْخِلَافِ، ذَكَرَهُ الْأَسْيُوطِيُّ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِيمَا إذَا دَفَعَ الْأَصِيلُ الدَّيْنَ إلَى الْكَفِيلِ قَبْلَ الْأَدَاءِ عَنْهُ، فَرَبِحَ الْكَفِيلُ فِيهِ وَكَانَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ، أَنَّ الرِّبْحَ يَطِيبُ لَهُ، وَاسْتَدَلَّ لَهُمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِالْحَدِيثِ؛ وَقَالَ الْإِمَامُ يَرُدُّهُ عَلَى الْأَصِيلِ فِي رِوَايَةٍ، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ فِي رِوَايَةٍ. وَقَالُوا فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ (4) قَوْلُهُ: وَاسْتِبْعَادِهِ أَنَّ إلَخْ. عَطْفٌ عَلَى طَلَبِهِ وَالضَّمِيرُ لِلْبَائِعِ وَالْإِضَافَةُ فِيهِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ، وَقَوْلُهُ: إنَّ الْخَرَاجَ لِلْمُشْتَرِي مَفْعُولُ الِاسْتِبْعَادِ. (5) قَوْلُهُ: قَضَى بِذَلِكَ فِي ضَمَانِ الْمِلْكِ إلَخْ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّمَانِ ضَمَانٌ خَاصٌّ فَاللَّامُ فِيهِ لِلْعَهْدِ، وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ كَمَا تَقَرَّرَ. (6) قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ الْخَرَاجَ هُوَ الْمَنَافِعُ إلَخْ. جَوَابٌ آخَرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَئُولُ إلَى الْأَوَّلِ لَكِنَّ التَّصَرُّفَ فِي الْأَوَّلِ فِي جَانِبِ الضَّمَانِ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ ضَمَانٌ خَاصٌّ، وَالتَّصَرُّفُ فِي الثَّانِي فِي جَانِبِ الْخَارِجِ يَجْعَلُهُ عَيْنَ الْمَنَافِعِ لَكِنْ مَعَ تَقْرِيرِ التَّصَرُّفِ فِي جَانِبِ الضَّمَانِ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ ضَمَانُ الْمِلْكِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَلَا مِلْكَ لِلْغَاصِبِ فَتَدَبَّرْ.

[مسألة أعتقت المرأة عبدا]

الْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذَا فُسِخَ فَإِنَّهُ يَطِيبُ لِلْبَائِعِ مَا رَبِحَ لَا لِلْمُشْتَرِي. 7 - وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحِنْثَ إنْ كَانَ لِعَدَمِ الْمِلْكِ فَإِنَّ الرِّبْحَ لَا يَطِيبُ كَمَا إذَا رَبِحَ فِي الْمَغْصُوبِ وَالْأَمَانَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُتَعَيِّنِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ لِفَسَادِ الْمِلْكِ طَابَ فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ لَا فِيمَا يَتَعَيَّنُ، ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ قَالَ الْأَسْيُوطِيُّ: خَرَجَتْ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسْأَلَةٌ وَهِيَ مَا لَوْ أَعْتَقَتْ الْمَرْأَةُ عَبْدًا فَإِنَّ وَلَاءَهُ يَكُونُ لِابْنِهَا وَلَوْ جَنَى جِنَايَةً خَطَأً فَالْعَقْلُ عَلَى عَصَبَتِهَا دُونَهُ. وَقَدْ يَجِيءُ مِثْلُهُ فِي بَعْضِ الْعِصَابَاتِ يَعْقِلُ وَلَا يَرِثُ (انْتَهَى) . 8 - وَأَمَّا مَنْقُولُ مَشَايِخِنَا فَلَمْ أَرَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (7) قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحِنْثَ إلَى آخِرِهِ. قِيلَ عَلَيْهِ: يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْحَاصِلِ مَسْأَلَةُ الْوَكِيلِ الْمُتَقَدِّمَةُ فَإِنَّهُ لَا مِلْكَ فِيهَا أَصْلًا مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ يَطِيبُ. [مَسْأَلَةٌ أَعْتَقَتْ الْمَرْأَةُ عَبْدًا] قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَنْقُولُ مَشَايِخِنَا إلَخْ. كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّف - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَبِيضَ بَعْدَهُ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا قِيلَ لَعَلَّهُ وَكَذَا مَنْقُولُ أَئِمَّتِنَا.

[القاعدة الحادية عشرة السؤال معاد في الجواب]

الْقَاعِدَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: 1 - السُّؤَالُ مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ 2 - قَالَ الْبَزَّازِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ آخِرِ الْوَكَالَةِ وَعَنْ الثَّانِي لَوْ قَالَ: امْرَأَةُ زَيْدٍ طَالِقٌ وَعَبْدُهُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى الْحَرَامِ إنْ دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ. 3 - فَقَالَ زَيْدٌ: نَعَمْ. كَانَ زَيْدٌ حَالِفًا بِكُلِّهِ لِأَنَّ الْجَوَابَ يَتَضَمَّنُ إعَادَةَ مَا فِي السُّؤَالِ، وَلَوْ قَالَ: أَجَزْتُ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ: نَعَمْ فَهُوَ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى شَيْءٍ 4 - وَلَوْ قَالَ: أَجَزْتُ ذَلِكَ عَلَى إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ أَوْ أَلْزَمْتُهُ نَفْسِي إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَاعِدَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ السُّؤَالُ مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ] قَوْلُهُ: السُّؤَالُ مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ إلَخْ. أَقُولُ: لَمْ يَسْتَثْنِ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ شَيْئًا وَيُسْتَثْنَى مِنْهَا مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ: امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: طَلِّقْنِي ثَلَاثًا فَقَالَ الزَّوْجُ: أَنْتِ طَالِقٌ، فَهِيَ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ثَلَاثًا وَلَوْ قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَكَذَا لَوْ قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ ثَلَاثًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: قَدْ طَلَّقْتُكِ. (2) قَوْلُهُ: قَالَ الْبَزَّازِيُّ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ الْجَوَابَ يَتَضَمَّنُ إعَادَةَ مَا فِي السُّؤَالِ. أَقُولُ: فِي الْخَانِيَّةِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ، فِي فَصْلِ عَقْدِ الْيَمِينِ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ: وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ الْآخَرُ: نَعَمْ فَهُوَ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ فَلْيُرَاجَعْ. (3) قَوْلُهُ: فَقَالَ زَيْدٌ نَعَمْ كَانَ زَيْدٌ حَالِفًا إلَخْ. قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَصْحِيحًا يُخَالِفُ هَذَا مَا فِي فَنِّ الْحِيَلِ حَيْثُ قَالَ: عُرِضَ عَلَيْهِ يَمِينٌ فَقَالَ: نَعَمْ لَا يَكْفِي وَلَا يَصِيرُ حَالِفًا وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَنَقَلَ فِي الْفَوَائِدِ التَّاجِيَّةِ عَنْ حِيَلِ الْمُحِيطِ تَصْحِيحًا يُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُنَا فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ تَصْحِيحِ التَّاجِيَّةِ لِمُوَافَقَتِهِ. (4) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: أَجَزْتُ ذَلِكَ إلَخْ. وَلَمْ يَقُلْ: نَعَمْ فَهُوَ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى شَيْءٍ

دَخَلْتُ لَزِمَ، وَإِنْ دَخَلَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ لَا يَقَعُ شَيْءٌ إلَى آخِرِهِ. وَفِيهَا مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ: 5 - قَالَتْ لَهُ أَنَا طَالِقٌ.؟ فَقَالَ نَعَمْ، تَطْلُقُ. 6 - وَلَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي فَقَالَ: نَعَمْ. لَا، وَإِنْ نَوَى، قِيلَ لَهُ أَلَسْتَ طَلُقَتْ امْرَأَتَكَ.؟ قَالَ: بَلَى. طَلُقَتْ لِأَنَّهُ جَوَابُ الِاسْتِفْهَامِ بِالْإِثْبَاتِ، وَلَوْ قَالَ: نَعَمْ. لَا، لِأَنَّهُ جَوَابُ الِاسْتِفْهَامِ بِالنَّفْيِ، كَأَنَّهُ قَالَ: نَعَمْ مَا طَلَّقْتُ (انْتَهَى) . وَمِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ: قَالَ فَعَلْتُ كَذَا أَمْسِ.؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ السَّائِلُ: وَاَللَّهِ فَقَدْ فَعَلْتَهَا.؟ فَقَالَ: نَعَمْ فَهُوَ حَالِفٌ (انْتَهَى) . وَفِي إقْرَارِ الْقُنْيَةِ قَالَ لِآخَرَ: لِي عَلَيْكَ كَذَا فَادْفَعْهَا إلَيَّ فَقَالَ اسْتِهْزَاءً: نَعَمْ أَحْسَنْتَ. 7 - فَهُوَ إقْرَارٌ عَلَيْهِ وَيُؤَاخَذُ بِهِ (انْتَهَى) . 8 - وَقَدْ ذَكَرْنَا الْفَرْقَ بَيْنَ نَعَمْ، وَبَلَى، وَمَا فُرِّعَ عَلَى ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقِيلَ: لَا يُشْكِلُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِمْ الْإِجَازَةُ اللَّاحِقَةُ بِمَنْزِلَةِ الْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَصِرٌ عَلَى الْعُقُودِ الشَّرْعِيَّةِ الْجَارِيَةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ. (5) قَوْلُهُ: قَالَتْ لَهُ أَنَا طَالِقٌ فَقَالَ: نَعَمْ إلَخْ. الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ مَعْنَى نَعَمْ بَعْدَ قَوْلِهَا أَنَا طَالِقٌ نَعَمْ أَنْتِ طَالِقٌ وَمَعْنَاهَا بَعْدَ قَوْلِهَا طَلِّقْنِي نَعَمْ أُطَلِّقُكِ فَيَكُونُ وَعْدًا بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهَا لِتَقْرِيرِ مَا قَبْلَهَا. (6) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي فَقَالَ نَعَمْ إلَخْ. سَيَأْتِي قُبَيْلَ آخِرِ الْكِتَابِ بِنَحْوِ سَبْعِ وَرَقَاتٍ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ، وَنَقَلْنَا هُنَاكَ عَمَّنْ عَزَا إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ خِلَافَهُ فَلْيُرَاجَعْ. (7) قَوْلُهُ: فَهُوَ إقْرَارٌ عَلَيْهِ وَيُؤَاخَذُ بِهِ. لَا يُقَالُ قَوْلُهُ نَعَمْ تَقْرِيرٌ لِقَوْلِهِ فَادْفَعْهَا إلَيَّ، فَيَكُونُ وَعْدًا بِالدَّفْعِ وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ، لِأَنَّا نَقُولُ: قَوْلُهُ ادْفَعْهَا إلَيْك تَقْرِيرٌ لِقَوْلِهِ: لِي عَلَيْكَ كَذَا فَيَكُونُ إقْرَارًا بِكُلِّ حَالٍ. (8) قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرْنَا الْفَرْقَ بَيْنَ نَعَمْ وَبَلَى إلَخْ. وَمَا فُرِّعَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ

فِي شَرْحِ الْمَنَارِ مِنْ فَصْلِ الْأَدِلَّةِ الْفَاسِدَةِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: وَالْعَامُّ إذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْجَزَاءِ إلَى آخِرِهِ. فَمَنْ رَامَ الِاطِّلَاعَ فَلْيَرْجِعْ إلَيْهِ. وَفِي يَتِيمَةِ الدَّهْرِ فِي فَتَاوَى أَهْلِ الْعَصْرِ: قَالَتْ لِزَوْجِهَا احْلِفْ عَلَيَّ، فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ أَخَذْتِ هَذَا الشَّيْءَ. فَقَالَ الزَّوْجُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَمْ يَزِدْ. هَلْ يَتَضَمَّنُ الْجَوَابُ إعَادَةَ مَا فِي السُّؤَالِ فَيَكُونُ تَعْلِيقًا أَوْ يَكُونُ تَنْجِيزًا.؟ فَقَالَ: 9 - بَلْ يَكُونُ تَنْجِيزًا (انْتَهَى) . ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَخْ. نَصُّ عِبَارَتِهِ فِي الشَّرْحِ وَذَكَرَ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّ مُوجِبَ نَعَمْ تَصْدِيقُ مَا قَبْلَهَا مِنْ كَلَامٍ مَنْفِيٍّ أَوْ مُثْبَتٍ اسْتِفْهَامًا كَانَ أَوْ خَبَرًا كَمَا إذَا قِيلَ لَكَ: (قَامَ زَيْدٌ) أَوْ (أَقَامَ زَيْدٌ) أَوْ (لَمْ يَقُمْ) زَيْدٌ فَقُلْتَ: نَعَمْ. كَانَ تَصْدِيقًا لِمَا قَبْلَهُ وَتَحْقِيقًا لِمَا بَعْدَ الْهَمْزَةِ. وَمُوجِبَ بَلَى إيجَابُ مَا بَعْدَ النَّفْيِ اسْتِفْهَامًا كَانَ أَوْ خَبَرًا، فَإِذَا قِيلَ: لَمْ يَقُمْ زَيْدٌ فَقُلْتَ: بَلَى، كَانَ مَعْنَاهُ قَدْ قَامَ إلَّا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ الْعُرْفُ حَتَّى يُقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ. (9) قَوْلُهُ: بَلْ يَكُونُ تَنْجِيزًا إلَخْ. أَقُولُ: فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ الْقَاعِدَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهَا مَا إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا: طَلِّقْنِي وَلَك أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَقَالَ الزَّوْجُ: طَلَّقْتُكِ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى الْأَلْفِ الَّتِي ذَكَرَتْ، فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ مَجَّانًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْإِمَامِ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُتَيَقَّنٌ وَالْأَلْفَ مَشْكُوكٌ فِيهَا، وَالْأَصْلُ عِنْدَهُ أَنَّهُ مَتَى عَرَفَ ثُبُوتَ الشَّيْءِ إحَاطَةً وَيَقِينًا لِأَيِّ مَعْنًى كَانَ فَهُوَ كَذَلِكَ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ بِخِلَافِهِ. وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهَا الْأَلْفُ، لِأَنَّ قَوْلَهَا وَلَكَ الْأَلْفُ دِرْهَمٍ سُؤَالٌ، وَقَوْلُ الزَّوْجِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْجَوَابِ، فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْأَلْفُ كَمَا فِي تَأْسِيسِ النَّظَائِرِ لِأَبِي اللَّيْثِ، فَيُسْتَثْنَى هَذِهِ مِنْ الْقَاعِدَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.

[القاعدة الثانية عشرة لا ينسب إلى ساكت قول]

الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: 1 - لَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ. فَلَوْ رَأَى أَجْنَبِيًّا يَبِيعُ مَالَهُ فَسَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا بِسُكُوتِهِ، وَلَوْ رَأَى الْقَاضِي الصَّبِيَّ أَوْ الْمَعْتُوهَ أَوْ عَبْدَهُمَا يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ لَا يَكُونُ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ، وَلَوْ رَأَى الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ يَبِيعُ الرَّهْنَ فَسَكَتَ 2 - لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَلَا يَكُونُ رِضًا فِي رِوَايَةٍ، 3 - وَلَوْ رَأَى غَيْرَهُ يُتْلِفُ مَالَهُ فَسَكَتَ لَا يَكُونُ إذْنًا بِإِتْلَافِهِ، وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ لَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ] قَوْلُهُ: لَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ إلَخْ. مِنْ فُرُوعِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا فِي الْقُنْيَةِ: افْتَرَقَا وَفِي بَيْتِهَا جَارِيَةٌ نَقَلَتْهَا مَعَ نَفْسِهَا وَاسْتَخْدَمَتْهَا سَنَةً وَالزَّوْجُ عَالِمٌ بِهِ سَاكِتٌ ثُمَّ ادَّعَاهَا، فَالْقَوْلُ لَهُ لِأَنَّ يَدَهُ كَانَتْ ثَابِتَةً وَلَمْ يُوجَدْ الْمُزِيلُ، وَمِنْ فُرُوعِهَا مَا فِي بَعْضِ الْمُعْتَبَرَاتِ إذَا حَلَفَتْ لَا تَأْذَنُ فِي تَزْوِيجِهَا فَزَوَّجَهَا وَلِيُّهَا وَسَكَتَتْ لَا تَحْنَثُ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْذَنُ لِعَبْدِهِ فِي تِجَارَةٍ فَرَآهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي يَصِيرُ مَأْذُونًا وَلَا يَحْنَثُ، وَكَذَا الشَّفِيعُ إذَا حَلَفَ لَا يُسَلِّمُ الشُّفْعَةَ فَسَكَتَ لَا يَحْنَثُ. وَمِنْ فُرُوعِهَا مَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى قَالَ: ثُمَّ فِي نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ لَوْ كَانَ الْحَالِفُ حَاضِرًا سَاكِتًا. قَالَ جَمَالُ الدِّينِ الْبَزْدَوِيُّ لَا يَكُونُ حُضُورُهُ كَالْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّ مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَبَاشَرَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ بِحُضُورِهِ يَكُونُ شَاهِدًا وَالْمُوَكَّلُ مُبَاشِرًا حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إلَّا شَاهِدٌ يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ بِحَضْرَتِهِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَكِيلَ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ يَنْقُلُ كَلَامَهُ وَعَقْدَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ يَكُونُ سُكُوتُهُ رِضًى مِنْهُ بِذَلِكَ. (2) قَوْلُهُ: لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَلَا يَكُونُ رِضًى فِي رِوَايَةٍ إلَخْ. يَعْنِي أَنَّ الْمَذْهَبَ مَا رَوَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ رِضًى وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ. ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (3) قَوْلُهُ: وَلَوْ رَأَى غَيْرَهُ يُتْلِفُ مَالَهُ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: رُبَّمَا يَعْكِسُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فِي التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ.

[مسائل كثيرة يكون السكوت فيها كالنطق]

رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ الْمَالِكِ فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا، كَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْمَأْذُونِ، 4 - وَلَوْ سَكَتَ عَنْ وَطْءِ أَمَتِهِ لَمْ يَسْقُطْ الْمَهْرُ 5 - وَكَذَا عَنْ قَطْعِ عُضْوِهِ أَخْذًا مِنْ سُكُوتِهِ عِنْدَ إتْلَافِ مَالِهِ، وَلَوْ رَأَى الْمَالِكُ رَجُلًا يَبِيعُ مَتَاعَهُ وَهُوَ حَاضِرٌ سَاكِتٌ لَا يَكُونُ رِضًا عِنْدَنَا خِلَافًا لِابْنِ أَبِي لَيْلَى، - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ رَأَى قِنَّهُ يَتَزَوَّجُ فَسَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُ لَا يَصِيرُ إذْنًا لَهُ فِي النِّكَاحِ، وَلَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَ كُفْءٍ، فَسُكُوتُ الْوَلِيِّ عَنْ مُطَالَبَةِ التَّفْرِيقِ 6 - لَيْسَ بِرِضًا، وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ، وَكَذَا سُكُوتُ امْرَأَةِ الْعِنِّينِ لَيْسَ بِرِضًا، وَلَوْ أَقَامَتْ مَعَهُ سِنِينَ، وَهِيَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَفِي عَارِيَّةِ الْخَانِيَّةِ: الْإِعَارَةُ لَا تَثْبُتُ بِالسُّكُوتِ. وَخَرَجَتْ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ يَكُونُ السُّكُوتُ فِيهَا كَالنُّطْقِ: الْأُولَى سُكُوتُ الْبِكْرِ 7 - عِنْدَ اسْتِئْمَارِ وَلِيِّهَا قَبْلَ التَّزْوِيجِ 8 - وَبَعْدَهُ. الثَّانِيَةُ: سُكُوتُهَا عِنْدَ قَبْضِ مَهْرِهَا. الثَّالِثَةُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ سَكَتَ عَنْ وَطْءِ أَمَتِهِ إلَخْ. أَيْ أَمَتِهِ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ. (5) قَوْلُهُ: وَكَذَا عَنْ قَطْعِ عُضْوِهِ أَخْذًا مِنْ سُكُوتِهِ عِنْدَ إتْلَافِ مَالِهِ إلَخْ. يَعْنِي لِأَنَّ الْأَطْرَافَ يُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ. قَوْلُهُ: لَيْسَ بِرِضًا وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ. يَعْنِي مَا لَمْ تَلِدْ. [مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ يَكُونُ السُّكُوتُ فِيهَا كَالنُّطْقِ] (7) قَوْلُهُ: عِنْدَ اسْتِئْمَارِ وَلِيِّهَا. أَيْ وَلِيِّهَا الْأَقْرَبِ أَوْ رَسُولِهِ فَلَوْ اسْتَأْمَرَهَا الْجَدُّ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ لَا يَكُونُ رِضًا. (8) قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ. عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: عِنْدَ اسْتِئْمَارِهَا، لَا عَلَى قَوْلِهِ قَبْلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَدَبَّرَ.

سُكُوتُهَا إذَا بَلَغَتْ بِكْرًا. 10 - الرَّابِعَةُ: حَلَفَتْ أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ فَزَوَّجَهَا أَبُوهَا فَسَكَتَتْ حَنِثَتْ الْخَامِسَةُ: سُكُوتُ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ قَبُولٌ لَا الْمَوْهُوبُ لَهُ. السَّادِسَةُ: سُكُوتُ الْمَالِكِ عِنْدَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ إذْنٌ. السَّابِعَةُ: سُكُوتُ الْوَكِيلِ قَبُولٌ وَيَرْتَدُّ بِرَدِّهِ. الثَّامِنَةُ: سُكُوتُ الْمُقَرِّ لَهُ قَبُولٌ وَيَرْتَدُّ بِرَدِّهِ. التَّاسِعَةُ: سُكُوتُ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ قَبُولٌ لِلتَّفْوِيضِ وَلَهُ رَدُّهُ. الْعَاشِرَةُ: سُكُوتُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ قَبُولٌ وَيَرْتَدُّ بِرَدِّهِ، وَقِيلَ لَا. الْحَادِيَةَ عَشَرَ: 11 - سُكُوتُ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي بَيْعِ التَّلْجِئَةِ، حِينَ قَالَ صَاحِبُهُ قَدْ بَدَا لِي أَنْ أَجْعَلَهُ بَيْعًا صَحِيحًا. الثَّانِيَةَ عَشَرَ: 12 - سُكُوتُ الْمَالِكِ الْقَدِيمِ حِينَ قِسْمَةِ مَالِهِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ رِضًا. الثَّالِثَةَ عَشَرَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ (9) قَوْلُهُ: سُكُوتُهَا إذَا بَلَغَتْ بِكْرًا إلَخْ. يَعْنِي يَكُونُ رِضًى وَيَسْقُطُ خِيَارُ بُلُوغِهَا لَا لَوْ بَلَغَتْ ثَيِّبًا، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُزَوِّجُ لَهَا غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ. (10) قَوْلُهُ: الرَّابِعَةُ حَلَفَتْ أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ إلَخْ. نَقَلَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِهِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: لَوْ حَلَفَتْ لَا تَأْذَنُ فِي الزَّوَاجِ فَزَوَّجَهَا وَكِيلُهَا وَسَكَتَتْ لَمْ تَحْنَثْ. وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ ذَا عَلَى زَوَاجٍ وَقَدْ وُجِدَ شَرْعًا وَعُرْفًا وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى الْإِذْنِ وَلَمْ يُوجَدْ عُرْفًا، وَالْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهِ (انْتَهَى) . وَاسْتَشْكَلَ بِمَسْأَلَةِ الْفُضُولِيِّ الْمَشْهُورَةِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مَعَ إجَازَتِهِ بِفِعْلٍ فَكَيْفَ يَقَعُ الطَّلَاقُ مَعَ السُّكُوتِ الَّذِي هُوَ تَرْكٌ. (11) قَوْلُهُ: سُكُوتُ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي بَيْعِ التَّلْجِئَةِ إلَخْ. قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ: تَفْسِيرُ التَّلْجِئَةِ أَنْ يَتَوَاضَعَا أَنْ يَظْهَرَ الْبَيْعُ عِنْدَ النَّاسِ لَكِنْ لَا يَكُونُ قَصْدُهُمَا مِنْ ذَلِكَ الْبَيْعَ حَقِيقَةً. (12) قَوْلُهُ: سُكُوتُ الْمَالِكِ الْقَدِيمِ إلَخْ. كَمَا لَوْ أُسِرَ قِنٌّ لِمُسْلِمٍ فَوَقَعَ فِي الْغَنِيمَةِ وَقُسِّمَ مَوْلَاهُ حَاضِرٌ.

سُكُوتُ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ حِينَ رَأَى الْعَبْدَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي مُسْقِطٌ لِخِيَارِهِ الرَّابِعَةَ عَشَرَ: 14 - سُكُوتُ الْبَائِعِ الَّذِي لَهُ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ حِينَ رَأَى الْمُشْتَرِي قَبَضَ الْمَبِيعَ إذْنٌ بِقَبْضِهِ، صَحِيحًا كَانَ الْبَيْعُ أَمْ فَاسِدًا الْخَامِسَةَ عَشَرَ: سُكُوتُ الشَّفِيعِ حِينَ عَلِمَ بِالْبَيْعِ مُسْقِطٌ لِلشُّفْعَةِ. السَّادِسَةَ عَشَرَ: 15 - سُكُوتُ الْمَوْلَى حِينَ رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي إذْنٌ فِي التِّجَارَةِ السَّابِعَةَ عَشَرَ: 16 - لَوْ حَلَفَ الْمَوْلَى؛ لَا يَأْذَنُ لَهُ فَسَكَتَ حَنِثَ، فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: سُكُوتُ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إلَخْ. قَيَّدَ بِخِيَارِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ لَا يَبْطُلُ كَمَا فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ. (14) قَوْلُهُ: سُكُوتُ الْبَائِعِ الَّذِي لَهُ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ إلَخْ. وَفِي كِتَابِ الْإِكْرَاهِ: لَا يَكُونُ إذْنًا حَتَّى أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الَّذِي فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ حُكْمَ الْفَاسِدِ بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ نَقْلِ خِلَافٍ. (15) قَوْلُهُ: سُكُوتُ الْمَوْلَى حِينَ رَأَى عَبْدَهُ إلَخْ. مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَالِ مَوْلَاهُ، أَمَّا فِي مَالِهِ لَوْ بَاعَ مِنْهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَأْذَنَ بِالنُّطْقِ. ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْمَأْذُونِ، وَمَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْلَى قَاضِيًا ذَكَرَهُ فِيهَا مِنْهُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْفَوَائِدِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ فَإِرْسَالُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُنَا غَيْرُ وَاقِعٍ مَوْقِعَهُ. (16) قَوْلُهُ: لَوْ حَلَفَ الْمَوْلَى لَا يَأْذَنُ لَهُ إلَخْ. فِي الظَّهِيرِيَّةِ: لَوْ حَلَفَ لَا يَأْذَنُ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ فَرَآهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ يَصِيرُ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَلَا يَحْنَثُ، وَكَذَلِكَ الْبِكْرُ إذَا حَلَفَتْ أَنْ لَا تَأْذَنَ فِي تَزْوِيجِهَا فَسَكَتَتْ عِنْدَ الِاسْتِئْمَارِ لَا تَحْنَثُ (انْتَهَى) . وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَهُ إذْنًا فِي الْبِكْرِ لِحَيَائِهَا فَيَحْصُلُ الضَّرَرُ بِتَكْلِيفِهَا التَّصْرِيحَ، وَأَمَّا الْعَبْدُ

الثَّامِنَةَ عَشَرَ: سُكُوتُ الْقِنِّ وَانْقِيَادُهُ عِنْدَ بَيْعِهِ أَوْ رَهْنِهِ أَوْ دَفْعِهِ بِجِنَايَةٍ إقْرَارٌ بِرِقِّهِ إنْ كَانَ يَعْقِلُ، 17 - بِخِلَافِ سُكُوتِهِ عِنْدَ إجَارَتِهِ أَوْ عَرْضِهِ لِلْبَيْعِ أَوْ تَزْوِيجِهِ. التَّاسِعَةَ عَشَرَ: لَوْ حَلَفَ لَا يُنْزِلُ فُلَانًا فِي دَارِهِ وَهُوَ نَازِلٌ فِي دَارِهِ فَسَكَتَ حَنِثَ، 18 - لَا لَوْ قَالَ لَهُ اُخْرُجْ مِنْهَا فَأَبَى أَنْ يَخْرُجَ فَسَكَتَ. الْعِشْرُونَ: سُكُوتُ الزَّوْجِ عِنْدَ وِلَادَةِ الْمَرْأَةِ وَتَهْنِئَتِهِ إقْرَارٌ بِهِ فَلَا يَمْلِكُ نَفْيَهُ. الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: سُكُوتُ الْمَوْلَى عِنْدَ وِلَادَةِ أُمٍّ لِوَلَدِهِ إقْرَارٌ بِهِ. الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: السُّكُوتُ قَبْلَ الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِخْبَارِ بِالْعَيْبِ رِضًا بِالْعَيْبِ، إنْ كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا، لَا لَوْ كَانَ فَاسِقًا عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا هُوَ رِضًا وَلَوْ فَاسِقًا. الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ: 20 - سُكُوتُ الْبِكْرِ عِنْدَ إخْبَارِهَا بِتَزْوِيجِ الْوَلِيِّ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ. الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُجْعَلْ إذْنًا يَحْصُلُ الضَّرَرُ بِمُعَامِلِيهِ فَتَضِيعُ أَمْوَالُ مُعَامِلِيهِ فَيَتَعَدَّى الْحُكْمُ الَّذِي فِي مَسْأَلَةِ الْبِكْرِ إلَيْهِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الضَّرَرِ، فَإِنْ قِيلَ: مَسْأَلَةُ الْحَلِفِ لَا ضَرَرَ فِيهَا إلَّا عَلَى الْحَالِفِ قُلْنَا: لَا كَلَامَ فِي قَبُولِ نِيَّتِهِ وَأَنْ يُصَدَّقَ فِيهِ لِدَفْعِ الْحِنْثِ دِيَانَةً فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَيُوَفَّقُ بِذَلِكَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فَالْحِنْثُ فِي الْقَضَاءِ وَعَدَمُهُ فِي الدِّيَانَةِ. (17) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ سُكُوتِهِ عِنْدَ إجَارَتِهِ إلَخْ. الْفَرْقُ بَيْنَ الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ أَنَّ الرَّهْنَ مَحْبُوسٌ بِالدَّيْنِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْهُ عِنْدَ الْهَلَاكِ فَيَسْتَلْزِمُ السُّكُوتَ عِنْدَ الِاعْتِرَافِ بِالرِّقِّ وَلَيْسَتْ الْإِجَارَةُ كَذَلِكَ إذْ الْحُرُّ يُؤْجَرُ بِطَرِيقِ الْفُضُولِيِّ. (18) قَوْلُهُ: لَا لَوْ قَالَ لَهُ اُخْرُجْ مِنْهَا فَأَبَى أَنْ يَخْرُجَ فَسَكَتَ. يَعْنِي لَا يَحْنَثُ. (20) قَوْلُهُ: سُكُوتُ الْبِكْرِ عِنْدَ إخْبَارِهَا إلَخْ. قِيلَ: قَدْ يَتَرَاءَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ قَدْ تَقَدَّمَتْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَةَ مُقَيَّدَةٌ بِالِاسْتِئْمَارِ بَعْدَ التَّزْوِيجِ بِطَرِيقِ الْفُضُولِيِّ وَلَا اسْتِئْمَارَ هُنَا بَلْ مُجَرَّدُ إخْبَارٍ (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمُّلٌ.

سُكُوتُهُ عِنْدَ بَيْعِ زَوْجَتِهِ أَوْ قَرِيبِهِ عَقَارًا إقْرَارٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ، عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ مَشَايِخُ سَمَرْقَنْدَ خِلَافًا لِمَشَايِخِ بُخَارَى، فَيَنْظُرُ الْمُفْتِي فِيهِ. الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: 22 - رَآهُ يَبِيعُ أَرْضًا أَوْ دَارًا فَتَصَرَّفَ فِيهِ الْمُشْتَرِي زَمَانًا وَهُوَ سَاكِتٌ تَسْقُطُ دَعْوَاهُ. السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: 23 - أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعَنَانِ قَالَ لِلْآخَرِ إنِّي أَشْتَرِي هَذِهِ الْأَمَةَ لِنَفْسِي خَاصَّةً. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: سُكُوتُهُ عِنْدَ بَيْعِ زَوْجَتِهِ إلَخْ. قُيِّدَ بِالْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَكَانَهُ عَارِيَّةٌ أَوْ إجَارَةٌ أَوْ رَهْنٌ لَا يَكُونُ إقْرَارًا إجْمَاعًا لِأَنَّهُ لَمْ يُسْتَثْنَ فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي الْقَاعِدَةِ؛ وَلِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَرْضَى بِالِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ وَلَا يَرْضَى بِخُرُوجِهِ عَنْهُ وَلَمْ يَذْكُرْ سُكُوتَهَا عِنْدَ بَيْعِ زَوْجِهَا. وَفِي الْخَانِيَّةِ فِي بَابِ مَا يُبْطِلُ الدَّعْوَى إذَا بَاعَ الرَّجُلُ شَيْئًا بِحَضْرَةِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ سَاكِتَةٌ ثُمَّ ادَّعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَهَا قِيلَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تُسْمَعُ لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ جَعَلَ الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى فِي الْقَرِيبِ وَالزَّوْجَةِ، وَقَدْ وَقَعَ الِاسْتِفْتَاءُ عَنْ غَيْرِ الْقَرِيبِ وَالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَلَمْ نَرَ تَصْرِيحًا فِي ذَلِكَ. (22) قَوْلُهُ: رَآهُ يَبِيعُ أَرْضًا أَوْ دَارًا إلَخْ. هَذَا الْفَرْع فِيهِ عَمَّا قَبْلَهُ زِيَادَةُ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الشِّرَاءِ زَمَانًا وَهُوَ سَاكِتٌ فَهُوَ قَيْدٌ فِي الْأَجْنَبِيِّ لَا فِي الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ كَمَا يُفْهِمُهُ إطْلَاقُهُ وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي مَتْنِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ، وَكَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ شِهَابُ الدِّينِ الْحَلَبِيُّ وَهِيَ فِي فَتَاوَاهُ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: إنْ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِقَوْلِهِ رَآهُ أَنَّهُ رَأَى قَرِيبَهُ فَهِيَ عَيْنُ السَّابِقَةِ بِلَا وَاسِطَةٍ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ رَأَى أَجْنَبِيًّا يَبِيعُ شَيْئًا فِي يَدِهِ فَسَكَتَ فَفِي كَوْنِ سُكُوتِهِ رِضًا مُسْقِطًا لِدَعْوَاهُ نَظَرٌ، وَالْمَحْفُوظُ خِلَافُهُ، وَكَوْنُ السُّكُوتِ رِضًى مُقَيَّدٌ بِبَيْعِ الْقَرِيبِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (23) قَوْلُهُ: أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعَنَانِ قَالَ لِآخَرَ إلَخْ. إنَّمَا قَيَّدَ بِالْعَنَانِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُفَاوَضَةً لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الشِّحْنَةِ أَنَّ أَحَدَ شَرِيكَيْ الْمُفَاوَضَةِ إذَا قَالَ

فَسَكَتَ الشَّرِيكُ لَا تَكُونُ لَهُمَا. السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: 25 - سُكُوتُ الْمُوَكِّلِ حِينَ قَالَ لَهُ الْوَكِيلُ بِشِرَاءٍ مُعَيَّنٍ: إنِّي أُرِيدُ شِرَاءَهُ لِنَفْسِي. فَشَرَاهُ كَانَ لَهُ. الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ: 26 - سُكُوتُ وَلِيِّ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ، إذَا رَآهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي إذْنٌ. التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: 27 - سُكُوتُهُ عِنْدَ رُؤْيَةِ غَيْرِهِ يَشُقُّ زِقَّهُ حَتَّى سَالَ مَا فِيهِ رِضًا. الثَّلَاثُونَ: سُكُوتُ الْحَالِفِ لَا يَسْتَخْدِمُ مَمْلُوكَهُ إذَا خَدَمَهُ بِلَا أَمْرِهِ وَلَمْ يَنْهَهُ حِنْثٌ. هَذِهِ الثَّلَاثُونَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ وَزِدْتُ ثَلَاثًا، اثْنَتَيْنِ مِنْ الْقُنْيَةِ: الْأُولَى: دَفَعَتْ فِي تَجْهِيزِهَا لِبِنْتِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQلِصَاحِبِهِ أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ لِنَفْسِي فَسَكَتَ شَرِيكُهُ فَاشْتَرَى، لَا تَكُونُ لَهُ مَا لَمْ يَقُلْ شَرِيكُهُ نَعَمْ. (24) قَوْلُهُ: فَسَكَتَ الشَّرِيكُ لَا يَكُونُ لَهُمَا إلَخْ. أَيْ بَلْ لِلْمُشْتَرِي. وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً لِلْوَطْءِ أَوْ لِلْخِدْمَةِ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْجَارِيَةِ مِمَّا يَصِحُّ فِيهَا الِاشْتِرَاكُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَاشْتَرَاهَا لِيَطَأَهَا فَهِيَ لَهُ خَاصَّةً كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَغَيْرِهَا. (25) قَوْلُهُ: سُكُوتُ الْمُوَكِّلِ حِينَ قَالَ لَهُ الْوَكِيلُ إلَخْ. لَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ: الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَا يَمْلِكُ شِرَاءَهُ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ التَّصْرِيحِ لِلْمُوَكِّلِ بِأَنَّهُ يُرِيدُ شِرَاءً لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ عَدَمُ قَبُولِ الْوَكَالَةِ. (26) قَوْلُهُ: سُكُوتُ وَلِيِّ الصَّبِيِّ إلَخْ. يُفْهَمُ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْوَلِيِّ أَنَّ الْوَصِيَّ وَالْقَاضِيَ لَيْسَا كَذَلِكَ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ. (27) قَوْلُهُ: سُكُوتُهُ عِنْدَ رُؤْيَةِ غَيْرِهِ يَشُقُّ زِقَّهُ إلَخْ. قَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْقَاعِدَةِ: لَوْ رَأَى غَيْرَهُ يُتْلِفُ مَالَهُ فَسَكَتَ لَا يَكُونُ إذْنًا بِإِتْلَافِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي أَحْكَامِ السُّكُوتِ وَقَدَّمَهَا فِي السَّبَبِ وَالدَّلَالَةِ وَفَصَلَ بَيْنَ دُهْنٍ سَائِلٍ وَجَامِدٍ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى الْإِتْلَافِ الْمُمْكِنِ انْتَهَى فَلْيُتَأَمَّلْ.

أَشْيَاءَ مِنْ أَمْتِعَةِ الْأَبِ وَهُوَ سَاكِتٌ، فَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ. 28 - الثَّانِيَةُ: أَنْفَقَتْ الْأُمُّ فِي جِهَازِهَا مَا هُوَ مُعْتَادٌ فَسَكَتَ الْأَبُ، لَمْ تَضْمَنْ الْأُمُّ. الثَّالِثَةُ: بَاعَ جَارِيَةً وَعَلَيْهَا حُلِيٌّ وَقَوْطَانِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي لَكِنْ سَلَّمَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ وَذَهَبَ بِهَا وَالْبَائِعُ سَاكِتٌ، كَانَ سُكُوتُهُ بِمَنْزِلَةِ التَّسْلِيمِ، فَكَانَ الْحُلِيُّ لَهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. ثُمَّ زِدْتُ أُخْرَى: الْقِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ وَهُوَ سَاكِتٌ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ نُطْقِهِ فِي الْأَصَحِّ. وَأُخْرَى، عَلَى خِلَافٍ فِيهَا: سُكُوتُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا عُذْرَ بِهِ إنْكَارٌ. وَقِيلَ لَا وَيُحْبَسُ، وَهِيَ فِي قَضَاءِ الْخُلَاصَةِ. فَهِيَ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ. ثُمَّ رَأَيْتُ أُخْرَى كَتَبْتُهَا فِي الشَّرْحِ مِنْ الشَّهَادَاتِ: 29 - سُكُوتُ الْمُزَكِّي عِنْدَ سُؤَالِهِ عَنْ الشَّاهِدِ تَعْدِيلٌ. السَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ: سُكُوتُ الرَّاهِنِ عِنْدَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ إذْنٌ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ (انْتَهَى) . ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ أَنْفَقَتْ الْأُمُّ فِي جِهَازِهَا مَا هُوَ مُعْتَادٌ إلَخْ. قِيلَ: هَذِهِ خَرَجَتْ مِنْ قَوْلِهِمْ إذَا رَأَى غَيْرَهُ يُتْلِفُ مَالَهُ فَسَكَتَ لَا يَكُونُ إذْنًا وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. (29) قَوْلُهُ: سُكُوتُ الْمُزَكِّي عِنْدَ سُؤَالِهِ عَنْ الشَّاهِدِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا مِمَّا لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِبْهَامِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ: كَانَ اللَّيْثُ قَاضِيًا فَاحْتَاجَ إلَى تَعْدِيلِ شَاهِدٍ وَكَانَ الْمُزَكِّي مَرِيضًا فَعَادَهُ الْقَاضِي وَسَأَلَ عَنْ الشَّاهِدِ فَسَكَتَ الْعَدْلُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَسَكَتَ فَقَالَ: أَسْأَلُكَ فَلَا تُجِيبُنِي، فَقَالَ: أَمَا يَكْفِيَكَ مِنْ مِثْلِي السُّكُوتُ، فَلَمَّا اسْتَقْضَى أَبُو مُطِيعٍ أَرْسَلَ الْأَمِيرُ إلَى يَعْقُوبَ الْقَارِيّ يُسَاوِرُهُ فَسَأَلَهُ الرَّسُولُ فِي الطَّرِيقِ عَنْ أَبِي مُطِيعٍ فَقَالَ يَعْقُوبُ: أَبُو مُطِيعٍ أَبُو مُطِيعٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ إذَا كَانَ الْعَدْلُ مِثْلَ يَعْقُوبَ فَلَا بَأْسَ بِمِثْلِ هَذَا التَّعْدِيلِ وَأَنْتَ تَرَى مَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِمَالِ. أَقُولُ: يُزَادُ عَلَى السَّبْعِ وَالثَّلَاثِينَ مَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهِيَ تَزْكِيَةُ الْعَالِمِ فَإِنَّ سُكُوتَهُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQيَقُومُ مَقَامَ نُطْقِهِ بِهَا. وَيُزَادُ أَيْضًا مَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُوَ أَنَّ الْمُودَعَ يَصِيرُ مُودَعًا بِسُكُوتِهِ عَقِيبَ وَضْعِ رَجُلٍ مَتَاعَهُ عِنْدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ؛ وَزَادَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ أُخْرَى، وَهُوَ أَنَّ مَنْ وَضَعَ مَتَاعَهُ عِنْدَ رَجُلٍ وَسَكَتَ وَذَهَبَ يَصِيرُ مُودِعًا يَعْنِي بِكَسْرِ الدَّالِ وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا بِفَتْحِهَا. وَيُزَادُ مَا فِي الْمُحِيطِ: رَجُلٌ زَوَّجَ رَجُلًا بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَهَنَّاهُ الْقَوْمُ وَقَبِلَ التَّهْنِئَةَ فَهُوَ رِضًا لِأَنَّ قَبُولَ التَّهْنِئَةِ دَلِيلُ الْإِجَازَةِ، وَهُوَ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْمُصَنِّفِ، فَصَارَتْ الْمَسَائِلُ أَرْبَعِينَ ثُمَّ زَادَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ حَادِيَةً وَأَرْبَعِينَ. وَهِيَ إنَّ وَصِيَّ مَيِّتٍ اسْتَأْجَرَ أَحَدَ الْحَمَّالَيْنِ لِيَحْمِلَا الْجِنَازَةَ إلَى الْمَقْبَرَةِ، وَالْآخَرُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ، وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ لِحَضْرَةِ الْوَصِيَّيْنِ وَهُمَا سَاكِتَانِ جَازَ ذَلِكَ وَيَكُونُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَنِ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِي الْمُحِيطِ أَبْسَطُ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ زَادَ ثَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ، وَهِيَ مَا قَالَ صَاحِبُ الدَّارِ لِلسَّاكِنِ: اُسْكُنْ بِكَذَا وَإِلَّا فَاخْرُجْ، فَسَكَتَ وَسَكَنَ، كَانَ مُسْتَأْجِرًا بِالْمُسَمَّى بِسُكْنَاهُ وَسُكُوتِهِ، وَكَذَا إذَا قَالَ الرَّاعِي لِلْمَالِكِ: لَا أَرْضَى بِمَا سَمَّيْتَ وَإِنَّمَا أَرْضَى بِكَذَا فَسَكَتَ الْمَالِكُ فَرَعَى الرَّاعِي لَزِمَ الْمَالِكَ مَا سَمَّاهُ الرَّاعِي بِسُكُوتِ الْمَالِكِ ثُمَّ زَادَ ثَلَاثَةً وَأَرْبَعِينَ وَهِيَ مَا قَالَ فِي الْمُبْتَغَى فِي مَنْ زُفَّتْ إلَيْهِ امْرَأَتُهُ بِلَا جِهَازٍ، فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْأَبِ بِمَا بَعَثَ إلَيْهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَإِنْ كَانَ الْجِهَازُ قَلِيلًا فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَبْعُوثِ، وَلَهُ اسْتِرْدَادُ مَا بَعَثَ؛ وَالْمُعْتَبَرُ مَا يُتَّخَذُ لِلزَّوْجِ لَا مَا يُتَّخَذُ لَهَا، فَلَوْ سَكَتَ بَعْدَ الزِّفَافِ طَوِيلًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ بَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يُتَّخَذْ لَهُ شَيْئًا. ثُمَّ زَادَ أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ وَهِيَ مَا إذَا وَهَبَ الدَّيْنَ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَإِنَّهُ إذَا سَكَتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ وَعَدَمَ رَدِّهِ مِنْ سَاعَتِهِ دَلِيلُ الْقَبُولِ عَادَةً، وَإِنْ قَالَ مِنْ سَاعَتِهِ: لَا أَقْبَلُ بَطَلَ وَبَقِيَ الدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ. ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي مَسَائِلَ شَتَّى وَزَادَ بَعْضُهُمْ مِنْ الْفُضَلَاءِ عَلَى ذَلِكَ: السُّكُوتُ عَلَى الْمُنْكَرِ رِضًى بِهِ وَالسُّكُوتُ عَلَى بِدْعَةٍ رِضًى بِهَا (انْتَهَى) . أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يُنْكِرْ بِقَلْبِهِ وَيُزَادُ أَيْضًا مَا لَوْ تَزَوَّجَتْ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ فَسَكَتَ الْوَلِيُّ حَتَّى وَلَدَتْ يَكُونُ سُكُوتُهُ رِضًى كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الزَّيْلَعِيُّ: وَيُزَادُ أَيْضًا الْوَكَالَةُ فَإِنَّهَا كَمَا تَثْبُتُ بِالْقَوْلِ تَثْبُتُ بِالسُّكُوتِ. وَلِذَا قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ: لَوْ قَالَ ابْنُ الْعَمِّ لِلْكَبِيرَةِ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُزَوِّجَكِ نَفْسِي فَسَكَتَتْ فَتَزَوَّجَهَا جَازَ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَابِ الْأَوْلِيَاءِ وَالْأَكْفَاءِ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ. وَيُزَادُ أَيْضًا مَا لَوْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQأَبْرَأهُ فَسَكَتَ صَحَّ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ. وَلِشَيْخِنَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ كَلَامٌ يَتَعَلَّقُ بِمَسْأَلَةِ الْإِبْرَاءِ فَلْيُرَاجَعْ. وَيُزَادُ أَيْضًا سُكُوتُ الرَّاهِنِ عِنْدَ بَيْعِ الْمُرْتَهِنِ يَكُونُ مُبْطِلًا يَعْنِي لِلرَّهْنِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ وَقَاضِي خَانْ وَهِيَ تُعْلَمُ مِنْ الْكَلَامِ الْمُصَرَّحِ أَوَّلَ الْقَاعِدَةِ، وَيُزَادُ أَيْضًا مَا لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ فَسَكَتَ فِي حَيَاتِهِ فَلَمَّا مَاتَ بَاعَ الْوَصِيُّ بَعْضَ التَّرِكَةِ أَوْ تَقَاضَى دَيْنَهُ فَهُوَ قَبُولٌ لِلْوِصَايَةِ كَمَا فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ. وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى بُلُوغِ الْمَرَامِ، وَهَذَا الْجَمْعُ وَالْإِطْنَابُ مِنْ خَوَاصِّ هَذَا الْكِتَابِ.

[القاعدة الثالثة عشرة الفرض أفضل من النفل إلا في مسائل]

[الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ الْفَرْضُ أَفْضَلُ مِنْ النَّفْلِ إلَّا فِي مَسَائِلَ] [الْأُولَى إبْرَاءُ الْمُعْسِرِ] الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: 1 - الْفَرْضُ أَفْضَلُ مِنْ النَّفْلِ إلَّا فِي مَسَائِلَ. الْأُولَى: إبْرَاءُ الْمُعْسِرِ مَنْدُوبٌ، أَفْضَلُ مِنْ إنْظَارِهِ الْوَاجِبِ. 2 - الثَّانِيَةُ: الِابْتِدَاءُ بِالسَّلَامِ، سُنَّةٌ أَفْضَلُ مِنْ رَدِّهِ الْوَاجِبِ. 3 - الثَّالِثَةُ: الْوُضُوءُ قَبْلَ الْوَقْتِ مَنْدُوبٌ، أَفْضَلُ مِنْ الْوُضُوءِ بَعْدَ الْوَقْتِ 4 - وَهُوَ الْفَرْضُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْفَرْضُ أَفْضَلُ مِنْ النَّفْلِ إلَخْ. وَهُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْهُ وَأَكْثَرُ أَجْرًا وَهَذَا أَصْلٌ مُطَّرِدٌ لَا سَبِيلَ إلَى نَقْضِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الصُّوَرِ لِأَنَّا إذَا حَكَمْنَا عَلَى مَاهِيَّةٍ بِأَنَّهَا خَيْرٌ مِنْ مَاهِيَّةٍ أُخْرَى، كَقَوْلِنَا الرَّجُلُ خَيْرٌ مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ لَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَفْضُلَهَا الْأُخْرَى بِشَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ فَضَلَتْهَا مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ لَكَانَ ذَلِكَ خُلْفًا، فَإِنَّ الرَّجُلَ إذَا فَضُلَ الْمَرْأَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ رَجُلٌ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَفْضُلَهَا الْمَرْأَةُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا غَيْرُ رَجُلٍ، وَإِلَّا لَتَكَاذَبَ الْقَضِيَّتَانِ وَهَذَا بَدِيهِيٌّ، نَعَمْ قَدْ تَفْضُلُ الْمَرْأَةُ رَجُلًا مِنْ جِهَةِ غَيْرِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يُعْلَمُ صِحَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ الْآتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ. [الثَّانِيَةُ الِابْتِدَاءُ بِالسَّلَامِ سُنَّةٌ أَفْضَلُ مِنْ رَدِّهِ الْوَاجِبِ] (2) قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ الِابْتِدَاءُ بِالسَّلَامِ سُنَّةٌ إلَخْ. فِي كَرَاهِيَةِ الْعَلَائِيِّ قِيلَ: أَجْرُ السَّلَامِ أَكْثَرُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِلْبَادِي مِنْ الثَّوَابِ عَشْرَةٌ وَلِلرَّادِّ وَاحِدٌ» . وَقِيلَ: أَجْرُ الرَّادِّ أَكْثَرُ لِأَنَّهُ فَرْضٌ (انْتَهَى) . قُلْتُ عَلَى هَذَا فَلَا اسْتِثْنَاءَ وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ. [الثَّالِثَةُ الْوُضُوءُ قَبْلَ الْوَقْتِ مَنْدُوبٌ أَفْضَلُ مِنْ الْوُضُوءِ بَعْدَ الْوَقْتِ] (3) قَوْلُهُ: الثَّالِثَةُ الْوُضُوءُ قَبْلَ الْوَقْتِ إلَخْ. وَهَلْ التَّيَمُّمُ لِغَيْرِ رَاجِي الْمَاءِ كَذَلِكَ فَلْيُنْظَرْ. (4) قَوْلُهُ: وَهُوَ الْفَرْضُ. فَإِنَّ الْوُضُوءَ لَا يُفْتَرَضُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ سِعَةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ

[القاعدة الرابعة عشرة ما حرم أخذه حرم إعطاؤه]

الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: مَا حَرُمَ أَخْذُهُ حَرُمَ إعْطَاؤُهُ 1 - كَالرِّبَا وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَالرِّشْوَةِ وَأُجْرَةِ النَّائِحَةِ وَالزَّامِرِ، إلَّا فِي مَسَائِلَ؛ 2 - الرِّشْوَةُ لِخَوْفٍ عَلَى مَالِهِ أَوْ نَفْسِهِ أَوْ لِيُسَوِّيَ أَمْرَهُ عِنْدَ سُلْطَانٍ أَوْ أَمِيرٍ، 3 - إلَّا لِلْقَاضِي فَإِنَّهُ يَحْرُمُ الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ، كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ الْقَضَاءِ وَفَكِّ الْأَسِيرِ. 4 - وَإِعْطَاءُ شَيْءٍ لِمَنْ يَخَافُ هَجْوَهُ. وَلَوْ خَافَ الْوَصِيُّ أَنْ يَسْتَوْلِيَ غَاصِبٌ عَلَى الْمَالِ فَلَهُ أَدَاءُ شَيْءٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ مَا حَرُمَ أَخْذُهُ حَرُمَ إعْطَاؤُهُ] قَوْلُهُ: وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ إلَخْ. الْمُرَادُ بِهِ مَا يُعْطَى لِلْمُنَجِّمِ إذْ الْكِهَانَةُ انْقَطَعَتْ بِمَوْلِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (2) قَوْلُهُ: الرِّشْوَةُ لِخَوْفٍ عَلَى مَالِهِ إلَخْ. هَذَا فِي جَانِبِ الدَّافِعِ أَمَّا فِي جَانِبِ الْمَدْفُوعِ لَهُ فَحَرَامٌ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ كَذَا قِيلَ. أَقُولُ: إنَّمَا لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ لِظُهُورِهِ إذْ لَا ضَرُورَةَ فِي جَانِبِ الْمَدْفُوعِ لَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى الْأَخْذُ بِالرِّبَا لِلْمُحْتَاجِ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ، وَيَحْرُمُ عَلَى الدَّافِعِ الْإِعْطَاءُ بِالرِّبَا. (3) قَوْلُهُ: إلَّا لِلْقَاضِي فَإِنَّهُ يَحْرُمُ الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ إلَخْ. أَقُولُ: وَجْهُ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ الْخَشْيَةَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْقَاضِي كَلَا خَشْيَتِهِ لِأَنَّ وَضْعَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِالشَّرْعِ بِخِلَافِ الْأَمِيرِ وَنَحْوِهِ. (4) قَوْلُهُ: وَإِعْطَاءُ شَيْءٍ لِمَنْ خَافَ هَجْوَهُ إلَخْ. رَوَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي أَحْكَامِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَبَرَّ أَبَوَيْهِ فَلْيُكْرِمْ الشُّعَرَاءَ» . قَالَ الشَّاعِرُ. وَعَدَاوَةُ الشُّعَرَاءِ بِئْسَ الْمُفْتَتَنُ

[تنبيه ويقرب من هذا قاعدة ما حرم فعله حرم طلبه إلا في مسألتين]

5 - لِيُخَلِّصَهُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. 6 - وَهَلْ يَحِلُّ دَفْعُ الصَّدَقَةِ لِمَنْ سَأَلَ وَمَعَهُ قُوتُ يَوْمِهِ.؟ تَرَدَّدَ الْأَكْمَلُ فِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ فِيهِ؛ فَمُقْتَضَى أَصْلِ الْقَاعِدَةِ الْحُرْمَةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الصَّدَقَةَ هُنَا هِبَةٌ كَالتَّصَدُّقِ عَلَى الْغَنِيِّ. تَنْبِيهٌ: وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا قَاعِدَةُ: مَا حَرُمَ فِعْلُهُ حَرُمَ طَلَبُهُ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: 7 - الْأُولَى: ادَّعَى دَعْوَى صَادِقَةً فَأَنْكَرَ الْغَرِيمُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ. 8 - الثَّانِيَةُ: الْجِزْيَةُ يَجُوزُ طَلَبُهَا مِنْ الذِّمِّيِّ مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إعْطَاؤُهَا، لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إزَالَةِ الْكُفْرِ بِالْإِسْلَامِ فَإِعْطَاؤُهُ إيَّاهَا إنَّمَا هُوَ لِاسْتِمْرَارِهِ عَلَى الْكُفْرِ وَهُوَ حَرَامٌ. وَالْأُولَى مَنْقُولَةٌ عِنْدَنَا. وَلَمْ أَرَ الثَّانِيَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَيْضًا قَالَ الشَّاعِرُ: وَعَدَاوَةُ الشُّعَرَاءِ دَاءٌ مُعْضِلُ ... وَلَقَدْ يَهُونُ عَلَى اللَّبِيبِ عِلَاجُهُ (5) قَوْلُهُ: لِيُخَلِّصَهُ، فِيهِ أَنَّهُ لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُ وَلَوْ خَافَ الْوَصِيُّ أَنَّهُ يَسْتَوْلِي إلَخْ. إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ خَوْفِ الِاسْتِيلَاءِ الِاسْتِيلَاءُ حَتَّى يَتِمَّ قَوْلُهُ لِيُخَلِّصَهُ، وَحِينَئِذٍ كَانَ حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يُقَالَ: وَلَوْ اسْتَوْلَى غَاصِبٌ عَلَى الْمَالِ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُعْطِيَ شَيْئًا لِيُخَلِّصَهُ. (6) قَوْلُهُ: وَهَلْ يَحِلُّ دَفْعُ صَدَقَةٍ إلَخْ. بَقِيَ الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ دَفَعَ لِمَنْ أَظْهَرَ الْفَقْرَ وَأَخْفَى الْغِنَى فَأَعْطَاهُ هَلْ يَمْلِكُهُ. ذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَمَا يَأْخُذُهُ حَرَامٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهُ بِنَاءً عَلَى فَقْرِهِ (انْتَهَى) . قُلْتُ وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهُ. [تَنْبِيهٌ وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا قَاعِدَةُ مَا حَرُمَ فِعْلُهُ حَرُمَ طَلَبُهُ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ] (7) قَوْلُهُ: الْأُولَى ادَّعَى دَعْوَةً صَادِقَةً فَأَنْكَرَ الْغَرِيمُ إلَخْ. أَقُولُ: إنَّمَا كَانَ لَهُ طَلَبُ تَحْلِيفِهِ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نُجَوِّزْ ذَلِكَ لَضَاعَتْ فَائِدَةُ التَّحْلِيفِ وَهُوَ رَجَاءُ النُّكُولِ. (8) قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ الْجِزْيَةُ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَأَمَّا عَلَى مَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ فَلَا يَتَأَتَّى (انْتَهَى) . أَقُولُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الْإِيمَانِ، وَأَمَّا الْإِيمَانُ فَمُخَاطَبُونَ بِهِ، وَمَا هُنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَذَلِكَ لِأَنَّ إعْطَاءَ الْجِزْيَةِ لِلِاسْتِمْرَارِ عَلَى الْكُفْرِ وَهُمْ مُخَاطَبُونَ بِإِزَالَتِهِ بِالْإِيمَانِ فَحُرْمَةُ إعْطَاءِ الْجِزْيَةِ لِعَدَمِ الْإِيمَانِ وَهُمْ مُخَاطَبُونَ بِهِ فَتَأَمَّلْ.

[القاعدة الخامسة عشرة من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه]

الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: مَنْ اسْتَعْجَلَ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ 1 - وَمِنْ فُرُوعِهَا، حِرْمَانُ الْقَاتِلِ مُوَرِّثَهُ مِنْ الْإِرْثِ. وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي مُشْكِلِ الْآثَارِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا كَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْأَدَاءِ فَأَخَّرَهُ لِيَدُومَ لَهُ النَّظَرُ إلَى سَيِّدَتِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ مَنَعَ وَاجِبًا عَلَيْهِ 2 - لِيَبْقَى مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ إذَا أَدَّاهُ، نَقَلَهُ عَنْ السُّبْكِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، وَقَالَ: إنَّهُ تَخْرِيجٌ حَسَنٌ لَا يَبْعُدُ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ (انْتَهَى) . ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ مَنْ اسْتَعْجَلَ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ] قَوْلُهُ: وَمِنْ فُرُوعِهَا حِرْمَانُ الْقَاتِلِ مُوَرِّثَهُ إلَخْ. بِنَصْبِ مُوَرِّثَهُ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ لَا مِنْ الْفَاعِلِ، وَقَوْلُهُ عَلَى الْإِرْثِ مُتَعَلِّقٌ بِحِرْمَانِ، وَالْمَعْنَى إنْصَافُ مَنْ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ بِالْحِرْمَانِ مِنْ إرْثِهِ، مِنْ فُرُوعِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَطْلَقَ الْحِرْمَانَ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ الْقَتْلُ بِحَقٍّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا لَوْ قَتَلَ الْعَادِلُ مُوَرِّثَهُ الْبَغِيَّ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِحَقٍّ، أَوْ فِي زَعْمِ الْقَاتِلِ وَلَوْ بِتَأْوِيلٍ فَاسِدٍ ضُمَّتْ إلَيْهِ الْمَنَعَةُ، كَمَا لَوْ قَتَلَ الْبَاغِي مُوَرِّثَهُ الْعَادِلَ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ فِي زَعْمِ الْبَاغِي، فَإِنَّ الْبُغَاةَ يَرَوْنَ إبَاحَةَ دَمِ كُلِّ مَنْ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً عَلَى مَا بُيِّنَ فِي بَابِ الْبُغَاةِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي بَابِ الْبُغَاةِ: الْقَاتِلُ عَمْدًا بِغَيْرِ حَقٍّ لَا يَرِثُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَهِيَ مَا لَوْ قَتَلَ الْبَاغِي الْعَادِلَ وَقَالَ أَنَا عَلَى الْحَقِّ. (2) قَوْلُهُ: لِيَبْقَى مَا حَرُمَ عَلَيْهِ إذَا أَدَّاهُ إلَخْ. مُفَادُهُ أَنَّهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُهُ إلَى سَيِّدَتِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، لِأَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّ عَبْدَ الْمَرْأَةِ كَالْأَجْنَبِيِّ كَمَا فِي كَرَاهِيَةِ الْكَنْزِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: إنَّ هَذَا الْفَرْعَ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَأَمَّا عِنْدَنَا فَلَا لِأَنَّ عَبْدَهَا كَالْأَجْنَبِيِّ وَبَيَانُهُ أَنَّهُ حِينَ قَدَرَ عَلَى الْأَدَاءِ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ

[من فروعها طلقها ثلاثا بلا رضاها قاصدا حرمانها من الإرث في مرض موته]

3 - وَلَمْ يَظْهَرْ لِي كَوْنُهَا مِنْ فُرُوعِهَا وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ فُرُوعِ ضِدِّهَا، وَهُوَ أَنَّهُ مَنْ أَخَّرَ الشَّيْءَ بَعْدَ أَوَانِهِ، فَلْيُتَأَمَّلْ فِي الْحُكْمِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا عَدَمَ الْجَوَازِ 4 - فَلَمْ يُعَاقَبْ بِحِرْمَانِ شَيْءٍ. 5 - وَمِنْ فُرُوعِهَا لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بِلَا رِضَاهَا قَاصِدًا حِرْمَانَهَا مِنْ الْإِرْثِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ. 6 - وَخَرَجَتْ عَنْهَا مَسَائِلُ: الْأُولَى: لَوْ قَتَلَتْ أُمُّ الْوَلَدِ سَيِّدَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQذُلِّ الرِّقِّ وَتَعَلُّقِ الْحُرْمَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُقُوقِ السَّيِّدِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ فَأَخَّرَهُ بَعْدَ أَوَانِهِ لِفَرْضٍ فَعُوقِبَ بِحِرْمَانِ ذَلِكَ الْغَرَضِ فَتَأَمَّلْ. وَإِذَا لَمْ يُؤَوَّلْ كَذَلِكَ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مِنْ فُرُوعِ وَاحِدَةٍ مِنْ الْقَاعِدَتَيْنِ. (3) قَوْلُهُ: وَلَمْ يَظْهَرْ لِي كَوْنُهَا مِنْ فُرُوعِهَا إلَخْ. لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الِاسْتِعْجَالِ فِي شَيْءٍ أَقُولُ: وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ فُرُوعِ ضِدِّهَا. قِيلَ: لَوْ كَانَتْ مِنْ فُرُوعِ ضِدِّهَا لَبَطَلَتْ الْكِتَابَةُ بِهِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِبُطْلَانِهَا. وَفِي مِنْهَاجِ النَّوَوِيِّ وَشَرْحِهِ لِلْمَحَلِّيِّ: الْكِتَابَةُ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ لَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا إلَّا أَنْ يَعْجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ الْأَدَاءِ عِنْدَ الْمَحَلِّ بِنَجْمٍ أَوْ بِبَعْضِهِ، فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ فِي ذَلِكَ وَفِيمَا إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْأَدَاءِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (انْتَهَى) . فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ الطَّحَاوِيِّ وَالسُّبْكِيِّ عَلَى الْأَخِيرِ مِنْهُمَا فَلَا إشْكَالَ وَإِلَّا فَمُشْكِلٌ. (4) قَوْلُهُ: فَلَمْ يُعَاقَبْ بِحِرْمَانِ شَيْءٍ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: مَمْنُوعٌ، فَإِنَّهُ عُوقِبَ بِحِرْمَانِ النَّظَرِ حَيْثُ مُنِعَ عَنْهُ شَرْعًا وَصَارَ بِالتَّأْخِيرِ مَحْظُورًا وَلَوْ سُلِّمَ لَمْ تَكُنْ مِنْ فُرُوعِ ضِدِّهَا ادَّعَى أَنَّهَا مِنْ فُرُوعِهِ. [مِنْ فُرُوعِهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بِلَا رِضَاهَا قَاصِدًا حِرْمَانَهَا مِنْ الْإِرْثِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ] (5) قَوْلُهُ: وَمِنْ فُرُوعِهَا لَوْ طَلَّقَهَا بِلَا رِضَاهَا إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَتَّصِفْ بِحِرْمَانٍ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَإِنَّمَا الْمَحْرُومُ الْوَرَثَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حُكْمٌ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ. [وَخَرَجَتْ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَة مَسَائِلُ] [قَتَلَتْ أُمُّ الْوَلَدِ سَيِّدَهَا] قَوْلُهُ: وَخَرَجَتْ عَنْهَا مَسَائِلُ إلَخْ. قَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي أَشْبَاهِهِ: كُنْتُ أَسْمَعُ عَنْ شَيْخِنَا قَاضِي الْقُضَاةِ عَلَمِ الدِّينِ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ زَادَ فِي الْقَاعِدَةِ لَفْظًا لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ

[قتل صاحب الدين المديون]

7 - عَتَقَتْ وَلَا تُحْرَمُ الثَّانِيَةُ: لَوْ قَتَلَ الْمُدَبَّرُ سَيِّدَهُ عَتَقَ، وَلَكِنْ يَسْعَى فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ، لِأَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لِقَاتِلٍ [قَتَلَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْمَدْيُونَ] الثَّالِثَةُ: لَوْ قَتَلَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْمَدْيُونَ حَلَّ دَيْنُهُ [أَمْسَكَ زَوْجَتَهُ مُسِيئًا عِشْرَتَهَا لِأَجْلِ إرْثِهَا] الرَّابِعَةُ: 8 - أَمْسَكَ زَوْجَتَهُ مُسِيئًا عِشْرَتَهَا لِأَجْلِ إرْثِهَا وَرِثَهَا. الْخَامِسَةُ: أَمْسَكَهَا كَذَلِكَ لِأَجْلِ الْخُلْعِ نَفَذَ السَّادِسَةُ: 9 - شَرِبَتْ دَوَاءً فَحَاضَتْ لَمْ تَقْضِ الصَّلَوَاتِ السَّابِعَةُ: بَاعَ مَالَ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ فِرَارًا عَنْهَا، صَحَّ وَلَمْ تَجِبْ [شَرِبَ شَيْئًا لِيَمْرَضَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَأَصْبَحَ مَرِيضًا] الثَّامِنَةُ: شَرِبَ شَيْئًا لِيَمْرَضَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَأَصْبَحَ مَرِيضًا جَازَ لَهُ الْفِطْرُ لَطِيفَةٌ: 10 - قَالَ السُّيُوطِيّ: رَأَيْتُ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ نَظِيرًا فِي الْعَرَبِيَّةِ وَهُوَ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى اسْتِثْنَاءٍ فَقَالَ: مَنْ اسْتَعْجَلَ شَيْئًا قَبْلَ أَوَانِهِ وَلَمْ تَكُنْ الْمَصْلَحَةُ فِي ثُبُوتِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ. (7) قَوْلُهُ: عَتَقَتْ. لَا تُحْرَمُ أَيْ الْعِتْقَ [قَتَلَ الْمُدَبَّرُ سَيِّدَهُ] (8) قَوْلُهُ: أَمْسَكَ زَوْجَتَهُ مُسِيئًا عِشْرَتَهَا إلَخْ. فِي كَوْنِهِ مِنْ أَفْرَادِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَخَرَجَ عَنْهَا نَظَرٌ [إذَا شَرِبَتْ دَوَاءً فَحَاضَتْ لَمْ تَقْضِ الصَّلَوَاتِ] (9) قَوْلُهُ: شَرِبَتْ دَوَاءً فَحَاضَتْ إلَخْ. قِيَاسُهُ لَوْ شَرِبَتْ دَوَاءً فَأَسْقَطَتْ وَلَدًا يُرَى بَعْضُ خَلْقِهِ فَصَارَتْ بِهِ نُفَسَاءَ لَا تَقْضِي الصَّلَاةَ أَيْضًا [بَاعَ مَالَ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ فِرَارًا عَنْهَا] (10) قَوْلُهُ: قَالَ السُّيُوطِيّ فَرَأَيْتُ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ نَظِيرًا فِي الْعَرَبِيَّةِ وَهُوَ أَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ إلَخْ. يَعْنِي لِأَنَّهُ إذَا نُعِتَ خَرَجَ عَنْ مُشَابَهَةِ الْفِعْلِ، وَكَذَا إذَا صُغِّرَ لِأَنَّ النَّعْتَ وَالتَّصْغِيرَ مِنْ خَوَاصِّ الْأَسْمَاءِ، وَهُوَ إنَّمَا عَمِلَ لِمُشَابِهَتِهِ الْفِعْلَ وَلِذَلِكَ لَا يَعْمَلُ النَّصْبَ إلَّا إذَا كَانَ بِمَعْنَى الْحَالِ أَوْ الِاسْتِقْبَالِ، وَأَمَّا عَمَلُ الرَّفْعِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا حَقَّقَهُ الرَّضِيُّ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فِي كَوْنِ هَذَا نَظِيرًا لِلْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ نَظَرٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَى عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ أَيْ بِحِرْمَانِهِ ذَلِكَ الشَّيْءَ الَّذِي اسْتَعْجَلَهُ، فَهُنَا اسْمُ الْفَاعِلِ إنَّمَا

اسْمَ الْفَاعِلِ يَجُوزُ أَنْ يُنْعَتَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ مَعْمُولِهِ فَإِنْ نُعِتَ قَبْلَهُ امْتَنَعَ عَمَلُهُ مِنْ أَصْلِهِ (انْتَهَى) ـــــــــــــــــــــــــــــQاسْتَعْجَلَ النَّعْتَ قَبْلَ أَوَانِهِ وَإِنَّمَا عُوقِبَ بِحِرْمَانِ الْعَمَلِ لَا بِحِرْمَانِ مَا اسْتَعْجَلَهُ قَبْلَ أَوَانِهِ وَهُوَ النَّعْتُ (انْتَهَى) . أَقُولُ: دَعْوَى أَنَّ مَعْنَى الْقَاعِدَةِ مَا ذَكَرَهُ مَمْنُوعٌ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَاتِلَ لِمُوَرِّثِهِ لَمْ يُعَاقَبْ بِمَا اسْتَعْجَلَهُ وَهُوَ الْقَتْلُ، وَإِنَّمَا عُوقِبَ بِحِرْمَانِ الْإِرْثِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْقَتْلِ الَّذِي اسْتَعْجَلَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ حَتْفَ أَنْفِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ الَّذِي نُعِتَ قَبْلَ الْعَمَلِ كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ.

[القاعدة السادسة عشرة الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة]

الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: 1 - الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ أَقْوَى مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَلِهَذَا قَالُوا: إنَّ الْقَاضِيَ لَا يُزَوِّجُ الْيَتِيمَ وَالْيَتِيمَةَ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ وَلِيٍّ لَهُمَا فِي النِّكَاحِ، وَلَوْ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ أَوْ أُمًّا أَوْ مُعْتَقًا. وَلِلْوَلِيِّ الْخَاصِّ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ وَالصُّلْحِ وَالْعَفْوِ مَجَّانًا، وَالْإِمَامُ لَا يَمْلِكُ الْعَفْوَ. 2 - وَلَا يُعَارِضُهُ مَا قَالَ فِي الْكَنْزِ: وَلِأَبِ الْمَعْتُوهِ الْقَوَدُ وَالصُّلْحُ لَا الْعَفْوُ بِقَتْلِ وَلِيِّهِ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا قَتَلَ وَلِيَّ الْمَعْتُوهِ كَابْنِهِ. قَالَ فِي الْكَنْزِ: 3 - وَالْقَاضِي كَالْأَبِ 4 - وَالْوَصِيُّ يُصَالِحُ فَقَطْ أَيْ فَلَا يَقْتُلُ وَلَا يَعْفُو. ضَابِطُهُ: الْوَلِيُّ قَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ أَقْوَى مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ] قَوْلُهُ: الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ أَقْوَى مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ الْوِلَايَةُ. مَعْنَاهُ نَفَاذُ التَّصَرُّفِ عَلَى الْغَيْرِ شَاءَ أَوْ أَبَى. (2) قَوْلُهُ: وَلَا يُعَارِضُهُ مَا قَالَ فِي الْكَنْزِ إلَخْ. وَجْهُ عَدَمِ الْمُعَارِضَةِ أَنَّ الْوِلَايَةَ هُنَا لِلْمَعْتُوهِ وَالْأَبُ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَلَمْ يُثْبِتْ الْوِلَايَةَ لِلْأَبِ هُنَا ابْتِدَاءً، وَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِي الْوَلِيِّ الثَّابِتَةِ لَهُ الْوِلَايَةُ ابْتِدَاءً. هَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. إلَّا أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ نَوْعَ خَفَاءٍ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يَحْتَاجُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إلَى مَزِيدِ تَأَمُّلٍ لِيَظْهَرَ الْمُرَادُ مِنْهُ. (3) قَوْلُهُ: وَالْقَاضِي كَالْأَبِ. أَيْ فِي الصَّحِيحِ (4) قَوْلُهُ: وَالْوَصِيُّ يُصَالِحُ فَقَطْ إلَخْ. أَقُولُ: وِلَايَةُ الْوَلِيِّ خَاصَّةٌ وَلَمْ يَمْلِكْ الْقِصَاصَ وَوِلَايَةُ الْقَاضِي عَامَّةٌ، وَقَدْ مَلَكَهُ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْوِلَايَةَ الْخَاصَّةَ أَقْوَى مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ، وَقَدْ خَرَجَتْ هَذِهِ عَنْ الْقَاعِدَةِ، وَعِلَّتُهُ أَنَّ الْقَوَدَ مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ عَلَى النَّفْسِ فَلَا يَمْلِكُهُ الْوَصِيُّ كَالتَّزْوِيجِ، وَقَدْ قَالَ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَالْوَصِيُّ يُصَالِحُ فَقَطْ، ثُمَّ إطْلَاقُ عِلَّتِهِ يَشْمَلُ الصُّلْحَ عَنْ النَّفْسِ وَاسْتِيفَاءَ الْقِصَاصِ فِي الطَّرَفِ، وَقَدْ ذَكَرَ

يَكُونُ وَلِيًّا فِي الْمَالِ وَالنِّكَاحِ وَهُوَ الْأَبُ وَالْجَدُّ، وَقَدْ يَكُونُ وَلِيًّا فِي النِّكَاحِ فَقَطْ وَهُوَ سَائِرُ الْعَصَبَاتِ وَالْأُمُّ وَذَوُو الْأَرْحَامِ، وَقَدْ يَكُونُ فِي الْمَالِ فَقَطْ وَهُوَ الْوَصِيُّ الْأَجْنَبِيُّ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - أَنَّهَا مَرَاتِبُ: الْأُولَى: وِلَايَةُ الْأَبِ وَالْجَدِّ؛ وَهِيَ وَصْفٌ ذَاتِيٌّ لَهُمَا، وَنَقَلَ ابْنُ السُّبْكِيّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُمَا لَوْ عَزَلَا أَنْفُسَهُمَا لَمْ يَنْعَزِلَا 5 - الثَّانِيَةُ: السُّفْلَى؛ وَهِيَ وِلَايَةُ الْوَكِيلِ؛ وَهِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ فَلِلْمُوَكِّلِ عَزْلُهُ إنْ عَلِمَ، وَلِلْوَكِيلِ عَزْلُ نَفْسِهِ بِعِلْمِ مُوَكِّلِهِ. الثَّالِثَةُ: الْوَصِيَّةُ وَهِيَ بَيْنَهُمَا 6 - فَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ 7 - الرَّابِعَةُ: نَاظِرُ الْوَقْفِ. وَاخْتَلَفَ الشَّيْخَانِ فَجَوَّزَ الثَّانِي لِلْوَاقِفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي كِتَابِ الصُّلْحِ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَمْلِكُ الصُّلْحَ عَنْ النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ فِيهَا بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِيفَاءِ، وَالْمَذْكُورُ هُنَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الصُّلْحِ الْمَالُ، وَالْوَصِيُّ يَتَوَلَّى فِيهِ التَّصَرُّفَ كَمَا يَتَوَلَّى الْأَبُ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّشَفِّي وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْأَبِ. وَقَالُوا: الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَمْلِكَ الْوَصِيُّ التَّصَرُّفَ فِي الطَّرَفِ كَمَا لَا يَمْلِكُهُ فِي النَّفْسِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّ الْأَطْرَافَ يُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكُ الْأَمْوَالِ، وَالصَّبِيُّ كَالْمَعْتُوهِ فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ (5) قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ السُّفْلَى إلَخْ. إنَّمَا يَحْسُنُ التَّوْصِيفُ بِالسُّفْلَى لَوْ وَصَفَ الْأُولَى بِالْعُلْيَا (6) قَوْلُهُ: فَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ إلَخْ. أَيْ لَمْ يَجُزْ لِلْوَصِيِّ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِالصَّدْرِ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ وَصِيًّا مُخْتَارًا أَوْ لَا (7) قَوْلُهُ: الرَّابِعَةُ نَاظِرُ الْوَقْفِ إلَخْ. أَيْ وِلَايَةُ نَاظِرِ الْوَقْفِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مَرَاتِبِ الْوِلَايَةِ.

عَزْلًا بِلَا اشْتِرَاطٍ، وَمَنَعَهُ الثَّالِثُ، وَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ الْمُعْتَمَدُ فِي الْأَوْقَافِ وَالْقَضَاءِ قَوْلُ الثَّانِي. وَأَمَّا إذَا عَزَلَ نَفْسَهُ فَإِنْ أَخْرَجَهُ الْقَاضِي خَرَجَ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ، وَفِي الْقُنْيَةِ: لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَعَ وُجُودِ وَصِيِّهِ، وَلَوْ كَانَ مَنْصُوبَهُ (انْتَهَى) . وَفِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَمْلِكُ عَزْلَ الْمُقِيمِ عَلَى الْوَقْفِ إلَّا عِنْدَ ظُهُورِ الْخِيَانَةِ مِنْهُ. 8 - وَعَلَى هَذَا لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي الْوَقْفِ مَعَ وُجُودِ نَاظِرٍ وَلَوْ مِنْ قِبَلِهِ (انْتَهَى) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا لَمْ يَمْلِكْ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي الْوَقْفِ إلَخْ. كَأَنَّ الشَّيْخَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى صَرِيحٍ مَنْقُولٍ فِيهَا لَكِنْ رَأَيْتُ الْإِمَامَ ظَهِيرَ الدِّينِ فِي فَتَاوِيهِ نَقَلَهَا فِي الْمُقَطَّعَاتِ مِنْ آخِرِ كِتَابِ الْوَقْفِ حَيْثُ قَالَ قَاضِي الْبَلَدِ: إذَا نَصَّبَ رَجُلًا مُتَوَلِّيًا لِلْوَقْفِ بَعْدَ مَا قَلَّدَهُ الْحَاكِمُ الْحُكُومَةَ فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ عَلَى الْوَقْفِ سَبِيلٌ حَتَّى لَا يَمْلِكَ الْإِجَارَةَ وَلَا غَيْرَهَا (انْتَهَى) . وَفِي لِسَانِ الْحُكْمِ لِقَاضِي الْقُضَاةِ ابْنِ الشِّحْنَةِ، قَالَ فِي بَابِ الْوَقْفِ: وَمِنْهَا وَاقِعَةُ الْفَتْوَى فِي وَظِيفَةِ ابْنِ الْعَطَّارِ، وَتَقَرَّرَ فِيهَا بَعْضُ الْقَضَاءِ بِمَرْسُومٍ مِنْ السُّلْطَانِ. وَبَعْضُ الطَّلَبَةِ بِتَقْرِيرِ النَّاظِرِ أَجَابَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْمُفْتِينَ بِأَنَّ لِلْإِمَامِ النَّظَرَ الْعَامَّ، وَأَجَابَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ قَاسِمٌ بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِمَا لَا نَاظِرَ لَهُ، فَقَدْ قَالَ فِي فَتَاوَى الْوَبَرِيِّ: لَا يُدْخِلُ وِلَايَةَ السُّلْطَانِ عَلَى وِلَايَةِ الْمُتَوَلِّي فِي الْوَقْفِ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا أَجَّرَ الْقَاضِي حَانُوتَ الْوَقْفِ مِنْ زَيْدٍ وَأَجَّرَهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ بِكْرٍ، فَإِنَّ إجَارَةَ الْمُتَوَلِّي هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ وَقَدْ صَارَتْ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى (انْتَهَى) . أَقُولُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ تَصَرُّفِ الْقِيَمِ فِي الْأَوْقَافِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى السَّمَرْقَنْدِيِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ مَعَ وُجُودِ الْمُتَوَلِّي حَيْثُ قَالَ: وَقَفَ بِدِرْهَمٍ وَبَيْنَ نَوَاحِي سَمَرْقَنْدَ اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ مِنْ حَاكِمٍ أَرْضًا بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ وَزَرْعَهَا فَلَمَّا حَصَلَتْ الْغَلَّةُ طَلَبَ الْمُتَوَلِّي الْحِصَّةَ مِنْ الْغَلَّةِ كَمَا جَرَى الْعُرْفُ بِالزِّرَاعَةِ بِدِرْهَمٍ عَلَى النِّصْفِ، أَوْ عَلَى الثُّلُثِ. فَقَالَ عَلِيٌّ كَانَ لِلْمُتَوَلِّي الْحِصَّةُ

[القاعدة السابعة عشرة لا عبرة بالظن البين خطؤه]

الْقَاعِدَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: 1 - لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ. صَرَّحَ بِهَا أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِي مَوَاضِعَ: 2 - مِنْهَا فِي بَابِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ قَالُوا: لَوْ ظَنَّ أَنَّ وَقْتَ الْفَجْرِ ضَاقَ فَصَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ بَطَلَ الْفَجْرُ؛ فَإِذَا بَطَلَ يَنْظُرُ، فَإِنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ يُصَلِّي الْعِشَاءَ ثُمَّ يُعِيدُ الْفَجْرَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ سَعَةٌ يُعِيدُ الْفَجْرَ فَقَطْ. وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الزَّيْلَعِيِّ وَمِنْهَا لَوْ ظَنَّ الْمَاءَ نَجِسًا فَتَوَضَّأَ بِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ طَاهِرٌ جَازَ وُضُوءُهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَمِنْهَا لَوْ ظَنَّ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ غَيْرَ مَصْرِفٍ لِلزَّكَاةِ فَدَفَعَ لَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَّ أَنَّهُ مَصْرِفٌ أَجْزَأَهُ اتِّفَاقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَاعِدَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ] قَوْلُهُ: لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ إلَخْ. أَقُولُ: مِنْ فُرُوعِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ لَوْ سَلَّمَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ أَتَمَّ ثُمَّ بَانَ بِخِلَافِهِ بَنَى مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَوْ سَلَّمَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ فَجْرٌ أَوْ تَرْوِيحَةٌ أَوْ جُمُعَةٌ أَوْ مُسَافِرٌ ثُمَّ بَانَ بِخِلَافِهِ لَمْ يَبِنْ لِأَنَّهُ سَلَّمَ وَهُوَ مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ إلَّا رَكْعَتَيْنِ. وَفِي رَوْضَةِ النَّاطِفِيِّ يَبْنِي فِي قَوْلِ الْإِمَامِ وَلَوْ اسْتَخْلَفَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ أَحْدَثَ ثُمَّ بَانَ بِخِلَافِهِ، اسْتَقْبَلَ لِأَنَّ الِاسْتِخْلَافَ عَمَلٌ كَثِيرٌ فَلَا يُتَحَمَّلُ إلَّا بِعُذْرٍ يَعْنِي وَالظَّنُّ الْبَيِّنُ خَطَؤُهُ لَيْسَ عُذْرًا لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ. (2) قَوْلُهُ: مِنْهَا فِي بَابِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ قَالُوا لَوْ ظَنَّ إلَخْ. أَقُولُ: وَمِنْهَا مَا فِي الْمُلْتَقَطِ اقْتَدَى بِزَيْدٍ فَظَهَرَ أَنَّهُ عَمْرٌو لَا يَجُوزُ، وَمِنْهَا وَهُوَ فِيهِ أَيْضًا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ رَعَفَ فَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مَاءً وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ الْقَوْمِ (انْتَهَى) . وَالْفَرْعُ الثَّانِي يَتَرَاءَى أَنَّهُ مِمَّا خَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ الصَّادِقِ

[وخرجت عن هذه القاعدة مسائل]

[وَخَرَجَتْ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَسَائِلُ] [الْأُولَى ظَنَّهُ مَصْرِفًا لِلزَّكَاةِ فَدَفَعَ لَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَنِيٌّ أَوْ ابْنُهُ] ُ: الْأُولَى: لَوْ ظَنَّهُ مَصْرِفًا لِلزَّكَاةِ فَدَفَعَ لَهُ 4 - ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَنِيٌّ أَوْ ابْنُهُ أَجْزَأَهُ عِنْدَهُمَا 5 - خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْ مُكَاتَبُهُ 6 - أَوْ حَرْبِيٌّ لَمْ يُجْزِهِ اتِّفَاقًا الثَّانِيَةُ: لَوْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَعِنْدَهُ أَنَّهُ نَجِسٌ فَظَهَرَ أَنَّهُ طَاهِرٌ أَعَادَ. 7 - الثَّالِثَةُ: لَوْ صَلَّى وَعِنْدَهُ أَنَّهُ مُحْدِثٌ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ مُتَوَضِّئٌ. الرَّابِعَةُ: صَلَّى الْفَرْضَ وَعِنْدَهُ أَنَّ الْوَقْتَ لَمْ يَدْخُلْ فَظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ دَخَلَ لَمْ يُجْزِهِ فِيهِمَا، وَهِيَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الصَّلَاةِ. وَالثَّالِثَةُ: تَقْتَضِي أَنْ تُحْمَلَ مَسْأَلَةُ الْخُلَاصَةِ سَابِقًا عَلَى مَا إذَا لَمْ يُصَلِّ، أَمَّا إذَا صَلَّى فَإِنَّهُ يُعِيدُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَخَرَجَتْ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَسَائِلُ إلَخْ. أَقُولُ: يُزَادُ عَلَى تِلْكَ الْمَسَائِلِ مَا فِي الْمُلْتَقَطِ: لَوْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ يَظُنُّهُ زَيْدًا فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو يَجُوزُ. (4) قَوْلُهُ: ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَنِيٌّ أَوْ ابْنُهُ أَجْزَأَهُ عِنْدَهُمَا. لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ أَبِي يَزِيدُ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ يَتَصَدَّقُ بِهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ. فَجِئْتُ فَأَخَذْتُهَا فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا إيَّاكَ أَرَدْتُ فَخَاصَمْتُهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَكَ مَا نَوَيْت يَا زَيْدُ، وَلَكَ مَا أَخَذْتَ يَا مَعْنُ» . (5) قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَخْ. فَلَا يَصِحُّ عِنْدَهُ لِأَنَّ خَطَأَهُ قَدْ ظَهَرَ بِيَقِينٍ فَصَارَ كَمَا إذَا تَوَضَّأَ بِمَاءٍ أَوْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ نَجِسًا أَوْ قَضَى الْقَاضِي بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ نَصٌّ بِخِلَافِهِ أَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَدَفَعَهُ إلَى غَيْرِ مُسْتَحِقِّهِ. (6) قَوْلُهُ: أَوْ حَرْبِيٌّ لَمْ يُجْزِهِ اتِّفَاقًا، عَبَّرَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِي مُصَنَّفَاتِهِمْ بِالْكَافِرِ فَشَمَلَ الذِّمِّيَّ وَالْحَرْبِيَّ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِمَا فِي الْمُبْتَغَى بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ. [الثَّانِيَةُ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَعِنْدَهُ أَنَّهُ نَجِسٌ فَظَهَرَ أَنَّهُ طَاهِرٌ] (7) قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ لَوْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَعِنْدَهُ أَنَّهُ نَجِسٌ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُنْظَرُ هَذَا مَعَ مَسْأَلَةِ الْمَاءِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي السِّرَاجِ وَعِبَارَتُهُ: وَلَوْ أَنَّ

8 - فَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الِاعْتِبَارُ لِمَا ظَنَّهُ الْمُكَلَّفُ لَا لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، 9 - وَعَلَى عَكْسِهِ الِاعْتِبَارُ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ فَلَوْ صَلَّى وَعِنْدَهُ أَنَّ الثَّوْبَ طَاهِرٌ أَوْ أَنَّ الْوَقْتَ قَدْ دَخَلَ أَوْ أَنَّهُ مُتَوَضِّئٌ فَبَانَ خِلَافُهُ أَعَادَ. وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَعِنْدَهُ أَنَّهَا غَيْرُ مَحَلٍّ فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا مَحَلٌّ أَوْ عَكْسُهُ أَنْ يَكُونَ الِاعْتِبَارُ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. وَقَالُوا فِي الْحُدُودِ: لَوْ وَطِئَ امْرَأَةً وَجَدَهَا عَلَى فِرَاشِهِ ظَانًّا أَنَّهَا امْرَأَتُهُ فَإِنَّهُ يُحَدُّ 10 - وَلَوْ كَانَ أَعْمًى. إلَّا إذَا نَادَاهَا فَأَجَابَتْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQرَجُلًا فِي ظَنِّهِ أَنَّ عَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةً أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَصَلَّى ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ أَقَلُّ لَوْ لَمْ تَكُنْ، فَإِنَّ صَلَاتَهُ جَائِزَةٌ (انْتَهَى) . أَقُولُ: وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِمُوَافَقَتِهِ لِلْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ لَكِنَّ الشَّأْنَ فِي صَلَاتِهِ مَعَ ظَنِّهِ النَّجَاسَةَ هَلْ جَائِزٌ أَوْ حَرَامٌ.؟ (8) قَوْلُهُ: فَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الِاعْتِبَارُ لِمَا ظَنَّهُ الْمُكَلَّفُ إلَخْ. قَدْ وَقَعَ الِاسْتِفْتَاءُ عَمَّا لَوْ أَجَّرَ دَارًا عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ وَكَانَ نَاظِرًا فَظَهَرَ بَعْدَ مُدَّةٍ بُطْلَانُ الْوَقْفِ لِكَوْنِ الْوَاقِفِ شَرَطَ فِيهِ الْبَيْعَ بِلَفْظِهِ، لِأَنَّهَا صَارَتْ مِلْكًا لَهُ بِالْوِرَاثَةِ مِنْ الْوَاقِفِ حَيْثُ لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ هَلْ الْعِبْرَةُ لِمَا فِي ظَنِّ الْمُكَلَّفِ أَوْ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَأَجَبْتُ بِأَنَّ مُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ اعْتِبَارُ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَتَبْقَى الْإِجَارَةُ وَلَا تُفْسَخُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ وَارِثٌ غَيْرَهُ عَلَى أَنَّ اعْتِبَارَ مَا فِي ظَنِّ الْمُكَلَّفِ غَيْرُ مُنَافٍ لِإِبْقَاءِ الْإِجَارَةِ وَعَدَمِ فَسْخِهَا كَمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ بِالتَّأَمُّلِ الصَّادِقِ، هَذَا وَفِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيِّ مَا نَصُّهُ لَوْ أَجَّرَ أَرْضًا يَظُنُّهَا مِلْكَهُ فَبَانَ أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ النَّاظِرُ فَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْجِهَةِ فِي هَذَا لَا يَضُرُّ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ (انْتَهَى) . وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا أَجَبْنَا بِهِ. (9) قَوْلُهُ: وَعَلَى عَكْسِهِ الِاعْتِبَارُ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إلَخْ. يَعْنِي لَا لِمَا ظَنَّهُ الْمُكَلَّفُ وَظَهَرَ خَطَؤُهُ أَقُولُ: هَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَذْكُرَ هَذِهِ الْفُرُوعَ هُنَاكَ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا خَرَجَ عَنْ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ. (10) قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ أَعْمًى إلَّا إذَا نَادَاهَا فَأَجَابَتْهُ، بِالْقَوْلِ بِأَنْ قَالَتْ: أَنَا

11 - وَلَوْ أَقَرَّ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ ظَانًّا الْوُقُوعَ بِإِفْتَاءِ الْمُفْتِي فَتَبَيَّنَ عَدَمُهُ لَمْ يَقَعْ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَلَوْ أَكَلَ ظَنَّهُ لَيْلًا فَبَانَ أَنَّهُ بَعْدَ الطُّلُوعِ قَضَى بِلَا تَكْفِيرٍ، وَلَوْ ظَنَّ الْغُرُوبَ فَأَكَلَ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَقَاءُ النَّهَارِ قَضَى. وَقَالُوا: لَوْ رَأَوْا سَوَادًا فَظَنُّوهُ عَدُوًّا فَصَلُّوا صَلَاةَ الْخَوْفِ فَبَانَ خِلَافُهُ لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّ شَرْطَهَا حُضُورُ الْعَدُوِّ. وَقَالُوا: لَوْ اسْتَنَابَ الْمَرِيضُ فِي حَجِّ الْفَرْضِ ظَانًّا أَنَّهُ لَا يَعِيشُ ثُمَّ صَحَّ أَدَّاهُ بِنَفْسِهِ 12 - وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَبَانَ خِلَافُهُ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى وَلَوْ خَاطَبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQزَوْجَتُكَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. قَالَ فِي الْبِنَايَةِ: لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَقُلْ وَأَجَابَتْهُ بِالْفِعْلِ حِينَ دَعَا الْأَعْمَى امْرَأَتَهُ فَقَالَ: يَا فُلَانَةُ فَأَجَابَتْهُ غَيْرُهَا فَوَقَعَ عَلَيْهَا يُحَدُّ. أَمَّا إذَا قَالَتْ أَنَا فُلَانَةُ عِنْدَ إجَابَتِهَا فَلَا يُحَدُّ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ ظَانًّا الْوُقُوعَ إلَى قَوْلِهِ لَمْ يَقَعْ إلَخْ. أَيْ دَيَّانَةً أَمَّا قَضَاءً فَيَقَعُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ لِإِقْرَارِهِ بِهِ، فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَتَبَيَّنُ خِلَافُهُ؟ أُجِيبَ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُفْتِي أَفْتَى غَيْرَ مَا هُوَ فِي الْمَذْهَبِ، فَأَفْتَى مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُفْتِيَ أَفْتَى أَوَّلًا بِالْوُقُوعِ مِنْ غَيْرِ تَثَبُّتٍ، ثُمَّ أَفْتَى بَعْدَ التَّثَبُّتِ بِعَدَمِهِ. وَمِنْ فُرُوعِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: تَكَلَّمَتْ فَقَالَ: هَذَا كُفْرٌ. وَحُرِّمَتْ عَلَيَّ بِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ اللَّفْظَ لَيْسَ بِكُفْرٍ، فَعَنْ النَّسَفِيِّ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى: ادَّعَى إنْسَانٌ عَلَى آخَرَ مَالًا حَقًّا فِي شَيْءٍ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَالُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ الْحَقُّ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَقُّ اسْتِرْدَادِ ذَلِكَ الْمَالِ (12) قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَبَانَ خِلَافُهُ إلَخْ. قِيلَ: مِمَّا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مِنْ فُرُوعِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا فِي الْخُلَاصَةِ: أَبُو الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا نَفَقَةَ لَهَا إذَا طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي النَّفَقَةَ وَظَنَّ الزَّوْجُ أَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَفَرَضَ الزَّوْجُ لَهَا النَّفَقَةَ لَا تَجِبُ، وَالْفَرْضُ بَاطِلٌ، وَفِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ: مَنْ دَفَعَ شَيْئًا لَيْسَ وَاجِبًا عَلَيْهِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إلَّا إذَا دَفَعَهُ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَاسْتَهْلَكَ الْقَابِضُ قِيلَ: يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْفَتْحِ مِنْ كِتَاب الْكَفَالَةِ حَيْثُ

امْرَأَتَهُ بِالطَّلَاقِ ظَانًّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ فَبَانَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ طَلُقَتْ وَكَذَا الْعَتَاقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ بَعْدَ كَلَامٍ حَتَّى لَوْ ظَهَرَ أَنْ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لَا يَسْتَرِدُّ مِنْ الْفَقِيرِ مَا قَبَضَ اسْتَهْلَكَ ذَلِكَ أَوْ لَا (انْتَهَى) . أَقُولُ فِي الْوُرُودِ نَظَرٌ فِي كَوْنِ الْمَدْفُوعِ مَدْفُوعًا عَلَى جِهَةِ الْهِبَةِ تَأَمُّلٌ فَتَدَبَّرْهُ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ قَالَ لِرَجُلٍ: لِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنْ حَلَفْتَ أَنَّهَا لَكَ عَلَيَّ أَدَّيْتُهَا إلَيْكَ فَحَلَفَ فَأَدَّاهَا إلَيْهِ هَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ. ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ إنْ دَفَعَهَا إلَيْهِ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي شَرَطْنَا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْهُ

[القاعدة الثامنة عشرة ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله]

[الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ ذِكْرُ بَعْضِ مَا لَا يَتَجَزَّأُ كَذِكْرِ كُلِّهِ] الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: 1 - ذِكْرُ بَعْضِ مَا لَا يَتَجَزَّأُ كَذِكْرِ كُلِّهِ، فَإِذَا طَلَّقَ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ أَوْ طَلَّقَ نِصْفَ الْمَرْأَةِ طَلُقَتْ 2 - وَمِنْهَا الْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ إذَا عَفَا عَنْ بَعْضِ الْقَاتِلِ كَانَ عَفْوًا عَنْ كُلِّهِ، وَكَذَا إذَا عَفَا بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ سَقَطَ كُلُّهُ وَانْقَلَبَ نَصِيبُ الْبَاقِينَ مَالًا 3 - وَمِنْهَا النُّسُكُ: إذَا قَالَ: أَحْرَمْتُ بِنِصْفِ نُسُكٍ كَانَ مُحْرِمًا، وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ صَرِيحًا. وَخَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ الْعِتْقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنَّهُ إذَا أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ لَمْ يُعْتَقْ كُلُّهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: ذِكْرُ بَعْضِ مَا لَا يَتَجَزَّأُ كَذِكْرِ كُلِّهِ. أَقُولُ: مِنْ ذَلِكَ أَقَلُّ الْمَهْرِ الَّذِي هُوَ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ، وَكَذَا إسْقَاطُ الشُّفْعَةِ، ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِي بَابِ الْمَهْرِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ (فَإِنْ سَمَّاهَا أَوْ دُونَهَا فَلَهَا الْعَشَرَةُ) خِلَافًا لِزُفَرَ فِيمَا دُونَهَا، فَإِنَّهُ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ ذِكْرِ بَعْضِ مَا يَتَجَزَّأُ كَذِكْرِ كُلِّهِ فِي جَانِبِ الْإِيقَاعِ، وَأَمَّا فِي جَانِبِ الِاسْتِثْنَاءِ فَلَا، عَلَى الْمُعْتَمَدِ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ وَاحِدَةٍ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَوَقَعَ الثَّلَاثُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَقَعُ ثِنْتَانِ لِأَنَّ التَّطْلِيقَةَ لَا تَتَجَزَّأُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: إلَّا وَاحِدَةً. وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ مَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ، الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (2) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ إلَخْ. مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْقَاتِلُ غَيْرَ عَبْدِ الْمَقْتُولِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ النِّكَاحِ: لَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ مَوْلَاهُ وَلَهُ ابْنَانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا سَقَطَ الْقِصَاصُ وَلَمْ يَجِبْ شَيْءٌ لِغَيْرِ الْعَافِي (3) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا النُّسُكُ إلَخْ. وَمِنْهَا إذَا نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَةً تَلْزَمُهُ رَكْعَتَانِ خِلَافًا لِزُفَرَ؛ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ قَالَ فِي الْمَنْبَعِ: وَعَلَى هَذَا (انْتَهَى) . وَلَوْ قَالَ نِصْفُ رَكْعَةً

4 - وَلَكِنْ لَمْ يَدْخُلْ لِأَنَّهُ مِمَّا يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُ، وَالْكَلَامُ فِيمَا لَا يَتَجَزَّأُ. ضَابِطٌ: 5 - لَا يَزِيدُ الْبَعْضُ عَلَى الْكُلِّ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ؛ وَهِيَ إذَا قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ صَرِيحٌ، وَلَوْ قَالَ كَأُمِّي، كَانَ كِنَايَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQيَلْزَمُهُ رَكْعَتَانِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. قِيلَ: قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْقَاعِدَةِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمُّلٌ وَفِي الْخُلَاصَةِ: وَلَوْ قَالَ: ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ يَلْزَمُهُ أَرْبَعٌ، وَمِنْهَا الِاعْتِكَافُ، فَلَوْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ اعْتِكَافَ شَهْرٍ وَهُوَ صَحِيحٌ فَعَاشَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ مَاتَ أُطْعِمَ عَنْهُ الشَّهْرُ كُلُّهُ، لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ مِمَّا لَا يَتَجَزَّأُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَسْتَثْنِ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ شَيْئًا وَيُسْتَثْنَى مِنْهَا مَا لَوْ قَالَ تَزَوَّجْتُ نِصْفَكِ فَالْأَصَحُّ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي التَّنْوِيرِ: وَلَا يَنْعَقِدُ فِي الْأَصَحِّ. وَوَجْهُ الْفُرُوجِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ: أَنَّ الْفُرُوجَ يُحْتَاطُ فِيهَا فَلَا يَكْفِي ذِكْرُ الْبَعْضِ لِاجْتِمَاعِ مَا يُوجِبُ الْحِلَّ وَالْحُرْمَةَ فِي ذَاتٍ وَاحِدَةٍ فَتَرَجَّحَتْ الْحُرْمَةُ. لَكِنْ صَحِيحٌ فِي الصَّيْرَفِيَّةِ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ فُرُوعِ الْقَاعِدَةِ، وَمِمَّا يُسْتَثْنَى مَا قَالُوا لَوْ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى ظَهْرِهَا أَوْ بَطْنِهَا لَا يَقَعُ، وَكَذَا الْعِتْقُ. وَمِمَّا يُسْتَثْنَى مَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إنْ شِئْتِ فَقَالَتْ: شِئْتُ نِصْفَ وَاحِدَةٍ لَا تَطْلُقُ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ، وَمُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ أَنْ تَطْلُقَ لِأَنَّ ذِكْرَ نِصْفِ الطَّلْقَةِ ذِكْرُ كُلِّهَا فَهِيَ مِمَّا خَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ، وَمِمَّا يُسْتَثْنَى مَا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفًا وَوَاحِدَةً تَطْلُقُ وَاحِدَةً عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ. (4) قَوْلُهُ: وَلَكِنْ لَمْ يَدْخُلْ إلَخْ. حَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ. فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ: وَخَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ، إذْ الْخُرُوجُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ، وَالْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْخُرُوجِ عَدَمُ الدُّخُولِ لِكَوْنِهِ مِمَّا يَتَجَزَّأُ حَقِيقَةً عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعَبَّرَ بِحَرْفِ الِاسْتِدْرَاكِ لِكَوْنِ الْخُرُوجِ فَرْعَ الدُّخُولِ وَلَا دُخُولَ هُنَا حَقِيقَةً فَهُوَ تَكَلُّفٌ لَا يَخْلُو عَنْ تَعَسُّفٍ (5) قَوْلُهُ: لَا يَزِيدُ الْبَعْضُ عَلَى الْكُلِّ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ إلَخْ. قَدْ زِيدَ عَلَى ذَلِكَ ثَلَاثُ مَسَائِلَ، يَزِيدُ الْبَعَضُ فِيهَا عَلَى الْكُلِّ الْأَوَّلُ رَجُلٌ خَتَنَ صَبِيًّا بِإِذْنِ أَبِيهِ فَقَطَعَ حَشَفَتَهُ فَإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ وَجَبَ عَلَى الْخَاتِنِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ عَاشَ فَعَلَى الْخَاتِنِ الدِّيَةُ كُلُّهَا كَذَا فِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُحِيطِ وَعَلَّلَهُ فِي الْجَوْهَرَةِ بِأَنَّهُ إذَا مَاتَ حَصَلَ مَوْتُهُ بِفِعْلَيْنِ أَحَدُهُمَا مَأْذُونٌ فِيهِ وَهُوَ قَطْعُ الْجِلْدَةِ وَالثَّانِي غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ وَهُوَ قَطْعُ الْحَشَفَةِ، وَإِذَا بَرِئَ جُعِلَ قَطْعُ الْجِلْدَةِ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، وَقَطْعُ الْحَشَفَةِ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ فَوَجَبَ ضَمَانُ الْحَشَفَةِ كَامِلًا وَهُوَ الدِّيَةُ كَذَا فِي شَاهَانْ. الثَّانِيَةُ: صَبِيٌّ خَرَجَ رَأْسُهُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ فَقَطَعَ رَجُلٌ أُذُنَهُ فَلَمْ يَمُتْ وَعَاشَ وَجَبَ عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ وَهِيَ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَوْ قَطَعَ رَأْسَهُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُرَّةُ وَهِيَ جَارِيَةٌ أَوْ غُلَامٌ يُسَاوِي خَمْسِينَ دِينَارًا، الثَّالِثَةُ إذَا وَقَعَتْ الْفَأْرَةُ الْمَيِّتَةُ غَيْرُ الْمُنْتَفِخَةِ أَوْ الْمُتَفَسِّخَةِ فِي الْبِئْرِ وَجَبَ نَزْحُ عِشْرِينَ دَلْوًا وَلَوْ وَقَعَ ذَنَبُهَا نُزِحَ جَمِيعُ مَائِهَا (انْتَهَى) . وَقَدْ زِدْتُ عَلَى ذَلِكَ رَابِعَةً وَهِيَ أَنَّ قَطْعَ الْأُصْبُعَيْنِ عَيْبَانِ وَقَطْعُ الْأَصَابِعِ مَعَ الْكَفِّ عَيْبٌ وَاحِدٌ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَحَقُّ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَتَدَبَّرْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَيَقْرَبُ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنْ يُقَالَ: لَا يُؤَثِّرُ الْبَعْضُ تَأْثِيرًا لَا يُؤَثِّرُهُ الْكُلُّ إلَّا فِي مَسَائِلَ: مِنْهَا إنْسَانٌ صَلَّى وَفِي كُمِّهِ قَارُورَةٌ مَمْلُوءَةٌ بِالدَّمِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَمْلُوءَةٍ تَفْسُدُ عَلَى قَوْلٍ، وَالصَّحِيحُ الْمُفْتَى بِهِ عَدَمُ الْفَرْقِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ صَلَّى وَفِي كُمِّهِ بَيْضَةٌ قَذِرَةٌ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِأَنَّ النَّجَسَ فِي مَكَانِهِ وَمَعِدَتِهِ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَمِنْهَا أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا صَبَّ فِي دَنِّ الْخَلِّ كُوزَ خَمْرٍ جَازَ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ لِلْحَالِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ طَعْمٌ أَوْ لَوْنٌ أَوْ رِيحٌ، وَلَوْ صَبَّ قَطْرَةَ خَمْرٍ فِي دَنِّ خَلٍّ لَا يَحِلُّ الشُّرْبُ مِنْهُ فِي الْحَالِ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى التَّوْجِيهِ فَلْيُطْلَبْ، وَمِنْهَا عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ: أَنَّ بَعْرَةَ الْإِبِلِ الصَّحِيحَةَ إذَا وَقَعَتْ وَهِيَ صَحِيحَةٌ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ، وَإِذَا وَقَعَ فِي نِصْفِهَا نَجَّسَتْ، لَكِنَّ الصَّحِيحَ وَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ أَوْ عُضْوًا مِنْ الْأَعْضَاءِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ كَذَا فِي الذَّخَائِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ، فَفِي هَذِهِ الْفُرُوعِ أَثَّرَ الْبَعْضُ تَأْثِيرًا لَمْ يُؤَثِّرْهُ الْكُلُّ

[وخرجت عنها مسائل]

الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: 1 - إذَا اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُتَسَبِّبُ 2 - أُضِيفَ الْحُكْمُ إلَى الْمُبَاشِرِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ تَعَدِّيًا بِمَا أُتْلِفَ بِإِلْقَاءِ غَيْرِهِ 3 - وَلَا يَضْمَنُ مَنْ دَلَّ سَارِقًا عَلَى مَالِ إنْسَانٍ فَسَرَقَهُ 4 - وَلَا سَهْمَ لِمَنْ دَلَّ عَلَى حِصْنٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ قَالَ تَزَوَّجْهَا فَإِنَّهَا حُرَّةٌ، فَظَهَرَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ أَنَّهَا أَمَةٌ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ دَفَعَ إلَى صَبِيٍّ سِكِّينًا أَوْ سِلَاحًا لِيَمْسِكَهُ فَقَتَلَ بِهِ نَفْسَهُ [وَخَرَجَتْ عَنْهَا مَسَائِلُ] [دَلَّ الْمُودِعُ السَّارِقَ عَلَى الْوَدِيعَةِ] وَخَرَجَتْ عَنْهَا مَسَائِلُ: مِنْهَا: لَوْ دَلَّ الْمُودِعُ السَّارِقَ عَلَى الْوَدِيعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَة إذَا اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُتَسَبِّبُ أُضِيفَ الْحُكْمُ إلَى الْمُبَاشِرِ] قَوْلُهُ: إذَا اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُتَسَبِّبُ إلَخْ. حَدُّ الْمُبَاشِرِ أَنْ يَحْصُلَ التَّلَفُ بِفِعْلِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَخَلَّلَ بَيْنَ فِعْلِهِ وَالتَّلَفُ فِعْلٌ مُخْتَارٌ. كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْقِسْمَةِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ حَدَّ الْمُتَسَبِّبِ هُوَ الَّذِي حَصَلَ التَّلَفُ بِفِعْلِهِ وَتَخَلَّلَ بَيْنَ فِعْلِهِ، وَالتَّلَفُ فِعْلٌ مُخْتَارٌ. (2) قَوْلُهُ: أُضِيفَ الْحُكْمُ إلَى الْمُبَاشِرِ إلَخْ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: هَذَا إذَا كَانَ السَّبَبُ سَبَبًا لَا يَعْمَلُ فِي الْإِتْلَافِ مَتَى انْفَرَدَ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ كَمَا فِي الْحَفْرِ، فَإِنَّ الْحَفْرَ بِانْفِرَادِهِ لَا يُوجِبُ التَّلَفَ بِحَالٍ مَا لَمْ يُوجَدْ الدَّفْعُ الَّذِي هُوَ الْمُبَاشَرَةُ، وَإِنْ كَانَ لَوْلَا الْحَفْرُ لَا يَتْلَفُ بِالدَّفْعِ أَيْضًا لَكِنَّ الدَّفْعَ هُوَ الْوَصْفُ الْأَخِيرُ فَيُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهِ كَمَا قَالُوا فِي السَّفِينَةِ الْمَمْلُوءَةِ إذَا جَاءَ رَجُلٌ وَطَرَحَ فِيهَا مَنًّا زَائِدًا كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ. (3) قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ مَنْ دَلَّ سَارِقًا إلَخْ. فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ لَوْ مَنَعَ رَجُلًا مِنْ دُخُولِ دَارِهِ حَتَّى تَلِفَ مَا فِي الدَّارِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا. (4) قَوْلُهُ: وَلَا سَهْمَ لِمَنْ دَلَّ عَلَى حِصْنٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ إلَخْ. فِي عَدِّ هَذَا مِنْ فُرُوعِ الْقَاعِدَةِ نَظَرٌ

[قال ولي المرأة تزوجها فإنها حرة]

فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِتَرْكِ الْحِفْظِ. [قَالَ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ تَزَوَّجْهَا فَإِنَّهَا حُرَّةٌ] الثَّانِيَةُ لَوْ قَالَ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ: تَزَوَّجْهَا فَإِنَّهَا حُرَّةٌ. الثَّالِثَةُ: قَالَ وَكِيلُهَا ذَلِكَ فَوَلَدَتْ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا أَمَةُ الْغَيْرِ، رَجَعَ الْمَغْرُورُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ. [دَلَّ مُحْرِمٌ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ] الرَّابِعَةُ: دَلَّ مُحْرِمٌ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ وَجَبَ الْجَزَاءُ عَلَى الدَّالِ بِشَرْطِهِ فِي مَحَلِّهِ لِإِزَالَةِ الْأَمْنِ. 5 - قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الدَّلَالَةِ عَلَى صَيْدِ الْحَرَمِ فَإِنَّهَا لَا تُوجِبُ شَيْئًا 6 - لِبَقَاءِ أَمْنِهِ بِالْمَكَانِ بَعْدَهَا الْخَامِسَةُ: 7 - الْإِفْتَاءُ بِتَضْمِينِ السَّاعِي، وَهُوَ قَوْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ لِغَلَبَةِ السِّعَايَةِ السَّادِسَةُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِخِلَافِ الدَّلَالَةِ عَلَى صَيْدِ الْحَرَمِ إلَخْ هَذَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (6) قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ أَمْنِهِ بِالْمَكَانِ. قِيلَ: لَكَ أَنْ تَقُولَ إنَّمَا يَفُوتُ الْأَمْنُ بِالْقَتْلِ إذْ لَوْ لَمْ يَتَّصِلْ الْقَتْلُ بِالدَّلَالَةِ لَمْ يَفُتْ الْأَمْنُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ انْتَهَى [الْإِفْتَاءُ بِتَضْمِينِ السَّاعِي] (7) قَوْلُهُ: الْإِفْتَاءُ بِتَضْمِينِ السَّاعِي إلَخْ. قَيَّدَهُ قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِمَا إذَا كَانَ عَادَةُ ذَلِكَ الظَّالِمِ أَنَّ مَنْ رَفَعَ إلَيْهِ وَيَقُولُ عِنْدَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَالًا مُصَادَرًا يَضْمَنُ السَّاعِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَا أَخَذَهُ الظَّالِمُ، هَذَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ أَفْتَى بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ عُلَمَائِنَا (انْتَهَى) . وَزَادَ فِي السِّرَاجِيَّةِ أَنْ تَكُونَ السِّعَايَةُ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَفِي الْخُلَاصَةِ مَنْ سَعَى بِأَحَدٍ إلَى السُّلْطَانِ وَغَرَّمَهُ لَا يَخْلُو مِنْ وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ: أَحَدُهَا إنْ كَانَتْ السِّعَايَةُ بِحَقٍّ نَحْوَ إنْ كَانَ يُؤْذِيهِ وَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إلَّا بِالرَّفْعِ إلَى السُّلْطَانِ، أَوْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَمْتَنِعُ عَنْ الْفِسْقِ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَفِي مِثْلِ هَذَا لَا يَضْمَنُ السَّاعِي. الثَّانِي أَنْ يَقُولَ: إنَّ فُلَانًا وَجَدَ كَنْزًا ظَهَرَ أَنَّهُ كَاذِبٌ إلَّا إذَا كَانَ السُّلْطَانُ عَادِلًا لَا يَغْرَمُ بِهَذِهِ السِّعَايَةِ أَوْ قَدْ يَغْرَمُ وَقَدْ لَا يَغْرَمُ فَلَا يَضْمَنُ السَّاعِي. الثَّالِثُ إذَا وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّ فُلَانًا يَجِيءُ إلَى امْرَأَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ فَرَفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ وَغَرَّمَهُ السُّلْطَانُ ثُمَّ ظَهَرَ كَذِبُهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِغَلَبَةِ السُّعَاةِ فِي زَمَانِنَا (انْتَهَى) . وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ السَّاعِي فَلِلْمَسْعِيِّ بِهِ أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ الْخُسْرَانِ مِنْ تَرِكَتِهِ فِي الصَّحِيحِ كَمَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. قَالَ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ شَرْحِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ: وَهَلْ يَعْزِلُ السَّاعِي مَعَ تَغْرِيمِهِ لِلْمَسْعِيِّ

[دفع إلى صبي سكينا ليمسكه له فوقع عليه فجرحته]

8 - لَوْ دَفَعَ إلَى صَبِيٍّ سِكِّينًا لِيَمْسِكَهُ لَهُ فَوَقَعَ عَلَيْهِ فَجَرَحَتْهُ كَانَ عَلَى الدَّافِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ مَا غَرِمَهُ بِسِعَايَتِهِ الْكَاذِبَةِ: كَانَتْ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِيهَا بِخُصُوصِهَا وَيَنْبَغِي عَدَمُ التَّوَقُّفِ فِي الْقَوْلِ بِتَعْزِيرِهِ لِارْتِكَابِهِ مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا قِصَاصَ، وَهُوَ الضَّابِطُ لِوُجُوبِ التَّعْزِيرِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ. [دَفَعَ إلَى صَبِيٍّ سِكِّينًا لِيَمْسِكَهُ لَهُ فَوَقَعَ عَلَيْهِ فَجَرَحَتْهُ] (8) قَوْلُهُ: لَوْ دَفَعَ إلَى صَبِيٍّ سِكِّينًا إلَخْ. أَقُولُ فِي جَعْلِ هَذَا مِمَّا خَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْقَاعِدَةِ حَتَّى يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ [فَائِدَةٌ فِي حَفْرِ الْبِئْرِ قَالَ الْوَلِيُّ سَقَطَ وَقَالَ الْحَافِرُ أَسْقَطَ نَفْسَهُ] (9) قَوْلُهُ: قَالَ الْوَلِيُّ سَقَطَ وَقَالَ الْحَافِرُ أَسْقَطَ نَفْسَهُ إلَخْ. هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ. (10) قَوْلُهُ: يُضَافُ الْحُكْمُ إلَى حَفْرِ الْبِئْرِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ فِيمَا عَلِمْتُ بَلْ صَرَّحَ بِالِاتِّفَاقِ فِيمَا عَدَا فَتْحَ بَابِ الْقَفَصِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْعَلَّامِيَّةِ. (11) قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَخْ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ فَتْحِ بَابِ الْقَفَصِ فَقَطْ لَا لِمَا قَبْلَهَا مِنْ الْمَسَائِلِ، وَقَبُولُهُمْ الْقَيْدَ إذَا تَعَقَّبَ جَمَلًا يَرْجِعُ لِلْجَمِيعِ لَا لِلْأَخِيرِ مَحَلُّهُ حَيْثُ صَحَّ الرُّجُوعُ وَهُنَا لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ وِجْدَانِ الْخِلَافِ فِيمَا قَبْلَهَا، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ سَقَطَ الْقِيلُ الْمُتَقَدِّمُ، وَهَذَا آخِرُ مَا كَتَبْنَاهُ وَحَرَّرْنَاهُ مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ مِنْ الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ، وَهُوَ الْفَنُّ الْمُهِمُّ مِنْهَا، وَإِلَى هُنَا صَارَتْ خَمْسًا

فَائِدَةٌ فِي حَفْرِ الْبِئْرِ قَالَ الْوَلِيُّ سَقَطَ وَقَالَ الْحَافِرُ أَسْقَطَ نَفْسَهُ فَائِدَةٌ: فِي حَفْرِ الْبِئْرِ قَالَ: 9 - الْوَلِيُّ: سَقَطَ. وَقَالَ الْحَافِرُ: أَسْقَطَ نَفْسَهُ. فَالْقَوْلُ لِلْحَافِرِ، كَذَا فِي التَّوْضِيحِ. تَكْمِيلٌ: 10 - يُضَافُ الْحُكْمُ إلَى حَفْرِ الْبِئْرِ وَشَقِّ الزِّقِّ وَقَطْعِ حَبْلِ الْقِنْدِيلِ وَفَتْحِ بَابِ الْقَفَصِ 11 - عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَعِنْدَهُمَا؛ لَا ضَمَانَ كَحِلِّ قَيْدِ الْعَبْدِ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِنَا عَلَى الْمَنَارِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعِشْرِينَ قَاعِدَةً كُلِّيَّةً، وَيَتْلُوهُ الْفَنُّ الثَّانِي، مِنْ الْفَوَائِدِ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ

[الفن الثاني من الأشباه والنظائر وهو فن الفوائد]

الْفَنُّ الثَّانِي مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْفَوَائِدِ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهَا أَجْمَعِينَ آمِينَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى، وَالسَّلَامُ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى، وَبَعْدُ فَقَدْ كُنْتُ أَلَّفْتُ النَّوْعَ الثَّانِيَ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ الْفَوَائِدُ عَلَى سَبِيلِ التَّعْدَادِ حَتَّى وَصَلْتُ إلَى خَمْسِ مِائَةٍ فَائِدَةً وَلَمْ أَجْعَلْ لَهَا أَبْوَابًا، ثُمَّ رَأَيْت أَنْ أُرَتِّبَهَا أَبْوَابًا عَلَى طَرِيقِ كُتُبِ الْفِقْهِ الْمَشْهُورَةِ؛ كَالْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ، لِيَسْهُلَ الرُّجُوعُ إلَيْهَا وَضَمَمْتُ إلَيْهَا بَعْضَ ضَوَابِطَ لَمْ تَكُنْ فِي الْأَوَّلِ تَكْثِيرًا لِلْفَوَائِدِ. وَفِي الْحَقِيقَةِ هِيَ الضَّوَابِطُ وَالِاسْتِثْنَاءَات. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الضَّابِطِ وَالْقَاعِدَةِ أَنَّ الْقَاعِدَةَ تَجْمَعُ فُرُوعًا مِنْ أَبْوَابٍ شَتَّى، وَالضَّابِطُ يَجْمَعُهَا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ، هَذَا هُوَ الْأَصْلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْفَنُّ الثَّانِي مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْفَوَائِدِ] قَوْلُهُ: رَأَيْتُ أَنْ أُرَتِّبَهَا إلَخْ. أَيْ ثُمَّ ظَهَرَ لِي وَبَدَا لِي ذَلِكَ. أَقُولُ: لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْتِعْمَالِ الرُّؤْيَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَمْ يَحْذِفْ مِنْهَا شَيْئًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ثَمَّةَ فَوَائِدُ لَمْ يَذْكُرْهَا هُنَا. (2) قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الضَّابِطَةِ وَالْقَاعِدَةِ إلَخْ. فِي عِبَارَةِ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ مَا نَصُّهُ وَرَسَمُوا الضَّابِطَةَ بِأَنَّهَا أَمْرٌ كُلِّيٌّ يَنْطَبِقُ عَلَى جُزْئِيَّاتِهِ لِتُعْرَفَ أَحْكَامُهَا مِنْهُ، قَالَ: وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ الْقَاعِدَةِ وَمِنْ ثَمَّ رَسَمُوهَا بِأَنَّهَا صُورَةٌ كُلِّيَّةٌ يَتَعَرَّفُ مِنْهَا أَحْكَامُ جَمِيعِ جُزْئِيَّاتِهَا وَالْقَانُونُ أَعَمُّ مِنْ الضَّابِطَةِ إذْ يُطْلَقُ عَلَى الْآلَةِ الْجُزْئِيَّةِ كَالْمِسْطَرَةِ وَالْكُلِّيَّةُ كَقَوْلِهِمْ مِيزَانُ الْأَذْهَانِ آلَةٌ قَانُونِيَّةٌ تَعْصِمُ مُرَاعَاتُهَا الذِّهْنَ مِنْ الْخَطَأِ فِي الْفِكْرِ.

[كتاب الطهارة]

كِتَابُ الطَّهَارَةِ 1 - شَرَائِطُهَا نَوْعَانِ: شُرُوطُ وُجُوبٍ وَهِيَ تِسْعَةٌ: 2 - الْإِسْلَامُ، وَالْعَقْلُ، وَالْبُلُوغُ، وَوُجُودُ الْحَدَثِ، وَوُجُودُ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ الطَّهُورِ الْكَافِي، وَالْقُدْرَةُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ، وَعَدَمُ الْحَيْضِ وَعَدَمُ النِّفَاسِ، وَتَنَجُّزُ خِطَابِ الْمُكَلَّفِ بِضَيِّقِ الْوَقْتِ. 3 - وَشُرُوطُ صِحَّةٍ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: 4 - مُبَاشَرَةُ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ الطَّهُورِ لِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الطَّهَارَةِ] قَوْلُهُ: شَرَائِطُهَا نَوْعَانِ إلَخْ. أَقُولُ فِيهِ: أَنَّهُ لَا مُطَابِقَةَ بَيْنَ الْمُبْتَدَإِ وَالْخَبَرِ وَهِيَ وَاجِبَةٌ إفْرَادًا وَتَثْنِيَةً وَجَمْعًا؛ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِ وَشَرَائِطُهَا عَلَى مَعْنَى اللَّامِ الْجِنْسِيَّةِ فَيَسْقُطُ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ وَيَصْدُقُ بِالْمُثَنَّى وَبِهِ تَحْصُلُ الْمُطَابَقَةُ مَعْنًى وَلَوْ قَالَ: وَشَرَائِطُهَا أَنْوَاعٌ لَكَانَ صَوَابًا فَإِنَّهُ بَقِيَ نَوْعَانِ آخَرَانِ: الْأَوَّلُ شَرْطُ وُجُودِهَا الشَّرْعِيِّ وَهُوَ كَوْنُ الْمُزِيلِ مَشْرُوعَ الِاسْتِعْمَالِ فِي مِثْلِهِ. (2) قَوْلُهُ: الْإِسْلَامُ إلَخْ. لَوْ قَالَ التَّكْلِيفُ لَكَانَ أَخْصَرُ. (3) قَوْلُهُ: وَشُرُوطُ صِحَّةٍ. الصِّحَّةُ فِي الْعِبَادَاتِ عِبَارَةٌ عَنْ سُقُوطِ الْقَضَاءِ بِالْفِعْلِ وَفِي الْمُعَامَلَاتِ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ تَخَلُّفِ الْأَحْكَامِ عَنْ الْأَسْبَابِ، وَخُرُوجُهَا عَنْ كَوْنِهَا أَسْبَابًا مُفِيدَةٌ لِلْأَحْكَامِ، وَالْبُطْلَانُ فِيهَا ضِدُّ ذَلِكَ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنَارِ لِلْأَكْمَلِ. (4) قَوْلُهُ: مُبَاشَرَةُ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ الطَّهُورِ لِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا يَشْمَلُ الْغُسْلَ وَالْمَسْحَ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ الرَّأْسُ فَإِنَّ مَسْحَ جَمِيعِهَا لَيْسَ مِنْ الشُّرُوطِ بَلْ الرُّبْعِ، وَالْجَوَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ مِنْ الْأَعْضَاءِ الرُّبْعَ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ تَجَوُّزًا غَيْرَ نَاهِضٍ لِعَدَمِ مُلَاءَمَتِهِ لِقَوْلِهِ جَمِيعَ الْأَعْضَاءِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ اشْتِرَاطُ مُبَاشَرَةِ الْمَاءِ لِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ مُبَاشَرَةُ الْمَاءِ لِجَمِيعِ كُلِّ عُضْوٍ وَحِينَئِذٍ لَا يَرِدُ الْإِشْكَالُ وَإِنَّمَا يَرِدُ لَوْ قِيلَ مُبَاشَرَةُ الْمَاءِ لِجَمِيعِ كُلِّ عُضْوٍ فَتَأَمَّلْ.

وَانْقِطَاعُ الْحَيْضِ، وَانْقِطَاعُ النِّفَاسِ، وَعَدَمُ التَّلَبُّسِ فِي حَالَةِ التَّطْهِيرِ بِمَا يَنْقُضُهُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَعْذُورِ بِذَلِكَ. 6 - وَالْمُطَهِّرَاتُ لِلنَّجَاسَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ: 7 - الْمَائِعُ الطَّاهِرُ الْقَالِعُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَانْقِطَاعُ الْحَيْضِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ وُضُوءَ الْحَائِضِ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّهُ لِتَذَكُّرِ الْعَادَةِ وَهَلْ هُوَ صَحِيحٌ؟ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ نَفْيُ صِحَّتِهِ وَإِنْ كَانَ قُرْبَةً (انْتَهَى) . أَقُولُ: اسْتِحْبَابُهُ لِتَذَكُّرِ الْعَادَةِ لَا يُنَافِي عَدَمَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِهِ (6) قَوْلُهُ: وَالْمُطَهِّرَاتُ لِلنَّجَاسَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ. أَقُولُ: قَدْ أَوْصَلَهَا ابْنُ الشِّحْنَةِ إلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ وَنَظَمَهَا الْعَلَّامَةُ عُمَرُ بْنُ نُجَيْمٍ أَخُو الْمُصَنِّفِ فَقَالَ: لَنَظْمُ الْخَبَايَا فِي الزَّوَايَا يُحِبُّهُ ... أُولُو الْفَضْلِ تَحْصِيلًا لِفِقْهٍ تَعَزَّلَا وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الْمُطَهِّرَ عَشْرَةٌ ... وَزَادُوا ثَلَاثًا ثُمَّ عَشْرًا عَنْ الْمَلَا فَغُسْلٌ وَتَخْلِيلٌ وَفَرْكٌ تَخَلُّلٌ ... وَنَحْتٌ وَحَفْرٌ مَعَ جَفَافٍ تَحَصَّلَا وَنَزْحٌ وَقَدْ غَارَتْ دُخُولٌ تَقَوَّرَ ... وَمَسْحٌ وَقَلْبُ الْعَيْنِ وَالشَّيْءُ قَدْ غَلَا وَنَارٌ وَنَدْفٌ قِسْمَةٌ مَعَ دَلْكِهِ ... ذَكَاةٌ وَدَبْغُ الْجِلْدِ إنْ يَقْبَلْ أُدْخِلَا تَصَرُّفُهُ فِي الْبَعْضِ أَوْ غَسْلُ بَعْضِهِ ... كَذَاكَ فَكُنْ ذَا فِطْنَةٍ مُتَأَمِّلًا فَهَذَا قُصَارَى مَا تَيَسَّرَ جَمْعُهُ ... وَفِي بَعْضِهِ شَيْءٌ فَلَا تَكُ مُهْمِلَا قَوْلُهُ: الْمُطَهِّرَاتُ لِلنَّجَاسَةِ. التَّطْهِيرُ إمَّا إثْبَاتُ الطَّهَارَةِ أَوْ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَسْتَدْعِي ثُبُوتَ نَجَاسَةِ الْمَحَلِّ حُكْمِيًّا أَوْ حَقِيقِيًّا لِئَلَّا يَلْزَمَ إثْبَاتُ الثَّابِتِ أَوْ إزَالَةُ الْمُزَالِ، فَإِنْ فُسِّرَ بِالْإِزَالَةِ فَحَسَنٌ وَإِنْ فُسِّرَ بِإِثْبَاتِ الطَّهَارَةِ فَالْمُرَادُ تَطْهِيرُ الْمَحَلِّ مِنْ النَّجَاسَةِ كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى. (7) قَوْلُهُ: الْمَائِعُ الطَّاهِرُ الْقَالِعُ. الْمَائِعُ السَّائِلُ مِنْ مَاعَ يَمِيعُ إذَا سَالَ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْمَاءِ الْمُسْتَعْمِلِ، وَهَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَرِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: النَّجَاسَةُ الْغَلِيظَةُ زَالَتْ بِهِ وَلَكِنَّ نَجَاسَةَ الْمَاءِ بَاقِيَةٌ، وَقِيلَ: إذَا غَسَلَ النَّجَاسَةَ بِبَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَكَذَلِكَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِهِ نَجِسٌ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَالْمُرَادُ بِالْقَالِعِ

وَدَلْكُ النَّعْلِ بِالْأَرْضِ، 9 - وَجَفَافُ الْأَرْضِ بِالشَّمْسِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُزِيلُ الَّذِي يَنْعَصِرُ بِالْعَصْرِ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَا يَنْعَصِرُ بِالْعَصْرِ كَالدُّهْنِ وَالزَّيْتِ وَاللَّبَنِ وَغَيْرِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَزُولُ بِهِ النَّجَاسَةُ بِالْإِجْمَاعِ، كَمَا فِي الْحَقَائِقِ لَكِنَّ فِي الزَّاهِدِيِّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا ذَهَبَ أَثَرُ الدَّمِ عَنْ الثَّوْبِ بِالدُّهْنِ أَوْ الزَّيْتِ جَازَ لَكِنْ لَمْ يَجُزْ فِي الْبَدَنِ، وَحَاصِلُ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ رَاجِعٌ إلَى أَصْلٍ وَهُوَ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَنْجُسُ حَالَ الِاسْتِعْمَالِ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تَحِلُّ مَحَلَّيْنِ فَفِي حَالِ الْمُعَالَجَةِ لَمْ تُزَايِلْ الْعُضْوَ فَلَمْ يَحِلَّ الْمَاءُ فَيُعَدَّى إلَى سَائِرِ الْمَائِعَاتِ لِأَنَّهَا تُزِيلُ عَنْهُ النَّجَاسَةَ وَأَثَرَهَا. فَوَجَبَ أَنْ تُقَيَّدَ الطَّهَارَةُ كَالْمَاءِ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ الْخَلَّ أَقْلَعُ لِلنَّجَاسَةِ مِنْ الْمَاءِ لِأَنَّهُ يُزِيلُ اللَّوْنَ وَالدُّسُومَةَ وَالْمَاءُ لَا يُزِيلُهُمَا، وَهَذَا لِأَنَّ نَجَاسَةَ الْمَحَلِّ إنَّمَا كَانَتْ لِمُجَاوَرَةِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ بِهِ فَإِذَا زَالَ عَيْنُهَا بَقِيَ الْمَحَلُّ طَاهِرًا كَمَا كَانَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَنْجُسُ الْمَاءُ كُلَّمَا لَاقَى النَّجَسَ وَالنَّجَسُ لَا يُفِيدُ الطَّهَارَةَ إلَّا أَنَّ هَذَا الْقِيَاسَ تُرِكَ فِي الْمَاءِ ضَرُورَةَ إمْكَانِ التَّطْهِيرِ الَّذِي كُلِّفْنَا بِهِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ. (8) قَوْلُهُ: وَدَلْكُ النَّعْلِ بِأَرْضٍ إلَخْ. وَنَحْوُهُ كَالْخُفِّ وَالْفَرْوِ مِنْ نَجِسِ ذِي جَرْمٍ جَفَّ سَوَاءٌ كَانَ الْجَرْمُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ يَكُونُ مُطَهَّرًا لَهُ وَهَذَا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ بِالْغُسْلِ لَا غَيْرُ، وَرَوَى رُجُوحَهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَطْهُرُ الْخُفُّ فِي الرَّطْبَةِ أَيْضًا إذَا مَسَحَهُ بِالتُّرَابِ لِأَنَّهُ يَجْذِبُ رُطُوبَتَهَا وَيَصِيرُ كَاَلَّتِي جَفَّتْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي الزَّاهِدِيِّ: إذَا أَصَابَ نَعْلَهُ بَوْلٌ أَوْ خَمْرٌ فَمَشَى عَلَى التُّرَابِ وَلَزِقَ بِهِ وَجَفَّ فَمَسَحَهُ بِالْأَرْضِ طَهُرَ عِنْدَ الْإِمَامِ. وَتَقَيُّدُ الدَّلْكِ بِالْأَرْضِ رِوَايَةُ الْأَصْلِ. وَذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ إنْ حَكَّهُ أَوْ حَتَّهُ بَعْدَ مَا يَبِسَ طَهُرَ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَهَابَ الْأَثَرِ كَمَا فِي مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ وَفِي التُّمُرْتَاشِيِّ نَقْلًا عَنْ أَبِي الْيُسْرِ أَنَّ الْخُفَّ إنَّمَا يَطْهُرُ بِالدَّلْكِ إذَا أَصَابَ النَّجَسُ مَوْضِعَ الْوَطْءِ فَإِنْ أَصَابَ مَا فَوْقَهُ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغُسْلِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرْوِ الَّذِي يَطْهُرُ بِالدَّلْكِ الْوَجْهُ الَّذِي لَا شَعْرَ عَلَيْهِ أَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي عَلَيْهِ الشَّعْرُ فَلَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغُسْلِ. وَفِي صَلَاةِ الْبَقَّالِيِّ أَنَّ الْخُفَّ الْغَيْرَ الْمَدْبُوغَ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغُسْلِ كَمَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. (9) قَوْلُهُ: وَجَفَافُ الْأَرْضِ بِالشَّمْسِ، أَيْ ذَهَابُ نَدَاوَتِهَا بِالشَّمْسِ أَوْ غَيْرِهَا مَعَ

وَمَسْحُ الصَّيْقَلِ، 11 - وَنَحْتُ الْخَشَبِ، 12 - وَفَرْكُ الْمَنِيِّ مِنْ الثَّوْبِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQذَهَابِ الْأَثَرِ أَيْ الرِّيحِ وَالتَّعْبِيرُ بِالْجَفَافِ أَوْلَى مِنْ الْيُبْسِ الْوَاقِعِ فِي عِبَارَةِ النُّقَايَةِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّهُ الْمَشْرُوطُ دُونَ الْيُبْسِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ عِبَارَاتُ الْفُقَهَاءِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَرْضِ التُّرَابُ وَمَا فِي حُكْمِهِ كَالْحَجَرِ وَالْجِصِّ وَالْآجُرِّ وَاللَّبِنِ وَنَحْوِهَا مِمَّا هُوَ مَوْضُوعٌ فِيهَا، بِخِلَافِ مَا عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْغُسْلِ وَكَذَا حُكْمُ مَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ غَيْرِهَا مِنْ النَّبَاتِ سَوَاءٌ كَانَ فِي بِنَاءٍ أَوْ كَالْخُصِّ بِالضَّمِّ وَهُوَ سُتْرَةُ السَّطْحِ مِنْ الْقَصَبِ وَالْخَشَبِ وَالْكَلَأِ رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا. وَالتَّقْيِيدُ بِالْجَفَافِ لَيْسَ لِلتَّخْصِيصِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهَا تَطْهُرُ بِالْجَفَافِ كَمَا تَطْهُرُ بِالْغُسْلِ فَلَوْ صُبَّ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ الْمَاءِ مَا يُغْسَلُ بِهِ ثَوْبٌ نَجِسٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَدْ طَهُرَتْ، كَمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ تَطْهُرَ بِالْجَفَافِ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ وَالتَّيَمُّمِ وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ شَاسٍ عَنْ أَصْحَابِنَا. لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَصَحِّ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَخِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ. وَذَكَرَ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي كَوْنِ السَّطْحِ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ رِوَايَتَيْنِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَطْهُرُ. قِيلَ: هَذَا إذَا كَانَ التُّرَابُ فِي الْغِلَظِ بِمَنْزِلَةِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي الْجَفَافِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِالشَّمْسِ أَوْ الرِّيحِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَقَوْلُهُ بِالشَّمْسِ لَيْسَ بِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ. (10) قَوْلُهُ: وَمَسْحُ الصَّيْقَلِ كَالسَّيْفِ وَالْمِرْآةِ مُطَهِّرٌ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ النَّجَسُ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا، مُتَجَسِّدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، لِمَا صَحَّ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - كَانُوا يَقْتُلُونَ الْكُفَّارَ بِسُيُوفِهِمْ ثُمَّ يَمْسَحُونَهَا وَيُصَلُّونَ مَعَهَا. قُيِّدَ بِالصَّيْقَلِ لِأَنَّ الْمَحَلَّ لَوْ كَانَ خَشِنًا أَوْ مَنْقُوشًا لَا يَطْهُرُ بِالْمَسْحِ. قَالَ الْكَمَالُ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى طَهَارَةِ الصَّيْقَلِ بِالْمَسْحِ لَوْ كَانَ عَلَى ظُفْرِهِ نَجَاسَةٌ فَمَسَحَهَا طَهُرَتْ وَكَذَلِكَ الزُّجَاجَةُ وَالْجَرِيدَةُ الْخَضْرَاءُ وَالْخَشَبُ الْخَرَّاطِي وَالْبُورِيَّا وَالْقَصَبُ. (11) قَوْلُهُ: وَنَحْتُ الْخَشَبِ. وَكَذَا شَقُّهُ عَلَى مَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الشَّقَّ. (12) قَوْلُهُ: وَفَرْكُ الْمَنِيِّ مِنْ الْبَدَنِ. أَيْ غَمْزُهُ بِيَدِهِ أَوْ حَكُّهُ حَتَّى يَتَفَتَّتَ، وَمِثْلُهُ الثَّوْبُ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا وَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَطَ بِبَوْلِهِ عَلَى رَأْسِ الذَّكَرِ أَوْ بِمَذْيٍ لَمْ يَطْهُرْ بِهِ كَمَا قَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ. وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: إنَّ مَشَايِخَنَا لَمْ يَعْتَبِرُوهُ لِأَنَّهُ

وَمَسْحُ الْمَحَاجِمِ بِالْخِرَقِ الْمُبْتَلَّةِ بِالْمَاءِ، 14 - وَالنَّارُ، وَانْقِلَابُ الْعَيْنِ، وَالدِّبَاغَةُ، 15 - وَالتَّقَوُّرُ فِي الْفَأْرَةِ إذَا مَاتَتْ فِي السَّمْنِ الْجَامِدِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQصَارَ تَبَعًا لِلْمَنِيِّ وَإِلَى أَنَّ غَيْرَ الْمَنِيِّ لَا يَطْهُرُ بِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ لَكِنْ أَطْلَقَ التُّمُرْتَاشِيُّ أَنَّ الثَّوْبَ يَطْهُرُ عَنْ الدَّمِ الْغَلِيظِ بِالْفَرْكِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنَّهُ يَطْهُرُ عَنْ الْعُذْرَةِ الْغَلِيظَةِ قِيَاسًا عَلَى الْمَنِيِّ كَمَا فِي النَّوَازِلِ وَالْمَنِيُّ شَامِلٌ لِمَنِيِّ كُلِّ حَيَوَانٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَطْهُرَ بِهِ وَفِي الْكَلَامِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُضْغَةَ وَالْعَلَقَةَ نَجِسَانِ كَالْمَنِيِّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ وَأَطْلَقَ فِي الْمَنِيِّ فَيَشْمَلُ مَنِيَّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ: مَنِيُّ الْمَرْأَةِ لَا يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ بِمَنْزِلَةِ الْبَوْلِ. (13) قَوْلُهُ: وَمَسْحُ الْمَحَاجِمِ بِالْخِرَقِ إلَخْ. خِرَقٌ جَمْعُ خِرْقَةٍ وَالْمُرَادُ أَقَلُّ الْجَمْعِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ: إذَا مَسَحَ الرَّجُلُ مَوْضِعَ الْمِحْجَمَةِ بِثَلَاثِ خِرْقَاتٍ رَطْبَاتٍ أَجْزَأَهُ عَنْ الْغُسْلِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: فِي الْقُنْيَةِ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ: مَسَحَ الْحَجَّامُ مَوْضِعَ الْحِجَامَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَصَلَّى الْمَحْجُومُ أَيَّامًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ مَا صَلَّى إنْ زَالَ الدَّمُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ. (14) قَوْلُهُ: وَالنَّارُ إلَخْ. أَيْ يَطْهُرُ مَا احْتَرَقَ كَالرَّوْثِ إذَا صَارَ بِالنَّارِ رَمَادًا لِأَنَّ الْعَيْنَ تَبَدَّلَتْ وَاسْتَحَالَتْ إلَى حَقِيقَةٍ أُخْرَى فَتَبَدَّلَ وَصْفُهَا. وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَخَالَفَهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ: النَّارُ لَا تُطَهِّرُ مَا احْتَرَقَ لِأَنَّ التَّغَيُّرَ إنَّمَا حَصَلَ فِي وَصْفِهِ وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ فَيَبْقَى بِحَالِهَا عَلَى نَجَاسَتِهَا. وَكَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا صَارَتْ الْعَذِرَةُ حَمْأَةً أَيْ طِينًا أَسْوَدَ وَالْخِنْزِيرُ مِلْحًا وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُوَ الْمُخْتَارُ، وَكَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ الْمَلَكِيِّ. (15) قَوْلُهُ: وَالتَّقَوُّرُ إلَخْ. أَيْ التَّقْوِيرُ عَلَى طَرِيقِ اسْتِعْمَالِ مَصْدَرِ الْفِعْلِ اللَّازِمِ فِي الْمُتَعَدِّي كَاسْتِعْمَالِ الطَّهَارَةِ بِمَعْنَى التَّطْهِيرِ، وَالْأَصْلُ فِي كَوْنِ التَّقْوِيرِ مُطَهِّرًا مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ تَمُوتُ فِي الدُّهْنِ فَقَالَ: إنْ كَانَ جَامِدًا أُلْقِيَتْ الْفَأْرَةُ وَمَا حَوْلَهَا وَأُكِلَ الْبَاقِي وَإِنْ كَانَ مَائِعًا لَا» وَفِي رِوَايَةٍ اُنْتُفِعَ بِهِ وَلَمْ يُؤْكَلْ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ الْقَلَانِسِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ.

وَالذَّكَاةُ مِنْ الْأَهْلِ فِي الْمَحَلِّ، 17 - وَنَزْحُ الْبِئْرِ، 18 - وَدُخُولُ الْمَاءِ مِنْ جَانِبٍ وَخُرُوجُهُ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ، وَحَفْرُ الْأَرْضِ بِقَلْبِ الْأَعْلَى أَسْفَلَ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قِسْمَةَ الْمِثْلِيِّ مِنْ الْمُطَهِّرَاتِ؛ فَلَوْ تَنَجَّسَ بِئْرٌ فَقُسِمَ طَهُرَ. وَفِي التَّحْقِيقِ لَا يَطْهُرُ وَإِنَّمَا جَازَ لِكُلٍّ الِانْتِفَاعُ بِالشَّكِّ فِيهَا حَتَّى لَوْ جُمِعَ عَادَتْ. 19 - الثَّوْبُ يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ مِنْ الْمَنِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالذَّكَاةُ مِنْ الْأَهْلِ فِي الْمَحَلِّ. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ: مَا طَهُرَ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ طَهُرَ جِلْدُهُ وَلَحْمُهُ بِالتَّذْكِيَةِ. قِيلَ: يُشْتَرَطُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا أَنْ تَكُونَ الذَّكَاةُ بَيْنَ اللَّبَّةِ وَاللَّحْيَيْنِ مِنْ أَهْلِهَا يَعْنِي الْمُسْلِمَ أَوْ الذِّمِّيَّ ذَبْحًا مَقْرُونًا بِالتَّسْمِيَةِ. (17) قَوْلُهُ: وَنَزْحُ الْبِئْرِ. أَقُولُ: قَدْ يَكُونُ نَزْحُ الْبِئْرِ مُطَهِّرًا لِلْبِئْرِ وَمَا فِي الْبِئْرِ إذَا لَمْ يَمْكُنْ إخْرَاجُهُ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: عَظْمٌ نَجِسٌ وَقَعَ فِيهِ وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ يُجْعَلُ الْكُلُّ كَغُسْلِ الْعَظْمِ (انْتَهَى) . وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ: لَا يُفِيدُ نَزْحُ الْبِئْرِ قَبْلَ إخْرَاجِ مَا وَقَعَ فِيهَا، مَحَلُّهُ إذَا أَمْكَنَ إخْرَاجُهُ. (18) قَوْلُهُ: وَدُخُولُ الْمَاءِ مِنْ جَانِبٍ إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: الْحَوْضُ الصَّغِيرُ إذَا صَارَ نَجِسًا فَدَخَلَ الْمَاءُ مِنْ جَانِبٍ وَخَرَجَ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ يَطْهُرُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِمِثْلِ مَا فِيهِ لِأَنَّ الْمَاءَ الْجَارِيَ لَمَّا اتَّصَلَ وَخَرَجَ صَارَ فِي حُكْمِ الْجَارِي وَالْمَاءُ الْجَارِي طَاهِرٌ إلَّا أَنْ تَسْتَبِينَ فِيهِ النَّجَاسَةُ، وَقُيِّدَ بِالْخُرُوجِ لِأَنَّ الْحَوْضَ إذَا كَانَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ فَعَلَا مَاؤُهُ وَوَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ ثُمَّ دَخَلَ فِيهِ الْمَاءُ فَامْتَلَأَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يَطْهُرُ لِأَنَّهُ كُلَّمَا دَخَلَ فِيهِ الْمَاءُ تَنَجَّسَ (19) قَوْلُهُ: الثَّوْبُ يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ مِنْ الْمَنِيِّ إلَخْ. قِيلَ: وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْبَدَنَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّوْبِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ الْبَلْوَى فِي الْبَدَنِ أَشَدُّ (انْتَهَى) . أَقُولُ: دَعْوَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَذْكُرْ الْبَدَنَ غَفْلَةٌ عَمَّا تَقَدَّمَ قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ وَفَرْكُ الْمَنِيِّ مِنْ الْبَدَنِ وَإِنَّمَا خَصَّ الثَّوْبَ هُنَا وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ لِأَجْلِ مَسْأَلَتَيْ الِاسْتِثْنَاءِ الْآتِي قَرِيبًا.

إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: 21 - قِيلَ أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ جَدِيدًا، 22 - أَوْ أَمْنَى عَقِبَ بَوْلٍ لَمْ يُزِلْهُ بِالْمَاءِ. وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ. 23 - وَالْأَبْوَالُ كُلُّهَا نَجِسَةٌ 24 - إلَّا بَوْلَ الْخُفَّاشِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ إلَخْ. زَادَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ ثَالِثَةً وَهِيَ مَا لَوْ أَصَابَ الْمَنِيُّ ثَوْبًا ذَا طَاقَيْنِ فَالطَّاقُ الْأَعْلَى يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ وَالْأَسْفَلُ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغُسْلِ لِأَنَّهُ إنَّمَا تُصِيبُهُ دُونَ الْجَرْمِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَعَلِمَ مِنْهُ أَنَّ بَلَّةَ الْمَنِيِّ لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْغُسْلِ وَلَيْسَتْ كَجَرْمِهِ. (21) قَوْلُهُ: قِيلَ أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ جَدِيدًا إلَخْ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ عَنْ الْإِتْقَانِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ فِيمَا عِنْدِي مِنْ الْكُتُبِ وَهُوَ بَعِيدٌ كَمَا لَا يَخْفَى. (22) قَوْلُهُ: أَوْ أَمْنَى عَقِبَ بَوْلٍ إلَخْ. أَقُولُ فِي الْقُنْيَةِ: بَالَ ثُمَّ احْتَلَمَ أَوْ جَامَعَ وَأَصَابَ مَنِيُّهُ الثَّوْبَ يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ (انْتَهَى) . وَوَجْهُهُ أَنَّهُ صَارَ تَبَعًا لِلْمَنِيِّ وَمِنْهُ يَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْوَاقِعِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. هَذَا؛ وَقَدْ زِدْتُ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْمُطَهِّرَاتِ الثَّلَاثِ وَالْعِشْرِينَ مَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ لِأَبِي اللَّيْثِ فِي بَابِ الِاسْتِحْسَانِ: وَإِذَا كَانَ جُبٌّ فِيهِ خَمْرٌ فَغُسِلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهِ رَائِحَةُ الْخَمْرِ، فَإِنْ بَقِيَ فِيهِ رَائِحَةُ الْخَمْرِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ شَيْئًا سِوَى الْخَلِّ فَإِنَّهُ إذَا جَعَلَ فِيهِ الْخَلَّ يَطْهُرُ وَإِنْ لَمْ يُغْسَلْ بِالْمَاءِ انْتَهَى. وَزِدْتُ أَيْضًا مَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ إذَابَةَ الْقَلَعِيِّ النَّجَسِ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ بِالْإِذَابَةِ وَقِيلَ: لَا. وَقِيلَ: يُذَابُ بِمَاءٍ طَاهِرٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَطْهُرُ (انْتَهَى) . وَزِدْتُ أَيْضًا لَوْ طُرِحَ التُّرَابُ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ نَجَاسَةٌ فَتَغَيَّرَ فَزَالَ التَّغَيُّرُ طَهُرَ فِي الْأَشْبَهِ بِمَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَمْ يَطْهُرْ فِي الْأَشْبَهِ بِمَذْهَبِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ، كَمَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ وَهَذَا الْجَمْعُ وَالِانْتِخَابُ مِنْ خَوَاصِّ هَذَا الْكِتَابِ (23) قَوْلُهُ: الْأَبْوَالُ كُلُّهَا نَجِسَةٌ إلَخْ. فِي الذَّخِيرَةِ: خُرْءُ الْحَيَّةِ وَبَوْلُهَا نَجِسٌ نَجَاسَةً غَلِيظَةً انْتَهَى. وَهُوَ غَرِيبٌ انْتَهَى. فَلَمْ يُمَيَّزْ لِي أَنَّ لِلْحَيَّةِ بَوْلًا وَخُرْءًا. (24) قَوْلُهُ: إلَّا بَوْلَ الْخُفَّاشِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ لِلضَّرُورَةِ. وَالْخُفَّاشُ هُوَ الْوَطْوَاطُ وَلَهُ

اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي بَوْلِ الْهِرَّةِ وَالْفَأْرَةِ. 26 - وَمَرَارَةُ كُلِّ شَيْءٍ كَبَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَرْبَعَةُ أَسْمَاءٍ مَا ذُكِرَ وَخُشَافٌ وَخُطَّافٌ وَذُكِرَ فِي النِّهَايَةِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّ الْخُفَّاشَ يُؤْكَلُ وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ لِأَنَّ لَهُ نَابًا، كَذَا فِي الزَّيْلَعِيِّ مِنْ الذَّبَائِحِ وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى بَوْلُ الْخُفَّاشِ يُعْتَبَرُ فِيهِ قَدْرُ الدِّرْهَمِ وَلَا بَوْلَ لِغَيْرِهِ مِنْ الطُّيُورِ، وَبَوْلُ سَائِرِ الطُّيُورِ الْبَلَّةُ الَّتِي مَعَ خُرْئِهَا. وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي بَوْلُ الْخُفَّاشِ وَخُرْؤُهَا لَا يُفْسِدَانِ الْمَاءَ (انْتَهَى) . وَيُسْتَثْنَى بَوْلُ الْحَمَامِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: بَوْلُ الْخُفَّاشِ كَبَوْلِ الْحَمَامِ انْتَهَى وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى مِنْ أَنَّهُ لَا بَوْلَ لِغَيْرِ الْخُفَّاشِ مِنْ الطُّيُورِ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا بَوْلُ الْفَأْرَةِ لِمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ: بَوْلُ الْخُفَّاشِ لَيْسَ بِنَجِسٍ لِلضَّرُورَةِ وَكَذَلِكَ بَوْلُ الْفَأْرَةِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ، لَكِنَّ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ نَجِسٌ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَاتِ يُفْسِدُ الْمَاءَ وَالثَّوْبَ (انْتَهَى) . وَفِي الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ يُنَجِّسُ الْإِنَاءَ دُونَ الثَّوْبِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ حَسَنٌ لِعَادَةِ تَخْمِيرِ الْإِنَاءِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: بَوْلُ الْهِرَّةِ وَالْفَأْرَةِ إنْ أَصَابَ الثَّوْبَ لَا يُفْسِدُهُ وَقِيلَ إنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ أَفْسَدَ وَهُوَ الظَّاهِرُ (انْتَهَى) . وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا خُرْءُ دُودِ الْقَزِّ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. وَفِي الْقُنْيَةِ: أَبْوَالُ الْبَرَاغِيثِ لَا تَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ وَهُوَ غَرِيبٌ فَلَمْ يُمَيَّزْ لِي أَنَّ لِلْبَرَاغِيثِ بَوْلًا فَلْيُحْفَظْ (25) قَوْلُهُ: اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي بَوْلِ الْهِرَّةِ إلَخْ. فِي النَّهْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: بَوْلُ الْفَأْرَةِ وَالْهِرَّةِ وَخَرْئِهِمَا نَجِسٌ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ يُفْسِدُ الْمَأْكُولَ وَالثَّوْبَ (انْتَهَى) . وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ: النَّجَاسَةُ. وَفِي الْوَاقِعَاتِ: وَبَوْلُ السِّنَّوْرِ نَجِسٌ اتِّفَاقًا (انْتَهَى) . وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ ادَّعَى الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اخْتِلَافَ التَّصْحِيحِ مَا رَأَيْنَاهُ (26) قَوْلُهُ: وَمَرَارَةُ كُلِّ شَيْءٍ كَبَوْلِهِ إلَخْ. فِي الْقُنْيَةِ مَرَارَةُ الشَّاةِ كَالدَّمِ وَقِيلَ كَبَوْلِهَا (انْتَهَى) . وَقَالَ فِي التَّجْنِيسِ: لِأَنَّهُ وَارَاهُ جَوْفُهُ أَلَا تَرَى أَنْ مَا يُوَارِي جَوْفُ الْإِنْسَانِ بِأَنَّ كُلَّ مَا قَاءَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ بَوْلِهِ (انْتَهَى) . قَالَ الْكَمَالُ: وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَذَلِكَ وَإِنْ قَاءَ مِنْ سَاعَتِهِ قَدَّمْنَاهُ فِي النَّوَاقِضِ مَا هُوَ الْأَحْسَنُ يَعْنِي عَدَمَ النَّقْضِ، وَقَدْ صَحَّحَهُ قَوْلُهُ: فَقَاءَ الصَّبِيُّ ارْتَضَعَ ثُمَّ قَاءَ فَأَصَابَ ثِيَابَ الْأُمِّ إنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ مَنَعَ. قَالَ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مَا لَمْ يَفْحُشْ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ

وَجَرَّةُ الْبَعِيرِ كَسِرْقِينِهِ وَالدِّمَاءُ كُلُّهَا نَجِسَةٌ؛ 28 - إلَّا دَمَ الشَّهِيدِ، 29 - وَالدَّمُ الْبَاقِي فِي اللَّحْمِ الْمَهْزُولِ إذَا قُطِعَ، 30 - وَالْبَاقِي فِي الْعُرُوقِ، وَالْبَاقِي فِي الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ، 31 - وَدَمُ قَلْبِ الشَّاةِ، 32 - وَمَا لَمْ يَسِيلُ مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَدَمُ الْبَقِّ وَدَمُ الْبَرَاغِيثِ وَدَمُ الْقَمْلِ وَدَمُ السَّمَكِ. فَالْمُسْتَثْنَى عَشَرَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَكَانَ نَجَاسَةً دُونَ نَجَاسَةِ الْبَوْلِ بِخِلَافِ الْمَرَارَةِ لِأَنَّهَا تَتَغَيَّرُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. كَذَا فِي غَرِيبِ الرِّوَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِيهِ مَا ذَكَرْنَا انْتَهَى كَلَامُ الْكَمَالِ وَالسِّرْقِينُ الرَّوْثُ وَالْبَعْرُ الْخَثَى وَالرَّوْثُ لِلْحِمَارِ وَالْفَرَسِ وَالْخَثَى لِلْبَقَرِ وَالْبَعْرُ لِلْإِبِلِ وَالْغَنَمِ (27) قَوْلُهُ: وَجَرَّةُ الْبَعِيرِ كَسِرْقِينِهِ قِيلَ: جَرَّةُ الْبَعِيرِ هِيَ الَّتِي يُخْرِجُهَا مِنْ فَمِهِ وَقْتَ هَدَرِيَّتِهِ قَالُوا لَا يَعْرِفُ أَحَدٌ أَيَّ شَيْءٍ هَذَا. (28) قَوْلُهُ: إلَّا دَمَ الشَّهِيدِ. يَعْنِي فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَإِنْ وَقَعَ دَمُهُ فِي ثَوْبِ إنْسَانٍ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ وَلَوْ حَمَلَ الشَّهِيدَ إنْسَانٌ جَازَتْ صَلَاتُهُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَفِي الْقُنْيَةِ: وَقَعَ شَهِيدٌ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ وَعَلَى جُرُوحَاتِهِ دَمٌ جَافٌّ لَا يَتَنَجَّسُ. قِيلَ: فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ: الدَّمُ الْكَثِيرُ مَعَ الْمُصَلِّي يَمْنَعُ صَلَاتَهُ إلَّا إذَا حَمَلَ الْمُصَلِّي شَهِيدًا عَلَيْهِ دَمٌ كَثِيرٌ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ أَصَابَ الْمُصَلِّي مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ زَالَ عَنْ الْمَكَانِ الَّذِي حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ فَكَذَا إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ. (29) قَوْلُهُ: وَالدَّمُ الْبَاقِي فِي اللَّحْمِ الْمَهْزُولِ إلَخْ. يَعْنِي فِي حَقِّ الْمَرَقِ لَا الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ. (30) قَوْلُهُ: وَالْبَاقِي فِي الْعُرُوقِ إلَخْ. يَعْنِي لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُعْفَى فِي الْأَكْلِ دُونَ الثِّيَابِ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي. (31) قَوْلُهُ: وَدَمُ قَلْبِ الشَّاةِ إلَخْ. عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ الْكَنْزِ: وَأَمَّا دَمُ قَلْبِ الشَّاةِ فَفِي النَّاطِفِيِّ أَنَّهُ طَاهِرٌ كَدَمِ الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ، وَفِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ نَجِسٌ. (32) قَوْلُهُ: وَمَا لَمْ يَسِلْ مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ عَلَى الْمُخْتَارِ إلَخْ. لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ حَدَثًا

الْخُرْءُ نَجِسٌ 34 - إلَّا خُرْءَ الطَّيْرِ الْمَأْكُولِ وَغَيْرِ الْمَأْكُولِ. 35 - عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. وَخُرْءَ الْفَأْرَةِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. 36 - الْجُزْءُ الْمُنْفَصِلُ مِنْ الْحَيِّ كَمَيْتَتِهِ كَالْأُذُنِ الْمَقْطُوعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَا يَكُونُ نَجِسًا وَأَمَّا دَمُ غَيْرِ الْإِنْسَانِ إذَا لَمْ يَسِلْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ نَجِسًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَسْفُوحٍ وَحِينَئِذٍ فَالتَّقْيِيدُ بِالْإِنْسَانِ اتِّفَاقِيٌّ (33) قَوْلُهُ: الْخُرْءُ نَجِسٌ إلَخْ. قِيلَ: ظَاهِرُ عُمُومِهِ نَجَاسَةُ خُرْءِ السَّمَكِ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا صَرِيحًا لَكِنْ رَأَيْتُ فِي النُّتَفِ مَا نَصُّهُ: وَأَمَّا هَوَامُّ الْأَرْضِ وَدَوَابُّ الْبَحْرِ فَهِيَ وَمَا يَتَحَلَّلُ مِنْهَا مِنْ شَيْءٍ فَغَيْرُ نَجِسٍ وَغَيْرُ مُنَجِّسٍ لِشَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ، وَالتَّنَزُّهُ مِنْهَا أَفْضَلُ فِي قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ الْهَوَامُّ عَلَى وَجْهَيْنِ: مَا لَهُ دَمٌ سَائِلٌ مِثْلُ الْفَأْرَةِ وَالْحَيَّةِ وَالْوَزَغَةِ وَالْقُنْفُذِ فَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَسُؤْرُهَا مَكْرُوهٌ وَإِنْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ يَجْعَلُهُ مَكْرُوهًا وَبَوْلُهَا نَجِسٌ وَمَا لَيْسَ فِيهَا نَفْسٌ سَائِلَةٌ فَإِنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا طَاهِرٌ فَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا أَنَّ خُرْءَ السَّمَكِ طَاهِرٌ (انْتَهَى) . قُلْتُ فَيُزَادُ هَذَا فِي الْمُسْتَثْنَى الْآتِي (34) قَوْلُهُ: إلَّا خُرْءَ الطَّيْرِ الْمَأْكُولِ إلَخْ. قِيلَ: يَدْخُلُ فِي إطْلَاقِ الطَّيْرِ الدَّجَاجُ وَالْإِوَزُّ مَعَ أَنَّ خَرْأَهُمَا نَجِسٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَثُرَ اقْتِنَاؤُهُمَا وَتَرْبِيَتُهُمَا فِي الْبُيُوتِ وَهِيَ مِنْ الدَّوَاجِنِ لَمْ يَدْخُلْ فِي هَذَا الْإِطْلَاقِ. (35) قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ إلَخْ. يَعْنِي قَوْلَ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَنَجِسٌ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَخُرْءُ الْفَأْرَةِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ الرِّوَايَةُ الْغَيْرُ الظَّاهِرَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا (36) قَوْلُهُ: الْجُزْءُ الْمُنْفَصِلُ مِنْ الْحَيِّ كَمَيْتَتِهِ إلَخْ. يَعْنِي فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَالْمُرَادُ الْحَيُّ صُورَةً وَحُكْمًا. وَفِي الْبَحْرِ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ: كُلُّ عُضْوٍ هُوَ عَوْرَةٌ مِنْ الْمَرْأَةِ إذَا انْفَصَلَ عَنْهَا هَلْ يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ: أَحَدُهُمَا يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى رِيقِهَا وَدَمْعِهَا وَالثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَكَذَا الذَّكَرُ الْمَقْطُوعُ مِنْ الرَّجُلِ وَشَعْرُ عَانَتِهِ إذَا حُلِقَ عَلَى هَذَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ (انْتَهَى)

وَالسِّنُّ السَّاقِطُ إلَّا فِي حَقِّ صَاحِبِهِ فَطَاهِرٌ وَإِنْ كَثُرَ مَا لَا يَنْعَصِرُ إذَا تَنَجَّسَ. 38 - فَلَا بُدَّ مِنْ التَّجْفِيفِ إلَّا فِي الْبَدَنِ فَتَوَالِي الْغَسَلَاتِ يَقُومُ مَقَامَهُ. تُشْتَرَطُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ إزَالَةُ الرَّائِحَةِ عَنْ مَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ وَالْإِصْبَعِ الَّذِي اسْتَنْجَى بِهِ إلَّا إذَا عَجَزَ وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ. 39 - تَوَضَّأَ مِنْ مَاءٍ نَجِسٍ وَهُنَاكَ مَنْ يَعْلَمُهُ يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ الْإِعْلَامُ. 40 - رَأَى فِي ثَوْبِ غَيْرِهِ نَجَاسَةً مَانِعَةً إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ أَزَالَهَا وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالسِّنُّ السَّاقِطُ إلَخْ. أَقُولُ فِيهِ إنَّ السِّنَّ السَّاقِطَ لَا تَنْجَسُ بِالِانْفِصَالِ لِأَنَّهُ عَظْمٌ لَا حَيَاةَ فِيهِ كَمَا فِي الْيَتِيمَةِ فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ. وَفِي الْمَجْمَعِ مِنْ مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ وَلَوْ أَعَادَ سِنَّ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ إلَى فِيهِ جَازَتْ صَلَاتُهُ فِي الْأَصَحِّ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ بِهِ لِأَنَّ عَظْمَ الْإِنْسَانِ طَاهِرٌ. فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قُيِّدَ بِالْأَصَحِّ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ شَاذَّةٍ أَنَّ السِّنَّ الْمُنْفَصِلَ مِنْ الْحَيِّ نَجِسٌ (38) قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ التَّجْفِيفِ إلَّا فِي الْبَدَنِ إلَخْ. فِي الْمُلْتَقَطِ جَرَّةٌ مُسْتَعْمَلَةٌ أَصَابَتْهَا النَّجَاسَةُ فَتَشَرَّبَتْ فِيهَا يَكْفِيهِ الْغُسْلُ ثَلَاثًا بِدَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ كَانَ جَدِيدًا يُغْسَلُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيُجَفَّفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْخَزَفِ الْجَدِيدِ وَالْحِنْطَةِ الْمُنْقَعَةِ فِي النَّجَاسَةِ وَالْحَصِيرِ مِنْ الدُّخِّ إذَا تَنَجَّسَ وَالسِّكِّينِ الْمُمَوَّهِ فِي الْمَاءِ النَّجِسِ، وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَالْمُرَادُ بِالتَّجْفِيفِ انْقِطَاعُ التَّقَاطُرِ (39) قَوْلُهُ: تَوَضَّأَ مِنْ مَاءٍ نَجِسٍ إلَخْ. فِي الْقُنْيَةِ: رَأَى رَجُلًا يَتَوَضَّأُ بِمَاءِ حَوْضٍ نَجِسٍ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَهُ وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ لَا يَجِبُ (40) قَوْلُهُ: رَأَى فِي ثَوْبِ غَيْرِهِ نَجَاسَةً إلَخْ. فِي مُعِينِ الْمُفْتِي: وَقِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ إعْلَامُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ (انْتَهَى) . وَفِي الْمُلْتَقَطِ: إذَا رَأَى عَلَى ثَوْبِ غَيْرِهِ نَجَاسَةً أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يُخْبِرُهُ وَلَا يَسَعُهُ تَرْكُهُ

الْمَرَقَةُ إذَا أَنْتَنَتْ لَا تَتَنَجَّسُ، وَالطَّعَامُ إذَا تَغَيَّرَ وَاشْتَدَّ تَغَيُّرُهُ تَنَجَّسَ وَحَرُمَ، وَاللَّبَنُ وَالزَّيْتُ وَالسَّمْنُ إذَا أَنْتَنَ لَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ. الدَّجَاجَةُ إذَا ذُبِحَتْ وَنُتِفَ رِيشُهَا 42 - وَأُغْلِيَتْ فِي الْمَاءِ قَبْلَ شَقِّ بَطْنِهَا صَارَ الْمَاءُ نَجِسًا وَصَارَتْ نَجِسَةً بِحَيْثُ لَا طَرِيقَ لِأَكْلِهَا 43 - إلَّا أَنْ تَحْمِلَ الْهِرَّةَ إلَيْهَا فَتَأْكُلَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْمَرَقَةُ إذَا أَنْتَنَتْ لَا تَنْجَسُ إلَخْ. فِي الْقُنْيَةِ نَقْلًا عَنْ أَبِي حَامِدٍ الْمَرَقَةُ إذَا أَنْتَنَتْ لَا تَنْجَسُ وَنُقِلَ عَنْ صَلَاةِ الْجَلَّابِيِّ: الطَّعَامُ إذَا تَغَيَّرَ وَاشْتَدَّ تَغَيُّرُهُ يَتَنَجَّسُ. وَفِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ إنَّ بِالتَّغَيُّرِ لَا يَحْرُمُ. قَالَ مَجْدُ الْأَئِمَّةِ التَّرْجُمَانِيُّ: فَيُحْمَلُ مَا ذَكَرَهُ الْجَلَّابِيُّ عَلَى غَايَةِ التَّغَيُّرِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَشْرِبَةِ عَلَى نَفْسِ التَّغَيُّرِ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُشْكَلِ الْآثَارِ اللَّحْمُ إذَا أَنْتَنَ يَحْرُمُ أَكْلُهُ السَّمْنُ وَاللَّبَنُ وَالزَّيْتُ وَالدُّهْنُ إذَا أَنْتَنَ لَا يَحْرُمُ. وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ: إذَا وَقَعَ فِي اللَّحْمِ دُودٌ وَأَنْتَنَ فَهُوَ طَاهِرٌ (انْتَهَى) . وَفِي النِّهَايَةِ ثُمَّ الِاسْتِحَالَةُ إلَى فَسَادٍ لَا تُوجِبُ النَّجَاسَةُ لَا مَحَالَةَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِ عِبَارَةِ النِّهَايَةِ وَبِهَذَا عُلِمَ ضَعْفُ مَا فِي الْخِزَانَةِ (42) قَوْلُهُ: وَأُغْلِيَتْ فِي الْمَاءِ إلَخْ. حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يُقَالَ لَوْ أُلْقِيَتْ الدَّجَاجَةُ حَالَ الْغَلَيَانِ فِي الْمَاءِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: لَوْ أُلْقِيَتْ الدَّجَاجَةُ حَالَةَ الْغَلَيَانِ فِي الْمَاءِ قَبْلَ أَنْ يُشَقَّ بَطْنُهَا لِنَتْفِ رِيشِهَا أَوْ كَرِشِهَا قَبْلَ الْغُسْلِ لَا تَطْهُرُ أَبَدًا يَعْنِي لِتَشَرُّبِهَا النَّجَاسَةَ الْمُتَحَلِّلَةَ بِوَاسِطَةِ الْغَلَيَانِ، لَكِنْ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَجِبُ أَنْ تَطْهُرَ عَلَى قَانُونِ مَا تَقَدَّمَ فِي اللَّحْمِ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ اُشْتُهِرَ أَنَّ اللَّحْمَ السَّمِيطَ بِمِصْرَ نَجِسٌ لَا يَطْهُرُ، لَكِنَّ الْعِلَّةَ الْمَذْكُورَةَ لَا تَثْبُتُ حَتَّى يَصِلَ الْمَاءُ إلَى حَدِّ الْغَلَيَانِ وَيَمْكُثُ فِيهِ اللَّحْمُ بَعْدَ ذَلِكَ زَمَانًا يَقَعُ فِي مِثْلِهِ التَّشَرُّبُ وَالدُّخُولُ فِي بَاطِنِ اللَّحْمِ وَكُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ فِي السَّمِيطِ الْوَاقِعِ بِمِصْرَ حَيْثُ لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَى حَدِّ الْغَلَيَانِ وَلَا يُتْرَكُ فِيهِ إلَّا مِقْدَارُ مَا يَصِلُ الْحَرَارَةُ إلَى سَطْحِ الْجِلْدِ (43) قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَحْمِلَ الْهِرَّةَ إلَيْهَا فَتَأْكُلَهَا إلَخْ. نَظِيرُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ: لَا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQتُحْمَلُ الْخَمْرُ إلَى الْخَلِّ لِلتَّخْلِيلِ وَلَكِنْ يُحْمَلُ الْخَلُّ إلَى الْخَمْرِ، وَلَا يَقُودُ أَبَوَيْهِ النَّصْرَانِيُّ إلَى بَيْعَةٍ وَيَقُودُهُ إلَى بَيْتِهِ؛ الْمُؤَذِّنُ يَحْمِلُ السِّرَاجَ مِنْ بَيْتِهِ إلَى الْمَسْجِدِ وَلَا يَحْمِلُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ إلَى بَيْتِهِ

[كتاب الصلاة]

كِتَابُ الصَّلَاةِ إذَا شَرَعَ فِي صَلَاةٍ وَقَطَعَهَا قَبْلَ إكْمَالِهَا فَإِنَّهُ يَقْضِيهَا إلَّا الْفَرْضَ وَالسُّنَنَ 1 - فَلَا قَضَاءَ فِيهِمَا وَإِنَّمَا يُؤَدِّيهِمَا 2 - وَكَذَا إذَا شَرَعَ ظَانًّا أَنَّ عَلَيْهِ فَرْضًا وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الصَّلَاةِ] قَوْلُهُ: فَلَا قَضَاءَ فِيهِمَا إلَخْ. أَيْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْوُجُوبُ بِالشُّرُوعِ وَالْإِفْسَادِ قَبْلَ الْإِكْمَالِ، أَمَّا فِي الْفَرْضِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ قَبْلَ الشُّرُوعِ، وَقَدْ أَفْسَدَهُ فِي وَقْتِهِ قَبْلَ الْإِكْمَالِ فَيُؤَدِّيهِ. وَأَمَّا فِي السُّنَّةِ فَلِأَنَّهَا وَإِنْ وَجَبَتْ بِالشُّرُوعِ إلَّا أَنَّهُ أَفْسَدَهَا فِي الْوَقْتِ فَيُؤَدِّيهَا. هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ وَتَحْقِيقُ مَرَامِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ: أَنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِي سُنَّةٍ مِنْ السُّنَنِ أَوْ التَّرَاوِيحِ لَا يَلْزَمُهُ الْمُضِيُّ وَلَا قَضَاؤُهَا إذَا أَفْسَدَ انْتَهَى وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْمُنْيَةِ وَشَرْحِهَا لِلْبُرْهَانِ الْحَلَبِيِّ: مِنْ أَنَّهُ إذَا شَرَعَ فِي الْأَرْبَعِ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ أَوْ قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَوْ بَعْدَهَا ثُمَّ قَطَعَ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ الْأَرْبَعُ أَيْ قَضَاؤُهَا انْتَهَى. قُلْتُ وَلَوْلَا وُجُوبُ الْمُضِيِّ لَمَا لَزِمَ الْقَضَاءُ. (2) قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا شَرَعَ ظَانًّا أَنَّ عَلَيْهِ فَرْضًا إلَخْ. يَعْنِي وَقَطَعَهُ قَبْلَ إتْمَامِهِ. فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ: وَكَذَا صَلَاةُ الْمَظْنُونِ يَعْنِي كَالصَّوْمِ لَا قَضَاءَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَمْضِيَ فِيهَا بَعْدَ مَا عَلِمَ بِخِلَافِ إحْرَامِ الْمَظْنُونِ حَيْثُ يَكُونُ مَظْنُونًا لِأَنَّ الظَّنَّ يُرَدُّ فِي الْحَجِّ وَكَذَا لَوْ أَدَّى الزَّكَاةَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ. لَمْ يَسْتَرِدَّهَا لِأَنَّهَا وَقَعَتْ صَدَقَةً (انْتَهَى) . وَفِي الزَّيْلَعِيِّ مِنْ بَابِ الْإِحْصَارِ: لَوْ شَرَعَ فِي الْحَجِّ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ أَدَّى الْفَرْضَ لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فِيهِ وَإِنْ أَفْسَدَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ انْتَهَى. وَفِي النِّهَايَةِ مِنْ بَابِ السَّهْوِ: لَوْ تَصَدَّقَ عَلَى فَقِيرٍ عَلَى ظَنِّ أَنَّ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ تَبْقَى لَازِمَةً وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ اسْتِرْدَادِهَا بِحَالٍ (انْتَهَى) . وَاعْلَمْ أَنَّ فِي مَعْنَى الْمَظْنُونِ صَوْمَ يَوْمِ الشَّكِّ تَطَوُّعًا فَإِنَّهُ غَيْرُ مَظْنُونٍ بِالْإِفْسَادِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِهِ: (وَلَا يُصَامُ يَوْمُ الشَّكِّ إلَّا تَطَوُّعًا) . ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْفَرْضِ اتِّفَاقِيٌّ لِأَنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِي النَّفْلِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَانَ مُتَطَوِّعًا، وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ يُتِمُّهُ فَإِنْ أَفْطَرَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قُلْتُ: وَالصَّلَاةُ كَالصَّوْمِ فِي هَذَا. وَقَيَّدَهُ صَاحِبُ

اقْتِدَاءُ الْإِنْسَانِ بِأَدْنَى حَالًا مِنْهُ فَاسِدٌ مُطْلَقًا وَبِالْأَعْلَى صَحِيحٌ مُطْلَقًا وَبِالْمُمَاثِلِ صَحِيحٌ 4 - إلَّا ثَلَاثَةً: الْمُسْتَحَاضَةُ 5 - وَالضَّالَّةُ وَالْخُنْثَى. 6 - الْقِرَاءَةُ فِي الْفَرْضِ الرُّبَاعِيِّ فَرْضٌ فِي رَكْعَتَيْنِ إلَّا فِيمَا إذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ بَعْدَ الْأُولَيَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ قَرَأَ فِيهِمَا فَاسْتَحْلَفَ مَسْبُوقًا بِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْهِدَايَةِ فِي التَّجْنِيسِ: بِأَنْ لَا يَمْضِيَ عَلَيْهِ سَاعَةٌ مِنْ حَيْثُ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ مَضَى سَاعَةٌ ثُمَّ أَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، لِأَنَّهُ لَمَّا مَضَى عَلَيْهِ سَاعَتُهُ صَارَ كَأَنَّهُ نَوَى الْمُضِيَّ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ صَارَ شَارِعًا فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ، ثُمَّ إذَا نَوَى الصَّوْمَ لِلْقَضَاءِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ حَتَّى لَا تَصِحَّ نِيَّتُهُ عَنْ الْقَضَاءِ يَصِيرُ صَائِمًا، وَإِنْ أَفْطَرَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ، كَمَا إذَا نَوَى التَّطَوُّعَ ابْتِدَاءً وَهَذِهِ تَرِدُ إشْكَالًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَظْنُونِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ عِنْدَ (قَوْلِهِ: وَلِلْمَقْطُوعِ بِغَيْرِ عُذْرٍ) ثُمَّ إفْسَادُ الصَّوْمِ أَوْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِمَا مَكْرُوهٌ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَلَيْسَ بِحَرَامٍ لِأَنَّ الدَّلِيلَ لَيْسَ قَطْعِيَّ الدَّلَالَةِ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْفَتْحِ (3) قَوْلُهُ: اقْتِدَاءُ الْإِنْسَانِ بِأَدْنَى حَالًا مِنْهُ فَاسِدٌ مُطْلَقًا إلَخْ. وَذَلِكَ كَأَنْ يَقْتَدِيَ الْقَارِئُ بِالْأُمِّيِّ، وَالْمُسْتَتِرُ بِالْعَارِي، وَالنَّاطِقُ بِالْأَخْرَسِ. وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَفْصِيلًا سَابِقًا وَلَا لَاحِقًا يَكُونُ الْإِطْلَاقُ فِي مُقَابِلَتِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا. (4) قَوْلُهُ: إلَّا ثَلَاثَةً الْمُسْتَحَاضَةُ إلَخْ. نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى وَعِبَارَتُهُ: اقْتِدَاءُ الْمُسْتَحَاضَةِ بِالْمُسْتَحَاضَةِ، وَالضَّالَّةِ بِالضَّالَّةِ، لَا يَجُوزُ كَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ بِالْمُشْكِلِ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: لَعَلَّهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ حَائِضًا أَمَّا إذَا انْتَفَى الِاحْتِمَالُ فَيَنْبَغِي الْجَوَازُ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُتَّحِدِ، وَإِنَّمَا لَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ بِمِثْلِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ امْرَأَةً وَالْمُقْتَدِي رَجُلًا. كَذَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ. (5) قَوْلُهُ: وَالضَّالَّةُ إلَخْ. أَيْ أَيَّامَ عَادَتِهَا فِي الْحَيْضِ، وَهِيَ الْمُتَحَيِّرَةُ وَالْمُحَيَّرَةُ (6) قَوْلُهُ: الْقِرَاءَةُ فِي الْفَرْضِ الرُّبَاعِيِّ فَرْضٌ إلَخْ. الْأُولَى أَنْ يَقُولَ فِي غَيْرِ الثُّنَائِيِّ لِئَلَّا يَرِدَ عَلَيْهِ الْمَغْرِبُ.

فَإِنَّهَا فَرْضٌ عَلَيْهِ فِي الْأَرْبَعِ. 8 - الْمَسْبُوقُ مُنْفَرِدٌ فِيمَا يَقْضِي إلَّا فِي أَرْبَعٍ 9 - لَا يَقْتَدِي وَلَا يُقْتَدَى بِهِ، 10 - وَلَوْ كَبَّرَ نَاوِيًا الِاسْتِئْنَافَ صَحَّ 11 - وَيُتَابِعُ إمَامَهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ سَجَدَ آخِرَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنَّهَا فَرْضٌ عَلَيْهِ إلَخْ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ تَعَيَّنَ الْأَوْلَى عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ، لِعَدَمِ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ فَلَمَّا قَرَأَ الْتَحَقَتْ الْقِرَاءَةُ بِأَوَّلِ صَلَاةِ الْإِمَامِ. فَخَلَتْ رَكْعَةُ الْمَسْبُوقِ مِنْهَا فَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ فِيمَا بَقِيَ. (8) قَوْلُهُ: الْمَسْبُوقُ مُنْفَرِدٌ فِيمَا يَقْضِي إلَخْ. يَعْنِي فِي حَقِّ الْأَفْعَالِ، أَمَّا فِي حَقِّ التَّحْرِيمَةِ فَهُوَ مُقْتَدٍ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ غَيْرِهِ بِهِ فَجُعِلَ كَأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي حَقِّ التَّحْرِيمَةِ. كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِي التَّبْيِينِ مِنْ بَابِ إضَافَةِ الْإِحْرَامِ الْمَسْبُوقُ: إذَا قَامَ لِقَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ هُوَ مُقْتَدٍ تَحْرِيمَةً لِأَنَّهُ الْتَزَمَ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ فَلَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَهُوَ مُنْفَرِدٌ أَدَاءً حَتَّى تَلْزَمَهُ الْقِرَاءَةُ وَسُجُودُ السَّهْوِ بِسَهْوِهِ. (9) قَوْلُهُ: لَا يَقْتَدِي وَلَا يُقْتَدَى بِهِ إلَخْ. لِأَنَّهُ بَانَ مِنْ حَيْثُ التَّحْرِيمَةُ. أَمَّا لَوْ نَسِيَ أَحَدُ الْمَسْبُوقَيْنِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ كَمِّيَّةَ مَا عَلَيْهِ. فَلَاحَظَ صَاحِبُهُ فِي الْقَضَاءِ مِنْ غَيْرِ اقْتِدَاءٍ صَحَّ (10) قَوْلُهُ: وَلَوْ كَبَّرَ نَاوِيًا الِاسْتِئْنَافَ صَحَّ إلَخْ. أَيْ يَصِيرُ مُسْتَأْنِفًا قَاطِعًا لِلْأُولَى. بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَبَّرَ نَاوِيًا الِاسْتِئْنَافَ لَا يَصِيرُ مُسْتَأْنِفًا مَا لَمْ يَنْوِ صَلَاةً أُخْرَى غَيْرَ الَّتِي هُوَ فِيهَا عَلَى مَا سَبَقَ، قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: شَكَّ الْمَسْبُوقُ بَعْدَ مَا قَامَ إلَى الْقَضَاءِ أَنَّهُ سُبِقَ بِرَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ فَكَبَّرَ، يَنْوِي الِاسْتِقْبَالَ، خَرَجَ عَنْ صَلَاتِهِ. وَكَذَا لَوْ سَلَّمَ سَاهِيًا فَظَنَّ أَنَّ صَلَاتَهُ فَسَدَتْ فَكَبَّرَ يَنْوِي الِاسْتِقْبَالَ، خَرَجَ مِنْ صَلَاتِهِ، بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ: إذَا شَكَّ فَكَبَّرَ حَيْثُ لَا يَخْرُجُ لِأَنَّ صَلَاتَهُ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ انْتَهَى (11) قَوْلُهُ: وَيُتَابِعُ إمَامَهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ سَجَدَ آخِرَهَا إلَخْ. اعْلَمْ أَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا قَامَ إلَى قَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ الْإِمَامُ، ثُمَّ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ أَنَّ عَلَيْهِ سُجُودَ السَّهْوِ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَ الْمَسْبُوقَ رَكْعَةً بِسَجْدَةٍ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْفُضَ ذَلِكَ وَيَعُودَ

وَيَأْتِي بِتَكْبِيرَاتِ التَّشْرِيقِ إجْمَاعًا. 13 - الْمَسْبُوقُ لَا يَكُونُ إمَامًا إلَّا إذَا اسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ الْمُحْدِثُ. 14 - كَمَا ذَكَرَهُ مُلَّا خُسْرو، 15 - وَالْمَسْبُوقُ يَقْضِي أَوَّلَ صَلَاتِهِ فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ وَآخِرَهَا فِي حَقِّ التَّشَهُّدِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ. ثُمَّ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ إلَى قَضَاءِ مَا سَبَقَ بِهِ وَلَا يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَ مِنْ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ، وَلَوْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْإِمَامِ وَمَضَى عَلَى صَلَاتِهِ يَجُوزُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بَعْدَ مَا فَرَغَ مِنْ الْقَضَاءِ اسْتِحْسَانًا. وَلَوْ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ مَا قَيَّدَ الْمَسْبُوقُ رَكْعَةً بِسَجْدَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ إلَى الْإِمَامِ وَلَا يُتَابِعُهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ. وَإِنْ تَابَعَهُ فِيهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَزِيَادَةِ رَكْعَةٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ. وَبِهِ يَتَّضِحُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (12) قَوْلُهُ: وَيَأْتِي بِتَكْبِيرَاتِ التَّشْرِيقِ إجْمَاعًا إلَخْ. يَعْنِي بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ، فَلَا يَأْتِي بِهَا عِنْدَهُ وَيَأْتِي بِهَا عِنْدَهُمَا (13) قَوْلُهُ: الْمَسْبُوقُ لَا يَكُونُ إمَامًا إلَّا إذَا اسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ الْمُحْدِثُ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمَسْبُوقِ بَلْ الْمُدْرِكِ. كَذَلِكَ أَقُولُ إنَّمَا خُصَّ الْمَسْبُوقُ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِيهِ. (14) قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ مُلَّا خُسْرو إلَخْ. وَأَقُولُ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُنَا، غَيْرَ مَا ذَكَرَهُ مُلَّا خُسْرو، بَلْ مَا ذَكَرَهُ هُوَ سَهْوٌ، كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَاسْتَثْنَى مُلَّا خُسْرو مِنْ قَوْلِهِمْ: لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالْمَسْبُوقِ، إلَّا أَنَّ إمَامَهُ لَوْ أَحْدَثَ فَاسْتَخْلَفَهُ صَحَّ اسْتِخْلَافُهُ وَصَارَ إمَامًا انْتَهَى. وَهُوَ سَهْوٌ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِيمَا إذَا قَامَ إلَى قَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ أَصْلًا، فَلَا اسْتِثْنَاءَ. انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ (15) قَوْلُهُ: الْمَسْبُوقُ يَقْضِي أَوَّلَ صَلَاتِهِ فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ إلَخْ. حَتَّى لَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْمَغْرِبِ، قَضَى رَكْعَتَيْنِ وَفَصَلَ بِقَعْدَةٍ فَتَكُونُ بِثَلَاثِ قَعَدَاتٍ، وَقَرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةً وَسُورَةً، فَلَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي أَحَدِهِمَا فَسَدَتْ. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي

لَا اعْتِبَارَ بِنِيَّةِ الْكَافِرِ إلَّا إذَا قَصَدَ السَّفَرَ ثَلَاثًا ثُمَّ أَسْلَمَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَإِنَّهُ يَقْصِرُ بِنَاءً عَلَى قَصْدِهِ السَّابِقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَحْرِ: أَنَّ الْمَسْبُوقَ يَقْضِي أَوَّلَ صَلَاتِهِ فِي الْأَذْكَارِ. وَقَدْ خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةٌ ذَكَرُوهَا فِي بَابِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ حَيْثُ قَالُوا: الْمَسْبُوقُ بِرَكْعَةٍ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ إذَا قَامَ إلَى الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ لِأَنَّهُ لَوْ بَدَأَ بِالتَّكْبِيرَاتِ يَصِيرُ مُوَالِيًا بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ، وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْمُحِيطِ وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ: الْمَسْبُوقُ مَا يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ آخِرُ صَلَاتِهِ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ أَوَّلُهَا، وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي الِاسْتِفْتَاحِ، فَإِنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَسْتَفْتِحُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا، وَلَوْ قَامَ إلَى الْقَضَاءِ يَسْتَفْتِحُ خِلَافًا لَهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَكَذَا تَظْهَرُ فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ فَإِنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ وَهُوَ وَإِمَامُهُ يَرَيَانِ رَأْيَ ابْنِ مَسْعُودٍ، ثُمَّ قَامَ إلَى الْقَضَاءِ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَقْرَأُ أَوَّلًا ثُمَّ يُكَبِّرُ. وَعِنْدَهُمَا يُكَبِّرُ أَوَّلًا ثُمَّ يَقْرَأُ. وَذَكَرَ بَكْرٌ فِي بَابِ الْعِيدِ. الْمَسْبُوقُ مَا يَقْضِي آخِرُ صَلَاتِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ إلَّا فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ وَالْقُنُوتِ، وَذَكَرَ أَبُو ذَرٍّ وَاتَّفَقُوا أَنَّ مَا يَقْضِي أَوَّلُ صَلَاتِهِ فِي حَقِّ الْقُنُوتِ وَفِي حَقِّ الْقَعْدَةِ آخِرُ صَلَاتِهِ وَفِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ أَوَّلُهَا حَتَّى لَوْ سُبِقَ بِرَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ قَرَأَ فِيمَا يَقْضِي الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ. وَذَكَرَ الْجَلَّابِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ لِأَنَّهُ يَقْضِي آخِرَ صَلَاتِهِ عِنْدَهُ. وَفِي التَّفَارِيقِ لَا يَقْنُتُ فِيمَا يَقْضِي وَإِنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فِي الثَّالِثَةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ أَيْضًا. وَفِي النَّظْمِ: الْمَسْبُوقِ يَقْضِي أَوَّلَ صَلَاتِهِ فِي ظَاهِرِ الْأُصُولِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ آخِرَهَا انْتَهَى. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْبُوقَ لَا يَقُومُ قَبْلَ السَّلَامِ بَعْدَ قُعُودِهِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ، وَلَوْ قَامَ صَحَّ. وَيُكْرَهُ تَحْرِيمًا إلَّا فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا: إذَا خَافَ وَهُوَ مَاسِحٌ تَمَامَ مُدَّةٍ الْمَسْحِ، لَوْ انْتَظَرَ سَلَامَ الْإِمَامِ. وَمِنْهَا: لَوْ خَافَ الْمَسْبُوقُ فِي الْجُمُعَةِ خُرُوجَ الْوَقْتِ. وَمِنْهَا: لَوْ خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْفَجْرِ. وَمِنْهَا: لَوْ خَافَ الْمَعْذُورُ خُرُوجَ الْوَقْتِ. وَمِنْهَا: لَوْ خَافَ أَنْ يَبْتَدِرَهُ الْحَدَثُ. وَمِنْهَا: لَوْ خَافَ أَنْ يَمُرَّ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ، كَمَا فِي الْفَتْحِ، بَقِيَ لَوْ قَامَ حَيْثُ لَا يَصِحُّ قِيَامُهُ وَفَرَغَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَتَابَعَهُ فِي السَّلَامِ. قِيلَ: تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَالْفَتْوَى أَنْ لَا تَفْسُدَ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ اقْتِدَاؤُهُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ مُفْسِدًا لِوُقُوعِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ، فَصَارَ كَتَعَمُّدِ الْحَدَثِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (16) قَوْلُهُ: لَا اعْتِبَارَ بِنِيَّةِ الْكَافِرِ إلَّا إذَا قَصَدَ السَّفَرَ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا يَحْتَاجُ

بِخِلَافِ الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ ، كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ إذَا كَرَّرَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي مَكَانٍ مُتَّحِدٍ كَفَتْهُ وَاحِدَةٌ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ؛ إذَا قَرَأَهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ وَسَجَدَ لَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا فِي مَكَانِهِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ أُخْرَى. 18 - لَا يُكَبِّرُ جَهْرًا إلَّا فِي مَسَائِلَ: فِي عِيدِ الْأَضْحَى، وَفِي يَوْمِ عَرَفَةَ 19 - لِلتَّشْرِيقِ. وَبِإِزَاءِ عَدُوٍّ وَبِإِزَاءِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ، وَعِنْدَ وُقُوعِ حَرِيقٍ، وَعِنْدَ الْمَخَاوِفِ. كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى تَأَمُّلٍ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ نِيَّتَهُ فِي الْعِبَادَاتِ فَلَا يَدْخُلُ السَّفَرُ، فَلَا يُسْتَثْنَى، وَإِنْ أَرَادَ فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا فَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْعِتْقُ يَصِحُّ مِنْهُ، وَيُجَازَى عَلَى نِيَّتِهِ فِي الدُّنْيَا. انْتَهَى. أَقُولُ: يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِاخْتِيَارِ الشِّقِّ الثَّانِي. وَلَا يَرِدُ الْعِتْقُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ وَضْعًا، وَلِذَا صَحَّ مِنْ الْكَافِرِ عَلَى أَنَّ فِي دَعْوَى أَنَّ السَّفَرَ لَا يَكُونُ عِبَادَةً نَظَرًا فَتَأَمَّلْ. وَهُنَا مَسْأَلَةٌ تُسْتَثْنَى، لَا إشْكَالَ فِي اسْتِثْنَائِهَا، وَهِيَ مَا إذَا تَيَمَّمَ الْكَافِرُ بِنِيَّةِ الْإِسْلَامِ يَصِيرُ مُسْلِمًا وَيَصِحُّ تَيَمُّمُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ لِلْقَلَانِسِيِّ. (17) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ إلَخْ. أَقُولُ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ النِّيَّةِ مِنْ الصَّبِيِّ الْبُلُوغُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْفَنِّ الْأَوَّلِ: أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ النِّيَّةِ مِنْ الصَّبِيِّ التَّمْيِيزُ لَا الْبُلُوغُ فَلْيُحْرَزْ (18) قَوْلُهُ: لَا يُكَبِّرُ جَهْرًا إلَّا فِي مَسَائِلَ إلَخْ. فِي شَرْحِ التُّمُرْتَاشِيِّ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: قَالَ مَشَايِخُنَا: التَّكْبِيرُ جَهْرًا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَيَّامِ لَا يُسَنُّ إلَّا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَاللُّصُوصِ. ثُمَّ قَاسَ الْبَعْضُ عَلَى هَذَا الْحَرِيقَ وَالْمَخَاوِفَ كُلَّهَا انْتَهَى. (19) قَوْلُهُ: لِلتَّشْرِيقِ إلَخْ. لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِمَا قَبْلَهُ، وَجَعْلُ اللَّامِ بِمَعْنَى إلَى لِلْغَايَةِ لَا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ لِأَنَّهُ إنْ جُعِلَتْ الْغَايَةُ دَاخِلَةً فِي الْمُغْيَا كَانَ جَرْيًا عَلَى قَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ الْمُعْتَبَرَةِ وَإِنْ جُعِلَتْ خَارِجَةً، لَمْ يَصِحَّ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ

النِّيَّةُ بِالْقَلْبِ وَلَا يَقُومُ اللِّسَانُ مَقَامَهُ إلَّا عِنْدَ التَّعَذُّرِ كَمَا فِي الشَّرْحِ. 21 - الدَّعْوَةُ الْمُسْتَجَابَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ عِنْدَنَا عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ مَشَايِخِنَا، كَذَا فِي الْيَتِيمَةِ. 22 - إذَا صَحَّتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ صَحَّتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ، إلَّا إذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ عَامِدًا بَعْدَ الْقُعُودِ الْأَخِيرِ وَخَلْفَهُ مَسْبُوقٌ فَإِنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ صَحِيحَةٌ دُونَ صَلَاةِ هَذَا الْمَأْمُومِ. إذَا فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْإِمَامِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: النِّيَّةُ بِالْقَلْبِ وَلَا يَقُومُ اللِّسَانُ مَقَامَهُ إلَّا عِنْدَ التَّعَذُّرِ إلَخْ. بِأَنْ لَا يَقْدِرَ أَنْ يُحْضِرَ قَلْبَهُ لِيَنْوِيَ بِقَلْبِهِ أَوْ بِأَنْ يَشُكَّ فِي النِّيَّةِ. كَمَا فِي الْقُنْيَةِ (21) قَوْلُهُ: الدَّعْوَةُ الْمُسْتَجَابَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ عِنْدَنَا إلَخْ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهَا دَائِرَةٌ فِي جَمِيعِ وَقْتِهِ، وَهُوَ مِنْ حِينِ بُلُوغِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ أَوْ مِثْلَيْهِ عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ إلَى الْغُرُوبِ (22) قَوْلُهُ: إذَا صَحَّتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ صَحَّتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ إلَّا إذَا أَحْدَثَ إلَخْ. أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ مَا إذَا قَامَ الْإِمَامُ إلَى الْخَامِسَةِ قَبْلَ الْقَعْدَةِ ثُمَّ عَادَ، وَلَمْ يُعِدْ الْمُقْتَدِي بِأَنْ قَيَّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ. جَازَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ. وَاخْتَلَفُوا فِي صَلَاةِ الْمُقْتَدِي وَالْأَحْوَطُ الْإِعَادَةُ كَمَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ، بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: وَإِذَا فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ فَائِتَةً بَعْدَ الْفَرَاغِ وَخَلْفَهُ مَسْبُوقٌ وَلَاحِقٌ، لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ. وَالْأَظْهَرُ أَنْ تَفْسُدَ صَلَاةُ اللَّاحِقِ، يَعْنِي لِأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ حُكْمًا بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ فَإِنَّهُ مُنْفَرِدٌ فِيمَا يَقْضِي، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَكَذَا لَوْ ارْتَدَّ الْإِمَامُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ، يَعْنِي لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ وَتَفْسُدُ صَلَاةُ اللَّاحِقِ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ أَمَّ وَاحِدٌ فَأَحْدَثَ، فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يَتَعَيَّنُ لِلْخِلَافَةِ، نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ، وَالْإِمَامُ الْأَوَّلُ يُتِمُّ صَلَاتَهُ مُقْتَدِيًا بِالثَّانِي حَتَّى لَوْ كَانَ الْإِمَامُ مُفْتَرِضًا، فَأَحْدَثَ فَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَكَانَ الْمَأْمُومُ مُتَنَفِّلًا، فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ دُونَ الْمَأْمُومِ.

إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ: اقْتَدَى قَارِئٌ بِأُمِّيٍّ فَصَلَاتُهُمَا فَاسِدَةٌ، 24 - وَالْمَسْأَلَتَانِ فِي الْإِيضَاحِ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَشُرُوعُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ إلَخْ. قِيلَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَسَادُ صَلَاةِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَقَدْ يُقَالُ: تَصْرِيحُهُمْ بَعْدَ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ، لَا يَسْتَلْزِمُ الْفَسَادَ بَلْ مُقْتَضَاهُ كَوْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا وَمِنْ ثَمَّةَ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْإِمَامَ إذَا لَمْ يَنْوِ إمَامَةَ الْمَرْأَةِ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهَا بِهِ، وَتَكُونُ مُنْفَرِدَةً. فَإِنْ قَرَأَتْ تَمَّتْ صَلَاتُهَا وَالْأَوْجَبُ عَلَيْهَا الْإِعَادَةُ لِعَدَمِ الْقِرَاءَةِ، فَهَذَا نَصٌّ فِي اقْتِضَاءِ عَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ الِانْفِرَادَ دُونَ الْفَسَادِ، فَتَدَبَّرْ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ انْتَهَى. أَقُولُ: دَعْوَى أَنَّ تَصْرِيحَهُمْ بِعَدَمِ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ لَا يَسْتَلْزِمُ الْفَسَادَ، بَلْ مُقْتَضَاهُ كَوْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا، مَمْنُوعٌ فَقَدْ صَرَّحَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي الَّذِي جَمَعَ فِيهِ كَلَامَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي هِيَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ: أَنَّ الْقَارِئَ لَوْ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْأُمِّيِّ تَطَوُّعًا، أَوْ فِي صَلَاةِ امْرَأَةٍ، أَوْ جُنُبٍ، أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، ثُمَّ أَفْسَدَهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي صَلَاةٍ تَامَّةٍ فَقَدْ اسْتَلْزَمَ عَدَمُ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ الْفَسَادَ دُونَ الِانْفِرَادِ، وَأَمَّا مَا صَحَّحَهُ فِي السِّرَاجِ مِنْ صِحَّةِ الشُّرُوعِ فِي صَلَاةِ نَفْسِهِ، فَخِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِفَسَادِ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي. وَأَمَّا فَسَادُ صَلَاةِ الْأُمِّيِّ الْإِمَامِ فَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ: صَلَاتُهُ تَامَّةٌ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ، وَلَهُ أَنَّهُ تَرَكَ فَرْضَ الْقِرَاءَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَهَذَا لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِالْقَارِئِ تَكُونُ قِرَاءَتُهُ قِرَاءَةً لَهُ، وَأَمَّا مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْمَرْأَةُ إذَا لَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ إمَامَتَهَا فَغَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا دُخُولَ الْمَرْأَةِ فِي صَلَاتِهِ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ إمَامَتِهَا، فَصَارَتْ مُنْفَرِدَةً بِصَلَاةِ نَفْسِهَا، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ، فَإِنَّ نِيَّةَ الْإِمَامَةِ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ فَكَيْفَ يَكُونُ نَصًّا فِي اقْتِضَاءِ عَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ الِانْفِرَادَ دُونَ الْفَسَادِ فِيمَا الْكَلَامُ فِيهِ؟ فَتَأَمَّلْهُ أَيُّهَا النَّبِيهُ. (24) قَوْلُهُ: وَالْمَسْأَلَتَانِ فِي الْإِيضَاحِ إلَخْ. يَعْنِي إيضَاحَ الْكَرْمَانِيِّ فِي بَابِ فَسَادِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ بِفَسَادِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَعِبَارَتُهُ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ بِفَسَادِ صَلَاةِ الْإِمَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ أَكْمَلَ فَرْضَهُ: وَصُورَةُ ذَلِكَ، إذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ فَاسْتَخْلَفَ مَسْبُوقًا فَلَمَّا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ قَهْقَهَ أَوْ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا، فَسَدَتْ صَلَاةُ الْخَلِيفَةِ، وَصَلَاةُ الْمُقْتَدِي

لَتَحْصِيلُ الرَّكْعَةِ فِي الصَّفِّ الْأَخِيرِ أَفْضَلُ مِنْ وَصْلِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ مَعَ فَوْتِهَا 26 - شَرَعَ مُتَنَفِّلًا بِثَلَاثٍ وَسَلَّمَ لَزِمَهُ قَضَاءَ رَكْعَتَيْنِ. 27 - شَرَعَ فِي الْفَجْرِ نَاسِيًا سُنَّتَهُ مَضَى وَلَا يَقْضِيهَا. 28 - الِاشْتِغَالُ بِالسُّنَّةِ عَقِبَ الْفَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ الدُّعَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَامَّةٌ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَنَّ صَلَاةَ الْمُقْتَدِي أَيْضًا فَاسِدَةٌ. فِي قَوْلِ الْإِمَامِ. وَقَالَا: لَا تَفْسُدُ وَلَوْ تَكَلَّمَ الْإِمَامُ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ، فِي قَوْلِهِمْ ثُمَّ قَالَ فِي بَابِ اخْتِلَافِ فَرْضِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ: لَا يَؤُمُّ الْعُرْيَانُ اللَّابِسِينَ، وَلَا صَاحِبُ الْعُذْرِ الدَّائِمِ الْأَصِحَّاءَ، وَلَا الْأُمِّيُّ الْقَارِئَ، وَلَا الْأَخْرَسُ الْمُتَكَلِّمَ وَلَا الْأُمِّيَّ، وَلَا يَؤُمُّ الْمُومِئُ لِمَنْ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ. وَقَالَ زُفَرُ يَجُوزُ وَلَا تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ وَإِنْ اقْتَدَى أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ بِبَعْضِ مَنْ ذَكَرْنَا فَصَلَاةُ الْأُمِّيِّ وَالْقَارِئِ فَاسِدَةٌ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - صَلَاةُ الْأُمِّيِّ وَمَنْ لَا يَقْرَأُ تَامَّةٌ (25) قَوْلُهُ: فَشُرُوعُهُ لِتَحْصِيلِ الرَّكْعَةِ فِي الصَّفِّ الْأَخِيرِ إلَخْ. أَفْضَلُ مِنْ وَصْلِ الصَّفِّ. أَقُولُ لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ تَقْرُبُ مِنْ الْوَاجِبِ، بَلْ قِيلَ: وُجُوبُهَا بِخِلَافِ وَصْلِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ (26) قَوْلُهُ: شَرَعَ مُتَنَفِّلًا بِثَلَاثٍ وَسَلَّمَ إلَخْ. فِي الْبَحْرِ إذَا صَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ بِقَعْدَةٍ وَاحِدَةٍ، الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَفَسَدَ الشَّفْعُ لِأَنَّ مَا تُصَلَّ بِهِ الْقَعْدَةُ وَهِيَ الرَّكْعَةُ الْأَخِيرَةُ فَسَدَتْ لِأَنَّ التَّنَفُّلَ بِالرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَيَنْفَدُ مَا قَبْلَهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ (27) قَوْلُهُ: شَرَعَ فِي الْفَجْرِ نَاسِيًا سَنَتَهُ مَضَى وَلَا يَقْضِيهَا إلَخْ. لِأَنَّ سُنَّةَ الْفَجْرِ لَا تُقْضَى إلَّا إذَا فَاتَتْ مَعَ الْفَرْضِ فَتُقْضَى تَبَعًا بِهِ سَوَاءٌ قَضَاهُ مَعَ الْجَمَاعَةِ، أَوْ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي السُّنَّةِ أَنْ لَا تُقْضَى لِاخْتِصَاصِ الْقَضَاءِ بِالْفَرَائِضِ، وَالْوَاجِبُ وَالْحَدِيثُ وَرَدَ فِي قَضَائِهَا تَبَعًا لِلْفَرْضِ فِي غَدَاةِ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ. فَبَقِيَ مَا رَوَاهُ عَلَى الْأَصْلِ (28) قَوْلُهُ: الِاشْتِغَالُ بِالسُّنَّةِ عَقِيبَ الْفَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ الدُّعَاءِ إلَخْ. ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْرَأَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالسُّنَّةِ الْأَوْرَادَ انْتَهَى. أَقُولُ لَا

قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ أَفْضَلُ مِنْ الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ. 30 - كُلُّ ذِكْرٍ فَاتَ مَحَلُّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ، فَلَا يُكْمِلُ التَّسْبِيحَاتِ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ، وَلَا يَأْتِي بِالتَّسْمِيعِ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ الرُّكُوعِ. 31 - صَلَّى مَكْشُوفَ الرَّأْسِ لَمْ يُكْرَهْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQبَأْسَ، يَسْتَعْمِلُ لِمَا تَرْكُهُ أَوْلَى وَمَا تَرْكُهُ أَوْلَى، مَرْجِعُهُ إلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ قِرَاءَةَ الْأَوْرَادِ بَيْنَ الْفَرِيضَةِ وَالسُّنَّةِ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهِيًّا (29) قَوْلُهُ: قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ أَفْضَلُ مِنْ الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ إلَخْ. قِيلَ مُرَادُهُ قِرَاءَتُهَا حَتْمًا لِلصَّوْتِ لَا لِلْمُهِمَّاتِ عَقِيبَ الْمَكْتُوبَةِ لِمَا ذَكَرَهُ آخِرَ الْبَابِ: مِنْ أَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ لِأَجْلِ الْمُهِمَّاتِ عَقِيبَ الْمَكْتُوبَةِ بِدْعَةٌ (انْتَهَى) . وَقِيلَ لَمْ يُبَيِّنْ مَوْطِنَ ذَلِكَ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي تُنْدَبُ فِيهِ الْأَدْعِيَةُ الْمَأْثُورَةُ خَارِجَ الصَّلَاةِ تَكُونُ الْفَاتِحَةُ فِيهِ أَفْضَلَ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالدُّعَاءِ (30) قَوْلُهُ: كُلُّ ذِكْرٍ فَاتَ مَحَلُّهُ إلَخْ. أَقُولُ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا أَدْرَكَ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فِي الرُّكُوعِ، وَخَافَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يَرْكَعُ وَيَأْتِي بِالتَّكْبِيرَاتِ فِي الرُّكُوعِ عِنْدَهُمَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: سَقَطَتْ عَنْهُ لِأَنَّ مَحَلَّهَا الْقِيَامُ الْمُطْلَقُ كَالْقُنُوتِ، وَإِذَا أَتَى بِالتَّكْبِيرَاتِ عِنْدَهُمَا هَلْ يَرْفَعُ يَدَيْهِ؟ قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ لِأَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ سُنَّةٌ فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ. كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. بَقِيَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ وَهُوَ فِي الرُّكُوعِ يَعُودُ إلَى الْقِيَامِ عَلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْكَافِي. وَكَذَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. وَصَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِهِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ: أَنَّهُ يَجُوزُ رَفْضُ رُكْنٍ لَمْ يَتِمَّ لِأَجْلِ وَاجِبٍ لَمْ يَفُتْ مَحَلُّهُ، فَعَلَى هَذَا جَازَ رَفْضُ الرُّكُوعُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمّ لِأَنَّ تَمَامَهُ بِالرَّفْعِ لِأَجْلِ تَكْبِيرِ الْعِيدِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ لَمْ يَفُتْ مَحَلُّهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّ الرَّاكِعَ قَائِمٌ حُكْمًا. قَالَ الْبُرْهَانُ الْحَلَبِيُّ: الْفَرْقُ بَيْنَ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ وَالْقُنُوتِ؛ لَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَهُ وَهُوَ فِي الرُّكُوعِ لَا يَعُودُ، وَلَا يَقْنُتُ. فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ مُشْكِلٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِلْفَرْقِ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ كَوْنُ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ دُونَ الْقُنُوتِ (انْتَهَى) . وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ الْمُصَنِّفُ بِالْفَرْقِ لِيُرَاجَعْ (31) قَوْلُهُ: صَلَّى مَكْشُوفَ الرَّأْسِ لَمْ يُكْرَهْ إلَخْ. أَقُولُ: قُيِّدَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِي

الرَّبَاعِيَةُ الْمَسْنُونَةُ كَالْفَرْضِ فَلَا يُصَلِّي فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى 33 - وَلَا يَسْتَفْتِحُ إذَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ. 34 - إلَّا فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ فَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي جَمِيعِ رَكَعَاتِهَا، يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ. الْأَوْلَى: أَنْ لَا يُصَلِّي عَلَى مِنْدِيلِ الْوُضُوءِ الَّذِي يَمْسَحُ بِهِ 35 - كُلُّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ مَكْرُوهٍ تَحْرِيمًا، فَإِنَّهَا تُعَادُ وُجُوبًا فِي الْوَقْتِ، فَإِنْ خَرَجَ لَا تُعَادُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَزَّازِيَّةِ بِمَا إذَا كَانَ الْكَشْفُ لِلتَّضَرُّعِ، أَمَّا إذَا كَانَ لِلتَّهَاوُنِ بِالصَّلَاةِ فَيُكْرَهُ، وَأَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ فِي الْمُلْتَقَطِ فَقَالَ: لَوْ حَسَرَ الرَّأْسَ تَهَاوُنًا بِالصَّلَاةِ يُكْرَهُ وَلَوْ حَسَرَهُ تَضَرُّعًا يُكْرَهُ أَيْضًا (انْتَهَى) . وَهُوَ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ وَلِتَقْيِيدِهَا بِالْمَذْكُورِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا (32) قَوْلُهُ: الرَّبَاعِيَةُ الْمَسْنُونَةُ كَالْفَرْضِ إلَخْ. أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ الْأَرْبَعَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ وَبَعْدَهَا، فَإِنَّهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ كَالْفَرْضِ. وَعَنْ الْبَقَّالِيِّ: يُصَلِّي وَيَسْتَفْتِحُ فِي سُنَنِ الرَّوَاتِبِ. قَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ مَا قَالَهُ الْبَقَّالِيُّ: أَقْرَبُ لِلزُّهْدِ، وَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ أَقْرَبُ لِلْفِقْهِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ. (33) قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَفْتِحُ إذَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ إلَخْ. قِيلَ: يَعْنِي فِي السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ، وَأَمَّا غَيْرُهَا كَالْأَرْبَعِ قَبْلَ الْعَصْرِ، وَالْعِشَاءِ، وَالنَّوَافِلِ الَّتِي يُصَلِّيهَا أَرْبَعًا، فَإِنَّ فِي الْقَاعِدَةِ الْأُولَى مِنْهَا: يُصَلِّي، وَفِي الشَّفْعِ الثَّانِي: يَأْتِي بِالثَّنَاءِ وَالتَّعَوُّذِ اتِّفَاقًا. (34) قَوْلُهُ: إلَّا فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ إلَخْ. زَادَ أَخُو الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى ذَلِكَ صَلَاةَ الرَّبَاعِيَةِ الْمَسْنُونَةِ عَلَى الدَّابَّةِ فِي الْمِصْرِ. وَاخْتَلَفُوا فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ بِنَاءً عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهَا. ذَكَرَهُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ. وَالثَّالِثَةُ: لَا يُؤْتَى بِدُعَاءِ التَّوَجُّهِ فِيهَا. كَمَا فِي الْفَتْحِ. وَالرَّابِعَةُ: أَنَّهَا لَا تُقْضَى إلَّا سُنَّةَ الْفَجْرِ تَبَعًا. وَلَمْ أَرَ هَلْ يُخَيَّرُ فِي السُّنَّةِ اللَّيْلِيَّةِ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِخْفَاءِ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ خُيِّرَ الْمُنْفَرِدُ فِيمَا يُجْهَرُ كَمُتَنَفِّلِ بِاللَّيْلِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ (35) قَوْلُهُ: كُلُّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ تَرْكِ وَاجِبٍ إلَخْ. أَقُولُ: يَرِدُ عَلَيْهِ عَكْسُ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ مَا إذَا صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ فِي وَقْتِهَا فِي الطَّرِيقِ، أَوْ بِعَرَفَاتٍ، تَجِبُ عَلَيْهِ

إذَا رَفْع رَأْسَهُ قَبْلَ إمَامِهِ فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَى السُّجُودِ. 37 - مَنْ جَمَعَ بِأَهْلِهِ لَا يَنَالُ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ إلَّا إذَا كَانَ لِعُذْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِعَادَةُ عِنْدَهُمَا، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، كَمَا فِي التَّلْقِيحِ لِلْمَحْبُوبِيِّ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ وَاجِبًا وَلَمْ يَفْعَلْ مَكْرُوهًا تَحْرِيمًا وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إذَا صَلَّاهَا فِي وَقْتِهَا الْمَعْهُودِ فَقَدْ صَلَّاهَا قَبْلَ الْوَقْتِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ لِخُصُوصِيَّةِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، بِدَلِيلِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلْمُسْتَعْجِلِ الصَّلَاةُ أَمَامَكَ» عَلَى أَنَّ الْقَضَايَا الشَّرْطِيَّةَ يُشْتَرَطُ فِيهَا الِاطِّرَادُ دُونَ الِانْعِكَاسِ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ وَاجِبٍ وَوَاجِبٍ فِيمَا فِي الدُّورِ وَالْغَرَرِ مِنْ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ فِي تَرْكِ الْفَاتِحَةِ، لَا فِي تَرْكِ ضَمِّ السُّورَةِ إلَى الْفَاتِحَةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَاتٍ طَوِيلَةٍ. ضَعِيفٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ. وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا أُدِّيَتْ مَعَ تَرْكِ سُنَّةٍ أَوْ مُسْتَحَبٍّ، وَالْحُكْمُ أَنَّهَا تُعَادُ اسْتِحْبَابًا وَإِذَا أُدِّيَتْ مَعَ فِعْلِ مَكْرُوهٍ تَنْزِيهًا فَالْأَوْلَى إعَادَتُهَا كَمَا فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي. وَفِي الْقُنْيَةِ: صَبِيَّةٌ صَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ، لَا تُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ وَلَوْ صَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الْعَوْرَةِ تُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ. وَكَذَا بِغَيْرِ وُضُوءٍ وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ لَا بَعْدَهُ. رَأَيْتُ الْقَضَاءَ فِي الْحَالَيْنِ أَوْلَى (36) قَوْلُهُ: قَبْلَ إمَامِهِ إلَخْ. ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَوَّلًا يَشْمَلُ رَفْعَ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَى السُّجُودِ يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ بِالرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ، فَلَا وَجْهَ لَهُ. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ قَبْلَ إمَامِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ مُتَابَعَةً لِلْإِمَامِ. وَالْمُعْتَبَرُ هُوَ الْأَوَّلُ (انْتَهَى) . وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَحْذِفَ لَفْظَ إلَى السُّجُودِ أَوْ يَزِيدَ لَفْظَ الرُّكُوعِ. (37) قَوْلُهُ: مَنْ جَمَعَ بِأَهْلِهِ لَا يَنَالُ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ إلَخْ. يَعْنِي الَّتِي تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لِزِيَادَةِ فَضِيلَةٍ، وَتَكْثِيرِ جَمَاعَةٍ، وَإِظْهَارِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا أَصْلُ الْفَضِيلَةِ وَهِيَ الْمُضَاعَفَةُ بِسَبْعِ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، فَحَاصِلَةٌ بِالصَّلَاةِ جَمَاعَةً فِي بَيْتِهِ عَلَى هَيْئَةِ الْجَمَاعَةِ الْكَائِنَةِ فِي الْمَسْجِدِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا شُرِعَ فِيهِ الْجَمَاعَةُ فَالْمَسْجِدُ فِيهِ أَفْضَلُ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ شَرَفِ الْمَكَانِ، وَإِظْهَارِ الشَّعَائِرِ، وَتَكْثِيرِ سَوَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَائْتِلَافِ قُلُوبِهِمْ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ هَذَا بِمَا إذَا تَسَاوَتْ الْجَمَاعَتَانِ فِي اسْتِكْمَالِ السُّنَنِ وَالْآدَابِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ فِي الْبَيْتِ أَكْمَلَ كَمَا إذَا كَانَ إمَامُ الْمَسْجِدِ يُخِلُّ بِبَعْضِ الْوَاجِبَاتِ، كَمَا فِي كَثِيرٍ مِنْ أَئِمَّةِ الزَّمَانِ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ فَالْجَمَاعَةُ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ الْحَلَبِيّ

دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي الْفَجْرِ فَوَجَدَ الْإِمَامَ يُصَلِّيه فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالسُّنَّةِ بَعِيدًا عَنْ الصُّفُوفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَبِهِ يَسْقُطُ مَا قِيلَ. مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُخَالِفٌ لِمَا ذُكِرَ فِي الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ، أَيْ فِي الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي بَيْتِهِ، حَتَّى لَوْ صَلَّى بِزَوْجَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ أَوْ وَلَدِهِ، فَقَدْ أَتَى بِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ (انْتَهَى) . وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. هُنَا بِقَوْلِهِ: لَا يَنَالُ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ، عَدَمُ ثَوَابِ الْجَمَاعَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، لَا مُطْلَقَ ثَوَابِ الْجَمَاعَةِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الثَّالِثِ فِي التَّرَاوِيحِ، وَإِنْ صَلَّاهَا بِجَمَاعَةٍ فِي بَيْتِهِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنَالُ إحْدَى الْفَضِيلَتَيْنِ، فَإِنَّ الْأَدَاءَ بِالْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ لَهُ فَضِيلَةٌ لَيْسَتْ لِلْأَدَاءِ فِي الْبَيْتِ. وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْمَكْتُوبَةِ (انْتَهَى) . هَذَا وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْخِزَانَةِ: إنَّ تَطَوُّعَ الْإِمَامِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الْفَرَائِضَ مَكْرُوهٌ (انْتَهَى) . وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ الْبَيْتِ. (38) قَوْلُهُ: دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي الْفَجْرِ فَوَجَدَ الْإِمَامَ يُصَلِّيهِ إلَخْ. الْأَصْلُ أَنَّ سُنَّةَ الْفَجْرِ لَهَا فَضِيلَةٌ، وَكَذَا لِلْجَمَاعَةِ. فَإِذَا تَعَارَضَنَا، عَمِلَ بِهِمَا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِأَنْ خَشِيَ فَوَاتَ الرَّكْعَتَيْنِ إحْرَازًا بِحَقِّهِمَا، وَهُوَ الْجَمَاعَةُ لِوُرُودِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ فِي الْجَمَاعَةِ يُصَلِّي وَالسُّنَّةُ وَإِنْ وَرَدَ الْوَعْدُ فِيهَا لَمْ يَرِدْ الْوَعِيدُ بِتَرْكِهَا، وَلِأَنَّ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ أَعْظَمُ لِأَنَّهَا مُكَمِّلَةٌ ذَاتِيَّةٌ، وَالسُّنَّةُ مُكَمِّلَةٌ خَارِجِيَّةٌ، وَالذَّاتِيَّةُ أَقْوَى. ثُمَّ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ يَرْجُو إدْرَاكَ الْإِمَامِ وَلَوْ فِي التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالسُّنَّةِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، لِأَنَّ إدْرَاكَ الْقَعْدَةِ كَإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ فِي الْجُمُعَةِ، خِلَافًا لَهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ. ثُمَّ الْإِتْيَانُ بِالسُّنَّةِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَجِدَ مَكَانًا عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ يُصَلِّي السُّنَّةَ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُصَلِّيَ السُّنَّةَ لِأَنَّ تَرْكَ الْمَكْرُوهِ مُقَدَّمٌ عَلَى فِعْلِ السُّنَّةِ، كَمَا فِي الْفَتْحِ. ثُمَّ إنَّ السُّنَّةَ فِي السُّنَنِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِي بَيْتِهِ أَوْ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فَفِي الْمَسْجِدِ الْخَارِجِ، وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ وَاحِدًا فَخَلْفَ الْأُسْطُوَانَةِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، أَوْ فِي آخِرِ الْمَسْجِدِ بَعِيدًا عَنْ الصُّفُوفِ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهُ. وَيُكْرَهُ فِي مَوْضِعَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مُخَالِطًا لِلصَّفِّ مُخَالِفًا لِلْجَمَاعَةِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ خَلْفَ الصَّفِّ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّفِّ، وَالْأَوَّلُ أَشَدُّ كَرَاهَةً مِنْ الثَّانِي. وَأَمَّا السُّنَنُ الَّتِي بَعْدَ الْفَرَائِضِ

إلَّا إذَا خَافَ سَلَامَ الْإِمَامِ. 40 - مَسْجِدُ الْمَحَلَّةِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَامِعِ إلَّا إذَا كَانَ إمَامُهُ عَالِمًا. 41 - وَمَسْجِدُ الْمَحَلَّةِ فِي حَقِّ السُّوقِيِّ نَهَارًا مَا كَانَ عِنْدَ حَانُوتِهِ، وَلَيْلًا مَا كَانَ عِنْدَ مَنْزِلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالْأَفْضَلُ فِعْلُهَا فِي الْمَنْزِلِ، إلَّا إذَا خَافَ الِاشْتِغَالَ عَنْهَا لَوْ ذَهَبَ إلَى الْبَيْتِ. فَيَأْتِي بِهَا فِي الْمَسْجِدِ، فِي أَيِّ مَكَان فِيهِ وَلَوْ فِي مَكَان صَلَّى فِيهِ فَرْضَهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَتَنَحَّى خُطْوَةً. وَأَمَّا الْإِمَامُ فَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَكَان صَلَّى فِيهِ الْفَرْضَ كَمَا تَقَدَّمَ. (39) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا خَافَ سَلَامَ الْإِمَامِ إلَخْ. يَعْنِي فَيَتْرُكُ السُّنَّةَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ إحْرَازَ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، أَحَقُّ مِنْ إحْرَازِ فَضِيلَةِ السُّنَّةِ. (40) قَوْلُهُ: مَسْجِدُ الْمَحَلَّةِ أَفْضَلُ إلَخْ. قِيلَ: لَعَلَّ الْأَفْضَلِيَّةَ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ دُونَ غَيْرِهِمْ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَعْطِيلِ مَسْجِدِ الْمَحَلَّةِ. هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا سَيَذْكُرُهُ فِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ، مِنْ أَنَّ الْجَوَامِعَ أَفْضَلُ مِنْ مَسَاجِدِ الْمَحَالِّ. وَالْجَوَابُ: أَنَّ فِي ذَلِكَ خِلَافًا. فَمَا ذَكَرَهُ هُنَا قَوْلٌ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ قَوْلٌ آخَرُ، لَكِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى الْخِلَافِ. قَالَ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: تَرَكَ الْجَمَاعَةِ فِي جَمَاعَةِ مَسْجِدِ حَيِّهِ وَلَوْ صَلَّى عَامَّةَ صَلَاتِهِ أَوْ بَعْضَهَا فِي جَمَاعَةِ جَامِعِ مِصْرِهِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ قِيلَ: جَمَاعَةُ مَسْجِدِ حَيِّهِ أَفْضَلُ، وَقِيلَ جَمَاعَةُ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ أَفْضَلُ، وَلَوْ كَانَ مُتَفَقِّهًا. فَجَمَاعَةُ مَسْجِدِ أُسْتَاذِهِ أَفْضَلُ لِأَجْلِ دَرْسِهِ أَوْ لِاسْتِمَاعِ الْأَخْبَارِ، أَوْ لِسَمَاعِ مَجْلِسِ الْعَامَّةِ أَفْضَلُ بِالِاتِّفَاقِ، وَأَطْلَقَ الْجَلَّابِيُّ: أَنَّ صَلَاتَهُ فِي مَسْجِدِ مَحَلَّتِهِ أَفْضَلُ وَفِي اللَّآلِئِ: بِقُرْبِهِ مَسْجِدَانِ يُصَلِّي فِي أَقْدَمِهِمَا بِنَاءً لِأَنَّ زِيَادَةَ حُرْمَةٍ، فَإِنْ اسْتَوَيَا يُصَلِّي فِي أَقْرَبِهِمَا مِنْ مَنْزِلِهِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ يَتَخَيَّرُ لِأَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا، فَإِنْ كَانَ قَوْمُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ هُوَ فَقِيهًا يَذْهَبُ إلَى الَّذِي قَوَّمَهُ أَقَلَّ لِيَكْثُرَ النَّاسُ بِذَهَابِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ، يَذْهَبُ حَيْثُ أَحَبَّ. (انْتَهَى) . وَفِي مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ، بَعْدَ أَنْ نَقَلَ مِثْلَ مَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ: قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ هُوَ مِمَّنْ يَؤُمُّ النَّاسَ وَانْظُرْ هَلْ بَيْنَ مَسْجِدِ الْمَحَلَّةِ وَالْحَيِّ فَرْقٌ؟ . (41) قَوْلُهُ: مَسْجِدُ الْمَحَلَّةِ فِي حَقِّ السُّوقِيِّ نَهَارًا إلَخْ. قِيلَ: فَلَوْ اجْتَمَعَ إمَامَاهُمَا

يُكْرَهُ أَنْ لَا يُرَتِّبَ بَيْنَ السُّوَرِ إلَّا فِي النَّافِلَةِ 43 - تَقْلِيلُ الْقِرَاءَةِ فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ إلَى أَفْضَلِهِمَا، ثُمَّ أَوْرَعِهِمَا، ثُمَّ أَسَنِّهِمَا (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ إمَامَ مَحَلَّتِهِ نَهَارًا أَوْلَى لِأَنَّهُ اخْتَارَ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ نَهَارًا (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. (42) قَوْلُهُ: يُكْرَهُ أَنْ لَا يُرَتِّبَ بَيْنَ السُّوَرِ إلَخْ. فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ: ثُمَّ إذَا قَرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الْحَمْدُ وَالسُّورَةَ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ سُورَةً أُخْرَى فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مُتَّصِلَةً بِالسُّورَةِ الْأُولَى، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَفْصِلَ بِسُورَةٍ أَوْ بِسُورَتَيْنِ وَإِنَّمَا يَفْصِلُ بِسُوَرٍ. هَكَذَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ، وَفِي اللَّآلِئِ: تَرَكَ الْوَلَاءِ فِي الْقِرَاءَةِ جَائِزٌ وَلَا يُكْرَهُ. وَفِي مَجْمَعِ النَّسَفِيِّ: مُرَاعَاةُ تَرْتِيبِ السُّوَرِ فِي الْقِرَاءَةِ مِنْ وَاجِبَاتِ نَظْمِ الْقُرْآنِ، لَا مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ، وَفِي صَلَاةِ قَاضِي: حَكِيمٌ قَرَأَ سُورَةً ثُمَّ قَرَأَ سُورَةً قَبْلَهَا سَاهِيًا قِيلَ: يَجِبُ عَلَيْهِ السَّجْدَةُ لِأَنَّ تَرْتِيبَ السُّوَرِ وَاجِبٌ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لِأَنَّ تَرْتِيبَ السُّوَرِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَفِي زَلَّةِ الْقَارِئِ لِأَبِي الْيُسْرِ فَإِنْ قَرَأَ آيَةً فِي رَكْعَةٍ وَقَرَأَ فِي أُخْرَى آيَاتٍ قَبْلَهَا أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي رَكْعَةٍ يُكْرَهُ، لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ مَهْجُورَةٌ، وَلَا يُكْرَهُ فِي النَّفْلِ وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهِ. فَلْيُرَاجَعْ. (43) قَوْلُهُ: تَقْلِيلُ الْقِرَاءَةِ فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِهَا. فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِلْبُرْهَانِ الْحَلَبِيِّ: وَالْمُسْتَحَبُّ فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ التَّحْقِيقُ، وَأَنْ يَقْرَأَ فِي أَوَّلِهَا مَعَ الْفَاتِحَةِ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] ، وَفِي الثَّانِيَةِ الْإِخْلَاصَ، أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَيُخَفِّفُ، حَتَّى أَقُولَ هَلْ قَرَأَ فِيهِمَا بِأُمِّ الْكِتَابِ؟» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الثَّانِي: فَلِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] ، وَ " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَاخْتَلَفُوا هَلْ الْأَفْضَلُ تَأْخِيرُهُمَا أَوْ تَقْدِيمُهُمَا؟ قِيلَ التَّأْخِيرُ أَفْضَلُ لِلتَّقَرُّبِ مِنْ الْفَرْضِ، وَقِيلَ التَّقْدِيمُ وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ (انْتَهَى) . وَفِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ السُّنَنِ: الْقَصْرُ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فِي الْقِرَاءَةِ أَفْضَلُ مِنْ التَّطْوِيلِ. وَقِيلَ: الْأَفْضَلُ أَنْ تُطَالَ. وَقِيلَ: لَوْ طَوَّلَ الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا لَا يَجُوزُ، بِخِلَافِ الْفَرْضِ (انْتَهَى) .

نَذْرُهُ النَّافِلَةَ أَفْضَلُ وَقِيلَ لَا. 45 - التَّكَلُّمُ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْفَرْضِ لَا يُسْقِطُهَا، وَلَكِنْ يُنْقِصُ الثَّوَابَ. 46 - يُكْرَهُ أَنْ يُخَصِّصَ لِصَلَاتِهِ مَكَانًا فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنْ فَعَلَ فَسَبَقَهُ غَيْرُهُ لَا يُزْعِجُهُ. يَكُون شَارِعًا بِالتَّكْبِيرِ إلَّا إذَا أَرَادَ بِهِ التَّعَجُّبَ دُونَ التَّعْظِيمِ. 47 - إذَا تَفَكَّرَ الْمُصَلِّي فِي غَيْرِ صَلَاتِهِ كَتِجَارَتِهِ وَدَرْسِهِ لَمْ تَبْطُلْ. وَإِنْ شَغَلَهُ هُمُومُهُ عَنْ خُشُوعِهِ لَمْ يَنْقُصْ أَجْرُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ تَقْصِيرٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَذْرُهُ النَّافِلَةَ أَفْضَلُ وَقِيلَ لَا، إلَخْ. الْمَسْأَلَةُ فِي الْقُنْيَةِ وَعِبَارَتُهَا: أَدَاءُ النَّفْلِ بَعْدَ النَّذْرِ أَفْضَلُ. ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ نَوَافِلَ. قِيلَ: يَنْذُرُهَا وَقِيلَ: يُصَلِّيهَا كَمَا هِيَ (انْتَهَى) . قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ وَيَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ النَّهْيِ عَنْ النَّذْرِ وَهُوَ مُرَجِّحٌ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: لَا يَنْذُرُهَا لَكِنْ حَمَلَ بَعْضُهُمْ النَّهْيَ عَلَى النَّذْرِ الْمُعَلَّقِ عَلَى شَرْطِهِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ حُصُولُ الشَّرْطِ كَالْغَرَضِ لِلْعِبَادَةِ، فَلَمْ يَكُنْ مُخْلِصًا، وَوَجْهُ مَنْ قَالَ يَنْذُرُهَا وَإِنْ كَانَتْ تَصِيرُ وَاجِبَةً بِالشُّرُوعِ. أَنَّ الشُّرُوعَ فِي النَّذْرِ يَكُونُ وَاجِبًا فَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الْوَاجِبِ بِخِلَافِ النَّفْلِ. وَالْأَحْسَنُ عِنْدَ الْعَبْدِ الضَّعِيفِ أَنْ لَا يَنْذُرَ بِهَا خُرُوجًا عَنْ عُهْدَةِ النَّهْيِ بِيَقِينٍ (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. (45) قَوْلُهُ: التَّكَلُّمُ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْفَرْضِ لَا يُسْقِطُهَا إلَخْ. مِثْلُهُ فِي الْقُنْيَةِ، وَزَادَ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ يُنَافِي التَّحْرِيمَةَ كَذَلِكَ وَهُوَ الْأَصَحُّ، قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ: وَيَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ النَّهْيِ، فَلْيُرَاجَعْ. وَكَتَبَ أَخُو الْمُصَنِّفِ بِطَرَفِ نُسْخَةِ الْمَنْقُولَةِ، أَنَّهُ يُعِيدُهَا وَعَلَى مَا هُنَا أَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا، لَكِنْ لَمْ نَجْدِ النَّفَلَ إذْ ذَاكَ فَتَأَمَّلْ. (46) قَوْلُهُ: يُكْرَهُ أَنْ يُخَصِّصَ لِصَلَاتِهِ مَكَانًا إلَخْ. لِأَنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بَقِيَتْ الصَّلَاةُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ طَبْعًا، وَالْعِبَادَةُ مَتَى صَارَتْ طَبْعًا سَبِيلُهَا التَّرْكُ، وَلِهَذَا يُكْرَهُ صَوْمُ الدَّهْرِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ. (47) قَوْلُهُ: إذَا تَفَكَّرَ الْمُصَلِّي فِي غَيْرِ صَلَاتِهِ إلَخْ. مِثْلُهُ فِي الْقُنْيَةِ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَفِي صَلَاةِ قَاضِي الْقُضَاةِ: الْمُصَلِّي لَا يَلْزَمُهُ نِيَّةُ الْعِبَادَةِ فِي كُلِّ جُزْءٍ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ فِي

وَلَا تُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا لِتَرْكِ الْخُشُوعِ. 49 - لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ انْتِظَارُ أَحَدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ شِرِّيرًا. 50 - يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الرَّجُلِ بِالْمُصَلِّي وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إمَامَتَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQجُمْلَةِ مَا يَفْعَلُهُ فِي كُلِّ حَالٍ أَيْ الْقِيَامِ، أَوْ الْقِرَاءَةِ، وَالرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ وَنَحْوِهَا، فَإِنْ حَقَّقَ الْفِعْلَ وَالذِّكْرَ أَيْ الْقِرَاءَةَ مَعًا وَنَوَى بِهِمَا التَّعَبُّدَ كَفَاهُ. وَإِنْ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِيَّةٍ فَهُوَ أَفْضَلُ وَلَا يُؤَاخَذُ بِالنِّيَّةِ حَالَ السَّهْوِ لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ الصَّلَاةِ فِيمَا يَسْهُو مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَصَلَاتُهُ مُجْزِيَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ بِهَا ثَوَابًا، وَإِنْ تَعَمَّدَ أَنْ لَا يَنْوِيَ الْعِبَادَةَ بِبَعْضِ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ الصَّلَاةِ، لَا يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ ثُمَّ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِعْلًا لَا تَتِمُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ، فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا. وَقَدْ أَسَاءَ (48) قَوْلُهُ: وَلَا تُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا لِتَرْكِ الْخُشُوعِ إلَخْ. إذْ لَا شَكَّ فِي عَدَمِ بُطْلَانِهَا مَعَ عَدَمِ الْخُشُوعِ، إلَّا أَنَّ الْعَلَّامَةَ ابْنَ الضِّيَاءِ نَقَلَ فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: أَنَّ الْخُشُوعَ فِي جُزْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ فَرْضٌ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ وَلَمْ يُحْفَظْ فِي غَيْرِ كَلَامِهِ. وَفِي الْمُلْتَقَطِ: قَوْلُ بَعْضِ الزُّهَّادِ: مَنْ لَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ فِي الصَّلَاةِ مَعَ الصَّلَاةِ لَا قِيمَةَ لِصَلَاتِهِ، لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْأَمْرَ مَعْنَاهُ يَتَنَاوَلُ هَذِهِ الْأَفْعَالَ الظَّاهِرَةَ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: إذَا كَانَ الْمُصَلِّي يَعْلَمُ مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ، لِأَنَّ نَبِيَّنَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلِمَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ فَأَقَامَهُ عَلَى يَمِينِهِ (49) قَوْلُهُ: لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ انْتِظَارُ أَحَدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ شِرِّيرًا إلَخْ. قَيَّدَ بِالِانْتِظَارِ لِأَنَّهُ لَوْ طَوَّلَ الْمُؤَذِّنُ الْإِقَامَةَ لِيُدْرِكَ الْإِنْسَانُ فِي الصَّلَاةِ، يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ فِي قَوْلِهِمْ كَمَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ مَعْزِيًّا إلَى أَبِي اللَّيْثِ. وَقُيِّدَ بِانْتِظَارِ الْمُؤَذِّنِ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ أَحَسَّ فِي رُكُوعِهِ يَدْخُلُ فِي الْمَسْجِدِ يُكْرَهُ انْتِظَارُهُ فِيهِ؛ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، سَأَلْتُ الْإِمَامَ فَقَالَ: أَخْشَى أَنْ يَدْخُلَ فِي صَلَوَاتِهِ مَا لَيْسَ مِنْهَا. وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ انْتِظَارُهُ عَظِيمَةً لِأَنَّهُ شَرَّكَ فِي صَلَاتِهِ غَيْرَ اللَّهِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إنْ عَرَفَ الدَّاخِلَ كُرِهَ انْتِظَارُهُ، وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ، وَعَنْ الصَّفَّارِ: إنْ كَانَ غَنِيًّا كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا. وَالصَّحِيحُ كَرَاهَةُ الِانْتِظَارِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ (50) قَوْلُهُ: يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الرَّجُلِ بِالْمُصَلِّي وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إمَامَتَهُ إلَخْ. أَقُولُ: يُسْتَثْنَى

وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمَرْأَةِ إلَّا إذَا نَوَى إمَامَتَهَا 52 - إلَّا فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَتَصِحُّ نِيَّةُ إمَامَتِهِنَّ فِي غَيْبَتِهِنَّ. 53 - خَرَجَ الْخَطِيبُ بَعْدَ شُرُوعِهِ مُتَنَفِّلًا، قَطَعَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ إلَّا إذَا كَانَ فِي سُنَّةِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا عَلَى الصَّحِيحِ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبَ حَرِيرٍ يُصَلِّي فِيهِ بِلَا خِيَارٍ، بِخِلَافِ الثَّوْبِ النَّجِسِ حَيْثُ يَتَخَيَّرُ 54 - فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا هُمَا صَلَّى فِي الْحَرِيرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ ذَلِكَ الْإِمَامُ إذَا كَانَتْ إمَامَتُهُ بِطَرِيقِ الِاسْتِخْلَافِ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ إمَامًا مَا لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، كَمَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ (51) قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمَرْأَةِ إلَّا إذَا نَوَى إمَامَتَهَا إلَخْ. يَعْنِي خِلَافًا لِزُفَرَ، فَإِنَّ عِنْدَهُ يَصِحُّ كَمَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِالرَّجُلِ. وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ الْإِمَامُ لَنَا أَنَّ اقْتِدَاءَهَا إنْ صَحَّ بِلَا نِيَّةٍ يَلْزَمُ فَسَادُ صَلَاتِهِ إذَا حَاذَتْهُ فَيَكُونُ إلْزَامًا عَلَيْهِ بِلَا الْتِزَامٍ مِنْهُ، بِخِلَافِ الرَّجُلِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ بِاقْتِدَائِهِ شَيْءٌ. (52) قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ إلَخْ. فَإِنَّ اقْتِدَاءَهَا بِلَا نِيَّةِ الْإِمَامِ فِيهِمَا وَفِي الْجُمُعَةِ صَحِيحٌ، لِأَنَّهَا لَا تَتَمَكَّنُ مِنْ الْوُقُوفِ بِجَنْبِ الْإِمَامِ لِلِازْدِحَامِ، وَلَا تَقْدِرُ أَنْ تُؤَدِّيَهَا وَحْدَهَا. (53) قَوْلُهُ: خَرَجَ الْخَطِيبُ بَعْدَ شُرُوعِهِ مُتَنَفِّلًا إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: إذَا شَرَعَ فِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ افْتَتَحَ الْخُطْبَةَ أَوْ الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ، ثُمَّ أُقِيمَتْ، هَلْ يَقْطَعُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ؟ تَكَلَّمُوا فِيهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتِمُّهُمَا وَلَا يَقْطَعُهُمَا لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَاجِبَةٍ (54) قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمَا صَلَّى فِي الْحَرِيرِ إلَخْ. أَيْ يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فِيهِ. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: عُرْيَانُ مَعَهُ ثَوْبُ دِيبَاجٍ وَثَوْبُ كِرْبَاسٍ، فِيهِ نَجَاسَةٌ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ، يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي ثَوْبِ الدِّيبَاجِ (انْتَهَى) . يَعْنِي لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَرِيرِ مَكْرُوهَةٌ لِلرِّجَالِ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبِ النَّجَسِ فَإِنَّهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هُنَا تَرْتَفِعُ لِكَوْنِهِ مُضْطَرًّا إلَى الصَّلَاةِ فِيهِ

فِنَاءُ الْمَسْجِدِ كَالْمَسْجِدِ فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ الصُّفُوفُ. الْمَانِعُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ طَرِيقٌ تَمْرُ فِيهِ الْعَجَلَةُ، أَوْ نَهْرٌ تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ أَوْ خَلَاءٌ فِي الصَّحْرَاءِ يَسَعُ صَفَّيْنِ. وَالْخَلَاءُ فِي الْمَسْجِدِ لَا يَمْنَعُ، وَإِنْ وَسِعَ صُفُوفًا، لِأَنَّ لَهُ حُكْمَ بُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ. 56 - وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَائِلِ بَيْنَهُمَا، وَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ إذَا كَانَ لَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ حَالُ إمَامِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِنَاءُ الْمَسْجِدِ كَالْمَسْجِدِ إلَخْ. فِنَاءُ كُلِّ شَيْءٍ مَا أُعِدَّ لِمَصَالِحِهِ. قَالَ فِي الْمُنْتَقَى: فِنَاءُ الْمَسْجِدِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ، يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةً، وَلَا تَصِحُّ فِي دَارِ الضِّيَافَةِ إلَّا إذَا اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ (انْتَهَى) . وَفِي الْقُنْيَةِ: قِيلَ الْمَسَافَةُ الَّتِي تَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ فِي الصَّحْرَاءِ تَمْنَعُهُ فِي الْبَيْتِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْبَيْتِ كَالْمَسْجِدِ وَفِيهَا قَبْلَ هَذَا صَلَّوْا بِجَمَاعَةٍ فِي حَانِ الْقَاضِي، وَالْحَانُّ الْمَسِيلُ، وَالْبَابُ مُغْلَقٌ، يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ الصُّفُوفُ. وَهُوَ جَوَابُ الْقَاضِي حَكِيمٍ بِبُخَارَى. (56) قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَائِلِ بَيْنَهُمَا إلَخْ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى: إنْ كَانَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمُقْتَدِي حَائِطٌ، ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ، «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُصَلِّي فِي حُجْرَةِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ صَلَاتَهُ» . وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ مَا كَانُوا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ كَبِيرًا وَعَلَيْهِ بَابٌ مَفْتُوحٌ أَوْ نَقْبٌ لَوْ أَرَادَ الْوُصُولَ إلَى الْإِمَامِ لَا يُمْكِنُهُ، وَلَكِنْ لَا يُشْبِهُ عَلَيْهِ حَالُ الْإِمَامِ بِسَمَاعٍ أَوْ رُؤْيَةٍ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ فِي قَوْلِهِمْ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ بَابٌ مَسْدُودٌ أَوْ ثُقْبٌ مِثْلُ النَّحْرَةِ، وَلَوْ أَرَادَ الْوُصُولَ إلَى الْإِمَامِ لَا يُمْكِنُهُ لَكِنْ لَا يُشْبِهُ عَلَيْهِ حَالَ الْإِمَامِ، اخْتَلَفُوا فِيهِ. ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي هَذَا الِاشْتِبَاهِ حَالُ الْإِمَامِ وَعَدَمُهُ لَا التَّمَكُّنُ مِنْ الْوُصُولِ إلَى الْإِمَامِ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ مُتَابَعَةٌ، وَمَعَ الِاشْتِبَاهِ لَا يُمْكِنُهُ الْمُتَابَعَةُ قَالَ فِي الْمُغْنِي قَوْلُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ وَفِي نِصَابِ الْفِقْهِ: لَوْ اقْتَدَى خَارِجَ الْمَسْجِدِ

الْمُسَافِرُ إذَا لَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ. 58 - إلَّا إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَ الثَّالِثَةَ بِسَجْدَةٍ. الْأَسِيرُ إذَا خَلَصَ يَقْضِي صَلَاةَ الْمُقِيمِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي مَنْزِلِهِ بِإِمَامٍ فِي الْمَسْجِدِ، بَيْنَهُمَا حَائِطٌ وَهُوَ يَسْمَعُ كَلَامَ الْإِمَامِ جَازَ اقْتِدَاؤُهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْحَائِطِ ثُقْبٌ يَسْمَعُ فِيهِ إنْسَانٌ، جَازَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، إنْ كَانَ لِلْحَائِطِ بَابٌ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ، وَإِنْ كَانَ مُغْلَقًا إذَا لَمْ يَخْفَ أَحْوَالُ الْإِمَامِ جَازَ أَيْضًا عَنْهُ. وَرُوِيَ عَنْهُ إنْ كَانَ الْحَائِطُ مُعْتَمِدًا وَقَدْ وَقَفَ عَلَى أَفْعَالِ الْإِمَامِ لَا يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا ذُكِرَ فِي الْبَقَّالِيِّ. (57) قَوْلُهُ: الْمُسَافِرُ إذَا لَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: فَرْضُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ فِي الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ لِلْمُقِيمِ أَرْبَعًا، وَلِلْمُسَافِرِ رَكْعَتَيْنِ» فَإِذَا صَلَّى الْمُسَافِرُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَلَمْ يَقْعُدْ فِي الْأُولَيَيْنِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْفَرْضَ، وَإِنْ قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ تَمَّتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ أَسَاءَ بِتَأْخِيرِ السَّلَامِ عَنْ مَحَلِّهِ (انْتَهَى) . وَفِي سِيَاسَةِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ لِسَعِيدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ الَأَقْصُرَانِيِّ: أَنَّ الْمُسَافِرَ لَوْ افْتَتَحَ صَلَاةَ ظُهْرٍ أَوْ عَصْرٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَتَشَهَّدَ، ثُمَّ لَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى قَامَ الثَّالِثَةَ وَقَرَأَ وَرَكَعَ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ عَنْ رُكُوعِهِ، نَوَى الْإِقَامَةَ انْقَلَبَتْ صَلَاتُهُ صَلَاةَ الْمُقِيمِ، غَيْرَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ، لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ تَطَوُّعًا، فَيَكُونُ نَاقِصًا فَلَا يَنُوبُ عَنْ الْكَامِلِ وَلَوْ أَنَّهُ قَيَّدَ الثَّالِثَةَ بِسَجْدَةٍ انْقَلَبَتْ صَلَاتُهُ إلَى الْأَرْبَعِ وَفَرْضُهُ قَدْ تَمَّ، لَكِنْ يَضُمُّ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى حَتَّى تَكُونَ الرَّكْعَتَانِ نَافِلَةً. هَذَا كُلُّهُ إذَا قَعَدَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ أَمَّا إذَا لَمْ يَقْعُدْ، إنْ لَمْ يُقَيِّدْ الثَّالِثَةَ بِسَجْدَةٍ، رُفِضَ ذَلِكَ وَعَادَ وَقَعَدَ وَتَشَهَّدَ، وَقَدْ تَمَّ فَرْضُهُ وَإِنْ قَيَّدَ الثَّالِثَةَ بِسَجْدَةٍ فَسَدَتْ فَرْضِيَّتُهُ وَيَضُمُّ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى، وَتَكُونُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ نَفْلًا ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْفَرْضَ. دَلِيلُهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَصْحَابُنَا: قَالُوا لِأَنَّهُ خَلَطَ الْمَكْتُوبَةَ بِالنَّافِلَةِ قَبْلَ إتْمَامِهَا. (58) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَ الثَّالِثَةَ بِسَجْدَةٍ إلَخْ. لَا يُقَالُ إذَا بَطَلَتْ بِتَرْكِ الْقَعْدَةِ فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِصِحَّتِهَا عِنْدَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ قَبْلَ التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ، لِأَنَّا نَقُولُ فَسَدَتْ فَسَادًا مَوْقُوفًا لَا بَائِنًا وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ

إلَّا إذَا رَحَلَ الْعَدُوُّ بِهِ إلَى مَكَان أَرَادَ الْإِقَامَةَ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا 60 - فَيَقْضِيهَا صَلَاةَ الْمُسَافِرِينَ. 61 - وَلِمَنْ بِهِ شَقِيقَةٌ بِرَأْسِهِ الْإِيمَاءُ. 62 - لَوْ كَانَ الْمَرِيضُ بِحَالٍ لَوْ خَرَجَ إلَى الْجَمَاعَةِ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ وَلَوْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ قَدَرَ عَلَيْهِ، الْأَصَحُّ أَنْ يَخْرُجَ وَيُصَلِّيَ قَاعِدًا 63 - لِأَنَّ الْفَرْضَ مُقَدَّرٌ بِحَالِهِ عَلَى الِاقْتِدَاءِ وَعَلَى اعْتِبَارِهِ سَقَطَ الْقِيَامُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا إذَا رَحَلَ الْعَدُوُّ بِهِ إلَى مَكَان إلَخْ. فِي الْمُحِيطِ مِنْ بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ: مُسْلِمٌ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ. إنْ كَانَ مَسِيرَةُ الْعَدُوِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَقْصُرُ، وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ يُتِمُّ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ سَأَلَهُ وَلَمْ يُخْبِرْهُ يَنْظُرُ إنْ كَانَ الْعَدُوُّ مُسَافِرًا يَقْصُرُ، وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا يُتِمُّ، لِأَنَّهُ لَمَّا أَسَرَهُ صَارَ تَحْتَ يَدِهِ وَقَهْرِهِ كَالْعَبْدِ (60) قَوْلُهُ: فَيَقْضِيهَا صَلَاةَ الْمُسَافِرِينَ إلَخْ. لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ إذْ الْقَضَاءُ يَحْكِي الْأَدَاءَ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْمُقِيمِينَ قَضَاهَا كَذَلِكَ فَالْإِطْلَاقُ غَيْرُ سَدِيدٍ (61) قَوْلُهُ: وَلِمَنْ بِهِ شَقِيقَةٌ بِرَأْسِهِ الْإِيمَاءُ إلَخْ. الْمَسْأَلَةُ فِي الْقُنْيَةِ: وَعِبَارَتُهَا أَخَذَهُ شَقِيقَةٌ وَلَا يُمْكِنُهُ السُّجُودُ يُومِي (62) قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ الْمَرِيضُ بِحَالٍ لَوْ خَرَجَ إلَى الصَّلَاةِ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ إلَخْ. فِي الْمُجْتَبَى وَغَيْرِهِ: لَوْ كَانَ لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ، وَلَوْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ لَا يَقْدِرُ، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ إلَى الْجَمَاعَةِ وَيُصَلِّي قَاعِدًا هُوَ الْأَصَحُّ، لِأَنَّهُ غَيْرُ عَاجِزٍ عَنْ الْقِيَامِ حَالَةَ الْأَدَاءِ وَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ وَصَحَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ قَائِمًا. قَالَ: وَبِهِ يُفْتَى وَاخْتَارَ فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي قَوْلًا ثَالِثًا وَهُوَ: إنَّهُ يَشْرَعُ قَائِمًا ثُمَّ يَقْعُدُ، فَإِذَا جَاءَ وَقْتُ الرُّكُوعِ يَقُومُ وَيَرْكَعُ. وَالْأَشْبَهُ مَا صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، لِأَنَّ الْقِيَامَ فَرْضٌ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ لِأَجْلِ الْجَمَاعَةِ الَّتِي هِيَ سُنَّةٌ، بَلْ يُعَدُّ هَذَا عُذْرًا فِي تَرْكِهَا. (63) قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفَرْضَ مُقَدَّرٌ بِحَالِهِ عَلَى الِاقْتِدَاءِ إلَخْ. كَذَا فِي النُّسَخِ وَلَيْسَ لَهُ مُحَصِّلٌ فَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا.

وَاخْتَلَفُوا فِي مَرِيضٍ إنْ قَامَ لَا يَقْدِرُ عَلَى مُرَاعَاةِ سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ، وَإِنْ قَعَدَ قَدَرَ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقْعُدُ وَيُرَاعِيهَا. 65 - قَدَرَ الْمَرِيضُ عَلَى بَعْضِ الْقِيَامِ قَامَ بِقَدْرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي مَرِيضٍ إنْ قَامَ لَا يَقْدِرُ عَلَى مُرَاعَاةِ سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ إلَخْ. فِي التُّمُرْتَاشِيِّ: إنْ صَلَّى قَائِمًا يَقْدِرُ أَنْ يَقْرَأَ آيَةً، وَلَوْ صَلَّى قَاعِدًا يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ. اخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِهِمَا. قِيلَ: يَقُومُ وَيَقْرَأُ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ ثُمَّ يُتِمُّ الْقِرَاءَةَ قَاعِدًا، وَقَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ: لَا يُجْزِيهِ إلَّا أَنْ يَقُومَ قَدْرَ ثَلَاثِ آيَاتٍ سَاكِنًا ثُمَّ يَقْعُدُ، فَيَقْرَأُ هَذَا الْقَدْرَ، وَعَنْهُ يَقُومُ قَوْمَةً يَسِيرَةً. وَقَالَ ابْنُ مُقَاتِلٍ: يُجْزِيهِ أَنْ لَا يَقُومَ وَيَقْرَأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ قَاعِدًا. وَاتَّفَقُوا أَنَّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ: يَقُومُ وَيَقْرَأُ الْآيَةَ الْوَاحِدَةَ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْقُصُورِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِمُرَاعَاةِ سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ مُرَاعَاةُ مَا ثَبَتَ قِرَاءَتُهُ فِي الصَّلَاةِ بِالسُّنَّةِ فَيَصْدُقُ بِالْوَاجِبِ. هَذَا وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْمَرِيضِ الَّذِي يُبِيحُ الصَّلَاةَ قَاعِدًا. قِيلَ: أَنْ يَكُونَ بِحَالٍ لَوْ قَامَ سَقَطَ مِنْ ضَعْفٍ، أَوْ دَوَرَانِ رَأْسٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَقِيلَ: أَنْ يَصِيرَ بِهِ صَاحِبَ فِرَاشٍ، وَقِيلَ: أَنْ لَا يَقُومَ بِحَوَائِجِهِ فِي أَمْرِ مَعَاشِهِ، وَأَصَحُّ الْأَقْوَالِ أَنْ يَلْحَقَهُ بِالْقِيَامِ ضَرَرٌ، وَكَذَا حَدُّ الْمَرَضِ الَّذِي يُسْقِطُ الْجُمُعَةَ وَيُبِيحُ الْإِفْطَارَ، وَحَدُّ الْمَرَضِ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ أَنْ يَخَافَ مِنْ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ زِيَادَةَ الْعِلَّةِ، أَوْ اشْتِدَادَ الْمَرَضِ، أَوْ امْتِدَادَهُ، وَفِي الْكِفَايَةِ: أَنْ لَا يَسْتَطِيعَ الْوُضُوءَ بِنَفْسِهِ. وَقِيلَ: أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى الْمَشْيِ إلَّا أَنْ يُهَادَى بَيْنَ اثْنَيْنِ وَقِيلَ أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى الصَّلَاةِ قَائِمًا وَحَدُّ الْمَرَضِ الَّذِي يُبِيحُ التَّوْكِيلَ أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى الْمَشْيِ بِقَدَمِهِ، لَكِنَّهُ وَلَوْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ بِقَدَمِهِ يُحْمَلُ عَلَى الدَّابَّةِ، أَوْ عَلَى ظَهْرِ الْإِنْسَانِ، فَإِنْ كَانَ يَزْدَادُ مَرَضُهُ بِذَلِكَ يُبَاحُ التَّوْكِيلُ، وَإِنْ لَمْ يَزْدَدْ اخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِهِمَا فِيهِ. كَذَا فِي شَرْحِ جَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ. (65) قَوْلُهُ: قَدَرَ الْمَرِيضُ عَلَى بَعْضِ الْقِيَامِ قَامَ بِقَدْرِهِ إلَخْ. فِي التُّمُرْتَاشِيِّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْقَاضِي عَنْ الْهِنْدُوَانِيِّ: لَوْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ مِقْدَارَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ يُؤْمَرُ بِأَنْ يُكَبِّرَ قَائِمًا ثُمَّ يَقْعُدَ فَيَقْرَأَ حَتَّى لَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ خِفْتُ أَنْ لَا يَجُوزَ صَلَاتُهُ. وَفِي شَرْحِ الْحَلْوَانِيِّ عَنْ الْهِنْدُوَانِيِّ: لَوْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْقِيَامِ دُونَ تَمَامِهِ، أَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ لِبَعْضِ الْقِرَاءَةِ دُونَ تَمَامِهَا، يُؤْمَرُ بِأَنْ يُكَبِّرَ قَائِمًا وَيَقْرَأَ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ قَائِمًا ثُمَّ يَقْعُدَ إنْ

إذَا كَرَّرَ آيَةَ سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَالْأَفْضَلُ الِاكْتِفَاءُ بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِذَا كَرَّرَ اسْمَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـــــــــــــــــــــــــــــQعَجَزَ. قَالَ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ لَا يُرْوَى خِلَافَهُ عَنْ أَصْحَابِنَا. وَلَوْ تَرَكَ هَذَا خِفْتُ أَنْ لَا يَجُوزَ صَلَاتُهُ. وَفِي شَرْحِ الْقَاضِي: فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ مُسْتَوِيًا، قَالُوا: يَقُومُ مُتَّكِئًا لَا يُجْزِيهِ إلَّا ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ عَجَزَ عَنْ الْقُعُودِ مُسْتَوِيًا قَالُوا: يَقُومُ مُتَّكِئًا لَا يَجْزِيهِ إلَّا ذَلِكَ. (66) قَوْلُهُ: إذَا كَرَّرَ آيَةَ سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ إلَخْ. الْأَصْلُ أَنَّ تِلَاوَةَ آيَةٍ فِي مَجْلِسٍ لَا تُوجِبُ إلَّا سَجْدَةً وَاحِدَةً لِأَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ وَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى يَجْزِي فِيهَا التَّدَاخُلُ، بِخِلَافِ تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ حَيْثُ يَجِبُ لِكُلِّ امْرِئٍ إذَا حَمِدَ الْعَاطِسُ، وَقِيلَ إلَى عَشْرٍ، وَلَوْ عَطَسَ فَشَمَّتَهُ، ثُمَّ عَطَسَ شَمَّتَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَفِي التَّفَارِيقِ لَا يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ إذَا تَابَعَ، وَإِنْ لَمْ يُشَمَّتْ إلَى ثَلَاثٍ كَفَاهُ مَرَّةً. وَعَنْ مُحَمَّدٍ إذَا عَطَسَ مِرَارًا شَمَّتَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، فَإِنْ أَخَّرَ كَفَاهُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَفِي جَامِعِ الْقَاضِي، وَلَا رِوَايَةَ فِي تَكْرَارِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَكْرَارِ اسْمِهِ فِي مَجْلِسٍ. وَاخْتَلَفُوا فِيهِ وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ عَنْ الْحَلْوَانِيِّ: وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ حَقًّا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. أَمْ حَقًّا لَهُمَا؟ وَفِي شَرْحِ نُوبَاغِيٍّ: يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، وَلَكِنْ إنْ صَلَّى مَرَّةً فِي مَجْلِسٍ قَالُوا يَخْرُجُ عَنْ الْجَفَاءِ فَإِنْ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى ذُكِرَ مِرَارًا، ثُمَّ صَلَّى قَالُوا: إنْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ يَخْرُجُ عَنْ الْجَفَاءِ وَظَاهِرُ الْجَوَابِ: إذَا كَانَ فِي مَجْلِسٍ يَكْفِيهِ مَرَّةً وَإِنْ ذُكِرَ أَلْفَ مَرَّةٍ يَخْرُجُ عَنْ الْجَفَاءِ، وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ: أَجْمَعْنَا أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي مَجْلِسٍ يَكْفِيهِ مَرَّةً، وَإِنْ كَانَ فِي مَجَالِسَ لَا يَكْفِيهِ، وَإِذَا تَرَكَ يَصِيرُ جَافِيًا. وَقَالَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ: يُسْتَحَبُّ التَّكْرَارُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِي السَّجْدَةِ لَا. وَلَوْ ذُكِرَ فِي مَجْلِسٍ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا تَنُوبُ الصَّلَاةُ عَلَى الْبَعْضِ عَنْ الْبَاقِينَ. وَكَذَا لَوْ عَطَسَ جَمَاعَةٌ شَمَّتَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَوْ دَخَلَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَوْمٍ، فَسَلَّمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ جَازَ عَنْهُمْ، وَإِنْ رَدَّ وَاحِدٌ مِنْ الْمَدْخُولِ عَلَيْهِمْ هَلْ يَسْقُطُ عَنْ الْبَاقِينَ؟ اخْتَلَفُوا. وَاعْلَمْ أَنَّ فِي وُجُوبِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ عَلَى الْفَوْرِ خِلَافًا. أَمَّا رَدُّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا ذُكِرَ فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ،

فَالْأَفْضَلُ تَكْرَارُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَفَاهُ وَاحِدَةٌ فِيهِمَا 68 - وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ، 69 - وَلَا فِدْيَةَ لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَلَا تَجِبُ فِيهِ التَّعَيُّنُ لَهَا، وَالسُّنَّةُ الْقِيَامُ لَهَا إذَا قَرَأَ الْإِمَامُ آيَةَ سَجْدَةٍ. إذَا قَرَأَ الْإِمَامُ آيَةَ سَجْدَةٍ 70 - فَالْأَفْضَلُ الرُّكُوعُ لَهَا إنْ كَانَ فِي صَلَاةِ الْمُخَافَتَةِ وَإِلَّا سَجَدَ لَهَا. يُكْرَهُ تَرْكُ السُّورَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ مِنْ التَّطَوُّعِ عَمْدًا، فَإِنْ سَهَا فَعَلَيْهِ السَّهْوُ، وَلَوْ ضَمَّهَا فِي أُخْرَى الْفَرْضُ سَاهِيًا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِيهِ: قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ مِرَارًا فِي مَجْلِسٍ، تَكْفِيهِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ، سَجَدَ لِلْأُولَى أَوْ لَا. بِخِلَافِ الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ لَوْ حُدَّ أَوْ كَفَّرَ، ثُمَّ عَادَ يُحَدُّ وَيُكَفِّرُ ثَانِيًا. وَقِيلَ إذَا سَجَدَ لِلْأُولَى ثُمَّ قَرَأَهَا يَلْزَمُهُ أُخْرَى (انْتَهَى) . (67) قَوْلُهُ: فَالْأَفْضَلُ تَكْرَارُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ إلَخْ. هَذَا خِلَافُ الْأَصَحِّ، قَالَ فِي مُعِينِ الْمُفْتِي: الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاجِبَةٌ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً، لِأَنَّ الْأَمْرَ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ. وَعَنْ الطَّحَاوِيِّ: أَنَّهُ يَجِبُ كُلَّمَا ذُكِرَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فَعَلَيْكَ بِهِ. وَاخْتَلَفَتْ الْأَقْوَالُ أَوْ اتَّفَقَتْ. وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ تَعْظِيمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كُلَّمَا ذُكِرَ، كَمَا فِي الْمُجْتَبَى (انْتَهَى) . وَفِي تَلْقِيحِ الْمَحْبُوبِيِّ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَتَدَاخَلُ، وَالثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَتَدَاخَلُ (انْتَهَى) . وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ (انْتَهَى) (68) قَوْلُهُ: وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ بِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ إلَخْ. قُلْتُ: لَكِنْ يُكَبِّرُ عِنْدَ الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ، هُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا يُكَبِّرُ فِي سَجْدَةِ الصَّلَاةِ، وَيُسَبِّحُ وَلَا يُسَلِّمُ، لِأَنَّ السَّلَامَ لِلْخُرُوجِ عَنْ التَّحْرِيمَةِ وَلَا تَحْرِيمَةَ لَهَا. كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. (69) قَوْلُهُ: وَلَا فِدْيَةَ لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ إلَخْ. كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهَا إذَا وَجَبَتْ فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ يَسْجُدْ لَهَا حَتَّى خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ لَا جَابِرَ لَهَا وَلَا يَظْهَرُ غَيْرُ ذَلِكَ. (70) قَوْلُهُ: فَالْأَفْضَلُ الرُّكُوعُ لَهَا إنْ كَانَ فِي صَلَاةِ الْمُخَافَتَةِ إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَتْلُوَهَا فِي صَلَاةٍ يُخَافِتُ فِيهَا وَيَسْجُدَ لَهَا، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى اشْتِبَاهِ الْأَمْرِ

لَا يَسْجُدُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. 72 - لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِالشَّافِعِيِّ فِي الْوَتْرِ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْطَعُهُ. الْقُرْآنُ يَخْرُجُ عَنْ الْقُرْآنِيَّةِ بِقَصْدِ الثَّنَاءِ؛ فَلَوْ قَرَأَ الْجُنُبُ الْفَاتِحَةَ بِقَصْدِ الثَّنَاءِ لَمْ يَحْرُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى النَّاسِ، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ نَسِيَ الرُّكُوعَ وَسَجَدَ فَلَا يُتَابِعُهُ فَإِنْ فَعَلَ وَسَجَدَ تَابَعُوهُ لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لَهُ. (71) قَوْلُهُ: لَا يَسْجُدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. (72) قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِالشَّافِعِيِّ فِي الْوَتْرِ إلَخْ. هَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ: أَنَّ الْمَذْهَبَ الصَّحِيحَ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ بِالشَّافِعِيِّ فِي الْوَتْرِ، إنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ وَعَدَمُهَا إنْ سَلَّمَ وَأَمَّا مَاهَا فَنَقَلَهُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ عَنْ الْإِرْشَادِ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ فِي الْوَتْرِ بِالشَّافِعِيِّ بِإِجْمَاعِ أَصْحَابِنَا لِأَنَّهُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ: وَهُوَ يُفِيدُ عَدَمَ الصِّحَّةِ فَصَلَ أَوْ وَصَلَ، وَرَدَّهُ بِأَنْ اشْتَرَطَ الْمَشَايِخُ لِصِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْحَنَفِيِّ فِي الْوَتْرِ، بِالشَّافِعِيِّ مُقَيَّدٌ لِصِحَّتِهِ إذَا لَمْ يَفْصِلْ اتِّفَاقًا. وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ بَعْدَهُ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، مُشِيرًا إلَى أَنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ أَنْ لَا يُفَضِّلَ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ الْفَصْلِ، لَا مُطْلَقًا مُعَلِّلًا بِأَنَّ اعْتِقَادَ الْوُجُوبِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْحَنَفِيِّ. قَالَ: وَيَشْهَدُ لِلشَّارِحِ مَا فِي السِّرَاجِ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ فِي الْعِيدَيْنِ صَحِيحٌ وَلَمْ يُرَ. وَفِيهِ خِلَافٌ مَعَ أَنَّهُ سُنَّةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَوَاجِبٌ عِنْدَنَا. وَذَكَرَ أَبُو بَكْر الرَّازِيّ: أَنَّ اقْتِدَاءَ الْحَنَفِيِّ فِي الْوَتْرِ بِمَنْ يُسَلِّمُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ يَجُوزُ، وَيُصَلِّي مَعَهُ بَقِيَّةَ الْوَتْرِ لِأَنَّ إمَامَهُ لَمْ يَخْرُجْ بِسَلَامِهِ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ، كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ قَدْ رَعَفَ وَرَأَى الْإِمَامُ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ، لِأَنَّ طَهَارَةَ الْإِمَامِ صَحِيحَةٌ فِي حَقِّهِ وَهُوَ مُجْتَهِدٌ فِيهِ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ، فِي فَصْلِ الرَّعَّافِ وَالْحِجَامَةِ، وَبِهِ أَخَذَ الْأَكْثَرُ إلَّا إذَا رَآهُ احْتَجَمَ ثُمَّ غَابَ عَنْهُ، فَالْأَصَحُّ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ لِجَوَازِ أَنَّهُ تَوَضَّأَ، وَقِيلَ إذَا سَلَّمَ فِي الْوَتْرِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ قَامَ الْمُقْتَدِي وَأَتَمَّ وَحْدَهُ وَقَدْ ذَكَرَ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ فِي جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ بِالشَّافِعِيِّ وَنَحْوِهِ قِيلَ: مَعَ الْكَرَاهَةِ وَقِيلَ: مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْهُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ عَلَى رَأْيِ الْمُبْتَلِي بِهِ

وَلَوْ قَصَدَ بِهَا الثَّنَاءَ فِي الْجِنَازَةِ لَمْ يُكْرَهْ ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْعَصْرِيِّينَ: الَّذِي يَمِيلُ إلَيْهِ خَاطِرِي الثَّانِي، كَمَا يَشْهَدُ بِهِ ذَوُو الْأَلْبَابِ وَاَللَّهُ الْهَادِي لِلصَّوَابِ. هَذَا زُبْدَةُ مَا ذَكَرُوا فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ الْكَلَامِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ خَطَأُ مَا زَعَمَهُ بَعْضُ جَهَلَةِ الْأَرْوَامِ الْمُتَعَاطِينَ لِلْوَعْظِ بَيْنَ الْأَنَامِ مِنْ فَسَادِ اقْتِدَاءِ الْحَنَفِيِّ بِالشَّافِعِيِّ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ إذْ الْحَنَفِيُّ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا، وَالشَّافِعِيُّ يَعْتَقِدُ سُنِّيَّتَهَا، وَمَا دَرَى هَذَا الْجَهُولُ الْعَارِي مِنْ الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ أَنَّ وَجْهَ صِحَّةِ ذَلِكَ؛ هُوَ أَنَّ الصَّلَاةَ مُتَّحِدَةٌ لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الِاعْتِقَادِ، وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى السَّدَادِ فِيهِ، عَلَى ذَلِكَ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ مِنْ ذَوِي الْفَضْلِ وَالْإِتْقَانِ. (73) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَ بِهَا الثَّنَاءَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لَمْ يُكْرَهْ إلَخْ. أَقُولُ: يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ الْقُرْآنِيَّةَ يُكْرَهُ، قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَالتَّجْنِيسِ: لَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ يَعْنِي فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ قَرَأَهَا بِنِيَّةِ الْقِرَاءَةِ لَا تَجُوزُ، لِأَنَّهَا مَحَلُّ الدُّعَاءِ دُونَ الْقِرَاءَةِ (انْتَهَى) . وَفِي الِاخْتِيَارِ: وَلَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، أَمَّا بِنِيَّةِ التِّلَاوَةِ فَمَكْرُوهٌ (انْتَهَى) . يَعْنِي تَحْرِيمًا كَمَا يُفِيدُهُ تَعْبِيرُ صَاحِبِ الْمُحِيطِ، بِعَدَمِ الْجَوَازِ، قَالَ شَيْخُنَا فِي رِسَالَتِهِ الْمُسَمَّاةِ بِالنَّظْمِ الْمُسْتَطَابِ: لِحُكْمِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِأُمِّ الْكِتَابِ: دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ النَّصِّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْقِرَاءَةِ، وَالنَّصِّ عَلَى كَرَاهَتِهَا، يَعْنِي فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فِي كَلَامِ أَئِمَّتِنَا الْحَنَفِيَّةِ وَقَدْ نَصُّوا عَلَى اسْتِحْبَابِ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ، وَلَمْ أَرَ نَصًّا قَاطِعًا لِلْمَنْعِ مُقْتَضِيًا لِعَدَمِ جَوَازِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الْجِنَازَةِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَا قِرَاءَةَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَفِي التَّكْبِيرِ الْأَوَّلِ يَجِبُ التَّحْمِيدُ وَلَوْ قَرَأَ فِيهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ جَازَ وَلَوْ كَانَ سَاكِتًا تَجُوزُ صَلَاتُهُ (انْتَهَى) . وَقَوْلُهُ وَلَوْ قَرَأَ الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَيْ إلَى آخِرِ السُّورَةِ، جَازَ (انْتَهَى) . ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا نَصٌّ عَلَى جَوَازِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، ثُمَّ قَالَ وَمِنْ الْفُرُوعِ الَّتِي نُصَّ فِيهَا عَلَى اسْتِحْبَابِ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ، مَسُّ الذَّكَرِ، وَمَسُّ الْمَرْأَةِ، وَأَكْلُ لَحْمِ جَزُورٍ. فَيُعَادُ بِهَا الْوُضُوءُ اسْتِحْبَابًا وَقَهْقَهَتُهُ فِي الصَّلَاةِ وَالرَّجْعَةُ بِالْقَوْلِ لِإِيجَابِهَا عَنْ مُجْتَهِدٍ، وَصِيغَةُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي الْبِيَاعَاتِ دُونَ التَّعَاطِي، فَبِذَلِكَ تُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ الْمُقْتَضِي لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِدُونِ قِرَاءَتِهَا مَعَ مُوَافَقَةِ كُتُبِ الْأُصُولِ عِنْدَنَا، عَلَى سُنِّيَّتِهَا فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ، هَذَا مَا ذَكَرْتُهُ لَكَ فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ مَا يَحْلُو لَهَا. انْتَهَى كَلَامُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ.

إلَّا إذَا قَرَأَ الْمُصَلِّي قَاصِدًا الثَّنَاءَ فَإِنَّهَا تُجْزِيهِ. 75 - لَا رِيَاءَ فِي الْفَرَائِضِ فِي حَقِّ سُقُوطِهَا. 76 - إذَا أَرَادَ فِعْلَ طَاعَةٍ وَخَافَ الرِّيَاءَ لَا يَتْرُكُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَرَأَ الْمُصَلِّي إلَخْ. أَيْ فِي الصَّلَاةِ الْكَامِلَةِ وَهِيَ ذَاتُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ: الْقُرْآنُ يَخْرُجُ مِنْ الْقُرْآنِيَّةِ بِقَصْدِ الثَّنَاءِ وَكَانَ مُقْتَضَى الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْخُرُوجِ أَنْ يَقُولَ: فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْقُرْآنِيَّةِ بِقَصْدِ الثَّنَاءِ فَتُجْزِيهِ الْقِرَاءَةُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقِرَاءَة إذَا كَانَتْ فِي مَحَلِّهَا لَا يَتَغَيَّرُ بِالْعَزِيمَةِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُولَيَيْنِ وَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ لَا تُجْزِيهِ كَمَا فِي التَّوْشِيحِ. لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي التَّجْنِيسِ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ فِي صَلَاةِ الْفَاتِحَةِ عَلَى قَصْدِ الثَّنَاءِ جَازَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ وَجَدَ الْقِرَاءَةَ فِي مَحَلِّهَا فَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهَا بِقَصْدِهِ، وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالْأُولَيَيْنِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأُخْرَيَيْنِ مَحَلُّ الْقِرَاءَةِ الْمَفْرُوضَةِ فَإِنَّ الْقِرَاءَةَ فَرْضٌ فِي رَكْعَتَيْنِ غَيْرِ عَيْنٍ وَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهُمَا فِي الْأُولَيَيْنِ وَاجِبَةً (انْتَهَى) . وَنَقَلَ فِي الْقُنْيَةِ خِلَافًا فِيمَا إذَا قَرَأَ عَلَى قَصْدِ الدُّعَاءِ أَنَّهَا لَا تَنُوبُ. (75) قَوْلُهُ: لَا رِيَاءَ فِي الْفَرَائِضِ فِي حَقِّ سُقُوطِهَا إلَخْ. قَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ: لَوْ صَلَّى رِيَاءً لَا أَجْرَ لَهُ وَعَلَيْهِ الْوِزْرُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَكْفُرُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَجْرَ لَهُ، وَلَا وِزْرَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ. كَذَا فِي سَيْرِ الْمُضْمَرَاتِ وَلَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ دَخَلَ فِي قَلْبِهِ الرِّيَاءُ فَالصَّلَاةُ عَلَى مَا أَسَرَّ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ عَمَّا يَعْرِضُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ. وَقِيلَ: الرِّيَاءُ لَا يَدْخُلُ فِي صَوْمِ الْفَرِيضَةِ، وَفِي سَائِرِ الطَّاعَاتِ يَدْخُلُ كَذَا فِي تَتِمَّةِ الْوَاقِعَاتِ. وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: لَا يَدْخُلُ الرِّيَاءُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْفَرَائِضِ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْمُسْتَقِيمُ. إذْ بِدُخُولِ الرِّيَاءِ لَا يَفُوتُ أَصْلُ الثَّوَابِ وَإِنَّمَا تُبْطِلُ تَضَاعُفَ الثَّوَابِ. كَذَا فِي مُتَفَرِّقَاتِ صَلَاةِ الذَّخِيرَةِ. أَقُولُ: مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ لَا رِيَاءَ فِي الْفَرَائِضِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ التَّفْسِيرِ مِنْ أَنَّ إيتَاءَ الزَّكَاةِ فِي السِّرِّ أَفْضَلُ. قَالُوا لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ الرِّيَاءِ. ذَكَرَ ذَلِكَ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْخَامِسِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْأُولَى فَائِدَةَ التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ فِي حَقِّ سُقُوطِهَا ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ فَلْيُرَاجَعْ. (76) قَوْلُهُ: إذَا أَرَادَ فِعْلَ طَاعَةٍ وَخَافَ الرِّيَاءَ لَا يَتْرُكُهَا إلَخْ. نَظِيرُ هَذَا مَا فِي

قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ لِأَجْلِ الْمُهِمَّاتِ عَقِبَ الْمَكْتُوبَةِ بِدْعَةٌ. 78 - الْقِرَاءَةُ فِي الْحَمَّامِ جَهْرًا مَكْرُوهَةٌ وَسِرًّا لَا. وَهُوَ الْمُخْتَارُ. وَلَا يُكْرَهُ لِمُحْدِثٍ مَسُّ كُتُبِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَضْعُ الْمِقْلَمَةِ عَلَى الْكِتَابِ مَكْرُوهٌ إلَّا لِأَجْلِ الْكِتَابَةِ، وَضْعُ الْمُصْحَفِ تَحْتَ رَأْسِهِ مَكْرُوهٌ إلَّا لِأَجْلِ الْحِفْظِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُلْتَقَطِ الدُّعَاءُ مَعَ الرِّقَّةِ أَفْضَلُ وَلَا يَتْرُكُ الدُّعَاءَ لِأَجْلِ سَهْوِ الْقَلْبِ (انْتَهَى) . وَقَدْ سُئِلَ الْعَارِفُ الْمُحَقِّقُ شِهَابُ الدِّينِ السُّهْرَوَرْدِيّ عَمَّا نَصُّهُ: يَا سَيِّدِي إنْ تَرَكْتُ الْعَمَلَ أَخْلَدْتُ إلَى الْبَطَالَةِ وَإِنْ عَمِلْتُ دَاخَلَنِي الْعُجْبُ فَأَيُّهُمَا أَوْلَى؟ فَكَتَبَ جَوَابَهُ: اعْمَلْ وَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ مِنْ الْعُجْبِ. (77) قَوْلُهُ: قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ لِأَجْلِ الْمُهِمَّاتِ عَقِيبَ الْمَكْتُوبَةِ بِدْعَةٌ إلَخْ. الْمَسْأَلَةُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْحَادِي عَشَرَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَعِبَارَتُهَا: قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ عَقِيبَ الْمُكْتَوِيَةِ بِدْعَةٌ (78) قَوْلُهُ: الْقِرَاءَةُ فِي الْحَمَّامِ جَهْرًا مَكْرُوهَةٌ وَسِرًّا لَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ إلَخْ. هَكَذَا فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَقَيَّدَهُ فِي الْمُلْتَقَطِ بِمَا إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ طَاهِرًا وَالْعَوْرَةُ مَسْتُورَةً. وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ التَّسْبِيحَ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِهِ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ وَرَقَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ كَرِهَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي الْمَخْرَجِ وَالْحَمَّامِ. وَكَذَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا بَأْسَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْحَمَّامِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ طَاهِرًا وَالْعَوْرَةُ مَسْتُورَةً (انْتَهَى) . وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْقِرَاءَةُ سِرًّا أَوْ جَهْرًا. وَكَأَنَّ الْإِمَامَ الْعَيْنِيَّ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى هَذَا فَقَالَ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُكْرَهَ الْقِرَاءَةُ فِي الْحَمَّامِ مُطْلَقًا يَعْنِي لَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا لِأَنَّ مَنْ يَكْرَهُهَا جَهْرًا يَسْتَدِلُّ بِأَنَّهُ مَوْضِعُ الشَّيَاطِينِ وَقَدْ قُلْنَا إنَّ جَمِيعَ الْمَوَاضِعِ لَا تَخْلُو عَنْهُمْ فَيَلْزَمُ أَنْ تُكْرَهَ الْقِرَاءَةُ جَهْرًا فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهَذَا الْكَلَامُ فِي غَايَةِ النَّفَاسَةِ. أَقُولُ: هَذَا الْكَلَامُ فَاسِدُ التَّأْسِيسِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ نَفِيسًا لِأَنَّ سَائِرَ الْمَوَاضِعِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَخْلُو عَنْهُمْ لَكِنَّ الْحَمَّامَ مِنْ مَوَاطِنِ فِرَارِهِمْ وَمَحَلِّ شِرَارِهِمْ لِكَوْنِهِ مَوْضِعَ إزَالَةِ الْأَحْدَاثِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَالْمُرَادُ بِالْجَهْرِ هُنَا أَنْ يُسْمِعَ غَيْرَهُ لَا نَفْسَهُ فَقَطْ.

79 - لَا يَنْبَغِي تَأْقِيتُ الدُّعَاءِ إلَّا فِي الصَّلَاةِ. 80 - يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ فِي صَلَاةِ الرَّغَائِبِ وَصَلَاةِ الْبَرَاءَةِ وَلَيْلَةِ الْقَدْرِ، إلَّا إذَا قَالَ نَذَرْتُ رَكْعَةَ كَذَا بِهَذَا الْإِمَامِ بِالْجَمَاعَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ فِي الصَّيْرَفِيَّةِ: الْقِرَاءَةُ فِي الْحَمَّامِ بِحَيْثُ يَسْمَعُ هُوَ لَا تُكْرَهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ فَلْتَحْفَظْ. وَأَمَّا الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ فَقَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ إنْ كَانَ فِي الْحَمَّامِ صُوَرٌ وَتَمَاثِيلُ تُكْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَكَانَ الْمَوْضِعُ طَاهِرًا لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ صَلَّى فِي مَوْضِعٍ طَاهِرٍ قَالُوا وَكَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ بُخَارَى يَفْعَلُونَ ذَلِكَ (انْتَهَى) . وَمَسْلَحُ الْحَمَّامِ الْمَكَانُ الَّذِي تُوضَعُ فِيهَا الثِّيَابُ كَذَا فِي الْقَوْلِ التَّامِّ فِي أَدَبِ دُخُولِ الْحَمَّامِ لِابْنِ الْعِمَادِ. قَوْلُهُ: لَا يَنْبَغِي تَأْقِيتُ الدُّعَاءِ إلَّا فِي الصَّلَاةِ إلَخْ. تَأْقِيتُ الدُّعَاءِ يَدْعُو بِدُعَاءٍ مَحْفُوظٍ قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ فِي الثَّامِنِ: الْمُصَلِّي يَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ فِي الصَّلَاةِ بِدُعَاءٍ مَحْفُوظٍ لَا بِمَا يَحْضُرُهُ لِأَنَّهُ يَخَافُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى لِسَانِهِ مَا يُشْبِهُ كَلَامَ النَّاسِ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ. فَأَمَّا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ بِمَا يَحْضُرُهُ وَلَا يَسْتَظْهِرُ الدُّعَاءَ لِأَنَّ حِفْظَ الدُّعَاءِ يَمْنَعُهُ عَنْ الرِّقَّةِ (انْتَهَى) . وَذَكَرَ فِي التَّاسِعِ أَنَّ الدُّعَاءَ بِالْعَرَبِيَّةِ أَقْرَبُ لِلْإِجَابَةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُحِبُّ غَيْرَ الْعَرَبِيَّةِ مَا يُحِبُّ الْعَرَبِيَّةَ (انْتَهَى) . وَلَفْظُ " مَا يَنْبَغِي " يُقَالُ فِي الْحَرَامِ وَالْمَكْرُوهِ وَيُقَالُ: يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا أَيْ طَاوَعَك وَانْقَادَ لَكَ فِعْلُ كَذَا وَهُوَ لَازِمٌ بَقِيَ يُقَالُ بَغَيْتُهُ فَانْبَغَى كَمَا يُقَالُ كَسَرْتُهُ فَانْكَسَرَ. وقَوْله تَعَالَى {وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35] أَيْ لَا يَصْلُحُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ نَقَلَ فِي كِتَابِ السِّيَرِ مِنْ الْهِدَايَةِ: وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يَعْذُرُوا وَلَا يَغُلُّوا وَلَا يُمَثِّلُوا، وَالْمُثْلَةُ الْمَرْوِيَّةُ فِي قِصَّةِ الْعُرَنِيِّينَ مَنْسُوخَةٌ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَ يَنْبَغِي لِلْوُجُوبِ وَذُكِرَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ: يَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَتَصَدَّقَ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَا يَأْثَمُ فَلَفْظُ يَنْبَغِي لِلْأَوْلَى وَلَفْظُ لَا يَنْبَغِي لَا يَسْتَلْزِمُ الْحُرْمَةَ وَالْكَرَاهَةَ. فَقَدْ قَالُوا إنَّ قِرَاءَةَ سُورَةٍ فِي رَكْعَتَيْنِ غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ لَكِنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ. كَذَا فِي مَجْمُوعَةِ الْعُلُومِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ الْهَرَوِيِّ حَفِيدِ الْمَوْلَى سَعْدِ الدِّينِ التَّفْتَازَانِيِّ. (80) قَوْلُهُ: يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ فِي صَلَاةِ الرَّغَائِبِ إلَخْ. وَصَلَاةُ الرَّغَائِبِ هِيَ الَّتِي

كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. تَعَدُّدِ السَّهْوِ لَا يُوجِبُ تَعَدُّدَ السُّجُودِ إلَّا فِي الْمَسْبُوقِ. يُكْرَهُ الْأَذَانُ قَاعِدًا إلَّا لِنَفْسِهِ. الْإِسْفَارُ بِالْفَجْرِ أَفْضَلُ إلَّا بِمُزْدَلِفَةَ لِلْحَاجِّ. تَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ مَكْرُوهٌ إلَّا فِي السَّفَرِ أَوْ عَلَى مَائِدَةٍ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQتُفْعَلُ فِي رَجَبٍ فِي أَوَّلِ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ مِنْهُ وَصَلَاةُ الْبَرَاءَةِ الَّتِي تُفْعَلُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ الشَّعْبَانِ وَإِنَّمَا كَرِهَ الِاقْتِدَاءَ فِي صَلَاةِ الرَّغَائِبِ، وَمَا ذَكَرَ بَعْدَهَا لِأَنَّ أَدَاءَ النَّفْلِ بِجَمَاعَةٍ عَلَى سَبِيلِ التَّدَاعِي مَكْرُوهٌ، إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ كَصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ قَالَ ابْنُ أَمِيرِ الْحَاجِّ فِي الْمَدْخَلِ: وَقَدْ حَدَثَتْ صَلَاةُ الرَّغَائِبِ بَعْدَ أَرْبَعِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ مِنْ الْهِجْرَةِ وَقَدْ صَنَّفَ الْعُلَمَاءُ كُتُبًا فِي إنْكَارِهَا وَذَمِّهَا وَتَسْفِيهِ فَاعِلِهَا وَلَا تَغْتَرَّ بِكَثْرَةِ الْفَاعِلِينَ لَهَا فِي كَثِيرِ مِنْ الْأَمْصَارِ قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ الْكَنْزِ بَعْدَ كَلَامٍ: وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ كَرَاهَةُ الِاجْتِمَاعِ عَلَى صَلَاةِ الرَّغَائِبِ وَأَنَّهَا بِدْعَةٌ وَمَا يَحْتَالُهُ أَهْلُ الرُّومِ مِنْ نَذْرِهَا لِتَخْرُجَ عَنْ النَّفْلِ الْكَرَاهَةُ فَبَاطِلٌ وَقَدْ أَوْضَحَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَأَطَالَ فِيهِ إطَالَةً حَسَنَةً كَمَا هُوَ دَأْبُهُ (انْتَهَى) . وَقَدْ صَنَّفَ فِيهَا شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ نُورُ الدِّينِ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ تَصْنِيفًا حَسَنًا سَمَّاهُ رَدْعَ الرَّاغِبِ عَنْ صَلَاةِ الرَّغَائِبِ وَقَدْ سُئِلْتُ عَنْهَا وَعَنْ صَلَاةِ الْبَرَاءَةِ وَلَيْلَةِ الْقَدْرِ عَامَ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ وَأَلْفٍ حِينَ ظَهَرَ مُبْتَدِعٌ يَدْعُو جَهَلَةَ الْأَرْوَامِ وَغَيْرَهُمْ إلَى فِعْلِهَا وَيَزْعُمُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ وَخَوَاصَّ التَّابِعِينَ قَدْ صَلَّوْهَا جَهْلًا مِنْهُ وَطَمَعًا فِي حُطَامِ الدُّنْيَا فَحَرَّرْتُ فِي ذَلِكَ تَحْرِيرًا طَوِيلًا حَسَنًا أَحَطْتُ فِيهِ بِغَالِبِ كَلَامِ فُضَلَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ فَمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَلْيُطَالِعْهُ. (81) قَوْلُهُ: كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَكِنَّهُ قَالَ بَعْدَهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَكَلَّفَ بِذَلِكَ لِأَمْرٍ مُبْتَدَأٍ (انْتَهَى) . يَعْنِي وَهَذَا خَلَلٌ فِي النَّقْلِ لَا يَلِيقُ مِنْ أَمْثَالِهِ وَلَا مِمَّنْ جَرَى عَلَى مِنْوَالِهِ

[كتاب الزكاة]

[كِتَابُ الزَّكَاةِ] 1 - الْفَقِيهُ لَا يَكُونُ غَنِيًّا بِكُتُبِهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا، إلَّا فِي دَيْنِ الْعِبَادِ، فَتُبَاعُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ 2 - كَذَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ 3 - الِاعْتِبَارُ لِوَزْنِ مَكَّةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْفَقِيهُ لَا يَكُونُ غَنِيًّا بِكُتُبِهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا إلَخْ. يَعْنِي لِلدِّرَاسَةِ فَيَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةَ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ وَفِيهِ: وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ مِنْ كُلِّ كِتَابٍ نُسْخَتَانِ فِيمَا لَمْ يَصِحَّ. قَالَ نُصَيْرٌ: صَحِّحُوا هَذِهِ الْكُتُبَ فَلَعَلَّكُمْ لَا تَجِدُونَ أُسْتَاذًا غَيْرَهَا. (2) قَوْلُهُ: كَذَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ إلَخْ. يَعْنِي فِي كِتَابِ الْحَجْرِ وَاللُّقَطَةِ. وَيُحْبَسُ ذُو الْكُتُبِ الصِّحَاحِ الْمُحَرَّرِ ... عَلَى الدَّيْنِ إذْ بِالْكُتُبِ مَا هُوَ مُعْسِرٌ قَالَ فِي الشَّرْحِ: مَسْأَلَةُ الْمَيْتِ مِنْ الْقُنْيَةِ وَعِبَارَتُهَا فَقِيهٌ لَحِقَهُ دَيْنٌ وَلَهُ كُتُبٌ عَلِقَ بَعْضَهَا عَنْ أُسْتَاذِهِ وَأَصْلَحَ بَعْضَهَا بِنَفْسِهِ فَهُوَ مُوسِرٌ فِي حَقِّ قَضَاءِ الدَّيْنِ حَتَّى لَحِقَهُ الْحَبْسُ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فِي حَقِّ الصَّدَقَةِ وَوُجُوبِ الزَّكَاةِ وَلَوْ كَانَ لَهُ قُوتُ شَهْرٍ تُبَاعُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُوسِرٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ قُوتُ يَوْمٍ لَا تُبَاعُ. (3) قَوْلُهُ: الِاعْتِبَارُ لِوَزْنِ مَكَّةَ سَبْعَةً إلَخْ. تَفْسِيرُهُ أَنْ يَزِنَ كُلَّ عَشْرٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ سَبْعَةَ مَثَاقِيلَ وَكُلَّ دِرْهَمٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا يُبْنَى عَلَيْهِ أَحْكَامُ الزَّكَاةِ وَنِصَابُ السَّرِقَةِ وَغَيْرُهُمَا. وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَوْزَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَهْدِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَتْ مُخْتَلِفَةً، فَمِنْهَا مَا كَانَ الدِّرْهَمُ أَحَدَ عَشَرَ قِيرَاطًا وَمِنْهَا مَا كَانَ عَشْرَةَ قَرَارِيطَ وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى وَزْنَ خَمْسَةٍ، وَمِنْهَا مَا كَانَ وَزْنَ اثْنَيْ عَشَرَ قِيرَاطًا وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى وَزْنَ سِتَّةٍ، فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - طَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَجْمَعَ النَّاسَ عَلَى نَقْدٍ وَاحِدٍ فَأَخَذَ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ دَرَاهِمَ مُتَسَاوِيَةً فَكَانَ كُلُّ دِرْهَمٍ

مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مُفْلِسٍ مُقِرٍّ فَقِيرٍ عَلَى الْمُخْتَارِ 5 - الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ إذَا رَفَعَ زَكَاتَهُ إلَى أُخْتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ وَارِثَتُهُ أَجْزَأَتْهُ وَوَقَعَتْ مَوْقِعَهَا؛ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ رُدَّتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَرْبَعَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا وَهُوَ وَزْنُ سَبْعَةٍ الَّتِي جَمَعَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - النَّاسَ عَلَيْهَا وَبَقِيَ كَذَلِكَ إلَى يَوْمِنَا هَذَا. وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الدَّرَاهِمَ مَتَى صَارَتْ مُدَوَّرَةً. وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَبْلَ ذَلِكَ كَانَ شَبَهَ النَّوَاةِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي الْقُنْيَةِ: الْمُعْتَبَرُ فِي الزَّكَاةِ وَزْنُ مَكَّةَ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْوَزْنُ وَزْنُ مَكَّةَ وَالْمِكْيَالُ مِكْيَالُ الْمَدِينَةِ» فَعَشْرَةُ دَنَانِيرَ بِوَزْنِ مَكَّةَ تَنْقُصُ عِنْدَنَا بِثُلُثِي دِينَارٍ فَلَوْ بَلَغَتْ الدَّنَانِيرُ بِوَزْنِ بَلَدِنَا أَيْ خُوَارِزْمَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثُلُثَ دِينَارٍ يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ. وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ: تُعْتَبَرُ دَرَاهِمُ كُلِّ بَلَدٍ وَدَنَانِيرُهُمْ بِوَزْنِهِمْ فَيُعْتَبَرُ فِي خُوَارِزْمَ وَزْنُهُمْ فَيَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَهُمْ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَزْنُ سَبْعَةٍ قُلْتُ فَعَلَى هَذَا أَنَّ مَنْ مَلَكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِي زَمَانِنَا يَكُونُ نِصَابًا وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ وَزْنُهَا مِائَةَ مِثْقَالٍ وَلَا قِيمَتُهَا اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا (انْتَهَى) . (4) قَوْلُهُ: مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مُفْلِسٍ إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ عَلَى إنْسَانٍ هَلْ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ إنْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ مُعْسِرًا؟ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَحِلُّ لِأَنَّ يَدَهُ زَائِلَةٌ عَنْ مَالِهِ فَصَارَ كَابْنِ السَّبِيلِ، وَإِنْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ مُوسِرًا مُقِرًّا بِالدَّيْنِ لَا يَحِلُّ لَهُ لِأَنَّ يَدَهُ ثَابِتَةٌ عَلَى مَالِهِ، لِأَنَّهُ يَأْخُذُهُ مَتَى شَاءَ، وَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا إنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ لَا يَحِلُّ لَهُ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ مَعْنًى، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ لَا يَحِلُّ أَيْضًا مَا لَمْ يَرْفَعْ إلَى الْقَاضِي فَيُحَلِّفُهُ لِأَنَّ الْوُصُولَ مَأْمُولٌ، وَإِذَا حَلَفَ الْآنَ يَحِلُّ. وَعَلَى هَذَا الدَّيْنِ الْمَجْحُودِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِهِ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ (انْتَهَى) . ثُمَّ إنْ عَدِمَ الْحِلِّ فِيمَا إذْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ بِمَا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ. وَفِي الْمُلْتَقَطِ مَنْ لَيْسَ لَهُ مَالٌ إلَّا دَيْنًا مُؤَجَّلًا عَلَى إنْسَانٍ حَلَّ لَهُ الصَّدَقَةُ (5) قَوْلُهُ: الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ إذَا دَفَعَ زَكَاتَهُ إلَى أُخْتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ وَارِثَتُهُ إلَخْ. فِي الْقُنْيَةِ: دَفَعَ زَكَاتَهُ إلَى أَخِيهِ وَهُوَ وَارِثُهُ وَقَعَتْ مَوْقِعَهَا ثُمَّ رَقَّمَ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ، كَمَنْ أَوْصَى بِالْحَجِّ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى قَرِيبِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ. كَذَا هَذَا ثُمَّ رَقَّمَ الْبُرْهَانُ التَّرْجُمَانِيُّ وَحِمْيَرُ الْوَبَرِيُّ بِأَنَّهُ يَصِحُّ لَكِنْ لِلْوَرَثَةِ الرَّدُّ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ وَصِيَّةٌ (انْتَهَى) . قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ.

لِأَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ. تَصَدَّقَ بِطَعَامِ الْغَيْرِ عَنْ صَدَقَةِ فِطْرِهِ تُوقَفُ عَلَى إجَازَتِهِ؛ 6 - فَإِنْ أَجَازَ بِشَرَائِطِهَا وَضَمِنَهُ جَازَتْ. الْمَأْمُورُ بِدَفْعِ الزَّكَاةِ إذَا تَصَدَّقَ بِدَرَاهِمِ نَفْسِهِ أَجْزَأَهُ إنْ كَانَ عَلَى نِيَّةِ الرُّجُوعِ وَكَانَتْ دَرَاهِمُ الْمَأْمُورِ قَائِمَةً. 7 - نَوَى الزَّكَاةَ إلَّا أَنَّهُ سَمَّاهُ قَرْضًا اخْتَلَفُوا، وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ. 8 - عَبْدُ الْخِدْمَةِ إذَا أُذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لَا يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ فَتَجِبُ صَدَقَةُ فِطْرِهِ. 9 - عَيَّنَ النَّاذِرُ مِسْكِينًا فَلَهُ إعْطَاءُ غَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ أَجَازَ بِشَرَائِطِهَا إلَخْ. يَعْنِيَ الْإِجَازَة الْمَفْهُومَةَ مِنْ قَوْلِهِ: وَأَجَازُوا، شَرَائِطُهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي فَتَاوَاهُ أَرْبَعَةٌ: قِيَامُ الْعَاقِدَيْنِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَلَهُ وَبِهِ لَوْ عَرَضْنَا فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ لَمْ تَصِحَّ الْإِجَازَةُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِجَازَةِ الْفَوْرُ (انْتَهَى) . لَكِنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ فِي إجَازَةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ، وَهِيَ غَيْرُ مُتَأَتِّيَةٍ هُنَا. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: تَصَدَّقَ بِطَعَامِ الْغَيْرِ عَنْ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَأَجَازَهُ الْمَالِكُ وَالطَّعَامُ قَائِمٌ جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ ضَمِنَهُ جَازَ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَظْهَرُ أَنَّ الصَّوَابَ شَرْطُهَا وَأَنَّ الصَّوَابَ عَطْفٌ ضَمِنَهُ بِأَوْ. (7) قَوْلُهُ: نَوَى الزَّكَاةَ إلَّا أَنَّهُ سَمَّاهُ قَرْضًا إلَخْ. فِي الْقُنْيَةِ: دَفَعَ لِمُحْتَرَمٍ زَكَاةَ مَالِهِ وَقَالَ: دَفَعْتُهُ إلَيْكَ قَرْضًا وَنَوَى الزَّكَاةَ يُجْزِيهِ. وَقِيلَ: لَا يُجْزِيهِ إلَّا إذَا تَأَوَّلَ الْقَرْضَ بِالزَّكَاةِ. وَالْأَصَحُّ رِوَايَةُ أَنَّهُ يُجْزِيهِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِنِيَّةِ الدَّافِعِ لَا لِعِلْمِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ. (8) قَوْلُهُ: عَبْدُ الْخِدْمَةِ فِي التِّجَارَةِ إلَخْ. فِي الْقُنْيَةِ: عَبْدٌ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لَا تَجِبُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَلَى مَوْلَاهُ وَهُوَ لِلتِّجَارَةِ. ثُمَّ رُقِّمَ تَجِبُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ. (9) قَوْلُهُ: عَيَّنَ النَّاذِرُ مِسْكِينًا فِي إعْطَاءِ غَيْرِهِ إلَخْ. قَالَ فِي الْمَجْمَعِ: وَأَسْقَطْنَا تَعْيِينَ النَّاذِرِ الْيَوْمَ وَالدِّرْهَمَ وَالْفَقِيرَ. قَالَ شَارِحُهُ ابْنُ الْمَلَكِ يَعْنِي إذَا قَالَ النَّاذِرُ: لِلَّهِ عَلَيَّ

إلَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمَنْذُورُ؛ كَمَا لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُطْعِمَ هَذَا الْمِسْكِينَ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ، وَلَوْ عَيَّنَ مِسْكِينَيْنِ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدٍ 11 - يُحْبَسُ الْمُمْتَنِعُ عَنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَخْذِهَا مِنْهُ جَبْرًا وَالْمُعْتَمَدُ: لَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ أَتَصَدَّقَ الْيَوْمَ بِهَذَا الدِّرْهَمِ عَلَى هَذَا الْفَقِيرِ فَتَصَدَّقَ غَدًا بِدِرْهَمٍ آخَرَ عَلَى غَيْرِهِ تُجْزِيه عِنْدَنَا وَلَا تُجْزِيهِ عِنْدَ زُفَرَ. لِأَنَّهُ أَتَى بِغَيْرِ مَا الْتَزَمَ بِنَذْرِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ عِنْدَهُ. وَلَنَا أَنَّ مَا هُوَ قُرْبَةٌ وَهُوَ أَصْلُ التَّصَدُّقِ دَخَلَ تَحْتَ النَّذْرِ وَقَدْ أَعْطَاهُ، وَالتَّعْيِينُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ فَيَبْطُلُ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ: وَلَوْ أَمَرَ رَجُلًا وَقَالَ تَصَدَّقْ بِهَذَا الْمَالِ عَلَى مَسَاكِينِ أَهْلِ الْكُوفَةِ بِكَذَا فَتَصَدَّقَ عَلَى مَسَاكِينِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَضْمَنُ الْمُوصِي (انْتَهَى) . قُلْتُ فَلَوْ وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ الْكُوفَةِ فَصَرَفَ الْمُتَوَلِّي ذَلِكَ عَلَى فُقَرَاءِ الْبَصْرَةِ قِيَاسُ الْوَقْفِ عَلَى الْوَصِيَّةِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ الْخَامِسِ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ: وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى الذِّمِّيِّ وَعَلَى مَسَاكِينِ مَكَّةَ جَازَ لِغَيْرِهِمْ، وَبِهِ فَارَقَ الْوَصِيَّةَ (انْتَهَى) . قُلْتُ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ عَنْ الْمُنْتَقَى (10) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمَنْذُورَ إلَخْ. كَانَ حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ إلَّا إذَا عَيَّنَ الْمِسْكِينَ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَنْذُورَ وَكَانَ حَقُّ الْعِبَارَةِ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهَا أَنْ يَقُولَ عَيَّنَ النَّاذِرُ مِسْكِينًا وَعَيَّنَ الْمَنْذُورَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (11) قَوْلُهُ: يُحْبَسُ الْمُمْتَنِعُ عَنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ إلَخْ. فِي الْمُحِيطِ لَوْ امْتَنَعَ عَنْ أَدَائِهَا فَالسَّاعِي لَا يَأْخُذُ مِنْهُ كُرْهًا، وَلَوْ أَخَذَ لَا تُقْطَعُ عَنْ الزَّكَاةِ لِكَوْنِهَا بِلَا اخْتِيَارٍ، وَلَكِنْ يُجْبِرُهُ بِالْحَبْسِ لِيَتَأَذَّى بِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَسْلُبُ الِاخْتِيَارَ بَلْ الطَّوَاعِيَةَ فَيَتَحَقَّقُ الْأَدَاءُ عَنْ اخْتِيَارٍ (انْتَهَى) . وَفِي مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ: وَمَنْ امْتَنَعَ عَنْ أَدَاءِ زَكَاةِ مَالِهِ فَأَخَذَهَا الْإِمَامُ كُرْهًا مِنْهُ فَوَضَعَهَا فِي أَهْلِهَا أَجْزَأَهُ، لِأَنَّ لِلْإِمَامِ وِلَايَةَ أَخْذِ الصَّدَقَاتِ فَقَامَ أَخْذُهُ مَقَامَ دَفْعِ الْمَالِكِ (انْتَهَى) . وَفِي الْقُنْيَةِ فِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّ النِّيَّةَ فِيهَا شَرْطٌ وَلَمْ تُوجَدْ مِنْهُ (انْتَهَى) . وَأَجَابَ عَنْهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَبْدُ الْبَرِّ بْنِ الشِّحْنَةِ بِأَنَّ الصُّورَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَنْ أُخِذَ مِنْهُ زَكَاةُ مَالٍ اللَّهُمَّ أَنْ يُرِيدَ التَّلَفُّظَ بِهَا وَلَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَنَا (انْتَهَى) . وَفِي الْمَجْمَعِ: وَلَا يَأْخُذُهَا مِنْ سَائِمَةٍ امْتَنَعَ رَبُّهَا مِنْ أَدَائِهَا بِغَيْرِ رِضَاهُ بَلْ نَأْمُرُهُ لِيُؤَدِّيَهَا

حَوْلُ الزَّكَاةِ قَمَرِيٌّ لَا شَمْسِيٌّ 13 - كُلُّ الصَّدَقَاتِ حَرَامٌ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ، زَكَاةً 14 - أَوْ عِمَالَةً فِيهَا أَوْ عُشْرًا أَوْ كَفَّارَةً أَوْ مَنْذُورَةً 15 - إلَّا التَّطَوُّعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQاخْتِيَارًا (انْتَهَى) . قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ: وَالْمُفْتَى بِهِ التَّفْصِيلُ إنْ كَانَ فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْغَرَضُ عَنْ أَرْبَابِهَا بِأَخْذِ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْأَخْذِ لَهُ، فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَضَعْ السُّلْطَانُ مَوْضِعَهَا لَا يَبْطُلُ أَخْذُهُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ وِلَايَةُ أَخْذِ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ فَلَمْ يَصِحَّ أَخْذُهُ كَمَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْوَاقِعَاتِ وَالْوَلْوالِجِيَّة (انْتَهَى) . قُلْتُ: لَكِنْ لَا يَبْقَى إشْكَالُ صَاحِبِ الْقُنْيَةِ وَارِدًا عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُفْتَى بِهِ وَقَدْ عَلِمْتَ جَوَابَهُ. (12) قَوْلُهُ: حَوْلُ الزَّكَاةِ قَمَرِيٌّ لَا شَمْسِيٌّ إلَخْ. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: الْعِبْرَةُ فِي الزَّكَاةِ لِلْحَوْلِ الْقَمَرِيِّ فَلَوْ أَبَرَّأَ رَبُّ الدَّيْنِ الْمَدْيُونَ عَنْ الدَّيْنِ بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنْ كَانَ الْمَدْيُونُ فَقِيرًا لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ. (13) قَوْلُهُ: كُلُّ الصَّدَقَاتِ حَرَامٌ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ إلَخْ. قَالَ الْكَرْخِيُّ: بَنُو هَاشِمٍ الَّذِينَ تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةُ وَالْعُشُورُ وَالنُّذُورُ وَالْكَفَّارَاتُ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَبَّاسٍ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَتَحِلُّ لَهُمْ صَدَقَاتُ الْأَوْقَافِ إذَا سُمُّوا فِي الْوَقْفِ وَكَذَا الْأَغْنِيَاءُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ. (14) قَوْلُهُ: أَوْ عِمَالَةً إلَخْ. إنَّمَا حَرُمَتْ الْعِمَالَةُ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَتْ لَهَا شُبْهَةٌ بِالْأُجْرَةِ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ فِي حَقِّهِمْ مِثْلُ الْحَقِيقَةِ كَرَامَةً لَهُمْ. (15) قَوْلُهُ: إلَّا التَّطَوُّعَ إلَخْ. يَعْنِي فَيَجُوزُ لِأَنَّ الْوَسَخَ لَا يَزُولُ بِهِ بَلْ بِالْفَرْضِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُؤَدِّيَ يُطَهِّرُ نَفْسَهُ بِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ فَيَتَدَنَّسُ الْمُؤَدِّي لَهُ كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ بِخِلَافِ التَّطَوُّعِ فَإِنَّ الْمُؤَدِّيَ تَبَرَّعَ بِمَا لَيْسَ عَلَيْهِ فَلَا يَتَدَنَّسُ، كَمَنْ تَبَرَّدَ بِالْمَاءِ لَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا وَفِي شَرْحِ الْآثَارِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَنَّ الصَّدَقَاتِ كُلَّهَا جَائِزَةٌ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَالْحُرْمَةُ كَانَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِوُصُولِ خُمُسِ الْخُمُسِ إلَيْهِمْ فَلَمَّا سَقَطَ ذَلِكَ بِمَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَلَّتْ لَهُمْ الصَّدَقَةُ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَبِالْجَوَازِ نَأْخُذُ.

وَالْوَقْفَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْوَقْفُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ حَيْثُ قَالَ لَا يَجُوزُ صَرْفُ غَلَّةِ الْوَقْفِ إلَى بَنِي هَاشِمٍ إلَخْ. وَيُوَقَّفُ بِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا شَرَطَ لَهُمْ لِلْوَاقِفِ فَيَجُوزُ وَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ لَهُمْ فَلَا يَجُوزُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا عَنْ التُّمُرْتَاشِيِّ أَنَّ صَدَقَةَ الْوَقْفِ لَا تَحِلُّ لِبَنِي هَاشِمٍ إلَّا إذَا سَمَّاهُمْ أَمَّا إذَا لَمْ يُسَمِّهِمْ فَلَا. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ مُعَلَّلًا بِأَنَّهَا صَدَقَةٌ وَاجِبَةٌ، وَرَدَّهُ فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ وَصَرَّحَ فِي الْكَافِي بِدَفْعِ صَدَقَةِ الْوَقْفِ إلَيْهِمْ عَلَى أَنَّ الْمَذْهَبَ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ خِلَافٌ. ثُمَّ قَالَ وَالْحَقُّ الَّذِي يَقْتَضِيه النَّظَرُ إجْرَاءَ صَدَقَةِ الْوَقْفِ مُجْرَى النَّافِلَةِ فَإِنْ ثَبَتَ فِي النَّافِلَةِ جَوَازُ الدَّفْعِ يَثْبُتُ فِي الْوَقْفِ وَإِلَّا فَلَا إذْ لَا إشْكَالَ فِي أَنَّ الْوَاقِفَ مُتَبَرِّعٌ بِتَصَدُّقِهِ، إذْ لَا إيقَافَ وَاجِبٍ. وَكَانَ مَنْشَأُ الْغَلَطِ وُجُوبَ دَفْعِهَا عَلَى النَّاظِرِ وَبِذَلِكَ لَمْ تَصِرْ صَدَقَةً وَاجِبَةً عَلَى الْمَالِكِ بَلْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ وُجُوبَ اتِّبَاعِ شَرْطِ الْوَاقِفِ عَلَى النَّاظِرِ (انْتَهَى) . وَنَظَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ فِي قَوْلِ صَاحِبِ الْفَتْحِ إذْ لَا إيقَافَ وَاجِبٍ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا بِالنَّذْرِ، كَأَنْ قَالَ إنْ قَدِمَ أَبِي فَعَلَيَّ أَنْ أَقِفَ هَذِهِ الدَّارَ. وَقَدْ صَرَّحَ الْمُحَقِّقُ نَفْسُهُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ بِذَا (انْتَهَى) . أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مُرَادَ صَاحِبِ الْفَتْحِ بِالْوُجُوبِ الْمَنْفِيِّ الْوُجُوبِ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْقَرِينَةُ عَلَى ذَلِكَ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ عَلَى أَنَّ صُورَةَ النَّذْرِ نَادِرَةٌ لَا يُنَاطُ بِهَا حُكْمٌ عَامٌ فَتَأَمَّلْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ صَرْفِ الْوَقْفِ إلَيْهِمْ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الْوَقْفِ عَلَى أَقْرِبَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ حَرَّمَ الصَّدَقَةَ عَلَى قَرَابَتِهِ إظْهَارًا لِفَضْلِهِ. وَقِيلَ: بَلْ كَانَتْ الصَّدَقَةُ تَحِلُّ لِسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمْ السَّلَامُ وَهَذِهِ خُصُوصِيَّةُ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (انْتَهَى) . وَهِيَ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ وَأَمَّا الصَّدَقَةُ عَلَى أَزْوَاجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَقَلَ ابْنُ ضِيَاءٍ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ ابْنِ بَطَّالٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ كَافَّةً اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَزْوَاجَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَدْخُلْنَ فِي الَّذِينَ حَرُمَتْ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَاتُ. وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، قَالَتْ: أَمَّا آلُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ. ثُمَّ قَالَ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِنَّ

شَكَّ أَنَّهُ أَدَّى الزَّكَاةَ أَمْ لَا؛ فَإِنَّهُ يُؤَدِّيهَا لِأَنَّ وَقْتَهَا الْعُمْرُ. أَوْدَعَ مَالًا وَنَسِيَهُ ثُمَّ تَذَكَّرَهُ لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ. 18 - إلَّا إذَا كَانَ الْمُودَعُ مِنْ الْمَعَارِفِ 19 - دَيْنُ الْعِبَادِ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: شَكَّ أَنَّهُ أَدَّى الزَّكَاةَ إلَخْ. فِي الْوَاقِعَاتِ لَوْ شَكَّ رَجُلٌ فِي الزَّكَاةِ فَلَمْ يَدْرِ أَزَكَّى أَمْ لَا، فَإِنَّهُ يُعِيدُ فُرِّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا شَكَّ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ ذَهَابِ الْوَقْتِ أَصَلَّاهَا أَمْ لَا، لِأَنَّ الْعُمْرَ كُلَّهُ وَقْتٌ لِأَدَاءِ الزَّكَاةِ فَصَارَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الشَّكِّ وَقَعَ فِي أَدَاءِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوَقْتِ فَلَا إعَادَةَ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّلَاةَ إذَا كَانَتْ أَهَمَّ فَالظَّاهِرُ الْأَدَاءُ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ أَوْ لِأَنَّ جَمِيعَ الْعُمْرِ وَقْتُ أَدَاءِ الزَّكَاةِ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ وَابْنِ شُجَاعٍ وَالثَّلْجِيِّ عَنْ أَصْحَابِنَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا مُؤَقَّتَةٌ (انْتَهَى) . قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ وَهِيَ أَنَّ مَنْ شَكَّ هَلْ أَدَّى جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ أَمْ لَا بِأَنْ كَانَ يُؤَدِّي مُتَفَرِّقًا وَلَا يَضْبِطُهُ هَلْ تَلْزَمُهُ إعَادَتُهَا؟ وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرْنَا لُزُومُ الْإِعَادَةِ حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ دَفْعُ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ بِيَقِينٍ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ بِالشَّكِّ. (18) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ الْمُودَعُ إلَخْ. يَعْنِي إذَا أَوْدَعَ نِصَابًا وَنَسِيَ. قَالُوا: إنْ كَانَ الْمُودَعُ مِنْ الْأَجَانِبِ فَهُوَ ضِمَارٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَعَارِفِهِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ لِتَفْرِيطِهِ بِالنِّسْيَانِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (19) قَوْلُهُ: دَيْنُ الْعِبَادِ مَانِعٌ إلَخْ. أَيْ الدَّيْنُ الَّذِي مُطَالِبٌ مِنْ الْعِبَادِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَالْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مُطَالِبٌ كَدَيْنِ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَاتِ لَا يَمْنَعُ لِأَنَّهُ لَا يُحْبَسُ بِهِ فِي الدُّنْيَا، فَإِنْ قِيلَ: إنَّ دَيْنَ الزَّكَاةِ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ وَلَا مُطَالِبَ لَهُ قُلْنَا: حَقُّ الْأَخْذِ فِيهَا لِلْإِمَامِ كَمَا فِي السَّوَائِمِ إلَّا أَنَّ الْمُلَّاكَ نُوَّابُهُ كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى شَرْحِ النَّافِعِ وَفِي تَجْرِيدِ الْإِيضَاحِ: النَّفَقَةُ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ مَا لَمْ يُقْضَ بِهَا فَإِذَا قُضِيَ بِهَا مَنَعَتْ، وَأَمَّا دَيْنُ الزَّكَاةِ فَيَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ، وَصُورَتُهُ إذَا كَانَ لَهُ نِصَابٌ مِنْ الْأَثْمَانِ أَوْ السَّوَائِمِ فَحَالَ الْحَوْلُ وَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ ثَانِيًا لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ لِلْحَوْلِ الثَّانِي، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْعَيْنِ بِأَنْ

إلَّا الْمَهْرَ الْمُؤَجَّلَ إذَا كَانَ الزَّوْجُ لَا يُرِيدُ أَدَاءَهُ 21 - يُكْرَهُ إعْطَاءُ نِصَابٍ لِفَقِيرٍ مِنْهَا إلَّا إذَا كَانَ مَدْيُونًا أَوْ صَاحِبَ عِيَالٍ؛ لَوْ فَرَّقَهُ عَلَيْهِمْ لَمْ يَخُصَّ كُلًّا مِنْهُمْ نِصَابٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَتْ الْعَيْنُ قَائِمَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ بِاسْتِهْلَاكِ النِّصَابِ. وَقَالَ زُفَرُ دَيْنُ الزَّكَاةِ لَا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إذَا كَانَتْ فِي الْعَيْنِ مَنَعَتْ الزَّكَاةَ وَإِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ لَا تَمْنَعُ (انْتَهَى) . وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ: دَيْنُ الزَّكَاةِ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ سَوَاءٌ كَانَ دَيْنًا لَحِقَهُ بِاسْتِهْلَاكِ النِّصَابِ أَوْ دَيْنًا لَحِقَهُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي النِّصَابِ يَمْنَعُ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ جُزْءًا مِنْ النِّصَابِ فَيَكُونُ نَاقِصًا وَدَيْنُ الزَّكَاةِ بِأَنْ اسْتَهْلَكَ مَالَ الزَّكَاةِ ثُمَّ مَلَكَ مَالًا آخَرَ لَا يَمْنَعُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ فَلَا تَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ كَالْحَجِّ: وَقَالَ فِي الْجَامِعِ: دَيْنُ زَكَاةِ السَّائِمَةِ يَمْنَعُ فَقَطْ لِأَنَّ لَهُ مُطَالِبًا وَهُوَ السَّاعِي وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ: دَيْنُ الْكَفَالَةِ يَمْنَعُ مُطْلَقًا. وَفِي النَّوَادِرِ: إنْ كَانَتْ بِأَمْرٍ لَا تَمْنَعُ وَلَا أَمْرَ تَمْنَعُ (انْتَهَى) . وَبِمَا قَرَّرَنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ سَقَطَ مَا عَسَاهُ أَنْ يُقَالَ: كَمَا يَمْنَعُ دَيْنُ الْعِبَادِ يَمْنَعُ دَيْنُ اللَّهِ تَعَالَى إنْ كَانَ لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ الْعِبَادِ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بَعْدَ كَلَامٍ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ دَيْنٍ لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ الْعِبَادِ يَمْنَعُ كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ كَانَ لِلزَّكَاةِ وَالْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ أَوْ لِلْعِبَادِ كَالثَّمَنِ وَالْأُجْرَةِ وَنَفَقَةِ الْمَحَارِمِ، وَمَا لَا مُطَالِبَ لَهُ كَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَالْحَجِّ لَا يَمْنَعُ (انْتَهَى) . فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَكُلُّ دَيْنٍ لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ الْعِبَادِ مَانِعٌ وُجُوبَهَا لَكَانَ أَوْلَى. (20) قَوْلُهُ: إلَّا الْمَهْرَ الْمُؤَجَّلَ. فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ ذَكَر الْبَزْدَوِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنْ الْبَعْضِ: دَيْنُ الْمَهْرِ لَا يَمْنَعُ إذَا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ عَلَى عَزْمِ الْأَدَاءِ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ دَيْنًا وَفِي الْإِسْبِيجَابِيِّ يَمْنَعُ مُؤَجَّلًا كَانَ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَفِي طَرِيقَةِ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ: الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ هَلْ يَمْنَعُ؟ لَا رِوَايَةَ فِيهِ إنْ قُلْنَا لَا فَلَهُ وَجْهٌ وَإِنْ قُلْنَا يَمْنَعُ فَلَهُ وَجْهٌ (21) قَوْلُهُ: يُكْرَهُ إعْطَاءُ نِصَابٍ لِفَقِيرٍ مِنْهَا إلَخْ. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَا يُعْطِي فَقِيرًا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ عَنْ زَكَاةِ مَالِهِ وَلَوْ أَعْطَاهُ جَازَ دَفْعَةً وَاحِدَةً عَنْ الزَّكَاةِ وَكُرِهَ. أَمَّا الْجَوَازُ فَلِأَنَّ الْغِنَى حُكْمُ الْمِلْكِ فَالدَّفْعُ يُلَاقِي كَفَّ الْفَقِيرِ، وَأَمَّا الْكَرَاهَةُ فَلِأَنَّ الْغِنَى مُتَّصِلٌ بِالدَّفْعِ فَيُكْرَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عِيَالٌ أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا لِأَنَّ الْغِنَى لَا يَتَّصِلُ بِهِ

يُكْرَهُ نَقْلُهَا إلَّا إلَى قَرَابَةٍ، أَوْ أَحْوَجَ، 23 - أَوْ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، 24 - أَوْ إلَى طَالِبِ عِلْمٍ، أَوْ إلَى الزُّهَّادِ، 25 - أَوْ كَانَتْ زَكَاةً مُعَجَّلَةً الْمُخْتَارُ أَنَّهُ 26 - لَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ لِأَهْلِ الْبِدَعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يُكْرَهُ نَقْلُهَا إلَخْ. أَيْ الزَّكَاةَ رِعَايَةً لِحَقِّ الْجِوَارِ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ آخِرَ كِتَابِ الزَّكَاةِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ النَّوَادِرِ إنَّمَا إخْرَاجُ الزَّكَاةِ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى إذَا كَانَ الْإِخْرَاجُ فِي حِينِهَا بَعْدَ الْحَوْلِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْإِخْرَاجُ قَبْلَ حِينِهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ تَقْيِيدُ مَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنْ كَانَ اُسْتُفِيدَ التَّقْيِيدُ مِنْ آخِرِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَهُ، وَالْمُرَادُ نَقْلُهَا مِنْ بَلَدٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَ الْمُزَكِّي فِيهِ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ مَكَانُ الْمِلْكِ لَا الْمَالِكِ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ. (23) قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ دَارِ الْحُرُوبِ إلَخْ. يَعْنِي لَوْ أَنَّ مُسْلِمًا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ وَسَكَنَ فِيهَا سِنِينَ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِي مَالِهِ الَّذِي خَلَفَهُ وَفِيمَا اسْتَفَادَ فِيهَا، لَكِنَّهُ يُفْتِي بِالْأَدَاءِ إلَى مَنْ يَسْكُنُ دَارَ الْإِسْلَامِ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَإِنْ وَجَدَ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ. (24) قَوْلُهُ: أَوْ إلَى طَالِبِ عِلْمٍ إلَخْ. أَقُولُ يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ نَقْلُهَا إلَى الْمَدْيُونِ وَالْأَوْرَعِ وَالْأَصْلَحِ كَمَا فِي رَمْزِ الْمَقْدِسِيِّ. (25) قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ زَكَاةً مُعَجَّلَةً إلَخْ. عَطْفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرُ: يُكْرَهُ نَقْلُ الزَّكَاةِ إلَّا إذَا نَقَلَهَا إلَى قَرَابَتِهِ أَوْ كَانَتْ الزَّكَاةُ الْمَنْقُولَةُ الزَّكَاةَ الْمُعَجَّلَةَ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ بَعَثَهَا إلَى فُقَرَاءِ بَلَدٍ آخَرَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ ثُمَّ تَمَّ الْحَوْلُ يَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ (26) قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ لِأَهْلِ الْبِدَعِ إلَخْ. فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي نَوْعٍ آخَرَ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي فِي الْمَصْرِفِ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ: لَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى الْكَرَّامِيَّةِ لِأَنَّهُمْ مُشَبِّهَةٌ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْمُشَبِّهَاتِ فِي الصِّفَاتِ حَالًا مِنْ الْمَرَامِيَّةِ لِأَنَّهُمْ مُشَبِّهَةٌ فِي الصِّفَاتِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصَّرْفُ إلَيْهِمْ أَيْضًا لِأَنَّ مُفَوِّتٌ الْمَعْرِفَةَ مِنْ

دَفَعَهُمَا لِأُخْتِهِ الْمُتَزَوِّجَةِ إنْ كَانَ زَوْجُهَا مُعْسِرًا جَازَ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَكَانَ مَهْرُهَا أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمُعَجَّلُ قَدْرَهُ لَمْ يَجُزْ وَبِهِ يُفْتَى، وَكَذَا فِي لُزُومِ الْأُضْحِيَّةِ. الْوَلَدُ مِنْ الزِّنَا لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الزَّانِي فِي شَيْءٍ إلَّا فِي الشَّهَادَةِ، لَا تُقْبَلُ لِلزَّانِي 28 - وَفِي الزَّكَاةِ لَا يَجُوزُ دَفْعُ زَكَاةٍ إلَى الْوَلَدِ مِنْ الزِّنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQجِهَةَ الصِّفَةِ مُلْحَقٌ بِمُفَوِّتِ الْمَعْرِفَةِ مِنْ جِهَةِ الذَّاتِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِطْلَاقِ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ وَهُوَ غَيْرُ سَدِيدٍ قَوْلُهُ: دَفَعَهَا لِأُخْتِهِ الْمُتَزَوِّجَةِ إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ دَفَعَ زَكَاةَ مَالِهِ إلَى أُخْتِهِ وَهِيَ تَحْتَ زَوْجٍ إنْ كَانَ مَهْرُهَا مَا دُونَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ كَانَ أَكْثَرَ لَكِنَّ الْمُعَجَّلَ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ وَالزَّوْجُ مُعْسِرٌ حَلَّ الدَّفْعُ إلَيْهَا، وَهُوَ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ لِأَنَّهَا فَقِيرَةٌ قَرِيبَةٌ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْمُعَجَّلُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا وَالزَّوْجُ مُوسِرٌ فَعِنْدَ الْإِمَامِ فِي قَوْلِهِ الْأَخِيرِ كَذَلِكَ الْجَوَابُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَحِلُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ قَبْلَ الْقَبْضِ هَلْ يَكُونُ نِصَابًا وَوُجُوبُ الْأُضْحِيَّةِ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ عَلَيْهَا. عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ (انْتَهَى) . وَالْبَزَّازِيَّةِ فِي آخِرِ فَصْلِ الْمَصْرِفِ: دَفَعَ الزَّكَاةَ إلَى أُخْتِهِ وَهِيَ تَحْتَ زَوْجٍ إنْ كَانَ مَهْرُهَا الْمُعَجَّلُ أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ أَوْ أَكْثَرَ لَكِنَّ الزَّوْجَ مُعْسِرٌ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهَا الزَّكَاةَ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَالْمُعَجَّلُ قَدْرُ النِّصَابِ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَبِهِ يُفْتَى لِلِاحْتِيَاطِ. وَعِنْدَ الْإِمَامِ يَجُوزُ مُطْلَقًا. وَكَذَا فِي لُزُومِ الْأُضْحِيَّةِ (انْتَهَى) . وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ عَدَمِ بَيَانِ الْخِلَافِ فَأُوهِمَ الِاتِّفَاقُ. وَفِي الْمُلْتَقَطِ: امْرَأَةُ الْغَنِيِّ إذَا لَمْ يُوَسِّعْ الزَّوْجُ عَلَيْهَا حَلَّ لَهَا الصَّدَقَةُ (انْتَهَى) . وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَتْ لَا تَمْلِكُ نِصَابًا (28) قَوْلُهُ: وَفِي الزَّكَاةِ لَا يَجُوزُ دَفْعُ زَكَاةِ الزَّانِي إلَى الْوَلَدِ مِنْ الزِّنَا إلَخْ. فِي التَّفَارِيقِ نَفَى وَلَدَ أُمِّ الْوَلَدِ لَمْ يُعْطِهِ وَفِي طَرِيقَةِ الْغِيَانِيِّ. وَكَذَا الْمَخْلُوقُ مِنْ مَائِهِ بِالزِّنَا. وَفِي جَمْعِ النَّاطِفِيِّ: زُوِّجَتْ امْرَأَةُ الْغَائِبِ فَوَلَدَتْ، قَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْأَوْلَادُ مِنْ الْأَوَّلِ وَمَعَ هَذَا يَجُوزُ لِلْأَوَّلِ دَفْعُ الزَّكَاةِ وَيَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ.

إلَّا إذَا كَانَ مِنْ امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ مَعْرُوفٌ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ 30 - الزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ بِقُدْرَةٍ مُيَسَّرَةٍ فَتَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْمَالِ بَعْدَ الْحَوْلِ. وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ وَجَبَتْ بِقُدْرَةٍ مُمْكِنَةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ مِنْ امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ مَعْرُوفٌ إلَخْ. عَلَّلَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ بِأَنَّ نَسَبَهُ تَثْبُتُ مِنْ النَّاكِحِ. وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى الصَّيْرَفِيَّةِ مَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَيْثُ قَالَ: امْرَأَةٌ جَاءَتْ بِوَلَدٍ مِنْ الزِّنَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الزَّوْجِ لَا مِنْ الزَّانِي فِي الصَّحِيحِ فَلَوْ دَفَعَ صَاحِبُ الْفِرَاشِ زَكَاةَ مَالِهِ إلَى هَذَا الْوَلَدِ يَجُوزُ وَلَوْ دَفَعَ الزَّانِي لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (انْتَهَى) . فَقَدْ صَرَّحَ بِعَدَمِ جَوَازِ الدَّفْعِ إلَى وَلَدِهِ مِنْ الزِّنَا وَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ مَعْرُوفٌ (30) قَوْلُهُ: الزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ بِقُدْرَةٍ مُيَسَّرَةٍ إلَخْ. اعْلَمْ أَنَّ الْقُدْرَة الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا التَّمَكُّنُ لِلْعَبْدِ مِنْ أَدَاءِ الْمَأْمُورِ بِهِ نَوْعَانِ لِأَنَّ التَّمَكُّنَ الَّذِي يُعْتَبَرُ فِيهَا إمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ مَعَهُ الْيُسْرُ أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ فَهُوَ الْمُطْلَقُ وَيُسَمَّى الْقُدْرَةُ الْمُمْكِنَةُ لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً إلَى مُجَرَّدِ التَّمَكُّنِ وَالِاقْتِدَارِ عَلَى الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ يُسْرٍ، وَذَلِكَ كَالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ فِي الْحَجِّ وَالنِّصَابِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَإِنْ اُعْتُبِرَ مَعَهُ الْيُسْرُ فَهُوَ الْكَامِلُ وَيُسَمِّي الْقُدْرَةَ الْمُيَسَّرَةَ كَالنَّمَاءِ فِي الزَّكَاةِ. أَمَّا الْمُطْلَقُ فَهُوَ أَدْنَى مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ الْمَأْمُورُ مِنْ أَدَاءِ مَا لَزِمَهُ بَدَنِيًّا كَانَ أَوْ مَالِيًّا أَوْ مُرَكَّبًا مِنْهُمَا كَالْحَجِّ، وَالشَّرْطُ تَوَهُّمُهُ لَا حَقِيقَتُهُ، أَيْ شَرْطُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ تَوَهُّمُ مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ الْأَدَاءِ لَا الْقُدْرَةُ الْمُحَقِّقَةُ لِلْوُجُودِ وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ مَعَ الْأَدَاءِ لَا الْقُدْرَةِ الْمُحَقِّقَةِ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ؛ وَبَيَانُهُ أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: مُحَقِّقَةٌ وَهِيَ الَّتِي يَصِيرُ الْفِعْلُ بِهَا مُحَقَّقًا وَهِيَ غَيْرُ شَرْطٍ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ لِأَنَّهَا لَا تُوجَدُ بِدُونِ الْفِعْلِ وَالتَّكْلِيفِ قَبْلَهُ وَمُتَوَهَّمَةٌ وَهِيَ كَوْنُهُ بِحَيْثُ لَوْ عَزَمَ عَلَى الْفِعْلِ لَوَجَدَهُ بِالْقُدْرَةِ الْمُتَوَهَّمَةِ بِهَا، وَهِيَ أَيْضًا عَلَى قِسْمَيْنِ: مَا يَكُونُ غَالِبَ الْوُجُودِ ظَاهِرَ التَّحَقُّقِ وَيَظْهَرُ أَثَرُ هَذِهِ الْقُدْرَةِ الْحَقِيقَةِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ لَوْ سَلِمَتْ الْآلَاتُ وَصَحَّتْ الْأَسْبَابُ فَلِذَا فُسِّرَتْ الْقُدْرَةُ الْمُتَوَهَّمَةُ بِهَا، وَهِيَ أَيْضًا عَلَى قِسْمَيْنِ: مَا يَكُونُ غَالِبَ الْوُجُودِ ظَاهِرَ التَّحَقُّقِ وَيَظْهَرُ أَثَرُ هَذِهِ الْقُدْرَةِ فِي لُزُومِ الْأَدَاءِ بِعَيْنِهِ عَلَى مَعْنًى أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَرْكِ الْأَدَاءِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQكَالْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ وَالصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ وَالْحَائِضِ إذَا طَهُرَتْ يَجِبُ الْأَدَاءُ عَلَيْهِمْ وَيَسْتَحِقُّونَ الْإِثْمَ بِتَرْكِ الْأَدَاءِ وَمَا يَكُونُ الْفِعْلُ بِهِ فِي حَيِّزِ الْجَوَازِ عَقْلًا وَإِنْ كَانَ مِنْ النَّوَادِرِ عَادَةً وَحِسًّا، وَيَظْهَرُ أَثَرُ هَذِهِ الْقُدْرَةِ فِي لُزُومِ الْأَدَاءِ لِخَلَفِهِ الَّذِي وَهِمَ الْقَضَاءَ لَا بِعَيْنِهِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ إذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ ضِيقٌ بِحَيْثُ لَا يَسَعُ فِيهِ إلَّا قَدْرَ التَّحْرِيمَةِ، كَانَ الْأَدَاءُ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ لَا لِذَاتِهِ بَلْ لِخَلَفِهِ وَهُوَ الْقَضَاءُ لِوُجُودِ تَوَهُّمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَدَاءِ بِحُصُولِ الِامْتِدَادِ فِي الْوَقْتِ بِوُقُوفِ الشَّمْسِ إذْ هِيَ فِي حَيِّزِ الْجَوَازِ عَقْلًا، وَلِذَا وَقَعَ لِسُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقُدْرَةَ الْمُتَوَهَّمَةَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ فَأَحَدُ قِسْمَيْهَا لِلُزُومِ الْأَدَاءِ بِعَيْنِهِ وَالْآخَرُ لِلُزُومِ الْأَدَاءِ بِخَلَفِهِ وَهُوَ الْقَضَاءُ، وَأَمَّا الْكَامِلُ وَهُوَ الْقُدْرَةُ الْمُيَسَّرَةُ لِلْأَدَاءِ فَهُوَ مَا يُوجِبُ يُسْرَ الْأَدَاءِ عَلَى الْعَبْدِ كَالنَّمَاءِ فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ وَفُرِّقَ مَا بَيْنَ الْقُدْرَتَيْنِ أَنَّ الْأَوَّلَ شَرْطٌ مَحْضٌ لَيْسَ فِيهَا مَعْنَى الْعِلَّةِ وَالثَّانِيَةُ شَرْطٌ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ؛ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْقُدْرَةِ الْمُمْكِنَةِ لَيْسَ إلَّا لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الْفِعْلِ وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ الْوَاجِبِ بِدُونِهِ فَهُوَ لَا يُغَيِّرُ صِفَةَ الْوَاجِبِ فَلَا يُوجَدُ فِيهَا مَعْنَى الْعِلَّةِ فَكَانَتْ شَرْطًا مَحْضًا فَلَمْ يُشْتَرَطْ بَقَاؤُهَا لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ، إذَا الْبَقَاءُ غَيْرُ الْوُجُودِ وَشَرْطُ الْوُجُودِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ شَرْطَ الْبَقَاءِ كَالشُّهُودِ فِي النِّكَاحِ شَرْطُ الِانْعِقَادِ دُونَ الْبَقَاءِ. وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهَا لَمَّا اُعْتُبِرَتْ لِلتَّيَسُّرِ أَمْكَنَ إثْبَاتُ الْوَاجِبِ بِدُونِ تِلْكَ الصِّفَةِ مَعَ صِفَةِ الْعُسْرِ فَإِذَا اُشْتُرِطَ فَكَأَنَّهَا غَيَّرَتْ صِفَةَ الْوَاجِبِ عَنْ الْعُسْرِ إلَى الْيُسْرِ فَكَانَتْ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ لِتَأْثِيرِهَا فِيهَا فَاشْتُرِطَ دَوَامُهَا لِدَوَامِ الْوَاجِبِ لَا لِمَعْنَى الشَّرْطِيَّةِ لَكِنْ لِمَعْنَى الْعَلِيَّةِ لِأَنَّ هَذِهِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ بَقَاءُ الْحُكْمِ بِدُونِهَا إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْيُسْرُ بِدُونِ الْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ، وَالْوَاجِبُ بِدُونِ صِفَةِ الْيُسْرِ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا بِتِلْكَ الصِّفَةِ فَلِهَذَا اُشْتُرِطَ بَقَاءُ الْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ دُونَ الْمُمْكِنَةِ لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ، مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ يَقْتَضِي الْعَكْسَ إذَا الْفِعْلُ لَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِ الْإِمْكَانِ وَيُتَصَوَّرُ بِدُونِ الْيُسْرِ وَيَتَفَرَّغُ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقُدْرَتَيْنِ أَنَّ الزَّكَاةَ تَسْقُطُ بِهَلَاكِ النِّصَابِ وَلَوْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ أَدَائِهَا لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِصِفَةِ الْيُسْرِ بِدُونِهِ لِاشْتِرَاطِ النَّمَاءِ فِي وُجُوبِهَا تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا لِئَلَّا يُنْتَقَصَ بِهِ أَصْلُ الْمَالِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ أَدَائِهَا، وَلَا يُجَابُ الْقَلِيلُ مِنْ الْكَثِيرِ لَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ الضَّمَانُ فِي صُورَةِ الِاسْتِهْلَاكِ أَيْضًا لِأَنَّ اشْتِرَاطَ بَقَائِهَا إنَّمَا كَانَ نَظَرًا لِلْمُكَلَّفِ وَتَيْسِيرًا عَلَيْهِ، فَبِالتَّعَدِّي قَدْ خَرَجَ عَنْ اسْتِحْقَاقِ

فَلَوْ افْتَقَرَ بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ لَمْ تَسْقُطْ 32 - أَنْفَقَ عَلَى أَقَارِبِهِ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ جَازَ إلَّا إذَا حُكِمَ عَلَيْهِ بِنَفَقَتِهِمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّظَرِ لَهُ أَوْ يَجْعَلُ الْقُدْرَةَ الْمُيَسَّرَةَ هُنَا بَاقِيَةً تَقْدِيرًا نَظَرًا لِلْفَقِيرِ وَزَجْرًا عَلَى الْمُتَعَدِّي وَرَدًّا لِمَا قَصَدَهُ مِنْ إسْقَاطِ الْوَاجِبِ عَنْ نَفْسِهِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقُدْرَتَيْنِ عَدَمُ وُجُوبِ الْحَجِّ بِفَوَاتِ مِلْكِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، وَعَدَمُ سُقُوطِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ بِهَلَاكِ النِّصَابِ لَا، فَهُمَا يَجِبَانِ بِقُدْرَةٍ مُمْكِنَةٍ. أَمَّا الْحَجُّ فَلِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ لَا تَحْصُلُ لِلنَّائِي عَنْ الْكَعْبَةِ إلَّا بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَادُ إذْ بِدُونِهِمَا يَتَحَقَّقُ الْهَلَاكُ غَالِبًا فَاشْتِرَاطُهَا لِلتَّمَكُّنِ مِنْ السَّفَرِ لَا لِلتَّيَسُّرِ، إذْ الْيُسْرُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِمَرَاكِبَ وَأَعْوَانٍ وَخَدَمٍ وَلَيْسَتْ شَرْطًا بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا صَدَقَةُ الْفِطْرِ فَلِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النَّمَاءِ فِي النِّصَابِ حَتَّى تَجِبَ بِثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَالْمِحْنَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ حَوَلَانُ الْحَوْلِ. وَالْيُسْرُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْمَالِ النَّامِي كَذَا فِي الْمِرْآةِ شَرْحِ الْمِرْقَاةِ. (31) قَوْلُهُ: فَلَوْ افْتَقَرَ بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ لَمْ تَسْقُطْ إلَخْ. هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ. قَالَ فِي جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ: وَإِنْ أَخَّرُوهَا عَنْ يَوْمِ الْفِطْرِ. وَالْأَصَحُّ مَا قُلْنَا لِأَنَّ هَذِهِ صَدَقَةٌ مَالِيَّةٌ لَا تَسْقُطُ بَعْدَ الْوُجُوبِ إلَّا بِالْأَدَاءِ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ. كَالزَّكَاةِ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّهَا تَكُونُ قُرْبَةً فِي زَمَانٍ مَخْصُوصٍ. وَأَمَّا التَّصَدُّقُ بِالْمَالِ فَهُوَ قُرْبَةٌ فِي الْأَمَاكِنِ أَجْمَعَ (انْتَهَى) . وَمُرَادُهُ بِالزَّكَاةِ الْمُشَبَّهُ بِهَا مَا دَامَ الْمَالُ بَاقِيًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَتَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْمَالِ بَعْدَ الْحَوْلِ؛ يَعْنِي سَوَاءٌ تَمَكَّنَ مِنْ الْأَدَاءِ أَوْ لَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْأَدَاءِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَلَمْ يُؤَدِّ ضَمِنَ، لِتَقَرُّرِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ بِالتَّمَكُّنِ فَلَمْ يَبْرَأْ بِعَجْزِهِ بَعْدَهُ كَمَا فِي دُيُونِ الْعِبَادِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْحَجِّ، كَمَنْ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ. وَلَنَا أَنَّ الشَّرْعَ عَلَّقَ الْوُجُوبَ بِقُدْرَةٍ مُيَسِّرَةٍ وَكُلُّ مَا عُلِّقَ بِقُدْرَةٍ مُيَسِّرَةٍ لَا يَبْقَى بِدُونِهَا (32) قَوْلُهُ: أَنْفَقَ عَلَى أَقَارِبِهِ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ جَازَ إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ يَعُولُ أُخْتَهُ أَوْ أَخَاهُ أَوْ عَمَّهُ فَأَرَادَ أَنْ يُعْطِيَهُ الزَّكَاةَ فَإِنْ لَمْ يَفْرِضْ الْقَاضِي عَلَيْهِ النَّفَقَةَ جَازَ، لِأَنَّ التَّمْلِيكَ مِنْ هَؤُلَاءِ بِصِفَةِ الْقُرْبَةِ يَتَحَقَّقُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَتَحَقَّقُ رُكْنُ الزَّكَاةِ، وَإِنْ فَرَضَ لِزَمَانِهِ إنْ لَمْ يَحْتَسِبْ مِنْ نَفَقَتِهِمْ جَازَ، وَإِنْ كَانَ يَحْتَسِبُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ هَذَا أَدَاءُ

وَتَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِمَنْ لَهُ غَلَّةُ عَقَارٍ لَا تَكْفِيهِ وَعِيَالُهُ سَنَةً، وَمَنْ مَعَهُ أَلْفٌ وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا كُرِهَ لَهُ الْأَخْذُ وَأَجْزَأَ الدَّافِعَ، وَلَوْ لَهُ قُوتُ سَنَةٍ يُسَاوِي نِصَابًا أَوْ كِسْوَةً شَتْوِيَّةً لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا فِي الصَّيْفِ، فَالصَّحِيحُ حِلُّ الْأَخْذِ 34 - عَجَّلَهَا عَنْ نِصَابِهِ عِنْدَهُ فَتَمَّ الْحَوْلُ وَعِنْدَهُ أَقَلُّ مِنْ النِّصَابِ؛ إنْ دَفَعَهَا إلَى الْفَقِيرِ لَا يَسْتَرِدُّهَا مُطْلَقًا، وَإِلَى السَّاعِي يَسْتَرِدُّهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَإِنْ قَسَمَهَا السَّاعِي بَيْنَ الْفُقَرَاءِ ضَمِنَهَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَاجِبِ عَنْ وَاجِبٍ آخَرَ (انْتَهَى) . وَفِي جَامِعِ الْبَزَّازِيِّ: قَضَى بِنَفَقَةِ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَكَسَاهُ وَأَطْعَمَهُ يَنْوِي بِهِ الزَّكَاةَ صَحَّ عِنْدَ الْقَانِيِّ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ لَهُ أَخٌ قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِنَفَقَتِهِ فَكَسَاهُ وَأَطْعَمَهُ يَنْوِي بِهِ الزَّكَاةَ يَجُوزُ فِي الْكِسْوَةِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْإِطْعَامِ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ فِي الْإِطْعَامِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (انْتَهَى) . وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ: إذَا كَانَ الرَّجُلُ يَعُولُ صَبِيًّا يَتِيمًا فَجَعَلَ يَكْسُوهُ وَيُطْعِمُهُ وَيَدُهُ بِيَدِهِ وَيَحْتَسِبُ عِنْدَهُ مَا يَأْكُلُ عِنْدَ زَمَنِ الزَّكَاةِ لَا شَكَّ أَنَّ الْكِسْوَةَ تَجُوزُ بِطَرِيقِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ مَا هُوَ الزَّكَاةُ وَهُوَ التَّمْلِيكُ يَتَحَقَّقُ فِيهَا، وَفِي الْمُلْتَقَطِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَأَمَّا الطَّعَامُ فَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ يَجُوزُ بِطَرِيقِ الْقِيمَةِ أَيْضًا لِمَا قُلْنَا: وَمَا يَأْكُلُهُ مَعَهُ بِطَرِيقِ الْإِبَاحَةِ وَالتَّمْكِينِ فَعَلَى قَوْلِ الثَّانِي يَجُوزُ بِطَرِيقِ الْقِيمَةِ أَيْضًا، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ الْمُلْتَقَطِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي الطَّعَامِ دُونَ الْكِسْوَةِ فَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِمُوَافَقَتِهِ الْمُتُونِ. (33) قَوْلُهُ: وَتَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِمَنْ لَهُ غَلَّةُ عَقَارٍ لَا تَكْفِيهِ وَعِيَالِهِ سَنَةً إلَخْ. فِي الْبَزَّازِيَّةِ: لَهُ غَلَّةُ دَارٍ لَا يَسْكُنُهَا وَيُؤَاجِرُهَا أَوَّلًا، أَوْ يَسْكُنُ بَعْضَهَا وَفَضْلُ الْبَاقِي عَنْ السُّكْنَى وَهُوَ يَبْلُغُ نِصَابًا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا النِّصَابِ لُزُومُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَنَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَحُرْمَةِ أَخْذِ الزَّكَاةِ (34) قَوْلُهُ: عَجَّلَهَا عَنْ نِصَابِهِ عِنْدَهُ إلَخْ. أَيْ عَجَّلَ الشَّاةَ عَنْ أَرْبَعِينَ وَتَمَّ الْحَوْلُ

وَلَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ حَمْلِ السَّوَائِمِ بَعْدَ وُجُودِهِ جَازَ لَا قَبْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعِنْدَهُ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ، إنْ دَفَعَهَا لِلْفُقَرَاءِ لَا يَسْتَرِدُّهَا مُطْلَقًا؛ يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ مَا دَفَعَهُ قَائِمًا فِي يَدِ الْفَقِيرِ أَوْ غَيْرَ قَائِمٍ، وَإِنَّمَا لَا يَسْتَرِدُّهَا لِأَنَّهَا وَقَعَتْ نَفْلًا. وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى السَّاعِي اسْتَرَدَّهَا إنْ كَانَ مَا دَفَعَهُ قَائِمًا وَإِنْ كَانَ مَا دَفَعَهُ غَيْرَ قَائِمٍ بِأَنْ قَسَّمَهَا السَّاعِي بَيْنَ الْفُقَرَاءِ ضَمِنَهَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ آخَرَ فَصْلِ زَكَاةِ الْغَنَمِ: إنَّ الْأَفْضَلَ لِصَاحِبِ الْمَالِ عَدَمُ التَّعْجِيلِ لِلِاخْتِلَافِ فِي التَّعْجِيلِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ. قَالَ: وَلَمْ أَرَهُ (انْتَهَى) . أَقُولُ قَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ إفْرَادِ هَذَا الْأَصْلِ وَيَكْفِي فِي دَعْوَى الْأَفْضَلِيَّةِ دُخُولُهَا تَحْتَ هَذَا الْأَصْلِ وَإِنْ لَمْ يَنُصُّوا عَلَيْهَا بِخُصُوصِهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا ادِّعَاءَ لِقَوْلِهِ: لَمْ أَرَهُ. (35) قَوْلُهُ: وَلَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ حَمْلِ السَّوَائِمِ بَعْدَ وُجُودِهِ جَازَ لَا قَبْلَهُ إلَخْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ كَانَ لَهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ الْحَوَامِلِ فَعَجَّلَ شَاتَيْنِ عَنْهَا وَعَمَّا فِي بُطُونِهَا ثُمَّ نَتَجَتْ خَمْسًا قَبْلَ الْحَوْلِ أَجْزَأَهُ عَمَّا عَجَّلَ، وَإِنْ عَجَّلَ عَمَّا تَحْمِلُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَجُوزُ (انْتَهَى) . لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَجَّلَ عَمَّا يَحْمِلُهُ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ يُوجَدْ الْمُعَجَّلُ عَنْهُ فِي سَنَةِ التَّعْجِيلِ وَهُوَ شَرْطٌ وَفُقِدَ الشَّرْطُ فَلَمْ يَجُزْ عَمَّا تَحْمِلُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ نَفْيِ الْجَوَازِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيَ الْجَوَازِ مُطْلَقًا لِظُهُورِ أَنَّهُ يَقَعُ عَمَّا فِي مِلْكِهِ وَقْتَ التَّعْجِيلِ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي، فَهُوَ تَعْجِيلُ زَكَاةِ مَا فِي مِلْكِهِ لِسَنَتَيْنِ، لِأَنَّ التَّعْيِينَ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ لَغْوٌ؛ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ بِيضٍ وَأَلْفُ دِرْهَمٍ سُودٍ فَعَجَّلَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ عَنْ الْبِيضِ فَهَلَكَتْ الْبِيضُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ ثُمَّ تَمَّ الْحَوْلُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي السُّودِ وَيَكُونُ الْمُخْرَجُ عَنْهَا. وَكَذَا عَكْسُهُ وَكَذَا لَوْ عَجَّلَ عَنْ الدَّنَانِيرِ وَلَهُ دَرَاهِمُ ثُمَّ هَلَكَتْ الدَّنَانِيرُ كَانَ مَا عَجَّلَ عَنْ الدَّرَاهِمِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ. وَكَذَا عَكْسُهُ قَيَّدْنَا بِالْهَلَاكِ لِأَنَّهُ لَوْ عَجَّلَ عَنْ أَحَدِ الْمَالَيْنِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمَالَ الَّذِي عَجَّلَ عَنْهُ قَبْلَ الْحَوْلِ لَمْ يَكُنْ الْمُعَجَّلُ عَنْ الْبَاقِي. وَكَذَا لَوْ اسْتَحَقَّ بَعْدَ الْحَوْلِ، لِأَنَّ فِي الِاسْتِحْقَاقِ عَجَّلَ عَمَّا لَمْ يَمْلِكْهُ فَيَبْطُلُ تَعْجِيلُهُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنَّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

وَفِي الْمُلْتَقَطِ مِنْ الْإِجَارَةِ: الْمُعَلِّمُ إذَا أَعْطَى خَلِيفَتَهُ شَيْئًا نَاوِيًا الزَّكَاةَ؛ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يَعْمَلُ لَهُ لَوْ لَمْ يُعْطِهِ يَصِحُّ عَنْهَا وَإِلَّا فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي الْمُلْتَقَطِ مِنْ الْإِجَارَةِ إلَخْ. عِبَارَةُ الْمُلْتَقَطِ: خَلِيفَةُ الْمَكْتَبِ إذَا أَعْطَاهُ الْمُعَلِّمُ شَيْئًا بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ يَجُوزُ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يُعْطِهِ ذَلِكَ لَمْ يَعْمَلْ لَهُ فِي مَكْتَبِهِ لَا يَجُوزُ انْتَهَى

[كتاب الصوم]

كِتَابُ الصَّوْمِ 1 - نَذَرَ صَوْمَ الْأَبَدِ فَأَكَلَ لِعُذْرٍ يَفْدِي لِمَا أَكَلَ. نَذَرَ صَوْمَ الْيَوْمِ الَّذِي يَقْدُمُ فِيهِ فُلَانٌ 2 - فَقَدِمَ بَعْدَ مَا نَوَاهُ تَطَوُّعًا يَنْوِيهِ عَنْ النَّذْرِ 3 - لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَتَهُ عَنْ كُلِّ صَوْمٍ وَجَبَ بِإِيجَابِهَا لَا عَنْ صَوْمٍ وَجَبَ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الصَّوْمِ] قَوْلُهُ: نَذَرَ صَوْمَ الْأَبَدِ فَأَكَلَ إلَخْ. فِي الْمُنْتَقَى: نَذَرَ أَنْ يَصُومَ أَبَدًا فَضَعُفَ عَنْ الصَّوْمِ لِاشْتِغَالِهِ بِالْمَعِيشَةِ، لَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَيُطْعِمَ لِكُلِّ يَوْمٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ لِعُسْرَتِهِ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى. (2) قَوْلُهُ: فَقَدِمَ بَعْدَ مَا نَوَاهُ تَطَوُّعًا يَنُوبُ عَنْ النَّذْرِ إلَخْ. يَعْنِي إذَا كَانَ قُدُومُهُ قَبْلَ الزَّوَالِ، أَمَّا لَوْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَا، لِفَوَاتِ وَقْتِ النِّيَّةِ. قُلْت: وَحَيْثُ تَعَذَّرَ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ عَنْ النَّذْرِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ صَوْمُ يَوْمٍ آخَرَ أَمْ لَا؟ هَكَذَا تَرَدَّدْت ثُمَّ رَأَيْت الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ ذَكَرَ مَا نَصُّهُ: لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدُمُ فِيهِ فُلَانٌ أَبَدًا فَقَدِمَ لَيْلًا لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ لِأَنَّ الْيَوْمَ إذَا اقْتَرَنَ بِهِ مَا هُوَ يَخْتَصُّ بِالنَّهَارِ كَالصَّوْمِ يُرَادُ بِهِ بَيَاضُ النَّهَارِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُوجَدْ الْوَقْتُ الَّذِي أَوْجَبَ فِيهِ الصَّوْمَ وَهُوَ النَّهَارُ، وَلَوْ قَدِمَ يَوْمًا قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَمْ يَأْكُلْ، صَامَهُ وَإِنْ قَدِمَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَأَكَلَ فِيهِ أَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَمْ يَأْكُلْ فِيهِ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا يَصُومُ يَوْمَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْمُضَافَ إلَى الْوَقْتِ عِنْدَ وُجُودِ الْوَقْتِ كَالْمُرْسَلِ وَلَوْ أَرْسَلَ كَانَ الْجَوَابُ هَكَذَا (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ جَوَابُ مَا تَرَدَّدْت فِيهِ (3) قَوْلُهُ: لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَتَهُ عَنْ كُلِّ صَوْمٍ وَجَبَ بِإِيجَابِهَا إلَخْ. أَقُولُ أَوْ كَذَا لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا عَنْ الْحَجِّ الْمَنْذُورِ لِأَنَّ وُجُوبَهُ عَلَيْهَا كَانَ بِالْتِزَامِهَا فَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الزَّوْجِ فَصَارَ نَفْلًا فِي حَقِّهِ فَجَازَ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْهُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ.

وَتَوَقَّفَ الْمَشَايِخُ فِي مَنْعِهَا عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ إذَا أَفْطَرَتْ بِغَيْرِ عُذْرٍ 5 - قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - لَا بَأْسَ بِالِاعْتِمَادِ عَلَى قَوْلِ الْمُنَجِّمِينَ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ أَنَّهُ كَانَ يَسْأَلُهُمْ وَيَعْتَمِدُ عَلَى قَوْلِهِمْ بَعْدَ أَنْ يَتَّفِقَ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ وَرَدَّهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِالْحَدِيثِ 6 - «مَنْ صَدَّقَ كَاهِنًا أَوْ مُنَجِّمًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ» . نِيَّةُ الصَّوْمِ فِي الصَّلَاةِ صَحِيحَةٌ وَلَا تُفْسِدُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَتَوَقَّفَ الْمَشَايِخُ فِي مَنْعِهَا عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ إلَخْ. وَجْهُ عَدَمِ الْمَنْعِ أَنَّ الْقَضَاءَ يَجِبُ بِمَا وَجَبَ بِهِ الْأَدَاءُ لَا بِنَصٍّ جَدِيدٍ وَهُوَ الَّذِي تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ، وَوَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِلْقَضَاءِ بِخُصُوصِهِ فَلَهُ مَنْعُهَا عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا (5) قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا بَأْسَ بِالِاعْتِمَادِ عَلَى قَوْلِ الْمُنَجِّمِينَ إلَخْ. فِي الْقُنْيَةِ: الشَّرْطُ عِنْدَنَا فِي وُجُوبِ الصَّوْمِ وَالْإِفْطَارِ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ وَلَا يُؤْخَذُ بِقَوْلِ الْمُنَجِّمِينَ. وَفِي التَّهْذِيبِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمُنَجِّمِ فِي حِسَابِهِ لَا فِي الصَّوْمِ وَلَا فِي الْإِفْطَارِ، وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمُنَجِّمِ أَنْ يَعْمَلَ بِحِسَابِ نَفْسِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: فَإِذَا اتَّفَقَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - إلَّا النَّادِرُ وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا اعْتِمَادَ عَلَى قَوْلِ الْمُنَجِّمِينَ فِي هَذَا. (6) قَوْلُهُ: مَنْ صَدَّقَ كَاهِنًا أَوْ مُنَجِّمًا إلَخْ. قِيلَ: لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ تَصْدِيقَهُمَا فِيمَا يُخْبِرَانِ عَنْ الْحَوَادِثِ وَالْكَوَائِنِ مِمَّا زَعَمَ مِنْ الِاجْتِمَاعَاتِ وَالِاتِّصَالَاتِ الْعُلْوِيَّةِ تَدُلُّ عَلَى حَوَادِثَ مُعَيَّنَةٍ وَكَوَائِنَ مَخْصُوصَةٍ فِي الْعَالَمِ، وَهَذَا يُسَمَّى عِلْمَ الْأَحْكَامِ وَحُكْمُهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ ادَّعَوْا الْجَزْمَ بِمَا كَفَرَ. وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْحِسَابِ مِثْلُ ظُهُورِ الْهِلَالِ فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ وَوُقُوعِ الْخُسُوفِ اللَّيْلَةَ الْفُلَانِيَّةَ فَإِنَّهَا أُمُورٌ حِسَابِيَّةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَرْصَادٍ وَاقِعَةٍ فَلَا تَدْخُلُ فِي نَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يُجَوِّزُونَهُ مِنْ تَعْلِيمِ قَدْرِ مَا تُعْلَمُ بِهِ مَوَاقِيتُ الصَّلَاةِ وَالْقِبْلَةِ

إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ مَا يَتَغَذَّى بِهِ أَوْ يَتَدَاوَى بِهِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَإِلَّا فَلَا؛ 8 - إلَّا الدَّمَ إذَا شَرِبَهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ فَإِنَّهُ طَعَامٌ لِبَعْضِ النَّاسِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ مَا يَتَغَذَّى بِهِ إلَخْ. الْمَسْأَلَةُ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ عَمْدًا لِيُخْرِجَ بِهِ النَّاسِ وَالْمُخْطِئُ وَالْمُكْرَهُ، وَمُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي ذَلِكَ مَا يُسْقِطُهَا كَمَا لَوْ مَرِضَتْ فِي يَوْمِ الْجِمَاعِ أَوْ حَاضَتْ أَوْ نَفِسَتْ، خِلَافًا لِزُفَرَ كَذَا لَوْ مَرِضَ هُوَ فِي الْأَصَحِّ. وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيمَا لَوْ مَرِضَ بِجَرْحِ نَفْسِهِ وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ سُقُوطِهَا كَمَا لَوْ سَافَرَ مُكْرَهًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَاتَّفَقَتْ الرِّوَايَةُ عَلَى عَدَمِ سُقُوطِهَا فِيمَا لَوْ سَافَرَ طَائِعًا بَعْدَ مَا أَفْطَرَ مَا سَافَرَ لَمْ تَجِبْ، ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ مِنْ اللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ. وَفِي النَّوَادِرِ إنْ نَوَى مِنْ النَّهَارِ ثُمَّ أَكَلَ لَمْ يُكَفِّرْ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ. كَمَا فِي الْكَشْفِ، وَلَوْ أَصْبَحَ غَيْرَ نَاوٍ لِلصَّوْمِ ثُمَّ أَكَلَ لَمْ يُكَفِّرْ عِنْدَهُ وَكَفَّرَ عِنْدَهُمَا. وَلَوْ أَكَلَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَلَا كَفَّارَةَ عِنْدَ الْكُلِّ كَمَا فِي النَّظْمِ. وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْفِطْرَ بِالْجِمَاعِ وَقَدْ ذَكَرَهُ النَّسَفِيُّ فِي الْكَنْزِ فَقَالَ: وَمَنْ جَامَعَ أَوْ جُومِعَ أَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ غِذَاءً أَوْ دَوَاءً عَمْدًا قَضَى وَكَفَّرَ. قَالَ الْحَدَّادِيُّ: وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى التَّغَذِّي فَقِيلَ: هُوَ مَا يَمِيلُ إلَيْهِ الطَّبْعُ وَتَنْقَضِي بِهِ شَهْوَةُ الْبَطْنِ. وَقِيلَ: هُوَ مَا يَعُودُ نَفْعُهُ إلَى إصْلَاحِ الْبَدَنِ. وَأَثَرُ الْخِلَافِ يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ ابْتَلَعَ لُقْمَةً أَخْرَجَهَا مِنْ فِيهِ يَجِبُ عَلَى الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ أَنَّ مَا يَعُودُ إلَى إصْلَاحِ الْبَدَنِ يَشْمَلُ الدَّوَاءَ، فَلَا يَكُونُ التَّعْرِيفُ جَامِعًا، فَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ: وَلَا يَكُونُ دَوَاءً. وَمِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُخَرَّجَ عَلَى الْخِلَافِ مَا لَوْ ابْتَلَعَ رِيقَ غَيْرِهِ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِلْعِيَافَةِ وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُ إنْ كَانَ جَيَّبَهُ تَجِبُ. قَالَ فِي الدِّرَايَةِ: لِوُجُودِ مَعْنَى صَلَاحِ الْبَدَنِ فِيهِ. وَجَزَمَ بِهِ الْعَلَّامَةُ النَّسَفِيُّ فِي الْكَنْزِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْكِتَابِ (8) قَوْلُهُ: إلَّا الدَّمَ إذَا شَرِبَهُ إلَخْ. فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: وَلَوْ أَكَلَ دَمًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ دُونَ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَسْتَقْذِرُهُ الطَّبْعُ. وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَعُمُّ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَالْأَكْلُ فِي عِبَارَةِ الظَّهِيرِيَّةِ وَالشُّرْبُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لَا مَفْهُومَ لَهُ

الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ أَفْضَلُ 10 - إلَّا إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ 11 - أَوْ كَانَ لَهُ رُفْقَةٌ اشْتَرَكُوا مَعَهُ فِي الزَّادِ وَاخْتَارُوا الْفِطْرَ 12 - صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ مَكْرُوهٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ أَفْضَلُ. لِأَنَّ الصَّوْمَ عَزِيمَةٌ وَالتَّأْخِيرَ رُخْصَةٌ وَالْأَخْذُ بِالْعَزِيمَةِ أَفْضَلُ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فِيهِ نَظَرٌ، لِلْحَدِيثِ «لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» أَقُولُ: الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَضُرُّهُ الصَّوْمُ وَيُضْعِفُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سَبَبُ وُرُودِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي سَفَرٍ فَرَأَى رَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: صَائِمٌ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» . (10) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُجْهِدَهُ الصَّوْمُ وَيُضْعِفَهُ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مَكْرُوهًا كَمَا فِي النَّهْرِ، وَإِنَّمَا كَانَ الصَّوْمُ أَفْضَلَ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] وَلِأَنَّ رَمَضَانَ أَفْضَلُ الْوَقْتَيْنِ فَكَانَ الْأَدَاءُ فِيهِ أَوْلَى وَلَا يُرَدُّ عَلَيْنَا الْقَصْرُ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ حَتَّى يَأْثَمَ بِالْإِتْمَامِ لِأَنَّ الْقَصْرَ هُوَ الْعَزِيمَةُ، وَتَسْمِيَتُهُمْ لَهُ رُخْصَةً إسْقَاطُ مَجَازٍ وَقَوْلُ صَاحِبِ الْبِنَايَةِ: إنَّ الْقَصْرَ أَفْضَلُ لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ. (11) قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ لَهُ رُفْقَةٌ اشْتَرَكُوا مَعَهُ فِي الزَّادِ وَاخْتَارُوا الْفِطْرَ إلَخْ. أَيْ اخْتَارَ كُلُّهُمْ أَوْ عَامَّتُهُمْ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ لِأَنَّ ضَرَرَ الْمَالِ كَضَرَرِ الْبَدَنِ (12) قَوْلُهُ: صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ مَكْرُوهٌ إلَخْ. الشَّكُّ اسْتِوَاءُ طَرَفَيْ الْإِدْرَاكِ مِنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، وَمُوجِبُهُ هُنَا أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ يَغُمَّ عَلَيْهِمْ هِلَالُ رَمَضَانَ أَوْ هِلَالُ شَعْبَانَ وَأَكْمَلْت عِدَّتَهُ وَلَمْ يَرَ هِلَالَ رَمَضَانَ لِأَنَّ الشَّهْرَ لَيْسَ الظَّاهِرُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثِينَ بَلْ قَدْ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ كَمَا يَكُونُ ثَلَاثِينَ؛ تَسْتَوِي هَاتَانِ الْحَالَتَانِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ الْحَدِيثُ الْمَعْرُوفُ فِي الشَّهْرِ فَاسْتَوَى الْحَالُ حِينَئِذٍ فِي الثَّلَاثِينَ أَنَّهُ مِنْ الْمُنْسَلِخِ أَوْ مِنْ الْمُسْتَهِلِّ إذَا كَانَ غِيمَ فَيَكُونُ مَشْكُوكًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْتَهِلَّ لَرُئِيَ عِنْدَ التَّرَائِي، فَلَمَّا لَمْ يُرَ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُنْسَلِخَ ثَلَاثُونَ فَيَكُونُ هَذَا الْيَوْمُ مِنْهُ غَيْرَ مَشْكُوكٍ فِي ذَلِكَ. كَذَا ذَكَرُوا. وَلَكِنْ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّ كَوْنَهُ ثَلَاثِينَ هُوَ الْأَصْلُ

إلَّا إذَا نَوَى تَطَوُّعًا 14 - أَوْ وَاجِبًا آخَرَ عَلَى الصَّحِيحِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالنُّقْصَانُ عَارِضٌ وَلِهَذَا وَجَبَ عَلَى الْمَرِيضِ الَّذِي أَفْطَرَ رَمَضَانَ قَضَاءُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا إذَا لَمْ يَعْلَمْ صَوْمَ أَهْلِ بَلَدِهِ فَلَوْ كَانَ عَلَى السَّوَاءِ لَمْ يَلْزَمْ الزَّائِدُ بِالشَّكِّ لِأَنَّ ظُهُورَ كَوْنِهِ كَامِلًا إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الصَّحْوِ أَمَّا عِنْدَ الْغَيْمِ فَلَا. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ: إلَّا أَنْ يُقَالَ الْأَصْلُ الصَّحْوُ وَالْغَيْمُ عَارِضٌ وَلَا عِبْرَةَ بِهِ قَبْلَ تَحَقُّقِهِ. وَهُمْ إنَّمَا ذَكَرُوا التَّسَاوِيَ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْغَيْمِ (انْتَهَى) . أَقُولُ دَعْوَى أَنَّ الْأَصْلَ الصَّحْوُ مُطْلَقًا مَمْنُوعَةٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الزَّمَانُ صَيْفًا أَوْ رَبِيعًا فَالْأَصْلُ الصَّحْوُ وَالْغَيْمُ عَارِضٌ، وَإِنْ كَانَ شِتَاءً أَوْ خَرِيفًا فَالْأَصْلُ الْغَيْمُ وَالصَّحْوُ عَارِضٌ، خُصُوصًا فِي الْبِلَادِ الرُّومِيَّةِ وَمَا لَحِقَ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ: مَكْرُوهٌ، يَعْنِي تَحْرِيمًا إنْ جَزَمَ بِكَوْنِهِ مِنْ رَمَضَانَ لِلتَّشْبِيهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُمْ زَادُوا فِي صَوْمِهِمْ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ التَّقَدُّمِ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَإِنْ جُزِمَ بِكَوْنِهِ عَنْ وَاجِبٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ الَّتِي مَرْجِعُهَا خِلَافُ الْأُولَى، لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ التَّقَدُّمِ خَاصٌّ بِصَوْمِ رَمَضَانَ لَكِنْ كُرِهَ لِصُورَةِ النَّهْيِ الْمَحْمُولِ عَلَى رَمَضَانَ، فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ عَنْهُ لِمَا عُرِفَ أَنَّهُ كَانَ مُقِيمًا وَإِلَّا أَجْزَأَهُ عَنْ الَّذِي نَوَاهُ كَمَا لَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ عَلَى الْأَصَحِّ. (13) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا نَوَى تَطَوُّعًا إلَخْ. يَعْنِي فَلَا يَكُونُ مَكْرُوهًا اتِّفَاقًا إنَّمَا الْخِلَافُ فِي اسْتِحْبَابِهِ إنْ لَمْ يُوَافِقْ صَوْمَهُ. وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَتَلَوَّمَ وَلَا يَأْكُلَ وَلَا يَنْوِيَ الصَّوْمَ مَا لَمْ يَتَقَارَبْ انْتِصَافُ النَّهَارِ، فَإِنْ تَقَارَبَ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالُ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقِيلَ: الْأَفْضَلُ صَوْمُهُ وَقِيلَ: فِطْرُهُ. وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْقُضَاةِ وَالْمُفْتِينَ أَنْ يَصُومُوا تَطَوُّعًا وَيُفْتُوا بِذَلِكَ خَاصَّتَهُمْ وَيُفْتُوا الْعَامَّةَ بِالْإِفْطَارِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَبُو النَّصْرِ يَقُولَانِ: الْفِطْرُ أَحْوَطُ لِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ، لَوْ أَفْطَرَ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّوْمِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُكْرَهُ وَيَأْثَمُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ. (14) قَوْلُهُ: أَوْ وَاجِبًا آخَرَ عَلَى الصَّحِيحِ. يَعْنِي فَلَا يَكُونُ مَكْرُوهًا قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ التَّهْذِيبِ: إنَّ صَوْمَ الشَّكِّ عَنْ وَاجِبٍ آخَرَ غَيْرِهِ مَكْرُوهٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَمَا هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَحْرِهِ، مِنْ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَفَّقَ بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ هُنَا كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ وَحِينَئِذٍ لَا مُخَالَفَةَ.

وَالْأَفْضَلُ فِطْرُهُ إلَّا إذَا وَافَقَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ 16 - أَوْ كَانَ مُفْتِيًا 17 - لَا يَصُومُ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ تَطَوُّعًا إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى 18 - لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ فِطْرُهُ. إلَّا إذَا وَافَقَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ إلَخْ. فَيَكُونُ الصَّوْمُ مُسْتَحَبًّا وَيُجْزِيهِ إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ وَإِلَّا فَهُوَ تَطَوُّعٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ بِالْإِفْسَادِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَظْنُونِ، وَتَفْسِيرُ الْمُوَافَقَةِ أَنَّهُ كَانَ يُعْتَادُ صِيَامُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ الْخَمِيسِ أَوْ الِاثْنَيْنِ فَوَافَقَهُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ. وَكَذَا إذَا صَامَ شَعْبَانَ كُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ الْأَخِيرَ أَوْ عَشَرَةً مِنْ آخِرِهِ أَوْ ثَلَاثَةً مِنْ آخِرِهِ، وَهَذَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا تَتَقَدَّمُوا صَوْمَ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ وَلَا بِيَوْمَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَوْمٌ يَصُومُهُ رَجُلٌ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الصَّوْمَ» . (16) قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ مُفْتِيًا إلَخْ. الْمُرَادُ أَنَّهُ يَصُومُ مَنْ يَتَمَكَّنُ مِنْ ضَبْطِ نَفْسِهِ عَنْ الِاضْطِجَاعِ فِي النِّيَّةِ وَمُلَاحَظَةُ كَوْنِهِ عَنْ الْفَرْضِ إنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ، وَلِهَذَا قَالُوا وَيُفْتُونَ بِالصَّوْمِ خَاصَّتَهُمْ، وَأَمَّا إذَا رُدِّدَ فَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِهَا كَأَنْ يَنْوِي أَنْ يَصُومَ غَدًا عَنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِصَائِمٍ. وَهَذِهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ. وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ: يَنْبَغِي أَنْ يَعْزِمَ لَيْلَةَ يَوْمِ الشَّكِّ عَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ فَلَيْسَ بِصَائِمٍ وَهَذَا مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا (انْتَهَى) . وَإِنْ رُدِّدَ فِي صِفَتِهَا فَلَهُ صُورَتَانِ: إحْدَاهُمَا مَا إذَا نَوَى أَنْ يَصُومَ عَنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ غَدًا مِنْهُ وَإِلَّا فَعَنْ وَاجِبٍ آخَرَ وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ مَكْرُوهَيْنِ، فَإِنْ ظَهَرَ مِنْ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ عَنْهُ وَإِلَّا كَانَ تَطَوُّعًا غَيْرَ مَضْمُونٍ بِالْإِفْسَادِ وَلَا يَكُونُ عَنْ الْوَاجِبِ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِهِ وَالثَّانِيَةُ إذَا نَوَى أَنْ يَصُومَ عَنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ وَإِلَّا فَتَطَوُّعٌ فَهُوَ مَكْرُوهٌ لِنِيَّةِ الْفَرْضِ مِنْ وَجْهٍ، فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْهُ أَجْزَأَهُ وَإِلَّا فَتَطَوُّعٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ بِالْإِفْسَادِ لِدُخُولِ الْإِسْقَاطِ فِي عَزِيمَتِهِ مِنْ وَجْهٍ (17) قَوْلُهُ: لَا يَصُومُ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ تَطَوُّعًا إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى. يَعْنِي أَنَّ صَوْمَ هَؤُلَاءِ مَكْرُوهٌ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يُفَطِّرَهُمْ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ (18) قَوْلُهُ: لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ إلَخْ. فَإِنْ صَامَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ

أَوْ كَانَ مُسَافِرًا. لَا يَصُومُ الْأَجِيرُ تَطَوُّعًا إلَّا بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا تَضَرَّرَ بِالصَّوْمِ 20 - لَا يَلْزَمُ النَّذْرُ إلَّا إذَا كَانَ طَاعَةً وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQكُرِهَ لَهَا ذَلِكَ، وَلَهُ أَنْ يُفَطِّرَهَا، قَالَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: وَيُكْرَهُ لِلْعَبْدِ وَلِلْأَجِيرِ وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ يَتَطَوَّعُوا بِالصَّوْمِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ مَنْ لَهُ الْحَقُّ. فِيهِ، وَمَنْ لَهُ الْحَقُّ لَهُ أَنْ يُفَطِّرَهُ (انْتَهَى) . قَيَّدَ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ: الْكَرَاهَةَ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ بِمَا إذَا كَانَ الصَّوْمُ يَضُرُّ بِالزَّوْجِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَضُرُّهُ بِأَنْ كَانَ صَائِمًا أَوْ مَرِيضًا فَإِنَّ لَهَا الصَّوْمَ وَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّهِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَلَوْ مُدَبَّرًا وَالْأَمَةِ وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ، فَلَيْسَ لَهُمْ التَّطَوُّعُ بِلَا إذْنٍ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّ مَنَافِعَهُمْ مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْلَى بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: لَا يَصُومُ الْمَمْلُوكُ تَطَوُّعًا إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى إلَّا إذَا كَانَ غَائِبًا وَلَا ضَرَرَ لَهُ فِي ذَلِكَ. وَفِيهَا: لَوْ أَحْرَمَتْ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يُحَلِّلَهَا. وَكَذَا الْأَجِيرُ إذَا كَانَ يَضُرُّ بِالْخِدْمَةِ وَكَذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ: وَإِطْلَاقُ الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ أَظْهَرُ لِأَنَّ الصَّوْمَ يَضُرُّ بِبَدَنِ الْمَرْأَةِ وَيُهْزِلُهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا. وَمَنَافِعُ الْعَبْدِ مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْلَى وَلَوْ كَانَ غَائِبًا. قَالَ فِي النَّهْرِ وَعِنْدِي أَنَّ إحَالَةَ الْمَنْعِ عَلَى الضَّرَرِ وَعَدَمَهُ عَلَى عَدَمِهِ أَوْلَى لِلْقَطْعِ بِأَنَّ صَوْمَ يَوْمٍ لَا يُهْزِلُهَا فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مَنْعُهُ مِنْ وَطْئِهَا، وَذَلِكَ إضْرَارٌ بِهِ، فَإِذَا انْتَفَى بِأَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا جَازَ انْتَهَى. أَقُولُ فَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَنْ يُفَصَّلَ، فَيُقَالُ: إنْ صَامَتْ يَوْمًا وَاحِدًا لَا يُكْرَهُ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا وَإِنْ صَامَتْ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ يُكْرَهُ وَلَهُ مَنْعُهَا. (19) قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ مُسَافِرًا. عَطْفٌ عَلَى سَابِقِهِ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرُ إلَّا إذَا أَذِنَ لَهَا أَوْ كَانَ مُسَافِرًا (20) قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُهُ النَّذْرُ إلَّا إذَا كَانَ طَاعَةً إلَخْ. أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ الثَّانِيَ وَعَلَيْهِ جَرَى فِي الْفَتْحِ. كَأَنَّهُ اسْتَغْنَى بِالثَّالِثِ إذْ قَوْلُهُمْ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ، يُفِيدُ أَنَّ الْمَنْذُورَ غَيْرُ الْوَاجِبِ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا لَا وَسِيلَةً فَلَا يَصِحُّ بِالْوُضُوءِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ: وَمِنْهُ تَكْفِينُ الْمَيِّتِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ لَا يَكُونَ مُسْتَحِيلَ الْكَوْنِ فَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ أَمْسِ أَوْ اعْتِكَافَ شَهْرٍ مَضَى لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ بَعْدَ ذِكْرِ شُرُوطِ

وَكَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ عَلَى التَّعْيِينِ 22 - فَلَا يَصِحُّ النَّذْرُ بِالْمَعَاصِي وَلَا بِالْوَاجِبَاتِ؛ فَلَوْ نَذَرَ حَجَّةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّذْرِ إلَّا إذَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى خِلَافِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَرِدَ النَّذْرُ بِالْحَجِّ مَاشِيًا وَالِاعْتِكَافُ وَإِعْتَاقُ الرَّقَبَةِ، فَإِنَّ النَّذْرَ بِهَا صَحِيحٌ مَعَ أَنَّ الْحَجَّ بِصِفَةِ الْمَشْيِ غَيْرُ وَاجِبٍ. وَكَذَا الِاعْتِكَافُ وَكَذَا نَفْسُ الْإِعْتَاقِ مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةِ سَبَبٍ مُوجِبٍ لَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ إنَّمَا يَصِحُّ النَّذْرُ بِهَا لِأَنَّ مِنْ جِنْسِهَا وَاجِبٌ، أَمَّا الْحَجُّ فَلِمَا صَرَّحَ الشَّارِحُ بِهِ مِنْ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ وَمَنْ حَوْلَهُ لَا تُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِمْ الرَّاحِلَةُ بَلْ يَجِبُ الْمَشْيُ عَلَى الْقَادِرِ مِنْهُمْ، وَأَمَّا الِاعْتِكَافُ فَلِأَنَّ الْقَعْدَةَ الْأَخِيرَةَ فِي الصَّلَاةِ فَرْضٌ وَهِيَ لُبْثٌ كَالِاعْتِكَافِ، وَأَمَّا الْإِعْتَاقُ فَلِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبًا وَهُوَ الْإِعْتَاقُ فِي الْكَفَّارَةِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ فَلَيْسَ بِمُرَادٍ. كَذَا فِي الْبَحْرِ وَجَعَلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ جِنْسَ الْوَاجِبِ فِي الِاعْتِكَافِ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ لِأَنَّ الْجِنْسَ وَاللُّبْثَ وُقُوفٌ. كَذَا فِي النَّهْرِ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: نَذْرُ الْوَقْفِ يَصِحُّ وَلَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ وَمَا قِيلَ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ وَهُوَ أَنْ يَجِبَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَقِفَ مَسْجِدًا مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ شَيْءٌ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ. كَمَا فِي الْفَتْحِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَا فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَصِحَّ وَقْفُهُ بَلْ ذَلِكَ إرْصَادٌ وَالْإِرْصَادُ غَيْرُ الْوَقْفِ. (21) قَوْلُهُ: وَكَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ عَلَى التَّعْيِينِ إلَخْ. أَقُولُ: أَوْ كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى وَاجِبٍ كَمَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ، وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ الِاعْتِكَافُ بِالنَّذْرِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِالنَّذْرِ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ لِلَّهِ تَعَالَى، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَلَا يَصِحُّ كَالِاعْتِكَافِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا حَاجَةَ إلَى مَا تَكَلَّفَ مِنْ الْجَوَابِ بِأَنَّ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبًا وَهُوَ اللُّبْثُ بِعَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَهُوَ الْوُقُوفُ أَوْ اللُّبْثُ فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ لَكِنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى الْوَاجِبِ وَهُوَ الصَّوْمُ لِأَنَّهُ شَرْطُ صِحَّتِهِ، إذَا كَانَ مَنْذُورًا وَقَوْلُهُ عَلَى التَّعْيِينِ يُنْظَرُ مَا الْمُرَادُ بِهِ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا عَيْنًا لَا كِفَايَةً أَوْ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا غَيْرَ مُخَيَّرٍ فِيهِ وَيُحَرَّرُ ذَلِكَ (22) قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ النَّذْرُ بِالْمَعَاصِي إلَخْ. هَذَا بِظَاهِرِهِ مُضَادٌّ لِقَوْلِهِمْ بِصِحَّةِ نَذْرِ صَوْمِ أَيَّامِ النَّحْرِ، فَيَجِبُ أَنْ يُرَادَ كَوْنُ الْمَعْصِيَةِ بِاعْتِبَارِ نَفْسِهِ كَالنَّذْرِ بِالزِّنَا وَشُرْبِ

الْإِسْلَامِ لَمْ تَلْزَمْهُ إلَّا وَاحِدَةٌ، وَلَوْ نَذَرَ صَلَاةَ سُنَّةٍ وَعَنَى الْفَرَائِضَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ عَنَى مِثْلَهَا لَزِمَتْهُ وَيُكْمِلُ الْمَغْرِبَ 23 - وَلَوْ نَذَرَ عِيَادَةَ الْمَرِيضِ لَمْ تَلْزَمْهُ فِي الْمَشْهُورِ 24 - وَلَوْ نَذَرَ التَّسْبِيحَاتِ دُبُرَ الصَّلَاةِ لَمْ تَلْزَمْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخَمْرِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ لَكِنَّهُ يَنْعَقِدُ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ بِخِلَافِ النَّذْرِ بِالطَّاعَةِ حَيْثُ لَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا بِالنِّيَّةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ فَلَوْ فَعَلَ الْمَعْصِيَةَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا انْحَلَّتْ وَأَثِمَ. وَأَمَّا نَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ فَصَحِيحٌ غَيْرَ أَنَّهُ يُفْطِرُ وَيَقْضِي وَذَلِكَ أَنَّهُ نَذْرٌ بِصَوْمٍ مَشْرُوعٍ وَالنَّهْيُ لِغَيْرِهِ وَهُوَ تَرْكُ إجَابَةِ دَعْوَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَصِحُّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَرُوِيَ الثَّانِي عَنْ الْإِمَامِ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَبِهِ قَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَذَا فِي النَّهْرِ (23) قَوْلُهُ: وَلَوْ نَذَرَ عِيَادَةَ الْمَرِيضِ لَمْ تَلْزَمْهُ فِي الْمَشْهُورِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: ثُمَّ النَّذْرُ إنَّمَا يَصِحُّ بِمَا كَانَ قُرْبَةً مَقْصُودَةً وَلَا يَصِحُّ بِمَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ، وَمَا فِيهِ مَعْنَى الْقُرْبَةِ، وَلَيْسَ بِعِبَادَةٍ مَقْصُودَةٍ بِنَفْسِهَا كَتَشْيِيعِ الْجِنَازَةِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ لَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ بِالنَّذْرِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ الْإِمَامِ قَالَ: إنْ نَذَرَ أَنْ يَعُودَ مَرِيضًا الْيَوْمَ يَصِحُّ نَذْرُهُ وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَعُودَ فُلَانًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ عِيَادَةَ الْمَرِيضِ قُرْبَةٌ شَرْعًا وَعِيَادَةُ فُلَانٍ بِعَيْنِهِ لَا يَكُونُ فِيهِ مَعْنَى الْقُرْبَةِ مَقْصُودًا لِلنَّذْرِ بَلْ مُرَاعَاةَ حَقِّ فُلَانٍ يَصِحُّ الْتِزَامُهُ بِالنَّذْرِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَالَ: عِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَتَشْيِيعُ الْجِنَازَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَعْنَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَالْمَقْصُودُ حَقُّ الْمَرِيضِ وَالْمَيِّتِ، وَالنَّذْرُ بِنَذْرِهِ إنَّمَا يَلْتَزِمُ مَا كَانَ حَقُّهُ لِلَّهِ تَعَالَى مَقْصُودًا انْتَهَى. وَفِي الشَّكْوَةِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ «عَادَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِعَيْنِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، فَقَالَ صَاحِبُ الْإِظْهَارِ فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْعِيَادَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَرَضُ مَخُوفًا كَالصُّدَاعِ وَوَجَعِ الضِّرْسِ، وَفِيهِ بَيَانٌ أَنَّ ذَلِكَ عِبَادَةٌ حَتَّى يَجُوزَ بِذَلِكَ أَجْرُهَا وَيُحْنَثَ بِهِ فِي الْيَمِينِ وَيَبْرَأَ خِلَافًا لِلشِّيعَةِ. كَذَا فِي مَجْمُوعَةِ الْعُلُومِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ الْهَرَوِيِّ حَفِيدِ الْمَوْلَى سَعْدِ الدِّينِ التَّفْتَازَانِيِّ (24) قَوْلُهُ: وَلَوْ نَذَرَ التَّسْبِيحَاتِ دُبُرَ الصَّلَاةِ لَمْ تَلْزَمْهُ. تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ

الزَّوْجُ إذَا أَذِنَ لِزَوْجَتِهِ بِالِاعْتِكَافِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ، مَوْلَى الْأَمَةِ يَصِحُّ رُجُوعُهُ 26 - وَيُكْرَهُ. إذَا دَعَاهُ وَاحِدُ مِنْ إخْوَانِهِ وَهُوَ صَائِمٌ لَا يُكْرَهُ لَهُ الْفِطْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الزَّوْجُ إذَا أَذِنَ لِزَوْجَتِهِ بِالِاعْتِكَافِ إلَخْ. فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: وَلَا بَأْسَ لِلْمَمْلُوكِ أَنْ يَعْتَكِفَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَالْمَرْأَةِ بِإِذْنِ زَوْجِهَا لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ لَحِقَهُمَا وَكَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَمْنَعَهُ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا، فَإِنْ مَنَعَهَا لَا يَصِحُّ مَنْعُهُ أَيَّامًا وَلَكِنَّ الْمَوْلَى يَكُونُ مُسِيئًا بِالْمَنْعِ بَعْدَ الْإِذْنِ لِجَوَازِ الْمَنْعِ وَالنَّهْيِ فِي الْعَبْدِ بَعْدَ الْإِذْنِ، وَلَمْ يَجُزْ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ. وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ لَهَا فَقَدْ مَلَّكَهَا مَنْفَعَةَ نَفْسِهَا فَتَمَلَّكَتْ فَلَا يَصِحُّ مَنْعُهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَمْلُوكِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّمَلُّكِ فَصَحَّ نَهْيُهُ. وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَعْتَكِفَ بِدُونِ إذْنِ الْمَوْلَى لِأَنَّهُ صَارَ حُرًّا يَدًا بِالْكِتَابَةِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى مَنْعَهُ مِنْ الْخُرُوجِ وَلَوْ رَدَّهُ رَادٌّ مِنْ هَذَا السَّفَرِ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ وَلَوْ غَصَبَ غَاصِبٌ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ صَغِيرًا (26) قَوْلُهُ: يُكْرَهُ إذَا دَعَاهُ وَاحِدٌ مِنْ إخْوَانِهِ إلَخْ. قَالَ فِي التَّنْوِيرِ: وَلَا يُفْطِرُ فِي صَوْمِ النَّفْلِ بِلَا عُذْرٍ وَفِي رِوَايَةٍ وَالضِّيَافَةُ عُذْرٌ إنْ كَانَ صَاحِبُهَا لَا يَرْضَى بِمُجَرَّدِ حُضُورِهِ وَيَتَأَذَّى بِتَرْكِ الْإِفْطَارِ (انْتَهَى) . وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْفِطْرُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحِيطِ. لَكِنَّ رِوَايَةَ الْفِطْرِ بِغَيْرِ عُذْرٍ أَرْجَحُ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ وَلِهَذَا اخْتَارَهَا الْمُحَقِّقُ فِي الْفَتْحِ وَقَالَ إنَّ الْأَدِلَّةَ تَضَافَرَتْ عَلَيْهَا ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَلْ الضِّيَافَةُ عُذْرٌ أَوْ لَا؟ قِيلَ: نَعَمْ وَقِيلَ: لَا. وَقِيلَ: عُذْرٌ قَبْلَ الزَّوَالِ لَا بَعْدَهُ إلَّا إذَا كَانَ فِي عَدَمِ الْفِطْرِ بَعْدَهُ حُقُوقٌ لِأَحَدِ الْوَالِدَيْنِ لَا غَيْرِهِمَا، حَتَّى لَوْ حَلَفَ عَلَيْهِ رَجُلٌ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لِيُفْطِرْنَ لَا يُفْطِرُ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ صَاحِبُ الطَّعَامِ يَرْضَى بِمُجَرَّدِ حُضُورِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ، وَإِنْ كَانَ يَتَأَذَّى بِذَلِكَ يُفْطِرُ. كَذَا فِي الْفَتْحِ. وَلَمْ يُصَحِّحْ شَيْئًا كَمَا تَرَى فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ قَالُوا: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ مِمَّنْ يَرْضَى بِمُجَرَّدِ حُضُورِهِ وَلَا يَتَأَذَّى بِتَرْكِ الْإِفْطَارِ لَا يُفْطِرُ. وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْبَابِ إنْ كَانَ يَثِقُ مِنْ نَفْسِهِ

إلَّا إذَا كَانَ صَائِمًا عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ 28 - سَافَرَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ لِحَاجَةٍ نَسِيَهَا فَأَكَلَ عِنْدَهُمْ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَضَاءَ يُفْطِرُ دَفْعًا لِلْأَذَى عَنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ لَا يَثِقُ لَا يُفْطِرُ، وَإِنْ كَانَ فِي تَرْكِ الْإِفْطَارِ أَذَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْيَمِينِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ (انْتَهَى) . وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ إنْ لَمْ يُفْطِرْ إنْ نَفْلًا أَفْطَرَ، وَإِنْ قَضَاءً لَا. وَالِاعْتِمَادُ عَلَى أَنَّهُ يُفْطِرُ فِيهِمَا وَلَا يُحْنِثُهُ. وَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّ الضِّيَافَةَ عُذْرٌ فِي التَّطَوُّعِ تَكُونُ عُذْرًا فِي حَقِّ الضَّيْفِ وَالْمُضِيفِ كَمَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْقُهُسْتَانِيُّ: لَكِنْ لَمْ تُوجَدْ رِوَايَةُ الْمُضِيفِ وَالْإِخْوَانُ جَمْعُ أَخٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ أُخُوَّةِ الْقَرَابَةِ بَلْ مَا هُوَ أَعَمُّ لِيَشْمَلَ أُخُوَّةَ الصَّدَاقَةِ. وَبِهَذَا التَّحْرِيرِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْخَلَلِ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ الصَّوْمَ بِالنَّفْلِ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْفِطْرَ بِمَا قَبْلَ الزَّوَالِ. (27) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ صَائِمًا عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ. أَيْ فَيُكْرَهُ لَهُ الْفِطْرُ لِأَنَّ لَهُ حُكْمَ رَمَضَانَ كَمَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ. وَلِهَذَا لَا يُفْطِرُ لَوْ حَلَفَ رَجُلٌ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ لِيُفْطِرْنَ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَظَاهِرُ اقْتِصَارِهِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ قَضَاءِ رَمَضَانَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْفِطْرُ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ، وَالنَّذْرِ بَعْدَ الضِّيَافَةِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْقُهُسْتَانِيُّ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَيُفْطِرُ النَّفَلَ بِعُذْرِ ضِيَافَةٍ وَفِي الْكَلَامِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي غَيْرِ النَّفْلِ لَا يُفْطِرُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ فِي صَوْمِ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ يُفْطِرُ انْتَهَى. وَحَيْثُ مَشَى الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعَالَى عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَسْتَثْنِيَ قَضَاءَ رَمَضَانَ لِأَنَّ فِيهِ يُفْطِرُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ كَمَا تَقَدَّمَ (28) قَوْلُهُ: سَافَرَ فِي رَمَضَانَ إلَخْ. فِي الْخَانِيَّةِ: الْمُسَافِرُ إذَا تَذَكَّرَ شَيْئًا قَدْ نَسِيَهُ فِي مَنْزِلِهِ فَدَخَلَ فَأَفْطَرَ ثُمَّ خَرَجَ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ قِيَاسًا لِأَنَّهُ مُقِيمٌ عِنْدَ الْأَكْلِ، حَيْثُ رَفَضَ سَفَرَهُ بِالْعَوْدِ إلَى مَنْزِلِهِ، وَبِالْقِيَاسِ نَأْخُذُ (انْتَهَى) . أَقُولُ: فَتُزَادُ هَذِهِ عَلَى الْمَسَائِلِ الَّتِي قُدِّمَ فِيهَا الْقِيَاسُ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ. وَفِي الْمُحِيطِ: لَوْ أَرَادَ الْمُسَافِرُ أَنْ يُقِيمَ فِي مِصْرَ أَوْ يَدْخُلَ مِصْرَهُ كُرِهَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي الْيَوْمِ الْمُبِيحِ وَهُوَ السَّفَرُ وَالْمُحَرِّمُ وَهُوَ الْإِقَامَةُ فَرَجَّحْنَا الْمُحَرِّمَ احْتِيَاطًا

رَأَى صَائِمًا يَأْكُلُ نَاسِيًا يُخْبِرُهُ إلَّا إذَا كَانَ يَضْعُفُ عَنْهُ 30 - الْمُسَافِرُ يُعْطِي صَدَقَةَ فِطْرَةٍ عَنْ نَفْسِهِ حَيْثُ هُوَ، وَيَكْتُبُ إلَى أَهْلِهِ يُعْطُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ حَيْثُ هُمْ، وَإِنْ أَعْطَى عَنْهُمْ فِي مَوْضِعِهِ جَازَ قَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: رَأَى صَائِمًا يَأْكُلُ نَاسِيًا يُخْبِرُهُ إلَخْ. فِي الْخَانِيَّةِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الرَّابِعِ: هَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَهُ بِذَلِكَ؟ قَالُوا: إنْ كَانَ شَابًّا يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْمَامِ يُخْبِرُهُ، يَعْنِي وُجُوبًا، وَإِنْ كَانَ شَيْخًا ضَعِيفًا لَا يُخْبِرُهُ، لِأَنَّ الشَّيْخَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْمَامِ فَيَتْرُكُهُ حَتَّى يَأْكُلَ ثُمَّ يُخْبِرَهُ (انْتَهَى) . وَفِيهَا النَّائِمُ إذَا شَرِبَ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَلَيْسَ هُوَ كَالنَّاسِي، لِأَنَّ النَّائِمَ ذَاهِبُ الْعَقْلِ إذَا ذَبَحَ لَمْ تُؤْكَلْ ذَبِيحَتُهُ وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ مَنْ نَسِيَ التَّسْمِيَةَ (انْتَهَى) . أَقُولُ: هَذَا التَّعْلِيلُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْفَرْقِ إذْ الْمُفْسِدُ وُجِدَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لَا عَنْ قَصْدٍ، وَالْحَقُّ أَنْ يُقَالَ: إنَّ حُكْمَ النَّاسِي ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ بِالْأَثَرِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ قَاضِي خَانْ أَنَّ شُرْبَ النَّائِمِ مُفْسِدٌ اتِّفَاقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ زُفَرُ. وَقَالَ: لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ قِيَاسًا عَلَى النَّاسِي، كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ، قُيِّدَ بِالنَّاسِي لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُخْطِئًا أَوْ مُكْرَهًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَحَقِيقَةُ الْخَطَأِ أَنْ يُقْصَدَ بِالْفِعْلِ غَيْرُ الْمَحَلِّ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْجَنَابَةُ أَوْ الْمَضْمَضَةُ تَسْرِي إلَى الْحَلْقِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ صُورَةِ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ هُنَا أَنَّ الْمُخْطِئَ ذَاكِرٌ لِلصَّوْمِ غَيْرُ قَاصِدٍ لِلشُّرْبِ، وَالنَّاسِي عَكْسُهُ كَذَا فِي الْبَيَانِيَّةِ وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَ ذَاكِرٍ لِلصَّوْمِ وَغَيْرَ قَاصِدٍ لِلشُّرْبِ لَكِنَّهُ فِي حُكْمِ النَّاسِي هُنَا كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُؤَاخَذَةُ بِالْخَطَأِ جَائِزَةٌ عِنْدَكَ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ (30) قَوْلُهُ: الْمُسَافِرُ يُعْطِي صَدَقَةَ فِطْرِهِ عَنْ نَفْسِهِ إلَخْ. قَدْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقِيلَ: الْمُعْتَبَرُ مَكَانُ الرَّأْسِ الْمُخَرَّجُ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ مُرَاعَاةً لِإِيجَابِ الْحُكْمِ فِي مَحَلِّ وُجُودِ سَبَبِهِ. كَذَا فِي الْفَتْحِ وَصَحَّحَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ يُؤَدِّي حَيْثُ هُوَ وَلَا يُعْتَبَرُ مَكَانَ الرَّأْسِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي ذِمَّةِ الْمَوْلَى حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْعَدُّ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ. وَفِي الْمَبْسُوطِ مَا يُوَافِقُ تَصْحِيحَ الْمُحِيطِ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْمُضْمَرَاتِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَأَمَّا فِي زَكَاةِ الْمَالِ فَالْمُعْتَبَرُ الَّذِي هُوَ فِيهِ فِي الرِّوَايَاتُ كُلِّهَا

إذَا شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْهِلَالِ فَصَامُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا لَمْ يُفْطِرُوا حَتَّى يَصُومُوا يَوْمًا آخَرَ 32 - رَمَضَانُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (31) قَوْلُهُ: إذَا شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْهِلَالِ إلَخْ. فِي الذَّخِيرَةِ: الْوَاحِدُ إذَا شَهِدَ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ عِنْدَ الْقَاضِي وَقَبِلَ شَهَادَتَهُ وَأَمَرَ النَّاسَ بِالصَّوْمِ فَلَمَّا أَتَمُّوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا غَمَّ هِلَالُ شَوَّالٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ يَصُومُونَ مِنْ الْغَدِ وَإِنْ كَانَ يَوْمَ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ يَعْنِي لِكَوْنِهِ خُرُوجًا مِنْ عِبَادَةٍ فَيُحْتَاطُ فِيهِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُفْطِرُونَ. وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ: هَذَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا لَمْ يَرَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُتَغَيِّمَةً فَإِنَّهُمْ يُفْطِرُونَ بِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا إذَا شَهِدَ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ شَاهِدَانِ وَالسَّمَاءُ مُتَغَيِّمَةٌ وَقَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَتُهُمَا وَصَامُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَلَمْ يَرَوْا الْهِلَالَ إنْ كَانَتْ مُتَغَيِّمَةً يُفْطِرُونَ مِنْ الْغَدِ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَتْ مُصْحِيَةً فَكَذَلِكَ يُفْطِرُونَ. إلَيْهِ أَشَارَ الْقُدُورِيُّ وَالْمُنْتَقَى. وَقِيلَ فِي فَوَائِدِ السُّغْدِيِّ: إنَّهُمْ لَا يُفْطِرُونَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ (انْتَهَى) . وَفِي النَّهْرِ سُئِلَ عَنْهُ مُحَمَّدٌ فَقَالَ: يَثْبُتُ الْفِطْرُ بِحُكْمِ الْقَاضِي لَا بِقَوْلِ الْوَاحِدِ. وَفِي الْبَيَانِيَّةِ: قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَصَحُّ. قَالَ الشَّارِحُ: وَالْأَشْبَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً لَا يُفْطِرُونَ لِظُهُورِ الْغَلَطِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَغَيِّمَةً يُفْطِرُونَ لِعَدَمِ ظُهُورِهِ، وَلَوْ ثَبَتَ بِرَجُلَيْنِ أَفْطَرُوا وَعَنْ الصَّفَدِيِّ لَا. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَوْ قِيلَ إنْ قَبِلَهُمَا فِي الصَّحْوِ وَلَا يُفْطِرُونَ وَفِي الْغَيْمِ أَفْطَرُوا لَا يَبْعُدُ (32) قَوْلُهُ: رَمَضَانُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ. يَعْنِي إذَا كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ فَصَامَ شَهْرًا قَدْ حَلَّ رَمَضَانُ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ، أَمَّا فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ فَلَا. لِعَدَمِ تَعَيُّنِ صَوْمِهِ عَلَيْهِ، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذَفَ الشَّهْرَ مِنْ رَمَضَانَ. وَقَدْ قِيلَ بِكَرَاهَتِهِ شَرْعًا وَأَمَّا حُكْمُ ذَلِكَ لُغَةً فَقَالَ الصَّلَاحُ الصَّفَدِيُّ: فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ وَافِي الْوَافِيَاتِ رَأَيْت بَعْضَ الْفُضَلَاءِ قَدْ كَتَبُوا بَعْضَ الشُّهُورِ بِشَهْرِ كَذَا وَبَعْضَهُمْ لَمْ يَكْتُبُوا فِيهِ شَهْرًا وَطَلَبْت الْخَاصَّةَ فِي ذَلِكَ فَلَمْ أَجِدْهُمْ أَتَوْا بِشَهْرٍ إلَّا مَعَ شَهْرٍ أَوَّلُهُ يَكُونُ حَرْفَ رَاءٍ وَهُوَ شَهْرُ رَبِيعٍ وَشَهْرُ رَجَبٍ وَشَهْرُ رَمَضَانَ وَلَمْ أَدْرِ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ مَا هِيَ، وَلَا وَجْهَ الْمُنَاسَبَةِ، لِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْذِفَ لَفْظَ شَهْرٍ مِنْ هَذِهِ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ فِي ذَلِكَ رَاءَانِ انْتَهَى. أَقُولُ قَدْ تَعَرَّضَ لِلْمَسْأَلَةِ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ ابْنُ دُرُسْتَوَيْهِ فَقِيلَ فِي الْكِتَابِ الْمُتَمِّمِ:

لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَجْنُونَةِ وَالْعَاقِلَةِ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِجِمَاعِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالشُّهُورُ كُلُّهَا مُذَكَّرَةٌ إلَّا جُمَادَى وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا يُضَافُ إلَيْهِ شَهْرٌ إلَّا شَهْرَ رَبِيعٍ وَشَهْرَ رَمَضَانَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] وَقَالَ الرَّاعِي (ع) شَهْرُ رَبِيعٍ مَا يُدَوَّنُ لِيَوْمِهِمْ. فَمَا كَانَ مِنْ أَسْمَائِهَا اسْمًا بِشَهْرٍ أَوْ صِفَةً قَامَتْ مَقَامَ الِاسْمِ فَهُوَ الَّذِي لَمْ يَجُزْ أَنْ يُضَافَ الشَّهْرُ إلَيْهِ وَلَا يُذْكَرَ مَعَهُ كَالْمُحْرِمِ إنَّمَا مَعْنَاهُ الشَّهْرُ الْمُحَرَّمُ وَهُوَ مِنْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَكَصَفَرٍ وَهُوَ اسْمُ مَعْرِفَةٍ كَزَيْدٍ مِنْ قَوْلِهِمْ صَفَرَ الْإِنَاءُ إذَا خَلَا، وَجُمَادَى مَعْرِفَةٌ وَلَيْسَتْ بِصِفَةٍ وَهِيَ مِنْ جُمُودِ الْمَاءِ، وَرَجَبٌ وَهُوَ اسْمُ مَعْرِفَةٍ مُصَلٍّ صَفَرَ مِنْ قَوْلِهِمْ رَجَبْت الشَّيْءَ عَظَّمْته بِأَنَّهُ مِنْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَشَعْبَانُ صِفَةٌ بِمَنْزِلَةِ عَطْشَانَ مِنْ التَّشَعُّبِ وَالتَّفَرُّقِ وَشَوَّالٌ صِفَةٌ جَرَتْ مَجْرَى الِاسْمِ وَصَارَتْ مَعْرِفَةً وَفِيهِ تَشُولُ الْإِبِلُ، وَذُو الْقَعْدَةِ صِفَةٌ قَامَتْ مَقَامَ الشَّهْرِ مِنْ الْقُعُودِ عَنْ التَّصَرُّفِ، كَقَوْلِكَ: هَذَا الرَّجُلُ ذُو الْجِلْسَةِ فَإِذَا حَذَفْت الرَّجُلَ قُلْت ذُو الْجِلْسَةِ وَذُو الْحِجَّةِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحَجِّ وَأَمَّا الرَّبِيعَانِ وَرَمَضَانُ فَلَيْسَتْ بِأَسْمَاءٍ لِلشُّهُورِ وَلَا صِفَاتٍ لَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ إضَافَةِ شَهْرٍ كَقَوْلِك شَهْرُ رَبِيعٍ وَشَهْرُ رَمَضَانَ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَظْهَرُ لَكَ عِلَّةُ ذِكْرِ الشَّهْرِ مَعَ رَمَضَانَ وَالرَّبِيعَيْنِ وَإِنَّ ذِكْرَ الشَّهْرِ لَا بُدَّ مِنْهُ مَعَهَا، وَإِنَّ ذِكْرَ الشَّهْرِ مَعَ رَجَبٍ خَطَأٌ وَإِنَّ الصَّفَدِيَّ قَدْ وُهِمَ فِي عَدِّ رَجَبٍ فِيمَا يُضَافُ إلَيْهِ الشَّهْرُ وَإِنَّ ابْنَ هِشَامٍ قَدْ وُهِمَ فِي جَعْلِ ذِكْرِ الشَّهْرِ مَعَهَا جَائِزًا لَا لَازِمًا كَمَا نَقَلَ ذَلِكَ عَنْهُ مَنْ قَالَ: إنْ حَادِيَ عِشْرِينَ شَهْرُ جُمَادَى ... فِي كَلَامِ الشُّهُودِ لَحْنٌ قَبِيحُ ذَكَرُوا الشَّهْرَ وَهُوَ مَعَ رَمَضَانَ ... وَالرَّبِيعَيْنِ غَيْرَ ذَا لَمْ يُبِيحُوا وَتَعُدُّوا فِي حَذْفِ وَاوِ وَثَبَاتُ ... النُّونِ وَالْعَكْسُ حُكْمٌ صَحِيحُ قَالَ ذَاكَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ هِشَامٍ ... جَادَ مَثْوَاهُ صَوْبَ غَيْثٍ فَسِيحِ (33) قَوْلُهُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَجْنُونَةِ وَالْعَاقِلَةِ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ إلَخْ. أَيْ عَلَى الْعَاقِلِ الْبَالِغِ الْغَيْرِ الْمُكْرَهِ، وَأَمَّا الْمُكْرَهُ فَكَانَ الْإِمَامُ يَقُولُ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ انْتِشَارَ آلَتِهِ إمَارَةُ الِاخْتِيَارِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَقَالَ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. وَهُوَ قَوْلُهُمَا لِأَنَّ انْتِشَارَ آلَتِهِ غَيْرُ مُفْسِدٍ وَإِنَّمَا فَسَدَ صَوْمُهُ بِالْإِيلَاجِ وَهُوَ كَانَ مُكْرَهًا فِيهِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ

الْجِمَاعُ فِي الدُّبُرِ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ اتِّفَاقًا عَلَى الْأَصَحِّ. الْخَبَّازُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا يَصِلُ بِهِ إلَى الضَّعْفِ؛ فَيَخْبِزُ نِصْفَ النَّهَارِ وَيَسْتَرِيحُ الْبَاقِيَ، وَقَوْلُهُ لَا يَكْفِينِي كَذِبٌ وَهُوَ بَاطِلٌ بِأَقْصَرَ مِنْ أَيَّامِ الشِّتَاءِ 35 - ظَنَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ فَأَكَلَ فَإِذَا هُوَ طَالِعٌ، الْأَصَحُّ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ. ضَمَانُ الْفِعْلِ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْفَاعِلِ، وَضَمَانُ الْمَحَلِّ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَمَّا هِيَ فَإِنْ كَانَتْ بَالِغَةً عَاقِلَةً غَيْرَ مُكْرَهَةٍ فَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ وَإِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً أَوْ مَجْنُونَةً فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا (34) قَوْلُهُ: الْجِمَاعُ فِي الدُّبُرِ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ اتِّفَاقًا عَلَى الْأَصَحِّ إلَخْ. مُقَابِلُ الْأَصَحِّ مَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِي الدُّبُرِ اعْتِبَارًا لَهُ بِالْحَدِّ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ هَذَا الْفِعْلَ جِنَايَةً كَامِلَةً فِي إيجَابِ الْعُقُوبَةِ الَّتِي تُنْدَرَأُ بِالشُّبُهَاتِ. وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَصَحِّ وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي يُوسُفَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الْجِنَايَةَ مُتَكَامِلَةٌ لِقَضَاءِ الشَّهْوَةِ. وَإِنَّمَا يَدَّعِي أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - النُّقْصَانَ فِي مَعْنَى الزِّنَا مِنْ حَيْثُ لَا يَحْصُلُ بِهِ إفْسَادُ الْفِرَاشِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِهِ فِي إيجَابِ الْكَفَّارَةِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: الصَّائِمُ إذَا عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِالِاتِّفَاقِ. وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بِالِاتِّفَاقِ أَيْضًا لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ بِالزِّنَا إنَّمَا تَجِبُ لِأَنَّهُ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ عَلَى الْكَمَالِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي اللِّوَاطَةِ فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ. أَمَّا الْحَدُّ إنَّمَا وَجَبَ بِالزِّنَا، وَهَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ هُنَا وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ، أَمَّا عِنْدَهُمَا يَجِبُ الْحَدُّ وَالْكَفَّارَةُ انْتَهَى (35) قَوْلُهُ: ظَنَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ فَأَكَلَ إلَخْ. هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْقُنْيَةِ وَعِبَارَتُهَا: ظَنَّ أَنَّ الْفَجْرَ طَالِعٌ فَأَكَلَ وَكَانَ كَمَا ظَنَّ كَفَّرَ. وَقِيلَ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. وَهُوَ الْأَصَحُّ (انْتَهَى) . وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُنَا، مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ فَأَكَلَ مَعَ ذَلِكَ ثُمَّ تَبَيَّنَ صِحَّةَ ظَنِّهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ، لِأَنَّهُ بَنَى الْأَمْرَ عَلَى الْأَصْلِ فَلَمْ تَكْمُلْ الْجِنَايَةُ (انْتَهَى) . وَفِي لَفْظِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إشَارَةٌ إلَى تَجْوِيزِ التَّسَحُّرِ وَالْإِفْطَارِ بِالتَّحَرِّي. وَقِيلَ: لَا يُتَحَرَّى فِي الْإِفْطَارِ وَإِلَى أَنَّهُ شَكَّ فِي الْفَجْرِ فَأَكَلَ لَمْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQيَفْسُدُ صَوْمُهُ لَكِنَّ تَرْكَهُ مُسْتَحَبٌّ، أَمَّا لَوْ شَكَّ فِي الْغُرُوبِ فَفِي الْكَفَّارَةِ خِلَافٌ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَإِلَى أَنَّهُ يَتَسَحَّرُ بِقَوْلِ عَدْلٍ وَاحِدٍ، وَكَذَا بِصَوْتِ الطَّبْلِ وَاخْتُلِفَ فِي الدِّيكِ. وَأَمَّا الْإِفْطَارُ فَلَا يَجُوزُ بِقَوْلِ وَاحِدٍ بَلْ بِالْمُثَنَّى، وَظَاهِرُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ عَدْلًا صَدَّقَهُ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ أَفْطَرَ أَهْلُ الرُّسْتَاقِ بِصَوْتِ الطَّبْلِ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ ظَانِّينَ أَنَّهُ يَوْمُ الْعِيدِ وَهُوَ لِغَيْرِهِ لَمْ يُكَفِّرُوا كَمَا فِي الْمُنْيَةِ، كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْقُهُسْتَانِيِّ

[كتاب الحج]

كِتَابُ الْحَجِّ ضَمَانُ الْفِعْلِ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْفَاعِلِ وَضَمَانُ الْمَحَلِّ لَا 1 - فَلَوْ اشْتَرَكَ مُحْرِمَانِ فِي قَتْلِ صَيْدٍ تَعَدَّدَ الْجَزَاءُ، وَلَوْ حَلَّا لِأَنَّ فِي قَتْلِ صَيْدِ الْحَرَمِ لَا 2 - كَضَمَانِ حُقُوقِ الْعِبَادِ 3 - جَامَعَ مِرَارًا فَعَلَيْهِ لِكُلِّ مَرَّةٍ دَمٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْحَجِّ] قَوْلُهُ: فَلَوْ اشْتَرَكَ الْمُحْرِمَانِ فِي قَتْلِ صَيْدِ الْحَرَمِ إلَخْ. تَفْرِيعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الْأَصْلِ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَذْكُرَهُ بِالْفَاءِ. وَوَجْهُ التَّفْرِيعِ الضَّمَانُ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ جَزَاءَ الْفِعْلِ وَهُوَ مُتَعَدِّدٌ، وَفِي صَيْدِ الْحَرَمِ جَزَاءُ الْمَحَلِّ وَهُوَ لَيْسَ بِمُتَعَدِّدٍ كَرَجُلَيْنِ قَتَلَا رَجُلًا يَجِبُ عَلَيْهِمَا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا بَدَلُ الْمَحَلِّ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفَّارَةٌ لِأَنَّهَا جَزَاءُ الْفِعْلِ. (2) قَوْلُهُ: كَضَمَانِ حُقُوقِ الْعِبَادِ تَنْظِيرٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِحُقُوقِ عِبَادِهِ، وَذَلِكَ كَمَا إذَا قَتَلَ رَجُلَانِ رَجُلًا وَقَدْ بَيَّنَّاهُ قَرِيبًا (3) قَوْلُهُ: جَامَعَ مِرَارًا فَعَلَيْهِ لِكُلِّ مَرَّةٍ دَمٌ إلَخْ. أَيْ ذَبْحُ شَاةٍ أَطْلَقَ فِي الْجِمَاعِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ فِي الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ، كَقَوْلِهِمَا لِكَمَالِ الْجِنَايَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَمَا إذَا أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ أَوْلَجَ ذَكَرَهُ كُلَّهُ أَوْ قَدْرَ الْحَشَفَةِ. وَفِي الْمِعْرَاجِ وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ الْحِمَارِ أَوْ ذَكَرًا مَقْطُوعًا يُفْسِدُ حَجَّهَا بِالْإِجْمَاعِ. وَمَا إذَا كَانَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا جَاهِلًا وَعَالِمًا مُخْتَارًا أَوْ مُكْرَهًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُكْرَهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ. وَحَكَى فِي الْفَتْحِ خِلَافًا بَيْنَ أَبِي شُجَاعٍ وَالْقَاضِي أَبِي حَازِمٍ فِي رُجُوعِ الْمَرْأَةِ بِالدَّمِ إذَا أَكْرَهَهَا الزَّوْجُ عَلَى الْجِمَاعِ. فَقَالَ: الْأَوَّلُ لَا. وَالثَّانِي نَعَمْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ: وَلَمْ أَرَ قَوْلًا فِي رُجُوعِهَا بِمَئُونَةِ حَجِّهَا وَشَمَلَ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ لَكِنْ فِي الْعَبْدِ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ وَقَضَى الْحَجَّ بَعْدَ الْعِتْقِ سِوَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَكُلُّ مَا يَجِبُ فِيهِ الْمَالُ يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ بِخِلَافِ مَا فِيهِ الصَّوْمُ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ وَلَا يَجُوزُ إطْعَامُ الْمَوْلَى عَنْهُ إلَّا فِي الْإِحْصَارِ فَإِنَّ الْمَوْلَى يَبْعَثُ عَنْهُ وَيَتَحَمَّلُ عَنْهُ، فَإِذَا عَتَقَ فَعَلَيْهِ

إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَيَكْفِيهِ دَمٌ وَاحِدٌ 5 - لَا يُؤْكَلُ مِنْ الْهَدَايَا إلَّا ثَلَاثَةٌ: هَذَا هَدْيُ الْمُتْعَةِ وَالْقُرْآنِ وَالتَّطَوُّعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQحَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَشَمِلَ الْوَطْءَ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ وَوَطْءَ الْمُكَلَّفِ وَغَيْرَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ. وَصَرَّحَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ بِأَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَعْتُوهَ يَفْسُدُ حَجُّهُمَا بِالْجِمَاعِ لَكِنْ لَا دَمَ عَلَيْهِمَا. وَفِي مَنَاسِكِ ابْنِ الضِّيَاءِ وَإِذَا جَامَعَ الصَّبِيُّ حَتَّى فَسَدَ حَجُّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (انْتَهَى) . وَبِهَذَا يَظْهَرُ ضَعْفُ مَا فِي الْفَتْحِ مِنْ قَوْلِهِ لَوْ كَانَ الزَّوْجُ صَبِيًّا يُجَامِعُ مِثْلُهُ فَسَدَ حَجُّهَا دُونَهُ، وَلَوْ كَانَتْ هِيَ صَبِيَّةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ انْعَكَسَ الْحُكْمُ (انْتَهَى) . فَإِنَّ هَذَا حُكْمٌ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ الْجِمَاعِ وَبِالْعُذْرِ لَا يَنْعَدِمُ الْجِمَاعُ فَلَا يَنْعَدِمُ الْحُكْمُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهَا حُكْمُ الْفَسَادِ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْمُفْسِدَ لِلصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُكَلَّفِ وَغَيْرِهِ فَكَذَلِكَ الْحَجُّ. (4) قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَيَكْفِيهِ دَمٌ. يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ الْجِمَاعُ لِامْرَأَةٍ أَوْ نِسْوَةٍ أَمَّا إذَا تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ وَلَمْ يَقْصِدْ رَفْضَ الْحَجَّةِ الْفَاسِدَةِ لَزِمَهُ دَمٌ آخَرُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَلَوْ نَوَى بِالْجِمَاعِ الثَّانِي رَفْضَ الْحَجِّ الْفَاسِدِ لَا يَلْزَمُهُ بِالثَّانِي شَيْءٌ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، مَعَ أَنَّ نِيَّةَ الرَّفْضِ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْهُ إلَّا بِالْأَعْمَالِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الْمَحْظُورَاتُ مُسْتَنِدَةً إلَى قَصْدٍ وَاحِدٍ وَهُوَ تَعْجِيلُ الْإِحْلَالِ كَانَتْ مُتَّحِدَةً، فَكَفَّاهُ دَمٌ وَاحِدٌ وَلِهَذَا نَصَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا جَامَعَ النِّسَاءَ وَرَفَضَ إحْرَامَهُ وَأَقَامَ يَصْنَعُ مَا يَصْنَعُهُ فِي الْحَلَالِ مِنْ الْجِمَاعِ وَالطِّيبِ، وَقَتْلِ الصَّيْدِ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ كَمَا كَانَ حَرَامًا وَيَلْزَمُهُ دَمٌ وَاحِدٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ (5) قَوْلُهُ: لَا يُؤْكَلُ مِنْ الْهَدَايَا إلَّا ثَلَاثَةٌ إلَخْ. يَعْنِي يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهَا بَلْ يُسْتَحَبُّ لِلِاتِّبَاعِ الْفِعْلِيِّ الثَّابِتِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحَرَ ثَلَاثَةً وَسِتِّينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ وَنَحَرَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَا بَقِيَ، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبِضْعٍ فَجَعَلَهَا فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا» . وَلِأَنَّهُ دَمُ نُسُكٍ فَيَجُوزُ مِنْهُ الْأَكْلُ كَالْأُضْحِيَّةِ. وَأَشَارَ بِكَلِمَةِ (مِنْ) إلَى أَنَّهُ يُؤْكَلُ الْبَعْضُ مِنْهُ. وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَفْعَلَ كَمَا فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَهُوَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثُّلُثِ وَيُطْعِمَ الْأَغْنِيَاءَ الثُّلُثَ وَيَأْكُلَ وَيَدَّخِرَ الثُّلُثَ. وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ هَدْيُ التَّطَوُّعِ أَنَّهُ بَلَغَ الْحَرَمَ أَمَّا إذَا ذَبَحَهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَلَيْسَ بِهَدْيٍ فَلَمْ يَدْخُلْ

الْحَجُّ تَطَوُّعًا أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ النَّافِلَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَحْتَ قَوْلِهِ (هَدْيُ) لِيَحْتَاجَ إلَى اسْتِثْنَائِهِ فَلَا يُؤْكَلُ مِنْهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ إذَا بَلَغَ الْحَرَمَ فَالْقَرَابَةُ فِيهِ بِالْإِرَاقَةِ وَقَدْ حَصَلَتْ، وَإِذَا لَمْ يَبْلُغْ فَهِيَ بِالتَّصَدُّقِ، وَالْأَكْلُ يُنَافِيهِ. وَأَفَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ بَقِيَّةِ الْهَدَايَا كَدِمَاءِ الْكَفَّارَاتِ كُلِّهَا وَالنُّذُورِ وَهَدْيِ الْإِحْصَارِ. وَكَذَا مَا لَيْسَ بِهَدْيٍ كَالتَّطَوُّعِ إذَا لَمْ يَبْلُغْ الْحَرَمَ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ لِلْأَغْنِيَاءِ لِأَنَّ دَمَ النُّذُورِ دَمُ صَدَقَةٍ وَكَذَا دَمُ الْكَفَّارَاتِ لِأَنَّهُ وَجَبَ تَكْفِيرًا لِلذَّنْبِ، وَكَذَا دَمُ الْإِحْصَارِ لِوُجُودِ التَّحَلُّلِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْإِحْرَامِ قَبْلَ أَوَانِهِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ (6) قَوْلُهُ: الْحَجُّ تَطَوُّعًا أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ النَّافِلَةِ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: أَطْلَقَ الْعِبَارَةَ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْحَجَّ أَفْضَلُ مِنْ التَّصَدُّقِ بِقَدْرِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي تُنْفَقُ فِي الْحَجِّ وَأَمَّا أَفْضَلِيَّتُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّصَدُّقِ وَلَوْ بِأَمْوَالٍ عَظِيمَةٍ مَهْمَا بَلَغَتْ فَيَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ يَخُصُّهُ كَمَا لَا يَخْفَى (انْتَهَى) . أَقُولُ مَا تَرَجَّاهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الْبَزَّازِيِّ فِي جَامِعِهِ حَيْثُ قَالَ الصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْحَجِّ تَطَوُّعًا. كَذَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ. لَكِنَّهُ لَمَّا حَجّ وَعَرَفَ الْمَشَقَّةَ أَفْتَى بِأَنَّ الْحَجَّ أَفْضَلُ. وَمُرَادُهُ أَنَّهُ لَوْ حَجَّ نَفْلًا وَأَنْفَقَ أَلْفًا فَلَوْ تَصَدَّقَ بِهَذِهِ الْأَلْفِ عَلَى الْمَحَاوِيجِ فَهُوَ أَفْضَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَدَقَةً فَلَيْسَ أَفْضَلُ مِنْ إنْفَاقِ أَلْفٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمَشَقَّةُ فِي الْحَجِّ كُلَّمَا كَانَتْ عَائِدَةً إلَى الْمَالِ وَالْبَدَنِ جَمِيعًا فُضِّلَ فِي الْمُخْتَارِ عَلَى الصَّدَقَةِ (انْتَهَى) . وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: الْمُخْتَارُ أَنَّ الصَّدَقَةَ أَفْضَلُ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ تَطَوُّعًا يَعُودُ نَفْعُهَا إلَى غَيْرِهِ وَالْحَجُّ لَا. أَقُولُ الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ يُذْكَرُ، وَحَمْلُ النَّظِيرِ عَلَى النَّظِيرِ لِمَا يُسْتَذْكَرُ أَذْكَرَتْنِي رِوَايَةَ أَفْضَلِيَّةِ الصَّدَقَةِ النَّافِلَةِ عَلَى الْحَجِّ التَّطَوُّعِ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ بْنِ عَرَبِي فِي كِتَابِ الْمُسَامَرَاتِ بِسَنَدِهِ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ قَدْ حُبِّبَ إلَيْهِ الْحَجُّ قَالَ: فَحَدَّثْتُ أَنَّهُ وَرَدَ الْحَاجُّ فِي بَعْضِ السِّنِينَ إلَى بَغْدَادَ فَعَزَمْتُ إلَى الْخُرُوجِ مَعَهُمْ إلَى الْحَجِّ فَأَخَذْتُ فِي كُمِّي خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ وَخَرَجْتُ إلَى السُّوقِ أَشْتَرِي آلَةَ الْحَجِّ، فَبَيْنَا أَنَا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ عَارَضَتْنِي امْرَأَةٌ فَقَالَتْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ تَعَالَى إنِّي امْرَأَةٌ شَرِيفَةٌ وَلِي بَنَاتٌ عُرَاةٌ وَالْيَوْمُ الرَّابِعُ مَا أَكَلْنَا شَيْئًا. قَالَ: فَوَقَعَ كَلَامُهَا فِي قَلْبِي فَطَرَحْت خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ فِي طَرَفِ إزَارِهَا وَقُلْتُ: عُودِي إلَى بَيْتِكَ فَاسْتَعِينِي بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ عَلَى وَقْتِك، فَحَمِدْتُ اللَّهَ تَعَالَى وَانْصَرَفْتُ، وَنَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِي حَلَاوَةَ الْخُرُوجِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَخَرَجَ النَّاسُ وَحَجُّوا وَعَادُوا، فَقُلْتُ أَخْرُجُ لِلِقَاءِ الْأَصْدِقَاءِ وَالسَّلَامِ

يُكْرَهُ الْحَجُّ عَلَى الْحِمَارِ بِنَاءُ 8 - الرِّبَاطِ بِحَيْثُ يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ أَفْضَلُ عَنْ الْحَجَّةِ الثَّانِيَةِ 9 - إذَا كَانَ الْغَالِبُ السَّلَامَةَ عَلَى الطَّرِيقِ فَالْحَجُّ فَرْضٌ وَإِلَّا لَا الْحَجُّ الْفَرْضُ أَوْلَى مِنْ طَاعَةِ الْوَالِدَيْنِ بِخِلَافِ النَّقْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِمْ، فَخَرَجْت فَجَعَلْتُ كُلَّمَا الْتَقَيْتُ صَدِيقًا فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ: قَبِلَ اللَّهُ حَجَّكَ وَشَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى سَعْيَكَ، يَقُولُ لِي: قَبِلَ اللَّهُ حَجَّكَ فَطَالَ عَلَيَّ ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ نِمْتُ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَنَامِ يَقُولُ لِي يَا فُلَانُ لَا تَعْجَبْ مِنْ تَهْنِئَةِ النَّاسِ لَكَ بِالْحَجِّ، أَغَثْتُ مَلْهُوفًا وَأَغْنَيْتُ ضَعِيفًا فَسَأَلْتُ اللَّهَ فَخَلَقَ اللَّهُ مِنْ صُورَتِكَ مَلَكًا فَهُوَ يَحُجُّ عَنْكَ فِي كُلِّ عَامٍ فَإِنْ شِئْتُ تَحُجُّ وَإِنْ شِئْتَ لَا تَحُجُّ (7) قَوْلُهُ: يُكْرَهُ الْحَجُّ عَلَى الْحِمَارِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ: رُكُوبُ الْجَمَلِ أَفْضَلُ، يَعْنِي لِأَنَّ النَّفَقَةَ فِيهِ أَكْثَرُ، وَيُكْرَهُ الْحَجُّ عَلَى الْحِمَارِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَنْزِيهِيَّةٌ بِدَلِيلِ أَفْضَلِيَّةِ فَأُقَابِلُهُ وَالْمَشْيُ أَفْضَلُ لِمَنْ يُطِيقُهُ وَلَا يُسِيءُ خَلْقَهُ، وَأَمَّا حَجُّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاكِبًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَشْيِ، فَإِنَّهُ كَانَ الْقُدْوَةُ فَكَانَتْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً إلَى ظُهُورِهِ لِيَرَاهُ النَّاسُ (انْتَهَى) . لَكِنْ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي أَنَّ الْحَجَّ رَاكِبًا أَفْضَلُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (انْتَهَى) (8) قَوْلُهُ: بِنَاءُ الرِّبَاطِ بِحَيْثُ يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ أَفْضَلُ مِنْ الْحَجَّةِ الثَّانِيَةِ. أَقُولُ لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ بِنَاءَ الرِّبَاطِ يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى غَيْرِهِ وَالْحَجَّةُ الثَّانِيَةُ يَعُودُ نَفْعُهَا إلَيْهِ (9) إذَا كَانَ الْغَالِبُ السَّلَامَةَ عَلَى الطَّرِيقِ إلَخْ أَيْ عَلَى الْحُجَّاجِ فِي الطَّرِيقِ وَالْمُرَادُ بِالسَّلَامَةِ الْأَمْنُ. وَقِيلَ: هُوَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْحَجِّ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ الْإِمَامِ لِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ مُنْتَفِيَةٌ بِدُونِ الْأَمْنِ. وَقِيلَ: هُوَ شَرْطٌ لِأَدَائِهِ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَسَّرَ الِاسْتِطَاعَةَ بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ لَا غَيْرُ. وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي وُجُوبِ الْإِيصَاءِ، فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا يَجِبُ وَعَلَى الثَّانِي يَجِبُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافِيُّ لَا أَقُولُ الْحَجُّ فَرِيضَةٌ فِي زَمَانِنَا قَالَهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَثَلَثِمِائَةٍ وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ؛ الْبَادِيَةُ عِنْدِي دَارُ الْحَرْبِ وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ إنْ كَانَ الْغَالِبُ فِي الطَّرِيقِ السَّلَامَةَ يَجِبُ وَإِلَّا فَلَا. وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ، وَقَالَ فِي الْفَتْحِ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنْ يُعْتَبَرَ مَعَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ عَدَمُ غَلَبَةِ الْخَوْفِ حَتَّى لَوْ غَلَبَ الْخَوْفُ عَلَى الْقُلُوبِ مِنْ الْمُحَارِبِينَ لِوُقُوعِ النَّهْبِ. وَالْغَلَبَةِ مِنْهُمْ مِرَارًا. وَسَمِعُوا أَنَّ طَائِفَةً مِنْهُمْ

إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ مُسْتَغْنِيًا لَمْ يَحِلَّ الْخُرُوجُ 11 - وَعَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ: كَانَ إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ لَا يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ وَلَا يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَعَرَّضَتْ لِلطَّرِيقِ وَلَهُمْ شَرِكَةٌ وَالنَّاسُ مُسْتَضْعَفُونَ عَنْهُمْ لَا يَجِبُ (انْتَهَى) . وَاخْتُلِفَ فِي سُقُوطِ الْحَجِّ إذَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ، فَقِيلَ: الْبَحْرُ يَمْنَعُ الْوُجُوبَ. وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: إنْ كَانَ الْغَالِبُ فِي الْبَحْرِ السَّلَامَةَ مِنْ مَوْضِعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِرُكُوبِهِ يَجِبُ، وَإِلَّا فَلَا. وَهُوَ الْأَصَحُّ وَسَيْحُونُ وَجَيْحُونُ وَالْفُرَاتُ وَالنِّيلُ أَنْهَارٌ لَا بِحَارُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ «سَيْحَانُ وَجَيْحُونُ وَالْفُرَاتُ وَالنِّيلُ كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ» . كَذَا فِي الْبَحْرِ. قَالَ عِيسَى الْأَرْبِلِّيُّ: يُرَى بِبِلَادِ الرُّومِ سَيْحَانُ سَائِحًا ... وَبِالشَّأْسِ يُلْقَى جَارِيًا نَهْرُ سَيْحُونَ وَيُلْقَى بِأَرْضِ السِّيسِ جَيْحَانُ جَارِيًا ... وَفِي أَرْضِ بَلْخِي قَدْ جَرَى نَهْرُ جَيْحُونَ وَفِي الصِّحَاحِ سَيْحَانُ نَهْرٌ بِالشَّامِ وَسَيْحُونُ نَهْرٌ بِالْهِنْدِ وَزَادَ فِي الصِّحَاحِ وَسَاحِينَ نَهْرٌ بِالْبَصْرَةِ انْتَهَى. وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ سَيْحَانَ وَجَيْحَانَ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْحَدِيثِ غَيْرُ سَيْحُونَ وَجَيْحُونَ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَحْرِهِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ (10) قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ مُسْتَغْنِيًا إلَخْ. مَسْأَلَةٌ مُبْتَدَأَةٌ لَيْسَتْ قَيْدًا فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا بَلْ يُسْتَفَادُ مِنْهَا تَقَيُّدُهَا بِمَا إذَا كَانَ الْأَبُ مُسْتَغْنِيًا عَنْ خِدْمَتِهِ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَرَادَ الْخُرُوجَ إلَى الْحَجِّ وَكَرِهَهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ إنْ اسْتَغْنَيَا عَنْ خِدْمَتِهِ لَا يُكْرَهُ الْخُرُوجُ وَإِنْ احْتَاجَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كُرِهَ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْحِلِّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ لَا الْحَرَامُ الْمُطْلَقُ وَإِنَّ الْأُمَّ كَالْأَبِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِذَا كَانَ الِابْنُ أَمْرَدَ صَبِيحَ الْوَجْهِ لِلْأَبِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ الْخُرُوجِ حَتَّى يَلْتَحِيَ وَإِذَا كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ وَإِنْ الْتَحَى قَوْلُهُ: وَعَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ كَانَ إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ إلَخْ. أَيْ كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ الْأَخِيرُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ لَا يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ وَلَا يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ تَشْبِيهًا بِالْحَاجِّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْإِمَامُ الْمُبَجَّلُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُضَحِّيَ أَوْ يُضَحَّى عَنْهُ.

وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ السُّنَّةُ أَنْ لَا تُؤَخِّرَهُ. 13 - وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ مَعَهُ أَلْف دِرْهَمٍ وَهُوَ يَخَافُ الْعُزُوبَةَ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ وَلَا يَتَزَوَّجُ. 14 - إذَا كَانَ وَقْتَ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ جَازَ لَهُ التَّزَوُّجُ الْحَاجُّ عَنْ الْمَيِّتِ إذَا خَلَطَ مَا دُفِعَ إلَيْهِ أَجْمَعُ جَازَ، فَإِنْ أَخَذَ الْمَأْمُورُ الْمَالَ وَاتَّجَرَ بِهِ وَرَبِحَ وَحَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ، 15 - قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا يُجْزِيهِ الْحَجُّ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ السُّنَّةُ أَنْ لَا تُؤَخِّرَهُ إلَخْ. الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الرَّدِّ عَلَى ابْنِ الْمُسَيِّبِ بِأَنَّ تَقْلِيمَ الْأَظْفَارِ وَالْأَخْذَ مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ سُنَّةٌ وَالسُّنَّةُ لَا تُؤَخَّرُ. (13) قَوْلُهُ: وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ. أَيْ بِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: أَقُولُ تَخْصِيصُهُ بِالذِّكْرِ يُوهِمُ أَنَّ غَيْرَ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ لَمْ يَأْخُذْ بِهِ وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ بِهِ وَفِي تَرْتِيبُ الْمُلْتَقَطِ قَدْ وَرَدَ الْحَدِيثُ أَنَّهُ لَا يَحْلِقُ وَلَا يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ وَلَا يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ، يَعْنِي الْأَوْلَى ذَلِكَ، لَكِنْ لَا يَجِبُ تَأْخِيرُهُ، وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ السُّنَّةُ: لَا تُؤَخِّرُوا. بِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي فِي الْبَحْرِ. قَالَ صَاحِبُ الْمُلْتَقَطِ وَإِنْ عَمِلَ فَهُوَ أَفْضَلُ تَعْظِيمًا لِلْخَيْرِ وَلَا يَجِبُ تَرْكُ الْحَلْقِ (14) قَوْلُهُ: إذَا كَانَ وَقْتَ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهِ. قُيِّدَ فِي قَوْلِهِ: فَعَلَيْهِ الْحَجُّ (15) قَوْلُهُ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا يُجْزِيهِ الْحَجُّ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ النَّفَقَةِ أَوْ أَكْثَرِهَا مِنْ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ النَّسَفِيِّ فِي مَنَاسِكِهِ. أَقُولُ: لَيْسَ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ مَبْنِيًّا عَلَى هَذَا لِمَا فِي الْبَحْرِ أَنَّ اشْتِرَاطَهُمْ كَوْنُ النَّفَقَةِ أَوْ أَكْثَرِهَا مِنْ مَالِ الْآمِرِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ التَّبَرُّعِ لَا مُطْلَقًا فَإِنَّهُ لَوْ أَنْفَقَ الْأَكْثَرَ أَوْ الْكُلَّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَفِي الْمَالِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَفَاءٌ بِحَجِّهِ رَجَعَ بِهِ فِيهِ إذْ قَدْ يُبْتَلَى بِالْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِبَعْثِ الْحَاجَةِ، وَلَا يَكُونُ الْمَالُ حَاضِرًا فَيَجُوزُ ذَلِكَ كَالْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ يَشْتَرِي لِلْيَتِيمِ وَالْمُوَكِّلِ وَيُعْطِي الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ

الْمَحْرَمُ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا تَأْبِيدًا 17 - إلَّا الصَّبِيَّ 18 - وَالْفَاسِقَ وَالْمَجُوسِيَّ 19 - الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْ السَّنَةِ الْأُولَى ثُمَّ يَحُجَّ وَلَا يَضْمَنُ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَلَوْ عَيَّنَ لَهُ هَذِهِ السَّنَةَ لِأَنَّ ذِكْرَهَا لِلِاسْتِعْجَالِ لَا لِلتَّقْيِيدِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَالصَّحِيحُ وُقُوعُهُ عَنْ الْآمِرِ وَالْفَاضِلُ مِنْ النَّفَقَةِ لِلْآمِرِ وَلِوَارِثِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا إلَّا أَنْ يَقُولَ وَكَّلْتُكَ أَنْ تَهَبَ الْفَضْلَ مِنْ نَفْسِك وَتَقْبَلَهُ لِنَفْسِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي مَالِ الْيَتِيمِ وَالْمُوَكِّلِ (انْتَهَى) . لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ اتَّجَرَ فِي الْمَالِ ثُمَّ حَجَّ بِمِثْلِهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا عَلَى الْمَيِّتِ وَيَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ كَمَا لَوْ خَلَطَهَا بِدَرَاهِمِهِ حَتَّى صَارَ ضَامِنًا ثُمَّ حَجَّ بِمِثْلِهَا أَنَّهُ يَخْلِطُ الدَّرَاهِمَ بِالنَّفَقَةِ مَعَ الرُّفْقَةِ لِلْعُرْفِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ (16) قَوْلُهُ: الْمَحْرَمُ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا إلَخْ. فِي النَّهْرِ: الْمَحْرَمُ هُنَا يَعْنِي فِي كِتَابِ الْحَجِّ الزَّوْجُ وَمَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرِيَّةٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمَحْرَمِ الْحِفْظَ وَالزَّوْجُ يَحْفَظُهَا وَحِينَئِذٍ فَيَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الزَّوْجِ. (17) قَوْلُهُ: إلَّا الصَّبِيَّ: أَقُولُ فِيهِ إنَّ الصَّبِيَّ يَشْمَلُ الْمُرَاهِقَ وَقَدْ صَرَّحَ فِي السِّرَاجِ بِأَنَّ الصَّبِيَّ الْمُرَاهِقَ كَالْبَالِغِ. فَالْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ وَهُوَ غَيْرُ سَدِيدٍ. (18) قَوْلُهُ: وَالْفَاسِقُ وَالْمَجُوسِيُّ. يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْكِتَابِيَّ يَكُونُ مَحْرَمًا لِبِنْتِهِ الْمُسْلِمَةِ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدَ: لَا يَكُونُ مَحْرَمًا لِأَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ أَنْ يَفْتِنَهَا إذَا خَلَا بِهَا، كَمَا فِي فَتْحِ الْبَارِي، أَقُولُ: إذَا لَمْ يَكُنْ الْفَاسِقُ مَحْرَمًا لِلْخَشْيَةِ عَلَيْهَا مِنْ فِسْقِهِ فَأَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ الْكِتَابِيُّ مَحْرَمًا لَهَا خَشْيَةَ أَنْ يَفْتِنَهَا عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ إذَا خَلَا بِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ (19) قَوْلُهُ: الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ عَنْ السَّنَةِ الْأُولَى إلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَعِبَارَتُهَا إذَا دَفَعَ الْمُوصِي الْمَالَ إلَى رَجُلٍ لِيَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَأَخَذَ وَأَخَّرَ

وَلِلْوَصِيِّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ 21 - إلَّا إذَا قَالَ ادْفَعْ الْمَالَ لِمَنْ يَحُجُّ عَنِّي، أَوْ كَانَ 22 - الْوَصِيُّ وَارِثَ الْمَيِّتِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَجَّ وَحَجَّ مِنْ قَابِلٍ جَازَ عَنْ الْمَيِّتِ، وَلَا يَكُونُ ضَامِنًا مَالَ الْمَيِّتِ لِأَنَّ ذِكْرَ السَّنَةِ يَكُونُ لِلِاسْتِعْمَالِ دُونَ التَّقْيِيدِ كَمَا لَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يُعْتِقَ عَبْدَهُ غَدًا أَوْ يَبِيعَ غَدًا فَأَعْتَقَ أَوْ بَاعَ بَعْدَ غَدٍ جَازَ. وَالصَّحِيحُ وُقُوعُهُ عَنْ الْآمِرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ. وَذَهَبَ عَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَمَا فِي الْكَشْفِ إلَى أَنَّ الْحَجَّ يَقَعُ عَنْ الْمَأْمُورِ وَلِلْآمِرِ ثَوَابُ النَّفَقَةِ. قَالُوا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ اخْتِلَافٌ لَا ثَمَرَةَ لَهُ، لِأَنَّهُمْ أَفْتَوْا أَنَّ الْفَرْضَ يَسْقُطُ عَنْ الْآمِرِ لِإِقَامَةِ الْإِنْفَاقِ مَقَامَ الْأَفْعَالِ فِي حَقِّ سُقُوطِهَا، وَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْمَأْمُورِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَهُ عَنْ الْآمِرِ، وَهُوَ دَلِيلُ الْمَذْهَبِ، وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَهْلِيَّةُ النَّائِبِ لِصِحَّةِ الْأَفْعَالِ حَتَّى لَوْ أَمَرَ ذِمِّيًّا لَا يَجُوزُ، وَهُوَ دَلِيلُ الْقَوْلِ الضَّعِيفِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ: وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِالثَّمَرَةِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهَا تَطْهُرُ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَحُجَّ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ إذَا حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ لَا يَحْنَثُ. وَعَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ يَحْنَثُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْعُرْفَ أَنَّهُ حَجَّ. وَإِنْ وَقَعَ عَنْ غَيْرِهِ فَيَحْنَثُ اتِّفَاقًا (انْتَهَى) . وَهَذَا أَيْ وُقُوعُ الْحَجِّ عَنْ الْآمِرِ فِي حَجِّ الْفَرْضِ أَمَّا فِي النَّفْلِ فَيَقَعُ عَنْ الْمَأْمُورِ وَيَصِيرُ الثَّوَابُ لِلْآمِرِ كَمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ وَفِيهِ تَأَمَّلْ (20) قَوْلُهُ: وَلِلْوَصِيِّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَخْ. فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ كَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ (انْتَهَى) . وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى الْمَيِّتَ بِالْحَجِّ فَتَبَرَّعَ الْوَارِثُ أَوْ الْوَصِيُّ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَمَا سَيَأْتِي. (21) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَالَ أَدْفَعُ الْمَالَ إلَى مَنْ يَحُجُّ عَنِّي. فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ. (22) قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الْوَصِيُّ وَارِثَ الْمَيِّتِ. فِي الْبَحْرِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ وَارِثًا أَوْ دَفَعَهُ، أَيْ الْمَالَ لِوَارِثٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ تُجِيزَ الْوَرَثَةُ وَهُمْ كِبَارٌ، لِأَنَّ هَذَا كَالتَّبَرُّعِ بِالْمَالِ فَلَا يَصِحُّ لِلْوَارِثِ إلَّا بِإِجَازَةِ الْبَاقِينَ (انْتَهَى) .

فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِمْ، وَلِلْمَأْمُورِ الْإِنْفَاقُ مِنْ مَالِ الْآمِرِ إلَّا إذَا أَقَامَ بِبَلَدِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا إلَّا إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ قَبْلَ الْقَافِلَةِ. وَإِقَامَتُهُ بِمَكَّةَ بَعْدَ الْحَجِّ إقَامَةٌ مُعْتَادَةٌ كَسَفَرِهِ، وَعَزْمُهُ عَلَى الْإِقَامَةِ زِيَادَةٌ عَلَى الْمُعْتَادِ مُبْطِلٌ لِنَفَقَتِهِ إلَّا إذَا عَزَمَ بَعْدَهُ عَلَى الْخُرُوجِ فَإِنَّهَا تَعُودُ 24 - إلَّا إذَا اتَّخَذَ مَكَّةَ دَارًا 25 - وَنَفَقَةُ خَادِمِ الْمَأْمُورِ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِمْ إلَخْ. حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ: فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ. (24) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا اتَّخَذَ مَكَّةَ دَارًا إلَخْ. أَيْ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا سَافَرَ بَعْدَ نِيَّةٍ تَعُودُ. كَذَا قِيلَ وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: فَإِنَّهَا لَا تَعُودُ بِعَزْمِهِ عَلَى الْخُرُوجِ فَإِنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْعُودُ بَعْدَ السُّقُوطِ لَا عَدَمِ السُّقُوطِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ بَعْدَ كَلَامٍ: فَلَوْ تَوَطَّنَ مَكَّةَ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَإِنْ كَانَ لِانْتِظَارِ الْقَافِلَةِ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ، وَإِلَّا فَمِنْ مَالِ نَفْسِهِ. وَمَا ذَكَرَهُ الْمَشَايِخُ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَوَطَّنَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَهُوَ عَدَمُ خُرُوجِ الْقَافِلَةِ. وَكَذَا مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ اعْتِبَارَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِذَا صَارَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ بَعْدَ خُرُوجِهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ رَجَعَتْ نَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ كَانَ اسْتَحَقَّ نَفَقَةَ الرُّجُوعِ فِي مَالِ الْمَيِّتِ، وَهُوَ كَالنَّاشِزَةِ إذَا عَادَتْ إلَى الْمَنْزِلِ وَالْمُضَارِبُ إذَا أَقَامَ بِبَلَدِهِ أَوْ بِبَلْدَةٍ أُخْرَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِحَاجَةِ نَفْسِهِ. وَفِي الْبَدَائِعِ: هَذَا إذَا لَمْ يَتَّخِذْ مَكَّةَ دَارًا فَأَمَّا إذَا اتَّخَذَهَا ثُمَّ عَادَ لَا تَعُودُ النَّفَقَةُ بِلَا خِلَافٍ (انْتَهَى) . فَإِذَا لَمْ تَعُدْ بِالْعَوْدِ بِالْفِعْلِ فَبِالْعَزْمِ عَلَى الْخُرُوجِ أَوْلَى أَنْ لَا تَعُودَ. وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ هَذَا الْقَائِلِ فِي تَقْرِيرِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَيْ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ وَاسْتِظْهَارُهُ عَوْدَ النَّفَقَةِ إذَا سَافَرَ بَعْدَ اتِّخَاذِهَا دَارًا فِرْيَةٌ بِلَا مِرْيَةٍ. وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَلَوْ حَجَّ رَاجِلًا ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ جَازَ لِأَنَّ الْفَرْضَ صَارَ مُؤَدَّيًا وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَحُجَّ ثُمَّ يَعُودَ إلَى أَهْلِهِ. (25) قَوْلُهُ: وَنَفَقَةُ خَادِمِ الْمَأْمُورِ عَلَيْهِ. أَيْ عَلَى الْآمِرِ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ:

إلَّا إذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يَخْدِمُ نَفْسَهُ وَلِلْمَأْمُورِ خَلْطُ الدَّرَاهِمِ مَعَ الرُّفْقَةِ وَالْإِيدَاعُ، وَإِنْ ضَاعَ الْمَالُ بِمَكَّةَ أَوْ بِقُرْبٍ مِنْهَا فَأَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ رَجَعَ بِهِ. 27 - وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، لِلْإِذْنِ دَلَالَةً 28 - الْمَأْمُورُ إذَا أَمْسَكَ مُؤْنَةَ الْكِرَاءِ وَحَجَّ مَاشِيًا ضَمِنَ الْمَالَ ادَّعَى الْمَأْمُورُ أَنَّهُ مُنِعَ عَنْ الْحَجِّ وَقَدْ أَنْفَقَ فِي الرُّجُوعِ لَمْ يُقْبَلْ 29 - إلَّا إذَا كَانَ أَمْرًا ظَاهِرًا يَشْهَدُ عَلَى صِدْقِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ إذَا اسْتَأْجَرَ خَادِمًا، وَالْحَالُ أَنَّ مِثْلَهُ مِمَّنْ يُخْدَمُ يَكُونُ مَأْذُونًا وَيَأْخُذُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ. (26) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يَخْدُمُ نَفْسَهُ. كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ لَا أَوْ إلَّا أَوْ حَذْفُ الْمَفْعُولِ وَبِنَاءُ الْفِعْلِ لِلْمَجْهُولِ. وَقَالُوا لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ حِمَارًا يَرْكَبُهُ وَذَكَرَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَالْجَمَلُ أَفْضَلُ لِأَنَّ النَّفَقَةَ فِيهِ أَكْثَرُ وَقَدْ تَقَدَّمَ (27) قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لِلْإِذْنِ دَلَالَةً أَيْ وَإِنْ كَانَ الْإِنْفَاقُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ قَالَ قَاضِي خَانْ لِأَنَّهُ لَمَّا أَمَرَهُ بِالْحَجِّ فَقَدْ أَمَرَهُ بِأَنْ يُنْفِقَ عَنْهُ (انْتَهَى) . وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ نَصٍّ لِلْإِذْنِ بِذَلِكَ (28) قَوْلُهُ: الْمَأْمُورُ إذَا أَمْسَكَ مُؤْنَةَ الْكِرَاءِ وَحَجَّ مَاشِيًا إلَخْ. الْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْوَاقِعَاتِ وَعِبَارَتُهَا: الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ إذَا حَجَّ مَاشِيًا فَالْحَجُّ عَنْ نَفْسِهِ وَهُوَ ضَامِنٌ لِنَفَقَتِهِ لِأَنَّهُ الْحَجُّ الْمَعْرُوفُ بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ فَانْصَرَفَتْ الْوَصِيَّةُ إلَيْهِ (انْتَهَى) . وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْطِيَ بَعِيرَهُ هَذَا رَجُلًا لِيَحُجَّ عَنْهُ، فَدُفِعَ إلَى رَجُلٍ فَأَكْرَاهُ الرَّجُلُ فَأَنْفَقَ الْكِرَاءَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الطَّرِيقِ وَحَجَّ مَاشِيًا جَازَ عَنْ الْمَيِّتِ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ خَالَفَ أَمْرَهُ. وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحِيطِ، وَقَالَ أَصْحَابُ الْفَتَاوَى هُوَ الْمُخْتَارُ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ خَرَجَتْ عَنْ الْأَصْلِ لِلضَّرُورَةِ فَإِنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِالْحَجِّ رَاكِبًا إذَا حَجَّ مَاشِيًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مُخَالِفًا. كَذَا فِي الْبَحْرِ (29) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ أَمْرًا ظَاهِرًا يَشْهَدُ عَلَى صِدْقِهِ. لِأَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ قَدْ ظَهَرَ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَفْعِهِ إلَّا بِظَاهِرٍ يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ

وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ حَجَّ وَكُذِّبَ فَالْقَوْلُ لَهُ، 31 - إلَّا إذَا كَانَ مَدْيُونَ الْمَيِّتِ وَقَدْ أُمِرَ بِالْإِنْفَاقِ مِنْهُ، 32 - وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْكُوفَةِ إلَّا إذَا بَرْهَنُوا عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ لَمْ يَحُجَّ 33 - لَيْسَ لِلْمَأْمُورِ بِالْحَجِّ الِاعْتِمَارُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ، وَكُلُّ دَمٍ وَجَبَ عَلَى الْمَأْمُورِ فَهُوَ مِنْ مَالِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ حَجَّ وَكُذِّبَ فَالْقَوْلُ لَهُ. يَعْنِي لَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ حَجَجْت وَكَذَّبَهُ الْآمِرُ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ مَا هُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ. (31) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ مَدْيُونَ الْمَيِّتِ وَقَدْ أُمِرَ بِالْإِنْفَاقِ إلَخْ. يَعْنِي فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ يَدَّعِي قَضَاءَ الدَّيْنِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ: هَكَذَا فِي كَثِيرِ مِنْ الْكُتُبِ وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ: الْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْوَرَثَةِ مُطَالِبٌ بِدَيْنٍ مِنْ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ الْغَرِيمِ إلَّا بِالْحُجَّةِ وَالْقَوَاعِدُ تَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ فَكَانَ عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: قَالَ: حَجَجْتُ عَنْ الْمَيِّتِ وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ فَالْقَوْلُ لَهُ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَقَالَ: حُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ بِمَا عَلَيْكَ مِنْ الدَّيْنِ فَزَعَمَ أَنَّهُ حَجَّ عَنْهُ لَا يُصَدَّقُ بِلَا بَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ ادَّعَى الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ، وَالْوَرَثَةُ يُنْكِرُونَ (انْتَهَى) . أَقُولُ: هَذَا التَّعْلِيلُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ الْخُرُوجَ مِنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ، وَإِنَّمَا ادَّعَى الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَالتَّعْلِيلُ الصَّحِيحُ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ حَيْثُ قَالَ: لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ. وَعَلَّلَ قَاضِي خَانْ عَدَمَ قَبُولِ قَوْلِهِ بِأَنَّهُ يَدَّعِي قَضَاءَ الدَّيْنِ عَلَى أَنَّ مُدَّعِي الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْبَيَانِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْبَيَانِ. (32) قَوْلُهُ: لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْكُوفَةِ إلَخْ. وَكَذَا لَوْ أَوْصَى كَمَا فِي الْبَحْرِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْيِ (33) قَوْلُهُ: لَيْسَ لِلْمَأْمُورِ بِالْحَجِّ الِاعْتِمَارُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ إلَخْ. يَعْنِي فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ إنْ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ مِنْ مَكَّةَ عَنْ

إلَّا دَمَ الْإِحْصَارِ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ 35 - أَوْصَى الْمَيِّتَ بِالْحَجِّ فَتَبَرَّعَ الْوَارِثُ أَوْ الْوَصِيُّ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ احْتَجَّ الْوَصِيُّ بِمَالٍ لِيَرْجِعَ جَازَ، وَلَهُ الرُّجُوعُ. وَكَذَا الزَّكَاةُ وَالْكَفَّارَةُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لَيْسَ لِلْمَأْمُورِ الْأَمْرُ بِالْحَجِّ وَلَوْ لِمَرَضٍ إلَّا إذَا قَالَهُ لَهُ الْآمِرُ اصْنَعْ مَا شِئْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَيِّتِ يَكُونُ مُخَالِفًا فِي قَوْلِهِمْ وَلَا يَجُوزُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ عَنْ نَفْسِهِ، وَكَذَا لَوْ حَجَّ ثُمَّ اعْتَمَرَ كَانَ مُخَالِفًا عِنْدَ الْعَامَّةِ (انْتَهَى) . وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ عِنْدَ الْعَامَّةِ أَنَّ عِنْدَ الْبَعْضِ لَا يَكُونُ مُخَالِفًا، لَكِنْ فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ لَوْ حَجَّ عَنْ الْآمِرِ ثُمَّ حَجَّ بِعُمْرَةٍ لِنَفْسِهِ فَلَيْسَ مُخَالِفًا اتِّفَاقًا. وَفِي الْفَتَاوَى الْوَلْوَالِجيَّةِ: الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ إذَا بَدَأَ بِالْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ ثُمَّ أَتَى بِالْعُمْرَةِ لِنَفْسِهِ لَا يَضْمَنُ النَّفَقَةَ لِلْمَيِّتِ، يَعْنِي لِعَدَمِ مُخَالَفَتِهِ، وَمَا دَامَ مَشْغُولًا بِالْعُمْرَةِ يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ، فَإِنْ بَدَأَ بِالْعُمْرَةِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ، قَالُوا يَضْمَنُ جَمِيعَ النَّفَقَةِ لِأَنَّهُ خَالَفَ أَمْرَهُ. وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ إلَّا أَنْ يُقَيِّدَ إطْلَاقَهُمْ بِغَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ، أَوْ يَحْمِلَ قَوْلَ قَاضِي خَانْ: لَوْ حَجَّ ثُمَّ اعْتَمَرَ كَانَ مُخَالِفًا عِنْدَ الْعَامَّةِ، عَلَى مَا إذَا اعْتَمَرَ عَنْ الْآمِرِ. هَذَا وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ يَقْدَحُ فِي كَوْنِ الْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُنْفِقُ فِي زَمَنِ الِاشْتِغَالِ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مَالِ الْآمِرِ (انْتَهَى) . وَهُوَ ظَاهِرُ فِيمَا لَوْ حَجَّ ثُمَّ اعْتَمَرَ أَمَّا لَوْ اعْتَمَرَ ثُمَّ حَجَّ فَلَا. لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِحَجَّةٍ مِيقَاتِيَّةٌ وَمَا أَتَى بِهِ حَجَّةٌ مَكِّيَّةٌ وَلِذَلِكَ يَضْمَنُ جَمِيعَ النَّفَقَةِ (34) قَوْلُهُ: إلَّا دَمَ الْإِحْصَارِ إلَخْ. فَإِنَّهُ عَلَى الْآمِرِ، لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ فِي هَذِهِ الْعُهْدَةِ فَعَلَيْهِ خَلَاصُهُ. قَالَ قَاضِي خَانْ: وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ دَمٍ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُورِ بِالْحَجِّ يَكُونُ عَلَى الْحَاجِّ لَا فِي مَالِ الْمَيِّتِ، إلَّا دَمَ الْإِحْصَارِ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ. وَقَالَ صَاحِبَاهُ: يَكُونُ عَلَى الْحَاجِّ (35) قَوْلُهُ: أَوْصَى الْمَيِّتُ بِالْحَجِّ فَتَبَرَّعَ الْوَارِثُ أَوْ الْوَصِيُّ لَمْ يَجُزْ إلَخْ. يَعْنِي لِأَنَّ الْفَرْضَ تَعَلَّقَ بِمَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَحُجَّ عَنْهُ بِمَالِهِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْفَرْضُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُوصِ فَتَبَرَّعَ الْوَارِثُ إمَّا بِالْحَجِّ بِنَفْسِهِ أَوْ بِالْإِحْجَاجِ عَنْهُ رَجُلًا. فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ: يُجْزِيهِ إنْ شَاءَ

فَلَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا 37 - يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْحَاجِّ عَنْ الْغَيْرِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQاللَّهُ تَعَالَى لِحَدِيثِ الْخَثْعَمِيَّةِ. فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبَّهَهُ بِدَيْنِ الْعِبَادِ، وَفِيهِ لَوْ قَضَى الْوَارِثُ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ تُجْزِيهِ فَكَذَا هَذَا. وَفِي التَّجْنِيسِ: رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ فَحَجَّ عَنْهُ ابْنُهُ لِيَرْجِعَ فِي التَّرِكَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، كَالدَّيْنِ إذَا قَضَاهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَلَوْ حَجَّ عَلَى أَنْ لَا يَرْجِعَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَنْ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُ الْمَيِّتِ وَهُوَ ثَوَابُ الْإِنْفَاقِ وَعَلَى هَذَا الزَّكَاةُ وَالْكَفَّارَةُ وَمِثْلُهُ لَوْ قَضَى عَنْهُ دَيْنَهُ مُتَطَوِّعًا جَازَ لِأَنَّ الْحَجَّ عَنْ الْكَبِيرِ الْعَاجِزِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَجُوزُ، وَقَضَاءُ الدَّيْنِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ يَجُوزُ، فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ. رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فَحَجَّ عَنْهُ رَجُلٌ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يَنْوِ لَا فَرْضًا وَلَا نَفْلًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ نَوَى تَطَوُّعًا لَا يَجُوزُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ (36) قَوْلُهُ: فَلَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا إلَخْ. لَيْسَ هَذَا الْإِطْلَاقُ فِي مُقَابَلَةِ تَقْيِيدٍ سَابِقٍ وَلَا لَاحِقٍ وَقَوْلُهُ قَبْلَهُ وَلَوْ لِمَرَضٍ لَيْسَ تَقْيِيدًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (37) قَوْلُهُ: يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْحَاجِّ عَنْ الْغَيْرِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ إلَخْ. أَقُولُ: الصَّوَابُ لَا يَصِحُّ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ الِاسْتِئْجَارُ لَكَانَ لَهُ الْمُسَمَّى؛ قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْحَجِّ وَلَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ الطَّاعَاتِ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَلَى الْحَجِّ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْأَجْرَ فَحَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَنْ الْمَيِّتِ يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يَجُزْ الِاسْتِئْجَارُ، وَلَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِقْدَارُ نَفَقَةِ الطَّرِيقِ فِي الذَّهَابِ وَالْمَجِيءِ وَيَرُدُّ الْفَضْلَ عَلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْفَضْلَ لِنَفْسِهِ إلَّا إذَا تَبَرَّعَ الْوَرَثَةُ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ، أَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِأَنَّ الْفَضْلَ لِلْحَاجِّ عَلَى مَا هُوَ أَصَحُّ (انْتَهَى) . وَفِي الْخَانِيَّةِ: إذَا اسْتَأْجَرَ الْمَحْبُوسُ رَجُلًا لِيَحُجَّ عَنْهُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَحَجَّ جَازَتْ حَجَّةٌ عَنْ الْمَحْبُوسِ إذَا مَاتَ فِي الْحَبْسِ، وَلِلْأَجِيرِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (انْتَهَى) . فَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا صِحَّةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْحَاجِّ. فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِي الْخَانِيَّةِ يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْحَاجِّ عَنْ الْغَيْرِ، وَإِنَّمَا قَالَ جَازَتْ الْحَجَّةُ إلَخْ. وَقَدْ أَشَارَ قَاضِي خَانْ إلَى عَدَمِ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ بِقَوْلِهِ وَلِلْأَجِيرِ أَجْرُ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحَقُّ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ، فَإِنَّ الْمُسْتَحَقَّ هُوَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ، فَلَوْ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ لِلْحَجِّ لِحُكْمٍ لَهُ بِالْمُسَمَّى. قِيلَ: قَوْلُ قَاضِي خَانْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلِلْأَجِيرِ أَجْرُ مِثْلِهِ مُشْكِلٌ لِأَنَّ هَذِهِ النَّفَقَةَ لَيْسَتْ يَسْتَحِقُّهَا بِطَرِيقِ الْعِوَضِ بَلْ بِطَرِيقِ الْكِفَايَةِ لِأَنَّهُ فَرَّغَ نَفْسَهُ لِعَمَلٍ يَنْتَفِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِهِ. هَذَا وَإِنَّمَا جَازَ الْحَجُّ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَمَّا بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ بَقِيَ الْآمِرُ بِالْحَجِّ فَيَكُونُ لَهُ نَفَقَةُ مِثْلِهِ وَبِهِ عَبَّرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي (انْتَهَى) . وَأُجِيبَ عَنْ قَاضِي خَانْ بِأَنَّهُ أَرَادَ مَا قَالَهُ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ، غَيْرَ أَنَّهُ عَبَّرَ عَنْ نَفَقَةِ الْمِثْلِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ لِمُشَاكَلَةِ صِيغَةِ الْعِبَارَةِ الْمُنَاسِبَةِ لِلَفْظِ الْإِجَارَةِ، وَبِهِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ (انْتَهَى) . وَفِيهِ أَنَّ الْمُشَاكَلَةَ إنَّمَا تَحْسُنُ فِي الْمَقَامَاتِ الْخَطَابِيَّةِ لَا فِي إفَادَةِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الِاسْتِثَابَةَ لِلْحَجِّ عَنْ غَيْرِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ النَّفَقَةَ الْمَدْفُوعَةَ إلَيْهِ بِالِاسْتِثَابَةِ وَالْأَجِيرُ يَمْلِكُ الْأُجْرَةَ الْمُعَجَّلَةَ لَوْ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَإِنَّهُ لَا صِحَّةَ لِلْإِجَارَةِ عَلَى الْحَجِّ فَلِعَدَمِ مِلْكِ مَا عُجِّلَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ عَلَى الْحَجِّ بِرَدِّ الْفَاضِلِ مِنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ عَلَى الْحَجِّ عَدَمُ وُقُوعِ الْحَجِّ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ، بَلْ يَقَعُ عَنْهُ لِمَا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَصِحَّ بَقِيَ الْإِذْنُ بِالْحَجِّ عَنْهُ فَيَصِحُّ عَنْهُ وَيَسْتَحِقُّ النَّائِبُ نَفَقَةَ مِثْلِهِ مِنْ تِلْكَ الْأُجْرَةِ بِحَسَبِ الْحَالِ، فَكَانَ مِثْلَ قَوْلِ أَئِمَّتِنَا الْكَفَالَةُ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ حَوَالَةٌ، وَالْحَوَالَةُ بِشَرْطِ عَدَمِ الْبَرَاءَةِ كَفَالَةٌ اعْتِبَارًا لِلْمَعْنَى فَتَكُونُ الْإِجَارَةُ لِحَجِّ إنَابَةٍ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى لِصِحَّةِ الْحَجِّ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْأَعْمَالَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: مَا يَجُوزُ فِيهِ الْأَرْزَاقُ وَالْإِجَارَةُ كَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَنَحْوِهَا، وَمَا يَمْتَنِعُ فِيهَا الْإِجَارَةُ دُونَ الْأَرْزَاقِ كَالْقَضَاءِ وَالْإِفْتَاءِ، وَمَا اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ الْإِجَارَةِ فِيهِ دُونَ الْأَرْزَاقِ كَالْإِمَامَةِ وَالْأَذَانِ وَالْحَجِّ. وَمَنَعَ الشَّافِعِيُّ الِاسْتِئْجَارَ بِالنَّفَقَةِ لِلْجَهَالَةِ وَجَوَّزَهُ مَالِكٌ قِيَاسًا عَلَى اسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ بِطَعَامِهَا. وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَأَخَّرَ وَمَاتَ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ يَأْثَمُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُؤَخِّرْهُ فَخَرَجَ مَعَ النَّاسِ عَامَ وُجُوبِهِ فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُوصِيَ بِهِ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهُ بَعْدَ الْوُجُوبِ فَاغْتَنِمْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ. كَذَا فِي الْمَنْبَعِ ثُمَّ قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا كَمَنْ صَامَ إلَى نِصْفِ النَّهَارِ فَمَاتَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِيصَاءُ بِفِدْيَةِ صَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ كَامِلًا انْتَهَى. قِيلَ: يُنْظَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا فَإِنْ لَمْ يُؤَخِّرْهُ فَهُوَ كَالْحَجِّ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي نَفْيِ لُزُومِ الْإِيصَاءِ فِيهِمَا (انْتَهَى) . أَقُولُ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ فِي الصَّوْمِ شُرِعَ وَفِي الْحَجِّ لَمْ يُشْرَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِهِ وَإِنَّمَا وَجَبَ فِدْيَةُ الْيَوْمِ كَامِلًا لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَتَجَزَّأُ فَكَذَا فَدِيَتُهُ

وَالْمَأْمُورُ إذَا أَمْسَكَ الْبَعْضَ وَحَجَّ بِالْبَقِيَّةِ جَازَ وَيَضْمَنُ مَا خَلَفَ 39 - وَإِذَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ وَمَالِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ 40 - إلَّا إذَا كَانَ أَكْثَرُهَا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، وَكَانَ مَالُ الْمَيِّتِ يَكْفِي لِلْكِرَاءِ وَعَامَّةِ النَّفَقَةِ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ 41 - إذَا أَنْفَقَ الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ الْكُلَّ فِي الذَّهَابِ وَرَجَعَ مِنْ مَالِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ إذَا أَمْسَكَ الْبَعْضَ وَحَجَّ بِالْبَقِيَّةِ جَازَ إلَخْ. قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ كَلَامٍ: فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَأْمُورَ لَا يَكُونُ مَالِكًا لِمَا أَخَذَهُ مِنْ النَّفَقَةِ بَلْ يَتَصَرَّفُ فِيهِ عَلَى مِلْكِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا مُعَيَّنًا كَانَ الْمُقَدَّرُ أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الْفَضْلُ إلَّا بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ وَكَّلْتُكَ أَنْ تَهَبَ الْفَضْلَ مِنْ نَفْسِكَ وَتَقْبِضَهُ لِنَفْسِكَ فَإِنْ كَانَ عَلَى مَوْتٍ قَالَ وَالْبَاقِي مِنِّي لَك وَصِيَّةً سَوَاءٌ كَانَ الْفَضْلُ كَثِيرًا أَوْ يَسِيرًا مِنْ الزَّادِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ الْحَجَّةُ الْمَشْرُوطَةُ كَمَا شَرَطَ سُلَيْمَانُ بَاشَا بِوَقْفِهِ بِمِصْرَ قَدْرًا مُعَيَّنًا لِمَنْ حَجَّ عَنْهُ كُلَّ سَنَةٍ فَإِنَّهُ يَتْبَعُ شَرْطَهُ وَلَا يَحِلُّ لِلْمَأْمُورِ مَا فَضَلَ عَنْهُ بَلْ يَجِبُ رَدُّهُ إلَى الْوَقْفِ (39) قَوْلُهُ: وَإِذَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ وَمَالِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إلَخْ. لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ جَوَازِ النِّيَابَةِ أَنْ يَكُونَ حَجُّ الْمَأْمُورِ بِمَالِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ، لِأَنَّ الْفَرْضَ تَعَلَّقَ بِمَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَحُجَّ بِمَالِهِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْفَرْضُ (انْتَهَى) . كَمَا فِي الْبَدَائِعِ. (40) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ أَكْثَرُهَا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ إلَخْ. لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْقَلِيلِ فَيُعْفَى كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (41) قَوْلُهُ: إذَا أَنْفَقَ الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ الْكُلَّ فِي الذَّهَابِ وَرَجَعَ مِنْ مَالِهِ ضَمِنَ الْمَالَ قِيلَ: أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مَا أَنْفَقَهُ فِي الذَّهَابِ أَكْثَرَ لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ كَوْنُ الْأَكْثَرِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ أَنَّ قَاضِي خَانْ عَلَّلَ الْمَسْأَلَةَ السَّابِقَةَ بِأَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ الْقَلِيلِ مَعْفُوٌّ وَظَاهِرُهُ أَنَّ نَفَقَةَ الذَّهَابِ إنْ لَمْ تَكُنْ زَائِدَةً عَلَى نَفَقَةِ الْإِيَابِ فَهِيَ مُسَاوِيَةٌ فَلَا يَكُونُ عَفْوًا فَتَأَمَّلْ

ضَمِنَ الْمَالَ يَبْدَأُ بِالْحَجِّ الْفَرْضِ قَبْلَ زِيَارَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُخَيَّرُ إنْ كَانَ تَطَوُّعًا 43 - حَجُّ الْغَنِيِّ أَفْضَلُ مِنْ حَجِّ الْفَقِيرِ لِأَنَّ الْفَقِيرَ يُؤَدِّي الْفَرْضَ مِنْ مَكَّةَ وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي ذَهَابِهِ وَفَضِيلَةُ الْفَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ فَضِيلَةِ التَّطَوُّعِ 44 - إذَا جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ لَا يَنْتَفِلُ بَعْدَهُمَا كَمَا فِي الْيَتِيمَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يَبْدَأُ بِالْحَجِّ الْفَرْضِ قَبْلَ زِيَارَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ. فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الْمُقَطَّعَاتِ: الْأَفْضَلُ أَنْ يَبْدَأَ الْحَاجُّ بِمَكَّةَ فَإِذَا قَضَى نُسُكَهُ يَمُرُّ بِالْمَدِينَةِ وَإِنْ بَدَأَ بِالْمَدِينَةِ جَازَ (انْتَهَى) . وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ يَعُمُّ الْفَرْضَ وَالتَّطَوُّعَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (43) قَوْلُهُ: حَجُّ الْغَنِيِّ أَفْضَلُ إلَخْ. قَالَ السَّرِيُّ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ: بَيَانُ ذَلِكَ ذَهَابُ الْغَنِيِّ مِنْ بَلَدِهِ، وَهُوَ مَنْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ شَرَائِطُ الْوُجُوبِ مِنْ حِينِ خُرُوجِهِ مِنْ دَارِهِ فَرْضٌ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ عَلَيْهِ، وَالْحَجُّ عَلَى الْفَقِيرِ لَمْ يَجِبْ أَدَاؤُهُ فَذَهَابُهُ إلَى مَكَّةَ تَطَوُّعٌ وَعِبَادَةُ الْفَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ التَّطَوُّعِ، قُلْتُ: وَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ صَلَّى سُنَّةَ الْعِشَاءِ بَعْدَهَا أَرْبَعَةً فَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ، وَالسُّنَّةُ رَكْعَتَانِ فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الرَّكْعَتَانِ أَفْضَلَ لِأَنَّ السُّنَّةَ أَفْضَلُ مِنْ الْمُسْتَحَبِّ. وَأَجَابُوا بِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِيهَا فَلَا يَبْعُدُ ذَلِكَ هُنَا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْفَرْضِ. أَوْ نَقُولُ فِيهِ كَمَا قَالُوا فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَّ فَرْضَهَا آيَةٌ وَلَوْ قَرَأَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ كَالْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ وَقَعَ الْكُلُّ فَرْضًا، وَلَوْ سَلَّمَ فَيَخْتَصُّ هَذِهِ الصُّورَةُ بِمَا إذَا لَمْ يُحْرِمْ الْفَقِيرُ بِالْحَجِّ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ فَإِنَّهُ حَالٌّ إذْ يَكُونُ مُؤَدِّيًا لِلْفَرْضِ مِنْهَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْفَقِيرَ هُنَا لَيْسَ هُوَ الْفَقِيرُ فِي بَابِ الزَّكَاةِ عَلَى مَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي الْفِقْهِ (انْتَهَى) . يَعْنِي أَنَّ الْفَقِيرَ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ (44) قَوْلُهُ: إذَا جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إلَخْ. يَعْنِي الصَّلَاتَيْنِ الْمَعْهُودَتَيْنِ وَهُمَا الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ جَمْعَ تَقْدِيمٍ، قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِعَرَفَةَ وَقْتَ الظُّهْرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ بَعْدَ مَا صَلَّى الْعَصْرَ (انْتَهَى) . قَالَ السَّرِيُّ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ: وَهُوَ يَشْعُرُ بِأَنَّهُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQلَوْ تَنَفَّلَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الْعَصْرَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ بِلَا كَرَاهَةٍ، وَفِي الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةِ يُصَلِّي بِهِمْ الْإِمَامُ الْعَصْرَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ فِي غَيْرِ أَنْ يَشْتَغِلَ بَيْنَهُمَا بِالتَّطَوُّعِ لِجَرَيَانِ التَّوَارُثِ بِهِ. وَقَالَ فِي التَّجْنِيسِ: وَالْمَزِيدُ بَعْدَ أَنْ رَقَّمَ لِنَوَازِلِ أَبِي اللَّيْثِ إذَا تَطَوَّعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ يُرِيدُ أَدَاءَ السُّنَّةِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ لِلْعَصْرِ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لِأَنَّهُ لَمَّا اشْتَغَلَ بِأَدَاءِ السُّنَّةِ صَارَ فَاصِلًا بَيْنَهُمَا فَلَا يَكْتَفِي بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ (انْتَهَى) . فَإِنْ صَلَّى الْعَصْرَ يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ وَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى الْعَصْرَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ فَإِنَّهَا إنَّمَا قُدِّمَتْ لِلتَّضَرُّعِ وَالدُّعَاءِ. قَالَ وَإِطْلَاقَاتُ الْكُتُبِ تَدُلُّ عَلَيْهِ

[كتاب النكاح]

كِتَابُ النِّكَاحِ 1 - الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ النِّكَاحِ مَضْمُونٌ. كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. احْتَاطَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِي الْفُرُوجِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَادَّعَى كُلٌّ الْخَوْفَ عَلَيْهَا مِنْ شَرِيكِهِ، وَطَلَبَ الْوَضْعَ عِنْدَ عَدْلٍ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ يَوْمًا حِشْمَةً لِلْمِلْكِ، كَذَا فِي كَرَاهِيَةِ الْمِعْرَاجِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ النِّكَاحِ] قَوْلُهُ: الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ النِّكَاحِ مَضْمُونٌ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ إلَخْ. عِبَارَتُهُ قَبْلَ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ بِأَسْطُرٍ. مَا قُبِضَ عَلَى سَوْمِ النِّكَاحِ ضُمِنَ، يَعْنِي لَوْ قَبَضَ أَمَةَ غَيْرِهِ لِيَتَزَوَّجَهَا بِإِذْنِ مَوْلَاهَا فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا (انْتَهَى) . قُلْتُ: بِنَقْلِ عِبَارَةِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ظَهَرَ خَطَأٌ مِنْ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا ذَكَرَهُ الْحَدَّادِيُّ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ مِنْ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ إلَى امْرَأَةٍ شَيْئًا عَلَى أَنَّهَا تَتَزَوَّجُهُ ثُمَّ امْتَنَعَتْ رَجَعَ بِمَا كَانَ قَائِمًا دُونَ مَا هَلَكَ مِنْهُ. وَظَهَرَ إخْلَالُ الْمُصَنِّفِ فِي نَقْلِ عِبَارَةِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ حَيْثُ أَسْقَطَ تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ مِنْ عِبَارَتِهِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ مُسَمًّى أَوْ لَا. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ هَذَا إذَا كَانَ الْمَهْرُ مُسَمًّى قِيَاسًا عَلَى الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا إلَّا بَعْدَ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى، فَيَكُونُ الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ النِّكَاحِ مَضْمُونًا إذَا كَانَ الْمَهْرُ مُسَمًّى وَإِلَّا فَلَا. وَلَمْ أَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ نَقْلًا؛ غَيْرَ أَنَّ إطْلَاقَ الْعِبَارَةِ يَقْتَضِي الضَّمَانَ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ صَرِيحٌ بِخِلَافِهِ. وَعَلَيْهِ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِي الشِّرَاءِ إلَّا بَعْدَ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ. وَكَذَا الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا إلَّا إذَا سَمَّى مَا يَرْهَنُ بِهِ فِي الْأَصَحِّ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَيْضًا. قَالَ وَقَدْ ظَهَرَ لِي فَرْقٌ بَيْنَ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ وَبَيْنَ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ النِّكَاحِ وَهُوَ أَنَّ الْمَهْرَ مُقَدَّرٌ شَرْعًا

[ما ثبت لجماعة فهو بينهم على سبيل الاشتراك إلا في مسائل]

مَا ثَبَتَ لِجَمَاعَةِ فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: وِلَايَةُ الْإِنْكَاحِ لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ ثَابِتَةٌ لِلْأَوْلِيَاءِ عَلَى سَبِيلِ الْكَمَالِ لِلْكُلِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ حَيْثُ هُوَ وَالْمُقَدَّرُ شَرْعًا مُسَمًّى شَرْعًا وَالْمُسَمَّى شَرْعًا مُعْتَبَرٌ مُطْلَقًا. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ صَحَّ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَوْ اشْتَرَى عَلَى أَنْ لَا ثَمَنَ كَانَ بَاطِلًا اعْتِبَارًا لِلتَّسْمِيَةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي الْمَهْرِ. وَلِهَذَا كَانَ الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ النِّكَاحِ مَضْمُونًا، سَوَاءٌ سَمَّى الْمَهْرَ أَوْ لَا لِأَنَّهُ مُسَمًّى شَرْعًا فَاعْتُبِرَ ذَلِكَ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ بِخِلَافِ الثَّمَنِ. وَمَا يُرْهَنُ بِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُقَدَّرٍ شَرْعًا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّسْمِيَةِ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ فِيهِمَا (انْتَهَى) . وَرَدَّهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ قَائِلًا: لَمْ يَظْهَرْ لِي هَذَا الْفَرْقُ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ إنَّمَا وَجَبَتْ الْقِيمَةُ فِيهِ إذَا سَمَّى الثَّمَنَ فَهَلَكَ الْمَقْبُوضُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ هُوَ بَدَلُ الْعَيْنِ، فَلَمَّا سَمَّى أَحَدَهُمَا وَجَبَ الْآخَرُ. وَأَمَّا الْمَهْرُ وَإِنْ كَانَ مُسَمًّى شَرْعًا فَلَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ الْمَهْرَ بَدَلُ الْمُتْعَةِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ، وَالْقِيمَةُ بَدَلُ الْعَيْنِ فَلَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَ الْمَهْرِ وَالْقِيمَةِ فَلَا تُوجَبُ تَسْمِيَةُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ فَلَا دَخْلَ لِتَسْمِيَةِ الْمَهْرِ شَرْعًا فِي وُجُوبِ الْقِيمَةِ كَمَا لَا يَخْفَى عِنْدَ التَّأَمُّلِ. قَالَ وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي فِي الْفَرْقِ وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ فِي الْبَيْعِ الْمَالَ كَانَ عَدَمُ ذِكْرِ الثَّمَنِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ إنَّمَا دَفَعَهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ إنَّمَا قَبَضَهُ كَذَلِكَ وَأَمَّا إذَا سَمَّى ثَمَنًا فَهُوَ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّهُ مَتَى بَيَّنَ ثَمَنًا يَكُونُ الِاسْتِيَامُ أَخْذًا لِلْعَقْدِ فَيَكُونُ وَسِيلَةً لِلْعَقْدِ فَأُلْحِقَ بِحَقِيقَةِ الْعَقْدِ فِي حَقِّ الضَّمَانِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمَالِكِ لِأَنَّهُ مَا رَضِيَ بِقَبْضِهِ إلَّا بِعِوَضٍ فَصَارَ الْقَابِضُ مُلْتَزِمًا لِلْعِوَضِ، وَعِوَضُهُ الْأَصْلِيُّ هُوَ الْقِيمَةُ مَا لَمْ يَصْطَلِحَا أَوْ يَتَّفِقَا عَلَى الْمُسَمَّى، وَصَرَّحَ فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ مِنْ كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ بِأَنَّ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مَقْبُوضٌ عَلَى وَجْهِ الْمُبَادَلَةِ وَمَتَى لَمْ يُبِنْ لَهُ ثَمَنًا لَمْ يَكُنْ أَخْذُهُ لِلْعَقْدِ فَلَا يُمْكِنُ إلْحَاقُهُ بِهِ [مَا ثَبَتَ لِجَمَاعَةِ فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ إلَّا فِي مَسَائِلَ] [الْأُولَى وِلَايَةُ الْإِنْكَاحِ لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ] (2) قَوْلُهُ: مَا ثَبَتَ لِجَمَاعَةٍ فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ إلَّا فِي مَسَائِلَ الْأُولَى وِلَايَةُ الْإِنْكَاحِ لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ إلَخْ، أَيْ عَلَيْهِمَا، فَاللَّامُ بِمَعْنَى (عَلَى) وَتَقْيِيدُ الْوِلَايَةِ بِوِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ اتِّفَاقِيٌّ لِأَنَّ وِلَايَةَ الِاعْتِرَاضِ تَثْبُتُ لِكُلٍّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فِيمَا تَزَوَّجَتْ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ بِلَا وَلِيٍّ فَإِنْ رَضِيَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لَيْسَ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ اعْتِرَاضٌ، وَأَمَّا الْأَقْرَبُ

[الثانية القصاص الموروث]

الثَّانِيَةُ: الْقِصَاصُ الْمَوْرُوثُ يَثْبُتُ لِكُلٍّ مِنْ الْوَرَثَةِ عَلَى الْكَمَالِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْقُهُسْتَانِيِّ. وَقَوْلُهُ ثَابِتَةٌ لِلْأَوْلِيَاءِ عَلَى سَبِيلِ الْكَمَالِ، يَعْنِي لِلْأَوْلِيَاءِ الْمُسْتَوِينَ فِي الدَّرَجَةِ، وَذَلِكَ كَوِلَايَةِ الْأَمَانِ. قَالَ فِي إجَابَةِ الْمَسَائِلِ بِاخْتِصَارٍ أَنْفَعُ الْوَسَائِلِ إذَا اسْتَوَى الْوَلِيَّانِ كَشَقِيقَيْنِ أَوْ اجْتَمَعَ أَبَوَانِ ادَّعَيَا وَلَدَ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ جَازَ اسْتِقْلَالُ كُلٍّ بِالنِّكَاحِ فَإِنْ زَوَّجَاهَا صَحَّ السَّابِقُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بَطَلَ (انْتَهَى) . قِيلَ: إنَّمَا قُيِّدَ بِالصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ لِأَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ أَحَدُ السَّيِّدَيْنِ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ لَهُمَا وَالْمُعْتَقَةَ لَهُمَا، وَأَمَّا فِي الْقَرَابَةِ فَيَتَزَوَّجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ فَيَنْفَرِدُ بِهِ. كَذَا فِي الزَّيْلَعِيِّ فِي بَابِ مَا يُوجِبُ الْقَوَدَ (انْتَهَى) . أَقُولُ: فِي اسْتِفَادَةِ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّقْيِيدِ نَظَرٌ [الثَّانِيَةُ الْقِصَاصُ الْمَوْرُوثُ] (3) قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ الْقِصَاصُ الْمَوْرُوثُ يَثْبُتُ لِكُلٍّ مِنْ الْوَرَثَةِ عَلَى الْكَمَالِ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فِيهِ كَلَامٌ، لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْأُصُولِيِّينَ، فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْقِصَاصَ غَيْرُ مَوْرُوثٍ عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْغَرَضَ بِهِ دَرْكُ الثَّأْرِ، وَذَلِكَ مَعْنًى يَحْصُلُ لَهُمْ، فَكَانَ الْقِصَاصُ حَقَّهُمْ مِنْ الِابْتِدَاءِ لَا أَنْ يَكُونَ مَوْرُوثًا. لَا يُقَالُ يَنْبَغِي حِينَئِذٍ أَنْ لَا يَجُوزَ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ إلَّا بِحُضُورِ الْكُلِّ وَمُطَالَبَتِهِمْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ عَفَا أَحَدُهُمْ أَوْ اسْتَوْفَاهُ بَطَلَ أَصْلًا وَلَا يَضْمَنُ الْعَافِي وَالْمُسْتَوْفِي لِلْآخَرِينَ شَيْئًا. لِأَنَّا نَقُولُ: الْقِصَاصُ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ جَزَاءُ قَتْلِ وَاحِدٍ. وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَأَنَّهُ يَمْلِكُهُ وَحْدَهُ كَوِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ لِلْإِخْوَةِ، فَإِذَا بَادَرَ وَاسْتَوْفَى أَوْ عَفَا، لَا يَضْمَنُ شَيْئًا لِلْآخَرِينَ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي خَالِصِ حَقِّهِ وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ: لِلْكَبِيرِ وِلَايَةُ الِاسْتِيفَاءِ قَبْلَ كِبَرِ الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي خَالِصِ حَقِّهِ لَا فِي حَقِّ الصَّغِيرِ وَإِنَّمَا لَمْ يَمْلِكْهُ إذَا كَانَ فِيهِمْ كَبِيرٌ غَائِبٌ لِاحْتِمَالِ عَفْوِ الْغَائِبِ وَرُجْحَانِ جِهَةِ وُجُودِهِ لِأَنَّ الْعَفْوَ عَنْ الْقِصَاصِ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَهُنَا احْتِمَالُ الْعَفْوِ مَعْدُومٌ وَلَا عِبْرَةَ لِتَوَهُّمِ الْعَفْوِ بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حَقٍّ ثَابِتٍ لِلْكَبِيرِ. كَذَا فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ شَرْحِ الْمَنَارِ. فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ عَلِمْتَ مَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَالثَّانِيَةُ: الْقِصَاصُ الْمَوْرُوثُ (انْتَهَى) . أَقُولُ: لَا عِبْرَةَ بِمَا فِي كُتُبِ الْأُصُولِ إذَا خَالَفَ مَا ذُكِرَ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: جَزَمَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُنَا بِأَنَّ الْقِصَاصَ مَوْرُوثٌ يَقْتَضِي أَنْ لَا خِلَافَ، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ التَّنْصِيصُ عَلَى الْخِلَافِ حَيْثُ ذَكَرَ مَا يُورَثُ مِنْ الْحُقُوقِ فَقَالَ: وَاخْتَلَفُوا فِي الْقِصَاصِ. فَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يُورَثُ وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً. وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَا يُورَثُ عِنْدَهُ

[الثالثة ولاية المطالبة بإزالة الضرر العام عن طريق المسلمين]

حَتَّى قَالَ الْإِمَامُ لِلْوَارِثِ الْكَبِير اسْتِيفَاؤُهُ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّغِيرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِبَالِغَيْنِ فَإِنَّ الْحَاضِرَ لَا يَمْلِكُهُ فِي غِيبَةِ الْآخَرِ اتِّفَاقًا، لِاحْتِمَالِ الْعَفْوِ الثَّالِثَةُ: وِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ الْعَامِّ عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ. 5 - تَثْبُتُ لِكُلِّ مَنْ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ عَلَى الْكَمَالِ وَالضَّابِطُ أَنَّ الْحَقَّ إذَا كَانَ مِمَّا لَا يَتَجَزَّأُ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِكُلٍّ عَلَى الْكَمَالِ، 6 - فَالِاسْتِخْدَامُ فِي الْمَمْلُوكِ مِمَّا لَا يَتَجَزَّأُ ـــــــــــــــــــــــــــــQخِلَافًا لَهُمَا آخِذًا مِنْ مَسْأَلَةٍ لَوْ بَرْهَنَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ عَلَى الْقِصَاصِ وَالْبَاقِي غُيَّبٌ فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهِ إذَا حَضَرُوا عِنْدَهُ، خِلَافًا لَهُمَا كَذَا فِي آخِرِ الْيَتِيمَةِ (انْتَهَى) . فَلَوْ عَارَضَ هَذَا الْفَاضِلُ كَلَامَهُ بِكَلَامِهِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ، فَتَأَمَّلْ. وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ: وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا قُتِلَ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَوْلَادٌ صِغَارٌ فَهَلْ يَنْتَظِرُ بُلُوغَهُمْ أَوْ يَقْتَصُّ الْحَاكِمُ أَوْ يَأْخُذُ الدِّيَةَ؟ وَيُفْهَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُمْ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ حَقٍّ ثَابِتٍ لِلْغَيْرِ. (4) قَوْلُهُ: حَتَّى قَالَ الْإِمَامُ لِلْوَارِثِ الْكَبِيرِ إلَخْ. اسْتِيفَاءُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَحْتَاجُ إلَى تَفْصِيلٍ، وَهُوَ أَنَّ الْكَبِيرَ لَوْ كَانَ وَلِيًّا لِلصَّغِيرِ كَمَنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ، يَسْتَوْفِيهِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الصَّغِيرُ، بِإِجْمَاعِ أَصْحَابِنَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْوِلَايَةُ لَهُ بِالْمِلْكِ أَوْ الْقَرَابَةِ، وَإِنْ كَانَ وَلِيًّا لِلصَّغِيرِ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ، فَعَلَى الْخِلَافِ فَإِنْ كَانَ الْكَبِيرُ أَجْنَبِيًّا عَنْ الصَّغِيرِ لَا يَمْلِكُ الْكَبِيرُ الِاسْتِيفَاءَ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَمْلِكُ الْكَبِيرُ الِاسْتِيفَاءَ فِي الْكُلِّ. كَذَا فِي الزَّيْلَعِيِّ [الثَّالِثَةُ وِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ الْعَامِّ عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ] (5) قَوْلُهُ: تَثْبُتُ لِكُلِّ مَنْ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ إلَخْ. يَعْنِي مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا، عَبْدًا كَانَ أَوْ حُرًّا، بَالِغًا كَانَ أَوْ صَبِيًّا، لَكِنْ ذَكَرَ الطَّحْطَاوِيُّ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ إذْنُ الْوَلِيِّ وَمَوْلَاهُ بِالْخُصُومَةِ. كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ (6) قَوْلُهُ: فَالِاسْتِخْدَامُ فِي الْمَمْلُوكِ مِمَّا لَا يَتَجَزَّأُ إلَخْ. يَعْنِي فَثَبَتَ لِكُلٍّ مِنْ الْوَلِيَّيْنِ عَلَى الْكَمَالِ، وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ فِي الضَّابِطِ: إذَا كَانَ الْحَقُّ مِمَّا لَا يَتَجَزَّأُ إلَخْ

لَيْسَ لَنَا عِبَادَةٌ شُرِعَتْ مِنْ عَهْدِ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَى الْآنَ ثُمَّ تَسْتَمِرُّ فِي الْجَنَّةِ 8 - إلَّا الْإِيمَانُ، وَالنِّكَاحُ الْمَوْلَى يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَيْسَ لَنَا عِبَادَةٌ شُرِعَتْ مِنْ عَهْدِ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَخْ. قَالَ ابْنُ الْخَطِيبِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ السَّجْدَةِ: وَاعْلَمْ أَنَّ التَّكَالِيفَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَإِنْ ارْتَفَعَتْ، لَكِنَّ الذِّكْرَ وَالشُّكْرَ لَا يَرْتَفِعُ بَلْ الْعَبْدُ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي الْجَنَّةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَعْبُدُهُ فِي الدُّنْيَا وَكَيْف لَا وَقَدْ صَارَ حَالُهُ كَحَالِ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي حَقِّهِمْ {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 20] عَنْ عِبَادَتِهِ. غَايَةَ مَا فِي الْبَابِ، أَنَّ الْعِبَادَةَ لَيْسَتْ عَلَيْهِمْ بِتَكَالِيفَ بَلْ هِيَ مُقْتَضَى الطَّبْعِ مِنْ جُمْلَةِ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِدَوَامِ نَعِيمِ الْجَنَّةِ، وَهَذَا كَيْفَ وَلِخِدْمَةِ الْمُلُوكِ لَذَّةٌ وَشَرَفٌ فَلَا تُتْرَكُ وَإِنْ قَرُبَ مِنْهُ، بَلْ تَزْدَادُ لَذَّتُهَا. (8) قَوْلُهُ: إلَّا الْإِيمَانُ وَالنِّكَاحُ إلَخْ. الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّكَاحِ هُنَا الْوَطْءُ لَا الْعَقْدُ، وَإِنْ كَانَ حَقِيقَةً فِي الْعَقْدِ عِنْدَكَ، قَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} [الدخان: 54] أَيْ قَرَّبْنَاهُمْ بِهِنَّ لَيْسَ مِنْ عَقْدِ التَّزْوِيجِ، لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ: زَوَّجْتُهُ بِامْرَأَةٍ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: جَعَلْنَاهُمْ أَزْوَاجًا كَمَا يُزَوَّجُ النَّعْلُ بِالنَّعْلِ، أَيْ جَعَلْنَاهُمْ اثْنَيْنِ بِاثْنَيْنِ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: إنَّ النِّكَاحَ بِمَعْنَى الْوَطْءِ إنَّمَا كَانَ عِبَادَةً فِي الدُّنْيَا بِاعْتِبَارِ قَصْدِ التَّنَاسُلِ الْمَطْلُوبِ شَرْعًا، وَذَلِكَ مَفْقُودٌ فِي الْآخِرَةِ فَلْيُحْرَزْ. وَقَدْ سُئِلَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ عَنْ الرَّجُلِ السَّعِيدِ، فِي دُنْيَاهُ يَتَمَنَّى الْوَلَدَ وَلَا يَتَمَنَّاهُ فِي الْجَنَّةِ. فَقَالَ تَمَنَّى النَّاسُ أَوْلَادًا فِي الدُّنْيَا لِحُبِّهِمْ فِيهَا حَتَّى إذَا انْقَرَضُوا تَبْقَى لَهُمْ نَعِيمُهُمْ بِبَقَاءِ الْوَلَدِ، وَقَدْ أَمِنُوا الِانْقِرَاضَ فِي الْجَنَّةِ. كَذَا فِي الطَّبَقَاتِ التَّاجِيَّةِ. هَذَا وَقَدْ رُفِعَ سُؤَالٌ لِلْعَلَّامَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَرِيفٍ الشَّافِعِيِّ. صُورَتُهُ: هَلْ فِي الْجَنَّةِ تَزَوُّجٌ وَوِلَادَةٌ كَحَالِ الدُّنْيَا، أَمْ حَالُ الْآخِرَةِ خِلَافَ حَالِ الدُّنْيَا؟ فَأَجَابَ: قَدْ وَقَعَ خِلَافٌ مِنْ السَّلَفِ فِي الْوَلَدِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَكُونُ الْوَضْعُ وَالْحَمْلُ وَالسِّنُّ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ. وَاسْتَنَدُوا فِي ذَلِكَ إلَى مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: «الْمُؤْمِنُ إذَا اشْتَهَى الْوَلَدَ فِي الْجَنَّةِ كَانَ حَمْلُهُ وَوَضْعُهُ وَسِنُّهُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا يَشْتَهِي» . قَالَ

فَلَا مَهْرَ إنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِإِتْلَافِهِ مَالَ سَيِّدِهِ وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ مَوْلَاهُ وَلَهُ ابْنَانِ؛ فَعَفَا أَحَدُهُمَا سَقَطَ 10 - وَلَمْ يَجِبْ شَيْءٌ لِغَيْرِ الْعَافِي عِنْدَ الْإِمَامِ 11 - الْفُرَقُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ فُرْقَةً سَبْعٌ مِنْهَا تَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ وَسِتٌّ لَا. فَالْأُولَى: الْفُرْقَةُ بِالْجَبِّ، وَالْعُنَّةِ، وَبِخِيَارِ الْبُلُوغِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالتِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَكُونُ جِمَاعٌ وَلَا يَكُونُ وَلَدٌ. وَاسْتَنَدُوا فِي ذَلِكَ إلَى حَدِيثٍ فِي التَّذْكِرَةِ أَوْرَدَهُ عَنْ أَبِي ذَرِّ بْنِ الْعُقَيْلِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا يَكُونُ لَهُمْ فِيهَا وَلَدٌ» . وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِتَحْسِينِ التِّرْمِذِيِّ لَهُ. وَأَمَّا التَّزَوُّجُ فَلَمْ أَرَ حِينَ هَذِهِ الْكِتَابَةِ حَدِيثًا مُصَرِّحًا بِعَقْدِ النِّكَاحِ فِي الْجَنَّةِ كَهَيْئَةِ الدُّنْيَا، نَعَمْ. رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَلَفْظُهُ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْمَرْأَةُ تَتَزَوَّجُ الزَّوْجَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ وَالْأَرْبَعَةَ فِي الدُّنْيَا. ثُمَّ تَمُوتُ فَتَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَيَدْخُلُونَ مَعَهَا مَنْ يَكُونُ زَوْجًا مِنْهُمْ. قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا أُمَّ سَلَمَةَ إنَّهَا تُخَيَّرُ فَتَخْتَارُ أَحْسَنَهُمْ خُلُقًا، فَتَقُولُ: يَا رَبِّ إنَّ هَذَا كَانَ أَحْسَنَهُمْ مَعِي خُلُقًا فَزَوِّجْنِيهِ، يَا أُمَّ سَلَمَةَ ذَهَبَ حُسْنُ الْخُلُقِ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» فَفِي قَوْلِ الْمَرْأَةِ الْمُخَيَّرَةِ بَيْنَ أَزْوَاجِهَا فِي خِطَابِهَا لِرَبِّهَا فَزَوِّجْنِيهِ، أَيْ: اجْعَلْهُ لِي زَوْجًا وَلَيْسَ مُصَرَّحًا بِالْعَقْدِ (9) قَوْلُهُ: فَلَا مَهْرَ إنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ إلَخْ. هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْفَتَاوَى الصَّيْرَفِيَّةِ، وَقِيلَ: يَجِبُ الْمَهْرُ ثُمَّ يَسْقُطُ، وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ يُمْكِنُ أَنْ تَظْهَرَ فِيمَا لَوْ زَوَّجَ الْأَبُ أَمَةَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ عَبْدِهِ، فَعَلَى مَنْ قَالَ يَجِبُ ثُمَّ يَسْقُطُ. قَالَ بِالصِّحَّةِ هُوَ قَوْلُ الثَّانِي، وَمَنْ قَالَ: بِعَدَمِ الْوُجُوبِ أَصْلًا قَالَ بِعَدَمِهَا. وَهُوَ قَوْلُهُمَا. وَقَدْ جَزَمَ بِعَدَمِهَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ الْمَأْذُونِ (10) قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِبْ لِغَيْرِ الْعَافِي إلَخْ. لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَاسْتَوْجَبَ الْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا، وَالْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا (11) قَوْلُهُ: الْفُرَقُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ إلَخْ. لَمْ يُبَيِّنْ مَا يَكُون مِنْهَا طَلَاقًا وَمَا يَكُونُ فَسْخًا، وَمَا يَكُونُ مُحْتَاجًا إلَى الْقَضَاءِ، وَقَدْ نَظَّمَ صَاحِبُ النَّهْرِ فَرْقُ النِّكَاحِ وَبَيْنَ مَا يَكُونُ مِنْهَا طَلَاقًا وَمَا يَكُونُ فَسْخًا، وَمَا يَحْتَاجُ مِنْهَا إلَى الْقَضَاءِ وَمَا لَا يَحْتَاجُ، فَقَالَ:

وَبِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ، وَبِنُقْصَانِ الْمَهْرِ؛ وَبِإِبَاءِ الزَّوْجِ عَنْ الْإِسْلَامِ، وَبِاللِّعَانِ. وَالثَّانِيَةُ: الْفُرْقَةُ بِخِيَارِ الْعِتْقِ، وَبِالْإِيلَاءِ، وَبِالرِّدَّةِ، وَتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ، وَبِمِلْكِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ، وَفِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ 13 - النِّكَاحُ يَقْبَلُ الْفَسْخَ قَبْلَ التَّمَامِ لَا بَعْدَهُ؛ فَلَا تَصِحُّ إقَالَتُهُ وَلَا يَنْفَسِخُ بِالْجُحُودِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَرْقُ النِّكَاحِ أَتَتْكَ جَمْعًا نَافِعًا ... فَسْخٌ طَلَاقٌ وَهَذَا الدُّرُّ يَحْكِيهَا تَبَايُنُ الدَّارِ مَعَ نُقْصَانِ مَهْرٍ كَذَا ... فَسَادُ عَقْدٍ وَفَقْدُ الْكُفُؤِ يَنْفِيهَا تَقْبِيلُ سَبْيٍ وَإِسْلَامُ الْمُحَارِبِ أَوْ ... إرْضَاعُ ضَرَّتِهَا قَدْ عَدَّدُوا فِيهَا خِيَارُ عِتْقٍ بُلُوغٌ رِدَّةٌ وَكَذَا ... مِلْكٌ لِبَعْضٍ وَتِلْكَ الْفَسْخُ يُحْصِيهَا أَمَّا الطَّلَاقُ فَجَبٌّ عَنْهُ وَكَذَا ... إيلَاؤُهُ وَلِعَانُ ذَاكَ يَتْلُوهَا قَضَى قَاضٍ أَتَى شَرْطَ الْجَمِيعِ خَلَا ... مِلْكٍ وَعِتْقٍ وَإِسْلَامٍ أَتَى فِيهَا تَقْبِيلُ سَبْيٍ مَعَ الْإِيلَاءِ يَا أَمَلِي ... تَبَايُنٌ مَعَ فَسَادِ الْعَقْدِ يُدْنِيهَا قَالَ: وَلَمْ أَذْكُرْ خِيَارَ الْمُخَيَّرَةِ، وَالْأَمْرُ بِالْيَدِ وَالْخُلْعِ لِأَنَّهَا مِنْ الْكِنَايَاتِ، وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْيَدِ وَالتَّخْيِيرِ مِنْ كِنَايَاتِ التَّفْوِيضِ وَالْكَلَامُ فِي الْفُرْقَةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِصَرِيحٍ وَلَا كِنَايَةٍ، وَالضَّابِطَةُ: أَنَّ كُلَّ فُرْقَةٍ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ لَا بِسَبَبٍ مِنْ الزَّوْجِ فَهِيَ فَسْخٌ: كَخِيَارِ الْعِتْقِ وَالْبُلُوغِ، وَكُلُّ فُرْقَةٍ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ فَهِيَ طَلَاقٌ: كَالْإِيلَاءِ وَالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ رِدَّتُهُ فَسْخًا مَعَ أَنَّهَا مِنْ قِبَلِهِ لِأَنَّ بِهَا يَنْتَفِي الْمِلْكُ فَيَنْتَفِي الْحِلُّ، وَالْفُرْقَةُ إنَّمَا جَاءَتْ بِالتَّنَافِي لَا لِوُجُودِ الْمُبَاشَرَةِ مِنْ الزَّوْجِ وَإِنَّمَا شَرَطَ الْقَضَاءَ فِي الْفُرْقَةِ بِالْجَبِّ، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ فِي أَصْلِهَا ضَعْفًا، فَتُوقَفُ عَلَيْهِ كَالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ، وَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا لِلُزُومِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ. (12) قَوْلُهُ: وَبِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ إلَخْ. يَعْنِي عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِبُطْلَانِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى حُكْمٍ بِفُرْقَةٍ (13) قَوْلُهُ: النِّكَاحُ يَقْبَلُ الْفَسْخَ قَبْلَ التَّمَامِ إلَخْ. كَمَا فِي إنْكَاحِ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ، الصَّغِيرَ وَالصَّغِيرَةَ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ بَعْدَ بُلُوغِهِمَا وَرِضَاهُمَا.

إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ؛ فَيَقْبَلُهُ بَعْدَ رِدَّةِ أَحَدِهِمَا وَمِلْكِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ 15 - يَكْمُلُ الْمَهْرُ بِأَرْبَعَةٍ: 16 - بِالدُّخُولِ 17 - وَبِالْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ مِنْ أَعَمِّ الْأَحْوَالِ، رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ لَا بَعْدَهُ، وَالتَّقْدِيرُ لَا يَنْفَسِخُ بَعْدَ التَّمَامِ فِي كُلِّ حَالٍ إلَّا فِيمَا ذُكِرَ: زَادَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مَسْأَلَةً وَهِيَ إبَاؤُهُ عَنْ الْإِسْلَامِ بَعْدَ إسْلَامِهَا، فَإِنَّهُ فَسْخٌ اتِّفَاقًا وَهُوَ بَعْدَ التَّمَامِ (انْتَهَى) . وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَفِي التَّبْيِينِ، وَلَا يُقَالُ: النِّكَاحُ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بَعْدَ التَّمَامِ، وَهُوَ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ النَّافِذُ اللَّازِمُ، وَأَمَّا قَبْلَ التَّمَامِ فَيَقْبَلُ الْفَسْخَ (انْتَهَى) . وَيَرُدُّ عَلَيْهِ ارْتِدَادُ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ فَسْخٌ وَهُوَ بَعْدَ التَّمَامِ وَكَذَا إبَاؤُهُ عَنْ الْإِسْلَامِ بَعْدَ إسْلَامِهَا. فَإِنَّهُ فَسْخٌ اتِّفَاقًا وَهُوَ بَعْدَ التَّمَامِ وَكَذَا مِلْكُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ فَالْحَقُّ أَنَّهُ يَقْبَلُ الْفَسْخَ مُطْلَقًا إذَا وُجِدَ مَا يَقْتَضِيهِ شَرْعًا (15) قَوْلُهُ: يَكْمُلُ الْمَهْرُ بِأَرْبَعَةٍ إلَخْ. أَقُولُ: وَبِخَامِسٍ؛ وَهُوَ مَا إذَا أَزَالَ بَكَارَتَهَا بِحَجَرٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ لَهَا كَمَالَ الْمَهْرِ. وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَلَوْ افْتَضَّ مَجْنُونٌ بَكَارَةَ امْرَأَةٍ بِأُصْبُعٍ. فَقَدْ أَشَارَ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ، إلَى أَنَّهُ: إنْ افْتَضَّهَا كَرْهًا بِأُصْبُعٍ أَوْ حَجَرٍ فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ. لَكِنَّ مَشَايِخَنَا يَذْكُرُونَ أَنَّ هَذَا سَهْوٌ وَلَا يَجِبُ إلَّا بِالْأَدِلَّةِ الْمَوْضُوعَةِ لِقَضَاءِ الشَّهْوَةِ وَالْوَطْءِ، يَجِبُ الْأَرْشُ فِي مَالِهِ (انْتَهَى) . فَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (16) قَوْلُهُ: بِالدُّخُولِ إلَخْ. الْمُرَادُ بِالدُّخُولِ الْوَطْءُ بِقَرِينَةِ عَطْفِ الْخَلْوَةِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَالدُّخُولُ يَشْمَلُهُمَا كَمَا فِي الْمُجْتَبَى. (17) قَوْلُهُ: وَبِالْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ إلَخْ. وَهِيَ الْخَالِيَةُ عَنْ الْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ وَالطَّبْعِيِّ وَالْحِسِّيِّ، فَالْمَانِعُ الْحِسِّيُّ كَالْمَرَضِ فِي أَيِّهِمَا كَانَ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ مَرَضَهَا لَا يَمْنَعُ إلَّا إذَا لَحِقَهُ ضَرَرٌ بِهِ، وَالْمَانِعُ الطَّبْعِيُّ كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لَكِنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ عِنْدَ وُرُودِ الدَّمِ لَا عِنْدَ عَدَمِهِ مَعَ أَنَّهُ شَرْعِيٌّ فِيهَا أَيْضًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ طَبْعِيٌّ إلَّا وَهُوَ شَرْعِيٌّ، فَلَوْ اكْتَفَوْا بِالشَّرْعِيِّ لَكَانَ أَوْلَى. كَذَا فِي الْبَحْرِ، يَعْنِي: فَيَكُونُ الشَّرْعِيُّ أَعَمُّ مِنْ

وَبِوُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا مِنْهُ سَابِقًا 19 - وَبِمَوْتِ أَحَدِهِمَا 20 - لِلزَّوْجِ أَنْ يَضْرِبَ زَوْجَتَهُ عَلَى أَرْبَعٍ وَمَا بِمَعْنَاهَا: 21 - عَلَى تَرْكِ الزِّينَةِ بَعْدَ طَلَبِهَا، وَعَلَى عَدَمِ إجَابَتِهَا إلَى فِرَاشِهِ وَهِيَ طَاهِرَةٌ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَعَلَى خُرُوجِهَا مِنْ مَنْزِلِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالطَّبْعِيِّ بِدَلِيلِ أَنَّ الطُّهْرَ الْمُتَخَلِّلَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ وَلَيْسَ بِطَبْعِيٍّ، وَحِينَئِذٍ لَا فَائِدَةَ لِذِكْرِ الْخَاصِّ وَهُوَ الطَّبْعِيُّ. (18) قَوْلُهُ: وَبِوُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا مِنْهُ سَابِقًا إلَخْ. صُورَتُهُ: أَبَانَ زَوْجَتَهُ بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَعَلَيْهِ مَهْرٌ كَامِلٌ وَعَلَيْهَا عِدَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَهَذَا عِنْدَ الْأَوَّلِ. وَالثَّانِي قَالَ فِي الْكَنْزِ: وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّتَهُ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ وَجَبَ مَهْرٌ تَامٌّ وَعِدَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ (19) قَوْلُهُ: وَبِمَوْتِ أَحَدِهِمَا إلَخْ. اعْلَمْ أَنَّ وُجُوبَ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى بِالْمَوْتِ أَوْ بِالْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ إنَّمَا هُوَ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ، أَمَّا فِي الْفَاسِدِ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ إلَّا بِالدُّخُولِ، يَعْنِي أَنَّ الْوَطْءَ، كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْبُرْجُنْدِيِّ (20) قَوْلُهُ: لِلزَّوْجِ أَنْ يَضْرِبَ زَوْجَتَهُ إلَخْ. اُسْتُفِيدَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِاللَّامِ دُونَ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ضَرْبُ زَوْجَتِهِ أَصْلًا بَلْ هُوَ مُبَاحٌ. وَمَنْفَعَتُهُ تَرْجِعُ عَلَيْهِ كَمَا تَرْجِعُ إلَى الْمَرْأَةِ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ اسْتِقَامَتُهَا عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ ضَرْبٍ مَأْمُورٌ بِهِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ. فَإِنَّ الضَّارِبَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ. وَكُلُّ ضَرْبٍ كَانَ مَأْذُونًا فِيهِ بِدُونِ الْأَمْرِ فَإِنَّ الضَّارِبَ يَضْمَنُهُ إذَا مَاتَ لِتَقَيُّدِهِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ كَالْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ. (21) قَوْلُهُ: عَلَى تَرْكِ الزِّينَةِ بَعْدَ طَلَبِهَا إلَخْ. يَعْنِي إذَا كَانَتْ قَادِرَةً عَلَيْهَا وَكَانَتْ شَرْعِيَّةً وَإِلَّا فَلَا. كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ ضَرْبُهَا لِتَرْكِ الْإِجَابَةِ إذَا كَانَتْ طَاهِرَةً عَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَكَمَا يَجُوزُ ضَرْبُهَا لِلْخُرُوجِ إذَا كَانَ الْخُرُوجُ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَأَمَّا إذَا كَانَ بِحَقٍّ فَلَيْسَ لَهُ ضَرْبُهَا. وَقَدْ بَيَّنَ الْمُصَنِّفُ الْمَوَاضِعَ الَّتِي تَخْرُجُ إلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ.

وَعَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ فِي رِوَايَةٍ. 23 - وَقَدْ بَيَّنَّا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ قَوْلَهُمْ وَمَا كَانَ بِمَعْنَاهَا. لَهَا أَنْ تَخْرُجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ قَبْلَ إيفَاءِ الْمُعَجَّلِ مُطْلَقًا، وَبَعْدَهُ إذَا كَانَ لَهَا حَقٌّ أَوْ عَلَيْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ فِي رِوَايَةٍ إلَخْ. وَعَلَيْهِ مَشَى فِي الْكَنْزِ تَبَعًا لِلْكَثِيرِينَ وَفِي النِّهَايَةِ تَبَعًا لِمَا فِي الْحَاكِمِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَعُودُ إلَيْهِ بَلْ إلَيْهَا. (23) قَوْلُهُ: وَقَدْ بَيَّنَّا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ قَوْلَهُمْ وَمَا كَانَ بِمَعْنَاهَا إلَخْ. حَيْثُ قَالَ فِي فَصْلِ التَّعْزِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ: بِخِلَافِ الزَّوْجِ إذَا ضَرَبَ زَوْجَتَهُ لِتَرْكِ الزِّينَةِ إلَخْ. وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ضَرْبُهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ، وَلِهَذَا قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوَاهُ: لِلزَّوْجِ أَنْ يَضْرِبَ زَوْجَتَهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ، وَمَا فِي مَعْنَاهَا فَفِي قَوْلِهِ: وَمَا فِي مَعْنَاهَا إفَادَةُ عَدَمِ الْحَصْرِ، فَمَا فِي مَعْنَاهَا مَا إذَا ضَرَبَتْ جَارِيَةٌ زَوْجَهَا غِيرَةً وَلَمْ تَتَّعِظْ بِوَعْظِهِ، فَلَهُ ضَرْبُهَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ مَا إذَا ضَرَبَتْ الْوَلَدَ الَّذِي لَا يَعْقِلُ عِنْدَ بُكَائِهِ؛ لِأَنَّ ضَرْبَ الدَّابَّةِ إذَا كَانَ مَمْنُوعًا فَهَذَا أَوْلَى، وَمِنْهُ مَا إذَا شَتَمَتْهُ أَوْ مَزَّقَتْ ثِيَابَهُ أَوْ أَخَذَتْ لِحْيَتَهُ أَوْ قَالَتْ لَهُ: يَا حِمَارُ يَا أَبْلَهُ يَا بَغْلَةُ، أَوْ لَعَنَتْهُ سَوَاءٌ شَتَمَهَا أَوْ لَا، عَلَى قَوْلِ الْعَامَّةِ وَمِنْهُ: مَا إذَا شَتَمَتْ أَجْنَبِيًّا، وَمِنْهُ: مَا إذَا كَشَفَتْ وَجْهَهَا لِغَيْرِ مَحْرَمٍ أَوْ كَلَّمَتْ أَجْنَبِيًّا أَوْ تَكَلَّمَتْ عَمْدًا مَعَ الزَّوْجِ أَوْ شَاغَبَتْ مَعَهُ لِيَسْمَعَ صَوْتَهَا الْأَجْنَبِيُّ، وَمِنْهُ: مَا إذَا أَعْطَتْ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ بِلَا إذْنِهِ، حَيْثُ كَانَتْ الْعَادَةُ لَمْ تَجْرِ بِهِ، وَمِنْهُ: مَا إذَا ادَّعَتْ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مِنْهُ: مَا إذَا طَلَبَتْ نَفَقَتَهَا وَكِسْوَتَهَا وَأَلَحَّتْ؛ لِأَنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ يَدَ الْمُلَازَمَةِ وَلِسَانَ التَّقَاضِي، كَذَا أَفَادَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي مَسَائِلِ الضَّرْبِ مِنْ فَصْلِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ. وَالْمَعْنَى الْجَامِعُ لِلْكُلِّ أَنَّهَا إذَا ارْتَكَبَتْ مَعْصِيَةً لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ مُقَدَّرٌ، فَإِنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُعَزِّرَهَا كَمَا أَنَّ ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ بِعَبْدِهِ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ فَصْلِ الْقِسْمِ بَيْنَ النِّسَاءِ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالزَّوْجِ وَبِغَيْرِهِ، وَقَدْ صَرَّحُوا: بِأَنَّهُ إذَا ضَرَبَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ وَأُطْلِقَ فِي الزَّوْجَةِ فَشَمِلَ الصَّغِيرَةَ. وَلِذَا قَالَ فِي التَّبْيِينِ: إنَّ التَّعْزِيرَ مَشْرُوعٌ فِي حَقِّ الصِّبْيَانِ وَفِي الْقُنْيَةِ: غُلَامٌ مُرَاهِقٌ شَتَمَ عَالِمًا فَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ (انْتَهَى) . وَفِي الْمُجْتَبَى مَعْزِيًّا لِلسَّرَخْسِيِّ: الصَّغِيرُ لَا يُمْنَعُ وُجُوبَ التَّعْزِيرِ وَلَوْ كَانَ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى يُمْنَعُ. وَعَنْ التَّرْجُمَانِ: الْبُلُوغُ يُعْتَبَرُ فِي التَّعْزِيرِ، أَرَادَ بِهِ مَا وَجَبَ حَقًّا

أَوْ كَانَتْ قَابِلَةً أَوْ غَسَّالَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلَّهِ تَعَالَى نَحْوَ مَا إذَا شَرِبَ الصَّبِيُّ أَوْ زَنَى أَوْ سَرَقَ وَمَا ذَكَرَهُ السَّرَخْسِيُّ فِيمَا يَجِبُ حَقًّا لِلْعِبَادَةِ تَوْفِيقًا بَيْنَهُمَا قُيِّدَ بِالزَّوْجَةِ، لِأَنَّ ضَرْبَ أُخْتِهَا الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ إذَا بَلَغَتْ عَشْرًا لَا يَجُوزُ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَهُ أَنْ يَضْرِبَ الْيَتِيمَ فِيمَا يَضْرِبُ وَلَدَهُ بِهِ، وَرَدَتْ الْآثَارُ وَالْأَخْبَارُ وَفِي الرَّوْضَةِ لَهُ أَنْ يُكْرِهَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ إذَا حَلَفَ وَلَدُهُ أَنْ لَا يُصَلِّي أَوْ لَا يُكَلِّمَ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ عَلَى الْحِنْثِ وَيُكْرِهَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْأَدَبِ وَالْعِلْمِ، لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْضٌ عَلَى الْوَالِدَيْنِ وَلَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِضَرْبِ عَبْدِهِ حَلَّ لِلْمَأْمُورِ ضَرْبُهُ بِخِلَافِ الْحُرِّ، فَهَذَا تَنْصِيصٌ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ ضَرْبِ وَلَدِ الْآمِرِ بِأَمْرِهِ، بِخِلَافِ الْمُعَلِّمِ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ يَضْرِبُهُ نِيَابَةً عَنْ الْأَبِ لِمَصْلَحَتِهِ، وَالْمُعَلِّمُ يَضْرِبُهُ بِحُكْمِ الْمِلْكِ بِتَمْلِيكِ أَبِيهِ لِمَصْلَحَةِ الْوَلَدِ (24) قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ قَابِلَةً أَوْ غَسَّالَةً إلَخْ. فِي الْخُلَاصَةِ: مَعْزِيًّا إلَى مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ: يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا بِالْخُرُوجِ إلَى سَبْعَةِ مَوَاضِعَ: زِيَارَةُ الْأَبَوَيْنِ وَعِيَادَتُهُمَا وَتَعْزِيَتُهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا وَزِيَارَةُ الْمَحَارِمِ، فَإِنْ كَانَتْ قَابِلَةً أَوْ غَسَّالَةً أَوْ كَانَ لَهَا عَلَى آخَرَ حَقٌّ تَخْرُجُ بِالْإِذْنِ وَبِغَيْرِ الْإِذْنِ وَالْحَجُّ عَلَى هَذَا أَوْ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ زِيَارَةِ الْأَجَانِبِ وَعِيَادَتِهِمْ، وَالْوَلِيمَةُ لَا يَأْذَنُ لَهَا وَلَا تَخْرُجُ، وَلَوْ أَذِنَ وَخَرَجَتْ كَانَا عَاصِيَيْنِ. وَتُمْنَعُ مِنْ الْحَمَّامِ فَإِنْ أَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ إلَى مَجْلِسِ الْعِلْمِ بِغَيْرِ رِضَى الزَّوْجِ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ. فَإِنْ وَقَعَتْ لَهَا نَازِلَةٌ إنْ سَأَلَ الزَّوْجُ مِنْ الْعَالِمِ وَأَخْبَرَهَا بِذَلِكَ لَا يَسَعُهَا الْخُرُوجُ. وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ السُّؤَالِ يَسَعُهَا الْخُرُوجُ مِنْ غَيْرِ رِضَى الزَّوْجِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ لَهَا نَازِلَةٌ لَكِنْ أَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ إلَى مَجْلِسِ الْعِلْمِ لِتَعْلَمَ مَسْأَلَةً مِنْ مَسَائِلِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ، إنْ كَانَ الزَّوْجُ يَحْفَظُ الْمَسَائِلَ وَيَذْكُرُهَا عِنْدَهَا لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَحْفَظُ الْأَوْلَى أَنْ يَأْذَنَ لَهَا أَحْيَانًا وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَسَعُهَا مَا لَمْ تَقَعْ لَهَا نَازِلَةٌ. وَفِي الْفَتَاوَى فِي بَابِ الْوَاوِ: الْمَرْأَةُ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَ مَهْرَهَا لَهَا أَنْ تَخْرُجَ فِي حَوَائِجِهَا وَتَزُورَ الْأَقَارِبَ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ، فَإِنْ أَعْطَاهَا الْمَهْرَ لَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ. (انْتَهَى) . وَهَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ زَادَ: أَنَّهَا تَخْرُجُ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ أَيْضًا إذَا كَانَتْ فِي مَنْزِلٍ تَخَافُ السُّقُوطَ عَلَيْهَا، وَقَيَّدَ الْحَجَّ بِالْفَرْضِ مَعَ وُجُودِ الْمَحْرَمِ، وَقَيَّدَ خُرُوجَ الْقَابِلَةِ وَالْغَاسِلَةِ بِإِذْنِ الزَّوْجِ. وَفَسَّرَ الْغَاسِلَةَ بِمَنْ تُغَسِّلُ الْمَوْتَى وَيَنْبَغِي لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَ الْقَابِلَةَ وَالْغَاسِلَةَ مِنْ الْخُرُوجِ؛ لِأَنَّ فِي

أَوْ لِزِيَارَةِ أَبَوَيْهَا 26 - كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، وَلِزِيَارَةِ الْمَحَارِمِ كُلَّ سَنَةٍ. وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ زِيَارَةِ الْأَجَانِبِ وَعِيَادَتِهِمْ وَالْوَلِيمَةِ لَا تَخْرُجُ وَلَا يَأْذَنْهُ، وَلَوْ خَرَجَتْ بِإِذْنِهِ كَانَا عَاصِيَيْنِ، وَاخْتَلَفُوا فِي خُرُوجِهَا لِلْحَمَّامِ 27 - وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ 28 - بِشَرْطِ عَدَمِ التَّزَيُّنِ وَالتَّطَيُّبِ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخُرُوجِ إضْرَارًا بِهِ وَهِيَ مَحْبُوسَةٌ لِحَقِّهِ، وَحَقُّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ بِخِلَافِ الْحَجِّ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ لَا يُقَدَّمُ عَلَى فَرْضِ الْعَيْنِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُمْ هُنَا عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مُخَدَّرَةً فِي مَسْأَلَةِ خُرُوجِهَا لِلْخُصُومَةِ عِنْدَ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُقْبَلُ مِنْهَا التَّوْكِيلُ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُخَدَّرَةً فَلَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ لِقَبُولِ التَّوْكِيلِ مِنْهَا بِغَيْرِ رِضَاءِ الْخَصْمِ. إمَّا الزَّوْجُ أَوْ غَيْرُهُ. وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى هَذَا (انْتَهَى) . أَقُولُ: لَمْ يَنْهَوْا عَلَيْهِ اتِّكَالًا عَلَى عِلْمِهِ مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ. (25) قَوْلُهُ: أَوْ لِزِيَارَةِ أَبَوَيْهَا إلَخْ. أَيْ أَوْ كَانَتْ مُرِيدَةً لِزِيَارَةِ أَبَوَيْهَا أَيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الْمُثَنَّى حُكْمٌ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ كَمَا حُقِّقَ فِي مَحَلِّهِ وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَذْفُ الْمَعْطُوفِ بِأَوْ وَهُوَ لَا يَجُوزُ. (26) قَوْلُهُ: كُلُّ جُمُعَةٍ مَرَّةً وَلِزِيَارَةِ الْمَحَارِمِ كُلَّ سَنَةٍ إلَخْ. يَعْنِي عَلَى الصَّحِيحِ الْمُفْتَى بِهِ، وَأَمَّا الْخُرُوجُ لِلْأَهْلِ زَائِدًا عَلَى ذَلِكَ فَلَهَا ذَلِكَ بِإِذْنِهِ. (27) قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ إلَخْ. فِي الْخَانِيَّةِ فِي فَصْلِ الْحَمَّامِ: دُخُولُ الْحَمَّامِ مَشْرُوعٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا خِلَافًا لِمَا قَالَهُ بَعْضُ النَّاسِ (انْتَهَى) . وَهَلْ تَخْرُجُ لِمَجْلِسِ الْوَعْظِ؟ قَالَ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ تَخْرُجُ إذَا كَانَ خَالِيًا عَنْ الْبِدَعِ. (28) قَوْلُهُ: يُشْتَرَطُ عَدَمُ التَّزَيُّنِ إلَخْ. أَقُولُ لَيْسَ مَا ذُكِرَ خَاصًّا بِالْخُرُوجِ لِدُخُولِ الْحَمَّامِ، بَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي كُلِّ خُرُوجٍ قَالَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ: وَحَيْثُ أَبَحْنَا لَهَا الْخُرُوجَ فَإِنَّمَا يُبَاحُ بِشَرْطِ عَدَمِ الزِّينَةِ وَتَغَيُّرِ الْهَيْئَةِ إلَى مَا تَكُونُ دَاعِيَةً لِنَظَرِ الرِّجَالِ وَالِاسْتِمَالَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الأحزاب: 33] الْآيَةَ

بِمَا أَفَادَ مِلْكَ الْعَيْنِ لِلْحَالِ إلَّا فِي لَفْظِ الْمُتْعَةِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ مِلْكَ الْعَيْنِ لِمَا فِي هِبَةِ الْخَانِيَّةِ. لَوْ قَالَ: مَتَّعْتُك بِهَذَا الثَّوْبِ كَانَ هِبَةً مَعَ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ 30 - الْوَطْءُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَخْلُو عَنْ حَدٍّ أَوْ مَهْرٍ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: 31 - تَزَوَّجَ صَبِيٌّ امْرَأَةً مُكَلَّفَةً بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ ثُمَّ دَخَلَ بِهَا طَوْعًا فَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَلَوْ وَطِئَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَةَ قَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِمَا أَفَادَ مِلْكَ الْعَيْنِ لِلْحَالِ إلَخْ. أَقُولُ: فَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ سَوَاءٌ أُطْلِقَ بِأَنْ قَالَ: أَوْصَيْت لَك بِبُضْعِ أَمَتِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبِلَ الْآخَرُ، أَوْ قَيَّدَ بِأَنْ قَالَ: أَوْصَيْت لَك بِبُضْعِ أَمَتِي لِلْحَالِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبِلَ الْآخَرُ، لَا يَنْعَقِدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَقِيلَ: يَنْعَقِدُ، ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَكَذَا حُكِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيِّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَيَصِحُّ بِلَفْظِ الْقَرْضِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُقْتَرِضِ حَالًا. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْبَحْرِ: وَفِي انْعِقَادِهِ بِلَفْظِ الْقَرْضِ قَوْلَانِ، أَصَحُّهُمَا عَدَمُ الِانْعِقَادِ كَمَا فِي الْكَشْفِ وَفِي الْفَتَاوَى الصَّيْرَفِيَّةِ: الْأَصَحُّ الِانْعِقَادُ (انْتَهَى) . قِيلَ: وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ لِمَا أَنَّهُ يُفِيدُ مِلْكَ الْعَيْنِ لِلْحَالِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ: أَنَّهُ وَإِنْ أَفَادَ مِلْكَ الْعَيْنِ فِي الْحَالِ لَكِنَّهُ عَارِيَّةٌ ابْتِدَاءً وَمُعَاوَضَةٌ انْتِهَاءً، وَالنِّكَاحُ مُعَاوَضَةٌ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً، عَلَى أَنَّ قَرْضَ الْحَيَوَانِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَتَدَبَّرْ (30) قَوْلُهُ: الْوَطْءُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَخْلُو عَنْ حَدٍّ أَوْ مَهْرٍ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ إلَخْ. أَقُولُ: ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا سَيَأْتِي فِي أَحْكَامِ غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ مِنْ الْفَنِّ الثَّالِثِ، أَنَّ الْمُسْتَثْنَى ثَمَانُ مَسَائِلَ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُسْتَثْنَى عَشْرَةُ مَسَائِلَ لَا مَسْأَلَتَانِ. (31) قَوْلُهُ: تَزَوَّجَ صَبِيٌّ إلَخْ. فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ الْقِسْمِ السَّابِعِ مِنْ فَصْلِ الْمَهْرِ: صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ جَامَعَ امْرَأَةً ثَيِّبًا وَهِيَ نَائِمَةٌ فَلَا مَهْرَ، وَلَوْ كَانَتْ بِكْرًا فَافْتَضَّهَا فَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا (انْتَهَى) . وَمَعْلُومٌ أَنْ لَا حَدَّ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ فَتُزَادُ هَذِهِ عَلَى الْمُسْتَثْنَيَاتِ.

الْقَبْضِ فَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ، وَيَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ مَا قَابَلَ الْبَكَارَةَ وَإِلَّا فَلَا 32 - كَمَا فِي بُيُوعِ الْوَلْوَالِجيَّةِ. 33 - لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ قَطْعُ شَعْرِهَا وَلَوْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ، 34 - وَلَا يَحِلُّ لَهَا وَصْلُ شَعْرِ غَيْرِهَا بِشَعْرِهَا. تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَإِذَا هِيَ ثَيِّبٌ 35 - فَعَلَيْهِ كَمَالُ الْمَهْرِ وَالْعَذِرَةُ تَذْهَبُ بِأَشْيَاءَ فَلْيُحْسِنْ الظَّنَّ بِهَا كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَلَوْ غَلِطَ وَكِيلُهَا بِالنِّكَاحِ فِي اسْمِ أَبِيهَا 36 - وَلَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أُخْرَى وَخَافَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا فِي الْبُيُوعِ الْوَلْوَالِجيَّةِ يَعْنِي فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ: وَعِبَارَتُهَا بَعْدَ كَلَامٍ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي وَطِئَهَا وَهِيَ بِكْرٌ أَوْ ثَيِّبٌ، فَإِنَّ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَا يَغْرَمُ الْعُقْرَ. وَلَكِنْ إذَا كَانَتْ بِكْرًا فَنَقَصَهَا الْوَطْءُ، تَسْقُطُ حِصَّةُ الْبَكَارَةِ عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ، وَكَانَ الْخِيَارُ فِيمَا بَقِيَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَتْلَفَ جُزْءًا مِنْهَا وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي وَلَا خِيَارَ لَهُ. وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ (انْتَهَى) . أَقُولُ: لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ لِسُقُوطِ الْحَدِّ وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لِسُقُوطِ الْمَهْرِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِهِ سُقُوطُ الْحَدِّ وَإِنَّمَا سَقَطَ هُنَا لِشُبْهَةِ الْمَحَلِّ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَيَعُودُ إلَى مِلْكِهِ بِالْهَلَاكِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَكَأَنَّ الْوَلْوَالِجِيَّ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَى سُقُوطِ الْحَدِّ لِظُهُورِهِ (33) قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ قَطْعُ شَعْرِهَا إلَخْ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَعَلَيْهَا الِاسْتِغْفَارُ. (34) قَوْلُهُ: وَلَا يَحِلُّ وَصْلُ شَعْرِ غَيْرِهَا بِشَعْرِهَا إلَخْ. أَيْ يُكْرَهُ تَحْرِيمًا. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَلَوْ بِالْوَبَرِ لَا يُكْرَهُ. (35) قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ كَمَالُ الْمَهْرِ إلَخْ. يَعْنِي وَلَا يَسْقُطُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي مُقَابَلَةِ فَوْتِ الْبَكَارَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِيرُ مُسْتَحَقَّةَ النِّكَاحِ. (36) قَوْلُهُ: وَلَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ إلَخْ. لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً

أَنْ لَا يَعْدِلَ لَا يَسَعُهُ ذَلِكَ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَعْدِلُ بَيْنَهُمَا فِي الْقَسْمِ وَالنَّفَقَةِ وَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مَسْكَنًا عَلَى حِدَةٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ؛ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ مَأْجُورٌ لِتَرْكِ الْغَمِّ عَلَيْهَا 37 - وَفِي زَمَانِنَا وَمَكَانِنَا 38 - يُنْظَرُ إلَى مُعَجَّلِ مَهْرِ مِثْلِهَا مِنْ مِثْلِهِ. وَأَمَّا نِصْفُ الْمُسَمَّى فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُمْهِرُ خَمْسِينَ أَلْفَ دِينَارٍ وَلَا يُعَجِّلُ إلَّا أَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ، ثُمَّ إنْ شَرَطَ لَهَا شَيْئًا مَعْلُومًا مِنْ الْمَهْرِ مُعَجَّلًا فَأَوْفَاهَا ذَلِكَ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ، وَكَذَا الْمَشْرُوطُ عَادَةً نَحْوُ الْخُفِّ وَالْكَعْبِ وَدِيبَاجِ اللِّفَافَةِ وَدَرَاهِمِ السُّكَّرِ عَلَى مَا هُوَ عُرْفُ سَمَرْقَنْدَ، 39 - فَإِنْ شَرَطُوا أَنْ لَا يَدْفَعَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَا يَجِبُ، وَإِنْ سَكَتُوا لَا يَجِبُ 40 - إلَّا مَا صَدَقَ الْعُرْفُ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ فِي الْإِعْطَاءِ بِمِثْلِهَا مِنْ مِثْلِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQتَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِهَا وَتَعْرِيفِهَا بِنِسْبَتِهَا إلَى أَبِيهَا. وَإِذَا وَقَعَ الْغَلَطُ فِي اسْمِ أَبِيهَا لَمْ تَتَعَيَّنْ فَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً فَلَا يَضُرُّ الْغَلَطُ فِي اسْمِ أَبِيهَا لِتَعَيُّنِهَا بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا فَلَا يُحْتَاجُ إلَى التَّعْرِيفِ. قَوْلُهُ: تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَخَافَ أَنْ لَا يَعْدِلَ إلَخْ. أَيْ أَرَادَ التَّزَوُّجَ بِهَا بِقَرِينَةِ، قَوْلِهِ آخِرًا جَازَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ مَأْجُورٌ (37) قَوْلُهُ: وَفِي زَمَانِنَا وَمَكَانِنَا إلَخْ. هَذِهِ الْعِبَارَةُ غَيْرُ مُرْتَبِطَةٍ بِمَا قَبْلَهَا. (38) قَوْلُهُ: يُنْظَرُ إلَى مُعَجَّلِ مَهْرِ مِثْلِهَا مِنْ مِثْلِهِ إلَخْ. يَعْنِي: إذَا لَمْ يُذْكَرْ الْمُعَجَّلُ فِي الْعَقْدِ يُنْظَرُ إلَى الْمُسَمَّى، وَالْمَرْأَةُ إلَى مِثْلِهَا وَمِثْلُ هَذَا كَمْ يَكُونُ مِنْهُ مُعَجَّلًا وَكَمْ يَكُونُ مُؤَجَّلًا لِمِثْلِهَا، فَيُقْضَى بِالْعُرْفِ وَيُؤْمَرُ بِطَلَبِ ذَلِكَ الْقَدْرِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (39) قَوْلُهُ: فَإِنْ شَرَطُوا أَنْ لَا يَدْفَعَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَا يَجِبُ إلَخْ. أَيْ لَا يَجِبُ دَفْعُ مَا كَانَ مَشْرُوطًا عَادَةً مِنْ نَحْوِ الْخُفِّ وَالْكَعْبِ. (40) قَوْلُهُ: إلَّا مَا صَدَقَ الْعُرْفُ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ إلَخْ. بِأَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ عَامًّا

وَالْعُرْفُ الضَّعِيفُ لَا يَلْحَقُ الْمَسْكُوتَ عَنْهُ بِالْمَشْرُوطِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ 42 - الْفَقِيرُ لَا يَكُونُ كُفُؤًا لِلْغَنِيَّةِ، كَبِيرَةً كَانَتْ أَوْ صَغِيرَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْعُرْفُ الضَّعِيفُ لَا يَلْحَقُ الْمَسْكُوتَ عَنْهُ بِالْمَشْرُوطِ إلَخْ. وَهُوَ الْعُرْفُ الْخَاصُّ كَعُرْفِ سَمَرْقَنْدَ الْمُقَدَّمِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ شُرِطَ فِي الْعَقْدِ تَعْجِيلُ الْكُلِّ جَازَ وَيُؤَجَّلُ الْكُلُّ وَلَوْ أُجِّلَ الْكُلُّ، ذَكَرَ الْإِمَامُ صَاحِبُ الْمَنْظُومَةِ فِي فَتَاوَاهُ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ. وَتَأْوِيلُهُ أَنْ يُذْكَرَ التَّأْجِيلُ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ لِحَالَتِهِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ الثَّابِتُ عُرْفًا بِلَا ذِكْرٍ، فَذِكْرُ الثَّابِتِ لَا يَبْطُلُ كَذَا الْمُؤَجَّلُ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ، لِمَا ذَكَرْنَا، وَالْمَعْهُودُ فِي سَمَرْقَنْدَ مُطَالَبَةُ نِصْفِ الْمَهْرِ. وَجَوَابُنَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: أَجَلٌ لَا تَتَمَكَّنُ الْمَرْأَةُ مِنْ مَنْعِ نَفْسِهَا لِاسْتِيفَائِهِ. لَا قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَلَا بَعْدَهُ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ لَوْ اسْتَوْفَتْ الْعَاجِلَ لَا تَمْنَعُ نَفْسَهَا لِأَجْلِ الْمُؤَجَّلِ. وَكَذَا الْوَلْوَالِجيَّةِ بَعْدَ الْعَقْدِ إلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَفِي بَعْضِ الْفَتَاوَى إنْ شُرِطَ فِي الْعَقْدِ الدُّخُولُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُعَجَّلِ، لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ الثَّانِي: لَا، بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الصَّدْرُ الشَّهِيدُ، وَبِالْأَوَّلِ كَانَ يُفْتِي الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ. وَعِنْدَ مَشَايِخِ دِيَارِنَا: لَهُ الْبِنَاءُ أَيْ الدُّخُولُ بِهَا بَعْدَ أَدَاءِ الْمُعَجَّلِ وَإِنْ لَمْ يُوفِ الْمُعَجَّلَ. وَذَكَرَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَنَّ بِالرَّجْعِيِّ قُرْبَانًا لَا يَتَعَجَّلُ الْمُؤَجَّلُ؛ لِأَنَّهُ إمَّا بِالْمَوْتِ وَإِمَّا بِالْفِرَاقِ وَالرَّجْعِيُّ لَيْسَ بِفِرَاقٍ. وَذَكَرَ الْقَاضِي: أَنَّهُ يَتَعَجَّلُ وَلَا يَعُودُ الْأَجَلُ إلَّا بِالرَّجْعَةِ فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّ الْأَجَلَ زَالَ فَلَا يَعُودُ إلَّا بِالتَّأْجِيلِ، وَلَمْ يُوجَدْ. كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ (42) قَوْلُهُ: الْفَقِيرُ لَا يَكُونُ كُفُؤًا لِلْغَنِيَّةِ إلَخْ. أَقُولُ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ أَنَّ الْكَفَاءَةَ فِي الْمَالِ وَالثَّرْوَةِ لَا تُعْتَبَرُ، فَمَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ يَكُونُ كُفُؤًا لِذَوَاتِ أَمْوَالٍ عَظِيمَةٍ، وَمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ لَا يَكُونُ كُفُؤًا لِلْفَقِيرَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَكُونُ كُفُؤًا وَلَا تُعْتَبَرُ الْقُدْرَةُ عَلَى الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ. وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: تُعْتَبَرُ الْقُدْرَةُ عَلَى النَّفَقَةِ دُونَ الْمَهْرِ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الْعَاجِزُ عَنْ الْمُعَجَّلِ وَالنَّفَقَةِ لَا يَكُونُ كُفُؤًا لِلْفَقِيرَةِ، وَإِنَّمَا الْقَادِرُ عَلَيْهِمَا هَلْ يَكُونُ كُفُؤًا لِلْغَنِيَّةِ الَّتِي لَهَا أَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ؟ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ: يَكُونُ كُفُؤًا؛ لِأَنَّ الْمَالَ غَادٍ وَرَائِحٌ، وَعِنْدَهُمَا: لَا يَكُونُ كُفُؤًا لِأَنَّ

إلَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا أَوْ شَرِيفًا كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ 44 - ادَّعَتْ بَعْدَ الزِّفَافِ أَنَّهَا زُوِّجَتْ بِغَيْرِ رِضَاهَا فَالْقَوْلُ لَهَا إلَّا إذَا طَاوَعَتْ فِي الزِّفَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّاسَ يَفْتَخِرُونَ بِهِ وَيُعَيِّرُونَ بِعَدَمِهِ (انْتَهَى) . وَالْفَقِيرُ هُنَا هُوَ الَّذِي لَا يَمْلِكُ الْمَهْرَ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَاوِيهَا فِي الْغَنَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، خِلَافًا لِمَنْ عَيَّنَ مِقْدَارًا وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى نَفَقَتِهَا بِالْكَسْبِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى مَهْرٍ، اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَأَكْثَرُهُمْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ كُفُؤًا كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. (43) قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا أَوْ شَرِيفًا إلَخْ. أَيْ هَاشِمِيًّا. وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالشَّرِيفِ مَنْ لَهُ قَرَابَةٌ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوَاءٌ كَانَ هَاشِمِيًّا أَوْ لَا (44) قَوْلُهُ: ادَّعَتْ بَعْدَ الزِّفَافِ أَنَّهَا زُوِّجَتْ بِغَيْرِ رِضَاهَا إلَخْ. أَقُولُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا إذَا بَرْهَنَتْ إنَّهَا كَانَتْ رَدَّتْهُ قَبْلَ الزِّفَافِ هَلْ يُقْبَلُ بُرْهَانُهَا أَوْ لَا؟ فِيهِ اخْتِلَافٌ وَاخْتِلَافُ تَصْحِيحٍ، فَقِيلَ: يُقْبَلُ بُرْهَانُهَا، وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ التَّمْكِينَ مِنْ الْوَطْءِ كَالْإِقْرَارِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي: أَنَّهُ الْمُخْتَارُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: الْأَبُ إذَا زَوَّجَ الْبَالِغَةَ وَسَلَّمَهَا الزَّوْجَ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ ثُمَّ بَرْهَنَتْ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ رَدَّتْ النِّكَاحَ قَبْلَ إجَازَتِهَا فَالْمَذْكُورُ فِي الْكُتُبِ أَنَّهَا تُقْبَلُ. قَالَ صَاحِبُ الْوَاقِعَاتِ: الصَّحِيحُ عَدَمُ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهَا مُتَنَاقِضَةٌ فِي الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ تَتَرَتَّبُ عَلَى الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ وَالصَّحِيحُ الْقَبُولُ، كَمَا ذُكِرَ فِي الْكُتُبِ، وَإِنْ بَطَلَتْ الدَّعْوَى فَالْبَيِّنَةُ لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهَا قَامَتْ عَلَى تَحْرِيمِ الْفَرْجِ وَالْبُرْهَانُ عَلَيْهِ مَقْبُولٌ بِلَا دَعْوَى، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا عَلَى رَدِّهَا الْعَقْدَ كَمَا سَمِعْت وَتَصَادَقَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ عَلَى الْإِجَازَةِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ لِتَضَمُّنِهِ حُرْمَةَ الْفَرْجِ. وَالْمَفْسُوخُ لَا تَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ (انْتَهَى) . وَقَدْ أَلَّفَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ نُورُ الدِّينِ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رِسَالَةً اعْتَمَدَ فِيهَا تَصْحِيحَ الْقَبُولِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الزِّفَافَ لَا يُكْرَهُ إذَا لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى مَفْسَدَةٍ، كَمَا فِي الْفَتْحِ. قُلْت: وَهُوَ حَرَامٌ فِي زَمَانِنَا فَضْلًا عَنْ الْكَرَاهَةِ لِأُمُورٍ لَا تَخْفَى عَلَيْك مِنْهَا اخْتِلَاطُ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ. وَفِي الذَّخِيرَةِ: ضَرْبُ الدُّفِّ فِي الْعُرْسِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَمَحَلُّهُ مَا لَا جَلَاجِلَ لَهُ، وَأَمَّا مَا لَهُ جَلَاجِلُ فَمَكْرُوهٌ، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي الْغِنَاءِ فِي الْعُرْسِ وَالْوَلِيمَةِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ كَضَرْبِ الدُّفِّ (انْتَهَى)

وَلَوْ زَوَّجَهُ بِنْتَه وَسَلَّمَهَا الْأَبُ إلَى الزَّوْجِ فَهَرَبَتْ وَلَا يَدْرِي أَيْنَ ذَهَبَتْ لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ طَلَبُهَا. كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَ صَغِيرَةً إلَّا إذَا كَانَتْ مُرَاهِقَةً تَطْلُبُ ذَلِكَ مِنْهُ أَيْضًا. يُحْبَسُ مَنْ خَدَعَ بِنْتَ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَتَهُ وَأَخْرَجَهَا مِنْ مَنْزِلِهِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهَا أَوْ يَعْلَمَ بِمَوْتِهَا كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ 46 - اخْتَلَفَا فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ. الْإِقْرَارُ بِالْوَلَدِ مِنْ حُرَّةٍ إقْرَارٌ بِنِكَاحِهَا، لَا الْإِقْرَارُ بِمَهْرِهَا؛ وَقَوْلُهُ: خُذِي هَذَا مِنْ نَفَقَةِ عِدَّتِك لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِطَلَاقِهَا. وَقَوْلُهَا: أَعْطِنِي مَهْرِي؛ إقْرَارٌ بِالنِّكَاحِ كَذَا فِي إقْرَارِ الْيَتِيمَةِ. يَجُوزُ خُلُوُّ النِّكَاحِ عَنْ الصَّدَاقِ وَالنِّكَاحُ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ زَوَّجَهُ ابْنَتَهُ وَسَلَّمَهَا الْأَبُ إلَى الزَّوْجِ إلَخْ. مِثْلُهُ مَا إذَا غَصَبَ صَبِيًّا حُرًّا فَغَابَ مِنْ يَدِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (46) قَوْلُهُ: اخْتَلَفَا فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ إلَخْ. قِيلَ: عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْهُ وَمَرَّ فِي قَاعِدَةِ: (الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ) أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْعِدَّةِ فِي الرَّجْعَةِ فِيهَا، كَانَ الْقَوْلُ لَهَا إلَى آخِرِهِ، فَتَأَمَّلْ (انْتَهَى) . وَإِنَّمَا كَانَ الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ لِشَهَادَةِ الظَّاهِرِ لَهُ كَمَا لَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: تَزَوَّجْتَنِي بِغَيْرِ شُهُودٍ، وَقَالَ: بَلْ بِشُهُودٍ، فَالْقَوْلُ لَهُ وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ أَصْلِ النِّكَاحِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ يُنْكِرُ الْوُجُودَ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَتْ: تَزَوَّجْتَنِي وَأَنَا صَبِيَّةٌ، وَقَالَ الزَّوْجُ: بَلْ كُنْت بَالِغَةً، فَالْقَوْلُ لَهَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِنَّمَا كَانَ الْقَوْلُ لَهَا؛ لِأَنَّهَا تُنْكِرُ الْمِلْكَ عَلَيْهَا كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ.

إلَّا فِي صَغِيرَةٍ 48 - يُزَوِّجُهَا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ 49 - وَمَحْجُورَةٍ وَمُوَكِّلَةٍ غَنِيَّةٍ. النِّكَاحُ لَا يَقْبَلُ الْفَسْخَ بَعْدَ التَّمَامِ. هَكَذَا ذَكَرُوا، وَبَنَوْا عَلَيْهِ أَنَّ جُحُودَهُ لَا يَكُونُ فَسْخًا. قُلْت: يَقْبَلُهُ بَعْدَهُ فِي رِدَّةِ أَحَدِهِمَا كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الشَّرْحِ، وَأَمَّا طُرُوءُ الرَّضَاعِ عَلَيْهِ وَالْمُصَاهَرَةِ فَعِنْدَنَا يُفْسِدُهُ وَلَا يَفْسَخُهُ كَمَا فِي الشَّرْحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا فِي صَغِيرَةٍ إلَخْ. أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَهَلْ الْمُرَادُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ حُرْمَتُهُ أَوْ عَدَمُ نُفُوذِهِ؛ الظَّاهِرُ الثَّانِي. وَفِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَسْأَلَةِ الْمُوَكِّلَةِ الْغَنِيَّةِ. فَإِنَّ الظَّاهِرَ فِيهَا النُّفُوذُ مَعَ لُزُومِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالتَّتْمِيمِ إلَيْهِ. (48) قَوْلُهُ: يُزَوِّجُهَا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ إلَخْ. صَادَفَ بِوَكِيلِهِمَا. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: وَلَا يَجُوزُ لِوَكِيلِ الْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَهُ الصَّغِيرَةَ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا (انْتَهَى) . قَالَ فِي مُعِينِ الْمُفْتِي: وَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى قَوْلِهِمْ: يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَفْعَلَ كُلَّ مَا يَفْعَلُهُ الْمُوَكِّلُ (انْتَهَى) . (49) قَوْلُهُ: وَمَحْجُورَةٍ وَمُوَكِّلَةٍ غَنِيَّةٍ إلَخْ. مَعْطُوفَانِ عَلَى صَغِيرَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[كتاب الطلاق]

كِتَابُ الطَّلَاقِ 1 - السَّكْرَانُ كَالصَّاحِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الطَّلَاقِ] قَوْلُهُ: السَّكْرَانُ كَالصَّاحِي إلَخْ. فِي الْمُجْتَبَى: وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ السَّكْرَانِ فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا يُنْقَلُ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ، وَالرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ، فَلَا مِرْيَةَ فِي أَنَّ طَلَاقَهُ وَبَيْعَهُ وَعَتَاقَهُ وَحَلِفَهُ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ الْعَقْلِ وَالتَّمْيِيزِ مَا يَقُومُ بِهِ التَّكْلِيفُ وَالْخِطَابُ فَهُوَ كَالصَّاحِي، فَيَصِحُّ مِنْهُ ذَلِكَ. وَقُلْت: هَذَا تَفْصِيلٌ حَسَنٌ لَا بُدَّ مِنْ حِفْظِهِ وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ (انْتَهَى) قَالَ الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي كِتَابِهِ مُعِينِ الْمُفْتِي: أَقُولُ: هُوَ كَمَا ذُكِرَ لَوْ كَانَ كَلِمَاتُ عَامَّةِ الشُّرَّاحِ وَالتَّصَانِيفِ الْمُعْتَبَرَةِ لَا تُخَالِفُهُ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الزَّيْلَعِيِّ: لِأَنَّهُ لَمَّا زَالَ عَقْلُهُ بِسَبَبٍ، هُوَ مَعْصِيَةٌ، فَيُجْعَلُ بَاقِيًا زَاجِرًا لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا زَالَ بِالْمُبَاحِ (انْتَهَى) . وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ: بَعْدَ كَلَامٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْمَذْهَبِ، أَنَّ السَّكْرَانَ الَّذِي لَا يَصِحُّ مِنْهُ التَّصَرُّفَاتُ هُوَ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ يُمَيِّزُ بِهِ الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَلَا السَّمَاءَ مِنْ الْأَرْضِ، وَبِهِ يَبْطُلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ فِيهِ بِمَعْنَى عَكْسِ الِاسْتِحْسَانِ وَالِاسْتِقْبَاحِ، مَعَ تَمَيُّزِهِ الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَالْعَجَبُ مَا صُرِّحَ بِهِ فِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ مِنْ أَنَّهُ مَنْ مَعَهُ مِنْ الْعَقْلِ مَا يَقُومُ بِهِ التَّكْلِيفُ. وَلَا شَكَّ أَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ لَا يَتَّجِهُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفَاتُهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ بِنْتَهُ الصَّغِيرَةَ وَنَقَصَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا نُقْصَانًا فَاحِشًا جَازَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي وَظَاهِرُهُ أَيْضًا، أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ سُكْرُهُ مِنْ الْخَمْرِ أَوْ الْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْحُبُوبِ وَالْفَوَاكِهِ وَالْعَسَلِ، وَفِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ وَالْمُخْتَارُ، أَنَّهُ لَيْسَ كَالصَّاحِي لِعَدَمِ الْحَدِّ فَلَا تَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ كَمَا لَا تَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِالْبَنْجِ كَمَا فِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: السَّكْرَانُ مِنْ الْخَمْرِ وَالْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ نَحْوِ النَّبِيذِ الْمُثَلَّثِ وَغَيْرِهِمَا، عِنْدَنَا يَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَالْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ وَتَزْوِيجِ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ، وَالْإِقْرَاضِ وَالِاسْتِقْرَاضِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ إذَا قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ، وَالْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ، وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ. وَعَنْ

إلَّا فِي الْإِقْرَارِ بِالْحُدُودِ الْخَالِصَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَبِي بَكْرِ بْنِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: يَنْفُذُ مِنْ السَّكْرَانِ كُلُّ مَا يَنْفُذُ مَعَ الْهَزْلِ وَلَا يُبْطِلُهُ الشَّرْطُ فَلَا يَنْعَقِدُ مِنْهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ (انْتَهَى) . وَظَاهِرُهُ أَيْضًا: سَوَاءٌ كَانَ طَائِعًا فِي الشُّرْبِ أَوْ مُكْرَهًا. وَهُوَ قَوْلٌ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ إذَا سَكِرَ بِالشُّرْبِ مُكْرَهًا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ، كَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّ تَصَرُّفَاتِ مَنْ سَكِرَ بِالْبَنْجِ نَافِذَةٌ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ عُمُومِ السَّكْرَانِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ، فَيُقَيَّدُ كَلَامُهُ بِالسَّكْرَانِ مِنْ غَيْرِ الْبَنْجِ، وَفِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ لِلْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ نَقْلًا عَنْ الْجَوَاهِرِ: فِي هَذَا الزَّمَانِ إذَا سَكِرَ مِنْ الْبَنْجِ يَقَعُ طَلَاقُهُ زَجْرًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَفِي النِّهَايَةِ: الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يُحَدُّ شَارِبُهُ لِفَشْوِ هَذَا الْفِعْلِ فِي هَذَا الزَّمَانِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ (انْتَهَى) . وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: أَنَّ مَنْ شَرِبَ الْبَنْجَ إنْ كَانَ يَعْلَمُ حِينَ شَرِبَهُ أَنَّهُ مَا هُوَ فَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ يَقَعُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَا. قَالَ قَاضِي خَانْ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ شِرْبٌ لِلدَّوَاءِ وَالتَّعْلِيلُ يُنَادِي بِحُرْمَتِهِ لَا لِلدَّوَاءِ، وَلَوْ مِنْ الْأَشْرِبَةِ مِنْ الْحُبُوبِ وَالْعَسَلِ فَسَكِرَ؛ الْمُخْتَارُ فِي زَمَانِنَا لُزُومُ الْحَدِّ، لِأَنَّ الْفُسَّاقَ يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ وَكَذَا الْمُخْتَارُ: وُقُوعُ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ يُحْتَالُ لِدَرْئِهِ وَالطَّلَاقُ يُحْتَاطُ فِيهِ، فَلَمَّا وَجَبَ مَا يُحْتَالُ؛ لَأَنْ يَقَعَ مَا يُحْتَاطُ أَوْلَى، وَقَدْ طَالَبَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ الْبَزْدَوِيُّ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّكْرِ مِنْ الْمُبَاحِ كَالْمُثَلَّثِ فَعَجَزَ، ثُمَّ قَالَ: وَجَدْت نَصًّا صَرِيحًا عَلَى لُزُومِ الْحَدِّ (انْتَهَى) . وَعَلَيْهِ فَلَا يَحْتَاجُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إلَى التَّقْيِيدِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ وَقَدْ صَرَّحَ الْحَدَّادِيُّ بِحُرْمَةِ أَكْلِ الْبَنْجِ فَيَظْهَرُ الزَّجْرُ فِيهِ لِذَلِكَ، وَالْجَوَابُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا عَدَا هَذَا أَنَّهُ أُطْلِقَ اعْتِمَادًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي أَحْكَامِ السَّكْرَانِ. (2) قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْإِقْرَارِ إلَخْ. فَلَا يَكُونُ كَالصَّاحِي لِزِيَادَةِ احْتِمَالِ الْكَذِبِ فِي إقْرَارِهِ، فَيُحْتَالُ لِدَرْءِ الْحَدِّ؛ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُفْهَمُ مِنْ تَقْيِيدِهِ الْحُدُودَ بِالْخَالِصَةِ أَنَّ فِي إقْرَارِهِ بِحَدِّ الْقَذْفِ يَكُونُ كَالصَّاحِي. وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فَقَالَ: وَإِذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ مِنْ الْحُدُودِ لَمْ يُحَدَّ إلَّا فِي حَدِّ الْقَذْفِ، يَعْنِي لِأَنَّ فِيهِ حَقَّ الْعَبْدِ، وَالسَّكْرَانُ فِي حَقِّ الْعَبْدِ كَالصَّاحِي وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: السَّكْرَانُ يُلْحَقُ بِالصَّاحِي فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ سِوَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عُقُوبَةً لَهُ (انْتَهَى) . وَذَكَرَ فِيهَا: وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ سَكِرَ مِنْ الْخَمْرِ طَائِعًا لَمْ يُحَدَّ حَتَّى يَصْحُوَ فَيُقِرَّ أَوْ تَقُومَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ

وَالرِّدَّةُ وَالْإِشْهَادُ عَلَى شَهَادَةِ نَفْسِهِ. 4 - كَذَا فِي خُلْعٍ الْخَانِيَّةُ النِّدَاءُ لِلْإِعْلَامِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمٌ إلَّا فِي الطَّلَاقِ بِ " يَا طَالِقُ "، وَفِي الْعِتْقِ " يَا حُرُّ "، وَفِي الْحُدُودِ " يَا زَانِيَةُ "، وَفِي التَّعْزِيرِ " يَا سَارِقُ ". 5 - فَتَفَرَّعَ عَلَى الْأَوَّلِ 6 - وَلَوْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ: يَا سَارِقَةُ يَا زَانِيَةُ يَا مَجْنُونَةُ، وَبَاعَهَا فَطَعَنَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالرِّدَّةُ إلَخْ. فِي رِدَّةِ السَّكْرَانِ قِيَاسٌ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَصِحُّ لِأَنَّ الْكُفْرَ مِنْ بَابِ الِاعْتِقَادِ فَلَا يَتَحَقَّقُ مَعَ السُّكْرِ، وَلِأَنَّ الْكُفْرَ وَاجِبُ النَّفْيِ وَالْإِعْدَامِ. وَرُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] فَحَذَفَ مِنْهَا اللَّاءَاتِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43] سَمَّاهُ مُؤْمِنًا» ، وَفِي الْقِيَاسِ تَصِحُّ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ بِالْقِيَاسِ. وَفِي تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ ارْتِدَادُ السَّكْرَانِ وَالْمُكْرَهِ. وَمَنْ ذَهَبَ عَقْلُهُ بِالْبِرْسَامِ وَنَحْوِهِ، لَا يَصِحُّ حَتَّى لَمْ تَبِنْ امْرَأَتُهُ. وَلَيْسَ عَلَى الْمُرْتَدِّ قَضَاءُ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فِي حَالِ الرِّدَّةِ وَلَوْ حَجَّ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ، فَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ ثَانِيًا، وَكَذَا لَوْ صَلَّى ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْوَقْتِ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ (4) قَوْلُهُ: كَذَا فِي خُلْعٍ الْخَانِيَّةُ إلَخْ. أَقُولُ: لَيْسَ فِي خُلْعٍ الْخَانِيَّةُ تَقْيِيدُ الْحُدُودِ بِالْخَالِصَةِ. (5) قَوْلُهُ: فَتَفَرَّعَ عَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ. الْمُرَادُ بِالْقَاعِدَةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهَا وَهِيَ النِّدَاءُ بِالْقَذْفِ لِلْإِعْلَامِ، فَلَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمٌ وَلَا حَاجَةَ لِلتَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَوَّلِ إذَا لَمْ يُقَابَلْ بِثَانٍ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَا يَسْتَدْعِي ثَانِيًا بِخِلَافِ الْعَكْسِ قَالَ الشَّاعِرُ: ثَانِي الْمَعَاطِفَ كُنْت أَوَّلَ عَاشِقٍ ... فِي حُبِّهِ وَلِكُلِّ ثَانٍ أَوَّلُ (6) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ: يَا سَارِقَةُ يَا زَانِيَةُ. . إلَخْ. أَقُولُ: فَرَّعَ الْعَتَّابِيُّ فِي شَرْحِ

الْمُشْتَرِي بِقَوْلِ الْبَائِعِ لَا يَرُدُّهَا؛ لِأَنَّهُ لِلْإِعْلَامِ لَا لِلتَّحْقِيقِ 7 - وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: يَا كَافِرَةُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا. كَذَا فِي الْجَامِعِ وَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ لَا يَنْتَفِي نَسَبُهُ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ مِنْ الشَّهَادَةِ وَالزَّكَاةِ وَالْمُنَاكَحَةِ وَالْعِتْقِ بِمِلْكِ التَّقْرِيبِ 8 - إلَّا فِي حُكْمَيْنِ: الْإِرْثُ وَالنَّفَقَةُ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ 9 - الْمَجْنُونُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ: إذَا عَلَّقَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ فَوُجِدَ الشَّرْطُ، وَفِيمَا إذَا كَانَ مَجْبُوبًا فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِطَلَبِهَا وَهُوَ طَلَاقٌ، وَفِيمَا إذَا كَانَ عِنِّينًا يُؤَجَّلُ بِطَلَبِهَا فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِحُضُورِ وَلِيِّهِ، وَفِيمَا إذَا أَسْلَمَتْ وَهُوَ كَافِرٌ وَأَبَى أَبَوَاهُ الْإِسْلَامَ فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ طَلَاقٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجَامِعِ الْكَبِيرِ، هَذَا عَلَى أَنَّ الْقَذْفَ بِصِفَةٍ قَبِيحَةٍ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِوُجُودِ تِلْكَ الصِّفَةِ لَا عَلَى كَوْنِ النِّدَاءِ بِالْقَذْفِ لِلْإِعْلَامِ (7) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: يَا كَافِرَةُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا. . إلَخْ. لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ صِفَةُ الْكُفْرِ فِيهَا؛ لِأَنَّ النِّدَاءَ لِلْإِعْلَامِ لَا لِلتَّحْقِيقِ، قَالَ الطَّرَسُوسِيُّ فِي مَنْظُومَتِهِ: مَنْ قَالَ لِلْمُسْلِمِ يَا كَافِرُ لَا ... يَكْفُرُ حَقًّا هَكَذَا قَدْ نُقِلَا وَقَالَ فِي شَرْحِهَا لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ. (8) قَوْلُهُ: إلَّا فِي حُكْمَيْنِ: الْإِرْثُ وَالنَّفَقَةُ إلَخْ. فَيَنْتَفِي النَّسَبُ؛ لِأَنَّ بِاللَّعَّانِ ثَبَتَ شَرْعًا بِخِلَافِ الْأَصْلِيِّ بِنَاءً عَلَى زَعْمِهِ وَظَنِّهِ مَعَ كَوْنِهِ مَوْلُودًا عَلَى فِرَاشِهِ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ سَائِرِ الْأَحْكَامِ (9) قَوْلُهُ: الْمَجْنُونُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ إلَخْ. أَقُولُ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْمَجْنُونُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ أَيْ لَا يَصِحُّ إيقَاعُهُ الطَّلَاقَ، وَحِينَئِذٍ لَا صِحَّةَ لِاسْتِثْنَاءِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَسَائِلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إيقَاعُ طَلَاقٍ

الصَّبِيُّ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ إلَّا إذَا أَسْلَمَتْ، فَعُرِضَ عَلَيْهِ مُمَيَّزًا 11 - فَأَبَى، وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى الصَّحِيحِ وَفِيمَا إذَا كَانَ مَجْبُوبًا وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا 12 - فَهُوَ طَلَاقٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَيُؤَجَّلُ لَهُ لِكَوْنِهِ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ كَعِتْقِ قَرِيبِهِ كَذَا فِي عِنِّينِ الْمِعْرَاجِ 13 - الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ لَا يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِلْحَالِ، وَالْمُضَافُ، مُنْعَقِدٌ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنَّذْرِ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الصَّبِيُّ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ إلَّا إذَا أَسْلَمَتْ إلَخْ. أَيْ لَا يَصِحُّ إيقَاعُهُ الطَّلَاقَ، وَحِينَئِذٍ لَا صِحَّةَ لِلِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ إذْ لَا إيقَاعَ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ. (11) قَوْلُهُ: فَأَبَى، وَقَعَ الطَّلَاقُ إلَخْ. أَقُولُ: الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: وَقَعَ التَّفْرِيقُ وَهَذَا طَلَاقٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: فَسْخٌ. (12) قَوْلُهُ: فَهُوَ طَلَاقٌ عَلَى الصَّحِيحِ إلَخْ. وَقِيلَ: فَسْخٌ (13) قَوْلُهُ: الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ لَا يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِلْحَالِ إلَخْ. أَيْ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنَّذْرِ، وَحُذِفَ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ وَهُوَ قَلِيلٌ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ: فَرَّقَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُعَلَّقِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ بِخِلَافِ الْمُضَافِ. قَالَ: وَهُوَ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَسْوِيَةَ الْمُضَافِ وَالْمُعَلَّقِ فِي نَحْوِ " يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ " وَإِنْ قَدِمَ فِي يَوْمِ كَذَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ، وَإِذَا اسْتَوَيَا فِي عَدَمِ انْعِقَادِ السَّبَبِ لِلْخَطَرِ اسْتَوَيَا فِي الْأَحْكَامِ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ جَوَازِ التَّعْجِيلِ فِيمَا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ صَدَقَةٌ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ لِعَدَمِ جَوَازِ التَّقَدُّمِ عَلَى السَّبَبِ وَإِنْ كَانَ بِصُورَةِ الْإِضَافَةِ، مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمُضَافِ جَوَازُ التَّعْجِيلِ قَبْلَ الْوَقْتِ بِخِلَافِهِ فِي الْمُعَلَّقِ، وَيَقْتَضِي أَيْضًا كَوْنَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتِ كَذَا، كَإِذَا مُتِّ فَأَنْتِ كَذَا، لِأَنَّهُ لَا خَطَرَ فِيهِمَا. فَيَكُونُ الْأَوَّلُ مُضَافًا فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْغَدِ كَمَا قَبْلَ الْمَوْتِ لِانْعِقَادِهِ سَبَبًا لِلْحَالِ كَمَا عُرِفَ. وَفِي الْفَتْحِ لَكِنَّهُمْ يُجِيزُونَ بَيْعَهُ قَبْلَ الْغَدِ وَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ أَنْتَ حُرٌّ غَدًا، فَلَا يُجِيزُونَ بَيْعَهُ قَبْلَ الْغَدِ، وَبَيْنَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتَ حُرٌّ فَيُجِيزُونَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا خَطَرَ فِيهِمَا. وَقَدْ يُقَالُ: فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْإِضَافَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ حَقِيقَةً لِعَدَمِ كَلِمَةِ الشَّرْطِ لَكِنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ، مِنْ جِهَةِ أَنَّ

فَإِذَا قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ غَدًا لَمْ يَمْلِكْ بَيْعَهُ الْيَوْمَ، وَمَلَكَهُ إذَا قَالَ: إذَا جَاءَ غَدٌ. وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ التَّصَدُّقُ بِدِرْهَمٍ غَدًا مَلَكَ التَّعْجِيلَ، بِخِلَافِ مَا إذَا جَاءَ غَدًا. إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ 15 - فَقَدْ سَوَّوْا بَيْنَهُمَا: الْأُولَى: فِي إبْطَالِ خِيَارِ الشَّرْطِ. قَالُوا: لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ إبْطَالِهِ بِالشَّرْطِ 16 - وَقَالُوا: لَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ أَبْطَلْتُ خِيَارِي، أَوْ قَالَ: أَبْطَلْته غَدًا، فَجَاءَ غَدٌ بَطَلَ خِيَارُهُ، كَذَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ مِنْ الْخَانِيَّةِ. الثَّانِيَةُ: قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَالْإِسْكَافِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: لَوْ قَالَ: آجَرْتُك غَدًا، أَوْ إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ آجَرْتُك صَحَّتْ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحُكْمَ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ وَلَا يَمْنَعُ السَّبَبَ، وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ لَا يَنْزِلُ فِي الْحَالِ فَقُلْنَا: إنَّهُ يَنْعَقِدُ سَبَبًا فِي الْحَالِ وَيَقَعُ مُقَارِنًا وَيَتَأَخَّرُ الْحُكْمُ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ (انْتَهَى) . وَقَدْ ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَوْقَافِهِ: أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ رَأْسَ الشَّهْرِ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَأَنْ يُخْرِجَهُ عَنْ مِلْكِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْحُكْمِ فِي مَسْأَلَةِ أَنْتَ حُرٌّ غَدًا، قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا يُشْكَلُ هَذَا عَلَى قِيَاسِ الْقَاعِدَةِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْخَصَّافُ لَمْ يَقُلْ بِالْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ كَثِيرًا مَا يُخَالِفُ الْمَشَايِخَ وَيَنْفَرِدُ بِأَقْوَالٍ (انْتَهَى) . (14) قَوْلُهُ: فَإِذَا قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ غَدًا إلَخْ. تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ لَا يَنْعَقِدُ وَعَلَى قَوْلِهِ: الْمُضَافُ يَنْعَقِدُ (15) قَوْلُهُ: فَقَدْ سَوَّوْا بَيْنَهُمَا إلَخْ. بِأَنْ جَعَلُوا حُكْمَ الْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ كَالْمُضَافِ. (16) قَوْلُهُ: وَقَالُوا: لَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ أَبْطَلْتُ خِيَارِي إلَخْ. قِيلَ: ذُكِرَ وَأَمْثَالُهُ: إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَقَدْ أَبْطَلْتُ خِيَارِي كَانَ بَاطِلًا، فَأَقُولُ: الْفَرْقُ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ أَنَّ الْأَوَّلَ تَعْلِيقٌ بِشَيْءٍ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ فَلَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيقُ فِي الْخِيَارِ. وَفِي الثَّانِي: لَمَّا كَانَ بِمَجِيءِ الْغَدِ وَهُوَ كَائِنٌ. صَحَّ التَّعْلِيقُ لِكَوْنِهِ إضَافَةً فِي الْمَعْنَى، وَلَوْ كَانَ بِصُورَةِ التَّعْلِيقِ (انْتَهَى) . وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْخَانِيَّةِ مِنْ بَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ.

مَعَ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا وَتَصِحُّ إضَافَتُهَا. 18 - وَمِنْ فُرُوعِ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ مَا فِي أَيْمَانِ الْجَامِعِ؛ 19 - لَوْ حُلِّفَ لَا يَحْلِفُ ثُمَّ قَالَ لَهَا: إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ حَنِثَ، 20 - بِخِلَافِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ 21 - وَفِي الْخَانِيَّةِ تَصِحُّ إضَافَةُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا وَتَصِحُّ إضَافَتُهَا إلَخْ. أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ التَّعْلِيقَ هُنَا صُورِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ فَإِنَّ مَجِيءَ الْغَدِ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ، فَكَانَ إضَافَةً فِي الْمَعْنَى. وَالتَّعْلِيقُ الَّذِي يُوجِبُ عَدَمَ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَهُوَ التَّعْلِيقُ الْحَقِيقِيُّ، وَهُوَ مَا يَكُونُ بِشَرْطٍ مُنْتَظَرٍ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ وَحِينَئِذٍ لَا يَتِمُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّسْوِيَةِ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لَوْ قَالَ: إنْ جَاءَ زَيْدٌ آجَرْتُك. (18) قَوْلُهُ: وَمِنْ فُرُوعِ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ إلَخْ. أَيْ مَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ لَا يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِلْحَالِ بِخِلَافِ الْمُضَافِ (19) قَوْلُهُ: وَلَوْ حُلِّفَ لَا يَحْلِفُ ثُمَّ قَالَ لَهَا: إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ - حَنِثَ إلَخْ. أَقُولُ فِيهِ: إنَّهُمْ إذَا جَاءَ غَدٌ فِي حُكْمِ الْإِضَافَةِ فِي إبْطَالِ خِيَارِ الشَّرْطِ، وَفِيمَا إذَا قَالَ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ آجَرْتُك، وَلَمْ يَجْعَلُوهُ هُنَا فِي حُكْمِ الْإِضَافَةِ وَعَلَّلَ ذَلِكَ قَاضِي خَانْ؛ بِأَنَّ مَجِيءَ الْغَدِ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ وَمُقْتَضَى هَذَا عَدَمُ الْحِنْثِ هُنَا؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِكَائِنٍ تَنْجِيزٌ لَا حَلِفَ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْجَزَاءِ عَلَى الشَّرْطِ مُنْتَظَرٌ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ، بِقَصْدِ نَفْيِهِ أَوْ إثْبَاتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (20) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إنْ دَخَلْت إلَخْ. كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ: كَمَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلصَّدْرِ سُلَيْمَانَ بِخِلَافِ الْإِضَافَةِ. (21) قَوْلُهُ: وَفِي الْخَانِيَّةِ: تَصِحُّ إضَافَةُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا إلَخْ. أَقُولُ: الصَّوَابُ تَعْلِيقُهُ بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ، أَيْ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي تَعْلِيقِ الْفَسْخِ لَا تَعْلِيقِ الْإِجَارَةِ. لَا يُقَالُ لَمَّا أُضِيفَتْ إلَى الْمُؤَنَّثِ جَازَ اكْتِسَابُهُ التَّأْنِيثَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّتِهِ حَذْفُ الْمُضَافِ وَنِسْبَةُ الْحُكْمِ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَلَا شُبْهَةَ فِي عَدَمِ صِحَّةِ ذَلِكَ

طَلَبُ الْمَرْأَةِ الْخُلْعَ حَرَامٌ إلَّا إذَا عُلِّقَ طَلَاقُهَا الْبَائِنُ بِشَرْطٍ 23 - فَشَهِدُوا بِوُجُودِهِ فَلَمْ يَقْضِ بِهَا فَعَلَيْهَا أَنْ تَحْتَاطَ فِي طَلَبِ الْفِدَاءِ لِلْمُفَارَقَةِ 24 - الْقَوْلُ لَهُ إنْ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الشَّرْطِ فِيمَا لَا يُعْلَمُ مِنْ جِهَتِهَا إلَّا فِي مَسَائِلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQهُنَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ فِي عَدَمِ صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْفَسْخِ خِلَافًا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَدْ أَخَلَّ فِي النَّقْلِ عَنْهُ (22) قَوْلُهُ: طَلَبُ الْمَرْأَةِ الْخُلْعَ حَرَامٌ إلَّا إذَا عُلِّقَ طَلَاقُهَا إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: الْحَصْرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ، بَلْ إذَا أَنْكَرَ طَلَاقَهَا بَعْدَ تَطْلِيقِهِ إيَّاهَا وَلَيْسَ لَهَا شُهُودٌ فَلَهَا الِافْتِدَاءُ لِلْخَلَاصِ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَنَا ذَكَرُوا أَنَّ لَهَا أَنْ تَقْتُلَهُ بِالسُّمِّ تَحَرُّزًا عَنْ الزِّنَا فَجَوَازُ طَلَبِ خُلْعِهَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى (انْتَهَى) . وَلَا يَخْفَى حُسْنُ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الطَّلَاقَ بِالْبَائِنِ وَإِنْ أَطْلَقَهُ قَاضِي خَانْ. (23) قَوْلُهُ: فَشَهِدُوا بِوُجُودِهِ فَلَمْ يَقْضِ لَهَا إلَخْ. كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ الْمُسْكِرَ إلَى سَنَةٍ فَشَرِبَ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الشَّرَابِ، وَرَأَوْهُ سَكْرَانَ وَهُوَ يَجْحَدُ شُرْبَ الْمُسْكِرِ فَشَهِدُوا عِنْدَ الْقَاضِي فَلَمْ يَقْضِ. قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ: لِلْقَاضِي أَنْ يَحْتَاطَ وَلَا يَقْبَلَ شَهَادَةَ مَنْ لَا يُعَايِنُ الشُّرْبَ (24) قَوْلُهُ: الْقَوْلُ لَهُ إنْ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الشَّرْطِ إلَخْ. كَثِيرًا مَا يَقَعُ أَنَّ الْمَدْيُونَ يُعَلِّقُ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى عَدَمِ دَفْعِ الدَّيْنِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ فِي يَوْمٍ مُتَعَيَّنٍ فَيَمْضِي ذَلِكَ الْيَوْمُ فَيَدَّعِي الْمَدْيُونُ الدَّفْعَ وَيُنْكِرُهُ رَبُّ الدَّيْنِ. فَمُقْتَضَى مَسْأَلَةِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَغَيْرُهُ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ: أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى بَرَاءَتِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَمُقْتَضَى مَسْأَلَةِ النَّفَقَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُ الْمَدْيُونِ فِي الْحَادِثَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَيَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الدَّيْنِ فِي حَقِّ الْمَالِ وَالطَّلَاقِ وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ لَوْ كَانَ فِي وَقْتِ الْمُضَافِ كَانَ الْقَوْلُ لَهَا، كَمَا إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسَّنَةِ ثُمَّ قَالَ: جَامَعْتُك وَأَنْتِ طَاهِرَةٌ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ حَائِضًا لَا يُمْكِنُهُ إنْشَاءُ الْجِمَاعِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَائِزٌ شَرْعًا. أَمَّا إذَا كَانَتْ طَاهِرَةً فَلِكَوْنِهِ اعْتَرَفَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْمُضَافَ يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِلْحَالِ بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ

لَوْ عَلَّقَهَا بِعَدَمِ وُصُولِ نَفَقَتِهَا شَهْرًا فَادَّعَاهُ وَأَنْكَرَتْ، فَالْقَوْلُ لَهَا فِي الْمَالِ وَالطَّلَاقِ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَفِيمَا إذَا طَلَّقَهَا لِلسَّنَةِ وَادَّعَى جِمَاعَهَا فِي الْحَيْضِ وَأَنْكَرَتْ، وَفِيمَا إذَا ادَّعَى الْمُولِي قُرْبَانَهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ فِيهَا وَأَنْكَرَتْ، وَفِيمَا إذَا عَلَّقَ عِتْقَهُ بِطَلَاقِهَا ثُمَّ خَيَّرَهَا وَادَّعَى إنَّهَا اخْتَارَتْ بَعْدَ الْمَجْلِسِ وَهِيَ فِيهِ كَمَا فِي الْكَافِي. إذَا عُلِّقَ بِفِعْلِهَا الْقَلْبِيِّ تَعَلَّقَ بِإِخْبَارِهَا وَلَوْ كَاذِبَةً، إلَّا إذَا قَالَ إنْ سَرَرْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَضَرَبَهَا فَقَالَتْ سُرِرْت لَمْ يَقَعْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَوْ عَلَّقَهُ بِعَدَمِ وُصُولِ نَفَقَتِهَا إلَى قَوْلِهِ، فَالْقَوْلُ لَهَا إلَخْ. أَقُولُ: فِي الْقُنْيَةِ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ، قَالَ: لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَصِلْ نَفَقَتِي إلَيْك إلَى عَشْرَةِ أَيَّامٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْعَشَرَةِ فَادَّعَى الزَّوْجُ فَأَنْكَرَتْهُ هِيَ، فَالْقَوْلُ لَهُ (انْتَهَى) . لَكِنْ صَحَّحَ فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى وَالْبَزَّازِيَّةِ عَدَمَ قَبُولِ قَوْلِهِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَدَّعِي إيفَاءَ حَقٍّ مَالِيٍّ وَهِيَ تُنْكِرُ فَهَذَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْمُتُونِ، فَاغْتَنِمْ هَذَا. وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ وَزَوَالِ الْمِلْكِ: بَعْدَ الْيَمِينِ يُبْطِلُهَا مَسْأَلَتَانِ كَثُرَ وُقُوعُهُمَا الْأُولَى: حَلَفَ لَيُؤَدِّيَنَّ لَهُ الْيَوْمَ كَذَا فَعَجَزَ عَنْ الْأَدَاءِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ وَلَا وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ. الثَّانِيَةُ: مَا يُكْتَبُ فِي التَّعَالِيقِ أَنَّهُ مَتَى نَقَلَهَا أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ كَذَا مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ فَدَفَعَ لَهَا جَمِيعَ مَالِهَا عَلَيْهِ قَبْلَ الشَّرْطِ، فَهَلْ يَبْطُلُ الْيَمِينُ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ قَوْلَهُ: إنَّهُ مَتَى عَجَزَ عَنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالْيَمِينُ مُوَقَّتَةٌ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِبُطْلَانِهَا، فِي الْحَادِثَةِ الْأُولَى إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ نَقْلٌ صَرِيحٌ بِخِلَافِهِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ: فَقَدْ يُقَالُ بِأَنَّ الْإِبْرَاءَ بَعْدَ الْأَدَاءِ مُمْكِنٌ فَإِنَّهُ لَوْ دَفَعَ الدَّيْنَ إلَى صَاحِبِهِ ثُمَّ قَالَ الدَّائِنُ لِلْمَدْيُونِ: قَدْ أَبْرَأْتُك بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: صَحَّ الْإِبْرَاءُ وَيَرْجِعُ الْمَدْيُونُ بِمَا دَفَعَهُ، إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ (انْتَهَى) . وَقَدْ سُئِلَ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ عَنْ الْمَدْيُونِ إذَا حَلَفَ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَهُوَ فَقِيرٌ لَا يَمْلِكُ الدَّيْنَ وَلَا بَعْضَهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الْبِرِّ وَكَوْنِ الْيَمِينِ مُوَقَّتَةً هَلْ يَصِحُّ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْقُنْيَةِ مِنْ أَنَّهُ مَتَى عَجَزَ

كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الطَّلَاقِ. إذَا عَلَّقَهُ بِمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا كَحَيْضِهَا فَالْقَوْلُ لَهَا فِي حَقِّهَا. وَإِذَا عَلَّقَ عِتْقَهُ بِمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ فَالْقَوْلُ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ كَقَوْلِهِ لِلْعَبْدِ: إنْ احْتَلَمْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَالِفُ عَنْ الْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالْيَمِينُ مُوَقَّتَةٌ وَعَلَى مَسْأَلَةِ الْكُوزِ الْمَشْهُورَةِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ لَمْ تَكُنْ مَسْأَلَةُ الدَّيْنِ دَاخِلَةً تَحْتَ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ لَا يُمْكِنَ الْبِرُّ أَصْلًا بِأَنْ كَانَ مُسْتَحِيلًا حَقِيقَةً كَمَسْأَلَةِ الْكُوزِ فَإِنْ شَرِبَ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فِيهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ حَتَّى لَوْ كَانَ مُمْكِنًا حَقِيقَةً غَيْرَ مُمْكِنٍ عَادَةً كَانَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً وَبَاقِيَةً فِي الْمُوَقَّتَةِ، كَمَسْأَلَةِ الْحَلِفِ لَيَصْعَدَنَّ إلَى السَّمَاءِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ مُمْكِنًا حَقِيقَةً انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ وَلَمَّا كَانَ مُسْتَحِيلًا عَادَةً حَنِثَ لِلْحَالِ، كَمَا حَقَّقَهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ. وَفِي مَسْأَلَتَيْ الْبِرِّ مُمْكِنٌ حَقِيقَةً وَعَادَةً مَعَ الِاعْتِبَارِ لِإِمْكَانِ أَنْ يُوهَبَ لَهُ شَيْءٌ أَوْ يُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ أَوْ يَرِثَ شَيْئًا أَوْ يُبْرِئَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ مِنْ غَيْرِ أَدَاءً سَوَاءٌ كَانَ قَادِرًا أَوْ مُعْسِرًا. وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا صَاحِبُ الْبَحْرِ لَكِنَّهُ ذَكَرَ فِي شَرْحِهِ لِلْكَنْزِ خِلَافَهُ اعْتِمَادًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْقُنْيَةِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ (انْتَهَى) . قِيلَ: مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ يُعْكَسُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ: مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ إذَا كَانَ عَدَمِيًّا وَعَجَزَ عَنْ مُبَاشَرَتِهِ. فَالْمُخْتَارُ، الْحِنْثُ وَإِنْ كَانَ وُجُودِيًّا أَوْ عَجَزَ فَالْمُخْتَارُ عَدَمُ الْحِنْثِ (انْتَهَى) . وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يُعْكَسُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ فِي لَيُؤَدِّيَنَّ لَهُ الْيَوْمَ عَدَمِيٌّ وَهُوَ عَدَمُ الْأَدَاءِ لَكِنْ لَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ إنَّمَا عَجَزَ عَنْ مُبَاشَرَةِ شَرْطِ الْبِرِّ وَهُوَ الْأَدَاءُ وَلَمْ يَعْجِزْ عَنْ عَدَمِ الْأَدَاءِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: إنْ لَمْ أَخْرُجْ الْيَوْمَ فَمُنِعَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ عَدَمِيٌّ وَهُوَ عَدَمُ السُّكْنَى وَالْمُكْثِ فِي الدَّاخِلِ وَقَدْ عَجَزَ عَنْهُ بِمَنْعِهِ مِنْ الْخُرُوجِ فَحَصَلَ مِنْهُ السُّكْنَى وَالْمُكْثُ وَعَجَزَ عَنْ عَدَمِ ذَلِكَ فَيَحْنَثُ فَتَأَمَّلْ. (26) قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الطَّلَاقِ إلَخْ. أَقُولُ: عَلَّلَهُ فِي الْخَانِيَّةِ يُتَيَقَّنُ كَذِبُهَا ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ إشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ السُّرُورَ مِمَّا لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَلَّقَ الطَّلَاقُ بِخَبَرِهَا وَيُقْبَلَ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ وَإِنْ كُنَّا نَتَيَقَّنُ بِكَذِبِهَا. كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ كُنْت تُحِبِّينَ أَنْ يُعَذِّبَك اللَّهُ بِنَارِ جَهَنَّمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ: أُحِبُّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَلَوْ أَعْطَاهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ: لَمْ يَسُرَّنِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا طَالَبَتْ الْغِنَى فَلَا يَسُرُّهَا الْأَلْفُ.

فَقَالَ: احْتَلَمْت وَقَعَ بِإِخْبَارِهِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ. 27 - وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْخَانِيَّةِ بِإِمْكَانِ النَّظَرِ إلَى خُرُوجِ الْمَنِيِّ بِخِلَافِ الدَّمِ الْخَارِجِ مِنْ الرَّحِمِ 28 - كُرِّرَ الشَّرْطُ ثَلَاثًا وَالْجَزَاءُ وَاحِدًا 29 - فَوُجِدَ الشَّرْطُ مَرَّةً طَلُقَتْ وَاحِدَةً، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْجَزَاءُ تَعَدَّدَ الْوُقُوعُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَخْ. نَصُّ عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ لَهُ امْرَأَةٌ بِنْتُ عَشْرِ سَنَوَاتٍ وَغُلَامٌ ابْنُ أَرْبَعَةَ عَشْرَ سَنَةً، فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: إذَا حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَقَالَ لِلْغُلَامِ: إذَا احْتَلَمْت فَأَنْتَ حُرٌّ - فَقَالَتْ الْجَارِيَةُ قَدْ حِضْتُ. وَقَالَ الْغُلَامُ: قَدْ احْتَلَمْتُ، قَالَ: تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ وَلَا يُصَدَّقُ الْغُلَامُ. قَالَ: لِأَنَّ الْغُلَامَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْظَرَ كَيْفَ يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَنِيُّ أَمَّا خُرُوجُ الدَّمِ مِنْ الْفَرْجِ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ حَيْضٌ فَلَا يَقِفُ غَيْرُهَا (انْتَهَى) . أَقُولُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ التَّصْحِيحِ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْقَوْلِ بِقَبُولِ قَوْلِهِ فَضْلًا عَنْ تَصْحِيحِهِ (28) قَوْلُهُ: كُرِّرَ الشَّرْطُ ثَلَاثًا وَالْجَزَاءُ وَاحِدًا إلَخْ. أَيْ وَذَكَرَ الْجَزَاءَ حَالَةَ كَوْنِهِ وَاحِدًا عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ عَلَفْتهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا وَلَوْ قَالَ: وَالْجَزَاءُ وَاحِدٌ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ حَالِيَّةً لَكَانَ أَوْلَى. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَالَ ذَلِكَ فِي دَارِ وَاحِدَةٍ فَدَخَلَتْ الدَّارَ مَرَّةً طَلُقَتْ وَاحِدَةً اسْتِحْسَانًا. (29) قَوْلُهُ: فَوُجِدَ الشَّرْطُ مَرَّةً إلَخْ. قِيلَ: الظَّاهِرُ انْحِلَالُ الْيَمِينِ بِذَلِكَ هُنَا عَلَى أَنَّ اتِّحَادَ الْيَمِينِ بِاتِّحَادِ الْجَزَاءِ، وَإِنْ تَكَرَّرَ الشَّرْطُ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَ صُورَةِ اتِّحَادِ الْجَزَاءِ وَصُورَةِ تَعَدُّدِهِ وَإِنْ كَانَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ، فَوُجِدَ الشَّرْطُ مَرَّةً أَنَّهُ لَوْ. وُجِدَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا تَعَدَّدَ الطَّلَاقُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ انْحِلَالَهَا بِالدُّخُولِ مَرَّةً مَبْنِيٌّ عَلَى إرَادَةِ التَّأْكِيدِ بِالتَّكْرَارِ وَقَضِيَّتُهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ التَّأْكِيدُ وَأَرَادَتْ التَّعْلِيقَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَدْخُولَاتِ يَقَعُ بِكُلِّ دُخُولٍ طَلْقَةٌ وَيُسَاوِي حِينَئِذٍ صُورَةَ تَعَدُّدِ الْجَزَاءِ

وَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ عَطَفَهَا مَعَ أُخْرَى بِالْوَاوِ أَوْ ثُمَّ أَوْ الْفَاءِ طَلُقَتْ الْأُولَى اثْنَتَيْنِ وَالْأُخْرَى وَاحِدَةً 31 - وَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ أَضْرَبَهُ وَأَثْبَتَهُ لَهَا لَا يَتَعَدَّدُ إلَّا بِالنِّيَّةِ، 32 - وَلَوْ جَمَعَ الْأُولَى مَعَ الْأُخْرَى فِي الْإِضْرَابِ تَعَدَّدَ عَلَى الْأَوْلَى 33 - وَإِذَا أَدْخَلَ كَلِمَةً أَوْ فِي الْإِيقَاعِ عَلَى امْرَأَتَيْنِ وَأَعْقَبَهُ بِشَرْطٍ؛ فَإِنَّ التَّعْيِينَ لَهُ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ، إذَا طَلَّقَ ثُمَّ أَتَى بِأَوْ، فَإِنْ كَانَ مَا بَعْدَ " أَوْ " كَذِبًا وَقَعَ بِالْأَوَّلِ وَإِلَّا فَلَا. 34 - كُرِّرَ الشَّرْطُ ثُمَّ أَعْقَبَهُ جَزَاءٌ وَاحِدٌ تَعَدَّدَ الشَّرْطُ لَا الْجَزَاءُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ عَطَفَهَا مَعَ أُخْرَى إلَخْ تَوْضِيحُهُ: أَنَّهُ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى: أَنْتِ طَالِقٌ وَفُلَانَةُ يَعْنِي بِالْمَعْطُوفِ الْأُولَى (31) قَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ أَضْرَبَهُ إلَخْ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ، لَا بَلْ أَنْتِ طَالِقٌ؛ فَهِيَ طَالِقٌ وَاحِدَةً بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَلْزَمُ بِالْكَلَامِ الثَّانِي طَلَاقٌ آخَرُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا بَلْ أَنْتُمَا، لَزِمَ الْأُولَى تَطْلِيقَتَانِ وَالْأُخْرَى وَاحِدَةً (انْتَهَى) وَبِهِ يَسْقُطُ مَا قِيلَ لَمْ يُبَيِّنْ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ وَلَا يَخْلُو تَصْوِيرُهَا عَنْ إشْكَالٍ وَلَعَلَّ صُورَتَهُ قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ بَلْ فُلَانَةُ بَلْ أَنْتِ وَهَلْ يَقَعُ عَلَى فُلَانَةَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ: بَلْ فُلَانَةُ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ مَحْذُوفٌ وَتَقْدِيرُهُ " بَلْ فُلَانَةُ طَالِقٌ " لَا يُفْهَمُ حُكْمُهُ مِنْ عِبَارَتِهِ، فَتَأَمَّلْ (انْتَهَى) . (32) قَوْلُهُ: وَلَوْ جَمَعَ الْأُولَى مَعَ الْأُخْرَى فِي الْإِضْرَابِ إلَخْ. صُورَتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لَا بَلْ أَنْتُمَا (33) قَوْلُهُ: وَإِذَا أَدْخَلَ كَلِمَةَ أَوْ فِي الْإِيقَاعِ إلَخْ. صُورَتُهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَسْتِ بِرَجُلٍ، أَوْ أَنَا غَيْرُ رَجُلٍ، فَهِيَ طَالِقٌ؛ لِأَنَّهُ رَجُلٌ وَهُوَ كَاذِبٌ فِي كَلَامِهِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنَا رَجُلٌ؛ كَانَ صَادِقًا وَلَمْ تُتَطَلَّقْ امْرَأَتُهُ. (34) قَوْلُهُ كُرِّرَ الشَّرْطُ ثُمَّ أَعْقَبَهُ جَزَاءٌ وَاحِدٌ إلَخْ. أَقُولُ فِيهِ: إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَدْ تَقَدَّمَتْ آنِفًا فَذِكْرُهَا تَكْرَارٌ مَحْضٌ، وَمَا قِيلَ: إنَّ الْمُتَقَدِّمَةَ أَعَمُّ مِنْ هَذِهِ كَلَامٌ سَاقِطٌ

وَلَوْ ذُكِرَ الْجَزَاءُ بَيْنَ شَرْطَيْنِ تَعَدَّدَ الشَّرْطُ. 36 - كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا حَنِثَ بِالْمُبَانَةِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِلثَّانِي وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - 37 - يَتَكَرَّرُ الْجَزَاءُ بِتَكَرُّرِ الشَّرْطِ: 38 - كُلَّمَا دَخَلْت فَكَذَا، كُلَّمَا قَعَدْت عِنْدَك فَكَذَا فَقَعَدَ سَاعَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا، كُلَّمَا ضَرَبْتُك 39 - فَضَرَبَهَا بِيَدَيْهِ طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ، وَإِنْ بِكَفٍّ وَاحِدٍ فَوَاحِدَةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يُجْدِي، عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ الْعَكْسُ فَإِنَّ الْمُتَقَدِّمَةَ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا كُرِّرَ الشَّرْطُ ثَلَاثًا وَهَذِهِ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِالثَّلَاثِ إنْ كَانَ الثَّلَاثُ لَيْسَ قَيْدًا. (35) قَوْلُهُ: وَلَوْ ذُكِرَ الْجَزَاءُ بَيْنَ الشَّرْطَيْنِ تَعَدَّدَ الشَّرْطُ إلَخْ. صُورَتُهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَهَذَا عَلَى دَخْلَتَيْنِ. (انْتَهَى) . وَصُورَةُ الْمُحَقِّقِ ابْنُ الْهُمَامِ بِأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ قَدِمَ زَيْدٌ ثُمَّ قَالَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا إذَا وُجِدَ يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ ثُمَّ إذَا وُجِدَ الثَّانِي لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ. كَأَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْمَفْرُوضَةِ: إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ تِلْكَ الطَّلْقَةِ الْأُولَى الْوَاقِعَةِ بِالْأُولَى هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ. (36) قَوْلُهُ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا حَنِثَ بِالْمُبَايِنَةِ إلَخْ. فِي الْخَانِيَّةِ: قَالَ لِامْرَأَتِهِ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، طَلُقَتْ عِنْدَهُمَا لِعُمُومِ اللَّفْظِ وَلَا تَطْلُقُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُرِيدُهَا بِهَذَا الْيَمِينِ (37) قَوْلُهُ يَتَكَرَّرُ الْجَزَاءُ بِتَكْرَارِ الشَّرْطِ إلَخْ. الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ كُلَّمَا دَخَلْت إلَخْ. تَمَثُّلٌ لِتَكَرُّرِ الْجَزَاءِ الشَّرْطَ وَحَذَفَ أَدَاةَ التَّمْثِيلِ لِظُهُورِ كَوْنِهِ تَمْثِيلًا وَإِنَّمَا تَكَرَّرَ الْجَزَاءُ فِي قَوْلِهِ: كُلَّمَا دَخَلْت، فَكَذَا لِأَنَّ الدُّخُولَ يَتَكَرَّرُ لِإِدْخَالِ كَلِمَةِ كُلَّمَا عَلَيْهِ وَالْمُعَلَّقُ بِشَرْطٍ مُكَرَّرٌ يَتَكَرَّرُ. (38) قَوْلُهُ: كُلَّمَا قَعَدْت عِنْدَك فَكَذَا إلَخْ. وَجْهُ ذَلِكَ: أَنَّ الدَّوَامَ عَلَى الْقُعُودِ وَعَلَى كُلَّمَا: يُسْتَدَامُ بِمَنْزِلَةِ الْإِنْشَاءِ (39) قَوْلُهُ: فَضَرَبَهَا بِيَدَيْهِ طَلُقَتْ اثْنَتَيْنِ إلَخْ. وَجْهُ ذَلِكَ: أَنَّ فِي الْيَدَيْنِ تَكْرَارُ

كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَطَلَّقَهَا وَقَعَ ثِنْتَانِ. 41 - كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَطَلَّقَهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا 42 - وَسَطُ الشَّرْطِ بَيْنَ طَلَاقَيْنِ تُنْجِزُ الثَّانِيَ وَتُعَلِّقُ الْأَوَّلَ 43 - ذِكْرُ مُنَادًى بَيْنَ شَرْطٍ وَجَزَاءٍ ثُمَّ نَادَى أُخْرَى تَعَلَّقَ طَلَاقُ الْأُولَى وَيَنْوِي فِي الْأُخْرَى ـــــــــــــــــــــــــــــQالضَّرْبِ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ بِكُلِّ يَدٍ ضَرْبَةٌ عَلَى حِدَةٍ بِخِلَافِ الضَّرْبِ بِكَفٍّ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ لَمْ يَتَكَرَّرْ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الضَّرْبِ هَزُّ الْكَفِّ وَالْأَصَابِعُ تَبَعٌ لَهَا فَلَمْ يَتَعَدَّدْ الضَّرْبُ، قِيلَ: لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْجَزَاءَ لِيَظْهَرَ كَوْنُ الْحُكْمِ مَا ذُكِرَ مَعَ احْتِمَالِ كَوْنِ الْوَاقِعِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً بِالْيَدَيْنِ أَوْ ضَرْبَتَيْنِ مُتَعَاقِبَتَيْنِ وَكُلُّ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيَانِ. (40) قَوْلُهُ: كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَطَلَّقَهَا وَقَعَ ثِنْتَانِ إلَخْ طَلْقَةٌ بِالتَّطْلِيقِ وَطَلْقَةٌ بِالتَّعْلِيقِ. (41) قَوْلُهُ: كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي إلَخْ. الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا حَيْثُ طَلُقَتْ ثَلَاثًا فِي هَذِهِ وَاثْنَتَانِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَهُوَ أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ، وَفِي تِلْكَ التَّطْلِيقُ وَالْإِنْصَافُ بِالْوُقُوعِ وُجِدَ بَعْدَ الْإِيقَاعِ مَرَّتَيْنِ بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ بِالتَّطْلِيقِ فَتَأَمَّلْ (43) قَوْلُهُ: ذِكْرُ مُنَادًى بَيْنَ شَرْطٍ وَجَزَاءٍ إلَخْ. حَاصِلُهُ تَعْلِيقُ طَلَاقِ الْأُولَى ثُمَّ إنْ عُلِمَ أَفْرَادُهَا بِالطَّلَاقِ فَلَا يَنْوِي فِي الثَّانِيَةِ وَإِلَّا نَوَى فِيهَا. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: إذَا اُعْتُبِرَ الْجَزَاءُ جَزَاءً لِلشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فَمَا وَجْهُ طَلَاقِ الْأُخْرَى عِنْدَ نِيَّتِهِ بِأَيِّ لَفْظٍ وَقَعَ إذْ مُجَرَّدُ نِدَائِهَا بِاسْمِهَا لَا يَكْفِي فِي وُقُوعِ طَلَاقِهَا عِنْدَ نِيَّتِهِ، تَوْضِيحَهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ قَدِمَ زَيْدٌ يَا زَيْنَبُ فَأَنْتِ طَالِقٌ يَا فَاطِمَةُ مَثَلًا كَانَ قَوْلُهُ: فَأَنْتِ طَالِقٌ جَزَاءَ قَوْلِهِ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَيَتَعَلَّقُ طَلَاقُ زَيْنَبَ بِقُدُومِهِ وَحِينَئِذٍ بِأَيِّ لَفْظٍ يَقَعُ طَلَاقُ فَاطِمَةَ عِنْدَ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: يَا فَاطِمَةُ، لَا يَصِحُّ لِلْإِيقَاعِ بِهِ كَذَا قِيلَ: أَقُولُ: وَقَعَ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ حَيْثُ نَوَاهَا بِهِ كَمَا نَوَى زَيْنَبَ وَقَدْ فَصَّلَ الْمَرْحُومُ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تَفْصِيلًا حَسَنًا، فَلْيُرَاجَعْ

وَلَوْ بَدَأَ بِنِدَاءِ الْوَاحِدَةِ ثُمَّ ذَكَرَ الشَّرْطَ وَالْجَزَاءَ ثُمَّ نَادَى أُخْرَى فَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ طَلُقَتَا. كَلِمَةُ (كُلُّ) فِي التَّعْلِيقِ 45 - عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِ الْإِحَاطَةِ بِالْأَفْرَادِ، مُنْصَرِفَةٌ إلَى ثَلَاثَةٍ. كَقَوْلِهِمْ: لَوْ قَالَ لَهَا: إنْ لَمْ أَقُلْ عَنْك لِأَخِيك بِكُلِّ قَبِيحٍ فِي الدُّنْيَا فَأَنْتَ كَذَا، 46 - يَبَرُّ بِثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْقَبِيحِ. إذَا عَلَّقَهُ بِوَصْفٍ قَائِمٍ بِهَا كَانَ عَلَى وُجُودِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. 47 - كَقَوْلِهِ: لِلْحَائِضِ: إنْ حِضْت، وَلِلْمَرِيضَةِ: إنْ مَرِضْت ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ بَدَأَ بِالنِّدَاءِ إلَخْ. بِأَنْ قَالَ: يَا عَمْرَةُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ، وَيَا زَيْنَبُ فَدَخَلَتْ عَمْرَةُ طَلُقَتَا، وَلَوْ قَالَ: لَمْ أَنْوِ طَلَاقَ زَيْنَبَ، لَمْ يُقْبَلْ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ يَا عَمْرَةُ طَالِقٌ وَيَا زَيْنَبُ، لَمْ يَنْوِهَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (45) قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِ الْإِحَاطَةِ إلَخْ. بِظَرْفِ قَوْلِهِ مُنْصَرِفَةٌ إلَى ثَلَاثَةٍ. (46) قَوْلُهُ: يَبَرُّ بِثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْقَبِيحِ كَأَنْ يَصِفَهَا بِمَا هُوَ مِنْ أَخْلَاقِ اللِّئَامِ وَاللُّصُوصِ وَالْمُخَادِعِينَ وَالْقَاتِلِينَ، وَيَأْثَمُ بِذَلِكَ. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: يَنْبَغِي لِلْحَالِفِ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْأَخِ بَعْدَمَا قَالَ مِنْ الْقَبِيحِ: إنَّمَا قُلْت ذَلِكَ لِأَجْلِ الْيَمِينِ وَهِيَ بَرِيَّةٌ مِنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ هَذَا الْكَلَامُ تَوْبَةً مِنْهُ عَمَّا قَالَ فِيهَا. كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ. وَقَوْلُهُ: يَكُونُ هَذَا الْكَلَامُ تَوْبَةً أَيْ رُجُوعًا عَمَّا قَالَهُ لَا إنَّهُ تَوْبَةٌ حَقِيقَةٌ (47) قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ لِلْحَائِضِ إنْ حِضْت إلَخْ. كَانَ عَلَى وُجُودِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إلَخْ. أَقُولُ: مَحَلُّ ذَلِكَ الْكَلَامِ مَا إذَا لَمْ يُقَيَّدْ بِالْغَدِ فَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا حِضْت غَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا حَائِضٌ فَهُوَ عَلَى دَوَامِ ذَلِكَ الْحَيْضِ إلَى الْغَدِ إنْ دَامَ إلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ مِنْ الْغَدِ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَةَ الثَّانِيَةَ لَا يُتَصَوَّرُ حُدُوثُهَا فِي الْغَدِ فَيُحْمَلُ عَلَى الدَّوَامِ إذَا عُلِمَ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ الْمَرِيضَةِ: إذَا مَرِضْت غَدًا فَهُوَ عَلَى دَوَامِ ذَلِكَ الْمَرَضِ ظَاهِرًا. كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.

إلَّا إذَا قَالَ لِصَحِيحَةٍ: إنْ صَحَحْت. 49 - وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا يَمْتَدُّ فَلِدَوَامِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ وَإِلَّا لَا. 50 - (إنْ) عَلَى التَّرَاخِي إلَّا بِقَرِينَةِ الْفَوْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَالَ لِلصَّحِيحَةِ: إنْ صَحَحْت إلَخْ. يَعْنِي " فَأَنْتِ طَالِقٌ " يَقَعُ الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ سَكَتَ عَنْ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ أَمْرٌ يَمْتَدُّ وَفِي مِثْلِهِ لِلدَّوَامِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ فَيَحْنَثُ لِلْحَالِ. كَمَا لَوْ قَالَ لِلْقَائِمِ: إذَا قُمْت، وَلِلْقَاعِدِ: إذَا قَعَدْت، وَلِلْبَصِيرِ إذَا أَبْصَرْتَ وَلِلْمُلُوكِ إذَا مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ يَحْنَثُ، كَمَا سَكَتَ عَنْ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ لِلدَّوَامِ حُكْمَ الِابْتِدَاءِ. (49) قَوْلُهُ: وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا يَمْتَدُّ فَلِدَوَامِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ وَإِلَّا لَا قِيلَ عَلَيْهِ: مُفَادُهُ امْتِدَادُ الصِّحَّةِ دُونَ الْمَرَضِ وَالْحَيْضِ وَفِيهِ نَظَرٌ. إذْ هُمَا مِمَّا يَمْتَدُّ (انْتَهَى) . أَقُولُ: هُمَا وَإِنْ كَانَا مِمَّا يَمْتَدُّ أَيْضًا إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ لَمَّا عَلَّقَ بِالْجُمْلَةِ أَحْكَامًا لَا تَتَعَلَّقُ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ فَقَدْ جَعَلَ الْكُلَّ شَيْئًا وَاحِدًا. (50) قَوْلُهُ: إنْ عَلَى التَّرَاخِي إلَّا بِقَرِينَةِ الْفَوْرِ إلَخْ. لَمْ أَجِدْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَاَلَّذِي فِي كَلَامِهِمْ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى قِسْمَيْنِ: مُؤَبَّدَةٌ: وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ مُطْلَقًا. وَمُؤَقَّتَةٌ: وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا الْيَوْمَ وَهَذَا الشَّهْرَ. فَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَمِينَ الْفَوْرِ قَالَ فِي الْمُحِيطِ لَمْ يَسْبِقْهُ أَحَدٌ فِي تَسْمِيَتِهَا وَلَا فِي حُكْمِهَا وَلَا خَالَفَهُ أَحَدٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَالنَّاسُ كُلُّهُمْ عِيَالُ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذَا (انْتَهَى) . بَلْ النَّاسُ عِيَالُ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْفِقْهِ كُلِّهِ وَهُوَ يَمِينٌ مُؤَبَّدَةٌ لَفْظًا مُؤَقَّتَةٌ مَعْنًى تُقَيَّدُ بِالْحَالِ أَوْ تَكُونُ بِنَاءً عَلَى أَمْرٍ حَالِيٍّ، فَمِنْ الثَّانِي امْرَأَةٌ تَهَيَّأَتْ لِلْخُرُوجِ فَحَلَفَ لَا تَخْرُجُ فَإِذَا جَلَسَتْ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَتْ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ قَصْدَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ الَّذِي تَهَيَّأَتْ لَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ خَرَجْت أَيْ السَّاعَةَ وَمِنْهُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَضْرِبَ عَبْدَهُ فَحَلَفَ عَلَيْهِ لَا يَضْرِبُهُ فَتَرَكَهُ سَاعَةً بِحَيْثُ يَذْهَبُ فَوْرَ ذَلِكَ ثُمَّ ضَرَبَهُ لَا يَحْنَثُ لِذَلِكَ بِعَيْنِهِ وَمِنْ الْأَوَّلِ اجْلِسْ تَغَدَّ عِنْدِي فَيَقُولُ: إنْ تَغَدَّيْت فَعَبْدِي حُرٌّ - تُقَيَّدُ بِالْحَالِ، فَإِذَا تَغَدَّى فِي يَوْمِهِ فِي مَنْزِلِهِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ وَقَعَ جَوَابًا تَضَمَّنَ إعَادَةَ مَا فِي السُّؤَالِ، وَالسُّؤَالُ التَّغَدِّي الْحَالِيُّ فَيَنْصَرِفُ الْحَلِفُ إلَى الْغَدَاءِ الْحَالِيِّ لِتَقَعَ الْمُطَابَقَةُ وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ نِيَّةِ الْحَالِفِ، ثُمَّ إنَّ التَّقْيِيدَ تَارَةً يَثْبُتُ

وَمِنْهُ. 52 - طَلَبَ جِمَاعَهَا فَأَبَتْ، فَقَالَ: إنْ لَمْ تَدْخُلِي مَعِي الْبَيْتَ، فَدَخَلَتْ بَعْدَ سُكُونِ شَهْوَتِهِ. 53 - وَمِنْهُ طَلِّقْنِي، فَقَالَ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك 54 - عَلَّقَهُ عَلَى زِنَاهُ فَشَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ وَقَعَ، وَإِنْ عَلَى الْمُعَايَنَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQصَرِيحًا وَتَارَةً يَثْبُتُ دَلَالَةً، وَالدَّلَالَةُ نَوْعَانِ: دَلَالَةٌ لَفْظِيَّةٌ، وَدَلَالَةٌ حَالِيَّةٌ، فَالدَّلَالَةُ اللَّفْظِيَّةُ نَحْوُ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ تَقَيَّدَ بِحَالِ حَيَاةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَالدَّلَالَةُ الْحَالِيَّةُ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: اجْلِسْ تَغَدَّ عِنْدِي؛ فَيَقُولُ: إنْ تَغَدَّيْت فَعَبْدِي حُرٌّ. (51) قَوْلُهُ: وَمِنْهُ إلَخْ. أَيْ مِمَّا حُمِلَ عَلَى الْفَوْرِ بِقَرِينَةٍ. (52) قَوْلُهُ: طَلَبَ جِمَاعَهَا فَأَبَتْ إلَخْ. فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ: رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يُجَامِعَ امْرَأَتَهُ فَلَمْ تُطَاوِعْهُ؛ فَقَالَ لَهَا: إنْ لَمْ تَدْخُلِي مَعِي الْبَيْتَ فَأَنْتِ طَالِقَةٌ فَلَمْ تَدْخُلْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَدَخَلَتْ فِي وَقْتٍ آخَرَ إنْ دَخَلَتْ بَعْدَ مَا سَكَنَتْ شَهْوَتُهُ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ عَدَمُ الدُّخُولِ لِقَضَاءِ تِلْكَ الشَّهْوَةِ مِنْهَا وَقَدْ تَحَقَّقَ عَدَمُ الدُّخُولِ لِقَضَاءِ تِلْكَ الشَّهْوَةِ. (53) قَوْلُهُ: وَمِنْهُ طَلِّقْنِي إلَخْ. مِمَّا حُمِلَ عَلَى الْفَوْرِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهَا لِزَوْجِهَا: طَلِّقْنِي؛ فَقَالَ لَهَا: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك أَيْ فَوْرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا فَوْرًا حَنِثَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ عَدَمُ طَلَاقِهَا فَوْرًا وَإِنْ طَلَّقَهَا فَوْرًا لَمْ يَحْنَثْ وَكَانَ طَلَاقًا مُنْجَزًا. هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ هَذَا الْمَحَلُّ (54) قَوْلُهُ: عَلَّقَهُ عَلَى زِنَاهُ إلَخْ. أَيْ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَلَا يُحَدُّ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ قِيلَ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَقَرَّ مَرَّةً وَاحِدَةً مَعَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ فِي حَقِّ الْحَدِّ إلَّا بِالْإِقْرَارِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي أَرْبَعِ مَجَالِسَ. يَعْنِي وَقِيَاسُهُ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ أَنْ لَا يُؤَاخَذَ بِهِ إلَّا بِالْإِقْرَارِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَيُجَابَ بِأَنَّ تَوَقُّفَ الثُّبُوتِ بِالْإِقْرَارِ عَلَى تَكَرُّرِهِ فِي حَقِّ الْحَدِّ. ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ مُؤَاخَذَتُهُ بِالطَّلَاقِ لَكِنْ يُرَدُّ حِينَئِذٍ عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ بِالْمُعَايَنَةِ؛ لِأَنَّ التَّوَقُّفَ عَلَى شَهَادَةِ الْأَرْبَعَةِ فِي حَقِّ الْحَدِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يَتَعَدَّى إلَى الثُّبُوتِ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ وَلَكِنَّهُ تَوَقَّفَ فِي حَقِّهِ أَيْضًا كَمَا تَرَى

لَا، كَمَا لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِهِ فَعَدَلَ مِنْهُمْ اثْنَانِ 55 - قَالَ لِلْأَرْبَعَةِ الْمَدْخُولَاتِ: كُلُّ امْرَأَةٍ لَمْ أُجَامِعْهَا مِنْكُنَّ اللَّيْلَةَ فَالْأُخْرَيَاتُ طَوَالِقُ فَجَامَعَ وَاحِدَةً ثُمَّ طَلَعَ الْفَجْرُ طَلُقَتْ الَّتِي جَامَعَهَا ثَلَاثًا وَغَيْرُهَا اثْنَتَيْنِ. 56 - أَضَافَهُ وَعَلَّقَهُ فَإِنْ قَدَّمَ الْجَزَاءَ وَأَخَّرَ الشَّرْطَ وَوَسَطُ الْوَقْتِ تَعَلَّقَ وَلَغَتْ الْإِضَافَةُ، 57 - وَلَوْ قَدَّمَ الشَّرْطَ تَعَلَّقَ الْمُضَافُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَالَ لِلْأَرْبَعِ الْمَدْخُولَاتِ كُلُّ امْرَأَةٍ لَمْ أُجَامِعْهَا إلَخْ. قِيلَ: وَجْهُهُ أَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِعَدَمِ جِمَاعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَالْمُجَامَعَةُ وَاحِدَةٌ فَفِي حَقِّهَا لَمَّا لَمْ يُجَامِعْ وَاحِدَةً مِنْ الثَّلَاثِ وَقَعَ عَلَيْهَا وَاحِدَةٌ بِعَدَدِهِنَّ وَفِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِمَّنْ لَمْ يُجَامِعْهَا لَمَّا لَمْ يُجَامِعْ اثْنَيْنِ غَيْرَهَا وَقَعَ عَلَيْهَا بِعَدَدِهِمَا. فَتَأَمَّلْ. أَقُولُ فِيهِ: إنَّ صَرِيحَ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَ الْبَوَاقِي عَلَى عَدَمِ جِمَاعِ الْوَاحِدَةِ، لَا أَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِعَدَمِ جِمَاعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، وَبِهِ صَرَّحَ قَاضِي خَانْ حَيْثُ قَالَ فِي تَوْجِيهِ الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ: إنَّهُ جَعَلَ تَرْكَ جِمَاعِ الْوَاحِدَةِ شَرْطًا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى الْبَوَاقِي بِكَلِمَةٍ تُوجِبُ عُمُومَ النِّسَاءِ يَعْنِي عُمُومًا بَدَلِيًّا وَهِيَ كَلِمَةُ " كُلُّ " فَإِنَّ عُمُومَهَا بَدَلِيٌّ لَا شُمُولِيٌّ وَفِي الَّتِي جَامَعَهَا وُجِدَ شَرْطُ طَلَاقِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَتَطْلُقُ هِيَ ثَلَاثًا، أَمَّا فِي غَيْرِهَا وُجِدَ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدَةٍ شَرْطُ الطَّلَاقِ مَرَّتَيْنِ بِتَرْكِ جِمَاعِ غَيْرِهَا (انْتَهَى) . وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْوَاحِدَةَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً كَانَ فِي الْمَعْنَى طَلَاقُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مُعَلَّقًا بِعَدَمِ جِمَاعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثُمَّ قِيلَ: مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُجَامِعْهُنَّ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا بِعَدَدِ صُوَيْحِبَاتِهَا الثَّلَاثِ وَلَوْ جَامَعَ ثِنْتَيْنِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلْقَتَانِ بِعَدَدِ مَنْ لَمْ يُجَامِعْهَا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِمَّنْ لَمْ يُجَامِعْهَا طَلْقَةٌ وَلَوْ جَامَعَ ثَلَاثًا مِنْهُنَّ لَا يَقِفُ شَيْءٌ لِعَدَمِ الشَّرْطِ. (56) قَوْلُهُ: أَضَافَهُ وَعَلَّقَهُ إلَخْ. بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا إذَا دَخَلْت الدَّارَ تَلْغُو ذِكْرُ الْغَدِ، وَيَتَعَلَّقُ الطَّلَاقُ بِدُخُولِ الدَّارِ حَتَّى لَوْ دَخَلَتْ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ تَطْلُقُ. (57) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَدَّمَ الشَّرْطَ إلَخْ. بِأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ غَدًا فَعَلَّقَ طَلَاقَ الْغَدِ بِالدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ طَلَاقَ الْغَدِ جَزَاءً لِلدُّخُولِ

وَلَوْ ذَكَرَ شَرْطًا أَوَّلًا ثُمَّ جَزَاءً ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ بِالْوَاوِ ثُمَّ ذَكَرَ جَزَاءً آخَرَ تَعَلَّقَ الْأُولَيَانِ بِالْأَوَّلِ وَالثَّالِثُ بِالثَّانِي. 59 - وَلَوْ كَانَ الْجَزَاءُ وَاحِدًا كَانَ الْمُعَلَّقُ بِالثَّانِي جَزَاءً لِلْأَوَّلِ فَلَا يَقَعُ لَوْ وُجِدَ الثَّانِي قَبْلَ الْأَوَّلِ ثُمَّ الْأَوَّلُ. 60 - وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ فِي الصَّفْحَتَيْنِ مَعَ إيضَاحِهَا مِنْ الْخَانِيَّةِ. كُلُّ مَنْ عَلَّقَ عَلَى صِفَةٍ لَمْ يَقَعْ دُونَ وُجُودِهَا. 61 - إلَّا إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ؛ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ لِلْحَالِ. وَلَمْ أَرَ الْآنَ 62 - مَا إذَا عَلَّقَهُ بِرُؤْيَتِهَا الْهِلَالَ فَرَآهُ غَيْرُهَا، وَيَنْبَغِي الْوُقُوعُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ دُخُولُ الشَّهْرِ. اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ. 63 - وَفَرَّعَ عَلَيْهِ فِي النِّهَايَةِ مِنْ مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْقَضَاءِ. أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ ذَكَرَ شَرْطًا أَوَّلًا ثُمَّ جَزَاءً إلَخْ. بِأَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ، وَإِنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا، فَالطَّلَاقُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي يَتَعَلَّقُ بِالدُّخُولِ وَالطَّلَاقُ الثَّالِثُ يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ الثَّانِي حَتَّى لَوْ دَخَلَتْ الدَّارَ طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ وَلَوْ كَلَّمَتْ فُلَانًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. (59) قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْجَزَاءُ وَاحِدًا إلَخْ. يَعْنِي وَكَانَ الشَّرْطُ مُتَعَدِّدًا. بِأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا، كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالْكَلَامِ جَزَاءً لِلدُّخُولِ حَتَّى لَوْ كَلَّمَتْ قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ ثُمَّ دَخَلَتْ لَا يَقَعُ شَيْءٌ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. (60) قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ فِي الصَّفْحَتَيْنِ مَعَ إيضَاحِهَا مِنْ الْخَانِيَّةِ إلَخْ. أَيْ مِنْ نُسْخَةِ الْمُؤَلِّفِ فَإِنَّهَا فِي نِصْفِ الْوَرَقِ الثَّانِي. (61) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ إلَخْ. أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ التَّعْلِيقُ (62) قَوْلُهُ: مَا إذَا عَلَّقَهُ بِرُؤْيَتِهَا الْهِلَالَ إلَخْ. أَيْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا. قَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي فَنِّ الْقَوَاعِدِ وَقَدَّمْنَا مَا يَرِدُ عَلَيْهَا فِيهَا. (63) قَوْلُهُ: وَفَرَّعَ عَلَيْهِ فِي النِّهَايَةِ إلَخْ. أَقُولُ: فِي التَّفْرِيعِ تَأَمَّلْ.

بِقَبْضِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ جِيَادٍ وَقَالَ مُتَّصِلًا إلَّا أَنَّهَا زُيُوفٌ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، 64 - لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ، كَمَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ لَمْ يَصِحَّ (انْتَهَى) . وَفِي الْإِيضَاحِ قُبَيْلَ الْأَيْمَانِ إذَا قَالَ: غُلَامَايَ حُرَّانِ؛ سَالِمٌ وَبُزَيْغٌ إلَّا بُزَيْغًا صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّهُ فَصَّلَ عَلَى سَبِيلِ التَّفْسِيرِ فَانْصَرَفَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْمُفَسَّرِ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا جُمْلَةً فَصَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: سَالِمٌ حُرٌّ وَبُزَيْغٌ حُرٌّ إلَّا بُزَيْغًا لِأَنَّهُ أَفْرَدَ كُلًّا مِنْهُمَا بِالذِّكْرِ فَكَانَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ بِجُمْلَةِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ فَلَا يَصِحُّ (انْتَهَى) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ كَمَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ إلَخْ. أَقُولُ: فِي جَعْلِ هَذَا نَظِيرًا لِذَلِكَ نَظَرٌ

[كتاب العتاق وتوابعه]

كِتَابُ الْعَتَاقِ وَتَوَابِعِهِ فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ: رَجُلٌ لَهُ خَمْسَةٌ مِنْ الرَّقِيقِ فَقَالَ: عَشَرَةٌ مِنْ مَمَالِيكِي أَحْرَارٌ إلَّا وَاحِدٌ أُعْتِقَ الْخَمْسُ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ تِسْعَةً مِنْ مَمَالِيكِي أَحْرَارٌ وَلَهُ خَمْسَةٌ فَعَتَقُوا، وَلَوْ قَالَ: مِنْ مَمَالِيكِي الْعَشَرَةِ أَحْرَارٌ إلَّا وَاحِدٌ أُعْتِقَ أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ. 1 - لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْعَشَرَةَ عَلَى سَبِيلِ التَّفْسِيرِ 2 - وَذَلِكَ غَلَطٌ مِنْهُ فَلَغَا فَانْصَرَفَ ذِكْرُ الْعَشَرَةِ إلَى مَمَالِيكِهِ إذَا وَجَبَتْ قِيمَةٌ عَلَى إنْسَانٍ وَاخْتَلَفَ الْمُقَوِّمُونَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْوَسَطِ 3 - إلَّا إذَا كَاتَبَهُ عَلَى قِيمَةِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْأَعْلَى كَمَا فِي كِتَابِ الظَّهِيرِيَّةِ. أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْعَبْدِ إذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ وَكَانَ مُوسِرًا، فَإِنَّ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْعَتَاقِ وَتَوَابِعِهِ] قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْعَشَرَةَ عَلَى سَبِيلِ التَّفْسِيرِ. يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْعَشَرَةَ عَطْفُ بَيَانٍ مِنْ مَمَالِيكِهِ (2) قَوْلُهُ: وَذَلِكَ غَلَطٌ. أَيْ الذِّكْرُ لَا التَّفْسِيرُ، إذْ كَوْنُهُ تَفْسِيرًا يُنَافِي كَوْنَهُ غَلَطًا (3) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَاتَبَهُ عَلَى قِيمَةِ نَفْسِهِ إلَخْ. يَعْنِي وَلَمْ يَتَصَادَقَا عَلَى أَنَّ مَا أَدَّى قِيمَتَهُ وَرَجَعَا إلَى تَقْوِيمِ الْمُتَقَوِّمِينَ وَلَمْ يَتَّفِقْ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَلَى شَيْءٍ بِأَنْ قَوَّمَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ لَا يُعْتَقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْأَعْلَى. ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْأَثَرِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ يُجْعَلُ ذَلِكَ قِيمَةً قُيِّدَ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى حَيَوَانٍ وَلَمْ يَذْكُرْ النَّوْعَ وَالْوَصْفَ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْوَسَطِ وَيُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى قَبُولِ الْقِيمَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ.

إلَّا إذَا أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا. كَذَا فِي عِتْقٍ الظَّهِيرِيَّةِ 5 - دَعْوَةُ الِاسْتِيلَادِ تَسْتَنِدُ؛ وَالتَّحْرِيرُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْحَالِ؛ وَالْأُولَى أَوْلَى وَبَيَانُهُ فِي الْجَامِعِ. مُعْتَقُ الْبَعْضِ كَالْمُكَاتَبِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ: الْأُولَى: إذَا عَجَزَ لَا يُرَدُّ فِي الرِّقِّ. الثَّانِيَةُ: إذَا جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِنٍّ فِي الْبَيْعِ يَتَعَدَّى الْبُطْلَانُ إلَى الْقِنِّ؛ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ 6 - الثَّالِثَةُ: إذَا قُتِلَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ، 7 - بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ. إذَا قُتِلَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً فَإِنَّ الْقِصَاصَ وَاجِبٌ. ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجِنَايَاتِ، وَالثَّانِيَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ إلَخْ. يَعْنِي إذَا أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ وَمَاتَ. وَقَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَيْ فِي مَالِهِ حَتَّى لَا يَجِبَ شَيْءٌ عَلَى وَرَثَتِهِ. وَقَوْلُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ كَانَ فِي مَرَضِهِ فَعِنْدَهُمَا لَا يَجِبُ شَيْءٌ عَلَى وَرَثَتِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُسْتَوْفَى مِنْ مَالِهِ، انْتَهَى. (5) قَوْلُهُ: دَعْوَةُ الِاسْتِيلَادِ تَسْتَنِدُ وَالتَّحْرِيرُ يَقْتَصِرُ إلَخْ. صُورَتُهُ: جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ وَلَدًا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ مَلَكَاهَا، فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ الْأُمَّ بِنْتُهُ، وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّ وَلَدَهَا وَلَدُهُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِ مُدَّعِيهِ فَدَعْوَةُ مُدَّعِي الْوَلَدِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا دَعْوَةُ اسْتِيلَادٍ، إذْ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِهِ، وَدَعْوَةُ الِاسْتِيلَادِ أَسْبَقُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِاسْتِنَادِهَا إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ، وَتَبْطُلُ دَعْوَةُ صَاحِبِهِ نَسَبَ نَسَبِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَةُ تَحْرِيرٍ وُجِدَتْ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ حُكْمًا فَيَقْتَصِرُ عَلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ. (6) قَوْلُهُ: الثَّالِثَةُ: إذَا قُتِلَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً إلَخْ. يَعْنِي إذَا قُتِلَ مُعْتَقُ الْبَعْضِ عَمْدًا وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً لِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْبَعْضِ لَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ عَاجِزًا وَلِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ يُعْتَقُ بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ، فَاشْتَبَهَ الْمُسْتَحِقُّ كَالْمُكَاتَبِ إذَا قُتِلَ عَنْ وَفَاءٍ. (7) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ إلَخْ. يَعْنِي يَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ: وَهَذَا قَوْلُهُمَا. وَعِنْدَ

فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَالْأُولَى فِي الْمُتُونِ. التَّوْأَمَانِ كَالْوَلَدِ الْوَاحِدِ فَالثَّانِي يَتْبَعُ الْأَوَّلَ فِي أَحْكَامِهِ، فَإِذَا أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا فَوَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ، الْأَوَّلُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالثَّانِي لِتَمَامِهَا فَأَكْثَرَ عَتَقَ الثَّانِي تَبَعًا لِلْأَوَّلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْ الْأَوَّلَ لِتَمَامِهَا فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. 8 - إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: الْأَوَّلُ مِنْ جِنَايَاتِ الْمَبْسُوطِ، لَوْ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينَيْنِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِهِمَا وَالْآخَرُ بَعْدَ مَوْتِهَا وَهُمَا مَيِّتَانِ. 9 - فَفِي الْأَوَّلِ غُرَّةٌ فَقَطْ. 10 - الثَّانِيَةُ: نِفَاسُ التَّوْأَمَيْنِ مِنْ الْأَوَّلِ. 11 - وَمَا رَأَتْهُ عَقِبَ الثَّانِي لَا مَنْ مَلَكَ وَلَدَهُ مِنْ الزِّنَا فَإِنَّهُ يُعْتَقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ هُنَا قَدْ اخْتَلَفَ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى يَسْتَحِقُّهُ بِالْوَلَاءِ إنْ مَاتَ حُرًّا، وَبِالْمِلْكِ إنْ مَاتَ عَبْدًا، فَاشْتَبَهَ الْحَالُ فَلَا يَسْتَحِقُّ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ (8) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ. اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ فَالثَّانِي تَبَعٌ لِلْأَوَّلِ فِي أَحْكَامِهِ. (9) قَوْلُهُ: فَفِي الْأَوَّلِ غُرَّةٌ فَقَطْ إلَخْ. يَعْنِي وَلَا شَيْءَ فِي الثَّانِي وَلَوْ تَبِعَ الْأَوَّلَ فِي أَحْكَامِهِ لَكَانَ فِي غُرَّةٍ. (10) قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ نِفَاسُ التَّوْأَمَيْنِ إلَخْ. مِنْ الْأَوَّلِ يَعْنِي لَا مِنْ الثَّانِي عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ بِالْوَلَدِ الْأَوَّلِ ظَهَرَ انْفِتَاحُ الرَّحِمِ فَكَانَ الْمَرْئِيُّ عَقِيبَهُ نِفَاسًا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَزُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا حَامِلٌ بِهِ فَلَا يَكُونُ دَمُهَا مِنْ الرَّحِمِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيُّ: الصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَاعْتَمَدَهُ أَصْحَابُ الْمُتُونِ، ثُمَّ إنَّ فِي اسْتِثْنَاءِ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ الْأَصْلِ الْمُتَقَدِّمِ نَظَرٌ. (11) قَوْلُهُ: وَمَا رَأَتْهُ عَقِبَ الثَّانِي لَا. أَيْ لَا يَكُونُ نِفَاسًا أَقُولُ: فِيهِ تَفْصِيلٌ

عَلَيْهِ، وَمَنْ مَلَكَ أُخْتَهُ لِأَبِيهِ مِنْ الزِّنَا لَمْ تُعْتَقْ، وَلَوْ كَانَتْ أُخْتَهُ لِأُمِّهِ مِنْ الزِّنَا عَتَقَتْ، 12 - وَالْفَرْقُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ بَابِ الِاسْتِيلَادِ وَالتَّدْبِيرُ وَصِيَّةٌ فَيُعْتَقُ الْمُدَبَّرُ مِنْ الثَّلَاثِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ؛ 13 - لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَيَصِحُّ عَنْهَا؛ وَتَدْبِيرُ الْمُكْرَهِ صَحِيحٌ لَا وَصِيَّتُهُ، 14 - وَلَا يُبْطِلُهُ الْجُنُونُ وَيُبْطِلُ الْوَصِيَّةَ. وَالثَّلَاثُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ لِتَأْقِيتِ الْمُدَّةِ لَا يَعِيشُ الْإِنْسَانُ غَالِبًا تَأْبِيدُ مَعْنًى فِي التَّدْبِيرِ عَلَى الْمُخْتَارِ فَيَكُونُ مُطْلَقًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ فَقَالَ: وَأَفَادَ، يَعْنِي صَاحِبُ الْكَنْزِ، أَنَّ مَا تَرَاهُ عَقِبَ الثَّانِي إنْ كَانَ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ فَهُوَ نِفَاسٌ، الْأَوَّلُ لِتَمَامِهَا وَاسْتِحَاضَةٌ بَعْدَ تَمَامِهَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ فَتَغْسِلُ وَتُصَلِّي كَمَا وَضَعَتْ الثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ (12) قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ الِاسْتِيلَادِ. وَعِبَارَتُهُ إذَا اشْتَرَى أَخَاهُ مِنْ الزِّنَا لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَخَ يُنْسَبُ إلَى أَخِيهِ بِوَاسِطَةِ الْأَبِ وَنِسْبَةُ الْأَبِ مُنْقَطِعَةٌ فَلَا تَثْبُتُ الْأُخُوَّةُ. قَالُوا: هَذَا إذَا كَانَ أَخَاهُ مِنْ أَبِيهِ، أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ أُمِّهِ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ إذَا مَلَكَهُ؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ الْوَلَدِ إلَى الْأُمِّ لَا تَنْقَطِعُ فَتَكُونُ الْأُخُوَّةُ ثَابِتَةً، فَيُعْتَقُ بِالْمِلْكِ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يَتَحَقَّقُ الْأُخُوَّةُ مِنْ الْأُمِّ عُهِدَ لَنَا وَلَدٌ مِنْ أُمٍّ دُونَ الْعَكْسِ (انْتَهَى) . أَيْ وَلَدٌ مِنْ أَبٍ دُونَ أُمٍّ (13) قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ. إنَّمَا لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهَا وَيَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ مَعْنَى التَّعْلِيقِ، وَالتَّعْلِيقُ لَا يَبْطُلُ بِالرُّجُوعِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ. كَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. (14) قَوْلُهُ: وَلَا يُبْطِلُهُ الْجُنُونُ وَتُبْطِلُ الْوَصِيَّةَ إلَخْ. يَعْنِي لِأَنَّ فِي التَّدْبِيرِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ وَهُوَ لَا يَبْطُلُ بِالْجُنُونِ كَمَا لَا يَبْطُلُ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ. وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَدَّ الْجُنُونِ الْمُبْطِلِ لِلْوَصِيَّةِ وَفِيهِ خِلَافٌ، قِيلَ: شَهْرٌ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

وَفِي الْإِجَارَةِ فَتَفْسُدُ. 16 - إلَى نَحْوِ مِائَتَيْ سَنَةٍ، 17 - إلَّا فِي النِّكَاحِ بِالتَّأْقِيتِ فَيَفْسُدُ الْمُتَكَلِّمُ بِمَا لَمْ يَعْلَمْ مَعْنَاهُ يَلْزَمُهُ حُكْمُهُ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالتَّدْبِيرِ، 18 - إلَّا فِي مَسَائِلِ الْبَيْعِ 19 - وَالْخُلْعِ عَلَى الصَّحِيحِ، فَلَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ وَالْإِجَارَةُ وَالْهِبَةُ 20 - وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَدَّرَهُ بِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ، وَفِي رِوَايَةٍ بِسَنَةٍ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ تَرْجِيحَ قَوْلِهِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يَنْبَغِي اعْتِمَادُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قِيَاسًا عَلَى بُطْلَانِ الْوَكَالَةِ بِهِ، وَهُوَ مُقَدَّرٌ فِيهَا بِشَهْرٍ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: قَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رَسَائِلِهِ بِأَنَّ الْقِيَاسَ بَعْدَ الْأَرْبَعِ مِائَةٍ مُنْقَطِعٌ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقِيسَ مَسْأَلَةً عَلَى مَسْأَلَةٍ كَيْفَ وَالْفَتْوَى عَلَى التَّفْوِيضِ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي فِي الْوَصِيَّةِ. (15) قَوْلُهُ: وَفِي الْإِجَارَةِ فَتَفْسُدُ إلَخْ. أَيْ وَتَأْبِيدٌ فِي الْإِجَارَةِ فَتَفْسُدُ وَالْفَاءُ فَصِيحَةٌ. (16) قَوْلُهُ: إلَى نَحْوِ مِائَتَيْ سَنَةٍ. الْجَارُّ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِ " تَفْسُدُ " بَلْ بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ فَتَفْسُدُ الْإِجَارَةُ بِالتَّأْقِيتِ إلَى نَحْوِ مِائَتَيْ سَنَةٍ. (17) قَوْلُهُ: إلَّا فِي النِّكَاحِ. أَقُولُ: صَوَابُهُ لَا فِي النِّكَاحِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (18) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسَائِلِ الْبَيْعِ إلَخْ. هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ غَيْرُ صَحِيحٍ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَالصَّوَابُ لَا فِي الْبَيْعِ وَالْخُلْعِ إلَخْ. (19) قَوْلُهُ: وَالْخُلْعِ عَلَى الصَّحِيحِ فَلَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ إلَخْ. فِيهِ إشْعَارٌ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْخُلْعِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهَا الْمَالُ، وَهُوَ قَوْلٌ. وَالْمُفْتَى بِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْخُلْعُ. (20) قَوْلُهُ: وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ إلَخْ. وَهُوَ كَذَا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الشَّرْحِ مِنْ أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الْمَهْرِ كَالطَّلَاقِ وَعَزَاهُ لِلتَّتِمَّةِ فَخِلَافُ الْمُعْتَمَدِ فِي الْمَذْهَبِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

كَمَا فِي نِكَاحِ الْخَانِيَّةُ الْمُعْتَقُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ. قُلْت: إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ لَوْ كَانَ الْمُعْتَقُ مَجْهُولَ النَّسَبِ فَأَقَرَّ بِالرِّقِّ لِرَجُلٍ وَصَدَّقَهُ الْمُعْتِقُ 22 - فَإِنَّهُ يَبْطُلُ إعْتَاقُهُ كَمَا فِي إقْرَارِ التَّلْخِيصِ. الْوَلَاءُ لَا يَحْتَمِلُ الْإِبْطَالَ قُلْت: إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ؛ وَهِيَ 23 - الْمَذْكُورَةُ فَإِنَّهُ بَطَلَ الْوَلَاءُ بِإِقْرَارِهِ. 24 - وَالثَّانِيَةُ لَوْ ارْتَدَّتْ الْمُعْتَقَةُ وَسُبِيَتْ فَأَعْتَقَهَا السَّابِي كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ، وَبَطَلَ الْوَلَاءُ عَنْ الْأَوَّلِ كَمَا فِي إقْرَارِ التَّلْخِيصِ 25 - لَوْ اخْتَلَفَ الْمَوْلَى مَعَ عَبْدِهِ 26 - فِي وُجُودِ الشَّرْطِ فَالْقَوْلُ لِلْمَوْلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا فِي نِكَاحِ الْخَانِيَّةِ إلَخْ. أَقُولُ: لَيْسَ فِي الْخَانِيَّةِ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ الَّذِي ذَكَرَهُ (22) قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَبْطُلُ إعْتَاقُهُ. يَعْنِي لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ الْمُسْتَنِدِ إلَى تَصْدِيقِ الْمُعْتِقِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُعْتِقَ بِهَذَا التَّصْدِيقِ سَاعٍ فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْتَبَرَ تَصْدِيقُهُ. (23) قَوْلُهُ: وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ إلَخْ. صَوَابُهُ الْأُولَى وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ. قِيلَ: حَيْثُ قَالَ: لَوْ كَانَ الْمُعْتَقُ مَجْهُولَ النَّسَبِ إلَخْ. لِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ الْإِعْتَاقُ بَطَلَ الْوَلَاءُ إذْ هُوَ مُتَرَتِّبٌ عَلَيْهِ. (24) قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ لَوْ ارْتَدَّتْ الْمُعْتَقَةُ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُزَادُ أُخْرَى كَمَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً أُعْتِقَتْ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ، جَازَ أَسْرُهَا وَاسْتِرْقَاقُهَا بِالرِّقِّ (25) قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَوْلَى مَعَ عَبْدِهِ إلَخْ. أَقُولُ: الصَّوَابُ مَعَ مَمْلُوكِهِ لِصِدْقِهِ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بِخِلَافِ الْعَبْدِ لِيُطَابِقَ مَا يَلِيهِ مِنْ مَسَائِلِ الِاسْتِثْنَاءِ. (26) قَوْلُهُ: فِي وُجُودِ الشَّرْطِ. كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ فِي وُجُودِ الْوَصْفِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي. فَفِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ إذَا أَنْكَرَتْ ذَلِكَ الْوَصْفَ.

إلَّا فِي مَسَائِلَ؛ كُلُّ أَمَةٍ لِي حُرَّةٌ إلَّا أَمَةً خَبَّازَةً، إلَّا أَمَةً اشْتَرَيْتهَا مِنْ زَيْدٍ، إلَّا أَمَةً نِكْتُهَا الْبَارِحَةَ، إلَّا أَمَةً ثَيِّبًا؛ فَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ إذَا أَنْكَرَتْ ذَلِكَ الْوَصْفَ وَادَّعَاهُ فَالْقَوْلُ لَهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: إلَّا أَمَةً بِكْرًا، أَوْ لَمْ أَشْتَرِهَا مِنْ فُلَانٍ، أَوْ لَمْ أَطَأْهَا الْبَارِحَةَ أَوْ إلَّا خُرَاسَانِيَّةً. 28 - فَالْقَوْلُ لَهُ وَتَمَامُهُ فِي أَيْمَانِ الْكَافِي الْمُدَبَّرُ إذَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّهُ لَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ السَّيِّدُ سَفِيهًا وَقْتَ التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْحَجْرِ، وَفِيمَا إذَا قُتِلَ سَيِّدُهُ كَمَا فِي شَرْحِنَا 29 - الْمُدَبَّرُ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ؛ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْمُعْتَقِ فِي الْمَرَضِ. وَجِنَايَتُهُ جِنَايَةُ الْمُكَاتَبِ كَمَا فِي الْكَافِي. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسَائِلَ كُلُّ أَمَةٍ إلَخْ. فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ لَمْ يَقَعْ الِاخْتِلَافُ فِيهَا فِي الشَّرْطِ بَلْ فِي الْوَصْفِ وَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهَا. (28) قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لَهُ. أَمَّا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ فَلِأَنَّ الْأَصْلَ يَشْهَدُ لَهُ إذْ الْأَصْلُ الْبَكَارَةُ وَعَدَمُ الشِّرَاءِ مِنْ فُلَانٍ وَعَدَمُ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الْعَدَمَ سَابِقٌ عَلَى الْوُجُودِ فِي الْخَارِجِ إذْ الْعَالَمُ حَادِثٌ بَعْدَ سَبْقِ عَدَمِهِ. وَأَمَّا فِي الرَّابِعَةِ فَوَاضِحٌ قَوْلُهُ. وَكَذَا فِي الرَّابِعَةِ فَإِنَّهُ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا (29) قَوْلُهُ: الْمُدَبَّرُ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَ الْإِمَامِ إلَخْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ: اعْلَمْ أَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا حُرٌّ مَدْيُونٌ فَتُفَرَّعُ الْأَحْكَامُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَا يُزَوِّجُ نَفْسَهُ، كَمَا فِي الْمَجْمَعِ مِنْ الْجِنَايَاتِ. وَلَوْ تُرِكَ مُدَبَّرًا فَقُتِلَ خَطَأً وَهُوَ يَسْعَى لِلْوَارِثِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِوَلِيِّهِ، وَقَالَ: دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ (انْتَهَى) . وَعَلَّلَهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَكَذَا الْمُنْجَزُ عِتْقُهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّهُ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَهُمْ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا فِي شَهَادَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ وَحُكْمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQجِنَايَاتِهِ كَجِنَايَاتِ الْمُكَاتَبِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ: قَدْ صَدَرَتْ تِلْكَ الْعِبَارَاتُ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِنَصِّ الْإِمَامِ، وَإِنْ وَرَدَ مِثْلُهَا مُسْنَدًا لِلْإِمَامِ فَقَدْ اخْتَلَفَ عَنْهُ النَّقْلُ وَلَمْ يُحَرِّرْهُ الْأَعْلَامُ. وَالْمُقَرَّرُ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ فِي تَجَزِّي الْإِعْتَاقِ وَعَدَمِهِ فِيمَنْ أُعْتِقَ بَعْضُهُ لَا فِيمَنْ أُعْتِقَ كُلُّهُ مُعَلَّقًا عَلَى شَرْطٍ فَوَجَدَهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ صِحَّتِهِ وَسِعَايَتُهُ بَعْدَهُ سِعَايَةُ حُرٍّ مَدْيُونٍ، كَالْمُدَبَّرِ إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ. وَقَوْلُهُ هُنَا وَفِي الْبَحْرِ: الْمُدَبَّرُ كَالْمُكَاتَبِ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ، لَيْسَ التَّحْقِيقُ وَإِنْ وَرَدَ مَنْقُولًا عَنْ الْإِمَامِ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي السِّرَاجِ: الْمُسْتَسْعِي عِنْدَ الْإِمَامِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: كُلُّ مَنْ يَسْعَى فِي تَخْلِيصِ رَقَبَتِهِ فَهُوَ كَالْمُكَاتَبِ، وَكُلُّ مَنْ يَسْعَى فِي بَدَلِ رَقَبَتِهِ الَّذِي لَزِمَهُ بِالْعِتْقِ أَوْ فِي قِيمَةِ رَقَبَتِهِ لِأَجْلِ بَدَلِ شَرْطٍ عَلَيْهِ، أَوْ لِدَيْنٍ ثَبَتَ فِي رَقَبَتِهِ فَهُوَ كَالْحُرِّ (انْتَهَى) . وَمِثْلُهُ فِي الْإِيضَاحِ وَالْمُصَفَّى وَشَرْحِ مَنْظُومَةِ النَّسَفِيِّ لِأَبِي الْبَرَكَاتِ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُدَبَّرَ عَتَقَ كُلُّهُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى فَهُوَ وَإِنْ سَعَى يَسْعَى وَهُوَ حُرٌّ، فَلَمْ يَكُنْ كَالْمُكَاتَبِ فَجُعِلَ الْمُدَبَّرُ حَالَ سِعَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَفِي الْبَحْرِ لَيْسَ مُحَرَّرًا، فَإِنَّ الْمُكَاتَبَ رَقِيقٌ حَالَ سِعَايَتِهِ، وَذَلِكَ بِنَصِّ الشَّارِعِ. الْمُكَاتَبُ قِنٌّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَالْمُدَبَّرُ حُرٌّ مِنْ الثُّلُثِ، وَلِهَذَا قَصَرَ التَّشْبِيهَ بِهِ عَلَى مُعْتَقِ الْبَعْضِ، الْإِمَامُ الْأَجَلُّ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فَقَالَ: وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ كَالْمُكَاتَبِ فِي حُدُودِهِ وَأَرْشِ جِنَايَتِهِ مِيرَاثِهِ وَشَهَادَتِهِ، وَذَكَرَ الدَّلِيلَ ثُمَّ قَالَ: وَالْمَعْنَى الْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ سِعَايَتَهُ لِأَجْلِ الْخَلَاصِ مِنْ رَقِّهِ (انْتَهَى) . فَأَفَادَ بِمَفْهُومِهِ أَنَّ مَنْ سَعَى لِدَيْنٍ لَزِمَهُ لَا لِفَكِّ رَقَبَتِهِ لَيْسَ كَالْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مَدْيُونٌ كَالْمُدَبَّرِ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُنَا وَفِي الْبَحْرِ: الْمُدَبَّرُ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَ الْإِمَامِ لَيْسَ مُحَرَّرًا، لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ حُرٌّ مَدْيُونٌ يَسْعَى لِوَفَاءِ دَيْنِهِ لَا لِفَكِّ رَقَبَتِهِ، فَمَا فَرَّعَهُ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَا يُزَوِّجُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ لَيْسَ مُسَلَّمًا إسْنَادُهُ، وَإِنْ وَقَعَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ يُؤَوَّلُ لِمَا قَدَّمْنَا وَقَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ مِنْ الْجِنَايَاتِ وَنَصُّهُ: لَوْ تَرَكَ مُدَبَّرًا فَقُتِلَ خَطَأً أَوْ يَسْعَى لِلْوَارِثِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ. (انْتَهَى) . وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا مُتَفَرِّعٌ عَلَى مَا قِيلَ: إنَّ الْمُسْتَسْعَى كَالْمُكَاتَبِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ فَلَا يَتَنَاوَلُ الْمُدَبَّرَ، لِأَنَّ جِنَايَتَهُ حَالَ سِعَايَتِهِ جِنَايَةُ حُرٍّ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ مَوْلَاهُ لِنُزُولِ حُرِّيَّتِهِ بِمَوْتِ مَوْلَاهُ. وَقَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ هَكَذَا فِي الْكَافِي وَعَلَّلَهُ بِمَا قَدَّمْنَا يَعْنِي أَنَّ الْمُدَبَّرَ كَالْمُكَاتَبِ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ مُجَرَّدَ تَشَبُّهِ الْمُدَبَّرِ بِالْمُكَاتَبِ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ حَالَ

وَفَرَّعْت عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهُ مَا دَامَ يَسْعَى وَعِنْدَهُمَا حُرٌّ مَدْيُونٌ فِي الْكُلِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQسِعَايَتِهِ رَقِيقًا، لِلنَّصِّ عَلَى حُرِّيَّةِ الْمُدَبَّرِ بِمُجَرَّدِ مَوْتِ سَيِّدِهِ. وَصَاحِبُ الْكَافِي قَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ مَا يُخَالِفُهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا يُعْدَلُ عَنْهُ لِظُهُورِ وَجْهِهِ بِنَصِّ الشَّارِعِ. رَوَى ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ وَهُوَ حُرٌّ مِنْ الثُّلُثِ» قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: فَانْعَقَدَ التَّدْبِيرُ سَبَبًا فِي الْحَالِ لِلْعِتْقِ وَتَعَلَّقَ بِمُطْلَقِ الْمَوْلَى فَيُعْتَقُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى بِكَلَامِهِ لَا بِكَلَامٍ آخَرَ، فَاسْتَحَالَ تَوَقُّفُهُ عَلَى شَيْءٍ غَيْرِ شَرْطِهِ، فَمَنْ نَصَّ عَلَى تَوَقُّفِ عِتْقِهِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا إلَى أَدَاءِ السِّعَايَةِ لَمْ يُحَرِّرْ الْمَنَاطَ، فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَوَجْهُ عَدَمِ تَسْلِيمِ إسْنَادِهِ لِلْإِمَامِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَأْخُوذًا مِنْ التَّشْبِيهِ فِي حَالِ السِّعَايَةِ بِالْمُكَاتَبِ. كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُسْتَسْعَى كَالْمُكَاتَبِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَئِنْ سَلَّمَ وَصَحَّ نَقْلُهُ عَنْ الْإِمَامِ نَصًّا فَقَدْ اخْتَلَفَ النَّقْلُ، وَالْوَجْهُ الْمُوَافِقُ نَصُّ الشَّارِعِ وَقَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ: وَهَكَذَا الْمُنْجَزُ عِتْقُهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّهُ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا فِي شَهَادَةِ الْبَزَّازِيَّةِ، وَلَمْ أَرَهُ فِيهَا. وَعِبَارَتُهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُدَبَّرِ (انْتَهَى) . وَوَصْفُهُ بِالْمُدَبَّرِ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَهُوَ حُرٌّ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ. وَقَدْ تَلَخَّصَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ مُحَرَّرًا أَنَّ الْمُدَبَّرَ إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ يَسْعَى وَهُوَ حُرٌّ وَأَحْكَامُهُ أَحْكَامُ الْأَحْرَارِ، وَكَذَا الْمُعْتَقُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَالْمُعْتَقُ عَلَى مَالٍ أَوْ خِدْمَةٍ إذَا قَبِلَ الْمَالَ وَالْخِدْمَةَ حُرٌّ لَهُ أَحْكَامُ الْأَحْرَارِ (انْتَهَى) . وَهُوَ حَقِيقٌ بِالْقَبُولِ حَقِيقٌ بِالْعَضِّ عَلَيْهِ بِالنَّوَاجِذِ؛ وَلِلَّهِ دَرُّ الْعَلَّامَةِ ابْنِ مَالِكٍ حَيْثُ يَقُولُ فِي خُطْبَةِ كِتَابِهِ التَّسْهِيلِ: وَإِذَا كَانَتْ الْعُلُومُ مِنَحًا إلَهِيَّةً وَمَوَاهِبَ اخْتِصَاصِيَّةً فَغَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ أَنْ يَظْهَرَ لِكَثِيرٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَا خَفِيَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ. (30) قَوْلُهُ: وَفَرَّعْت عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهُ مَا دَامَ يَسْعَى إلَخْ. أَقُولُ لَا يَخْفَى عَدَمُ صِحَّةِ التَّفْرِيعِ الْمَذْكُورِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ عَدَمِ تَسْلِيمِ إسْنَادِ الْأَصْلِ الْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ إلَى الْإِمَامِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

[كتاب الأيمان]

كِتَابُ الْأَيْمَانِ 1 - الْمَعْرِفَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْأَيْمَانِ] قَوْلُهُ: الْمَعْرِفَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ. يَعْنِي إذَا قَالَ: إنْ كَلَّمَ غُلَامِي هَذَا أَحَدًا، وَقَالَ: إنْ أَلْبَسْت هَذَا الْقَمِيصَ أَحَدًا، أَوْ قَالَ: إنْ دَخَلَ دَارَك هَذِهِ أَحَدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَعْتِقْ أَيَّ عَبِيدِي شِئْتَ، لَا يَدْخُلُ الْحَالِفُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ دُخُولَ نَفْسِهِ حَتَّى لَوْ كَلَّمَ الْحَالِفُ غُلَامَ نَفْسِهِ أَوْ لَبِسَ ذَلِكَ الْقَمِيصَ أَوْ دَخَلَ دَارَ نَفْسِهَا تِلْكَ لَمْ تَطْلُقْ. وَلَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ لَمْ يُعْتَقْ؛ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ لِأَنَّهُمَا ضِدَّانِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ وَفِي دُخُولِهَا تَحْتَهَا يَلْزَمُ الِاجْتِمَاعُ، إذْ الْمُرَادُ بِالْيَاءِ الْمُتَكَلِّمُ، وَبِتَائِهِ فِي قَوْلِهِ: أَلْبَسْت، وَبِكَافِ الْخِطَابِ فِي قَوْلِهِ: دَارَك، وَبِالْمُضْمَرِ الْمُسْتَكِنِ فِي قَوْلِهِ أَعْتِقْ الْمُعَرَّفَةُ فَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: أَحَدٌ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: زَوِّجْ ابْنَتِي مِنْ رَجُلٍ لَا يَدْخُلُ الْمَأْمُورُ لِمَا ذَكَرْنَا. وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ فَلِأَنَّ " أَيًّا " وَإِنْ كَانَتْ مَعْرِفَةً عِنْدَ النُّحَاةِ لِلْإِضَافَةِ إلَّا أَنَّهَا بِمَنْزِلِهِ النَّكِرَةِ؛ لِأَنَّهَا تَصْحَبُهَا لَفْظًا أَوْ مَعْنًى، أَمَّا لَفْظًا فَفِي قَوْلِك: أَيُّ رَجُلٍ فَعَلَ كَذَا، وَأَمَّا مَعْنًى فَفِي نَحْوِ قَوْله تَعَالَى {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} [النمل: 38] يَعْنِي - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - أَيُّ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُمْ. كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. وَفِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ قَالَ: إنْ مَسَّ هَذَا الرَّأْسَ أَحَدٌ وَأَشَارَ إلَى رَأْسِهِ لَمْ يَدْخُلْ الْحَالِفُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ الْحَالِفُ إلَى نَفْسِهِ بِيَاءِ الْإِضَافَةِ؛ لِأَنَّ رَأْسَهُ مُتَّصِلٌ بِهِ خِلْقَةً فَكَانَ أَقْوَى مِنْ إضَافَتِهِ إلَى نَفْسِهِ بِيَاءِ الْإِضَافَةِ. وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ: امْرَأَةٌ قَالَتْ: زَوِّجْنِي مَنْ شِئْت فَزَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ صَحَّ (انْتَهَى) . وَفِي أَوْقَافِ هِلَالٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، لَكِنْ قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبَزْدَوِيُّ حِين سُئِلَ عَنْ صِحَّةِ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ: الْأَصْلُ مَا قَالُوا فِي الْكُتُبِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مَعْرِفَةٌ فَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ وَإِنَّمَا وَكَّلَتْهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ رَجُلٍ مُنْكَرٍ وَهَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَمَّا عِنْدَ إرَادَةِ الدُّخُولِ بِالنِّيَّةِ فَتَدْخُلُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْجَامِعِ الْكَبِيرِ.

إلَّا الْمَعْرِفَةَ فِي الْجَزَاءِ كَذَا فِي الْأَيْمَانِ الظَّهِيرِيَّةِ 3 - يَمِينُ اللَّغْوِ لَا مُؤَاخَذَةَ فِيهَا إلَّا فِي ثَلَاثٍ: الطَّلَاقُ، وَالْعَتَاقُ، وَالنَّذْرُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا الْمَعْرِفَةَ فِي الْجَزَاءِ إلَخْ. يَعْنِي فَإِنَّهَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ كَمَا إذَا قَالَ: إنْ كَلَّمَ غُلَامِي هَذَا أَحَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُعَرَّفَةً بِتَاءِ الْخِطَابِ، لَكِنَّهَا وَقَعَتْ فِي الْجَزَاءِ فَلَمْ يَمْتَنِعْ دُخُولُهَا تَحْتَ النَّكِرَةِ فِي الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ النَّكِرَةُ فِي جُمْلَةٍ وَالْمَعْرِفَةُ فِي جُمْلَةٍ أُخْرَى فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ تَدْخُلَ الْمَعْرِفَةُ تَحْتَ النَّكِرَةِ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَتَيْنِ كَالْكَلَامَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ فِي الْجَزَاءِ كَمَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ فِي الشَّرْطِ كَذَلِكَ تَدْخُلُ الْمَعْرِفَةُ فِي الشَّرْطِ تَحْتَ النَّكِرَةِ فِي الْجَزَاءِ، نَحْوُ إنْ فَعَلْت كَذَا فَنِسَائِي طَوَالِقُ، فَإِنَّهَا مُعَرَّفَةٌ فِي الشَّرْطِ بِتَاءِ الْخِطَابِ فَجَازَ أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ الْجَزَاءِ وَتَكُونَ مُنَكَّرَةً فِي الْجَزَاءِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا وَاحِدَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ مِنْ جُمْلَةٍ مَعْلُومَةٍ ذُكِرَتْ فِي الْجَزَاءِ، لِمَا تَعْلَمُ مِنْ أَنَّ النَّكِرَةَ إذَا كَانَتْ فِي جُمْلَةٍ وَالْمَعْرِفَةَ فِي جُمْلَةٍ أُخْرَى فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ تَدْخُلَ الْمَعْرِفَةُ تَحْتَ النَّكِرَةِ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَتَيْنِ كَالْكَلَامَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ بِالْعَلَمِيَّةِ فِي الشَّرْطِ تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ فِي الشَّرْطِ مَعَ أَنَّهُمَا فِي جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ، كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمَ غُلَامَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَحَدٌ فَعَبْدِي حُرٌّ؛ فَكَلَّمَهُ الْحَالِفُ وَهُوَ غُلَامُ الْحَالِفِ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ؛ حَنِثَ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْعَلَمِ فِي مَوْضِعِ النَّكِرَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ الْحَالِفُ عَنْ عُمُومِ النَّكِرَةِ ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: إنَّ " نِسَائِي " الْوَاقِعَ فِي الْجَزَاءِ فِي قَوْلِهِ إذَا فَعَلْت كَذَا فَنِسَائِي طَوَالِقُ، مُعَرَّفَةٌ بِالْإِضَافَةِ وَلَيْسَ نَكِرَةً فَلَا تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ لَكِنْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّكِرَةِ عِنْدَهُمْ مَا فِيهِ شُيُوعٌ، كَنِسَائِي وَإِنْ كَانَ مَعْرِفَةً بِالْإِضَافَةِ. وَقِيلَ: إنَّمَا جَعَلَ الْفُقَهَاءُ الْمُعَرَّفَ بِالْإِضَافَةِ فِي حُكْمِ النَّكِرَةِ لِأَنَّهُ مَعْرِفَةٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ فِي التَّعْرِيفِ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ وَلَيْسَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ فِي التَّعْرِيفِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ فِي مَرْتَبَةِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ إلَّا الْمُضَافَ إلَى الضَّمِيرِ فَإِنَّهُ فِي رُتْبَةِ الْعَلَمِ (3) قَوْلُهُ: يَمِينُ اللَّغْوِ لَا مُؤَاخَذَةَ فِيهَا إلَّا فِي ثَلَاثٍ إلَخْ. أَقُولُ: ظَاهِرُ النَّصِّ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [المائدة: 89] نَفْيُ الْمُؤَاخَذَةِ سَوَاءٌ كَانَ

لَا يَجُوزُ تَعْمِيمُ الْمُشْتَرَكِ إلَّا فِي الْيَمِينِ. حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ مَوْلَاهُ وَلَهُ أَعْلَوْنَ وَأَسْفَلُونَ فَأَيُّهُمْ كَلَّمَ حَنِثَ، كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْيَمِينُ بِاَللَّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ، لِأَنَّ الْفِعْلَ بِمَنْزِلَةِ النَّكِرَةِ وَالنَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تَعُمُّ. فَكَذَلِكَ مَا بِمَنْزِلَتِهَا فَيَعُمُّ اللَّغْوُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْآيَةَ مَسُوقَةٌ لِبَيَانِ حُكْمِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ لَغْوٌ أَوْ مُنْعَقِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوعَ هُوَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ بِاسْمِهِ تَعَالَى أَوْ بِصِفَتِهِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} [المائدة: 89] فَكَفَّارَتُهُ إلَخْ. فَهَذِهِ الْمُؤَاخَذَةُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ فِيهَا فَلَا لَغْوَ فِيهَا. وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ اسْتِثْنَاءُ صَاحِبِ الْخُلَاصَةِ لَهُمَا فَإِنَّهُ مُنْقَطِعٌ، لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ: أَنَّ اللَّغْوَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ اللَّغْوَ وَقَعَ فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ. وَبَقِيَ قَوْلُهُ: (وَاَللَّهِ) فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَأَمَّا اللَّغْوُ فِي الْيَمِينِ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا إذَا قَالَ: إنْ رَأَيْته فَعَبْدِي حُرٌّ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ وَقَعَ فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَيَبْقَى قَوْلُهُ: عَبْدِي حُرٌّ، فَيَلْزَمُهُ عِتْقُ عَبْدِهِ. قِيلَ: وَيُجَابُ عَلَى تَقْدِيرِ شُمُولِ النَّصِّ لِلطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ بِأَنَّ ذَلِكَ أَخَصُّ مِنْ الْعَامِّ. أَمَّا بِالْمَعْنَى وَهُوَ كَوْنُ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْمُشَاحَحَةِ بِخِلَافِ الْيَمِينِ. وَقَدْ قَالُوا: يَجُوزُ أَنْ يُسْتَنْبَطَ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ أَوْ بِمَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ.» . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَرْبَعٌ وَزَادَ النَّذْرَ كَذَا فِي الْفَتْحِ، وَهَذَا يُفِيدُ إخْرَاجَ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ مِنْ الْعُمُومِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ وَاقِعًا مَوْقِعَ اللَّعِبِ وَعَدَمِ الْقَصْدِ فَمَعَ الْقَصْدِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ اللَّغْوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَمْرٍ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ كَمَا قَالَ وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ فَهُوَ قَاصِدٌ لِلْحَلِفِ غَيْرَ هَازِلٍ بِهِ كَمَا لَا يَخْفَى (4) قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ تَعْمِيمُ الْمُشْتَرَكِ إلَّا فِي الْيَمِينِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: عَلَى هَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهَا أَيَّامَ قُرْئِهَا لَا يُكَلِّمُهَا أَبَدًا لِشُمُولِهِ لِلطُّهْرِ وَالْحَيْضِ (انْتَهَى) . قِيلَ عَلَيْهِ: إنَّهُ إنَّمَا يَعُمُّ الْمُشْتَرَكَ، يَعْنِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِوُقُوعِهِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ لَا لِخُصُوصِ الْيَمِينِ. وَقَدْ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِعُمُومِهِ فِي النَّفْيِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى النَّفْيِ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ التَّعْمِيمِ وَهُوَ

فَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْمَوَالِي وَالْحَالَةُ هَذِهِ، 6 - وَلَوْ وُقِفَ عَلَيْهِمْ كَذَلِكَ فَهِيَ لِلْفُقَرَاءِ لَا يَكُونُ الْجَمْعُ لِلْوَاحِدِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: 7 - وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا وَلَدٌ وَاحِدٌ بِخِلَافِ بَنِيهِ. وَقَفَ عَلَى أَقَارِبِهِ الْمُقِيمِينَ فِي بَلَدِ كَذَا فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ فِيهَا إلَّا وَاحِدٌ، كَمَا فِي الْعُمْدَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُخْتَارُ كَمَا فِي التَّحْرِيرِ فَيَكُونُ هَذَا بِنَاءً عَلَيْهِ لَا لِوُقُوعِهِ فِي الْيَمِينِ، وَإِلَّا لَوَجَبَ أَنْ يَعُمَّ فِي الْإِثْبَاتِ أَيْضًا، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ عُمُومُهُ إنَّمَا هُوَ لِوُقُوعِهِ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَهَذَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى مُمَارَسَةٍ فِي فَنِّ الْأُصُولِ (5) قَوْلُهُ: فَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْمَوَالِي. تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: لَا يَجُوزُ تَعْمِيمُ الْمُشْتَرَكِ. (6) قَوْلُهُ: وَلَوْ وُقِفَ عَلَيْهِمْ كَذَلِكَ. أَيْ بَطَلَ الْوَقْفُ وَهُوَ لِلْفُقَرَاءِ (7) قَوْلُهُ: وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ إلَخْ. قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا غَيْرَ مُعْتَمَدٍ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْأَصْلِ الْمَشْهُورِ، يَعْنِي إنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثٌ وَلِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَلَهُ وَلَدٌ وَاحِدٌ وَقْتَ وُجُودِ الْغَلَّةِ كَانَ نِصْفُ الْغَلَّةِ لَهُ وَالنِّصْفُ لِلْفُقَرَاءِ، وَيَدْخُلُ وَلَدُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ أَوْلَادِهِ وَيَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الِابْنِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهِ (انْتَهَى) . وَقِيلَ: عَلَيْهِ أَيْضًا ظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَاحِدَ يَسْتَحِقُّ الْوَقْفَ بِانْفِرَادِهِ فِيمَا إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا وَلَدٌ وَاحِدٌ بِخِلَافِ وَقْفِهِ عَلَى بَنِيهِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ خِلَافُهُ حَيْثُ قَالَ فِيهَا مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ: وَلَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَلَهُ وَلَدٌ وَاحِدٌ وَقْتَ وُجُودِ الْغَلَّةِ كَانَ نِصْفُ الْغَلَّةِ لَهُ وَالنِّصْفُ لِلْفُقَرَاءِ. وَيَدْخُلُ فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى مِنْ أَوْلَادِهِ وَيَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الِابْنِ أَيْضًا، ثُمَّ بَحَثَ وَقَالَ: لَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ عَلَى بَنِيَّ، وَلَهُ ابْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا ابْنٌ وَاحِدٌ وَقْتَ وُجُودِ الْغَلَّةِ كَانَ نِصْفُهُ لَهُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْفُقَرَاءِ (انْتَهَى) . فَقَدْ سَوَّى بَيْنَهُمَا وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى مَا إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَلَهُ وَلَدَانِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَقْتَ وُجُودِ الْغَلَّةِ كَانَ نِصْفُهُ لَهُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْفُقَرَاءِ، لِأَنَّهُ قَالَ: وَلَهُ وَلَدٌ وَاحِدٌ وَقْتَ وُجُودِ الْغَلَّةِ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الَّذِي يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ وَلَدَ الِابْنِ لَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهِ إلَّا إذَا

حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ إخْوَةَ فُلَانٍ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا وَاحِدٌ. 9 - حَلَفَ لَا يَأْكُلُ ثَلَاثَةَ أَرْغِفَةٍ مِنْ هَذَا الْجُبِّ، وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا وَاحِدٌ، 10 - كَمَا فِي الْوَاقِعَاتِ. حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ الْفُقَرَاءَ وَالْمَسَاكِينَ وَالرِّجَالَ حَنِثَ بِوَاحِدٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQذَكَرَ الْأَوْلَادَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الَّتِي فِي الْخَانِيَّةِ، وَأَمَّا إذَا ذَكَرَهُ بِصِيغَةِ الْمُفْرَدِ فَقَالَ: عَلَى وَلَدِي فَلَا يُصْرَفُ إلَى وَلَدِ وَلَدِهِ بَلْ يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَلَا يَدْخُلُ الْبُطُونُ الثَّلَاثُ إلَّا إذَا نَصَّ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِ وَلَدِي فَإِنَّهُ يَدْخُلُ، وَيَدْخُلُ الْبَطْنُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ إلَى غَيْرِ النِّهَايَةِ وَلَا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَفِي الْخُلَاصَةِ: فَإِنْ مَاتَا، أَيْ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي، وَلَمْ يَبْقَ وَاحِدٌ وَوُجِدَ الْبَطْنُ الثَّالِثُ فَإِنَّهُ تُصْرَفُ الْغَلَّةُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَلَا يُصْرَفُ إلَى الْبَطْنِ الثَّالِثِ فَإِنْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِ وَلَدِي أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا لَا تُصْرَفُ الْغَلَّةُ إلَى الْفُقَرَاءِ مَا بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْ أَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلَ (انْتَهَى) . وَمِثْلُهُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، هَذَا خُلَاصَةُ مَا فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ بَعْدَ التَّتَبُّعِ فَاغْتَنِمْهُ (انْتَهَى) . وَقَدْ زَادَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مَسْأَلَةً عَلَى مَا اسْتَثْنَاهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهِيَ: وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ الْفُقَهَاءِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ إنْ كَانُوا فُقَهَاءَ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ ابْنٍ صَغِيرٍ تَفَقَّهَ بَعْدَ سِنِينَ لَا يُوقَفُ نَصِيبُهُ يَعْنِي بَلْ يُصْرَفُ إلَى أَوْلَادِهِ الْفُقَهَاءِ وَلَا تُسْتَحَقُّ قَبْلَ حُصُولِ تِلْكَ الصِّفَةِ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ الْفَقِيهُ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا (انْتَهَى) . وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ شُرُوطِ الْوَقْفِ. (8) قَوْلُهُ: حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ إخْوَةَ فُلَانٍ إلَخْ. قِيلَ: مَحَلُّهُ مَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا أَخٌ وَاحِدٌ أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَلَا يَحْنَثُ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْأَرْغِفَةِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (9) قَوْلُهُ: حَلَفَ لَا يَأْكُلُ ثَلَاثَةَ أَرْغِفَةٍ إلَخْ. لَا يُقَالُ: ثَلَاثَةٌ لَيْسَ جَمْعًا اصْطِلَاحًا؛ لِأَنَّهُ اسْمُ كَمِّيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ لِأَنَّا نَقُولُ: لَفْظُ أَرْغِفَةٍ جَمْعٌ اصْطِلَاحِيٌّ وَهُوَ إنْ وَقَعَ مُضَافًا إلَيْهِ فَهُوَ الْمُرَادُ بِالْحُكْمِ إذْ يُنْحَلُ التَّرْكِيبُ إلَى قَوْلِهِ: لَا آكُلُ أَرْغِفَةً ثَلَاثَةً، وَفِي حِنْثِهِ بِأَكْلِ رَغِيفٍ نَظَرٌ. (10) قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْوَاقِعَاتِ إلَخْ. عِبَارَتُهَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ إخْوَةَ فُلَانٍ وَلَهُ

بِخِلَافِ رِجَالٍ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَوَابَّ فُلَانٍ، لَا يَلْبَسُ ثِيَابَهُ، لَا يُكَلِّمُ عَبِيدَهُ. 12 - فَفَعَلَ بِثَلَاثَةٍ حَنِثَ حَلَفَ 13 - لَا يُكَلِّمُ زَوْجَاتِ فُلَانٍ وَأَصْدِقَاءَهُ وَإِخْوَتَهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْكُلِّ، ـــــــــــــــــــــــــــــQأَخٌ وَاحِدٌ فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ يَحْنَثُ إذَا كَلَّمَ ذَلِكَ الْوَاحِدَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْجَمْعَ وَأَرَادَ الْوَاحِدَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْوَاحِدَ فَبَقِيَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْجَمْعِ، كَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ ثَلَاثَةَ أَرْغِفَةٍ مِنْ هَذَا الْجُبِّ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا رَغِيفٌ وَاحِدٌ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ لَا يَحْنَثُ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي نَقْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْجَمْعَ الْمُضَافَ كَالْمُنَكَّرِ، لَكِنْ فِي الْقُنْيَةِ إنْ أَحْسَنْت إلَى أَقْرِبَائِك فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَأَحْسَنَتْ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَحْنَثُ وَلَا يُرَادُ الْجَمْعُ فِي عُرْفِنَا (انْتَهَى) . فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ فِي الْعُرْفِ فَرْقًا (11) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ رِجَالٍ إلَخْ. يَعْنِي لِأَنَّهُ جَمْعٌ لَيْسَ فِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْجَمْعَ الْمَعْرُوفَ بِاللَّامِ كَالْمُفْرَدِ وَغَيْرُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَلَا تَأْثِيرَ لِلْإِضَافَةِ. وَعَدَمِهَا كَمَا فِي: لَا أُكَلِّمُ إخْوَةَ فُلَانٍ. (12) قَوْلُهُ: فَفَعَلَ بِثَلَاثَةٍ حَنِثَ إلَخْ. يَعْنِي إذَا فَعَلَ أَحَدَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ثَلَاثًا يَحْنَثُ مَثَلًا إذَا رَكِبَ ثَلَاثَةً مِنْ دَوَابِّ فُلَانٍ حَنِثَ، هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ وَبَيَانُ مَرَامِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَعِبَارَتُهَا حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَوَابَّ فُلَانٍ وَلَبِسَ ثِيَابَهُ يَحْنَثُ بِوَاحِدٍ، ثُمَّ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ سِوَى بَنِي آدَمَ فَهُوَ عَلَيَّ وَاحِدٌ. وَفِي بَنِي آدَمَ عَلَى الثَّلَاثِ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. وَفَصَّلَ فِي الْعَبِيدِ إنْ كَانَ لَهُ مِنْهُمْ مَا يُجْمَعُ بِسَلَامٍ وَاحِدٍ عَادَةً لَا يَحْنَثُ حَتَّى يُكَلِّمَهُمْ وَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ لَا يُسَلِّمُ عَلَى مِثْلِهِمْ عَادَةً مَرَّةً بِأَنْ كَانُوا مِائَةً أَوْ أَكْثَرَ حَنِثَ بِالْوَاحِدِ (13) قَوْلُهُ: لَا يُكَلِّمُ زَوْجَاتِ فُلَانٍ إلَخْ. فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ صِدِّيقَ فُلَانٍ أَوْ زَوْجَتَهُ أَوْ ابْنَهُ وَكُلُّ مَنْ كَانَ مَنْسُوبًا إلَى فُلَانٍ لَا بِالْمِلْكِ، يُرَاعَى وُجُودُ تِلْكَ النِّسْبَةِ وَقْتَ الْيَمِينِ حَتَّى لَوْ حَدَثَ الْوَلَدُ وَالزَّوْجَةُ بَعْدَ الْيَمِينِ فَكَلَّمَ لَا يَحْنَثُ. قَالَ: لَا أُكَلِّمُ عَبِيدَك فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةٍ إنْ كَلَّمَ اثْنَيْنِ لَا يَحْنَثُ وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا مِمَّا يُضَافُ إلَيْهِ إضَافَةُ مِلْكٍ أَوْ غَيْرُهُ فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةٍ إلَّا الْإِخْوَةَ وَالْبَنِينَ وَإِلَّا فَعَامٌّ، فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى اثْنَيْنِ

وَالْأَطْعِمَةُ وَالنِّسَاءُ وَالثِّيَابُ مِمَّا يَحْنَثُ فِيهِ بِفِعْلِ الْبَعْضِ، كَمَا فِي الْوَاقِعَاتِ 15 - لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ بَعْضِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الطَّعَامَ وَلَا يُمْكِنُ أَكْلُهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ. 16 - حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا وَفُلَانًا نَاوِيًا أَحَدَهُمَا. كَلَامُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَوْ كَلَامُ أَهْلِ بَغْدَادَ عَلَيَّ حَرَامٌ فَكَلَّمَ وَاحِدًا. الْكُلُّ مِنْ الْوَاقِعَاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقِيلَ: فِي الْأَوْلَادِ وَالزَّوْجَاتِ وَالْأَصْدِقَاءِ وَالْإِخْوَةِ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يُكَلِّمَ جَمِيعَ مَنْ كَانَ مَنْسُوبًا إلَيْهِ بِذَلِكَ الْوَصْفِ وَقْتَ يَمِينِهِ وَفِيمَا يُضَافُ إضَافَةَ مِلْكٍ يُشْتَرَطُ قِيَامُ الْمِلْكِ يَوْمَ الْحِنْثِ لَا غَيْرُ وَفِيمَا يُضَافُ إلَيْهِ إضَافَةَ نِسْبَةٍ كَالِابْنِ وَالزَّوْجَةِ وَالْأَخِ وَالصَّدِيقِ تُعْتَبَرُ النِّسْبَةُ وَقْتَ الْحَلِفِ وَإِنْ انْعَدَمَتْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهَا كَالْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى وَالْأَلْقَابِ، وَإِنْ قَالَ ابْنٌ لَهُ أَوْ أَخٌ لَهُ وَنَحْوُهُ يَقَعُ عَلَى الْحَادِثِ بَعْدَ الْيَمِينِ أَيْضًا (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (14) قَوْلُهُ: وَالْأَطْعِمَةُ وَالنِّسَاءُ وَالثِّيَابُ مِمَّا يُحْنَثُ فِيهِ بِفِعْلِ الْبَعْضِ إلَخْ. سَيَأْتِي إيضَاحُهُ قَرِيبًا بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنْ تَزَوَّجْت النِّسَاءَ أَوْ اشْتَرَيْت الْعَبِيدَ (15) قَوْلُهُ: لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِفِعْلِ بَعْضِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: صَرِيحُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُعَيِّنَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بِالْإِشَارَةِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الطَّعَامِ أَوْ لَا كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنَامُ عَلَى فِرَاشَيْنِ، وَلَمْ يُعَيِّنْ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِالْجَمْعِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا يُفِيدُ تَقْيِيدَ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ بِمَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ، أَمَّا إذَا عَيَّنَ فَحَنِثَ فَقَدْ حَكَى الْمَقْدِسِيُّ فِي بَعْضِ مُؤَلَّفَاتِهِ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ حُكْمٌ فِي مَسْأَلَةٍ فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ وَالْمُتُونِ الْمُتَدَاوَلَةِ وَوُجِدَ فِي غَيْرِهَا مَا يُخَالِفُهَا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَلَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَلَا يُؤَوَّلُ كَلَامُهَا لِأَجْلِهِ وَلَا يُتْرَكُ مُجْمَلُهُ لِمُفَصَّلِهِ. (16) قَوْلُهُ: حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا وَفُلَانًا نَاوِيًا أَحَدَهُمَا إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: إنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ الْمَوْضُوعِ لَهُمَا فِي أَحَدِهِمَا مَجَازًا كَمَا لَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَعَمْرًا

الصَّغِيرَةُ امْرَأَةٌ فَيَحْنَثُ بِهَا فِي قَوْلِهِ إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً، إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ لَا يَشْتَرِي امْرَأَةً لَمْ يَحْنَثْ بِالصَّغِيرَةِ. 18 - الْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأَلْفَاظِ لَا عَلَى الْأَغْرَاضِ، 19 - فَلَوْ حَلَفَ لَيُغَدِّيَنَّهُ الْيَوْمَ بِأَلْفٍ فَاشْتَرَى رَغِيفًا بِأَلْفٍ وَغَدَّاهُ بِهِ بَرَّ وَلَوْ حَلَفَ لَيُعْتِقَنَّ الْيَوْمَ مَمْلُوكًا بِأَلْفٍ فَاشْتَرَى مَمْلُوكًا بِأَلْفٍ لَا يُسَاوِيهَا فَأَعْتَقَهُ بَرَّ إلَّا فِي مَسَائِلَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQمُرِيدًا بِاللَّفْظِ زَيْدًا وَحْدَهُ مَثَلًا، كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ كَلَامَ زَيْدٍ وَحْدَهُ فَلَا يَكُونُ بِتَكْلِيمِ زَيْدٍ فَاعِلًا لِبَعْضِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَمَا تَرَى، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَعَمْرًا مَثَلًا نَاوِيًا لَا أُكَلِّمُ أَحَدَهُمَا الصَّادِقَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بِدُونِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ مَجَازًا فَكَذَلِكَ يَكُونُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ كَلَامَ أَحَدِهِمَا الصَّادِقِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يَكُونُ بِتَكْلِيمِ زَيْدٍ وَحْدَهُ مَثَلًا فَاعِلًا بَعْضَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، فَتَأَمَّلْ فَإِنَّ مُرَادَهُ غَيْرُ مُتَشَخِّصٍ (17) قَوْلُهُ: الصَّغِيرَةُ امْرَأَةٌ فَيَحْنَثُ بِهَا إلَخْ. وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْمَ الْمَرْأَةِ مُطْلَقًا لَا يَتَنَاوَلُ الصَّغِيرَةَ إلَّا أَنَّ فِي الشِّرَاءِ اُعْتُبِرَ ذِكْرُ الْمَرْأَةِ، لِأَنَّ الشِّرَاءَ قَدْ يَكُونُ لِلرَّجُلِ وَقَدْ يَكُونُ لِلْمَرْأَةِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ ذِكْرُ الْمَرْأَةِ فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَكُونُ إلَّا لِلْمَرْأَةِ فَلُغِيَ ذِكْرُهُ، كَذَا فِي الْمُعْتَبَرَاتِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الصَّغِيرَةُ امْرَأَةٌ إلَّا فِي الشِّرَاءِ إنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ امْرَأَةً فَكَلَّمَ صَغِيرَةً يَحْنَثُ. (18) قَوْلُهُ: الْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأَلْفَاظِ لَا عَلَى الْأَغْرَاضِ إلَخْ. يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنْ كَانَتْ وَاللَّفْظُ يَحْتَمِلُهُ انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ بِاعْتِبَارِهِ، كَمَا فِي الْفَتْحِ وَفِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْحَاوِي الْحَصِيرِيِّ: الْمُعْتَبَرُ فِي الْأَيْمَانِ الْأَغْرَاضُ دُونَ الْأَلْفَاظِ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَلَعَلَّ مَا فِي الْفَتْحِ قَضَاءٌ وَمَا فِي الْحَاوِي دِيَانَةٌ، فَتَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ: الْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأَلْفَاظِ أَيْ بِاعْتِبَارِ عُرْفِ الْحَالِفِ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ ظَاهِرًا وَالْمَقْصُودُ غَالِبًا، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ اُعْتُبِرَ فِيهِ عُرْفُ أَهْلِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ اُعْتُبِرَ عُرْفُ غَيْرِهِمْ وَفِي الْمُشْتَرَكَةِ تُعْتَبَرُ اللُّغَةُ عَلَى أَنَّهَا الْعُرْفُ مَا فِي النَّهْرِ. (19) قَوْلُهُ: فَلَوْ حَلَفَ لَيُغَدِّيَنَّهُ الْيَوْمَ بِأَلْفٍ إلَخْ. تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأَلْفَاظِ لَا عَلَى الْأَغْرَاضِ، وَوَجْهُ التَّفْرِيعِ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ يَمِينِ الْغَدَاءِ هُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي

حَلَفَ لَا يَشْتَرِيهِ بِعَشَرَةٍ، حَنِثَ بِأَحَدَ عَشَرَ، وَلَوْ حَلَفَ الْبَائِعُ لَمْ يَحْنَثْ بِهِ 21 - لِأَنَّ مُرَادَ الْمُشْتَرِي الْمُطْلَقَةُ، وَمُرَادَ الْبَائِعِ الْمُفْرَدَةُ. 22 - وَلَوْ اشْتَرَى أَوْ بَاعَ بِتِسْعَةٍ لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُسْتَنْقِصٌ، وَالْبَائِعُ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَزِيدًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِكْرَامِ، وَمِنْ يَمِينِ الْإِعْتَاقِ التَّقَرُّبُ بِالنَّفِيسِ، فَإِذَا غَدَّاهُ بِرَغِيفٍ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا قَلِيلَ الْقِيمَةِ فَقَدْ فَاتَ الْغَرَضُ الْمَطْلُوبُ، وَلَكِنْ الْبِرُّ حَصَلَ بِالنَّظَرِ إلَى لَفْظِهِ فَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَى فَوَاتِ الْغَرَضِ (20) قَوْلُهُ: حَلَفَ لَا يَشْتَرِيهِ بِعَشَرَةٍ حَنِثَ بِأَحَدَ عَشَرَ إلَخْ. وَوَجْهُهُ أَنَّ قَصْدَهُ عَدَمُ شِرَائِهِ بِعَشَرَةٍ فَأَكْثَرَ فَلِذَا يَحْنَثُ بِالشِّرَاءِ بِأَحَدَ عَشَرَ، فَكَانَ الْمُعْتَبَرَةُ الْغَرَضَ لَا اللَّفْظَ. (21) قَوْلُهُ: لِأَنَّ مُرَادَ الْمُشْتَرِي الْمُطْلَقَةُ إلَخْ. أَيْ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا غَيْرُهَا مِنْ الْآحَادِ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى حَدِّ الْمَاهِيَّةِ لَا بِشَرْطِ شَيْءٍ، وَقَوْلُهُ: " مُرَادَ الْبَائِعِ الْمُفْرَدَةُ "، أَيْ الْعَشَرَةُ الْمُفْرَدَةُ عَنْ ضَمِّ شَيْءٍ مِنْ الْآحَادِ إلَيْهَا عَلَى حَدِّ الْمَاهِيَّةِ بِشَرْطٍ. (22) قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى أَوْ بَاعَ بِتِسْعَةٍ لَا يَحْنَثُ إلَخْ. لِأَنَّ الْبَيْعَ بِتِسْعَةٍ غَيْرُ الْبَيْعِ بِعَشَرَةٍ، وَاسْمُ الْعَدَدِ لَا يَحْتَمِلُ عَدَدًا آخَرَ وَلَوْ بَاعَهَا بِعَشَرَةٍ وَدِينَارٍ أَوْ بِأَحَدَ عَشَرَ لَا يَحْنَثُ أَيْضًا لِوُجُودِ شَرْطِ الْبِرِّ، لِأَنَّ غَرَضَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَشَرَةِ وَقَدْ وُجِدَ، فَإِنْ قِيلَ: وَجَبَ أَنْ يَحْنَثَ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ الْبَيْعُ بِعَشَرَةٍ وَقَدْ وُجِدَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِعَشَرَةٍ وَدِينَارٍ أَوْ بِأَحَدَ عَشَرَ بَيْعٌ بِعَشَرَةٍ. قُلْنَا: الْبَيْعُ بِعَشَرَةٍ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا بَيْعٌ بِعَشَرَةٍ مُفْرَدَةٍ، وَالثَّانِي بَيْعٌ بِعَشَرَةٍ مَقْرُونَةٍ بِالزِّيَادَةِ، وَشَرْطُ الْحِنْثِ هُوَ الْبَيْعُ بِالْعَشَرَةِ الْمُفْرَدَةِ دُونَ الْمَقْرُونَةِ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ مُرَادُهُ بِدَلَالَةِ الْحَالِ وَهِيَ أَنَّ غَرَضَ الْبَائِعِ أَنْ يَزِيدَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَشَرَةِ الْمُفْرَدَةِ لَكِنْ حَيْثُ اعْتَبَرَ غَرَضَهُ وَجَعَلَ الْبَيْعَ بِعَشَرَةٍ مُفْرَدَةٍ شُرِطَ الْحِنْثُ وَلَمْ يُوقَفْ مَعَ لَفْظِهِ وَجَبَ أَنْ يَحْنَثَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَهِيَ مَا إذَا بَاعَ بِتِسْعَةٍ لِفَوَاتِ غَرَضِهِ وَهُوَ الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَشَرَةِ، أُجِيبَ بِأَنَّا جَعَلْنَاهُ بَارًّا بِحُصُولِ الْغَرَضِ كَمَا جَعَلْنَاهُ فِي

لَكِنْ لَا حِنْثَ بِالْغَرَضِ بِلَا مُسَمًّى، وَتَمَامُهُ فِي الْجَامِعِ مِنْ بَابِ الْمُسَاوَمَةِ 24 - حَلَفَ لَا يَحْلِفُ حَنِثَ بِالتَّعْلِيقِ. 25 - إلَّا فِي مَسَائِلَ: 26 - أَنْ يُعَلِّقَ بِأَفْعَالِ الْقُلُوبِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَيْعِ بِالْعَشَرَةِ الْمَقْرُونَةِ بِالزِّيَادَةِ وَلَا تَجْعَلُهُ حَانِثًا بِفَوَاتِ الْغَرَضِ كَمَا فَعَلْنَا فِي الْبَيْعِ بِتِسْعَةٍ؛ لِأَنَّ الْبِرَّ يُحْتَالُ لِإِثْبَاتِهِ وَالْحِنْثَ يُحْتَالُ لِإِعْدَامِهِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْقَاضِي فَخْرِ الدِّينِ عُثْمَانَ الْمَارْدِينِيِّ عَلَى تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلصَّدْرِ سُلَيْمَانَ (23) قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا حِنْثَ الْغَرَضِ بِلَا مُسَمًّى إلَخْ. أَيْ بِلَا مُسَمَّى لَفْظِ الْعَشَرَةِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ أَنَّهُ مَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ، وَإِنْ حَصَلَ الْقَطْعُ بِأَنَّ غَرَضَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَشَرَةِ فَمُجَرَّدُ الْغَرَضِ بِلَا مَدْلُولِ اللَّفْظِ لَا يَصْلُحُ لِلِاعْتِبَارِ (24) قَوْلُهُ: حَلَفَ لَا يَحْلِفُ حَنِثَ بِالتَّعْلِيقِ إلَّا فِي مَسَائِلَ إلَخْ. إنَّمَا حَنِثَ بِالتَّعْلِيقِ لِأَنَّ الْيَمِينَ بِغَيْرِ اللَّهِ ذِكْرُ شَرْطٍ صَالِحٍ وَجَزَاءٍ صَالِحٍ وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ الْمُضَافُ يَمِينًا لِانْعِدَامِ صُورَةِ الشَّرْطِ وَهُوَ ذِكْرُهُ مَقْرُونٌ بِحَرْفِ الشَّرْطِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ يَمِينًا لِانْعِدَامِ مَعْنَى الشَّرْطِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ تَمْلِيكُ مَعْنًى وَلِهَذَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ فَلَا يَتَمَحَّضُ لِلشَّرْطِيَّةِ إذْ الشَّرْطُ الْمَحْضُ مَا يَكُونُ أَمَارَةً وَعَلَامَةً عَلَى نُزُولِ الْجَزَاءِ فَمَتَى تَضَمَّنَهُ مَعْنًى آخَرَ تَقَاصَرَ مَعْنَى الشَّرْطِيَّةِ فَيَخْتَلُّ رُكْنُ الْيَمِينِ. (25) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسَائِلَ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَمْ يَظْهَرْ حِينَئِذٍ عَدَمُ الْحِنْثِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَعَ إطْلَاقِ كَوْنِ التَّعْلِيقِ يَمِينًا (انْتَهَى) . أَقُولُ الْإِطْلَاقُ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ مَا اسْتَثْنَى. (26) قَوْلُهُ: أَنْ يُعَلِّقَ بِأَفْعَالِ الْقُلُوبِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَرَدْت أَنَا أَوْ أَحَبَّتْ لَا يَكُونُ تَعْلِيقًا فَلَا يَكُونُ يَمِينًا، سَوَاءٌ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ مَالِكِيَّةِ نَفْسِهِ كَمَا يُقَالُ فِي عُرْفِ النَّاسِ يَكُونُ كَذَا إنْ أَرَدْت أَنَا وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ، وَهُوَ كَالتَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ وَالتَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ لَا يَكُونُ يَمِينًا. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ إنْ شِئْت صَحَّ وَلَوْ كَانَ هَذَا تَعْلِيقًا مَحْضًا لَمَا صَحَّ إذْ الْبَيْعُ لَا يَقْبَلُهُ.

أَوْ يُعَلِّقَ بِمَجِيءِ الشَّهْرِ فِي ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ 28 - أَوْ بِالتَّطْلِيقِ أَوْ يَقُولَ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ، وَإِنْ عَجَزْت فَأَنْتَ رَقِيقٌ، 29 - أَوْ إنْ حِضْت حَيْضَةً أَوْ عِشْرِينَ حَيْضَةً أَوْ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ، كَمَا فِي الْجَامِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ يُعَلِّقُ بِمَجِيءِ الشَّهْرِ فِي ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ بِأَنْ يَقُولَ إذَا أَهَلَّ الْهِلَالُ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يَكُونُ يَمِينًا، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ أَنَّ كَلَامَهُ مَتَى خَرَجَ تَفْسِيرًا لِلطَّلَاقِ السُّنِّيِّ كَانَ تَنْجِيزًا لَا تَعْلِيقًا فَإِذَا قَالَ لِذَاتِ الشَّهْرِ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ كَانَ تَفْسِيرًا لِطَلَاقِ السُّنَّةِ. وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ فِي ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ يَكُونُ يَمِينًا لِعَدَمِ صِحَّةِ كَوْنِهِ تَفْسِيرًا. قَالَ أَبُو الْمُؤَيَّدِ النَّسَفِيُّ فِي نَظْمِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. وَلَوْ قَالَ يَا أَسْمَا أَنْتِ كَذَا إذَا ... أَهَلَّ الْهِلَالُ الْمُشْرِقُ مِنْ الْعَبْدِ فَفِي حَقِّ ذَاتِ الْقُرْءِ كَانَتْ أَنِيسَةً ... وَفِي حَقِّ أَرْبَابِ الشُّهُورِ عَلَى الضِّدِّ (28) قَوْلُهُ: أَوْ بِالتَّطْلِيقِ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِأَفْعَالِ الْقُلُوبِ وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ إنْ طَلَّقْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ، هَذَا مُفَادُ كَلَامِهِ وَفِي كَوْنِهِ لَيْسَ يَمِينًا نَظَرٌ، كَاَلَّذِي بَعْدَهُ وَقَدْ رَاجَعْت أَيْمَانَ الْجَامِعِ فَلَمْ أَرَهَا فِيهِ. (29) قَوْلُهُ: أَوْ إنْ حِضْت حَيْضَةً إلَخْ. يَعْنِي إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا حِضْت حَيْضَةً، فَلَا يَحْنَثُ بِهِ فِي الْيَمِينِ الْأُولَى لِأَنَّ تَفْسِيرَ الطَّلَاقِ لِلسُّنَّةِ وَهُوَ تَنْجِيزٌ لَا تَعْلِيقٌ كَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: طَلَّقْتُك إذَا حِضْت وَحَاضَتْ وَطَهُرَتْ وَالْحَيْضَةُ اسْمٌ لِلْكَامِلِ مِنْهَا وَلَا يَتَحَقَّقُ الْكَمَالُ إلَّا بِوُجُودِ جُزْءٍ مِنْ الطُّهْرِ، فَيَقَعُ فِي الطُّهْرِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: إذَا حِضْت وَطَهُرْت. وَلَوْ قَالَ: إذَا حِضْت ثَلَاثَ حِيَضٍ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ تَفْسِيرًا لِلطَّلَاقِ السُّنِّيِّ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مَا بَعْدَ الْحِيَضِ الثَّلَاثِ وَقْتٌ لِلطَّلَاقِ السُّنِّيِّ فَأَمْكَنَ جَعْلُهُ مُفَسِّرًا، وَلَوْ زَادَ عَلَى ثَلَاثِ حِيَضٍ. حَكَى الْخَصَّافُ عَنْ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَحْنَثُ فِي الْيَمِينِ الْأُولَى لِأَنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ تَفْسِيرًا لِلسُّنِّيِّ لِأَنَّ مَا بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعِ حِيَضٍ لَيْسَ بِوَقْتٍ لِلطَّلَاقِ

الْحَالِفُ عَلَى عَقْدٍ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ إلَّا فِي تِسْعِ مَسَائِلَ؛ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْإِيجَابِ وَحْدَهُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQالسُّنِّيِّ فِي هَذَا النِّكَاحِ إذْ لَا مَزِيدَ لِأَوْقَاتِ السُّنَّةِ عَلَى الثَّلَاثِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ لَا يَقَعُ بَعْدَ الْحَيْضَةِ الرَّابِعَةِ شَيْءٌ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ تَفْسِيرًا لِلسُّنَّةِ لِأَنَّ مَا بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعِ حِيَضٍ لَيْسَ بِوَقْتٍ لِلطَّلَاقِ وَمَا بَعْدَ عِشْرِينَ حَيْضَةٍ فِي هَذَا النِّكَاحِ قَدْ يَكُونُ وَقْتًا لِلسُّنَّةِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَتَأَخَّرُ إلَى الْحَيْضَةِ الرَّابِعَةِ وَأَكْثَرَ مِنْهَا بِأَنْ يُجَامِعَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ فِي الْحَيْضَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ، ثُمَّ لَمْ يُجَامِعْهَا حَتَّى طَهُرَتْ مِنْ الرَّابِعَةِ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ فِي هَذَا الطُّهْرِ. كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلْقَاضِي فَخْرِ الدِّينِ الْمَارْدِينِيِّ (30) قَوْلُهُ: الْحَالِفُ عَلَى عَقْدٍ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ إلَخْ. أَصْلُهُ أَنَّ الْعَقْدَ مَتَى كَانَ عَقْدَ مُبَادَلَةٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَالْبَيْعِ وَالصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَالْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَتِمُّ بِالْإِيجَابِ وَحْدَهُ، بَلْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْقَبُولِ، وَمَتَى كَانَ عَقْدَ تَمْلِيكٍ بِغَيْرِ بَدَلٍ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالتَّحَلِّي وَالْعُمْرَةِ وَالْعَطِيَّةِ وَالْوَصِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ بَلْ يَكْفِي الْإِيجَابُ وَحْدَهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ عَقْدَ الْمُعَاوَضَةِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِمَا فَمَا لَمْ يُوجَدْ الْقَبُولُ لَا يَثْبُتُ الِاسْمُ، أَمَّا عَقْدُ التَّمْلِيكِ بِغَيْرِ بَدَلٍ فَإِنَّهُ يَتِمُّ بِالْمِلْكِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ يُلَاقِي مِلْكَهُ لَا غَيْرُ وَهُوَ أَمْرٌ يَقُومُ بِهِ وَحْدَهُ فَيَتَحَقَّقُ الِاسْمُ بِدُونِ الْقَبُولِ؛ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ لِثُبُوتِ الْحُكْمِ وَهُوَ الْمِلْكُ كَيْ لَا يَلْزَمَ حُكْمُ تَصَرُّفِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ مِنْ حَيْثُ يَحْتَمِلُ الْمِنَّةَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ أَوْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ قَرِيبُهُ وَيُلْزِمُهُ وَلَاءَهُ إذَا وَهَبَهُ لَهُ أَوْ يُفْسِدُ عَلَيْهِ نِكَاحَ زَوْجَتِهِ إذَا وَهَبَهَا لَهُ، وَثُبُوتُ الِاسْمِ فِي الْقِسْمَيْنِ يَكْفِي فِي كَوْنِهِ شَرْطُ الْحِنْثِ، وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى الْحُكْمِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ نَفَى بِيَمِينِهِ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ أَوْ جَعَلَهُ شَرْطَ حِنْثِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْفَاسِدِ وَبِشَرْطِ الْخِيَارِ، وَإِنْ لَمْ يُفِدْ الْحُكْمَ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الِاسْمَ مَتَى تَحَقَّقَ فَقَدْ وُجِدَ السَّبَبُ. بَيْدَ أَنَّهُ إذَا أَفَادَ الْحُكْمَ كَانَ سَبَبًا كَامِلًا وَإِنْ لَمْ يُفِدْ كَانَ سَبَبًا قَاصِرًا وَهُوَ كَافٍ فِي صَيْرُورَتِهِ شَرْطَ الْحِنْثِ لِأَنَّ تَرَاخِيَ الْحُكْمِ عَنْ الْمُسَبِّبِ لَا يَمْنَعُ تَمَامَ السَّبَبِ فَاتَّحَدَ النَّوْعَانِ فِي تَحَقُّقِ السَّبَبِيَّةِ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الِاسْمِ، وَاخْتُلِفَ فِي وَقْتِ حُصُولِهِ فَفِي الْهِبَةِ وَأَخَوَاتِهَا قَبْلَ حُصُولِ الْقَبُولِ وَفِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ بَعْدَ الْقَبُولِ وَلِهَذَا لَا يُقَالُ بِعْته فَلَمْ يُقْبَلْ فَوَضَحَ الْفَرْقُ صُورَةً وَمَعْنًى. .

الْهِبَةُ، وَالْوَصِيَّةُ، 32 - وَالْإِقْرَارُ، 33 - وَالْإِبْرَاءُ، وَالْإِبَاحَةُ، وَالصَّدَقَةُ، وَالْإِعَارَةُ، 34 - وَالْقَرْضُ، وَالِاسْتِقْرَاضُ، وَالْكَفَالَةُ. إنْ تَزَوَّجْت النِّسَاءَ وَاشْتَرَيْت الْعَبِيدَ، أَوْ كَلَّمْت النَّاسَ أَوْ بَنِي آدَمَ، أَوْ أَكَلْت الطَّعَامَ أَوْ طَعَامًا، أَوْ شَرِبْت الشَّرَابَ أَوْ شَرَابًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْهِبَةُ. بِأَنْ قَالَ رَجُلٌ لِغَيْرِهِ: إنْ وَهَبْت لَك هِبَةً فَعَبْدِي حُرٌّ، فَوَهَبَ وَلَمْ يَقْبَلْ، حَنِثَ لَكِنْ يُشْتَرَطُ لِلْحِنْثِ حُضُورُ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَقْتَ الْهِبَةِ. وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَحْنَثُ بِدُونِ الْقَبُولِ لِأَنَّهُ عَقْدُ تَمَلُّكٍ فَلَا يَتِمُّ بِدُونِهِ كَالْبَيْعِ. وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَفِي الْقَبْضِ عَنْهُ رِوَايَتَانِ: وَهُمَا فِي الْفَاسِدِ وَشَرْطُ الْخِيَارِ أَنْ لَا يَحْنَثَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَفِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَا يَحْنَثُ قَبْلَ إسْقَاطِ الْخِيَارِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ قَبْلَهُ وَفِي رِوَايَةٍ يَحْنَثُ لِتَمَامِ الْعَقْدِ قَبْلَهُ فِيهِمَا. (32) قَوْلُهُ: وَالْإِقْرَارُ. فِي كَوْنِهِ مِنْ الْعُقُودِ نَظَرٌ. (33) قَوْلُهُ: وَالْإِبْرَاءُ. فَإِنْ حَلَفَ لَا يُبْرِئُ فُلَانًا ثُمَّ أَبْرَأَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ. فِي رِوَايَةٍ يَحْنَثُ كَالْهِبَةِ، وَفِي أُخْرَى لَا يَحْنَثُ كَالْبَيْعِ، لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْبَيْعَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُفِيدُ الْمِلْكَ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ، وَيُشْبِهُ الْهِبَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَمْلِيكٌ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ. وَجَزَمَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ بِالْحِنْثِ. (34) قَوْلُهُ: وَالْقَرْضُ. بِأَنْ حَلَفَ لَا يُقْرِضُ فُلَانًا شَيْئًا ثُمَّ قَالَ: خُذْ هَذَا قَرْضًا عَلَيْك فَلَمْ يَقْبَلْ، يَحْنَثُ فِي رِوَايَةٍ كَالْهِبَةِ لِأَنَّ الْقَرْضَ يُشْبِهُهَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ ذِكْرُ الْعِوَضِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يُقْرِضُ فُلَانًا فَأَمَرَ غَيْرَهُ يَحْنَثُ كَالْهِبَةِ وَلَا يَحْنَثُ فِي أُخْرَى، كَالْبَيْعِ لِأَنَّ الْقَرْضَ مُعَاوَضَةٌ مَعْنًى بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ يَلْزَمُهُ مِثْلُ مَا اسْتَقْرَضَ فِي ذِمَّتِهِ. وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: أَقْرَضَنِي فُلَانٌ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلَمْ أَقْبَلْهُ لَا يُصَدَّقُ بِخِلَافِ الْهِبَةِ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ وَهَبْته أَلْفًا فَلَمْ يَقْبَلْ يُصَدَّقُ. وَجَزَمَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ بِالْحِنْثِ. كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلْفَخْرِ الْمَارْدِينِيِّ.

فَيَحْنَثُ بِوَاحِدِ الْجِنْسِ. وَلَوْ قَالَ نِسَاءٌ أَوْ عَبِيدٌ فَبِثَلَاثَةٍ لِلْجَمْعِ. 36 - وَلَوْ نَوَى الْجِنْسَ فِي الْكُلِّ صُدِّقَ لِلْحَقِيقَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (35) قَوْلُهُ: فَيَحْنَثُ بِوَاحِدٍ لِلْجِنْسِ إلَخْ إنَّمَا يَحْنَثُ بِالْوَاحِدِ مِنْ النَّاسِ وَاللُّقْمَةِ مِنْ الطَّعَامِ وَالْقَطْرَةِ مِنْ الْمَاءِ، لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ فَيُصْرَفُ إلَى الْأَدْنَى. أَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَصْرِفُهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَى الْوَاحِدِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ صَرَفَهُ إلَى الْكُلِّ فَلِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْكُلُّ انْصَرَفَ إلَى الْأَدْنَى. وَبَيَانُ التَّعَذُّرِ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَزَوُّجِ جَمِيعِ النِّسَاءِ وَشِرَاءِ جَمِيعِ الْعَبِيدِ وَكَلَامِ جَمِيعِ النَّاسِ وَأَكْلِ جَمِيعِ الطَّعَامِ وَشُرْبِ جَمِيعِ الْمَاءِ. وَالْحَالِفُ إنَّمَا يَمْنَعُ نَفْسَهُ عَمَّا فِي وُسْعِهِ وَهَذَا فِي النِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَالنَّاسِ ظَاهِرٌ، لِأَنَّهَا بِاللَّامِ صَارَتْ لِلْجِنْسِ، فَأَمَّا قَوْلُهُ إنْ كَلَّمْت بَنِي آدَمَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إنْ كَلَّمْت النَّاسَ، فَإِنَّ الْعَدَدَ لَمَّا لَمْ يَحْضُرْهُمْ اُقْتُصِرَ فِيهِ عَلَى الْوَاحِدِ وَإِضَافَتُهُمْ إلَى آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِتَعْرِيفِ الْجِنْسِ إذْ هُوَ مُضَافٌ إلَى الْمَعْرِفَةِ فَصَارَ كَالتَّعْرِيفِ بِاللَّامِ فَيَصِيرُ لِلْجِنْسِ، لِأَنَّ جِنْسَهُمْ لَا يُذْكَرُ إلَّا هَكَذَا. وَلَا فَرْقَ فِي غَيْرِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمُنَكَّرِ وَالْمُعَرَّفِ، فَلِهَذَا لَوْ قَالَ: إنْ أَكَلْت الطَّعَامَ أَوْ طَعَامًا لِأَنَّهُ لِلْجِنْسِ بِوَضْعِهِ قَبْلَ دُخُولِ اللَّامِ فَاسْتَوَى وَجُودُهَا فِيهِ وَعَدَمُهَا بِخِلَافِ الْجَمْعِ فَإِنَّهُ إنَّمَا صَارَ لِلْجِنْسِ بِاللَّامِ فَلِذَلِكَ وَقَعَ الْوِفَاقُ بَيْنَ الْمُعَرَّفِ وَالْمُنَكَّرِ فِيهِ حَتَّى لَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت نِسَاءً أَوْ اشْتَرَيْت عَبِيدًا أَوْ كَلَّمْت رِجَالًا لَا يَحْنَثُ إلَّا بِثَلَاثَةٍ لِأَنَّهُ أَقَلُّ الْجَمْعِ وَلَا يَحْنَثُ بِالِاثْنَيْنِ كَمَا يُرْوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ فَصَلُوا بَيْنَ الثَّانِيَةِ وَالْجَمْعِ كَمَا فَصَلُوا بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَنَعَتُوا الْجَمْعَ بِالثَّلَاثَةِ فَقَالُوا رِجَالٌ ثَلَاثَةٌ وَلَمْ يَنْعَتُوهُ بِالِاثْنَيْنِ فَلَمْ يَقُولُوا جَاءَنِي رِجَالٌ الِاثْنَانِ. وَلَوْ نَوَى الْجِنْسَ صَدَقَ وَيَحْنَثُ بِالْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ نَوَى مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ صَدَقَ أَيْضًا. (36) قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى الْجِنْسَ فِي الْكُلِّ صَدَقَ لِلْحَقِيقَةِ. الصَّوَابُ كَمَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ: وَلَوْ نَوَى فِي الْجِنْسِ الْكُلَّ، يَعْنِي لَوْ نَوَى فِي الْجِنْسِ جَمِيعَ النِّسَاءِ أَوْ جَمِيعَ الْعَبِيدِ، قَالَ مُحَمَّدٌ يَصْدُقُ وَلَا يَحْنَثُ أَبَدًا، وَدَلَّ إطْلَاقُهُ عَلَى أَنَّهُ يَصْدُقُ دِيَانَةً وَقَضَاءً لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ يَصْدُقُ دِيَانَةً وَقَضَاءً وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَخْفِيفٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَمِنْ

الْمُعَلَّقُ يَتَأَخَّرُ وَالْمُضَافُ يُقَارِنُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ لَا يَصْدُقُ قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةً مَهْجُورَةً، وَالْحَقِيقَةُ الْمَهْجُورَةُ كَالْمَجَازِ، وَلِهَذَا يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى الطَّلَاقَ مِنْ الْوِفَاقِ، فَإِنَّهُ يَصْدُقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةً مَهْجُورَةً وَنَظِيرُ وُقُوعِهِ أَوَّلًا لِلْوَاحِدِ وَانْصِرَافُهُ إلَى الْكُلِّ بِالنِّيَّةِ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ أُكَلِّمُ فُلَانًا فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ، أَوَّلًا إلَى مُطْلَقِ الْوَقْتِ حَتَّى لَوْ كَلَّمَهُ لَيْلًا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ مِمَّا لَا يَمْتَدُّ، وَلَوْ نَوَى النَّهَارَ صَدَقَ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الْحَقِيقَةَ، وَلَوْ نَوَى فِي الْجِنْسِ عَدَدًا مُعَيَّنًا لَا يَصْدُقُ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَى الْجِنْسِ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ فَرْدٌ فَالْفَرْدِيَّةُ مُرَاعَاةٌ فِي الْجُمْلَةِ، أَعْنِي الْوَاحِدَ عِنْدَ التَّعَذُّرِ أَوْ الْكُلَّ عِنْدَ عَدَمِهِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ وَكَذَا الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ فَرْدٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَاقِي الْأَجْنَاسِ، وَفِي اعْتِبَارِ الْعَدَدِ وَإِسْقَاطِ مَعْنَى التَّوْحِيدِ، أَمَّا فِي الْجَمْعِ إذَا نَوَى فِيهِ الْكُلَّ أَوْ الْعَدَدَ صَدَقَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْعَدَدِ، وَالْفَرْدِيَّةُ لَيْسَتْ بِمُعْتَبَرَةٍ فِيهِ. كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلْفَخْرِ الْمَارْدِينِيِّ. وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْعَتَّابِيِّ: وَلَوْ قَالَ نِسَاءً أَوْ عَبِيدًا فَثَلَاثٌ لِلْجَمْعِ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ الْكَامِلِ، وَإِنْ نَوَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ الْجَمِيعَ فَهُوَ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَشَايِخِ وَإِنْ نَوَى الْوَاحِدَ يَصْدُقُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ قَالَ اللَّه تَعَالَى {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] وَفِيهِ تَغْلِيظٌ. (37) قَوْلُهُ: الْمُعَلَّقُ يَتَأَخَّرُ وَالْمُضَافُ يُقَارِنُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطٍ يَنْزِلُ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَالْمُضَافُ يَنْزِلُ مُقَارِنًا لِلْوَقْتِ الْمَوْصُوفِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ وَهَذَا الْفَرْقُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يُقَارِنُ السَّبَبَ بَلْ يُوجَدُ عَقِيبَهُ، وَالْمُضَافُ سَبَبٌ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَعَهُ مَا يَمْنَعُ عَنْ كَوْنِهِ سَبَبًا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ مُقَارِنًا لِلْوَقْتِ الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ قَدْ يُقَدَّمُ، أَمَّا الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ فَإِنَّهُ سَبَبٌ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ اعْتِرَاضَ الشَّرْطِ عَلَى السَّبَبِ يَمْنَعُ اتِّصَالَهُ بِمَحَلِّهِ، وَبِدُونِ الِاتِّصَالِ بِالْمَحَلِّ لَا يُسَمَّى سَبَبًا، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا: الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ كَالْمُرْسَلِ عِنْدَ وُجُودِهِ فَيَنْزِلُ الطَّلَاقُ عَقِيبَ الشَّرْطِ لِيَقَعَ الْحُكْمُ عَقِيبَ سَبَبِهِ. لَكِنَّ الْمُضَافَ إنْ فَارَقَ الْمُعَلَّقَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَقَدْ وَافَقَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْحُكْمَ يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ الْوَقْتِ الَّذِي أَضَافَهُ إلَيْهِ مَوْصُوفًا بِتِلْكَ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ مَا الْتَزَمَ الطَّلَاقَ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ تِلْكَ الصِّفَةِ كَالشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ غَرَضُهُ

قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك بِشَهْرٍ أَوْ أُطَلِّقَ لَا يَنْعَقِدُ، 39 - وَلَوْ قَالَ إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ ذَلِكَ بِشَهْرٍ، فَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ الشَّهْرِ لَا تَطْلُقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّنْجِيزُ لَكَانَ قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ أَخْصَرَ مِنْ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَلَمَّا لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الْأَخْصَرِ دَلَّ عَلَى مُرَادِهِ التَّأْخِيرَ. (38) قَوْلُهُ: قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك بِشَهْرٍ إلَخْ. الْمَقَامُ مَقَامُ التَّفْرِيعِ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي يَقْبَلُهُ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إلَخْ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك بِشَهْرٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ أَوْ بَعْدَهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ، أَمَّا قَبْلَهُ فَلِانْعِدَامِ الْوَقْتِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ شَهْرٌ قَبْلَ التَّزَوُّجِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلِأَنَّ التَّزَوُّجَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِيَقَعَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُضَافٌ إلَى الْوَقْتِ قَبْلَ التَّزَوُّجِ فَكَانَ التَّزَوُّجُ مُوجِدًا لِلشَّرْطِ وَالْمُوجِدُ لِلشَّرْطِ لَيْسَ بِشَرْطٍ. (39) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إذَا تَزَوَّجْتُك إلَخْ يَعْنِي فَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ شَهْرٍ لَا تَطْلُقُ لِانْعِدَامِ الْوَقْتِ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ شَهْرٍ، ذُكِرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَذُكِرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ أَنَّهَا طَلُقَتْ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - خِلَافًا لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ إيقَاعٌ وَقْتَ التَّزَوُّجِ؛ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ بِكَلِمَةِ إذَا وَهِيَ لِلْوَقْتِ فَيَتَعَلَّقُ بِوَقْتِ التَّزَوُّجِ وَيَقَعُ عَقِبَهُ لَكِنَّهُ قَصَدَ أَنْ يَكُونَ الْوَاقِعُ وَقْتَ التَّزَوُّجِ وَاقِعًا بِقَوْلِهِ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ فَيَلْغُو، كَمَا لَوْ صَرَّحَ وَقَالَ: إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك أَنَّهُ يَقَعُ فِي تِلْكَ وَيَلْغُو قَوْلُهُ أَنْ أَتَزَوَّجَك. وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ الْخِلَافَ فِي الْمُطْلَقِ دُونَ الْمُقَيَّدِ بِشَهْرٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ. لِأَبِي يُوسُفَ تَقْدِيمُ الْجَزَاءِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك إذَا تَزَوَّجْتُك، حَيْثُ يَقَعُ بِالْإِجْمَاعِ. وَلَهُمَا أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْإِضَافَةِ وَالتَّعْلِيقِ غَيْرُ مُمْكِنٍ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّضَادِّ مِنْ الْمُقَارَنَةِ وَالتَّأَخُّرِ وَالْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ فَيُجْعَلُ آخِرُهُمَا نَاسِخًا لِلْأَوَّلِ؛ وَبَيَانُهُ فِي مَسْأَلَتِنَا أَنَّ إضَافَةَ الطَّلَاقِ إلَى مَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ يَقْتَضِي وُقُوعَهُ قَبْلَهُ وَتَعْلِيقُهُ بِالتَّزَوُّجِ يَمْنَعُ وُقُوعَهُ قَبْلَهُ فَيَتَحَقَّقُ التَّنَافِي فَيُجْعَلُ آخِرُهُمَا نَاسِخًا لِلْأَوَّلِ. وَمِنْ هُنَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ تَقْدِيمِ الْجَزَاءِ

وَبَعْدُ تَطْلُقُ 41 - النِّيَّةُ إنَّمَا تَعْمَلُ فِي الْمَلْفُوظِ 42 - وَهِيَ مَسْأَلَةُ إنْ أَكَلْت وَنَوَى طَعَامًا دُونَ طَعَامٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتَأْخِيرِهِ، فَتَقُولُ إذَا قُدِّمَ الْجَزَاءُ وَأُخِّرَ التَّعْلِيقُ انْتَسَخَتْ الْإِضَافَةُ وَبَطَلَتْ الْقَبْلِيَّةُ فَيَبْقَى مُجَرَّدُ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا تَزَوَّجْتُك وَإِذَا قُدِّمَ التَّعْلِيقُ نَسَخَتْهُ الْإِضَافَةُ فَيَبْقَى مُجَرَّدُ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك فَلَا يَقَعُ، وَشَاهِدُ اعْتِبَارِ تَرْجِيحِ الْمُتَأَخِّرِ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ يَبْطُلُ ذِكْرُ الْغَدِ، وَيَتَعَلَّقُ الطَّلَاقُ بِالدُّخُولِ حَتَّى لَوْ دَخَلَتْ الْيَوْمَ وَقَعَ، فَقَدْ اجْتَمَعَ الْإِضَافَةُ وَالتَّعْلِيقُ وَبَطَلَتْ الْإِضَافَةُ لِلتَّقَدُّمِ كَمَا تَرَى. (40) قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ تَطْلُقُ. قِيلَ عَلَيْهِ: إنَّ لَفْظَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ ذَلِكَ إشَارَةً إلَى التَّزَوُّجِ ظَاهِرًا وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْفَصْلَيْنِ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ أَجْنَبِيَّةٌ فَمَا وَجْهُ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ (انْتَهَى) . أَقُولُ وَجْهُ التَّفْصِيلِ عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَا وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ شَهْرٍ لَا تَطْلُقُ لِانْعِدَامِ الْوَقْتِ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ شَهْرٍ تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ إيقَاعٌ وَقْتَ التَّزَوُّجِ؛ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ بِكَلِمَةِ إذَا وَهِيَ لِلْوَقْتِ فَيَتَعَلَّقُ بِوَقْتِ التَّزَوُّجِ وَيَقَعُ عَقِبَهُ وَيَلْغُو قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ (41) قَوْلُهُ: النِّيَّةُ إنَّمَا تَعْمَلُ فِي الْمَلْفُوظِ أَيْ لَا فِي غَيْرِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ النِّيَّةَ يُقْصَدُ بِهَا التَّمْيِيزُ، وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى فِي لَفْظٍ مُحْتَمِلٍ كَعَامٍّ يَحْتَمِلُ التَّخْصِيصَ أَوْ مُجْمَلٍ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيَانِ أَوْ مُشْتَرَكٍ يُعَيِّنُ بَعْضَ أَفْرَادِهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ اللَّفْظُ مُحْتَمِلًا يَبْقَى مُجَرَّدُ النِّيَّةِ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا، وَلِهَذَا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، ثُمَّ اللَّفْظُ الَّذِي يَحْتَمِلُ شَيْئَيْنِ أَوْ أَشْيَاءَ إنْ احْتَمَلَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ فَنَوَى أَحَدَهُمَا فَإِنَّهُ يَصْدُقُ دِيَانَةً وَقَضَاءً؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا يُكَذِّبُهُ وَإِنْ احْتَمَلَ أَحَدَهَا احْتِمَالًا مَرْجُوحًا فَنَوَى ذَلِكَ الْمَرْجُوحَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ فِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَى نَفْسِهِ يَصْدُقُ أَيْضًا دِيَانَةً وَقَضَاءً؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِي ذَلِكَ، لَكِنَّهُ لَا يَصْدُقُ قَضَاءً؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ مَبْنِيٌّ عَلَى الظَّاهِرِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَوَى وَإِنْ نَوَى مَا لَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ لَا يَصْدُقُ دِيَانَةً وَلَا قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ يَخْلُو عَنْ اللَّفْظِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ النِّيَّةَ لَا حُكْمَ لَهَا عَلَى الِانْفِرَادِ. (42) قَوْلُهُ: وَهِيَ مَسْأَلَةُ إنْ أَكَلْت وَنَوَى طَعَامًا دُونَ طَعَامٍ يَعْنِي إذَا ذَكَرَ فِعْلًا وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهُ الْمَفْعُولَ وَنَوَى شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ بِأَنْ نَوَى طَعَامًا مُعَيَّنًا لَا يَصْدُقُ دِيَانَةً وَلَا

إلَّا إذَا قَالَ إنْ خَرَجْت وَنَوَى السَّفَرَ الْمُتَنَوِّعَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَضَاءً؛ لِأَنَّ نِيَّةَ التَّخْصِيصِ إنَّمَا تَصِحُّ فِي الْعَامِّ وَهِيَ تَعْمَلُ فِي الْمَلْفُوظِ وَالْمَذْكُورِ وَالْفِعْلِ وَهُوَ لَا عُمُومَ لَهُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَصْدُقُ دِيَانَةً، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهِيَ رِوَايَةُ النَّوَادِرِ وَعَلَيْهَا اعْتَمَدَ الْخَصَّافُ؛ لِأَنَّهُ نَوَى مَفْعُولَ فِعْلِهِ وَهُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَلْفُوظًا فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَلْفُوظِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ يَسْتَدْعِيهِ وَلَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَحَلًّا فَصَحَّتْ نِيَّةُ التَّخْصِيصِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يَصْدُقُ قَضَاءً. وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ الْمَذْكُورَ هُوَ الْفِعْلُ وَلَا عُمُومَ لَهُ، كَذَا نُقِلَ عَنْ سِيبَوَيْهِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْفِعْلَ وُجُودُهُ بِالْمُبَاشَرَةِ وَإِنَّمَا يُوجَدُ بِقَدْرِ مَا بَاشَرَهُ وَالْمَفْعُولُ لَيْسَ بِثَابِتٍ لَفْظًا، وَإِنَّمَا هُوَ ثَابِتٌ اقْتِضَاءً وَالْمُقْتَضَى لَا عُمُومَ لَهُ لِكَوْنِهِ ثَابِتًا بِطَرِيقِ الضَّرُورَةِ فَإِنْ قِيلَ: الْفِعْلُ فِيمَا لَوْ قَالَ إذَا اغْتَسَلْت وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا لَكِنَّهُ يَتَنَوَّعُ إلَى فَرْضٍ وَوَاجِبٍ وَمَسْنُونٍ وَمُسْتَحَبٍّ، فَوَجَبَ أَنْ يُجَوِّزَ نِيَّةَ التَّخْصِيصِ نَظَرًا إلَى أَنْوَاعِهِ قُلْنَا هَذَا التَّنَوُّعُ شَرْعِيٌّ وَالْأَلْفَاظُ وُضِعَتْ بِإِزَاءِ مَعَانِي الْحَقِيقَةِ دُونَ الْحُكْمِيَّةِ لِتَقَدُّمِ وَضْعِهَا. وَالتَّخْصِيصُ إنَّمَا يَجْرِي فِي اللَّفْظِ بِاعْتِبَارِ وَضْعِهِ الْأَصْلِيِّ لَا الْعَارِضِيِّ وَإِنْ ذَكَرَ مَعَ كُلِّ فِعْلٍ مَفْعُولًا بِأَنْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً أَوْ إنْ أَكَلْت طَعَامًا أَوْ إنْ اغْتَسَلَ أَحَدٌ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَفَاعِيلِ الْمَذْكُورَةِ نَكِرَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي مَوْضِعِ الشَّرْطِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الشَّرْطَ فِي مَعْنَى النَّفْيِ فَيَعُمُّ فَيَجُوزُ فِيهِ التَّخْصِيصُ وَيَكُونُ مِنْ بَابِ ذِكْرِ الشَّيْءِ وَإِرَادَةِ بَعْضِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ} [البقرة: 260] الْآيَةَ. وَكَانَتْ أَرْبَعَةَ جِبَالٍ لَكِنَّهُ لَا يَصْدُقُ قَضَاءً؛ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ خِلَافُ الظَّاهِرِ. (43) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَالَ إنْ خَرَجْت وَنَوَى السَّفَرَ إلَخْ يَعْنِي أَنَّهُ يَصْدُقُ دِيَانَةً وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَفْعُولَ مَعَ الْفِعْلِ. وَقَوْلُهُ أَوْ نَوَى السَّفَرَ الْمُتَنَوِّعَ صَوَابُهُ: وَنَوَى السَّفَرَ لِلتَّنَوُّعِ كَمَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ أَيْ لِتَنَوُّعِ الْخُرُوجِ وَهُوَ يَرِدُ نَقْضًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْجَوَابِ عَنْ فِعْلِ الِاغْتِسَالِ مَعَ تَنَوُّعِهِ إلَى فَرْضٍ وَغَيْرِهِ. وَبَيَانُ النَّقْضِ أَنَّهُ فِعْلٌ ذُكِرَ وَحْدَهُ وَاعْتُبِرَتْ نِيَّةُ التَّخْصِيصِ فِيهِ لِتَنَوُّعِهِ وَلَمْ تُعْتَبَرْ فِي فِعْلِ الِاغْتِسَالِ مَعَ تَنَوُّعِهِ، حَتَّى قَالَ الْقَاضِي أَبُو طَاهِرٍ الدَّبَّاسُ: يَنْبَغِي أَنْ يَتَّحِدَ الْجَوَابُ وَإِلَيْهِ مَالَ الْقَاضِي أَبُو حَازِمٍ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو نَصْرٍ الصَّفَّارُ

وَفِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ، وَنَوَى حَبَشِيَّةً أَوْ عَرَبِيَّةً 45 - الْمُعَرَّفُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْمُنَكَّرِ. قَالَ إنْ دَخَلَ دَارِي هَذِهِ أَحَدٌ أَوْ كَلَّمَ غُلَامِي هَذَا أَوْ ابْنِي هَذَا أَوْ أَضَافَ إلَى غَيْرِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ الْقُضَاةِ أَنَّهُمْ قَالُوا هَذَا فِيمَا إذَا قَالَ إنْ خَرَجْت خُرُوجًا. قَالُوا وَنَصَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْقَدِيمَةِ عَلَى هَذَا. وَالْفَرْقُ عَلَى الظَّاهِرِ هُوَ أَنَّ الْخُرُوجَ مُتَنَوِّعٌ فِي نَفْسِهِ لُغَةً؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الِانْفِصَالِ مِنْ مَكَانِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ إلَى مَكَانِ قَصْدِهِ، وَذَلِكَ الْمَكَانُ تَارَةً يَكُونُ قَرِيبًا وَتَارَةً يَكُونُ بَعِيدًا، وَلِهَذَا يُقَالُ سَافَرَ فُلَانٌ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْخُرُوجِ، فَيَجْعَلُونَ الْخُرُوجَ عَيْنَ السَّفَرِ، فَإِذَا نَوَى أَحَدَ نَوْعَيْ الْخُرُوجِ فَقَدْ نَوَى مُحْتَمَلَ كَلَامِهِ فَيَصْدُقُ دِيَانَةً بِخِلَافِ فِعْلِ الِاغْتِسَالِ فَإِنَّهُ مُتَنَوِّعٌ شَرْعًا لَا لُغَةً؛ لِأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ إذْ هُوَ وَاقِعٌ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ إسَالَةُ الْمَاءِ عَلَى الْبَدَنِ وَإِنَّمَا الْمُغْتَسِلُ مِنْهُ هُوَ الْمُتَنَوِّعُ وَهُوَ لَيْسَ بِمَذْكُورٍ لَفْظًا فَإِذَا نَوَى نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ الْمُغْتَسَلِ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَنْوِيُّ عَيْنَ الْفِعْلِ فَلَا يَصِيرُ نَوْعًا لَهُ فَلَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ فِيهِ، فَوَضَحَ الْفَرْقُ. قِيلَ قَيَّدَ بِنِيَّةِ السَّفَرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَوَى مَكَانًا بِعَيْنِهِ فِي قَوْلِهِ إنْ خَرَجْت، لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَذْكُورٍ، وَلَا هُوَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْخُرُوجِ. (44) قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ وَنَوَى حَبَشِيَّةً أَوْ عَرَبِيَّةً. رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي رَجُلٍ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت وَنَوَى حَبَشِيَّةً أَوْ عَرَبِيَّةً فَإِنَّهُ دِينٌ وَلَوْ نَوَى كُوفِيَّةً أَوْ بَصْرِيَّةً لَا يَصْدُقُ دِيَانَةً وَلَا قَضَاءَ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْيَمِينَ هَهُنَا لِلْمَنْعِ وَمَنْعُ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ عَنْهَا بِالْيَمِينِ لَا يَلِيقُ عَادَةً؛ لِأَنَّ الْمَدَنِيَّةَ جَامِعَةٌ لِسَائِرِ الْأَنْوَاعِ غَالِبًا وَالْإِنْسَانُ لَا يَمْنَعُ نَفْسَهُ مِنْ سَائِرِ الْأَنْوَاعِ فِي الْعَادَةِ. كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْفَخْرِ عُثْمَانَ الْمَارْدِينِيِّ (45) قَوْلُهُ: الْمُعَرَّفُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْمُنَكَّرِ. أَطْلَقَ فِي مَوْضِعِ التَّقْيِيدِ وَفِيهِ مَا فِيهِ وَبَيَانُهُ أَنَّ الْمُعَرَّفَ الَّذِي لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْمُنَكَّرِ هُوَ الْمُعَرَّفُ بِالتَّعْرِيفِ الْكَامِلِ لِمَا بَيْنَ الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ مِنْ التَّضَادِّ، وَأَمَّا الْمُعَرَّفُ تَعْرِيفًا نَاقِصًا فَيَدْخُلُ تَحْتَ الْمُنَكَّرِ لِبَقَاءِ التَّنْكِيرِ مِنْ وَجْهٍ فَجَانَسَ الْمُنَكَّرَ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ. وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - دُخُولُ الْمُعَرَّفِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَا، فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَصْلِ بَيْنَ التَّعْرِيفِ الْكَامِلِ وَالنَّاقِصِ، فَالْكَامِلُ هُوَ الَّذِي يَنْقَطِعُ بِهِ الِاشْتِرَاكُ بَيْنَ الْمُعَرَّفِ وَغَيْرِهِ، وَآيَةُ ذَلِكَ أَنْ يُقَبِّحَ مَعَهُ ذَلِكَ

لَا يَدْخُلُ الْمَالِكُ لِتَعْرِيفِهِ، 47 - بِخِلَافِ النِّسْبَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاسْتِفْهَامَ عَنْهُ كَالْإِضَافَةِ إلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَالْإِشَارَةِ وَكَافِ الْخِطَابِ وَالضَّمَائِرِ، وَالنَّاقِصُ مَا لَا يَنْقَطِعُ مَعَهُ الِاشْتِرَاكُ يَحْسُنُ فِيهِ الِاسْتِفْهَامُ كَالتَّعْرِيفِ بِاسْمِ الْعِلْمِ وَالنِّسْبَةِ فَإِنَّ غَيَّرَ الْمُعَرَّفِ يُشَارِكُ فِي اسْمِهِ وَنَسَبِهِ فَصَارَ مُعَرَّفًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَلَا يَكُونُ فِي حُكْمِ الْمُعَرَّفِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. وَذَلِكَ أَصْلٌ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، فَإِنَّ الْمَعْرِفَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَحَدَيْهِمَا أَعْرَفُ يَغْلِبُ الْأَعْرَفُ مِنْهُمَا، أَلَا تَرَى أَنْ تَقُولَ أَنَا وَأَنْتَ قُمْنَا فَتُغَلِّبُ ضَمِيرَ الْمُتَكَلِّمِ لِكَوْنِهِ أَعْرَفَ وَكَذَا أَنْتَ وَهُوَ قِيمَتُهَا فَتَغَلُّبُ ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِ أَعْرَفُ وَيَجُوزُ أَنْ يُعْتَرَضَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَيُقَالُ: يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ اسْمُ الْإِشَارَةِ أَعْرَفَ مِنْ الِاسْمِ الْعَلَمِ وَأَكْثَرُ النُّحَاةِ عَلَى عَكْسِهِ وَلِهَذَا جَازَ نَعْتُ الْعَلَمِ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ دُونَ الْعَكْسِ فَلَا يُقَالُ: جَاءَ هَذَا زَيْدٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ فَيُقَالُ: إنَّ الْعَلَمَ وَإِنْ كَانَ أَعْرَفَ مِنْهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ تَعْرِيفَ الْعَلَمِيَّةِ لَا يُفَارِقُ الْمُعَرَّفَ حَاضِرًا كَانَ أَوْ غَائِبًا حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا، بِخِلَافِ اسْمِ الْإِشَارَةِ، لَكِنَّهُ فِي قَطْعِ الِاشْتِرَاكِ دُونَ اسْمِ الْإِشَارَةِ وَلِهَذَا جَعَلَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ السَّرَّاجِ أَعْرَفُ مِنْ الْعَلَمِ؛ لِأَنَّ لِتَعَرُّفِهِ حَظًّا مِنْ الْعَيْنِ وَالْقَلْبِ. وَالْعِلْمُ حَظُّهُ مِنْ الْقَلْبِ خَاصَّةً، وَيَنْتَقِضُ بِمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلَ دَارِي هَذِهِ أَحَدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَدَخَلَتْ هِيَ طَلُقَتْ. فَقَدْ دَخَلَ الْمُعَرَّفُ تَحْتَ النَّكِرَةِ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الْمُعَرَّفَ الَّذِي يَدْخُلُ تَحْتَ الْمُنَكَّرِ وَهُوَ الْمُعَرَّفُ الْوَاقِعُ فِي حَيِّزِ الشَّرْطِ، كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلَ دَارِي هَذِهِ أَحَدٌ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَدَخَلَ الْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ التَّضَادَّ بَيْنَ الْمُعَرَّفِ وَالْمُنَكَّرِ إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَا فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ. عَلَى أَنَّا نَدَّعِي أَنَّ الْمُعَرَّفَ فِي حَيِّزِ الْجَزَاءِ حِينَ دَخَلَ تَحْتَ قَوْلِهِ (أَحَدٌ) لَمْ يَكُنْ التَّنْكِيرُ الَّذِي دَخَلَ تَحْتَ النَّكِرَةِ. (46) قَوْلُهُ: لَا يَدْخُلُ الْمَالِكُ لِتَعْرِيفِهِ. أَرَادَ بِالْمَالِكِ الْمُتَكَلِّمَ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ الَّذِي أُضِيفَتْ الدَّارُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا رَاجِعٌ إلَيْهِ، وَهُوَ مَعْرِفَةٌ، فَلَا يُدْرَجُ تَحْتَ لَفْظِ أَحَدٍ الَّذِي هُوَ نَكِرَةٌ، وَبِهِ يَظْهَرُ كَوْنُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ. (47) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النِّسْبَةِ أَيْ بِخِلَافٍ بِالنِّسْبَةِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ دَخَلَ دَارَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَحَدٌ فَعَبْدِي حُرٌّ، وَالْحَالِفُ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَدَخَلَ يَحْنَثُ لِدُخُولِهِ تَحْتَ النَّكِرَةِ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ بِالنِّسْبَةِ قَاصِرٌ فَلَا يَزُولُ التَّنْكِيرُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو حَازِمٍ

وَلَوْ لَمْ يُضِفْ يَدْخُلُ لِتَنْكِيرِهِ، 49 - إلَّا فِي الْأَجْزَاءِ كَالْيَدِ وَالرَّأْسِ، 50 - وَإِنْ لَمْ يُضِفْ لِلِاتِّصَالِ 51 - الْفِعْلُ يَتِمُّ بِفَاعِلِهِ مَرَّةً وَبِمَحَلِّهِ أُخْرَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ بِالنِّسْبَةِ مُعْتَبَرٌ كَالْإِضَافَةِ وَلِهَذَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِغَائِبٍ سَمَّاهُ وَنَسَبَهُ. قُلْنَا إنَّ التَّعْرِيفَ بِالنِّسْبَةِ لَا تَنْقَطِعُ مَعَهُ الشَّرِكَةُ وَلِهَذَا كَانَ لِلسَّامِعِ أَنْ يَقُولَ: مَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ؟ وَإِنَّمَا اكْتَفَى بِهِ فِي الْغَائِبِ ضَرُورَةَ تَعَذُّرِ التَّعْرِيفِ بِغَيْرِهِ وَلَمْ يَتَعَذَّرْ فِي حَالَةِ الْحُضُورِ، فَإِنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ تَعْرِيفُ نَفْسِهِ بِالْإِضَافَةِ، فَحَيْثُ أَعْرَضَ عَنْهَا مَعَ كَوْنِهَا أَبْلَغُ وَأَخْصَرُ كَانَ ذَلِكَ دَلِيلَ إرَادَةِ دُخُولِهِ تَحْتَ النَّكِرَةِ فَيَدْخُلُ عَلَى أَنَّا نَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ لِلْغَائِبِ بِمُجَرَّدِ النِّسْبَةِ وَنَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ تَنْضَمُّ إلَيْهَا قَاطِعَةٍ لِلِاشْتِرَاكِ. (48) قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يُضِفْ إلَخْ أَيْ إلَى نَفْسِهِ وَلَا إلَى غَيْرِهِ بِأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ أَحَدٌ أَوْ كَلَّمَ هَذَا الْعَبْدَ أَحَدٌ وَالدَّارُ وَالْعَبْدُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، فَدَخَلَ الْحَالِفُ الدَّارَ أَوْ كَلَّمَ الْعَبْدَ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الدُّخُولِ تَحْتَ عُمُومِ النَّكِرَةِ هُوَ التَّعْرِيفُ، وَلَمْ يُوجَدْ فَيَدْخُلُ الْحَالِفُ تَحْتَ عُمُومِ النَّكِرَةِ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ. (49) قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْأَجْزَاءِ كَالْيَدِ إلَخْ أَيْ إلَّا فِي الْأَجْزَاءِ الْمُتَّصِلَةِ سَوَاءٌ أَضَافَ إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ إنْ قَطَعَ يَدِي هَذِهِ أَحَدٌ أَوْ لَمْ يُضِفْ بِأَنْ قَالَ إنْ قَطَعَ هَذِهِ الْيَدَ أَحَدٌ وَأَشَارَ إلَى يَدِهِ أَوْ رَأْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ، أَمَّا فِي الْإِضَافَةِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الْإِشَارَةِ مَعَ قَطْعِ الْإِضَافَةِ؛ لِأَنَّ الْجَزَاءَ لَمَّا صَارَ مُعَرَّفًا بِالْإِشَارَةِ كَانَ مِنْ ضَرُورَتِهِ أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ مُعَرَّفًا، إذْ مِنْ الْمُسْتَحِيلِ أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ الْوَاحِدُ بَعْضُهُ مُعَرَّفًا بِالْإِشَارَةِ وَبَعْضُهُ مُنْكَرًا، فَلِهَذَا يَنْقَطِعُ الِاسْتِفْهَامُ عِنْدَ الْإِشَارَةِ (50) قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُضِفْ لِلِاتِّصَالِ أَيْ لِاتِّصَالِهَا بِالْحَالِفِ بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلِ كَالدَّارِ وَنَحْوِهَا، حَيْثُ لَا يَتَعَيَّنُ الْمَالِكُ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَعْرِيفِهَا تَعْرِيفُ مَالِكِهَا لِلِانْفِصَالِ (51) قَوْلُهُ: الْفِعْلُ يَتِمُّ بِفَاعِلِهِ مَرَّةً وَبِمَحَلِّهِ أُخْرَى. اعْلَمْ أَنَّ الشَّرْطَ مَتَى كَانَ مُقَيَّدًا

قَالَ إنْ شَتَمْته فِي الْمَسْجِدِ أَوْ رَمَيْت إلَيْهِ، فَشَرْطُ حِنْثِهِ كَوْنُ الْفَاعِلِ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQبِزَمَانٍ أَوْ مَكَان وَهُوَ يَسْتَدْعِي مَفْعُولًا فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّرْطُ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا فَإِنْ كَانَ قَوْلًا فَالْمُعْتَبَرُ وُجُودُ الْفَاعِلِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى وُجُودِ الْمَفْعُولِ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَحَلِّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ يَتِمُّ بِالْفَاعِلِ وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَ فِعْلًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَتِمَّ بِالْفَاعِلِ وَحْدَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ أَثَرٌ فِي الْمَحَلِّ أَوْ لَا يَتِمَّ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ أَثَرٌ فِي الْمَحَلِّ. فَفِي الْأَوَّلِ يُكْتَفَى بِوُجُودِ الْفَاعِلِ وَحْدَهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَوْ الزَّمَانِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْقَوْلِ وَفِي الثَّانِي يُعْتَبَرُ وُجُودُ الْمَحَلِّ وَهُوَ الْمَفْعُولُ خَاصَّةً، وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّ الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ لَا بُدَّ بَيْنَهُمَا مِنْ عَلَاقَةٍ بِهَا يُسَمَّى الْفَاعِلُ فَاعِلًا وَالْمَفْعُولُ مَفْعُولًا وَهُوَ الْفِعْلُ الصَّادِرُ مِنْ الْفَاعِلِ الْوَاقِعِ عَلَى الْمَفْعُولِ، ثُمَّ يُنْظَرُ فَإِنْ سُمِّيَ مَفْعُولًا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ تَأْثِيرٍ فِيهِ فَالْعَلَاقَةُ نَفْسُ الْفِعْلِ فَيُكْتَفَى بِوُجُودِ الْفَاعِلِ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَفْعُولًا إلَّا بِأَثَرِ ذَلِكَ فَالْعَلَاقَةُ نَفْسُ الْفِعْلِ مَعَ أَثَرِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ مَنْ قَامَ بِهِ ذَلِكَ الْأَثَرُ. فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا اعْتَبَرْت وُجُودَهُمَا جَمِيعًا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُؤَثِّرَ إنْ لَمْ يَتِمَّ بِالْفَاعِلِ وَحْدَهُ كَذَا لَا يَتِمُّ بِالْمَفْعُولِ وَحْدَهُ، فَوَجَبَ أَنْ يُشْتَرَطَ وُجُودُهُمَا. قُلْنَا سَلَّمْنَا التَّعَارُضَ وَرَجَّحْنَا الْمَفْعُولَ الَّذِي هُوَ الْمَحَلُّ الْقَائِمُ بِالْأَثَرِ؛ لِأَنَّ الْأَثَرَ هُوَ الْمَقْصُودُ الذَّاتِيُّ وَذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِي يُنْفَى بِالْيَمِينِ هُوَ أَثَرُ الْفِعْلِ لَا ذَاتُهُ؛ لِأَنَّ فَسَادَهُ وَقُبْحَهُ بِاعْتِبَارِ أَثَرِهِ لَا بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ، وَلِهَذَا يُسَمَّى الْفِعْلُ بِاعْتِبَارِ أَثَرِهِ فَإِنَّهُ لَوْ رَمَى بِحَجَرٍ فَأَصَابَ قَارُورَةً سُمِّيَ كَسْرًا وَلَوْ أَصَابَ إنْسَانًا وَمَاتَ سُمِّيَ قَتْلًا وَلَوْ لَمْ يَمُتْ سُمِّيَ جُرْحًا أَوْ شَجًّا أَوْ ضَرْبًا فَلِهَذَا رَجَّحْنَا مَنْ قَامَ بِالْمَقْصُودِ. وَكَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْفَخْرِ الْمَارْدِينِيِّ. (52) قَوْلُهُ: قَالَ إنْ شَتَمْته فِي الْمَسْجِدِ أَوْ رَمَيْت إلَيْهِ إلَخْ يَعْنِي إذَا قَالَ الرَّجُلُ إنْ شَتَمْتُك فِي الْمَسْجِدِ فَعَبْدِي حُرٌّ، فَشَتَمَهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَشْتُومُ خَارِجَهُ يَحْنَثُ وَبِالْعَكْسِ لَا، لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الشَّتْمَ يَتِمُّ بِالشَّاتِمِ وَحْدَهُ إذْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْأَقْوَالِ وَلِهَذَا يُشْتَمُ الْغَائِبُ وَالْمَيِّتُ، وَالثَّانِي أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ هَذَا الْيَمِينِ تَنْزِيهُ الْمَسْجِدِ عَنْ الْفُحْشِ وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ بِكَوْنِهِ فِيهِ فَكَانَ مِنْ تَمَامِ شَرْطِ الْحِنْثِ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ رَمَيْت إلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ الْمَقْرُونَ بِإِلَى لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِصَابَةُ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الشَّتْمِ،

وَإِنْ ضَرَبْته أَوْ جَرَحْته أَوْ قَتَلْته وَرَمَيْته؛ كَوْنُ الْمَحَلِّ فِيهِ 54 - الشَّرْطُ مَتَى اعْتَرَضَ عَلَى الشَّرْطِ، يُقَدَّمُ الْمُؤَخَّرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْجَامِعُ عَدَمُ الْأَثَرِ بِالْمَحَلِّ. وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَظْهَرُ مَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَشَرْطُ حِنْثِهِ كَوْنُ الْفَاعِلِ فِيهِ مِنْ التَّسَاهُلِ فَإِنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ الشَّتْمُ وَالرَّمْيُ وَكَوْنُ الْفَاعِلِ فِيهِ تَمَامُ الشَّرْطِ. (53) قَوْلُهُ: وَإِنْ ضَرَبْته أَوْ جَرَحْته أَوْ قَتَلْته أَوْ رَمَيْته كَوْنُ الْمَحَلِّ فِيهِ. أَيْ شَرْطُ حِنْثِهِ كَوْنُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْحَالِفُ خَارِجَهُ، لَوْ كَانَ بِالْعَكْسِ لَا يَحْنَثُ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذِهِ الْأَفَاعِيلَ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْمَفْعُولِ وَأَنَّهُ هُوَ الْقَائِمُ بِالْأَثَرِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ، وَالثَّانِي أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْيَمِينِ تَنْزِيهُ الْمَسْجِدِ مِنْ التَّلْوِيثِ وَهَذَا يَتَحَقَّقُ بِالْمَفْعُولِ وَلِهَذَا يُقَالُ: مَنْ ذَبَحَ شَاةً فِي الْمَسْجِدِ، وَهُوَ خَارِجٌ عَنْهُ، لَا تُذْبَحْ فِي الْمَسْجِدِ وَجَعَلَ الطَّحَاوِيُّ قَوْلَهُ رَمَيْته بِمَنْزِلَةِ شَتَمْته وَقَالَ لِأَنَّ الرَّمْيَ يَتِمُّ بِهِ وَلَا أَثَرَ لَهُ فِي الْمَحَلِّ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ رَمَاهُ فَأَخْطَأَ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ ضَرَبَهُ فَأَخْطَأَهُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ نَظِيرُ الْقَتْلِ وَالضَّرْبِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ مَفْعُولَ فِعْلِهِ بِذَكَرِ ضَمِيرِهِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بِالْإِصَابَةِ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فَإِنَّهُ يَسْتَقِيمُ فِي رَمَيْت إلَيْهِ، أَمَّا رَمَيْته فَلَمْ أُصِبْهُ فَخَطَأٌ. وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ النَّاشِئِ عَنْ كَمَالِ التَّحْرِيرِ سَقَطَ مَا قِيلَ. قَدْ يُقَالُ قَوْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ ظَرْفٌ لِلْفِعْلِ فِي الْفَصْلَيْنِ مَعًا وَالْفِعْلُ مُتَعَدٍّ إلَى مَفْعُولٍ فِيهِمَا مَعًا فَمَا وَجْهُ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْفَاعِلِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْأَوَّلِ وَاشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمَفْعُولِ فِيهِ فِي الثَّانِي؟ وَهَلْ هَذَا إلَّا تَحَكُّمٌ، نَعَمْ إذَا اُعْتُبِرَ قَصْدًا لِمُتَكَلِّمٍ وَجُعِلَ الْحُكْمُ بِاعْتِبَارِ قَصْدِهِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَطْلَقَ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ (54) قَوْلُهُ: الشَّرْطُ مَتَى اعْتَرَضَ عَلَى الشَّرْطِ يُقَدَّمُ الْمُؤَخَّرُ يَعْنِي: الشَّرْطُ مَتَى اُعْتُرِضَ بِغَيْرِ حَرْفِ الْعَطْفِ وَالْجَزَاءِ يُقَدَّمُ الْمُؤَخَّرُ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ جَعْلُهُمَا شَرْطًا لِانْعِدَامِ حَرْفِ الْعَطْفِ وَتَعَذَّرَ جَعْلُ الثَّانِي مَعَ الْجَزَاءِ جَزَاءَ الْأَوَّلِ لِانْعِدَامِ حَرْفِ الْجَزَاءِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا هُوَ الْجَزَاءُ؛ لِأَنَّ الْجَزَاءَ مَتَى قُدِّمَ عَلَى الشَّرْطِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الرَّابِطِ فَقُدِّمَ الْمُؤَخَّرُ لِذَلِكَ، كَمَا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَهِيَ طَالِقٌ فَيُقَدَّمُ الْمُؤَخَّرَ لِمَا قُلْنَا فِي تَقْرِيرِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ جَعْلُ الشَّرْطَيْنِ وَاحِدًا لِعَدَمِ الْعَطْفِ وَلَا

الْمُعَلَّقُ بِشَرْطَيْنِ يَنْزِلُ عِنْدَ آخِرِهِمَا. 56 - وَبِأَحَدِهِمَا عِنْدَ الْأَوَّلِ، 57 - وَالْمُضَافُ بِالْعَكْسِ ـــــــــــــــــــــــــــــQجَعْلُ الْأَوَّلِ مَعَ الْجَزَاءِ جَزَاءً لِلْأَوَّلِ لِعَدَمِ الْفَاءِ فَيُقَدَّمُ الْمُؤَخَّرُ ضَرُورَةً فَيَصِيرُ الْكَلَامُ شَرْطًا لِانْعِقَادِ يَمِينِ التَّزَوُّجِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الَّتِي تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْكَلَامِ لَا قَبْلَهُ، وَلَوْ نَوَى تَقْدِيرَ الْفَاءِ لَصِيرَ يَمِينُ التَّزَوُّجِ شَرْطَ الِانْعِقَادِ وَلَا يَصْدُقُ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى خِلَافَ الظَّاهِرِ. أَصْلُهُ قَوْله تَعَالَى {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ} [هود: 34] الْآيَةَ. مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ لَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي، إنْ أَرَدْت أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ؛ لِأَنَّ النُّصْحَ إنَّمَا لَمْ يَنْفَعْ لِتَقَدُّمِ إرَادَةِ الْإِغْوَاءِ، وَمِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} [الأحزاب: 50] الْآيَةَ. مَعْنَاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، إنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا؛ لِأَنَّ إرَادَةَ النِّكَاحِ سَابِقَةٌ عَلَى الْهِبَةِ فَلِذَلِكَ جُعِلَ الْأَوَّلُ هُوَ الْجَزَاءَ وَالْيَمِينُ التَّامُّ وَهُوَ الشَّرْطُ، وَالْجَزَاءُ يَصْلُحُ جَزَاءً كَمَا يَصْلُحُ الْجَزَاءُ الْمُجَرَّدُ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ وَالْمَنْعَ يَحْصُلُ بِخَوْفِ لُزُومِ الْيَمِينِ التَّامِّ كَمَا يَحْصُلُ بِخَوْفِ الْجَزَاءِ (55) قَوْلُهُ: الْمُعَلَّقُ بِشَرْطَيْنِ يَنْزِلُ عِنْدَ آخِرِهِمَا. مِثَالُ الْمُعَلَّقِ بِشَرْطَيْنِ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا جَاءَ زَيْدٌ وَعُمَرُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ عِنْدَ آخِرِهِمَا. (56) قَوْلُهُ: وَبِأَحَدِهِمَا عِنْدَ الْأَوَّلِ أَيْ يَنْزِلُ عِنْدَ الْأُولَى كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا جَاءَ زَيْدٌ وَعُمَرُ وَيَقَعُ عِنْدَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَزَلَ عِنْدَ آخِرِهِمَا لَكَانَ مُعَلَّقًا بِهِمَا. (57) قَوْلُهُ: وَالْمُضَافُ بِالْعَكْسِ أَيْ وَالْمُضَافُ إلَى وَقْتَيْنِ يَنْزِلُ عِنْدَ أَوَّلِهِمَا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُمَا ظَرْفًا لِلْوَاقِعِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بِالْوُقُوعِ عِنْدَ أَوَّلِهِمَا فَإِنَّهُ يَصِيرُ ظَرْفًا، ثُمَّ يَلْزَمُ مِنْهُ كَوْنُ الثَّانِي ظَرْفًا أَيْضًا لِذَلِكَ الْوَاقِعِ، فَلَوْ نَزَلَ عِنْدَ آخِرِهِمَا لَكَانَ الظَّرْفُ الْأَخِيرَ، وَيَخْرُجُ الْأَوَّلُ عَنْ الظَّرْفِيَّةِ وَهُوَ جَعْلُهُمَا ظَرْفًا لِيَكُونَ مَوْصُوفُهُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ فِي الْوَقْتَيْنِ، وَإِذَا أَضَافَ إلَى أَحَدِهِمَا يَنْزِلُ عِنْدَ آخِرِهِمَا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَزَلَ عِنْدَ أَوَّلِهِمَا لَكَانَ كِلَاهُمَا ظَرْفًا وَهُوَ لَمْ يَقْصِدْ

مُقَابَلَةُ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ تَنْقَسِمُ وَبِالْمُفْرَدِ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا بَلْ قَصَدَ أَنْ تَكُونَ مَوْصُوفَةً بِتِلْكَ الصِّفَةِ فِي آخِرِ الْوَقْتَيْنِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمُضَافُ بِالْعَكْسِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ سَقَطَ مَا قِيلَ. ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ بِالْعَكْسِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدُمُ زَيْدٌ أَوْ يَجِيءُ عَمْرٌو، وَلِأَنَّ قَضِيَّةَ الْعَكْسِ نُزُولُ الْجَزَاءِ عِنْدَ آخِرِهِمَا تَحَقُّقًا وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الصَّادِقُ عَلَى السَّابِقِ تَحَقُّقًا فَعَلَيْك بِالتَّأَمُّلِ (58) قَوْلُهُ: مُقَابَلَةُ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ تَنْقَسِمُ وَبِالْمُفْرَدِ لَا يَعْنِي مَتَى قَابَلَ جُمْلَةَ الْأَفْعَالِ بِجُمْلَةِ الْأَشْخَاصِ انْصَرَفَ كُلُّ فِعْلٍ إلَى شَخْصٍ مِنْ أُولَئِكَ الْأَشْخَاصِ، وَلَا تُصْرَفُ الْأَفْعَالُ كُلُّهَا إلَى كُلِّ شَخْصٍ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَنْقَسِمُ، ذَلِكَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ} [يوسف: 67] لِيَدْخُلَ كُلٌّ مِنْكُمْ مِنْ بَابٍ عَلَى حِدَةٍ وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِمْ رَكِبَ الْقَوْمُ دَوَابَّهُمْ وَلَبِسُوا ثِيَابَهُمْ، وَنُقِضَ هَذَا بِقَوْلِهِمْ قَتَلَ الْمُسْلِمُونَ الْكَافِرِينَ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي الِانْقِسَامَ بِالْفَرْدِ بَلْ ثُبُوتَ الْجَمْعِ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ وَضْعَ اللَّفْظِ فِي مُقَابَلَةِ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ، وَوُقُوعَ فِعْلِ الْجَمْعِ عَلَى الْجَمْعِ مِنْ غَيْرِ انْقِسَامٍ إذَا أَمْكَنَ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمَنْقُوضِ بِهِ، وَكَلَامَنَا فِي مَوْضِعٍ لَا يَتَحَقَّقُ مُقَابَلَةُ الْجَمْعِ إلَّا بِطَرِيقِ الِانْقِسَامِ فَإِنَّهُ يَنْقَسِمُ ضَرُورَةً، فَإِنْ قِيلَ: إذَا انْقَسَمَ عَلَى الْفَرْدِ لَا يَبْقَى لِلْجَمْعِ الَّذِي هُوَ صَرِيحُ اللَّفْظِ اعْتِبَارٌ قُلْنَا مُرَاعَاةُ الْجَمْعِ مَوْجُودَةٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْدَ إذَا قُوبِلَ بِالْمُفْرَدِ يَنْضَمُّ إلَيْهِ أَفْرَادٌ أُخَرُ عَلَى نَحْوِهِ فَيَتَحَقَّقُ مَعْنَى الْجَمْعِ وَمَتَى قَابَلَ الْجَمْعَ بِالْمُفْرَدِ اقْتَضَى وُجُودَ الْفِعْلِ مِنْ الْجَمْعِ فِي ذَلِكَ الْمُفْرَدِ كَقَوْلِهِمْ دَخَلَ الْقَوْمُ دَارًا وَضَرَبُوا رَجُلًا وَهَذَا أَغْلَبِيٌّ وَقَدْ اقْتَضَى تَعْمِيمَ الْمُفْرَدِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] الْمَعْنَى عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ لِكُلِّ يَوْمٍ طَعَامُ مِسْكِينٍ. وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُقَابَلَةَ الْمُثَنَّى بِالْمَثْنَى مَعَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا مِنْ أَفْرَادِ الْقَاعِدَةِ مَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ إذَا وَلَدْتُمَا وَلَدَيْنِ فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ فَوَلَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَدًا طَلُقَتَا وَلَا يُشْتَرَطُ وِلَادَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَدَيْنِ، وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْجَمْعِ هَهُنَا مَا قَابَلَ الْوَاحِدَ.

وَصْفُ الشَّرْطِ كَالشَّرْطِ. 60 - الْخَبَرُ لِلصِّدْقِ وَغَيْرِهِ. 61 - إلَّا أَنْ يَصِلَهُ بِالْبَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلَةُ: وَصْفُ الشَّرْطِ كَالشَّرْطِ يَعْنِي أَنَّ وَصْفَ الشَّرْطِ يُرَاعَى كَمَا يُرَاعَى أَصْلُهُ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ رَاكِبَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ الدَّارَ غَيْرَ رَاكِبَةٍ لَا تَطْلُقْ. (60) قَوْلُهُ: الْخَبَرُ لِلصِّدْقِ وَغَيْرِهِ: الْخَبَرُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ لُغَةً. فِي الصِّحَاحِ يُقَالُ: مِنْ أَيْنَ أُخْبِرْت هَذَا الْأَمْرَ، أَيْ مِنْ أَيْنَ عَلِمْته، وَالِاسْمُ الْخُبْرُ بِالضَّمِّ وَهُوَ الْعِلْمُ بِالشَّيْءِ، فَمُقْتَضَى مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ أَنْ يَقَعَ عَلَى الصِّدْقِ خَاصَّةً لِيَحْصُلَ بِهِ مَعْنَاهُ وَهُوَ الْعِلْمُ إلَّا أَنَّهُ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْعُرْفِ لِلْكَلَامِ الدَّالِّ عَلَى وُجُودِ الْمُخْبَرِ بِهِ صَادِقًا كَانَ أَوْ كَاذِبًا، وَلِهَذَا يُقَالُ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ كَاذِبًا وَالْحَقِيقَةُ الْعُرْفِيَّةُ عَلَى اللُّغَوِيَّةِ وَتَأَيَّدَ هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] الْآيَةَ. فَلَوْ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْكَذِبِ كَمَا يَقَعُ عَلَى الصِّدْقِ لَمَا أَمَرَ بِالتَّبَيُّنِ إذْ لَوْ كَانَ لِلصِّدْقِ خَاصَّةً لَمْ يَكُنْ لِلتَّبْيِينِ مَعْنًى وَالنَّبَأُ وَالْخَبَرُ وَاحِدٌ. (61) قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَصِلَهُ بِالْبَاءِ. أَيْ الْخَبَرَ. كَأَنْ يَقُولَ: إنْ أَخْبَرْتنِي بِقُدُومِ فُلَانٍ فَعَبْدِي حُرٌّ، فَأَخْبَرَهُ يُشْتَرَطُ لِلْحِنْثِ صِدْقُهُ عَلِمَ الْمُخَبِّرُ أَمْ لَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ أَخْبَرْتنِي أَنَّ فُلَانًا قَدِمَ، فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ عَتَقَ الْعَبْدُ صَادِقًا كَانَ الْمُخْبِرُ أَوْ كَاذِبًا؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِالْإِخْبَارِ وَقَدْ وُجِدَ وَالْفَرْقُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عَلَّقَ الْعِتْقَ هُنَاكَ بِخَبَرٍ مَوْصُوفٍ بِصِفَةٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُلْصَقًا بِقُدُومِهِ فَاقْتَضَى ذَلِكَ وُجُودَ الْقُدُومِ لَا مَحَالَةَ لِيَتَحَقَّقَ الْإِلْصَاقُ، وَهُنَا اُشْتُرِطَ لِحِنْثِ الْخَبَرِ عَنْ قُدُومِهِ مُطْلَقًا وَقَدْ وُجِدَ، وَالثَّانِي أَنَّ كَوْنَ الْخَبَرِ يَقَعُ عَنْ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لِمَعْنَى الْقَوْلِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إنْ قُلْت لِي إنَّ فُلَانًا قَدِمَ فَعَبْدِي حُرٌّ، وَالْقَوْلُ يَكُونُ صِدْقًا وَكَذِبًا فَانْتَظَمَهَا الْيَمِينُ فَكَذَا الْخَبَرُ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَاهُ. أَمَّا الْمَوْصُولُ بِالْبَاءِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى الْقَوْلِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ تَقُولَ: إنْ قُلْت بِقُدُومِ فُلَانٍ فَلَمْ يَكُنْ كَالْإِخْبَارِ السَّاذَجِ.

وَكَذَا الْكِتَابَةُ. 63 - وَالْعِلْمُ وَالْبِشَارَةُ عَلَى الصِّدْقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (62) قَوْلُهُ: وَكَذَا الْكِتَابَةُ أَيْ الْكِتَابَةُ كَالْخَبَرِ يَقَعُ عَلَى الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ؛ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ تَارَةً يَكُونُ بِاللِّسَانِ وَتَارَةً يَكُونُ بِالْقَلَمِ فَكَمَا أَنَّ الْخَبَرَ وَهُوَ الْكَلَامُ الدَّالُّ عَلَى وُجُودِ الْمُخْبَرِ بِهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الصِّدْقِ، فَكَذَا الْكِتَابَةُ إذْ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ ضَمِّ بَعْضِ الْحُرُوفِ إلَى بَعْضٍ فَإِذَا كَتَبَ إلَيْهِ فَقَدْ حَصَلَتْ الْحَقِيقَةُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا وَحُصُولُ الْعِلْمِ مِنْ ثَمَرَاتِهَا وَبِانْعِدَامِ الثَّمَرَةِ لَا يَنْعَدِمُ الْأَصْلُ كَالْخَبَرِ، فَلَوْ قَالَ: إنْ كَتَبْت إلَيَّ أَنَّ فُلَانًا قَدِمَ فَعَبْدِي حُرٌّ، لَا يُشْتَرَطُ الصِّدْقُ حَتَّى لَوْ كَتَبَ إلَيْهِ أَنَّهُ قَدِمَ فَلَمْ يَصِلْ الْكِتَابُ إلَيْهِ حَتَّى قَدِمَ أَوْ وَصَلَ قَبْلَ قُدُومِهِ عَتَقَ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِمُطْلَقٍ وَقَدْ وُجِدَ. وَلَوْ قَالَ: إنْ كَتَبْت إلَيَّ بِقُدُومِ فُلَانٍ فَعَبْدِي حُرٌّ، فَهُوَ عَلَى الْكِتَابَةِ بِالصِّدْقِ فَلَوْ كَتَبَ إلَيْهِ بَعْدَ قُدُومِهِ وَالْكَاتِبُ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ عَتَقَ الْعَبْدُ بَلَغَ الْكِتَابُ إلَى الْحَالِف أَوْ لَا؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ يَكُونَ صَادِقًا وَقْتَ الْكِتَابَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ عَمَلُهُ وَلَا وُصُولُ كِتَابِهِ. (63) قَوْلُهُ: وَالْعِلْمُ وَالْبِشَارَةُ عَلَى الصِّدْقِ. كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَالْأَعْلَامُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ فِي الْبَابِ وَالْوَاوُ فِيهِ ابْتِدَائِيَّةٌ لَا عَاطِفَةٌ وَفِي الْبِشَارَةِ عَاطِفَةٌ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ عَلَى الصِّدْقِ خَبَرُهُمَا أَيْ الْعِلْمُ وَالْبِشَارَةُ لَا يَقَعَانِ إلَّا عَلَى الصِّدْقِ، سَوَاءٌ وَصَلَا بِالْبَاءِ أَمْ لَا أَمَّا الْعِلْمُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْإِعْلَامُ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَحْصِيلِ الْعِلْمِ وَإِحْدَاثِهِ عِنْدَ الْمُخَاطَبِ جَاهِلًا بِالْمُعَلَّمِ بِهِ لِتَحَقُّقِ حَدِّ الْعِلْمِ عِنْدَهُ وَتَحْصِيلِهِ لَدَيْهِ وَأَمَّا الْبِشَارَةُ فَلِأَنَّهَا اسْمٌ لِخَبَرٍ صَادِقٍ سَارٍّ تَتَغَيَّرُ بِهِ الْبَشَرَةُ وَلَيْسَ عِنْدَ الْمُبَشَّرِ عِلْمٌ بِالْمُبَشَّرِ بِهِ وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْأَصْلِ اسْمًا لِخَبَرٍ يُغَيِّرُ بَشَرَةَ الْوَجْهِ سَارًّا كَانَ أَوْ ضَارًّا، لَكِنَّهُ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي التَّغْيِيرِ مِنْ الْفَرَحِ حَتَّى صَارَ ذَلِكَ حَقِيقَةً لَا يُفْهَمُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ غَيْرُهَا، فَإِنْ قِيلَ: وَجَبَ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ فِيهَا الصِّدْقُ كَالْخَبَرِ؛ لِأَنَّ تَغْيِيرَ الْبَشَرَةِ كَمَا يَحْصُلُ بِالصِّدْقِ يَحْصُلُ بِالْكَذِبِ، قُلْنَا: الْخَبَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ صَادِقًا لَا يَكُونُ تَبْشِيرًا فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ تَغْيِيرَ الْبَشَرَةِ نَاشِئٌ عَنْ السُّرُورِ الْحَاصِلِ فِي الْقَلْبِ أَوَّلًا، وَذَلِكَ نَتِيجَةُ الصِّدْقِ إذْ هُوَ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِهِ حَتَّى قِيلَ: إنَّ الْخَبَرَ السَّارَّ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ اسْمُ الْبِشَارَةِ حَقِيقَةً لِتَوَهُّمِ الْكَذِبِ وَإِنْ كَانَتْ الْبَشَرَةُ تَتَغَيَّرُ بِهِ مَا لَمْ يَقِفْ الْمُبَشِّرُ عَلَى حَقِيقَةِ الْأَمْرِ وَيَطَّلِعْ عَلَى كَوْنِهِ صَادِقًا فَحِينَئِذٍ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْبِشَارَةِ حَقِيقَةً.

فِي) لِلظَّرْفِيَّةِ وَتُجْعَلُ شَرْطًا لِلتَّعَذُّرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (64) قَوْلُهُ: فِي لِلظَّرْفِيَّةِ وَتُجْعَلُ شَرْطًا لِلتَّعَذُّرِ. كَلِمَةُ فِي لِلظَّرْفِيَّةِ لُغَةٌ كَزَيْدٍ فِي الدَّارِ وَالثَّوْبِ فِي الْجَوَابِ فَإِنْ أَدْخَلَهَا فِي ظَرْفِ الْمَكَانِ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي الدَّارِ أَوْ فِي الْكُوفَةِ يَقَعُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَخْتَصُّ بِمَكَانٍ دُونَ مَكَان، فَإِذَا وَقَعَ فِي مَكَان فَهُوَ وَاقِعٌ فِي الْأَمْكِنَةِ كُلِّهَا فَكَانَ تَنْجِيزًا، إلَّا أَنْ يَقُولَ: عَنَيْت إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَيَصْدُقُ دِيَانَةً إذْ هُوَ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ كَنَّى بِالْمَكَانِ عَنْ الْفِعْلِ الْمَوْجُودِ فِيهِ أَوْ أَضْمَرَ الْفِعْلَ فِي كَلَامِهِ وَكِلَاهُمَا مِنْ طُرُقِ الْمَجَازِ، فَالْأَوَّلُ مِنْ بَابِ الْمُجَاوَرَةِ كَالْغَائِطِ وَالثَّانِي مِنْ بَابِ جَعْلِ الْمَحْذُوفِ كَالْمَنْطُوقِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] الْآيَةَ. وَإِنْ أَدْخَلَهَا عَلَى ظَرْفِ الزَّمَانِ وَهُوَ مَاضٍ، كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ أَوْ فِي الْعَامِ الْمَاضِي وَقَعَ عَلَيْهَا فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْإِيقَاعَ فِي زَمَنِ الْمَاضِي، وَقَدْ وَصَفَهَا فِي الْحَالِ بِطَلَاقٍ وَقَعَ عَلَيْهَا فِي الْمَاضِي فَيَقَعُ فِي الْحَالِ وَكَذَا إنْ كَانَ الزَّمَانُ حَاضِرًا مِثْلَ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ أَوْ فِي هَذَا الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَهَا بِصِفَةٍ مَوْجُودَةٍ. وَإِنْ كَانَ الزَّمَانُ مُسْتَقْبَلًا لَا يَقَعُ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي غَدٍ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الطَّلَاقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّمَانِ فَلَمْ يَخْتَصَّ بِهِ لِذَلِكَ وَإِذَا اخْتَصَّ بِالزَّمَانِ لِمَا ذَكَرْنَا وَوَصَفَهُ بِزَمَانٍ لَمْ يَقَعْ قَبْلَهُ كَمَا إذَا وَصَفَهُ بِشَرْطٍ فَإِذَا تَعَذَّرَ جَعَلُهَا لِلظَّرْفِيَّةِ بِأَنْ دَخَلَتْ عَلَى الْفِعْلِ أَعْنِي الْمَصْدَرَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي دُخُولِك الدَّارِ تُحْمَلُ عَلَى التَّعْلِيقِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَتُجْعَلُ شَرْطًا لِلتَّعَذُّرِ وَذَلِكَ لِمَا بَيْنَ الظَّرْفِ وَالشَّرْطِ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ الْجَامِعَةِ وَهِيَ أَنَّ الظَّرْفَ يُقَارِنُ الْمَظْرُوفَ مُقَارَنَةً لَا يَتَخَلَّلُ بَيْنَهُمَا مَعَهَا زَمَانًا، وَكَذَلِكَ الشَّرْطُ مَعَ الْمَشْرُوطِ لَكِنَّ ذِكْرَ هَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالظَّرْفِ فِيهِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَسْتَقِيمُ ذِكْرُهَا مَعَ الْمَشْرُوطِ لَوْ حُمِلَتْ كَلِمَةُ (فِي) عِنْدَ تَعَذُّرِ الظَّرْفِيَّةِ عَلَى التَّعْلِيقِ كَمَا ذُكِرَ وَلَمْ يَفْعَلْ كَذَلِكَ بَلْ جُعِلَتْ عِنْدَ تَعَذُّرِ الظَّرْفِيَّةِ بِمَعْنَى مَعَ؛ لِأَنَّهَا تَأْتِي لِلْمُقَارَنَةِ مِثْلَ مَعَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: 29] وَكَقَوْلِهِمْ دَخَلَ الْأَمِيرُ فِي جَيْشِهِ أَيْ مَعَهُمْ، وَكَلِمَةُ مَعَ تُفِيدُ التَّعْلِيقَ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ دُخُولِك الدَّارِ، فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ

صِفَةُ الْمَالِكِيَّةِ تَزُولُ بِزَوَالِ مِلْكِهِ وَكَوْنِهِ مُشْتَرَكًا لَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالدُّخُولِ، فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهَا إنَّمَا حُمِلَتْ عَلَى التَّعْلِيقِ لِقِيَامِهَا مَقَامَ مَعَ. فَالْمُنَاسِبُ إذَنْ ذِكْرُ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ (فِي) وَ (مَعَ) ثُمَّ بَيْنَ (مَعَ) وَبَيْنَ الشَّرْطِ. لَكِنَّ اللَّفْظَ إذَا اُسْتُعِيرَ لِغَيْرِهِ يَكُونُ الْعَمَلُ لِلْمُسْتَعَارِ دُونَ الْمُسْتَعَارِ لَهُ عِنْدَنَا، وَالْمُسْتَعَارُ هُنَا كَلِمَةُ (فِي) لَا كَلِمَةُ (مَعَ) فَلِذَلِكَ ذُكِرَتْ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الظَّرْفِ وَالشَّرْطِ. كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْفَخْرِ الْمَشْرُوطِ عَقِبَهُ كَمَا هُوَ حُكْمُ الشَّرْطِ مَعَ الْمَشْرُوطِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ يَقَعُ مَعَهُ كَمَا هُوَ حُكْمُ الْمُضَافِ؛ فَلَوْ قَالَ: وَيُجْعَلُ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ لَكَانَ أَوْلَى وَأَظْهَرَ كَمَا لَا يَخْفَى (65) قَوْلُهُ: صِفَةُ الْمَالِكِيَّةِ تَزُولُ بِزَوَالِ مِلْكِهِ وَكَوْنِهِ مُشْتَرَكًا لَا. كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ: وَكَوْنُهُ مُشْتَرِيًا كَمَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ. أَصْلُ هَذَا أَنَّ صِفَةَ كَوْنِ الْإِنْسَانِ مَالِكًا لَا تَبْقَى بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ فِي الْعُرْفِ وَأَنَّ صِفَةَ كَوْنِهِ مُشْتَرِيًا تَبْقَى بَعْدَ زَوَالِ الْمُشْتَرَى إذْ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الشِّرَاءِ الْمِلْكُ، كَالْوَكِيلِ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي عَبْدًا فَاشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ حَنِثَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنَّمَا اسْتَفَادَ صِفَةَ كَوْنِهِ مُشْتَرِيًا بِفِعْلِهِ، إذْ الشِّرَاءُ يَسْتَدْعِي الْفِعْلَ وَلَا يُمْكِنُ ارْتِفَاعُ فِعْلِهِ بَعْدَ زَوَالِ الْمُشْتَرَى. أَمَّا الْمَالِكُ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَدْعِي الْفِعْلَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَمْلِكُ قَهْرًا بِالْمِيرَاثِ فَعُلِمَ أَنَّهُ اسْتَفَادَ صِفَةَ كَوْنِهِ مَالِكًا لِحُصُولِ الْمِلْكِ لَا بِفِعْلِهِ فَإِذَا زَالَ الْمِلْكُ زَالَ مَا بِهِ تَثْبُتُ الصِّفَةُ. وَفَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِالْعُرْفِ أَنَّ الْفَرْعَ الَّذِي يَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ فِيهِ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ، فَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الشِّرَاءِ وَالْمِلْكِ، وَمُقْتَضَى الِاسْتِحْسَانِ التَّفْرِقَةُ، وَمُسْتَنَدُهُ الْعُرْفُ وَهُوَ رَجُلٌ قَالَ: إنْ مَلَكْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ مَلَكْت مِائَتِي دِرْهَمٍ هِيَ صَدَقَةٌ. فَشَرْطُ نُزُولِ الْعِتْقِ وَوُجُوبِ الصَّدَقَةِ حُصُولُ الْعَبْدِ كَامِلًا فِي مِلْكِهِ وَوُصُولُ الدَّرَاهِمِ كَامِلَةً فِي مِلْكِهِ فَيَحْنَثُ. فَلَوْ مَلَكَ نِصْفَ عَبْدٍ ثُمَّ بَاعَهُ ثُمَّ مَلَكَ النِّصْفَ الْآخَرَ لَا يَعْتِقُ هَذَا النِّصْفُ وَكَذَا لَوْ مَلَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَأَنْفَقَهَا ثُمَّ مَلَكَ مِائَةً أُخْرَى لَا يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِهَذِهِ الْمِائَةِ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ فَيَعْتِقَ النِّصْفُ الَّذِي اشْتَرَاهُ ثَانِيًا وَيَتَصَدَّقُ بِالْمِائَةِ الَّتِي مَلَكَهَا ثَانِيًا؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ مِلْكُ الْعَبْدِ وَالْمِائَتَيْنِ مُطْلَقًا عَنْ قَيْدِ الْكَمَالِ أَيْ الِاجْتِمَاعِ، فَإِذَا مَلَكَ عَبْدًا أَوْ مِائَتَيْنِ، وَلَوْ بِصِفَةِ الِافْتِرَاقِ، فَقَدْ حَصَلَ شَرْطُ الْحِنْثِ كَمَا فِي الْمُعَيَّنِ وَالْمُشْتَرَى. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمُطْلَقَ يَتَقَيَّدُ عِنْدَ وُجُودِ دَلِيلِ التَّقْيِيدِ وَالدَّلِيلُ تَارَةً يَكُونُ لَفْظِيًّا وَتَارَةً عُرْفِيًّا، وَالْمُقَيَّدُ

الْأَوَّلُ اسْمٌ لِفَرْدٍ سَابِقٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQهُنَا عُرْفِيٌّ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ فِي الْعُرْفِ بِالْمِلْكِ ثُبُوتُ الْغِنَى؛ وَلِهَذَا يَقُولُ النَّاسُ فِي تَخَاطُبِهِمْ: فُلَانٌ يَمْلِكُ كَذَا وَكَذَا، وَمُرَادُهُمْ إثْبَاتُ غِنَاهُ وَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ بِمِلْكٍ مُتَفَرِّقٍ. وَمِنْهُ يَقُولُ الرَّجُلُ لِنَفْيِ الْغِنَى: مَا مَلَكْت فِي عُمْرِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ يُرِيدُ مَا اجْتَمَعَتْ فِي مِلْكِي؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا مَلَكَ مُتَفَرِّقًا أَضْعَافَ ذَلِكَ وَلَا عُرْفَ فِي الْمُعَيَّنِ وَالْمُشْتَرَى كَمَا لَوْ أَشَارَ إلَى عَبْدٍ مُعَيَّنٍ أَوْ إلَى دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ فَقَالَ: إنْ مَلَكْت هَذَا الْعَبْدَ فَهُوَ حُرٌّ، وَإِنْ مَلَكْت هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فَهِيَ صَدَقَةٌ، فَمَلَكَهَا مُتَفَرِّقًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ. وَالْفَرْقُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا عُرْفَ فِيهِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إذَا مَلَكَ عَبْدًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ عَلَى صِفَةِ التَّفَرُّقِ لَا يُسْتَحْسَنُ قَوْلُهُ فِي الْعُرْفِ مَا مَلَكْت هَذَا الْعَبْدَ أَوْ هَاتَيْنِ الْمِائَتَيْنِ، فَإِذَا انْتَفَى فِي الْمُعَيَّنِ التَّقْيِيدُ الْعُرْفِيُّ بَقِيَ اللَّفْظُ عَلَى إطْلَاقِهِ فَلَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ فِي الْحِنْثِ بَيْنَ الِاجْتِمَاعِ وَالِافْتِرَاقِ، وَالثَّانِي أَنَّ الْمُعَيَّنَ حَاضِرٌ وَالِاجْتِمَاعُ وَصْفٌ وَالْوَصْفُ فِي الْحَاضِرِ لَغْوٌ بِخِلَافِ الْمُنَكَّرِ، فَإِنَّ الْوَصْفَ فِيهِ مُعْتَبَرٌ، وَلَوْ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا أَوْ اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى نِصْفَهُ وَبَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَى النِّصْفَ الْآخَرَ عَتَقَ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ فِي الْمِلْكِ إنَّمَا تَقَيَّدَ بِصِفَةِ الِاجْتِمَاعِ. لَكَانَ الْعُرْفُ، وَلَيْسَ فِي الشِّرَاءِ عُرْفٌ مُقَيَّدٌ بَلْ الْعُرْفُ فِيهِ عَلَى وِفَاقِ الْإِطْلَاقِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يَسْتَجِيزُ أَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْت مِائَةَ جَارِيَةٍ وَإِنْ كَانَ اشْتِرَاؤُهُنَّ مُتَفَرِّقًا وَكَذَا لَوْ قَالَ إذَا اشْتَرَيْت بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَعَبْدُهُ حُرٌّ فَاشْتَرَى بِدِرْهَمٍ ثُمَّ بِدِرْهَمٍ حَتَّى اشْتَرَى بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ عَتَقَ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِي الْعُرْفِ اشْتَرَى بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَإِنْ كَانَ مُتَفَرِّقًا فَوَجَبَ حِينَئِذٍ إجْرَاءُ اللَّفْظِ عَلَى إطْلَاقِهِ فَصَارَ الْمُعَيَّنُ وَغَيْرُهُ وَالْمُجْتَمِعُ وَالْمُتَفَرِّقُ فِي الْحِنْثِ سَوَاءً، فَلَمَّا عَنَى بِالْمِلْكِ الشِّرَاءَ أَوْ بِالْعَكْسِ صَدَقَ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ عِلَّةُ الْمِلْكِ. وَلَا خَفَاءَ فِي الِاتِّصَالِ بَيْنَ الْعِلَّةِ وَالْحُكْمِ لِافْتِقَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى الْآخَرِ أَمَّا افْتِقَادُ الْعِلَّةِ فَلِأَنَّ الْعِلَلَ لَمْ تُشْرَعْ لِذَوَاتِهَا بَلْ لِأَحْكَامِهَا، وَأَمَّا افْتِقَارُ الْحُكْمِ فَلِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعِلَّةٍ فَلِذَلِكَ جَازَ اسْتِعَارَةُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ بِخِلَافِ السَّبَبِ الْمَحْضِ مَعَ الْحُكْمِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ، لَكِنَّهُ إذَا ادَّعَى بِالْمِلْكِ الشِّرَاءَ يَصْدُقُ دِيَانَةً وَقَضَاءً؛ لِأَنَّهُ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ. وَفِي عَكْسِهِ يَصْدُقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً لِمَا فِيهِ مِنْ التَّخْفِيفِ. (66) قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ اسْمٌ لِفَرْدٍ سَابِقٍ أَيْ لَمْ يَسْبِقْهُ غَيْرُهُ أَمَّا كَوْنُهُ فَرْدًا فَلَا إشْكَالَ فِيهِ لُغَةً. وَلِهَذَا يُثَنَّى وَيُجْمَعُ وَأَمَّا كَوْنُهُ سَابِقًا غَيْرَهُ فَلِأَنَّهُ بِالسَّبْقِ اسْتَحَقَّ هَذَا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاسْمَ ثُمَّ هَذَا الْفَرْدُ إذَا وُصِفَ بِصِفَةٍ لَمْ تُفِدْ غَيْرَهَا إفَادَةَ الْفَرْدِ الْمَوْصُوفِ لَا تُعْتَبَرُ تِلْكَ الصِّفَةُ وَلَا يَتَغَيَّرُ بِهِ صَدْرُ الْكَلَامِ، وَإِنْ أَفَادَتْ غَيْرَ مَا أَفَادَهُ الْفَرْدُ الْمَوْصُوفُ اُعْتُبِرَتْ وَتَغَيَّرَ بِهَا صَدْرُ الْكَلَامِ، كَمَا إذَا قَالَ: رَأَيْت أَسَدًا يَزْأَرُ وَيَفْتَرِسُ، لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ صَدْرُ الْكَلَامِ وَلَوْ قَالَ يَرْمِي يَتَغَيَّرُ بِهِ صَدْرُ الْكَلَامِ، إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَمِنْ فُرُوعِ هَذَا الْأَصْلِ لَوْ قَالَ: أَوَّلُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ، فَمَلَكَ عَبْدًا وَنِصْفَ عَبْدٍ جُمْلَةً عَتَقَ الْعَبْدُ. وَلَوْ قَالَ: أَوَّلُ كُرٍّ أَمْلِكُهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ فَمَلَكَ كُرًّا وَنِصْفَ كُرٍّ جُمْلَةً لَا يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ نِصْفَ الْعَبْدِ الزَّائِدِ لَا يُخْرِجُ الْعَبْدَ عَنْ الْفَرْدِيَّةِ وَالْأَوَّلِيَّةِ، فَلَمْ يَكُنْ مِنْ إجْمَالِهِ فَتَحَقَّقَ شَرْطُ الْحِنْثِ وَذَلِكَ لِأَنَّ النِّصْفَ لَا يَقْبَلُ الِانْضِمَامَ إلَى الْعَبْدِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْعَبْدَ مِمَّا لَا يَتَبَعَّضُ، فَإِنَّك إذَا أَخَذْت هَذَا النِّصْفَ فَضَمَمْته إلَى أَيِّ نِصْفٍ شِئْت مِنْ نِصْفَيْ الْعَبْدِ لَا يُسَمَّى بِهِ عَبْدًا كَامِلًا فَصَارَ انْضِمَامُ النِّصْفِ إلَيْهِ كَانْضِمَامِ ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ. أَمَّا النِّصْفُ الزَّائِدُ عَلَى الْكُرِّ فَإِنَّ مُزَاحِمَ يُخْرِجُهُ عَنْ الْأَوَّلِيَّةِ وَالْفَرْدِيَّةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكُرَّ اسْمٌ لِأَرْبَعِينَ قَفِيزًا فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ أَوَّلُ أَرْبَعِينَ قَفِيزًا أَمْلِكُهَا فَهُوَ صَدَقَةٌ، فَمَلَكَ سِتِّينَ قَفِيزًا جُمْلَةً لَا يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ لِعَدَمِ الشَّرْطِ. وِزَانُهُ أَوَّلُ أَرْبَعِينَ عَبْدًا أَمْلِكُهُمْ فَهُمْ أَحْرَارٌ، فَمَلَكَ سِتِّينَ جُمْلَةً لَا يَعْتِقُ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ النِّصْفَ فِي الْكُرِّ يَقْبَلُ الِانْضِمَامَ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ يَتَبَعَّضُ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّك إذَا أَخَذْت أَيَّ نِصْفٍ شِئْت مِنْ نِصْفَيْ الْكُرِّ وَضَمَمْته إلَى النِّصْفِ الزَّائِدِ يَصِيرُ كُرًّا كَامِلًا فَوَضَحَ الْفَرْقُ وَكُلُّ مَا لَا يَتَبَعَّضُ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْعَبْدِ وَكُلُّ مَا يَتَبَعَّضُ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْكُرِّ. وَلَوْ مَلَكَ عَبْدَيْنِ مَعًا ثُمَّ عَبْدًا، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، لَا يَعْتِقُ أَحَدٌ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى أَوَّلِ عَبْدٍ وَهُوَ فَرْدٌ سَابِقٌ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ وَلَمْ يُوجَدْ أَمَّا الْمَمْلُوكَانِ مَعًا فَلِعَدَمِ الْفَرْدِيَّةِ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلِعَدَمِ السَّبْقِ، وَلِهَذَا جَازَ تَسْمِيَتُهُ آخَرَ إذَا لَمْ يَمْلِكْ بَعْدَهُ عَبْدًا. وَلَوْ قَالَ: أَوَّلُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ وَاحِدًا أَوْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَا يَعْتِقُ الثَّالِثُ وَلَوْ قَالَ وَحْدَهُ يَعْتِقُ وَالْفَرْقُ أَنَّ وَاحِدًا يَقْتَضِي الِانْفِرَادَ فِي الذَّاتِ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ ابْتِدَاءِ الْعَدَدِ فَلَمْ يُفِدْ غَيْرَ مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ قَبْلَهُ أَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ أَفَادَ شَيْئَيْنِ الْفَرْدِيَّةَ وَالسَّبَقَ، فَكَانَ قَوْلُهُ وَاحِدًا مُقَرِّرًا لِأَحَدِ مُوجِبَيْهِ وَهُوَ التَّفَرُّدُ وَمُكَرِّرًا لَهُ فَلَمْ يُفِدْ غَيْرَ التَّأْكِيدِ وَلَا تَزِيدُ دَلَالَتُهُ عَلَى دَلَالَةِ الْمُؤَكَّدِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ فَبَقِيَ قَوْلُهُ أَوَّلُ عَبْدٍ، وَلَا يَعْتِقُ الثَّالِثُ لِعَدَمِ الْأَوَّلِيَّةِ. أَمَّا قَوْلُهُ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي التَّفَرُّدَ فِي الصِّفَةِ إذْ هُوَ مُنْتَصِبٌ عَلَى الْحَالِ

وَالْأَوْسَطُ فَرْدٌ بَيْنَ عَدَدَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ وَالْآخَرُ فَرْدٌ لَاحِقٌ 68 - (أَوْ) فِي النَّفْيِ تَعُمُّ وَفِي الْإِثْبَاتِ تَخُصُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الْمَذْهَبِ الْمُتَصَوَّرِ وَقَدْ صَارَ التَّمَلُّكُ الْوَاقِعُ عَلَى الْعَبْدِ الثَّالِثِ هُنَا صِفَةً لَهُ فَيَقْتَضِي الِانْفِرَادَ فِي فِعْلِ التَّمَلُّكِ الْمَقْرُونِ بِهِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: أَوَّلُ عَبْدٍ يَتَّصِفُ بِتَمَلُّكِي إيَّاهُ مُنْفَرِدًا فَهُوَ حُرٌّ وَالثَّالِثُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَيَعْتِقُ فَإِنْ عَنَى بِأَحَدِهِمَا الْآخَرَ صُدِّقَ، لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمَعْنَى الْجَامِعِ وَهُوَ الْوَحْدَةُ لَكِنَّهُ لَوْ عَنَى بِقَوْلِهِ وَاحِدًا وَحْدَهُ صَدَقَ دِيَانَةً وَقَضَاءً لِمَا فِيهِ مِنْ التَّغْلِيظِ وَفِي عَكْسِهِ يَصْدُقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً لِمَا فِيهِ مِنْ التَّخْفِيفِ. (67) قَوْلُهُ: وَالْأَوْسَطُ فَرْدٌ بَيْنَ عَدَدَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ إلَخْ هَذَا التَّعْرِيفُ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الثَّانِيَ مُتَوَسِّطٌ وَطَرَفَاهُ لَيْسَ بِعَدَدَيْنِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُعَرَّفَ بِأَنَّهُ اسْمٌ لِفَرْدٍ مَسْبُوقٍ بِمِثْلِ مَا تَأَخَّرَ عَنْهُ. إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَمِنْ فُرُوعِ هَذَا الْأَصْلِ لَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فِيمَا اسْتَقَلَّ فَهُوَ حُرٌّ إلَّا أَوْسَطَهُمْ، وَمَلَكَ عَبْدًا ثُمَّ عَبْدَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ ثُمَّ عَبْدَيْنِ أَوْ عَبْدًا ثُمَّ عَبْدًا عَتَقُوا لِتَعَذُّرِ الْوَصْفِ، أَمَّا الصُّورَةُ الْأُولَى فَلِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُمْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَوْسَطَ أَصْلًا وَأَمَّا الْآخَرِينَ مِنْهُمْ فَلَمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَوْسَطَ اسْمٌ لِفَرْدٍ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا تَأَخَّرَ عَنْهُ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِيهِمَا. وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِأَنَّ الْفَرْدِيَّةَ مُتَقَدِّمَةٌ فِيهِمَا. وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ فَلِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُمْ لَا يَصِيرُ أَوْسَطَ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمَوْجُودَ بَعْدَهُ وَهُمَا الْعَبْدَانِ لَيْسَ يُمَاثِلُ لِمَا قَبْلَهُ فَانْعَدَمَ حَدُّ الْأَوْسَطِ فِيهِ. وَأَمَّا الْعَبْدَانِ فَلِمَا قُلْنَا مِنْ انْعِدَامِ الْفَرْدِيَّةِ غَيْرَ أَنَّ الْأَوَّلَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَعْتِقُ حِينَ اشْتَرَاهُ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ كَوْنِهِ يَصِيرُ أَوْسَطَ سَاقِطٌ، فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ إلَّا حِينَ شِرَاءِ الْعَبْدَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ شِرَائِهِمَا كَانَ بِفَرْضِيَّةِ أَنْ يَصِيرَ أَوْسَطَ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَشْتَرِيَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ فَلَمَّا اشْتَرَى الْعَبْدَيْنِ سَقَطَ ذَلِكَ الِاحْتِمَالُ حِينَئِذٍ. وَأَمَّا الْعَبْدَانِ فَإِنَّهُمَا يَعْتِقَانِ حِينَ اشْتَرَاهُمَا. قُلْنَا مِنْ عَدَمِ الْفَرْدِيَّةِ وَتَمَامِ تَفَارِيعِ الْأَصْلِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَشُرُوحِهِ (68) قَوْلُهُ: أَوْ فِي النَّفْيِ تَعُمُّ وَفِي الْإِثْبَاتِ تَخُصُّ إلَخْ يَعْنِي إذَا دَخَلَتْ (أَوْ) بَيْنَ نَفْيَيْنِ أَفَادَتْ الْعُمُومَ فِيهِمَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] أَيْ وَلَا

الْوَصْفُ الْمُعْتَادُ مُعْتَبَرٌ فِي الْغَائِبِ لَا فِي الْعَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَفُورًا. وَإِنْ دَخَلَتْ بَيْنَ إيجَابَيْنِ كَانَ الْمُرَادُ أَحَدَهُمَا كَآيَةِ التَّكْفِيرِ. وَمُوجَبُهُ التَّخْيِيرُ لَا الشَّكُّ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ يَقَعُ فِي الْأَخْبَارِ لَا فِي الْإِنْشَاءِ، لِمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ. وَهَذَا الْفَصْلُ هُوَ الْأَصْلُ فِي مَوْضُوعِ (أَوْ) فَإِنَّهَا لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ وَضْعًا أَمَّا عُمُومُ النَّفْيِ فِيمَا تَقَدَّمَ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْوَضْعِ بَلْ بِاعْتِبَارِ الِاسْتِعَارَةِ. قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الْبَزْدَوِيُّ: قَدْ تُسْتَعَارُ هَذِهِ الْكَلِمَةُ لِلْعُمُومِ بِدَلَالَةٍ تَقْتَرِنُ بِهَا فَتَصِيرُ شَبِيهَةً بِوَاوِ الْعَطْفِ ثُمَّ مَثَّلَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] . ثُمَّ أَشَارَ إلَى فَرْقٍ لَطِيفٍ بَيْنَهُمَا وَهُوَ وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِي الْعُدُولِ عَنْ الْوَاوِ الْمُشَبَّهَةِ بِهَا هُوَ أَنَّهُ عَلَى مُقْتَضَى كَلِمَةِ (أَوْ) تَصِيرُ مُرْتَكِبًا لِلنَّهْيِ بِطَاعَةِ أَحَدِهِمَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ وَعَلَى مُقْتَضَى الْوَاوِ لَا يَصِيرُ مُرْتَكِبًا لِلنَّهْيِ بِطَاعَةِ أَحَدِهِمَا بَلْ بِطَاعَتِهِمَا. كَقَوْلِهِ: لَا تَدْخُلْ هَذِهِ الدَّارَ. فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ بِدُخُولِ أَحَدِهِمَا مُرْتَكِبًا لِلنَّهْيِ. وَجَعَلَ الزَّمَخْشَرِيُّ كَلِمَةَ أَوْ فِي الْآيَةِ أَيْضًا مُتَنَاوِلَةً أَحَدَهُمَا عَلَى بَابِهَا وَلَمْ يَجْعَلْهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَدَلَّ عَلَيْهِ مَا قَالَ فِي الْكَشَّافِ وَلَفْظُهُ: فَإِنْ قُلْت مَعْنَى (أَوْ) وَلَا تُطِعْ أَحَدَهُمَا فَلَا جِيءَ بِالْوَاوِ لِيَكُونَ نَهْيًا عَنْ طَاعَتِهِمَا جَمِيعًا، قُلْت: لَوْ قِيلَ: لَا تُطِعْهُمَا لَجَازَ أَنْ يُطِيعَ أَحَدَهُمَا فَإِذَا قِيلَ لَا تُطِعْ أَحَدَهُمَا عُلِمَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ طَاعَةِ أَحَدِهِمَا هُوَ عَنْ طَاعَتِهِمَا جَمِيعًا (انْتَهَى) . كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] إذَا نَهَى عَنْ أَنْ يَقُولَ لِأَبَوَيْهِ أُفٍّ عُلِمَ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ ضَرْبِهِمَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى انْتَهَى كَلَامُهُ. فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ أَصْلَ وَضْعِ (أَوْ) لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ نَفْيًا كَانَ أَوْ إيجَابًا. وَقَوْلُهُ فِي الْإِثْبَاتِ تَخُصُّ، مُنْتَقِضٌ بِالْإِبَاحَةِ، فَإِنَّهَا إثْبَاتٌ وَكَلِمَةُ (أَوْ) فِيهَا تُفِيدُ الْعُمُومَ كَقَوْلِهِمْ جَالِسِ الْفُقَهَاءَ أَوْ الْمُحَدِّثِينَ. وَفِي التَّلْوِيحِ: التَّحْقِيقُ أَنَّ (أَوْ) لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ وَجَوَازُ الْجَمْعِ وَامْتِنَاعِهِ بِحَسَبِ مَحَلِّ الْكَلَامِ وَدَلَالَةِ الْقَرَائِنِ (انْتَهَى) . وَمِنْ فُرُوعِ هَذِهِ الْأُصُولِ الْفِقْهِيَّةِ لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا أَوْ فُلَانًا، يَحْنَثُ بِأَحَدِهِمَا وَبِهِمَا وَلَا يَتَخَيَّرُ فِي التَّعْيِينِ وَعُمُومُهُمَا عَلَى الْإِفْرَادِ لَا عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ فَيَحْنَثُ بِأَحَدِهِمَا بِخِلَافِ الْوَاوِ. (69) قَوْلُهُ: الْوَصْفُ الْمُعْتَادُ يُعْتَبَرُ فِي الْغَائِبِ لَا فِي الْعَيْنِ أَيْ الْحَاضِرِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَصْفِ التَّعْرِيفُ، وَالْإِشَارَةُ فِي الْمُعَيَّنِ أَبْلَغُ مِنْ الْوَصْفِ فِي التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّهَا تَقْطَعُ الِاشْتِرَاكَ وَالْوَصْفَ وَلِأَنَّ تَعْرِيفَهَا مِنْ جِهَتَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْعَيْنِ وَمَنْ الْقَلْبِ وَتَعْرِيفُ

إضَافَةُ مَا يَمْتَدُّ إلَى زَمَنٍ لِاسْتِغْرَاقِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ 71 - الْوَقْتُ الْمَوْصُوفُ مُعَرَّفٌ لَا شَرْطٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَصْفِ مِنْ جِهَةِ الْقَلْبِ لَا غَيْرُ أَمَّا الْغَائِبُ فَلَا يُعَرَّفُ إلَّا بِوَصْفِهِ فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ فِيهِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَصْفُ لِلتَّعْرِيفِ فَقَطْ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْوَصْفُ الْمُعْتَادُ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ دَاعِيًا إلَى الْيَمِينِ وَلَا شَرْطًا، أَمَّا إذَا كَانَ دَاعِيًا أَوْ شَرْطًا فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْحَاضِرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْقُطُ اعْتِبَارُهُ مَعَ الْإِشَارَةِ مِنْ جِهَةِ التَّعْرِيفِ، فَإِذَا كَانَ دَاعِيًا إلَى الْيَمِينِ أَفَادَ شَيْئًا آخَرَ زِيَادَةً عَنْ التَّعْرِيفِ وَهُوَ تَقَيُّدُ الْيَمِينِ بِهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الرُّطَبَ فَأَكَلَهُ بَعْدَمَا صَارَ تَمْرًا لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ وَصْفَ الرُّطُوبَةِ دَاعٍ إلَى الْيَمِينِ فَإِنَّهُ رُبَّمَا ضَرَّهُ أَكْلُ الرُّطَبِ دُونَ التَّمْرِ. وَكَذَا إذَا كَانَ الْوَصْفُ شَرْطًا كَقَوْلِهِ: إذَا دَخَلْت الدَّارَ رَاكِبَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ لِمَا عُرِفَ أَنَّ الشَّرْطَ لَا يُؤْتَى بِهِ لِلتَّعْرِيفِ بَلْ لِتَعْلِيقِ الشَّرْطِ بِهِ (70) قَوْلُهُ: إضَافَةُ مَا يَمْتَدُّ إلَى زَمَنٍ لِاسْتِغْرَاقِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. يَعْنِي أَنَّ الْفِعْلَ إذَا أُضِيفَ إلَى الْوَقْتِ وَالْفِعْلُ مِمَّا يَمْتَدُّ صَارَ الْوَقْتُ مِعْيَارًا لَهُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ حَتَّى لَا يَسْتَوْعِبَ ذَلِكَ الْوَقْتَ، كَالصَّوْمِ وَالرُّكُوبِ وَاللِّبْسِ وَالْأَمْرِ بِالْيَدِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ لَهَا دَوَامٌ بِحُدُوثِ أَمْثَالِهَا وَلِهَذَا يَضْرِبُ لَهَا مُدَّةً، يُقَالُ: صُمْت يَوْمًا وَرَكِبْت يَوْمًا وَلَبِسْت يَوْمًا وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ مِمَّا لَا يَمْتَدُّ صَارَ الْوَقْتُ ظَرْفًا لَهُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِوُجُودِهِ فِيهِ وَلَا يُشْرَطُ اسْتِيعَابُهُ، كَالْمُسَاكَنَةِ وَالْكَلَامِ وَالشِّرَاءِ وَالْمُشَارَكَةِ وَالْقُدُومِ وَالْخُرُوجِ وَالضَّرْبِ (71) قَوْلُهُ: الْوَقْتُ الْمَوْصُوفُ مُعَرَّفٌ لَا شَرْطٌ يَعْنِي مَتَى جُعِلَ الْوَقْتُ الْمَوْصُوفُ ظَرْفًا لِشَرْطِ الْحِنْثِ ثُمَّ وُجِدَ ذَلِكَ الْوَقْتُ الْمَوْصُوفُ يَصِيرُ مُعَرَّفًا لِلشَّرْطِ. وَمَعْنَاهُ أَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ إذَا وُجِدَ لَا يُعْلَمُ حَالَ وُجُودِهِ هَلْ هُوَ شَرْطٌ أَمْ لَا، فَإِذَا وُجِدَ ذَلِكَ الْوَقْتُ الْمَوْصُوفُ عُلِمَ أَنَّ الشَّرْطَ حِينَ وُجُودِهِ كَانَ شَرْطًا لِلْحِنْثِ كَمَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ. فَشَرْطُ الْحِنْثِ هُوَ الْكَلَامُ، وَالْمُعَرِّفُ لِلشَّرْطِ هُوَ الْقُدُومُ الَّذِي وُصِفَ الظَّرْفُ بِهِ، فَإِذَا كَلَّمَهُ أَوَّلَ النَّهَارِ ثُمَّ قَدِمَ فُلَانٌ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالْقُدُومِ أَنَّ الْكَلَامَ الْوَاقِعَ فِي هَذَا الْيَوْمِ كَانَ شَرْطًا وَلَزِمَ مِنْ كَوْنِهِ مُعَرِّفًا أَنْ لَا يَكُونَ شَرْطًا؛ لِأَنَّ الْمُعَرِّفَ لِلشَّرْطِ غَيْرُهُ. ثُمَّ إنَّ هَذَا الْمُعَرِّفَ إنْ لَمْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQيَكُنْ كَائِنًا لَا مَحَالَةَ بَلْ كَانَ مَعْدُومًا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ كَالْقُدُومِ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ، وَلِهَذَا لَا يَسْتَنِدُ الْحِنْثُ الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْقُدُومِ إلَى وَقْتِ وُجُودِ الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ، وَإِنْ كَانَ كَائِنًا لَا مَحَالَةَ كَالْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُعَرِّفًا مَحْضًا وَتَمَامُ التَّفْرِيعِ وَالتَّفْصِيلِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَشَرْحِهِ

[كتاب الحدود والتعزير]

كِتَابُ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرِ 1 - إذَا صَارَ الشَّافِعِيُّ حَنَفِيًّا ثُمَّ عَادَ إلَى مَذْهَبِهِ يُعَزَّرُ عِنْدَ الْبَعْضِ لِانْتِقَالِهِ إلَى الْمَذْهَبِ الْأَدْوَنِ، كَذَا فِي شُفْعَةِ الْبَزَّازِيَّةِ 2 - مَنْ آذَى غَيْرَهُ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يُعَزَّرُ، 3 - كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرِ] قَوْلُهُ: إذَا صَارَ الشَّافِعِيُّ حَنَفِيًّا إلَخْ عِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ نَصُّهَا: سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَطَاءُ بْنُ حَمْزَةَ عَنْ شَافِعِيٍّ صَارَ حَنَفِيًّا ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَ إلَى مَذْهَبِ الْأَوَّلِ فَقَالَ: الثَّبَاتُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ خَيْرٌ وَأَوْلَى. وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ أَقْرَبُ وَأَوْلَى إلَى الْأُلْفَةِ مِمَّا قَالَهُ الْبَعْضُ مِنْ أَنَّهُ يُعَزَّرُ أَشَدَّ التَّعْزِيرِ لِانْتِقَالِهِ إلَى الْمَذْهَبِ الْأَدْوَنِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: وَجْهُ كَوْنِهِ أَدْوَنُ أَنَّهُ خَطَأٌ يَحْتَمِلُ الصَّوَابَ وَمَا انْتَقَلَ عَنْهُ صَوَابٌ يَحْتَمِلُ الْخَطَأَ وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنَّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ يَنْقُلَ عِبَارَةَ الْبَزَّازِيَّةِ بِرُمَّتِهَا أَوْ يَقْتَصِرَ عَلَى مَا فِيهِ الْأُلْفَةُ مِنْ عِبَارَتِهَا. وَفِي الْفَتْحِ قَالُوا: الْمُنْتَقِلُ مِنْ مَذْهَبٍ إلَى مَذْهَبٍ بِاجْتِهَادٍ وَبُرْهَانٍ آثِمٌ يَسْتَوْجِبُ التَّعْزِيرَ فَبِلَا اجْتِهَادٍ وَبُرْهَانٍ أَوْلَى (انْتَهَى) . وَفِي مِنَحِ الْغَفَّارِ شَرْحِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ: انْتَقَلَ إلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لِكَثْرَةِ بِرِّ الشَّفْعَوِيِّ عُزِّرَ وَيُنْفَى مِنْ الْبَلَدِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى وَقَدْ عُقِدَ فِي الْقُنْيَةِ لِلِانْتِقَالِ مِنْ مَذْهَبٍ إلَى آخَرَ (2) قَوْلُهُ: مَنْ آذَى غَيْرَهُ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ إلَخْ قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُقَرَّرَ فِي بَابِ التَّعْزِيرِ فِي عَامَّةِ الْمُتُونِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ وَبَيْنَ مَا لَا يُوجِبُهُ مِنْ الْأَلْفَاظِ مَعَ حُصُولِ الْأَذَى بِالْقِسْمَيْنِ مَعًا قَطْعًا حَتَّى صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ يَا خِنْزِيرُ لَا يُعَزَّرُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِمَا يَحْصُلُ بِهَا مِنْ التَّأَذِّي التَّامِّ. (3) قَوْلُهُ: كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. أَقُولُ: قَدْ أَخَلَّ بِنَقْلِ عِبَارَتِهَا فَإِنَّ نَصَّهَا مَنْ آذَى مُسْلِمًا بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَلَوْ بِغَمْزِ عَيْنٍ عُزِّرَ.

وَلَوْ بِغَمْزِ الْعَيْنِ. 5 - وَلَوْ قَالَ لِذِمِّيٍّ يَا كَافِرُ يَأْثَمْ إنْ شَقَّ عَلَيْهِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ 6 - وَضَابِطُ التَّعْزِيرِ: 7 - كُلُّ مَعْصِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ مُقَرَّرٌ فَفِيهِ التَّعْزِيرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (4) قَوْلُهُ: وَلَوْ بِغَمْزِ الْعَيْنِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الْقَوْلُ بِوُجُوبِ التَّعْزِيرِ بِهِ ظَاهِرٌ مُوَافِقٌ لِلْقَوَاعِدِ؛ لِأَنَّهُ غِيبَةٌ وَهِيَ حَرَامٌ فَإِذَا ارْتَكَبَهُ مَعْصِيَةٌ لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ مُقَدَّرٌ وَهُوَ الضَّابِطُ فِي التَّعْزِيرِ. وَقَدْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الشِّرْعَةِ بِأَنَّ الْغَمْزَ غِيبَةٌ حَيْثُ قَالَ: الْغِيبَةُ لَا تَقْتَصِرُ عَلَى اللِّسَانِ بَلْ التَّعْرِيضُ فِي هَذَا الْبَابِ كَالتَّصْرِيحِ وَكَذَا الْفِعْلُ كَالْقَوْلِ، وَكَذَا الْإِيمَاءُ وَالْغَمْزُ وَالرَّمْزُ وَكُلُّ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ الْمَقْصُودُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْغِيبَةِ وَهِيَ حَرَامٌ قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «دَخَلَتْ عَلَيْنَا امْرَأَةٌ فَلَمَّا وَلَّتْ أَوْمَأْتُ بِيَدَيَّ أَيْ قَصِيرَةً فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَدْ اغْتَبْتِهَا» . وَمَنْ ذَلِكَ الْمُحَاكَاةُ كَأَنْ يَمْشِيَ مُتَعَارِجًا أَوْ كَمَا يَمْشِي فَهُوَ غِيبَةٌ بَلْ أَشَدُّ مِنْ الْغِيبَةِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ فِي التَّصْوِيرِ وَالتَّفْهِيمِ وَتَمَامُهُ فِي الشِّرْعَةِ أَقُولُ قَوْلُهُ بَلْ التَّعْرِيضُ فِي هَذَا الْبَابِ كَالتَّصْرِيحِ مُعَارَضٌ بِمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي مِنْ أَنَّ التَّعْرِيضَ بِالشَّتْمِ وَغَيْرِهِ لَا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ (انْتَهَى) . بِخِلَافِ مَا إذَا قَذَفَ بِالتَّعْرِيضِ وَجَبَ التَّعْزِيرُ كَمَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. (5) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لِذِمِّيٍّ: يَا كَافِرُ يَأْثَمُ إنْ شَقَّ عَلَيْهِ إلَخْ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُعَزَّرُ لِارْتِكَابِهِ مُوجِبَ الْإِثْمِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ لَا يُعَزَّرُ لِمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ التَّعْزِيرِ (انْتَهَى) قُلْت وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ كُلُّ إثْمٍ مُوجِبًا لِلتَّعْزِيرِ فَلْيُحَرَّرْ (6) قَوْلُهُ: وَضَابِطُهُ التَّعْزِيرُ أَيْ ضَابِطُ مُوجِبِ التَّعْزِيرِ. (7) قَوْلُهُ: كُلُّ مَعْصِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ مُقَدَّرٌ فَفِيهِ التَّعْزِيرُ. فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ التَّعْزِيرِ أَنَّ مَنْ ارْتَكَبَ مُنْكَرًا أَوْ آذَى مُسْلِمًا بِقَوْلِهِ أَوْ فِعْلِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ إلَّا إذَا كَانَ ظَاهِرَ الْكَذِبِ كَ " يَا كَلْبُ " (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِوُجُوبِ التَّعْزِيرِ فِي يَا كَلْبُ لِارْتِكَابِ الْكَذِبِ (انْتَهَى) . وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَنْتَ إبْلِيسُ أَوْ أَنْتَ فِرْعَوْنُ يَنْبَغِي أَنْ يُعَزَّرَ إذَا آذَاهُ وَلَمْ أَرَهُ لِأَئِمَّتِنَا (انْتَهَى) . أَقُولُ مُقْتَضَى مَا مَرَّ عَنْ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ.

وَظَاهِرُ اقْتِصَارِهِمْ 9 - أَنَّهُ يُعَزَّرُ عَلَى مَا فِيهِ الْكَفَّارَةُ. 10 - وَلَمْ أَرَهُ. مُسْلِمٌ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ وَارْتَكَبَ مَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَالْعُقُوبَةَ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْنَا لَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ، 11 - إلَّا فِي الْقَتْلِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً. 12 - يُعَزَّرُ عَلَى الْوَرَعِ الْبَارِدِ كَتَعْرِيفِ نَحْوِ تَمْرَةٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. 13 - قَالَ لَهُ يَا فَاسِقُ ثُمَّ أَرَادَ إثْبَاتَ فِسْقِهِ بِالْبَيِّنَةِ لَمْ تُقْبَلْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (8) قَوْلُهُ: ظَاهِرُ اقْتِصَارِهِمْ. أَقُولُ: لَعَلَّ الصَّوَابَ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَيْ الْمَعْصِيَةَ. (9) قَوْلُهُ: إنَّهُ يُعَزَّرُ عَلَى مَا فِيهِ الْكَفَّارَةُ يَعْنِي؛ لِأَنَّهُ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً. (10) قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ إلَخْ. إنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِشُمُولِ الضَّابِطَةِ لِمَا فِيهِ الْكَفَّارَةُ وَقَالَ: لَمْ أَرَ؛ لِأَنَّ الضَّابِطَةَ لَيْسَتْ كُلِّيَّةً. (11) قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْقَتْلِ. الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ مِمَّا يُوجِبُ الْعُقُوبَةَ. (12) قَوْلُهُ: يُعَزَّرُ عَلَى الْوَرَعِ الْبَارِدِ إلَخْ أَصْلُهُ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ تَمْرَةً مُلْقَاةً فِي سُوقِ الْمَدِينَةِ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَأَخَذَهَا وَقَالَ مَنْ فَقَدَ هَذِهِ التَّمْرَةَ وَهُوَ يُكَرِّرُ، وَكَلَامُهُ وَمُرَادُهُ مِنْ هَذَا إظْهَارُ زُهْدِهِ وَدِيَانَتِهِ عَلَى النَّاسِ فَسَمِعَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَلَامَهُ وَعَرَفَ مُرَادَهُ فَقَالَ كُلْ يَا بَارِدَ الْوَرَعِ فَإِنَّهُ وَرَعٌ يَبْغُضُهُ اللَّهُ تَعَالَى وَضَرَبَهُ بِالدُّرَّةِ. (13) قَوْلُهُ: قَالَ لَهُ يَا فَاسِقُ ثُمَّ أَرَادَ إثْبَاتَ فِسْقِهِ بِالْبَيِّنَةِ لَمْ تُقْبَلْ إلَخْ أَصْلُهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ لَا يُقْبَلُ إلَّا إذَا تَضَمَّنَ إيجَابَ حَقٍّ مِنْ حُقُوقِ الشَّرْعِ أَوْ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ؛ لِأَنَّ الْفِسْقَ الْمُجَرَّدَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ يَرْتَفِعُ فِسْقُهُ بِالتَّوْبَةِ وَلَعَلَّهُ قَدْ تَابَ فِي مَجْلِسِهِ أَوْ قَبْلَهُ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْإِلْزَامُ وَأَنَّ فِيهِ هَتْكَ السِّرِّ وَإِشَاعَةَ الْفَاحِشَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ. وَإِذَا كَانَ فِي إثْبَاتِ مَا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ مَنْفَعَةٌ عَامَّةٌ لَمْ يَكُنْ جَرْحًا مُجَرَّدًا وَيَدْخُلُ التَّعْزِيرُ تَحْتَ قَوْلِهِمْ فِي تَفْسِيرِ الْجَرْحِ الْمَقْبُولِ، فِي كِتَابِ الشَّهَادَةِ،

التَّعْزِيرُ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا يَضْمَنُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ حَقًّا لِلْعَبْدِ. وَالْجَرْحُ الَّذِي لَا يُقْبَلُ وَلَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ هُوَ مَا لَمْ يَتَضَمَّنْ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا لِلْعَبْدِ، كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا، فَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَعَمُّ مِنْ الْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ الَّتِي مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي التَّلْوِيحِ مَا تَعَلَّقَ نَفْعُهُ بِالْعَامَّةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ: لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مُرَادَهُمْ مِنْ الْحَقِّ الْحَدُّ فَلَا يَدْخُلُ التَّعْزِيرُ لِقَوْلِهِمْ: وَلَيْسَ فِي وُسْعِ الْقَاضِي إلْزَامُهُ؛ لِأَنَّهُ يَرْفَعُهُ بِالتَّوْبَةِ بِخِلَافِ الْحُدُودِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِهَا، فَوَضَحَ الْفَرْقُ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ مَثَّلُوا لِلْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ بِأَكْلِ الرِّبَا مَعَ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ، فَتَعَيَّنَ إرَادَةُ الْحُدُودِ. وَاعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ قَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ التَّعْدِيلِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ. لَكِنَّ فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ لَا تُقْبَلُ بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَتُقْبَلُ قَبْلَهُ وَإِنَّمَا لَا تُقْبَلُ بَعْدَ التَّعْدِيلِ لِأَنَّهَا إخْبَارٌ، فَإِذَا أَخْبَرَ مُخْبِرٌ أَنَّ الشُّهُودَ فُسَّاقٌ أَوْ أَكَلَةُ الرِّبَا فَإِنَّ الْحُكْمَ لَا يَجُوزُ قَبْلَ ثُبُوتِ الْعَدَالَةِ، وَأَمَّا بَعْدَ التَّعْدِيلِ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ رُفِعَ لِلشَّهَادَةِ بَعْدَ ثُبُوتِهَا حَتَّى وَجَبَ عَلَى الْقَاضِي الْعَمَلُ بِهَا إنْ لَمْ يُوجَدْ الْجَرْحُ الْمُعْتَبَرُ. وَمِنْ الْقَوَاعِدِ أَنَّ الدَّفْعَ أَسْهَلُ مِنْ الرَّفْعِ وَهُوَ السِّرُّ فِي كَوْنِ الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ مَقْبُولًا وَلَوْ مِنْ وَاحِدٍ قَبْلَ التَّعْدِيلِ غَيْرَ مَقْبُولٍ بَعْدَهُ بَلْ يَحْتَاجُ إلَى نِصَابِ الشَّهَادَةِ وَإِثْبَاتِ حَقِّ الشَّرْعِ وَالْعَبْدِ وَقَدْ اضْمَحَلَّ بِهَذَا التَّحْقِيقِ مَا اعْتَرَضَ بِهِ ابْنُ الْكَمَالِ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ: فِيهِ نَظَرٌ. إذْ الْغَرَضُ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الشَّهَادَةِ لَا تُعْتَبَرُ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ تَعْدِيلِ الشُّهُودِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الصُّوَرِ الْمُقَيِّدَةِ. قَوْلُهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَلَفْظُهَا قَالَ لَهُ: يَا فَاسِقُ. إنْ أَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ فِسْقَهُ بِالْبَيِّنَةِ لِيَدْفَعَ التَّعْزِيرَ عَنْ نَفْسِهِ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى مُجَرَّدِ الْجَرْحِ وَالْفِسْقِ لَا تُقْبَلُ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ يَا زَانٍ ثُمَّ أَثْبَتَ زِنَاهُ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقُ الْحَدِّ وَلَوْ أَرَادَ إثْبَاتَ فِسْقِهِ ضِمْنًا لِمَا تَصِحُّ فِيهِ الْخُصُومَةُ كَجَرْحِ الشُّهُودِ إذَا قَالَ: رَشَوْتهمْ بِكَذَا، فَعَلَيْهِمْ رَدُّهُ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ كَذَا هَذَا (14) قَوْلُهُ: التَّعْزِيرُ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْبَحْرِ مِنْ الشَّهَادَةِ: وَفِي التَّتِمَّةِ مِنْ كِتَابِ السِّيَرِ: أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ فَأَسْلَمَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ (انْتَهَى) . وَفِي الْقُنْيَةِ وَيُضْرَبُ الْمُسْلِمُ بِبَيْعِ الْخَمْرِ ضَرْبًا وَجِيعًا بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ حَتَّى يَتَقَدَّمَ إلَيْهِ فَإِنْ بَاعَ فِي الْمِصْرِ بَعْدَ التَّقَدُّمِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الضَّرْبُ فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى

كَالْحَدِّ، كَذَا فِي الْيَتِيمَةِ. مَنْ لَهُ دَعْوَى عَلَى رَجُلٍ فَلَمْ يَجِدْهُ فَأَمْسَكَ أَهْلَهُ بِالظُّلْمَةِ بِغَيْرِ كَفَالَةٍ فَقَيَّدُوهُمْ وَحَبَسُوهُمْ وَضَرَبُوهُمْ وَغَرَّمُوهُمْ بِدَارِهِمْ عُزِّرَ، كَذَا فِي الْيَتِيمَةِ. رَجُلٌ خَدَعَ امْرَأَةَ إنْسَانٍ وَأَخْرَجَهَا وَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ صَغِيرَةً، يُحْبَسُ إلَى أَنْ يُحْدِثَ تَوْبَةً أَوْ يَمُوتَ؛ لِأَنَّهُ سَاعٍ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ. كَذَا فِي قَضَاءِ الْوَلْوَالِجيَّةِ. عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ عَلَى زِنَاهُ فَادَّعَى الْعَبْدُ وُجُودَ الشَّرْطِ، حَلَفَ الْمَوْلَى، فَإِنْ نَكَلَ عَتَقَ. وَاخْتَلَفُوا فِي كَوْنِ الْعَبْدِ قَاذِفًا. 16 - كَمَا فِي قَضَاءِ الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَفِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ حُرْمَةُ اللِّوَاطَةِ عَقْلِيَّةٌ فَلَا وُجُودَ لَهَا فِي الْجَنَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى أَنَّ التَّعْزِيرَ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْزِيرَ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي بَحْرِهِ فِي بَحْثِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ، وَحِينَئِذٍ فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُنَا غَيْرُ وَاقِعٍ مَوْقِعَهُ. (15) قَوْلُهُ: كَالْحَدِّ إلَخْ. التَّشْبِيهُ لِلْمَنْفِيِّ لَا لِلنَّفْيِ. (16) قَوْلُهُ: كَمَا فِي قَضَاءِ الْوَلْوَالِجيَّةِ. وَعِبَارَتُهَا فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَلَفَ عَلَى عَبْدِهِ أَنْ لَا يَزْنِيَ أَبَدًا وَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ قَدْ أَتَى الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ وَحَنِثَ وَعَتَقَ فَاسْتُحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ بِاَللَّهِ مَا زَنَيْت بَعْدَ مَا حَلَفْت بِعِتْقِ عَبْدِك هَذَا أَنْ لَا تَزْنِيَ إنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَلَفَ فَلَا شَيْءَ. وَهَلْ يَصِيرُ الْعَبْدُ قَاذِفًا لِلْمَوْلَى؟ بِهَذَا يَجِبُ أَنْ لَا يَصِيرَ قَاذِفًا؛ لِأَنَّهُ قَالَ: قَدْ أَتَى الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ وَلَوْ صَارَ قَاذِفًا بِهَذَا اللَّفْظِ لَمَا تَرَكَ قَوْلَهُ وَقَدْ زَنَى وَتَحَوَّلَ إلَى هَذَا اللَّفْظِ تَحَرُّزًا عَنْ الْقَذْفِ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي بَعْضِ مَوَاضِعَ أَنَّهُ يَصِيرُ قَاذِفًا؛ لِأَنَّهُ سَبَقَ مِنْ الْعَبْدِ أَنَّ الْمَوْلَى حَلَفَ بِعِتْقِهِ أَنَّهُ لَا يَزْنِي ثُمَّ قَالَ وَقَدْ أَتَى الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ يَعْنِي وَقَدْ زَنَى فَإِذَا انْصَرَفَ إلَيْهِ يَصِيرُ قَاذِفًا (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي نَقْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الْإِيجَازِ الْمُخِلِّ (17) قَوْلُهُ: حُرْمَةُ اللِّوَاطَةِ عَقْلِيَّةٌ. أَقُولُ: هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَائِلِينَ بِحُرْمَةِ مَا اسْتَقْبَحَهُ الْعَقْلُ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَهُمْ مُوجِبٌ عَلَى الْقَطْعِ وَالْبَتَاتِ وَحَاكِمٌ بِالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ وَمُقْتَضٍ لِلْمَأْمُورِيَّةِ والممنوعية شَرْعًا وَإِنْ لَمْ يُرِدْ كَمَا أَنَّهُ يَحْكُمُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِوُجُوبِ الْأَصْلَحِ، وَحُرْمَةِ تَرْكِهِ عِنْدَهُمْ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْكِسَ الْقَضِيَّةَ إلَّا أَنَّهُ قَدْ يَسْتَقِلُّ كَمَا فِي حُسْنِ الْعَدْلِ وَقُبْحِ الظُّلْمِ، وَقَدْ لَا يَسْتَقِلُّ كَمَا فِي حُسْنِ صَوْمِ يَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ وَقُبْحِ صَوْمِ الْعِيدِ، لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمَّا وَرَدَ بِحُسْنِ الْأَوَّلِ وَقُبْحِ الثَّانِي عِلْمنَا أَنَّهُ لَوْلَا اخْتِصَاصُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ لِأَجْلِهِ حُسْنٌ وَقُبْحٌ لَمَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ فَالْعَقْلُ مُثْبِتٌ فِي الْكُلِّ وَالشَّرْعُ مُبَيِّنٌ فِي الْبَعْضِ. وَأَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَالْعَقْلُ آلَةٌ لِمَعْرِفَةِ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ لَا مُوجِبَ لَهُمَا وَحَاكِمٌ بِهِمَا وَإِلَّا لَمَا جَازَ وُرُودُ النُّسَخِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْحُسْنَ وَالْقُبْحَ الْفِعْلِيَّيْنِ لَا يَرِدُ عَلَيْهِمَا التَّبْدِيلُ، فَالْحَاكِمُ وَالْمُوجِبُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَالشَّرْعُ مُثْبِتٌ فِي الْكُلِّ وَالْعَقْلُ مُبَيِّنٌ فِي الْبَعْضِ فَلَهُ حَظٌّ فِي مَعْرِفَةِ حُسْنِ بَعْضِ الْمَشْرُوعَاتِ، كَالْإِيمَانِ وَأَصْلِ الْعِبَادَاتِ وَالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ فَيَثْبُتُ بِهَذَا أَنَّ الْأَمْرَ دَلِيلٌ وَمُعَرِّفٌ لِمَا ثَبَتَ حُسْنُهُ فِي الْعَقْلِ وَمُوجِبٌ لِمَا لَمْ يُعَرَّفْ بِهِ. وَأَمَّا عِنْدَ الْأَشَاعِرَةِ فَالْحُسْنُ وَالْقُبْحُ شَرْعِيَّانِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا حَظَّ لِلْعَقْلِ فِي مَعْرِفَتِهِمَا، أَيْ الْعَقْلُ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ لَا يُعَرِّفُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا بِهِ أَوْ مَنْهِيًّا عَنْهُ شَرْعًا. فَالشَّرْعُ هُوَ الْمُثْبِتُ لِلْحُسْنِ وَالْقُبْحِ وَلَوْ عَكَسَ الْقَضِيَّةَ فَحُسْنُ الشَّرْعِ مَا أَقْبَحَهُ الْعَقْلُ وَبِالْعَكْسِ، لَمْ يَكُنْ مُمْتَنِعًا، فَالْحُسْنُ وَالْقُبْحُ إنَّمَا يُعْرَفَانِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، فَيَكُونُ الْحُسْنُ وَالْقُبْحُ ثَابِتَيْنِ بِنَفْسِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، لَا أَنَّهُمَا دَلِيلَانِ عَلَى حُسْنٍ وَقُبْحٍ سَبَقَ ثُبُوتُهُمَا بِالْعَقْلِ هَكَذَا فُهِمَ تَقْرِيرُ الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ. وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَهَا مِنْ عِبَارَةِ الْمِيزَانِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَبِمَا قَرَرْنَاهُ عُلِمَ أَنْ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ الْحُسْنَ وَالْقُبْحَ بِمَعْنَى مُلَاءَمَةِ الطَّبْعِ وَمُنَافَرَتِهِ كَالْحُلْوِ وَالْمُرِّ، وَمَعْنَى كَوْنِ الشَّيْءِ صِفَةَ كَمَالٍ وَصِفَةَ نُقْصَانٍ كَالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ عَقْلِيَّانِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي كَوْنِ الشَّيْءِ مُعَلَّقُ الْمَدْحِ فِي الْعَاجِلِ وَالثَّوَابِ فِي الْآجِلِ وَمُتَعَلِّقُ الذَّمِّ فِي الْعَاجِلِ وَالْعِقَابِ فِي الْآجِلِ، كَالْعِبَادَةِ وَالْمَعَاصِي شَرْعِيَّانِ أَوْ عَقْلِيَّانِ وَلَا خِلَافَ أَيْضًا فِي أَنَّ الْحُسْنَ وَالْقُبْحَ مَعْرُوفَانِ شَرْعًا لِكُلِّ مَأْمُورٍ وَحَسَنٍ اتِّفَاقًا ضَرُورَةَ أَنَّ الْآمِرَ حَكِيمٌ وَهُوَ لَا يَأْمُرُ بِالْقَبِيحِ، وَهَذَا نُبَذٌ مِمَّا أَطْنَبُوا فِي هَذَا الْمَقَامِ الَّذِي حَارَتْ أَفْكَارُ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي مُلَاحَظَتِهِ وَثَابَرَتْ أَنْظَارُ الْمُتَفَكِّرِينَ فِي غَوَامِضِهِ تَنْبِيهًا عَلَى الْمِقْدَارِ الَّذِي يَسْتَدْعِي الْمَقَامُ بَيَانَهُ وَيَقْتَضِي الشَّرْعُ فِيهِ تِبْيَانَهُ.

وَقِيلَ سَمْعِيَّةٌ فَلَهَا وُجُودٌ فِيهَا. 19 - وَقِيلَ يَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى طَائِفَةً يَكُونُ نِصْفُهَا الْأَعْلَى عَلَى صِفَةِ الذُّكُورِ وَنِصْفُهَا الْأَسْفَلُ عَلَى صِفَةِ الْإِنَاثِ. 20 - وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ (انْتَهَى) . وَفِي الْيَتِيمَةِ: أَنَّ الْأَبَ يُعَزَّرُ إذَا شَتَمَ وَلَدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (18) قَوْلُهُ: وَقِيلَ سَمْعِيَّةٌ فَلَهَا وُجُودٌ فِيهَا. فِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ لِلْأَكْمَلِ أَنَّ اللِّوَاطَةَ مُحَرَّمَةٌ عَقْلًا وَشَرْعًا وَطَبْعًا بِخِلَافِ الزِّنَا فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ طَبْعًا فَكَانَتْ أَشَدَّ حُرْمَةً، وَإِنَّمَا لَمْ يُوجِبْ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْحَدَّ فِيهَا لِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ لَا لِخِفَّتِهَا، وَإِنَّمَا عَدَمُ وُجُوبِ الْحَدِّ فِيهَا لِلتَّغْلِيظِ عَلَى الْفَاعِلِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ مُطَهِّرٌ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ (انْتَهَى) . وَفِي الْفَتْحِ: هَلْ تَكُونُ اللِّوَاطَةُ فِي الْجَنَّةِ أَيْ يَجُوزُ كَوْنُهَا فِيهَا؟ قِيلَ: إنْ كَانَ حُرْمَتُهَا عَقْلًا وَسَمْعًا لَا تَكُونُ وَإِنْ كَانَ سَمْعًا فَقَطْ، جَازَ أَنْ يَكُونَ (انْتَهَى) . وَمَعْنَى كَوْنِ حُرْمَتِهَا عَقْلًا أَنَّ الْعَقْلَ مُبَيِّنٌ وَمُعَرِّفٌ لِلْحُرْمَةِ لَا مُثْبِتٌ وَالْمُثْبِتُ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ الشَّرْعُ عِنْدَنَا وَحِينَئِذٍ فَإِسْنَادُ التَّحْرِيمِ إلَى الْعَقْلِ وَكَذَا إلَى الطَّبْعِ مَجَازٌ. (19) قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَخْلُقُ اللَّهُ طَائِفَةً إلَخْ يُوهِمُ أَنَّهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (20) قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ مَنْ أَثْبَتَ الْقُبْحَ وَالْحُسْنَ الْعَقْلِيَّيْنِ كَالْحَنَفِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ، وَإِلَّا فَالْأَشَاعِرَةُ عَلَى أَنْ لَا حُسْنَ وَلَا قُبْحَ إلَّا بِالسَّمْعِ (انْتَهَى) . أَقُولُ نِسْبَةُ مَا ذُكِرَ إلَى الْحَنَفِيَّةِ فِرْيَةٌ بِلَا مِرْيَةٍ، كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِمَّا حَقَقْنَاهُ قَرِيبًا وَقَدْ صُحِّحَ فِي الْفَتْحِ عَدَمُ وُجُودِهَا فِي الْجَنَّةِ وَإِنْ قُلْنَا: إنْ حَرُمَتْ سَمْعِيَّةً حَيْثُ قَالَ وَإِنْ كَانَ سَمْعِيًا فَقَطْ جَازَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اسْتَبْعَدَهُ وَاسْتَقْبَحَهُ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 80] وَسَمَّاهُ خَبِيثَةً فَقَالَ تَعَالَى {كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ} [الأنبياء: 74] وَالْجَنَّةُ مُنَزَّهَةٌ عَنْهَا وَفِيهِ

مَعَ كَوْنِهِ لَا حَدَّ لَهُ 22 - وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ لُزُومِ التَّعْزِيرِ ذَوِي الْهَيْئَاتِ فَلَا تَعْزِيرَ عَلَيْهِمْ. وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِهِ، فَقِيلَ صَاحِبُ الصَّغِيرَةِ فَقَطْ، وَقِيلَ مَنْ إذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا نَدِمَ وَلَمْ أَرَهُ لِأَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ خَبِيثَةً فِي الدُّنْيَا أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ وُجُودٌ فِي الْجَنَّةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْخَمْرَ أُمُّ الْخَبَائِثِ فِي الدُّنْيَا وَلَهَا وُجُودٌ فِي الْآخِرَةِ فَتَدَبَّرْ هَذَا. وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْفُتُوحَاتِ الْمَلَكِيَّةِ فِي صِفَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنَّهُمْ لَا أَدْبَارَ لَهُمْ؛ لِأَنَّ الدُّبُرَ إنَّمَا خُلِقَ فِي الدُّنْيَا لِخُرُوجِ الْغَائِطِ النَّجِسِ فَلَيْسَ الْجَنَّةُ مَحَلًّا لِلْقَاذُورَاتِ (انْتَهَى) . قُلْت فَعَلَى هَذَا لَا وُجُودَ لَهَا فِي الْجَنَّةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِي. (21) قَوْلُهُ: مَعَ كَوْنِهِ لَا حَدَّ لَهُ. لَا يُقَالُ إذَا سَقَطَ الْحَدُّ الَّذِي هُوَ الْأَعْلَى فَلِمَ لَا يَسْقُطُ التَّعْزِيرُ الَّذِي هُوَ الْأَدْنَى؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْحَدُّ يَنْدَرِئُ بِالشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَحُرْمَةُ الْأُبُوَّةِ شُبْهَةٌ صَالِحَةٌ لِلدَّرْءِ وَالتَّعْزِيرُ خَالِصُ حَقِّ الْعَبْدِ وَهُوَ لَا يَنْدَرِئُ بِالشُّبْهَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ الْأَعْلَى سُقُوطُ الْأَدْنَى (22) قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيُّ مِنْ لُزُومِ التَّعْزِيرِ ذَوِي الْهَيْئَاتِ إلَى قَوْلِهِ وَلَمْ أَرَهُ لِأَصْحَابِنَا. أَقُولُ: قَدْ ظَفِرْت بِذَلِكَ فِي أَجْنَاسِ النَّاطِفِيِّ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَجُلًا لَهُ مُرُوَّةٌ وَخَطَرٌ اسْتَحْسَنْت أَنْ لَا يُعَزَّرَ إذَا كَانَ أَوَّلَ فِعْلٍ، وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ وَيَعِظُهُ حَتَّى لَا يَعُودَ إلَيْهِ فَإِنْ عَادَ إلَى ذَلِكَ وَتَكَرَّرَ مِنْهُ ضُرِبَ التَّعْزِيرَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «تَجَافُوا عَنْ عُقُوبَةِ ذَوِي الْمُرُوَّةِ إلَّا فِي الْحَدِّ» . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

[كتاب السير]

كِتَابُ السِّيَرِ بَابُ الرِّدَّةِ تَبْجِيلُ الْكَافِرِ كُفْرٌ 1 - فَلَوْ سَلَّمَ عَلَى. الذِّمِّيِّ تَبْجِيلًا كَفَرَ، 2 - وَلَوْ قَالَ لِلْمَجُوسِيِّ يَا أُسْتَاذِي تَبْجِيلًا كَفَرَ. كَذَا فِي صَلَاةِ الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي الصُّغْرَى: 3 - الْكُفْرُ شَيْءٌ عَظِيمٌ فَلَا أَجْعَلُ الْمُؤْمِنَ كَافِرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ السِّيَرِ] [بَابُ الرِّدَّةِ] قَوْلُهُ: فَلَوْ سَلَّمَ عَلَى الذِّمِّيِّ تَبْجِيلًا كَفَرَ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِأَنْ يَكُونَ تَعْظِيمًا لِكُفْرِهِ وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ لِإِحْسَانِهِ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ لِلْمُعَظِّمِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ يُذْكَرُ وَحَمْلُ النَّظِيرِ عَلَى النَّظِيرِ لَا يُسْتَنْكَرُ، ذَكَّرَنِي هَذَا مَا فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي الْحَسَنِ السَّعْدِيِّ، حُكِيَ أَنَّ وَاحِدًا مِنْ الْمَجُوسِ كَانَ كَثِيرَ الْمَالِ حَسَنَ التَّعَهُّدِ لِفُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ يُطْعِمُ جَائِعَهُمْ وَيُكْسِي عُرْيَانَهُمْ وَيُنْفِقُ عَلَى مَسَاجِدِهِمْ وَيُعْطِي أَدْهَانَ سِرَاجِهَا وَيُقْرِضُ مَحَاوِيجَ الْمُسْلِمِينَ، فَدَعَا النَّاسَ مَرَّةً إلَى دَعْوَةٍ اتَّخَذَهَا لِجَزِّ نَاصِيَةِ وَلَدِهِ فَشَهِدَهَا كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَأَهْدَى إلَيْهِ بَعْضُهُمْ هَدَايَا فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى مُفْتِيهِمْ فَكَتَبَ إلَى أُسْتَاذِهِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنْ أَدْرِكْ أَهْلَ بَلَدِك فَقَدْ ارْتَدُّوا بِأَسْرِهِمْ، فَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ إجَابَةَ دَعْوَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مُطْلَقَةٌ فِي الشَّرِيعَةِ وَمُجَازَاةُ الْمُحْسِنِ بِإِحْسَانِهِ مِنْ بَابِ الْكَرَمِ وَالْمُرُوءَةِ وَحَلْقُ الرَّأْسِ لَيْسَ مِنْ شِعَارِ أَهْلِ الضَّلَالِ، وَالْحُكْمُ بِرِدَّةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ بِهَذَا الْقَدْرِ غَيْرُ مُمْكِنٍ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ النَّوْعِ السَّادِسِ مِنْ كِتَابِ السِّيَرِ. (2) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لِلْمَجُوسِيِّ يَا أُسْتَاذِي إلَخْ أَقُولُ: لَيْسَ الْمَجُوسِيُّ قَيْدًا بَلْ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِلذِّمِّيِّ وَلَفْظُ الْأُسْتَاذِ فَارِسِيَّةٌ وَهِيَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ عَلَى مُقْتَضَى قَوَاعِدِ لُغَةِ الْفُرْسِ. (3) قَوْلُهُ: الْكُفْرُ شَيْءٌ عَظِيمٌ إلَخْ. قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ بَعْدَ كَلَامٍ: ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ

مَتَى وُجِدَتْ رِوَايَةٌ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمَسْأَلَةِ وُجُوهٌ تُوجِبُ التَّكْفِيرَ وَوَجْهٌ لَا يُوجِبُ، فَعَلَى الْمُفْتِي أَنْ يَمِيلَ إلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَمْنَعُهُ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِالْمُسْلِمِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ نِيَّةُ الْقَائِلِ ذَلِكَ فَهُوَ مُسْلِمٌ وَإِنْ كَانَتْ نِيَّةُ الْوَجْهِ الَّذِي يُوجِبُ الْكُفْرَ لَا يَنْفَعُهُ حَمَلَ الْمُفْتِي كَلَامَهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي لَا يُوجِبُ الْكُفْرَ وَيُؤْمَرُ بِالتَّوْبَةِ وَالرُّجُوعِ وَبِتَجْدِيدِ النِّكَاحِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ إنْ أَتَى بِكَلِمَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِ الْعَادَةِ لَمْ يَنْفَعْهُ مَا لَمْ يَرْجِعْ عَمَّا قَالَ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِتْيَانِ بِكَلِمَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِ الْعَادَةِ لَا يَرْتَفِعُ الْكُفْرُ (انْتَهَى) . وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ. (4) قَوْلُهُ: مَتَى وُجِدَتْ رِوَايَةٌ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ: يَعْنِي وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الرِّوَايَةُ ضَعِيفَةً كَمَا فِي شَرْحِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى الْكَنْزِ. أَقُولُ: وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الرِّوَايَةُ لِغَيْرِ أَهْلِ مَذْهَبِنَا، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ اشْتِرَاطُ كَوْنِ مَا يُوجِبُ الْكُفْرَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ. وَفِي شَرْحِهِ أَيْضًا مِنْ بَابِ الْبُغَاةِ يَقَعُ فِي كَرَمِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ تَكْفِيرٌ كَثِيرٌ لَكِنْ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ هُمْ الْمُجْتَهِدُونَ بَلْ غَيْرِهِمْ، وَلَا عِبْرَةَ بِغَيْرِ الْفُقَهَاءِ. نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الْهُمَامِ وَفِيهِ مِنْ بَابِ الْمُرْتَدِّينَ بَعْدَ كَلَامٍ سَاقَهُ ثُمَّ قَالَ: الَّذِي تَحَرَّرَ أَنَّهُ لَا يُفْتَى بِتَكْفِيرِ مُسْلِمٍ أَمْكَنَ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَحْمَلٍ حَسَنٍ أَوْ كَانَ فِي كُفْرِهِ اخْتِلَافٌ، وَلَوْ رِوَايَةً ضَعِيفَةً، فَعَلَى هَذَا فَأَكْثَرُ أَلْفَاظِ التَّكْفِيرِ الْمَذْكُورَةِ فِي كُتُبِ الْفَتَاوَى لَا يُفْتَى بِهَا. قَالَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ: وَقَدْ أَلْزَمْت نَفْسِي أَنْ لَا أُفْتِيَ بِشَيْءٍ مِنْهَا. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ قُبَيْلَ هَذَا مَا لَفْظُهُ: وَفِي الْفَتْحِ وَمَنْ هَزَلَ بِلَفْظِ كُفْرٍ ارْتَدَّ لِكَوْنِهِ اسْتِخْفَافًا فَهُوَ كَكُفْرِ الْعِنَادِ وَالْأَلْفَاظُ الَّتِي يُكَفَّرُ بِهَا تُعْرَفُ فِي كُتُبِ الْفَتَاوَى (انْتَهَى) . فَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَلْفَاظَ التَّكْفِيرِ الْمَعْرُوفَةَ فِي الْفَتَاوَى مُوجِبَةٌ لِلرِّدَّةِ حَقِيقَةً. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَيُحْكَى عَنْ بَعْضِ مَنْ لَا سَلَفَ لَهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَا ذُكِرَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ يَكْفُرُ بِكَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ لِلتَّخْوِيفِ وَالتَّهْوِيلِ لَا لِحَقِيقَةِ الْكُفْرِ وَهَذَا بَاطِلٌ (انْتَهَى) . وَالْحَقُّ أَنَّ مَا صَحَّ عِنْدَ الْمُجْتَهِدِينَ فَهُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَأَمَّا مَا ثَبَتَ عَنْ غَيْرِهِمْ فَلَا يُفْتَى بِهِ فِي مَسْأَلَةِ التَّكْفِيرِ. وَلِذَا قَالَ فِي الْفَتْحِ: إنَّ الَّذِي صَحَّ عَنْ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْخَوَارِجِ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ. وَيَقَعُ فِي كَلَامٍ كَثِيرٍ تَكْفِيرُهُمْ، لَكِنْ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ هُمْ الْمُجْتَهِدُونَ بَلْ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِمْ وَلَا عِبْرَةَ بِغَيْرِ الْفُقَهَاءِ (انْتَهَى)

لَا تَصِحُّ رِدَّةُ السَّكْرَانِ. 6 - إلَّا الرِّدَّةَ بِسَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وَلَا يُعْفَى عَنْهُ. كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ كُلُّ كَافِرٍ تَابَ فَتَوْبَتُهُ مَقْبُولَةٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إلَّا جَمَاعَةُ الْكَافِرِينَ بِسَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ. 8 - وَبِسَبِّ الشَّيْخَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا تَصِحُّ رِدَّةُ السَّكْرَانِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْبَحْرِ: الْمُرَادُ بِهِ ذَاهِبُ الْعَقْلِ. أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ السُّكْرَ يَسْتُرُ الْعَقْلَ وَلَا يُذْهِبُهُ بِخِلَافِ الْجُنُونِ فَإِنَّهُ يُذْهِبُهُ كَمَا حَقَّقَهُ فِي مَحَلِّهِ. (6) قَوْلُهُ: إلَّا الرِّدَّةَ بِسَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ ظَاهِرٌ أَنَّ اللَّامَ فِيهِ لِلْعَهْدِ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ، وَحِينَئِذٍ لَا يُحْكَمُ بِرِدَّةِ السَّكْرَانِ إذَا سَبَّ غَيْرَهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ غَيْرَهُ كَذَلِكَ، وَيُجَابُ بِأَنَّ اللَّامَ لِلْجِنْسِ وَقَيَّدَهُ بِمَا إذَا كَانَ سُكْرُهُ بِسَبَبٍ مَحْظُورٍ بَاشَرَهُ مُخْتَارًا بِلَا إكْرَاهٍ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْمَجْنُونِ (7) قَوْلُهُ: الْكَافِرُ بِسَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ. أَقُولُ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ سَابَّ الْأَنْبِيَاءِ لَا يُقْبَلُ تَوْبَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ مِنْ أَنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ أَنَّهَا مَقْبُولَةٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ عَدَمِ قَبُولِ تَوْبَتِهِ إنَّمَا يُحْفَظُ لِبَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ، أَمَّا عَلَى طَرِيقَتِنَا فَلَا. وَقَدْ أَنْكَرَهَا عَلَى الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَهْلُ عَصْرِهِ كالبرهمتوشي وَالشَّيْخِ أَمِينِ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ الْعَالِ (انْتَهَى) . (8) قَوْلُهُ: وَبِسَبِّ الشَّيْخَيْنِ إلَخْ قِيلَ: عَزَى الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَدَمَ قَبُولِ تَوْبَةِ مَنْ سَبَّ الشَّيْخَيْنِ فِي الْبَحْرِ لِلْجَوْهَرَةِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي عَامَّةِ النُّسَخِ، وَحَكَى الْمُؤَلِّفُ أَخُوهُ الْعَلَّامَةُ عُمَرُ بْنُ نُجَيْمٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ أَفْتَى بِذَلِكَ وَطَلَبَ مِنْهُ النَّقْلَ بِذَلِكَ فَلَمْ يُوجَدْ إلَّا عَلَى شَرْحِ الْجَوْهَرَةِ وَذَلِكَ بَعْدَ حَرْقِ الرَّجُلِ (انْتَهَى) . أَقُولُ عَلَى فَرْضِ ثُبُوتِ ذَلِكَ فِي عَامَّةِ نُسَخِ الْجَوْهَرَةِ لَا وَجْهَ لَهُ يَظْهَرُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ قَبُولِ تَوْبَةِ مَنْ سَبَّ الْأَنْبِيَاءَ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ قَبُولِ

وَبِالسِّحْرِ، وَلَوْ امْرَأَةً، 10 - وَبِالزَّنْدَقَةِ 11 - إذَا أُخِذَ قَبْلَ تَوْبَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَوْبَةِ مَنْ سَبَّ الشَّيْخَيْنِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، بَلْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ فِيمَا أَعْلَمُ. (9) قَوْلُهُ: وَبِالسِّحْرِ إلَخْ هَذَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي الْعَلَّامِيَّةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ اسْتِعْمَالَ السِّحْرِ تَجْرِبَةً أَوْ امْتِحَانًا لَا اعْتِقَادًا لَيْسَ بِكُفْرٍ كَمَا فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي. (10) قَوْلُهُ: وَبِالزَّنْدَقَةِ. مَحَلُّهُ مَا إذَا كَانَ الزِّنْدِيقُ مُسْلِمًا فَتَزَنْدَقَ. وَالزِّنْدِيقُ ثَلَاثَةٌ: زِنْدِيقٌ أَصْلِيٌّ وَأَنَّهُ يُتْرَكُ عَلَى شِرْكِهِ إذَا كَانَ مِنْ الْعَجَمِ، وَزِنْدِيقٌ غَيْرُ أَصْلِيٍّ بِأَنْ كَانَ مُسْلِمًا فَتَزَنْدَقَ فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا قُتِلَ؛ لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ، وَزِنْدِيقٌ تَزَنْدَقَ بَعْدَ أَنْ كَانَ ذِمِّيًّا فَإِنَّهُ يُتْرَكُ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ. كَذَا فِي الْمُلْتَقَطَاتِ. وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي الْعَلَّامِيَّةِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَلَى مَا اسْتَثْنَاهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمُرْتَدُّ الَّذِي إذَا أُخِذَ تَابَ وَإِذَا تُرِكَ ارْتَدَّ وَعَادَ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ بَيْنَ الْعِبَادِ فِي الْخَانِيَّةِ آخِرَ كِتَابِ الْحُدُودِ. وَحُكِيَ أَنَّهُ كَانَ بِبَغْدَادَ نَصْرَانِيَّانِ مُرْتَدَّانِ إذَا أُخِذَا تَابَا وَإِذَا تُرِكَا عَادَا إلَى الرِّدَّةِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَلْخِيُّ: يُقْتَلَانِ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُمَا. (11) قَوْلُهُ: إذَا أُخِذَ قَبْلَ تَوْبَتِهِ. هَذَا فِي الْفَتْحِ، وَفِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ: قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: إذَا تَابَ السَّاحِرُ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَلَا يُقْتَلُ، وَإِنْ أُخِذَ ثُمَّ تَابَ لَمْ تُقْبَلْ تَوْبَتُهُ وَيُقْتَلُ. وَكَذَا الزِّنْدِيقُ الْمَعْرُوفُ الدَّاعِي. وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ إذَا أَخَذَاهُ قُيِّدَ فِي السِّحْرِ وَالزَّنْدَقَةِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: هَذَا ظَاهِرٌ لِمَا تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ أَنَّ الشَّرْطَ يَرْجِعُ لِجَمِيعِ مَا سَبَقَ عِنْدَنَا بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ وَالصِّفَةِ فَإِنَّهُمَا يَرْجِعَانِ إلَى مَا يَقَعَانِ بَعْدَهُ، وَالْفَرْقُ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ لَكِنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ يَرْجِعُ لِلْآخَرِ مَا لَمْ يَقْتَضِ رُجُوعَهُ لِلْجَمِيعِ دَلِيلٌ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بِالْمَشِيئَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِلْجَمِيعِ، كَمَا فِي تُحْفَةِ الْوُصُولِ إلَى قَوَاعِدِ الْأُصُولِ لِلشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْغَزِّيِّ التُّمُرْتَاشِيِّ

كُلُّ مُسْلِمٍ ارْتَدَّ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ إنْ لَمْ يَتُبْ إلَّا الْمَرْأَةَ، 13 - وَمَنْ كَانَ إسْلَامُهُ تَبَعًا، وَالصَّبِيُّ إذَا أَسْلَمَ، 14 - وَالْمُكْرَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، 15 - وَمَنْ ثَبَتَ إسْلَامُهُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَمَنْ ثَبَتَ إسْلَامُهُ بِرَجُلَيْنِ ثُمَّ رَجَعَا كَمَا فِي شَهَادَاتِ الْيَتِيمَةِ. حُكْمُ الرِّدَّةِ وُجُوبُ الْقَتْلِ إنْ لَمْ يَرْجِعْ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلَةُ: كُلُّ مُسْلِمٍ ارْتَدَّ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ إنْ لَمْ يَتُبْ إلَّا الْمَرْأَةَ. قِيلَ عَلَيْهِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْخُنْثَى الْمُشْكِلَ إذَا ارْتَدَّ وَلَمْ يَتُبْ يُقْتَلْ، وَالْحُكْمُ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْخُنْثَى الْمُشْكِلَ لَا يُقْتَلُ، كَالْمَرْأَةِ بَلْ تُحْبَسُ وَتُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَنِّ الثَّالِثِ فِي أَحْكَامِ الْخُنْثَى. (13) قَوْلُهُ: وَمَنْ كَانَ إسْلَامُهُ تَبَعًا إلَخْ كَصَبِيٍّ غَيْرِ عَاقِلٍ أَسْلَمَ أَبَوَاهُ فَبَلَغَ وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ إقْرَارٌ بَعْدَ الْبُلُوغِ إذَا ارْتَدَّ لَا يُقْتَلُ لِانْعِدَامِ الرِّدَّةِ إذْ هِيَ التَّكْذِيبُ بَعْدَ سَابِقَةِ التَّصْدِيقِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَصْدِيقٌ بَعْدَ الْبُلُوغِ. (14) قَوْلُهُ: وَالْمُكْرَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَكَذَا مَنْ كَانَ فِي إسْلَامِهِ شُبْهَةٌ كَالسَّكْرَانِ إذَا أَسْلَمَ صَحَّ إسْلَامُهُ فَإِنْ رَجَعَ مُرْتَدًّا لَا يُقْتَلُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ. فَيُزَادُ هَذَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ هُنَا. (15) قَوْلُهُ: وَمَنْ ثَبَتَ إسْلَامُهُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ إلَخْ: قِيلَ عَلَيْهِ: يُفْهَمُ مِنْهُ قَتْلُ مَنْ ثَبَتَ إسْلَامُهُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَيُفْهَمُ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِمْ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ تُقْبَلُ فِي كُلِّ شَيْءٍ سِوَى الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ ثُمَّ رَأَيْت فِي كِتَابِ النُّتَفِ: وَمَا لَا يَجُوزُ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ ثَمَانِيَةٌ، أَحَدُهَا شَهَادَةُ الرَّجُلِ مَعَ النِّسَاءِ جَائِزَةٌ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ مَا خَلَا الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ (انْتَهَى) . فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا أَصْلًا، مَعَ أَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ لَا تُقْبَلُ فِي الْقَتْلِ أَصْلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَاضِي خَانْ فِي الشَّهَادَةِ وَغَيْرِهِ. فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا احْتَرَزَا بِالْقِصَاصِ عَنْ سَائِرِ أَنْوَاعِ الْقَتْلِ، وَأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدٌ وَهُوَ عَدَمُ الْقَبُولِ بِسَبَبِ أَنَّ أَمْرَ الدَّمِ عَظِيمٌ فَعَلَى هَذَا مَا فِي الْكِتَابِ أَيْضًا مِنْ قَبِيلِ الِاكْتِفَاءِ بِأَحَدِ النَّظِيرَيْنِ عَنْ ذِكْرِ الْآخَرِ لِثُبُوتِ تَلَازُمِهِمَا فِي الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ.

وَحَبْطُ الْأَعْمَالِ مُطْلَقًا 17 - لَكِنْ إذَا أَسْلَمَ لَا يَقْضِيهَا 18 - إلَّا الْحَجَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (16) قَوْلُهُ: وَحَبْطُ الْأَعْمَالِ مُطْلَقًا يَعْنِي سَوَاءٌ رَجَعَ أَوْ لَمْ يَرْجِعْ. فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ كِتَابِ السِّيَرِ: أَنَّ الْأَلْفَاظَ الَّتِي تُوجِبُ الْكُفْرَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: مَا يَكُونُ خَطَأً لَكِنَّهُ لَا يُوجِبُ الْكُفْرَ فَيُؤْمَرُ قَائِلُهُ بِالْإِنَابَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ، وَمِنْهَا مَا فِيهِ اخْتِلَافٌ فَيُؤْمَرُ بِاسْتِجْدَادِ النِّكَاحِ احْتِيَاطًا وَبِالتَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ وَمِنْهَا مَا هُوَ كُفْرٌ بِالِاتِّفَاقِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ إحْبَاطَ جَمِيعِ أَعْمَالِهِ وَيَلْزَمُهُ إعَادَةُ الْحَجِّ إنْ كَانَ حَجَّ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ وَطْؤُهُ مَعَ امْرَأَتِهِ زِنًا وَالْوَلَدُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْهُمَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَدُ الزِّنَا، فَإِنَّهُ وَإِنْ أَتَى بِكَلِمَةِ الشَّهَادَةِ بَعْدَ ذَلِكَ بِحُكْمِ الْعَادَةِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَمَّا قَالَ لَا يَرْتَفِعُ الْكُفْرُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَعَوَّدَ بِذِكْرِ هَذَا الدُّعَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً فَإِنَّهُ سَبَبُ النَّجَاةِ عَنْ هَذِهِ الْوَرْطَةِ بِوَعْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالدُّعَاءُ هَذَا: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ أَنْ أُشْرِكَ بِك شَيْئًا وَأَنَا أَعْلَمُ وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ» (انْتَهَى) . وَفِي شَرْحِ الْكَيْدَانِيَّةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ مَا نَصُّهُ: اعْلَمْ أَنَّ مَنْ كَفَرَ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى - بَطَلَتْ جَمِيعُ طَاعَاتِهِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ إلَّا الْحَجَّ فَإِنَّ نِسْبَةَ الْعُمُرِ إلَيْهِ كَنِسْبَةِ الْوَقْتِ إلَى الصَّلَاةِ وَقَدْ أَحْبَطَهُ، وَالْوَقْتُ بَاقٍ وَهَلْ تَبْطُلُ مَعَاصِيهِ؟ قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ: إنَّهَا لَا تَبْطُلُ، كَمَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ (انْتَهَى) . أَقُولُ: فِي الْخَانِيَّةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ مَعَاصِيَهُ لَا تَبْطُلُ، وَنَصُّهُ: قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: عَلَيْهِ، أَيْ عَلَى الْمُرْتَدِّ قَضَاءُ مَا تَرَكَ فِي الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ مَعْصِيَةٌ وَالْمَعْصِيَةُ تَبْقَى بَعْدَ الرِّدَّةِ (17) قَوْلُهُ: لَكِنْ إذَا أَسْلَمَ لَا يَقْضِيهَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى كَوْنِ الرِّدَّةِ تُحْبِطُ الْأَعْمَالَ. (18) قَوْلُهُ: إلَّا الْحَجَّ، قِيلَ عَلَيْهِ: الْحَصْرُ مَمْنُوعٌ فَإِنَّ مَنْ ارْتَدَّ وَقَدْ كَانَ صَلَّى صَلَاةً فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي آخِرِهِ يَقْضِي الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا قَبْلَ الرِّدَّةِ. أَقُولُ: إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا بَاقٍ، أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ فِي قَضَاءِ الْحَجِّ بِأَنَّ نِسْبَةَ الْعُمُرِ إلَيْهِ كَنِسْبَةِ الْوَقْتِ إلَى الصَّلَاةِ وَقَدْ أَحْبَطَهُ، وَالْوَقْتُ بَاقٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا، لَكِنْ فِي التَّعْبِيرِ بِالْقَضَاءِ فِي الْحَجِّ، وَفِي الصَّلَاةِ الَّتِي صَلَّاهَا وَلَمْ يَخْرُجْ وَقْتُهَا نَظَرٌ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ: فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الْحَجِّ إنْ كَانَ حَجَّ.

كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ إذَا أَسْلَمَ، 20 - وَيَبْطُلُ مَا رَوَاهُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْحَدِيثِ فَلَا يَجُوزُ لِلسَّامِعِ مِنْهُ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنْهُ بَعْدَ رِدَّتِهِ، كَمَا فِي شَهَادَاتِ الْوَلْوَالِجيَّةِ. 21 - وَبَيْنُونَةُ امْرَأَتِهِ مُطْلَقًا، 22 - وَبُطْلَانُ وَقْفِهِ مُطْلَقًا، وَإِذَا مَاتَ أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ لَمْ يُدْفَنْ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا أَهْلِ مِلَّتِهِ وَإِنَّمَا يُلْقَى فِي حُفْرَةٍ كَالْكَلْبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (19) قَوْلُهُ: كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ إلَخْ التَّشْبِيهُ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ وُجُوبِ قَضَاءِ غَيْرِ الْحَجِّ لَا بِاعْتِبَارِ وُجُوبِ قَضَائِهِ أَيْضًا. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّشْبِيهَ إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَهُوَ خِلَافُ الصَّحِيحِ كَمَا فِي كُتُبِ الْأُصُولِ. (20) قَوْلُهُ: وَيَبْطُلُ مَا رَوَاهُ لِغَيْرِهِ إلَخْ أَيْ رِوَايَةُ مَا رَوَاهُ مِنْ الْحَدِيثِ لِغَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يُسْنِدُ الْحَدِيثَ إلَيْهِ وَهُوَ فِي الْحَالِ لَيْسَ بِأَهْلٍ أَنْ يَتَحَمَّلَ عَنْهُ رِوَايَةً فَلَا يُرْوَى عَنْهُ. وَكَذَا لَوْ سَمِعَهَا مِنْ نَصْرَانِيٍّ ثُمَّ أَسْلَمَ لَا يَرْوِي عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَالَ الرِّوَايَةِ لَيْسَ بِأَهْلٍ أَنْ يَتَحَمَّلَ عَنْهُ فَلَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ عَنْهُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ نَصْرَانِيًّا لَوْ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ لِمَا أَنَّهُ حَالَةَ التَّحَمُّلِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّحَمُّلِ، فَكَذَا هَهُنَا. (21) قَوْلُهُ: وَبَيْنُونَةُ امْرَأَتِهِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ رَجَعَ أَوْ لَمْ يَرْجِعْ. (22) قَوْلُهُ: وَبُطْلَانُ وَقْفِهِ مُطْلَقًا إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ رَجَعَ أَوْ لَمْ يَرْجِعْ. أَقُولُ: ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ بَحَثَ فِيهَا بِأَنَّ حُبُوطَ أَعْمَالِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي إبْطَالِ ثَوَابِهِ لَا فِي إبْطَالِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْفُقَرَاءِ وَصَارَ إلَيْهِمْ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْطُلَ وَقْفُهُ وَقَدْ جَعَلَهُ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ. قُلْنَا: قَدْ جَعَلَ آخِرَهُ لِلْمَسَاكِينِ وَذَلِكَ قُرْبَةٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمَّا بَطَلَ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بَطَلَ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَطَلَ مَا جَعَلَهُ لِلْمَسَاكِينِ بِارْتِدَادِهِ صَارَ كَأَنَّهُ وَقْفٌ، وَلَمْ يَجْعَلْ آخِرَهُ لِلْمَسَاكِينِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ آخِرُهُ لَهُمْ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يُجِيزُهُ إلَّا بِجَعْلِ آخِرِهِ لَهُمْ وَلَوْ وَقَفَ وَهُوَ مُرْتَدٌّ كَانَ وَقْفُهُ بَاطِلًا (انْتَهَى) . وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ

وَالْمُرْتَدُّ أَقْبَحُ كُفْرًا مِنْ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ 24 - الْإِيمَانُ تَصْدِيقُ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً 25 - الْكُفْرُ تَكْذِيبُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَيْءٍ مِمَّا جَاءَ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَلَا يَكْفُرُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ 26 - إلَّا بِجُحُودِ مَا أَدْخَلَهُ فِيهِ. وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْمُرْتَدُّ أَقْبَحُ كُفْرًا مِنْ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ؛ لِأَنَّهُ شَاهَدَ مَحَاسِنَ الْإِسْلَامِ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ: الْكُفْرُ بَعْدَ إيمَانٍ بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ فَإِنَّهُ لَمْ يُشَاهِدْهُ لِعَمَى بَصِيرَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ كَالشَّمْسِ فِي الظُّهُورِ، {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40] (24) قَوْلُهُ: الْإِيمَانُ تَصْدِيقُ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ إلَخْ أَيْ مِمَّا يُوصَفُ بِالصِّدْقِ، فَلَيْسَ كُلُّ مَا جَاءَ بِهِ يَتَّصِفُ بِالصِّدْقِ حَقِيقَةً، كَمَا فِي حَوَاشِي سَعْدِيٍّ عَلَى الْقَاضِي عِنْدَ قَوْله تَعَالَى فِي سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ {وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [المجادلة: 5] تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ الرَّسُولِ فِيمَا جَاءَ بِهِ حَيْثُ قَالَ: الْأَظْهَرُ مَا فِي الْكَشَّافِ وَصِحَّتُهُ مَا جَاءَ بِهِ فَلَيْسَ كُلُّ مَا جَاءَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوصَفُ بِالصِّدْقِ حَقِيقَةً (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَفِيمَا قَالَهُ خَفَاءٌ وَبَشَاعَةٌ، وَوَجَّهَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ. بَقِيَ الْكَلَامُ فِي أَنَّهُ التَّصْدِيقُ فَقَطْ أَوْ مَعَ الْإِقْرَارِ. أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى الثَّانِي وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (25) الْكُفْرُ تَكْذِيبُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَيْءٍ مِمَّا جَاءَ بِهِ إلَخْ كَإِنْكَارِ الصَّانِعِ جَلَّ وَعَلَا وَنُبُوَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحُرْمَةِ الزِّنَا وَنَحْوِهِ. وَفِيهِ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ غَيْرُ جَامِعٍ إذْ التَّكْذِيبُ يَخْتَصُّ بِالْقَوْلِ وَالْكُفْرُ قَدْ يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ، وَإِنْكَارُ مَا ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ قَدْ يَخْرُجُ عَنْ الضَّرُورِيَّاتِ وَهُوَ كُفْرٌ. (26) قَوْلُهُ: إلَّا بِجُحُودِ مَا أَدْخَلَهُ فِيهِ إلَخْ. وَهُوَ كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ، وَبِهِ سَقَطَ مَا قِيلَ: الظَّاهِرُ أَنَّ فَاعِلَ أَدْخَلَهُ ضَمِيرُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَمِيرُهُ فِيهِ لِمَا جَاءَ بِهِ.

اللَّهُ تَعَالَى فِي الْفَتَاوَى مِنْ أَلْفَاظِ التَّكْفِيرِ يَرْجِعُ إلَى ذَلِكَ وَفِيهِ بَعْضُ اخْتِلَافٍ، لَكِنْ لَا يُفْتَى بِمَا فِيهِ خِلَافٌ. سَبُّ الشَّيْخَيْنِ وَلَعْنِهِمَا كُفْرٌ، وَإِنْ فَضَّلَ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَيْهِمَا فَمُبْتَدِعٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ يَكْفُرُ إذَا أَنْكَرَ خِلَافَتَهُمَا أَوْ أَبْغَضَهُمَا لِمَحَبَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمَا، 27 - وَإِذَا أَحَبَّ عَلِيًّا أَكُثْرَ مِنْهُمَا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ (انْتَهَى) . وَفِي التَّهْذِيبِ ثُمَّ إنَّمَا يَصِيرُ مُرْتَدًّا بِإِنْكَارِ مَا وَجَبَ الْإِقْرَارُ بِهِ، 28 - أَوْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ كَلَامِهِ أَوْ وَاحِدًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ بِالِاسْتِهْزَاءِ (انْتَهَى) . يُقْتَلُ الْمُرْتَدُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (27) قَوْلُهُ: وَإِذَا أَحَبَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَكْثَرَ مِنْهُمَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَا يُؤَاخَذُ بِهِ أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَحَبَّةَ قَدْ تَكُونُ لِأَمْرٍ دِينِيٍّ وَقَدْ تَكُونُ لِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ، فَالْمَحَبَّةُ الدِّينِيَّةُ لَازِمَةٌ لِلْأَفْضَلِيَّةِ فَمَنْ كَانَ أَفْضَلَ كَانَتْ الْمَحَبَّةُ الدِّينِيَّةُ لَهُ أَكْثَرَ فَمَتَى اعْتَقَدْنَا فِي وَاحِدٍ مِنْ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ أَنَّهُ أَفْضَلُ ثُمَّ أَحْبَبْنَا غَيْرَهُ مِنْ جِهَةِ الدِّينِ أَكْثَرَ كَانَتْ تَنَاقُضًا، نَعَمْ إنْ أَحْبَبْنَا غَيْرَ الْأَفْضَلِ أَكْثَرَ مِنْ مَحَبَّةِ الْأَفْضَلِ لِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ كَقَرَابَةٍ وَإِحْسَانٍ وَنَحْوِهِ فَلَا تَنَاقُضَ فِي ذَلِكَ فَمَنْ اعْتَرَفَ بِأَنَّ أَفْضَلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ ثُمَّ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَكِنَّهُ أَحَبَّ عَلِيًّا أَكْثَرَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ مَثَلًا فَإِنْ كَانَتْ مَحَبَّتُهُ الْمَذْكُورَةُ مَحَبَّةً دِينِيَّةً فَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ، إذْ الْمَحَبَّةُ الدِّينِيَّةُ لَازِمَةٌ لِلْأَفْضَلِيَّةِ لِمَا قَرَّرْنَا وَهَذَا لَمْ يَعْتَرِفْ بِأَفْضَلِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ إلَّا بِلِسَانِهِ وَأَمَّا فِي قَلْبِهِ فَهُوَ مُفَضِّلٌ لِعَلِيٍّ لِكَوْنِهِ أَحَبَّهُ مَحَبَّةً دِينِيَّةً زَائِدَةً عَلَى مَحَبَّةِ أَبِي بَكْرٍ وَهَذَا لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ الْمَحَبَّةُ الْمَذْكُورَةُ مَحَبَّةً دُنْيَوِيَّةً لِكَوْنِهِ مِنْ ذُرِّيَّةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي فَلَا امْتِنَاعَ فِيهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. كَذَا حَقَّقَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَا نَظَرْنَا بِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الْإِطْلَاقِ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ وَهُوَ غَيْرُ سَدِيدٍ. (28) قَوْلُهُ: أَوْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى إلَخْ قِيلَ: عَطْفٌ عَلَى إنْكَارٍ لَا عَلَى (مَا) وَقَوْلُهُ بِالِاسْتِهْزَاءِ، مُتَعَلِّقٌ بِلَفْظِ ذِكْرِ. أَقُولُ فِيهِ: أَنَّهُ عَلَى هَذَا كَانَ يَجِبُ أَنْ يَقْرَأَ قَوْلَهُ وَاحِدًا

وَلَوْ كَانَ إسْلَامُهُ بِالْفِعْلِ 30 - كَالصَّلَاةِ بِجَمَاعَةٍ، 31 - وَشُهُودِ مَنَاسِكِ الْحَجِّ مَعَ التَّلْبِيَةِ. إنْكَارُ الرِّدَّةِ تَوْبَةٌ فَإِذَا شَهِدُوا عَلَى مُسْلِمٍ بِالرِّدَّةِ وَهُوَ مُنْكِرٌ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُ لَا لِتَكْذِيبِ الشُّهُودِ الْعُدُولِ، بَلْ؛ لِأَنَّ إنْكَارَهُ تَوْبَةٌ وَرُجُوعٌ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، فَإِنْ قُلْت قَدْ قَالَ قَبْلَهُ وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالرِّدَّةِ مِنْ عَدْلَيْنِ فَمَا فَائِدَتُهُ؟ قُلْت ثُبُوتُ رِدَّتِهِ بِالشَّهَادَةِ وَإِنْكَارِهَا تَوْبَةٌ فَتَثْبُتُ الْأَحْكَامُ الَّتِي لِلْمُرْتَدِّ، وَلَوْ تَابَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْجَرِّ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا أُضِيفَ إلَيْهِ الْمَصْدَرُ، وَهُوَ " ذِكْرِ " وَالثَّابِتُ فِي نُسَخِ هَذَا الْكِتَابِ النَّصْبُ، وَكَذَا فِي عِبَارَةِ التَّهْذِيبِ الَّذِي نُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَحَلِّ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ الْمَصْدَرُ. (29) قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ إسْلَامُهُ بِالْفِعْلِ. بِأَنْ كَانَ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ بِالْفِعْلِ ثُمَّ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى. (30) قَوْلُهُ: كَالصَّلَاةِ بِجَمَاعَةٍ. يَعْنِي فِي الْوَقْتِ وَأَتَمَّهَا مِنْ غَيْرِ إفْسَادٍ، وَأَشَارَ بِالْكَافِّ إلَى عَدَمِ الِانْحِصَارِ فِيمَا ذَكَرَ، فَمِنْ ذَلِكَ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ عِنْدَ سَمَاعِهَا. وَفِي تَقْيِيدِهِمْ الصَّلَاةَ بِالْوَقْتِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ بِجَمَاعَةٍ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا وَقَدْ نَظَمَ الْعَلَّامَةُ عُمَرُ بْنُ نُجَيْمٍ أَخُو الْمُصَنِّفِ مَا يَصِيرُ بِهِ الْكَافِرُ مُسْلِمًا وَمَا لَا يَصِيرُ عَلَى مَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ فَقَالَ: وَكَافِرٌ فِي الْوَقْتِ صَلَّى بِاقْتِدَاءٍ ... مُتَمِّمًا صَلَاتَهُ لَا مُفْسِدًا أَوْ بِالْأَذَانِ مُعْلِنًا فِيهِ أَتَى ... أَوْ قَدْ سَجَدَ عِنْدَ سَمَاعِ مَا أَتَى فَسَلَّمَ لَا بِالصَّلَاةِ مُنْفَرِدْ ... وَلَا الزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ الْحَجُّ زِدْ (31) قَوْلُهُ: وَشُهُودُ مَنَاسِكِ الْحَجِّ مَعَ التَّلْبِيَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ. فَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ صَامَ أَوْ حَجَّ أَوْ أَدَّى الزَّكَاةَ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.

مِنْ حَبَطِ الْأَعْمَالِ وَبُطْلَانِ الْوَقْفِ وَبَيْنُونَةِ الزَّوْجَةِ. وَقَوْلُهُ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُ إنَّمَا هُوَ فِي مُرْتَدٍّ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ فِي الدُّنْيَا، أَمَّا مَنْ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ 33 - كَالرِّدَّةِ بِسَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - 34 - وَالشَّيْخَيْنِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ 35 - وَاخْتَلَفُوا فِي تَكْفِيرِ مُعْتَقِدِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ لِلْوَلِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (32) قَوْلُهُ: مِنْ حَبْطِ الْأَعْمَالِ وَبُطْلَانِ الْوَقْفِ وَبَيْنُونَةِ الزَّوْجَةِ إلَخْ. بَيَانٌ لِلْأَحْكَامِ. (33) قَوْلُهُ: كَالرِّدَّةِ بِسَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَوْلَى تَنْكِيرُ النَّبِيِّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِيمَا سَبَقَ. (34) قَوْلُهُ: وَالشَّيْخَيْنِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَيْ وَكَالرِّدَّةِ بِسَبِّ الشَّيْخَيْنِ. أَقُولُ: قَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ فَلَا تَغْفُل أَيُّهَا النَّبِيهُ (35) قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي تَكْفِيرِ مُعْتَقِدِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ إلَخْ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ: وَسَأَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزَّعْفَرَانِيُّ عَمَّا رُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ رَوَاهُ بِالْبَصْرَةِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِمَكَّةَ أَيَجُوزُ ذَلِكَ؟ فَأَجَابَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مُقَاتِلٍ كَانَ يَذْهَبُ إلَى أَنَّهُ يَكْفُرُ مَنْ يَعْتَقِدُ هَذَا الْجَوَازَ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ الْكَرَامَةِ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْمُعْجِزَاتِ. وَقَالَ: أَمَّا أَنَا أَسْتَجْهِلُهُ وَلَا أُطْلِقُ عَلَيْهِ الْكُفْرَ (انْتَهَى) . قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ مَا ذُكِرَ، أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُكَفَّرَ وَلَا يُسْتَجْهَلَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْكَرَامَاتِ لَا مِنْ الْمُعْجِزَاتِ إذْ الْمُعْجِزَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّحَدِّي وَلَا تَحَدِّيَ هُنَا فَلَا مُعْجِزَةَ، فَعِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ تَجُوزُ الْكَرَامَاتُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (انْتَهَى) . أَقُولُ: مَعْنَى قَوْلِهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْمُعْجِزَاتِ أَيْ مِمَّا لَا يَقَعُ إلَّا مُعْجِزَةً فَلَا يَجُوزُ وُقُوعُهُ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَامَةِ إذْ لَيْسَ كُلُّ مَا يَجُوزُ وُقُوعُهُ مُعْجِزَةً يَجُوزُ وُقُوعُهُ كَرَامَةً، وَذَلِكَ كَوُجُودِ وَلَدٍ بِلَا أَبٍ وَقَلْبِ جَمَادٍ بَهِيمَةً وَإِحْيَاءِ مَيِّتٍ، فَإِنَّهُ مُعْجِزَةٌ وَلَا يَجُوزُ

وَلَا يَكْفُرُ بِقَوْلِهِ لَا أَصْلِيٍّ 37 - إلَّا جُحُودًا. لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعْرِفَةُ اسْمِ أَبِيهِ، 38 - بَلْ يَكْفِي مَعْرِفَةُ اسْمِهِ. وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى بِحَضْرَةِ زَوْجَتِهِ 39 - فَقَالَ كُنْتُ ظَنَنْتُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي السَّمَاءِ كَفَرَ. وَلَا يَكْفُرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوُقُوعُهُ كَرَامَةً كَمَا قِيلَ، يَعْنِي لِاخْتِصَاصِ هَذِهِ الْخَوَارِقِ بِالْأَنْبِيَاءِ. وَالتَّحْقِيقُ وُقُوعُ مَا ذُكِرَ كَرَامَةً وَإِنْ كَانَ مَا جَازَ وُقُوعُهُ مُعْجِزَةً جَازَ وُقُوعُهُ كَرَامَةً مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ. هَذَا وَيُشْكِلُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ بَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْ تَجْوِيزِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ كَرَامَةً فِي إلْحَاقِ ابْنِ الْمَشْرِقِيَّةِ بِالْمَغْرِبِيَّةِ وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ التَّجْوِيزَ عِنْدَهُ عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ لَا الْوُقُوعِ احْتِيَالًا لِثُبُوتِ النَّسَبِ صِيَانَةً لِلْوَلَدِ عَنْ الضَّيَاعِ. وَالْكَلَامُ فِي اعْتِقَادِ جَوَازِ الْوُقُوعِ . (36) قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفُرُ بِقَوْلِهِ لَا أُصَلِّي. فِي الْعِمَادِيَّةِ: مَنْ قَالَ: الْمَكْتُوبَةُ لَا أُصَلِّيهَا إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ رَدًّا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى كَفَرَ، وَإِنْ أَرَادَ حِكَايَةً لَا يَكْفُرُ (انْتَهَى) . وَقَوْلُهُ لِمَكْتُوبَةٍ أَيْ الْقَائِلِ لَهُ: صَلِّ الْمَكْتُوبَةَ. لَكِنَّ الْقَوْلَ إذَا تَعَدَّى بِاللَّامِ كَانَ بِمَعْنَى الْخِطَابِ وَالْمَكْتُوبَةُ لَا تُخَاطَبُ وَإِنَّمَا يُخَاطَبُ بِهَا. (37) قَوْلُهُ: إلَّا جُحُودًا أَيْ إلَّا إذَا قَالَ ذَلِكَ جُحُودًا. (38) قَوْلُهُ: بَلْ يَكْفِي مَعْرِفَةُ اسْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّعْرِيفِ. (39) قَوْلُهُ: قَالَ كُنْت ظَنَنْت أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي السَّمَاءِ كَفَرَ إلَخْ يَعْنِي إنْ كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهَا هَذَا كُفْرٌ وَإِلَّا فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَكْفُرُ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ عُذْرٌ فِي بَابِ الْمُكَفِّرَاتِ وَإِنْ كَانَتْ الْعَامَّةُ عَلَى التَّكْفِيرِ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ فِي كَوْنِ هَذَا مُوجِبًا لِلْكُفْرِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ إثْبَاتُ الْجِهَةِ وَمُثْبِتُهَا مُبْتَدِعٌ لَا كَافِرٌ وَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ الْجِسْمُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ. وَفِي شَرْحِ الشَّافِيَةِ: أَنَّ جَارِيَةً أُرِيدَ بِهَا إعْتَاقُهَا فِي كَفَّارَةٍ فَجِيءَ بِهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَهَا أَيْنَ اللَّهُ فَأَشَارَتْ إلَى السَّمَاءِ فَقَالَ اعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُسْلِمَةٌ .

بِقَوْلِهِ أَنَا فِرْعَوْنُ أَنَا إبْلِيسُ، إلَّا إذَا قَالَ اعْتِقَادِي كَاعْتِقَادِ فِرْعَوْنَ 40 - وَاخْتَلَفُوا فِي كُفْرِ مَنْ قَالَ عِنْدَ الِاعْتِذَارِ كُنْت كَافِرًا فَأَسْلَمْت. 41 - قِيلَ لَهَا أَنْتِ كَافِرَةٌ؛ فَقَالَتْ أَنَا كَافِرَةٌ كَفَرَتْ 42 - اسْتِحْلَالُ اللِّوَاطَةِ بِزَوْجَتِهِ كُفْرٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ 43 - وَيَكْفُرُ بِوَضْعِ رِجْلِهِ عَلَى الْمُصْحَفِ مُسْتَخِفًّا بِهِ وَإِلَّا فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي كُفْرِ مَنْ قَالَ عِنْدَ الِاعْتِذَارِ كُنْت كَافِرًا فَأَسْلَمْت. فِي الْيَتِيمَةِ: سُئِلَ وَالِدِي عَمَّنْ يَعْتَذِرُ إلَى غَيْرِهِ فَيَقُولُ كُنْت كَافِرًا فَأَسْلَمْت فِي ضِمْنِ الِاعْتِذَارِ أَجَابَ: لَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّ هَذَا اسْتِعْمَالٌ لِلْمُبَالَغَةِ لَا لِلتَّحْقِيقِ. قَالَ: رَأَيْت جَوَابَ الْوَبَرِيِّ فِي هَذِهِ أَنَّهُ يَكْفُرُ (انْتَهَى) . أَقُولُ: يَنْبَغِي اعْتِمَادُ الْكُفْرِ لِمَا لَا يَخْفَى. (41) قَوْلُهُ: قِيلَ لَهَا أَنْتِ كَافِرَةٌ فَقَالَتْ أَنَا كَافِرَةٌ كَفَرَتْ يَعْنِي إنْ أَرَادَتْ أَنَّ اعْتِقَادِي اعْتِقَادُ الْكَافِرِ (42) قَوْلُهُ: اسْتِحْلَالُ اللِّوَاطَةِ بِزَوْجَتِهِ يُكَفِّرُ إلَخْ فِي النَّوَادِرِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يُكَفِّرُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَفِي الْمُخْتَارِ يَكْفُرُ مُسْتَحِلُّ غَشَيَانِهَا فِي الْحَيْضِ (43) قَوْلُهُ: يَكْفُرُ بِوَضْعِ رِجْلِهِ عَلَى الْمُصْحَفِ مُسْتَخِفًّا وَإِلَّا فَلَا. فِي الْقُنْيَةِ قَالَ لَهَا ضَعِي رِجْلَك عَلَى الْكُرَّاسَةِ إنْ لَمْ تَكُونِي فَعَلْت ذَلِكَ فَوَضَعَتْ عَلَيْهَا رِجْلَهَا لَا يَكْفُرُ الرَّجُلُ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ التَّخْوِيفُ، وَتَكْفُرُ الْمَرْأَةُ. قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: فَعَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُرَادُهُ التَّخْوِيفُ لَوْ وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى الْمُصْحَفِ حَالِفًا يَتُوبُ وَفِي غَيْرِ الْحَالِفِ اسْتِخْفَافًا يَكْفُرُ. أَقُولُ قَدْ وَقَعَ الِاسْتِفْتَاءُ عَنْ رَجُلٍ مَقْطُوعِ الْيَدَيْنِ يَكْتُبُ الْقُرْآنَ بِأَصَابِعِ رِجْلَيْهِ هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَيَكْفُرُ؟ وَمُقْتَضَى هَذَا الْفَرْعِ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَخِفًّا

الِاسْتِهْزَاءُ بِالْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ كُفْرٌ 45 - وَيَكْفُرُ بِإِنْكَارِ أَصْلِ الْوِتْرِ وَالْأُضْحِيَّةِ 46 - وَبِتَرْكِ الْعِبَادَةِ تَهَاوُنًا أَيْ مُسْتَخِفًّا، وَأَمَّا إذَا تَرَكَهَا مُتَكَاسِلًا أَوْ مُؤَوِّلًا فَلَا. وَهِيَ فِي الْمُجْتَبَى. وَيَكْفُرُ بِادِّعَاءِ عِلْمِ الْغَيْبِ 47 - وَتَكْفُرُ بِقَوْلِهَا لَا أَعْرِفُ اللَّهَ تَعَالَى الِاسْتِهْزَاءُ بِالْأَذَانِ كُفْرٌ لَا بِالْمُؤَذِّنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الِاسْتِهْزَاءُ بِالْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ كُفْرٌ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْمُشْتَقِّ يُؤْذِنُ بِعِلِّيَّةِ مَبْدَأِ الِاشْتِقَاقِ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: الِاسْتِخْفَافُ بِالْعُلَمَاءِ كُفْرٌ، لِكَوْنِهِ اسْتِخْفَافًا بِالْعِلْمِ، وَالْعِلْمُ صِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى مَنَحَهُ فَضْلًا خِيَارَ عِبَادِهِ لِيَدُلُّوا خَلْقَهُ عَلَى شَرْعِهِ نِيَابَةً عَنْ رَسُولِهِ، فَاسْتِخْفَافُهُ بِهَذَا يُعْلَمُ إلَى مَنْ يَعُودُ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فَيُقَيِّدُ هَذَا أَنَّ الِاسْتِخْفَافَ بِالْعُلَمَاءِ لَا لِكَوْنِهِمْ عُلَمَاءَ بَلْ لِكَوْنِهِمْ ارْتَكَبُوا مَا لَا يَجُوزُ، أَوْ مِنْ حَيْثُ الْآدَمِيَّةِ لَيْسَ بِكُفْرٍ وَهُوَ يُفِيدُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ اسْتَخَفَّ بِالْمُؤَذِّنِ مِنْ حَيْثُ الْأَذَانُ يَكْفُرُ (انْتَهَى) . أَقُولُ: فَعَلَى هَذَا يُقَيَّدُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْآتِي (45) قَوْلُهُ: وَيَكْفُرُ بِإِنْكَارِ أَصْلِ الْوِتْرِ إلَخْ أَيْ مَشْرُوعِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهَا ثَابِتَةٌ بِالْإِجْمَاعِ لَا بِالْإِنْكَارِ. وُجُوبُهُ فِي الْقُنْيَةِ: أَنْكَرَ أَصْلَ الْوِتْرِ وَالْأُضْحِيَّةِ كَفَرَ. وَفِي نَظْمِ الزَّنْدَوَسْتِيِّ خِلَافُ هَذَا، فَقَالَ: أَنْكَرَ شَيْئًا مِنْ الْفَرَائِضِ وَلَمْ يَرَهُ حَقًّا مِثْلَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ أَوْ مِنْ الْحَيْضِ أَوْ مِنْ الْوُضُوءِ بَعْدَ الْحَدَثِ، يَكْفُرُ فَيُقْتَلُ وَلَوْ أَنْكَرَ الْأُضْحِيَّةَ فَرْضًا أَوْ صَدَقَةَ الْفِطْرِ لَا يُقْتَلُ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهِ. وَكَذَا إذَا أَنْكَرَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَإِذَا لَمْ يَرَ التَّيَمُّمَ حَقًّا عِنْدَ الْمَرَضِ أَوْ السَّفَرِ يُقْتَلُ. فَلَا تَنَافٍ بَيْنَ قَوْلِ الْحَلْوَانِيِّ فِي إنْكَارِ أَصْلِ الْأُضْحِيَّةِ وَقَوْلِ الزَّنْدَوَسْتِيِّ فِي إنْكَارِ فَرْضِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَفَرْضِيَّتَهَا وَوُجُوبَهَا مُخْتَلَفٌ. (46) قَوْلُهُ: وَبِتَرْكِ الْعِبَادَةِ تَهَاوُنًا أَوْ مُسْتَخِفًّا. كَذَا فِي النُّسَخِ بِأَوْ وَفِيهِ أَنَّ التَّهَاوُنَ هُوَ الِاسْتِخْفَافُ كَمَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَعَطْفُ أَحَدِ الْمُتَرَادِفَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الْوَاوِ (47) قَوْلُهُ: وَتَكْفُرُ بِقَوْلِهَا لَا أَعْرِفُ اللَّهَ تَعَالَى إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إنْ أَرَادَتْ

قَالَ التَّاجِرُ إنَّ الْكُفَّارَ وَدَارَ الْحَرْبِ خَيْرٌ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ لَا يَكْفُرُ إلَّا إذَا أَرَادَ أَنَّ دِينَهُمْ خَيْرٌ 49 - وَلَا يَكْفُرُ بِقَوْلِ الْمُسَلِّمِ عَلَيْهِ إنْ رَدِّيت السَّلَامَ ارْتَكَبْت كَبِيرَةً عَظِيمَةً وَلَا يَكْفُرُ بِقَوْلِهِ: 50 - لَا تُعْجَبْ فَتَهْلَكْ، فَإِنَّ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أُعْجِبَ بِنَفْسِهِ فَهَلَكَ. 51 - وَيَسْتَفْسِرُ فَإِنْ فَسَّرَهُ بِمَا يَكُونُ كُفْرًا كَفَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعْرِفَةُ وُجُودِهِ فَالْكُفْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ أَرَادَتْ أَنَّهَا لَا تَعْرِفُهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ فَفِي الْكُفْرِ نَظَرٌ، كَيْفَ وَقَدْ قَالَ الصِّدِّيقُ الْعَجْزُ عَنْ دَرْكِ الْإِدْرَاكِ إدْرَاكٌ، وَالْبَحْثُ عَنْ كُنْهِ ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى إشْرَاكٌ وَلِلَّهِ دَرُّ الرَّئِيسِ عَلِيِّ بْنِ سِينَا حَيْثُ قَالَ: اعْتِصَامُ الْوَرَى بِمَعْرِفَتِك ... عَجَزَ الْوَاصِفُونَ عَنْ صِفَتِك اُلْطُفْ بِنَا فَإِنَّنَا بَشَرٌ ... مَا عَرَفْنَاك حَقَّ مَعْرِفَتِك أَقُولُ: يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا نُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّهُ قَالَ وَهُوَ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ سُبْحَانَك مَا عَبَدْنَاك حَقَّ عِبَادَتِك، وَلَكِنْ عَرَفْنَاك حَقَّ مَعْرِفَتِك. وَيَحْتَاجُ إلَى الْجَوَابِ عَنْهُ أَقُولُ: الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ مُرَادَهُ مِنْ نَفْيِ حَقِّ الْمَعْرِفَةِ مَعْرِفَتُهُ بِكُنْهِ ذَاتِهِ وَمُرَادُ الْإِمَامِ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَعْرِفَتُهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ بِصِفَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ (48) قَوْلُهُ: قَالَ التَّاجِرُ: إنَّ الْكُفَّارَ وَدَارَ الْحَرْبِ إلَخْ اتَّفَقَ مَشَايِخُنَا أَنَّ مَنْ رَأَى أَمْرَ الْكُفَّارِ حَسَنًا فَقَدْ كَفَرَ، حَتَّى قَالُوا فِي رَجُلٍ قَالَ: تَرَكَ الْكَلَامِ عِنْدَ أَكْلِ الطَّعَامِ حَسَنٌ مِنْ الْمَجُوسِ، أَوْ تَرْكُ الْمُضَاجَعَةِ عِنْدَهُمْ حَالَ الْحَيْضِ حَسَنٌ فَهُوَ كَافِرٌ (49) قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفُرُ بِقَوْلِ الْمُسَلِّمِ عَلَيْهِ إلَخْ يُتَأَمَّلْ فِي وَجْهِ عَدَمِ الْكُفْرِ وَقَوْلُهُ رَدِّيت أَصْلُهُ رَدَدْت. (50) قَوْلُهُ: لَا تُعْجَبْ بِضَمِّ التَّاءِ مِنْ الْإِعْجَابِ مَصْدَرُ أَعْجَبُ وَالْعُجْبُ بِضَمِّ الْعَيْنِ اسْمُ الْمَصْدَرِ مَعْنَاهُ الزَّهْوُ وَالْكِبْرُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. (51) قَوْلُهُ: وَيُسْتَفْسَرُ فَإِنْ فَسَّرَهُ بِمَا يَكُونُ كُفْرًا كَفَرَ. أَقُولُ: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْعَجَبَ الزَّهْوُ وَالْكِبْرُ وَهُوَ كَبِيرَةٌ وَلَيْسَ مُجْمَلًا فِي مَعْنَاهُ حَتَّى يُسْتَفْسَرَ بَلْ مُحْكَمٌ

قِيلَ لَهُ قُلْ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَقَالَ: لَا أَقُولُ لَا يَكْفُرُ، وَلَا يُكَفَّرُ 53 - إنْ قَالَ امْرَأَتِي أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى إنْ أَرَادَ مَحَبَّةَ الشَّهْوَةِ. وَإِنْ أَرَادَ مَحَبَّةَ الطَّاعَةِ كَفَرَ 54 - عِبَادَةُ الصَّنَمِ كُفْرٌ، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا فِي قَلْبِهِ، 55 - وَكَذَا لَوْ سَخِرَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - 56 - أَوْ كَشَفَ عِنْدَهُ عَوْرَتَهُ، وَكَذَا لَوْ صَوَّرَ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِيَسْجُدَ لَهُ، وَكَذَا اتِّخَاذُ الصَّنَمِ لِذَلِكَ، وَكَذَا الِاسْتِخْفَافُ بِالْقُرْآنِ أَوْ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُعَظَّمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قِيلَ: لَهُ قُلْ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَخْ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَقَالَ: لَا أَقُولُ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: يَكْفُرُ. وَقَالَ: بَعْضُهُمْ إنْ عَنَى بِقَوْلِهِ لَا أَقُولُ أَنَّهُ لَا يَقُولُ بِأَمْرِهِ لَا يَكْفُرُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكْفُرُ مُطْلَقًا إذْ ذَكَرَ كَلِمَةَ الْإِخْلَاصِ مَرَّةً (53) قَوْلُهُ: إنْ قَالَ امْرَأَتِي أَحَبُّ إلَيَّ إلَخْ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فَلَا يَكْفُرُ ابْنُ النَّبِيهِ فِي قَوْلِهِ (ع) اللَّهُ أَكْبَرُ لَيْسَ الْحُسْنُ فِي الْعَرَبِ إذَا كَانَ اللَّامُ لِلْعَهْدِ مُرَادًا بِهِ الْحُسْنُ الْمُحَرِّكُ لِلشَّهْوَةِ الَّذِي يَسْتَمِيلُ عُشَّاقَ الصُّوَرِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: إنَّمَا يُتَوَهَّمُ الْكُفْرُ فِي قَوْلِ ابْنِ النَّبِيهِ إذَا كَانَتْ اللَّامُ فِي كُلٍّ مِنْ الْحُسْنِ وَالْعَرَبِ لِلِاسْتِغْرَاقِ لِاقْتِضَاءِ ذَلِكَ سَلْبَ جَمِيعِ الْحُسْنِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَأَمَّا إذَا كَانَ اللَّامُ فِي الْحُسْنِ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَفِي الْعَرَبِ لِلْجِنْسِ فَلَا. وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى الصَّوَابِ. لَكِنَّهُ غَيْرُ مُلَائِمٍ لِسِيَاقِ الْكَلَامِ إذْ سِيَاقُهُ لِأَفْضَلِيَّةِ التُّرْكِ عَلَى الْعَرَبِ مِنْ حَيْثُ الْحُسْنِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ حُسْنٌ. إذَا تَقَرَّرَ هَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هَذَا الْبَعْضُ أَشْبَهُ شَيْءٍ بِالْهَذَيَانِ وَطَنَيْنِ الْأَذَانِ (54) قَوْلُهُ: عِبَادَةُ الصَّنَمِ كُفْرٌ إلَخْ فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ كَفَرَ بِلِسَانِهِ وَقَلْبُهُ عَلَى الْإِيمَانِ يَكُونُ كَافِرًا وَلَا يَكُونُ عِنْدَ اللَّهِ مُؤْمِنًا (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. (56) قَوْلُهُ: أَوْ كَشَفَ عِنْدَهُ عَوْرَتَهُ. أَيْ عِنْدَ ذِكْرِ قَوْلُهُ

وَلَوْ اسْتَعْمَلَ نَجَاسَةً بِقَصْدِ الِاسْتِخْفَافِ فَكَذَلِكَ، 58 - وَكَذَا لَوْ تَزَنَّرَ بِزُنَّارِ الْيَهُودِ وَالنَّصَّارِي دَخَلَ كَنِيسَتَهُمْ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ. وَلَوْ قَالَ كُنْت أَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَلَا أَعْتَقِدُ دِينَهُمْ صُدِّقَ دَيَّانَةً. وَيَكْفُرُ إذَا شَكَّ فِي صِدْقِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ سَبَّهُ أَوْ نَقَّصَهُ. 59 - أَوْ صَغَّرَهُ. 60 - وَفِي قَوْلِهِ مُسَيْجِدٌ خِلَافٌ. 61 - وَالْأَصَحُّ لَا، كَتَمَنِّيه أَنْ لَا يَكُونَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَعَثَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَدَاوَةً. وَلَوْ ظَنَّ الْفَاجِرَ نَبِيًّا فَهُوَ كَافِرٌ لَا كَنَبِيٍّ وَيَكْفُرُ بِنِسْبَةِ الْأَنْبِيَاءِ إلَى الْفَوَاحِشِ كَعَزْمٍ عَلَى الزِّنَا وَنَحْوِهِ فِي يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ لِأَنَّهُ اسْتِخْفَافٌ بِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَعْمَلَ نَجَاسَةً بِقَصْدِ الِاسْتِخْفَافِ أَيْ بِقَصْدِ اسْتِخْفَافِ تَحْرِيمِ اسْتِعْمَالِهَا. (58) قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ تَزَنَّرَ بِزُنَّارِ الْيَهُودِ أَيْ بِقَصْدِ الِاسْتِخْفَافِ بِالْإِسْلَامِ يَكْفُرُ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ خَدِيعَةً فِي الْحَرْبِ وَطَلِيعَةَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَكْفُرُ كَمَا فِي الْبَحْرِ (59) قَوْلُهُ: أَوْ صَغَّرَهُ أَيْ اسْمَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَفَرَ مِنْ سَاعَتِهِ، كَمَا فِي الْفَتَاوَى وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَ لِشَعْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: شُعَيْرٌ، قَالَ: بَعْضُهُمْ يَكْفُرُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكْفُرُ إنْ أَرَادَ بِهِ التَّعْظِيمَ؛ لِأَنَّ التَّصْغِيرَ قَدْ يَكُونُ لِلتَّعْظِيمِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِابْنِ مَسْعُودٍ: «كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلْمًا» وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ قَالَ كَذَا يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْفُرُ (60) قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلِهِ مُسَيْجِدٌ بِتَصْغِيرِ الْمَسْجِدِ خِلَافٌ فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَقُولُوا مُسَيْجِدًا وَلَا مُصَيْحِفًا» . (61) قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ لَا أَيْ لَا يَكْفُرُ وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ قَالَ رُوَيْحُكَ فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ.

وَقِيلَ لَا 63 - وَلَوْ قَالَ لَمْ يَعْصُوا حَالَ النُّبُوَّةِ وَقَبْلَهَا كَفَرَ؛ لِأَنَّهُ رَدَّ النُّصُوصَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا أَيْ لَا يَكْفُرُ يُنْظَرُ وَجْهُ عَدَمِ الْكُفْرِ (63) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لَمْ يَعْصُوا حَالَ النُّبُوَّةِ إلَخْ أَقُولُ: هَذَا مُشْكِلٌ بِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ عَنْ الصَّغَائِرِ وَالْكَبَائِرِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَالنُّصُوصُ الدَّالَّةُ عَلَى ذَلِكَ مَذْكُورَةٌ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ وَأُجِيبَ بِحَمْلِ الْقَوْلِ بِكُفْرِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْقَائِلُ مِنْ الْعَوَامّ الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ إلَّا ظَوَاهِرَ النُّصُوصِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهَا مُؤَوَّلَةٌ وَلَيْسَتْ ظَوَاهِرُهَا بِمُرَادَةٍ فَلَا يَكْفُرُ (انْتَهَى) . أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يُعْذَرُ فِي الْجَهْلِ فِي بَابِ الْمُكَفِّرَاتِ وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى سَبِيلِ الْخَيْرَاتِ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِمَا يُؤَوَّلُ إلَى هَذَا الْجَوَابِ مَعَ قُصُورٍ، فَقَالَ: مُرَادُهُمْ بِقَوْلِهِمْ يَكْفُرُ مَنْ قَالَ: لَمْ يَعْصُوا الْمَعْصِيَةَ الثَّابِتَةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: 121] ؛ لِأَنَّهُ تَكْذِيبٌ لِلنَّصِّ وَيَكْفُرُ مَنْ أَرَادَ بِالْمَعْصِيَةِ الْكَبِيرَ (انْتَهَى) . أَقُولُ: إنَّمَا يَكُونُ تَكْذِيبًا لِلنَّصِّ إذَا قَالَ الْقَائِلُ مِنْ الْعَوَامّ الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ إلَّا ظَوَاهِرَ النُّصُوصِ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْجَهْلَ عُذْرٌ فِي بَابِ الْمُكَفِّرَاتِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَاَللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ السِّرَّ وَالنَّجْوَى، فَلَمْ يَتِمَّ الْجَوَابُ وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى الصَّوَابِ. وَاَلَّذِي قَامَ فِي نَفْسِي وَأَدَّى إلَيْهِ حَدْسِي أَنَّ هَذَا الْفَرْعَ دَخِيلٌ عَلَى أَهْلِ الْمَذْهَبِ إذْ لَا يُظَنُّ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ يَذْهَبُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْمِيمَ سَقَطَتْ مِنْ ثَنَايَا الْأَقْلَامِ فَأَوْجَبَتْ فَسَادَ الْكَلَامِ وَإِنَّ الْأَصْلَ كَانَ وَلَوْ قَالَ الْأَنْبِيَاءُ لَمْ يُعْصَمُوا حَالَ النُّبُوَّةِ وَقَبْلَهَا كَفَرَ؛ لِأَنَّهُ رَدَّ النُّصُوصَ وَالرَّادُّ بِالنُّصُوصِ حِينَئِذٍ الْأَدِلَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى عِصْمَتِهِمْ الْمَذْكُورَةِ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى بُلُوغِ الْمَرَامِ وَقَدْ أَلَّفْنَا فِي تَحْرِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رِسَالَةً سَمَّيْنَاهَا إتْحَافُ الْأَذْكِيَاءِ بِتَحْرِيرِ مَسْأَلَةِ عِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ فَلْيُرَاجِعْهَا مَنْ أَرَادَ، وَاَللَّهُ الْهَادِي لِلسَّدَادِ

إذَا لَمْ يَعْرِفْ أَنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَعْرِفْ أَنَّ مُحَمَّدًا آخِرَ الْأَنْبِيَاءِ فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ يَعْنِي وَالْجَهْلُ بِالضَّرُورِيَّاتِ فِي بَابِ الْمُكَفِّرَاتِ لَا يَكُونُ عُذْرًا بِخِلَافِ غَيْرِهَا، فَإِنَّهُ يَكُونُ عُذْرًا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[كتاب اللقيط واللقطة والآبق والمفقود]

كِتَابُ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ وَالْآبِقِ وَالْمَفْقُودِ 1 - يُجْعَلُ الْجُعْلُ لِرَادِّ الْآبِقِ 2 - إلَّا إذَا رَدَّهُ مِنْ عِيَالِ السَّيِّدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ وَالْآبِقِ وَالْمَفْقُودِ] قَوْلُهُ كِتَابُ اللَّقِيطِ إلَخْ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ الْعَجَبُ مِنْ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ تَرْجَمَ الْأَرْبَعَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ اللَّقِيطِ وَالْمَفْقُودِ وَلَعَلَّهُ لَمْ يُبَيِّضْ الْكِتَابَ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الِانْتِخَابُ (1) قَوْلُهُ: يُجْعَلُ الْجُعْلُ لِرَادِّ الْآبِقِ يَعْنِي إذَا رَدَّ الْآبِقَ مِنْ مَسِيرَةِ السَّفَرِ فَصَاعِدًا وَكَانَ عِنْدَ الْأَخْذِ قَدْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ لَا لِنَفْسِهِ، فَقَدْ وَجَبَ الْجُعْلُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَالْجُعْلُ مَا يُجْعَلُ لِلْعَامِلِ عَلَى عَمَلِهِ، وَإِنْ رَدَّهُ لِأَقَلَّ مِنْ مُدَّةِ السَّفَرِ فَلَهُ مِنْ الْجُعْلِ بِحِسَابِ ذَلِكَ، شَرَطَ ذَلِكَ عَلَى مَوْلَاهُ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَجِبُ الْجُعْلُ لِلرَّادِّ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ عَلَى الْمَوْلَى، وَهُوَ الْقِيَاسُ وَالْإِشْهَادُ عِنْدَ الْأَخْذِ قَوْلُهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي وُجُوبِ الْجُعْلِ إذَا لَمْ يُشْهِدُوا فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ إذَا هَلَكَ وَيَكْفِيه فِي الْإِشْهَادِ أَنْ يَقُولَ: مَنْ سَمِعْتُمُوهُ يَنْشُدُ لُقَطَةً فَدُلُّوهُ عَلَيَّ وَفِي الْخَانِيَّةِ: هَذَا الْخِلَافُ فِي الْإِشْهَادِ فِيمَا إذَا أَمْكَنَهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ عِنْدَ الدَّفْعِ أَوْ خَافَ أَنَّهُ لَوْ أَشْهَدَ يَأْخُذُهُ مِنْهُ الظَّالِمُ، فَتَرَكَ الْإِشْهَادَ لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْمَنْبَعِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ. (2) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا رَدَّهُ مَنْ فِي عِيَالِ السَّيِّدِ اعْلَمْ أَنَّ شَرْطَ اسْتِحْقَاقِ الرَّادِّ الْجُعْلَ أَنْ لَا يَكُونَ الرَّادُّ فِي عِيَالِ الْمَالِكِ، إذْ لَوْ كَانَ الرَّادُّ فِي عِيَالِهِ لَا جُعْلَ لَهُ وَارِثًا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ، لَهُ الْجُعْلُ وَارِثًا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا، إلَّا الْوَلَدَ وَأَحَدَ الزَّوْجَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ بِرَدِّ الْآبِقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ مِنْ الْوَلَدِ يَجْرِي مَجْرَى الْخِدْمَةِ لِأَبِيهِ وَالْوَلَدُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِالْخِدْمَةِ لِأَبِيهِ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ وَلَدَهُ لِيَخْدُمَهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِخِلَافِ الْأَبِ وَكَذَا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ إذَا رَدَّ الْآبِقَ فَقَدْ رَدَّ عَبْدَ نَفْسِهِ لِجَرَيَانِ الِانْتِفَاعِ بَيْنَهُمَا عَادَةً، وَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كُلِّ

أَوْ رَدَّهُ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ مُطْلَقًا 4 - أَوْ الِابْنُ إلَى أَحَدِهِمَا 5 - أَوْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ، أَوْ وَصِيُّ الْيَتِيمِ أَوْ مَنْ يَعُولُهُ أَوْ مَنْ اسْتَعَانَ بِهِ مَالِكُهُ فِي رَدِّهِ إلَيْهِ أَوْ رَدَّهُ السُّلْطَانُ 6 - أَوْ الشِّحْنَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ وَأَمَّا الْأَبُ إذَا كَانَ فِي عِيَالِ وَلَدِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ يَسْتَحِقُّهُ وَلِهَذَا لَوْ خَدَمَ الِابْنَ بِالْإِجَارَةِ وَجَبَ الْأَجْرُ فَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْخِدْمَةِ فَيُحْمَلُ عَلَى طَلَبِ الْأَجْرِ وَعَلَى هَذَا سَائِرُ ذَوِي الْأَرْحَامِ مِنْ الْأَخِ وَالْعَمِّ وَالْخَالِ وَغَيْرِهِمْ إنْ كَانَ الرَّادُّ فِي عِيَالِ الْمَالِكِ لَا جُعْلَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ فَلَهُ الْجُعْلُ وَعَلَى هَذَا الْوَصِيُّ إذَا رَدَّ عَبْدَ الْيَتِيمِ؛ لِأَنَّ حِفْظَ الْمَالِ يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ وَكَذَا كُلُّ مَنْ يَعُولُ صَغِيرًا، وَكَذَا لَا جُعْلَ لِلسُّلْطَانِ إذَا رَدَّ آبِقًا. الْجُمْلَةُ مِنْ الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ وَالْبَدَائِعِ وَالْحَقَائِقِ. (3) قَوْلُهُ: أَوْ رَدَّهُ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي عِيَالِ الِابْنِ أَوْ لَا. أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْأَبَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِ الِابْنِ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا مِنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ، فَلَا وَجْهَ لِهَذَا الْإِطْلَاقِ. (4) قَوْلُهُ: أَوْ الِابْنُ إلَى أَحَدِهِمَا يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ فِي عِيَالِهِ أَوْ لَا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ. (5) قَوْلُهُ: أَوْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ وَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ رَدَّ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ رَدٌّ عَلَى نَفْسِهِ لِجَرَيَانِ الِانْتِفَاعِ بَيْنَهُمَا عَادَةً كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ. (6) قَوْلُهُ: أَوْ الشِّحْنَةُ فِي الْقَامُوسِ: الشِّحْنَةُ بِالْكَسْرِ مَنْ فِيهِ الْكِفَايَةُ لِضَبْطِ الْبَلَدِ مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ (انْتَهَى) . وَفِي ذَيْلِ دُرَّةِ الْغَوَّاصِ لِابْنِ الْجَوَالِيقِيِّ الشِّحْنَةُ بِكَسْرِ الشِّينِ وَلَا تُفْتَحُ اسْمٌ لِلرَّابِطِ مِنْ الْخَيْلِ فِي الْبَلَدِ لِضَبْطِ أَهْلِهِ مِنْ أَوْلِيَاءِ السُّلْطَانِ، وَلَيْسَ بِاسْمِ الْأَمِيرِ كَمَا تَذْهَبُ إلَيْهِ الْعَامَّةُ وَالنِّسْبَةُ مِنْهُ شِحَنِيٌّ وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ عَرَبِيَّةٌ صَحِيحَةٌ وَاشْتِقَاقُهَا

أَوْ الْخَفِيرُ. 8 - فَالْمُسْتَثْنَى عَشْرَةٌ مِنْ إطْلَاقِ الْمُتُونِ 9 - لَوْ أَرَادَ الْمُلْتَقِطُ الِانْتِفَاعَ بِهَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ وَكَانَ غَنِيًّا 10 - لَمْ يَحِلَّ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ شَحَنْت الْبَلَدَ بِالْخَيْلِ أَيْ مَلَأْته (انْتَهَى) . أَقُولُ: اسْتِعْمَالُ الْعَامَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُحَاوَرَاتِ وَالْمُحَاوَرَةُ ضَرْبٌ مِنْ الْمَجَازِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمَجَازَ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ السَّمَاعُ فَارْتَفَعَ النِّزَاعُ فَتَدَبَّرْ. (7) قَوْلُهُ: أَوْ الْخَفِيرُ فِي الْقَامُوسِ الْخَفِيرُ الْمُجَارُ وَالْمُجِيرُ مِنْ خَفَرَهُ أَجَارَهُ وَالْمُرَادُ بِهِ هَهُنَا الْحَارِسُ، وَقَوْلُهُ فِي الْقَامُوسِ الْمُجَارُ وَالْمُجِيرُ يُشِيرُ بِهِ إلَى أَنَّ فَعِيلًا مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ فَيَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِالْقَرِينَةِ. (8) قَوْلُهُ: فَالْمُسْتَثْنَى عَشْرَةٌ إلَخْ أَقُولُ يُزَادُ عَلَيْهَا أَمِيرَ الْقَافِلَةِ إذَا رَدَّ الْآبِقَ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْقُهُسْتَانِيِّ (9) قَوْلُهُ: لَوْ أَرَادَ الْمُلْتَقِطُ الِانْتِفَاعَ بِهَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ إلَخْ تَعْرِيفُ اللُّقَطَةِ هُوَ الْمُنَادَاةُ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْمَسَاجِدِ وَالشَّوَارِعِ: مَنْ ضَاعَ لَهُ شَيْءٌ فَلْيَطْلُبْهُ عِنْدِي؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّعْرِيفِ وُصُولُهُ إلَى الْمَالِكِ، وَالتَّعْرِيفُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ أَبْلُغُ ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي مُدَّةِ التَّعْرِيفِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَعْرِيفُهَا حَوْلًا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَقِيلَ: إنْ بَلَغَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَمَا فَوْقَهَا يُعَرِّفُهَا حَوْلًا وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْنِ فَوْقَ الْعَشَرَةِ يُعَرِّفُهَا شَهْرًا، وَإِنْ كَانَتْ عَشْرَةً يُعَرِّفُهَا جُمُعَةً، وَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ يُعَرِّفُهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَانَ دِرْهَمًا يُعَرِّفُهَا يَوْمًا، وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً تَصَدَّقَ بِهَا مَكَانَهَا، وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا أَكَلَهَا مَكَانَهَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا تُكَمَّلُ مُدَّةُ التَّعْرِيفِ إذَا كَانَتْ اللُّقْطَةُ مِمَّا لَا يَتَسَارَعُ إلَيْهَا الْفَسَادُ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يَتَسَارَعُ إلَيْهَا الْفَسَادُ لَمْ تُكَمَّلْ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْمَقَادِيرِ لَيْسَ بِلَازِمٍ وَيُفَوَّضُ إلَى رَأْيِ الْمُلْتَقِطِ يُعَرِّفُهَا إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَطْلُبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ نَصْبَ الْمَقَادِيرِ لَا يَكُونُ بِالرَّأْيِ (10) قَوْلُهُ: لَمْ يَحِلَّ لَهُ يَعْنِي وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ بَلْ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى أَجْنَبِيٍّ

وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَكَذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ 12 - الصَّبِيُّ فِي الِالْتِقَاطِ كَالْبَالِغِ، 13 - وَالْعَبْدُ كَالْحُرِّ 14 - وَإِنْ رَدَّ الْعَبْدُ الْآبِقَ فَالْجُعْلُ لِمَوْلَاهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ أَبَوَيْهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ بِهَا إنْ كَانَتْ نَفْلًا فَدَفْعُ صَدَقَةِ النَّفْلِ إلَى هَؤُلَاءِ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً فَهُوَ جَائِزَةٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُلْتَقِطَ نَائِبٌ فِي الدَّفْعِ عَنْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ بِدَافِعٍ عَنْ نَفْسِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَجُوزُ لِلْغَنِيِّ صَرْفُهَا إلَى نَفْسِهِ (11) قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَكَذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي إلَخْ يَعْنِي وَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ فَقِيرًا إنْ أَذِنَ الْقَاضِي لَهُ أَنْ يُنْفِقَهَا عَلَى نَفْسِهِ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ وَلَا يَحِلُّ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ بِشْرٌ: يَحِلُّ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ بَاعَهَا الْفَقِيرُ وَأَنْفَقَ الثَّمَنَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ صَارَ غَنِيًّا لَمْ يَتَصَدَّقْ بِمِثْلِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ أَيْضًا: وَمَنْ اتَّخَذَ بُرْجَ حَمَامٍ فَمَا يَأْخُذُ مِنْهُ مِنْ فِرَاخِهَا يَصْرِفُ إلَى نَفْسِهِ فَقِيرًا أَوْ إلَى غَيْرِهِ غَنِيًّا وَحَلَّ شِرَاؤُهُ مِنْ الْفَقِيرِ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْقُهُسْتَانِيِّ (12) قَوْلُهُ: الصَّبِيُّ فِي الِالْتِقَاطِ كَالْبَالِغِ أَيْ فِي صِحَّتِهِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْقُهُسْتَانِيُّ: الْبَالِغُ وَالصَّبِيُّ سَوَاءٌ فِي الضَّمَانِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ، فَإِنْ أَشْهَدَ أَبَاهُ أَوْ وَصِيَّهُ عَرَّفَ ثُمَّ تَصَدَّقَ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ (انْتَهَى) . وَفِي الْقُنْيَةِ: صَبِيٌّ وَجَدَ لُقَطَةً فَأَشْهَدَ أَبَاهُ أَوْ وَصِيَّهُ وَعَرَّفَهَا مُدَّةَ تَعْرِيفِهَا فَلَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا وَفِيهَا وَجَدَ الصَّبِيُّ لُقَطَةً وَلَمْ يُشْهِدْ يَضْمَنُ كَالْبَالِغِ. (13) قَوْلُهُ: وَالْعَبْدُ كَالْحُرِّ أَيْ فِي صِحَّةِ الِالْتِقَاطِ قَالَ فِي النُّقَايَةِ: لَوْ الْتَقَطَ الْعَبْدُ شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ يَجُوزُ عِنْدَك. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعَالَى فِي الْبَحْرِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّعْرِيفُ إلَى مَوْلَاهُ كَالصَّبِيِّ بِجَامِعِ الْحَجْرِ فِيهِمَا أَمَّا الْمَأْذُونُ وَالْمُكَاتَبُ فَالتَّعْرِيفُ إلَيْهِمَا (14) قَوْلُهُ: وَإِنْ رَدَّ الْعَبْدُ الْآبِقَ فَالْجُعْلُ لِمَوْلَاهُ أَيْ وَإِنْ رَدَّ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ الْعَبْدَ الْآبِقَ فَالْجُعْلُ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ وَإِنْ مَلَكَ قُلْت: فَلَوْ كَانَ مَأْذُونًا أَوْ مُكَاتَبًا فَالظَّاهِرُ الْجُعْلُ لَهُ.

إنْ أَشْهَدَ رَادُّ الْآبِقِ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ، انْتَفَى الضَّمَانُ عَنْهُ وَاسْتَحَقَّ الْجُعْلَ 16 - وَإِلَّا فَلَا فِيهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (15) قَوْلُهُ: إنْ أَشْهَدَ رَادُّ الْآبِقِ إلَخْ مَسْأَلَةٌ مُبْتَدَأَةٌ فَكَانَ الْأَوْلَى إنْ يَأْتِيَ بِوَاوِ الِاسْتِئْنَافِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (16) قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا فِيهِمَا أَيْ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ لَمْ يَنْتَفِ الضَّمَانُ عَنْهُ وَلَمْ يَسْتَحِقَّ الْجُعْلَ وَقَوْلُهُ فِيهِمَا أَيْ فِي انْتِفَاءِ الضَّمَانِ وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْجُعْلِ

[كتاب الشركة]

كِتَابُ الشَّرِكَةِ 1 - الْفَتْوَى عَلَى جَوَازِهَا بِالْفُلُوسِ. 2 - التِّبْرُ لَا يَصْلُحُ إلَّا فِي مَوْضِعٍ يَجْرِي مَجْرَى النُّقُودِ 3 - لِلْمُفَاوِضِ الْعَقْدُ مَعَ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الشَّرِكَةِ] قَوْلُهُ: الْفَتْوَى عَلَى جَوَازِهَا بِالْفُلُوسِ يَعْنِي النَّافِقَةَ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَالْمَشْهُورُ مِنْ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ كَمَا فِي الْمُغْنِي وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَقَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْمَبْسُوطِ: إنَّهَا تَصِحُّ بِهِ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَثْمَانًا بِاصْطِلَاحِ النَّاسِ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْقُهُسْتَانِيِّ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ عَلَى جَوَازِهَا يَرْجِعُ لِلشَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي التَّرْجَمَةِ بِمَعْنَى الشَّرِكَةِ فِي أَمْوَالٍ لَا بِمَعْنَى مُطْلَقِ الشَّرِكَةِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِخْدَامِ. (2) قَوْلُهُ: التِّبْرُ لَا يَصْلُحُ إلَّا فِي مَوْضِعٍ يَجْرِي مَجْرَى النُّقُودِ أَيْ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مِنْ النُّقُودِ فِي الشَّرِكَةِ بِالْأَمْوَالِ إلَّا بِاصْطِلَاحِ النَّاسِ وَالتِّبْرُ جَوْهَرُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَبْلَ الضَّرْبِ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِهِمَا مِنْ الْمَعْدِنِيَّاتِ كَالنُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَأَكْثَرُ اخْتِصَاصِهِ بِالذَّهَبِ: وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ فِي الذَّهَبِ حَقِيقَةً وَفِي غَيْرِهِ مَجَازًا كَمَا قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ وَمَعْنَى جَرَيَانِهِ مَجْرَى النُّقُودِ أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ مَوْكُولٌ إلَى تَعَامُلِ النَّاسِ فَإِنْ كَانُوا يَتَعَامَلُونَهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْأَثْمَانِ الْمُطْلَقَةِ فَتَجُوزُ الشَّرِكَةُ بِهِ، وَإِلَّا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْعُرُوضِ فَلَا تَجُوزُ فِيهِ الشَّرِكَةُ وَذَكَرَ فِي النُّقَايَةِ النُّقْرَةَ فَقَالَ: وَالتِّبْرُ وَالنُّقْرَةُ إنْ تَعَامَلَ النَّاسُ بِهِمَا وَالنُّقْرَةُ الْقِطْعَةُ الْمُذَابَةُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِهِمَا لَكِنَّ الْمُرَادَ بِالنُّقْرَةِ غَيْرُ الْمَضْرُوبَةِ فَهِيَ مُسْتَدْرَكَةٌ بِالتِّبْرِ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعَالَى تَبَعًا لِصَاحِبِ الْكَافِي (3) قَوْلُهُ: لِلْمُفَاوِضِ الْعَقْدُ مَعَ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ: بَيْعُ الْمُفَاوِضِ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ يَنْفُذُ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ أَمَّا الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ فَلَا يَنْفُذُ عِنْدَهُ (انْتَهَى) . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَيْعَ لَيْسَ قَيْدًا فِي كَلَامِ الْبَزَّازِيَّةِ. بَقِيَ الْكَلَامُ فِي أَنَّ الْمُفَاوِضَ هَلْ هُوَ قَيْدٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

لَا تَجُوزُ شَرِكَةُ الْقُرَّاءِ وَالْوُعَّاظِ 5 - وَالدَّلَّالِينَ 6 - وَالشَّحَّاذِينَ 7 - وَأُلْحِقَتْ بِهِمْ الشُّهُودُ فِي الْمَحَاكِمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا تَجُوزُ شَرِكَةُ الْقُرَّاءِ إلَخْ أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا إذْ لَا امْتِنَاعَ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ وَالْعَنَانِ مِنْهُمْ وَقَدْ صُرِّحَ بِعَدَمِ جَوَازِ شَرِكَةِ الْقُرَّاءِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ جَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُفْتَى بِهِ فَلَا أَقُولُ إنَّمَا لَمْ تَصِحَّ شَرِكَةُ الْقُرَّاءِ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ وَالْوَكَالَةُ بِالْقِرَاءَةِ لَا تَصِحُّ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالشَّرِكَةُ فِي الْقِرَاءَةِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَالْمُتَأَخِّرِينَ، وَفِي الْقُنْيَةِ لَا تَجُوزُ شَرِكَةُ الْقُرَّاءِ فِي الْقِرَاءَةِ بِالزَّمْزَمَةِ فِي الْمَجَالِسِ وَالتَّعَازِي؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ عَلَيْهِمْ (انْتَهَى) . وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهَا بِغَيْرِ الزَّمْزَمَةِ تَصِحُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (5) قَوْلُهُ: وَالدَّلَّالِينَ أَقُولُ فِي شَرِكَةِ الدَّلَّالِينَ خِلَافٌ، فَفِي الْكَافِي إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا تَصِحُّ وَقَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ إنَّهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَفِي الْكَافِي إشَارَةٌ أَيْضًا إلَى أَنَّ شَرِكَةَ الْحَمَّالِينَ صَحِيحَةٌ، كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْقُهُسْتَانِيِّ أَقُولُ: عَلَى قِيَاسِ إشَارَةِ الْكَافِي فِي الْحَمَّالِينَ يَنْبَغِي أَنْ تَجُوزَ شَرِكَةُ الْكَيَّالِينَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي ثَلَاثَةِ نَفَرٍ مِنْ الْكَيَّالِينَ اشْتَرَكُوا عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلُوا الطَّعَامَ وَيَكِيلُوا فَمَا أَصَابُوا مِنْ شَيْءٍ كَانَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا فَتَقَبَّلُوا طَعَامًا بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَمَرِضَ رَجُلٌ مِنْهُمْ وَعَمِلَ الْآخَرَانِ قَالَ: الْأَجْرُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَلَوْ نَقَضَاهُ الشَّرِكَةَ، ثُمَّ كَالْآكِلَةِ فَلَهُمَا ثُلُثَا الْأَجْرِ وَلَا أَجْرَ لَهُمَا فِي ثُلُثِ الْبَاقِي وَهُمَا مُتَطَوِّعَانِ فِي كَيْلِهِ لَا يُشْرِكُهُمَا الثَّالِثُ فِيمَا أَخَذَ مِنْ الْأُجْرَةِ (6) قَوْلُهُ: وَالشَّحَّاذِينَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ شَحَّاذٍ: السَّائِلُ. قَالَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَلَا تَجُوزُ شَرِكَةُ السُّؤَالِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ فِي السُّؤَالِ لَا تَصِحُّ يَعْنِي لِأَنَّ شَرْطَ جَوَازِ الشَّرِكَةِ أَنْ يَكُونَ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ عَقْدُ الشَّرِكَةِ قَابِلًا لِلْوَكَالَةِ حَتَّى أَنَّ مَا لَا تَصِحُّ فِيهِ الْوَكَالَةُ لَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ. (7) قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَتْ بِهِمْ الشُّهُودُ فِي الْمَحَاكِمِ أَقُولُ: فِي مُفِيدِ النِّعَمِ وَمُبِيدِ النِّقَمِ

وَإِنْ شَرَطَا الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ يَصِحُّ الشَّرْطُ وَيَكُونُ مَالُ الدَّافِعِ عِنْدَ الْعَامِلِ مُضَارَبَةً، وَلَوْ شَرَطَا الرِّبْحَ لِلدَّافِعِ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ، وَيَكُونُ مَالُ الدَّافِعِ عِنْدَ الْعَامِلِ بِضَاعَةً 9 - وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأْسُ مَالِهِ، كَمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. 10 - إذَا عَمِلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ دُونَ الْآخَرِ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا، 11 - بِخِلَافِ مَا إذَا تَقَبَّلَ ثَلَاثَةٌ عَمَلًا مِنْ غَيْرِ عَقْدِ شَرِكَةٍ فَعَمِلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلتَّاجِ السُّبْكِيّ فِي الْمَثَلِ الثَّانِي وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ كَلَامٍ: وَقِسْمَةُ الشُّهُودِ مَا يَتَحَصَّلُ لَهُمْ فِي الْحَانُوتِ شَرِكَةُ أَبْدَانٍ وَهِيَ غَيْرُ جَائِزَةٍ (8) قَوْلُهُ: وَإِنْ شَرَطَا الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ إلَخْ قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ، وَنَصُّ عِبَارَةِ الْكَنْزِ وَشَرْحِهِ: وَتَصِحُّ أَيْ الشَّرِكَةُ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْمَالِ دُونَ الرِّبْحِ وَعَكْسِهِ، وَهُوَ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الرِّبْحِ دُونَ الْمَالِ، وَمَعْنَاهُ إنْ شَرَطَا الْأَكْثَرَ لِلْعَامِلِ مِنْهُمَا أَوْ لِأَكْثَرِهِمَا عَمَلًا جَازَ، وَإِنْ شَرْطَاهُ لِلْقَاعِدِ أَوْ لِأَقَلِّهِمَا عَمَلًا فَلَا يَجُوزُ وَهَذَا فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ وَأَمَّا شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ فَيُشْتَرَطُ التَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ لَا يَفْضُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (9) قَوْلُهُ: وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأْسُ مَالِهِ أَقُولُ: الصَّوَابُ رِبْحُ مَالِهِ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ (10) قَوْلُهُ: إذَا عَمِلَ: أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ دُونَ الْآخَرِ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ إلَخْ إنَّمَا كَانَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الرِّبْحِ بِحُكْمِ الشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ لَا الْعَمَلِ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي آخِرِ فَصْلِ مَا يَكُونُ لِلشَّرِيكِ وَقَوْلُهُ بِعُذْرٍ لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِالْفِعْلِ الْمَذْكُورِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَيْسَ ثَمَّ غَيْرُهُ يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِهِ، وَحِينَئِذٍ فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَيَسْتَوِي أَنْ يَمْتَنِعَ الْآخَرُ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَرْتَفِعُ بِمُجَرَّدِ امْتِنَاعِهِ. (11) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا تَقَبَّلَ ثَلَاثَةٌ عَمَلًا إلَخْ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: ثَلَاثَةُ نَفَرٍ تَقَبَّلُوا مِنْ رَجُلٍ عَمَلًا بَيْنَهُمْ، وَلَيْسُوا شُرَكَاءَ، ثُمَّ عَمِلَ أَحَدُهُمْ ذَلِكَ الْعَمَلَ بِانْفِرَادِهِ فَلَهُ

أَحَدُهُمْ، كَانَ لَهُ ثُلُثُ الْأَجْرِ وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرَيْنِ. 12 - مَا أَشْتَرَيْت الْيَوْمَ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَك؟ فَقَالَ: نَعَمْ. جَازَ، وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَقَالَ أَشْرِكْنِي فِيهِ فَقَالَ قَدْ أَشْرَكْتُك فِيهِ جَازَ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ قَبْضِهِ. 13 - نَهَى أَحَدُهُمَا شَرِيكَهُ عَنْ الْخُرُوجِ وَعَنْ بَيْعِ النَّسِيئَةِ جَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQثُلُثُ الْأَجْرِ وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي الثُّلُثَيْنِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ صَاحِبَ الْعَمَلِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَهُمْ بِجَمِيعِ ذَلِكَ الْعَمَلِ (انْتَهَى) . وَبِهِ يَتَّضِحُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ مُتَعَلِّقٌ. (12) قَوْلُهُ: مَا اشْتَرَيْت الْيَوْمَ مِنْ شَيْءٍ إلَخْ فِي الْخَانِيَّةِ: وَكَذَا لَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ ذَلِكَ جَازَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ شَرِكَةٌ فِي الشِّرَاءِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَبِيعَ حِصَّةَ صَاحِبِهِ مِمَّا اشْتَرَاهُ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ، يَعْنِي لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي الشِّرَاءِ لَا الْبَيْعِ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَك، كَانَ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الْأُولَى شَرِكَةٌ وَالثَّانِي تَوْكِيلٌ وَالتَّوْكِيلُ بِالشِّرَاءِ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ نَوْعًا فَيَقُولُ عَبْدًا خُرَاسَانِيًّا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ (انْتَهَى) . وَفِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ: رَجُلٌ اشْتَرَى شَيْئًا فَقَالَ الْآخَرُ أَشْرِكْنِي فِيهِ، فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَى فِي النِّصْفِ وَالتَّوْلِيَةُ أَنْ يُجْعَلَ كُلُّهُ لَهُ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَى فَإِنْ كَانَ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ جَازَ وَيَلْزَمُهُ نِصْفُ الثَّمَنِ إنْ عَلِمَ مِقْدَارَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَهُوَ بِالْخِيَارِ، يَعْنِي إذَا لَمْ يَعْلَمْ حَالَ الْعَقْدِ وَعَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْقُصُورِ (13) قَوْلُهُ: نَهَى أَحَدُهُمَا شَرِيكَهُ عَنْ الْخُرُوجِ وَعَنْ بَيْعِ النَّسِيئَةِ جَازَ أَيْ يَصِحُّ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ النَّسِيئَةِ وَعَنْ الْخُرُوجِ مِنْ الْمِصْرِ الَّذِي عَيَّنَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ، فَلَوْ بَاعَ نَسِيئَةً أَوْ خَرَجَ عَنْ الْمِصْرِ وَبَاعَ ضَمِنَ. وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي: وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا فِي الْعَقْدِ بِعْ بِالنَّقْدِ وَلَا تَبِعْ بِالنَّسِيئَةِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ بَعْضُهُمْ جَوَّزُوا ذَلِكَ وَبَعْضُهُمْ لَمْ يُجَوِّزُوا ذَلِكَ (انْتَهَى) . وَعَلَى الثَّانِي مَشَى الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ

لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا السَّفَرُ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ فَإِنْ سَافَرَ فَهَلَكَ لَمْ يَضْمَنْ فِيمَا لَا حَمْلَ لَهُ وَلَا مُؤْنَةَ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا. 15 - تُكْرَهُ الشَّرِكَةُ مَعَ الذِّمِّيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا السَّفَرُ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ إلَخْ فِي الْبَدَائِعِ وَهَلْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُسَافِرَ بِالْمَالِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَالصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ وَالْمُضَارِبِ أَنْ يُسَافِرَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ إلَى مَوْضِعٍ لَا يَبِيتُ عَنْ مَنْزِلِهِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِمَا لَا حَمْلَ لَهُ وَلَا مُؤْنَةَ وَلَا يُسَافِرُ بِمَا لَهُ حَمْلٌ. وَجْهُ الظَّاهِرِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ إنَّ السَّفَرَ خَطَرٌ فَلَا يَجُوزُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الَّتِي فَرَّقَ فِيهَا بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ أَنَّهُ إذَا كَانَ قَرِيبًا بِحَيْثُ لَا يَبِيتُ عَنْ مَنْزِلِهِ كَانَ فِي حُكْمِ الْمِصْرِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الَّتِي فَرَّقَ فِيهَا بَيْنَ مَا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَمَا لَا حَمْلَ لَهُ أَنَّ مَا لَهُ حَمْلٌ إذَا احْتَاجَ شَرِيكُهُ إلَى رَدِّهِ يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا مُؤْنَةَ تَلْزَمُهُ فِيمَا لَا حَمْلَ لَهُ، وَوَجْهُ قَوْلِ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّ الْإِذْنَ بِالتَّصَرُّفِ يَثْبُتُ مُقْتَضًى لِلشَّرِكَةِ وَأَنَّهَا صَدَرَتْ مُطْلَقَةً عَنْ الْمَكَانِ، وَالْمُطْلَقُ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ (انْتَهَى) . وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ تَفْرِيعًا عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنْ سَافَرَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، فِيمَا لَا حَمْلَ لَهُ وَلَا مُؤْنَةَ وَيَضْمَنُ مَا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ، وَاشْتَرَى بَعْدَ السَّفَرِ وَرَبِحَ أَوْ وَضَعَ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ لَهُ قَالَ لَكِنِّي أَتْرُكُ الْقِيَاسَ فَإِنْ هَلَكَ ضَمِنَ، وَإِنْ رَبِحَ فَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ فِي الْأَمْوَالِ كُلِّهَا لَا فِي الْمَالِ مُفَاوَضَةً أَوْ عَنَانًا فَلَهُ أَنْ يُسَافِرَ (انْتَهَى) . وَالْمُرَادُ بِمَا لَا حَمْلَ لَهُ مَا يُحْمَلُ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي بِلَا أُجْرَةٍ وَقِيلَ: مَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ كَمَا فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى. (15) قَوْلُهُ: تُكْرَهُ الشَّرِكَةُ مَعَ الذِّمِّيِّ أَيْ شَرِكَةُ الْمُسْلِمِ مَعَ الذِّمِّيِّ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَيُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُشَارِكَ الذِّمِّيَّ وَلَوْ شَارَكَهُ شَرِكَةَ عَنَانٍ جَازَ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ (انْتَهَى) . وَقَوْلُهُ جَازَ صَحَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ عَنَانًا جَازَ أَنَّ شَرِكَةَ الْمُفَاوَضَةِ لَا تَجُوزُ مَعَهُ (انْتَهَى) . لِاشْتِرَاطِ الْمُسَاوَاةِ فِيهَا دَيْنًا وَهَذَا عِنْدَ الْجَبْرِيِّينَ وَقَالَ

اخْتَلَفَ رَبُّ الْمَالِ مَعَ الْمُضَارِبِ فِي التَّقْيِيدِ وَالْإِطْلَاقِ، فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQأَبُو يُوسُفَ: تَجُوزُ بَيْنَهُمَا كَمَا يَجُوزُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتُكْرَهُ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْأَصْلِ لِأَبِي سُلَيْمَانَ الْجُرْجَانِيِّ قُلْت: فَعَلَى هَذَا يَكُونُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - جَارِيًا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ خِلَافُ الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَنَصُّ عِبَارَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ: وَلَوْ تَفَاوَضَ ذِمِّيٌّ وَمُسْلِمٌ فَهِيَ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ الذِّمِّيَّ مَا لَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ. أَلَا تَرَى أَنَّ الذِّمِّيَّ لَوْ اشْتَرَى خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا لَمْ يَلْزَمْ الْمُسْلِمَ وَلَوْ بَاعَهُ بَعْدَمَا اشْتَرَاهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِ فِي ثَمَنِهِ شَرِكَةٌ، وَلَوْ اشْتَرَى الذِّمِّيُّ شَيْئًا مِنْ الذِّمِّيِّ بِخَمْرٍ مُسَمَّاةٍ مُؤَجَّلَةٍ جَازَ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى شَرِيكِهِ الْمُسْلِمِ وَتَكُونُ شَرِكَةَ عَنَانٍ وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا امْرَأَةً وَهَذَا عِنْدَ الْجَبْرِيِّينَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: تَجُوزُ بَيْنَهُمَا كَمَا تَجُوزُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَتُكْرَهُ (انْتَهَى) . وَبِهِ يَتَّضِحُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعَالَى مِنْ الْخَلَلِ وَاَللَّهُ الْهَادِي لِلسَّدَادِ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ (16) قَوْلُهُ: اخْتَلَفَ رَبُّ الْمَالِ مَعَ الْمُضَارِبِ فِي الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ أَقُولُ: الصَّوَابُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْإِطْلَاقِ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْعُمُومَ بِأَنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْمُضَارَبَةَ فِي جَمِيعِ التِّجَارَةِ أَوْ فِي عُمُومِ الْأَمْكِنَةِ أَوْ مَعَ عُمُومِ الْأَشْخَاصِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي الْعُمُومَ يُوَافِقُ الْمَقْصُودَ بِالْعَقْدِ، إذْ الْمَقْصُودُ وَهُوَ الرِّبْحُ، وَهَذَا الْمَقْصُودُ فِي الْعُمُومِ أَوْفَرُ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْإِطْلَاقَ، حَتَّى لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ أَذِنْت لَك أَنْ تَتَّجِرَ فِي الْحِنْطَةِ دُونَ مَا سِوَاهَا وَقَالَ الْمُضَارِبُ مَا سَمَّيْت لِي تِجَارَةً بِعَيْنِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُضَارِبِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ أَقْرَبُ إلَى الْمَقْصُودِ بِالْعَقْدِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ فِي الْفَصْلَيْنِ فَإِنْ قَامَتْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي الْخُصُوصَ فِي دَعْوَى الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ، وَفِي دَعْوَى الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي التَّقْيِيدَ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ زِيَادَةَ قَيْدٍ، وَبَيِّنَةُ الْإِطْلَاقِ سَاكِتَةٌ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْخُصُوصِ لَكِنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ الْخَاصِّ بِأَنْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ دَفَعْت الْمَالَ إلَيْك مُضَارَبَةً فِي الْبُرِّ وَقَالَ الْمُضَارِبُ فِي الطَّعَامِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّرْجِيحُ هَهُنَا بِالْمَقْصُودِ مِنْ الْعَقْدِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي ذَلِكَ فَتَرْجِعُ بِالْإِذْنِ وَأَنَّهُ اسْتَفَادَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ

وَفِي الْوَكَالَةِ الْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ. 18 - وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَوْلَى مَعَ غُرَمَاءِ الْعَبْدِ فَالْقَوْلُ لَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَةً فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ مُثْبِتَةٌ وَبَيِّنَةُ رَبِّ الْمَالِ نَافِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِثْبَاتِ وَالْمُضَارِبُ يَحْتَاجُ لَهُ لِدَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ، فَالْبَيِّنَةُ الْمُثْبِتَةُ لِلزِّيَادَةِ أَوْلَى (انْتَهَى) . هَذَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَا مَحَلَّ لِذِكْرِهَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الشَّرِكَةِ لَا فِي الْمُضَارَبَةِ إنْ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ مُتَضَمَّنَةً لِلشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ. (17) قَوْلُهُ: وَفِي الْوَكَالَةِ الْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ أَقُولُ: الصَّوَابُ لِمُدَّعِي التَّقْيِيدِ مُوَكِّلًا كَانَ أَوْ وَكِيلًا؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْوَكَالَةِ، وَلِهَذَا لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ نَسِيئَةً فَقَالَ الْمُوَكِّلُ أَمَرْتُك بِنَقْدٍ وَقَالَ الْوَكِيلُ أَطْلَقْتَ، صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ (18) قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَوْلَى مَعَ غُرَمَاءِ الْعَبْدِ فَالْقَوْلُ لَهُمْ. أَقُولُ فِي الْعِبَارَةِ إيهَامٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ مَا وَقَعَ فِيهِ الِاخْتِلَافُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ، فَلَوْ قَالَ الْمَوْلَى أَذِنْت لَهُ فِي بَيْعِ الْبُرِّ فَقَطْ وَقَالَ الْغُرَمَاءُ فِي الْبَيْعِ مُطْلَقًا صُدِّقَ الْغُرَمَاءُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِذْنِ الْإِطْلَاقُ وَعَدَمُ التَّقْيِيدِ

[كتاب الوقف]

كِتَابُ الْوَقْفِ 1 - وَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْمَصَالِحِ فَهِيَ لِلْإِمَامِ وَالْخَطِيبِ وَالْقَيِّمِ وَشِرَاءِ الدُّهْنِ وَالْحَصِيرِ. 2 - وَالْمَرَاوِحُ كَذَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ. 3 - كُلُّ مَنْ بَنَى فِي أَرْضِ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْوَقْفِ] قَوْلُهُ: وَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْمَصَالِحِ فَهِيَ لِلْإِمَامِ إلَخْ أَيْ الْإِمَامِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ فَيُجْعَلُ الْعَطْفُ سَابِقًا عَلَى الرَّبْطِ حَتَّى يَصِحَّ الْإِخْبَارُ ثُمَّ مَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الْحَصِيرِ لَيْسَ فِي كَلَامِ ابْنِ وَهْبَانَ فَإِنَّهُ قَالَ: وَيَدْخُلُ فِي وَقْفِ الْمَصَالِحِ قَيِّمٌ ... إمَّا خَطِيبٌ وَالْمُؤَذِّنُ يَعْبُرُ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ: وَهِيَ مِنْ الْغَرَائِبِ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا هَذَا الْكِتَابُ وَلَمْ أَرَ مُصَرَّحًا بِهَا فِي غَيْرِهِ بَعْدَ تَطَلُّبٍ كَثِيرٍ جِدًّا، لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْخَطِيبَ فِيهِمْ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ فِي الْجَامِعِ نَظِيرُ مَنْ ذَكَرَ فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ عَدَّ غَيْرَ هَذَا مِنْ الْمَصَالِحِ (2) قَوْلُهُ: وَالْمَرَاوِحُ إلَخْ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ وَهْبَانَ الْمَرَاوِحَ بَلْ كَلَامُهُ فِي شَرْحِهِ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ صَرَّحَ بِعَدَمِ كَوْنِهَا مِنْ الْمَصَالِحِ فَمَا ذَكَرَهُ هُنَا خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ دُونَ الْمَرَاوِحِ قَالَ الْحَاوِي: الْحَصِيرُ وَالزَّيْتُ مِنْ الْمَصَالِحِ دُونَ الْمَرَاوِحِ (3) قَوْلُهُ: كُلُّ مَنْ بَنَى فِي أَرْضِ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ فَهُوَ لِمَالِكِهَا قِيلَ: هَذَا إذَا أَطْلَقَ أَوْ عَيَّنَهُ لِلْمَالِكِ، فَلَوْ عَيَّنَهُ لِنَفْسِهِ فَهُوَ لَهُ وَيَكُونُ مُسْتَعِيرًا لِلْأَرْضِ فَيُكَلِّفُهُ قَلْعَهُ مَتَى شَاءَ، فَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ فِي الْمُشْتَرَكِ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَيَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ إذَا أَطْلَقَ أَوْ عَيَّنَاهُ لِلشَّرِكَةِ وَإِنْ عَيَّنَاهُ لِلِبَانِي فَهُوَ لَهُ وَيُجْعَلُ مُسْتَعِيرًا لِحِصَّةِ شَرِيكِهِ فِي الْأَرْضِ، وَمَتَى شَاءَ كَلَّفَهُ الْقَلْعَ إلَّا إذَا طَلَبَا الْقِسْمَةَ أَوْ طَلَبَهَا أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يُقَسِّمُهُ، فَإِنْ وَقَعَ الْبِنَاءُ فِي حِصَّةِ الْبَانِي فِيهَا وَإِلَّا فَإِنْ وَقَعَ فِي حَظِّ شَرِيكِهِ يُرْفَعُ وَإِنْ وَقَعَ بَعْضُهُ فِي حَظِّهِ وَبَعْضُهُ فِي حَظِّ

فَالْبِنَاءُ لِمَالِكِهَا، وَلَوْ بَنَى لِنَفْسِهِ بِلَا أَمْرِهِ فَهُوَ لَهُ، وَلَهُ رَفْعُهُ إلَّا أَنْ يَضُرَّ بِالْأَرْضِ وَأَمَّا الْبِنَاءُ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ؛ فَإِنْ كَانَ الْبَانِي الْمُتَوَلِّي عَلَيْهِ، 5 - فَإِنْ كَانَ بِمَالِ الْوَقْفِ 6 - فَهُوَ وَقْفٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِهِ لِلْوَقْفِ أَوْ أَطْلَقَ فَهُوَ وَقْفٌ، 7 - وَإِنْ كَانَ لِنَفْسِهِ فَهُوَ لَهُ، 8 - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَلِّيًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآخَرِ فَمَا وَقَعَ فِي حَظِّهِ فَلَا كَلَامَ فِيهِ وَمَا وَقَعَ فِي حَظِّ غَيْرِهِ يُرْفَعُ، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ: بَنَى أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ فَطَلَبَ رَفْعَ بِنَائِهِ قُسِّمَ، فَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْبَانِي فِيهَا وَإِلَّا هُدِمَ وَإِنْ بَنَى لِغَيْرِهِ وَلِغَيْرِ الْمَالِكِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا بَنَاهُ لِنَفْسِهِ مِنْ وُجُوبِ الرَّفْعِ إذَا طَلَبَهُ الْمَالِكُ وَقَدْ اسْتَنْبَطَ هَذِهِ الْأَحْكَامَ مِنْ كَلَامِهِمْ وَلَمْ أَرَ هَذَا الِاسْتِقْصَاءَ لِأَحَدٍ مِنْ عُلَمَائِنَا وَإِنْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ فَاغْتَنَمْته. (4) قَوْلُهُ: فَالْبِنَاءُ لِمَالِكِهَا إلَخْ أَيْ الْأَرْضُ. سَكَتَ عَنْ الرُّجُوعِ عَلَى الْأَمْرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا بَنَى فِي الْوَقْفِ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي. (5) قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِمَالِ الْوَقْفِ أَيْ الْمُتَوَلِّي بَنَى مِنْ مَالِ الْوَقْفِ. (6) قَوْلُهُ: فَهُوَ وَقْفٌ إلَخْ. قِيلَ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُطْلَقٌ، سَوَاءٌ بَنَاهُ لِلْوَقْفِ أَوْ أَطْلَقَ أَوْ عَيَّنَهُ لِنَفْسِهِ إذْ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَبْنِيَ لِنَفْسِهِ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ بِمَالِ الْوَقْفِ فَيَقَعُ لِلْوَقْفِ وَإِنْ عَيَّنَهُ لِنَفْسِهِ (انْتَهَى) . وَفِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنَّفِ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَلَا يَمْلِكُهُ " مَا نَصُّهُ: لَوْ بَنَى الْمُتَوَلِّي فِي عَرْصَةِ الْوَقْفِ عَنْ مَالِ الْوَقْفِ أَوْ مِنْ مَالِهِ لِلْوَقْفِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا كَانَ وَقْفًا بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ بَنَاهُ لِنَفْسِهِ كَانَ مِلْكًا لَهُ وَإِنْ كَانَ مُتَوَلِّيًا كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ النَّاسِ: الْعِمَارَةُ فِي الْوَقْفِ وَقْفٌ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ. (7) قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لِنَفْسِهِ أَيْ وَأَشْهَدَ أَنَّهُ فَعَلَهُ لِنَفْسِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُجْتَبَى. (8) قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَلِّيًا إلَخْ قِيلَ: هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ بِمَالِ الْبَانِي بَقِيَ مَا إذَا كَانَ بِمَالِ الْوَقْفِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ، وَإِذَا بَنَى الْمُسْتَأْجِرُ ثُمَّ مَضَتْ الْمُدَّةُ يَبْقَى بِأَجْرِ

فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي لِيَرْجِعَ بِهِ فَهُوَ وَقْفٌ وَإِلَّا فَإِنْ بَنَى لِلْوَقْفِ فَهُوَ وَقْفٌ، وَإِنْ بَنَى لِنَفْسِهِ أَوْ أَطْلَقَ لَهُ رَفْعُهُ لَوْ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ أَضَرَّ فَهُوَ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ 10 - فَلْيَتَرَبَّصْ إلَى خَلَاصِهِ وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ؛ 11 - لِلنَّاظِرِ تَمَلُّكُهُ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ لِلْوَقْفِ مَنْزُوعًا وَغَيْرَ مَنْزُوعٍ بِمَالِ الْوَقْفِ النَّاظِرُ إذَا أَجَّرَ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ إلَّا إذَا كَانَ هُوَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَكَانَ جَمِيعُ الرِّيعِ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمِثْلِ وَلَا يُقْلَعُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ يَبْقَى بِأَجْرِ الْمِثْلِ. عَنْ الْقُنْيَةِ قَالَ: وَعَنْ الْخَصَّافِ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ وَبَيَّنَّا ذَلِكَ عِنْدَ شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْمَتْنِ فَإِنْ أَبَى أَوْ عَجَزَ عَمَرَهُ الْحَاكِمُ (انْتَهَى) . (9) قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي لِيَرْجِعَ إلَخْ قِيلَ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ لِيَرْجِعَ اشْتِرَاطُ الرُّجُوعِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ وَتَبِعَهُ فِي شَرْحِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ، نَقْلًا عَنْ الْقُنْيَةِ، قَالَ الْقَيِّمُ أَوْ الْمَالِكُ لِمُسْتَأْجَرِهَا: أَذِنْت لَك فِي عِمَارَتِهَا فَعَمَرَهَا بِإِذْنِهِ رَجَعَ عَلَى الْقَيِّمِ أَوْ الْمَالِكِ وَهَذَا إذَا كَانَ تَرْجِعُ مُعْظَمُ مَنْفَعَتِهِ إلَى الْمَالِكِ أَمَّا إذَا رَجَعَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَفِيهِ ضَرَرٌ بِالدَّارِ كَالْبَالُوعَةِ أَوْ شَغَلَ بَعْضَهَا كَالتَّنُّورِ فَلَا، مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ ذَكَرَهُ فِي الْوَقْفِ (انْتَهَى) . فَعَلِمَ بِهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْقَيِّمِ بِلَا شَرْطِ الرُّجُوعِ إلَّا فِي كُلِّ شَيْءٍ يَرْجِعُ مُعْظَمُ مَنْفَعَتِهِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ بِنَاءَ الْأَجْنَبِيِّ بِإِذْنِ النَّاظِرِ كَبِنَاءِ النَّاظِرِ بِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَهُوَ وَقْفٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِهِ لِلْوَقْفِ أَوْ أَطْلَقَ فَهُوَ وَقْفٌ وَإِنْ كَانَ لِنَفْسِهِ فَهُوَ لَهُ إنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ لِنَفْسِهِ لَا لِلْوَقْفِ، وَفِي هَذَا الْأَخِيرِ نَظَرٌ، سَوَاءٌ أَطْلَقَ النَّاظِرُ أَمْ قَيَّدَ بِأَنْ قَالَ لَهُ مِنْ الْوَقْفِ وَعَيَّنَهُ لِنَفْسِهِ فَتَأَمَّلْ. وَلَمْ أَرَ هَذَا الِاسْتِقْصَاءَ لِأَحَدٍ مِنْ عُلَمَائِنَا فَاغْتَنِمْهُ. (10) قَوْلُهُ: فَلْيَتَرَبَّصْ إلَى خَلَاصِهِ إلَخْ. قِيلَ: وَإِذَا تَرَبَّصَ عَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ عَلَى اخْتِيَارِ الْمُتَأَخِّرِينَ. (11) قَوْلُهُ: لِلنَّاظِرِ تَمَلُّكُهُ إلَخْ هَلْ ذَلِكَ يَكُونُ جَبْرًا أَمْ بِرِضَاءِ الْبَانِي؟ قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ: لَكِنْ لَا يَتَمَلَّكُهَا الْمُؤَجِّرُ جَبْرًا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا إذَا كَانَتْ

فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ، كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ مَعْزِيًّا إلَى عِدَّةِ كُتُبٍ، 13 - وَلَكِنَّ إطْلَاقَ الْمُتُونِ يُخَالِفُهُ. 14 - الِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْوَقْفِ لَا تَجُوزُ إلَّا إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهَا لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ كَتَعْمِيرٍ وَشِرَاءِ بَذْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَرْضُ تَنْقُصُ بِالْقَلْعِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تَنْقُصُ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَائِهِ (انْتَهَى) . فَصَرِيحُهُ الْجَبْرُ عِنْدَ النَّقْصِ لَكِنْ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَا يُخَالِفُهُ ظَاهِرًا فَإِنَّهُ قَالَ وَلَوْ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ لِلْوَقْفِ بِثَمَنٍ لَا يُجَاوِزُ أَقَلَّ الْقِيمَتَيْنِ مَنْزُوعًا أَوْ مَبْنِيًّا فِيهِ صَحَّ (انْتَهَى) . فَإِنَّ ظَاهِرَهُ يُفْهِمُ اشْتِرَاطَ الرِّضَاءِ إذْ الصُّلْحُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ رِضًى، فَإِمَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْمِلْكِ وَلَا وَجْهَ لَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْوُقُوعِ الِاتِّفَاقِيِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ بَنَى فِي الدَّارِ الْمَسْأَلَةَ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَيِّمِ وَنَزَعَ الْبِنَاءَ مِمَّا يَضُرُّ بِالْأَرْضِ يُجْبَرُ الْقَيِّمُ عَلَى دَفْعِ قِيمَتِهِ لِلِبَانِي (12) قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ إلَخْ قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ، وَنَصُّ جَوَابِهِ: لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ النَّاظِرِ الْمُؤَجِّرِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ بِانْفِرَادِهِ؛ لَكِنْ فِي الْيَتِيمَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْقُنْيَةِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ: وَسُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ رَجُلٍ فِي يَدِهِ أَرْضٌ وَقْفٌ عَلَيْهِ مَا عَاشَ وَبَعْدَهُ عَلَى زَيْدٍ فَأَجَّرَهَا عَشْرَ سِنِينَ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ فَعَاشَ خَمْسَ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ هَلْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ مِنْ غَيْر أَنْ يَضْمَنَ لَهُ مَا أَدَّى؟ فَقَالَ: انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ وَيَسْتَرِدُّ الدَّارَ مِنْ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فِي تَرِكَةِ الْآخَرِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ فَهُوَ خَسْرَانُ لِحَقِّهِ لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَابْتَلَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا عَلَى كَوْنِ إجَارَةِ الْوَقْفِ عَشْرَ سِنِينَ لَا تَجُوزُ فَتَنْتَقِضُ بِالْمَوْتِ لِكَوْنِهَا وَقَعَتْ مِنْ أَصْلِهَا غَيْرَ صَحِيحَةٍ. (13) قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ إطْلَاقَ الْمُتُونِ يُخَالِفُهُ قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ قَارِئَ الْهِدَايَةِ أَفْتَى بِمَا يُوَافِقُ إطْلَاقَ الْمُتُونِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ. (14) قَوْلُهُ: الِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْوَقْفِ لَا تَجُوزُ إلَخْ وَفِي الْخَانِيَّةِ تَفْسِيرُ الِاسْتِدَانَةِ أَنْ

فَتَجُوزُ بِشَرْطَيْنِ: الْأَوَّلُ إذْنُ الْقَاضِي الثَّانِي: أَنْ لَا يَتَيَسَّرَ إجَارَةُ الْعَيْنِ وَالصَّرْفُ مِنْ أُجْرَتِهَا، كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ وَلَيْسَ مِنْ الضَّرُورَةِ الصَّرْفُ عَلَى الْمُسْتَحَقِّينَ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَالِاسْتِدَانَةُ الْقَرْضُ وَالشِّرَاءُ بِالنَّسِيئَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQيَشْتَرِيَ لِلْوَقْفِ شَيْئًا وَلَيْسَ فِي يَدِهِ مِنْ غَلَّاتِ الْوَقْفِ شَيْءٌ لِيَرْجِعَ بِهِ فِيمَا يَحْدُثُ مِنْ غَلَّاتٍ، فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ غَلَّاتِ الْوَقْفِ فَاشْتَرَى لِلْوَقْفِ شَيْئًا وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْقَاضِي كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إذَا نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُوَكِّلِ (انْتَهَى) . وَلَوْ طَلَبَ مِنْ الْقَيِّمِ خَرَاجَ الْوَقْفِ وَالْجِنَايَةِ وَلَيْسَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ غَلَّتِهِ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الْوَاقِفُ أَمَرَهُ بِالِاسْتِدَانَةِ جَازَ وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ فِي مَالِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ فِي غَلَّتِهِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذَا اسْتَقْبَلَهُ أَمْرٌ وَلَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ الِاسْتِدَانَةِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَدِينَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ ثُمَّ يَرْجِعَ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةَ الِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْوَقْفِ وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ أَنَّ الْقَيِّمَ لَوْ اسْتَدَانَ شَيْئًا لِيَجْعَلَهُ فِي ثَمَنِ الْبَذْرِ لِلزِّرَاعَةِ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ، إنْ كَانَ بِإِذْنِ الْقَاضِي جَازَ عِنْدَ الْكُلِّ، وَتَفْسِيرُ الِاسْتِدَانَةِ بِمَا ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ الْغَلَّةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْهَا اشْتَرَى شَيْئًا لِلْوَقْفِ وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ فِي غَلَّتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِأَمْرِ الْقَاضِي كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إذَا نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ (انْتَهَى) . وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ: قَيِّمُ الْوَقْفِ إذَا أَدْخَلَ جِذْعًا فِي دَارِ الْوَقْفِ لِيَرْفَعَ مِنْ غَلَّتِهَا لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْيَتِيمِ لِيَرْجِعَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ، فَكَذَا الْقَيِّمُ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَبِيعَ الْجِذْعَ عَنْ آخِرٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ لِأَجْلِ الْوَقْفِ ثُمَّ يُدْخِلَهُ دَارَ الْوَقْفِ. (15) قَوْلُهُ: فَتَجُوزُ بِشَرْطَيْنِ إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: قَيِّمُ الْوَقْفِ طُلِبَ مِنْهُ الْخَرَاجُ وَالْجِبَايَاتُ وَلَيْسَ فِي يَدِهِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ شَيْءٌ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَدِينَ، فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ أَمَرَ الْوَاقِفُ إلَيْهِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْ بِالِاسْتِدَانَةِ تَكَلَّمُوا فِيهِ، وَالْمُخْتَارُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ بُدٌّ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَأْمُرَهُ

وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَشْتَرِيَ مَتَاعًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتُهُ، أَوْ يَبِيعَهُ وَيَصْرِفَهُ عَلَى الْعِمَارَةِ وَيَكُونُ الرِّبْحُ عَلَى الْوَقْفِ؟ الْجَوَابُ: نَعَمْ كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ. 17 - لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى شَيْءٍ وُجُودُ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَقْتَهُ، فَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِ زَيْدٍ وَلَا وَلَدَ لَهُ صَحَّ، وَتُصْرَفُ الْغَلَّةُ إلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالِاسْتِدَانَةِ ثُمَّ يَرْفَعَ مِنْ الْغَلَّةِ؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي هَذِهِ الْوِلَايَةَ (انْتَهَى) . وَفِي الْخُلَاصَةِ: أَنَّ الْأَصَحَّ قَوْلُ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي الذَّخِيرَةِ: وَالْأَحْوَطُ فِيمَا إذَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ لِلِاسْتِدَانَةِ أَنْ تَكُونَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْحَاكِمِ أَعَمُّ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ وِلَايَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَعِيدًا مِنْ الْحَاكِمِ، وَلَا يُمْكِنُهُ الْحُضُورُ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَدِينَ بِنَفْسِهِ، وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ غَلَّةٌ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ وَفَرَّقَهَا الْقَيِّمُ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَلَمْ يُمْسِكْ لِلْخَرَاجِ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ حِصَّةَ الْخَرَاجِ كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ (16) قَوْلُهُ: وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمُتَوَلِّي إلَخْ أَقُولُ: قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: قَالَ الْبُصَرَاءُ: لِلْقَيِّمِ إنْ لَمْ يَهْدِمْ الْمَسْجِدَ الْعَامَّ يَكُونُ ضَرَرُهُ فِي الْقَابِلِ أَعْظَمُ، فَلَهُ هَدْمُهُ وَإِنْ خَالَفَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَلَيْسَ لَهُ التَّأْخِيرُ إذَا أَمْكَنَهُ الْعِمَارَةُ، فَلَوْ هَدَمَهُ وَلَمْ تَكُنْ فِيهِ غَلَّةٌ لِلْعِمَارَةِ فِي الْحَالِ فَاسْتَقْرَضَ عَشْرَةً بِثَلَاثَةَ عَشَرَ فِي سَنَةٍ، وَاشْتَرَى مِنْ الْمُقْرِضِ شَيْئًا يَسِيرًا بِثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ يَرْجِعُ فِي غَلَّتِهِ بِالْعَشْرَةِ وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ (انْتَهَى) . قِيلَ: فِيهِ مَا يُشْبِهُ الْمُخَالَفَةَ لِمَا حَرَّرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا حَرَّرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ دَاخِلٌ فِي صُورَةِ الشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ وَهُوَ مِمَّا يَجُوزُ حَيْثُ كَانَ مِمَّا يَفْعَلُهُ النَّاسُ لِلُزُومِ الْأَجَلِ فِيهِ، وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الْقَرْضِ وَالشِّرَاءِ الْيَسِيرِ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ فَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْوَقْفِ لِعَدَمِ لُزُومِ الْأَجَلِ فِي الْقَرْضِ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ الَّذِي لِأَجْلِهِ عُقِدَ الشِّرَاءُ فِي ذَلِكَ الْيَسِيرِ فَتَمَخَّضَ ضَرَرًا عَلَى الْوَقْفِ إذْ هُوَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مُجَرَّدُ شِرَاءِ يَسِيرٍ بِثَمَنِ كَثِيرٍ - تَأَمَّلْ - ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ جَعَلَ الْكَلَامَيْنِ مُتَخَالِفَيْنِ وَلَمْ يُجِبْ بِمَا أَجَبْت بِهِ وَقَالَ: فَلْيُتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى. قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى شَيْءٍ وُجُودُ ذَلِكَ الشَّيْءِ إلَخْ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَفِيهِ: وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ؛ لِأَنَّهُ مَدَارُ الصِّحَّةِ حَتَّى لَا يَكُونَ وَقْفًا عَلَى مَعْدُومٍ مَحْضٍ، فَإِنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْمَعْدُومِ

الْفُقَرَاءِ إلَى أَنْ يُوجَدَ لَهُ وَلَدٌ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا وَقَفَ عَلَى مَدْرَسَةٍ أَوْ مَسْجِدٍ وَهَيَّأَ مَكَانًا لِبِنَائِهِ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَهُ وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ 18 - أَخْذًا مِنْ السَّابِقَةِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. 19 - إقَالَةُ النَّاظِرِ عَقْدَ الْإِجَارَةِ جَائِزَةٌ 20 - إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: 21 - الْأُولَى: إذَا كَانَ الْعَاقِدُ نَاظِرًا لِوَقْفٍ قَبْلَهُ، كَمَا فُهِمَ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَجُوزُ كَمَا فِي شَرْحِ الْحَدَّادِيِّ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ الْوَقْفُ لَوْ قَالَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ كَمَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَذَكَرَ أَنَّهُ يَكُونُ كَمَا قَالَ أَرْضِيٌّ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ إلَّا إنْ حَدَثَ لِي وَلَدٌ فَغَلَّتُهَا لَهُ مَا بَقِيَ (انْتَهَى) . فَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا يَكُونُ الْوَقْفُ عَلَى الْمَعْدُومِ الْمَحْضِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْحَدَّادِيِّ (انْتَهَى) . (18) قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ السَّابِقَةِ أَقُولُ: يُفْهَمُ مِنْهُ أَنْ لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ نَقْلٌ صَرِيحٌ وَقَوْلُهُ قِيلَ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا لَوْ أَرَادَهُ يُفِيدُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ نَقْلًا صَرِيحًا. (19) قَوْلُهُ: إقَالَةُ النَّاظِرِ عَقْدَ الْإِجَارَةِ إلَخْ. أَيْ عَقْدَ الْإِجَارَةِ الصَّادِرَ مِنْهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَوْقِعَ لِاسْتِثْنَاءِ مَا إذَا كَانَ الْعَاقِدُ نَاظِرًا قَبْلَهُ. (20) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ إلَخْ بَقِيَ ثَالِثَةٌ ذَكَرَهَا فِي الْبَيْعِ وَهِيَ لَوْ آجَرَ الْوَقْفَ ثُمَّ أَقَالَ وَلَا مَصْلَحَةَ لَمْ يَجُزْ عَلَى الْوَقْفِ. (21) قَوْلُهُ: الْأُولَى إذَا كَانَ الْعَاقِدُ نَاظِرًا قَبْلَهُ كَمَا فُهِمَ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ أَقُولُ: فِي الْقُنْيَةِ بَاعَ الْقَيِّمُ دَارًا اشْتَرَاهَا بِمَالِ الْوَقْفِ فَلَهُ أَنْ يُقِيلَ الْبَيْعَ مَعَ الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَكَذَا إذَا عُزِلَ وَنُصِبَ غَيْرُهُ، فَلِلْمَنْصُوبِ إقَالَتُهُ بِلَا خِلَافٍ (انْتَهَى) . وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا بَيْعُ الْمَنْفَعَةِ، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ فَلْيُحَرَّرْ.

الثَّانِيَةُ إذَا كَانَ النَّاظِرُ يُعَجِّلُ الْأُجْرَةَ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ، وَمَشَى عَلَيْهِ ابْنُ وَهْبَانَ. . اسْتِبْدَالُ الْوَقْفِ الْعَامِرِ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: لَوْ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ. 23 - الثَّانِيَةُ: إذَا غَصَبَهُ غَاصِبٌ، وَأَجْرَى الْمَاءَ عَلَيْهِ حَتَّى صَارَ بَحْرًا لَا يَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ فَيُضَمِّنُهُ الْقَيِّمُ الْقِيمَةَ وَيَشْتَرِي بِهَا أَرْضًا بَدَلًا. 24 - الثَّالِثَةُ: أَنْ يَجْحَدَهُ الْغَاصِبُ وَلَا بَيِّنَةَ، وَهِيَ فِي الْخَانِيَّةِ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَرْغَبَ إنْسَانٌ فِيهِ بِبَدَلٍ أَكْثَرَ غَلَّةً وَأَحْسَنَ وَصْفًا، فَيَجُوزُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِي الْهِدَايَةِ. 25 - إجَارَةُ الْوَقْفِ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا تَجُوزُ؛ إلَّا إذَا كَانَ لَا يَرْغَبُ أَحَدٌ فِي إجَارَتِهِ إلَّا بِالْأَقَلِّ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (22) قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ إذَا كَانَ النَّاظِرُ يُعَجِّلُ الْأُجْرَةَ كَمَا فِي الْقَيْنَةِ إلَخْ نَصُّ عِبَارَتِهَا: لِلْقَيِّمِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ قَبْضِ الْأُجْرَةِ وَيَنْفُذُ فَسْخُهُ عَلَى الْوَقْفِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ لَا وَلَوْ أَبْرَأَ الْقَيِّمُ الْمُسْتَأْجِرَ عَنْ الْأُجْرَةِ بَعْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ وَيَضْمَنُ (23) قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ إذَا غَصَبَهُ غَاصِبٌ وَأَجْرَى الْمَاءَ عَلَيْهِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: إنَّ الْوَقْفَ حِينَئِذٍ يَكُونُ غَامِرًا بَالِغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ لَا عَامِرًا فَلَا يَحْسُنُ نَظْمُهُ فِي سِلْكِ مَا نَحْنُ فِيهِ. (24) قَوْلُهُ: الثَّالِثَةُ أَنْ يَجْحَدَهُ الْغَاصِبُ إلَخْ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: كَيْ لَا يَقَعَ الِاسْتِبْدَالُ مَعَ جُحُودِ الْغَاصِبِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُمْكِنُ بِالْحَمْلِ عَلَى أَنْ يُصَالِحَ الْغَاصِبُ النَّاظِرَ عَلَى مَالٍ صُلْحًا عَلَى إنْكَارٍ فَيَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الْمَالِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ وَالِاسْتِبْدَالُ بِهِ عَنْ الْوَقْفِ (25) قَوْلُهُ: إجَارَةُ الْوَقْفِ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ لَا يَجُوزُ إلَخْ أَيْ لَا يَصِحُّ فَلَوْ آجَرَ النَّاظِرُ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ بَعْضِ عُلَمَائِنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي تَلْخِيصِ الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.

وَفِيمَا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ يَسِيرًا 27 - شَرْطُ الْوَاقِفِ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ لِقَوْلِهِمْ: شَرْطُ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ أَيْ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ، 28 - وَفِي الْمَفْهُومِ وَالدَّلَالَةِ، 29 - كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ (26) قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ يَسِيرًا أَقُولُ: الْمُرَادُ بِالنُّقْصَانِ الْيَسِيرِ مَا يُتَغَابَنُ فِيهِ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ (27) قَوْلُهُ: شَرْطُ الْوَاقِفِ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ إلَى قَوْلِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ إلَخْ أَقُولُ: يُزَادُ عَلَيْهِ مَسْأَلَةٌ وَهِيَ إذَا نَصَّ الْوَاقِفُ عَلَى أَنَّ أَحَدًا لَا يُشَارِكُ النَّاظِرَ فِي الْكَلَامِ فِي هَذَا الْوَقْفِ وَرَأْيُ الْقَاضِي أَنْ يَضُمَّ إلَيْهِ مُشَارِكًا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ كَالْوَصِيِّ إذَا ضَمَّ إلَيْهِ غَيْرَهُ حَيْثُ يَصِحُّ كَذَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ. (28) قَوْلُهُ: وَفِي الْمَفْهُومِ وَالدَّلَالَةِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: بِمَعْنَى أَنَّ مَنْ يَعْتَبِرُ الْمَفْهُومَ فِي نَصِّ الشَّارِعِ يَعْتَبِرُهُ فِي عِبَارَةِ الْوَاقِفِ، وَمَنْ لَا، فَلَا (انْتَهَى) . أَقُولُ: فِيهِ تَأَمُّلٌ فَإِنَّا لَا نَعْتَبِرُهُ فِي نَصِّ الْوَاقِفِ، فَأَنَّى يَصِحُّ مَا قَالَهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَفْهُومِ مَا يُفْهَمُ مِنْ اللَّفْظِ لَا الْمَفْهُومُ الْمُقَابِلُ لِلْمَنْطُوقِ. (29) قَوْلُهُ: كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ إلَخْ. حَاصِلُ مَا بَيَّنَهُ فِي الشَّرْحِ أَنَّهُمْ أَفَادُوا أَنْ لَيْسَ كُلُّ شَرْطٍ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ فَقَالُوا: إنَّ اشْتِرَاطَ الْوَاقِفِ أَنْ لَا يَعْزِلَ الْقَاضِي النَّاظِرَ شَرْطٌ بَاطِلٌ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُمْ: شَرْطُ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ قَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي فَتَاوِيهِ مَعْزِيًّا إلَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ يَعْنِي ابْنَ تَيْمِيَّةَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ: نُصُوصُ الْوَاقِفِ كَنُصُوصِ الشَّارِعِ يَعْنِي فِي الْفَهْمِ وَالدَّلَالَةِ لَا فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ، ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ وَإِذَا كَانَ الْمَعْنَى مَا ذَكَرَهُ فَمَا كَانَ مِنْ عِبَارَةِ الْوَاقِفِ مُحْكَمًا لَا يَحْتَمِلُ تَخْصِيصًا وَلَا تَأْوِيلًا يُعْمَلُ بِهِ، وَمَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الظَّاهِرِ كَذَلِكَ، وَمَا كَانَ مُشْتَرَكًا لَا يُعْمَلُ بِهِ وَكَذَا مَا كَانَ مُجْمَلًا وَقَدْ مَاتَ الْوَاقِفُ فَإِنْ كَانَ حَيًّا يُرْجَعُ إلَى بَيَانِهِ هَذَا مُحَصَّلُ مَا ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ فَانْظُرْ مَا بَيْنَ كَلَامِهِ فِي الشَّرْحِ وَكَلَامِهِ هُنَا مِنْ الْمُخَالَفَةِ.

الْأُولَى: شَرَطَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَعْزِلُ النَّاظِرَ فَلَهُ عَزْلُ غَيْرِ الْأَهْلِ. الثَّانِيَةُ: شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ وَقْفَهُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَالنَّاسُ لَا يَرْغَبُونَ فِي اسْتِئْجَارِهِ سَنَةً أَوْ كَانَ فِي الزِّيَادَةِ نَفْعٌ لِلْفُقَرَاءِ، فَلِلْقَاضِي الْمُخَالَفَةُ دُونَ النَّاظِرِ. 31 - الثَّالِثَةُ: لَوْ شَرَطَ أَنْ يُقْرَأَ عَلَى قَبْرِهِ فَالتَّعْيِينُ بَاطِلٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (30) قَوْلُهُ: الْأُولَى شَرَطَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَعْزِلُ النَّاظِرَ إلَخْ إطْلَاقُهُ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ هُوَ النَّاظِرُ بِأَنْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ: أَوْ جَعَلَ الْوِلَايَةَ لَهُ صَحَّ وَيَنْزِعُهُ لَوْ كَانَ خَائِنًا وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ، قِيلَ: لَا كَمَا بَيَّنَ الْأُصُولَ. (31) قَوْلُهُ: الثَّالِثَةُ لَوْ شَرَطَ أَنْ يُقْرَأَ عَلَى قَبْرِهِ إلَخْ هَكَذَا وَقَعَ فِي الْقُنْيَةِ وَهُوَ كَمَا فِي الْبَحْرِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ كَرَاهَةِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقُبُورِ، فَلِذَا بَطَلَ التَّعْيِينُ وَالتَّصْحِيحُ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (انْتَهَى) . وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى: الْوَصِيَّةُ بِالْقِرَاءَةِ عَلَى قَبْرِهِ بَاطِلَةٌ، وَلَكِنَّ هَذَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْقَارِئَ، أَمَّا إذَا عَيَّنَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْقِرَاءَةِ إنَّمَا بَطَلَتْ لِعَدَمِ جَوَازِ الْإِجَارَةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ صَحِيحَةً عَلَى الْمُفْتَى بِهِ مِنْ جَوَازِ الْإِجَارَةِ عَلَى الطَّاعَةِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ عَامَّةِ عُلَمَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ (انْتَهَى) . وَفِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ نَقْلًا عَنْ مَآلِ الْفَتَاوَى فِيمَنْ أَوْصَى أَنْ يُطَيَّنَ قَبْرُهُ أَوْ تُضْرَبَ عَلَيْهِ قُبَّةٌ أَوْ يَدَعَ شَيْئًا لِقَارِئٍ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ قَالُوا الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ (انْتَهَى) . قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَكَانَ لَا يَتَعَيَّنُ وَقَدْ تَمَسَّك بِهِ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ، وَفِيهِ أَنَّ صَاحِبَ الِاخْتِيَارِ عَلَّلَهُ بِأَنَّ أَخْذَ شَيْءٍ لِلْقِرَاءَةِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ كَالْأُجْرَةِ فَأَعَادَ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى غَيْرِ الْمُفْتَى بِهِ فَإِنَّ الْمُفْتَى بِهِ جَوَازُ الْأَخْذِ إلَى الْقِرَاءَةِ فَتَعْيِينُ الْمَكَانِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِكَرَاهَةِ الْقِرَاءَةِ عِنْدَ الْقَبْرِ، فَلِهَذَا بَطَلَ التَّعْيِينُ. الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ عَدَمِ كَرَاهَةِ الْقِرَاءَةِ عِنْدَهُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ فَيَلْزَمُ التَّعْيِينُ انْتَهَى. فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ هُنَا فَالتَّعْيِينُ بَاطِلٌ، ضَعِيفٌ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ: فَالتَّعْيِينُ بَاطِلٌ، أَنَّ الْوَقْفَ صَحِيحٌ وَفِي الْيَتِيمَةِ مَا يُخَالِفُهُ.

الرَّابِعَةُ: شَرَطَ أَنْ يُتَصَدَّقَ بِفَاضِلِ الْغَلَّةِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ فِي مَسْجِدِ كَذَا كُلَّ يَوْمٍ لَمْ يُرَاعَ شَرْطُهُ، فَلِلْقَيِّمِ التَّصَدُّقُ عَلَى سَائِلِ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ، أَوْ عَلَى مَنْ لَا يَسْأَلُ. الْخَامِسَةُ لَوْ شَرَطَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ خُبْزًا أَوْ لَحْمًا مُعَيَّنًا كُلَّ يَوْمٍ فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يَدْفَعَ الْقِيمَةَ مِنْ النَّقْدِ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ 33 - لَهُمْ طَلَبُ الْعَيْنِ وَأَخْذُ الْقِيمَةِ. 34 - السَّادِسَةُ: تَجُوزُ الزِّيَادَةُ مِنْ الْقَاضِي عَلَى مَعْلُومِ الْإِمَامِ إذَا كَانَ لَا يَكْفِيه وَكَانَ عَالِمًا تَقِيًّا السَّابِعَةُ: شَرَطَ الْوَاقِفُ عَدَمَ الِاسْتِبْدَالِ، فَلِلْقَاضِي الِاسْتِبْدَالُ إذَا كَانَ أَصْلَحَ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي عَزْلُ النَّاظِرِ الْمَشْرُوطِ بِلَا خِيَانَةٍ، وَلَوْ عَزَلَهُ لَا يَصِيرُ مَعْزُولًا، وَلَا الثَّانِي مُتَوَلِّيًا، كَذَا فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ وَيَصِحُّ عَزْلُ النَّاظِرِ بِلَا خِيَانَةٍ إنْ كَانَ مَنْصُوبَ الْقَاضِي إذَا عَزَلَ الْقَاضِي النَّاظِرَ ثُمَّ عُزِلَ الْقَاضِي، فَتَقَدَّمَ الْمَخْرَجُ إلَى الثَّانِي وَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْأَوَّلَ عَزَلَهُ بِلَا سَبَبٍ لَا يُعِيدُهُ، وَلَكِنْ يَأْمُرُهُ بِأَنْ يُثْبِتَ عِنْدَهُ أَنَّهُ أَهْلٌ لِلْوِلَايَةِ فَإِذَا أَثْبَتَ أَعَادَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (32) قَوْلُهُ: الرَّابِعَةُ شَرَطَ أَنْ يُتَصَدَّقَ بِفَاضِلِ الْغَلَّةِ إلَخْ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ لَكِنْ قَالَ بَعْدَهُ: وَالْأَوْلَى عِنْدِي أَنْ يُرَاعَى فِي هَذَا شَرْطُ الْوَاقِفِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهَذَا مَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يُذْبَحَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ فِي مَحَلِّ كَذَا كَقَبْرٍ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا تَفْرِقَةُ خُبْزٍ كَمَا هُوَ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ أَوْقَافِ مِصْرَ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ الْآنَ. (33) قَوْلُهُ: لَهُمْ طَلَبُ الْعَيْنِ وَأَخْذُ الْقِيمَةِ كَذَا فِي النُّسَخِ، وَالصَّوَابُ أَوْ الْقِيمَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ الَّتِي لِلتَّخْيِيرِ كَمَا فِي مُغْنِي اللَّبِيبِ. (34) قَوْلُهُ: السَّادِسَةُ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ إلَخْ قِيلَ عَلَيْهِ قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ الْكَنْزِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا يَنْفُذُ فِيهَا قَضَاءُ الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ قَضَى بِالزِّيَادَةِ فِي

لَيْسَ لِلْقَاضِي عَزْلُ النَّاظِرِ بِمُجَرَّدِ شِكَايَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ حَتَّى يُثْبِتُوا عَلَيْهِ خِيَانَةً، وَكَذَا الْوَصِيُّ 36 - الْوَاقِفُ إذَا عَزَلَ النَّاظِرَ؛ فَإِنْ شَرَطَ لَهُ الْعَزْلَ حَالَ الْوَقْفِ صَحَّ اتِّفَاقًا، وَإِلَّا لَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَيَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَمَشَايِخُ بَلْخِي اخْتَارُوا قَوْلَ الثَّانِي، وَالصَّدْرُ اخْتَارَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ لَوْ مَاتَ الْوَاقِفُ فَلَا وِلَايَةَ لِلنَّاظِرِ لِكَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْهُ 37 - فَيَمْلِكُ عَزْلَهُ بِلَا شَرْطٍ وَتَبْطُلُ وِلَايَتُهُ بِمَوْتِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَيْسَ بِوَكِيلٍ، فَلَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ وَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِهِ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ الْوِلَايَةَ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعْلُومِ الْإِمَامِ مِنْ أَوْقَافِ الْمَسْجِدِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَنْفُذُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا لَمْ تُوجَدْ هَذِهِ الشُّرُوطُ (35) قَوْلُهُ: لَيْسَ لِلْقَاضِي عَزْلُ النَّاظِرِ إلَخْ قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا يَتَنَاوَلُ مَنْصُوبَ الْقَاضِي وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَازُ عَزْلِهِ بِلَا خِيَانَةٍ، وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى النَّاظِرِ مِنْ قِبَلِ الْوَاقِعِ (انْتَهَى) . بَقِيَ لَوْ عَزَلَهُ بِمُجَرَّدِ شِكَايَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ هَلْ يَنْعَزِلُ وَيَأْثَمُ أَوْ لَا يَنْعَزِلُ وَيَأْثَمُ أَوْ لَا يَنْعَزِلُ؟ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (36) قَوْلُهُ: الْوَاقِفُ إذَا عَزَلَ النَّاظِرَ إلَخْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ وَكِيلُ الْوَاقِفِ أَوْ الْفُقَرَاءِ، فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ بِالْأَوَّلِ وَمُحَمَّدٌ بِالثَّانِي. وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّسْلِيمَ لِلْمُتَوَلِّي شَرْطُ صِحَّةِ الْوَقْفِ أَوَّلًا. قَالَ بِالْأَوَّلِ مُحَمَّدٌ، وَبِالثَّانِي الثَّانِي وَصَحَّحَ قَوْلَ الثَّانِي جَمَاعَةٌ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَالْأَكْثَرُ صَحَّحُوا قَوْلَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. (37) قَوْلُهُ: فَيَمْلِكُ عَزْلَهُ بِلَا شَرْطٍ قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا يُفِيدُ أَنَّ صَوَابَ صَدْرِ الْعِبَارَةِ (وَهَذَا عَلَى الِاخْتِلَافِ) ، لَا (وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافُ) كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي النُّسَخِ

لَمْ تَبْطُلْ بِمَوْتِهِ اتِّفَاقًا هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. 39 - وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ: لَوْ لَمْ يَجْعَلْ الْوَاقِفُ لَهُ قَيِّمًا فَنَصَّبَ الْقَاضِي لَهُ قَيِّمًا 40 - وَقَضَى بِقِوَامَتِهِ لَمْ يَمْلِكْ الْوَاقِفُ إخْرَاجَهُ (انْتَهَى) . وَلَمْ أَرَ حُكْمَ عَزْلِ الْوَاقِفِ لِلْمُدَرِّسِ وَالْإِمَامِ اللَّذَيْنِ وَلَّاهُمَا، 41 - وَلَا يُمْكِنُ إلْحَاقُهُ بِالنَّاظِرِ لِتَعْلِيلِهِمْ لِصِحَّةِ عَزْلِهِ عِنْدَ الثَّانِي بِكَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْهُ وَلَيْسَ صَاحِبُ الْوَظِيفَةِ وَكِيلًا عَنْ الْوَاقِفِ، وَلَا يُمْكِنُ مَنْعُهُ عَنْ الْعَزْلِ مُطْلَقًا 42 - لِعَدَمِ الِاشْتِرَاطِ فِي أَصْلِ الْإِيقَافِ لِكَوْنِهِمْ جَعَلُوا لَهُ نَصْبَ الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ بِلَا شَرْطٍ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْبَانِي أَوْلَى بِنَصِيبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي عَزْلِهِ بِلَا شَرْطٍ مُرَتَّبٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي انْعِزَالِهِ بِمَوْتِهِ، فَمَنْ يَرَى انْعِزَالَهُ بِمَوْتِهِ يَرَى جَوَازَ عَزْلِهِ، كَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمَنْ لَا فَلَا، كَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (38) قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ بِمَوْتِهِ اتِّفَاقًا يَعْنِي لِأَنَّهُ يَصِيرُ وَصِيَّةً بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا تَبْطُلُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ، كَذَا فِي الْإِسْعَافِ (39) قَوْلُهُ: وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ إلَخْ قَالَ الْعَلَّامَةُ عُمَرُ بْنُ نُجَيْمٍ فِي إجَابَةِ السَّائِلِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ كَلَامَ الْعَتَّابِيَّةِ: وَهَذَا إنْ خَرَجَ عَلَى قَوْلِ الثَّانِي أَشْكَلَ، أَوْ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَكَذَلِكَ، بَلْ لَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ، وَصِحَّةُ الْوَقْفِ مَشْرُوطٌ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ عِنْدَهُ. (40) قَوْلُهُ: وَقَضَى بِقِوَامَتِهِ: فِيهِ أَنَّ نَصْبَ الْقَاضِي لِلْقَيِّمِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَضَاءِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ تَقْرِيرُهُ فِي الْقِوَامَةِ فَتَدَبَّرْ (41) قَوْلُهُ: لَا يُمْكِنُ إلْحَاقُهُ بِالنَّاظِرِ يَعْنِي حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الْخِلَافُ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ كَمَا جَرَى فِي النَّاظِرِ (42) قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الِاشْتِرَاطِ إلَخْ أَيْ اشْتِرَاطِ الْعَزْلِ، يَعْنِي لَا يُمْكِنُ مَنْعُهُ مِنْ الْعَزْلِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ كَمَا لَا يُمْكِنُ مَنْعُهُ مِنْ النَّصْبِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ النَّصْبَ

الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ، وَوَلَدُ الْبَانِي وَعَشِيرَتُهُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ. بَنَى مَسْجِدًا فِي مَحَلَّةٍ 43 - فَنَازَعَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فِي الْعِمَارَةِ. 44 - فَالْبَانِي أَوْلَى مُطْلَقًا، وَإِنْ تَنَازَعُوا فِي نَصْبِ الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ مَعَ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ؛ إنْ كَانَ مَا اخْتَارَهُ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ أَوْلَى مِنْ الَّذِي اخْتَارَهُ الْبَانِي فَمَا اخْتَارَهُ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَا سَوَاءً فَمَنْصُوبُ الْبَانِي أَوْلَى (انْتَهَى) . 45 - كَثُرَ فِي زَمَانِنَا إجَارَةُ أَرْضِ الْوَقْفِ مَقِيلًا وَمَرَاحًا قَاصِدِينَ بِذَلِكَ لُزُومَ الْأَجْرِ وَإِنْ لَمْ تُرْوَ بِمَاءِ النِّيلِ وَلَا شَكَّ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُسْتَأْجَرْ لِلزِّرَاعَةِ، وَغَيْرِهَا وَهُمَا مَنْفَعَتَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَلَكَ الْعَزْلَ هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ وَتَحْقِيقُ مَرَامِهِ ثُمَّ لَا مُقَابِلَ لِقَيْدِ الْإِطْلَاقِ فِي كَلَامِهِ لَا سَابِقًا وَلَا لَاحِقًا قَالَ فِي إجَابَةِ السَّائِلِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْعَزْلَ بِلَا حُجَّةٍ وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ جَوَازِ التَّوْلِيَةِ وَالْعَزْلِ (43) قَوْلُهُ: فَنَازَعَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فِي الْعِمَارَةِ يَعْنِي لَوْ بَنَى مَسْجِدًا فِي مَحَلَّةٍ فَانْهَدَمَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ فَتَنَازَعَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ مَعَ الْبَانِي لِلْمَسْجِدِ فِي عِمَارَةِ ذَلِكَ الْمُنْهَدِمِ فَالْبَانِي أَوْلَى بِعِمَارَتِهِ قَالَ الْعَلَّامَةُ عُمَرُ بْنُ نُجَيْمٍ أَخُو الْمُؤَلِّفِ فِي كِتَابِهِ إجَابَةُ السَّائِلِ: وَلَا خِلَافَ يُعْلَمُ فِي أَنَّ الْبَانِيَ أَوْلَى بِعِمَارَتِهِ مِنْ غَيْرِهِ. (44) قَوْلُهُ: فَالْبَانِي أَوْلَى مُطْلَقًا قِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَيَّدَ الْإِطْلَاقَ كَوْنُهُ بِإِذْنِهِمْ أَوْ بِدُونِهِ قَوْلُهُ: كَثُرَ فِي زَمَانِنَا إجَارَةُ الْأَرْضِ مَقِيلًا وَمَرَاحًا إلَى قَوْلِهِ وَلَا شَكَّ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ أَقُولُ وَبِصِحَّةِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ لَمْ تُرْوَ الْأَرْضُ بِمَاءِ النِّيلِ أَفْتَى الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ الشِّبْلِيُّ فَقَالَ: تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ جَمِيعًا وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ وَهُوَ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا مَقِيلًا وَمَرَاحًا لِلزِّرَاعَةِ وَغَيْرِهَا (انْتَهَى) . وَتَوَقَّفَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فِي صِحَّةِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ فَقَالَ إنْ كَانَ مَعْنَى ذَلِكَ سَوَاءٌ انْتَفَعَ أَوْ لَمْ يَنْتَفِعْ فَهِيَ حِينَئِذٍ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَنْحَلُّ

مَقْصُودَتَانِ كَمَا فِي إجَارَةِ الْهِدَايَةِ: الْأَرْضُ تُسْتَأْجَرُ لِلزِّرَاعَةِ وَغَيْرِهَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ لِغَيْرِ الزِّرَاعَةِ نَحْوِ الْبِنَاءِ وَغَرْسِ الْأَشْجَارِ وَنَصْبِ الْفُسْطَاطِ وَنَحْوِهَا وَفِي الْمِعْرَاجِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ: وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْمَرْعَى أَيْ الْكَلَأِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى أَنَّهَا مَسْلُوبَةُ الْمَنْفَعَةِ، وَلَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ كَانَتْ فَاسِدَةً فَلِذَلِكَ إذَا قَالَ مَقِيلًا وَمَرَاحًا وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ يَنْتَفِعُ بِهَا سَائِرَ الِانْتِفَاعَاتِ فَهُوَ أَيْضًا مَحَلُّ تَوَقُّفٍ وَنَظَرٍ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا يَزْرَعُ فِيهَا فَهِيَ فَاسِدَةٌ فَيَكُونُ كَذَلِكَ إذَا أَطْلَقَ فِي الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ وَفِي مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَفْسُدُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَالْبَيْعِ قَالَ: وَكَاسْتِئْجَارِ رَحَى مَاءٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ انْقَطَعَ الْمَاءُ فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ إذْ مُوجَبُهُ أَنْ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ إلَّا بِالتَّمَكُّنِ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَكُلُّ شَرْطٍ مُخَالِفٍ مُوجَبَ الْعَقْدِ يُفْسِدُهُ (انْتَهَى) . أَقُولُ أَقْوَى دَلِيلٍ عَلَى فَسَادِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ أَنَّك لَا تَرَى أَحَدًا مِمَّنْ يَسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ مَقِيلًا وَمَرَاحًا يَتَّخِذُهَا مَقِيلًا وَمَرَاحًا قَطُّ، بَلْ إنَّمَا يَسْتَأْجِرُهَا لِلزِّرَاعَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ مَقِيلًا وَمَرَاحًا فِي مَعْنَى رُوِيَتْ الْأَرْضُ بِمَاءِ النِّيلِ أَوْ لَمْ تُرْوَ عَلَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِاسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ لِلْمَقِيلِ وَالْمَرَاحِ وَهِيَ مُعَدَّةٌ لِلزِّرَاعَةِ تُرْوَى بِمَاءِ النِّيلِ فِي كُلِّ عَامٍ، غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّهُ قَدْ لَا تُرْوَى فِي بَعْضِ السِّنِينَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ صِحَّةَ الْعَقْدِ تَعْتَمِدُ الْفَائِدَةَ وَلَا فَائِدَةَ حِينَئِذٍ فِي هَذِهِ الْإِجَارَةِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَعَلَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ إنَّمَا حَدَثَتْ فِي الْقَرْنِ الْعَاشِرِ بِمِصْرَ لَمَّا قَلَّ بِهَا الرِّزْقُ فَتَنَازَعَ النَّاسُ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ مِنْ الْأَوْقَافِ فَاسْتَعْمَلَ الْمُوَثِّقُونَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ حِرْصًا عَلَى عَدَمِ ضَيَاعِ مَالِ الْوَقْفِ وَاسْتَمَرَّتْ عَلَى مَا تَرَى وَتَعَارَفَتْ بَيْنَهُمْ، وَلَمْ تَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ عُلَمَائِنَا سِوَى هَذَا التَّأْلِيفِ (انْتَهَى) . وَقَدْ تُوُفِّيَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِثَمَانٍ مَضَيْنَ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ (انْتَهَى) . أَقُولُ: قَدْ وَجَدْت فِي تَذْكِرَةِ الْفَاضِلِ الدَّمَامِينِيِّ مَا نَصُّهُ: مَسْأَلَةٌ: كَثِيرًا مَا يَكْتُبُ أَهْلُ الْقَاهِرَةِ فِي إجَارَةِ أَرْضِ النِّيلِ أَنَّ لِمُسْتَأْجِرِ تِلْكَ الْأَرْضِ مَقِيلًا وَمَرَاحًا أَيْ يَنْتَفِعُ بِهَا فِي مَقِيلِ الدَّوَابِّ وَرَوَاحِهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ إنَّمَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ حِيلَةً عَلَى لُزُومِ الْأُجْرَةِ عِنْدَ عَدَمِ الرَّيِّ، وَقَدْ وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ حُكْمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ ابْنُ فَتُّوحٍ فِي وَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ

وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ يَسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ لِيَضْرِبَ فِيهَا فُسْطَاطًا أَوْ لِيَجْعَلَهَا حَظِيرَةً لِغَنَمِهِ ثُمَّ يَسْتَبِيحُ الْمَرْعَى وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ الْحِيلَةَ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا لِإِيقَافِ الدَّوَابِّ أَوْ مَنْفَعَةٍ أُخْرَى (انْتَهَى) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَقِيلَ مَكَانُ الْقَيْلُولَةِ، وَهِيَ نَوْمُ نِصْفِ النَّهَارِ؛ وَقَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ فِي تَفْسِيرِ الْفُرْقَانِ: الْمَقِيلُ زَمَانُ الْقَيْلُولَةِ وَمَكَانُهَا، وَهُوَ الْفِرْدَوْسُ فِي الْآيَةِ وَهِيَ {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا} [الفرقان: 24] وَفِي الْقَامُوسِ: الْقَائِلَةُ نِصْفُ النَّهَارِ، قَالَ قَيْلًا وَقَائِلَةً وَقَيْلُولَةً وَمَقَالًا وَمَقِيلًا (انْتَهَى) . وَأَمَّا الْمَرَاحُ فَقَالَ فِي الْقَامُوسِ: أَرْوَحَ الْإِبِلَ رَدَّهَا إلَى الْمَرَاحِ وَفِي الْمِصْبَاحِ الرَّوَاحُ رَوَاحُ الْعَشِيِّ، وَهُوَ مِنْ الزَّوَالِ إلَى اللَّيْلِ، وَالْمُرَاحُ بِضَمِّ الْمِيمِ حَيْثُ تَأْوِي الْمَاشِيَةُ بِاللَّيْلِ، وَالْمُنَاخُ وَالْمَأْوَى ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَا أَحْدَثَ أَهْلُ الْأَنْدَلُسِ فِي كِرَاءِ الرَّحَى أَنْ يَقُولَ الْمُكْرِي إنَّمَا أَكْرَيْتُكَ الْبَيْتَ وَقَنَاةَ الرَّحَى لَا سَاقِيَةَ وَلَا مَطَاحِنَ وَلَا آلَةَ لَهَا لِمَا هُوَ احْتِيَالٌ لِمَا لَا يَجُوزُ شَرْطُهُ اغْتَرُّوا بِهِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُكْرِي شَيْءٌ مِنْ تَعْطِيلِ الرَّحَى بِاعْتِلَالِ مَا يَعْتَلُّ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ عُرِفَ أَنَّ الرَّحَى يَوْمَ عَقْدِ الْكِرَاءِ طَاحِنَةٌ بِجَمِيعِ آلَاتِهَا فَإِنْ وَقَعَ كَذَا فُسِخَ وَكَانَ فِيمَا مَضَى كِرَاءُ الْمِثْلِ عَلَيْهِ حَالَ مَا أَخَذَهَا طَاحِنَةً تَامَّةَ الْآلَةِ يَجُوزُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَوْ كَانَتْ يَوْمئِذٍ عُطَلًا مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ زَادَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ فَضْلٍ أَنَّ أَبَا زَيْدٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ إبْرَاهِيمَ صَاحِبَ الثَّمَانِيَةِ كَانَ يَكْرِي أَرْحِيَةً بِقُرْطُبَةَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. اُنْظُرْ تَصْنِيفَ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ بِإِثْرِ كَلَامِهِ عَلَى كِرَاءِ الْحَمَّامَاتِ (انْتَهَى) . وَمِنْ خَطِّهِ الشَّرِيفِ نَقَلْت وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ مُتَعَارَفَةٌ بِالْقَاهِرَةِ قَبْلَ الْقَرْنِ الْعَاشِرِ بِنَحْوِ الْقَرْنَيْنِ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ الْإِجَارَةَ الْمَذْكُورَةَ فَاسِدَةٌ كَمَا بَحَثَهُ ذَلِكَ الْفَاضِلُ وَأَيَّدْنَا بَحْثَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا. (46) قَوْلُهُ: وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ إلَخْ أَقُولُ الْمُطَابِقُ لِقَوْلِهِ وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْمَرْعَى أَنْ يَقُولَ بَدَلَ قَوْلِهِ يَسْتَأْجِرُ يُؤَجِّرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

مِثْلُهُ وَفَتْحُ الْمِيمِ بِهَذَا الْمَعْنَى خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ مَكَان وَاسْمُ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ وَالْمَصْدَرُ مِنْ أَفْعَلَ بِالْأَلِفِ مُفْعَلٌ بِضَمِّ الْمِيمِ عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ وَأَمَّا الْمَرَاحُ بِالْفَتْحِ فَاسْمُ الْمَوْضِعِ، مِنْ رَاحَتْ بِغَيْرِ أَلِفٍ، وَاسْمُ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ مِنْ الثُّلَاثِيِّ بِالْفَتْحِ، وَالْمَرَاحُ أَيْضًا الْمَوْضِعُ الَّذِي يَرُوحُ الْقَوْمُ مِنْهُ أَوْ يَرُوحُونَ إلَيْهِ (انْتَهَى) . فَرَجَعَ مَعْنَى الْمَقِيلِ فِي الْإِجَارَةِ إلَى مَكَانِ الْقَيْلُولَةِ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهَا لَهُ قَوْلُهُمْ: لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِنَصْبِ الْفُسْطَاطِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ لِلْقَيْلُولَةِ، وَرَجَعَ مَعْنَى الْمَرَاحِ إلَى مَكَانِ مَأْوَى الْإِبِلِ، وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهَا لَهُ قَوْلُهُمْ: لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِإِيقَافِ الدَّوَابِّ، أَوْ لِيَجْعَلَهَا حَظِيرَةً لِغَنَمِهِ جَازَ 47 - تَخْلِيَةُ الْبَعِيدِ بَاطِلَةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تَخْلِيَةُ الْبَعِيدِ بَاطِلَةٌ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يَتَمَكَّنُ مِنْ الذَّهَابِ إلَيْهَا وَالدُّخُولِ فِيهَا أَوْ لَا وَقَدْ صَرَّحَ سِرَاجُ الدِّينِ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ كَانَ قَابِضًا وَصُورَةُ مَا أَجَابَ بِهِ بَعْدَ أَنْ سُئِلَ عَنْ شَخْصٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دَارًا بِبَلَدٍ وَهُمَا بِبَلَدٍ آخَرَ وَبَيْنَ الْبَلَدَيْنِ مَسَافَةُ يَوْمَيْنِ وَلَمْ يَقْبِضْهَا بَلْ خَلَّى الْبَائِعُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْمَبِيعِ التَّخْلِيَةَ الشَّرْعِيَّةَ فَهَلْ تَصِحُّ ذَلِكَ وَتَكُونُ التَّخْلِيَةُ كَالتَّسْلِيمِ أَمْ لَا؟ أَجَابَ: إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّارُ بِحَضْرَتِهِمَا، وَقَالَ الْبَائِعُ: سَلَّمْتهَا لَك، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: تَسَلَّمْت، لَا تَكُونُ قَبْضًا مَا لَمْ تَكُنْ الدَّارُ قَرِيبَةً مِنْهَا بِحَيْثُ يَقْدِرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الدُّخُولِ فِيهَا وَالْإِغْلَاقِ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ قَابِضًا وَفِي مَسْأَلَتِنَا مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يَتَمَكَّنُ مِنْ الذَّهَابِ إلَيْهَا وَالدُّخُولِ فِيهَا لَا يَكُونُ قَابِضًا (انْتَهَى) . وَحِينَئِذٍ فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ وَاقِعٍ مَوْقِعَهُ (انْتَهَى) . وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ أَنَّ تَخْلِيَةَ الْبَعِيدَةِ بَاطِلَةٌ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُحِيطِ كَمَا هُوَ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَفِي ابْنِ الْهُمَامِ قُبَيْلَ بَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ وَقَدْ أَطْنَبْنَا فِيهِ

فَلَوْ اسْتَأْجَرَ قَرْيَةً وَهُوَ بِالْمِصْرِ لَمْ تَصِحَّ تَخْلِيَتُهَا عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، وَهِيَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ فِي إجَارَةِ الْأَوْقَافِ، فَيَنْبَغِي لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَذْهَبَ إلَى الْقَرْيَةِ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ فَيُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَوْ يُرْسِلَ وَكِيلَهُ أَوْ رَسُولِهِ إحْيَاءً لِمَالِ الْوَقْفِ. أَقَرَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِأَنَّ فُلَانًا يَسْتَحِقُّ مَعَهُ كَذَا أَوْ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الرِّيعَ دُونَهُ، وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ صَحَّ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، وَلَوْ كَانَ مَكْتُوبُ الْوَقْفِ مُخَالِفًا لَهُ 49 - حَمْلًا عَلَى أَنَّ الْوَاقِفَ رَجَعَ عَمَّا شَرَطَهُ وَشَرَطَ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُقِرُّ، 50 - ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ فِي بَابٍ مُسْتَقِلٍّ وَأَطَالَ فِي تَقْرِيرِهِ . مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لِاثْنَيْنِ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ 51 - إلَّا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ الِاسْتِبْدَالَ لِنَفْسِهِ وَلِلْآخَرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَوْ اسْتَأْجَرَ قَرْيَةً إلَخْ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يَقَعُ فِي زَمَانِنَا كَثِيرًا اعْتِرَافُ الْمُسْتَأْجِرِ بِالتَّخْلِيَةِ وَالتَّمْكِينِ ثُمَّ يُنْكِرُ وَيَدَّعِي أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا فِي إقْرَارِهِ فَهَلْ يَحْلِفُ يَعْنِي الْمُقِرُّ لَهُ (انْتَهَى) . أَقُولُ لَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ. (49) قَوْلُهُ: حَمْلًا عَلَى أَنَّ الْوَاقِفَ رَجَعَ عَمَّا شَرَطَهُ وَشَرَطَ مَا أَقَرَّ بِهِ أَقُولُ: هَذَا وَإِذَا لَزِمَ الْوَقْفُ لَزِمَ مَا فِي ضِمْنِهِ مِنْ الشُّرُوطِ بِلُزُومِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُخَرَّجَ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْحُكْمِ لِلُزُومِ الْوَقْفِ وَيَكُونُ كَلَامُ الْخَصَّافِ مَفْرُوضًا فِي وَقْفٍ لَمْ يُحْكَمْ بِهِ أَوْ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّسْلِيمِ لِلْمُتَوَلِّي. (50) قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ فِي بَابٍ مُسْتَقِلٍّ أَقُولُ: قَدْ رَاجَعْت عِبَارَةَ الْخَصَّافِ فَلَمْ أَرَ فِيهَا التَّصْرِيحَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ مَكْتُوبُ الْوَقْفِ مُخَالِفًا لَهُ وَإِنْ فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لِمَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ قَابِلَةٌ لِلتَّصْحِيحِ بِالتَّأْوِيلِ (51) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ الِاسْتِبْدَالَ إلَخْ أَقُولُ: إنَّمَا أَقُولُ إنَّمَا يَتِمُّ الِاسْتِثْنَاءُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فَلَا.

فَإِنَّ لِلْوَاقِفِ الِانْفِرَادَ لَا لِفُلَانٍ، كَمَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. 53 - وَمُقْتَضَاهُ لَوْ شَرَطَ لَهُمَا الْإِدْخَالَ وَالْإِخْرَاجَ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا ذَلِكَ، وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ، فَيَبْطُلُ ذَلِكَ الشَّرْطُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَعَلَى هَذَا لَوْ شَرَطَ الِانْفِرَادَ لَهُمَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أَقَامَ الْقَاضِي غَيْرَهُ مَقَامَهُ وَلَيْسَ لِلْحَيِّ الِانْفِرَادُ إلَّا إذَا أَقَامَهُ الْقَاضِي. 54 - كَمَا فِي الْإِسْعَافِ النَّاظِرُ وَكِيلُ الْوَاقِفِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَوَكِيلُ الْفُقَرَاءِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ فَيَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْوَاقِفِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَهُ عَزْلُهُ وَيَبْطُلُ مَا شَرَطَهُ لَهُ بِمَوْتِهِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْكُلِّ. 55 - الدُّورُ وَالْحَوَانِيتُ الْمُسَبَّلَةُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ يُمْسِكُهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (52) قَوْلُهُ: فَإِنَّ لِلْوَاقِفِ الِانْفِرَادَ لَا لِفُلَانٍ إلَخْ إنَّمَا كَانَ لَهُ الِانْفِرَادُ دُونَهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي شَرَطَ لَهُ، وَمَا شَرَطَ فَهُوَ مَشْرُوطٌ لَهُ بِخِلَافِ فُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ اشْتِرَاطٌ مَعَ غَيْرِهِ فَلَا يَنْفَرِدُ. (53) قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَاهُ أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ: مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لِاثْنَيْنِ لَا مُقْتَضَى كَلَامِ قَاضِي خَانْ كَمَا تُوهِمُهُ الْعِبَارَةُ. (54) قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْإِسْعَافِ. أَقُولُ لَيْسَ فِي الْإِسْعَافِ مَا ذَكَرَهُ، وَعِبَارَتُهُ: وَلَوْ جَعَلَ وِلَايَتَهُ إلَى رَجُلَيْنِ فَقَبِلَ أَحَدَهُمَا وَرَدَّ الْآخَرَ يَضُمُّ الْقَاضِي إلَى مَنْ قَبِلَ رَجُلًا آخَرَ لِيَقُومَ مَقَامَهُ وَإِنْ كَانَ الَّذِي قَبِلَ مَوْضِعًا لِذَلِكَ فَفَوَّضَ الْقَاضِي إلَيْهِ أَمْرَ الْوَقْفِ بِمُفْرَدِهِ جَازَ (55) قَوْلُهُ: فِي الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ إلَخْ ابْتِدَاءُ كَلَامٍ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْآتِي لَا يُعْذَرُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ اتِّفَاقِيٌّ إذْ كَذَلِكَ أَرَاضِي الزِّرَاعَةِ الْمَوْقُوفَةِ.

بِنِصْفِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ نَحْوِهِ، لَا يُعْذَرُ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ بِالسُّكُوتِ عَنْهُ إذَا أَمْكَنَهُمْ رَفْعُهُ، وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالِاسْتِئْجَارِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ، وَوَجَبَ، 56 - وَعَلَيْهِ تَسْلِيمُ زَائِدِ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ، وَلَوْ كَانَ الْقَيِّمُ سَاكِتًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي لَا غَرَامَةَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، 57 - وَإِذَا ظَفِرَ النَّاظِرُ بِمَالِ السَّاكِنِ فَلَهُ أَخْذُ النُّقْصَانِ مِنْهُ فَيَصْرِفُهُ فِي مَصْرِفِهِ قَضَاءً وَدِيَانَةً، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. عُزِلَ الْقَاضِي فَادَّعَى الْقَيِّمُ أَنَّهُ قَدْ أَجْرَى لَهُ كَذَا مُشَاهَرَةً أَوْ مُشَافَهَةً، وَصَدَّقَهُ الْمَعْزُولُ فِيهِ، 58 - لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَا عَيَّنَهُ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ أَوْ دُونَهُ 59 - يُعْطِيه الثَّانِيَ وَإِلَّا يَحُطُّ الزِّيَادَةَ وَيُعْطِيه الْبَاقِيَ (انْتَهَى) . يَصِحُّ تَعْلِيقُ التَّقْرِيرِ فِي الْوَظَائِفِ أَخْذًا مِنْ جَوَازِ تَعْلِيقِ الْقَضَاءِ وَالْإِمَارَةِ بِجَامِعِ الْوِلَايَةِ؛ فَلَوْ مَاتَ الْمُعَلِّقُ بَطَلَ التَّقْرِيرُ، فَإِذَا قَالَ الْقَاضِي إنْ مَاتَ فُلَانٌ أَوْ شَغَرَتْ وَظِيفَةُ كَذَا فَقَدْ قَرَّرْتُك فِيهَا، صَحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (56) قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ تَسْلِيمُ أُجْرَةِ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ أَيْ تَسْلِيمُ مَا نَقَصَ عَنْ أُجْرَةِ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ. (57) قَوْلُهُ: وَإِذَا ظَفِرَ النَّاظِرُ بِمَالِ السَّاكِنِ يَعْنِي وَكَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ. (58) قَوْلُهُ: لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ تَوَاطُئِهِمَا عَلَى مَا تَصَادَقَا عَلَيْهِ لِغَرَضٍ مِنْ الْأَغْرَاضِ (59) قَوْلُهُ: يُعْطِيه الثَّانِيَ إلَخْ الضَّمِيرُ لِلْمَعْزُولِ، بِمَعْنَى أَنَّ الثَّانِيَ يُعْطِي الْمَعْزُولَ الْقَدْرَ الَّذِي عَيَّنَهُ الْقَيِّمُ وَادَّعَى دَفْعَهُ لِكَوْنِهِ لَا حَيْفَ فِيهِ.

وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ تَفَقُّهًا وَهُوَ فِقْهٌ حَسَنٌ وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ: لِلْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ وَقْفٌ فَلَمْ يَسْتَوْفِيَا حَتَّى مَاتَا؛ سَقَطَ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الصِّلَةِ، وَكَذَا الْقَاضِي وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ؛ لِأَنَّهُ كَالْأُجْرَةِ (انْتَهَى) . ذَكَرَهُ فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ وَجَزَمَ فِي الْبُغْيَةِ تَلْخِيصِ الْقُنْيَةِ بِأَنَّهُ يُورَثُ، ثُمَّ قَالَ بِخِلَافِ رِزْقِ الْقَاضِي وَفِي الْيَنْبُوعِ لِلسُّيُوطِيِّ فَرْعٌ يَذْكُرُ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا الْفُقَهَاءُ فِي الْوَظَائِفِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَوْقَافِ 61 - أَوْقَافُ الْأُمَرَاءِ وَالسَّلَاطِينِ كُلُّهَا إنْ كَانَ لَهَا أَصْلٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ 62 - أَوْ تَرْجِعُ إلَيْهِ، فَيَجُوزُ لِمَنْ كَانَ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ عَالِمٍ لِلْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ طَالِبِ الْعِلْمِ كَذَلِكَ، وَصُوفِيٍّ عَلَى طَرِيقَةِ الصُّوفِيَّةِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا وَقَفُوهُ غَيْرَ مُتَقَيِّدٍ بِمَا شَرَطُوهُ، وَيَجُوزُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الِاسْتِنَابَةُ بِعُذْرٍ وَغَيْرِهِ، وَيَتَنَاوَلُ الْمَعْلُومَ وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ تَفَقُّهًا إلَخْ أَيْ فَهْمًا مِنْ كَلَامِهِمْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ (61) قَوْلُهُ: أَوْقَافُ الْأُمَرَاءِ إلَخْ. مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ وَجَوَابُهَا وَإِنْ كَانَ لَهَا أَصْلٌ (62) قَوْلُهُ: أَوْ تَرْجِعُ إلَيْهِ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: أَصْلٌ بَعْدَ التَّأْوِيلِ بِالْمَصْدَرِ مِنْ غَيْرِ سَابِكٍ عَلَى حَدِّ: تَسْمَعَ بِالْمُعَيْدِيِّ وَإِنْ كَانَ شَاذًّا وَالتَّقْدِيرُ أَوْ كَانَ لَهَا رُجُوعٌ إلَى بَيْتِ الْمَالِ وَذَلِكَ نَحْوُ أَنْ يَغْصِبَ الْأَمِيرُ أَوْ السُّلْطَانُ مَالَ شَخْصٍ فِي حَيَاتِهِ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ يَمُوتَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَقِيمًا لَا وَارِثَ لَهُ إلَّا بَيْتُ الْمَالِ فَهَذَا الْمَالُ الْمَغْصُوبُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَالَ أَخَذُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَكِنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ.

وَلَا اسْتَنَابَ. 64 - وَاشْتِرَاكُ الِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي الْوَظِيفَةِ الْوَاحِدَةِ، 65 - وَالْوَاحِدُ عَشْرَ وَظَائِفَ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ الْأَكْلُ مِنْ هَذَا الْوَقْفِ، وَلَوْ قَرَّرَهُ وَبَاشَرَ الْوَظِيفَةَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَا يَتَحَوَّلُ عَنْ حُكْمِهِ الشَّرْعِيِّ بِجَعْلِ أَحَدٍ، وَمَا يَتَوَهَّمُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ 66 - مَنْ يَقُولُ فِي مِلْكِ الَّذِي وَقَفَ فَهُوَ تَوَهُّمٌ فَاسِدٌ، وَلَا يُقْبَلُ فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ. 67 - أَمَّا أَوْقَافُ أَرْضٍ مَلَكُوهَا وَأَوْقَفُوهَا فَلَهَا حُكْمٌ آخَرُ، 68 - وَهِيَ قَابِلَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى تِلْكَ وَإِذَا عَجَزَ الْوَاقِفُ عَنْ الصَّرْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (63) قَوْلُهُ: وَلَا اسْتَنَابَ الصَّوَابُ وَلَمْ يَسْتَنِبْ. (64) قَوْلُهُ: وَاشْتِرَاكُ الِاثْنَيْنِ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يَأْكُلَ بَعْدَ تَأْوِيلِهِ بِالْمَصْدَرِ. (65) قَوْلُهُ: وَالْوَاحِدُ عَشْرُ. ظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَاحِدَ مَعْطُوفٌ عَلَى اثْنَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ مِنْ بَابِ: " عَلَفْتهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا " وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ وَجَمَعَ الْوَاحِدُ عَشْرَ وَظَائِفَ. (66) قَوْلُهُ: مَنْ يَقُولُ إلَخْ لَعَلَّ الْعِبَارَةَ مِمَّنْ يَقُولُ: وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهَا كَذَلِكَ فَهُوَ بَدَلٌ مِنْ كَثِيرٍ. (67) قَوْلُهُ: أَمَّا أَوْقَافٌ مَلَكَهَا وَاقِفُوهَا إلَخْ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ مَا مَلَكُوا أَصْلَهُ أَيْ مَلَكُوهُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ وَقْفًا ثُمَّ أَوْقَفُوهُ كَسَائِرِ الْأَوْقَافِ، وَتَسْمِيَتُهُ حِينَئِذٍ وَقْفًا مَجَازٌ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ وَأَنْ يُرَادَ مَا هِيَ أَوْقَافٌ قَبْلَ الْمِلْكِ ثُمَّ مَلَكُوهَا بِطَرِيقِ الِاسْتِبْدَالِ مَثَلًا وَتَسْمِيَتُهَا أَوْقَافًا حَقِيقَةٌ (68) قَوْلُهُ: وَهِيَ قَابِلَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى آخِرِهِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا قَابِلَةٌ لِأَحْكَامِ الْأَوْقَافِ وَمُرَاعَاةِ شُرُوطِ وَاقِفِيهَا.

إلَى جَمِيعِ الْمُسْتَحِقِّينَ، فَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ رُوعِيَ فِيهِ صِفَةُ الْأَحَقِّيَّةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ فِي أَهْلِ الْوَظَائِفِ مَنْ هُوَ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَمَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَقُدِّمَ الْأَوَّلُونَ عَنْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَطَلَبَةِ الْعِلْمِ وَآلِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْهُ قُدِّمَ الْأَحْوَجُ فَالْأَحْوَجُ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي حَاجَةٍ قُدِّمَ الْأَكْبَرُ فَالْأَكْبَرُ فَيُقَدَّمُ الْمُدَرِّسُ ثُمَّ الْمُؤَذِّنُ ثُمَّ الْإِمَامُ ثُمَّ الْقَيِّمُ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ لَيْسَ مَأْخُوذًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، اُتُّبِعَ فِيهِ شَرْطُ الْوَاقِفِ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ تَقْدِيمَ أَحَدٍ لَمْ يُقَدَّمْ فِيهِ أَحَدٌ، بَلْ يُقَسَّمُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ بِجَمِيعِ أَهْلِ الْوَقْفِ بِالسَّوِيَّةِ، أَهْلِ الشَّعَائِرِ وَغَيْرِهِمْ (انْتَهَى) بِلَفْظِهِ. وَقَدْ اغْتَرَّ بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ فِي زَمَانِنَا فَاسْتَبَاحُوا تَنَاوُلَ مَعَالِيمِ الْوَظَائِفِ بِغَيْرِ مُبَاشَرَةٍ أَوْ مَعَ مُخَالَفَةِ الشُّرُوطِ وَالْحَالُ أَنَّ مَا نَقَلَهُ السُّيُوطِيّ عَنْ فُقَهَائِهِمْ إنَّمَا هُوَ فِيمَا بَقِيَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ نَاقِلٌ، وَأَمَّا الْأَرَاضِي الَّتِي بَاعَهَا السُّلْطَانُ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ بَيْعِهَا ثُمَّ وَقَفَهَا الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ شَرَائِطِهِ فَإِنْ قُلْت هَلْ فِي مَذْهَبِنَا لِذَلِكَ أَصْلٌ؟ قُلْت: نَعَمْ، 69 - كَمَا بَيَّنْته فِي التُّحْفَةِ الْمَرْضِيَّةِ فِي الْأَرَاضِي الْمِصْرِيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا بَيَّنْته فِي التُّحْفَةِ الْمَرْضِيَّةِ فِي الْأَرَاضِي الْمِصْرِيَّةِ حَيْثُ قَالَ فِيهَا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي صِحَّةِ وَقْفِ أَرَاضِي مِصْرَ اعْلَمْ أَنَّ الْوَاقِفَ لَهَا لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لَهَا فِي الْأَصْلِ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا حِينَ مَنَّ الْإِمَامُ عَلَى أَهْلِهَا أَوْ تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْ مَالِكِهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ أَوْ غَيْرِهَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلَا خَفَاءَ فِي صِحَّةِ وَقْفِهِ لِوُجُودِ

70 - وَقَدْ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ فَأَجَابَ بِأَنَّ لِلْإِمَامِ الْبَيْعَ إذَا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةٌ، وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَبَيَّنْت فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQمِلْكِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخَصَّافُ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ غَيْرَهُمَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ وَصَلَتْ إلَى يَدِهِ بِإِقْطَاعِ السُّلْطَانِ إيَّاهَا لَهُ أَوْ بِشِرَاءٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بَعْدَ مَا صَارَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ لِمَوْتِ مَالِكِهَا وَعَدَمِ الْوَارِثِ أَوْ يَكُونَ الْوَاقِفُ لَهَا سُلْطَانٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مِلْكُهُ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ: فَإِنْ كَانَتْ مَوَاتًا أَوْ مِلْكًا لِلسُّلْطَانِ صَحَّ وَقْفُهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ حَقِّ بَيْتِ الْمَالِ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي الْإِسْعَافِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ وَقْفَيْ هِلَالٍ وَالْخَصَّافِ لِلْقَاضِي النَّاصِحِيِّ وَصَرَّحَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّ مَنْ أَقْطَعَهُ السُّلْطَانُ أَرْضًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ الْمُعَدَّةَ لَهَا الْعَيْنُ فَلَهُ إجَارَتُهَا وَتَبْطُلُ بِمَوْتِهِ أَوْ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْإِقْطَاعِ؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْهَا (انْتَهَى) . وَإِنْ وَصَلَتْ الْأَرْضُ إلَى الْوَاقِفِ بِالشِّرَاءِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا فَإِنَّ وَقْفَهُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهَا أَوْ تُرَاعَى شُرُوطُ وَقْفِهِ سَوَاءٌ كَانَ سُلْطَانًا أَوْ أَمِيرًا أَوْ غَيْرَهُمَا وَمَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيّ فِي الْيَنْبُوعِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى شُرُوطُهُ إنْ كَانَ سُلْطَانًا أَوْ أَمِيرًا وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ رِيعَهُ مَنْ يَسْتَحِقُّ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ لِلْوَظَائِفِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وَصَلَتْ لِلْوَاقِفِ بِإِقْطَاعِ السُّلْطَانِ إيَّاهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا لَا يَخْفَى إلَّا أَنْ يَكُونَ بَنَاهُ عَلَى أَصْلٍ فِي مَذْهَبِهِ فَلَا كَلَامَ لَنَا فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ لَهَا السُّلْطَانُ فَأَفْتَى الشَّيْخُ قَاسِمٌ بِأَنَّ الْوَقْفَ صَحِيحٌ أَجَابَ بِهِ حِينَ سُئِلَ عَنْ وَقْفِ السُّلْطَانِ جَقْمَقَ فَإِنَّهُ أَرَصَدَ أَرْضًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى مَصَالِحِ مَسَاجِدَ وَأَفْتَى بِأَنَّ السُّلْطَانَ الْآخَرَ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ كَانَ بَرْقُوقٌ قَبْلَهُ أَرْصَدَهَا عَلَى رَجُلٍ وَأَوْلَادِهِ ثُمَّ بَعْدَهُمْ عَلَى مَصَالِحِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ إنَّ الْإِرْصَادَ مِنْ السُّلْطَانِ بَرْقُوقٍ الْمُتَقَدِّمِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْوَقْفِيَّةِ فَتَضَمَّنَ كَلَامُهُ فِيهِ حُكْمَ وَقْفِ السُّلْطَانِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِرْصَادِهِ لِذَلِكَ وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ وَقْفُ مَسْجِدٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (انْتَهَى) . (70) قَوْلُهُ: سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ الْمُحَقِّقُ إلَخْ كَلِمَةُ (عَنْ) هُنَا كَكَلِمَةِ (مِنْ) فِي مِثْلِهِ تُفِيدُ أَنَّ مَا بَعْدَهَا مَصْدَرٌ لِمَا قَبْلَهَا وَسَبَبٌ لَهُ عَلَى طَرِيقِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف: 82]

الرِّسَالَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِحَاجَةٍ، كَبَيْعِ عَقَارِ الْيَتِيمِ عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُفْتَى بِهِ، فَإِنْ قُلْت هَذَا فِي أَوْقَافِ الْأُمَرَاءِ أَمَّا فِي أَوْقَافِ السَّلَاطِينِ فَلَا قُلْت: لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ لِلسُّلْطَانِ الشِّرَاءَ مِنْ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ، وَهِيَ جَوَابُ الْوَاقِعَةِ الَّتِي أَجَابَ عَنْهَا الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْأَشْرَفِ (بِرْسِبَايْ) إذَا اشْتَرَى مِنْ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ أَرْضًا ثُمَّ وَقَفَهَا فَأَجَابَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَمَّا إذَا وَقَفَ السُّلْطَانُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَرْضًا لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ فَذَكَرَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ جَوَازَهُ، 71 - وَلَا يُرَاعَى مَا شَرَطَهُ دَائِمًا وَأَمَّا اسْتِوَاءُ الْمُسْتَحِقِّينَ عِنْدَ الضِّيقِ فَمُخَالِفٌ لِمَا فِي مَذْهَبِنَا لِمَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي بَابِ التَّمْيِيزِ فَالْأَوَّلُ عَنْ مُفْرَدٍ كَمَا ذَكَرَهُ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الرَّضِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِيَةِ وَالْمُغْنِي سُئِلَ سُؤَالًا نَاشِئًا عَنْ الْأَشْرَفِ بِرْسِبَايْ هُوَ سَبَبُهُ وَلَيْسَتْ " عَنْ " صِلَةً لِقَوْلِهِ سُئِلَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ إذَا اشْتَرَى إلَخْ بَيَانٌ لِلسُّؤَالِ وَفِيهِ مَا فِيهِ فَتَدَبَّرْ. (71) قَوْلُهُ: وَلَا يُرَاعَى مَا شَرَطَهُ دَائِمًا كَذَا فِي نُسْخَةِ عُمَرَ بْنِ أُولَجَائِيٍّ وَفِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَهَلْ يُرَاعَى مَا شَرَطَهُ دَائِمًا وَعَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: إنَّ قَوْلَهُ دَائِمًا ظَرْفٌ لِلْمَنْفِيِّ لَا لِلنَّفْيِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ رَفْعُ الْإِيجَابِ الْكُلِّيِّ لَا السَّلْبُ الْكُلِّيُّ، وَجَعْلُهُ ظَرْفًا لِلنَّفْيِ يَسْتَدْعِي السَّلْبَ الْكُلِّيَّ (انْتَهَى) . أَقُولُ: حَيْثُ كَانَ وَقْفًا فَمَا الْمَانِعُ مِنْ مُرَاعَاةِ مَا شَرَطَهُ دَائِمًا كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْقَافِ

72 - الَّذِي يُبْدَأُ بِهِ مِنْ ارْتِفَاعِ الْوَقْفِ عِمَارَتُهُ، شَرَطَ الْوَاقِفُ أَمْ لَا ثُمَّ مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْعِمَارَةِ وَأَعَمُّ لِلْمَصْلَحَةِ كَالْإِمَامِ لِلْمَسْجِدِ وَالْمُدَرِّسِ لِلْمَدْرَسَةِ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ قَدْرُ كِفَايَتِهِمْ، ثُمَّ السِّرَاجُ. 73 - وَالْبِسَاطُ كَذَلِكَ (انْتَهَى) . وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُقَدَّمَ فِي الصَّرْفِ الْإِمَامُ وَالْمُدَرِّسُ وَالْوَقَّادُ وَالْفَرَّاشُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (72) قَوْلُهُ: الَّذِي يُبْدَأُ بِهِ مِنْ ارْتِفَاعِ الْوَقْفِ عِمَارَتُهُ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ فِي تَأْخِيرِ التَّعْمِيرِ خَرَابُ عَيْنِ الْوَقْفِ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ: إذَا اجْتَمَعَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فِي يَدِ الْقَيِّمِ شَيْءٌ فَظَهَرَ لَهُ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ، وَالْوَقْفُ مُحْتَاجٌ إلَى الْإِصْلَاحِ وَالْعِمَارَةِ أَيْضًا وَيَخَافُ الْقَيِّمُ أَنَّهُ لَوْ صَرَفَ الْغَلَّةَ فِي الْمَرَمَّةِ يَفُوتُ ذَلِكَ الْبِرُّ، يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي تَأْخِيرِهِ إصْلَاحُ الْوَقْفِ وَمَرَمَّتُهُ إلَى الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ يَخَافُ مِنْهُ خَرَابَ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ يَصْرِفُ الْغَلَّةَ إلَى ذَلِكَ الْبِرِّ وَتُؤَخَّرُ الْمَرَمَّةُ إلَى الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي تَأْخِيرِ الْمَرَمَّةِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فَإِنَّهُ يَصْرِفُ الْغَلَّةَ إلَى الْمَرَمَّةِ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ يُصْرَفُ إلَى ذَلِكَ الْبِرِّ قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ الْخَانِيَّةِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ الصَّرْفُ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ وَتَأْخِيرُ الْعِمَارَةِ إلَى الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ إذَا لَمْ يُخَفْ ضَرَرٌ بَيِّنٌ وَفِي الْفَتْحِ وَلَا تُؤَخَّرُ الْعِمَارَةُ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهَا وَتُقْتَطَعُ الْجِهَاتُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهَا إلَّا إنْ لَمْ يُخَفْ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فَإِنْ خِيفَ قُدِّمَ. (73) قَوْلُهُ: وَالْبِسَاطُ كَذَلِكَ (انْتَهَى) إلَخْ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَمْ يَنْتَهِ كَلَامُ الْحَاوِي بِهَذَا الْقَدْرِ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَالْبِسَاطُ كَذَلِكَ مَا نَصُّهُ: وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا عَلَى شَيْءٍ يُصْرَفُ إلَيْهِ بَعْدَ عِمَارَةِ الْبِنَاءِ (انْتَهَى) . وَالنُّسْخَةُ الَّتِي نَقَلْتُ مِنْهَا كَانَتْ مِلْكًا لِلْمُصَنَّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَمَا أَدْرِي بِأَيِّ سَبَبٍ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَقَدْ شَاعَتْ مَسْأَلَةُ تَقَدُّمِ الشَّعَائِرِ مُطْلَقًا فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَأَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ وَاشْتَهَرَ عَزْوُهُ إلَى الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَإِلَى هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ اطَّلَعْت عَلَى مَا فِي الْحَاوِي بِتَمَامِهِ فَكُنْ عَلَى بَصِيرَةٍ (انْتَهَى) . هَذَا وَقَدْ رَأَيْتُ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَنَّ الْمَسْجِدَ إذَا خَرِبَ أَوْ خَرِبَتْ الْقَرْيَةُ وَلَمْ يَكُنْ إقَامَةُ الشَّعَائِرِ بِهِ يَسْتَحِقُّ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ وَالْوَظَائِفِ مَعْلُومَهُمْ الْمُقَرَّرَ لَهُمْ إذْ لَا تَعْطِيلَ مِنْ جِهَتِهِمْ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، يَعْنِي مَعَ بَقَاءِ الْمَسْجِدِيَّةِ وَعَدَمِ عَوْدِهِ إلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ.

74 - وَمَا كَانَ بِمَعْنَاهُمْ لِتَعْبِيرِهِ بِالْكَافِ، فَمَا كَانَ بِمَعْنَاهُمْ النَّاظِرُ، وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الشَّادِّ زَمَنَ الْعِمَارَةِ وَالْكَاتِبِ بِهِمْ لَا فِي كُلِّ زَمَانٍ، وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الْجَابِي الْمُبَاشِرِ لِلْجِبَايَةِ بِهِمْ، وَالسَّوَّاقُ مُلْحَقٌ بِهِمْ أَيْضًا، وَالْخَطِيبُ مُلْحَقٌ بِالْإِمَامِ بَلْ هُوَ إمَامُ الْجُمُعَةِ وَلَكِنْ قَيَّدَ الْمُدَرِّسَ بِمُدَرِّسِ الْمَدْرَسَةِ وَظَاهِرُهُ إخْرَاجُ مُدَرِّسِ الْجَامِعِ وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْفَرْقِ؛ فَإِنَّ مُدَرِّسَ الْمَدْرَسَةِ إذَا غَابَ تَعَطَّلَتْ الْمَدْرَسَةُ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْعِمَارَةِ كَمُدَرِّسِي الرُّومِ، أَمَّا مُدَرِّسُ الْجَامِعِ كَأَكْثَرِ الْمُدَرِّسِينَ بِمِصْرَ، فَلَا وَلَا يَكُونُ مُدَرِّسُ الْمَدْرَسَةِ مِنْ الشَّعَائِرِ إلَّا إذَا لَازَمَ التَّدْرِيسَ عَلَى حُكْمِ شَرْطِ الْوَاقِفِ أَمَّا مُدَرِّسُو زَمَانِنَا فَلَا، كَمَا لَا يَخْفَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (74) قَوْلُهُ: وَمَا كَانَ بِمَعْنَاهُمْ أَقُولُ: يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِزَمَنِ الْعِمَارَةِ وَالْعَمَلِ، إذْ النَّاظِرُ فِي ذَلِكَ لَا يَكُونُ بِمَعْنَاهُمْ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ حِينَئِذٍ كَمَا إذَا كَانَ أَهْلُ الْوَقْفِ يَقْبِضُونَ الْغَلَّةَ بِأَنْفُسِهِمْ وَلَا تَعْمِيرَ فِي الْوَقْفِ وَلَا عَمَلَ فِيهِ كَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي نَصَّ عَلَيْهَا الْقَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ وَهِيَ طَاحُونَةٌ وَقَفَهَا عَلَى مَوَالِيهِ مَعَ جُمْلَةِ أَرْضٍ فَجَعَلَ الْقَاضِي لِلْوَقْفِ قَيِّمًا وَجَعَلَ لَهُ عُشْرَ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَهِيَ فِي يَدِ رَجُلٍ بِالْمُقَاطَعَةِ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى الْقَيِّمِ لَا يَسْتَحِقُّ الْقَيِّمُ عُشْرَ غَلَّتِهَا؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ بِطَرِيقِ الْأُجْرَةِ وَلَا أُجْرَةَ بِدُونِ الْعَمَلِ (انْتَهَى) . لَكِنَّ هَذَا فِي نَاظِرٍ لَمْ يَتَشَرَّطْ لَهُ الْوَاقِفُ، أَمَّا إذَا اشْتَرَطَ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَيَسْتَحِقُّهُ بِالشَّرْطِ لَا بِالْعَمَلِ وَمَعَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُتَأَخِّرًا عَنْهُمْ إلَّا إذَا كَانَ فِي زَمَنِ الْعِمَارَةِ وَالْعَمَلِ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْوَقْفُ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى الْمُدَرِّسِ وَالْإِمَامِ (انْتَهَى) . وَقَدْ سُئِلَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ مُدَرِّسٍ لَمْ يُدَرِّسْ لِعَدَمِ وُجُودِ طَلَبَةٍ تُقَرَّرُ لِلْوَقْفِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ؟ أَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ فَرَّغَ نَفْسَهُ لِلتَّدْرِيسِ بِأَنْ حَضَرَ الْمَدْرَسَةَ الْمُعَيَّنَةَ لِتَدْرِيسِهِ اسْتَحَقَّ الْمَعْلُومَ لِإِمْكَانِ التَّدْرِيسِ لِغَيْرِ الطَّلَبَةِ الْمَشْرُوطِينَ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ: إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمُدَرِّسِ يَقُومُ بِغَيْرِ الطَّلَبَةِ بِخِلَافِ الطَّالِبِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ لَا يَقُومُ بِغَيْرِهِ (انْتَهَى) . فَعُلِمَ أَنَّ الْمُدَرِّسَ إذَا دَرَّسَ بِغَيْرِ الطَّلَبَةِ الْمَشْرُوطَةِ اسْتَحَقَّ الْمَعْلُومَ.

وَظَاهِرُ مَا فِي الْحَاوِي تَقْدِيمُ الْإِمَامِ وَالْمُدَرِّسِ عَلَى بَقِيَّةِ الشَّعَائِرِ لِتَعْبِيرِهِ بِثُمَّ فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ الشَّاهِدَ وَالْمُبَاشِرَ وَالشَّادَّ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْعِمَارَةِ والمزملاتي، وَالشِّحْنَةَ وَكَاتِبَ الْغَيْبَةِ، وَخَازِنَ الْكُتُبِ، وَبَقِيَّةَ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ لَيْسُوا مِنْهُمْ وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الْمُؤَذِّنِينَ بِالْإِمَامِ وَكَذَا الْمِيقَاتِيُّ لِكَثْرَةِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ لِلْمَسْجِدِ وَظَاهِرُ مَا فِي الْحَاوِي تَقْدِيمُ مَنْ ذَكَرْنَاهُ وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الِاسْتِوَاءَ عِنْدَ الضِّيقِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُمْ كَالْعِمَارَةِ وَلَوْ شَرَطَ اسْتِوَاءَ الْعِمَارَةِ بِالْمُسْتَحِقِّ لَمْ يُعْتَبَرْ شَرْطُهُ، وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِمْ 76 - فَكَذَا هُمْ 77 - الْجَامِكِيَّةُ فِي الْأَوْقَافِ لَهَا شَبَهُ الْأُجْرَةِ وَشَبَهُ الصِّلَةِ وَشَبَهُ الصَّدَقَةِ، فَيُعْطَى كُلُّ شَبَهٍ مَا يُنَاسِبُهُ فَاعْتَبَرْنَا شَبَهَ الْأُجْرَةِ فِي اعْتِبَارِ زَمَنِ الْمُبَاشَرَةِ وَمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمَعْلُومِ وَالْحِلِّ لِلْأَغْنِيَاءِ، وَشَبَهَ الصِّلَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (75) وَظَاهِرُ مَا فِي الْحَاوِي تَقْدِيمُ مَا ذَكَرْنَا قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مِثْلُ الْمُبَاشِرِ وَالشَّاهِدِ وَالشَّاهِدِ النَّاظِرِ كَمَا تَقَدَّمَ (76) فَكَذَا هُمْ أَيْ الْإِمَامُ وَالْمُدَرِّسُ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِمَا (77) قَوْلُهُ: الْجَامِكِيَّةُ فِي الْأَوْقَافِ لَهَا شَبَهٌ بِالْأُجْرَةِ إلَخْ قَدْ يُعَارَضُ هَذَا بِمَا فِي التَّعْلِيقَةِ فِي الْمَسَائِلِ الدَّقِيقَةِ لِابْنِ الصَّانِعِ وَنَصُّهُ: مَا يَأْخُذُهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ الْمَدَارِسِ لَيْسَ أُجْرَةً لِعَدَمِ شَرْطِ الْإِجَارَةِ، وَلَا صَدَقَةً؛ لِأَنَّ الْغَنِيَّ يَأْخُذُهَا بَلْ إعَانَةٌ لَهُمْ عَلَى حَبْسِ أَنْفُسِهِمْ فِي الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَحْضُرُ الْمُدَرِّسُ بِسَبَبِ اشْتِغَالٍ أَوْ تَعْلِيقٍ جَازَ أَخْذُهُ الْجَامِكِيَّةُ (انْتَهَى) . وَلَمْ يَعْزُهُ، قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ: لَكِنْ فِيمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا عَنْ قَاضِي خَانْ مَا يَشْهَدُ لَهُ حَيْثُ عَلَّلَ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ مِنْ جُمْلَةِ التَّعْلِيمِ وَأَجَابَ

بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ إذَا قَبَضَ الْمُسْتَحَقَّ الْمَعْلُومَ ثُمَّ مَاتَ أَوْ عُزِلَ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُ حِصَّةَ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ، وَشَبَهَ الصَّدَقَةِ لِتَصْحِيحِ أَصْلِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ ابْتِدَاءً، فَإِذَا مَاتَ الْمُدَرِّسُ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ مَثَلًا قَبْلَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ وَقَبْلَ ظُهُورِهَا، وَقَدْ بَاشَرَ مُدَّةً 79 - ثُمَّ مَاتَ أَوْ عُزِلَ، يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ وَقْتَ قِسْمَةِ الْغَلَّةِ إلَى مُدَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعَالَى فِي الْبَحْرِ بِحَمْلِهِ عَلَى الْأَوْقَافِ عَلَى الْفُقَهَاءِ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ دَرْسٍ أَيَّامًا مُعَيَّنَةً، وَلِذَا قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: الْأَوْقَافُ بِبُخَارَى عَلَى الْعُلَمَاءِ لَا يُعْرَفُ مِنْ وَاقِفِيهَا شَيْءٌ غَيْرُ ذَلِكَ فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يُفَضِّلَ الْبَعْضَ وَيَحْرِمَ الْبَعْضَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ عَلَى قَوْمٍ يُحْصَوْنَ وَكَذَا الْوَقْفُ عَلَى الَّذِينَ يَخْتَلِفُونَ إلَى هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ أَوْ عَلَى مُتَعَلِّمِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ أَوْ عَلَى عُلَمَائِهَا يَجُوزُ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُفَضِّلَ الْبَعْضَ وَيَحْرِمَ الْبَعْضَ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْوَاقِفُ قَدْرَ مَا يُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ ثُمَّ رَقَّمَ الْأَوْقَافَ الْمُطْلَقَةَ عَلَى الْفُقَهَاءِ قِيلَ: التَّرْجِيحُ بِالْحَاجَةِ وَقِيلَ بِالْفَضْلِ (انْتَهَى) . قَالَ الْعَلَّامَةُ عُمَرُ بْنُ نُجَيْمٍ فِي كِتَابِهِ إجَابَةُ السَّائِلِ: لَا شَكَّ أَنَّ الْحَمْلَ وَإِنْ كَانَ صَرَفَ اللَّفْظَ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ صَلَاحِيَّةِ الْكَلَامِ لِقَبُولِهِ وَهَهُنَا فِي الْوَقْفِ عَلَى الْفُقَهَاءِ مُطْلَقًا لَمَّا صَحَّتْ الْغَايَةُ فِي قَوْلِهِ: حَتَّى لَوْ لَمْ يَحْضُرْ الْمُدَرِّسُ حِينَئِذٍ بَلْ الظَّاهِرُ إجْرَاءُ الْكَلَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا فَهِمَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ إذْ نَظَمَهُ فَقَالَ: وَلَيْسَ بِأَجْرٍ قَطُّ مَعْلُومُ طَالِبٍ ... فَعَنْ دَرْسِهِ لَوْ غَابَ لِلْعِلْمِ يُعْذَرُ نَعَمْ لَك أَنْ تَقُولَ إنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ أُجْرَةً أَيْ مَحْضَةً وَلَا صَدَقَةً كَذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي انْتَهَى. (78) قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ إذَا قَبَضَ الْمُسْتَحَقَّ الْمَعْلُومَ إلَخْ قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ لِلشُّبْهَةِ دَلِيلٌ مَا. تَأَمَّلْ (79) قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ أَقُولُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ وَقْتَ نَقْلِهَا مِنْ الْبَيْدَرِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ وَقْتُ انْعِقَادِ الزَّرْعِ أَوْ وَقْتُ صَيْرُورَةِ الزَّرْعِ مُتَقَوِّمًا وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى ذَلِكَ بِعِطْفِ قَوْلِهِ وَإِدْرَاكُهَا عَلَيْهِ عَطْفَ تَفْسِيرٍ.

مُبَاشَرَتِهِ وَإِلَى مُبَاشَرَةِ مَنْ جَاءَ مِنْ بَعْدِهِ، وَيُبْسَطُ الْمَعْلُومُ عَلَى الْمُدَرِّسَيْنِ، وَيُنْظَرُ كَمْ يَكُونُ مِنْهُ لِلْمُدَرِّسِ الْمُنْفَصِلِ وَالْمُتَّصِلِ، فَيُعْطَى بِحِسَابِ مُدَّتِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ اعْتِبَارُ زَمَانِ مَجِيءِ الْغَلَّةِ وَإِدْرَاكِهَا كَمَا اُعْتُبِرَ فِي حَقِّ الْأَوْلَادِ فِي الْوَقْفِ، 80 - بَلْ يَفْتَرِقُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُدَرِّسِ وَالْفَقِيهِ وَصَاحِبِ وَظِيفَةٍ مَا وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ بِالْفِقْهِ وَالْأَعْدَلُ. 81 - كَذَا حَرَّرَهُ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ اعْتِبَارَ زَمَنِ مَجِيءِ الْغَلَّةِ فِي حَقِّ الْأَوْلَادِ فِي غَيْرِ الْأَوْقَافِ الْمُؤَجَّرَةِ عَلَى الْأَقْسَاطِ الثَّلَاثَةِ، كُلَّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ قِسْطٌ، فَيَجِبُ اعْتِبَارُ إدْرَاكِ الْقِسْطِ فَكُلُّ مَنْ كَانَ مَخْلُوقًا قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ الرَّابِعِ حَتَّى تَمَّ وَهُوَ مَخْلُوقٌ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ وَمَنْ لَا فَلَا، كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ 82 - لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَة بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ لِلْوَقْفِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: مَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (80) قَوْلُهُ: بَلْ يَفْتَرِقُ الْحُكْمُ إلَخْ مَبْنَى الِافْتِرَاقِ فِي الْحُكْمِ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْأَوْلَادِ صِلَةٌ مَحْضَةٌ وَالْوَقْفُ عَلَى الْمُدَرِّسِ وَمَنْ بِمَعْنَاهُ لَيْسَ بِصِلَةٍ مَحْضَةٍ بَلْ لَهُ شَبَهٌ بِالْأُجْرَةِ (81) قَوْلُهُ: كَذَا حَرَّرَهُ الطَّرَسُوسِيُّ إلَخْ مَا قَالَهُ الطَّرَسُوسِيُّ قَوْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُتَقَدِّمِينَ فَالْمُعْتَبَرُ وَقْتُ الْحَصَادِ، فَمَنْ كَانَ يُبَاشِرُ الْوَظِيفَةَ وَقْتَ الْحَصَادِ اسْتَحَقَّ مِنْ الْأَوْقَافِ، وَمَنْ لَا فَلَا قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: إمَامُ الْمَسْجِدِ رَفَعَ الْغَلَّةَ وَذَهَبَ قَبْلَ الْمُضِيِّ لَا تُسْتَرَدُّ مِنْهُ غَلَّةُ السَّنَةِ وَالْعِبْرَةُ لِوَقْتِ الْحَصَادِ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ وَقْتَ الْحَصَادِ يَؤُمُّ فِي الْمَسْجِدِ يَسْتَحِقُّ فَصَارَ كَجِزْيَةِ وَمَوْتِ قَاضٍ فِي خِلَالِ السَّنَةِ (انْتَهَى) . وَقَدْ كَتَبَ الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ مُفْتِي السَّلْطَنَةِ السُّلَيْمَانِيَّةِ رِسَالَةً فِي هَذَا وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ يَعْتَبِرُونَ وَقْتَ الْحَصَادِ، وَالْمُتَأَخِّرِينَ يَعْتَبِرُونَ زَمَنَ الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّوْزِيعِ (82) قَوْلُهُ: لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ لِلْوَقْفِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ إلَى قَوْلِهِ

إذَا أَجَّرَهَا الْوَاقِفُ ثُمَّ أَرْتَدَّ ثُمَّ مَاتَ لِبُطْلَانِ الْوَقْفِ بِرِدَّتِهِ فَانْتَقَلَتْ إلَى وَرَثَتِهِ، وَفِيمَا إذَا أَجَّرَ أَرْضَهُ ثُمَّ وَقَفَهَا عَلَى مُعَيَّنٍ ثُمَّ مَاتَ تَنْفَسِخُ. ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ فِي آخِرِ شَرْحِهِ النَّاظِرُ إذَا أَجَّرَ إنْسَانًا فَهَرَبَ وَمَالُ الْوَقْفِ عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. 83 - بِخِلَافِ مَا إذَا فَرَّطَ فِي خَشَبِ الْوَقْفِ حَتَّى ضَاعَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ أَقَرَّ بِأَرْضٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ بِأَنَّهَا وَقْفٌ وَكَذَّبَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ فِي آخِرِ شَرْحِهِ يَعْنِي فِي كِتَابِ مُهَايَأَهُ وَهُوَ آخِرُ كِتَابٍ مِنْ الْكُتُبِ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا مَنْظُومَتُهُ الْمَشْهُورَةُ، وَقَدْ ذَكَرَ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي النَّظْمِ وَالْأُخْرَى فِي الشَّرْحِ حَيْثُ قَالَ: وَأَرْضٌ عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَقْفُهَا إجَارَتُهَا فَسْخٌ إذَا مَاتَ مُؤْجِرُ قَالَ فِي شَرْحِهِ سُؤَالَ الْبَيْتِ مِنْ الْوَقْفِ أَيْ أَرْضٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَجَّرَهَا مَنْ لَهُ إيجَارُهَا وَانْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ مَعَ قَوْلِنَا بِعَدَمِ انْفِسَاخِهَا فِي الْوَقْفِ إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ كَمَا إذَا عَقَدَ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ أَوْ الْوَصِيَّةِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا إيجَارُ وَاقِفٍ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ وَمَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ بَعْدَ أَنْ أَجَّرَ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ تُصَوَّرَ فِيمَنْ أَجَّرَ أَرْضَهُ ثُمَّ وَقَفَهَا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنَّ الْوَقْفَ يَصِحُّ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ فَإِذَا مَاتَ الْآجِرُ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ (انْتَهَى) . قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِهِ: أَقُولُ هَذَا الْجَوَابُ لَا يُطَابِقُ سُؤَالَ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّهُ مُتَصَوَّرٌ فِي وَقْفٍ أُوجِرَ وَهَذَا مُؤَجِّرُ مِلْكٍ لَا وَقْفٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ (انْتَهَى) . قُلْت فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُسْتَثْنَى مَسْأَلَةً وَاحِدَةً لَا مَسْأَلَتَيْنِ (83) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا فَرَّطَ فِي خَشَبِ الْوَقْفِ إلَخْ لَمْ يَعْزُ الْمَسْأَلَةَ الْمُخَالِفَةَ وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ سُئِلَ عَنْ قَيِّمِ مَسْجِدٍ وَمُؤَذِّنِهِ لَمْ يَنْفُضْ بُسُطَ الْمَسْجِدِ حَتَّى أَكَلَتْهَا الْأَرَضَةُ هَلْ يَضْمَنُ؟ قَالَ: إنْ كَانَ لَهُ أُجْرَةٌ نَعَمْ وَإِلَّا فَلَا (انْتَهَى) قُلْت عَلَى قِيَاسِهِ خَازِنُ كُتُبِ الْوَقْفِ لَوْ لَمْ يَنْفُضْهَا حَتَّى أَكَلَتْهَا الْأَرَضَةُ يَضْمَنُ إنْ كَانَ لَهُ أُجْرَةٌ وَإِلَّا فَلَا

وَرِثَهَا صَارَتْ وَقْفًا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِزَعْمِهِ، وَقَدْ كَتَبْنَا نَظَائِرَهَا فِي الْإِقْرَارِ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ، وَقَفَ الْأَمِيرُ عَلَى فُلَانٍ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى ذُرِّيَّتِهِمْ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ مِنْ الذُّكُورِ خَاصَّةً دُونَ الْإِنَاثِ فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُ الذُّكُورِ صُرِفَ إلَى كَذَا فَهَلْ قَوْلُهُ مِنْ الذُّكُورِ خَاصَّةً قَيْدٌ لِلْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ حَتَّى لَا تَسْتَحِقَّ أُنْثَى وَلَا وَلَدُ أُنْثَى؟ أَمْ هُوَ قَيْدٌ فِي الْأَبْنَاءِ دُونَ الْآبَاءِ حَتَّى يَسْتَحِقَّ وَلَدُ الذَّكَرِ، وَلَوْ مِنْ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ؟ أَمْ هُوَ قَيْدٌ لِلْآبَاءِ دُونَ أَبْنَاءٍ حَتَّى يَسْتَحِقَّ وَلَدُ الذَّكَرِ وَلَوْ كَانَ أُنْثَى؟ 84 - فَأَجَبْتُ هُوَ قَيْدٌ فِي الْآبَاءِ دُونَ الْأَبْنَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ كَوْنُ الْوَصْفِ بَعْدَ مُتَعَاطِفَيْنِ لِلْأَخِيرِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي قَوْله تَعَالَى {مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] بَعْدَ قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ} [النساء: 23] وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَقْصُودَهُ حِرْمَانُ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ لِكَوْنِهِمْ يُنْسَبُونَ إلَى آبَائِهِمْ، ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا، وَتَخْصِيصُ أَوْلَادِ الْأَبْنَاءِ وَلَوْ كَانُوا إنَاثًا لِكَوْنِهِمْ يُنْسَبُونَ إلَيْهِمْ، وَبِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ: فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُ الذُّكُورِ وَلَمْ يَقُلْ أَبْنَاءُ الذُّكُورِ وَلَا أَبْنَاءُ الْأَوْلَادِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَأَجَبْتُ هُوَ قَيْدٌ فِي الْآبَاءِ دُونَ الْأَبْنَاءِ إلَخْ قِيلَ: هَذَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ بَلْ بَعِيدٌ عَنْ الْفَهْمِ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ صِفَةٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ يَعْنِي لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ صِفَةً لِلْأَخِيرِ لَكَانَ قَيْدًا فِي عَقِبِهِمْ؛ لِأَنَّهُ الْأَجِيرُ.

وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الشَّافِعِيَّةِ جَعَلَهُ قَيْدًا فِي الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَوَافَقَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فَرَأَيْت الْإِمَامَ الْإِسْنَوِيَّ فِي التَّمْهِيدِ نَقَلَ أَنَّ الْوَصْفَ بَعْدَ الْجُمَلِ يَرْجِعُ إلَى الْجَمِيعِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. 85 - وَإِلَى الْأَخِيرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. 86 - وَأَنَّ مَحَلَّ كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ وَأَمَّا بِثُمَّ فَيَعُودُ إلَى الْأَخِيرِ اتِّفَاقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (85) قَوْلُهُ: وَإِلَى الْأَخِيرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قِيلَ: يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَقُولُونَ بِرُجُوعِ الْوَصْفِ إلَى الْأَخِيرِ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّ الْمَنْقُولَ خِلَافُهُ، نَقَلَ فِي وَقْفِ هِلَالٍ: فَإِنْ قَالَ لِوَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي الذُّكُورِ فَهِيَ لِلذُّكُورِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ مِنْ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ وَفِي أَوْقَافِ النَّاصِحِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ ذَلِكَ قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي الْفُقَرَاءِ إنِّي أُعْطِي مَنْ كَانَ فَقِيرًا مِنْ وَلَدِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ (انْتَهَى) . وَرَدَّهُ أَخُو الْمُؤَلِّفِ فِي كِتَابِهِ إجَابَةِ السَّائِلِ بِأَنَّ هَذَا خَطَأٌ نَشَأَ مِنْ عَدَمِ التَّدَبُّرِ فِي الْكَلَامِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَخِيرٌ بِاعْتِبَارِ الْمُضَافِ وَأَمَّا كَوْنُهُ خِلَافَ الْمَنْقُولِ فَمَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ هِلَالٌ مَبْنِيٌّ عَلَى دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ فِي أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ عَدَمُ دُخُولِهِمْ وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ فِي أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، بَلْ عَدَمُ الدُّخُولِ هُنَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لِمَا قَدْ عَلِمْتَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْوُجُودِ ذَكَرًا عَنْ ذَكَرٍ (انْتَهَى) . أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ قَوْلَهُ إنَّ الْمُرَادَ بِالْأَخِيرِ الْمُضَافُ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَخِيرٌ بِاعْتِبَارِ الْمُضَافِ كَلَامًا لَا يَصْدُرُ عَنْ عَاقِلٍ فَضْلًا عَنْ فَاضِلٍ فَإِنَّ الْقَاعِدَةَ الْمُخَرَّجَ عَلَيْهَا هَذِهِ الْجُزْئِيَّةُ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا تَعَقَّبَ الْوَصْفُ مُتَعَاطِفَيْنِ فَأَكْثَرَ كَمَا هُوَ بِمَرْأًى وَمِسْمَعٍ مِنْهُ وَظَاهِرُهُ أَنْ لَا عَطْفَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ، عَلَى أَنَّ الْمُضَافَ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَخِيرًا فِي اللَّفْظِ فَهُوَ أَوْلَى بِحَسَبِ الْمَرْجِعِ. (86) قَوْلُهُ: وَإِنَّ مَحَلَّ كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ إلَخْ قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَقَدْ أَطْلَقَ أَصْحَابُنَا فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ الْعَطْفَ وَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِأَدَاةٍ

الِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْوَقْفِ لِمَصَالِحِ الْوَقْفِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ لَا تَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي 88 - وَإِنْ كَانَ الْمُتَوَلِّي يَبْعُدُ عَنْهُ يَسْتَدِينُ بِنَفْسِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. النَّاظِرُ إذَا فَرَضَ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ التَّفْوِيضُ بِالشَّرْطِ صَحَّ مُطْلَقًا، وَإِلَّا فَإِنْ فَوَّضَ فِي صِحَّتِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ فَوَّضَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ صَحَّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْيَتِيمَةِ وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَغَيْرِهَا، وَإِذَا صَحَّ التَّفْوِيضُ بِالشَّرْطِ لَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْوَاقِفُ جَعَلَ لَهُ التَّفْوِيضَ وَالْعَزْلَ، كَمَا حَرَّرَهُ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا فَوَّضَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِلَا شَرْطٍ وَقُلْنَا بِالصِّحَّةِ. 89 - وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الْعَزْلُ وَالتَّفْوِيضُ إلَى غَيْرِهِ كَالْإِيصَاءِ. وَسَأَلْت عَنْ نَاظِرٍ مُعَيَّنٍ بِالشَّرْطِ ثُمَّ بَعْدَ وَفَاتِهِ لِحَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمِمَّنْ حَكَى الْإِطْلَاقَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالشَّيْخَانِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَجَعَلَ ثُمَّ كَالْوَاوِ وَكَالْمُتَوَلِّي حَكَاهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ وَمَثَّلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْمَسْأَلَةَ بِثُمَّ ثُمَّ قَيَّدَهَا بِطَرِيقِ الْبَحْثِ بِمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ بِالْوَاوِ وَتَمَامُهُ فِيهِ لَكِنْ بَقِيَ الْكَلَامُ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَطْفُ فِي الْبَعْضِ بِثُمَّ وَفِي الْبَعْضِ بِالْوَاوِ كَمَا هُنَا (87) قَوْلُهُ: الِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْوَقْفِ لِمَصَالِحِ الْوَقْفِ إلَخْ قِيلَ: يَدْخُلُ أَمَّا لَوْ غَصَبَ أَرْضَ الْوَقْفِ غَاصِبٌ وَتَعَذَّرَ خَلَاصُهَا مِنْهُ إلَّا بِمَالِ. وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهَا. (88) قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمُتَوَلِّي يَبْعُدُ عَنْهُ إلَخْ أَقُولُ: يُقَيِّدُ بِهَذَا إطْلَاقَ مَا قَدَّمَهُ أَوَائِلَ كِتَابِ الْوَقْفِ (89) قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الْعَزْلُ وَالتَّفْوِيضُ قِيلَ: الْمُرَادُ التَّفْوِيضُ مِنْ غَيْرِ عَزْلٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ أَحَدِهِمَا الْآخَرُ.

فَهَلْ إذَا فَوَّضَ النَّظَرَ مُعَيِّنٌ بِالشَّرْطِ ثُمَّ بَعْدَ وَفَاتِهِ لِحَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ فَهَلْ إذَا فَوَّضَ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ يَنْتَقِلُ لِلْحَاكِمِ أَوْ لَا؟ 90 - فَأَجَبْتُ بِأَنَّهُ إنْ فَوَّضَ فِي صِحَّتِهِ يَنْتَقِلُ لِلْحَاكِمِ بِمَوْتِهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّفْوِيضِ، وَإِنْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لَا يَنْتَقِلُ لَهُ مَا دَامَ الْمُفَوِّضُ إلَيْهِ بَاقِيًا لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ، وَعَنْ وَاقِفِ شَرْطٍ مُرَتِّبًا لِرَجُلٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِلْفُقَرَاءِ فَفَزِعَ عَنْهُ لِغَيْرِهِ، ثُمَّ مَاتَ فَهَلْ يَنْتَقِلُ إلَى الْفُقَرَاءِ؟ فَأَجَبْتُ بِالِانْتِقَالِ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُقَرِّرَ لَهُ وَظِيفَةً فِي الْوَقْفِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْوَاقِفِ، وَلَا يَحِلُّ لِلْمُقَرِّرِ لَهُ الْأَخْذُ إلَّا النَّظَرَ عَلَى الْوَقْفِ، ذَكَرَ الْحُسَامِيُّ فِي وَاقِعَاتِهِ أَنَّ لِلْقَاضِي نَصْبُ الْقَيِّمِ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَلَيْسَ لَهُ نَصْبُ خَادِمٍ لِلْمَسْجِدِ بِغَيْرِ شَرْطٍ، فَاسْتَفَدْتُ مِنْهَا مَا ذَكَرْتُهُ يُكْرَهُ إعْطَاءُ فَقِيرٍ مِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَةٌ فَأَشْبَهَتْ الزَّكَاةَ. إلَّا إذَا أَوْقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ فَلَا يُكْرَهُ كَالْوَصِيَّةِ كَذَا فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ (90) قَوْلُهُ: فَأَجَبْتُ بِأَنَّهُ إنْ فَوَّضَ فِي صِحَّتِهِ يَنْتَقِلُ لِلْحَاكِمِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: بَلْ يَجِبُ لَأَنْ يَنْتَقِلَ إلَى الْحَاكِمِ وَلَوْ فَوَّضَ يَعْنِي فِي مَرَضِهِ؛ لِأَنَّ فِي التَّفْوِيضِ تَفْوِيتُ الْعَمَلِ بِالشَّرْطِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ مِنْ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّك تُحَيَّرُ لِمَنْ فَوَّضَ لَهُ أَنْ يُفَوِّضَ فِي مَرَضِهِ مَثَلًا وَهَكَذَا الثَّانِي وَالثَّالِثُ فَلَا يَعْمَلُ بِالشَّرْطِ أَصْلًا (انْتَهَى) (91) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ إلَخْ فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ تَجْنِيسِ الْفَتَاوَى: رَجُلٌ وَقَفَ مَنْزِلَهُ عَلَى وَلَدَيْهِ وَعَلَى أَوْلَادِهِمَا أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا فَأَرَادَ السُّكْنَى لَيْسَ لَهُمَا حَقُّ السُّكْنَى (انْتَهَى) . وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا أَطْلَقَ الْوَقْفَ فِي الدَّارِ كَانَ لِلْغَلَّةِ لَا لِلسُّكْنَى وَهِيَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ فَلْيُحْفَظْ وَبِالْعُيُونِ تُلْحَظْ

الِاخْتِيَارِ وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ حُكْمُ الْمُرَتَّبِ الْكَثِيرِ مِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ الْفُقَرَاءِ، فَلْيُحْفَظْ: إذَا وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ مُدَّعِيهِمَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْقَرَابَةِ وَالْفَقْرِ، إذْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ جِهَةِ الْقَرَابَةِ. 92 - وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ أَنَّهُ فَقِيرٌ مُعْدِمٌ، وَمَنْ لَهُ نَفَقَةٌ عَلَى غَيْرِهِ وَلَا مَالَ لَهُ فَقِيرٌ، إنْ كَانَتْ لَا تَجِبُ إلَّا بِالْقَضَاءِ كَذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ وَإِنْ كَانَتْ تَجِبُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَلَيْسَ بِفَقِيرٍ، كَالْوَلَدِ الصَّغِيرِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ . إذْ جَعَلَ تَعْمِيرَ الْوَقْفِ فِي سَنَةٍ وَقَطَعَ مَعْلُومَ الْمُسْتَحِقِّينَ كُلِّهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ فَمَا قَطَعَ لَا يَبْقَى لَهُمْ دَيْنًا عَلَى الْوَقْفِ، 93 - إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْغَلَّةِ زَمَنَ التَّعْمِيرِ، بَلْ زَمَنَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ عَمَّرَهُ أَوْ لَا. وَفِي الذَّخِيرَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ النَّاظِرَ إذَا صَرَفَ لَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (92) قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ أَنَّهُ فَقِيرٌ أَيْ لَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى فَقْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الِاسْتِحْقَاقَ وَالدَّعْوَى لَا تَثْبُتُ بِقَوْلِ الْمُدَّعِي. قَالَ فِي تَتِمَّةِ الْفَتَاوَى: إذَا وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ فَجَاءَ رَجُلٌ يَدَّعِي الْغَلَّةَ وَيَدَّعِي أَنَّهُ قَرِيبُ الْوَاقِفِ أَوْ أَنَّهُ مِنْ قَرَابَتِهِ كُلِّفَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى قَرَابَتِهِ وَأَنَّهُ فَقِيرٌ يَحْتَاجُ إلَى هَذَا الْوَقْفِ وَلَيْسَ لَهُ أَحَدٌ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُكَلَّفَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْفَقْرِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ الْأَصْلُ فِيهِ الْفَقْرُ؛ لِأَنَّهُ خُلِقَ وَهُوَ عَدِيمُ الْمَالِ وَلَكِنْ قُلْنَا: يُكَلَّفُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْفَقْرِ الْأَصْلِيِّ اسْتِحْقَاقٌ بِالظَّاهِرِ وَاسْتِصْحَابُ الْحَالِ وَأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِلِاسْتِحْقَاقِ كَذَا فِي شَرْحِ الْفَوَائِدِ لِلطَّرَسُوسِيِّ (93) قَوْلُهُ: إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْغَلَّةِ. قِيلَ: يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةٌ فَإِنَّ فِيهَا الْمُسْتَحِقَّ يُقَدَّمُ عَلَى الْعِمَارَةِ وَهِيَ مَا لَوْ قَالَ وَاقِفُ الْأَرْضِ تَكُونُ غَلَّةُ هَذِهِ الْأَرْضِ لِفُلَانٍ سَنَةً ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لِفُلَانٍ آخَرَ أَبَدًا مَا بَقِيَ ثُمَّ بَعْدَهُ لِلْمَسَاكِينٍ، فَاحْتَاجَتْ الْأَرْضُ إلَى

مَعَ الْحَاجَةِ إلَى التَّعْمِيرِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (انْتَهَى) . وَفَائِدَةُ مَا ذَكَرْنَاهُ لَوْ جَاءَتْ الْغَلَّةُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَفَضَلَ شَيْءٌ بَعْدَ صَرْفِ مَعْلُومِهِمْ هَذِهِ السَّنَةَ، لَا يُعْطِيهِمْ الْفَاضِلَ عِوَضًا عَمَّا قَطَعَ. وَقَدْ اُسْتُفْتِيتُ عَمَّا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ الْفَاضِلَ عَنْ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلْعُتَقَاءِ، وَقَدْ قُطِعَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ فِي سَنَةٍ شَيْءٌ بِسَبَبِ التَّعْمِيرِ، هَلْ يُعْطِي الْفَاضِلَ فِي الثَّانِيَةِ لَهُمْ أَمْ لِلْعُتَقَاءِ؟ فَأَجَبْتُ لِلْعُتَقَاءِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. وَإِذَا قُلْنَا بِتَضْمِينِ النَّاظِرِ إذَا صَرَفَ لَهُمْ مَعَ الْحَاجَةِ إلَى التَّعْمِيرِ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِمَا دَفَعَهُ لِكَوْنِهِمْ قَبَضُوا مَا لَا يَسْتَحِقُّونَهُ أَوْ لَا؟ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا، لَكِنْ نَقَلُوا فِي بَابِ النَّفَقَاتِ أَنَّ مُودِعَ الْغَائِبِ إذَا أَنْفَقَ الْوَدِيعَةَ عَلَى أَبَوَيْ الْمُودِعِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِذْنِ الْقَاضِي، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَإِذَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ضَمِنَ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَدْفُوعَ مِلْكُهُ لِاسْتِنَادِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعِمَارَةِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَإِنْ عُمِّرَتْ فِي السَّنَةِ الْأُولَى لَمْ يَفْضُلْ مِنْ غَلَّتِهَا شَيْءٌ اُسْتُحْسِنَ تَأْخِيرُ عِمَارَتِهَا حَتَّى تَمْضِيَ هَذِهِ السَّنَةُ وَيَأْخُذَ صَاحِبُ هَذِهِ السَّنَةِ غَلَّاتِهَا لِتِلْكَ السَّنَةِ، فَإِذَا صَارَتْ إلَى الْآخِرِ عُمِّرَتْ مِنْ غَلَّتِهَا؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعِمَارَةِ سَنَةً لَيْسَ يُخْرِجُهَا عَنْ حَالِ الْوَقْفِ. وَهَذَا الَّذِي يَصِيرُ إلَيْهِ الْوَقْفُ مَا عَاشَ إنْ فَاتَتْهُ غَلَّةٌ كَانَتْ لَهُ غَلَّةُ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، ذَكَرَ ذَلِكَ الْخَصَّافُ فِي أَوْقَافِهِ (انْتَهَى) . وَقِيلَ عَلَيْهِ: لَا مَحَلَّ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِمْ الَّذِي يَبْدَأُ بِهِ مِنْ غَلَّةٍ بِالْوَقْفِ تَعْمِيرُهُ مَا إذَا كَانَ فِي تَرْكِ الْعِمَارَةِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ، وَمَحَلُّ مَسْأَلَةِ الْخَصَّافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِ تَعْمِيرِ الْوَقْفِ هَلَاكُ الْوَقْفِ، يُشْعِرُ بِذَلِكَ قَوْلُ الْخَصَّافِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعِمَارَةِ سَنَةً لَيْسَ مِمَّا يُخْرِجُ الْوَقْفَ عَنْ حَالِهِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ التَّعْمِيرَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْخَرَابُ بِصُنْعِ أَحَدٍ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ آجَرَ دَارًا مَوْقُوفَةً فَجَعَلَ الْمُسْتَأْجِرُ رِوَاقَهَا مَرْبِطًا فِيهِ الدَّوَابُّ وَخَرَّبَهَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ بِغَيْرِ الْإِذْنِ.

مِلْكِهِ إلَى وَقْفِ التَّعَدِّي. كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا. وَقَالُوا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ: إنَّ الْمَضْمُونَاتِ يَمْلِكُهَا الضَّامِنُ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ التَّعَدِّي، حَتَّى لَوْ غَيَّبَ الْغَاصِبُ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ وَضَمَّنَهُ الْمَالِكُ مَلَكَهَا مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ فَنَفَذَ بَيْعُهُ السَّابِقُ، وَلَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ بَعْدَ التَّضَمُّنِ نَفَذَ، وَلَوْ كَانَ مَحْرَمَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ بَعْدَ التَّضَمُّنِ نَفَذَ، وَلَوْ كَانَ مَحْرَمَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ مِنْ بَحْثِ الْمِلْكِ. وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ الشُّرُوطِ فِي الْوَقْفِ. لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ قَضَاءَ دَيْنِهِ ثُمَّ انْصَرَفَ الْفَاضِلُ إلَى الْفُقَرَاءِ فَلَمْ يَظْهَرْ دَيْنٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ. 94 - فَصُرِفَ الْفَاضِلُ إلَى الْمَصْرِفِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ عَلَى الْوَاقِفِ، يُسْتَرَدُّ ذَلِكَ مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِمْ (انْتَهَى) ؛ لِأَنَّ النَّاظِرَ لَيْسَ بِمُتَعَدٍّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِعَدَمِ ظُهُورِ الدَّيْنِ وَقْتَ الدَّفْعِ فَلَمْ يَمْلِكْهُ الْقَابِضُ، فَكَانَ لِلنَّاظِرِ اسْتِرْدَادُهُ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ لِكَوْنِهِ صَرَفَ عَلَيْهِمْ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَاجَةِ إلَى التَّعْمِيرِ، وَكَذَا لَا يُرَدُّ مَا إذَا أَذِنَهُ الْقَاضِي بِالدَّفْعِ إلَى زَوْجَةِ الْغَائِبِ فَلَمَّا حَضَرَ جَحَدَ النِّكَاحَ وَحَلَفَ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْعَتَّابِيَّةِ: إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمَرْأَةَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الدَّافِعَ وَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْمَرْأَةِ (انْتَهَى) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَدٍ وَقْتَ الدَّفْعِ، وَإِنَّمَا ظَهَرَ الْخَطَأُ فِي الْإِذْنِ، فَإِنَّمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (94) قَوْلُهُ: فَصَرَفَ الْفَاضِلَ إلَى الْمَصْرِفِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ عَلَى الْوَاقِفِ إلَخْ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: مِثْلُهُ لَوْ صَرَفَ الْمُسْتَحِقُّ ظَانًّا أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ فَظَهَرَ أَنَّهُ مَحْجُوبٌ بِغَيْرِهِ.

دَفَعَ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ إذْنِ الْقَاضِي فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ مَلَكَ الْمَدْفُوعَ بِالضَّمَانِ، فَلَيْسَ بِمُتَبَرِّعٍ. وَفِي النَّوَازِلِ: سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ دَارًا عَلَى مَسْجِدٍ عَلَى أَنَّ مَا فَضَلَ مِنْ عِمَارَتِهِ فَهُوَ لِلْفُقَرَاءِ، فَاجْتَمَعَتْ الْغَلَّةُ، وَالْمَسْجِدُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْعِمَارَةِ. هَلْ تُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ؟ قَالَ لَا تُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ، وَإِنْ اجْتَمَعَتْ غَلَّةٌ كَثِيرَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْدُثَ لِلْمَسْجِدِ حَدَثٌ وَالدَّارُ بِحَالٍ لَا تُغِلُّ. قَالَ الْفَقِيهُ سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَأَجَابَ هَكَذَا. وَلَكِنَّ الِاخْتِيَارَ عِنْدِي أَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ مِنْ الْغَلَّةِ مِقْدَارُ مَا لَوْ احْتَاجَ الْمَسْجِدُ وَالدَّارُ إلَى الْعِمَارَةِ أَمْكَنَ الْعِمَارَةَ مِنْهَا صَرَفُ الزِّيَادَةَ عَلَى الْفُقَرَاءِ، عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ (انْتَهَى بِلَفْظِهِ) . 95 - فَقَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْهُ أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ ثُمَّ الْفَاضِلَ عَنْهَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ، كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي أَوْقَافِ الْقَاهِرَةِ، 96 - فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ إمْسَاكُ قَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْعِمَارَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَإِنْ كَانَ الْآنَ لَا يَحْتَاجُ الْمَوْقُوفُ إلَى الْعِمَارَةِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ لِلْفَقِيهِ. وَعَلَى هَذَا فَيُفَرَّقُ بَيْنَ اشْتِرَاطِ تَقْدِيمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَقَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْهُ أَنَّ الْوَاقِفَ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: مَا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُوَ الْقَوْلُ الْمُعْتَمَدُ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى فِي الْمَذْهَبِ كَمَا فِي جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ (96) قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ إمْسَاكُ قَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْعِمَارَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَقَدْ يُقَالُ قَدْرُ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ غَيْرُ مَعْلُومٍ إذْ هُوَ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ فَلَا يَدْرِي الْقَدْرَ الَّذِي يُرْصَدُ لِلْعِمَارَةِ. وَهَذَا أَمْرٌ جَلِيٌّ لَا سُتْرَةَ فِيهِ. وَغَايَةُ مَا يُقَالُ: إنَّ الْأَمْرَ مُفَوَّضٌ لِلنَّاظِرِ فَيَرْصُدُ الْقَدْرَ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الْحَاجَةُ إلَيْهِ.

الْعِمَارَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَالسُّكُوتِ عَنْهُ، فَإِنَّهُ مَعَ السُّكُوتِ تُقَدَّمُ الْعِمَارَةُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَلَا يَدَّخِرُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا، وَمَعَ الِاشْتِرَاطِ تُقَدَّمُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَيَدَّخِرُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِهَا ثُمَّ يُفَرَّقُ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ إنَّمَا جَعَلَ الْفَاضِلَ عَنْهَا لِلْفُقَرَاءِ. نَعَمْ إذَا اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا لَا يَدَّخِرُ لَهَا عِنْدَ الِاسْتِغْنَاءِ. وَعَلَى هَذَا فَيَدَّخِرُ النَّاظِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ قَدْرًا لِلْعِمَارَةِ. وَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ عَلَّلَهُ فِي النَّوَازِلِ بِجَوَازِ أَنْ يَحْدُثَ لِلْمَسْجِدِ حَدَثٌ وَالدَّارُ بِحَالٍ لَا تُغِلُّ. وَحَاصِلُهُ جَازَ خَرَابُ الْمَسْجِدِ أَوْ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ، وَالْمَوْقُوفُ لَا غَلَّةَ لَهُ فَيُؤَدِّي الصَّرْفُ إلَى الْفُقَرَاءِ مِنْ غَيْرِ ادِّخَارِ شَيْءٍ لِلتَّعْمِيرِ إلَى خَرَابِ الْعَيْنِ الْمَشْرُوطِ تَعْمِيرُهَا أَوَّلًا. وَصِيُّ الْوَاقِفِ نَاظِرٌ عَلَى أَوْقَافِهِ كَمَا هُوَ مُتَصَرِّفٌ فِي أَمْوَالِهِ وَلَوْ جَعَلَ رَجُلًا وَصِيًّا بَعْدَ جَعْلِ الْأَوَّلِ كَانَ الثَّانِي وَصِيًّا لَا نَاظِرًا، كَمَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ. 97 - وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهُ، فَإِنَّ مُقْتَضَى مَا قَالُوا فِي الْوَصَايَا أَنْ يَكُونَا وَصِيَّيْنِ. حَيْثُ لَمْ يُعْزَلْ الْأَوَّلُ فَيَكُونَانِ نَاظِرَيْنِ. 98 - فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ غَيْرُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (97) قَوْلُهُ: وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهٌ. رُبَّمَا يُوَجِّهُهُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمَّا تَعَيَّنَ لِلنَّظَرِ رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ لَمْ تَكُنْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً إلَى كَوْنِ الثَّانِي مُشَارِكًا لَهُ. (98) قَوْلُهُ: فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ غَيْرُهُ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: قَدْ رَاجَعْنَا فَوَجَدْنَا الْخَصَّافَ صَرَّحَ فِي كِتَابِ الْأَوْقَافِ بِأَنَّهُمَا يَكُونَانِ نَاظِرَيْنِ.

[كتاب البيوع]

كِتَابُ الْبُيُوعِ 1 - أَحْكَامُ الْحَمْلِ ذَكَرْنَاهَا هُنَا لِمُنَاسَبَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَعَهُ بَيْعُهُ 2 - وَهُوَ تَابِعٌ لِأُمِّهِ فِي أَحْكَامِ الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ الْمُطْلَقِ لَا الْمُقَيَّدِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَالِاسْتِيلَادِ، وَالْكِتَابَةِ، وَالْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَالرِّقِّ، وَالْمِلْكِ بِسَائِرِ أَسْبَابِهِ، وَحَقُّ الْمَالِكِ الْقَدِيمِ يَسْرِي إلَيْهِ، وَحَقُّ الِاسْتِرْدَادِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَفِي الدَّيْنِ، فَيُبَاعُ مَعَ أُمِّهِ لِلدَّيْنِ، وَحَقُّ الْأُضْحِيَّةِ، وَالرَّهْنُ فَهِيَ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً وَمَا زَادَ عَلَى مَا فِي الْمُتُونِ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَيَتْبَعُهَا فِي الرَّهْنِ، فَإِذَا وَلَدَتْ الْمَرْهُونَةُ كَانَ رَهْنًا مَعَهَا 3 - بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَالْكَفِيلَةِ، وَالْمَغْصُوبَةِ، وَالْمُوصَى بِخِدْمَتِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَتْبَعُهَا. كَمَا فِي الرَّهْنِ مِنْ الزَّيْلَعِيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْبُيُوعِ] قَوْلُهُ: أَحْكَامُ الْحَمْلِ إلَخْ. قِيلَ: وَقَعَتْ حَادِثَةٌ وَهِيَ أَنَّ مَا وُقِفَ لِلْحَمْلِ مِنْ الْإِرْثِ هَلْ لِلْوَلِيِّ بَيْعُهُ أَمْ لَا؟ انْتَهَى. أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ شَيْئًا يُخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفُ، لِلْوَلِيِّ بَيْعُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفُ، فَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا، لَهُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ مُؤْنَتَهُ رُبَّمَا تَسْتَغْرِقُ مَالِيَّتَهُ، وَإِنْ كَانَ عَقَارًا لَا. هَذَا مَا ظَهَرَ لِي تَفَقُّهًا وَالْقَوَاعِدُ تَقْتَضِيهِ. (2) قَوْلُهُ: وَهُوَ تَابِعٌ لِأُمِّهِ فِي أَحْكَامِ إلَخْ. أَقُولُ: وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ: لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى جَارِيَةٍ حُبْلَى عَلَى أَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا لَهُ تَكُونُ الْجَارِيَةُ وَمَا فِي بَطْنِهَا لَهُ (انْتَهَى) . وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْحَمْلَ كَجُزْءٍ مِنْهَا فَلَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ. (3) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجَرَةِ إلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي الرَّهْنِ مِنْ الزَّيْلَعِيِّ. وَنَصُّ عِبَارَتِهِ وَنَمَاءُ الرَّهْنِ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ وَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ لِلرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَلَّدٌ مِنْ مِلْكِهِ وَهُوَ رَهْنٌ

وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمَ مَا إذَا بَاعَ جَارِيَةً وَحَمْلَهَا، أَوْ مَعَ حَمْلِهَا أَوْ بِحَمْلِهَا أَوْ دَابَّةً كَذَلِكَ 5 - فَإِنْ عَلَّلْنَا قَوْلَهُمْ بِفَسَادٍ الْبَيْعِ فِيمَا لَوْ بَاعَ جَارِيَةً إلَّا حَمْلَهَا بِكَوْنِهِ مَجْهُولًا لَا اسْتِثْنَاءً مِنْ مَعْلُومٍ، فَصَارَ الْكُلُّ مَجْهُولًا. نَقُولُ هُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعَ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ وَالرَّهْنُ حَقٌّ مُتَأَكَّدٌ لَازِمٌ يَسْرِي إلَى الْوَلَدِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّاهِنَ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ بِخِلَافِ الْجَارِيَةِ الْجَانِيَةِ حَيْثُ لَا يَسْرِي حُكْمُ الْجِنَايَةِ إلَى الْوَلَدِ فَلَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا غَيْرُ مُتَأَكَّدٍ حَتَّى يَنْفَرِدَ الْمِلْكُ بِإِبْطَالِهِ بِالْفِدَاءِ، وَبِخِلَافِ وَلَدِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَالْكَفِيلَةِ وَالْمَغْصُوبَةِ وَوَلَدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ حَقُّهُ فِي الْمَنْفَعَةِ دُونَ الْعَيْنِ وَفِي الْكَفَالَةِ الْحَقُّ ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ وَالْوَلَدُ لَا يَتَوَلَّدُ مِنْ الذِّمَّةِ، وَفِي الْغَصْبِ السَّبَبُ إثْبَاتُ الْيَدِ الْعَادِيَةِ بِإِزَالَةِ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ وَهُوَ مَعْدُومٌ فِي الْوَلَدِ وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ فِيهِ تَبَعًا؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ حِسِّيٌّ وَالتَّبَعِيَّةُ تَجْرِي فِي الْأَوْصَافِ الشَّرْعِيَّةِ، وَفِي الْجَارِيَةِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهَا الْمُسْتَحِقُّ لَهُ الْخِدْمَةُ وَهِيَ مَنْفَعَةٌ وَالْوَلَدُ غَيْرُ صَالِحٍ لَهَا قَبْلَ الِانْفِصَالِ فَلَا يَكُونُ تَبَعًا لَهَا. . (4) قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمَ مَا إذَا بَاعَ جَارِيَةً وَحَمْلَهَا إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ تَعْلِيلِهِمْ عَدَمَ صِحَّةِ بَيْعِ الْأَمَةِ إلَّا حَمْلَهَا بِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ إفْرَازُهُ بِالْعَقْدِ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْعَقْدِ، وَالْحَمْلُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَطْرَافِ الْحَيَوَانِ لِاتِّصَالِهِ بِهَا وَبَيْعُ الْأَصْلِ يَتَنَاوَلُهُ فَالِاسْتِثْنَاءُ يَكُونُ عَلَى خِلَافِ خَوْفِ مُوجَبِ الْعَقْدِ فَلَمْ يَصِحَّ فَيَصِيرُ شَرْطًا فَاسِدًا وَالْبَيْعُ يَفْسُدُ بِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ أَمَةً وَحَمْلَهَا أَوْ مَعَ حَمْلِهَا لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ كَمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ عِنْدَ التَّأَمُّلِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ وَإِنْ اقْتَضَى عَدَمَ الْفَسَادِ فِيمَا لَوْ بَاعَ أَمَةً وَحَمْلَهَا، أَوْ مَعَ حَمْلِهَا، لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ قَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّهُ يُبَاعُ مَعَ أُمِّهِ لِلدَّيْنِ. (5) قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلَّلْنَا قَوْلَهُمْ بِفَسَادِ الْبَيْعِ إلَخْ. أَقُولُ: عَلَّلَ الْفَسَادَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ بِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا مُتَّصِلٌ بِهَا خِلْقَةً، وَتَسْلِيمُ الْمَبِيعَةِ بِدُونِهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ (انْتَهَى) . وَعَلَيْهِ لَا يَظْهَرُ الْفَسَادُ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ لِإِمْكَانِ تَسْلِيمِهَا مَعَهُ فَتَأَمَّلْ.

بِفَسَادِ الْبَيْعِ بِكَوْنِهِ جَمْعًا بَيْنَ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ، لَكِنْ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا. وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: 6 - بَعْدَ مَا أَعْتَقَ الْحَمْلَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأُمِّ، وَتَجُوزُ هِبَتُهَا 7 - وَلَا تَجُوزُ هِبَتُهَا بَعْدَ تَدْبِيرِ الْحَمْلِ عَلَى الْأَصَحِّ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. 8 - وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا حَمَلَتْ أَمَةٌ كَافِرَةٌ لِكَافِرٍ مِنْ كَافِرٍ فَأَسْلَمَ هَلْ يُؤْمَرُ مَالِكُهَا بِبَيْعِهَا لِصَيْرُورَةِ الْحَمْلِ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَبِيهِ. وَلِحَالِ أَنَّ سَيِّدَهُ كَافِرٌ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَعْدَ مَا أَعْتَقَ الْحَمْلَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأُمِّ وَتَجُوزُ هِبَتُهَا. وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْتِثْنَاءَ مَا فِي بَطْنِهَا عِنْدَ بَيْعِهَا لَا يَجُوزُ قَصْدًا فَكَذَا حُكْمًا بِخِلَافِ الْهِبَةِ. كَذَا فِي الْفَتْحِ وَفَرَّقَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِأَنَّ الْبَيْعَ يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَالْهِبَةَ لَا تَفْسُدُ بِهِ وَأَمَّا امْتِنَاعُ الْهِبَةِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ فَلِاتِّصَالِ مِلْكِ الْوَاهِبِ بِالْمَوْهُوبِ فَإِنَّ الْمُدَبَّرَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْحَمْلُ مُعْتَقًا فَإِنَّهُ لَا مَالِكَ فِيهِ فَلَمْ يَتَّصِلْ بِهِ مَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ فَتَأَمَّلْ. (7) قَوْلُهُ: وَلَا تَجُوزُ هِبَتُهَا بَعْدَ تَدْبِيرِ الْحَمْلِ إلَخْ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: لَوْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ وَهَبَهَا جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ وَاشْتِغَالَ بَطْنِهَا لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ كَمَا إذَا وَهَبَ أَرْضًا وَفِيهَا أَبْنِيَةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا دَبَّرَ الْحَمْلَ ثُمَّ وَهَبَهَا حَيْثُ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ فِيهِ بَاقٍ وَلَا يُمْكِنُ إدْخَالُهُ فِي الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ وَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ فِي الْأُمِّ بِدُونِهِ؛ لِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِهِ فَصَارَ نَظِيرَ هِبَةِ النَّخْلِ بِدُونِ الثَّمَنِ أَوْ الْجُوَالِقِ بِدُونِ الدَّقِيقِ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمْنَعُ الْقَبْضَ. (8) قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا حَمَلَتْ أَمَةٌ كَافِرَةٌ لِكَافِرٍ مِنْ كَافِرٍ فَأَسْلَمَ إلَخْ. قِيلَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِبَيْعِهَا؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْوَضْعِ مَوْهُومٌ وَبِهِ لَا يَسْقُطُ حَقُّ الْمَالِكِ وَلِذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ أَوْصَى بِمَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ لِفُلَانٍ إنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ بِأَنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ

وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمَ الْإِجَازَةِ لَهُ وَيَنْبَغِي فِيهِ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهَا تَجُوزُ لِلْمَعْدُومِ. فَالْحَمْلُ أَوْلَى، 10 - وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَالْوَصِيَّةِ 11 - بَلْ أَوْلَى. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْجَنِينِ تَبَعًا لِأُمِّهِ بَيْنَ بَنِي آدَمَ وَالْحَيَوَانَاتِ، فَالْوَلَدُ مِنْهَا لِصَاحِبِ الْأُنْثَى لَا لِصَاحِبِ الذَّكَرِ كَذَا فِي كَرَاهِيَةِ الْبَزَّازِيَّةِ. 12 - وَلَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْجِنَايَةِ فَلَا يُدْفَعُ مَعَهَا إلَى وَلِيِّهَا 13 - وَكَذَا لَا يَتْبَعُهَا فِي حَقِّ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمَ الْإِجَازَةِ لَهُ إلَخْ. أَقُولُ هِيَ بِالزَّايِ أَيْ رِوَايَةُ الْحَدِيثِ وَبِهِ سَقَطَ مَا قِيلَ: الْإِجَازَةُ لِلْمَعْدُومِ غَيْرُ مُصَوَّرَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَمَلُّكُ الْمَنَافِعِ وَهُوَ لَا يَتَأَتَّى فِي الْمَعْدُومِ أَمَّا الْوَاقِفُ وَالْوَصِيَّةُ فَمِنْ بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ لَا التَّمْلِيكِ، وَلِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَحْتَاجُ إلَى مُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا وَلَمْ يَكُنْ لِلْحَمْلِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ. (10) قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَالْوَصِيَّةِ. يَعْنِي عَلَيْهِ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مَنْ سَيُحْدِثُهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ. (11) قَوْلُهُ: بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ بِالْمَعْدُومِ كَمَا تَقَدَّمَ. (12) قَوْلُهُ: وَلَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْجِنَايَةِ إلَخْ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَذَكَرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْمُخْتَصَرِ أَنَّ حُكْمَ الْجِنَايَةِ يَسْرِي مِنْ الْأُمِّ إلَى الْوَلَدِ، وَالضَّابِطُ فِي سِرَايَةِ الْحَقِّ الثَّابِتِ فِي الْأُمِّ إلَى الْوَلَدِ وَالْأَرْشِ أَنَّ الْحَقَّ فِي الْعَيْنِ إذَا كَانَ مُسْتَقِرًّا يَسْرِي إلَى الْوَلَدِ وَالْأَرْشِ كَمَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَإِذَا كَانَ الْحَقُّ فِي الْعَيْنِ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ لَا يَسْرِي إلَى الْوَلَدِ وَالْأَرْشِ كَمَا فِي الْهِبَةِ وَإِذَا كَانَ مُسْتَقِرًّا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى الْوَلَدِ دُونَ الْأَرْشِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَالِكِ الْقَدِيمِ وَتَفْصِيلُ الْأَحْكَامِ وَبَيَانِ أَوْجُهِهَا فِي الْعِمَادِيَّةِ. (13) قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا يَتْبَعُهَا فِي حَقِّ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ. قِيلَ عَلَيْهِ: كَيْفَ يَتَخَلَّفُ الْجَنِينُ عَنْ أُمِّهِ مَعَ كَوْنِهِ جُزْءًا مِنْهَا أَوْ فِي حُكْمِهِ وَهَذَا خِلَافُ الْمُشَاهَدِ.

وَلَا فِي حَقِّ الْفُقَرَاءِ فِي الزَّكَاةِ فِي السَّائِمَةِ وَلَا فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْأُمِّ، وَلَا فِي وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهَا، وَلَا تُقْتَلُ، وَلَا تُحَدُّ إلَّا بَعْدَ وَضْعِهَا، 15 - وَلَا يَتَزَكَّى الْجَنِينُ بِزَكَاةِ أُمِّهِ. 16 - فَلَا يَتْبَعُهَا فِي سِتَّةِ مَسَائِلَ، وَلَا يُفْرَدُ بِحُكْمٍ مَا دَامَ مُتَّصِلًا بِهَا؛ فَلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ إلَّا فِي إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً يُفْرَدُ بِهَا فِي الْإِعْتَاقِ، وَالتَّدْبِيرِ 17 - وَالْوَصِيَّةِ بِهِ وَلَهُ؛ وَالْإِقْرَارِ بِهِ وَلَهُ، 18 - بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُتُونِ فِي الْوَصِيَّةِ، وَالْإِقْرَارِ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ. 19 - وَتَجِبُ نَفَقَتُهُ لِأُمِّهِ، وَيَرِثُ وَيُورَثُ فَإِنَّ مَا يَجِبُ فِيهِ مِنْ الْغُرَّةِ يَكُونُ مَوْرُوثًا بَيْنَ وَرَثَتِهِ، وَيَصِحُّ الْخُلْعُ عَلَى مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهَا، وَيَكُونُ الْوَلَدُ لَهُ إذَا وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا فِي حَقِّ الْفُقَرَاءِ فِي الزَّكَاةِ فِي السَّائِمَةِ. لَكِنْ إذَا كَانَتْ الْأُمَّهَاتُ دُونَ النِّصَابِ كُمِّلَ النِّصَابُ بِضَمِّ الْفُصْلَانِ إلَيْهَا، وَلَعَلَّهُ لَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِكَوْنِ التَّكْمِيلِ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّبَعِيَّةَ (15) قَوْلُهُ: وَلَا يَتَزَكَّى الْجَنِينُ بِزَكَاةِ أُمِّهِ يَعْنِي عِنْدَ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (16) قَوْلُهُ: فَلَا يَتْبَعُهَا فِي سِتَّةِ مَسَائِلَ إلَخْ. أَقُولُ: الْمَذْكُورُ خَمْسٌ لَا سِتٌّ وَيُزَادُ عَلَيْهَا أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهَا فِي الْكِتَابَةِ وَالْإِجَازَةِ وَالْإِيصَاءِ وَالْوَصِيَّةِ بِخِدْمَتِهَا فَهِيَ تِسْعٌ. (17) قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ بِهِ وَلَهُ. أَقُولُ: وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ عَلَيْهِ فَقَدْ ذَكَرَهَا قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَالْوَصِيَّةِ. (18) قَوْلُهُ: بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُتُونِ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْإِقْرَارِ وَهُوَ أَنْ يَذْكُرَ سَبَبًا صَالِحًا. (19) قَوْلُهُ: وَتَجِبُ نَفَقَتُهُ لِأُمِّهِ إلَخْ. يَعْنِي إذَا طَلَّقَهَا وَهِيَ حَامِلٌ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْحَمْلِ وَتُدْفَعُ لِأُمِّهِ، فَالنَّفَقَةُ لَهُ لَا لِأُمِّهِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهَا لِلْأُمِّ لَا لِلْحَمْلِ

وَلَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ بَعْدَ الْوَضْعِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَهِيَ مَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأُمُّ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا، وَبِإِقْرَارِهِ لَا كَمَا فِي الْكَنْزِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ ثَانِيَةً وَلَدُ الْبَهِيمَةِ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْبَيْعِ إنْ كَانَ مَعَهَا وَقْتَهُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ. رَدُّ الْمَبِيعِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ فَسْخٍ فِي حَقِّ الْكُلِّ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: لَوْ أَحَالَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ ثُمَّ رَدَّ 21 - الْمَبِيعُ عِيبَ بِقَضَاءٍ لَمْ تَبْطُلْ الْحَوَالَةُ. الثَّانِيَةُ: لَوْ بَاعَهُ بَعْدَ الرَّدِّ بِعَيْبِ قَضَاءٍ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي، وَكَانَ مَنْقُولًا لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ كَانَ فَسْخًا لَجَازَ. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: كُنَّا نَظُنُّ أَنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ إلَخْ. أَقُولُ: يُزَادُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مَا فِي الْمَجْمَعِ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَلَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ ثُمَّ كَاتَبَهَا فَوَلَدَتْ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي كِتَابَتِهَا وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ وَيَتْبَعُ الْوَلَدُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا وَيَتْبَعُ الْكِتَابِيَّ مِنْهُمَا لَا الْمَجُوسِيَّ. (21) قَوْلُهُ: رَدُّ الْمَبِيعِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ إلَخْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ بَاعَ الْمَبِيعَ فَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ إلَخْ. وَأَوْرَدَ عَلَى كَوْنِهِ فَسْخًا بِمَسَائِلَ: الْأُولَى لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا فَرُدَّ بِعَيْبٍ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّ الشَّفِيعِ فِي الشُّفْعَةِ، يَعْنِي وَلَوْ كَانَ فَسْخًا لَبَطَلَ. الثَّانِيَةُ لَوْ بَاعَ أَمَتَهُ الْحُبْلَى وَسُلِّمَتْ ثُمَّ رُدَّتْ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ ثُمَّ وَلَدَتْ فَادَّعَاهَا أَبُ الْبَائِعِ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَتُهُ، وَلَوْ كَانَ فَسْخًا لَصَحَّتْ، كَمَا لَوْ لَمْ يَبِعْهَا. الثَّالِثَةُ مَسْأَلَةُ الْحَوَالَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ هَهُنَا ثُمَّ قَالَ: وَأَجَابَ فِي الْمِعْرَاجِ بِأَنَّهُ فَسْخٌ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ لَا فِي أَحْكَامِ الْمَاضِيَةِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَسْطُرٍ كَثِيرَةٍ: وَالدَّلِيلُ عَلَى الْفَسْخِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَنَّ زَوَائِدَ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَرُدُّهَا مَعَ الْأَصْلِ. وَكَذَا لَوْ وَهَبَ دَارًا وَسَلَّمَهَا فَبِيعَتْ بِجَنْبِهَا دَارٌ فَأَخَذَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَرَجَعَ الْوَاهِبُ فِيهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الْأَخْذُ بِشُفْعَةٍ. كَذَا فِي الْفَتْحِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْحَوَالَةِ إذَا لَمْ تَبْطُلْ بِمَا إذَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَمْ لَا.

قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَمِنْ غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ فَسْخًا فِي حَقِّ الْكُلِّ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ حَتَّى رَأَيْنَا نَصَّ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - 22 - عَلَى عَدَمِ جَوَازِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا، كَذَا فِي بُيُوعِ الْخِيرَةِ. 23 - الِاعْتِبَارُ لِلْمَعْنَى لَا لِلْأَلْفَاظِ، صَرَّحُوا بِهِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا الْكَفَالَةُ، فَهِيَ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ حَوَالَةٌ، وَهِيَ بِشَرْطِ عَدَمِ بَرَاءَتِهِ كَفَالَةٌ. وَلَوْ قَالَ بِعْتُك إنْ شِئْت أَوْ شَاءَ أَبِي أَوْ زَيْدٌ. إنْ ذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَقَلَّ كَانَ بَيْعًا بِخِيَارٍ لِلْمَعْنَى وَإِلَّا بَطَلَ التَّعْلِيقُ، وَهُوَ لَا يَحْتَمِلُهُ. وَلَوْ وَهْب الدَّيْنَ لِمَنْ عَلَيْهِ كَانَ إبْرَاءً لِلْمَعْنَى فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الصَّحِيحِ. 24 - وَلَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ، كَانَ بَيْعًا لِلْمَعْنَى لَكِنَّهُ ضَمِنَ اقْتِضَاءً فَلَا تُرَاعَى شُرُوطُهُ، وَإِنَّمَا تُرَاعَى شُرُوطُ الْمُقْتَضَى، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ أَهْلًا لِلْإِعْتَاقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (22) قَوْلُهُ: عَلَى عَدَمِ جَوَازِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا. أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرِهِ لِصِدْقِ بَيْعِ الْمَنْقُولِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَيْهِ. (23) قَوْله: الِاعْتِبَارُ لِلْمَعْنَى لَا لِلْأَلْفَاظِ. يَعْنِي فِي الْعُقُودِ وَبِهِ سَقَطَ مَا قِيلَ. هَذَا فِي غَيْرِ الْأَيْمَانِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ عَلَى أَنَّهُمْ قَالُوا أَيْضًا الْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأَغْرَاضِ وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّوْفِيقُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَعْنَى وَفِي أَوَامِرِ الْعِبَادِ الِاسْمُ يَعْنِي اللَّفْظَ، وَذَلِكَ كَمَنْ قَالَ لِآخَرَ: كَاتِبْ عَبْدِي إنْ عَلِمْت فِيهِ خَيْرًا فَكَاتَبَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ فِيهِ خَيْرًا لَمْ يَجُزْ. وَفِي أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْكِتَابَةِ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ لَوْ كَاتَبَ وَلَمْ يَعْلَمْ فِيهِ خَيْرًا جَازَ وَمِنْ ذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِلْأَصْنَافِ السَّبْعَةِ فَصُرِفَ إلَى وَاحِدٍ يَجُوزُ. وَقِيلَ: يُصْرَفُ إلَى السَّبْعَةِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَعْنَى وَفِي أَوَامِرِ الْعِبَادِ الِاسْمُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ (24) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ إلَخْ. الِاقْتِضَاءُ هُوَ جَعْلُ غَيْرِ الْمَنْطُوقِ مَنْطُوقًا لِتَصْحِيحِ الْمَنْطُوقِ وَهُنَا لَمَّا قَالَ الْآمِرُ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ اقْتَضَى

وَلَا يَفْسُدُ بِأَلْفٍ وَرَطْلٍ مِنْ خَمْرٍ. وَلَوْ رَاجَعَهَا بِلَفْظِ النِّكَاحِ صَحَّتْ لِلْمَعْنَى. وَلَوْ نَكَحَهَا بِلَفْظِ الرَّجْعَةِ صَحَّ أَيْضًا. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ كَانَ إذْنًا لَهُ بِالتِّجَارَةِ، وَتَعَلَّقَ عِتْقُهُ بِالْأَدَاءِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى لَا كِتَابَةً فَاسِدَةً، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَا لَا يُحْصَى كَبَنِي تَمِيمٍ صَحَّ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَهُوَ بَيَانُ الْجِهَةِ كَالْفُقَرَاءِ، 26 - لَا لِلَّفْظِ لِيَكُونَ تَمَلُّكًا لِمَجْهُولٍ، 27 - وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِقَوْلِهِ خُذْ هَذَا بِكَذَا فَقَالَ أَخَذْت، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآمِرَ الْمِلْكُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فَإِنَّ الْإِعْتَاقَ بِالْأَلِفِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالْبَيْعِ وَالْبُيُوعُ مُقْتَضًى وَالْمُقْتَضَى قَوْلٌ غَيْرُ مَذْكُورٍ حَقِيقَةً جُعِلَ كَالْمَذْكُورِ شَرْعًا فَثَبَتَ الْبَيْعُ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ لِصِحَّتِهِ وَلَمَّا كَانَ شَرْطًا كَانَ تَبَعًا لِلْعِتْقِ إذْ الشُّرُوطُ أَتْبَاعٌ فَيَثْبُتُ الْبَيْعُ بِشُرُوطِ الْمُقْتَضَى لَا بِشُرُوطِ نَفْسِهِ إظْهَارًا لِلتَّبَعِيَّةِ حَتَّى سَقَطَ الْقَبُولُ الَّذِي هُوَ رُكْنُ الْبَيْعِ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ حَتَّى صَحَّ الْأَمْرُ بِإِعْتَاقِ الْآبِقِ وَيُعْتَبَرُ فِي الْآمِرِ الْأَهْلِيَّةُ لِلْإِعْتَاقِ، وَمِنْ شُرُوطِ الِاقْتِضَاءِ أَنْ لَا يُصَرِّحَ بِالثَّابِتِ بِهِ بَلْ يَذْكُرُ الْمُقْتَضَى فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ بِأَنْ قَالَ الْمَأْمُورُ: بِعْته مِنْك بِأَلْفٍ وَأَعْتِقْهُ عَنِّي لَمْ يَجُزْ عَنْ الْآمِرِ بَلْ كَانَ مُبْتَدَأً وَوَقَعَ الْعِتْقُ عَنْ نَفْسِهِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي أَعْتِقْ عَبْدَك الَّذِي كَانَ مِلْكَك ثُمَّ صَارَ مِلْكِي بِأَلْفٍ عَنِّي. (25) قَوْلُهُ: وَلَا يَفْسُدُ بِأَلْفٍ وَرَطْلٍ مِنْ خَمْرٍ. أَقُولُ: يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ: فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ أَهْلًا وَذِكْرُهُ بِفَاءِ التَّفْرِيعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (26) قَوْلُهُ: لَا لِلَّفْظِ لِيَكُونَ تَمَلُّكًا لِمَجْهُولٍ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يُظْهِرُ اقْتِضَاءُ اللَّفْظِ فِيهِ التَّمْلِيكَ؛ لِأَنَّ (وَقَفْت) صَرِيحٌ فِي مَعْنَاهُ وَإِنْ أَرَادَ لَفْظَ بَنِي تَمِيمٍ فَكَذَلِكَ. (27) قَوْلُهُ: وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِقَوْلِهِ خُذْ هَذَا بِكَذَا إلَخْ. فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ خُذْ وَقَدْ اشْتَرَطُوا فِيمَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ الْمَاضِي، وَلَفْظُ خُذْ مَوْضُوعٌ لِلِاسْتِقْبَالِ. قُلْت هُوَ - وَإِنْ كَانَ مَوْضُوعًا لِلِاسْتِقْبَالِ - إلَّا أَنَّهُ كَالْمَاضِي مَعْنًى مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَسْتَدْعِي

وَيَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ مَعَ ذِكْرِ الْبَدَلِ. 29 - وَبِلَفْظِ الْإِعْطَاءِ 30 - وَالِاشْتِرَاكِ، وَالْإِدْخَالِ 31 - وَالرَّدّ 32 - وَالْإِقَالَةِ عَلَى قَوْلٍ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مُفَصَّلًا مَعْزُوًّا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ. 33 - وَتَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَبِلَفْظِ الصُّلْحِ عَنْ الْمَنَافِعِ وَبِلَفْظِ الْعَارِيَّةِ. وَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى مِلْكِ الْعَيْنِ لِلْحَالِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQسَابِقَةَ الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ اسْتِدْعَاءَ الْمَاضِي سَبَقَ الْبَيْعَ بِحَسَبِ الْوَضْعِ وَاسْتِدْعَاءِ أَخْذِهِ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك عَبْدِي هَذَا بِأَلْفٍ، فَقَالَ هُوَ حُرٌّ، عَتَقَ وَثَبَتَ، اشْتَرَيْت اقْتِضَاءً وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ لِلْمَعَانِي لَا لِلْأَلْفَاظِ. (28) قَوْلُهُ: وَيَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ إلَخْ. يَعْنِي نَظَرًا لِلْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ هِبَةٌ لَفْظًا بَيْعٌ مَعْنًى وَذَلِكَ كَمَا إذَا قَالَ: وَهَبْت لَك هَذِهِ الدَّارَ بِأَلْفٍ وَهَذَا الْعَبْدَ بِثَوْبِك هَذَا فَرَضِيَ كَانَ بَيْعًا إجْمَاعًا. (29) قَوْلُهُ: وَبِلَفْظِ الْإِعْطَاءِ. قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَيَنْعَقِدُ بِلَفْظِ بَذَلْتُهُ بِكَذَا. (30) قَوْلُهُ: وَالِاشْتِرَاكِ وَالْإِدْخَالِ. أَيْ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِهِمَا بِأَنْ قَالَ أَشْرَكْتُك فِي كَذَا وَأَدْخَلْتُك فِي كَذَا. (31) قَوْلُهُ: وَالرَّدِّ، كَمَا لَوْ أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ رَجُلٍ فَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ بِعِشْرِينَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أَزِيدُك عَلَى عَشَرَةٍ فَأَخَذَهُ وَذَهَبَ بِهِ وَضَاعَ عِنْدَهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ بِعِشْرِينَ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. (32) قَوْلُهُ: وَالْإِقَالَةِ. أَيْ تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ كَمَا لَوْ قَالَ أَقَلْتُك بِكَذَا فَقَالَ قَبِلْت عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي جَعْفَرٍ لَا يَنْعَقِدُ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي. (33) قَوْلُهُ: وَتَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ إلَخْ. قَالُوا لَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ

وَيَنْعَقِدُ السَّلَمُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَعَكْسِهِ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ بِعْتُ نَفْسَك مِنْك بِأَلْفٍ كَانَ إعْتَاقًا عَلَى مَالٍ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَلَوْ شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ كُلَّ الرِّبْحِ كَانَ الْمَالُ قَرْضًا وَلَوْ شَرَطَ لِرَبِّ الْمَالِ كَانَ بِضَاعَةً. وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِأَلْفَاظِ الْعِتْقِ وَلَوْ صَالَحَهُ عَنْ أَلْفٍ عَلَى نِصْفِهِ 35 - قَالُوا إنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْبَاقِي فَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ كَالْإِبْرَاءِ وَكَوْنُهُ عَقْدَ صُلْحٍ يَقْتَضِي الْقَبُولَ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ رُكْنُهُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ. وَلَوْ وُهِبَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَقَبِلَ كَانَتْ إقَالَةً. وَخَرَجَتْ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسَائِلُ: مِنْهَا: لَا تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ بِالْبَيْعِ بِلَا ثَمَنٍ، وَلَا الْعَارِيَّةُ بِالْإِجَارَةِ بِلَا أُجْرَةٍ، وَلَا الْبَيْعُ بِلَفْظِ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ. وَلَا يَقَعُ الْعِتْقُ بِأَلْفَاظِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّهُ وُضِعَ لِتَمْلِيكِ الْأَعْيَانِ، وَالْإِجَارَةُ لِتَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ الْمَعْدُومَةِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ فَيُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ لَفْظِ الْبَيْعِ حَيْثُ لَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِهِ وَبَيْنَ لَفْظِ الْهِبَةِ حَيْثُ تَنْعَقِدُ بِهِ الْإِجَارَةُ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْهِبَةَ لَمَّا كَانَتْ أَشْبَهَ بِالْإِجَارَةِ مِنْ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَمَّا كَانَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ صَحَّ اسْتِعَارَةُ لَفْظِ الْهِبَةِ لَهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْمَالَ فِيهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (انْتَهَى) . وَقَدْ ذَكَرَ فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ خِلَافًا فِي انْعِقَادِهَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ. وَمِنْ عِبَارَةِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ يُفْهَمُ أَنَّ عَدَمَ انْعِقَادِهَا بِلَفْظِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (34) قَوْلُهُ: وَيَنْعَقِدُ السَّلَمُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ عَلَى الْأَصَحِّ اعْتِبَارًا لِجَانِبِ الْمَعْنَى كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْبَحْرِ. (35) قَوْلُهُ: قَالُوا إنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْبَاقِي، فَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ إلَخْ. يَعْنِي أَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْبَاقِي مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَحَيْثُ كَانَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْعُقُودِ لِلْمَعْنَى لَا اللَّفْظِ كَانَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ مُتَعَيَّنًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ الْقَاعِدَةِ فَلْيُحَرَّرْ.

الطَّلَاقِ وَإِنْ نَوَى. وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ تُرَاعَى فِيهِمَا الْأَلْفَاظُ لَا الْمَعْنَى فَقَطْ. فَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ أَدَّيْت إلَيَّ كَذَا فِي كِيسٍ أَبْيَضَ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَأَدَّاهَا فِي كِيسٍ أَحْمَرَ لَمْ يَعْتِقْ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ مُنَجَّزًا فَعَلَّقَهُ عَلَى كَائِنٍ لَمْ تَطْلُقْ. وَفِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ نَظَرُوا إلَى جَانِبِ اللَّفْظِ ابْتِدَاءً فَكَانَتْ هِبَةً ابْتِدَاءً، وَإِلَى جَانِبِ الْمَعْنَى فَكَانَتْ بَيْعًا انْتِهَاءً، فَتَثْبُتُ أَحْكَامُهُ مِنْ الْخِيَارَاتِ وَوُجُوبِ الشُّفْعَةِ. 36 - بَيْعُ الْآبِقِ لَا يَجُوزُ إلَّا لِمَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ عِنْدَهُ 37 - وَلِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. 38 - الشِّرَاءُ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْمُبَاشِرِ نَفَذَ، فَلَا يَتَوَقَّفُ شِرَاءُ الْفُضُولِيِّ، وَلَا شِرَاءُ الْوَكِيلِ الْمُخَالِفِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَيْعُ الْآبِقِ لَا يَجُوزُ. اُخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الْآبِقِ فَقِيلَ فَاسِدٌ وَقِيلَ بَاطِلٌ وَرَجَّحَ فِي الْفَتْحِ الْفَسَادَ. (37) قَوْلُهُ: وَلِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ. يُخَالِفُهُ مَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْفَتْحِ حَيْثُ قَالَا وَتَجُوزُ هِبَتُهُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ لِيَتِيمٍ فِي حِجْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الْيَدِ يَكْفِي فِي الْهِبَةِ دُونَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ قَبْضٌ بِإِزَاءِ مَالٍ مَقْبُوضٍ مِنْ مَالِ الِابْنِ وَهَذَا قَبْضٌ لَيْسَ بِإِزَائِهِ مَالٌ يَخْرُجُ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ فَكَفَتْ تِلْكَ الْيَدُ لَهُ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ فَإِنَّهُ لَوْ عَادَ عَادَ إلَى مِلْكِ الصَّغِيرِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ وَهَبَ عَبْدَهُ الْآبِقَ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ بَاعَهُ جَازَ فَقَدْ عُكِسَ الْحُكْمُ عَلَى مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُونَ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْهُمْ نَبَّهَ عَلَى هَذَا، وَاعْلَمْ أَنَّ جَوَازَ هِبَةِ الْعَبْدِ الْآبِقِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَأْبَقْ إلَى دَارِ الْحَرْبِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَقَدْ أَفَادَ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ تَزْوِيجُ الْعَبْدِ الْآبِقِ. (38) قَوْلُهُ: الشِّرَاءُ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا إلَخْ. الْأَصْلُ فِيهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا لِغَيْرِ آمِرِهِ كَانَ لِلْعَاقِدِ وَإِنْ أَجَازَهُ لِفُلَانٍ إلَّا إذَا أَضَافَهُ إلَيْهِ بِأَنْ قَالَ اشْتَرَيْته لِفُلَانٍ أَوْ قَبِلْته لَهُ أَوْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْته مِنْ فُلَانٍ وَقَالَ الْفُضُولِيُّ

وَلَا إجَارَةُ الْمُتَوَلِّي أَجِيرًا لِلْوَقْفِ 40 - بِدِرْهَمٍ وَدَانِقٍ بَلْ يَنْفُذُ عَلَيْهِمْ 41 - وَالْوَصِيُّ كَالْمُتَوَلِّي وَقِيلَ تَقَعُ الْإِجَارَةُ لِلْيَتِيمِ، وَتَبْطُلُ الزِّيَادَةُ - كَمَا فِي الْقُنْيَةِ - إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ. 42 - الْأَمِيرُ وَالْقَاضِي إذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ بَاطِلَةٌ وَلَا تَقَعُ الْإِجَارَةُ لَهُ كَمَا فِي سِيَرِ الْخَانِيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQاشْتَرَيْت أَوْ قَبِلْت فَحِينَئِذٍ، يَتَوَقَّفُ وَلَا يَنْفُذُ عَلَى الْعَاقِدِ (انْتَهَى) . وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الشِّرَاءُ لَا يَتَوَقَّفُ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْمُشْتَرِي حَتَّى لَوْ شَرَى حُرٌّ بَالِغٌ لِرَجُلٍ بِلَا أَمْرِهِ فَهُوَ لِنَفْسِهِ أَجَازَ الرَّجُلُ أَوْ لَا، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا عَلَيْهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى شِرَائِهِ لَهُ كَصَبِيٍّ وَفِي مَحْجُورَيْنِ شَرَيَا لِغَيْرِهِمَا يَتَوَقَّفُ فَإِنْ أَجَازَ جَازَ وَعُهْدَتُهُ عَلَى الْمُجِيزِ لَا الْعَاقِدِ وَهَذَا لَوْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ وَأَمَّا لَوْ أَضَافَهُ إلَى مَنْ شَرَاهُ لَهُ بِأَنْ قَالَ بِعْت مِنْك فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْت نَفَذَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ وَهَذَا لَوْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْ فُلَانٍ التَّوْكِيلُ وَلَا الْأَمْرُ فَلَوْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا فَشِرَاءُ الْوَكِيلِ نَفَذَ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَإِنْ أَضَافَ الشِّرَاءَ إلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهِ الْعُهْدَةُ وَتَمَامُ الْكَلَام فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ. (39) قَوْلُهُ: وَلَا إجَارَةُ الْمُتَوَلِّي أَجِيرًا إلَخْ. الصَّوَابُ وَلَا اسْتِئْجَارُ الْمُتَوَلِّي أَجِيرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (40) قَوْلُهُ: بِدِرْهَمٍ وَدَانِقٍ إلَخْ. قِيلَ: لَعَلَّ الْمُرَادَ الْغَبْنُ فِي هَذَا الِاسْتِئْجَارِ بِدِرْهَمٍ وَبِدَانِقٍ فَلَا يَنْفُذُ عَلَى الْوَاقِفِ بَلْ عَلَى الْمُتَوَلِّي. (41) قَوْلُهُ: وَالْوَصِيُّ كَالْمُتَوَلِّي إلَخْ. يَعْنِي لَوْ اسْتَأْجَرَ الْوَصِيُّ لِعَمَلِ الْيَتِيمِ أَجِيرًا بِزِيَادَةٍ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ قَدْرَ مَا لَا يُتَغَابَنُ فِيهَا يَصِيرُ الْوَصِيُّ مُسْتَأْجِرًا لِنَفْسِهِ وَأَجْرُهُ مِنْ مَالِهِ. وَقِيلَ الْإِجَارَةُ لِصَغِيرٍ وَيَرُدُّ الْأَجِيرُ الْفَضْلَ عَلَى الصَّغِيرِ، وَالْجَوَابُ فِي الْأَبِ كَالْجَوَابِ فِي الْوَصِيِّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَلَيْسَ فِيهَا مَا عَزَاهُ إلَيْهَا. (42) قَوْلُهُ: الْأَمِيرُ وَالْقَاضِي إلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي سِيَرِ الْخَانِيَّةِ. وَعِبَارَتُهَا: وَلَوْ أَنَّ أَمِيرَ الْعَسْكَرِ اسْتَأْجَرَ لِلْعَسْكَرِ أَجِيرًا أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ قَدْرَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَعَمِلَ الْأَجِيرُ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ بَاطِلَةً، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْقَاضِي

الذَّرْعُ وَصْفٌ فِي الْمَذْرُوعِ 44 - إلَّا فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ. كَذَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ. 45 - الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُونٌ لَا الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَجِيرًا بِمَا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ فَعَمِلَ الْأَجِيرُ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بَاطِلَةً وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ أَوْ أَمِيرَ الْعَسْكَرِ قَالَ: اسْتَأْجَرْته وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ مَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَفْعَلَ كَانَ جَمِيعُ الْأَجْرِ فِي مَالِهِ كَالْقَاضِي إذَا أَخْطَأَ فِي قَضَائِهِ كَانَ خَطَؤُهُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ، وَإِنْ تَعَمَّدَ الْجَوْرَ كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ. (43) قَوْلُهُ: الذَّرْعُ وَصْفٌ فِي الْمَذْرُوعِ إلَخْ. يَعْنِي فَيَلْغُو فِي الْحَاضِرِ بِخِلَافِ الْكَيْلِ فَإِنَّهُ أَصْلٌ؛ لِأَنَّ الصُّبْرَةَ تَحِلُّ فِي الْكَيْلِ فَيَصِيرُ كُلُّ قَفِيزٍ مِنْهَا أَصْلًا لِنَفْسِهِ كَأَنَّهُ بَيْعٌ بِمُفْرَدِهِ بِخِلَافِ الْمَذْرُوعِ؛ لِأَنَّ الذَّارِعَ هُوَ الَّذِي يَحِلُّ الْمَذْرُوعَ وَيُبَيِّنُ قَدْرَهُ، فَلَا يَكُونُ كُلُّ ذِرَاعٍ أَصْلًا بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ وَصْفٌ لِلثُّبُوتِ مَثَلًا (44) قَوْلُهُ: إلَّا فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ إلَخْ. فَإِنَّهُمَا إذَا شَهِدَا بِوَصْفٍ فَظَهَرَ خِلَافُهُ لَا يُقْبَلُ وَلَوْ ادَّعَى حَدِيدًا مُشَارًا إلَيْهِ وَذَكَرَ أَنَّهُ عَشَرَةُ أَمْنَاءَ فَإِذَا هُوَ عِشْرُونَ أَوْ ثَمَانِيَةٌ تُقْبَلُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فَلْيُرَاجَعْ. (45) قَوْلُهُ: الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ إلَخْ. أَطْلَقَ الضَّمَانَ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا سَمَّى الثَّمَنَ كَمَا سَيَأْتِي أَوَاخِرَ هَذَا الْكِتَابِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى، لَكِنْ قَالَ الطَّرَسُوسِيُّ: إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الثَّمَنِ مِنْ جَانِبِ الْمُشْتَرِي لَا مِنْ جَانِبِ الْبَائِعِ وَحْدَهُ. وَقَدْ فَرَّقَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ عَنْ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَالْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَقَالَ: إنَّ مَا نَقَلَهُ الطَّرَسُوسِيُّ عَنْ الْقُنْيَةِ إنَّمَا هُوَ حُكْمُ الْأَخْذِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ، وَمَا أُخِذَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ أَمَانَةٌ وَإِنَّ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ بَعْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ مَضْمُونٌ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ جَانِبِ الْبَائِعِ وَحْدَهُ (انْتَهَى) . وَتَعَقَّبَهُ بَعْضُ مُعَاصِرِيهِ مِنْ مَشَايِخِنَا بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الطَّرَسُوسِيُّ لَيْسَ بِخَطَأٍ بَلْ لَمْ يَدْرِ مُرَادَهُ فَحَمَلَهُ عَلَى الْخَطَأِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَبِأَنْ يُسَمِّيَ أَحَدَهُمَا، وَيَصْدُرَ مِنْ

[إذا قبض المشتري المبيع بيعا فاسدا ملكه إلا في مسائل]

تَكَرُّرُ الْإِيجَابِ مُبْطِلٌ لِلْأَوَّلِ إلَّا فِي الْعِتْقِ عَلَى مَالِ، كَذَا فِي بَيْعِ الذَّخِيرَةِ. الْعُقُودُ تَعْتَمِدُ فِي صِحَّتِهَا الْفَائِدَةَ فَمَا لَمْ يَفْدِ لَمْ يَصِحَّ، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمٍ اسْتَوَيَا وَزْنًا وَصِفَةً، كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ مَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ كَسُكْنَى دَارٍ بِسُكْنَى دَارٍ. 47 - إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا مَلَكَهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآخَرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَاء بِهِ كَمَا هُوَ فِي قَوْلِهِ هَاتِهِ فَإِنْ رَضِيته أَخَذْته بِعَشْرَةٍ فَإِنَّ تَسْلِيمَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ دَلِيلُ الرِّضَاءِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ حَتَّى أَنْظُرَ فَإِنَّهُ لَمْ يُوَافِقْهُ عَلَى مَا سَمَّى بَلْ جَعَلَهُ مُغَبَّا بِالنَّظَرِ وَأَعْرَضَ عَمَّا سَمَّى، وَجَمِيعُ مَا ذَكَرُوهُ وَفِيهِ تَسْمِيَةُ أَحَدِهِمَا وَحَكَمُوا بِالضَّمَانِ فَهُوَ مِنْ ذَلِكَ الْقِسْمِ الثَّانِي عِنْدَ التَّأَمُّلِ. وَمَنْ نَظَرَ عِبَارَةَ الطَّرَسُوسِيِّ وَجَدَهَا تُنَادِي بِمَا ذَكَرَهُ (انْتَهَى) . وَقَدْ تَعَقَّبَهُ أَخُوهُ أَيْضًا فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ الْمُسَمَّى بِالنَّهْرِ. هَذَا وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الْقَرْضِ مَضْمُونٌ كَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ. وَكَذَا الرَّهْنِ إنْ بَيَّنَ مَا يُرْهَنُ بِهِ فِي الْأَصَحِّ، غَيْرَ أَنَّ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَالْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ يَجِبُ مَا سَمَّيَا لَا الْقِيمَةُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ ضَمَانَ الرَّهْنِ ضَمَانُ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَلَيْسَ بِضَمَانٍ مُبْتَدَأٍ فَيُقَدَّرُ بِالدَّيْنِ ضَرُورَةً، وَضَمَانَ الْبَيْعِ ضَمَانٌ مُبْتَدَأٌ يَجِبُ بِالْعَقْدِ إذْ لَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي شَيْءٌ قَبْلَ الْبَيْعِ فَيَجِبُ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ إيجَابِ الْمُسَمَّى كَضَمَانِ الْغَصْبِ، وَالْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ عَلَى وَجْهِ قَرْضٍ فَاسِدٍ يَكُونُ مَضْمُونًا أَيْضًا، وَصُورَتُهُ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا أَخَذَ رَهْنًا بِشَيْءٍ لِيُقْرِضَهُ فَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَهُ فَالْعَبْدُ ضَامِنٌ لِقِيمَةِ الرَّهْنِ، وَإِنْ كَانَ قَرْضُهُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ الْإِقْرَاضَ كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْمَحْبُوبِيُّ. (46) قَوْلُهُ: تَكَرُّرُ الْإِيجَابِ مُبْطِلٌ لِلْأَوَّلِ إلَخْ. فِي الْبَحْرِ: إذَا تَعَدَّدَ الْإِيجَابُ فَكُلُّ إيجَابٍ بِالْمَالِ انْصَرَفَ قَبُولُهُ إلَى الْإِيجَابِ الثَّانِي وَيَكُونُ بَيْعًا بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَفِي الْإِعْتَاقِ وَالطَّلَاقِ إلَى مَالٍ إذَا قَبِلَ بَعْدَهُمَا لَزِمَهُ الْمَالَانِ وَلَا يُبْطِلُ الثَّانِي الْأَوَّلَ [إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا مَلَكَهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ] (47) قَوْلُهُ: وَاذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا مَلَكَهُ. يَعْنِي إذَا قَبَضَهُ بِإِذْنِ

[بيع الهازل]

الْأُولَى: لَا يَمْلِكُهُ فِي بَيْعِ الْهَازِلِ كَمَا فِي الْأُصُولِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَائِعِ مَلَكَ عَيْنَهُ؛ لِأَنَّهُ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ فَيُفِيدُ الْمِلْكَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ. وَقِيلَ: إنَّهُ يُفِيدُ مِلْكَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ لَا مِلْكَ الْعَيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً شِرَاءً فَاسِدًا لَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا أَوْ طَعَامًا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ أَوْ دَارًا لَا تَجُوزُ الشُّفْعَةُ فِيهَا. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُفِيدُ مِلْكَ الْعَيْنِ بِدَلِيلِ جَوَازِ إعْتَاقِهَا وَثُبُوتِ الشُّفْعَةِ بِهَا كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَإِنَّمَا لَمْ تَجْرِ التَّصَرُّفَاتُ الْمَذْكُورَةُ؛ لِأَنَّ فِي الِاشْتِغَالِ بِهَا إعْرَاضًا عَنْ الرَّدِّ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ [بَيْعِ الْهَازِلِ] (48) قَوْلُهُ: الْأُولَى لَا يَمْلِكُهُ فِي بَيْعِ الْهَازِلِ إلَخْ. إنَّمَا لَا يَمْلِكُ فِي بَيْعِ الْهَازِلِ بِالْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْهَزْلَ بِمَنْزِلَةِ خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَبَدًا وَإِنْ اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا عَدَمُ اخْتِيَارِهِمَا الْحُكْمَ بِالْهَزْلِ وَالشَّرْطِ فَيَتَوَقَّفُ الْمِلْكُ عَلَى اخْتِيَارِهِمَا لَهُ بِرَفْعِ الْهَزْلِ وَالشَّرْطِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ حَيْثُ يَثْبُتُ الْمِلْكُ بِهِ بِالْقَبْضِ لِوُجُودِ الرِّضَاءِ بِالْحُكْمِ فِيهِ دُونَ الْهَزْلِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ وَالْقُنْيَةِ: أَنَّهُ بَاطِلٌ. وَهُوَ مُشْكِلٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْبَاطِلِ وَالْفَاسِدِ مِنْ أَنَّ الْبَاطِلَ هُوَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مُنْعَقِدًا بِأَصْلِهِ وَلَا بِوَصْفِهِ، وَالْفَاسِدَ مَا كَانَ مُنْعَقِدًا لَا بِأَصْلِهِ وَلَا بِوَصْفِهِ، وَبَيْعُ الْهَازِلِ مُنْعَقِدٌ بِحَسَبِ أَصْلِهِ؛ - لِأَنَّ أَصْلَهُ مَالٌ بِمَالٍ، - غَيْرُ مُنْعَقِدٍ بِوَصْفِهِ؛ لِأَنَّ الْهَزْلَ بِمَنْزِلَةِ خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَهُوَ شَرْطٌ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا فَيَكُونُ فَاسِدًا فَكَيْفَ يَكُونُ بَاطِلًا. وَأَجَابَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ عَمَّا فِي الْقُنْيَةِ وَالْخَانِيَّةِ بِأَنَّ مُرَادَهُمَا بِالْبُطْلَانِ الْفَسَادُ وَقَدْ اُسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُمَا لَوْ أَجَازَا إلَخْ جَازَ وَلَوْ كَانَ بَاطِلًا حَقِيقَةً لَمَا جَازَ، إذْ الْبَيْعُ الْبَاطِلُ لَا تَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْخَانِيَّةِ: لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ. وَأَجَابَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِ بَاطِلًا أَنَّهُ يُشْبِهُ الْبَاطِلَ فِي حُكْمِهِ وَهُوَ عَدَمُ إفَادَةِ الْمِلْكِ، لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْ هَذَا كَوْنُ الْفَاسِدِ عَلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ يُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ وَنَوْعٌ لَا يُفِيدُهُ. وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِفَسَادِ بَيْعِ الْهَازِلِ ابْنُ الْمَلِكِ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ، بَقِيَ أَنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى كَوْنِهِ فَاسِدًا أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِي الْجِدِّ لِكَوْنِهِ يَدَّعِي الصِّحَّةَ وَذَلِكَ يَدَّعِي الْفَسَادَ وَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَةً فَبَيِّنَةُ مُدَّعِي الْفَسَادِ أَوْلَى كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي بَعْضِ كُتُبِ الْأُصُولِ: لَوْ اخْتَلَفَا فِي بِنَاءِ الْبَيْعِ عَلَى الْهَزْلِ وَعَدَمِهِ، الْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِي الصِّحَّةَ عِنْدَ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلِمَنْ يَدَّعِي الْهَزْلَ عِنْدَهُمَا.

[اشتراه الأب من ماله لابنه الصغير وباعه له كذلك فاسدا]

الثَّانِيَةُ: لَوْ اشْتَرَاهُ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَبَاعَهُ لَهُ كَذَلِكَ فَاسِدًا لَا يَمْلِكُهُ بِهِ بِالْقَبْضِ حَتَّى يَسْتَعْمِلَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. 50 - الثَّالِثَةُ: لَوْ كَانَ مَقْبُوضًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَمَانَةً لَا يَمْلِكُهُ بِهِ. الرَّابِعَةُ: الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ فِي الْفَاسِدِ بِإِذْنِ بَائِعِهِ مَلَكَهُ. وَتَثْبُتُ أَحْكَامُ الْمِلْكِ كُلُّهَا إلَّا فِي مَسَائِلَ؛ لَا يَحِلُّ لَهُ أَكْلُهُ وَلَا لُبْسُهُ، 51 - وَلَا وَطْؤُهَا لَوْ كَانَتْ جَارِيَةً وَلَوْ وَطِئَهَا ضَمِنَ عُقْرَهَا، وَلَا شُفْعَةَ لِجَارِهِ لَوْ كَانَتْ عَقَارًا. الْخَامِسَةُ: 52 - لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الشَّرْحِ. 53 - إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ [اشْتَرَاهُ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَبَاعَهُ لَهُ كَذَلِكَ فَاسِدًا] قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ لَوْ اشْتَرَاهُ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: الْقَبْضُ يَحْصُلُ بِالِاسْتِعْمَالِ لَا قَبْلَهُ (انْتَهَى) . أَقُولُ: يَلْزَمُ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ الْقَبْضُ وَلَا يَلْزَم مِنْ الْقَبْضِ الِاسْتِعْمَالُ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْقَبْضُ يَكُونُ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْقَبْضَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَكْفِي. [الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ فِي الْفَاسِدِ بِإِذْنِ بَائِعِهِ] (50) قَوْلُهُ: الثَّالِثَةُ لَوْ كَانَ مَقْبُوضًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي إلَخْ. أَقُولُ فِيهِ: إنَّ قَبْضَ الْأَمَانَةِ لَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الْبَيْعِ وَحِينَئِذٍ لَمْ يَحْصُلْ الْقَبْضُ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا صِحَّةَ لِلِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ. (51) قَوْلُهُ: وَلَا وَطْؤُهَا لَوْ كَانَتْ جَارِيَةً إلَخْ. يَعْنِي فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْبُيُوعِ. ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَذَكَرَ قَبْلَهُ: لَوْ حَبِلَتْ مِنْ الْمُشْتَرِي صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لَا عُقْرُهَا. وَذُكِرَ فِي الْكَرَاهَةِ عَنْ الْحَلْوَانِيِّ: يُكْرَهُ وَطْؤُهَا وَلَا يَحْرُمُ. قِيلَ: وَهَلْ إذَا زَوَّجَهَا يَحِلُّ لِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ. وَهَلْ يَطِيبُ الْمَهْرُ لِلْمُشْتَرِي أَمْ لَا، مَحَلُّ نَظَرٍ. (52) قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَخْ. أَيْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا بِصَدَدِ أَنْ تَعُودَ إلَى الْبَائِعِ نَظَرًا إلَى وُجُوبِ الْفَسْخِ فَيَصِيرُ نَاكِحًا أَمَتَهُ. [اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ] (53) قَوْلُهُ: إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ إلَخْ. فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ

الْبُطْلَانِ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَفِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ. كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ 54 - إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ فِي إقَالَةِ فَتْحِ الْقَدِيرِ. لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَاعَ الْمَبِيعَ مِنْ الْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ النَّقْدِ وَادَّعَى الْبَائِعُ الْإِقَالَةَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي، مَعَ أَنَّهُ يَدَّعِي فَسَادَ الْعَقْدِ 55 - وَلَوْ كَانَ عَلَى الْقَلْبِ تَحَالَفَا، وَإِذَا سَمَّى شَيْئًا وَأَشَارَ إلَى خِلَافِ جِنْسِهِ، كَمَا إذَا سَمَّى يَاقُوتًا وَأَشَارَ إلَى زُجَاجٍ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ لِكَوْنِهِ بَيْعَ الْمَعْدُومِ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا سَمَّى هَرَوِيًّا وَأَشَارَ إلَى مَرْوِيٍّ، قِيلَ بَاطِلٌ، فَلَا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ، وَقِيلَ فَاسِدٌ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ. كُلُّ عَقْدٍ أُعِيدَ وَجُدِّدَ فَإِنَّ الثَّانِيَ بَاطِلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQنَقْلًا عَنْ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى: إذَا اخْتَلَفَا فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلْعَقْدِ (انْتَهَى) . قِيلَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ إثْبَاتًا إذَا الْأَصْلُ عَدَمُ الْبَيْعِ وَبَيِّنَةُ الْبُطْلَانِ إنَّمَا أَثْبَتَتْ الْأَصْلَ وَلَمْ تُفِدْ أَمْرًا جَدِيدًا بِخِلَافِ بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ . (54) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ فِي إقَالَةِ فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ، يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا الْفَرْعُ دَاخِلًا تَحْتَ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ لِيَحْتَاجَ إلَى اسْتِثْنَائِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ صِحَّةَ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا ادَّعَى الْإِقَالَةَ وَالْمُشْتَرِي يُنْكِرُهَا فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ (انْتَهَى) . أَقُولُ: فِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ فَإِنَّ ادِّعَاءَهُ الْإِقَالَةَ مُسْتَلْزِمٌ لِادِّعَاءِ صِحَّةِ الْبَيْعِ إذْ الْإِقَالَةُ لَا تَكُونُ فِي غَيْرِ الصَّحِيحِ. (55) قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ عَلَى الْقَلْبِ تَحَالَفَا كَانَ وَجْهُ التَّحَالُفِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِدَعْوَاهُ الْإِقَالَةَ يَدَّعِي أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ بِالرَّدِّ مِائَةٌ مَثَلًا، وَالْبَائِعُ بِدَعْوَاهُ الشِّرَاءَ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ يَدَّعِي أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي يَجِبُ تَسْلِيمُهُ إلَى الْمُشْتَرِي خَمْسُونَ مَثَلًا، فَنَزَلَ اخْتِلَافُهُمَا فِيمَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ إلَى الْمُشْتَرِي مَنْزِلَةَ اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ الْمُوجِبِ لِلتَّحَالُفِ بِالنَّصِّ وَإِلَّا فَالْمِائَةُ الَّتِي هِيَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ إنَّمَا تُرَدُّ إلَى الْمُشْتَرِي بِحُكْمِ الْإِقَالَةِ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَهِيَ غَيْرُ الْخَمْسِينَ الَّتِي هِيَ الثَّمَنُ فِي الْبَيْعِ الثَّانِي كَمَا تَرَى.

فَالصُّلْحُ بَعْدَ الصُّلْحِ بَاطِلٌ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ 57 - وَالنِّكَاحُ بَعْدَ النِّكَاحِ كَذَلِكَ. كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. وَالْحَوَالَةُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ بَاطِلَةٌ، كَمَا فِي التَّلْقِيحِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: الشِّرَاءُ بَعْدَ الشِّرَاءِ صَحِيحٌ، أَطْلَقَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ 58 - وَقَيَّدَهُ فِي الْقُنْيَةِ بِأَنْ يَكُونَ الثَّانِي أَكْثَرَ ثَمَنًا مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ بِجِنْسٍ آخَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَالصُّلْحُ بَعْدَ الصُّلْحِ بَاطِلٌ إلَخْ. يَعْنِي إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَلَى سَبِيلِ الْإِسْقَاطِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ قُبَيْلَ الثَّالِثِ مِنْ الْبُيُوعِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الصُّلْحُ الَّذِي هُوَ إسْقَاطٌ، أَمَّا إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَنْ عِوَضٍ ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى عِوَضٍ آخَرَ فَالثَّانِي هُوَ الْجَائِزُ وَلَا يُفْسَخُ الْأَوَّلُ كَالْبَيْعِ (57) قَوْلُهُ: وَالنِّكَاحُ بَعْدَ النِّكَاحِ إلَخْ. كَذَلِكَ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِمِائَةِ دِينَارٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا بَعْدَ يَوْمٍ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ لَا يَلْزَمُ إلَّا الْمَهْرُ الْأَوَّلُ فَحَسْبُ، وَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ إذْ النِّكَاحُ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَفِي الْبَيْعِ يَلْزَمُهُ الْعَقْدُ الثَّانِي وَيَنْفَسِخُ الْأَوَّلُ وَيُثْبِتُ الِانْفِسَاخُ فِي ضِمْنِهِ ضَرُورَةَ تَصْحِيحِ الثَّانِي، وَلَا يَكُونُ هَذَا زِيَادَةً إلَّا إذَا قَالَ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الزِّيَادَةِ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْفُضُولِيَّ لَوْ زَوَّجَهُ امْرَأَةً بِرِضَاهَا فَوَكَّلَهُ بِتَزْوِيجِهَا مِنْهُ ثَانِيًا انْتَقَضَ الْأَوَّلُ (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا فِي الْفَتَاوَى: لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِأَلْفٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا بِأَلْفَيْنِ فَالْمَهْرُ أَلْفَانِ، وَقِيلَ: أَلْفٌ. كَذَا فِي الْمُنْيَةِ. ثُمَّ ذَكَرَ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ. ثُمَّ قَالَ وَفِي الْمُنْيَةِ تَزَوَّجَ عَلَى مَهْرٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ تَزَوَّجَ عَلَى أَلْفٍ آخَرَ ثَبَتَتْ التَّسْمِيَتَانِ فِي الْأَصَحِّ (58) قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ فِي الْقُنْيَةِ بِأَنْ يَكُونَ الثَّانِي إلَخْ. أَقُولُ: عِبَارَةُ الْقُنْيَةِ بَاعَ دَارًا بِأَلْفٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ: تَصَدَّقْت عَلَيْك بِالدَّارِ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي فَصَدَقَتُهُ بَاطِلَةٌ وَلَهُ الثَّمَنُ، يَعْنِي لِأَنَّ الصَّدَقَةَ أَدْنَى مِنْ الشِّرَاءِ فَلَا يَنْفَسِخُ بِهَا وَلَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِالدَّارِ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ بَاعَهَا مِنْهُ صَحَّ وَتَضَمَّنَ فَسْخَ الصَّدَقَةِ، فَلَا يَنْفَسِخُ بِهَا، وَلَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِالدَّارِ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ بَاعَهَا مِنْهُ صَحَّ وَتَضَمَّنَ فَسْخَ الصَّدَقَةِ، كَمَا لَوْ بَاعَ، ثُمَّ بَاعَ بِأَقَلَّ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ

وَإِلَّا فَلَا. الثَّانِيَةُ: الْكَفَالَةُ بَعْدَ الْكَفَالَةِ صَحِيحَةٌ لِزِيَادَةِ التَّوْثِيقِ، 60 - بِخِلَافِ الْحَوَالَةِ فَإِنَّهَا نَقْلٌ فَلَا يَجْتَمِعَانِ كَمَا فِي التَّلْقِيحِ 61 - وَأَمَّا الْإِجَارَةُ بَعْدَ الْإِجَارَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ؛ فَالثَّانِيَةُ فَسْخٌ لِلْأُولَى، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. 62 - التَّخْلِيَةُ تَسْلِيمٌ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: قَبْضُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْلَ النَّقْدِ بِلَا إذْنِ الْبَائِعِ ثُمَّ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ لَا يَكُونُ رَدًّا لَهُ. الثَّانِيَةُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْعِمَادِيُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQيَقُولُ الْبَائِعُ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَ الْمَبِيعِ، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي بِحَيْثُ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ حَتَّى لَوْ تَفَاسَخَا بَعْدَ تَمَامِهَا تَنْفَسِخُ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بِجِنْسٍ آخَرَ لَيْسَ فِي الْقُنْيَةِ (59) قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا إلَخْ. يَعْنِي لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ. وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ فُضُولِيٌّ فَحَضَرَ الْمَالِكُ وَجَدَّدَ الْبَيْعَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي عَقَدَ الْفُضُولِيُّ عَلَيْهِ الْبَيْعَ فَالِاعْتِبَارُ لِبَيْعِ الْمَالِكِ وَيَكُونُ رَدًّا لِبَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَهِيَ وَاقِعَةٌ الْفَتْوَى. (60) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْحَوَالَةِ فَإِنَّهَا نَقْلٌ فَلَا يَجْتَمِعَانِ إلَخْ. يُفِيدُ أَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ غَيْرُهُ فِي الْأُولَى، وَبِهَذَا تَخْرُجُ الْمَسْأَلَةُ عَنْ كَوْنِهَا مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْقَاعِدَةِ، إذْ الْمُتَبَادَرُ مِنْ تَجْدِيدِ عَقْدِ الْبَيْعِ تَجْدِيدُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَيْعِ الْأَوَّلِ بِعَيْنِهِ وَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِعَيْنِهِ، وَكَذَا الْكَلَامُ فِي الصُّلْحِ بَعْدَ الصُّلْحِ وَالْكَفَالَةِ بَعْدَ الْكَفَالَةِ وَوِزَانُهُ فِي الْحَوَالَةِ اتِّحَادُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَالْمُحَالِ بِهِ فِي الْحَوَالَتَيْنِ مَعًا وَحِينَئِذٍ لَا يَنْتَهِضُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا نَقْلٌ فَلَا يَجْتَمِعَانِ. وَيَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ الْحَوَالَةُ الثَّانِيَةُ وَتَكُونَ تَأْكِيدًا لِلْأُولَى عَلَى طِبْقِ الْكَفَالَةِ فَتَدَبَّرْ ذَلِكَ (61) قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْإِجَارَةُ إلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. يَعْنِي فِي مَسَائِلِ الشُّيُوعِ فِي الْإِجَارَةِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الشَّرْحِ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى نَقْلٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّ تَأْلِيفَ هَذَا الْكِتَابِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الشَّرْحِ (62) قَوْلُهُ: التَّخْلِيَةُ تَسْلِيمٌ إلَخْ. فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ فِي فَصْلِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ نَقْلًا عَنْ الْأَجْنَاسِ: التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْمَبِيعِ وَالْمُشْتَرِي يَكُونُ قَبْضًا بِشُرُوطٍ: أَحَدُهَا أَنْ

وَصَحَّحَ قَاضِي خَانْ أَنَّهَا تَسْلِيمٌ. فِي الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ اتِّفَاقًا. الرَّابِعَةُ: فِي الْهِبَةِ الْجَائِزَةِ فِي رِوَايَةِ خِيَارِ الشَّرْطِ يَثْبُتُ فِي ثَمَانٍ: الْبَيْعُ، وَالْإِجَارَةُ، وَالْقِسْمَةُ، وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ، وَالْكِتَابَةُ وَالرَّهْنُ لِلرَّاهِنِ 64 - وَالْخُلْعُ لَهَا، 65 - وَالْإِعْتَاقُ عَلَى مَالٍ لِلْقِنِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَتَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِهِ بِلَا مَانِعٍ وَلَوْ بَاعَ ضَيْعَةً فِي الصَّحْرَاءِ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ فَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً مِنْهُ بِحَيْثُ يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ فِي الْحَالِ يَكُونُ قَبْضًا وَإِلَّا فَلَا. وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ هُوَ الصَّحِيحُ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مُفْرَزًا غَيْرَ مَشْغُولٍ بِحَقِّ غَيْرِهِ حَتَّى لَوْ بَاعَ دَارًا وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي وَفِيهَا قَلِيلٌ مِنْ مَتَاعِ الْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ تَسْلِيمًا حَتَّى يُسَلِّمَهَا فَارِغَةً، وَلَوْ خَلَّى الْبَائِعُ فِي دَارِهِ بَيْنَ الْمَبِيعِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَكُونُ تَخْلِيَةً عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ بَعْدَهَا فِيهَا يَهْلَكُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَكُونُ تَخْلِيَةً فَيَهْلَكُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (انْتَهَى) . وَفِي الْخُلَاصَةِ: وَكَذَا لَوْ كَانَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِيهَا وَقْتَ الْبَيْعِ. (63) قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ قَاضِي خَانْ أَنَّهَا تَسْلِيمٌ إلَخْ. أَقُولُ تَصْحِيحُ قَاضِي خَانْ مُقَدَّمٌ عَلَى تَصْحِيحِ غَيْرِهِ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي كِتَابِ تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ. قَوْلُهُ: خِيَارُ الشَّرْطِ يَثْبُتُ فِي ثَمَانِيَةٍ إلَخْ. لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ هَلْ يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ خِيَارٌ فِي الثَّمَنِ أَمْ لَا. وَفِي السِّرَاجِيَّةِ: رَجُلٌ قَالَ اشْتَرَيْت هَذِهِ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي فِي هَذِهِ الْخَابِيَةِ فَقَالَ بِعْت بِهَا ثُمَّ رَأَى الدَّرَاهِمَ فَلَهُ الْخِيَارُ وَهَذَا يُسَمَّى خِيَارُ الْكَمِّيَّةِ (انْتَهَى) . فَقَدْ أَثْبَتَ لِلْبَائِعِ خِيَارًا فِي الثَّمَنِ. (64) قَوْلُهُ: وَالْخُلْعُ لَهَا إلَخْ. أَيْ لِلزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ مِنْ جِهَتِهَا يَمِينٌ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ. (65) قَوْلُهُ: وَالْإِعْتَاقُ عَلَى مَالٍ لِلْقِنِّ إلَخْ.؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ مِنْ جِهَتِهِ.

لَا لِلسَّيِّدِ وَلِلزَّوْجِ. 67 - هَكَذَا فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ مَعْزِيًّا إلَى الْأُسْرُوشَنِيِّ نَقْلًا عَنْ بَعْضِهِمْ، وَتَبِعَهُمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَزِدْت عَلَيْهَا فِي الشَّرْحِ سَبْعًا أُخْرَى فَصَارَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ: الْكَفَالَةُ، وَالْحَوَالَةُ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، 68 - وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ، كَمَا فِي أُصُولِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ مِنْ بَحْثِ الْهَزْلِ، وَالتَّسْلِيمُ لِلشُّفْعَةِ بَعْدَ الطَّلَبِ، كَمَا ذَكَرَهُ أَيْضًا مِنْهُ، 69 - وَالْوَقْفُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، 70 - وَالْمُزَارَعَةُ وَالْمُعَامَلَةُ إلْحَاقًا لَهُمَا بِالْإِجَارَةِ، وَلَا يَدْخُلُ الْخِيَارُ فِي سَبْعَةٍ: النِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ إلَّا الْخُلْعَ لَهَا، وَالْيَمِينِ، وَالنَّذْرِ، وَالْإِقْرَارِ إلَّا الْإِقْرَارَ بِعَقْدٍ يَقْبَلُهُ 71 - وَالصَّرْفِ، وَالسَّلَمِ. يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ فِي الصَّرْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (66) قَوْلُهُ: لَا لِلسَّيِّدِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ مِنْ جِهَتِهِ. قَوْلُهُ: وَلِلزَّوْجِ. عَطْفٌ عَلَى السَّيِّدِ، أَيْ وَلَا لِلزَّوْجِ. (68) قَوْلُهُ: وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ إلَخْ. مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَالْخِيَارُ بَاطِلٌ وَفِيهَا وَقْفٌ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ كَانَ الْوَقْفُ بَاطِلًا. (69) قَوْلُهُ: وَالْوَقْفُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ. مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا فِيهِمَا عَلَى أَنَّهُ قَوْلُ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. (70) قَوْلُهُ: وَالْمُزَارَعَةُ وَالْمُعَامَلَةُ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: ثُبُوتُهُ فِيهِمَا بَحْثٌ مِنْهُ لَا أَنَّهُ مَنْقُولٌ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ (انْتَهَى) . أَقُولُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ظَفِرَ بِالْمَنْقُولِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ تَصْنِيفَ الشَّرْحِ سَابِقٌ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ وَإِلَّا فَبَعِيدَةٌ غَايَةَ الْبُعْدِ مِنْ مِثْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ يَسُوقَ مَا بَحَثَهُ مَسَاقَ الْمَنْقُولِ (71) قَوْلُهُ: وَالصَّرْفِ وَالسَّلَمِ إلَخْ. مَعْطُوفَانِ عَلَى قَوْلِهِ: النِّكَاحِ.

فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ إلَّا فِيمَا إذَا اسْتَهْلَكَ رَجُلٌ بَدَلَ الصَّرْفِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي إتْبَاعَ الْجَانِي، وَتَفَرَّقَ الْعَاقِدَانِ قَبْلَ قَبْضِ الْقِيمَةِ مِنْ الْمُتْلِفِ فَإِنَّ الصَّرْفَ لَا يَفْسُدُ عِنْدَهُمَا، خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَمَا فِي الْجَامِعِ 72 - الْبَيْعُ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ فِي اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ مَوْضِعًا. 73 - شَرْطُ رَهْنٍ 74 - وَكَفِيلٍ 75 - وَإِحَالَةٍ 76 - مَعْلُومَيْنِ، وَإِشْهَادٍ، وَخِيَارٍ، وَنَقْدِ ثَمَنٍ إلَى ثَلَاثَةٍ، وَتَأْجِيلِ الثَّمَنِ إلَى مَعْلُومٍ، وَبَرَاءَةٍ مِنْ الْعُيُوبِ، وَقَطْعِ الثِّمَارِ الْمَبِيعَةِ، وَتَرْكِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْبَيْعُ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ فِي اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ إلَخْ. فِي الْخَانِيَّةِ: بَاعَ زَرْعًا وَهُوَ بَقْلٌ عَلَى أَنْ يُرْسِلَ الْمُشْتَرِي فِيهِ دَوَابَّهُ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: هَذِهِ تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ مُلْحَقَةً بِمَا عَدَّهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (73) قَوْلُهُ: شَرْطِ رَهْنٍ. بِأَنْ بَاعَ شَيْئًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا، فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ مَجْهُولًا كَانَ فَاسِدًا، وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا فَإِنْ كَانَ الْكَفِيلُ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ أَوْ كَانَ غَائِبًا وَحَضَرَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَكَفَلَ جَازَ اسْتِحْسَانًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (74) قَوْلُهُ: وَكَفِيلٍ بِأَنْ بَاعَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ كَفِيلًا فَإِنْ كَانَ الْكَفِيلُ غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ فَكَفَلَ حِينَ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَكْفُلْ كَانَ فَاسِدًا فَإِنْ كَانَ الْكَفِيلُ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ أَوْ كَانَ غَائِبًا وَحَضَرَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَكَفَلَ جَازَ اسْتِحْسَانًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. (75) قَوْلُهُ: وَإِحَالَةٍ يَعْنِي لَوْ بَاعَ عَلَى أَنْ يُحِيلَ الْبَائِعُ رَجُلًا بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَسَدَ الْبَيْعُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَلَوْ بَاعَ عَلَى أَنْ يُحِيلَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى غَيْرِهِ بِالثَّمَنِ فَسَدَ الْبَيْعُ قِيَاسًا وَجَازَ اسْتِحْسَانًا (76) قَوْلُهُ: مَعْلُومَيْنِ إلَخْ. بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ صِفَةٌ لِرَهْنٍ وَكَفِيلٍ وَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ: وَإِحَالَةٍ

عَلَى النَّخِيلِ بَعْدَ إدْرَاكِهَا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ، وَوَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ، وَعَدَمِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ حَتَّى يَتَسَلَّمَ الثَّمَنَ، وَرَدِّهِ بِعَيْبٍ وُجِدَ، وَكَوْنِ الطَّرِيقِ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي، وَعَدَمِ خُرُوجِ الْمَبِيعِ مِنْ مِلْكِهِ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ 77 - وَإِطْعَامُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إلَّا إذَا عَيَّنَ مَا يُطْعِمُ الْآدَمِيَّ 78 - وَحَمْلُ الْجَارِيَةِ، 79 - وَكَوْنُهَا مُغَنِّيَةً 80 - وَكَوْنُهَا حَلُوبًا 81 - وَكَوْنُ الْفَرَسِ هِمْلَاجًا وَكَوْنُ الْجَارِيَةِ مَا وَلَدَتْ 82 - وَإِيفَاءُ الثَّمَنِ فِي بَلَدٍ آخَرَ، وَالْحَمْلُ إلَى مَنْزِلِ الْمُشْتَرِي فِيمَا لَهُ حَمْلٌ بِالْفَارِسِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِطْعَامُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَمْ يَتَشَخَّصْ الْمُرَادُ مِنْهُ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ (78) قَوْلُهُ: وَحَمْلُ الْجَارِيَةِ إلَخْ. فِيهِ: أَنَّ الَّذِي فِي الْخَانِيَّةِ نَصُّهُ: وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً لِلظَّرْفِ عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ. (79) قَوْلُهُ: وَكَوْنُهَا مُغَنِّيَةً. يَعْنِي لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ لَوْ شَرَطَ كَوْنَهَا مُغَنِّيَةً وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ. وَالظَّاهِرُ عَنْهُ وَعَنْ الْإِمَامِ الْفَسَادُ. (80) قَوْلُهُ: وَكَوْنُهَا حَلُوبًا. أَيْ الْبَقَرَةَ مَثَلًا وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ تُوهِمُ رُجُوعَ الضَّمِيرِ لِلْجَارِيَةِ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ لَا يُقَالُ جَارِيَةٌ حَلُوبٌ بَلْ يُقَالُ ذَاتُ لَبَنٍ. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: بَاعَ جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا ذَاتُ لَبَنٍ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ، وَقِيلَ: يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ الصِّنَاعَةَ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ: وَلَوْ اشْتَرَى شَاةً أَوْ بَقَرَةً عَلَى أَنَّهَا حَلُوبٌ، رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ جَائِزٌ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ. (81) قَوْلُهُ: وَكَوْنُ الْفَرَسِ هِمْلَاجًا. أَيْ سَهْلَ السَّيْرِ؛ لِأَنَّ الْهِمْلَاجَ لَا يَصِيرُ غَيْرَ هِمْلَاجٍ فَيَجُوزُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ أَوْ كَاتِبٌ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. (82) قَوْلُهُ: وَإِيفَاءُ الثَّمَنِ فِي بَلَدٍ آخَرَ. فِي الْبَزَّازِيَّةِ: بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ الثَّمَنَ

وَحَذْوُ النَّعْلِ، وَخَرَزُ الْخُفِّ، وَجَعْلُ رُقْعَةٍ عَلَى الثَّوْبِ وَهِيَ 84 - خِيَاطَتُهَا، وَكَوْنُ الثَّوْبِ سُدَاسِيًّا، وَكَوْنُ السَّوِيقِ مَلْتُوتًا بِسَمْنٍ، وَكَوْنُ الصَّابُونِ مُتَّخَذًا مِنْ كَذَا جَرَّةٍ مِنْ الزَّيْتِ 85 - وَبَيْعُ الْعَبْدِ إلَّا إذَا قَالَ مِنْ فُلَانٍ 86 - وَجَعَلُهَا بِيعَةً وَالْمُشْتَرِي ذِمِّيٌّ بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ أَنْ يَجْعَلَهَا الْمُسْلِمُ مَسْجِدًا 87 - وَيَرْضَى الْجِيرَانُ إذَا عَيَّنَهُمْ فِي بَيْعِ الدَّارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي بَلَدٍ وَالثَّمَنُ حَالٌّ فَسَدَ (انْتَهَى) . وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا لَا يَفْسُدُ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَدَمُ الْفَسَادِ مُطْلَقًا. (83) قَوْلُهُ: وَحَذْوُ النَّعْلِ إلَخْ. فِي الْخَانِيَّةِ: بَاعَ خُفًّا بِهِ خَرْقٌ عَلَى أَنْ يَخْرُزَهُ الْبَائِعُ جَازَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى نَعْلًا عَلَى أَنْ يَحْذُوَهُ الْبَائِعُ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ خَلَقَانِيٍّ ثَوْبًا وَبِهِ خَرْقٌ عَلَى أَنْ يَخِيطَهُ الْبَائِعُ وَيَجْعَلَ عَلَيْهِ الرُّقْعَةَ جَازَ. (84) قَوْلُهُ: فِي خِيَاطَتِهَا. أَيْ الرُّقْعَةِ. (85) قَوْلُهُ: وَبَيْعُ الْعَبْدِ إلَخْ. فِي الْخَانِيَّةِ: بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ فُلَانٍ كَانَ فَاسِدًا وَإِنْ بَاعَ عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ جَازَ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (86) قَوْلُهُ: وَجَعْلُهَا بِيعَةً وَالْمُشْتَرِي ذِمِّيٌّ إلَخْ. فِي الْخَانِيَّةِ: ذِمِّيٌّ اشْتَرَى أَرْضًا مِنْ مُسْلِمٍ عَلَى أَنْ يَتَّخِذَهَا بِيعَةً، جَازَ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيُكْرَهُ السَّلَمُ أَنْ يَبِيعَهُ بِهَذَا الشَّرْطِ وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْعَصِيرِ عَلَى أَنْ يَتَّخِذَهُ خَمْرًا؛ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ هُنَا حَدٌّ يُطَالِبُهُ بِتَحْصِيلِ الشَّرْطِ، فَيَجُوزُ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ: أَبِيعُك عَلَى أَنْ تَتَّخِذَهَا مَنْزِلًا (87) قَوْلُهُ: وَيَرْضَى الْجِيرَانُ إذَا عَيَّنَهُمْ إلَخْ. فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا عَلَى أَنَّهُ إنْ رَضِيَ جِيرَانُهُ أَخَذَهَا. قَالَ الصَّفَّارُ: لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ. وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ: إنَّ سَمَّى الْجِيرَانَ وَقَالَ إنْ رَضِيَ فُلَانٌ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَخْذَهَا جَازَ

الْكُلُّ مِنْ الْخَانِيَّةِ. الْجَوْدَةُ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ هَدَرٌ إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ: فِي مَالِ الْمَرِيضِ تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ، وَفِي مَالِ الْيَتِيمِ، وَالْوَقْفِ، وَفِي الْقَلْبِ. الرَّهْنُ إذَا انْكَسَرَ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ، فَلِلرَّاهِنِ تَضْمِينُ الْمُرْتَهِنِ. 89 - قِيمَتَهُ ذَهَبًا وَتَكُونُ رَهْنًا، كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الرَّهْنِ. مَا جَازَ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ إلَّا الْوَصِيَّةَ بِالْخِدْمَةِ يَصِحُّ إفْرَادُهَا دُونَ اسْتِثْنَائِهَا. مَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ وَقْتَ الْعَقْدِ وَقَبْلَهُ وَوَقْتَ الْقَبْضِ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ، إلَّا إذَا حَمَلَهُ الْبَائِعُ إلَى بَيْتِ الْمُشْتَرِي، فَلَا يَرُدُّهُ إذَا رَآهُ. 90 - إلَّا إذَا أَعَادَهُ إلَى الْبَائِعِ. بَيْعُ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفٌ إلَّا فِي ثَلَاثٍ فَبَاطِلٌ: إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ فِيهِ لِلْمَالِكِ، وَهِيَ فِي التَّلْقِيحِ. وَفِيمَا إذَا بَاعَ لِنَفْسِهِ. وَهِيَ فِي الْبَدَائِعِ. 91 - وَفِيمَا إذَا بَاعَ عَرَضًا مِنْ غَاصِبٍ عَرَضٌ آخَرُ لِلْمَالِكِ بِهِ، وَهِيَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. بَيْعُ الْبَرَاءَاتِ الَّتِي يَكْتُبُهَا الدِّيوَانُ لِلْعُمَّالِ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْكُلُّ مِنْ الْخَانِيَّةِ: إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَسْرُدْهَا عَلَى هَذَا النَّمَطِ بَلْ ذَكَرَهَا مَشُوبَةً بِأَضْدَادِهَا فِي فَصْلِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ مَعَ أَنَّهَا عِنْدَ كَمَالِ التَّقَصِّي فِي كَلَامِهِ تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ. (89) قَوْلُهُ: قِيمَتُهُ ذَهَبًا. كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ قِيمَتُهُ مَصُوغًا. (90) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَعَادَهُ إلَى الْبَائِعِ إلَخْ. أَيْ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: فَلَا يَرُدُّهُ إذَا رَآهُ. (91) قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا بَاعَ لِنَفْسِهِ إلَخْ. يَعْنِي لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَالُوا مِنْ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا اُسْتُحِقَّ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِالِاسْتِحْقَاقِ، وَلِلْمُسْتَحِقِّ إجَازَتُهُ

يَصِحُّ، فَأَوْرَدَ أَنَّ أَئِمَّةَ بُخَارَى جَوَّزُوا بَيْعَ خُطُوطِ الْأَئِمَّةِ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَالَ الْوَقْفِ قَائِمٌ ثَمَّةَ. وَلَا كَذَلِكَ هُنَا. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ 92 - بَيْعُ الْمَعْدُومِ بَاطِلٌ إلَّا فِيمَا يَسْتَجِرُّهُ الْإِنْسَانُ مِنْ الْبَقَّالِ، إذَا حَاسَبَهُ عَلَى أَثْمَانِهَا بَعْدَ اسْتِهْلَاكِهَا فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ 93 - مَنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى أَوْ أَجَّرَ. 94 - مَلَكَ الْإِقَالَةَ إلَّا فِي مَسَائِلَ، اشْتَرَى الْوَصِيُّ مِنْ مَدْيُونِ الْمَيِّتِ دَارًا بِعِشْرِينَ وَقِيمَتُهَا خَمْسُونَ لَمْ تَصِحَّ الْإِقَالَةُ. اشْتَرَى الْمَأْذُونُ غُلَامًا بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ ثَلَاثَةٌ لَمْ تَصِحَّ وَلَا يَمْلِكَانِ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَيَمْلِكَانِهِ بِخِيَارِ شَرْطٍ أَوْ رُؤْيَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتَهَى) . وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حُكْمَ مَا لَوْ بَاعَهُ وَاشْتَرَاهُ الْفُضُولِيُّ مِنْ نَفْسِهِ، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ إذْ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ فِي الْبَيْعِ إلَّا الْأَبَ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَزِدْت مَسْأَلَتَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ الْأُولَى بَيْعُ الْفُضُولِيِّ مَالَ الصَّغِيرِ، الثَّانِيَةُ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ مَالَ الْمَجْنُونِ، وَهُمَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ (92) قَوْلُهُ: بَيْعُ الْمَعْدُومِ بَاطِلٌ إلَّا فِيمَا يَسْتَجِرُّهُ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا بَيْعُ مَعْدُومٍ صُورَةً وَفِي الْحَقِيقَةِ تَضْمِينُ مَا أَتْلَفَهُ بِغَيْرِ عَقْدٍ شَرْعِيٍّ (انْتَهَى) وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَيْسَ هَذَا بَيْعَ مَعْدُومٍ إنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ بِإِذْنِ مَالِكِهَا عُرْفًا تَسْهِيلًا لِلْأَمْرِ وَدَفْعًا لِلْحَرَجِ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ (انْتَهَى) . وَفِيهِ أَنَّ الضَّمَانَ بِالْإِذْنِ مِمَّا لَا يُعْرَفُ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ. وَفِي النَّهْرِ جَعَلَهُ مِنْ قَبِيلِ الْبَيْعِ بِالتَّعَاطِي. (93) قَوْلُهُ: مَنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى. أَيْ لِنَفْسِهِ. (94) قَوْلُهُ: مَلَكَ الْإِقَالَةَ إلَّا فِي مَسَائِلَ. يُزَادُ عَلَيْهَا مَسْأَلَتَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الْوَقْفِ. الْأُولَى إذَا كَانَ الْعَاقِدُ نَاظِرًا قَبْلَهُ، الثَّانِيَةُ إذَا كَانَ النَّاظِرُ تَعَجَّلَ الْأُجْرَةَ.

وَالْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ لَوْ أَجَّرَ الْوَقْفَ ثُمَّ أَقَالَ وَلَا مَصْلَحَةَ لَمْ تَجُزْ عَلَى الْوَقْفِ 96 - وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ لَا تَصِحُّ إقَالَتُهُ 97 - بِخِلَافِهِ بِالْبَيْعِ تَصِحُّ وَيَضْمَنُ، وَالْوَكِيلُ بِالسَّلَمِ عَلَى خِلَافٍ، تَصِحُّ إقَالَةُ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ، وَلِلْوَارِثِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ دُونَ الْمُوصَى لَهُ. لَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ بَعْدَ هَلَاكِ الْعَيْنِ إلَّا فِي اللُّقَطَةِ وَفِي إجَازَةِ الْغُرَمَاءِ. بَيْعُ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ بَعْدَ هَلَاكِ الثَّمَنِ 98 - الْمَوْقُوفُ يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمَوْقُوفِ عَلَى إجَازَتِهِ، وَلَا يَقُومُ الْوَارِثُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ لَوْ أَجَّرَ الْوَقْفَ ثُمَّ أَقَالَ إلَخْ. فِي الْفَوَائِدِ التَّاجِيَّةِ: إذَا فَسَخَ الْقَيِّمُ الْإِجَارَةَ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ هَلْ يَصِحُّ، وَإِذَا صَحَّ هَلْ يَنْفُذُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْوَقْفِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَى حُصُولِ الْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ وَعَدَمِهَا، كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُنَا وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْقُنْيَةِ. (96) قَوْلُهُ: وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ لَا تَصِحُّ إقَالَتُهُ إلَخْ. فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْإِقَالَةِ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ: وَإِقَالَةُ الْوَكِيلِ بِالسَّلَمِ جَائِزَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، كَالْإِبْرَاءِ. وَكَذَا إقَالَةُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَإِقَالَةُ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ لَا تَجُوزُ إجْمَاعًا. وَأَرَادَ بِإِقَالَةِ الْوَكِيلِ بِالسَّلَمِ الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ السَّلَمِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِشِرَاءِ الْعَيْنِ. (97) قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ بِالْبَيْعِ. فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ: وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا كَانَ أَقَالَ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ. أَمَّا قَبْلَهُ فَيَمْلِكُهَا فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: الْوَكِيلُ لَوْ قَبَضَ الثَّمَنَ لَا يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ إجْمَاعًا. فَتَأَمَّلْ مَا بَيْنَ كَلَامِ الظَّهِيرِيَّةِ وَبَيْنَ كَلَامِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَتَخْصِيصُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي كَلَامِ الظَّهِيرِيَّةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ مِنْ عَيْبٍ أَوْ غَيْرِ عَيْبٍ وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى فَتَأَمَّلْ. (98) قَوْلُهُ: الْمَوْقُوفُ يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمَوْقُوفِ عَلَى إجَازَتِهِ إلَخْ. أَقُولُ: قَدْ تَقَدَّمَ خِلَافُ هَذَا صَرِيحًا

مَقَامَهُ إلَّا فِي الْقِسْمَةِ كَمَا فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ. لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا فِي الشُّفْعَةِ 99 - وَلَهَا صُورَتَانِ، فِي شُفْعَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ. الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْعَقْدُ إذَا أَجَازَ نَفَذَ 100 - وَلَا رُجُوعَ لَهُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ إذَا أَجَازَ الْغَرِيمُ قِسْمَةَ الْوَارِثِ فَإِنَّ لَهُ الرُّجُوعُ. الْحُقُوقُ الْمُجَرَّدَةُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا. 101 - كَحَقِّ الشُّفْعَةِ؛ فَلَوْ صَالَحَ عَنْهُ بِمَالِ 102 - بَطَلَتْ وَرَجَعَ بِهِ وَلَوْ صَالَحَ الْمُخَيَّرَةَ بِمَالِ لِتَخْتَارَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَهَا صُورَتَانِ فِي شُفْعَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ إلَخْ. نَصُّ عِبَارَتِهَا: رَجُلٌ بَاعَ أَرْضَيْنِ وَلِرَجُلٍ آخَرَ أَرْضٌ مُلَازِقَةٌ بِبَعْضِ الْأَرَاضِيِ دُونَ الْبَعْضِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الَّتِي تُلَازِقُ أَرْضَهُ دُونَ الْأُخْرَى بِالشُّفْعَةِ، إذَا كَانَ الشَّفِيعُ الْآخَرُ يَطْلُبُ شُفْعَةَ مَا كَانَ لَزِيقَ أَرْضِهِ وَهُوَ يَطْلُبُ. يُقَالُ لِلطَّالِبِ: إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْكُلَّ أَوْ تَدَعَ. إذَا لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ مَا لَمْ يَكُنْ بِاخْتِيَارِ الشَّفِيعِ وَفِعْلِهِ بَلْ لِلضَّرُورَةِ أَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ أَخْذِ أَحَدِهِمَا فَصَارَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَدَارًا صَفْقَةً وَاحِدَةً كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ دُونَ الْعَبْدِ لِمَا قُلْنَا. كَذَا هُنَا (انْتَهَى) . فَقَدْ تَفَرَّقَتْ الصَّفْقَةُ فِي الْأَرَضِينَ فِي الْعَبْدِ، وَفِي الدَّارِ. (100) قَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ لَهُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ نَصُّ عِبَارَتُهَا. (101) قَوْلُهُ: كَحَقِّ الشُّفْعَةِ إلَخْ. أَمَّا الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى لَهَا بِمَالٍ فَيَجُوزُ وَيَكُونُ افْتِدَاءً لِلْيَمِينِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ مَتَى تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ نَحْوَ الشَّخْصِ فِي أَيِّ حَقٍّ كَانَ، فَافْتَدَى الْيَمِينَ بِدَرَاهِمَ. وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ تَعْزِيرًا بِأَنْ قَالَ كَفَّرَنِي أَوْ ضَلَّلَنِي أَوْ رَمَانِي بِسُوءٍ وَنَحْوِهِ، حَتَّى تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ نَحْوَهُ فَاقْتَدَاهَا بِدَرَاهِمَ، يَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ وَكَذَا لَوْ صَالَحَهُ عَنْ يَمِينِهِ عَلَى عَشَرَةٍ أَوْ مِنْ دَعْوَاهُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْمُجْتَبَى. (102) قَوْلُهُ: بَطَلَتْ وَرَجَعَ بِهِ. أَيْ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ لِلشَّفِيعِ.

بَطَلَ وَلَا شَيْءَ لَهَا، وَلَوْ صَالَحَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ بِمَالِ لِتَتْرُكَ نَوْبَتَهَا 104 - لَمْ يَلْزَمْ وَلَا شَيْءَ لَهَا، هَكَذَا ذَكَرُوهُ فِي الشُّفْعَةِ. 105 - وَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ الْوَظَائِفِ فِي الْأَوْقَافِ. وَخَرَجَ عَنْهَا حَقُّ الْقِصَاصِ 106 - وَمِلْكُ النِّكَاحِ، 107 - وَحَقُّ الرِّقِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الشُّفْعَةِ 108 - وَالْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ إذَا صَالَحَ الْمَكْفُولَ لَهُ بِمَالِ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَجِبْ 109 - وَفِي بُطْلَانِهَا رِوَايَتَانِ، وَفِي بَيْعِ حَقِّ الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ رِوَايَتَانِ، وَكَذَا بَيْعُ الشِّرْبِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (103) قَوْلُهُ: بَطَلَ وَلَا شَيْءَ لَهَا. ظَاهِرُ السِّيَاقِ يَقْتَضِي كَوْنَ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ لِحَقِّهَا الَّذِي هُوَ كَوْنُ الْأَمْرِ بِيَدِهَا لَا لِلصُّلْحِ أَفَادَ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى حَقِّهَا. (104) قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْ أَنْ جَعَلَ الضَّمِيرَ لِلْمَالِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ كَانَ قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لَهَا تَأْكِيدًا وَإِنْ جُعِلَ لِلصُّلْحِ أَفَادَ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى حَقِّهَا. (105) قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا. عَمَلًا بِالْعُرْفِ الْخَاصِّ. (106) قَوْلُهُ: وَمَلَكَ النِّكَاحَ أَيْ الْوَطْءَ. فَإِنَّهُ يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ بِبَدَلِ الْخُلْعِ. (107) قَوْلُهُ: وَحَقَّ الرِّقِّ. أَيْ كَوْنَ السَّيِّدِ مُسْتَرِقًا لِعَبْدِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ وَالْمَالِ الَّذِي يَعْتِقُ الْعَبْدُ عَلَيْهِ (108) قَوْلُهُ: وَالْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ. مُبْتَدَأٌ، خَبَرُهُ قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ، وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ. (109) قَوْلُهُ: وَفِي بُطْلَانِهَا رِوَايَتَانِ. الصَّحِيحُ الصِّحَّةُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.

[الغش حرام إلا في مسألتين]

وَالْمُعْتَمَدُ لَا إلَّا تَبَعًا. 111 - الْعَقْدُ الْفَاسِدُ إذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْعَبْدِ لَزِمَ وَارْتَفَعَ الْفَسَادُ 112 - إلَّا فِي مَسَائِلَ: أَجَّرَ فَاسِدًا فَأَجَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ صَحِيحًا فَلِلْأَوَّلِ نَقْضُهَا. الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُكْرَهِ لَوْ بَاعَ صَحِيحًا فَلِلْمُكْرَهِ نَقْضُهُ. الْمُشْتَرِي فَاسِدًا إذَا أَجَّرَ صَحِيحًا فَلِلْبَائِعِ نَقْضُهُ 113 - وَكَذَا إذَا زَوَّجَ. الْغِشُّ حَرَامٌ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا: فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ اشْتَرَى الْمُسْلِمُ الْأَسِيرَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَدَفَعَ الثَّمَنَ دَرَاهِمَ زُيُوفًا أَوْ عُرُوضًا مَغْشُوشَةً، جَازَ إنْ كَانَ حُرًّا، وَإِنْ كَانَ الْأَسِيرُ عَبْدًا لَمْ يَجُزْ. الثَّانِيَةُ: 114 - يَجُوزُ إعْطَاءُ الزُّيُوفِ وَالنَّاقِصِ فِي الْجِبَايَاتِ. لِلْبَائِعِ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ لِلثَّمَنِ الْحَالِّ إلَّا فِي مَسَائِلَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ مِنْ مَوْلَاهُ وَلَوْ أَمَرَ عَبْدًا لِيَشْتَرِيَ نَفْسَهُ مِنْ مَوْلَاهُ فَاشْتَرَى لِلْآمِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (110) قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ لَا.؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مِنْ الْحُقُوقِ. وَبَيْعُ الْحُقُوقِ بِالِانْفِرَادِ لَا يَجُوزُ وَأَمَّا بَيْعُ عَيْنِ الطَّرِيقِ فَجَائِزٌ سَوَاءٌ حَدَّ أَيْ بَيَّنَ طُولَهُ وَعَرْضَهُ، أَوْ لَا. أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ مُقَدَّرٌ بِقَدْرِ بَابِ الدَّارِ الْعُظْمَى. كَذَا فِي النِّهَايَةِ. (111) قَوْلُهُ: الْعَقْدُ الْفَاسِدُ إذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْعَبْدِ إلَخْ. إنَّمَا لَزِمَ وَارْتَفَعَ الْفَسَادُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَبْدِ بِالثَّانِي، وَنَقْضُ الْأَوَّلِ إنَّمَا كَانَ لِحَقِّ الشَّرْعِ وَحَقُّ الْعَبْدِ مُقَدَّمٌ لِحَاجَتِهِ وَلِأَنَّ الْأَوَّلَ مَشْرُوعٌ بِأَصْلِهِ دُونَ وَصْفِهِ، وَالثَّانِي مَشْرُوعٌ بِأَصْلِهِ وَوَصْفِهِ فَلَا يُعَارِضُهُ مُجَرَّدُ الْوَصْفِ. (112) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسَائِلَ. الْأَوَّلُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالثَّانِيَةُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. [الْغِشُّ حَرَامٌ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ] (113) قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا زَوَّجَ. أَيْ لِلْبَائِعِ فَسْخُ الْبَيْعِ بَعْدَ التَّزْوِيجِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ فَسْخَ النِّكَاحِ. (114) قَوْلُهُ: يَجُوزُ إعْطَاءُ الزُّيُوفِ وَالنَّاقِصِ فِي الْجِبَايَاتِ. جَمْعُ جِبَايَةٍ مِمَّا يُجْبَى مِنْ

وَلَوْ بَاعَهُ دَارًا هُوَ سَاكِنُهَا، إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِلَا إذْنِ الْبَائِعِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ ثُمَّ تَصَرَّفَ. 116 - فَلِلْبَائِعِ نَقْضُ تَصَرُّفِهِ إلَّا فِي التَّدْبِيرِ وَالْإِعْتَاقِ وَالِاسْتِيلَاءِ، 117 - وَلَهُ إبْطَالُ الْكِتَابَةِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ شِرَاءُ الْأُمِّ لِابْنِهَا الصَّغِيرِ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ غَيْرُ نَافِذٍ عَلَيْهِ، إلَّا إذَا اشْتَرَتْ مِنْ أَبِيهِ 118 - أَوْ مِنْهُ وَمِنْ أَجْنَبِيٍّ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. إقَالَةُ الْإِقَالَةِ صَحِيحَةٌ إلَّا فِي السَّلَمِ لِكَوْنِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ دَيْنًا سَقَطَ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي بَابِ التَّخَالُفِ. لِلْمُسْتَأْمَنِ بَيْعُ مُدَبَّرِهِ وَمُكَاتَبِهِ دُونَ أُمِّ وَلَدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّاسِ ظُلْمًا. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ تَلْحَقُ بِالْجِبَايَاتِ مَحْصُولُ الْقَاضِي فِي زَمَانِنَا (انْتَهَى) . وَقَدْ صَحَّفَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ الْجِبَايَاتِ بِالْبَاءِ بِالْجِنَايَاتِ بِالنُّونِ وَاسْتَشْكَلَ دَفْعَ الزُّيُوفِ فِيهَا بِأَنَّ الْأَرْشَ الَّذِي يُعْطَى فِي الْجِنَايَاتِ حَقٌّ شَرْعِيٌّ (115) قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَهُ دَارًا هُوَ سَاكِنُهَا. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْمُشْتَرِي. قَالَ: وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّ الْقَبْضَ السَّابِقَ عَلَى عَقْدِ الْبَيْعِ قَدْ اسْتَحْكَمَ بِالْبَيْعِ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْبَائِعُ مِنْ إبْطَالِهِ بَعْدَ تَأَكُّدِهِ. (116) قَوْلُهُ: فَلِلْبَائِعِ نَقْضُ تَصَرُّفِهِ إلَخْ. مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لِآخَرَ وَوَجْهُ إبْطَالِهِ تَمَكُّنُهُ مِنْ حَقِّهِ الَّذِي هُوَ حَبْسُ الْمَبِيعِ. فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَمْ يُحْبَسْ بِهِ بِدُونِ إبْطَالِ الْبَيْعِ؟ أُجِيبُ بِأَنَّهُ يَصِيرُ حَابِسًا مِلْكَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا وَجْهَ لَهُ فَكَانَ مُضْطَرًّا إلَى الْإِبْطَالِ. (117) قَوْلُهُ: وَلَهُ إبْطَالُ الْكِتَابَةِ لَا يُقَالُ يُمْكِنُ الْحَبْسُ مَعَ إيفَائِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يَلْزَمُ إبْطَالُ حَقِّ الْعَبْدِ الَّذِي هُوَ مَلَكَ التَّصَرُّفِ لِكَوْنِهِ حُرًّا يَدًا فَكَانَ مُضْطَرًّا إلَى إبْطَالِهَا لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْحَبْسِ. . (118) قَوْلُهُ: أَوْ مِنْهُ وَمِنْ أَجْنَبِيٍّ إلَخْ. بِأَنْ اشْتَرَتْ لِلصَّغِيرِ شَيْئًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْأَبِ وَالْأَجْنَبِيِّ.

وَمَنْ بَاعَ مَالَ الْغَائِبِ بَطَلَ بَيْعُهُ، إلَّا الْأَبَ الْمُحْتَاجَ كَذَا فِي نَفَقَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ. الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُونٌ 120 - عِنْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ وَعَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ مُطْلَقًا كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ. 121 - الْحِيلَةُ فِي عَدَمِ رُجُوعِ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ أَنْ يُقِرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَنْ بَاعَ مَالَ الْغَائِبِ بَطَلَ بَيْعُهُ إلَخْ. يَعْنِي إذَا أَبْطَلَهُ مَالِكُهُ وَبِهِ سَقَطَ مَا قِيلَ فِيهِ إنَّ الظَّاهِرَ انْعِقَادُهُ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ فُضُولِيٍّ، وَقَوْلُهُ إلَّا الْأَبَ الْمُحْتَاجَ هُوَ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْعَقَارِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَّا إذَا كَانَ الِابْنُ صَغِيرًا. وَذَكَرَ فِي الْأَقْضِيَةِ أَنَّ الْأُمَّ أَيْضًا تَمْلِكُ الْبَيْعَ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا. بِخِلَافِ الْأَبِ (انْتَهَى) . وَالْمَفْهُومُ مِنْ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا يَبْطُلُ إذَا كَانَ لِأَجْلِ النَّفَقَةِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ فِي بَابِ النَّفَقَاتِ فَذِكْرُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَهُ فِي هَذَا الْبَابِ يُوهِمُ أَنَّ بَيْعَ مَالِ الْغَائِبِ بَاطِلٌ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ النَّفَقَةِ فَهُوَ مَوْقُوفٌ؛ لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ. فِي ذَلِكَ تَأَمُّلٌ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ صَاحِبِ الْخُلَاصَةِ وَهِيَ: وَنَفَقَةُ الْإِنَاثِ وَاجِبَةٌ مُطْلَقًا عَلَى الْآبَاءِ مَا لَمْ يُزَوَّجْنَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ مَالٌ. وَعَلَى رِوَايَةِ الْخَصَّافِ تَجِبُ عَلَى الْأَبِ وَالْأُمِّ أَثْلَاثًا، وَلَوْ امْتَنَعَ الْأَبُ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى الصِّغَارِ يُحْبَسُ إذَا كَانَ مُوسِرًا، وَمَنْ بَاعَ مِنْ هَؤُلَاءِ مَتَاعَ الْغَائِبِ لِأَجْلِ النَّفَقَةِ بَطَلَ بَيْعُهُ مَا خَلَا بَيْعَ الْأَبِ الْمُحْتَاجِ. وَفِي الْعَقَارِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأَبِ أَيْضًا فَقَوْلُهُ لِأَجْلِ النَّفَقَةِ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَا. (120) قَوْلُهُ: عِنْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ. قِيلَ: وَهَلْ هُوَ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى؟ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (121) قَوْلُهُ: الْحِيلَةُ فِي عَدَمِ رُجُوعِ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ إلَخْ أَقُولُ فِيهِ إنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُوَافِقُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمَا ذَكَرَ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ يَتَأَتَّى أَنْ يَكُونَ هَذَا حِيلَةً فِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ.

فَلَوْ رَجَعَ عَلَيْهِ لَرَجَعَ عَلَيْهِ. كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْبَيْعِ دَاخِلٌ عَلَى الْحُكْمِ لَا عَلَى الْبَيْعِ فَلَا يُبْطِلُهُ إلَّا فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ. إذَا اشْتَرَطَ الْمَالِكُ فَإِنَّهُ يُبْطِلُهُ. 123 - كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ، فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ. الْمَرَافِقُ عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي الْمَنَافِعُ، وَالْحُقُوقُ الطَّرِيقُ وَالْمَسِيلُ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْمَرَافِقُ هِيَ الْحُقُوقُ. (انْتَهَى) . الْبَيْعُ لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْبَائِعِ إلَّا فِي الِاسْتِصْنَاعِ. 124 - فَيَبْطُلُ بِمَوْتِ الصَّانِعِ إذَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ التَّأْجِيلِ فَالْقَوْلُ لَنَا فِيهِ لَا فِي السَّلَمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (122) قَوْلُهُ: فَلَوْ رَجَعَ عَلَيْهِ لَرَجَعَ عَلَيْهِ. أَيْ لَوْ رَجَّعَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ لَرَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ. بَقِيَ أَنَّ حَاصِلَ الْحِيلَةِ عَدَمُ تَحَقُّقِ رُجُوعِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ عِنْدَ رُجُوعِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحِيلَةِ عَدَمُ تَضَرُّرِ الْبَائِعِ بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ، وَعِنْدَ تَحَقُّقِ الرُّجُوعَيْنِ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَكْثَرَ مِنْ الْأَوَّلِ فَلَهُ الْحَظُّ الْأَوْفَرُ فِي الرُّجُوعِ الْمُقَابَلِ بِمِثْلِهِ. (123) قَوْلُهُ: كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ. أَقُولُ: صَوَابُهُ كَمَا فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ وَعِبَارَتُهُ: وَلَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ لِمَنْ وَقَعَ الْبَيْعُ لَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ فَلَا يَتَوَقَّفُ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ لَهُ بِدُونِ الشَّرْطِ فَيَكُونُ الشَّرْطُ لَهُ مُبْطِلًا، يَعْنِي لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ دَاخِلًا عَلَى الْبَيْعِ وَالْبَيْعُ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي بَيْعِ غَيْرِ الْفُضُولِيِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ دَاخِلًا عَلَى الْحُكْمِ وَالْحُكْمُ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ. (124) قَوْلُهُ: فَيَبْطُلُ بِمَوْتِ الصَّانِعِ. يَعْنِي لِأَنَّهُ إجَازَةٌ فِي الْمَعْنَى، وَهِيَ تَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ. وَحَيْثُ كَانَ إجَازَةً فِي الْمَعْنَى فَيَنْبَغِي أَنْ تَبْطُلَ بِمَوْتِ الْمُسْتَصْنِعِ أَيْضًا فَلْيُحَرَّرْ

وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِهِ فَلَا تَحَالُفَ 126 - إلَّا فِي السَّلَمِ، رَأْسُ الْمَالِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ 127 - كَهُوَ قَبْلَهَا؛ فَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بَعْدَهَا 128 - كَقَبْلِهَا إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: لَا تَحَالُفَ إذَا اخْتَلَفَا فِيهِ بَعْدَهَا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ بَعْدَهَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهَا. بَدَلُ الصَّرْفِ كَرَأْسِ الْمَالِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ فِيهِمَا، وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضِهِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ كَقَبْلِهَا بِخِلَافِ رَأْسِ الْمَالِ. 129 - وَالْكُلُّ فِي الشَّرْحِ. يُشْتَرَطُ قِيَامُ الْمَبِيعِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ لِلتَّحَالُفِ إلَّا إذَا اسْتَهْلَكَهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ غَيْرُ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. أَسْلَمَا ثَمَّةَ وَلَمْ يَخْرُجَا إلَيْنَا، وَبَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ، وَبَيْنَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (125) قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِهِ فَلَا تَحَالُفَ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَحِينَئِذٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ انْتَهَى. أَقُولُ: الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْأَقَلِّ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي فِي الْوَجْهَيْنِ يَعْنِي لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِهِ أَوْ مِقْدَارِهِ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى مِقْدَارِهِ وَاخْتَلَفَا فِي مُضِيِّهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهُ أَيْضًا كَذَا فِي الْحَدَّادِيِّ. (126) قَوْلُهُ: إلَّا فِي السَّلَمِ. قِيلَ: هَلْ يُفْسَخُ عَقْدُ السَّلَمِ بَعْدَ التَّحَالُفِ كَمَا فِي الْبَيْعِ ثُمَّ يُجَدِّدَانِهِ. الظَّاهِرُ نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ حُكْمُ التَّحَالُفِ. (127) قَوْلُهُ: كَهُوَ قَبْلَهَا. فِيهِ إدْخَالُ الْكَافِ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ الْمُنْفَصِلِ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالضَّرُورَةِ. (128) قَوْلُهُ: كَقَبْلِهَا فِيهِ أَنَّ الظُّرُوفَ الَّتِي تَقَعُ غَايَاتٍ لَا تُجَرُّ بِغَيْرِ (مِنْ) مِنْ حُرُوفِ الْجَرِّ. (129) قَوْله: وَالْكُلّ فِي الشَّرْحِ. يُرَاجِعُ عِبَارَةَ الشَّارِحِ وَيُوَضِّحُ بِهَا مَا هُنَا.

وَشَرِيكَيْ الْعَنَانِ كَمَا فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (130) قَوْلُهُ: وَشَرِيكَيْ الْعَنَانِ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ تَحَقُّقِ الرِّبَا بَيْنَ شَرِيكَيْ الْعَنَانِ لَا يَخْلُو عَنْ الْإِشْكَالِ. انْتَهَى فَلْيُرَاجَعْ فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ

[كتاب الكفالة]

كِتَابُ الْكَفَالَةِ 1 - بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ مُوجِبَةٌ لِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ إلَّا إذَا ضَمِنَ لَهُ الْأَلْفَ الَّتِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ 2 - فَبَرْهَنَ فُلَانٌ عَلَى أَنَّهُ قَضَاهَا قَبْلَ ضَمَانِ الْكَفِيلِ. 3 - فَإِنَّ الْأَصِيلَ يَبْرَأُ دُونَ الْكَفِيلِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ. 4 - التَّأْخِيرُ عَنْ الْأَصِيلِ تَأْخِيرٌ عَنْ الْكَفِيلِ 5 - إلَّا إذَا صَالَحَ الْمُكَاتَبُ عَنْ قَتْلِ الْعَمْدِ بِمَالِ ثُمَّ كَلَّفَهُ إنْسَانٌ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْكَفَالَةِ] قَوْلُهُ: إلَّا إذَا ضَمِنَ لَهُ الْأَلْفَ الَّتِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ. بِأَنْ قَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ ضَمِنْت لِهَذَا الرَّجُلِ بِالْأَلْفِ الَّتِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ. . (2) قَوْلُهُ: فَبَرْهَنَ فُلَانٌ وَهُوَ الْمَدْيُونُ. قِيلَ: بُرْهَانُهُ أَنَّهُ قَضَاهَا قَبْلَ ضَمَانِ الْكَفِيلِ. (3) قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْأَصِيلَ يَبْرَأُ دُونَ الْكَفِيلِ، لِأَنَّ قَوْلَ الْكَفِيلِ ذَلِكَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِالدَّيْنِ عِنْدَ الْكَفَالَةِ فَلَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ وَلَوْ أَقَامَ الْمَدْيُونُ بَيِّنَةً بَعْدَ الْكَفَالَةِ بَرِئَ الْمَدْيُونُ وَالْكَفِيلُ جَمِيعًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. (4) قَوْلُهُ: التَّأْخِيرُ عَنْ الْأَصِيلِ تَأْخِيرٌ عَنْ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ تَبَعٌ لِلدَّيْنِ فَتَتَأَخَّرَ بِتَأَخُّرِهِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ لَا يَتْبَعُ الْفَرْعَ فِي الْوَصْفِ، هَذَا إذَا أَخَّرَ الْمُطَالَبَةَ وَأَمَّا إذَا تَكَفَّلَ بِالْمَالِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ يَتَأَجَّلُ عَنْ الْأَصِيلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ عَلَى الْكَفِيلِ حَالَ وُجُودِ الْكَفَالَةِ فَانْصَرَفَ فِي الْأَجَلِ إلَى الدَّيْنِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. (5) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا صَالَحَ الْمُكَاتَبُ عَنْ قَتْلِ الْعَمْدِ بِمَالٍ. أَيْ صَالَحَ الْمُكَاتَبُ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ بِمَالِ مُؤَجَّلٍ فِي الذِّمَّةِ سَوَاءٌ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْبَيِّنَةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.

تَأَخَّرَتْ مُطَالَبَةُ الْمُصَالَحِ إلَى عِتْقِ الْأَصِيلِ 7 - وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ الْآنَ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا فَكَفَلَ بِهِ فَمَاتَ الْكَفِيلُ حَلَّ بِمَوْتِهِ عَلَيْهِ فَقَطْ، فَلِلْمُطَالِبِ أَخْذُهُ مِنْ وَارِثِ الْكَفِيلِ، وَلَا رُجُوعَ لِلْوَارِثِ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْمَجْمَعِ. أَدَاءُ الْكَفِيلِ يُوجِبُ بَرَاءَتَهُمَا 8 - لِلطَّالِبِ إلَّا إذَا أَحَالَهُ الْكَفِيلُ عَلَى مَدْيُونِهِ، وَشَرَطَ بَرَاءَةَ نَفْسِهِ خَاصَّةً كَمَا فِي الْهِدَايَةِ الْغَرُورُ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ، فَلَوْ قَالَ اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ آمِنٌ، فَسَلَكَهُ فَأَخَذَهُ اللُّصُوصُ، أَوْ كُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَسْمُومٍ فَأَكَلَهُ فَمَاتَ، فَلَا ضَمَانَ. وَكَذَا لَوْ أَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَتَزَوَّجَهَا فَظَهَرَتْ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ؛ فَلَا رُجُوعَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْمُخْبِرِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ: الْأُولَى: إذَا كَانَ الْغَرُورُ بِالشَّرْطِ كَمَا لَوْ زَوَّجَهُ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ 9 - فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُخْبِرِ بِمَا غَرِمَهُ لِلْمُسْتَحَقِّ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ. وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ، وَلَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ بَعْدَ أَنْ يُسَلَّمَ الْبِنَاءُ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (6) قَوْلُهُ: تَأَخَّرَتْ مُطَالَبَةُ الْمُصَالَحِ إلَخْ. مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ أَيْ تَأَخَّرَتْ مُطَالَبَةُ الْوَلِيِّ الْمُصَالَحِ الْأَصِيلِ إلَى عِتْقِهِ. (7) قَوْلُهُ: وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ الْآنَ؛ لِأَنَّهُ كَفَلَ بِمَالٍ وَاجِبٍ لِلْحَالِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (8) قَوْلُهُ: لِلطَّالِبِ. مُتَعَلِّقٌ بِأَدَاءٍ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْفَصْلِ. (9) قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُخْبِرِ. الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ عَلَى الزَّوْجِ.

وَإِذَا قَالَ الْأَبُ لِأَهْلِ السُّوقِ بَايِعُوا ابْنِي فَقَدْ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ؛ فَظَهَرَ أَنَّهُ ابْنُ غَيْرِهِ رَجَعُوا عَلَيْهِ لِلْغَرُورِ، وَكَذَا إذَا قَالَ بَايِعُوا عَبْدِي فَقَدْ أَذِنْت لَهُ، فَبَايَعُوهُ وَلَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ عَبْدُ الْغَيْرِ رَجَعُوا عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْأَبُ حُرًّا وَإِلَّا فَبَعْدَ الْعِتْقِ، 11 - وَكَذَا إذَا ظَهَرَ حُرًّا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا وَلَا بُدَّ فِي الرُّجُوعِ مِنْ إضَافَتِهِ إلَيْهِ وَالْأَمْرِ بِمُبَايَعَتِهِ كَذَا فِي مَأْذُونِ السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الثَّالِثَةُ أَنْ يَكُونَ فِي عَقْدٍ يَرْجِعُ نَفْعُهُ إلَى الدَّافِعِ 12 - كَالْوَدِيعَةِ وَالْإِجَارَةِ حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَضَمِنَ الْمُودَعُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّهُمَا يَرْجِعَانِ عَلَى الدَّافِعِ بِمَا ضَمِنَاهُ. 13 - وَكَذَا مَنْ كَانَ بِمَعْنَاهُمَا. وَفِي الْعَارِيَّةِ وَالْهِبَةِ لَا رُجُوعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (10) قَوْلُهُ: وَإِذَا قَالَ الْأَبُ لِأَهْلِ السُّوقِ إلَخْ. هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا لَيْسَتَا مِنْ الْغَرُورِ ضِمْنَ عَقْدٍ. (11) قَوْلُهُ: كَذَا إذَا ظَهَرَ حُرًّا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا إلَخْ. يَتَنَاوَلُ بِإِطْلَاقِهِ مُدَبَّرًا الْغَارَّ وَمُكَاتَبَهُ وَلَا بُعْدَ فِيهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنَافِي الرُّجُوعَ عَلَيْهِ لِتَعَذُّرِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ مَا دَامَ مُكَاتَبًا. (12) قَوْلُهُ: كَالْوَدِيعَةِ وَالْإِجَارَةِ. صُورَةُ الْوَدِيعَةِ أَنْ يُودِعَ آخَرَ شَيْئًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِلْكُ الْمُودِعِ، بِكَسْرِ الدَّالِ، فَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ فِي يَدِ الْمُودَعِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الْهَلَاكِ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الْمُودَعِ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَى مِلْكِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِمَنْزِلَةِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ وَلِلْمُودَعِ الرُّجُوعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْمُودِعِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ بِأَنَّ الْوَدِيعَةَ مِلْكُهُ. وَصُورَةُ الْإِجَارَةِ أَجَّرَهُ دَابَّةً مَثَلًا عَلَى أَنَّهَا مِلْكُهُ فَهَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَضَمَّنَ الْمُسْتَحِقُّ الْمُسْتَأْجِرَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الْعَارِيَّةِ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ حَيْثُ غَرَّهُ بِأَنَّهُ أَجَّرَهُ مِلْكَهُ. (13) قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْ كَانَ بِمَعْنَاهُمَا. وَهُمَا رَبُّ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الشَّرِكَةِ.

لِأَنَّ الْقَبْضَ كَانَ لِنَفْسِهِ وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الْغَرُورِ مِنْ الْبُيُوعِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ 15 - مَسَائِلَ مُهِمَّةً مِنْ هَذَا النَّوْعِ. مِنْهَا: لَوْ جَعَلَ الْمَالِكُ نَفْسَهُ دَلَّالًا فَاشْتَرَاهُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ أَزْيَدُ مِنْ قِيمَتُهُ وَقَدْ أَتْلَفَ الْمُشْتَرِي بَعْضَهُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ مِثْلَ مَا أَتْلَفَهُ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ. وَمِنْهَا: إذَا غَرَّ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ وَقَالَ لَهُ قِيمَةُ مَتَاعِي كَذَا فَاشْتَرِهِ. 16 - فَاشْتَرَاهُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ 17 - ثُمَّ ظَهَرَ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ وَبِهِ يُفْتَى. وَكَذَا إذَا غَرَّ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ، وَيَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي بِغَرُورِ الدَّلَّالِ. وَبِمَا قَرَّرْنَا ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الزَّيْلَعِيِّ فِي بَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ أَنَّ الْغَرُورَ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ بِالشَّرْطِ أَوْ بِالْمُعَاوَضَةِ. قَاصِرٌ 18 - وَتَفَرَّعَ عَلَى الشَّرْطِ الثَّانِي مَسْأَلَتَانِ 19 - فِي بَابِ مُتَفَرِّقَاتِ بُيُوعِ الْكَنْزِ، اشْتَرِنِي فَأَنَا عَبْدٌ، ارْتَهِنِّي فَأَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ الْقَبْضَ كَانَ لِنَفْسِهِ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ فِي التَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي الْعَارِيَّةِ، وَالْهِبَةُ لِلدَّافِعِ. (15) قَوْلُهُ: مَسَائِلَ مُهِمَّةً إلَخْ. هَذِهِ الْمَسَائِلُ مَذْكُورَةٌ فِي الْقُنْيَةِ. (16) قَوْلُهُ: فَاشْتَرَاهُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ. أَيْ اشْتَرَاهُ إنْسَانٌ وَفِيهِ حَذْفُ الْفَاعِلِ وَهُوَ عُمْدَةٌ فِي الْكَلَامِ لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ. (17) قَوْلُهُ: ثُمَّ ظَهَرَ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَا رَدَّ فِي الْغَبْنِ غَيْرُ هَذَا إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا أَوْ وَصِيًّا. (18) قَوْلُهُ: وَتَفَرَّعَ عَلَى الشَّرْطِ الثَّانِي الْمَسْأَلَتَانِ إلَخْ. فِي تَفَرُّعِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الشَّرْطِ الثَّانِي نَظَرٌ، فَإِنَّ الرَّهْنَ لَيْسَ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ بَلْ عَقْدَ تَوَثُّقٍ. (19) قَوْلُهُ: فِي بَابِ مُتَفَرِّقَاتِ بُيُوعِ الْكَنْزِ. لَيْسَ مَا ذُكِرَ فِي بَابِ الْمُتَفَرِّقَاتِ بَلْ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ.

عَبْدٌ. لَا يَلْزَمُ أَحَدًا إحْضَارُ أَحَدٍ 20 - فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ إحْضَارُ زَوْجَتِهِ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي لِسَمَاعِ دَعْوَى عَلَيْهَا، 21 - وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ: 22 - الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، وَفِي الْأَبِ إذَا أَمَرَ أَجْنَبِيًّا بِضَمَانِ ابْنِهِ فَطَلَبَهُ الضَّامِنُ مِنْهُ فَعَلَى الْأَبِ إحْضَارُهُ لِكَوْنِهِ فِي تَدْبِيرِهِ 23 - كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. الثَّالِثَةُ: سَجَّانُ الْقَاضِي خَلَّى رَجُلًا مِنْ الْمَسْجُونِينَ حَبَسَهُ الْقَاضِي بِدَيْنٍ عَلَيْهِ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يَطْلُبَ السَّجَّانَ بِإِحْضَارِهِ 24 - كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. الرَّابِعَةُ: ادَّعَى الْأَبُ مَهْرَ بِنْتِهِ مِنْ الزَّوْجِ 25 - فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا وَطَلَبَ مِنْ الْأَبِ إحْضَارَهَا؛ فَإِنْ كَانَتْ تَخْرُجُ فِي حَوَائِجِهَا أَمَرَ الْقَاضِي الْأَبَ بِإِحْضَارِهَا وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ عَلَيْهَا شَيْئًا آخَرَ، وَإِلَّا أَرْسَلَ إلَيْهَا أَمِينًا مِنْ أُمَنَائِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ إحْضَارُ زَوْجَتِهِ.؛ لِأَنَّهُ لَا خُصُومَةَ عَلَيْهِ. (21) قَوْلُهُ: وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ إلَخْ. أَيْ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى. وَلِذَا لَوْ كَانَ لَهَا عَلَى غَيْرِ دَعْوَى لَا يَمْنَعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ. (22) قَوْلُهُ: الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ. قَيَّدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ إحْضَارُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِنَفْسِهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنِّفِ أَوَّلَ كِتَابِ السِّيَرِ. (23) قَوْلُهُ: كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. فِي الثَّالِثِ وَالثَّلَاثِينَ. (24) قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. فِي بَابِ الْحَبْسِ وَالْإِفْلَاسِ. (25) قَوْلُهُ: فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا. لَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا وَصَوَابُهَا فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا وَدَفَعَ الْمَهْرَ إلَيْهَا وَطَلَبَ إحْضَارَهَا لِيَثْبُتَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهَا كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهَا شَيْئًا آخَرَ.

ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي الْقَضَاءِ. مَنْ قَامَ عَنْ غَيْرِهِ بِوَاجِبٍ بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ؛ كَالْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَبِقَضَاءِ دَيْنِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: أَمَرَهُ 27 - بِتَعْوِيضٍ عَنْ هِبَتِهِ أَوْ بِالْإِطْعَامِ عَنْ كَفَّارَتِهِ أَوْ بِأَدَاءِ زَكَاةِ مَالِهِ 28 - أَوْ بِأَنْ يَهَبَ فُلَانًا عَنِّي. 29 - وَأَصْلُهُ فِي وَكَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ. 30 - فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَمْلِكُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْمَالَ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ مُقَابِلًا بِمِلْكِ مَالٍ فَإِنَّ الْمَأْمُورَ يَرْجِعُ بِلَا شَرْطِهِ وَإِلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ مِنْ الْقَضَاءِ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَمْ يُوجَدْ فِي الْوَلْوَالِجِيِّ بَلْ فِي أَدَبِ الْقَاضِي فِي بَابِ الْإِفْلَاسِ وَالْمَحْبُوسِ. (27) قَوْلُهُ: بِتَعْوِيضٍ عَنْ هِبَتِهِ. أَيْ الْمَشْرُوطِ فِيهَا الْعِوَضُ حَتَّى يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا لَا يَجِبُ الْعِوَضُ، فَلَا يَكُونُ دَاخِلًا تَحْتَ قَوْلِهِ: مَنْ قَامَ عَنْ غَيْرِهِ بِوَاجِبٍ إلَخْ. (28) قَوْلُهُ: أَوْ بِأَنْ يَهَبَ فُلَانًا. وَمِثْلُهُ لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ أَقُولُ فِي نَظْمِ هَذَا فِي سِلْكِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ نَظَرٌ. (29) قَوْلُهُ: وَأَصْلُهُ فِي وَكَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ. فَإِنَّهُ بَيَّنَ الْوَجْهَ فِيهِ وَالضَّابِطَةَ هُنَاكَ فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ فِي الْكَفَالَةِ وَسَّعَ فِي هَذَا وَعَلَّلَ لَهُ هَذَا فِي الْمَالِ وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْمَالِ فَلَا. إلَّا فِي مَسَائِلَ سَتَأْتِي فِي الْغَصْبِ. (30) قَوْلُهُ: فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَمْلِكُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْمَالَ الْمَدْفُوعَ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَخْفَى أَنَّ مِلْكَ الْمِلْكِ الْمَدْفُوعِ ظَاهِرٌ فِي مَسْأَلَةِ الْأَمْرِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْهُ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ إذْ لَا يَمْلِكُ الْأَمْرَ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ فِي مُقَابَلَةِ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُنْفِقِ كَمَا نَرَى، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا لَزِمَهُ مِثْلُ مَا وَصَلَ إلَيْهِ وَصَارَ دَيْنًا عَلَيْهِ كَانَ مَا وَصَلَ إلَيْهِ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ الْمُتَرَتِّبِ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ مَالُهُ، وَحَاصِلُهُ أَنْ يُعْتَبَرَ الْمَالُ الْمُقَابِلُ بِهِ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ سَابِقًا أَوْ لَاحِقًا (انْتَهَى) . وَلَا يَخْفَى أَنَّ صَوَابَ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْمُنْفَقِ عَلَيْهِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا لَزِمَهُ مِثْلُ مَا وَصَلَ إلَيْهِ إلَخْ.

وَذَكَرَ لَهُ أَصْلًا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ فَلْيُرَاجَعْ . الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ مُطَالَبٌ بِتَسْلِيمِ الْأَصِيلِ إلَى الطَّالِبِ مَعَ قُدْرَتِهِ، 32 - إلَّا إذَا كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنْ يَبْرَأَ بَعْدَهُ لَمْ يَصِرْ كَفِيلًا أَصْلًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَهِيَ الْحِيلَةُ فِي كَفَالَةٍ لَا تَلْزَمُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ 33 - إبْرَاءُ الْأَصِيلِ يُوجِبُ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ، إلَّا كَفِيلَ النَّفْسِ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (31) قَوْلُهُ: وَذَكَرَ لَهُ أَصْلًا فِي السِّرَاجِ إلَخْ. وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ كُلَّ مَا يُطَالِبُ بِهِ الْإِنْسَانُ بِالْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ يَكُونُ الْأَمْرُ بِأَدَائِهِ مُثْبِتًا لِلرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ وَكُلُّ مَا لَا يُطَالِبُ بِهِ الْإِنْسَانُ بِالْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ لَا يَكُونُ الْأَمْرُ بِأَدَائِهِ سَبَبًا لِلرُّجُوعِ إلَّا بِشَرْطِ الضَّمَانِ (انْتَهَى) . قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْثِ: لَكِنْ يَخْرُجُ عَنْهُ الْأَمْرُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْبِنَاءِ وَالْأَمْرُ بِشِرَاءِ الْأَسِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. انْتَهَى. (32) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ إلَى قَوْلِهِ لَمْ يَصِرْ كَفِيلًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُطَالِبُ الْكَفِيلَ بِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ وَلَا يُطَالِبُ بِهِ فِي الْحَالِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَبَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ قَدْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْكَفَالَةِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يُطَالِبُ بِهِ فِي الْأَجَلِ وَإِذَا مَضَى الْأَجَلُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ. وَكَانَ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ يَقُولُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَشْبَهُ بِعُرْفِنَا وَلَوْ قَالَ: أَنَا كَفَلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ شَهْرًا يَصِيرُ كَفِيلًا أَبَدًا قَبْلَ الشَّهْرِ وَبَعْدَهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ عَنْ جَمْعِ التَّفَارِيقِ. لَوْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ إلَى شَهْرٍ يَصِيرُ كَفِيلًا بَعْدَ الشَّهْرِ إلَّا أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ نَفْسَهُ بَرِئَ عَنْ الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ بَعْدَ السَّبَبِ. (33) قَوْلُهُ: إبْرَاءُ الْأَصِيلِ يُوجِبُ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ إلَخْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ إذَا سَقَطَ سَقَطَتْ مُطَالَبَتُهُ وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ أَيْضًا بِاسْتِيفَاءِ الطَّالِبِ مِنْ الْأَصِيلِ وَوَضْعُ الْمَسْأَلَةَ فِي إبْرَاءِ الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ لَا يُوجِبُ إبْرَاءَ الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ لَيْسَ بِمَدْيُونٍ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ وَبِسُقُوطِهَا لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ.

كَفَلَ بِنَفْسِهِ فَأَقَرَّ طَالِبُهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ فَلَهُ أَخْذُ كَفِيلِهِ بِنَفْسِهِ. (انْتَهَى) . وَهَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ إلَّا إذَا قَالَ لَا حَقَّ لِي قَبْلَهُ وَلَا لِمُوَكَّلِي وَلَا لِيَتِيمٍ أَنَا وَصِيُّهُ وَلَا لِوَقْفٍ أَنَا مُتَوَلِّيهِ، فَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ 35 - فِي آخِرِ وَكَالَةِ الْبَدَائِعِ. ضَمَانُ الْغَرُورِ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ ضَمَانُ الْكَفَالَةِ (انْتَهَى) . لِلْكَفِيلِ مَنْعُ الْأَصِيلِ مِنْ السَّفَرِ، إنْ كَانَتْ كَفَالَتُهُ حَالَّةً 36 - لِيُخَلِّصَهُ مِنْهَا إمَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ، 37 - وَفِي الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ يَرُدُّهُ إلَيْهِ كَمَا فِي الصُّغْرَى 38 - وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ بِمَا إذَا كَانَتْ بِأَمْرِهِ. لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ إلَّا بِدَيْنٍ صَحِيحٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَفَلَ بِنَفْسِهِ فَأَقَرَّ طَالِبُهُ إلَى قَوْلِهِ فَلَهُ أَخْذُ كَفِيلِهِ بِنَفْسِهِ فَإِنْ قِيلَ: أَيُّ فَائِدَةٍ فِي أَخْذِ الْكَفِيلِ إذَا كَانَ الْمَكْفُولُ لَهُ أَصْلًا فِي الطَّلَبِ لِعَدَمِ تَوَجُّهِ الطَّلَبِ بِسَبَبِ إقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ؟ قُلْت بَلْ لَهُ فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ لِيَتِيمٍ أَوْ لِوَقْفٍ هُوَ مُتَوَلِّيهِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ إلَّا إذَا قَالَ: لَا حَقَّ لِي قَبْلَهُ وَلَا لِمُوَكَّلِي إلَخْ. (35) قَوْلُهُ: فِي آخِرِ وَكَالَةِ الْبَدَائِعِ أَنَّ ضَمَانَ الْغَرُورِ إلَخْ. أَيْ مَذْكُورٌ فِي آخِرِ وَكَالَةِ الْبَدَائِعِ أَنَّ ضَمَانَ الْغَرُورِ كَضَمَانِ الْكَفَالَةِ لَا كَضَمَانِ الْإِتْلَافِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى السَّدَادِ. (36) قَوْلُهُ: لِيُخَلِّصَهُ مِنْهَا إمَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ بِالْإِبْرَاءِ. أَقُولُ فِيهِ: إنَّ الْأَصِيلَ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ تَخْلِيصُ الْكَفِيلِ بِإِبْرَاءِ الطَّالِبِ. (37) قَوْلُهُ: وَفِي الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ إلَخْ. مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ لِيُخَلِّصَهُ بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ وَفِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ يَرُدُّ الْأَصِيلُ نَفْسَهُ إلَى الطَّالِبِ. (38) قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ بِمَا إذَا كَانَتْ بِأَمْرِهِ لَا تَصِحُّ إلَخْ. فِي أَنَّ صَاحِبَ

وَهُوَ مَا لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ فَلَا تَصِحُّ بِغَيْرِهِ كَبَدَلِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّعْجِيزِ. قُلْت 40 - إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ لَمْ أَرَ مَنْ أَوْضَحَهَا؛ قَالُوا. 41 - لَوْ كَفَلَ بِالنَّفَقَةِ الْمُقَرَّرَةِ الْمَاضِيَةِ صَحَّتْ مَعَ أَنَّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالصُّغْرَى لَمْ يُقَيِّدْ بِمَالٍ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِمَالٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَنَصُّ عِبَارَةِ الصُّغْرَى: وَمَنْ ضَمِنَ عَنْ رَجُلٍ مَالًا بِأَمْرِهِ أَوْ نَفْسِهِ فَأَرَادَ الْخَصْمُ أَنْ يَخْرُجَ وَمَنَعَهُ الْكَفِيلُ، قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنْ كَانَ ضَمَانُهُ إلَى أَجَلٍ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَى أَجَلٍ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ حَتَّى يُخَلِّصَهُ إمَّا بِأَدَاءٍ أَوْ بِإِبْرَاءٍ عَنْهُ وَفِي كَفَالَةِ النَّفْسِ يَرُدُّ النَّفْسَ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي نَقْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْخَلَلِ وَاَللَّهُ الْهَادِي لِلسَّدَادِ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ. (39) قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ إلَخْ. قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْكَمَالِ: وَالْمُرَادُ بِالْإِبْرَاءِ مَا يَعُمُّ الْحُكْمِيَّ وَهُوَ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا يَلْزَمُهُ سُقُوطُ الدَّيْنِ فَلَا يَرُدُّ النَّقْضَ بِدَيْنٍ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ سُقُوطَهُ بِمُطَاوَعَتِهَا لِابْنِ زَوْجٍ مِنْ قَبِيلِ الْإِبْرَاءِ بِالْمَعْنَى الْحُكْمِيِّ. (40) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ لَمْ أَرَ مَنْ أَوْضَحَهَا. أَقُولُ: يُزَادُ عَلَيْهَا مَسْأَلَةٌ أُخْرَى وَهِيَ مَا لَوْ كَاتَبَ عَبْدَيْهِ كِتَابَةً وَاحِدَةً عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَامِنٌ عَنْ الْآخَرِ عِتْقًا بِأَدَاءِ أَحَدِهِمَا كُلَّ الْبَدَلِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَصِيلٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَكَفِيلٌ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ، فَأَيُّهُمَا أَدَّى عِتْقًا لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَرَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنَصِيبِهِ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنًا عَلَيْهِ بِأَمْرِهِ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَرْجِعَ؛ لِأَنَّ كَفَالَتَهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَصِحُّ بِدَيْنٍ صَحِيحٍ وَبَدَلُ الْكِتَابَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ، يَعْنِي لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِغَيْرِ الْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ وَهُوَ التَّعْجِيزُ لَكِنَّهُ يَرْجِعُ هُنَا وَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِأَدَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا. كَذَا فِي الْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ لِابْنِ الْمَلِكِ. (41) قَوْلُهُ: لَوْ كَفَلَ بِالنَّفَقَةِ الْمُقَرَّرَةِ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَخَذَ فِي مَسْأَلَةِ النَّفَقَةِ بِالِاسْتِحْسَانِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ لَا بِالْقِيَاسِ، وَمِمَّا يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ تَصِحُّ بِالدَّيْنِ الصَّحِيحِ عَدَمُ جَوَازِ الْكَفَالَةِ بِبَدَلِ السِّعَايَةِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، كَمَا فِي السِّرَاجِ. مَعَ أَنَّهُ دَيْنٌ صَحِيحٌ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ التَّعْجِيزَ وَإِنَّمَا تُشْكِلُ مَسْأَلَةُ النَّفَقَةِ فِي غَيْرِ الْمُسْتَدَانَةِ بِأَمْرِ قَاضٍ وَأَمَّا الْمُسْتَدَانَةِ فَلَا إشْكَالَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ.

تَسْقُطُ بِدُونِهِمَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا 43 - وَكَذَا لَوْ كَفَلَ بِنَفَقَةِ شَهْرٍ مُسْتَقْبَلٍ وَقَدْ قَرَّرَ لَهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا أَوْ بِيَوْمٍ يَأْتِي وَقَدْ قَرَّرَ لَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ. الْقَاضِي يَأْخُذُ كَفِيلًا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ إذَا بَرْهَنَ الْمُدَّعِي وَلَمْ يَتْرُكْ شُهُودَهُ أَوْ أَقَامَ وَاحِدًا. 44 - أَوْ ادَّعَى وَقَالَ شُهُودِي حُضُورٌ 45 - وَيَأْخُذُ كَفِيلًا بِإِحْضَارِ الْمُدَّعِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ (42) قَوْلُهُ: تَسْقُطُ بِدُونِهِمَا إلَخْ. أَيْ الْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ وَهُوَ الْمَوْتُ. وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بِدُونِهِمَا. وَلِذَا أَعَادَ الْجَارَّ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ عَلَى نِيَّةِ تَكْرَارِ الْعَامِلِ وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ الْمَوْتِ الطَّلَاقُ وَلَوْ رَجْعِيًّا (43) قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ كَفَلَ بِنَفَقَةِ شَهْرٍ مُسْتَقْبَلٍ. أَقُولُ فِيهِ: إنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ يَوْمًا فَيَوْمًا وَإِنَّمَا تَصِيرُ دَيْنًا بِالْمُضِيِّ فَكَيْفَ تَصِيرُ النَّفَقَةُ الْمُسْتَقْبَلَةُ دَيْنًا حَتَّى تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِهَا. (44) قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَى وَقَالَ شُهُودِي حُضُورٌ، فِي الصُّغْرَى: ادَّعَى عَلَى آخَرَ فَقَالَ لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ فِي الْمِصْرِ وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلًا يَأْخُذُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ إلَى الْمَجْلِسِ الثَّانِي، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَيْرَ مَعْرُوفٍ فَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا فَكَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ، وَكَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يُؤْخَذُ الْكَفِيلُ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ حَقِيرًا. وَعَنْ مُحَمَّدٍ إذَا كَانَ الْمَالُ حَقِيرًا لَا يَأْخُذُ الْكَفِيلَ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْمِصْرِ، أَمَّا إذَا كَانَ غَرِيبًا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ (انْتَهَى) وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ حُضُورٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: شُهُودِي غُيَّبٌ، وَقَالَ: لَا بَيِّنَةَ لِي، لَا يَكْفُلُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْكَفِيلِ فَإِنَّ حَقَّهُ فِي الْيَمِينِ. كَذَا فِي حَوَاشِي الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ عَلَى شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلِكِ (45) قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ كَفِيلًا بِإِحْضَارِ الْمُدَّعَى. أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ إذَا كَانَ مَنْقُولًا. قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الْكَفَالَةِ بَعْدَ كَلَامٍ: ثُمَّ الْمُدَّعَى بِهِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا أَوْ مَنْقُولًا أَوْ عَقَارًا فَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا كَانَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ كَفِيلًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يُعْطِيَهُ كَفِيلًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ أَوْ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ فَلَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَ مَا لَمْ يُعْطِهِ كَفِيلًا بِنَفْسِ ذَلِكَ الشَّيْءِ

وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ كَفِيلٍ بِالْمَالِ، 47 - وَيُسْتَثْنَى مِنْ طَلَبِ كَفِيلٍ بِنَفْسِهِ 48 - إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَصِيًّا أَوْ وَكِيلًا وَلَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي الْوِصَايَةَ وَالْوَكَالَةَ وَهُمَا فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ، وَمَا إذَا ادَّعَى بَدَلَ الْكِتَابَةِ عَلَى مُكَاتَبِهِ 49 - أَوْ دَيْنًا غَيْرَهَا، وَمَا إذَا ادَّعَى الْعَبْدُ لِمَأْذُونٍ لِغَيْرِ الْمَدْيُونِ عَلَى مَوْلَاهُ دَيْنًا، بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى الْمُكَاتَبُ عَلَى مَوْلَاهُ أَوْ الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ فَإِنَّهُ يَكْفُلُ، كَذَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ. فِي التَّتَارْخَانِيَّة: فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنِّي أُعْطِيكَ كَفِيلًا بِنَفْسِي وَلَا أُعْطِيك كَفِيلًا بِالْمَالِ فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ، وَإِنْ قَالَ: أَنَا أُعْطِيك كَفِيلًا بِالْمَالِ وَلَا أُعْطِيك كَفِيلًا بِنَفْسِي فَلَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَ. (47) قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ طَلَبِ كَفِيلٍ بِنَفْسِهِ إلَخْ. أَقُولُ: يُزَادُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مَا لَوْ تَقَدَّمَ رَجُلٌ إلَى الْقَاضِي فَادَّعَى وَصِيَّةً مِنْ رَجُلٍ وَأَحْضَرَ مَعَهُ رَجُلًا ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا لِلْمَيِّتِ، وَلَمْ تَثْبُتْ وَصِيَّةُ الْوَصِيِّ عِنْدَ الْقَاضِي. فَقَالَ الْوَصِيُّ لِلْقَاضِي: خُذْ لِي مِنْ هَذَا الرَّجُلِ كَفِيلًا حَتَّى أُثْبِتَ وَصِيَّتِي، وَأُثْبِتَ الْحَقَّ عَلَيْهِ لِلْمَيِّتِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ كَفِيلًا لِأَنَّ التَّكْفِيلَ إنَّمَا يَكُونُ لِلْخَصِمِ، وَهُوَ بَعْدُ لَمْ يَنْتَصِبْ خَصْمًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَصِبْ خَصْمًا إلَّا إذَا انْتَصَبَ وَصِيًّا وَلَمْ يَنْتَصِبْ، وَكَذَلِكَ الْوَكَالَةُ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْحُسَامِ الشَّهِيدِ (48) قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَصِيًّا إلَخْ. أَيْ مَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَصِيًّا أَوْ وَكِيلًا إلَخْ. يَعْنِي وَطَلَبَ مِنْهُ كَفِيلًا حَتَّى يُثْبِتَ الْحَقَّ عَلَى الْمَيِّتِ وَالْمُوَكِّلِ، لَمْ يَأْخُذْ لَهُ مِنْهُ كَفِيلًا لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ تَثْبُتْ الْوِصَايَةُ وَالْوَكَالَةُ لَمْ يَصِرْ خَصْمًا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ وَلَوْ كَانَتْ وِصَايَتُهُ تَثْبُتُ عِنْدَ الْقَاضِي. لَكِنْ قَالَ الْوَصِيُّ: لَمْ يَصِلْ إلَى يَدِي شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، كَالْوَارِثِ إذَا أَنْكَرَ وُصُولَ التَّرِكَةِ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ. (49) قَوْلُهُ: أَوْ دَيْنًا غَيْرَهَا أَنَّثَ الضَّمِيرَ مَعَ عَوْدِهِ عَلَى الْبَدَلِ لِاكْتِسَابِهِ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[كتاب القضاء والشهادات والدعاوى]

كِتَابُ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَالدَّعَاوَى 1 - لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ، 2 - فَلَا يُعْمَلُ بِمَكْتُوبِ الْوَقْفِ الَّذِي عَلَيْهِ خُطُوطُ الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي إلَّا بِالْحُجَّةِ، وَهِيَ الْبَيِّنَةُ أَوْ الْإِقْرَارُ أَوْ النُّكُولُ، 3 - كَمَا فِي وَقْفِ الْخَانِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَالدَّعَاوَى] [لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ] قَوْلُهُ: لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ، فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ أَجَازَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ الْعَمَلَ بِالْخَطِّ فِي الشَّاهِدِ وَالْقَاضِي وَالرَّاوِي إذَا رَأَى خَطَّهُ وَلَا يَتَذَكَّرُ الْحَادِثَةَ. قَالَ فِي الْعُيُونِ: وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا كَذَا فِي رِسَالَةِ ابْنِ الشِّحْنَةِ فِي الْعَمَلِ بِالْخَطِّ إذَا تَيَقَّنَ أَنَّهُ خَطُّهُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْقَضَاءِ أَوْ الرِّوَايَةِ أَوْ الشَّهَادَةِ فِي الصَّكِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الصَّكُّ فِي يَدِ الشَّاهِدِ؛ لِأَنَّ الْغَلَطَ فِيهِ نَادِرٌ، وَأَثَرُ التَّغْيِيرِ يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ، وَقَلَّمَا يُشْتَبَهُ الْخَطُّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَإِذَا تَيَقَّنَ ذَلِكَ جَازَ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ تَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ (2) قَوْلُهُ: فَلَا يُعْمَلُ بِمَكْتُوبِ الْوَقْفِ الَّذِي عَلَيْهِ خُطُوطُ الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ إلَخْ يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَيْدِي الْقُضَاةِ، وَلَهُ رُسُومٌ فِي دَوَاوِينِهِمْ، فَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِي الْقُضَاةِ، وَلَهُ رُسُومٌ فِي دَوَاوِينِهِمْ وَتَنَازَعَ فِيهِ أَهْلُهُ فَإِنَّهُ يَجْرِي عَلَى الرُّسُومِ الْمَوْجُودَةِ فِيهَا اسْتِحْسَانًا، وَمَا لَيْسَ لَهُ رُسُومٌ فِي دَوَاوِينِهِمْ وَتَنَازَعَ فِيهِ أَهْلُهُ حُمِلُوا فِي الْقِيَاسِ عَلَى التَّثَبُّتِ، فَمَنْ بَرْهَنَ عَلَى شَيْءٍ حُكِمَ لَهُ بِهِ، وَإِذَا حُمِلُوا عَلَى التَّثَبُّتِ يَصِيرُ حَشَرِيًّا وَتَبْقَى غَلَّتُهُ فِي يَدِ الْقَاضِي. وَلَوْ أَنَّ قَاضِيًا تَوَلَّى بَلَدًا فَوَجَدَ فِي دِيوَانِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ ذِكْرَ أَوْقَافٍ وَهِيَ فِي أَيْدِي أُمَنَاءَ وَلَهَا رُسُومٌ فِي دِيوَانِهِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِهَا اسْتِحْسَانًا. كَذَا فِي الْإِسْعَافِ فِي الْفَصْلِ الَّذِي عَقَدَهُ لِبَيَانِ أَحْكَامِ الْأَوْقَافِ الْمُتَقَادِمَةِ وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ. (3) قَوْلُهُ: كَمَا فِي وَقْفِ الْخَانِيَّةِ. نَصُّ عِبَارَتِهَا: رَجُلٌ فِي يَدِهِ ضَيْعَةٌ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ وَأَحْضَرَ صَكًّا فِيهِ خُطُوطُ الْعُدُولِ وَالْقُضَاةِ الْمَاضِيَةِ فَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي

وَلَوْ أَحْضَرَ الْمُدَّعِي خَطَّ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا كَتَبَ، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى أَصْلِ الْمَالِ، كَمَا فِي قَضَاءِ الْخَانِيَّةِ. وَفِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ: اشْتَرَى حَانُوتًا فَوَجَدَ بَعْدَ الْقَبْضِ عَلَى بَابِهِ مَكْتُوبًا وَقْفٌ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا، لَا يَرُدُّهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَامَةٌ لَا تُبْنَى الْأَحْكَامُ عَلَيْهَا (انْتَهَى) . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَضَاءَ بِذَلِكَ الصَّكِّ قَالُوا: لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ الصَّكِّ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يَقْضِي بِالْحُجَّةِ، وَالْحُجَّةُ هُوَ الْبَيِّنَةُ أَوْ الْإِقْرَارُ أَوْ النُّكُولُ، أَمَّا الصَّكُّ فَلَا يَصْلُحُ حُجَّةً؛ لِأَنَّ الْخَطَّ يُشْبِهُ الْخَطَّ وَكَذَا لَوْ كَانَ عَلَى بَابِ الدَّارِ لَوْحٌ مَضْرُوبٌ يَنْطِقُ بِالْوَقْفِ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِالْوَقْفِ مَا لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ (انْتَهَى) . وَقَدْ أَخَلَّ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّقْلِ بِإِسْقَاطِ عِلَّةِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ (4) قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْضَرَ الْمُدَّعِي خَطَّ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَخْ. الَّذِي فِي الْخَانِيَّةِ: ادَّعَى مَالًا عَلَى رَجُلٍ، وَأَخْرَجَ صَكًّا فِيهِ إقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْمَالِ الْمُدَّعَى، فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: قَدْ رَدَّ إقْرَارِي، وَأَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعِيَ عَلَى ذَلِكَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ. كَمَا لَوْ قَالَ الرَّجُلُ: بِعْت مِنِّي عَبْدَك بِكَذَا، فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: بِعْتُك وَلَكِنْ أَقَلْتنِي الْبَيْعَ، يَصِحُّ دَعْوَاهُ وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى ذَلِكَ (انْتَهَى) . وَفِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا: ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ مَالًا فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَأَخْرَجَ الْمُدَّعِي خَطًّا بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ خَطَّهُ، فَاسْتُكْتِبَ وَكَانَ بَيْنَ الْخَطَّيْنِ مُشَابَهَةٌ ظَاهِرَةٌ؛ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَقْضِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهِ، وَقَالَ الْآخَرُونَ لَا يَقْضِي، وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَلَوْ قَالَ: هَذَا خَطِّي وَلَكِنْ لَيْسَ عَلَى هَذَا الْمَالِ. إنْ كَانَ الْخَطُّ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ مَصْدَرًا مُعَنْوَنًا لَا يُصَدَّقُ، وَيَقْضِي عَلَيْهِ وَخَطُّ الصَّرَّافِ وَالسِّمْسَارُ حُجَّةٌ عُرْفًا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْخَطُّ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ وَلَكِنْ عَلَى وَجْهِ مَا يُكْتَبُ الصَّكُّ وَالْإِقْرَارُ، فَإِنْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا فِيهِ يَكُونُ إقْرَارًا يَلْزَمُهُ، وَإِنْ كَتَبَ الْخَطَّ بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ، وَقُرِئَ عَلَيْهِمْ كَانَ إقْرَارًا وَحَلَّ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ، سَوَاءٌ قَالَ: اشْهَدُوا عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَقُلْ، وَإِنْ كَتَبَ بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ، وَلَمْ يَقْرَأْ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنْ قَالَ: اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ كَانَ إقْرَارًا، وَحَلَّ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا لَا يَحِلُّ

وَعَلَى هَذَا، الِاعْتِبَارِ بِكِتَابَةِ وَقْفٍ عَلَى كِتَابٍ أَوْ مُصْحَفٍ. قُلْت 6 - إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: الْأُولَى: 7 - كِتَابُ أَهْلِ الْحَرْبِ بِطَلَبِ الْأَمَانِ إلَى الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ وَيَثْبُتُ الْأَمَانُ لِحَامِلِهِ، 8 - كَمَا فِي سِيَرِ الْخَانِيَّةِ. وَيُمْكِنُ إلْحَاقُ الْبَرَاءَةِ السُّلْطَانِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ بِمَا فِيهِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ فَقَالَ: الْمُدَّعِي أَخْرِجْ كُرَّاسَةَ الْحِسَابِ لِأَنْظُرَ فِيهَا، فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: لَا أُخْرِجُ، فَطَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَهُ، قَالُوا: إنْ أَمَرَهُ الْقَاضِي أَنْ يُخْرِجَ فَهُوَ حَسَنٌ وَلَا يُجْبِرُهُ كَمَا لَوْ طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الْمُدَّعِيَ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ يَدَّعِي عَلَى هَذَا الْمَالِ، إنْ سَأَلَهُ الْقَاضِي عَنْ ذَلِكَ فَحَسَنٌ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ، وَأَنْ لَا يُجْبِرَهُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ فَكَذَلِكَ هَهُنَا (انْتَهَى) . فَأَنْتَ تَرَاهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لَمْ يَذْكُرْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ مَا يُخَالِفُ لِمَا ذَكَرَهُ، وَعِبَارَتُهُ: أَنَّهُ إذَا كَتَبَ عَلَى رَسْمِ الصُّكُوكِ نَحْوَ أَنْ يَقُولَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ إنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِفُلَانِ بْنِ الْفُلَانِيِّ كَذَا وَكَذَا وَجَحَدَ أَنَّهُ خَطُّهُ يَحْلِفُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ خَطَّهُ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ الْكِتَابَةَ أَوْ يَسْتَكْتِبُهُ الْقَاضِي فَإِذَا قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: هُمَا وَاحِدٌ أَلْزَمهُ الْحَقَّ وَإِنْ اعْتَرَفَ فَإِنَّهُ خَطُّهُ وَأَنْكَرَ مَا فِيهِ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ إنَّ الْمُقَرَّ بِهِ قَبَضَهُ وَقَضَى لَهُ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَا يَقْضِي لَهُ. (5) قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ إلَخْ كَذَا فِي النُّسَخِ بِالْوَاوِ، وَالصَّوَابُ بِالْفَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ التَّفْرِيعِ. وَقَوْلُهُ: بِكِتَابَةِ وَقْفٍ يَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ وَبِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي (6) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ. اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ: لَا يَعْتَمِدُ عَلَى الْخَطِّ، لَا مِنْ قَوْلِهِ: لَا اعْتِبَارَ بِكِتَابَةِ وَقْفٍ عَلَى كِتَابٍ أَوْ مُصْحَفٍ. (7) . قَوْلُهُ: كِتَابُ أَهْلِ الْحَرْبِ بِطَلَبِ الْأَمَانِ إلَى الْإِمَامِ، أَيْ كِتَابُ أَهْلِ الْحَرْبِ إلَى الْإِمَامِ بِطَلَبِ الْأَمَانِ مِنْهُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْعِبَارَةِ. (8) قَوْلُهُ: كَمَا فِي سِيَرِ الْخَانِيَّةِ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَمْ نَرَ فِي سِيَرِ الْخَانِيَّةِ هَذِهِ الْعِبَارَةَ وَاَلَّذِي فِيهَا وَإِنْ أَخْرَجَ الْحَرْبِيُّ كِتَابًا يُشْبِهُ كِتَابَ الْمَلِكِ صَدَّقَهُ.

بِالْوَظَائِفِ فِي زَمَانِنَا إنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ أَنَّهُ لَا يُزَوَّرُ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ الِاحْتِيَاطَ فِي الْأَمَانِ لَحِقْنَ الدَّمَ فَلَا. الثَّانِيَةُ: يُعْمَلُ بِدَفْتَرِ السِّمْسَارِ وَالصَّرَّافِ وَالْبَيَّاعِ كَمَا فِي قَضَاءِ الْخَانِيَّةِ. وَتَعَقَّبَهُ الطَّرَسُوسِيُّ بِأَنَّ مَشَايِخَنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - رَدُّوا عَلَى مَالِكٍ فِي عَمَلِهِ بِالْخَطِّ لِكَوْنِ الْخَطِّ يُشْبِهُ الْخَطَّ، فَكَيْفَ عَمِلُوا بِهِ هُنَا؟ 10 - وَرَدَّهُ ابْنُ وَهْبَانَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ فِي دَفْتَرِهِ إلَّا مَالَهُ وَعَلَيْهِ. 11 - وَتَمَامُهُ فِيهِ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَفِي إقْرَارِ الْبَزَّازِيَّةِ: ادَّعَى مَالًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: كُلُّ مَا يُوجَدُ فِي تَذْكِرَةِ الْمُدَّعِي بِخَطِّهِ فَقَدْ الْتَزَمْته، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِالْوَظَائِفِ إلَخْ، مُتَعَلِّقٌ بِالْبَرَاءَةِ لَا بِإِلْحَاقِ كَمَا يُعْطِيه ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وَصِلَةُ الْإِلْحَاقِ مَحْذُوفَةٌ تَقْدِيرُهَا بِهِ أَيْ بِكِتَابِ أَهْلِ الْحَرْبِ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ أَنَّهُ لَا يُزَوَّرُ أَيْ كِتَابُ أَهْلِ الْحَرْبِ بِطَلَبِ الْأَمَانِ مِنْ الْإِمَامِ ثُمَّ فِي إلْحَاقِ الْوَظَائِفِ الْمُبْتَنِيَةِ عَلَى الْبَرَاءَةِ السُّلْطَانِيَّةِ بِكِتَابِ أَهْلِ الْحَرْبِ، نَظَرٌ فَإِنَّ التَّزْوِيرَ قَدْ ظَهَرَ فِيهَا، وَقُطِعَتْ بِسَبَبِهِ الْأَيْدِي، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي عَدَمِ الْعَمَلِ بِالْخَطِّ كَوْنُهُ مِمَّا يُزَوَّرُ، وَيُفْتَعَلُ أَيْ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَكَوْنُهُ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْعَمَلِ بِهِ، وَعَدَمَ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُزَوَّرًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِمَا وَاحِدَةٌ وَهِيَ شِدَّةُ الْمَشَقَّةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي تَحْصِيلِ الشُّهُودِ الَّذِينَ يَطَّلِعُونَ عَلَى حَضْرَةِ السُّلْطَانِ، أَعْنِي سُلْطَانَ أَهْلِ إسْلَامٍ، وَمَنْ يَأْتِي بِشَهَادَةِ الْإِمَامِ الْأَمَانَ مِنْ جِهَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ. (10) قَوْلُهُ: وَرَدَّهُ ابْنُ وَهْبَانَ بِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ فِي دَفْتَرِهِ إلَّا مَا لَهُ وَعَلَيْهِ قِيلَ: فِيهِ نَظَرٌ وَمِنْ أَيْنَ لَنَا ذَلِكَ فَقَدْ يَكْتُبُ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ. (11) قَوْلُهُ: وَتَمَامُهُ فِيهِ مِنْ الشَّهَادَةِ. حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كِتَابَةِ الشَّاهِدِ خَطَّهُ بَقَاؤُهُ عَلَى شَهَادَتِهِ لِاحْتِمَالِ رُجُوعِهِ؛ وَلِأَنَّهُ مَا لَمْ يُؤَدِّ يَصِيرُ وَاضِعُ شَهَادَتِهِ مُلْزَمًا حَتَّى لَوْ قَالَ: هُوَ خَطِّي، وَلَا أَشْهَدُ بِهِ لَا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQيَلْزَمُهُ، بِخِلَافِ الصَّرَّافِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ بِالْخَطِّ وَأَنْكَرَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ سِيَّمَا وَالْعَادَةُ وَضْعُ التُّجَّارِ أَمْوَالَهُمْ عِنْدَ الصَّرَّافِينَ بِلَا إشْهَادٍ بَلْ يُكْتَفَى بِخَطِّهِ وَالْخَطُّ وَالدَّرَاهِمُ عِنْدَ الصَّرَّافِ مُحْتَفَظٌ عَلَيْهِمَا فَيُؤْمَنُ مِنْ التَّزْوِيرِ؛ وَلِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَصْنَعَ الْإِنْسَانُ خَطَّهُ فِي دَرَاهِمَ عِنْدَهُ إنَّهَا لِغَيْرِهِ، وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ (انْتَهَى) . وَتَعَقَّبَهُ الْمَرْحُوم قَاضِي الْقُضَاةِ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِهِ بِأَنَّ هَذَا الْفَرْقَ فِيهِ مَا يُقْبَلُ وَفِيهِ مَا يُرَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ الصَّرَّافُ كَوْنَهُ مَشْغُولَ الذِّمَّةِ أَوْ الْيَدِ مِمَّا كَتَبَهُ بِخَطِّهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ سِيَّمَا، وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْكِتَابَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ. ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ أَلَّفْت فِي مَسْأَلَةِ الشَّهَادَاتِ عَلَى الْخَطِّ كُرَّاسَةً مُهِمَّةً يَجِبُ الِاعْتِنَاءُ بِهَا تَشْتَمِلُ عَلَى تَحْرِيرِ الْمَذْهَبِ فِي الْمَسْأَلَةِ (انْتَهَى) . وَحَاصِلُ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الْكُرَّاسَةُ أَنَّهُ رَفَعَ الْيَدَ سُؤَالٌ عَنْ مُسْتَنَدٍ بِطَرِيقِ الشَّهَادَاتِ عَلَى الْخَطِّ عِنْدَ حَاكِمٍ مَالِكِيِّ الْمَذْهَبِ، وَحَكَمَ بِهِ مُسْتَوْفِيًا الشَّرَائِطَ الشَّرْعِيَّةَ، وَنَفَّذَهُ حَاكِمٌ حَنْبَلِيٌّ يَرَى جَوَازَهُ، وَصَرَّحَ فِي تَنْفِيذِهِ بِأَنَّهُ قَضَى بِهِ وَأَمْضَاهُ، وَأَنَّهُ طَلَبَ مِنْ الْحَنَفِيِّ تَنْفِيذَ حُكْمِ الْحَنْبَلِيِّ فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مُسْتَنِدًا إلَى أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ، وَأَنَّ ذَلِكَ مَنْقُولٌ عِنْدَهُ، وَطَلَبَ مِنْهُ الْجَوَابَ عَنْ امْتِنَاعِهِ هَلْ لَهُ وَجْهٌ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَنْفُذُ هَذَا الْحُكْمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بَعْدَ تَقْدِيمِ مُقَدِّمَةٍ، وَهِيَ أَنَّ عُلَمَاءَنَا قَسَّمُوا الْحُكْمَ بِثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ قِسْمٌ يُرَدُّ بِكُلِّ حَالٍ، وَهُوَ مَا خَالَفَ قَطْعِيَّ الْكِتَابِ كَالْحُكْمِ بِحِلِّ زَوْجَةِ الْأَبِ أَوْ مَوْطُوءَتِهِ بِمِلْكِ يَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22] وَالسُّنَّةُ الْمَشْهُورَةُ وَالْإِجْمَاعُ وَقِسْمٌ يَمْضِي بِكُلِّ حَالٍ، وَهُوَ الْحُكْمُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ وَأَمْثِلَتُهُ كَثِيرَةٌ وَقِسْمٌ ثَالِثٌ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَهُوَ الْحُكْمُ الْمُجْتَهَدُ فِيهِ، وَهُوَ مَا يَقَعُ الْخِلَافُ فِيهِ بَعْدَ وُجُودِ الْحُكْمِ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْفُذُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَتَوَقَّفُ عَلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ. وَذَكَرَ أَنَّ جَدَّهُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ وَكَانَ خِتَامَ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ قَضَى بِهِ بَيَانًا لِتَرْجِيحِهِ لِنُفُوذِهِ دُونَ تَوَقُّفٍ ثُمَّ قَالَ: فَإِذَا تَمَهَّدَ هَذَا عُلِمَ أَنَّ الْحُكْمَ الْمَسْئُولَ عَنْهُ لَيْسَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ قَطْعًا بَلْ هُوَ دَائِرٌ بَيْنَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَأَقْصَى مَا يُمْكِنُ أَنْ يُدَّعَى فِيهِ أَنَّهُ مِنْ الثَّالِثِ، وَقَدْ قَضَى بِهِ حَنْبَلِيٌّ، وَأَجَادَ حَيْثُ صَرَّحَ فِي التَّنْفِيذِ بِأَنَّهُ قَضَى بِهِ وَأَمْضَاهُ فَكَانَ حُكْمُ الْحَنْبَلِيِّ وَاقِعًا فِي مَحَلٍّ مُجْتَهَدٍ فِيهِ فَيَنْفُذُ بِالِاتِّفَاقِ، فَلَا وَجْهَ لِتَوَقُّفِ الْحَنَفِيِّ حِينَئِذٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى أَنَّ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ، إنَّمَا هُوَ فِي كَوْنِ الْخَطِّ حُجَّةً لِلْقَضَاءِ كَمَا قَالُوا فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ وَفِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ بِدُونِ خَصْمٍ هَلْ تَكُونُ حُجَّةَ الْقَضَاءِ؟ وَذُكِرَ أَنَّ الْفَيْصَلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الشَّجَنِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ فَقَضَى بِهِ الْقَاضِي ثُمَّ جَاءَ قَاضٍ آخَرُ يَرَى غَيْرَ ذَلِكَ أَمْضَاهُ. قَالَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَبِهِ نَأْخُذُ. إلَى هُنَا مَا أَجَابَ بِهِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ مِنْ النَّقْلِ فَذَكَرَ أَنَّهُ مَا فِي آدَابِ الْقَضَاءِ لِلْخَصَّافِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ يَشْهَدُ عَلَى خَطَابِيَّةٍ وَمَنْ تَدَاوَلَهَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُصَنَّفِينَ وَأَكْثَرَ مِنْ الِاحْتِجَاجِ بِقَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ وَلَوْ نَفَّذَهُ أَلْفُ قَاضٍ. وَرَدَّهُ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ الْمَسْأَلَةُ الْمَسْئُولُ عَنْهَا وَتَمَسُّكُهُ بِهَا بَاطِلٌ. وَوَجْهُ ذَلِكَ بِالنَّقْلِ وَالْجَرْيِ عَلَى الْقَوَاعِدِ وَالِاسْتِظْهَارِ بِالْفُرُوعِ الْمَنْقُولَةِ فِي الْمَذْهَبِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعِبَارَاتِ الْمَنْقُولَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ صَرِيحٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ لَا تَنْفُذُ بَعْدَ تَنْفِيذِ قَاضٍ آخَرَ، بَلْ هِيَ قَاصِرَةٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَرَهَا إذَا رُفِعَتْ إلَيْهِ نَفَّذَ سَاكِتًا عَنْ حَالِهَا بَعْدَ أَنْ يُنَفِّذَهَا مَنْ يَرَاهَا صَحِيحَةً جَائِزَةً. وَهَذَا فِي غَايَةِ الظُّهُورِ، وَعَلَى سَبِيلِ النُّزُولِ وَالتَّسْلِيمِ فَلَيْسَتْ هَذِهِ مَسْأَلَةَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ السَّادَةِ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَيَسْتَنِدُ فِي ذَلِكَ إلَى وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْمَفْهُومَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ حُجَّةٌ وَعَدَمُ التَّنْفِيذِ بِخَطِّ أَبِيهِ مَفْهُومُهُ النَّفَاذُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِخَطِّ أَبِيهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تُهْمَةِ الْوَلَدِ بِقَصْدِ تَشْيِيدِ خَطِّ أَبِيهِ وَإِرَادَةِ نَفَاذِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِمَعْنًى ثَابِتٍ بَيْنَ الْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ كَمَا لَا يَخْفَى، فَلَا يُقَالُ: إذَا ثَبَتَ فِي الِابْنِ الْعَارِفِ بِخَطِّ أَبِيهِ فَفِي الْغَيْرِ مِنْ بَابِ أَوْلَى لِانْتِفَاءِ مَا ذَكَرْنَا؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الشُّمُولَ لَقَالَ: عَلَى خَطِّ غَيْرِهِ. فَيَدْخُلُ الْوَلَدُ فِيهِ وَلَا يُقَالُ: إنَّ هَذَا الْقَيْدَ فِي كَلَامِ هَذَا الْإِمَامِ. لَا يَخْفَى بَلْ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَعْنًى صَحِيحٍ، وَالثَّانِي عَلَى سَبِيلِ النُّزُولِ أَيْضًا. فَهَذَا إنَّمَا لَا يَنْفُذُ؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ وَشَهَادَةُ الْوَاحِدِ مُجَرَّدَةٌ عَنْ شَيْءٍ آخَرَ لَا تَكُونُ حُجَّةً لِلْقَضَاءِ بِالْإِجْمَاعِ، فَكَانَ قَوْلًا مَهْجُورًا لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَالثَّالِثُ: الْقَاضِي عَلَى الْخَصْمِ، فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَا ذَكَرَهُ الْحُسَامُ فِي شَرْحِهِ عَلَى أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ حَيْثُ قَالَ: وَصُورَتُهُ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا مَاتَ فَوَجَدَ ابْنُهُ خَطَّ أَبِيهِ فِي صَكٍّ عَلِمَ يَقِينًا أَنَّهُ خَطُّ أَبِيهِ فَإِنَّهُ يَشْهَدُ بِذَلِكَ الصَّكِّ؛ لِأَنَّ الِابْنَ خَلِيفَةُ الْمَيِّتِ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ. لَكِنَّ هَذَا قَوْلٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQمَهْجُورٌ فَلَا يُعْتَبَرُ بِمُقَابَلَةِ قَوْلِ الْجُمْهُورِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَكِتَابِ اللَّهِ {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86] وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ كَانَ الْقَضَاءُ بَاطِلًا فَإِذَا وَقَعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَهُ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَشْهَدُ بِمَا يَشْهَدُ بِهِ خَطُّ أَبِيهِ لَا أَنَّهُ يَشْهَدُ بِأَنَّ هَذَا خَطُّ أَبِيهِ، فَإِنَّهُ عَلِمَ يَقِينًا أَنَّهُ خَطُّ أَبِيهِ، وَعُلِّلَ بِأَنَّ الِابْنَ يَكُونُ خَلِيفَةَ الْمَيِّتِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، يَعْنِي فَيَكُونُ خَلِيفَةً فِي أَنْ يَشْهَدَ بِمَا يَشْهَدُ بِهِ أَبُوهُ إذْ لَا مَدْخَلَ لِهَذَا التَّعْلِيلِ هُنَا إلَّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلْخِلَافِ فِي شَهَادَةِ الْغَيْرِ عَلَى الْخَطِّ حَتَّى يَسْتَوِيَ مَعَ الِابْنِ فِيهَا وَبِهَا يَنْفَصِلُ الِابْنُ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ. وَأَيْضًا قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَعْلَمُ لَا يَصِحُّ مَعَ قَوْلِهِ عَلِمَ يَقِينًا أَنَّهُ خَطُّ أَبِيهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الِابْنُ شَهِدَ بِمَا شَهِدَ بِهِ أَبُوهُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّ الْخَطَّ قَدْ فَرَضَ أَنَّهُ عَلِمَ يَقِينًا أَنَّهُ خَطُّ أَبِيهِ، فَظَهَرَ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا مَسْأَلَةَ النِّزَاعِ بِنَصِّ هَذَا الْإِمَامِ الْعَظِيمِ الشَّأْنِ الْمُعْتَمَدِ قَوْلَهُ فِي الْمَذْهَبِ فَلَا عِبْرَةَ بِحَمْلِ غَيْرِهِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. هَذِهِ الْعِبَارَةَ عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ مَسْأَلَتِنَا، وَأَمَّا كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَشْهَدُ فِي مَسْأَلَتِنَا بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ لَهُ، وَلَا يُطَّرَدُ فَإِنَّ أَوَّلَ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْحُكْمِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَلَا أَسْتَحْضِرُ أَحَدًا مِنْ عُلَمَائِنَا مَنْ قَالَ: أَنَّهُ بَعْدَ إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ ذَكَرَهُ فِي أَقْضِيَةِ الْجَامِعِ. وَفِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ يَنْفُذُ مُطْلَقًا، وَهَذَا يَشْهَدُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ لَا يَنْفُذُ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ النَّفَاذِ إذَا قَضَى بِهِ قَاضٍ آخَرُ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْقَضَاءَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْفَصْلِ الْمُجْتَهَدِ فِيهِ تَنْفِيذُهُ يَكُونُ قَضَاءً فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ فَيَكُونُ نَافِذًا بِالِاتِّفَاقِ. فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ نَافِذٍ وَلَوْ نَفَّذَهُ أَلْفُ حَاكِمٍ. قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي وَاقِعَاتِهِ: قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ثُمَّ رُفِعَ إلَى حَاكِمٍ لَا يَرَاهُ جَازَ لَهُ إبْطَالُهُ فَإِنْ رُفِعَ قَبْلَ إبْطَالِهِ إلَى حَاكِمٍ يَرَى جَوَازَهُ فَنَفَّذَهُ لَيْسَ لِحَاكِمٍ آخَرَ لَا يَرَاهُ جَائِزًا إبْطَالُهُ. وَعَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ الْمُخْتَلِفَةِ. وَذَكَرَ مَسْأَلَةَ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا مِنْ هَذَا الْوَادِي، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ وَالنَّوَازِلِ أَنَّهُ يَنْفُذُ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَيَكُونُ حُكْمًا مُخْتَلَفًا فِيهِ فَيَنْفُذُ بِالتَّنْفِيذِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ أَضَافَ إلَى الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَتَرَجَّحَ جَانِبُ الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ (انْتَهَى) . ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ هَهُنَا نَشْرَعُ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى كَوْنِ الْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ مِمَّا يَتَوَقَّفُ أَوْ يَنْفُذُ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ، فَنَقُولُ: إمَّا بَيَانُ كَوْنِهِ لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا قَطْعِيًّا مِنْ الْكِتَابِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ شَهِدَ فِيهِ شَاهِدَانِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَذَلِكَ هُوَ الَّذِي وَرَدَ بِهِ النَّصُّ، وَأَمَّا بَيَانُ كَوْنِهِ لَمْ يُخَالِفْ سُنَّةً مُشْتَهِرَةً فَظَاهِرٌ أَيْضًا، بَلْ نَقُولُ: إنَّ السُّنَّةَ جَرَتْ بِإِقَامَةِ الْخَطِّ مَقَامَ الْخِطَابِ فَقَدْ صَرَّحَ الْخَصَّافُ وَالصَّفَّارُ وَغَيْرُهُمَا فِي بَابِ كِتَابِ الْقَاضِي بِذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَبِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ إلَى الْمُلُوكِ، وَقَامَ الْكِتَابُ مَقَامَ الْخِطَابِ فِي اللُّزُومِ وَلَزِمْنَا أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى. وَكَذَا كَانَ زَمَنُ الْخَلِيفَةِ بَعْدَهُ، وَالْقُضَاةُ يَعْمَلُونَ بِذَلِكَ مِنْ لَدُنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى يَوْمِنَا هَذَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ. فَكَانَ كِتَابُ الْقَاضِي كَخِطَابِهِ وَأُسْنِدَ إلَى الشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ أَنَّهُمَا كَانَا يَعْمَلَانِ بِالْكِتَابِ إذَا جَاءَهُمَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْقَاضِي إذَا كَتَبَ لِلْأَمِيرِ رُقْعَةً وَقَصَّ فِيهَا قِصَّةً وَبَعَثَهَا إلَى الْأَمِيرِ مَعَ نَفَقَةٍ، وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ. قَالَ: اُسْتُحْسِنَ أَنْ يُنَفِّذَهُ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ حَدٍّ فَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ سُنَّةٌ مُشْتَهِرَةٌ وَرُدَّتْ بِالْمَنْعِ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ. وَأَمَّا كَوْنُهُ لَمْ يُخَالِفْ الْإِجْمَاعَ فَظَهَرَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ مِنْ اعْتِمَادِ الصَّحَابَةِ عَلَى الْخَطِّ وَقِيَامِهِ عِنْدَهُمْ مَقَامَ الْخِطَابِ، وَلَا جَائِزَ أَنْ يَنْعَقِدَ إجْمَاعٌ بَعْدَ التَّابِعِينَ. وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ يُخَالِفَانِ فِيهِ، فَظَهَرَ لَك بِهَذَا أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَمْ يُخَالِفْ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَالْإِجْمَاعَ وَجَمِيعُ كُتُبِ الْمَذْهَبِ مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَا يَنْفُذُ مَا خَالَفَ ذَلِكَ. فَإِنْ قُلْت الْمُعْتَبَرُ فِي صَيْرُورَةِ الْمَحَلِّ مُجْتَهَدًا فِيهِ اخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ مَعَهُمْ، وَلَمْ يُنْقَلْ هُنَا؟ قُلْت: هَذَا فِيمَا اخْتِلَافُهُمْ أَمَّا الَّذِي لَيْسَ عَنْهُمْ فِيهِ كَلَامٌ بِجَوَازٍ وَلَا بِمَنْعٍ. وَقَالَ الْمُجْتَهِدُ: فِيهِ قَوْلًا اُسْتُنِدَ فِيهِ إلَى دَلِيلٍ وَخَالَفَهُ الْآخَرُ فَقَضَى قَاضٍ بِمَا أَدَّى عَلَيْهِ اجْتِهَادُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَفَذَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِمَا ذُكِرَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ مَشَايِخِنَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَحَلَّ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ بِدُونِ اسْتِنَادِهِ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ يَرَاهُ حُجَّةً فَكَيْفَ، وَقَدْ انْضَمَّ إلَى الْحُكْمِ بِذَلِكَ حَاكِمٌ آخَرُ يَرَاهُ جَائِزًا بِإِمْضَائِهِ وَإِجَازَتِهِ. وَالْقَوْلُ بِأَنَّ اخْتِلَافَ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يُعْتَبَرُ فِي صَيْرُورَةِ الْمَحَلِّ مُجْتَهَدًا فِيهِ قَوْلُ الْخَصَّافِ وَحْدَهُ. وَقَدْ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ إلَى اعْتِبَارِهِ. وَصَرَّحَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي فَتَاوَاهُ بِأَنَّ الْمُخْتَلَفَ بَيْنَ السَّلَفِ كَالْمُخْتَلَفِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مُسْتَدِلًّا عَلَى ذَلِكَ بِمَا نَقَلَهُ عَنْ مَأْذُونِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ: الْقَاضِي إذَا قَضَى فِي الْمَأْذُونِ فِي النَّوْعِ أَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ عِنْدَ شَرَائِطِ الْقَضَاءِ يَصِيرُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ يَرَى خِلَافَهُ أَمْضَاهُ وَلَا يُبْطِلُهُ، ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْمَأْذُونِ الْكَبِيرِ وَقَدْ صَرَّحَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ بِأَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ خِلَافِ

لَا يَكُونُ إقْرَارًا. وَكَذَا لَوْ قَالَ: مَا كَانَ فِي جَرِيدَتِك فَعَلَيَّ، إلَّا إذَا كَانَ فِي الْجَرِيدَةِ شَيْءٌ مَعْلُومٌ، أَوْ ذَكَرَ الْمُدَّعِي شَيْئًا مَعْلُومًا. 13 - فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: مَا ذَكَرْنَا. 14 - كَانَ تَصْدِيقًا 15 -؛ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ لَا يَلْحَقُ بِالْمَجْهُولِ، وَكَذَا إذَا أَشَارَ إلَى الْجَرِيدَةِ وَقَالَ: مَا فِيهَا فَهُوَ عَلَيَّ، كَذَلِكَ يَصِحُّ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُشَارًا إلَيْهِ لَا يَصِحُّ لِلْجَهَالَةِ (انْتَهَى) . مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ إذَا امْتَنَعَ عَنْ قَضَائِهِ فَإِنَّهُ لَا يُضْرَبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَا شَكَّ فِي اجْتِهَادِهِمْ فَيَصِيرُ الْمَحَلُّ بِاخْتِلَافِهِمْ مُجْتَهَدًا فِيهِ وَاسْتُبْدِلَ فِي ذَلِكَ الْمَنْقُولُ حَيْثُ قَالَ: وَقَدْ تَرَى فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِمْ جَعْلَ الْمَسْأَلَةِ اجْتِهَادِيَّةً بِخِلَافٍ بَيْنَ الْمَشَايِخِ حَتَّى يَنْفُذَ الْقَضَاءُ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَكَيْفَ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إذْ لَمْ يُعْرَفْ الْخِلَافُ إلَّا بَيْنَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ يُؤَيِّدُهُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الْحَلْوَانِيِّ: أَنَّ الْأَبَ إذَا خَالَعَ الصَّغِيرَةَ عَلَى صَدَاقِهَا، وَرَآهُ خَيْرًا لَهَا بِأَنْ كَانَتْ لَا تُحْسِنُ الْعِشْرَةَ مَعَ زَوْجِهَا فَإِنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ مَالِكٍ يَصِحُّ، وَيَزُولُ الصَّدَاقُ عَنْ مِلْكِهَا وَيَبْرَأُ الزَّوْجُ عَنْهُ فَإِذَا قَضَى بِهِ قَاضٍ نَفَذَ (انْتَهَى) . (12) قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ إقْرَارًا إلَخْ. عَلَّلَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بِأَنَّ الْمَحْفُوظَ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: كُلُّ مَا أَقَرَّ بِهِ فُلَانٌ عَلَيَّ فَأَنَا مُقِرٌّ بِهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا أَقَرَّ بِهِ فُلَانٌ. يَعْنِي فَهَهُنَا أَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ إقْرَارًا وَقَدْ أَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ مِنْ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ هَذَا التَّعْلِيلَ. (13) قَوْلُهُ: فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَا أَيْ مَا كَانَ فِي جَرِيدَتِك فَعَلَيَّ. (14) قَوْلُهُ: كَانَ تَصْدِيقًا. مُقْتَضَى السِّيَاقِ أَنْ يَقُولَ: كَانَ إقْرَارًا. (15) قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ لَا يَلْحَقُ بِالْمَجْهُولِ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: كَانَ تَصْدِيقًا أَيْ لَا يَكُونُ مُتَعَلِّقًا بِهِ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ التَّصْدِيقَ عِبَارَةٌ عَنْ تَصَوُّرِ الطَّرَفَيْنِ مَعَ الْحُكْمِ، وَالْحُكْمُ عَلَى الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ تَصَوُّرِهِ، وَتَصَوُّرُ الْمَجْهُولِ يَتَعَذَّرُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّصْدِيقُ.

وَلِذَا قَالُوا: إنَّ الْمَدْيُونَ لَا يُضْرَبُ فِي الْحَبْسِ وَلَا يُقَيَّدُ وَلَا يُغَلُّ. قُلْت 17 - إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ إذَا امْتَنَعَ عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى قَرِيبِهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي النَّفَقَاتِ، وَإِذَا لَمْ يَقْسِمْ بَيْنَ نِسَائِهِ وَوَعَظَ فَلَمْ يَرْجِعْ كَمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مِنْ الْقِسْمِ، وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ مَعَ قُدْرَتِهِ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِهِ. وَالْعِلَّةُ الْجَامِعَةُ أَنَّ الْحَقَّ يَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْقِسْمَ لَا يُقْضَى 18 - وَكَذَا نَفَقَةُ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلِذَا قَوْلُهُ أَنَّ الْمَدْيُونَ لَا يُضْرَبُ إلَخْ. فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَا يُضْرَبُ الْمَدْيُونُ وَلَا يُقَيَّدُ وَلَا يُغَلُّ وَلَا يُؤَاجَرُ وَلَا يُقَامُ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِ الْحَقِّ إهَالَةً. (17) قَوْلُهُ: إلَّا فِي ثَلَاثٍ، اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ، لَا مِنْ قَوْلِهِ: الْمَدْيُونُ لَا يُضْرَبُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ: إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى قَرِيبِهِ. كَمَا ذَكَرُوهُ فِي النَّفَقَاتِ. مِمَّنْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ فِي الرَّمْزِ شَرْحِ نَظْمِ الْكَنْزِ نَقْلًا عَلَى الْبَدَائِعِ. (18) قَوْلُهُ: وَكَذَا نَفَقَةُ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ إلَخْ. أَقُولُ فِيهِ: إنَّ هَذَا بِمُجَرَّدِهِ غَيْرُ كَافٍ فَإِنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ تَسْقُطُ أَيْضًا بِمُضِيِّ الزَّمَنِ، وَلَيْسَ الْحُكْمُ فِيهَا كَذَلِكَ، وَالْمُرَادُ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ لَا مُطْلَقُ الْقَرِيبِ، وَمِثْلُ الْقَرِيبِ الْأَوْلَادُ الصِّغَارُ. قَالَ الْأُسْرُوشَنِيُّ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ: رَجُلٌ لَهُ أَوْلَادٌ، وَلَا مِلْكَ لِلصِّغَارِ أَيْضًا، هَلْ يَفْرِضُ النَّفَقَةَ عَلَى الْأَبِ إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ يَفْرِضُ عَلَيْهِ النَّفَقَةَ فَيَكْتَسِبُ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ لَا تَسْقُطُ بِالْعُسْرَةِ فَإِنْ أَبَى أَنْ يَكْتَسِبَ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِمْ يُجْبَرْ عَلَى ذَلِكَ وَيُحْبَسْ بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ، فَإِنَّ الْأُصُولَ وَإِنْ عَلَوْا لَا يُحْبَسُونَ بِدُيُونِ الْأَوْلَادِ وَالْفَرْقُ فِي الذَّخِيرَةِ وَتَمَامُهُ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ مِنْ النَّفَقَاتِ

وَحَقُّهَا فِي الْجِمَاعِ يَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ لَا إلَى خَلَفٍ 20 - لَا يُحَلِّفُ الْقَاضِي عَلَى حَقٍّ مَجْهُولٍ، 21 - فَلَوْ ادَّعَى عَلَى شَرِيكِهِ خِيَانَةً مُبْهَمَةً لَمْ يَحْلِفْ إلَّا فِي مَسَائِلَ، 22 - كَمَا فِي دَعْوَى الْخَانِيَّةِ: الْأُولَى: إذَا اتَّهَمَ الْقَاضِي وَصِيَّ الْيَتِيمِ. الثَّانِيَةُ: إذَا اُتُّهِمَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ فَإِنَّهُ يُحَلِّفُهُمَا نَظَرًا لِلْيَتِيمِ وَالْوَاقِفِ. الثَّالِثَةُ: إذَا ادَّعَى الْمُودِعُ عَلَى الْمُودَعِ خِيَانَةً مُطْلَقَةً فَإِنَّهُ يُحَلِّفُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَحَقُّهَا فِي الْجِمَاعِ يَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ إلَخْ. أَقُولُ: قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ حَقَّهَا فِي الْجِمَاعِ يَعْنِي قَضَاءً إنَّمَا هُوَ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ فِي الْعُمُرِ لَا فِي الْأَزْمَانِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ، وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَحَقُّهَا فِي الْجِمَاعِ يَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ لَا إلَى خَلَفٍ (20) قَوْلُهُ: لَا يُحَلِّفُ الْقَاضِي عَلَى حَقٍّ مَجْهُولٍ. أَقُولُ: الصَّوَابُ لَا يُحَلِّفُ عَلَى دَعْوَى مَجْهُولٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (21) قَوْلُهُ: فَلَوْ ادَّعَى عَلَى شَرِيكِهِ خِيَانَةً إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُخَالِفُ هَذَا مَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ حَيْثُ أَجَابَ عَمَّا إذَا ادَّعَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى الْآخَرِ أَوْ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ خِيَانَةً وَطَلَبَ مِنْ الْحَاكِمِ يَمِينَهُ أَنَّهُ مَا خَانَهُ فِي شَيْءٍ وَأَنَّهُ أَدَّاهُ مَالَ الْأَمَانَةِ هَلْ يَلْزَمُ أَمْ لَا؟ أَجَابَ: وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارًا فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لَكِنْ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ مِقْدَارَ مَا كَانَ فِيهِ. وَالْقَوْلُ فِي مِقْدَارِهِ لِلْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ خَصْمُهُ بَيِّنَةً عَلَى الْأَكْثَرِ (انْتَهَى) . وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ قَارِئَ الْهِدَايَةِ لَمْ يَسْتَنِدْ فِيمَا أَفْتَى بِهِ إلَى نَقْلٍ وَحِينَئِذٍ لَا يُعَارِضُ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْخَانِيَّةِ. (22) قَوْلُهُ: كَمَا فِي دَعْوَى الْخَانِيَّةِ. وَعِبَارَتُهَا وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَ مَالِي وَطَلَبَ التَّحْلِيفَ مِنْ الْقَاضِي لَا يُحَلِّفُهُ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: كَانَ هَذَا شَرِيكِي وَقَدْ خَانَ فِي الرِّبْحِ وَلَا أَدْرِي قَدْرَهُ، لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ أَوْصَى لِي، وَلَا أَدْرِي قَدْرَهُ، وَأَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَ الْوَارِثَ لَا يُجِيبُهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ الْمَدْيُونُ إذَا قَالَ: قَضَيْت بَعْضَ دَيْنِي وَلَا أَدْرِي كَمْ قَضَيْت، أَوْ قَالَ: نَسِيت قَدْرَهُ، وَأَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَ الطَّالِبَ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: الْجَهَالَةُ كَمَا تَمْنَعُ

كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. 24 - الرَّابِعَةُ: الرَّهْنُ الْمَجْهُولُ. 25 - الْخَامِسَةُ: فِي دَعْوَى الْغَصْبِ. 26 - السَّادِسَةُ: فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَبُولَ الْبَيِّنَةِ تَمْنَعُ الِاسْتِحْلَافَ أَيْضًا. إلَّا إذَا اتَّهَمَ الْقَاضِي وَصِيَّ الْيَتِيمِ أَوْ قَيِّمَ الْوَقْفِ، وَلَا يَدَّعِي عَلَيْهِ شَيْئًا مَعْلُومًا؛ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ نَظَرَ نَاظِرٌ وَالْوَقْفُ. (23) قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. يَعْنِي فِي بَابِ الِاسْتِحْلَافِ، وَعِبَارَتُهَا: ادَّعَى خِيَانَةً مُطْلَقَةً عَلَى مُودِعِهِ قِبَلَهُ لَا يُسْتَحْلَفُ حَتَّى يُقَدِّرَ شَيْئًا فَيُسْتَحْلَفَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ مَا خَانَ فِيمَا اُؤْتُمِنَ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ يُجْبَرُ عَلَى بَيَانِ قَدْرِ مَا نَكَلَ عَنْهُ وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْخَلَلِ. (24) قَوْلُهُ: الرَّابِعَةُ: الرَّهْنُ الْمَجْهُولُ. أَيْ لَوْ ادَّعَى الرَّاهِنُ رَهْنًا مَجْهُولًا فَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ. قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ السَّادِسِ: لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ رَهَنَ عِنْدَهُ ثَوْبًا وَهُوَ يُنْكِرُ تُسْمَعُ. يَعْنِي وَإِذَا سُمِعَتْ يَحْلِفُ. (25) قَوْلُهُ: الْخَامِسَةُ فِي دَعْوَى الْغَصْبِ. قَالَ فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ: وَلَوْ قَالَ: غُصِبَتْ مِنِّي عَيْنُ كَذَا وَلَا أَدْرِي قِيمَتَهُ. قَالُوا تُسْمَعُ. قَالَ فِي الْكَافِي: وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْقِيمَةَ، وَقَالَ: غُصِبَتْ مِنِّي عَيْنُ كَذَا وَلَا أَدْرِي أَنَّهُ هَالِكٌ أَوْ قَائِمٌ، وَلَا أَدْرِي كَمْ كَانَتْ قِيمَتُهُ. ذُكِرَ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّهُ تُسْمَعُ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ رُبَّمَا لَا يَعْرِفُ قِيمَةَ مَالَهُ فَلَوْ كُلِّفَ بَيَانَ الْقِيمَةِ شَرْطًا لَتَضَرَّرَ بِهِ (انْتَهَى) . وَفَائِدَةُ صِحَّةِ الدَّعْوَى مَعَ هَذِهِ الْجَهَالَةِ الْفَاحِشَةِ تَوَجُّهُ الْيَمِينِ عَلَى الْخَصْمِ. إنْ أَنْكَرَ وَالتَّجَبُّرُ عَلَى الْبَيَانِ إذَا أَقَرَّ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ كَلَامَ الْكَافِي لَا يَكُونُ كَافِيًا إلَّا بِهَذَا. (26) قَوْلُهُ: السَّادِسَةُ فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ. أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ لِمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ فِي الدَّعْوَى إذَا كَانَتْ سَرِقَةً لِيُعْلَمَ أَنَّهَا نِصَابٌ وَلَا تَامًّا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِهَا (انْتَهَى) . وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ادَّعَى أَعْيَانًا مُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّفَةِ وَذَكَرَ قِيمَةَ الْكُلِّ جُمْلَةً وَلَمْ يَذْكُرْ قِيمَةَ كُلٍّ عَلَى حِدَةٍ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ. قِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَقِيلَ: نَكْتَفِي بِالْإِجْمَالِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، إذْ الْمُدَّعِي لَوْ ادَّعَى

وَهِيَ إحْدَى الثَّلَاثِ الَّتِي تُسْمَعُ فِيهَا الدَّعْوَى بِمَجْهُولٍ 28 - فَصَارَتْ سِتًّا. الْقَضَاءُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ إلَّا فِي خَمْسٍ؛ 29 - فَفِي أَرْبَعٍ يَتَعَدَّى إلَى كَافَّةِ النَّاسِ 30 - فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدٍ فِيهِ بَعْدَهُ: فِي الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَالنَّسَبِ، وَوَلَاءِ الْعَتَاقَةِ، وَالنِّكَاحِ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQغَصْبَ هَذِهِ الْأَعْيَانِ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ دَعْوَاهُ بَيَانُ الْقِيمَةِ، فَلَوْ ادَّعَى أَنَّ الْأَعْيَانَ قَائِمَةٌ فِي يَدِهِ يُؤْمَرُ بِإِحْضَارِهَا فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِحَضْرَتِهَا. وَلَوْ قَالَ: إنَّهَا هَالِكَةٌ وَبَيَّنَ قِيمَةَ الْكُلِّ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَفِي (ج) لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَ أَمَتَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ قِيمَتَهَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيُؤْمَرُ بِرَدِّ الْأَمَةِ وَلَوْ هَالِكَةً فَالْقَوْلُ فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ لِلْغَاصِبِ، فَلَمَّا صَحَّ دَعْوَى الْغَصْبِ بِلَا بَيَانِ الْقِيمَةِ فَلَأَنْ يَصِحَّ إذًا يَمِينُ قِيمَةِ الْكُلِّ جُمْلَةً أَوَّلًا. وَقِيلَ: إنَّمَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ لَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى سَرِقَةً لِيَعْلَمَ أَنَّ السَّرِقَةَ كَانَتْ نِصَابًا، وَفِي غَيْرِهَا لَا يُشْتَرَطُ. (27) قَوْلُهُ: وَهِيَ الثَّلَاثُ الَّتِي تُسْمَعُ فِيهَا الدَّعْوَى بِمَجْهُولٍ. أَقُولُ إنَّهَا أَرْبَعَةٌ: دَعْوَى الْوَدِيعَةِ، وَدَعْوَى الرَّهْنِ، وَدَعْوَى الْغَصْبِ، وَدَعْوَى السَّرِقَةِ. (28) قَوْلُهُ: فَصَارَتْ سِتَّ. أَيْ الْمَسَائِلُ الَّتِي حَلَفَ فِيهَا عَلَى حَقٍّ مَجْهُولٍ (29) قَوْلُهُ: فَفِي أَرْبَعٍ يَتَعَدَّى إلَى كَافَّةِ النَّاسِ. أَقُولُ: يُزَادُ عَلَيْهَا كَمَا فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ: وَلَوْ أَحْضَرَ رَجُلًا وَادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا لِمُوَكِّلِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي اسْتِيفَاءِ حُقُوقِهِ وَالْخُصُومَةِ فِي ذَلِكَ قُبِلَتْ وَيَقْضِي بِالْوَكَالَةِ، وَيَكُونُ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ قَضَاءً عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ،؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا بِسَبَبِ الْوَكَالَةِ، فَكَانَ إثْبَاتُ السَّبَبِ عَلَيْهِ إثْبَاتًا عَلَى الْكَافَّةِ حَتَّى لَوْ أَحْضَرَ آخَرَ، وَادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا لَا يُكَلَّفُ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ (انْتَهَى) . وَفِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ: إنَّ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فِي حَقِّ النَّاسِ كَافَّةً، سَوَاءٌ كَانَ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ وَكِتَابِ الْهِبَةِ بِرِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ. (30) قَوْلُهُ: فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدٍ فِيهِ ذَكَرَ ضَمِيرَ الْأَرْبَعَةِ لِتَأْوِيلِهَا بِالْمَعْدُودِ.

وَالْقَضَاءُ بِالْوَقْفِ يَقْتَصِرُ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى الْكَافَّةِ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى فِي الْوَقْفِ الْمَحْكُومِ بِهِ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. 32 - وَفِي وَاحِدَةٍ يَتَعَدَّى إلَى مَنْ تَلَقَّى الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ الْمِلْكَ مِنْهُ، فَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالْبَيِّنَةِ وَالْقَضَاءِ كَانَ قَضَاءً عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْهُ، فَلَوْ بَرْهَنَ الْبَائِعُ بَعْدَهُ عَلَى الْمِلْكِ لَمْ تُقْبَلْ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ عَيْنٌ مِنْ يَدِ وَارِثٍ بِقَضَاءٍ بِبَيِّنَةٍ ذَكَرْت أَنَّهُ وَرِثَهَا كَانَ قَضَاءً عَلَى سَائِرِ الْوَرَثَةِ وَالْمَيِّتِ، فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ وَارِثٍ آخَرَ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي شَرْحِ الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ لِمُلَّا خُسْرو مِنْ بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ. 33 - وَالْحُكْمُ بِالْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ حُكْمٌ عَلَى الْكَافَّةِ حَتَّى لَا تُسْمَعَ دَعْوَى الْمِلْكِ مِنْ وَاحِدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْقَضَاءُ بِالْوَقْفِ يَقْتَصِرُ إلَخْ. أَقُولُ لَا مَحَلَّ لِذِكْرِهِ هُنَا، فَإِنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَتَعَدَّى وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْوَقْفِ قَضَاءٌ عَلَى الْكَافَّةِ كَمَا فِي فَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ. (32) قَوْلُهُ: وَفِي وَاحِدَةٍ يَتَعَدَّى إلَخْ. بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى ذِي الْيَدِ قَضَاءٌ تَقَدَّمَ مِلْكُهُ فَيَنْعَدِمُ مِلْكُ بَائِعِهِ ضَرُورَةً، وَلَا يَنْعَدِمُ مِلْكُ غَيْرِهِ، إذْ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ عَدَمِ مِلْكِ ذِي الْيَدِ عَدَمُ مِلْكِ غَيْرِهِ إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمِلْكُ عَدَمًا فِي حَقِّ شَخْصٍ دُونَ شَخْصٍ بِخِلَافِ الرِّقِّ إذَا انْعَدَمَ فِي حَقِّ شَخْصٍ فِي حَقِّ الْكُلِّ إذْ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ رَقِيقًا فِي حَقِّ زَيْدٍ حُرًّا فِي حَقِّ عَمْرٍو (33) قَوْلُهُ: وَالْحُكْمُ بِالْحُرِّيَّةِ إلَخْ. وَهُوَ فِقْهٌ حَسَنٌ. وَإِنَّمَا كَانَ الْحُكْمُ بِالْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا حُكْمًا عَلَى الْكَافَّةِ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ تُثْبِتُ أَحْكَامًا مُتَعَدِّيَةً مِنْ أَهْلِيَّةِ الْوِلَايَاتِ وَالشَّهَادَاتِ وَغَيْرِهَا، فَالْقَضَاءُ بِهَا قَضَاءٌ بِتِلْكَ الْأَحْكَامِ، فَيَتَعَدَّى إلَى الْكُلِّ وَيَنْتَصِبُ الْبَعْضُ خَصْمًا عَنْ الْبَعْضِ. وَحَقِيقَةُ الْفِقْهِ فِيهِ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْحُرِّيَّةِ قَضَاءٌ بِعَدَمِ الرِّقِّ وَالرِّقُّ إذَا انْعَدَمَ فِي حَقِّ شَخْصٍ يَنْعَدِمُ فِي حَقِّ الْكُلِّ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَكَذَا الْعِتْقُ وَفُرُوعُهُ. وَأَمَّا الْحُكْمُ فِي الْمِلْكِ الْمُؤَرَّخِ فَعَلَى الْكَافَّةِ مِنْ التَّارِيخِ لَا قَبْلَهُ، يَعْنِي إذَا قَالَ زَيْدٌ لِبَكْرٍ: إنَّك عَبْدِي مَلَكْتُك مُنْذُ خَمْسَةَ أَعْوَامٍ، فَقَالَ بَكْرٌ: إنِّي كُنْت عَبْدَ بِشْرٍ مَلَكَنِي مُنْذُ سِتَّةِ أَعْوَامٍ فَأَعْتَقَنِي وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ، انْدَفَعَ دَعْوَى زَيْدٍ. ثُمَّ إذَا قَالَ عَمْرٌو لِبَكْرٍ إنَّك عَبْدِي مَلَكْتُك مُنْذُ سَبْعَةَ أَعْوَامٍ وَأَنْتِ مِلْكِي الْآنَ، وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ تُقْبَلُ، وَيُفْسَخُ الْحُكْمُ بِحُرِّيَّتِهِ، وَيُجْعَلُ مِلْكًا لِعَمْرٍو. وَدَلَّ عَلَيْهِ أَنَّ قَاضِي خَانْ قَالَهُ فِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ. فَصَارَتْ مَسَائِلُ الْبَابِ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا: عِتْقٌ فِي مِلْكٍ مُطْلَقٍ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ، وَالْقَضَاءُ بِهِ قَضَاءٌ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ مِنْ وَقْتِ التَّارِيخِ. وَلَا يَكُونُ قَضَاءً قَبْلَهُ. فَلْيَكُنْ هَذَا عَلَى ذِكْرٍ مِنْك فَإِنَّ الْكُتُبَ الْمَشْهُورَةَ خَالِيَةٌ عَنْ هَذِهِ الْفَائِدَةِ (انْتَهَى) . وَهُنَا فَائِدَةٌ أُخْرَى هِيَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي كَوْنِهِ عَلَى الْكَافَّةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِقَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ إذَا لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِالرِّقِّ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ. اخْتِلَافُ الشَّاهِدَيْنِ مَانِعٌ مِنْ قَبُولِهَا، 35 - وَلَا بُدَّ مِنْ التَّطَابُقِ لَفْظًا وَمَعْنًى إلَّا فِي مَسَائِلَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَذَا الْعِتْقُ وَفُرُوعُهُ. قِيلَ: الْمُرَادُ الْقَضَاءُ بِالْعِتْقِ بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِ الْمُعْتِقِ حَتَّى إذَا ادَّعَى شَخْصٌ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ مَلَكَهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ الْمَذْكُورِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ بِمِلْكِ الْمُعْتِقِ تَرَجَّحَتْ بِاتِّصَالِ الْحُكْمِ بِهَا عَلَى بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي الْمُعَارِضَةِ لَهَا وَإِلَّا فَالْقَضَاءُ بِمُجَرَّدِ الْعِتْقِ بِدُونِ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِلْمُعْتِقِ لَا يَمْنَعُ مِنْ دَعْوَى آخَرَ، فَقَدْ يَعْتِقُ الشَّخْصُ مَنْ لَا يَمْلِكُهُ (انْتَهَى) (35) قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ التَّطَابُقِ لَفْظًا وَمَعْنًى إلَخْ. يَعْنِي بِحَيْثُ يَدُلُّ لَفْظُهُمَا

الْأُولَى: فِي الْوَقْفِ يَقْضِي بِأَقَلِّهِمَا. كَمَا فِي شَهَادَاتِ فَتْحِ الْقَدِيرِ مَعْزِيًّا إلَى الْخَصَّافِ. الثَّانِيَةُ: فِي الْمَهْرِ إذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِهِ يَقْضِي بِالْأَقَلِّ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. 37 - الثَّالِثَةُ: شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْهِبَةِ وَالْآخَرُ بِالْعَطِيَّةِ تُقْبَلُ. 38 - الرَّابِعَةُ: شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالنِّكَاحِ وَالْآخَرُ بِالتَّزْوِيجِ، وَهُمَا فِي شَرْحِ الزَّيْلَعِيِّ. الْخَامِسَةُ: شَهِدَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفًا، وَالْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ تُقْبَلُ، كَمَا فِي الْعُمْدَةِ. السَّادِسَةُ: شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْوَضْعِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ بِالْمُطَابَقَةِ لَا التَّضَمُّنِ عِنْدَ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَالْعِبْرَةُ لِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، فَتُرَدُّ الشَّهَادَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ أَحَدِهِمَا فِي أَلْفٍ وَمِائَةٍ وَالْآخَرُ فِي أَلْفَيْنِ وَمِائَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الدَّلَالَةَ عَلَى الْأَقَلِّ بِالتَّضَمُّنِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ عِنْدَهُ وَتُقْبَلُ عِنْدَهُمَا عَلَى الْأَلْفِ وَالْمِائَةِ عِنْدَ دَعْوَى الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْأَقَلِّ فَتُرَدُّ عِنْدَهُ دَعْوَى الْأَقَلِّ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يُكَذِّبُ شَاهِدَ الْأَكْثَرِ. وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُمَا، كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ الْأَلْفَانِ لَمْ يَثْبُتْ مَا فِي الضِّمْنِ مِنْ الْأَلْفِ. وَضَعَّفَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ قَوْلَهُ: قَالَ الْعَلَّامَةُ الْقُهُسْتَانِيُّ وَذَا مِنْهُ سُوءُ أَدَبٍ كَمَا لَا يَخْفَى. (36) قَوْلُهُ: الْأُولَى: فِي الْوَقْفِ إلَخْ. قَالَ فِي الْإِسْعَافِ: وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالثُّلُثِ، وَالْآخَرُ بِالنِّصْفِ قَضَى بِالثُّلُثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَهَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْكُلِّ وَالْآخَرُ بِالنِّصْفِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالنِّصْفِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ. (37) قَوْلُهُ: الثَّالِثَةُ: شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْهِبَةِ، وَالْآخَرُ بِالْعَطِيَّةِ تُقْبَلُ. أَقُولُ: قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُوَافَقَةِ لَفْظًا أَنْ يَكُونَ بِعَيْنِ ذَلِكَ اللَّفْظِ، بَلْ إمَّا بِعَيْنِهِ أَوْ بِمُرَادِفِهِ، حَتَّى لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْهِبَةِ وَالْآخَرُ بِالْعَطِيَّةِ تُقْبَلُ (انْتَهَى) . وَحِينَئِذٍ لَا وَجْهَ لِلِاسْتِثْنَاءِ. لَكِنْ قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ ذَلِكَ: وَقَدْ خَرَجَ عَنْ ظَاهِرِ قَوْلِ الْإِمَامِ مَسَائِلُ وَإِنْ أَمْكَنَ رُجُوعُهَا إلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ مَبْنِيٌّ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ الْإِمَامِ لَا عَلَى مَا هُوَ التَّحْقِيقُ فِي الْمَقَامِ. (38) قَوْلُهُ: الرَّابِعَةُ: شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالنِّكَاحِ وَالْآخَرُ بِالتَّزْوِيجِ. أَقُولُ فِيهِ: مَا تَقَدَّمَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ.

أَعْتَقَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَالْآخَرُ بِالْفَارِسِيَّةِ تُقْبَلُ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ فِيهِمَا، وَهِيَ السَّابِعَةُ، 39 - وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ فِي الْقَذْفِ، كَذَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ وَذَكَرْت فِي الشَّرْحِ سِتَّ عَشْرَةَ أُخْرَى فَالْمُسْتَثْنَى ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الْخَصَّافِ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ بِالْوَكَالَةِ مَسَائِلَ تُزَادُ عَلَيْهَا فَلْتُرَاجَعْ. 40 - وَقَدْ ذَكَرْت فِي الشَّرْحِ إنَّ الْمُسْتَثْنَى اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ مَسْأَلَةً وَبَيَّنْتهَا مُفَصَّلَةً 41 - يَوْمُ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ، وَيَوْمُ الْقَتْلِ يَدْخُلُ. كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْوَلْوالِجِيَّة وَالْفُصُولِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ فِي الْقَذْفِ. يَعْنِي إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ قَذَفَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ، وَالْآخَرُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَإِنَّمَا لَا تُقْبَلُ احْتِيَالًا لِدَرْءِ الْحَدِّ. (40) قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرْت فِي الشَّرْحِ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ مَسْأَلَةً إلَخْ. قِيلَ سَبَقَ آنِفًا أَنَّهُ ذَكَرَ فِي شَرْحِ سِتَّ عَشْرَ، وَأَنَّهَا بِالسَّبْعَةِ الْمَذْكُورَة هُنَا ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ وَلَا تَنَافِي. فَكَأَنَّهُ ذَكَرَ سِتَّ عَشْرَ مُفَصَّلَةً ثُمَّ ذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ أَنَّ مَجْمُوعَ الْمُسْتَثْنَى اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ وَبَيَّنَهَا مُفَصَّلَةً أَيْضًا. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَعَلَيْهِ مُؤَاخَذَةٌ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ إنَّهَا فِي الشَّرْحِ إلَى اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ كَانَ اللَّائِقُ أَنْ يَذْكُرَ هُنَا أَنَّهَا فِي الشَّرْحِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ وَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ سِتَّ عَشْرَ أَوَّلًا ثُمَّ بَيَانِ أَنَّ الْمَجْمُوعَ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ (41) قَوْلُهُ: يَوْمُ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ وَيَوْمُ الْقَتْلِ يَدْخُلُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ والولوالجية وَالْفُصُولِ. وَالسِّرُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْبَيِّنَةِ عِبَارَةٌ عَنْ رَفْعِ النِّزَاعِ، وَالْمَوْتُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَوْتٌ لَيْسَ مَحَلًّا لِلنِّزَاعِ لِيَرْتَفِعَ بِالْبَيِّنَةِ، بِخِلَافِ الْقَتْلِ، فَإِنَّهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَحَلٌّ لِلنِّزَاعِ كَمَا لَا يَخْفَى. كَذَا فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ. وَقِيلَ: إنَّمَا لَمْ يَدْخُلْ يَوْمُ الْمَوْتِ تَحْتَ الْقَضَاءِ، وَيَوْمُ الْقَتْلِ يَدْخُلُ؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ لَيْسَ يُسْتَحَقُّ بِالْقَتْلِ بَلْ بِسَبَبٍ سَابِقٍ عَلَى الْمَوْتِ، وَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ يَوْمُ الْمَوْتِ تَحْتَ الْقَضَاءِ جَعَلَ وُجُودَ ذَلِكَ التَّارِيخِ وَعَدَمَهُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ

وَعَلَيْهَا فُرُوعٌ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ فَإِنَّ يَوْمَ الْقَتْلِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ الَّتِي مَعَهَا وَلَدٌ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا بِتَارِيخٍ مُنَاقِضٍ لِمَا قَضَى الْقَاضِي بِهِ مِنْ يَوْمِ الْقَتْلِ. 43 - وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ الدَّفْعِ فِي الدَّعْوَى ذَكَرَ مَسْأَلَةً الصَّوَابُ فِيهَا أَنَّ يَوْمَ الْمَوْتِ يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ، فَارْجِعْ إلَيْهَا إنْ شِئْت. وَذَكَرْت مَسَائِلَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ فِي الدَّعْوَى فِي تَرْجَمَةِ الْمَوْتِ فَلْتُرَاجَعْ. وَقَدْ أَشْبَعْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي الشَّرْحِ فِي بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِخِلَافِ يَوْمِ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْقَتْلِ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ، فَاعْتُبِرَ تَارِيخُ الْقَتْلِ. أَلَا تَرَى أَنَّ امْرَأَةً لَوْ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ فَقَضَى بِبَيِّنَتِهَا، ثُمَّ أَقَامَتْ امْرَأَةٌ أُخْرَى الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا يَوْمَ النَّحْرِ بِخُرَاسَانَ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ فَاعْتُبِرَ ذَلِكَ التَّارِيخُ، فَإِذَا ادَّعَتْ امْرَأَةٌ أُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ بِتَارِيخٍ يُخَالِفُهُ لَا تُقْبَلُ. (42) قَوْلُهُ: وَعَلَيْهَا فُرُوعٌ إلَخْ. أَنَّثَ الضَّمِيرَ الرَّاجِعَ إلَى قَوْلِهِ يَوْمَ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ بِتَأْوِيلِ الْقَاعِدَةِ، وَمِنْ فُرُوعِهَا مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي: لَوْ بَرْهَنَ أَنَّ مَنْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ فِي وَقْتِ كَذَا كَانَ مَيِّتًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ زَمَانَ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ حَتَّى إذَا بَرْهَنَ أَنَّ فُلَانًا مَاتَ يَوْمَ كَذَا وَادَّعَتْ امْرَأَةٌ نِكَاحًا بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَبَرْهَنَتْ يُقْبَلُ، بِخِلَافِ زَمَانِ الْقَتْلِ وَالنِّكَاحِ حَيْثُ يَدْخُلَانِ تَحْتَ الْقَضَاءِ وَمِنْهَا لَوْ ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ يَوْمَ كَذَا وَقَضَى ثُمَّ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ النِّكَاحَ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ يُقْبَلُ. وَهَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَمِمَّا فَرَّعُوهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَمِمَّا فَرَّعُوهُ عَلَى الثَّانِي لَوْ بَرْهَنَ الْوَارِثُ عَلَى أَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ كَذَا فَبَرْهَنَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ هَذَا الْمَقْتُولَ نَكَحَهَا بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا يُقْبَلُ، وَعَلَى هَذَا جَمِيعُ الْعُقُودِ وَالْمُدَايَنَاتِ. (43) قَوْلُهُ: وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ الدَّفْعِ فِي الدَّعْوَى إلَخْ. نَصُّ عِبَارَتِهَا: ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ أَبِيهِ مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ وَالْأَبُ مَيِّتٌ لِلْحَالِ فَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مَاتَ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً تُسْمَعُ. وَقَالَ عُمَرُ الْحَافِظُ: لَا تُسْمَعُ. قَالَ أُسْتَاذُنَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -:

شَاهِدُ الْحِسْبَةِ إذَا أَخَّرَ شَهَادَتَهُ 45 - لِغَيْرِ عُذْرٍ لَا يُقْبَلُ لِفِسْقِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. أَبَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالصَّوَابُ جَوَابُ الْحَافِظِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْفَظَ فَإِنَّهُ كَانَ يَحْفَظُ أَنَّ زَمَانَ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ عَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَقَدْ ظَفِرْت بِمَسْأَلَةٍ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِيهَا الْقَوْلُ بِدُخُولِ يَوْمِ الْمَوْتِ تَحْتَ الْقَضَاءِ ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى، وَهِيَ: لَوْ ادَّعَيَا الْمِيرَاثَ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ: هَذَا لِي وَرِثْته مِنْ أَبِي إنْ كَانَ فِي يَدِ ثَالِثٍ وَلَمْ يُؤَرِّخَا تَارِيخًا وَاحِدًا فَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَسْبَقُ فَهُوَ لَهُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِيهِ الْقَوْلَ بِدُخُولِ يَوْمِ الْمَوْتِ تَحْتَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ النِّزَاعَ وَقَعَ فِي تَقَدُّمِ الْمِلْكِ قَصْدًا. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَسْأَلَةٌ فِيهَا دُخُولُ يَوْمِ الْمَوْتِ تَحْتَ الْقَضَاءِ. قَالَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْمَالِ لَوْ بَرْهَنَ عَلَى وَكَالَتِهِ وَحُكِمَ بِهَا ثُمَّ الْمَطْلُوبُ ادَّعَى أَنَّ الطَّالِبَ مَاتَ قَبْلَ دَعْوَاهُ، وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الْقَبْضِ يَصِحُّ الدَّفْعُ (44) قَوْلُهُ: شَاهِدُ الْحِسْبَةِ إذَا أَخَّرَ شَهَادَتَهُ. هَلْ الْمُعْتَبَرُ خَمْسَةُ أَيَّامٍ أَوْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ؟ فِيهِ خِلَافٌ ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ. وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذِكْرَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ فِي كَلَامِ الْقُنْيَةِ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى التَّمَكُّنِ مِنْ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ: شَهِدَا أَنَّهُمَا كَانَا يَعِيشَانِ عَيْشَ الْأَزْوَاجِ وَكَانَ طَلَّقَهَا مُنْذُ كَذَا لَا تُقْبَلُ قَالَ: لِأَنَّهُمَا صَارَا فَاسِقَيْنِ بِتَأْخِيرِهِمَا الشَّهَادَةَ (انْتَهَى) . وَهَذَا كُلُّهُ يُفِيدُ أَنَّ التَّأْخِيرَ بِلَا عُذْرٍ إنَّمَا يَضُرُّ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ فِي حُرْمَةِ الْفُرُوجِ خَاصَّةً، وَهَلْ يَضُرُّ مُطْلَقًا أَمْ لَا؟ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي الشَّاهِدَ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَأَخَّرَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ظَاهِرٍ ثُمَّ أَدَّى لَا تُقْبَلُ (انْتَهَى) . فَإِطْلَاقُهُ يُفِيدُ عَدَمَ الْقَبُولِ مُطْلَقًا. وَفِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ: وَقَدْ حَكَى شَيْخُنَا فِي الْفَتْحِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي صُورَةٍ مَا إذَا تَأَخَّرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ ثُمَّ شَهِدَ لَا تُقْبَلُ لِتَمَكُّنِ التُّهْمَةِ إذْ قَدْ يَكُونُ لِاسْتِجْلَابِ الْأُجْرَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يُقَيِّدُ عَدَمَ التَّقْيِيدِ بِالْفُرُوجِ، وَقَدْ تَعَقَّبَهُ شَيْخُنَا بِأَنَّ الْوَجْهَ أَنْ يُقْبَلَ وَيُحْمَلَ عَلَى الْعُذْرِ الشَّرْعِيِّ وَعِنْدِي أَنَّ الْوَجْهَ مَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، سِيَّمَا وَقَدْ فَسَدَ الزَّمَانُ وَعَلِمَ مِنْ حَالِ الشُّهُودِ التَّوَقُّفَ لِقَبْضِ النُّقُودِ، وَهَذَا مُطْلَقٌ عَنْ مَسَائِلِ الْفُرُوجِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُطَّرِدٌ فِي كُلِّ حُرْمَةٍ لَا يُوجَدُ فِيهَا تَأْوِيلٌ (انْتَهَى) . (45) قَوْلُهُ: لِغَيْرِ عُذْرٍ إلَخْ. وَكَذَا لِغَيْرِ تَأْوِيلٍ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ

الْعِمَارَةَ مَعَ شَرِيكِهِ فَلَا جَبْرَ عَلَيْهِ. 46 - إلَّا فِي جِدَارِ يَتِيمَيْنِ، لَهُمَا وَصِيَّانِ وَيُخَافُ سُقُوطُهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي تَرْكِهِ ضَرَرًا فَإِنَّ الْآبِيَ مِنْ الْوَصِيَّيْنِ يُجْبَرُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، 47 - وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْوَقْفِ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ بِالْمَجْهُولِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ إلَّا فِي ثَلَاثٍ: إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ وَلَا يَعْرِفُونَهُ، وَإِذَا شَهِدُوا بِرَهْنٍ لَا يَعْرِفُونَهُ، أَوْ بِغَصْبِ شَيْءٍ مَجْهُولٍ كَمَا فِي قَضَاءِ الْخَانِيَّةِ. الشَّهَادَةُ بِرَهْنٍ مَجْهُولٍ صَحِيحَةٌ 48 - إلَّا إذَا لَمْ يَعْرِفُوا قَدْرَ مَا رَهَنَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنَ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا فِي جِدَارِ يَتِيمَيْنِ إلَخْ. أَقُولُ: فِي اسْتِثْنَاءِ مَا ذُكِرَ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُجْبَرْ فِيمَا اسْتَثْنَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بَلْ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ. وَجْهُ الْجَبْرِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِ مَنْ هُوَ وَصِيٌّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ وَحِينَئِذٍ لَا صِحَّةَ لِلِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ غَايَةَ الظُّهُورِ، وَقَدْ ظَفِرْت بِمَسْأَلَتَيْنِ يَجِبُ اسْتِئْنَاؤُهُمَا مِمَّا ذُكِرَ، إحْدَاهُمَا: مَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا رَحَى ذَهَبَ بَعْضُ بِنَائِهَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى أَنْ يَعْمُرَ مَعَ الْآخَرِ وَلَوْ مُعْسِرًا. قِيلَ لِشَرِيكِهِ أَنْفِقْ أَنْتَ لَوْ شِئْت فَيَكُونُ نِصْفُهُ دَيْنًا عَلَى شَرِيكِك. الثَّانِيَةُ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَمَّامٌ، وَتَلِفَ شَيْءٌ مِنْهُ يُجْبَرُ الْآبِي عَلَى عِمَارَتِهِ. أَمَّا لَوْ صَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَحْرَاءَ لَمْ يُجْبَرْ الْآبِي عَلَى الْعِمَارَةِ، وَيَقْتَسِمَانِ الْأَرْضَ. كَذَا فِي السَّادِسِ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الذَّخِيرَةِ نَقْلًا عَنْ إجَارَةِ فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي طَاحُونَةٍ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ أَنْفَقَ أَحَدُهُمَا فِي مَرَمَّتِهَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَصَّلُ إلَى الِانْتِفَاعِ بِنَصِيبِ نَفْسِهِ إلَّا بِذَلِكَ. (47) قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْوَقْفِ كَذَلِكَ. أَيْ يُجْبَرُ الْآبِي مِنْ النَّاظِرَيْنِ فِي جِدَارٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ وَقْفَيْنِ (48) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا ` لَمْ يَعْرِفُوا قَدْرَ مَا رَهَنَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: أَفَادَ إنَّهُمْ إذَا عَلِمُوا قَدْرَ الدَّيْنِ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ بِالرَّهْنِ الْمَجْهُولِ وَلَا تَظْهَرُ مَدْخَلِيَّةُ الْعِلْمِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ فِي صِحَّةِ الشَّهَادَةِ مَعَ الْجَهَالَةِ انْتَهَى

لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ عَنْ سَبَبِ الدَّيْنِ احْتِيَاطًا فَإِنْ أَبَى الْخَصْمُ لَا يُجْبَرُ، كَمَا إذَا طَلَبَ مِنْهُ الْخَصْمُ إخْرَاجَ دَفْتَرِ الْحِسَابِ يَأْمُرُهُ بِإِخْرَاجِهِ وَلَا يَجْبُرُهُ. كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ. قَضَاءُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعِ الِاخْتِلَافِ جَائِزٌ. لَا فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ، 50 - وَمَحَلُّ الْأُولَى فِيمَا إذَا كَانَ فِيهِ اخْتِلَافُ السَّلَفِ، وَالثَّانِي لَيْسَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ حَادِثٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ لِلْأَوَّلِ دَلِيلًا دُونَ الثَّانِي كُلُّ مَنْ قُبِلَ قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ. 51 - إلَّا فِي مَسَائِلَ عَشْرَةٍ مَذْكُورَةٍ فِي الْقُنْيَةِ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ عَنْ سَبَبِ إلَخْ. فِيهِ أَنَّهُ ذُكِرَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ فَلْيُرَاجَعْ. (50) قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْأُولَى فِيمَا إذَا كَانَ فِيهِ اخْتِلَافُ السَّلَفِ. الْمُرَادُ بِالسَّلَفِ الصَّحَابَةُ فَمَنْ بَعْدَهُمْ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي فَلَا يُعْتَبَرُ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَمَا فِي الْبَحْرِ وَهُوَ مَرْدُودٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ (51) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسَائِلَ عَشْرَةٍ إلَخْ. كَذَا فِي النُّسَخِ بِتَأْنِيثِ عَشْرَةٍ وَالصَّوَابُ التَّذْكِيرُ كَمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 2] وَقَدْ ظَفِرْت بِمَسَائِلَ أُخَرَ يُزَادُ عَلَيْهَا مَا فِي الْمُلْتَقَطِ مِنْ كِتَابِ التَّعْزِيرِ وَالْحُدُودِ: إذَا اسْتَهْلَكَ السَّارِقُ السَّرِقَةَ قَبْلَ الْقَطْعِ أَوْ بَعْدَهُ لَا يَضْمَنُ. لَوْ اخْتَلَفُوا فِي الِاسْتِهْلَاكِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّارِقِ بِلَا يَمِينٍ (انْتَهَى) . وَيُزَادُ عَلَيْهَا مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ: اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَإِذَا هِيَ زَائِلَةٌ الْعُذْرَةِ وَقَالَ الْبَائِعُ: زَالَتْ بِالْوَطْءِ وَالْمُشْتَرِي بِالْوَثْبَةِ. قِيلَ: وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ لَا تُرَدُّ، وَقِيلَ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي، وَبَعْدَ الْحَلِفِ لَهُ الرَّدُّ. وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَهُ الرَّدُّ بِلَا

الْوَصِيُّ فِي دَعْوَى الْإِنْفَاقِ عَلَى الْيَتِيمِ أَوْ رَقِيقِهِ 53 - وَفِي بَيْعِ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ، وَإِذَا ادَّعَى اشْتِرَاطَ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَلِفٍ (انْتَهَى) . وَيُزَادُ عَلَيْهَا مَا فِي مُخْتَصَرِ الْجَامِعِ لِلصَّدْرِ سُلَيْمَانَ مِنْ بَابِ الرَّجُلُ يُقْضَى بِرِقِّ بَعْضِهِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى: ادَّعَى أَنَّهُ عَبْدُهُ وَأَنْكَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يُسْتَحْلَفُ (انْتَهَى) . وَيُزَادُ مَا فِي الْمَجْمَعِ إذَا قَالَ: أَدَّيْت الزَّكَاةَ إلَى عَاشِرٍ آخَرَ، وَكَانَتْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ عَاشِرٌ آخَرُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ (انْتَهَى) . وَيُزَادُ أَيْضًا مَا فِي الْجَوْهَرَةِ إذَا قَالَ الزَّوْجُ: بَلَغَك الْخَبَرُ فَقَبِلْت فَقَالَتْ: رَدَدْت. فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا. وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَيُزَادُ فَقَبِلْت فَقَالَتْ: رَدَدْت. فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا. وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَيُزَادُ عَلَيْهَا مَا فِي رَمْزِ الْمَقْدِسِيِّ: لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ فَقَالَتْ عُرْسُهُ: أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِهِ، وَقَالَتْ وَرَثَتُهُ قَبْلَهُ صُدِّقُوا بِلَا يَمِينٍ عَلَيْهِمْ إلَّا إذَا ادَّعَتْ عِلْمَهُمْ بِكُفْرِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَحْلِفُونَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَيُزَادُ أَيْضًا مَا فِي الْمُحِيطِ: وَكِيلُ الشِّرَاءِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِمُؤَكِّلِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ رِضَى الْآمِرِ، وَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي سُقُوطَ خِيَارِهِ وَوُجُوبَ الثَّمَنِ، وَهُوَ يُنْكِرُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى عَلَى الْآمِرِ دُونَ الْعَاقِدِ وَالْآمِرُ لَوْ أَنْكَرَ لَا يُسْتَحْلَفُ وَكِيلُهُ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْآمِرِ فِي الْحُقُوقِ وَلَيْسَ بِأَصْلٍ وَيُزَادُ أَيْضًا أَمِينُ الْقَاضِي لَوْ قَالَ: بِعْت وَقَبَضْت الثَّمَنَ وَقَضَيْت الْغَرِيمَ، صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ وَعُهْدَةٍ إلْحَاقًا بِالْقَاضِي كَمَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْفَارِسِيِّ. (52) قَوْلُهُ: الْوَصِيُّ فِي دَعْوَى الْإِنْفَاقِ عَلَى الْيَتِيمِ أَوْ رَقِيقِهِ. بِأَنْ قَالَ الْوَصِيُّ: لِلْيَتِيمِ أَنْفَقْت عَلَيْك كَذَا مِنْ مَالِكِ وَذَلِكَ نَفَقَةُ مِثْلِهِ، أَوْ قَالَ: تَرَكَ أَبُوك رَقِيقًا فَأَنْفَقْت عَلَيْهِ مِنْ مَالِكِ. كَذَا؛ ثُمَّ مَاتَ أَوْ أَبَقَ وَقَالَ الصَّغِيرُ: مَا تَرَكَ أَبِي رَقِيقًا. أَوْ قَالَ الْوَصِيُّ: اشْتَرَيْت لَك رَقِيقًا، وَأَدَّيْت الثَّمَنَ مِنْ مَالِكِ وَأَنْفَقْت عَلَيْهِ. كَذَا؛ فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مَعَ الْيَمِينِ. قَالَ بُرْهَانُ الدِّينِ صَاحِبُ الْمُحِيطِ: إلَّا أَنَّ مَشَايِخَنَا كَانُوا يَقُولُونَ: لَا يُسْتَحْسَنُ أَنْ يَحْلِفَ الْوَصِيُّ إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ خِيَانَةٌ (53) قَوْلُهُ: وَفِي بَيْعِ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ وَادَّعَى اشْتِرَاطَ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ. يَعْنِي فَرَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِعَيْبٍ فَقَالَ الْقَاضِي: أَبْرَأَتْنِي مِنْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ

وَإِذَا ادَّعَى عَلَى الْقَاضِي إجَارَةَ مَالِ وَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ 55 - وَفِيمَا إذَا ادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ هَلَاكَ الْعَيْنِ 56 - أَوْ اخْتَلَفَا فِي اشْتِرَاطِ الْعِوَضِ 57 - وَفِي قَوْلِ الْعَبْدِ الْبَائِعِ أَنَا مَأْذُونٌ 58 - وَلِلْأَبِ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ إذَا اشْتَرَى لِابْنِهِ الصَّغِيرِ، وَاخْتَلَفَ مَعَ الشَّفِيعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِذَا ادَّعَى عَلَى الْقَاضِي إجَارَةَ مَالِ وَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ. عِبَارَةُ الْقُنْيَةِ: لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ قِبَلَهُ إجَارَةَ أَرْضٍ لِلْيَتِيمِ، وَأَرَادَ تَحْلِيفَهُ لَا يَحْلِفُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ، وَكَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ يَدَّعِيه عَلَيْهِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنَّ صَاحِبَ الْقُنْيَةِ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْوَقْفِ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَاسَهُ عَلَى أَرْضِ الْيَتِيمِ. وَلَمْ يُعَبِّرْ صَاحِبُ الْقُنْيَةِ بِالْمَالِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْأَرْضِ وَالْمَالُ أَعَمُّ مِنْهَا (55) قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا ادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ هَلَاكَ الْعَيْنِ. يَعْنِي إرَادَةَ الْوَاهِبِ الرُّجُوعَ. (56) قَوْلُهُ: أَوْ اخْتَلَفَا فِي اشْتِرَاطِ الْعِوَضِ. أَيْ اخْتَلَفَ الْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ، وَالْوَاهِبُ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ فَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ إذْ لَا يَكُونُ الْمَوْهُوبُ لَهُ إلَّا وَهُنَاكَ وَاهِبٌ، فَإِذَا اخْتَلَفَا بِأَنْ قَالَ الْوَاهِبُ: شَرَطْت لِي عِوَضًا. وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: لَمْ أَشْتَرِطْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِدُونِ الْيَمِينِ (57) قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلِ الْعَبْدِ الْبَائِعُ أَنَا مَأْذُونٌ. يَعْنِي إذَا اشْتَرَى الْعَبْدُ شَيْئًا فَقَالَ الْبَائِعُ: أَنْتَ مَحْجُورٌ، وَقَالَ الْعَبْدُ: أَنَا مَأْذُونٌ فَالْقَوْلُ لَهُ بِدُونِ الْيَمِينِ، وَذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْعَشْرِ مَا إذَا اشْتَرَى عَبْدٌ مِنْ عَبْدٍ شَيْئًا فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا مَحْجُورٌ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا وَأَنْتَ مَأْذُونٌ لَنَا فَالْقَوْلُ لَهُ بِدُونِ الْيَمِينِ (انْتَهَى) . وَقَدْ أَخَلَّ الْمُصَنِّفُ بِعَدَمِ نَقْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (58) قَوْلُهُ: وَلِلْأَبِ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ إلَخْ. يَعْنِي إذَا اشْتَرَى لِابْنِهِ الصَّغِيرِ دَارًا ثُمَّ اخْتَلَفَ، مَعَ الشَّفِيعِ فِي الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ بِدُونِ الْيَمِينِ

وَفِيمَا إذَا أَنْكَرَ الْأَبُ شِرَاءَهُ لِنَفْسِهِ وَادَّعَاهُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ 60 - وَفِيمَا يَدَّعِيه الْمُتَوَلِّي مِنْ الصَّرْفِ 61 - الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ فِي حَادِثَةٍ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ إلَّا إذَا ادَّعَى تَلَقِّيَ الْمِلْكِ مِنْ الْمُدَّعِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا أَنْكَرَ الْأَبُ إلَخْ. يَعْنِي إذَا اشْتَرَى دَارًا فَجَاءَ الشَّفِيعُ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ وَقَالَ: إنَّهَا لِابْنِي الصَّغِيرِ، وَلَا بَيِّنَةَ لِلشَّفِيعِ لَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي (60) قَوْلُهُ: وَفِيمَا يَدَّعِيه الْمُتَوَلِّي مِنْ الصَّرْفِ، وَكَذَا الْوَصِيُّ فِي مَالِ الصَّبِيِّ، وَالْوَقْفُ فِي يَدِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأُمَنَاءِ إذَا ادَّعَى بِمِثْلِ مَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ الْبَابِ قُبِلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ إذَا كَانَ ثِقَةً؛ لِأَنَّ فِي الْيَمِينِ تَنْفِيرًا لِلنَّاسِ عَنْ الْوِصَايَةِ فَإِنْ اُتُّهِمَ قِيلَ: يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ مَا كُنْت حَنِثْت فِي شَيْءٍ مِمَّا أَخَذْت بِهِ. وَقِيلَ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُقَدِّرَ شَيْئًا فَيُسْتَحْلَفَ عَلَيْهِ. هَذَا نَصُّ عِبَارَةِ الْقُنْيَةِ. قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْإِسْعَافِ فَإِنَّهُ جَعَلَ الْيَمِينَ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ إجَارَةِ الْوَقْفِ. وَعِبَارَتُهُ: وَلَوْ قَالَ: قَبَضْت الْأُجْرَةَ وَدَفَعْتهَا إلَى هَؤُلَاءِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَأَنْكَرُوا ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْمُودَعِ إذَا ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ، وَأَنْكَرَ الْمُودِعُ لِكَوْنِهِ مُنْكِرًا مَعْنًى وَإِنْ كَانَ مُدَّعِيًا صُورَةً، وَالْعِبْرَةُ لِلْمَعْنَى وَيَبْرَأُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْآجِرِ، وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ: قَبَضْت الْأُجْرَةَ، وَضَاعَتْ مِنِّي أَوْ سُرِقَتْ مِنِّي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ لِكَوْنِهِ أَمِينًا (انْتَهَى) . وَصَاحِبُ الْقُنْيَةِ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي بَابِ الِاسْتِحْلَافِ مِنْ كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي: وَلَا بُدَّ لِمَنْ أَرَادَ الْوَقْفَ عَلَى مُرَادِهِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مِنْ النَّظَرِ فِيهِ فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ أَوْجَزَ إيجَازًا وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ عَدَمَ التَّحْلِيفِ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ مَا إذَا اتَّهَمَهُ الْقَاضِي، وَلَا يَدَّعِي عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ، وَفِيمَا لَيْسَ هُنَاكَ مُنْكِرٌ مُعَيَّنٌ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَدَمُ تَحْلِيفِهِ مُطْلَقًا فِيمَا يَدَّعِيه مِنْ الصَّرْفِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَنْقُولِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُنَا مُخَالِفٌ أَيْضًا لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَفِي أَوْقَافِ النَّاصِحِيِّ: إذَا آجَرَ الْوَاقِفُ أَوْ قَيِّمُهُ أَوْ وَصِيُّ الْوَاقِفِ أَوْ أَمِينُهُ ثُمَّ قَالَ: قَبَضْت الْغَلَّةَ فَضَاعَتْ أَوْ فَرَّقْته عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَأَنْكَرُوا فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ (61) قَوْلُهُ: الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ فِي حَادِثَةٍ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ إلَخْ. أَيْ لَا يُقْبَلُ

أَوْ النِّتَاجَ 63 - أَوْ بَرْهَنَ عَلَى إبْطَالِ الْقَضَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ وَالدَّفْعُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ صَحِيحٌ. وَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالسَّمَاعُ يُسْتَعْمَلُ لِلْقَوْلِ مَجَازًا أُصُولِيًّا مِنْ ذِكْرِ السَّبَبِ وَإِرَادَةِ الْمُسَبِّبِ أَوْ كِنَايَةً عَلَى طَرِيقِ الْبَيَانِ. كَذَا فِي حَوَاشِي الصَّيْرَفِيِّ عَلَى شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَضَاءِ هُنَا قَضَاءُ الْإِلْزَامِ لَا قَضَاءُ التَّرْكِ فَإِنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ قَضَاءُ تَرْكٍ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ وَيَصِيرُ مَقْضِيًّا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ. بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ نَهْرٌ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ حَرِيمٌ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَا لَهُ مُسْنَاةُ النَّهْرِ يَمْشِي عَلَيْهَا وَيُلْقِي طِينَهُ عَلَيْهَا. وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ حَفَرَ نَهْرًا فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فِي مَوْضِعٍ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِيهِ لَا يَسْتَحِقُّ لَهُ حَرِيمًا عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا يَسْتَحِقُّ لَهُ حَرِيمًا عَنْ الْجَانِبَيْنِ، وَإِذَا ثَبَتَ مِنْ أَصْلِهِمَا أَنَّ صَاحِبَ النَّهْرِ يَسْتَحِقُّ الْحَرِيمَ فَعِنْدَ الْمُنَازَعَةِ، الظَّاهِرُ شَاهِدٌ لَهُ، وَعِنْدَهُ لَمَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ لِلنَّهْرِ حَرِيمًا. فَالظَّاهِرُ شَاهِدٌ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، وَالْقَضَاءُ فِي مَوْضِعِ النِّزَاعِ يَعْنِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَضَاءُ تَرْكٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَضَى لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَقْضِيَ بِتَرْكِهِ فِي يَدِ صَاحِبِ الْأَرْضِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَوْ بِتَرْكِهِ فِي يَدِ صَاحِبِ النَّهْرِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُمَا لَا قَضَاءُ إلْزَامٍ، إذْ الْفَرْقُ بَيْنَ قَضَاءِ التَّرْكِ وَبَيْنَ قَضَاءِ الْإِلْزَامِ إنَّ فِي قَضَاءِ الْإِلْزَامِ، مَنْ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فِي حَادِثَةٍ لَا يَصِيرُ مَقْضِيًّا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ أَبَدًا وَفِي قَضَاءِ التَّرْكِ يَجُوزُ. وَلِهَذَا لَوْ أَقَامَ صَاحِبُ النَّهْرِ بَيِّنَةً بَعْدَ هَذَا عَلَى أَنَّ الْمُسْنَاةَ مِلْكُهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَلَوْ كَانَ قَضَاءَ مِلْكٍ أَيْ إلْزَامٍ لَمَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ؛ وَلِأَنَّ فِي قَضَاءِ الْإِلْزَامِ لَوْ ادَّعَى ثَالِثٌ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ إلَّا بِالتَّلَقِّي مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الْيَدِ، وَفِي قَضَاءِ التَّرْكِ تُقْبَلُ كَذَا فِي الْمَنْبَعِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ. (62) قَوْلُهُ: أَوْ النِّتَاجَ. عَطْفٌ عَلَى تَلَقِّي الْمِلْكَ. وَالنِّتَاجُ وِلَادَةُ الْحَيَوَانِ وَوَضْعُهُ عِنْدَهُ مِنْ نُتِجَتْ، بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَلَدَتْ وَوَضَعَتْ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ، وَالْمُرَادُ وِلَادَتُهُ فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي مِلْكِ بَائِعِهِ أَوْ مُوَرِّثِهِ وَلَا يَتَرَجَّحُ نِتَاجٌ فِي مِلْكِهِ عَلَى نِتَاجٍ فِي مِلْكِ بَائِعِهِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ أُمَّهُ فِي مِلْكِهِ لَكِنْ لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ دُونَ أُخْرَى قُدِّمَتْ عَلَيْهَا. كَذَا فِي الْبَحْرِ. (63) قَوْلُهُ: أَوْ بَرْهَنَ عَلَى إبْطَالِ الْقَضَاءِ إلَخْ. بِأَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْضِيِّ

فَكَمَا يُسْمَعُ الدَّفْعُ قَبْلَهُ يُسْمَعُ بَعْدَهُ 65 - لَكِنْ بِهَذِهِ الثَّلَاثِ 66 - وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ 67 - التَّنَاقُضُ غَيْرُ مَقْبُولٍ إلَّا فِيمَا كَانَ مَحَلَّ الْخَفَاءِ، وَمِنْهُ تَنَاقُضُ الْوَصِيِّ، وَالنَّاظِرِ، وَالْوَارِثِ. كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهُ أَيْ مَا قَضَى لَهُ حَرَامٌ، وَأَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ ذَلِكَ الشَّيْءَ مِنْ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ حُكْمُ الْقَاضِي كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ (64) قَوْلُهُ: فَكَمَا يُسْمَعُ الدَّفْعُ قَبْلَهُ يُسْمَعُ بَعْدَهُ. أَقُولُ: سَيَأْتِي بَعْدَ وَرَقَتَيْنِ جَوَازُ الدَّفْعِ بَعْدَ الْحُكْمِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمُخَمَّسَةِ. (65) قَوْلُهُ: لَكِنْ بِهَذِهِ الثَّلَاثِ. أَقُولُ: التَّقْيِيدُ بِالثَّلَاثِ لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ، بَلْ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُفِيدُ عَدَمَ صِحَّةِ التَّقْيِيدِ بِهَا. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: كُلُّ دَفْعٍ يُسْمَعُ قَبْلَ الْقَضَاءِ يُسْمَعُ بَعْدَهُ (انْتَهَى) . وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى: وَكَمَا يَصِحُّ الدَّفْعُ بَعْدَ الْبُرْهَانِ يَصِحُّ قَبْلَ إقَامَتِهِ، وَكَذَلِكَ يَصِحُّ قَبْلَ الْحُكْمِ كَمَا يَصِحُّ بَعْدَهُ. فَقَدْ أَطْلَقَ، وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالثَّلَاثِ الَّتِي ذَكَرَهَا (66) قَوْلُهُ: وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ الْقَضَاء بِالنُّكُولِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. فِي بَابِ مَا يُبْطِلُ دَعْوَى الْمُدَّعِي مَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَعِبَارَتُهُ: ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ لَهُ فَجَحَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَاسْتَحْلَفَهُ فَنَكَلَ، وَقَضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ، ثُمَّ إنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ. وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ قَالَ: كُنْت اشْتَرَيْته مِنْهُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَيُقْضَى لَهُ (67) قَوْلُهُ: التَّنَاقُضُ غَيْرُ مَقْبُولٍ إلَّا فِيمَا كَانَ مَحَلَّ الْخَفَاءِ إلَخْ. فِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ لِلْعَلَّامَةِ بَدْرِ الدِّينِ مُحَمَّدٍ الشَّهِيرِ بِابْنِ الْغَرْسِ مَا نَصُّهُ: قَدْ اغْتَفَرُوا التَّنَاقُضَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَظْهَرُ فِيهَا عُذْرُ الْمُدَّعِي، وَلَا بَأْسَ بِذِكْرِ مَا حَضَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَمِنْهَا مَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ فَلَوْ قَالَ: هَذِهِ رَضِيعَتِي ثُمَّ اعْتَرَفَ بِالْخَطَأِ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الْخَطَأَ، وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَهَذَا مَشْرُوطٌ بِمَا إذَا لَمْ يَثْبُتْ عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنْ قَالَ: هُوَ حَقٌّ أَوْ صِدْقٌ أَوْ كَمَا قُلْت أَوْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ شُهُودًا، أَوْ مَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ مِنْ الثَّبَاتِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQاللَّفْظِيِّ الدَّالِّ عَلَى الثَّبَاتِ النَّفْسِيِّ، وَاتَّفَقَتْ فِي ذَلِكَ مَبَاحِثُ طَوِيلَةُ الذُّيُولِ لَا تَحْتَمِلُ هَذِهِ الْأَوْرَاقُ إيرَادَهَا. وَالْعُذْرُ لِلْمُقِرِّ فِي رُجُوعِهِ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى عَلَيْهِ فَقَدْ يَظْهَرُ بَعْدَ إقْرَارِهِ عَلَى خَطَأِ النَّاقِلِ، وَمِنْهَا تَصْدِيقُ الْوَرَثَةِ الزَّوْجَةَ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ وَدَفْعُ الْمِيرَاثِ لَهَا ثُمَّ دَعْوَاهُمْ اسْتِرْجَاعَ الْمِيرَاثِ بِحُكْمِ الطَّلَاقِ الْمَانِعِ مِنْهُ حَيْثُ تُسْمَعُ دَعَاوَاهُمْ لِقِيَامِ الْعُذْرِ فِي ذَلِكَ لَهُمْ حَيْثُ اسْتَصْحَبُوا الْحَالَ فِي الزَّوْجِيَّةِ وَخَفِيَتْ عَلَيْهِمْ الْبَيْنُونَةُ. وَمِنْهَا مَا إذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ بَدَلَ الْكِتَابَةِ ثُمَّ ادَّعَى الْعِتْقَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ يُخْفَى عَلَيْهِ الْعِتْقُ فَيَعْلَمُ بِهِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ، وَمِنْهَا إذَا أَقَرَّ لَهُ بِالرِّقِّ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ. كَذَلِكَ وَمِنْهَا مَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى مِلْكَهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ، وَأَنَّهَا صَارَتْ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ مِيرَاثًا مِنْ أَبِيهِ إذْ هُوَ مِمَّا يَخْفَى، وَمِنْهَا أَخُ الزَّوْجَةِ إذَا مَاتَ ثُمَّ قَاسَمَ الزَّوْجُ الْمِيرَاثَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا، وَمِنْهَا مَا إذَا اُخْتُلِعَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا بِمَالٍ ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهُ قَدْ أَبَانَهَا قَبْلَ ذَلِكَ، تُسْمَعُ دَعْوَاهَا، وَتَرْجِعُ بِهِ بَدَلَ الْخُلْعِ، وَمِنْهَا مَا إذَا اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا مَطْوِيًّا فِي جِرَابٍ أَوْ مِنْدِيلٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَمَّا نَشَرَهُ قَالَ: هَذَا مَتَاعِي سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَقُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ. فَالدَّعْوَى مَسْمُوعَةٌ مَعَ التَّنَاقُضِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ مُطْلَقًا لِمَوْضِعِ الْعُذْرِ عَلَى الرَّاجِحِ الْمُفْتَى بِهِ. وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ اعْتَبَرَ التَّنَاقُضَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ مُطْلَقًا فَمَنَعَ سَمَاعَ الدَّعْوَى إذَا تَقَدَّمَ مَا يُنَافِيهَا إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الرَّضَاعِ وَمَسْأَلَةِ إكْذَابِ الْقَاضِي الْمُدَّعِي فِي التَّنَاقُضِ السَّابِقِ، وَهِيَ مَا إذَا أَمَرَ إنْسَانًا بِقَضَاءِ دَيْنِهِ فَزَعَمَ الْمَأْمُورُ أَنَّهُ قَضَاهُ عَنْ أَمْرِهِ وَصَدَّقَهُ الْآمِرُ كَانَ الْإِذْنُ بِالْقَضَاءِ مَشْرُوطًا بِالرُّجُوعِ فَرَجَعَ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ بِالْمَالِ الَّذِي صَدَّقَهُ عَلَى أَدَائِهِ لِلدَّائِنِ فَجَاءَ رَبُّ الدَّيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَادَّعَى عَلَى الْآمِرِ الْمَدْيُونِ بِدَيْنِهِ، وَأَنَّ الْمَأْمُورَ لَمْ يَقْضِهِ شَيْئًا، وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ فَقَضَى لَهُ الْقَاضِي عَلَى الْآمِرِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ فَأَدَّاهُ ثُمَّ ادَّعَى الْآمِرُ عَلَى الْمَأْمُورِ بِمَا كَانَ رَجَعَ بِهِ عَلَيْهِ بِحُكْمِ تَصْدِيقِهِ فَهَلْ الدَّعْوَى مَسْمُوعَةٌ مَعَ التَّنَاقُضِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ أَكْذَبَ الْمُدَّعِيَ الَّذِي هُوَ الْآمِرُ فِيمَا سَبَقَ مِنْهُ مِنْ تَصْدِيقِ الْمَأْمُورِ حَيْثُ قَضَى عَلَيْهِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ إلَى الدَّائِنِ، وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَأْمُورِ، وَلَا يَكُونُ تَصْدِيقُهُ إيَّاهُ فِي النَّفْعِ إلَى الدَّائِنِ. وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ مَانِعًا مِنْ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِالْمَالِ ثُمَّ قَالَ: وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ سَمَاعِ هَذِهِ الدَّعْوَى إبْدَاءُ الْمُدَّعِي عُذْرَهُ عِنْدَ الْقَاضِي، وَالتَّوْفِيقُ بَيْنَ الدَّعْوَى وَبَيْنَ مَا سَبَقَ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَيَكْتَفِي الْقَاضِي بِإِمْكَانِ الْعُذْرِ وَالتَّوْفِيقُ مَوْضِعُ نَظَرٍ وَخِلَافٍ. وَاَلَّذِي يَنْبَغِي اشْتِرَاطُ ذَلِكَ حَتَّى يَنْتَفِيَ ظَاهِرُ التَّنَاقُضِ، وَتَسْلَمَ الدَّعْوَى عَنْ الْمُعَارِضِ

الشَّهَادَةُ إذَا بَطَلَتْ فِي الْبَعْضِ بَطَلَتْ فِي الْكُلِّ، كَمَا فِي شَهَادَةِ الظَّهِيرِيَّةِ، 69 - إلَّا إذَا كَانَ عَبْدَيْنِ مُسْلِمٌ وَنَصْرَانِيٌّ فَشَهِدَ نَصْرَانِيَّانِ عَلَيْهِمَا بِالْعِتْقِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ فِي حَقِّ النَّصْرَانِيِّ فَقَطْ كَمَا فِي الْعَتَاقِ 70 - وَمِنْهَا بَيِّنَةُ النَّفْيِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الشَّهَادَةُ إذَا بَطَلَتْ فِي الْبَعْضِ بَطَلَتْ فِي الْكُلِّ إلَخْ. كَمَا لَوْ شَهِدَ أَنَّهُ قَذَفَ أُمَّهُمَا وَفُلَانَةَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا. وَفِي الْقُنْيَةِ: أَخٌ وَأُخْتٌ ادَّعَيَا أَرْضًا وَشَهِدَ زَوْجُهَا وَرَجُلٌ آخَرُ تُرَدُّ شَهَادَتُهُمَا فِي حَقِّ الْأُخْتِ وَالْأَخِ، فَإِنَّ الشَّهَادَةَ مَتَى رُدَّتْ بَعْضُهَا تُرَدُّ كُلُّهَا. وَفِي رَوْضَةِ الْقُضَاةِ: إذَا شَهِدَ لِمَنْ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ لَا تَجُوزُ لَهُ الشَّهَادَةُ بِالِاتِّفَاقِ، وَاخْتَلَفَ فِي حَقِّ الْآخَرِ فَقِيلَ: تَبْطُلُ: وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ (انْتَهَى) . فَعَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ يُسْتَثْنَى أَيْضًا مِنْ هَذِهِ الضَّابِطَةِ. (69) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ إلَخْ. أَقُولُ الِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ تَجُوزُ أَنْ تَبْطُلَ الشَّهَادَةُ فِي الْبَعْضِ، وَتَبْقَى فِي الْبَعْضِ كَمَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ (70) قَوْلُهُ: مِنْهَا بَيِّنَةُ النَّفْيِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ. يَعْنِي؛ لِأَنَّ وَضْعَ الشَّهَادَةِ لِإِثْبَاتِ خِلَافِ الظَّاهِرِ. وَلِهَذَا تُقَدَّمُ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ إثْبَاتًا مِنْ الشَّهَادَةِ لِإِثْبَاتِ خِلَافِ الظَّاهِرِ، وَلِهَذَا تُقَدَّمُ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ إثْبَاتًا، وَمِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى النَّفْيِ مَا لَوْ شَهِدَ أَنَّهُ اسْتَقْرَضَ مِنْ فُلَانٍ فِي يَوْمِ كَذَا فَبَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ بَلْ كَانَ فِي مَكَان آخَرَ، لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَفْيٌ صُورَةً وَمَعْنًى. وَقَوْلُهُ بَلْ كَانَ فِي مَكَانِ كَذَا نَفْيٌ مَعْنًى وَأَصْلُهُ مَا ذُكِرَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ الثَّانِي شَهِدَا عَلَيْهِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يَلْزَمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ إجَارَةٌ أَوْ كِتَابَةٌ أَوْ طَلَاقٌ أَوْ عَتَاقٌ أَوْ قَتْلٌ أَوْ قِصَاصٌ فِي مَكَان وَزَمَانٍ وَصِفَاتٍ، فَبَرْهَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ يَوْمئِذٍ لَا تُقْبَلُ. لَكِنَّهُ قَالَ فِي الْمُحِيطِ: إنْ تَوَاتَرَ عِنْدَ النَّاسِ وَعَلِمَ الْكُلُّ عَدَمَ كَوْنِهِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، وَيُقْضَى بِفَرَاغِ ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ تَكْذِيبُ الثَّابِتِ بِالضَّرُورَةِ، وَالضَّرُورِيَّاتُ مِمَّا لَا يَدْخُلُهَا شَكٌّ، عُدْنَا إلَى كَلَامِ الثَّانِي وَكَذَا كُلُّ بَيِّنَةٍ أُقِيمَتْ عَلَى أَنَّ فُلَانًا لَمْ يَقُلْ وَلَمْ يَفْعَلْ وَلَمْ يُقِرَّ. كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

إلَّا فِي عَشْرٍ 72 - فِيمَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى عَدَمِ شَيْءٍ فَشَهِدَا بِالْعَدَمِ، 73 - وَفِيمَا إذَا شَهِدَا أَنَّهُ أَسْلَمَ وَلَمْ يَسْتَثْنِ 74 - وَفِيمَا إذَا شَهِدَا أَنَّهُ قَالَ: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ قَوْلَ النَّصَارَى وَفِيمَا إذَا أَشْهَدَا بِنِتَاجِ الدَّابَّةِ عِنْدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا فِي عَشْرٍ. يُزَادُ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ عَلَى الْإِفْلَاسِ بَعْدَ حَبْسِهِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى النَّفْيِ لِتَأْيِيدِهِ بِمُؤَيِّدٍ، وَهُوَ الْحَبْسُ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ لَكِنْ فِي إطْلَاقِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْأَخْبَارِ تَسَامُحٌ لِمَا فِي الصُّغْرَى: خَبَرُ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ الثِّقَةِ يَكْفِي فِي الْإِفْلَاسِ وَالِاثْنَانِ أَحْوَطُ (انْتَهَى) (72) قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى عَدَمِ شَيْءٍ إلَخْ. أَقُولُ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ قَاعِدَةٍ كُلِّيَّةٍ، وَهِيَ أَنَّ الشَّرْطَ يَجُوزُ إثْبَاتُهُ بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ نَفْيًا. وَمِنْ أَفْرَادِهَا لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ الْيَوْمَ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَبَرْهَنَ الْقِنُّ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ يُعْتَقُ. قِيلَ: فَعَلَى هَذَا لَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا إنْ ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ وَبَرْهَنَتْ أَنَّهُ ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ بَيِّنَتُهَا وَإِنْ قَامَتْ عَلَى النَّفْيِ لِقِيَامِهَا عَلَى الشَّرْطِ (73) قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا شَهِدَا أَنَّهُ أَسْلَمَ إلَخْ. إنَّمَا قُبِلَتْ بَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا نَفْيٌ؛ لِأَنَّ غَرَضَهَا إثْبَاتُ إسْلَامِهِ كَمَا فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ (74) قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا شَهِدَا أَنَّهُ قَالَ: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ إلَخْ. يَعْنِي إذَا ادَّعَتْ أَنَّهُ قَالَ: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَكَفَرَ وَحُرِّمَتْ. وَلَمْ يَقُلْ قَوْلَ النَّصَارَى، وَقَالَ: قُلْت قَوْلَهُمْ فَشَهِدَا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ قَوْلَ النَّصَارَى تُقْبَلُ، وَيُقْضَى بِالْفُرْقَةِ. وَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَوْلُهُ: وَقَالَ: قُلْتُ قَوْلَهُمْ يَعْنِي مَوْصُولًا بِقَوْلِهِ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ. قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَلَوْ قَالَا: سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَلَمْ نَسْمَعْ عَنْهُ غَيْرَهُ تُرَدُّ الشَّهَادَةُ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا هُوَ تَرَتُّبُ الْحُكْمِ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ بَيْنُونَةِ امْرَأَتِهِ دُونَ الثَّانِي لِجَوَازِ أَنَّهُ قَالَ قَوْلَ النَّصَارَى، وَلَمْ يَسْمَعُوا. وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ بِيَقِينٍ فَلَا يَزُولُ (انْتَهَى) . قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ فِي تَوْجِيهِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَى النَّفْيِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ: إنَّهَا فِي الْمَعْنَى شَهَادَةٌ عَلَى أَمْرٍ وُجُودِيٍّ، وَهُوَ السُّكُوتُ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ انْضِمَامِ الشَّفَتَيْنِ عَقِبَ التَّكَلُّمِ بِالْمُوجِبِ

وَلَمْ يَزَلْ عَلَى مِلْكِهِ 76 - وَفِيمَا إذَا شَهِدَا بِخُلْعٍ أَوْ طَلَاقٍ وَلَمْ يَسْتَثْنِ، 77 - وَفِيمَا إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ أَهْلَ مَدِينَةٍ فَشَهِدَا أَنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَكُونُوا فِيهَا وَقْتَ الْأَمَانِ، وَفِيمَا إذَا شَهِدَا أَنَّ الْأَجَلَ لَمْ يُذْكَرْ فِي عَقْدِ السَّلَمِ وَفِي الْإِرْثِ إذَا قَالُوا لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ 78 - وَفِيمَا إذَا شَهِدَا أَنَّهَا أَرْضَعَتْ الظِّئْرُ بِلَبَنِ الشَّاةِ لَا بِلَبَنِ نَفْسِهَا، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، 79 - وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ النَّفْيِ الْمُتَوَاتِرِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَمْ يَزَلْ عَلَى مِلْكِهِ. لَا يُقَالُ: هَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى إثْبَاتٍ؛ لِأَنَّ نَفْيَ النَّفْيِ إثْبَاتٌ؛ لِأَنَّ الْإِثْبَاتَ لَازِمٌ عَنْ نَفْيِ النَّفْيِ، وَإِلَّا فَمَدْلُولُهُ الْمُطَابِقُ فِي النَّفْيِ، وَيُصَدَّقُ أَنَّهَا شَهَادَةٌ بِالنَّفْيِ، وَقَوْلُهُمْ نَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ لَا يَخْلُو عَنْ تَسَامُحٍ وَفِي مُعِينِ الْحُكَّامِ لِعَلَاءِ الدِّينِ الْأَسْوَدِ: الشَّهَادَةُ لَوْ قَامَتْ عَلَى الْإِثْبَاتِ، وَفِيهَا نَفْيٌ بِأَنْ يَقُولَ: هَذَا غُلَامُهُ نَتَجَ عِنْدَهُ وَهَذِهِ دَابَّتُهُ نَتَجَتْ عِنْدَهُ، وَلَمْ يَزَلْ مَالِكًا لَهُ، وَلَهَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْأَصَحُّ قَبُولُهَا (76) قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا شَهِدَا بِخُلْعٍ أَوْ طَلَاقٍ وَلَمْ يَسْتَثْنِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى شَهَادَةٌ عَلَى أَمْرٍ وُجُودِيٍّ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الِاسْتِثْنَاءِ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ ضَمِّ الشَّفَتَيْنِ عَقِبَ التَّكَلُّمِ بِالْمُوجِبِ (77) قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ إلَخْ عَلَّلَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ قَبُولَ الشَّهَادَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّهُمَا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ قَرَّرَا حُكْمَ الْأَصْلِ فِيهِمْ الْإِمَامُ وَهُوَ الْخِيَارُ (انْتَهَى) . وَقَيَّدَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بِمَا إذَا كَانَ الشَّاهِدَانِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَمِثْلُهُ فِي الْوَاقِعَاتِ . (78) قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا شَهِدَا أَنَّهَا أَرْضَعَتْ الظِّئْرَ إلَخْ. كَذَا فِي النُّسَخِ؛ وَالصَّوَابُ فِيمَا إذَا شَهِدَا أَنَّ الظِّئْرَ أَرْضَعَتْ الصَّبِيَّ إلَخْ. وَلَوْ اكْتَفَى بِقَوْلِهِمَا مَا أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ نَفْسِهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِقِيَامِهَا عَلَى النَّفْيِ مَقْصُودًا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ النَّفْيَ دَاخِلٌ فِي ضِمْنِ الْإِثْبَاتِ وَلَوْ بَرْهَنَا فَبَيِّنَةُ الظِّئْرِ أَوْلَى كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ (79) قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى النَّفْيِ الْمُتَوَاتِرِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. أَيْ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَقَدْ أَطْنَبَ الْبَزَّازِيُّ فِيهِ فِي نَوْعٍ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى النَّفْيِ

وَفِي أَيْمَانِ الْهِدَايَةِ: لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُحِيطَ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ أَوْ لَا فِي عَدَمِ الْقَبُولِ تَيْسِيرًا، ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَحُجَّ الْعَامَ فَشَهِدَا بِنَحْرِهِ بِالْكُوفَةِ لَمْ يَعْتِقْ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ نَفْيُ مَعْنًى بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَحُجَّ 81 - الْقَضَاءُ مَحْمُولٌ عَلَى الصِّحَّةِ مَا أَمْكَنَ وَلَا يُنْقَضُ بِالشَّكِّ 82 - كَذَا فِي شَهَادَةِ الظَّهِيرِيَّةِ. الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ الْعَمَلِ بِعِلْمِ الْقَاضِي فِي زَمَانِنَا كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. 83 - الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ 84 - لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِالْمَفْهُومِ فِي كَلَامِ النَّاسِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي أَيْمَانِ الْهِدَايَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُحِيطَ عِلْمُ الشَّاهِدِ بِهِ أَوْ لَا. أَقُولُ لَا مَحَلَّ لِذِكْرِهِ هُنَا وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ شَهَادَةُ النَّفْيِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (81) قَوْلُهُ: الْقَضَاءُ مَحْمُولٌ عَلَى الصِّحَّةِ، وَلَا يُنْتَقَضُ بِالشَّكِّ. يَعْنِي؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ حَقُّ الشَّرْعِ يَجِبُ صِيَانَتُهُ، وَمِنْ صِيَانَتِهِ أَنْ يُلْزَمَ وَلَا يُعْتَرَضَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ. (82) قَوْلُهُ: كَذَا فِي الشَّهَادَةِ الظَّهِيرِيَّةِ إلَخْ. أَقُولُ: لَعَلَّ الْمُرَادَ الْفَوَائِدُ الظَّهِيرِيَّةُ حَاشِيَةُ الْهِدَايَةِ، وَأَمَّا الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةُ فَلَيْسَ فِيهَا مَا ذَكَرَهُ، وَاَلَّذِي فِيهَا فِي فَصْلِ الْمُتَقَطِّعَاتِ الْمُبَيِّنَاتِ مِنْ حِجَجِ الشَّرْعِ فَيَجِبُ إعْمَالُهَا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، وَلَا يَجُوزُ إهْمَالُهَا مَعَ إمْكَانِ الْعَمَلِ بِهَا. (83) قَوْلُهُ: الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إلَخْ. فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ، يَعْنِي؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ بِالتَّجْرِبَةِ. قَالَ مَجْدُ الْأَئِمَّةِ التَّرْجُمَانِيُّ: وَاَلَّذِي يُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي فَتَاوَى الزَّكَاةِ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ يَقُولُ: الصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنْ حَجِّ التَّطَوُّعِ فَلَمَّا حَجَّ وَعَرَفَ مَشَاقَّهُ رَجَعَ وَقَالَ الْحَجُّ أَفْضَلُ (84) قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِالْمَفْهُومِ فِي كَلَامِ النَّاسِ. أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ عِبَارَةُ الْوَاقِفِينَ فَإِنَّهُ يُحْتَجُّ بِمَفْهُومِهَا.

كَالْأَدِلَّةِ، وَمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ مِنْ جَوَازِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ فَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الدَّعْوَى مِنْ الظَّهِيرِيَّةِ 86 - وَأَمَّا مَفْهُومُ الرِّوَايَةِ فَحُجَّةٌ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ الْحَجِّ 87 - الْحَقُّ لَا يَسْقُطُ بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَالْأَدِلَّةِ إلَخْ. أَقُولُ: نَظِيرُ ذَلِكَ تَخْصِيصُ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ فِي خِطَابِ الشَّرْعِ وَأَمَّا فِي الرِّوَايَاتِ فَيَدُلُّ. ذَكَرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ فِي فَصْلِ الْجِنَايَاتِ عَلَى الصَّيْدِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ (86) قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَفْهُومُ الرِّوَايَاتِ فَحُجَّةٌ إلَخْ. أَقُولُ: وَكَذَلِكَ مَفْهُومُ التَّصْنِيفِ حُجَّةٌ. ذَكَرَهُ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ. هَذَا وَلَا يُقَالُ فِي مَفْهُومِ الرِّوَايَاتِ يَنْبَغِي، بَلْ هُوَ مَفْهُومُ عِبَارَةِ الْأَصْحَابِ. ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الشَّرْحِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْمَفْهُومُ حُجَّةً عِنْدَنَا فِي الرِّوَايَةِ دُونَ النُّصُوصِ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ فِيهَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ بِخِلَافِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فَإِنَّهُ فِيهِ مَقْصُودٌ فَيَكُونُ حُجَّةً. وَفِيهَا: وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَإِنَّهُ قَدْ خَفِيَ عَلَى كَثِيرِينَ فَاحْفَظْهُ وَاحْتَفِظْ بِهِ. كَذَا فِي الزَّهْرِ الْبَادِي عَلَى فُصُولِ الْعِمَادِيِّ مَعْزُوًّا إلَى مَوْلَانَا عَبْدِ الْبَرِّ بْنِ الشِّحْنَةِ. وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَفْهُومُ الرِّوَايَةِ حُجَّةٌ أَنَّهُ حُجَّةٌ وَلَوْ كَانَ مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْقُهُسْتَانِيُّ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ: أَنَّ مَفْهُومَ الْمُخَالَفَةِ فِي الرِّوَايَةِ كَمَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ مُعْتَبَرٌ بِلَا خِلَافٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَعْنِي صَدْرَ الشَّرِيعَةِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ، ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ فِي إجَارَةِ الزَّاهِدِيِّ أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ إلَّا أَنَّهُ أَكْثَرِيٌّ لَا كُلِّيٌّ كَمَا فِي حُدُودِ النِّهَايَةِ. (87) قَوْلُهُ: الْحَقُّ لَا يَسْقُطُ بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الدَّعْوَى فِي آخِرِ بَابِ التَّحَالُفِ: قَالَ ابْنُ الْغَرْسِ، مَا نَصُّهُ فِي الْمَبْسُوطِ: رَجُلٌ تَرَكَ الدَّعْوَى ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً بِلَا مَانِعٍ لَا تُسْمَعُ، ثُمَّ قَالَ وَقَدْ أَفْتَيْت بِعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لِنَهْيِ السُّلْطَانِ (انْتَهَى) . قِيلَ: وَهَلْ يَبْقَى حُكْمُ النَّهْيِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ خُلْعِهِ ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ قَدْ عُلِمَ أَنَّ مِنْ عَادَتِهِمْ إذَا تَوَلَّى السُّلْطَانُ عُرِضَ عَلَيْهِ قَانُونٌ مِنْ قِبَلِهِ وَأَخَذَ أَمْرَهُ بِاتِّبَاعِهِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: قَدْ أَخْبَرَنِي أُسْتَاذِي شَيْخُ الْإِسْلَامِ

قَذْفًا أَوْ قِصَاصًا أَوْ لِعَانًا أَوْ حَقًّا لِلْعَبْدِ، كَذَا فِي لِعَانِ الْجَوْهَرَةِ 89 - إذَا سُئِلَ الْمُفْتِي عَنْ شَيْءٍ فَإِنَّهُ يُفْتِي بِالصِّحَّةِ حَمْلًا عَلَى الْكَمَالِ، وَهُوَ وُجُودُ الشَّرَائِطِ كَذَا فِي صُلْحِ الْبَزَّازِيَّةِ 90 - الْمُفْتِي إنَّمَا يُفْتِي بِمَا يَقَعُ عِنْدَهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ كَمَا فِي مَهْرِ الْبَزَّازِيَّةِ. وَيَتَعَيَّنُ الْإِفْتَاءُ فِي الْوَقْفِ بِالْأَنْفَعِ لَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَالْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQيَحْيَى أَفَنْدِي الشَّهِيرُ بِالْمِنْقَارِيِّ زَادَهْ، أَنَّ السَّلَاطِينَ الْآنَ يَأْمُرُونَ قُضَاتَهُمْ فِي جَمِيعِ وِلَايَاتِهِمْ أَنْ لَا يَسْمَعُوا دَعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً سِوَى الْوَقْفِ وَالْإِرْثِ. (88) قَوْلُهُ: قَذْفًا أَوْ قِصَاصًا أَوْ لِعَانًا أَوْ حَقًّا لِلْعَبْدِ إلَخْ. فِيهِ أَنَّ الْقِصَاصَ حَقٌّ لِلْعَبْدِ فَعَطْفُهُ عَلَيْهِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْوَاوِ (89) قَوْلُهُ: إذَا سُئِلَ الْمُفْتِي عَنْ شَيْءٍ إلَخْ. فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي أَوَاخِرِ السَّادِسِ مِنْ كِتَابِ الصُّلْحِ مَا صُورَتُهُ فِي الْخِزَانَةِ: إنَّ التَّخَارُجَ بَاطِلٌ إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ، وَلَوْ لَمْ يُذْكَرْ فِي صَكِّ التَّخَارُجِ أَنَّ فِي التَّرِكَةِ دَيْنًا، وَإِلَّا فَالصَّكُّ صَحِيحٌ. وَكَذَا لَوْ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْفَتْوَى وَلَكِنْ لَوْ سُئِلَ عَنْ صِحَّةِ التَّخَارِيجِ يُفْتِي بِالصِّحَّةِ وَيُحْمَلُ عَلَى وُجُودِ شَرَائِطِهَا كَمَا لَوْ ذُكِرَ فِي الْفَتْوَى رَجُلٌ بَاعَ مَالَهُ يُفْتَى بِالصِّحَّةِ، وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّهُ غَيْرُ عَاقِلٍ، وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ الْأُسْتَاذُ أَنَّ الْمُطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَمَالِ الْخَالِي عَنْ الْعَوَارِضِ الْمَانِعَةِ مِنْ الْجَوَازِ فَالصِّحَّةُ بِالْخُلُوِّ عَنْ الدَّيْنِ هُوَ الْأَصْلُ فَلَا يَثْبُتُ بِلَا تَعَرُّضٍ عَلَى وُجُودِ الْعَارِضِ (90) قَوْلُهُ: الْمُفْتِي إلَخْ. إنَّمَا يُفْتِي مِمَّا يَقَعُ عِنْدَهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ. كَذَا فِي مَهْرِ الْبَزَّازِيَّةِ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمُفْتِي هُنَا الْمُجْتَهِدُ، أَمَّا الْمُقَلِّدُ فَلَا يُفْتِي إلَّا بِالصَّحِيحِ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْتَفْتِي أَوْ لَا. وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمُقَلِّدُ إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ صَحِيحَانِ، فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي الْفَتْوَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيَخْتَارُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ مِنْهُمَا. هَكَذَا ظَهَرَ لِي. ثُمَّ رَاجَعْت عِبَارَةَ الْبَزَّازِيَّةِ فَوَجَدْته ذَكَرَهُ فِي النَّوْعِ الْخَامِسِ مِنْ الْمَهْرِ مَا نَصُّهُ: وَبَعْدَ إيفَاءِ الْمَهْرِ الْمُعَجَّلِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَهَا إلَى بَلَدِ الْغُرْبَةِ مُدَّةَ السَّفَرِ بِلَا إذْنِهَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَرِيبَ يُؤْذَى وَيَتَضَرَّرُ لِفَسَادِ الزَّمَانِ:

يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَاحِدِ 92 - الْعَدْلِ فِي أَحَدَ عَشَرَ مَوْضِعًا، كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ: 93 - فِي تَقْوِيمِ الْمُتْلَفِ. 94 - وَفِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، 95 - وَالْمُتَرْجِمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا أَذَلَّ الْغَرِيبَ مَا أَشْقَاهُ ... كُلُّ يَوْمٍ يُهِينُهُ مِنْ يَرَاهُ كَذَا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ وَبِهِ الْمُفْتَى وَقَالَ الْقَاضِي: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6] أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْفَقِيهِ قِيلَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تُضَارُّوهُنَّ} [الطلاق: 6] فِي آخِرِهِ دَلِيلُ قَوْلِ الْفَقِيه؛ لِأَنَّا قَدْ عَلِمْنَا مِنْ عَادَةِ زَمَانِنَا مُضَارَّةً قَطْعِيَّةً فِي الِاغْتِرَابِ بِهَا، وَاخْتَارَ فِي الْفُصُولَيْنِ قَوْلَهُ فَبَقِيَ بِمَا يَقَعُ عِنْدَهُ مِنْ الْمُضَارَّةِ وَعَدَمِهَا؛ لِأَنَّ الْمُفْتِيَ إنَّمَا يُفْتِي بِحَسَبِ مَا يَقَعُ عِنْدَهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ (91) قَوْلُهُ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَاحِدِ. يَعْنِي الْعَدْلَ. (92) قَوْلُهُ: الْعَدْلُ فِي أَحَدَ عَشَرَ مَوْضِعًا كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ حَيْثُ قَالَ (ع) وَيُقْبَلُ عَدْلٌ وَاحِدٌ. (93) قَوْلُهُ: تَقْوِيمُ الْمُتْلَفِ. يَعْنِي لَوْ أَتْلَفَ شَخْصٌ لِشَخْصٍ شَيْئًا، وَادَّعَى أَنَّ قِيمَتَهُ كَذَا، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقَدْرُ قِيمَتَهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ فِي قِيمَتِهِ، وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ خِيَارِ الْعَيْبِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَقْوِيمِ عَدْلَيْنِ لِمَعْرِفَةِ النُّقْصَانِ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ التَّقْوِيمِ تَقْوِيمَ نِصَابِ السَّرِقَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ. (94) قَوْلُهُ: وَفِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ. هَذَا فِي تَزْكِيَةِ السِّرِّ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ. (95) قَوْلُهُ: وَالْمُتَرْجِمُ. مَعْطُوفٌ عَلَى تَقْوِيمِ، وَهُوَ فَاسِدٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى إذْ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ: يُقْبَلْ قَوْلُ الْوَاحِدِ فِي الْمُتَرْجِمِ، وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ فِي التَّرْجَمَةِ أَيْ يُقْبَلُ قَوْلُ

وَفِي جُودَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَرَدَاءَتِهِ، 97 - وَفِي الْإِخْبَارِ بِالتَّفْلِيسِ 98 - بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، 99 - وَفِي رَسُولِ الْقَاضِي إلَى الْمُزَكِّي 100 - وَفِي إثْبَاتِ الْعَيْبِ 101 - وَبِرُؤْيَةِ رَمَضَانَ عِنْدَ الِاعْتِلَالِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَاحِدِ الْعَدْلِ فِي التَّرْجَمَةِ عَمَّنْ لَا يَعْرِفُ الْقَاضِي لُغَتَهُ مِنْ الْأَخْصَامِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَكْتَفِي بِالْوَاحِدِ وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ أَيْ الْكَلَامُ الْمُتَرْجَمُ، وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ. (96) قَوْلُهُ: فِي جُودَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ إلَخْ. يَعْنِي إذَا ادَّعَى جُودَةَ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَأَنْكَرَ الْمُسْلِمُ أَوْ عَكْسَهُ يَكْفِي فِيهِ قَوْلُ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ. (97) قَوْلُهُ: وَفِي الْإِخْبَارِ بِالتَّفْلِيسِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ يَعْنِي إذَا أَخْبَرَ الْقَاضِي بِإِفْلَاسِ الْمَحْبُوسِ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْحَبْسِ أَطْلَقَهُ. (98) قَوْلُهُ: بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ. أَيْ مُدَّةَ الْحَبْسِ. (99) قَوْلُهُ: وَفِي رَسُولِ الْقَاضِي. فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَالْمُتَرْجِمِ. إلَّا أَنْ يُجْعَلَ رَسُولُ مَصْدَرًا بِمَعْنَى الرِّسَالَةِ كَمَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَأَنْشَدَ: لَقَدْ كَذَبَ الْوَاشُونَ مَا فُهْت عِنْدَهُمْ ... بِسِرٍّ وَلَا أَرْسَلْتُهُمْ بِرَسُولِ وَمِنْهُ عِنْدَهُ {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 16] . (100) قَوْلُهُ: وَفِي إثْبَاتِ الْعَيْبِ. يَعْنِي يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَاحِدِ فِي إثْبَاتِ الْعَيْبِ الَّذِي يَخْتَلِفُ فِيهِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي. (101) قَوْلُهُ: وَبِرُؤْيَةِ رَمَضَانَ إلَخْ. أَيْ فِي إخْبَارِهِ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ إذَا كَانَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ. وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَعِنْدَ الْحَسَنِ يُقْبَلُ بِلَا عِلَّةٍ.

وَفِي إخْبَارِ الشَّاهِدِ بِالْمَوْتِ، وَفِي تَقْدِيرِ أَرْشِ الْمُتْلَفِ. وَزِدْت أُخْرَى: يُقْبَلُ قَوْلُ أَمِينِ الْقَاضِي إذَا أَخْبَرَهُ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ عَلَى عَيْنٍ تَعَذَّرَ حُضُورُهَا، كَمَا فِي دَعْوَى الْقُنْيَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَعَثَهُ لِتَحْلِيفِ الْمُخَدَّرَةِ فَقَالَ: حَلَّفْتهَا، لَمْ تُقْبَلْ إلَّا بِشَاهِدٍ مَعَهُ كَمَا فِي الصُّغْرَى 103 - النَّاسُ أَحْرَارٌ بِلَا بَيَانٍ إلَّا فِي الشَّهَادَةِ وَالْقِصَاصِ، وَالْحُدُودِ، وَالدِّيَةِ إذَا أَخْطَأَ الْقَاضِي كَانَ خَطَؤُهُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي إخْبَارِ الشَّاهِدِ بِالْمَوْتِ. هُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَفِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ فِي النِّكَاحِ وَالنَّسَبِ لَا بُدَّ أَنْ يُخْبِرَهُ عَدْلَانِ بِخِلَافِ الْمَوْتِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ خَبَرِ عَدْلَيْنِ فِي الْكُلِّ إلَّا فِي الْمَوْتِ وَصَحَّحَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ الْمَوْتَ كَغَيْرِهِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي إخْبَارِ الشَّاهِدِ بِالْوَقْفِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَاهُ فِي إخْبَارِ وَاحِدٍ الشَّاهِدَ بِأَنَّ مَكَانَ كَذَا وَقْفٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِالْوَقْفِ. وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ الْمَصْدَرُ مُضَافًا لِمَفْعُولِهِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ. وَقَدْ فَهِمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّاهِدَ الْوَاحِدَ إذَا شَهِدَ بِالْوَقْفِ كَفَى، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ لِثُبُوتِ الْوَقْفِ مِنْ شَاهِدَيْنِ ذَكَرَيْنِ أَوْ ذَكَرٍ وَأُنْثَيَيْنِ كَمَا عُرِفَ فِي مَبَاحِثِ الشَّهَادَةِ. (103) قَوْلُهُ: النَّاسُ أَحْرَارٌ بِلَا بَيَانٍ إلَّا فِي الشَّهَادَةِ إلَخْ. يَعْنِي فَلَا يَكْتَفِي بِظَاهِرِ الْحُرِّيَّةِ فِيهَا، بَلْ يَسْأَلُ؛ وَهَذَا إذَا طَعَنَ الْخَصْمُ بِالرِّقِّ أَمَّا إذَا لَمْ يَطْعَنْ فَلَا يَسْأَلُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ، وَتَفْسِيرُهُ فِي الشَّهَادَةِ: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ لِرَجُلٍ بِحَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ فَقَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: هُمَا عَبْدَانِ، وَإِنِّي لَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا حَتَّى أَعْلَمَ أَنَّهُمَا حُرَّانِ. وَتَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِّ إذَا قَذَفَ إنْسَانًا ثُمَّ زَعَمَ الْقَاذِفُ أَنَّ الْمَقْذُوفَ عَبْدٌ فَإِنَّهُ لَا يَحُدُّ الْقَاذِفَ حَتَّى يُثْبِتَ الْمَقْذُوفُ حُرِّيَّتَهُ بِالْحُجَّةِ، وَفِي الْقِصَاصِ إذَا قَطَعَ يَدَ إنْسَانٍ، وَزَعَمَ الْقَاطِعُ أَنَّ الْمَقْطُوعَ يَدَهُ عَبْدٌ، فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى بِالْقِصَاصِ حَتَّى يُثْبِتَ حُرِّيَّتَهُ. وَفِي الدِّيَةِ إذَا قَتَلَ إنْسَانًا خَطَأً، وَزَعَمَتْ الْعَاقِلَةُ أَنَّهُ عَبْدٌ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ بِالدِّيَةِ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى حُرِّيَّتِهِ. وَهَذَا؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْحُرِّيَّةِ لِكُلِّ أَحَدٍ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ، أَمَّا؛ لِأَنَّ الدَّارَ دَارُ الْحُرِّيَّةِ أَوْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ آدَمَ وَحَوَّاءَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ -، وَقَدْ كَانَا حُرَّيْنِ، إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ يُدْفَعُ بِهِ

وَإِنْ تَعَمَّدَ كَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي سَيْرِ الْخَانِيَّةِ. 105 - وَتَمَامُهُ فِي قَضَاءِ الْخُلَاصَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاسْتِحْقَاقُ، وَلَكِنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِ الِاسْتِحْقَاقُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِدَلِيلٍ مُوجِبٍ لَهُ. إذَا عَرَفْت هَذَا فَنَقُولُ: فِي الشَّهَادَةِ: إثْبَاتُ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِقَوْلِ الشَّاهِدِ الظَّاهِرُ الْحُرِّيَّةُ لَا يَكْفِي لِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ فِي الْقَذْفِ الْحَدُّ عَلَى الْقَاذِفِ. وَفِي الْقِصَاصِ إيجَابُ الْعُقُوبَةِ عَلَى الْقَاطِعِ، وَفِي الدِّيَةِ إيجَابُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْحُرِّيَّةِ فَمَا لَمْ تَثْبُتْ الْحُرِّيَّةُ بِالْحُجَّةِ لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. فَإِنْ قَالَ الشُّهُودُ: نَحْنُ أَحْرَارٌ لَمْ نُمْلَكْ قَطُّ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُمَا حَتَّى يَأْتِيَا بِالْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا فَأَمَّا فِي قَوْلِهِمَا إنَّا أَحْرَارٌ؛ يُصَدَّقَانِ فِي قَوْلِهِمَا بِطَرِيقِ الظَّاهِرِ، وَلَكِنْ لَا يُقْضَى بِشَهَادَتِهِمَا حَتَّى يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى حُرِّيَّتِهِمَا. وَإِنْ سَأَلَ الْقَاضِي عَنْهُمَا فَأُخْبِرَ أَنَّهُمَا حُرَّانِ فَقَبِلَ ذَلِكَ، وَأَجَازَ شَهَادَتَهُمَا كَانَ حَسَنًا؛ لِأَنَّ حُرِّيَّتَهُمَا مِنْ الْأَسْبَابِ الَّتِي لَا تَعْمَلُ شَهَادَتُهُمَا إلَّا بِهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَدَالَةِ فَكَمَا أَنَّ الْعَدَالَةَ تَصِيرُ مَعْلُومَةً عِنْدَ الْقَاضِي بِهَذَا الطَّرِيقِ فَكَذَلِكَ الْحُرِّيَّةُ. كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلسَّرَخْسِيِّ. وَقَدْ سُئِلَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الشَّيْخُ عَبْدُ الْغَنِيِّ الْعَبَّادِيُّ هَلْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الرُّشْدُ أَوْ السَّفَهُ؟ وَهَلْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الْفَقْرُ أَوْ الْغِنَى؟ وَهَلْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الْأَمَانَةُ أَوْ الْخِيَانَةُ وَهَلْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الْجَرْحُ أَوْ التَّعْدِيلُ؟ فَأَجَابَ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الرُّشْدُ وَالْفَقْرُ وَالْأَمَانَةُ وَالْعَدَالَةُ وَإِنَّمَا عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ سِرًّا وَعَلَنًا؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْحُجَّةِ، وَهِيَ شَهَادَةُ الْعُدُولِ، فَيَتَعَرَّفُ عَنْ الْعَدَالَةِ وَفِيهِ صَوْنُ قَضَائِهِ عَنْ الْبُطْلَانِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (انْتَهَى) . وَفِي قَوْلِهِ فِيهِ صَوْنُ قَضَائِهِ الْبُطْلَانِ نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ (104) قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَمَّدَ كَانَ عَلَيْهِ إلَخْ. فِيهِ: أَنَّ الْخَطَأَ لَا تَعَمُّدَ فِيهِ، وَاَلَّذِي فِي الْخَانِيَّةِ وَإِنْ تَعَمَّدَ الْجَوْرَ. (105) قَوْلُهُ: وَتَمَامُهُ فِي قَضَاءِ الْخُلَاصَةِ. أَيْ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَعِبَارَتُهَا: الْقَاضِي إذَا بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْقَضَاءِ إنْ كَانَ الَّذِي قَضَاهُ خَطَأً لَا خِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ يَرُدُّهُ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ أَمْضَاهُ. وَفِي الْمُسْتَقِلِّ: وَيَقْضِي بِاَلَّذِي يَرَى أَنَّهُ أَفْضَلُ فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ نَصٌّ بِخِلَافِ قَضَائِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، إنْ كَانَ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ كَالْقِصَاصِ وَالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالْعِتْقِ

لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ نَحْوُ لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ، 107 - إلَّا ضَمَانُ الدَّرْكِ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ، بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ بِهِ. 108 - وَأَمَّا إذَا أَبْرَأَ الْوَارِثُ الْوَصِيَّ إبْرَاءً عَامًّا بِأَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ تَرِكَةَ وَالِدِهِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ حَقٌّ مِنْهَا إلَّا اسْتَوْفَاهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQإنْ ظَهَرَ أَنَّ الشُّهُودَ عَبِيدٌ أَوْ مَحْدُودُونَ فِي قَذْفٍ، إنْ قَالَ الْقَاضِي تَعَمَّدْت يَضْمَنُ فِي مَالِهِ وَيُعْزَلُ لِلْخِيَانَةِ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً أَيْ جَهْلًا يَضْمَنُ الْمَقْضِيُّ لَهُ الدِّيَةَ. وَفِي الطَّلَاقِ تُرَدُّ الْمَرْأَةُ إلَى زَوْجِهَا وَفِي الْعِتْقِ يُرَدُّ الْعَبْدُ إلَى مَوْلَاهُ، وَفِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ الزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالسَّرِقَةِ إذَا ظَهَرَ أَنَّ الشُّهُودَ عَبِيدٌ وَقَالَ: تَعَمَّدْت، فَهُوَ ضَامِنٌ لِلدِّيَةِ وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَضَمَانُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَهَذَا إذَا ظَهَرَ الْخَطَأُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْضِيِّ لَهُ أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْقَاضِي بِذَلِكَ لَا يُصَدَّقُ وَلَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ كَالشُّهُودِ إذَا رَجَعُوا (106) قَوْلُهُ: لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ إلَخْ. قَدْ فَرَّقَ الْمُصَنِّفُ فِي الشَّرْحِ بَيْنَ إبْرَاءِ الْعَامِّ بِلَفْظِ الْإِخْبَارِ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْإِخْبَارِ تَدْخُلُ الْأَعْيَانُ وَإِلَّا فَلَا فَلْيُرَاجَعْ. (107) قَوْلُهُ: إلَّا ضَمَانُ الدَّرْكِ إلَخْ. فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الدَّرْكِ حَادِثٌ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ كَانَ مُنْعَدِمًا وَقْتَ الْبَرَاءَةِ وَأَنَّ مَا حَدَثَ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ بِإِثْبَاتِ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ بَعْدَهَا فَلَمْ تَشْمَلْهُ الْبَرَاءَةُ فَلَا يُسْتَثْنَى. وَقَدْ قَالَ قَاضِي خَانْ: اتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ قَالَ: لَا دَعْوَى لِي قِبَلَ فُلَانٍ، يَصِحُّ حَتَّى لَا تُسْمَعَ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ إلَّا فِي حَقٍّ حَادِثٍ (108) قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا أَبْرَأَ الْوَارِثُ الْوَصِيَّ إبْرَاءً عَامًّا إلَى قَوْلِهِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ. قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا إقْرَارٌ مُجَرَّدٌ لَمْ يَسْتَلْزِمْ إبْرَاءً، إذْ لَيْسَ فِيهِ إبْرَاءُ الْمَعْلُومِ عَنْ مَعْلُومٍ وَلَا مَجْهُولٍ، وَصَحَّتْ دَعْوَاهُ بِهِ لِعَدَمِ مَا يَمْنَعُهَا؛ لِأَنَّ إشْهَادَهُ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ تَرِكَةِ وَالِدِهِ إلَخْ. لَيْسَ فِيهِ إبْرَاءُ الْمَعْلُومِ عَنْ مَعْلُومٍ وَلَا مَجْهُولٍ.

ثُمَّ ادَّعَى فِي يَدِ الْوَصِيِّ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ، وَبَرْهَنَ، يُقْبَلُ 110 - وَكَذَا إذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ مَا عَلَى النَّاسِ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا، تُسْمَعُ. كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ. 111 - وَبَحَثَ فِيهِ الطَّرَسُوسِيُّ بَحْثًا رَدَّهُ ابْنُ وَهْبَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: ثُمَّ ادَّعَى فِي يَدِ الْوَصِيِّ شَيْئًا إلَخْ. قِيلَ: هَذَا خَاصٌّ بِمَا إذَا ادَّعَى عَيْنًا، وَأَمَّا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ دَيْنًا كَمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ رِبْحًا مَثَلًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الرَّابِعِ عَشَرَ فِي دَعْوَى الْإِبْرَاءِ وَالصُّلْحِ إبْرَاءٌ عَنْ الدَّعْوَى ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ إرْثًا عَلَى أَبِيهِ، إنْ كَانَ مَاتَ أَبُوهُ مَثَلًا قَبْلَ الْإِبْرَاءِ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ مَوْتَهُ وَقْتَ الْإِبْرَاءِ يَصِحُّ. إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا لِكَوْنِ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ عَنْ الدَّعْوَى لَا عَنْ الْمَالِ فَقَطْ (110) قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ إلَخْ. فِيهِ: أَنَّ هَذَا إقْرَارٌ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لِإِبْرَاءِ الْمُعَيَّنِ، وَهُوَ لَا يَقْتَضِي مَنْعَ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ لِمَجْهُولٍ، حَيْثُ لَمْ يُخَاطِبْ مُعَيَّنًا، وَالْإِقْرَارُ لِمَجْهُولٍ بَاطِلٌ فَلَا يَمْنَعُ التَّنَاقُضُ بِهِ الدَّعْوَى. وَقَدْ اشْتَبَهَ عَلَى الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَظَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْبَرَاءَةِ الْعَامَّةِ، وَجَعَلَهَا غَيْرَ مَانِعَةٍ لِلْوَارِثِ مِنْ الدَّعْوَى عَلَى الْوَصِيِّ بَعْدَ صُدُورِهَا عَامَّةً، وَسَاقَ مَسَائِلَ أُخَرَ ظَنَّهَا مُسْتَثْنَاةً مِنْ الْبَرَاءَةِ الْعَامَّةِ. وَقَدْ حَرَّرْت الْحُكْمَ وَبَيَّنْت أَنَّهَا لَيْسَتْ كَمَا ظَنَّهُ، وَأَنَّهُ لَا يُسْتَثْنَى مِنْ الْبَرَاءَةِ الْعَامَّةِ شَيْءٌ فَهِيَ مَانِعَةٌ مِنْ الدَّعْوَى بِمَا تَقَدَّمَ عَلَيْهَا مُطْلَقًا، وَأَوْضَحْته بِرِسَالَةٍ سَمَّيْتهَا تَنْقِيحَ الْأَحْكَامِ فِي حُكْمِ الْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاءِ الْعَامِّ. وَصُورَةُ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ أَنْ يَقُولَ: لَا حَقَّ لِي قِبَلَ فُلَانٍ أَوْ فُلَانٌ بَرِيءٌ مِنْ حَقِّي، أَوْ لَا دَعْوَى لِي عَلَى فُلَانٍ أَوْ لَا خُصُومَةَ لِي عَلَيْهِ أَوْ لَا خُصُومَةَ لِي قِبَلَهُ أَوْ لَا تَعَلُّقَ لِي عَلَيْهِ أَوْ لَا دَعْوَى لِي قِبَلَهُ أَوْ لَيْسَ لِي مَعَهُ أَمْرٌ شَرْعِيٌّ أَوْ لَا أَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا أَوْ أَبْرَأْتُك مِنْ حَقِّي أَوْ أَبْرَأْتُك مِمَّا لِي عَلَيْك (انْتَهَى) . أَقُولُ فِيهِ إنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إبْرَاءً عَامًّا فَهُوَ إقْرَارٌ عَامٌّ يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمُنَاقَضَةِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ فِيمَا ذُكِرَ لِمَجْهُولٍ حَيْثُ لَمْ يُخَاطِبْ مُعَيَّنًا بِالْإِقْرَارِ، وَالْإِقْرَارُ لِمَجْهُولٍ بَاطِلٌ وَالتَّنَاقُضُ إنَّمَا يُمْنَعُ إذَا تَضَمَّنَ إبْطَالَ حَقٍّ عَلَى أَحَدٍ. (111) قَوْلُهُ: وَبَحَثَ فِيهِ الطَّرَسُوسِيُّ بَحْثًا رَدَّهُ ابْنُ وَهْبَانَ. أَيْ بَحَثَ فِيمَا لَوْ

الرَّابِعَةُ: صَالَحَ أَحَدَ الْوَرَثَةِ وَأَبْرَأَ عَامًّا ثُمَّ ظَهَرَ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ الصُّلْحِ، الْأَصَحُّ جَوَازُ دَعْوَاهُ فِي حِصَّتِهِ، كَذَا 113 - فِي صُلْحِ الْبَزَّازِيَّةِ 114 - الْخَامِسَةُ الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ فَاسِدٍ لَا يَمْنَعُ الدَّعْوَى، ـــــــــــــــــــــــــــــQأَبْرَأَ الْوَارِثُ الْوَصِيَّ إبْرَاءً عَامًّا إلَخْ. لَا فِيمَا إذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّهُ قَبَضَ إلَخْ. وَإِنْ أَوْهَمَتْ عِبَارَتُهُ ذَلِكَ، بِاعْتِبَارِ أَنَّ الضَّمِيرَ يَرْجِعُ إلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ، وَالْبَحْثُ الَّذِي بَحَثَهُ الطَّرَسُوسِيُّ هُوَ أَنَّ قَوْلَهُمْ: إنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تَعُمُّ النَّقْضَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ، وَلَمْ يَبْقَ لِي حَقٌّ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَعَلَى مُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ، وَأَجَابَ ابْنُ وَهْبَانَ بِأَنَّهُ لَا تَنَاقُضَ فَإِنَّ اعْتِرَافَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ حَقٌّ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَبَضَهُ، يَعْنِي لَمْ يَبْقَ لِي حَقٌّ مِمَّا قَبَضْته أَلَا تَرَى أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا لَوْ رَأَى شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِهِ فِي يَدِ وَصِيِّهِ وَتَحَقَّقَهُ سَاغَ لَهُ طَلَبُهُ، وَلَهُ مَخْرَجٌ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ بِأَنْ يَؤُلْهُ عَلَى مَا مَرَّ (انْتَهَى) . قَالَ قَاضِي الْقُضَاةِ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْعِمَادِيَّ نَقَلَ الْمَسْأَلَةَ عَنْ الْمُنْتَقَى، وَقَالَ: وَأَشْهَدَ الِابْنَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ فَعَيَّنَ الْمُبَرَّأِ مِنْ الْحُقُوقِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ حَتَّى يَمْتَنِعَ عَلَيْهِ الطَّلَبُ، ثُمَّ قَالَ: يَظْهَرُ لِي فِي الْوَجْهِ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنَّهُ إنَّمَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا لِفَوَاتِ شُبْهَةِ عَدَمِ مَعْرِفَتِهِ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ قِبَلِ وَالِدِهِ، لِقِيَامِ الْجَهْلِ بِمَعْرِفَةِ مَا لِوَالِدِهِ عَلَى جِهَةِ التَّفْصِيلِ وَالتَّحْرِيرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِثْلُ هَذَا الْإِشْهَادِ مُجَرَّدًا عَنْ سَابِقَةِ الْجَهْلِ الْمَذْكُورِ فَاسْتَحْسَنُوا سَمَاعَ دَعْوَاهُ هُنَا فَتَأَمَّلْهُ (112) قَوْلُهُ: الرَّابِعَةُ. أَيْ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ مِمَّا اسْتَثْنَاهُ بِقَوْلِهِ إلَّا ضَمَانَ الدَّرْكِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يُعَنْوِنُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ بِالْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ. (113) قَوْلُهُ: صَالَحَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: فِيهِ أَنَّهُ إبْرَاءُ الْمَجْهُولِ، وَإِبْرَاءُ الْمَجْهُولِ بَاطِلٌ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ (انْتَهَى) . وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ التَّقْدِيرُ: صَالَحَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ الْآخَرَ وَأَبْرَأَهُ إبْرَاءً عَامًّا، غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ صَاحِبَ الْبَزَّازِيَّةِ أَوْجَزَ فِي الْعِبَارَةِ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ فَلَيْسَ مَا ذُكِرَ إبْرَاءُ الْمَجْهُولِ (114) قَوْلُهُ: الْخَامِسَةُ الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ فَاسِدٍ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: إنَّمَا سَاغَ الدَّعْوَى بَعْدَهُ لِفَسَادِ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ بِفَسَادِ الصُّلْحِ فَانْعَدَمَ مِنْ أَصْلِهِ؛ فَلَا يُقَالُ: يُسْتَثْنَى مَعَ

كَمَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْدَ هَذَا أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الرِّبَا لَا يَصِحُّ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ، وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ. وَفِي الْيَتِيمَةِ لَوْ قَالَ: لَا حَقَّ لِي فِي هَذِهِ الضَّيْعَةِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْبَذْرَ لَهُ تُسْمَعُ. ثُمَّ قَالَ: لَوْ قَالَ: لَا حَقَّ لِي فِي هَذِهِ الضَّيْعَةِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَادِهِ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَفِي الْيَتِيمَةِ أَيْضًا: مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ 116 - فَاقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ بَيْنَهُمْ، وَأَبْرَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى، ثُمَّ إنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ، وَعَلَى تَرِكَةِ الْمَيِّتِ تُسْمَعُ (انْتَهَى) وَفِي قِسْمَةِ الْقُنْيَةِ: قَسَّمَا أَرْضًا مُشْتَرَكَةً وَأَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا دَعْوَى لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَزَرَعَ نَصِيبَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ بِالْغَبْنِ، 117 - فَلَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْغَبْنُ فَاحِشًا عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ (انْتَهَى) . ـــــــــــــــــــــــــــــQبَقَائِهِ كَذَا؛ وَهَذَا بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ الْحَاصِلِ بَعْدَ الصُّلْحِ وَلَوْ كَانَ الصُّلْحُ فَاسِدًا إلَّا فِي ضِمْنِ الْفَاسِدِ. (115) قَوْلُهُ: كَمَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ فِي التَّاسِعِ فِي دَعْوَى الصُّلْحِ. وَكَذَا الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى فَاسِدَةٍ كَمَا ذُكِرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا فِي الصُّلْحِ، يَعْنِي لَا يَمْنَعُ الدَّعْوَى. وَفِي الْقُنْيَةِ يُفْتَى بِأَنَّ الْإِقْرَارَ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي صُلْبِ عَقْدِ الصُّلْحِ - لَكِنَّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصُّلْحَ لَا يَمْنَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ ذَلِكَ (116) قَوْلُهُ: فَاقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ إلَخْ. فِي الْخَانِيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ، حَيْثُ قَالَ: إذَا اقْتَسَمَ الْقَوْمُ أَرْضًا أَوْ تَرِكَةً فَأَصَابَ كُلُّ طَائِفَةٍ قِسْمًا ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمْ فِي الْقِسْمِ الْآخَرِ شَيْئًا مِنْ الْأَرْضِ أَوْ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ لَهُ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ السَّابِقَةَ إقْرَارٌ مِنْهُ أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ مِيرَاثٌ لَهُمْ مِنْ أَبِيهِمْ (117) قَوْلُهُ: فَلَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْغَبْنُ فَاحِشًا إلَخْ. قِيلَ: ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ فَلْيُرَاجِعْ الْكُتُبَ. وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى، فِي الْقِسْمَةِ: وَلَوْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِقَضَاءِ

وَفِي إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ الْإِبْرَاءَ الْعَامَّ إنَّمَا يَمْنَعُ إذَا لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّ الْعَيْنَ لِلْمُدَّعِي، فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَهُ أَنَّ الْعَيْنَ لِلْمُدَّعِي سَلَّمَهَا لَهُ، وَلَا يَمْنَعُهُ الْإِبْرَاءُ. 119 - وَفِي دَعْوَى الْقُنْيَةِ أَنَّ الْإِبْرَاءَ الْعَامَّ لَا يَمْنَعُ مِنْ دَعْوَى الْوَكَالَةِ. وَفِي الرَّابِعِ عَشَرَ مِنْ دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ: أَبْرَأَهُ عَنْ الدَّعَاوَى ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ بِوَكَالَةٍ أَوْ وِصَايَةٍ صَحَّ. إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ لَهُ ثُمَّ ادَّعَى شِرَاءَهُ بِلَا تَارِيخٍ يُقْبَلُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ ثُمَّ ادَّعَى، لَا تُسْمَعُ حَتَّى يُبَرْهِنَ أَنَّهُ حَادِثٌ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ. 120 - وَالْفَرْقُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ إلَّا بِحَقٍّ حَادِثٍ بَعْدَهُ يُفِيدُ جَوَابَ حَادِثَةٍ أَقَرَّ أَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِفُلَانٍ كَذَا، وَأَبْرَأَهُ عَامًا ثُمَّ ادَّعَى بَعْدُ أَنَّهُ أَقَرَّ بَعْدَهُمَا أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ، فَإِنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَاضِي فَظَهَرَ غَبْنٌ فَاحِشٌ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا يُفْسَخُ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ مُقَيَّدٌ بِالْعَدْلِ، وَلَوْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى دَعْوَى الْغَبْنِ (118) قَوْلُهُ: وَفِي إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ إلَخْ. قِيلَ: لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّقْيِيدِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَنَّ الْعَيْنَ لَهُ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهَا إلَيْهِ. قُلْت قَدْ يُنْكِرُ بَعْدَ هَذَا الْإِقْرَارِ فَيَدَّعِي عَلَيْهِ وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ فَتُسْمَعْ (119) قَوْلُهُ: وَفِي دَعْوَى الْقُنْيَةِ أَنَّ الْإِبْرَاءَ الْعَامَّ لَا يَمْنَعُ مِنْ دَعْوَى الْوَكَالَةِ. أَيْ الدَّعْوَى بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: أَقَرَّ أَنَّهُ لَا دَعْوَى لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ بِوَجْهٍ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ لِغَيْرِهِ، تُسْمَعُ. وَمَا حُكِيَ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ لِغَيْرِهِ سَهْوٌ. (120) قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ لَا حَقَّ لِي لِعُمُومِ الْإِبْرَاءِ فَلَا يَكُونُ لَهُ حَقٌّ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ وَلَا بِغَيْرِهِ إلَّا إذَا بَيَّنَ أَنَّهُ مَلَكَهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ،

وَلَا يَمْنَعُهَا الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ادَّعَى 122 - بِمَا يَبْطُلُ بَعْدَهُ لَا قَبْلَهُ وَقَوْلُ قَاضِي خَانْ فِي الصُّلْحِ أَنَّهُ لَوْ بَرْهَنَ بَعْدَهُ عَلَى إقْرَارِهِ قَبْلَهُ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ لَمْ يُقْبَلْ. وَلَوْ بَرْهَنَ بَعْدَهُ عَلَى إقْرَارِهِ بَعْدَهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ، وَأَنَّهُ مُبْطِلٌ فِيمَا ادَّعَى، يُقْبَلُ (انْتَهَى) . يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ إقْرَارَهُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ مُبْطِلٌ، وَلَكِنْ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ التَّنَاقُضِ. كَفَلَ عَنْهُ بِأَلْفٍ لِرَجُلٍ يَدَّعِيه فَبَرْهَنَ الْكَفِيلُ عَلَى إقْرَارِ الْمَكْفُولِ لَهُ، وَهُوَ يَجْحَدُ أَنَّهُ قِمَارٌ أَوْ ثَمَنُ خَمْرٍ لَا يُقْبَلُ، وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ الطَّالِبُ عِنْدَ الْقَاضِي بِرِبًا. وَإِنَّمَا لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهَا تُسْمَعُ عِنْدَ صِحَّةِ الدَّعْوَى، وَقَدْ بَطَلَتْ هَذِهِ هُنَا لِلتَّنَاقُضِ؛ لِأَنَّ كَفَالَتَهُ إقْرَارٌ بِصِحَّتِهَا (انْتَهَى) . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ يَتَأَتَّى فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ إمْكَانِ التَّوْفِيقِ، وَإِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُبْهَمِ تُفِيدُ الْمِلْكَ، وَيَتَّضِحُ الْجَوَابُ لِلْمُتَأَمِّلِ الْفَطِنِ (انْتَهَى) . وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْإِبْرَاءَ الْعَامَّ يَمْنَعُ الدَّعْوَى إلَّا بِحَقٍّ حَادِثٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ، فَإِذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ مُطْلَقًا بَعْدُ، أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الرَّابِعَةَ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَهُ فِيمَا مَضَى، وَقَدْ نَفَاهُ بِقَوْلِهِ: لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ فَلَا سَبِيلَ لِقَبُولِهِ (121) قَوْلُهُ: وَلَا يَمْنَعُهَا الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ. فِي الصَّيْرَفِيَّةِ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ. اشْتَرَى مِلْكًا وَوَقَعَ بَيْنَهُمَا بَرَاءَةٌ عَنْ الْخُصُومَاتِ كُلِّهَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ (انْتَهَى) . فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّعْوَى تُسْمَعُ بِحَقٍّ حَادِثٍ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ الْعَامَّةِ. (122) قَوْلُهُ: بِمَا يَبْطُلُ بَعْدَهُ. قِيلَ عَلَيْهِ: أَنَّهُ ادَّعَى إقْرَارًا مِنْ إبْرَائِهِ، وَالْغَرَضُ مِنْ الْإِقْرَارِ صَحِيحٌ فَكَيْفَ يُوصَفُ بِالْبُطْلَانِ (انْتَهَى) . وَرُدَّ بِأَنَّ الْقَائِلَ أَقَرَّ لَفْظَةَ يَبْطُلُ مُضَارِعُ بَطَلَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُبْطِلُ مُضَارِعُ أَبْطَلَ وَعَلَى هَذَا لَا يَرِدُ مَا أَوْرَدَهُ إذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا الْمُدَّعِي إنَّمَا ادَّعَى بِمَا يُبْطِلُ إقْرَارَهُ بَعْدَهُ لَا قَبْلَهُ حَيْثُ قَالَ: إنَّهُ أَقَرَّ بَعْدَهَا

وَانْظُرْ مَا كَتَبْنَاهُ فِي الْمُدَايَنَاتِ مِنْ مَسْأَلَةِ دَعْوَى الرِّبَا بَعْدَ الْإِبْرَاءِ، وَآخِرُ مَا فِي الْجَامِعِ 124 - يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّنَاقُضَ مِنْ الْأَصِيلِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، حَيْثُ قَالَ: وَيُقَالُ لَهُ اُطْلُبْ خَصْمَكَ فَخَاصِمْهُ (انْتَهَى) . 125 - تُسْمَعُ الشَّهَادَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى فِي الْحَدِّ الْخَالِصِ، 126 - وَالْوَقْفِ، 127 - وَعِتْقِ الْأَمَةِ، وَحُرِّيَّتِهَا الْأَصْلِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَانْظُرْ مَا كَتَبْنَاهُ فِي الْمُدَايَنَاتِ إلَخْ. أَرَادَ مَا سَيَأْتِي فِي هَذَا الْكِتَابِ نَقْلًا عَنْ مُدَايَنَاتِ الْقُنْيَةِ لَا أَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْمُدَايَنَاتِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مَسْأَلَةَ دَعْوَى الرِّبَا بَعْدَ الْإِبْرَاءِ. (124) قَوْلُهُ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّنَاقُضَ مِنْ الْأَصْلِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ إلَخْ. بِأَنْ كَانَ الْكَفِيلُ أَدَّى الْمَالَ إلَى الطَّالِبِ، وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَالطَّالِبُ غَائِبٌ، فَقَالَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ: كَانَ الْمَالُ عَقَارًا أَوْ ثَمَنَ مَيْتَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكَفِيلِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، فَيُؤْمَرُ بِأَدَاءِ الْمَالِ إلَى الْكَفِيلِ، وَيُقَالُ لَهُ: اُطْلُبْ خَصْمَك فَخَاصِمْهُ (انْتَهَى) . فَجَعَلَ لَهُ الْمُخَاصَمَةَ مَعَ تَقَدُّمِ الْتِزَامِهِ بِالدَّيْنِ (125) قَوْلُهُ: تُسْمَعُ الشَّهَادَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى فِي الْحَدِّ الْخَالِصِ. احْتَرَزَ بِهِ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ، فَلَا تُسْمَعُ الشَّهَادَةُ فِيهِ بِدُونِ الدَّعْوَى. (126) قَوْلُهُ: وَالْوَقْفُ. أَقُولُ: الْمُخْتَارُ مَا فِي الْفُصُولِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ لَا تُقْبَلُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى الْمَسْجِدِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ تُقْبَلُ، وَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا تُقْبَلُ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمُخْتَارُ، وَهُوَ فَتْوَى أَبِي الْفَضْلِ. كَذَا فِي حَوَاشِي الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ عَلَى شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ. (127) قَوْلُهُ: وَعِتْقُ الْأَمَةِ وَحُرِّيَّتُهَا الْأَصْلِيَّةُ. أَقُولُ الصَّوَابُ الْحُرِّيَّةُ الْأَصِيلَةُ إذْ الْأَمَةُ لَا حُرِّيَّةَ لَهَا أَصْلِيَّةً إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْأَمَةِ مَنْ اشْتَبَهَ الْحَالُ فِيهَا.

وَفِيمَا تَمَحَّضَ لِلَّهِ تَعَالَى كَرَمَضَانَ، وَفِي الطَّلَاقِ وَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ. وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ وَهْبَانَ 129 - دَفْعُ الدَّعْوَى صَحِيحٌ، 130 - وَكَذَا دَفْعُ الدَّفْعِ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ يَصِحُّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، 131 - وَكَمَا يَصِحُّ الدَّفْعُ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَصِحُّ بَعْدَهَا 132 - وَكَمَا يَصِحُّ قَبْلَ الْحُكْمِ يَصِحُّ بَعْدَهُ 133 - إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمُخَمَّسَةِ، كَمَا كَتَبْنَاهُ فِي الشَّرْحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِيمَا تَمَحَّضَ لِلَّهِ تَعَالَى. عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَفِي الْحَدِّ الْخَاصِّ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ إلَّا أَنْ يُرَادَ مَا تَمَحَّضَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَمْ يَكُنْ حَدًّا فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْبَيَانِ، وَهُوَ التَّحْقِيقُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ فِي مِثْلِهِ كَمَا فِي عَرُوسِ الْأَفْرَاحِ (129) قَوْلُهُ: دَفْعُ الدَّعْوَى صَحِيحٌ إلَخْ. صُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: هَذَا الشَّيْءَ أَوْدَعَنِيهِ أَوْ أَجَرَنِيهِ فُلَانٌ الْغَائِبُ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ دُفِعَتْ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ بَيِّنَةً أَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ يَدَ خُصُومَةٍ. (130) قَوْلُهُ: وَكَذَا دَفْعُ الدَّفْعِ إلَخْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الشَّرْحِ: صُورَةُ دَفْعِ الدَّفْعِ أَنْ يَدَّعِيَ مِلْكًا مُطْلَقًا فَقَالَ: اشْتَرَيْتُهُ مِنْكَ فَدَفَعَ قَائِلًا بِإِنَّك أَقْرَرْت أَنَّك اشْتَرَيْته مِنِّي، تُسْمَعُ (131) قَوْلُهُ: وَكَمَا يَصِحُّ الدَّفْعُ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَصِحُّ بَعْدَهَا. هَذَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي النَّوْعِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى، وَقَدْ ذَكَرَ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ خِلَافَهُ. وَكَذَا فِي الْفُصُولِ وَتَتِمَّةِ الْأَكْمَلِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ (132) قَوْلُهُ: وَكَمَا يَصِحُّ قَبْلَ الْحُكْمِ يَصِحُّ بَعْدَهُ. كَمَا لَوْ بَرْهَنَ عَلَى مَالٍ وَحَكَمَ بِهِ ثُمَّ بَرْهَنَ خَصْمُهُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ قَبْلَ الْحُكْمِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، يَبْطُلُ الْحُكْمُ. وَبَحَثَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْطُلَ الْحُكْمُ لَوْ أَمْكَنَ التَّوْفِيقُ بِحُدُوثِهِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ. (133) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمُخَمَّسَةِ كَمَا كَتَبْنَاهُ فِي الشَّرْحِ. نَصُّ عِبَارَتِهِ فِي الشَّرْحِ: اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّ الدَّفْعَ بَعْدَ الْحُكْمِ صَحِيحٌ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ

وَكَمَا يَصِحُّ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ يَصِحُّ عِنْدَ غَيْرِهِ 135 - وَكَمَا يَصِحُّ قَبْلَ الْإِشْهَادِ يَصِحُّ بَعْدَهُ، هُوَ الْمُخْتَارُ إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ: الْأُولَى: إذَا قَالَ لِي دَفْعٌ، وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ. الثَّانِيَةُ: لَوْ بَيَّنَهُ لَكِنْ قَالَ: بَيِّنَتِي بِهِ غَائِبَةٌ عَنْ الْبَلَدِ لَمْ يُقْبَلْ. الثَّالِثَةُ: لَوْ بَيَّنَ دَفْعًا فَاسِدًا لَوْ كَانَ الدَّفْعُ صَحِيحًا وَقَالَ: بَيِّنَتِي حَاضِرَةٌ فِي الْمِصْرِ يُمْهِلُهُ إلَى الْمَجْلِسِ الثَّانِي، كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ 136 - وَالْإِمْهَالُ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ، وَادَّعَى إيفَاءَهُ أَوْ الْإِبْرَاءَ، فَإِنْ قَالَ: بَيِّنَتِي فِي الْمِصْرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَضَى لِلْمُدَّعِي قَبْلَ الدَّفْعِ ثُمَّ دَفَعَ بِالْإِيدَاعِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَخُصَّ مِنْ الْكُلِّيِّ فَافْهَمْ. أَقُولُ: يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ مِنْ بَابِ دَعْوَى النَّسَبِ: بَرْهَنَ أَنَّهُ ابْنُ عَمِّهِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَبَرْهَنَ الدَّافِعُ أَنَّهُ ابْنُ عَمِّهِ لِأُمِّهِ فَقَطْ أَوْ عَلَى إقْرَارِ الْمَيِّتِ بِهِ كَانَ دَفْعًا قَبْلَ الْقَضَاءِ لَا بَعْدَهُ لِتَأَكُّدِهِ بِالْقَضَاءِ بِخِلَافِ الثَّانِي (انْتَهَى) . فَيَنْبَغِي أَنْ تُخَصَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ الْكُلِّيَّةِ، وَحِينَئِذٍ لَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ إلَّا فِي الْمُخَمَّسَةِ (134) قَوْلُهُ: وَكَمَا يَصِحُّ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ يَصِحُّ عِنْدَ غَيْرِهِ. بِأَنْ حَكَمَ لَهُ بِمَالٍ ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ، وَجَاءَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي بِالدَّفْعِ، تُسْمَعُ وَيَبْطُلُ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ. وَفِيهِ لَوْ أَتَى بِالدَّفْعِ بَعْدَ الْحُكْمِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لَا تُقْبَلُ لِجَوَازِ أَنْ يُبَرْهِنَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ قَبْلَ الدَّعْوَى أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الدَّارِ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْحُكْمُ لِجَوَازِ التَّوْفِيقِ، بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِخِيَارٍ فَلَمْ يَمْلِكْهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَقْتَ الْحُكْمِ فَيَمْلِكُهُ؛ فَلَمَّا احْتَمَلَ هَذَا لَمْ يَبْطُلْ الْحُكْمُ الْجَائِزُ بِشَكٍّ، وَلَوْ بَرْهَنَ قَبْلَ الْحُكْمِ تُقْبَلُ، وَلَا يَحْكُمُ إذْ الشَّكُّ يَمْنَعُ الْحُكْمَ وَلَا يَدْفَعُهُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الْعَاشِرِ (135) قَوْلُهُ: وَكَمَا يَصِحُّ قَبْلَ الْإِشْهَادِ يَصِحُّ بَعْدَهُ. وَهُوَ الْمُخْتَارُ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: هَذَا التَّصْحِيحُ لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ، مَعَ أَنَّهُ بَحَثَ بِأَنَّ هَذَا خِلَافُ مَا نَقَلَهُ فِي الْفُصُولِ وَتَتِمَّةِ الْأَكْمَلِ وَلَمْ يُبْدِ هَذَا التَّصْحِيحَ لِيَرْتَفِعَ الْإِشْكَالُ (136) قَوْلُهُ: وَالْإِمْهَالُ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ. قَالَ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي: ادَّعَى عَلَيْهِ الْبَرَاءَةَ مِنْ

لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِالدَّفْعِ، وَإِلَّا قَضَى عَلَيْهِ. الدَّفْعُ بَعْدَ الْحُكْمِ صَحِيحٌ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمُخَمَّسَةِ، كَمَا ذَكَرْته فِي الشَّرْحِ 138 - أَقَرَّ بِالدَّيْنِ بَعْدَ الدَّعْوَى ثُمَّ ادَّعَى إيفَاءَهُ لَمْ يُقْبَلْ لِلتَّنَاقُضِ، إلَّا إذَا ادَّعَى إيفَاءَهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِهِ وَالتَّفَرُّقِ عَنْ الْمَجْلِسِ، كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. 139 - الدَّفْعُ مِنْ غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَ 140 - أَحَدَ الْوَرَثَةِ. لَا يَنْتَصِبُ أَحَدٌ خَصْمًا عَنْ أَحَدٍ قَصْدًا بِغَيْرِ وَكَالَةٍ وَنِيَابَةٍ وَوِلَايَةٍ، إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: الْأُولَى: أَحَدُ الْوَرَثَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّيْنِ وَقَالَ: لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ؛ يُؤَجِّلُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ إلَى الْمَجْلِسِ الثَّانِي، وَلَا يَسْتَوْفِي مِنْهُ لِلْحَالِ وَالتَّقْدِيرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ الْقُضَاةَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ كَانُوا يَجْلِسُونَ فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. (137) قَوْلُهُ: لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِالدَّفْعِ، يَعْنِي وَيُمْهِلُ (138) قَوْلُهُ: أَقَرَّ بِالدَّيْنِ بَعْدَ الدَّعْوَى ثُمَّ ادَّعَى إيفَاءَهُ إلَخْ. فِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ: لَوْ ادَّعَى الْإِيفَاءَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ كِلَا الْقَوْلَيْنِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لَمْ تُقْبَلْ لِلتَّنَاقُضِ، وَإِنْ تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ، ثُمَّ ادَّعَاهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِيفَاءِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ تُقْبَلُ، لِعَدَمِ التَّنَاقُضِ. وَإِنْ ادَّعَى الْإِيفَاءَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ لَا تُقْبَلُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ (انْتَهَى) . قَيَّدَ بِدَعْوَى الْإِيفَاءِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ إذْ لَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَ الْإِنْكَارِ قُبِلَ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْحَقِّ قَدْ يَقْضِي وَيَبْرَأُ مِنْهُ (139) قَوْلُهُ: الدَّفْعُ مِنْ غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَ أَحَدَ الْوَرَثَةِ. بِأَنْ يُبَرْهِنَ الْوَارِثُ الْآخَرُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَالَ: أَنَا مُبْطِلٌ، تُسْمَعُ، لَكِنْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الدَّفْعَ يُسْمَعُ مِنْ الْبَائِعِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّ الْبَائِعَ مُدَّعًى عَلَيْهِ مَعْنًى يُرَدُّ الْوَارِثُ الْآخَرُ. كَذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لِلِاسْتِثْنَاءِ. (140) قَوْلُهُ: أَحَدُ الْوَرَثَةِ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِي إلَخْ. أَيْ يَقُومُ مَقَامَ جَمِيعِهِمْ فِيمَا يُسْتَحَقُّ لِلْمَيِّتِ وَعَلَيْهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ خَلَفٌ عَنْهُ إلَّا أَنَّهُ قَدْ لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ عِنْدَ

[تأخير القاضي الحكم بعد وجود شرائطه]

يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِي. الثَّانِيَةُ: أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِي. كَذَا حَرَّرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ عَنْ الْقُنْيَةِ 141 - لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي تَأْخِيرُ الْحُكْمِ بَعْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ: الْأُولَى: لِرَجَاءِ الصُّلْحِ بَيْنَ الْأَقَارِبِ. الثَّانِيَةُ: إذَا اسْتَمْهَلَ الْمُدَّعِي. الثَّالِثَةُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ رِيبَةٌ الْبَقَاءُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: الْأُولَى: ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُنَازَعَةِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَيْنًا أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ: ادَّعَى عَلَيْهِمَا أَنَّ الدَّارَ الَّتِي بِيَدِكُمَا مِلْكِي فَبَرْهَنَ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ بِيَدِ أَحَدِهِمَا بِإِرْثٍ يَكُونُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ حُكْمًا عَلَى الْغَائِبِ إذْ أَحَدُ الْوَرَثَةِ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَقِيَّةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كُلُّ الدَّارِ بِيَدِهِ لَا يَكُونُ هَذَا قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ بَلْ يَكُونُ قَضَاءً بِمَا فِي يَدِ الْحَاضِرِ عَلَى الْحَاضِرِ، وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِمَا أَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا شِرَاءً، لَا يَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى أَحَدِهِمَا الْحُكْمَ عَلَى الْآخَرِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ آخِرُ الرَّابِعِ: وَهَبَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ جَمِيعَ مَالِهِ أَوْ أَوْصَى بِهِ فَمَاتَ ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ، قِيلَ: تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ الْمَالُ. وَقِيلَ: يَجْعَلُ الْقَاضِي خَصْمًا عَنْهُ، وَيُسْمِعُ عَلَيْهِ بَيِّنَتَهُ فَظَهَرَ أَنَّ فِي إثْبَاتِ الدَّيْنِ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ مَالُ الْمَيِّتِ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ (انْتَهَى) . وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى بَعْدَ نَحْوِ وَرَقَتَيْنِ تَقْرِيبًا نَقْلًا عَنْ الْمُنْتَقَى: أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ عِنْدَ عَدَمِ الْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ يَكُونُ خَصْمًا لِمَنْ يَدَّعِي دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ (انْتَهَى) . وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي فِي بَابِ مَنْ يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ: خَيَّاطٌ عِنْدَهُ ثِيَابُ النَّاسِ غَابَ عَنْ الْبَلَدِ فَلِأَصْحَابِ الثِّيَابِ أَنْ يَطْلُبُوهَا مِنْ زَوْجَتِهِ. قَالَ الْأُوزْجَنْدِيّ إنْ كَانَ عَيَّنَ ثِيَابَهُمْ عِنْدَهَا فَلَهُمْ الطَّلَبُ وَالْأَخْذُ (انْتَهَى) . فَيُزَادُ مَا ذُكِرَ عَلَى مَا اسْتَثْنَاهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ [تَأْخِيرُ الْقَاضِي الْحُكْم بَعْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهِ] (141) قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي تَأْخِيرُ الْحُكْمِ بَعْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهِ. اعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي الْحُكْمُ بِمُقْتَضَى الدَّعْوَى عِنْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَى سَبِيلِ الْفَوْرِ فَلَوْ أَخَّرَ أَثِمَ لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ، وَهُوَ قَضَاؤُهُ بِهَا، وَيُعْزَلُ وَيُعَزَّرُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي سَيْفِ الْقُضَاةِ عَلَى

[البقاء أسهل من الابتداء إلا في مسألتين]

إذَا فَسَقَ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ، وَإِذَا وَلَّى فَاسِقًا يَصِحُّ وَهُوَ قَوْلُ الْبَعْضِ، 143 - وَجَوَابُهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ. الثَّانِيَةُ: 144 - الْإِذْنُ لِلْآبِقِ صَحِيحٌ، وَإِذَا أَبَقَ الْمَأْذُونُ صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ. ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْقَضَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبُغَاةِ: يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي الْحُكْمُ بِمُقْتَضَى الدَّعْوَى عِنْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا فَوْرًا حَتَّى لَوْ أَخَّرَ الْحُكْمَ بِلَا عُذْرٍ عَمْدًا. قَالُوا: إنَّهُ يَكْفُرُ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَرَهُ وَاجِبًا. وَبِهِ قَيَّدَ ابْنُ الْمَلَكِ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، إذْ لَا وَجْهَ لِلْإِكْفَارِ بِدُونِ هَذَا الْقَيْدِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: وَلَا يَتِمُّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِكْفَارِ إلَّا إذَا أُرِيدَ بِالْوَاجِبِ الْفَرْضُ إذْ مُنْكِرُ الْوَاجِبِ لَا يَكْفُرُ [الْبَقَاءُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ] (142) قَوْلُهُ: إذَا فَسَقَ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ إلَخْ. اعْلَمْ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا كَانَ عَدْلًا فَفَسَقَ، قِيلَ: يَنْعَزِلُ؛ لِأَنَّ عَدَالَتَهُ فِي مَعْنَى الْمَشْرُوطَةِ فِي وِلَايَتِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ وَلَّاهُ عَدْلًا اعْتَمَدَ عَدَالَتَهُ فَكَانَتْ وِلَايَتُهُ مُقَيَّدَةً بِعَدَالَتِهِ فَتَزُولُ بِزَوَالِهَا. وَقِيلَ: لَا يَنْعَزِلُ. (143) قَوْلُهُ: وَجَوَابُهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ. الْمُرَادُ بِالْجَوَابِ تَوْجِيهُ قَوْلِ ذَلِكَ الْبَعْضِ. (144) قَوْلُهُ: الْإِذْنُ لِلْآبِقِ صَحِيحٌ إلَخْ. قِيلَ لَا يَخْفَى أَنَّ اللَّازِمَ مِنْ صِحَّةِ الْإِذْنِ لِلْآبِقِ وَحَجْرِ الْمَأْذُونِ بِطُرُوِّ إبَاقِهِ كَوْنُ الْبَقَاءِ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ كَمَا تَرَى فَمَا وَجْهُ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ؟ فَتَدَبَّرْ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ بِنَاءَ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّ الْبِنَاءَ وَالِابْتِدَاءَ صِفَتَانِ لِلْإِذْنِ لَا لِلْإِبَاقِ وَإِنْ اشْتَمَلَ أَيْضًا عَلَى بَقَاءٍ وَابْتِدَاءٍ حَيْثُ كَانَ الْآبِقُ مَأْذُونًا بِالْإِذْنِ الطَّارِي وَالْمَأْذُونُ مَحْجُورٌ بِالْإِبَاقِ الطَّارِئ، لَزِمَ كَوْنُ الْبَقَاءِ شَرًّا مِنْ الِابْتِدَاءِ الْأَسْهَلِ مِنْهُ فَصَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْإِذْنِ جَامِعٌ لِلْإِبَاقِ، وَلَمْ يُفَارِقْهُ وَأَنَّ بَقَاءَ الْإِذْنِ نَافَاهُ، وَلَمْ يُجَامِعْهُ وَقَدْ تَعَارَضَ بِمِثْلِهِ، فَيُقَالُ: حَيْثُ أَثَّرَ الْإِذْنُ الطَّارِئ، وَصَارَ الْآبِقُ مَأْذُونًا وَزَالَ الْإِذْنُ الْبَاقِي بِطُرُوِّ الْإِبَاقِ كَانَ بَقَاءُ الْإِذْنِ أَسْهَلَ مِنْ ابْتِدَائِهِ إذْ الزَّائِلُ الَّذِي زَالَ أَثَرُهُ بِزَوَالِهِ أَسْهَلُ مِنْ الطَّارِئ الَّذِي ثَبَتَ أَثَرُهُ بِطُرُوئِهِ

[من عمل إقراره قبلت بينته ومن لا فلا]

مَنْ عُمِلَ إقْرَارُهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَمَنْ لَا فَلَا، 146 - إلَّا إذَا ادَّعَى إرْثًا أَوْ نَفَقَةً أَوْ حَضَانَةً 147 - فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخُوهُ، أَوْ جَدُّهُ، أَوْ ابْنُهُ، أَوْ ابْنُ ابْنِهِ، لَا تُقْبَلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَنْ عُمِلَ إقْرَارُهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَمَنْ لَا فَلَا] قَوْلُهُ: مَنْ عُمِلَ إقْرَارُهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَمَنْ لَا فَلَا. أَصْلُ هَذَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تَثْبُتُ إلَّا مِنْ خَصْمٍ عَلَى خَصْمٍ، وَإِنَّ كَوْنَ الْمُدَّعِي خَصْمًا أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مِمَّا يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِهِ وَيَلْزَمُهُ وَيَثْبُتُ بِتَصَادُقِهِمَا فَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ فِيهِ، كَإِقْرَارِ الرَّجُلِ وَبِالْوَالِدَيْنِ وَالْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ وَالْمَوْلَى وَكَذَا الْمَرْأَةِ إلَّا فِي الْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِهِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَالْإِقْرَارِ بِالْعَمِّ وَالْأَخِ وَالْجَدِّ وَابْنِ الِابْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِخَصْمٍ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ بِعَيْنِهِ فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مِمَّا يَلْزَمُهُ بِإِقْرَارِهِ وَيَثْبُتُ بِتَصَادُقِهِمَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ يَخُصُّهُ، وَأَنَّهُ حَقُّ الْمُدَّعِي فَيُنْتَصَبُ خَصْمًا، وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْخَصْمِ مَقْبُولَةٌ، وَإِذَا كَانَ مِمَّا لَا يَلْزَمُهُ بِإِقْرَارِهِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ فَلَا يُنْتَصَبُ خَصْمًا. (146) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا ادَّعَى إرْثًا أَوْ نَفَقَةً أَوْ حَضَانَةً. اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ عُمِلَ إقْرَارُهُ إلَخْ. يَعْنِي فِي هَذِهِ الصُّوَرِ لَا يُعْمَلُ الْإِقْرَارُ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ. وَصُورَةُ الْأُرَثِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ أَنْتَ أَخِي وَمَاتَ أَبُوك وَتَرْكَ مَالًا فِي يَدِك، وَهُوَ مِيرَاثٌ بَيْنِي وَبَيْنَك، تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْمَلْ إقْرَارُهُ. وَصُورَةُ النَّفَقَةِ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ أَخُوهُ، وَيَطْلُبَ مِنْ الْقَاضِي فَرْضَ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الْأُخُوَّةِ. وَصُورَةُ الْحَضَانَةِ: رَجُلٌ الْتَقَطَ صَغِيرًا لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَأَقَامَتْ امْرَأَةٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَخُوهَا يُدْفَعُ إلَيْهَا وَيُحْكَمُ بِالْأُخُوَّةِ؛ لِأَنَّهَا ادَّعَتْ حَقًّا عَلَى الْحَاضِرِ وَهُوَ الِانْتِزَاعُ مِنْ يَدِهِ بِسَبَبِ الْحَضَانَةِ لِكَوْنِهَا أَحَقَّ بِهَا مِنْهُ، وَلَا يُتَوَصَّلُ إلَى ذَلِكَ الْحَقِّ إلَّا بِإِثْبَاتِ الْأُبُوَّةِ فَانْتَصَبَ الْمُلْتَقِطُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ (147) قَوْلُهُ: فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخُوهُ إلَخْ. تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: مَنْ عُمِلَ إقْرَارُهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ إلَخْ. وَإِنَّمَا لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهَا قَامَتْ عَلَى غَائِبٍ لَيْسَ عَنْهُ خَصْمٌ لَا قَصْدًا وَلَا حُكْمًا، أَمَّا قَصْدًا؛ فَلِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ بِوَكِيلٍ وَلَا وَصِيٍّ، وَأَمَّا حُكْمًا؛ فَلِأَنَّهُ لَا حَقَّ يَقْضِي بِهِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيَصِيرَ ثُبُوتُ النَّسَبِ مِنْ الْغَائِبِ تَابِعًا لِذَلِكَ الْحَقِّ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ إنَّمَا يَصِيرُ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ فِيمَا يَقْبَلُ الِانْتِقَالَ إلَيْهِ، وَهُوَ دَعْوَى الْمَالِ وَالْحُقُوقِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْمَالِ أَمَّا مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ خَصْمًا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الِانْتِقَالَ إلَيْهِ حَتَّى

[شهادة كافر على مسلم]

بِخِلَافِ الْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ 149 - وَالزَّوْجِيَّةِ 150 - وَالْوَلَاءِ بِنَوْعَيْهِ. 151 - وَكَذَا مُعْتَقُ أَبِيهِ، وَهُوَ مِنْ مَوَالِيهِ. وَتَمَامُهُ فِي بَابِ دَعْوَةِ النَّسَبِ مِنْ الْجَامِعِ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ إلَّا تَبَعًا أَوْ ضَرُورَةً. فَالْأَوْلَى إثْبَاتُ 152 - تَوْكِيلِ كَافِرٍ كَافِرًا بِكَافِرَيْنِ بِكُلِّ حَقٍّ لَهُ بِالْكُوفَةِ عَلَى خَصْمٍ كَافِرٍ فَيَتَعَدَّى إلَى خَصْمٍ مُسْلِمٍ آخَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَوْ ادَّعَى حَقًّا مِنْ الْحُقُوقِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ مَا يَدَّعِيه عَلَى الْغَائِبِ سَبَبٌ لِمَا يَدَّعِيه عَلَى الْحَاضِرِ فَانْتَصَبَ خَصْمًا لِذَلِكَ. (148) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ. فَإِنَّهُ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ حَقًّا آخَرَ مَعَ النَّسَبِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَاقِعَةٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِفَائِدَةٍ فِي الْحَالِ أَوْ فِي الْمَآلِ (149) قَوْلُهُ: وَالزَّوْجِيَّةِ. بِأَنْ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا أَوْ ادَّعَتْ هِيَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ حَقٌّ مَقْصُودٌ لِكَوْنِهَا مَنَاطُ الْمَصَالِحِ، وَهِيَ تَتَعَلَّقُ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ (150) قَوْلُهُ: وَالْوَلَاءِ بِنَوْعَيْهِ، أَيْ دَعْوَى الْوَلَاءِ مِنْ الْأَعْلَى بِأَنْ يَقُولَ لِرَجُلٍ: كُنْت عَبْدِي فَأَعْتَقْتُك وَوَلَائِك لِي. وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْأَسْفَلَ بِأَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: كُنْتُ عَبْدُك فَأَعْتَقَتْنِي، وَأَنَا مَوْلَاك. وَقَوْلُهُ: بِنَوْعَيْهِ يُرِيدُ بِهِ وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ وَوَلَاءَ الْمُوَالَاةِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى فِيهِمَا وَاحِدٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْوَلَاءَ حَقٌّ مَقْصُودٌ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ بِإِقْرَارِهِ. فَاخْتِصَاصُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ بِمَنْزِلَةِ النَّسَبِ. (151) قَوْلُهُ: وَكَذَا مُعْتَقُ أَبِيهِ، وَهُوَ مِنْ مَوَالِيهِ إلَخْ. بِأَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: أَبُوك كَانَ عَبْدُ أَبِي أَعْتَقَهُ وَأَنْتَ عَتِيقُ أَبِي وَوَلَائِك لِي، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تُقْبَلُ اسْتِحْسَانًا [شَهَادَةُ كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ] (152) قَوْلُهُ: تَوْكِيلُ كَافِرٍ كَافِرًا بِكَافِرَيْنِ إلَخْ. يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ أَحْضَرَ

وَكَذَا شَهَادَتُهُمَا عَلَى عَبْدٍ كَافِرٍ بِدَيْنٍ وَمَوْلَاهُ مُسْلِمٌ، 154 - وَكَذَا شَهَادَتُهُمَا عَلَى وَكِيلٍ كَافِرٍ مُوَكِّلُهُ مُسْلِمٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِكَوْنِهَا شَهَادَةً عَلَى الْمُسْلِمِ قَصْدًا، وَفِيمَا سَبَقَ ضِمْنًا. وَالثَّانِي فِي مَسْأَلَتَيْنِ: 155 - فِي الْإِيصَاءِ شَهِدَ كَافِرَانِ عَلَى كَافِرٍ أَنَّهُ أَوْصَى إلَى كَافِرٍ، وَأَحْضَرَ مُسْلِمًا عَلَيْهِ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ، وَفِي النَّسَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQغَرِيمًا ذِمِّيًّا أَوَّلًا فَأَنْكَرَ الْوَكَالَةَ فَأَقَامَ الذِّمِّيَّيْنِ فَشَهِدَا بِهَا، وَثَبَتَتْ الْوَكَالَةُ بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ أَحْضَرَ بَعْدَهُ غَرِيمًا مُسْلِمًا فَإِنَّ دَعْوَاهُ تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ بِشَهَادَةِ ذَيْنِك الذِّمِّيَّيْنِ؛ لِأَنَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةً عَلَى الْمُسْلِمِ لَكِنَّهَا تَثْبُتُ ضِمْنًا وَتَبَعًا لِلشَّهَادَةِ عَلَى الذِّمِّيِّ (153) قَوْلُهُ: وَكَذَا شَهَادَتُهُمَا عَلَى عَبْدٍ كَافِرٍ بِدَيْنٍ إلَخْ. نَظِيرٌ لِقَبُولِ شَهَادَةِ الذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ تَبَعًا وَلَا مُتَابَعَةَ قَصْدًا. بَيَانُ ذَلِكَ لَوْ كَانَ لِمُسْلِمٍ عَبْدٌ نَصْرَانِيٌّ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ نَصْرَانِيَّانِ بِدَيْنٍ قُبِلَتْ. وَيَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ حَتَّى يُبَاعَ فِي الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ فِي الدَّيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ؛ وَلِهَذَا يُقْضَى عَلَيْهِ مَعَ غَيْبَةِ الْمَوْلَى فَالضَّرَرُ وَإِنْ لَحِقَ الْمَوْلَى بِشَهَادَةِ النَّصْرَانِيِّينَ لَكِنَّهُ ثَبَتَ ضِمْنًا لِلشَّهَادَةِ بِالدَّيْنِ (154) قَوْلُهُ: وَكَذَا شَهَادَتُهُمَا عَلَى وَكِيلٍ كَافِرٍ مُوَكِّلُهُ مُسْلِمٌ إلَخْ. يَعْنِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِقِيَامِهَا عَلَى الْمُسْلِمِ ضِمْنًا (155) قَوْلُهُ: شَهِدَ كَافِرَانِ عَلَى كَافِرٍ أَنَّهُ أَوْصَى إلَى كَافِرٍ إلَخْ. فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلشَّيْخِ فَخْرِ الدِّينِ عُثْمَانَ الْمَارْدِينِيِّ: وَلَوْ ادَّعَى مُسْلِمٌ أَنَّ فُلَانَ الذِّمِّيِّ أَوْصَى إلَيْهِ وَأَحْضَرَ غَرِيمًا مُسْلِمًا لِلْمُوصِي عَلَيْهِ حَقٌّ، وَهُوَ مُقِرٌّ لَكِنَّهُ يُنْكِرُ الْمَوْتَ وَالْإِيصَاءَ فَأَقَامَ الْوَصِيُّ الذِّمِّيَّيْنِ فَشَهِدَا بِالْمَوْتِ وَالْوَصِيَّةِ تُقْبَلُ اسْتِحْسَانًا مَعَ كَوْنِهَا شَهَادَةً عَلَى الْمُسْلِمِ قَصْدًا بِخِلَافِ مَا إذَا حَضَرَ مُسْلِمٌ عِنْد الْقَاضِي، وَقَالَ: إنَّ فُلَانَ الذِّمِّيَّ وَكَّلَنِي بِقَبْضِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ بِالْكُوفَةِ وَبِالْخُصُومَةِ فِيهِ، وَأُحْضِرَ غَرِيمًا مُسْلِمًا لِمُوَكَّلِهِ عَلَيْهِ حَقٌّ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكَالَتْهُ فَأَقَامَ ذِمِّيَّيْنِ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ الْوَكَالَة لَا تُقْبَلُ شَهَادَتهمَا؛ لِأَنَّهَا شَهَادَة الذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ قَصْدًا وَالْفَرْقُ إنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَقَعُ غَالِبًا عِنْدَ الْمَوْتِ وَذَلِكَ فِي مَنَازِلِهِمْ وَالْمُسْلِمُونَ لَا يُخَالِطُونَهُمْ فِيهَا فَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ لَضَاعَتْ حُقُوقُهُمْ. وَهِيَ مَعْصُومَةٌ بِعِقْدِ الذِّمَّةِ

[قضاء القاضي لنفسه]

شَهِدَ أَنَّ النَّصْرَانِيَّ ابْنُ الْمَيِّتِ فَادَّعَى عَلَى مُسْلِمٍ بِحَقٍّ. وَتَمَامُهُ فِي شَهَادَاتِ الْجَامِعِ. لَا يَقْضِي الْقَاضِي لِنَفْسِهِ، وَلَا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ 157 - إلَّا فِي الْوَصِيَّةِ. أَوْ كَانَ الْقَاضِي غَرِيمَ مَيِّتٍ فَأَثْبَتَ أَنَّ فُلَانًا وَصِيُّهُ صَحَّ، وَبَرِئَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ امْتَنَعَ الْقَضَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَتُقْبَلُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ فِي الْوِلَادَةِ. أَمَّا الْوَكَالَةُ فَإِنَّهَا فِي الْغَالِبِ تَقَعُ فِي حَالَةِ الْخُرُوجِ وَمُخَالَطَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا ضَرُورَةَ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (156) قَوْلُهُ: شَهِدَ أَنَّ النَّصْرَانِيَّ ابْنُ الْمَيِّتِ إلَخْ. يَعْنِي أَنَّ النَّصْرَانِيَّ لَوْ حَضَرَ وَادَّعَى أَنَّ فُلَانَ النَّصْرَانِيَّ مَاتَ، وَأَنَّهُ ابْنُهُ وَوَارِثُهُ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ، وَأَحْضَرَ غَرِيمًا مُسْلِمًا فَأَنْكَرَ الْبُنُوَّةَ فَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ ذِمِّيَّيْنِ لَا تُقْبَلُ قِيَاسًا؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِ قَصْدًا وَتُقْبَلُ اسْتِحْسَانًا لِلضَّرُورَةِ. وَبَيَانُهَا أَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالنِّكَاحِ وَالْوِلَادَةِ، وَالْمُسْلِمُونَ لَا يُحْضِرُونَهُمْ فِيهِمَا فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى قَبُولِهَا صِيَانَةً لِحُقُوقِهِمْ [قَضَاء الْقَاضِي لِنَفْسِهِ] (157) قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْوَصِيَّةِ أَوْ كَانَ الْقَاضِي غَرِيمَ مَيِّتٍ إلَخْ. يَعْنِي: رَجُلٌ لَهُ عَلَى الْقَاضِي دَيْنٌ أَوْ عَلَى بَعْضِ أَقَارِبِهِ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَاضِي لَهُ، فَمَاتَ رَبُّ الدَّيْنِ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ وَصِيُّ الْمَيِّتِ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي الْمَدْيُونِ فَقَضَى بِوِصَايَتِهِ جَازَ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ صَلَحَ شَاهِدًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَيَصْلُحُ قَاضِيًا. دَلَّ عَلَى أَنَّ الْغَرِيمَيْنِ اللَّذَيْنِ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ لَوْ شَهِدَا بِالْوَصِيَّةِ لِرَجُلٍ وَالْمَوْتُ ظَاهِرٌ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، فَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الدَّيْنَ الَّذِي لِلْمَيِّتِ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِوِصَايَتِهِ صَحَّ الدَّفْعُ، وَبَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ لِدَفْعِهِ إلَى وَصِيِّ الْمَيِّتِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْقَاضِي دَفَعَ الدَّيْنَ أَوَّلًا إلَى رَجُلٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ وَصِيُّ الْمَيِّتِ ثُمَّ شَهِدَ الشُّهُودُ عِنْدَهُ بِوِصَايَةِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ فَقَضَى بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، وَإِذَا لَمْ يَنْفُذْ قَضَاؤُهُ لَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ لَا يَصْلُحُ شَاهِدًا لِهَذَا الرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ لِنَفْسِهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُثْبِتُ بَرَاءَتَهُ مِنْ الدَّيْنِ وَشَهَادَةُ الْمَرْءِ لِنَفْسِهِ لَا تُقْبَلُ. فَكَذَا قَضَاؤُهُ حَتَّى لَوْ عُزِلَ هَذَا الْقَاضِي أَوْ مَاتَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ الثَّانِي يُبْطِلُ الْقَضَاءَ الْأَوَّلَ وَلَا يَجْعَلُ ذَلِكَ

وَبِخِلَافِ الْوَكَالَةِ عَنْ غَائِبٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِهَا إذَا كَانَ الْقَاضِي مَدْيُونُ الْغَائِبِ، سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدَّفْعِ أَوْ بَعْدَهُ. وَتَمَامُهُ فِي قَضَاءِ الْجَامِعِ. أَمِينُ الْقَاضِي كَالْقَاضِي لَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْوَصِيِّ فَإِنَّهُ تَلْحَقُهُ الْعُهْدَةُ وَلَوْ كَانَ وَصِيَّ الْقَاضِي، فَبَيْن وَصِيِّ الْقَاضِي وَأَمِينِهِ فَرْقٌ مِنْ هَذِهِ، وَمَنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْقَاضِيَ مَحْجُورٌ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَعَ وُجُودِ وَصِيٍّ لَهُ وَلَوْ مَنْصُوبُ الْقَاضِي، بِخِلَافِهِ مَعَ أَمِينِهِ وَهُوَ مَنْ يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي: جَعَلْتُك أَمِينًا فِي بَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا قَالَ: بِعْ هَذَا الْعَبْدَ وَلَمْ يَزِدْ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ أَمِينُهُ فَلَا تَلْحَقُهُ عُهْدَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَدْفُوعَ إلَيْهِ وَصِيًّا، وَلَا يَبْرَأُ الْقَاضِي وَلَا قَرِيبُهُ مِنْ الدَّيْنِ. وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ سَقَطَ مَا قِيلَ: لَعَلَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ، وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى الْقَاضِي وَدَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ غَائِبٍ عَنْ الْبَلَدِ فَأَرَادَ وَرَثَتُهُ إثْبَاتَ وَكَالَةِ شَخْصٍ عَنْ الْغَائِبِ الْمَذْكُورِ لِيَدَّعُوا عَلَيْهِمْ بِمَالِ مُوَرِّثِهِمْ عَلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ، فَإِنَّ الْقَاضِي الْمَذْكُورَ لَيْسَ لَهُ إثْبَاتُ هَذِهِ الْوَكَالَةِ سَوَاءٌ دَفَعَ مَا عَلَيْهِ إلَى الْوَرَثَةِ أَمْ لَا لِقِيَامِ التُّهْمَةِ (158) قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ الْوَكَالَةِ عَنْ غَائِبٍ إلَخْ. يَعْنِي لَوْ غَابَ رَبُّ الدَّيْنِ فَجَاءَ رَجُلٌ، وَادَّعَى أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي قَبْضِ دُيُونِهِ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي الْمَدْيُونِ فَقَضَى بِوَكَالَتِهِ. ثُمَّ قَضَاهُ الدَّيْنَ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَهِدَ بِالْوَكَالَةِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ فَكَذَا قَضَاؤُهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَصِيِّ أَنَّ الْقَاضِيَ يَمْلِكُ نَصْبَهُ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ. لِانْقِطَاعِ الرَّجَاءِ عَنْ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا فِي هَذَا الْقَضَاءِ. وَلَا يَمْلِكُ نَصْبَ الْوَكِيلِ عَنْ الْغَائِبِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ إلَيْهِ لِوُجُودِ رَجَاءِ حُضُورِهِ فَلَوْ قَضَى بِوَكَالَتِهِ وَقَضَى بِالدَّيْنِ ثُمَّ رَفَعَ ذَلِكَ إلَى قَاضٍ آخَرَ يَرَاهُ جَائِزًا، وَنَفَذَهُ جَازَ تَنَفُّذُهُ حَتَّى لَوْ رَفَعَهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ يَرَى الْقَضَاءَ لِلْأَوَّلِ بَاطِلًا، فَإِنَّهُ يُجِيزُ تَنْفِيذَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ قَضَى فِي مَحَلٍّ يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ إذْ التَّوْكِيلُ بِمَنْزِلَةِ الْإِيصَاءِ بِجَامِعِ الْإِقَامَةِ غَيْرَ أَنَّ الْوَكَالَةَ إقَامَةٌ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالْوَصِيَّةُ بَعْدَهُ

وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ، 160 - وَصَحَّحَ الْبَزَّازِيُّ مِنْ الْوَكَالَةِ أَنَّهُ تَلْحَقُهُ الْعُهْدَةُ فَلْيُرَاجَعْ. يَنْصِبُ الْقَاضِي وَصِيًّا فِي مَوَاضِعَ 161 - إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ لَهُ. 162 - أَوْ لِتَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ، وَفِيمَا إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ صَغِيرٌ، وَفِيمَا إذَا اشْتَرَى مِنْ مُورِثِهِ شَيْئًا وَأَرَادَ رَدَّهُ بِعَيْبٍ بَعْدَ مَوْتِهِ، 163 - وَفِيمَا إذَا كَانَ أَبُ الصَّغِيرِ مُسْرِفًا مُبَذِّرًا فَيَنْصِبُهُ لِلْحِفْظِ. 164 - وَذَكَرَ فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ مَوْضِعًا آخَرَ يَنْصِبُهُ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (159) قَوْلُهُ: وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ. أَيْ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَوْ بَاعَ الْقَاضِي أَوْ أَمِينُهُ عَبْدًا لِلْغُرَمَاءِ. (160) قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ الْبَزَّازِيُّ مِنْ الْوَكَالَةِ أَنَّهُ تَلْحَقُهُ الْعُهْدَةُ. يَعْنِي فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ، لَا فِي مَسْأَلَةِ جَعَلْتُك أَمِينًا فِي بَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ، قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الَّذِي فِي نُسْخَتِي الْمُصَحَّحَةِ أَنَّهُ لَا تَلْحَقُهُ، وَذَكَرَ بَعْدَهُ مَا يُؤَيِّدُهُ (161) قَوْلُهُ: إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ إلَخْ. قِيلَ: لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ كَانَ نَصْبُ الْوَصِيِّ مُفِيدًا لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكْتُمَ الْوَرَثَةُ التَّرِكَةَ وَلَا يُوَفُّوا دَيْنَهُ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُ فَلَا يَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: فَائِدَتُهُ تَنْفِيذُ وَصَايَاهُ مِنْهُ لِجَوَازِ أَنْ لَا يُنَفِّذُوا. (162) قَوْلُهُ: أَوْ لِتَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ. عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: عَلَى الْمَيِّتِ. وَالتَّقْدِيرُ يَنْصِبُ الْقَاضِي وَصِيًّا إذَا كَانَ النَّصْبُ لِتَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ. (163) قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا كَانَ أَبُ الصَّغِيرِ مُسْرِفًا. يَعْنِي وَمَاتَ لِلصَّغِيرِ مُوَرِّثٌ كَأُمِّهِ مَثَلًا. (164) قَوْلُهُ: وَذَكَرَ فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ مَوْضِعًا آخَرَ إلَخْ. وَهُوَ ضَيْعَةٌ بَيْنَ خَمْسَةِ وَرَثَةٍ وَوَاحِدٍ، مِنْهُمْ صَغِيرٌ وَاثْنَانِ غَائِبَانِ، وَاثْنَانِ حَاضِرَانِ، فَاشْتَرَى رَجُلٌ نَصِيبَ أَحَدِ الْحَاضِرِينَ فَطَلَبَ شَرِيكُ الْحَاضِرِ الْقِسْمَةَ عِنْدَ الْقَاضِي، وَأَخْبَرَهُ بِالْقَضِيَّةِ فَيَأْمُرُ الْقَاضِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQشَرِيكَهُ بِالْقِسْمَةِ وَيَجْعَلُ وَكِيلًا عَنْ الْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي قَامَ مَقَامَ الْبَائِعِ، وَكَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَ شَرِيكَهُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الشَّرِكَةِ كَانَ مِيرَاثًا، وَالْعِبْرَةُ لِلْأَصْلِ، لِمَا قُلْنَا. أَقُولُ يُزَادُ عَلَى مَا ذُكِرَ مَا إذَا اشْتَرَى الْأَبُ شَيْئًا مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا يَنْصِبُ الْقَاضِي وَصِيًّا حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ. كَذَا أَجَابَ الْقَاضِي الْإِمَامُ وَيُزَادُ أَيْضًا مَا إذَا كَانَ لِلصَّغِيرِ أَبٌ غَائِبٌ وَاحْتِيجَ إلَى إثْبَاتِ حَقٍّ لِلصَّغِيرِ، إنْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ مُنْقَطِعَةً وَإِلَّا فَلَا. وَهُمَا فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى. وَيُزَادُ أَيْضًا مَا إذَا ادَّعَى شَخْصٌ دَيْنًا فِي تَرِكَةٍ، وَكُلُّ الْوَرَثَةِ كِبَارٌ غُيَّبٌ، إنْ كَانَ الْبَلَدُ الَّذِي فِيهِ الْوَرَثَةُ مُنْقَطِعًا عَنْ بَلَدِ الْمُتَوَفَّى لَا يَأْتِي وَلَا تَذْهَبُ الْقَافِلَةُ إلَيْهِ نَصَبَ الْقَاضِي وَصِيًّا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْقَطِعًا لَا يَنْصِبُ، كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. فِي التَّاسِعِ مِنْ أَدَبِ الْقَاضِي، وَيُزَادُ أَيْضًا مَا لَوْ قَالَ الْوَارِثُ: أَنَا لَا أَقْضِي الدَّيْنَ وَلَا أَبِيعُ التَّرِكَةَ بَلْ أُسَلِّمُ التَّرِكَةَ إلَى الدَّائِنِ، نَصَبَ الْقَاضِي مَنْ يَبِيعُ التَّرِكَةَ. كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا فِي التَّاسِعِ: وَيُزَاد أَيْضًا مَا لَوْ مَاتَ عَنْ عُرُوضٍ وَعَقَارٍ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَامْتَنَعَ الْوَرَثَةُ الْكِبَارُ عَنْ الْبَيْعِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَقَالُوا لِرَبِّ الدَّيْنِ: سَلَّمْنَا التَّرِكَةَ إلَيْك، قِيلَ: يَنْصِبُ الْحَاكِمُ وَصِيًّا، وَقِيلَ لَا بَلْ يَأْمُرُ الْوَرَثَةَ بِالْبَيْعِ فَإِنْ امْتَنَعُوا حَبَسَهُمْ. كَالْعَدْلِ الْمُسَلَّطِ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ. وَإِذْ حَبَسَهُ، وَلَمْ يَبِعْ الْآن يَنْصِبُ وَصِيًّا أَوْ يَبِيعُ الْحَاكِمُ بِنَفْسِهِ. كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. فِي آخِرِ كِتَابِ الْوَصَايَا. وَيُزَادُ أَيْضًا مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ السَّادِسَ عَشَرَ: لَوْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ فَأَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يَرْجِعَ بِثَمَنِهِ، وَقَدْ مَاتَ بَائِعُهُ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَالْقَاضِي يَنْصِبُ عَنْهُ وَصِيًّا لِيَرْجِعَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ، وَظَهَرَ الْمَبِيعُ حُرًّا وَقَدْ مَاتَ بَائِعُهُ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا، وَلَا وَارِثًا وَلَا وَصِيًّا، غَيْرَ أَنَّ بَائِعَ الْمَيِّتِ حَاضِرٌ يَجْعَلُ الْقَاضِي لِلْمَيِّتِ وَصِيًّا فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ وَصِيُّ الْمَيِّتِ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِ الْمَيِّتِ (انْتَهَى) . وَيُزَادُ أَيْضًا مَا فِي الْقُنْيَةِ فِي آخِرِ بَابٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِجَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: وَإنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ أَخْرَسَ أَوْ أَصَمَّ أَوْ أَعْمَى فَالْقَاضِي يَنْصِبُ عَنْهُ وَصِيًّا وَيَأْمُرُ الْمُدَّعِي بِالْخُصُومَةِ مَعَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ أَوْ جَدٌّ أَوْ وَصِيٌّ (انْتَهَى) . وَيُزَادُ أَيْضًا مَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ شَرَى وَكِيلُهُ شَيْئًا فَمَاتَ فَلِمُوَكِّلِهِ رَدُّهُ بِعَيْبٍ، وَقِيلَ حَقُّ الرَّدِّ لِوَارِثِهِ أَوْ لِوَصِيِّهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فَلِمُوَكِّلِهِ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى الْقَاضِي يَنْصِبُ وَصِيًّا فَيَرُدُّهُ (انْتَهَى) . وَيُزَادُ أَيْضًا مَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ مَا لَوْ مَاتَ الْوَصِيُّ فَوِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ فِيمَا

[قبول القاضي الهدية]

وَطَرِيقُ نَصْبِهِ أَنْ يَشْهَدُوا عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ فُلَانًا مَاتَ وَلَمْ يَنْصِبْ وَصِيًّا، فَلَوْ نَصَبَهُ ثُمَّ ظَهَرَ لِلْمَيِّتِ وَصِيٌّ، فَالْوَصِيُّ وَصِيُّ الْمَيِّتِ، وَلَا يَلِي النَّصْبَ إلَّا قَاضِي الْقُضَاةِ وَالْمَأْمُورُ بِذَلِكَ. لَا يَقْبَلُ الْقَاضِي الْهَدِيَّةَ إلَّا مِنْ قَرِيبٍ مَحْرَمٍ، أَوْ مِمَّنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ، بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ، وَلَا خُصُومَةَ لَهُمَا. وَزِدْت مَوْضِعَيْنِ مِنْ تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ؛ 166 - مِنْ السُّلْطَانِ وَوَالِي الْبَلَدِ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ مَنْعَهَا إنَّمَا هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَاعَ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ لِوَرَثَةِ الْوَصِيِّ أَوْ لِوَصِيِّهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ نَصَبَ الْقَاضِي وَصِيًّا. وَيُزَادُ أَيْضًا مَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ التَّاسِعَ عَشَرَ: كَمَا لَوْ أَتَى بِالْمَالِ مُسْتَقْرِضُهُ فَاخْتَفَى مُقْرِضُهُ فَالْقَاضِي لَوْ نَصَبَ فِيمَا عَنْ الْمُقْرِضِ بِطَلَبِ الْمُسْتَقْرِضِ لِيَقْبِضَ الْمَالَ، وَيَفْسَخَ الْإِجَارَةَ يَنْفُذُ لِكَوْنِهِ مُجْتَهِدًا فِيهِ. وَيُزَادُ أَيْضًا مَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ: كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَدَيْنُهُ عَلَى الْكَفِيلِ فَتَغَيَّبَ الطَّالِبُ فِي الْغَدِ فَالْكَفِيلُ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي يَنْصِبُ وَكِيلًا عَنْ الطَّالِبِ وَسَلَّمَ إلَيْهِ الْمَكْفُولَ عَنْهُ يَبْرَأُ (انْتَهَى) . وَيُزَادُ أَيْضًا مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ مَاتَ، وَقَدْ أَوْصَى لِرَجُلٍ فَجَاءَ يَدَّعِي دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ، وَالْوَصِيُّ غَائِبٌ يَنْصِبُ الْقَاضِي خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ حَتَّى يُخَاصِمَ الْغَرِيمَ لِيَصِلَ إلَيْهِ حَقُّهُ (انْتَهَى) . وَيُزَادُ أَيْضًا: أَنَّ الْقَاضِيَ يَنْصِبُ وَصِيًّا عَنْ الْمَفْقُودِ لِحِفْظِ حُقُوقِهِ (165) قَوْلُهُ: وَطَرِيقُ نَصْبِهِ أَنْ يَشْهَدُوا عِنْدَ الْقَاضِي إلَخْ. هَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ نَصْبِ الْوَصِيِّ كَوْنُ الْوَصِيِّ فِي وِلَايَةِ الْقَاضِي أَمْ لَا؟ فِيهِ خِلَافٌ. وَلَوْ نَصَّبَ وَصِيًّا فِي تَرِكَةِ أَيْتَامٍ، وَهُمْ فِي وِلَايَتِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ بَعْضِ التَّرِكَةِ فِي وِلَايَتِهِ. قِيلَ: صَحَّ النَّصْبُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَيُعْتَبَرُ التَّظَلُّمُ وَالِاسْتِعْدَاءُ فَيَنْصِبُ وَصِيًّا فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ أَيْنَمَا كَانَتْ. وَقِيلَ: يَنْصِبُ فِيمَا فِي وِلَايَتِهِ مِنْ التَّرِكَةِ لَا فِي غَيْرِهِ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ النَّصْبِ كَوْنُ الْيَتِيمِ فِي وِلَايَتِهِ لَا كَوْنُ التَّرِكَةِ فِي وِلَايَتِهِ [قَبُول الْقَاضِي الْهَدِيَّةَ] (166) قَوْلُهُ: مِنْ السُّلْطَانِ إلَخْ. أَيْ الْهَدِيَّةُ مِنْ السُّلْطَانِ. أَقُولُ: عِبَارَةُ الْقَلَانِسِيِّ: وَلَا تُقْبَلُ الْهَدِيَّةُ إلَّا مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ أَوْ وَالٍ يَتَوَلَّى الْأَمْرَ مِنْهُ أَوْ وَالٍ مُقَدَّمِ الْوِلَايَةِ عَلَى الْقَاضِي (انْتَهَى) . وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ مِنْ الْوَالِي الَّذِي تَوَلَّى الْقَضَاءَ مِنْهُ، وَكَذَا

[قضاء القاضي لمن لا تقبل شهادته له]

لِلْخَوْفِ مِنْ مُرَاعَاتِهِ لِأَجْلِهَا، وَهُوَ أَنَّ رَاعِيَ الْمَلِكِ وَنَائِبَهُ لَمْ يُرَاعَ لِأَجْلِهَا. إذَا ثَبَتَ إفْلَاسُ الْمَحْبُوسِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَالسُّؤَالِ فَإِنَّهُ يُطْلَقُ بِلَا كَفِيلٍ 167 - إلَّا فِي مَالِ الْيَتِيمِ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَأَلْحَقْت بِهِ مَالَ الْوَقْفِ، 168 - وَفِيمَا إذَا كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ غَائِبًا. 169 - لَا يَجُوزُ قَضَاءُ الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ، إلَّا إذَا وَرَدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَقْبَلُهَا مِنْ وَالٍ مُقَدَّمٍ عَلَيْهِ فِي الرُّتْبَةِ. فَتَفْسِيرُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عِبَارَتَهُ بِالسُّلْطَانِ وَوَالِي الْبَلْدَةِ قُصُورٌ إذْ مَنْ يَتَوَلَّى الْأَمْرَ مِنْهُ فِي عُرْفِنَا الْآنَ هُوَ قَاضِي الْعَسْكَرِ لِقُضَاةِ الْأَقْطَابِ أَوْ قَاضِي الْعَسْكَرَيْنِ مَعَ الْوَزِيرِ الْأَعْظَمِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ قَبُولِ هَدِيَّتِهِمْ، أَوْ قَاضِي الْقُضَاةِ لِنُوَّابِهِ، وَالْمُقَدَّمِ عَلَيْهِ فِي الرُّتْبَةِ يَشْمَلُ الْقَاضِيَ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ أَوْ الْبَاشَا فَإِنَّهُمْ أَعْلَى رُتْبَةً مِنْ الْقُضَاةِ فِي قَانُونِهِمْ. وَإِنْ أَرَادَ بِوَالِي الْبَلَدِ مَا هُوَ فِي عُرْفِنَا مِنْ إطْلَاقِهِ عَلَى الصُّوبَاشِيِّ فَمَمْنُوعٌ فَتَأَمَّلْ (167) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَالِ الْيَتِيمِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: عِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْحَبْسِ، وَإِنَّمَا يُطْلِقُهُ إذَا أَطْلَقَهُ بِكَفِيلٍ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ كَفِيلًا لَا يُطْلِقُهُ، وَحَضْرَةُ الْخَصْمِ بَعْدَ الْكَفِيلِ لِلْإِطْلَاقِ لَيْسَ بِشَرْطٍ (انْتَهَى) . وَلَيْسَ فِيهِ تَقْيِيدٌ بِمَالِ الْيَتِيمِ أَوْ رَدٌّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمَ بَلْ عِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ بَعْدَ هَذَا الْفَرْعِ بِقَلِيلٍ. نَصُّهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ التَّقَيُّدِ، فَإِنَّهُ قَالَ: سَأَلَ الْقَاضِي عَنْ الْمَحْبُوسِ بَعْدَ مُدَّةٍ فَأَخْبَرَ بِالْإِعْسَارِ أَخَذَ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ، وَخَلَّاهُ إنْ كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ غَائِبًا. وَلَوْ لِمَيِّتٍ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ، وَلَهُ وَرَثَةٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ لَا يُطْلِقُهُ مِنْ الْحَبْسِ قَبْلَ الِاسْتِيثَاقِ بِكَفِيلٍ لِلصِّغَارِ (انْتَهَى) . فَهَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُ التَّقْيِيدَ بِمَالِ الْيَتِيمِ وَالْغَائِبِ وَإِنَّ اقْتِصَارَهُ عَلَى الْيَتِيمِ غَيْرُ جَيِّدٍ بَلْ الْغَائِبِ كَذَلِكَ. (168) قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ غَائِبًا. عَطْفٌ عَلَى فِي مَالِ الْيَتِيمِ [قَضَاءُ الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ] (169) قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ قَضَاءُ الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ إلَخْ. فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَمِمَّا يَجْرِي مَجْرَى الْقُضَاةِ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْحُكْمِ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ الْفَتْوَى فَيَنْبَغِي لِلْمُفْتِي الْهُرُوبُ مِنْ هَذَا مَتَى قَدَرَ (انْتَهَى) . يَعْنِي بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ مُفْتٍ غَيْرُهُ

[شاهد الزور إذا تاب]

عَلَيْهِ كِتَابُ قَاضٍ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْقَضَاءُ بِهِ. ذَكَرَهُ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لِلْقَاضِي أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الشُّهُودِ إلَّا فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ. 170 - قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ: حُكِيَ أَنَّ أُمَّ بِشْرٍ شَهِدَتْ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَقَالَ: فَرِّقُوا بَيْنَهُمَا. فَقَالَتْ لَيْسَ لَك ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: 282] فَسَكَتَ الْحَاكِمُ. شَاهِدُ الزُّورِ إذَا تَابَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ 171 - إلَّا إذَا كَانَ عَدْلًا عِنْدَ النَّاسِ لَمْ تُقْبَلْ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ حُكِيَ أَنَّ أُمَّ بِشْرٍ شَهِدَتْ عِنْدَ الْحَاكِمِ إلَخْ. فِي الطَّبَقَاتِ التَّاجِيَّةِ قُبَيْلَ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ أُمَّ الشَّافِعِيِّ شَهِدَتْ هِيَ وَأُمُّ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ عِنْدَ الْقَاضِي فَأَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا لِيَسْأَلَهُمَا مُنْفَرِدَتَيْنِ عَمَّا شَهِدَتَا بِهِ اسْتِفْسَارًا فَقَالَتْ لَهُ أُمُّ الشَّافِعِيِّ: أَيُّهَا الْقَاضِي لَيْسَ لَك؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: 282] فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا. قَالَ التَّاجُ السُّبْكِيُّ بَعْدَ نَقْلِ هَذِهِ الْحِكَايَةِ، وَهَذَا فَرْعٌ حَسَنٌ وَاسْتِنْبَاطٌ جَيِّدٌ وَمَنْزَعٌ غَرِيبٌ. وَالْمَعْرُوفُ فِي مَذْهَبِ وَلَدِهَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْحَاكِمَ إذَا ارْتَابَ بِالشُّهُودِ اسْتَحَبَّ لَهُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمْ. وَكَلَامُهَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - صَرِيحٌ فِي اسْتِثْنَاءِ النِّسَاءِ لِلْمَنْزَعِ الَّذِي ذَكَرَتْهُ. وَلَا بَأْسَ بِهِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: وَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ مِنْ الْحِكَايَةِ الْمَذْكُورَةِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي أَنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَنَا عَدَمُ التَّفْرِيقِ فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ إذَا ارْتَابَ الْقَاضِي [شَاهِدُ الزُّورِ إذَا تَابَ] (171) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ عَدْلًا عِنْدَ النَّاسِ لَمْ تُقْبَلْ إلَخْ. أَيْ تَوْبَتُهُ يَعْنِي فِي حَقِّ الشَّهَادَةِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِمَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْكَمَ بِعَدَمِ قَبُولِهَا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} [الشورى: 25] وَسَيَأْتِي قَرِيبًا عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّ شَاهِدَ الزُّورِ إذَا

[قضاء الأمير مع وجود قاضي البلد]

قَضَاءُ الْأَمِيرِ جَائِزٌ مَعَ وُجُودِ قَاضِي الْبَلَدِ 173 - إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مُوَلًّى مِنْ الْخَلِيفَةِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَابَ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ كَانَ عَدْلًا، وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْكَنْزِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى مَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ شَهِدَ زُورًا، وَالْمَسْتُورُ مِثْلُ الْعَدْلِ فِي ذَلِكَ [قَضَاءُ الْأَمِيرِ مَعَ وُجُودِ قَاضِي الْبَلَدِ] (172) قَوْلُهُ: قَضَاءُ الْأَمِيرِ جَائِزٌ مَعَ وُجُودِ قَاضِي الْبَلَدِ. يَعْنِي الَّذِي لَمْ يَكُنْ مَنْصُوبًا مِنْ قِبَلِ الْخَلِيفَةِ بَلْ مِنْ قِبَلِ الْأَمِيرِ بِأَنْ كَانَ مُفَوَّضًا لَهُ مِنْ قِبَلِ الْخَلِيفَةِ نَصْبَ الْقُضَاةِ. (173) قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مُوَلًّى مِنْ الْخَلِيفَةِ. الْمُرَادُ مِنْ الْخَلِيفَةِ الْوَالِي الَّذِي لَا وَالِيَ فَوْقَهُ. وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ قَضَاءَ أَمِيرِ مِصْرَ الْمُسَمَّى بِالْبَاشَاهْ مَعَ وُجُودِ قَاضِيهَا الْمُوَلَّى مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ غَيْرُ جَائِزٍ. وَأَمَّا التَّقْرِيرُ فِي الْوَظَائِفِ فَيَجُوزُ مَعَ وُجُودِ قَاضِيهِمَا كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الشَّمْسُ الْغَزِّيُّ الْمُلَقَّب بِشَيْخِ الشُّيُوخِ. فَلْيُحْفَظْ. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ الْحَادِي عَشَرَ، فِيمَا يَنْفُذُ الْقَضَاءُ وَفِيمَا لَا يَنْفُذُ: السُّلْطَانُ إذَا حَكَمَ بَيْنَ خَصْمَيْنِ، ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِيعِ، وَقَالَ: لَيْسَ لِمَنْ وَلِيَ الْحَرْبَ وَالْجَلْبَ مِنْ الْقَاضِي شَيْءٌ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلْقُضَاةِ. وَأَرَادَ بِالْجَلْبِ الرِّشْوَةَ. وَذَكَرَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ غَيْرِهِ إنَّمَا يَنْفُذُ؛ لِأَنَّهُ تَقَلَّدَ مِنْهُ فَلَأَنْ يَنْفُذَ قَضَاؤُهُ كَانَ أَوْلَى. وَفِيهَا مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي: أَنَّ الْأَمِيرَ إذَا تَوَلَّى الْقَضَاءَ إذَا كَانَ جَائِرًا لَمْ يَجُزْ حُكْمُهُ، وَيَجُوزُ حُكْمُ قَضَائِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي إلَّا بِالْحَقِّ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي تَوَلَّى عَنْهُ جَائِرًا (انْتَهَى) . وَفِي مُعِينِ الْحُكَّامِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِي وِلَايَةِ الْقَضَاءِ: وَمَرَاتِبُ الْوِلَايَاتِ الَّتِي تُفِيدُ أَهْلِيَّةَ الْقَضَاءِ مَا نَصُّهُ: النَّوْعُ الثَّالِثُ: الْإِمَارَةُ، وَهِيَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ كَالْمُلُوكِ مَعَ الْخُلَفَاءِ فِي الْإِمَارَةِ عَلَى بَعْضِ الْأَقَالِيمِ، وَهَذِهِ صَرِيحَةٌ فِي إفَادَةِ أَهْلِيَّةِ الْقَضَاءِ إذَا صَادَفَتْ الْوِلَايَةُ أَهْلَهَا وَمَحَلَّهَا مِنْ الْعِلْمِ، وَتَشْمَلُ أَهْلِيَّةَ السِّيَاسَةِ وَتَدْبِيرَ الْجُيُوشِ وَقَسْمَ الْغَنَائِمِ وَأَمْوَالَ بَيْتِ الْمَالِ. وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْأَمِيرُ مُؤَمَّرًا لَكِنَّهُ لَمْ يُفَوَّضْ إلَيْهِ الْحُكُومَةُ مَعَ الْإِمَارَةِ وَإِنْ فُوِّضَتْ إلَيْهِ الْحُكُومَةُ مَضَى حُكْمُهُ وَحُكْمُ مُقَدِّمِيهِ. الثَّالِثُ الْإِمَارَةُ الْخَاصَّةُ عَلَى تَدْبِيرِ الْجُيُوشِ وَسِيَاسَةِ الرَّعِيَّةِ دُونَ تَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ فَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ. وَالرَّابِعُ وِلَايَةُ النَّظَرِ فِي الْمَظَالِمِ وَلَهُ مِنْ النَّظَرِ مَا لِلْقُضَاةِ، وَهُوَ أَوْسَعُ مِمَّا لَا يَزِدْ بِشَرْطِ الْعِلْمِ

[اختلاف الشاهدين]

الْحَاكِمُ كَالْقَاضِي إلَّا فِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً ذَكَرْنَاهَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ. 175 - وَفِيهِ أَنَّ حُكْمَهُ لَا يَتَعَدَّى إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ. 176 - وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ بِالْوَكَالَةِ مَسْأَلَةً فِي اخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ خَالَفَ الْحُكْمَ فِيهَا الْقَاضِي كُلُّ مَوْضِعٍ تَجْرِي فِيهِ الْوَكَالَةُ فَإِنَّ الْوَلِيَّ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الصَّغِيرِ فِيهِ، وَمَا لَا فَلَا. فَانْتَصَبَ عَنْهُ فِي التَّفْرِيقِ بِسَبَبِ الْجَبِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْحَاكِمُ كَالْقَاضِي إلَّا فِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً إلَخْ. أَقُولُ بَلْ فِي خَمْسَ عَشْرَةَ كَمَا فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ وَالْخَامِسَةَ عَشْرَ لَا يَتَقَيَّدُ حُكْمُهُ بِبَلَدِ التَّحْكِيمِ، وَلَهُ الْحُكْمُ فِي الْبِلَادِ كُلِّهَا (انْتَهَى) . وَيُزَادُ عَلَيْهَا مَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ التَّحْكِيمِ: لَا يَجُوزُ اسْتِخْلَافُ الْحُكْمِ غُرَمَاءَ الصَّبِيِّ (انْتَهَى) . (175) قَوْلُهُ: وَفِيهِ أَنَّ حُكْمَهُ لَا يَتَعَدَّى إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ. وَهِيَ كَمَا فِي التَّلْخِيصِ وَشَرْحِهِ: لَوْ حَكَمَ عَلَى الشَّرِيكِ تَعَدَّى إلَى الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ بِمَنْزِلَةِ الصُّلْحِ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ الْغَائِبِ، وَالصُّلْحُ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ رَاضِيًا بِالصُّلْحِ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ [اخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ] (176) قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ بِالْوَكَالَةِ مَسْأَلَةً أُخْرَى إلَخْ. هِيَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي الْخُصُومَةِ إلَى فُلَانٍ الْفَقِيهِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ إلَى فُلَانٍ الْفَقِيهِ رَجُلٌ آخَرُ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ فِي هَذِهِ الدَّارِ إلَى قَاضِي الْكُوفَةِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي الْخُصُومَةِ فِيهَا إلَى قَاضِي الْبَصْرَةِ فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْسُ الْقَضَاءِ، وَأَقْضِيَةُ الْقُضَاةِ لَا تَخْتَلِفُ بِخِلَافِ أَقْضِيَةِ الْحَكَمَيْنِ فَإِنَّ حُكْمَ الْحَكَمِ تَوَسُّطٌ، وَالْمُتَوَسِّطُونَ فِي ذَلِكَ يَخْتَلِفُونَ لِاخْتِلَافِ الذَّكَاءِ وَالدَّهَاءِ فَالرِّضَا بِأَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ رِضًا بِالْآخَرِ فَكَانَ التَّقْيِيدُ مُفِيدًا بِخِلَافِ التَّقْيِيدِ فِي الْقَاضِيَيْنِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يَقْضِي بِحُكْمِ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ، وَهَذَا لَا يَخْتَلِفُ فَلَا يُفِيدُ التَّقْيِيدُ فَلَمْ يَصِحَّ، وَصَحَّ فِي الْحَكَمَيْنِ. وَإِذَا صَحَّ فَقَدْ تَفَرَّدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ بِمَا شَهِدَ بِهِ، وَالْقَضَاءُ لَا يَقَعُ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ.

وَخِيَارُ الْبُلُوغِ وَعَدَمُ الْكَفَاءَةِ، وَلَا يَنْتَصِبُ عَنْهُ فِي الْفُرْقَةِ بِالْإِبَاءِ عَنْ الْإِسْلَامِ 178 - وَاللِّعَانِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. 179 - لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَى مُقِرٍّ إلَّا فِي وَارِثٍ مُقِرٍّ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ، 180 - فَتُقَامُ الْبَيِّنَةُ لِلتَّعَدِّي، وَفِي مُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ فَيُثْبِتُهَا الْوَكِيلُ. 181 - دَفْعًا لِلضَّرَرِ. وَقَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ إقَامَتِهَا مَعَ الْإِقْرَارِ بِهَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَتَوَقَّعُ الضَّرَرَ مِنْ غَيْرِ الْمُقِرِّ لَوْلَاهَا فَيَكُونُ هَذَا أَصْلًا (انْتَهَى) . ثُمَّ رَأَيْت رَابِعًا كَتَبْته فِي الشَّرْحِ مِنْ الدَّعْوَى، وَهُوَ الِاسْتِحْقَاقُ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِهِ مَعَ إقْرَارِ الْمُسْتَحِقِّ عَلَيْهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَى بَائِعِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَخِيَارُ الْبُلُوغِ إلَخْ. عَطْفٌ عَلَى الْجَبِّ. (178) قَوْلُهُ: وَاللِّعَانِ إلَخْ. عَطْفٌ عَلَى الْإِبَاءِ لَا عَلَى الْإِسْلَامِ (179) قَوْلُهُ: لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَى مُقِرٍّ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يَقْرُبُ مِنْ قَوْلِهِمْ لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَى مُقِرٍّ إلَخْ. مَا قَالُوا إنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُسْمَعُ مِمَّنْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا أَنَّهُمْ قَالُوا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ فِيمَا قَبَضَهُ، وَقَالُوا: تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مَعَ قَبُولِ قَوْلِهِ، وَمِنْهَا الْمُودِعُ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ مَعَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَالْبَيِّنَةُ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ مَقْبُولَةٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ بَابِ الصَّرْفِ. ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى فِي بَابِ التَّحَالُفِ، وَذَكَرَ لِقَبُولِهَا فَائِدَةً أُخْرَى فَلْيُرَاجَعْ. (180) قَوْلُهُ: تُقَامُ الْبَيِّنَةُ لِلتَّعَدِّي. يَعْنِي؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ لَا يَتَعَدَّى الْمُقِرَّ بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّهَا حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ. (181) قَوْلُهُ: دَفْعًا لِلضَّرَرِ. وَهُوَ إنْكَارٌ لِطَالِبِ الْوَكَالَةِ

[كتمان الشهادة]

وَلَا تُسْمَعُ عَلَى سَاكِتٍ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي دَعْوَى فِي الشَّرْعِ. ثُمَّ رَأَيْت خَامِسًا فِي الْقُنْيَةِ مَعْزِيًّا إلَى جَامِعِ الْبَرْغَزِيِّ لَوْ خُوصِمَ الْأَبُ بِحَقٍّ عَنْ الصَّبِيّ فَأَقَرَّ، لَا يَخْرُجُ عَنْ الْخُصُومَةِ، وَلَكِنْ تُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ مَعَ إقْرَارِهِ، بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَأَمِينِ الْقَاضِي إذَا أَقَرَّ خَرَجَ عَنْ الْخُصُومَةِ (انْتَهَى) . ثُمَّ رَأَيْت سَادِسًا فِي الْقُنْيَةِ لَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ لِلْمُوصَى لَهُ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ مَعَ إقْرَارِهِ. 183 - ثُمَّ رَأَيْت سَابِعًا فِي إجَازَةِ مُنْيَةِ الْمُفْتِي أَجَرَ دَابَّةً بِعَيْنِهَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ مِنْ آخَرَ فَأَقَامَ الْأَوَّلُ الْبَيِّنَةَ، فَإِنْ كَانَ الْآخَرُ حَاضِرًا تُقْبَلُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، وَإِنْ كَانَ يُقِرُّ بِمَا يَدَّعِي هَذَا الْمُدَّعِي، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا تُقْبَلُ (انْتَهَى) . كِتْمَانُ الشَّهَادَةِ كَبِيرَةٌ وَيَحْرُمُ التَّأْخِيرُ بَعْدَ الطَّلَبِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا عَنْ الذَّهَابِ. وَفِيمَا إذَا قَامَ الْحَقُّ بِغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونُ أَسْرَعَ قَبُولًا 184 - وَأَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ جَائِرًا، وَأَنْ يُخْبِرَهُ عَدْلَانِ بِمَا يَسْقُطُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا تُسْمَعُ عَلَى سَاكِتٍ إلَى آخِرِهِ لَا مَحَلَّ لِذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْ قَوْلِهِ لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَى مُقِرٍّ. وَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهَا (183) قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت سَابِعًا إلَخْ. أَقُولُ: قَدْ رَأَيْت ثَامِنًا وَتَاسِعًا ذَكَرَهُمَا فِي الْبَدَائِعِ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ فِي الْفَصْلِ الَّذِي عَقَدَهُ فِي الشَّرَائِطِ الرَّاجِعَةِ لِقَوْلِهِ الثَّامِنُ الْوَرَثَة إذَا كَانُوا مُقِرِّينَ بِالْعَقَارِ لَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى بَعْضِهِمْ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى. التَّاسِعُ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ إذَا أَقَرَّ عَلَى الصَّغِيرِ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تُقَامُ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ مُقِرًّا (انْتَهَى) . وَزَادَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ عَاشِرًا، وَهُوَ ادَّعَى عَلَى آخَرَ عَقَارًا أَنَّهُ فِي يَدِهِ، وَهُوَ مُسْتَحَقٌّ أَقَرَّ بِالْيَدِ يَسْمَعُ بِنْيَةَ أَنَّهُ ذُو الْيَدِ مَعَ إقْرَارِهِ [كِتْمَانُ الشَّهَادَةِ] (184) قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ جَائِرًا. عَطْفٌ عَلَى قَوْلٍ: أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا. قَالَ

[شهادة الفاسق إذا تاب]

وَأَنْ يَكُونَ مُعْتَقَدُ الْقَاضِي خِلَافَ مُعْتَقَدِ الشَّاهِدِ وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُهُ 186 - الْفَاسِقُ إذَا تَابَ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ إلَّا الْمَحْدُودَ فِي الْقَذْفِ، وَالْمَعْرُوفَ بِالْكَذِبِ، وَشَاهِدَ الزُّورِ إذَا كَانَ عَدْلًا، عَلَى مَا فِي الْمَنْظُومَةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ الْقَبُولُ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِأَصْلِهِ 187 - إلَّا إذَا شَهِدَ الْجَدُّ لِابْنِ ابْنِهِ عَلَى أَبِيهِ لِأُمِّهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَقَضِيَّتُهُ حِينَئِذٍ عَدَمُ حُرْمَةِ التَّأْخِيرِ إذَا كَانَ جَائِرًا، وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ إلَّا بِهِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ. (185) قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ مُعْتَقَدُ الْقَاضِي إلَخْ. كَمَا لَوْ كَانَ الْقَاضِي حَنَفِيًّا لَا يَرَى هِبَةَ الْمَشَاعِ فِيمَا يَنْقَسِمُ، وَكَانَ الشَّاهِدُ شَافِعِيًّا يَرَى صِحَّتَهَا، وَهُوَ يَشْهَدُ أَنَّ زَيْدًا وَهَبَ عَمْرَوًا بَعْضَ أَرْضٍ أَوْ دَارٍ، فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ بَعْدَ الطَّلَبِ؛ لِأَنَّهُ عَالَمٌ بِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَعْمَلُ بِشَهَادَتِهِ، وَلَا يَحْكُمُ بِصِحَّةِ الْهِبَةِ فَكَانَ عُذْرًا لَهُ فِي التَّأْخِيرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ [شَهَادَة الْفَاسِقُ إذَا تَابَ] (186) قَوْلُهُ: الْفَاسِقُ إذَا تَابَ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ إلَّا الْمَحْدُودَ فِي الْقَذْفِ. فِي الْقُنْيَةِ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ مِنْ كِتَابِ الْحُدُودِ: نَصْرَانِيٌّ قَذَفَ مُسْلِمًا فَضُرِبَ سَوْطًا وَاحِدًا ثُمَّ أَسْلَمَ فَضُرِبَ تِسْعَةً وَسَبْعِينَ سَوْطًا جَازَتْ شَهَادَتُهُ (انْتَهَى) . فَلْتُحْفَظْ فَإِنَّهُ مِمَّا يُلْغَزُ بِهِ فَيُقَالُ: أَيُّ مَحْدُودٍ فِي الْقَذْفِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي غَيْرِ النِّكَاحِ؟ [شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِأَصْلِهِ] (187) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا شَهِدَ الْجَدُّ لِابْنِ ابْنِهِ عَلَى أَبِيهِ. لَا يَخْفَى أَنَّ الصُّورَةَ الْمُسْتَثْنَاةَ لَيْسَتْ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْقَاعِدَةِ أَيْ شَهَادَةِ الْفَرْعِ لِأَصْلِهِ سَوَاءٌ أُعِيدَ ضَمِيرُ قَوْلِهِ عَلَى أَبِيهِ إلَى الْجَدِّ أَوْ لِابْنِ الِابْنِ، وَإِمَّا هِيَ عَلَى التَّقْدِيرِ مِنْ جُزْئِيَّاتِ شَهَادَةِ الْأَصْلِ لِفَرْعِهِ الَّذِي هُوَ ابْنُ ابْنِهِ كَمَا نَرَى. ثُمَّ عَلَى مَا هُوَ الصَّوَابُ مِنْ أَنَّهَا مِنْ جُزْئِيَّاتِ شَهَادَةِ الْأَصْلِ لِفَرْعِهِ الَّذِي هُوَ ابْنُ ابْنِهِ مَا وَجْهُ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ فِي هَذِهِ الْجُزْئِيَّةِ حَتَّى يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ حَيْثُ قَالَ: شَهِدَ لِابْنِ ابْنِهِ عَلَى ابْنِهِ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ حِين شَهِدَ لَمْ يَصِرْ جَدَّ الْوَلَدِ وَلَدُهُ بَلْ يَصِيرُ جَدًّا بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِشَهَادَتِهِ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ جَدًّا بِمُوجِبِ الشِّهَادِ، وَالشَّيْءُ لَا يَنْفِي مُوجِبَ نَفْسِهِ (انْتَهَى) . وَالتَّعْلِيلُ يُفِيدُ أَنَّهُ شَهِدَ بِابْنِيَّةِ ابْنِ ابْنِهِ لَا فِي مَالٍ. وَهَذَا التَّوْجِيهُ مُتَعَيَّنٌ، وَقَدْ أَجْرَى الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشِّحْنَةِ

[تعارضت بينة التطوع مع بينة الإكراه]

إلَّا إذَا شَهِدَ عَلَى أَبِيهِ لِأُمِّهِ 189 - أَوْ شَهِدَ عَلَى أَبِيهِ بِطَلَاقِ ضَرَّةِ أُمِّهِ. وَالْأُمُّ فِي نِكَاحِهِ. إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ التَّطَوُّعِ مَعَ بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ 190 - فَبَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ أَوْلَى، فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالصُّلْحِ 191 - وَالْإِقْرَارِ، وَعِنْدَ عَدَمِ الْبَيَانِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي التَّطَوُّعِ، كَمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي صِحَّةِ بَيْعٍ وَفَسَادِهِ، فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ. 192 - إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ تَحَالَفَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعِبَارَةَ وَعَلَى ظَاهِرِهَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ حَيْثُ غَيَّرَ بَيْتَ الْمَنْظُومَةِ فَقَالَ: وَلِابْنِ ابْنِهِ جَازَتْ بِحَقٍّ عَلَى ابْنِهِ ... كَمَا فِي أَبٍ وَابْنٍ بِحِلٍّ تَصَوَّرَ (188) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا شَهِدَ عَلَى أَبِيهِ لِأُمِّهِ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَخْفَى أَنَّ الصُّورَةَ الْمُسْتَثْنَاةَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى شَهَادَةِ الْأَصْلِ لِفَرْعِهِ، وَهَذِهِ الْجِهَةُ مَنَاطُ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ الْجِهَةَ الثَّانِيَةَ هِيَ عِلَّةُ عَدَمِ الصِّحَّةِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الِاسْتِثْنَاءِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْعِلَّةَ الْجِهَةُ الْأُولَى. (189) قَوْلُهُ: أَوْ شَهِدَ عَلَى أَبِيهِ بِطَلَاقِ ضَرَّةِ أُمِّهِ إلَخْ. هَذِهِ غَيْرُ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى شَهَادَةِ الْفَرْعِ لِأَصْلِهِ مَعَ اشْتِمَالِهَا عَلَى شَهَادَتِهِ عَلَى أَصْلِهِ، كَالصُّورَةِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهَا، وَكَانَ عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهَا كَوْنُ الشَّهَادَةِ تَجُرُّ نَفْعًا لِأَصْلِهِ الَّذِي هُوَ الْأُمُّ [تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ التَّطَوُّعِ مَعَ بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ] (190) قَوْلُهُ: فَبَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ أَوْلَى فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ إلَخْ. أَقُولُ: هَذَا مُخَالِفٌ فِي الْإِجَارَةِ لِمَا صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الشَّرْحِ وَعَزَاهُ إلَى الْقُنْيَةِ وَنَصُّهُ فِي الشَّرْحِ: السَّابِعَةُ إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ وَالطَّوْعِ فِي الْإِجَارَةِ فَبَيِّنَةُ الطَّوَاعِيَةِ أَوْلَى. (191) قَوْلُهُ: وَالْإِقْرَارُ إلَخْ. أَقُولُ: يُخَالِفُ هَذَا الْإِطْلَاقَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْمُلْتَقَطِ: ادَّعَى عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ طَائِعًا، وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ وَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ كَانَ بِالْكُرْهِ، فَبَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يُؤَرِّخَا، أَوْ أَرَّخَا عَلَى التَّعَاقُبِ، فَبَيِّنَةُ الْمُدَّعِي أَوْلَى (انْتَهَى) . وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ الدَّعْوَى فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مَعْزُوًّا لِلنَّاصِرِيِّ: وَلَوْ ادَّعَى الْإِقْرَارَ طَائِعًا فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ بِهَذَا التَّارِيخِ عَنْ إكْرَاهٍ فَالسُّنَّةُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا عَلَى التَّفَاوُتِ فَالْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي (192) قَوْلُهُ: إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ تَحَالَفَا. يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَا. فِي قَدْرِ الثَّمَنِ أَوْ

[تخصيص القضاء وتقييده بالزمان والمكان واستثناء بعض الخصومات]

إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا فَحَلَفَ كُلٌّ بِعَتْقِهِ عَلَى صِدْقِ دَعْوَاهُ، فَلَا تَحَالُفَ، وَلَا فَسْخَ، وَيَلْزَمُ الْبَيْعُ وَلَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُشْتَرِي، كَمَا فِي الْوَاقِعَاتِ. الْقَضَاءُ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ وَتَقْيِيدُهُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَاسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْخُصُومَاتِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَعَلَى هَذَا لَوْ أَمَرَ السُّلْطَانُ بِعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ سَنَةٍ 194 - لَا تُسْمَعُ، 195 - وَيَجِبُ عَلَيْهِ عَدَمُ سَمَاعِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَبِيعِ أَوْ فِيهِمَا أَوْ فِي وَصْفِ الثَّمَنِ أَوْ جِنْسِهِ وَلَمْ يُبَرْهِنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَلَمْ يَرْضَ بِدَعْوَى صَاحِبِهِ تَحَالَفَا. هَذَا وَلَا يَنْحَصِرُ التَّحَالُفُ فِي الْبَيْعِ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ بَلْ يَجْرِي فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُدَّعِيًا وَمُنْكِرًا كَمَا حَقَّقَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ. (193) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا إلَخْ. فِي الْخُلَاصَةِ مَعْزُوًّا إلَى الْفَتَاوَى: رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ، فَقَالَ: الْبَائِعُ إنْ كُنْت بِعْتُهُ إلَّا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَهُوَ حُرٌّ. وَقَالَ الْمُشْتَرِي: إنْ كُنْت اشْتَرَيْتُهُ إلَّا بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَهُوَ حُرٌّ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَلَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ، وَيَلْزَمُ مِنْ الثَّمَنِ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرُ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ أَقَرَّ أَنَّ الْعَبْدَ قَدْ عَتَقَ [تَخْصِيصُ الْقَضَاءُ وَتَقْيِيدُهُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَاسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْخُصُومَاتِ] (194) قَوْلُهُ: لَا تُسْمَعُ. أَيْ لَا يَسْمَعُ الْقَاضِي الدَّعْوَى الَّتِي مَضَى عَلَيْهَا هَذِهِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ فَقَالَ فِي مُعِينِ الْمُفْتِي: وَلَا يَسْمَعُهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ قَاضِيًا؛ أَمَّا لَوْ حَكَّمَهُ الْخَصْمَانِ فِي تِلْكَ الْقَضِيَّةِ الَّتِي مَضَتْ عَلَيْهَا الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ فَلَهُ أَنْ يَسْمَعَهَا. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَيَجِبُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ صَغِيرٌ لَا وَلِيَّ لَهُ وَمُسَافِرٌ وَنَحْوُهُمَا (195) قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ عَدَمُ سَمَاعِهَا.؛ لِأَنَّ أَمْرَ السُّلْطَانِ يُصَيِّرُ الْمُبَاحَ وَاجِبًا وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يَسْمَعَهَا. كَذَا فِي مُعِينِ الْمُفْتِي. وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ سَمَاعُهَا أَيْ عَلَى السُّلْطَانِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ سَقَطَ مَا قِيلَ: قَضِيَّةُ عَطْفِ اسْتِثْنَاءِ

[الرأي إلى القاضي في مسائل]

الرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فِي مَسَائِلَ: فِي السُّؤَالِ عَنْ سَبَبِ الدَّيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ، وَلَكِنْ لَا جَبْرَ عَلَى بَيَانِهِ، وَفِي طَلَبِ الْمُحَاسَبَةِ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ لَا جَبْرَ، وَهُمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الشُّهُودِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْضِ الْخُصُومَاتِ عَلَى لَفْظِ تَخْصِيصِهِ عَدَمَ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَهُوَ يُدَافِعُ قَوْلَهُ: وَيَجِبُ سَمَاعُهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَفْظُ (لَا) سَاقِطًا مِنْ النُّسَخِ وَصَوَابُهُ: لَا يَجِبُ سَمَاعُهَا [الرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فِي مَسَائِلَ] (196) قَوْلُهُ: الرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فِي مَسَائِلَ. أَقُولُ: يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ مَا إذَا ادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّ أَبَاهُ أَقَرَّ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ أَوْ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ قَالَ: ذَا لِزَيْدٍ، ثُمَّ قَالَ: هُوَ لِي ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا. وَكَذَا فِي كُلِّ إقْرَارٍ زَعَمَ الْكَذِبَ أَوْ الْهَزْلَ فِيهِ. قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الرَّأْيُ فِي التَّحْلِيفِ لِلْقَاضِي. وَفَسَّرَهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ يَجْتَهِدُ فِي خُصُوصِ الْوَقَائِعِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ حِين أَقَرَّ يَحْلِفُ لَهُ الْخَصْمُ وَإِلَّا فَلَا. وَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِي التَّفَرُّسِ (انْتَهَى) . وَمَا إذَا أَرَادَ الْوَارِثُ أَوْ الْغُرَمَاءُ أَخْذَ الْمَالِ لَا يَدْفَعُ إلَيْهِمْ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّ الْقَاضِي عَدَمَ مُسْتَحِقٍّ وَقَدْرَ مُدَّتِهِ مُفَوَّضٌ إلَيْهِ وَقَدَّرَهُ الطَّحْطَاوِيُّ بِحَوْلٍ. وَالْمُرَادُ بِالثَّانِي تَأْخِيرُ الْقَضَاءِ إلَيْهِ، وَفِي الْأَشْيَاءِ السَّنَةُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ مَشَايِخِنَا أَنَّ الْقَاضِيَ يَنْظُرُ فِي حَالِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ رَآهُ مُتَعَنِّتًا يُحَلِّفُهُ أَخْذًا بِقَوْلِهِمَا، وَإِنْ رَآهُ مَظْلُومًا لَا يُحَلِّفُهُ أَخْذًا بِقَوْلِ الْإِمَامِ. وَفِي أَنَّ مَا يُحْصَى فِي الْوَقْتِ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِهِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْإِسْعَافِ، وَفِي قَدْرِ مُدَّةِ ظُهُورِ تَوْبَةِ الْفَاسِقِ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ بِلَا رِضَى الْخَصْمِ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا، وَالرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي كَمَا فِيهَا. وَفِيمَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي مِصْرَ فَأَوْفَاهَا الْمُعَجَّلَ فَأَرَادَ نَقْلَهَا لِبَلَدٍ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ قَصْرٍ، فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَالرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي كَمَا فِي الْوَسَائِلِ. وَفِيمَا إذَا بَاعَ عَقَارًا بِحَضْرَةِ بَعْضِ أَقَارِبِهِ فَسَكَتَ حَالَةَ الْبَيْعِ ثُمَّ ادَّعَى بَعْضُ أَقَارِبِهِ مَلَكِيَّتَهُ لَا تُسْمَعُ. وَهُوَ قَوْلُ مَشَايِخِ سَمَرْقَنْدَ وَقَالَ مَشَايِخُ بَلْخِي تُسْمَعُ. وَالرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي. وَذَكَرَهُ فِي الْخَانِيَّةِ فِي مَوْضِعَيْنِ. وَفِي أَنَّ الضَّرُورَةَ إنْ مَسَّتْ إلَى التَّحْلِيفِ بِالْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ: الرَّأْيُ فِيهِ لِلْقَاضِي كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي التَّحْلِيفِ عَلَى السَّبَبِ أَوْ الْحَاصِلِ عَلَى

وَفِي السُّؤَالِ عَنْ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ، 198 - وَفِي تَحْلِيفِ الشَّاهِدِ إنْ رَآهُ جَائِزًا كَمَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ، وَفِيمَا إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQرَأْيِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ الْبَزْدَوِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يُفَوَّضَ الْأَمْرُ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي التَّحْلِيفِ عَلَى السَّبَبِ يُحَلِّفُهُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْحَاصِلِ حَلَّفَهُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ. وَفِيمَا لَوْ عَدَلَ الشَّاهِدُ عِنْدَ الْقَاضِي فِي حَادِثَةٍ ثُمَّ شَهِدَ عِنْدَهُ فِي حَادِثَةٍ أُخْرَى، فَلَوْ قَرُبَ الْعَهْدُ لَا يَسْتَقْبِلُ تَعْدِيلَهُ، وَإِلَّا اسْتَقْبَلَ، وَالصَّحِيحُ فِي قُرْبِ الْعَهْدِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَالثَّانِي مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي كَمَا فِي مُوجِبَاتِ الْأَحْكَامِ لِلشَّيْخِ قَاسِمِ بْنِ قُطُلُوبُغَا، وَالْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ التَّوْقِيتِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِيمَا إذَا سَعَى إنْسَانٌ إلَى السُّلْطَانِ فِي حَقٍّ آخَرَ حَتَّى غَرَّمَهُ مَالًا، يُرْوَى عَنْ بَعْضِ عُلَمَائِنَا أَنَّهُمْ كَانُوا يُفْتُونَ أَنَّ السَّاعِيَ يَضْمَنُ، وَبَعْضُهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا إذَا كَانَ السُّلْطَانُ مَعْرُوفًا بِالدَّعَارَةِ وَتَغْرِيمِ مَنْ سَعَى بِهِ إلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ لَا يَضْمَنُ وَنَحْنُ لَا نُفْتِي بِهِ. فَإِنَّ هَذَا خِلَافَ أُصُولِ أَصْحَابِنَا فَإِنَّ السَّعْيَ سَبَبٌ مَحْضٌ لِإِهْلَاكِ مَالِ صَاحِبِ الْمَالِ، فَإِنَّ السُّلْطَانَ يُغَرِّمُهُ اخْتِيَارًا لَا طَبْعًا وَلَكِنْ لَوْ رَأَى الْقَاضِي تَضْمِينَ السَّاعِي لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ اجْتِهَادٍ وَنَحْنُ نَكِلُ الرَّأْيَ إلَى الْقَاضِي وَيُزَادُ أَيْضًا أَنَّ مَرْجِعَ الْعَمَلِ بِبَعْضِ شُرُوطِ الْوَاقِعِينَ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي لَا إلَى مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ كَمَا أَفَادَهُ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ فِي جَوَابِ حَادِثَةٍ وَهِيَ: وَاقِفٌ شَرَطَ أَنْ لَا يُسْتَبْدَلَ وَقْفُهُ وَلَوْ أَشْرَفَ عَلَى التَّلَفِ أَجَابَ بِقَوْلِهِ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِمَا هُوَ أَنْفَعُ لِحَاجَةِ الْوَقْفِ وَمُسْتَحَقِّيهِ وَلَا عِبْرَةَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الْوَقْفِ عَلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ فِي الْأَزْمَانِ وَالْأَحْوَالِ الْمُتَجَدِّدَةِ؛ لِأَنَّهُ الْوَلِيُّ الْحَاضِرُ، وَكَذَلِكَ فِي الشُّرُوطِ الْمُخَالِفَةِ لِرَأْيِ الْحَاكِمِ وَنَظِيرُهُ إذَا وَافَقَهُ فِيهَا لِحُسْنِ الْمَدَارِ فِيهَا عَلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ بِحَسَبِ كُلِّ زَمَانٍ (انْتَهَى) . وَذَكَرَ مَأْخَذَ ذَلِكَ مِنْ الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ. (197) قَوْلُهُ: وَفِي السُّؤَالِ عَنْ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: لَوْ سَأَلَهُمَا عَنْهُمَا فَقَالَا: لَا نَعْلَمُ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُكَلَّفَا بِهِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامَ الْبَزَّازِيَّةِ بِغَيْرِ حَدِّ الْقَذْفِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّقَادُمِ. (198) قَوْلُهُ: وَفِي تَحْلِيفِ الشَّاهِدِ إلَخْ. سَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ. وَبَيَانُ الْخِلَافِ بَعْدَ وَقْتَيْنِ، وَفِي تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ. وَفِي زَمَانِنَا لَمَّا تَعَذَّرَتْ التَّزْكِيَةُ لِغَلَبَةِ الْفِسْقِ اخْتَارَ الْقُضَاةُ

[من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه إلا في موضعين]

بَاعَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ عَقَارَ الصَّغِيرِ، فَالرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فِي نَقْضِهِ، كَمَا فِي بُيُوعِ الْخَانِيَّةِ، وَفِي مُدَّةِ حَبْسِ الْمَدْيُونِ وَفِي تَقْيِيدِ الْمَحْبُوسِ إذَا خِيفَ فِرَارُهُ، وَفِي حَبْسِ الْمَدْيُونِ فِي حَبْسِ الْقَاضِي أَوْ اللُّصُوصِ إذَا خِيفَ فِرَارُهُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَفِي سُؤَالِ الشَّاهِدِ عَنْ الْأَيْمَانِ إذَا اتَّهَمَهُ، وَفِيمَا إذَا تَصَرَّفَ النَّاظِرُ فِيمَا لَا يَجُوزُ كَبَيْعِ الْوَقْفِ أَوْ رَهْنِهِ، فَالرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي، إنْ شَاءَ عَزَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّ إلَيْهِ ثِقَةً، بِخِلَافِ الْعَاجِزِ فَإِنَّهُ يَضُمُّ إلَيْهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. 199 - مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ 200 - إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ؛ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَهُ قَبْلَهُ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِكَذَا وَبَرْهَنَ، فَإِنَّهُ تُقْبَلُ. وَهَبَ جَارِيَةً وَاسْتَوْلَدَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ، ثُمَّ ادَّعَى الْوَاهِبُ أَنَّهُ كَانَ دَبَّرَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا، وَبَرْهَنَ تُقْبَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQاسْتِحْلَافَ الشُّهُودِ لِحُصُولِ غَلَبَةِ الظَّنِّ (انْتَهَى) . قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ: وَلَا يُضَعِّفُهُ مَا فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ كَالْخُلَاصَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الشَّاهِدِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ ظُهُورِ عَدَالَتِهِ وَالْكَلَامُ عِنْدَ خَفَائِهَا خُصُوصًا فِي زَمَانِنَا أَنَّ الشَّاهِدَ مَجْهُولُ الْحَالِ. وَكَذَا الْمُزَكِّي غَالِبًا، وَالْمَجْهُولُ لَا يَعْرِفُ الْمَجْهُولَ. وَفِي الْمُلْتَقَطِ عَنْ غَسَّانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيِّ قَالَ: قَدِمْت الْكُوفَةَ قَاضِيًا عَلَيْهَا فَوَجَدْت فِيهَا مِائَةً وَعِشْرِينَ عَدْلًا فَطَلَبْت أَسْرَارَهُمْ فَرَدَدْتُهُمْ إلَى سِتَّةٍ ثُمَّ أَسْقَطْت أَرْبَعَةً فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِكَ اسْتَعْفَيْت وَاعْتَزَلْت (انْتَهَى) . وَتَعَقَّبَهُ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ فِي الرَّمْزِ فَلْيُرَاجَعْ [مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ] (199) قَوْلُهُ: مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ. مِنْ فُرُوعِ هَذَا الْأَصْلِ لَوْ رَهَنَ شَيْئًا ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَيُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَرَدِّهِ إلَى الْمُقِرِّ لَهُ كَمَا فِي رَهْنِ الْمُسْتَعَارِ مِنْ الْقُنْيَةِ. (200) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ إلَخْ. أَقُولُ: وَجْهُ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ لَمَّا بَرْهَنَ عَلَى الْبَيْعِ

وَيَسْتَرِدُّهَا وَالْعُقْرَ، كَذَا فِي بُيُوعِ الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ، وَزِدْت عَلَيْهَا مَسَائِلَ. الْأُولَى: بَاعَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ. وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ نَقْلًا عَنْ الْمَشَايِخِ: التَّنَاقُضُ لَا يَضُرُّ فِي الْحُرِّيَّةِ وَفُرُوعِهَا (انْتَهَى) . وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا ادَّعَى التَّدْبِيرَ أَوْ الِاسْتِيلَادَ تُسْمَعُ، 202 - فَالْهِبَةُ فِي كَلَامِ الْفَتَاوَى مِثَالٌ فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ، سَوَّى بَيْنَ دَعْوَى الْبَائِعِ التَّدْبِيرَ وَالْإِعْتَاقَ، وَذَكَرَ خِلَافًا فِيهِمَا. الثَّانِيَةُ: اشْتَرَى أَرْضًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ بَائِعَهَا كَانَ جَعَلَهَا مَقْبَرَةً أَوْ مَسْجِدًا. وَالثَّالِثَةُ: اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ أَعْتَقَهُ. 203 - الرَّابِعَةُ: بَاعَ أَرْضًا ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ، وَهِيَ فِي بُيُوعِ الْخَانِيَّةِ وَقَضَائِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الْغَائِبِ قَبْلَ الْبَائِعِ مِنْهُ فَقَدْ أَقَامَهَا عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَنَّهُ مِلْكُ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إقْرَارٌ مِنْ الْبَائِعِ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَى الْمُشْتَرِي، وَالثَّانِي: أَنَّ التَّنَاقُضَ فِيمَا هُوَ مِنْ حُقُوقِ الْحُرِّيَّةِ كَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى. قِيلَ: وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ إنَّمَا يُقْبَلُ فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَخْفَى عَلَى الْمُنَاقِضِ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِالرِّقِّ وَالْفَاعِلُ لِنَفْسِهِ لِلتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ فِعْلُ نَفْسِهِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يُقْبَلَ تَنَاقُضُهُ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا قُبِلَ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ نَدِمَ ثُمَّ تَابَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَأَقَرَّ بِاسْتِيلَادِهَا. (201) قَوْلُهُ: وَيَسْتَرِدُّهَا وَالْعُقْرَ إلَخْ. بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْبَارِزِ فِي يَسْتَرِدُّهَا وَالْعَامِلُ مَحْذُوفٌ وَتَقْدِيرُهُ وَيَأْخُذُ الْعُقْرَ، عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ (عَلَفْتهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا) أَيْ وَسَقَيْتهَا. (202) قَوْلُهُ: فَالْهِبَةُ فِي كَلَامِ الْفَتَاوَى مِثَالٌ. يَعْنِي وَالْمِثَالُ لَا يُخَصَّصُ. (203) قَوْلُهُ: الرَّابِعَةُ بَاعَ أَرْضًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ. أَقُولُ: عِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ فِي الْبُيُوعِ فِي فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ: رَجُلٌ بَاعَ دَارًا أَوْ عَقَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَهَا بَعْدَمَا وَقَفَ؛

وَفَصْلٌ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِيهِ فِي آخِرِ بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ فَلْيُنْظَرْ ثَمَّةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ حُرٌّ، أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَعْتَقَهُ ثُمَّ بَاعَهُ فَإِنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (انْتَهَى) . ثُمَّ قَالَ أَيْضًا قُبَيْلَ بَابِ الرِّبَا: بَاعَ عَقَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَ مَا هُوَ وَقْفٌ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ حُرٌّ تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ أَمَّا الْحُرُّ فَلَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْبَيْعِ؛ وَلِهَذَا يُمْلَكُ انْتَهَى. مَا قَالَهُ فِي الْبُيُوعِ. ثُمَّ قَالَ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ: بَاعَ أَرْضًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ وَقَفَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ فَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ يَعْتَمِدُ صِحَّةَ الدَّعْوَى، وَدَعْوَاهُ لَمْ تَصِحَّ لِمَكَانِ التَّنَاقُضِ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ يَمْنَعُ الدَّعْوَى؛ وَعَلَى قَوْلِ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الدَّعْوَى لَا تُشْتَرَطُ لِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ التَّصَدُّقُ بِالْغَلَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الدَّعْوَى كَالشَّهَادَةِ عَلَى طَلَاقٍ وَعِتْقِ الْأَمَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ مَخْصُوصٌ وَلَمْ يَدَّعِ لَا يُعْطَى مِنْ الْغَلَّةِ شَيْءٌ وَيُصْرَفُ جَمِيعُ الْغَلَّةِ إلَى الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ قُبِلَتْ لَحَقِّ الْفُقَرَاءِ فَلَا يَظْهَرُ إلَّا فِي حَقِّ الْفُقَرَاءِ. قَالَ مَوْلَانَا: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ: إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ بِدُونِ الدَّعْوَى عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى الْمَجْدَلِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى، وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا تُقْبَلُ (انْتَهَى) . وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: لَوْ بَاعَ ضَيْعَةً ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَادِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِلتَّنَاقُضِ. وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، قِيلَ: تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْوَقْفِ تُقْبَلُ بِدُونِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ الْحِسْبَةِ وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ وَهُوَ أَصْوَبُ وَأَحْوَطُ (انْتَهَى) . فَعُلِمَ بِمَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي الَّذِي لَمْ يُصَحِّحُهُ قَاضِي خَانْ وَالزَّيْلَعِيُّ وَأَمَّا عَلَى مَا صَحَّحَاهُ فَلَا اسْتِثْنَاءَ. (204) قَوْلُهُ: وَفَصْلٌ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَخْ. أَقُولُ: نَصُّ عِبَارَتِهِ بَاعَ عَقَارًا ثُمَّ بَرْهَنَ أَنَّ مَا بَاعَهُ وَقْفٌ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْوَقْفِ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ يَعْنِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ وَلَوْ بَرْهَنَ أَنَّهُ وَقْفٌ مَحْكُومٌ بِلُزُومِهِ قُبِلَ.

[ادعى البائع أنه فضولي]

وَفَصْلٌ فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِيهِ تَفْصِيلٌ آخَرُ وَرَجَّحَهُ. وَظَاهِرُ مَا فِي الْعِمَادِيَّةِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْقَبُولُ مُطْلَقًا. الْخَامِسَةُ: بَاعَ الْأَبُ مَالَ وَلَدِهِ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَقَعَ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ. السَّادِسَةُ: الْوَصِيُّ إذَا بَاعَ ثُمَّ ادَّعَى كَذَلِكَ. السَّابِعَةُ: الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ كَذَلِكَ، ذُكِرَ الثَّالِثُ فِي دَعْوَى الْقُنْيَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَكَذَا كُلُّ مَنْ بَاعَ ثُمَّ ادَّعَى الْفَسَادَ. وَشَرَطَ الْعِمَادِيُّ التَّوْفِيقَ. بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ، وَذَكَرَ فِيهَا اخْتِلَافًا. 206 - وَمِنْ فُرُوعِ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ 207 - لَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ فُضُولِيٌّ لَمْ تُقْبَلْ. وَمِنْهَا لَوْ ضَمِنَ الدَّرْكَ ثُمَّ ادَّعَى الْمَبِيعَ لَمْ تُقْبَلْ. 208 - لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى بَيَانُ السَّبَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفَصْلٌ فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِيهِ إلَخْ. أَقُولُ: قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ: رَجُلٌ بَاعَ أَرْضًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ وَقَفَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ فَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ يَعْتَمِدُ صِحَّةَ الدَّعْوَى، وَدَعْوَاهُ لَمْ تَصِحَّ لِمَكَانِ التَّنَاقُضِ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى اخْتَلَفُوا فِيهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُقْبَلُ. وَإِلَى هَذَا مَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ؛ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ يَمْنَعُ الدَّعْوَى، وَالدَّعْوَى لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِاسْتِمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَقْفِ إلَى آخِرِ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ قَاضِي خَانْ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ [ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ فُضُولِيٌّ] (206) قَوْلُهُ: وَمِنْ فُرُوعِ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ. الْمُرَادُ بِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ مَا تَقَدَّمَ مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ، وَإِضَافَةُ أَصْلِ إلَى الْمَسْأَلَةِ بَيَانِيَّةٌ. (207) قَوْلُهُ: لَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ فُضُولِيٌّ لَمْ تُقْبَلْ. يَعْنِي لَوْ عَقَدَ شَخْصٌ عَقْدًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ فُضُولِيٌّ لَمْ يُقْبَلْ لِسَعْيِهِ فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ (208) قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى بَيَانُ السَّبَبِ: فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى مَا نَصُّهُ: وَإِنْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي الدَّيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ

إلَّا فِي دَعْوَى الْعَيْنِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. لَا تَثْبُتُ الْيَدُ فِي الْعَقَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالسَّبَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ بِالِاسْتِهْلَاكِ، وَكَذَا بِالْقَرْضِ؛ لِأَنَّ قَرْضَهُ لَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا يَجِبُ بِسَبَبِ السَّلَمِ أَوْ يُجْعَلُ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ، وَحِينَئِذٍ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى بَيَانِ النَّوْعِ وَالصِّفَةِ عَلَى وَجْهٍ يَخْرُجُ عَنْ حَدِّ الْجَهَالَةِ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ: أَنَّ دَعْوَى الْوَكِيلِ لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ بَيَانِ السَّبَبِ (انْتَهَى) . وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي دَعْوَى الْغَطَارِفَةِ وَالْعِدَالَيْ وَالْفُلُوسِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ بِخِلَافِ سَائِرِ الدَّعَاوَى كَالْأَمْلَاكِ وَالْأَعْيَانِ وَالْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ السَّبَبِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذِكْرِهِ وَتَرْكِهِ بِخِلَافِ الْغَطَارِفَةِ وَالْعِدَالَيْ وَالْفُلُوسِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِسَبَبِ الْبَيْعِ وَلَمْ: يَقْبِضْ الْغَطَارِفَةَ حَتَّى كَسَدَتْ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ، وَفِيهِ مِنْ السَّادِسِ أَيْضًا: وَلَوْ ادَّعَى مِائَةً عَدْلِيَّةً غَصْبًا وَهِيَ مُنْقَطِعَةٌ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ وَقْتَ الدَّعْوَى يَنْبَغِي أَنْ يَدَّعِيَ قِيمَتَهَا إذْ حُكْمُ الْمِثْلِيِّ كَذَلِكَ وَفِي اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ اخْتِلَافٌ مَعْرُوفٌ. ذَكَرَ فِي أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ ثَمَنًا فَالِانْقِطَاعُ قَبْل الْقَبْضِ يُفْسِدُ الْبَيْعَ عِنْدَ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْقِيمَةِ لَوْ قَائِمًا وَإِلَّا يَرُدُّ مِثْلَهُ لَوْ مِثْلِيًّا، وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ، وَلَوْ بِسَبَبِ قَرْضٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ غَصْبٍ تَجِبُ الْقِيمَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ لَيَعْلَمَ هَلْ لَهُ وِلَايَةُ الدَّعْوَى (انْتَهَى) . وَفِيهِ مِنْ الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ: لَا بُدَّ فِي دَعْوَى دَيْنِ الْبِرِّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ فَإِنَّهُ لَوْ سَلَّمَ فَلَا مُطَالَبَةَ فِي مَكَان عَيَّنَاهُ وَلَوْ بِغَصْبٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ يَتَعَيَّنُ مَكَانُ الْغَصْبِ وَالْقَرْضِ وَالْبَيْعِ لِلْإِيفَاءِ (انْتَهَى) . وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الثَّامِنِ مِنْ الدَّعْوَى: إنَّ دَعْوَى الْكَفَالَةِ لَا تَصِحُّ بِلَا بَيَانِ السَّبَبِ لِعَدَمِ جَوَازِهَا بِالدِّيَةِ وَبَدَلِ الْكِتَابَةِ (انْتَهَى) . وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدَ سِتَّةِ أَوْرَاقٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُدَّعِي بَيَانَ السَّبَبِ، وَتَصِحُّ بِدُونِهِ إلَّا فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَدَعْوَى الْمَرْأَةِ الدَّيْنَ عَلَى تَرِكَةِ زَوْجِهَا. (209) قَوْلُهُ: إلَّا فِي دَعْوَى الْعَيْنِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: الَّذِي فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي نَوْعٍ فِي التَّنَاقُضِ مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى مَا نَصُّهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ مَشَايِخَ فَرْغَانَةَ ذَكَرُوا أَنَّ الشَّرْطَ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ فِي بِلَادٍ قَدِمَ بِنَاؤُهَا بَيَانُ السَّبَبِ، وَلَا تُسْمَعُ فِيهِ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ إنَّ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ دَعْوَى الْمِلْكِ مِنْ الْأَصْلِ بِسَبَبِ الْخُطَّةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ صَاحِبَ الْخُطَّةِ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْبِلَادِ غَيْرُ مَوْجُودٍ، فَيَكُونُ كَذِبًا لَا مَحَالَةَ، فَكَيْفَ يُقْضَى بِهِ. وَالثَّانِي لَمَّا تَعَذَّرَ الْقَضَاءُ بِالْمُطْلَقِ لِمَا قُلْنَا فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُقْضَى بِالْمِلْكِ

إلَّا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي؛ 211 - وَلَا يَكْفِي التَّصَادُقُ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى إلَّا فِي دَعْوَى الْغَصْبِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ، 212 - أَوْ الشِّرَاءِ مِنْهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. الشَّهَادَةُ إنْ وَافَقَتْ الدَّعْوَى قُبِلَتْ وَإِلَّا لَا: إلَّا فِي مَسَائِلَ: ادَّعَى دَيْنًا بِسَبَبٍ فَشَهِدَا بِالْمُطْلَقِ أَوْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ أَقَلَّ. ادَّعَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فَشَهِدَا بِأَنَّهَا مَنْكُوحَةٌ. ادَّعَى إنْشَاءَ فِعْلٍ كَغَصْبٍ وَقَتْلٍ فَشَهِدَا ـــــــــــــــــــــــــــــQبِسَبَبٍ وَذَلِكَ إمَّا بِسَبَبٍ مَجْهُولٍ أَوْ مَعْلُومٍ، فَالْمَجْهُولُ لَا يُمْكِنُ الْقَضَاءُ بِهِ لِلْجَهَالَةِ وَالْمَعْلُومُ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمُدَّعِي إيَّاهُ. وَالثَّالِثُ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لَوْ فُرِضَ بِسَبَبٍ حَادِثٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ السَّبَبُ شِرَاءُ ذِي الْيَدِ مِنْ آخَرَ ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ سَابِقًا عَلَى تَمَلُّكِ ذِي الْيَدِ فَيُمْنَعُ الرُّجُوعُ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَاحِقًا فَلَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ فَيُشْتَبَهُ. وَكُلُّ هَذِهِ الْمَوَانِعِ غَيْرُ مُتَحَقِّقَةٍ فِي الْمَنْقُولِ لِعَدَمِ الْمَانِعِ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى التَّمَلُّكِ مِنْ الْأَصْلِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا فِي نَقْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْخَلَلِ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْبَزَّازِيَّ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. الثَّانِي: أَنَّ الْبَزَّازِيَّ عَبَّرَ بِالْعَقَارِ وَهُوَ أَخُصُّ مِنْ الْعَيْنِ. الثَّالِثُ: أَنَّ الْبَزَّازِيَّ نَسَبَ ذَلِكَ إلَى مَشَايِخِ فَرْغَانَةَ وَلَمْ يُطْلِقْ. الرَّابِعُ أَنَّ مَشَايِخَ فَرْغَانَةَ قَيَّدُوا ذَلِكَ بِبِلَادٍ قَدِمَ بِنَاؤُهَا وَلَمْ يُطْلِقُوا فَتَنَبَّهْ. (210) قَوْلُهُ: إلَّا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي. أَقُولُ: هَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الْقَائِلَةِ بِأَنَّ عِلْمَ الْقَاضِي حُجَّةٌ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ وَفِي هَذَا الْكِتَابِ فِيمَا سَبَقَ. (211) قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي التَّصَادُقُ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى. أَيْ دَعْوَى الْعَقَارِ لِمَا فِي الْكَنْزِ وَلَا تَثْبُتُ الْيَدُ فِي الْعَقَارِ بِتَصَادُقِهِمَا وَبَيَّنَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ. (212) قَوْلُهُ: أَوْ الشِّرَاءِ مِنْهُ. ضَمِيرُ مِنْهُ رَاجِعٌ لِوَاضِعِ الْيَدِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِوَضْعِ الْيَدِ الْتِزَامًا، وَيَكُونُ الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْ فُلَانٍ، وَهُوَ وَاضِعُ الْيَدِ وَصَادَقَهُ فُلَانٌ عَلَى وَضْعِ الْيَدِ كَفَى تَصَادُقُهُمَا وَلَا يُحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ.

[الشهادة إن وافقت الدعوى قبلت وإلا لا إلا في مسائل]

بِالْإِقْرَارِ بِهِ. ادَّعَى الْكَفَالَةَ عَنْ فُلَانٍ فَشَهِدَا بِهَا كَفَالَةً عَنْ آخَرَ. ادَّعَى مِلْكَ عَيْنٍ بِالشِّرَاءِ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يُعَيِّنْهُ فَشَهِدَا بِالْمُطْلَقِ. ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا فَشَهِدَا بِسَبَبٍ. 213 - وَقَالَ الْمُدَّعِي: هُوَ لِي بِذَلِكَ السَّبَبِ. ادَّعَى الْإِيفَاءَ فَشَهِدَا بِالْإِبْرَاءِ أَوْ التَّحْلِيلِ. ادَّعَى الْهِبَةَ فَشَهِدَا بِالصَّدَقَةِ كَمَا فِي التَّلْخِيصِ وَمَا قَبْلَهَا مِنْ الْخُلَاصَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّلْخِيصِ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً فَلْيُرَاجَعْ. 214 - الْإِمَامُ يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي حَدِّ الْقَذْفِ وَالْقِصَاصِ وَالتَّعْزِيرِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَفِي التَّهْذِيبِ يَقْضِي الْقَاضِي بِعِلْمِهِ 215 - إلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ. 216 - الْقَاضِي إذَا قَضَى فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ نَصَّ أَصْحَابُنَا فِيهَا عَلَى عَدَمِ النَّفَاذِ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الشَّهَادَةُ إنْ وَافَقَتْ الدَّعْوَى قُبِلَتْ وَإِلَّا لَا إلَّا فِي مَسَائِلَ] قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمُدَّعِي هُوَ لِي بِذَلِكَ السَّبَبِ. هَذَا الْقَوْلُ شَرْطُ قَبُولِ الشَّهَادَةِ أَوَّلًا. الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (214) قَوْلُهُ: الْإِمَامُ يَقْضِي بِعِلْمِهِ إلَخْ. ظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَعَلَيْهِ يَطْلُبُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْقَاضِي وَلَعَلَّ أَنَّ إقَامَةَ الْحُدُودِ لَهُ. (215) قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ. أَقُولُ: سَكَتَ عَنْ التَّعْزِيرِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقْضِي فِيهِ بِعِلْمِهِ، وَسَيَأْتِي بَعْدَ نَحْوِ رُبْعِ كُرَّاسَةٍ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّ الْقَاضِي لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ لِفَسَادِ الزَّمَانِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءِ شَيْءٍ (216) قَوْلُهُ: الْقَاضِي إذَا قَضَى فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ. وَالْمُرَادُ الْقَاضِي الْمُجْتَهِدُ إذْ الْمُقَلِّدُ لَا يَقْضِي إلَّا بِالرَّاجِحِ مِنْ مَذْهَبِهِ حَتَّى لَوْ قَضَى بِغَيْرِهِ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْخِلَافِ؟ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي رَسَائِلِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي نَفَاذِ قَضَاءِ الْقَاضِي الْمُقَلِّدِ عِلْمُهُ بِأَنَّ فِي الْمَقْضِيِّ بِهِ خِلَافٌ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ

لَوْ قَضَى بِبُطْلَانِ الْحَقِّ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ أَوْ بِالتَّفْرِيقِ لِلْعَجْزِ عَنْ الْإِنْفَاقِ 218 - غَائِبًا عَلَى الصَّحِيحِ لَا حَاضِرًا، أَوْ بِصِحَّةِ نِكَاحِ مَزْنِيَّةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ لَمْ يَنْفُذْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَوْ بِصِحَّةِ نِكَاحِ أُمِّ مَزْنِيَّتِهِ أَوْ بِنْتِهَا، أَوْ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ، أَوْ بِسُقُوطِ الْمَهْرِ بِالتَّقَادُمِ، أَوْ بِعَدَمِ تَأْجِيلِ الْعِنِّينِ، أَوْ بِعَدَمِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ بِلَا رِضَاهَا، أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِ الثَّلَاثِ عَلَى الْحُبْلَى أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ عَلَى الْحَائِضِ، أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ، أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِ الثَّلَاثِ بِكَلِمَةٍ، 219 - أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ عَقِبَهُ. أَوْ بِنِصْفِ الْجِهَازِ لِمَنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ بَعْدَ الْمَهْرِ وَالتَّجْهِيزِ ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي الْمُجْتَهِدِ. وَقَوْلُ الْمُوثَقِ مَعَ الْعِلْمِ بِخِلَافِ عَمَلِ الْآنَ. أَقُولُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ وَنَصُّ عِبَارَتِهَا: إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي مُجْتَهِدًا وَقَضَى بِالْأَقْوَى ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِ مَذْهَبِهِ نَفَذَ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ نَقْضُهُ (انْتَهَى) . وَلَعَلَّهُ مُخَرَّجٌ عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ فَلْتَحْفَظْ وَلَا بِهِ يُفْتَى وَيُلْفَظْ. (217) قَوْلُهُ: أَوْ قَضَى بِبُطْلَانِ الْحَقِّ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ إلَخْ. بِسَبَبِ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ تَارِكًا لِلدَّعْوَى بِهِ. وَجَوَابُ مَا ذُكِرَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَنْفُذْ. وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ: قَضَى بِبُطْلَانِ الدَّعْوَى بِمُضِيِّ سِنِينَ وَبَيْنَهُمَا مُخَالِفَةٌ. (218) قَوْلُهُ: غَائِبًا عَلَى الصَّحِيحِ لَا حَاضِرًا يُفْهَمُ مِنْهُ نُفُوذُهُ لَوْ حَاضِرًا وَهُوَ خِلَافُ الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَدْ أَوْسَعَ قَاضِي خَانْ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ فِي بَابِ النَّفَقَةِ مُفَهْرِسًا ذَلِكَ، وَبَيَّنَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَ الْقَاضِي شَافِعِيًّا وَبَيْن مَا إذَا كَانَ حَنَفِيًّا وَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي نَوْعٍ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ فَلْيُرَاجَعْ. (219) قَوْلُهُ: أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ عَقِبَهُ. أَيْ عَقِبَ الْوَطْءِ فِي طُهْرٍ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ: أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ.

بِشَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ، أَوْ قَضَى لِوَلَدِهِ، 221 - أَوْ رَفَعَ إلَيْهِ حُكْمَ صَبِيٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ، 222 - أَوْ الْحُكْمُ بِحَجْرِ سَفِيهٍ أَوْ بِصِحَّةِ بَيْعِ نَصِيبِ السَّاكِتِ مِنْ قِنٍّ حَرَّرَهُ أَحَدُهُمَا، أَوْ بِبَيْعِ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا، أَوْ بِبَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَقِيلَ يَنْفُذُ عَلَى الْأَصَحِّ، أَوْ بِبُطْلَانِ عَفْوِ الْمَرْأَةِ عَنْ الْقَوَدِ، أَوْ بِصِحَّةِ ضَمَانِ الْخَلَاصِ، أَوْ بِزِيَادَةِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فِي مَعْلُومِ الْإِمَامِ مِنْ أَوْقَافِ الْمَسْجِدِ، أَوْ بِحِلِّ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الثَّانِي، أَوْ بِعَدَمِ مِلْكِ الْكَافِرِ مَالَ الْمُسْلِمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ بِشَهَادَةٍ بِخَطِّ أَبِيهِ. أَقُولُ: صَوَابُ الْعِبَارَةِ كَمَا فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ، وَبِشَهَادَةٍ عَلَى خَطِّ أَبِيهِ. قَالَ الْحُسَامُ الشَّهِيدُ فِي شَرْحِهِ: وَصُورَتُهُ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا مَاتَ فَوَجَدَ الِابْنُ خَطَّ أَبِيهِ فِي صَكٍّ عَلِمَ يَقِينًا أَنَّهُ خَطُّ أَبِيهِ فَإِنَّهُ يَشْهَدُ بِذَلِكَ الصَّكِّ؛ لِأَنَّ الْأَبْنَ خَلِيفَةُ الْمَيِّتِ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ. لَكِنَّ هَذَا قَوْلٌ مَهْجُورٌ فَلَا يُعْتَبَرُ بِمُقَابِلَةِ الْجُمْهُورِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْكِتَابِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86] وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي كَانَ هَذَا الْقَضَاءُ بَاطِلًا فَإِذَا رَفَعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يُبْطِلَهُ (انْتَهَى) . وَقَدْ تَقَدَّمَ لَنَا مَزِيدُ كَلَامٍ فِي هَذَا فَارْجِعْ إلَيْهِ. (221) قَوْلُهُ: أَوْ رَفَعَ إلَيْهِ حُكْمَ صَبِيٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ. عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَوْ قَضَى بِبُطْلَانِ الْحَقِّ. وَفِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِيمَا يَنْفُذُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي، وَمَا لَا يَنْفُذُ لَا فِيمَا يُرْفَعُ إلَيْهِ مِنْ قَضَاءِ قَاضٍ آخَرَ فَلَا يَنْفُذُهُ. (222) قَوْلُهُ: أَوْ الْحُكْمُ بِحَجْرِ سَفِيهٍ. عَطْفٌ عَلَى حُكْمِ صَبِيٍّ فِيهِ مِنْ الْكَلَامِ مَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ. بَقِيَ أَنَّهُ سَيَأْتِي أَوَّلُ كِتَابِ الْحَجْرِ أَنَّ الصَّحِيحَ صِحَّةُ الْحَجْرِ عَلَى السَّفِيهِ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا لَكِنْ فِي الْمُجْتَبَى: وَإِذَا حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى السَّفِيهِ ثُمَّ رَفَعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَأَبْطَلَ حَجْرَهُ وَجَوَّزَ بَيْعَهُ أَوْ أَطْلَقَ عَنْهُ جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ مِنْهُ فَتْوَى، وَلَيْسَ بِقَضَاءٍ وَلِهَذَا لَمْ يُوجَدُ الْمَقْضِيُّ لَهُ وَالْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ.

بِإِحْرَازِهِ بِدَرَاهِمَ، أَوْ بِبَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ يَدًا بِيَدٍ، أَوْ بِصِحَّةِ صَلَاةِ الْمُحْدِثِ، أَوْ بِقَسَامَةٍ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِتَلَفِ مَالٍ، أَوْ بِحَدِّ الْقَذْفِ بِالتَّعْرِيضِ، 224 - أَوْ بِالْقُرْعَةِ فِي مُعْتَقِ الْبَعْضِ، أَوْ بِعَدَمِ تَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا، لَمْ يَنْفُذُ فِي الْكُلِّ. هَذَا مَا حَرَّرْتُهُ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَالْعِمَادِيَّةِ وَالصَّيْرَفِيَّةِ وَالتَّتَارْخَانِيَّة. 225 - الشَّاهِدُ إذَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِعِلَّةٍ ثُمَّ زَالَتْ الْعِلَّةُ فَشَهِدَ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا مِنْ أَرْبَعَةٍ: الْعَبْدِ، وَالْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَالْأَعْمَى، وَالصَّبِيِّ، إذَا شَهِدُوا فَرُدَّتْ ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ شَهِدُوا تُقْبَلُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَسَوَاءٌ شَهِدَ عِنْدَ مَنْ رَدَّهُ أَوْ غَيْرَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ سِنِينَ أَوْ لَا، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِإِحْرَازِهِ بِدَرَاهِمَ. أَيْ بِدَارِ الْحَرْبِ. أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَا لَيْسَ بِدَارِ حَرْبٍ وَلَا إسْلَامٍ مُلْحَقًا بِدَارِ الْحَرْبِ كَالْبَحْرِ الْمِلْحِ؛ لِأَنَّهُ لَا قَهْرَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ فَلَوْ أَحْرَزَ الْكَافِرُ مَالَ الْمُسْلِمِ، وَهُوَ رَاكِبٌ الْبَحْرَ مَلَكَهُ، كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ النَّهْرِ شَرْحِ الْكَنْزِ عِنْدَ قَوْلِهِ (وَلَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ لَمْ تَبِنْ) . وَقَوْلُهُ: كَالْبَحْرِ، يُفِيدُ أَنَّ الْمُلْحَقَ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَحْرِ الْمِلْحِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَفَاوِزُ الْبَعِيدَةُ عَنْ دَارِ الْإِسْلَامِ وَالْحَرْبِ. (224) قَوْلُهُ: أَوْ بِالْقُرْعَةِ فِي مُعْتَقِ الْبَعْضِ. أَيْ فِي الْمُعْتَقِ الَّذِي هُوَ بَعْضُ عَبِيدِ الْمُعْتَقِ وَمَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنُهُ. هَذَا هُوَ الْمُرَادُ، وَإِنْ كَانَ فِي اسْتِفَادَتِهِ مِنْ الْعِبَارَةِ خَفَاءٌ، يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْبَحْرِ أَوْ بِقُرْعَةٍ فِي رَقِيقٍ أَعْتَقَ الْمَيِّتُ مِنْهُمْ وَاحِدًا، وَبِمَا ذَكَرْنَا سَقَطَ قَوْلُ مَنْ حَمَلَ الْعِبَارَةَ عَلَى أَظْهَرِهَا ثُمَّ قَالَ: لَا يَظْهَرُ كَيْفِيَّةُ الْقُرْعَةِ فِي مُعْتَقِ الْبَعْضِ ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ. وَكَيْفِيَّةُ الْقُرْعَةِ حِينَئِذٍ أَنْ يَذْكُرَ كُسُورَاتِ الْعَدَدِ كُلِّهَا فِي أَوْرَاقٍ وَيُقْرِعُ فَمَا خَرَجَ فَهُوَ الْمُعْتَقُ، وَيَسْعَى فِي الْبَاقِي فَتَكُونُ الْقُرْعَةُ بَيْنَ الْأَجْزَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ (225) قَوْلُهُ: الشَّاهِدُ إذَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ إلَى قَوْلِهِ تُقْبَلُ. كَذَا بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ

لِلْخَصْمِ أَنْ يَطْعَنَ فِي الشَّاهِدَيْنِ بِثَلَاثَةٍ: أَنَّهُمَا عَبْدَانِ أَوْ مَحْدُودَانِ أَوْ شَرِيكَانِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْقَضَاءُ الضِّمْنِيُّ لَا تُشْتَرَطُ لَهُ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةُ، فَإِذَا شَهِدَا عَلَى خَصْمٍ بِحَقٍّ وَذَكَرَا اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَقَضَى بِذَلِكَ الْحَقَّ، 227 - كَانَ قَضَاءً بِنَسَبِهِ ضِمْنًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَادِثَةِ النَّسَبِ. وَقَدْ ذَكَرَ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ فَرَعَيْنَ مُخْتَلِفَيْنِ حُكْمًا، وَذَكَرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا يُقَاسُ عَلَى الْآخَرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالصَّوَابُ لَمْ تُقْبَلْ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي قَاعِدَةِ الِاجْتِهَادِ لَا يَنْقُصُ بِمِثْلِهِ. وَتَكَلَّمْنَا عَلَيْهَا فَلْيُرَاجَعْ (226) قَوْلُهُ: لِلْخَصْمِ أَنْ يَطْعَنَ فِي الشَّاهِدَيْنِ بِثَلَاثَةٍ إلَخْ. فِي السِّرَاجِيَّةِ إذَا طَعَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الشُّهُودِ أَنَّهُمْ عُبَيْدٌ، فَعَلَى الْمُدَّعِي إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى حُرِّيَّتِهِمْ وَلَوْ قَالَ مَحْدُودُونَ: فِي قَذْفٍ فَعَلَى الطَّاعِنِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ (227) قَوْلُهُ: كَانَ قَضَاءً بِنَسَبِهِ ضِمْنًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَادِثَةِ النَّسَبِ. قِيلَ عَلَيْهِ الْمَنْقُولُ فِي هَذِهِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَحْثٌ لِصَاحِبِ الْعِمَادِيَّةِ رَدَّهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ (انْتَهَى) . وَرَدَّهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِمُغَايِرَةِ مَا فِي الْعِمَادِيَّةِ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. فَإِنَّ كَلَامَ الْعِمَادِيَّةِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ إشَارَةٌ وَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ الْمَالُ بِغَيْرِ إثْبَاتِ النَّسَبِ لِوُجُودِ الْإِشَارَةِ، فَإِنَّهُ يُغْنِي عَنْ ثُبُوتِ النَّسَبِ إذْ الْحَقُّ يَثْبُتُ عَلَيْهِ بِالْإِشَارَةِ كَمَا قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَحْمُولٌ عَلَى صُورَةٍ لَيْسَ فِيهَا إشَارَةٌ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ صُورَةُ الْإِشَارَةِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: بَعْدَ ذَلِكَ: وَذَكَرَ الْعِمَادِيُّ آهْ. فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ مَفْرُوضٌ فِي صُورَةِ الْإِشَارَةِ وَلَا دَلِيلَ عَلَى أَنَّ مَا قَالَهُ بَحْثٌ. وَمِنْ الْقَضَاءِ الضِّمْنِيِّ مَا فِي الْقُنْيَةِ: شَهِدُوا بِالْخُلْعِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَهُمَا يُنْكِرَانِ الْخُلْعَ وَقَضَى الْقَاضِي يَثْبُتُ الْمَالُ ضِمْنًا لِثُبُوتِ الْخُلْعِ، وَإِنْ شَرَطَ فِيهِ إثْبَاتَ الْمَالِ قَصْدًا.

وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَلْيُنْظَرْ. وَهُوَ مِنْ مُهِمَّاتِ مَسَائِلِ الْقَضَاءِ. وَعَلَى هَذَا، لَوْ شَهِدَ بِأَنَّ فُلَانَةَ زَوْجَةَ فُلَانٍ وَكَّلَتْ زَوْجَهَا فُلَانًا فِي كَذَا عَلَى خَصْمٍ مُنْكِرٍ وَقَضَى بِتَوْكِيلِهَا كَانَ قَضَاءً بِالزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا. وَهِيَ حَادِثَةُ الْفَتْوَى، 229 - وَنَظِيرُهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي طَرِيقِ الْحُكْمِ بِثُبُوتِ الرَّمَضَانِيَّةِ؛ 230 - أَنْ يُعَلِّقَ رَجُلٌ وَكَالَةَ فُلَانٍ بِدُخُولِ رَمَضَانَ 231 - وَيَدَّعِي بِحَقٍّ عَلَى آخَرَ وَيَتَنَازَعَانِ فِي دُخُولِهِ فَتُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَى رُؤْيَاهُ، فَيَثْبُتُ رَمَضَانُ فِي ضِمْنِ ثُبُوتِ التَّوْكِيلِ. وَأَصْلُ الْقَضَاءِ الضِّمْنِيِّ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُ الْمُتُونِ مِنْ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ إلَخْ. عِبَارَتُهُ: ادَّعَى عَلَى أَنَّ لِي عَلَى أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ كَذَا دِرْهَمًا، وَهُوَ هَذَا فَشَهِدَ شُهُودُهُ إنَّ هَذَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ وَلَهُ عَلَيْهِ كَذَا يَثْبُتُ الْمَالُ لَا النَّسَبُ، إذْ الْمُدَّعِي وَشُهُودُهُ لَيْسُوا بِخَصْمٍ فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ فَلَا يَثْبُتُ، وَيَثْبُتُ الْمَالُ لِوُجُودِ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ. ثُمَّ وَعَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةٍ أُخْرَى، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَنَّ لِي عَلَى فُلَانٍ دَيْنًا وَأَنَّهُ مَاتَ، وَأَنْتَ وَارِثُهُ وَابْنُهُ وَاسْمُ أَبِيك كَذَا وَاسْمُ جَدِّك كَذَا يَثْبُتُ الْمَالُ وَالنَّسَبُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ كَذَلِكَ. أَقُولُ: يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْإِشَارَةَ هُنَا تُغْنِي عَنْ ثُبُوتِ نَسَبِهِ إذْ الْحَقُّ يَثْبُتُ عَلَيْهِ بِالْإِشَارَةِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، وَأَمَّا ثَمَّةَ فَلَا يُمْكِنُ ثُبُوتُ حَقِّهِ عَلَيْهِ إلَّا بِثُبُوتِ نَسَبِهِ إذْ الْمَالُ عَلَى الْمَيِّتِ فَلَا يَنْتَقِلُ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا بِكَوْنِهِ وَارِثًا فَافْتَرَقَا (انْتَهَى) (229) قَوْلُهُ: وَنَظِيرُهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ إلَخْ. وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَعَقَدَ لَهُ نَوْعًا. (230) قَوْلُهُ: أَنْ يُعَلِّقَ رَجُلٌ وَكَالَةَ فُلَانٍ إلَخْ. قِيلَ: وَمِثْلُ الْوَكَالَةِ الْكَفَالَةُ. (231) قَوْلُهُ: وَيَدَّعِي بِحَقٍّ عَلَى آخَرَ إلَخْ. عَلَيْهِ قِيلَ سَيَأْتِي بَعْدَ وَرَقَةٍ أَنَّهُ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى فِي هِلَالِ رَمَضَانَ وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ إلَى مَا هُنَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُرَادَ بِقَبُولِ الشَّهَادَةِ بِهِ بِدُونِ الدَّعْوَى مُجَرَّدُ الثُّبُوتِ لَا الْحُكْمِ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْخُلَاصَةِ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: جِنْسٌ آخَرُ فِي إثْبَاتِ الرَّمَضَانِيَّةِ وَهِلَالِ الْعِيدِ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي

لَوْ ادَّعَى كَفَالَةً عَلَى رَجُلٍ 233 - بِمَالِ بِإِذْنِهِ فَأَقَرَّ بِهَا، وَأَنْكَرَ الدَّيْنَ فَبَرْهَنَ عَلَى الْكَفِيلِ بِالدَّيْنِ وَقَضَى عَلَيْهِ بِهَا كَانَ قَضَاءً عَلَيْهِ قَصْدًا، وَعَلَى الْأَصِيلِ الْغَائِبِ ضِمْنًا. وَلَهُ 234 - فُرُوعٌ وَتَفَاصِيلُ ذَكَرْنَاهَا فِي الشَّرْحِ. قَالَ فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى: إذَا مَاتَ الْقَاضِي انْعَزَلَ خُلَفَاؤُهُ، وَلَوْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الْوُلَاةِ انْعَزَلَ خُلَفَاؤُهُ، وَلَوْ مَاتَ الْخَلِيفَةُ لَا تَنْعَزِلُ وُلَاتُهُ وَقُضَاتُهُ (انْتَهَى) . وَفِي الْخُلَاصَةِ، وَفِي هِدَايَةِ النَّاطِفِيِّ: لَوْ مَاتَ الْقَاضِي انْعَزَلَ خُلَفَاؤُهُ؛ وَكَذَا مَوْتُ أُمَرَاءِ النَّاحِيَةِ، بِخِلَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابِ الصَّوْمِ، وَاَلَّذِي يَخْتَصُّ بِهَذَا الْكِتَابِ فِي إثْبَاتِ الرَّمَضَانِيَّةِ وَالْعِيدِ، وَالْوَجْهُ فِيهِ أَنْ يَدَّعِيَ عِنْدَ الْقَاضِي بِوَكَالَةٍ مُعَلَّقَةٍ بِدُخُولِ رَمَضَانَ فَيُقِرُّ الْخَصْمُ بِالْوَكَالَةِ وَيُنْكِرُ دُخُولَ رَمَضَانَ فَيَشْهَدُ الشُّهُودُ بِذَلِكَ فَيَقْضِي عَلَيْهِ الْقَاضِي بِالْمَالِ فَيَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ مَجِيءِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ إثْبَاتَ مَجِيءِ مُجَرَّدِ رَمَضَانَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ حَتَّى لَوْ أَخْبَرَ عَدْلٌ الْقَاضِيَ بِمَجِيءِ رَمَضَانَ يَقْبَلُ وَيَأْمُرُ النَّاسَ بِالصَّوْمِ، يَعْنِي فِي يَوْمِ الْغَيْمِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَشَرَائِطُ الْقَضَاءِ أَمَّا فِي الْعِيدِ فَيُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَهُوَ يَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ (انْتَهَى) (232) قَوْلُهُ: لَوْ ادَّعَى كَفَالَةً عَلَى رَجُلٍ عَنْ غَائِبٍ. (233) قَوْلُهُ: بِمَالٍ بِإِذْنِهِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ، وَإِنَّمَا دَخْلُهُ فِي ثُبُوتِ رُجُوعِ الْكَفِيلِ عَلَى الْأَصِيلِ (انْتَهَى) . وَفِي الْبَحْرِ مِنْ كِتَابِ الْكَفَالَةِ: وَمِنْ الْحِيَلِ فِي إثْبَاتِ الدَّيْنِ عَلَى الْغَائِبِ أَنْ يَتَوَاضَعَ مَعَ رَجُلٍ فَيَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّهُ كَفَلَ بِمَالِهِ عَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ فَيُقِرُّ الرَّجُلُ بِالْكَفَالَةِ وَيُنْكِرُ الدَّيْنَ فَيُقِيمُ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ فَيَقْضِي بِهِ عَلَى الْكَفِيلِ وَالْأَصِيلِ ثُمَّ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ. (234) قَوْلُهُ: وَلَهُ فُرُوعٌ وَتَفَاصِيلُ، وَذَكَرْنَاهَا فِي الشَّرْحِ. يَعْنِي فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ. وَالْقَضَاءُ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَلَا يَقْضِي عَلَى غَائِبٍ

[إذا مات القاضي انعزل خلفاؤه]

مَوْتِ الْخَلِيفَةِ. السُّلْطَانُ إذَا عَزَلَ الْقَاضِي انْعَزَلَ النَّائِبُ، بِخِلَافِ مَوْتِ الْقَاضِي، 235 - وَفِي الْمُحِيطِ إذَا عَزَلَ السُّلْطَانُ الْقَاضِي انْعَزَلَ نَائِبُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ الْقَاضِي، حَيْثُ لَا يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ، هَكَذَا قِيلَ. 236 - وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْعَزِلَ النَّائِبُ بِعَزْلِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبُ الْعَامَّةِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْقَاضِي؟ 237 - وَعَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - (انْتَهَى) . وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: 238 - مَاتَ الْخَلِيفَةُ وَلَهُ أُمَرَاءُ وَعُمَّالٌ فَالْكُلُّ عَلَى وِلَايَتِهِ، وَفِي الْمُحِيطِ مَاتَ الْقَاضِي انْعَزَلَ خُلَفَاؤُهُ، وَكَذَا أُمَرَاءُ النَّاحِيَةِ، بِخِلَافِ مَوْتِ الْخَلِيفَةِ، وَإِذَا عُزِلَ الْقَاضِي يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ وَإِذَا مَاتَ لَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [إذَا مَاتَ الْقَاضِي انْعَزَلَ خُلَفَاؤُهُ] قَوْلُهُ: وَفِي الْمُحِيطِ إذَا عَزَلَ السُّلْطَانُ الْقَاضِيَ انْعَزِلْ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ وَجْهًا لِلْفَرْقِ بَيْنَ عَزْلِهِ وَمَوْتِهِ، وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّهُ بِالْعَزْلِ أَرَادَ السُّلْطَانُ قَطْعَ شَأْفَتِهِ بِالْمَرَّةِ فَيَنْعَزِلُ نُوَّابُهُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ. أَوْ نَقُولُ: الْعُرْفُ فِي زَمَنِ مَنْ قَالَ بِهِ قَاضٍ بِذَلِكَ (انْتَهَى) . (236) قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْعَزِلَ النَّائِبُ بِعَزْلِ الْقَاضِي. أَيْ بِعَزْلِ السُّلْطَانِ الْقَاضِي فَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ. (237) قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ (انْتَهَى) . أَيْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْقَاضِي، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ يَنْبَغِي لِلْوُجُوبِ لَا لِلْمُسْتَحَبِّ. (238) قَوْلُهُ: مَاتَ الْخَلِيفَةُ وَلَهُ أُمَرَاءُ وَعُمَّالٌ فَالْكُلُّ عَلَى وِلَايَتِهِ. أَقُولُ: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ وَكِيلَ بَيْتِ الْمَالِ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ قَالَ التَّاجُ السُّبْكِيُّ فِي مُفِيدِ النِّعَمِ وَمُبِيدِ النِّقَمِ: هَلْ يَنْعَزِلُ وَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ بِعَزْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَوْ مَوْتِهِ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ فُقَهَاءُ الْعَصْرِ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ يَرَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ (انْتَهَى) .

وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْقَاضِي (انْتَهَى) . وَفِي الْعِمَادِيَّةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: وَإِذَا مَاتَ الْخَلِيفَةُ لَا يَنْعَزِلُ قُضَاتُهُ وَعُمَّالُهُ. وَكَذَا لَوْ كَانَ الْقَاضِي مَأْذُونًا بِالِاسْتِخْلَافِ فَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهُ وَمَاتَ الْقَاضِي أَوْ عُزِلَ لَا يَنْعَزِلُ خَلِيفَتُهُ (انْتَهَى) . فَتَحَرَّرَ مِنْ ذَلِكَ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ فِي انْعِزَالِ النَّائِبِ بِعَزْلِ الْقَاضِي وَمَوْتِهِ، وَقَوْلُ الْبَزَّازِيِّ: الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْقَاضِي، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ بِالْأَوْلَى. لَكِنْ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ نَائِبُ السُّلْطَانِ 239 - فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ النُّوَّابَ الْآنَ يَنْعَزِلُونَ بِعَزْلِ الْقَاضِي وَمَوْتِهِ 240 - لِأَنَّهُمْ نُوَّابُ الْقَاضِي مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ النُّوَّابَ الْآنَ يَنْعَزِلُونَ بِعَزْلِ الْقَاضِي وَمَوْتِهِ قِيلَ مَبْنَى هَذِهِ الدَّلَالَةِ حَمْلُ قَوْلِ صَاحِبِ الْبَزَّازِيَّةِ فِي التَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ السُّلْطَانِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ كَوْنُ الْمُسْتَنِيبِ لِلنَّائِبِ الْمَذْكُورِ هُوَ السُّلْطَانُ بِأَنْ اسْتَنَابَهُ لَا عَلَى أَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بَلْ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ الْقَاضِي، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بِأَنَّهُمْ نُوَّابُ الْقَاضِي مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيه النَّظَرُ أَنَّ الْمُرَادَ كَوْنُ النَّائِبِ الَّذِي اسْتَنَابَهُ الْقَاضِي نَائِبًا عَنْ السُّلْطَانِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِرِ نَائِبًا عَنْ الْقَاضِي يُرْشِدُك إلَيْهِ قَوْلُهُ آنِفًا؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ السُّلْطَانِ أَوْ الْعَامَّةِ وَحِينَئِذٍ يُمْنَعُ كَوْنُهُ نَائِبَ الْقَاضِي مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَإِنْ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ ابْنِ الْغَرْسِ، إذْ لَوْ كَانَ الْكَلَامُ فِي نَائِبٍ اسْتَنَابَهُ السُّلْطَانُ، لَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرُهُ بِذَلِكَ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ كَوْنِ الْمُرَادِ أَنَّ النَّائِبَ نَائِبٌ عَنْ السُّلْطَانِ حَقِيقَةً مَعَ اسْتِنَابَةِ الْقَاضِي إيَّاهُ مَا حَكَاهُ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة الْآتِي قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ: أَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا هُوَ رَسُولٌ عَنْ السُّلْطَانِ فِي نَصْبِ النُّوَّابِ. (240) قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ نُوَّابُ الْقَاضِي مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. قِيلَ عَلَيْهِ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ كَيْفَ يُقَالُ إنَّهُمْ نُوَّابُ الْقَاضِي مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مَعَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ إلَّا أَنْ

فَهُوَ كَالْوَكِيلِ مَعَ الْمُوَكِّلِ، وَلَا يَفْهَمُ أَحَدٌ الْآنَ أَنَّهُ نَائِبُ السُّلْطَانِ. 242 - وَلِهَذَا قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْغَرْسِ: وَنَائِبُ الْقَاضِي فِي زَمَانِنَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ وَبِمَوْتِهِ فَإِنَّهُ نَائِبُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (انْتَهَى) . فَهُوَ كَالْوَكِيلِ مَعَ الْمُوَكِّلِ، 243 - لَكِنْ جَعَلَ فِي الْمِعْرَاجِ كَوْنَهُ كَوَكِيلِ قَاضِي الْقُضَاةِ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَعِنْدَنَا إنَّمَا هُوَ نَائِبُ السُّلْطَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQيُفَوَّضَ إلَيْهِ ذَلِكَ وَلَوْ دَلَالَةً، كَمَا إذَا وَلَّاهُ قَاضِي الْقُضَاةِ كَمَا يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ وَحِينَئِذٍ فَالْوِلَايَةُ مَنْسُوبَةٌ لِلْمُوَلِّي لَا إلَى الْقَاضِي فَكَيْفَ أَنَّهُ نَائِبُ الْقَاضِي مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. (241) قَوْلُهُ: فَهُوَ كَالْوَكِيلِ مَعَ الْمُوَكِّلِ. قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ لَا لَهُ؛؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ إلَّا بِإِذْنٍ وَبَعْدَ الْإِذْنِ تَكُونُ الْوِلَايَةُ مَنْسُوبَةً لِلْمُوَكِّلِ حَتَّى أَنَّ الْوَكِيلَ لَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ كَمَا ذَكَرَ فِي مَحَلِّهِ. (242) قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْغَرْسِ إلَخْ. ظَاهِرُهُ أَنَّهُ ارْتَضَى كَلَامَ ابْنِ الْغَرْسِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ حَيْثُ سُئِلَ عَمَّا صُورَتُهُ مَا يُفِيدُهُ مَوْلَانَا فِيمَا ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ الْغَرْسِ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالْفَوَائِدِ الْبَدْرِيَّةِ فِي أَطْرَافِ الْقَضَايَا الْحُكْمِيَّةِ مِنْ أَنَّ نَائِبَ الْقَاضِي فِي زَمَانِنَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ وَبِمَوْتِهِ، فَإِنَّهُ نَائِبُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. وَالْقَضَاءُ مِنْ الْمَنَاصِبِ الدِّينِيَّةِ الَّتِي يَصِحُّ الْعَزْلُ بِهَا بِسَبَبٍ وَبِغَيْرِهِ (انْتَهَى) وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ الْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ وَتَحْرِيرُ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ أَجَابَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يُعْتَمَدُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْغَرْسِ لِمُخَالِفَتِهِ لِلْمَذْهَبِ فَقَدْ نَقَلَ الثِّقَاتُ أَنَّ النَّائِبَ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزَلَانِ الْأَصِيلِ وَلَا بِمَوْتِهِ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ: لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي الِاسْتِخْلَافَ إلَّا بِإِذْنِ الْخَلِيفَةِ ثُمَّ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ وَلَا بِمَوْتِهِ وَيَنْعَزِلَانِ بِعَزْلِ الْخَلِيفَةِ لَهُمَا وَلَا يَنْعَزِلَانِ بِمَوْتِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ. وَلَمْ نَرَ خِلَافًا فِي الْمَسْأَلَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (243) قَوْلُهُ: لَكِنْ جَعَلَ فِي الْمِعْرَاجِ إلَخْ. قَيْدٌ هَذَا مِنْهُ رَدٌّ لِمَا قَالَهُ ابْنُ الْغَرْسِ وَكَيْفَ لَا يُرَدُّ كَلَامُهُ؟ وَقَدْ قَالَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ نَقْلًا عَنْ الْبَدَائِعِ: وَلَوْ اسْتَخْلَفَ الْقَاضِي بِإِذْنِ الْإِمَامِ ثُمَّ مَاتَ الْقَاضِي لَا يَنْعَزِلُ خَلِيفَتُهُ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْإِمَامِ فِي الْحَقِيقَةِ لَا

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: إنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا هُوَ رَسُولٌ عَنْ السُّلْطَانِ فِي نَصْبِ النُّوَّابِ (انْتَهَى) . وَفِي وَقْفِ الْقُنْيَةِ: لَوْ مَاتَ الْقَاضِي أَوْ عُزِلَ يَبْقَى مَا نَصَبَهُ عَلَى حَالِهِ، ثُمَّ رَقَمَ يَبْقَى قَيِّمًا (انْتَهَى) . وَفِي التَّهْذِيبِ: وَفِي زَمَانِنَا لَمَّا تَعَذَّرَتْ التَّزْكِيَةُ بِغَلَبَةِ الْفِسْقِ اخْتَارَ الْقُضَاةُ اسْتِحْلَافَ الشُّهُودِ، كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لِحُصُولِ غَلَبَةِ الظَّنِّ (انْتَهَى) . 244 - وَفِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ فِي بَابِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: اعْلَمْ أَنَّ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي وَالشَّاهِدِ أَمْرٌ مَنْسُوخٌ، وَالْعَمَلُ بِالْمَنْسُوخِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQنَائِبَ الْقَاضِي وَلَا يَمْلِكُ الْقَاضِي عَزْلَ الْخَلِيفَةِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْإِمَامِ، فَلَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ، كَالْوَكِيلِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ عَزْلَ الْوَكِيلِ الثَّانِي (انْتَهَى) . يَعْنِي بِالْوَكِيلِ الثَّانِي الَّذِي وَكَّلَهُ الْأَوَّلُ بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فِي الْحَقِيقَةِ وَكِيلًا عَنْ الْمُوَكِّلِ لَا عَنْ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ. وَقَدْ عَلَّلُوا عَدَمَ عَزْلِ الْقَاضِي بِمَوْتِ الْخَلِيفَةِ بِأَنَّ الْخَلِيفَةَ نَائِبٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فَأَنَّى يَتَّجِهُ قَوْلُ ابْنِ الْغَرْسِ أَنَّهُمْ نُوَّابُ الْقَاضِي مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، مَعَ صَرِيحِ كَلَامِهِمْ قَاطِبَةً بِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ نَائِبٌ عَنْ السُّلْطَانِ حَيْثُ أَذِنَ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ. وَمَعَ قَوْلِهِ فِي الْمِعْرَاجِ كَوْنُهُ كَوَكِيلِ قَاضِي الْقُضَاةِ هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ. وَعِنْدَنَا أَنَّهُ نَائِبُ السُّلْطَانِ. وَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِهِ هُنَا وَلَا يَفْهَمُ أَحَدٌ الْآن أَنَّهُ نَائِبٌ مَعَ تَصْرِيحِ جَهَابِذَةِ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْقَاضِي مَأْذُونًا لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ نَائِبٌ عَنْ السُّلْطَانِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ السُّلْطَانُ بِعَزْلِ النُّوَّابِ بِمَوْتِهِ أَوْ بِعَزْلِهِ بِأَنْ يَقُولَ: إذَا مَاتَ أَوْ عُزِلَ فَهُمْ مَعْزُولُونَ بِعَزْلِهِ أَوْ بِمَوْتِهِ. فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ وَيُقْبَلُ لِلتَّخْصِيصِ بِالزَّمَانِ وَالْحَوَادِثِ وَالْإِشْخَاصِ وَلَا يَمْلِكُ نَصْبَ الْقُضَاةِ وَعَزْلَهُمْ إلَّا السُّلْطَانُ أَوْ مَنْ أَذِنَ لَهُ السُّلْطَانُ إذْ هُوَ صَاحِبُ الْوِلَايَةِ الْعُظْمَى فَلَا يُسْتَفَادَانِ إلَّا مِنْهُ (244) قَوْلُهُ: وَفِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ إلَخْ. فِي الْفَتَاوَى الْخَانِيَّةِ فِي فَصْلِ الدَّعْوَى بِالْمَالِ: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الرَّجُلِ بِحَقٍّ وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ ادَّعَى أَنَّ الشُّهُودَ قَدْ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ إنْ ادَّعَى رُجُوعَهُمْ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَلَا يَحْلِفُ الشُّهُودُ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ وَإِنْ ادَّعَى رُجُوعَهُمْ عِنْدَ

[رجوع القاضي عن قضائه]

حَرَامٌ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي فَتَاوَى الْقَاعِدِيِّ وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا أَمَرَ قُضَاتَهُ بِتَحْلِيفِ الشُّهُودِ، يَجِبُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَنْ يَنْصَحُوا السُّلْطَانَ وَيَقُولُوا: لَهُ لَا تُكَلِّفْ قُضَاتَك أَمْرًا، إنْ أَطَاعُوك يَلْزَمُ مِنْهُ سَخَطُ الْخَالِقِ، وَإِنْ عَصَوْك يَلْزَمُ مِنْهُ سَخَطُك إلَى آخِرِ مَا فِيهَا. 245 - لَا يَصِحُّ رُجُوعُ الْقَاضِي عَنْ قَضَائِهِ، فَلَوْ قَالَ: رَجَعْت عَنْ قَضَائِي أَوْ وَقَعْت فِي تَلْبِيسِ الشُّهُودِ أَوْ أَبْطَلْت حُكْمِي لَمْ يَصِحَّ، وَالْقَضَاءُ مَاضٍ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَقَيَّدَهُ فِي الْخُلَاصَةِ بِمَا إذَا كَانَ مَعَ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ. وَفِي الْكَنْزِ بِمَا إذَا كَانَ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَشَهَادَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ (انْتَهَى) . إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: إذَا كَانَ الْقَضَاءُ بِعِلْمِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ اسْتِنْبَاطًا مِنْ تَقْيِيدِ الْخُلَاصَةِ بِالْبَيِّنَةِ. الثَّانِيَةُ: 246 - إذَا ظَهَرَ لَهُ خَطَؤُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ نَقْضُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَبَدَّلَ رَأْيُ الْمُجْتَهِدِ. الثَّالِثَةُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَاضٍ آخَرَ إنْ لَمْ يَدَّعِ قَضَاءَ الْقَاضِي بِرُجُوعِهِمْ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ أَيْضًا، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُمْ عِنْدَ الْقَاضِي وَقَضَى بِرُجُوعِهِمْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَلَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ قُبِلَتْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الشُّهُودَ؛ لِأَنَّ رُجُوعَ الشُّهُودِ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ يَصِحُّ كَمَا لَوْ رَجَعُوا عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي قَضَى بِشَهَادَتِهِمْ (انْتَهَى) . فَقَدْ جَوَّزَ تَحْلِيفَ الشُّهُودِ. ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ رَجَعُوا عِنْدَ مُحَكَّمٍ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَيَكُونُ هَذَا مِمَّا خَالَفَ حُكْمَ الْقَاضِي [رُجُوعُ الْقَاضِي عَنْ قَضَائِهِ] (245) قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ رُجُوعُ الْقَاضِي إلَخْ. قَيَّدَ بِالرُّجُوعِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَنْكَرَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِمَا فِي الْفَوَائِدِ الْبَدْرِيَّةِ لِابْنِ الْغَرْسِ، وَنَصُّ عِبَارَتِهَا: وَالْمُفْتَى بِهِ إنَّ الْقَاضِي إذَا قَالَ: لَمْ أَقْضِ وَقَالَ الشُّهُودُ: قَضَى كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْقَاضِي. (246) قَوْلُهُ: إذَا ظَهَرَ لَهُ خَطَؤُهُ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ كَحَنَفِيٍّ قَضَى بِصِحَّةِ هِبَةِ الْمَشَاعِ الْمُحْتَمَلِ لِلْقِسْمَةِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ أَخْطَأَ.

إذَا قَضَى فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِهِ 248 - فَلَهُ نَقْضُهُ دُونَ غَيْرِهِ، كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ. 249 - أَمْرُ الْقَاضِي حُكْمٌ 250 - كَقَوْلِهِ سَلِّمْ الْمَحْدُودَ إلَى الْمُدَّعِي، 251 - وَالْأَمْرُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ، وَالْأَمْرُ بِحَسْبِهِ، إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ؛ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَأَحْتَاج بَعْضُ قَرَابَةِ الْوَاقِفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذَا قَضَى فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِهِ. قِيلَ لَعَلَّ الْعِبَارَةَ (بِمُخَالِفٍ لِمَذْهَبِهِ) أَوْ مُخَالِفًا لِمَذْهَبِهِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِالْجَرِّ صِفَةً لِمُجْتَهَدٍ فِيهِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ النَّصْبَ عَلَى الْحَالِيَّةِ. (248) قَوْلُهُ: فَلَهُ نَقْضُهُ دُونَ غَيْرِهِ. إطْلَاقُ الْغَيْرِ يَتَنَاوَلُ مَنْ يَرَى صِحَّةَ مَا حَكَمَ بِهِ الْأَوَّلُ وَمَنْ يَرَى عَدَمَهَا. فَالْأَوَّلُ كَحَنَفِيٍّ حَكَمَ بِعَدَمِ صِحَّةِ شُفْعَةِ الْجَارِ الْمُلَاصِقِ فَرَفَعَ حُكْمَهُ إلَى شَافِعِيٍّ يَرَى صِحَّةَ حُكْمِ الْمَذْكُورِ أَوْ إلَى حَنَفِيٍّ يَرَى صِحَّتهَا كَالْأَوَّلِ الْحَاكِمِ بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ. (249) قَوْلُهُ: أَمْرُ الْقَاضِي حُكْمٌ. أَقُولُ: قَدْ جَزَمَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ حُكْمًا وَجَعَلَ مَا ذُكِرَ هُنَا بِصِيغَةِ قِيلَ. فَلْيُرَاجَعْ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ مَا نَصُّهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: قَوْلُهُ لَا أَدْرِي لَك حَقًّا فِي هَذِهِ الدَّارِ بِهَذِهِ الدَّعْوَى، لَا يَكُونُ قَضَاءً مَا لَمْ يَقُلْ أَمْضَيْت أَوْ أَنَفَذْت عَلَيْك الْقَضَاءَ بِكَذَا، وَكَذَا قَوْلُهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَلِّمْ هَذِهِ الدَّارَ إلَيْهِ بَعْدَ إقَامَةِ الْبُرْهَانِ. قَالَ: وَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ لَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْقَضَاءِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ يَكُونُ حُكْمًا؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ إلْزَامٌ وَحُكْمٌ. قِيلَ: لَكِنَّ هَذَا فِي الْأَمْرِ بِخُصُوصِ التَّسْلِيمِ وَأَمَّا مُطْلَقُ الْأَمْرِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ مَذْكُورٌ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَغَيْرِهَا. (250) قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ سَلِّمْ الْمَحْدُودَ إلَى الْمُدَّعِي. هَذَا مَمْنُوعٌ فِي الْأَمْرِ بِالْكَفِيلِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ إلَّا عَلَى قَوْلٍ، وَمُسَلَّمٌ فِي غَيْرِهِ. (251) وَالْأَمْرُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ. عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ.

فَأَمَرَ الْقَاضِي بِأَنْ يُصْرَفَ شَيْءٌ مِنْ الْوَقْفِ إلَيْهِ 253 - كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْفَتْوَى، حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى فَقِيرٍ آخَرَ صَحَّ. 254 - فِعْلُ الْقَاضِي حُكْمٌ مِنْهُ؛ 255 - فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ الْيَتِيمَةَ الَّتِي لَا وَلِيَّ لَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَلَا مِنْ ابْنِهِ وَلَا مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ. وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ وَصِيٍّ أَقَامَهُ فَمَذْكُورَةٌ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ فَصْلِ (تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ وَالْقَاضِي فِي مَالِ الْيَتِيمِ) فَقَالَ: لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْقَاضِي مَا لَهُ مِنْ يَتِيمٍ وَكَذَا عَكْسُهُ، وَأَمَّا مَا شَرَاهُ مِنْ وَصِيِّهِ أَوْ بَاعَهُ مِنْ يَتِيمٍ وَقَبِلَهُ وَصِيُّهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَلَوْ وَصِيًّا مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي (انْتَهَى) . وَلَوْ بَاعَ الْقَاضِي مَا وَقَفَهُ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِغُرَمَائِهِ ثُمَّ ظَهَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَأَمَرَ الْقَاضِي بِأَنْ يُصْرَفَ شَيْءٌ مِنْ الْوَقْفِ. هَذَا مَذْكُورٌ فِي الْخَصَّافِ وَقَالَ: مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَحْكُمْ وَهَذَا مُسَلَّمٌ فِي غَيْرِ الْأَمْرِ بِالتَّسْلِيمِ. وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يُحْكَمْ أَيْ يُجْعَلْ حَكَمًا. (253) قَوْلُهُ: كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْفَتْوَى. لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ وَجْهَ عَدَمِ كَوْنِهِ حَكَمًا مَعَ صِدْقِ اسْمِ الْفَقِيرِ عَلَى مَنْ ذُكِرَ (254) قَوْلُهُ: فِعْلُ الْقَاضِي حُكْمٌ مِنْهُ. فِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ فِعْلُ الْقَاضِي يَكُونُ حُكْمًا، وَقَالَ: إنَّ فِعْلَ الْقَاضِي لَا يَكُونُ حُكْمًا وَقَدْ أَجَادَ فِي تَحْقِيقِ ذَلِكَ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ فَارْجِعْ إلَيْهِ. (255) قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ الْيَتِيمَةَ إلَخْ. رَدَّهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ، وَهُوَ الْأَوْجُهُ. ثُمَّ قَالَ: وَالْإِلْحَاقُ بِالْوَكِيلِ يَكْفِي لِلْمَنْعِ يَعْنِي الْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ لَا يَمْلِكُ أَنْ يُزَوِّجَ مِنْ ابْنِهِ. فَكَذَا الْقَاضِي بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ حُكْمٌ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ.

مَالٌ آخَرَ لِلْمَيِّتِ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ وَيَشْتَرِي بِالثَّمَنِ أَرْضًا تُوقَفُ، بِخِلَافِ الْوَارِثِ إذَا بَاعَ الثُّلُثَيْنِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ فَإِنَّهُ لَا يَشْتَرِي بِقِيمَةِ الثُّلُثَيْنِ أَرْضًا تُوقَفُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْقَاضِي حُكْمٌ، 256 - بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ، إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَعْطَى فَقِيرًا مِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ، حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَهُ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَفِيمَا إذَا أَذِنَ الْوَلِيُّ لِلْقَاضِي فِي تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ فَزَوَّجَهَا الْقَاضِي كَانَ وَكِيلًا فَلَا يَكُونُ فِعْلُهُ حُكْمًا، حَتَّى لَوْ رَفَعَ عَقْدَهُ إلَى مُخَالِفٍ كَانَ لَهُ نَقْضُهُ. كَذَا فِي الْقَاسِمِيَّةِ. فَالْمُسْتَثْنَى مَسْأَلَتَانِ. 257 - وَقَوْلُهُمْ إنَّ فِعْلَهُ حُكْمٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّعْوَى إنَّمَا هِيَ شَرْطٌ لِلْحُكْمِ الْقَوْلِيِّ دُونَ الْفِعْلِيِّ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ. وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الشَّرْحِ. إذَا قَالَ الْمُقِرُّ لِسَامِعِ إقْرَارِهِ لَا تَشْهَدْ عَلَيَّ 258 - وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَارِثِ إذَا بَاعَ الثُّلُثَيْنِ. قِيلَ فِيهِ: أَنَّ بَيْعَ الْوَارِثِ مُسَاوٍ لِبَيْعِ الْقَاضِي فِي عَدَمِ النَّقْضِ وَالشِّرَاءِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ مَحَلًّا يَجْعَلُ وَقْفًا، فَمَا وَجْهُ قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ؟ ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مُخَالَفَةُ بَيْعِ الْوَارِثِ بَيْعَ الْقَاضِي فِي كَوْنِهِ حُكْمًا لَيْسَ غَيْرَ. (257) قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُمْ إنَّ فِعْلَهُ حُكْمٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّعْوَى إنَّمَا هِيَ شَرْطٌ فِي الْحُكْمِ الْقَوْلِيِّ إلَخْ. أَقُولُ: بِهَذَا يَسْقُطُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ رَدِّ صَاحِبِ الْفَتْحِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَ الْيَتِيمَةَ الَّتِي لَا وَلِيَّ لَهَا مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ، وَهُوَ الدَّعْوَى (258) قَوْلُهُ: وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ. يَعْنِي لِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُقِرِّ لَهُ بِشَهَادَتِهِ فَلَا يُعْمَلُ نَهْيُهُ

[التوكيل عند القاضي بلا خصم]

إذَا قَالَ لَهُ الْمُقِرُّ لَهُ: لَا تَشْهَدْ عَلَيْهِ بِمَا أَقَرَّ فَحِينَئِذٍ لَا يَسَعُهُ، كَمَا فِي حِيَلِ التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ حِيَلِ الْمُدَايِنَاتِ، ثُمَّ قَالَ: وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا رَجَعَ الْمُقِرُّ لَهُ، وَقَالَ: إنَّمَا نَهَيْتُك لِعُذْرٍ وَطَلَبَ مِنْهُ الشَّهَادَةَ. قِيلَ يَشْهَدُ، وَقِيلَ: 260 - لَا يُحَلِّفُ الْقَاضِي غَرِيمَ الْمَيِّتِ بِأَنَّ الدَّيْنَ وَاجِبٌ لَك عَلَى الْمَيِّتِ وَمَا أَبْرَأْته مِنْهُ وَلَوْ كَانَ ثَابِتًا بِإِقْرَارِ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ كِتَابِ الْحِيَلِ. 261 - إنَّمَا تَجُوزُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُسَخَّرِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنَّهُ مُسَخَّرٌ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ فَلَا. إثْبَاتَ 262 - التَّوْكِيلُ عِنْدَ الْقَاضِي بِلَا خَصْمٍ جَائِزٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَالَ لَهُ الْمُقِرُّ لَهُ لَا تَشْهَدْ عَلَيْهِ. اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا عُمِلَ نَهْيُهُ لِرِضَاهُ بِعَدَمِ شَهَادَتِهِ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّهُ (260) قَوْلُهُ: لَا يُحَلِّفُ الْقَاضِي غَرِيمَ الْمَيِّتِ بِأَنَّ الدِّينَ إلَخْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ الْكَنْزِ: وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلدَّيْنِ بَلْ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَدَّعِي حَقًّا فِي التَّرِكَةِ، وَأَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَعَزَاهُ إلَى الْوَلْوَالِجيَّةِ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَإِلَّا أَجَّلَ بِطَلَبِهِ. بَقِيَ الْكَلَامُ فِي أَنَّ هَذَا التَّحْلِيفَ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ؟ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ: لَمْ أَرَهُ (261) قَوْلُهُ: إنَّمَا تَجُوزُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُسَخَّرِ. أَقُولُ: وَكَذَا الْحُكْمُ عَلَيْهِ. وَتَفْسِيرُ الْمُسَخَّرِ أَنَّهُ يَنْصِبُ الْقَاضِي وَكِيلًا عَنْ الْغَائِبِ لِتُسْمَعَ الْخُصُومَةُ عَلَيْهِ، وَالْقَاضِي يَعْلَمُ أَنَّ الْمَحْضَرَ لَيْسَ بِخَصْمٍ فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ الْخُصُومَةُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ نَصْبُ الْوَكِيلِ عَنْ مَنْ اخْتَفَى فِي بَيْتِهِ بَعْدَ مَا نَادَى أَمِينُ الْقَاضِي عَلَى بَابِ دَارِهِ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ [التَّوْكِيلُ عِنْدَ الْقَاضِي بِلَا خَصْمٍ] (262) قَوْلُهُ: إثْبَاتُ التَّوْكِيلِ عِنْدَ الْقَاضِي بِلَا خَصْمٍ جَائِزٌ. أَقُولُ: سَيَأْتِي بَعْدَ وَرَقَةٍ عَنْ الْكَافِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ وَالْوِصَايَةِ بِلَا خَصْمٍ حَاضِرٍ، وَلَوْ قَضَى بِمَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ فِي الْمُخْتَلِفِ (انْتَهَى) . وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا. وَوَفَّقَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِحَمْلِ مَا هُنَاكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ الْقَاضِي الْمُوَكِّلَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ أَنَّهُ يَئُولُ إلَى

[انعزال القاضي]

إنْ كَانَ الْقَاضِي عَرَفَ الْمُوَكِّلَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ. 264 - لَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي بِالرِّدَّةِ وَالْفِسْقِ، وَلَا يَنْعَزِلُ وَالِي الْجُمُعَةِ بِالْعِلْمِ بِالْعَزْلِ حَتَّى يَقْدُمَ الثَّانِي، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَضَاءِ بِعَمَلِهِ. وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الصَّحِيحَ الْمُفْتَى بِهِ أَنْ لَا يَقْضِيَ بِعِلْمِهِ بِحَالٍ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ: وَطَرِيقُ إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ أَنْ يَشْهَدُوا بِهَا عَلَى غَرِيمِ الْمُوَكِّلِ سَوَاءٌ كَانَ مُنْكِرًا لِلْوَكَالَةِ أَوْ مُقِرًّا بِهَا لِيَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى وَكَالَتِهِ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ حَاضِرٍ، وَلَوْ قَضَى بِهَا صَحَّ؛ لِأَنَّهَا قَضَاءٌ فِي الْمُخْتَلِفِ. (263) قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْقَاضِي عَرَفَ الْمُوَكِّلَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ وَقْتَ الْقَضَاءِ بِالْوَكَالَةِ غَائِبٌ، وَالْغَائِبُ إنَّمَا يَصِيرُ مَعْلُومًا بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ، فَإِذَا كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُ ذَلِكَ أَمْكَنَهُ الْقَضَاءُ بِالْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي لِمَعْلُومٍ عَلَى مَعْلُومٍ، وَإِذَا لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ لَوْ قَضَى بِالْوَكَالَةِ قَضَى لِمَعْلُومٍ عَلَى مَجْهُولٍ [انْعِزَال الْقَاضِي] (264) قَوْلُهُ: لَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي بِالرِّدَّةِ. أَقُولُ فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ: الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِالرِّدَّةِ فَإِنَّ الْفِكْرَ لَا يُنَافِي ابْتِدَاءَ الْقَضَاءِ فِي أَحَدِ الرِّوَايَتَيْنِ حَتَّى لَوْ قُلِّدَ الْكَافِرُ ثُمَّ أَسْلَمَ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى تَقْلِيدٍ آخَرَ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ تَقْلِيدَ الْكَافِرِ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ قَضَاؤُهُ حَالَ كُفْرِهِ، وَنَقَلَهُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْمُرْتَدَّ أَمْرُهُ مَوْقُوفٌ وَبِأَنَّ الِارْتِدَادَ فِسْقٌ، وَبِنَفْسِ الْفِسْقِ لَا يَنْعَزِلُ. إلَّا أَنَّ مَا قَضَى بِهِ الِارْتِدَادُ يَكُونُ بَاطِلًا. ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ حَكَّمَا رَجُلًا ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَجُزْ حُكْمُهُ إلَّا بِتَحْكِيمٍ جَدِيدٍ وَعَلَى قِيَاسِ الْقَاضِي لَا يَنْعَزِلُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْقَاضِيَ الْمُقَلَّدَ إنَّمَا يَصِيرُ قَاضِيًا بِتَقْلِيدِ الْإِمَامِ فَلَوْ قُلْنَا بِأَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالرِّدَّةِ يَحْتَاجُ إلَى تَقْلِيدٍ جَدِيدٍ، وَفِيهِ حَرَجٌ وَإِشَاعَةٌ لِلْفَاحِشَةِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَابَ صَلَحَ، أَمَّا الْحَكَمُ إنَّمَا صَارَ قَاضِيًا بِتَقْلِيدِهِمَا، وَلَا حَرَجَ فِي التَّقْلِيدِ ثَانِيًا فَيَنْعَزِلُ (انْتَهَى) . بَقِيَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُخَالِفٌ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالرِّدَّةِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ الْمُفْتَى بِهِ. قِيلَ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَخْلُو عَنْ إشْكَالٍ إذْ لَازِمُهُ اسْتِمْرَارُ وِلَايَتِهِ حَالَ كُفْرِهِ فَيَلْزَمُ ثُبُوتُ وِلَايَةِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَالْجَوَابُ بِأَنَّ أَحْكَامَهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ نَافِذَةٍ عَلَى الْمُسْلِمِ، فَإِنْ اسْتَمَرَّتْ وِلَايَتُهُ لَا يُدْفَعُ

وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِي الْقَاضِي، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَنْشُورِ إذَا أَتَاكَ كِتَابِي فَقَدْ عَزَلْتُك 266 - فَلَا يَنْعَزِلُ إلَّا بِهِ. طَلَبَ 267 - مِنْ الْقَاضِي كِتَابَةَ حُجَّةِ الْإِبْرَاءِ فِي غَيْبَةِ خَصْمِهِ لَمْ يَكْتُبْ لَهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يَكْتُبُ لَهُ حُجَّةَ الِاسْتِيفَاءِ وَلَهَا حُجَّةَ الطَّلَاقِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِشْكَالُ إذْ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] انْتِفَاءُ أَصْلِ الْوِلَايَةِ لَا ثُبُوتِهَا مَعَ عَدَمِ نُفُوذِ الْأَحْكَامِ فَتَأَمَّلْ (انْتَهَى) . أَقُولُ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ عَزْلِهِ بِالرِّدَّةِ اسْتِمْرَارُ وِلَايَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِ إذْ أَحْكَامُهُ حَالَ رِدَّتِهِ بَاطِلَةٌ، كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ لَا صَحِيحَةٌ مَوْقُوفَةٌ، وَإِنَّمَا تَصِحُّ بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ أَصْلُ الْوِلَايَةِ مُنْتَفِيًا حَالَ رِدَّتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَائِدَةُ عَدَمِ عَزْلِهِ بِالرِّدَّةِ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ إلَى تَجْدِيدِ التَّوْلِيَةِ إذَا أَسْلَمَ. فَلْيُتَأَمَّلْ. (265) قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِي الْقَاضِي. يَعْنِي مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَنْعَزِلُ مَا لَمْ يَقْدُمْ قَاضٍ آخَرُ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْجُمُعَةَ مُوَقِّتَةٌ فَلَوْ لَمْ يَجْمَعْ النَّاسُ بَعْدَ الْعِلْمِ تَفُوتهُمْ الْجُمُعَةُ، وَأَمَّا فِي حَقِّ الْقَاضِي لَيْسَ هُنَا شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ بِوَقْتٍ يَفُوتُ بِفَوَاتِ الْوَقْتِ فَإِذَا عَلِمَ بِكِتَابٍ وَخَبَرٍ يَنْعَزِلُ. (266) قَوْلُهُ: فَلَا يَنْعَزِلُ إلَّا بِهِ.؛ لِأَنَّ الْعَزْلَ مُعَلَّقٌ بِالشَّرْطِ فَمَا لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْعَزْلُ (267) قَوْلُهُ: طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي كِتَابَةَ حُجَّةِ الْإِبْرَاءِ إلَخْ. صُورَتُهُ: ادَّعَى الْمَطْلُوبُ أَنَّ الطَّالِبَ قَدْ أَبْرَأَ لِي عَنْ كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، وَقَالَ: قَضَيْت الدَّيْنَ الَّذِي لَهُ عَلِيَّ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ لِلْقَاضِي: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَقْدُمَ الْبَلْدَةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا، وَأَخَافُ أَنْ يَأْخُذَنِي بِالْمَالِ وَيَجْحَدَ الْإِبْرَاءَ أَوْ الِاسْتِيفَاءَ، وَشُهُودِي هُنَا، فَاسْمَعْ مِنْ شُهُودِي وَاكْتُبْ

وَقَالَ الْقَاضِي قَضَيْت بِكَذَا عَلَيْك بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ يُقْبَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى قَاضِي ذَلِكَ الْبَلَدِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مِنْ شُهُودِهِ وَلَا يَكْتُبُ لَهُ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: جَحَدَنِي الِاسْتِيفَاءَ مَرَّةً وَخَاصَمَنِي مَرَّةً، فَأَنَا أَخَاف أَنْ يُخَاصِمنِي مَرَّةً أُخْرَى فَاسْمَعْ مِنْ شُهُودِي، وَاكْتُبْ لِي إلَى قَاضِي ذَلِكَ الْبَلَدِ أَنَّهُ يَكْتُبُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْجَلْبِ (268) قَوْلُهُ: وَقَالَ الْقَاضِي قَضَيْت بِكَذَا عَلَيْك إلَخْ. وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي فِيمَا يُخْبِرُ بِمَنْزِلَةِ شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ كَمَا لَوْ قَالَ: ثَبَتَ عِنْدِي زِنَا فُلَانٍ وَإِحْصَانُهُ فَارْجُمُوهُ. أَوْ ثَبَتَ عِنْدِي قَتْلُهُ فَاقْتُلُوهُ. ثَبَتَ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَقَالَ: مُحَمَّدٌ: لَا يُصَدَّقُ الْقَاضِي فِيمَا أَخْبَرَ حَتَّى يَعْرِفَ الْحُجَّةَ الَّتِي بِهَا يَقْضِي. قَالُوا: هَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْقَرْنِ الثَّالِثِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْخَيْرِيَّةِ فَكَانَ الْغَالِبُ مِنْهُمْ الصَّلَاحَ، وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْقَرْنِ الرَّابِعِ، وَقَدْ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْفَضْلَةِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ شَاهِدٌ آخَرُ احْتِيَاطًا لِحُقُوقِ الْعِبَادِ وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ اخْتِلَافَ حُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ. مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: هَذَا قَوْلُ وَاحِدٍ غَيْرِ مَعْصُومٍ عَنْ الْكَذِبِ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً كَالشَّهَادَةِ، وَهُمَا يَقُولَانِ: الْقَاضِي نَائِبٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالنَّائِبُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمَنُوبِ مِنْهُ، وَقَوْلُ الْمَنُوبِ عَنْهُ هُوَ حُجَّةٌ عَلَى الِانْفِرَادِ فَكَذَا هَذَا. كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي، وَإِنَّمَا يَتِمُّ قَوْلُهُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ فِي الْقَرْنِ الثَّالِثِ وَمُحَمَّدٌ فِي الْقَرْنِ الرَّابِعِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقَرْنَ دُونَ الْمِائَةِ. قَالَ الْحَافِظُ بْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي بَعْدَ كَلَامٍ: وَيُطْلَقُ الْقَرْنُ عَلَى مُدَّةٍ مِنْ الزَّمَانِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَحْدِيدِهَا مِنْ عَشْرَةِ أَعْوَامٍ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ، لَكِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِالتِّسْعِينَ وَلَا بِالْمِائَةِ وَعَشْرَةٍ وَمَا عَدَا ذَلِكَ قَالَ بِهِ قَائِلٌ. وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ الثَّلَاثِينَ وَالْمِائَتَيْنِ. وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَرْنَ مِائَةٌ وَهُوَ مَشْهُورٌ (انْتَهَى) . وَفِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِلْعَيْنِيِّ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى أَنَّ الْقَرْنَ ثَلَاثُونَ سَنَةً. هَذَا، وَقَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الْإِقْرَارِ فَيَحْتَمِلُ الْإِقْرَارَ بِشَيْءٍ يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ كَالْمَحْدُودِ وَغَيْرِهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِيمَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ هُوَ فِي الْبَحْرِ فَفِي كَلَامِهِ إطْلَاقٌ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ

إرْسَالُ الْقَاضِي إلَى الْمُخَدَّرَةِ لِلدَّعْوَى وَالْيَمِينِ. 270 - لَا يَمِينَ عَلَى الصَّبِيِّ فِي الدَّعَاوَى، وَلَوْ كَانَ مَحْجُورًا لَا يُحْضِرْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إرْسَالُ الْقَاضِي إلَى الْمُخَدَّرَةِ لِلدَّعْوَى وَالْيَمِينِ. أَيْ إرْسَالُ الْقَاضِي أَمِينًا لِلْمُخَدَّرَةِ لِلدَّعْوَى وَالْيَمِينِ إذَا لَمْ تَثْبُتْ الْوَكَالَةُ عَنْهَا جَائِزٌ. وَقَدْ ظَهَرَ بِهَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ خَبَرَ الْمُبْتَدَإِ، وَهُوَ " إرْسَالُ " مَحْذُوفٌ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ ثَمَّةَ قَرِينَةٌ. وَالْمُخَدَّرَةُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ وَهِيَ الَّتِي لَا تَكُونُ بَرْزَةً بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَلَا يَرَاهَا غَيْرُ الْمَحْرَمِ مِنْ الرِّجَالِ أَمَّا الَّتِي جَلَسَتْ عَلَى الْمِنَصَّةِ فَرَآهَا رِجَالٌ أَجَانِبُ كَمَا هُوَ عَادَةُ بَعْضِ الْبِلَادِ لَا تَكُون مُخَدَّرَةً (270) قَوْلُهُ: لَا يَمِينَ عَلَى الصَّبِيِّ فِي الدَّعَاوَى. قَالَ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْأُسْرُوشَنِيِّ: الصَّبِيُّ التَّاجِرُ وَالْعَبْدُ التَّاجِرُ يُسْتَحْلَفُ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ. وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الصَّبِيَّ الْمَأْذُونَ لَهُ يُسْتَحْلَفُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا، وَبِهِ يَأْخُذُ وَفِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ لَهُ حَتَّى يُدْرِكَ وَذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ: يَحْلِفُ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ لَهُ، وَيُقْضَى بِنُكُولِهِ. وَفِي الْمُنْيَةِ: الصَّبِيُّ الْعَاقِلُ الْمَأْذُونُ لَهُ يُسْتَحْلَفُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا وَيُقْضَى بِنُكُولِهِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: صَبِيٌّ مَأْذُونٌ بَاعَ شَيْئًا فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي عَيْبًا فَأَرَادَ تَحْلِيفَهُ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ حَتَّى يُدْرِكَ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَوْ حَلَفَ وَهُوَ صَبِيٌّ ثُمَّ أَدْرَكَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ كَالنَّصْرَانِيِّ إذَا حَلَفَ ثُمَّ أَسْلَمَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ. فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ يَكُونُ مُعْتَبَرًا. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا ادَّعَى عَلَى الصَّبِيِّ دَيْنًا، وَأَنْكَرَ الْغُلَامُ فَالْقَاضِي يُحَلِّفُهُ، وَإِنْ نَكِلَ يَقْضِي بِالدَّيْنِ، وَلُزُومُهُ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْكَبِيرِ. وَفِي الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ لَا يَكُونُ لَهُ إحْضَارُهُ إلَى بَابِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ وَنَكَلَ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ وَهُوَ يَدَّعِي عَلَيْهِ الِاسْتِهْلَاكَ كَانَ لَهُ إحْضَارُهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِأَفْعَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْخُوذًا بِأَقْوَالِهِ، وَالشُّهُودُ مُحْتَاجُونَ إلَى الْإِشَارَةِ إلَيْهِ فَيَحْضُرُ، لَكِنْ يَحْضُرُ مَعَهُ أَبُوهُ أَوْ مَنْ هُوَ فِي مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ بِنَفْسِهِ لَا يَلِي شَيْئًا فَيُحْضَرُ الْأَبُ حَتَّى إذَا أَلْزَمَهُ يُؤْمَرُ الْأَبُ بِالْأَدَاءِ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ.

الْقَاضِي لِسَمَاعِهَا، وَيَحْلِفُ الْعَبْدُ وَلَوْ مَحْجُورًا، وَيُقْضَى بِنُكُولِهِ وَيُؤْخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْقَاضِي إلَخْ. فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ: وَلَوْ ادَّعَى عَلَى صَبِيٍّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَلَهُ وَصِيٌّ حَاضِرٌ لَا يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الصَّبِيِّ. كَذَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَيْنًا أَوْ دَيْنًا وَجَبَ بِمُبَاشَرَةِ هَذَا الْوَصِيِّ أَوْ وَجَبَ لَا بِمُبَاشَرَتِهِ كَضَمَانِ الِاسْتِهْلَاكِ وَنَحْوِهِ تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الصَّبِيِّ. ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي: أَوْ ادَّعَى عَلَى صَبِيٍّ مَحْجُورٍ مَالًا بِالِاسْتِهْلَاكِ أَوْ بِالْغَصْبِ إنْ قَالَ الْمُدَّعِي: لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ يُؤَاخَذُ بِأَفْعَالِهِ، وَالشُّهُودُ مُحْتَاجُونَ إلَى الْإِشَارَةِ لَكِنْ يَحْضُرُ مَعَ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ حَتَّى إذَا لَزِمَ الصَّغِيرَ شَيْءٌ يُؤَدِّي عَنْهُ أَبُوهُ مِنْ مَالِهِ. يَعْنِي مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ. وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: حَضْرَةَ الصَّغِيرِ عِنْدَ الدَّعَاوَى شَرْطٌ سَوَاءٌ كَانَ الصَّغِيرُ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعَى عَلَيْهِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْأَطْفَالِ الرَّضِيعَةِ عِنْدَ الدَّعَاوَى. هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ. وَذَكَرَ رَشِيدُ الدِّينِ فِي فَتَاوَاهُ أَنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الصَّبِيِّ عِنْدَ الدَّعَاوَى (انْتَهَى) . وَفِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْأُسْرُوشَنِيِّ: وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى صَبِيٍّ مَحْجُورٍ شَيْئًا، وَلَهُ وَصِيٌّ حَاضِرٌ لَا تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الصَّبِيِّ. هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا أَوْ عَيْنًا وَجَبَ الدَّيْنُ بِمُبَاشَرَةِ هَذَا الْوَصِيِّ أَوْ لَا. وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ فِي أَجْنَاسِهِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ وَاجِبًا بِمُبَاشَرَةِ هَذَا الْوَصِيِّ لَا يُشْتَرَطُ إحْضَارُ الصَّبِيِّ. وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ: إذَا وَقَعَتْ الدَّعَاوَى عَلَى الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ إحْضَارِهِ، وَلَكِنْ يَحْضُرُ مَعَهُ أَبُوهُ حَتَّى إذَا لَزِمَ الصَّبِيَّ شَيْءٌ يُؤَدِّي عَنْهُ أَبُوهُ مِنْ مَالِهِ وَفِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ: إنَّ إحْضَارَ الصَّبِيِّ فِي الدَّعَاوَى شَرْطٌ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِ زَمَانِنَا مَنْ شَرَطَ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الصَّغِيرُ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ وَصِيٌّ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ عَنْهُ وَصِيًّا أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ. وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْأَطْفَالِ الرَّضِيعَةِ عِنْدَ الدَّعْوَى وَتُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الصَّبِيِّ عِنْدَ نَصْبِ الْوَصِيِّ لِلْإِشَارَةِ إلَيْهِ. هَكَذَا فِي الْفَتَاوَى وَفِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ، وَمِنْ مَشَايِخِ زَمَانِنَا مَنْ أَبَى ذَلِكَ، وَقَالَ لَوْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي

الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ عَلَى الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ. 273 - لَا يُقْبَلُ قَوْلُ أَمِينِ الْقَاضِي أَنَّهُ حَلَّفَ الْمُخَدَّرَةَ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ. 274 - الْقَضَاءُ يَتَخَصَّصُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، فَلَوْ وَلَّاهُ قَاضِيًا بِمَكَانِ كَذَا لَا يَكُونُ قَاضِيًا فِي غَيْرِهِ. وَفِي الْمُلْتَقَطِ: 275 - وَقَضَاءُ الْقَاضِي فِي غَيْرِ مَكَانِ وِلَايَتِهِ لَا يَصِحُّ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَهْدِ يُشْتَرَطُ إحْضَارُ الْمَهْدِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ أَشْتِرَاطَهُ بَعِيدٌ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ وَأَشْبَهُ بِالْفِقْهِ (272) قَوْلُهُ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ عَلَى الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ. يَعْنِي لَوْ أَنْكَرَ الدَّيْنَ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا فَأَنْكَرَ لَا يَحْلِفُ عَلَى الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ فِي أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: وَكَانَ وَجْهُهُ إنْ قِيلَ: حُلُولُ الْأَجَلِ لَا يُسَوِّغُ لَهُ الْمُطَالَبَةَ بِهِ مَتَى يَتَرَتَّبُ عَلَى النَّكَارَةِ التَّحْلِيفُ. هَكَذَا ظَهَرَ لِي ثُمَّ رَأَيْته فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ عَلَّلَ بِمَا ذَكَرْته (273) قَوْلُهُ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُ أَمِينِ الْقَاضِي أَنَّهُ حَلَّفَ الْمُخَدَّرَةَ إلَخْ. الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ غَيْرَ الْمُحَلِّفِ الْأَمِينِ. وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ شَاهِدٍ مَعَهُ فَأُقِيمَ هُنَاكَ الْأَمِينُ مَقَامَ شَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَهُنَا لَمْ يَقُمْ مَقَامُهُ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ (274) قَوْلُهُ: الْقَضَاءُ يَتَخَصَّصُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ إلَخْ. قَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَرِيبًا، وَاعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ قَضَى الْقَاضِي فِي حَادِثَةٍ بِحَقٍّ ثُمَّ أَمَرَهُ السُّلْطَانُ أَنْ يَسْمَعَ هَذِهِ الْحَادِثَةَ ثَانِيًا بِمَشْهَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَا يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي ذَلِكَ (انْتَهَى) . (275) قَوْلُهُ: وَقَضَاءُ الْقَاضِي فِي غَيْرِ مَكَانِ وِلَايَتِهِ إلَخْ. قَيَّدَ بِالْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ تَقْرِيرَهُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ صَحِيحٌ،؛ لِأَنَّهُ كَالْفَتْوَى، كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا بَعْدَ الْوُقُوفِ عَلَى صَرِيحِ النَّقْلِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ: وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَدَاعِيَانِ مِنْ بَلَدِ الْقَاضِي إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الدَّيْنِ وَالْمَنْزِلِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي عَقَارٍ لَا فِي وِلَايَتِهِ فَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ. وَإِيَّاكَ أَنْ تَفْهَمَ خِلَافَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ غَلَطٌ انْتَهَى

[الشهادة حسبة بلا دعوى]

إذَا كَانَ الْعَقَارُ لَا فِي وِلَايَتِهِ؛ فَاخْتَارَ فِي الْكَنْزِ عَدَمَ صِحَّةِ قَضَائِهِ، وَصَحَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ الصِّحَّةَ، وَاقْتَصَرَ قَاضِي خَانْ عَلَيْهِ. وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْعَقَارِ لَا فِي الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. 276 - وَفِي الْقُنْيَةِ: قَضَى فِي وِلَايَتِهِ ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَى قَضَائِهِ فِي غَيْرِ وِلَايَتِهِ لَا يَصِحُّ الْإِشْهَادُ (انْتَهَى) . 277 - وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ قَالَ: لَا أَدْرِي أَمُؤْمِنٌ أَنَا أَوْ لَا، لِلشَّكِّ فِي الْإِيمَانِ، وَكَذَا إمَامَتُهُ كَذَا فِي شَهَادَاتِ الْوَلْوَالِجيَّةِ. 278 - تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى 279 - فِي طَلَاقِ الْمَرْأَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي الْقُنْيَةِ قَضَى فِي وِلَايَتِهِ ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَى قَضَائِهِ إلَخْ. قُلْتُ: وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ الْحَاكِمُ عَنْ الْمَحْكَمَةِ ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَى حُكْمِهِ حَيْثُ يَصِحُّ إشْهَادُهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَةِ (277) قَوْلُهُ: وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ قَالَ: لَا أَدْرِي أَمُؤْمِنٌ أَنَا أَمْ غَيْرُ مُؤْمِنٍ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ خَلْفَهُ؛ لِأَنَّهُ يَشُكُّ فِي إيمَانِهِ وَمَنْ شَكَّ فِي إيمَانِهِ فَهُوَ غَيْرُ مُؤْمِنٍ انْتَهَى. أَقُولُ: يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْقَبُولِ عَدَمُ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُؤْمِنِ لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ، وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، بَلْ وَلَا صَلَاتُهُ وَحْدَهُ. وَعَلَى هَذَا كَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ وَلَا الصَّلَاةُ خَلْفَهُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ عَدَمُ الصِّحَّةِ فَتَأَمَّلْ [الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى] (278) قَوْلُهُ: تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ حِسْبَةٌ بِلَا دَعْوَى. يَعْنِي وَيُقْضَى بِهَا. (279) قَوْلُهُ: فِي طَلَاقِ الْمَرْأَةِ. يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً فِي النِّهَايَةِ تَقَيَّدَ الْقَبُولُ بِمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا أَمَّا إذَا كَانَ غَائِبًا فَلَا. قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ: وَكَذَا حُضُورُ الْمَوْلَى فِي صُورَةِ الْأَمَةِ، وَلَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمَرْأَةِ لِيُشِيرَ إلَيْهَا الشُّهُودُ (انْتَهَى) . أَقُولُ: لَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ الْمَرْأَةِ إذْ الْأَمَةُ

وَعِتْقِ الْأَمَةِ 281 - وَالْوَقْفِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQكَذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى حُضُورِهَا لِيُشِيرَ إلَيْهَا إلَّا أَنْ يُرَادَ مِنْ الْمَرْأَةِ مَا تَعُمُّ الْحُرَّةَ وَالْأَمَةَ، وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ خَصَّصَ لَفْظَ الْمَرْأَةِ بِالْحُرَّةِ. (280) قَوْلُهُ: وَعِتْقُ الْأَمَةِ. الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ الْآتِيَةِ، أَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ بِحُرْمَةِ الْفَرْجِ، وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الْعَبْدِ. وَفِي الْعِمَادِيَّةِ هَلْ يَحْلِفُ حِسْبَةً فِي عِتْقِ الْأَمَةِ وَطَلَاقِ الْمَرْأَةِ. أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَابِ التَّحَرِّي أَنَّهُ يَحْلِفُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ وَذَكَرَ السَّرَخْسِيُّ فِي مُقَدَّمَةِ بَابِ السَّلْسَلَةِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فَتَأَمَّلْهُ عِنْدَ الْفَتْوَى كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ لِلشَّيْخِ عَبْدِ الْبَرِّ بْنِ الشِّحْنَةِ. (281) قَوْلُهُ: وَالْوَقْفُ. قَالَ قَاضِي خَانْ: رَجُلٌ بَاعَ أَرْضًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ وَقَفَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ، وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ يَعْتَمِدُ صِحَّةَ الدَّعْوَى، وَدَعْوَاهُ لَمْ تَصِحَّ لِمَكَانِ التَّنَاقُضِ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ لَا يَمْنَعُ الدَّعْوَى. وَعَلَى قَوْلِ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ: الدَّعْوَى لَا تُشْتَرَطُ فِي الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى. وَهُوَ التَّصَدُّقُ بِالْغَلَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الدَّعْوَى كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَعِتْقِ الْأَمَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ مَخْصُوصٌ وَلَمْ يَدَّعِ لَا يُعْطَى مِنْ الْغَلَّةِ شَيْءٌ، وَتُصْرَفُ جَمِيعُ الْغَلَّةِ إلَى الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ قُبِلَتْ لَحَقِّ الْفُقَرَاءِ فَلَا تَظْهَرُ إلَّا فِي حَقِّ الْفُقَرَاءِ. قَالَ - يَعْنِي - قَاضِي خَانْ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ بِدُونِ الدَّعْوَى عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى الْمَسْجِدِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى، وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا تُقْبَلُ (انْتَهَى) . قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ وَهْبَانَ: وَهَذَا التَّفْصِيلُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ وَإِنْ كَانَ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ وَأَخَّرَهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِجِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ كَالْفُقَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ، فَالشَّهَادَةُ تُقْبَلُ لَحَقِّهِمْ إمَّا حَالًا وَإِمَّا مَآلًا (انْتَهَى) . وَرَدَّهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّفْصِيلِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إذَا قَامَتْ بِأَنَّ هَذَا وَقْفٌ يَسْتَحِقُّهُ قَوْمٌ بِأَعْيَانِهِمْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الدَّعْوَى لِثُبُوتِ اسْتِحْقَاقِهِمْ

وَهِلَالِ رَمَضَانَ، وَغَيْرِهِ إلَّا هِلَالَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتَنَاوُلِهِمْ، وَإِنْ كَانَ آخِرُهُ مَا ذَكَرَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَامَتْ عَلَى أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسْجِدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَنَقَلَ فِي الْعِمَادِيَّةِ عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ هَذَا التَّفْصِيلَ قَالَ: وَكَذَا فَصَّلَ الْإِمَامُ الْفَضْلِيُّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَهُوَ فَتْوَى أَبِي الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيِّ. وَقَدْ رَأَيْت عَنْ صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ وَفَتَاوَى النَّسَفِيِّ قَدْ ذَكَرَ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْوَقْفِ صَحِيحَةٌ بِدُونِ الدَّعْوَى مُطْلَقًا، وَهَذَا الْجَوَابُ عَلَى الْإِطْلَاقِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَإِنَّمَا الصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ وَقْفٍ هُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ صَحِيحَةٌ بِدُونِ الدَّعْوَى، وَكُلُّ وَقْفٍ هُوَ حَقُّ الْعِبَادِ فَالشَّهَادَةُ لَا تَصِحُّ بِدُونِ الدَّعْوَى، وَنَقَلَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ فَتَاوَى التَّجْنِيسِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ أَنَّهُ تُسْمَعُ الدَّعْوَى، وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ، وَبِهِ أَخَذَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ وَلَكِنْ لَا نَأْخُذُ بِهِ. وَفِي الْعِمَادِيَّةِ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَنَقْضِ الْبَيْعِ وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. (282) قَوْلُهُ: وَهِلَالِ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ إلَخْ. أَيْ وَالشَّهَادَةُ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ مِمَّا فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى خَالِصًا. قَالَ قَاضِي خَانْ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطُ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي عِتْقِ الْأَمَةِ وَطَلَاقِ الْحُرَّةِ عِنْدَ الْكُلِّ وَعِتْقِ الْعَبْدِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَفِي الْوَقْفِ عَلَى قَوْلِ أَبِي جَعْفَرٍ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ الدَّعْوَى فِي هِلَالِ الْفِطْرِ وَهِلَالِ رَمَضَانَ، كَمَا فِي عِتْقِ الْعَبْدِ عِنْدَهُ وَالْمُصَنِّفُ طَرَدَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ كَرَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَغَيْرِهِمَا إذَا قُصِدَ بِإِثْبَاتِهِ أَمْرٌ دِينِيٌّ خَالِصٌ لِلَّهِ تَعَالَى كَأَنْ يُغَمَّ هِلَالُ رَمَضَانَ فَيُحْتَاجَ إلَى إثْبَاتٍ أَوْ شَعْبَانَ فَلَوْ غَمَّا يَحْتَاجُ إثْبَاتُ هِلَالِ رَجَبٍ، وَهَلُمَّ جَرَّا. وَفِي الْعِمَادِيَّةِ عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِهِلَالِ عِيدِ الْفِطْرِ لَا تُقْبَلُ بِدُونِ الدَّعْوَى، وَفِي الْأَضْحَى اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ فَبَعْضُهُمْ قَاسُوا عَلَى هِلَالِ الْفِطْرِ. وَفِي الْعُدَّةِ: يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ الدَّعْوَى وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي هِلَالِ شَوَّالٍ أَمَّا رَمَضَانُ فَقَالَ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِيهِ وَقَالَ خُوَاهَرْ زَادَهُ يُشْتَرَطُ: وَكَذَا فِي الْأَضْحَى. وَقَالَ: فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ الْحُكْمُ لِثُبُوتِ ذَلِكَ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا نَصَّ بِهَذَا فِي الْكِتَابِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ بَلْ يَكْفِي الْأَمْرُ بِالصَّوْمِ وَالْخُرُوجُ إلَى الْمُصَلَّى.

وَالْحُدُودِ إلَّا حَدَّ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ. 284 - وَاخْتَلَفُوا فِي قَبُولِهَا بِلَا دَعْوَى فِي النَّسَبِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ النَّسَبِ، وَجَزَمَ بِالْقَبُولِ ابْنُ وَهْبَانَ، 285 - وَفِي تَدْبِيرِ الْأَمَةِ وَحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ، 286 - وَالْخُلْعِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْحُدُودِ لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى هِلَالِ الْفِطْرِ كَمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ بَلْ عَلَى الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ حَدَّ الزِّنَا وَالسُّكْرِ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَالطَّلَاقِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ. (284) قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي قَبُولِهَا بِلَا دَعْوَى فِي النَّسَبِ إلَخْ. حُكِيَ عَنْ صَاحِبِ الْمُحِيطِ الْقَبُولُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ حُرُمَاتٍ كُلُّهَا لِلَّهِ تَعَالَى، حُرْمَةُ الْفُرُوجِ وَحُرْمَةُ الْأُمُومَةِ وَالْأُبُوَّةِ فَتُقْبَلُ كَمَا فِي عِتْقِ الْأَمَةِ؛ وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ. وَنَقَلَ عَنْ الْقُنْيَةِ: الشَّهَادَةُ عَلَى دَعْوَى الْمَوْلَى بِنَسَبِ عَبْدٍ تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى. قَالَ ابْنُ وَهْبَانَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَوَازَ يَخْرُجُ عَلَى قَوْلِهِمَا وَعَدَمِهِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (285) قَوْلُهُ: وَفِي تَدْبِيرِ الْأَمَةِ. فِي الْقُنْيَةِ قَاسَهَا عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: تُقْبَلُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِدُونِ الدَّعْوَى، كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْعِتْقِ. وَقَدْ جَعَلَ ابْنُ وَهْبَانَ الْقَبُولَ يَخْتَلِفُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ كَمَا فِي عِتْقِهِمَا فَتُقْبَلُ فِي الْأَمَةِ عِنْدَ الْكُلِّ وَفِي الْعَبْدِ يَجْرِي الْخِلَافُ؛ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ: عِنْدِي فِي هَذَا التَّخْرِيجِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمُوجِبَ لِلْقَبُولِ بِدُونِ الدَّعْوَى عِنْدَ الْإِمَامِ كَوْنُ ذَلِكَ مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا فِي عِتْقِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بِحُرْمَةِ الْفَرْجِ، وَهُمَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى؛ وَذَلِكَ لَا تُوجَدُ فِي تَدْبِيرِ الْأَمَةِ أَعْنِي حُرْمَةَ الْفَرْجِ عَلَى الْمَوْلَى فَيَكُونُ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ فَيُشْتَرَطُ لَهُ الدَّعْوَى عِنْدَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ عِنْدَهُمَا فَتَأَمَّلْهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ حُرْمَةَ الْفَرْجِ عِنْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ (انْتَهَى) . وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَنَّ تَدْبِيرَ الْأَمَةِ عَلَى الْخِلَافِ فَإِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي النَّسَبِ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ لَكِنْ يُشْكِلُ عَطْفُ الْخُلْعِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. (286) قَوْلُهُ: وَالْخُلْعُ. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: الشَّهَادَةُ عَلَى الْخُلْعِ بِدُونِ دَعْوَى الْمَرْأَةِ مَقْبُولَةٌ كَمَا فِي الطَّلَاقِ، وَعِتْقِ الْأَمَةِ وَيَسْقُطُ الْمَهْرُ عَنْ ذِمَّةِ الزَّوْجِ وَيَدْخُلُ الْمَالُ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ تَبَعًا (انْتَهَى) . قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشِّحْنَةِ: وَهَذِهِ اتِّفَاقِيَّةٌ.

وَالْإِيلَاءِ، وَالظِّهَارِ 288 - وَلَا تُقْبَلُ فِي عِتْقِ الْعَبْدِ بِدُونِ دَعْوَاهُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا. 289 - وَاخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَالْمُعْتَمَدُ لَا. وَالنِّكَاحُ يَثْبُتُ بِدُونِ الدَّعْوَى كَالطَّلَاقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ. ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشِّحْنَةِ أَنَّ فِي الشَّهَادَةِ بِحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ وَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُون الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ حَاضِرًا. نَقَلَ ذَلِكَ فِي الْعِمَادِيَّةِ قَالَ: وَبَعْضُهُمْ قَالَ: لَا تُقْبَلُ بِدُونِ الدَّعْوَى؛ وَالْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ مَذْكُورَانِ فِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ. (288) قَوْلُهُ: وَلَا تُقْبَلُ فِي عِتْقِ الْعَبْدِ إلَخْ. فَإِنَّ دَعْوَاهُ شَرْطٌ عِنْدَهُ كَمَا إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِعِتْقِ عَبْدِهِ، وَالْعَبْدُ وَالْمَوْلَى يُنْكِرَانِ ذَلِكَ، لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَا: تُقْبَلُ. وَفِي الْحَقَائِقِ: قَدْ تُحَقِّقُ الدَّعْوَى حُكْمًا بِأَنْ يَقْطَعَ الْعَبْدُ يَدَ حُرٍّ، فَقَالَ الْحُرُّ: أَعْتَقَك مَوْلَاك قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَلِي عَلَيْك الْقِصَاصُ، فَأَنْكَرَ الْعَبْدُ وَالْمَوْلَى ذَلِكَ، تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيَقْضِي بِعِتْقِهِ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْعِتْقَ قَائِمٌ مَقَامَ دَعْوَى الْعَبْدِ حُكْمًا. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِلَا دَعْوَى مَقْبُولَةٌ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَكُونُ نَائِبًا عَنْ اللَّهِ تَعَالَى فَتَكُونُ شَهَادَةٌ عَلَى خَصْمٍ فَتُقْبَلُ، وَغَيْرُ مَقْبُولَةٍ فِي حُقُوقِ الْعَبْدِ، وَهَذَا أَصْلٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لَكِنَّ الْغَالِبَ عِنْدَهُمَا فِي حُقُوقِ الْعَبْدِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِيَّةِ وَهِيَ الْحُرِّيَّةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَالْجُمُعَةِ وَغَيْرِهِمَا. يَعْنِي كَالْعِيدِ وَالْحَجِّ وَالْحُدُودِ وَلِذَا لَمْ يَجُزْ اسْتِرْقَاقُ الْحُرِّ بِرِضَاهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَتُقْبَلُ بِدُونِ الدَّعْوَى وَالْغَالِبُ عِنْدَهُ حَقُّ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ نَفْعَ الْحُرِّيَّةِ عَائِدٌ إلَيْهِ مِنْ مَلَكِيَّتِهِ وَخَلَاصِهِ مِنْ كَوْنِهِ مُبْتَذَلًا، كَالْمَالِ فَلَا يُقْبَلُ بِدُونِ الدَّعْوَى كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ. (289) قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْحُرِّيَّةِ، وَالْمُعْتَمَدُ لَا أَقُولُ نَقَلَ صَاحِبُ الْعِمَادِيَّةِ عَنْ فَتْوَى رَشِيدِ الدِّينِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الشَّهَادَةِ الْقَائِمَةِ عَلَى الْعِتْقِ مِنْ جِهَةِ الْمَوْلَى أَمَّا لَا خِلَافَ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ أَنَّهَا تُقْبَلُ بِدُونِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بِحُرِّيَّةِ الْأَمَةِ فَهِيَ شَهَادَةٌ بِحُرْمَةِ الْفَرْجِ فَتُقْبَلُ. ثُمَّ نَقَلَ عَنْ صَاحِبِ الْمُحِيطِ أَنَّهُ حَكَى فِي شَرْحِهِ لِلْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ الصَّحِيحَ اشْتِرَاطُ الدَّعْوَى فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ كَمَا فِي الْعِتْقِ

لِأَنَّ حِلَّ الْفَرْجِ وَالْحُرْمَةَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَجَازَ ثُبُوتُهُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى. 291 - كَذَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ فِي النِّكَاحِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ؛ إنْ كَانَ حَاضِرًا كَفَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، 292 - وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِهِ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ. وَلَا تَكْفِي النِّسْبَةُ إلَى الْفَخِذِ وَلَا إلَى الْحِرْفَةِ، وَلَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى الِاسْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا. وَتَكْفِي النِّسْبَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَارِضِ وَأَنَّ التَّنَاقُضَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى وَلَا صِحَّةَ الشَّهَادَةِ فِيهَا، وَنَقَلَ عَنْ مُتَفَرِّقَاتِ شَهَادَاتِ الْمُحِيطِ وَقَالَ: إنَّهُ لَا يَحْلِفُ عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ حِسْبَةً بِدُونِ الدَّعْوَى بِالِاتِّفَاقِ. (290) قَوْلُهُ: لِأَنَّ حِلَّ الْفَرْجِ وَالْحُرْمَةِ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى. وَمِنْ صُوَرِهَا مَا إذَا أَرَادَ ابْنُ الْمَشْهُودِ بِنِكَاحِهِ تَزَوُّجَ مَنْ نَكَحَهَا أَبُوهُ جَاهِلًا بِنِكَاحِهِ إيَّاهَا فَلِلشُّهُودِ الشَّهَادَةُ بِنِكَاحِ أَبِيهِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى لِحُرْمَةِ فَرْجِهَا عَلَى ابْنِ الزَّوْجِ، وَذَلِكَ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى هَذَا، وَاَلَّذِي تَحَرَّرَ لِي أَنَّ مَا تُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى عِنْدَ الْكُلِّ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: عِتْقُ الْأَمَةِ وَالطَّلَاقُ وَالْخُلْعُ وَالنِّكَاحُ. وَوَهَمَ ابْنُ وَهْبَانَ فَجَعَلَ تَدْبِيرَ الْأَمَةِ مِمَّا تُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى عِنْدَ الْكُلِّ. وَاعْلَمْ أَنَّ مِمَّا تُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى أُمُورٌ تُوجِبُ التَّعْزِيرَ إذَا كَانَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى. ذَكَرَ ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَعْضِ رَسَائِلِهِ وَفِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ. (291) قَوْلُهُ: كَذَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ مِنْ النِّكَاحِ. أَقُولُ: لَيْسَ مَا ذَكَرَ فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ وَإِنَّمَا هُوَ فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ (292) قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ غَائِبًا إلَخْ. فِيهِ أَنَّ الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ لَا تَصِحُّ فَكَيْفَ تَصِحُّ الشَّهَادَةُ؟ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي، فَإِنَّ الْبَزَّازِيَّ ذَكَرَهُ فِيهِ فَيَتَخَصَّصُ بِهِ، وَحِينَئِذٍ كَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ يُفِيدَ ذَلِكَ بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي

إلَى الزَّوْجُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِعْلَامُ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ حِلْيَتِهَا، وَيَكْفِي فِي الْعَبْدِ اسْمُهُ وَمَوْلَاهُ وَأَبٌ مَوْلَاهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَى وَجْهِهَا فِي التَّعْرِيفِ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُخْبِرِ لِلشَّاهِدِ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ أَكْثَرُ مِنْ عَدْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ. 293 - وَالْقَاضِي هُوَ الَّذِي يَنْظُرُ إلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ وَيَكْتُبُ حِلَاهَا، لَا الشَّاهِدُ. الْكُلُّ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ. لَا اعْتِبَارَ بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ 294 - إلَّا إذَا أَقَامَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ الْقَاضِي إلَى آخَرَ فَإِنَّهُ يَكْتُبُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ مَا يُبْطِلُ دَعْوَى الْمُدَّعِي، قَالَ: سَمِعْت شَيْخَ الْإِسْلَامِ الْقَاضِي عَلَاءَ الدِّينِ الْمَرْوَزِيَّ يَقُولُ: عِنْدَنَا كَثِيرًا أَنَّ الرَّجُلَ يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ بِمَالِ فِي صَكٍّ وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَدَّعِي أَنَّ بَعْضَ هَذَا الْمَالِ قَرْضٌ وَبَعْضَهُ رِبًا عَلَيْهِ. وَنَحْنُ نُفْتِي أَنَّهُ إنْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً تُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ مُنَاقِضًا، لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى هَذَا الْإِقْرَارِ (انْتَهَى) . وَقَالَ فِي كِتَابِ الْمُدَايَنَاتِ قَالَ أُسْتَاذُنَا: وَقَعَتْ وَاقِعَةٌ فِي زَمَانِنَا أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَشْتَرِي الذَّهَبَ الرَّدِيءَ زَمَانًا الدِّينَارُ بِخَمْسَةِ دَوَانِقَ، ثُمَّ تَنَبَّهَ فَاسْتَحَلَّ مِنْهُمْ فَأَبْرَءُوهُ عَمَّا بَقِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْقَاضِي هُوَ الَّذِي يَنْظُرُ إلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ. يَعْنِي إذَا أَمِنَ الشَّهْوَةَ فَإِذَا خَافَ امْتَنَعَ الْقَاضِي وَالشَّاهِدُ مِنْ النَّظَرِ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ؛ وَمِنْهُ يُعْلَمُ عَدَمُ صِحَّةِ حَصْرِ النَّظَرِ فِي الْقَاضِي وَأَنَّهُ أَطْلَقَ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ وَهُوَ غَيْرُ سَدِيدٍ (294) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَقَامَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إلَخْ. يَعْنِي إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى وَلَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ فِي بَلْدَتِهِ وَآخَرُ فِي بَلْدَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَرَادَ أَنْ يَنْقُلَ شَهَادَةَ مَنْ فِي بَلْدَتِهِ وَيَدَّعِيَ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ وَيَتَمَسَّكَ بِكِتَابِ الشَّهَادَةِ وَيُشَاهِدَ هُنَاكَ جَازَ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ

لَهُمْ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ مُسْتَهْلَكًا. فَكَتَبْت أَنَا وَغَيْرِي أَنَّهُ يَبْرَأُ. وَكَتَبَ رُكْنُ الدِّينِ الزَّنْجَانِيُّ: الْإِبْرَاءُ لَا يَعْمَلُ فِي الرِّبَا؛ لِأَنَّ رَدَّهُ لِحَقِّ الشَّرْعِ. وَقَالَ: بِهِ أَجَابَ نَجْمُ الدِّينِ الْحَكَمِيُّ مُعَلِّلًا بِهَذَا التَّعْلِيلِ، وَقَالَ: هَكَذَا سَمِعْت عَنْ ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: فَقَرُبَ مِنْ ظَنِّي أَنَّ الْجَوَابَ كَذَلِكَ مَعَ تَرَدُّدٍ، فَكُنْت أَطْلُبُ الْفَتْوَى لِأَمْحُوَ جَوَابِي عَنْهُ فَعَرَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى عَلَاءِ الْأَئِمَّةِ الْحَنَّاطِيِّ، فَأَجَابَ أَنَّهُ يَبْرَأُ إنْ كَانَ الْإِبْرَاءُ بَعْدَ الْهَلَاكِ، وَغَضِبَ مِنْ جَوَابِ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ فَازْدَادَ ظَنِّي بِصِحَّةِ جَوَابِي. وَلَمْ أَمْحُهُ. وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ مَا ذَكَرَهُ الْبَزْدَوِيُّ فِي غِنَاءِ الْفُقَهَاءِ، مِنْ جُمْلَةِ صُوَرِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ: جُمْلَةُ الْعُقُودِ الرِّبَوِيَّةِ يُمْلَكُ الْعِوَضُ فِيهَا بِالْقَبْضِ، فَإِذَا اسْتَهْلَكَهُ عَلَى مِلْكِهِ ضَمِنَ مِثْلَهُ، فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ لِرَدِّ مِثْلِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ رَدَّ ضَمَانِ مَا اسْتَهْلَكَ لَا رَدَّ عَيْنِ مَا اسْتَهْلَكَ، وَبِرَدِّ ضَمَانِ مَا اسْتَهْلَكَ لَا يَرْتَفِعُ الْعَقْدُ السَّابِقُ بَلْ يَتَقَرَّرُ مُفِيدًا لِلْمِلْكِ فِي فَصْلِ الرِّبَا، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي رَدِّهِ فَائِدَةٌ نُقِضَ عَقْدُ الرِّبَا، لِيَجِبَ ذَلِكَ حَقًّا لِلشَّرْعِ، 295 - وَإِنَّمَا الَّذِي يَجِبُ حَقًّا لِلشَّرْعِ رَدُّ عَيْنِ الرِّبَا، إنْ كَانَ قَائِمًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الَّذِي يَجِبُ حَقًّا لِلشَّرْعِ رَدُّ عَيْنِ الرِّبَا إنْ كَانَ قَائِمًا: لَا رَدُّ ضَمَانِهِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعَقْدَ الْمَذْكُورَ تَعَلَّقَ بِسَبَبِهِ حَقَّانِ حَقُّ الْعَبْدِ وَهُوَ رَدُّ عَيْنِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا أَوْ رَدُّ ضَمَانِهِ إنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا، وَحَقُّ الشَّرْعِ وَهُوَ رَدُّ عَيْنِهِ يَنْقُضُ الْعَقْدَ السَّابِقَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ شَرْعًا؛ وَإِبْرَاءُ الْعَبْدِ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا يَمْلِكُهُ وَهُوَ الدَّيْنُ الثَّابِتُ فِي الذِّمَّةِ وَلَا شَكَّ فِي بَرَاءَتِهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَهُ قَدْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ، وَأَمَّا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ وَهُوَ حَقُّ الشَّرْعِ فَلَا عَمَلَ لِإِبْرَائِهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَقًّا لَهُ. وَقَدْ تَعَذَّرَ بِعَدَمِ التَّصَوُّرِ بَعْدَ

لَا رَدُّ ضَمَانِهِ (انْتَهَى) 297 - وَقَدْ أَفْتَيْتُ آخِذًا مِنْ الْأُولَى بِأَنَّ الشُّهُودَ إذَا شَهِدُوا أَنَّ الْبَعْضَ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَإِنَّمَا فُعِلَ مُوَاطَأَةً وَحِيلَةً تُقْبَلُ. لَا يَجُوزُ إطْلَاقُ الْمَحْبُوسِ إلَّا بِرِضَاءِ خَصْمِهِ 298 - إلَّا إذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ أَوْ أُحْضِرَ الدَّيْنُ لِلْقَاضِي فِي غَيْبَةِ خَصْمِهِ تَصَرُّفُ الْقَاضِي فِي الْأَوْقَافِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَصْلَحَةِ؛ فَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْهَلَاكِ، وَكَلَامُ رُكْنِ الدِّينِ مَفْرُوضٌ فِيهِ، أَلَا تَرَاهُ عَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ رَدَّهُ لِحَقِّ الشَّرْعِ. وَمَا ذَكَرَهُ الْبَزْدَوِيُّ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الثَّابِتَ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ ضَمَانُهُ قَابِلٌ لِلْإِبْرَاءِ. قَالُوا: يَجِبُ الْقَطْعُ بِأَنَّ الضَّمَانَ الثَّابِتَ بِالِاسْتِهْلَاكِ فِي الذِّمَّةِ يَقَعُ الْإِبْرَاءُ عَنْهُ، وَأَمَّا حَقُّ الشَّرْعِ فَلِصَاحِبِهِ لَا دَخَلَ لِلْعَبْدِ فِيهِ، فَكَيْفَ يَقُولُ بِإِبْرَائِهِ. تَأَمَّلْ. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذِهِ الْوَرَقَةِ بِسَبْعِ وَرَقَاتٍ الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ فَاسِدٍ لَا يَمْنَعُ الدَّعْوَى. كَذَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ؛ وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْدَ هَذَا أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الرِّبَا لَا يَصِحُّ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ (انْتَهَى) . (296) قَوْلُهُ: لَا رَدُّ ضَمَانِهِ. يَعْنِي حَقًّا لِلشَّرْعِ، وَأَمَّا رَدُّهُ حَقًّا لِلْعَبْدِ فَوَاجِبٌ. (297) قَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْتَيْت آخِذًا مِنْ الْأُولَى. الْمُرَادُ بِهَا مَا نَقَلَهُ عَنْ الْقَاضِي عَلَاءِ الدِّينِ الْمَرْوَزِيِّ مِنْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ إذَا شَهِدَتْ بِأَنَّ بَعْضَ الْمُقَرِّ بِهِ رِبًا تُقْبَلُ. لَا يُقَالُ: إنَّهُ لَا مُغَايَرَةَ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِأَنَّ الْبَعْضَ رِبًا شَهَادَةٌ بِأَنَّهُ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالرِّبَا شَهَادَةُ إثْبَاتٍ، وَالشَّهَادَةَ بِأَنْ لَا حَقِيقَةَ لَهُ شَهَادَةُ نَفْيٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ كَمَا فِي الْمُغَايَرَةِ. قِيلَ: هَذَا الْأَخْذُ إنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَى الْهَزْلِ فِي الْإِقْرَارِ وَالتَّحْلِيفِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَا كَانَ كَاذِبًا (298) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ. يَعْنِي بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنْ يَقُولَا: إنَّ حَالُ الْمُعْسِرِ فِي نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ، وَقَدْ اخْتَبَرْنَاهُ سِرًّا وَعَلَانِيَةً. وَفِي الصُّغْرَى: وَالْوَاحِدُ الْعَدْلُ يَكْفِي وَالِاثْنَانِ أَحْوَطُ (انْتَهَى) . وَهُوَ مُقَيَّدٌ كَمَا فِي السِّرَاجِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَالُ حَالَ مُنَازَعَةٍ لَا إنْ كَانَ حَالَ مُنَازَعَةٍ بِأَنْ يَدَّعِيَ الْمَطْلُوبُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ وَطَلَبَ الطَّالِبُ الْبَيَانَ أَنَّهُ مُعْسِرٌ فَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ

[تصرف القاضي في الأوقاف]

خَرَجَ عَنْهَا مِنْهُ بَاطِلٌ. وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ أَشْيَاءَ فِي الْقَوَاعِدِ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ عَزَلَ ابْنَ الْوَاقِفِ مِنْ النَّظَرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ وَوَلَّى غَيْرَهُ بِلَا خِيَانَةٍ لَمْ يَصِحَّ، كَمَا فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ مِنْ الْوَقْفِ، وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْقَضَاءِ. 299 - وَلَوْ عَيَّنَ لِلنَّاظِرِ مَعْلُومًا وَعَزَلَ، نَظَرَ الثَّانِي إنْ كَانَ مَا عَيَّنَهُ لَهُ بِقَدْرِ أَجْرِ مِثْلِهِ أَوْ دُونَهُ أَجْرَاهُ الثَّانِي عَلَيْهِ، وَإِلَّا جَعَلَ لَهُ أَجْرَ الْمِثْلِ وَحَطَّ الزِّيَادَةَ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا. 300 - وَمِنْهَا حُرْمَةُ إحْدَاثِ تَقْرِيرِ فِرَاشِ الْمَسْجِدِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْوَاقِفِ، كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا. وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ أَنَّ مَنْ اعْتَمَدَ عَلَى أَمْرِ الْقَاضِي الَّذِي لَيْسَ بِشَرْعِيٍّ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْعُهْدَةِ، وَنَقَلْنَا هُنَاكَ فَرْعًا مِنْ فَتَاوَى الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا فِي الْقُنْيَةِ؛ طَالَبَ الْقَيِّمُ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ أَنْ يُقْرِضَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ لِلْإِمَامِ فَأَبَى، فَأَمَرَهُ الْقَاضِي بِهِ فَأَقْرَضَهُ ثُمَّ مَاتَ الْإِمَامُ مُفْلِسًا لَا يَضْمَنُ الْقَيِّمُ. (انْتَهَى) . لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِالْإِقْرَاضِ بِإِذْنِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ لِلْقَاضِي الْإِقْرَاضُ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ. وَفِي الْكَافِي مِنْ الشَّهَادَاتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [تَصَرُّفُ الْقَاضِي فِي الْأَوْقَافِ] قَوْلُهُ: وَلَوْ عَيَّنَ لِلنَّاظِرِ مَعْلُومًا وَعَزَلَ إلَخْ. أَيْ عَيَّنَ الْقَاضِي وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَيَّنَ الْوَاقِفُ لَهُ مَعْلُومًا فَعَيَّنَ لِلنَّاظِرِ الْأَوَّلِ مَعْلُومًا. بَقِيَ لَوْ عَيَّنَ الْوَاقِفُ لَهُ مَعْلُومًا زَائِدًا عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ هَلْ لِلنَّاظِرِ أَنْ يَحُطَّ مِنْهُ مَا زَادَ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ أَمْ يَتْبَعَ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ مَحَلُّ نَظَرٍ. (300) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا حُرْمَةُ إحْدَاثِ تَقْرِيرِ فِرَاشٍ. أَيْ مِمَّا خَرَجَ عَنْ الْمَصْلَحَةِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ، فَكَانَ بَاطِلًا. وَحِينَئِذٍ لَا وَجْهَ لِذِكْرِ الْحُرْمَةِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ حُرْمَةِ الشَّيْءِ بُطْلَانُهُ. عَلَى أَنَّ الْحُرْمَةَ لَيْسَتْ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ فَالصَّوَابُ إسْقَاطُهَا

الْأَصَحُّ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْمُحْضَرَ مُسَخَّرٌ لَا يَجُوزُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ. وَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ وَالْوِصَايَةِ بِلَا خَصْمٍ حَاضِرٍ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُغَفَّلِ وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ شَهِدَا عَلَى أَنَّهُ مَاتَ وَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَآخَرَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فَالْأُولَى أَوْلَى. تَنَازَعَا فِي وَلَاءِ رَجُلٍ بَعْدَ مَوْتِهِ فَبَرْهَنَ كُلٌّ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ 302 - فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا. كَمَا لَوْ بَرْهَنَا عَلَى نَسَبِ وَلَدٍ كَانَ بَيْنَهُمَا. وَأَيُّ بَيِّنَةٍ سِيقَتْ وَقُضِيَ بِهَا لَمْ تُقْبَلْ الْأُخْرَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْأَصَحُّ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْمُحْضَرَ مُسَخَّرٌ إلَخْ. وَذَلِكَ بِأَنْ ادَّعَى إنْسَانٌ عَلَى آخَرَ وَالْقَاضِي يَعْلَمُ أَنَّهُ مُسَخَّرٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لَا تُسْمَعُ الْخُصُومَةُ. وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ إشَارَةٌ إلَى مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُسَخَّرِ جَائِزَةٌ، حَيْثُ قَالَ: وَكِيلٌ أَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ الْوَكَالَةَ بِالْبَيِّنَةِ وَلَيْسَ مَعَهُ خَصْمٌ يَدَّعِي عَلَيْهِ لَمْ تُسْمَعْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ بَيِّنَةٌ قَامَتْ عَلَى الْغَائِبِ وَلَيْسَ عَنْهُ خَصْمٌ حَاضِرٌ، فَإِنْ أَحْضَرَ خَصْمًا وَادَّعَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ وَكَّلَهُ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ بِالْكُوفَةِ، وَبِالْخُصُومَةِ فِيهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ الْوَكَالَةِ جَازَ، وَجَعَلَهُ الْقَاضِي وَكِيلًا فِيمَا شَهِدَتْ لَهُ الشُّهُودُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عَلَى الْغَائِبِ لِلْقَضَاءِ بِهَا وَعَنْهُ خَصْمٌ حَاضِرٌ؛ لِأَنَّ بَيْنَ الْحَاضِرِ الَّذِي يَجْحَدُ الْوَكَالَةَ وَبَيْنَ الْغَائِبِ اتِّصَالًا بِسَبَبِ الْمُدَايِنَةِ الَّتِي جَرَتْ بَيْنَهُمَا وَفِي هَذَا يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ، فَيَقُومُ إنْكَارُ الْحَاضِرِ مَقَامَ إنْكَارِ الْغَائِبِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمِ فَكَانَ عَنْ الْغَائِبِ خَصْمٌ حَاضِرٌ فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ. قَالَ مَشَايِخُنَا: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُسَخَّرِ جَائِزَةٌ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: فِي الْأَصْلِ وَأَحْضَرَ الْوَكِيلُ رَجُلًا يَدَّعِي أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ قِبَلَهُ حَقًّا وَلَمْ يَقُلْ: أَحْضَرَ رَجُلًا لِلْمُوَكِّلِ عَلَيْهِ حَقٌّ. فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا أَحْضَرَ مُسَخَّرًا يَدَّعِي قِبَلَهُ حَقًّا لِلْمُوَكِّلِ وَهُوَ مُنْكِرٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ. لَكِنْ قَالَ مَشَايِخُنَا: إنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنَّهُ مُسَخَّرٌ أَمَّا إذَا عَلِمَ لَا، كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ (302) قَوْلُهُ: فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا. قِيلَ: يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَحَدُ التَّارِيخَيْنِ سَابِقٌ إذْ الظَّاهِرُ تَرْجِيحُ السَّابِقِ

سُئِلَ الشُّهُودُ بِالْبَيْعِ عَنْ الثَّمَنِ؛ فَقَالُوا: لَا نَعْلَمُ لَمْ تُقْبَلْ. وَبِالنِّكَاحِ عَنْ الْمَهْرِ؛ فَقَالُوا: لَا نَعْلَمُ تُقْبَلُ، كَمَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ 304 - الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُفْتَى بِجَوَازِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُنْتَقِبَةِ، 305 - وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَحَمَّلُهَا مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى 306 - وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: شَهِدَا بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ، وَقَالَا: لَا نَدْرِي أَكَانَ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ 307 - فَهُوَ عَلَى الْمَرَضِ، وَلَوْ قَالَ الْوَارِثُ: كَانَ يَهْذِي؛ يُصَدَّقُ حَتَّى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: سُئِلَ الشُّهُودُ بِالْبَيْعِ عَنْ الثَّمَنِ إلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ. أَقُولُ: كَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ النِّكَاحَ لَهُ تَحَقُّقٌ بِدُونِ الْمَهْرِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ لَا تَحَقُّقَ لَهُ بِدُونِ الثَّمَنِ. هَكَذَا ظَهَرَ لِي (304) قَوْلُهُ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُفْتَى بِجَوَازِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُنْتَقِبَةِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عِنْدَ التَّعْرِيفِ أَوْ لَا. وَفِي الْمُحِيطِ: يَجُوزُ عِنْدَ التَّعْرِيفِ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَقَالُوا: التَّعْرِيفُ الْوَاحِدُ كَافٍ وَالِاثْنَانِ أَحْوَطُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ خُوَاهَرْ زَادَهْ. وَبَعْضُهُمْ قَالَ: لَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ عَلَيْهَا بِدُونِ رُؤْيَةِ وَجْهِهَا وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْأُوزْجَنْدِيّ وَغَيْرُهُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (305) قَوْلُهُ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَحَمَّلُهَا مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ. يَعْنِي إلَّا إذَا عَلِمَ يَقِينًا أَنْ لَيْسَ وَرَاءَ الْجِدَارِ غَيْرُهَا كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ (306) قَوْلُهُ: وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ شَهِدَا بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ إلَخْ. ذَكَرَهُ الْبَزَّازِيُّ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَةِ، وَذَكَرَ فِي نَوْعٍ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ بَرْهَنَ عَلَى إعْتَاقِ مَوْلَاهُ فِي الْمَرَضِ، فَادَّعَى الْوَارِثُ عَلَى أَنَّ الْمُعْتِقَ كَانَ يَهْذِي وَقْتَ الْإِعْتَاقِ، إنْ لَمْ يُقِرَّ الْوَارِثُ بِالْعِتْقِ فَالْقَوْلُ لِلْعَبْدِ إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ الْوَارِثُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَهْذِي وَقْتَ الْإِعْتَاقِ. (انْتَهَى) . (307) قَوْلُهُ: فَهُوَ عَلَى الْمَرَضِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ الْحَوَادِثَ تُضَافُ إلَى أَقْرَبِ الْأَزْمِنَةِ كَمَا ذَكَرُوا فِي مَوَاضِعَ

يَشْهَدُوا أَنَّهُ كَانَ صَحِيحَ الْعَقْلِ وَفِي الْخِزَانَةِ: قَالَا: هُوَ زَوْجُ الْكُبْرَى، لَكِنْ لَا نَدْرِي الْكُبْرَى، نُكَلِّفُهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الْكُبْرَى هَذِهِ. شَهِدَ أَنَّهَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا وَلَا نَعْلَمُ هَلْ هِيَ فِي الْحَالِ امْرَأَتُهُ أَمْ لَا؟ . أَوْ شَهِدَا أَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ هَذَا الْعَيْنَ، وَلَا نَدْرِي أَنَّهُ هَلْ هُوَ فِي مِلْكِهِ فِي الْحَالِ أَمْ لَا؟ يُقْضَى بِالنِّكَاحِ وَالْمِلْكِ فِي الْحَالِ بِالِاسْتِصْحَابِ. وَالشَّاهِدُ فِي الْعَقْدِ شَاهِدٌ فِي الْحَالِ. (انْتَهَى) وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الْجَامِعِ: الشَّاهِدُ عَايَنَ دَابَّةً تَتْبَعُ دَابَّةً وَتَرْتَضِعُ، لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالْمِلْكِ وَالنِّتَاجِ. (انْتَهَى) . لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي إذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ 309 - إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الدَّعْوَى مِنْ الشَّرْحِ عَنْ الْمُحِيطِ، وَقَالَ فِيهِ: إنَّهَا مِنْ خَوَاصِّ هَذَا الْكِتَابِ وَغَرَائِبِهِ فَيَجِبُ حِفْظُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (308) قَوْلُهُ: يُقْضَى بِالنِّكَاحِ وَالْمِلْكِ فِي الْحَالِ بِالِاسْتِصْحَابِ إلَخْ. لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ ثَابِتٍ دَوَامُهُ. وَلَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ تَعَلُّقِ حَرْفَيْنِ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ لَا يَجُوزُ، وَالْجَوَابُ أَنْ يُعْتَبَرَ تَعَلُّقُ الثَّانِي بِالْعَامِلِ بَعْدَ تَعَلُّقِهِ بِالْأَوَّلِ (309) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الدَّعْوَى مِنْ الشَّرْحِ إلَخْ. وَهِيَ لَوْ قَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: كَانَتْ قِيمَةُ ثَوْبِي مِائَةً. وَقَالَ الْغَاصِبُ: مَا أَدْرِي مَا قِيمَتُهُ وَلَكِنْ عَلِمْت أَنَّ قِيمَتَهُ لَمْ تَكُنْ مِائَةً. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِقِيمَةٍ مَجْهُولَةٍ، فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ يَحْلِفُ عَلَى مَا يَدَّعِي عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي الزِّيَادَةِ، فَإِنْ حَلَفَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ قِيمَةَ ثَوْبِهِ مِائَةٌ يَأْخُذُ مِنْ الْغَاصِبِ مِائَةً، فَإِذَا أَخَذَ ثُمَّ ظَهَرَ الثَّوْبُ فَالْغَاصِبُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِالثَّوْبِ وَسَلَّمَ الْقِيمَةَ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ

اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ لَا يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ إلَّا بِوَاحِدٍ مِنْ خَمْسَةٍ: الْقِمَارُ عَلَيْهِ، وَكَثْرَةُ الْحَلِفِ عَلَيْهِ، وَإِخْرَاجُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا بِسَبَبِهِ، وَاللَّعِبُ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ، وَذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ الْفِسْقِ عَلَيْهِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ الدَّعْوَى عَلَى غَيْرِ ذِي الْيَدِ لَا تُسْمَعُ إلَّا فِي دَعْوَى الْغَصْبِ فِي الْمَنْقُولِ، 311 - وَأَمَّا فِي الدُّورِ وَالْعَقَارِ فَلَا فَرْقَ كَمَا فِي الْيَتِيمَةِ 312 - شَهَادَةُ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ مَقْبُولَةٌ، إلَّا بِزِنَاهَا وَقَدْ قَذَفَهَا كَمَا فِي حَدِّ الْقَذْفِ، وَفِيمَا إذَا شَهِدَ عَلَى إقْرَارِهَا بِأَنَّهَا أَمَةٌ لِرَجُلٍ يَدَّعِيهَا فَلَا تُقْبَلُ إلَّا إذَا كَانَ الزَّوْجُ أَعْطَاهَا الْمَهْرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّوْبَ وَأَخَذَ الْقِيمَةَ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الْحَصْرُ مَمْنُوعٌ لِمَا فِي الْبَدْرِيَّةِ وَالْكَنْزِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْكُتُبِ الْمَذْهَبِيَّةِ: إنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ أَوْ الْبَيْعِ وَلَا بَيِّنَةَ تَحَالَفَا وَبُدِئَ بِيَمِينِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ بَيْعَ عَيْنٍ بِدَيْنٍ، فَإِنْ كَانَ بَيْعَ عَيْنٍ بِعَيْنٍ أَوْ بَيْعَ ثَمَنٍ بِثَمَنٍ يَبْدَأُ الْقَاضِي بِيَمِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَلَوْ اشْتَرَى أَمَةً بِأَلْفٍ وَقَبَضَهَا ثُمَّ تَقَابَلَا وَقَبْلَ قَبْضِهَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ تَحَالَفَا وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْأُجْرَةِ وَالْمَنْفَعَةِ أَوْ فِيهِمَا قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ فِي الْمُدَّةِ تَحَالَفَا. (انْتَهَى) (310) قَوْلُهُ: اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ. يُقْرَأُ بِالسِّينِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفِي النَّوَازِلِ سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ يَنْظُرُ إلَى لَاعِبِ الشِّطْرَنْجِ، فَقَالَ: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ فَاسِقًا (311) قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الدُّورِ وَالْعَقَارِ فَلَا. تَقْدِيرُهُ: وَأَمَّا الْغَصْبُ فِي الدُّورِ وَالْعَقَارِ فَيُفِيدُ تَحَقُّقَ الْغَصْبِ فِيهِمَا؛ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ. وَأَمَّا التَّعَدِّي فِي الدُّورِ وَالْعَقَارِ وَلَازِمُهُ كَوْنُ الْغَصْبِ أَخَصَّ مِنْ التَّعَدِّي (312) قَوْلُهُ: شَهَادَةُ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ مَقْبُولَةٌ إلَّا بِزِنَاهَا وَقَدْ قَذَفَهَا. قِيلَ: وَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى رِدَّتِهَا؟ مَحَلُّ نَظَرٍ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ لَهَا عَلَيْهِ مَهْرٌ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ تُقْبَلُ. وَهَذَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَا بَعْدَهُ وَبَعْدَ الْإِبْرَاءِ.

وَالْمُدَّعِي يَقُولُ: أَذِنْت لَهَا فِي النِّكَاحِ كَمَا فِي شَهَادَاتِ الْخَانِيَّةِ 314 - تُقْبَلُ شَهَادَةُ الذِّمِّيِّ عَلَى مِثْلِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: فِيمَا إذَا شَهِدَ نَصْرَانِيٌّ عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ، حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْمُدَّعِي يَقُولُ: أَذِنْت لَهَا فِي النِّكَاحِ. قِيلَ: هُوَ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَجْهُ الْقَوْلِ حِينَئِذٍ انْتِفَاءُ التُّهْمَةِ. فَإِنَّ إذْنَ السَّيِّدِ فِي النِّكَاحِ سَبَبُ نُفُوذِهِ وَبِهِ يَتَقَرَّرُ صِحَّةُ مُطَالَبَةِ السَّيِّدِ الزَّوْجَ بِالْمَهْرِ، إذْ هُوَ حَقُّهُ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ دَفْعُهُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ الْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ بِالدَّفْعِ إلَيْهَا وَفِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ مَا لَا يَخْفَى، فَتَنْتِفِي التُّهْمَةُ بِذَلِكَ. وَرُبَّمَا يُقَالُ: التُّهْمَةُ مُنْتَفِيَةٌ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْقَيْدِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا قَالَ: أَذِنْت لَهَا فِي النِّكَاحِ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ وَيَفْسُدُ النِّكَاحُ. وَلِلسَّيِّدِ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَفِيهِ غَايَةُ الضَّرَرِ عَلَى الزَّوْجِ، فَقَضِيَّتُهُ قَبُولُ شَهَادَتِهِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ بِهَذَا الْوَجْهِ؛ وَمَفْهُومُ الْقَيْدِ عَدَمُ قَبُولِهَا. وَأَنْتَ خَبِيرٌ أَنَّ الْمَفْهُومَ مُعْتَبَرٌ فِي عِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ (314) قَوْلُهُ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ الذِّمِّيِّ عَلَى مِثْلِهِ إلَى قَوْلِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ فِيمَا إذَا شَهِدَ. قَالَ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ فِي تَعْلِيلِ عَدَمِ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ فِي زَعْمِهِمْ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ وَلَا شَهَادَةَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُرْتَدِّ. (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْقَبُولِ فِي الذِّمِّيَّةِ أَيْضًا، وَقَدْ فَرَّقَ فِي الْوَافِي بَيْنَهُمَا بِأَنَّهَا لَا تُقْبَلُ فِي الذِّمِّيِّ بِخِلَافِهَا وَهَذَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ عَدَمَ قَبُولِهَا وَهُوَ مَيِّتٌ، وَأَيْضًا لَا يَلْزَمُ مِنْ الْقَبُولِ الْقَتْلُ بَلْ تُقْبَلُ لِلْجَبْرِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَا تُقْبَلُ عَلَى الذِّمِّيَّةِ. كَمَا هُوَ قَوْلُ الْبَعْضِ. فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ نَقْلًا عَنْ نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَلَا تُقْبَلُ فَلَا يَتَّضِحُ الْفَرْقُ، وَلِأَنَّهُ فَرْقٌ بِالْحُكْمِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ لَمْ يَنُصَّ عَلَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ، وَوَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي الذِّمِّيِّ وَعَلَّلَهُ بِمَا ذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ وَفِي مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ نَقْلٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ، أَيْ مَسْأَلَةِ الذِّمِّيِّ وَمَسْأَلَةِ الذِّمِّيَّةِ وَفِي شَهَادَةِ الْمُسْلِمِ وَالْمُسْلِمَيْنِ وَشَهَادَةِ الذِّمِّيَّيْنِ خِلَافٌ فَرَاجِعْهُ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْقَبُولِ، وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَقُولُ يَلْزَمُ مِنْ الْقَبُولِ الْقَتْلُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ، وَلِذَا رَدَّ أَيْضًا شَهَادَةَ الْمُسْلِمِ وَالْمُسْلِمَيْنِ، وَقَالَ: لِأَنَّا لَوْ قَبِلْنَا هَذِهِ الشَّهَادَةَ لَزِمَ الْقَتْلُ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِقَبُولِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ فِي الْقَتْلِ فَيَتَّجِهُ الْفَرْقُ، لَكِنْ

بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ نَصْرَانِيَّةً. 316 - كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ 317 - إلَّا إذَا كَانَ مَيِّتًا وَكَانَ لَهُ وَلِيٌّ مُسْلِمٌ يَدَّعِيه. فَإِنَّهَا تُقْبَلُ لِلْإِرْثِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ بِقَوْلِ وَلِيِّهِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. وَفِيمَا إذَا شَهِدَا عَلَى نَصْرَانِيٍّ مَيِّتٍ بِدَيْنٍ وَهُوَ مَدْيُونُ مُسْلِمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَنْتَقِضُ بِالْجَبْرِ فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَا تُقْبَلُ فِي ذَلِكَ شَهَادَةُ الذِّمِّيَّيْنِ وَلَا شَهَادَةُ الْمُسْلِمِ وَالْمُسْلِمَتَيْنِ، لِأَنَّهُ لَوْ قُبِلَتْ لَزِمَ قَتْلُهُ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا بِعَدَمِ الْقَتْلِ. وَأَمَّا مَنْ عَلَّلَ بِكَوْنِهِ مُرْتَدًّا فِي زَعْمِهَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَدِّيَ الْحُكْمَ إلَيْهَا كَمَا أَنَّ مَنْ عَلَّلَهُ بِوُجُوبِ الْقَتْلِ يَنْبَغِي أَنْ يَقْصُرَهُ عَلَى الْحَيَاةِ تَأَمَّلْ. (315) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ نَصْرَانِيَّةً. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ قَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ دُونَ الرَّجُلِ هُوَ أَنَّا لَوْ حَكَمْنَا بِإِسْلَامِ الرَّجُلِ بِشَهَادَةِ الذِّمِّيَّيْنِ لِرُبَّمَا حَصَلَ لَهُ رِدَّةٌ فَكَانَ يُقْتَلُ، مَعَ أَنَّ الْإِسْلَامَ حِينَئِذٍ إنَّمَا هُوَ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَا بِإِسْلَامِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا وَإِنْ ارْتَدَّتْ لَا تُقْتَلُ. (انْتَهَى) . وَفِيهِ كَلَامٌ يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَا وَبِالْبَيَانِ رَقَمْنَاهُ. (316) قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ أَيْ فِي كِتَابِ أَلْفَاظِ الْكُفْرِ. وَنَصُّ عِبَارَتِهَا: شَهِدَ نَصْرَانِيَّانِ عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ وَهُوَ يَجْحَدُ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا. وَكَذَا لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ وَيُتْرَكُ عَلَى دِينِهِ. وَجَمِيعُ أَهْلِ الْكُفْرِ فِي تِلْكَ سَوَاءٌ، وَلَوْ شَهِدَ نَصْرَانِيَّانِ عَلَى نَصْرَانِيَّةٍ أَنَّهَا قَدْ أَسْلَمَتْ أُجْبِرَتْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَا تُقْتَلُ، وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي إسْلَامِ رَجُلٍ نَصْرَانِيٍّ وَجُبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَا تُقْبَلُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَكَذَا شَهَادَةُ النَّصْرَانِيِّينَ عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَنَّهُ أَسْلَمَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَلَا جَبْرَ عَلَى الْإِسْلَامِ، كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (317) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ مَيِّتًا وَكَانَ لَهُ وَلِيٌّ مُسْلِمٌ يَدَّعِيه إلَخْ. لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ قَامَتْ عَلَى الْوَرَثَةِ وَشَهَادَةُ الْكُفَّارِ عَلَى الْكُفَّارِ مَقْبُولَةٌ فَيَسْتَحِقُّ إرْثَهُ. ثُمَّ بَعْدَهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِقَوْلِ الْوَلِيِّ بِالشَّهَادَةِ، لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ شَهِدَ عَلَى إسْلَامِهِ، وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ الْكُفَّارُ وَادَّعَى

وَفِيمَا إذَا شَهِدَا عَلَيْهِ بِعَيْنٍ اشْتَرَاهَا مِنْ مُسْلِمٍ. وَفِيمَا إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ نَصَارَى عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَنَّهُ زَنَى بِمُسْلِمَةٍ، 319 - إلَّا إذَا قَالُوا: اسْتَكْرَهَهَا فَيُحَدُّ الرَّجُلُ وَحْدَهُ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَلِيُّ ذَلِكَ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا مِيرَاثَ لَهُ، لِمَا ذَكَرْنَا. وَتَمَامُهُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى عَنْ النَّوَادِرِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ نَصْرَانِيَّيْنِ عَلَى إسْلَامِ نَصْرَانِيٍّ (انْتَهَى) . وَهِيَ فِي أَلْفَاظِ الْكُفْرِ مِنْهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الذِّمِّيِّ وَالذِّمِّيَّةِ. عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَاَلَّذِي اتَّضَحَ لِي فِي تَحْرِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ النَّظَرِ فِي كَلَامِهِمْ أَنَّ الْعِلَّةَ فِيهَا أَنَّهُ فِي زَعْمِهِمَا مُرْتَدٌّ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى أَهْلِ الِارْتِدَادِ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمُرْتَدَّةِ. كَذَلِكَ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ: الْقَبُولُ فِيهِمَا وَهِيَ رِوَايَةُ النَّوَادِرِ، وَعَدَمُهُ فِيهِمَا وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُحِيطِ وَالْخَانِيَّةِ وَالْوَلْوالِجِيَّة وَكَثِيرٌ، وَالثَّالِثَةُ تُقْبَلُ فِيهَا دُونَهُ. وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ الِاحْتِيَاطُ فِي الْفَرْجِ لِلُزُومِ حُرْمَةِ فَرْجِ الْمُرْتَدَّةِ عَلَى كُلِّ نَاكِحٍ لَا مَا ذَكَرَهُ الْوَافِي مِنْ لُزُومِ قَتْلِهِ دُونَهَا لِعَدَمِ الْمُلَازَمَةِ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي شَهَادَةِ الْمُسْلِمِ، وَالْمُسْلِمَتَيْنِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. (318) قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا شَهِدَا عَلَيْهِ بِعَيْنٍ اشْتَرَاهَا مِنْ مُسْلِمٍ. يَعْنِي لِمَا فِيهِ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَفِيمَا إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةُ نَصَارَى أَنَّهُ زَنَى بِمُسْلِمَةٍ يَعْنِي؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْمُسْلِمَةِ. (319) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَالُوا: اسْتَكْرَهَهَا فَيُحَدُّ الرَّجُلُ وَحْدَهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ شَهِدَ عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَرْبَعَةٌ مِنْ النَّصَارَى أَنَّهُ زَنَى بِأَمَةٍ مُسْلِمَةٍ فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا حُدَّ الرَّجُلُ، وَإِنْ قَالُوا: طَاوَعَتْهُ دُرِئَ الْحَدُّ عَنْهُمَا وَيُغَرَّرُ الشُّهُودُ لِحَقِّ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ؛ لِأَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَمْ يَشْهَدُوا عَلَيْهَا بِالْحَدِّ فَبَقِيَتْ شَهَادَتُهُمْ شَهَادَةً عَلَى الذِّمِّيِّ فَتُقْبَلُ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي شَهِدُوا عَلَى الْمُسْلِمَةِ بِالْحَدِّ فَبَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ فِي حَقِّهَا وَإِذَا بَطَلَتْ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ بَطَلَتْ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَإِنَّمَا يُعَذَّرُ الشُّهُودُ؛ لِأَنَّهُمْ قَذَفُوا الْأَمَةَ فَلِعَدَمِ إحْصَانِ الْمَقْذُوفِ لَمْ يَجِبْ الْحَدُّ عَلَى الشُّهُودِ فَيَجِبُ التَّعْزِيرُ. (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي نَقْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِيجَازِ الْبَالِغِ حَدَّ الْإِلْغَازِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مِمَّا لَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الذِّمِّيِّ عَلَى مِثْلِهِ شَهَادَتُهُمْ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَلَوْ كَانَ لِذِمِّيٍّ عَلَى ذِمِّيٍّ؛ لِأَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ عَلَى فِعْلِ الْمُسْلِمِ كَمَا فِي الْبَحْرِ

[من أتلف لحم إنسان وادعى أنه ميتة]

وَفِيمَا إذَا ادَّعَى مُسْلِمٌ عَبْدًا فِي يَدِ كَافِرٍ فَشَهِدَ كَافِرَانِ أَنَّهُ عَبْدُهُ قَضَى بِهِ فُلَانٌ الْقَاضِي الْمُسْلِمُ لَهُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ 321 - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْقَاتِلِ إذَا شَهِدَ بِعَفْوِ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ، وَصُورَتُهُ فِي شَهَادَاتِ الْخَانِيَّةِ؛ ثَلَاثَةٌ قَتَلُوا رَجُلًا عَمْدًا ثُمَّ شَهِدُوا بَعْدَ التَّوْبَةِ أَنَّ الْوَلِيَّ قَدْ عَفَا عَنَّا؛ قَالَ الْحَسَنُ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ إلَّا أَنْ يَقُولَ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَفَا عَنَّا وَعَنْ هَذَا الْوَاحِدِ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - تُقْبَلُ فِي حَقِّ الْوَاحِدِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: تُقْبَلُ فِي حَقِّ الْكُلِّ (انْتَهَى) . 322 - كَتَبْنَا فِي قَاعِدَةِ الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ إنْسَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ مَيْتَةٌ فَلِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ ذَكِيَّةٌ بِحُكْمِ الْحَالِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا ادَّعَى مُسْلِمٌ عَبْدًا إلَخْ. إلَى قَوْلِهِ: قَضَى بِهِ فُلَانٌ الْقَاضِي الْمُسْلِمُ. أَيْ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْقَاضِي الْمُسْلِمِ (321) قَوْلُهُ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْقَاتِلِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا قَبُولُ شَهَادَةِ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ، وَلَا عَلَى قَوْلِ الْحَسَنِ، بَلْ إنَّمَا قُبِلَتْ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، لِأَنَّهَا شَهَادَةُ الِاثْنَيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى عَفْوِ الْوَلِيِّ عَنْ الثَّالِثِ، وَأَمَّا شَهَادَةُ كُلٍّ لِنَفْسِهِ فَلَا قَائِلَ بِهَا وَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ شَهَادَةَ الْآخَرِ لَا تُهْمَةَ فِيهَا لِعَدَمِ الِاشْتِرَاكِ لِوُجُوبِ الْقَتْلِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَامِلًا فَلَمْ تَجُزْ مَنْفَعَتُهُ فَهِيَ كَشَهَادَةِ غَرِيمَيْنِ لِغَرِيمَيْنِ ثُمَّ شَهَادَةُ الْغَرِيمَيْنِ لِغَرِيمَيْنِ فَتَأَمَّلْ [مَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ إنْسَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ مَيْتَةٌ] (322) قَوْلُهُ: وَكَتَبْنَا فِي قَاعِدَةِ الْيَقِينِ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ. مِنْ قَوْلِهِ وَكَتَبْنَا إلَى كِتَابِ الْوَكَالَةِ لَا يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ فِي نُسْخَةِ أَخِي الْمُؤَلِّفِ مَذْكُورٌ هُنَا وَفِي الْبَعْضِ سَاقِطٌ مِنْ هُنَا، مَذْكُورٌ فِي آخِرِ الْإِقْرَارِ مَعَ أَنَّهُ لَا مُنَاسَبَةَ لَهُ بِهِ فَلَعَلَّ الْخَلَلَ مِنْ

[رأوا شخصا ليس عليه آثار مرض أقر بشيء]

وَعَلَى هَذَا فَرَّعْت لَوْ رَأَوْا شَخْصًا لَيْسَ عَلَيْهِ آثَارُ مَرَضٍ أَقَرَّ بِشَيْءٍ، لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ أَقَرَّ وَهُوَ صَحِيحٌ. وَكَذَا عَكْسُهُ لَوْ رَأَوْهُ فِي فِرَاشٍ أَوْ بِهِ مَرَضٌ ظَاهِرٌ، فَلَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ كَانَ مَرِيضًا عَمَلًا بِالْحَالِ، لَكِنْ لَوْ قَالَ لَهُمْ: أَنَا صَحِيحٌ. هَلْ يَشْهَدُونَ بِصِحَّتِهِ أَوْ يُحَكِّمُونَ قَوْلَهُ؟ فَإِنْ ظَهَرَ لَهُمْ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ شَهِدُوا بِهَا وَإِلَّا حَكَوْا قَوْلَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَهُمْ الْقَاضِي هَلْ ظَهَرَ عَلَيْهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَرَضِهِ؟ فَإِنْ أَخْبَرُوا بِهِ لَمْ يَعْمَلْ بِإِخْبَارِهِ أَنَّهُ صَحِيحٌ، وَإِلَّا عَمِلَ بِهِ، وَهِيَ حَادِثَةُ الْفَتْوَى. وَفِي جِنَايَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ: شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ جَرَحَهُ وَلَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ، يَحْكُمُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ مَاتَ مِنْ جِرَاحَتِهِ لِأَنَّهُمْ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ. وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ أَنْ يَقُولُوا: مَاتَ مِنْ سُقُوطِهِ، لِأَنَّ إضَافَةَ الْأَحْكَامِ إلَى السَّبَبِ الظَّاهِرِ لَا إلَى سَبَبٍ يُتَوَهَّمُ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْقَسَامَةُ فِي مَيِّتٍ بِمَحَلَّةٍ عَلَى رَقَبَتِهِ حَيَّةٌ مُلْتَوِيَةٌ (انْتَهَى) . 324 - تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَتِيقِ لِمُعْتِقِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا شَهِدَا بِالثَّمَنِ عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّاقِلِينَ مِنْ خَطِّ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْمُسَوَّدَةِ، فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ هَدَاكَ اللَّهُ أَسْنَى الْمَسَالِكِ [رَأَوْا شَخْصًا لَيْسَ عَلَيْهِ آثَارُ مَرَضٍ أَقَرَّ بِشَيْءٍ] (323) قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا. أَيْ عَلَى الشَّهَادَةِ تُحَكَّمُ الْحَالُ (324) قَوْلُهُ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَتِيقِ لِمُعْتِقِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا شَهِدَا إلَخْ. قِيلَ: كَذَا فِي النَّسْخِ بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ، وَالصَّوَابُ: شَهِدَ بِالْإِفْرَادِ. قِيلَ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالثَّمَنِ مِنْ الْعَتِيقِ نَفْسِهِ بِأَنْ اشْتَرَاهُ فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فَشَهِدَ الْعَتِيقُ لِمُعْتِقِهِ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. 326 - وَتُقْبَلُ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الشَّرْحِ. قَالَ فِي بَسِيطِ الْأَنْوَارِ لِلشَّافِعِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ مَا لَفْظُهُ: وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: 327 - إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَهُ أَخْذُ عُشْرِ مَا يَتَوَلَّى مِنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَالْأَوْقَافِ، 328 - ثُمَّ بَالَغَ فِي الْإِنْكَارِ (انْتَهَى) . وَلَمْ أَرَ هَذَا لِأَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. عِبَارَتُهَا: وَلَوْ شَهِدَ الْعَبْدَانِ بَعْدَ الْعِتْقِ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ كَذَا. عِنْدَ اخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي لَا تُقْبَلُ (انْتَهَى) . لِأَنَّهُمَا يَجْبُرَانِ لِأَنْفُسِهِمَا نَفْعًا بِإِثْبَاتِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا لَتَحَالَفَا وَفُسِخَ الْبَيْعُ الْمُقْتَضِي لِإِبْطَالِ الْعِتْقِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَظْهَرُ سُقُوطُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّصْوِيبِ، وَإِنَّ ضَمِيرَ التَّثْنِيَةِ رَاجِعٌ لِلْعَتِيقِ بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ الصَّادِقِ بِالِاثْنَيْنِ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ الْخُلَاصَةِ عَدَمُ قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّهُمَا يَجْبُرَانِ لِأَنْفُسِهِمَا نَفْعًا، إنَّ شَرْطَ صِحَّةِ شَهَادَةِ الْعَتِيقِ لِمُعْتِقِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مُتَّهَمًا فِي شَهَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ، وَحِينَئِذٍ لَا وَجْهَ لِلِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ غَايَةَ الظُّهُورِ. (326) قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ إلَخْ. وَهِيَ: رَجُلٌ مَاتَ عَنْ عَمٍّ وَأَمَتَيْنِ وَعَبْدَيْنِ فَأَعْتَقَ الْعَمُّ الْعَبْدَيْنِ فَشَهِدَا أَنَّ الثَّانِيَةَ أُخْتُ الْمَيِّتِ قَبْلَ الْأُولَى أَيْ قَبْلَ الشَّهَادَةِ الْأُولَى بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ مَعَهَا لَا تُقْبَلُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّا لَوْ قَبِلْنَا لَصَارَتْ عَصَبَةً مَعَ الْبِنْتِ فَيَخْرُجُ الْعَمُّ عَنْ الْوِرَاثَةِ فَيَبْطُلُ الْعِتْقُ (327) قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. فِي الْخُلَاصَةِ يَحِلُّ لِلْقَاضِي أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى كَتْبِ السِّجِلَّاتِ وَغَيْرِهَا بِقَدْرِ أَجْرِ الْمِثْلِ هُوَ الْمُخْتَارُ. وَفِيهَا لَا يَحِلُّ أَخْذُ شَيْءٍ عَلَى نِكَاحِ الصَّغِيرِ، وَفِي غَيْرِهِ يَحِلُّ وَلَا تَحِلُّ الْأُجْرَةُ عَلَى إجَازَةِ بَيْعِ مَالِ الْيَتِيمِ وَلَوْ أَخَذَ لَا يَنْفُذُ الْبَيْعُ. (328) قَوْلُهُ: ثُمَّ بَالَغَ فِي الْإِنْكَارِ (انْتَهَى) . يَعْنِي عَلَى الْجَمَاعَتَيْنِ. قِيلَ: الْمُبَالَغَةُ فِي

لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ ذُكِرَ الْعُشْرُ لِلْمُتَوَلِّي فِي مَسْأَلَةِ الطَّاحُونَةِ. 330 - لَا تَحْلِيفَ مَعَ الْبُرْهَانِ 331 - إلَّا فِي ثَلَاثٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الشَّرْحِ: 332 - دَعْوَى دَيْنٍ عَلَى مَيِّتٍ، وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ، وَدَعْوَى الْآبِقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِنْكَارِ وَاضِحَةُ الِاعْتِبَارِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ تَوَلَّى عَلَى عِشْرِينَ أَلْفًا مَثَلًا وَلَمْ يَلْحَقْهُ مِنْ الْمَشَقَّةِ فِيهَا شَيْءٌ فِيمَا إذَا اسْتَحَلَّ عُشْرَهَا، وَهُوَ مَالُ الْيَتِيمِ، وَفِي حُرْمَتِهِ جَاءَتْ الْقَوَاطِعُ فَمَا هُوَ إلَّا بُهْتَانٌ عَلَى الشَّرْعِ السَّاطِعِ وَظُلْمَةٌ غَطَّتْ أَبْصَارَهُمْ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: لَا وَجْهَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْإِنْكَارِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُفِيدًا بِمَا إذَا كَانَ لَهُ عَمَلٌ وَأَقَلُّهُ حِفْظُ الْمَالِ وَاَللَّهُ وَلِيُّ بُلُوغِ الْآمَالِ. (329) قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ ذُكِرَ الْعُشْرُ لِلْمُتَوَلِّي فِي مَسْأَلَةِ الطَّاحُونَةِ. عِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ قَبْلَ فَصْلٍ فِي وَقْفِ الْمَشَاعِ: رَجُلٌ وَقَفَ ضَيْعَةً عَلَى مَوَالِيهِ فَمَاتَ الْوَاقِفُ وَجَعَلَ الْقَاضِي الْوَقْفَ فِي يَدِ الْقَيِّمِ، وَجَعَلَ لِلْقَيِّمِ عُشْرَ الْغَلَّاتِ وَفِي الْوَقْفِ طَاحُونَةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ بِالْمُقَاطَعَةِ لَا حَاجَةَ فِيهَا إلَى الْقَيِّمِ وَأَصْحَابُ هَذِهِ الطَّاحُونَةِ يَقْبِضُونَ غَلَّتَهَا لَا يَجِبُ لِلْقَيِّمِ عُشْرُ غَلَّةِ هَذِهِ الطَّاحُونَةِ إلَّا بِطَرِيقِ الْأَجْرِ فَلَا يَسْتَوْجِبُ الْأَجْرَ بِدُونِ الْعَمَلِ (انْتَهَى) . (330) قَوْلُهُ: لَا تَحْلِيفَ مَعَ الْبُرْهَانِ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَوْ قَالَ مَعَ الْبَيِّنَةِ لَكَانَ صَوَابًا إذْ لَا تَحْلِيفَ مَعَ الْإِقْرَارِ، يَعْنِي وَهُوَ بُرْهَانٌ (انْتَهَى) . وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَرْدِ الْكَامِلِ وَهُوَ الْبَيِّنَةُ. (331) قَوْلُهُ: إلَّا فِي ثَلَاثٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الشَّرْحِ. أَقُولُ: لَمْ يَذْكُرْ فِي الشَّرْحِ دَعْوَى الْآبِقِ، وَذَكَرَ زِيَادَةً عَمَّا ذَكَرَهُ هُنَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِوِصَايَةٍ فَبَرْهَنَ الْوَصِيُّ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ فَثَبَتَهَا الْوَكِيلُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ إقَامَتِهَا مَعَ الْإِقْرَارِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ بِتَوَقُّعِ الضَّرَرِ مِنْ غَيْرِ الْمُقِرِّ لَوْلَاهَا فَيَكُونُ هَذَا أَصْلًا. (332) قَوْلُهُ: دَعْوَى دَيْنٍ عَلَى مَيِّتٍ. يَعْنِي أَقَرَّ بِهِ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ لِيَتَعَدَّى لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ. وَقَوْلُهُ: دَعْوَى الْآبِقِ. أَقُولُ: لَمْ يَظْهَرْ لِي صُورَةُ الْجَمْعِ فِي دَعْوَى الْآبِقِ وَأَقُولُ: يُزَادُ عَلَى الثَّلَاثِ مَا إذَا أَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ لِلْغَرِيمِ الْمَجْهُولِ بِأَنَّهُ مُعْدَمٌ فَلَا بُدَّ مِنْ

لَا تَحْلِيفَ بِلَا طَلَبِ الْمُدَّعِي إلَّا فِي أَرْبَعٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَذْكُورَةٍ فِي الْخُلَاصَةِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى فِي ثَمَانِيَةِ مَوَاضِعَ مَذْكُورَةٍ فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ: فِي الْوَقْفِ، وَطَلَاقِ الزَّوْجَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQيَمِينِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ وَلَا بَاطِنٌ، وَإِنْ وَجَدَ مَالًا يُؤَدِّي حَقَّهُ عَاجِلًا؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا شَهِدَتْ عَلَى الظَّاهِرِ وَلَعَلَّهُ غَيَّبَ مَالَهُ. وَيُزَادُ أَيْضًا: الْمَرْأَةُ تَدَّعِي عَلَى وَكِيلِ زَوْجِهَا الْغَائِبِ النَّفَقَةَ وَتُقِيمُ الْبَيِّنَةَ بِإِثْبَاتِ الزَّوْجِيَّةِ وَالْغَيْبَةِ وَاتِّصَالِهَا، وَأَنَّهُمْ مَا عَلِمُوا أَنَّهُ تَرَكَ لَهَا نَفَقَةً وَلَا أَحَالَهَا عَلَى أَحَدٍ وَعَلَى جَمِيعِ الْمُسْقِطِ وَالْمُبْطِلِ، وَضَابِطُ هَذَا الْبَابِ أَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ بِظَاهِرٍ فَإِنَّهُ يُسْتَظْهَرُ يَمِينُ الطَّالِبِ عَلَى بَاطِنِ الْأَمْرِ، وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ فِي كِتَابِ مُعِينِ الْحُكَّامِ. وَيُزَادُ أَيْضًا مَا لَوْ خُوصِمَ الْأَبُ بِحَقٍّ عَلَى الصَّبِيِّ فَأَقَرَّ، لَا يُخْرَجُ عَنْ الْخُصُومَةِ وَلَكِنْ تُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ مَعَ إقْرَارِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَأَمِينِ الْقَاضِي، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ وَيُزَادُ أَيْضًا مَا إذَا أَقَرَّ وَارِثٌ عَلَى وَارِثِهِ بِدَيْنٍ فَإِنَّهُ تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُ الدَّيْنُ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ وَكَذَا الْمَدْيُونُ إذَا أَقَرَّ بِوَكَالَةِ إنْسَانٍ بِقَبْضِ الدَّيْنِ يَسْمَعُ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ بِالْوَكَالَةِ مَعَ إقْرَارِهِ لِكَيْلَا يُنْكِرَ الطَّالِبُ الْوَكَالَةَ. وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ فِي الذَّخَائِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ لِلشَّيْخِ عَبْدِ الْبَرِّ بْنِ الشِّحْنَةِ وَيُزَادُ أَيْضًا مَا لَوْ قَالَ الشُّهُودُ: إنَّ لَهُ عَلَيْهِ دَرَاهِمَ لَا تُعْرَفُ عَدَدُهَا فَهِيَ ثَلَاثَةٌ. وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ دَرَاهِمَ جُعِلَتْ ثَلَاثَةً ثُمَّ حَلَفَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ قَدْ بَيَّنُوا بِشَهَادَتِهِمْ شَيْئًا مَعْلُومًا هِيَ الدَّرَاهِمُ، وَيُحَلَّفُ مَعَ شَهَادَتِهِمْ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. كَذَا فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ فِي الْبَابِ الْمُكَمِّلِ عِشْرِينَ. (333) قَوْلُهُ: " لَا تَحْلِيفَ بِلَا طَلَبِ الْمُدَّعِي " إلَى قَوْلِهِ " مَذْكُورَةٍ فِي الْخُلَاصَةِ ". يَعْنِي فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ وَعِبَارَتُهَا: بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ مَشَايِخَنَا أَخَذُوا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُسْتَحْلَفُ بِدُونِ طَلَبِ الْخَصْمِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: الْأَوَّلُ: فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ مَا رَضِيت. الثَّانِي: يَحْلِفُ الشَّفِيعُ بِاَللَّهِ مَا أَبْطَلْت شُفْعَتَك. الثَّالِثُ: الْمَرْأَةُ إذَا طَلَبَتْ النَّفَقَةَ حُلِّفَتْ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا طَلَّقَك زَوْجُك وَلَا خَلَّفَ عِنْدَك مَالًا وَلَا أَعْطَاك النَّفَقَةَ. الرَّابِعُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ يَحْلِفُ الْمُسْتَحِقُّ بِاَللَّهِ مَا وَهَبْت وَلَا بِعْتُ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَحْلِفُ بِدُونِ طَلَبِ الْخَصْمِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةِ

وَتَعْلِيقِ طَلَاقِهَا. وَحُرِّيَّةِ الْأَمَةِ، وَتَدْبِيرِهَا، وَالْخُلْعِ، وَهِلَالِ رَمَضَانَ، 335 - وَالنَّسَبِ. وَزِدْت خَمْسَةً مِنْ كَلَامِهِمْ أَيْضًا: حَدُّ الزِّنَا، وَحَدُّ الشُّرْبِ؛ وَالْإِيلَاءُ، وَالظِّهَارُ، وَحُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ 336 - وَالْمُرَادُ بِالْوَقْفِ الشَّهَادَةُ بِأَصْلِهِ، 337 - وَأَمَّا بِرِيعِهِ فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَلْقِينِ الشَّاهِدِ وَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ. وَأَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ يُحَلَّفُ مِنْ غَيْرِ طَلَبِ الْوَصِيِّ وَالْوَارِثِ بِاَللَّهِ مَا اسْتَوْفَيْت دَيْنَك مِنْ الْمَدْيُونِ الْمَيِّتِ وَلَا مِنْ أَحَدٍ أَدَّاهُ إلَيْك عَنْهُ وَلَا قَبَضَ لَك قَابِضٌ بِأَمْرِك وَلَا أَبْرَأْت وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَلَا أَحَلْت بِذَلِكَ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ عَلَى أَحَدٍ وَلَا عِنْدَك عِلْمٌ بِهِ، وَلَا شَيْءَ مِنْهُ رَهْنٌ. هَكَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ: عَبْدٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَاهُ رَجُلٌ، وَقَالَ: مِلْكِي، اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ مُنْذُ سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَقَالَ ذُو الْيَدِ: مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ مُنْذُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ. وَقَالَ الْمُدَّعِي: الْبَيْعُ الَّذِي جَرَى بَيْنَكُمَا تَلْجِئَةٌ. لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ (انْتَهَى) (334) قَوْلُهُ: " وَتَعْلِيقِ طَلَاقِهَا ". لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ وَهْبَانَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ. (335) قَوْلُهُ: وَالنَّسَبِ. صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ أَنَّ شَرْطَ إسْمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَى النَّسَبِ الْخُصُومَةُ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَحَاصِلُ مَا يَنْفَعُنَا هُنَا أَنَّ الشُّهُودَ إذَا شَهِدُوا بِنَسَبٍ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُهُمْ وَلَا يَحْكُمُ إلَّا بَعْدَ دَعْوَى مَالٍ إلَّا فِي الْأَبِ وَالِابْنِ. فِي الْمُحِيطِ مَعْزِيًّا إلَى الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي الْمَبْسُوطِ قَبُولُهَا فِي النَّسَبِ بِقَيْدٍ حَسَنٍ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ. (336) قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْوَقْفِ الشَّهَادَةُ بِأَصْلِهِ. أَقُولُ: الْمُرَادُ بِأَصْلِ الْوَقْفِ كُلُّ مَا تَعَلَّقَ بِهِ صِحَّةُ الْوَقْفِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الصِّحَّةُ مِنْ الشَّرَائِطِ وَالْمُرَادُ مِنْ الشَّرَائِطِ أَنْ يَقُولُوا: إنَّ قَدْرًا مِنْ الْغَلَّةِ لِكَذَا ثُمَّ يُصْرَفُ الْفَاضِلُ إلَى كَذَا بَعْدَ بَيَانِ الْجِهَةِ فَلَوْ ذُكِرَ هَذَا لَا تُقْبَلُ. (337) قَوْلُهُ: وَإِمَّا بِرِيعِهِ إلَخْ. أَيْ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ بِمَصْرِفِ رِيعِهِ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بِالشَّرْطِ.

وَعَلَى هَذَا لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى مِنْ غَيْرِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ، فَلَا جَوَابَ لَهَا فَالدَّعْوَى حِسْبَةً لَا تَجُوزُ. وَالشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى جَائِزَةٌ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فَلْتُحْفَظْ. ثُمَّ زِدْت سَادِسَةً مِنْ الْقُنْيَةِ فَصَارَتْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا: وَهِيَ الشَّهَادَةُ 339 - عَلَى دَعْوَى مَوْلَاهُ نَسَبَهُ وَلَمْ أَرَ صَرِيحًا جَرْحُ الشَّاهِدِ حِسْبَةً مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ الْقَاضِي، وَاعْلَمْ أَنَّ شَاهِدَ الْحِسْبَةِ إذَا أَخَّرَ شَهَادَتَهُ بِلَا عُذْرٍ يُفَسَّقُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، نَصُّوا عَلَيْهِ فِي الْحُدُودِ، وَطَلَاقِ الزَّوْجَةِ، وَعِتْقِ الْأَمَةِ، وَظَاهِرُ مَا فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ فِي الْكُلِّ، وَهِيَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْيَتِيمَةِ، وَقَدْ أَلَّفْت فِيهَا رِسَالَةً، قُلْنَا: شَاهِدُ حِسْبَةٍ وَلَيْسَ لَنَا مُدَّعِي حِسْبَةٍ إلَّا فِي دَعْوَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَصْلَ الْوَقْفِ فَإِنَّهَا تُسَمَّعُ عِنْدَ الْبَعْضِ، 340 - وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى إلَّا مِنْ الْمُتَوَلِّي كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ. فَإِذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَالْأَجْنَبِيُّ بِالْأَوْلَى. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مِنْ غَيْرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى. . . إلَخْ. الْمُشَارُ إلَيْهِ كَوْنُ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ لَيْسَتْ دَعْوَى مِنْ الشَّاهِدِ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ شَهَادَةٍ. وَهَذَا خِلَافُ كَلَامِ عُلَمَاءِ الشَّافِعِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الشَّاهِدَ حِسْبَةً مُدَّعٍ أَيْضًا فَهِيَ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ وَدَعْوَى. (339) قَوْلُهُ: عَلَى دَعْوَى مَوْلَاهُ نَسَبَهُ. أَقُولُ فِيهِ: إنَّ الْكَلَامَ فِي الشَّهَادَةِ فِي حِسْبَةٍ بِلَا دَعْوَى، وَهُنَا الشَّهَادَةُ عَلَى دَعْوَى مَوْلَاهُ، وَذَلِكَ خُلْفٌ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمَوْلَى إذَا كَانَ يَدَّعِي نَسَبَ عَبْدِهِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَشَهِدَا فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي بِذَلِكَ حِسْبَةً تُقْبَلُ (340) قَوْلُهُ: وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى إلَّا مِنْ الْمُتَوَلِّي فِي فَتَاوَى

وَهَلْ يُقْبَلُ تَجْرِيحُ الشَّاهِدِ حِسْبَةً؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ، لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى لَا يُحَالُ بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ قَبْلَ ثُبُوتِ عِتْقِهِ 342 - إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ مَذْكُورَةٍ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي ـــــــــــــــــــــــــــــQشَيْخِ مَشَايِخِنَا الشَّمْسِ الْحَانُوتِيِّ أَنَّ الْحَقَّ إنَّ الْوَقْفَ إذَا كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ تَصِحُّ الدَّعْوَى مِنْهُ فَرَاجِعْهُ (341) قَوْلُهُ: وَهَلْ يُقْبَلُ تَجْرِيحُ الشَّاهِدِ حِسْبَةً؟ يَحْتَمِلُ لَفْظُ حِسْبَةً أَنْ يَكُونَ تَمَيُّزًا عَنْ الشَّاهِدِ وَعَنْ تَجْرِيحٍ، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي كَانَ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُجَرِّحَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حِسْبَةً لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ الظَّاهِرُ (نَعَمْ) مُدَافَعَةُ قَوْلِهِ السَّابِقِ، لَمْ أَرَ صَرِيحًا جَرْحُ الشَّاهِدِ حِسْبَةً؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ الظَّاهِرُ (نَعَمْ) ظُهُورُ ذَلِكَ لَهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ مَثَلًا لَا عَنْ تَصْرِيحٍ بِهِ فَلَا تَدَافُعَ (342) قَوْلُهُ: إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ مَذْكُورَةٍ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي. نَصُّ عِبَارَتِهَا بَعْدَ كَلَامٍ: وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَقُ عَبْدًا لَا يُحَالُ وَلَا يُخْرَجُ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: أَنْ يَأْبَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إعْطَاءَ الْكَفِيلِ أَوْ لَمْ يَجِدْ وَعَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ مُلَازَمَتِهِ، إلَّا أَنْ يَضَعَهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ. وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ فَاجِرًا بِالْغِلْمَانِ. وَالثَّالِثُ إذَا كَانَ يُخَافُ عَلَيْهِ التَّغَيُّبُ أَوْ الْإِبَاقُ وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِذَا ادَّعَتْ طَلَاقًا أَوْ الْأَمَةُ عِتْقًا أَوْ أَقَامَتْ شَاهِدًا وَاحِدًا يُحَالُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى وَيَأْخُذُ مِنْ الزَّوْجِ كَفِيلًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ أَحْضَرَتْ الْبَيِّنَةَ وَإِلَّا يُخْرِجُ الْقَاضِي الْكَفِيلَ مِنْ الْكَفَالَةِ، وَإِنْ طَلَّقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ بِعَيْنِهَا ثَلَاثًا ثُمَّ نَسِيَ ثُمَّ بَيَّنَ إلَّا وَاحِدَةً لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَالْقَاضِي لَا يُخَلِّي بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ حَتَّى يُخْبِرَ أَنَّهَا غَيْرُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا، وَإِذَا أَخْبَرَ اسْتَحْلَفَهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ مَا طَلَّقْت هَذِهِ ثَلَاثًا (انْتَهَى) . وَفِيهَا هَلْ يَحْلِفُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى؟ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ وَهُوَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْأَخِيرَةُ، حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا الدَّعْوَى، وَقِيلَ: لَا يَحْلِفُ فِي مَوْضِعٍ مَا إلَّا بِتَقْدِيمِ الدَّعْوَى. كَذَا شَرْطُ الدَّعْوَى فِي التَّحْلِيفِ عَنْ عِتْقِ الْعَبْدِ إنَّمَا الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِهِ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ (انْتَهَى) . وَفِيهَا جَارِيَةٌ ادَّعَتْ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ وَادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّهَا أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ وَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا

وَلَا يُحَالُ بَيْنَ الْمَنْقُولِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْهَا أَيْضًا 344 - لَا يَلْزَمُ الْمُدَّعِي بَيَانُ السَّبَبِ، 345 - وَتَصِحُّ بِدُونِهِ 346 - إلَّا فِي الْمِثْلِيَّاتِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يُحَالُ بَيْنَ الْمَنْقُولِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْهَا. نَصُّ عِبَارَتِهَا: ادَّعَى مَنْقُولًا وَطَلَبَ بِنَفْسِ الْمُدَّعَى بِهِ أَنْ يَضَعَهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ وَلَمْ يَكْتَفِ بِإِعْطَاءِ الْكَفِيلِ بِنَفْسِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمُدَّعَى بِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَدْلًا لَمْ يَحْبِسْهُ الْقَاضِي وَإِلَّا يَحْبِسُهُ. وَفِي الْعَقَارِ: لَا يَحْبِسُهُ إلَّا فِي الشَّجَرِ الَّذِي عَلَيْهِ ثَمَرٌ، لِأَنَّ الثَّمَرَ نَقْلِيٌّ (انْتَهَى) . وَفِيهَا وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَابَّةً أَوْ ثَوْبًا وَأَبَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إعْطَاءَ الْكَفِيلِ أَوْ لَمْ يَجِدْ وَعَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ مُلَازَمَتِهِ يَضَعُهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ أَوْ كَانَ يَخَافُ عَلَيْهِ التَّغْيِيبَ أَوْ الْإِبَاقَ (344) قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُ الْمُدَّعِي بَيَانُ السَّبَبِ. قِيلَ: تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَكَأَنَّهُ أَعَادَهُ هُنَا لِذِكْرِ الْمُسْتَثْنَى فَلَيْسَ مَحْضَ تَكْرَارٍ (انْتَهَى) . وَفِيهِ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى هُنَاكَ مَذْكُورٌ أَيْضًا إلَّا أَنَّ الْمُسْتَثْنَى هُنَا أَخُصُّ مِنْ الْمُسْتَثْنَى هُنَاكَ. (345) قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ بِدُونِهِ. أَيْ تَصِحُّ الدَّعْوَى بِدُونِ بَيَانِ السَّبَبِ حَالَ دَعْوَاهُ. (346) قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْمِثْلِيَّاتِ. كَمَا إذَا ادَّعَى مَكِيلًا؛ فَفِيهِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ سَبَبِ الْوُجُوبِ لِاخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ بِاخْتِلَافِ الْأَسْبَابِ، حَتَّى أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ مَكَانِ الْإِيفَاءِ تَحَرُّزًا عَنْ النِّزَاعِ وَلَمْ يَجُزْ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ، وَإِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ حِنْطَةً دَيْنًا وَلَمْ يَذْكُرْ بِأَيِّ سَبَبٍ لَا تُسْمَعُ، وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ بِسَبَبِ السَّلَمِ فَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي عَيَّنَّاهُ؛ وَإِنْ كَانَ بِسَبَبِ الْقَرْضِ أَوْ بِسَبَبِ كَوْنِهَا ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَيَكُونُ مَكَانُ الْقَرْضِ وَالْبَيْعِ مَكَانَ الْإِيفَاءِ وَإِنْ كَانَ بِسَبَبِ الْغَصْبِ وَالِاسْتِهْلَاكِ فَيَكُونُ لَهُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِتَسْلِيمِ الْحِنْطَةِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ وَالِاسْتِهْلَاكِ.

وَدَعْوَى الْمَرْأَةِ الدَّيْنَ عَلَى تَرِكَةِ زَوْجِهَا وَالثَّانِيَةُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَالْأُولَى فِي الشَّرْحِ مِنْ الدَّعْوَى الشَّهَادَةُ بِحُرِّيَّةِ الْعَبْدِ بِدُونِ دَعْوَاهُ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْإِمَامِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: 348 - الْأُولَى: إذَا شَهِدُوا بِحُرِّيَّتِهِ الْأَصْلِيَّةِ وَأُمُّهُ حَيَّةٌ تُقْبَلُ، لَا بَعْدَ مَوْتِهَا. 349 - الثَّانِيَةُ: شَهِدُوا بِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِإِعْتَاقِهِ تُقْبَلُ. وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْعَبْدُ. وَهُمَا فِي آخِرِ الْعِمَادِيَّةِ. 350 - وَالْأُولَى مُفَرَّعَةٌ عَلَى الضَّعِيفِ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَهُ اشْتِرَاطُ دَعْوَاهُ فِي الْعَارِضَةِ وَالْأَصْلِيَّةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْإِعْتَاقِ مِنْ غَيْرِ الْعَبْدِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ بَابِ التَّحَالُفِ مِنْ الْمُحِيطِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَدَعْوَى الْمَرْأَةِ الدَّيْنَ إلَخْ. يَعْنِي لَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ مَالًا عَلَى وَرَثَةِ الزَّوْجِ لَمْ يَصِحَّ مَا لَمْ تُبَيِّنْ السَّبَبَ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ دَيْنَ النَّفَقَةِ وَهِيَ تَسْقُطُ بِمَوْتِهِ جُمْلَةً (348) قَوْلُهُ: الْأُولَى إذَا شَهِدُوا بِحُرِّيَّتِهِ الْأَصْلِيَّةِ. فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْحُرِّيَّةِ الْعَارِضَةِ لَا الْأَصْلِيَّةِ، فَكَيْفَ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ؟ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا. قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: فِي الشَّهَادَةِ عَلَى عِتْقِ الْقِنِّ بِلَا دَعْوَاهُ خِلَافَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ فِي الْقِنِّ تُقْبَلُ بِلَا دَعْوَاهُ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً حَيَّةً؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْفَرْجِ وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَتُقْبَلُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى مِنْ غَيْرِ هَذَا التَّفْصِيلِ، أَيْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ. (349) قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ شَهِدُوا بِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِإِعْتَاقِهِ تُقْبَلُ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ عَلَى إثْبَاتِ حَقِّ الْمُوصِي فَيَصِيرُ كَأَنَّ الْمُوصِيَ يَدَّعِي وَيَقُولَ نَفِّذُوا وَصِيَّتِي؛ فَيَجِبُ عَلَى وَرَثَتِهِ تَحْرِيرُهُ وَلَوْ امْتَنَعُوا، فَالْقَاضِي يُحَرِّرُ. كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي التَّاسِعِ وَالثَّلَاثِينَ. (350) قَوْلُهُ: وَالْأُولَى مُفَرَّعَةٌ عَلَى الضَّعِيفِ إلَخْ. الْقَوْلِ: وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ صِحَّتَهُ عَلَى ظَاهِرِ الْقَوْلِ الضَّعِيفِ

بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ ادَّعَى عَلَى الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ وَالْإِعْتَاقَ وَكَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ تُسْمَعُ فِيهِمَا، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي تُسْمَعُ فِي الشِّرَاءِ فَقَطْ وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ ذِكْرُ اسْمِ أُمِّهِ وَلَا اسْمِ أَبِ أُمِّهِ 352 - لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ حُرَّ الْأَصْلِ وَأُمُّهُ رَقِيقَةً. صَرَّحَ بِهِ فِي آخِرِ الْعِمَادِيَّةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. 353 - وَكَذَا فِي الشَّهَادَةِ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ، كَمَا فِي دَعْوَى الْقُنْيَةِ. الْقَضَاءُ بَعْدَ صُدُورِهِ صَحِيحًا لَا يَبْطُلُ بِإِبْطَالِ أَحَدٍ إلَّا إذَا أَقَرَّ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِبُطْلَانِهِ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ، إلَّا فِي الْمَقْضِيِّ بِحُرِّيَّتِهِ، 354 - وَفِيمَا إذَا ظَهَرَ الشُّهُودُ عَبِيدًا أَوْ مَحْدُودِينَ فِي قَذْفٍ بِالْبَيِّنَةِ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الْقَضَاءُ لَكِنْ لِكَوْنِهِ غَيْرَ صَحِيحٍ يُحَلَّفُ الْمُنْكِرُ إلَّا فِي إحْدَى وَثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً بَيَّنَّاهَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ. إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ ادَّعَى عَلَى الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ وَالْإِعْتَاقَ إلَخْ أَقُولُ: هَذَا مِمَّا خَرَجَ عَنْ قَاعِدَةِ مَنْ سَعَى مِنْ نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ (352) قَوْلُهُ: لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ حُرَّ الْأَصْلِ وَأُمُّهُ رَقِيقَةً. وَذَلِكَ مَا لَوْ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ نَفْسِهِ فَالْوَلَدُ حُرُّ الْأَصْلِ وَالْأُمُّ رَقِيقَةٌ، وَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حُرَّ الْأَصْلِ وَأُمُّهُ رَقِيقَةً يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حُرَّ الْأَصْلِ وَأَبُوهُ رَقِيقًا، كَمَا كَانَتْ أُمُّهُ حُرَّةً أَصْلِيَّةً وَأَبُوهُ عَبْدًا فَإِنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ تَبَعًا لِأُمِّهِ وَحِينَئِذٍ فَيُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ اسْمِ الْأُمِّ وَأَبِ الْأُمِّ. (353) قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي الشَّهَادَةِ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ كَمَا فِي دَعْوَى الْقُنْيَةِ إلَى قَوْلِهِ: إلَّا فِي الْمَقْضِيِّ بِحُرِّيَّتِهِ. فَإِنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِبُطْلَانِ الْقَضَاءِ لَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَا تَقْبَلُ النَّقْضَ كَمَا فِي التَّاسِعِ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. (354) قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا ظَهَرَ الشُّهُودُ عَبِيدًا إلَخْ. عَطْفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى الْأَوَّلِ. وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَضَاءِ الصَّحِيحِ هُوَ هُنَا غَيْرُ صَحِيحٍ، وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ: لَكِنْ لِكَوْنِهِ غَيْرَ صَحِيحٍ، أَفَادَ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ

ادَّعَى رَجُلَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى ذِي الْيَدِ اسْتِحْقَاقَ مَا فِي يَدِهِ فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا وَأَنْكَرَ لِلْآخَرِ لَمْ يُسْتَحْلَفْ الْمُنْكِرُ مِنْهُمَا إلَّا فِي ثَلَاثٍ: دَعْوَى الْغَصْبِ، وَالْإِيدَاعِ، وَالْإِعَارَةِ فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ الْمُنْكِرُ بَعْدَ إقْرَارِهِ لِأَحَدِهِمَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مُفَصَّلًا، فِي الْخُلَاصَةِ: فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَوْ أَقَرَّ بِهِ يَلْزَمُهُ فَإِذَا أَنْكَرَهُ يُسْتَحْلَفُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ ذَكَرَهَا. وَالصَّوَابُ إلَّا فِي أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَقَدْ ذَكَرْتُهَا فِي الشَّرْحِ 355 - يَجُوزُ قَضَاءُ الْأَمِيرِ الَّذِي يُوَلِّي الْقُضَاةَ وَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ إلَى الْقَاضِي، 356 - إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ فَقَضَاءُ الْأَمِيرِ لَا يَجُوزُ 357 - كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ، وَقَدْ أَفْتَيْتُ بِأَنَّ تَوْلِيَةَ بَاشَا مِصْرَ قَاضِيًا لِيَحْكُمَ فِي أَقْضِيَتِهِ بِمِصْرَ مَعَ وُجُودِ قَاضِيهَا الْمُوَلَّى مِنْ السُّلْطَانِ بَاطِلَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يَجُوزُ قَضَاءُ الْأَمِيرِ الَّذِي يُوَلِّي الْقُضَاةَ. يَعْنِي بِتَفْوِيضِ سُلْطَانٍ لَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ وَلَّى قَاضِيًا أَوْ لَا، إلَّا إذَا فَوَّضَ السُّلْطَانُ إلَيْهِ تَوْلِيَةَ الْقَضَاءِ، فَقَدْ أَذِنَ لَهُ بِالْقَضَاءِ فَيَجُوزُ قَضَاؤُهُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ وَلَّاهُ. (356) قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ. أَقُولُ: الصَّوَابُ تَنْكِيرُ الْقَاضِي وَجَعْلُ يَكُونَ فِعْلًا تَامًّا وَالتَّقْدِيرُ يَجُوزُ قَضَاءُ الْأَمِيرِ الَّذِي يُوَلِّي الْقُضَاةَ فِي كُلِّ حَالٍ إلَّا حَالَ وُجُودِ قَاضٍ مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ سَقَطَ مَا قِيلَ قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي إلَخْ. اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ بِمَعْنَى، لَكِنْ، فَتَدَبَّرْ. (357) قَوْلُهُ: كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. تَقَدَّمَ عَنْ الْمُلْتَقَطِ أَنَّ قَضَاءَ الْأَمِيرِ جَائِزٌ مَعَ وُجُودِ قَاضِي الْبَلَدِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مُوَلًّى مِنْ الْخَلِيفَةِ، وَهُوَ مُطْلَقٌ وَمَا هُنَا مُقَيَّدٌ بِاَلَّذِي يُوَلِّي الْقُضَاةَ، وَمَا هُنَاكَ مُطْلَقٌ فَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا هُنَا.

لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّضْ إلَيْهِ ذَلِكَ ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ أَنَّ الْمُوَلَّى لَا يَكُونُ قَاضِيًا قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ 359 - فَمُقْتَضَاهُ جَوَازُ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ قَبْلَ الْوُصُولِ مُطْلَقًا وَعَدَمُ جَوَازِ اسْتِنَابَتِهِ بِإِرْسَالِ نَائِبٍ لَهُ فِي مَحَلِّ قَضَائِهِ، وَعَمَلُ الْقُضَاةِ الْآنَ عَلَى إرْسَالِ نَائِبٍ حِينَ التَّوْلِيَةِ فِي بَلَدِ السُّلْطَانِ، 360 - وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَحِينَئِذٍ لَا كَلَامَ فِيهِ 361 - حَادِثَةٌ: ادَّعَى أَنَّهُ غَرَسَ أَثْلًا فِي أَرْضٍ مَحْدُودَةٍ بِكَذَا مِنْ مُدَّةِ ثَمَانِيَ عَشْرَ سَنَةٍ، عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ إنْ ظَهَرَ لَهَا مَالِكٌ دَفَعَ أُجْرَتَهَا، وَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَتَعَرَّضُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ، فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْأَثْلَ الْمَذْكُورَ غَرَسَهُ مُسْتَأْجِرُ الْوَقْفِ لَهُ، فَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ شَهِدَا بِأَنَّهُ غَرَسَهُ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَزَادَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَيْهِ، فَحَكَمَ الْقَاضِي بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي وَلَمْ يَطْلُبْ الْبَيِّنَةَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَسُئِلْتُ عَنْ الْحُكْمِ، فَأَجَبْتُ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّضْ إلَيْهِ. قِيلَ: مُقْتَضَاهُ بُطْلَانُهَا مَعَ وُجُودِ قَاضِيهَا لِعَدَمِ التَّفْوِيضِ، وَجَوَازُهَا مُطْلَقًا مَعَ التَّفْوِيضِ فَتَأَمَّلْ (359) قَوْلُهُ: فَمُقْتَضَاهُ جَوَازُ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ إلَخْ. قِيلَ: هَذَا الِاقْتِضَاءُ بِالنَّظَرِ إلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَإِلَّا فَالْإِهْدَاءُ لِلْقَاضِي قِيلَ: وُصُولُهُ مِنْ أَهْلِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، فِي مَعْنَى الْإِهْدَاءِ لَهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فِي كَوْنِهِ لِأَجَلِ قَضَائِهِ. (360) قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فَحِينَئِذٍ إرْسَالُ الْقُضَاةِ نُوَّابًا مِنْ قُسْطَنْطِينِيَّةَ إلَى مَحَلِّ قَضَائِهِمْ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمْ مَأْذُونُونَ بِذَلِكَ فَيَجُوزُ تَقْرِيرُهُمْ (361) قَوْلُهُ: (حَادِثَةٌ) . إلَخْ. قِيلَ: وَالْأَصْلُ نَوْعٌ مِنْ الطَّرْفَاءِ وَالطَّرْفَاءُ بِالتُّرْكِيِّ أَيَلْغُونَ أغاجي يُغْرَسُ الْيَوْمَ فِي نَوَاحِي الْقَاهِرَةِ لِأَجْلِ الِاحْتِطَابِ وَيُسْقَى.

يُبَيِّنْ فِيهَا أَنَّهُ خَارِجٌ أَوْ ذُو يَدٍ، وَعَلَى كُلٍّ لَا مُوَافَقَةَ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَسْتَأْنِفُ الدَّعْوَى؛ فَإِنْ ذَكَرَ الْمُدَّعِي أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاضِعُ الْيَدِ وَأَنَّهُ خَارِجٌ 362 - وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى وَضْعِ الْيَدِ أَوْ بَرْهَنَ عَلَيْهِ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى الْغَرْسِ وَشَهِدَا عَلَى طِبْقِ الدَّعْوَى طَلَبَ مِنْ النَّاظِرِ الْبُرْهَانَ، فَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى مَا ادَّعَى قُدِّمَ بُرْهَانُ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّ الْغَرْسَ مِمَّا يَتَكَرَّرُ فَلَيْسَ كَالنِّتَاجِ، وَإِنْ ذَكَرَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ وَاضِعُ الْيَدِ وَأَنَّ النَّاظِرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُعَارِضُهُ وَبَرْهَنَ، فَبَرْهَنَ النَّاظِرُ عَلَى غِرَاسِ الْمُسْتَأْجِرِ، قُدِّمَ بُرْهَانُ النَّاظِرِ لِكَوْنِهِ خَارِجًا، وَهَلْ التَّرْجِيحُ لِبَيِّنَةِ النَّاظِرِ لِكَوْنِهَا تُثْبِتُ الْغَرْسَ بِحَقٍّ، وَالْأُولَى تُثْبِتُهُ غَصْبًا؟ قُلْت: لَا تَرْجِيحَ بِذَلِكَ. ثُمَّ سُئِلْت لَوْ أَرَّخَا فِي الْغَرْسِ؟ فَأَجَبْت بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ، إلَّا إذَا سَبَقَ تَارِيخُ ذِي الْيَدِ فَيُقَدَّمُ، 363 - لِأَنَّ الْغَرْسَ مِمَّا يَتَكَرَّرُ. وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَهَذَا حُكْمُهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي غَصْبِ الْقُنْيَةِ لَوْ غَرَسَ الْمُسْلِمُ فِي أَرْضٍ مُسَبَّلَةٍ كَانَتْ سَبِيلًا (انْتَهَى) . فَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ الْأَثْلُ وَقْفًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. أَقُولُ فِيهِ: إنَّ الْيَدَ لَا تَثْبُتُ بِالْعَقَارِ بِالْمُصَادَقَةِ بَلْ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي كَمَا قَدَّمَهُ فَتَأَمَّلْ. (363) قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَرْسَ مِمَّا يَتَكَرَّرُ. عِلَّةٌ لِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ إذَا سَبَقَ تَارِيخُهَا عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّ الْغَرْسَ إذَا كَانَ مِمَّا يَتَكَرَّرُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَوَّلِيَّةِ الْمِلْكِ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ.

إلَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا عَلَى أَبْنَاءِ السَّبِيلِ، وَظَاهِرُ مَا فِي الْإِسْعَافِ أَنَّهُ لَوْ غَرَسَ فِي الْوَقْفِ وَلَمْ يَغْرِسْ لَهُ كَانَتْ مِلْكًا لَهُ لَا وَقْفًا. 365 - وَذُكِرَ فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ مِنْ الْوَقْفِ حُكْمُ مَا إذَا غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ 366 - لَا تَحَالُفَ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ 367 - إلَّا فِي أَجَلِ السَّلَمِ 368 - دَعْوَى دَفْعِ التَّعَرُّضِ مَسْمُوعَةٌ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا عَلَى أَبْنَاءِ السَّبِيلِ. يَعْنِي فَلَا يَكُونُ الْغَرْسُ وَقْفًا. أَقُولُ: لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهُ فَلْيُنْظَرْ. (365) قَوْلُهُ: وَذُكِرَ فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ إلَخْ. أَقُولُ: الْحُكْمُ مَذْكُورٌ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُتُونِ، فَلَا دَاعِيَ إلَى الْإِغْرَابِ بِالْعَزْوِ إلَى خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ (366) قَوْلُهُ: لَا تَحَالُفَ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ. يَعْنِي لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي غَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالْمَعْقُودِ بِهِ، فَأَشْبَهَ الِاخْتِلَافَ فِي الْحَطِّ وَالْإِبْرَاءِ، وَهَذَا لِأَنَّ بِانْعِدَامِهِ لَا يَخْتَلُّ مَا بِهِ قِوَامُ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ الِاخْتِلَافِ فِي وَصْفِ الثَّمَنِ أَوْ جِنْسِهِ، حَيْثُ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الِاخْتِلَافِ فِي الْقَدْرِ فِي جَرَيَانِ التَّحَالُفِ. (367) قَوْلُهُ: إلَّا فِي أَجَلِ السَّلَمِ. أَيْ إلَّا فِي الِاخْتِلَافِ فِي أَجَلِ السَّلَمِ بِأَنْ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا وَنَفَاهُ الْآخَرُ، فَإِنَّ الْقَوْلَ فِيهِ لِمُدَّعِيهِ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ فِيهِ شَرْطًا، وَتَرْكُهُ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ وَإِقْدَامُهُمَا عَلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ، فَكَانَ الْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ لَهُ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فِيهِ فَكَانَ الْقَوْلُ لِنَافِيهِ (368) قَوْلُهُ: دَعْوَى دَفْعِ التَّعَرُّضِ مَسْمُوعَةٌ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَقَعَ عِنْدِي تَرَدُّدٌ فِيمَا إذَا سَمِعَ الْقَاضِي فِي دَعْوَى دَفْعِ التَّعَرُّضِ وَمَنَعَ الْخَصْمَ مِنْ مُعَارِضَتِهِ بَعْدَهَا هَلْ يَكُونُ قَضَاءً مِنْهُ مَانِعًا لِلْخُصُومَةِ مِنْ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ فِي الْحَادِثَةِ الْمُتَنَازِعِ فِيهَا أَمْ لَا؟ فَإِنْ كَانَ مَانِعًا ظَهَرَ نَتِيجَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَانِعًا فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِيهِ. وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ.

وَدَعْوَى قَطْعِ النِّزَاعِ لَا، كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ. اخْتِلَافُ الشَّاهِدَيْنِ مَانِعٌ، إلَّا فِي إحْدَى وَثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً ذَكَرْنَاهَا فِي الشَّرْحِ 370 - إذَا أَخْبَرَ الْقَاضِي بِشَيْءٍ حَالَ قَضَائِهِ قُبِلَ مِنْهُ، إلَّا إذَا أَخْبَرَ بِإِقْرَارِ رَجُلٍ بِحَدٍّ. وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلصَّدْرِ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ، إلَّا عَلَى وَارِثٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُوصٍ لَهُ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَدَعْوَى قَطْعِ النِّزَاعِ لَا. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ: وَلَا يُعَارِضُهُ مَا نَقَلُوهُ فِي الْفَتْوَى مِنْ صِحَّةِ الدَّعْوَى بِدَفْعِ التَّعَرُّضِ وَهِيَ مَسْمُوعَةٌ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخِزَانَةِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ فِي الْأُولَى إنَّمَا يَدَّعِي إذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَيَدَّعِيهِ وَإِلَّا يُشْهِدُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْإِبْرَاءِ. وَفِي الثَّانِي إنَّمَا يَدَّعِي أَنَّهُ يَتَعَرَّضُ لَهُ فِي كَذَا بِغَيْرِ حَقٍّ وَيُطَالِبُهُ بِدَفْعِ التَّعَرُّضِ فَافْهَمْ (370) قَوْلُهُ: إذَا أَخْبَرَ الْقَاضِي بِشَيْءٍ حَالَ قَضَائِهِ قُبِلَ مِنْهُ إلَى قَوْلِهِ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلصَّدْرِ. أَقُولُ: الَّذِي فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ فِي الْبَابِ السَّابِعِ وَالسَّبْعِينَ فِي الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ عِنْدَ الْقَاضِي، ذُكِرَ عَنْ حَمَّادٍ وَالْحَكَمِ أَنَّهُمَا يَقُولَانِ: سَمِعْنَا أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا اعْتَرَفَ عِنْدَهُ جَازَ قَوْلُهُ إلَّا فِي الْحُدُودِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ إلَّا فِي الْحُدُودِ، فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي فِي الْحُدُودِ بِعِلْمِهِ مَا لَمْ يُوجَدْ نِصَابُ الْإِقْرَارِ بِشَرَائِطِهِ أَوْ بِحُجَّةِ الْبَيِّنَةِ بِشَرَائِطِهَا. ذُكِرَ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّ شُرَيْحًا كَانَ يَقْضِي فِي قَوْمٍ بِعِلْمِهِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ، لَكِنْ أُرِيدَ بِهِ فِيمَا عَدَا الْحُدُودِ، وَعُرِفَ ذَلِكَ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ. ذُكِرَ عَنْ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ: إذَا أَقَرَّ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِشَيْءٍ ثُمَّ أَنْكَرَ، أَخَذَ بِإِقْرَارِهِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ إلَّا فِي الْحُدُودِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُفِيدُ مَا أَفَادَ بِهِ الْأَحَادِيثُ الْمُتَقَدِّمَةُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ إلَّا فِي الْحُدُودِ. (انْتَهَى) . وَلَيْسَ فِي هَذَا إخْبَارُ الْقَاضِي بِشَيْءٍ، وَمَسْأَلَةُ قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ تَقَدَّمَتْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَكَذَا مَسْأَلَةُ إخْبَارِ الْقَاضِي فَكُنْ عَلَى ذِكْرٍ مِنْ ذَلِكَ

[المدعى عليه إذا دفع دعوى المدعي الملك من فلان بأن فلانا أودعه إياه]

فَلَا تُسْمَعُ عَلَى غَرِيمٍ لَهُ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ 372 - إلَّا إذَا وَهَبَ جَمِيعَ مَالَهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَسَلَّمَهُ لَهُ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ ذَا يَدٍ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ مِنْ فُلَانٍ بِأَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَهُ إيَّاهُ انْدَفَعَتْ الدَّعْوَى بِلَا بَيِّنَةٍ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: الْأُولَى: 373 - إذَا ادَّعَى الْإِرْثَ عَنْهُ فَإِنَّهَا لَا تَنْدَفِعُ بِخِلَافِ دَعْوَى الشِّرَاءِ مِنْهُ. الثَّانِيَةُ: إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ وَقَالَ: أَمَرَنِي بِالْقَبْضِ مِنْك لَمْ تَنْدَفِعْ 374 - وَالْفَرْقُ فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ. دَعْوَى الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ الْقَاضِي لَا تَصِحُّ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَا تُسْمَعُ عَلَى غَرِيمٍ لَهُ. الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَرِيمِ مَدْيُونُ الْمَيِّتِ. (372) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا وَهَبَ جَمِيعَ الْمَالِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ. قِيلَ: لَا خَفَاءَ فِي أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ لَيْسَ مِنْ غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ لِيَكُونَ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْغَرِيمِ مُتَّصِلًا فَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَإِنَّمَا اسْتَثْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَضَرَ مَنْ تَصِحُّ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فِي الثَّلَاثَةِ وَكَانَ هُوَ مُغَايِرًا لَهُمْ أَشْبَهَ الْغَرِيمَ فَاسْتَثْنَاهُ مِنْهُ لِذَلِكَ. (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: قَوْلُهُ إلَّا إذَا وَهَبَ إلَخْ. صَادِقٌ بِمَا لَوْ وَهَبَ جَمِيعَ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ، وَهَذَا لَا يَكُونُ خَصْمًا لِمَنْ لَهُ دَيْنٌ. نَعَمْ إنْ كَانَ فِيمَا وَهَبَهُ عَيْنٌ مَغْصُوبَةٌ وَنَحْوُهَا كَانَ خَصْمًا لِمُدَّعِيهَا. وَاَلَّذِي فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ أَوْ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ خَصِيمٌ إذَا صَحَّ لِعَدَمِ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ الزَّائِدَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ خَصَائِصِ الْوَارِثِ فَيُلْحَقُ بِالْوَارِثِ فَلْيُرَاجَعْ [الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ مِنْ فُلَانٍ بِأَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَهُ إيَّاهُ] (373) قَوْلُهُ: إذَا ادَّعَى الْإِرْثَ عَنْهُ. الْمُسْتَتِرُ فِي ادَّعَى ضَمِيرُ الْمُدَّعِي لَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، قِيلَ: وَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ فِي دَعْوَى الْإِرْثِ هُوَ مُضْطَرٌّ إلَى انْتِزَاعِ مِلْكِهِ مِنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِمَوْتِ الْمُودِعِ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مُودِعًا بِخِلَافِ دَعْوَى الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِ الشِّرَاءِ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مُودِعًا فَتَأَمَّلْ (374) قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ. لَمْ نَجِدْهَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ، وَإِنَّمَا هِيَ فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ وَالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَأَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ أَحَدُ الْكِتَابَيْنِ

[دعوى الفعل من غير بيان الفاعل]

الْأُولَى: الشَّهَادَةُ بِالْوَقْفِ؛ أَيْ بِأَنَّ قَاضِيًا مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ قَضَى بِصِحَّتِهِ، صَحَّتْ. الثَّانِيَةُ: الشَّهَادَةُ بِالْإِرْثِ أَيْ بِأَنَّ قَاضِيًا مِنْ الْقُضَاةِ قَضَى بِأَنَّ الْإِرْثَ لَهُ، صَحَّتْ. وَهُمَا فِي الْخِزَانَةِ وَدَعْوَى الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْفَاعِلِ لَا تُسْمَعُ 376 - إلَّا فِي أَرْبَعٍ: مَسْأَلَتَيْ الْقَاضِي. وَالثَّالِثَةُ: الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ وَصِيِّهِ فِي صِغَرِهِ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يُسَمُّوهُ. الرَّابِعَةُ: الشَّهَادَةُ بِأَنَّ وَكِيلَهُ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ بَيَانِهِ. وَالْكُلُّ فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. الْخَامِسَةُ: نِسْبَةُ فِعْلٍ إلَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ مَنْ نَسَبَهُ عَلَى التَّعْيِينِ. السَّادِسَةُ: نِسْبَةُ فِعْلٍ إلَى وَصِيِّ يَتِيمٍ كَذَلِكَ، 377 - وَيُمْكِنُ رُجُوعُ الْأَخِيرَتَيْنِ إلَى الْأُولَى 378 - الْقَضَاءُ بِالْحُرِّيَّةِ قَضَاءٌ عَلَى الْكَافَّةِ، إلَّا إذَا قُضِيَ بِعِتْقٍ عَنْ مِلْكٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْآخَرِ وَعِبَارَةُ الْمَحْبُوبِيِّ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَارِثَ خَلَفٌ عَنْ الْمَوْرُوثِ فَكَأَنَّ الْمَوْرُوثَ طَلَبَ وَأَنْكَرَ وَهُوَ يَنْتَصِبُ خَصْمًا بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي لَا يَكُونُ نَائِبًا وَخَلَفًا عَنْ الْبَائِعِ. (375) قَوْلُهُ: الْأُولَى الشَّهَادَةُ بِالْوَقْفِ. أَيْ بِدَعْوَى الْوَقْفِ قَيْدٌ بِالشَّهَادَةِ بِالْوَقْفِ لِمَا قَالَ السَّرَخْسِيُّ: إنَّهُمْ لَوْ كَتَبُوا إقْرَارَ الْوَاقِفِ أَنَّ قَاضِيًا مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ قَضَى بِلُزُومِهِ فَذَلِكَ لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ قَرَارَهُ لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْقَاضِي الَّذِي يُرِيدُ إبْطَالَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ [دَعْوَى الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْفَاعِلِ] (376) قَوْلُهُ: إلَّا فِي أَرْبَعٍ. أَقُولُ: صَوَابُهُ إلَّا فِي سِتٍّ. (377) قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ رُجُوعُ الْأَخِيرَتَيْنِ إلَى الْأُولَى. وَقِيلَ: لَعَلَّ الْمُرَادَ الْأُولَى مَعَ الْأَرْبَعِ وَفِي رُجُوعِهَا إلَيْهَا نَوْعُ خَفَاءٍ (378) قَوْلُهُ: الْقَضَاءُ بِالْحُرِّيَّةِ قَضَاءٌ عَلَى الْكَافَّةِ. أَقُولُ: بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ الْعَلَّامَةُ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ الْغَرْسِ فِي كِتَابِ الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ فِي الْقَضَايَا الْحُكْمِيَّةِ

مُؤَرَّخٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْكَافَّةِ مِنْ ذَلِكَ التَّارِيخِ، فَلَا تُسْمَعُ فِيهِ دَعْوَى مِلْكٍ بَعْدَهُ، وَتُسْمَعُ قَبْلَهُ 379 - كَمَا ذَكَرَهُ مُنْلَا خُسْرو 380 - فِي شَرْحِ الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ 381 - الْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الْأَجَلِ 382 - إلَّا فِي السَّلَمِ فَلِمُدَّعِيهِ الشِّرَاءُ يَمْنَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ 383 - وَكَذَا الِاسْتِيدَاعُ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَا إذَا خَافَ مِنْ الْغَاصِبِ تَلَفَ الْعَيْنِ 384 - فَاشْتَرَاهَا 385 - أَوْ أَخَذَهَا وَدِيعَةً، ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ فِي الْفُصُولِ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاخْتَلَفُوا فِي الْقَضَاءِ بِالْوَقْفِ هَلْ يَكُونُ جُزْئِيًّا أَوْ كُلِّيًّا؟ وَالصَّحِيحُ الْمُفْتَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى النَّاسِ كَافَّةً فَتُسْمَعُ فِيهِ دَعْوَى الْمِلْكِ وَدَعْوَى وَقْفٍ آخَرَ. (379) قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ مُنْلَا خُسْرو. وَأَقُولُ: صَوَابُهُ مُحَمَّدٌ مُنْلَا خُسْرو. (380) قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ. أَقُولُ: صَوَابُهُ فِي الدُّرَرِ فِي شَرْحِ الْغُرَرِ (381) قَوْلُهُ: الْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الْأَجَلِ. إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ بِثَمَنٍ حَالٍّ لَا مُؤَجَّلٍ. (382) قَوْلُهُ: إلَّا فِي السَّلَمِ فَلِمُدَّعِيهِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ صِحَّتِهِ فَمُدَّعِيه مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَمُنْكِرُهُ مُدَّعِي الْفَسَادِ. وَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَالْكَفَالَةُ مِثْلُ السَّلَمِ. قَالَ الْمَحْبُوبِيُّ فِي فُرُوقِهِ: لَوْ قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ مُؤَجَّلَةٌ، وَالْمُدَّعِي قَالَ: مُعَجَّلَةٌ. فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْأَجَلِ إلَّا فِي الْكَفَالَةِ (383) قَوْلُهُ: وَكَذَا الِاسْتِيدَاعُ إلَخْ. أَيْ قَبُولُ قَوْلِ مَنْ تَكُونُ الْعَيْنُ وَدِيعَةً عِنْدَهُ. (384) قَوْلُهُ: فَاشْتَرَاهَا. أَيْ مِنْ الْغَاصِبِ، فَهَذَا الشِّرَاءُ لَا يَمْنَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ. (385) قَوْلُهُ: أَوْ أَخَذَهَا وَدِيعَةً. عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَاشْتَرَاهَا. أَيْ خَافَ مِنْ الْغَاصِبِ تَلَفَ الْعَيْنِ فَأَخَذَهَا مِنْهُ وَدِيعَةً لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ دَعْوَى الْمِلْكِ

لَكِنْ بِصِيغَةِ يَنْبَغِي الْجَهَالَةُ فِي الْمَنْكُوحَةِ تَمْنَعُ الصِّحَّةَ وَفِي الْمَهْرِ إنْ كَانَتْ فَاحِشَةً فَمَهْرُ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَالْوَسَطُ، كَعَبْدٍ، وَفِي الْبَيْعِ وَفِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ تَمْنَعُ الصِّحَّةَ، إلَّا إذَا ادَّعَى حَقًّا فِي دَارِ فَادَّعَى الْآخَرُ عَلَيْهِ حَقًّا فِي دَارٍ أُخْرَى فَتَبَايَعَا الْحَقَّيْنِ الْمَجْهُولَيْنِ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَفِي الْإِجَارَةِ تَمْنَعُ الصِّحَّةَ فِي الْعَيْنِ أَوْ فِي الْأُجْرَةِ كَهَذَا أَوْ هَذَا، وَفِي الدَّعْوَى تَمْنَعُ الصِّحَّةَ إلَّا فِي الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ. 386 - وَفِي الشَّهَادَةِ كَذَلِكَ 387 - إلَّا فِيهِمَا، وَفِي الرَّهْنِ وَفِي الِاسْتِحْلَافِ تَمْنَعُهُ إلَّا فِي سِتٍّ: هَذِهِ الثَّلَاثَةُ، وَادَّعَى خِيَانَةً مُبْهَمَةً عَلَى الْمُودِعِ، وَتَحْلِيفُ الْوَصِيِّ عَنْ اتِّهَامِ الْقَاضِي لَهُ وَكَذَا الْمُتَوَلِّي، وَفِي الْإِقْرَارِ لَا تَمْنَعُهُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِهِ، وَفِي الْوَصِيَّةِ لَا تَمْنَعُهَا وَالْبَيَانُ إلَى الْمُوصِي أَوْ وَارِثِهِ، وَفِي الْمُنْتَقَى؛ لَوْ قَالَ: أَعْطَوْا فُلَانًا شَيْئًا أَوْ جُزْءًا مِنْ مَالِي أَعْطَوْهُ مَا شَاءُوا، فِي الْوَكَالَةِ فَإِنَّ فِي الْمُوَكِّلِ فِيهِ وَتَفَاحَشَتْ مَنَعَتْ وَإِلَّا فَلَا، 388 - وَفِي الْوَكِيلِ تَمْنَعُ كَهَذَا أَوْ هَذَا وَقِيلَ: لَا، وَفِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَا، وَعَلَيْهِ الْبَيَانُ، وَفِي الْحُدُودِ تَمْنَعُ كَهَذَا زَانٍ أَوْ هَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي الشَّهَادَةِ كَذَلِكَ. أَيْ تَمْنَعُ الصِّحَّةَ. (387) قَوْلُهُ: إلَّا فِيهِمَا. أَيْ الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ. (388) قَوْلُهُ: وَفِي الْوَكِيلِ تَمْنَعُ إلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ: لَا إلَخْ. وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْمَنْعِ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْوَكِيلُ مِنْهُمَا، فَكَانَ الْمُرَادُ عَدَمَ الْمَنْعِ بِشَرْطِ الِاسْتِفْسَارِ مِنْ الْمُوَكِّلِ فَتَأَمَّلْ

لَا يَجُوزُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِنْكَارُ وَإِذَا كَانَ عَالِمًا بِالْحَقِّ إلَّا فِي دَعْوَى الْعَيْبِ. فَإِنَّ لِلْبَائِعِ إنْكَارَهُ لِيُقِيمَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ عَلَى بَائِعِهِ. 390 - وَفِي الْوَصِيِّ إذَا عَلِمَ بِالدَّيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي بُيُوعِ النَّوَازِلِ 391 - إذَا أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً عَلَى النِّتَاجِ فِي مِلْكِهِ وَذُو الْيَدِ كَذَلِكَ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ. هَكَذَا أَطْلَقَهُ أَصْحَابُ الْمُتُونِ. قُلْت: إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ مِنْ دَعْوَى النَّسَبِ: لَوْ كَانَ النِّزَاعُ فِي عَبْدٍ فَقَالَ الْخَارِجُ: إنَّهُ وُلِدَ فِي مِلْكِي وَأَعْتَقْته وَبَرْهَنَ، وَقَالَ ذُو الْيَدَ: وُلِدَ فِي مِلْكِي فَقَطْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِنْكَارُ، إلَى قَوْلِهِ: إلَّا فِي دَعْوَى الْعَيْبِ. . . إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يَلْحَقُ بِهَذَا مُدَّعِي الِاسْتِحْقَاقِ لِلْمَبِيعِ فَإِنَّهُ يُنْكِرُ الْحَقَّ حَتَّى يَثْبُتَ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى بَائِعِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ لَا يَقْدِرُ وَأَيْضًا ادِّعَاءُ الْوَكَالَةِ أَوْ الْوِصَايَةِ وَثُبُوتُهُ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْخَصْمِ الْجَاحِدِ كَمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ، فَإِنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيَكُونَ ثُبُوتُ الْوَكَالَةِ وَالْوِصَايَةِ شَرْعًا صَحِيحًا يَجُوزُ، فَيُلْحَقُ هَذَا أَيْضًا بِهِمَا. (390) قَوْلُهُ: وَفِي الْوَصِيِّ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يَلْحَقُ بِالْوَصِيِّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ الدَّيْنَ فَإِنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْحَقِّ يَلْزَمُ الْكُلُّ مِنْ حِصَّتِهِ، وَإِذَا أَنْكَرَ فَأُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ يَلْزَمُ مِنْ حِصَّتِهِ وَحِصَّتِهِمْ (391) قَوْلُهُ: إذَا أَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ فِي مِلْكِهِ إلَخْ. النِّتَاجُ وِلَادَةُ الْحَيَوَانِ وَوَضْعُهُ عِنْدَهُ، مِنْ نُتِجَتْ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وُلِدَتْ وَوُضِعَتْ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ وَالْمُرَادُ وِلَادَتُهُ فِي مِلْكِهِ أَوْ مِلْكِ بَائِعِهِ أَوْ مُورَثِهِ، وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الْيَدِ فَاسْتَوَيَا وَتَرَجَّحَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ بِالْيَدِ فَيُقْضَى لَهُ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وَدَلِيلُهُ مِنْ السُّنَّةِ مَا رَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى نَاقَةً فِي يَدِ رَجُلٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا نَاقَتُهُ نُتِجَتْ عِنْدَهُ فَأَقَامَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا نَاقَتُهُ نُتِجَتْ عِنْدَهُ فَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ» فَصَارَتْ مَسْأَلَةُ النِّتَاجِ مَخْصُوصَةً؛ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَأَشَارَ إلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ بَرْهَنَ عَلَى الْمِلْكِ وَالْآخَرَ عَلَى النِّتَاجِ فَصَاحِبُ النِّتَاجِ أَوْلَى أَيُّهُمَا كَانَ؛

بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ الْخَارِجُ: دَبَّرْته أَوْ كَاتَبْته فَإِنَّهُ لَا يُقَدَّمُ. الثَّانِيَةُ: 393 - لَوْ قَالَ الْخَارِجُ: وُلِدَ فِي مِلْكِي مِنْ أَمَتِي هَذِهِ وَهُوَ ابْنِي 394 - قُدِّمَ عَلَى ذِي الْيَدِ. إذَا بَرْهَنَ الْخَارِجُ وَذُو الْيَدِ عَلَى نَسَبِ صَغِيرٍ قُدِّمَ ذُو الْيَدِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ فِي الْخِزَانَةِ. الْأُولَى: لَوْ بَرْهَنَ الْخَارِجُ عَلَى أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ امْرَأَتِهِ هَذِهِ وَهُمَا حُرَّانِ، وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ أَنَّهُ ابْنُهُ وَلَمْ يَنْسُبْهُ إلَى أُمِّهِ. 395 - فَهُوَ لِلْخَارِجِ. الثَّانِيَةُ: لَوْ كَانَ ذُو الْيَدِ ذِمِّيًّا وَالْخَارِجُ مُسْلِمًا، فَبَرْهَنَ الذِّمِّيُّ بِشُهُودٍ مِنْ الْكُفَّارِ، وَبَرْهَنَ الْخَارِجُ قُدِّمَ الْخَارِجُ سَوَاءٌ بَرْهَنَ بِمُسْلِمِينَ أَوْ بِكَافِرِينَ وَلَوْ بَرْهَنَ الْكَافِرُ بِمُسْلِمِينَ 396 - قُدِّمَ عَلَى الْمُسْلِمِ مُطْلَقًا لَا يُقَدَّمُ الْمُسْلِمُ عَلَى الْكَافِرِ وَلَا الْكِتَابِيُّ عَلَى الْمَجُوسِيِّ فِي الدَّعَاوَى ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ بَيِّنَتَهُ تَدُلُّ عَلَى أَوَّلِيَّةِ الْمِلْكِ فَلَا يَثْبُتُ لِلْآخَرِ إلَّا بِالتَّلَقِّي مِنْ جِهَتِهِ. وَكَذَا إنْ كَانَ الدَّعْوَى بَيْنَ خَارِجَيْنِ فَبَيِّنَةُ النِّتَاجِ أَوْلَى لِمَا ذَكَرْنَا. وَكَذَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (392) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ الْخَارِجُ: دَبَّرْته أَوْ كَاتَبْته فَإِنَّهُ لَا يُقَدَّمُ إلَخْ. أَيْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ أَثْبَتَتْ عِتْقًا بَاتًّا. وَبَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ أَثْبَتَتْ عِتْقًا غَيْرَ بَاتٍّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ: وَلَوْ ادَّعَى ذُو الْيَدِ التَّدْبِيرَ أَوْ الِاسْتِيلَادَ مَعَ النِّتَاجِ أَيْضًا وَالْخَارِجُ ادَّعَى عِتْقًا بَاتًّا مَعَ النِّتَاجِ فَالْخَارِجُ أَوْلَى. (393) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: الْخَارِجُ وُلِدَ فِي مِلْكِي مِنْ أَمَتِي هَذِهِ وَهُوَ ابْنِي إلَخْ. يَعْنِي وَقَالَ ذُو الْيَدِ: وُلِدَ فِي مِلْكِي، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ. (394) قَوْلُهُ: قُدِّمَ عَلَى ذِي الْيَدِ إلَخْ. يَعْنِي لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ أَكْثَرُ إثْبَاتًا. (395) قَوْلُهُ: فَهُوَ لِلْخَارِجِ إلَخْ. يَعْنِي لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ أَكْثَرُ إثْبَاتًا مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ. (396) قَوْلُهُ: قُدِّمَ عَلَى الْمُسْلِمِ مُطْلَقًا إلَخْ. يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ زَائِدًا أَوْ خَارِجَهَا

إلَّا فِي دَعْوَى النَّسَبِ، كَمَا فِي دَعْوَى خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ إذَا شَهِدُوا لَهُ بِأَنَّهُ وَارِثُ فُلَانٍ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ سَبَبِهِ لَا تُقْبَلُ 398 - إلَّا إذَا شَهِدُوا بِأَنَّ فُلَانًا الْقَاضِيَ قَضَى بِأَنَّهُ وَارِثُهُ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ فِي آخِرِ الدَّعَاوَى إذَا شَهِدُوا لَهُ بِقَرَابَةٍ بِأَنَّهُ أَخُوهُ أَوْ عَمُّهُ أَوْ ابْنُ عَمِّهِ، لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنُوا أَنَّهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ. 399 - إلَّا فِي الِابْنِ وَالْبِنْتِ وَابْنِ الِابْنِ وَالْأَبِ وَالْأُمِّ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ الْحُجَّةُ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ أَوْ إقْرَارٌ أَوْ نُكُولٌ عَنْ يَمِينٍ أَوْ يَمِينٌ أَوْ قَسَامَةٌ أَوْ عِلْمُ الْقَاضِي بَعْدَ تَوْلِيَتِهِ أَوْ قَرِينَةٌ قَاطِعَةٌ. وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي الشَّرْحِ مِنْ الدَّعْوَى، إلَّا أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِعِلْمِ الْقَاضِي 400 - وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَعَلَيْهِ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُخَمِّسَةِ مِنْ الدَّعْوَى. الْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ مَعَ الْيَمِينِ، وَلَوْ كَانَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا فِي دَعْوَى النَّسَبِ إلَخْ. أَيْ فَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْمُسْلِمِ بِشَرْطِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ تَقْدِيمُ الْمُسْلِمِ فِيهِ مُطْلَقًا (398) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا شَهِدُوا بِأَنَّ فُلَانًا الْقَاضِيَ إلَخْ. الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مَضْمُونَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الشَّهَادَةُ بِكَوْنِهِ وَارِثًا وَمَضْمُونَ الْمُسْتَثْنَى الشَّهَادَةُ بِالْقَضَاءِ بِكَوْنِهِ وَارِثًا (399) قَوْلُهُ: إلَّا فِي الِابْنِ وَالْبِنْتِ وَابْنِ الِابْنِ وَالْأَبِ وَالْأُمِّ. أَيْ لَا يَلْزَمُهُ الْبَيَانُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ فِيمَنْ ذُكِرَ (400) قَوْلُهُ: وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ إلَخْ. نَصُّ عِبَارَتِهِ فِي الْفَصْلِ الْعَاشِرِ: وَلَوْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّ فُلَانًا غَصَبَهُ مِنْ زَيْدٍ وَأَوْدَعَهُ ذُو الْيَدِ أَخَذَهُ مِنْ يَدِهِ وَدَفَعَهُ إلَى زَيْدٍ وَهَذَا رِوَايَةُ الْأُصُولِ. وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ. ثُمَّ قَالَ: أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ

[مسألة تنازع رجلان في عين]

النَّفَقَةُ مَفْرُوضَةً بِالْقَضَاءِ أَوْ بِفَرْضِ الْأَبِ وَلَوْ كَذَّبَتْهُ الْأُمُّ كَمَا فِي نَفَقَاتِ الْخَانِيَّةِ 401 - بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَى الزَّوْجَةِ وَأَنْكَرَتْ. وَعَلَى هَذَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْمَدْيُونُ إذَا ادَّعَى الْإِيفَاءَ لَا يُقْبَلُ 402 - قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةِ إذَا تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي عَيْنٍ ذَكَرَ الْعِمَادِيُّ أَنَّهَا عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ وَجْهًا. وَقُلْت فِي الشَّرْحِ: إنَّهَا عَلَى خَمْسِ مِائَةٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ 403 - وَالتَّصْدِيقُ إقْرَارٌ إلَّا فِي الْحُدُودِ كَمَا فِي الشَّرْحِ مِنْ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ. لَا يُقْضَى بِالْقَرِينَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ، ذَكَرْتهَا فِي الشَّرْحِ مِنْ بَابِ التَّحَالُفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُفْتَى بِهِ فِي غَيْرِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي لِمَعْنًى ظَاهِرٍ فِي أَكْثَرِ قُضَاةِ الزَّمَانِ أَصْلَحَ اللَّهُ شَأْنَهُمْ (انْتَهَى) . وَفِيهِ مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ: الْقَاضِي هَلْ يَكْتُبُ بِعِلْمِهِ إلَى الْقَاضِي فَهُوَ كَقَضَائِهِ بِعِلْمِهِ غَيْرَ أَنَّ الْقَاضِيَ هُنَا يَكْتَفِي بِعِلْمٍ حَصَلَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْإِجْمَاعِ (401) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَى زَوْجَتِهِ. تَقَدَّمَ هَذَا الْفَرْعُ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ [مَسْأَلَة تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي عَيْنٍ] (402) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةِ. هِيَ مَسْأَلَةُ دَعْوَى الْأَبِ الْإِنْفَاقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ (403) قَوْلُهُ: التَّصْدِيقُ أَقْرَبُ إلَّا فِي الْحُدُودِ إلَخْ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّصْدِيقِ وَالْإِقْرَارِ أَنَّ التَّصْدِيقَ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ قَصْدًا، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ، كَمَا إذَا صَدَّقَتْهُ عَلَى مَا رَمَاهَا مِنْ الزِّنَا فَلَا يُحَدُّ، وَيُعْتَبَرُ فِي دُونِهِ فَيَنْدَفِعُ بِهِ اللِّعَانُ. وَقَدْ ذَكَرُوا فِي بَابِ حَدِّ الْقَذْفِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا زَانِي، فَقَالَ لَهُ غَيْرُهُ: صَدَقْت. حُدَّ الْمُبْتَدِئُ دُونَ الْمُصَدِّقُ، وَلَوْ قَالَ: صَدَقْت. هُوَ كَمَا قُلْت فَهُوَ قَاذِفٌ أَيْضًا. (انْتَهَى) . وَإِنَّمَا وَجَبَ فِي الثَّانِيَةِ لِلْعُمُومِ فِي كَافِ التَّشْبِيهِ لَا لِلتَّصْدِيقِ، وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك أَلْفٌ؛ فَقَالَ: صَدَقْت، هَلْ يَكُونُ إقْرَارًا مُلْزِمًا لِلْمَالِ؟ نَعَمْ لِأَنَّهُ لِلتَّصْدِيقِ عُرْفًا كَمَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ. كَذَا فِي الرَّمْزِ شَرْحِ نَظْمِ الْكَنْزِ

الْقَاضِي إذَا حَكَمَ فِي شَيْءٍ 405 - وَكَتَبَ فِي السِّجِلِّ 406 - يُجْعَلُ كُلُّ ذِي حُجَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا كَانَتْ لَهُ 407 - وَخَمْسٌ مِنْ السِّجِلَّاتِ لَا يَجْعَلُ الْقَاضِي كُلَّ ذِي حُجَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ: النَّسَبُ، وَالْحُكْمُ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ، وَفَسْخُ النِّكَاحِ بِالْعُنَّةِ، وَفَسْخُ الْبَيْعِ بِالْإِبَاقِ، وَتَفْسِيقُ الشَّاهِدِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ كِتَابِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْقَاضِي إذَا حَكَمَ فِي شَيْءٍ. وَكَتَبَ السِّجِلَّ هُوَ بِكَسْرِ السِّينِ وَالْجِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ وَالضَّمَّتَانِ وَالْفَتْحِ مَعَ سُكُونِ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ وَالْكَسْرِ لُغَاتٌ فِيهِ وَهُوَ لُغَةٌ أَصْلِيَّةٌ. وَقِيلَ: مُعَرَّبٌ كَمَا فِي الْمُفْرَدَاتِ. وَهُوَ فِي الْأَصْلِ الصَّكُّ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَهُوَ كِتَابُ الْإِقْرَارِ وَنَحْوُهُ. وَذَكَرَ فِي كِفَايَةِ الشُّرُوطِ أَنَّ أَحَدًا إذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ فَالْمَكْتُوبُ الْمَحْضَرُ وَإِذَا أَجَابَ الْآخَرُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَالتَّوْقِيعُ، وَإِذَا حَكَمَ فَالسِّجِلُّ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَقَامَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ. (405) قَوْلُهُ: وَكَتَبَ السِّجِلَّ. أَيْ وَكَتَبَ الْحُكْمَ فِي السِّجِلِّ، وَفِيهِ أَنَّ السِّجِلَّ اسْمٌ لِمَا كُتِبَ فِيهِ الْحُكْمُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّجْرِيدِ أَوْ التَّجَوُّزِ. (406) قَوْلُهُ: يَجْعَلُ كُلَّ ذِي حُجَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ إلَخْ. أَيْ يَكْتُبُ فِي السِّجِلِّ قَوْلَهُ: جَعَلْت كُلَّ ذِي حُجَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ إلَخْ. (407) قَوْلُهُ: وَخَمْسٌ مِنْ السِّجِلَّاتِ إلَخْ. لَا يَكْتُبُ فِيهَا ذَلِكَ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي كِتَابَتِهِ فِي هَذِهِ السِّجِلَّاتِ الْخَمْسِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا بَعْدَ الْحُكْمِ بِهَا إقَامَةُ حُجَّةٍ تَدْفَعُ الْحُكْمَ بِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا. قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بَعْدَ بَيَانِ أَنَّ الدَّفْعَ كَمَا يَكُونُ قَبْلَ الْحُكْمِ يَكُونُ بَعْدَهُ: وَدَلِيلُ صِحَّةِ هَذَا أَنَّ الْقُضَاةَ يَكْتُبُونَ فِي سِجِلَّاتِهِمْ بَعْدَ ذِكْرِ الْحُكْمِ تَرَكْت كُلَّ ذِي حَقٍّ وَدَفْعٍ عَلَى حُجَّتِهِ وَدَفْعِهِ، لَوْ أَتَى بِهِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ فَإِنْ لَمْ يَجُزْ الدَّفْعُ بَعْدَ الْحُكْمِ لَغَتْ كِتَابَةُ هَذَا. (انْتَهَى) . فَقَدْ كَشَفَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ اللَّبْسَ وَأَزَالَتْ كُلَّ تَخْمِينٍ وَحَدْسٍ وَعِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ الَّتِي نَقَلَ عَنْهَا الْمُصَنِّفُ مُفِيدَةٌ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَيَجْعَلُ كُلَّ ذِي حُجَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ أَنْ يَكْتُبَ ذَلِكَ فِي السِّجِلِّ، فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي نَظْمِ الزَّنْدُوسِيِّ يَحْتَاجُ، أَيْ كَاتِبُ السِّجِلِّ، إلَى تَارِيخِ الْيَوْمِ وَالشَّهْرِ فِي الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ وَكَذَا الْمَجْلِسُ وَذِكْرُ الشَّاهِدَيْنِ بِالْعَدَالَةِ وَالضَّبْطِ وَيَذْكُرُ اسْمَهُمَا وَنَسَبَهُمَا وَجَعْلُ كُلِّ ذِي حُجَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ أَيْ وَيَذْكُرُ " وَجُعِلَ كُلُّ ذِي حُجَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا كَانَتْ لَهُ " وَخَمْسٌ مِنْ السِّجِلَّاتِ لَا يَجْعَلُ كُلَّ ذِي حُجَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ أَيْ لَا يَذْكُرُ فِيهَا وَجُعِلَ كُلُّ ذِي حُجَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ: النَّسَبُ وَالْحُكْمُ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ وَفَسْخُ النِّكَاحِ بِالْعُنَّةِ وَفَسْخُ الْبَيْعِ بِالْإِبَاقِ وَتَفْسِيقُ الشَّاهِدِ. (انْتَهَى) . وَوَجْهُ عَدَمِ كِتَابَةِ ذَلِكَ فِيهَا إمَّا لِنَسَبِ فُلَانٍ الْقَضَاءَ بِهِ قَضَاءً فِي حَقِّ الْكَافَّةِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدٍ فِيهِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، فَلَا يُفِيدُ كِتَابَةُ ذَلِكَ فِيهِ وَأَمَّا الْبَوَاقِي فَلِعَدَمِ تَصَوُّرِ الدَّفْعِ وَالنَّقْضِ فِيهَا فَلَا يُفِيدُ كِتَابَةُ ذَلِكَ فِيهَا. وَبِهَذَا التَّحْرِيرِ سَقَطَ مَا قِيلَ فِي بَيَانِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَجَعَلَ كُلَّ ذِي حُجَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ، أَيْ فَلَا يُنْقَضُ أَوْ فَلَا يَسْتَأْنِفُ قَاضٍ آخَرُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ. (انْتَهَى) . هَذَا وَقَدْ سَلَكَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَقْلِ عِبَارَةِ الْخُلَاصَةِ فِي غَايَةِ الْإِيجَازِ حَتَّى الْتَحَقَتْ فِي الْخَفَاءِ بِالْأَلْغَازِ، فَمِنْ ثَمَّ عَسُرَ عَلَى الْفُضَلَاءِ فَهْمُهَا فَكَثُرَ مِنْهُمْ السُّؤَالُ وَانْتَشَرَ الْقِيلُ وَالْقَالُ؛ حَتَّى كَشَفَ اللَّهُ لَنَا عَنْ حَقِيقَةِ الْحَالِ بَعْدَ نَحْوِ خَمْسَةَ عَشْرَ سَنَةً مِنْ حِينِ السُّؤَالِ

[كتاب الوكالة]

كِتَابُ الْوَكَالَةِ 1 - الْأَصْلُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا قَيَّدَ عَلَى وَكِيلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْوَكَالَةِ] قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا قَيَّدَ إلَخْ. قَالَ فِي الْمُحِيطِ: إنَّ الْمُوَكِّلَ مَتَى شَرَطَ فِي الْبَيْعِ عَلَى الْوَكِيلِ شَرْطًا يُنْظَرُ، إنْ كَانَ نَافِعًا مُفِيدًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ مُرَاعَاةُ شَرْطِهِ إنْ أَكَّدَهُ بِالنَّفْيِ أَوْ لَا وَإِنْ كَانَ شَرْطًا لَا يُفِيدُ وَلَا يَنْفَعُهُ بَلْ يَضُرُّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ مُرَاعَاتُهُ، وَإِنْ أَكَّدَهُ بِالنَّفْيِ وَإِنْ كَانَ شَرْطًا مُفِيدًا نَافِعًا مِنْ وَجْهٍ، ضَارًّا مِنْ وَجْهٍ إنْ أَكَّدَهُ بِالنَّفْيِ تَجِبُ مُرَاعَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يُؤَكِّدْهُ بِالنَّفْيِ لَا تَجِبُ مُرَاعَاتُهُ لِأَنَّهُ مَتَى أَكَّدَهُ بِالنَّفْيِ دَلَّ عَلَى إرَادَةِ وُجُودِهِ لِأَنَّ إدْخَالَ حَرْفِ التَّأْكِيدِ وَالتَّأْيِيدِ فِي الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي إرَادَةِ إيجَادِهِ مِثَالُ الْأَوَّلِ بِعْهُ بِخِيَارٍ فَبَاعَ بِغَيْرِ خِيَارٍ، لَا يَجُوزُ. فَإِنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ نَافِعٌ مُفِيدٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّهُ لَا يُزِيلُ مِلْكَهُ لِلْحَالِ فَيَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ رِعَايَتُهُ. وَمِثَالُ الثَّانِي لَوْ قَالَ بِعْ هَذَا الْعَبْدَ بِنَسِيئَةٍ أَوْ قَالَ لَا تَبِعْ إلَّا بِالنَّسِيئَةِ فَبَاعَ بِالنَّقْدِ جَازَ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ غَيْرُ مُفِيدٍ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِالنَّسِيئَةِ يَضُرُّهُ وَبِالنَّقْدِ يَنْفَعُهُ فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ رِعَايَتُهُ. وَمِثَالُ الثَّالِثِ ادْفَعْ بِشُهُودٍ أَوْ بِحَضْرَةِ فُلَانٍ فَدَفَعَ بِغَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ قَالَ لَا تَدْفَعْ إلَّا بِشُهُودٍ أَوْ بِحَضْرَةِ فُلَانٍ فَقَضَاهُ بِغَيْرِ شُهُودٍ أَوْ بِغَيْرِ حَضْرَةِ فُلَانٍ يَضْمَنُ كَمَا فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ. قَالُوا هَذَا إذَا كَانَ رَجُلًا رَفِيعَ الْقَدْرِ يَحْتَشِمُ النَّاسُ مُخَالَفَتَهُ وَإِنْ كَانَ وَضِيعَ الْقَدْرِ لَا يَصِيرُ مُخَالَفًا لِأَنَّهُ شَرَطَ شَرْطًا لَا يُفِيدُ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُورِ مُرَاعَاتُهُ

فَإِنْ كَانَ مُفِيدًا 3 - اعْتَبَرَهُ مُطْلَقًا وَإِلَّا لَا، 4 - وَإِنْ كَانَ نَافِعًا مِنْ وَجْهٍ ضَارًّا مِنْ وَجْهٍ، 5 - فَإِنْ أَكَّدَهُ بِالنَّفْيِ اُعْتُبِرَ وَإِلَّا لَا، وَعَلَيْهِ فُرُوعٌ مِنْهَا: 6 - بِعْهُ بِخِيَارٍ فَبَاعَهُ بِغَيْرِهِ لَمْ يَنْفُذْ لِأَنَّهُ مُفِيدٌ. 7 - بِعْهُ مِنْ فُلَانٍ فَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ كَذَلِكَ، وَهُمَا فِي الْمُحِيطِ. وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ: بِعْهُ بِكَفِيلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ أَكَّدَهُ بِالنَّفْيِ كَمَا لَوْ قَالَ لَا تَبِعْ إلَّا بِأَلْفٍ أَوْ لَا تَبِعْ إلَّا بِالنَّسِيئَةِ فَبَاعَ بِأَلْفَيْنِ أَوْ بِالنَّقْدِ جَازَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ أَصْلًا (انْتَهَى) . وَبِهِ يَحْصُلُ زِيَادَةُ إيضَاحٍ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (2) قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مُفِيدًا. أَيْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. (3) قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ مُطْلَقًا. يَعْنِي سَوَاءً أَكَّدَهُ بِالنَّفْيِ أَوْ لَا. (4) قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ نَافِعًا مِنْ وَجْهٍ ضَارًّا مِنْ وَجْهٍ إلَخْ. كَمَا لَوْ قَالَ بِعْهُ فِي سُوقِ كَذَا فَبَاعَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ السُّوقِ جَازَ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ قَدْ يَنْفَعُهُ وَقَدْ لَا يَنْفَعُهُ. (5) قَوْلُهُ: فَإِنْ أَكَّدَهُ بِالنَّفْيِ إلَخْ. اُعْتُبِرَ الشَّرْطُ وَجَزَاؤُهُ جَزَاءً لِلشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَلِذَا اقْتَرَنَ بِالْفَاءِ وُجُوبًا وَأَرَادَ بِالنَّفْيِ النَّهْيَ. (6) قَوْلُهُ: بِعْهُ بِخِيَارٍ فَبَاعَهُ بِغَيْرِهِ لَمْ يَنْفُذْ لِأَنَّهُ مُفِيدٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَوَجْهُ الْإِفَادَةِ تَمَكُّنُهُ مِنْ الْفَسْخِ بِالْخِيَارِ. (7) قَوْلُهُ: بِعْهُ مِنْ فُلَانٍ فَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ كَذَلِكَ إلَخْ. أَيْ لَمْ يَنْفُذْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ بِعْهُ وَبَاعَهُ مِنْ فُلَانٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَالْفَرْقُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ: أَنَّ قَوْلَهُ وَبِعْهُ مِنْ فُلَانٍ يَبْقَى مَشُورَةً بِخِلَافِ قَوْلِهِ بِعْهُ مِنْ فُلَانٍ فَإِنَّهُ قَيَّدَ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لَا تَبِعْ إلَّا مِنْ فُلَانٍ فَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ. وَفِي الْمَبْسُوطِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مِنْ فُلَانٍ لَا يَبِيعُ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الثَّمَنُ وَإِنَّمَا رَضِيَ بِكَوْنِهِ فِي ذِمَّةِ مَنْ سَمَّاهُ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي مُلَاءَمَةِ الذِّمَمِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ. وَفِي

بِعْهُ بِرَهْنٍ، وَبِعْهُ نَسِيئَةً فَبَاعَهُ نَقْدًا، 9 - بِخِلَافِ بِعْهُ نَسِيئَةً لَهُ بَيْعُهُ نَقْدًا، وَلَا تَبِعْ إلَّا نَسِيئَةً، لَهُ بَيْعُهُ نَقْدًا 10 - بِعْهُ فِي سُوقِ كَذَا فَبَاعَهُ فِي غَيْرِهِ نَفَذَ. لَا تَبِعْهُ إلَّا فِي سُوقِ كَذَا لَا. وَنَظِيرُهُ بِعْهُ بِشُهُودٍ، لَا تَبِعْهُ إلَّا بِشُهُودٍ. فَلَا مُخَالَفَةَ مَعَ النَّهْيِ إلَّا فِي قَوْلِهِ: لَا تَبِعْ إلَّا بِالنَّسِيئَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَزَّازِيَّةِ بِعْهُ مِنْ فُلَانٍ فَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ جَازَ، وَفِي الْكَافِي لَا يَجُوزُ. قَالَ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْبَرِّ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ وَإِذَا تَأَمَّلْتَ فِيمَا ذَكَرُوا مِنْ الْأَصْلِ رَأَيْتَ أَنَّ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ فِي: بِعْهُ مِنْ فُلَانٍ فَبَاعَ لِغَيْرِهِ رَأَى أَنَّ هَذَا مُفِيدٌ مِنْ وَجْهٍ فَقَطْ وَلَمْ يُوجَدْ التَّأْكِيدُ بِالنَّفْيِ وَمَنْ قَالَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرٍ رَآهُ مُفِيدًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. (8) قَوْلُهُ: بِعْهُ بِرَهْنٍ وَبِعْهُ نَسِيئَةً إلَخْ. قِيلَ: الظَّاهِرُ أَنَّهَا صُورَةٌ وَاحِدَةٌ قَيَّدَ فِيهَا الْبَيْعَ بِقَيْدَيْنِ: كَوْنِهِ نَسِيئَةً وَكَوْنِهِ بِرَهْنٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْفُذْ إذَا بَاعَهُ نَقْدًا لِأَنَّ مَا أُمِرَ بِهِ نَفْعٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّ بِالرَّهْنِ يَأْمَنُ النَّوَى وَبِالنَّسِيئَةِ يَزِيدُ الثَّمَنُ فَإِذَا بَاعَهُ نَقْدًا فَأَتَتْ زِيَادَةُ الثَّمَنِ بِخِلَافِ مَا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَيْدِ النَّسِيئَةِ فَإِنَّ الْقَيْدَ نَافِعٌ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ زِيَادَةُ الثَّمَنِ دُونَ وَجْهٍ وَهُوَ احْتِمَالُ النَّوَى وَلَمْ يُؤَكِّدْهُ بِالنَّفْيِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ فِيهِ الْقَيْدُ كَمَا قُرِّرَ (انْتَهَى) . وَبِهِ سَقَطَ مَا قِيلَ: الظَّاهِرُ أَنَّ صَوَابَ الْعِبَارَةِ بِعْهُ نَقْدًا فَبَاعَهُ نَسِيئَةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بِخِلَافِ بِعْهُ نَسِيئَةً لَهُ بَيْعُهُ نَقْدًا. (9) قَوْلَةُ: بِخِلَافِ بِعْهُ نَسِيئَةً، لَهُ بَيْعُهُ نَقْدًا. قِيلَ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَ بِالنَّقْدِ بِمِثْلِ مَا يُبَاعُ. بِالنَّسِيئَةِ أَوْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مَا رَجَّحَهُ فِي الْمُضْمَرَاتِ بِأَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي الْخُلَاصَةِ وَجَامِعِ الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ قَالَ بِعْهُ إلَى أَجَلٍ فَبَاعَهُ نَقْدًا قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ. . (10) قَوْلُهُ: بِعْهُ فِي سُوقِ كَذَا فَبَاعَهُ فِي غَيْرِهِ نَفَذَ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا اسْتَوَى السُّوقَانِ لِعَدَمِ إفَادَةِ التَّقْيِيدِ حِينَئِذٍ، أَمَّا عِنْدَ التَّفَاوُتِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ النُّفُوذِ لِظُهُورِ إفَادَةِ التَّقْيِيدِ إذْ تَفَاوُتُ الْأَسْوَاقِ بِكَثْرَةِ الرَّغْبَةِ وَقِلَّتِهَا مُشَاهَدٌ مَعْلُومٌ (انْتَهَى) .

وَفِي قَوْلِهِ لَا تُسَلِّمْ حَتَّى تَقْبِضَ الثَّمَنَ كَمَا فِي الصُّغْرَى فَلَهُ الْمُخَالَفَةُ، 12 - بِخِلَافِ لَا تَبِعْ حَتَّى تَقْبِضَ. 13 - لِأَنَّ التَّسْلِيمَ مِنْ الْحُقُوقِ، وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى الْوَكِيلِ فَلَا يَمْلِكُ النَّهْيَ 14 - الْوَكِيلُ يَمْلِكُ الْمَوْقُوفَ كَالنَّافِذِ فَلَا يُنْهِيهَا. وَتَمَامُهُ فِي نِكَاحِ الْجَامِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي قَوْلِهِ لَا تُسَلِّمْ حَتَّى تَقْبِضَ الثَّمَنَ إلَخْ. قَالَ فِي الْوَجِيزِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ عَبْدًا وَأَمَرَهُ بِالْبَيْعِ وَنَهَاهُ عَنْ التَّسْلِيمِ بَعْدَ الْبَيْعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ قَالَ مُحَمَّدٌ: النَّهْيُ بَاطِلٌ. وَقِيلَ أَبُو حَنِيفَةَ مَعَهُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَصِحُّ حَتَّى لَوْ سَلَّمَ يَضْمَنُ الثَّمَنَ إنْ هَلَكَ وَإِلَّا لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ وَكَذَا لَوْ بَاعَ ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ التَّسْلِيمِ (انْتَهَى) . فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى الْخِلَافِ. (12) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَا تَبِعْ حَتَّى تَقْبِضَ الثَّمَنَ إلَخْ. فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ الْمُخَالَفَةُ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ فَبَاعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا حَتَّى يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَبِيعَ. (13) قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّسْلِيمَ مِنْ الْحُقُوقِ إلَخْ. عِلَّةٌ لِجَوَازِ الْمُخَالَفَةِ فِي قَوْلِهِ لَا تُسَلِّمْ حَتَّى تَقْبِضَ الثَّمَنَ لَا عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا تَبِعْ حَتَّى تَقْبِضَ الثَّمَنَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (14) قَوْلُهُ: الْوَكِيلُ يَمْلِكُ الْمَوْقُوفَ كَالنَّافِذِ إلَخْ. يَعْنِي لِأَنَّهُ بَعْضُ مَا وُكِّلَ بِهِ فَيَمْلِكُهُ كَمَا يَمْلِكُ كُلَّهُ لَكِنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْوَكَالَةِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَا يُنْهِيهَا أَيْ وَلَا يُنْهِي الْعَقْدُ الْمَوْقُوفُ الْوَكَالَةَ لِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ إلَّا بِإِبْطَالِهَا أَوْ بِانْتِهَائِهَا وَإِبْطَالُهَا بِالْعَزْلِ وَانْتِهَاؤُهَا بِتَحْصِيلِ مَا وُكِّلَ بِهِ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. أَمَّا الْعَزْلُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الِامْتِثَالُ فَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْعُقُودِ أَحْكَامُهَا لَا ذَوَاتُهَا وَالْمَوْقُوفُ لَا يُفِيدُ حُكْمَهُ فَلَمْ يَحْصُلْ الِامْتِثَالُ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ الِامْتِثَالُ بَقِيَ عَلَى وَكَالَتِهِ، وَلِهَذَا يَمْلِكُ فَسْخَهُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ مَا دَامَتْ قَائِمَةً فَالْوَكِيلُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً

الْوَكِيلُ مُصَدَّقٌ فِي بَرَاءَتِهِ دُونَ رُجُوعِهِ، فَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا عَبْدًا وَيَزِيدَ مِنْ عِنْدِهِ إلَى خَمْسِ مِائَةٍ، فَاشْتَرَى وَادَّعَى الزِّيَادَةَ وَكَذَّبَهُ الْآمِرُ، 16 - تَحَالَفَا وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ أَثْلَاثًا لِلتَّعَذُّرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQغَائِبَةً وَقَبِلَ عَنْهَا فُضُولِيٌّ ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ قَبْلَ إجَازَتِهَا صَحَّ نَقْضُهُ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ، ثُمَّ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ نَقْضِ الْوَكِيلِ حُضُورُ مُوَكِّلِهِ وَلَا حُضُورُ الْمَرْأَةِ الْغَائِبَةِ بِخِلَافِ الْمَشْرُوطِ لَهُ الْخِيَارُ لَا يُمْكِنُهُ نَقْضُ الْبَيْعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ إلَّا بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَقْدَ الْمَوْقُوفَ فِي النِّكَاحِ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْغَائِبِ أَصْلًا فَكَانَ امْتِنَاعًا عَنْ الِامْتِنَاعِ فِي حَقِّهِ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فَلَا يُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ، فَفِي الْبَيْعِ نَقْضُهُ تَصَرُّفٌ فِي حَقِّ الْعَيْنِ وَهُوَ رَفْعُ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ نَافِذٌ فِي حَقِّ مَنْ لَا خِيَارَ لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ حَضْرَتِهِ كَيْ لَا يَلْحَقَهُ الضَّرَرُ بِغَيْبَتِهِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ. كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلْقَاضِي فَخْرِ الدِّينِ عُثْمَانَ الْمَارْدِينِيِّ. (15) قَوْلُهُ: الْوَكِيلُ مُصَدَّقٌ فِي بَرَاءَتِهِ دُونَ رُجُوعِهِ. قِيلَ: وَهَلْ إذَا أَمَرَ الْمُسْتَأْجِرَ بِالْعِمَارَةِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ عَمَّرَ أَوْ لَا: ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ فِي الْوَكَالَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَبِشِرَاءِ هَذَا بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِدُونِ بَيِّنَةٍ وَهِيَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْإِجَارَةِ قَبْلَ الْعَاشِرِ فِي الْحَظْرِ وَبَيْنَ عَقِبِهَا مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ قَوْلِهِ الثَّالِثِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَنَصُّهُ: أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُنْفِقَ عَلَى أَهْلِهِ عُسْرَةً مِنْ عِنْدِهِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ فَقَالَ أَنْفَقْتُ وَكَذَّبَهُ الْآمِرُ وَأَرَادَ الْمَأْمُورُ أَنْ يُحَلِّفَهُ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مَا أَنْفَقَ لَهُ ذَلِكَ. وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِآخَرَ اسْتَدِنْ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنْفِقْ عَلَيْهَا كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقَالَ أَنْفَقْتُ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ صَدَقَ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي فَرَضَ لَهَا النَّفَقَةَ فَحِينَئِذٍ يُصَدَّقُ لِأَنَّهَا أَخَذَتْ بِإِذْنِ الْقَاضِي. وَكَذَا هَذَا فِي الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ (انْتَهَى) . وَقَدْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَرْعَ الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ النَّفَقَةِ فِي قَوْلِهِ وَلَا تَجِبُ نَفَقَةُ مُدَّةٍ مَضَتْ. (16) قَوْلُهُ: تَحَالَفَا وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ أَثْلَاثًا إلَخْ. يَعْنِي تَخَالَفَا إنْ لَمْ يُقِمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بَيِّنَةً، فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَدَّعِي لِنَفْسِهِ حَقًّا أَمَّا الْآمِرُ فَإِنَّهُ

بِخِلَافِ شِرَاءِ الْمُعَيَّنَةِ حَالَ قِيَامِهَا، وَتَمَامُهُ فِي الْجَامِعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQيَدَّعِي أَخْذَ الْعَبْدِ وَأَمَّا الْوَكِيلُ فَإِنَّهُ يَدَّعِي حَبْسَهُ وَالرُّجُوعَ بِالزِّيَادَةِ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْوَكِيلِ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ إثْبَاتًا لِأَنَّهَا تُثْبِتُ حَقَّ الرُّجُوعِ بِالزِّيَادَةِ وَحَقَّ حَبْسِ الْعَبْدِ لِلزِّيَادَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ يَتَخَالَفَانِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالشِّرَاءِ مَعَ الْمُوَكِّلِ بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي حَقِّ الْحُقُوقِ وَهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ فِي يَدِ الْبَائِعِ يَتَخَالَفَانِ؛ فَكَذَا الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ وَهَذَا التَّخَالُفُ عَلَى وِفَاقِ الْقِيَاسِ فَإِنَّهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَيُّهُمَا نَكَلَ لَزِمَهُ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَإِنْ حَلَفَا قُسِّمَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِلْمُوَكِّلِ وَثُلُثُهُ لِلْوَكِيلِ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَى الْمُوَكِّلِ خَمْسَمِائَةٍ وَقَدْ بَرِئَ مِنْ دَعْوَاهُ بِيَمِينِهِ وَالْمُوَكِّلُ ادَّعَى عَلَى الْوَكِيلِ ثُلُثَ الْعَبْدِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَقَدْ بَرِئَ الْوَكِيلُ مِنْ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ وَالشِّرَاءُ قَدْ ظَهَرَ فِي ثُلُثَيْ الْعَبْدِ بِأَلْفٍ يَقُولُ الْوَكِيلُ وَالثُّلُثُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ دَعْوَى كَالْوَاحِدِ مِنْهُمَا فِي حَقِّ صَاحِبِهِ فَإِذَا تَخَالَفَتْ تَرَادَّا فَيَعُودُ الثُّلُثُ إلَى الْوَكِيلِ لِتَعَذُّرِ إلْزَامِ الْمُوَكِّلِ بِهِ لِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ بِالتَّخَالُفِ فِيهِ وَيَبْدَأُ بِيَمِينِ الْوَكِيلِ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا اشْتَرَاهُ بِأَلْفٍ كَمَا يَقُولُ الْآمِرُ. قِيلَ هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا يَبْدَأُ بِيَمِينِ الْآمِرِ وَالْأَصَحُّ الْبِدَايَةُ بِيَمِينِ الْوَكِيلِ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. (17) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ شِرَاءِ الْمُعَيَّنَةِ. أَيْ الْجَارِيَةِ الْمُعَيَّنَةِ؛ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ أَنْ يُقَالَ لَمْ يَكُنْ قَوْلُ الْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ وَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ الْعَبْدُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مُسَلَّطٌ عَلَى شِرَائِهِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ مِنْ جِهَةِ الْآمِرِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ ثَمَنًا وَلَا دَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا؛ فَقَالَ الْوَكِيلُ: اشْتَرَيْتُهَا بِأَلْفٍ وَأَنْكَرَ الْآمِرُ الشِّرَاءَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ إذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ قَائِمَةً فَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ شِرَاءِ الْمُعَيَّنَةِ فَإِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّ الْوَكِيلَ مُتَّهَمٌ فِي مَسْأَلَتِنَا فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَفِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ. وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ. وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَكَان يَقْدِرُ الْوَكِيلُ عَلَى إنْشَاءِ مَا أُخْبِرَ بِهِ فَلَا تُهْمَةَ فِي إخْبَارِهِ وَكُلُّ مَكَان لَا يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى إنْشَاءِ مَا أُخْبِرَ بِهِ تَمَكَّنَتْ التُّهْمَةُ فِي خَبَرِهِ. وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَا يَقْدِرُ الْوَكِيلُ عَلَى إنْشَاءِ مَا أُخْبِرَ بِهِ وَهُوَ الشِّرَاءُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَلَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ شِرَاؤُهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَإِذَا تَعَذَّرَ الْإِنْشَاءُ تَمَكَّنَتْ التُّهْمَةُ. وَفِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ إنْ كَانَ الْوَكِيلُ صَادِقًا فَلَا إشْكَالَ فِي عَدَمِ التُّهْمَةِ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَبِتَصْدِيقِ الْبَائِعِ إيَّاهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ إنْشَاءُ الْعَقْدِ الْآنَ وَهُوَ

لَا يَصِحُّ عَزْلُ الْوَكِيلِ نَفْسَهُ إلَّا بِعِلْمِ الْمُوَكِّلِ، إلَّا الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ أَوْ بِبَيْعِ مَالِهِ، ذَكَرَهُ فِي وَصَايَا الْهِدَايَةِ قُلْتُ وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ 19 - فَانْحَصَرَ فِي الْوَكِيلِ بِشِرَاءِ مُعَيَّنٍ وَالْخُصُومَةِ لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ إذَا امْتَنَعَ عَنْ فِعْلِ مَا وُكِّلَ فِيهِ لِكَوْنِهِ، مُتَبَرِّعًا، إلَّا 20 - فِي مَسَائِلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَقْدِرُ عَلَى إنْشَاءِ الْعَقْدِ فِي الْحَالِ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ قَائِمَةٌ فَانْدَفَعَتْ التُّهْمَةُ حَتَّى لَوْ كَانَتْ هَالِكَةً كَانَتْ وِزَانَ مَسْأَلَتِنَا بِجَامِعِ الْعَجْزِ عَنْ إنْشَاءِ الْعَقْدِ فِيهَا (18) قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ عَزْلُ الْوَكِيلِ نَفْسَهُ إلَّا بِعِلْمِ الْمُوَكِّلِ إلَخْ. كَالْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ إذَا ثَبَتَتْ مِنْ الْمَطْلُوبِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي فَلَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْغَيْرِ. قَالَ فِي الْفُصُولِ: وَهَذَا إذَا عَلِمَ الْوَكِيلُ بِالْوَكَالَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا فَلَهُ عَزْلُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ قَيَّدْنَا بِالطَّلَبِ لِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ بِلَا طَلَبٍ يَمْلِكُ عَزْلَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْخَصْمُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِ التَّوْكِيلِ مِنْ الْمَطْلُوبِ لِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ الطَّالِبُ فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْمَطْلُوبِ وَكَالْوَكَالَةِ الَّتِي يَتَضَمَّنُهَا عَقْدُ الرَّهْنِ وَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا وَكَّلَ وَكِيلًا بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ بِالْتِمَاسِهَا ثُمَّ غَابَ لَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا بِهِ فَضَعِيفٌ، بَلْ لَهُ عَزْلُهُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا حَقَّ لَهَا فِي الطَّلَاقِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلِكِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي حَوَاشِيهِ: زِيَادَةً فِي التَّعْلِيلِ وَلِأَنَّ الزَّوْجَ غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى الطَّلَاقِ وَعَلَى التَّوْكِيلِ بِهِ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ وَكِيلًا بِاخْتِيَارِهِ فَيَمْلِكُ عَزْلَهُ كَمَا فِي سَائِرِ الْوَكَالَاتِ. (19) قَوْلُهُ: فَانْحَصَرَ فِي الْوَكِيلِ بِشِرَاءِ مُعَيَّنٍ إلَخْ. أَيْ انْحَصَرَ مَا ذُكِرَ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ عَزْلِ الْوَكِيلِ نَفْسَهُ إلَّا بِعِلْمِ مُوَكِّلِهِ فِي الْوَكِيلِ بِشِرَاءِ مُعَيَّنٍ وَفِي الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ. (20) قَوْلُهُ: فِي مَسَائِلَ إلَّا إذَا وَكَّلَهُ فِي دَفْعِ عَيْنٍ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: قَدْ عَبَّرَ عَنْ هَذَا فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ فِي أَوَّلِ الْوَكَالَةِ بِقَوْلِهِ: وَمِنْ أَحْكَامِهِ أَنَّهُ لَا جَبْرَ عَلَيْهِ فِي فِعْلِ مَا وُكِّلَ بِهِ إلَّا فِي رَدِّ وَدِيعَتِهِ بِأَنْ قَالَ ادْفَعْ هَذَا الثَّوْبَ إلَى فُلَانٍ إلَخْ. وَعَزَاهُ إلَى

إذَا وَكَّلَهُ فِي دَفْعِ عَيْنٍ وَغَابَ، لَكِنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَمْلُ إلَيْهِ وَالْمَغْصُوبُ وَالْأَمَانَةُ سَوَاءٌ، وَفِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَشْرُوطَةً فِيهِ أَوْ بَعْدُ،، 22 - وَفِيمَا إذَا كَانَ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ 23 - بِطَلَبِ الْمُدَّعِي وَغَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَمِنْ فُرُوعِ الْأَصْلِ: 24 - لَا جَبْرَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالْهِبَةِ مِنْ فُلَانٍ وَالْبَيْعِ مِنْهُ وَطَلَاقِ فُلَانَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُحِيطِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ مَا هُنَا صَادِقٌ بِمَا إذَا دَفَعَ لَهُ عَيْنًا لِقَضَاءِ دَيْنِهِ فَيُنَافِي مَا سَيَذْكُرُهُ بَعْدَ أَسْطُرٍ بِقَوْلِهِ وَقَضَاءِ دَيْنِ فُلَانٍ. (21) قَوْلُهُ: إذَا وَكَّلَهُ فِي دَفْعِ عَيْنٍ وَغَابَ إلَخْ. وَجْهُهُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ دَفْعِ الْأَمَانَةِ إلَى أَهْلِهَا وَهُوَ قَادِرٌ فَيُجْبَرُ عَلَيْهِ. (22) قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ الضَّمِيرُ الْبَارِزُ لِلْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَتِرُ لِلرَّاهِنِ وَوَجْهُ الْجَبْرِ خَشْيَةَ أَنْ يَنْوِيَ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ وَهَلْ قَيْدُ الْغَيْبَةِ الْمُعْتَبَرُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مُعْتَبَرٌ فِي الْمَعْطُوفِ أَمْ لَيْسَ مُعْتَبَرًا؟ قِيلَ: الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ بِغَيْبَتِهِ صَارَ مُعْتَمِدًا عَلَى الْوَكِيلِ فَيَتَضَرَّرُ بِامْتِنَاعِ الْوَكِيلِ عَنْ الْفِعْلِ لَوْ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ. (23) قَوْلُهُ: بِطَلَبِ الْمُدَّعِي إلَخْ. مُتَعَلِّقٌ بِالْخُصُومَةِ وَالْوَكِيلِ مِنْ جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَوَجْهُ جَبْرِ الْوَكِيلِ فِيهَا تَعَلُّقُ حَقِّ الْغَيْرِ وَهُوَ الْمُدَّعِي بِالْوَكَالَةِ إذْ لَوْ لَمْ يُجْبَرْ بَعْدَ غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ لَتَضَرَّرَ الْمُدَّعِي غَايَةَ التَّضَرُّرِ مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالْوَكَالَةِ. (24) قَوْلُهُ: لَا جَبْرَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ إلَخْ فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ ادْفَعْ هَذَا الثَّوْبَ إلَى فُلَانٍ وَأَعْتِقْ عَبْدِي هَذَا وَدَبِّرْ عَبْدِي هَذَا وَكَاتِبْ عَبْدِي هَذَا، فَقَبِلَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ وَغَابَ الْمُوَكِّلُ وَجَاءَ هَؤُلَاءِ وَطَلَبُوا مِنْهُ ذَلِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ إلَّا فِي دَفْعِ الثَّوْبِ فَإِنَّ الثَّوْبَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِلْكَ فُلَانٍ فَيُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي التَّوْكِيلِ بِالطَّلَاقِ بِطَلَبِ الْمَرْأَةِ وَاخْتَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمَرْأَةِ فِي طَلَبِ الطَّلَاقِ وَالتَّوْكِيلِ بِهِ وَهُوَ وَالْإِعْتَاقُ وَالتَّدْبِيرُ سَوَاءٌ.

وَقَضَاءِ دَيْنِ فُلَانٍ إذَا غَابَ الْمُوَكِّلُ. 26 - وَلَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ أَجْرٍ عَلَى تَقَاضِي الثَّمَنِ وَإِنَّمَا يُحِيلُ الْمُوَكِّلَ 27 - وَلَا يُحْبَسُ الْوَكِيلُ بِدَيْنِ مُوَكِّلِهِ وَلَوْ كَانَتْ وَكَالَتُهُ عَامَّةً إلَّا إنْ ضَمِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَضَاءِ دَيْنِ فُلَانٍ إلَخْ. مُخَالِفٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ فَإِنَّهُ سُئِلَ هَلْ يُجْبَرُ الْوَكِيلُ فِي دَيْنٍ وَجَبَ عَلَى مُوَكِّلِهِ إذَا كَانَ لِلْمُوَكِّلِ مَالٌ تَحْتَ يَدِ وَكِيلِهِ وَامْتَنَعَ الْوَكِيلُ مِنْ إعْطَائِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا؟ فَأَجَابَ إنَّمَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ مَا ثَبَتَ عَلَى مُوَكِّلِهِ مِنْ الدَّيْنِ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَمَرَ الْمُوَكَّلَ بِدَفْعِ الدَّيْنِ أَوْ كَانَ كَفِيلًا بِهِ وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ. (26) قَوْلُهُ: وَلَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ أَجْرٍ عَلَى تَقَاضِي الثَّمَنِ إلَخْ. وَفِي الْخَانِيَّةِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ وَامْتَنَعَ عَنْ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَالتَّقَاضِي لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَكِنْ يُقَالُ وَكَّلَهُ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَكِيلًا بِأَجْرٍ كَالْبَيَّاعِ وَالسِّمْسَارِ وَنَحْوِهِمَا يُجْبَرُ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ وَكَذَا الْمُضَارِبُ إذَا بَاعَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ، وَفِي الْمَالِ رِبْحٌ، يُجْبَرُ عَلَى التَّقَاضِي وَاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ يُقَالُ لَهُ وَكِّلْ رَبَّ الْمَالِ بِالِاسْتِيفَاءِ (انْتَهَى) . وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَنِّ الثَّالِثِ فِيمَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوَكِيلُ وَالْوَصِيُّ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ فَإِنْ كَانَ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ صَحَّتْ وَإِلَّا لَا (انْتَهَى) . وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ الضِّيَاءِ بَعْدُ كَلَامٌ: وَأَمَّا الَّذِي يَبِيعُ بِالْأَجْرِ كَالْبَيَّاعِ وَالسِّمْسَارِ فَيُجْعَلُ كَإِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ بِحُكْمِ الْعَادَةِ وَيُجْبَرُ عَلَى التَّقَاضِي وَالِاسْتِيفَاءِ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ بَدَلُ عَمَلِهِ كَالْمُضَارِبِ إذَا كَانَ رِبْحٌ وَلَوْ ضَمِنَ الْعَاقِدُ لِرَبِّ الْمَالِ هَذَا الدَّيْنَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ أَمِينٌ (27) قَوْلُهُ: وَلَا يُحْبَسُ الْوَكِيلُ بِدَيْنِ مُوَكِّلِهِ إلَخْ. قِيلَ: يَشْمَلُ بِإِطْلَاقِهِ ثَمَنَ مَا وُكِّلَ بِبَيْعِهِ وَالدَّيْنَ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ لِلْمُوَكِّلِ سَوَاءٌ كَانَ سَابِقًا عَلَى الْوَكَالَةِ أَوْ مُتَأَخِّرًا. وَقَوْلُهُ: إلَّا إنْ ضَمِنَ. مُخْتَصٌّ بِالْأَوَّلِ وَنَحْوِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَوَّلُ بِخُصُوصِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ عَدَمِ الْحَبْسِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: لَيْسَ الْمُرَادُ وَاحِدًا مِنْهُمَا بَلْ الْمُرَادُ لَا يُحْبَسُ بِدَيْنٍ عَلَى مُوَكِّلِهِ كَمَا لَوْ وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا بِقَبْضِ كُلِّ حَقٍّ عَلَى النَّاسِ وَبِأَنْ يُخَاصِمَ عَنْهُ ثُمَّ إنَّ

لَا يُوَكِّلُ الْوَكِيلُ إلَّا بِإِذْنٍ أَوْ تَعْمِيمِ تَفْوِيضٍ 29 - إلَّا الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ فِي عِيَالِهِ بِدُونِهِمَا فَيَبْرَأُ الْمَدْيُونُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، وَالْوَكِيلُ بِدَفْعِ الزَّكَاةِ إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ ثُمَّ وَثُمَّ، فَدَفَعَ الْآخَرُ جَازَ، وَلَا يَتَوَقَّفُ 30 - كَمَا فِي أُضْحِيَّةِ الْخَانِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQشَخْصًا ادَّعَى قِبَلَ الْمُوَكِّلِ مَالًا وَالْمُوَكِّلُ غَائِبٌ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ وَكِيلُهُ وَأَنْكَرَ الْمَالَ وَأَحْضَرَ الْخَصْمُ شُهُودَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ لَا يَكُونُ لَهُ الْحَبْسُ أَيْ أَنْ يَحْبِسَ الْوَكِيلَ، لِأَنَّ الْحَبْسَ جَزَاءُ الظُّلْمِ وَلَمْ يَظْهَرْ ظُلْمٌ مِنْ الْوَكِيلِ إذْ لَيْسَ فِي الشَّهَادَةِ أَمْرٌ بِأَدَاءِ الْمَالِ وَلَا ضَمَانَ لِلْوَكِيلِ عَنْ مُوَكِّلِهِ فَإِذَا لَمْ يَجِبْ عَلَى الْوَكِيلِ أَدَاءُ الْمَالِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ بِأَمْرِ مُوَكِّلِهِ وَلَا بِالضَّمَانِ عَنْ الْمُوَكِّلِ فَلَا يَكُونُ الْوَكِيلُ ظَالِمًا بِالِامْتِنَاعِ عَنْ أَدَاءِ الْمَالِ فَلَا يُحْبَسُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِيهِ شَهَادَةٌ لِصِحَّةِ جَوَابِ قَارِئِ الْهِدَايَةِ الَّذِي تَقَدَّمَ قَرِيبًا (28) قَوْلُهُ: لَا يُوَكِّلُ الْوَكِيلُ إلَّا بِإِذْنٍ أَوْ تَعْمِيمِ تَفْوِيضٍ. قِيلَ: هَلْ الْمُرَادُ عَدَمُ الْجَوَازِ أَيْ عَدَمُ الْحِلِّ أَوْ عَدَمُ الصِّحَّةِ؟ فَإِنْ أُرِيدَ الْأَوَّلُ لَمْ يُنَاقِضْ مَا سَيَأْتِي عَنْ قَرِيبٍ وَإِنْ أُرِيدَ الثَّانِي نَاقَضَهُ، وَسَتَقِفُ عَلَى الْآتِي. يَعْنِي قَوْلَهُ الْوَكِيلُ إذَا وَكَّلَ بِغَيْرِ إذْنٍ أَوْ تَعْمِيمٍ وَأَجَازَ مَا فَعَلَ وَكِيلُهُ نَفَذَ. وَوَجْهُ الْمُنَاقَضَةِ أَنَّ الْمَوْقُوفَ قِسْمٌ مِنْ الصَّحِيحِ (29) قَوْلُهُ: إلَّا الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إلَخْ. مُخَالِفٌ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَا يُوَكِّلُ غَيْرَهُ لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي الْقَبْضِ (انْتَهَى) . وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِأَنْ يُحْمَلَ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَلَى مَا إذَا وَكَّلَ بِالْقَبْضِ مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ: وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ فَقَبَضَهُ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ الثَّانِي مِنْ عِيَالِ الْأَوَّلِ لَا يَرْجِعُ الثَّانِي عَلَى أَحَدٍ وَإِلَّا يَرْجِعُ عَلَى الْمَدْيُونِ بِدَيْنِهِ. (30) قَوْلُهُ: كَمَا فِي أُضْحِيَّةِ الْخَانِيَّةِ؛ نَصُّ عِبَارَتِهَا: رَجُلٌ وَكَّلَ غَيْرَهُ بِشِرَاءِ أُضْحِيَّةٍ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ ثُمَّ وَثُمَّ فَاشْتَرَى الْآخِرُ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْأَوَّلِ فَإِنْ أَجَازَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا. وَالْوَكِيلُ بِدَفْعِ الزَّكَاةِ إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ ثُمَّ وَثُمَّ فَدَفَعَ الْآخَرُ جَازَ وَلَا يَتَوَقَّفُ (انْتَهَى) . قُلْتُ يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ فَلْيُنْظَرْ

[وكيل الأب في مال ابنه]

الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا دَفَعَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِهِ إلَّا فِيمَا إذَا ادَّعَى الدَّفْعَ وَصَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَلَا رُجُوعَ كَمَا فِي كَفَالَةِ الْخَانِيَّةِ وَكِيلُ الْأَبِ فِي مَالِ ابْنِهِ كَالْأَبِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: مِنْ بُيُوعِ الْوَلْوَالِجيَّةِ: 32 - إذَا بَاعَ وَكِيلُ الْأَبِ مِنْ ابْنِهِ، لَمْ يَجُزْ بِخِلَافِ الْأَبِ إذَا بَاعَ مِنْ ابْنِهِ، 33 - وَفِيمَا إذَا بَاعَ مَالَ أَحَدِ الِابْنَيْنِ مِنْ الْآخَرِ يَجُوزُ بِخِلَافِ وَكِيلِهِ الْمَأْمُورِ بِالشِّرَاءِ إذَا خَالَفَ فِي الْجِنْسِ نَفَذَ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا دَفَعَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ إلَخْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ (انْتَهَى) : رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفٌ لِرَجُلٍ فَأَمَرَ الْمَدْيُونُ رَجُلًا أَنْ يَقْضِيَ الطَّالِبَ الْأَلْفَ الَّتِي عَلَيْهِ وَقَالَ الْمَأْمُورُ قَضَيْتُ فَصَدَّقَهُ الْآمِرُ وَكَذَّبَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ لَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ كَالْوَكِيلِ بِشِرَاءِ الْعَيْنِ إذَا قَالَ اشْتَرَيْتُ وَنَقَدْتُ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِي وَصَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ لَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ، فَإِنْ أَقَامَ الْمَأْمُورُ بَيِّنَةً عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ وَيَبْرَأُ عَنْ دَيْنِ الطَّالِبِ. [وَكِيلُ الْأَبِ فِي مَالِ ابْنِهِ] (32) قَوْلُهُ: إذَا بَاعَ وَكِيلُ الْأَبِ مِنْ ابْنِهِ إلَخْ. يَعْنِي إذَا وَكَّلَ الْأَبُ بِبَيْعِ عَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ مِنْ ابْنِهِ فَفَعَلَ الْوَكِيلُ عِنْدَ غَيْبَةِ الْأَبِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ كَلَامَ الْفَرْدِ لَا يَكُونُ عَقْدًا تَامًّا فِي بَابِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَيَنْبَغِي فِي الْأَبِ كَذَلِكَ، إلَّا أَنَّا جَوَّزْنَا فِي حَقِّ الْأَبِ لِأَنَّا جَعَلْنَاهُ إذْنًا لِلصَّبِيِّ وَيَصِيرُ الصَّبِيُّ بَائِعًا وَمُشْتَرِيًا بِعِبَارَةِ الْأَبِ، وَإِذَا جُعِلَ إذْنًا يَكُونُ الْعَقْدُ قَائِمًا بِاثْنَيْنِ وَهَذَا الطَّرِيقُ مَعْدُومٌ فِي حَقِّ وَكِيلِهِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ الْأَبُ حَاضِرًا فَيَقُولُ الْوَكِيلُ بِعْتُ هَذَا الْعَيْنَ مِنْ ابْنِكَ بِكَذَا فَيَقُولُ الْأَبُ اشْتَرَيْتُ؛ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَا فِي نَقْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ. وَاَللَّهُ الْهَادِي لِلسَّدَادِ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ. (33) قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا بَاعَ مَالَ أَحَدِ الِابْنَيْنِ مِنْ الْآخَرِ يَجُوزُ بِخِلَافِ وَكِيلِهِ. يَعْنِي لَوْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ فَبَاعَ الْأَبُ مَالَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ

بُيُوعِ الْوَلْوَالِجيَّةِ الْأَسِيرُ الْمُسْلِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا أَمَرَ إنْسَانًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ 34 - فَخَالَفَ فِي الْجِنْسِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ. الْوَكِيلُ إذَا سَمَّى لَهُ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ فَاشْتَرَى بِأَكْثَرَ نَفَذَ عَلَى الْوَكِيلِ إلَّا الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ الْأَسِيرِ 35 - فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ لَزِمَ الْآمِرَ الْمُسَمَّى كَمَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْوَكَالَةُ لَا تَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ، بِخِلَافِ التَّمْلِيكِ؛ فَإِذَا قَالَ لِرَجُلٍ طَلِّقْهَا لَا يَقْتَصِرُ، وَطَلِّقْ نَفْسَكَ يَقْتَصِرُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُمَا صَغِيرَانِ جَازَ الْبَيْعُ، وَلَوْ وَكَّلَ الْأَبُ وَكِيلًا وَاحِدًا فَبَاعَ الْوَكِيلُ مَالَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ لَمْ يَجُزْ، وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الْأَبَ لَوْ بَاعَ مَالَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ مِنْ نَفْسِهِ يَجُوزُ فَكَذَا إذَا بَاعَ مَالَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ لِأَنَّ الْأَبَ فِي التَّوْكِيلِ نَائِبٌ عَنْهُمَا فَصَارَ كَأَنَّهُمَا كَانَا بَالِغَيْنِ فَوَكَّلَا رَجُلًا وَاحِدًا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَفَعَلَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ لَمْ يَجُزْ. فَكَذَا هُنَا كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَا فِي نَقْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِخْلَالِ وَالْإِيجَازِ الْبَالِغِ حَدَّ الْإِلْغَازِ. (34) قَوْلُهُ: فَخَالَفَ فِي الْجِنْسِ إلَخْ. بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ أَوْ عُرُوضٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ بِأَلْفٍ إذَا اشْتَرَى بِمِائَةِ دِينَارٍ أَوْ بِعُرُوضٍ لَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ شَيْءٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّ شِرَاءَ الْوَكِيلِ شِرَاءٌ حَقِيقَةً وَالشِّرَاءُ بِمِائَةِ دِينَارٍ أَوْ عُرُوضٍ غَيْرُ الشِّرَاءِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ؛ أَمَّا هُنَا لَيْسَ بِشِرَاءٍ بَلْ طَرِيقٍ لِلتَّخْلِيصِ وَقَدْ رَضِيَ بِالتَّخْلِيصِ بِأَلْفٍ فَيُلْزَمُ الْأَلْفَ. (35) قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ لَزِمَ الْآمِرَ الْمُسَمَّى إلَخْ. وَالْفَرْقُ أَنَّ شِرَاءَ الْوَكِيلِ شِرَاءٌ حَقِيقَةً وَالشِّرَاءُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ غَيْرُ الشِّرَاءِ بِأَلْفٍ فَيُخَالِفُ أَمْرَ الْمُوَكِّلِ أَمَّا هُنَا فَلَيْسَ بِشِرَاءٍ بَلْ طَرِيقٍ لِلتَّخْلِيصِ وَقَدْ رَضِيَ بِالتَّخْلِيصِ بِأَلْفٍ فَيَلْزَمُ الْأَلْفُ كَمَنْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَقْضِيَ مِنْ دَيْنِهِ أَلْفًا فَقَضَاهُ أَكْثَرَ يَرْجِعُ بِقَدْرِ الْأَلْفِ كَذَا هُنَا.

إلَّا إذَا قَالَ إنْ شِئْتَ فَيَقْتَصِرُ، وَكَذَا طَلِّقْهَا إنْ شَاءَتْ، 37 - كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ الْوَكِيلُ عَامِلٌ لِغَيْرِهِ فَمَتَى كَانَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ بَطَلَتْ، وَلِذَا قَالَ فِي الْكَنْزِ: 38 - وَبَطَلَ تَوْكِيلُهُ الْكَفِيلَ بِمَالٍ 39 - إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا وَكَّلَ الْمَدْيُونَ بِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَالَ إنْ شِئْتَ. قِيلَ: هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَلَا يُظْهِرُ اقْتِضَاءُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْمَجْلِسِ وَكَانَ السَّنَدُ الدَّلِيلَ السَّمْعِيَّ. (37) قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَخْ. نَصُّ عِبَارَتِهَا: رَجُلٌ قَالَ لِرَجُلٍ طَلِّقْ امْرَأَتِي فَقَدْ جَعَلْتُ ذَلِكَ إلَيْكَ يَقْتَصِرُ عَلَى ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَلَوْ وَكَّلَ الرَّجُلُ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ أَنْ تُطَلِّقَ صَاحِبَتَهَا لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ وَهُوَ تَفْوِيضٌ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَكِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ عِبَارَةَ الْخَانِيَّةِ لَيْسَ فِيهَا هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (38) قَوْلُهُ: وَبَطَلَ تَوْكِيلُهُ الْكَفِيلَ بِمَالٍ إلَخْ. قِيلَ: السِّيَاقُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ تَوْكِيلُ الْكَفِيلِ بِإِبْرَاءِ الْأَصِيلِ لِيَتَحَقَّقَ بِذَلِكَ كَوْنُهُ عَامِلًا لِنَفْسِهِ إذْ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ تَسْتَلْزِمُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ (انْتَهَى) . هَذَا وَكَمَا يَبْطُلُ تَوْكِيلُ الْكَفِيلِ بِمَالٍ كَذَلِكَ تُبْطِلُ كَفَالَةُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ وَكَفَلَ بِالثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي لَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ (انْتَهَى) . وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ بَاعَهُ وَوَكَّلَ بِقَبْضِ ثَمَنِهِ وَضَمِنَ لَهُ الْوَكِيلُ صَحَّ. (39) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا وَكَّلَ الْمَدْيُونَ بِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ. يَعْنِي مَنْ قَالَ لِغَرِيمِهِ أَبْرِئْ نَفْسَكَ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ هَبْ نَفْسَكَ الدَّيْنَ أَوْ حَلِّلْهَا مِنْهُ، فَفَعَلَ بَرِئَ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ لَا يُؤَدِّي إلَى التَّضَادِّ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إسْقَاطٌ وَهِبَةُ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إبْرَاءٌ، وَالتَّحْلِيلُ مِنْ أَلْفَاظِ الْإِبْرَاءِ. وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمَدْيُونُ أَبْرِئْنِي مِمَّا لَكَ عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ هَبْهُ أَوْ حَلِّلْنِي مِنْهُ فَقَالَ ذَلِكَ إلَيْكَ فَفَعَلَ مَا سَأَلَهُ لِأَنَّهُ سَأَلَ مِنْهُ إبْرَاءً بِغَيْرِ عِوَضٍ حَيْثُ أَضَافَهُ إلَيْهِ، وَرَبُّ الدَّيْنِ إنَّمَا يَسْتَقِلُّ بِالْإِبْرَاءِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا هَذَا فِي عُرْفِهِمْ أَمَّا فِي عُرْفِنَا يَجِبُ أَنْ لَا يَبْرَأَ سَوَاءٌ ابْتَدَأَ رَبُّ الدَّيْنِ بِالتَّفْوِيضِ أَوْ فَوَّضَ عَقِيبَ سُؤَالِ الْمَدْيُونِ. لِأَنَّ قَوْلَهُ أَبْرِئْ نَفْسَكَ أَيْ بِالْأَدَاءِ وَكَذَا

[الوكيل بالإنفاق]

وَلِذَا لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ. وَيَصِحُّ عَزْلُهُ 41 - وَإِنْ كَانَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ، 42 - بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ عَبْدِهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْوَكِيلُ إذَا أَمْسَكَ مَالَ الْمُوَكِّلِ وَفَعَلَ بِمَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا فَلَوْ أَمْسَكَ دِينَارَ الْمُوَكِّلِ وَبَاعَ دِينَارَهُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى أَهْلِهِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكَنْزِ. الثَّانِيَةُ: الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى بِنَاءِ دَارِهِ، 43 - كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. الثَّالِثَةُ: الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا أَمْسَكَ الْمَدْفُوعَ وَنَقَدَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ الرَّابِعَةُ: الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ كَذَلِكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ ذَاكَ إلَيْكَ أَيْ بِأَدَاءِ الْمَالِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ تَارَةً يَكُونُ بِالْإِسْقَاطِ وَتَارَةً بِالِاسْتِيفَاءِ فَلَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِالشَّكِّ. كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلْفَخْرِ عُثْمَانَ الْمَارْدِينِيِّ (40) قَوْلُهُ: وَلِذَا لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ. عِلَّةٌ لِصِحَّةِ التَّوْكِيلِ بِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ وَيَصِحُّ قَوْلُهُ عُطِفَ عَلَى النَّفْيِ لَا الْمَنْفِيِّ فَهُوَ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ. (41) قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ. وَأَصَّلَ بِقَوْلِهِ بِأَنَّهُ صَحِيحٌ. وَالْوَاوُ الَّتِي قَبْلَ أَنَّ الْوَاصِلَةِ لِلْحَالِ. (42) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ عَبْدِهِ فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَوَكَّلَ الْمَدْيُونَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ عَبْدِهِ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ وَلَوْ وَكَّلَ الْمَدْيُونَ بِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ عَنْ الدَّيْنِ صَحَّ تَوْكِيلُهُ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ [الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ] (43) قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ إلَخْ. عِبَارَتُهَا: وَفِي الْأَصْلِ لَوْ اشْتَرَى بِدَنَانِيرَ غَيْرِهَا ثُمَّ نَقَدَ دَنَانِيرَ الْمُوَكِّلِ فَالشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ وَضَمِنَ لِلْمُوَكِّلِ دَنَانِيرَهُ لِلتَّعَدِّي. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ وَالْوَكِيلُ بِبَيْعِ الدَّنَانِيرِ إذَا أَمْسَكَ الدَّنَانِيرَ وَبَاعَ دَنَانِيرَهُ لَا يَصِحُّ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دِينَارًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهُ فَبَاعَ الْمَأْمُورُ دِينَارًا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَأَمْسَكَ دِينَارًا لِأَمْرِ نَفْسِهِ؛ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا

وَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا، 45 - وَقَيَّدَ الثَّالِثَةَ فِيهَا بِمَا إذَا كَانَ الْمَالُ قَائِمًا وَلَمْ يُضِفْ الشِّرَاءَ إلَى نَفْسِهِ. الْخَامِسَةُ: الْوَكِيلُ بِإِعْطَاءِ الزَّكَاةِ إذَا أَمْسَكَهُ وَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ نَاوِيًا الرُّجُوعَ أَجْزَأَهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. 46 - السَّادِسَةُ: 47 - إبْرَاءُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهِبَتِهِ صَحِيحٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ـــــــــــــــــــــــــــــQيَجُوزُ وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ ثَوْبًا فَاشْتَرَى بِدِينَارٍ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ جَازَ شِرَاؤُهُ لِلْآمِرِ وَيَكُونُ الدِّينَارُ لَهُ. وَكَذَا لَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دِينَارًا لِيَقْضِيَ غَرِيمًا لَهُ فَقَضَاهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَأَمْسَكَ الدِّينَارَ لِنَفْسِهِ جَازَ. (44) قَوْلُهُ: وَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا. عِبَارَتُهَا: وَلَوْ اشْتَرَى مَا أُمِرَ بِهِ ثُمَّ أَنْفَقَ الدَّرَاهِمَ بَعْدَ مَا اشْتَرَى لِلْآمِرِ ثُمَّ نَقَدَ الْبَائِعُ غَيْرَهَا جَازَ وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ بِهَذَا الدِّينَارِ فَقَضَى مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَأَمْسَكَ الدِّينَارَ جَازَ. (45) قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ الثَّالِثَةَ فِيهَا بِمَا إذَا كَانَ الْمَالُ قَائِمًا إلَخْ. قِيلَ: يُفِيدُ بِمَفْهُومِهِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ شَيْئًا لِنَفْسِهِ ثُمَّ اشْتَرَى بِمَالِ نَفْسِهِ الْمَأْمُورَ بِشِرَائِهِ لِلْمُوَكِّلِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَقَضِيَّتُهُ نُفُوذُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَيَكُونُ ضَامِنًا مَالَ الْمُوَكِّلِ، لَكِنْ بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْمَدْفُوعُ غَيْرَ النَّقْدَيْنِ مِثْلِيًّا أَوْ قِيَمِيًّا فَاشْتَرَى بِهِ لِنَفْسِهِ وَكَانَ الْمَدْفُوعُ بَاقِيًا فِي يَدِ مَنْ اشْتَرَى مِنْهُ هَلْ لِلْمُوَكِّلِ الْمُطَالَبَةُ بِعَيْنِ مَالِهِ أَمْ يُضَمِّنُ الْوَكِيلَ الْمِثْلَ وَالْقِيمَةَ؟ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ؛ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ فَتَدَبَّرْ. (46) قَوْلُهُ: السَّادِسَةُ. بَعْدَ قَوْلِهِ السَّادِسَةِ بَيَاضٌ فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَعَلَّ السَّادِسَةَ مَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ وَهِيَ: رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا فَأَمْسَكَهَا الْوَكِيلُ وَتَصَدَّقَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ عِنْدِهِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَتَكُونُ الْعَشَرَةُ لَهُ بِعَشَرَتِهِ. (47) قَوْلُهُ: إبْرَاءُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ الْمُشْتَرِيَ إلَخْ. قَيَّدَ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ، لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ فِي فَصْل

وَأَمَّا حَطُّ الْكُلِّ عَنْهُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَمَا فِي حِيَلِ التَّتَارْخَانِيَّة 49 - وَمِمَّا خَرَجَ عَنْ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِكُلِّ مَا يَعْقِدُهُ الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَفِيهَا مِنْ الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ: وَالْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةِ إذَا أَبْرَأَ الْمُسْتَأْجِرَ عَنْ الْأَجْرِ أَوْ وَهَبَهُ إنْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْبَعْضِ أَوْ وَهَبَ لَهُ الْبَعْضَ وَالْأَجْرُ دَيْنٌ جَازَ إجْمَاعًا وَإِنْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْكُلِّ أَوْ وَهَبَ الْكُلَّ إنْ كَانَ الْأَجْرُ دَيْنًا لَا يَصِحُّ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ آخِرًا وَفِي قَوْلِهِ أَوَّلًا؛ وَهُوَ قَوْلُهُمَا يَصِحُّ اعْتِبَارًا بِفِعْلِ الْمُوَكِّلِ وَلَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ وَإِنْ كَانَ الْأَجْرُ عَيْنًا لَا يَصِحُّ حَتَّى يَقْبَلَ الْمُسْتَأْجِرُ وَإِذَا قَبِلَ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ الْأَجْرَ بِمَنْزِلَةِ الْمَبِيعِ، وَالْمُشْتَرِي إذَا وُهِبَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ (انْتَهَى) . وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِحُكْمِ مَا إذَا حَطَّ عَنْهُ كُلَّ الْأَجْرِ أَوْ بَعْضَهُ فَلْيُنْظَرْ. (48) قَوْلُهُ: وَأَمَّا حَطُّ الْكُلِّ عَنْهُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ إلَخْ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَطَّ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ كَالزِّيَادَةِ، وَالْتِحَاقُهُ يَسْتَلْزِمُ صِحَّةَ الْبَيْعِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ الثَّمَنَ رُكْنٌ فِي الْبَيْعِ. (49) قَوْلُهُ: وَمِمَّا خَرَجَ عَنْ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِكُلِّ مَا يَعْقِدُهُ الْوَكِيلُ بِنَفْسِهِ أَقُولُ: الَّذِي قَالُوهُ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِكُلِّ مَا يَعْقِدُهُ الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ. قَالَ فِي الْمَجْمَعِ: وَتَجُوزُ الْوَكَالَةُ بِكُلِّ عَقْدٍ يَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ مُبَاشَرَتُهُ. وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ: كُلُّ عَقْدٍ جَازَ أَنْ يَعْقِدَهُ الْإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ جَازَ أَنْ يُوَكِّلَ بِهِ غَيْرَهُ وَالْأَمْرُ فِي صُورَةِ الْوَصِيِّ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ كَمَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ عِنْدَ ظُهُورِ النَّفْعِ يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ غَيْرَهُ فَيَشْتَرِيَهُ الْوَكِيلُ وَلَمْ يَقُولُوا كُلُّ مَا يَعْقِدُهُ الْإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ جَازَ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِيهِ حَتَّى يَتِمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ خُرُوجِ مَسْأَلَةِ الْوَصِيِّ. وَأَوْرَدَ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرُوهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُطَّرِدٍ وَلَا مُنْعَكِسٍ أَمَّا الطَّرْدُ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ: الذِّمِّيُّ يَمْلِكُ بَيْعَ الْخَمْرِ بِنَفْسِهِ وَلَا يَمْلِكُ تَوْكِيلَ الْمُسْلِمِ بِذَلِكَ وَعَلَى الْعَكْسِ الْمُسْلِمُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ الْخَمْرِ وَشِرَاؤُهَا وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ الذِّمِّيَّ بِذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ الْوَكِيلَ فَإِنَّ مُبَاشَرَتَهُ جَائِزَةٌ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِيهِ وَالْمُسْتَقْرِضُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُبَاشِرَ الِاسْتِقْرَاضَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِيهِ. وَجَعَلَ فِي النِّهَايَةِ الْقَاعِدَةَ كُلِّيَّةً فَقَالَ: مَعْنَى قَوْلِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ

الْوَصِيُّ فَإِنْ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ وَالنَّفْعُ ظَاهِرٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي شِرَائِهِ لِلْغَيْرِ، كَمَا فِي بُيُوعِ الْبَزَّازِيَّةِ الْآمِرُ إذَا قَيَّدَ الْفِعْلَ بِزَمَانٍ؛ كَبِعْ هَذَا غَدًا أَوْ أَعْتِقْهُ غَدًا، فَفَعَلَهُ الْمَأْمُورُ بَعْدَ غَدٍ جَازَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يَعْقِدَ الْإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ أَيْ بِأَهْلِيَّةِ نَفْسِهِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِبْدَادِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُوَكِّلُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِيمَا وُكِّلَ بِهِ مُسْتَبِدًّا هَذَا الْكُلِّيُّ مُطَّرِدٌ وَلَا يَنْعَكِسُ. ثُمَّ قَالَ وَلَا يَرِدُ عَلَى طَرْدِ الْكُلِّ الذِّمِّيُّ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْخَمْرَ بِنَفْسِهِ وَلَا يَمْلِكُ تَوْكِيلَ الْمُسْلِمِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ اقْتِرَابِ الْخَمْرِ وَكَانَ ذَلِكَ أَمْرًا عَرَضِيًّا فِي الْوَكِيلِ وَالْعَوَارِضُ لَا تَقْدَحُ فِي الْقَوَاعِدِ (انْتَهَى) . وَفِي مُعِينِ الْمُفْتِي يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِمْ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ بِكُلِّ مَا يَعْقِدُهُ بِنَفْسِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ الْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَهُ الصَّغِيرَةَ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. أَقُولُ: لَا إشْكَالَ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ بِأَنْ يُزَوِّجَهَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَإِنَّمَا وَكَّلَهُ بِتَزْوِيجِهَا فَزَوَّجَهَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْقُنْيَةِ فَتَأَمَّلْ (50) قَوْلُهُ: الْوَصِيُّ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَ الْيَتِيمِ إلَخْ. الْوَصِيُّ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ خَرَجَ. أَقُولُ فِيهِ: إنَّ مَسْأَلَةَ الْوَصِيِّ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرَهُ حَتَّى يَخْرُجَ عَنْهُ فَإِنَّ الشِّرَاءَ فِيهَا لَمْ يَقَعْ مِنْ وَكِيلِ الْوَصِيِّ وَإِنَّمَا وَقَعَ مِنْ الْوَصِيِّ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عَنْ الْغَيْرِ قَالَ الْإِمَامُ الْمَحْبُوبِيُّ فِي فُرُوقِهِ الْوَصِيُّ إذَا أَمَرَهُ الْإِنْسَانُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مِنْ الْيَتِيمِ فَاشْتَرَى لَا يَجُوزُ وَلَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ جَازَ: وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى لِنَفْسِهِ فَحُقُوقُ الْعَقْدِ مِنْ جَانِبِ الْيَتِيمِ رَاجِعَةٌ إلَيْهِ وَمَنْ جَانِبِ الْآمِرِ كَذَلِكَ فَيُؤَدِّي إلَى الْمُضَادَّةِ بِخِلَافِ نَفْسِهِ (انْتَهَى) وَهَذَا الْفَرْقُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ أَنَّ مَنْ يَمْلِكُ تَصَرُّفًا بِالْأَصَالَةِ أَوْ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ يَمْلِكُ تَمْلِيكَهُ اعْتِبَارًا بِتَمْلِيكِ الْأَعْيَانِ وَشَرْطُهُ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ ذَلِكَ التَّفْوِيضُ إلَى التَّضَادِّ وَالتَّنَافِي وَهُوَ أَنْ يُجْعَلَ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ مُتَوَلِّيًا طَرَفَيْ أَمْرٍ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَمُبَادَلَةِ الْمَالِ بِالْمَالِ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَصِيرَ الْوَاحِدُ مُسَلِّمًا وَمُسَلَّمًا قَاضِيًا وَمُقْتَضِيًا وَهَذَا تَنَاقُضٌ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ. وَالْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ تُصَانُ عَنْهُ. ذَكَرَ هَذَا الْأَصْلَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ.

كَذَا فِي حُجَجِ الْخَانِيَّةِ مَنْ مَلَكَ التَّصَرُّفَ فِي شَيْءٍ مَلَّكَهُ فِي بَعْضِهِ 52 - فَلَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَ نِصْفَهُ صَحَّ عِنْدَ الْإِمَامِ وَتَوَقَّفَ عِنْدَهُمَا، 53 - أَوْ فِي شِرَاءِ عَبْدَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا صَحَّ، أَوْ فِي قَبْضِ دَيْنِهِ مَلَكَ قَبْضَ بَعْضِهِ إلَّا إذَا نَصَّ عَلَى أَنْ لَا يَقْبِضَ إلَّا الْكُلَّ مَعًا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَذَا فِي حُجَجِ الْخَانِيَّةِ. فِيهَا مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ: رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْ عَبْدِي غَدًا فَبَاعَهُ الْيَوْمَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ مُضَافٌ إلَى الْغَدِ فَلَا يَكُونُ وَكِيلًا قَبْلَهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدِي غَدًا أَوْ طَلِّقْ امْرَأَتِي غَدًا لَا يَمْلِكُهُ الْيَوْمَ وَلَوْ قَالَ بِعْ عَبْدِي الْيَوْمَ أَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي عَبْدًا الْيَوْمَ أَوْ أَعْتِقْ عَبْدِي الْيَوْمَ فَفَعَلَ ذَلِكَ غَدًا؛ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ قِيلَ الصَّحِيحُ لَا تَبْقَى بَعْدَ الْيَوْمِ وَقِيلَ تَبْقَى وَذِكْرُ الْيَوْمِ لِلتَّعْجِيلِ لَا لِتَوْقِيتِ الْوَكَالَةِ بِالْيَوْمِ إلَّا إذَا دَلَّ عَلَيْهِ (انْتَهَى) . وَعِبَارَتُهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ: إذَا دَفَعَ الْوَصِيُّ الْمَالَ إلَى رَجُلٍ لِيَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَأَخَذَ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ قَابِلٍ جَازَ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَا يَكُونُ ضَامِنًا مَالَ الْمَيِّتِ لِأَنَّ ذِكْرَ السَّنَةِ يَكُونُ لِلِاسْتِعْجَالِ دُونَ التَّقْيِيدِ كَمَا لَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يُعْتِقَ عَبْدَهُ غَدًا أَوْ يَبِيعَ عَبْدَهُ غَدًا فَأَعْتَقَ أَوْ بَاعَ بَعْدَ الْغَدِ جَازَ (انْتَهَى) . يَعْنِي وَيَكُونُ ذِكْرُ الْغَدِ لِلِاسْتِعْجَالِ لَا لِلتَّوْقِيتِ قَوْلًا وَاحِدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدِي الْيَوْمَ فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذِكْرَ الْيَوْمِ لِلتَّوْقِيتِ لَا لِلِاسْتِعْجَالِ فَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ (52) قَوْلُهُ: فَلَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدٍ فَبَاعَ نِصْفَهُ إلَخْ. فِي الْخَانِيَّةِ: الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الْعَبْدِ إذَا بَاعَ نِصْفَهُ جَازَ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِهِمَا، وَلَوْ بَاعَ نِصْفَهُ مِنْ رَجُلٍ وَبَاعَ نِصْفَهُ مِنْ آخَرَ جَازَ عِنْدَهُمْ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ هَذَا الْعَبْدَ فَاشْتَرَى نِصْفَهُ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَاسَخَا. (53) قَوْلُهُ: أَوْ فِي شِرَاءِ عَبْدَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ إلَخْ. فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّمَنَ؛ فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ جَازَ

وَإِذَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ فَاشْتَرَى نِصْفَهُ تَوَقَّفَ مَا لَمْ يَشْتَرِ الْبَاقِيَ كَمَا فِي الْكَنْزِ. 55 - الْوَكِيلُ إذَا وَكَّلَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ 56 - وَأَجَازَ مَا فَعَلَهُ وَكِيلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا يَجُوزُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ. وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُمَا بِأَلْفٍ فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ أَوْ أَقَلَّ جَازَ وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِأَكْثَرَ بِخَمْسِمِائَةٍ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ الْآخَرَ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْأَلْفِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمَا، قَلَّتْ الزِّيَادَةُ أَوْ كَثُرَتْ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِمَا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ وَبَقِيَ مِنْ الْأَلْفِ مَا يَشْتَرِي بِهِ الْآخَرَ جَازَ وَلَوْ دَفَعَ إلَى آخَرَ دَرَاهِمَ وَقَالَ اشْتَرِ لِي بِهَا شَيْئًا لَمْ يَجُزْ التَّوْكِيلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْبِضَاعَةِ وَلَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي بِهَا شَيْئًا عَلَى مَا تَرَى وَتَخْتَارُ جَازَ التَّوْكِيلُ (54) قَوْلُهُ: وَإِذَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ إلَخْ. وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي عَبْدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ وَإِنَّمَا هِيَ مَوْضُوعَةٌ فِي عَبْدٍ مُعَيَّنٍ. قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ إذَا اشْتَرَى نِصْفَهُ فَالشِّرَاءُ مَوْقُوفٌ إنْ اشْتَرَى بَاقِيَهُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ امْتَثَلَ أَمْرَ الْمُوَكِّلِ وَعِنْدَ زُفَرَ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ وَلَوْ خَاصَمَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ إلَى الْقَاضِي قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَكِيلُ الْبَاقِيَ وَأَلْزَمَ الْقَاضِي الْوَكِيلَ، ثُمَّ إنَّ الْوَكِيلَ اشْتَرَى الْبَاقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ خَالَفَ بِذَلِكَ هَذَا فِي كُلِّ مَا فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ وَفِي تَنْقِيصِهِ عَيْبٌ كَالْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. كَذَا فِي حَوَاشِي الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ عَلَى شَرْحِ الْمَجْمَعِ (55) قَوْلُهُ: الْوَكِيلُ إذَا وَكَّلَ بِغَيْرِ إذْنٍ. وَتَعْمِيمٍ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (56) قَوْلُهُ: وَأَجَازَ مَا فَعَلَهُ وَكِيلُهُ. أَقُولُ: وَكَذَا لَوْ عَقَدَ أَجْنَبِيٌّ فَأَجَازَ الْأَوَّلُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْمُوَكِّلِ حُضُورُ رَأْيِهِ وَقَدْ حَصَلَ. وَحُقُوقُ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي فِيهِ خِلَافُ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالثَّانِي كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْعُيُونِ. وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ حَاضِرًا أَوْ لَا وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ إنْ حَضَرَ فِعْلَ الثَّانِي صَحَّ وَإِلَّا فَلَا. قِيلَ يُشْكِلُ بِمَا إذَا بَاشَرَ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ بِحَضْرَةِ الْآخَرِ حَيْثُ لَا يَكْتَفِي بِحَضْرَتِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ إجَازَتِهِ وَهُنَا

نَفَذَ 58 - إلَّا الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ التَّوْكِيلُ بِالتَّوْكِيلِ صَحِيحٌ؛ فَإِذَا وَكَّلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فُلَانًا فِي شِرَاءِ كَذَا فَفَعَلَ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمَأْمُورِ وَهُوَ عَلَى آمِرِهِ وَلَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْآمِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQاكْتَفَى بِالْحَضْرَةِ مِنْ غَيْرِ إجَازَتِهِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْحَضْرَةِ هُوَ الْإِجَازَةُ مِنْ الْوَكِيلِ لَا مُطْلَقُ حَضْرَتِهِ مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ. ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ. وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَسْأَلَةَ فِي الْجَامِعِ، وَالْأَصْلِ فِي مَوْضِعٍ وَلَمْ يُشْتَرَطْ إجَازَةُ الْأَوَّلِ وَذَكَرَهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَشَرَطَ إجَازَتَهُ فَذَهَبَ الْكَرْخِيُّ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ إلَى أَنَّ الْمُطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِأَنَّ تَوْكِيلَ الْوَكِيلِ لَمَّا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ صَارَ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءً وَلَوْ عُدِمَ مِنْ الْأَوَّلِ حَتَّى بَاعَ هَذَا الرَّجُلَ وَالْوَكِيلُ غَائِبٌ أَوْ حَاضِرٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَقْدُ هَذَا الْفُضُولِيِّ إلَّا بِإِجَازَتِهِ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ لِبَيْعِ الْفُضُولِيِّ لَا تَثْبُتُ بِالسُّكُوتِ لِكَوْنِ السُّكُوتِ مُحْتَمَلًا. كَذَا هُنَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ: وَجْهُ عَدَمِ الْجَوَازِ قَدْ انْدَرَجَ فِيمَا ذُكِرَ وَوَجْهُ الْجَوَازِ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ عِنْدَ الثَّانِي وَلَمْ يَمْنَعْهُ وُجِدَ رَأْيُهُ فِيهِ وَكَانَ ذَلِكَ مَقْصُودَ الْمُوَكِّلِ فَيَجُوزُ. كَذَا فِي حَوَاشِي الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ (57) قَوْلُهُ: نَفَذَ. أَقُولُ هَذَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ فَإِنْ كَانَ بَيَّنَهُ جَازَ بِلَا إجَازَتِهِ (انْتَهَى) . يَعْنِي لَوْ قَدَّرَ الْوَكِيلُ لِلثَّانِي ثَمَنًا بِأَنْ قَالَ بِعْهُ بِكَذَا فَبَاعَهُ الثَّانِي بِغَيْبَتِهِ جَازَ بِلَا إجَازَةِ الْأَوَّلِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ كِتَابِ الرَّهْنِ؛ وَوَجْهُهَا أَنَّ مَقْصُودَ الْمُوَكِّلِ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بِرَأْيِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ وَإِذَا قَدَّرَ ثَمَنًا فَهُوَ بَيْعٌ بِرَأْيِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَ وَكِيلَيْنِ وَقَدَّرَ الثَّمَنَ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا بِذَلِكَ الثَّمَنِ حَيْثُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا اجْتِمَاعُ رَأْيِهِمَا فِي الزِّيَادَةِ وَاخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي وَعَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي بَاشَرَ رُبَّمَا يَبِيعُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ الْمِقْدَارِ لِذَكَائِهِ وَهِدَايَتِهِ. (58) قَوْلُهُ: إلَّا الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ إلَخْ. أَقُولُ: يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ وَالْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُمَا لَوْ وُكِّلَا فَفَعَلَ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ كَمَا فِي

كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ. الْوَكِيلُ إذَا كَانَتْ وَكَالَتُهُ عَامَّةً مُطْلَقَةً مَلَكَ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا طَلَاقَ الزَّوْجَةِ وَعِتْقَ الْعَبْدِ وَوَقْفَ الْبَيْتِ. 60 - وَقَدْ كَتَبْتُ فِيهَا رِسَالَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــQشَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا فِي خُصُومَةٍ أَوْ تَقَاضِي دَيْنٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ نَحْوِهِ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَفْعَلَ بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ فَإِنْ وَكَّلَ وَفَعَلَ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ بَيْعًا أَوْ شِرَاءً يَجُوزُ وَمَا عَدَا الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ مِنْ الْخُصُومَةِ وَالتَّقَاضِي وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ هَلْ يَجُوزُ؟ ذَكَرَ عِصَامٌ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا فَعَلَ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ إلَّا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالطَّلَاقِ وَمَا شَاكَلَهُ رَسُولٌ لِأَنَّهُ لَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ، وَلِلرَّسُولِ نَقْلُ عِبَارَةِ الْمُرْسِلِ فَإِذَا أَمَرَ غَيْرَهُ فَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِنَقْلِ مِلْكِ الْغَيْرِ فَلَا يَصِحُّ الْأَمْرُ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ صَارَ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَمَّا الْوَكِيلُ فِي بَابِ الْبَيْعِ أَمَرَ الثَّانِيَ بِمَا يَمْلِكُهُ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ وَهُوَ مَالِكٌ لِلْبَيْعِ بِنَفْسِهِ فَإِنَّ الْعِبَارَةَ فِي الْبَيْعِ لَهُ حَتَّى كَانَ حُقُوقُ الْعَقْدِ لَهُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْبَيْعُ الثَّانِي فِي حَالِ غَيْبَةِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ هَذَا الْبَيْعَ رَأْيُهُ وَالْمُوَكِّلُ إنَّمَا رَضِيَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ إذَا حَضَرَ رَأْيُ الْأَوَّلِ. (59) قَوْلُهُ: كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ. أَقُولُ: الصَّوَابُ كَمَا فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ وَعِبَارَتُهُ: أَمَرَ رَجُلٌ رَجُلًا بِأَنْ يُوَكِّلَ لَهُ إنْسَانًا بِشِرَاءِ شَيْءٍ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ فَإِنَّ الْوَكِيلَ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَهُوَ الْمَأْمُورُ ثُمَّ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ وَلَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْآمِرِ ابْتِدَاءً (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الْخَلَلِ. (60) قَوْلُهُ وَقَدْ كَتَبْتُ فِيهَا رِسَالَةً. حَاصِلُ تِلْكَ الرِّسَالَةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٌ أَمْرُكَ يَصِيرُ وَكِيلًا فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِعْتَاقِ وَالطَّلَاقِ وَالْوَقْفِ، قَالَ بَعْضُهُمْ يَمْلِكُ ذَلِكَ لِإِطْلَاقِ لَفْظِ التَّعْمِيمِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ إلَّا إذَا دَلَّ دَلِيلُ سَابِقِ الْكَلَامِ وَبِهِ أَخَذَ

الْمَأْمُورُ بِالدَّفْعِ إلَى فُلَانٍ إذَا ادَّعَاهُ وَكَذَّبَهُ فُلَانٌ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ غَاصِبًا أَوْ مَدْيُونًا كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ بَعَثَ الْمَدْيُونُ الْمَالَ عَلَى يَدِ رَسُولٍ فَهَلَكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ إذَا قَالَ أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٌ صُنْعُكَ. رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الْمَعُوضَاتِ وَالْإِجَارَاتِ وَالْهِبَاتِ وَالْإِعْتَاقِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ثُمَّ قَالَ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٌ أَمْرُكَ، يَمْلِكُ الْحِفْظَ وَالْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ وَيَمْلِكُ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ حَتَّى إذَا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ جَازَ حَتَّى يَعْلَمَ خِلَافَهُ مِنْ قَصْدِ الْمُوَكِّلِ. وَعَنْ الْإِمَامِ تَخْصِيصُهُ بِالْمُعَاوَضَاتِ وَلَا يَلِي الْعِتْقَ وَالتَّبَرُّعَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَكَذَا لَوْ قَالَ طَلَّقْتُ امْرَأَتَكَ أَوْ وَقَفْتُ أَرْضَكَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ تَوْكِيلٌ بِالْمُعَاوَضَاتِ لَا بِالْإِعْتَاقِ وَالْهِبَاتِ وَبِهِ يُفْتَى (انْتَهَى) . وَفِي الْخُلَاصَةِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَكِيلَ وَكَالَةً عَامَّةً يَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ وَالْوَقْفَ وَالْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْلِكَ الْوَكِيلُ وَكَالَةً عَامَّةً الْإِبْرَاءَ وَالْحَطَّ عَنْ الْمَدْيُونِ لِأَنَّهُمَا مِنْ قَبِيلِ التَّبَرُّعِ فَدَخَلَ تَحْتَ قَوْلِ الْبَزَّازِيِّ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ. وَهَلْ لَهُ الْإِقْرَاضُ وَالْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَإِنَّ الْقَرْضَ عَارِيَّةٌ ابْتِدَاءً مُعَاوَضَةٌ انْتِهَاءً. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْلِكَهَا الْوَكِيلُ بِالْوَكِيلِ الْعَامِّ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا إلَّا مَنْ يَمْلِكُ التَّبَرُّعَاتِ وَلِذَا لَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الْوَصِيِّ مَالَ الْيَتِيمِ وَلَا هِبَتُهُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَإِنْ كَانَ مُعَاوَضَةً فِي الِانْتِهَاءِ وَظَاهِرُ الْعُمُومِ أَنَّهُ يَمْلِكُ قَبْضَ الدَّيْنِ وَاقْتِضَاءَهُ وَإِيفَاءَهُ وَالدَّعْوَى بِحُقُوقِ الْمُوَكِّلِ وَسَمَاعِ الدَّعْوَى بِحَقٍّ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَالْأَقَارِيرَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالدُّيُونِ وَلَا يَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ لَا فِي الْعَامِّ (61) قَوْلُهُ: الْمَأْمُورُ بِالدَّفْعِ إلَى فُلَانٍ إلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ أَقُولُ لَيْسَ فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ: وَفِي الدَّفْعِ قُلْ قَوْلُ الْوَكِيلِ مُقَدَّمٌ ... وَكَذَا قَوْلُ رَبِّ الدَّيْنِ وَالْخَصْمُ يُجْبَرُ قَالَ شَارِحُهَا الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشِّحْنَةِ مَسْأَلَةُ الْبَيْتِ مِنْ الْبَدَائِعِ دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ اقْضِ بِهَا دَيْنِي لِفُلَانٍ فَقَالَ الْمَأْمُورُ قَضَيْتُ بِهَا دَيْنَكَ لَهُ وَقَالَ صَاحِبُ الْحَقِّ لَمْ تَقْضِنِي شَيْئًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ عَنْ الضَّمَانِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ:

فَإِنْ كَانَ رَسُولَ الدَّائِنِ هَلَكَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ رَسُولَ الْمَدْيُونِ هَلَكَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُ الدَّائِنِ ابْعَثْ بِهَا مَعَ فُلَانٍ لَيْسَ رِسَالَةً لَهُ مِنْهُ؛ فَإِذَا هَلَكَ هَلَكَ عَلَى الْمَدْيُونِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ ادْفَعْهَا إلَى فُلَانٍ فَإِنَّهُ إرْسَالٌ، فَإِذَا هَلَكَ هَلَكَ عَلَى الدَّائِنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي الدَّفْعِ قُلْ قَوْلُ الْوَكِيلِ مُقَدَّمٌ يَعْنِي عَلَى قَوْلِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ مَا دَفَعَ وَعَلَى قَوْلِ رَبِّ الدَّيْنِ أَنَّهُ مَا قَبَضَ فِي حَقِّ الْبَرَاءَةِ فَقَطْ لَا فِي حَقِّ سُقُوطِ الْمُطَالَبَةِ حَتَّى كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الدَّيْنِ أَنَّهُ مَا قَبَضَ وَلَا يَسْقُطُ دَيْنُهُ عَنْ الْمُوَكِّلِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (وَكَذَا قَوْلُ رَبِّ الدَّيْنِ) يَعْنِي مُقَدَّمًا عَلَى قَوْلِ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ فِي عَدَمِ سُقُوطِ حَقِّهِ وَالْخَصْمُ يَعْنِي الْمُوَكِّلَ يُجْبَرُ عَلَى الدَّفْعِ إلَيْهِ ثُمَّ الْمُوَكِّلُ إنْ كَذَّبَ الطَّالِبَ وَصَدَّقَ الْوَكِيلَ حَلَّفَهُ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَظْهَرْ قَبْضُهُ وَإِنْ نَكَلَ ظَهَرَ وَسَقَطَ حَقُّهُ وَإِنْ عَكَسَ حَلَّفَ الْوَكِيلَ. وَكَذَا لَوْ أَوْدَعَ رَجُلٌ رَجُلًا مَالًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى فُلَانٍ فَقَالَ الْمُودَعُ دَفَعْتُ وَكَذَّبَهُ فُلَانٌ فَهُوَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ مَضْمُونًا عَلَى رَجُلٍ كَالْغَصْبِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ الدَّيْنِ عَلَى الْغَرِيمِ فَقَالَ الطَّالِبُ أَوْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ ادْفَعْهُ إلَى فُلَانٍ فَقَالَ الْمَأْمُورُ قَدْ دَفَعْتُ إلَيْهِ، وَقَالَ فُلَانٌ مَا قَبَضْتُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ فُلَانٍ إنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ فَلَا يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ عَلَى الدَّفْعِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِتَصْدِيقِ الْمُوَكِّلِ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَلَكِنَّهُمَا لَا يُصَدَّقَانِ عَلَى الْقَابِضِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ مَعَ يَمِينِهِ. (62) قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ رَسُولَ الدَّائِنِ هَلَكَ عَلَيْهِ. قِيلَ: وَهَلْ إذَا كَانَ رَسُولَ رَبِّ الدَّيْنِ وَادَّعَى الدَّفْعَ إلَى الدَّائِنِ وَكَذَّبَهُ الدَّائِنُ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ أَمْ يَبْرَأُ الْمَدْيُونُ وَهِيَ جُزْئِيَّاتُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، فَإِنْ قُلْنَا فِي الْبَرَاءَةِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَقَطْ كَمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَشْكَلُ؛ لِأَنَّ الْمَدْيُونَ لَمْ يُقَصِّرْ حَيْثُ أَرْسَلَهُ مَعَ رَسُولِ الدَّائِنِ لِمُصَادَقَةِ الرَّسُولِ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ قُلْنَا يَبْرَأُ الْمَدْيُونُ كَمَا فِي صُورَةِ الْهَلَاكِ كَانَ مُوَجِّهًا وَيَلْزَمُ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِأَنْ يُقَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَقَطْ إلَّا إذَا كَانَ رَسُولَ رَبِّ الدَّيْنِ (انْتَهَى)

وَبَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ مَجْهُولٍ إلَّا لِإِسْقَاطِ عَدَمِ الرِّضَا بِالتَّوْكِيلِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ مِنْ شَرْحِ الْكَنْزِ وَمِنْ التَّوْكِيلِ الْمَجْهُولِ قَوْلُ الدَّائِنِ لِمَدْيُونِهِ: مَنْ جَاءَكَ بِعَلَامَةِ كَذَا وَمَنْ أَخَذَ أُصْبُعَكَ أَوْ قَالَ لَكَ كَذَا فَادْفَعْ مَالِي عَلَيْكَ إلَيْهِ، يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ مَجْهُولٌ فَلَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ 64 - كَمَا فِي الْقُنْيَةِ 65 - الْوَكِيلُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِيمَا يَدَّعِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ إلَخْ. لَعَلَّ الْمُرَادَ شَرْحُ مَنْظُومَةِ النَّسَفِيِّ لَا شَرْحُ مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ لَيْسَ فِي شَرْحِهَا فَضْلًا عَنْ بَيَانِهِ . (64) قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. يَعْنِي مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَفِيهَا مِنْ الْبَابِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَكَّلَ إنْسَانًا لِيَسْتَوْفِيَ نَصِيبَهُ مِنْ دُيُونِ مُوَرِّثِهِ عَلَى النَّاسِ وَلَا يَعْلَمُ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ بَعْضَ مَنْ عَلَيْهِمْ الدُّيُونُ يَصِحُّ. أَفْتَى بِهِ تَاجُ الدِّينِ أَخُو الْحُسَامِ الشَّهِيدِ بَعْدَ التَّأَمُّلِ وَالْمَبَاحِثِ الْكَثِيرَةِ وَفِيهَا آخِرَ الْكِتَابِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي لَمْ يُوجَدْ فِيهَا رِوَايَةٌ مَنْصُوصَةٌ وَلَا جَوَابٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ إذَا قَالَ الْمُودِعُ لِلْمُودَعِ: مَنْ جَاءَكَ بِعَلَامَةِ كَذَا بِأَنْ أَخَذَ مِنْ أُصْبُعِكَ أَوْ قَالَ لَكَ كَذَا فَادْفَعْ إلَيْهِ الْوَدِيعَةَ هَلْ يَصِحُّ هَذَا التَّوْكِيلُ أَمْ لَا يَصِحُّ لِكَوْنِ الْوَكِيلِ مَجْهُولًا وَيَضْمَنُ بِالدَّفْعِ (انْتَهَى) . فَقَدْ جَزَمَ هُنَا بِعَدَمِ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ لِكَوْنِهِ تَوْكِيلَ مَجْهُولٍ وَتَرَدَّدَ هُنَاكَ مَعَ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا تَوْكِيلَ مَجْهُولٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (65) قَوْلُهُ: الْوَكِيلُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِيمَا يَدَّعِيهِ إلَخْ. وَأَمَّا وَرَثَةُ الْوَكِيلِ فَنَصَّ عَلَيْهِمْ قَارِئُ الْهِدَايَةِ فِي فَتَاوَاهُ بَعْدَ نَحْوِ أَرْبَعَةِ أَوْرَاقٍ مَعَ بَقِيَّةِ وَرَثَةِ الْأُمَنَاءِ وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي فَتَاوَاهُ فِي الْكُرَّاسِ الْأَخِيرِ مِمَّا عِنْدَ كَاتِبِهِ وَقَدْ سَأَلَ شَيْخَ مَشَايِخِنَا شَيْخَ الْإِسْلَامِ نُورَ الدِّينِ عَلِيَّ بْنَ غَانِمٍ الْمَقْدِسِيَّ فِي الْوَكِيلِ بَعْدَ عَزْلِهِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّفْعِ لِمُوَكِّلِهِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الدَّفْعِ لِمُوَكِّلِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَيُفَرَّقُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَزْلِ الْحَقِيقِيِّ وَالْحُكْمِيِّ أَمْ لَا؟ وَهَلْ قَوْلُ الْعِمَادِيِّ فِي فُصُولِهِ: وَلَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ هُوَ الْمَيِّتَ بَطَلَتْ أَيْ الْوَكَالَةُ فَإِنْ قَالَ قَدْ كُنْتُ قَبَضْتُ فِي حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ وَدَفَعْتُ إلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقْ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَمَّا لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ فَكَانَ مُتَّهَمًا فِي إقْرَارِهِ وَقَدْ انْعَزَلَ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ صَحِيحٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ إفْتَاءً وَقَضَاءً أَوْ لَا؟ وَقَدْ ذَكَرَ الْعِمَادِيُّ فِي مَوْضِعٍ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَعْنِي مَوْتَ الْمُوَكِّلِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ فَمَاتَ الْمُوَكِّلُ فَقَدْ خَرَجَ الْوَكِيلُ عَنْ الْوَكَالَةِ فَإِنْ قَالَ الْوَكِيلُ قَدْ كُنْتُ قَبَضْتُهَا فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعْتُهَا إلَى الْمُوَكِّلِ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ مِنْ بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. ثُمَّ ذَكَرَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ عَدَمِ تَصْدِيقِ الْوَكِيلِ بَعْدَ مَوْتِ مُوَكِّلِهِ فَهَلْ يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْفَرْعَيْنِ أَمْ لَا، وَهَلْ إذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا يَكُونُ الْأَوَّلُ فِي الدَّيْنِ وَالثَّانِي فِي الْوَدِيعَةِ يَكُونُ الْفَرْقُ صَحِيحًا فَأَجَابَ: هَذَا السُّؤَالُ حَسَنٌ، وَقَدْ كَانَ يَخْتَلِجُ بِخَاطِرِي كَثِيرًا أَنْ أَجْمَعَ فِي تَحْرِيرِهِ كَلَامًا يُزِيحُ إشْكَالًا وَيُوَضِّحُ مَرَامًا لَكِنَّ الْوَقْتَ الْآنَ يَضِيقُ عَنْ كَمَالِ التَّحْقِيقِ فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ: التَّأَمُّلُ فِي مَقَالِهِمْ وَالتَّفَحُّصُ لِأَقْوَالِهِمْ يُفِيدُ أَنَّ الْوَكِيلَ بَعْدَ الْعَزْلِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ دُونَ بَعْضٍ فِيمَا يُفِيدُ عَدَمَ قَبُولِ قَوْلِهِ لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ بِبَيْعِ عَبْدٍ مَثَلًا لِوَكِيلِهِ قَدْ أَخْرَجْتُكَ عَنْ الْوَكَالَةِ فَقَالَ قَدْ بِعْتُهُ أَمْسِ لَمْ يُصَدَّقْ لِأَنَّهُ قَدْ حَكَى عَقْدًا لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ لِلْحَالِ؛ نَظِيرُهُ مَا لَوْ قَالَ لِمُطَلَّقَتِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كُنْتُ رَاجَعْتُكِ فِيهَا لَا يُصَدَّقُ، وَمِمَّا يُفِيدُ الْقَبُولَ قَوْلُهُمْ فِي الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ لَوْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ وَقَالَ وَرَثَتُهُ لَمْ تَبِعْهُ وَقَالَ الْوَكِيلُ بِعْتُهُ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضْت الثَّمَنَ وَهَلَكَ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ إنْ كَانَ الْعَبْدُ هَالِكًا. قَالُوا لِأَنَّهُ بِهَذَا الْإِخْبَارِ لَا يُرِيدُ إزَالَةَ مِلْكِ الْوَرَثَةِ بَلْ يُنْكِرُ وُجُوبَ الضَّمَانِ بِإِضَافَةِ الْبَيْعِ إلَى حَالَةِ الْحَالَةِ وَالْوَرَثَةُ يَدَّعُونَ الضَّمَانَ بِالْبَيْعِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ وَأَمَّا الْعَزْلُ الْحُكْمِيُّ وَالْحَقِيقِيُّ فَمَعْلُومٌ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْحَقِيقِيَّ يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِ الْوَكِيلِ بِخِلَافِ الْحُكْمِيِّ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فَلَا خَفَاءَ أَنَّ أَحَدَ الْمَحَلَّيْنِ فِي الْوَدِيعَةِ وَالْآخَرَ فِي الدَّيْنِ وَقَدْ اسْتَشْكَلَهُ صَاحِبُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِقِيَاسِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لَكِنَّ الْحُكْمَ مُصَرَّحٌ بِهِ بِالِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْوَدِيعَةِ وَالدَّيْنِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ.

إلَّا الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعَهُ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ الْوَكَالَةِ، 67 - وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَمَانَاتِ، وَفِيمَا إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ وَكَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا وَفِيمَا إذَا قَالَ بَعْدَ عَزْلِهِ بِعْتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَيْسَ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَصْلٌ بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ وَقَدْ اغْتَرَّ بِظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ بَعْضُ الْمُفْتِينَ فَأَفْتَى بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَتَقْرِيرُ الْكَلَامِ بِمَا يَدْفَعُ الشُّبْهَةَ وَالْأَوْهَامَ أَنَّ الْوَكِيلَ إمَّا أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا بِقَبْضِ دَيْنٍ ثَابِتٍ لِمُوَكِّلِهِ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ أَوْ دَيْنٍ اسْتَقْرَضَهُ الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ وَوَكَّلَهُ فِي قَبْضِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَإِذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ إيصَالَ مَا قَبَضَهُ لِمُوَكِّلِهِ إمَّا أَنْ يَكُونَ دَعْوَاهُ فِي حَيَاةِ مُوَكِّلِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَدَعْوَاهُ هَلَاكَ مَا قَبَضَ فِي يَدِهِ كَدَعْوَاهُ الْإِيصَالَ مَقْبُولٌ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بِكُلِّ حَالٍ وَأَمَّا سِرَايَةُ قَوْلِهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ لِيَبْرَأَ غَرِيمُهُ فَهُوَ خَاصٌّ بِمَا إذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ حَالَ حَيَاةِ مُوَكِّلِهِ بِالْقَبْضِ وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ بَرَاءَةُ الْغَرِيمِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا أَوْ تَصْدِيقِ الْوَرَثَةِ عَلَى قَبْضِ الْوَكِيلِ وَلَوْ أَنْكَرُوا إيصَالَهُ لِمُوَكِّلِهِ وَأَمَّا الْوَكِيلُ بِقَبْضِ مَا اسْتَدَانَهُ الْمُوَكِّلُ فَلَا يَسْرِي قَوْلُهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ حَالَ حَيَاتِهِ إذَا أَنْكَرَ قَبْضَهُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبُرْهَانِ، وَهَذِهِ عِبَارَةُ الْوَلْوَالِجِيُّ تُفِيدُ مَا قَدَّمْنَاهُ قَالَ: وَلَوْ وُكِّلَ بِقَبْضِ وَدِيعَةٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُوَكِّلُ فَقَالَ الْوَكِيلُ قَبَضْتُ فِي حَيَاتِهِ وَهَلَكَ وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ أَوْ قَالَ دَفَعْتُ إلَيْهِ صُدِّقَ وَلَوْ كَانَ دَيْنًا ثَمَّ يُصَدَّقُ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ حَكَى أَمْرًا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ أَيْ اسْتِئْنَافَ سَبَبِهِ عَلَى طَرِيقِ مَجَازِ الْحَذْفِ لَكِنَّ مَنْ حَكَى أَمْرًا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ إنْ كَانَ فِيهِ إيجَابُ الضَّمَانِ عَلَى الْغَيْرِ لَا يُصَدَّقُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَفْيُ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ صُدِّقَ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فِيمَا يَحْكِي بِوُجُوبٍ بِنَفْيِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ فَيُصَدَّقُ وَالْوَكِيلُ يَقْبِضُ الدَّيْنَ فِيمَا يَحْكِي بِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَهُوَ ضَمَانٌ قِبَلَ الْمَقْبُوضِ فَلَا يُصَدَّقُ انْتَهَى. (67) قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَمَانَاتِ. أَقُولُ: وَكَذَا فِي الْمُدَايَنَاتِ وَقَدْ حَصَلَ

أَمْسِ وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ، وَفِيمَا إذَا قَالَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ بِعْتُهُ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضْتُهَا وَهَلَكَتْ وَكَذَّبَتْهُ الْوَرَثَةُ فِي الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا. الْكُلُّ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي اخْتِلَافِ الْوَكِيلِ مَعَ الْمُوَكِّلِ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْأُولَى؛ قَالَ: فَلَوْ قَالَ كُنْتُ وَقَبَضْت فِي حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ وَدَفَعْته إلَيْهِ 68 - لَمْ يُصَدَّقْ، إلَّا إذَا أَخْبَرَ عَمَّا لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ وَكَانَ مُتَّهَمًا، وَقَدْ بَحَثَ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ كَذَلِكَ، وَلَمْ يَنْتَبِهْ بِمَا فَرَّقَ بِهِ الْوَلْوَالِجِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاشْتِبَاهُ بِنَقْلِ الْمُصَنِّفِ تِلْكَ الْعِبَارَةَ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ مُخْتَصَرَةٍ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ هُنَا وَقَدْ عَلِمْتَ مَا فِيهِ وَفِي كِتَابِ الْأَمَانَاتِ حَيْثُ قَالَ: كُلُّ أَمِينٍ ادَّعَى إيصَالَ الْأَمَانَةِ إلَى مُسْتَحِقِّهَا قُبِلَ قَوْلُهُ كَالْمُودَعِ إلَى قَوْلِهِ إلَّا الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَهِيَ فِي كِتَابِ الْمُدَايَنَاتِ حَيْثُ قَالَ تَفَرَّعَ عَلَى أَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا مَسَائِلُ مِنْهَا الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ يُرِيدُ إيجَابَ الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ (انْتَهَى) . فَقَدْ حَصَلَ الِاشْتِبَاهُ بِقَوْلِهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ هَلْ النَّفْيُ عَامٌّ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ مُوَكِّلِهِ أَوْ الْمَنْفِيُّ ثُبُوتُ الدَّيْنِ عَلَى الْآمِرِ فَقَطْ لَا بَرَاءَةُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ بِقَوْلِهِ قَبَضْتُ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعْتُ لَهُ وَقَدْ عَلِمْتَ مَا هُوَ الصَّوَابُ. (68) قَوْلُهُ: لَمْ يُصَدَّقْ: أَيْ فِي قَوْلِهِ قَبَضْتُ وَدَفَعْتُ يَعْنِي بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَدْيُونِ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفْسِهِ وَإِذَا لَمْ يُصَدَّقْ تَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَى الْمَدْيُونِ فَإِنْ صَدَّقَ الْمَدْيُونُ الْوَكِيلَ فِي الدَّفْعِ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ الْمَدْيُونُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ أَوْصَلَ الْحَقَّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ وَأَنَّ رُجُوعَ الْوَرَثَةِ بِطَرِيقِ الظُّلْمِ، وَالْمَظْلُومُ لَا يَظْلِمُ غَيْرَهُ وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي الدَّفْعِ يُحَلَّفُ إذْ الضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لَزِمَهُ يُحَلَّفُ إذَا هُوَ أَنْكَرَهُ وَلَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمَالَ مَوْجُودٌ عِنْدَهُ لَمْ

يُرِيدُ إيجَابَ الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ إذْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQيَدْفَعْهُ أَخَذَهُ مِنْهُ فَإِذَا حَلَفَ بَرِئَ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ مُودَعٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا كَانَ مُودَعًا لِأَنَّهُ لَا مُصَدِّقَ لَهُ فِي الْوَكَالَةِ وَالْقَبْضُ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ، وَبِذَلِكَ صَارَ الْمَالُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ رَجَعَ عَلَيْهِ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَرَثَةُ فِي الْقَبْضِ وَكَذَّبُوهُ فِي الدَّفْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ صَارَ الْمَالُ فِي يَدِهِ وَدِيعَةً فَتَصْدِيقُهُمْ لَهُ فِيهِ اعْتِرَافٌ بِأَنَّهُ مُودَعٌ وَأَنَّ الْمَدْيُونَ قَدْ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ بِذَلِكَ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ الْمَالُ الْمُدَّعَى وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّفْعِ جَازَ وَانْدَفَعَتْ عَنْهُ الْيَمِينُ وَلَوْ أَنَّ الْوَرَثَةَ فِي صُورَةِ إنْكَارِ الْقَبْضِ وَالدَّفْعِ حِينَ أَرَادُوا الرُّجُوعَ عَلَى الْمَدْيُونِ أَقَامَ الْمَدْيُونُ بَيِّنَةً أَنَّهُ دَفَعَ الْمَالَ لِلْوَكِيلِ حَالَ حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ انْدَفَعَتْ دَعْوَاهُمْ عَلَيْهِ ثُمَّ إذَا أَرَادُوا تَحْلِيفَ الْوَكِيلِ عَلَى الدَّفْعِ لَهُمْ ذَلِكَ، لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ عِيَانًا فَكَانَ قَبْضُهُ مُعَايَنًا دُونَ دَفْعِهِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ دَعْوَاهُمْ وَلَوْ لَمْ يُقِمْ الْمَدْيُونُ بَيِّنَةً عَلَى دَفْعِ الْوَكِيلِ وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْوَرَثَةِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالدَّفْعِ لِلْوَكِيلِ يُحَلَّفُونَ فَإِنْ حَلَفُوا ثَبَتَ عَلَيْهِ الْمُدَّعَى وَإِنْ نَكَلُوا لَزِمَهُمْ دَعْوَاهُ وَهُوَ الدَّفْعُ لَهُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ دَعْوَاهُمْ. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى ثَبَتَ قَبْضُ الْوَكِيلِ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدْيُونِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينِهِ فِي الدَّفْعِ لِأَنَّهُ صَارَ بَعْدَهُ مُودَعًا وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الدَّفْعِ وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَنْتَصِبُ خَصْمًا لِلْوَرَثَةِ حَتَّى إذَا أَقَامَ عَلَيْهِمْ بَيِّنَةً بِالدَّفْعِ لِلْمَيِّتِ جَازَ وَانْدَفَعَتْ خُصُومَتُهُمْ عَنْ الْمَدْيُونِ فَإِذَا صَدَّقُوهُ فِي الْقَبْضِ مِنْهُ وَالدَّفْعِ وَنَكَلُوا عَنْ الْيَمِينِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَمَا شَرَحْنَا ثَبَتَ عَلَيْهِمْ بِالدَّفْعِ لِلْمَيِّتِ وَانْدَفَعُوا عَنْ الْوَكِيلِ وَالْمَدْيُونِ وَإِنَّمَا قُلْتُ بِأَنَّ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْوَكِيلَ عَلَى الدَّفْعِ لِأَنَّهُ مُصَدِّقٌ لَهُ فِي الْقَبْضِ لَا فِي الدَّفْعِ وَلَمَّا دَفَعَ الْمَالَ لِلْوَرَثَةِ ثَانِيًا صَارَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ لَهُ فَانْتَصَبَ الْوَكِيلُ خَصْمًا لَهُ فِيمَا قَبَضَهُ وَلِتَحْلِيفِهِ فَائِدَةٌ وَهُوَ أَنَّهُ رُبَّمَا يَنْكُلُ عَنْ الْيَمِينِ وَيُقِرُّ بِعَدَمِ الدَّفْعِ فَيَرُدُّ الْمَدْفُوعَ لِرَبِّهِ وَهَذَا يُعْلَمُ مِنْ مَسَائِلَ ذُكِرَتْ فِي دَعْوَى الْمَدْيُونِ الْإِيفَاءَ لِلدَّائِنِ فِي جَوَابِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ فَرَاجِعْ تِلْكَ الْمَسَائِلَ وَافْهَمْ الْعِلَّةَ يَظْهَرْ لَكَ الْحُكْمُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. حَرَّرَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ. (69) قَوْلُهُ: يُرِيدُ إيجَابَ الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ إلَخْ. أَيْ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْإِيجَابِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَنَفْيِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ.

بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ يُرِيدُ نَفْيَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ (انْتَهَى) . وَكَتَبْنَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ فِي بَابِ التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ مَسْأَلَةً لَا يُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ أَنَّهُ قَبَضَ 71 - وَفِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ: الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْقَرْضِ إذَا قَالَ قَبَضْتُهُ وَصَدَّقَهُ الْمُقْرَضُ وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ. 72 - إذَا مَاتَ الْمُوَكِّلُ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ، 73 - إلَّا فِي التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ وَفَاءً، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ. فَإِنَّهُ يُرِيدُ نَفْيَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ يَعْنِي فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُودَعُ فَذِمَّتُهُ خَالِيَةٌ عَنْ الضَّمَانِ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْقَوْلُ بِإِيجَابِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ إذْ قَوْلُهُ مَقْبُولٌ فِي الدَّفْعِ إلَى الْمُودِعِ أَوْ إلَى وَكِيلِهِ فِي قَبْضِهَا مِنْهُ وَأَمَّا الْمَدْيُونُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الدَّفْعِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ وَبَطَلَ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَمَا بَحَثَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا بِقَوْلِهِ أَقُولُ بِعَكْسِ مَا قَالَ صَاحِبُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَهُوَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ كَالْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ نَفْسِهِ. (71) قَوْلُهُ: وَفِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ إلَخْ. قِيلَ: إنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ بِالْقَرْضِ (72) قَوْلُهُ: إذَا مَاتَ الْمُوَكِّلُ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ إلَخْ. إنَّمَا تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ إذَا كَانَ يَمْلِكُ الْمُوَكِّلُ عَزْلَ الْوَكِيلِ فِيهَا؛ فَأَمَّا فِي الرَّهْنِ إذَا وَكَّلَ الرَّاهِنُ الْعَدْلَ أَوْ الْمُرْتَهِنَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَالْوَكِيلُ بِالْأَمْرِ بِالْيَدِ لَا يَنْعَزِلُ وَإِنْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ أَوْ جُنَّ وَالْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ بِالْتِمَاسٍ مِنْ الْخَصْمِ لَا يَنْعَزِلُ بِجُنُونِ الْمُوَكِّلِ وَبِمَوْتِهِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ مَالِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ مَاتَ الصَّغِيرُ وَوَرِثَهُ الْأَبُ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَمُتْ الِابْنُ وَمَاتَ الْأَبُ (انْتَهَى) . فَلْيُحْفَظْ. (73) قَوْلُهُ: إلَّا فِي التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ وَفَاءً. يَعْنِي إذَا وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ وَفَاءً وَبَاعَ ثُمَّ مَاتَ الْمُوَكِّلُ لَا تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُشْتَرِي بِالْبَيْعِ وَفَاءً وَبِهَذَا سَقَطَ مَا قِيلَ. لَازِمُهُ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْبَيْعَ وَفَاءً بِالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ مَعَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَى الْوَرَثَةِ وَلَا يَخْفَى إشْكَالُهُ.

كَمَا فِي بُيُوعِ الْبَزَّازِيَّةِ. إذَا قَبَضَ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي صَحَّ اسْتِحْسَانًا، 75 - إلَّا فِي الصَّرْفِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي الْوَكِيلُ إذَا أَجَازَ فِعْلَ الْفُضُولِيِّ. 76 - أَوْ وَكَّلَ بِلَا إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ وَحَضَرَهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حُضُورُ رَأْيِهِ، إلَّا فِي الْوَكِيلِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عِبَارَتُهُ، وَالْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ كَالْبَيْعِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي. الشَّيْءُ الْمُفَوَّضُ إلَى اثْنَيْنِ لَا يَمْلِكُهُ أَحَدُهُمَا، 77 - كَالْوَكِيلَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا فِي بُيُوعِ الْبَزَّازِيَّةِ وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَعِبَارَتُهُ: بَاعَ جَائِزًا بِالْوَكَالَةِ ثُمَّ مَاتَ مُوَكِّلُهُ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ الْوَكِيلُ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ: وَالْبَيْعُ الْجَائِزُ هُوَ بَيْعُ الْوَفَاءِ وَقَدْ زِدْتُ عَلَى مَا اسْتَثْنَاهُ الْمُصَنِّفُ مَا إذَا وَكَّلَ الرَّاهِنُ الْعَدْلَ أَوْ الْمُرْتَهِنَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ وَجُنُونِهِ كَالْوَكِيلِ بِالْأَمْرِ بِالْيَدِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَفِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالطَّلَاقِ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. (75) قَوْلُهُ: إلَّا فِي الصَّرْفِ. صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُوَكِّلَ لَوْ حَضَرَ مَجْلِسَ الْعَقْدِ وَقَبَضَ الْبَدَلَ وَالْوَكِيلُ حَاضِرٌ لَا يَصِحُّ؛ وَالْعِلَّةُ اشْتِرَاطُ تَقَابُضِ الْعَاقِدَيْنِ وَالْمُوَكِّلُ خَارِجٌ عَنْهُمَا قِيلَ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ الدَّلِيلِ اشْتِرَاطُ قَبْضِ الْبَدَلَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ أَعَمُّ مِنْ تَقَابُضِ الْعَاقِدَيْنِ يَعْنِي أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِقَبْضِ الْمُوَكِّلِ (انْتَهَى) وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. (76) قَوْلُهُ: أَوْ وَكَّلَ بِلَا إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ وَحَضَرَهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ يُفِيدُ صِحَّةَ التَّوْكِيلِ بِلَا إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ آنِفًا وَلَا يُوَكِّلُ بِلَا إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ إذْ مُفَادُهُ عَدَمُ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ بِلَا إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ فَتَأَمَّلْ. (77) قَوْلُهُ: كَالْوَكِيلَيْنِ. مَحَلُّهُ إذَا وَكَّلَهُمَا مَعًا وَكَانَ يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمَا وَكَانَ يُحْتَاجُ إلَى الرَّأْيِ أَمَّا إذَا وَكَّلَهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ فَيَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQاجْتِمَاعُهُمَا فَيَنْفَرِدُ أَيْضًا بِالتَّصَرُّفِ كَالْخُصُومَةِ وَأَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى الرَّأْيِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ بِغَيْرِ مَالٍ فَيَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ. نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الزَّيْلَعِيُّ وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا إذَا كَانَا مُمَيِّزَيْنِ تَلْزَمُهُمَا الْأَحْكَامُ أَوْ أَحَدُهُمَا صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ مَحْجُورٌ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ رَضِيَ بِرَأْيِهِمَا لَا بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ لَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَتَصَرَّفَ وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ لِابْنِ الْمَلِكِ وَإِذَا وَكَّلَ اثْنَيْنِ لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ فِي كُلِّ تَمْلِيكٍ بِلَا بَدَلٍ كَمَا إذَا قَالَ أَمْرُ امْرَأَتِي بِيَدِكُمَا فَإِنَّهُ تَمْلِيكُ الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ وَغَيْرُهُمَا لِأَنَّهُ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ؛ وَالْمُوَكِّلُ إنَّمَا رَضِيَ بِرَأْيِهِمَا فَلَا يَنْفُذُ بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا وَفِيمَا عَدَا هَذَيْنِ. الْمَوْضِعَيْنِ يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا كَالطَّلَاقِ بِلَا عِوَضٍ وَفِي التَّبْيِينِ هَذَا إذَا وَكَّلَهُمَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ وَإِنْ وَكَّلَهُمَا بِكَلَامَيْنِ جَازَ تَفَرُّدُ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ وَقْتَ تَوْكِيلِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّيْنِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا وَإِنْ جُعِلَا وَصِيَّيْنِ بِكَلَامٍ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ وُجُوبَ الْوَصِيَّةِ بِالْمَوْتِ وَعِنْدَ الْمَوْتِ صَارَا وَصِيَّيْنِ جُمْلَةً وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ وَأَجَزْنَاهُ أَيْ تَفَرُّدَ أَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ فِي الْخُصُومَةِ وَقَالَ زُفَرُ وَلَا يَجُوزُ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَالْوَكِيلَيْنِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَيَرُدُّ عَلَى قَوْلِ شَارِحِ الْمَجْمَعِ وَفِيمَا عَدَا هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا مَا فِي الْبَدَائِعِ: الْوَكِيلَانِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَقْبِضَ دُونَ صَاحِبِهِ لِأَنَّ الدَّيْنَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى الرَّأْيِ وَالْأَمَانَةِ وَقَدْ فَوَّضَ الرَّأْيَ إلَيْهِمَا جَمِيعًا لَا إلَى أَحَدِهِمَا وَرَضِيَ بِأَمَانَتِهِمَا جَمِيعًا لَا بِأَمَانَةِ أَحَدِهِمَا وَإِنْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا لَا يَبْرَأُ الْغَرِيمُ حَتَّى يَصِلَ مَا قَبَضَهُ إلَى صَاحِبِهِ فَيَقَعَ فِي أَيْدِيهِمَا أَوْ يَصِلَ إلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ لَمَّا وَصَلَ الْمَقْبُوضُ إلَى صَاحِبِهِ أَوْ إلَى الْمُوَكِّلِ فَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ بِالْقَبْضِ فَصَارَ كَأَنَّهُمَا قَبَضَا ابْتِدَاءً (انْتَهَى) . قِيلَ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ رَدُّ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْغَصْبِ قَضَاءً وَالدَّيْنِ فَإِنَّ لِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ فِيهَا أَنْ يَنْفَرِدَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الْوَكِيلِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ وَفِي كُلِّ تَمْلِيكٍ يَدْخُلُ فِيهِ التَّوْكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذْ هُوَ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ؛ تَأَمَّلْ. وَكَذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْمَبْسُوطِ: لَوْ وَكَّلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَجُلَيْنِ بِقَبْضِ الْهِبَةِ فَقَبَضَهَا أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِأَمَانَتِهِمَا فَلَا يَكُونُ رَاضِيًا بِأَمَانَةِ أَحَدِهِمَا وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ الْوَاهِبُ رَجُلَيْنِ فِي الرُّجُوعِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ دُونَ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُمَا وَكِيلَانِ بِالْقَبْضِ فَإِنَّ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِإِثْبَاتِهِ عَلَى

وَالْوَصِيَّيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَوْهُوبِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْوَكِيلَيْنِ بِالْقَبْضِ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا دُونَ صَاحِبِهِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ بِالْهِبَةِ. (78) قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّيْنِ. ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَوْصَى لَهُمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبًا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ يَنْفَرِدُ فِيهَا بِالتَّصَرُّفِ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ، الْأُولَى: تَجْهِيزُ الْمَيِّتِ، الثَّانِيَةُ: شِرَاءُ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلصَّغِيرِ كَالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ، الثَّالِثَةُ: بَيْعُ مَا يُخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفُ، الرَّابِعَةُ: تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ الْخَامِسَةُ: قَضَاءُ دَيْنِ الْمَيِّتِ إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ مِنْ جِنْسِهِ، السَّادِسَةُ الْخُصُومَةُ، السَّابِعَةُ: رَدُّ الْمَغْصُوبِ، الثَّامِنَةُ: رَدُّ الْوَدَائِعِ، التَّاسِعَةُ: قَبُولُ الْهِبَةِ، الْعَاشِرَةُ: جَمْعُ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ، الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: رَدُّ الْمُشْتَرِي فَاسِدًا، الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: قِسْمَةُ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ، الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: إجَارَةُ الْيَتِيمِ الرَّابِعَةَ عَشَرَةَ: أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى فَقِيرٍ بِكَذَا وَعَيَّنَهُ، الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: إعْتَاقُ النَّسَمَةِ الْمُعَيَّنَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: حِفْظُ الْأَمْوَالِ وَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ نَصَبَهُمَا الْمَيِّتُ أَوْ نَصَبَهُمَا الْقَاضِي أَوْ نَصَبَهُمَا قَاضِيَانِ بِبَلْدَتَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ نَصَبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَاضِي بَلْدَةٍ جَازَ أَنْ يَنْفَرِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْمَيِّتِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَاضِيَيْنِ لَوْ تَصَرَّفَ جَازَ فَكَذَا نَائِبُهُ فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُ الْقَاضِيَيْنِ عَزْلَ الْمُتَوَلِّي الَّذِي نَصَبَهُ الْقَاضِي الْآخَرُ جَازَ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ. كَذَا فِي الْمُلْتَقَطَاتِ فَهَذَا تَقْيِيدٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَفِي قَوْلِ الْمُلْتَقَطَاتِ فَكَذَا نَائِبُهُ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي نَائِبٌ عَنْ الْمَيِّتِ لَا عَنْ الْقَاضِي حَتَّى تَلْحَقَهُ الْعُهْدَةُ بِخِلَافِ أَمِينِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ فَلَا تَلْحَقُهُ الْعُهْدَةُ وَمُقْتَضَى كَوْنِ وَصِيِّ الْقَاضِي نَائِبًا عَنْهُ أَنْ لَا يَكُونَ الْقَاضِي مَحْجُورًا عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَالْمَنْقُولُ أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَعَ وُجُودِ وَصِيِّهِ وَلَوْ مَنْصُوبَهُ بِخِلَافٍ مَعَ أَمِينِهِ وَمُقْتَضَاهُ أَيْضًا أَلَّا يَمْلِكَ الْقَاضِي شِرَاءَ مَالِ الْيَتِيمِ مِنْ وَصِيٍّ نَصَبَهُ كَمَا لَوْ كَانَ أَمِينَهُ وَالْحُكْمُ بِخِلَافِهِ كَمَا فِي غَالِبِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ. وَالْمُرَادُ مِنْ عَدَمِ الْمِلْكِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ نَفَاذِ التَّصَرُّفِ وَحْدَهُ لَا عَدَمُ صِحَّتِهِ كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ فَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ فَإِنْ أَجَازَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا.

وَالنَّاظِرَيْنِ 80 - وَالْقَاضِيَيْنِ وَالْحَكَمَيْنِ وَالْمُودَعَيْنِ وَالْمَشْرُوطِ لَهُمَا الِاسْتِبْدَالُ وَالْإِدْخَالُ وَالْإِخْرَاجُ 81 - إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لَهُ أَوْ الِاسْتِبْدَالَ مَعَ فُلَانٍ فَإِنَّ لِلْوَاقِفِ الِانْفِرَادَ دُونَ فُلَانٍ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ. الْوَكِيلُ لَا يَكُونُ وَكِيلًا قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ عِلْمِ الْمُشْتَرِي بِالْوَكَالَةِ، وَلَمْ يُعْلِمْ الْوَكِيلُ الْبَائِعَ بِكَوْنِهِ وَكِيلًا 82 - كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالنَّاظِرَيْنِ. أَقُولُ مَحَلُّهُ مَا إذَا كَانَ النَّاصِبُ لَهُمَا قَاضِيًا وَاحِدًا أَوْ كَانَا مَنْصُوبَيْ الْوَاقِفِ أَمَّا لَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْصُوبَ قَاضِي بَلَدٍ فَيَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ كَمَا فِي الْوَصِيَّيْنِ وَلَوْ أَنَّ وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنِ الْقَاضِيَيْنِ أَرَادَ أَنْ يَعْزِلَ الْقَيِّمَ الَّذِي أَقَامَهُ الْقَاضِي الْآخَرُ فَإِنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الشَّرْحِ عَنْ الْخَانِيَّةِ. (80) قَوْلُهُ: وَالْقَاضِيَيْنِ. قِيلَ: لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا قَلَّدَ شَخْصَيْنِ قَضَاءَ بَلْدَةٍ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِالْقَضَاءِ فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ كَمَا يُتَوَهَّمُ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ إذَا فَوَّضَ أَمْرًا إلَى قَاضِيَيْنِ مُتَوَلِّيَيْنِ قَبْلَ تَفْوِيضِ الْأَمْرِ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ بِدُونِ رَأْيِ الثَّانِي (انْتَهَى) . أَقُولُ: مَا نُفِيَ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا هُوَ الْمُصَرَّحُ بِهِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَعِبَارَتُهَا: السُّلْطَانُ أَوْ الْإِمَامُ الْأَكْبَرُ فَوَّضَ قَضَاءَ نَاحِيَةٍ إلَى اثْنَيْنِ فَقَضَى أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ كَأَحَدِ وَكِيلَيْ بَيْعٍ. (81) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لَهُ أَوْ الِاسْتِبْدَالَ مَعَ فُلَانٍ. يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ النَّاظِرَيْنِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُفَوَّضَ أَوْ غَيْرَهُ وَعَلَى هَذَا فَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ لَا مُنْقَطِعٌ. (82) قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. نَصُّ عِبَارَتِهَا: وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. الْوَكِيلُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْوَكَالَةِ لَا يَكُونُ وَكِيلًا وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ وَعَنْ الثَّانِي خِلَافُهُ. وَأَمَّا إذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي

وَفِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَمَرَ الْمُودَعَ بِدَفْعِهَا إلَى فُلَانٍ فَدَفَعَهَا لَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِكَوْنِهِ وَكِيلًا، وَهِيَ فِي الْخَانِيَّةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وُكِّلَ رَجُلٌ بِقَبْضِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُودَعُ وَالْوَكِيلُ بِالْوَكَالَةِ فَدَفَعَهَا لَهُ 84 - فَإِنَّ الْمَالِكَ مُخَيَّرٌ فِي تَضْمِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ إذَا هَلَكَتْ، وَهِيَ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْوَكَالَةِ وَاشْتَرَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْلِمْ الْبَائِعَ الْوَكِيلُ كَوْنَهُ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ بِأَنْ كَانَ الْمَالِكُ قَالَ لِلْمُشْتَرِي اذْهَبْ بِعَبْدِي إلَى زَيْدٍ فَقُلْ لَهُ حَتَّى يَبِيعَهُ بِوَكَالَتِهِ عَنِّي مِنْكَ فَذَهَبَ بِهِ إلَيْهِ وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِالتَّوْكِيلِ فَبَاعَهُ هُوَ مِنْهُ فَالْمَذْكُورُ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ وَجَعَلَ مَعْرِفَةَ الْمُشْتَرِي بِالتَّوْكِيلِ كَمَعْرِفَةِ الْبَائِعِ وَفِي الْمَأْذُونِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمَوْلَى إذَا قَالَ لِأَهْلِ السُّوقِ بَايِعُوا عَبْدِي فَبَايَعُوهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْعَبْدُ صَحَّ. وَفِي الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَيْسَتْ الْوَكَالَةُ كَالْوِصَايَةِ فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ إذَا بَاعَ مِنْ التَّرِكَةِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْوِصَايَةِ وَالْمَوْتِ؛ يَصِحُّ لِأَنَّهَا خِلَافَةٌ كَالْوِرَاثَةِ وَتَصَرُّفُ الْوَارِثِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْوِرَاثَةِ وَالْمَوْتِ يَصِحُّ وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ وِصَايَةً عَدَمُ تَمَكُّنِهِ مِنْ إخْرَاجِ نَفْسِهِ مِنْ الْوِصَايَةِ لِعَدَمِ مِلْكِهِ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَبُولِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ فَإِنَّهُمَا أَمْرٌ وَنَهْيٌ فَتُعْتَبَرُ بِأَوَامِرِ الشَّارِعِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِلَا عِلْمٍ وَاللُّزُومُ بِلَا عِلْمٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ تَقْدِيرًا لِشُيُوعِ الْخِطَابِ فَانْدَفَعَ دَارُ الْحَرْبِ لِعَدَمِ الشُّيُوعِ فِيهِ لِعَدَمِ كَوْنِهِ دَارَ الْأَحْكَامِ (انْتَهَى) وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ عَدَمِ بَيَانِ الْخِلَافِ وَأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. (83) قَوْلُهُ: وَفِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَمَرَ الْمُودَعَ بِدَفْعِهَا إلَى فُلَانٍ فَدَفَعَهَا لَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِكَوْنِهِ وَكِيلًا إلَخْ. أَيْ عَنْ فُلَانٍ فَالدَّفْعُ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْمُسْتَوْدِعَ يَلِي الدَّفْعَ بِالْإِذْنِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (84) قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمَالِكَ مُخَيَّرٌ فِي تَضْمِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ إذَا هَلَكَتْ. يَعْنِي لِعَدَمِ الْإِذْنِ بِالدَّفْعِ.

[كتاب الإقرار]

كِتَابُ الْإِقْرَارِ 1 - الْمُقَرُّ لَهُ إذَا كَذَّبَ الْمُقِرَّ بَطَلَ إقْرَارُهُ، إلَّا فِي الْإِقْرَارِ بِالْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَوَلَاءِ الْعَتَاقَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ النَّقْضَ، وَيُزَادُ الْوَقْفُ فَإِنَّ الْمُقَرَّ لَهُ إذَا رَدَّهُ ثُمَّ صَدَّقَهُ صَحَّ، 2 - كَمَا فِي الْإِسْعَافِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْإِقْرَارِ] قَوْلُهُ: الْمُقَرُّ لَهُ إذَا كَذَّبَ الْمُقِرَّ بَطَلَ إقْرَارُهُ. أَقُولُ: فَلَوْ عَادَ الْمُقِرُّ إلَى الْإِقْرَارِ ثَانِيًا فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ صَحَّ وَيَكُونَانِ قَدْ تَوَافَقَا عَلَى الثَّانِي. قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ بَطَلَ الْإِقْرَارُ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ لَوْ عَادَ الْمُقِرُّ إلَى ذَلِكَ الْإِقْرَارِ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ كَانَ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِإِقْرَارِهِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ. وَفِي الذَّخِيرَةِ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنْ قَالَ لَكَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ أَجَلْ لِي عَلَيْكَ وَلَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ بِالْبَيْعِ وَجَحَدَ الْمُشْتَرِي وَوَافَقَهُ الْمُقِرُّ فِي الْجُحُودِ أَيْضًا ثُمَّ إنَّ الْمُقَرَّ لَهُ ادَّعَى الشِّرَاءَ لَا يَثْبُتُ الشِّرَاءُ وَإِنْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ عَلَى الشِّرَاءِ ثَبَتَ الشِّرَاءُ (انْتَهَى) . أَقُولُ وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ الْإِقْرَارَ الثَّانِيَ عَيَّنَ الْمُقَرَّ بِهِ أَوَّلًا فَالتَّكْذِيبُ فِي الْأَوَّلِ تَكْذِيبٌ فِي الثَّانِي وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَذَّبَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ لِغَرَضٍ مِنْ الْأَغْرَاضِ الْفَاسِدَةِ فَانْقَطَعَ عَنْهُ ذَلِكَ الْغَرَضُ فَرَجَعَ إلَى تَصْدِيقِهِ فَجَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ. (2) قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْإِسْعَافِ. عِبَارَتُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ لِرَجُلَيْنِ بِأَرْضٍ فِي يَدِهِ أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِمَا وَعَلَى أَوْلَادِهِمَا وَنَسْلِهِمَا أَبَدًا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ وَلَا أَوْلَادَ لَهُمَا وَلَا نَسْلَ لَهُمَا يَكُونُ نِصْفُهَا وَقْفًا عَلَى الْمُصَدِّقِ مِنْهُمَا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْمَسَاكِينِ. وَلَوْ رَجَعَ الْمُنْكِرُ إلَى التَّصْدِيقِ رَجَعَتْ الْغَلَّةُ إلَيْهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِأَرْضٍ فَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ ثُمَّ صَدَّقَهُ فَإِنَّهَا لَا تَصِيرُ لَهُ مَا لَمْ يُقِرَّ لَهُ ثَانِيًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَرْضَ الْمُقَرَّ بِوَقْفِيَّتِهَا لَا تَصِيرُ مِلْكًا لِأَحَدٍ بِتَكْذِيبِ الْمُقَرِّ لَهُ فَإِذَا رَجَعَ يَرْجِعُ إلَيْهِ وَالْأَرْضُ الْمُقَرُّ بِكَوْنِهَا مِلْكًا تَرْجِعُ إلَى مِلْكِ الْمُقِرِّ بِالتَّكْذِيبِ.

وَالطَّلَاقُ وَالنَّسَبُ وَالرِّقُّ 4 - كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ 5 - الْإِقْرَارُ لَا يُجَامِعُ الْبَيِّنَةَ لِأَنَّهَا لَا تُقَامُ إلَّا عَلَى مُنْكِرٍ إلَّا فِي أَرْبَعٍ: فِي الْوَكَالَةِ، وَالْوِصَايَةِ، وَفِي إثْبَاتِ دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ، وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْعَيْنِ مِنْ الْمُشْتَرِي، كَمَا فِي وَكَالَةِ الْخَانِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالطَّلَاقُ وَالنَّسَبُ وَالرِّقُّ. أَقُولُ فِيهِ: إنَّ النَّسَبَ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمُسْتَثْنَيَاتِ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهِ. قِيلَ وَيُزَادُ مَا إذَا قَالَ الْمَدْيُونُ: أَبْرِئْنِي فَأَبْرَأَهُ فَإِنَّهُ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَذَا إبْرَاءُ الْكَفِيلِ فَإِنَّهُ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ كَمَا فِي الْبَحْرِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: لَا وَجْهَ لِزِيَادَةِ ذَلِكَ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَفْرُوضٌ فِيمَا اسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ: الْمُقَرُّ لَهُ إذَا كَذَّبَ الْمُقِرَّ بَطَلَ إقْرَارُهُ لَا فِيمَا اسْتَثْنَى مِمَّا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ. (4) قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. عِبَارَتُهَا فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ: قَالَ لِآخَرَ أَنَا عَبْدُك فَرَدَّهُ الْمُقَرُّ لَهُ ثُمَّ عَادَ إلَى تَصْدِيقِهِ فَهُوَ عَبْدُهُ وَلَا يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ بِالرِّقِّ بِالرَّدِّ كَمَا لَا يَبْطُلُ بِجُحُودِ الْمَوْلَى بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ حَيْثُ يَبْطُلُ بِالرَّدِّ وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ لَا يَبْطُلَانِ بِالرَّدِّ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ يُتِمُّ بِالْمُسْقِطِ وَحْدَهُ. فِي يَدِهِ عَبْدٌ فَقَالَ لِرَجُلٍ هُوَ عَبْدُك فَرَدَّهُ الْمُقَرُّ لَهُ ثُمَّ قَالَ بَلْ هُوَ عَبْدِي وَقَالَ الْمُقِرُّ هُوَ عَبْدِي فَهُوَ لِذِي الْيَدِ الْمُقِرِّ وَلَوْ قَالَ ذُو الْيَدِ لِآخَرَ هُوَ عَبْدُكَ فَقَالَ لَا بَلْ هُوَ عَبْدُكَ ثُمَّ قَالَ الْآخَرُ بَلْ هُوَ عَبْدِي وَبَرْهَنَ لَا تُقْبَلُ لِلتَّنَاقُضِ. بَاعَ الْمُقِرَّ بِالرِّقِّ ثُمَّ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ لَا تُسْمَعُ وَلَوْ بَرْهَنَ تُقْبَلُ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَحْتَمِلُ الرَّدَّ وَالْحُرِّيَّةُ لَا تَحْتَمِلُ النَّقْضَ فَتُقْبَلُ بِلَا دَعْوَى وَإِنْ كَانَ الدَّعْوَى شَرْطًا فِي حُرِّيَّةِ الْعَبْدِ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِأَنَّ التَّنَاقُضَ هُنَا عَفْوٌ لِخَفَاءِ الْعُلُوقِ وَتَفَرُّدُ الْمَوْلَى بِالْإِعْتَاقِ يَقْتَضِي أَنْ تُقْبَلَ الدَّعْوَى أَيْضًا كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى: رَجُلٌ وَامْرَأَتُهُ مَجْهُولَانِ أَقَرَّا بِالرِّقِّ وَلَهُمَا أَوْلَادٌ لَا يُعَبِّرُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ نَفَذَ إقْرَارُهُمَا عَلَى أَوْلَادِهِمَا أَيْضًا وَإِنْ عَبَّرُوا وَادَّعَوْا الْحُرِّيَّةَ جَازَ وَلَوْ لَهُ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ وَمُدَبَّرُونَ فَإِقْرَارُهُ بِالرِّقِّ لَا يَعْمَلُ فِي حَقِّهِمَا (5) قَوْلُهُ: الْإِقْرَارُ لَا يُجَامِعُ الْبَيِّنَةَ إلَّا فِي أَرْبَعٍ. أَقُولُ كَأَنَّهُ نَسِيَ مَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَثْنَيَاتِ سَبْعُ مَسَائِلَ مِنْهَا الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورَةُ، فَمَا ذَكَرَهُ هُنَا فِيهِ قُصُورٌ وَتَكْرَارٌ وَلَوْ أَخَّرَ مَا قَدَّمَهُ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ زِدْتُ عَلَى مَا ذَكَرَ مَا فِي الْقُنْيَةِ فِي

[الإقرار للمجهول]

الْإِقْرَارُ لِلْمَجْهُولِ بَاطِلٌ 7 - إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ فَبَرْهَنَ الْبَائِعُ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ قُبِلَ وَسَقَطَ حَقُّ الرَّدِّ، كَذَا فِي بُيُوعِ الذَّخِيرَةِ 8 - الِاسْتِئْجَارُ إقْرَارٌ بِعَدَمِ الْمِلْكِ لَهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQبَابِ التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ لَوْ خُوصِمَ الْأَبُ بِحَقٍّ عَلَى الصَّبِيِّ فَأَقَرَّ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْخُصُومَةِ وَلَكِنْ تُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ مَعَ إقْرَارِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَأَمِينِ الْقَاضِي [الْإِقْرَار لِلْمَجْهُولِ] (6) قَوْلُهُ: الْإِقْرَارُ لِلْمَجْهُولِ بَاطِلٌ. أَقُولُ: هَذَا إذَا كَانَتْ الْجَهَالَةُ فَاحِشَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَاحِشَةً كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ صَحَّ الْإِقْرَارُ فِي الْأَصَحِّ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَمَثَّلَ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا لِلْفَاحِشَةِ بِأَنْ قَالَ لِوَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ وَلِغَيْرِ الْفَاحِشِ بِأَنْ قَالَ لِأَحَدٍ كَمَا وَقَعَ تَرَدُّدٌ بِدَرْسِ شَيْخِ مَشَايِخِنَا بَيْنَ أَهْلِ الدَّرْسِ لَوْ قَالَ لِأَحَدِكُمْ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَكْثَرُ مَحْصُورُونَ هَلْ هُوَ مِنْ الثَّانِي أَوْ الْأَوَّلِ فَمَالَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ غَيْرِ الْفَاحِشَةِ وَانْتَصَرَ لَهُ بِمَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ مَنْ بَايَعَكَ بِشَيْءٍ فَأَنَا كَفِيلٌ بِثَمَنِهِ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ قَالَ مَنْ بَايَعَكَ مِنْ هَؤُلَاءِ وَأَشَارَ إلَى قَوْمٍ. مُعَيَّنِينَ مَعْدُودِينَ فَأَنَا قَبِيلٌ بِثَمَنِهِ جَازَ ثُمَّ لَمْ يَظْهَرْ خِلَافُهُ وَمَنْ ادَّعَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِ بَيَانُهُ. - (7) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ لِأَنَّ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ فِيهَا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ مَنْعُهُ مِنْ الرَّدِّ لِوُجُودِ الْبَيْعِ مِنْهُ بِاعْتِرَافِهِ وَذَاكَ كَافٍ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ (انْتَهَى) . وَرُدَّ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ لَمَّا بَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِهِ بِبَيْعِهِ لِوَاحِدٍ مَجْهُولٍ فَلَا رَدَّ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ هُنَا وَلَمْ يَعْتَبِرْهُ الشَّارِعُ إقْرَارًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا؛ لَمَا امْتَنَعَ رَدُّ الْمَبِيعِ فَعَلِمْنَا أَنَّ الشَّارِعَ صَحَّحَ إقْرَارَهُ هُنَا لِلْمَجْهُولِ حَتَّى مِنْهُ رَدُّ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ (8) قَوْلُهُ: الِاسْتِئْجَارُ إقْرَارٌ بِعَدَمِ الْمِلْكِ لَهُ. قِيلَ عَلَيْهِ: يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِلْكُهُ فِيهِ ظَاهِرًا فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الرَّاهِنَ إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّهْنَ أَوْ الْبَائِعَ وَفَاءً إذَا اسْتَأْجَرَ الْمَبِيعَ لَا يَصِحُّ، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ كَوْنِ الِاسْتِئْجَارِ إقْرَارًا بِعَدَمِ الْمِلْكِ (انْتَهَى) . وَقِيلَ عَلَيْهِ: الِاسْتِئْجَارُ إقْرَارٌ بِعَدَمِ الْمِلْكِ لَهُ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي كَوْنِهِ إقْرَارًا لِذِي الْيَدِ بِالْمِلْكِ فَقَدْ اشْتَبَهَ عَلَى الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلُ بِالثَّانِي فَأَجْرَى الْخِلَافَ. فِي الْأَوَّلِ

إلَّا إذَا اسْتَأْجَرَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِحُرِّيَّتِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ 10 - إذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ ثُمَّ ادَّعَى الْخَطَأَ لَمْ تُقْبَلْ، ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا فِي الثَّانِي وَهُوَ سَهْوٌ عَظِيمٌ (انْتَهَى) . وَرُدَّ بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي لَهُ رَاجِعٌ لِلْمُؤَجَّرِ وَالْقَرِينَةُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ (انْتَهَى) . وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا وَقَدْ صَحَّحَ الْعِمَادِيُّ كِلَا الْقَوْلَيْنِ فِي فُصُولِهِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ (9) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا اسْتَأْجَرَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ إلَخْ. اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ وَقَدْ اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مَا فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْأُسْرُوشَنِيِّ اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ فَكَبِرَ الِابْنُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَا صَنَعَ الْأَبُ ثُمَّ بَاعَ الْأَبُ تِلْكَ الدَّارَ مِنْ رَجُلٍ وَسُلِّمَتْ إلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الِابْنُ اسْتَأْجَرَ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَلِمَ بِمَا صَنَعَ الْأَبُ فَادَّعَى الدَّارَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَقَالَ إنَّ أَبِي كَانَ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْ نَفْسِهِ لِي فِي صِغَرِي وَإِنَّهَا مِلْكِي وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي إنَّكَ مُتَنَاقِضٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى لِأَنَّ اسْتِئْجَارَكَ الدَّارَ مِنِّي إقْرَارٌ مِنْك أَنَّ الدَّارَ لَيْسَتْ لَكَ هَلْ يَكُونُ دَفْعًا؟ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ دَفْعًا وَإِنْ ثَبَتَ التَّنَاقُضُ لِأَنَّهُ تَنَاقُضٌ فِيهِ خَفَاءٌ الْأَبُ يَسْتَبِدُّ بِالشِّرَاءِ لِلصَّغِيرِ وَعَسَى لَا يَعْلَمُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَلَا يَعْرِفُ الِابْنُ كَوْنَ الدَّارِ مِلْكًا لَهُ فَيَظُنُّ صِحَّةَ الْبَيْعِ فَيُقْدِمُ عَلَى الِاسْتِئْجَارِ، وَفِي الْحَقِيقَةِ أَنَّ الدَّارَ مِلْكُهُ. كَذَا ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ إشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ دَعْوَى الدَّارِ مِنْ الِابْنِ إنَّمَا تَصِحُّ أَنْ لَوْ وَقَعَ بَيْعُ الْأَبِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ أَمَّا لَوْ وَقَعَ بَيْعُ الْأَبِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِحَّ دَعْوَى الِابْنِ لِأَنَّ الْأَبَ يَمْلِكُ بَيْعَ عَقَارِ الصَّغِيرِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ إذَا كَانَ مَصْلَحَةً (انْتَهَى) . وَفِي الْعُيُونِ قَدِمَ بَلْدَةً وَاشْتَرَى أَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَاهَا قَائِلًا بِأَنَّهَا دَارُ أَبِيهِ مَاتَ وَتُرِكَتْ مِيرَاثًا لَهُ وَكَانَ لَمْ يَعْرِفْهُ وَقْتَ الِاسْتِيَامِ لَا تُقْبَلُ. قَالَ: وَالْقَبُولُ أَصَحُّ. نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا. (10) قَوْلُهُ: إذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ ثُمَّ ادَّعَى الْخَطَأَ إلَخْ. فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: ادَّعَى دَيْنًا فَأَقَرَّ ثُمَّ قَالَ أَوْفَيْتُهُ لَوْ كَانَ كِلَا الْقَوْلَيْنِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لَا تُقْبَلُ لِلتَّنَاقُضِ وَلَوْ تَفَرَّقَا عَنْ هَذَا ثُمَّ قَالَ أَوْفَيْتُهُ وَبَرْهَنَ عَلَى الْإِيفَاءِ بَعْدَ مَا أَقَرَّ قُبِلَ لِعَدَمِ التَّنَاقُضِ وَلَوْ ادَّعَى الْإِيفَاءَ قَبْلَ إقْرَارِهِ لَا تُقْبَلُ (انْتَهَى) . وَفِي الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ (وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ

كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَّا إذَا أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ، بِنَاءً عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْمُفْتِي ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْوُقُوعِ 12 - فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْقُنْيَةِ. 13 - إقْرَارُ الْمُكْرَهِ بَاطِلٌ إلَّا إذَا أَقَرَّ السَّارِقُ مُكْرَهًا، فَقَدْ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِصِحَّتِهِ كَمَا فِي سَرِقَةِ الظَّهِيرِيَّةِ 14 - الْإِقْرَارُ إخْبَارٌ لَا إنْشَاءٌ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَالًا) نَقْلًا عَنْ خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ لَوْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ ثُمَّ ادَّعَى الْإِيفَاءَ لَا يُقْبَلُ إلَّا إذَا تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي الْقَضَاءِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ. (11) قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَمْ نَرَ هَذَا فِي الْإِقْرَارِ مِنْ الْخَانِيَّةِ فَكُنْ عَلَى بَصِيرَةٍ. (12) قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ. أَيْ دِيَانَةً أَمَّا قَضَاءً فَيَقَعُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْقُنْيَةِ (13) قَوْلُهُ: إقْرَارُ الْمُكْرَهِ بَاطِلٌ إلَّا إذَا أَقَرَّ السَّارِقُ مُكْرَهًا. فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى نَقْلًا عَنْ سَرِقَةِ. الْمُحِيطِ إذَا أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ مُكْرَهًا فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ؛ وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ أَفْتَى بِصِحَّتِهِ انْتَهَى. قَالَ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ شَرْحِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ: وَلَا يُفْتَى بِعُقُوبَةِ السَّارِقِ فَإِنَّهُ جَوْرٌ وَلَا يُفْتَى بِالْجَوْرِ. وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى سُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ أَيَحِلُّ ضَرْبُ السَّارِقِ حَتَّى يُقِرَّ قَالَ: مَا لَمْ يَقْطَعْ اللَّحْمَ وَلَا يُظْهِرْ الْعَظْمَ (14) قَوْلُهُ: الْإِقْرَارُ إخْبَارٌ لَا إنْشَاءٌ. اخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِي الْإِقْرَارِ هَلْ هُوَ إخْبَارٌ أَوْ إنْشَاءٌ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَالِاسْتِدْلَالُ لِكُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ مَبْسُوطٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَبْتَنِي عَلَى الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ سَمَاعُ دَعْوَى الْأَمْوَالِ وَالْأَعْيَانِ بِنَاءً عَلَى الْإِقْرَارِ وَعَدَمُهَا فَمَنْ قَالَ بِأَنَّهُ إخْبَارٌ قَالَ لَا تُسْمَعُ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْغِرْسِ وَمَنْ قَالَ بِأَنَّهُ إنْشَاءٌ قَالَ تُسْمَعُ. وَأَمَّا دَعْوَى الْمَذْكُورِ بِنَاءً عَلَى الْإِقْرَارِ فِي جَانِبِ الدَّفْعِ فَمَسْمُوعَةٌ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا حَرَّرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ إخْبَارًا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ وَأَسْنَدَهُ إلَى حَالِ الصِّحَّةِ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْ كُلِّ. الْمَالِ وَسَيَأْتِي فِي الْوَرَقَةِ الْآتِيَةِ خِلَافُهُ.

فَلَا يَطِيبُ لَهُ لَوْ كَانَ كَاذِبًا 16 - إلَّا فِي مَسَائِلَ، فَإِنْشَاءٌ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ 17 - وَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الزَّوَائِدِ الْمُسْتَهْلَكَةِ، وَلَوْ أَقَرَّ ثُمَّ أَنْكَرَ يُحَلَّفُ عَلَى أَنَّهُ مَا أَقَرَّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إنْشَاءُ مِلْكٍ، لَكِنَّ الصَّحِيحَ تَحْلِيفُهُ عَلَى أَصْلِ الْمَالِ. 18 - مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِخْبَارَ؛ كَالْوَصِيِّ وَالْمَوْلَى وَالْمُرَاجِعِ وَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ، وَمَنْ لَهُ الْخِيَارُ. وَتَفَارِيعُهُ فِي أَيْمَانِ الْجَامِعِ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَا يَطِيبُ لَهُ لَوْ كَانَ كَاذِبًا. قَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ فِي الْكَافِي وَإِنْ كَانَ فِي الْقُنْيَةِ جَعَلَ ذَلِكَ قَوْلَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَعِبَارَتُهُ: الْإِقْرَارُ كَاذِبًا لَا يَكُونُ نَاقِلًا لِلْمِلْكِ عِنْدَ بَعْضِ مَشَايِخِنَا وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ يَكُونُ نَاقِلًا. (16) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسَائِلَ إلَخْ. فَإِنْشَاءٌ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ قِيلَ عَلَيْهِ إنَّمَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ. فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْمَسَائِلِ لِوُجُودِ مَعْنَى الْإِنْشَاءِ فِيهِ لَا أَنَّهُ إنْشَاءٌ مَحْضٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ إنْشَاءٌ فِي مَسَائِلَ أَنَّ الْمُقِرَّ لَوْ قَالَ أَرَدْتُ بِإِقْرَارِي التَّمْلِيكَ أَنْ يَصِحَّ ذَلِكَ وَيَكُونَ تَمْلِيكًا لِأَنَّهُ أَرَادَ مَعْنَى الْإِقْرَارِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا يَصِحُّ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ الْمُقَرُّ لَهُ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطَاتِ. (17) قَوْلُهُ: وَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الزَّوَائِدِ الْمُسْتَهْلَكَةِ. يُفِيدُ بِظَاهِرِهِ أَنَّهُ يَظْهَرُ فِي حَقِّ الزَّوَائِدِ الْغَيْرِ الْمُسْتَهْلَكَةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ حَيْثُ قَالَ رَجُلٌ فِي يَدِهِ جَارِيَةٌ وَوَلَدُهَا أَقَرَّ أَنَّ الْجَارِيَةَ لِفُلَانٍ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْوَلَدُ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى جَارِيَةٍ أَنَّهَا لَهُ يَسْتَحِقُّ أَوْلَادَهَا وَكَذَا لَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ ابْنُ أَمَتِكَ أَوْ هَذَا الْجَدْيُ مِنْ شَاتِكَ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْعَبْدِ وَكَذَلِكَ بِالْجَدْيِ فَلْيُحَرِّرْ. (18) قَوْلُهُ: مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِخْبَارَ كَالْوَصِيِّ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَوْ أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ مِنْ مَدْيُونِ الْمَيِّتِ صَحَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ أَنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي لَا يَمْلِكُ الْقَبْضَ إلَّا بِإِذْنٍ مُبْتَدَإٍ مِنْ الْقَاضِي. وَقَدْ صَرَّحُوا أَيْضًا بِأَنَّ وَلِيَّ الصَّغِيرَةِ لَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ بِالنِّكَاحِ عَلَيْهَا وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ وَمَوْلَى الْعَبْدِ بِهِ مَعَ أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ إنْشَاءَهُ عَلَيْهِمْ (انْتَهَى) . أَقُولُ يُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَا هُنَا فِي وَصِيِّ الْمَيِّتِ وَمَا سَيَأْتِي فِي وَصِيِّ الْقَاضِي

قُلْتُ فِي الشَّرْحِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ اسْتِدَانَةِ الْوَصِيِّ عَلَى الْيَتِيمِ، فَإِنَّهُ يَمْلِكُ إنْشَاءَهَا دُونَ الْإِخْبَارِ بِهَا. 20 - الْمُقَرُّ لَهُ إذَا رَدَّ الْإِقْرَارَ ثُمَّ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ فَلَا شَيْءَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قُلْتُ فِي الشَّرْحِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ اسْتِدَانَةِ الْوَصِيِّ إلَخْ. عِبَارَتُهُ فِي الشَّرْحِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ: الْوَلِيُّ لَوْ أَقَرَّ بِالنِّكَاحِ عَلَى الصَّغِيرَةِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِشُهُودٍ أَوْ تَصْدِيقِهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَا يُصَدَّقُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ وَالْوَكِيلُ عَلَى مُوَكِّلِهِ ثُمَّ الْوَلِيُّ عَلَى مَنْ يُقِيمُ بَيِّنَةَ الْإِقْرَارِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ قَالُوا الْقَاضِي يَنْصِبُ خَصْمًا عَنْ الصَّغِيرِ حَتَّى يُنْكِرَ فَتُقَامَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُنْكِرِ كَمَا إذَا أَقَرَّ الْأَبُ بِاسْتِيفَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ مِنْ عَبْدِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَالْقَاضِي يَنْصِبُ خَصْمًا عَنْ الصَّغِيرِ فَتُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ؛ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مُخْرَجَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِقْرَارَ بِهِ كَالْوَصِيِّ وَالْمُرَاجِعِ وَالْمَوْلَى وَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ؛ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ، مَعَ أَنَّ صَاحِبَ الْمَبْسُوطِ قَالَ: وَأَصْلُ كَلَامِهِمْ يُشْكِلُ بِإِقْرَارِ الْوَصِيِّ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْيَتِيمِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ صَحِيحًا وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ إنْشَاءَ الِاسْتِدَانَةِ (انْتَهَى) . وَقِيلَ عَلَيْهِ: لِقَائِلٍ أَنْ يَمْنَعَ مِلْكَ الْوَصِيِّ الِاسْتِدَانَةَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْقَاضِي كَالْمُتَوَلِّي فَلَا يُسْتَثْنَى. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَتُسْتَثْنَى مَسَائِلُ أُخَرُ: الْأُولَى لَوْ أَقَرَّ أَبُو الصَّغِيرَةِ بِتَزْوِيجِهَا، الثَّانِيَةُ لَوْ أَقَرَّ أَبُو الصَّغِيرِ بِتَزْوِيجِهِ لَا يَصِحُّ فِيهِمَا وَهُوَ يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ، الثَّالِثَةُ لَوْ أَقَرَّ وَكِيلُ الْمَرْأَةِ بِالتَّزْوِيجِ. بِهِ لَا يَصِحُّ وَهُوَ يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ، الرَّابِعَةُ وَكِيلُ الرَّجُلِ بِهِ كَذَلِكَ، الْخَامِسَةُ لَوْ أَقَرَّ مَوْلَى الْعَبْدِ بِتَزْوِيجِهِ لَا يَصِحُّ وَهُوَ يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ، كَذَا فِي مَنْظُومَةِ الْعَلَّامَةَ النَّسَفِيِّ وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي شُرُوحِهَا، السَّادِسَةُ وَكَّلَهُ بِعِتْقِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَقَالَ الْوَكِيلُ أَعْتَقْتُهُ أَمْسِ وَقَدْ وَكَّلَهُ قَبْلَ الْأَمْسِ لَا يُصَدَّقُ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَوْ كَانَ فِي بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ عَقْدٍ مِنْ الْعُقُودِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْفَرْقُ مُشْكِلٌ (انْتَهَى) . كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْفَرْقُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَنَصُّ عِبَارَتِهَا: قَالَ مُحَمَّدٌ: الْوَكِيلُ إذَا قَالَ أَعْتَقْتُهُ أَمْسِ وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعِتْقُ وَفِي الْبَيْعِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ إذَا أَجَازَ بَيْعَ غَيْرِهِ يَجُوزُ وَالْوَكِيلَ بِالْعِتْقِ إذَا أَجَازَ إعْتَاقَ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ (20) قَوْلُهُ: الْمُقَرُّ لَهُ إذَا رَدَّ الْإِقْرَارَ ثُمَّ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ إلَخْ. وَأَمَّا عَكْسُهُ وَهُوَ مَا إذَا صَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ ثُمَّ رَدَّ الْإِقْرَارَ لَا يَصِحُّ الرَّدُّ كَمَا ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ بَعْدَ

إلَّا فِي الْوَقْفِ كَمَا فِي الْإِسْعَاف مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ بِالْوَقْفِ. 22 - الِاخْتِلَافُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ يَمْنَعُ الصِّحَّةَ. 23 - وَفِي سَبَبِهِ، لَا أُقِرُّ لَهُ بِعَيْنٍ وَدِيعَةً أَوْ مُضَارَبَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQوَرَقَتَيْنِ وَشَيْءٍ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا إذَا كَانَ الْحَقُّ فِيهِ لِوَاحِدٍ مِثْلُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُمَا مِثْلُ الشِّرَاءِ وَالنِّكَاحِ فَلَا، وَهُوَ إطْلَاقٌ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ (انْتَهَى) . بَقِيَ أَنْ يُقَالَ يَجِبُ تَقْيِيدُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُقِرُّ مُصِرًّا عَلَى إقْرَارِهِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَعُودَ إلَى تَصْدِيقِهِ وَهُوَ مُصِرٌّ وَبِهِ سَقَطَ مَا قِيلَ أَنَّ مَا سَيَأْتِي مُنَافٍ لِمَا تَقَدَّمَ. (21) قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْوَقْفِ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ أَقُولُ: الْأَوْلَى حَذْفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ جَمِيعِهَا لِمَا مَرَّ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْوَقْفِ وَالطَّلَاقِ وَالنَّسَبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَبَقِيَ الْإِقْرَارُ بِالنِّكَاحِ هَلْ يَرْتَدُّ أَوْ لَا لَمْ أَرَهُ (22) قَوْلُهُ: الِاخْتِلَافُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ يَمْنَعُ الصِّحَّةَ: أَيْ اخْتِلَافٌ فِي نَفْسِ الْمُقَرِّ بِهِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ وَالْمُقَرُّ لَهُ يَدَّعِي الْعَيْنَ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ، لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ لَمَّا ادَّعَى غَيْرَ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُقِرُّ رَدًّا لِإِقْرَارِهِ وَهُوَ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ لِمَا عُرِفَ. وَمَا ادَّعَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ لَا يَثْبُتُ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يُنْكِرُهُ وَمَتَى وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي السَّبَبِ يَثْبُتُ الْمُقَرُّ بِهِ وَيَبْطُلُ السَّبَبُ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي فِيهِ الِاخْتِلَافُ فَإِذَا بَطَلَ وَصَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ إقْرَارًا بِمَالٍ مُطْلَقٍ غَيْرِ مُقَيَّدٍ بِالسَّبَبِ وَهُوَ مَقْبُولٌ لِأَنَّ صِحَّتَهُ غَيْرُ مُفْتَقِرَةٍ إلَى ذِكْرِ السَّبَبِ، وَمَتَى وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي بَعْضِ الْمُقَرِّ بِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ يَبْطُلُ وَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ فِيمَا بَقِيَ بِخِلَافِ الْمَشْهُودِ لَهُ إذَا كَذَّبَ شَاهِدَهُ فِي بَعْضِ مَا شَهِدَ لَهُ بِهِ حَيْثُ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّ التَّكْذِيبَ تَفْسِيقٌ وَالْفِسْقُ مَانِعٌ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ دُونَ الْإِقْرَارِ. كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلْقَاضِي فَخْرِ الدِّينِ عُثْمَانَ الْمَارْدِينِيِّ وَبِهِ سَقَطَ مَا قِيلَ. قَوْلُهُ الِاخْتِلَافُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ يَمْنَعُ الصِّحَّةَ لَا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ إذْ لَوْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ الْإِقْرَارَ لَهُ بِمِائَةٍ مَثَلًا وَالْمُقِرُّ رَفَضَ الْإِقْرَارَ بِسَبْعِينَ كَانَ الظَّاهِرُ لُزُومَ السَّبْعِينَ الَّتِي اعْتَرَفَ بِهَا كَمَا لَا يَخْفَى اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ تَصْدِيقُ الْمُقَرِّ لَهُ الْمُقِرَّ شَرْطُ الصِّحَّةِ وَمَاهِيَّةُ السَّبْعِينَ غَيْرُ مَاهِيَّةِ الْمِائَةِ فَلَمْ يُوجَدْ التَّصْدِيقُ عَلَى السَّبْعِينَ وَهَذَا لَا يُلَائِمُ قَوْلَ الْإِمَامِ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ. (23) قَوْلُهُ: وَفِي سَبَبِهِ لَا. يَعْنِي لِأَنَّ الْأَسْبَابَ مَطْلُوبَةٌ لِأَحْكَامِهَا لَا لِأَعْيَانِهَا فَلَا

أَوْ أَمَانَةً، فَقَالَ لَيْسَ لِي وَدِيعَةٌ لَكِنْ لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ 25 - فَلَا شَيْءَ لَهُ 26 - إلَّا أَنْ يَعُودَ إلَى تَصْدِيقِهِ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَيْهِ، 27 - وَلَوْ قَالَ أَقْرَضْتُكَ فَلَهُ أَخْذُهَا لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى مِلْكِهِ 28 - إلَّا إذَا صَدَّقَهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ـــــــــــــــــــــــــــــQيُعْتَبَرُ التَّكَاذُبُ فِي السَّبَبِ بَعْدَ. اتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُجُوبِ أَصْلِ الْمَالِ بِخِلَافِ التَّكَاذُبِ فِي الْمُقِرِّ (24) قَوْلُهُ: أَوْ أَمَانَةً مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَفِيهِ أَنَّ عَطْفَ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الْوَاوِ وَحَتَّى كَمَا فِي مُغْنِي اللَّبِيبِ (25) قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ لَهُ. لِأَنَّ الدَّيْنَ مَعَ الْعَيْنِ مُخْتَلِفَانِ لِأَنَّ الْعَيْنَ مَالٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ حَقِيقَةً لِلْحَالِ وَالدَّيْنُ مَالٌ. بِاعْتِبَارِ الْعَرَضِيَّةِ فِي الْمَالِ وَالِاخْتِلَافُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ يُبْطِلُ الْإِقْرَارَ. (26) قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَعُودَ إلَى تَصْدِيقِهِ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَيْهِ. بِأَنْ قَالَ الْآمِرُ كَمَا قُلْتُهُ وَالْأَلْفُ وَدِيعَةٌ لِي عِنْدَكَ صَحَّ وَلَهُ أَخْذُ الْأَلْفِ لِأَنَّ الْإِصْرَارَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمَنْزِلَةِ إنْشَائِهِ فَيُصَادِفُ التَّصْدِيقُ إقْرَارًا مُبْتَدَؤُهُ لَمْ يُبْطِلْهُ الرَّدُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُصِرًّا عَلَى إقْرَارِهِ لَا يُفِيدُ عَوْدُ الْمُقَرِّ لَهُ إلَى تَصْدِيقِهِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ الَّذِي صَدَّقَهُ فِيهِ قَدْ ارْتَدَّ بِالرَّدِّ وَلَمْ يُجَدِّدْ إقْرَارًا آخَرَ يُصَادِفُهُ التَّصْدِيقُ فَبَطَلَ (27) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ أَقْرَضْتُكَ إلَخْ. عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَقَالَ لَيْسَ لِي وَدِيعَةٌ، أَيْ: لَوْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لَيْسَتْ هِيَ بِوَدِيعَةٍ وَلَكِنْ أَقْرَضْتُكَ عَيْنَ هَذِهِ الْأَلْفِ وَجَحَدَ الْمُقِرُّ الْقَرْضَ فَلَهُ أَخْذُهَا بِعَيْنِهَا لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْأَلْفَ الْمُعَيَّنَةَ مِلْكُ الْمُقَرِّ لَهُ. أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ أَقَرَّ أَنَّهَا مِلْكُهُ مَا لِلْمُقِرِّ بِالْإِقْرَاضِ وَهُوَ يُنْكِرُهُ فَلَا يَثْبُتُ الْقَرْضُ فَكَانَ لَهُ أَخْذُهَا لِأَنَّ هَذَا اخْتِلَافٌ فِي السَّبَبِ لَا فِي نَفْسِ الْمُقَرِّ بِهِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ عَلَى مَا مَرَّ فَإِنْ هَلَكَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (28) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا صَدَّقَهُ. أَيْ الْمُقِرُّ بِالْقَرْضِ فَحِينَئِذٍ لَا يَأْخُذُهَا بِعَيْنِهَا لِأَنَّهُمَا

وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا غَصْبٌ فَلَهُ مِثْلُهَا لِلرَّدِّ فِي حَقِّ الْعَيْنِ، كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. الْمُقِرُّ إذَا صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا بَطَلَ إقْرَارُهُ، فَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ بِأَلْفٍ وَالْبَائِعُ بِأَلْفَيْنِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُهَا بِأَلْفَيْنِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ كَذَّبَ الْمُشْتَرِيَ فِي إقْرَارِهِ، وَكَذَا إذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِالْبَيِّنَةِ بِالْقَضَاءِ؛ لَهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ كَذَا فِي قَضَاءِ الْخُلَاصَةِ. وَمِنْهُ مَا فِي الْجَامِعِ ادَّعَى عَلَيْهِ كَفَالَةً فَأَنْكَرَ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي وَقُضِيَ عَلَى الْكَفِيلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQتَصَادَقَا عَلَى كَوْنِهَا مَضْمُونَةً عَلَى التَّقَابُضِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، فَإِنَّ لَهُ أَخْذَهَا بِعَيْنِهَا وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَهُوَ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ يَمْلِكُ الْقَرْضَ بِنَفْسِ الْقَرْضِ عِنْدَهُمَا، حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْمُقْرِضِ مِثْلَهُ مَعَ قِيَامِهِ فِي يَدِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَعِنْدَهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالِاسْتِهْلَاكِ وَهُوَ قَبْلَهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمُقْرِضِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ غَيْرَهُ عِنْدَ قِيَامِهِ. وَبَيَانُ الْبِنَاءِ هُوَ أَنَّهُ لَمَّا صَدَّقَهُ فِي الْإِقْرَاضِ لَمْ يَصِرْ مُقِرًّا لَهُ بِمِلْكِ الْعَيْنِ عِنْدَهُمَا بَلْ فِي ذِمَّتِهِ بِأَلْفٍ فَلَمْ يَكُنْ لِلْمُقِرِّ أَخْذُهَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - صَارَ بِالتَّصْدِيقِ مُقِرًّا لَهُ بِالْعَيْنِ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ قَبْلَ الِاسْتِهْلَاكِ فَكَانَ لَهُ أَخْذُهَا بِعَيْنِهَا (29) قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا غَصْبٌ إلَخْ. بِأَنْ قَالَ الْمُقِرُّ: هَذِهِ الْأَلْفُ بِعَيْنِهَا غَصَبْتهَا مِنْك، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَمْ تَغْصِبْ مِنِّي شَيْئًا لَكِنْ لِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَجَحَدَ الْمُقِرُّ الدَّيْنَ وَالْغَصْبَ جَمِيعًا فَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَخْذُهَا بِعَيْنِهَا وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُقِرِّ مِثْلَهَا لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى ثُبُوتِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي ذَكَاتِهِ أَمَّا مِنْ جِهَةِ الْمُقَرِّ لَهُ فَلَا إشْكَالَ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْمُقِرِّ فَلِأَنَّهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ مُشَارٍ إلَيْهَا لَكِنَّهُ عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا لِتَكْذِيبِ الْمُقَرِّ لَهُ إيَّاهُ فِي الْغَصْبِ وَالْغَاصِبُ مَتَى عَجَزَ عَنْ رَدِّ الْعَيْنِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ فِي ذِمَّتِهِ فَتَقَرَّرَ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى الْأَلْفِ فِي الذِّمَّةِ لَكِنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي السَّبَبِ فَيَقْضِي بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَيُبْطِلُ مَا اخْتَلَفَا فِيهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ لِلرَّدِّ فِي حَقِّ الْعَيْنِ أَيْ لِوُجُوبِ رَدِّ الْعَيْنِ بِالْإِقْرَارِ بِالْغَصْبِ وَالْعَجْزِ بِالتَّكْذِيبِ وَفِي الْعِبَارَةِ مِنْ الْإِجْحَافِ مَا لَا يَخْفَى.

كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَدْيُونِ إذَا كَانَ بِأَمْرِهِ. وَخَرَجَتْ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسْأَلَتَانِ فِي قَضَاءِ الْخُلَاصَةِ يَجْمَعُهُمَا أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَضَى بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ لَا يَكُونُ تَكْذِيبًا لَهُ. الْأُولَى: لَوْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ أَعْتَقَ الْعَبْدَ قَبْلَ الْبَيْعِ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَقَضَى بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ بِالْعِتْقِ حَتَّى يَعْتِقَ عَلَيْهِ. 31 - الثَّانِيَةُ: إذَا ادَّعَى الْمَدْيُونُ الْإِيفَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ فَجَحَدَ وَحَلَفَ وَقَضَى لَهُ بِالدَّيْنِ لَمْ يَصِرْ الْغَرِيمُ مُكَذَّبًا حَتَّى لَوْ وُجِدَتْ بَيِّنَةٌ تُقْبَلُ. وَزِدْتُ مَسَائِلَ: الْأُولَى: أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ صَرِيحًا ثُمَّ اسْتَحَقَّ بِبَيِّنَةٍ وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ، لَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ، فَلَوْ عَادَ إلَيْهِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ. الثَّانِيَةُ: وَلَدَتْ 32 - وَزَوْجُهَا غَائِبٌ وَفُطِمَ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَفَرَضَ الْقَاضِي لَهُ النَّفَقَةَ وَلَهَا بَيِّنَةٌ ثُمَّ حَضَرَ الْأَبُ وَنَفَاهُ لَاعَنَ وَقُطِعَ النَّسَبُ. وَلَهَا أُخْتَانِ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ مِنْ الشَّهَادَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَدْيُونِ. قِيلَ عَلَيْهِ: قَدْ يُقَالُ الظَّاهِرُ عَدَمُ الرُّجُوعِ لِأَنَّ تَكْذِيبَهُ شَرْعًا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي لَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ وَلَمْ يُؤَاخَذْ بِإِقْرَارِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْفَرْعَيْنِ السَّابِقَيْنِ. (31) قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ إذَا ادَّعَى الْمَدْيُونُ الْإِيفَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ. قِيلَ عَلَيْهِ: فِي كَوْنِهَا مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْقَاعِدَةِ نَظَرٌ، إذْ ظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّ الْمَدْيُونَ هُوَ الْمُقِرُّ وَالصَّادِرُ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ دَعْوَى الْإِيفَاءِ وَالْإِبْرَاءِ وَلَيْسَ ذَلِكَ إقْرَارًا كَمَا تَرَى لِيَصِيرَ مُكَذَّبًا فِيهِ بِخِلَافِ رَبِّ الدَّيْنِ فَفِي عَدِّهَا مِنْ الْجُزْئِيَّاتِ تَسَامُحٌ. (32) قَوْلُهُ: وَزَوْجُهَا غَائِبٌ فَإِنْ. قِيلَ جَعْلُهَا مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ يَقْتَضِي تَكْذِيبَ الْمُقَرِّ لَهُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ وَمُؤَاخَذَتَهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَمَا وَجْهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَنْ الْمُقِرُّ فِيهَا؟ أُجِيبُ بِأَنَّ الزَّوْجَةَ مُقِرَّةٌ بِالْوِلَادَةِ مِنْ زَوْجِهَا الْغَائِبِ فَلَمَّا قَدِمَ وَلَاعَنَ صَارَتْ بِاللِّعَانِ مُكَذَّبَةً فِي

وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ، أَوْ بِوَقْفِيَّةِ دَارٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَمَسْأَلَةُ الْوَقْفِ مَذْكُورَةٌ فِي الْإِسْعَافِ قَالَ: لَوْ أَقَرَّ بِأَرْضٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ أَنَّهَا وَقْفٌ ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَوْ وَرِثَهَا صَارَتْ وَقْفًا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِزَعْمِهِ (انْتَهَى) . وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْوَكَالَةِ طَرَفًا مِنْ مَسَائِلِ الْمُقِرِّ إذَا صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا 34 - وَذَكَرَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ مَسْأَلَةً فِي الْوَصِيَّةِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَهِيَ: رَجُلٌ مَاتَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ وَلَهُ ابْنٌ فَقَطْ، فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ يُقَالُ لَهُ سَالِمٌ، فَأَنْكَرَ الِابْنُ وَأَقَرَّ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ يُقَالُ لَهُ بُزَيْغٌ، فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي قَضَى بِسَالِمٍ، وَلَا يَبْطُلُ إقْرَارُ الْوَارِثِ بِبُزَيْغٍ، فَلَوْ اشْتَرَاهُ الْوَارِثُ بِبُزَيْغٍ صَحَّ، وَغَرِمَ قِيمَتَهُ لِلْمُوصَى لَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهَا مَسْأَلَةً تُخَالِفُهَا فَلْتُرَاجَعْ قَبْلَ قَوْلِهِ وُلِدَ. 35 - الْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُقِرِّ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ، فَلَوْ أَقَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوِلَادَةِ مِنْهُ لِقَطْعِ النَّسَبِ عَنْهُ مَعَ أَنَّهَا مُؤَاخَذَةٌ بِإِقْرَارِهَا بِالْوِلَادَةِ فِي حَقِّ نَفْسِهَا حَتَّى يَلْتَحِقَ الْوَلَدُ بِهَا بِحَيْثُ لَوْ ادَّعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْوَلَدَ لَقِيطٌ لَا يُقْبَلُ مِنْهَا لِاعْتِرَافِهَا أَوَّلًا بِوِلَادَتِهِ هَذَا مَا ظَهَرَ فِي وَجْهِ كَوْنِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْ الْقَاعِدَةِ. (33) قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ الْمُشَارِ إلَيْهِ مَا تَضَمَّنَهُ الِاسْتِثْنَاءُ وَهُوَ كَوْنُهُ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَلَيْسَ الْمُشَارُ إلَيْهِ أَصْلَ الْقَاعِدَةِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ. (34) قَوْلُهُ: وَذَكَرَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ مَسْأَلَةً فِي الْوَصِيَّةِ إلَخْ. هِيَ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَلِهَذَا غَرِمَ قِيمَةَ بُزَيْغٍ لِلْمُوصَى لَهُ (35) قَوْلُهُ: الْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُقِرِّ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ، لِأَنَّ كَوْنَهُ حُجَّةً يَبْتَنِي عَلَى زَعْمِهِ وَزَعْمُهُ لَيْسَ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِ وَلِهَذَا لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ

الْمُؤَجِّرُ أَنَّ الدَّارَ لِغَيْرِهِ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ إلَّا فِي مَسَائِلَ: لَوْ أَقَرَّتْ الزَّوْجَةُ بِدَيْنٍ فَلِلدَّائِنِ حَبْسُهَا وَإِنْ تَضَرَّرَ الزَّوْجُ 36 - وَلَوْ أَقَرَّ الْمُؤَجِّرُ بِدَيْنٍ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ ثَمَنِ الْعَيْنِ فَلَهُ بَيْعُهَا لِقَضَائِهِ وَإِنْ تَضَرَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ، 37 - وَلَوْ أَقَرَّتْ مَجْهُولَةُ النَّسَبِ بِأَنَّهَا بِنْتُ أَبِي زَوْجِهَا وَصَدَّقَهَا الْأَبُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا، بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ، وَلَوْ طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ لَمْ يَمْلِكْ الرَّجْعَةَ، وَإِذَا ادَّعَى وَلَدَ أَمَتِهِ الْمَبِيعَةِ وَلَهُ أَخٌ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَتَعَدَّى إلَى حِرْمَانِ الْأَخِ مِنْ الْمِيرَاثِ لِكَوْنِهِ لِلِابْنِ، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ إذَا ادَّعَى نَسَبَ وَلَدِ حُرَّةٍ فِي حَيَاةِ أَخِيهِ صَحَّتْ، وَمِيرَاثُهُ لِوَلَدِهِ دُونَ أَخِيهِ كَمَا فِي الْجَامِعِ، بَاعَ الْمَبِيعَ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ عَلَى التَّلْجِئَةِ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فَلَهُ الرَّدُّ عَلَى بَائِعِهِ بِالْعَيْبِ كَمَا فِي الْجَامِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّهَا حُجَّةٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ لِأَنَّ كَوْنَهَا حُجَّةً تَثْبُتُ بِالْقَضَاءِ وَهُوَ عَامٌّ وَلِهَذَا يُقْضَى بِالْوَلَدِ - وَالثَّمَرَةِ لِمُقِيمِهَا - وَجَازَ الْإِقْرَارُ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ وَالْبَيِّنَةُ لَا تَجُوزُ. (36) قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ الْمُؤَجِّرُ بِدَيْنٍ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ لَمْ أَجِدْ فِيهَا نَقْلًا وَهُوَ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ إذَا أَرَادَ حَبْسَ الْمَدْيُونِ وَهُوَ فِي إجَارَةِ الْغَيْرِ هَلْ يُحْبَسُ وَإِنْ بَطَلَ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ فَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ يُحْبَسُ وَإِنْ بَطَلَ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ. (37) قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّتْ مَجْهُولَةُ النَّسَبِ إلَخْ. وَقَعَتْ حَادِثَةٌ بِالْقَاهِرَةِ وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا أَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّ فُلَانًا أَخِي شَقِيقِي وَلِهَذَا الْمُقِرِّ أُخْتٌ شَقِيقَةٌ وَالْمُقَرُّ لَهُ أَبُوهُ غَيْرُ أَبِي الْمُقِرِّ وَكُلٌّ مِنْهُمَا حُرُّ الْأَصْلِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَصَدَّقَتْ عَلَى إقْرَارِ أَخِيهَا حَتَّى لَا يُشَارِكَهَا بَيْنَ الْمَالِ وَهِيَ شَافِعِيَّةُ الْمَذْهَبِ وَثَبَتَ الْإِقْرَارُ بَيْنَ يَدَيْ قَاضٍ حَنَفِيٍّ وَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ قَاضٍ شَافِعِيٌّ فَنَازَعَ صَاحِبٌ بَيْنَ الْمَالِ الْمُقَرَّ لَهُ وَدَارَ سُؤَالُهُمْ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَابَ بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ وَهُمْ الْأَكْثَرُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَابَ بِبُطْلَانِهِ وَمِنْهُمْ عَلَّامَةُ الْوَرَى الشَّمْسُ الرَّمْلِيُّ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ مُحَالٌ شَرْعًا، إذْ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ لِوَاحِدٍ أَبَوَانِ. قَالَ

الْإِقْرَارُ بِشَيْءٍ مُحَالٍ بَاطِلٌ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَرْشِ يَدِهِ الَّتِي قَطَعَهَا 39 - خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيَدَاهُ صَحِيحَتَانِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ كِتَابِ الْحِيَلِ 40 - وَعَلَى هَذَا أَفْتَيْتُ بِبُطْلَانِ إقْرَارِ إنْسَانٍ بِقَدْرٍ مِنْ السِّهَامِ لِوَارِثٍ وَهُوَ أَزْيَدُ مِنْ الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِكَوْنِهِ مُحَالًا شَرْعًا، مَثَلًا: لَوْ مَاتَ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ. 41 - فَأَقَرَّ الِابْنُ أَنَّ التَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ بِالسَّوِيَّةِ فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ لِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْضُ الْفُضَلَاءِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَمُقْتَضَى مَذْهَبِنَا بُطْلَانُ الْإِقْرَارِ. أَقُولُ يَعْنِي فِي خُصُوصِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِلَّا فَلَا يَسْتَحِيلُ شَرْعًا أَنْ يَكُونَ لِلْوَاحِدِ أَبَوَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ إلَى خَمْسَةٍ كَمَا فِي الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ إذَا ادَّعَاهُ الشُّرَكَاءُ بَلْ قَدْ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَاحِدِ الْحُرِّ الْأَصْلِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَمَا فِي اللَّقِيطِ إذَا ادَّعَاهُ رَجُلَانِ حُرَّانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة (38) قَوْلُهُ: الْإِقْرَارُ بِشَيْءٍ مُحَالٍ بَاطِلٌ. هَلْ مِنْهُ مَا إذَا أَقَرَّتْ عَقِبَ الْعَقْدِ أَنَّ مَهْرَهَا لِزَيْدٍ مَثَلًا؟ وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْمُدَايَنَاتِ أَنَّهَا إذَا أَقَرَّتْ وَقَالَتْ الْمَهْرُ الَّذِي لِي عَلَى زَوْجِي لِفُلَانٍ أَوْ لِوَالِدِي فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ وَالْقُنْيَةِ (39) قَوْلُهُ: خَمْسِمِائَةِ بِالْجَرِّ. بَدَلٌ مِنْ أَرْشِ. (40) قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا أَفْتَيْتُ بِبُطْلَانِ إقْرَارِ إنْسَانٍ إلَخْ. يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ بِنَفَقَةِ مُدَّةٍ مَاضِيَةٍ هِيَ فِيهَا نَاشِزَةٌ أَوْ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ قَضَاءٍ أَوْ رِضَاءٍ وَهِيَ مُعْتَرِفَةٌ بِذَلِكَ فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ لِكَوْنِهِ مُحَالًا شَرْعًا وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَقَدْ أَفْتَيْتُ آخِذًا مِنْ ذَلِكَ بِأَنَّ إقْرَارَ أُمِّ الْوَلَدِ لِمَوْلَاهَا بِدَيْنٍ لَزِمَهَا بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ بَاطِلٌ شَرْعًا وَإِنْ كَتَبَ بِهِ وَثِيقَةً لِعَدَمِ تَصَوُّرِ دَيْنٍ لِلْمَوْلَى عَلَى أُمِّ وَلَدِهِ إذْ الْمِلْكُ لَهُ فِيهَا كَامِلٌ وَالْمَمْلُوكُ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِمَالِكِهِ (41) قَوْلُهُ: فَأَقَرَّ الِابْنُ أَنَّ التَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ إلَخْ. قِيلَ: يَنْبَغِي صِحَّةُ الْإِقْرَارِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مَا لَمْ يَزِدْ فِي إقْرَارِهِ بِالْإِرْثِ إذْ يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ التَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ

ذَكَرْنَا، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُحَالًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ كِتَابِ الْحِيَلِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّ لِهَذَا الصَّغِيرِ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ، قَرْضًا أَقْرَضَنِيهِ أَوْ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ بَاعَنِيهِ، صَحَّ الْإِقْرَارُ مَعَ أَنَّ الصَّبِيَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمَبِيعِ وَالْقَرْضِ وَلَا يُتَصَوَّرَانِ مِنْهُ، لَكِنْ إنَّمَا يَصِحُّ 42 - بِاعْتِبَارِ أَنَّ هَذَا الْمُقِرَّ مَحَلٌّ لِثُبُوتِ الدَّيْنِ لِلصَّغِيرِ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ (انْتَهَى) . 43 - وَانْظُرْ إلَى قَوْلِهِمْ إنَّ الْإِقْرَارَ لِلْحَمْلِ صَحِيحٌ إنْ بَيَّنَ سَبَبًا صَالِحًا 44 - كَالْمِيرَاثِ 45 - وَالْوَصِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْوَصِيَّةِ مَعَ الْإِجَازَةِ أَوْ غَيْرِهَا مَعَ وُجُودِ التَّمْلِيكِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (42) قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ أَنَّ هَذَا الْمُقِرَّ مَحَلٌّ إلَخْ. يَعْنِي بِأَنَّ الْبَيْعَ أَوْ الْقَرْضَ صَدَرَ مِنْ بَعْضِ أَوْلِيَائِهِ فَأَضَافَهُ إلَى الصَّغِيرِ مَجَازًا. (43) قَوْلُهُ: وَانْظُرْ إلَى قَوْلِهِمْ إنَّ الْإِقْرَارَ لِلْحَمْلِ صَحِيحٌ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْحَمْلِ حَيْثُ جَازَ الْإِقْرَارُ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ قَرْضٌ أَوْ ثَمَنُ مَبِيعٍ لِلثَّانِي أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الْبَيْعُ مِنْ الْجَنِينِ وَلَا يَلِي عَلَيْهِ أَحَدٌ، بِخِلَافِ الصَّغِيرِ لِثُبُوتِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ فَيُضَافُ إلَيْهِ عَقْدَ الْوَلِيِّ مَجَازًا. هَكَذَا فَهِمْتُ مِنْ كَلَامِهِمْ (انْتَهَى) . أَقُولُ: وَجْهُهُ فِي الْمُحِيطِ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ لِلصَّغِيرِ وَإِنْ بَيَّنَ سَبَبًا غَيْرَ صَالِحٍ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِوُجُوبِ الدَّيْنِ بِسَبَبٍ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ الصَّبِيِّ نَفْيُ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ بِخُلُوِّ كَذِبِهِ الْمُقَرِّ لَهُ فِي السَّبَبِ بِأَنْ قَالَ لَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ غَصْبًا فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ بَلْ دَيْنًا يَلْزَمُهُ الْمَالُ وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ السَّبَبَ كَذَا هَذَا (44) قَوْلُهُ: كَالْمِيرَاثِ بِأَنْ قَالَ وَرِثَ الْحَمْلُ مِنْ أَبِيهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاسْتَهْلَكْتُهَا. (45) قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةِ بِأَنْ قَالَ أَوْصَى لَهُ فُلَانٌ وَمَاتَ ثُمَّ إنْ وُلِدَ الْحَمْلُ حَيًّا فِي مُدَّةٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ يَكُونُ الْمَالُ لَهُ وَإِنْ وُلِدَ مَيِّتًا يَرُدُّ الْمَالَ عَلَى وَرَثَةِ

وَإِنْ بَيَّنَ مَا لَا يَصْلُحُ كَالْبَيْعِ وَالْقَرْضِ بَطَلَ، لِكَوْنِهِ مُحَالًا. يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ مَا لَا يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ، 47 - فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ تَأْجِيلَ حِصَّتِهِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَأَبَى الْآخَرُ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ حِينَ وَجَبَ. وَجَبَ مُؤَجَّلًا صَحَّ إقْرَارُهُ، وَلَا يَمْلِكُ الْمَقْذُوفُ الْعَفْوَ عَنْ الْقَاذِفِ، وَلَوْ قَالَ الْمَقْذُوفُ كُنْتُ مُبْطِلًا فِي دَعْوَايَ سَقَطَ الْحَدُّ، كَذَا فِي حِيَلِ التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ حِيَلِ الْمُدَايَنَاتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُوصِي أَوْ الْمُوَرِّثِ وَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ فَفِي الْوَصِيَّةِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوِيَّةِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ. (46) قَوْلُهُ: وَإِنْ بَيَّنَ مَا لَا يَصِحُّ كَالْبَيْعِ وَالْقَرْضِ بَطَلَ لِكَوْنِهِ مُحَالًا كَمَا إذَا قَالَ بَاعَنِي أَوْ أَقْرَضَنِي حَمْلُ فُلَانَةَ كَذَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ. فَإِنْ قُلْتُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ فِيمَا ذَكَرَ لِأَنَّ هَذَا الْبَيَانَ رُجُوعٌ عَنْ إقْرَارِهِ؛ قُلْتُ لَيْسَ هَذَا بِرُجُوعٍ بَلْ بَيَانِ سَبَبٍ مُحْتَمَلٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَوْلِيَائِهِ بَاعَهُ أَوْ أَقْرَضَهُ عَنْهُ فَظَنَّ أَنَّهُ صَحِيحٌ فَأَضَافَهُ إلَى الْحَمْلِ مَجَازًا. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلِكِ أَقُولُ لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ مَا لَوْ أَبْهَمَ وَذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمَعِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ أَبْهَمَ يَبْطُلُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إقْرَارُهُ لِأَنَّ لِجَوَازِهِ وَجْهَيْنِ: الْوَصِيَّةَ وَالْإِرْثَ وَلِفَسَادِهِ وُجُوهًا. وَأَجَازَهُ مُحَمَّدٌ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْجَوَازَ وَالْفَسَادَ فَيُحْمَلُ عَلَى السَّبَبِ الصَّالِحِ تَصْحِيحًا لِكَلَامِهِ. (47) قَوْلُهُ: فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ تَأْجِيلَ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ إلَخْ. أَقُولُ: فِيهِ خِلَافٌ مَذْكُورٌ فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَوَجْهُ تَفْرِيعِ مَا ذَكَرَ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ أَحَدَ الدَّائِنَيْنِ لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ الدَّيْنَ الْمُشْتَرَكَ مُؤَجَّلٌ صَحَّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ نُفُوذِهِ عَلَى شَرِيكِهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِاتِّفَاقِ الشَّرِيكَيْنِ وَالْمَدْيُونِ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا تَأْجِيلَ نَصِيبِهِ مِنْهُ لَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ لِلتَّأْجِيلِ وَوَجْهُ عَدَمِ ذَلِكَ إنْشَاءِ التَّأْجِيلِ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مُشْتَرَكٍ فَالْحُكْمُ بِصِحَّةِ الْإِنْشَاءِ يَسْتَلْزِمُ تَأْجِيلَ دَيْنِ الْمُشْتَرَكِ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَفِيهِ إضْرَارٌ بِهِ

[أقر المشروط له الربع أنه يستحقه فلان دونه]

وَفَرَّعْتُ عَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرُّبْعُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ دُونَهُ صَحَّ، وَلَوْ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَكَذَا الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ. وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ: لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ الْوَارِثِ لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ مِنْ وَارِثٍ آخَرَ، وَهِيَ الْحِيلَةُ فِي إبْرَاءِ الْمَرِيضِ وَارِثَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَبْرَأْتُهُ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ، 49 - كَمَا فِي حِيَلِ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ 50 - وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْوَارِثِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرُّبْعُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ دُونَهُ] قَوْلُهُ: وَفَرَّعْتُ عَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ إلَخْ. سَيَأْتِي فِي الْفَنِّ الثَّالِثِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الْإِقْرَارُ بِاسْتِحْقَاقِ فُلَانٍ الرُّبُعَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِقْرَارَ بِكَوْنِهِ هُوَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ كَمَا يُتَوَهَّمُ وَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ مَعَ كَوْنِ الْمُقِرِّ هُوَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَقْفَ لَوْ كَانَ بُسْتَانًا وَقَدْ أَثْمَرَ فَأَقَرَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِأَنَّ زَيْدًا هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِهَذِهِ الثَّمَرَةِ صَحَّ الْإِقْرَارُ بِطَرِيقٍ بَاعَهُ تِلْكَ الثَّمَرَةَ أَمَّا لَوْ جَعَلَهَا لَهُ بِطَرِيقِ التَّمْلِيكِ لَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ تَمْلِيكَ الثَّمَرَةِ بِدُونِ الشَّجَرِ إذْ اتِّصَالُ الثَّمَرِ بِمِلْكِ الْوَاهِبِ مُخِلٌّ بِالْقَبْضِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ تَمَامِ التَّمْلِيكِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. (49) قَوْلُهُ: كَمَا فِي حِيَلِ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. عِبَارَتُهُ: وَإِذَا أَرَادَ الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ أَنْ يَصِحَّ إبْرَاؤُهُ لِلْغَرِيمِ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَيْسَ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَوْ قَالَ أَبْرَأْتُهُ عَنْ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ وَيَرْتَفِعُ بِهَذَا مُطَالَبَةُ الدُّنْيَا لَا مُطَالَبَةُ الْآخِرَةِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَا فِي نَقْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ. (50) قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ. قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنِ الْوَارِثِ لَمْ يَصِحَّ وَفِي الْأَجْنَبِيِّ يَصِحُّ قَوْلُهُ

فَكَذَا إذَا أَقَرَّ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ 52 - وَعَلَى هَذَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الْبِنْتَ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا تُقِرُّ بِأَنَّ الْأَمْتِعَةَ الْفُلَانِيَّةَ مِلْكُ أَبُوهَا لَا حَقَّ لَهَا فِيهَا، 53 - وَقَدْ أَجَبْتُ فِيهَا مِرَارًا بِالصِّحَّةِ، وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى زَوْجِهَا فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَكَذَا إذَا أَقَرَّ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ. أَقُولُ: فِي مَجْمَعِ الرِّوَايَةِ شَرْحِ الْقُدُورِيِّ نَقْلًا عَنْ حَاشِيَةِ الْهِدَايَةِ إنَّ قَوْلَهُ: وَإِقْرَارُ الْمَرِيضِ لِوَارِثِهِ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ أَشَارَ إلَى أَنَّ إقْرَارَ الْمَرِيضِ لِوَارِثِهِ إذَا كَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ آخَرُ غَيْرُ الْمُقَرِّ لَهُ إنَّمَا لَا يَصِحُّ لَا لِعَدَمِ الْمَحَلِّيَّةِ، بَلْ لِحَقِّ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ غَيْرُ الْمُقَرِّ لَهُ صَحَّ إقْرَارُهُ دَلَّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ فِي الدِّيَاتِ إذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ وَتَرَكَتْ زَوْجًا وَعَبْدَيْنِ لَا مَالَ لَهَا غَيْرُهُمَا فَأَقَرَّتْ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ بِعَيْنِهِ وَدِيعَةٌ لِزَوْجِهَا عِنْدَهَا ثُمَّ مَاتَتْ بِذَلِكَ؛ جَائِزٌ فَيَكُونُ الْعَبْدُ لِلزَّوْجِ بِالْإِقْرَارِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَبْدُ الْآخَرُ نِصْفُهُ لِلزَّوْجِ وَنِصْفُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ (انْتَهَى) . فَمَا نَقَلَهُ فِي الدِّيَاتِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ غَيْرُ الزَّوْجِ وَغَيْرُ بَيْتِ الْمَالِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهَا لِلزَّوْجِ بِالْعَبْدِ (52) قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا يَقَعُ كَثِيرًا إلَخْ. أَقُولُ: كُلُّ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الشَّوَاهِدِ لَا تَشْهَدُ لَهُ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ إقْرَارَهُ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ لِوَارِثِهِ لَا يَصِحُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَمْتِعَةَ الَّتِي بِيَدِ الْبِنْتِ وَمِلْكُهَا فِيهَا ظَاهِرٌ بِالْيَدِ إذَا قَالَتْ هِيَ مِلْكُ أَبِي لَا حَقَّ لِي فِيهَا إقْرَارٌ بِالْعَيْنِ لِلْوَارِثِ وَبِخِلَافِ قَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْهِ أَوْ لَيْسَ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ أَوْ لَا حَقَّ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ وَنَحْوُهُ مِنْ صُوَرِ النَّفْيِ لِتَمَسُّكِ النَّافِي فِيهِ بِالْأَصْلِ فَكَيْفَ يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَيَجْعَلُهُ صَرِيحًا فِيهِ. (53) قَوْلُهُ: وَقَدْ أَجَبْتُ فِيهَا مِرَارًا بِالصِّحَّةِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: إنْ كَانَتْ الْأَمْتِعَةُ فِي يَدِهَا فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْعَيْنِ لِلْوَارِثِ بِلَا شَكٍّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ وَاضِحٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِهَا فَمَا ذَكَرَهُ صَحِيحٌ لَكِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ كَلَامِهِ إطْلَاقُ الصِّحَّةِ (انْتَهَى) . وَقَالَ أَخُو الْمُؤَلِّفِ مُتَعَقِّبًا لَهُ فِيمَا أَجَابَ بِهِ مَا نَصُّهُ: لَا يَخْفَى مَا فِي إقْرَارِهَا لِأَبِيهَا مِنْ التُّهْمَةِ خُصُوصًا إنْ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا خُصُومَةٌ كَتَزَوُّجِهِ عَلَيْهَا وَالْجَوَابُ مُطْلَقٌ.

مُسْتَنِدًا لِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ بَابِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ مَعْزِيًّا إلَى الْعُيُونِ؛ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا وَأَثْبَتَهُ وَأَبْرَأَهُ لَا تَجُوزُ بَرَاءَتُهُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، 54 - وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَ الْوَارِثَ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا، وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ ثُمَّ مَاتَ جَازَ إقْرَارُهُ فِي الْقَضَاءِ (انْتَهَى) . وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى حِيَلِ الْخَصَّافِ: قَالَتْ فِيهِ لَيْسَ لِي عَلَى زَوْجِي مَهْرٌ، أَوْ قَالَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى فُلَانٍ شَيْءٌ يَبْرَأُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (انْتَهَى) . وَفِيهَا قَبْلَهُ: وَإِبْرَاءُ الْوَارِثِ لَا يَجُوزُ فِيهِ قَالَ فِيهِ 55 - لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَدَّعُوا عَلَيْهِ شَيْئًا فِي الْقَضَاءِ. 56 - وَفِي الدِّيَانَةِ لَا يَجُوزُ هَذَا الْإِقْرَارُ. وَفِي الْجَامِعِ إقْرَارُ الِابْنِ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَى وَالِدِهِ شَيْءٌ مِنْ تَرِكَةِ أُمِّهِ صَحَّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ أَوْ وَهَبَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ. أَيْ لَوْ أَبْرَأَ الْمَرِيضُ وَارِثَهُ وَكَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ آخَرُ وَحِينَئِذٍ فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ لَا يَنْفُذُ فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ الْآخَرِ لَا أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ. (55) قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ إلَخْ. ظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّهُ فِي حَقِّ الْوَارِثِ؛ إذْ الْإِقْرَارُ لِأَجْنَبِيٍّ صَحِيحٌ لَا مَحَالَةَ. (56) قَوْلُهُ: وَفِي الدِّيَانَةِ لَا يَجُوزُ هَذَا الْإِقْرَارُ. أَيْ إذَا كَانَ بِخِلَافِ الْوَاقِعِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِأَنْ كَانَ لَهُ فِي الْوَاقِعِ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِاسْتِلْزَامِهِ إيثَارَ بَعْضِ الْوَرَثَةِ وَحِرْمَانَ الْبَعْضِ إذْ لَوْ طَابَقَ الْوَاقِعَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَصِحُّ قَضَاءً وَدِيَانَةً كَمَا لَا يَخْفَى.

وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ مَالِهِ مِنْهُ (انْتَهَى) . فَهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَا، 58 - وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الذَّخِيرَةِ: قَوْلُهَا فِيهِ لَا مَهْرَ لِي عَلَيْهِ أَوْ لَا شَيْءَ لِي عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْهِ مَهْرٌ. قِيلَ لَا يَصِحُّ، وَقِيلَ يَصِحُّ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ (انْتَهَى) . 59 -؛ لِأَنَّ هَذَا فِي خُصُوصِ الْمَهْرِ لِظُهُورِ أَنَّهُ عَلَيْهِ غَالِبًا. وَكَلَامُنَا فِي غَيْرِ الْمَهْرِ. وَلَا يُنَافِيهِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا بَعْدَهُ: ادَّعَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ مَالِهِ مِنْهُ عَطْفٌ عَلَى الْمَرْأَةِ لَا عَلَى مَا قَبْلَهُ (58) قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ. أَقُولُ: جَمِيعُ مَا نَقَلَهُ شَاهِدٌ عَلَيْهِ إذْ بِهِ يُعْلَمُ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِيمَا أَفْتَى بِهِ بِالْأَوْلَى أَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمَهْرِ فَلِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهَا مُتَمَسِّكَةً بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْعَدَمُ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الصَّحِيحِ فَكَيْفَ يَصِحُّ فِي عَيْنٍ فِي يَدِهَا مُشَاهَدَةٍ فِيهَا وَذَلِكَ أَقْصَى مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْمِلْكِ. وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ دَعْوَى الْأَمْوَالِ وَالدُّيُونِ فَكَذَلِكَ اسْتِمَاعُ الْبَيِّنَةِ مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ مَعَ قَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ الَّذِي هُوَ مَحْضُ نَفْيٍ فَكَيْفَ بِالْإِقْرَارِ بِعَيْنِ يَدِهِ لِوَارِثِهِ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْعَبْدِ فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ مَسْأَلَةُ الْفَتْوَى وَقَدْ بَطَلَ فِيهَا الْعِتْقُ الْمُتَشَوِّفُ إلَيْهِ الشَّارِعُ بِتَصْدِيقِ الْوَرَثَةِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِيمَا إذَا نَفَاهُ آهٍ كَيْفَ دَعْوَى النَّفْيِ مَعَ قَوْلِهِ تُقِرُّ بِأَنَّ الْأَمْتِعَةَ الْفُلَانِيَّةَ مِلْكُ أَبِيهَا وَقَوْلُهُ وَقَدْ ظَنَّ كَثِيرٌ مِمَّنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ إلَخْ. كَيْفَ هَذَا مَعَ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ فِي دَعْوَى الْوَرَثَةِ قَوْلَهُمْ بِهَذَا الْإِقْرَارِ قَصَدَ حِرْمَانَنَا إشَارَةً إلَى قَوْلِ الْمَرِيضِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فَسَمَّاهُ إقْرَارًا مَعَ كَوْنِهِ نَفْيًا وَهَذَا الْفَرْعُ نَقَلَهُ غَالِبُ عُلَمَائِنَا فِي شُرُوحِهِمْ وَفَتَاوَاهُمْ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ جِنَايَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ شَاهِدٌ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. وَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ عُلَمَاءُ عَصْرِهِ بِمِصْرَ وَأَفْتَوْا عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ مِنْهُمْ شَيْخُهُ الشَّيْخُ أَمِينُ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ الْعَالِ وَقَدْ رَدَّ عَلَى الْمُؤَلِّفِ كَلَامَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ نُورُ الدِّينِ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ وَالشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْغَزِّيِّ تِلْمِيذُهُ فَقَدْ ظَهَرَ الْحَقُّ وَاتَّضَحَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. (59) قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ هَذَا فِي خُصُوصِ الْمَهْرِ. قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ يَبْطُلُ الِاسْتِدْلَال بِمَا سَبَقَ مِمَّا عُزِيَ إلَى حِيَلِ الْخَصَّافِ فَتَأَمَّلْهُ.

عَلَيْهِ مَالًا وَدُيُونًا وَدِيعَةً فَصَالَحَ مَعَ الطَّالِبِ عَلَى شَيْءٍ يَسِيرٍ سِرًّا وَأَقَرَّ الطَّالِبُ فِي الْعَلَانِيَةِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَرَضِ الْمُدَّعِي ثُمَّ مَاتَ، لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَدَّعُوا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ بَرْهَنُوا أَنَّهُ كَانَ لِمُوَرِّثِنَا عَلَيْهِ أَمْوَالٌ لِكَنَّةِ بِهَذَا الْإِقْرَارِ قَصَدَ حِرْمَانَنَا لَا تُسْمَعُ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَارِثَ الْمُدَّعِي وَجَرَى مَا ذَكَرْنَاهُ؛ فَبَرْهَنَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ عَلَى أَنَّ أَبَانَا قَصَدَ حِرْمَانَنَا بِهَذَا الْإِقْرَارِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَمْوَالٌ تُسْمَعُ (انْتَهَى) . 60 - لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا فِي هَذَا الْإِقْرَارِ لِتَقَدُّمِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالصُّلْحِ مَعَهُ عَلَى يَسِيرٍ، وَالْكَلَامُ عِنْدَ عَدَمِ قَرِينَةٍ عَلَى التُّهْمَةِ. 61 - وَلَا يُنَافِيهِ أَيْضًا مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: أَقَرَّ فِيهِ بِعَبْدٍ لِامْرَأَتِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَارِثُ فِيهِ فَالْعِتْقُ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فَالْعِتْقُ مِنْ الثُّلُثِ (انْتَهَى) . لِأَنَّ كَلَامَنَا فِيمَا إذَا نَفَاهُ مِنْ أَصْلِهِ بِقَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ لِي أَوْ لَا حَقَّ لِي؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا فِي هَذَا الْإِقْرَارِ. قِيلَ عَلَيْهِ: وَالسَّابِقُ أَيْضًا فِيهِ تُهْمَةٌ لِوُجُودِ الدَّعْوَى. وَالصُّلْحِ فَيَنْبَغِي أَنْ تُسْمَعَ دَعْوَى غَيْرِ هَذَا الْمُدَّعِي أَنَّهُ خَصَّهُ بِمَالٍ كَثِيرٍ يُمْكِنُ وَفَاؤُهَا مِنْهُ وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَ هَذَا دَيْنُ صِحَّةٍ. (61) قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ أَيْضًا إلَخْ. وَجْهُ تَوَهُّمِ الْمُنَافَاةِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ حُكْمَهَا تَوَقُّفُ الْإِقْرَارِ عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ وَمُقْتَضَى مِلْكِ الْإِقْرَارِ صِحَّتُهُ بِغَيْرِ تَوَقُّفٍ فَيَكُونُ مُنَافِيًا لِقَوْلِهِمْ يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ مَنْ لَا يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا إلَخْ. تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ فَيَتَحَصَّلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمِلْكِ الْإِقْرَارِ مَعَ عَدَمِ مِلْكِ الْإِنْشَاءِ مِلْكُ إقْرَارٍ مُصَدَّرٍ بِالنَّفْيِ بِنَحْوِ لَا حَقَّ لِي.

وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ فَمَوْقُوفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ؛ سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ قَبْضِ دَيْنٍ مِنْهُ أَوْ إبْرَاءٍ. إلَّا فِي ثَلَاثٍ: لَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ وَدِيعَةٍ مَعْرُوفَةٍ، أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ مَا كَانَ عِنْدَهُ وَدِيعَةً، أَوْ بِقَبْضِ مَا قَبَضَهُ الْوَارِثُ بِالْوَكَالَةِ مِنْ مَدْيُونِهِ. كَذَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ. 63 - وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالثَّانِيَةِ إقْرَارُهُ بِالْأَمَانَاتِ كُلِّهَا وَلَوْ مَالَ الشَّرِكَةِ أَوْ الْعَارِيَّةَ. وَالْمَعْنَى فِي الْكُلِّ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إيثَارُ الْبَعْضِ. فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ مِنْ مُفْرَدَاتِ هَذَا الْكِتَابِ، 64 - وَقَدْ ظَنَّ كَثِيرٌ، مِمَّنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ بِنَقْلِ كَلَامِهِمْ وَفَهْمِهِ، أَنَّ النَّفْيَ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ وَهُوَ خَطَأٌ كَمَا سَمِعْتُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: هَذَا إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ النَّفْيِ. (63) قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالثَّانِيَةِ إقْرَارُهُ بِالْأَمَانَاتِ. هَذَا الْبَحْثُ مَنْقُولٌ فِي الْمُحِيطِ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ مِنْ وَارِثِهِ يُصَدَّقُ وَكَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأَمَانَاتِ دِيَانَةً فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْتَ. (64) قَوْلُهُ: وَقَدْ ظَنَّ كَثِيرٌ مِمَّا لَا خِبْرَةَ لَهُ بِنَقْلِ كَلَامِهِمْ إلَخْ. أَقُولُ: فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ نَاقِلًا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ: لَوْ قَالَ ذُو الْيَدِ لَيْسَ هَذَا لِي أَوْ لَيْسَ مِلْكِي أَوْ لَا حَقَّ لِي فِيهِ أَوْ مَا كَانَ أَوْ نَحْوَهُ وَلَا مُنَازِعَ ثُمَّ ادَّعَاهُ أَحَدٌ فَقَالَ ذُو الْيَدِ هُوَ لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَالتَّنَاقُضُ لَمْ يَمْنَعْ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ هَذَا لَمْ يُثْبِتْ حَقًّا لِأَحَدٍ إذْ الْإِقْرَارُ لِلْمَجْهُولِ بَاطِلٌ وَالتَّنَاقُضُ إنَّمَا يَمْنَعُ إذَا تَضَمَّنَ إبْطَالَ حَقٍّ عَلَى أَحَدٍ وَلَوْ كَانَ لِذِي الْيَدِ مُنَازِعٌ حِينَ قَوْلِهِ ذَلِكَ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لَهُ فِي رِوَايَةٍ لَا فِي رِوَايَةٍ (انْتَهَى) . ثُمَّ قَالَ وَلَوْ أَقَرَّ بِمَا ذَكَرْنَاهُ غَيْرُ ذِي الْيَدِ ذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ لِي أَوْ مَا كَانَ لِي يَمْنَعُهُ مِنْ الدَّعْوَى لِعِلَّةِ التَّنَاقُضِ ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ الْقَوْلَ الْآخَرَ وَأَطْنَبَ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ فَهَذَا صَرِيحٌ كَمَا نَرَى فِي أَنَّ النَّفْيَ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ وَالشَّوَاهِدُ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.

وَقَدْ ظَهَرَ لِي أَنَّ الْإِقْرَارَ هَهُنَا بِأَنَّ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ مِلْكُ أَبِي أَوْ أُمِّي وَإِنَّهُ عِنْدِي عَارِيَّةٌ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهَا لَا حَقَّ لِي فِيهِ فَيَصِحُّ، وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ بِالْعَيْنِ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا قَالَ هَذَا لِفُلَانٍ، 66 - فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ الْمَنْقُولُ فِي جِنَايَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ. ذَكَرَ بَكْرٌ أَشْهَدَ الْمَجْرُوحُ أَنَّ فُلَانًا لَمْ يَجْرَحْهُ وَمَاتَ الْمَجْرُوحُ مِنْهُ، إنْ كَانَ جُرْحُهُ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالنَّاسِ لَا يَصِحُّ إشْهَادُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالنَّاسِ يَصِحُّ إشْهَادُهُ لِاحْتِمَالِ الصِّدْقِ، فَإِنْ بَرْهَنَ الْوَارِثُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ فُلَانًا كَانَ جَرَحَهُ وَمَاتَ مِنْهُ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ حَقُّ الْمَيِّتِ إلَى آخِرِهِ. ثُمَّ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَدْ ظَهَرَ لِي إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: إنْ كَانَ الشَّيْءُ الْفُلَانِيُّ فِي يَدِهِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ فَيَصِحُّ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِ صِحَّةُ إقْرَارِهِمَا بِأَنَّ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ مِلْكُ أَبِي أَوْ أُمِّي وَالشَّيْءُ بِيَدِهِ وَهُوَ بَاطِلٌ فَإِنَّهُ عَيَّنَ الْإِقْرَارَ بِالْعَيْنِ لِلْوَارِثِ وَلَا شَكَّ فِي عَدَمِ صِحَّتِهِ (انْتَهَى) . وَقَالَ: بَعْضُ قَوْلِهِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لَا حَقَّ لِي مَعَ قَوْلِهِ وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ بِالْعَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لَا يَخْفَى عَلَى ذِي بَصِيرَةٍ إذْ الْمَدْلُولُ الْمُطَابِقِيُّ بِقَوْلِهِ لَا حَقَّ لِي نَفْيُ حَقٍّ لَهُ بِذَلِكَ وَمَدْلُولُ قَوْلِهِ: الشَّيْءُ الْفُلَانِيُّ مِلْكُ أَبِي أَوْ أُمِّي الْمُطَابِقِيُّ كَوْنُ ذَلِكَ مِلْكَ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ فَلَا رَيْبَ فِي أَنَّهُ إقْرَارٌ لِلْوَارِثِ بِالْعَيْنِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا قَالَ هَذَا لِفُلَانٍ فِيهِ أَنَّ قَوْلَ الْمُقِرِّ هَذَا لِفُلَانٍ هُوَ قَوْلُهُ مِلْكُ أَبِي لَا تَجِدُ بَيْنَهُمَا فَرْقًا فِي الْمَعْنَى وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي التَّعْبِيرِ فَعَبَّرَ فِي أَحَدِهِمَا بِلَفْظِ الْمِلْكِ وَفِي الْآخَرِ بِلَفْظِ أَنَّهُ لِفُلَانٍ فَلْيُمْعِنْ ذُو الْإِنْصَافِ النَّظَرَ فِي هَذَا الْمَقَامِ لِيُمِيطَ عَنْ وَجْهِ الْحَقِّ اللِّثَامَ. (66) قَوْلُهُ: فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ. قِيلَ عَلَيْهِ: قَدْ رَاجَعْنَا الْمَنْقُولَ فَوَجَدْنَاهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِي يَحْتَمِلُ الْإِبْرَاءَ ذُكِرَ فِي مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ ثُمَّ الْوَدِيعَةِ ثُمَّ الدَّيْنِ فَتَأَمَّلْ.

[الإقرار في المضاربة]

وَنَظِيرُهُ مَا إذَا قَالَ الْمَقْذُوفُ: لَمْ يَقْذِفْنِي فُلَانٌ. إنْ لَمْ يَكُنْ قَذْفُ فُلَانٍ مَعْرُوفًا يُسْمَعُ إقْرَارُهُ وَإِلَّا لَا (انْتَهَى) . الْفِعْلُ فِي الْمَرَضِ أَحَطُّ رُتْبَةً مِنْ الْفِعْلِ فِي الصِّحَّةِ. 68 - إلَّا فِي مَسْأَلَةِ إسْنَادِ النَّاظِرِ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ بِلَا شَرْطٍ فَإِنَّهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ صَحِيحٌ، لَا الصِّحَّةُ كَمَا فِي الْيَتِيمَةِ وَغَيْرِهَا وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ فِي الْمُضَارَبَةِ، 69 - لَوْ أَقَرَّ الْمُضَارِبُ بِرِبْحِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي الْمَالِ ثُمَّ قَالَ غَلِطْتُ، إنَّهَا خَمْسُ مِائَةٍ، لَمْ يُصَدَّقْ وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَقَرَّ بِهِ (انْتَهَى) . 70 - اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ، 71 - فَالْقَوْلُ لِمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ فِي الْمَرَضِ، أَوْ فِي كَوْنِهِ فِي الصِّغَرِ أَوْ الْبُلُوغِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّغَرِ. كَذَا فِي إقْرَارِ الْبَزَّازِيَّةِ. وَكَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَنَظِيرُهُ مَا إذَا قَالَ الْمَقْذُوفُ إلَخْ. أَقُولُ: لَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَ مَسْأَلَةِ الْقَذْفِ نَظِيرَ مَسْأَلَةِ الْجَرْحِ إنَّمَا يَتِمُّ بِذِكْرِ عَدَمِ قَبُولِ الْبُرْهَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْقَذْفِ بَعْد الْإِقْرَارِ بِعَدَمِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ لَا يُقَالُ مَسْأَلَةُ الْجَرْحِ الَّتِي جُعِلَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَظِيرًا لَهَا لَا إقْرَارَ فِيهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْإِشْهَادُ يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ. (68) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةِ إسْنَادِ النَّاظِرِ النَّظَرَ. قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ. [الْإِقْرَارِ فِي الْمُضَارَبَةِ] (69) قَوْلُهُ: لَوْ أَقَرَّ الْمُضَارِبُ بِرِبْحِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي الْمَالِ ثُمَّ قَالَ غَلِطْتُ إلَخْ. أَقُولُ قَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَوَّلَ كِتَابِ الْإِقْرَارِ بِعِنْوَانٍ كُلِّيٍّ وَهُوَ إذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ وَادَّعَى الْخَطَأَ لَمْ يُقْبَلْ. (70) قَوْلُهُ: اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ إلَخْ. قَدْ مَرَّتْ الْمَسْأَلَةُ مُفَصَّلَةً فِي الْفَنِّ الْأَوَّلِ فِي قَاعِدَةِ الْحَادِثِ يُضَافُ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ. (71) قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ فِي الْمَرَضِ. أَقُولُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَنْزِ وَنَصُّهُ: وَهَبْت مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا فَمَاتَتْ فَطَالَبَ وَرَثَتُهَا بِمَهْرِهَا وَقَالُوا كَانَتْ الْهِبَةُ

لَوْ طَلَّقَ أَوْ عَتَقَ ثُمَّ قَالَ كُنْتُ صَغِيرًا فَالْقَوْلُ لَهُ، وَإِنْ أَسْنَدَ إلَى حَالِ الْجُنُونِ، فَإِنْ كَانَ مَعْهُودًا قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا. مَاتَ الْمُقَرُّ لَهُ فَبَرْهَنَ وَارِثُهُ عَلَى الْإِقْرَارِ وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ صَدَّقَ الْمُقِرَّ أَوْ كَذَّبَهُ تُقْبَلُ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ أَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِشَيْءٍ وَقَالَ كُنْتُ فَعَلْتُهُ فِي الصِّحَّةِ 72 - كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ مِنْ غَيْرِ إسْنَادٍ إلَى زَمَنِ الصِّحَّةِ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ أَقَرَّ فِي الْمَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَنَّهُ بَاعَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ فِي صِحَّتِهِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَادَّعَى ذَلِكَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْبَيْعِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ إلَّا بِقَدْرِ الثُّلُثِ. وَفِي الْعِمَادِيَّةِ لَا يُصَدَّقُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ قَدْ مَاتَ قَبْلَ مَرَضِهِ (انْتَهَى) . وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ وَهْبَانَ. مَجْهُولُ النَّسَبِ إذَا أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِإِنْسَانٍ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي مَرَضِ مَوْتِهَا وَقَالَ الزَّوْجُ بَلْ فِي الصِّحَّةِ فَالْقَوْلُ لَهُ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالتَّتَارْخَانِيَّة وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الزَّوْجَ يُنْكِرُ اسْتِحْقَاقَ وَرَثَةِ الْمَرْأَةِ الْمَالَ عَلَى الزَّوْجِ وَاسْتِحْقَاقُ الْوَرَثَةِ مَا كَانَ ثَابِتًا فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إلَّا أَنَّ هَذَا يُخَالِفُ رِوَايَةَ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُمْ تَصَادَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِي السُّقُوطِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ يُنْكِرُ السُّقُوطَ وَلِأَنَّ الْهِبَةَ حَادِثَةٌ وَالْأَصْلُ فِي الْحَوَادِثِ أَنْ تُضَافَ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ. وَنَقَلَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي أَحْكَامِ الْمَرَضِ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ فَقَالَ: قِيلَ يُصَدَّقُ الزَّوْجُ وَقِيلَ تُصَدَّقُ وَرَثَتُهَا وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ لِإِضَافَةِ الْحَادِثِ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ وَلِأَنَّهُ دَيْنٌ اُخْتُلِفَ فِي سُقُوطِهِ. (72) قَوْلُهُ: كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ إلَخْ. قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْمَلِكِ: الْإِقْرَارُ فِي الْمَرَضِ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ (انْتَهَى) . وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْوَقْفِ وَغَيْرِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ وَقَوْلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ أَيْ لَا حَقِيقَةَ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ لَا إنْشَاءٌ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَوْ اعْتَبَرْنَاهُ حَقِيقَةً لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ مِنْ كُلِّ الْمَالِ.

لَهُ صَحَّ وَصَارَ عَبْدَهُ إنْ كَانَ قَبْلَ تَأَكُّدِ حُرِّيَّتِهِ بِالْقَضَاءِ، أَمَّا بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِحَدٍّ كَامِلٍ أَوْ بِالْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِذَا صَحَّ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ فَأَحْكَامُهُ بَعْدَهُ فِي الْجِنَايَاتِ وَالْحُدُودِ أَحْكَامُ الْعَبِيدِ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ، وَفِي الْمُنْتَقَى؛ يُصَدَّقُ إلَّا فِي خَمْسَةٍ: زَوْجَتِهِ، وَمُكَاتَبِهِ، وَمُدَبَّرِهِ، وَأُمِّ وَلَدِهِ، وَمَوْلَى مُعْتَقِهِ. أَقَرَّ بِالرِّقِّ ثُمَّ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ لَا تُقْبَلُ إلَّا بِبُرْهَانٍ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ قَضَى بِكَوْنِهِ مَمْلُوكًا ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْمِلْكِ يَقْبَلُ النَّقْضَ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَكَمَ بِالنَّسَبِ فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدٍ فِيهِ لِغَيْرِ الْمَحْكُومِ لَهُ، وَلَا بُرْهَانُهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالنَّسَبِ مِمَّا يَتَعَدَّى. فَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ عَبْدٌ لِمَجْهُولٍ، أَنَّهُ ابْنُهُ وَصَدَّقَهُ وَمِثْلُهُ يُولَدُ لِمِثْلِهِ وَحَكَمَ بِهِ بِطَرِيقَةٍ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ ابْنٌ لِغَيْرِ الْعَبْدِ الْمُقِرِّ، وَهِيَ تَصْلُحُ حِيلَةً لِدَفْعِ دَعْوَى النَّسَبِ، وَشَرَطَ فِي التَّهْذِيبِ تَصْدِيقَ الْمَوْلَى، وَفِي الْيَتِيمَةِ مِنْ الدَّعْوَى: سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَاقْتَسَمَهُ الْوَارِثُونَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ هَذَا الْمَيِّتَ كَانَ أَبِي، وَأَثْبَتَ النَّسَبَ عِنْدَ الْقَاضِي بِالشُّهُودِ وَأَنَّ أَبَاهُ أَقَرَّ أَنَّهُ ابْنُهُ، وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِثُبُوتِ النَّسَبِ. فَيَقُولُ لَهُ الْوَارِثُونَ: بَيِّنْ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي مَاتَ نَكَحَ أُمَّكَ. هَلْ يَكُونُ هَذَا دَفْعًا؟ فَقَالَ: إنْ قَضَى الْقَاضِي بِثُبُوتِ نَسَبِهِ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَبُنُوَّتُهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى الزِّيَادَةِ (انْتَهَى) . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

جَهَالَةُ الْمُقِرِّ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَالَ: لَكَ عَلَى أَحَدِنَا أَلْفُ دِرْهَمٍ 74 - وَجَمَعَ بَيْنَ نَفْسِهِ وَعَبْدِهِ. 75 - إلَّا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلَا يَصِحُّ 76 - أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مَدْيُونًا 77 - أَوْ مُكَاتَبًا 78 - كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ صَحِيحٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: جَهَالَةُ الْمُقِرِّ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَالَ إلَخْ. يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ لِلْمُقَرِّ لَهُ مُطَالَبَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ إقْرَارَ السَّيِّدِ بِدَيْنٍ عَلَى عَبْدِهِ حُجَّةٌ عَلَيْهِ وَقِيلَ عَلَيْهِ: إنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ تَمْنَعُ الْجَهَالَةُ فِيهَا صِحَّةَ الْإِقْرَارِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَتْقَانِيُّ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لَكِنَّهُ تَعْبِيرٌ غَرِيبٌ فَلَعَلَّهُ اشْتَبَهَ بِعَكْسِهِ وَهِيَ مَا لَوْ أَقَرَّ بِجَارِيَةٍ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ جَازَ وَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا إذَا ادَّعَاهَا. (74) قَوْلُهُ: وَجَمَعَ بَيْنَ نَفْسِهِ وَعَبْدِهِ إلَخْ. الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: هَذَا فِي حُكْمِ الْمَعْلُومِ؛ لِأَنَّ مَا عَلَى عَبْدِهِ يَرْجِعُ إلَيْهِ فِي الْمَعْنَى لَكِنْ إنَّمَا يَظْهَرُ هَذَا فِيمَا يَلْزَمُهُ فِي الْحَالِ أَمَّا مَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ فِيهِ فَإِذَا جَمَعَهُ مَعَ نَفْسِهِ كَانَ قَوْلُهُ: لَكَ عَلَيَّ أَوْ عَلَى زَيْدٍ فَهُوَ مَجْهُولٌ لَا يَصِحُّ (انْتَهَى) . (75) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ فَلَا يَصِحُّ أَيْ الْإِقْرَارُ. (76) قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مَدْيُونًا. أَيْ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ الَّذِي جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ مَدْيُونًا. (77) قَوْلُهُ: أَوْ مُكَاتَبًا. أَيْ وَثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ الَّذِي جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ مُكَاتَبًا. (78) قَوْلُهُ: كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. عِبَارَتُهُ: إذَا كَانَ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ بِهِ مَعْلُومًا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ مَجْهُولًا لَا يَصِحُّ كَمَا إذَا قَالَ رَجُلَانِ لَكَ عَلَى أَحَدِنَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَوْ

إلَّا إذَا قَالَ عَلَيَّ عَبْدٌ أَوْ دَارٌ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ثُمَّ قَالَ: 80 - عَلَيَّ مِنْ شَاةٍ إلَى بَقَرَةٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنِهِ أَوْ لَا (انْتَهَى) . إذَا أَقَرَّ بِمَجْهُولٍ لَزِمَهُ بَيَانُهُ إلَّا إذَا قَالَ لَا أَدْرِي عَلَيَّ لَهُ سُدُسٌ أَمْ رُبُعٌ؛ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. إذَا تَعَدَّدَ الْإِقْرَارُ بِمَوْضِعَيْنِ لَزِمَهُ الشَّيْئَانِ، إلَّا فِي الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ؛ لَوْ قَالَ قَتَلْتُ ابْنَ فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ قَتَلْتُ ابْنَ فُلَانٍ وَكَانَ لَهُ ابْنَانِ، وَكَذَا فِي الْعَبْدِ، وَكَذَا فِي التَّزْوِيجِ؛ وَكَذَا الْإِقْرَارُ بِالْجِرَاحَةِ فَهِيَ ثَلَاثٌ، 81 - كَمَا فِي إقْرَارِ مُنْيَةِ الْمُفْتِي. ـــــــــــــــــــــــــــــQجَمَعَ بَيْنَ نَفْسِهِ وَعَبْدِهِ فَقَالَ لَكَ عَلَى أَحَدِنَا أَلْفُ دِرْهَمٍ يَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَ الْعَبْدُ مَدْيُونًا أَوْ مُكَاتَبًا فَلَا يَصِحُّ وَجَهَالَةُ الْمُقَرِّ لَهُ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ كَمَا إذَا قَالَ لِرَجُلَيْنِ لِأَحَدِكُمَا عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَجَهَالَةُ الْمُقِرِّ بِهِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ وَيَرْجِعُ فِي الْبَيَانِ إلَى الْمُقِرِّ. (79) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَالَ عَلَيَّ عَبْدٌ أَوْ دَارٌ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ. أَقُولُ ذَكَرَ فِي تَرْتِيبِ الْمُلْتَقَطِ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ إذَا قَالَ شَاةٌ وَدَارٌ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ بِقِيمَةِ الْمُقَرِّ بِهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَقَالَ بِشْرٌ تَجِبُ الشَّاةُ وَلَا تَجِبُ الدَّارُ (انْتَهَى) . (80) قَوْلُهُ: عَلَيَّ مِنْ شَاةٍ إلَى بَقَرَةٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. قِيلَ عَلَيْهِ: إنَّ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ لُزُومُ الشَّاةِ؛ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنُ قِيَاسًا عَلَى النَّظَائِرِ كَمَا فِي: لَهُ عَلَيَّ سُدُسٌ أَوْ رُبُعٌ. (81) قَوْلُهُ: كَمَا فِي إقْرَارِ مُنْيَةِ الْمُفْتِي. عِبَارَتُهَا: قَالَ قَتَلْتُ ابْنَ فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ قَتَلْتُ ابْنَ فُلَانٍ أَوْ كَانَ مَكَانَ الِابْنَيْنِ عَبْدٌ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ قَتَلْتُ ابْنَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ وَهُوَ إقْرَارٌ بِابْنٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ سَمَّى اسْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَكَذَا تَزْوِيجُ الْأَمَةِ وَالْإِقْرَارُ بِالْجِرَاحَةِ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْإِقْرَارَ بِالْمَالِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَتَّضِحُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَيَظْهَرُ مَا نَقَلَهُ مِنْ الْخَلَلِ.

إذَا أَقَرَّ بِالدَّيْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَّا إذَا أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ بِمَهْرٍ بَعْدَ هِبَتِهَا لَهُ الْمَهْرَ، عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْفَقِيهِ، وَيُجْعَلُ زِيَادَةً إنْ قَبِلَتْ وَالْأَشْبَهُ خِلَافُهُ لِعَدَمِ قَصْدِهَا كَمَا فِي مَهْرِ الْبَزَّازِيَّةِ وَإِذَا أَقَرَّ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لَهَا كِسْوَةً مَاضِيَةً، فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ إنَّهَا تَلْزَمُهُ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَفْسِرَهَا إذَا ادَّعَتْ، فَإِنْ ادَّعَتْهَا بِلَا قَضَاءٍ وَلَا رِضَاءٍ لَمْ يَسْمَعْهَا لِلسُّقُوطِ وَإِلَّا سَمِعَهَا وَلَا يَسْتَفْسِرُ الْمُقِرَّ (انْتَهَى) .، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذَا أَقَرَّ بِالدَّيْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ إلَخْ. فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: بَرْهَنَ أَنَّهُ أَبْرَأَنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى ثُمَّ ادَّعَى ثَانِيًا أَنَّهُ أَقَرَّ لِي بِالْمَالِ بَعْدَ إبْرَائِي فَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَبْرَأَنِي وَقَبِلْت الْإِبْرَاءَ أَوْ قَالَ صَدَّقْتُهُ فِيهِ لَا يَصِحُّ الدَّفْعُ يَعْنِي دَعْوَى الْإِقْرَارِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْهُ يَصِحُّ الدَّفْعُ لِاحْتِمَالِ الرَّدِّ، وَالْإِبْرَاءُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَيَبْقَى الْمَالُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ قَبُولِهِ إذْ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ بَعْدَهُ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهَذَا أَوْلَى بِالِاسْتِثْنَاءِ مِمَّا ذَكَرَهُ وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَيَانِ السَّاقِطِ لَا يَعُودُ (انْتَهَى) . وَبَحَثَ فِيهِ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِأَنَّهُ لَا أَوْلَوِيَّةَ وَلَا مُسَاوَاةَ عِنْدَ التَّأَمُّلِ؛ لِأَنَّ هُنَا إنَّمَا صَحَّتْ دَعْوَاهُ لِاحْتِمَالِ الرَّدِّ كَمَا لَوْ اعْتَرَفَ بِهِ وَأَمَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَقْصُودُ بِالْهِبَةِ الْهِبَةُ الْمُعْتَبَرَةُ شَرْعًا الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَشَرْطِ الصِّحَّةِ وَاللُّزُومِ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تُصْرَفُ إلَى الْكَامِلَةِ هَذَا وَعِنْدِي فِي كَوْنِ هَذَا الْفَرْعِ دَاخِلًا تَحْتَ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَظَرٌ يُعْرَفُ بِالتَّأَمُّلِ مِنْ كَلَامِهِمْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُجْعَلُ زِيَادَةً فِي الْمَهْرِ، وَالزِّيَادَةُ فِي الْمَهْرِ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا وَأَمَّا مَا وَقَعَ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ وَسَقَطَ فَلَا يَعُودُ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ وَعِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ تُفِيدُ مَا قُلْتُهُ بِعَيْنِهِ. قَالَ: وَفِي الْمُحِيطِ وَهَبَتْ الْمَهْرَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ اشْهَدُوا أَنَّ لَهَا عَلَيَّ مَهْرَ كَذَا فَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْفَقِيهِ أَنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ وَعَلَيْهِ الْمَذْكُورُ إذَا قَبِلَتْ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تَصِحُّ بِلَا قَبُولِهَا وَالْأَشْبَهُ أَنْ لَا يَصِحَّ وَلَا تُجْعَلَ زِيَادَةً بِغَيْرِ قَصْدِ الزِّيَادَةِ فَاسْتِثْنَاؤُهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ كَمَا لَا يَخْفَى.

يَعْنِي فِيمَا إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهَا فِي ذِمَّتِهِ حُمِلَ عَلَى أَنَّهَا بِقَضَاءٍ أَوْ رِضَاءٍ فَتَلْزَمُهُ اللَّهُمَّ إلَّا إذَا صَدَّقَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَرِضَاءٍ بَعْدَ إقْرَارِهِ الْمُطْلَقِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَلْزَمَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يَعْنِي فِيمَا إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهَا فِي ذِمَّتِهِ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَيْسَ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ عِبَارَةِ قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَلَيْسَ مَعْنَاهَا بَلْ الْمُتَبَادِرُ مِنْهَا أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ لَهَا بِكِسْوَةٍ يَسْتَفْسِرُهَا قَبْلَ إلْزَامِهِ بِالدَّفْعِ فَتَأَمَّلْ.

[كتاب الصلح]

كِتَابُ الصُّلْحِ 1 - الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ بَيْعٌ، 2 - إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ كَمَا فِي الْمُسْتَصْفَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الصُّلْحِ] قَوْلُهُ: الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ بَيْعٌ. يَعْنِي إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ بِمَالٍ عَنْ إقْرَارٍ بِمَالٍ يُعْتَبَرُ بِالْبَيْعِ لِوُجُودِ الْمَعْنَى فِيهِ وَهُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ بِتَرَاضِي الْمُصَالِحَيْنِ، فَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْبَيْعِ مِنْ الْخِيَارِ وَالشُّفْعَةِ فِي الْعَقَارِ وَغَيْرِهِمَا حَتَّى لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ دَيْنٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ وَقَعَ عَنْ دَيْنٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَبِيعِ فَمَا صَلُحَ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ أَوْ مَبِيعًا صَلُحَ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا فِي الصُّلْحِ وَيَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَيْهِ وَمَا لَا فَلَا فَيُفْسِدُهُ جَهَالَةُ الْبَدَلِ دُونَ جَهَالَةِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ وَتُشْتَرَطُ الْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِ الْبَدَلِ وَهَذَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى خِلَافِ جِنْسِ الْمُدَّعِي وَإِنْ وَقَعَ عَلَى جِنْسِهِ فَإِنْ كَانَ بِأَقَلَّ مِنْ الْمُدَّعِي فَهُوَ حَطٌّ وَإِبْرَاءٌ وَإِنْ كَانَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ فَهُوَ رِبًا. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ وَحَوَاشِيهِ لِلْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يَجْرِي التَّحَالُفُ فِيهِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة بِالتَّحَالُفِ فِي بَعْضِ مَسَائِلِ الصُّلْحِ وَهُوَ مِمَّا يَشْهَدُ لِهَذَا الْمُقْتَضَى. (2) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ. كَمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. كَمَا فِي الْمُسْتَصْفَى عِبَارَتُهُ بَعْدَ كَلَامٍ: قُلْنَا قَدْ ذَكَرَ فِي مَبْسُوطِ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى خِلَافِ جِنْسِ الْحَقِّ شِرَاءٌ فِي عَامَّةِ الْأَحْكَامِ اسْتِيفَاءٌ لِعَيْنِ الْحَقِّ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ وَأَمَّا الْمُعَارَضَةُ الْمَحْضَةُ فَلَيْسَتْ بِاسْتِيفَاءٍ لِعَيْنِ الْحَقِّ بِوَجْهٍ مَا وَيَظْهَرُ هَذَا فِي مَسَائِلَ مِنْهَا أَنَّهُ إذَا صَالَحَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى عَبْدٍ وَصَاحِبُهُ مُقِرٌّ بِالدَّيْنِ وَقَبَضَ الْعَبْدَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً بِلَا بَيَانٍ وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُ شِرَاءٌ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ بَطَلَ الصُّلْحُ كَمَا لَوْ اسْتَوْفَى عَيْنَ حَقِّهِ ثُمَّ تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ بَطَلَ الِاسْتِيفَاءُ وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ لَا يَبْطُلُ الشِّرَاءُ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى السَّدَادِ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ.

الْأُولَى: مَا إذَا صَالَحَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى عَبْدٍ وَقَبَضَهُ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً بِلَا بَيَانٍ. 4 - الثَّانِيَةُ: لَوْ تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ بَطَلَ الصُّلْحُ 5 - وَفِي الشِّرَاءِ بِالدَّيْنِ لَا (انْتَهَى) 6 - وَيُزَادُ مَا فِي الْمَجْمَعِ: لَوْ صَالَحَهُ عَنْ شَاةٍ عَلَى صُوفِهَا يَجُزُّهُ، 7 - يُجِيزُهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، 8 - وَمَنَعَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْأُولَى مَا إذَا صَالَحَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى عَبْدٍ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَصَاحِبُهُ مُقِرٌّ بِالدَّيْنِ قِيلَ عَلَيْهِ: هَذِهِ لَا تُسْتَثْنَى؛ لِأَنَّ لَنَا بُيُوعًا كَثِيرَةً لَا يُرَابَحُ فِيهَا فَلَيْسَ نَفْيُ الْمُرَابَحَةِ مُقْتَضِيًا لِنَفْيِ كَوْنِهِ بَيْعًا. أَقُولُ لَيْسَ نَفْيُ الْمُرَابَحَةِ مُقْتَضِيًا لِذَلِكَ اقْتِضَاءً كُلِّيًّا بَلْ جُزْئِيًّا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِجَرَيَانِ الْعِلَّةِ فِيهِمَا وَهُوَ كَوْنُهُ مُتَّهَمًا عِنْدَ عَدَمِ الْبَيَانِ فَتَأَمَّلْ. (4) قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ لَوْ تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ إلَخْ. أَيْ تَصَادَقَا فِي الصُّلْحِ عَنْ الدَّيْنِ عَلَى عَبْدٍ وَصَاحِبُهُ مُقِرٌّ عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ بَطَلَ الصُّلْحُ وَيُرَدُّ الْعَبْدُ. (5) قَوْلُهُ: وَفِي الشِّرَاءِ بِالدَّيْنِ لَا. أَيْ لَوْ تَصَادَقَا فِي شِرَاءِ عَبْدٍ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ، عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ، لَا يَبْطُلُ الشِّرَاءُ وَيَلْزَمُهُ ثَمَنُ الْعَبْدِ هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ هَذَا الْمَحَلُّ. (6) قَوْلُهُ: وَيُزَادُ مَا فِي الْمَجْمَعِ إلَخْ. مَا فِي الْمَجْمَعِ مُقَيَّدٌ وَعِبَارَتُهُ أَوْ شَاةٌ فَصُولِحَ عَلَى صُوفِهَا يَجُزُّهُ لِلْحَالِ (انْتَهَى) . (7) قَوْلُهُ: يُجِيزُهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. ذَكَرَ فِي الْحَقَائِقِ أَنَّ جَوَازَهُ مَشْرُوطٌ بِأَنْ شَرَطَ أَنْ يَجُزَّهُ مِنْ سَاعَتِهِ؛ لِأَنَّ مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ الصُّوفِ فِي ظَهْرِ الْغَنَمِ إذَا شَرَطَ أَنْ يَجُزَّهُ مِنْ سَاعَتِهِ. (8) قَوْلُهُ: وَمَنَعَهُ مُحَمَّدٌ. وَجْهُ قَوْلِهِ: إنَّ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَ الْجَزِّ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلِهَذَا يُبَالِغُ فِيهِ وَيَسْتَقْصِي تَارَةً، وَتَارَةً لَا وَهَذِهِ مَانِعَةٌ مِنْ جِهَةِ الْبَيْعِ

[الحق إذا أجله صاحبه]

وَالْمَنْعُ رِوَايَةٌ. 10 - وَعَلَى صُوفِ غَيْرِهَا لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا. كَمَا فِي الشَّرْحِ، 11 - مَعَ أَنَّ بَيْعَ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ لَا يَجُوزُ. 12 - الْحَقُّ إذَا أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ، وَلَهُ الرُّجُوعُ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ: فِي شُفْعَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ. أَجَّلَ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ بَعْدَ الطَّلَبَيْنِ لِلْآخِذِ 13 - صَحَّ وَلَهُ الرُّجُوعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيَمْنَعُ صِحَّةَ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ مَنْعَهَا إنَّمَا كَانَ تَحَرُّزًا عَنْ الْخِصَامِ لِلْوُقُوعِ فِي الْمُنَازَعَةِ وَمِثْلُهُ مَوْجُودٌ فِي الصُّلْحِ فَمَنَعَ الصِّحَّةَ وَقَالَ الْقُدُورِيُّ أَصْلُهُ اخْتِلَافُهُمْ فِي بَيْعِهِ. (9) قَوْلُهُ: وَالْمَنْعُ رِوَايَةٌ. أَيْ عَنْ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. (10) قَوْلُهُ: وَعَلَى صُوفِ غَيْرِهَا لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا إلَخْ. عَزَاهُ فِي الْمُسْتَصْفَى إلَى الشَّرْحَيْنِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ بَعْضَهُ (انْتَهَى) . لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْأَسْرَارِ: لَوْ صَالَحَهُ عَلَى صُوفِ ظَهْرِ شَاةٍ أُخْرَى يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْهُ. (11) قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ بَيْعَ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ لَا يَجُوزُ. ظَاهِرُهُ أَنَّ عَدَمَ جَوَازِ الْبَيْعِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ الْقُدُورِيِّ أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافًا بَلْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي مَتْنِ الْمَجْمَعِ فِي فَصْلِ (إذَا كَانَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ غَيْرَ مَالٍ) فَقَالَ وَيُجِيزُ بَيْعَ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ. قَالَ الشَّيْخُ أَيْ أَبُو يُوسُفَ فَلَوْ رَاجَعَهُ مَا اسْتَدْرَكَ فَمَشَى هُنَا صَاحِبُ الْمَجْمَعِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ سَابِقًا فَلَا اسْتِدْرَاكَ. [الْحَقُّ إذَا أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ] (12) قَوْلُهُ: الْحَقُّ إذَا أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ. أَقُولُ: وَأَمَّا الدَّيْنُ إذَا أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَّا دَيْنَ الْقَرْضِ فَإِنَّهُ لَوْ أَجَّلَهُ لَا يَلْزَمُهُ تَأْجِيلُهُ كَمَا سَيَأْتِي. (13) قَوْلُهُ: صَحَّ وَلَهُ الرُّجُوعُ. لِأَنَّ التَّأْجِيلَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ فِيمَا صَارَ مُسْتَحَقًّا فِي الذِّمَّةِ دَيْنًا وَلَيْسَ هُنَا دَيْنٌ لِيَلْزَمَهُ التَّأْجِيلُ فَكَانَ هَذَا تَأْخِيرًا لِحَقِّهِ بِمَنْزِلَةِ التَّوْقِيتِ فِي الْعَارِيَّةِ فَلَا يَكُونُ لَازِمًا.

أَجَّلَتْ امْرَأَةُ الْعِنِّينِ زَوْجَهَا بَعْدَ الْحُلُولِ صَحَّ وَلَهَا الرُّجُوعُ. 15 - اسْتَمْهَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَمْهَلَهُ الْمُدَّعِي صَحَّ وَلَهُ الرُّجُوعُ. الصُّلْحُ عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ 16 - فَلَا يَصِحُّ مَعَ الْمُودَعِ بَعْدَ دَعْوَى الْهَلَاكِ؛ إذْ لَا نِزَاعَ 17 - وَيَصِحُّ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَفْعًا لِلنِّزَاعِ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَلَوْ بَرْهَنَ الْمُدَّعِي بَعْدَهُ عَلَى أَصْلِ الدَّعْوَى لَمْ يُقْبَلْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَجَّلَتْ امْرَأَةُ الْعِنِّينِ زَوْجَهَا إلَخْ. يَعْنِي إذَا أَجَّلَ الْقَاضِي الْعِنِّينَ سَنَةً فَلَمْ يَصِلْ إلَيْهَا فَسَأَلَ الْقَاضِيَ أَنْ يُؤَجِّلَهُ سَنَةً أُخْرَى فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَرْضَى الْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ مُقَدَّرٌ شَرْعًا فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ: رَضِيتُ أَنْ تُؤَجِّلَهُ سَنَةً أُخْرَى بَعْدَ التَّأْجِيلِ الْأَوَّلِ فَعَلَ الْقَاضِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ رَضِيَ بِهِ فَإِنْ أَرَادَتْ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّجُوعَ فِي الْأَجَلِ وَرَجَعَتْ فِيهِ فَلَهَا ذَلِكَ وَيَبْطُلُ وَيُجِيزُهَا الْقَاضِي لِمَا قُلْنَا. (15) قَوْلُهُ: اسْتَمْهَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَمْهَلَهُ. يَعْنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا طَلَبَ الْمُهْلَةَ مِنْ الْمُدَّعِي شَهْرًا لِيَنْظُرَ فِيهِ فَأَمْهَلَهُ صَحَّ ذَلِكَ وَلَوْ رَجَعَ فِيهِ صَحَّ الرُّجُوعُ. (16) قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ مَعَ الْمُودَعِ بَعْدَ دَعْوَى الْهَلَاكِ. يَعْنِي لَوْ ادَّعَى الْمُودِعُ الِاسْتِهْلَاكَ وَادَّعَى الْمُودَعُ الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَصُلْحِهِ بَعْدَ حَلِفِهِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَثَمَّةَ تَفْصِيلٌ كَثِيرٌ فِيهَا وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ. (17) قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَخْ. قَالَ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ: بِهِ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَوَائِدِ الزَّيْنِيَّةِ وَلَمْ يَعْزُهُ إلَى كِتَابٍ مَعْرُوفٍ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ. ذَكَرَهُ صَاحِبُ السِّرَاجِيَّةِ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا (انْتَهَى) . أَقُولُ ذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ الْخِلَافَ فَقَالَ ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا فَأَنْكَرَ وَحَلَفَ ثُمَّ ادَّعَاهُ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ فَأَنْكَرَ فَصُولِحَ لَا يَصِحُّ وَقِيلَ يَصِحُّ وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ أَنَّ الْيَمِينَ بَدَلُ الْمُدَّعِي فَإِذَا حَلَّفَهُ قَدْ اسْتَوْفَى الْبَدَلَ فَلَا يَصِحُّ (انْتَهَى) . وَقَدْ مَشَى الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ صِحَّةِ الصُّلْحِ بَعْدَ الْحَلِفِ وَجَعَلَهُ نَظِيرَ الصُّلْحِ مَعَ الْمُودِعِ بَعْدَ دَعْوَى الِاسْتِهْلَاكِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ هُنَا رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ قَوْلُهُمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي مُعِينِ الْمُفْتِي.

[ادعى المدعى دينا فأقر به وادعى الإيفاء أو الإبراء فأنكر فصالحه]

إلَّا فِي صُلْحِ الْوَصِيِّ عَنْ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى إنْكَارٍ إذَا صَالَحَ عَلَى بَعْضِهِ ثُمَّ وَجَدَ الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ، وَلَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ فَأَقَامَهَا تُقْبَلُ، وَلَوْ طُلِبَ يَمِينُهُ لَا يَحْلِفُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. 19 - الثَّانِيَةُ: إذَا ادَّعَى دَيْنًا فَأَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى الْإِيفَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَيْهِ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ هُنَا لَيْسَ لِافْتِدَاءِ الْيَمِينِ، كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْعَاشِرِ 20 - وَلَوْ بَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي الدَّعْوَى، فَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِهِ قَبْلَ. الصُّلْحِ لَمْ تُقْبَلْ، وَإِنْ بَعْدَهُ تُقْبَلْ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا فِي صُلْحِ الْوَصِيِّ عَنْ مَالِ الْيَتِيمِ إلَخْ. يَعْنِي إذَا ادَّعَى وَصِيٌّ أَوْ أَبٌ عَلَى رَجُلٍ أَلْفًا لِلْيَتِيمِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ وَصَالَحَ بِخَمْسِمِائَةٍ عَنْ أَلْفٍ عَنْ إنْكَارٍ ثُمَّ وَجَدَ بَيِّنَةً عَادِلَةً فَلَهُ أَنْ يُقِيمَهَا عَلَى الْأَلْفِ. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: وَفَائِدَةُ قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا يَدَّعِي لِلصَّبِيِّ فَصَالَحَ بِأَقَلَّ مِنْهُ يَجُوزُ أَنْ تُمْنَعَ دَعْوَاهُمَا فِي الْحَالِ وَدَعْوَى الصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ فِي حَقِّ الِاسْتِحْلَافِ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُحَلِّفُوهُ وَإِنَّمَا لَهُمْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ. [ادَّعَى الْمُدَّعَى دَيْنًا فَأَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى الْإِيفَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ] (19) قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ إذَا ادَّعَى دَيْنًا إلَخْ. الصَّوَابُ إسْقَاطُ لَفْظِ الثَّانِيَةِ إذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ؛ أَوْلَى تَقَابُلُهَا. وَقَدْ يُقَالُ: الْأُولَى مَسْأَلَةُ صُلْحِ الْوَصِيِّ وَإِنْ لَمْ يُعَنْوِنْ بِلَفْظِ الْأُولَى. قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: صَالَحَ عَنْ دَعْوَى دَيْنٍ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى الْإِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ أَوْ صَالَحَ عَنْ إنْكَارٍ، لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ افْتِدَاءٌ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا يُنْقَضُ. وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ وَلَمْ يَدَّعِ الْإِيفَاءَ وَالْإِبْرَاءَ أَوْ صَالَحَ ثُمَّ ادَّعَى الْإِيفَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ لَا يُقْبَلُ، وَلَوْ ادَّعَى الْإِبْرَاءَ أَوْ الْإِيفَاءَ وَأَنْكَرَ وَلَمْ يُقِرَّ بِقَدْرٍ فَصَالَحَهُ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى الْإِبْرَاءِ وَالْإِيفَاءِ يُقْبَلُ لِعَدَمِ التَّنَاقُضِ؛ وَهَذَا الصُّلْحُ لَمْ يَقَعْ فِدَاءً عَنْ الْيَمِينِ إذْ لَا يَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْوَجْهِ فَيَبْطُلُ الصُّلْحُ. (20) قَوْلُهُ: وَلَوْ بَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَخْ. فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: ادَّعَى عَلَيْهِ ثَوْبًا فَأَنْكَرَ ثُمَّ بَرْهَنَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ قَبْلَ الصُّلْحِ أَنَّهُ لَيْسَ لِي لَا يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ وَنَفَذَ الصُّلْحُ

وَلَوْ بَرْهَنَ عَلَى صُلْحٍ قَبْلَهُ بَطَلَ الثَّانِي إذْ الصُّلْحُ بَعْدَ الصُّلْحِ بَاطِلٌ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ. 22 - الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ بَعْدَ دَعْوَى فَاسِدَةٍ فَاسِدٌ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْقَضَاءُ لِافْتِدَاءِ الْيَمِينِ وَلَوْ بَرْهَنَ أَنَّهُ أَقَرَّ بَعْدَ الصُّلْحِ أَنَّ الثَّوْبَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَطَلَ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ بِإِقْرَارِهِ قَبْلَ الصُّلْحِ. (21) قَوْلُهُ: وَلَوْ بَرْهَنَ عَلَى صُلْحٍ قَبْلَهُ بَطَلَ الثَّانِي إلَخْ. فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: ادَّعَى دَارًا فَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ فَصَالَحَهُ عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنْ تُسَلَّمَ الدَّارُ لِذِي الْيَدِ ثُمَّ بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ عَلَى صُلْحٍ قَبْلَهُ فَالصُّلْحُ الْأَوَّلُ مَاضٍ وَالثَّانِي بَاطِلٌ، وَكُلُّ صُلْحٍ بَعْدَ صُلْحٍ بَاطِلٌ وَلَوْ شَرَاهُ ثُمَّ شَرَاهُ بَطَلَ الْأَوَّلُ وَنَفَذَ الثَّانِي، وَلَوْ صَالَحَ ثُمَّ اشْتَرَى أَجَزْتُ الشِّرَاءَ وَأَبْطَلْتُ الصُّلْحَ. أَقُولُ فِي الصُّلْحِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْبَيْعِ يَنْبَغِي أَنْ يَبْطُلَ الْأَوَّلُ لَا الثَّانِي كَمَا فِي الشِّرَاءِ بِخِلَافِ الصُّلْحِ عَنْ دَعْوَى الرِّقِّ، وَأَصْلُهُ أَنَّ الشِّرَاءَ الثَّانِيَ فَسْخٌ لِلْأَوَّلِ اقْتِضَاءً وَالْعِتْقُ لَا يَقْبَلُ الْفَسْخَ فَافْتَرَقَا وَيُعْرَفُ بِهَذَا مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ. (22) قَوْلُهُ: الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ بَعْدَ دَعْوَى فَاسِدَةٍ فَاسِدٌ إلَخْ. فِي الْبَحْرِ فِي آخِرِ كِتَابِ الصُّلْحِ: وَالصُّلْحُ عَنْ الدَّعْوَى الْفَاسِدَةِ يَصِحُّ وَعَنْ الْبَاطِلَةِ لَا؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَةَ مَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا (انْتَهَى) . مِثَالُ الدَّعْوَى الَّتِي لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا لَوْ ادَّعَى أَمَةً فَقَالَتْ: أَنَا حُرَّةُ الْأَصْلِ فَصَالَحَهَا مِنْهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ بَطَلَ الصُّلْحُ إذْ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ هَذِهِ الدَّعْوَى بَعْدَ ظُهُورِ حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ، وَمِثَالُ الدَّعْوَى الَّتِي يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا لَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّهَا كَانَتْ أَمَةَ فُلَانٍ أَعْتَقَهَا عَامَ أَوَّلٍ وَهُوَ يَمْلِكُهَا بَعْدَ مَا ادَّعَى شَخْصٌ أَنَّهَا أَمَتُهُ لَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَقْتَ الصُّلْحِ بِأَنْ يَقُولَ إنَّ فُلَانًا الَّذِي أَعْتَقَكَ كَانَ غَاصِبًا غَصَبَكَ مِنِّي حَتَّى لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى تُسْمَعُ. وَمِنْ الْبَاطِلَةِ الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى حَدٍّ وَعَنْ دَعْوَى أُجْرَةِ نَائِحَةٍ أَوْ مُغَنِّيَةٍ أَوْ مُصَادَرَةٍ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي التَّاسِعِ فِي دَعْوَى الصُّلْحِ: أَنَّ الْإِبْرَاءَ أَوْ الْإِقْرَارَ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ فَاسِدٍ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى. وَذَكَرَ فِي التَّاسِعِ أَيْضًا الْبَرَاءَةَ بَعْدَ الصُّلْحِ الْفَاسِدِ فَقَالَ: جَرَى الصُّلْحُ بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَكُتِبَ الصَّكُّ وَفِيهِ إبْرَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا الْآخَرَ عَنْ دَعْوَاهُ أَوْ كُتِبَ وَأَقَرَّ الْمُدَّعِي أَنَّ الْعَيْنَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ ظَهَرَ فَسَادُ الصُّلْحِ بِفَتْوَى الْأَئِمَّةِ

وَلَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْقَضَاءِ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى إنْكَارٍ جَائِزٌ بَعْدَ دَعْوَى مَجْهُولَةٍ فَلْيُحْفَظْ، 24 - وَيُحْمَلُ عَلَى فَسَادِهَا بِسَبَبِ مُنَاقَضَةِ الْمُدَّعِي لَا لِتَرْكِ شَرْطِ الدَّعْوَى 25 - كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ، وَهُوَ تَوْفِيقٌ وَاجِبٌ. فَيُقَالُ إلَّا فِي كَذَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَرَادَ الْمُدَّعِي الْعَوْدَ إلَى دَعْوَاهُ قِيلَ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ السَّابِقُ. وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَصِحُّ الدَّعْوَى وَالْإِبْرَاءُ. (23) قَوْلُهُ: وَلَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ إلَخْ. وَفِي الْبَدَائِعِ: وَلَوْ تَصَالَحَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْمُدَّعِي الدَّارَ الْمُدَّعَاةَ وَيُعْطِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَارًا أُخْرَى، فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ؛ وَجَبَ فِيهِمَا الشُّفْعَةُ بِقِيمَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ هَذَا فِي مَعْنَى الْبَيْعِ وَلَوْ عَنْ إقْرَارٍ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الدَّارَيْنِ مِلْكُ الْمُدَّعِي وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ مِلْكُهُ بَدَلَ مِلْكِهِ فَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ كَمَا لَوْ صَالَحَ عَنْ دَارٍ عَلَى مَنَافِعَ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَيْسَتْ بِمَعْنَى مَالٍ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الشُّفْعَةِ بِهَا. (24) قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ عَلَى فَسَادِهَا بِسَبَبِ مُنَاقَضَةِ الْمُدَّعِي إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَظْهَرُ لِهَذَا الْحَمْلِ فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ صَرَّحَ بِجَوَازِ الصُّلْحِ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ فَسَادُهَا بِسَبَبِ الْمُنَاقَضَةِ أَوْ لِتَرْكِ شَرْطِ الدَّعْوَى فَإِذَا صَحَّ الصُّلْحُ مَعَ فَسَادِهَا بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ خَالَفَ مَا فِي الْقُنْيَةِ فَتَأَمَّلْ. (25) قَوْلُهُ: وَهُوَ تَوْفِيقٌ وَاجِبٌ إلَى آخِرِهِ. فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ لِصَدْرِ الشَّرِيعَةِ: وَمِنْ الْمَسَائِلِ الْمُهِمَّةِ أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصُّلْحِ صِحَّةُ الدَّعْوَى أَمْ لَا؟ بَعْضُ النَّاسِ يَقُولُونَ بِشَرْطٍ، لَكِنْ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى حَقًّا مَجْهُولًا فِي دَارٍ فَصُولِحَ عَلَى شَيْءٍ يُصْبِحُ الصُّلْحُ عَلَى مَا مَرَّ فِي بَابِ الْحُقُوقِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَلَا شَكَّ أَنَّ دَعْوَى الْحَقِّ الْمَجْهُولِ دَعْوَى غَيْرُ صَحِيحَةٍ. وَفِي الذَّخِيرَةِ مَسَائِلُ تُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا (انْتَهَى) . قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْغَزِّيُّ فِي كِتَابِهِ مُعِينِ الْمُفْتِي بَعْدَ أَنْ نَقَلَ كَلَامَ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ: إذَا عَلِمْتَ هَذَا؛ عَلِمْتَ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ صِحَّةِ الدَّعْوَى لِصِحَّةِ الصُّلْحِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّوْفِيقِ (انْتَهَى) . أَقُولُ إنَّمَا صَحَّ الصُّلْحُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي اسْتَنَدَ إلَيْهَا

صُلْحُ الْوَارِثِ مَعَ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ صَحِيحٌ لَا بَيْعُهُ. 27 - وَصُلْحُ الْوَارِثِ مَعَ الْمُوصَى لَهُ بِجَنِينِ الْأَمَةِ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَبَيَانُهُ فِي حِيَلِ التَّتَارْخَانِيَّة. طَلَبُ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّعْوَى لَا يَكُونُ إقْرَارًا، 28 - وَطَلَبُ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الْمَالِ يَكُونُ إقْرَارًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQصَدْرُ الشَّرِيعَةِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى فِيهَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا بِتَعْيِينِ الْحَقِّ الْمَجْهُولِ وَقْتَ الصُّلْحِ عَلَى أَنَّ دَعْوَى أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ صِحَّةِ الدَّعْوَى مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَمْكَنَ تَصْحِيحُ الدَّعْوَى أَوْ لَا مَمْنُوعٌ لِمَا فِي الْفَتَاوَى الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الصُّلْحِ بَعْدَ كَلَامِ: وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ فَتْوَى أَئِمَّةِ خُوَارِزْمَ أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ دَعْوَى فَاسِدَةٍ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا لَا يَصِحُّ وَاَلَّذِي يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا كَمَا إذَا تَرَكَ ذِكْرَ الْحَدِّ أَوْ غَلِطَ فِي أَحَدِ الْحُدُودِ يَصِحُّ (انْتَهَى) . وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى: سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ بَعْدَ دَعْوَى فَاسِدَةٍ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا قَالَ لَا. وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ صَحِيحَةً (انْتَهَى) . وَقَدْ ظَهَرَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ قَوْلَهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّوْفِيقِ مِنْ عَدَمِ التَّوْفِيقِ. (26) قَوْلُهُ: صُلْحُ الْوَارِثِ مَعَ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ صَحِيحٌ لَا بَيْعُهُ. لِأَنَّ بَيْعَ الْمَنَافِعِ بَاطِلٌ وَالصُّلْحُ مَتَى تَعَذَّرَ اعْتِبَارُهُ تَمْلِيكًا يُعْتَبَرُ إسْقَاطًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ الْقِصَاصِ جَائِزٌ وَإِنَّمَا يَجُوزُ إسْقَاطًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلِهَذَا يُعْتَبَرُ الصُّلْحُ عَنْ الْمَنَافِعِ إسْقَاطًا لِحَقِّهِ، وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ عَنْ مَنَافِعَ يَسْتَحِقُّهَا الْإِنْسَانُ جَائِزٌ كَمَا فِي الشُّرْبِ وَمَسِيلِ الْمَاءِ وَإِذَا جَازَ بِطَرِيقِ الْإِسْقَاطِ صَارَ كَأَنَّ الْمُوصَى لَهُ قَالَ أَسْقَطْتُ حَقِّي. (27) قَوْلُهُ: وَصُلْحُ الْوَارِثِ مَعَ الْمُوصَى لَهُ بِجَنِينِ الْأَمَةِ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ. يَعْنِي إذَا صَالَحَ الْوَارِثُ الْمُوصَى لَهُ بِجَنِينٍ عَلَى شَيْءٍ مُسَمًّى يَجُوزُ ذَلِكَ. وَطَرِيقُ الْجَوَازِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ تَرَكَ حَقَّهُ فِي الْجَنِينِ بِالصُّلْحِ بِمَا سَمَّى لَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَمِلْكُ الْوَرَثَةِ الْجَنِينَ كَمِلْكِهِمْ الظَّرْفَ وَهِيَ الْأَمَةُ فَيَجُوزُ كَمَا فِي خِدْمَةِ الْعَبْدِ وَسُكْنَى الدَّارِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْجَنِينِ؛ لِأَنَّهُ لَا ثَمَنِيَّةَ لَهُ وَلَا مَالِيَّةَ. (28) قَوْلُهُ: وَطَلَبُ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ إلَى آخِرِهِ. هَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي بَحْثِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ قِيلَ

الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ عَلَى شَيْءٍ إنَّمَا يَرْفَعُ النِّزَاعَ فِي الدُّنْيَا لَا فِي الْعُقْبَى، إلَّا إذَا قَالَ: صَالَحْتُكَ عَلَى كَذَا وَأَبْرَأْتُك عَنْ الْبَاقِي. الصُّلْحُ إذَا كَانَ مِنْ مَالٍ بِمَنْفَعَةٍ كَانَ إجَارَةً، وَلَوْ كَانَ عَلَى خِدْمَةِ الْعَبْدِ الْمُدَّعَى بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَخِّرْهَا عَنِّي أَوْ صَالِحْنِي فَإِقْرَارٌ وَلَوْ قَالَ: أَبْرِئْنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى أَوْ صَالِحْنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَكَذَا فِي دَعْوَى الدَّارِ (انْتَهَى) . وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: إذَا صَالَحَهُ مِنْ حَقِّهِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْحَقِّ وَالْقَوْلُ فِي بَيَانِ الْحَقِّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُجْمَلَ وَإِنْ صَالَحَ مِنْ دَعْوَى الْحَقِّ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا. (29) قَوْلُهُ: الصُّلْحُ إذَا كَانَ عَنْ مَالٍ بِمَنْفَعَةٍ كَانَ إجَارَةً وَكَذَا إذَا وَقَعَ عَنْ مَنْفَعَةٍ بِمَالٍ أَيْ اُعْتُبِرَ بِالْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ لِلْمَعَانِي فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِلْمُ بِالْمُدَّةِ كَخِدْمَةِ الْعَبْدِ وَسُكْنَى الدَّارِ وَالْمَسَافَةِ كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ بِخِلَافِ صَبْغِ الثَّوْبِ وَحَمْلِ الطَّعَامِ فَاشْتُرِطَ بَيَانُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا فِي الْمُدَّةِ إنْ عَقَدَهُ لِنَفْسِهِ وَكَذَا بِفَوَاتِ الْمَحَلِّ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْبَعْضِ بَطَلَ فِيمَا بَقِيَ وَيَرْجِعُ الْمُدَّعِي بِقَدْرِ مَا لَمْ يَسْتَوْفِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ. وَلَوْ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ فَقُتِلَ؛ إنْ كَانَ الْقَاتِلُ الْمَوْلَى بَطَلَ وَإِلَّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَاشْتَرَى بِهَا عَبْدًا يَخْدُمُهُ إنْشَاءً كَالْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ حَيْثُ يَضْمَنُ الْمَوْلَى بِالْإِتْلَافِ وَالْعِتْقِ وَالِاعْتِبَارُ بِالْإِجَارَةِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُخْتَلِفِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَاعْتَمَدَهُ الْمَحْبُوبِيُّ وَالنَّسَفِيُّ وَكَذَا بُطْلَانُ الصُّلْحِ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا فِي الْمُدَّةِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ مَاتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ الْمَنْفَعَةِ مِنْ الْعَيْنِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا وَإِنْ مَاتَ الْمُدَّعِي لَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ أَيْضًا فِي خِدْمَةِ الْعَبْدِ وَسُكْنَى الدَّارِ وَزِرَاعَةِ الْأَرْضِ وَتَقُومُ وَرَثَةُ الْمُدَّعِي مَقَامَهُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ فِي رُكُوبِ الدَّابَّةِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْعَاقِدُ ثُمَّ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إجَارَةً عِنْدَ مُحَمَّدٍ إذَا وَقَعَ عَلَى خِلَافِ جِنْسِ الْمُدَّعَى بِهِ فَإِنْ ادَّعَى دَارًا فَصَالَحَهُ عَلَى سُكْنَاهَا شَهْرًا فَهُوَ اسْتِيفَاءُ بَعْضِ حَقِّهِ لَا إجَارَةٌ فَتَصِحُّ إجَارَتُهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَصُورَةُ الصُّلْحِ عَنْ مَالٍ بِمَنْفَعَةٍ: رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا فَاعْتَرَفَ بِهِ فَصَالَحَهُ عَلَى سُكْنَى دَارِهِ أَوْ رُكُوبِ دَابَّتِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً. وَصُورَةُ الصُّلْحِ عَنْ مَنْفَعَةٍ بِمَالٍ: رَجُلٌ ادَّعَى سُكْنَى دَارٍ سَنَةً وَصِيَّةً مِنْ مَالِكِهَا فَأَقَرَّ بِهِ وَارِثُهُ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ.

إلَّا إذَا صَالَحَهُ عَلَى غَلَّتِهِ أَوْ غَلَّةِ الدَّارِ فَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ كَثَمَرَةِ النَّخْلِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ 31 - إذَا اسْتَحَقَّ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ رَجَعَ إلَى الدَّعْوَى 32 - إلَّا إذَا كَانَ مِمَّا لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا إذَا صَالَحَهُ عَلَى غَلَّتِهِ أَوْ غَلَّةِ الدَّارِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُنْيَةِ: أَوْصَى بِغَلَّةِ عَبْدِهِ فَصَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ أَقَلَّ مِنْ غَلَّتِهِ جَازَ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الْفَصْلِ الْمُكَمِّلِ ثَلَاثِينَ: أَوْصَى بِغَلَّةِ نَخْلِهِ فَصَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ جَازَ اسْتِحْسَانًا. (31) قَوْلُهُ: إذَا اسْتَحَقَّ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ رَجَعَ إلَى الدَّعْوَى. يَعْنِي إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ فِي الصُّلْحِ عَلَى إنْكَارٍ هُوَ الدَّعْوَى فَإِذَا اسْتَحَقَّ الْبَدَلَ وَهُوَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ رَجَعَ بِالْمُبْدَلِ وَهُوَ الدَّعْوَى كَمَا فِي الْكَافِي؛ وَفِي الْبَحْرِ: إذَا اسْتَحَقَّ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ رَجَعَ إلَى الدَّعْوَى فِي كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ إلَّا إذَا كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ وَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْمُدَّعَى بِهِ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ بِمِثْلِ مَا اسْتَحَقَّ وَلَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ كَمَا إذَا ادَّعَى أَلْفًا فَصَالَحَهُ عَلَى مِائَةٍ وَقَبَضَهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ عِنْد اسْتِحْقَاقِهَا، سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا لَوْ وَجَدَهَا سَتُّوقَةً أَوْ نَبَهْرَجَةً بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَالدَّنَانِيرِ هَذَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ فَإِنَّ الصُّلْحَ يَبْطُلُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ رَجَعَ بِمِثْلِهَا وَلَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ كَالْفُلُوسِ، وَهَلَاكُ بَدَلِ الصُّلْحِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ كَاسْتِحْقَاقِهِ فِي فَصْلِ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ وَالسُّكُوتِ وَإِنْ ادَّعَى حَقًّا فِي دَارِ مَجْهُولٍ فَصَالَحَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ بَعْضَ الدَّارِ لَمْ يَرُدَّ شَيْئًا مِنْ الْعِوَضِ وَإِذَا ادَّعَى دَارًا فَصَالَحَهُ عَلَى قِطْعَةٍ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ حَتَّى يَزِيدَ دِرْهَمًا فِي بَدَلِ الصُّلْحِ أَوْ يُلْحِقَ بِهِ ذِكْرَ الْبَرَاءَةِ عَنْ دَعْوَى الْبَاقِي هَذَا إذَا اسْتَحَقَّ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ وَلَوْ اسْتَحَقَّ التَّنَازُعَ فِيهِ رَجَعَ الْمُدَّعِي بِالْخُصُومَةِ مَعَ الْمُسْتَحِقِّ وَيَرُدُّ الْبَدَلَ وَلَوْ بَعْضَهُ فَيُقَدِّرُهُ (انْتَهَى) . وَقَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ حَتَّى يَزِيدَ دِرْهَمًا فِي بَدَلِ الصُّلْحِ أَوْ يُلْحِقَ بِهِ ذِكْرَ الْبَرَاءَةِ عَنْ دَعْوَى الْبَاقِي فِيهِ أَنَّهُ خِلَافٌ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ بَرَاءَتَهُ عَنْ دَعْوَى الْبَاقِي أَوْ يَزِيدَ دِرْهَمًا إلَيْهِ أُشِيرَ فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الِاخْتِيَارِ (32) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ مِمَّا لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ إلَخْ. أَيْ إلَّا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ الْمَفْهُومَ مِنْ الْمَقَامِ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ بِقِيمَتِهِ يَرْجِعُ لِلْمُصَالَحِ عَلَيْهِ فَفِي الْعِبَارَةِ تَفْكِيكٌ.

كَالْقِصَاصِ 34 - وَالْعِتْقِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ كَمَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، 35 - الصُّلْحُ جَائِزٌ عَنْ دَعْوَى الْمَنَافِعِ إلَّا دَعْوَى الْإِجَارَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَالْقِصَاصِ. أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى قِصَاصًا فَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إقْرَارٍ، عَلَى جَارِيَةٍ فَاسْتَوْلَدَهَا الْمُدَّعِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَأَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ وَضَمَّنَهُ الْعُقْرَ وَقِيمَةَ الْوَلَدِ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَرْجِعُ إلَى دَعْوَاهُ فَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَوْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَقِيمَةِ الْجَارِيَةِ أَيْضًا وَلَا يَرْجِعُ بِمَا ادَّعَاهُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ يَعْنِي لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفًا فَجَحَدَهَا أَوْ سَكَتَ فَصَالَحَهُ عَلَى جَارِيَةٍ وَقَبَضَهَا وَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا مُسْتَحِقٌّ فَأَخَذَهَا فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَيَرْجِعُ بِمَا ادَّعَاهُ وَهُوَ الْأَلْفُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الصُّلْحَ ثَمَّةَ وَقَعَ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ وَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بِالْإِقَالَةِ وَالرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَالْخِيَارَ، فَكَذَا يَنْفَسِخُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَإِذَا انْفَسَخَ عَادَتْ الدَّعْوَى كَمَا كَانَتْ فَيَرْجِعُ بِمَا ادَّعَاهُ وَهُوَ الْأَلْفُ، أَمَّا الصُّلْحُ عَنْ الْقِصَاصِ فَلَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ سُقُوطِهِ لَا يَحْتَمِلُ الْعَوْدَ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَفْوٌ فَلَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ كَالْعِتْقِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ، فَإِذَا لَمْ يَنْفَسِخْ بِاسْتِحْقَاقِ الْجَارِيَةِ بَقِيَ الصُّلْحُ عَلَى حَالِهِ وَهُوَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِتَسْلِيمِ الْجَارِيَةِ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِهَا فَتَجِبُ قِيمَتُهَا. كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْفَخْرِ الْمَارْدِينِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ إشْكَالٌ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ إذَا أَقْرَرْتُمْ أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ الدَّمِ لَا يَنْتَقِضُ بِاسْتِحْقَاقِ الْجَارِيَةِ وَجَبَ أَنْ لَا يَرْجِعَ إلَى دَعْوَاهُ يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ أَوْ نُكُولٍ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ إلَى الدَّعْوَى نَتِيجَةُ انْتِقَاضِ الصُّلْحِ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا وَلَمْ يُنْتَقَضْ. (34) قَوْلُهُ: وَالْعِتْقِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ كَمَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. أَقُولُ: لَمْ يَجْعَلْ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ الْعِتْقَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِثَالًا لِمَا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ بَلْ نَظِيرُ الْقِصَاصِ فِي عَدَمِ قَبُولِ النَّقْضِ وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ فِيهَا يَحْتَاجُ إلَى إمْعَانِ النَّظَرِ وَالتَّأَمُّلِ. (35) قَوْلُهُ: الصُّلْحُ جَائِزٌ عَنْ دَعْوَى الْمَنَافِعِ إلَّا دَعْوَى الْإِجَارَةِ. أَقُولُ: فِي الْبَحْرِ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ: الصُّلْحُ جَائِزٌ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ مُطْلَقًا وَالْمَنْفَعَةِ كَصُلْحِ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ الْمُؤَجِّرِ عِنْدَ إنْكَارِ الْإِجَارَةِ أَوْ مِقْدَارِ الْمُدَّةِ الْمُدَّعَى بِهَا أَوْ الْأُجْرَةِ (انْتَهَى) . وَفِي

كَمَا فِي الْمُسْتَصْفَى. 37 - لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ الْحَدِّ وَلَا يَسْقُطُ بِهِ 38 - إلَّا حَدَّ الْقَذْفِ إذَا كَانَ قَبْلَ الْمُرَافَعَةِ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ صَالَحَ الْمَحْبُوسَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا لَمْ تُقْبَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ لِابْنِ الْمَلَكِ: وَيَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى مَالٍ وَمَنْفَعَةٍ بِمَالٍ وَمَنْفَعَةٍ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَنْ الْمَالِ بِالْمَالِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ لَكِنَّ الصُّلْحَ عَنْ الْمَنْفَعَةِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَا مُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ بِأَنْ يُصَالِحَ عَنْ الْكُنَى عَلَى خِدْمَةِ الْعَبْدِ، وَأَمَّا إذَا اتَّحَدَ جِنْسُهُمَا فَلَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْمَنْفَعَةِ بِجِنْسِهَا مِنْ الْمَنْفَعَةِ (انْتَهَى) . وَمِثْلُهُ فِي التَّبْيِينِ وَفِي الْمَبْسُوطِ مَا يُخَالِفُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ فَلْيُرَاجَعْ. (36) قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُسْتَصْفَى شَرْحِ النَّافِعِ عِبَارَتُهُ: صُورَةُ دَعْوَى الْمَنَافِعِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْوَرَثَةِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِخِدْمَةِ هَذَا الْعَبْدِ وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ؛ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ مَحْفُوظَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى اسْتِئْجَارَ عَيْنٍ وَالْمَالِكُ يُنْكِرُ ثُمَّ تَصَالَحَا لَمْ يَجُزْ. (37) قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ الْحَدِّ إلَخْ. فِي الْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ لِابْنِ الْمَلَكِ: لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى حَدٍّ أَيِّ حَدٍّ كَانَ؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَالِاعْتِيَاضُ عَنْ حَقِّ الْغَيْرِ لَا يَجُوزُ وَفِي حَدِّ الْقَذْفِ حَقُّ الشَّرْعِ غَالِبٌ (انْتَهَى) . وَصَوَّرَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الِاعْتِيَاضَ عَنْ دَعْوَى الْمَرْأَةِ نَسَبَ وَلَدِهَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْوَلَدِ لَا حَقُّهَا وَكَذَا لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَمَّا أَشْرَعَهُ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ مِنْ ظُلَّةٍ أَوْ كَنِيفٍ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُمْ فَلَا يَصِحُّ انْفِرَادُ وَاحِدٍ بِالصُّلْحِ عَنْهُ لِاسْتِلْزَامِهِ الِاعْتِيَاضَ عَنْ حَقِّ الْغَيْرِ. ذَكَرَهُ أَبُو الْبَقَاءِ فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ وَذَكَرَ فِي مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَالذَّخِيرَةِ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ صَالَحَ صَاحِبَ الظُّلَّةِ عَلَى دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يَتْرُكَ الظُّلَّةَ جَازَ الصُّلْحُ وَإِنْ كَانَ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ إصْلَاحُ الْمُسْلِمِينَ وَيَضَعُ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِيَاضَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ الْعَامِّ جَائِزٌ لِلْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ الْكَنِيفُ أَوْ الظُّلَّةُ عَلَى طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ فَصَالَحَهُ رَجُلٌ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ مَمْلُوكٌ لِأَهْلِهَا، وَالصُّلْحُ مَعَهُ مُفِيدٌ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ بِهِ حَقَّهُ فَيَتَوَصَّلُ إلَى تَحْصِيلِ رِضَى الْبَاقِينَ. (38) قَوْلُهُ: إلَّا حَدَّ الْقَذْفِ. اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَسْقُطُ بِهِ لَا مِنْ قَوْلِهِ لَا يَصِحُّ

إلَّا إذَا كَانَ فِي حَبْسِ الْوَالِي؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ حَبْسُهُ ظُلْمًا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. الصُّلْحُ يَقْبَلُ الْإِقَالَةَ وَالنَّقْضَ إلَّا إذَا صَالَحَ عَنْ الْعَشَرَةِ عَلَى خَمْسَةٍ. 40 - كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. 41 - ادَّعَى فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَهُ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَطَلَ الصُّلْحُ 42 - كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْعَاشِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالصُّلْحُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ وَنَصُّهَا: رَجُلٌ قَذَفَ مُحْصَنًا أَوْ مُحْصَنَةً فَأَرَادَ الْمَقْذُوفُ حَدَّ الْقَاذِفِ فَصَالَحَهُ الْقَاذِفُ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ أَوْ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ عَلَى أَنْ يَعْفُوَهُ عَنْهُ فَفَعَلَ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ حَتَّى لَا يَجِبَ الْمَالُ؛ وَهَلْ يَسْقُطُ الْحَدُّ؟ إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْمُرَافَعَةِ إلَى الْقَاضِي بَطَلَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُرَافَعَةِ إلَى الْقَاضِي لَا يَبْطُلُ الْحَدُّ (انْتَهَى) . وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى: وَحْدُ السَّرِقَةِ لَا يَثْبُتُ مِنْ غَيْرِ خُصُومَةٍ وَيَصِحُّ عَنْهُ الصُّلْحُ (انْتَهَى) . فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ. (39) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ فِي حَبْسِ الْوَالِي: أَقُولُ: قَالَ فِي الْمُحِيطِ: أَوْ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ. (40) قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. عِبَارَتُهَا: صَالَحَ عَنْ الْعَشَرَةِ بِالْخَمْسَةِ ثُمَّ نَقَضَا الصُّلْحَ لَا يَنْتَقِضُ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ بِجِنْسِ حَقِّهِ إسْقَاطٌ، وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ. قَالَ أُسْتَاذُنَا: وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِالصَّوَابِ وَالصَّوَابُ أَنَّ الصُّلْحَ إذَا كَانَ بِمَعْنَى الْمُعَارَضَةِ يَنْتَقِضُ بِنَقْضِهِمَا وَجَوَابُ الْبَاقِينَ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا، وَإِذَا كَانَ بِمَعْنَى اسْتِيفَاءِ الْبَعْضِ وَإِسْقَاطِ الْبَعْضِ لَا يَنْتَقِضُ بِنَقْضِهِمَا (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَتَّضِحُ لَكَ مَا فِي نَقْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ فَإِنَّ صَاحِبَ الْقُنْيَةِ لَمْ يَجْزِمْ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَلْ فَصَّلَ الْكَلَامَ وَذَكَرَ أَنَّ التَّفْصِيلَ هُوَ الصَّوَابُ فَتَنَبَّهْ. (41) قَوْلُهُ: ادَّعَى فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ. قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا نَقِيضُ مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّفْحَةِ الْمُقَابِلَةِ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ يَبْطُلُ الصُّلْحُ إنْ كَانَ بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ. (42) قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا فِي الْعِمَادِيَّةِ بَعْدَ التَّفَحُّصِ الْبَالِغِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الْعَاشِرِ وَلَيْسَ فِيهِ لَفْظُ " فَأَنْكَرَ " (انْتَهَى) . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[كتاب المضاربة]

كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ إذَا فَسَدَتْ كَانَ لِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ إنْ عَمِلَ، إلَّا فِي الْوَصِيِّ يَأْخُذُ مَالَ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً فَاسِدَةً فَلَا شَيْءَ لَهُ إذَا عَمِلَ. 1 - كَذَا فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ. إذَا ادَّعَى الْمُضَارِبُ فَسَادَهَا فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ أَوْ عَكْسُهُ فَلِلْمُضَارِبِ، 2 - فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ] قَوْلُهُ: كَذَا فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ. عِبَارَتُهُ: وَالْوَصِيُّ يَمْلِكُ أَخْذَ مَالِ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً فَإِنْ أَخَذَهُ عَلَى أَنَّ لَهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ الرِّبْحِ فَهَذِهِ دَرَاهِمُ مُضَارَبَةٍ فَاسِدَةٍ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَهَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ مَتَى فَسَدَتْ تَنْعَقِدُ إجَارَةً فَاسِدَةً وَفِيهَا يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَمَعَ هَذَا قَالَ: لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ هَذَا رَاجِعٌ إلَى أَنَّ الْوَصِيَّ يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ لِلْيَتِيمِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ فِي عِبَارَةِ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّهُ أَسْقَطَ مِنْ عِبَارَتِهِ مَا بِهِ يَتَّضِحُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْإِشْكَالَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ قَالَ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ قَدْ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ وَأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيهَا فَلَوْ أَوْجَبَ الْأَجْرَ؛ لَزِمَ إيجَابُ الْمُتَقَوِّمِ فِي غَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ نَظَرًا إلَى الْأَصْلِ وَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَالصَّغِيرِ وَالتَّقَوُّمُ بِالْعَقْلِ الصَّحِيحِ بِالنُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ وَالنَّصُّ لَمْ يَرِدْ فِي الْفَاسِدِ وَالْوَارِدُ فِي الصَّحِيحِ لَا يَكُونُ وَارِدًا فِي الْفَاسِدِ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ. (2) قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ. يَعْنِي لَا لِمُدَّعِي الْفَسَادِ. أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَدْفَعْ مُدَّعِي الْفَسَادِ بِدَعْوَى الْفَسَادِ اسْتِحْقَاقَ مَالٍ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا إذَا ادَّعَى الْمُضَارِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ بِأَنْ قَالَ لِرَبِّ الْمَالِ شَرَطْتَ لِي الرِّبْحَ إلَّا عَشَرَةً، وَرَبُّ الْمَالِ يَدَّعِي جَوَازَ الْمُضَارَبَةِ بِأَنْ قَالَ شَرَطْتُ لَكَ نِصْفَ الرِّبْحِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ

إلَّا إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ: شَرَطْتُ لَكَ الثُّلُثَ وَزِيَادَةَ عَشَرَةٍ وَقَالَ الْمُضَارِبُ: الثُّلُثَ، فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْبُيُوعِ، 4 - لِلْمُضَارِبِ الشِّرَاءُ إلَّا الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ بِدَعْوَى الْفَسَادِ لَا يَدْفَعُ اسْتِحْقَاقًا عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَى الْمُضَارِبِ مَنَافِعُهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْمُسْتَحَقَّ لَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ جُزْءٌ مِنْ الرِّبْحِ وَأَنَّهُ عَيْنُ مَالٍ وَالْمَالُ خَيْرٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقُ بِعِوَضٍ هُوَ خَيْرٌ فَلَا اسْتِحْقَاقَ فَلَمْ يَكُنْ الْمُضَارِبُ بِدَعْوَى الْفَسَادِ دَافِعًا عَنْ نَفْسِهِ اسْتِحْقَاقًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ وَرَبُّ الْمَالِ إذَا ادَّعَى فَسَادَ الْمُضَارَبَةِ بِأَنْ قَالَ لِلْمُضَارِبِ: شَرَطْتُ لَكَ نِصْفَ الرِّبْحِ إلَّا عَشَرَةً، وَالْمُضَارِبُ ادَّعَى جَوَازَ الْمُضَارَبَةِ بِأَنْ قَالَ: شَرَطْتَ لِي نِصْفَ الرِّبْحِ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ بِدَعْوَى الْفَسَادِ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ اسْتِحْقَاقَ مَالٍ؛ لِأَنَّ مَا يُسْتَحَقُّ لِرَبِّ الْمَالِ مَنْفَعَةُ الْمُضَارِبِ وَمَا يُسْتَحَقُّ عَلَى رَبِّ الْمَالِ عَيْنُ مَالٍ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ الرِّبْحِ وَالْعَيْنُ خَيْرٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ، وَإِذْ كَانَ كَذَلِكَ؛ كَانَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِدَعْوَى الْفَسَادِ دَافِعًا عَنْ نَفْسِهِ اسْتِحْقَاقَ زِيَادَةِ مَالٍ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (3) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ: شَرَطْتُ لَكَ الثُّلُثَ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَظْهَرُ اسْتِثْنَاءُ هَذَا الْفَرْعِ عَنْ الْقَاعِدَةِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ يَدَّعِي الْفَسَادَ، وَالْمُضَارِبَ الصِّحَّةَ وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِيهَا فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْقَاعِدَةِ كَمَا لَا يَخْفَى. أَقُولُ: لَيْسَتْ الْقَاعِدَةُ عَلَى إطْلَاقِهَا، بَلْ هِيَ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا لَمْ يَدْفَعْ مُدَّعِي الْفَسَادِ بِدَعْوَاهُ الْفَسَادَ اسْتِحْقَاقَ مَالٍ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا هُنَا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الذَّخِيرَةِ، وَحِينَئِذٍ لَا صِحَّةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ وَالصَّوَابُ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى الْفَسَادَ لِيَدْفَعَ بِدَعْوَاهُ الْفَسَادَ اسْتِحْقَاقَ مَالٍ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا هُنَا وَحِينَئِذٍ يَتِمُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَا وَجْهَ لِمَا قِيلَ إنَّ الْقَوْلَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ حَيْثُ كَانَتْ الْقَاعِدَةُ مُقَيَّدَةً بِمَا ذَكَرْنَاهُ. (4) قَوْلُهُ: لِلْمُضَارِبِ الشِّرَاءُ إلَّا الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ إلَخْ. أَقُولُ: صَوَابُ الْعِبَارَةِ لَا الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الشُّفْعَةِ مِنْ الشِّرَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ عِبَارَةٌ عَنْ التَّمَلُّكِ جَبْرًا وَالشِّرَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ التَّمَلُّكِ اخْتِيَارًا، وَلَيْسَ فِي عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ نَفْسِ اسْتِثْنَاءِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَعِبَارَتُهَا: وَلَا يُقْرِضُ يَعْنِي الْمُضَارِبَ

فَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالنَّصِّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَلِلْمُضَارِبِ الْبَيْعُ بِالنَّسِيئَةِ إلَّا إلَى أَجَلٍ لَا يَبِيعُ إلَيْهِ التُّجَّارُ وَيَمْلِكُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا الْبَاطِلَ. لَا يَتَجَاوَزُ الْمُضَارِبُ مَا عَيَّنَهُ لَهُ رَبُّ الْمَالِ 6 - إلَّا إذَا قُيِّدَ عَلَيْهِ بِسُوقٍ بِخِلَافِ التَّقْيِيدِ بِالْبَلَدِ وَإِلَّا إذَا قُيِّدَ بِأَهْلِ بَلَدٍ كَأَهْلِ الْكُوفَةِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِهِمْ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ مِنْهُمْ. الْمُضَارَبَةُ تَقْبَلُ التَّقْيِيدَ بِالْوَقْتِ فَتَبْطُلُ بِمُضِيِّهِ، تُصْرَفُ أَوَّلًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. 7 - يَصِحُّ نَهْيُ رَبِّ الْمَالِ مُضَارَبَةً إلَّا إذَا صَارَ الْمَالُ عَرُوضًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ إلَّا إذَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ (انْتَهَى) . يَعْنِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ عَادَةِ التُّجَّارِ وَفِي الْبَدَائِعِ مَا يُخَالِفُ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ أَنَّ أَجْنَبِيًّا اشْتَرَى دَارًا إلَى جَنْبِ دَارِ الْمُضَارَبَةِ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ وَفَاءٌ بِالثَّمَنِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ لِلْمُضَارَبَةِ فَإِنْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ، وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَهَا لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ وَجَبَتْ لِلْمُضَارَبَةِ وَمِلْكُ التَّصَرُّفِ لِلْمُضَارَبَةِ لِلْمُضَارِبِ فَإِذَا سَلَّمَ جَازَ تَسْلِيمُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ وَفَاءٌ فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ رِبْحٌ فَالشُّفْعَةُ لِلْمُضَارِبِ وَلِرَبِّ الْمَالِ جَمِيعًا فَإِنْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا فَلِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَهَا جَمِيعَهَا لِنَفْسِهِ بِالشُّفْعَةِ كَدَارٍ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ رِبْحٌ فَالشُّفْعَةُ لِرَبِّ الْمَالِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ لَا نَصِيبَ لِلْمُضَارِبِ فِيهِ. (5) قَوْلُهُ: وَيَمْلِكُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا الْبَاطِلَ. إنَّمَا مَلَكَ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِيهِ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ فَيَحْصُلُ الرِّبْحُ بِخِلَافِ الْبَاطِلِ (6) قَوْلُهُ: وَإِلَّا إذَا قُيِّدَ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى السَّابِقِ. (7) قَوْلُهُ: يَصِحُّ نَهْيُ رَبِّ الْمَالِ مُضَارَبَةً إلَخْ. فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ: الْمُضَارَبَةُ إذَا خَصَّهَا رَبُّ الْمَالِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ بِحَالِهِ وَاشْتَرَى بِهِ مَتَاعًا ثُمَّ بَاعَهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَإِنَّ تَخْصِيصَهُ جَائِزٌ كَمَا لَوْ خَصَّصَ الْمُضَارَبَةَ فِي الِابْتِدَاءِ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ التَّخْصِيصَ إذَا كَانَ فِيهِ فَائِدَةٌ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ عَرُوضًا فَلَا يَصِحُّ نَهْيُ رَبِّ الْمَالِ حَتَّى يَصِيرَ نَقْدًا.

إذَا قَالَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ 9 - ثُمَّ قَالَ لَهُ لَا تَعْمَلْ بِرَأْيِكَ صَحَّ نَهْيُهُ. 10 - إلَّا إذَا كَانَ بَعْدَ الْعَمَلِ. أَطْلَقَهَا ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ السَّفَرِ عَمِلَ نَهْيَهُ إلَّا إذَا كَانَ بَعْدَ الشِّرَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذَا قَالَ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ. كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (9) قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ إلَخْ. وَلَوْ قَالَ لَا تَبِعْ مِنْ فُلَانٍ وَلَا تَشْتَرِ مِنْهُ صَحَّ لَوْ قَبْلَ الْعَمَلِ وَلَوْ اشْتَرَى بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ. وَإِنْ قَالَ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَلَوْ بَاعَ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ جَازَ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا إذَا قِيلَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ يَمْلِكُهُ كُلَّهُ خَلَا الْإِقْرَاضِ وَالِاسْتِدَانَةِ وَالسَّفَاتِجِ وَالشِّرَاءِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ. (10) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ بَعْدَ الشِّرَاءِ. قِيلَ: لَعَلَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ ظُهُورُ كَوْنِ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ الْبِضَاعَةِ يَرُوجُ كَالرَّوَاجِ فِي بَلْدَةِ كَذَا فَإِذَا ظَهَرَ لَهُ ذَلِكَ فَالْمَصْلَحَةُ حِينَئِذٍ فِي السَّفَرِ إلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ لِيَكُونَ الرِّبْحُ أَوْفَرَ (انْتَهَى) . قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْأَصَحُّ أَنَّ نَهْيَهُ عَنْ السَّفَرِ شَامِلٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَمَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[كتاب الهبة]

كِتَابُ الْهِبَةِ. 1 - هِبَةُ الْمَشْغُولِ لَا تَجُوزُ 2 - إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا وَهَبَ الْأَبُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْهِبَةِ] قَوْلُهُ: هِبَةُ الْمَشْغُولِ لَا تَجُوزُ. وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ دَارٌ وَفِيهَا أَمْتِعَةٌ فَوَهَبَهَا مِنْ رَجُلٍ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مَشْغُولٌ بِمَا لَيْسَ بِمَوْهُوبٍ فَلَا يَصِحُّ التَّسْلِيمُ؛ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ دَارَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِيهَا وَلَهَا أَمْتِعَةٌ فِيهَا وَالزَّوْجُ سَاكِنٌ مَعَهَا حَيْثُ يَصِحُّ، وَالْفَرْقُ أَنَّهَا وَمَا فِي يَدِهَا فِي الدَّارِ فِي يَدِهِ؛ فَكَانَتْ الدَّارُ مَشْغُولَةً بِعِيَالِهِ، وَهَذَا لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ قَبْضِهِ. كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَقَيَّدَ بِهِبَةِ الْمَشْغُولِ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الشَّاغِلِ لِمِلْكِ الْوَاهِبِ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ كَمَا لَوْ وَهَبَ مَتَاعًا فِي دَارِهِ وَطَعَامًا فِي جِرَابِهِ إذَا سَلَّمَهَا بِمَا فِيهَا؛ وَهَذَا لِأَنَّ الْمَظْرُوفَ يَشْغَلُ الظَّرْفَ أَمَّا الظَّرْفُ فَلَا يَشْغَلُ الْمَظْرُوفَ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ. وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الشَّاغِلُ مِلْكَ الْوَاهِبِ أَوْ مِلْكَ غَيْرِهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْعِمَادِيَّةِ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ أَنْ يُقَالَ: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُعْطِي أَنَّ هِبَةَ الْمَشْغُولِ فَاسِدَةٌ وَاَلَّذِي فِي الْعِمَادِيَّةِ أَنَّهَا غَيْرُ تَامَّةٍ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ كَمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي هِبَةِ الْمُشَاعِ الْمُحْتَمِلِ لِلْقِسْمَةِ هَلْ هِيَ فَاسِدَةٌ أَوْ غَيْرُ تَامَّةٍ. وَفِي الْبِنَايَةِ الْأَصَحُّ: أَنَّهَا غَيْرُ تَامَّةٍ فَكَذَلِكَ هُنَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِمَا إذَا لَمْ يُودَعْهُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَمَّا لَوْ أُودِعَ الشَّاغِلَ مِنْهُ ثُمَّ سَلَّمَهُ مَا وَهَبَهُ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَهَذِهِ حِيلَةٌ فِي جَوَازِ هِبَةِ الْمَشْغُولِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ. (2) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا وَهَبَ الْأَبُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِدَارٍ وَالْأَبُ سَاكِنُهَا؛ قَالَ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا تَجُوزُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَجُوزُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (انْتَهَى) . لِأَنَّ الشَّرْطَ قَبْضُ الْوَاهِبِ هِبَتَهَا، وَكَوْنُ الدَّارِ مَشْغُولَةً بِمَتَاعِ الْوَاهِبِ لَا يَمْنَعُ قَبْضَ الْوَاهِبِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَهَبَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ دَارًا وَفِيهَا مَتَاعُ الْوَاهِبِ أَوْ تَصَدَّقَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ بِدَارٍ وَفِيهَا مَتَاعُ الْأَبِ

قَبُولُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ الْهِبَةَ صَحِيحٌ 4 - إلَّا إذَا وَهَبَ لَهُ مَا لَا نَفْعَ لَهُ وَتَلْحَقُهُ مُؤْنَتُهُ، فَإِنَّ قَبُولَهُ بَاطِلٌ وَيُرَدُّ إلَى الْوَاهِبِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْأَبُ سَاكِنٌ فِيهَا تَجُوزُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، أَوْ يُسْكِنُهَا غَيْرَهُ بِلَا أَجْرٍ وَالْأُمُّ كَالْأَبِ وَلَوْ مَيِّتًا وَالِابْنُ فِي يَدِهَا وَلَيْسَ لَهُ وَصِيٌّ وَكَذَا مَنْ يَعُولُهُ وَالصَّدَقَةُ فِي هَذَا كُلِّهِ كَالْهِبَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ بِلَا أَجْرٍ أَنَّ الْغَيْرَ لَوْ كَانَ يَسْكُنُهَا بِالْأَجْرِ لَمْ تَجُزْ الصَّدَقَةُ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَزَّازِيُّ وَوَجَّهَهُ فِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَسْكُنُهَا بِالْأَجْرِ فَيَدُهُ عَلَى الْمَوْهُوبِ ثَابِتَةٌ بِصِفَةِ اللُّزُومِ فَيَمْنَعُ قَبْضُ غَيْرِهِ تَمَامَ الْهِبَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ أَجْرٍ. (3) قَوْلُهُ: قَبُولُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ الْهِبَةَ صَحِيحٌ. أَقُولُ: وَكَذَا رَدُّهُ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَعِبَارَتُهَا: إذَا وَهَبَ إنْسَانٌ لِصَغِيرٍ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ شَيْئًا يَصِحُّ رَدُّهُ كَمَا يَصِحُّ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إبْطَالَ حَقٍّ ثَابِتٍ لِصَغِيرٍ فَيَمْلِكُهُ (انْتَهَى) . قُلْتُ وَكَذَا قَبُولُ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ صَحِيحٌ كَمَا فِي رَمْزِ الْمَقْدِسِيِّ وَعِبَارَتُهُ: وَهَبَ لِعَبْدٍ مَحْجُورٍ وَنَحْوِهِ فَالْقَبُولُ وَالْقَبْضُ لَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَافِعٌ لِلْمَوْلَى، وَالْعَبْدُ مَالِكٌ بِمِثْلِهِ كَالِاحْتِطَابِ وَالْمِلْكُ لِلْمَوْلَى وَكَذَا الْمُكَاتَبُ لَكِنْ لَا يَمْلِكُهُ الْمَوْلَى (انْتَهَى) . قُلْتُ وَلَمْ يَذْكُرْ الرَّدَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَأَطْلَقَ صِحَّةَ الْقَبُولِ مِنْهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْأَبُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْمَبْسُوطِ وَهَبَ لِلصَّغِيرِ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ وَلَيْسَ لِلْأَبِ التَّفْوِيضُ (انْتَهَى) . وَفِي الْخَانِيَّةِ. وَيَبِيعُ الْقَاضِي مَا وَهَبَ لِلصَّغِيرِ حَتَّى لَا يَرْجِعَ الْوَاهِبُ فِي هِبَتِهِ (انْتَهَى) وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَقَيَّدَ بِالْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْمَدْيُونَ لَوْ دَفَعَ مَا عَلَيْهِ لِلصَّبِيِّ وَمُسْتَأْجِرُهُ لَوْ دَفَعَ الْأُجْرَةَ إلَيْهِ لَا يَصِحُّ وَأَفَادَ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ لِلصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَلَا تَتِمُّ بِقَبْضِهِ. وَأَشَارَ بِإِطْلَاقِهِ إلَى أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَوْ كَانَ مَدْيُونًا لِلصَّغِيرِ تَصِحُّ الْهِبَةُ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. (4) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا وَهَبَ لَهُ مَا لَا نَفْعَ لَهُ إلَخْ. كَمَا لَوْ وَهَبَ لِصَبِيٍّ عَبْدًا أَعْمَى أَوْ تُرَابًا فِي دَارِهِ لَا يَصِحُّ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ يَشْتَرِي ذَلِكَ مِنْهُ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ قَبُولُهُ وَلَا يُرَدُّ وَإِنْ كَانَ لَا يَشْتَرِي مِنْهُ وَيَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ النَّقْلِ وَنَفَقَةُ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ كَمَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْأُسْرُوشَنِيِّ، وَيَجُوزُ فِي " مَا " فِي قَوْلِهِ: مَا لَا نَفْعَ لَهُ أَنْ تَكُونَ مَعْرِفَةً مَوْصُولَةً وَأَنْ تَكُونَ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالرَّابِطُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ مَا لَا نَفْعَ لَهُ فِيهِ.

تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَاطِلٌ 6 - إلَّا إذَا سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ، 7 - وَمِنْهُ لَوْ وَهَبَتْ مِنْ ابْنِهَا مَا عَلَى أَبِيهِ لَهَا. فَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ 8 - لِلتَّسْلِيطِ. وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ 9 - لَوْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لَهُ لَمْ يَجُزْ 10 - وَلَوْ كَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَاطِلٌ. أَيْ تَمْلِيكُ الدَّائِنِ الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ وَقَوْلُهُ " مِنْ غَيْرِ " ظَرْفُ لَغْوٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَصْدَرِ، وَقَوْلُهُ " بَاطِلٌ " خَبَرٌ عَنْ " تَمْلِيكُ " وَيَجُوزُ فِي " مَنْ " أَنْ تَكُونَ مَوْصُولَةً كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ وَأَنْ تَكُونَ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً وَهَذَا أَوْلَى وَأَفَادَ أَنَّهُ يَصِحُّ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا لَوْ وَهَبَ غَرِيمُ الْمَيِّتِ الدَّيْنَ مِنْ وَرَائِهِ وَلَوْ رَدَّ الْوَارِثُ الْهِبَةَ تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقِيلَ لَا خِلَافَ هُنَا وَالْخِلَافُ فِيمَا لَوْ وَهَبَهُ لِلْمَيِّتِ فَرَدَّهُ الْوَارِثُ وَلَوْ وَهَبَ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ فَالْهِبَةُ لِكُلِّهِمْ وَلَوْ أَبْرَأَهُ الْوَارِثُ صَحَّ أَيْضًا كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (6) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ. يَعْنِي: لِأَنَّهُ يَصِيرُ حِينَئِذٍ وَكِيلًا عَنْ الدَّائِنِ فِي الْقَبْضِ مِنْ الْمَدْيُونِ ثُمَّ يَقْبِضُ لِنَفْسِهِ. (7) قَوْلُهُ " وَمِنْهُ " أَيْ: مِمَّا اسْتَثْنَى مِنْ بُطْلَانِ تَمْلِيكِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ. (8) قَوْلُهُ: لِلتَّسْلِيطِ أَيْ: عَلَى الْقَبْضِ. وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: إنْ سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ كَمَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: الْمَرْأَةُ وَهَبَتْ مَهْرَهَا الَّذِي عَلَى زَوْجِهَا لِابْنِهَا الصَّغِيرِ مِنْ هَذَا الزَّوْجِ إنْ أَمَرَتْ بِالْقَبْضِ صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ هِبَةُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ. (9) قَوْلُهُ: لَوْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لَهُ لَمْ يَجُزْ. فِي الْقُنْيَةِ: لَوْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ لِيَكُونَ لَهُ مَا عَلَى الْمَطْلُوبِ فَرَضِيَ جَازَ وَفِي طَهَ: وَحُكِيَ بِخِلَافِهِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ التَّفْرِيعَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. (10) قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ إلَى آخِرِهِ. فِي الْقُنْيَةِ: وَلَوْ أَعْطَى الْوَكِيلُ

[لا جبر على النفقة إلا في مسائل]

11 - وَلَيْسَ مِنْهُ مَا إذَا أَقَرَّ الدَّائِنُ أَنَّ الدَّيْنَ لِفُلَانٍ وَأَنَّ اسْمَهُ عَارِيَّةٌ فِيهِ فَهُوَ صَحِيحٌ، لِكَوْنِهِ إخْبَارًا لَا تَمْلِيكًا، وَيَكُونُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وِلَايَةُ قَبْضِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. الْهِبَةُ تَكُونُ مَجَازًا عَنْ الْإِقَالَةِ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ 12 - كَمَا فِي إجَارَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ. لَا جَبْرَ عَلَى النَّفَقَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ مِنْهَا: نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ. وَالثَّانِيَةُ: الْعَيْنُ الْمُوصَى بِهَا 13 - يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ دَفْعُهَا إلَى الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي مَعَ أَنَّهَا صِلَةٌ. الثَّالِثَةُ: الشُّفْعَةُ؛ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي تَسْلِيمُ الْعَقَارِ إلَى الشَّفِيعِ مَعَ أَنَّهَا صِلَةٌ شَرْعِيَّةٌ، 14 - وَلِذَا لَوْ مَاتَ الشَّفِيعُ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْبَيْعِ لِلْآمِرِ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ قَضَاءً عَنْ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ لَهُ كَانَ الْقَضَاءُ عَلَى هَذَا فَاسِدًا وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا أَعْطَاهُ وَكَانَ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي عَلَى حَالِهِ. (11) قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهُ مَا إذَا أَقَرَّ إلَخْ. أَيْ لَيْسَ مِنْ تَمْلِيكِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ. قَالَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ بَعْدَ كَلَامٍ: فَإِنْ قَالَ الدَّيْنُ الَّذِي لِي عَلَى زَيْدٍ هُوَ لِعَمْرٍو وَلَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَى الْقَبْضِ، وَلَكِنْ قَالَ وَاسْمِي فِي كِتَابِ الدَّيْنِ عَارِيَّةٌ صَحَّ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ هَذَا لَا يَصِحُّ. (12) قَوْلُهُ: كَمَا فِي إجَارَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ. أَوَاخِرَ الْفَصْلِ الثَّالِثِ قَبْلَ الرَّابِعِ بِنَحْوِ وَرَقَةٍ وَعِبَارَتُهَا: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ وَهَبَ الْعَبْدَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِذَا قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ قَبِلْتُ كَانَ هَذَا إقَالَةً كَالْمُشْتَرِي إذَا قَالَ لِلْبَائِعِ وَهَبْتُ مِنْكَ الْعَبْدَ قَبْلَ الْقَبْضِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ كَذَا هُنَا (انْتَهَى) . وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ تَصْرِيحٌ بِالْمَجَازِيَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُنْهِيَ الْعِبَارَةَ ثُمَّ يُبَيِّنُ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ مَجَازًا. [لَا جَبْرَ عَلَى النَّفَقَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ] (13) قَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ دَفْعُهَا إلَخْ. أَقُولُ: حَقُّ الْعِبَارَةِ يُجْبِرُ الْوَارِثَ عَلَى دَفْعِهَا لِلْمُوصَى لَهُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْوُجُوبِ الْجَبْرُ. (14) قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ مَاتَ الشَّفِيعُ إلَى آخِرِهِ. وَكَذَا تَسْقُطُ النَّفَقَةُ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهَا

كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ مِنْ النَّفَقَاتِ. 16 - قُلْتُ الرَّابِعَةُ: مَالُ الْوَقْفِ يَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ تَسْلِيمُهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ صِلَةٌ مَحْضَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلٍ وَإِلَّا فَفِيهِ شَائِبَتُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQصِلَةٌ وَالصِّلَاتُ تَسْقُطُ بِهِ كَالْهِبَةِ وَالدِّيَةِ وَالْجِزْيَةِ وَضَمَانِ الْعِتْقِ. صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ زَادَ بَعْضُهُمْ الْكَفَالَةَ وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فَقَالَ: كَفَالَةٌ دِيَةٌ خَرَاجٌ وَرَابِعٌ ... ضَمَانٌ لِعِتْقٍ هَكَذَا نَفَقَاتُ كَذَا هِبَةٌ حَكَمَ الْجَمِيعُ سُقُوطَهَا ... بِمَوْتٍ لِمَا أَنَّ الْجَمِيعَ صِلَاتُ وَالْمُرَادُ مِنْ النَّفَقَةِ الَّتِي تَسْقُطُ غَيْرُ الْمُسْتَدَانَةِ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَقَدْ جَزَمَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ اسْتِدَانَتَهَا بِأَمْرِهِ بِمَنْزِلَةِ اسْتِدَانَةِ الزَّوْجِ بِنَفْسِهِ وَلَوْ اسْتَدَانَ بِنَفْسِهِ لَا يَسْقُطُ ذَلِكَ الدَّيْنُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا كَذَا هَذَا. (15) قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ. عِبَارَتُهُ: وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ بَطَلَ مَا كَانَ وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ وَلَمْ نَأْخُذْ ذَلِكَ مِنْ مِيرَاثِهِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَالًا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَالًا كَانَتْ النَّفَقَةُ فِي حَقِّ وَصْفِ الْمَالِيَّةِ صِلَةً وَالصِّلَاتُ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ وَإِذَا مَاتَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ تَسْقُطُ، فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ صِلَةً كَيْفَ يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى التَّسْلِيمِ؟ قُلْنَا يَجُوزُ أَنْ يُجْبَرَ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَوْصَى أَنْ يُوهَبَ عَبْدُهُ مِنْ فُلَانٍ بَعْدَ مَوْتِهِ فَمَاتَ الْمُوصِي فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يُجْبَرُونَ عَلَى تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ فِي الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَتْ صِلَةً وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ وَكَذَا الشَّفِيعُ يَسْتَحِقُّ عَلَى الْمُشْتَرِي تَسْلِيمَ الدَّارِ إلَيْهِ بِالشُّفْعَةِ وَالشُّفْعَةُ صِلَةٌ شَرْعِيَّةٌ. وَلَوْ مَاتَ الشَّفِيعُ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ فِي النَّقْلِ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْوُجُوبِ فِي الْمَذْكُورَاتِ وَالْوَاقِعُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي التَّعْبِيرُ بِالْجَبْرِ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوُجُوبَ الْجَبْرُ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ. (16) قَوْلُهُ: قُلْتُ الرَّابِعُ مَالُ الْوَقْفِ إلَخْ. أَقُولُ: يُزَادُ خَامِسَةٌ وَهِيَ نَفَقَةُ الْأَقَارِبِ وَقَدْ مَرَّتْ

[كتاب المداينات وفيه مسائل]

كِتَابُ الْمُدَايِنَاتِ. وَفِيهِ مَسَائِلُ؛ الْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ. إذَا قَالَ الطَّالِبُ لِمَطْلُوبِهِ لَا تَعَلُّقَ لِي عَلَيْكَ كَانَ إبْرَاءً عَامًّا كَقَوْلِهِ لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ، 1 - إلَّا إذَا طَالَبَ الدَّائِنُ الْكَفِيلَ فَقَالَ لَهُ طَالِبْ الْأَصِيلَ، فَقَالَ لَا تَعَلُّقَ لِي عَلَيْهِ لَمْ يَبْرَأْ الْأَصِيلُ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ 2 - كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. الْإِبْرَاءُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ إلَّا فِي مَسَائِلَ. 3 - الْأُولَى: إذَا أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ فَرَدَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْمُدَايِنَاتِ وَفِيهِ مَسَائِلُ] [قَالَ الطَّالِبُ لِمَطْلُوبِهِ لَا تَعَلُّقَ لِي عَلَيْكَ] قَوْلُهُ: إلَّا إذَا طَالَبَ الدَّائِنُ الْكَفِيلَ إلَخْ. قِيلَ: وَجْهُ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ جَعْلَهُ إبْرَاءً لِلْأَصِيلِ مَعَ طَلَبِ الْكَفِيلِ يَسْتَلْزِمُ التَّنَاقُضَ إذْ لَوْ أَبْرَأَ الْأَصِيلَ بَرِئَ الْكَفِيلُ وَتَصَرُّفُ الْعَاقِلِ يُصَانُ عَنْ التَّنَاقُضِ مَهْمَا أَمْكَنَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا تَعَلُّقَ لِي عَلَيْهِ لِأَنِّي اخْتَرْتُ مُطَالَبَتَكَ دُونَهُ وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ تَمَكُّنُهُ مِنْ مُطَالَبَةِ الْأَصِيلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْقَضِيَّةَ مَشْرُوطَةٌ؛ حَاصِلُهَا مَا دُمْتُ مُخْتَارًا مُطَالَبَتَكَ فَلَا تَعَلُّقَ لِي عَلَيْهِ. (2) قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. عِبَارَتُهَا: طَالَبَ الدَّائِنُ الْكَفِيلَ فَقَالَ: اصْبِرْ حَتَّى يَجِيءَ الْأَصِيلُ، فَقَالَ الدَّائِنُ لَا تَعَلُّقَ لِي عَلَى الْأَصِيلِ إنَّمَا تَعَلُّقِي عَلَيْكَ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلدَّائِنِ أَنْ يُطَالِبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَكِنْ قِيلَ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ فِي الْمُطَالَبَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَ بِهِ نَفْيَ التَّعَلُّقِ أَصْلًا وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بِدُونِ نَفْيِ التَّعَلُّقِ الْحِسِّيِّ وَإِنِّي لَا أَتَعَلَّقُ بِهِ تَعَلُّقَ الْمُطَالَبَةِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَنْقُلْ عِبَارَةَ الْقُنْيَةِ وَإِنَّمَا نَقَلَ لَازِمَهَا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ سُقُوطِ حَقِّهِ بِهِ فِي الْمُطَالَبَةِ عَدَمُ الْبَرَاءَةِ. [أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ فَرَدَّهُ] (3) قَوْلُهُ: الْأُولَى إذَا أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَخْفَى عَدَمُ ظُهُورِ وَجْهِهِ نَعَمْ صُورَةُ الْحَوَالَةِ مِنْ غَيْرِ دَيْنٍ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ أَقْرَبُ إلَى الْقَبُولِ فِي

[قبل الإقرار أو الإبراء عن الدين أو هبته له ثم رده]

الثَّانِيَةُ: إذَا قَالَ الْمَدْيُونُ أَبْرِئْنِي فَأَبْرَأَهُ فَرَدَّهُ لَا يَرْتَدُّ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. الثَّالِثَةُ: إذَا أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ فَرَدَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَفَالَةِ، وَقِيلَ يَرْتَدُّ. [قَبِلَ الْإِقْرَارَ أَوْ الْإِبْرَاءَ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ هِبَتَهُ لَهُ ثُمَّ رَدَّهُ] الرَّابِعَةُ: إذَا قَبِلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ. 5 - كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْقَضَاءِ. 6 - الْإِبْرَاءُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ 7 - إلَّا فِي الْإِبْرَاءِ فِي بَدَلِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ إذَا كَانَتْ فَارِغَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَانَ تَأْثِيرُ الْإِبْرَاءِ فِيهَا أَقْوَى فَيَتَأَكَّدُ فَرَاغُهَا بِأَدْنَى شَيْءٍ وَيُؤَيِّدُهُ مَسْأَلَةُ إبْرَاءِ الْكَفِيلِ الْآتِيَةُ [قَالَ الْمَدْيُونُ فِي الصُّلْحِ أَبْرِئْنِي فَأَبْرَأَهُ فَرَدَّهُ] : (4) قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ إذَا قَالَ الْمَدْيُونُ أَبْرِئْنِي إلَخْ. قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ: فِي صُلْحِ الْوَرَثَةِ أَحَدَهُمْ وَإِخْرَاجِ الْوَرَثَةِ أَحَدَهُمْ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَيِّتَ يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ حَيْثُ قَالَ أَوْ يَضْمَنُ أَجْنَبِيٌّ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْمَيِّتِ. [أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ فَرَدَّهُ] (5) قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ إلَخْ. عِبَارَتُهُ: وَلَوْ قَبِلَ الْإِقْرَارَ أَوْ الْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ هِبَتَهُ لَهُ ثُمَّ رَدَّهُ لَا يَرْتَدُّ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَبُولِ قَدْ تَمَّ. (6) قَوْلُهُ: الْإِبْرَاءُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ. فِي الْمُلْتَقَطِ خَمْسُ مَسَائِلَ لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى الْقَبُولِ: الْإِقْرَارُ إذَا سَكَتَ جَازَ وَإِنْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لَا أَقْبَلُ أَوْ لَيْسَ لِي عَلَيْكَ شَيْءٌ بَطَلَ. الثَّانِيَةُ الْإِبْرَاءُ، إذَا قَالَ لَا أَقْبَلُ بَطَلَ وَإِنْ سَكَتَ جَازَ. الثَّالِثَةُ إذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَسَكَتَ الْوَكِيلُ وَبَاعَ جَازَ وَلَوْ قَالَ لَا أَقْبَلُ بَطَلَ. الرَّابِعَةُ إذَا وَهَبَ دَيْنًا مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَسَكَتَ جَازَ وَإِنْ قَالَ لَا أَقْبَلُ بَطَلَ. الْخَامِسَةُ إذَا قَالَ جَعَلْتُ أَرْضِي وَقْفًا عَلَى فُلَانٍ فَسَكَتَ فُلَانٌ جَازَ وَإِنْ قَالَ لَا أَقْبَلُ بَطَلَ عِنْدَ هِلَالٍ وَفِي وَقْفِ الْأَنْصَارِيِّ لَا يَبْطُلُ (انْتَهَى) . مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَفِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ نَقْلًا عَنْ أَبِي زَيْدٍ الدَّبُوسِيِّ: الصَّدَقَةُ بِالْوَاجِبِ فِي الذِّمَّةِ إسْقَاطٌ كَصَدَقَةِ الدَّيْنِ عَلَى الْغَرِيمِ وَهِبَةُ الدَّيْنِ لَهُ فَيَتِمُّ بِغَيْرِ قَبُولٍ وَكَذَا سَائِرُ الْإِسْقَاطِ يَتِمُّ بِغَيْرِ الْقَبُولِ إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ تَمْلِيكُ مَالٍ مِنْ وَجْهٍ فَيُقْبَلُ الِارْتِدَادُ بِالرَّدِّ وَمَا لَيْسَ فِيهِ تَمْلِيكُ مَالٍ لَمْ يُقْبَلْ كَإِبْطَالِ حَقِّ الشُّفْعَةِ وَالطَّلَاقِ وَهَذَا ضَابِطٌ جَيِّدٌ فَلْيُحْفَظْ (انْتَهَى) . (7) قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْإِبْرَاءِ فِي بَدَلِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ سَائِرِ

كَمَا فِي الْبَدَائِعِ الْإِبْرَاءُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ صَحِيحٌ 9 -؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ بِالْقَضَاءِ الْمُطَالَبَةُ لَا أَصْلُ الدَّيْنِ، فَيَرْجِعُ الْمَدْيُونُ بِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالدُّيُونِ هُوَ أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْهُمَا يُوجِبُ انْفِسَاخَ عَقْدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ فَوَاتَ الْقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ بِعَقْدِهِمَا؛ لِأَنَّ قَبْضَ بَدَلِ الصَّرْفِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ مُسْتَحَقٌّ فَالْهِبَةُ وَالْإِبْرَاءُ يُسْقِطَانِ بَدَلَهُمَا وَيُفَوِّتَانِ الْقَبْضَ الْمُسْتَحَقَّ، وَفَوَاتُهُ يُوجِبُ بُطْلَانَ الْعَقْدِ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ هِبَةَ بَدَلِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْهُمَا يَنْقُضُ عَقْدَهُمَا لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِهِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ الْآخَرِ لِذَلِكَ بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ عَنْ سَائِرِ الدُّيُونِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الْفَسْخِ لِعَقْدٍ ثَابِتٍ وَإِنَّمَا فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ مِنْ وَجْهٍ وَمَعْنَى الْإِسْقَاطِ مِنْ وَجْهٍ؛ وَعَلَى هَذَا إذَا أَبْرَأَ رَبُّ السَّلَمِ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهِ؛ لِأَنَّهُ بِهِ يَفُوتُ الْقَبْضُ الْمُسْتَحَقُّ بِعَقْدِ السَّلَمِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. أَقُولُ يُزَادُ عَلَى مَا اسْتَثْنَى مَسْأَلَةٌ أُخْرَى يَتَوَقَّفُ فِيهَا الْإِبْرَاءُ عَلَى الْقَبُولِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَهِيَ مَا لَوْ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْأَصِيلَ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهِ أَوْ يَمُوتُ قَبْلَ الْقَبُولِ فَيَكُونُ قَبُولًا حُكْمًا. ذَكَرَهُ فِي السِّرَاجِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ رَدَّ الْأَصِيلُ هَذَا الْإِبْرَاءَ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَفِي دَعْوَى الْكَفَالَةِ بِهِ رِوَايَتَانِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ. (8) قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْبَدَائِعِ. عِبَارَتُهَا: الْإِبْرَاءُ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ رَبِّ السَّلَمِ فَإِنْ قَبِلَ انْفَسَخَ الْعَقْدُ بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ بِدُونِ قَبُولِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إسْقَاطُ شَرْطٍ، بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ عَنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ بِدُونِ قَبُولِ الْمُشْتَرِي لَكِنَّهُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَلَا يَجُوزُ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنٌ وَإِسْقَاطُ الْعَيْنِ لَا يَصِحُّ (انْتَهَى) . قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَظَاهِرُهُ يُخَالِفُ مَا فِي التَّجْنِيسِ حَيْثُ قَالَ رَجُلٌ أَسْلَمَ إلَيَّ رَجُلٌ كُرَّ حِنْطَةٍ فَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَبْرَأْتُكَ عَنْ نِصْفِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَقَبِلَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ نِصْفِ الْمَالِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ السَّلَمَ نَوْعُ بَيْعٍ وَفِي الْبَيْعِ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهَبْت مِنْك نِصْفَهُ فَقَبِلَ الْبَائِعُ كَانَتْ إقَالَةً فِي النِّصْفِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ فَكَذَا هَذَا إذْ الْحَطُّ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ (انْتَهَى) . وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِبْرَاءِ عَنْ نِصْفِ الْمُسْلَمِ فِيهِ هُوَ إقَالَةٌ فَيَرُدُّ مَا قَابَلَهُ أَوْ حُطَّ لَهُ فَلَا يَرُدُّ وَبِهِ انْدَفَعَ الْإِشْكَالُ وَذَكَرَ قَوْلَيْنِ أَيْضًا فِيمَا إذَا أَبْرَأَهُ عَنْ الْكُلِّ. (9) قَوْلُهُ: لِأَنَّ السَّاقِطَ بِالْقَضَاءِ الْمُطَالَبَةُ لَا أَصْلُ الدَّيْنِ إلَخْ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّيْنَ أَمْرٌ

أَدَّاهُ إذَا أَبْرَأَهُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ، وَإِذَا أَبْرَأَهُ بَرَاءَةَ اسْتِيفَاءٍ فَلَا 10 - وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا أَطْلَقَهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْبُيُوعِ، 11 - وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ وَهْبَانَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ مِنْ الْهِبَةِ. وَعَلَى هَذَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِإِبْرَائِهَا عَنْ الْمَهْرِ ثُمَّ دَفَعَهُ لَهَا لَا يَبْطُلُ التَّعْلِيقُ. فَإِذَا أَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ وَقَعَ وَرَجَعَ عَلَيْهَا. وَحَكَى فِي الْمَجْمَعِ خِلَافًا فِي صِحَّةِ إبْرَاءِ الْمُحْتَالِ الْمُحِيلَ بَعْدَ الْحَوَالَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQاعْتِبَارِيٌّ فِي الذِّمَّةِ وَالْمَدْفُوعُ عَيْنٌ وَالدَّيْنُ غَيْرُ الْعَيْنِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا لَا بِأَعْيَانِهَا ثُمَّ تَبْرَأُ الذِّمَّةُ بِالْمُقَاصَّةِ. وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ إبْرَاءُ رَبِّ الدَّيْنِ الْمَدْيُونَ قَبْلَ الْمُقَاصَّةِ وَلَا رَيْبَ حِينَئِذٍ فِي أَنَّ الْبَرَاءَةَ لَمْ تُسْقِطْ أَصْلَ الدَّيْنِ فَإِنْ أَرَادَ بِهَا بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ تَعَيَّنَ رُجُوعُ الْمَدْيُونِ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ بَرَاءَةَ اسْتِيفَاءٍ كَانَتْ مَبْنِيَّةً عَلَى الْمُقَاصَّةِ وَكَأَنَّهُ قَالَ لَا مُطَالَبَةَ لِي عَلَيْكَ لِأَنِّي قَاصَصْتُكَ بِمَا قَبَضْتُهُ عَمَّا فِي ذِمَّتِكَ وَاسْتَوْفَيْتُ مَالِي عَلَيْهِ وَلَا رُجُوعَ حِينَئِذٍ لِلْمَدْيُونِ. (10) قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي مَا إذَا أَطْلَقَهَا إلَخْ. يَعْنِي الْبَرَاءَةَ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِإِسْقَاطٍ وَلَا اسْتِيفَاءٍ. عِبَارَةُ الذَّخِيرَةِ بَعْدَ كَلَامٍ: فَإِذَا أَطْلَقَ الْبَرَاءَةَ إطْلَاقًا انْصَرَفَ إلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ حَيْثُ الْقَبْضُ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ وَإِذَا انْصَرَفَ إلَيْهِ صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ أَبْرَأْتُكَ بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ وَلَوْ نَصَّ عَلَى هَذَا لَا يَسْقُطُ الْوَاجِبُ عَنْ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَلَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّ مَا قَبَضَ كَذَا هَهُنَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ: وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ الْإِبْرَاءَ الْمُضَافَ إلَى الثَّمَنِ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ صَحِيحٌ حَتَّى يَجِبَ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّ مَا قَبَضَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَسَوَّى بَيْنَ الْإِبْرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالْحَطِّ فَلْيُتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى. (11) قَوْلُهُ: صَرَّحَ بِهِ ابْنُ وَهْبَانَ إلَخْ. أَيْ بِصِحَّةِ الْإِبْرَاءِ بَعْدَ الْقَضَاءِ فَإِذَا أَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ إلَخْ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الشِّقِّ الثَّانِي وَهُوَ بَرَاءَةُ الِاسْتِيفَاءِ وَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَا أَمْ لَا؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مُرَادَ الزَّوْجِ بَرَاءَةُ الْإِسْقَاطِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِخُرُوجِهَا مِنْ عِصْمَتِهِ إلَّا بِشَرْطِ فَرَاغِ ذِمَّتِهِ عَنْ الْمَهْرِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْبَرَاءَةُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ

[الوكيل بقبض الدين إذا ادعى بعد موت الموكل أنه كان قبضه في حياته ودفعه له]

فَأَبْطَلَهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا نَقْلُ الدَّيْنِ، وَصَحَّحَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا نَقْلُ الْمُطَالَبَةِ فَقَطْ. وَفِي مُدَايَنَاتِ الْقُنْيَةِ: تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ دَيْنٍ عَنْ إنْسَانٍ ثُمَّ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ عَلَى وَجْهِ الْإِسْقَاطِ فَلِلْمُتَبَرِّعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا تَبَرَّعَ بِهِ (انْتَهَى) . وَتَفَرَّعَ عَلَى أَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا مَسَائِلُ: 12 - مِنْهَا لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَضْمُونًا 13 - بِخِلَافِ هَلَاكِهِ بَعْدَ الْإِيفَاءِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ 14 - وَمِنْهَا الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعَهُ لَهُ 15 - فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ إيجَابَ الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْهَا لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَضْمُونًا. قِيلَ عَلَيْهِ: صَوَابُهُ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا (انْتَهَى) . أَقُولُ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي السِّرَاجِ: وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ وَلَمْ يَرُدَّ الرَّهْنَ حَتَّى هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمْنَعَهُ إيَّاهُ هَلَكَ أَمَانَةً اسْتِحْسَانًا. وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَهْلِكُ مَضْمُونًا وَهُوَ الْقِيَاسُ (انْتَهَى) . وَقَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي هَلَاكِ الرَّهْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ فَشَمِلَ مَا إذَا مَنَعَهُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ لَمْ يَمْنَعْهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَمْنَعْهُ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ السِّرَاجِ. (13) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ هَلَاكِهِ بَعْدَ الْإِيفَاءِ. ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ. عِبَارَتُهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِبْرَاءَ يَسْقُطُ بِهِ الدَّيْنُ أَصْلًا وَبِالِاسْتِيفَاءِ لَا يَسْقُطُ لِقِيَامِ الْمُوجِبِ لِلدَّيْنِ. [الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعَهُ لَهُ] (14) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ تَفْرِيعِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْقَاعِدَةِ. (15) قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. يَعْنِي فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ أَمَّا فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَيَصْدُقُ بِلَا بَيِّنَةٍ. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ بَعْدَ هَذَا الْفَرْعِ الْمَنْقُولِ عَنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا مُسْتَوْفًى فِي كِتَاب الْوِكَالَةِ.

[وهب المحتال الدين من المحتال عليه]

بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ كَذَا فِي وِكَالَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ. هِبَةُ الدَّيْنِ كَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ: مِنْهَا لَوْ وَهَبَ الْمُحْتَالُ الدَّيْنَ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ 17 - رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمُحِيلِ وَلَوْ أَبْرَأَهُ لَمْ يَرْجِعْ. وَمِنْهَا فِي الْكَفَالَةِ كَذَلِكَ. 18 - وَمِنْهَا تَوَقُّفُهَا عَلَى الْقَبُولِ عَلَى قَوْلٍ بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ. وَمِنْهَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِبْرَاءِ وَالْآخَرُ بِالْهِبَةِ فَفِيهِ قَوْلَانِ: قِيلَ لَا تُقْبَلُ 19 - وَبَيَانُهُ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. الْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ وَمَعْنَى الْإِسْقَاطِ 20 - فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِصَرِيحِ الشَّرْطِ لِلْأَوَّلِ نَحْوُ إنْ أَدَّيْتُ إلَيَّ غَدًا كَذَا فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْبَاقِي، وَإِذَا، وَمَتَى كَانَ، وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ. قِيلَ عَلَيْهِ: وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْوَكِيلَ انْعَزَلَ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ وَخَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ أَمِينًا فَأَوْجَبَ تَصْدِيقَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ. [وَهَبَ الْمُحْتَالُ الدَّيْنَ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ] (17) قَوْلُهُ: رَجَعَ بِهِ إلَخْ. أَيْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ لَا إلَى الْمُحْتَالِ قِيلَ يُشْكِلُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ بَرِئَتْ بِالْحَوَالَةِ فَمَا وَجْهُ الرُّجُوعِ. (18) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا تَوَقُّفُهَا عَلَى الْقَبُولِ عَلَى قَوْلٍ. أَقُولُ: ذَكَرَهُ السَّرَخْسِيُّ وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ مِنْ الْهِبَةِ [شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِبْرَاءِ وَالْآخَرُ بِالْهِبَةِ] (19) قَوْلُهُ: وَبَيَانُهُ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ إلَخْ. عِبَارَتُهُ: ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهَا وَهَبَتْنِي الْمَهْرَ وَبَرْهَنَ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ وَالْآخَرُ أَنَّهَا وَهَبَتْهُ لِلْمُوَافَقَةِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ هِبَةِ الدَّيْنِ سُقُوطُهُ وَكَذَا حُكْمُ الْبَرَاءَةِ. وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ لِاخْتِلَافِ الْمَشْهُودِ بِهِ إذْ الْإِبْرَاءُ إسْقَاطٌ وَالْهِبَةُ تَمْلِيكٌ فَإِنَّ الدَّائِنَ لَوْ أَبْرَأَ الْكَفِيلَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَدْيُونِ وَلَوْ وَهَبَهُ يَرْجِعُ وَكَذَا الْمَدْيُونُ لَوْ قَضَى ثُمَّ أَبْرَأَهُ لَا يَرْجِعُ وَلَوْ وَهَبَهُ يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَهُ (20) قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِصَرِيحِ الشَّرْطِ لِلْأَوَّلِ إلَخْ. بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ عَنْ الْكَفَالَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَقَالَ قَاضِي خَانْ: رَجُلٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ إذَا جَاءَ غَدٌ

بِمَعْنَى الشَّرْطِ لِلثَّانِي نَحْوُ قَوْلِهِ أَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ كَذَا عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ إلَيَّ غَدًا كَذَا. وَتَمَامُ تَفْرِيعِهِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ بَابِ الصُّلْحِ عَنْ الدَّيْنِ، وَلِلْأَوَّلِ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَلِلثَّانِي لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ. وَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْمَجْهُولِ لِلثَّانِي، وَلَوْ قَالَ الدَّائِنُ لِمَدْيُونَيْهِ أَبْرَأْتُ أَحَدَكُمَا لَمْ يَصِحَّ لِلثَّانِي. ذَكَرَهُ 21 - فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ خِيَارِ الْعَيْبِ، وَلَوْ أَبْرَأَ الْوَارِثُ مَدْيُونَ مُوَرِّثِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِمَوْتِهِ ثُمَّ بَانَ مَيِّتًا، فَبِالنَّظَرِ إلَى أَنَّهُ إسْقَاطٌ يَصِحُّ وَكَذَا بِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِهِ تَمْلِيكًا؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَوْ بَاعَ عَيْنًا قَبْلَ الْعِلْمِ بِمَوْتِ الْمُوَرِّثِ ثُمَّ ظَهَرَ مَوْتُهُ صَحَّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، فَهُنَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، وَلَوْ وَكَّلَ الْمَدْيُونَ بِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ قَالُوا صَحَّ التَّوْكِيلُ نَظَرًا إلَى جَانِبِ الْإِسْقَاطِ، وَلَوْ نَظَرَ إلَى جَانِبِ التَّمْلِيكِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَبِيعَ مِنْ نَفْسِهِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ عَامِلٌ مِنْهُ لِنَفْسِهِ وَهُوَ بَرَاءَةُ نَفْسِهِ وَالْوَكِيلُ مَنْ يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَهُوَ لَكَ أَوْ أَنْتِ بَرِيءٌ مِنْهُ أَوْ قَالَ إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ النِّصْفَ أَوْ أَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ النِّصْفِ الْبَاقِي فَهُوَ بَاطِلٌ وَالدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ إسْقَاطٌ فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ وَإِسْقَاطُ مَا لَيْسَ بِخُلْفٍ فِيهِ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَلَا الْإِضَافَةِ كَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ النِّصْفِ عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ إلَيَّ النِّصْفَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ بَلْ هُوَ تَقْيِيدٌ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ لَا يُعْتَقُ قَبْلَ الْأَدَاءِ. (21) قَوْلُهُ: فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. مَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ الْجَوَابُ وَعِبَارَتُهُ: وَأَمَّا الْمَدْيُونُ فَوَكِيلٌ وَإِنَّمَا وَقَعَ عَمَلُهُ فِي الْإِبْرَاءِ لِرَبِّ الدَّيْنِ بِاعْتِبَارِ أَمْرِهِ وَثَبَتَ أَثَرُ التَّصَرُّفِ لِنَفْسِهِ فِي ضِمْنِهِ وَهُوَ فَرَاغُ ذِمَّتِهِ

وَأَجَبْنَا عَنْهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ بَابِ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ. 23 - كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا حَرَامٌ؛ 24 - فَكُرِهَ لِلْمُرْتَهِنِ سُكْنَى الْمَرْهُونَةِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ 25 - وَمَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَقِفُ فِي ظِلِّ جِدَارِ مَدْيُونِهِ، فَذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ كَذَا فِي كَرَاهَتِهَا 26 - الْقَوْلُ لِلْمُمَلِّكِ فِي جِهَةِ التَّمْلِيكِ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَدَفَعَ شَيْئًا فَالتَّعْيِينُ لِلدَّافِعِ إلَّا إذَا كَانَ مِنْ جِنْسَيْنِ لَمْ يَصِحَّ تَعْيِينُهُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ، وَلَوْ كَانَ وَاحِدًا فَأَدَّى شَيْئًا وَقَالَ هَذَا مِنْ نِصْفِهِ، فَإِنْ كَانَ التَّعْيِينُ مُفِيدًا بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَالَّا أَوْ بِهِ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ وَالْآخَرُ لَا، صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمَدْفُوعَ مِنْ الثَّمَنِ وَقَالَ الدَّلَّالُ مِنْ الْأُجْرَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَجَبْنَا عَنْهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ إلَخْ. حَاصِلُ مَا أَجَابَ بِهِ أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الدَّيْنِ لَمَّا كَانَ مَشْرُوعًا مَنْدُوبًا إلَيْهِ كَانَ قَصْدُ الْمُوَكِّلِ فِعْلَ ذَلِكَ لَهُ لِيَحْصُلَ لَهُ الثَّوَابُ قَصْدًا (انْتَهَى) (23) قَوْلُهُ: كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا حَرَامٌ. أَقُولُ: قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَصَحَّ تَأْجِيلُ كُلِّ دَيْنٍ غَيْرُ الْقَرْضِ نَاقِلًا عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهَدِيَّةِ مَنْ عَلَيْهِ الْقَرْضُ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَتَوَرَّعَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي قَاضِي خَانْ. (24) قَوْلُهُ: فَكَرِهَ لِلْمُرْتَهِنِ إلَخْ. أَقُولُ: فِي التَّفْرِيعِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ فَتَدَبَّرْهُمَا. (25) قَوْلُهُ: وَمَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْحِكَايَةَ لَا أَصْلَ لَهَا رِوَايَةً وَلَا دِرَايَةً (انْتَهَى) . أَقُولُ ذَكَرَ فِي الْفَتْحِ مِنْ كِتَابِ الْكَفَالَةِ أَنَّ هَذِهِ الْحِكَايَةَ نَقَلَهَا الثِّقَاتُ. (26) قَوْلُهُ: الْقَوْلُ لِلْمُمَلِّكِ فِي جِهَةِ التَّمْلِيكِ. قَالَ فِي الْفَصْلِ الْعِشْرِينَ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الدَّافِعِ وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ لَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْوَرَثَةِ الْبَيِّنَةَ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُعَكِّرُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا دَفَعَتْ بَدَلَ

[كل دين أجله صاحبه فإنه يلزمه تأجيله إلا في سبع]

فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ الْمَدْفُوعَ مِنْ الْمَهْرِ، وَقَالَتْ هَدِيَّةٌ فَالْقَوْلُ لَهُ إلَّا فِي الْمُهَيَّإِ لِلْأَكْلِ 28 - كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. كُلّ دَيْنٍ أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ تَأْجِيلُهُ إلَّا فِي سَبْعٍ: 29 - الْأُولَى: الْقَرْضُ. 30 - الثَّانِيَةُ: الثَّمَنُ عِنْدَ الْإِقَالَةِ. الثَّالِثَةُ: الثَّمَنُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ وَهُمَا فِي الْقُنْيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخُلْعِ وَقَالَ الزَّوْجُ قَبَضْتُ بِجِهَةٍ أُخْرَى الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَقِيلَ قَوْلُ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْمُمَلَّكَةُ ذَكَرَهُ فِي آخِرِ فَصْلِ الْخُلْعِ. (27) قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي. أَيْ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ غَيْرُهُ. (28) قَوْلُهُ: كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. هَذَا الْعَزْوُ مُسَلَّمٌ فِي الْكَفَالَةِ وَأَمَّا فِي الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ فَالْمَذْكُورُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الرَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ غَيْرُهُ وَكَذَا فِي الثَّالِثِ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى [كُلّ دَيْنٍ أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ تَأْجِيلُهُ إلَّا فِي سَبْعٍ] (29) قَوْلُهُ: الْأُولَى الْقَرْضُ. يَعْنِي لَا يَلْزَمُ تَأْجِيلُهُ، وَخَالَفَ مَالِكٌ وَقَالَ: يَلْزَمُ تَأْجِيلُهُ فَالْخِلَافُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فِي اللُّزُومِ لَا فِي الصِّحَّةِ قُلْتُ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْكَنْزِ: وَصَحَّ تَأْجِيلُ كُلِّ دَيْنٍ إلَّا قَرْضَ الصِّحَّةِ فِيهِ بِمَعْنَى اللُّزُومِ وَالْقَرْضُ كَمَا فِي الْمَدَارِكِ مَالٌ يُقْضَى بِبَدَلِ مِثْلِهِ مِنْ بَعْدِ مَا سَمَّى بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُقْرِضَ يَقْطَعُهُ مِنْ مَالِهِ فَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ (انْتَهَى) . وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ تَأْجِيلُ الْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ إعَارَةٌ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الْإِقْرَاضُ إلَّا مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَلَوْ جَازَ أَيْ لَزِمَ تَأْجِيلُهُ لَزِمَ أَنْ يُمْنَعَ الْمُقْرِضُ عَنْ مُطَالَبَتِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَلَا جَبْرَ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى أَنْ يُقْرِضَ مِنْ مَالِهِ فُلَانًا أَلْفًا إلَى سَنَةٍ حَيْثُ يَلْزَمُ أَنْ يُقْرِضُوهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَلَا يُطَالِبُوهُ قَبْلَ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ بِالتَّبَرُّعِ كَالْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ فَيَصِحُّ تَأْجِيلُهُ نَظَرًا لِلْمُوصَى لَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ. (30) قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ الثَّمَنُ عِنْدَ الْإِقَالَةِ الثَّالِثَةُ الثَّمَنُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْجَوْهَرَةِ فِي بَابِ السَّلَمِ حَيْثُ قَالَ: وَيَجُوزُ تَأْجِيلُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ لَا يَجِبُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ

الرَّابِعَةُ: إذَا مَاتَ الْمَدْيُونُ الْمُسْتَقْرِضُ فَأَجَّلَ الدَّائِنُ الْوَارِثَ. الْخَامِسَةُ: الشَّفِيعُ إذَا أَخَذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ وَكَانَ الثَّمَنُ حَالًّا فَأَجَّلَهُ الْمُشْتَرِي. 32 - السَّادِسَةُ: بَدَلُ الصَّرْفِ. السَّابِعَةُ: رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ. 33 - آخِرُ الدَّيْنَيْنِ قَضَاءً لِلْأَوَّلِ 34 - عَلَيْهِ أَلْفٌ قَرْضٌ فَبَاعَ مِنْ مُقْرِضِهِ شَيْئًا بِأَلْفٍ مُؤَجَّلَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتَهَى) . فَإِنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ يَصِحَّ تَأْجِيلُ الثَّمَنِ عِنْدَ الْإِقَالَةِ وَبَعْدَهَا بَلْ أَوْلَى وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْقُنْيَةِ عَدَمُ صِحَّةِ التَّأْجِيلِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ السَّلَمِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْجَوْهَرَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ وَإِلَّا فَالْفَرْقُ فِي ذَلِكَ عَسِيرٌ بَلْ مُتَعَذِّرٌ (انْتَهَى) . وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ الثَّالِثَةُ ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْقُنْيَةِ بِلَفْظِ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِحَّ عِنْدَ الْإِمَامِ فَإِنَّ الشَّرْطَ بَعْدَ الْعَقْدِ عِنْدَهُ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَهَذَا بَحْثٌ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَوَّلَ عَلَيْهِ فَإِنَّ عُمُومَ قَوْلِهِمْ الْمَشْهُورِ أَنَّ كُلَّ دَيْنٍ أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ صَحَّ إلَّا لِقَرْضٍ يَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ فَأَمَّا الْقَرْضُ فَوَجْهُ عَدَمِ صِحَّةِ تَأْجِيلِهِ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّهُ عَارِيَّةٌ وَالتَّأْجِيلُ فِيهَا غَيْرُ لَازِمٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: قَدْ تَأَمَّلْتُ هَذَا الْبَحْثَ فَوَجَدْتُهُ وَاهِيًا وَرَأَيْتُ الشَّيْخَ فِيهِ سَاهِيًا؛ لِأَنَّ أَصْحَابَ الْمُتُونِ عَدُّوا الْإِقَالَةَ بِمَا لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَأَطْلَقُوا فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَوْ خَارِجِهِ وَقَدْ مَثَّلَ لِذَلِكَ الْفَاضِلُ مِسْكِينُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ بِقَوْلِهِ: لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ آخَرَ عَبْدًا بِأَلْفٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ أَقِلْنِي حَتَّى أُؤَخِّرَ عَنْكَ الثَّمَنَ سَنَةً فَقَالَ أَقَلْتُ جَازَتْ الْإِقَالَةُ دُونَ التَّأْخِيرِ (انْتَهَى) . فَلْيُتَأَمَّلْ. (31) قَوْلُهُ: الرَّابِعَةُ إذَا مَاتَ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ هَذِهِ الرَّابِعَةُ هِيَ الْأَوْلَى. (32) قَوْلُهُ: السَّادِسَةُ بَدَلُ الصَّرْفِ، السَّابِعَةُ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ لَا خَفَاءَ أَنَّ قَبْضَهَا شَرْطٌ وَالتَّأْجِيلُ يُنَافِيهِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ التَّأْجِيلُ بَعْدَ الْقَبْضِ بِأَنْ قَبَضَهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ فَأَجَّلَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (33) قَوْلُهُ: آخِرُ الدَّيْنَيْنِ قَضَاءً لِلْأَوَّلِ. أَيْ بِالْمُقَاصَّةِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَتْلُو الْوُجُوبَ. (34) قَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَلْفٌ قَرْضٌ إلَخْ. يَعْنِي إذَا كَانَ عَلَيْهِ أَلْفٌ قَرْضٌ لِرَجُلٍ ثُمَّ وَجَبَ

ثُمَّ حَلَّتْ فِي مَرَضِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ. 36 - وَالْمُقْرِضُ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ كَذَا فِي الْجَامِعِ. الْقَرْضُ لَا يَلْزَمُ تَأْجِيلُهُ إلَّا فِي وَصِيَّةٍ كَمَا ذَكَرُوهُ قُبَيْلَ الرِّبَا، وَفِيمَا إذَا كَانَ مَجْحُودًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ تَأْجِيلُهُ كَمَا فِي صَرْفِ الظَّهِيرِيَّةِ، 37 - وَفِيمَا إذَا حَكَمَ مَالِكِيٌّ بِلُزُومِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ أَصْلِ الدَّيْنِ عِنْدَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهُ عَلَى الْمُقْرِضِ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ مَتَاعٍ إلَى سَنَةٍ ثُمَّ مَرِضَ الْمُسْتَقْرِضُ فَحَلَّ الْأَجَلُ فَصَارَ قِصَاصًا ثُمَّ مَاتَ وَعَلَيْهِ دُيُونُ الصِّحَّةِ صَارَ الْمُسْتَقْرِضُ قَاضِيًا دَيْنَ الْمُقْرِضِ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ عَلَى الْمُقْرِضِ مُؤْثِرًا لَهُ عَلَى سَائِر الْغُرَمَاءِ، فَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَأْخُذُوا حِصَصَهُمْ مِنْ الْمُقْرِضِ مِنْ ثَمَنِ الْمَتَاعِ وَلَوْ كَانَ ثَمَنُ الْمَتَاعِ سَابِقًا عَلَى الْقَرْضِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلَا سَبِيلَ لِغُرَمَاءِ الْمُسْتَقْرِضِ عَلَى الْمُقْرِضِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ صَارَ مُسْتَوْفِيًا ثَمَنَ الْمَتَاعِ وَالْمُقْرِضَ صَارَ قَاضِيًا وَحَقُّ الْغُرَمَاءِ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِيفَاءَ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْعَتَّابِيِّ وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْخَلَلِ. (35) قَوْلُهُ: ثُمَّ حَلَّتْ فِي مَرَضِهِ. إنَّمَا قَيَّدَ بِالْحُلُولِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَحِلَّ لَمْ تَقَعْ الْمُقَاصَّةُ لِاخْتِلَافِ الْوَصْفِ كَالْجَيِّدِ مَعَ الرَّدِي. (36) قَوْلُهُ: وَالْمُقْرِضُ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ. أَيْ لِأَنَّهُ كَانَ، أَوْفَاهُ فِي مَرَضِهِ مَا اسْتَقْرَضَهُ فِي صِحَّتِهِ وَفِي ذَلِكَ إبْطَالٌ لِحَقِّ الْبَاقِي مِنْ الْغُرَمَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَقْرَضَ فِي مَرَضِهِ وَقَضَى فِي مَرَضِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ. وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ دُونَ بَعْضٍ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ دَيْنُ الْمَرَضِ أَوْ دَيْنُ الصِّحَّةِ إذْ حَقُّ الْكُلِّ فِي التَّعْلِيقِ بِمَالِهِ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَوْتِ سَوَاءٌ فَكَانَ إيثَارُ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ إبْطَالًا لِحَقِّ الْبَاقِي فَلَمْ يَجُزْ إلَّا إذَا اسْتَقْرَضَ فِي مَرَضِهِ أَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِمِثْلِ قِيمَتِهِ وَقَبَضَهُ ثُمَّ قَضَى الْقَرْضَ أَوْ أَدَّى الثَّمَنَ جَازَ؛ إذْ لَيْسَ بِإِبْطَالٍ لِلْحَقِّ لِحُصُولِ بَدَلِهِ وَحَقُّهُمْ يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ لَا بِالصُّورَةِ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. (37) قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا حَكَمَ مَالِكِيٌّ بِلُزُومِهِ إلَخْ. عِبَارَةُ الْقُنْيَةِ: قَضَى الْقَاضِي بِلُزُومِ الْأَجَلِ فِي الْقَرْضِ بَعْدَ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ تَأْجِيلُ الْقَرْضِ مُعْتَمِدًا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى يَصِحُّ وَيَلْزَمُ الْأَجَلُ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَا فِي نَقْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْخَلَلِ.

وَفِيمَا إذَا أَحَالَ الْمُقْرِضُ بِهِ عَلَى إنْسَانٍ فَأَجَّلَهُ الْمُسْتَقْرِضُ كَذَا فِي مُدَايِنَاتِ الْقُنْيَةِ. 39 - الْوَكِيلُ بِالْإِبْرَاءِ إذَا أَبْرَأَ وَلَمْ يُضِفْ إلَى مُوَكِّلِهِ لَمْ يَصِحَّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. 40 - الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ يَمْنَعُ الدَّعْوَى بِحَقٍّ قَضَاءً لَا دِيَانَةً إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ عَلِمَ بِمَا لَهُ مِنْ الْحَقِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا أَحَالَ الْمُقْرِضُ بِهِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمُقْرِضَ أَحَالَ بِالْقَرْضِ إنْسَانًا عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ ثُمَّ أَجَّلَ الْمُحْتَالُ الْمُسْتَقْرِضَ بِهِ غَيْرَ أَنَّ عِبَارَتَهُ لَا تُفِيدُ مَا ذَكَرَهُ فَإِنَّ صَوَابَ الْعِبَارَةِ: أَحَالَ الْمُقْرِضُ إنْسَانًا عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ وَالْمَوْجُودُ فِي النُّسَخِ أَحَالَ الْمُقْرِضُ بِهِ عَلَى إنْسَانٍ (انْتَهَى) . أَقُولُ: حَيْثُ عَزَى الْمُصَنِّفُ الْعِبَارَةَ لِلْقُنْيَةِ فَالْوَاجِبُ مُرَاجَعَتُهَا قَبْلَ الْجَزْمِ بِأَنَّ الصَّوَابَ أَحَالَ الْمُقْرِضُ، وَنَصُّ عِبَارَةِ الْقُنْيَةِ أَنْ يُحِيلَ الْمُسْتَقْرِضُ صَاحِبَ الْمَالِ عَلَى رَجُلٍ إلَى سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ الْمَالُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَا سَبِيلَ لِلْمُقْرِضِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ يَحِلُّ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَظْهَرُ أَنَّ الصَّوَابَ خِلَافُ مَا ادَّعَى أَنَّهُ الصَّوَابُ. (39) قَوْلُهُ: الْوَكِيلُ بِالْإِبْرَاءِ إذَا أَبْرَأَ وَلَمْ يُضِفْ إلَى مُوَكِّلِهِ. أَيْ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا يُبَرِّئُ خَصْمَهُ عَنْ الدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ فَأَبْرَأَهُ وَلَمْ يُضِفْ الْإِبْرَاءَ إلَى الْمُوَكِّلِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يَنْبَغِي أَنْ تُزَادَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْ إضَافَتِهَا إلَى الْمُوَكِّلِ وَهِيَ النِّكَاحُ وَالْخُلْعُ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ أَوْ إنْكَارٍ حَتَّى قَالُوا لَوْ لَمْ يُضِفْ النِّكَاحَ إلَى الْمُوَكِّلِ وَأَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ وَقَعَ النِّكَاحُ لَهُ وَمَا عَدَاهُ إذَا لَمْ يُضِفْهُ إلَى الْمُوَكِّلِ هَلْ يَقَعُ لِنَفْسِهِ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ (انْتَهَى) . أَقُولُ مَا عَدَاهَا إذَا لَمْ يُضِفْهُ إلَى الْمُوَكِّلِ لَا يَصِحُّ وَلَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَا مَعْنَى لِلتَّوَقُّفِ فِي ذَلِكَ. (40) قَوْلُهُ: الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ يَمْنَعُ الدَّعْوَى إلَخْ. أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْخِزَانَةِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِبَارَةُ الْخِزَانَةِ فِي كِتَابِ

لَمْ يَبَرَّ كَمَا فِي شُفْعَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ. لَكِنْ فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى؛ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَبْرَأُ قَضَاءً وَدِيَانَةً وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ. وَفِي مُدَايَنَاتِ الْقُنْيَةِ: أَحَالَتْ إنْسَانًا عَلَى الزَّوْجِ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْ الْمَهْرِ 42 - ثُمَّ وَهَبَتْ الْمَهْرَ مِنْ الزَّوْجِ قَبْلَ الدَّفْعِ لَا تَصِحُّ. قَالَ أُسْتَاذُنَا: 43 - وَلَهُ ثَلَاثُ حِيَلٍ إحْدَاهَا شِرَاءُ شَيْءٍ مَلْفُوفٍ مِنْ زَوْجِهَا بِالْمَهْرِ قَبْلَ الْهِبَةِ. وَالثَّانِيَةُ صُلْحُ إنْسَانٍ مَعَهَا عَنْ الْمَهْرِ بِشَيْءٍ مَلْفُوفٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكَرَاهِيَةِ فِي فَصْلِ الدَّيْنِ وَالْمَظَالِمِ وَالْإِبْرَاءِ: رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ حَلِّلْنِي مِنْ كُلِّ حَقٍّ لَكَ عَلَيَّ إنْ كَانَ صَاحِبُ الْحَقِّ عَالِمًا بِمَا عَلَيْهِ؛ بَرِئَ الْمَدْيُونُ حُكْمًا وَدِيَانَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِمَا عَلَيْهِ يَبْرَأُ حُكْمًا وَلَا يَبْرَأُ دِيَانَةً فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَبْرَأُ حُكْمًا وَدِيَانَةً وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَإِذَا لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى لَا يَحْلِفُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ فَرْعُ الدَّعْوَى إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ بِعَدَمِ صِحَّةِ الدَّعْوَى وَعَدَمُ التَّحْلِيفِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يَقَعْ النِّزَاعُ فِي نَفْسِ الْإِقْرَارِ الَّذِي يُبْتَنَى عَلَى عَدَمِ الدَّعْوَى وَالْيَمِينِ. تَأَمَّلْ وَلَا تَغْفُلْ عِنْدَ الْفَتْوَى فَإِنَّهُ بَحْثُ بَعْضِهِمْ مَعِي فِي ذَلِكَ (انْتَهَى) . وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْإِبْرَاءَ بِالْعَامِّ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ مَا يُبْطِلُ الدَّعْوَى أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى مُعَيَّنَةً ثُمَّ صَالَحَهُ وَأَقَرَّ أَنْ لَا دَعْوَى لِي عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى دَعْوَى أُخْرَى تُسْمَعُ وَيَنْصَرِفُ الْإِقْرَارُ إلَى مَا ادَّعَى أَوَّلًا لَا غَيْرُ إلَّا إذَا عَمَّمَ فَقَالَ أَيُّ دَعْوَى عَلَيْهِ (انْتَهَى) . وَأَمَّا إبْرَاءُ الْوَارِثِ فَذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي السَّادِسَةِ فَلْيُرَاجَعْ. (41) قَوْلُهُ: لَمْ يَبْرَأْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الظَّاهِرُ أَنَّ الصَّوَابَ لَمْ يَبْرَأْ عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ وَحَذْفُ الْيَاءِ لِلْجَازِمِ وَلَعَلَّ الْأَلِفَ مِنْ الْكِتَابِ. (42) قَوْلُهُ: ثُمَّ وَهَبَتْ الْمَهْرَ مِنْ الزَّوْجِ قَبْلَ الدَّفْعِ لَا تَصِحُّ أَيْ الْهِبَةُ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ خُرُوجُ الْمُحَالِ بِهِ مِنْ مِلْكِ الْمُحِيلِ بِمُجَرَّدِ الْحَوَالَةِ وَإِلَّا لِصِحَّةِ الْهِبَةِ وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِي دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُحَالِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَعَدَمُ صِحَّةِ الْهِبَةِ يُفِيدُ الدُّخُولَ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ إشْكَالٍ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ فِي الذِّمَّةِ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ دُخُولُهُ فِي مِلْكِ الْمُحَالِ مَعَ كَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ فَتَأَمَّلْ. (43) قَوْلُهُ: وَلَهُ ثَلَاثُ حِيَلٍ. قِيلَ عَلَيْهِ: إنْ كَانَ ضَمِيرُ لَهُ لِصِحَّةِ الْهِبَةِ بَعْدَ

[الدين المؤجل إذا قضاه قبل حلول الأجل]

قَبْلَ الْهِبَةِ. وَالثَّالِثَةُ هِبَةُ الْمَرْأَةِ لِابْنٍ صَغِيرٍ لَهَا قَبْلَ الْهِبَةِ (انْتَهَى) وَفِي الْأَخِيرَةِ نَظَرٌ نَذْكُرُهُ فِي أَحْكَامِ الدَّيْنِ مِنْ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ. 44 - الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ إذَا قَضَاهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ يُجْبَرُ الطَّالِبُ عَلَى تَسْلِيمِهِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقُّ الْمَدْيُونِ فَلَهُ أَنْ يُسْقِطَهُ هَكَذَا ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْكَفَالَةِ وَهِيَ أَيْضًا فِي الْخَانِيَّةِ وَالنِّهَايَةِ، وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ: عَلَيْهِ بُرٌّ مَشْرُوطٌ تَسْلِيمُهُ فِي بُولَاقَ فَلَقِيَهُ الدَّائِنُ بِالصَّعِيدِ وَطَلَبَ تَسْلِيمَهُ فِيهِ مُسْقِطًا عَنْهُ مُؤْنَةَ الْحَمْلِ إلَى بُولَاقَ، 45 - فَمُقْتَضَى مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى تَسْلِيمِهِ بِالصَّعِيدِ، وَلَكِنْ نَقَلَ فِي الْقُنْيَةِ قَوْلَيْنِ فِي السَّلَمِ، وَظَاهِرُهُمَا تَرْجِيحُ أَنَّهُ لَا جَبْرَ إلَّا لِلضَّرُورَةِ بِأَنْ يُقِيمَ الْمَدْيُونُ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَوَالَةِ وَذَكَرَهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ تَصَرُّفٌ أَوْ تَمْلِيكٌ لَمْ يَظْهَرْ الْفَرْقُ بَيْنَ هِبَةِ الْمَهْرِ مِنْ الزَّوْجِ وَبَيْنَ شِرَاءِ شَيْءٍ بِهِ مِنْهُ أَوْ تَمْلِيكِهِ مِنْ الصَّغِيرِ فَأَوْجُهُ صِحَّةِ الشِّرَاءِ بِالْمَهْرِ أَوْ تَمْلِيكِهِ مِنْ الصَّغِيرِ بَعْدَ الْحَوَالَةِ دُونَ الْهِبَةِ بَعْدَهَا حَيْثُ لَا يَصِحُّ فَلْيُتَأَمَّلْ حَقُّ التَّأَمُّلِ فَإِنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ خَفِيٌّ [الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ إذَا قَضَاهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ] (44) قَوْلُهُ: الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ إذَا قَضَاهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ إلَخْ. قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الطَّالِبِ فِي أَخْذِهِ ضَرَرٌ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْمَنْ مَثَلًا بِأَنْ كَانَ بِمَكَّةَ وَأَعْطَاهُ دَيْنَهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ إلَّا بِمِصْرَ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهِ فِيهِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَالُوا فِي قَرْضٍ يَسْتَفِيدُ بِهِ أَمْنَ الطَّرِيقِ يُكْرَهُ وَهَذَا مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (45) قَوْلُهُ: فَبِمُقْتَضَى مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: فِي كَوْنِهَا مُقْتَضَاهَا نَظَرٌ، أَيْ فِيهَا الْمَطْلُوبُ أَسْقَطَ حَقَّ نَفْسِهِ وَفِي هَذِهِ الْمُطَالِبِ أَسْقَطَ حَقَّ نَفْسِهِ وَهُوَ الْحَمْلُ إلَى بُولَاقَ فَكَانَ مُرَادُهُ الْمُقَايَضَةَ عَلَيْهَا.

وَقَدْ أَفْتَيْتُ بِهِ فِي الْحَادِثَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ وَإِنْ أَسْقَطَ عَنْهُ مُؤْنَةَ الْحَمْلِ إلَى بُولَاقَ 47 - فَقَدْ لَا يَتَيَسَّرُ لَهُ بُرٌّ بِالصَّعِيدِ. 48 - إذَا أَقَرَّ بِأَنَّ دَيْنَهُ لِفُلَانٍ صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَنْهُ وَلِهَذَا كَانَ حَقُّ الْقَبْضِ لِلْمُقِرِّ وَيَبْرَأُ الْمَدْيُونُ بِالدَّفْعِ إلَى أَيِّهِمَا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ هِيَ مَا إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ: الْمَهْرُ الَّذِي لِي عَلَى زَوْجِي لِفُلَانٍ أَوْ لِوَالِدِي فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ وَالْقُنْيَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ 49 - لِعَدَمِ إمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّهَا وَكِيلُهُ فِي سَبَبِ الْمَهْرِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَالْحِيلَةُ فِي أَنَّ الْمُقِرَّ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ وَلَا إبْرَاؤُهُ مِنْهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ مَذْكُورَةٌ فِي فَنِّ الْحِيَلِ مِنْهُ وَفِي وَكَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ. لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا دَيْنٌ وَطَلَبَتْ النَّفَقَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْتَيْتُ بِهِ. أَيْ بِعَدَمِ الْجَبْرِ قِيلَ عَلَيْهِ: إنَّهُ ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي وَاقِعَاتِهِ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ: وَلَوْ غَصَبَ حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا ثُمَّ إنْ الْمَالِكُ وَجَدَ الْغَاصِبَ فِي بَلَدٍ أُخْرَى وَالشَّعِيرُ الْمَغْصُوبُ فِي تِلْكَ الْبَلَدِ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ قِيمَةِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ مِثْلَهُ لِلْحَالِ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهُ فِي بَلْدَةٍ غُصِبَ فِيهَا وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ فَيَأْخُذَ مِنْهُ مِثْلَهُ (انْتَهَى) . فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَقِفْ عَلَى هَذَا. (47) قَوْلُهُ: فَقَدْ لَا يَتَيَسَّرُ لَهُ بُرٌّ بِالصَّعِيدِ. فَلَوْ تَيَسَّرَ عَادَ إلَى الْأَصْلِ عَلَى مَا قَرَّرَهُ. (48) قَوْلُهُ: إذَا أَقَرَّ بِأَنَّ دَيْنَهُ لِفُلَانٍ صَحَّ. قِيلَ عَلَيْهِ: تَقَدَّمَ هَذَا فِي الْوَرَقَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ فِي أَوَائِلِ الصَّفْحَةِ فِي قَوْلِهِ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ. (49) قَوْلُهُ: لِعَدَمِ إمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّهَا وَكِيلُهُ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ أَفَادَ التَّعْلِيلُ أَنَّ

لَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِ النَّفَقَةِ بِلَا رِضَاءِ الزَّوْجِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ لِأَنَّ دَيْنَ النَّفَقَةِ أَضْعَفُ فَصَارَ كَاخْتِلَافِ الْجِنْسِ فَشَابَهُ مَا إذَا كَانَ أَحَدُ الْحَقَّيْنِ جَيِّدًا وَالْآخَرُ رَدِيئًا. لَا يَقَعُ التَّقَاصُّ بِلَا تَرَاصٍّ. عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَةٌ وَلِلْمُودَعِ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ جِنْسِ الْوَدِيعَةِ لَمْ تَصِرْ قِصَاصًا بِالدَّيْنِ حَتَّى يَجْتَمِعَا وَبَعْدَ الِاجْتِمَاعِ لَا تَصِيرُ قِصَاصًا 51 - مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ قَبْضًا، وَإِنْ فِي يَدِهِ يَكْفِي الِاجْتِمَاعُ بِلَا تَجْدِيدِ قَبْضٍ وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُرَادَ بِالدَّيْنِ خُصُوصُ الْمَهْرِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ دَيْنٌ آخَرَ لَمْ يَمْتَنِعْ وَهِيَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَنَّ تَخْصِيصَ الدَّلِيلِ يَسْتَلْزِمُ تَخْصِيصَ الْمُدَّعَى (50) قَوْلُهُ: لَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِ النَّفَقَةِ بِلَا رِضَاءِ الزَّوْجِ بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ لِأَنَّ دَيْنَ النَّفَقَةِ أَضْعَفُ. قِيلَ عَلَيْهِ: إنَّ دَيْنَ الصِّحَّةِ أَقْوَى مِنْ دَيْنِ الْمَرَضِ وَلِهَذَا لَوْ اجْتَمَعَ الدَّيْنَانِ يُقَدَّمُ دَيْنُ الصِّحَّةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنْ لَا تَقَعَ الْمُقَاصَّةُ فِي دَيْنِ الصِّحَّةِ وَدَيْنِ الْمَرَضِ فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَيْنٌ عَلَى بَكْرٍ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ فِي صِحَّةِ بَكْرٍ فَهَذَا دَيْنُ الصِّحَّةِ ثُمَّ مَرِضَ زَيْدٌ مَرَضَ الْمَوْتِ فَأَقَرَّ فِي حَالِ مَرَضِهِ بِدَيْنٍ لِبَكْرٍ فَهَذَا دَيْنُ الْمَرَضِ وَذَلِكَ لِأَنَّ دَيْنَ الْمَرَضِ أَضْعَفُ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَقْتَضِي وُقُوعَ الْمُقَاصَّةِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ النَّفَقَةِ ثُمَّ قَالَ بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا يَظْهَرُ أَضْعَفَيْهِ دَيْنُ الْمَرَضِ عَنْ دَيْنِ الصِّحَّةِ إلَّا فِيمَا إذَا اجْتَمَعَا عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ فَيُقَدَّمُ دَيْنُ الصِّحَّةِ وَإِمَّا إذَا كَانَا عَلَى غَيْرِ وَاحِدٍ فَلَا ضَعْفَ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْمُعَاوَضَةِ (51) قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ قَبْضًا. أَيْ الْمُودَعُ بِفَتْحِ الدَّالِ وَلَا يَضُرُّ قَوْلُهُ: وَإِنْ فِي يَدِهِ بِاعْتِبَارِ الْوَدِيعَةِ فِي يَدِ الْمُودَعِ لِأَنَّ الْمُرَادَ كَوْنُهَا فِي يَدِهِ حَقِيقَةً وَهُوَ قَابِضٌ لَهَا فِي حَالِ الِاجْتِمَاعِ، وَيَحْصُلُ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً بَلْ فِي مَنْزِلِهِ تَعَيَّنَ إحْدَاثُ قَبْضِهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً كَفَى ذَلِكَ فِي الْقَبْضِ

وَحُكْمُ الْمَغْصُوبِ عِنْدَ قِيَامِهِ فِي يَدِ رَبِّ الدَّيْنِ كَالْوَدِيعَةِ (انْتَهَى) . إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الدَّيْنِ وَبَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ وَلَمْ يُعْلَمْ التَّارِيخُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ، 53 - وَإِذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ وَبَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَحُكْمُ الْمَغْصُوبِ عِنْدَ قِيَامِهِ إلَخْ. أَمَّا عِنْدَ هَلَاكِهِ فَتَكُونُ قِيمَتُهُ دَيْنًا عَلَيْهِ فَيَكُونُ بَقِيَّةُ الدُّيُونِ تَقَعُ فِيهِ الْمُقَاصَّةُ. (53) قَوْلُهُ: وَإِذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ وَبَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ إلَخْ. فِي الْمُحِيطِ: إذَا اجْتَمَعَتْ بَيِّنَةُ الصُّلْحِ وَبَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّعْوَى أَوْ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ وَبَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّعْوَى فَبَيِّنَةُ الصُّلْحِ وَبَيِّنَةُ الْبَيْعِ أَوْلَى لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ قَدْ تَكُونُ بَعْدَ الصُّلْحِ وَالْبَيْعِ وَبَيِّنَةُ الدَّيْنِ مَعَ بَيِّنَةِ الْبَرَاءَةِ فَبَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ أَوْلَى (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ يُفِيدُ نَقِيضَ الْمُدَّعَى (انْتَهَى) . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[كتاب الإجارات]

كِتَابُ الْإِجَارَاتِ فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ مِنْ بَابِ الِاسْتِصْنَاعِ: 1 - وَالْإِجَارَةُ عِنْدَنَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ 2 - فَإِنْ أَجَازَهَا الْمَالِكُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَالْأُجْرَةُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَا، 3 - وَإِنْ كَانَ بَعْدَ قَبْضِ الْبَعْضِ فَالْكُلُّ لِلْمَالِكِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْمَاضِي لِلْغَاصِبِ وَالْمُسْتَقْبَلُ لِلْمَالِكِ (انْتَهَى) 4 - الْغَصْبُ يُسْقِطُ الْأُجْرَةَ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ 5 - إلَّا إذَا أَمْكَنَ إخْرَاجُ الْغَاصِبِ بِشَفَاعَةٍ أَوْ بِحِمَايَةٍ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْقُنْيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْإِجَارَاتِ] قَوْلُهُ: وَالْإِجَارَةُ عِنْدَنَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ. يَعْنِي فِيمَا لَوْ غَصَبَ إنْسَانٌ دَارًا مَثَلًا آجَرَهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ آخِرَ، أَوْ قَالَ مُحَمَّدٌ الْمَاضِي لِلْغَاصِبِ وَالْمُسْتَقْبَلُ لِلْمَالِكِ. (2) قَوْلُهُ: فَإِنْ أَجَازَهَا الْمَالِكُ. لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمُعْتَمَدَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْمُعْتَمَدُ فِيهَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. (3) قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَا. أَقُولُ: وَيَكُونُ لِلْعَاقِدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي (4) قَوْلُهُ: الْغَصْبُ يُسْقِطُ الْأُجْرَةَ إلَخْ. أَقُولُ: مَحَلُّهُ إذَا غَصَبَ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ وَإِنْ غَصَبَهُ فِي بَعْضِهَا يَسْقُطُ بِحِسَابِهِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ. (5) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَمْكَنَ إخْرَاجُ الْغَاصِبِ إلَخْ. فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الْإِخْرَاجِ مَعَ إمْكَانِهِ

التَّمَكُّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ يُوجِبُ الْأَجْرَ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً فَلَا تَجِبُ بِحَقِيقَةِ الِانْتِفَاعِ كَمَا فِي فُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. 7 - وَظَاهِرُ مَا فِي الْإِسْعَافِ إخْرَاجُ الْوَقْفِ فَتَجِبُ أُجْرَتُهُ فِي الْفَاسِدَةِ بِالتَّمَكُّنِ. الثَّانِيَةُ: إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ خَارِجَ الْمِصْرِ فَحَبَسَهَا عِنْدَهُ وَلَمْ يَرْكَبْهَا. 8 - فَلَا أَجْرَ لَهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ فِي الْمِصْرِ فَحَبَسَهَا وَلَمْ يَرْكَبْهَا. الثَّالِثَةُ: إذَا اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا كُلَّ يَوْمٍ بِدَانَقٍ فَأَمْسَكَهُ سِنِينَ مِنْ غَيْرِ لِبْسٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: التَّمَكُّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ يُوجِبُ الْأَجْرَ إلَخْ. فِي الْبَزَّازِيَّةِ: إنَّمَا يَجِبُ الْأَجْرُ فِي الْفَاسِدِ بِحَقِيقَةِ الِاسْتِيفَاءِ إذَا وُجِدَ التَّسْلِيمُ مِنْ جِهَةِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ لَا مِنْ جِهَةِ الْإِجَارَةِ لَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ وَإِنْ وُجِدَ حَقِيقَةُ الِاسْتِيفَاءِ. وَاعْلَمْ أَنَّ التَّمَكُّنَ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ إنَّمَا يُوجِبُ الْأَجْرَ بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَتَمَكَّنَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أُضِيفَ الْعَقْدُ إلَيْهِ، الثَّانِي أَنْ تَكُونَ فِي الْمُدَّةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ الْعَقْدُ. فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مُحْتَرَزُ الْقَيْدِ الْأَوَّلِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْأَجْرَ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ الْمُرَادُ الْمُسَمَّى أَوْ أَجْرُ الْمِثْلِ هَلْ يَجِبُ بَالِغًا مَا بَلَغَ أَوْ لَا يَتَجَاوَزُ الْمُسَمَّى؟ فَأَقُولُ: إنْ فَسَدَتْ بِجَهَالَةِ الْمُسَمَّى أَوْ بِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَإِنْ لَمْ تَفْسُدْ بِهِمَا بَلْ بِالشَّرْطِ أَوْ بِالشُّيُوعِ الْأَصْلِيِّ أَوْ بِجَهَالَةِ الْوَقْتِ وَالْمُسَمَّى مَعْلُومٌ لَمْ يَزِدْ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسَمَّى. (7) قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ مَا فِي الْإِسْعَافِ إلَخْ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا أَوْ دَارَ وَقْفٍ إجَارَةً فَاسِدَةً فَزَرَعَهَا أَوْ سَكَنَهَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا لَا يَتَجَاوَزُ الْمُسَمَّى وَلَوْ لَمْ يَزْرَعْهَا أَوْ لَمْ يَسْكُنْهَا لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ (انْتَهَى) . وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ " عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ " أَنَّ عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ (8) قَوْلُهُ: فَلَا أَجْرَ لَهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَخْ. عِبَارَتُهَا: رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ قَمِيصًا لِيَلْبَسَهُ وَيَذْهَبَ إلَى مَكَانِ كَذَا فَلَبِسَهُ فِي مَنْزِلِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ، اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ

لَمْ يَجِبْ أَجْرُ مَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي لَوْ لَبِسَهُ لَتَخَرَّقَ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَتَفَرَّعَ عَلَى الثَّانِيَةِ أَنَّهَا لَوْ هَلَكَتْ فِي زَمَانِ إمْسَاكِهَا عِنْدَهُ يَضْمَنُهَا، لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجِبْ الْأَجْرُ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا فِي إمْسَاكِهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ فِي الْمِصْرِ فَهَلَكَتْ بَعْدَ إمْسَاكِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيُّ لَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ ضَامِنٌ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ عِنْدِي عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِأَنَّ الْأَجْرَ مُقَابَلٌ بِاللِّبْسِ لَا بِالذَّهَابِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الذَّهَابَ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِيَكُونَ مَأْذُونًا فِي الذَّهَابِ بِهِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَرَكِبَهَا فِي الْمِصْرِ فِي حَوَائِجِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُخَالِفًا ضَامِنًا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِي إجَارَةِ الدَّابَّةِ بَيَانَ مَكَانِ الرُّكُوبِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ، لِأَنَّ الرُّكُوبَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَبَعْضِ الطُّرُقِ قَدْ يَكُونُ أَضَرَّ بِالدَّابَّةِ فَيَكُونُ ذِكْرُ الْمَكَانِ لِلتَّقْيِيدِ، فَأَمَّا فِي إجَارَةِ الثَّوْبِ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَكَانِ اللِّبْسِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْوَقْتِ لِأَنَّ اللِّبْسَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ قَدْ يَكُونُ أَضَرَّ مِنْ الْبَعْضِ. ثُمَّ قَالَ: رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ فَأَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَرْكَبْ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا خَارِجَ الْمِصْرِ إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَأَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهَا لَا أَجْرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ بِهَذَا الْإِمْسَاكِ فَلَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا فِيهِ فَكَانَ ضَامِنًا وَإِنْ كَانَ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا فِي الْمِصْرِ فَأَمْسَكَهَا وَلَمْ يَرْكَبْ لَا يَكُونُ ضَامِنًا لِأَنَّ الْأَجْرَ يَجِبُ بِهَذَا الْإِمْسَاكِ فَيَكُونُ مَأْذُونًا فِيهِ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا. قَالُوا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا أَمْسَكَ زَمَانًا لَا يُمْسَكُ مِثْلُهُ لِلْخُرُوجِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ عَادَةً فَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعَادَةِ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى الْخُرُوجِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ إنْ قَدَرَ يَمْسِكُهَا لِيَتَهَيَّأَ لَهُ الْخُرُوجُ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ. (9) قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ أَجْرُ مَا بَعْدَ الْمُدَّةِ إلَخْ. فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ: اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِيَلْبَسَهُ بِدَانَقٍ كُلَّ يَوْمٍ فَوَضَعَهُ فِي مَنْزِلِهِ مُدَّةً وَلَمْ يَلْبَسْهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ الَّتِي لَوْ لُبِسَ لَا يَتَخَرَّقُ فِيهَا وَلَا يَلْزَمُ لِمَا بَعْدَهَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُ الِانْتِفَاعِ بَعْدَهَا، كَالْمَرْأَةِ أَخَذَتْ الْكِسْوَةَ وَلَمْ تَلْبَسْهَا (انْتَهَى) . وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: عَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ دَانَقٌ إلَى

كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ 11 - الزِّيَادَةُ فِي الْأُجْرَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ أَخْذٌ، فَإِنْ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَمْ تَصِحَّ، 12 - وَالْحَطُّ وَالزِّيَادَةُ فِي الْمُدَّةِ جَائِزٌ، وَإِنْ زِيدَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ 13 - فَإِنْ كَانَ فِي الْمِلْكِ لَمْ تُقْبَلْ مُطْلَقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَقْتِ الَّذِي لَوْ لَبِسَهُ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ لَخُرِقَ فَإِذَا تَخَرَّقَ سَقَطَ عَنْهُ الْأَجْرُ لِأَنَّ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ الْإِجَارَةُ مُنْعَقِدَةٌ وَفِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ مُضَافَةٌ وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ عَلَيْهِ بِدُخُولِهِ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَدَخَلَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِ الْأَجْرِ إلَّا التَّمْكِينُ وَقَدْ وُجِدَ فَتَجِبُ الْأُجْرَةُ كَمَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا لِيَسْكُنَهَا فَقَبَضَهَا وَأَخَذَ الْمِفْتَاحَ وَلَمْ يَسْكُنْ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ كَذَا هَهُنَا. وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِثْلَ هَذَا (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَتَّضِحُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيَظْهَرُ أَنْ لَا صِحَّةَ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (10) قَوْلُهُ: كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ. الصَّوَابُ كَمَا فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ وَعِبَارَتُهُ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ فَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَرْكَبْ فَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ، إنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا خَارِجَ الْمِصْرِ يَضْمَنُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا فِي الْمِصْرِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ بِهَذَا الْحَبْسِ لَا يُوجِبُ الْأَجْرَ فَلَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي يَجِبُ الْأَجْرُ بِهَذَا الْحَبْسِ فَيَكُونُ مَأْذُونًا قَوْلُهُ: (11) الزِّيَادَةُ فِي الْأُجْرَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ إلَخْ. لَمْ يَعْزُ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ وَهِيَ فِي الْخَانِيَّةِ. (12) قَوْلُهُ: وَالْحَطُّ وَالزِّيَادَةُ فِي الْمُدَّةِ جَائِزٌ. قِيلَ: الْحَطُّ مِنْ الْمُؤَجِّرِ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْكِ بَعْضِ الْأُجْرَةِ وَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ بَعْدَ الْمُدَّةِ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ فِي الْمُدَّةِ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَبَعْدَهَا لَا يَلْتَحِقُ بَلْ يَكُونُ أَمْرًا مُسْتَأْنَفًا. (13) قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِي الْمِلْكِ لَمْ تُقْبَلْ مُطْلَقًا. أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَقَبْلَهَا.

كَمَا لَوْ رَخُصَتْ 15 - وَهُوَ شَامِلٌ لِمَالِ الْيَتِيمِ بِعُمُومِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ وَقْفًا، 16 - فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةِ فَاسِدَةً أَجَّرَهَا النَّاظِرُ بِلَا عِوَضٍ عَلَى الْأَوَّلِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ، 17 - لَكِنَّ الْأَصْلَ وُقُوعُهَا صَحِيحَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ 18 - فَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ رَجَعَ الْقَاضِي إلَى أَهْلِ الْبَصَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا لَوْ رَخُصَتْ. فَإِنَّهُ لَا يُنْقِصُ مِنْ الْأَجْرِ شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ أَوْ قَبْلَهَا. (15) قَوْلُهُ: وَهُوَ شَامِلٌ لِمَالِ الْيَتِيمِ بِعُمُومِهِ. وَقَدْ سَوَّى فِي الْإِسْعَافِ بَيْنَ الْوَقْفِ وَأَرْضِ الْيَتِيمِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ أَجَّرَ مُشْرِفُ الْوَقْفِ أَوْ رَضِيَ الْيَتِيمُ مَنْزِلًا لِلْوَقْفِ أَوْ لِلْيَتِيمِ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ؛ قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَصْحَابِنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَأْجِرُ غَاصِبًا وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي كِتَابِهِ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا وَيَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ، فَقِيلَ أَتُفْتِي بِهَذَا؟ فَقَالَ نَعَمْ وَوَجْهُهُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ وَصَرَّحَ فِي الْجَوْهَرَةِ بِأَنَّ أَرْضَ الْيَتِيمِ كَأَرْضِ الْوَقْفِ وَأَمَّا بُلُوغُ الْيَتِيمِ بَعْدَ إجَارَةِ وَصِيِّهِ أَوْ جَدِّهِ لِمَالِهِ مُدَّةَ سِنِينَ فَقَدْ ذَكَرَهَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَغَيْرِهَا فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ. (16) قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً أَجَّرَهَا النَّاظِرُ بِلَا عِوَضٍ عَلَى الْأَوَّلِ. أَقُولُ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْعَاشِرِ: وَلَوْ آجَرَهُ بِأَقَلَّ وَجَبَ الْأَقَلُّ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْجِرُ بِأَكْثَرَ فَلَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ الْأَوَّلُ بِأَجْرِ مِثْلِهِ (انْتَهَى) . وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْهِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ مَعَ أَنَّهَا فَاسِدَةٌ. (17) قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَصْلَ وُقُوعُهَا صَحِيحَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ. قِيلَ عَلَيْهِ: لُزُومُ أَجْرِ الْمِثْلِ ظَاهِرٌ لَكِنْ لَمْ يَتَشَخَّصْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَكِنَّ الْأَصْلَ وُقُوعُهَا صَحِيحَةً انْتَهَى (18) قَوْلُهُ: فَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ رَجَعَ. يَعْنِي لَا يُحْكَمُ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ أَنَّهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ نَظَرًا لِلْأَصْلِ الْمَذْكُورِ، بَلْ يُرْجَعُ إلَى قَوْلِ أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْأَمَانَةِ وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ سَقَطَ مَا قِيلَ لَمْ يَتَشَخَّصْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَكِنَّ الْأَصْلَ وُقُوعُهَا صَحِيحَةً وَمَا قِيلَ لَعَلَّهُ، لَكِنَّ الْأَصْلَ وُقُوعُهَا صَحِيحَةً بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ

وَالْأَمَانَةِ، فَإِنْ أَخْبَرُوا أَنَّهَا كَذَلِكَ فَسَخَهَا، وَالْوَاحِدُ يَكْفِي عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَمَا فِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ وَأَنْفَعِ الْوَسَائِلِ. وَتُقْبَلُ الزِّيَادَةُ 19 - وَلَوْ شَهِدُوا وَقْتَ الْعَقْدِ أَنَّهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ، 20 - وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ إضْرَارًا وَتَعَنُّتًا لَمْ تُقْبَلْ، 21 - وَإِنْ كَانَتْ لِزِيَادَةِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ الْمُتَوَلِّي فَسْخَهَا الْقَاضِي، كَمَا حَرَّرَهُ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ، ثُمَّ يُؤَجِّرُهَا مِمَّنْ زَادَ، 22 - فَإِنْ كَانَتْ دَارًا أَوْ حَانُوتًا عَرَضَهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدُوا وَقْتَ الْعَقْدِ إلَخْ. وَاصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ. (20) قَوْلُهُ: وَإِلَّا. أَيْ وَإِنْ لَمْ يُخْبِرُوا أَنَّهَا وَقَعَتْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ كَانَتْ إضْرَارًا إلَخْ. وَفَسَّرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الزِّيَادَةَ لِلزِّيَادَةِ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ فِي نَفْسِهِ بِأَنْ كَانَ الْكُلُّ يَرْغَبُونَ فِيهَا عُرِضَتْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ فَإِنْ قَبِلَهَا فَهُوَ أَحَقُّ وَإِلَّا أَجَّرَهَا النَّاظِرُ مِنْ الثَّانِي؛ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الزِّيَادَةِ حُكْمُ الْحَنْبَلِيِّ بِالصِّحَّةِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ غَيْرُ صَحِيحٍ (انْتَهَى) . أَقُولُ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الزِّيَادَةِ حُكْمُ الْحَنْبَلِيِّ إلَخْ نَظَرٌ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ فَتَأَمَّلْ. (21) قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ لِزِيَادَةِ أَجْرِ الْمِثْلِ. الْمُرَادُ أَنْ تَزِيدَ الْأُجْرَةُ فِي نَفْسِهَا لِغُلُوِّ سِعْرِهَا عِنْدَ الْكُلِّ، أَمَّا إذَا زَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِكَثْرَةِ رَغْبَةِ النَّاسِ فِي اسْتِئْجَارِهِ فَلَا، كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْعَيْنِيِّ وَعِبَارَتُهُ: وَلَا تُنْقَضُ الْإِجَارَةُ إذَا زَادَتْ الْأُجْرَةُ وَأَمَّا إذَا زَادَتْ الْأُجْرَةُ فِي نَفْسِهَا لَا لِرَغْبَةِ رَاغِبٍ وَلَا لِزِيَادَةٍ مِنْ قَبِيلِ مُتَعَنِّتٍ بَلْ لِغُلُوِّ سِعْرِهَا عِنْدَ الْكُلِّ فَإِنَّهَا تُنْقَضُ وَتُعْقَدُ ثَانِيًا وَيَجِبُ الْمُسَمَّى بِالْإِجَارَةِ الْأُولَى إلَى حِينِ الزِّيَادَةِ وَأَجْرِ الْمِثْلِ مِنْ بَعْدِ الثَّانِيَةِ. (22) قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ دَارًا أَوْ حَانُوتًا إلَخْ. لَا يَظْهَرُ تَفْرِيعُ هَذَا التَّفْصِيلِ عَلَى مَا قَبْلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

فَإِنْ قَبِلَهَا فَهُوَ الْأَحَقُّ وَكَانَ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ مِنْ وَقْتِ قَبُولِهَا لَا مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ، وَإِنْ أَنْكَرَ زِيَادَةَ أَجْرِ الْمِثْلِ وَادَّعَى أَنَّهَا إضْرَارٌ 24 - فَلَا بُدَّ مِنْ الْبُرْهَانِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا آجَرَهَا الْمُتَوَلِّي، وَإِنْ كَانَتْ أَرْضًا؛ فَإِنْ كَانَتْ فَارِغَةً عَنْ الزَّرْعِ فَكَالدَّارِ، وَإِنْ مَشْغُولَةً لَمْ تَصِحَّ إجَارَتُهَا لِغَيْرِ صَاحِبِ الزَّرْعِ، لَكِنْ تُضَمُّ الزِّيَادَةُ مِنْ وَقْتِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ مَا بَنَى أَوْ غَرَسَ، فَإِنْ كَانَ اسْتَأْجَرَهَا مُشَاهَرَةً 25 - فَإِنَّهَا تُؤَجَّرُ لِغَيْرِهِ إذَا فَرَغَ الشَّهْرُ إنْ لَمْ يَقْبَلْهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ قَبِلَهَا فَهُوَ الْأَحَقُّ إلَخْ. سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الْأَصْلِ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ وَزَادَ الْغَيْرُ أَوْ كَانَتْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ ثُمَّ ازْدَادَتْ فَإِنْ رَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ بِالزِّيَادَةِ فَهُوَ أَحَقُّ وَلَا يُرَجَّحُ كَمَا فِي الْفَصْلِ الْعَاشِرِ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّهُ أَحَقُّ سَوَاءٌ اسْتَأْجَرَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ ثُمَّ ازْدَادَتْ الْأُجْرَةُ أَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ. وَاَلَّذِي فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ هُوَ الْأَوَّلُ (انْتَهَى) . وَفِي الذَّخِيرَةِ فِي الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الْوَقْفِ: إذَا ازْدَادَتْ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ عَلَى رِوَايَةِ سَمَرْقَنْدَ لَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ وَعَلَى رِوَايَةِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ يُفْسَخُ وَيُجَدَّدُ الْعَقْدُ وَإِلَى وَقْتِ الْفَسْخِ يَجِبُ الْمُسَمَّى لِمَا مَضَى وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ فِيهَا بِأَنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ لَمْ يُسْتَحْصَدْ بَعْدُ فَإِلَى وَقْتِ زِيَادَتِهِ يَجِبُ الْمُسَمَّى بِقَدْرِهَا وَبَعْدَ الزِّيَادَةِ إلَى تَمَامِ السَّنَةِ يَجِبُ أَجْرُ مِثْلِهَا. (24) قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ الْبُرْهَانِ عَلَيْهِ. أَيْ لَا بُدَّ لِمُدَّعِي الزِّيَادَةِ مِنْ بُرْهَانٍ يَشْهَدُ عَلَى الْمُنْكِرِ الَّذِي هُوَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمُنْكِرُ زِيَادَةَ أَجْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُنْكِرِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْأَصْلُ إبْقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ. (25) قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُؤَجَّرُ لِغَيْرِهِ إلَخْ. قَيَّدَ بِهِ إذْ لَوْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ لَوْ رُفِعَتْ لَا يَسْتَأْجِرُهَا أَحَدٌ تُرِكَتْ فِي يَدِهِ؛ قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ: حَانُوتٌ وُقِفَ عِمَارَتُهُ مِلْكًا لِرَجُلٍ وَصَاحِبُ الْعِمَارَةِ يَسْتَأْجِرُهُ بِأَجْرِ مِثْلِهِ، يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ لَوْ رُفِعَتْ يَسْتَأْجِرُهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَأْجِرُ صَاحِبُ الْعِمَارَةِ كُلِّفَ رَفْعَ الْعِمَارَةِ وَيُؤَجِّرُ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ النُّقْصَانَ عَنْ

وَالْبِنَاءُ يَتَمَلَّكُهُ النَّاظِرُ بِقِيمَتِهِ مُسْتَحِقُّ الْقَلْعِ لِلْوَقْفِ أَوْ يَصْبِرُ حَتَّى يَتَخَلَّصَ بِنَاؤُهُ، فَإِنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ بَاقِيَةً لَمْ تُؤَجَّرْ لِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا تُضَمُّ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ كَالزِّيَادَةِ وَبِهَا زَرْعٌ، 27 - وَأَمَّا إذَا زَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزِيدَ أَحَدٌ فَلِلْمُتَوَلِّي فَسْخُهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. 28 - وَمَا لَمْ يُفْسَخْ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى كَمَا فِي الصُّغْرَى. هَذَا مَا حَرَّرْتُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ كَلَامِ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - ـــــــــــــــــــــــــــــQأَجْرِ الْمِثْلِ لَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَإِنْ كَانَ لَا يُسْتَأْجَرُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَأْجِرُهُ لَا يُكَلَّفُ وَيُتْرَكُ فِي يَدِهِ بِذَلِكَ الْأَجْرِ لِأَنَّ فِيهِ ضَرُورَةً (انْتَهَى) . وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالتَّتَارْخَانِيَّة وَغَيْرِهِمَا. (26) قَوْلُهُ: وَالْبِنَاءُ يَتَمَلَّكُهُ النَّاظِرُ بِقِيمَتِهِ إلَخْ. أَيْ إنْ رَضِيَ مَالِكُ الْبِنَاءِ لِأَنَّ تَمَلُّكَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ لَا يَجُوزُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ قَلَعَهَا وَسَلَّمَهَا فَارِغَةً إلَّا أَنْ يَغْرَمَ لَهُ الْمُؤَجِّرُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَيَمْتَلِكُهُ يَعْنِي بِأَنْ تُقَوَّمَ الْأَرْضُ بِدُونِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ وَتُقَوَّمَ وَبِهَا بِنَاءٌ وَشَجَرٌ؛ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ إلَى لُزُومِ الْقَلْعِ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنَّهُ إذَا رَضِيَ الْمُؤَجِّرُ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ الْقَلْعُ وَهَذَا صَحِيحٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَرْضُ تَنْقُصُ بِالْقَلْعِ أَمْ لَا، فَلَا حَاجَةَ إلَى حَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ تَنْقُصُ بِالْقَلْعِ. كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ لَكِنْ لَا يَتَمَلَّكُهَا الْمُؤَجِّرُ جَبْرًا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ تَنْقُصُ بِالْقَلْعِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تَنْقُصُ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ (27) قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَجْرَ الْمِثْلِ إلَخْ. فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَإِذَا زَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ قَالُوا لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَارَةَ بِنُقْصَانِ أَجْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ يُعْتَبَرُ وَقْتَ الْعَقْدِ فَإِذَا كَانَ الْمُسَمَّى وَقْتَ الْعَقْدِ أَجْرَ الْمِثْلِ يُعْتَبَرُ وَقْتَ الْعَقْدِ فَإِذَا كَانَ الْمُسَمَّى وَقْتَ الْعَقْدِ أَجْرَ الْمِثْلِ فَلَا يُعْتَبَرُ التَّغْيِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ (انْتَهَى) . قِيلَ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمُفْتَى بِهِ. (28) قَوْلُهُ: وَمَا لَمْ يُفْسَخْ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى إلَخْ. فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ

إذَا فُسِخَ الْعَقْدُ بَعْدَ تَعْجِيلِ الْبَدَلِ، صَحِيحًا كَانَ الْعَقْدُ أَوْ فَاسِدًا، فَلِلْمُعَجِّلِ حَبْسُ الْمُبْدَلِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْبَدَلَ. ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مُصَرِّحًا بِأَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَبْسَ الْعَيْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَا عَجَّلَهُ، وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي آخِرِ إجَارَاتِ الْوَلْوَالِجيَّةِ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُؤَجِّرِ، وَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالذَّخِيرَةِ وَإِذَا أَجَّرَ الْقَيِّمُ دَارًا بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ قَدْرَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ حَتَّى لَمْ تَجُزْ الْإِجَارَةُ لَوْ سَلَّمَهَا الْمُسْتَأْجِرُ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْمَشَايِخِ (انْتَهَى) . وَفِي الْخَانِيَّةِ: لِمُتَوَلِّي إذَا أَجَّرَ حَمَّامَ الْوَقْفِ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَزَادَ فِي أُجْرَةِ الْحَمَّامِ قَالُوا إنْ كَانَ حِينَ آجَرَ الْحَمَّامَ مِنْ الْأَوَّلِ أَجَّرَهُ بِمِقْدَارِ أَجْرِ مِثْلِهِ أَوْ نُقْصَانٍ يَسِيرٍ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ فَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُخْرِجَ الْأَوَّلَ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ الْأُولَى بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ تَكُونُ فَاسِدَةً فَلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا إجَارَةً صَحِيحَةً إمَّا مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِالزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِ مَا يَرْضَى بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ الْأُولَى بِأَجْرِ الْمِثْلِ ثُمَّ ازْدَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ كَانَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَمَا لَمْ يُفْسَخْ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى كَذَا ذَكَرَهُ الطَّحْطَاوِيُّ وَذَكَرَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ بَعْدَ مَسْأَلَةِ عَدَمِ دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ فِي لَفْظِ الْأَوْلَادِ خِلَافًا فِي مَسْأَلَةِ الزِّيَادَةِ فِي أَجْرِ الْمَأْجُورِ فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْتَ (29) قَوْلُهُ: إذَا فُسِخَ الْعَقْدُ بَعْدَ تَعْجِيلِ الْبَدَلِ إلَخْ. أَيْ عَقْدُ الْإِجَارَةِ وَكَمَا يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَبْسُ الْعَيْنِ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وَلِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهَا، وَكَذَا يَكُونُ أَوْلَى بِهَا مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ، لَوْ مَاتَ الْآجِرُ أَوْ الْبَائِعُ أَوْ الرَّاهِنُ وَعَلَيْهِمْ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ لَكِنْ بَيْنَ فَاسِدِ هَذِهِ الْعُقُودِ وَصَحِيحِهَا إذَا فَسَخَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَرْقٌ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا ارْتَفَعَتْ الْإِجَارَةُ أَوْ الْبَيْعُ بِدَيْنٍ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى الْآجِرِ وَالْبَائِعِ ثُمَّ فَسَخَا عَقْدَ الْإِجَارَةِ أَوْ الْبَيْعِ وَكَانَ ذَلِكَ فَاسِدًا لَا يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُشْتَرِي حَقُّ الْحَبْسِ لِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَلَا يَكُونَانِ أَوْلَى بِهَا مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ إذَا مَاتَ الْآجِرُ وَالْبَائِعُ وَإِذَا كَانَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ أَوْ الْبَيْعِ صَحِيحًا وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِدَيْنٍ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى الْآجِرِ وَالْبَائِعِ

وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ 31 - الْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا تَنْفَسِخُ بِغَيْرِ عُذْرٍ 32 - إلَّا إذَا وَقَعَتْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ عَيْنٍ كَالِاسْتِكْتَابِ فَلِصَاحِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQثُمَّ تَفَاسَخَا الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُشْتَرِي حَقُّ الْحَبْسِ لِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَيَكُونَانِ أَحَقَّ بِهَا مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ كَمَا لَوْ مَاتَ الْآجِرُ وَالْبَائِعُ وَعَلَيْهِمَا دُيُونٌ كَثِيرَةٌ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَأَمَّا الرَّاهِنُ إذَا مَاتَ عَنْ دُيُونٍ كَثِيرَةٍ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِالرَّهْنِ كَمَا فِي الْحَيَاةِ وَالرَّهْنُ الْفَاسِدِ كَالصَّحِيحِ حَالَ الْحَيَاةِ وَالْمَمَاتِ حَتَّى إذَا تَقَابَضَا وَتَنَاقَضَا الْفَاسِدَ فَلِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ حَتَّى يُؤَدِّيَ إلَيْهِ الرَّاهِنُ مَا قَبَضَ وَبَعْدَ مَوْتِ الرَّاهِنِ الْمُرْتَهِنُ بِالْمَرْهُونِ الْفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ هَذَا إذَا لَحِقَ الدَّيْنُ الرَّهْنَ الْفَاسِدَ أَمَّا إذَا سَبَقَ الدَّيْنُ ثُمَّ رَهَنَ فَاسِدًا بِذَلِكَ ثُمَّ تَنَاقَضَا بَعْدَ قَبْضِهِ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهُ لِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ السَّابِقِ وَلَيْسَ الْمُرْتَهِنُ أَوْلَى مِنْ الْغُرَمَاءِ بَعْدَ مَوْتِ الرَّاهِنِ لِعَدَمِ الْمُقَابَلَةِ حُكْمًا لِفَسَادِ السَّبَبِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ السَّابِقِ وَالدَّيْنِ اللَّاحِقِ لِأَنَّ الرَّاهِنَ قَبَضَهُ بِمُقَابِلَةِ الرَّهْنِ وَهَذَا الْقَبْضُ سَابِقٌ فَثَبَتَ الْمُقَابَلَةُ الْحَقِيقِيَّةُ ثَمَّةَ وَبِخِلَافِ الرَّهْنِ الصَّحِيحِ تَقَدَّمَ الدَّيْنُ أَوْ تَأَخَّرَ لِصِحَّةِ السَّبَبِ وَبِهِ الْمُقَابَلَةُ الْحَقِيقِيَّةُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْعِمَادِيَّةِ (30) قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَعِبَارَتُهُ: لَوْ اسْتَأْجَرَ فَاسِدًا وَعَجَّلَ الْأُجْرَةَ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى مَاتَ الْمُؤَجِّرُ أَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ فَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَحْبِسَ الْبَيْتَ لِأَجْرٍ عَجَّلَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْجَائِزَةِ فَفِي الْفَاسِدِ أَوْلَى وَلَوْ مَقْبُوضًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا فَلَهُ الْحَبْسُ لِأَجْرٍ عَجَّلَهُ وَهُوَ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ لَوْ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ (انْتَهَى) . وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَمُنْيَةِ الْمُفْتِي (31) قَوْلُهُ: الْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ إلَخْ. الْمَسْأَلَةُ فِي الْقُنْيَةِ فِي أَوَّلِ بَابِ الْعُذْرِ فِي الْإِجَارَةِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَبَقِيَ الْكَلَامُ فِي أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى فَسْخِ الْقَاضِي أَمْ لَا فَإِنَّ الَّذِي رَأَيْنَاهُ إنَّمَا هُوَ فِي الَّذِي يُفْسَخُ بِعُذْرٍ وَأَمَّا الَّذِي يُفْسَخُ مُطْلَقًا كَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلَمْ أَجِدْهُ صَرِيحًا (32) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا وَقَعَتْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ عَيْنٍ إلَخْ. فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْعُذْرِ فِي الْإِجَارَةِ مَا نَصُّهُ: الْأَصْلُ أَنَّ الْإِجَارَةَ مَتَى وَقَعَتْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ بِغَيْرِ عِوَضٍ

الْوَرَقِ فَسْخُهَا بِلَا عُذْرٍ. وَأَصْلُهُ فِي الْمُزَارَعَةِ. لِرَبِّ الْبَذْرِ الْفَسْخُ دُونَ الْعَامِلِ، وَمِنْ أَعْذَارِهَا الْمُجَوِّزَةِ لِفَسْخِهَا 33 - الدَّيْنُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ، لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ ثَمَنِهَا، فَلَهُ فَسْخُهَا وَضَمِنَ بَيْعَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQكَالِاسْتِكْتَابِ تَقَعُ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْكَاغَدِ وَالْحِبْرِ وَكَرَبِّ الْأَرْضِ فِي الْمُزَارَعَةِ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِهِ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَالْمُزَارَعَةَ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَيُخَرَّجُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ جَوَابُ كَثِيرٍ مِنْ الْوَاقِعَاتِ فَيَجِبُ أَنْ يُحْفَظَ (33) قَوْلُهُ: الدَّيْنُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَلَا وَفَاءَ إلَّا مِنْ ثَمَنِهَا إلَخْ. قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَحُبِسَ فِيهِ فَهَذَا عُذْرٌ وَبَيْعُهُ جَائِزٌ إذَا كَانَ الدَّيْنُ بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى قَضَائِهِ إلَّا بِبَيْعِ الْمُسْتَأْجَرِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إيفَاءُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إلَّا بِضَرَرٍ يَلْحَقُ نَفْسَهُ وَهُوَ الْحَبْسُ. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ ظَاهِرًا يَعْنِي ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَكِنَّهُ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ وَكَذَّبَهُ الْمُسْتَأْجِرُ جَازَ إقْرَارُهُ وَيَكُونُ عُذْرًا عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمْ. ثُمَّ الْفَسْخُ إنَّمَا يَكُونُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ حَتَّى لَوْ بَاعَ الْمُؤَجِّرُ وَكَأَنَّهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ لَا يَجُوزُ، وَعَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ يَكُونُ بِدُونِهِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَأَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْفَسْخَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَضَاءِ كَالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَهَذَا فِي بَابِ الدَّيْنِ خَاصَّةً أَمَّا فِي عُذْرٍ آخَرَ يَتَفَرَّدُ مَنْ لَهُ الْعُذْرُ بِالْفَسْخِ مِنْ غَيْرِ قَاضٍ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الرِّوَايَةِ. مِنْ الْمَشَايِخِ وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْعُذْرَ إنْ كَانَ ظَاهِرًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى الْقَضَاءِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ظَاهِرٍ كَالدَّيْنِ الثَّابِتِ بِإِقْرَارِهِ يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ لِيَصِيرَ الْعُذْرُ بِالْقَضَاءِ ظَاهِرًا. كَذَا فِي التَّجْرِيدِ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَالْمَحْبُوبِيُّ: الْقَوْلُ بِالتَّوْفِيقِ هُوَ الْأَصَحُّ وَقَوَّاهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِأَنَّ فِيهِ إعْمَالَ الرِّوَايَتَيْنِ مَعَ مُنَاسَبَةٍ فِي التَّوْزِيعِ فَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ (انْتَهَى) أَقُولُ فِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ لِلْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ أَنَّ مَا يُصَحِّحُهُ قَاضِي خَانْ مِنْ الْأَقْوَالِ يَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى مَا يُصَحِّحُهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ كَانَ فَقِيهَ النَّفْسِ وَهَذَا الْقَوْلُ صَحَّحَهُ قَاضِي خَانْ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ.

إلَّا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ الْمُعَجَّلَةُ تَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهَا 35 - لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِمَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْفِعْلُ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ وَدَفْنِهِ، وَإِلَّا جَازَ صَحَّ اسْتِئْجَارُ قَلَمٍ بِبَيَانِ الْأَجْرِ وَالْمُدَّةِ. أَجَّرَ الْغَاصِبُ ثُمَّ مَلَكَ نَفَذَتْ 36 - اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِوَضْعِ شَبَكَةِ الصَّيْدِ جَازَ 37 - وَكَذَا اسْتِئْجَارُ طَرِيقٍ لِلْمُرُورِ إنْ بَيَّنَ الْمُدَّةَ 38 - اسْتَأْجَرَ مَشْغُولًا وَفَارِغًا صَحَّ فِي الْفَارِغِ فَقَطْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ الْمُعَجَّلَةُ تَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهَا. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مِنْ مُعَاصِرِي الْمُصَنِّفِ: هَذَا قَيْدٌ حَسَنٌ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِالدَّيْنِ وَهُوَ غَرِيبٌ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ (35) قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِمَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْفِعْلُ إلَخْ. فِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِغُسْلِ الْمَيِّتِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ لِحَفْرِ الْقَبْرِ، وَبَيَّنَ الطُّولَ وَالْعُمْقَ وَالْعَرْضَ جَازَ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مَا ذَكَرَ الْقِيَاسُ لَا يَجُوزُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَيَقَعُ عَلَى وَسَطِ مَا يَعْمَلُهُ النَّاسُ؛ وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ لِحَمْلِ الْجِنَازَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَحْمِلُهَا لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَحْمِلُهَا جَازَ (انْتَهَى) . وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِثْلُهُ مَعَ زِيَادَةٍ فَلْيُرَاجَعْ (36) قَوْلُهُ: اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِوَضْعِ شَبَكَةِ الصَّيْدِ. جَازَ لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ وَلِلنَّاسِ فِيهِ تَعَامُلٌ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ (37) قَوْلُهُ: وَكَذَا اسْتِئْجَارُ طَرِيقٍ لِلْمُرُورِ إنْ بَيَّنَ الْمُدَّةَ. أَقُولُ: وَالْأَجْرُ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ ثُمَّ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَحْدُودًا أَوْ لَا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْعُيُونِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْحُدُودَ فَهِيَ فَاسِدَةٌ وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي إجَارَةِ الْمُشَاعِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ (38) قَوْلُهُ: اسْتَأْجَرَ مَشْغُولًا وَفَارِغًا إلَخْ. فِي الْخُلَاصَةِ: فِي الْأَصْلِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ وَقَصَبٌ أَوْ غَيْرُهُمَا يَمْنَعُهُ مِنْ الزِّرَاعَةِ لَا يَجُوزُ وَالْحِيلَةُ إذَا كَانَ

أَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْمُؤَجِّرِ لَمْ يَصِحَّ 40 - اسْتَأْجَرَ نَصْرَانِيٌّ مُسْلِمًا لِلْخِدْمَةِ لَمْ يَجُزْ، وَلِغَيْرِهَا جَازَ كَالِاسْتِئْجَارِ لِكِتَابَةٍ أَوْ لِغِنَاءٍ أَوْ لِبِنَاءِ بِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالزَّرْعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَبِيعَ الزَّرْعَ مِنْهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَيَتَقَابَضَا ثُمَّ تُؤَجَّرُ الْأَرْضُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ يُؤَجَّرُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَلَوْ أَجَّرَ مَعَ هَذَا بِدُونِ الْحِيلَةِ ثُمَّ سَلَّمَ بَعْدَ مَا فَرَغَ وَحَصَدَ يَنْقَلِبُ جَائِزًا. قَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ هَذَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ الزَّرْعُ أَمَّا إذَا أَدْرَكَ بِحَيْثُ لَا يَضُرُّهُ الْحَصَادُ يَجُوزُ وَيُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ (انْتَهَى) . وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ أَجَّرَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ لَا يَجُوزُ الْإِجَارَةُ ثُمَّ نَقَلَ كَلَامَ خُوَاهَرْ زَادَهْ الْمُتَقَدِّمِ ثُمَّ قَالَ هَذَا فِي الْأَرْضِ وَمَا إذَا أَجَّرَ بَيْتًا مَشْغُولًا لَا يَجُوزُ وَيُؤْمَرُ بِالتَّفْرِيغِ وَالتَّسْلِيمِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يَنْبَغِي حَمْلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَهُوَ لَوْ اسْتَأْجَرَ ضِيَاعًا بَعْضُهَا فَارِغٌ وَبَعْضُهَا مَشْغُولٌ؛ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ فِيمَا كَانَ فَارِغًا وَلَا تَجُوزُ فِيمَا كَانَ مَشْغُولًا (انْتَهَى) . لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ بَيْتًا مَشْغُولًا فَإِنَّهُ تَجُوزُ وَيُؤْمَرُ كَمَا مَرَّ فَتَعَيَّنَ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الضَّيَاعِ فَقَطْ فَافْهَمْ قَوْلُهُ: أَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْمُؤَجِّرِ لَمْ يَصِحَّ وَكَذَا لَا تَصِحُّ وَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا ثَالِثٌ عَلَى الرَّاجِحِ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعَلَيْهَا الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَلَا تُنْقَضُ الْإِجَارَةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ. وَكَذَا لَوْ أَجَّرَ الْوَكِيلُ وَسَلَّمَ ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا مِنْهُ لَا يَجُوزُ وَقِيلَ يَجُوزُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا إجَارَةً طَوِيلَةً ثُمَّ أَجَّرَهَا مِنْ الْمُؤَجِّرِ بَعْدَ ذَلِكَ فَالثَّانِي فَاسِدٌ لِأَنَّهُ أَجَّرَهُ مِمَّنْ لَهُ مِلْكُ الرَّقَبَةِ فَيَنْتَفِعُ هُوَ بِمِلْكِ الرَّقَبَةِ لَا بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ فَتَفْسُدُ الْإِجَارَةُ؛ وَمَا أَخَذَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ يُحْسَبُ عَلَيْهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إلَّا أَنَّ مَعَ فَسَادِهِ يَنْعَقِدُ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ فَيُنْقَضُ مِنْ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ بِقَدْرِهِ، وَإِذَا دَخَلَ الثَّانِي يَتَجَدَّدُ الْعَقْدُ بِدُخُولِهِ فَيُنْقَضُ مِنْ الْأَوَّلِ شَهْرٌ فَشَهْرٌ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي وَقَعَ فَاسِدًا كَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ وُهِبَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ الْبَائِعِ نُقِضَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ بَيْعُ الثَّانِي وَقَعَ فَاسِدًا (انْتَهَى) (40) قَوْلُهُ: اسْتَأْجَرَ نَصْرَانِيٌّ مُسْلِمًا إلَخْ. أَقُولُ: حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ أَجَّرَ مُسْلِمٌ

اسْتَأْجَرَهُ لِيَصِيدَ لَهُ أَوْ لِيَحْتَطِبَ جَازَ إنْ وَقَّتَ 42 - اسْتَأْجَرَتْ زَوْجَهَا لِغَمْزِ رِجْلِهَا لَمْ يَجُزْ 43 - اسْتَأْجَرَ شَاةً لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ أَوْ جَدْيَيْهِ لَمْ يَجُزْ ـــــــــــــــــــــــــــــQنَفْسَهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ لِلْخِدْمَةِ لَمْ يَجُزْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: أَجَّرَ نَفْسَهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ إنْ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلِ غَيْرِ الْخِدْمَةِ جَازَ وَإِنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِلْخِدْمَةِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ لَا يَجُوزُ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ (انْتَهَى) . وَفِي الذَّخِيرَةِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ الْإِجَارَةِ فِي الْخِدْمَةِ الْمُسْلِمُ: إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ مِنْ كَافِرٍ لِلْخِدْمَةِ يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يَسْتَخْدِمُهُ قَهْرًا بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ إلَّا أَنَّهُ يَسْتَوْجِبُ عَلَيْهِ عِوَضًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَلَى سَبِيلِ الْقَهْرِ فَيَنْتَفِي الذِّكْرُ (انْتَهَى) . وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ هَذَا كَمَا لَا يَخْفَى وَقَدْ أَفْهَمَ كَلَامُ صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَيْضًا أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيمَا ذَكَرَهُ لِجَزْمِهِ بِهِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِكَافِرٍ لِلْخِدْمَةِ يَجُوزُ وَيُكْرَهُ وَقَالَ الْفَضْلِيُّ تَجُوزُ فِيمَا لَا ذُلَّ فِيهِ كَزِرَاعَةٍ لَا مَا فِيهِ ذَلِكَ كَخِدْمَةٍ (انْتَهَى) . (41) قَوْلُهُ: اسْتَأْجَرَهُ لِيَصِيدَ لَهُ أَوْ لِيَحْتَطِبَ جَازَ إنْ وَقَّتَ بِأَنْ قَالَ هَذَا الْيَوْمَ أَوْ هَذَا الشَّهْرَ وَيَجِبُ الْمُسَمَّى لِأَنَّ هَذَا أَجِيرٌ وُجِدَ وَشَرْطُ صِحَّتِهِ بَيَانُ الْوَقْتِ وَقَدْ وُجِدَ وَإِنْ لَمْ يُوَقِّتْ وَلَكِنْ عَيَّنَ الصَّيْدَ وَالْحَطَبَ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ لِجَهَالَةِ الْوَقْتِ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَمَا حَصَلَ يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ (42) قَوْلُهُ: اسْتَأْجَرَتْ زَوْجَهَا لِغَمْزِ رِجْلِهَا. لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ إجَارَةِ النَّاسِ وَلِأَنَّ هَذَا أَجِيرٌ وُجِدَ، وَشَرْطُ صِحَّتِهِ بَيَانُ الْوَقْتِ. كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ قُلْتُ فَلَوْ غَمَزَ رِجْلَهَا كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا الْمُسَمَّى (43) قَوْلُهُ: اسْتَأْجَرَ شَاةً لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ إلَخْ. لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ عَلَى إتْلَافِ الْعَيْنِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً لِتُرْضِعَ وَلَدَهُ إنْ كَانَ مِنْهَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهَا كَخِدْمَةِ الْبَيْتِ مِثْلَ الْكَنْسِ وَالْخَبْزِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا يَجُوزُ كَذَا ذُكِرَ مُطْلَقًا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَقَالَ الْخَصَّافُ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا اسْتَأْجَرَهَا مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ يَقَعُ الِاسْتِئْجَارُ لِلصَّبِيِّ وَالصَّبِيُّ أَجْنَبِيٌّ عَنْهَا، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِتُرْضِعَ وَلَدَهُ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ إنْ كَانَتْ عِدَّةَ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ لَا يَجُوزُ كَمَا فِي حَالَةِ النِّكَاحِ وَإِنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ

اسْتَأْجَرَ إلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ لَمْ يَجُزْ 45 - إضَافَةُ الْإِجَارَةِ إلَى مَنَافِعِ الدَّارِ جَائِزَةٌ. دَفَعَ دَارِهِ إلَى آخَرَ لِيُرَمِّمَهَا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ 46 - فَهِيَ عَارِيَّةٌ 47 - الْمُسْتَأْجِرُ فَاسِدًا، إذَا أَجَّرَ صَحِيحًا جَازَتْ، وَقِيلَ لَا. اسْتَأْجَرَ دَرَاهِمَ لِيَعْمَلَ فِيهَا كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا فَهِيَ فَاسِدَةٌ وَلَا أَجْرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQطَلَاقٍ بَائِنٍ يَجُوزُ. وَذَكَرَ فِي الْمُجَرَّدِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا بَعْدَمَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ نَفَقَةَ الصَّبِيِّ عَلَى الصَّبِيِّ لَا عَلَى الْأُمِّ (44) قَوْلُهُ: اسْتَأْجَرَ إلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ لَمْ يَجُزْ يَعْنِي. لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ فَيَقَعُ بَعْضُهُ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ وَبَعْضُهُ بَعْدَ الْوَفَاةِ. كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَهُوَ قَوْلٌ. وَقِيلَ يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَوْلُهُ: إضَافَةُ الْإِجَارَةِ إلَى مَنَافِعِ الدَّارِ جَائِزَةٌ. فِي الْفَتَاوَى الْخَانِيَّةِ: لَوْ قَالَ أَجَرْتُكَ مَنْفَعَةَ هَذِهِ الدَّارِ شَهْرًا بِكَذَا. ذَكَرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ وَإِنَّمَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ إذَا أَضَافَ إلَى الدَّارِ لَا إلَى الْمَنْفَعَةِ. وَذَكَرَ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهُ إذَا أَضَافَ الْإِجَارَةَ إلَى الْمَنْفَعَةِ يَجُوزُ أَيْضًا انْتَهَى وَفِي الْفَتَاوَى الْوَلْوَالِجيَّةِ الْإِجَارَةُ إذَا أُضِيفَتْ إلَى مَنَافِعِ الدَّارِ تَصِحُّ، فَإِنَّهُ نَصَّ فِي هِبَةِ الْإِمَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ إذَا قَالَ وَهَبْتُكَ مَنَافِعَ هَذِهِ الدَّارِ كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ يَكُونُ إجَارَةً فَهَذَا أَوْلَى (انْتَهَى) . وَقَالَ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ: إنَّ الْمَنَافِعَ مَعْدُومَةٌ حَقِيقَةً وَالْمَنْفَعَةُ لَا يُتَصَوَّرُ وَجُودُهَا فِي لَحْظَةٍ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهَا مَوْجُودَةً حُكْمًا لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِتَقْدِيرِ الْمُسْتَحِيلِ وَلِهَذَا لَوْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى الْمَنْفَعَةِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ أَضَافَهُ إلَى الْعَيْنِ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ (انْتَهَى) . فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ. (46) قَوْلُهُ: فَهِيَ عَارِيَّةٌ. قِيلَ: هَلْ يَلْزَمُهُ تَرْمِيمُهَا؟ الظَّاهِرُ لَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (انْتَهَى) . يَعْنِي لِأَنَّ نَفَقَةَ الْمُسْتَعَارِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ (47) قَوْلُهُ: الْمُسْتَأْجِرُ فَاسِدًا إذَا أَجَّرَ صَحِيحًا جَازَتْ وَقِيلَ لَا. يَعْنِي إذَا قَبَضَهَا

وَيَضْمَنُهَا، 49 - وَلَوْ لَيُزَيِّنَ بِهَا جَازَتْ إنْ وَقَّتَ. 50 - وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الشَّجَرِ وَالْكَرْمِ بِأَجْرٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَرُ لَهُ، 51 - وَكَذَا أَلْبَانُ الْغَنَمِ وَصُوفُهَا، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الشَّجَرَ مُطْلَقًا قَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ بِالْجَوَازِ وَيَنْصَرِفُ إلَى شَدِّ الثِّيَابِ عَلَيْهَا أَوْ الدَّابَّةِ، وَبِعَدَمِهِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْهَا الثَّمَرَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQثُمَّ أَجَّرَهَا إجَارَةً صَحِيحَةً؛ وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الرَّاجِحُ: قَالَ فِي الْمُضْمَرَاتِ: اسْتَأْجَرَ دَارًا إجَارَةً فَاسِدَةً وَقَبَضَهَا ثُمَّ أَجَّرَهَا مِنْ غَيْرِهِ إجَارَةً صَحِيحَةً جَازَ هُوَ الصَّحِيحُ وَلِلْأَوَّلِ أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَارَةَ الثَّانِيَةَ وَيَأْخُذَ الدَّارَ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا ثُمَّ الْمُشْتَرِي أَجَّرَهُ فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَارَةَ. فَكَذَا هَذَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تُفْسَخُ بِالْأَعْذَارِ وَالْبَيْعُ لَا (انْتَهَى) . وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْعِمَادِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ. (48) قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُهَا. قِيلَ يُشْكِلُ عَلَى تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْعَيْنَ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أَمَانَةٌ وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً (انْتَهَى) . يَعْنِي لِأَنَّ فَسَادَ الْعُقُودِ مُلْحَقٌ بِصَحِيحِهَا إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ أَقُولُ الْمُرَادُ بِالْفَسَادِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْبُطْلَانُ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ هُنَا وَقَعَتْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ وَإِنَّمَا وَجَبَ الضَّمَانُ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَمَّا لَمْ تُصَادِفْ مَحَلَّهَا لِأَنَّ مَحَلَّهَا الْمَنْفَعَةُ لَا الْعَيْنُ؛ بَقِيَ مُجَرَّدُ الْإِذْنِ بِالِانْتِفَاعِ مِنْ حَيْثُ التَّصَرُّفِ لِيَرُدَّ عَلَيْهِ مِثْلَهُ وَهَذَا تَفْسِيرُ الْقَرْضِ فَيَصِيرُ قَرْضًا كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَحِينَئِذٍ لَا يُرَدُّ مَا قِيلَ. (49) قَوْلُهُ: وَلَوْ لِيُزَيِّنَ بِهَا جَازَتْ إنْ وَقَّتَ. أَقُولُ: وَبَيَّنَ الْأَجْرَ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. (50) قَوْلُهُ: وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الشَّجَرِ وَالْكَلَامُ إلَخْ. لِأَنَّهَا عُقِدَتْ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْعَيْنِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. (51) قَوْلُهُ: وَكَذَا أَلْبَانُ الْغَنَمِ وَصُوفُهَا. يَعْنِي لَوْ اسْتَأْجَرَ غَنَمًا عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ أَلْبَانُهَا وَصُوفُهَا.

دَفَعَ غَزْلًا إلَى حَائِكٍ لِيَنْسِجَهُ لَهُ بِالنِّصْفِ فَسَدَتْ 53 - كَاسْتِئْجَارِ الْكِتَابِ لِلْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا. 54 - يُفْسِدُهَا الشَّرْطُ كَاشْتِرَاطِ طَعَامِ الْعَبْدِ وَعَلَفِ الدَّابَّةِ وَتَطْيِينِ الدَّارِ وَمَرَمَّتِهَا وَتَغْلِيقِ الْبَابِ وَإِدْخَالِ جِذْعٍ فِي سَقْفِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ 55 - لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: دَفَعَ غَزْلًا إلَى حَائِكٍ إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: دَفَعَ كِرْبَاسًا إلَى حَائِكٍ لِيَنْسِجَهُ بِالثُّلُثِ أَوْ الرُّبُعِ فَالْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ؛ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى قَفِيزِ الطَّحَّانِ إلَّا أَنَّهُ ثَمَّةَ يَجُوزُ كَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ لِلتَّعَامُلِ (انْتَهَى) . وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. (53) قَوْلُهُ: كَاسْتِئْجَارِ الْكِتَابِ لِلْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا. أَيْ سَوَاءٌ بَيَّنَ الْمُدَّةَ أَوْ لَا كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ. أَقُولُ: وَلَوْ قَالَ كَمَسْأَلَةِ قَفِيزِ الطَّحَّانِ لَكَانَ أَوْلَى لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي عِلَّةِ الْفَسَادِ بِخِلَافِ اسْتِئْجَارِ الْكِتَابِ لِلْقِرَاءَةِ فَإِنَّ عِلَّةَ الْفَسَادِ فِيهِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى الْقِرَاءَةِ لَا تَنْعَقِدُ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ إنْ كَانَتْ طَاعَةً كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ مَعْصِيَةً كَالْغِنَاءِ فَالْإِجَارَةُ عَلَيْهِمَا لَا تَجُوزُ كَمَا ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذَا، وَإِنْ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ مُبَاحَةً كَقِرَاءَةِ الْأَدَبِ وَالشِّعْرِ فَهَذَا مُبَاحٌ لَهُ بِغَيْرِ الْإِجَارَةِ وَإِنَّمَا لَا يُبَاحُ لَهُ الْحَمْلُ وَتَقْلِيبُ الْأَوْرَاقِ فَتَكُونُ الْإِجَارَةُ عَلَى مَا يَمْلِكُهُ قَبْلَ الْإِجَارَةِ وَهُوَ الْقِرَاءَةُ فَلَا يَجُوزُ، وَلَوْ انْعَقَدَ يَنْعَقِدُ عَلَى الْحَمْلِ وَتَقْلِيبِ الْأَوْرَاقِ وَالْإِجَارَةُ عَلَى ذَلِكَ لَا تَنْعَقِدُ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلِهَذَا لَوْ نَصَّ عَلَيْهِ لَا تَنْعَقِدُ (انْتَهَى) . (54) قَوْلُهُ: يُفْسِدُهَا الشَّرْطُ كَاشْتِرَاطِ طَعَامِ الْعَبْدِ وَعَلَفِ الدَّابَّةِ إلَخْ فِي الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي الدَّابَّةِ: نَأْخُذُ بِقَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَالْعَبْدُ يَأْكُلُ مِنْ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ عَادَةً (انْتَهَى) . وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ (55) قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ. ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ أَخَذَهُ مِنْ الْقُنْيَةِ وَمِثْلُهُ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَعِبَارَتُهَا: اسْتَأْجَرَ الْقَاضِي رَجُلًا لِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ أَوْ الْحَدِّ لَمْ يَجُزْ ذَكَرَ مُدَّتَهُ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ فَإِنْ فَعَلَ الْأَجِيرُ ذَلِكَ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ

اسْتَعَانَ بِرَجُلٍ فِي السُّوقِ لِيَبِيعَ مَتَاعَهُ فَطَلَبَ مِنْهُ أَجْرًا 57 - فَالْعِبْرَةُ لِعَادَتِهِمْ، وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ رَجُلًا فِي حَانُوتِهِ لِيَعْمَلَ لَهُ اسْتَأْجَرَ شَيْئًا لِيَنْتَفِعَ بِهِ خَارِجَ الْمِصْرِ فَانْتَفَعَ بِهِ فِي الْمِصْرِ، 58 - فَإِنْ كَانَ ثَوْبًا وَجَبَ الْأَجْرُ وَإِنْ كَانَ دَابَّةً لَا. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً فَسَاقَهَا وَلَمْ يَرْكَبْهَا فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ إلَّا لِعُذْرٍ بِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهُ الْقِصَاصُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمَا فَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ فَعَلَ الْأَجِيرُ ذَلِكَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: جَازَ وَعَلَيْهِ مَا سَمَّى، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ لَهُ الْقِصَاصُ فِي الطَّرَفِ جَازَ عِنْدَهُمَا فَيَلْزَمُهُ مَا سَمَّى إنْ فَعَلَ أَجِيرُهُ (انْتَهَى) . وَفِي الْخَانِيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ وَعِبَارَتُهَا: اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ أَوْ لِقَطْعِ الْيَدِ أَوْ لِيَقُومَ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ شَهْرًا بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ جَازَتْ الْإِجَارَةُ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ مُدَّتَهُ فَسَدَ الْعَقْدُ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ إنْ عَمِلَ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ عِنْدَ بَيَانِ الْمُدَّةِ مَنَافِعُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَإِنْ اُسْتُحِقَّ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَ تِلْكَ الْمَنَافِعَ إلَى مَا يَحِلُّ مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ، أَمَّا إذَا لَمْ يُبَيِّنَ الْمُدَّةَ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَجْهُولًا فَلَا يَدْرِي مَتَى وَقَعَ وَمَاذَا يَقَعُ فَإِذَا فَسَدَ الِاسْتِئْجَارُ وَفَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَانَ لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَنَافِعَ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ (انْتَهَى) . وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ لِظُهُورِ وَجْهِهِ (56) قَوْلُهُ: اسْتَعَانَ بِرَجُلٍ فِي السُّوقِ لِيَبِيعَ مَتَاعَهُ. يَعْنِي وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ أَجْرًا. (57) قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ لِعَادَتِهِمْ. أَيْ لِعَادَةِ أَهْلِ السُّوقِ فَإِنْ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِالْأَجْرِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِغَيْرِ أَجْرٍ فَلَا يَجِبُ أَجْرُهُ؛ وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ رَجُلًا فِي حَانُوتِهِ لِيُعِينَهُ عَلَى بَعْضِ أَعْمَالِهِ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ (58) قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ ثَوْبًا وَجَبَ الْأَجْرُ وَإِنْ كَانَ دَابَّةً لَا. ذَكَرَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ قَمِيصًا لِيَلْبَسَهُ وَيَذْهَبَ إلَى مَكَانِ كَذَا فَلَمْ يَذْهَبْ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَلَبِسَهُ فِي مَوْضِعِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ، لِأَنَّهُ وَإِنْ خَالَفَ، لَكِنَّهُ خِلَافٌ إلَى خَيْرٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَذْهَبَ إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَرَكِبَهَا فِي الْمِصْرِ فِي حَوَائِجِهِ فَهُوَ مُخَالِفٌ إلَى شَرٍّ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ فِي الدَّابَّةِ لَا تَجُوزُ مَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمَكَانَ؛ وَفِي الثَّوْبِ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ ذَلِكَ الْوَقْتِ دُونَ الْمَكَانِ (انْتَهَى) . وَبِهِ اتَّضَحَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ

الْأَجِيرُ الْكَاتِبُ إذَا أَخْطَأَ فِي الْبَعْضِ، فَإِنْ كَانَ الْخَطَأُ فِي كُلِّ وَرَقَةٍ خُيِّرَ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ عَلَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ الْقِيمَةَ، إنْ كَانَ فِي الْبَعْضِ فَقَطْ أَعْطَاهُ بِحِسَابِهِ مِنْ الْمُسَمَّى 60 - اسْتَخْدَمَهُ بَعْدَ جَحْدِهَا وَجَبَ الْأَجْرُ وَقِيمَتُهُ، لَوْ هَلَكَ 61 - حَمَلَ أَحَدُ الْأَجِيرِينَ فَقَطْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْأَجِيرُ الْكَاتِبُ إذَا أَخْطَأَ فِي الْبَعْضِ إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: اسْتَأْجَرَ وَرَّاقًا لِيَكْتُبَ لَهُ الْقُرْآنَ وَيَنْقُطَهُ وَيُعْجِمَهُ وَيُعَشِّرَهُ وَأَعْطَاهُ الْكَاغَدَ وَالْحِبْرَ لِيُعْطِيَهُ كَذَا دِرْهَمًا فَأَصَابَ الْوَرَّاقُ الْبَعْضَ وَأَخْطَأَ الْبَعْضَ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي كُلِّ وَرَقَةٍ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ لَا يَتَجَاوَزُ مَا سَمَّى؛ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ قِيمَةَ مَا أَعْطَاهُ لِأَنَّهُ مَا وَجَدَهُ عَلَى مَا شَرَطَهُ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْمُصْحَفِ دُونَ الْبَعْضِ يُعْطِيهِ حِصَّةَ مَا أَصَابَ مِنْ الْمُسَمَّى وَيُعْطِي لِمَا أَخْطَأَ أَجْرَ مِثْلِهِ، لِأَنَّهُ وَافَقَ فِي الْبَعْضِ وَخَالَفَ فِي الْبَعْضِ (60) قَوْلُهُ: اسْتَخْدَمَهُ بَعْدَ جَحْدِهَا إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: اسْتَأْجَرَ عَبْدًا سَنَةً فَلَمَّا مَضَتْ السَّنَةُ جَحَدَ الْإِجَارَةَ وَمَضَتْ السَّنَةُ عَلَى ذَلِكَ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ الْعَقْدِ أَلْفَانٍ وَيَوْمَ الْجُحُودِ أَلْفٌ فَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ بَعْدَمَا مَضَتْ السَّنَةُ فَالْإِجَارَةُ لَازِمَةٌ وَيَجِبُ كُلُّ الْأَجْرِ لِأَنَّ بِجُحُودِهِ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَتَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ كَأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ بَعْدَ سَنَةٍ إلَى مَالِكِهِ فَصَارَ غَاصِبًا. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ. أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَمَّا جَحَدَ فَقَدْ أَسْقَطَ الْأَجْرَ لِأَنَّهُ بَعْدَ هَذَا ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الدَّابَّةِ وَذَكَرَ فِيهَا الِاخْتِلَافَ وَلَا تَفَارُقَ بَيْنَهُمَا (انْتَهَى) . وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ مَعَ زِيَادَةٍ (61) قَوْلُهُ: حَمَلَ أَحَدُ الْأَجِيرِينَ إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: اسْتَأْجَرَ رَجُلَيْنِ يَحْمِلَانِ خَشَبَةً لَهُ إلَى مَنْزِلِهِ فَحَمَلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الْحَمْلِ يَجِبُ الْأَجْرُ كَامِلًا لِأَنَّ الْعَادَةَ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ كَذَلِكَ يَتَقَبَّلَانِ الْعَمَلَ وَيَعْمَلُ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا شَرِيكَيْنِ يَجِبُ لَهُ نِصْفُ الْأَجْرِ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُمَا (انْتَهَى) . وَبِهِ يَتَّضِحُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ.

فَإِنْ كَانَ شَرِيكَيْنِ 63 - وَجَبَ لَهُمَا كُلُّهُ، وَإِلَّا فَلِلْحَامِلِ النِّصْفُ 64 - قَصَرَ الثَّوْبَ الْمَجْحُودَ فَإِنْ قَبِلَهُ فَلَهُ الْأَجْرُ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا الصَّبَّاغُ وَالنَّسَّاجُ. 65 - لَا يَسْتَحِقُّ الْخَيَّاطُ أَجْرَ التَّفْصِيلِ بِلَا خِيَاطَةٍ. الصَّيْرَفِيُّ بِأَجْرٍ إذَا ظَهَرَتْ الزِّيَافَةُ فِي الْكُلِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَا شَرِيكَيْنِ أَيْ شَرِكَةَ الصَّنَائِعِ. (63) قَوْلُهُ: وَجَبَ لَهُمَا كُلُّهُ وَإِلَّا فَلِلْحَامِلِ النِّصْفُ. وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ حَمَلَ النِّصْفَ لِأَنَّهُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي حَقِّهِ فَإِذَا حَمَلَ الْكُلَّ صَارَ مُتَبَرِّعًا بِحَمْلِ النِّصْفِ الثَّانِي (64) قَوْلُهُ: قَصَرَ الثَّوْبَ الْمَجْحُودَ إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ رَجُلٌ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ لِيُقَصِّرَهُ فَجَحَدَ الْقَصَّارُ الثَّوْبَ ثُمَّ جَاءَ بِهِ مُقَصَّرًا وَأَقَرَّ بِذَلِكَ إنْ قَصَّرَهُ قَبْلَ الْجُحُودِ؛ لَهُ الْأَجْرُ لِأَنَّ الْعَمَلَ وَقَعَ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ وَإِنْ قَصَّرَهُ بَعْدَ الْجُحُودِ لَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّ الْعَمَلَ وَقَعَ لِلْعَامِلِ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ بِالْجُحُودِ. وَلَوْ كَانَ صَبَّاغًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، إنْ صَبَغَهُ قَبْلَ الْجُحُودِ لَهُ الْأَجْرُ وَإِنْ صَبَغَهُ بَعْدَ الْجُحُودِ فَرَبُّ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ قِيمَةَ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّوْبَ وَضَمِنَ قِيمَةَ ثَوْبٍ أَبْيَضَ. وَلَوْ دَفَعَ غَزْلًا إلَى نَسَّاجٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، إنْ نَسَجَهُ قَبْلَ الْجُحُودِ لَا أَجْرَ لَهُ وَالثَّوْبُ لِلنَّسَّاجِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْغَزْلِ كَمَا إذَا كَانَتْ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا (انْتَهَى) . وَبِهِ يَتَّضِحُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (65) قَوْلُهُ: لَا يَسْتَحِقُّ الْخَيَّاطُ أَجْرَ التَّفْصِيلِ إلَخْ. لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْخِيَاطَةُ دُونَ الْقَطْعِ فَكَانَ الْأَجْرُ مُقَابَلًا بِالْخِيَاطَةِ وَلِأَنَّ الْأَجْرَ فِي الْعَادَةِ لِلْخِيَاطَةِ لَا لِلْقَطْعِ وَهَذَا عِنْدَ عِيسَى بْنِ أَبَانَ. وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ لَهُ أَجْرُ الْقَطْعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: قَطَعَ الْخَيَّاطُ الثَّوْبَ وَمَاتَ قَبْلَ الْخِيَاطَةِ لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلْقَطْعِ هُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مِثْلُهُ قَالَ فِي جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَصَحَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ لَا أَجْرَ لَهُ وَقَدْ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذِكْرَ التَّصْحِيحِ فَأَوْهَمَ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ لِتَأْيِيدِهِ عَلَى مُقَابِلِهِ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ.

اسْتَرَدَّ الْأُجْرَةَ وَفِي الْبَعْضِ بِحِسَابِهِ 67 - دَفَعَ الْمُؤَجِّرُ لَهُ الْمِفْتَاحَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْفَتْحِ لِصِنَاعَةٍ؛ إنْ أَمْكَنَهُ الْفَتْحُ بِلَا كُلْفَةٍ وَجَبَ الْأَجْرُ وَإِلَّا فَلَا 68 - أَجَّرَتْ دَارَهَا مِنْ زَوْجِهَا ثُمَّ سَكَنَا فِيهَا فَلَا أَجْرَ. 69 - مَنْ دَلَّنِي عَلَى كَذَا فَلَهُ كَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَا أَجْرَ لِمَنْ دَلَّهُ. إنْ دَلَلْتنِي عَلَى كَذَا فَلَكَ كَذَا فَدَلَّهُ، فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلْمَشْيِ لِأَجْلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: اسْتَرَدَّ الْأُجْرَةَ وَفِي الْبَعْضِ بِحِسَابِهِ. لِأَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهُ الْأَجْرَ لِيُمَيِّزَ الْجِيَادَ مِنْ الزُّيُوفِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ (67) قَوْلُهُ: دَفَعَ الْمُؤَجِّرُ لَهُ الْمِفْتَاحَ إلَخْ. فِي الْقُنْيَةِ: وَتَسْلِيمُ الْمِفْتَاحِ فِي الْمِصْرِ مَعَ التَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّارِ تَسْلِيمٌ لِلدَّارِ حَتَّى يَجِبَ الْأَجْرُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ وَتَسْلِيمُ الْمِفْتَاحِ فِي السَّوَادِ لَيْسَ بِتَسْلِيمٍ لِلدَّارِ (انْتَهَى) . وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ وَهُوَ فِي التَّصْنِيفِ غَيْرُ سَدِيدٍ (68) قَوْلُهُ: أَجَّرَتْ دَارَهَا مِنْ زَوْجِهَا إلَخْ. هَذَا قَوْلٌ وَالْمُفْتَى بِهِ وُجُوبُ الْأُجْرَةِ عَلَى الزَّوْجِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ لِأَنَّ سُكْنَاهَا مَعَهُ لَا يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ وَالتَّخْلِيَةَ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلزَّوْجِ فِي السُّكْنَى وَلِأَنَّ سُكْنَاهَا عَلَيْهِ وَلِأَنَّ إجَارَتَهَا مِنْ الزَّوْجِ انْعَقَدَتْ صَحِيحَةً حَتَّى لَوْ لَمْ تَسْكُنْ مَعَهُ يَجِبُ الْأَجْرُ بِلَا شَكٍّ بِخِلَافِ اسْتِئْجَارِهِ لِلطَّحْنِ أَوْ الْخَبْزِ وَسَائِرِ أَعْمَالِ الْبَيْتِ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْعَقِدْ (انْتَهَى) (69) قَوْلُهُ: مَنْ دَلَّنِي عَلَى كَذَا فَلَهُ كَذَا إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ ضَلَّ لَهُ شَيْءٌ فَقَالَ مِنْ دَلَّنِي عَلَيْهِ فَلَهُ كَذَا. فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ قَالَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ بِأَنْ قَالَ مَنْ دَلَّنِي فَالْإِجَارَةُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ لَهُ لَيْسَ بِمَعْلُومٍ وَالدَّلَالَةُ وَالْإِشَارَةُ لَيْسَ بِعَمَلٍ يَسْتَحِقُّ بِهِ الْأَجْرَ فَلَا يَجِبُ وَإِنْ قَالَ عَلَى سَبِيلِ الْخُصُوصِ بِأَنْ قَالَ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ إنْ دَلَلْتنِي عَلَيْهِ فَلَكَ كَذَا إنْ مَشَى مَعَهُ وَدَلَّهُ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي الْمَشْيِ لِأَنَّ ذَلِكَ عَمَلٌ يُسْتَحَقُّ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِقَدْرٍ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ دَلَّهُ مِنْ غَيْرِ مَشْيٍ فَهُوَ وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَتَّضِحُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ.

وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ قَالَ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى مَوْضِعِ كَذَا فَلَهُ كَذَا يَصِحُّ. وَيَتَعَيَّنُ الْأَجْرُ بِالدَّلَالَةِ فَيَجِبُ الْأَجْرُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ الْمُسَمَّى. 70 - وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ إذْ لَا عَقْدَ إجَارَةٍ هُنَا. وَلِهَذَا مُخَصِّصٌ لِمَسْأَلَةِ الدَّلَالَةِ عَلَى الْعُمُومِ لِكَوْنِهِ 71 - بَيَّنَ الْمَوْضِعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ. قِيلَ عَلَيْهِ: مَعْنَى كَلَامِ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ هَذَا الشَّخْصُ وَالْعَقْدُ بِحُضُورِ الشَّخْصِ وَقَبُولِهِ خِطَابَ الْأَمِيرِ بِمَا ذَكَرَ فَيَجِبُ الْمُسَمَّى لِتَحَقُّقِ الْعَقْدِ بَيْنَ شَخْصَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ بِفِعْلٍ مَعْلُومٍ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ فَدَلَّهُ شَخْصٌ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ أَصْلًا. صَرَّحَ بِهِ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ فَلْيُتَأَمَّلْ. فَعُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ لَا يُوَافِقُ الْمَعْقُولَ وَالْمَنْقُولَ. وَالْعَجَبُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَرَضَ بِمِثْلِ هَذَا فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ فِي كِتَابِ اللُّقَطَةِ (انْتَهَى) . وَرَدَّهُ الشَّارِحُ الْجَدِيدُ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ وُجُوبَ أَجْرِ الْمِثْلِ مُعَلَّلٌ بِأَنَّ ذَلِكَ عَمَلٌ يُسْتَحَقُّ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِقَدْرٍ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ فَإِنْ دَلَّهُ مِنْ غَيْرِ مَشْيٍ فَهُوَ بَاطِلٌ كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَالْعِلَّةُ مَا ذَكَرَ لَا مُجَرَّدُ حُضُورِ الشَّخْصِ وَقَبُولِهِ خِطَابَ الْأَمِيرِ، وَعِبَارَةُ الْخِزَانَةِ: رَجُلٌ أَضَلَّ شَيْئًا فَقَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَيْهِ فَلَهُ كَذَا فَدَلَّهُ إنْسَانٌ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا أَمَّا لَوْ قَالَ لِإِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ إنْ دَلَلْتَنِي عَلَيْهِ فَلَكَ كَذَا صَحَّ وَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ أَمَّا لَوْ دَلَّهُ بِالْكَلَامِ فَلَا شَيْءَ لَهُ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَهَذَا النَّقْلُ يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا فَلْيُتَأَمَّلْ (71) قَوْلُهُ: بَيَّنَ الْمَوْضِعَ. قِيلَ عَلَيْهِ: إذَا انْعَدَمَ الصِّحَّةُ فِي مَسْأَلَةِ الدَّلَالَةِ عَلَى الْعُمُومِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمَوْضِعِ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ: مَنْ دَلَّنِي عَلَى كَذَا يَعُمُّ الْمَوْضِعَ وَغَيْرَهُ إذْ كَذَا كِنَايَةٌ عَنْ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ فِي نَفْسِهِ مَوْضِعًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ؛ وَلَعَلَّ الْأَوْلَى تَعْلِيلُ الصِّحَّةِ فِي مَسْأَلَةِ أَمِيرِ السَّرِيَّةِ بِخُصُوصِهَا بِالْحَاجَةِ إلَى إعَانَةِ الدَّالِّ عَلَى هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ خِلَافَهُ

إجَارَةُ الْمُنَادِي وَالسِّمْسَارِ وَالْمُحَامِي وَنَحْوِهَا جَائِزَةٌ لِلْحَاجَةِ. السُّكُوتُ فِي الْإِجَارَةِ رِضَاءٌ وَقَبُولٌ. 73 - قَالَ الرَّاعِي لَا أَرْضَى بِالْمُسَمَّى وَإِنَّمَا أَرْضَى بِكَذَا، فَسَكَتَ الْمَالِكُ فَرَعَى لَزِمَتْهُ. وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلسَّاكِنِ اُسْكُنْ بِكَذَا وَإِلَّا فَانْتَقِلْ فَسَكَنَ لَزِمَهُ مَا سَمَّى 74 - الْأُجْرَةُ لِلْأَرْضِ كَالْخَرَاجِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلزِّرَاعَةِ فَاصْطَلَمَ الزَّرْعَ آفَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إجَارَةُ الْمُنَادِي وَالسِّمْسَارِ وَالْمُحَامِي إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أُجْرَةُ السِّمْسَارِ وَالْمُنَادِي وَالْمُحَامِي وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا تَقْدِيرَ فِيهِ لِلْوَقْتِ وَلَا مِقْدَارَ لِمَا يَسْتَحِقُّ بِالْعَقْدِ وَلِلنَّاسِ فِيهِ حَاجَةٌ جَائِزَةٌ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ فَاسِدًا لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَى ذَلِكَ (انْتَهَى) . أَقُولُ: ظَاهِرُهُ وُجُوبُ الْمُسَمَّى وَالْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَلْيُرَاجَعْ (73) قَوْلُهُ: قَالَ الرَّاعِي لَا أَرْضَى بِالْمُسَمَّى إلَخْ. الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ كَوْنِ السُّكُونِ فِي الْإِجَارَةِ رِضًا وَقَبُولًا وَحِينَئِذٍ كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ فَلَوْ قَالَ الرَّاعِي قَوْلُهُ: الْأُجْرَةُ لِلْأَرْضِ كَالْخَرَاجِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَخْ. أَقُولُ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ حَيْثُ قَالَ: اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ سَنَةً ثُمَّ اصْطَلَمَ الزَّرْعَ آفَةٌ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ فَمَا وَجَبَ مِنْ الْأَجْرِ قَبْلَ الِاصْطِلَامِ لَا يَسْقُطُ وَمَا وَجَبَ بَعْدَ الِاصْطِلَامِ يَسْقُطُ لِأَنَّ الْأَجْرَ إنَّمَا يَجِبُ بِإِزَاءِ الْمَنْفَعَةِ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَمَا اسْتَوْفَى مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَمَا لَمْ يَسْتَوْفِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِي حَقِّهِ فَسَقَطَ الْأَجْرُ. فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْخَرَاجِ فَإِنَّهُ إذَا زَرَعَ أَرْضًا خَرَاجِيَّةً فَأَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ فَذَهَبَ لَمْ يُؤْخَذْ بِالْخَرَاجِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْلَمْ لَهُ النَّمَاءُ لَا حَقِيقَةً وَلَا اعْتِبَارًا لِأَنَّ الْفَوَاتَ مَا كَانَ مِنْ جِهَتِهِ حَتَّى يَصِيرَ سَالِمًا اعْتِبَارًا فَكَانَ سَبَبُ وُجُوبِ الْخَرَاجِ مِلْكُ أَرْضٍ نَامِيَةٍ حَوْلًا كَامِلًا إمَّا حَقِيقَةً أَوْ اعْتِبَارًا فَإِذَا فَاتَ النَّمَاءُ فِي مُدَّةِ الْحَوْلِ ظَهَرَ أَنَّ الْخَرَاجَ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا وَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذَا عَلَى خِلَافِ هَذَا وَالِاعْتِمَادُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ.

وَجَبَ مِنْهُ لِمَا قَبْلَ الِاصْطِلَامِ وَسَقَطَ مَا بَعْدَهُ لَا يَلْزَمُ الْمُكَارِيَ الذَّهَابُ مَعَهَا وَلَا إرْسَالُ غُلَامٍ مَعَهَا وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْآجِرَ بِتَخْلِيَتِهَا. اسْتَأْجَرَ لِحَفْرِ حَوْضٍ، عَشَرَةً فِي عَشَرَةٍ، وَبَيَّنَ الْعُمْقَ فَحَفَرَ خَمْسَةً فِي خَمْسَةٍ كَانَ لَهُ رُبُعُ الْأَجْرِ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ فِي الْعَشَرَةِ مِائَةٌ، 76 - وَالْخَمْسَةُ فِي الْخَمْسَةِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَكَانَ لَهُ رُبُعُ الْعَمَلِ اسْتَأْجَرَهُ لِحَفْرِ قَبْرٍ فَحَفَرَهُ. 77 - فَدَفَنَ فِيهِ غَيْرَ مَيِّتِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا أَجْرَ لَهُ 78 - بِعْهُ لِي بِكَذَا وَلَك كَذَا فَبَاعَ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ. 79 - مَتَى وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ وَجَبَ الْوَسَطُ مِنْهُ. اكْتَرَاهَا بِمِثْلِ مَا يَتَكَارَى النَّاسُ إنْ مُتَفَاوِتًا لَمْ تَصِحَّ، وَإِلَّا صَحَّتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَجَبَ مِنْهُ لِمَا قَبْلَ الِاصْطِلَامِ وَسَقَطَ مَا بَعْدَهُ. يَعْنِي إلَّا أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ إعَادَةِ زَرْعِ مِثْلِهِ أَوْ دُونِهِ فِي الضَّرَرِ بِالْأَرْضِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَكَذَا لَوْ مَنَعَهَا غَاصِبٌ كَمَا فِي الْمُحِيطِ. (76) قَوْلُهُ: وَالْخَمْسَةُ فِي الْخَمْسَةِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ إلَخْ. أَقُولُ: الضَّرْبُ مُعْتَبَرٌ فِي الْأَجْسَامِ وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْإِطْلَاقِ حَيْثُ قَالُوا: لَوْ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ فِي ثِنْتَيْنِ يَقَعُ ثِنْتَانِ (77) قَوْلُهُ: فَدَفَنَ فِيهِ غَيْرَ مَيِّتِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَخْ. فِي الْفَتَاوَى الْوَلْوَالِجيَّةِ: اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْفِرَ قَبْرًا فَحَفَرَ ثُمَّ دَفَنَ فِيهِ إنْسَانًا آخَرَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِجِنَازَتِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ لِانْعِدَامِ التَّخْلِيَةِ وَالْوُقُوعِ فِي مِلْكِهِ (78) قَوْلُهُ: بِعْهُ لِي بِكَذَا وَلَكَ كَذَا فَبَاعَ لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ. أَيْ وَلَا يَتَجَاوَزُ بِهِ مَا سَمَّى وَكَذَا لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا؛ السَّمَاسِرَةُ وَالدَّلَّالُونَ الْوَاجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. (79) قَوْلُهُ: مَتَى وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ وَجَبَ الْوَسَطُ مِنْهُ. يَعْنِي إذَا كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ

دَارِي لَكَ هِبَةُ إجَارَةٍ أَوْ إجَارَةُ هِبَةٍ فَهِيَ إجَارَةٌ 81 - أَجَّرْتُك بِغَيْرِ شَيْءٍ فَاسِدَةٌ لَا عَارِيَّةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمُتَفَاوِتًا فَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَقْصِي وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَسَاهَلُ الْأَجْرَ حَتَّى لَوْ كَانَ يَسْتَأْجِرُ مِثْلَ هَذِهِ الدَّابَّةِ بَعْضُهُمْ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَبَعْضُهُمْ بِعَشَرَةٍ وَبَعْضُهُمْ بِأَحَدَ عَشَرَ يَجِبُ أَحَدَ عَشَرَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ: مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَةِ. وَفِيهَا أَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ يَطِيبُ وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ حَرَامًا وَلَمْ يَذْكُرْ وَجْهَهُ فَلْيُنْظَرْ وَفِيهَا أَيْضًا أَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ فِي الْإِجَارَةِ وَالْمُزَارَعَةِ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لَا مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى (80) قَوْلُهُ: دَارِي لَكَ هِبَةٌ أَوْ إجَارَةُ هِبَةٍ فَهِيَ إجَارَةٌ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: لَوْ قَالَ دَارِي لَكَ هِبَةُ إجَارَةٍ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ إجَارَةَ هِبَةٍ فَهِيَ إجَارَةٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ مَا يُغَيِّرُ أَوَّلَهُ وَأَوَّلُهُ يَحْتَمِلُ التَّغْيِيرَ بِذِكْرِ الْإِجَارَةِ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى الْإِجَارَةِ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِذِكْرِ الْهِبَةِ آخِرًا لِأَنَّ الْمَذْكُورَ أَوَّلًا مُعَاوَضَةٌ وَالْمُعَاوَضَةُ لَا تَحْتَمِلُ التَّغْيِيرَ إلَى التَّبَرُّعِ وَلِهَذَا لَا تَنْعَقِدُ الْعَارِيَّةُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ. وَلَوْ قَالَ أَجَرْتُكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ لَا تَكُونُ عَارِيَّةً فَلَا يَتَغَيَّرُ بِهِ أَوَّلَ الْكَلَامِ (انْتَهَى) . وَبِهِ يَتَّضِحُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَيَظْهَرُ مَا فِيهِ مِنْ الْخَلَلِ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْإِجَارَةِ لَازِمَةٌ لَا تُفْسَخُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَهَذَا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِجَارَةِ اللُّزُومُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَالْأَمْرُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هَذِهِ إجَارَةٌ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَبِهِ فَارَقَتْ غَيْرَهَا مِنْ الْإِجَارَاتِ كَمَا فِي الْبِنَايَةِ وَفِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ: إنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ فَيَمْلِكُ كُلٌّ فَسْخَهَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَوْ سَكَنَ وَجَبَ الْأَجْرُ (81) قَوْلُهُ: أَجَرْتُكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَاسِدَةٌ لَا عَارِيَّةٌ. قِيلَ عَلَيْهِ: قَدْ يُقَالُ لِجَعْلِهِ عَارِيَّةً وَجْهٌ وَجِيهٌ بِأَنْ يَكُونَ لَفْظُ الْإِجَارَةِ مَجَازًا عَنْ الْعَارِيَّةِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بِلَا أُجْرَةٍ (انْتَهَى) . أَقُولُ: لَا وَجْهَ لَهُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ وَجِيهًا لِمَا تَقَدَّمَ قَرِينًا عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ أَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ لَكِنَّ ظَاهِرَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ قَالَ أَجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ شَهْرًا بِغَيْرِ عِوَضٍ. وَفِي الْبَحْرِ نَقْلًا مِنْ الْخَانِيَّةِ: لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ شَهْرًا بِغَيْرِ عِوَضٍ كَانَتْ إعَارَةً وَلَوْ لَمْ يَقُلْ شَهْرًا لَا تَكُونُ إعَارَةً (انْتَهَى)

أَجِيرُ الْقَصَّارِ أَمِينٌ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي 83 - وَالْقَصَّارُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْمُشْتَرَكِ 84 - وَمَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَعَهُ 85 - فَيَضْمَنُ اتِّفَاقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَجِيرُ الْقَصَّارِ أَمِينٌ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي. يَعْنِي إذَا. سَلَّمَ الرَّجُلُ ثَوْبًا إلَى الْقَصَّارِ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَدَفَعَهُ إلَى أَجِيرِهِ فَدَقَّهُ فَتَخَرَّقَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْقَصَّارِ دُونَ الْأَجِيرِ لِأَنَّ أَجِيرَ الْقَصَّارِ أَجِيرٌ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ فِي الْمُدَّةِ وَأَجِيرُ الْوَاحِدِ لَا يَضْمَنُ مَا جَنَتْ يَدُهُ إلَّا أَنْ يُخَالِفَ وَإِنَّمَا كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْقَصَّارِ لِأَنَّ عَمَلَ الْأَجِيرِ مَنْقُولٌ إلَيْهِ لِأَنَّهُ عَمِلَ بِإِذْنِهِ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. (83) قَوْلُهُ: وَالْقَصَّارُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْمُشْتَرَكِ. أَيْ عَلَى الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ فِي زَمَانِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَعَدَمِهِ فَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا يَضْمَنُ الْعَيْنَ إذَا هَلَكَتْ فِي يَدِهِ؛ وَقَالَا يَضْمَنُ إلَّا بِشَيْءٍ غَالِبٍ كَالْحَرِيقِ الْغَالِبِ وَالْعَدُوِّ الْمُكَابِرِ لِأَنَّ الْحِفْظَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ إذْ لَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِدُونِهِ فَإِذَا هَلَكَ بِمَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ كَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ كَانَ التَّقْصِيرُ مِنْ جِهَتِهِ فَيَضْمَنُ كَالْوَدِيعَةِ إذَا كَانَتْ بِأَجْرٍ بِخِلَافِ مَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ كَالْحَرِيقِ الْغَالِبِ. وَلِلْإِمَامِ أَنَّ الْعَيْنَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ لِأَنَّ الْقَبْضَ حَصَلَ بِالْإِذْنِ وَالْحِفْظُ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا وَلِهَذَا لَا يَقْبَلُهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ بِالْأَجْرِ لِأَنَّ الْحِفْظَ مُسْتَحَقٌّ فِيهَا مَقْصُودًا بِالْأَجْرِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ فِيمَا تَلِفَ بِفِعْلِهِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ كَمَا إذَا تَخَرَّقَ الثَّوْبُ مِنْ دَقِّ الْقَصَّارِ. (84) قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ. أَقُولُ هَذَا قَوْلٌ وَالرَّاجِحُ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِاشْتِرَاطِ الضَّمَانِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ فِيمَا تَلِفَ إلَّا بِصُنْعِهِ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ أَوْ لَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. (85) قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ اتِّفَاقًا. قَالَ الْمُقْرِي: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ وَالرَّاجِحُ الْمُفْتَى بِهِ عَدَمُ الضَّمَانِ مُرَادُهُ بِالِاتِّفَاقِ الِاتِّفَاقُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ وَإِلَّا فَفِي فُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِهِ فِي الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ نَقْلِ هَذَا الْكَلَامِ: وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الشَّرْطُ وَغَيْرُ الشَّرْطِ سَوَاءٌ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الضَّمَانِ عَلَى الْأَمِينِ بَاطِلٌ وَبِهِ نَأْخُذُ

الْمُسْتَأْجِرُ إذَا بَنَى فِيهَا بِلَا إذْنٍ فَإِنْ بِلَبِنٍ فَلَهُ رَفْعُهُ، وَإِنْ بِتُرَابِهَا فَلَا 87 - لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَمَّامِيِّ وَالثِّيَابِيِّ إلَّا بِمَا يَضْمَنُ بِهِ الْمُودَعُ. 88 - تَفْسُدُ إجَارَةُ الْحَمَّالِ لِطَعَامِ الْمُعَيَّنِ بِبَيَانِ الْمُدَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْمُسْتَأْجِرُ إذَا بَنَى فِيهَا بِلَا إذْنٍ إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: اسْتَأْجَرَ دَارًا وَبَنَى فِيهَا بِنَاءً مِنْ التُّرَابِ الَّذِي كَانَ فِيهَا بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِ الدَّارِ ثُمَّ أَرَادَ الْخُرُوجَ عَنْهَا فَمَا كَانَ مِنْ لَبِنٍ يُرْفَعُ وَيُدْفَعُ إلَيْهِ قِيمَةُ التُّرَابِ لِأَنَّ اللَّبِنَ بِالصَّنْعَةِ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ وَيُدْفَعُ إلَيْهِ قِيمَةُ التُّرَابِ لِأَنَّهُ مِلْكُ صَاحِبِ الدَّارِ وَمَا كَانَ رَهْصًا يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ " ياخيره ديوار " فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَتَى نُقِضَ يَصِيرُ تُرَابًا (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (87) قَوْلُهُ: لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَمَّامِيِّ إلَخْ. قَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي فِي بَحْثِ الْوَدِيعَةِ أَنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا كَانَتْ بِأُجْرَةٍ مَضْمُونَةٍ وَعَزَاهُ إلَى الزَّيْلَعِيِّ وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ الْقَوْلُ بِضَمَانِ الثِّيَابِيِّ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْفَظُ بِالْأَجْرِ قِيلَ لَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَبَيْنَ الْمُودَعِ بِالْأَجْرِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ الْإِمَامِ. (88) قَوْلُهُ: تَفْسُدُ إجَارَةُ الْحَمَّالِ الطَّعَامَ الْمُعَيَّنَ بِبَيَانِ الْمُدَّةِ. وَجْهُ الْفَسَادِ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَجْهُولٌ لِأَنَّ ذِكْرَ الْوَقْتِ يُوجِبُ كَوْنَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ هِيَ الْمَنْفَعَةُ وَذِكْرُ الْعُمُرِ وَهُوَ الْحَمْلُ يُوجِبُ كَوْنَ الْعَمَلِ هُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَنَفْعُ الْمُسْتَأْجِرِ وُقُوعُهَا عَلَى الْعَمَلِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ إلَّا بِالْعَمَلِ لِكَوْنِهِ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا وَنَفْعُ الْأَجِيرِ فِي وُقُوعِهَا عَلَى الْمَنْفَعَةِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ عَمِلَ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ فَتَفْسُدُ وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ وَقَالَا لَا تَفْسُدُ وَيَكُونُ الْعَقْدُ عَلَى الْعَمَلِ دُونَ الْمُدَّةِ حَتَّى لَوْ فَرَغَ مِنْهُ نِصْفَ النَّهَارِ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ يَوْمًا لِعَمَلٍ فَلَهُ الْأَجْرُ كَامِلًا وَإِنْ لَمْ يَفْرُغْ فِي الْيَوْمِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَهُ فِي الْغَدِ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُوَ الْعَمَلُ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَذِكْرُ الْيَوْمِ لِلتَّعْجِيلِ فَكَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِلْعَمَلِ عَلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْهُ فِي أَوَّلِ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ تَصْحِيحًا لِلْعَقْدِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَيُرَجَّحُ بِكَوْنِ الْعَمَلِ مَقْصُودًا دُونَ الْوَقْتِ وَتَقْدِيرُ الْمَعْمُولِ يَدُلُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ إذَا وَقَعَتْ عَلَى الْمَنْفَعَةِ لَا تُقَدَّرُ بِالْعَمَلِ وَإِنَّمَا تُقَدَّرُ بِالْوَقْتِ.

وَكَذَا بِشَرْطِ الْوَرَقِ عَلَى الْكَاتِبِ. 90 - شَرَطَ الْحَمَّامِيُّ أَنَّ أَجْرَ زَمَنِ التَّعْطِيلِ مَحْطُوطٌ عَنْهُ صَحِيحٌ، لَا أَنْ يَحُطَّ كَذَا، وَتَفْسُدُ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَبِاشْتِرَاطِ خَرَاجِهَا أَوْ عُشْرِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ 91 - وَبِرَدِّهَا مَكْرُوبَةً. أُجْرَةُ حَمَّالِ حِنْطَةِ الْقَرْضِ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَذَا بِشَرْطِ الْوَرَقِ عَلَى الْكَاتِبِ. أَيْ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ بِشَرْطِ الْوَرَقِ عَلَى الْكَاتِبِ أَمَّا بِشَرْطِ الْحِبْرِ فَلَا. قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: اسْتَأْجَرَ وَرَّاقًا وَاشْتَرَطَ الْبَيَاضَ وَالْحِبْرَ عَلَيْهِ فَاشْتِرَاطُ الْحِبْرِ جَائِزٌ وَاشْتِرَاطُ الْبَيَاضِ بَاطِلٌ عَلَى هَذَا تَعَامَلَ النَّاسُ. (90) قَوْلُهُ: شَرَطَ الْحَمَّامِيُّ أَنَّ أَجْرَ زَمَنِ التَّعْطِيلِ مَحْطُوطٌ عَنْهُ إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا سَنَةً بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ أَجْرَ شَهْرَيْنِ لِعُطْلَتِهِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ مِقْدَارَ مَا كَانَ مُعَطَّلًا فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ، جَازَ ذَلِكَ. وَهَذَا كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: إذَا اشْتَرَى زَيْتًا عَلَى أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ لِأَجْلِ الزِّقِّ خَمْسِينَ رِطْلًا فَهُوَ فَاسِدٌ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ وَزْنَ الزِّقِّ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَجْلِ التَّعَامُلِ قَوْلُهُ: وَبِرَدِّهَا مَكْرُوبَةً. أَيْ تَفْسُدُ إجَارَةُ الْأَرْضِ بِشَرْطِ رَدِّهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ مَكْرُوبَةً؛ كَذَا فِي الْكَافِي مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ. وَفَصَّلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي شَرْحِهِ فَقَالَ: أَمَّا أَنَّ اشْتِرَاطَ الْكِرَابِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ لِأَنَّ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ مَجْهُولَةٌ لِأَنَّ مُدَّةَ الْكَرْبِ مَجْهُولَةٌ تَقِلُّ وَتَكْثُرُ وَقَدْ يَكُونُ يَوْمًا وَقَدْ يَكُونُ يَوْمَيْنِ وَتِلْكَ الْمُدَّةُ مُسْتَثْنَاةٌ عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ عَامِلٌ فِي هَذَا الْكِرَابِ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَتَكُونُ مُدَّةُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْضًا مَجْهُولَةٌ. هَكَذَا ذَكَرَ وَهَذَا خِلَافُ مَا قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: إذَا شَرَطَ الْكِرَابَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ فِي أَصْلِ الْكِرَابِ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ فَلَا تَكُونُ تِلْكَ الْمُدَّةُ مُسْتَثْنَاةً عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ مَكْرُوبَةً بِكِرَابٍ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ تَفْسُدُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَقُولَ أَجَرْتُكَ هَذِهِ الْأَرْضَ بِكَذَا عَلَى أَنْ تَكْرُبَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ

إلَّا إذَا اسْتَأْجَرَهُ الْمُقْرِضُ بِإِذْنِ الْمُسْتَقْرِضِ امْتَنَعَ الْأَجِيرُ عَنْ الْعَمَلِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أُجْبِرَ أَجْرُ نَزْحِ بَيْتِ الْخَلَاءِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَلَكِنْ يُخَيَّرُ السَّاكِنُ لِلْعَيْبِ. وَكَذَا إصْلَاحُ الْمِيزَابِ وَتَطْيِينُ السَّطْحِ وَنَحْوُهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِجَارَةِ فَتَرُدَّهَا عَلَيَّ مَكْرُوبَةً أَوْ قَالَ أَجَرْتهَا بِكَذَا عَلَى أَنْ تَكْرُبَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَتَرُدَّهَا عَلَيَّ مَكْرُوبَةً فَفِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ جَازَتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ جَهَالَةَ وَقْتِ الْكِرَابِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لَا تُوجِبُ جَهَالَةً فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ؛ وَالْكِرَابُ فِي نَفْسِهِ مَعْلُومٌ يَصْلُحُ أَجْرًا؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِلْكِرَابِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ جَائِزَةً وَفِي الْقِسْمِ الثَّانِي لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهَا صَفْقَةٌ شُرِطَتْ فِي صَفْقَةٍ فَلَوْ أَطْلَقَ بِأَنْ قَالَ وَبِأَنْ تَرُدَّهَا عَلَيَّ مَكْرُوبَةً يَجِبُ أَنْ تَصِحَّ وَيُصْرَفُ إلَى الْكِرَابِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ. كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْقُصُورِ وَالْخَلَلِ وَاَللَّهُ الْهَادِي لِلسَّدَادِ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ. (92) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا اسْتَأْجَرَهُ الْمُقْرِضُ بِإِذْنِ الْمُسْتَقْرِضِ، فَإِنَّهُ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ قَوْلُهُ: امْتَنَعَ الْأَجِيرُ عَنْ الْعَمَلِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أُجْبِرَ. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: أَعْطَى رَجُلًا دِرْهَمَيْنِ لِيَعْمَلَ لَهُ يَوْمَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَمَلَ، لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ فَإِنْ عَمِلَ يَوْمًا وَامْتَنَعَ عَنْ الْعَمَلِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لَا يُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ. وَإِنْ كَانَ سَمَّى لَهُ عَمَلًا مَعْلُومًا، جَازَتْ الْإِجَارَةُ وَيُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ. وَإِنْ فَسَخَ الْإِجَارَةَ فَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ مَا مَضَى وَبَعْدَ مَا مَضَى يَوْمَانِ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ الْعَمَلُ لِانْتِهَاءِ الْإِجَارَةِ انْتَهَى. وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا صَحَّتْ الْإِجَارَةُ يُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلُهُ: أَجْرُ نَزْحِ بَيْتِ الْخَلَاءِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ. أَيْ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ وَإِلَّا فَكُلُّ مَا أَخَلَّ بِالسُّكْنَى فَهُوَ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ، كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَأَمَّا مَسِيلُ مَاءِ الْحَمَّامِ ظَاهِرًا أَوْ مُسَقَّفًا فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَنْسُهُ إذَا امْتَلَأَ، هُوَ الْمُتَعَارَفُ بَيْنَ النَّاسِ (انْتَهَى) . وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَوْ امْتَنَعَ رَبُّ الدَّارِ عَنْ تَفْرِيغِ بِئْرٍ قَدْ امْتَلَأَتْ، لَمْ يُجْبَرْ لَكِنْ لِلسَّاكِنِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَمْ تَقَعْ عَلَى الْبَاطِنِ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَنْفَعَةُ السُّكْنَى وَشَغْلُ بَاطِنِ الْأَرْضِ لَا يَمْنَعُ الِانْتِفَاعَ بِظَاهِرِ

لِأَنَّ الْمَالِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ وَإِخْرَاجِ تُرَابِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَيْهِ وَكُنَاسَتِهِ وَرَمَادِهِ، لَا تَفْرِيغَ الْبَالُوعَةِ. رَدُّ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَاجِبٌ فِي مَكَانِ الْإِجَارَةِ 96 - الصَّحِيحُ. أَنَّ الْإِجَارَةَ الْأُولَى إذَا انْفَسَخَتْ انْفَسَخَتْ الثَّانِيَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَرْضِ مِنْ حَيْثُ السُّكْنَى، وَلِهَذَا لَوْ سَكَنُهُ مَشْغُولًا لَزِمَهُ الْأَجْرُ كَامِلًا وَإِذَا لَمْ تَقَعْ الْإِجَارَةُ عَلَى بَاطِنِ الْأَرْضِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى تَسْلِيمِ الْبَاطِنِ وَإِنَّمَا كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وِلَايَةُ الْفَسْخِ، لِأَنَّهُ تَعَيَّبَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فَكَانَ لَهُ الْخِيَارُ. وَكَذَلِكَ لَا يُجْبَرُ الْآجِرُ عَلَى إصْلَاحِ الْمِيزَابِ وَتَطْيِينِ السَّطْحِ وَنَحْوِهِمَا لِأَنَّ الْمَالِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ، وَأَمَّا إذَا خَرَجَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الدَّارِ وَفِيهَا تُرَابٌ أَوْ رَمَادٌ مِنْ كُنَاسَةٍ، فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إخْرَاجُهُ وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لِأَنَّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ تَسْلِيمُ الدَّارِ إلَى الْآجِرِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعُقْدَةِ وَكَوْنُهَا مَشْغُولَةً بِكُنَاسَةٍ مَانِعٌ مِنْ التَّسْلِيمِ. وَأَمَّا الْبَالُوعَةُ وَنَحْوُهَا، فَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ تَفْرِيغُهَا اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ لِأَنَّ الشَّغْلَ حَصَلَ مِنْ جِهَتِهِ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ الْمَشْغُولُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ بَاطِنُ الْأَرْضِ وَشَغْلُ بَاطِنِ الْأَرْضِ لَا يَمْنَعُ تَسْلِيمَ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعَقْدِ كَمَا يُمْنَعُ تَسْلِيمُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَلِهَذَا قُلْنَا إذَا سَلَّمَهُ مَشْغُولًا وَسَكَنَهُ كَذَلِكَ يَجِبُ الْأَجْرُ كَامِلًا وَلَوْ شَرَطَ رَبُّ الدَّارِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ حِينَ أَجَّرَهَا تَفْرِيغَ الْبَالُوعَةِ، فِي الْقِيَاسِ يَجُوزُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَجُوزُ، وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ. (95) قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَالِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ. أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْفَنِّ السَّادِسِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ أَنْ يُوصِيَ عَبْدَهُ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إصْلَاحُهُ. أَقُولُ: لَا وُرُودَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْجَبْرِ نَفْيُ الْوُجُوبِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَقِيَ أَنْ يُقَالَ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الدَّارَ لَوْ كَانَتْ وَقْفًا يُجْبَرُ النَّاظِرُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْإِجَارَةَ الْأُولَى إذَا انْفَسَخَتْ إلَخْ الْمَسْأَلَةُ فِي الْخَانِيَّةِ وَعِبَارَتُهَا: الْمُسْتَأْجِرُ إجَارَةً طَوِيلَةً إذَا أَجَّرَ مِنْ غَيْرِهِ إجَارَةً طَوِيلَةً ثُمَّ إنْ الْمُسْتَأْجِرُ مَعَ آجِرِهِ تَفَاسَخَا الْإِجَارَةُ الْأُولَى هَلْ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ؟ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَنْفَسِخُ سَوَاءٌ اتَّحَدَتْ أَيَّامَ الْفَسْخِ فِي الْعَقْدِ، أَوْ اخْتَلَفَتْ بِأَنْ كَانَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ فِي

الْإِجَارَةُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ مُسْتَأْجِرِهِ لِلْمُؤَجِّرِ لَا تَصِحُّ 98 - وَلَا تَنْقُصُ الْأُولَى. النُّقْصَانُ عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فِي الْوَقْفِ إذَا كَانَ يَسِيرًا جَائِزٌ. أَجَّرَهَا ثُمَّ أَجَّرَهَا مِنْ غَيْرِهِ، 99 - فَالثَّانِيَةُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَةِ الْأَوَّلِ فَإِنْ رَدَّهَا بَطَلَتْ وَإِنْ أَجَازَهَا فَالْأُجْرَةُ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِجَارَةِ الْأُولَى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ سَنَةِ ثَمَانِينَ وَأَلْفٍ. وَأَيَّامُ الْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ أَوْ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ (انْتَهَى) . وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ إذَا فَسَخَ هَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ؟ قَالُوا يَجِبُ أَنْ تَنْفَسِخَ اتَّحَدَتْ الْمُدَّةُ أَوْ اخْتَلَفَتْ وَهَذَا الْقَائِلُ قَالَ الْإِجَارَةُ الْأُولَى أَيْضًا لَا تَنْفَسِخُ، بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةٍ: وَهُوَ مَنْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ يَبْطُلُ خِيَارُهُ الْأَوَّلُ، فَكَذَا هَذَا لَمَّا أَجَّرَ مِنْ الثَّانِي يَبْطُلُ خِيَارُهُ فَلَا يَمْلِكُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ الْأُولَى فَكَيْفَ يَنْفَسِخُ الثَّانِي؟ . وَبَعْضُهُمْ قَالُوا يَنْفَسِخُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي اتَّحَدَتْ الْمُدَّةُ أَوْ اخْتَلَفَتْ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ فَسْخَ الْأَوَّلِ دَلَالَةُ فَسْخِ الثَّانِي. أَمَّا إذَا اتَّحَدَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ فَلَا شَكَّ وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَتْ الْمُدَّةُ فَلِأَنَّهُ لَمَّا فَسَخَ الْإِجَارَةَ الْأُولَى تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الْأَوَّلَ فُضُولِيٌّ فِي الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَهِيَ مُدَّةٌ بَعْدَ فَسْخِ الْأُولَى، وَالْفُضُولِيُّ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ يَمْلِكُ الْفَسْخَ قَبْلَ الْإِجَارَةِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الِاخْتِصَارِ الْبَالِغِ حَدَّ الْإِلْغَازِ قَوْلُهُ: الْإِجَارَةُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ مُسْتَأْجِرِهِ لِلْمُؤَجِّرِ لَا تَصِحُّ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَرْضِ الْوَقْفِ وَالْمِلْكِ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ (انْتَهَى) . أَقُولُ يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ عَدَمُ الصِّحَّةِ بِأَنَّهُ أَجْرٌ مِمَّنْ لَهُ مِلْكُ الرَّقَبَةِ فَيَنْتَفِعُ هُوَ بِمِلْكِ الرَّقَبَةِ لَا بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ، مَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ عَدَمِ الصِّحَّةِ بِالْمِلْكِ إذْ يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ تَعْلِيلِ النَّصِّ مَا يُخَصِّصُهُ أَوْ يُعَمِّمُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَكَأَنَّهُ أَعَادَهَا لِزِيَادَةِ مَا هُنَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِصُدُورِهَا مِنْ مُسْتَأْجِرِ الْمُسْتَأْجِرِ، مَعَ زِيَادَةِ عَدَمِ نَقْضِ الْأُولَى. (98) قَوْلُهُ: وَلَا تُنْقَضُ الْأُولَى. أَيْ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ أَمَّا لَوْ قَبَضَ الْعَيْنَ الْأُولَى بَطَلَتْ الْأُولَى كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ (99) قَوْلُهُ: فَالثَّانِيَةُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَةِ الْأَوَّلِ. هَذَا فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ أَمَّا فِي

اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلِ سَنَةٍ فَمَضَى نِصْفُهَا بِلَا عَمَلٍ 101 - فَلَهُ الْفَسْخُ 102 - تَنْفَسِخُ الْإِجَارَة بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ الْعَاقِدِ لِنَفْسِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَوْتِهِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ وَلَا قَاضِيَ فِي الطَّرِيقِ وَلَا سُلْطَانَ فَتَبْقَى إلَى مَكَّةَ فَيُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي لِيَفْعَلَ الْأَصْلَحَ لِلْمَيِّتِ وَالْوَرَثَةِ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَقِّ الْآجِرِ فَلَا تَجُوزُ وَلَا تَنْعَقِدُ، حَتَّى لَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ الْأُولَى وَسَقَطَ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يُسَلَّمَ إلَى الثَّانِي، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ الْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّهُ لَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ، هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَوْلُهُ: اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلِ سَنَةٍ إلَى آخِرِهِ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أُسْتَاذًا لِيَعْمَلَ لَهُ هَذَا الْعَمَلَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فَمَضَى نِصْفُ السَّنَةِ وَلَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ وِلَايَةُ الْفَسْخِ، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الصَّدْرُ الشَّهِيدُ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ظَاهِرًا (انْتَهَى) . وَفِي الْمُنْيَةِ اسْتَأْجَرَهُ لِيُعَلِّمَ الْغُلَامَ الْعِلْمَ هَذِهِ السَّنَةَ، فَمَضَى نِصْفُ السَّنَةِ وَلَمْ يُعَلِّمْهُ شَيْئًا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ (انْتَهَى) . وَفِي الْخَانِيَّةِ: اسْتَأْجَرَ مُعَلِّمًا سَنَةً لِيُعَلِّمَ وَلَدَهُ الْقُرْآنَ فَمَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَلَمْ يُعَلِّمْهُ شَيْئًا كَانَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ. (101) قَوْلُهُ: فَلَهُ الْفَسْخُ. أَيْ الْإِجَارَةِ. قِيلَ عَلَيْهِ: يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ عَدَمَ الْعَمَلِ مِنْ الْأَجِيرِ إذْ لَوْ كَانَ عَدَمُ الْعَمَلِ بِسَبَبٍ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ أَنَّهُ سَلَّمَ نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْفَسْخُ بِلَا عُذْرٍ، فَتَأَمَّلْ. أَقُولُ إنَّمَا يُتِمُّ مَا ذَكَرَ أَنْ لَوْ كَانَ الْأَجِيرُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ أَجِيرَ وَحْدٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى عَمَلِهِ كَمَا يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ تَعْلِيلُ الْوَلْوَالِجِيِّ الْفَسْخَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ظَاهِرًا وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِالتَّأَمُّلِ إلَى هَذَا (102) قَوْلُهُ: تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ الْعَاقِدِ لِنَفْسِهِ إلَخْ. أَفَادَ أَنَّهُ لَوْ عَقَدَهَا لِغَيْرِهِ بِنَحْوِ وَكَالَةٍ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُعْتَبَرَاتِ: وَهَذَا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالِاسْتِئْجَارِ إذَا مَاتَ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ بِمَوْتِ الْمُتَوَلِّي لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَوَلِّي هُوَ الَّذِي أَجَّرَهُ وَكَذَا لَوْ أَجَّرَ الْقَاضِي وَمَاتَ. وَفِي

فَيُؤَجِّرَهَا لَهُ إنْ كَانَ أَمِينًا أَوْ يَبِيعُهَا بِالْقِيمَةِ، فَإِنْ بَرْهَنَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى قَبْضِ الْأُجْرَةِ لِلْإِيَابِ رَدَّ عَلَيْهِ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ، 104 - وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ هُنَا بِلَا خَصْمٍ لِأَنَّهُ يُرِيدُ الْأَخْذَ مِنْ ثَمَنِ مَا فِي يَدِهِ وَإِذَا أُعْتِقَ الْأَجِيرُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ يُخَيَّرُ، فَإِنْ فَسَخَهَا فَلِلْمُوَلِّي أَجْرُ مَا مَضَى 105 - وَإِنْ أَجَازَهَا فَالْأَجْرُ كُلُّهُ لِلْمَوْلَى، وَلَوْ بَلَغَ الْيَتِيمُ فِي أَثْنَائِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فَسْخُ إجَارَةِ الْوَصِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّجْرِيدِ: الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ إذَا أَجَّرَ دَارَ ابْنِهِ وَمَاتَ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَفِي الذَّخِيرَةِ الْوَاقِفُ: إذَا أَجَّرَ الْوَقْفَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ مَاتَ الْقِيَاسُ أَنْ تَبْطُلَ الْإِجَارَةُ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَالِكِ لَيْسَ لِأَحَدٍ حَجْرُهُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَبْطُلُ لِأَنَّهُ أَجَّرَ لِغَيْرِهِ كَالْوَكِيلِ بِالْإِجَارَةِ وَالْأَبُ وَالْوَصِيُّ وَالْوَكِيلُ بِالِاسْتِئْجَارِ إذَا مَاتَ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالِاسْتِئْجَارِ تَوْكِيلٌ بِشِرَاءِ الْمَنَافِعِ فَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ التَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ الْأَعْيَانِ فَيَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِنَفْسِهِ ثُمَّ يَصِيرُ مُؤَجِّرًا مِنْ الْمُوَكِّلِ، فَهُوَ مَعْنَى قَوْلِنَا إنَّ الْوَكِيلَ بِالِاسْتِئْجَارِ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِكِ. (103) قَوْلُهُ: فَيُؤَجِّرُهَا إنْ كَانَ أَمِينًا إلَخْ. لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَفْعَلُ مَا كَانَ أَنْفَعَ لِلْوَارِثِ، وَهَذَا أَنْفَعُ لِأَنَّ لِلنَّاسِ رَغْبَةً فِي الْأَعْيَانِ. (104) قَوْلُهُ: تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ هُنَا بِلَا خَصْمٍ إلَخْ. قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. وَطَرِيقُ قَبُولِ الْبَيِّنَةِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ إمَّا أَنْ يُنَصِّبَ الْقَاضِي وَصِيًّا وَإِمَّا أَنْ يَقْبَلَ مِنْ غَيْرِ نَصْبِ الْوَصِيِّ لِأَنَّ الْخَصْمَ إنَّمَا يُشْتَرَطُ لِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ إذَا أَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ يَدِهِ، وَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ ثَمَنِ مَالٍ كَانَ فِي يَدِهِ وَهُوَ يَدُ الْقَيِّمِ الْمُقِيمِ لِلْبَيِّنَةِ، لَا يُشْتَرَطُ الْخَصْمُ لِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ (105) قَوْلُهُ: وَإِنْ أَجَازَهَا فَالْأَجْرُ كُلُّهُ لِلْمَوْلَى. الْمَنْقُولُ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ الْعَبْدَ بَعْدَ الْعِتْقِ إذَا أَجَازَ إجَارَةَ الْمَالِكِ فَأَجْرُ مَا مَضَى لِلْمَالِكِ الَّذِي أُعْتِقَ وَأَجْرُ الْمُسْتَقْبَلِ لِلْعَبْدِ كَمَا لَوْ أَجَّرَ الْغَاصِبُ فَأَجَازَ الْمَالِكُ وَمَنْ ثَمَّةَ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَمْ أَظْفَرْ بِمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ التَّتَبُّعِ، وَلَكِنْ يُحْمَلُ عَلَى صُورَةِ مَا إذَا اسْتَعْجَلَ الْمُوَلِّي الْآجِرَ كُلَّهُ بَعْدَ

إلَّا إذَا أَجَّرَ الْيَتِيمُ فَلَهُ فَسْخُهَا. أَجَّرَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ بِلَا إذْنٍ ثُمَّ أُعْتِقَ نَفَذَتْ وَمَا عَمِلَ فِي رِقِّهِ فَلِمَوْلَاهُ وَفِي عِتْقِهِ لَهُ، 107 - وَلَوْ مَاتَ فِي خِدْمَتِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ ضَمِنَهُ. مَرَضُ الْعَبْدِ وَإِبَاقُهُ وَسَرِقَتُهُ عُذْرٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي فَسْخِهَا، وَكَذَا إذَا كَانَ عَمَلُهُ فَاسِدًا، 108 - لَا عَدَمَ حِذْقِهِ ادَّعَى نَازِلُ الْخَانِ وَدَاخِلُ الْحَمَّامِ وَسَاكِنُ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ الْغَصْبَ لَمْ يُصَدَّقْ وَالْأَجْرُ وَاجِبٌ. اخْتَلَفَ صَاحِبُ الطَّعَامِ وَالْمَلَّاحِ فِي مِقْدَارِهِ، 109 - فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِهِ 110 - وَيَأْخُذُ الْأَجْرَ بِحِسَابِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِجَارَةِ أَوْ شَرَطَ التَّعْجِيلَ وَصُورَةُ الِاسْتِعْجَالِ مَذْكُورَةٌ فِي قَاضِي خَانْ وَالسَّرَّاجِ وَقَدْ أَوْسَعَ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْفَتَاوَى الْوَلْوَالِجيَّةِ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ، فَلْيُرَاجَعْ. (106) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَجَّرَ الْيَتِيمَ إلَخْ. بِنَصَبِ الْيَتِيمِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ أَجَّرَ وَالْمُسْتَتِرُ فِيهِ ضَمِيرُ الْوَصِيِّ، وَإِنَّمَا كَانَ لِلْيَتِيمِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ الْوَاقِعَةَ عَلَيْهِ مِنْ الْوَصِيِّ لِأَنَّ إجَارَتَهُ تَكُونُ لِلْحِفْظِ لَا لِلتِّجَارَةِ، وَبِالْبُلُوغِ اسْتَغْنَى عَنْ حِفْظِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ إجَارَةِ مَالِهِ فَإِنَّهَا لِلتِّجَارَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَتَمَلَّكُهَا إلَّا مَنْ يَمْلِكُ التِّجَارَةَ وَبِالْبُلُوغِ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. (107) قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَ فِي خِدْمَتِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ ضَمِنَهُ. لِأَنَّهُ اسْتَخْدَمَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَكَانَ غَاصِبًا. (108) قَوْلُهُ: لَا عَدَمَ حِذْقِهِ إلَخْ. لِأَنَّ الْحَذَاقَةَ بِمَنْزِلَةِ الْجَوْدَةِ فَلَا تُسْتَحَقُّ إلَّا بِالشَّرْطِ (109) قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِهِ. وَعَلَى الْمَلَّاحِ أَنْ يَكِيلَهُ. (110) قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ الْآجِرُ بِحِسَابِهِ. لِأَنَّهُ فِي الْحَاصِلِ يَدَّعِي الْمَلَّاحُ عَلَيْهِ الْأَجْرَ وَهُوَ يُنْكِرُ.

إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَجْرُ مُسَلَّمًا لَهُ 112 - اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهَا مَشْغُولَةً أَوْ فَارِغَةً بِحُكْمِ الْحَالِ، إذَا اخْتَلَفَا فِي صِحَّتِهَا وَفَسَادِهَا فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ. قَالَ الْفَضْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إلَّا إذَا ادَّعَى الْمُؤَجِّرُ بِأَنَّهَا كَانَتْ مَشْغُولَةً بِالزَّرْعِ وَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهَا كَانَتْ فَارِغَةً فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ. كَمَا فِي آخِرِ إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ 113 - أَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَ لَا تَطِيبُ الزِّيَادَةُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: أَنْ يُؤَجِّرَهَا بِخِلَافِ جِنْسِ مَا اسْتَأْجَرَ، وَأَنْ يَعْمَلَ بِهَا عَمَلًا كَبِنَاءٍ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَجْرُ مُسَلَّمًا لَهُ. يَعْنِي فَالْقَوْلُ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وَالْأَجْرُ بِحِسَابِ ذَلِكَ (112) قَوْلُهُ: اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهَا مَشْغُولَةً أَوْ فَارِغَةً إلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي آخِرِ إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ؛ نَصُّ عِبَارَتِهَا: ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ فَارِغَةً وَادَّعَى الْآجِرُ أَنَّهُ أَجَّرَهَا مَشْغُولَةً بِزَرْعِهِ يُحَكَّمُ الْحَالُ. وَقَالَ الْفَضْلِيُّ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُؤَجِّرِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الصِّحَّةَ وَالْآخَرُ الْفَسَادَ، فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَهُنَا الْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الْعَقْدَ، أَصْلُهُ مَسْأَلَةُ الطَّاحُونَةِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَظْهَرُ لَكَ مَا فِي نَقْلِ الْمُصَنِّفِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْخَلَلِ، وَقَوْلُهُ: أَصْلُهُ مَسْأَلَةُ الطَّاحُونَةِ يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَا فِي جَرَيَانِ الْمَاءِ وَانْقِطَاعِهِ فِي الطَّاحُونَةِ يُحَكَّمُ الْحَالُ إنْ كَانَ مُنْقَطِعًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ كَانَ جَارِيًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآجِرِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ قَوْلُهُ: أَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَهُ إلَخْ. فِي الْخُلَاصَةِ: أَجَّرَ بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَ تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ، إلَّا إذَا أَصْلَحَ فِيهَا شَيْئًا وَلَا أَجَّرَ مَعَهَا شَيْئًا آخَرَ مِنْ مَالِهِ يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ لَا يَطِيبُ لَهُ وَإِنْ جَصَّصَهَا أَوْ أَجَّرَ مَعَ مَا اسْتَأْجَرَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ، يَجُوزُ أَنْ تَنْعَقِدَ عَلَيْهِ الْإِجَارَةُ تَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ، وَإِنْ كَنَسَ الدَّارَ ثُمَّ أَجَّرَ لَا تَطِيبُ لَهُ، وَإِنْ قَالَ عَلَيَّ أَنْ أَكْنُسَ الدَّارَ يَطِيبُ لَهُ وَإِنْ كَانَ أَرْضًا فَعَلَ لَهَا مُسَنَّاةً تَطِيبُ لَهُ

اخْتَلَفَا فِي الْخَشَبِ وَالْآجُرِّ وَالْغَلَقِ وَالْمِيزَابِ فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِ الدَّارِ إلَّا فِي اللَّبِنِ الْمَوْضُوعِ وَالْبَابِ وَالْآجُرِّ وَالْجِصِّ وَالْجِذْعِ الْمَوْضُوعِ فَإِنَّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَذَا كُلُّ عَمَلٍ قَائِمٍ يَعْنِي لِأَنَّ الزِّيَادَةَ بِمُقَابَلَةِ مَا زَادَ مِنْ عِنْدِهِ حَمْلًا لِأَمْرِهِ عَلَى الْإِصْلَاحِ، كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ كَرِيَ الْأَنْهَارَ قَالَ الْخَصَّافُ تَطِيبُ وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ: أَصْحَابُنَا مُتَرَدِّدُونَ بِرَفْعِ التُّرَابِ لَا تَطِيبُ لَهُ وَإِنْ تَيَسَّرَتْ الزِّرَاعَةُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ شَيْئَيْنِ صَفْقَةً وَزَادَ فِي أَحَدِهِمَا يُؤَاجِرُهُمَا بِأَكْثَرَ وَإِنْ كَانَتْ الصَّفْقَةُ مُتَفَرِّقَةً لَا يُؤَاجِرُهُمَا بِأَكْثَرَ وَلَوْ أَجَّرَهُمَا بِخِلَافِ جِنْسِ مَا اسْتَأْجَرَ بِهِ (انْتَهَى) . وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ: اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ مِنْ غَيْرِهِ كَالدَّارِ لِأَنَّ الْعَبْدَ عَاقِلٌ لَا يَنْقَادُ لِزِيَادَةِ خِدْمَةٍ غَيْرِ مُسْتَحَقَّةٍ مِنْ الْقُصُورِ (114) قَوْلُهُ: اخْتَلَفَا فِي الْخَشَبِ وَالْآجُرِّ إلَخْ. فِي الْفَتَاوَى الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي بَابٍ أَوْ خَشَبَةٍ أَدْخَلَهَا فِي السَّقْفِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلدَّارِ وَلَا عُرْفَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ هُوَ الَّذِي يُحْدِثُ ذَلِكَ فَيَكُونُ لِرَبِّ الدَّارِ وَكَذَلِكَ الْآجُرُّ الْمَفْرُوشُ وَالْغَلَقُ وَالْمِيزَابُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ تَبَعٌ لِلْأَرْضِ وَلَا عُرْفَ فِيهِ. وَمَا كَانَ فِي الدَّارِ مِنْ لَبِنٍ مَوْضُوعٍ أَوْ آجُرٍّ أَوْ جِصٍّ أَوْ جِذْعٍ أَوْ بَابٍ مَوْضُوعٍ فَهُوَ لِلْمُسْتَأْجِرِ إذَا لَمْ يَضُرَّهُ الْقَلْعُ كَمَا سَيَأْتِي، لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ مَتَاعِ الْبَيْتِ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَفِي كُلِّ شَيْءٍ جَعَلْنَا الْقَوْلَ فِيهِ قَوْلَ الْمُسْتَأْجِرِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الدَّارِ لِأَنَّ رَبَّ الدَّارِ يَدَّعِي خِلَافَ الظَّاهِرِ وَإِبْدَاءُ الْبَيِّنَةِ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي خِلَافَ الظَّاهِرِ. وَالْجِصُّ وَالسُّتْرَةُ وَالدَّرَجُ وَالْخَشَبُ الْمَبْنِيُّ فِي الْبِنَاءِ وَالتَّنُّورِ، الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ. قَالَ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ: هَذَا فِي التَّنُّورِ بِنَاءً عَلَى عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَمَّا فِي عُرْفِ بِلَادِنَا فَالْمُسْتَأْجِرُ هُوَ الَّذِي يُحْدِثُ التَّنُّورَ وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ كِوَارَاتُ نَحْلٍ أَوْ حَمَّامَاتٍ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُمَا فِي يَدِهِ وَلَوْ أَمَرَ رَبُّ الدَّارِ الْمُسْتَأْجِرَ أَنْ يُجَصِّصَهَا أَوْ يَفْرِشَهَا بِالْآجُرِّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَقْلَعَ كُلَّ شَيْءٍ أُحْدِثَ فِيهَا مِمَّا لَا يَضُرُّ بِالْقَلْعِ فِي الدَّارِ لِأَنَّهُ عَيَّنَ مَالَهُ وَلَيْسَ فِي قَلْعِهِ ضَرَرٌ بِصَاحِبِ الدَّارِ وَأَمَّا كُلُّ شَيْءٍ يَضُرُّ قَلْعُهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْلَعَهُ لِأَنَّهُ لَوْ غَضَبَ سَاحَةً وَأَدْخَلَهَا فِي بِنَائِهِ لَا تُقْلَعُ وَإِنْ كَانَ جَانِيًا مُتَعَدِّيًا فِيمَا صَنَعَ فُلَانٌ لَا يُقْلَعُ هَهُنَا وَإِنَّهُ غَيْرُ جَانٍ أَوْلَى وَمَتَى لَمْ يُقْلَعْ يَجِبُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ يَوْمَهَا (انْتَهَى)

[كتاب الأمانات من الوديعة والعارية وغيرهما]

كِتَابُ الْأَمَانَاتِ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا 1 الْأَمَانَاتُ تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ إلَّا فِي ثَلَاثٍ: 2 - النَّاظِرُ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا غَلَّاتِ الْوَقْفِ، 3 - وَالْقَاضِي إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا أَمْوَالَ الْيَتَامَى عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْأَمَانَاتِ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا] قَوْلُهُ: الْأَمَانَاتُ تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهَلْ مِنْ ذَلِكَ الزَّائِدُ فِي الرَّهْنِ عَلَى قَدْرِ الرَّهْنِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ قَالُوا إنَّ مَا تُضَمَّنُ بِهِ الْوَدِيعَةُ يُضْمَنُ بِهِ الرَّهْنُ فَعَلَى هَذَا إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا يَضْمَنُ مَا زَادَ فَلْيُحْفَظْ. وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ بَعْضُ مَنْ عَاصَرْنَاهُ مِنْ أَهْلِ التَّحْرِيرِ وَالْفَتْوَى. (2) قَوْلُهُ: النَّاظِرُ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا غَلَّاتِ الْوَقْفِ، هَذَا الْحُكْمُ مَنْقُولٌ فِي غَالِبِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ الْمُعْتَمَدَةِ لَكِنْ بَحَثَ فِيهِ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ فَقَالَ: إنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ فِيهِ فَيُقَالُ إنْ حَصَلَ طَلَبُ الْمُسْتَحَقِّينَ مِنْهُ وَأَخَّرَ حَتَّى مَاتَ مُجَهِّلًا ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طَلَبٌ مِنْهُمْ وَمَاتَ مُجَهِّلًا يَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ مَحْمُودًا بَيْنَ النَّاسِ مَعْرُوفًا بِالدِّيَانَةِ وَالْأَمَانَةِ إنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَمَضَى الزَّمَانُ وَالْمَالُ فِي يَدِهِ وَلَمْ يُفَرِّقْهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ يَضْمَنُ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَهُوَ حَسَنٌ (انْتَهَى) . وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ مَاتَ فَجْأَةً لَا يَضْمَنُ بِعَدَمِ تُمَكِّنْهُ مِنْ بَيَانِهَا فَلَمْ يَكُنْ حَابِسًا لَهَا ظُلْمًا وَإِنْ مَاتَ بِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ تَمَكَّنَ مِنْ بَيَانِهَا وَلَمْ يُبَيِّنْ فَكَانَ مَانِعًا ظُلْمًا فَيَضْمَنُ (انْتَهَى) . (3) قَوْلُهُ: وَالْقَاضِي إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا أَمْوَالَ الْيَتَامَى إلَخْ. وَكَذَا الْغَاصِبُ آهٍ، كَمَا ذَكَرَهُ الْكَمَالُ فِي فَصْلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِرْثِ وَكَذَا الْمُسْتَأْجِرُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي مَسَائِلِ مَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَمِثْلُهُ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي فِي مَسَائِلِ مَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ. أَيْضًا وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا أَمْوَالَ الْيَتَامَى يَضْمَنُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.

وَالسُّلْطَانُ إذَا أَوْدَعَ بَعْضَ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ الْغَازِي ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَهَا. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ الْوَقْفِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَذَكَرَهَا الْوَلْوَالِجِيُّ، 5 - وَذَكَرَ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَحَدَ الْمُتَفَاوِضِينَ إذَا مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالَ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ لِلْقَاضِي، فَصَارَ الْمُسْتَثْنَى بِالتَّلْفِيقِ أَرْبَعًا وَزِدْتُ عَلَيْهَا مَسَائِلَ: الْأُولَى: الْوَصِيُّ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَا وَضَعَهُ مَالِكُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. الثَّانِيَةُ: الْأَبُ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا مَالَ ابْنِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالسُّلْطَانُ إذَا أُودَعَ بَعْضَ الْغَنِيمَةِ إلَخْ. وَكَذَا إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا أَمْوَالَ الْيَتَامَى عِنْدَهُ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ. (5) قَوْلُهُ: وَذَكَرَ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَحَدَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ مِنْ الْبَحْرِ: وَأَمَّا أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ إذَا كَانَ الْمَالُ عِنْدَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالَ الْمَالِ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ فَمَاتَ؛ ذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَأَحَالَهُ إلَى شَرِكَةِ الْأَصْلِ وَذَلِكَ غَلَطٌ بَلْ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ وَبِهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَبَعْضِ الْفَتَاوَى ضَعِيفٌ وَأَنَّ الشَّرِيكَ يَكُونُ ضَامِنًا بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ عِنَانًا أَوْ مُفَاوَضَةً، وَمَالُ الْمُضَارَبَةِ مِثْلُ مَالِ الشَّرِكَةِ إذَا مَاتَ الْمُضَارِبُ مُجَهِّلًا لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَالِ الْمُضَارَبَةِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي بِمَالِهَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بَعْدَ نَحْوِ وَرَقَتَيْنِ مِنْ نَوْعٍ مِنْ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي أَنْوَاعِ الدَّعَاوَى مَا نَصُّهُ فِي دَعْوَى مَالِ الشَّرِكَةِ بِسَبَبِ الْمَوْتِ مُجَهِّلًا لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَالِ الشَّرِكَةِ أَمَّا الْمُشْتَرِي بِمَالِهَا لَا. وَمَالُ الشَّرِكَةِ مَضْمُونٌ بِالْمِثْلِ وَالْمُشْتَرَى بِهَا مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ وَمِثْلُهُ مَالُ الْمُضَارَبَةِ إذَا مَاتَ الْمُضَارِبُ مُجَهِّلًا لِمَالِ الْمُضَارَبَةِ أَوْ لِلْمُشْتَرَى بِمَالِهَا وَهَذَا صَرِيحٌ فِي الضَّمَانِ فَإِذَا أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ رَبِحَ أَلْفًا ثُمَّ مَاتَ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لَا ضَمَانَ إلَّا إذَا أَقَرَّ بِوُصُولِهَا إلَيْهِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ.

ذَكَرَهُ فِيهَا أَيْضًا. الثَّالِثَةُ: 7 - إذَا مَاتَ الْوَارِثُ مُجَهِّلًا مَا أَوْدَعَ عِنْدَ مُوَرِّثِهِ. الرَّابِعَةُ: إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِي بَيْتِهِ. الْخَامِسَةُ: 8 - إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَا وَضَعَهُ مَالِكُهُ فِي بَيْتِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ. السَّادِسَةُ: 9 - إذَا مَاتَ الصَّبِيُّ مُجَهِّلًا لِمَا أُودِعَ عِنْدَهُ مَحْجُورًا. وَهَذِهِ الثَّلَاثُ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْخَلَّاطِيِّ فَصَارَ الْمُسْتَثْنَى عَشْرًا وَقُيِّدَ بِتَجْهِيلِ الْغَلَّةِ لِأَنَّ النَّاظِرَ. 10 - إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَالِ الْبَدَلِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِيهَا أَيْضًا. أَيْ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَكِنْ بِصِيغَةِ قِيلَ وَكَانَ الصَّوَابُ تَذْكِيرُ الضَّمِيرِ. (7) قَوْلُهُ: إذَا مَاتَ الْمُوَرِّثُ مُجَهِّلًا مَا أُودَعَ عِنْدَ مُوَرِّثِهِ. أَقُولُ: لَمْ يَعْزُ الْمُصَنِّفُ هَذَا إلَى كِتَابٍ لِأَنَّهُ عَزَى الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ بِمَا عَزَاهُ إلَى جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالثَّلَاثَ الْأَخِيرَةَ إلَى تَلْخِيصِ الْجَامِعِ فَبَقِيَتْ هَذِهِ بِلَا عَزْوٍ. (8) قَوْلُهُ: إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَا وَضَعَهُ مَالِكُهُ فِي بَيْتِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ. كَذَا فِي نُسَخِ هَذَا الْكِتَابِ وَالصَّوَابُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ إذْ يَسْتَحِيلُ تَجْهِيلُ مَا لَا يَعْلَمُهُ. (9) قَوْلُهُ: إذَا مَاتَ الصَّبِيُّ مُجَهِّلًا إلَخْ. قَالَ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ: أُودَعَ صَبِيًّا مَحْجُورًا يَعْقِلُ ابْنَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَمَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ مُجَهِّلًا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ (انْتَهَى) . وَعَلَّلَ فِي الْوَجِيزِ شَرْحَ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ عَدَمَ ضَمَانِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ الْحِفْظَ ثُمَّ قَالَ وَإِنْ بَلَغَ ثُمَّ مَاتَ فَكَذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهَا فِي يَدِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَهُوَ الصِّبَا، وَالْمَعْتُوهُ كَالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُمَا فِي ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ ضَمِنَا (انْتَهَى) . وَبِمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ يَظْهَرُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ. (10) قَوْلُهُ: إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَالِ الْبَدَلِ إلَخْ. بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ثَمَنُ أَرْضِ الْوَقْفِ إذَا بَاعَهَا بِمُسَوِّغِ الِاسْتِبْدَالِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ قُيِّدَ بِالتَّجْهِيلِ إذْ لَوْ عَلِمَ ضَيَاعَهُ لَا يَضْمَنُ. قَالَ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ لَوْ ضَاعَ الثَّمَنُ مِنْ الْمُسْتَبْدِلِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَفِي

وَمَعْنَى مَوْتِهِ مُجَهِّلًا أَنْ لَا يُبَيِّنَ حَالَ الْأَمَانَةِ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّ وَارِثَهُ لَا يَعْلَمُهَا فَإِنْ بَيَّنَهَا وَقَالَ فِي حَيَاتِهِ رَدَدْتُهَا. 12 - فَلَا تَجْهِيلَ إنْ بَرْهَنَ الْوَارِثُ عَلَى مَقَالَتِهِ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ وَارِثَهُ يَعْلَمُهَا فَلَا تَجْهِيلَ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: 13 - وَالْمُودَعُ إنَّمَا يَضْمَنُ بِالتَّجْهِيلِ إذَا لَمْ يُعَرِّفْ الْوَارِثَ الْوَدِيعَةَ، أَمَّا إذَا عَرَّفَ الْوَارِثُ الْوَدِيعَةَ وَالْمُودِعُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعْلَمُ وَمَاتَ وَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالذَّخِيرَةِ إنَّ الْمَالَ فِي يَدِ الْمُسْتَبْدِلِ أَمَانَةٌ لَا يَضْمَنُ لِضَيَاعِهِ (انْتَهَى) . وَإِنَّمَا ضَمِنَ بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْأَمَانَاتِ إذَا حَصَلَ الْمَوْتُ فِيهَا عَنْ تَجْهِيلٍ فَافْهَمْ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِمْ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَالِ الْبَدَلِ يَضْمَنُهُ. جَوَابُ وَاقِعَةِ الْفَتْوَى وَهِيَ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِعَيْنِ الْوَقْفِ كَمَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهِ وَعَلَيْهِ عَمَلُ الرُّومِ أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا لَهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَضْمَنُ بِتَجْهِيلِ مَالِ الْبَدَلِ فَبِتَجْهِيلِ عَيْنِ الْوَقْفِ أَوْلَى. كَذَا فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ مَعَ زِيَادَةِ إيضَاحٍ. (11) قَوْلُهُ: وَمَعْنَى مَوْتِهِ مُجَهِّلًا أَنْ لَا يُبَيِّنَ حَالَ الْأَمَانَةِ إلَخْ. سُئِلَ أَخُو الْمُؤَلِّفِ الْعَلَّامَةُ عُمَرُ بْنُ نُجَيْمٍ عَمَّا لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ: عِنْدِي وَرَقَةٌ بِالْحَانُوتِ لِفُلَانٍ ضَمَّنَهَا دَرَاهِمَ لَا أَعْرِفُ قَدْرَهَا فَمَاتَ وَلَمْ تُوجَدْ فَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا مِنْ التَّجْهِيلِ لِقَوْلِهِ فِي الْبَدَائِعِ هُوَ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ الْبَيَانِ وَلَمْ يُعَرِّفْ الْأَمَانَةَ بِعَيْنِهَا (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. (12) قَوْلُهُ: فَلَا تَجْهِيلَ إنْ بَرْهَنَ الْوَارِثُ عَلَى مَقَالَتِهِ. قَالَ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى فِي الْوَدِيعَةِ: لَوْ قَالَ وَارِثُهُ زَادَهَا فِي حَيَاتِهِ أَوْ تَلِفَتْ فِي حَيَاتِهِ لَمْ يُصَدَّقْ بِلَا بَيِّنَةٍ لِكَوْنِهِ مَاتَ مُجَهِّلًا فَتَقَرَّرَ الضَّمَانُ وَلَوْ بَرْهَنُوا عَلَى أَحَدِهِمَا تُقْبَلُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ. كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى: وَارِثُ الْمُودِعِ بَعْدَ مَوْتِهِ إذَا قَالَ ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْوَارِثُ فِي عِيَالِهِ حِينَ كَانَ مُودِعًا يُصَدَّقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ لَا (انْتَهَى) (13) قَوْلُهُ: وَالْمُودَعُ إنَّمَا يَضْمَنُ بِالتَّجْهِيلِ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى: الْمُودَعُ أَوْ

يُبَيِّنْ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ قَالَ الْوَارِثُ أَنَا عَلِمْتُهَا وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ؛ إنْ فَسَّرَهَا وَقَالَ هِيَ كَذَا وَكَذَا وَهَلَكَتْ صُدِّقَ (انْتَهَى) . وَمَعْنَى ضَمَانِهَا صَيْرُورَتُهَا دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ 14 - وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الطَّالِبُ التَّجْهِيلَ، وَادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّهَا كَانَتْ قَائِمَةً يَوْمَ مَاتَ وَكَانَتْ مَعْرُوفَةً ثُمَّ هَلَكَتْ. 15 - فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ فِي الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُضَارِبُ أَوْ الْمُسْتَبْضِعُ أَوْ الْمُسْتَعِيرُ وَكُلُّ مَنْ كَانَ الْمَالُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ إذَا مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ وَلَا تُعْرَفُ الْأَمَانَةُ بِعَيْنِهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِ فِي تَرِكَتِهِ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلِكًا لِلْوَدِيعَةِ بِالتَّجْهِيلِ وَلَا تُصَدَّقُ وَرَثَتُهُ عَلَى الْهَلَاكِ أَوْ التَّسْلِيمِ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَوْ عَيَّنَ الْمَالَ حَالَ حَيَاتِهِ أَوْ عَلِمَ أَنَّ وَارِثَهُ يَعْلَمُ بِذَلِكَ يَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِ وَصِيِّهِ أَوْ فِي يَدِ وَارِثِهِ كَمَا لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ وَيُصَدَّقُونَ عَلَى الْهَلَاكِ أَوْ التَّسْلِيمِ إلَى صَاحِبِهِ كَمَا يُصَدَّقُ الْمَيِّتُ حَالَ حَيَاتِهِ (انْتَهَى) (14) قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الطَّالِبُ التَّجْهِيلَ إلَخْ. أَقُولُ فِيهِ إنَّ قَوْلَهُ وَكَذَا يُفِيدُ اتِّحَادَ الْحُكْمِ وَهُوَ كَوْنُ الْقَوْلِ لِلْوَارِثِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ هُوَ الْوَارِثُ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَكَالْوَارِثِ فِي كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَهُ لَوْ ادَّعَى الطَّالِبُ فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهُ بَقِيَ أَنْ يُقَالَ لَمْ يُعْتَبَرْ قَوْلُ الْوَارِثِ هُنَا وَاعْتُبِرَ قَوْلُهُ فِيمَا سَبَقَ لَوْ قَالَ أَنَا عَلِمْتُهَا وَفَسَّرَهَا وَهَلَكَتْ فَلَمْ يَضْمَنْ وَالْجَوَابُ يُحْمَلُ هَذَا عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً فَلَمَّا فَسَّرَهَا وَكَانَ مُطَابِقًا لِلْمَعْرُوفِ صُدِّقَ وَفِيمَا يُصَدَّقُ فِيهِ الطَّالِبُ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَةً وَادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّهَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً وَأَنَّهُ عَلِمَ بِهَا فَلَا يُصَدَّقُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ مَا يُسْمَعُ مِنْ الدَّعْوَى لَوْ قَالَ فِي دَعْوَى تَجْهِيلِ الْوَدِيعَةِ لَمْ يُبَيِّنْ وَقْتَ الْمَوْتِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ قَالَ مَاتَ مُجَهِّلًا أَوْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ يَصِحُّ (انْتَهَى) . أَقُولُ إنَّمَا لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَوَّلِ وَيَصِحُّ فِي الثَّانِي لِأَنَّ نَفْيَ الْبَيَانِ وَقْتَ الْمَوْتِ لَا يَنْفِي الْبَيَانَ قَبْلَهُ. (15) قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ فِي الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ عُلِّلَ فِيهَا وَقَالَ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ صَارَتْ دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ ظَاهِرًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يُفْهَمُ

تَلْزَمُ الْعَارِيَّةُ فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ جِدَارَ غَيْرِهِ لِوَضْعِ جُذُوعِهِ وَوَضَعَهَا ثُمَّ بَاعَ الْمُعِيرُ الْجِدَارَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ رَفْعِهَا، وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ ذَلِكَ وَقْتَ الْبَيْعِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. إذَا تَعَدَّى الْأَمِينُ ثُمَّ أَزَالَهُ يَزُولُ الضَّمَانُ؛ 17 - كَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ إلَّا فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ أَوْ بِالْحِفْظِ أَوْ الْإِجَارَةِ أَوْ بِالِاسْتِئْجَارِ وَالْمُضَارِبِ وَالْمُسْتَبْضِعِ وَالشَّرِيكِ عِنَانًا أَوْ مُفَاوَضَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُ أَنَّ مَنْ لَا يَضْمَنُ بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ كَالنَّاظِرِ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَارِثِ فِي الْهَلَاكِ وَالتَّسْلِيمِ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِرْ دَيْنًا فِيهَا لِعَدَمِ الضَّمَانِ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى؛ فَالْحَقُّ أَنَّهُ إذَا كَانَ ضَامِنًا صَارَ دَيْنًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ وَارِثِهِ فِيهَا وَإِذَا لَمْ تَكُنْ دَيْنًا فَهِيَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْوَارِثِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهَا (16) قَوْلُهُ: تَلْزَمُ الْعَارِيَّةُ فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ جِدَارَ غَيْرِهِ إلَخْ. أَقُولُ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْفُصُولِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ وَالثَّلَاثِينَ نَقْلًا عَنْ قَاضِي خَانْ وَنَصُّهُ: رَجُلٌ وَضَعَ الْجُذُوعَ عَلَى حَائِطِ رَجُلٍ بِإِذْنِهِ أَوْ حَفَرَ سِرْدَابًا تَحْتَ بَيْتِهِ بِإِذْنِهِ ثُمَّ بَاعَ صَاحِبُ الدَّارِ دَارِهِ ثُمَّ طَلَبَ الْمُشْتَرِي رَفْعَ الْجُذُوعِ لَهُ ذَلِكَ. وَكَذَا السِّرْدَابُ إلَّا إذَا شَرَطَ الْبَائِعُ فِي الْبَيْعِ بَقَاءَ الْجُذُوعِ وَالسِّرْدَابِ تَحْتَ الدَّارِ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَهُ بِرَفْعِ ذَلِكَ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يَنْبَغِي اعْتِمَادُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ لُزُومِهَا فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ وَلِلْمُشْتَرِي الْمُطَالَبَةُ بِرَفْعِهَا إلَّا إذَا شَرَطَ الْبَائِعُ قَرَارَهَا وَقْتَ الْبَيْعِ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْعَارِيَّةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا. وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ فِي الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ. (17) قَوْلُهُ: كَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ. إنَّمَا لَمْ يَبْرَأْ عَنْ الضَّمَانِ إذَا تَعَدَّيَا فِي الْعَيْنِ الْمُسْتَعَارَةِ، وَالْمُسْتَأْجَرَةِ ثُمَّ أَزَالَا التَّعَدِّيَ لِأَنَّ قَبْضَهُمَا كَانَ لِأَنْفُسِهِمَا لِاسْتِيفَائِهِمَا مَنْفَعَتِهِمَا فَبِإِزَالَةِ التَّعَدِّي عَنْ الْعَيْنِ لَمْ يُوجَدْ الرَّدُّ إلَى صَاحِبِهَا بِخِلَافِ مَا اسْتَثْنَى فَإِنَّ يَدَهُ كَيَدِ الْمَالِ.

وَالْمُودِعُ 19 - وَمُسْتَعِيرُ الرَّهْنِ، وَهِيَ فِي الْفُصُولِ إلَّا الْأَخِيرَةَ فَهِيَ فِي الْمَبْسُوطِ. الْوَدِيعَةُ لَا تُودَعُ وَلَا تُعَارُ وَلَا تُؤَجَّرُ وَلَا تُرْهَنُ. 20 - وَالْمُسْتَأْجَرُ يُؤَجَّرُ وَيُعَارُ وَلَا يُرْهَنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْمُودَعُ. يَعْنِي تَبْرَأُ بِالْعَوْدِ إلَى الْوِفَاقِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ فَإِذَا خَالَفَ فِي الْبَعْضِ ثُمَّ رَجَعَ عَادَ إلَى الْحِفْظِ فَصَارَ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْحِفْظِ شَهْرًا فَتَرَكَ الْحِفْظَ فِي بَعْضِهِ ثُمَّ حَفِظَ فِي الْبَاقِي اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ بِقَدْرِهِ. وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَعْزِمَ عَلَى الْعَوْدِ إلَى التَّعَدِّي حَتَّى لَوْ نَزَعَ ثَوْبَ الْوَدِيعَةِ لَيْلًا وَمِنْ عَزْمِهِ أَنْ يَلْبَسَهُ نَهَارًا ثُمَّ سُرِقَ لَيْلًا لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ دَعْوَاهُ الْعَوْدَ هَلْ يَكْتَفِي بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ الْعَوْدَ وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَعِبَارَتُهَا: وَلَوْ أَقَرَّ الْمُودَعُ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَكَانِهَا فَهَلَكَتْ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا خَالَفَ فِي الْوَدِيعَةِ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ إنَّمَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ إذَا صَدَّقَهُ الْمَالِكُ فِي الْعَوْدِ فَإِنْ كَذَّبَهُ لَا يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَوْدِ إلَى الْوِفَاقِ وَرَأَيْتُ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى الْمُودَعُ إذَا خَالَفَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ فَكَذَّبَهُ الْمُودِعُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودَعِ كَمَا فِي الرَّهْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا جَحَدَ الْوَدِيعَةَ أَوْ مَنَعَهَا ثُمَّ اعْتَرَفَ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِالرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ. (19) قَوْلُهُ: وَمُسْتَعِيرُ الرَّهْنِ. أَقُولُ كَمَا إذَا اسْتَعَارَ عَبْدًا لِيَرْهَنَهُ أَوْ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فَاسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ وَرَكِبَ الدَّابَّةَ قَبْلَ أَنْ يَرْهَنَهَا ثُمَّ رَهَنَهَا بِمَالِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ ثُمَّ قُضِيَ الْمَالُ وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى هَلَكَتْ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ قَدْ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ حِينَ رَهَنَهَا فَإِذَا كَانَ أَمِينًا خَالَفَ فَقَدْ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَعِيرَ الرَّهْنِ كَالْمُودَعِ لِأَنَّ تَسْلِيمَهَا إلَى الْمُرْتَهِنِ يَرْجِعُ إلَى تَحْقِيقِ مَقْصُودِ الْمُعِيرِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ يَصِيرُ دَيْنُهُ مَقْضِيًّا فَيَسْتَوْجِبُ الْمُعِيرُ الرُّجُوعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِمِثْلِهِ فَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الرَّدِّ عَلَيْهِ حُكْمًا فَلِهَذَا بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ. (20) قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَأْجَرُ يُؤَجَّرُ وَيُعَارُ إلَخْ. أَطْلَقَهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا لَا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ. قَالَ الْبَزَّازِيُّ: إعَارَةُ الْمُسْتَأْجَرِ تَجُوزُ إلَّا فِي شَيْئَيْنِ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا

وَالْعَارِيَّةُ تُعَارُ وَلَا تُؤَجَّرُ، 22 - قِيلَ يُودَعُ الْمُسْتَأْجَرُ وَالْعَارِيَّةُ؛ إذْ تَصِحُّ إعَارَتُهُمَا وَهِيَ أَقْوَى مِنْ الْإِيدَاعِ، وَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ لَا يُسَلِّمُهَا إلَى غَيْرِ عِيَالِهِ وَإِنَّمَا جَازَتْ الْإِعَارَةُ لِإِذْنِ الْمُعِيرِ وَالْمُؤَجِّرِ لِلْإِطْلَاقِ فِي الِانْتِفَاعِ وَهُوَ مَعْدُومٌ فِي الْإِيدَاعِ؛ فَإِنْ قِيلَ إذَا أَعَارَ فَقَدْ أَوْدَعَ، قُلْنَا ضِمْنِيٌّ لَا قَصْدِيٌّ. وَالرَّهْنُ كَالْوَدِيعَةِ لَا يُودَعُ وَلَا يُعَارُ وَلَا يُؤَجَّرُ، وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَيَمْلِكُ الْإِيدَاعَ وَالْإِجَارَةَ دُونَ الْإِعَارَةِ كَمَا فِي وَصَايَا الْخُلَاصَةِ وَكَذَا الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ 23 - الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مُودَعٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQبِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ إرْكَابُ غَيْرِهِ لَا بِبَدَلٍ وَلَا مَجَّانًا وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِيَلْبَسَهُ لَيْسَ لَهُ الْإِعَارَةُ وَلَا الْإِجَارَةُ لِغَيْرِهِ لِأَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ حَتَّى لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ مُطْلَقًا يَقَعُ عَلَى أَوَّلِ مَا يُوجَدُ فَإِنْ رَكِبَ أَوْ أَرْكَبَ تَعَيَّنَ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ بَعْدُ (انْتَهَى) . وَفِي الْحَافِظِيَّةِ وَقَوْلُهُمْ يُؤَاجِرُ الْمُسْتَأْجِرُ وَيُعِيرُ وَيُودِعُ فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ. (21) قَوْلُهُ: وَالْعَارِيَّةُ تُعَارُ. يَعْنِي إذَا كَانَ مَا اسْتَعَارَهُ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ النَّاسُ بِالِاسْتِعْمَالِ بِهِ كَالسُّكْنَى وَالْحَمْلِ وَالزِّرَاعَةِ وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يَنْتَفِعَ هُوَ بِنَفْسِهِ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ غَيْرُ مُفِيدٍ كَذَا فِي الْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ لِابْنِ الْمَلَكِ. (22) قَوْلُهُ: قِيلَ يَوْدَعُ الْمُسْتَأْجَرُ وَالْعَارِيَّةُ إلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ لَا: أَقُولُ: بِالْأَوَّلِ أَخَذَ مَشَايِخُ الْعِرَاقِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى كَمَا فِي شَرْحِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْكَنْزِ وَصَحَّحَ بَعْضُهُمْ الْقَوْلَ الثَّانِيَ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِتَأَيُّدِهِ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَكَذَا الِاخْتِلَافُ فِيمَنْ يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ أَمَّا مَا لَا يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ كَمَا فِي الْحَافِظِيَّةِ (23) قَوْلُهُ: وَالْوَكِيلُ يَقْبِضُ الدَّيْنَ بَعْدَهُ مُودَعٌ. أَقُولُ: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُودِعَ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْمُصَنِّفِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْحُقُوقُ فِيمَا يُضِيفُهُ الْوَكِيلُ مَا يُفِيدُهُ. عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: إذَا كَانَ

فَلَا يَمْلِكُ الثَّلَاثَةُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. 25 - الْعَامِلُ لِغَيْرِهِ أَمَانَةً لَا أَجْرَ لَهُ إلَّا الْوَصِيَّ وَالنَّاظِرَ 26 - فَيَسْتَحِقَّانِ بِقَدْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا عَمِلَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَكِيلُ يَقْبِضُ الدَّيْنَ بَعْدَ الْقَبْضِ مُودَعًا يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ فِي الدَّفْعِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي رَدَّ الْوَدِيعَةِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُودَعًا كَمَا لَا يَخْفَى لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْعِمَادِيَّةِ عَدَمُ قَبُولِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ فِي الدَّيْنِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: كَوْنُهُ هُنَا مُودَعًا ضِمْنِيٌّ لَا قَصْدِيٌّ فَلَا يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُودَعِ قَصْدًا فَلْيُحَرَّرْ. (24) قَوْلُهُ: فَلَا يَمْلِكُ الثَّلَاثَةُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. أَقُولُ: أَمَّا عَدَمُ مِلْكِ الْوَدِيعَةِ فَظَاهِرٌ لِظُهُورِ قُصُورِهِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ، وَإِنْ كَانَ نَفْيُ الشَّيْءِ لَا يَسْتَلْزِمُ تَصَوُّرَهُ، عَلَى أَنَّ الَّذِي فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ إنَّمَا هُوَ نَفْيُ الْإِيدَاعِ. (25) قَوْلُهُ: الْعَامِلُ لِغَيْرِهِ أَمَانَةً لَا أَجْرَ لَهُ إلَّا الْوَصِيَّ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الْوَصِيُّ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ إذَا كَانَ وَصِيَّ الْقَاضِي وَقَدْ نَصَّبَهُ بِأَجْرٍ وَأَمَّا وَصِيُّ الْمَيِّتِ فَلَا يَسْتَحِقُّ كَمَا فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي فَنِّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ فِي الْكَلَامِ فِي أَجْرِ الْمِثْلِ نَقْلًا عَنْ الْقُنْيَةِ (انْتَهَى) . وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَإِذَا أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَاسْتَأْجَرَهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ لِيُنَفِّذَ وَصَايَاهُ فَالِاسْتِئْجَارُ بَاطِلٌ وَالْمِائَةُ وَصِيَّةٌ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ بِقَبُولِ الْوَصِيَّةِ صَارَ الْعَمَلُ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَالِاسْتِئْجَارُ عَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَا يَخْفَى أَنَّ وَصِيَّ الْمَيِّتِ إذَا امْتَنَعَ عَنْ الْقِيَامِ بِالْوَصِيَّةِ إلَّا بِأَجْرٍ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ وَلَا جَبْرَ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ فَإِذَا رَأَى الْقَاضِي أَنْ يَعْمَلَ لَهُ أُجْرَةً عَلَى عَمَلِهِ وَكَانَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَمَا الْمَانِعُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَهُوَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى وَقَدْ أَفْتَيْتُ بِهِ مِرَارًا. وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ مُخْتَلِفٌ كَمَا يَظْهَرُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ (انْتَهَى) . أَقُولُ إنَّمَا كَانَ الْمَوْضُوعُ مُخْتَلِفًا لِأَنَّ مَوْضُوعَ مَسْأَلَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِقَبُولِ الْوَصِيَّةِ وَمَوْضُوعَ مَا ذَكَرَهُ فِي عَدَمِ الْجَبْرِ عَلَى الْعَمَلِ وَهُوَ لَا يُنَافِي الْوُجُوبَ. (26) قَوْلُهُ: فَيَسْتَحِقَّانِ بِقَدْرِ أَجْرِ الْمِثْلِ. أَيْ يَسْتَحِقَّانِ أَجْرًا مُتَلَبِّسًا بِقَدْرِ أَجْرِ الْمِثْلِ فَلَيْسَتْ الْبَاءُ صِلَةَ الِاسْتِحْقَاقِ

إلَّا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ لِلنَّاظِرِ شَيْئًا، وَلَا يَسْتَحِقَّانِ إلَّا بِالْعَمَلِ، فَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ طَاحُونَةً وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ يَسْتَغِلُّهَا. 28 - فَلَا أَجْرَ لِلنَّاظِرِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا أَجْرَ لِلنَّاظِرِ فِي الْمُسَقَّفِ إذَا أُحِيلَ عَلَيْهِ الْمُسْتَحِقُّونَ وَلَا أَجْرَ لِلْوَكِيلِ إلَّا بِالشَّرْطِ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ إذَا سَمَّى لَهُ أَجْرًا لِيَأْتِيَ بِهَا جَازَ، بِخِلَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ لِلنَّاظِرِ شَيْئًا. يَعْنِي فَيَسْتَحِقُّهُ وَلَوْ زَادَ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ كَلَامِ: وَأَمَّا بَيَانُ مَالِهِ يَعْنِي النَّاظِرَ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْوَقْفِ فَلَهُ الْمَشْرُوطُ، وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ مَنْصُوبَ الْقَاضِي فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَسْتَحِقُّهُ بِلَا تَعْيِينِ الْقَاضِي؟ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: قِيلَ يَسْتَحِقُّهُ وَقِيلَ لَا يَسْتَحِقُّهُ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْقِوَامَةَ ظَاهِرًا إلَّا بِأَجْرٍ، وَالْمَعْهُودُ كَالْمَشْرُوطِ وَقَالُوا إذَا عَمِلَ الْقَيِّمُ فِي عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ وَالْوَقْفِ كَعَمَلِ الْأَجِيرِ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَجْرَ الْقِوَامَةِ وَأَجْرَ الْعَمَلِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِالْقِوَامَةِ أَجْرًا (انْتَهَى) . وَإِذَا لَمْ يَعْمَلْ النَّاظِرُ شَيْئًا لَا يَسْتَحِقُّ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى مَوَالِيهِ مَثَلًا ثُمَّ مَاتَ فَجَعَلَ الْقَاضِي لِلْوَقْفِ قَيِّمًا وَجَعَلَ لَهُ عُشْرَ الْغَلَّةِ فِي الْوَقْفِ وَالْوَقْفُ طَاحُونَةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ بِالْمُقَاطَعَةِ لَا يَحْتَاجُ فِيهَا بِطَرِيقِ الْأُجْرَةِ وَلَا أُجْرَةَ بِدُونِ الْعَمَلِ (انْتَهَى) . وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بَعْدَ نَقْلِهِ: فَهَذَا عِنْدَنَا فِيمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ الْوَاقِفُ أَمَّا إذَا شَرَطَ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ (انْتَهَى) . قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَائِدٌ إلَى قَطْعِ الْمَعْلُومِ فِي زَمَنِ التَّعْمِيرِ وَأَمَّا عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَ عَدَمِ الْعَمَلِ فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ نَاظِرٍ وَنَاظِرٍ وَقَدْ تَمَسَّكَ بَعْضُ مَنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ بِقَوْلِ قَاضِي خَانْ وَجَعَلَ لَهُ عُشْرَ الْغَلَّةِ فِي الْوَقْفِ عَلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَ لِلْمُتَوَلِّي عُشْرَ الْغَلَّاتِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَهُوَ غَلَطٌ (انْتَهَى) . (28) قَوْلُهُ: فَلَا أَجْرَ لِلنَّاظِرِ. قِيلَ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ لَهُ شَيْئًا (انْتَهَى) .

الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ إلَّا إذَا وَقَّتَ لَهُ وَقْتًا. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ 30 - لَوْ جَعَلَ لِلْكَفِيلِ أَجْرًا لَمْ يَصِحَّ 31 - وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّ الْوَدِيعَةَ بِأَجْرٍ مَضْمُونَةٌ. وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ مِنْ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ: إذَا اسْتَأْجَرَ الْمُودِعُ الْمُودَعَ صَحَّ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ إذَا اسْتَأْجَرَ الْمُرْتَهَنَ. كُلُّ أَمِينٍ ادَّعَى إيصَالَ الْأَمَانَةِ إلَى مُسْتَحَقِّهَا قُبِلَ قَوْلُهُ؛ 32 - كَالْمُودَعِ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ وَالْوَكِيلِ 33 - وَالنَّاظِرُ إذَا ادَّعَى الصَّرْفَ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي حَيَاةِ مُسْتَحِقِّهَا أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ إلَّا إذَا وَقَّتَ لَهُ وَقْتًا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا يَقْبِضُ وَدِيعَةً عِنْدَ إنْسَانٍ وَجَعَلَ لَهُ أَجْرًا مُسَمًّى عَلَى أَنْ يَقْبِضَهَا وَيَأْتِيَ بِهَا جَازَ وَإِنْ وَكَّلَهُ بِتَقَاضِي دَيْنِهِ وَجَعَلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَجْرًا مُسَمًّى لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُوَقِّتَ لِذَلِكَ وَقْتًا مِنْ الْأَيَّامِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ قَبْضَ الْوَدِيعَةِ وَالْإِتْيَانَ بِهَا عَمَلٌ لَا يَطُولُ بِخِلَافِ الْخُصُومَةِ وَالتَّقَاضِي لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْصُرُ وَيَطُولُ فَإِنْ وَقَّتَ لِذَلِكَ وَقْتًا جَازَ وَإِلَّا فَلَا قَوْلُهُ: لَوْ جَعَلَ لِلْكَفِيلِ أَجْرًا لَمْ يَصِحَّ. أَقُولُ: لَعَلَّ وَجْهَ عَدَمِ الصِّحَّةِ أَنَّ الْكَفَالَةَ لَيْسَتْ عَمَلًا حَتَّى يَصِحَّ أَنْ يَجْعَلَ لَهَا أَجْرًا (31) قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّ الْوَدِيعَةَ إلَخْ. أَقُولُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْإِجَارَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْمَتَاعُ فِي يَدِهِ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فَرَاجِعْهُ وَمِثْلُهُ فِي النِّهَايَةِ. (32) قَوْلُهُ: كَالْمُودَعِ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ. قِيلَ وَكَذَا الْوَصِيُّ إذَا ادَّعَى دَفْعَهَا إلَى رَبِّهَا وَلَوْ أَنْكَرَ لَا يَمِينَ (33) قَوْلُهُ: وَالنَّاظِرُ إذَا ادَّعَى الصَّرْفَ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ

إلَّا فِي الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ قَبَضَهُ وَدَفَعَهُ فِي حَيَاتِهِ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقِيَضِ الْعَيْنِ. وَالْفَرْقُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ بِأَنْ لَا يَكُونَ النَّاظِرُ مَعْرُوفًا بِالْجِنَايَةِ كَأَكْثَرِ نُظَّارِ زَمَانِنَا بَلْ يَجِبُ أَنْ لَا يُفْتُوا بِهَذِهِ الْمَسَائِلِ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ - تَعَالَى - مَا أَلْعَنَهُمْ (انْتَهَى) . وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ التَّقْيِيدُ بِالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى دَفْعَ مَا هُوَ كَالْأُجْرَةِ مِثْلَ مَعْلُومِ الْفَرَّاشِ وَالْمُؤَذِّنِ وَالْبَوَّابِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَرْبَابِ الْجِهَاتِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو السُّعُودِ وَصُورَةُ السُّؤَالِ: هَلْ إذَا ادَّعَى الْمُتَوَلِّي دَفْعَ غَلَّةِ الْوَقْفِ إلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهَا شَرْعًا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟ الْجَوَابُ إنْ ادَّعَى الدَّفْعَ إلَى مَنْ عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ فِي الْوَقْفِ كَأَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ ادَّعَى الدَّفْعَ إلَى الْإِمَامِ بِالْجَامِعِ وَالْبَوَّابِ وَنَحْوِهِمَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصًا لِلْبِنَاءِ فِي الْجَامِعِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ ادَّعَى تَسْلِيمَ الْأُجْرَةِ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ، وَهُوَ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ خُصُوصًا فِي زَمَانِنَا (34) قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى إلَخْ. كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ إلَّا الْوَكِيلَ بِإِسْقَاطِ أَدَاةِ الظَّرْفِيَّةِ؛ قِيلَ عَلَى مَا تَحَرَّرَ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورُ فِي حَقِّ نَفْيِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ لَا فِي حَقِّ إيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْكُلِّيَّةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: اسْتِثْنَاؤُهَا بِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي. وَقَدْ وَهِمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَثِيرُونَ وَزَلَّتْ فِيهَا أَقْدَامٌ وَانْعَكَسَتْ فِيهَا أَفْهَامٌ وَكَثُرَ فِيمَا بَيْنَهُمْ الْخِصَامُ فَأَقُولُ: تَحْرِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا ادَّعَى الْقَبْضَ وَالدَّفْعَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تُصَدِّقَهُ الْوَرَثَةُ فِيهِمَا أَوْ تُكَذِّبَهُ فِيهِمَا أَوْ تُصَدِّقَهُ فِي الْقَبْضِ وَتُكَذِّبَهُ فِي الدَّفْعِ، وَاعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ يَصِيرُ مُودَعًا بَعْدَ قَبْضِهِ فَيَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُودَعِ، وَأَنَّ مَنْ أَخْبَرَ بِشَيْءٍ يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَمَا لَا فَلَا. وَأَنَّ الْوَكِيلَ يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ، وَأَنَّ مَنْ حَكَى أَمْرًا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ إنْ كَانَ فِيهِ إيجَابُ الضَّمَانِ عَلَى الْغَيْرِ لَا، وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّهُ مَتَى ثَبَتَ قَبْضُ الْوَكِيلِ مِنْ الدَّيْنِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ تَصْدِيقِ الْوَرَثَةِ لَهُ فِيهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الدَّفْعِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُودَعٌ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَلَوْ كَذَّبَهُ الْوَرَثَةُ فِي الدَّفْعِ لِأَنَّهُمْ بِتَصْدِيقِهِمْ لَهُ فِي الْقَبْضِ صَارُوا

الْقَوْلُ لِلْأَمِينِ مَعَ الْيَمِينِ. إلَّا إذَا كَذَّبَهُ الظَّاهِرُ؛ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي نَفَقَةٍ زَائِدَةٍ خَالَفَتْ الظَّاهِرَ، وَكَذَا الْمُتَوَلِّي الْأَمِينُ إذَا خَلَطَ بَعْضَ أَمْوَالِ النَّاسِ بِبَعْضٍ أَوْ الْأَمَانَةَ بِمَالِهِ فَإِنَّهُ ضَامِنٌ، فَالْمُودَعُ إذَا خَلَطَهَا بِمَالِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ ضَمِنَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQمُقِرِّينَ بِأَنَّ الْمَالَ فِي يَدِهِ وَدِيعَةٌ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْقَبْضُ بِأَنْ أَنْكَرَ الْقَبْضَ وَالدَّفْعَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْآنَ الْقَبْضَ؛ لِأَنَّهُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ انْعَزَلَ عَنْ الْوَكَالَةِ فَقَدْ حَكَى أَمْرًا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ، وَفِيهِ إيجَابُ الضَّمَانِ عَلَى الْغَيْرِ وَهُوَ الْمُورَثُ إذْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى الْقَبْضَ وَالدَّفْعَ لِلْمُوَكِّلِ حَالَ حَيَاتِهِ فَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ فِيهِ إيجَابُ الضَّمَانِ عَلَى الْغَيْرِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ أَيْضًا فِي نَفْيِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يُرْجَعُ الْغَرِيمُ عَلَيْهِ لِأَنَّ قَبْضَهُ مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ ثَابِتٌ فَسَوَاءٌ صَدَّقَهُ أَوْ كَذَّبَهُ فِي الدَّفْعِ إذْ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ مُودَعٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودَعِ فِي الدَّفْعِ بِيَمِينِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مُصَدِّقٌ لَهُ بَعْدَ الْوَكَالَةِ. وَقَدْ صَرَّحُوا فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّ الْمَدِينَ إذَا صَدَّقَ وَكِيلَهُ الْغَائِبَ فِي الْوَكَالَةِ صَارَ الْمَالُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ أَمَانَةً لِتَصْدِيقِهِ عَلَيْهَا فَانْتَفَى رُجُوعُهُ عَلَيْهِ فَلَوْ أَقَامَ الْمَدِينُ بَيِّنَةً عَلَى الدَّفْعِ لِلْوَكِيلِ قُبِلَ وَانْدَفَعَتْ الْوَرَثَةُ، وَإِنْ صَدَّقَتْ الْوَرَثَةُ الْوَكِيلَ فِي الْقَبْضِ وَالدَّفْعُ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ جَوَازِ مُطَالَبَةِ الْغَرِيمِ وَقَدْ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ بِتَصْدِيقِهِمْ فَقَدْ تَحَرَّرَتْ الْمَسْأَلَةُ بِعِنَايَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَافْهَمْ وَاعْلَمْ أَنَّ دَعْوَى الْهَلَاكِ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ مِثْلَ دَعْوَى الدَّفْعِ وَكَالْوَكِيلِ الْوَصِيُّ بَعْدَ عَزْلِهِ إذَا قَالَ قَبَضْت وَدَفَعْت أَوْ هَلَكَ مِنِّي وَكَذَّبَهُ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ الطَّلَبُ شَرْعًا فِي الْقَبْضِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْعَزْلِ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَ الْقَبْضِ وَفِيهِ إيجَابُ الضَّمَانِ عَلَى الْغَيْرِ إذْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا وَمَنْ حَكَى أَمْرًا لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ وَفِيهِ إيجَابُ الضَّمَانِ عَلَى الْغَيْرِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْزُولًا وَكَانَ لَهُ وِلَايَةُ الْقَبْضِ بِأَنْ كَانَ وَصِيُّ الْمَيِّتِ مُطْلَقًا أَوْ الْقَاضِي وَأَذِنَ لَهُ فِي الْقَبْضِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إنْشَاءَ الْقَبْضِ. كَذَا حَرَّرَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَقَالَ لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ حَرَّرَهَا غَيْرِي (35) قَوْلُهُ: الْقَوْلُ لِلْأَمِينِ مَعَ الْيَمِينِ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْوَصِيَّ وَالْمُتَوَلِّيَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا بِمُجَرَّدِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُقْبَلُ

وَلَوْ أَنْفَقَ بَعْضَهَا فَرَدَّهُ، وَخَلَطَهُ بِهَا ضَمِنَهَا ، وَالْعَامِلُ إذَا سَأَلَ لِلْفُقَرَاءِ شَيْئًا وَخَلَطَ الْأَمْوَالَ ثُمَّ دَفَعَهَا ضَمِنَهَا لِأَرْبَابِهَا، وَلَا تَجْزِيهِمْ عَنْ الزَّكَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُمَا بِلَا يَمِينٍ. وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَفِي تَحْلِيفِهِ خِلَافٌ. لَكِنْ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ عَدَمَ التَّحْلِيفِ فِيمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ الْبَعْضُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِحُكْمِ الْمُتَوَلِّي بَعْدَ الْعَزْلِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ أَمْ لَا وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ فِي ذَلِكَ إذَا وَافَقَ الظَّاهِرَ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَكِيلِ بَعْدَ الْعَزْلِ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ بَاعَ مَا وُكِّلَ بِبَيْعِهِ وَكَانَتْ الْعَيْنُ هَالِكَةً وَفِيمَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ مَا وُكِّلَ بِدَفْعِهِ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ، وَأَنَّ الْوَصِيَّ لَهُ ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْيَتِيمِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهِ كَذَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ أَسْنَدَهُ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلضَّمَانِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ كَالْوَكِيلِ فِي مَوَاضِعَ وَوَقَعَ خِلَافٌ فِي أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ وَكِيلُ الْوَاقِفِ أَوْ وَكِيلُ الْفُقَرَاءِ، فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ بِالْأَوَّلِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ بِالثَّانِي. وَمِمَّا هُوَ صَرِيحٌ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْوَكِيلِ وَلَوْ بَعْدَ الْعَزْلِ. فَرْعٌ فِي الْقُنْيَةِ قَالَ وَكَّلَهُ وَكَالَةً عَامَّةً إلَى أَنْ يَقُومَ بِأَمْرِهِ وَيُنْفِقَ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا لِلْإِنْفَاقِ بَلْ أَطْلَقَ ثُمَّ مَاتَ الْمُوَكِّلُ فَطَالَبَهُ الْوَرَثَةُ بِبَيَانِ مَا أَنْفَقَ وَمَصْرِفِهِ فَإِنْ كَانَ عَدْلًا يُصَدَّقُ فِيمَا قَالَ، وَإِنْ اتَّهَمُوهُ حَلَّفُوهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَيَانُ جِهَاتِ الْإِنْفَاقِ، وَإِنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ عَنْ الضَّمَانِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ (انْتَهَى) . فَهَذَا صَرِيحٌ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْوَكِيلِ فِي دَعْوَى الْإِنْفَاقِ وَلَوْ بَعْدَ الْعَزْلِ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْعَزْلَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ أَمِينًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَنَّهُ دَفَعَ لِمُوَكِّلِهِ فِي حَيَاتِهِ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ نَفْسِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ (36) قَوْلُهُ: وَلَوْ أَنْفَقَ بَعْضَهَا فَرَدَّهُ، وَخَلَطَهُ بِهَا ضَمِنَهَا إلَى آخِرِهِ. يَعْنِي لِوُجُودِ إتْلَافِ الْكُلِّ الْبَعْضِ بِالْإِنْفَاقِ وَالْبَاقِي بِالْخَلْطِ لِكَوْنِ الْخَلْطِ إتْلَافًا وَاسْتِهْلَاكًا؛ لِأَنَّ الِاسْتِهْلَاكَ الَّذِي يُتَصَوَّرُ مِنْ الْعِبَادِ هَذَا وَهُوَ أَنْ لَا يَبْقَى مُنْتَفَعًا بِهِ بِالتَّغَيُّبِ أَوْ بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ إعْدَامَ الْمَحِلِّ لَيْسَ إلَى الْعِبَادِ، وَقَدْ وُجِدَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُشَارَ إلَى كُلِّ جُزْءٍ بِأَنَّ حَقَّهُ بِيَقِينٍ فَصَارَ حَقُّهُ مُغَيَّبًا فِي دَرَاهِمِهِ فَيَكُونُ إتْلَافًا فَيَضْمَنُهُ وَلَا سَبِيلَ لِلْمُودَعِ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى

إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْفُقَرَاءُ أَوَّلًا بِالْأَخْذِ 38 - وَالْمُتَوَلِّي إذَا خَلَطَ أَمْوَالَ أَوْقَافٍ مُخْتَلِفَةٍ يَضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْقَاضِي، وَالسِّمْسَارُ إذَا خَلَطَ أَمْوَالَ النَّاسِ وَأَثْمَانَ مَا بَاعَهُ ضَمِنَ إلَّا فِي مَوْضِعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِذْنِ بِالْخَلْطِ 39 - وَالْوَصِيُّ إذَا خَلَطَ مَالَ الْيَتِيمِ ضَمِنَهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ: لَا يَضْمَنُ الْأَمِينُ بِالْخَلْطِ، وَالْقَاضِي إذَا خَلَطَ مَالَهُ بِمَالِ غَيْرِهِ، أَوْ مَالَ رَجُلٍ بِمَالِ آخَرَ، وَالْمُتَوَلِّي إذَا خَلَطَ مَالَ الْوَقْفِ بِمَالِ نَفْسِهِ، وَقِيلَ يَضْمَنُ. وَلَوْ أَتْلَفَ الْمُتَوَلِّي مَالَ الْوَقْفِ ثُمَّ وَضَعَ مِثْلَهُ لَمْ يَبْرَأْ. وَحِيلَةُ بَرَاءَتِهِ إنْفَاقُهُ فِي التَّعْمِيرِ أَوْ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيُنَصِّبَ الْقَاضِي مَنْ يَأْخُذُهُ مِنْهُ فَيَبْرَأُ ثُمَّ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ 40 - الْأَمِينُ إذَا هَلَكَتْ الْأَمَانَةُ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا إذَا سَقَطَ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ عَلَيْهَا فَهَلَكَتْ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ. الرَّقِيقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْفُقَرَاءُ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا خَفَاءَ أَنَّ الْآمِرَ لِلْعَامِلِ هُوَ الْإِمَامُ لِلْفُقَرَاءِ وَمَا ذَكَرَهُ يُفِيدُ أَنَّ الْآمِرَ لَهُ هُوَ الْفُقَرَاءُ وَفِيهِ نَظَرٌ (38) قَوْلُهُ: وَالْمُتَوَلِّي إذَا خَلَطَ أَمْوَالَ أَوْقَافٍ مُخْتَلِفَةٍ يَضْمَنُ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: هَلْ اخْتِلَافُهَا بِاخْتِلَافِ وَاقِفِيهَا أَوْ بِاخْتِلَافِ جِهَاتِهَا أَوْ مُسْتَحِقِّيهَا (انْتَهَى) . أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ اخْتِلَافَهَا بِاخْتِلَافِ وَاقِفِيهَا أَوْ بِاخْتِلَافِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ اتَّحَدَ الْوَاقِفُ كَمَسْجِدٍ وَتَكِيَّةٍ (39) قَوْلُهُ: وَالْوَصِيُّ إذَا خَلَطَ مَالَ الْيَتِيمِ ضَمِنَهُ. أَقُولُ: فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ بِخَلْطِ مَالِهِ، وَقَالَ أَيْضًا لِلْوَصِيِّ أَنْ يَخْلِطَ طَعَامَهُ بِطَعَامِهِ وَيَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ (40) قَوْلُهُ: الْأَمِينُ إذَا هَلَكَتْ الْأَمَانَةُ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ إلَخْ. إلَّا إذَا سَقَطَ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ عَلَيْهَا. أَقُولُ فِي الْقُنْيَةِ وَقَعَ مِنْ رَبِّ الْبَيْتِ شَيْءٌ عَلَى وَدِيعَةٍ عِنْدَهُ فَأَفْسَدَهَا أَوْ عَثَرَ

إذَا اكْتَسَبَ وَاشْتَرَى شَيْئًا مِنْ كَسْبِهِ أَوْدَعَهُ وَهَلَكَ عِنْدَ الْمُودَعِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِكَوْنِهِ مَالَ الْمَوْلَى، مَعَ أَنَّ لِلْعَبْدِ يَدًا مُعْتَبَرَةً 41 - حَتَّى لَوْ أَوْدَعَ شَيْئًا وَغَابَ فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَخْذُهُ 42 - الْمَأْذُونُ لَهُ فِي شَيْءٍ كَإِذْنِهِ أَمَانَةً وَضَمَانًا وَرُجُوعًا وَعَدَمَ رُجُوعٍ وَخَرَجَتْ عَنْهُ مَسْأَلَتَانِ: الْمُودَعُ إذَا أَذِنَ إنْسَانًا فِي دَفْعِ الْوَدِيعَةِ إلَى الْمُودِعِ فَدَفَعَهَا لَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِبَيِّنَةٍ بَعْدَ الْهَلَاكِ 43 - فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ 44 - وَلِلْمُسْتَحِقِّ تَضْمِينُ الدَّافِعِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. الثَّانِيَةُ: حَمَّامٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ؛ أَجَّرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ لِرَجُلٍ ثُمَّ آذَنَ أَحَدُهُمَا مُسْتَأْجِرَهُ بِالْعِمَارَةِ فَعَمَّرَ، لَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQفَسَقَطَ عَلَيْهَا فَأَفْسَدَهَا ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ بِسَاطًا أَوْ وِسَادَةً اسْتَعَارَهُ لِيَبْسُطَهُ لَمْ يَضْمَنْ هُوَ، وَلَا أَجِيرُهُ بِخِلَافِ الْحَمَّالِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ بِعِوَضٍ فَيَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ بِخِلَافِ هَذَا (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ عُمُومَ الْأَمِينِ فِي كَلَامِهِ يَشْمَلُ الْمُسْتَعِيرَ، وَالْحُكْمُ فِيهَا مُخْتَلِفٌ بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: قَدْ فَرَّقَ صَاحِبُ الْقُنْيَةِ بَيْنَ الْحَمَّالِ وَالْمُسْتَعِيرِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْمُودَعِ وَالْمُسْتَعِيرِ حَيْثُ ضَمَّنَ الْمُودَعَ بِالْهَلَاكِ فِي هَذِهِ، وَلَمْ يُضَمِّنْ الْمُسْتَعِيرَ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَمَانَةٌ تُضْمَنُ بِالتَّعَدِّي لَا بِالْهَلَاكِ فَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ. (41) قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ أَوْدَعَ شَيْئًا وَغَابَ فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَخْذُهُ. أَقُولُ: هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ أَوْ مَالِهِ. أَمَّا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَلَهُ حَقُّ الْأَخْذِ بِلَا حُضُورِ الْعَبْدِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ (42) قَوْلُهُ: الْمَأْذُونُ لَهُ فِي شَيْءٍ كَإِذْنِهِ إلَخْ. قَدْ كَتَبْنَا فِي الْوَكَالَةِ بَيَانًا لِذَلِكَ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَبِشِرَاءِ أَمَةٍ. (43) قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ. يَعْنِي؛ لِأَنَّهُ رَدَّ الْوَدِيعَةَ عَلَى مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ عَلَى يَدِ مَأْذُونِهِ. (44) قَوْلُهُ: وَلِلْمُسْتَحِقِّ تَضْمِينُ الدَّافِعِ إلَخْ. يَعْنِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ عَلَى مَنْ أَخَذَ مِنْهُ فَلَمْ

الشَّرِيكِ السَّاكِتِ، وَلَوْ عَمَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْحَمَّامَ بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ 45 - فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ، 46 - كَذَا فِي إجَارَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ. لَا يَجُوزُ لِلْمُودِعِ الْمَنْعُ بَعْدَ الطَّلَبِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: 47 - لَوْ كَانَتْ سَيْفًا فَطَلَبَهُ لِيَضْرِبَ بِهِ ظُلْمًا. أَوْ كَانَتْ كِتَابًا فِيهِ إقْرَارٌ بِمَالٍ لِغَيْرِهِ أَوْ قَبْضٌ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. الْمُودَعُ إذَا أَزَالَ التَّعَدِّيَ زَالَ الضَّمَانُ إلَّا إذَا كَانَ الْإِيدَاعُ مُوَقَّتًا فَتَعَدَّى بَعْدَهُ ثُمَّ أَزَالَهُ لَمْ يَزُلْ الضَّمَانُ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. الْمُودَعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَبْرَأْ إذْ هُوَ وَالْأَجْنَبِيُّ سَوَاءٌ قِيلَ: وَهَلْ لَهُ تَضْمِينُ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ؟ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّظَائِرِ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ؛ لِأَنَّ الدَّافِعَ تَعَدَّى بِدَفْعِ مِلْكِهِ إلَى الْغَيْرِ وَالْمُودِعُ تَعَدَّى بِقَبْضِ مِلْكِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ لَا تَنْفِي الْخِيَارَ. غَايَتُهُ أَنَّهُ سَكَتَ عَنْ تَضْمِينِ الْمُودِعِ. (45) قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ. لَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُتَبَرِّعًا كَمَا فِي عِمَارَةِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بِغَيْرِ إذْنٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْحَمَّامِ لِبَيَانِ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّارِ، لِكَوْنِهِ لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ بِخِلَافِهَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَبَرُّعِهِ فِيهَا تَبَرُّعُهُ فِي الْحَمَّامِ (46) قَوْلُهُ: كَذَا فِي إجَارَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ. وَفِي الْعِمَادِيَّةِ قَدْ ذَكَرَ وَجْهَهُ مُشْتَمِلًا عَلَى تَفْصِيلٍ وَلَمْ يَجْزِمْ بِالْحُكْمِ وَأَمَّا الْوَلْوَالِجِيُّ فَذَكَرَهُ لَكِنْ مَعَ الْجَزْمِ بِالْحُكْمِ. (47) قَوْلُهُ: لَوْ كَانَتْ سَيْفًا فَطَلَبَهُ إلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. نَصُّ عِبَارَتِهَا: امْرَأَةٌ أَوْدَعَتْ كِتَابَ وَصِيَّتِهَا عِنْدَ رَجُلٍ بِحَضْرَةِ زَوْجِهَا، وَأَمَرَتْهُ أَنْ يُسَلِّمَ الْكِتَابَ إلَى زَوْجِهَا بَعْدَ وَفَاتِهَا فَبَرِئَتْ وَأَرَادَتْ اسْتِرْدَادَ كِتَابِ الْوَصِيَّةِ؛ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيُّ: إنْ كَانَ فِي الْكِتَابِ إقْرَارٌ مِنْهَا لِلزَّوْجِ بِمَالٍ أَوْ بِقَبْضِ مَهْرِهَا مِنْ الزَّوْجِ فَلِلْمُودَعِ أَنْ لَا يَدْفَعَ الْكِتَابَ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَسْتَرِدُّ مِلْكَ نَفْسِهَا بِأَنْ كَانَ الْقِرْطَاسُ مِلْكًا لِلْمَرْأَةِ لِمَا

إذَا جَحَدَهَا ضَمِنَهَا إلَّا إذَا هَلَكَتْ قَبْلَ النَّقْلِ كَمَا فِي الْأَجْنَاسِ، الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ إلَّا إذَا كَانَتْ بِأَجْرٍ فَمَضْمُونَةٌ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ، وَتَقَدَّمَتْ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْعَارِيَّةَ مَتَى شَاءَ إلَّا فِي مَسَائِلَ: لَوْ اسْتَعَارَ أَمَةً لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ وَصَارَ لَا يَأْخُذُ إلَّا ثَدْيَهَا، لَهُ 49 - الرُّجُوعُ لَا الرَّدُّ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ إلَى الْفِطَامِ، 50 - وَلَوْ رَجَعَ فِي فَرَسِ الْغَازِي قَبْلَ الْمُدَّةِ فِي مَكَانٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الشِّرَاءِ وَالْكِرَاءِ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ. وَهُمَا فِي الْخَانِيَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي رَدِّ الْكِتَابِ مِنْ إذْهَابِ حَقِّ الزَّوْجِ وَفِيهِ إعَانَةٌ لَهَا عَلَى الظُّلْمِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَدِيعَةَ لَوْ كَانَتْ سَيْفًا فَأَرَادَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَأْخُذَهُ مِنْ الْمُودَعِ لِتَضْرِبَ بِهِ رَجُلًا ظُلْمًا فَإِنَّهُ لَا يَدْفَعُ إلَيْهَا لِمَا قُلْنَا (انْتَهَى) . (48) - إذَا جَحَدَهَا ضَمِنَهَا إلَّا إذَا هَلَكَتْ قَبْلَ النَّقْلِ إلَخْ. فِي الْخَانِيَّةِ عَنْ أَجْنَاسِ النَّاطِفِيِّ: إذَا جَحَدَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهَا يَكُونُ ذَلِكَ فَسْخًا لِلْوَدِيعَةِ حَتَّى لَوْ نَقَلَهَا مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ حَالَةَ الْجُحُودِ يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهَا عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ بَعْدَ الْجُحُودِ فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَا فِي نَقْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ (49) - لَهُ الرُّجُوعُ إلَّا الرَّدُّ. . . إلَخْ كَذَا فِي النُّسَخِ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَاَلَّذِي فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ أَمَةً لِتُرْضِعَ ابْنًا لَهُ فَأَرْضَعَتْهُ فَلَمَّا صَارَ الصَّبِيُّ لَا يَأْخُذُ إلَّا ثَدْيَهَا قَالَ الْمُعِيرُ اُرْدُدْ عَلَيَّ خَادِمِي؛ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ أَيْ طَلَبُ الرَّدِّ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ خَادِمِهِ إلَى أَنْ يُفْطَمَ الصَّبِيُّ وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَا فِي نَقْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ (50) - وَلَوْ رَجَعَ فِي فَرَسِ الْغَازِي إلَى قَوْلِهِ أَجْرُ الْمِثْلِ. الَّذِي فِي قَاضِي خَانْ كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ لَا يَدْفَعَهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ بَيِّنٌ وَعَلَى الْمُسْتَعِيرِ أَجْرُ الْمِثْلِ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي طَلَبَ صَاحِبُهُ إلَى أَدْنَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجِدُ فِيهِ كِرَاءً أَوْ شِرَاءً (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِيجَازِ الْمُخِلِّ.

وَفِيمَا إذَا اسْتَعَارَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَزَرَعَهَا لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ حَتَّى يَحْصُدَهُ وَلَوْ لَمْ يُوَقِّتْ وَتُتْرَكْ بِأَجْرِ الْمِثْلِ 52 - مُؤْنَةُ رَدِّ الْعَارِيَّةِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا اسْتَعَارَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ إلَى قَوْلِهِ وَتُتْرَكُ الْمَسْأَلَةُ فِي الْخَانِيَّةِ وَعِبَارَتُهَا: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعَارَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا وَقَّتَ لِذَلِكَ وَقْتًا أَوْ لَمْ يُوَقِّتْ، فَلَمَّا تَقَارَبَ الْحَصَادُ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ الْمُسْتَعِيرُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَحْصُدَ الزَّرْعَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَمْ يَكُنْ مُبْطِلًا فِي الزِّرَاعَةِ فَتُتْرَكُ الْأَرْضُ فِي يَدِهِ إلَى الْحَصَادِ بِالْإِجَارَةِ وَتَصِيرُ الْإِعَارَةُ إجَارَةً (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِيجَازِ الْبَالِغِ حَدَّ الْإِلْغَازِ (52) قَوْلُهُ: مُؤْنَةُ رَدِّ الْعَارِيَّةِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ. لِأَنَّهُ قَبَضَهَا لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا، وَكَذَا مُؤْنَةُ رَدِّ الْمَغْصُوبِ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ فِي الْقَبْضِ، وَمَنْفَعَةُ الرَّدِّ حَاصِلَةٌ لَهُ لِبَرَاءَتِهِ بِذَلِكَ عَنْ الضَّمَانِ، وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْمَالِكِ فِي إيجَابِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَكَذَا مُؤْنَةُ رَدِّ الرَّهْنِ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ عَيْنَهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَلِهَذَا كَانَ نَفَقَتُهُ وَكَفَنُهُ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْمَضْمُونُ عَلَيْهِ إنَّمَا هِيَ الْمَالِيَّةُ وَالرَّدُّ تَصَرُّفٌ فِي الْعَيْنِ لَا فِي الْمَالِيَّةِ. وَمَنْفَعَةُ الْقَبْضِ وَإِنْ عَادَتْ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ جَمِيعًا بِاعْتِبَارِ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَحُصُولِ التَّوْثِقَةِ لَكِنْ تَرَجَّحَ جَانِبُ الرَّاهِنِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ. هَكَذَا ذُكِرَ فِي التَّحْرِيرِ. وَذُكِرَ فِي الْوَجِيزِ أَنَّهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَيُحْتَاجُ إلَى التَّوْفِيقِ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُودَعِ وَالْمُسْتَأْجِرِ حَيْثُ تَكُونُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ أَمَّا الْمُودَعُ فَلِأَنَّ مَنْفَعَةَ قَبْضِهِ وَهِيَ الْحِفْظُ حَاصِلَةٌ لِلْمَالِكِ وَأَمَّا الْمُسْتَأْجِرُ فَلِأَنَّ مَنْفَعَةَ قَبْضِهِ وَإِنْ كَانَتْ حَاصِلَةً لَهُ صُورَةً فَهِيَ حَاصِلَةٌ لِلْمُؤَجِّرِ مَعْنًى، حَيْثُ يَتَأَكَّدُ حَقُّهُ وَهُوَ الْأَجْرُ ذَلِكَ فَعِنْدَ التَّعَارُضِ يَتَرَجَّحُ جَانِبُ الْآخَرِ بِوَجْهَيْنِ أَنَّ حَقَّهُ فِي الْعَيْنِ وَهِيَ الْأُجْرَةُ وَحَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْمَنْفَعَةِ وَاعْتِبَارُ الْعَيْنِ أَوْلَى لِمَا عُرِفَ وَالثَّانِي التَّرْجِيحُ بِحُكْمِ الْمِلْكِ، كَمَا إذَا مَاتَتْ دَابَّةُ رَجُلٍ فِي دَارِ غَيْرِهِ فَإِنَّ مُؤْنَةَ إخْرَاجِهَا عَلَى الْمَالِكِ مَعَ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَحْصُلُ لِصَاحِبِ الدَّارِ بِتَنْزِيهِ دَارِهِ، فَإِذَا اعْتَبَرْنَا الْمِلْكَ مَعَ عَدَمِ حُصُولِ الْمَنْفَعَةِ ثَمَّةَ فَلَأَنْ نَعْتَبِرُهُ مَعَ حُصُولِ الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ الْأُجْرَةُ أَوْلَى وَمُؤْنَةُ رَدِّ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْخِدْمَةِ لَا رِوَايَةَ فِيهِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمُوصَى لَهُ

إلَّا فِي عَارِيَّةِ الرَّهْنِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ، تَحْلِيفُ الْأَمِينِ عِنْدَ دَعْوَى الرَّدِّ أَوْ الْهَلَاكِ؛ قِيلَ لِنَفْيِ التُّهْمَةِ، وَقِيلَ لِإِنْكَارِهِ الضَّمَانَ، وَلَا يَثْبُتُ الرَّدُّ بِيَمِينِهِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى الْوَصِيِّ وَحَلَفَ لَمْ يَضْمَنْ الْوَصِيُّ، كَذَا فِي وَدِيعَةِ الْمَبْسُوطِ 54 - لَوْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى عَبْدِ رَبِّهَا لَمْ يَبْرَأْ سَوَاءٌ كَانَ يَقُومُ عَلَيْهَا أَوْ لَا، هُوَ الصَّحِيحُ. وَاخْتَلَفَ الْإِفْتَاءُ فِيمَا إذَا رَدَّهَا إلَى بَيْتِ مَالِكِهَا أَوْ إلَى مَنْ فِي عِيَالِهِ 55 - وَلَوْ دَفَعَهَا الْمُودَعُ إلَى الْوَارِثِ بِلَا أَمْرِ الْقَاضِي ضَمِنَ إنْ كَانَتْ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ مُؤْتَمَنًا 56 - وَإِلَّا فَلَا. 57 - إلَّا إذَا دَفَعَ لِبَعْضِهِمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْخِدْمَةِ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ فَصَارَ كَالْعَارِيَّةِ؛ كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلْقَاضِي فَخْرِ الدِّينِ الْمَارْدِينِيِّ. (53) قَوْلُهُ: إلَّا فِي عَارِيَّةِ الرَّهْنِ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ عَارِيَّةِ الرَّهْنِ وَغَيْرِهَا (54) قَوْلُهُ: لَوْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى عَبْدِ إلَخْ. أَقُولُ: وَكَذَا لَوْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى إصْطَبْلِ الْمَالِكِ لَمْ يَبْرَأْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَضِيَ بِكَوْنِهِ فِي يَدِ مَنْ فِي عِيَالِهِ أَوْ دَارِهِ لَمَا أَوْدَعَ (55) قَوْلُهُ: وَلَوْ دَفَعَهَا الْمُودَعُ إلَى الْوَارِثِ إلَخْ. أَطْلَقَ الْمَسْأَلَةَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ اسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ وَعَدَمِ كَوْنِ الْوَارِثِ مُؤْتَمَنًا. (56) قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا. قِيلَ عَلَيْهِ يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ أَحَدُهَا انْتِفَاءُ الْأَمْرَيْنِ مَعًا الثَّانِيَةُ انْتِفَاءُ الِاسْتِغْرَاقِ وَحْدَهُ، الثَّالِثَةُ عَكْسُهُ وَعَدَمُ الضَّمَانِ فِي الثَّانِيَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ الضَّمَانُ بِالدَّفْعِ إلَى غَيْرِ الْأَمِينِ فَتَأَمَّلْ. (57) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا دَفَعَ لِبَعْضِهِمْ. أَيْ بَعْضِ أَرْبَابِ الدَّيْنِ الْمَفْهُومِ مِنْ مَسَاقِ الْكَلَامِ.

وَلَوْ قَضَى الْمُودَعُ بِهَا دَيْنَ الْمُودِعِ ضَمِنَ عَلَى الصَّحِيحِ 59 - وَلَا يَبْرَأُ مَدْيُونُ الْمَيِّتِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ إلَى الْوَارِثِ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ. ادَّعَى الْمُودَعُ دَفْعَهَا إلَى مَأْذُونِ مَالِكِهَا، وَكَذَّبَاهُ 60 - فَالْقَوْلُ لَهُ فِي بَرَاءَتِهِ. 61 - لَا فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ. الْمَأْذُونُ لَهُ بِالدَّفْعِ إذَا ادَّعَاهُ وَكَذَّبَاهُ، فَإِنْ كَانَتْ أَمَانَةً فَالْقَوْلُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا كَالْغَصْبِ وَالدَّيْنُ لَا. كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ. 62 - وَمِنْ الثَّانِي مَا إذَا أَذِنَ الْمُؤَجِّرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِالتَّعْمِيرِ مِنْ الْأُجْرَةِ 63 - فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ وَهِيَ فِي أَحْكَامِ الْعِمَارَةِ مِنْ الْعِمَادِيِّ 64 - اسْتَأْجَرَ بَعِيرًا إلَى مَكَّةَ فَهُوَ عَلَى الذَّهَابِ دُونَ الْمَجِيءِ، وَلَوْ اسْتَعَارَ بَعِيرًا فَهُوَ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي إجَارَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ وَفِي وَكَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ. الْمُسْتَطِيعُ لَا يَمْلِكُ الْإِبْضَاعَ وَالْإِيدَاعَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ قَضَى الْمُودَعُ بِهَا دَيْنَ الْمُودِعِ. يَعْنِي وَالدَّيْنُ مِنْ جِنْسِ الْوَدِيعَةِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ (59) قَوْلُهُ: وَلَا يَبْرَأُ مَدْيُونُ الْمَيِّتِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ إلَى الْوَارِثِ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ. أَقُولُ: ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لِمَا دَفَعَهُ أَوْ لَا، سَوَاءٌ كَانَ الْوَارِثُ مُؤْتَمَنًا أَوْ لَا، وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَيِّدَ عَدَمَ الْبَرَاءَةِ بِمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لِمَا دَفَعَهُ الْوَارِثُ غَيْرَ مُؤْتَمَنٍ كَمَا قَيَّدَ بِهِمَا فِي الْمُودَعِ إذَا دَفَعَ الْوَدِيعَةَ لِلْوَارِثِ. (60) قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لَهُ فِي بَرَاءَتِهِ بِيَمِينِهِ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ نَفْسِهِ. (61) قَوْلُهُ: إلَّا فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ. أَيْ عَلَى الْمَأْذُونِ. (62) قَوْلُهُ: وَمِنْ الثَّانِي، وَهُوَ مَا كَانَ مَضْمُونًا لِكَوْنِهِ دَيْنًا. (63) قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ، وَجْهُهُ أَنَّهُ يَدَّعِي وَفَاءَ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ (64) قَوْلُهُ: اسْتَأْجَرَ بَعِيرًا إلَى مَكَّةَ فَهُوَ عَلَى الذَّهَابِ إلَى قَوْلِهِ كَذَا فِي إجَارَةِ

وَالْأَبْضَاعُ الْمُطْلَقَةُ كَالْوَكَالَةِ الْمَقْرُونَةِ بِالْمَشِيئَةِ، حَتَّى إذَا دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا وَقَالَ: اشْتَرِ لِي بِهِ ثَوْبًا صَحَّ، كَمَا إذَا قَالَ: اشْتَرِ لِي بِهِ أَيَّ ثَوْبٍ شِئْتَ، وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ بِضَاعَةً، وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ ثَوْبًا صَحَّ. وَالْبِضَاعَةُ كَالْمُضَارَبَةِ إلَّا أَنَّ الْمُضَارِبَ يَمْلِكُ الْبَيْعَ وَالْمُسْتَبْضِعُ لَا، 66 - إلَّا إذَا كَانَ فِي قَصْدِهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَصَدَ الِاسْتِرْبَاحَ أَوْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ (انْتَهَى) الْإِعَارَةُ كَالْإِجَارَةِ. 67 - تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا كَمَا فِي الْمُنْيَةِ. 68 - الْقَوْلُ لِلْمُودَعِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالْهَلَاكِ إلَّا إذَا قَالَ: أَمَرْتَنِي بِدَفْعِهَا إلَى فُلَانٍ فَدَفَعْتهَا إلَيْهِ وَكَذَّبَهُ رَبُّهَا فِي الْأَمْرِ، فَالْقَوْلُ لِرَبِّهَا. 69 - وَالْمُودَعُ ضَامِنٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - خِلَافًا لِابْنِ أَبِي لَيْلَى، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَلْوَالِجيَّةِ. أَقُولُ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالِاسْتِعَارَةِ أَنَّ الِاسْتِعَارَةَ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ بِلَا عِوَضٍ وَفِي التَّبَرُّعِ تَجْرِي الْمُسَامَحَةُ، فَأَمَّا الْإِجَارَةُ فَتَمْلِيكٌ بِعِوَضٍ وَمَبْنَى ذَلِكَ عَلَى الْمُضَايَقَةِ كَمَا فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ. (65) قَوْلُهُ: وَالْأَبْضَاعُ الْمُطْلَقَةُ إلَخْ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: وَالْبِضَاعَةُ الْمُطْلَقَةُ. (66) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ فِي قَصْدِهِ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ قَصَدَ الِاسْتِرْبَاحَ. أَقُولُ: الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: إلَّا إذَا كَانَ فِي عِبَارَتِهِ إلَخْ. وَعَلَيْهِ فَلَا فَائِدَةَ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ أَوْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ إلَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ قَصَدَ الِاسْتِرْبَاحَ لَكَانَ وَافِيًا بِالْمُرَادِ مَعَ الِاخْتِصَارِ. (67) قَوْلُهُ: تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا. أَيْ مَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ. (68) قَوْلُهُ: الْقَوْلُ لِلْمُودَعِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالْهَلَاكِ. يَعْنِي مَعَ يَمِينِهِ كَمَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. أَقُولُ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي، قَالَ: رَدَدْتُ بَعْضَ الْوَدِيعَةِ، وَمَاتَ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْوَدِيعَةِ فِيمَا أَخَذَ مَعَ يَمِينِهِ (69) قَوْلُهُ: وَالْمُودَعُ ضَامِنٌ بِهِ. أَيْ بِالدَّفْعِ.

[كتاب الحجر والمأذون]

كَذَا فِي آخِرِ الْوَدِيعَةِ مِنْ الْأَصْلِ لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. 70 - الْمُودَعُ: إذَا قَالَ: لَا أَدْرِي أَيُّكُمَا اسْتَوْدَعَنِي، وَادَّعَاهَا رَجُلَانِ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ أَحَدُهُمَا، وَلَا بَيِّنَةَ، يُعْطِيهَا لَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَضْمَنُ مِثْلَهَا بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا اُسْتُوْدِعَ بِجَهْلِهِ. مَاتَ رَجُلٌ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ 71 - وَعِنْدَهُ وَدِيعَةٌ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَجَمِيعُ مَا تَرَكَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ، وَصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ بِالْحِصَصِ كَذَا فِي الْأَصْلِ أَيْضًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْمُودَعُ إذَا قَالَ لَا أَدْرِي أَيُّكُمَا اسْتَوْدَعَنِي إلَخْ. أَقُولُ: حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يُقَالَ: الْوَدِيعَةُ إذَا ادَّعَاهَا رَجُلَانِ، وَقَالَ الْمُودَعُ: لَا أَدْرِي أَيُّكُمَا اسْتَوْدَعَنِي. . . إلَخْ (71) قَوْلُهُ: وَعِنْدَهُ وَدِيعَةٌ بِغَيْرِ عَيْنِهَا. أَقُولُ: كَمَا لَوْ كَانَتْ دَرَاهِمَ فَأَنْفَقَهَا ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهَا فَإِنَّهُ بِإِنْفَاقِهَا صَارَ ضَامِنًا لِصَاحِبِهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَصَاحِبُهَا أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ [كِتَابُ الْحَجْرِ وَالْمَأْذُونِ] (1) قَوْلُهُ: الْحَجْرُ. لُغَةً الْمَنْعُ. وَشَرْعًا: هُوَ مَنْعُ التَّصَرُّفِ فِي حَقِّ شَخْصٍ وَهُوَ الصَّغِيرُ وَالرَّقِيقُ وَالْمَجْنُونُ بِالِاتِّفَاقِ وَأَلْحَقَ الْإِمَامُ الْمُفْتِي الْمَاجِنَ وَالطَّبِيبَ الْجَاهِلَ وَالْمُكَارِيَ الْمُفْلِسَ، وَهَذِهِ أَيْضًا بِالِاتِّفَاقِ عَلَى مَا حُكِيَ، وَأَمَّا حَجْرُ الْمَدْيُونِ وَالسَّفِيهِ بَعْدَ مَا بَلَغَ فَعَلَى قَوْلِهِمَا كَذَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِقَاضِي الْقُضَاةِ عَبْدِ الْبَرِّ بْنِ الشِّحْنَةِ.

كِتَابُ الْحَجْرِ وَالْمَأْذُونِ 1 - الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ، 2 - عَلَى قَوْلِهِمَا الْمُفْتَى بِهِ، 3 - كَالصَّغِيرِ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ 4 - إلَّا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالتَّدْبِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ: قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: هُوَ عَلَى نَوْعَيْنِ مَحْجُورٌ لِخِفَّةٍ فِي عَقْلِهِ بِأَنْ كَانَ سَلِيمَ الْقَلْبِ لَا يَهْتَدِي إلَى التَّصَرُّفَاتِ، وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُسْرِفًا مُضَيِّعًا لِمَالِهِ. (3) قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلِهِمَا الْمُفْتَى بِهِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: اعْتَمَدَ قَوْلَ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَالْمَحْبُوبِيُّ وَهُوَ تَصْحِيحُ الْكَرْخِيِّ لَكِنَّ التَّصْحِيحَ الصَّرِيحُ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا أَقْوَى. (4) قَوْلُهُ: كَالصَّغِيرِ. أَقُولُ: وَكَالْمَعْتُوهِ لِمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِقَاضِي الْقُضَاةِ عَبْدِ الْبَرِّ بْنِ الشِّحْنَةِ: الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ يُخَالِفُ الصَّغِيرَ وَالْمَعْتُوهَ فِي عَشَرَةٍ يَعْنِي وَيُوَافِقُهُمَا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ كَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ كَالصَّغِيرِ وَالْمَعْتُوهِ إلَّا أَنَّ الْمَعْتُوهَ لَمَّا كَانَ مُلْحَقًا بِالصَّغِيرِ لَمْ يَذْكُرْهُ. (5) قَوْلُهُ: إلَّا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ. فَيَصِحُّ نِكَاحُهُ وَطَلَاقُهُ وَيَلْزَمُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ لَا الْمُسَمَّى الزَّائِدُ عَلَيْهِ وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَجَبَ نِصْفُ الْمُسَمَّى كَذَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ.

وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ 6 - وَالْعِبَادَاتِ 7 - وَزَوَالِ وِلَايَةِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ 8 - وَفِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ بِالْعُقُوبَاتِ وَفِي الْإِنْفَاقِ وَفِي صِحَّةِ وَصَايَاهُ بِالْقُرْبِ مِنْ الثُّلُثِ. 9 - فَهُوَ كَالْبَالِغِ فِي هَذِهِ، وَحُكْمُهُ كَالْعَبْدِ فِي الْكَفَّارَةِ، فَلَا يُكَفَّرُ إلَّا بِالصَّوْمِ. 10 - لَوْ أَعْتَقَ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ. وَيَدْفَعُهَا الْقَاضِي إلَيْهِ فَيُؤَدِّي بِنَفْسِهِ لِكَوْنِهَا عِبَادَةً لَا بُدَّ لَهَا مِنْ النِّيَّةِ لَكِنَّهُ يَبْعَثُ مَعَهُ أَمِينًا كَيْ لَا يَصْرِفُهَا فِي غَيْرِ وَجْهِهَا. (6) قَوْلُهُ: وَالْعِبَادَاتِ. أَقُولُ: الْمُرَادُ بِهَا مَا كَانَ بَدَنِيًّا كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ لَا مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْبَدَنِيِّ وَالْمَالِيِّ وَالْمُرَكَّبِ مِنْهُمَا وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ عَطْفُ الْعِبَادَاتِ عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، بَلْ مِنْ عَطْفِ الْبَيَانِ. بَلْ ادَّعَى السُّبْكِيُّ فِي عَرُوسِ الْأَفْرَاحِ شَرْحِ تَلْخِيصِ الْمِفْتَاحِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الدِّيبَاجَةِ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ يُدَّعَى فِيهِ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ يُرَادُ بِالْعَامِّ مَا عَدَا ذَلِكَ الْخَاصِّ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْبَيَانِ؛ قَالَ وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ. (7) قَوْلُهُ: وَزَوَالُ وِلَايَةِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ. يَعْنِي وَعَدَمُ وِلَايَةِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى (8) قَوْلُهُ: وَفِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ بِالْعُقُوبَاتِ. يَعْنِي عَلَى نَفْسِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي نَفْسٍ أَوْ فِيمَا دُونَهَا. (9) قَوْلُهُ: فَهُوَ كَالْبَالِغِ إلَخْ. أَيْ فِي تَوَجُّهِ الْخِطَابِ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَهُوَ بَالِغٌ حَقِيقَةً. (10) قَوْلُهُ: لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي ظِهَارِهِ يَسْعَى، أَيْ الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ وَلَمْ يُجْزِ عَنْ تَكْفِيرِهِ، وَلَا يَجُوزُ عَنْ صَوْمِهِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ.

صَحَّ، وَلَا يَجْزِيهِ عَنْهَا وَلَا يَصُومُ لَهَا. وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ وَهْبَانَ. 12 - وَأَمَّا إقْرَارُهُ 13 - فَفِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّهُ صَحِيحٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا عِنْدَهُمَا (انْتَهَى) . يَعْنِي بِنَاءً عَلَى الْحَجْرِ بِالسَّفَهِ. الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ مُؤَاخَذٌ بِأَفْعَالِهِ فَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ الْمَالِ، وَإِذَا قُتِلَ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ؛ لَوْ أَتْلَفَ مَا اقْتَرَضَهُ وَمَا أَوْدَعَ عِنْدَهُ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ وَمَا أُعِيرَ لَهُ وَمَا بِيعَ مِنْهُ بِلَا إذْنٍ 14 - وَيُسْتَثْنَى مِنْ إيدَاعِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: صَحَّ وَلَا يَجْزِيهِ عَنْهَا. فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ نَقْلًا عَنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ: لَوْ نَذَرَ صَدَقَةً أَوْ هَدْيًا أَوْ ظِهَارًا وَحَلَفَ لَا يَدَعُهُ الْقَاضِي أَنْ يُكَفِّرَ بِالْمَالِ بَلْ يَصُومُ بِكُلِّ يَمِينٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَكَذَا يَصُومُ فِي كَفَّارَةِ ظِهَارٍ. (12) قَوْلُهُ: وَأَمَّا إقْرَارُهُ إلَخْ. يَعْنِي بِغَيْرِ الْعُقُوبَاتِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ وَإِجَارَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يَلْحَقُهَا الْفَسْخُ وَالنَّقْضُ، فَيَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْحَجْرَ بِالسَّفَهِ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِ الْبَالِغِ وَالْمَعْتُوهِ؛ لِأَنَّهُمَا يَرَيَانِ الْحَجْرَ بِالسَّفَهِ. (13) قَوْلُهُ: فَفِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَخْ. هَذَا مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِي أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ (14) قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ إيدَاعِهِ. قِيلَ: مَصْدَرٌ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ أَيْ كَوْنُهُ مُودِعًا (انْتَهَى) . أَقُولُ ذَكَرَ الشَّمْسُ الْفَنَارِيُّ فِي تَفْسِيرِ الْفَاتِحَةِ أَنَّ أَهْلَ الْعَرَبِيَّةِ يَتَسَامَحُونَ فِي قَوْلِهِمْ: إنَّ الْمَصْدَرَ الْمُتَعَدِّيَ قَدْ يَكُونُ مَصْدَرًا لِلْمَعْلُومِ وَقَدْ يَكُونُ مَصْدَرًا لِلْمَجْهُولِ يَعْنُونِ بِهِمَا الْهَيْئَتَيْنِ اللَّتَيْنِ هُمَا مَعْنَيَا الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمُتَعَدِّي هَيْئَةٌ لِلْفَاعِلِ كَالْعَالَمِيَّةِ وَهَيْئَةٌ لِلْمَفْعُولِ كَالْمَعْلُومِيَّةِ، وَإِلَّا لَكَانَ كُلُّ مَصْدَرٍ مُتَعَدٍّ مُشْتَرَكًا، وَلَا قَائِلَ بِهِ انْتَهَى. فَلْيُحْفَظْ.

مَا إذَا أَوْدَعَ صَبِيٌّ مَحْجُورٌ مِثْلَهُ، وَهِيَ مِلْكُ غَيْرِهِمَا، فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الدَّافِعِ أَوْ الْآخِذِ. قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَهِيَ مِنْ مُشْكِلَاتِ إيدَاعِ الصَّبِيِّ. 16 - قُلْت: لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْهَا الصَّبِيُّ لِلتَّسْلِيطِ مِنْ مَالِكِهَا، وَهُنَا لَمْ يُوجَدْ كَمَا لَا يَخْفَى 17 - الْإِذْنُ فِي الْإِجَارَةِ إذْنٌ فِي التِّجَارَةِ وَعَكْسُهُ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. لَا يَصِحُّ الْإِذْنُ لِلْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ الْمَحْجُورِ وَلَا بَيِّنَةَ، وَلَا يَصِيرُ مَحْجُورًا بِهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ. أَذِنَ لِعَبْدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ لَا يَكُونُ إذْنًا إلَّا إذَا قَالَ: بَايِعُوا عَبْدِي فَإِنِّي قَدْ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَبَايَعُوهُ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، 18 - بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ بَايِعُوا ابْنِي إذَا قَالَ لَهُ: آجِرْ نَفْسَك، وَلَمْ يَقُلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَا إذَا أَوْدَعَ صَبِيٌّ مَحْجُورٌ مِثْلَهُ إلَخْ. قِيلَ فِي الْمُجْتَبَى مِنْ كِتَابِ الْوَدِيعَةِ: وَلَوْ أَوْدَعَ الصَّبِيُّ عَبْدًا فَقَتَلَهُ ضَمِنَ إجْمَاعًا، وَهُوَ مُشْكِلٌ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَادَةَ الصِّبْيَانِ (انْتَهَى) . فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ أَيْضًا أَقُولُ فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْأُسْرُوشَنِيِّ مَا يَخْلُفُهُ حَيْثُ قَالَ: صَبِيٌّ مَحْجُورٌ أَوْدَعَ عَبْدًا فَقَتَلَهُ كَانَ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْقِيمَةُ، وَإِنْ كَانَ أُودِعَ طَعَامًا فَأَكَلَهُ لَا يَضْمَنُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ يَضْمَنُ. (16) قَوْلُهُ: قُلْت لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْهَا الصَّبِيُّ إلَخْ. يَعْنِي فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ وَهُنَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ التَّسْلِيطُ مِنْ مَالِكِهَا، وَقِيلَ: عَلَيْهِ بَلْ وُجِدَ التَّسْلِيطُ بِنَفْسِ الدَّفْعِ إلَى الْأَوَّلِ فَالْإِشْكَالُ بَاقٍ (انْتَهَى) . فَتَأَمَّلْ (17) قَوْلُهُ: الْإِذْنُ فِي الْإِجَارَةِ إلَخْ. أَيْ فِي إجَارَةِ نَفْسِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُقَيَّدًا بِالْإِجَارَةِ مِنْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْخَانِيَّةِ الْآتِي قَرِيبًا. (18) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ بَايِعُوا ابْنِي. فَلَا يَكُونُ مَأْذُونًا إلَّا إذَا عَلِمَ بِالْإِذْنِ أَقُولُ: لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ الْفَرْقِ فَلْيُنْظَرْ.

مِنْ فُلَانٍ، أَوْ بِعْ ثَوْبِي، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ فُلَانٍ كَانَ إذْنًا بِالتِّجَارَةِ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. وَالْآمِرُ بِالشِّرَاءِ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، فَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي ثَوْبًا، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ فُلَانٍ، وَلَا لِلُبْسٍ كَانَ إذْنًا، وَهِيَ حَادِثَةُ الْفَتْوَى فَلْيَحْفَظْهُ. الْإِذْنُ بِالتِّجَارَةِ لَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ إلَّا إذَا كَانَ الْآذِنُ مُضَارِبًا فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ 19 - فَأَذِنَ لِعَبْدِهِ الْمُضَارَبَةَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَأْذُونًا فِي ذَلِكَ النَّوْعِ خَاصَّةً. 20 - وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْأَصَحُّ عِنْدِي التَّعْمِيمُ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ إذَا 21 - رَأَى الْمَوْلَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ كَانَ مَأْذُونًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَأَذِنَ لِعَبْدِهِ الْمُضَارَبَةَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَأْذُونًا فِي ذَلِكَ النَّوْعِ خَاصَّةً. يَعْنِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَفَادُ الْإِذْنُ مِنْ الْمُضَارِبِ. (20) قَوْلُهُ: وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ الْأَصَحُّ عِنْدِي التَّعْمِيمُ. يَعْنِي؛ لِأَنَّ السَّبَبَ فِي حَقِّهِ فَكُّ الْحَجْرِ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ. أَقُولُ فَعَلَى هَذَا الِاسْتِئْنَاءِ مِنْ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ وَحِينَئِذٍ لَا مَوْقِعَ لِلِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ لِابْتِنَائِهِ عَلَى الضَّعِيفِ (21) قَوْلُهُ: إذَا رَأَى الْمَوْلَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ كَانَ مَأْذُونًا. قِيلَ عَلَيْهِ إطْلَاقُهُ يَشْمَلُ مَا إذَا رَآهُ يَبِيعُ مِلْكَ الْمَوْلَى أَوْ مِلْكَ الْأَجْنَبِيِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ رَآهُ يَبِيعُ مِلْكَ الْمَوْلَى، وَسَكَتَ لَا يَكُونُ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ أَقُولُ: كَلَامُ الْخَانِيَّةِ مُضْطَرِبٌ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي أَوَّلِ بَابِ الْمَأْذُونِ وَإِذَا رَأَى الْمَوْلَى عَبْدَهُ يَبِيعُ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ الْمَالِكِ فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا. وَقَالَ بَعْدَ أَسْطُرٍ: وَلَوْ رَأَى عَبْدَهُ فِي حَانُوتِهِ يَبِيعُ مَتَاعَهُ فَسَكَتَ حَتَّى بَاعَ مَتَاعًا كَثِيرًا مِنْ ذَلِكَ كَانَ إذْنًا وَلَا يَنْفُذُ عَلَى الْمَوْلَى بَيْعُ الْعَبْدِ ذَلِكَ الْمَتَاعَ. ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا دَفَعَ إلَى عَبْدِ رَجُلٍ مَتَاعًا لِيَبِيعَهُ فَبَاعَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَرَآهُ الْمَوْلَى، وَلَمْ يَنْهَهُ كَانَ إذْنًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ الْبَيْعُ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ وَتَكَلَّمُوا فِي الْعُهْدَةِ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: تَرْجِعُ إلَى الْآمِرِ وَعِنْدَ الْبَعْضِ تَرْجِعُ إلَى الْعَبْدِ ثُمَّ قَالَ، وَلَوْ رَأَى الْمَوْلَى عَبْدَهُ يَشْتَرِي بِدَرَاهِمِ الْمَوْلَى أَوْ دَنَانِيرِهِ فَلَمْ يَنْهَهُ يَصِيرُ مَأْذُونًا

إلَّا إذَا كَانَ الْمَوْلَى قَاضِيًا كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ 23 - السَّفِيهَةُ إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ كُفْءٍ صَحَّ، فَإِنْ قَصَّرَتْ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا كَانَ لِلْوَلِيِّ الِاعْتِرَاضُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQفَأَخَذَ صَاحِبُ الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ مِنْ قَوْلِ قَاضِي خَانْ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا دَفَعَ إلَى عَبْدِ رَجُلٍ مَتَاعًا لِيَبِيعَهُ فَبَاعَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَرَآهُ وَلَمْ يَنْهَهُ كَانَ إذْنًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ. وَمِنْ قَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ: وَإِذَا رَأَى الْمَوْلَى عَبْدَهُ يَبِيعُ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ الْمَالِكِ فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا مَا ذَكَرَهُ وَغَفَلَ عَمَّا يُنَاقِضُهُ بَعْدَ أَسْطُرٍ فِي كَلَامِ قَاضِي خَانْ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ رَأَى عَبْدَهُ فِي حَانُوتِهِ يَبِيعُ مَتَاعَهُ فَسَكَتَ حَتَّى بَاعَ مَتَاعًا كَثِيرًا مِنْ ذَلِكَ كَانَ إذْنًا، وَغَفَلَ عَنْ قَوْلِهِ أَيْضًا، وَلَوْ رَأَى عَبْدَهُ يَشْتَرِي شَيْئًا بِدَرَاهِمِ الْمَوْلَى أَوْ دَنَانِيرِهِ فَلَمْ يَنْهَهُ يَصِيرُ مَأْذُونًا. وَغَيْرُ خَافٍ عَلَى أُولِي الْأَلْبَابِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الدُّرَرِ مَعَ هَذَا التَّنَاقُضِ غَيْرُ صَوَابٍ، وَالْحَقُّ مَا ذَكَرَهُ الْمَحْفُوفُ بِالْعِنَايَةِ الْعَلَّامَةُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ: ثُمَّ الْإِذْنُ كَمَا يَثْبُتُ بِالصَّرِيحِ يَثْبُتُ بِالدَّلَالَةِ كَمَا إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ يَصِيرُ مَأْذُونًا لَهُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَ عَيْنًا مَمْلُوكًا لِلْمَوْلَى أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَيْعًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَاهُ يَظُنُّهُ مَأْذُونًا فِيهَا فَيُعَاقِدُهُ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَوْلَى رَاضِيًا بِهِ لَمَنَعَهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُمْ (انْتَهَى) . بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: يُؤْخَذُ مِنْ إطْلَاقِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَوْلَى قَاضِيًا أَمْ لَا وَغَيْرُ خَافٍ أَنَّ مَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَلَوْ كَانَ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِبَارَتِهَا اضْطِرَابٌ فَكَيْفَ مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الِاضْطِرَابِ. (22) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ الْمَوْلَى قَاضِيًا. أَقُولُ: لَمْ يَذْكُرْ صَاحِبُ الظَّهِيرِيَّةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَذَكَرَهَا قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ لَا عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ، فَقَالَ الْقَاضِي إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا (انْتَهَى) . وَقَدْ قَدَّمْنَا قَرِيبًا أَنَّ إطْلَاقَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَوْلَى قَاضِيًا أَوْ لَا. وَأَنَّ مَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ يُقَدَّمُ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى (23) قَوْلُهُ: السَّفِيهَةُ إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ كُفْءٍ إلَخْ. فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: سَفِيهَةٌ تَزَوَّجَتْ بِأَقَلِّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا؛ قِيلَ لِزَوْجِهَا

وَلَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ وَقَعَ وَلَا يَلْزَمُهَا 25 - وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ السَّفِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإنْ شِئْتَ فَأَتِمَّ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا، فَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِ وَالْتَزَمَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَبَى فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَعَلَيْهِ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ كَانَ لِلنُّقْصَانِ عَنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَقَدْ انْعَدَمَ حِينَ قَضَى لَهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا بِالدُّخُولِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْقُصُورِ. (24) قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ إلَخْ. الْمَسْأَلَةُ فِي الْمَبْسُوطِ قَالَ: وَإِذَا بَلَغَتْ الْمَرْأَةَ مَفْسَدَةٌ فَاخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِمَالِ جَازَ الْخُلْعُ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي الْخُلْعِ يَعْتَمِدُ وُجُودَ الْقَبُولِ، وَقَدْ تَحَقَّقَ الْقَبُولُ مِنْهَا، فَكَأَنَّ الزَّوْجَ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِقَبُولِهَا الْجُعْلَ فَإِذَا قَبِلَتْ وَقَعَ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَلَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ، وَإِنْ صَارَتْ مَصْلَحَةً؛ لِأَنَّهَا الْتَزَمَتْ الْمَالَ لَا بِعِوَضٍ هُوَ مَالٌ، وَالْمَنْفَعَةُ ظَاهِرَةٌ لَهَا فِي ذَلِكَ فَكَانَ النَّظَرُ أَنْ تُجْعَلَ كَالصَّغِيرَةِ فِي هَذَا الْحُكْمِ لَا كَالْمَرِيضَةِ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ لَا الْبَيْنُونَةِ إلَّا عِنْدَ وُجُوبِ الْبَدَلِ، وَلَا يَجِبُ الْبَدَلُ هُنَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ فَإِنَّهُ مُقْتَضَى لَفْظِ الْخُلْعِ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّفِيهِ بِلَا حَجْرٍ وَيُشْكِلُ عَلَى صِحَّةِ تَصَرُّفَاتِ السَّفِيهَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ عِنْدَ لُزُومِ الْمَالِ لِلْمُخْتَلِعَةِ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمَحْجُورَةُ عَلَى قَوْلِهِمَا كَانَ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ وَالطَّلَاقَ وَالْخُلْعَ نَافِذٌ عِنْدَهُمَا وَعَدَمُ لُزُومِ الْمَالِ فِي الْخُلْعِ لِكَوْنِ السَّفِيهَةِ الْمَحْجُورَةِ كَالصَّبِيِّ فِي الْأَحْكَامِ إلَّا مَا اسْتَثْنَى (25) قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ السَّفِيهِ. أَقُولُ يَعْنِي بِالْمَالِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حَكَمَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِالسَّفَهِ أَوْ لَا، وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ الَّذِي يَرَى الْحَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْحَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ السَّفِيهُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ عِنْدَهُ مَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي. وَفِي مُقْطَعَاتِ الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْحَجْرِ: وَلَوْ أَقَرَّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخَذَ مَالًا لِرَجُلٍ غَيْرِهِ أَمَرَهُ وَاسْتَهْلَكَهُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ صَلُحَ سُئِلَ عَمَّا كَانَ أَقَرَّ بِهِ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ حَقًّا أُخِذَ بِهِ وَإِنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ حَقًّا لَا يُؤْخَذُ بِهِ.

وَلَا الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ، وَلَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ الْمَالَ إلَى الْيَتِيمِ بَعْدَ بُلُوغِهِ سَفِيهًا 27 - ضَمِنَهُ وَلَوْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ، وَلَوْ حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى سَفِيهٍ فَأَطْلَقَهُ آخَرُ جَازَ إطْلَاقُهُ 28 -؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ لَيْسَ بِقَضَاءٍ، وَلَا يَجُوزُ لِلثَّالِثِ تَنْفِيذُ الْحَجْرِ الْأَوَّلِ خِلَافًا لِلْخَصَّافِ. وَوَقْفُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ بَاطِلٌ 29 - وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا وَقَفَ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَصَحَّحَهُ الْبَلْخِيُّ، وَأَبْطَلَهُ أَبُو الْقَاسِمِ. وَلَا يَصِيرُ السَّفِيهُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ عِنْدَ الثَّانِي. وَلَا بُدَّ مِنْ حَجْرِ الْقَاضِي، وَلَا يَرْتَفِعُ عَنْهُ الْحَجْرُ بِالرُّشْدِ. وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ. أَيْ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْمَالِ. (27) قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ، وَلَوْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ الْمَالَ إلَى الْيَتِيمِ بَعْدَ مَا أَدْرَكَ، وَلَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُ رُشْدٌ ثُمَّ ضَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَهُ إلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُدْفَعَ إلَيْهِ (انْتَهَى) . وَفِي الْخَانِيَّةِ يَتِيمٌ أُدْرِكَ مُفْسِدًا، وَهُوَ فِي حِجْرِ وَصِيِّهِ، وَحَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي أَوْ لَمْ يَحْجُرْ فَأَمَرَ وَصِيَّهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالَهُ فَدَفَعَ إلَيْهِ فَضَاعَ الْمَالُ فِي يَدِهِ ضَمِنَ وَصِيُّهُ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْمَالِ إلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ مُضَيِّعٌ تَضْيِيعٌ فَيَضْمَنُ. وَأَنَّ صَبِيًّا غَيْرَ مُفْسِدٍ لَمْ يُدْرَكْ فَدَفَعَ الْوَصِيُّ إلَيْهِ مَالَهُ، وَأَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَضَاعَ الْمَالُ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ. (28) قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَجْرَ لَيْسَ بِقَضَاءٍ. قَالَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْأَوَّلِ كَانَ فِي فَصْلٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، وَهَذَا اخْتِلَافٌ فِي نَفْسِ الْقَضَاءِ، أَوْ لِأَنَّ الْحَجْرَ الْأَوَّلَ لَيْسَ بِقَضَاءٍ لِعَدَمِ الْمَقْضِيِّ لَهُ وَالْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ فَيَنْفُذُ قَضَاءُ الثَّانِي (29) قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا وَقَفَ بِإِذْنِ الْقَاضِي إلَخْ. فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَقَفَ ضَيْعَةً لَهُ، فَقَالَ: وَقْفُهُ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْقَاضِي وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: لَا يَجُوزُ وَقْفُهُ فَهُمَا أَفْتَيَا عَلَى قَوْلِهِمَا (انْتَهَى) . يَعْنِي، وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ يَجُوزُ وَقْفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْحَجْرَ بِالسَّفَهِ.

بُدَّ مِنْ إطْلَاقِ الْقَاضِي خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيهِمَا. وَلَا تُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ لِصِحَّةِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَوَقَعَتْ حَادِثَةٌ: حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى سَفِيهٍ ثُمَّ ادَّعَى الرُّشْدَ، وَادَّعَى خَصْمُهُ بَقَاءَهُ عَلَى السَّفَهِ وَبَرْهَنَا، فَلَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا صَرِيحًا. 30 - وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْبَقَاءِ عَلَى السَّفَهِ لِمَا فِي الْمُحِيطِ. مِنْ الْحَجْرِ: الظَّاهِرُ زَوَالُ السَّفَهِ؛ لِأَنَّ عَقْلَهُ يَمْنَعُهُ 31 - عِنْدَ ذِكْرِهِ فِي دَلِيلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى أَنَّ السَّفِيهَ لَا يَنْحَجِرُ إلَّا بِحَجْرِ الْقَاضِي، وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي بَابِ التَّحَالُفِ: إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْمَهْرِ قَضَى لِمَنْ بَرْهَنَ؛ فَإِنْ بَرْهَنَا فَمَنْ شَهِدَ لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهَا لِلْإِثْبَاتِ فَكُلُّ بَيِّنَةٍ شَهِدَ لَهَا الظَّاهِرُ لَمْ تُقْبَلْ. 32 - وَهُنَا بَيِّنَةُ زَوَالِ السَّفَهِ شَهِدَ لَهَا الظَّاهِرُ فَلَمْ تُقْبَلْ. الْمَأْذُونُ إذَا لَحِقَهُ دَيْنٌ يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ وَرَقَبَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْبَقَاءِ عَلَى السَّفَهِ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ حُكْمَ الشَّرْعِ يَتَوَجَّهُ الْخِطَابُ إلَيْهِ، فَالظَّاهِرُ زَوَالُ مَا يَقْتَضِي الْحَجْرَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ حَكَمَ الْقَاضِي بِحَجْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ وُجُودِ الْبُلُوغِ صَارَ الظَّاهِرُ بَقَاءَ الْحَجْرِ وَلَمْ يُوجَدْ بَعْدَ الْحَجْرِ مِنْ الْقَاضِي مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ فَالظَّاهِرُ بَقَاؤُهُ (انْتَهَى) . وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الرَّدِّ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ خِلَافَ الْأَصْلِ وَخِلَافَ الظَّاهِرِ إذْ الظَّاهِرُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ فَكَانَتْ أَكْثَرَ إثْبَاتًا، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ إثْبَاتًا أَوْلَى بِالْقَبُولِ. (31) قَوْلُهُ: عِنْدَ ذِكْرِهِ إلَخْ. مُتَعَلِّقٌ بِمُتَعَلِّقِ قَوْلِهِ فِي الْمُحِيطِ، أَيْ لِمَا ذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ عِنْدَ ذِكْرِهِ فِي دَلِيلِ أَبِي يُوسُفَ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّ السَّفَهَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: دَلِيلِ. (32) قَوْلُهُ: بَيِّنَةُ زَوَالِ السَّفَهِ شَهِدَ لَهَا الظَّاهِرُ إلَخْ. وَهُوَ كَوْنُ الْعَقْلِ يَمْنَعُهُ مِنْ السَّفَهِ.

إلَّا إذَا كَانَ أَجِيرًا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ 34 - كَمَا فِي إجَارَةِ مُنْيَةِ الْمُفْتِي الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ إذَا أَوْصَى بِهِ سَيِّدُهُ لِرَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَجُزْ الْغَرِيمُ كَانَ مِلْكًا لِلْمُوصَى لَهُ إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَيَمْلِكُهُ كَمَا يَمْلِكُهُ الْوَارِثُ وَالدَّيْنُ فِي رَقَبَتِهِ، وَلَوْ وَهَبَهُ فِي حَيَاتِهِ فَلِلْغَرِيمِ إبْطَالُهَا، وَيَبِيعُهُ الْقَاضِي فَمَا فَضَلَ مِنْ ثَمَنِهِ فَلِلْوَاهِبِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ مِنْ الْوَصَايَا. الْمَأْذُونُ لَا يَكُونُ مَأْذُونًا قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَالَ الْمَوْلَى لِأَهْلِ السُّوقِ: بَايِعُوا عَبْدِي وَلَمْ يَعْلَمْ الْعَبْدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ أَجِيرًا. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ وَرَقَبَتِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ بِمَاذَا يَتَعَلَّقُ؟ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ تَعَلُّقُهُ بِكَسْبِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ. (34) قَوْلُهُ: كَمَا فِي إجَارَةِ مُنْيَةِ الْمُفْتِي. عِبَارَتُهَا: اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِيَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ جَازَ فَلَوْ لَحِقَهُ دَيْنٌ أَخَذَ بِهِ الْمُسْتَأْجِرَ دُونَ الْعَبْدِ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فَلَا يُحْتَاجُ إلَى اسْتِثْنَائِهِ؛ إذْ لَيْسَ بِمَأْذُونٍ بَلْ كَوَكِيلٍ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ تَقْيِيدِهِ بِمَا يَصِحُّ الْإِجَارَةُ كَالْمُدَّةِ فَافْهَمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[كتاب الشفعة]

[كِتَابُ الشُّفْعَةِ] ِ 1 - هِيَ بَيْعٌ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي ضَمَانِ الْغَرَرِ لِلْجَبْرِ، 2 - فَإِذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ بَعْدَ الْبِنَاءِ 3 - فَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الشَّفِيعِ، 4 - كَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمَالِكِ الْقَدِيمِ وَاسْتِيلَادِ الْأَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: هِيَ بَيْعٌ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي ضَمَانِ الْغَرَرِ لِلْجَبْرِ. يَعْنِي أَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ لَمَّا كَانَ تَمْلِيكًا بِبَدَلٍ كَانَ شِرَاءً حُكْمًا فَتَثْبُتُ بِهِ أَحْكَامُ الشِّرَاءِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا، كَرُجُوعِ الْعُهْدَةِ وَخِيَارِ الْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ فَلَا ضَمَانَ لِلْغَرَرِ فَإِنَّ الشَّفِيعَ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمَأْخُوذِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَارٍّ لَهُ لِكَوْنِهِ يَأْخُذُهَا مِنْهُ جَبْرًا لَكِنَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الْأَخْذِ بِالْقَضَاءِ أَمَّا إذَا أَخَذَهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَلَا يَسْتَقِيمُ التَّعْلِيلُ بِمَا ذَكَرَهُ وَسَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ. (2) قَوْلُهُ: فَإِذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ بَعْدَ الْبِنَاءِ. أَقُولُ: صَوَابُ الْعِبَارَةِ: فَإِذَا اُسْتُحِقَّ الْمَأْخُوذُ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ الْبِنَاءِ. (3) قَوْلُهُ: فَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الشَّفِيعِ. أَقُولُ: صَوَابُ الْعِبَارَةِ، فَلَا رُجُوعَ لِلشَّفِيعِ عَلَى الْمَأْخُوذِ مِنْهُ بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا يَعْنِي بِقِيمَةِ مَا نَقَصَهُ الْبِنَاءُ بَعْدَ الْقَلْعِ بَلْ بِالثَّمَنِ فَقَطْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ لَيْسَ بِغَارٍّ لَهُ سَوَاءٌ أَخَذَهَا بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِهِ أَمَّا إذَا أَخَذَهَا بِقَضَاءٍ فَلِأَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَى الدَّفْعِ، وَأَمَّا إذَا أَخَذَهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَلِأَنَّهُ اسْتَوْفَى عَيْنَ حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِحَقٍّ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْبَيْعِ لِكَوْنِهِ مُتَقَدِّمًا عَلَى الدَّخِيلِ؛ فَالْجَبْرُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ حَقِيقَةً فَهُوَ مَوْجُودٌ حُكْمًا وَاعْتِبَارًا، وَإِيفَاءُ عَيْنِ الْحَقِّ بِقَضَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ كَمَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلْقَاضِي فَخْرِ الدِّينِ الْمَارْدِينِيِّ. (4) قَوْلُهُ: كَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمَالِكِ الْقَدِيمِ وَاسْتِيلَادِ الْأَبِ. أَقُولُ: صَوَابُ الْعِبَارَةِ أَنْ يُقَالَ: كَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَكَاسْتِيلَادِ الْأَبِ وَالْمَالِكِ الْقَدِيمِ كَمَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ، يَعْنِي: الشَّفِيعُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَأْخُوذِ مِنْهُ كَمَا لَا يَرْجِعُ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى وَاهِبِهِ لَوْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ

بِخِلَافِ الْبَائِعِ. 6 - فَرُؤْيَةُ الْمُشْتَرِي وَرِضَاهُ بِالْعَيْبِ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ كَالْأَجَلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَوْهُوبَةُ فَاسْتَحَقَّهَا مُسْتَحِقٌّ فَضَمِنَ الْمَوْهُوبُ لَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَاهِبِ بِشَيْءٍ، وَالْجَامِعُ عَدَمُ ضَمَانِ السَّلَامَةِ فِي الصُّورَتَيْنِ. وَقَوْلُهُ، وَكَاسْتِيلَادِ الْأَبِ نَظِيرٌ ثَانٍ لِعَدَمِ رُجُوعِ الشَّفِيعِ عَلَى الْمَأْخُوذِ مِنْهُ يَعْنِي: إذَا اسْتَوْلَدَ الْأَبُ جَارِيَةَ ابْنِهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ لَا يَرْجِعُ الِابْنُ بِشَيْءٍ لِعَدَمِ الْغُرُورِ مِنْ جِهَتِهِ. وَقَوْلُهُ: الْمَالِكِ الْقَدِيمِ عَطْفٌ عَلَى الْأَبِ فَهُوَ نَظِيرٌ ثَالِثٌ لِلشَّفِيعِ يَعْنِي لَوْ أَسَرَ الْكُفَّارُ جَارِيَةً وَأَحْرَزُوهَا بِدَرَاهِمَ فَاشْتَرَاهَا مُسْلِمٌ، وَأَخْرَجَهَا أَوْ وَقَعَتْ فِي يَدِ أَحَدٍ مِنْ الْغَانِمِينَ فَأَخَذَهَا الْمَالِكُ الْقَدِيمُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ أَوْ مِنْ الْغَانِمِ بِالْقِيمَةِ وَاسْتَوْلَدَهَا فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهَا مُدَبَّرَتُهُ، أَوْ أُمُّ وَلَدِهِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ النَّقْلَ بِأَسْرٍ وَلَا بِغَيْرِهِ وَيَرْجِعُ بِمَا أَدَّاهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ لَا بِمَا ضَمِنَهُ مِنْ الْعُقْرِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ لَمْ يَغُرَّهُ سَوَاءٌ أَخَذَهَا بِقَضَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ تَقْرِيرُهُ. (5) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْبَائِعِ. يَعْنِي حَيْثُ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِضَمَانِ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَهُ مُخْتَارًا فَقَدْ ضَمِنَ لَهُ سَلَامَةَ الْمَبِيعِ كَأَنْ قَالَ: أَنَا مَالِكُ هَذَا لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ حَقٌّ فَكَانَ غَارًّا حَقِيقَةً فَافْتَرَقَا. (6) قَوْلُهُ: فَرُؤْيَةُ الْمُشْتَرِي وَرِضَاهُ بِالْعَيْبِ إلَخْ. قِيلَ: الصَّوَابُ إسْقَاطُ الْفَاءِ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّفْرِيعِ عَلَى مَا قَبْلَهُ (انْتَهَى) . لَا يُقَالُ: الْفَاءُ كَمَا تَكُونُ لِلتَّفْرِيعِ تَكُونُ لِلِاسْتِئْنَافِ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا فَمَا الْمَانِعُ مِنْ الْحَمْلِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. صَوَابًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا كَانَ الْمُتَبَادِرُ فِي أَمْثَالِ هَذَا الْمَقَامِ هُوَ التَّفْرِيعُ لَا الِاسْتِئْنَافُ مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ التَّفْرِيعِ حُكِمَ بِأَنَّ الصَّوَابَ سُقُوطُ الْفَاءِ، عَلَى أَنَّ الْفَاءَ سَاقِطَةٌ فِي عِبَارَةِ الصَّدْرِ سُلَيْمَانَ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي، يَعْنِي لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ دَارًا قَدْ رَآهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ فَأَخَذَهَا الشَّفِيعُ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْبَائِعِ، وَلَمْ يَكُنْ رَآهَا فَلَهُ رَدُّهَا بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهَا، وَبِهَا عَيْبٌ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْعَيْبِ أَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَابَرَاءِ الْبَائِعِ مِنْهُ ثُمَّ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُشْتَرِيًا حُكْمًا مِنْ الْبَائِعِ أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي إنْ قَبَضَهَا مِنْهُ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا حَقِيقَةً ثَبَتَ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ، فَكَذَا حُكْمًا؛ لِأَنَّ لُزُومَ الْعَقْدِ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لِمَعْنًى يَخُصُّهُ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي الثَّانِي، وَهُوَ الشَّفِيعُ كَمَا لَا يَظْهَرُ الْأَجَلُ الثَّابِتُ لِلْمُشْتَرِي فِي حَقِّ الشَّفِيعِ.

وَبِرَدِّهَا عَلَى الْبَائِعِ 8 - لَا تَسْلَمُ لِلْمُشْتَرِي. 9 - وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْفَسْخِ دُونَ التَّحَوُّلِ. 10 - قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ: وَالتَّحَوُّلُ أَصَحُّ، وَإِلَّا بَطَلَتْ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَرُدُّهَا عَلَى الْبَائِعِ إلَخْ. أَيْ يَرُدُّ الشَّفِيعُ الدَّارَ الْمَفْهُومَةَ مِنْ الْمَقَامِ عَلَى الْبَائِعِ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ عَيْبٍ. (8) قَوْلُهُ: لَا تُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي. حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالْبَيْعِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ الْمُبَاعُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَفَسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ ثُمَّ عَادَ مِنْ الْإِبَاقِ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَخْذَهُ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ. (9) قَوْلُهُ: وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْفَسْخِ دُونَ التَّحَوُّلِ أَيْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَهِيَ أَنَّ رُؤْيَةَ الْمُشْتَرِي وَرِضَاهُ بِالْعَيْبِ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ، عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ الَّذِي جَرَى بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي يَنْفَسِخُ بِأَخْذِ الشَّفِيعِ لَا أَنَّ حُكْمَ عَقْدِ الْمُشْتَرِي يَتَحَوَّلُ إلَى الشَّفِيعِ، وَذَلِكَ: أَنَّهُ إذَا أَخَذَهَا مِنْ الْبَائِعِ فَاتَ بِأَخْذِهِ الْقَبْضُ الْمُسْتَحَقُّ لِلْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ فَيَنْفَسِخُ، كَهَلَاكِ الْمَبِيعِ، وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ لَهُ الْأَجَلُ وَيَثْبُتُ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ، وَلَوْ انْتَقَلَ كَانَ عَلَى عَكْسِهِ كَالْوَكِيلِ مَعَ الْمُوَكِّلِ وَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ يَدِ الشَّفِيعِ نَائِبَةً عَنْ الْمُشْتَرِي فِي الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ مُقَدَّمٌ وَهُوَ يَقْبِضُهُ لِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيطٍ مِنْ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقِيَضِ حَيْثُ يَكُونُ قَبْضُ الْمُشْتَرِي قَبْضًا لَهُ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ يَقْبِضُ بِتَسْلِيطِهِ فَلَا يَفُوتُ قَبْضُ الْأَوَّلِ وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي لَا يَتَحَقَّقُ الْفَسْخُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِالْأَخْذِ مِنْهُ الْقَبْضُ الْمُسْتَحَقُّ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لَا يَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا. (10) قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ: الْأَصَحُّ هُوَ التَّحَوُّلُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَوْ انْفَسَخَ لَبَطَلَتْ الشُّفْعَةُ. لِأَنَّهَا تُبْتَنَى عَلَى وُجُودِهِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ مَعَ كَوْنِهِ فَسْخًا؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهَا قَدْ وُجِدَ وَهُوَ زَوَالُ مِلْكِ الْبَائِعِ فَلَا يَبْطُلُ بِانْتِقَاضِ الْبَيْعِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ إذَا قَضَى بِالشُّفْعَةِ انْتَقَضَ الْمَبِيعُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَالْمُرَادُ بِهَذَا الِانْتِقَاضِ، الِانْتِقَاضُ فِي حَقِّ الْإِضَافَةِ إلَى الْمُشْتَرِي، وَتَقْرِيرُ هَذَا أَنَّ قَوْلَ الْبَائِعِ بِعْت مِنْك يَتَضَمَّنُ شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا إيجَابُ الْبَيْعِ وَهُوَ بِقَوْلِهِ بِعْت وَالثَّانِي: إضَافَةُ الْبَيْعِ إلَى الْمُشْتَرِي بِقَوْلِهِ مِنْك فَإِذَا

الْمَعْلُومُ لَا يُؤَخَّرُ لِلْمَوْهُومِ، 12 - فَلَوْ قَطَعَ عَيْنَيْ رَجُلَيْنِ فَحَضَرَ، أَحَدُهُمَا اُقْتُصَّ لَهُ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ الدِّيَةِ، 13 - وَلَوْ حَضَرَ أَحَدُ الشَّفِيعَيْنِ قُضِيَ لَهُ بِكُلِّهَا كَذَا فِي جِنَايَاتِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ. بَاعَ مَا فِي إجَارَةِ الْغَيْرِ وَهُوَ شَفِيعُهَا، فَإِنْ أَجَازَ الْبَيْعَ أَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ. 14 - وَإِلَّا بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ إنْ رَدَّهَا كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَخَذَ الشَّفِيعُ الْمَبِيعَ بِحَقِّ الشُّفْعَةِ صَارَ مُقَدَّمًا عَلَى الْمُشْتَرِي فَكَأَنَّ تِلْكَ الْإِضَافَةَ إلَى الْمُشْتَرِي انْقَطَعَتْ وَتَحَوَّلَتْ إلَى الشَّفِيعِ فَكَأَنَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ أُضِيفَ إلَى الشَّفِيعِ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُضَافًا إلَى الْمُشْتَرِي فَيَنْتَقِضُ فِي حَقِّ الْإِضَافَةِ عَلَى مِثَالِ مَا إذَا رَمَى إنْسَانًا بِسَهْمٍ فَتَقَدَّمَ آخَرُ عَلَيْهِ فَأَصَابَهُ فَإِنَّ الرَّمْيَ فِي نَفْسِهِ لَمْ يَتَبَدَّلْ لَكِنَّ الْإِرْسَالَ إلَى الْأَوَّلِ انْقَطَعَ بِتَحَلُّلِ الثَّانِي، وَسَبَبُ هَذَا الْفَسْخِ تَعَذُّرُ قَبْضِ الْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا كَانَ فِي حَقِّ الْإِضَافَةِ لَتَعَذُّرِ انْفِسَاخِ الْبَيْعِ فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ بِنَاءٌ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ أَصْلِهِ لِصِحَّةِ الْحُكْمِ بِهَا؛ فَلِهَذَا تَتَحَوَّلُ الصَّفْقَةُ إلَيْهِ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ هُوَ الْمُشْتَرِي فَتَكُونُ الْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ. كَذَا حَقَّقَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ السَّاعَاتِيِّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمَجْمَعِ وَهُوَ قَوْلٌ بِالْفَسْخِ وَالتَّحَوُّلِ وَهُوَ تَحْقِيقٌ بِالْقَبُولِ حَقِيقٌ (11) قَوْلُهُ: الْمَعْلُومُ لَا يُؤَخَّرُ لِلْمَوْهُومِ. هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: الْمَوْهُومُ لَا يُعَارِضُ الْمُتَحَقِّقَ، يَعْنِي أَنَّ الْحَقَّ مَتَى ثَبَتَ بِيَقِينٍ لَا يُؤَخَّرُ لِحَقٍّ يُتَوَهَّمُ ثُبُوتُهُ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إبْطَالٌ مِنْ وَجْهِ، وَالثَّابِتُ بِيَقِينٍ لَا يَجُوزُ إبْطَالُهُ بِالشَّكِّ. (12) قَوْلُهُ: فَلَوْ قَطَعَ عَيْنَيْ رَجُلَيْنِ إلَخْ. كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ فَقَأَ. (13) قَوْلُهُ: وَلَوْ حَضَرَ أَحَدُ الشَّفِيعَيْنِ إلَخْ. يَعْنِي لَوْ حَضَرَ أَحَدُ شَفِيعَيْ دَارٍ، وَغَابَ الْآخَرُ قُضِيَ لِلْحَاضِرِ بِكُلِّهَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ ثَابِتٌ، وَحَقُّ الْغَائِبِ مَوْهُومٌ عَسَاهُ لَا يَطْلُبُهُ. (14) قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ. أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ بِأَنْ رَدَّهَا أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ إجَازَةِ الْبَيْعِ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الْإِجَارَةِ، وَاَلَّذِي فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَوْ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ وَلَكِنْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا صِحَّةَ لِلطَّلَبِ إلَّا بَعْدَ بُطْلَانِ الْإِجَارَةِ وَنَصُّ

الْأَبُ إذَا اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَكَانَ شَفِيعَهَا كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِهَا. وَالْوَصِيُّ كَالْأَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQعِبَارَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ أَجَّرَ دَارِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً ثُمَّ بَاعَهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَالْمُسْتَأْجِرُ شَفِيعُهَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مَوْقُوفٌ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ لِقِيَامِ الْإِجَارَةِ فَإِنْ أَجَازَهُ الْمُسْتَأْجِرُ نَفَذَ فِي حَقِّهِ وَقَدَرَ الْبَائِعُ عَلَى التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّهُ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ، وَكَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الشُّفْعَةُ لِوُجُودِ سَبَبِهَا، وَلَوْ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ وَلَكِنْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا صِحَّةَ لِلطَّلَبِ إلَّا بَعْدَ بُطْلَانِ الْإِجَارَةِ (انْتَهَى) . وَفِي الْقُنْيَةِ: وَلَوْ أَجَّرَ دَارًا ثُمَّ بَاعَهَا قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ شَفِيعُهَا نَفَذَ فِي حَقِّ الْمُتَبَايِعَيْنِ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ أَجَازَهُ الْمُسْتَأْجِرُ نَفَذَ فِي حَقِّهِ، وَلَهُ الشُّفْعَةُ، وَلَوْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ قَبْلَ الْإِجَارَةِ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَتَّضِحُ مَا نَظَرْنَا بِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَنَّ الصَّوَابَ إنْ طَلَبَهَا يَعْنِي الشُّفْعَةَ، وَقَدْ سَبَقَنِي إلَى هَذَا التَّصْوِيبِ بَعْضُ الْأَكَابِرِ؛ وَمَا قِيلَ يَعْنِي إذَا لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا صِحَّةَ لِطَلَبِهَا إلَّا بَعْدَ بُطْلَانِ الْإِجَارَةِ فَمَعْنَى إنْ رَدَّهَا أَيْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ حُكْمًا إذْ طَلَبُ الشُّفْعَةِ فِيهَا بُطْلَانُ الْإِجَارَةِ (انْتَهَى) كَلَامٌ سَاقِطٌ (15) قَوْلُهُ: الْأَبُ إذَا اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ، وَالْأَبُ شَفِيعُهَا فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَوْ اشْتَرَى مَالَ ابْنِهِ يَجُوزُ. فَكَذَا هُنَا وَمَتَى أَخَذَ بِقَوْلِهِ اشْتَرَيْت فَأَخَذْت بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ وَصِيٌّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي شِرَاءِ الْوَصِيِّ مَالَ الْيَتِيمِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ لَا يَمْلِكُ لَهُ الشُّفْعَةَ أَيْضًا لَكِنْ يَقُولُ اشْتَرَيْت وَطَلَبْت بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُنَصِّبَ قَيِّمًا عَنْ الصَّغِيرِ فِيمَا يَأْخُذُ الْوَصِيُّ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ وَيُسَلِّمُ الثَّمَنَ إلَيْهِ ثُمَّ هُوَ يُسَلِّمُ الثَّمَنَ إلَى الْوَصِيِّ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِيجَازِ الْبَالِغِ حَدَّ الْإِلْغَازِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ تَفْكِيكِ الضَّمِيرِ، وَلَا يُنَبِّئُك مِثْلُ خَبِيرٍ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَبِ وَالْوَصِيِّ تَبَعًا لِلْوَلْوالِجِيّةِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَلَكٍ حَيْثُ قَالَ فِيهِ يَعْنِي صَاحِبَ الْمَجْمَعِ بِالْأَبِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَمْلِكُ أَخْذَهَا لِنَفْسِهِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ، وَحَيْثُ قَالَ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ لِابْنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى الْأَبُ لِنَفْسِهِ وَالصَّبِيُّ شَفِيعُهَا فَلَيْسَ لَهُ

إذَا كَانَتْ دَارُ الشَّفِيعِ مُلَازِقَةً لِبَعْضِ الْمَبِيعِ كَانَ لَهُ الشُّفْعَةُ فِيمَا لَازَقَهُ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ 17 - الْفَتْوَى عَلَى جَوَازِ بَيْعِ دُورِ مَكَّةَ وَوُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِيهَا 18 - يَصِحُّ الطَّلَبُ مِنْ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ إلَى مُوَكِّلِهِ، فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ اتِّفَاقًا (انْتَهَى) . لَكِنْ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلزَّيْلَعِيِّ مَا يُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْوَلْوَالِجِيِّ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الْأَبَ لِنَفْسِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ عَلَى الصَّغِيرِ (انْتَهَى) . أَقُولُ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالزَّيْلَعِيِّ رِوَايَةُ نَوَادِرِ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ لَا يُعَارِضُ مَا فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: لَوْ اشْتَرَى الْأَبُ لِنَفْسِهِ دَارًا، وَوَلَدُهُ الصَّغِيرُ شَفِيعُهَا فَلَيْسَ لِلصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ بَاعَ دَارًا وَوَلَدُهُ الصَّغِيرُ شَفِيعُهَا كَانَ لِلصَّغِيرِ إذَا بَلَغَ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ. (16) قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ دَارُ الشَّفِيعِ مُلَازِقَةً لِبَعْضِ الْمَبِيعِ إلَخْ. كَمَا لَوْ بَاعَ رَجُلٌ أَرْضَيْنِ وَلِرَجُلٍ آخَرَ أَرْضٌ مُلَازِقَةٌ بِهَذِهِ الْأَرَضِينَ؛ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الْأَرْضَ الَّتِي تُلَازِقُ أَرْضَهُ دُونَ الْأُخْرَى وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ الشُّفْعَةُ فِيمَا لَاصَقَهُ فَقَطْ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ يَخُصُّهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى بِالشُّفْعَةِ دَارَيْنِ إحْدَاهُمَا بِالشَّامِ وَالْأُخْرَى بِالْعِرَاقِ وَشَفِيعُهُمَا وَاحِدٌ يَأْخُذُهُمَا أَوْ يَتْرُكُهُمَا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي مَعَ شُمُولِ السَّبَبِ لَهُمَا. كَذَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ وَالْجَارُ الْمُلَازِقُ هُوَ الَّذِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَائِطٌ عَلَى حِدَةٍ وَلَيْسَ بَيْنَ الْحَائِطَيْنِ مَمَرٌّ لِضِيقِ الْمَكَانِ وَلِالْتِصَاقِ الْحَائِطَيْنِ (17) قَوْلُهُ: الْفَتْوَى عَلَى جَوَازِ بَيْعِ دُورِ مَكَّةَ إلَخْ. كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ وَالْقُنْيَةِ وَجَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ، وَفِي الْمُلْتَقَطَاتِ لَا شُفْعَةَ فِي دُورِ مَكَّةَ وَبِهِ يُفْتَى. فَقَدْ اخْتَلَفَتْ الْفَتْوَى. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِيهَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ أَرْضَهَا مَمْلُوكَةٌ لَا أَنَّ مُجَرَّدَ الْبِنَاءِ فِيهَا يُوجِبُ الشُّفْعَةَ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْوَهْبَانِيَّةِ وَقَدْ نَبَّهَ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِهَا عَلَى ذَلِكَ (18) قَوْلُهُ: يَصِحُّ الطَّلَبُ مِنْ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إلَى آخِرِهِ. يَعْنِي الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ

سَلَّمَ لَهُ لَمْ يَصِحَّ وَبَطَلَتْ هُوَ الْمُخْتَارُ. وَالتَّسْلِيمُ مِنْ الشَّفِيعِ لَهُ صَحِيحٌ مُطْلَقًا 19 - سَمِعَ بِالْبَيْعِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ يَطْلُبُ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ ثُمَّ يَشْهَدُ إنْ قَدَرَ، وَإِلَّا وَكَّلَ أَوْ كَتَبَ كِتَابًا وَأَرْسَلَهُ، وَإِلَّا بَطَلَتْ 20 - تَسْلِيمُ الْجَارِ مَعَ الشَّرِيكِ صَحِيحٌ، وَلَوْ سَلَّمَ الشَّرِيكُ لَمْ يَأْخُذْ الْجَارُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّارِ إذَا اشْتَرَى أَوْ قَبَضَ فَجَاءَ الشَّفِيعُ وَأَرَادَ أَنْ يَطْلُبَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْوَكِيلِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ لَمْ يُسَلِّمْ الْوَكِيلُ الدَّارَ إلَى الْمُوَكِّلِ صَحَّ، وَإِنْ سَلَّمَ الدَّارَ إلَى الْمُوَكِّلِ لَا يَصِحُّ الطَّلَبُ مِنْ الْوَكِيلِ وَتَبْطُلُ شُفْعَتُهُ؛ هُوَ الْمُخْتَارُ. وَالْجَوَابُ فِي الْوَكِيلِ مَعَ الْمُوَكِّلِ كَالْجَوَابِ فِي الْبَائِعِ مَعَ الْمُشْتَرِي صَحَّ الطَّلَبُ مِنْ الْبَائِعِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَصِحَّ فِي الثَّانِي هُوَ الْمُخْتَارُ. هَذَا هُوَ الْكَلَامُ فِي الطَّلَبِ أَمَّا الْكَلَامُ فِي التَّسْلِيمِ، فَتَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ مِنْ الْوَكِيلِ صَحِيحٌ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِهِ أَوْ لَمْ تَكُنْ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّلَبَ لِلتَّمْلِيكِ، وَالْوَكِيلُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ لَيْسَ بِخَصْمٍ فِي التَّمْلِيكِ، وَالتَّسْلِيمُ إسْقَاطُ حَقٍّ بِحَقِّ الشِّرَاءِ، وَالشِّرَاءُ قَائِمٌ بِالْوَكِيلِ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَمِنْهُ يَتَّضِحُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ (19) قَوْلُهُ: سَمِعَ بِالْبَيْعِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ إلَخْ الْمَسْأَلَةُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَعِبَارَتُهَا: رَجُلٌ عَلِمَ بِالشِّرَاءِ وَهُوَ فِي مَكَّةَ فَطَلَبَ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ وَعَجَزَ عَنْ طَلَبِ الْإِشْهَادِ بِنَفْسِهِ يُوَكِّلُ وَكِيلًا بِالطَّلَبِ لِيَطْلُبَ لَهُ الشُّفْعَةَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَمَضَى بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى الطَّلَبِ الثَّانِي بِوَكِيلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُوَكِّلُهُ وَوَجَدَ فَيْجًا يَكْتُبُ كِتَابًا عَلَى يَدَيْهِ فَيُوَكِّلُ وَكِيلًا بِالطَّلَبِ بِالْكِتَابِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَمَضَى بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ وَكِيلًا وَلَا فَيْجًا لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِيجَازِ الْمُخِلِّ وَالْفَيْجُ بِالْجِيمِ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَالْجَمْعُ فُيُوجُ كَمَا فِي الصِّحَاحِ (20) قَوْلُهُ: تَسْلِيمُ الْجَارِ مَعَ الشَّرِيكِ صَحِيحٌ إلَخْ. أَقُولُ: إنَّمَا كَانَ تَسْلِيمُ الْجَارِ مَعَ وُجُودِ الشَّرِيكِ صَحِيحًا لِصِحَّةِ طَلَبِ الشُّفْعَةِ مَعَ وُجُودِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ فِي الْحَالِ؛ قَالَ الْمَوْلَى عَلَاءُ الدِّينِ الْأَسْوَدُ فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ: إنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ سَلَّمَ الشَّرِيكُ الشُّفْعَةَ إنَّمَا يَثْبُتُ لِلْجَارِ حَقُّ الشُّفْعَةِ إذَا كَانَ الْجَارُ قَدْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ حِينَ سَمِعَ

سَلَامُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا يُبْطِلُهَا، وَهُوَ الْمُخْتَارُ. الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ فِي الْحَالِ أَمَّا إذَا طَلَبَ حَتَّى سَلَّمَ الشَّرِيكُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ (انْتَهَى) . وَقَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ سَلَّمَ الشَّرِيكُ إلَخْ. تَفْرِيعٌ عَلَى صِحَّةِ تَسْلِيمِ الْجَارِ مَعَ وُجُودِ الشَّرِيكِ وَوَجْهُ التَّفْرِيعِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَسْلِيمًا مَعَ وُجُودِ الشَّرِيكِ صَحِيحًا لَمْ يَبْقَ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ عِنْدَ تَسْلِيمِ الشَّرِيكِ لِسُقُوطِ حَقِّهِ بِالتَّسْلِيمِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَفِي الْقُنْيَةِ فِي بَاب مَا يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ: وَلَوْ كَانَ لِلْمَبِيعِ شَرِيكٌ وَجَارٍ فَسَمِعَا الْبَيْعَ فَطَلَبَ الشَّرِيكُ، وَمَكَثَ الْجَارُ ثُمَّ سَلَّمَ الشَّرِيكُ فَلَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ لِتَرْكِهِ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ (انْتَهَى) . وَفِيهَا فِي بَابِ طَلَبِ الْمَشْفُوعِ: لِلْجَارِ طَلَبُ الشُّفْعَةِ مَعَ غَيْبَةِ الْخَلِيطِ فَإِذَا حَضَرَ الْخَلِيطُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ الْجَارُ حَتَّى حَضَرَ الْخَلِيطُ، وَسَلَّمَ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ (انْتَهَى) . وَالْخَلِيطُ أَعَمُّ مِنْ الشَّرِيكِ فَكُلُّ شَرِيكٍ خَلِيطٌ وَلَا عَكْسَ. وَالْخَلِيطُ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ شَرِيكٌ خَاصٌّ كَذَا بِخَطِّ الْفَاضِلِ الْقَرْمَانِيِّ وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْت (انْتَهَى) . وَفِي الْمُسْتَصْفَى شَرْحِ النَّافِعِ: الْخَلِيطُ وَالشَّرِيكُ يُنْبِئَانِ عَنْ مَعْنًى وَاحِدٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ وَفِي الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ الْمُحِيطِ: إنَّ الطَّلَبَ وَاجِبٌ عَلَى الْكُلِّ يَعْنِي الشَّرِيكَ وَالْخَلِيطَ وَالْجَارَ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ أَخْذِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْجَارَ إذَا لَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ لِمَكَانِ الشَّرِيكِ ثُمَّ سَلَّمَ الشَّرِيكُ الشُّفْعَةَ لَمْ يَكُنْ لِلْجَارِ شُفْعَتُهُ (انْتَهَى) . وَذَكَرَ الْبَزَّازِيُّ نَقْلًا عَنْ الْمَحْبُوبِيِّ فِي تَرْتِيبِ الشُّفْعَةِ: الشَّرِيكُ فِي الْبَيْتِ ثُمَّ فِي الدَّارِ ثُمَّ الشَّرِيكُ فِي الْأَسَاسِ ثُمَّ الشَّرِيكُ فِي الشُّرْبِ ثُمَّ فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ الْجَارُ الْمُلَازِقُ، وَهُوَ الَّذِي لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَائِطٌ عَلَى حِدَةٍ، وَلَيْسَ بَيْنَ الْحَائِطَيْنِ مَمَرٌّ لِضِيقِ الْمَكَانِ وَلِالْتِصَاقِ الْحَائِطَيْنِ حَتَّى لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ نَافِذٌ فَلَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ، وَلَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ الْمُقَابِلِ إذَا كَانَتْ الْمَحَلَّةُ نَافِذَةً وَتَجِبُ الشُّفْعَةُ إذَا كَانَتْ غَيْرَ نَافِذَةٍ، وَالشَّفِيعُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ الْجَارِ؛ قَالَ مَشَايِخُنَا: لَمْ يُرِدْ بِهِ طَرِيقًا عَامًّا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِأَحَدٍ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ مَا يَكُونُ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ (انْتَهَى) . وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهَا. (21) قَوْلُهُ: سَلَامُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا يُبْطِلُهَا هُوَ الْمُخْتَارُ إلَخْ. كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ كَلَّمَ قَبْلَ السَّلَامِ فَلَا تُجِيبُوهُ» وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ اشْتَرَى عَقَارًا فَلَقِيَهُ الشَّفِيعُ وَاقِفًا مَعَ الْأَبِ فَسَلَّمَ الشَّفِيعُ قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ إنْ

مِنْ الشَّفِيعِ يُبْطِلُهَا قَضَاءً مُطْلَقًا وَلَا يُبْطِلُهَا دِيَانَةً إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا إذَا صَبَغَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ فَجَاءَ الشَّفِيعُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ، إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مَا زَادَ الصَّبْغَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ 23 - كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. وَفِيهِ نَظَرٌ 24 - أَخَّرَ الشَّفِيعُ الْجَارُ الطَّلَبَ لِكَوْنِ الْقَاضِي لَا يَرَاهَا فَهُوَ مَعْذُورٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــQسَلَّمَ عَلَى الْأَبِ تَبْطُلُ الشُّفْعَةُ، وَإِنْ سَلَّمَ عَلَى الِابْنِ لَا؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ مُحْتَاجٌ إلَى التَّسْلِيمِ عَلَى الِابْنِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ مِفْتَاحَ الْكَلَامِ السَّلَامُ وَغَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى السَّلَامِ عَلَى الْأَبِ (انْتَهَى) . وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: أَنَّ الْكَلَامَ قَبْلَ السَّلَامِ مَكْرُوهٌ. (22) قَوْلُهُ: مِنْ الشَّفِيعِ يُبْطِلُهَا إلَخْ. الْمَسْأَلَةُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَعِبَارَتُهَا: دَارٌ بِيعَتْ فَقَالَ لِلشَّفِيعِ أَبَرِئْنَا مِنْ كُلِّ خُصُومَةٍ لَك قِبَلَنَا فَفَعَلَ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ وَجَبَتْ لَهُ قِبَلَهُمَا شُفْعَةٌ لَا شُفْعَةَ لَهُ فِي الْقَضَاءِ، وَلَهُ الشُّفْعَةُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - إذَا كَانَ بِحَالٍ لَوْ يَعْلَمُ بِذَلِكَ لَمْ يُبْرِئْهُمَا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ أَبْطَلَ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهَذَا الْإِبْطَالِ. وَنَظِيرُ هَذَا مَا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: اجْعَلْنِي فِي حِلٍّ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا لَهُ قِبَلَهُ فَجَعَلَهُ فِي حِلٍّ يَصِيرُ فِي حِلٍّ وَلَا يَبْقَى لَهُ قِبَلَهُ شَيْءٌ فِي الْقَضَاءِ وَيَبْقَى فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - إذَا كَانَ بِحَالٍ لَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ الْحَقِّ لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ (انْتَهَى) . أَقُولُ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ إذَا قَالَ: إنْ لَمْ أَجِئْ بِالثَّمَنِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الشُّفْعَةِ فَلَمْ يَجِئْ بِالثَّمَنِ إلَى الْوَقْتِ الَّذِي وَقَّتَ؛ ذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَقَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ: لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ مَتَى ثَبَتَتْ بِطَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَتَقَرَّرَتْ بِالْإِشْهَادِ لَا تَبْطُلُ مَا لَمْ يُسَلِّمْ بِلِسَانِهِ (انْتَهَى) وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالْإِبْرَاءِ الْخَاصِّ عَلَى مَا هُوَ الصَّحِيحُ فَبِالْإِبْرَاءِ الْعَامُّ أَحْرَى أَنْ لَا تَبْطُلَ. (23) قَوْلُهُ: كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ. أَقُولُ: ظَاهِرُهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ كَلَامِهِ لَا مِنْ كَلَامِ الْوَلْوَالِجِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مِنْ كَلَامِهِ وَبَيْنَ وَجْهِ النَّظَرِ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا بَنَى فِي الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ بِنَاءً كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَنْقُضَ الْبِنَاءَ وَيَأْخُذَ الدَّارَ، وَلَا يُعْطِيَهُ مَا زَادَ فِيهَا (انْتَهَى) (24) قَوْلُهُ: أَخَّرَ الشَّفِيعُ الْجَارَ الطَّلَبَ إلَخْ. أَقُولُ: يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُخْفِ وَأَخَّرَ

وَكَذَا لَوْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي إحْضَارَهُ فَامْتَنَعَ فَأَخَّرَ 26 - الْيَهُودِيُّ إذَا سَمِعَ بِالْبَيْعِ يَوْمَ السَّبْتِ فَلَمْ يَطْلُبْ لَمْ يَكُنْ عُذْرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَبْطُلُ بِتَأَخُّرِ طَلَبِ التَّمَلُّكِ عِنْدَ الْإِمَامِ مُطْلَقًا، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُجْتَبَى؛ لِأَنَّ الْحَقَّ مَتَى ثَبَتَ وَاسْتَقَرَّ يَعْنِي بِطَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَالتَّقْرِيرِ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِإِسْقَاطِهِ وَهُوَ التَّصْرِيحُ بِلِسَانِهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَسْقُطُ بِتَرْكِ الْمُحَاكَمَةِ وَالْمُرَافَعَةِ إلَى الْقَاضِي مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ دَلِيلُ الْإِعْرَاضِ وَالتَّسْلِيمِ كَمَا فِي تَأْخِيرِ الطَّلَبَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ التَّأْخِيرُ دُونَ شَهْرٍ لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ أَدْنَى الْآجَالِ وَمَا دُونَهَا عَاجِلٌ لَكِنْ فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ جَامِعِ الْفَتَاوَى: الشَّفِيعُ إذَا تَرَكَ الْمُخَاصَمَةَ إلَى الْقَاضِي فِي زَمَانٍ يَقْدِرُ عَلَى الْمُخَاصَمَةِ بَطَلَتْ، وَلَمْ يُوَقِّتْ وَقْتًا (انْتَهَى) . إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَخِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَاعْلَمْ أَنَّهُ ذُكِرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْكُتُبِ أَنَّ مَنْ لَا يَرَى الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ إذَا جَاءَ إلَى حَاكِمٍ يَرَاهُ وَطَلَبَهَا قِيلَ لَا يَقْضِي لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ بُطْلَانَ دَعْوَاهُ، وَقِيلَ يَقْضِي؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَرَى وُجُوبَهَا وَقِيلَ: يُقَالُ لَهُ تَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا إنْ قَالَ نَعَمْ حُكِمَ لَهُ بِهَا وَإِنْ قَالَ لَا لَا يُصْغَى إلَى كَلَامِهِ. قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقَاوِيلِ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ كَلَامٍ لَوْ قَضَى حَنَفِيٌّ لِشَافِعِيِّ بِالْجِوَارِ هَلْ يَحِلُّ بَاطِنًا؟ فِيهِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا فِي الْوَسِيطِ (انْتَهَى) . وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ شَفِيعَانِ جَارَانِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ فَخَاصَمَ الْحَاضِرُ الْمُشْتَرِيَ إلَى قَاضٍ لَا يَرَى الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ فَقَالَ الْقَاضِي لَهُ: لَا أُشَفِّعُكَ أَوْ قَالَ: أَبْطَلْتُ شُفْعَتَكَ ثُمَّ قَدِمَ الشَّفِيعُ الْآخَرُ، وَخَاصَمَ الْمُشْتَرِيَ إلَى قَاضٍ يَرَى الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ فَإِنَّهُ يَقْضِي لَهُ بِجَمِيعِ الدَّارِ، وَإِنْ طَلَبَ الْأَوَّلُ الْقَضَاءَ مِنْ هَذَا الْقَاضِي فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي لَهُ بِشَيْءٍ. (25) قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي إحْضَارَهُ فَامْتَنَعَ فَأَخَّرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَعِبَارَتُهَا: رَجُلٌ لَهُ شُفْعَةٌ عِنْدَ الْقَاضِي يَقْدُمُهُ إلَى السُّلْطَانِ الَّذِي يُوَلِّي الْقُضَاةَ وَإِنْ كَانَتْ شُفْعَتُهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ فَامْتَنَعَ الْقَاضِي مِنْ إحْضَارِهِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا عُذْرٌ (26) قَوْلُهُ: الْيَهُودِيُّ إذَا سَمِعَ بِالْبَيْعِ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْيَهُودِيَّ إذَا طُلِبَ إلَى مَجْلِسِ الشَّرْعِ لِلدَّعْوَى عَلَيْهِ لَا يَكُونُ سَبْتُهُ عُذْرًا لِعَدَمِ

تَعْلِيقُ إبْطَالِهَا بِالشَّرْطِ جَائِزٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْضَارِهِ. بَلْ يَكْسِرُ سَبْتَهُ وَيَحْضُرُ إلَى الشَّرْعِ وَهِيَ تَقَعُ كَثِيرًا (انْتَهَى) . أَقُولُ: تَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِالْيَهُودِيِّ الظَّاهِرُ: أَنَّهُ اتِّفَاقِيٌّ، وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ الْأَحَدُ عُذْرًا فِي حَقِّ النَّصَارَى، وَإِنْ كَانَ النَّصَارَى يَدِينُونَ تَرْكَ الْأَعْمَالِ يَوْمَ الْأَحَدِ بِالشُّفْعَةِ فَلَمْ يُطْلَبْ شُفْعَتُهُ، وَنُكْتَةُ تَخْصِيصِ الْيَهُودِيِّ بِالذِّكْرِ أَنَّ الْيَهُودَ نُهُوا عَنْ الْأَعْمَالِ يَوْمَ السَّبْتِ وَلَمْ تُنْهَ النَّصَارَى عَنْ الْأَعْمَالِ يَوْمَ الْأَحَدِ لَكِنَّ هَذَا النَّهْيَ نُسِخَ فِي شَرْعِنَا. (27) قَوْلُهُ: تَعْلِيقُ إبْطَالِهَا بِالشَّرْطِ جَائِزٌ. قَالَ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي: حَتَّى لَوْ قَالَ سَلَّمْت إلَيْك الشُّفْعَةَ إنْ كُنْتَ اشْتَرَيْته لِنَفْسِك فَإِذَا اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ مَحْضٌ (انْتَهَى) . وَفِي الْخَانِيَّةِ: قَالَ الشَّفِيعُ إنْ لَمْ أَجِئْ بِالثَّمَنِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الشُّفْعَةِ، وَلَمْ يَجِئْ بِالثَّمَنِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ إسْقَاطٌ مَحْضٌ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ مَتَى تَثْبُتْ بِطَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَالْإِشْهَادِ تَأَكَّدَتْ وَلَا تَبْطُلُ مَا لَمْ يُسَلِّمْ بِلِسَانِهِ انْتَهَى وَهُوَ مُعَارِضٌ لِمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي؛ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ مَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَالْخَانِيَّةِ لِجَوَازِ حَمْلِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى إبْطَالِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَقْرِيرِهَا بِطَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَالْإِشْهَادِ وَحَمْلِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى إبْطَالِهَا قَبْلَ ثُبُوتِهَا وَتَقْرِيرِهَا بِالطَّلَبَيْنِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْخَانِيَّةِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ مَتَى ثَبَتَتْ إلَخْ. فَقَوْلُ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ صِحَّةِ تَعْلِيقِ تَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ بِالشَّرْطِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَالْإِشْهَادِ أَوْ بَعْدَهُمَا مُسْتَدِلًّا بِكَلَامِ الْخَانِيَّةِ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مَفْهُومَ كَلَامِ الْخَانِيَّةِ يُفِيدُ أَنَّهُ قَبْلَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَالْإِشْهَادِ يَصِحُّ تَعْلِيقُ إبْطَالِهَا وَالْمَفْهُومُ مُعْتَبَرٌ فِي عِبَارَةِ الْكُتُبِ كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ فِي بَحْثِ الِاسْتِبْدَالِ حَيْثُ قَالَ: إنَّ مَفْهُومَ التَّصَانِيفِ حُجَّةٌ بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: يَرِدُ عَلَى كَوْنِ تَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ إسْقَاطًا مَحْضًا مَسْأَلَةٌ، وَهِيَ مَا ذَكَرَهَا السَّرَخْسِيُّ فِي بَابِ الصُّلْحِ مِنْ الْجِنَايَاتِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ الْمَبْسُوطِ: أَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ إبْطَالِهِ بِالشَّرْطِ فَلَا يَحْتَمِلُ الْإِضَافَةَ إلَى الْوَقْتِ، وَإِنْ كَانَ إسْقَاطًا مَحْضًا؛ وَلِهَذَا لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ فَأَسْقَطَ لَا تُبْطِلُ حَقَّهُ فِي الشُّفْعَةِ؛ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ لَيْسَ بِإِسْقَاطٍ مَحْضٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ إسْقَاطًا مَحْضًا يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ اعْتِبَارًا بِعَامَّةِ الْإِسْقَاطَاتِ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي إكْرَاهِ الْمَبْسُوطِ (انْتَهَى) .

أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي طَلَبَ الشَّفِيعِ حِينَ عَلِمَ فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ 29 - عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ادَّعَى الشَّفِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ احْتَالَ لِإِبْطَالِهَا يَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ فَلَهُ الشُّفْعَةُ. 30 - وَفِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ خِلَافُهُ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاعْلَمْ أَنَّهُ ذُكِرَ فِي الْهِدَايَةِ أَنَّ إسْقَاطَ الشُّفْعَةِ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَائِزِ مِنْ الشَّرْطِ فَبِالْفَاسِدِ أَوْلَى وَنَظَرَ فِيهِ الْأَتْقَانِيُّ فَلْيُرَاجَعْ (28) قَوْلُهُ: أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي طَلَبَ الشَّفِيعِ إلَى قَوْلِهِ فَالْقَوْلُ لَهُ: أَقُولُ فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الشَّفِيعِ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ طَلَبَ حِينَ عَلِمَ بِالْبَيْعِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي، وَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ فَلْيُحَرَّرْ مَا هُوَ الْمَذْهَبُ (29) قَوْلُهُ: عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إذَا أَنْكَرَ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ أَمَّا إذَا أَنْكَرَ طَلَبَ التَّقْرِيرِ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ لِإِحَاطَةِ الْعِلْمِ بِهِ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْقُهُسْتَانِيِّ (30) قَوْلُهُ: وَفِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ خِلَافُهُ. حَيْثُ قَالَ مَا مَعْنَاهُ: لَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُشْتَرِيَ بِاَللَّهِ مَا أَرَادَ إبْطَالَ شُفْعَتِي بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: مَا فِي الْوَهْبَانِيَّةِ أَوْلَى مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: كُلُّ مَوْضِعٍ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لَوْ أَنْكَرَهُ لَا يَحْلِفُ وَهُنَا لَوْ أَقَرَّ بِالْحِيلَةِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا ابْتِدَاءً لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَلَا يَحْلِفُ، وَفِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ: لَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُشْتَرِيَ بِاَللَّهِ أَنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ مَا كَانَ تَلْجِئَةً كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ مَعْنًى لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ، وَهُوَ خَصْمٌ؛ قَالَ: وَهُوَ تَأْوِيلُ مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الِاسْتِحْلَافَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ إبْطَالَ الشُّفْعَةِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَنَّ الْبَيْعَ تَلْجِئَةٌ. وَفِي الْخَانِيَّةِ بَعْدَ سَرْدِ جُمْلَةٍ مِنْ الْحِيَلِ الْمُبْطِلَةِ لَهَا: وَإِذَا أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُشْتَرِيَ أَوْ الْبَائِعُ بِاَللَّهِ مَا أَرَدْت إبْطَالَ الشُّفْعَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي شَيْئًا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَمِثْلُهُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَالْحِيلَةُ لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا ابْتِدَاءً لَا تُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَى قَوْلِهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ. هَذَا، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: رَجُلٌ اشْتَرَى عَقَارًا بِدَرَاهِمَ جُزَافًا، وَقَدْ اتَّفَقَ الْبَائِعَانِ أَنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ مِقْدَارَ الدَّرَاهِمِ وَقَدْ هَلَكَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ التَّقَابُضِ فَالشَّفِيعُ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ عُمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ يَأْخُذُ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ يُعْطِي الثَّمَنَ عَلَى زَعْمِهِ إلَّا إذَا

اشْتَرَى الْأَبُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ اخْتَلَفَ مَعَ الشَّفِيعِ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ بِلَا يَمِينٍ 32 - هِبَةُ بَعْضِ الثَّمَنِ تَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ إلَّا إذَا كَانَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَثْبَتَ الْمُشْتَرِي الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ (انْتَهَى) . وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ مِنْ جُمْلَةِ الْحِيَلِ الْمُسْقِطَةَ لِلشُّفْعَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ الدَّارَ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ أَوْ يَشْتَرِيَ بَعْضَهَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَبَعْضَهَا بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ ثُمَّ يَسْتَهْلِكَهُ مِنْ سَاعَتِهِ (انْتَهَى) . وَفِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ مِنْ جُمْلَةِ الْحِيَلِ أَنْ يَجْعَلَ الثَّمَنَ مَجْهُولًا عِنْدَ الشُّفْعَةِ وَقَالَ: إنَّ جَهَالَةَ الثَّمَنِ عِنْدَ أَخْذِ الشُّفْعَةِ يَمْنَعُ مِنْ الْأَخْذِ (انْتَهَى) . فَلْيُتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ. لَكِنْ مَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَالدُّرَرِ وَالْغُرَرِ أَوْلَى وَلَا يُعَارِضُهُ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ؛ لِأَنَّ مَا فِي الشُّرُوحِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى وَلَا يُعَارِضُهَا خُصُوصًا إذَا لَمْ يَنُصَّ فِيهَا عَلَى الْفَتْوَى كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا تَفْعَلُهُ الْقُضَاةُ فِي زَمَانِنَا مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُضِيفُ إلَى الثَّمَنِ خَاتَمًا مَجْهُولَ الْوَزْنِ وَالْقِيمَةِ وَيُبْطِلُونَ بِذَلِكَ شُفْعَةَ الشَّفِيعِ صَحِيحٌ مُعْتَبَرٌ، لَا كَمَا زَعَمَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ مُتَمَسِّكًا بِمَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ ذُكِرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ لَا حِيلَةَ لِإِسْقَاطِ الْحِيلَةِ وَطَلَبْنَاهَا كَثِيرًا فَلَمْ نَجِدْهَا. (31) قَوْلُهُ: اشْتَرَى الْأَبُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ إلَى قَوْلِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ بِلَا يَمِينٍ. الْمَسْأَلَةُ فِي الْخَانِيَّةِ وَعِبَارَتُهَا: رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ، وَاخْتَلَفَ الْأَبُ مَعَ الشَّفِيعِ فِي الثَّمَنِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ حَقَّ التَّمْلِيكِ بِمَا ادَّعَى مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ الِاسْتِحْلَافِ الْإِقْرَارُ، وَلَوْ أَقَرَّ الْأَبُ بِمَا ادَّعَى الشَّفِيعُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَى الصَّغِيرِ (32) قَوْلُهُ: هِبَةُ بَعْضِ الثَّمَنِ إلَخْ. الْمَسْأَلَةُ فِي الْخَانِيَّةِ وَعِبَارَتُهَا: رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ. وَقَبَضَهَا الْبَائِعُ، وَحَضَرَ الشَّفِيعُ وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ الْمُشْتَرِي بِمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ نَقَدَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ، وَوَهَبَ لَهُ الْبَائِع مِنْهَا خَمْسَةً بَعْدَمَا أَخَذَ الْمِائَةَ فَعَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْهِبَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ شَيْئًا مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ وَهَبَ مِنْ الْمُشْتَرِي خَمْسَةً مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ

حَطُّ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ لَا يَلْتَحِقُ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ 34 - لَهُ دَعْوَى فِي رَقَبَةِ الدَّارِ وَشُفْعَةٌ فِيهَا؛ يَقُولُ: هَذِهِ الدَّارُ دَارِي، وَأَنَا أَدَّعِيهَا فَإِنْ وَصَلَتْ إلَيَّ، وَإِلَّا فَأَنَا عَلَى شُفْعَتِي فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّمَنِ مَا وَهَبَ لَهُ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّ هِبَةَ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ حَطٌّ، وَالْحَطُّ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَكَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرَ مَا حَطَّ عَنْهُ الْبَائِعُ أَمَّا بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ هِبَةً، الْقَبْضُ لَيْسَ بِحَطٍّ بَلْ هُوَ تَمْلِيكٌ مُبْتَدَأٌ فَكَأَنَّهُ وَهَبَ لَهُ مَالًا آخَرَ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِيجَازِ الْبَالِغِ حَدَّ الْإِلْغَازِ بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: يُفْهَمُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِهِبَةِ الْبَعْضِ أَنَّ هِبَةَ كُلِّ الثَّمَنِ لَا تَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ مُطْلَقًا، وَإِذَا لَمْ تَظْهَرْ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ فَهَلْ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي سَمَّى قَبْلَ الْهِبَةِ أَوْ بِالْقِيمَةِ. لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَقْلًا صَرِيحًا. وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ. إذَا اشْتَرَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ دَارًا ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِالْقِيمَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبَضَ الثَّمَنَ كُلَّهُ ثُمَّ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ (انْتَهَى) . فَعَلَى قِيَاسِ هَذَا يُقَالُ: إنْ وَهَبَ كُلَّ الثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالْقِيمَةِ، وَلَا يَأْخُذْ بِالثَّمَنِ (33) قَوْلُهُ: حَطُّ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ لَا يَلْتَحِقُ إلَخْ. الْمَسْأَلَةُ فِي الْخَانِيَّةِ وَعِبَارَتُهَا: الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ الدَّارَ بِأَلْفٍ ثُمَّ إنَّ الْوَكِيلَ حَطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي مِائَةً مِنْ الثَّمَنِ صَحَّ حَطُّهُ وَيَضْمَنُ قَدْرَ الْمَحْطُوطِ لِلْأَمْرِ وَيَبْرَأُ الْمُشْتَرِي عَنْ الْمِائَةِ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الدَّارَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ حَطَّ الْكُلِّ لَا يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ حَطُّ الْوَكِيلِ بَعْضَ الثَّمَنِ إذْ هُوَ الَّذِي يَفْتَرِقُ فِيهِ الْحَالُ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ أَمَّا حَطُّ الْكُلِّ فَلَا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْحَالُ قَالَ فِي الْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ لِابْنِ الْمَلِكِ: وَلَوْ حَطَّ الْبَائِعُ عَنْ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الثَّمَنِ يَسْقُطُ عَنْ الشَّفِيعِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَسْقُطُ، بَلْ عَلَى الشَّفِيعِ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى، وَهَذَا الْخِلَافُ فَرْعُ الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْحَطَّ لَا يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ عِنْدَهُ بَلْ هُوَ هِبَةٌ لِلْمُشْتَرِي. وَعِنْدَنَا يَلْتَحِقُ، وَلَوْ حَطَّ الْبَائِعُ كُلَّ الثَّمَنِ لَمْ يَسْقُطْ وَلَا يَلْتَحِقُ ذَلِكَ بِأَصْلِ الْعَقْدِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ الْتَحَقَ صَارَ بَيْعًا بِلَا ثَمَنٍ (انْتَهَى) . وَلَا يُشْكِلُ عَدَمُ الْتِحَاقِ حَطِّ الْوَكِيلِ عَلَى صِحَّةِ حَطِّهِ؛ لِأَنَّ تَضْمِينَ الْوَكِيلِ يَجْعَلُ الْحَطَّ كَأَنَّهُ هِبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ مِنْ الْوَكِيلِ حَتَّى كَأَنَّهُ وَهَبَ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ مَالِهِ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ قُلْنَا: لَا يَلْتَحِقُ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ (34) قَوْلُهُ: لَهُ دَعْوَى فِي رَقَبَةِ الدَّارِ وَشُفْعَةٌ فِيهَا إلَخْ. الْمَسْأَلَةُ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ

اسْتَوْلَى الشَّفِيعُ عَلَيْهَا بِلَا قَضَاءٍ، فَإِنْ اعْتَمَدَ قَوْلَ عَالِمٍ لَا يَكُونُ ظَالِمًا، وَإِلَّا كَانَ ظَالِمًا. وَفِي جِنَايَاتِ الْمُلْتَقَطِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، 36 - أَشْيَاءُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعِبَارَتُهَا: وَلَوْ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِ دَارِ رَجُلٍ هُوَ شَفِيعُهَا، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّ رَقَبَةَ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ لَهُ، وَهُوَ يَخَافُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى رَقَبَتَهَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ، وَإِنْ ادَّعَى الشُّفْعَةَ فِيهَا تَبْطُلُ دَعْوَاهُ فِي الرَّقَبَةِ، فَيَقُولُ: هَذِهِ الدَّارُ دَارِي، وَأَنَا أَدَّعِي رَقَبَتَهَا فَإِنْ وَصَلْت إلَيْهَا، وَإِلَّا أَنَا عَلَى شُفْعَتِي؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ كَلَامٌ وَاحِدٌ فَلَا يَتَحَقَّقُ السُّكُوتُ عَنْ طَلَبِ الشُّفْعَةِ، وَإِنْ أَدْرَكَتْ الصَّغِيرَةُ، وَثَبَتَ لَهَا خِيَارُ الْبُلُوغِ وَثَبَتَ لَهَا شُفْعَتُهُ فَطَلَبَتْ الشُّفْعَةَ وَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا بِأَنْ قَالَتْ طَلَبْت الشُّفْعَةَ وَاخْتَرْت نَفْسِي، أَوْ قَالَتْ بِالْعَكْسِ. يَجُوزُ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا، وَيَبْطُلُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا قَادِرَةٌ عَلَى الْقِرَانِ بَيْنَهُمَا بِأَنْ تَقُولَ: أَطْلُبُهُمَا جَمِيعًا الشُّفْعَةَ وَالْخِيَارَ فَإِذَا فَرَّقَتْ صَحَّ الْأَوَّلُ وَبَطَلَ الثَّانِي. (35) قَوْلُهُ: اسْتَوْلَى الشَّفِيعُ عَلَيْهَا بِلَا قَضَاءٍ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا وُجُوبُ التَّعْزِيرِ وَعَدَمُهُ فَإِذَا اسْتَوْلَى عَلَى الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ بِلَا حُكْمٍ لَكِنْ مُعْتَمِدًا قَوْلَ عَالِمٍ لَا يَلْزَمُهُ التَّعْزِيرُ لِعَدَمِ الظُّلْمِ. ثُمَّ قَالَ: وَلِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلشَّفِيعِ إلَّا بَعْدَ الْأَخْذِ بِالتَّرَاضِي أَوْ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي. وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ قَبْلَ وُجُودِ أَحَدِهِمَا لَا يَثْبُتُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْمِلْكِ حَتَّى لَا تُورَثَ عَنْهُ إذَا مَاتَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَتَبْطُلَ شُفْعَتُهُ إذَا بَاعَ دَارِهِ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا، وَلَوْ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَسْتَحِقُّهَا بِالشُّفْعَةِ لِعَدَمِ مِلْكِهِ فِيهَا، وَإِذَا كَانَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِأَحَدِهِمَا فَاسْتِيلَاؤُهُ عَلَيْهَا بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْعَالِمِ اسْتِيلَاءٌ عَلَى غَيْرِ مِلْكِهِ فَيَكُونُ ظُلْمًا كَمَا لَا يَخْفَى. وَإِذَا اُعْتُبِرَ مُجَرَّدُ اسْتِقْرَارِهَا فَهُوَ مَوْجُودٌ بِالْإِشْهَادِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الْعَالِمِ، وَلَا عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي، وَلَا عَلَى الْأَخْذِ بِالرِّضَاءِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (36) قَوْلُهُ: أَشْيَاءُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ. أَيْ تُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ لَا عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ وَقَدْ نَظَمْتُهَا فِي أَبْيَاتٍ وَزِدْت عَلَى مَا فِي الْمُلْتَقَطَاتِ ثَلَاثَةً فَقُلْت. إنَّ التَّقَاسُمَ بِالرُّءُوسِ يَكُونُ فِي ... سَبْعٍ لَهُنَّ عَلَى عُقُودٍ نِظَامِي

الْعَقْلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي سَاحَةٍ مَعَ شُفْعَةٍ وَنَوَائِبَ ... أَنْ مِنْ هَؤُلَاءِ أُجْرَةُ الْقَسَّامِ وَكَذَاكَ مَا يُرْمَى مِنْ السُّفُنِ الَّتِي ... يُخْشَى بِهَا غَرَقٌ وَطَرْقُ كِرَامِ وَكَذَاك عَاقِلُهُ وَقَدْ تَمَّ الَّذِي ... حَرَّرْتُهُ لِأَفَاضِلِ الْأَعْلَامِ (37) قَوْلُهُ: الْعَقْلُ. يَعْنِي الدِّيَةَ قَالَ الْغَجْدَوَانِيُّ فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلْخَلَّاطِيِّ مَا نَصُّهُ: تَرْكُ الْغَوْثِ وَالْحِفْظِ تَسَبُّبٌ فِي النَّفْسِ دُونَ الْعُضْوِ وَالسِّقْطُ وَالْمَالُ تَعْظِيمًا لِأَمْرِ الدَّمِ وَأَقْوَى الْمِلْكِ بِالْمُكْنَةِ، فَإِذَا وُجِدَ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ قَتِيلًا فِي مَكَانِ مَمْلُوكٍ قُسِّمَتْ الْقِيمَةُ أَوْ الدِّيَةُ عَلَى عَدَدِ الْمُلَّاكِ دُونَ قَدْرِ الْأَمْلَاكِ إذْ الْعِلَّةُ تُرَجَّحُ بِالْقُوَّةِ لَا بِالْكَثْرَةِ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ فَيَكُونُ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ قِسْطُ ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ، ثُمَّ الْمُكْنَةُ الَّتِي بِالنِّسْبَةِ حَالَ كَوْنِ الِانْتِسَابِ خَاصًّا، فَإِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةٍ أَوْ مَسْجِدٍ قُسِّمَتْ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ نُسِبَتْ إلَيْهِ الْمَحَلَّةُ أَوْ الْمَسْجِدُ ثَلَاثَ قَبَائِلَ بِأَنْ كَانَتْ إحْدَى الْقَبَائِلِ مَثَلًا بَكْرَ بْنَ وَائِلٍ وَهُمْ عِشْرُونَ رَجُلًا، وَالْقَبِيلَةُ الْأُخْرَى قَيْسٌ وَهُمْ ثَلَاثُونَ رَجُلًا وَالْقَبِيلَةُ الْأُخْرَى تَمِيمٌ وَهُمْ أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَوُجِدَ فِي مَسْجِدِهِمْ أَوْ مَحَلَّتِهِمْ قَتِيلٌ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا بِعَدَدِ الْقَبَائِلِ عَلَى كُلِّ قَبِيلَةٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ دُونَ عَدَدِ الرُّءُوسِ عَكْسُ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ ثَمَّةَ تُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ دُونَ الْقَبَائِلِ، وَإِنَّمَا قُسِّمَتْ هُنَا بِعَدَدِ الْقَبَائِلِ دُونَ الرُّءُوسِ وَفَاءً بِمُكْنَةِ التَّدْبِيرِ يَعْنِي أَنَّ هَذَا الضَّمَانَ بِسَبَبِ تَرْكِ الْغَوْثِ وَالْحِفْظِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَالْحِفْظُ يَكُونُ بِحُكْمِ التَّدْبِيرِ وَالْقِيَامِ بِمَصَالِحِ الْمَوْضِعِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يُوَازِي الْآخَرَ فِي ذَلِكَ إذَا كَانُوا فِي الِاحْتِفَاظِ سَوَاءً مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ قِلَّتِهِمْ أَوْ كَثْرَتِهِمْ، وَلِذَا لَوْ كَانَ مِنْ إحْدَى الْقَبَائِلِ وَاحِدٌ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَأَنَّهُ احْتَفَظَ مَعَهُمْ الْمَسْجِدَ أَوْ الْمَحَلَّةَ كَانَتْ ثُلُثُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَالثُّلُثَانِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَبِيلَتَيْنِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ تَقْيِيدُ مَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ بِمَا إذَا كَانَ وُجُوبُ الدِّيَةِ بِاعْتِبَارِ مُكْنَةِ الْمِلْكِ فَلْيُحْفَظْ، فَإِنَّ أَكْثَرَ الْكُتُبِ خَالِيَةٌ عَنْهُ. قُلْت: وَعَلَى كَوْنِ الْعَقْلِ بِمَعْنَى الدِّيَةِ اسْتَحْسَنَ الْفَاضِلُ الدَّمَامِينِيُّ فِي شَرْحِ الْمُغْنِي قَوْلَ الشَّيْخِ جَمَالِ الدِّينِ بْنِ نَبَاتَةَ. وَأَصْبُو إلَى السِّحْرِ الَّذِي فِي جُفُونِهِ ... وَإِنْ كُنْت أَدْرِي أَنَّهُ جَالِبٌ قَتْلِي وَأَرْضَى بِأَنْ أَمْضِي قَتِيلًا كَمَا مَضَى ... بِلَا قَوَدٍ مَجْنُونُ لَيْلَى وَلَا عَقْلِ

وَالشُّفْعَةُ 39 - وَأُجْرَةُ الْقَسَّامِ 40 - وَالطَّرِيقُ إذَا اخْتَلَفُوا فِيهِ (انْتَهَى) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الشُّفْعَةُ. يَعْنِي: الشُّفْعَةُ تَثْبُتُ عِنْدَنَا عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الشُّفَعَاءِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ، مَثَلًا إذَا كَانَ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَبَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ نَصِيبَهُ قَضَى بِالشُّفْعَةِ بَيْنَ الْآخَرِينَ أَثْلَاثًا عِنْدَهُ عَلَى قَدْرِ مِلْكِهِمَا وَنِصْفَيْنِ عِنْدَنَا عَلَى قَدْرِ رُءُوسِهِمَا، وَإِنْ بَاعَ صَاحِبُ الثُّلُثِ نَصِيبَهُ يَكُونُ الشُّفْعَةُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا عِنْدَهُ وَإِنْ بَاعَ صَاحِبُ السُّدُسِ نَصِيبَهُ يَكُونُ الشُّفْعَةُ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا لِصَاحِبِ الثُّلُثِ خُمُسَاهَا، وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةُ الْأَخْمَاسِ كَذَا فِي الْمُصَفَّى لَهُ أَنَّ الشُّفْعَةَ مِنْ مَرَافِقِ الْمِلْكِ فَتَثْبُتُ بِقَدْرِهِ، وَلَنَا أَنَّ سَبَبَهُ اتِّصَالٌ وَقَلِيلُ الْمِلْكِ كَكَثِيرِهِ؛ وَلِهَذَا لَوْ انْفَرَدَ صَاحِبُ الْقَلِيلِ فَلَهُ كُلُّ الشُّفْعَةِ بِخِلَافِ الرِّبْحِ وَالْكَسْبِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ نَتَائِجِ الْمِلْكِ فَيَكُونُ بِقَدْرِهِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ كُلًّا مِنْ الشُّفَعَاءِ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالشُّفْعَةِ لَهُمْ مُسْتَحِقٌّ لِجَمِيعِ الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ، وَالْقِسْمَةُ بَيْنَهُمْ لِلْمُزَاحَمَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُطَالِبَ كَذَلِكَ حَتَّى لَوْ طَلَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بَعْضَهَا بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ كَمَا سَيَجِيءُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ. (39) قَوْلُهُ: وَأُجْرَةُ الْقَسَّامِ يَعْنِي تَكُونُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، عِنْدَهُمَا عَلَى عَدَدِ الْأَنْصِبَاءِ. لَهُمَا أَنَّ هَذِهِ مُؤْنَةٌ لَحِقَتْهُمْ بِسَبَبِ الْمِلْكِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الْمِلْكِ. وَلَهُ أَنَّ عَمَلَ الْقَسَّامِ لِصَاحِبِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَاقِعٌ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ هِيَ تَمْيِيزُ الْأَنْصِبَاءِ وَصَاحِبُ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، فَإِذَا اسْتَوَيَا كَانَ الْأَجْرُ عَلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ؛ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْقِسْمَةِ. وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ: لَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى قِسْمَةِ طَعَامٍ بَيْنَهُمَا مُكَايَلَةً فَالْأَجْرُ بِالْكَيْلِ، وَالنَّقْلُ عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ تَقْيِيدُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِقِيمَةِ النَّقْدَيْنِ، وَفِيهَا أَهْلُ بَلْدَةٍ اسْتَأْجَرُوا رَجُلًا لِيَذْهَبَ إلَى السُّلْطَانِ فَيَرْفَعَ أَمْرَهُمْ وَوَقَّتُوا لَهُ وَقْتًا، فَالْأُجْرَةُ عَلَى أَهْلِ الْبَلْدَةِ عَلَى قَدْرِ مَنَافِعِهِمْ فِي ذَلِكَ. (40) قَوْلُهُ: وَالطَّرِيقُ إذَا اخْتَلَفُوا فِيهِ. أَقُولُ: لَمْ يُرِدْ بِالطَّرِيقِ هُنَا طَرِيقًا عَامًّا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِأَحَدٍ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ مَا يَكُونُ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَالطَّرِيقُ مِمَّا يُذَكَّرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيُؤَنَّثُ كَمَا فِي مَنْظُومَةِ الْمُؤَنَّثَاتِ السَّمَاعِيَّةِ لِابْنِ الْحَاجِبِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ الطَّرِيقِ سَاحَةُ الدَّارِ إذَا اخْتَلَفُوا فِيهَا تَكُونُ بَيْنَهُمْ عَلَى الرُّءُوسِ فَإِنَّ ذَا بَيْتٍ مِنْ دَارٍ كَذِي بُيُوتٍ مِنْهَا لِاسْتِوَائِهِمْ فِي اسْتِعْمَالِهَا، وَهُوَ الْمُرُورُ فِيهَا وَالتَّوَضُّؤُ وَكَسْرُ الْحَطَبِ وَوَضْعُ الْأَمْتِعَةِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ فَصَارَتْ نَظِيرَ الطَّرِيقِ بِخِلَافِ الشُّرْبِ إذَا تَنَازَعَا فِيهِ فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ أَرَاضِيِهِمَا؛ لِأَنَّ الشُّرْبَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِأَجْلِ سَقْيِ الْأَرْضِ، فَعِنْدَ كَثْرَةِ الْأَرَاضِي تَكْثُرُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ كَذَا فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ. هَذَا، وَقَدْ بَقِيَ مَسَائِلُ تَكُونُ الْقِسْمَةُ فِيهَا عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ زِيَادَةً عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي نَظْمِنَا الْمُتَقَدِّمِ، مِنْهَا مَا فِي فَتَاوَى شَيْخِ مَشَايِخِنَا الشَّمْسِ الْحَانُوتِيِّ، وَهِيَ أَنَّ الضِّيَافَةَ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِهَا فِي الْأَوْقَافِ تُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ لَا عَلَى قَدْرِ الْوَظَائِفِ (انْتَهَى) . وَمِنْهَا مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا تَبَعًا لِمَشَايِخِهِ، وَهِيَ الْحُلْوَانُ الَّتِي جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي الْأَوْقَافِ يُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ لَا عَلَى قَدْرِ الْوَظَائِفِ وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ النَّاظِرُ كَمَا هُوَ وَاقِعٌ الْآنَ بَلْ هُوَ كَوَاحِدٍ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ، وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الْقُهُسْتَانِيُّ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ بِحَيْثُ قَالَ: لَوْ قَتَلَ صَيْدَ الْحَرَمِ حَلَالَانِ فَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ قِيمَتِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَسَّمَ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ إذَا قَتَلَهُ جَمَاعَةٌ (انْتَهَى) . وَقَدْ بَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ لَا يَحْضُرُنِي الْآنَ

[كتاب القسمة]

كِتَابُ الْقِسْمَةِ الْغَرَامَاتُ إذَا كَانَتْ لِحِفْظِ الْأَمْلَاكِ فَالْقِسْمَةُ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ وَإِنْ كَانَتْ لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ فَهِيَ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ. 1 - وَفَرَّعَ عَلَيْهَا الْوَلْوَالِجِيُّ فِي الْقِسْمَةِ مَا إذَا غَرَّمَ السُّلْطَانُ أَهْلَ قَرْيَةٍ، فَإِنَّهَا تُقَسَّمُ عَلَى هَذَا، وَهِيَ فِي كَفَّارَةِ التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ إذَا خِيفَ الْغَرَقُ 2 - فَاتَّفَقُوا عَلَى إلْقَاءِ بَعْضِ الْأَمْتِعَةِ مِنْهَا فَأَلْقَوْا، فَالْغُرْمُ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ؛ لِأَنَّهَا لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ (انْتَهَى) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْقِسْمَةِ] قَوْلُهُ: وَفَرَّعَ عَلَيْهَا الْوَلْوَالِجِيُّ. أَقُولُ: عِبَارَةُ الْوَلْوَالِجِيِّ: السُّلْطَانُ إذَا غَرَّمَ أَهْلَ قَرْيَةٍ فَأَرَادُوا الْقِسْمَةَ قَالَ بَعْضُهُمْ: تُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَتْ لِتَحْصِينِ الْأَمْلَاكِ قُسِّمَتْ عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ؛ لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ الْمِلْكِ فَصَارَتْ كَمُؤْنَةِ حَفْرِ النَّهْرِ، وَإِنْ كَانَتْ لِتَحْصِينِ الْأَبَدَانِ قُسِّمَتْ عَلَى قَدْرِ الرُّءُوسِ الَّتِي يَتَعَرَّضُ لَهُمْ؛ لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ الرَّأْسِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الْوَاقِعُ فِي بِلَادِنَا أَخْذُ الْعَوَارِضِ مِنْ النِّسَاءِ عَلَى دُورِهِنَّ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِي دُخُولِهِنَّ عِنْدَ إطْلَاقِ الطَّلَبِ تَأَمُّلًا (انْتَهَى) . يَعْنِي؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ حَتَّى يَرِدَ مَا يُخَصِّصُهُ أَمَّا لَوْ خَصَّصَ السُّلْطَانُ أَخْذَ الْعَوَارِضِ بِالرِّجَالِ فَلَا يَدْخُلْنَ. (2) قَوْلُهُ: فَاتَّفَقُوا عَلَى إلْقَاءِ إلَخْ. أَقُولُ: يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى الْإِلْقَاءِ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ؛ وَبِهِ صَرَّحَ الزَّاهِدِيُّ فِي حَاوِيهِ حَيْثُ قَالَ: أَشْرَفَتْ السَّفِينَةُ عَلَى الْغَرَقِ فَأَلْقَى بَعْضُهُمْ حِنْطَةَ غَيْرِهِ فِي الْبَحْرِ حَتَّى خَفَّتْ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فِيهِ كَلَامٌ؛ فَإِنْ أَلْقَى مَالَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَلْقَى مَالَ غَيْرِهِ ضَمِنَهُ

الْقِسْمَةُ الْفَاسِدَةُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ 4 - وَهِيَ تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْغَائِبِ الَّذِي لَهُ مَالٌ فِيهَا، وَلَمْ يَأْذَنْ بِالْإِلْقَاءِ فَلَوْ أَذِنَ بِهِ بِأَنْ قَالَ: إذَا تَحَقَّقَتْ هَذِهِ الْحَالَةُ فَأَلْقُوا اُعْتُبِرَ إذْنُهُ وَيَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ قَارِئِ الْهِدَايَةِ بِمَا إذَا قَصَدَ حِفْظَ الْأَنْفُسِ خَاصَّةً كَمَا يُفْهَمُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَمَّا إذَا قَصَدَ حِفْظَ الْأَمْتِعَةِ فَقَطْ كَمَا إذَا لَمْ يَخْشَ عَلَى الْأَنْفُسِ وَخَشِيَ عَلَى الْأَمْتِعَةِ بِأَنْ كَانَ الْمَوْضِعُ لَا تَغْرَقُ فِيهِ الْأَنْفُسُ وَالْأَمْوَالُ فَأَلْقَوْا بَعْدَ الِاتِّفَاقِ لِحِفْظِهِمَا فَهِيَ عَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ فَمَنْ كَانَ غَائِبًا وَأَذِنَ بِالْإِلْقَاءِ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ اُعْتُبِرَ مَالُهُ لَا نَفْسُهُ، وَمَنْ كَانَ حَاضِرًا بِمَالِهِ اُعْتُبِرَ مَالُهُ وَنَفْسُهُ، وَمَنْ كَانَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ اُعْتُبِرَ نَفْسُهُ فَقَطْ. وَلَمْ أَرَ هَذَا التَّحْرِيرَ لِغَيْرِي، وَلَكِنْ أَخَذْتُهُ مِنْ التَّعْلِيلِ فَتَأَمَّلْ. وَفِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ: يَجُوزُ عِنْدَ هَيَجَانِ الْبَحْرِ وَخَوْفِ الْغَرَقِ إلْقَاءُ بَعْضِ مَتَاعِ السَّفِينَةِ فِي الْبَحْرِ لِسَلَامَةِ الْآدَمِيِّ الْمُحْتَرَمِ إنْ تَعَيَّنَ لِدَفْعِ الْغَرَقِ وَيَحْرُمُ إلْقَاءُ الْعَبِيدِ لِلْأَحْرَارِ وَالدَّوَابِّ لِمَا لَا رَوْحَ لَهُ، وَإِذَا قَصَّرَ مَنْ لَهُ الْإِلْقَاءُ حَتَّى حَصَلَ الْغَرَقُ عَصَى، وَلَمْ يَضْمَنْ وَيَحْرُمُ إلْقَاءُ الْمَالِ بِلَا خَوْفٍ فَإِنْ أَلْقَى مَالَهُ أَوْ مَالَ غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَبِلَا إذْنِهِ يَضْمَنُ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهُ (3) قَوْلُهُ: الْقِسْمَةُ الْفَاسِدَةُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ. أَقُولُ: الَّذِي فِي الْقُنْيَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهَا تُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ؛ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَيُحْمَلُ أَنَّهُ ظَفِرَ بِذَلِكَ وَهُوَ ثِقَةٌ فِي النَّقْلِ، وَيُحْمَلُ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ لَكِنْ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْغَزِّيِّ صَاحِبُ كِتَابِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا، فَيُحْتَمَلُ أَنْ (لَا) وَقَعَتْ زَائِدَةً سَهْوًا مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ الْأَوَّلِ وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ حَيْثُ قَالَ: لَكِنْ نَجَاشِيُّ الْيَرَاعِ سَرَى سَرَى ... سَهْوًا فَظَنَّ السَّهْوَ سَهْوَ الْقَيْصَرَى هَذَا، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْقِسْمَةَ تُفِيدُ الْمِلْكَ بِأَحَدِ أَشْيَاءِ أَرْبَعَةٍ: الْقَبْضِ وَقَضَاءِ الْقَاضِي وَالْقُرْعَةِ وَتَوْكِيلِ رَجُلٍ يَلْزَمُ كُلٌّ مِنْ الْمُقْتَسِمَيْنِ بَيْنَهُمَا. (4) قَوْلُهُ: وَهِيَ تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ. أَقُولُ فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْقِسْمَةِ: اقْتَسَمَا دَارًا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا حَقُّ وَضْعِ الْجُذُوعِ عَلَى حَائِطٍ وَقَعَ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ جَازَ لِلتَّعَامُلِ، وَفِي الْكَرْمِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا قَرَارُ أَغْصَانِ الشَّجَرِ عَلَى نَصِيبِ صَاحِبِهِ لَا يَجُوزُ يَعْنِي لِعَدَمِ التَّعَامُلِ. ثُمَّ قَالَ: كُلُّ قِسْمَةٍ عَلَى شَرْطِ هِبَةٍ أَوْ

يَجُوزُ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ إنْ كَانَ وَاسِعًا لَا يَضُرُّ، وَكَذَا لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَدْخُلُوا شَيْئًا مِنْ الطُّرُقِ فِي مَحَلَّتِهِمْ، وَفِي دُورِهِمْ إنْ لَمْ يَضُرَّ. وَلَهُ بِنَاءُ ظُلَّةٍ فِي هَوَاءِ طَرِيقٍ إنْ لَمْ يَضُرَّ، لَكِنْ إنْ خُوصِمَ قَبْلَ الْبِنَاءِ مُنِعَ مِنْهُ، وَبَعْدَهُ هُدِمَ 6 - الْمُشْتَرَكُ إذَا انْهَدَمَ فَأَبَى أَحَدُهُمَا الْعِمَارَةَ 7 - فَإِنْ احْتَمَلَ الْقِسْمَةَ لَا جَبْرٍ وَقُسِّمَ وَإِلَّا بَنَى ثُمَّ أَجَّرَهُ لِيَرْجِعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQصَدَقَةٍ أَوْ بَيْعٍ مِنْ الْمَقْسُومِ أَوْ غَيْرِهِ فَاسِدَةٌ يَعْنِي؛ لِأَنَّ فِي الْقِسْمَةِ مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ وَالْبَيْعِ فَتَكُونُ صَفْقَةً فِي صَفْقَةٍ. كَذَا كُلُّ شِرَاءٍ عَلَى شَرْطِ قِسْمَةٍ فَهُوَ بَاطِلٌ يَعْنِي؛ لِأَنَّ فِيهِ صَفْقَةً فِي صَفْقَةٍ، وَالْقِسْمَةُ عَلَى أَنْ يَزِيدَ شَيْئًا مَعْرُوفًا جَائِزٌ كَالزِّيَادَةِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ شَرْطٍ فَاسِدٍ يُفْسِدُهَا فَلْيُحْفَظْ (5) قَوْلُهُ: يَجُوزُ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ إلَى قَوْلِهِ: الْمُشْتَرَكُ إذَا انْهَدَمَ. أَقُولُ: لَا مَحَلَّ لِذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (6) قَوْلُهُ: الْمُشْتَرَكُ إذَا انْهَدَمَ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمَسْأَلَةُ، وَهِيَ جِدَارٌ بَيْنَ يَتِيمَيْنِ خِيفَ سُقُوطُهُ، وَعُلِمَ أَنَّ فِي تَرْكِهِ ضَرَرًا عَلَيْهِمَا، وَلَهُمَا وَصِيَّانِ فَأَبَى أَحَدُهُمَا الْعِمَارَةَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ الْآبِي أَنْ يَبْنِيَ مَعَ صَاحِبِهِ، وَلَيْسَ هَذَا كَإِبَاءِ أَحَدِ الْمَالِكَيْنِ؛ لِأَنَّ ثَمَّةَ الْآبِي رَضِيَ بِدُخُولِ الضَّرَرِ عَلَيْهِ فَلَا يُجْبَرُ. أَمَّا هُنَا أَرَادَ الْوَصِيُّ إدْخَالَ الضَّرَرِ عَلَى الصَّغِيرِ فَيُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَرُمَّ مَعَ صَاحِبِهِ. كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. أَقُولُ: غَيْرُ خَافٍ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَالِكَيْنِ لَا فِيمَا يَعُمُّ الْمَالِكَيْنِ وَغَيْرَهُمَا حَتَّى يَتِمَّ الِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ كَمَالِ الْيَتِيمِ فَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ وَقْفَيْنِ وَاحْتَاجَتْ إلَى الْمَرَمَّةِ فَأَرَادَ أَحَدُ النَّاظِرَيْنِ الْعِمَارَةَ، وَأَبَى الْآخَرُ يُجْبَرُ عَلَى التَّعْمِيرِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَقَدْ صَارَتْ حَادِثَةَ الْفَتْوَى. (7) قَوْلُهُ: فَإِنْ احْتَمَلَ الْقِسْمَةَ لَا جَبْرَ وَقُسِّمَ إلَخْ. أَيْ يَطْلُبُ أَحَدُهُمَا إلَّا إنْ امْتَنَعَ. أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي عَدَمِ الْجَبْرِ فِيمَا لَا تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَشَمَلَ مَا إذَا انْهَدَمَ كُلُّهُ، وَصَارَ صَحْرَاءَ أَوْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ. وَصَرَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ بِأَنَّهُ إذَا بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ يُجْبَرُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَصَارَ صَحْرَاءَ لَا يُجْبَرُ، وَعِبَارَتُهُ: طَاحُونَةٌ أَوْ حَمَّامٌ مُشْتَرَكٌ انْهَدَمَ، وَأَبَى

بَنَى أَحَدَهُمَا 9 - بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ فَطَلَبَ رَفْعَ بِنَاءَهُ قُسِّمَ، فَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْبَانِي. 10 - فِيهَا، وَإِلَّا هُدِمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّرِيكُ الْعِمَارَةَ، يُجْبَرُ هَذَا إذَا بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمَّا إذَا انْهَدَمَ الْكُلُّ فَصَارَ صَحْرَاءَ لَا يُجْبَرُ، وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ مُعْسِرًا يُقَالُ لَهُ أَنْفِقْ حَتَّى يَكُونَ لَك دَيْنًا عَلَى الشَّرِيكِ (انْتَهَى) . وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الْحَرْثِ إذَا كَانَ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَأَبَى أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْقِيَهُ هَلْ يُجْبَرُ أَمْ لَا؟ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَالْحَرْثُ إذَا كَانَ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَأَبَى أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْقِيَهُ يُجْبَرُ، وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي مِنْ الْفَتَاوَى: لَا يُجْبَرُ وَلَكِنْ يُقَالُ لَهُ اسْقِهِ وَأَنْفِقْ ثُمَّ ارْجِعْ فِي حِصَّتِهِ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقْت (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُ أَنَّ الْجَبْرَ لَا يَكُونُ بِالرُّجُوعِ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَ بَلْ بِشَيْءٍ آخَرَ كَالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ مَثَلًا وَقَدْ فَسَّرَ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ تَفْسِيرَ الْجَبْرِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنَّهُ أَمْرُ الْقَاضِي بِأَنْ يُنْفِقَ ثُمَّ يَرْجِعَ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَ فَتَأَمَّلْ. (8) قَوْلُهُ: بَنَى أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ إلَخْ. أَقُولُ: بِذَلِكَ أَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ وَالْمُصَنِّفُ تَبَعًا لَهُ. (9) قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: هُوَ قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ لَا احْتِرَازِيٌّ؛ إذْ هُوَ بِالْبِنَاءِ بِإِذْنِهِ لِنَفْسِهِ مُسْتَعِيرٌ لِحِصَّتِهِ، وَلِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ مَتَى شَاءَ أَمَّا إذَا بَنَى الشَّرِيكُ فِي الْمُشْتَرَكِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لِلشَّرِكَةِ يَرْجِعُ بِحِصَّتِهِ عَلَيْهِ بِلَا شُبْهَةٍ (10) قَوْلُهُ: فِيهَا إلَخْ. أَقُولُ: هَذَا مِنْ قَبِيلِ وُقُوعِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ جَوَابًا لِلشَّرْطِ وَهُوَ وَاقِعٌ فِي الْفَصِيحِ مِنْ الْكَلَامِ، وَنَقَلَهُ الثِّقَاتُ؛ قَالَ: ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ يُقَالُ: إنْ فَعَلْت فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَفِي شَرْحِ التَّسْهِيلِ لِابْنِ عَقِيلٍ: وَوَقَعَ فِي الْحَدِيثِ وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ بِهَا جَوَابَ الشَّرْطِ وَمُتَعَلِّقَهُ فِعْلٌ مُقَدَّرٌ؛ وَأَغْرَبُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَقَعُ جَوَابًا مَعَ حَذْفِ حَرْفِ الْفَاءِ ذَكَرَهُ ابْنُ مَالِكٍ فِي التَّوْضِيحِ لِأَلْفَاظِ الْجَامِعِ الصَّحِيحِ فِي حَدِيثِ «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، وَإِنْ أَرْبَعَةٌ فَبِخَامِسٍ أَوْ سَادِسٍ» . فَقُلْت هَذَا الْحَدِيثُ: قَدْ تَضَمَّنَ حَذْفَ فِعْلَيْنِ وَعَامِلَيْ جَرٍّ بَاقٍ عَمَلُهُمَا بَعْدَ إنْ وَبَعْدَ الْبَاءِ، وَهُوَ مِثْلُ مَا حُكِيَ عَنْ يُونُسَ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: مَرَرْت بِطَالِحٍ إنْ لَا صَالِحٍ فَطَالِحٍ. وَالتَّقْدِيرُ إنْ لَا أَمْرُرْ بِصَالِحٍ فَقَدْ مَرَرْت بِطَالِحٍ. فَحَذَفَ: أَمْرُرْ وَالْبَاءَ وَبَقِيَ عَمَلُهُمَا وَحَذَفَ بَعْدَ الْفَاءِ فَقَدْ

لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ تَأَذَّى جَارُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ تَنُّورًا وَحَمَّامًا وَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَرَرْت بِطَالِحٍ فَحَذَفَ أَمْرُرْ وَبَقِيَ عَمَلُهُمَا. وَهَذَا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ حُذِفَ فِيهِ بَعْدَ إنْ وَالْفَاءِ فِعْلَانِ وَحَرْفَا جَرٍّ بَاقٍ عَمَلَاهُمَا، وَالتَّقْدِيرُ: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، وَإِنْ قَامَ بِأَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ أَوْ سَادِسٍ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ إذَا وَقَعَ جَوَابًا لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْفَاءِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ عَامِلُهُ فِعْلًا عَامًّا لَكِنَّهُ لِكَوْنِهِ مَحْذُوفًا وُجُوبًا كَالْعَدَمِ، وَالْجَارُ وَالْمَجْرُورُ لَا يَصْلُحُ لِمُبَاشَرَةِ الشَّرْطِ فَلَوْ سَلِمَ فَسَادُ التَّقْدِيرِ فَإِنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ الْفَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّرِيفُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ. وَقَدْ نَقَلَ الزَّجَّاجُ فِي الْجُمَلِ وُقُوعَ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ جَوَابًا لِلشَّرْطِ عَنْ سِيبَوَيْهِ حَيْثُ قَالَ سِيبَوَيْهِ فِيمَنْ قَالَ: مَرَرْت بِرَجُلٍ صَالِحٍ إنْ لَا صَالِحٍ فَطَالِحٍ بِالْجَرِّ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ وَقَدْ جَوَّزَهُ الزَّجَّاجُ غَيْرَ مَقْرُونٍ بِأَلْفَاظٍ فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ مِمَّا خَفِيَ عَلَى كَثِيرِينَ وَقَدْ جَوَّزُوا فِي قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا} [الأنعام: 104] الْمَوْصُولِيَّةَ وَالشَّرْطِيَّةَ وَقَدَّرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فَلِنَفْسِهِ أَبْصَرَ وَعَلَيْهَا عَمِيَ كَذَا أَفَادَهُ أُسْتَاذِي الشِّهَابُ الْخَفَاجِيُّ فَلْيُحْفَظْ فَإِنَّهُ قَلَّمَا يُبَاعُ لِكَثْرَةِ الِانْتِفَاعِ. (11) قَوْلُهُ: لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ تَأَذَّى جَارُهُ إلَخْ. فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافٌ إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ الْإِمَامَ الْأَجَلَّ بُرْهَانَ الْأَئِمَّةِ كَانَ يُفْتِي بِأَنَّهُ إنْ كَانَ ضَرَرًا بَيِّنًا يَمْنَعُ، وَإِلَّا فَلَا وَبِهِ يُفْتَى كَمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ الشِّحْنَةِ نَقْلًا مِنْ كِتَابِ الْحِيطَانِ لِلْحُسَامِ الشَّهِيدِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ بُرْهَانَ الْأَئِمَّةِ هُوَ وَالِدُهُ فَقَدْ نَقَلَ عَنْهُ ذَلِكَ الْبَزَّازِيُّ وَأَنَّ وَالِدَهُ كَانَ يُفْتِي بِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. ثُمَّ قَالَ: هَذَا جَوَابُ الْمَشَايِخِ، وَجَوَابُ الرِّوَايَةِ عَدَمُ الْمَنْعِ ثُمَّ قَالَ أَصْحَابُ سَاحَةٍ فِي الْقِسْمَةِ فَأَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهَا وَيَرْفَعَ الْبِنَاءَ وَمَنَعَهُ الْآخَرُ فَقَالَ: يَسُدُّ عَلَيَّ الرِّيحَ وَالشَّمْسَ لَهُ الرَّفْعُ كَمَا شَاءَ وَلَهُ أَنْ يَتَّخِذَ حَمَّامًا وَتَنُّورًا، وَإِنْ كَفَّ عَمَّا يُؤْذِي جَارَهُ فَهُوَ أَحْسَنُ؛ فَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «مَنْ آذَى جَارَهُ أَوْرَثَهُ اللَّهُ دَارِهِ» وَجُرِّبَ فَوُجِدَ كَذَلِكَ وَقَالَ نُصَيْرٌ وَالصَّفَّارُ لَهُ الْمَنْعُ، وَلَوْ فَتَحَ صَاحِبُ الْبِنَاءِ فِي عُلُوِّ بِنَائِهِ بَابًا أَوْ كُوَّةً لَا يَلِي صَاحِبُ السَّاحَةِ مَنْعَهُ بَلْ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ حَتَّى يَسْتُرَ جِهَتَهُ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَقَدْ

تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ بِظُهُورِ دَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ إلَّا ذَا قَضَى الْوَرَثَةُ الدَّيْنَ وَنَفَّذُوا الْوَصِيَّةَ وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاءِ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَعَتْ حَادِثَةُ الْفَتْوَى، وَهِيَ رَجُلٌ لَهُ عُلُوٌّ وَتَحْتَ الْعُلُوِّ سَاحَةٌ لِرَجُلٍ وَفَتَحَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ فِي عُلُوِّهِ كُوَّةً فَمَنَعَهُ صَاحِبُ السَّاحَةِ مِنْ ذَلِكَ فَتَخَاصَمَا فِي ذَلِكَ وَأَجَبْت عَنْهَا بِأَنَّهُ لَوْ فَتَحَ صَاحِبُ الْبِنَاءِ فِي عُلُوِّ بِنَائِهِ بَابًا أَوْ كُوَّةً لَا يَلِي صَاحِبُ السَّاحَةِ مَنْعَهُ بَلْ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ حَتَّى يَسْتُرَ جِهَتَهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ السَّاحَةُ مَجْلِسَ النِّسَاءِ أَمَّا إذَا كَانَتْ مَجْلِسَهُنَّ وَالْكُوَّةُ تُشْرِفُ عَلَى السَّاحَةِ الْمَذْكُورَةِ يُؤْمَرُ صَاحِبُهَا بِسَدِّهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَقَدْ أَفْتَى بَعْضُهُمْ بِإِطْلَاقِ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ وَلَمْ يُقَيِّدْ إطْلَاقَهَا بِعِبَارَةِ الْمُضْمَرَاتِ، وَهُوَ إطْلَاقٌ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ، وَهُوَ خَطَأٌ فِي الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبَحْرِ. وَفِي الْعِمَادِيَّةِ: فَإِنْ اتَّخَذَ طَاحُونَةً فِي دَارِهِ لِطَحْنِ بَيْتِهِ لَمْ يَكُنْ لِجَارِهِ مَنْعُهُ؛ لَأَنْ يَكُونَ أَحْيَانَا فَلَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْجِيرَانُ، وَإِنْ اتَّخَذَهَا لِلْأُجْرَةِ يَمْنَعُهُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ دَائِمًا فَيَتَضَرَّرُ بِهِ الْجِيرَانُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَجْنَاسَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ: وَالْحَاصِلُ: أَنَّ مَنْ تَصَرَّفَ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ، وَإِنْ كَانَ يُلْحِقُ ضَرَرًا بِالْغَيْرِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ لَكِنَّ تَرْكَ الْقِيَاسِ فِي مَوَاضِعَ يَتَعَدَّى ضَرَرُ تَصَرُّفِهِ إلَى غَيْرِهِ ضَرَرًا بَيِّنًا. وَقَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ: وَفِي حِفْظِي عَنْ أَئِمَّتِنَا الْخَمْسَةِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ أَضَرَّ بِجَارِهِ. وَفِي الْفَتَاوَى عَنْ أُسْتَاذِنَا أَنَّهُ يُفْتَى بِقَوْلِ الْإِمَامِ، وَهُوَ الَّذِي أَمِيلُ إلَيْهِ، وَأَعْتَمِدُهُ وَأُفْتِي بِهِ تَبَعًا لِوَالِدِي شَيْخِ الْإِسْلَامِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَأَنَا أَمِيلُ إلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ إذَا كَانَ الضَّرَرُ بَيِّنًا وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ (انْتَهَى) . أَقُولُ: يُفْهَمُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِمِلْكِهِ أَنَّ الدَّارَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَى شَخْصٍ لِلسُّكْنَى أَوْ الِاسْتِغْلَالِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا تَصَرُّفَا يَضُرُّ بِجَارِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ رَقَبَتَهَا وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ بِهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُرَادُ بِالْمِلْكِ مَا يَعُمُّ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ فَلْيُحَرَّرْ (12) قَوْلُهُ: تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ بِظُهُورِ دَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ إلَخْ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْقِسْمَةِ: ظَهَرَ دَيْنٌ أَوْ وَصِيَّةٌ بِالثُّلُثِ أَوْ بِأَلْفٍ مُرْسَلَةٍ أَوْ بِوَارِثٍ آخَرَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ تُرَدُّ وَإِنْ قَالَتْ الْوَرَثَةُ نُؤَدِّي الدَّيْنَ أَوْ الْوَصِيَّةَ أَوْ حِصَّةَ الْوَارِثِ مِنْ مَالِنَا، وَلَا نَنْقُضُ الْقِسْمَةَ فَفِيمَا إذَا ظَهَرَ غَرِيمٌ أَوْ مُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ بَلْ تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ إلَّا إذَا رَضِيَ الْوَارِثُ وَالْمُوصَى لَهُ بِذَلِكَ (انْتَهَى) . وَفِي

وَهَذَا إذَا كَانَتْ بِالتَّرَاضِي، أَمَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي 14 - لَا تُنْتَقَضُ بِظُهُورِ وَارِثٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: وَإِذَا أَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يُقَسِّمَ التَّرِكَةَ إلَّا إذَا رَضِيَ الْوَارِثُ وَالْمُوصَى لَهُ بِذَلِكَ (انْتَهَى) . وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: وَإِذَا أَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يُقَسِّمَ التَّرِكَةَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالدَّيْنِ سَأَلَهُمْ هَلْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ سَأَلَهُمْ عَنْ مِقْدَارِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَخْتَلِفُ فَإِنْ قَالُوا: لَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ؛ لِأَنَّ الْفَرَاغَ أَصْلٌ فِي الذِّمَمِ يَسْأَلُهُمْ هَلْ فِيهَا وَصِيَّةٌ، فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ يَسْأَلُهُمْ هَلْ حَصَلَتْ بِالْعَيْنِ أَوْ مُرْسَلَةً؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَخْتَلِفُ فَإِنْ قَالُوا: لَا وَصِيَّةَ فِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ وَقَسَّمَهَا الْقَاضِي حِينَئِذٍ فَإِنْ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ دَيْنٌ نَقَضَ الْقِسْمَةَ إلَّا أَنْ يَقْضُوا الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِمْ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَعْزِلْ الْوَرَثَةُ نَصِيبَ الْغَرِيمِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ آخَرَ سِوَى مَا تَقَاسَمُوهُ، أَمَّا إذَا عَزَلُوهُ أَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ آخَرُ فَالْقَاضِي لَا يَنْقُضُ الْقِسْمَةَ. (13) قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا كَانَتْ بِالتَّرَاضِي إلَخْ. قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ. هَذَا إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي أَمَّا إذَا كَانَتْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي ثُمَّ ظَهَرَ وَارِثٌ آخَرُ أَوْ مُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فَالْوَارِثُ لَا يَنْقُضُ الْقِسْمَةَ بَلْ يُمْضِيهَا إذَا عَزَلَ الْوَرَثَةُ نَصِيبَهُ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنْ لَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، أَمَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَا وَاقِعَةٌ مَعَ الْجُمْلَةِ الْمَقْدِرَةِ بَعْدَهَا جَوَابًا لِ (أَمَّا) وَكَانَ حَقُّهَا أَنْ تَقْتَرِنَ بِالْفَاءِ وَمِنْ ثَمَّةَ تَوَهَّمَ بَعْضُ أَرْبَابِ الْحَوَاشِي أَنَّهَا دَاخِلَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ بَعْدَهَا، وَحُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى غَيْرِ مَا أَرَادَ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. (14) قَوْلُهُ: لَا تُنْتَقَضُ بِظُهُورِ وَارِثٍ. قَالَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: وَلَوْ ظَهَرَ وَارِثٌ آخَرُ لَمْ يَعْرِفْهُ الشُّهُودُ أَوْ ظَهَرَ مُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَنْقُضُ الْقِسْمَةَ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُهَا. بَعْدَ ذَلِكَ فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَهُمَا إذَا ظَهَرَ غَرِيمٌ، أَوْ مُوصًى لَهُ بِأَلْفِ مُرْسَلَةٍ فَقَالَتْ الْوَرَثَةُ: نَحْنُ نَقْضِي مِنْ مَالِنَا وَلَا نَنْقُضُ الْقِسْمَةَ كَانَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ قَضَى وَاحِدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ حَقَّ الْغَرِيمِ مِنْ مَالِهِ عَلَى أَنْ لَا يَرْجِعَ فِي التَّرِكَةِ فَالْقَاضِي لَا يَنْقُضُ الْقِسْمَةَ بَلْ يُمْضِيهَا أَمَّا إذَا شَرَطَ الرُّجُوعَ أَوْ سَكَتَ فَالْقِسْمَةُ مَرْدُودَةٌ إلَّا أَنْ يَقْضُوا حَقَّ الْوَارِثِ الَّذِي قَضَى حَقَّ الْغَرِيمِ مِنْ مَالِهِ، وَهَذَا الْجَوَابُ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا شَرَطَ الرُّجُوعَ وَمُشْكِلٌ فِيمَا إذَا سَكَتَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ مُتَطَوِّعًا إذَا سَكَتَ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمْ يُجْعَلْ مُتَطَوِّعًا؛ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ فِي الْقَضَاءِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي ظُهُورِ الْمُوصَى لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي ظُهُورِ الْمُوصَى لَهُ. يَعْنِي بِالثُّلُثِ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَإِنْ ظَهَرَ مُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ فَإِنْ بِالتَّرَاضِي لَهُ نَقْضُ الْقِسْمَةِ، وَإِنْ بِقَضَاءٍ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ. قِيلَ لَيْسَ لَهُ النَّقْضُ وَقِيلَ لَهُ النَّقْضُ بِكُلِّ حَالٍ (انْتَهَى) . وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ (انْتَهَى) . فَرْعٌ بَدِيعٌ نَخْتِمُ بِهِ هَذَا الْكِتَابَ قَالَ فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى: ابْنٌ وَبِنْتٌ وَرِثَا دَارًا مُشَاعًا فَادَّعَى مُدَّعٍ الدَّارَ عَلَى الِابْنِ، وَلَحِقَ الِابْنَ خُسْرَانٌ بِسَبَبِ دَفْعِ الدَّعْوَى لَا يَرْجِعُ عَلَى أُخْتِهِ (انْتَهَى) . وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ تَعَالَى - أَعْلَمُ

[كتاب الإكراه]

كِتَابُ الْإِكْرَاهِ 1 - بَيْعُ الْمُكْرَهِ يُخَالِفُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ فِي أَرْبَعٍ: يَجُوزُ بِالْإِجَازَةِ بِخِلَافِ الْفَاسِدِ، وَيُنْتَقَضُ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ، 2 - وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ وَقْتَ الْإِعْتَاقِ دُونَ الْقَبْضِ وَالثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُكْرَهِ مَضْمُونٌ فِي يَدِ غَيْرِهِ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى. أَمْرُ السُّلْطَانِ إكْرَاهٌ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَعَّدْهُ، 3 - وَأَمْرُ غَيْرِهِ لَا، إلَّا أَنْ يُعْلَمَ بِدَلَالَةِ الْحَالِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ يَقْتُلُهُ أَوْ يَقْطَعُ يَدَهُ أَوْ يَضْرِبُهُ ضَرْبًا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ تَلَفِ عُضْوِهِ. كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْإِكْرَاهِ] قَوْلُهُ: كِتَابُ الْإِكْرَاهِ. اعْلَمْ أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى نَوْعَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِوَعِيدِ قَيْدٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ بِوَعِيدِ قَتْلٍ أَوْ إتْلَافِ عُضْوٍ فَالْأَوَّلُ يَظْهَرُ فِي الْأَقْوَالِ نَحْوَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِقْرَارِ وَنَحْوِهَا فَلَا تَصِحُّ مِنْهُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ وَلَا يَظْهَرُ فِي الْأَفْعَالِ حَتَّى لَوْ أُكْرِهَ بِوَعِيدِ قَيْدٍ أَوْ حَبْسٍ عَلَى أَنْ يَطْرَحَ مَالَهُ فِي النَّارِ أَوْ فِي الْمَاءِ، أَوْ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ مَالَهُ إلَى فُلَانٍ، فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مُكْرَهًا، وَالْإِكْرَاهُ بِوَعِيدِ الْقَتْلِ وَإِتْلَافِ الْعُضْوِ يَظْهَرُ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ جَمِيعًا نَحْوَ النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّرْبَ إذَا لَمْ يُفْضِ إلَى هَلَاكِ نَفْسٍ وَإِتْلَافِ عُضْوٍ كَالْحَبْسِ وَالْقَيْدِ. (2) قَوْلُهُ: وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ وَقْتَ الْإِعْتَاقِ. أَقُولُ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْبَيَانِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْمُكْرَهَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ اعْتَبَرَ الْقِيمَةَ وَقْتَ الْقَبْضِ وَضَمِنَهُ، وَإِنْ شَاءَ اعْتَبَرَهَا يَوْمَ الْإِعْتَاقِ وَضَمِنَهُ. (3) قَوْلُهُ: وَأَمْرُ غَيْرِهِ لَا. أَيْ لَا يَكُونُ إكْرَاهًا، هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عِنْدَهُ لَا يَتَحَقَّقُ مِنْ غَيْرِ السُّلْطَانِ خِلَافًا لَهُمَا؛ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ

أَجْرَى الْكُفْرَ عَلَى لِسَانِهِ بِوَعِيدِ حَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ، كَفَرَ وَبَانَتْ امْرَأَتُهُ 5 - أُكْرِهَ بِالْقَتْلِ عَلَى الْقَطْعِ لَمْ يَسَعْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَجْرَى الْكُفْرَ عَلَى لِسَانِهِ إلَخْ. أَيْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ أَقُولُ: مِثْلُهُ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ أُكْرِهَ بِوَعِيدِ تَلَفٍ حَتَّى يَفْتَرِيَ عَلَى مُسْلِمٍ رَجَوْت أَنْ لَا يَكُونَ فِي سَعَةٍ مِنْهُ وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى إجْرَاءِ كَلِمَةِ الْكُفْرِ عَلَى اللِّسَانِ كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْهُ، وَلَمْ يُعَلِّقْهُ بِالرَّجَاءِ؛ وَهُنَاكَ عَلَّقَهُ بِالرَّجَاءِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا هُنَاكَ مِنْ مَظَالِمِ الْعِبَادِ، وَلَيْسَ هُوَ فِي مَعْنَى الِافْتِرَاءِ عَلَى اللَّهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَإِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - مُطَّلِعٌ عَلَى ضَمِيرِهِ، وَلَا اطِّلَاعَ لِلْمَقْذُوفِ عَلَى ضَمِيرِ الْقَاذِفِ (انْتَهَى) . وَقَالَ: قِيلَ هَذَا وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ بِاَللَّهِ فَقَالَ: قَدْ كَفَرْت وَقَلْبُهُ مُطَمْئِنٌ بِالْإِيمَانِ لَمْ تَبِنْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ اسْتِحْسَانًا (انْتَهَى) . وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ مَذْكُورٌ فِيهَا فَلْيُرَاجَعْ (5) قَوْلُهُ: أُكْرِهَ بِالْقَتْلِ عَلَى الْقَطْعِ إلَخْ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَمِثْلُهُ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ: أُكْرِهَ عَلَى قَطْعِ يَدِ إنْسَانٍ بِالْقَتْلِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِطَرَفِ الْمُؤْمِنِ مِنْ الْحُرْمَةِ مِثْلَ مَا لِنَفْسِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُضْطَرَّ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ طَرَفَ الْغَيْرِ لِيَأْكُلَهُ كَمَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ (انْتَهَى) . وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي: أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ أَوْ اسْتِهْلَاكِ مَالِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى قُتِلَ كَانَ مَأْجُورًا، وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْمَالَ لَمْ يَأْثَمْ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَكْلِ مَالِ الْغَيْرِ فَأَكَلَهُ، فَالضَّمَانُ عَلَى الْفَاعِلِ انْتَهَى. وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَلَوْ أَكْرَهَ عَامِلُ الْخَلِيفَةِ رَجُلًا عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ بِالسَّيْفِ لَا يَنْبَغِي لِلْمُكْرَهِ الْمَأْمُورِ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَلَكِنْ مَعَ هَذَا لَوْ قَتَلَ فَالْقَوَدُ عَلَى الْآمِرِ الْمُكْرِهِ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ. وَقَالَ زُفَرُ: الْقَوَدُ عَلَى الْمَأْمُورِ لَا الْمُكْرِهِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْقَوَدُ عَلَى الْمَأْمُورِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَلَهُ فِي إيجَابِ الْقَوَدِ عَلَى الْآمِرِ الْمُكْرِهِ قَوْلَانِ. وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ: عَلَيْهِمَا الْقَوَدُ، وَزَادُوا عَلَى هَذَا، وَقَالُوا: الدِّيَةُ عَلَى الْمُمْسِكِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: اُسْتُحْسِنَ أَنْ لَا يَجِبَ الْقَوَدُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَكِنْ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْمُكْرِهِ الْآمِرِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَالْمُكْرَهُ الْمَأْمُورُ بِالْقَتْلِ يَأْثَمُ وَيُفَسَّقُ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَيُبَاحُ قَتْلُهُ لِلْمَقْصُودِ بِالْقَتْلِ وَالْمُكْرِهُ الْآمِرُ يَحْرُمُ عَنْ الْمِيرَاثِ دُونَ الْمُكْرَهِ الْمَأْمُورِ

أُكْرِهَ الْمُحْرِمُ عَلَى قَتْلِ صَيْدٍ فَأَبَى حَتَّى قُتِلَ كَانَ مَأْجُورًا 7 - أُكْرِهَ عَلَى الْعَفْوِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُكْرِهُ 8 - أُكْرِهَ عَلَى الْإِعْتَاقِ فَلَهُ تَضْمِينُ الْمُكْرِهِ إلَّا إذَا أُكْرِهَ عَلَى شِرَاءِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ أَوْ بِالْقَرَابَةِ. إذَا تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُكْرِهِ فَإِنَّهُ يَفْسَخُ تَصَرُّفَهُ مِنْ كِتَابَةٍ أَوْ إجَارَةٍ 9 - إلَّا التَّدْبِيرَ وَالِاسْتِيلَادَ وَالْإِعْتَاقَ. أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ. وَقَعَ 10 - إلَّا إذَا أُكْرِهَ عَلَى التَّوْكِيلِ بِهِ فَوَكَّلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أُكْرِهَ الْمُحْرِمُ عَلَى قَتْلِ صَيْدٍ إلَخْ كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي (7) قَوْلُهُ: أُكْرِهَ عَلَى الْعَفْوِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ إلَخْ كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي (8) قَوْلُهُ: أُكْرِهَ عَلَى الْإِعْتَاقِ إلَخْ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أُكْرِهَ بِوَعِيدِ قَتْلٍ عَلَى عِتْقِ عَبْدِهِ فَأَعْتَقَ نَفَذَ الْعِتْقُ عِنْدَكَ وَعَلَى الْمُكْرِهِ ضَمَانُ قِيمَتِهِ مُوسِرًا كَانَ الْمُكْرِهُ أَوْ مُعْسِرًا، وَلَا سِعَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ. ثُمَّ الْوَلَاءُ يَكُونُ لِلْمُكْرَهِ لِأَنَّهُ الْمُعْتِقُ وَالْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ (انْتَهَى) . وَفِيهَا وَلَوْ أُكْرِهَ بِالْحَبْسِ عَلَى أَنْ يُوَكِّلَ هَذَا بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَأَعْتَقَهُ الْوَكِيلُ، وَالْوَكِيلُ غَيْرُ مُكْرَهٍ كَانَ الْعَبْدُ حُرًّا عَنْ مَوْلَاهُ، وَلَمْ يَضْمَنْ الْمُكْرِهُ شَيْئًا، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى ذَلِكَ بِوَعِيدِ تَلَفٍ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُكْرِهِ دُونَ الَّذِي وَلِيَ الْإِعْتَاقَ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ عَبْدَ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَأَكْرَهَ مَالِكُ الْعَبْدِ الرَّجُلَ بِالْحَبْسِ عَلَى أَنْ يُجِيزَهُ نَفَذَ الْعِتْقُ، وَلَمْ يَضْمَنْ الْمُكْرَهُ شَيْئًا. (9) قَوْلُهُ: إلَّا التَّدْبِيرَ وَالِاسْتِيلَادَ وَالْإِعْتَاقَ يَعْنِي لَا يُفْسَخُ قَالَ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي: وَإِذَا لَمْ يُفْسَخْ فِي الْإِعْتَاقِ وَنَحْوِهِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُكْرَهِ ثُمَّ هُوَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي (10) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أُكْرِهَ عَلَى التَّوْكِيلِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَأَوْقَعَ الْوَكِيلَ وَقَعَ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَصِحَّ الْوَكَالَةُ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَبْطُلُ بِالْهَزْلِ فَكَذَا بِالْإِكْرَاهِ كَالْبَيْعِ وَأَمْثَالِهِ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْبَيْعِ، وَلَكِنْ يُوجِبُ إفْسَادَهُ فَكَذَا التَّوْكِيلُ يَنْعَقِدُ مَعَ الْإِكْرَاهِ، وَالشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ لَا تُؤَثِّرُ فِي الْوَكَالَةِ لِكَوْنِهَا مِنْ

[كتاب الغصب]

أُكْرِهَ عَلَى النِّكَاحِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَجَبَ قَدْرُهُ وَبَطَلَتْ الزِّيَادَةُ وَلَا رُجُوعَ عَلَى الْمُكْرَهِ بِشَيْءٍ (انْتَهَى) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِسْقَاطَاتِ، فَإِذَا لَمْ يَبْطُلْ نَفَذَ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَمُقْتَضَى هَذَا: أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى التَّوْكِيلِ بِالتَّزْوِيجِ وَزَوَّجَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَنْعَقِدُ، وَلَكِنْ لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا قَوْلُهُ: أُكْرِهَ عَلَى النِّكَاحِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ إلَخْ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ أُكْرِهَتْ عَلَى النِّكَاحِ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا يُقَالُ لَهُ: إمَّا أَنْ تَبْلُغَ إلَى مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ تُفَارِقَهَا، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا، وَهِيَ مُكْرَهَةٌ فَهُوَ رِضًى مِنْ الزَّوْجِ بِتَبْلِيغِهِ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا وَهِيَ طَائِعَةٌ فَهُوَ رِضًى مِنْهَا بِالْمُسَمَّى؛ إلَّا أَنَّ لِلْأَوْلِيَاءِ حَقَّ الِاعْتِرَاضِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كُفْرًا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا. وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَأُكْرِهَ عَلَى الدُّخُولِ بِهَا يَثْبُتُ أَحْكَامُ الدُّخُولِ فِي تَأَكُّدِ الْمَهْرِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرَهِ بِشَيْءٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [كِتَابُ الْغَصْبِ] ،

كِتَابُ الْغَصْبِ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ إلَّا فِي الْوَقْفِ. الْمَغْصُوبِ إذَا غُصِبَ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ وَكَانَ الثَّانِي أَمْلَأَ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّي إنَّمَا يُضَمِّنُ الثَّانِيَ، كَذَا فِي وَقْفِ الْخَانِيَّةِ. إذَا تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ بِإِذْنِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ 2 - إلَّا إذَا تَصَرَّفَ فِي مَالِ امْرَأَتِهِ فَمَاتَتْ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ بِإِذْنِهَا، وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الضَّمَانِ مِنْ الْأَوَّلِ وَالْبَعْضَ مِنْ الثَّانِي؟ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَذَكَرَهُ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي حَيْثُ قَالَ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الضَّمَانِ مِنْ الْأَوَّلِ وَالْبَعْضَ مِنْ الثَّانِي هَكَذَا نَقَلَهُ بَعْدَ أَنْ رُمِّزَ لِلسِّرَاجِيَّةِ. لَكِنَّ الَّذِي رَأَيْتُهُ فِي السِّرَاجِيَّةِ: وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الضَّمَانِ مِنْ الْأَوَّلِ وَالْبَعْضَ مِنْ الثَّانِي لَهُ ذَلِكَ، وَهِيَ مِنْ خَوَاصِّ الزِّيَادَاتِ فَلَعَلَّ لَيْسَ زَائِدَةٌ أَوْ نَاقِصَةٌ (انْتَهَى) . أَقُولُ فِي فَوَائِدِ صَدْرِ الْإِسْلَامِ طَاهِرِ بْنِ مَحْمُودٍ وَأَحَالَهُ إلَى فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ أَنَّ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ وَغَاصِبَ الْغَاصِبِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ (انْتَهَى) . وَهُوَ نَصٌّ فِي أَنَّ لَفْظَةَ لَيْسَ زَائِدَةٌ فِي عِبَارَةِ الْمُنْيَةِ وَلَيْسَتْ نَاقِصَةً مِنْ السِّرَاجِيَّةِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ ذُكِرَ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ أَنَّهُ إذَا ضَمَّنَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ يَبْرَأُ الْآخَرُ عَنْ الضَّمَانِ أَمَّا إذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ أَحَدِهِمَا فَهَلْ يَبْرَأُ الْآخَرُ عَنْ الضَّمَانِ حَتَّى لَوْ نَوَى الْمَالَ الَّذِي اخْتَارَهُ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ هَكَذَا رَأَيْتُ بِخَطِّ صَدْرِ الْإِسْلَامِ صَاحِبِ الْمُغْنِي فِي الْفَتَاوَى وَهِيَ عِدَّةُ مُجَلَّدَاتٍ انْتَهَى (2) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا تَصَرَّفَ فِي مَالِ امْرَأَتِهِ. أَيْ فِي غَلَّاتِهَا وَدَفَعَ ذَهَبَهَا بِالْمُرَابَحَةِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ.

فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ 4 - مَنْ هَدَمَ حَائِطَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ نُقْصَانَهَا، وَلَا يُؤْمَرُ بِعِمَارَتِهَا 5 - إلَّا فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي كَرَاهِيَةِ الْخَانِيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ. أَقُولُ: إنَّمَا كَانَ الْقَوْلُ لِلزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِلضَّمَانِ مَوْجُودًا حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ إذْنُهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَتَصَرَّفُ مِثْلَ هَذَا التَّصَرُّفِ فِي مَالِ امْرَأَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهَا، وَالظَّاهِرُ يَكْفِي لِلدَّفْعِ (4) قَوْلُهُ: مَنْ هَدَمَ حَائِطَ غَيْرِهِ إلَخْ. أَقُولُ: فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ: وَإِذَا هَدَمَ الرَّجُلُ حَائِطَ جَارِهِ فَلِلْجَارِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْحَائِطِ وَالنَّقْضُ لِلضَّامِنِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ النَّقْضَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ قَائِمٌ مِنْ وَجْهٍ، وَهَالِكٌ مِنْ وَجْهٍ فَإِنْ شَاءَ مَالَ إلَى جِهَةِ الْقِيَامِ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ مَالَ إلَى جِهَةِ الْهَلَاكِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْحَائِطِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْبُرَهُ عَلَى الْبِنَاءِ كَمَا كَانَ؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، وَطَرِيقُ تَقْوِيمِ النُّقْصَانِ: أَنْ تُقَوَّمَ الدَّارُ مَعَ حِيطَانِهَا، وَتُقَوَّمَ بِدُونِ هَذِهِ الْحَائِطِ فَيَضْمَنَ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْقُصُورِ. وَفِي الْقُنْيَةِ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ هَدَمَ حَائِطًا مُتَّخَذًا مِنْ خَشَبٍ أَوْ عَتِيقًا مُتَّخَذًا مِنْ رَهْصٍ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ، وَإِنْ كَانَ حَدِيثًا يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِ كَمَا كَانَ. وَفِي دُرَرِ الْفِقْهِ يَأْخُذُ فِي هَدْمِ الْحَائِطِ بِالْبِنَاءِ لَا بِالنُّقْصَانِ وَفِي طَرِيقٍ يُؤَاخَذُ بِالْقِيمَةِ وَقِيلَ بِالْبِنَاءِ (انْتَهَى) . أَقُولُ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ يَعُمُّ حَائِطَ الْمِلْكِ وَالْوَقْفِ لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ هَدَمَ حَائِطَ الدَّارِ رَجُلٌ مِلْكًا أَوْ حَفَرَ فِيهَا بِئْرًا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ انْتَهَى. وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ: لَوْ هَدَمَ حَائِطَ الْوَقْفِ تَلْزَمُهُ عَلَى الْقِيمَةِ إلَّا فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّ عَلَيْهِ تَسْوِيَتَهَا، وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ الْمِثْلِيَّ يَضْمَنُ بِالْقِيمَةِ إذَا كَانَ بَلَدُ الْخُصُومَةِ غَيْرَ بَلَدِ الْغَصْبِ تَفْصِيلٌ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ (5) قَوْلُهُ: إلَّا فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي كَرَاهِيَةِ الْخَانِيَّةِ أَقُولُ: لَمْ يَذْكُرْ قَاضِي خَانْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ حَائِطِ الْمَسْجِدِ وَحَائِطِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوا عَدَمَ الْجَبْرِ عَلَى الْبِنَاءِ كَمَا كَانَ فِيمَا لَوْ هَدَمَ حَائِطَ غَيْرِهِ بِأَنَّ الْحَائِطَ لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا وَهَذِهِ الْعِلَّةُ بِعَيْنِهَا جَارِيَةٌ فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ فَلْيُحَرَّرْ

الْإِجَازَةُ لَا تَلْحَقُ الْإِتْلَافَ، فَلَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ تَعَدِّيًا فَقَالَ الْمَالِكُ: أَجَزْتُ أَوْ رَضِيتُ أَوْ أَمْضَيْتُ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْإِجَازَةُ لَا تَلْحَقُ الْإِتْلَافَ إلَخْ. أَقُولُ بِهِ جَزَمَ فِي مَتْنِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ لَوْ تَصَدَّقَ الْمُلْتَقِطُ بِاللُّقَطَةِ بَعْدَ تَعْرِيفِهَا وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَطْلُبُهَا، بَعْدَ ذَلِكَ فَجَاءَ الْمَالِكُ بَعْدَ التَّصَدُّقِ بِهَا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَفَّذَ الصَّدَقَةَ فَيَكُونُ لَهُ ثَوَابُهَا وَإِجَازَتُهَا فِي الِانْتِهَاءِ كَإِذْنِهِ فِي الِابْتِدَاءِ وَالْإِذْنُ حَصَلَ مِنْ الشَّارِعِ لَا مِنْ الْمَالِكِ؛ فَلِهَذَا الْمِلْكُ لَا يَثْبُتُ لِلْفَقِيرِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ إجَازَةُ الْمَالِكِ عَلَى قِيَامِ الْمَالِ فِي يَدِ الْفَقِيرِ حَتَّى لَوْ أَجَازَهُ بَعْدَ مَا تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِهِ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ فِيهِ بَعْدَ الْإِجَازَةِ. كَذَا فِي الْمَنِيعِ. وَهَلْ تَلْحَقُ الْإِجَازَةُ فِي الْأَفْعَالِ؟ ذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ فِي غَصْبِ فَتَاوَاهُ: غَصَبَ شَيْئًا وَقَبَضَهُ فَأَجَازَ الْمَالِكُ قَبْضَهُ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ وَلَوْ انْتَفَعَ بِهِ فَأَمَرَهُ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَحْفَظْ. وَفِي مُفْتَرَقَاتِ بُيُوعِ الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ أَوْدَعَ مَالَ الْغَيْرِ فَأَجَازَ الْمَالِكُ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ، وَفِيهَا أَيْضًا الْإِجَازَةُ تَلْحَقُ الْمَوْقُوفَ دُونَ الْمَنْسُوخِ، وَذَكَرَ فِيهَا أَيْضًا الْإِجَازَةَ لَا تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَلْحَقُهَا كَالْعُقُودِ الْمَوْقُوفَةِ حَتَّى إنَّ الْغَاصِبَ إذَا رَدَّ الْمَغْصُوبَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَأَجَازَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قَبْضَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ؛ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خَرَجَ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ، وَعَنْ الْإِمَامِ لَا يَخْرُجُ، وَذَكَرَ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ الذَّخِيرَةِ: الْمَدْيُونُ إذَا بَعَثَ بِالدَّيْنِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ إلَى الطَّالِبِ فَجَاءَ إلَى الطَّالِبِ وَأَخْبَرَهُ وَرَضِيَ بِهِ وَقَالَ لِلَّذِي جَاءَ بِهِ اشْتَرِ بِهَا شَيْئًا، فَذَهَبَ وَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا شَيْئًا، وَهَلَكَ الْبَاقِي؛ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ قِيلَ: إنَّهُ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمَطْلُوبِ، وَقِيلَ: يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الطَّالِبِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِبَعْثِهِ فِي الِانْتِهَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْإِذْنِ بِالْقَبْضِ فِي الِابْتِدَاءِ. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تُشِيرُ إلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ: وَقَدْ مَرَّ فِي آخِرِ تَصَرُّفَاتِ الْفُضُولِيِّ فِي مَجْمُوعِنَا هَذَا أَنَّ الْإِجَازَةَ تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ وَهُوَ الْأَصَحُّ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الصَّحِيحُ أَنَّهَا تَلْحَقُ الْإِتْلَافَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَفْعَالِ فَيَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِمْ الْإِجَازَةُ تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ فِي الصَّحِيحِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْأَفْعَالِ غَيْرُ الْإِتْلَافِ عَمَلًا بِنُقُولِ الْمَشَايِخِ كُلِّهِمْ مَعَ إمْكَانِ الْحَمْلِ (انْتَهَى) . يَعْنِي؛ لِأَنَّ

الْآمِرُ لَا يَضْمَنُ بِالْأَمْرِ، 8 - إلَّا فِي خَمْسَةٍ:. 9 - الْأُولَى: إذَا كَانَ الْآمِرُ سُلْطَانًا. الثَّانِيَةُ: إذَا كَانَ مَوْلًى لِلْمَأْمُورِ. الثَّالِثَةُ: إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ عِنْدَ الْغَيْرِ كَأَمْرِهِ عَبْدَ الْغَيْرِ بِالْإِبَاقِ أَوْ بِقَتْلِ نَفْسِهِ، فَإِنَّ الْآمِرَ يَضْمَنُ 10 - إلَّا إذَا أَمَرَهُ بِإِتْلَافِ مَالِ سَيِّدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآمِرِ، بِخِلَافِ مَالِ غَيْرِ سَيِّدِهِ فَإِنَّ الضَّمَانَ الَّذِي يَغْرَمُهُ الْمَوْلَى 11 - يَرْجِعُ بِهِ عَلَى سَيِّدِهِ. 12 - الرَّابِعَةُ: إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ صَبِيًّا كَمَا إذَا أَمَرَ صَبِيًّا بِإِتْلَافِ مَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَفْعَالُ مِنْهَا مَا يَكُونُ إعْدَامًا، وَمِنْهَا مَا يَكُونُ إيجَادًا فَيُحْمَلُ تَقَوُّلُ الْمَشَايِخِ عَلَى الْفِعْلِ الَّذِي لَا يَكُونُ إعْدَامًا (7) قَوْلُهُ: الْآمِرُ لَا يَضْمَنُ بِالْأَمْرِ إلَخْ. بِغَيْرِ دَفْعِ الْمَالِ أَمَّا الْآمِرُ بِدَفْعِهِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ مَذْكُورٌ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ فِي الْكَفَالَةِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْوَكَالَةِ وَتَقَدَّمَ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي الْكَفَالَةِ (8) قَوْلُهُ: إلَّا فِي خَمْسَةٍ. أَقُولُ: صَوَابُهُ إلَّا فِي سِتَّةٍ، وَهِيَ نُسْخَةٌ، وَفِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ لَمْ يَذْكُرْ السَّادِسَةَ وَلَعَلَّهَا زِيدَتْ. (9) قَوْلُهُ: الْأُولَى: إذَا كَانَ الْآمِرُ سُلْطَانًا إلَخْ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْآمِرُ غَيْرَهُ فَتَقَدَّمَ فِي الصَّفْحَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِشَرْطٍ. (10) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَمَرَهُ بِإِتْلَافِ مَالِ سَيِّدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآمِرِ؛ إذْ لَوْ ضَمِنَ لَرَجَعَ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ بِمَا ضَمِنَهُ لِسَيِّدِهِ وَلَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ. (11) قَوْلُهُ: يَرْجِعُ بِهِ عَلَى سَيِّدِهِ. كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ عَلَى الْآمِرِ. (12) قَوْلُهُ: الرَّابِعَةُ: إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ صَبِيًّا. قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ: لَوْ قَالَ لِصَبِيٍّ مَحْجُورٍ اصْعَدْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَانْفُضْ لِي ثِمَارَهَا فَصَعِدَ فَسَقَطَ تَجِبُ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ وَلَهُ تَتِمَّةٌ تُنْظَرُ هُنَاكَ.

فَأَتْلَفَهُ ضَمِنَ الصَّبِيُّ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ. الْخَامِسَةُ: إذَا أَمَرَهُ بِحَفْرِ بَابٍ 13 - فِي حَائِطِ الْغَيْرِ فَحَفَرَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْحَافِرِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ 14 - وَتَمَامُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ غَيْرِهِ 15 - بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا وِلَايَةَ 16 - إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ فِي السِّرَاجِيَّةِ: يَجُوزُ لِلْوَلَدِ وَالْوَالِدِ الشِّرَاءَ مِنْ مَالِ الْمَرِيضِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. الثَّانِيَةُ: إذَا أَنْفَقَ الْمُودَعُ عَلَى أَبَوَيْ الْمُودِعِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَكَانَ فِي مَكَانٍ لَا يُمْكِنُ اسْتِطْلَاعُ رَأْيِ الْقَاضِي لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا. الثَّالِثَةُ: إذَا مَاتَ بَعْضُ الرُّفْقَةِ فِي السَّفَرِ فَبَاعُوا قُمَاشَهُ وَعُدَّتَهُ وَجَهَّزُوهُ بِثَمَنِهِ وَرَدُّوا الْبَقِيَّةَ إلَى الْوَرَثَةِ، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَأَنْفَقُوا عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَضْمَنُوا اسْتِحْسَانًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي حَائِطِ الْغَيْرِ. أَمَّا لَوْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَحْفِرَ فِي دَارِ نَفْسِهِ فَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْوَدِيعَةِ (14) قَوْلُهُ: وَتَمَامُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ إلَخْ. وَلَا وِلَايَةَ كَذَا بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ؛ وَقِيلَ عَلَيْهِ: فِيهِ مُؤَاخَذَةٌ وَالْأَنْسَبُ أَنْ يُقَالَ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ غَيْرِ ضَمِيرٍ يَعْنِي لِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ وَلَا وِلَايَةَ زَائِدٌ عَلَى مَا فِيهَا بَعِيدٌ جِدًّا. (15) قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا وِلَايَةَ كَذَا بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ، وَقِيلَ: عَلَيْهِ فِيهِ مُؤَاخَذَةٌ، وَالْأَنْسَبُ أَنْ يُقَالَ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ غَيْرِ ضَمِيرٍ يَعْنِي لِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ وَلَا وِلَايَةَ زَائِدٌ عَلَى مَا فِيهَا بَعِيدٌ جِدًّا ؛ (16) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةِ كَذَا بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ. وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ إلَّا فِي مَسَائِلَ كَمَا سَيَظْهَرُ مِمَّا سَيَأْتِي فَإِنَّهُ عَدَّهَا ثَلَاثَةً بِجَعْلِ الْإِغْمَاءِ مَسْأَلَةً غَيْرَ مُسْتَقِلَّةٍ وَمَا قِيلَ إنَّ

وَهِيَ وَاقِعَةُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي آخِرِ النَّفَقَاتِ. 18 - وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ الْمَسَائِلُ الاستحسانية: ذَبَحَ شَاةَ قَصَّابٍ شَدَّهَا لَمْ يَضْمَنْ، ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فِي أَيَّامِهَا لَمْ يَضْمَنْ. أَطْلَقَهُ فِي الْأَصْلِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا أَضْجَعَهَا لِلذَّبْحِ، وَكَذَا لَوْ وَضَعَ قِدْرًا عَلَى كَانُونٍ فِيهِ لَحْمٌ وَوَضَعَ الْحَطَبَ فَأَوْقَدَ غَيْرُهُ وَطَبَخَهُ، 19 - وَكَذَا لَوْ طَحَنَ بُرًّا جَعَلَهُ فِي دَوْرَقٍ وَرَبَطَ الْحِمَارَ فَسَاقَهُ، 20 - وَكَذَا لَوْ حَمَلَ حِمْلَهُ السَّاقِطَ فِي الطَّرِيقِ فَتَلِفَ، وَكَذَا لَوْ أَعَانَهُ فِي رَفْعِ الْجَرَّةِ فَانْكَسَرَتْ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَصْرَ فِي مَسْأَلَةٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَلَمَّا ظَفِرَ الْمُصَنِّفُ بِغَيْرِهَا ذَكَرَهُ (17) قَوْلُهُ: وَهِيَ وَاقِعَةُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ إلَخْ. رُوِيَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ صَاحِبِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - حَجُّوا فَمَاتَ وَاحِدٌ فَأَخَذُوا مَا كَانَ مَعَهُ فَبَاعُوهُ فَلَمَّا وَصَلُوا إلَى مُحَمَّدٍ سَأَلَهُمْ فَذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا ذَلِكَ لَمْ تَكُونُوا فُقَهَاءَ، وَقَرَأَ {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220] . (18) قَوْلُهُ: وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ الْمَسَائِلُ الاستحسانية. الْمُرَادُ بِهَا مَا يَثْبُتُ فِيهَا الْإِذْنُ دَلَالَةً اسْتِحْسَانًا. (19) قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ طَحَنَ بُرًّا إلَخْ. قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَمِنْهَا جَعْلُ بُرِّهِ فِي دَوْرَقٍ وَرَبَطَ الْحِمَارَ فَسَاقَهُ رَجُلٌ حَتَّى طَحَنَهُ يَبْرَأُ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ تَتَّضِحُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ. (20) قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ حَمَلَ حِمْلَهُ السَّاقِطَ فِي الطَّرِيقِ إلَخْ. يَعْنِي بِلَا إذْنِ رَبِّهِ فَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ يَبْرَأُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.

وَكَذَا لَوْ فَتَحَ فُوَّهَةَ الطَّرِيقِ فَسَقَاهَا حِينَ سَدَّهَا صَاحِبُهَا وَمِنْهَا 22 - إحْرَامُ رَفِيقِهِ لِإِغْمَائِهِ، 23 - وَسَقْيُ أَرْضِهِ بَعْدَ بَذْرِ الْمُزَارِعِ. 24 - وَلَيْسَ مِنْهَا سَلْخُ الشَّاةِ بَعْدَ تَعْلِيقِهَا لِلتَّفَاوُتِ. 25 - وَالْكُلُّ مِنْ كِتَابِ الْمَرْضَى مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. الْمُبَاشِرُ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ، وَالْمُتَسَبِّبُ لَا إلَّا إذَا كَانَ مُتَعَمِّدًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ فَتَحَ فُوَّهَةَ الطَّرِيقِ إلَخْ. الَّذِي فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فُوَّهَةُ الْأَرْضِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ. قَالَ فِي الصِّحَاحِ: وَأَفْوَاهُ الْأَزِقَّةِ وَالْأَنْهَارِ وَاحِدَتُهَا فُوَّهَةٌ بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ، وَيُقَالُ قَعَدَ عَلَى فُوَّهَةِ الطَّرِيقِ، وَالْجَمْعُ أَفْوَاهٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. (22) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا إحْرَامُ رَفِيقِهِ إلَخْ. قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: إنَّمَا يَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَمْرِهِ بِهِ دَلَالَةً لِمَا عَقَدَ مَعَ الرُّفْقَةِ مَعَ عِلَّةٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمِيقَاتُ إلَّا مُحْرِمًا صَارَ كَأَنَّهُ أَمَرَهُ بِهِ وَاسْتَعَانَ بِهِ. (23) قَوْلُهُ: وَسَقْيُ أَرْضِهِ بَعْدَ بَذْرِ الْمُزَارِعِ. قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَمِنْهَا مُزَارِعٌ زَرَعَ الْأَرْضَ بِبَذْرِهِ وَلَمْ يَنْبُتْ حَتَّى سَقَاهُ رَبُّهَا بِلَا أَمْرِهِ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا هَيَّأَهُ لِلسَّقْيِ وَالتَّرْبِيَةِ صَارَ مُسْتَعِينًا بِكُلِّ مَنْ قَامَ بِهِ فَأَذِنَ لَهُ دَلَالَةً. وَكَذَا لَوْ سَقَاهُ أَجْنَبِيٌّ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا. (24) قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهَا سَلْخُ الشَّاةِ بَعْدَ تَعْلِيقِهَا لِلتَّفَاوُتِ. قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ لَا يَتَعَاوَنُ فِيهِ النَّاسُ تَثْبُتُ الِاسْتِعَانَةُ فِيهِ بِكُلِّ أَحَدٍ دَلَالَةً، وَمَا يَتَعَاوَنُ فِيهِ النَّاسُ لَا تَثْبُتُ الِاسْتِعَانَةُ فِيهِ بِكُلِّ أَحَدٍ كَمَا لَوْ ذَبَحَ شَاةً وَعَلَّقَهَا لِلسَّلْخِ فَسَلَخَهَا رَجُلٌ بِلَا إذْنٍ ضَمِنَ. (25) قَوْلُهُ: وَالْكُلُّ مِنْ كِتَابِ الْمَرْضَى إلَخْ. أَقُولُ: الصَّوَابُ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ فِي فَصْلِ الْمَرْضَى

فَلَوْ رَمَى سَهْمًا مِنْ مِلْكِهِ فَأَصَابَ إنْسَانًا ضَمِنَهُ 27 - وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ 28 - فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْهُ 29 - وَفِي غَيْرِ مِلْكِهِ يَضْمَنُهُ، وَلَوْ أَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ لَمْ تَضْمَنْ نِصْفَ مَهْرِ الصَّغِيرَةِ إلَّا بِتَعَمُّدِ الْإِفْسَادِ بِأَنْ تَعْلَمَ بِالنِّكَاحِ، وَأَنْ يَكُونَ الْإِرْضَاعُ مُفْسِدًا لَهُ وَأَنْ يَكُونَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ. وَالْجَهْلُ عِنْدَنَا مُعْتَبَرٌ لِدَفْعِ الْفَسَادِ كَمَا فِي إرْضَاعِ الْهِدَايَةِ 30 - الْعَقَارُ وَلَا يُضْمَنُ إلَّا فِي مَسَائِلَ: إذَا جَحَدَهُ الْمُودِعُ، وَإِذَا بَاعَهُ الْغَاصِبُ وَسَلَّمَهُ، وَإِذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ بِهِ بَعْدَ الْقَضَاءِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَوْ رَمَى سَهْمًا مِنْ مِلْكِهِ إلَخْ. تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: الْمُبَاشِرُ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ. أَقُولُ: لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ تَقْيِيدِ الرَّمْيِ بِكَوْنِهِ مِنْ مِلْكِهِ فَلْيُنْظَرْ وَجْهُهُ (27) قَوْلُهُ: وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ. تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَالْمُبَاشِرُ لَا إلَّا إذَا كَانَ مُعْتَمِدًا. (28) قَوْلُهُ: فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ. كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ إنْسَانٌ بِالرَّفْعِ. (29) قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِ مِلْكِهِ يَضْمَنُهُ. يَعْنِي إذَا تَعَمَّدَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ السَّابِقُ إلَّا إذَا تَعَمَّدَ (30) قَوْلُهُ: الْعَقَارُ لَا يُضْمَنُ إلَّا فِي مَسَائِلَ إلَخْ. أَقُولُ: ذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا أَنَّ الْعَقَارَ يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ فِي عَقَارِ الْوَقْفِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَقَالَ الْكَمَالُ: الْفَتْوَى فِي ضَمَانِ الْعَقَارِ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: الْعَقَارُ الْمَوْقُوفُ وَفِي عَقَارِ الْيَتِيمِ وَفِي عَقَارِ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ هَذَا مَا رَأَيْتُ عَلَيْهِ الْمَشَايِخَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - عَدَمٌ وَعَدَمُ ضَمَانِ الْعَقَارِ بِالْغَصْبِ قَوْلُهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ. قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: ادَّعَى دَارًا بِيَدِ آخَرَ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ فَقَالَ ذُو الْيَدِ هُوَ كَانَ لِي وَقَفْته عَلَى كَذَا وَأَرَادَ تَحْلِيفَهُ يَحْلِفُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لَهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ غَصْبَ الدَّارِ يَتَحَقَّقُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لَهُمَا وَيُفْتَى بِقَوْلِهِ فِي غَصْبِ الْعَقَارِ أَنَّهُ يَتَحَقَّقُ

مَنَافِعُ الْغَصْبِ لَا تُضْمَنُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ: مَالُ الْيَتِيمِ، 32 - وَمَالُ الْوَقْفِ، وَالْمُعَدُّ لِلِاسْتِغْلَالِ 33 - مَنَافِعُ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ مَضْمُونَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَنَافِعُ الْغَصْبِ لَا تُضْمَنُ إلَخْ. يُقَيَّدُ هَذَا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِصُورَةِ عَقْدٍ بِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ كَمَا فِي الدَّابَّةِ وَالرِّوَايَةُ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَغْلٌ وَلِلْآخَرِ رِوَايَةٌ فَاشْتَرَكَا لِيَسْتَقِيَ عَلَيْهَا الْمَاءَ الْكَسْبُ بَيْنَهُمَا، فَسَدَتْ الشَّرِكَةُ لِانْعِقَادِهَا عَلَى إحْرَازِ الْمُبَاحِ وَهُوَ الْمَاءُ وَالْكَسْبُ لِمَنْ اسْتَقَى؛ لِأَنَّهُ الْمُحْرِزُ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهِ الدَّابَّةُ وَالرِّوَايَةُ. كَذَا فِي الْكَافِي وَأَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا شَهْرًا وَسَكَنَ شَهْرَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ أَجْرُ الشَّهْرِ الثَّانِي كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي مَسَائِلِ الشُّيُوعِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَكَأَنَّهُ لِكَوْنِ الشَّهْرِ الثَّانِي لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ. (32) قَوْلُهُ: وَمَالُ الْوَقْفِ. هَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا زَرَعَ الْوَاقِفُ وَالْمُتَوَلِّي أَرْضَ الْوَقْفِ وَقَالَ: زَرَعْتُهَا لِنَفْسِي فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ كَمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ لَكِنْ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ: إنَّ هَذَا مَذْهَبُ الْمُتَقَدِّمِينَ فَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ كَلَامُ قَاضِي خَانْ عَلَى مَذْهَبِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَإِلَّا يَكُونُ تَقْيِيدًا لِمَا قَالُوهُ فِي ضَمَانِ الْوَقْفِ وَلُزُومِ أَجْرِ الْمِثْلِ (33) قَوْلُهُ: مَنَافِعُ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ مَضْمُونَةٌ. زَائِدَةٌ لَا فَائِدَةَ فِيهَا وَالِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَالْمُعَدُّ لِلِاسْتِغْلَالِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ نَظَرَ فِي كَلَامِهِ إلَخْ. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: الدَّارُ الْمُعَدَّةُ لِلِاسْتِغْلَالِ إنَّمَا يَجِبُ أَجْرُهَا عَلَى السَّاكِنِ إذَا سَكَنَهَا عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ دَلَالَةً، أَمَّا إذَا سَكَنَهَا بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ كَبَيْتٍ سَكَنَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ سَنَةً لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. هَذَا فِي الْمِلْكِ وَأَمَّا فِي الْوَقْفِ إذَا اسْتَغَلَّهُ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ لَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ، وَإِذَا كَانَ بَيْنَ بَالِغٍ وَيَتِيمٍ صَغِيرٍ فَسَكَنَهُ الْبَالِغُ سَنَةً لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَا الْأَجْنَبِيُّ بِغَيْرِ عَقْدٍ بِخِلَافِ الْوَقْفِ. وَقِيلَ دَارُ الْيَتِيمِ كَالْوَقْفِ (انْتَهَى) . وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي كَلَامِهِ فَشَمِلَ مَا إذَا عَلِمَ الْمُسْتَعْمِلُ بِكَوْنِهَا مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ لَا وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُسْتَعْمِلِ بِذَلِكَ وَأَنْ لَا يَكُونَ الْمُسْتَعْمِلُ مَشْهُورًا بِالْغَصْبِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ بِمَوْتِ رَبِّ الدَّارِ يَبْطُلُ الْإِعْدَادُ وَفِي شَرْحِ ظَهِيرِ الدِّينِ التُّمُرْتَاشِيِّ قِيلَ لِرُكْنِ الْأَئِمَّة: إذَا بَنَى لِنَفْسِهِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُدَّهُ لِلِاسْتِغْلَالِ قَالَ إنْ قَالَ بِلِسَانِهِ وَيُخْبِرُ النَّاسَ صَارَ كَذَا فِي مَوْضِعِ ثِقَةٍ وَفِي

إلَّا إذَا سَكَنَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ 35 - كَبَيْتٍ سَكَنَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمِلْكِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقُنْيَةِ لَمْ تَكُنْ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ إلَّا إذَا بَنَاهَا لِذَلِكَ أَوْ اشْتَرَاهَا لَهُ كَذَا أَوْرَدَهُ أَبُو الْيُسْرِ. (34) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا سَكَنَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ. أَقُولُ مِثْلَ السُّكْنَى بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ وَسَيَأْتِي التَّمْثِيلُ لِلسُّكْنَى بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ بَعْدَ نَحْوِ سَبْعَةِ أَسْطُرٍ وَيَدْخُلُ فِي تَأْوِيلِ الْمِلْكِ مَا لَوْ بَاعَ الْمُتَوَلِّي دَارَ الْوَقْفِ، وَسَكَنَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَزَلَ الْقَاضِي الْمُتَوَلِّيَ وَنَصَّبَ غَيْرَهُ فَخَاصَمَ الْمُشْتَرِيَ إلَى الْقَاضِي وَاسْتَرَدَّ الدَّارَ مِنْهُ فَلَا أَجْرَ عَلَى الْمُشْتَرِي. وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الْعُمْدَةِ وُجُوبُ الْأَجْرِ عَلَيْهِ؛ وَتَكُونُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ. قَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ: الْفَتْوَى فِي غَصْبِ الدَّارِ وَالْعَقَارِ الْمَوْقُوفَةِ الضَّمَانُ نَظَرًا لِلْوَقْفِ كَمَا أَنَّ الْفَتْوَى فِي غَصْبِ مَنَافِعِ الْوَقْفِ بِالضَّمَانِ نَظَرًا لِلْوَقْفِ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا صَحَّحَهُ فِي الْعُمْدَةِ (انْتَهَى) . وَفِي الثَّالِثِ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ شَرَى دَارًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا وَقْفٌ أَوْ لِلصَّغِيرِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ صِيَانَةً لِمَالِ الْوَقْفِ وَالصَّغِيرِ (انْتَهَى) . وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي مَسْأَلَةِ الْيَتِيمِ زِيَادَةٌ وَفِي الْقُنْيَةِ سَكَنَ دَارَ الْوَقْفِ سِنِينَ يَزْعُمُ الْمِلْكَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لِلْوَقْفِ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا مَضَى (انْتَهَى) . وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَصْحِيحِ الْعُمْدَةِ وَقَالَ فِي الْقُنْيَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ادَّعَى الْقَيِّمُ مَنْزِلًا وَقْفًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَجَحَدَ فَأَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ وَحَكَمَ بِالْوَقْفِيَّةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا مَضَى، فَأَمَّا إذَا أَقَرَّ وَكَانَ مُتَعَنِّتًا فِي الْإِنْكَارِ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ (انْتَهَى) . وَفِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ: بَاعَ الْمُتَوَلِّي مَنْزِلَ الْوَقْفِ فَسَكَنَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ فَسَخَ الْبَيْعَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي أَجْرُ الْمِثْلِ (انْتَهَى) . وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَصْحِيحِ الْمُحِيطِ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ. (35) قَوْلُهُ: كَبَيْتٍ سَكَنَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمِلْكِ. يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ فِي حَقِّ السُّكْنَى وَمَا كَانَ مِنْ تَوَابِعِهَا تُجْعَلُ كَالْمَمْلُوكَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْكَمَالِ إذْ لَوْ لَمْ تُجْعَلْ كَذَلِكَ مُنِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الدُّخُولِ وَالْقُعُودِ وَوَضْعِ الْأَمْتِعَةِ فَتَتَعَطَّلُ عَلَيْهِ مَنَافِعُ مِلْكِهِ، وَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا جَعَلْنَاهَا هَكَذَا صَارَ الْحَاضِرُ سَاكِنًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَجِبُ؟ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: شَمِلَ

أَمَّا الْوَقْفُ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا بِالْغَلَبَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ، سَوَاءٌ كَانَ مَوْقُوفًا لِلسُّكْنَى أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْأَجْرُ، 37 - وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ مَسْأَلَةٌ: ـــــــــــــــــــــــــــــQإطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حَاضِرًا فَسَكَنَ الْآخَرُ فِي الدَّارِ الْمُعَدَّةِ لِلِاسْتِغْلَالِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ نَصِيبَ الْقَاصِرِ عَمَلًا بِالْإِطْلَاقِ، وَيَكُونُ مَحَلُّ ضَمَانِ الْغَاصِبِ مَالَ الْيَتِيمِ غَيْرَ هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا سَكَنَ هُنَا بِتَأْوِيلِ الْمِلْكِ بِمَعْنَى أَنَّهُ سَكَنَ فِي مِلْكِهِ بِزَعْمِهِ فَلِهَذَا لَا يَضْمَنُ نَصِيبَ الْقَاضِي (انْتَهَى) . أَقُولُ مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَقِيلَ: دَارُ الْيَتِيمِ كَالْوَقْفِ فَيَضْمَنُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا عَنْ الْقُنْيَةِ (36) قَوْلُهُ: أَمَّا الْوَقْفُ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ النِّصْفُ وَقْفًا وَالنِّصْفُ مِلْكًا وَسَكَنُهُ الْمِلْكُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ حِصَّةَ الْوَقْفِ، وَلَوْ سَكَنَهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَا ضَمَانَ لِحِصَّةِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ وُجُوبَ الْأَجْرِ فِي الْوَقْفِ ثَبَتَ اسْتِحْسَانًا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ صِيَانَةً لِلْوَقْفِ عَنْ أَيْدِي الظَّلَمَةِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ الْمِلْكُ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَخْرُجُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ: هَلْ يَضْمَنُ أَجْرَ الْمِثْلِ لِلْوَقْفِ لِكَوْنِ الْوَقْفِ مَضْمُونًا بِكُلِّ حَالٍ أَمْ لَا؟ لِأَنَّهُ يَتَأَوَّلُ أَنَّهُ سَكَنَ فِي نَصِيبِهِ الْمَمْلُوكِ لَهُ مَحَلُّ نَظَرٍ (37) قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ مَسْأَلَةٌ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ نَقْلًا عَنْ مِنَحِ الْغَفَّارِ شَرْحِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ أَجْرِ الْمَغْصُوبِ مُطْلَقًا فَلَا اسْتِثْنَاءَ (انْتَهَى) . ثُمَّ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ أَيْضًا فِي مَسْأَلَةِ سُكْنَى الْأُمِّ وُجُوبُ الْأَجْرِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَاَلَّذِي رَأَيْنَاهُ فِيهَا مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهَا كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فَاعْلَمْ ذَلِكَ (انْتَهَى) . وَقَدْ مَنَعَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ صِحَّةَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ، فَقَالَ: إنْ كَانَ هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا سَكَنَ فِي بَيْتِ زَوْجَتِهِ فَقَدْ نُقِلَ عَنْ قَاضِي خَانْ خِلَافُهُ وَالْغَرَضُ أَنَّهُ لِلْيَتِيمِ وَلَا لَهَا الْأَجْرُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرَكَ لَا شَيْءَ فِيهِ فَهَذَا وَنَحْوُهُ كَالْوَقْفِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ فَيَجِبُ حِصَّةُ الْيَتِيمِ

سَكَنَتْ أُمُّهُ مَعَ زَوْجِهَا فِي دَارِهِ بِلَا أَجْرٍ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِمَا. كَذَا فِي وَصَايَا الْقُنْيَةِ. لَا تَصِيرُ الدَّارُ مُعَدَّةً لَهُ بِإِجَارَتِهَا إنَّمَا تَصِيرُ مُعَدَّةً إذَا بَنَاهَا لِذَلِكَ أَوْ اشْتَرَاهَا لَهُ، وَبِإِعْدَادِ الْبَائِعِ لَا تَصِيرُ مُعَدَّةً فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي الْغَاصِبِ، إذَا أَجَّرَ مَا مَنَافِعُهُ مَضْمُونَةٌ مِنْ مَالِ وَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ 39 - فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى لَا أَجْرُ الْمِثْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: سَكَنَتْ أُمُّهُ مَعَ زَوْجِهَا فِي دَارِهِ إلَخْ. أَقُولُ فِي الصَّيْرَفِيَّةِ: سَكَنَتْ مَعَ زَوْجِهَا فِي بَيْتِ ابْنِهَا الصَّغِيرِ قَالَ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهَا بِأَنْ كَانَ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ سِتٍّ فَفِي جَوَابِ الْعُرْفِ عَلَيْهَا أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحْتَاجَةٍ حَيْثُ لَهَا زَوْجٌ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ يَقْدِرُ عَلَى الْمَنْعِ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِمَا (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِجْمَالِ حَيْثُ لَمْ يُفَصَّلْ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْأَجْرِ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ مُخَرَّجَةً عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْأَجْرِ بِسُكْنَى دَارِ الْيَتِيمِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ مِنْ أَنَّهَا كَالْوَقْفِ فَتَجِبُ الْأُجْرَةُ بِسُكْنَاهَا فَيَجِبُ الْأَجْرُ عَلَى الزَّوْجِ لِكَوْنِ سُكْنَى الزَّوْجَةِ وَاجِبَةً عَلَيْهِ وَهُوَ غَاصِبٌ لِدَارِ الْيَتِيمِ فَتَجِبُ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ كَمَا فِي غَيْرِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ دَارَ الْيَتِيمِ كَالْوَقْفِ فَلَا اسْتِئْنَاءَ وَمَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ مِنْ التَّفْصِيلِ غَيْرُ ظَاهِرٍ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْفَطِنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ بِهِ فِي حَقِّ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ عَلَى الزَّوْجِ فَحَسْبُ (انْتَهَى) . أَقُولُ: قَدَّمْنَا عَنْ الْقُنْيَةِ مَسْأَلَةً يَنْبَغِي اسْتِثْنَاؤُهَا وَهِيَ مَا لَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ يَتِيمٍ وَبَالِغٍ فَسَكَنَهَا الْبَالِغُ سَنَةً لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا إشْكَالَ فِي صِحَّةِ اسْتِثْنَائِهَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ دَارَ الْيَتِيمِ لَيْسَتْ كَالْوَقْفِ. (39) قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ يَعْنِي لِلْغَاصِبِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: وَيَرُدُّ مَا أَخَذَهُ الْغَاصِبُ بِجِهَةِ الْوَقْفِ. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ لَكِنْ فِي الْكَمَالِ وَالْإِسْعَافِ وَالْعِمَادِيَّةِ أَنَّ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ لَا عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ بِتَضْمِينِ غَاصِبِ الْعَقَارِ لَكِنَّ الْوَقْفَ إنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (انْتَهَى) وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ. أَجَّرَ الْفُضُولِيُّ دَارًا مَوْقُوفَةً إلَخْ. أَيْضًا مِنْهَا وَلَا

وَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَجْرُ الْمِثْلِ 41 - إنَّمَا يَرُدُّ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ 42 - السُّكْنَى بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ كَسُكْنَى الْمُرْتَهَنِ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا سَنَةً بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَسَكَنَهَا سَنَتَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَخْفَى أَنَّهُ يَتَرَاءَى بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ فَلْيُتَدَبَّرْ ثُمَّ قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَجْرَ الْمِثْلِ فَقَطْ يَعْنِي إذَا كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى وَجَبَ الْمُسَمَّى لَا أَجْرُ الْمِثْلِ فَقَطْ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْمُسَمَّى إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ لَا يَخْرُجُ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ الْعُهْدَةِ إلَّا بِإِتْمَامِ أَجْرِ الْمِثْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَقَلَّ حَيْثُ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ بِأَدَاءِ الْمُسَمَّى، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ لَا أَجْرُ الْمِثْلِ أَيْ لَا يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بِهَذَا الْعَقْدِ لِلْعَاقِدِ وَلِذَلِكَ فَرَّعَ عَلَيْهِ، وَبَنَى مَا بَنَى فَلَا يُنَافِي وُجُوبَهُ لِلْوَقْفِ أَيْ وُجُوبَ تَمَامِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْوَرَقَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ أَوْ الْمُرَادُ لَا يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ كَمَا قُرِّرَ هُنَاكَ وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي: إجَارَةُ الْفُضُولِيِّ تَتَوَقَّفُ فَإِنْ أَجَازَ الْمَالِكُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فَالْأُجْرَةُ لَهُ وَإِنْ أَجَازَهُ بَعْدَهُ فَلِلْعَاقِدِ وَإِنْ أَجَازَ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ فَالْمَاضِي لَهُ وَالْبَاقِي لِلْمَالِكِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْبَاقِي لَهُ وَالْمَاضِي لِلْعَاقِدِ (انْتَهَى) . ذَكَرَهُ فِي مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ (40) قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَجْرُ الْمِثْلِ. أَقُولُ: هَذَا عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَمَّا عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ تَضْمِينِ مَنَافِعِ الْوَقْفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ وَالْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ بِالْغَصْبِ فَيَنْبَغِي أَنَّ مَا قَبَضَهُ الْغَاصِبُ مِنْ الْأُجْرَةِ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ يُكْمِلُ الْغَاصِبُ أَجْرَ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ مَا قَبَضَهُ زَائِدًا يَرُدُّ أَيْضًا لِعَدَمِ طِيبِهِ لَهُ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَرَى تَضْمِينَ أَجْرِ الْمِثْلِ بِالْغَصْبِ فِيهَا كَمَا هُوَ قَوْلُ الْمُتَقَدِّمِينَ فَلَا يَرُدُّ إلَّا مَا قَبَضَهُ لِعَدَمِ طِيبِهِ فَحِينَئِذٍ لَا يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ بَلْ يُفْتِي إمَّا بِالرَّدِّ أَوْ بِالتَّصْدِيقِ وَأَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ الْخَصَّافُ وَاخْتَارَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ فَلَا يَكُونُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ غَاصِبًا وَيَضْمَنُ أَجْرَ الْمِثْلِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ بِحَقِيقَةِ الِانْتِفَاعِ لَا بِالتَّمَكُّنِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ. (41) قَوْلُهُ: إنَّمَا يَرُدُّ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ. حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الَّذِي أَجَّرَ بِهِ وَإِنْ كَانَ دُونَ أَجْرِ الْمِثْلِ وَهِيَ فَائِدَةٌ قَلَّ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهَا. كَذَا بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ (42) قَوْلُهُ: السُّكْنَى بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ كَسُكْنَى الْمُرْتَهَنِ. يَعْنِي دَارَ الرَّهْنِ كَمَا فِي

وَدَفَعَ أُجْرَتَهُمَا لَيْسَ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ 44 - وَالتَّخْرِيجُ عَلَى الْأُصُولِ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ ذَلِكَ إنْ لَمْ تَكُنْ مُعَدَّةً، لِكَوْنِهِ دَفَعَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَيَسْتَرِدُّهُ إلَّا إذَا دَفَعَ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ فَاسْتَهْلَكَهُ الْمُؤَجِّرُ. أَجَّرَ الْفُضُولِيُّ دَارًا مَوْقُوفَةً وَقَبَضَ الْآجِرُ خَرَجَ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ الْعُهْدَةِ إذَا كَانَ ذَلِكَ أَجْرَ الْمِثْلِ وَيَرُدُّهُ إلَى الْوَقْفِ. أَجَّرَهَا الْغَاصِبُ وَرَدَّ أُجْرَتَهَا إلَى الْمَالِكِ تَطِيبُ لَهُ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْأُجْرَةِ إجَازَةٌ 45 - اللَّحْمُ قِيَمِيٌّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ فِي نَوْعٍ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ. وَمَقْصُودُ الْمُصَنِّفِ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ التَّمْثِيلُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ السُّكْنَى بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ لَا يُوجِبُ أَجْرًا. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: رَهَنَ دَارَ غَيْرِهِ وَهِيَ مُعَدَّةٌ لِلْإِجَارَةِ فَسَكَنَهَا الْمُرْتَهِنُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْكُنْهَا مُلْتَزِمًا لِلْأَجْرِ كَمَا لَوْ رَهَنَهَا الْمَالِكُ فَسَكَنَهَا الْمُرْتَهِنُ. (43) قَوْلُهُ: وَدَفَعَ أُجْرَتَهُمَا لَيْسَ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ. الْمَسْأَلَةُ فِي يَتِيمَةِ الدَّهْرِ فِي أَوَائِلِ الْإِجَارَةِ وَنَصُّهَا: رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَارًا مِنْ رَجُلٍ سَنَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ ثُمَّ سَكَنَهَا سَنَةً أُخْرَى بِغَيْرِ أُجْرَةٍ وَدَفَعَ لَهُ الْأُجْرَةَ لِهَذِهِ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ هَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَيَسْتَرِدَّ مِنْهُ هَذِهِ الْأُجْرَةَ فَقَالَ: لَا يَسْتَرِدُّ مَا دَفَعَ (انْتَهَى) . (44) قَوْلُهُ: وَالتَّخْرِيجُ عَلَى الْأُصُولِ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ ذَلِكَ إلَخْ. أَيْ الِاسْتِرْدَادَ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلَ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ فِي بَابِ النَّفَقَةِ فِي قَوْلِهِ: لَا نَاشِزَةَ وَمِنْ ذَلِكَ مَا فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الرَّابِعَ عَشَرَ أَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَ عَلَى مَنْكُوحَتِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ فَسَادُ النِّكَاحِ بِأَنْ شَهِدُوا أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا رَجَعَ الزَّوْجُ بِمَا أَخَذَتْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا أَخَذَتْ بِغَيْرِ حَقٍّ وَهَذَا إذَا فَرَضَ الْقَاضِي لَهَا أَمَّا إذَا أَنْفَقَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِدُونِ فَرْضٍ مُسَامَحَةً لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ ثُمَّ ذَكَرَ مَا إذَا أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ (45) قَوْلُهُ: اللَّحْمُ قِيَمِيٌّ. أَقُولُ: هَذَا فِي اللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ بِالْإِجْمَاعِ وَفِي النِّيّ اخْتِلَافٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ قِيَمِيٌّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْكَنْزِ وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَاخْتَارَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ (انْتَهَى) . وَإِنَّمَا يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ إذَا انْقَطَعَ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ قَالَ فِي

قَالَ لِلْغَاصِبِ ضَحِّ بِهَا فَإِنْ هَلَكَتْ قَبْلَ التَّضْحِيَةِ ضَمِنَهَا وَإِنْ بَعْدَهُ لَا. الْأَجْرُ قِيَمِيٌّ وَكَذَا فِي الْفَحْمِ. 47 - أَمَرَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى خَابِيَتِهِ، فَنَظَرَ إلَيْهَا فَسَالَ الدَّمُ فِيهَا مِنْ أَنْفِهِ ضَمِنَ نُقْصَانَ الْخَلِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمُعِينِ الْمُفْتِي وَكَذَا كُلُّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ يُشْرِفُ عَلَى الْهَلَاكِ مَضْمُونٌ بِقِيمَتِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَسَفِينَةٍ أَخَذَتْ فِي الْغَرَقِ وَأَلْقَى الْمَلَّاحُ مَا فِيهَا مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فِي الْمَاءِ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا (46) قَوْلُهُ: قَالَ لِلْغَاصِبِ ضَحِّ بِهَا إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: هَلْ الضَّمَانُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ ضَحِّ بِهَا لَا يَسْتَلْزِمُ خُرُوجَ يَدِهِ عَنْ الضَّمَانِ إلَى الْأَمَانَةِ أَوْ عَلَى تَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ التَّضْحِيَةِ فِي أَيَّامِهَا بَعْدَ انْقِلَابِ يَدِهِ إلَى الْأَمَانَةِ مَحَلُّ نَظَرٍ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ بَعْدَهُ لَا كَانَ مُرَادُهُ هَلَاكَهَا بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ (انْتَهَى) . أَقُولُ الْمَسْأَلَةُ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِيمَا يَبْرَأُ بِهِ الْغَاصِبُ مِنْ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ وَعِبَارَتُهَا: وَلَوْ أَمَرَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ أَنْ يُضَحِّيَ بِالشَّاةِ الْمَغْصُوبَةِ فَقَبِلَ التَّضْحِيَةَ لَا يَخْرُجُ عَنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ (انْتَهَى) . وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ يَدَهُ قَبْلَ التَّضْحِيَةِ لَمْ تَنْقَلِبْ يَدَ أَمَانَةٍ حَتَّى يَكُونَ ضَمَانُهُ بِالتَّقْصِيرِ (47) قَوْلُهُ: أَمَرَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى خَابِيَتِهِ إلَخْ. فِي الْقُنْيَةِ: أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى خَابِيَتِهِ هَلْ صَارَ خَلًّا فَنَظَرَ فَسَالَ فِيهَا مِنْ أَنْفِهِ دَمٌ وَقَدْ صَارَ خَلًّا يَضْمَنُ نُقْصَانَ مَا بَيْنَ طَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ. وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الْعِيَاضِ سَالَ دَمٌ مِنْ مُشْتَرِي الْخَلِّ فِي خَابِيَتِهِ إنْ نَظَرَ فِيهِ بِإِذْنِ مَالِكِهِ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ فَصَارَتْ الْمَسْأَلَةُ خِلَافِيَّةً (انْتَهَى) . وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: نَظَرَ إلَى دُهْنِ غَيْرِهِ، وَهُوَ مَائِعٌ حِينَ أَرَادَ الشِّرَاءَ فَوَقَعَ مِنْ أَنْفِهِ دَمٌ وَتَنَجَّسَ إنْ كَانَ بِأُذُنِهِ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا يَضْمَنُ ثُمَّ إنْ كَانَ الدُّهْنُ غَيْرَ مَأْكُولٍ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ، وَإِنْ كَانَ مَأْكُولًا ضَمِنَ مِثْلَ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَالْوَزْنِ (انْتَهَى) . وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ فِي مَسْأَلَتِنَا يَضْمَنُ مِثْلَ ذَلِكَ الْخَلِّ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: مَا وَجْهُ ضَمَانِ النُّقْصَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَالدُّهْنُ وَالْخَلُّ إذَا تَنَجَّسَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُمَا فَالْجَوَابُ أَنَّ عَدَمَ حِلِّ الْأَكْلِ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ حِلِّ الِانْتِفَاعِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ النَّجَاسَةِ حُرْمَةُ الِانْتِفَاعِ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الزَّيْتَ إذَا خَالَطَهُ وَدَكُ الْمَيْتَةِ، وَالزَّيْتُ غَالِبٌ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ حَلَالٌ فَكَذَلِكَ هَهُنَا كَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْبَيَانِيَّةِ فِي كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ

الْخَشَبُ إذَا كَسَّرَهُ الْغَاصِبُ فَاحِشًا لَا يَمْلِكُهُ، وَلَوْ كَسَّرَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ يَنْقَطِعْ الرُّجُوعُ. عَثَرَ فِي زِقِّ إنْسَانٍ وَضَعَهُ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَهُ إلَّا إذَا وَضَعَهُ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ. الْآمِرُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالْأَمْرِ 49 - إلَّا فِي ثَلَاثٍ: مَا إذَا كَانَ الْآمِرُ سُلْطَانًا؛ أَوْ مَوْلًى لِمَأْمُورٍ، 50 - أَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ عَبْدًا لِغَيْرِهِ بِإِتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ فَأَتْلَفَهُ، كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْعَبْدِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى آمِرِهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَزِدْتُ رَابِعَةً مَا إذَا أَمَرَ الْأَبُ ابْنَهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. لَا يَجُوزُ دُخُولُ بَيْتِ إنْسَانٍ إلَّا بِإِذْنِهِ إلَّا فِي الْغَزْوِ، كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي، 51 - وَفِيمَا إذَا سَقَطَ ثَوْبُهُ فِي بَيْتِ غَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْخَشَبُ إذَا كَسَّرَهُ الْغَاصِبُ فَاحِشًا لَا يَمْلِكُهُ. يَعْنِي وَإِنْ زَادَ قِيمَتُهُ بِالْكَسْرِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. (49) قَوْلُهُ: إلَّا فِي ثَلَاثٍ مَا إذَا كَانَ الْآمِرُ سُلْطَانًا. أَقُولُ قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْغَصْبِ اسْتِثْنَاءُ خَمْسَةٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ اسْتِثْنَاءُ سِتَّةٍ، هَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورُ هَاهُنَا مِنْهَا وَالرَّابِعَةُ الَّتِي زَادَهَا عَلَى ثَلَاثَةٍ هُنَا هِيَ السَّادِسَةُ لِمَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَمَا ذَكَرَهُ هُنَا تَكْرَارٌ مَحْضٌ. (50) قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ عَبْدًا أَيْ لِغَيْرِ الْآمِرِ إذْ لَوْ كَانَ لِلْآمِرِ لَرَجَعَ الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ وَلَا مَعْنَى لَهُ يُعْقَلُ (51) قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا سَقَطَ ثَوْبُهُ إلَخْ. أَقُولُ: يُزَادُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَا لَوْ أَخَذَ رَجُلٌ مِنْ حَانُوتِ رَجُلٍ ثَوْبًا وَهَرَبَ وَتَبِعَهُ حَتَّى دَخَلَ دَارِهِ لَا بَأْسَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ دَارِهِ حَتَّى يَأْخُذَ حَقَّهُ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ وَمَوَاضِعُ الضَّرُورَةِ مُسْتَثْنَاةٌ. كَذَا فِي التَّجْنِيسِ.

وَخَافَ لَوْ أَعْلَمَهُ أَخَذَهُ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ. حَفَرَ قَبْرًا فَدَفَنَ فِيهِ آخَرُ مَيِّتًا فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ؛ فَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِلْحَافِرِ فَلِلْمَالِكِ النَّبْشُ عَلَيْهِ وَإِخْرَاجُهُ وَلَهُ التَّسْوِيَةُ وَالزَّرْعُ فَوْقَهَا، وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ ضَمِنَ الْحَافِرُ قِيمَةَ حَفْرِهِ مِمَّنْ دُفِنَ فِيهِ، 53 - وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ لَا يُكْرَهُ إنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ سَعَةٌ؛ لِأَنَّ الْحَافِرَ لَا يَدْرِي بِأَيِّ أَرْضٍ يَمُوتُ، هَكَذَا ذَكَرَ الْفُرُوعَ الثَّلَاثَةَ فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ مِنْ قَبِيلِ الْمُبَاحِ فَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْحَفْرِ 54 - وَيُحْمَلُ سُكُوتُهُ عَنْ الضَّمَانِ فِي صُورَةِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ، فَهِيَ صُورَتَانِ؛ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ فَلِلْمَالِكِ الْخِيَارُ، وَفِي مُبَاحِهِ فَلَهُ تَضْمِينُ قِيمَةِ الْحَفْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَخَافَ لَوْ أَعْلَمَهُ إلَخْ. قَالَ فِي التَّجْنِيسِ: لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَعْلَمَ الصُّلَحَاءُ (انْتَهَى) . وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ ، (53) قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ لَا يُكْرَهُ. أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي الضَّمَانِ لَا فِي الْكَرَاهَةِ وَعَدَمِهَا. (54) قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ سُكُوتُهُ عَنْ الضَّمَانِ. أَيْ سُكُوتُ صَاحِبِ الْوَاقِعَاتِ عَنْ الضَّمَانِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمُبَاحِ فَيُجْعَلُ حُكْمُهُ حُكْمَهَا، وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى إذَا وُقِفَتْ لِدَفْنِ أَمْوَاتِ الْمُسْلِمِينَ مَثَلًا أَمَّا إذَا كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى مَسْجِدٍ لِتُزْرَعَ وَتُؤْخَذَ غَلَّتُهَا لَهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْمَمْلُوكَةِ فَتَأَمَّلْ

[كتاب الصيد والذبائح والأضحية]

كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَالْأُضْحِيَّةِ 1 - الصَّيْدُ مُبَاحٌ إلَّا لِلتَّلَهِّي أَوْ حِرْفَةٍ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَالْأُضْحِيَّةِ] قَوْلُهُ: كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَالْأُضْحِيَّةِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: تَرْجَمَ الْمُصَنِّفُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِهَا، وَأَجَابَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ ذَكَرَ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِهَا وَهُوَ الذَّبْحُ فَإِنَّ حِلَّ الْأُضْحِيَّةِ وَوُقُوعَهَا عَنْ الْوَاجِبِ تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّذْكِيَةِ الشَّرْعِيَّةِ. أَقُولُ: لَا يَخْفَى أَنَّ الذَّبْحَ لَيْسَ حُكْمًا لِلْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّيْءِ أَثَرُهُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الذَّبْحَ لَيْسَ أَثَرًا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ وَمَنْ الْعَجَبِ أَنَّهُ كَيْفَ يَدَّعِي أَنَّ الذَّبْحَ مِنْ أَحْكَامِ الْأُضْحِيَّةِ مَعَ دَعْوَاهُ أَنَّ وُقُوعَهَا عَنْ الْوَاجِبِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ. (1) قَوْلُهُ: الصَّيْدُ مُبَاحٌ إلَّا لِلتَّلَهِّي أَوْ حِرْفَةٍ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يَجِبُ حَمْلُ كَلَامِ الْبَزَّازِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ تَنْزِيهًا اتِّخَاذُ الصَّيْدِ حِرْفَةً (انْتَهَى) . أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ اكْتِسَابٍ بِمَا هُوَ مَخْلُوقٌ لِذَلِكَ وَالِاكْتِسَابُ مُبَاحٌ فَصَارَ كَالِاحْتِطَابِ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْكَسْبِ فِي الْإِبَاحَةِ عَلَى السَّوَاءِ هُوَ الصَّحِيحُ، وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَى هَذَا فَاذْكُرْ مَنْ حَمَلَ عِبَارَةَ الْبَزَّازِيَّةِ عَلَى أَنَّ اتِّخَاذَهُ حِرْفَةً مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ الصَّحِيحِ وَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فِي تَعْلِيلِ كَرَاهَتِهِ تَنْزِيهًا مِنْ أَنَّهُ اتَّخَذَ إزْهَاقَ الرُّوحِ عَادَةً يَعْنِي وَهُوَ يُوجِبُ قَسْوَةَ الْقَلْبِ فَيَكُونُ مُقَابِلَ قَوْلِهِ أَيْ الْبَزَّازِيِّ مُبَاحُ شَيْئَيْنِ تَحْرِيمٌ وَتَنْزِيهٌ تَعْلِيلٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ الْمُقْتَضِي لِلْإِبَاحَةِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: 96] وَهُوَ نُسِخَ.

وَعَلَى هَذَا فَاِتِّخَاذُهُ حِرْفَةً كَصَيَّادِي السَّمَكِ حَرَامٌ. 3 - وَأَسْبَابُ الْمِلْكِ ثَلَاثَةٌ مُثْبِتٌ لِلْمِلْكِ مِنْ أَصْلِهِ وَهُوَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى الْمُبَاحِ. وَنَاقِلٌ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَخِلَافُهُ كَمِلْكِ الْوَارِثِ، فَالْأَوَّلُ شَرْطُهُ خُلُوُّ الْمَحَلِّ عَنْ الْمِلْكِ، فَلَوْ اسْتَوْلَى عَلَى حَطَبٍ جَمَعَهُ غَيْرُهُ مِنْ الْمَفَازَةِ لَمْ يَمْلِكْهُ 4 - وَلَا يَحِلُّ لِلْمُقْلِشِ مَا يَجِدُهُ بِلَا تَعْرِيفٍ 5 - وَلَوْ أَرْسَلَ إنْسَانٌ مِلْكَهُ وَقَالَ مَنْ أَخَذَهُ فَهُوَ لَهُ لَا يُمْلَكُ بِالِاسْتِيلَاءِ، فَلِصَاحِبِهِ أَخْذُهُ بَعْدَهُ حَتَّى قُشُورِ الرُّمَّانِ الْمُلْقَاةِ فِي الطَّرِيقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا فَاِتِّخَاذُهُ حِرْفَةً إلَخْ. أَقُولُ: هَذَا مِنْ قَبِيلِ زِيَادَةِ نَغْمَةٍ فِي الطُّنْبُورِ صَادِرَةٍ مِنْ غَيْرِ شُعُورٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ حَمْلِ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ عَلَى مَا هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ فَكَيْفَ يَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا التَّحْرِيمُ هَذَا مَا لَا يُقَالُ وَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إلَّا الضَّلَالُ (3) قَوْلُهُ: وَأَسْبَابُ الْمِلْكِ ثَلَاثَةٌ إلَخْ. أَقُولُ يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ إحْيَاءُ الْمَوَاتِ فَإِنَّهُ سَبَبٌ لِلْمِلْكِ لِحَدِيثِ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا فَهِيَ لَهُ» (4) قَوْلُهُ: وَلَا يَحِلُّ لِلْمُقْلِشِ مَا يَجِدُهُ بِلَا تَعْرِيفٍ. الْمُقْلِشُ هُوَ الَّذِي يُفَتِّشُ الْمَزَابِلَ بِيَدِهِ أَوْ بِالْغِرْبَالِ يَسْتَخْرِجُ مِنْهَا مَا يَكُونُ فِيهَا مِنْ الْمَعَادِنِ وَالنُّقُودِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ مَا يَرَاهُ بِلَا تَعْرِيفٍ إنْ كَانَ ذَا قِيمَةٍ كَثِيرَةٍ. قُلْتُ: لَا مُنَاسَبَةَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِبَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَمَحَلُّهَا كِتَابُ اللُّقَطَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَ الْمُقْلِشِ عَامِّيٌّ غَيْرُ عَرَبِيٍّ فَلْيُرَاجَعْ كُتُبُ اللُّغَةِ (5) قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرْسَلَ إنْسَانٌ مِلْكَهُ وَقَالَ مَنْ أَخَذَهُ إلَخْ. فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الْهِبَةِ: رَجُلٌ سَيَّبَ دَابَّةً ضَعِيفَةً فَأَصْلَحَهَا إنْسَانٌ ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا وَأَرَادَ أَخْذَهَا فَأَقَرَّ، وَقَالَ: قُلْتُ حِينَ خَلَّيْت سَبِيلَهَا: مَنْ أَخَذَهَا فَهِيَ لَهُ وَأَنْكَرَ وَأُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ أَوْ اُسْتُحْلِفَ وَنَكَلَ فَهِيَ لِلْوَاجِدِ سَوَاءٌ كَانَ حَاضِرًا يَسْمَعُ أَوْ غَائِبًا فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ. قَالَ

لَكِنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّهُ يَمْلِكُ قُشُورَ الرُّمَّانِ 7 - وَلَوْ أَلْقَى بَهِيمَةً مَيِّتَةً فَجَاءَ رَجُلٌ وَسَلَخَهَا وَأَخَذَ جِلْدَهَا فَلِمَالِكِهَا أَخْذُهُ، فَلَوْ دَبَغَهُ رَدَّ لَهُ مَا زَادَ الدِّبَاغُ إنْ كَانَ بِمَا لَهُ قِيمَةٌ. وَالِاسْتِيلَاءُ قِسْمَانِ؛ حَقِيقِيٌّ وَحُكْمِيٌّ، فَالْأَوَّلُ بِوَضْعِ الْيَدِ، وَالثَّانِي بِالتَّهْيِئَةِ؛ فَإِذَا نَصَبَ الشَّبَكَةَ لِلصَّيْدِ مَلَكَ مَا تَعَقَّلَ، بِخِلَافِ مَا إذَا نَصَبَهَا لِلْجَفَافِ 8 - وَإِذَا نَصَبَ الْفُسْطَاطَ فَتَعَقَّلَ الصَّيْدَ بِهِ مَلَكَهُ، 9 - وَلَوْ نَصَبَهَا لَهُ فَتَعَقَّلَ بِهَا فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَهُوَ اخْتِيَارُنَا فِيمَنْ أَرْسَلَ صَيْدًا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِهَا مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ هِيَ لِمَنْ أَخَذَهَا ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ أَعَادَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْفَتَاوَى فِي بَابِ التَّبْيِينِ وَشَرَطَ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمٍ مَعْلُومِينَ: مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيَأْخُذْ. (6) قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّهُ يَمْلِكُ قُشُورَ الرُّمَّانِ. فِي الْفَتَاوَى الصَّيْرَفِيَّةِ: رَمَى قُشُورَ بِطِّيخٍ أَوْ رُمَّانٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَأَخَذَهُ إنْسَانٌ يُبَاحُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَا يَمْلِكُهُ حَتَّى لَوْ جَاءَ الْأَوَّلُ كَانَ لَهُ أَخْذُهُ مِنْهُ. وَذَكَرَ الْبَزْدَوِيُّ يَكُونُ لَهُ وَإِنْ بَاعَهُ يَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ (7) قَوْلُهُ: وَلَوْ أَلْقَى بَهِيمَةً مَيِّتَةً فَجَاءَ رَجُلٌ وَسَلَخَهَا إلَخْ. أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْجِلْدُ لِلسَّالِخِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصَّيْرَفِيَّةِ (8) قَوْلُهُ: وَإِذَا نَصَبَ الْفُسْطَاطَ فَتَعَقَّلَ الصَّيْدَ بِهِ مَلَكَهُ. قِيلَ عَلَيْهِ لَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ تَعَقُّلِ الصَّيْدِ بِالْفُسْطَاطِ إذَا نُصِبَ لِغَيْرِ الصَّيْدِ وَبَيْنَ تَعَقُّلِهِ بِالشَّبَكَةِ إذَا نَصَبَهَا لِلْجَفَافِ مَعَ أَنَّ الِاسْتِيلَاءَ بِنَوْعَيْهِ مَعْدُومٌ أَمَّا انْتِفَاءُ الْحَقِيقِيِّ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا انْتِفَاءُ الْحُكْمِيِّ فَلِعَدَمِ تَهْيِئَةِ الْفُسْطَاطِ لِلصَّيْدِ فَتَدَبَّرْ. (9) قَوْلُهُ: وَلَوْ نَصَبَهَا إلَخْ. أَقُولُ: فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: الصَّيْدُ يُمْلَكُ بِالْأَخْذِ وَالْأَخْذُ نَوْعَانِ حَقِيقِيٌّ وَحُكْمِيٌّ فَالْحَقِيقِيُّ ظَاهِرٌ وَالْحُكْمِيُّ بِاسْتِعْمَالِ مَا هُوَ مَوْضُوعٌ لِلِاصْطِيَادِ قَصَدَ بِهِ الِاصْطِيَادَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ. حَتَّى إنَّ مَنْ نَصَبَ شَبَكَةً فَتَعَقَّلَ بِهَا صَيْدًا مَلَكَهُ صَاحِبُ الشَّبَكَةِ، قَصَدَ بِنَصْبِ الشَّبَكَةِ الِاصْطِيَادَ أَخَذَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ؛ لِأَنَّ الشَّبَكَةَ إنَّمَا

فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ يَدَهُ أَخَذَهُ مَلَكَهُ فَيَأْخُذُهُ مِنْ الثَّانِي وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا لِصَيْدِ الذِّئَابِ وَغَابَ فَقَدَّمَ آخَرُ مَيْتَةً لِصَيْدِهَا فَوَقَعَ الذِّئْبُ فِي الْبِئْرِ فَهُوَ لِحَافِرِهِ 11 - وَمَا تَعَسَّلَ فِي أَرْضِهِ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُهَيِّئْهَا 12 -؛ لِأَنَّهُ مِنْ إنْزَالِهَا. 13 - بِخِلَافِ النَّحْلِ وَالظَّبْيِ إذَا تَكَنَّسَ 14 - أَوْ بَاضَ الصَّيْدُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِصَاحِبِهَا إلَّا بِالتَّهْيِئَةِ مَا لَمْ يَكُنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQتُنْصَبُ لِأَجْلِ الصَّيْدِ حَتَّى لَوْ نَصَبَهَا لِلْجَفَافِ فَتَعَقَّلَ بِهَا صَيْدًا لَا يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ آخِذًا لَهُ بِالشَّبَكَةِ وَالْأَخْذُ الْحُكْمِيُّ أَيْضًا يَكُونُ بِاسْتِعْمَالِ مَا لَيْسَ مَوْضُوعًا لِلِاصْطِيَادِ إذَا قَصَدَ بِهِ الِاصْطِيَادَ حَتَّى إنَّ مَنْ نَصَبَ فُسْطَاطًا فَتَعَقَّلَ بِهِ صَيْدًا إنْ قَصَدَ بِنَصْبِ الْفُسْطَاطِ الصَّيْدَ مَلَكَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الصَّيْدَ لَا يَمْلِكُهُ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ أَقُولُ: وَأُنِّثَ ضَمِيرُ الْفُسْطَاطِ بِمَعْنَى الْخَيْمَةِ وَهُوَ بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا بَيْتٌ مِنْ شَعْرٍ، وَالْجَمْعُ فَسَاطِيطُ وَالْفُسْطَاطُ بِالْوَجْهَيْنِ أَيْضًا مَدِينَةُ مِصْرَ قَدِيمًا، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: كُلُّ مَدِينَةٍ جَامِعَةٍ فُسْطَاطٌ وَوَزْنُهُ فَعِلَالٌ وَبَابُهُ الْكَسْرُ وَشَذَّ مِنْ ذَلِكَ أَلْفَاظٌ جَاءَتْ بِوَجْهَيْنِ الْفُسْطَاطُ وَالْفُسْطَاسُ وَالْقِرْطَاسُ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ الْمُنِيرِ. (10) قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ يَدَهُ أَخَذَهُ مَلَكَهُ إلَخْ. أَقُولُ لَمْ يُفَصِّلْ هَذَا التَّفْصِيلَ فِيمَا لَوْ نَصَبَ الْفُسْطَاطَ مِنْ غَيْرِ تَهْيِئَةٍ لِلصَّيْدِ، وَهُوَ أَحَقُّ بِهَذَا التَّفْصِيلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَتَدَبَّرْ. وَقَدْ عَلِمْتَ مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ قَرِيبًا عَدَمَ ذِكْرِ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي مَسْأَلَةِ الْفُسْطَاطِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ تَكَنَّسَ صَيْدٌ بِأَرْضِهِ أَوْ بَاضَ فَتَفَطَّنْ لِذَلِكَ (11) قَوْلُهُ: وَمَا تَعَسَّلَ فِي أَرْضِهِ. أَيْ مَا خَرَجَ مِنْ النَّحْلِ مِنْ الْعَسَلِ فِي أَرْضِهِ. (12) قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ أَنْزَالِهَا. جَمْعُ نُزْلٍ بِالسُّكُونِ وَهُوَ مَا يُهَيَّأُ لِلضَّيْفِ قَبْلَ قُدُومِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَكُونُ بِهَا مِنْ الْعَسَلِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَهُ قَرَارٌ بِهَا. (13) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النَّحْلِ. فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ إنْزَالِ الْأَرْضِ وَكَذَا مَا عُطِفَ عَلَيْهِ. (14) قَوْلُهُ: أَوْ بَاضَ. عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَكَنَّسَ وَهُوَ فَاسِدٌ وَالصَّوَابُ أَوْ الطَّيْرُ إذَا بَاضَ

قَرِيبًا مِنْهُ بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ يَدَهُ لَأَخَذَهُ. وَلَوْ وَقَعَ فِي حِجْرِهِ مِنْ النِّثَارِ شَيْءٌ فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ لِلْآخِذِ إلَّا أَنْ يُهَيِّئَ حِجْرَهُ لَهُ وَأَمَّا الثَّانِي فَشَرْطُهُ وُجُودُ الْمِلْكِ فِي الْمَحَلِّ 15 - فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ ضَرْبَةِ الْقَانِصِ 16 - وَالْغَائِصِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ 17 - لَا تَحِلُّ ذَبِيحَةُ الْجَبْرِيِّ إنْ كَانَ أَبُوهُ سُنِّيًّا، وَإِنْ كَانَ جَبْرِيًّا حَلَّتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ ضَرْبَةِ الْقَانِصِ. أَقُولُ: تَفْرِيعٌ عَلَى شَرْطِيَّةِ وُجُودِ الْمِلْكِ فِي الْمَحَلِّ. قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى ضَرْبَةُ الْقَانِصِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الصَّيْدِ بِضَرْبِ الشَّبَكَةِ مَرَّةً. قِيلَ: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِي صُورَةِ الِاصْطِيَادِ دُونَ الْبَيْعِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي (انْتَهَى) . وَعِبَارَتُهَا: مَنْ تَقَبَّلَ بَعْضَ الْمَقَانِصِ مِنْ السُّلْطَانِ فَاصْطَادَ فِيهِ غَيْرُهُ كَانَ الصَّيْدُ لِمَنْ أَخَذَهُ. (16) قَوْلُهُ: وَالْغَائِصِ. عَطْفٌ عَلَى الْقَانِصِ وَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ غَاصَ فِي الْمَاءِ إذَا تَغَيَّبَ فِيهِ وَمُقْتَضَى الْعَطْفِ أَنْ يُقَالَ: وَضَرْبَةُ الْغَائِصِ وَإِنْ كَانَ الْمُنَاسِبُ غَوْصَةَ الْغَائِصِ لَكِنْ فِي التَّهْذِيبِ: ضَرْبَةُ الْغَائِصِ هُوَ أَنْ يَقُولَ لِلتَّاجِرِ أَغُوصُ لَك غَوْصَةً فَمَا أَخْرَجْتُ فَهُوَ لَكَ كَمَا فِي الْمُسْتَصْفَى (17) قَوْلُهُ: لَا تَحِلُّ ذَبِيحَةُ الْجَبْرِيِّ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْقُنْيَةِ وَعِبَارَتُهَا: وَعَنْ أَبِي عَلِيٍّ أَنَّهُ تَحِلُّ ذَبِيحَةُ الْمُجْبَرَةِ إنْ كَانَ آبَاؤُهُمْ مُجْبَرَةً فَإِنَّهُمْ كَأَهْلِ الذِّمَّةِ، وَإِنْ كَانَ أَبَاؤُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ لَمْ تَحِلَّ؛ لِأَنَّهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمُرْتَدِّينَ (انْتَهَى) . وَمَبْنَاهَا عَلَى الِاعْتِزَالِ الصَّرِيحِ، وَالْعَجَبُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَتَفَطَّنْ لَهُ مَعَ ظُهُورِهِ مِنْ الْقُنْيَةِ (انْتَهَى) . وَالْمُرَادُ بِأَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيِّ أَحَدُ مَشَايِخِ الِاعْتِزَالِ وَمُرَادُهُ بِالْمُجْبَرَةِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ كَمَا يُفْصِحُ عَنْهُ كَلَامُ الْبَيْهَقِيّ الْحَنَفِيِّ فِي تَفْسِيرِهِ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْمُجْبَرَةِ الْجَبْرِيَّةُ، وَالْأَمْرُ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ تَتَبُّعِ كُتُبِ الْكَلَامِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْشَأَ مَا وَقَعَ فِيهِ الْمُصَنِّفُ عَدَمُ الِالْتِفَاتِ إلَى مَعْرِفَةِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْجَبْرِيَّةِ وَالْمُجْبَرَةِ، وَقَدْ عَلِمْتَ الْمُجْبَرَةَ، وَأَمَّا الْجَبْرِيَّةُ فَفِرْقَةٌ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ وَتَحْتَ هَذِهِ الْفِرَقِ، وَمَدَارُ كَلَامِ

سَمَكَةٌ فِي سَمَكَةٍ فَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً حَلَّتَا 19 - وَإِلَّا لَا؛ لِأَنَّهَا مُسْتَقْذَرَةٌ، 20 - وَإِنْ وَجَدَ فِيهَا دُرَّةً مَلَكَهَا حَلَالًا، وَإِنْ وَجَدَ خَاتَمًا أَوْ دِينَارًا مَضْرُوبًا لَا، وَهُوَ لُقَطَةٌ، لَهُ أَنْ يَصْرِفَهَا عَلَى نَفْسِهِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا، 21 - وَكَذَا إذَا كَانَ غَنِيًّا عِنْدَنَا. أُرْسِلَتْ السَّمَكَةُ فِي الْمَاءِ النَّجَسِ فَكَبِرَتْ فِيهِ، 22 - لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا لِلْحَالِّ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجَبْرِيَّةِ عَلَى نَفْيِ الِاسْتِطَاعَةِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْعَبْدِ أَصْلًا وَيَرَوْنَ الْخَلْقَ مَجْبُورِينَ فِي أَفْعَالِهِمْ (18) قَوْلُهُ: سَمَكَةٌ فِي سَمَكَةٍ. فَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً حَلَّا أَيْ الظَّرْفُ وَالْمَظْرُوفُ. (19) قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَا. أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمَظْرُوفَةُ صَحِيحَةً لَمْ يَحِلَّا يَعْنِي كِلَاهُمَا بَلْ الظَّرْفُ لَا الْمَظْرُوفُ. يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَقْذَرَةٌ. وَلَا يَخْفَى غُمُوضُ الْعِبَارَةِ حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا يَقْتَضِي أَنَّهُمَا لَا يَحِلَّانِ وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الَّتِي فِي الْجَوْفِ وَأَمَّا الْأُخْرَى فَعَدَمُ الْحِلِّ غَيْرُ وَاضِحٍ إذْ لَا اسْتِقْذَارَ فِيهَا (انْتَهَى) . وَمِنْ ثَمَّ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فِي التَّنْوِيرِ بِقَوْلِهِ: وَإِلَّا حَلَّ الظَّرْفُ لَا الْمَظْرُوفُ. (20) قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَ فِيهَا دُرَّةً. شَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا إذَا اشْتَرَى السَّمَكَةَ أَوْ صَادَهَا وَالْحُكْمُ مُخْتَلِفٌ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ إذَا اصْطَادَهَا فَالدُّرَّةُ لُقَطَةٌ لَهُ وَلَوْ اشْتَرَاهَا فَهِيَ لِلْبَائِعِ وَلَوْ كَانَتْ لُؤْلُؤَةً فِي صُدْفَةٍ فِي بَطْنِهَا فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَهِيَ لِلْبَائِعِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي. (21) قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا كَانَ غَنِيًّا عِنْدَنَا. أَقُولُ هَذَا خَطَأٌ وَالصَّوَابُ لَا. إنْ كَانَ غَنِيًّا كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَنِيًّا لَمْ يَحِلَّ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يَتَصَدَّقُ عَلَى الْفَقِيرِ أَجْنَبِيًّا وَلَوْ زَوْجَةً أَوْ قَرِيبًا وَلَوْ أَصْلًا أَوْ فَرْعًا كَمَا فِي التَّنْوِيرِ. (22) قَوْلُهُ: لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا لِلْحَالِّ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِهَا لِمَا عَلَيْهِ مِنْ النَّجَاسَةِ.

وَيَحِلُّ أَكْلُهَا إذَا كَانَتْ مَجْرُوحَةً طَافِيَةً. اشْتَرَى سَمَكَةً مَشْدُودَةً بِالشَّبَكَةِ فِي الْمَاءِ وَقَبَضَهَا كَذَلِكَ فَجَاءَتْ سَمَكَةٌ فَابْتَلَعَتْهَا، 24 - فَالْمُبْتَلِعَةُ لِلْبَائِعِ وَالْمَشْدُودَةُ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ كَانَتْ الْمُبْتَلِعَةُ هِيَ الْمَشْدُودَةَ، 25 - فَهُمَا لِلْمُشْتَرِي قَبَضَهَا أَوْ لَا. 26 - ذَبَحَ لِقُدُومِ الْأَمِيرِ أَوْ لِوَاحِدٍ مِنْ الْعُظَمَاءِ، يَحْرُمُ وَلَوْ ذَكَرَ اللَّهَ - تَعَالَى، وَلِلضَّيْفِ لَا. النَّثْرُ عَلَى الْأَمِيرِ لَا يَجُوزُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَحِلُّ أَكْلُهَا إذَا كَانَتْ مَجْرُوحَةً إلَخْ. فِي الْقُنْيَةِ وَجَدَ سَمَكَةً مَجْرُوحَةً مَيْتَةً فِي الْبَحْرِ طَافِيَةً تَحِلُّ. (24) قَوْلُهُ: فَالْمُبْتَلَعَةُ لِلْبَائِعِ إلَخْ. يَعْنِي وَتُخْرَجُ مِنْ بَطْنِهَا وَتُسَلَّمُ إلَى الْمُشْتَرِي وَلَا خِيَارَ، وَإِنْ اُنْتُقِصَتْ سَمَكَةٌ؛ لِأَنَّ الِانْتِقَاصَ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَالِابْتِلَاعُ كَذَلِكَ حَتَّى لَوْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ يَتَخَيَّرُ؛ لِأَنَّ التَّغَيُّرَ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُوجِبُ التَّخَيُّرَ كَذَا فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ. (25) قَوْلُهُ: فَهُمَا لِلْمُشْتَرِي قَبَضَهَا أَوْ لَا. يَعْنِي؛ لِأَنَّ الْمَشْدُودَةَ لَمَّا ابْتَلَعَتْهَا صَارَتْ مِنْ أَجْزَائِهَا فَتَكُونُ الْمَشْدُودَةُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا لَهُ (26) قَوْلُهُ: ذَبَحَ لِقُدُومِ الْأَمِيرِ إلَخْ. أَقُولُ: قَدْ فَرَّعَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ سَابِقًا عَلَى قَاعِدَةِ، الْأُمُورُ بِمَقَاصِدِهَا، وَحَاصِلُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الذَّبْحَ الْمُقْتَرِنَ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى إذَا كَانَ قَبْلَ قُدُومِ قَادِمٍ لِلتَّهَيُّؤِ لِضِيَافَتِهِ أَوْ بَعْدَ قُدُومِهِ بِبُرْهَةٍ لِذَلِكَ فَلَا شُبْهَةَ فِي جَوَازِهِ بَلْ مَنْدُوبَةٌ وَجَوَازُ أَكْلِ ذَلِكَ الْمَذْبُوحِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عِنْدَ الْقُدُومِ فَإِنْ كَانَ لِقَصْدِ ذَلِكَ فَالْحُكْمُ مَا ذَكَرَ، وَإِنْ كَانَ لِمُجَرَّدِ التَّطْعِيمِ فَحَرَامٌ وَالْمَذْبُوحُ الْمَيْتَةُ وَضَابِطُهُ أَنَّهُ إنْ طُبِخَ وَقُدِّمَ لِلضَّيْفِ فَهُوَ لِلضِّيَافَةِ وَإِنْ أَمَرَ الذَّابِحُ أَنْ يَتَوَازَعَهُ النَّاسُ كَمَا هُوَ مَعْهُودٌ بِبَلْدَتِنَا فَهُوَ لِمُجَرَّدِ التَّعْظِيمِ، وَحُكْمُهُ مَا عَلِمْتَ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا الذَّبْحُ عِنْدَ وَضْعِ الْجِدَارِ وَعُرُوضِ مَرَضٍ أَوْ شِفَاءٍ مِنْ مَرَضٍ فَلَا شَكَّ فِي أَنَّ الْقَصْدَ هُوَ التَّصَدُّقُ، وَفِي كِتَابِ هِدَايَةِ الْمُهْتَدِي لِأَخِي - عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ -: ذَبَحَ شَاةً لِلضَّيْفِ، وَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ

وَكَذَا الْتِقَاطُهُ 28 - وَفِي الْعُرْسِ جَائِزٌ. 29 - الْعُضْو الْمُنْفَصِلُ مِنْ الْحَيِّ كَمَيِّتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَعَالَى عَلَيْهِ قِيلَ: يَحِلُّ أَكْلُهُ وَلَوْ ذَبَحَهُ لِأَجْلِ قُدُومِ الْأَمِيرِ أَوْ وَاحِدٍ مِنْ الْعُظَمَاءِ وَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَيْهِ يَحْرُمُ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى كَانَ الذَّبْحُ لِأَجْلِ اللَّهِ، وَذَكَرَ الِاسْمَ لَهُ أَيْضًا وَلِهَذَا يَضَعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَأْكُلُهُ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ ذَبْحَهَا لِأَجْلِهِ تَعْظِيمًا لَهُ لَا تَعْظِيمًا لِلَّهِ تَعَالَى؛ وَلِهَذَا لَا يُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَأْكُلَ مِنْهَا بَلْ يَدْفَعُهَا لِغَيْرِهِ (انْتَهَى) . وَفِي فَتَاوَى الشِّبْلِيِّ أَنَّهُ لَوْ رَكِبَ الْبَحْرَ وَنَذَرَ عَلَى نَفْسِهِ إنْ وَصَلَ إلَى الْبَرِّ سَالِمًا أَنْ يُقَرِّبَ قُرْبَانًا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَا الْأَغْنِيَاءِ. وَفِي بَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ مِنْ الْجَوْهَرَةِ: الذَّبْحُ عِنْد مُرَائِي الضَّيْفِ تَعْظِيمًا لَهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَكَذَا عِنْدَ قُدُومِ الْأَمِيرِ؛ لِأَنَّهُ أَهَلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَأَمَّا إذَا ذَبَحَ عِنْدَ غَيْبَةِ الضَّيْفِ لِأَجْلِ الضِّيَافَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ (انْتَهَى) . أَقُولُ لَا بَأْسَ هُنَا لِلْإِبَاحَةِ لَا لِمَا تَرَكَهُ أَوْلَى. (27) قَوْلُهُ: وَكَذَا الْتِقَاطُهُ أَيْ مَا نَثَرَ عَلَى الْأَمِيرِ (28) قَوْلُهُ: وَفِي الْعُرْسِ جَائِزٌ. أَيْ وَالنَّثْرُ عَلَى الْعَرُوسِ جَائِزٌ فَأَدَاةُ الظَّرْفِ بِمَعْنَى عَلَى، عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71] قَالَ فِي الصِّحَاحِ الْعِرْسُ بِالْكَسْرِ امْرَأَةُ الرَّجُلِ وَلَبْوَةُ الْأَسَدِ، وَالْجَمْعُ أَعْرَاسٌ، وَرُبَّمَا يُسَمَّى الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى عِرْسَيْنِ (انْتَهَى) . وَنُظِرَ الْفَرْقُ بَيْنَ النَّثْرِ عَلَى الْأَمِيرِ وَبَيْنَ النَّثْرِ عَلَى الْعِرْسِ حَيْثُ لَمْ يَجُزْ الْأَوَّلُ وَجَازَ الثَّانِي (29) قَوْلُهُ: الْعُضْوُ الْمُنْفَصِلُ مِنْ الْحَيِّ كَمَيْتَتِهِ. أَطْلَقَ فَشَمِلَ الْمُنْفَصِلَ مِنْ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ الصَّيْدَ إذَا كَانَ لَا يَعِيشُ بِدُونِ الْمُبَانِ يُؤْكَلَانِ، وَعِبَارَتُهُ: قَطَعَ الذَّنَبَ مِنْ أَلْيَةِ الشَّاةِ لَا يُؤْكَلُ الْمُبَانُ وَأَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَأْكُلُونَهُ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَا أُبِينَ مِنْ الْحَيِّ فَهُوَ مَيِّتٌ» . وَفِي الصَّيْدِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الصَّيْدُ يَعِيشُ بِدُونِ الْمُبَانِ لَا يُؤْكَلُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعِيشُ بِدُونِهِ كَالرَّأْسِ يُؤْكَلَانِ (انْتَهَى) . وَبَحَثَ

إلَّا مِنْ مَذْبُوحٍ قَبْلَ مَوْتِهِ فَيَحِلُّ أَكْلُهُ مِنْ الْمَأْكُولِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْضُ الْفُضَلَاءِ فِي كَلَامِ الْبَزَّازِيِّ بِأَنَّ الْحَدِيثَ عَامٌّ شَامِلٌ لِلصَّيْدِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ يَعِيشُ بِدُونِ الْمُبَانِ أَوْ لَا. فَمِنْ أَيْنَ لِلْبَزَّازِيِّ مَا قَالَهُ هُنَا فِي الصَّيْدِ لَا يُقَالُ: الْحَدِيثُ فِيمَا قَطَعَ مِنْ ذَنَبِ الشَّاةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْعِبْرَةُ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: الْبَزَّازِيُّ لَمْ يَسُقْ مَا ذَكَرَهُ مَسَاقَ الْبَحْثِ وَإِنَّمَا سَاقَهُ مَسَاقَ الْمَنْقُولِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّاقِلَ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ مَنْعٌ وَلَا يُطَالَبُ بِدَلِيلٍ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ. (30) قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ مَذْبُوحٍ قَبْلَ مَوْتِهِ إلَخْ. وَهُوَ ظَرْفُ الْمُنْفَصِلِ لَا الْمَذْبُوحِ، وَمَعْنَاهُ: أَنَّ الْعُضْوَ انْفَصَلَ مِنْ مَذْبُوحٍ وَحَصَلَ الِانْفِصَالُ قَبْلَ الْمَوْتِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْحَيَّ فَانْصَرَفَ إلَى الْحَيِّ صُورَةً وَحُكْمًا أَمَّا الْحَيُّ صُورَةً لَا حُكْمًا فَلَيْسَ بِحَيٍّ مُطْلَقًا بَلْ هُوَ حَيٌّ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ؛ فَلَوْ رَمَى صَيْدًا فَقَطَعَ رَأْسَهُ أَوْ ثُلُثًا مِنْ قِبَلِ الرَّأْسِ أَوْ قَطَعَهُ نِصْفَيْنِ حَلَّ الْمُبَانُ وَالْمُبَانُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَيٌّ صُورَةً لَا حُكْمًا وَلَوْ ضَرَبَ صَيْدًا فَقَطَعَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ وَلَمْ تَنْفَصِلْ ثُمَّ مَاتَ إنْ كَانَ يُتَوَهَّمُ الْتِيَامُهُ وَانْدِمَالُهُ حَلَّ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ أَجْزَائِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُتَوَهَّمُ بِأَنْ بَقِيَ مُتَعَلِّقًا بِجِلْدِهِ حَلَّ مَا سِوَاهُ دُونَهُ لِوُجُودِ الْإِبَانَةِ مَعْنًى، وَالْعِبْرَةُ لِلْمَعَانِي. وَاعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ شَيْئًا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا: وَالثَّعْلَبُ وَالضَّبُّ وَالضَّبُعُ وَالْفِيلُ وَالذِّئْبُ وَالْفَهْدُ وَالنَّمِرُ وَالْأَسَدُ وَالْكَلْبُ وَالْقِرْدُ وَالْخِنْزِيرُ وَالْبَغْلُ وَالْحِمَارُ وَالْيَرْبُوعُ وَالْقُنْفُذُ وَالسُّلَحْفَاةُ وَالْحِدَأَةُ وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ الَّذِي يَأْكُلُ الْجِيَفَ وَكُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَمِخْلَبٍ مِنْ الطُّيُورِ وَالْهِرَّةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْحَيَّةُ وَجَمِيعُ هَوَامِّ الْأَرْضِ وَسِتَّةُ أَشْيَاءَ يُؤْكَلُ لَحْمُهَا الْأَرْنَبُ وَالسَّمَكُ وَالْجِرِّيثُ وَالْجَرَادُ وَالصُّرَدُ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْجَرَادِ وَغُرَابُ الزَّرْعِ وَثَمَانِيَةٌ مِنْ الْمَيِّتِ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهَا الْقَرْنُ وَالظِّلْفُ وَالْعَصَبُ وَالصُّوفُ وَالْوَبَرُ وَالشَّعْرُ وَالرِّيشُ وَالْعَظْمُ سَوَاءٌ كَانَ مَأْكُولَ اللَّحْمِ أَوْ غَيْرَهُ

[كتاب الحظر والإباحة]

كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ 1 - لَيْسَ زَمَانُنَا زَمَانَ اجْتِنَابِ الشُّبُهَاتِ كَمَا فِيهِ مِنْ الْخَانِيَّةِ وَالتَّجْنِيسِ. الْغِشُّ حَرَامٌ فَلَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الزُّيُوفِ لِدَائِنٍ وَلَا بَيْعُ الْعُرُوضِ الْمَغْشُوشَةِ بِلَا بَيَانٍ 2 - إلَّا فِي شِرَاءِ الْأَسِيرِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ. 3 - وَالثَّانِيَةُ فِي إعْطَاءِ الْجُعْلِ. يَجُوزُ لَهُ إعْطَاءُ الزُّيُوفِ وَالسَّتُّوقَةِ وَهُمَا فِي وَاقِعَاتِ الْحُسَامِيِّ مِنْ شِرَاءِ الْأَسِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ] قَوْلُهُ: لَيْسَ زَمَانُنَا زَمَانَ اجْتِنَابِ الشُّبُهَاتِ إلَخْ. رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الشُّبُهَاتِ أَيْ عَمَّا يَكُونُ إلَى الْحَرَامِ أَقْرَبَ فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا زَمَانَ الشُّبُهَاتِ إنَّ الْحَرَامَ أَغْنَانَا يَعْنِي إنْ اجْتَنَبْتَ الْحَرَامَ كَفَاكَ كَذَا فِي التَّجْنِيسِ. (2) قَوْلُهُ: إلَّا فِي شِرَاءِ الْأَسِيرِ إلَخْ. مِنْ الْأَعْرَابِ الْمُتَلَصِّصَةِ وَقُطَّاعِ الطُّرُقِ كَذَلِكَ فَإِنَّهُمْ يُعَذِّبُونَ الرَّجُلَ الْمُسْلِمَ وَيُضَيِّقُونَ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَدْفَعَ أَهْلُهُ الْمَالَ. وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ أَنَّ شِرَاءَ الْأَسِيرِ مِنْ غَيْرِ دَارِ الْحَرْبِ لَيْسَ كَذَلِكَ فِي هَذَا الْحُكْمِ، وَمَفْهُومُ التَّصَانِيفِ مُعْتَبَرٌ يُعْمَلُ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ. (3) قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ فِي إعْطَاءِ الْجُعْلِ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجُعْلِ هُنَا مَا يُؤْخَذُ بِغَيْرِ حَقٍّ كَالرِّشْوَةِ لَا الْجُعْلُ الَّذِي يُعْطَى فِي رَدِّ الْآبِقِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ أَيْضًا: يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِالْجُعْلِ الَّذِي لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلْجَوَازِ أَقُولُ بَقِيَ ثَالِثَةٌ، وَهِيَ: أَنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ زُيُوفًا عَنْ جِيَادٍ كَمَا فِي مَتْنِ الْمَذْهَبِ لِلْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ التُّرْكُمَانِيِّ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ شَارِحُهُ ابْنُ الْفَرْوَزَادِ اتِّفَاقًا إلَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ كَرِهَهُ

الْفَتْوَى فِي حَقِّ الْجَاهِلِ بِمَنْزِلَةِ الِاجْتِهَادِ فِي حَقِّ الْمُجْتَهِدِ كَذَا فِي قَضَاءِ الْخَانِيَّةِ 5 - الْحُرْمَةُ تَتَعَدَّى فِي الْأَمْوَالِ مَعَ الْعِلْمِ بِهَا، 6 - إلَّا فِي حَقِّ الْوَارِثِ فَإِنَّ مَالَ مُورَثِهِ حَلَالٌ لَهُ وَإِنْ عَلِمَ بِحُرْمَتِهِ مِنْهُ، مِنْ الْخَانِيَّةِ، 7 - وَقَيَّدَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِأَنْ لَا يَعْلَمَ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْفَتْوَى فِي حَقِّ الْجَاهِلِ بِمَنْزِلَةِ الِاجْتِهَادِ فِي حَقِّ الْمُجْتَهِدِ إلَخْ. وَجْهُ الشَّبَهِ وُجُوبُ الْعَمَلِ عَلَيْهِ بِالْفَتْوَى كَوُجُوبِ الْعَمَلِ بِالِاجْتِهَادِ (5) قَوْلُهُ: الْحُرْمَةُ تَتَعَدَّى فِي الْأَمْوَالِ مَعَ الْعِلْمِ بِهَا. قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الشَّعْرَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الْمِنَنِ: وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْحَرَامَ لَا يَتَعَدَّى ذِمَّتَيْنِ سَأَلْتُ عَنْهُ الشِّهَابَ ابْنُ الشِّبْلِيِّ فَقَالَ: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ أَمَّا مَنْ رَأَى الْمُكَّاسَ مَثَلًا يَأْخُذُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا مِنْ الْمَكْسِ ثُمَّ يُعْطِيهِ آخَرَ ثُمَّ يَأْخُذُهُ مِنْ ذَلِكَ الْآخَرِ فَهُوَ حَرَامٌ (انْتَهَى) . وَفِي الْفَصْلِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ مِنْ الذَّخِيرَةِ سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَمَّنْ اكْتَسَبَ مَالَهُ عَنْ أَمْرِ السُّلْطَانِ وَجَمَعَ الْمَالَ مِنْ أَخْذِ الْغَرَامَاتِ الْمُحَرَّمَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ هَلْ يَحِلُّ لِمَنْ عَرَفَ ذَلِكَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ طَعَامِهِ قَالَ أَحَبُّ إلَيَّ فِي دِينِهِ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْهُ وَيَسْعَهُ حُكْمًا أَنْ يَأْكُلَهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ الطَّعَامُ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمُطْعِمِ غَصْبًا أَوْ رِشْوَةً (انْتَهَى) . وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ: امْرَأَةٌ زَوْجُهَا فِي أَرْضِ الْجَوْرِ إنْ أَكَلَتْ مِنْ طَعَامِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَيْنُ ذَلِكَ الطَّعَامِ غَصْبًا فَهِيَ فِي سَعَةٍ مِنْ أَكْلِهِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً مِنْ مَالٍ أَصْلُهُ لَيْسَ بِطَيِّبٍ فَهِيَ فِي سَعَةٍ مِنْ تَنَاوُلِ ذَلِكَ الطَّعَامِ وَالثِّيَابِ وَيَكُونُ الْإِثْمُ عَلَى الزَّوْجِ (انْتَهَى) . (6) قَوْلُهُ: إلَّا فِي حَقِّ الْوَارِثِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: يُخَالِفُهُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: أَخَذَ مُورِثُهُ رِشْوَةً أَوْ ظُلْمًا إنْ عَلِمَهُ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ بِعَيْنِهِ لَهُ أَخَذَهُ حُكْمًا فَأَمَّا فِي الدِّيَانَةِ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ بِنِيَّةِ الْخُصَمَاءِ. (7) قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ إلَخْ. أَيْ الِاسْتِثْنَاءَ الْمَذْكُورَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ حَلَالٌ

مَنْ قَبَّلَ يَدَ غَيْرِهِ فَسَقَ 9 - إلَّا إذَا كَانَ ذَا عِلْمٍ وَشَرَفٍ، كَذَا فِي مُكَفِّرَاتِ الظَّهِيرِيَّةِ. وَيَدْخُلُ السُّلْطَانُ الْعَادِلُ وَالْأَمِيرُ تَحْتَ ذِي الشَّرَفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْوَارِثِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَعْلَمَ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ فَإِنْ عَلِمَ أَوْجَبَ عَلَيْهِ رَدَّ كُلِّ شَيْءٍ إلَى صَاحِبِهِ (8) قَوْلُهُ: مَنْ قَبَّلَ يَدَ غَيْرِهِ فَسَقَ إلَخْ. فِي الْفَيْضِ لِلْكَرْكِيِّ: تَقْبِيلُ يَدِ الْعَالَمِ أَوْ السُّلْطَانِ الْعَادِلِ جَائِزٌ وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُقَبِّلَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ أَرَادَ تَعْظِيمَ الْمُسْلِمِ لِإِسْلَامِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ (انْتَهَى) . وَفِي الْجَامِعِ: يُكْرَهُ أَنْ يُقَبِّلَ الرَّجُلُ فَمَ الرَّجُلِ أَوْ يَدَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ يُعَانِقَهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا بَأْسَ بِهِ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إلَّا عَلَى مَا فِي الْجَامِعِ أَوْ وَضْعِ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا قَبَّلَ لِأَجْلِ الدُّنْيَا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ فَسَقَ كَمَا سَنَذْكُرُهُ عَنْ صَاحِبِ مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ بَعْدَ ذَلِكَ لَكِنَّ مَا بَعْدَهُ لَا يُسَاعِدُهُ ثُمَّ بَعْدَ حَمْلِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا ذَكَرْتُ رَاجَعْتُ الظَّهِيرِيَّةَ فَإِذَا عِبَارَتُهَا كَمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ وَنَصُّهَا: فَإِنْ قَبَّلَ يَدَ الْمُحَيَّا فَهُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ هَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ الْمُحَيَّا مِمَّنْ يَحِقُّ إكْرَامُهُ شَرْعًا بِأَنْ كَانَ ذَا شَرَفٍ وَعِلْمٍ يُرْجَى لَهُ أَنْ يَنَالَ الثَّوَابَ كَمَا فَعَلَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ بِابْنِ عَبَّاسٍ فَأَمَّا إنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الدُّنْيَا يَصِيرُ فَاسِقًا (انْتَهَى) . وَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ لَا يُفِيدُ مَا ذَكَرْنَاهُ إلَّا أَنَّ عِنْدَ الْأَصْحَابِ تَقْبِيلَ يَدِ الْكُلِّ مَكْرُوهٌ وَأَبُو يُوسُفَ يُفَضِّلُ؛ وَرِوَايَةٌ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْفَيْضِ وَأَمَّا تَقْبِيلُ يَدِ نَفْسِهِ عِنْدَ السَّلَامِ فَذَكَرَ فِي الْمُبْتَغَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ بِالْإِجْمَاعِ. (9) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ ذَا عِلْمٍ وَشَرَفٍ إلَخْ. وَهَلْ يُثَابُ الْمُقَبِّلُ؟ قَالَ فِي مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا تَقْبِيلُ الْيَدِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْإِكْرَامَ كَالْعُلَمَاءِ وَالسَّادَاتِ وَالْأَشْرَافِ يُرْجَى لَهُ أَنْ يَنَالَ الثَّوَابَ كَمَا فَعَلَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَأَمَّا إنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الدُّنْيَا يَفْسُقُ (انْتَهَى) . ثُمَّ قِيلَ: إنْ كَانَ التَّقْبِيلُ لِيَدِ الْعُلَمَاءِ وَالْأَشْرَافِ لِأَجْلِ الدُّنْيَا هَلْ يَفْسُقُ أَمْ لَا (انْتَهَى) . أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَفْسُقُ

يُكْرَهُ مُعَاشَرَةُ مَنْ لَا يُصَلِّي وَلَوْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ، 11 - إلَّا إذَا كَانَ الزَّوْجُ لَا يُصَلِّي لَمْ يُكْرَهْ لِلْمَرْأَةِ مُعَاشَرَتُهُ. كَذَا فِي نَفَقَاتِ الظَّهِيرِيَّةِ 12 - الْخُلْفُ فِي الْوَعْدِ حَرَامٌ كَذَا فِي أُضْحِيَّةِ الذَّخِيرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يُكْرَهُ مُعَاشَرَةُ مَنْ لَا يُصَلِّي وَلَوْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ. فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ رَجُلٌ لَهُ امْرَأَةٌ لَا تُصَلِّي يُطَلِّقُهَا حَتَّى لَا يَصْحَبَ امْرَأَةً لَا تُصَلِّي، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُعْطِي مَهْرَهَا فَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ: لَأَنْ أَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى، وَمَهْرُهَا فِي عُنُقِي أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَطَأَ امْرَأَةً لَا تُصَلِّي (انْتَهَى) . وَمِثْلُهُ فِي مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَدْ مَدَحَ اللَّهُ - تَعَالَى - إسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِقَوْلِهِ: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ} [مريم: 55] قَالُوا: وَحَمْلُ أَهْلِ بَيْتِهِ عَلَى الصَّلَاةِ سَبَبٌ لِانْفِتَاحِ بَابِ الرِّزْقِ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132] الْآيَةَ. (11) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ الزَّوْجُ إلَخْ. قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَّقَ عَلَى نَفْسِهِ إنْ تَرَكَهَا بِلَا نَفَقَةٍ كَذَا وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ كَذَا كَانَتْ طَالِقًا وَوَجَدَ الْمُتَعَلِّقَ عَلَيْهِ يُكْرَهُ لَهَا الْمَقَامُ مَعَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (12) قَوْلُهُ: الْخُلْفُ فِي الْوَعْدِ حَرَامٌ. قَالَ السُّبْكِيُّ: ظَاهِرُ الْآيَاتِ وَالسُّنَّةِ تَقْتَضِي وُجُوبَ الْوَفَاءِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْعِقْدِ الْفَرِيدِ فِي التَّقْلِيدِ: إنَّمَا يُوصَفُ بِمَا ذَكَرَ أَيْ بِأَنَّ خُلْفَ الْوَعْدِ نِفَاقٌ إذَا قَارَنَ الْوَعْدُ الْعَزْمَ عَلَى الْخُلْفِ كَمَا فِي قَوْلِ الْمَذْكُورِينَ فِي آيَةِ {لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ} [الحشر: 11] فَوُصِفُوا بِالنِّفَاقِ لِإِبْطَانِهِمْ خِلَافَ مَا أَظْهَرُوا وَأَمَّا مَنْ عَزَمَ عَلَى الْوَفَاءِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَلَمْ يَفِ بِهَذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ صُورَةُ نِفَاقٍ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ مُخْتَصَرًا بِلَفْظِ «إذَا وَعَدَ الرَّجُلُ أَخَاهُ، وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يَفِيَ فَلَمْ يَفِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ» (انْتَهَى) . وَقِيلَ: عَلَيْهِ فِيهِ بَحْثٌ فَإِنْ أَمْرَ «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» مُطْلَقٌ فَيُحْمَلُ عَدَمُ الْإِثْمِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى مَا إذَا مَنَعَ مَانِعٌ مِنْ الْوَفَاءِ.

وَفِي الْقُنْيَةِ. وَعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ فَلَمْ يَأْتِهِ لَا يَأْثَمُ 14 - وَلَا يَلْزَمُ الْوَعْدُ إلَّا إذَا كَانَ مُعَلَّقًا 15 - كَمَا فِي كَفَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ، 16 - وَفِي بَيْعِ الْوَفَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي الْقُنْيَةِ وَعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ لَا يَأْثَمُ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فَإِنْ قِيلَ: مَا وَجْهُ التَّوْفِيقِ بَيْنَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ فَإِنَّ الْحَرَامَ يَأْثَمُ بِفِعْلِهِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْقُنْيَةِ بِنَفْيِ الْإِثْمِ، قُلْتُ: يُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا وَعَدَ وَفِي نِيَّتِهِ الْخُلْفُ فَيَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا نَوَى الْوَفَاءَ وَعَرَضَ مَانِعٌ (انْتَهَى) . أَقُولُ فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ مِنْ كِتَابِ الْعَارِيَّةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ خُلْفَ الْوَعْدِ مَكْرُوهٌ. (14) قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ الْوَعْدُ إلَّا إذَا كَانَ مُعَلَّقًا. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُعَلَّقًا يَظْهَرُ مِنْهُ مَعْنَى الِالْتِزَامِ كَمَا فِي قَوْلِهِ إنْ شُفِيتُ أَحُجُّ فَشُفِيَ يَلْزَمُهُ، وَلَوْ قَالَ: أَحُجُّ لَمْ يَلْزَمْهُ بِمُجَرَّدِهِ. (15) قَوْلُهُ: كَمَا فِي كَفَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ. حَيْثُ قَالَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الْكَفَالَةِ: الذَّهَبُ الَّذِي لَكَ عَلَى فُلَانٍ أَنَا أَدْفَعُهُ أَوْ أُسَلِّمُهُ إِلَيْكَ أَوْ اقْبِضْهُ مِنِّي لَا يَكُونُ كَفَالَةً مَا لَمْ يَقُلْ لَفْظًا يَدُلُّ عَلَى اللُّزُومِ كَضَمِنْتُ أَوْ كَفَلْتُ أَوْ عَلَيَّ أَوْ إلَيَّ وَهَذَا إذَا ذَكَرَهُ مُنْجَزًا أَمَّا إذَا ذَكَرَهُ مُعَلَّقًا بِأَنْ قَالَ: إنْ لَمْ يُؤَدِّ فُلَانٌ فَأَنَا أَدْفَعُهُ إلَيْك وَنَحْوُهُ يَكُونُ كَفَالَةً لِمَا عُلِمَ أَنَّ الْمَوَاعِيدَ بِاكْتِسَابِ صُورَةِ التَّعْلِيقِ تَكُونُ لَازِمَةً (انْتَهَى) . وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنِّفِ نَقْلًا عَنْ الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَالْوَلْوالِجِيَّة: وَلَوْ قَالَ: إنْ عُوفِيتُ صُمْتُ كَذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ حَتَّى يَقُولَ: لِلَّهِ عَلَيَّ، وَهَذَا قِيَاسٌ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجِبُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَعْلِيقًا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا نَظِيرُهُ مَا إذَا قَالَ: أَنَا أَحُجُّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَأَنَا أَحُجُّ فَفَعَلَ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ (انْتَهَى) . أَقُولُ عَلَى مَا هُوَ الِاسْتِحْسَانُ يَكُونُ الْوَاجِبُ بِإِيجَابِ الْعَبْدِ شَيْئَيْنِ نَذْرٌ وَوَعْدٌ مُقْتَرِنٌ بِتَعْلِيقٍ فَاسْتَفِدْهُ فَإِنَّهُ بِالْقَبُولِ حَقِيقٌ بَقِيَ أَنْ يُقَالَ فِي مِثْلِ إنْ جِئْتنِي أُكْرِمْكَ فَجَاءَهُ هَلْ يَكُونُ الْإِكْرَامُ عَلَى الْمُعَلِّقِ وَاجِبًا دِيَانَةً وَقَضَاءً أَوْ دِيَانَةً فَقَطْ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ. (16) قَوْلُهُ: وَفِي بَيْعِ الْوَفَاءِ. عَطْفٌ عَلَى مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرُ: وَلَا يَلْزَمُ الْوَعْدُ إلَّا فِي التَّعْلِيقِ وَفِي بَيْعِ الْوَفَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَلَّقًا

اسْتِخْدَامُ الْيَتِيمِ بِلَا أُجْرَةٍ حَرَامٌ، 18 - وَلَوْ لِأَخِيهِ وَمُعَلِّمِهِ 19 - إلَّا لِأُمِّهِ، 20 - وَفِيمَا إذَا أَرْسَلَهُ الْمُعَلِّمُ لِإِحْضَارِ شَرِيكِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ لُبْسُ الْحَرِيرِ الْخَالِصِ حَرَامٌ عَلَى الرَّجُلِ، 21 - إلَّا لِدَفْعِ قَمْلٍ أَوْ حَكَّةٍ كَمَا فِي الْحَدَّادِيِّ مِنْ غَايَةِ الْبَيَانِ، 22 - وَلَا يَجُوزُ الْخَالِصُ فِي الْحَرْبِ عِنْدَهُ مَا حُرِّمَ عَلَى الْبَالِغِ فِعْلُهُ حُرِّمَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْقِيَهُ خَمْرًا، وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: اسْتِخْدَامُ الْيَتِيمِ بِلَا أُجْرَةٍ حَرَامٌ. مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلَى مَفْعُولِهِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ اسْتِخْدَامُ الشَّخْصِ الْيَتِيمِ حَرَامٌ قِيلَ وَهَلْ يَجِبُ لَهُ أَجْرٌ؟ ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ إذَا اسْتَعْمَلَهُ أَقْرِبَاؤُهُ مُدَّةً فِي إعْمَالِ شَيْءٍ بِلَا إذْنِ الْحَاكِمِ وَبِلَا إجَارَةٍ لَهُ طَلَبُ أَجْرِ الْمِثْلِ بَعْدَ الْبُلُوغِ إنْ كَانَ مَا يُعْطُونَهُ مِنْ الْكِسْوَةِ وَالْكِفَايَةِ لَا يُسَاوِي أَجْرَ الْمِثْلِ. (18) قَوْلُهُ: وَلَوْ لِأَخِيهِ وَمُعَلِّمِهِ. أَقُولُ: الصَّوَابُ وَلَوْ أَخَاهُ وَمُعَلِّمَهُ، وَالتَّقْدِيرُ وَلَوْ كَانَ مُسْتَخْدِمُ الْيَتِيمِ أَخَاهُ وَمُعَلِّمَهُ، وَقَدْ يُقَالُ اللَّامُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى مِنْ وَالتَّقْدِيرُ وَلَوْ كَانَ اسْتِخْدَامُ الْيَتِيمِ وَاقِعًا مِنْ أَخِيهِ وَمُعَلِّمِهِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ صَوَابًا. (19) قَوْلُهُ: إلَّا لِأُمِّهِ. أَقُولُ: الصَّوَابُ إلَّا أُمَّهُ وَالتَّقْدِيرُ إلَّا إذَا كَانَ مُسْتَخْدِمُ الْيَتِيمِ أُمَّهُ وَيُقَالُ هُنَا مَا قِيلَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ. (20) قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا أَرْسَلَهُ الْمُعَلِّمُ. وَعُطِفَ عَلَى مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرُ إلَّا فِيمَا إذَا كَانَ مُسْتَخْدِمُ الْيَتِيمِ أُمَّهُ وَإِلَّا فِيمَا إذَا أَرْسَلَهُ الْمُعَلِّمُ إلَخْ (21) قَوْلُهُ: إلَّا لِدَفْعِ قَمْلٍ أَوْ حَكَّةٍ. يَعْنِي فَيَحِلُّ لُبْسُ الْحَرِيرِ الْخَالِصِ أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَشَدُّ السِّنِّ بِالْفِضَّةِ «بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَصَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ بِلُبْسِ الْحَرِيرِ يَعْنِي الْخَالِصَ لِأَجْلِ الْحَكَّةِ فِي جِسْمِهِمَا» وَمَعْلُومٌ أَنْ مَا كَانَ مَخْصُوصًا لَهُمَا لَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِهِمَا. (22) قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ الْخَالِصُ فِي الْحَرْبِ عِنْدَهُ إلَخْ. يَعْنِي عِنْدَ الْإِمَامِ وَأَمَّا

أَنْ يُلْبِسَهُ حَرِيرًا، وَلَا أَنْ يُخَضِّبَ يَدَهُ بِحِنَّاءٍ أَوْ رِجْلَهُ وَلَا إجْلَاسَ الصَّغِيرِ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا. الْخَلْوَةُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ حَرَامٌ إلَّا لِمُلَازِمَةِ مَدْيُونَةٍ هَرَبَتْ وَدَخَلَتْ خَرِبَةً، وَفِيمَا إذَا كَانَتْ عَجُوزًا شَوْهَاءَ، وَفِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ فِي الْبَيْتِ الْخَلْوَةُ بِالْمَحْرَمِ مُبَاحَةٌ إلَّا لِأُخْتٍ مِنْ الرَّضَاعَةِ. 23 - وَالصِّهْرَةُ الشَّابَّةُ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ أُبِيحَ لَعْنُهُ. إلَّا وَالِدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ـــــــــــــــــــــــــــــQعِنْدَهُمَا فَيَجُوزُ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «رَخَّصَ لُبْسَ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ فِي الْحَرْبِ» وَلِلْإِمَامِ إطْلَاقُ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي النَّهْيِ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَفْصِيلَ فِيهَا بَيْنَ حَالٍ وَحَالٍ (23) قَوْلُهُ: وَالصِّهْرَةُ الشَّابَّةُ. فِي نَظْمِ نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ كِتَابُ الزِّيَادَاتِ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: أَصْهَارُ مَنْ يُوصِي أَقَارِبَ زَوْجَةٍ ... وَيَزُولُ ذَاكَ بِبَائِنٍ وَحَرَامِ أَخْتَانُهُ أَزْوَاجُ كُلِّ مَحَارِمِ ... وَمَحَارِمُ الْأَزْوَاجِ بِالْأَرْحَامِ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ أَمَّا الصِّهْرُ فَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْخَتْنِ لَكِنَّ الْغَالِبَ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ. قَالَ حَاتِمُ بْنُ عَدِيٍّ: وَلَوْ كُنْت صِهْرًا لِابْنِ مَرْوَانَ قُرِّبَتْ ... رِكَابِي إلَى الْمَعْرُوفِ وَالطَّعْنِ وَالرَّحْبِ وَلَكِنَّنِي صِهْرٌ لِآلِ مُحَمَّدٍ ... وَخَالُ بَنِي الْعَبَّاسِ وَالْخَالُ كَالْأَبِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ مَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَمَّا تَزَوَّجَ صَفِيَّةَ أَعْتَقَ كُلَّ مَنْ مَلَكَ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا إكْرَامًا لَهَا، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ أَصْهَارَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ مُحَمَّدٍ الْقُهُسْتَانِيِّ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا. الصِّهْرُ كُلُّ ذَكَرٍ مِنْ أَقْرِبَاءِ زَوْجَتِهِ فَيَدْخُلُ أَبُوهَا وَأَخُوهَا وَغَيْرُهُمَا وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ: هَذَا فِي عُرْفِهِمْ وَأَمَّا فِي عُرْفِنَا فَلَا يَدْخُلُ إلَّا أَبُوهَا وَأُمُّهَا كَمَا فِي الْمُغْرِبِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَصَّ هَذَا بِلَفْظِ الصِّهْرِ، وَأَمَّا لَفْظُ خَتَنٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَدْخُلَ فِيهِ إلَّا أَبُوهَا (انْتَهَى) . أَقُولُ: فَعَلَى هَذَا لَا يُقَالُ: صِهْرَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ

لِثُبُوتِ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - أَحْيَاهُمَا لَهُ حَتَّى آمَنَا بِهِ. كَذَا فِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِثُبُوتِ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - أَحْيَاهُمَا لَهُ حَتَّى آمَنَا بِهِ إلَخْ. يَعْنِي لِثُبُوتِ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْحُفَّاظِ، وَلَمْ يَلْتَفِتُوا لِمَنْ طَعَنَ فِيهِ، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - أَحْيَاهُمَا لَهُ فَآمَنَا بِهِ خُصُوصِيَّةً لَهُمَا وَمَحَلُّ كَوْنِ الْإِيمَانِ لَا يَنْفَعُ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي غَيْرِ الْخُصُوصِيَّةِ وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رُدَّتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ بَعْدَ مَغِيبِهَا فَعَادَ الْوَقْتُ حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ أَدَاءً كَرَامَةً لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَذَا هَذَا كَذَا فِي شَرْحِ الْهَمْزِيَّةِ لِابْنِ حَجَرٍ الْهَيْثَمِيِّ هَذَا وَاعْلَمْ أَنَّ السَّلَفَ اخْتَلَفُوا فِي أَبَوَيْ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ مَاتَا عَلَى الْكُفْرِ أَمْ لَا فَذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ جَمْعٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ وَذَهَبَ إلَى الثَّانِي جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مُتَمَسِّكِينَ بِأَحَادِيثَ دَالَّةٍ عَلَى طَهَارَةِ نَسَبِهِ الشَّرِيفِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ دَنَسِ الشِّرْكِ وَشَيْنِ الْكُفْرِ، وَنَفَرٌ مِنْ الْجَمِيعِ الْأَوَّلِ قَالُوا بِنَجَاتِهِمَا مِنْ النَّارِ مِنْهُمْ الْإِمَامُ الْقُرْطُبِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - أَحْيَاهُمَا لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَآمَنَا بِهِ فَإِنْ قُلْتَ: أَلَيْسَ الْحَدِيثُ الَّذِي وَرَدَ فِي إحْيَائِهِمَا مَوْضُوعًا؟ قُلْتُ: زَعَمَهُ بَعْضُ النَّاسِ إلَّا أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ لَا مَوْضُوعٌ وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْحَافِظُ نَاصِرُ الدِّينِ الدِّمَشْقِيُّ حَيْثُ قَالَ: حَبَا اللَّهُ النَّبِيَّ مَزِيدَ فَضْلٍ ... عَلَى فَضْلٍ فَكَانَ بِهِ رَءُوفَا فَأَحْيَا أُمَّهُ وَكَذَا أَبَاهُ ... لِإِيمَانٍ بِهِ فَضْلًا لَطِيفَا فَسَلِّمْ فَالْقَدِيمُ بِهِ قَدِيرٌ ... وَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ بِهِ ضَعِيفَا نَصَّ عَلَى كَوْنِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ ضَعِيفًا لَا مَوْضُوعًا وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي السِّيرَةِ رُوِيَ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَآمِنَةَ بْنَةَ وَهْبٍ أَبَوَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْلَمَا وَأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - أَحْيَاهُمَا لَهُ فَآمَنَا بِهِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي حَقِّ جَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ» ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ أُمِّي فَقَالَ أُمُّك فِي النَّارِ قُلْتُ فَأَيْنَ مَنْ مَضَى مِنْ أَهْلِكَ قَالَ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ أُمُّكَ مَعَ أُمِّي» ثُمَّ قَالَ: وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْجَمْعِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ دَرَجَةً حَصَلَتْ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ، وَأَنْ يَكُونَ الْإِحْيَاءُ وَالْإِيمَانُ مُتَأَخِّرًا عَنْ ذَلِكَ فَلَا مُعَارَضَةَ انْتَهَى مُلَخَّصًا. وَسَأَلَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ أَحَدَ الْأَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ

اسْتِمَاعُ الْقُرْآنِ أَثَوْبُ مِنْ قِرَاءَتِهِ، كَذَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ رَجُلٍ قَالَ: إنَّ أَبَا النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّارِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ مَلْعُونٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [الأحزاب: 57] قَالَ: وَلَا أَذَى أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُقَالَ عَنْ أَبِيهِ: إنَّهُ فِي النَّارِ. وَقَالَ الْإِمَامُ السُّهَيْلِيُّ فِي الرَّوْضِ الْأُنُفِ: وَلَيْسَ لَنَا نَحْنُ أَنْ نَقُولَ ذَلِكَ فِي أَبَوَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُؤْذُوا الْأَحْيَاءَ بِسَبِّ الْأَمْوَاتِ» . وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب: 57] الْآيَةَ وَقَدْ أُمِرْنَا أَنْ نُمْسِكَ اللِّسَانَ إذَا ذَكَرَ أَصْحَابَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بِشَيْءٍ يَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى الْعَيْبِ وَالنَّقْصِ فِيهِمْ فَلَأَنْ نُمْسِكَ وَنَكُفَّ عَنْ أَبَوَيْهِ أَحَقُّ وَأَحْرَى إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَحَقُّ الْمُسْلِمِ أَنْ يُمْسِكَ لِسَانَهُ عَمَّا يُخِلُّ بِشَرَفِ نَبِيِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّ إثْبَاتَ الشِّرْكِ فِي أَبَوَيْهِ إخْلَالٌ ظَاهِرٌ بِشَرَفِ نَسَبِ نَبِيِّهِ الطَّاهِرِ فَجُمْلَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَيْسَتْ مِنْ الِاعْتِقَادَاتِ فَلَا حَظَّ لِلْقَلْبِ مِنْهَا، وَأَمَّا لِلِّسَانِ فَحَقُّهُ الْإِمْسَاكُ عَمَّا يَتَبَادَرُ مِنْهُ النُّقْصَانُ خُصُوصًا إلَى وَهْمِ الْعَامَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى دَفْعِهِ وَتَدَارُكِهِ هَذَا خُلَاصَةُ مَا فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ الْكَلَامِ، وَاَللَّهُ وَلِيُّ الْفَضْلِ وَالْإِنْعَامِ (25) قَوْلُهُ: اسْتِمَاعُ الْقُرْآنِ أَثَوْبُ مِنْ قِرَاءَتِهِ. وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ - تَعَالَى - قَوْمًا عَلَى عَدَمِ التَّدَبُّرِ فَقَالَ {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24] فَتَدَبَّرْ ثُمَّ إنَّ الْمَسْأَلَةَ يَجِبُ تَقْيِيدُهَا بِمَا إذَا كَانَتْ الْقِرَاءَةُ بِغَيْرِ إلْحَانٍ وَإِلَّا فَسَمَاعُ الْقُرْآنِ بِالْإِلْحَانِ مَعْصِيَةٌ، وَالتَّالِي وَالسَّامِعُ آثِمَانِ كَمَا فِي شَرْحِ الْعَلَّامَة مُحَمَّدِ مِسْكِينٍ عَلَى الْكَنْزِ

[كتاب الرهن]

كِتَابُ الرَّهْنِ مَا قَبِلَ الْبَيْعَ قَبِلَ الرَّهْنَ إلَّا فِي أَرْبَعَةٍ: 1 - بَيْعُ الْمُشَاعِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ، 2 - بَيْعُ الْمَشْغُولِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ، بَيْعُ الْمُتَّصِلِ بِغَيْرِهِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ، بَيْعُ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِشَرْطٍ قَبْلَ وُجُودِهِ 3 - فِي غَيْرِ الْمُدَبَّرِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ لَا يَجُوزُ رَهْنُ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ، 4 - فَإِذَا أَجَّرَهُ الْمُرْتَهِنُ لَا يَطِيبُ لَهُ الْأَجْرُ. أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْإِجَارَةِ فَأَجَّرَهُ خَرَجَ عَنْ الرَّهْنِ وَلَا يَعُودُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الرَّهْنِ] قَوْلُهُ: بَيْعُ الْمُشَاعِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ إلَخْ. أَقُولُ: شَمِلَ إطْلَاقُهُ رَهْنَ الْمُشَاعِ الضَّرُورِيِّ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الشُّيُوعَ الثَّابِتَ ضَرُورَةٌ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الرَّهْنِ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ جَاءَ بِثَوْبَيْنِ، وَقَالَ: خُذْهُمَا أَحَدَهُمَا رَهْنًا وَالْآخَرَ بِضَاعَةً عِنْدَكَ فَإِنَّ نِصْفَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَصِيرُ رَهْنًا بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فِي كَوْنِهِ رَهْنًا فَيَشِيعُ الرَّهْنُ فِيهِمَا، وَهَذَا الشُّيُوعُ ثَبَتَ ضَرُورَةً فَلَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ قَوْلُهُ: بَيْعُ الْمَشْغُولِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ. أَقُولُ: أَطْلَقَ عَدَمَ جَوَازِ رَهْنِ الْمَشْغُولِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ مَشْغُولًا بِمِلْكِ الرَّاهِنِ أَوْ بِمِلْكِ غَيْرِهِ وَالْأَمْرُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَانِعُ كَوْنُ الشَّاغِلِ مِلْكُ الرَّاهِنِ أَمَّا لَوْ كَانَ مَشْغُولًا بِمِلْكِ غَيْرِهِ فَلَا؛ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ رَهْنَ الشَّاغِلِ جَائِزٌ وَبِهِ صَرَّحَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ (3) قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْمُدَبَّرِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ. أَطْلَقَ الْمُدَبَّرُ فَشَمِلَ الْمُطْلَقَ وَالْمُقَيَّدَ (4) قَوْلُهُ: فَإِذَا أَجَّرَهُ الْمُرْتَهِنُ إلَخْ. الْمُتَبَادِرُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ الْبَارِزِ لِلْبِنَاءِ وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ لَا يَخُصُّ الْبِنَاءَ بَلْ لَوْ أَجَّرَ الْبِنَاءَ وَالْأَرْضَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ لَا يَطِيبُ لَهُ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ كَمَا فِي مُشْتَمَلِ الْأَحْكَامِ، ثُمَّ صَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ هَذَا

الْآجِرُ، إذَا رَهَنَ الْعَيْنَ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى دَيْنٍ لَهُ صَحَّ وَانْفَسَخَتْ. 6 - أَبَاحَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَكْلَ الثِّمَارِ فَأَكَلَهَا لَمْ يَضْمَنْ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحُكْمَ مُفَرَّعٌ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الرَّاهِنِ الْبِنَاءَ بِدُونِ الْأَرْضِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْتَ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: أَجْرُ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ مِنْهَا مَبْنِيٌّ بِلَا إجَازَةِ الرَّاهِنِ فَالْغَلَّةُ لِلْمُرْتَهِنِ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ كَالْغَاصِبِ يَتَصَدَّقُ بِالْغَلَّةِ أَوْ يَرُدُّهَا عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ أَجَّرَ بِأَمْرِ الرَّاهِنِ بَطَلَ الرَّهْنُ وَالْأَجْرُ لِلرَّاهِنِ (انْتَهَى) وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ (5) قَوْلُهُ: الْآجِرُ إذَا رَهَنَ الْعَيْنَ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الرَّهْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَأَمَّا عَكْسُهُ وَهُوَ مَا إذَا أَجَّرَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ فَيَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ قَبْضٍ كَمَا يُفِيدُهُ صَرِيحُ كَلَامِ الْبَزَّازِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: اسْتَأْجَرَ الْمُرْتَهِنُ الْأَرْضَ الْمَرْهُونَةَ بَطَلَ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ (انْتَهَى) . وَهُوَ ظَاهِرٌ لِقَوْلِهِمْ: إنَّ قَبْضَ الْمَضْمُونِ بِغَيْرِهِ وَهُوَ الرَّهْنُ يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الْأَمَانَةِ؛ وَالرَّهْنُ مَضْمُونٌ بِغَيْرِهِ وَالْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ أَمَانَةٌ لَكِنْ فِي الْعِمَادِيَّةِ: إذَا اسْتَأْجَرَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَ مِنْ الرَّاهِنِ يَصِحُّ وَلَا يَصِيرُ مَقْبُوضًا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ مَا لَمْ يُجَدِّدْ الْقَبْضَ لِلْإِجَارَةِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يُجَدِّدَ قَبْضَ الْإِجَارَةِ يَهْلِكُ هَلَاكَ الرَّهْنِ (انْتَهَى) . وَهَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَرَّرَ فِيهَا أَنَّ قَبْضَ الْمَضْمُونِ بِغَيْرِهِ يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ غَيْرِ الْمَضْمُونِ وَلَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الْمَضْمُونِ وَالْمَضْمُونُ بِغَيْرِهِ الرَّهْنُ لَا يُقَالُ فِي هَذَا الْفَرْعِ إشْكَالٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الشَّيْءَ لَا يَرْتَفِعُ بِمَا دُونَهُ وَقَدْ ارْتَفَعَ بِمَا دُونَهُ وَهُوَ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: عَقْدُ الْإِجَارَةِ أَقْوَى مِنْ عَقْدِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَعَقْدَ الرَّهْنِ لَازِمٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ أَقْوَى مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الضَّمَانِ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ دُونَ أَمِينِ الْمُؤَجِّرَةِ فَنَقُولُ بِأَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ إنَّمَا بَطَلَ بِمُبَاشَرَةِ الْمُرْتَهِنِ عَقْدَ الرَّهْنِ فَكَانَ هَذَا مِنْهُ فَسْخًا لِلرَّهْنِ، وَالرَّهْنُ ارْتَفَعَ بِالْإِجَارَةِ وَالْمُرْتَهِنُ يَنْفَرِدُ بِفَسْخٍ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ دُونَ الرَّاهِنِ حَتَّى لَوْ رَدَّهُ، وَقَالَ: فَسَخْتُ الرَّهْنَ، وَلَمْ يَرْضَ الرَّاهِنُ وَهَلَكَ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَهَذَا التَّحْرِيرُ مِنْ خَوَاصِّ هَذَا الْكِتَابِ (6) قَوْلُهُ: أَبَاحَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَكْلَ الثِّمَارِ فَأَكَلَهَا لَمْ يَضْمَنْ. يَعْنِي لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ

بَاعَ الرَّاهِنُ مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ انْفَسَخَ الْأَوَّلُ، 8 - يُكْرَهُ لِلْمُرْتَهِنِ الِانْتِفَاعُ بِالرَّهْنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَإِذَا أَذِنَ لَهُ فِي السُّكْنَى فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِالْأُجْرَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْخَانِيَّةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الشُّرُوحِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي الْجَامِعِ لِمَجْدِ الْأَئِمَّةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ مِنْهُ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ فِي الرِّبَا؛ لِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي دَيْنَهُ فَتَكُونُ الْمَنْفَعَةُ رِبًا. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَالتَّوْفِيقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ يَحْمِلُ مَا هُنَا عَلَى الدِّيَانَةِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: لَا وَجْهَ لِهَذَا التَّوْفِيقِ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ رِبًا لَا يَظْهَرُ فِيهِ فَرْقٌ بَيْنَ الدِّيَانَةِ وَالْقَضَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى ثِمَارِهَا فَأَكَلَ بَعْضَهَا وَبَاعَ بَعْضَهَا ثُمَّ أَرَادَ الرَّاهِنُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ ثِمَارِهَا فَهَلْ يَمْلِكُ الْإِبَاحَةَ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَتَمَوَّلَهَا أَمْ يَمْلِكُ الْأَكْلَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ فَكَتَبَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْغَزِّيُّ صَاحِبُ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ مَا نَصُّهُ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إذَا تَصَرَّفَ فِيهَا مُطْلَقًا لَا يَضْمَنُ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ فَأَكَلَهَا لَمْ يَضْمَنْ أَعَمُّ مِنْ أَكْلِهَا لَوْ أَكَلَ ثَمَنَهَا إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ صَرِيحٌ بِتَخْصِيصِ الْأَكْلِ دُونَ غَيْرِهِ (انْتَهَى) (7) قَوْلُهُ: بَاعَ الرَّاهِنُ مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ انْفَسَخَ الْأَوَّلُ. أَقُولُ: وَجْهُهُ أَنَّهُ طَرَأَ مِلْكٌ بَاتَ عَلَى مِلْكٍ مَوْقُوفٍ فَأَبْطَلَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ وَاعْلَمْ أَنَّ بَيْعَ الرَّاهِنِ الرَّهْنَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ إبْرَائِهِ الرَّاهِنَ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ قَضَائِهِ فَلَا يَمْلِكُ الرَّاهِنُ فَسْخَهُ، وَكَذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ لَا يَمْلِكُ فَسْخَهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ عَلَى أَنَّ مَا اشْتَرَاهُ رَهْنٌ أَوْ لَا عَلَى الْمُخْتَارِ لِلْفَتْوَى كَمَا فِي التَّجْنِيسِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَإِذَا بَاعَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ صَحَّ وَيَكُونُ الثَّمَنُ رَهْنًا مَكَانَهُ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ لَا (انْتَهَى) . وَفِيهِ أَنَّهُ كَيْفَ يَكُونُ الثَّمَنُ رَهْنًا بِدُونِ الْقَبْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ (8) قَوْلُهُ: يُكْرَهُ لِلْمُرْتَهِنِ الِانْتِفَاعُ بِالرَّهْنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ كَذَا فِي أَكْثَرِ نُسَخِ هَذَا الْكِتَابِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: فَلَا إذْنَ لِلرَّاهِنِ وَفِي بَعْضِهَا إلَّا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَالْكُلُّ صَحِيحٌ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْمُرْتَهِنُ سَكَنَ الدَّارَ الْمَرْهُونَةَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ يُكْرَهُ وَأَطْلَقَ فِي الصَّرْفِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَالِاحْتِيَاطُ فِي الِاجْتِنَابِ عَنْهُ؛ قُلْتُ لِمَا فِيهِ مِنْ شُبْهَةِ الرِّبَا (انْتَهَى)

رَهَنَهُ عَلَى دَيْنٍ مَوْعُودٍ فَدَفَعَ لَهُ الْبَعْضَ وَامْتَنَعَ لَأُجْبِرَ. 10 - لَا يَبِيعُ الْقَاضِي الرَّهْنَ بِغَيْبَةِ الرَّاهِنِ 11 - الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ إذَا لَمْ يُبَيَّنْ الْمِقْدَارُ 12 - لَيْسَ بِمَضْمُونٍ فِي الْأَصَحِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: رَهَنَهُ عَلَى دَيْنٍ مَوْعُودٍ إلَخْ. أَقُولُ: إنَّمَا صَحَّ الرَّهْنُ بِالدَّيْنِ الْمَوْعُودِ؛ لِأَنَّهُ جُعِلَ كَالْمَوْجُودِ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ كَمَا فِي الْمُسْتَصْفَى. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الرَّهْنُ بِالدَّيْنِ الْمَوْعُودِ مَقْبُوضٌ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ مَضْمُونٌ بِالْمَوْعُودِ بِأَنْ وَعَدَهُ أَنْ يُقْرِضَهُ أَلْفًا فَأَعْطَاهُ رَهْنًا وَهَلَكَ قَبْلَ الْإِقْرَاضِ يُعْطِيهِ الْأَلْفَ الْمَوْعُودَ جَبْرًا (انْتَهَى) . وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُهْلِكْ الرَّهْنَ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الْمَوْعُودِ كُلًّا وَبَعْضًا وَوَجْهُ عَدَمِ الْجَبْرِ إذَا لَمْ يُهْلِكْ الرَّهْنَ مِنْ الْمُقْرِضِ مُتَبَرِّعٌ بِالْقَرْضِ وَلَا يُجْبَرُ الْمُتَبَرِّعُ (10) قَوْلُهُ: لَا يَبِيعُ الْقَاضِي الرَّهْنَ بِغَيْبَةِ الرَّاهِنِ. قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْخَامِسِ عَقِيبَ مَسَائِلَ: فَعَلَى هَذَا لَوْ رَهَنَ عِنْدَ رَجُلٍ عَيْنًا بِدَيْنٍ وَغَابَ الْمَدْيُونُ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً فَرَفَعَ الْمُرْتَهِنُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَبِيعَ الرَّهْنَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ كَمَا فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَانَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى (انْتَهَى) . وَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْمُنْيَةِ: لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُ الرَّهْنِ بِإِجَازَةِ الْحَاكِمِ وَأَخْذِ دَيْنِهِ إنْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً لَا يُعْرَفُ مَوْتُهُ وَلَا حَيَاتُهُ (11) قَوْلُهُ: الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ إذَا لَمْ يُبَيَّنْ الْمِقْدَارُ. قُيِّدَ بِعَدَمِ بَيَانِ الْمِقْدَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَيَّنَهُ يَكُونُ مَضْمُونًا وَصُورَتُهُ: أَخَذَ الرَّهْنَ بِشَرْطِ أَنْ يُقْرِضَهُ كَذَا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يُقْرِضَهُ هَلَكَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِمَّا سُمِّيَ لَهُ مِنْ الْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِسَوْمِ الرَّهْنِ فَالْمَقْبُوضُ بِسَوْمِ الرَّهْنِ كَالْمَقْبُوضِ بِسَوْمِ الشِّرَاءِ إذَا هَلَكَ فِي الْمُسَاوَمَةِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَفِي الْقُنْيَةِ: الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمِقْدَارَ الَّذِي بِهِ رَهَنَهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يُعْطِيهِ الْمُرْتَهِنُ مَا شَاءَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا يَسْتَحْسِنُ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ. (12) قَوْلُهُ: لَيْسَ بِمَضْمُونٍ فِي الْأَصَحِّ. فِي الْقُنْيَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا ضَاعَ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَفِيهَا: دَفَعَ إلَيْهِ رَهْنًا لِيَدْفَعَ لَهُ ثَمَانِمِائَةِ دِينَارٍ فَدَفَعَ إلَيْهِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَامْتَنَعَ عَنْ دَفْعِ الْبَاقِي فَهُوَ رَهْنٌ بِهَذَا الْقَدْرِ

الْأَجَلُ فِي الرَّهْنِ يُفْسِدُهُ 14 - الْوَارِثُ إذَا عَرَفَ الرَّهْنَ لَا الرَّاهِنَ لَا يَكُونُ لُقَطَةً بَلْ يَحْفَظُهُ إلَى ظُهُورِ الْمَالِكِ. الْقَوْلُ لِمُنْكِرِهِ مَعَ الْيَمِينِ 15 - وَفِي تَعْيِينِ الرَّهْنِ وَفِي مِقْدَارِ مَا رَهَنَ بِهِ. اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِيمَا بَاعَ بِهِ الْعَدْلُ الرَّهْنَ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ صَدَّقَ الْعَدْلُ الرَّاهِنَ كَمَا لَوْ اُخْتُلِفَ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ بَعْدَ هَلَاكِهِ، وَلَوْ مَاتَ فِي يَدِ الْعَدْلِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ وَلَوْ كَانَ رَهْنًا يُمَثِّلُ الدَّيْنَ فَبَاعَهُ الْعَدْلُ وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتُهُ وَكَذَّبَهُ الرَّاهِنُ، فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ لَا الْعَدْلِ مَا جَازَتْ الْكَفَالَةُ بِهِ جَازَ الرَّهْنُ بِهِ 16 - إلَّا فِي دَرْكِ الْمَبِيعِ، تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِهِ دُونَ الرَّهْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْأَجَلُ فِي الرَّهْنِ يُفْسِدُهُ. لِأَنَّ حُكْمَهُ حَبْسٌ مُسْتَدَامٌ وَالتَّأْجِيلُ يُنَافِيهِ بِخِلَافِ تَأْجِيلِ دَيْنِ الرَّهْنِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْمُنْيَةِ (14) قَوْلُهُ: الْوَارِثُ إذَا عَرَفَ الرَّهْنَ إلَخْ. الْمَسْأَلَةُ فِي الْقُنْيَةِ وَعِبَارَتُهَا: تَرَكَ مَتَاعَهُ عِنْدَ رَجُلٍ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَغَابَ فَقُتِلَ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ وَارِثٌ إذَا أَيِسَ بَاعَ الْمَتَاعَ فَأَخَذَ الدَّيْنَ وَتَصَدَّقَ بِالْبَاقِي، وَكَذَا الرَّهْنُ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (15) قَوْلُهُ: وَفِي تَعْيِينِ الرَّهْنِ إلَخْ. عَطْفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ بِحَسَبِ الْمَعْنَى، وَالتَّقْدِيرُ الْقَوْلُ فِي إنْكَارِ الرَّهْنِ لِلْمُنْكِرِ وَفِي تَعْيِينِهِ وَفِي مِقْدَارِ مَا رَهَنَ بِهِ لِلْمُرْتَهِنِ فَلَفْظُ لِلْمُرْتَهِنِ يَسْقُطُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ هَذَا الْمَوْضِعُ قَالَ فِي مُعِينِ الْمُفْتِي: اخْتَلَفَا فِي الرَّهْنِ فَقَالَ الرَّاهِنُ: غَيْرُ هَذَا وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: بَلْ هَذَا هُوَ الرَّهْنُ الَّذِي رَهَنْته عِنْدِي فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَتَّضِحُ مَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ (16) قَوْلُهُ: إلَّا فِي دَرْكِ الْمَبِيعِ تَجُوزُ الْكَفَالَةُ دُونَ الرَّهْنِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُسْتَثْنَى الْكَفَالَةُ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهَا تَجُوزُ لَا الرَّهْنُ بِهَا وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا الْكَفَالَةُ بِمَا يَحْدُثُ مِنْ الْحَقِّ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ دُونَ الرَّهْنِ بِهِ وَالْكَفَالَةُ بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ تَجُوزُ وَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ بِهَا

وَيَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِمَا هُوَ عَلَى الْكَفِيلِ وَالرَّهْنِ، وَفِي الْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ يَجُوزُ أَخْذُ الْكَفِيلِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ 18 - دُونَ الرَّهْنِ، ذَكَرَهُمَا فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصَارَ مَا زَادَهُ ثَلَاثَ مَسَائِلَ (انْتَهَى) . أَقُولُ: فِي اسْتِثْنَاءِ الصُّورَةِ الْأُولَى نَظَرٌ إذَا كَتَبَ الْقَوْمُ مُتُونًا وَشُرُوحًا طَافِحَةً بِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ لَا تَجُوزُ وَأَمَّا الرَّهْنُ بِبَدَلِهَا فَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْقُهُسْتَانِيُّ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ النَّظْمِ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ لَا تَجُوزُ وَهُوَ مُخْتَلِفٌ لِمَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ وَيُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ وَبِمَا يَحْدُثُ مِنْ الْحَقِّ مَا ذَكَرَ مِنْ جَوَازِ الرَّهْنِ عَلَى دَيْنٍ مَوْعُودٍ بِهِ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الدَّيْنَ الْمَوْعُودَ حَقٌّ سَيَحْدُثُ بِذِمَّةِ الْمَدْيُونِ. (17) قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِمَا هُوَ عَلَى الْكَفِيلِ وَالرَّهْنِ إلَخْ. أَقُولُ: لَا مَحَلَّ لِذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ مَا اسْتَثْنَاهُ؛ لِأَنَّهَا جَارِيَةٌ عَلَى الْقَاعِدَةِ. (18) قَوْلُهُ: دُونَ الرَّهْنِ. أَيْ فَلَا يَأْخُذُ رَهْنًا فِي الْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ

[كتاب الجنايات]

كِتَابُ الْجِنَايَاتِ الْعَاقِلَةُ لَا تَعْقِلُ الْعَمْدَ 1 - إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا عَفَا بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ صَالَحَ فَإِنَّ نَصِيبَ الْبَاقِينَ يَنْقَلِبُ مَالًا وَيَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ 2 - كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ 3 - صُلْحُ الْأَوْلِيَاءِ وَعَفْوُهُمْ عَنْ الْقَاتِلِ يُسْقِطُ حَقَّهُمْ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ لَا حَقَّ الْمَقْتُولِ، 4 - كَذَا فِي الْمُنْيَةِ. الْوَاجِبُ لَا يَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ وَالْمُبَاحُ يَتَقَيَّدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْجِنَايَاتِ] قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا عَفَا بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ إلَخْ. أَقُولُ: إنَّمَا انْقَلَبَ نَصِيبُ الْبَاقِينَ مَالًا؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَتَجَزَّأُ فَلَمَّا سَقَطَ الْقِصَاصُ فِي نَصِيبِ غَيْرِ الْعَافِي أَوْ الْمُصَالِحِ انْقَلَبَ حَقُّهُ مَالًا لِئَلَّا يَسْقُطَ بِلَا عِوَضٍ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَى الْقَاتِلِ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ فَتَجِبُ بَقِيَّةُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ وَجَبَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِنْ الْقَاتِلِ فَصَارَ كَالْخَطَأِ؛ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ وَمِثْلُهُ فِي الِاخْتِيَارِ وَزَادَ عَلَيْهِ فِي تَعْلِيلِ عَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَى الْقَاتِلِ أَنَّ الشَّرْعَ مَا أَوْجَبَهُ، وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْمَبْسُوطِ وَالْمُحِيطِ وَالْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَسَائِرِ الْكُتُبِ أَنَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فِي مَالِهِ وَهُوَ الثَّابِتُ رِوَايَةً وَدِرَايَةً وَلَمْ يُنَبِّهْ أَحَدٌ مِنْ شُرَّاحِ الْمَجْمَعِ عَلَى هَذِهِ الْمُخَالَفَةِ فِيمَا أَعْلَمُ فَلْيُتَنَبَّهْ وَحِينَئِذٍ مَا كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ مُتَابَعَتُهُ. (2) قَوْلُهُ: كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ. أَقُولُ: يُوهِمُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مَذْكُورَةً فِي مَتْنِ الْمَجْمَعِ وَإِنَّمَا هِيَ فِي الشُّرُوحِ لَيْسَ كَذَلِكَ (3) قَوْلُهُ: صُلْحُ الْأَوْلِيَاءِ وَعَفْوُهُمْ. الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (4) قَوْلُهُ: كَذَا فِي الْمُنْيَةِ إلَخْ. أَقُولُ: لَمْ أَجِدْ مَا ذَكَرَهُ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَوَجَدْته فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَعِبَارَتُهَا: الْوَارِثُ إذَا عَفَا عَنْ الْقَاتِلِ هَلْ يَبْرَأُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى

بِهِ فَلَا ضَمَانَ. لَوْ سَرَى قَطْعُ الْقَاضِي إلَى النَّفْسِ، وَكَذَا إذَا مَاتَ الْمُعَزَّرُ، وَكَذَا إذَا سَرَى الْقَصْدُ إلَى النَّفْسِ 5 - وَلَمْ يُجَاوِزْ الْمُعْتَادَ لِوُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ، وَلَوْ قَطَعَ الْمَقْطُوعُ يَدُهُ يَدَ قَاطِعِهِ فَسَرَتْ ضَمِنَ الدِّيَةَ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ 6 - فَيَتَقَيَّدُ، وَضَمِنَ لَوْ عَزَّرَ زَوْجَتَهُ فَمَاتَتْ. وَمِنْهُ الْمُرُورُ فِي الطَّرِيقِ مُقَيَّدٌ بِهَا، 7 - وَمِنْهُ ضَرْبُ الْأَبِ ابْنَهُ أَوْ الْإِمَامِ أَوْ الْوَصِيِّ تَأْدِيبًا، وَمِنْ الْأَوَّلِ ضَرْبُ الْأَبِ ابْنَهُ أَوْ الْإِمَامِ أَوْ الْوَصِيِّ أَوْ الْمُعَلِّمِ بِإِذْنِ الْأَبِ تَعْلِيمًا فَمَاتَ لَا ضَمَانَ، فَضَرْبُ التَّأْدِيبِ مُقَيَّدٌ لِكَوْنِهِ مُبَاحًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ عَلَى رَجُلٍ لِرَجُلٍ فَمَاتَ الطَّالِبُ وَأَبْرَأَتْهُ الْوَرَثَةُ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ فِيمَا بَقِيَ أَمَّا عَنْ ظُلْمِهِ الْمُتَقَدِّمِ فَلَا يَبْرَأُ فَكَذَلِكَ الْقَاتِلُ لَا يَبْرَأُ عَنْ ظُلْمِهِ وَعَدَاوَتِهِ وَيَبْرَأُ عَنْ الْقِصَاصِ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّ الْعَفْوَ عَنْ الْقَاتِلِ أَفْضَلُ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة: 45] وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَأْوِيلِهِ قَالَ قَوْمٌ: هُوَ كَفَّارَةُ الْقَاتِلِ، وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ كَفَّارَةُ الْمَعَانِي قَالَ وَهُوَ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ عِنْدِي. (5) قَوْلُهُ: وَلَمْ يُجَاوِزْ الْمُعْتَادَ. وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَلَوْ تَجَاوَزَ الْمُعْتَادَ، وَهَذَا تَحْرِيفٌ مِنْ النُّسَّاخِ وَالنُّسْخَةُ الَّتِي بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ، وَلَمْ يُجَاوِزْ الْمُعْتَادَ. (6) قَوْلُهُ: فَيَتَقَيَّدُ أَيْ بِالسَّلَامَةِ. أَقُولُ وَمِنْهُ الْمُرُورُ فِي الطَّرِيقِ، فِي الْقُنْيَةِ: وَضَعَ شَيْئًا عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ فَسَقَطَ، وَهَلَكَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِنْهُ يَضْمَنُ هُوَ الصَّحِيحُ (انْتَهَى) . وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَالْمُرَادُ بِالطَّرِيقِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الطَّرِيقُ الْعَامُّ وَأَنَّ الطَّرِيقَ الْخَاصَّ يَضْمَنُ فِيهِ بِالْعُثُورِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ (7) قَوْلُهُ: وَمِنْهُ ضَرْبُ الْأَبِ ابْنَهُ. هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُمَا: لَا يَضْمَنُ الْأَبُ بِضَرْبِ ابْنِهِ لِلتَّأْدِيبِ وَرَجَعَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى قَوْلِهِمَا كَمَا فِي التَّتِمَّةِ.

وَضَرْبُ التَّعْلِيمِ لَا لِكَوْنِهِ وَاجِبًا، وَمَحَلُّهُ فِي الضَّرْبِ الْمُعْتَادِ؛ أَمَّا غَيْرُهُ فَمُوجِبٌ لِلضَّمَانِ فِي الْكُلِّ. وَخَرَجَ عَنْ الْأَصْلِ الثَّانِي، 9 - مَا إذَا وَطِئَ زَوْجَتَهُ فَأَفْضَاهَا وَمَاتَتْ 10 - فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ مُبَاحًا 11 - لِكَوْنِ الْوَطْءِ أَخَذَ مُوجِبَهُ، وَهُوَ الْمَهْرُ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ آخَرُ. وَتَمَامُهُ فِي التَّعْزِيرِ مِنْ الزَّيْلَعِيِّ. 12 - الْجِنَايَتَانِ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ فِي النَّفْسِ وَفِيمَا دُونَهَا لَا تَتَدَاخَلَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَضَرْبُ التَّعْلِيمِ لَا أَيْ لَا يَتَقَيَّدُ بِإِسْلَامِهِ (9) قَوْلُهُ: مَا إذَا وَطِئَ زَوْجَتَهُ إلَخْ يَعْنِي وَهِيَ مِمَّنْ يُجَامَعُ مِثْلُهَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ جَامَعَ صَغِيرَةً لَا تُجَامَعُ مِثْلُهَا فَمَاتَتْ إنْ أَجْنَبِيَّةً فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَالْمَهْرُ عَلَى الزَّوْجِ وَقُيِّدَ بِالْإِفْضَاءِ وَالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَسَرَ فَخِذَهَا حَالَةَ الْوَطْءِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ كَسْرَ الْفَخِذِ لَيْسَ مَأْذُونًا فِيهِ وَهُوَ غَيْرُ حَادِثٍ مِنْ الْوَطْءِ الْمَأْذُونِ فِيهِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ. (10) قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ يَعْنِي عِنْدَهُمَا. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَمَدُ وُجُوبَ الدِّيَةِ عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِمْسَاكِ فَإِنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى عَشَرَةِ أَشْيَاءَ فِي الْإِنْسَانِ يَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا الدِّيَةُ كَامِلَةً وَعَدُّوا مِنْهَا سَلَسَ الْبَوْلِ، وَهَذَا مَذْكُورٌ فِي غَالِبِ الْكُتُبِ انْتَهَى قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَفِيهِ تَأَمُّلٌ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ فِي غَالِبِ الْكُتُبِ مِنْ وُجُوبِ الدِّيَةِ فِيمَا إذَا حَصَلَ مِنْ فِعْلٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَتَدَبَّرْ. (11) قَوْلُهُ: لِكَوْنِ الْوَطْءِ أَخَذَ مُوجِبَهُ، وَهُوَ الْمَهْرُ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ آخَرُ. قِيلَ عَلَيْهِ فَيُقَالُ الْمَهْرُ مُقَابَلٌ بِالْوَطْءِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ وَالضَّمَانُ بِالْإِفْضَاءِ لَيْسَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَطْءٌ لِيَلْزَمَ كَوْنُهُ مُوجِبًا لِشَيْئَيْنِ بَلْ مِنْ حَيْثُ مَا تَسَبَّبَ عَنْهُ وَهُوَ الْإِفْضَاءُ فَالْمَهْرُ بِاعْتِبَارِ جِهَةِ الِاسْتِمْتَاعِ وَالضَّمَانُ بِاعْتِبَارِ جِهَةِ الْإِفْضَاءِ فَتَأَمَّلْ (12) قَوْلُهُ: الْجِنَايَتَانِ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ فِي النَّفْسِ وَفِيمَا دُونَهَا لَا يَتَدَاخَلَانِ. أَيْ الْجِنَايَتَانِ الْوَاقِعَتَانِ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ فِي نَفْسِهِ وَفِيمَا دُونَهَا بِأَنْ قَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ لَا يَتَدَاخَلَانِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ مُوجِبَ الْقَتْلِ وَيُوجِبُ الْقَتْلَ إذَا كَانَتَا عَمْدَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا عَمْدًا

إلَّا إذَا كَانَا خَطَأً وَلَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا بُرْءٌ فَتَجِبُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ، ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ. 14 - الْقِصَاصُ يَجِبُ لِلْمَيِّتِ ابْتِدَاءً ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ، 15 - فَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ مَوْلَاهُ وَلَهُ ابْنَانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا سَقَطَ الْقِصَاصُ 16 - وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِ الْعَافِي عِنْدَ الْإِمَامِ. 17 - وَصَحَّ عَفْوُ الْمَجْرُوحِ وَتُقْضَى دُيُونُهُ مِنْهُ. لَوْ انْقَلَبَ مَالًا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْأُخْرَى خَطَأً أَوْ كَانَتَا خَطَأَيْنِ وَتَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا بُرْءٌ إذْ كَانَتَا عَمْدَيْنِ فَالْمَذْكُورُ قَوْلُ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا يَتَدَاخَلَانِ فَيُقْتَلُ جَزَاءً وَلَا تُقْطَعُ، وَالدَّلِيلُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَذْكُورٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ فَلَا نُطِيلُ بِذِكْرِهِ. (13) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَا خَطَأً أَقُولُ: كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ إلَّا إذَا كَانَتَا أَيْ الْجِنَايَتَانِ (14) قَوْلُهُ: الْقِصَاصُ يَجِبُ لِلْمَيِّتِ ابْتِدَاءً إلَخْ. فِي مَنْظُومَةِ الْجَلَالِ الْبُنَانِيِّ وَشُرُوحِهَا وَإِنَّمَا الْقِصَاصُ لِلْوَارِثِ ... خِلَافَةٌ وَلَيْسَ بِالْمِيرَاثِ قَالَ الْإِمَامُ: طَرِيقُ الْقِصَاصِ لِلْوَرَثَةِ طَرِيقُ الْخِلَافَةِ دُونَ الْوِرَاثَةِ وَعِنْدَهُمَا طَرِيقُهُ طَرِيقُ الْوِرَاثَةِ، وَمَعْنَى الْخِلَافَةِ أَنَّهُ يَثْبُتُ الْمِلْكُ ابْتِدَاءً لِلْوَارِثِ دُونَ الْوِرَاثَةِ كَالْعَبْدِ إذَا نَهَبَ فَإِنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ لِلْمَوْلَى ابْتِدَاءً بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْمِلْكِ؛ دَلِيلُ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَثْبُتُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْمَيِّتُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ بِخِلَافِ الْمَالِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ (15) قَوْلُهُ: فَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ مَوْلَاهُ إلَخْ. تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ. (16) قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِ الْعَافِي عِنْدَ الْإِمَامِ. وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَيَجِبُ ثُمَّ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا (17) قَوْلُهُ: وَصَحَّ عَفْوُ الْمَجْرُوحِ، وَتُقْضَى دُيُونُهُ مِنْهُ. أَقُولُ ضَمِيرُ مِنْهُ عَائِدٌ عَلَى الْمَالِ وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ لَفْظًا وَرُتْبَةً، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِ مَا اُسْتُثْنِيَ كَمَا فِي مَعْنَى الْبَيْتِ.

وَهُوَ مَوْرُوثٌ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَيَرِثُهُ الزَّوْجَانِ كَالْأَمْوَالِ. الِاعْتِبَارُ فِي ضَمَانِ النَّفْسِ بِعَدَدِ الْجُنَاةِ لَا لِعَدَدِ الْجِنَايَاتِ، 19 - وَعَلَيْهِ فَرَّعَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي الْإِجَارَةِ. لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَضْرِبَ عَبْدَهُ عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ فَضَرَبَهُ أَحَدَ عَشَرَ فَمَاتَ، رُفِعَ عَنْهُ مَا نَقَصَتْهُ الْعَشَرَةُ وَضَمِنَ مَا نَقَصَهُ الْأَخِيرُ، فَيَضْمَنُهُ مَضْرُوبًا بِعَشَرَةِ أَسْوَاطٍ وَنِصْفِ قِيمَتِهِ. دِيَةُ الْقَتْلِ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ إلَّا إذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ 20 - أَوْ كَانَ الْقَتْلُ فِي دَارِ الْحَرْبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُوَ مَوْرُوثٌ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى إلَخْ. أَقُولُ: وَكَذَا دِيَةُ الْمَقْتُولِ خَطَأً فَإِنَّهَا كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ حَتَّى تَقْضِيَ بِهَا دُيُونَهُ وَتَنْفُذَ وَصَايَاهُ، وَيَرِثَهَا كُلُّ مَنْ يَرِثُ أَمْوَالَهُ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَرِثُ الزَّوْجَانِ مِنْ الدِّيَةِ لِانْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ بِالْمَوْتِ، وَلَا وُجُوبَ لِلدِّيَةِ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَنَا «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَ بِتَوْرِيثِ امْرَأَةِ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ مِنْ عَقْلِ زَوْجِهَا» . قَالَ الزُّهْرِيُّ كَانَ قَتْلُ أَشْيَمَ خَطَأً وَكَذَا يَثْبُتُ عِنْدَنَا حَقُّ الزَّوْجَيْنِ فِي الْقِصَاصِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَرَكَ مَالًا وَحَقًّا فَلِوَرَثَتِهِ» . وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقِصَاصَ حَقُّهُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ نَفْسِهِ فَيَسْتَحِقُّهُ جَمِيعُ وَرَثَتِهِ بِحَسَبِ إرْثِهِمْ كَذَا فِي شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ لِلسَّيِّدِ الشَّرِيفِ (19) قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَرَّعَ الْوَلْوَالِجِيُّ. عِبَارَةُ الْوَلْوَالِجِيِّ: رُفِعَ عَنْهُ مَا نَقَصَهُ الْعَشَرَةُ أَسْوَاطٍ وَضَمِنَ مَا نَقَصَهُ السَّوْطُ الْأَخِيرُ مَضْرُوبًا عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ فَلِأَنَّهُ عَامِلٌ فِيهَا لِلْمَوْلَى لِأَمْرِهِ فَانْتَقَلَ الْفِعْلُ إلَيْهِ، وَأَمَّا ضَمَانُ مَا نَقَصَهُ السَّوْطُ الْأَخِيرُ فَلِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِيهِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ مَضْرُوبًا عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ فَلِأَنَّ الْحَادِيَ عَشَرَ صَادَفَهُ مَضْرُوبًا عَشَرَةً، وَأَمَّا وُجُوبُ نِصْفِ مَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهِ فَلِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ضَمَانِ النَّفْسِ لِعَدَدِ الْجُنَاةِ لَا لِعَدَدِ الْجِنَايَاتِ، وَالْجُنَاةُ اثْنَانِ يَعْنِي الْمَوْلَى يَضْرِبُ عَشَرَةً، وَهُوَ يَضْرِبُ سَوْطًا (انْتَهَى) . وَلَا يَخْفَى مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ إبْهَامٍ مُضِلٍّ لِلْإِفْهَامِ (20) قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الْقَتْلُ فِي دَارِ الْحَرْبِ. وَقَدْ صَرَّحَ عَقِبَهُ بِأَنَّ الْإِسْلَامَ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يُوجِبُ عِصْمَةَ الدَّمِ فَعَلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَوَّلُ، وَنَفْيُ تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ كَوْنِ الدِّيَةِ عَلَى الْقَاتِلِ

الْإِسْلَامُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يُوجِبُ عِصْمَةَ الدَّمِ فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ 22 - هِبَةُ الْقِصَاصِ لِغَيْرِ الْقَاتِلِ لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْرِي فِيهِ التَّمْلِيكُ كَمَا فِي إجَارَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ. 23 - لَا تَجِبُ عَلَى الْمُكْرَهِ دِيَةُ الْمُكْرِهِ عَلَى الْقَتْلِ، إذَا قَتَلَهُ الْآخَرُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ، 24 - لِكُلِّ وَاحِدٍ التَّعَرُّضُ عَلَى مَنْ شَرَعَ جُنَاحًا فِي الطَّرِيقِ وَلَا يَأْثَمُونَ بِالسُّكُوتِ عَنْهُ. يَضْمَنُ الْمُبَاشِرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا 25 - فَيَضْمَنُ الْحَدَّادُ إذَا طَرَقَ الْحَدِيدَةَ فَفَقَأَ عَيْنًا وَالْقَصَّارُ إذَا دَقَّ فِي حَانُوتِهِ فَانْهَدَمَ حَانُوتُ جَارِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْإِسْلَامُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يُوجِبُ عِصْمَةَ الدَّمِ. يَعْنِي؛ لِأَنَّ دَارَ الْحَرْبِ لَيْسَتْ دَارَ أَحْكَامٍ (22) قَوْلُهُ: هِبَةُ الْقِصَاصِ لِغَيْرِ الْقَاتِلِ إلَخْ. أَقُولُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ لِلْقَاتِلِ يَجُوزُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا مَفْهُومُ مُخَالَفَةٍ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ هُنَا، وَإِنْ كَانَ فِي اعْتِبَارِهِ فِي الرِّوَايَاتِ خِلَافٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ هُنَا تَعْلِيلُ الْمَنْطُوقِ بِعَدَمِ قَبُولِ الْقِصَاصِ لِلتَّمْلِيكِ، وَفِي هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَغَيْرِهِ (23) قَوْلُهُ: لَا تَجِبُ عَلَى الْمُكْرَهِ دِيَةُ الْمُكْرِهِ إذَا قَتَلَهُ الْآخَرُ. أَيْ إذَا قَتَلَ الْمُكْرَهُ عَلَى الْقَتْلِ الْمُكْرِهَ عَلَى قَتْلِهِ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ لِارْتِفَاعِ الْإِكْرَاهِ بِالْقَتْلِ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ (24) قَوْلُهُ: لِكُلِّ وَاحِدٍ التَّعَرُّضُ عَلَى مَنْ شَرَعَ جُنَاحًا، أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ النَّاسِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ أَوْ مِنْ أَرَاذِلِهِمْ وَأَضْعَفِهِمْ كَمَا فِي النِّهَايَةِ لَكِنْ فِيهِ فِتْنَةٌ أَوْ مِنْ أَوْسَاطِهِمْ وَلَوْ كَافِرًا كَمَا فِي الْكَرْمَانِيِّ وَالْمُرَادُ بِالتَّعَرُّضِ النَّقْضُ أَيْ إبْطَالُ ذَلِكَ الْمُحْدَثِ بَعْدَ الْإِتْمَامِ وَكَذَا قَبْلَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ (25) قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ الْحَدَّادُ إذَا طَرَقَ الْحَدِيدَةَ إلَخْ. أَقُولُ وَمِثْلُهُ لَوْ كَسَرَ حَطَبًا فَتَطَايَرَ مِنْهُ شَيْءٌ فَأَتْلَفَ شَيْئًا يَضْمَنُ عِنْدَنَا، وَلَوْ كَانَ الْكَسْرُ فِي مِلْكِهِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا

لَا اعْتِبَارَ بِرِضَاءِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِالسِّكَّةِ النَّافِذَةِ. حَفَرَ بِئْرًا فِي بَرِّيَّةٍ فِي غَيْرِ مَمَرِّ النَّاسِ لَمْ يَضْمَنْ مَا وَقَعَ فِيهَا قَطَعَ الْحَجَّامُ لَحْمًا مِنْ عَيْنِهِ، وَكَانَ غَيْرَ حَاذِقٍ فَعَمِيَتْ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَمَذْهَبُ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ الْإِمَامَ شَرْطٌ لِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ كَالْحُدُودِ. 27 - وَمَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ الْفَرْقُ، الْقِصَاصُ كَالْحُدُودِ. 28 - إلَّا فِي خَمْسٍ ذَكَرْنَاهَا فِي قَاعِدَةِ أَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ عَفْوُ الْوَلِيِّ عَنْ الْقَاتِلِ أَفْضَلُ مِنْ الْقِصَاصِ، وَكَذَا عَفْوُ الْمَجْرُوحِ. وَعَفْوُ الْوَلِيِّ يُوجِبُ بَرَاءَةَ الْقَاتِلِ فِي الدُّنْيَا، وَلَا يَبْرَأُ عَنْ قَتْلِهِ كَالْوَارِثِ إذَا أَبْرَأَ الْمَدْيُونَ بَرَأَ وَلَا يَبْرَأُ عَنْ ظُلْمِ الْمُوَرِّثِ وَمَطْلِهِ. إذَا قَالَ الْمَجْرُوحُ قَتَلَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي حَقِّ فُلَانٍ وَلَا بَيِّنَةُ الْوَارِثِ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ قَتَلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَضْمَنُ إذَا كَانَ فِي مِلْكِهِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي شُرُوحِ الرَّوْضِ وَالْعُبَابِ وَشَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلرَّمْلِيِّ وَابْنِ حَجَرٍ (26) قَوْلُهُ: لَا اعْتِبَارَ بِرِضَاءِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِالسِّكَّةِ النَّافِذَةِ. أَيْ بِإِشْرَاعِ جُنَاحٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا لِلْعَامَّةِ (27) قَوْلُهُ: وَمَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ الْفَرْقُ. يَعْنِي بَيْنَ الْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ فَيُشْتَرَطُ الْإِمَامُ لِاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ دُونَ الْقِصَاصِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ، وَإِنْ كَانَ فِي عِبَارَتِهِ إبْهَامٌ. (28) قَوْلُهُ: إلَّا فِي خَمْسٍ ذَكَرْنَاهَا إلَخْ أَيْ فِي الْفَوَائِدِ الزَّيْنِيَّةِ إلَّا فِي سَبْعَةٍ كَمَا فِي مُعِينِ الْمُفْتِي فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ: الْأُولَى: تَجُوزُ الْقَضَاءُ بِعِلْمِهِ فِي الْقِصَاصِ دُونَ الْحُدُودِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. الثَّانِيَةُ: الْحُدُودُ لَا تُورَثُ، وَالْقِصَاصُ يُورَثُ. الثَّالِثَةُ: لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ فِي الْحُدُودِ وَلَوْ كَانَ حَدَّ الْقَذْفِ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ. الرَّابِعَةُ: التَّقَادُمُ لَا يَمْنَعُ مِنْ الشَّهَادَةِ بِالْقَتْلِ بِخِلَافِ الْحُدُودِ سِوَى حَدِّ الْقَذْفِ. الْخَامِسَةُ: تَثْبُتُ بِالْإِشَارَةِ وَالْكِنَايَةِ مِنْ الْأَخْرَسِ بِخِلَافِ الْحُدُودِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ مَسَائِلَ شَتَّى. السَّادِسَةُ: لَا تَجُوزُ الشَّفَاعَةُ فِي الْحُدُودِ وَتَجُوزُ فِي

بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: جَرَحَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ، 30 - فَبَرْهَنَ ابْنُهُ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ جَرَحَهُ تُقْبَلُ 31 - كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ. يَصِحُّ عَفْوُ الْمَجْرُوحِ وَالْوَارِثِ قَبْلَ مَوْتِهِ لِانْعِقَادِ السَّبَبِ لَهُمَا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. الْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَلَا تَثْبُتُ مَعَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقِصَاصِ. السَّابِعَةُ: الْحُدُودُ سِوَى حَدِّ الْقَذْفِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّعْوَى بِخِلَافِ الْقِصَاصِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الدَّعْوَى (انْتَهَى) . أَقُولُ: يُزَادُ ثَامِنٌ وَهُوَ اشْتِرَاطُ الْإِمَامِ اسْتِيفَاءَ الْحُدُودِ دُونَ الْقِصَاصِ. (29) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: جَرَحَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ إلَخْ. قِيلَ: الْفَرْقُ تَعَدُّدُ الْجُرْحِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ (انْتَهَى) . قِيلَ عَلَيْهِ قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ عَكْسَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَنَصُّهُ نَقْلًا عَنْ جِنَايَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ: شَهِدَ الْمَجْرُوحُ أَنَّ فُلَانًا لَمْ يَجْرَحْهُ، وَمَاتَ الْمَجْرُوحُ مِنْهُ إنْ كَانَ جُرْحُهُ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالنَّاسِ لَا يَصِحُّ إشْهَادُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا صَحَّ لِاحْتِمَالِ الصِّدْقِ فَإِنْ بَرْهَنَ الْوَارِثُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ فُلَانًا كَانَ جَرَحَهُ، وَمَاتَ مِنْهُ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ حَقُّ الْمُوَرِّثِ. (30) قَوْلُهُ: فَبَرْهَنَ ابْنُهُ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ جَرَحَهُ إلَخْ. هَذَا إذَا قَالَ الْمَجْرُوحُ ذَلِكَ فَلَوْ لَمْ يَقُلْ فَادَّعَى الِابْنَيْنِ عَلَى أَخِيهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً عَلَى قَتْلِ أَجْنَبِيٍّ إيَّاهُ، وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لِلْأَخِ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى أَخِيهِ وَلِلْآخَرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: أَحْسَنُ مِنْهُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْأَخِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَخِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَلَا يَكُونُ لَهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ شَيْءٌ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ أَخَذَ أَبُو اللَّيْثِ كَذَا فِي مُوجِبَاتِ الْأَحْكَامِ لِلْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ (31) قَوْلُهُ: كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ. أَيْ مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَيْسَ هَكَذَا فِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ بَلْ الَّذِي فِي شَرْحِهَا لِابْنِ الشِّحْنَةِ نَقْلًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ: وَلَوْ قَالَ: جَرَحَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ فَأَقَامَ ابْنُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ابْنٍ آخَرَ أَنَّهُ جَرَحَهُ خَطَأً تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عَلَى حِرْمَانِ الْوَلَدِ الْإِرْثَ فَقُبِلَتْ فَلَمَّا أَجَزْنَا ذَلِكَ فِي الْمِيرَاثِ

إلَّا فِي التَّرْجَمَةِ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ فِي الْحُدُودِ مَعَ أَنَّ فِيهَا شُبْهَةً كَمَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ كِتَابُ الْوَصَايَا ـــــــــــــــــــــــــــــQجَعَلْنَا الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ (انْتَهَى) . وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ أَصْلَحَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ فَادَّعَى ابْنُهُ أَنَّ ابْنًا آخَرَ جَرَحَهُ خَطَأً وَلَقَدْ رَأَيْتُ نُسْخَةً لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ مُوَافِقَةً لِمَا أَصْلَحَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ أَيْضًا فَدَارَ قَبُولُ الْبَيِّنَةِ عَلَى كَوْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ابْنًا لِلْجَرِيحِ يَدَّعِي حِرْمَانَهُ مِنْ الْإِرْثِ لَا عَلَى إيقَاعِ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ: جَرَحَنِي كَمَا تَوَهَّمَهُ وَلِذَلِكَ قَالُوا فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى هَذِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا حَقُّ الْأَبِ وَقَدْ أَكْذَبَ الْأَبُ الْبَيِّنَةَ بِقَوْلِهِ قَتَلَنِي فُلَانٌ كَمَا فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي مَسْأَلَةِ الْجُرْحِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمَيِّتُ لَا تُقْبَلُ أَيْضًا فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُورِثَ أَكْذَبَ الْبَيِّنَةَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنُوهُ تُقْبَلُ لِإِمْكَانِ تَعَدُّدِ الْجُرْحِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ أَمَّا فِي الِابْنِ الْآخَرِ فَيُقْبَلُ، وَإِنْ عَيَّنُوا؛ لِقِيَامِهَا عَلَى حِرْمَانِ الْإِرْثِ تَأَمَّلْ. (32) قَوْلُهُ: إلَّا فِي التَّرْجَمَةِ. فَإِنَّهَا تَدْخُلُ فِي الْحُدُودِ

[كتاب الوصايا]

لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ عَقَارِ الْيَتِيمِ 2 - عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ، 3 - وَمَنَعَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ أَيْضًا إلَّا فِي ثَلَاثَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ: إذَا بِيعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْوَصَايَا] قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ عَقَارِ الْيَتِيمِ. صُرِّحَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْمُنْتَقَى: أَنَّ بَيْعَهُ بَاطِلٌ وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ بَيْعُ الْأَبِ مَالَ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَاسِدٌ إجْمَاعًا، وَكَذَا شِرَاؤُهُ مَالَهُ لِنَفْسِهِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَتَمَامُهُ فِيهِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهُمْ يُطْلِقُونَ الْفَاسِدَ عَلَى الْبَاطِلِ انْتَهَى. (2) قَوْلُهُ: عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ. أَقُولُ: هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ عَقَارَ الْيَتِيمِ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ حَيْثُ نَقَلَا عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ مِنْ بَيْعِ الْوَصِيِّ عَقَارَ الْيَتِيمِ جَوَابُ السَّلَفِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي مَوَاضِعَ وَقَوْلُ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَرَادَ بِالْمُتَقَدِّمِينَ هُنَا مَا عَدَا السَّلَفَ بَعِيدٌ، وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَلَا يَبِيعُ وَصِيٌّ وَلَا يَشْتَرِي إلَّا فِيمَا يَتَغَابَنُ فِيهِ، وَإِطْلَاقُهُ مُشِيرٌ إلَى جَوَازِ بَيْعِ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ مَنْقُولًا كَانَ أَوْ عَقَارًا وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ، وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ: إنَّ بَيْعَ الْعَقَارِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَّا فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الَّتِي ذَكَرَهَا الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ: وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ عَقَارَهُ بَيْعًا جَائِزًا يَعْنِي بَيْعَ الْوَفَاءِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافَ مَنَافِعِهِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ سَمَرْقَنْدَ. وَعَنْ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِبْقَاءَ مِلْكِهِ مَعَ دَفْعِ الْحَاجَةِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ (انْتَهَى) وَفِي الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ بَعْدَ نَحْوِ ثَلَاثِ وَرَقَاتٍ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ إذَا بَاعَ عَقَارَ الصَّغِيرِ ثُمَّ رَأَى الْقَاضِي نَقْضَ الْبَيْعِ كَانَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَهُ إذَا رَآهُ خَيْرًا لِلصَّغِيرِ وَقَالَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ بَعْضًا مِنْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا بِنَحْوِ صَفْحَةٍ، وَذَكَرَ أَيْضًا فِي هَذَا الْفَصْلِ إذَا سَلَّمَ الْوَصِيُّ الْمَبِيعَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ لَا يَمْلِكُ اسْتِرْدَادَهُ. (3) قَوْلُهُ: وَمَنَعَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ أَيْضًا إلَّا فِي ثَلَاثٍ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ. أَقُولُ عِبَارَةُ

بِضِعْفِ قِيمَتِهِ، وَفِيمَا إذَا احْتَاجَ الْيَتِيمُ إلَى النَّفَقَةِ، وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ، 4 - وَفِيمَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْهُ. وَزِدْت أَرْبَعًا فَصَارَ الْمُسْتَثْنَى سَبْعًا؛ ثَلَاثٌ مِنْ الظَّهِيرِيَّةِ: 5 - فِيمَا إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ لَا نَفَاذَ لَهَا إلَّا مِنْهُ، وَفِيمَا إذَا كَانَتْ غَلَّاتُهُ لَا تَزِيدُ عَلَى مُؤْنَتِهِ، 6 - وَفِيمَا إذَا كَانَ حَانُوتًا أَوْ دَارًا يُخْشَى عَلَيْهِ النُّقْصَانُ (انْتَهَى) . وَالرَّابِعَةُ مِنْ بُيُوعِ الْخَانِيَّةِ؛ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَقَارُ فِي يَدِ مُتَغَلِّبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالزَّيْلَعِيِّ: وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ عَقَارِ الصَّغِيرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ يَرْغَبَ الْمُشْتَرِي فِيهِ بِضِعْفِ الثَّمَنِ أَوْ يَكُونَ لِلصَّغِيرِ حَاجَةٌ إلَى الثَّمَنِ. قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: وَبِهِ يُفْتَى انْتَهَى كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ. وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِمَذْهَبِ الْمُتَقَدِّمِينَ صَرِيحًا لَا بِنَفْيٍ وَلَا بِإِثْبَاتٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ يَقُولُونَ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا أَوْ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا، وَقَدْ صُرِّحَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ بِأَنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ قَائِلُونَ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا ثُمَّ إنَّ الزَّيْلَعِيَّ لَمْ يُقَيِّدْ بِكَوْنِهِ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ بَيْعِ الْعَقَارِ لَكِنْ قَيَّدَهُ الْبَزَّازِيُّ بِذَلِكَ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِخُصُوصِ النَّفَقَةِ بَلْ بِحَاجَةِ الصَّغِيرِ إلَى بَيْعِ الْعَقَارِ، وَنَصَّ عَلَى أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَمْ يَنُصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ فَتَنَبَّهْ عَلَى الْخَلَلِ وَفَّقَكَ اللَّهُ - تَعَالَى - لِلسَّدَادِ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَمِثْلُ الْوَصِيِّ الْأَبُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَقَارَ الصَّغِيرِ إلَّا فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا شَمْسُ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ مُحَمَّدٌ الْحَانُوتِيُّ. (4) قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ إلَخْ. قِيلَ: هَذَا إذَا كَانَ الْعَقَارُ مَوْرُوثًا أَمَّا إذَا كَانَ مِلْكًا لِلصِّغَارِ بِتَمْلِيكٍ مِنْ الْمَيِّتِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا. (5) قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ. أَيْ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِكَسْرٍ مِنْ الْكُسُورِ كَالنِّصْفِ وَالرُّبْعِ وَغَيْرِهِ، كَمَا إذَا أَوْصَى مَرِيضٌ لَهُ تِسْعُونَ دِرْهَمًا لِزَيْدٍ مِنْهَا بِثَلَاثِينَ وَعَمْرٍو بِسِتِّينَ. (6) قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا كَانَ حَانُوتًا إلَخْ. أَقُولُ: قُيِّدَ بِالنُّقْصَانِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ خَشِيَ عَلَيْهِ

وَخَافَ الْوَصِيُّ عَلَيْهِ فَلَهُ بَيْعُهُ (انْتَهَى) وَفِي الْمَجْمَعِ: وَيَضُمُّ الْقَاضِي إلَى الْعَاجِزِ مَنْ يُعِينُهُ، فَإِنْ شَكَا إلَيْهِ ذَلِكَ لَا يُجِيبُهُ حَتَّى يَتَحَقَّقَهُ، فَإِنْ ظَهَرَ عَجْزُهُ 7 - اسْتَبْدَلَ بِهِ 8 - وَإِنْ شَكَا مِنْهُ الْوَرَثَةُ لَا يَعْزِلُهُ حَتَّى تَظْهَرَ لَهُ خِيَانَةٌ (انْتَهَى) وَفِيهِ: وَبَيْعُ الْوَصِيِّ مِنْ الْيَتِيمِ أَوْ شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلصَّبِيِّ جَائِزٌ (انْتَهَى) . 9 - وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ النَّفْعِ فَقِيلَ نُقْصَانُ النِّصْفِ فِي الْبَيْعِ وَفِي الشِّرَاءِ بِزِيَادَةِ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَقِيلَ: دِرْهَمَانِ فِي الْعَشَرَةِ نُقْصَانٌ وَزِيَادَةٌ. وَتَمَامُهُ فِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ 10 - وَقِسْمَةُ الْوَصِيِّ، مَالًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّغِيرِ، تَجُوزُ إنْ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْهَلَاكَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ خَافَ هَلَاكَ الْعَقَارِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَلِي الْبَيْعَ يَعْنِي؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: قَضِيَّةُ الْحَانُوتِ وَالدَّارِ قَرِيبٌ مِنْ كَوْنِ الْغَلَّةِ لَا تَفِي بِالْمُؤْنَةِ؛ لِأَنَّ التَّرْمِيمَ مِنْ الْمُؤْنَةِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُعَدَّا شَيْئًا وَاحِدًا (7) قَوْلُهُ: اسْتَبْدَلَ بِهِ. أَيْ اسْتَبْدَلَ بِالْوَصِيِّ الَّذِي ظَهَرَ عَجْزُ غَيْرِهِ فَالْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَتْرُوكِ كَمَا فِي اسْتِبْدَالِ الرَّدِيءِ بِالْجَيِّدِ. (8) قَوْلُهُ: وَإِنْ شَكَا إلَخْ. أَقُولُ: سَيَأْتِي فِي الْوَرَقَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ أَنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَبِهِ يُفْتَى فَالْوَصِيُّ هُنَا يَنْصَرِفُ إلَى وَصِيِّ الْمَيِّتِ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ فِي إطْلَاقِهِ وَفِي الْأَبِ يُفْتَى. الرِّوَايَةُ أَنَّهُ يَمْلِكُ بَيْعَ مَالِهِ مِنْ ابْنِهِ وَشِرَاءَ مَالِ ابْنِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي (9) قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ النَّفْعِ إلَخْ. أَقُولُ الْمُفْتَى بِهِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ (10) قَوْلُهُ: وَقِسْمَةُ الْوَصِيِّ مَالًا مُشْتَرَكًا إلَخْ. أَمَّا قِسْمَةُ الْأَبِ تَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَفِيهَا: وَرَثَةٌ كِبَارٌ وَصِغَارٌ وَأَحَدُ الْكِبَارِ وَصِيٌّ

فِيهَا نَفْعٌ ظَاهِرٌ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي قِسْمَةِ الْقُنْيَةِ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: قَضَى وَصِيُّهُ دَيْنًا بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَلَمَّا كَبِرَ الْيَتِيمُ أَنْكَرَ دَيْنًا عَلَى أَبِيهِ ضَمِنَ وَصِيُّهُ مَا دَفَعَهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً. إذَا أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ، وَهُوَ الدَّفْعُ إلَى الْأَجْنَبِيِّ فَلَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ يَغْرَمُ لَهُ حِصَّتَهُ لِدَفْعِهِ بِاخْتِيَارِهِ بَعْضَ حَقِّهِ إلَى غَيْرِهِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ لِلْغَرِيمِ الْأَوَّلِ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّيْنِ يَضْمَنُ الْوَصِيُّ كُلَّ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ لِوُقُوعِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَصِيٌّ أَدَّى دَيْنًا فَأَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْلَا بَيِّنَةٌ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْوَرَثَةِ (انْتَهَى) فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُنَازِعُ لَهُ الْيَتِيمَ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ لَا، 11 - إلَّا فِي مَهْرِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا دَفَعَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَقَيَّدَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَلَى قَوْلٍ بِالْمُؤَجَّلِ عُرْفًا ـــــــــــــــــــــــــــــQفَأَرَادُوا قِسْمَةَ التَّرِكَةِ فَالْوَصِيُّ يَجْعَلُ نَصِيبَهُ مَعَ أَنْصِبَاءِ الصِّغَارِ، وَيُقَسِّمُ بَيْنَ الْكِبَارِ وَبَيْنَهُمْ ثُمَّ يَبِيعُ نَصِيبَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ يُقَسِّمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّغَارِ ثُمَّ يَشْتَرِي نَصِيبَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فَتُحَقَّقُ الْقِسْمَةُ بَيْنَ الْكُلِّ، وَلَمْ يُذْكَرْ تَفْسِيرُ الْمَنْفَعَةِ الظَّاهِرَةِ هُنَا، وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهَا فِي بَيْعِ الْوَصِيِّ مَالَهُ مِنْ الْيَتِيمِ أَوْ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ نَفْسِهِ (انْتَهَى) . أَقُولُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى بَيْعِ نَصِيبِهِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ شِرَائِهِ مِنْهُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ الْقَائِلِ بِعَدَمِ جَوَازِ الْقِسْمَةِ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَا (11) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَهْرِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَخْ. فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ بَابِ الْمَهْرِ: مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ فَادَّعَتْ الْمَهْرَ عَلَى وَرَثَتِهِ إنْ ادَّعَتْ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ صَحَّ، وَبَقِيَ النِّكَاحُ شَاهِدًا وَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِثْبَاتِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صِغَارٌ فَلَهَا أَنْ تَأْخُذَ قَدْرَ مَهْرِ مِثْلِهَا مِنْ التَّرِكَةِ وَإِنْ ادَّعَتْ الْوَرَثَةُ إبْرَاءً وَاسْتِيفَاءً فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ لَهُمْ، وَعَلَيْهَا

وَفِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ: وَلَوْ بَاعَ الْقَاضِي مِنْ وَصِيِّ الْمَيِّتِ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ بِثَمَنٍ لَا يَنْفُذُ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ بِهِ. 13 - وَالْوَصِيُّ لَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ الْقَاضِي لِنَفْسِهِ مِنْ الْوَصِيِّ الَّذِي نَصَّبَهُ عَنْ الْمَيِّتِ جَازَ (انْتَهَى) . وَفِي الْمُلْتَقَطِ: أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى الْمُوصَى فِي حَيَاتِهِ، وَهُوَ مُعْتَقَلُ اللِّسَانِ يَضْمَنُ، وَلَوْ أَنْفَقَ الْوَكِيلُ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ ادَّعَى الْوَصِيُّ بَعْدَ بُلُوغِ الْيَتِيمِ أَنَّهُ كَانَ بَاعَ عَبْدَهُ وَأَنْفَقَ ثَمَنَهُ صُدِّقَ إنْ كَانَ هَالِكًا وَإِلَّا لَا، كَذَا فِي دَعْوَى خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْيَمِينُ إذْن وَقَالَ الْفَقِيهُ إنْ كَانَ الزَّوْجُ نَهَى بِهَا تُمْنَعُ قَدْرَ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَعْجِيلِهِ، وَالْقَوْلُ لِلْوَرَثَةِ فِيهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ، وَإِنْ كَانَ شَاهِدًا عَلَى الْمَهْرِ لَكِنَّ الْعُرْفَ شَاهِدٌ عَلَى قَبْضِ بَعْضِهِ فَيُعْمَلُ بِهِمَا لَكِنْ إذَا صَرَّحَتْ بِعَدَمِ قَبْضِ شَيْءٍ فَالْقَوْلُ لَهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مُحْكَمٌ فِي الْوُجُوبِ وَالْمَوْتَ وَالدُّخُولَ مُحْكَمَانِ فِي التَّقَرُّبِ وَالْبِنَاءَ بِهَا غَيْرُ مُحْكَمٍ فِي الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ قَدْ يَتَخَلَّفُ عَنْهُ فَرَجَحَ الْمُحْكَمُ بِاعْتِقَادِ الْإِنْكَارِ، وَفِيهِ نَظَرٌ تَقِفُ عَلَيْهِ. وَذُكِرَ فِي الْمُغْنِي: تَزَوَّجَهَا عِنْدَ شَاهِدَيْنِ عَلَى مِقْدَارٍ، وَمَضَتْ عَلَيْهَا سُنُونَ وَوَلَدَتْ أَوْلَادًا ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ، وَطَلَبَتْ مِنْ الشُّهُودِ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ عَلَى ذَلِكَ الْمِقْدَارِ اسْتَحْسَنَ الْمَشَايِخُ عَدَمَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لِاحْتِمَالِ سُقُوطِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ بِالْإِبْرَاءِ أَوْ الْحَطِّ وَبِهِ أَفْتَى بُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ ثُمَّ رَجَعَ، وَأَفْتَى بِجَوَابِ الْكِتَابِ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي سَائِرِ الدُّيُونِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَمِنْ هَذَا تَعْلَمُ الْحُكْمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْبَعْضِ مُحْتَمَلٌ، وَكَذَا الْإِبْرَاءُ فَلَا يُعَارَضُ مُحْكَمَانِ (انْتَهَى) . فَكَيْفَ يَتَأَتَّى مَا نَقَلَهُ عَنْ الْخِزَانَةِ لِاحْتِمَالِ الْإِبْرَاءِ أَوْ الْحَطِّ أَوْ الدَّفْعِ خُصُوصًا، أَوْ مَالُ الْيَتِيمِ يُحْتَاطُ فِيهِ وَيُمْنَعُ حَمْلُهُ عَلَى قَوْلِ الْفَقِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا بِمُجَرَّدِ مَا ذُكِرَ إلَّا بَعْدَ التَّرَافُعِ كَذَا بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ (12) قَوْلُهُ: وَفِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ. يَعْنِي فِي بَابِ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ قُبَيْلَ بَابِ التَّحْكِيمِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا (13) قَوْلُهُ: وَالْوَصِيُّ لَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ. قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا كَانَ لَيْسَ لِلْيَتِيمِ فِيهِ نَفْعٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِيهِ نَفْعٌ فَيَجُوزُ الشِّرَاءُ لِنَفْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَجْمَعِ

وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ بِلَا بَيِّنَةٍ إلَّا فِي ثَلَاثٍ، فِي وَاحِدَةٍ اتِّفَاقًا وَهِيَ فِيمَا إذَا فَرَضَ الْقَاضِي نَفَقَةَ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ عَلَى الْيَتِيمِ فَادَّعَى الْوَصِيُّ الدَّفْعَ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مُعَلَّلًا بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ حَوَائِجِ الْيَتِيمِ وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا إذَا كَانَ مِنْ حَوَائِجِهِ (انْتَهَى) . فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ حَوَائِجِهِ. 15 - وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَبُولُ قَوْلِ النَّاظِرِ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ بِلَا بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِهِ فِي الْوَقْفِ، وَفِي اثْنَتَيْنِ اخْتِلَافٌ. لَوْ قَالَ: أَدَّيْت خَرَاجَ أَرْضِهِ، أَوْ جُعْلَ عَبْدِهِ الْآبِقِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا بَيَانَ عَلَيْهِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: عَلَيْهِ الْبَيَانُ، كَمَا فِي الْمَجْمَعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ مِنْ مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَإِنْ قَالَ قَاضٍ عُزِلَ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَصِيِّ بَعْدَ الْعَزْلِ (انْتَهَى) . وَاعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ قَبُولِ قَوْلِ الْوَصِيِّ بِلَا بَيِّنَةٍ فِي دَعْوَى الْإِنْفَاقِ هِيَ إحْدَى الْمَسَائِلِ الْعَشْرِ الَّتِي يُقْبَلُ فِيهَا الْقَوْلُ بِلَا يَمِينٍ وَتَقَدَّمَتْ فِي الْقَضَاءِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْقُنْيَةِ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْعَزْلِ. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى اخْتِلَافِ الْوَصِيِّ مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ كَبِرَ الصَّبِيُّ وَطَلَبَ مَالَهُ فَقَالَ الْوَصِيُّ: ضَاعَ مِنِّي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ بَعْدَ الْبُلُوغِ: أَنْفَقْتُ كَمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ، وَأَمَّا إذَا ادَّعَى عَلَى الْوَصِيِّ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ فَلَا يَحْلِفُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ وَارِثًا؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ كَمَا فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ وَفِي الْمُحِيطِ أَشْهَدَ الْوَصِيُّ عَلَى الْوَارِثِ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَنَّهُ اسْتَوْفَى مِنْهُ جَمِيعَ مَا كَانَ تَحْتَ يَدِهِ ثُمَّ ظَهَرَ عَيْنٌ فِي يَدِ الْوَصِيِّ بَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ، وَأَخْذُهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ. (15) قَوْلُهُ: وَلَا يَشْكُلُ عَلَيْهِ قَبُولُ قَوْلِ النَّاظِرِ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ إلَخْ. أَطْلَقَهُ وَقَيَّدَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ مُفْتِي السَّلْطَنَةِ السُّلَيْمَانِيَّةِ

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَصِيَّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: ادَّعَى قَضَاءَ دَيْنِ الْمَيِّتِ. الثَّانِيَةُ: ادَّعَى أَنَّ الْيَتِيمَ اسْتَهْلَكَ مَالَ آخَرَ فَدَفَعَ ضَمَانَهُ. 17 - الثَّالِثَةُ: ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى جُعْلَ عَبْدِهِ الْآبِقِ مِنْ غَيْرِ إجَارَةٍ. الرَّابِعَةُ: ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى خَرَاجَ أَرْضِهِ فِي وَقْتٍ لَا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ. الْخَامِسَةُ: ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَى مَحْرَمِ الْيَتِيمِ. السَّادِسَةُ: ادَّعَى أَنَّهُ أَذِنَ لِلْيَتِيمِ فِي الْإِجَارَةِ، وَأَنَّهُ رَكِبَتْهُ دُيُونٌ فَقَضَاهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمَا إذَا ادَّعَى الدَّفْعَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بِأَنْ وَقَفَ غَلَّةَ ضَيْعَتِهِ مَثَلًا عَلَى أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ فَقَبَضَ النَّاظِرُ الْغَلَّةَ وَادَّعَى تَقْسِيمَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَدَفْعَهُ لَهُمْ، أَمَّا إذَا ادَّعَى دَفْعَ وَظِيفَةِ الْإِمَامِ أَوْ الْخَطِيبِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهَا كَأُجْرَةٍ، وَهُوَ لَوْ ادَّعَى دَفْعَ أُجْرَةِ أَجِيرٍ اسْتَأْجَرَهُ لِلْوَقْفِ لَا تُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ هَكَذَا يُعْطِيهِ كَلَامُهُ عَلَى صُورَةِ اسْتِفْتَاءٍ رُفِعَ إلَيْهِ وَقَدْ قَرَأْته مِنْ خَطِّهِ وَلَا يَخْفَى ظُهُورُ مَدْرَكِهِ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِ الْمَشَايِخِ يُخَالِفُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ كَذَا بِخَطِّ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْغَزِّيِّ صَاحِبِ كِتَابِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الْجَوَابُ عَمَّا تَمَسَّكَ بِهِ الْعَلَّامَةُ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْإِجَارَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ فِيهَا شَوْبُ الْأُجْرَةِ، وَشَوْبُ الصِّلَةِ، وَشَوْبُ الصَّدَقَةِ وَيَلْزَمُ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الضَّمَانُ فِي الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ، وَالْمَالُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ، وَقَدْ ادَّعَى إيصَالَهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا، وَيَلْزَمُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي نَحْوِ الْخَطِيبِ وَالْإِمَامِ فِي أَنَّهُ أَدَّى وَظِيفَتَهُ؛ وَالْمُصَرَّحُ بِهِ خِلَافُهُ أَيْضًا، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ جَوَازَ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ بِتَوَالِي النَّاسِ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ، وَمَا ثَبَتَ لِلضَّرُورَةِ تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، وَهُوَ حِلُّ التَّنَاوُلِ، وَجَوَازُ الْأَخْذِ لَا فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ. (16) قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَصِيَّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَوْ ادَّعَى يَتِيمٌ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَنَّ بَيْعَ عَقَارِهِ بِغَيْرِ مُسَوِّغٍ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُسَوِّغَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْيَتِيمِ وَعَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّ الْيَتِيمَ يُنْكِرُ خُرُوجَهُ عَنْ مِلْكِهِ؛ إذْ بَيْعُهُ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ عِنْدَنَا بَاطِلٌ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ أَبًا أَوْ جَدًّا أَوْ وَصِيًّا مِنْ جَانِبِ الْأَبِ أَوْ الْقَاضِي، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ وَإِنْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ. (17) قَوْلُهُ: الثَّالِثَةُ ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى جُعْلَ عَبْدِهِ الْآبِقِ إلَخْ. أَقُولُ: هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

عَنْهُ. السَّابِعَةُ: ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ حَالَ غَيْبَةِ مَالِهِ، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ. 18 - الثَّامِنَةُ: ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَى رَقِيقِهِ الَّذِينَ مَاتُوا. التَّاسِعَةُ: اتَّجَرَ وَرَبِحَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُضَارِبًا. الْعَاشِرَةُ: ادَّعَى فِدَاءَ عَبْدِهِ الْجَانِي. الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: ادَّعَى قَضَاءَ دَيْنِ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ بَيْعِ التَّرِكَةِ قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهَا. الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: ادَّعَى أَنَّهُ زَوَّجَ الْيَتِيمَ امْرَأَةً وَدَفَعَ مَهْرَهَا مِنْ مَالِهِ وَهِيَ مَيِّتَةٌ. الْكُلُّ فِي فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ مِنْ الْوَصَايَا، وَذَكَرَ ضَابِطًا 19 - وَهُوَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيهِ وَمَا لَا فَلَا 20 - وَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يَبِيعَ مِنْ نَفْسِهِ وَيَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ إذَا كَانَ فِيهِ نَفْعٌ ظَاهِرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، وَأَمَّا وَصِيُّ الْقَاضِي ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا بَيَانٍ، وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَرُدَّهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُصَدَّقًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَرْجِيحٍ لِقَوْلِ أَحَدِهِمَا لَكِنْ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ أَنَّهُ يُقَدَّمُ قَوْلُ الْإِمَامِ ثُمَّ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ قَوْلُ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَمَدُ هُنَا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (18) قَوْلُهُ: الثَّامِنَةُ: ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَى رَقِيقِهِ إلَخْ. أَقُولُ: هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْعَبِيدَ لَوْ كَانُوا أَحْيَاءً فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ. (19) قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيهِ إلَخْ. أَقُولُ: أَطْلَقَهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا صَدَّقَهُ الظَّاهِرُ، وَلَمْ يُكَذِّبْهُ (20) قَوْلُهُ: وَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ إلَّا فِي مَسَائِلَ. أَقُولُ يُزَادُ عَلَى مَا هُنَا

فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ، وَهُوَ لَا يَعْقِدُ لِنَفْسِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مِنْ الْوَصَايَا. الثَّانِيَةُ: إذَا خَصَّهُ الْقَاضِي تَخَصَّصَ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ. الثَّالِثَةُ: إذَا بَاعَ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ لَمْ يَصِحَّ، بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ، وَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَذَكَرَ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ اسْتِوَاءَهُمَا فِي رِوَايَةٍ 21 - فِي الْأُولَى. الرَّابِعَةُ: لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يُؤَاجِرَ الصَّغِيرَ بِخِيَاطَةِ الذَّهَبِ وَسَائِرِ الْأَعْمَالِ، بِخِلَافِ وَصِيِّ الْقَاضِي كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. الْخَامِسَةُ: 22 - لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَعْزِلَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ الْعَدْلَ الْكَافِيَ، وَلَهُ عَزْلُ وَصِيِّ الْقَاضِي كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. خِلَافًا لِمَا فِي الْيَتِيمَةِ. السَّادِسَةُ: 23 - لَا يَمْلِكُ وَصِيُّ الْقَاضِي الْقَبْضَ إلَّا بِإِذْنٍ مُبْتَدَأٍ مِنْ الْقَاضِي بَعْدَ الْإِيصَاءِ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ. السَّابِعَةُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ وَهُوَ الْوَصِيُّ إذَا نَصَّبَهُ الْقَاضِي وَعَيَّنَ لَهُ أَجْرَ الْمِثْلِ جَازَ وَأَمَّا وَصِيُّ الْمَيِّتِ فَلَا أَجْرَ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ (انْتَهَى) . وَقَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ فِي قَاضِي خَانْ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَأَمَّا وَصِيُّ الْقَاضِي فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. (21) قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى. أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَهُوَ بَيْعُ مَالِ الْقَاضِي مِنْ نَفْسِهِ وَشِرَائِهِ مِنْ نَفْسِهِ. أَقُولُ فَلَوْ اشْتَرَى هَذَا الْوَصِيُّ مِنْ الْقَاضِي أَوْ بَاعَ جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَزَّازِيُّ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ. (22) قَوْلُهُ: لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَعْزِلَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ إلَخْ. يَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُ عَدَمُ الْحِلِّ أَوْ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا. (23) قَوْلُهُ: لَا يَمْلِكُ وَصِيُّ الْقَاضِي الْقَبْضَ إلَى قَوْلِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الَّذِي فِي

يُعْمَلُ نَهْيُ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ، وَلَا يُعْمَلُ نَهْيُ الْمَيِّتِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى قَبُولِ التَّخْصِيصِ وَعَدَمِهِ. الثَّامِنَةُ: وَصِيُّ الْقَاضِي إذَا جَعَلَ وَصِيًّا عِنْدَ مَوْتِهِ لَا يَصِيرُ الثَّانِي وَصِيًّا بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْيَتِيمَةِ. وَفِي الْخِزَانَةِ: وَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّهِ إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ عَامَّةً (انْتَهَى) . وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ 25 - تَبَرُّعُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إنَّمَا يَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ إلَّا فِي تَبَرُّعِهِ بِالْمَنَافِعِ فَإِنَّهُ نَافِذٌ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَذَا فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخُلَاصَةِ فِي الْجِنْسِ الثَّانِي. (مَحْضَرٌ) ادَّعَى عَلَى آخَرَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِهِ مِلْكُ هَذَا الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مِلْكَ وَالِدِهِ اشْتَرَاهَا مِنْ نَفْسِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَهُوَ مِثْلُ قِيمَةِ الدَّارِ وَأَبْرَأهُ عَنْ الثَّمَنِ وَمَاتَ أَبُوهُ، وَالدَّارُ مِلْكُ الصَّغِيرِ وَالْخَلَلُ مِنْ وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الْقَاضِيَ أَذِنَ لَهُ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ عَلَى مَا تَبَيَّنَ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَمْ يُقَيَّدْ الْوَصِيُّ بِوَصِيِّ الْقَاضِي كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ. يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الْقَاضِيَ أَذِنَ لَهُ بِالْقَبْضِ وَالْخُصُومَةِ يَعْنِي حِينَ نَصَّبَهُ وَصِيًّا. (24) قَوْلُهُ: يُعْمَلُ نَهْيُ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ. الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ نَهْيُ الْقَاضِي وَصِيَّ الْقَاضِي لَا وَصِيَّ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ الْفَرْقِ بَيْنَ وَصِيِّ الْقَاضِي وَوَصِيِّ الْمَيِّتِ (25) قَوْلُهُ: تَبَرُّعُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إلَخْ. أَقُولُ: فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا مِنْ أَحْكَامِ الْمَرَضِ، وَأَمَّا الْمَرِيضُ فَتُعْتَبَرُ أَحْكَامُهُ فِي هِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَمُحَابَاةٍ فِي بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ عِتْقٍ عَلَى مَالٍ مِنْ الثُّلُثِ وَلَا يَجُوزُ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ، وَقَالَ فِي الْمُنْتَقَى وَتَنْفُذُ مِنْ الثَّلَاثِ أَرْبَعَةٌ: أَحَدُهَا وَصَايَاهُ كُلُّهَا، وَالثَّانِي: جِنَايَاتُهُ فِي مَرَضِهِ وَالرَّابِعُ مُحَابَاتُهُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَالْمُهُورِ (انْتَهَى) . وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ.

وَصَايَا الْفَتَاوَى الصُّغْرَى، وَظَاهِرُ مَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ مِنْ الْوَصَايَا يُخَالِفُهُ. وَصَوَّرَهَا الزَّيْلَعِيُّ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ بِأَنَّ الْمَرِيضَ أَعَارَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ. وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ: أَنَّهُ إذَا أَجَّرَ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ مِنْ الْجَمِيعِ. وَقَالَ الطَّرَسُوسِيُّ: إنَّهَا خَالَفَتْ الْقَوَاعِدَ. وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، 26 - فَإِنَّ الْإِعَارَةَ وَالْإِجَارَةَ تَبْطُلَانِ بِمَوْتِهِ فَلَا إضْرَارَ عَلَى الْوَرَثَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلِانْفِسَاخِ. 27 - وَفِي حَيَاتِهِ لَا مِلْكَ لَهُمْ فَافْهَمْ 28 - إذَا أُبْرِئَ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَلَمْ يَجِبْ بِعَقْدِهِ لَمْ يَصِحَّ. وَإِلَّا صَحَّ وَضَمِنَ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ؛ لَوْ كَاتَبَ الْوَصِيُّ عَبْدَ الْيَتِيمِ ثُمَّ أَبْرَأَهُ مِنْ الْبَدَلِ لَمْ يَصِحَّ. كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ كَالْوَصِيِّ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنَّ الْإِعَارَةَ وَالْإِجَارَةَ تَبْطُلَانِ بِمَوْتِهِ، قِيلَ فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ قَدْ يَتَحَقَّقُ الْإِضْرَارُ بِالْوَرَثَةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَمَا لَوْ آجَرَ مَا أُجْرَتُهُ مِائَةٌ مَثَلًا بِأَرْبَعِينَ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَطَالَ مَرَضُهُ بِقَدْرِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَأَكْثَرَ بِحَيْثُ اسْتَوْفَى الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنَافِعَ فِي مُدَّةِ إجَارَتِهِ بِالْقَدْرِ الَّذِي جَابَى بِهِ وَهُوَ سِتُّونَ، وَالْقِيَاسُ: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ زَادَ طُولِبَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْقَدْرِ الزَّائِدِ، وَإِذَا نَفَذَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَانَ إضْرَارًا بِالْوَرَثَةِ كَمَا تَرَى، وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْإِعَارَةِ، كَمَا يَظْهَرُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ الصَّادِقِ، وَانْفِسَاخُ الْإِعَارَةِ بِمَوْتِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ تَحَقُّقِ الْإِضْرَارِ لِلْوَرَثَةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ. (27) قَوْلُهُ: وَفِي حَيَاتِهِ لَا مِلْكَ لَهُمْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَحِينَئِذٍ لَا اسْتِثْنَاءَ (28) قَوْلُهُ: إذَا أُبْرِئَ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إبْرَاءُ الْوَصِيِّ، وَلَا الْمُتَوَلِّي، وَلَوْ كَانَ وَجَبَ بِعَقْدِهِ وَتِلْكَ الرِّوَايَةُ تُؤَيِّدُهُ

الْإِشَارَةُ مِنْ النَّاطِقِ بَاطِلَةٌ فِي وَصِيَّةٍ وَغَيْرِهَا إلَّا فِي الْإِفْتَاءِ وَالْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ وَالْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ كَذَا فِي التَّلْقِيحِ. وَاخْتَلَفُوا فِي وَصِيَّةِ مُعْتَقَلِ اللِّسَانِ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ، وَالْفَتْوَى عَلَى صِحَّتِهَا إنْ دَامَتْ الْعُقْلَةُ إلَى الْمَوْتِ، وَإِلَّا بَطَلَتْ لَيْسَ لِلْقَاضِي عَزْلُ الْوَصِيِّ الْعَدْلِ الْكَافِي فَإِنْ عَزَلَهُ كَانَ جَائِرًا آثِمًا، كَمَا فِي الْمُحِيطِ 30 - وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ عَزْلِهِ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى الصِّحَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ، لَكِنْ 31 - يَجِبُ الْإِفْتَاءُ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَأَمَّا عَزْلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْإِشَارَةُ مِنْ النَّاطِقِ بَاطِلَةٌ فِي وَصِيَّةٍ وَغَيْرِهَا إلَّا فِي الْإِفْتَاءِ إلَخْ. أَقُولُ يُسْتَثْنَى الْأَمَانُ فَإِنَّ الْإِشَارَةَ فِيهِ مُعْتَبَرَةٌ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى التَّوْسِعَةِ وَلِذَا يَثْبُتُ بِالتَّعْرِيضِ وَالدَّلَالَةِ كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا الْإِشَارَةُ مِنْ الْمُحْرِمِ إلَى قَتْلِ صَيْدِ الْحَرَمِ فَإِنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ حَتَّى يَجِبَ الْجَزَاءُ عَلَى الْمُحْرِمِ إذَا أَشَارَ إلَى صَيْدٍ وَمِمَّا خَرَجَ عَنْ هَذَا الضَّابِطِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي أَحْكَامِ السُّكُوتِ إذَا حَلَفَ لَا يُظْهِرُ سِرَّ فُلَانٍ أَوْ لَا يُفْشِي أَوْ لَا يُعْلِمُ سِرَّ فُلَانٍ أَوْ حَلَفَ لَيَكْتُمَنَّ سِرَّهُ أَوْ لَيُخْفِيَنَّهُ أَوْ حَلَفَ لَا يَدُلُّهُ عَلَى فُلَانٍ، فَأَخْبَرَهُ بِالْكِتَابَةِ أَوْ بِرِسَالَةٍ أَوْ بِكَلَامٍ أَوْ سَأَلَ فُلَانٌ أَكَانَ سِرُّ فُلَانٍ كَذَا أَوْ كَانَ فُلَانٌ بِمَكَانِ كَذَا فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَيْ نَعَمْ حَنِثَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ. وَكَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَسْتَخْدِمُ فُلَانًا فَأَشَارَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْخِدْمَةِ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ خَدَمَهُ فُلَانٌ أَوْ لَمْ يَخْدُمْهُ (انْتَهَى) وَإِنَّمَا حَنِثَ لِلْعُرْفِ؛ إذْ الْأَيْمَانُ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ، وَهُوَ فِي الْعُرْفِ يَكُونُ بِذَلِكَ مُظْهِرًا سِرَّهُ وَمُفْشِيَهُ وَمُعْلِمًا بِهِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ هَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي خُرُوجِهَا عَنْ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ (30) قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ عَزْلِهِ إلَخْ. رَاجِعْ مِنَحَ الْغَفَّارِ تَجِدْ مَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ. (31) قَوْلُهُ: يَجِبُ الْإِفْتَاءُ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. إلَخْ عِبَارَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ

الْخَائِنِ فَوَاجِبٌ. وَأَمَّا الْعَاجِزُ فَيُضَمُّ إلَيْهِ آخَرُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. وَالْعَدْلُ الْكَافِي لَا يَمْلِكُ عَزْلَ نَفْسِهِ وَالْحِيلَةُ فِيهِ شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَجْعَلَهُ الْمَيِّتُ وَصِيًّا عَلَى أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ مَتَى شَاءَ. 32 - الثَّانِي أَنْ يَدَّعِيَ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَيَتَّهِمَهُ الْقَاضِي فَيُخْرِجَهُ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: الْقَاضِي إذَا اتَّهَمَ الْوَصِيَّ لَا يُخْرِجُهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنَّمَا يَضُمُّ إلَيْهِ آخَرَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُخْرِجُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. الْمُعْتَقُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ كَالْمُكَاتَبِ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ، فَلَوْ عَتَقَ عَبْدُهُ فِيهِ فَقَتَلَ مَوْلَاهُ خَطَأً فَعَلَيْهِ قِيمَتَانِ يَسْعَى فِيهِمَا، وَاحِدَةٌ لِلْإِعْتَاقِ فِيهِ لِكَوْنِهِ وَصِيَّةً وَلَا وَصِيَّةَ لِلْقَاتِلِ، وَأُخْرَى، وَهِيَ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دِيَةِ الْمَقْتُولِ لِجِنَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ إذَا جَنَى خَطَأً، وَلَوْ شَهِدَ فِي زَمَنِ السِّعَايَةِ لَمْ تُقْبَلْ كَمَا فِي شَهَادَاتِ الصُّغْرَى. وَالْمُدَبَّرُ بَعْدَ مَوْتِ مَوْلَاهُ كَالْمُعْتَقِ فِي زَمَنِ الْمَرَضِ، فَلَوْ قُتِلَ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ خَطَأً كَانَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ، وَعِنْدَهُمَا الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَهِيَ مِنْ جِنَايَاتِ الْمَجْمَعِ. وَصُرِّحَ أَيْضًا فِي الْكَافِي قُبَيْلَ الْقَسَامَةِ بِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَقُولُ الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ؛ لِأَنَّهُ نُكُوصٌ وَهُوَ أَشْفَقُ بِنَفْسِهِ مِنْ الْقَاضِي فَكَيْفَ يَعْزِلُهُ؟ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِهِ لِفَسَادِ الْقُضَاةِ. (32) قَوْلُهُ: الثَّانِي أَنْ يَدَّعِيَ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ إلَخْ. أَقُولُ فِيهِ أَنَّهُ ذُكِرَ فِي الْخَانِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْخَصَّافِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَجْعَلُ لِلْمَيِّتِ وَصِيًّا فِي مِقْدَارِ الدَّيْنِ الَّذِي يَدَّعِي بِهِ خَاصَّةً وَلَا يَخْرُجُ الْوَصِيُّ عَنْ الْوِصَايَةِ وَبِهِ أَخَذَ الْمَشَايِخُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا مَا إذَا كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّيْنِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَمْ يُبْرِئْ الْمَيِّتَ فَيُخْرِجْهُ الْقَاضِي لِلتُّهْمَةِ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْمُفْتَى بِهِ مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا اتَّهَمَ الْوَصِيَّ يُخْرِجُهُ فَيُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ عَلَى هَذَا.

الْمُدَبَّرَ فِي زَمَنِ سِعَايَةٍ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ، وَحُرٌّ مَدْيُونٌ عِنْدَهُمَا، وَكَذَا لَوْ مَاتَ وَتَرَكَ مُدَبَّرًا لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ، فَقَتَلَ هَذَا الْمُدَبَّرُ رَجُلًا خَطَأً فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ، عِنْدَهُ كَالْمُكَاتَبِ، وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ الدِّيَةُ (انْتَهَى) . وَعَلَى هَذَا لَيْسَ لِلْمُدَبَّرَةِ أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا زَمَنَ سِعَايَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا تُزَوِّجُ نَفِسَهَا. وَعِنْدَهُمَا لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ وَقَدْ أَفْتَيْتُ بِهِ. الْقَاضِي لَا يَعْزِلُ وَصِيَّ الْمَيِّتِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ، 33 - فِيمَا إذَا ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ، أَوْ تَصَرَّفَ فِي مَا لَا يَجُوزُ عَالِمًا مُخْتَارًا. أَوْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ، وَلَكِنْ فِي هَذِهِ يَقُولُ لَهُ: إمَّا أَنْ تُبْرِئَ الْمَيِّتَ أَوْ عَزَلْتُك 34 - وَلَا يُنَصِّبُ وَصِيًّا غَيْرَهُ مَعَ وُجُودِهِ إلَّا إذَا غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً أَوْ أَقَرَّ لِمُدَّعِي الدَّيْنِ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا فِيمَا إذَا ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ. فَحِينَئِذٍ لَا عِبْرَةَ بِكَوْنِهِ وَصِيَّ الْمَيِّتِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَكَذَا إذَا عَرَفَ الْقَاضِي عَجْزَهُ وَكَثْرَةَ إشْغَالِهِ (34) قَوْلُهُ: وَلَا يُنَصِّبُ وَصِيًّا غَيْرَهُ مَعَ وُجُودِهِ إلَّا إذَا غَابَ إلَخْ. قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ مَاتَ، وَقَدْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَجَاءَ رَجُلٌ يَدَّعِي دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ، وَالْوَصِيُّ غَائِبٌ يُنَصِّبُ الْقَاضِي خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ حَتَّى يُخَاصِمَ الْغَرِيمَ لِيَصِلَ إلَى حَقِّهِ (انْتَهَى) . وَهُوَ مُخَالِفٌ؛ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ الْغَيْبَةَ غَيْرُ مُنْقَطِعَةٍ فِي مَسْأَلَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالْمُرَادُ بِالْغَيْبَةِ أَنْ تَكُونَ فِي بَلْدَةٍ لَا تَصِلُ إلَيْهَا الْقَوَافِلُ، وَقَدْ أَفْتَيْت فِي وَصِيِّ مُخْتَارٍ غَابَ بِمَكَّةَ لِلْمُجَاوِرَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُنَصِّبُ وَصِيًّا، وَفِي الْيَتِيمَةِ لَوْ غَابَ الْوَصِيُّ فَبَاعَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ تَرِكَتَهُ، وَقَضَى دَيْنَهُ، وَأَنْفَذَ وَصَايَاهُ الْبَيْعُ فَاسِدٌ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي انْتَهَى. وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنْ لِلْمَيِّتِ وَصِيًّا، وَالْوَصِيُّ غَائِبٌ فَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَالْوَصِيُّ هُوَ وَصِيُّ الْمَيِّتِ دُونَ وَصِيِّ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ اتَّصَلَ بِهِ اخْتِيَارُ الْمَيِّتِ كَمَا إذَا كَانَ الْقَاضِي عَالِمًا

لَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ بَيْعَ شَيْءٍ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَوْصَى بِبَيْعِ عَبْدِهِ مِنْ فُلَانٍ 36 - فَلَمْ يَرْضَ الْمُوصَى لَهُ لِلْفُقَرَاءِ وَهُنَاكَ وَصِيٌّ لَمْ يَجُزْ، وَيَأْخُذُ الْوَصِيُّ الثُّلُثَ مَرَّةً أُخْرَى وَيَتَصَدَّقُ بِهِ. كَمَا فِي الْقُنْيَةِ 37 - الْوَصِيُّ يَمْلِكُ الْإِيصَاءَ سَوَاءٌ كَانَ وَصِيُّ الْقَاضِي أَوْ الْمَيِّتِ فِيهَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. الْوَصِيُّ إذَا خَلَطَ مَالَ الصَّغِيرِ بِمَالِهِ لَمْ يَضْمَنْ مِنْهَا أَيْضًا. لِلْوَصِيِّ إطْلَاقُ غَرِيمِ الْيَتِيمِ مِنْ الْحَبْسِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا لَا إنْ كَانَ مُوسِرًا 38 - لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَعَ وُجُودِ وَصِيَّةٍ، وَلَوْ كَانَ مَنْصُوبَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ بَيْعَ شَيْءٍ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهَلْ إذَا بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ يَسُوغُ مِنْهُ الدَّعْوَى قَالَ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْأَبِ إنَّهُ لَا يَجُوزُ بَلْ يُنَصِّبُ الْقَاضِي مَنْ يَدَّعِي (انْتَهَى) قَبْلُ، وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْإِجَارَةُ. (36) قَوْلُهُ: فَلَمْ يَرْضَ الْمُوصَى لَهُ. أَيْ لَمْ يَرْضَ الْمُوصَى لَهُ بِالْبَيْعِ بِشِرَائِهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ (37) قَوْلُهُ: الْوَصِيُّ يَمْلِكُ الْإِيصَاءَ إلَى قَوْلِهِ: فِيهَا أَيْ الْقُنْيَةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي إنَّمَا يَمْلِكُ الْإِيصَاءَ إذَا كَانَتْ الْوِصَايَةُ عَامَّةً (38) قَوْلُهُ: لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَعَ وُجُودِ وَصِيَّةٍ وَلَوْ كَانَ مَنْصُوبَهُ. أَقُولُ: وَكَذَا لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي الْوَقْفِ مَعَ وُجُودِ مُتَوَلِّيهِ، وَلَوْ مَنْصُوبَهُ كَمَا فِي لِسَانِ الْحُكَّامِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ فِي بَابِ الْوَقْفِ وَنَصُّهُ: وَمِنْهَا وَاقِعَةُ الْفَتْوَى فِي وَظِيفَةِ ابْنِ الْعَطَّارِ تَقَرَّرَ فِيهَا بَعْضُ الْقُضَاةِ بِمَرْسُومٍ مِنْ السُّلْطَانِ، وَبَعْضُ الطَّلَبَةِ بِتَقْرِيرٍ مِنْ النَّاظِرِ أَجَابَ فِي ذَلِكَ بَعْضَ الْمُفْتِينَ بِأَنَّ لِلْإِمَامِ النَّظَرَ الْعَامَّ وَأَجَابَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِمَا لَا نَاظِرَ لَهُ يَخُصُّهُ؛ فَقَدْ قَالَ فِي فَتَاوَى الْوَبَرِيِّ: لَا تَدْخُلُ وِلَايَةُ السُّلْطَانِ عَلَى

كَمَا فِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ. 40 - لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى وَلِيمَةِ خِتَانِ الْيَتِيمِ إذَا كَانَ مُتَعَارَفًا لَا سَرَفَ فِيهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ إذْنَ الْقَاضِي، وَقِيلَ: يَضْمَنُ مُطْلَقًا. كَذَا فِي غَصْبِ الْيَتِيمَةِ. الْقَاضِي إذَا أَقَامَ قَيِّمًا لِعَجْزِ الْوَصِيِّ لَا يَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ، وَإِنْ أَقَامَهُ مَقَامَ الْأَوَّلِ انْعَزَلَ. كَذَا فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ، 41 - إذَا مَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ 42 - أَقَامَ الْقَاضِي الْحَيَّ وَصِيًّا أَوْ ضَمَّ إلَيْهِ آخَرُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQوِلَايَةِ الْمُتَوَلِّي فِي الْوَقْفِ (انْتَهَى) . وَقَدْ بَحَثَهُ الْمُصَنِّفُ فِي قَاعِدَةِ الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ أَقْوَى مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ. (39) قَوْلُهُ: كَمَا فِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ فِي بَابِ بَيْعِ الْأَبِ وَالْأُمِّ (40) قَوْلُهُ: لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى وَلِيمَةِ خِتَانِ الْيَتِيمِ إلَخْ. وَأَمَّا إذَا أَنْفَقَ فِي بَابِ الْقَاضِي فِي خُصُومَةِ مَالِ الصَّغِيرِ فَذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي إجَارَةٍ وَذَكَرَ أَنَّهُ يَجُوزُ بِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ رِشْوَةً وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا فِي الْفَصْلِ الثَّانِي: لِنَفَقَةِ الْوَصِيِّ عَلَى بَابِ الْقَاضِي مَا أَعْطَى عَلَى وَجْهِ الرِّشْوَةِ لَا عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ إذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ (انْتَهَى) . وَفِي الْيَتِيمَةِ نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ الْوَصِيُّ إذَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى بَابِ الْقَاضِي فِي خُصُومَةٍ كَانَتْ عَلَى الصَّغِيرِ أَوْ لَهُ قَالَ ابْنُ الْفَضْلِ: مَا أَعْطَى الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ لَا يَضْمَنُ مِقْدَارَ أَجْرِ الْمِثْلِ، وَمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الرِّشْوَةِ يَكُونُ ضَامِنًا (انْتَهَى) . وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ السَّادِسِ فِي تَصَرُّفِ الْوَصِيِّ: الْوَصِيُّ إذَا أَنْفَذَ الْوَصِيَّةَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَرْجِعُ فِي الْمُخْتَارِ (انْتَهَى) . وَهِيَ حَادِثَةُ الْفَتْوَى، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَهُ مَقَامَ الْأَوَّلِ انْعَزَلَ كَذَا فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَعْزِلُ وَصِيَّ الْمَيِّتِ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ فَيَجِبُ التَّعْوِيلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (41) قَوْلُهُ: إذَا مَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ أَيْ الْمُخْتَارَيْنِ لِلْمَيِّتِ. (42) قَوْلُهُ: أَقَامَ الْقَاضِي الْحَيَّ وَصِيًّا إلَخْ. أَيْ أَبْقَاهُ عَلَى وِصَايَتِهِ وَحْدَهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ أَوْ ضَمَّ إلَيْهِ آخَرُ.

وَلَا تَبْطُلُ 44 - إلَّا إذَا أَوْصَى لَهُمَا بِالتَّصَدُّقِ بِالثُّلُثِ فَيَضَعَانِهِ حَيْثُ شَاءَا كَذَا فِي الْخِزَانَةِ وَفِي الثَّانِي خِلَافٌ. الْوَصِيُّ إذَا أَبْرَأَ عَمَّا وَجَبَ بِعَقْدِهِ صَحَّ، وَيَضْمَنُ إلَّا إذَا أَبْرَأَ مَنْ كَاتَبَهُ عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَكَذَا الْوَكِيلُ وَالْأَبُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. الْغُلَامُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَبُوهُ حَائِكًا فَلَيْسَ لِمَنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ تَعْلِيمُهُ الْحِيَاكَةَ؛ لِأَنَّهُ يُعَيَّرُ بِهَا 45 - وَلِلْأُمِّ وِلَايَةُ إجَارَةِ ابْنِهَا، وَلَوْ كَانَ فِي حِجْرِ عَمَّتِهِ. قَالَ الْقَاضِي: جَعَلْتُكَ وَكِيلًا فِي تَرِكَةِ فُلَانٍ كَانَ وَكِيلًا بِالْحِفْظِ لَا غَيْرُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا تَبْطُلُ أَيْ الْوِصَايَةُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ. (44) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَوْصَى لَهُمَا بِالتَّصَدُّقِ بِالثُّلُثِ إلَخْ. أَيْ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ رَضِيَ بِأَمَانَتِهِمَا، وَقَدْ عَدِمَ ذَلِكَ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا هَكَذَا ظَهَرَ لِي، وَبِهِ سَقَطَ مَا قِيلَ لَا يَظْهَرُ وَجْهُ الْبُطْلَانِ (45) قَوْلُهُ: وَلِلْأُمِّ وِلَايَةُ إجَارَةِ ابْنِهَا إلَخْ. أَقُولُ: وَكَذَا لِلْوَصِيِّ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ وَإِذَا أَجَّرَ الْوَصِيُّ الصَّبِيَّ فِي عَمَلٍ مِنْ الْأَعْمَالِ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ بَلَغَ فَلَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ الَّتِي عَقَدَهَا عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ الَّتِي عَقَدَهَا فِي مَالِهِ ذَكَرَهُ فِي الْوَصَايَا، وَفِي الْإِجَارَاتِ أَيْضًا بِصِيغَةِ: وَلَوْ أَجَّرَ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ أَوْ وَصِيُّهُمَا الصَّغِيرَ ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ مَضَى عَلَى الْإِجَارَةِ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ. فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا أَجَّرُوا عَبْدَ الصَّغِيرِ ثُمَّ بَلَغَ الصَّغِيرُ حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ وِلَايَةُ الْفَسْخِ (انْتَهَى) . وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ لِلْمُوصَى أَنْ يُؤَاجِرَ الصَّغِيرَ لِخِيَاطَةِ الذَّهَبِ وَسَائِرِ الْأَعْمَالِ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْقَاضِي، فَعَلَى هَذَا الْمُرَادُ بِالْوَصِيِّ الَّذِي يُؤَجِّرُ الصَّبِيَّ وَصِيُّ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ لَا وَصِيُّ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَقِيَ أَنَّهُ لَوْ نَصَّبَ الْقَاضِي وَصِيًّا عَلَى الْيَتِيمِ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْوَقْفِ هَلْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الْوَقْفِ كَمَا يَتَصَرَّفُ وَصِيُّ الْمَيِّتِ لِلْوَقْفِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْوَقْفِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ وَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنَّهُ لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَسْتَثْنُوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَتَدَبَّرْ

وَلَوْ زَادَ تَشْتَرِي وَتَبِيعُ كَانَ وَكِيلًا فِيهِمَا، وَلَوْ قَالَ: جَعَلْتُك وَصِيًّا فِي تَرِكَةِ فُلَانٍ كَانَ وَصِيًّا فِي الْكُلِّ. إذَا مَاتَ الْمُوصِي خَرَجَ الْمُوصَى بِهِ عَنْ مِلْكِهِ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ أَحَدٍ حَتَّى يَقْبَلَ الْمُوصَى لَهُ فَيَدْخُلَ فِي مِلْكِهِ أَوْ يَرُدَّ فَيَدْخُلَ فِي مِلْكِ الْوَرَثَةِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ 47 - أَوْصَى إلَى رَجُلٍ ثُمَّ إلَى آخَرَ فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي كُلِّهِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. قَضَى الْوَصِيُّ الدَّيْنَ ثُمَّ ظَهَرَ آخَرُ ضَمِنَ لَهُ حِصَّتَهُ 48 - إلَّا إذَا قَضَى بِأَمْرِ الْقَاضِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ زَادَ تَشْتَرِي وَتَبِيعُ كَانَ وَكِيلًا فِيهِمَا. أَقُولُ: وَهَلْ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ بِكُلِّ مَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ كَمَا فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفِيهِ: لَوْ بَلَغَ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ الْوَكِيلُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ، وَبِمَوْتِ الْوَصِيِّ يَنْعَزِلُ وَكِيلُهُ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الصَّبِيُّ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ (47) قَوْلُهُ: أَوْصَى إلَى رَجُلٍ ثُمَّ إلَى آخَرَ إلَخْ. فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا يُقَيِّدُهُ حَيْثُ قَالَ فِي أَوَّلِ نَوْعٍ: آخِرُ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ لَا يَنْفَرِدُ إلَخْ. وَفِيمَا عَدَاهُ لَا يَنْفَرِدُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِلثَّانِي سَوَاءٌ أَوْصَى لَهُمَا مَعًا أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ فِي الْأَصَحِّ (انْتَهَى) . وَأَمَّا إذَا وَلَّى السُّلْطَانُ الْقَضَاءَ شَخْصًا ثُمَّ وَلَّى آخَرَ فَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ فِي قَوْلِهِ: وَلَا يَتَصَرَّفُ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ، وَأَمَّا لَوْ جَعَلَ وِلَايَةَ الْوَقْفِ لِرَجُلٍ ثُمَّ جَعَلَ آخَرَ وَصِيَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا لِلْمُتَوَلِّي فِي أَمْرِ الْوَقْفِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الثَّانِي مِنْ الْمَوَاضِعِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي الْكَلَامُ عَلَى النَّاظِرِ فِيهَا، وَذَكَرَ فِي آخِرِ الثَّالِثِ مَا إذَا نَصَّبَ الْقَاضِي وَصِيًّا ثُمَّ نَصَّبَ غَيْرَهُ (48) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَضَى بِأَمْرِ الْقَاضِي. يَعْنِي فَلَا يَضْمَنُ لَهُ حِصَّتَهُ، وَيَبِيعُ الْإِرْثَ إنْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ أُخْرَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُشَارِكُهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَصِيُّ الْمَيِّتِ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ بِشُهُودٍ جَازَ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ، وَإِنْ قَضَى دَيْنَ الْبَعْضِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي كَانَ ضَامِنًا لِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ قَضَى بِأَمْرِ الْقَاضِي دَيْنَ الْبَعْضِ لَا يَضْمَنُ، وَالْغَرِيمُ الْأَوَّلُ يُشَارِكُ الْآخَرَ فِيمَا قَبَضَ (انْتَهَى) . وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ مِنْ

أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى الْيَتِيمِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابِ الْوَكَالَةِ: وَلِلْوَصِيِّ قَضَاءُ الدَّيْنِ الظَّاهِرِ مِنْ مَالِهِ وَيَرْجِعُ، وَكَذَا الْوَارِثُ وَيُصَدَّقُ أَنَّهُ قَضَى وَكَذَا شِرَاءُ الْكَفَنِ وَالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ لِلصَّغِيرِ وَأَدَاءُ الْخَرَاجِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ يُطَالَبُ بِهِ فَلَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا. وَفِي الشَّافِي: فَإِنْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ فَإِنْ كَانَ الْوَصِيُّ قَضَى بِقَضَاءٍ لَمْ يَضْمَنْ، وَيُشَارِكُ الْقَابِضَ بِحِصَّتِهِ، وَإِنْ قَضَى بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَلِلْغَرِيمِ الْخِيَارُ أَنْ يَتْبَعَ الْقَابِضَ أَوْ يَضْمَنَ الْوَصِيَّ (49) قَوْلُهُ: أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى الْيَتِيمِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ إلَخْ. فِي الْخُلَاصَةِ: وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى الْوَصِيُّ طَعَامًا لِلنَّفَقَةِ أَوْ كِسْوَةً بِشَهَادَةٍ، لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ شَهَادَةُ الشُّهُودِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْوَصِيِّ مُعْتَبَرٌ فِي الْإِنْفَاقِ، وَلَكِنْ لَا يُقْبَلُ فِي الرُّجُوعِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ (انْتَهَى) . وَفِي الْخَانِيَّةِ مَا يُقَيِّدُهُ

[كتاب الفرائض]

كِتَابُ الْفَرَائِضِ 1 - الْمَيِّتُ لَا يَمْلِكُ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا إذَا نَصَبَ شَبَكَةً لِلصَّيْدِ ثُمَّ مَاتَ فَتَعَلَّقَ الصَّيْدُ فِيهَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ. كَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ الْمَكَاتِبِ 2 - الْعَطَاءُ لَا يُورَثُ كَذَا فِي صُلْحِ الْبَزَّازِيَّةِ 3 - ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ آخِرِ كِتَابِ الْوَلَاءِ أَنَّ بِنْتَ الْمُعْتِقِ تَرِثُ الْمُعْتَقَ فِي زَمَانِنَا، وَكَذَا مَا فَضَلَ بَعْدَ فَرْضِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ يُرَدُّ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْمَالُ يَكُونُ لِلْبِنْتِ رَضَاعًا. وَعَزَاهُ إلَى النِّهَايَةِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي زَمَانِنَا بَيْتُ مَالٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَضَعُونَهُ مَوْضِعَهُ. كُلُّ إنْسَانٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْفَرَائِضِ] قَوْلُهُ: كِتَابُ الْفَرَائِضِ. خَتَمَ الْمُصَنِّفُ الْفَوَائِدَ بِكِتَابِ الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ أَحْوَالِ الْإِنْسَانِ؛ جَمْعُ فَرِيضَةٍ، وَهِيَ مَا قُدِّرَ مِنْ السِّهَامِ فِي الْمِيرَاثِ وَعِلْمُ الْفَرَائِضِ مِنْ الْعُلُومِ الْمُهِمَّةِ؛ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ فَإِنَّهَا نِصْفُ الْعِلْمِ» . أَقُولُ: فِي كَوْنِ الْفَرَائِضِ بِمَعْنَى مَا قُدِّرَ مِنْ السِّهَامِ فِي الْمِيرَاثِ نِصْفَ الْعِلْمِ نَظَرٌ إذْ هِيَ لَا تَبْلُغُ ثُمُنَ الْعِلْمِ فَضْلًا عَنْ نِصْفِهِ وَحَمَلَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ خَلْدُونٍ فِي مُقَدِّمَةِ تَارِيخِهِ الْفَرَائِضَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى فَرَائِضِ الدِّينِ (2) قَوْلُهُ: الْعَطَاءُ لَا يُورَثُ إلَخْ. أَقُولُ: ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَمُوتَ مَنْ لَهُ الْعَطَاءُ فِي نِصْفِ السَّنَةِ أَوْ آخِرِهَا. وَفِي شَرْحِ مِسْكِينٍ عَلَى الْكَنْزِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَمَنْ مَاتَ نِصْفَ السَّنَةِ حُرِمَ عَنْ الْعَطَاءِ إنَّمَا وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي نِصْفِ السَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ فِي آخِرِ السَّنَةِ يُسْتَحَبُّ الصَّرْفُ إلَى قَرِيبِهِ (3) قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ آخِرِ كِتَابِ الْوَلَاءِ أَنَّ بِنْتَ الْمُعْتِقِ فِي زَمَانِنَا إلَخْ. أَقُولُ لَمْ يَذْكُرْ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّهَا تَرِثُ بَلْ قَالَ: وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا كَانُوا يَقُولُونَ بِالدَّفْعِ إلَيْهَا لَا بِطَرِيقِ

يَرِثُ وَيُورَثُ إلَّا ثَلَاثَةً: الْأَنْبِيَاءُ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - لَا يَرِثُونَ وَلَا يُورَثُونَ. وَمَا قِيلَ: إنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَرِثَ خَدِيجَةَ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنَّمَا وَهَبَتْ مَالَهَا لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي صِحَّتِهَا. وَالْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ، وَتَرِثُهُ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ. 4 - الْجَنِينُ يَرِثُ، وَلَا يُورَثُ كَذَا فِي آخِرِ الْيَتِيمَةِ. 5 - وَفِي الثَّالِثِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ فِي الْبُيُوعِ وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ الْإِرْثِ، فَقَالَ مَشَايِخُ الْعِرَاقِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاةِ الْمُورَثِ. وَقَالَ مَشَايِخُ بَلْخِي - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: عِنْدَ الْمَوْتِ. وَفَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْوَارِثُ لِجَارِيَةِ مُورَثِهِ: إذَا مَاتَ مَوْلَاكِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ. فَعَلَى الْأَوَّلِ تَعْتِقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِرْثِ بَلْ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ النَّاسِ إلَى الْمَيِّتِ، فَكَانَتْ أَوْلَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ ذَكَرًا كَانَتْ تَسْتَحِقُّهُ وَلَيْسَ فِي زَمَانِنَا بَيْتُ الْمَالِ، وَلَوْ دُفِعَ إلَى السُّلْطَانِ أَوْ الْقَاضِي لَا يَصْرِفُهُ إلَى الْمُسْتَحِقِّ ظَاهِرًا (انْتَهَى) . فَهَذَا خَلَلٌ فِي النَّقْلِ (4) قَوْلُهُ: وَالْجَنِينُ يَرِثُ وَلَا يُورَثُ إلَخْ. قَالَ فِي الْكَنْزِ: وَيَرِثُ إنْ خَرَجَ أَكْثَرُهُ فَمَاتَ لَا أَقَلُّهُ. قَالَ فِي شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ الْمُسَمَّاةِ بِالْمِشْكَاةِ هَذَا إذَا انْفَصَلَ أَمَّا لَوْ فُصِلَ بِأَنْ ضُرِبَ بَطْنُ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا فَإِنَّهُ يَرِثُ الْوَارِثَ وَسَيَأْتِي آخِرَ هَذِهِ الصَّفْحَةِ حَيْثُ قَالَ الْمَيِّتُ لَا يَرِثُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا ضُرِبَ بَطْنُ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا فَإِنَّ الْغُرَّةَ يُورَثُهَا الْجَنِينُ لِتُورَثَ عَنْهُ كَمَا فِي جِنَايَاتِ الْمَبْسُوطِ. (5) قَوْلُهُ: وَفِي الثَّالِثِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَا فِي الْبُيُوعِ. وَهُوَ أَنَّ الْجَنِينَ يَرِثُ وَيُورَثُ. هَذَا، وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي فَرَائِضِهِ أَنَّ الْجَنِينَ يَرِثُ إذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي الْبَطْنِ عِنْدَ مَوْتِ الْمُورِثِ بِأَنْ جَاءَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ مَاتَ الْوَارِثُ هَكَذَا ذَكَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَسْأَلَةَ مُطْلَقًا، وَهَذَا التَّقْدِيرُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْجَنِينِ الْمِيرَاثَ عَنْ غَيْرِ الْأَبِ أَمَّا فِي اسْتِحْقَاقِهِ عَنْ الْأَبِ فَإِنَّهُ يَرِثُ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ مَاتَ مَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ

لَا عَلَى الثَّانِي، كَذَا فِي الْيَتِيمَةِ. الْإِرْثُ يَجْرِي فِي الْأَعْيَانِ، وَأَمَّا الْحُقُوقُ 7 - فَمِنْهَا مَا لَا يَجْرِي فِيهِ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَحَدِّ الْقَذْفِ 8 - وَالنِّكَاحُ لَا يُورَثُ، 9 - وَحَبْسُ الْمَبِيعِ وَالرَّهْنِ يُورَثُ، وَالْوَكَالَاتُ 10 - وَالْعَوَارِيُّ وَالْوَدَائِعُ لَا تُورَثُ، وَاخْتَلَفُوا فِي خِيَارِ الْعَيْبِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُورَثُ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْأُسْرُوشَنِيِّ وَصَوَابُهُ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ، فَإِنَّ الْغُرَّةَ يَرِثُهَا الْجَنِينُ لِتُورَثَ عَنْهُ أَقُولُ: اقْتِصَارُهُ عَلَى الْغُرَّةِ غَيْرُ جَيِّدٍ، فَإِنَّهُ يَرِثُ مِنْ مُورَثِهِ أَيْضًا قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ الْمُقَطَّعَاتِ، وَمَتَى انْفَصَلَ الْحَمْلُ مَيِّتًا إنَّمَا لَا يَرِثُ إذَا انْفَصَلَ بِنَفْسِهِ فَأَمَّا إذَا فُصِلَ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْوَرَثَةِ بَيَانُهُ أَنَّهُ إذَا ضَرَبَ إنْسَانٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا فَهَذَا الْجَنِينُ مِنْ جُمْلَةِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ أَوْجَبَ عَلَى الْمُضَارِبِ الْغُرَّةَ، وَوُجُوبُ الضَّمَانِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْحَيِّ دُونَ الْمَيِّتِ، فَإِذَا حَكَمْنَا بِجِنَايَةٍ كَانَ لَهُ الْمِيرَاثُ وَيُورَثُ عَنْهُ نَصِيبُهُ كَمَا يُورَثُ عَنْهُ بَدَلُ نَفْسِهِ وَهُوَ الْغُرَّةُ (6) قَوْلُهُ: لَا عَلَى الثَّانِي إلَخْ. بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ يَعْقُبُ الْمِلْكَ، وَلَا يُقَارِنُهُ، وَقَدْ يُقَالُ: مَا الْمَانِعُ مِنْ نُزُولِهِ مُقَارِنًا لَهُ بِحَيْثُ يَنْزِلَانِ مَعًا (انْتَهَى) . قِيلَ: لَعَلَّ الْمَانِعَ كَوْنُهُ شَرْطًا، فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِ قَبْلَهُ فَلَوْ نَزَلَا مَعًا كَانَ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ بِالرُّتْبَةِ، وَذَلِكَ أَمْرٌ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الشُّرُوطِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمُّلٌ (7) قَوْلُهُ: فَمِنْهَا مَا لَا يَجْرِي فِيهِ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ. أَقُولُ: مِنْ هَذَا الْقِسْمِ الْإِجَارَةُ فَلَا تُورَثُ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ وَكَذَا خِيَارُ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ كَمَا فِي الْكَنْزِ. (8) قَوْلُهُ: وَالنِّكَاحُ إلَخْ. لَعَلَّ الْمُرَادَ حَقُّ التَّزْوِيجِ كَمَا لَوْ كَانَ لِلْقَاصِرَةِ أَخٌ شَقِيقٌ وَأَخٌ لِأَبٍ فَمَاتَ الشَّقِيقُ عَنْ وَلَدٍ لَا يَرِثُ وِلَايَةَ التَّزْوِيجِ بَلْ الْحَقُّ لِلْأَخِ لِلْأَبِ. (9) قَوْلُهُ: وَحَبْسُ الْمَبِيعِ إلَخْ. أَقُولُ كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ: وَالْوَكَالَاتُ وَالْوَدَائِعُ لِتَكُونَ الْأَشْيَاءُ الَّتِي لَا تُورَثُ عَلَى نَسَقٍ. (10) قَوْلُهُ: وَالْعَوَارِيّ وَالْوَدَائِعُ. لَيْسَ الْمُرَادُ عَيْنَ الْمُعَارِ وَالْمُودَعِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَعْيَانِ

وَالدِّيَةُ تُورَثُ اتِّفَاقًا. وَاخْتَلَفُوا فِي الْقِصَاصِ فَذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يُورَثُ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ لِلْوَرَثَةِ ابْتِدَاءً، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَا يُورَثُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ مَا لَوْ بَرْهَنَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ عَلَى الْقِصَاصِ، وَالْبَاقِي غُيَّبٌ 12 - فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهِ إذَا حَضَرُوا عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا. 13 - كَذَا فِي آخِرِ الْيَتِيمَةِ. 14 - وَأَمَّا خِيَارُ التَّعْيِينِ فَاتَّفَقُوا أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً 15 - الْجَدُّ كَالْأَبِ إلَّا فِي إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً؛ 16 - خَمْسٌ فِي الْفَرَائِضِ وَسِتٌّ فِي غَيْرِهَا. أَمَّا الْخَمْسُ: فَالْأُولَى: ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا مِنْ الْحُقُوقِ فَالْمُرَادُ كَوْنُهُ مُسْتَعِيرًا أَوْ مُودِعًا بِمَعْنَى أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَوْ مَاتَ لَا يَكُونُ وَارِثُهُ مُسْتَعِيرًا وَكَذَا الْمُودِعُ (11) قَوْلُهُ: وَالدِّيَةُ تُورَثُ اتِّفَاقًا. أَطْلَقَ فِي كَوْنِ الدِّيَةِ تُورَثُ فَأَفَادَ أَنَّهُ يَرِثُهَا كُلُّ مِنْ يَرِثُ أَمْوَالَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ إلَى أَنَّهَا تُقْضَى مِنْهَا الدُّيُونُ، وَتَنْفُذُ الْوَصَايَا أَمْ لَا. وَقَدْ ذَكَرَهُ السَّيِّدُ فِي شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ. (12) قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهِ إذَا حَضَرُوا. لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَهُ الْوَرَثَةُ لَكَانَ إثْبَاتُ أَحَدِهِمْ كَافِيًا. (13) قَوْلُهُ: كَذَا فِي آخِرِ الْيَتِيمَةِ وَذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ بَلْ فِي مَتْنِ الْوُقَايَةِ (14) قَوْلُهُ: وَأَمَّا خِيَارُ التَّعْيِينِ. أَقُولُ: وَخِيَارُ فَوَاتِ الْوَصْفِ صُرِّحَ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ إجْمَاعًا (انْتَهَى) . وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ خِيَارَ التَّغْرِيرِ يُورَثُ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ فَوْتَ الْوَصْفِ، وَقَدْ مَالَ إلَى ذَلِكَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ وَأَتَى ضِدَّهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْغَزِّيُّ صَاحِبُ كِتَابِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ (15) قَوْلُهُ: الْجَدُّ كَالْأَبِ. أَقُولُ: غَلَبَ الْجَدُّ عَلَى الْجَدَّةِ. (16) قَوْلُهُ: خَمْسٌ فِي الْفَرَائِضِ. ذَكَرَهَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

الْجَدَّةُ أُمُّ الْأَبِ لَا إرْثَ لَهَا مَعَ الْأَبِ، وَلَا تُحْجَبُ بِالْجَدِّ. الثَّانِيَةُ: الْإِخْوَةُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ يَسْقُطُونَ بِالْأَبِ، وَلَا يَسْقُطُونَ بِالْجَدِّ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَيَسْقُطُونَ بِهِ كَالْأَبِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، فَالْمُخَالَفَةُ عَلَى قَوْلِهِمَا خَاصَّةً. الثَّالِثَةُ: لِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَالْأَبِ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ جَدٌّ فَلِلْأُمِّ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. الرَّابِعَةُ: لَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ عَنْ أَبِ مُعْتِقِهِ وَابْنِ مُعْتِقِهِ فَلِلْأَبِ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي لِلِابْنِ فِي رِوَايَةٍ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ جَدٌّ، فَالْكُلُّ لِلِابْنِ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ. الْخَامِسَةُ: لَوْ تَرَكَ جَدَّ مُعْتِقِهِ وَأَخَاهُ؛ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَخْتَصُّ الْجَدُّ بِالْوَلَاءِ، وَقَالَا الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْجَدِّ أَبٌ فَالْمِيرَاثُ كُلُّهُ لَهُ اتِّفَاقًا. وَأَمَّا الْمَسَائِلُ السِّتُّ؛ فَأَرْبَعٌ فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ: لَوْ أَوْصَى لِأَقْرِبَاءِ فُلَانٍ لَا يَدْخُلُ الْأَبُ وَيَدْخُلُ الْجَدُّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَفِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ. 17 - تَجِبُ صَدَقَةُ فِطْرِ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِ الْغَنِيِّ دُونَ جَدِّهِ. وَلَوْ أَعْتَقَ الْأَبُ حُرَّ وَلَاءِ وَلَدِهِ إلَى مَوَالِيهِ دُونَ الْجَدِّ. وَيَصِيرُ الصَّغِيرُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَبِيهِ دُونَ جَدِّهِ. الْخَامِسَةُ: لَوْ مَاتَ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَمَالًا فَالْوِلَايَةُ لِلْأَبِ فَهُوَ كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْجَدِّ. السَّادِسَةُ: فِي وِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ لَوْ كَانَ لِلصَّغِيرِ أَخٌ وَجَدٌّ؛ فَعَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تَجِبُ صَدَقَةُ فِطْرِ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِ الْغَنِيِّ إلَخْ. يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ مَالٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُ اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةِ فِي مَالِهِ لَكِنْ اعْتَمَدَ أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ تَصْحِيحَ الْوُجُوبِ فَلْيَكُنْ هُوَ الرَّاجِحَ

قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَشْتَرِكَانِ وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَخْتَصُّ الْجَدُّ. وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُ أَبٌ اُخْتُصَّ اتِّفَاقًا. ثُمَّ زِدْتُ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهُ إذَا مَاتَ أَبُوهُ وَصَارَ يَتِيمًا، وَلَا يَقُومُ الْجَدُّ مَقَامَ الْأَبِ لِإِزَالَةِ الْيُتْمِ عَنْهُ. فَهِيَ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً. ثُمَّ رَأَيْت أُخْرَى فِي نَفَقَاتِ الْخَانِيَّةِ، لَوْ مَاتَ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَلَا مَالَ لَهُ، وَلَهُمْ أُمٌّ وَجَدٌّ أَبِ الْأَبِ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا؛ الثُّلُثُ عَلَى الْأُمِّ وَالثُّلُثَانِ عَلَى الْجَدِّ (انْتَهَى) . وَلَوْ كَانَ الْأَبُ كَانَتْ كُلُّهَا عَلَيْهِ، وَلَا تُشَارِكُهُ الْأُمُّ فِي نَفَقَتِهِمْ. فَهِيَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ. الْجَدُّ الْفَاسِدُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَلَيْسَ كَأَبٍ الْأَبِ، 18 - فَلَا يَلِي النِّكَاحَ مَعَ الْعَصَبَاتِ، وَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ، وَلَوْ ادَّعَى نَسَبَ وَلَدِ جَارِيَةِ ابْنِ بِنْتِهِ لَمْ يَثْبُتْ بِلَا تَصْدِيقٍ، وَفِي الْمِيرَاثِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ إلَّا مَسْأَلَةَ مَا إذَا قَتَلَ وَلَدَ بِنْتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ كَأَبِ الْأَبِ، كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَالْحَدَّادِيُّ مِنْ الْجِنَايَاتِ 19 - وَصِيُّ الْمَيِّتِ كَالْأَبِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: يَجُوزُ إقْرَاضُهُ اتِّفَاقًا، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَا يَلِي النِّكَاحَ مَعَ الْعَصَبَاتِ. أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا أَوْصَى لَهُ الْأَبُ بِذَلِكَ أَوْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْوَصِيَّ لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ مُطْلَقًا (19) قَوْلُهُ: وَصِيُّ الْمَيِّتِ كَالْأَبِ إلَّا فِي مَسَائِلَ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُسْتَثْنَى مَسَائِلُ أُخَرُ لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَأَوْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ فِيهَا مُتَّفِقَانِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَمَا ذَلِكَ إلَّا؛ لِأَنَّ التَّعْدَادَ فِي مَقَامِ الْبَيَانِ يُفِيدُ الْحَصْرَ. الْأُولَى رَهْنُ الْوَصِيِّ مَتَاعَ الْيَتِيمِ عِنْدَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ إجْمَاعًا، وَإِنْ كَانَ ابْنُهُ كَبِيرًا لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُ كَالْوَكِيلِ إذَا بَاعَ مِنْ ابْنِهِ الْكَبِيرِ، وَإِنْ مُكَاتَبَهُ أَوْ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ لَا اتِّفَاقًا كَذَا فِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَزَّازِيَّةِ بِخِلَافِ الْأَبِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وُفُورُ شَفَقَةِ الْأَبِ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ شَخْصَيْنِ وَأُقِيمَتْ عِبَارَتُهُ مَقَامَ عِبَارَتَيْنِ كَمَا فِي بَيْعِهِ مَالَ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ، وَالْوَصِيُّ لَا يَجُوزُ مِنْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ مَحْضٌ، وَالْأَصْلُ: أَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الرَّهْنِ كَمَا فِي الْبَيْعِ؛ لَكِنْ تَرَكْنَا ذَلِكَ فِي الْأَبِ لِمَا ذُكِرَ، وَرَهْنُ الْوَصِيِّ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ، وَمِنْ عَبْدِهِ التَّاجِرِ غَيْرِ الْمَدْيُونِ بِمَنْزِلَةِ نَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ وَأُطْلِقَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ فَشَمِلَ الْمَدْيُونَ، وَغَيْرَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: عَدَمُ الْجَوَازِ فِي بَيْعِ الْوَصِيِّ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَأْذُونُ مَدْيُونًا فَإِنْ كَانَ مَدْيُونًا يَجُوزُ؛ فَقَدْ أَطْلَقَ الْبَزَّازِيُّ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ. الثَّانِيَةُ: لَوْ بَاعَ الْأَبُ مَالَ أَحَدِ الصَّغِيرَيْنِ مِنْ الْآخَرِ وَلَوْ فَعَلَ الْوَصِيُّ لَمْ يَجُزْ اتِّفَاقًا، وَفِي الْقَاضِي اخْتِلَافٌ فَقِيلَ بِالْجَوَازِ وَقِيلَ بِعَدَمِهِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ. الثَّالِثَةُ: الْأَبُ إذَا دَفَعَ مَهْرَ امْرَأَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ إنْ أَشْهَدَ وَقْتَ الْأَدَاءِ أَنَّهُ دَفَعَ لَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ، وَلَوْ لَمْ يُشْهِدْ، الْقِيَاسُ: أَنَّ لَهُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَرْجِعُ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ وَصِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ يَرْجِعُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْعِمَادِيَّةِ: أَنَّ حُكْمَ الْجَدِّ هُنَا غَيْرُ حُكْمِ الْأَبِ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: وَلَوْ وَلِيًّا غَيْرَهُ فَدَخَلَ الْجَدُّ فَيَرْجِعُ مُطْلَقًا كَالْوَصِيِّ. الرَّابِعَةُ: الْأَبُ إذَا اشْتَرَى لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ خَادِمًا لَهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ إنْ شَرَطَ، وَإِلَّا فَلَا بِخِلَافِ الْوَصِيِّ، فَإِنَّ لَهُ الرُّجُوعَ شَرَطَ أَوْ لَا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. قُلْت إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ هِيَ أُمُّ الصَّغِيرِ فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ كَمَا قَالَ قَاضِي خَانْ. الْخَامِسَةُ: لَوْ رَهَنَ الْأَبُ مَالَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ، وَهَلَكَ الرَّهْنُ، وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ الدَّيْنِ ضَمِنَ الْأَبُ مِقْدَارَ الدَّيْنِ لَا مَا زَادَ، بِخِلَافِ الْوَصِيِّ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ. السَّادِسَةُ: لَوْ رَهَنَ الْوَصِيُّ مَالَهُ مِنْ الْيَتِيمِ أَوْ ارْتَهَنَ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ فَعَلَ الْأَبُ جَازَ؛ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْعِمَادِيَّةِ. السَّابِعَةُ: لِلْأَبِ بَيْعُ عَقَارِ الصَّغِيرِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ إلَّا بِأَحَدِ مَعَانٍ فِي الْوَصِيِّ لَا الْأَبِ. الثَّامِنَةُ: لَوْ أَقَرَّ الْأَبُ بِالْإِقْرَاضِ عَلَى الصَّغِيرِ جَازَ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَلَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ لَا كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَفِي الشَّرْحِ. التَّاسِعَةُ: إذَا أَجَّرَ الْوَصِيُّ نَفْسَهُ أَوْ عَبْدَهُ لِلصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ فَعَلَ الْأَبُ ذَلِكَ جَازَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. الْعَاشِرَةُ فِي الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِهَا فِي مَالِ الصَّغِيرِ لَيْسَ لِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ أَنْ يَفْعَلَهُ فَإِنْ فَعَلَ أَحَدُهُمَا ضَمِنَ الْأَبُ لَا الْوَصِيُّ

وَيَجُوزُ إقْرَاضُ الْأَبِ فِي رِوَايَةٍ. الثَّانِيَةُ: يَبِيعُ وَيَشْتَرِي لِنَفْسِهِ بِشَرْطِ الْخَيْرِيَّةِ لِلْيَتِيمِ، وَلِلْأَبِ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ لَا ضَرَرَ. الثَّالِثَةُ: لِلْأَبِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ. الرَّابِعَةُ: لِلْأَبِ الْأَكْلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَلِلْوَصِيِّ بِقَدْرِ عَمَلِهِ. الْخَامِسَةُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ: الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْأَبُ أَيْضًا فَالْمُخَالَفَةُ عَلَى مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ. الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ لِلْأَبِ قِسْمَةُ مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّغِيرِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى. الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: اشْتَرَى لِنَفْسِهِ مَنْ مَالَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ اسْتَهْلَكَ مَالَ وَلَدِهِ أَوْ اغْتَصَبَ حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ لَوْ أَفْرَزَ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا وَأَشْهَدَ وَقَالَ: قَدْ قَبَضْت هَذَا الْمَالَ مِنْ نَفْسِي لِابْنِي الصَّغِيرِ جَازَ وَيَصِيرُ قَابِضًا وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا يَصِيرُ قَابِضًا بِهَذَا الْقَدْرِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَصِيرُ قَابِضًا عَنْ نَفْسِهِ بِالْإِقْرَارِ وَالْإِشْهَادِ. كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ. الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ لَوْ مَاتَ الْوَصِيُّ مُجْهِلًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ مَاتَ الْأَبُ مُجْهِلًا ضَمِنَ وَقِيلَ لَا كَالْوَصِيِّ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: لَوْ وَجَبَ الْقِصَاصُ لِلصَّغِيرِ فِي النَّفْسِ أَوْ فِيمَا دُونِ النَّفْسِ، وَلَا حَقَّ لِلْأَبِ فِي هَذِهِ الْقِصَاصِ فَلِلْأَبِ اسْتِيفَاؤُهُ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا، وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَلَا يَمْلِكُ الِاسْتِيفَاءَ فِي النَّفْسِ بِخِلَافِ الْأَبِ، وَأَمَّا فِيمَا دُونِ النَّفْسِ فِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ لَهُ ذَلِكَ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ لَوْ قَسَّمَ الْوَصِيُّ التَّرِكَةَ بَيْنَ الصِّغَارِ وَعَزَلَ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ لَمْ تَجُزْ قِسْمَتُهُ وَلَوْ فَعَلَ الْأَبُ جَازَ، نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْخُلَاصَةِ. السَّادِسَةَ عَشْرَةَ إذَا اشْتَرَى الْأَبُ دَارًا لِنَفْسِهِ وَابْنُهُ الصَّغِيرُ شَفِيعُهَا فَلَمْ يَطْلُبْ الْأَبُ الشُّفْعَةَ لِلصَّغِيرِ حَتَّى بَلَغَ الصَّغِيرُ فَلَيْسَ لِلَّذِي بَلَغَ أَنْ يَأْخُذَهَا؛ لِأَنَّ الْأَبَ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لَا؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا يُنَافِي الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ فَسُكُوتُهُ يَكُونُ مُبْطِلًا لِلْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ. وَالْوَصِيُّ إذَا اشْتَرَى دَارًا لِنَفْسِهِ، وَالصَّبِيُّ شَفِيعُهَا فَلَمْ يَطْلُبْ الْوَصِيُّ شُفْعَتَهُ فَالْيَتِيمُ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا بَلَغَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. (20) قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ إقْرَاضُ الْأَبِ فِي رِوَايَةٍ. أَقُولُ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ سَوَاءٌ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُ كُلِّ مِنْهُمَا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْعِمَادِيَّةِ وَاعْتَمَدَهُ

لِلْأَبِ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ وَلَدِهِ عَلَى دَيْنِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ. السَّادِسَةُ: لَا تَقُومُ عِبَارَتُهُ مَقَامَ عِبَارَتَيْنِ، فَإِذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ بِالشَّرْطِ، فَلَا بُدَّ مِنْ قَوْلِهِ قَبِلْت بَعْدَ الْإِيجَابِ بِخِلَافِ الْأَبِ. 22 - السَّابِعَةُ: لَا يَلِي الْإِنْكَاحَ بِخِلَافِ الْأَبِ. الثَّامِنَةُ: لَا يُمَوِّنُهُ بِخِلَافِ الْأَبِ. التَّاسِعَةُ: لَا يُؤَدِّي مِنْ مَالِهِ صَدَقَةَ فِطْرِهِ بِخِلَافِ الْأَبِ. الْعَاشِرَةُ: لَا يَسْتَخْدِمُهُ بِخِلَافِ الْأَبِ. الْحَادِيَةَ عَشَرَةَ: لَا حَضَانَةَ لَهُ بِخِلَافِ الْأَبِ. الْمَيِّتُ لَا يَرِثُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا ضُرِبَ بَطْنُ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّسَفِيُّ فِي الْكَنْزِ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: لِلْقَاضِي أَنْ يُقْرِضَ مَالَ الْغَائِبِ وَالطِّفْلِ وَاللُّقَطَةِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الِاسْتِخْلَاصِ بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُلْتَقَطِ، فَيَكُونُ تَضَيُّعًا إلَّا أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا أَنْشَدَ الضَّالَّةَ وَمَضَتْ مُدَّةُ النَّشْدِ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ الْإِقْرَاضُ مِنْ فَقِيرٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جَازَ فَالْقَرْضُ أَوْلَى فَإِنْ أَقْرَضَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ هَلْ يَكُونُ خِيَانَةً فِي حَقِّهِمَا وَيَسْتَحِقَّانِ الْعَزْلَ بِسَبَبِهِ وَإِذَا ضَاعَ هَلْ يَضْمَنَانِ؟ سُئِلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ ذَلِكَ: فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ إلَّا لِلْقَاضِي وَلَكِنْ إذَا فَعَلَا ذَلِكَ وَضَاعَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يَضِعْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ خِيَانَةً فِي حَقِّهِمَا وَلَا يَسْتَحِقَّانِ الْعَزْلَ بِسَبَبِهِ (انْتَهَى) . وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: الْوَصِيُّ لَا يُقْرِضُ مَالَهُ أَيْ الْيَتِيمِ وَلَوْ أَقْرَضَهُ لَا يُعَدُّ خِيَانَةً. (21) قَوْلُهُ: لِلْأَبِ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ وَلَدِهِ. هَذَا قَوْلٌ فِي الْوَصِيِّ وَالظَّاهِرُ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الْيَتِيمِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَذُكِرَ فِي وَصَايَا الْعُمْدَةِ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُوفِيَ دَيْنَهُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ إذَا اسْتَقْرَضَ مَالَ الْيَتِيمِ هَلْ يَصِحُّ؟ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ لَا يَمْلِكُ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَانَ الْوَصِيُّ مَلِيًّا يَمْلِكُ وَإِلَّا فَلَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ. (22) قَوْلُهُ: السَّابِعَةُ: أَنَّهُ لَا يَلِي الْإِنْكَاحَ بِخِلَافِ الْأَبِ إلَخْ. أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا أَوْصَى لَهُ الْأَبُ بِذَلِكَ أَوْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْوَصِيَّ لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ مُطْلَقًا مِنْ حَيْثُ هُوَ وَصِيٌّ أَمَّا إذَا كَانَ قَرِيبًا أَوْ حَاكِمًا فَلَا كَلَامَ فِي أَنَّهُ يَمْلِكُ التَّزْوِيجَ

فَإِنَّ الْغُرَّةَ يَرِثُهَا الْجَنِينُ لِتُورَثَ عَنْهُ كَمَا فِي جِنَايَاتِ الْمَبْسُوطِ، 24 - وَلَا يَمْلِكُ الْمَيِّتُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الصَّيْدِ، 25 - وَلَا يَضْمَنُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا ثُمَّ مَاتَ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ بَعْدَ مَوْتِهِ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَوْ حَفَرَ عَبْدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ كَمَا لَا يَخْفَى. وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْيِيدِهِ بِغَيْرِ الْقَرِيبِ وَالْحَاكِمِ كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ إنْ أَوْصَى إلَيْهِ الْأَبُ جَازَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، بِهِ عُلِمَ مَا وَقَعَ فِي الزَّيْلَعِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُفَوِّضَ إلَيْهِ الْمُوصِي ذَلِكَ رِوَايَةُ هِشَامٍ وَقَدْ قَالَ مَشَايِخُنَا: هِيَ ضَعِيفَةٌ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ: وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُزَوِّجَ مُطْلَقًا (23) قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْغُرَّةَ يَرِثُهَا إلَخْ. قِيلَ: لَا يَخْفَى أَنَّ مِثْلَهُ يَأْتِي فِي الْمَقْتُولِ بِأَنْ يُقَالَ: إنَّهُ وَرِثَ الدِّيَةَ ثُمَّ وُرِثَتْ عَنْهُ فَإِنْ دَفَعَ بِأَنَّ الْوَرَثَةَ يَسْتَحِقُّونَهَا ابْتِدَاءً بِحُكْمِ الشَّرْعِ كَانَ الْكَلَامُ مِثْلَهُ فِي الْغُرَّةِ فَتَدَبَّرْ انْتَهَى. (24) قَوْلُهُ: وَلَا يَمْلِكُ الْمَيِّتُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الصَّيْدِ. أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي الصَّيْدِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا هُنَا أَوَّلَ هَذَا الْكِتَابِ، وَمَا بِالْعَهْدِ مِنْ قِدَمٍ فَيُنْسَى، وَمَا قِيلَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَالْمَعْنَى: لَا يَمْلِكُ إلَّا فِي الصَّيْدِ فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا أَيْ أَوَّلَ كِتَابِ الْفَرَائِضِ لَا بِقَوْلِهِ ذَكَرْنَاهَا لِعَدَمِ ذِكْرِهَا فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ صَرِيحًا؛ نَعَمْ قَدْ يُفْهَمُ ذِكْرُهَا مِنْ الْإِطْلَاقِ لِشُمُولِهِ الْحَيَّ وَالْمَيِّتَ، وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ حِينَئِذٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ ذَكَرْنَاهَا بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاسِدًا هَذَا، وَذُكِرَ فِي الْبَدَائِعِ: اشْتَرَى ثَوْبًا وَكَفَّنَ بِهِ مَيِّتًا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهِ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي وَارِثَ الْمَيِّتِ، وَقَدْ اشْتَرَى مِنْ التَّرِكَةِ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْكَفَنِ لَمْ يَثْبُتْ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ، وَقَدْ امْتَنَعَ رَدُّهُ لَا مِنْ قِبَلِ الْمُشْتَرِي فَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ، وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَتَبَرَّعَ بِهِ لَمْ يَرْجِعْ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمُشْتَرَى وَقَعَ لَهُ، فَإِذَا كَفَّنَ بِهِ فَقَدْ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِالتَّكْفِينِ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ (انْتَهَى) . فَحِينَئِذٍ الْمُسْتَثْنَى مَسْأَلَتَانِ (25) قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ إلَخْ. أَقُولُ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ إذَا كَانَتْ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَانَ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ فَيُؤْخَذُ مَا ضَمِنَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَطَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا شَيْءَ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ نَقْلًا عَنْ النِّهَايَةِ

بِئْرًا تَعَدِّيًا فَأَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَوَقَعَ إنْسَانٌ فِيهَا 26 - فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَا فِي الْجَامِعِ لَوْ مَاتَ الْمُسْتَأْمَنُ فِي دَارِنَا عَنْ مَالٍ، وَوَرَثَتُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وُقِفَ مَالُهُ حَتَّى يَقْدَمُوا فَإِذَا قَدِمُوا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ، وَلَوْ أَهْلَ ذِمَّةٍ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولُوا: لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُمْ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ كَفِيلٌ، 27 - وَلَا يُقْبَلُ كِتَابُ مِلْكِهِمْ، وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ كِتَابُهُ؛ فِي مُسْتَأْمَنِ فَتْحِ الْقَدِيرِ؛ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ فِي الطَّبَقَاتِ فِي بَابِ الْهَمْزِ فِي أَحْمَدَ: قَالَ الْجُرْجَانِيُّ فِي الْخِزَانَةِ قَالَ الْعَبَّاسُ النَّاطِفِيُّ: رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - 28 - فِي رَجُلٍ جَعَلَ لِأَحَدِ بَنِيهِ دَارًا بِنَصِيبِهِ. 29 - عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ مِيرَاثٌ، جَازَ، وَأَفْتَى بِهِ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْيَمَانِيِّ أَحَدُ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ الثَّلْجِيِّ، وَحَكَى ذَلِكَ أَصْحَابُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحَارِقِ وَأَبُو عُمَرَ وَالطَّبَرِيُّ (انْتَهَى) وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ. أَيْ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ، وَعَاقِلَتُهُ حَيُّ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُمْ بِالنَّصِّ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» (27) قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ كِتَابُ مِلْكِهِمْ. فِي أَنَّهُمْ وَرَثَتُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمْ؛ لِأَنَّ كِتَابَهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَالِ، وَإِنْ قُبِلَ فِي حَقِّ الْأَمَانِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ لِعَدَمِ غَلَبَةِ التَّزْوِيرِ عَلَى الْمَلِكِ أَوْ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْأَمَانِ لِحَقْنِ الدِّمَاءِ (28) قَوْلُهُ: فِي رَجُلٍ جَعَلَ لِأَحَدِ بَنِيهِ إلَخْ. أَيْ مَلَّكَ أَحَدَ بَنِيهِ دَارًا عِوَضًا عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ مَنْ لَوْ بَقِيَ حَيًّا وَوَرِثَهُ. (29) قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ مِيرَاثٌ جَازَ. أَيْ صَحَّ أَقُولُ: يُتَأَمَّلُ فِي وَجْهِ صِحَّةِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ خَفِيٌّ

[الفن الثالث من الأشباه والنظائر وهو فن الجمع والفرق]

تَمَّ الْفَنُّ الثَّانِي مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَيَلِيهِ الْفَنُّ الثَّالِثُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ وَأَلْهَمَ، وَفَتَحَ مِنْ دَقَائِقِ الْحَقَائِقِ وَفَهَّمَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ (وَبَعْدُ) فَهَذَا 1 - هُوَ الْفَنُّ الثَّالِثُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ، وَهُوَ فَنُّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ، وَنَبَّهْت فِيهِ عَلَى أَحْكَامٍ يَكْثُرُ دَوْرُهَا وَيَقْبُحُ بِالْفَقِيهِ جَهْلُهَا، هِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْفَنُّ الثَّالِثُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ] هُوَ الْفَنُّ الثَّالِثُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ

أَحْكَامُ النَّاسِي 1 - أَحْكَامُ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَالْمُكْرَهِ، وَأَحْكَامُ الصِّبْيَانِ وَالْعَبِيدِ وَالسَّكَارَى وَالْأَعْمَى، 2 - وَأَحْكَامُ الْحَمْلِ، وَقَدْ كَتَبْنَاهَا فِي الْفَوَائِدِ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ وَالْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ، الِاقْتِصَارُ وَالِاسْتِنَادُ وَالتَّبْيِينُ وَالِانْقِلَابُ. وَحُكْمُ النُّقُودِ مِمَّا يَتَعَيَّنُ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ، وَبَيَانُ جَرَيَانِ أَحَدِهِمَا مَكَانَ الْآخَرِ، وَبَيَانُ حُكْمِ السَّاقِطِ هَلْ يَعُودُ أَمْ لَا، وَمَا فُرِّعَ عَلَى ذَلِكَ، وَبَيَانُ أَنَّ النَّائِبَ يَمْلِكُ مَا لَا يَمْلِكُهُ الْأَصِيلُ، وَبَيَانُ مَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ مِنْ الْحُقُوقِ، وَمَا لَا يَقْبَلُهُ، وَبَيَانُ أَنَّ الزُّيُوفَ كَالْجِيَادِ فِي بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ، وَأَحْكَامُ النَّائِمِ 3 - وَأَحْكَامُ الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ، وَبَيَانُ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ وَعَكْسِهِ، وَأَحْكَامُ الْأُنْثَى، وَأَحْكَامُ الْجِنِّ، وَأَحْكَامُ الذِّمِّيِّ، وَأَحْكَامُ الْمَحَارِمِ وَأَحْكَامُ غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ، وَأَحْكَامُ الْعُقُودِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَحْكَامُ النَّاسِي. خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ هِيَ الْعَائِدُ إلَى الْأَحْكَامِ الَّتِي يَكْثُرُ دَوْرُهَا وَيَقْبُحُ جَهْلُهَا، وَلَا يَصِحُّ الْإِخْبَارُ إلَّا بِجَعْلِ الْعَطْفِ سَابِقًا عَلَى الرَّبْطِ وَإِعْطَاءِ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْخَبَرِ مَا لِلْخَبَرِ مِنْ الْإِعْرَابِ. (2) قَوْلُهُ: وَأَحْكَامُ الْحَمْلِ. لَا حَاجَةَ إلَى إقْحَامِ لَفْظِ الْأَحْكَامِ فَإِنَّهُ مُنْسَحِبٌ بِطَرِيقِ الْعَطْفِ. (3) قَوْلُهُ: وَأَحْكَامُ الْمَجْنُونِ. أَقُولُ: لَمْ يُفَهْرِسْ لِأَحْكَامِ الْخُنْثَى مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَهَا بَعْدَ أَحْكَامِ الْمَجْنُونِ فِيمَا يَأْتِي فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ.

[أحكام الناسي والجاهل والمكره]

وَأَحْكَامُ الْفُسُوخِ، وَالْقَوْلُ فِي الْمِلْكِ، وَالْقَوْلُ فِي الدَّيْنِ وَأَحْكَامِهِ، وَالْقَوْلُ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ، وَالْقَوْلُ فِي الشَّرْطِ وَالتَّعْلِيقِ، وَالْقَوْلُ فِي السَّفَرِ، وَفِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ، وَفِي الْحَرَمِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ 4 - وَحَدُّ النِّسْيَانِ فِي التَّحْرِيرِ بِأَنَّهُ 5 - عَدَمُ تَذَكُّرِ الشَّيْءِ وَقْتَ حَاجَتِهِ إلَيْهِ. 6 - وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ 7 - وَالْمُعْتَمَدُ فَإِنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ 8 - وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ مُسْقِطٌ لِلْإِثْمِ مُطْلَقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَحَدُّ النِّسْيَانِ إلَخْ. يَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ فِي التَّحْرِيرِ وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ مُطْلَقٌ بِالْمَصْدَرِ وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ وَقَوْلُهُ فِي التَّحْرِيرِ ظَرْفٌ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ بِأَنَّهُ. (5) قَوْلُهُ: عَدَمُ تَذَكُّرِ الشَّيْءِ وَقْتَ حَاجَتِهِ إلَيْهِ. أَيْ إلَى الشَّيْءِ، وَهَذَا الْحَدُّ يَشْمَلُ السَّهْوَ، وَأَهْلُ اللُّغَةِ وَالْفُقَهَاءُ وَالْأُصُولِيُّونَ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا. (6) قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ. اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَذَهَبَ الْفُقَهَاءُ وَالْأُصُولِيُّونَ وَأَهْلُ اللُّغَةِ إلَى عَدَمِ الْفَرْقِ، وَذَهَبَ الْحُكَمَاءُ إلَى الْفَرْقِ فَقَالُوا: إنَّ السَّهْوَ زَوَالُ الصُّورَةِ عَنْ الْمُدْرِكَةِ مَعَ بَقَائِهَا فِي الْحَافِظَةِ، وَالنِّسْيَانُ زَوَالُهَا عَنْهُمَا مَعًا فَيُحْتَاجُ فِي حُصُولِهَا إلَى سَبَبٍ جَدِيدٍ. وَقِيلَ: النِّسْيَانُ عَدَمُ ذِكْرِ مَا كَانَ مَذْكُورًا، وَالسَّهْوُ غَفْلَةٌ عَمَّا كَانَ مَذْكُورًا، وَمَا لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا فَالنِّسْيَانُ أَخَصُّ مِنْهُ مُطْلَقًا كَذَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ. (7) قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ أَيْ: مُسَاوَيَانِ مَفْهُومًا، وَمَا صِدْقًا [أَحْكَامُ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَالْمُكْرَهِ] (8) قَوْلُهُ: وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ مُسْقِطٌ لِلْإِثْمِ مُطْلَقًا. أَيْ سَوَاءٌ وَقَعَ النِّسْيَانُ فِي تَرْكِ مَأْمُورٍ أَوْ فِعْلٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي حُقُوقِ اللَّهِ أَوْ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ إنْ قُلْت

لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» قَالَ الْأُصُولِيُّونَ: إنَّهُ مِنْ بَابِ تَرْكِ الْحَقِيقَةِ بِدَلَالَةِ 10 - مَحَلِّ الْكَلَامِ 11 -؛ لِأَنَّ عَيْنَ الْخَطَأِ وَأَخَوَيْهِ غَيْرُ مَرْفُوعٍ، فَالْمُرَادُ حُكْمُهَا، وَهُوَ نَوْعَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَيْثُ كَانَ النِّسْيَانُ مُسْقِطًا لِلْإِثْمِ مُطْلَقًا فَمَا مَعْنَى الدُّعَاءِ بِعَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] قُلْت الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ أَحْسَنُهَا أَنَّ النِّسْيَانَ مِنْهُ مَا يُعْذَرُ صَاحِبُهُ فِيهِ، وَمِنْهُ مَا لَا يُعْذَرُ، فَمَنْ رَأَى دَمًا فِي ثَوْبِهِ وَأَخَّرَ إزَالَتَهُ إلَى أَنْ نَسِيَ فَصَلَّى، وَهُوَ عَلَى ثَوْبِهِ عُدَّ مُقَصِّرًا إذْ كَانَ يَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى إزَالَتِهِ، وَكَذَا إذَا تَغَافَلَ عَنْ تَعَاهُدِ الْقُرْآنِ حَتَّى نَسِيَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَلُومًا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَاظَبَ عَلَى الْقِرَاءَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ نَسِيَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مَعْذُورًا فَثَبَتَ أَنَّ النَّاسِيَ قَدْ لَا يَكُونُ مَعْذُورًا، وَذَلِكَ إذَا تَرَكَ التَّحَفُّظَ، وَأَعْرَضَ عَنْ أَسْبَابِ التَّذَكُّرِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ صَحَّ طَلَبُ غُفْرَانِهِ بِالدُّعَاءِ، وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ ذَكَرَ النِّسْيَانَ وَالْخَطَأَ، وَالْمُرَادُ بِهِمَا مَا هُمَا مُسَبَّبَانِ عَنْهُ كَذَا فِي غَرَائِبِ الْقُرْآنِ وَرَغَائِبِ الْفُرْقَانِ. (9) قَوْلُهُ: لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ. أَقُولُ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. (10) قَوْلُهُ: بِدَلَالَةِ مَحَلِّ الْكَلَامِ. أَيْ عَلَى أَنَّ الْحَقِيقَةَ غَيْرُ مُرَادَةٍ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ حَيْثُ لَا يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ النَّخْلَةَ بَلْ ثَمَرَهَا بِدَلَالَةِ مَحَلِّ الْكَلَامِ وَهِيَ النَّخْلَةُ؛ لِأَنَّ أَكْلَهَا مُتَعَذِّرٌ فَيَنْصَرِفُ الْيَمِينُ إلَى مَمَرِّهَا مَجَازًا بِطَرِيقِ إطْلَاقِ اسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ حَتَّى لَوْ أَكَلَ مِنْ النَّخْلَةِ لَا يَحْنَثُ. (11) قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَيْنَ الْخَطَأِ غَيْرُ مَرْفُوعٍ. يَعْنِي بَلْ وَاقِعٌ وَالنَّبِيُّ مَعْصُومٌ مِنْ الْكَذِبِ فَصَارَ ذِكْرُ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مَجَازًا عَنْ حُكْمِهِ.

أُخْرَوِيٌّ، وَهُوَ الْمَأْثَمُ، 13 - وَدُنْيَوِيٌّ، وَهُوَ الْفَسَادُ. 14 - وَالْحُكْمَانِ مُخْتَلِفَانِ، فَصَارَ الْحُكْمُ بَعْدَ كَوْنِهِ مَجَازًا مُشْتَرَكًا 15 - فَلَا يَعُمُّ. أَمَّا عِنْدَنَا فَلِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ لَا عُمُومَ لَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أُخْرَوِيٌّ وَهُوَ الْمَأْثَمُ. أَيْ الْإِثْمُ يَعْنِي الْمُرَادُ بِالْأُخْرَوِيِّ هُنَا الْإِثْمُ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ الْأُخْرَوِيُّ هُوَ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ. (13) قَوْلُهُ: وَدُنْيَوِيٌّ، وَهُوَ الْفَسَادُ يَعْنِي. هُنَا، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ الدُّنْيَوِيُّ هُوَ الْجَوَازُ وَالْفَسَادُ. (14) قَوْلُهُ: وَالْحُكْمَانِ مُخْتَلِفَانِ إلَخْ. إذْ الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ الْعَزِيمَةِ وَفَسَادِهَا وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُودِ الْأَرْكَانِ وَالشَّرَائِطِ وَعَدَمِهَا فَيُوجَدُ أَحَدُهُمَا بِدُونِ الْآخَرِ كَمَنْ صَلَّى رِيَاءً مُرَاعِيًا الشَّرَائِطَ، وَالْأَرْكَانَ، وَمَنْ صَلَّى مُتَوَضِّئًا بِمَاءٍ نَجِسٍ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ، وَلَمَّا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ صَارَ لَفْظُ الْحُكْمِ مُشْتَرَكًا. (15) قَوْلُهُ: فَلَا يَعُمُّ أَمَّا عِنْدَنَا فَلِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ لَا عُمُومَ لَهُ. قَالَ الْعَلَّامَةُ صَاحِبُ الْكَشْفِ: فِيهِ نَوْعُ اشْتِبَاهٍ، فَإِنَّ الِاشْتِرَاكَ الَّذِي لَا يَجْرِي الْعُمُومُ فِيهِ هُوَ الِاشْتِرَاكُ اللَّفْظِيُّ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مَوْضُوعًا بِإِزَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعَانِي كَالْقُرْءِ دُونَ الْمَعْنَوِيِّ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ بِإِزَاءِ مَعْنًى يَعُمُّ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً كَالْحَيَوَانِ، وَالْحُكْمُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّيْءِ هُوَ الْأَثَرُ الثَّابِتُ بِهِ فَيَتَنَاوَلُ الْجَوَازَ وَالْفَسَادَ وَالثَّوَابَ وَالْعِقَابَ بِهَذَا الْمَعْنَى الْعَامِّ لَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ جَوَازًا أَوْ ثَوَابًا، وَمَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ مِنْ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْجَوَازَ وَالْفَسَادَ وَالثَّوَابَ وَالْإِثْمَ قَصْدًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ كَالْعَيْنِ يَتَنَاوَلُ الْيَنْبُوعَ وَالشَّمْسَ قَصْدًا فَكَانَ مُشْتَرَكًا لَفْظِيًّا تَحَكُّمٌ إذْ لَا نَقْلَ فِيهِ، وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ: هَذَا الْمَنْعُ خَارِجٌ عَنْ قَانُونِ التَّوْجِيهِ بَيَانُهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَسْتَدِلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى عَدَمِ فَسَادِ الصَّلَاةِ بِالْأَكْلِ نَاسِيًا أَوْ مُحِيطًا فَقَالَ عُلَمَاؤُنَا رَدًّا عَلَيْهِ: إنَّمَا يَسْتَقِيمُ الِاسْتِدْلَال بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَمَلٍ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ ثُمَّ بَيَّنُوا وَجْهَ الِاحْتِمَالِ بِأَنَّ لَفْظَ الْحُكْمِ مُشْتَرَكٌ عَلَى وَجْهِ السَّنَدِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَدِلِّ حِينَئِذٍ إلَّا الْجَوَابُ عَنْ الْمَنْعِ لَا مَعَ السَّنَدِ أَوْ نَقُولُ بِوَجْهٍ أَظْهَرَ هُوَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لِمَا ادَّعَى أَنَّ الْحُكْمَ مُشْتَرَكٌ مَعْنَوِيٌّ وَبَنَى

وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلِأَنَّ الْمَجَازَ لَا عُمُومَ لَهُ، 17 - فَإِذَا ثَبَتَ الْأُخْرَوِيُّ إجْمَاعًا لَمْ يَثْبُتْ الْآخَرُ كَذَا فِي التَّنْقِيحِ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِنَا عَلَى الْمَنَارِ. وَأَمَّا الْحُكْمُ الدُّنْيَوِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَحْكَامَ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: إنَّمَا يَصِحُّ بِنَاءُ مَا ذَكَرْت مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ إنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَفْظُ الْحُكْمِ مُشْتَرَكًا لَفْظِيًّا، وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُ الْمُعَلِّلِ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا مَعْنَوِيًّا خَارِجًا عَنْ التَّوْجِيهِ عَلَى مَا لَا يَخْفَى. عَلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِمْ: حُكْمُ الدُّنْيَا وَحُكْمُ الْعُقْبَى مَبْنِيَّةٌ لِأَحَدِ مَعْنَيَيْهِ إمَارَةُ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ يُقَالُ: عَيْنُ الذَّهَبِ وَعَيْنُ الْإِنْسَانِ وَالْمُتَوَاطِئِ بِمَعْزِلٍ عَنْ ذَلِكَ سَلَّمْنَا أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ مَعْنَوِيٌّ لَكِنْ لَا يَضُرُّنَا هَذَا الْمَنْعُ؛ إذْ الْمُدَّعَى لَيْسَ إلَّا الْإِجْمَالُ، وَالتَّوَاطُؤُ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ إذْ الْمُجْمَلُ مَا لَا يُفْهَمُ مِنْهُ الْمُرَادُ إلَّا بِالِاسْتِفْسَارِ، وَقَدْ يَحْسُنُ الِاسْتِفْسَارُ عَنْ أَفْرَادِ الْمُتَوَاطِئِ قَالَ الْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ: اللَّفْظُ إذَا كَانَ مُحْتَمِلًا لِمَعَانٍ كَثِيرَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ حَمْلُهُ عَلَى بَعْضِهَا أَوْلَى مِنْ الْبَاقِيَةِ كَانَ مُجْمَلًا ثُمَّ تَنَاوُلُ اللَّفْظُ لِتِلْكَ الْمَعَانِي إمَّا بِحَسْبِ مَعْنَى وَاحِدٍ وَهُوَ الْمُشْتَرَكُ إلَى هُنَا كَلَامُهُ قَالَ الْفَاضِلُ شَرَفُ بْنُ كَمَالٍ مَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ فِي الْوَاقِعِ جَوَابٌ عَنْ الْمَنْعِ لَا مَنْعُ السَّنَدِ كَمَا زَعَمَ، بَيَانُهُ أَنَّهُ لَمَّا أَثْبَتَ كَوْنَهُ مُشْتَرَكًا مَعْنَوِيًّا، وَهُوَ عَامٌّ حَقِيقَةً انْتَفَى الْإِجْمَالُ، وَهُوَ الْمُدَّعَى إذْ الْمُجْمَلُ مَا لَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِ قَبْلَ الْبَيَانِ أَوْ لَا يُفْهَمُ الْمُرَادُ مِنْهُ إلَّا بِالِاسْتِفْسَارِ كَمَا ذُكِرَ وَالْعَامُّ يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِ قَبْلَ الْبَيَانِ، وَيُفْهَمُ الْمُرَادُ مِنْهُ قَبْلَ الِاسْتِفْسَارِ بِحَمْلِهِ عَلَى جَمِيعِ أَفْرَادِهِ وَإِذَا أَمْكَنَ فَلَا حُسْنَ لِقَوْلِهِ، وَقَدْ يَحْسُنُ الِاسْتِفْسَارُ عَنْ أَفْرَادِ الْمُتَوَاطِئِ عَلَى مَا لَا يَخْفَى وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمَحْصُولِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْحَمْلُ عَلَى جَمِيعِ الْمَعَانِي أَوْ عَلَى الْبَعْضِ الْمُعَيَّنِ. (16) قَوْلُهُ: وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلِأَنَّ الْمَجَازَ لَا عُمُومَ لَهُ. أَقُولُ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ لِلشَّرِيفِ بْنِ كَمَالٍ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِمَّا لَا يَثْبُتُ عَنْ الشَّافِعِيِّ. (17) قَوْلُهُ: فَإِذَا ثَبَتَ الْأُخْرَوِيُّ إجْمَاعًا لَمْ يَثْبُتْ الْآخَرُ. يَعْنِي لَمَّا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ وَصَارَ لَفْظُ الْحُكْمِ مُشْتَرَكًا فَلَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ عَلَى فَسَادِ الصَّلَاةِ بِالْأَكْلِ نَاسِيًا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ إلَّا بِدَلِيلٍ يَقْتَرِنُ بِهِ يُرَجِّحُ أَحَدَ مُحْتَمَلَيْهِ، وَهُوَ الدُّنْيَوِيُّ إذْ الْأُخْرَوِيُّ مُرَادٌ بِالْإِجْمَاعِ فَانْتَفَى الدُّنْيَوِيُّ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا لِعَدَمِ جَوَازِ عُمُومِ الْمُشْتَرَكِ.

[من صلى بنجاسة مانعة ناسيا أو نسي ركنا من أركان الصلاة]

فَإِنْ وَقَعَ فِي تَرْكِ مَأْمُورٍ لَمْ يَسْقُطْ بَلْ يَجِبُ تَدَارُكُهُ 19 - وَلَا يَحْصُلُ الثَّوَابُ الْمُتَرَقَّبُ عَلَيْهِ، أَوْ فِعْلِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ، 20 - فَإِنْ أَوْجَبَ عُقُوبَةً كَانَ شُبْهَةً فِي إسْقَاطِهَا، 21 - فَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا أَوْ حَجًّا أَوْ زَكَاةً أَوْ كَفَّارَةً أَوْ نَذْرًا وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ بِلَا خِلَافٍ، 22 - وَكَذَا الْوُقُوفُ بِغَيْرِ عَرَفَةَ غَلَطًا يَجِبُ الْقَضَاءُ اتِّفَاقًا، 23 - وَمِنْهَا مَنْ صَلَّى بِنَجَاسَةٍ مَانِعَةٍ نَاسِيًا أَوْ نَسِيَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ 24 - وَتَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِي الِاجْتِهَادِ فِي الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَقْتَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ فِي تَرْكِ مَأْمُورٍ لَمْ يَسْقُطْ الْحُكْمُ. وَهُوَ الْفَسَادُ؛ لِأَنَّ النِّسْيَانَ لَا يُنَافِي الْوُجُوبَ وَلَا وُجُوبَ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخِلُّ بِالْأَهْلِيَّةِ لِكَمَالِ الْعَقْلِ وَإِيجَابِ الْحُقُوقِ عَلَى النَّاسِي لَا يُؤَدِّي إلَى إيقَاعِهِ فِي الْحَرَجِ لِيَمْتَنِعَ الْوُجُوبُ بِهِ. (19) قَوْلُهُ: وَلَا يَحْصُلُ الثَّوَابُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ. كَذَا فِي النُّسَخِ، وَالصَّوَابُ يَحْصُلُ بِإِسْقَاطِ لَا، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الثَّوَابَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى الْفِعْلِ الْمَأْمُورِ الَّذِي تَرَكَهُ يَحْصُلُ بِتَدَارُكِهِ. (20) قَوْلُهُ: فَإِنْ أَوْجَبَ عُقُوبَةً إلَخْ. دُنْيَوِيَّةً كَالْحُدُودِ كَمَا لَوْ شَرِبَ الْخَمْرَ نَاسِيًا، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَا لَا يُوجِبُ عُقُوبَةً لَا يَسْقُطُ كَمَا لَوْ تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا (21) قَوْلُهُ: فَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً إلَخْ. تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: فَإِنْ وَقَعَ فِي تَرْكِ الْمَأْمُورِ (22) قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ وَقَفَ بِغَيْرِ عَرَفَةَ غَلَطًا. أَقُولُ فِيهِ: إنَّ الْكَلَامَ فِي النِّسْيَانِ لَا فِي الْغَلَطِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَقْصُودَهُ التَّنْظِيرُ لِلْفَرْعِ لَا التَّمْثِيلُ [مَنْ صَلَّى بِنَجَاسَةٍ مَانِعَةٍ نَاسِيًا أَوْ نَسِيَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ] (23) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا مَنْ صَلَّى بِنَجَاسَةٍ. أَقُولُ: لَيْسَ لِهَذَا الضَّمِيرِ مَرْجِعٌ فِي نَظْمِ الْكَلَامِ يُرْجَعُ إلَيْهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ رَاجِعٌ إلَى لَفْظِ الْفُرُوعِ مُتَعَقَّلٌ فِي الذِّهْنِ أَيْ مِنْ الْفُرُوعِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَلَى قَوْلِهِ، فَإِنْ وَقَعَ فِي تَرْكِ مَأْمُورٍ بِهِ. (24) قَوْلُهُ: أَوْ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِي الِاجْتِهَادِ فِي الْمَاءِ إلَخْ. بَعْدَ مَا تَوَضَّأَ، وَفِي الثَّوْبِ بَعْدَ مَا صَلَّى، وَفِي الْوَقْتِ بَعْدَ مَا صَلَّى، وَفِي الصَّوْمِ بَعْدَ مَا صَامَ

أَوْ نَسِيَ نِيَّةَ الصَّوْمِ أَوْ تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا وَمِمَّا يَسْقُطُ حُكْمُهُ فِي النِّسْيَانِ لَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا فِي الصَّوْمِ أَوْ جَامَعَ لَمْ يَبْطُلْ 26 - أَوْ أَكَلَ نَاسِيًا فِي الصَّلَاةِ تَبْطُلُ، 27 - وَلَوْ سَلَّمَ نَاسِيًا فِي الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ وَالنَّاسِي وَالْعَامِدُ فِي الْيَمِينِ سَوَاءٌ، وَكَذَا فِي الطَّلَاقِ لَوْ قَالَ: زَوْجَتِي طَالِقٌ نَاسِيًا أَنَّ لَهُ زَوْجَةً، وَكَذَا فِي الْعَتَاقِ، وَكَذَا فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ. 28 - وَقَدْ جَعَلَ لَهُ أَصْلًا فِي التَّحْرِيرِ فَقَالَ: إنْ كَانَ مَعَهُ مُذَكِّرٌ، وَلَا دَاعِيَةَ لَهُ 29 - كَأَكْلِ الْمُصَلِّي لَمْ يَسْقُطْ لِتَقْصِيرِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ نَسِيَ نِيَّةَ الصَّوْمِ. أَيْ وَصَامَ بِلَا نِيَّةٍ. (26) قَوْلُهُ: أَوْ أَكَلَ نَاسِيًا فِي الصَّلَاةِ. عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَوْ أَكَلَ وَمُقْتَضَى الْعَطْفِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا سَقَطَ حُكْمُهُ بِالنِّسْيَانِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مِمَّا لَمْ يَسْقُطْ حُكْمُهُ بِالنِّسْيَانِ كَمَا يُفِيدُهُ. (27) قَوْلُهُ: وَلَوْ سَلَّمَ إلَخْ. جَوَابُ لَوْ سَاقِطٌ، وَهُوَ لَا تَبْطُلُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي بِخِلَافِ سَلَامِهِ فِي الْقَعْدَةِ (28) قَوْلُهُ: وَقَدْ جُعِلَ لَهُ أَصْلًا فِي التَّحْرِيرِ. أَيْ لِمَا ذَكَرَهُ مِمَّا يَسْقُطُ حُكْمُهُ بِالنِّسْيَانِ وَمَا لَا يَسْقُطُ. (29) قَوْلُهُ: كَأَكْلِ الْمُصَلِّي إلَخْ. أَيْ فِي أَيِّ رُكْنٍ مِنْ صَلَاتِهِ نَاسِيًا لِلصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ النِّسْيَانُ هُنَا عُذْرًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلَ النِّسْيَانِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي غَلَبَةِ الْوُجُودِ وَهُوَ نِسْيَانُ الصَّوْمِ وَالتَّسْمِيَةِ فِي الذَّبِيحَةِ لِوُجُودِ هَيْئَةٍ مُذَكِّرَةٍ لَهُ تَمْنَعُهُ مِنْ النِّسْيَانِ إذَا نَظَرَ إلَيْهَا فَكَانَ وُقُوعُهُ مِنْهُ لِغَفْلَتِهِ وَتَقْصِيرِهِ فَلَا يُمْكِنُ إلْحَاقُهُ بِالْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ.

[نسي المديون الدين حتى مات]

بِخِلَافِ سَلَامِهِ فِي الْقَعْدَةِ، 31 - أَوْ لَا مَعَهُ مَعَ دَاعٍ كَأَكْلِ الصَّائِمِ سَقَطَ 32 - أَوْ لَا 33 - وَلَا فَأَوْلَى كَتَرْكِ الذَّابِحِ التَّسْمِيَةَ (انْتَهَى) وَمِنْ مَسَائِلِ النِّسْيَانِ 34 - لَوْ نَسِيَ الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ حَتَّى مَاتَ، فَإِنْ كَانَ ثَمَنَ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَصْبًا يُؤَاخَذْ بِهِ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَمِنْهَا لَوْ عَلِمَ الْوَصِيُّ بِأَنَّ الْمُوصِيَ أَوْصَى بِوَصَايَا لَكِنَّهُ نَسِيَ مِقْدَارَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِخِلَافِ سَلَامِهِ فِي الْقَعْدَةِ. أَيْ الْأُولَى ظَانًّا أَنَّهَا الْقَعْدَةُ الْأَخِيرَةُ حَيْثُ جُعِلَ النِّسْيَانُ عُذْرًا حَيْثُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْقَعْدَةَ مَحَلُّ السَّلَامِ، وَلَيْسَ لِلْمُصَلِّي هَيْئَةٌ تُذَكِّرُ أَنَّهَا الْقَعْدَةُ الْأُولَى فَيَكُونُ مِثْلَ النِّسْيَانِ فِي الصَّوْمِ. (31) قَوْلُهُ: أَوْ لَا مَعَهُ مَعَ دَاعٍ إلَخْ. أَيْ لَا مَعَ النِّسْيَانِ مُذَكِّرٌ مَعَ دَاعِي النِّسْيَانِ كَأَكْلِ الصَّائِمِ؛ إذْ لَيْسَ لَهُ حَالَةٌ خَاصَّةٌ تُذَكِّرُهُ، وَلَكِنَّهُ مَعَهُ دَاعِي النِّسْيَانِ، وَهُوَ التَّوَقَانُ إلَى الطَّعَامِ. (32) قَوْلُهُ: أَوْ لَا. وَلَا أَيْ: لَا مَعَ النِّسْيَانِ مُذَكِّرٌ وَلَا دَاعِيَ لَهُ. (33) قَوْلُهُ: فَأَوْلَى إلَخْ. أَيْ فَأَوْلَى أَنْ يَسْقُطَ حُكْمُهُ كَتَرْكِ الذَّابِحِ التَّسْمِيَةَ فَإِنَّهُ لَا دَاعِيَ إلَى تَرْكِهَا، وَلَيْسَ ثَمَّةَ مَا يُذَكِّرُ إخْطَارَهَا بِالْبَالِ وَإِجْرَاءَهَا عَلَى اللِّسَانِ كَذَا فِي التَّلْوِيحِ وَيُشْكِلُ الْأَوَّلُ بِتَعْلِيلِهِمْ حَلَّهَا بِقَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ قَتْلَ الْحَيَوَانِ يُوجِبُ خَوْفًا وَهَيْبَةً وَتَغَيُّرَ حَالِ الْبَشَرَةِ غَالِبًا لِنُفُورِ الطَّبْعِ عَنْهُ وَلِهَذَا لَا يَحْسُنُ الذَّبْحُ مِنْ النَّاسِي خُصُوصًا مَنْ كَانَ طَبْعُهُ رَقِيقًا يَتَأَلَّمُ بِإِيذَاءِ الْحَيَوَانِ فَيَشْتَغِلُ الْقَلْبُ بِهِ فَيَتَمَكَّنُ النِّسْيَانُ مِنْ التَّسْمِيَةِ فِي تِلْكَ الْحَالِ، وَيُنَاقِشُ الثَّانِي بِأَنَّ هَيْئَةَ إضْجَاعِهَا وَبِيَدِهِ الْمُدْيَةِ لِقَصْدِ إزْهَاقِ رُوحِهَا مُذَكِّرَةٌ لَهُ بِالتَّسْمِيَةِ فَالْأَوْلَى التَّوْجِيهُ بِمَا قَالُوهُ، وَهُوَ الْمَعْنَى أَبَدًا حُكْمُهُ، وَإِلَّا فَالْمُفَرَّعُ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ السَّمْعُ كَذَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ [نَسِيَ الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ حَتَّى مَاتَ] (34) قَوْلُهُ: لَوْ نَسِيَ الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ حَتَّى مَاتَ إلَخْ. أَقُولُ الذِّمِّيُّ فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ فِي فَصْلِ بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ: وَالْمَدْيُونُ رَجُلٌ مَاتَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ نَسِيَهُ وَوَارِثُهُ

[علم الوصي بأن الموصي أوصى بوصايا لكنه نسي مقدارها]

وَحُكْمُهُ فِي وَصَايَا خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ 36 - وَأَمَّا الْجَهْلُ فَحَقِيقَتُهُ 37 - عَدَمُ الْعِلْمِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْعِلْمُ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْلَمُ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْوَارِثَ يَقْضِي دَيْنًا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، وَلَوْ أَنَّ هَذَا الْوَارِثَ نَسِيَ أَيْضًا حَتَّى مَاتَ لَا يُؤَاخَذُ الْوَارِثُ بِذَلِكَ فِي دَارِ الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَمْ يُبَاشِرْ سَبَبَ الدَّيْنِ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَمْ يَكُنْ ظَالِمًا، وَالنِّسْيَانُ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ (انْتَهَى) . فَلَعَلَّ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْخَانِيَّةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا فَلْيُرَاجَعْ [عَلِمَ الْوَصِيُّ بِأَنَّ الْمُوصِيَ أَوْصَى بِوَصَايَا لَكِنَّهُ نَسِيَ مِقْدَارَهَا] (35) قَوْلُهُ: وَحُكْمُهُ فِي وَصَايَا خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. أَقُولُ: قَالَ فِيهَا يَسْتَأْذِنُهُمْ بِأَنْ يُعْطِيَهُمْ كَيْفَ شَاءَ فَإِذَا أَذِنُوا لَهُ جَازَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ كَيْفَ شَاءَ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَهَذَا ظَاهِرٌ حَسَنٌ لَوْ أَذِنُوا لَهُ [حَقِيقَة الْجَهْل وَأَقْسَامه] (36) قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْجَهْلُ فَحَقِيقَتُهُ إلَخْ. قِيلَ اعْتِقَادُ الشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ بِهِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يُسْتَلْزَمُ كَوْنُ الْمَعْدُومِ شَيْئًا إذْ الْجَهْلُ يَتَحَقَّقُ بِالْمَعْدُومِ كَمَا يَتَحَقَّقُ بِالْمَوْجُودِ أَوْ كَوْنُ الْمَعْدُومِ غَيْرَ دَاخِلٍ فِي الْحَدِّ، وَكَلَامُهُمَا فَاسِدٌ كَذَا فِي الْكَشْفِ الصَّغِيرِ. أَقُولُ هَذَا الِاعْتِرَاضُ إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْمَعْدُومَ لَيْسَ بِشَيْءٍ أَمَّا عَلَى مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ فَلَا. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْقَائِلَ بِهَذَا التَّعْرِيفِ مُعْتَزِلِيٌّ وَحِينَئِذٍ لَا يَتَوَجَّهُ الِاعْتِرَاضُ. (37) قَوْلُهُ: عَدَمُ الْعِلْمِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْعِلْمُ. أَيْ أَنْ يَعْلَمَ؛ فَعَلَى هَذَا لَا يُقَالُ لِلْحَجَرِ وَالْحَائِطِ جَاهِلٌ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ شَأْنَهُمَا فَيَكُونُ التَّقَابُلُ بَيْنَهُمَا تَقَابُلَ الْعَدَمِ وَالْمَلَكَةِ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ قَيْدٌ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ يَكُونُ الْحَجَرُ وَالْحَائِطُ جَاهِلَيْنِ فَالتَّقَابُلُ بَيْنَهُمَا تَقَابُلُ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، وَقِيلَ: إنَّهُ صِفَةُ تَضَادِّ الْعِلْمِ فِي مَحَلٍّ قَابِلٍ لَهُ فَهُوَ وُجُودِيٌّ وَالتَّقَابُلُ بَيْنَهُمَا تَقَابُلُ التَّضَادِّ، وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى نَظَرِيٌّ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ وَيُمْكِنُ إزَالَتُهُ بِالتَّعَلُّمِ وَإِنَّمَا الْعَيْبُ فِي التَّقْصِيرِ فِي إزَالَتِهِ قَالَ الْمُتَنَبِّي: وَلَمْ أَرَ فِي عُيُوبِ النَّاسِ عَيْبًا ... كَنَقْصِ الْقَادِرِينَ عَلَى التَّمَامِ وَقَالَ الشَّاعِرُ: فَاجْهَدْ بِنَفْسِك وَاسْتَكْمِلْ فَضَائِلَهَا ... فَأَنْتَ بِالنَّفْسِ لَا بِالْجِسْمِ إنْسَانُ

فَإِنْ قَارَنَ اعْتِقَادَ النَّقِيضِ فَهُوَ مُرَكَّبٌ، 39 - وَهُوَ الْمُرَادُ بِالشُّعُورِ بِالشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ بِهِ 40 - وَإِلَّا فَبَسِيطٌ وَهُوَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ الشُّعُورِ 41 - وَأَقْسَامُهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْأُصُولِيُّونَ كَمَا فِي الْمَنَارِ أَرْبَعَةٌ، 42 - الْأَوَّلُ: جَهْلٌ بَاطِلٌ لَا يَصْلُحُ عُذْرًا فِي الْآخِرَةِ، 43 - كَجَهْلِ الْكَافِرِ بِصِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَحْكَامِ الْآخِرَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ قَارَنَ اعْتِقَادَ النَّقِيضِ فَمُرَكَّبٌ. بِأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ عَالِمٌ اعْتِقَادًا غَيْرَ مُطَابِقٍ. (39) قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ بِالشُّعُورِ بِالشَّيْءِ إلَخْ. أَقُولُ: وَحَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ اعْتِقَادٌ جَازِمٌ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ مَعَ اعْتِقَادِ الْمُطَابَقَةِ وَهُوَ عَيْبٌ لَا يُمْكِنُ إزَالَتُهُ بِالتَّعَلُّمِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ عَالِمٌ فَلَا يَشْتَغِلُ بِالتَّعَلُّمِ وَعَلَى تَقْسِيمِ الْجَهْلِ إلَى مُرَكَّبٍ وَبَسِيطٍ قَالَ الشَّاعِرُ: قَالَ حِمَارُ الْحَكِيمِ يَوْمًا ... لَوْ أَنْصَفُونِي لَكُنْت أَرْكَبُ ؛ لِأَنَّنِي جَاهِلٌ بَسِيطٌ ... وَرَاكِبِي جَهْلُهُ مُرَكَّبُ وَقَالَ الْمُتَنَبِّي: وَمَنْ جَاهِلٍ لِي وَهُوَ يَجْهَلُ جَهْلَهُ ... وَيَجْهَلُ عِلْمِي أَنَّهُ بِي جَاهِلٌ (40) قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَبَسِيطٌ إلَخْ. وَذَلِكَ كَمَا إذَا قِيلَ لَك أَنْتَ تَعْلَمُ عَدَدَ شَعْرِ رَأْسِك أَوْ تَجْهَلُهُ فَتَقُولُ أَجْهَلُهُ فَإِذَا قِيلَ لَك أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّك جَاهِلٌ بِذَلِكَ فَتَقُولُ نَعَمْ (41) قَوْلُهُ: وَأَقْسَامُهُ إلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي الْمَنَارِ. أَقُولُ الَّذِي فِي الْمَنَارِ وَشُرُوحِهِ أَنَّ الْجَهْلَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ جَهْلٌ بَاطِلٌ لَا يَصْلُحُ عُذْرًا وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ وَالثَّانِي الْجَهْلُ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ وَالثَّالِثُ الْجَهْلُ فِي دَارِ الْحَرْبِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ. (42) قَوْلُهُ: جَهْلٌ بَاطِلٌ لَا يَصْلُحُ عُذْرًا فِي الْآخِرَةِ. قُيِّدَ بِالْآخِرَةِ إذْ قَدْ يُجْعَلُ عُذْرًا فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا بِقَبُولِ الذِّمَّةِ حَتَّى لَا يُقْتَلَ، وَإِنْ لَمْ يُجْعَلْ عُذْرًا فِي الْآخِرَةِ حَتَّى يُعَاقَبَ فِيهَا كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنَارِ لِشَرَفِ بْنِ كَمَالٍ. (43) قَوْلُهُ: كَجَهْلِ الْكَافِرِ بِصِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى. أَقُولُ الصَّوَابُ كَجَهْلِ الْكَافِرِ

وَجَهْلِ صَاحِبِ الْهَوَى ـــــــــــــــــــــــــــــQبِاَللَّهِ وَرُسُلِهِ وَهُوَ الْأَقْوَى فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ عُذْرًا أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ مُكَابَرَةٌ وَعِنَادٌ بَعْدَ وُضُوحِ الدَّلَائِلِ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرُبُوبِيَّتِهِ بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ مِنْ حُدُوثِ الْعَالَمِ الْمَحْسُوسِ وَكَذَا عَلَى حَقِّيَّةِ الرَّسُولِ مِنْ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُعْجِزَاتِ وَأَوْرَدَ بِأَنَّ الْكَافِرَ الْمُعَانِدَ قَدْ يَعْرِفُ الْحَقَّ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14] وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكُونُ جَهْلًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى الْجَهْلِ مِنْهُمْ عَدَمُ التَّصْدِيقِ الْمُفَسَّرُ بِالْإِذْعَانِ وَالْقَبُولِ وَرَدَّهُ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ بِأَنَّ الْإِذْعَانَ حَاصِلٌ فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ قَلْبِيٌّ وَأَجَابَ عَنْ الْإِيرَادِ بِأَنَّ تَرْكَ الْإِقْرَارِ فِيمَا يَعْرِفُهُ وَيَجْحَدُهُ جَهْلٌ ظَاهِرٌ وَبَحَثَ فِيهِ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ بِأَنَّ تَرْكَ الْإِقْرَارِ كَالْإِقْرَارِ لِسَانِيٌّ كَمَا أَنَّ الْجَهْلَ كَالْعِلْمِ جِنَانِيٌّ فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ جَعْلُ تَرْكِ الْإِقْرَارِ مِنْ قَبِيلِ الْجَهْلِ؟ وَأَجَابَ الْمَوْلَى خُسْرو عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ فِي شَرْحِ الْمِرْقَاةِ إمَّا بِتَخْصِيصِ الْمِثَالِ بِجَهْلِ كَافِرٍ غَيْرِ مُعَانِدٍ، وَإِمَّا بِتَعْمِيمِهِ بِجَهْلِ الْمُعَانِدِ وَجَعْلِ تَسْمِيَةِ فِعْلِهِ جَهْلًا مِنْ قَبِيلِ تَسْمِيَةِ السَّبَبِ بِاسْمِ الْمُسَبَّبِ، فَإِنَّ تَرْكَهُمْ الْإِقْرَارَ وَإِظْهَارَهُمْ الْإِنْكَارَ مُسَبَّبٌ عَنْ جَهْلِهِمْ لِوَخَامَةِ عَاقِبَةِ مَنْ تَرَكَ الْعَمَلَ بِمُوجَبِ عِلْمٍ تُفِيدُهُ الْبَرَاهِينُ الْقَطْعِيَّةُ فَتَدَبَّرْ. (44) قَوْلُهُ: وَجَهْلِ صَاحِبِ الْهَوَى. أَيْ بِصِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى مِثْلُ جَهْلِ الْمُجَسِّمَةِ وَالْكَرَامِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا بِحُدُوثِ صِفَاتِ اللَّهِ - تَعَالَى - مِثْلُ جَهْلِ الْفَلَاسِفَةِ بِالصِّفَاتِ حَيْثُ لَا يُثْبِتُونَهَا وَيُمَتِّنُونَ مِنْ إطْلَاقِ مِثْلِ الْعَالِمِ وَالْقَادِرِ وَالسَّمِيعِ وَالْبَصِيرِ عَلَى الْبَارِئِ تَعَالَى تَفَاوُتًا عَنْ التَّشْبِيهِ فَإِنَّهُمْ لَا يُثْبِتُونَ صِفَاتِ اللَّهِ - تَعَالَى - حَقِيقِيَّةً قَائِمَةً بِذَاتِهِ تَعَالَى وَيَقُولُونَ عَالِمٌ بِلَا عِلْمٍ وَقَادِرٌ بِلَا قُدْرَةٍ وَمِثْلُ جَهْلِ صَاحِبِ الْهَوَى فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ مِثْلُ جَهْلِ بَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ بِعَذَابِ الْقَبْرِ وَسُؤَالِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ وَالْمِيزَانِ وَالصِّرَاطِ وَالْحَوْضِ وَالشَّفَاعَةِ وَهَذَا الْجَهْلُ دُونَ الْأَوَّلِ لِكَوْنِ هَذَا الْجَاهِلِ مُتَأَوِّلًا بِالْقُرْآنِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الزَّاهِدِيَّ صَرَّحَ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى عَذَابِ الْقَبْرِ وَبِالرُّؤْيَةِ وَالشَّفَاعَةِ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ وَعَفْوِ مَا دُونَ الْكُفْرِ وَعَدَمِ خُلُودِ الْفُسَّاقِ فِي النَّارِ نُقِلَ ذَلِكَ عَنْهُ فِي الْمِرْآةِ شَرْحِ الْمِرْقَاةِ.

وَجَهْلِ الْبَاغِي حَتَّى يَضْمَنَ مَالَ الْعَدْلِ إذَا أَتْلَفَهُ. وَجَهْلِ 46 - مَنْ خَالَفَ فِي اجْتِهَادِهِ الْكِتَابَ أَوْ السُّنَّةَ الْمَشْهُورَةَ وَالْإِجْمَاعَ كَالْفَتْوَى بِبَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ 47 - وَالثَّانِي: الْجَهْلُ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ الصَّحِيحِ أَوْ فِي مَوْضِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَجَهْلِ الْبَاغِي إلَخْ. وَهُوَ الَّذِي خَرَجَ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ الْحَقِّ ظَانًّا أَنَّهُ عَلَى الْحَقِّ، وَالْإِمَامُ عَلَى الْبَاطِلِ بِتَأْوِيلٍ فَاسِدٍ، فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ عُذْرًا؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلدَّلِيلِ الْقَاطِعِ الْوَاضِحِ، وَهُوَ أَنَّ إمَامَ الْمُسْلِمِينَ إذَا كَانَ عَادِلًا يَكُونُ عَلَى الْحَقِّ لَا يَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَأْوِيلٌ فَحُكْمُهُ حُكْمُ اللُّصُوصِ، وَعَلَى هَذَا قُلْنَا الْبَاغِي إنْ أَتْلَفَ مَالَ الْعَادِلِ أَوْ نَفْسَهُ وَلَا مَنَعَةَ لَهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مُفِيدٌ لِبَقَاءِ وِلَايَةِ الْإِلْزَامِ لِكَوْنِهِ مُسْلِمًا وَلَا شَوْكَةَ لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهُ مَنَعَةٌ حَيْثُ لَا يَضْمَنُ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْفَائِدَةِ إذْ وِلَايَةُ الْإِلْزَامِ عَلَيْهِ مُنْقَطِعَةٌ لِشَوْكَتِهِ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِتَأْوِيلِهِ الْفَاسِدِ هَذَا إذَا هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فِي يَدِهِ وَجَبَ رَدُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ بِالْأَخْذِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ سُقُوطَ الضَّمَانِ مُعَلَّلٌ بِعِلَّةٍ ذَاتِ وَصْفَيْنِ وَهِيَ الْمَنَعَةُ مَعَ التَّأْوِيلِ فَإِذَا انْتَفَى أَحَدُهُمَا لَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ. (46) قَوْلُهُ: وَجَهْلِ مَنْ خَالَفَ فِي اجْتِهَادِهِ الْكِتَابَ أَوْ السُّنَّةَ الْمَشْهُورَةَ أَوْ عَمِلَ بِالْغَرِيبِ عَلَى خِلَافِ الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ أَصْلًا كَالْفَتْوَى بِبَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَهُوَ مَذْهَبُ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ وَدَاوُد الْأَصْفَهَانِيِّ مُتَمَسِّكِينَ بِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: «كُنَّا نَبِيعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» كَالْفَتْوَى بِحِلِّ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَامِدًا عَمَلًا بِالْغَرِيبِ مِنْ السُّنَّةِ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] (47) قَوْلُهُ: وَالثَّانِي: الْجَهْلُ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ الصَّحِيحِ. يَعْنِي بِأَنْ لَا يَكُونَ

الشُّبْهَةِ وَأَنَّهُ يَصْلُحُ عُذْرًا وَشُبْهَةً، كَالْمُحْتَجِمِ إذَا أَفْطَرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا فَطَّرَتْهُ، وَكَمَنْ زَنَى بِجَارِيَةِ وَالِدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ 48 - عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ 1 - وَالثَّالِثُ: الْجَهْلُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ مُسْلِمٍ لَمْ يُهَاجِرْ 2 - وَإِنَّهُ يَكُونُ عُذْرًا ـــــــــــــــــــــــــــــQمُخَالِفًا لِلْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ الْإِجْمَاعِ فَإِنَّهُ يَصْلُحُ عُذْرًا كَالْمُحْجِمِ أَفْطَرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْحِجَامَةَ مُفْطِرَةٌ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ جَهْلَهُ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ الصَّحِيحِ، فَإِنَّ الْحِجَامَةَ تُفْسِدُ الصَّوْمَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَوْزَاعِيِّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» وَهَذَا إذَا كَانَ ظَنُّهُ مَبْنِيًّا عَلَى فَتْوَى مُفْتٍ أَوْ سَمَاعِ حَدِيثٍ أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مَبْنِيٍّ عَلَى أَحَدِهِمَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ بِالِاتِّفَاقِ بِخِلَافِ الْمُغْتَابِ لَوْ أَفْطَرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْغِيبَةَ فَطَّرَتْهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْغِيبَةُ تُفْطِرُ الصَّائِمَ» ؛ لِأَنَّهُ مُؤَوَّلٌ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا يَكُونُ جَهْلُهُ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ الصَّحِيحِ. (48) قَوْلُهُ: عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ فَإِنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ؛ لِأَنَّ الْأَمْلَاكَ مُتَّصِلَةٌ بَيْنَ الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَالزَّوْجَيْنِ، وَالْمَنَافِعُ دَائِرَةٌ؛ وَلِهَذَا لَا نَقْبَلُ شَهَادَةَ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ فَيَكُونُ مَحَلًّا لِلِاشْتِبَاهِ فَيَصِيرُ الْجَهْلُ شُبْهَةً فَتَصْلُحُ دَارِئَةً لِلْحَدِّ وَيُسَمَّى هَذَا شُبْهَةَ الِاشْتِبَاهِ فَلَا يَثْبُتُ بِهَا النَّسَبُ، وَإِنْ ادَّعَى وَلَدُهَا، وَلَا تَجِبُ الْعِدَّةُ بِخِلَافِ مَا إذَا وَطِئَ الْأَبُ جَارِيَةَ ابْنِهِ حَيْثُ يَثْبُتُ النَّسَبُ إذَا ادَّعَى وَلَدَهَا وَإِنْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ نَشَأَتْ فِيهِ عَنْ الدَّلِيلِ وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» وَشُبْهَةُ الدَّلِيلِ أَقْوَى مِنْ شُبْهَةِ الِاشْتِبَاهِ (1) قَوْلُهُ: وَالثَّالِثُ الْجَهْلُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ مُسْلِمٍ لَمْ يُهَاجِرْ. أَيْ الْجَهْلُ بِالشَّرَائِعِ مِنْ مُسْلِمٍ أَسْلَمَ فِيهَا. (2) قَوْلُهُ: وَإِنَّهُ يَكُونُ عُذْرًا. حَتَّى لَوْ مَكَثَ فِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَغَيْرَهُمَا وَلَمْ يُؤَدِّهَا لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا خِلَافًا لِزُفَرَ لِخَفَاءِ الدَّلِيلِ فِي حَقِّهِ، وَهُوَ الْخِطَابُ لِعَدَمِ بُلُوغِهِ إلَيْهِ حَقِيقَةً بِالسَّمَاعِ وَتَقْدِيرًا بِالشُّهْرَةِ فَيَصِيرُ جَهْلُهُ عُذْرًا بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ إذَا أَسْلَمَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لِشُيُوعِ الْأَحْكَامِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ السُّؤَالِ.

وَيَلْحَقُ بِهِ. الرَّابِعُ: وَهُوَ جَهْلُ الشَّفِيعِ، 4 - وَجَهْلُ الْأَمَةِ بِالْإِعْتَاقِ، 5 - وَجَهْلُ الْبِكْرِ بِنِكَاحِ الْوَلِيِّ، 6 - وَجَهْلُ الْوَكِيلِ وَالْمَأْذُونِ بِالْإِطْلَاقِ 7 - وَضِدُّهُ (انْتَهَى) وَمِمَّا فَرَّقُوا فِيهِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ؛ لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَقْتُلْ فُلَانًا فَكَذَا، وَهُوَ مَيِّتٌ 8 - إنْ عَلِمَ بِهِ حَنِثَ وَإِلَّا لَا كَذَا فِي الْكَنْزِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِهِ جَهْلُ الشَّفِيعِ إلَخْ. أَيْ بِالْبَيْعِ حَتَّى يَكُونَ عُذْرًا، وَيَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ إذَا عَلِمَ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ خَفِيٌّ فِي حَقِّهِ أَيْضًا إذْ رُبَّمَا يَقَعُ الْبَيْعُ، وَلَا يَشْتَهِرُ. (4) قَوْلُهُ: وَجَهْلُ الْأَمَةِ بِالْإِعْتَاقِ، وَكَذَا بِالْخِيَارِ. أَيْ إذَا أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ الْمَنْكُوحَةُ يَثْبُتُ لَهَا خِيَارُ الْعِتْقِ إنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ مَعَ الزَّوْجِ، وَإِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْهُ لِحَدِيثِ بَرِيرَةَ «مَلَكْت نَفْسَك فَاخْتَارِي» فَجَهْلُهَا بِالْعِتْقِ أَوْ بِالْخِيَارِ يُجْعَلُ عُذْرًا؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ خَفِيٌّ فِي حَقِّهَا أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ خِدْمَةَ الْمَوْلَى شَاغِلَةٌ لَهَا عَنْ تَعَلُّمِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ بِخِلَافِ خِيَارِ الْبُلُوغِ كَمَنْ زَوَّجَهَا الْأَخُ أَوْ الْعَمُّ، فَإِنَّهُ تَبْطُلُ بِالْجَهْلِ بِالْخِيَارِ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ غَيْرُ خَفِيٍّ فِي حَقِّهَا لِتَمَكُّنِهَا مِنْ التَّعَلُّمِ. (5) قَوْلُهُ: وَجَهْلُ الْبِكْرِ بِنِكَاحِ الْوَلِيِّ. أَيْ بِإِنْكَاحِهِ فَإِنَّ الْوَلِيَّ إذَا زَوَّجَ الْبِكْرَ الْبَالِغَةَ، وَلَمْ تَعْلَمْ بِالنِّكَاحِ يُجْعَلُ جَهْلُهَا عُذْرًا حَتَّى يَكُونَ لَهَا الْخِيَارُ، وَإِنْ سَكَتَتْ قَبْلَهُ. (6) قَوْلُهُ: وَجَهْلُ الْوَكِيلِ وَالْمَأْذُونِ بِالْإِطْلَاقِ. أَيْ جَهْلُ الْوَكِيلِ بِإِطْلَاقِ الْوَكَالَةِ، وَجَهْلُ الْمَأْذُونِ بِالْإِذْنِ يَكُونُ عُذْرًا فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ وَكِيلًا وَلَا مَأْذُونًا بِدُونِ الْعِلْمِ حَتَّى لَا يَنْفُذَ تَصَرُّفُهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَالْمَوْلَى. (7) قَوْلُهُ: وَضِدُّهُ انْتَهَى. أَيْ جَهْلُ الْوَكِيلِ بِالْعَزْلِ وَالْمَأْذُونِ بِالْحَجْرِ يَكُونُ عُذْرًا أَيْضًا لَكِنَّهُ يُنْفِذُ تَصَرُّفَهُمَا لِخَفَاءِ الدَّلِيلِ وَلُزُومِ الضَّرَرِ (8) قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ بِهِ حَنِثَ. وَجْهُ الْحِنْثِ: أَنَّ حَلِفَهُ مَعَ الْعِلْمِ بِمَوْتِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ انْعِقَادِ يَمِينِهِ لِإِمْكَانِ حَيَاتِهِ بِطَرِيقِ خَرْقِ الْعَادَةِ فَتَنْعَقِدُ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ، وَيَحْنَثُ لِلْحَالِ لِعَجْزِهِ الْعَادِي كَمَا فِي الْحَلِفِ عَلَى مَسِّ السَّمَاءِ

وَقَالُوا: لَوْ لَمْ تَعْلَمْ الْأَمَةُ بِأَنَّ لَهَا خِيَارَ الْعِتْقِ لَا يَبْطُلُ بِسُكُوتِهَا، 10 - وَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ الصَّغِيرَةُ خِيَارَ الْبُلُوغِ بَطَلَ، 11 - وَقَالُوا: لَوْ اسْتَامَ جَارِيَةً مُتَنَقِّبَةً أَوْ ثَوْبًا مَلْفُوفًا فَظَهَرَ أَنَّهُ مِلْكُهُ بَعْدَ الْكَشْفِ؛ قِيلَ: يُعْذَرُ إذْ ادِّعَاؤُهُ لِلْجَهْلِ فِي مَوْضِعِ الْخَفَاءِ وَقِيلَ لَا. وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، 12 - وَقَالُوا: يُعْذَرُ الْوَارِثُ وَالْوَصِيُّ وَالْمُتَوَلِّي بِالتَّنَاقُضِ لِلْجَهْلِ، وَقَالُوا: إذَا قَبِلَتْ الْخُلْعَ ثُمَّ ادَّعَتْ الثَّلَاثَ قَبْلَهُ تُسْمَعُ، فَإِذَا بَرْهَنَتْ اسْتَرَدَّتْ الْبَدَلَ لِلْجَهْلِ فِي مَحَلِّهِ، وَلَوْ قَبِلَ الْكِتَابَةَ، وَأَدَّى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَالُوا: لَوْ لَمْ تَعْلَمْ الْأَمَةُ. أَيْ الْمَنْكُوحَةُ. (10) قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ الصَّغِيرَةُ إلَخْ. أَيْ الْحُرَّةُ الصَّغِيرَةُ فِي النِّكَاحِ غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ (11) قَوْلُهُ: وَقَالُوا لَوْ اسْتَامَ جَارِيَةً مُتَنَقِّبَةً إلَخْ. فِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنَّفِ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ: اشْتَرَى جَارِيَةً فِي نِقَابٍ ثُمَّ ادَّعَاهَا وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهَا لَا يُقْبَلُ وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَهُ يُقْبَلُ قَالَ مُحَمَّدٌ اُنْظُرْ إلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ إنْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُعْرَفُ وَقْتَ الْمُسَاوَمَةِ كَالْجَارِيَةِ الْقَائِمَةِ الْمُتَنَقِّبَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا يُقْبَلُ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي عَدَمِ مَعْرِفَتِهِ إيَّاهَا فَيُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ كَثَوْبٍ فِي مِنْدِيلٍ أَوْ جَارِيَةٍ قَاعِدَةٍ عَلَى رَأْسِهَا غِطَاءٌ لَا يَرَى مِنْهَا شَيْئًا يُقْبَلُ، وَلِأَجْلِ هَذَا اخْتَلَفَتْ أَقَاوِيلُ الْعُلَمَاءِ فِي الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ فِي الْمَسَائِلِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (12) قَوْلُهُ: وَقَالُوا: يُعْذَرُ الْوَارِثُ وَالْوَصِيُّ وَالْمُتَوَلِّي إلَخْ. أَمَّا الْوَارِثُ فَصُورَتُهُ لَوْ ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْ أَبِيهِ فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ فَأَنْكَرَ وَلَا بَيِّنَةَ، فَحَلَفَ ذُو الْيَدِ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ يُقْبَلُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ، وَلَوْ ادَّعَى الْإِرْثَ أَوَّلًا ثُمَّ الشِّرَاءَ لَا تُقْبَلُ لِعَدَمِهِ، وَأَمَّا الْمُتَوَلِّي فَصُورَتُهُ لَوْ ادَّعَى أَوَّلًا أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ لَا تُقْبَلُ كَمَا لَوْ ادَّعَاهَا لِغَيْرِهِ ثُمَّ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ أَوَّلًا ثُمَّ الْوَقْفَ تُقْبَلُ كَمَا لَوْ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ ادَّعَاهُ لِغَيْرِهِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَأَمَّا صُورَتُهُ فِي الْوَصِيِّ فَأَنْ يَشْتَرِيَ دَارًا لِلْيَتِيمِ ثُمَّ يَدَّعِيَ أَنَّهَا لَهُ مَوْرُوثَةٌ عَنْ أَبِيهِ

الْبَدَلَ ثُمَّ ادَّعَى الْإِعْتَاقَ قَبْلَهُ تُسْمَعُ، وَيَسْتَرِدُّ الْبَدَلَ إذَا بَرْهَنَ 13 - وَقَالُوا: إذَا بَاعَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَقَعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ يُقْبَلُ. وَقَالُوا فِي بَابِ الرَّضَاعِ؛ 14 -: وَلَا يَضُرُّ التَّنَاقُضُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالطَّلَاقِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي الْبَحْرِ 15 - مِنْ بَابِ الْمُتَفَرِّقَاتِ 16 - أَنَّ الْجَهْلَ مُعْتَبَرٌ عِنْدَنَا لِدَفْعِ الْفَسَادِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْكَبِيرَةِ لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَالُوا: إذَا بَاعَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ إلَخْ. فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْأُسْرُوشَنِيِّ سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ عَنْ بَيْعِ الْأَبِ عَقَارَ الِابْنِ الصَّغِيرِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ، قِيلَ لَهُ فَإِنْ بَاعَ وَسَلَّمَ ثُمَّ خَاصَمَ هُوَ بِنَفْسِهِ أَنَّ بَيْعَهُ وَقَعَ هَكَذَا وَأَرَادَ الِاسْتِرْدَادَ؟ فَقَالَ إنْ سَبَقَ مِنْهُ الْإِقْرَارُ بِالْبَيْعِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَكَتَبَ ذَلِكَ فِي السَّكِّ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَسْتَقِمْ دَعْوَاهُ لِلتَّنَاقُضِ. قَالَ نَجْمُ الدِّينِ: وَعُرِضَ عَلَيَّ جَوَابُ الْأَئِمَّةِ مِنْ بُخَارَى عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنَّ لِلْأَبِ دَعْوَى ذَلِكَ، وَقَالَ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَطْلَقَ الْبَيْعَ وَلَمْ يُقِرَّ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ وَوَقَفَ عِنْدَ الدَّعْوَى أَنِّي بِعْت وَلَمْ أَعْلَمْ بِالْغَبْنِ أَوْ بِعْت بِالْغَبْنِ وَلَمْ أَعْلَمْ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ إذَا غَبَنَ الْأَبُ فَاحِشًا فَالْحَاكِمُ يُنَصِّبُ قَيِّمًا عَنْ الصَّبِيِّ يَدَّعِي عَلَى مُشْتَرِيهِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْأَبِ، وَلَوْ ادَّعَاهُ الِابْنُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَالْمُشْتَرِي أَنْكَرَ الْغَبْنَ بِحُكْمِ الْحَالِ لَوْ لَمْ تَكُنْ الْمُدَّةُ قَدْرَ مَا يَتَبَدَّلُ فِيهِ السِّعْرُ، وَإِلَّا يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَةً فَبَيِّنَةُ مُثْبِتِ الزِّيَادَةِ أَوْلَى (14) قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ التَّنَاقُضُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالطَّلَاقِ. يَعْنِي؛ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْخَفَاءِ فَيُعْذَرُ فِي التَّنَاقُضِ يَعْنِي؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يُبْتَنَى عَلَى الْعُلُوقِ، وَالطَّلَاقُ وَالْحُرِّيَّةُ يَنْفَرِدُ بِهِمَا الزَّوْجُ وَالْمَوْلَى. (15) قَوْلُهُ: مِنْ بَابِ الْمُتَفَرِّقَاتِ. صَوَابُهُ مِنْ بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَ قَوْلِهِ التَّنَاقُضُ يَمْنَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ. (16) قَوْلُهُ: أَنَّ الْجَهْلَ مُعْتَبَرٌ عِنْدَنَا لِدَفْعِ الْفَسَادِ إلَخْ. مَقُولَةُ قَوْلِهِ وَقَالُوا فِي بَابِ الرَّضَاعِ لَا قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ التَّنَاقُضُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

جَهِلَتْ أَنَّ الْإِرْضَاعَ مُفْسِدٌ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ 17 - وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ جَاهِلًا. قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكْفُرُ. وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَكْفُرُ وَلَا يُعْذَرُ (انْتَهَى) . وَفِي آخِرِ الْيَتِيمَةِ ظَنَّ لِجَهْلِهِ أَنَّ مَا فَعَلَهُ مِنْ الْمَحْظُورَاتِ حَلَالٌ لَهُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُعْلَمُ مِنْ دِينِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَرُورَةً، كَفَرَ وَإِلَّا فَلَا وَقَالُوا فِي بَابِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ: لَوْ اشْتَرَى مَا كَانَ رَآهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَلَا خِيَارَ لَهُ 18 - إلَّا إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مَرْئِيَّةٌ لِعَدَمِ الرِّضَاءِ بِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَقَالُوا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ: إنَّ الْجَهْلَ بِكَوْنِهِ مَالَ الْغَيْرِ يَدْفَعُ الْأُمَّ لَا الضَّمَانَ. وَفِي إقْرَارِ الْيَتِيمَةِ: سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ أَقَرَّ أَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ حِنْطَةً مِنْ سَلَمٍ عَقَدَاهُ بَيْنَهُمَا. ثُمَّ إنَّهُ بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ جَاهِلًا إلَخْ. قَالَ الْبَزَّازِيُّ فِي شَرْحِ اللَّامِيَّةِ: وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ تَلَفَّظَ بِلَفْظِ الْكُفْرِ عَنْ اعْتِقَادٍ لَا شَكَّ أَنَّهُ يَكْفُرُ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ أَنَّهَا لَفْظُ الْكُفْرِ إلَّا أَنَّهُ أَتَى بِهِ عَنْ اخْتِيَارٍ يَكْفُرُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكْفُرُ، وَالْجَهْلُ عُذْرٌ وَبِهِ يُفْتَى؛ لِأَنَّ الْمُفْتِيَ مَأْمُورٌ أَنْ يَمِيلَ إلَى الْقَوْلِ الَّذِي لَا يُوجِبُ التَّكْفِيرَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْجَهْلُ عُذْرًا الْحُكْمُ عَلَى الْجُهَّالِ أَنَّهُمْ كُفَّارٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ أَلْفَاظَ الْكُفْرِ، وَلَوْ عَرَفُوا لَمْ يَتَكَلَّمُوا (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهُوَ حَسَنٌ لَطِيفٌ (انْتَهَى) . وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً فِي زَمَنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قِيلَ لَهَا: إنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَتْ: لَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِهِمْ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ عِبَادُهُ فَسُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ مَا كَفَرَتْ فَإِنَّهَا جَاهِلَةٌ، فَعَلَّمُوهَا حَتَّى عَلِمَتْ (18) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا مَرْئِيَّةٌ. حَاصِلُهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ غَيْرُ مَرْئِيٍّ لَهُ فَيَثْبُتُ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ ظَنِّهِ لَا عَلَى اعْتِبَارِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ

ذَلِكَ قَالَ سَأَلْت الْفُقَهَاءَ عَنْ الْعَقْدِ فَقَالُوا هُوَ فَاسِدٌ فَلَا يَجِبُ عَلَيَّ شَيْءٌ وَالْمُقِرُّ مَعْرُوفٌ بِالْجَهْلِ هَلْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ؟ فَقَالَ 19 - لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَقُّ بِدَعْوَى الْجَهْلِ (انْتَهَى) . وَقَالَ قَبْلَهُ: إذَا أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَى ظَنِّ صِدْقِ الْمُفْتِي بِالْوُقُوعِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَأَهُ فَإِفْتَاءُ الْأَهْلِ لَمْ يَقَعْ دِيَانَةً 20 - وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْحُكْمِ، 21 - وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ. 22 - وَلَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْإِيصَاءِ جَازَ، 23 - وَلَوْ بَاعَ مِلْكَ أَبِيهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ ثُمَّ عَلِمَ جَازَ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْجَدُّ مَالَ ابْنِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ نَفَذَ عَلَى الصَّغِيرِ، وَمُقْتَضَى بَيْعِ الْوَارِثِ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ أَمَةً ابْنَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَقَالَ: لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَقُّ بِدَعْوَى الْجَهْلِ (انْتَهَى) . يَعْنِي فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ (20) قَوْلُهُ: وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْحُكْمِ. قِيلَ فَلَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِإِقْرَارِهِ فَهَلْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - بَعْدَ الْحُكْمِ أَوْ لَا الظَّاهِرُ لَا وَإِنَّمَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْحُكْمِ (21) قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ. قِيلَ أَيْ لَمْ يَنْفُذْ فَلَوْ لَحِقَتْهُ الْإِجَازَةُ نَفَذَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمُّلٌ (22) قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْإِيصَاءِ جَازَ. يَعْنِي؛ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ إثْبَاتُ خِلَافَةٍ فَصَحَّ بِلَا عِلْمِهِ كَالْوِرَاثَةِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ فَإِنَّهَا إثْبَاتُ وِلَايَةٍ فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ مَعَ الْجَهْلِ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ (23) قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ مِلْكَ أَبِيهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ إلَخْ. أَقُولُ: إنَّمَا يَصِحُّ الْبَيْعُ مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْوِرَاثَةَ خِلَافَةٌ، وَعَلَى هَذَا فَالتَّقْيِيدُ بِالْأَبِ اتِّفَاقِيٌّ وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى

ثُمَّ بَانَ مَيِّتًا نَفَذَ. وَلَوْ بَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ آبِقٌ فَبَانَ رَاجِعًا يَنْبَغِي أَنْ يَنْفُذَ. وَمِمَّا فَرَّقُوا فِيهِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ مَا فِي وَكَالَةِ الْخَانِيَّةِ؛: الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذَا دَفَعَهُ إلَى الطَّالِبِ بَعْدَ مَا وَهَبَ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدْيُونِ، قَالُوا: إنْ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِالْهِبَةِ 25 - ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا، 26 - وَلَوْ دَفَعَ إلَى الطَّالِبِ بَعْدَ رِدَّتِهِ، قَالُوا: إنْ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِطَرِيقِ الْفِقْهِ أَنَّ الدَّفْعَ إلَى الطَّالِبِ بَعْدَ رِدَّتِهِ لَا يَجُوزُ ضَمِنَ مَا دَفَعَهُ، وَإِلَّا فَلَا، 27 - وَلَوْ دَفَعَ بَعْدَ مَا دَفَعَ الْمُوَكِّلُ، فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يَقُولَ: وَلَوْ بَاعَ مِلْكَ مُورَثِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ الْآتِي، وَمُقْتَضَى بَيْعِ الْوَارِثِ دُونَ أَنْ يَقُولَ بَيْعُ الْأَبِ وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةُ الْفَتْوَى وَهِيَ: أَجَّرَ عَقَارًا مَوْقُوفًا عَلَيْهِ مِنْ أَبِيهِ، وَهُوَ نَاظِرُهُ، ثُمَّ ظَهَرَ فَسَادُ الْوَقْفِيَّةِ بِشَرْطِ الْبَيْعِ بِلَفْظِهِ، وَصَارَ مِلْكًا مَوْرُوثًا لَهُ هَلْ تَبْقَى الْإِجَارَةُ الصَّادِرَةُ مِنْهُ عَلَى حَالِهَا أَوْ تَنْفَسِخُ وَيُؤَجِّرُهُ ثَانِيًا لَمْ أَرَ صَرِيحًا فِي ذَلِكَ، وَأَفْتَى بَعْضُ الْمُجَازِفِينَ بِعَدَمِ بَقَاءِ الْإِجَارَةِ. (24) قَوْلُهُ: ثُمَّ بَانَ مَيِّتًا نَفَذَ. قِيلَ هُوَ - عَلَى تَقْدِيرِ انْحِصَارِ الْإِرْثِ فِيهِ - ظَاهِرٌ أَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ فَالنُّفُوذُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إجَازَةِ الشَّرِيكِ (25) قَوْلُهُ: ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا. قِيلَ: وَهَلْ يَرْجِعُ الْمَدْيُونُ عَلَى الطَّالِبِ بِمَا دَفَعَهُ الْوَكِيلُ إلَيْهِ الظَّاهِرُ الرُّجُوعُ (26) قَوْلُهُ: وَلَوْ دَفَعَ إلَى الطَّالِبِ بَعْدَ رِدَّتِهِ. يَعْنِي ثُمَّ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. (27) قَوْلُهُ: وَلَوْ دَفَعَ مَا دَفَعَ الْمُوَكِّلُ. أَيْ لَوْ دَفَعَ الْوَكِيلُ بَعْضَ الدَّيْنِ بَعْدَ مَا دَفَعَ الْمُوَكِّلُ.

وَالْمَذْهَبُ الضَّمَانُ مُطْلَقًا، كَالْمُتَفَاوِضِينَ إذَا أَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ فَأَدَّى أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ صَاحِبِهِ ثُمَّ أَدَّى الثَّانِي عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا. وَالْآمِرُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذَا أَدَّى الْأَمْرَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ قَضَى الْمَأْمُورُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِقَضَاءِ الْمُوَكِّلِ، قَالُوا: هَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا. أَمَّا عَلَى قَوْلِهِ: فَيَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ (انْتَهَى) 29 - وَلَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ، وَلَمْ يَعْلَمُوا مَا أَوْصَى بِهِ لَمْ تَصِحَّ إجَازَتُهُمْ كَذَا فِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ. وَفِي وَكَالَةِ الْمُنْيَةِ: أَمَرَ رَجُلًا بِبَيْعِ غُلَامِهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَبَاعَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُوَكِّلُ بِمَا بَاعَهُ، فَقَالَ الْمَأْمُورُ بِعْت الْغُلَامَ، فَقَالَ: أَجَزْت. جَازَ الْبَيْعُ، وَكَذَا فِي النِّكَاحِ، وَإِنْ قَالَ: قَدْ أَجَزْت مَا أَمَرْتُك بِهِ لَمْ يَجُزْ (انْتَهَى) 30 - وَفِي وَكَالَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ: إذَا عَفَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَنْ الْقَاتِلِ عَمْدًا ثُمَّ قَتَلَهُ الْبَاقُونَ؛ إنْ عَلِمَ أَنَّ عَفْوَ الْبَعْضِ يُسْقِطُ الْقِصَاصَ اُقْتُصَّ مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ الضَّمَانُ مُطْلَقًا. أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا فِي الْخَانِيَّةِ لَكِنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْهَا (29) قَوْلُهُ: وَلَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ إلَخْ. أَقُولُ: بَقِيَ مَا لَوْ عَلِمُوا مَا أَوْصَى بِهِ لَكِنَّهُمْ جَهِلُوا مِقْدَارَهُ أَوْ نَسَوْا فَلْيُنْظَرْ (30) قَوْلُهُ: وَفِي وَكَالَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْقِصَاصُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا وَقَتَلَ الْآخَرُ وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَلَوْ قَتَلَهُ الْآخَرُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْعَفْوِ أَوْ عَلِمَ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ (انْتَهَى) . وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِحَمْلِ كَلَامِ

لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُشْكِلُ عَلَى النَّاسِ (انْتَهَى) وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ فَقَبَضَهُ بَعْدَ إبْرَاءِ الطَّالِبِ وَلَمْ يَعْلَمْ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلِلدَّافِعِ تَضْمِينُ الْمُوَكِّلِ، 32 - وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ غَيْرَ عَالِمٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُوَكِّلِ (انْتَهَى) . وَأَمَّا أَحْكَامُ الْإِكْرَاهِ فَمَذْكُورَةٌ فِي آخِرِ الْمَنَارِ، وَهِيَ شَهِيرَةٌ فِي الْفُرُوعِ تَرَكْنَاهَا قَصْدًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخُلَاصَةِ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ بِالْعَفْوِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يُسْقِطُ الْقِصَاصَ، وَكَلَامُ الْوَلْوَالِجِيِّ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ بِالْعَفْوِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ الْقِصَاصَ. (31) قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُشْكِلُ عَلَى النَّاسِ (انْتَهَى) . يَعْنِي فَيُعْذَرُ بِالْجَهْلِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْأُصُولِيُّونَ فِي بَحْثِ الْإِكْرَاهِ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ أَنَّ دَلِيلَ انْكِشَافِ الْحُرْمَةِ إذَا كَانَ خَفِيًّا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ، وَذَلِكَ كَمَا إذَا أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ بِالْقَتْلِ فَصَبَرَ عَلَى الْقَتْلِ وَلَمْ يَعْلَمْ حُرْمَةَ ذَلِكَ يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْجَهْلَ عُذْرٌ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إذَا كَانَ دَلِيلُ الْحُرْمَةِ خَفِيًّا فَلْيُحْفَظْ (32) قَوْلُهُ: وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ غَيْرَ عَالِمٍ. الضَّمِيرُ لِلْعَبْدِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ بَاعَهُ مَوْصُوفًا بِمَا يَرْفَعُ الْجَهَالَةَ عَنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ حِينَ الْبَيْعِ كَانَ مَيِّتًا وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِالْمَوْتِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا إذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْمَوْتِ، وَقَدْ أَمْكَنَهُ رَدُّهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى هَلَكَ، وَكَانَ الظَّاهِرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الضَّمَانَ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ الرَّدِّ مَعَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمَكِّنُهُ الرَّدَّ فِيهِ تَأَمُّلٌ

[أحكام الصبيان]

أَحْكَامُ الصِّبْيَانِ 1 - هُوَ جَنِينٌ مَا دَامَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، 2 - فَإِذَا انْفَصَلَ ذَكَرًا، فَصَبِيٌّ 3 - وَيُسَمَّى رَجُلًا كَمَا فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ إلَى الْبُلُوغِ، فَغُلَامٌ إلَى تِسْعَ عَشَرَةَ، فَشَابٌّ إلَى أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ، 4 - فَكَهْلٌ إلَى إحْدَى وَخَمْسِينَ، 5 - فَشَيْخٌ إلَى آخِرِ عُمْرِهِ. هَكَذَا فِي اللُّغَةِ. وَفِي الشَّرْعِ يُسَمَّى غُلَامًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَحْكَامُ الصِّبْيَانِ] قَوْلُهُ: أَحْكَامُ الصِّبْيَانِ. هُوَ جَنِينٌ مَا دَامَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ. أَيْ الْإِنْسَانُ الْمَفْهُومُ مِنْ الصَّبِيِّ الَّذِي هُوَ وَاحِدُ الصِّبْيَانِ عَلَى طَرِيقِ التَّجْرِيدِ (2) قَوْلُهُ: فَإِذَا انْفَصَلَ ذَكَرًا. أَقُولُ فِيهِ إنَّ الصَّبِيَّ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى كَمَا فِي شَرْحِ الْإِسْنَوِيِّ عَلَى الْمِنْهَاجِ. (3) قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى رَجُلًا كَمَا فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ. يَعْنِي مَجَازًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْعَلَّامَةِ ابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} [النور: 27] مِنْ كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ (4) قَوْلُهُ: فَكَهْلٌ إلَى إحْدَى وَخَمْسِينَ وَالْأُنْثَى كَهْلَةٌ وَلَا يُقَالُ: كَهْلَةٌ إلَّا مُزْدَوِجًا بِشَهْلَةٍ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. (5) قَوْلُهُ: فَشَيْخٌ إلَى آخِرِ عُمْرِهِ. وَالْأُنْثَى شَيْخَةٌ وَعَجُوزٌ وَلَا تَقُلْ عَجُوزَةٌ وَهِيَ لُغَةٌ رَدِيَّةٌ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَمَا حُدَّ بِهِ الشَّيْخُ حُدَّ بِهِ الْعَجُوزُ، فَالْعَجُوزُ مَنْ اسْتَبَانَ فِيهَا السِّنُّ أَوْ مِنْ خَمْسِينَ أَوْ إحْدَى وَخَمْسِينَ إلَى آخِرِ عُمْرِهَا.

6 - إلَى الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ شَابًّا، وَفَتًى إلَى ثَلَاثِينَ، فَكَهْلٌ إلَى خَمْسِينَ فَشَيْخٌ. وَتَمَامُهُ فِي أَيْمَانِ الْبَزَّازِيَّةِ، 7 - فَلَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ حَتَّى الزَّكَاةِ عِنْدَنَا وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَعَمْدُهُ خَطَأٌ. وَأَمَّا الْأَيْمَانُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، فَفِي التَّحْرِيرِ: وَاسْتَثْنَى فَخْرُ الْإِسْلَامِ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْأَيْمَانَ فَأَثْبَتَ أَصْلَ وُجُوبِهِ فِي الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ بِسَبَبِيَّةِ حُدُوثِ الْعَالِمِ لَا الْأَدَاءِ، فَإِذَا أَسْلَمَ عَاقِلًا وَقَعَ فَرْضًا فَلَا يَجِبُ تَجْدِيدُهُ بَالِغًا كَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ بَعْدَ السَّبَبِ. وَنَفَاهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ لِعَدَمِ حُكْمِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (6) قَوْلُهُ: إلَى الْبُلُوغِ. غَايَةٌ لِقَوْلِهِ فَصَبِيٌّ، لَا لِقَوْلِهِ وَيُسَمَّى رَجُلًا فَإِنَّهُ فَاسِدٌ. (7) قَوْلُهُ: فَلَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ. أَقُولُ كَانَ الْأُولَى أَنْ يَقُولَ: وَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ إذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ مَا يَصْلُحُ لِلتَّفْرِيعِ كَكَوْنِهِ غَيْرَ مُخَاطَبٍ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ أَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا صَارَتْ مُتَعَلِّقَةً بِالْبُلُوغِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الشِّبْلِيُّ أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ أُحُدٍ فَلْيُحْفَظْ، وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا تَصَرَّفَ تَصَرُّفًا يَجُوزُ عَلَيْهِ لَوْ فَعَلَهُ فِي صِغَرِهِ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَتَزَوُّجٍ وَتَزْوِيجِ أَمَتِهِ وَكِتَابَةِ قِنِّهِ وَنَحْوِهَا، فَإِذَا فَعَلَهُ الصَّبِيُّ بِنَفْسِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ مَادَامَ صَبِيًّا وَلَوْ بَلَغَ قَبْلَ إجَازَةِ وَلِيِّهِ فَأَجَازَ بِنَفْسِهِ جَازَ وَلَمْ يَجُزْ بِنَفْسِ الْبُلُوغِ بِلَا إجَازَةٍ، وَلَوْ طَلَّقَ الصَّبِيُّ امْرَأَتَهُ أَوْ خَلَعَهَا أَوْ حَرَّرَ قِنَّهُ مَجَّانًا أَوْ بِعِوَضٍ أَوْ وَهَبَ مَالَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ زَوَّجَ قِنَّهُ امْرَأَةً أَوْ بَاعَ مَالَهُ مُحَابَاةً فَاحِشَةً أَوْ شَرَى شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَاحِشًا أَوْ عَقَدَ عَقْدًا مِمَّا لَوْ فَعَلَهُ وَلِيُّهُ فِي صِبَاهُ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهِ، فَهَذِهِ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ وَإِنْ أَجَازَهَا الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَا مُجِيزَ لَهَا وَقْتَ الْعَقْدِ، فَلَمْ يُتَوَقَّفْ عَلَى الْإِجَازَةِ إلَّا إذَا كَانَ لَفْظُ إجَازَتِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ مِمَّا يَصْلُحُ لِابْتِدَاءِ الْعَقْدِ فَيَصِحُّ كَقَوْلِهِ: أَوْقَعْتُ ذَلِكَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ فَيَقَعُ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ

8 - وَلَوْ أَدَّاهُ وَقَعَ فَرْضًا لِأَنَّ عَدَمَ الْوُجُوبِ كَانَ لِعَدَمِ حُكْمِهِ فَإِذَا وُجِدَ وَجَبَ، وَالْأَوَّلُ أَوْجُهُ (انْتَهَى) وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ فِي مَالِهِ وَالْأُضْحِيَّةِ. 9 - وَالْمُعْتَمَدُ الْوُجُوبُ فَيُؤَدِّيهَا الْوَلِيُّ وَيَذْبَحُهَا وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْ لَحْمِهَا فَيُطْعِمُهُ مِنْهُ وَيَبْتَاعُ لَهُ بِالْبَاقِي مَا تَبْقَى عَيْنُهُ. وَاتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ فِي أَرْضِهِ وَعَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ وَعِيَالِهِ وَقَرَابَتِهِ كَالْبَالِغِ، وَعَلَى بُطْلَانِ عِبَادَتِهِ بِفِعْلِ مَا يُفْسِدُهَا مِنْ نَحْوِ كَلَامٍ فِي الصَّلَاةِ، وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ فِي الصَّوْمِ، وَجِمَاعٍ فِي الْحَجِّ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، لَكِنْ لَا دَمَ عَلَيْهِ فِي فِعْلٍ مَحْظُورٍ إحْرَامُهُ، 10 - وَلَا تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهُ بِالْقَهْقَهَةِ فِي صَلَاتِهِ، وَإِنْ أَبْطَلَتْ الصَّلَاةَ. وَتَصِحُّ عِبَادَاتُهُ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِي ثَوَابِهَا، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَهُ وَلِلْمُعَلِّمِ ثَوَابُ التَّعْلِيمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (8) قَوْلُهُ: وَلَوْ أَدَّاهُ وَقَعَ فَرْضًا إلَخْ. لِأَنَّهُ لَا يَتَنَوَّعُ وَإِنْ كَانَ التَّكْلِيفُ بِالْإِيمَانِ وَإِلْزَامُ الْأَدَاءِ سَاقِطٌ عَنْهُ فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يَكُونُ الْأَدَاءُ فَرْضًا مَعَ عَدَمِ لُزُومِ الْأَدَاءِ عَلَيْهِ أَصْلًا؟ قُلْتُ: الْعَبْدُ وَالْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ وَمَعَ هَذَا لَوْ أَدَّوْهَا تَقَعُ فَرْضًا لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْحَجِّ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَوْ أَدَّاهُ حَالَ رِقِّهِ لَا يَقَعُ فَرْضًا (9) قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْوُجُوبُ. أَقُولُ: اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي وُجُوبِ الْأُضْحِيَّةِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَعَدَمِهَا وَحَكَى التَّصْحِيحَيْنِ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ والأسروشني فِي جَامِعِ الصِّغَارِ قَوْلُهُ: وَلَا تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهُ بِالْقَهْقَهَةِ. أَقُولُ: ذَكَرَ الْحَدَّادِيُّ فِي السِّرَاجِ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ نَقْضِ وُضُوئِهِ بِالْقَهْقَهَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ ذَكَرَ الْأُسْرُوشَنِيُّ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ أَقْوَالًا وَنَصُّهُ ذَكَرَ فِي التَّجْنِيسِ الصَّبِيُّ: إذَا قَهْقَهَ فِي صَلَاتِهِ ذَكَرَ فِي

11 - وَكَذَا جَمِيعُ حَسَنَاتِهِ وَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ، وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّتِهَا فِي التَّرَاوِيحِ 12 - وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُهَا. وَتَجِبُ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ عَلَى سَامِعِهَا مِنْ صَبِيٍّ، وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ عَقْلِهِ، وَتَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِصَلَاتِهِ مَعَ وَاحِدٍ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ فَلَا تَصِحُّ بِثَلَاثَةٍ هُوَ مِنْهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّوَادِرِ أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ الْوُضُوءَ لِأَنَّ فِعْلَ الصَّبِيِّ لَا يُوصَفُ بِالْجِنَايَةِ فَيُعْمَلُ فِيهِ بِالْقِيَاسِ. وَفِي فَتَاوَى ظَهِيرِ الدِّينِ: الصَّبِيُّ إذَا قَهْقَهَ فِي الصَّلَاةِ قِيلَ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ وَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِذَا نَسِيَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ قَهْقَهَ قَالَ شَدَّادٌ قَالَ الْإِمَامُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَلَا يَفْسُدُ الْوُضُوءُ لِأَنَّ السُّنَّةَ وَرَدَتْ فِي الْيَقْظَانِ وَهُوَ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْمُسْتَيْقِظِ، وَقَالَ الْحَاكِمُ الْكَيْفَتِيُّ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ يَفْسُدُ الْوُضُوءُ وَالصَّلَاةُ لِوُجُودِ الْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ (انْتَهَى) . وَمِثْلُهُ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ مَمْنُوعَةٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْأَخِيرَانِ ضَعِيفَانِ فَكَانَا كَالْعَدَمِ (11) قَوْلُهُ: وَكَذَا جَمِيعُ حَسَنَاتِهِ. قَالَ الْأُسْرُوشَنِيُّ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ حَسَنَاتُ الصَّغِيرِ قَبْلَ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِ الْقَلَمُ لَهُ لَا لِأَبَوَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ مَشَايِخِنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْتَفِعُ الْمَرْءُ بِعِلْمِ وَلَدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَرْءُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنْ يَتْرُكَ وَلَدًا عَلَّمَهُ الْقُرْآنَ وَالْعِلْمَ فَيَكُونُ لِوَالِدِهِ أَجْرُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِ الْوَلَدِ شَيْءٌ (انْتَهَى) . وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ لِلْمَلَامِيِّ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ» (12) قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُهَا. أَقُولُ حَكَاهُ فِي التَّجْنِيسِ عَنْ مَشَايِخِنَا بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ فَقَالَ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّ نَقْلَ الْبَالِغِ مَضْمُونٌ وَنَقْلَ الصَّبِيِّ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَيَكُونُ بِنَاءَ الْأَقْوَى عَلَى الْأَضْعَفِ فَإِنْ قِيلَ: لِمَ جَازَ إيمَانُهُ وَلَمْ تَجُزْ إمَامَتُهُ قُلْتُ: لِأَنَّ إيمَانَهُ إخْبَارٌ بِأَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ وَالصِّدْقُ فِي خَبَرِهِ مَقْبُولٌ كَخَبَرِ أَنَّ هَذَا نَهَارٌ وَهَذَا يَوْمُ الْجُمُعَةُ، وَصَلَاتُهُ إيجَابٌ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْإِيجَابِ

وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَاتِ، فَلَا يَلِي الْإِنْكَاحَ وَلَا الْقَضَاءَ وَلَا الشَّهَادَةَ 14 - مُطْلَقًا، 15 - لَكِنْ لَوْ خَطَبَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَصَلَّى بَالِغٌ جَازَ. 16 - وَتَصِحُّ سَلْطَنَتُهُ ظَاهِرًا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: مَاتَ السُّلْطَانُ وَاتَّفَقَتْ الرَّعِيَّةُ عَلَى سَلْطَنَةِ ابْنٍ صَغِيرٍ لَهُ، يَنْبَغِي أَنْ يُفَوِّضَ أُمُورَ التَّقْلِيدِ عَلَى وَالٍ وَيُعِدَّ هَذَا الْوَلِيُّ نَفْسَهُ تَبَعًا لِابْنِ السُّلْطَانِ لِشَرَفِهِ، وَالسُّلْطَانُ فِي الرَّسْمِ هُوَ الِابْنُ، وَفِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْوَالِي لِعَدَمِ صِحَّةِ الْإِذْنِ بِالْقَضَاءِ وَالْجُمُعَةِ مِمَّنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ (انْتَهَى) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ فَلَا يَلِي الْإِنْكَاحَ إلَخْ. لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَأَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى غَيْرِهِ. (14) قَوْلُهُ: مُطْلَقًا. أَقُولُ: لَا مُقَابِلَ لِهَذَا الْإِطْلَاقِ سَابِقًا وَلَا لَاحِقًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ بِهِ وَجْهُ الْإِطْلَاقِ. (15) قَوْلُهُ: لَكِنْ لَوْ خَطَبَ إلَخْ. أَقُولُ: لَا مَوْقِعَ لِهَذَا الِاسْتِدْرَاكِ لِأَنَّ الْخَطَابَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْوِلَايَةِ عَلَى الْغَيْرِ فِي شَيْءٍ وَإِنْ كَانَ شَأْنُهَا أَنْ تَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ. (16) قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ سَلْطَنَتُهُ. أَقُولُ: ذُكِرَ فِي مَبَاحِثِ الْإِمَامَةِ مِنْ الْكُتُبِ الْكَلَامِيَّةِ مِنْ جُمْلَةِ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ الْبُلُوغُ قَالَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْقَضَاءِ: وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ وِلَايَةُ الصَّبِيِّ قَاضِيًا لَا تَصِحُّ سُلْطَانًا فَمَا فِي زَمَانِنَا مِنْ تَوْلِيَةِ ابْنٍ صَغِيرٍ لِلسُّلْطَانِ إذَا مَاتَ صَرَّحَ فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ بِعَدَمِ وِلَايَتِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الِاتِّفَاقُ عَلَى وَالٍ عَظِيمٍ يَكُونُ سُلْطَانًا وَيَكُونُ تَقْلِيدُ الْقَضَاءِ مِنْهُ غَيْرَ أَنَّهُ يُعِدُّ نَفْسَهُ تَبَعًا لِابْنِ السُّلْطَانِ تَعْظِيمًا وَهُوَ السُّلْطَانُ فِي الْحَقِيقَةِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: وَمُقْتَضَى هَذَا أَنْ يَحْتَاجَ إلَى تَجْدِيدٍ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا إذَا عَزَلَ ذَلِكَ الْوَالِي الْعَظِيمُ نَفْسَهُ لِأَنَّ السُّلْطَانَ لَا يَنْعَزِلُ إلَّا بِعَزْلِ نَفْسِهِ وَهَذَا غَيْرُ وَاقِعٍ هُنَا وَقَدْ صَرَّحَ الْبَزَّازِيُّ كَمَا سَيَأْتِي أَنَّ السُّلْطَانَ أَوْ الْوَالِي إذَا كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ فَبَلَغَ يَحْتَاجُ إلَى تَقْلِيدٍ جَدِيدٍ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهُوَ مُخْتَلِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا

وَيَصْلُحُ وَصِيًّا وَنَاظِرًا وَيُقِيمُ الْقَاضِي مَكَانَهُ بَالِغًا إلَى بُلُوغِهِ كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ مِنْ الْوَصَايَا، وَفِي الْإِسْعَافِ وَالْمُلْتَقَطِ: وَلَا تَصِحُّ خُصُومَةُ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا فِي الْخُصُومَةِ. وَهُوَ كَالْبَالِغِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ إلَّا الْقَهْقَهَةَ، وَيَصِحُّ أَذَانُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ. كَمَا فِي الْمَجْمَعِ. لَكِنْ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي أَذَانِ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَإِنْ كَانَ الْبَالِغُ أَفْضَلَ، وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ تَقْرِيرُهُ فِي وَظِيفَةِ الْأَذَانِ 18 - وَأَمَّا قِيَامُهُ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ؛ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْحُكْمِ بِصِحَّتِهَا وَإِنْ كَانَتْ أَرْكَانُهَا وَشَرَائِطُهَا لَا تُوصَفُ بِالْوُجُوبِ فِي حَقِّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإذْ لَوْ صَحَّتْ سَلْطَنَتُهُ لَمَا احْتَاجَ إلَى تَقْلِيدٍ جَدِيدٍ (انْتَهَى) . أَقُولُ: لَا مُخَالَفَةَ فِي الْحَقِيقَةِ إذْ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ سَلْطَنَتِهِ ظَاهِرًا مُرَاعَاةً لِاتِّفَاقِ الرَّعِيَّةِ عَلَى سَلْطَنَتِهِ لَا يُنَافِي الِاحْتِيَاجَ إلَى تَقْلِيدٍ جَدِيدٍ بَعْدَ بُلُوغِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (17) قَوْلُهُ: وَيَصْلُحُ وَصِيًّا. أَقُولُ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي بَحْثِ مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوَصِيُّ وَالْوَكِيلُ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَلَا نَشْتَرِطُ فِي الْوَكِيلِ إلَّا الْعَقْلُ عَلَى أَنَّ ابْنَ الشِّحْنَةِ نَقَلَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ عَنْ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى إلَى صَبِيٍّ أَوْ مَعْتُوهٍ أَوْ مَجْنُونٍ لَمْ يَجُزْ أَفَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُفِقْ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فَمَنْ شَاءَ اطَّلَعَ عَلَيْهِ (18) قَوْلُهُ: وَأَمَّا قِيَامُهُ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ. يَعْنِي فَيَكُونُ فَرْضًا قَالَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَهُوَ لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُ وَإِنْ كَانَتْ أَرْكَانُهَا وَشَرَائِطُهَا لَا تُوصَفُ بِالْوُجُوبِ فِي حَقِّهِ لِأَنَّ الْقِيَامَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْكَانِ (انْتَهَى) . بَقِيَ الْكَلَامُ فِي أَنَّهُ هَلْ لَا بُدَّ فِي صَلَاتِهِ مِنْ الطَّهَارَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا وَإِنْ كَانَتْ لَا تُوصَفُ بِالْوُجُوبِ فِي حَقِّهِ. وَفِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ وَإِنْ صَلَّتْ الْمُرَاهِقَةُ بِلَا وُضُوءٍ تُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ بِطَهَارَةٍ عَلَى سَبِيلِ الِاعْتِيَادِ، وَكَذَا إذَا صَلَّتْ عُرْيَانَةً وَأَفْهَمَ التَّقْيِيدُ بِالْمُرَاهِقَةِ أَنَّ

وَأَمَّا فَرْضُ الْكِفَايَةِ فَهَلْ يَسْقُطُ بِفِعْلِهِ؟ فَقَالُوا: 20 - وَتُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَتَصِحُّ الْإِجَازَةُ لَهُ 21 - وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْهَدِيَّةِ وَالْإِذْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرَهَا لَا تُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهَا لِعَدَمِ الطَّهَارَةِ وَالسِّتْرِ بَقِيَ الْكَلَامُ فِي أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي تَوَضَّأَ بِهِ هَلْ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ نَقْلًا عَنْ الْقُنْيَةِ لَا أَحْفَظُ رِوَايَةً فِي مَاءِ وُضُوءِ الصَّبِيِّ وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي صَلَاتِهِ فَمَنْ جَعَلَهَا صَلَاةً حَقِيقَةً جَعَلَهُ مُسْتَعْمَلًا وَمَنْ جَعَلَهَا تَخَلُّقًا وَاعْتِيَادًا لَا يَجْعَلُهُ مُسْتَعْمَلًا (انْتَهَى) . وَفِي الْبَحْرِ الْمُخْتَارِ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا (19) قَوْلُهُ: وَأَمَّا فَرْضُ الْكِفَايَةِ فَهَلْ يَسْقُطُ بِفِعْلِهِ فَقَالُوا. أَقُولُ: بَيَّضَ الْمُصَنِّفُ لِلْجَوَابِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْهُ حَالَ التَّصْنِيفِ. وَفِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْأُسْرُوشَنِيِّ الصَّبِيُّ إذَا أَمَّ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهَا مِنْ فَرَوْضِ الْكِفَايَةِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ أَدَاءِ الْفَرْضِ وَلَكِنْ يُشْكِلُ بِرَدِّ السَّلَامِ إذَا سَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ فَرَدَّ صَبِيٌّ جَوَابَ السَّلَامِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ الْبَاقِينَ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ إنْ كَانَ يَعْقِلُ الرَّدَّ (انْتَهَى) . أَقُولُ هَذَا الْبَعْضُ يَلْزَمُهُ الْفَرْقُ أَوْ الْقَوْلُ بِالِاتِّحَادِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ إمَامَتِهِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَرَدِّ السَّلَامِ بِأَنَّ الْبُلُوغَ شَرْطُ صِحَّةِ الْإِمَامَةِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ رَدِّ السَّلَامِ فَإِنَّ الْبُلُوغَ لَيْسَ شَرْطًا لِصِحَّتِهِ (20) قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ رِوَايَتُهُ. أَقُولُ: ظَاهِرُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَالَ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ: لَا خِلَافَ فِي قَبُولِ رِوَايَةِ مَنْ سَمِعَ الْحَدِيثَ قَبْلَ الْبُلُوغِ ثُمَّ رَوَاهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الصَّحَابَةِ كَانَتْ هَذِهِ حَالَتَهُمْ، أَمَّا مَا رَوَاهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَغَيْرُ مَقْبُولٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِأَنَّ طَرِيقَ الْعِلْمِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ انْعِقَادُ الْإِجْمَاعِ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ فِي خَبَرِ الصَّبِيِّ، فَبَقِيَ ذَلِكَ عَلَى الْأَصْلِ الرَّافِعِ لِلْعَمَلِ بِالظَّنِّ وَلِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَثِقُ بِصِدْقِهِ غَالِبًا. وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ إذَا كَانَ مُرَاهِقًا يُمَيِّزُ مَا يُؤَدِّيهِ قُبِلَتْ رِوَايَتُهُ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ وُجِدَ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ لَكِنَّا نَقُولُ: لَمْ يَثْبُتْ وَالظَّاهِرُ مِنْ عَادَاتِهِمْ خِلَافُهُ (21) قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْهَدِيَّةِ وَالْإِذْنِ. أَقُولُ فِي اسْتِحْسَانِ الذَّخِيرَةِ صَغِيرٌ أَوْ صَغِيرَةٌ حُرٌّ أَوْ مَمْلُوكٌ أَتَى بِجَارِيَةٍ يَبِيعُهَا لَمْ يَسَعْ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ قَبْلَ السُّؤَالِ فَإِنْ سَأَلَهُ عَنْ

وَيُمْنَعُ مِنْ الْمُصْحَفِ، وَتُمْنَعُ الصَّبِيَّةُ الْمُطَلَّقَةُ أَوْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا مِنْ التَّزَوُّجِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَلَا نَقُولُ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ 23 - وَيَصِحُّ أَمَانَةً وَلَا يُدَاوَى إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَالِهِ فَقَالَ: إنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ عَدْلًا فَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يَبْقَى مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ التَّحَرِّي، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ هَذَا الصَّغِيرَ أَرَادَ أَنْ يَهَبَ مَا أَتَى بِهِ الرَّجُلُ أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَنْ لَا يَقْبَلَ هَدِيَّتَهُ وَلَا صَدَقَتَهُ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْهُ فَإِنْ قَالَ: إنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَالْقَاضِي يَتَحَرَّى وَيَبْنِي الْحُكْمَ عَلَى مَا يَقَعُ تَحَرِّيهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يَبْقَى مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ التَّحَرِّي. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنَّمَا يُصَدَّقُ الصَّغِيرُ فِيمَا يُخْبِرُ بَعْدَ مَا تَحَرَّى وَوَقَعَ تَحَرِّيهِ أَنَّهُ صَادِقٌ إذَا قَالَ: هَذَا الْمَالُ مَالُ أَبِي أَوْ مَالُ فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ مَالُ مَوْلَاتِي وَقَدْ بَعَثَ بِهِ إلَيْكَ هِبَةً أَوْ صَدَقَةً فَأَمَّا إذَا قَالَ هُوَ مَالِي وَقَدْ أَذِنَ لِي أَبِي أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْك أَوْ أَهَبَهُ لَك لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَ، وَكَانَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ يَقُولُ: الصَّبِيُّ إذَا أَتَى بَقَّالًا بِفُلُوسٍ يَشْتَرِي مِنْهُ شَيْئًا وَأَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّهُ أَمَرَتْهُ بِذَلِكَ فَإِنْ طَلَبَ الصَّابُونَ وَنَحْوَهُ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَهُ وَإِنْ طَلَبَ الزَّبِيبَ وَمَا يَأْكُلُهُ الصِّبْيَانُ عَادَةً يَنْبَغِي أَنْ لَا يَبِيعَ مِنْهُ كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ (22) قَوْلُهُ: وَيُمْنَعُ مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ. أَقُولُ: فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ كَرِهَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا دَفْعَ الْمُصْحَفِ وَاللَّوْحِ الَّذِي عَلَيْهِ الْقُرْآنُ إلَى الصِّبْيَانِ، وَعَامَّةُ مَشَايِخِنَا لَمْ يَرَوْا بِهِ بَأْسًا لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِالْوُضُوءِ وَفِي التَّأْخِيرِ تَضْيِيعُ الْقُرْآنِ (انْتَهَى) (23) قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ أَمَانَةً أَقُولُ فِيهِ: إنَّهُ ذَكَرَ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ مِنْ شُرُوطِ الْأَمَانِ الْبُلُوغُ فَلَا يَصِحُّ أَمَانُ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ عَنْ الْقِتَالِ، وَالْمَأْذُونُ فِيهِ يَصِحُّ فِي الْأَصَحِّ اتِّفَاقًا فَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ وَفِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ وَإِذَا أَمَّنَ الصَّبِيُّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ إنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ بِالْقِتَالِ يَصِحُّ عِنْدَنَا وَلَا يَصِحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كَمَا فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا وَهُوَ عَاقِلٌ يَصِحُّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ دُونَ غَيْرِهِ

وَثَقْبُ أُذُنِ الْبِنْتِ الطِّفْلِ مَكْرُوهٌ قِيَاسًا، وَلَا بَأْسَ بِهِ اسْتِحْسَانًا كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ، 25 - وَإِذَا أُهْدِيَ لِلصَّبِيِّ شَيْءٌ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَهُ فَلَيْسَ لِلْوَالِدَيْنِ الْأَكْلُ مِنْهُ بِغَيْرِ حَاجَةٍ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ، 26 - وَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ إذَا كَانَ يَعْقِدُ الْعَقْدَ وَيَقْصِدُهُ 27 - وَلَوْ مَحْجُورًا، وَلَا تَرْجِعُ الْحُقُوقَ إلَيْهِ فِي نَحْوِ بَيْعٍ بَلْ لِمُوَكِّلِهِ وَكَذَا فِي دَفْعِ الزَّكَاةِ وَالِاعْتِبَارُ لِنِيَّةِ الْمُوَكِّلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَثَقْبُ أُذُنِ الْبِنْتِ الطِّفْلِ مَكْرُوهٌ إلَخْ. فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ وَلَا بَأْسَ بِثَقْبِ أُذُنِ الطِّفْلِ مِنْ الْبَنَاتِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ (انْتَهَى) . زَادَ فِي الْمُحِيطِ فِي التَّعْلِيلِ وَلِأَنَّهُ إيلَامٌ لِمَنْفَعَةِ الزِّينَةِ (انْتَهَى) . وَلَا بَأْسَ هُنَا لِلْإِبَاحَةِ لَا لِمَا تَرْكُهُ أُولَى الَّذِي مَرْجِعُهُ كَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ (25) قَوْلُهُ: وَإِذَا أُهْدِيَ لِلصَّبِيِّ شَيْءٌ إلَخْ. فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ إذَا أُهْدِيَ الْفَوَاكِهُ إلَى الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ يَحِلُّ لِوَالِدَيْهِ الْأَكْلُ إذَا أُرِيدَ بِذَلِكَ بُرْءُ الْوَالِدَيْنِ، وَلَكِنْ أُهْدِيَ إلَى الصَّغِيرِ اسْتِصْغَارًا لِلْهَدِيَّةِ وَفِي فَتَاوَى ظَهِيرِ الدِّينِ إذَا أُهْدَى لِلصَّغِيرِ شَيْءٌ مِنْ الْمَأْكُولَاتِ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُبَاحُ لِوَالِدَيْهِ وَشَبَهُ ذَلِكَ بِالضِّيَافَةِ، وَأَكْثَرُ مَشَايِخِ بُخَارَى عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِغَيْرِ حَاجَةٍ أَقُولُ قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ يُبَاحُ وَذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ، إمَّا إنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ وَاحْتَاجَ لِفَقْرِهِ أَوْ كَانَ فِي الْمَفَازَةِ وَاحْتَاجَ لِعَدَمِ الطَّعَامِ مَعَهُ وَلَهُ مَالٌ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَكْلٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي أَكْلٌ بِالْقِيمَةِ كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ (26) قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ. (27) قَوْلُهُ: وَلَا مَحْجُورًا وَلَا تَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَيْهِ. أَيْ يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ إذَا كَانَ يَعْقِلُ سَوَاءٌ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ لَا كَمَا يُفِيدُهُ لَوْ الْوَصْلِيَّةُ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ: وَلَا تَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنْ كَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ بِثَمَنٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ فَبَاعَ جَازَ بَيْعُهُ وَلَزِمَتْهُ الْعُهْدَةُ وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ إمَّا إنْ كَانَ بِثَمَنٍ حَالٍّ أَوْ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَإِنْ كَانَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ لَا تَلْزَمُهُ الْعُهْدَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَتَكُونُ

وَيُعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُمَيِّزِ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَهَدِيَّةٍ وَنَحْوِهَا. وَفِي الْمُلْتَقَطِ: 29 - وَلَا تَصِحُّ الْخُصُومَةُ مِنْ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا (انْتَهَى) . وَيَحْصُلُ بِوَطْئِهِ التَّحْلِيلُ لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا إذَا كَانَ مُرَاهِقًا 30 - تَتَحَرَّكُ آلَتُهُ وَيَشْتَهِي النِّسَاءَ 31 - وَيَمْلِكُ الْمَالَ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْمُبَاحِ كَالْبَالِغِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعُهْدَةُ عَلَى الْآمِرِ حَتَّى أَنَّ الْبَائِعَ يُطَالِبُ الْآمِرَ بِالثَّمَنِ دُونَ الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ وَكَّلَهُ بِالشِّرَاءِ بِثَمَنٍ حَالٍّ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَلْزَمَهُ الْعُهْدَةُ فِي الِاسْتِحْسَانِ تَلْزَمُهُ، كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ (28) قَوْلُهُ: وَيُعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُمَيِّزِ فِي الْمُعَامَلَاتِ إلَخْ. فِي الْقُدُورِيِّ: وَيَجُوزُ أَنْ يُقْبَلَ فِي الْهَدِيَّةِ وَالْإِذْنِ قَوْلُ الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ وَالصَّبِيِّ. وَفِي الْهِدَايَةِ: وَلَوْ كَانَ الْمُخْبِرُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ ذِمِّيًّا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَالصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ وَلَا يَجِبُ التَّحَرِّي وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ لِأَنَّ خَبَرَ الْفَاسِقِ يَسْتَوِي فِيهِ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ فَيَجِبُ التَّحَرِّي طَلَبًا لِلتَّرْجِيحِ، أَمَّا الْكَذِبُ فِي خَبَرِ الْكَافِرِ فَظَاهِرٌ. كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ (29) قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ الْخُصُومَةُ مِنْ الصَّبِيِّ إلَخْ. فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ: الصَّبِيُّ التَّاجِرُ وَالْعَبْدُ التَّاجِرُ يُسْتَحْلَفُ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّ الصَّبِيَّ الْمَأْذُونَ لَهُ يُحَلَّفُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا وَبِهِ نَأْخُذُ، وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ لَهُ حَتَّى يُدْرِكَ وَذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ يُحَلَّفُ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ لَهُ وَيُقْضَى بِنُكُولِهِ، وَكَذَا ذَكَرَ فِي إقْرَارِ الْأَصْلِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ حَلَفَ وَهُوَ صَبِيٌّ ثُمَّ أَدْرَكَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ يَمِينَهُ مُعْتَبَرَةٌ وَالصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ (30) قَوْلُهُ: تَتَحَرَّكُ آلَتُهُ وَيَشْتَهِي النِّسَاءَ. الظَّاهِرُ أَنَّ تَحَرُّكَ الْآلَةِ يَسْتَلْزِمُ الِاشْتِهَاءَ فَالِاشْتِهَاءُ عِلَّةُ التَّحَرُّكِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَالتَّحَرُّكُ عِلَّةُ الْعِلْمِ بِالِاشْتِهَاءِ (31) قَوْلُهُ: وَيَمْلِكُ الْمَالَ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْمُبَاحِ كَالْبَالِغِ. أَقُولُ وَيَمْلِكُ الْمَالَ بِالتَّمْلِيكِ أَيْضًا إذَا كَانَ عَاقِلًا كَمَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ فِي مَسَائِلِ اللَّقِيطِ.

32 - وَالْتِقَاطُهُ كَالْتِقَاطِ الْبَالِغِ، 33 - وَيَجِبُ رَدُّ سَلَامِهِ، 34 - وَيَصِحُّ إسْلَامُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (32) قَوْلُهُ: وَالْتِقَاطُهُ كَالْتِقَاطِ الْبَالِغِ. أَقُولُ أَيْ فِي صِحَّتِهِ لَا فِي وُجُوبِ التَّعْرِيفِ، وَفَائِدَةُ صِحَّتِهِ ضَمَانَةُ لَوْ لَمْ يُشْهِدْ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: وَجَدَ الصَّبِيُّ لُقَطَةً وَلَمْ يُشْهِدْ يَضْمَنُ كَالْبَالِغِ (انْتَهَى) وَبِهِ سَقَطَ مَا قِيلَ: ظَاهِرُهُ وُجُوبُ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ وَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ وُجُوبُ التَّعْرِيفِ عَلَى وَلِيِّهِ (انْتَهَى) (33) قَوْلُهُ: وَيَجِبُ رَدُّ سَلَامِهِ. فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي السَّلَامِ عَلَى الصِّبْيَانِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: السَّلَامُ عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، قَالَ الْإِمَامُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ نُصَيْرٌ مُحَمَّدٌ السَّمَرْقَنْدِيُّ وَبِهِ نَأْخُذُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يُسَلِّمُ عَلَى الصِّبْيَانِ وَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ وَيَتْرُكُونَ اللَّعِبَ (انْتَهَى) . وَفِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ رُوِيَ عَنْ «أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ كُنْتُ مَعَ الصِّبْيَانِ إذْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَلَّمَ عَلَيْنَا» (انْتَهَى) . وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ نَزَلَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَوْمٍ وَتَرَكُوا السَّلَامَ أَثِمُوا وَلَوْ سَلَّمَ الْوَاحِدُ جَازَ عَنْهُمْ وَوَجَبَ عَلَى الْمَدْخُولِ عَلَيْهِمْ أَنْ يَرُدُّوا الْجَوَابَ فَإِنْ تَرَكُوا اشْتَرَكُوا فِي الْمَأْثَمِ، وَإِنْ رَدَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَسَكَتَ الْبَاقُونَ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَسْقُطُ الْجَوَابُ عَنْهُمْ كَذَا ذَكَرَ أَصْحَابُ الْإِمْلَاءِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَسْقُطُ الْجَوَابُ عَنْهُمْ (انْتَهَى) . وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الِابْتِدَاءَ بِالسَّلَامِ يَكُونُ سُنَّةً كِفَايَةً كَمَا يَكُونُ الْجَوَابُ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَقِيلَ: الْجَوَابُ فَرْضُ عَيْنٍ فَلَا يَكْفِي الْجَوَابُ مِنْ الْوَاحِدِ عَنْ الْجَمَاعَةِ بِخِلَافِ ابْتِدَاءِ السَّلَامِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ كِفَايَةٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ (34) قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ إسْلَامُهُ. قَالَ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ: إسْلَامُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ يَصِحُّ عِنْدَنَا بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ جَمِيعًا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ. وَجْهُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا عَلِيًّا إلَى الْإِسْلَامِ وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إسْلَامُهُ وَكَانَ يَفْتَخِرُ بِإِسْلَامِهِ فِي صِغَرِهِ وَيَقُولُ: سَبَقْتُكُمْ إلَى الْإِسْلَامِ طُرًّا غُلَامًا مَا بَلَغَتْ أَوَانَ حُلُمِي»

35 - وَرِدَّتُهُ وَلَا يُقْتَلُ لَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ إسْلَامِهِ صَغِيرًا أَوْ تَبَعًا 36 - وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْقِلَ التَّسْمِيَةَ وَيَضْبِطَهَا بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْحِلَّ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِهَا كَذَا فِي الْكَافِي. وَيُؤْكَلُ الصَّيْدُ بِرَمْيِهِ إذَا سَمَّى، وَلَيْسَ كَالْبَالِغِ فِي النَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْخَلْوَةِ بِهَا 37 - فَيَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ عَلَى النِّسَاءِ إلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ وَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَلَا عِتْقُهُ إلَّا حُكْمًا فِي مَسَائِلَ ذَكَرْنَاهَا فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْفَوَائِدِ فِي الطَّلَاقِ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ فِي الْأَقْوَالِ كُلِّهَا لَا فِي الْأَفْعَالِ، فَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ 38 - إلَّا فِي مَسَائِلَ ذَكَرْنَاهَا فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْفَوَائِدِ فِي الْحَجْرِ، وَتَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ بِوَطْئِهِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَشْتَهِي النِّسَاءَ وَإِلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ عَرَفَ الْإِسْلَامَ وَاعْتَرَفَ بِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَصِحَّ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ الْإِسْلَامَ. (35) قَوْلُهُ: وَرِدَّتُهُ إلَخْ. أَقُولُ هَذَا إذَا كَانَ مُرَاهِقًا وَإِلَّا اُعْتُبِرَ إسْلَامُهُ فَقَطْ وَلَا تُعْتَبَرُ رِدَّتُهُ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ الطَّرَسُوسِيُّ وَلَا تُعْتَبَرُ رِدَّةُ الْمُرَاهِقِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَنُقِلَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ رُجُوعُ الْإِمَامِ إلَيْهِ (انْتَهَى) (36) قَوْلُهُ: وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْقِلَ التَّسْمِيَةَ إلَخْ. لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ شَرْطٌ بِالنَّصِّ وَذَلِكَ بِالْقَصْدِ وَصِحَّةُ الْقَصْدِ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْعَقْلِ وَالضَّبْطِ. وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ مَعْنَى قَوْلِهِ: يَضْبِطُ أَيْ يَضْبِطُ شَرَائِطَ الذَّبْحِ مِنْ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَفَرْيِ الْأَوْدَاجِ، وَذَبِيحَةُ الْأَخْرَسِ حَلَالٌ وَعَجْزُهُ عَنْ التَّسْمِيَةِ بِحُكْمِ الْخَرَسِ يُعْتَبَرُ بِالْعَجْزِ بِحُكْمِ النِّسْيَانِ وَالْأَقْلَفُ وَالْمَخْتُونُ سَوَاءٌ كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (37) قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ عَلَى النِّسَاءِ إلَخْ. أَقُولُ وَكَذَا يَجُوزُ لَهُنَّ أَيْضًا الدُّخُولُ عَلَيْهِ (38) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسَائِلَ ذَكَرْنَاهَا فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْفَوَائِدِ أَقُولُ أَرَادَ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ فَإِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَاكَ مَسْأَلَتَانِ

فَلَا. وَتَثْبُتُ أَيْضًا بِوَطْءِ الصَّبِيَّةِ الْمُشْتَهَاةِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَلَا يَدْخُلُ الصَّبِيُّ فِي الْقَسَامَةِ وَالْعَاقِلَةِ، وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارِهِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَا فِي الصُّغْرَى، وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْغَرَامَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ كَمَا فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَلَا يُؤْخَذُ صِبْيَانُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِالتَّمْيِيزِ عَنْ صِبْيَانِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ 39 - وَلَا شَيْءَ عَلَى صِبْيَانِ بَنِي تَغْلِبَ. وَلَا يُقْتَلُ وَلَدُ الْحَرْبِيِّ إذَا لَمْ يُقَاتِلْ، وَلَوْ قَتَلَهُ مُجَاهِدٌ بَعْدَ قَوْلِ الْإِمَامِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ 40 - لَمْ يَسْتَحِقَّ السَّلَبَ إلَّا إذَا قَاتَلَ، وَيَدْخُلُ الصَّبِيُّ تَحْتَ قَوْلِهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَإِذَا قَتَلَ الصَّبِيُّ اسْتَحَقَّ سَلَبَ مَقْتُولِهِ لِقَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ: وَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْغَنِيمَةَ سَهْمًا أَوْ رَضْخًا (انْتَهَى) . وَفِي الْكَنْزِ إنَّ الصَّبِيَّ مِمَّنْ يُرْضَخُ لَهُ إذَا قَاتَلَ، وَلَوْ قَالَ السُّلْطَانُ لِصَبِيٍّ إذَا أَدْرَكْتَ فَصَلِّ بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ جَازَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ عَلَى صِبْيَانِ بَنِي تَغْلِبَ. أَقُولُ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ وَيَجِبُ الْخَرَاجُ فِي أَرْضِ الصِّبْيَانِ وَالنِّسْوَانِ وَالْمَجَانِينِ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَظَّفَ الْخَرَاجَ فِي جَمِيعِ الْأَرَاضِي؛ وَيُؤْخَذُ مِنْ أَرْضِ الصَّبِيِّ التَّغْلِبِيِّ الْعُشْرُ مُضَاعَفًا وَكَذَا مِنْ أَرْضِ الْمَرْأَةِ التَّغْلِبِيَّةِ لِأَنَّ الْعُشْرَ يُؤْخَذُ مِنْ أَرْضِ الصَّبِيِّ الْمُسْلِمِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَمِنْ أَرْضِ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ فِي الرِّوَايَاتِ أَجْمَعَ. فَكَذَا يُؤْخَذُ مِنْ الصَّبِيِّ التَّغْلِبِيِّ وَالْمَرْأَةِ التَّغْلِبِيَّةِ الْعُشْرُ مُضَاعَفًا (انْتَهَى) . فَإِنْ أَرَادَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْعُشْرِ الْمُضَاعَفِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ أَرَادَ شَيْئًا آخَرَ فَلَا عِلْمَ لَنَا بِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ فِي مَوَاشِيهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. (40) قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَحِقَّ السَّلَبَ. قَالَ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ: وَإِذَا قَالَ الْأَمِيرُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَقَتَلَ صَبِيًّا لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ فَلَيْسَ لَهُ سَلَبُهُ وَإِنْ قَتَلَ مَرِيضًا أَوْ جَرِيحًا

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: السُّلْطَانُ أَوْ الْوَالِي إذَا كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ فَبَلَغَ يَحْتَاجُ إلَى تَقْلِيدٍ جَدِيدٍ (انْتَهَى) وَلَا تَنْعَقِدُ بِيَمِينِهِ، 41 - وَلَوْ كَانَ مَأْذُونًا فَبَاعَ فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا لَا يُحَلِّفُهُ حَتَّى يُدْرِكَ كَمَا فِي الْعُمْدَةِ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَى صَبِيٍّ مَحْجُورٍ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ لَا يُحْضِرُهُ إلَى بَابِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ فَنَكَلَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ كَذَا فِي الْعُمْدَةِ. 42 - وَيُقَامُ التَّعْزِيرُ عَلَيْهِ تَأْدِيبًا، وَتَتَوَقَّفُ عُقُودُهُ الْمُتَرَدِّدَةُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ، 43 - وَيَصِحُّ قَبْضُهُ لِلْهِبَةِ، 44 - وَلَا يَتَوَقَّفُ مِنْ أَقْوَالِهِ مَا تَمَحَّضَ ضَرَرًا ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَهُ سَلَبُهُ سَوَاءٌ كَانَ يَسْتَطِيعُ الْقِتَالَ أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ الْقِتَالَ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الْقَتْلِ فِي الْوَجْهَيْنِ (41) قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مَأْذُونًا فَبَاعَ إلَخْ. تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَاءِ. هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: وَالصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ يَحْلِفُ كَالْبَالِغِ وَقَالَ نُصَيْرٌ لَا يَحْلِفُ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَلَا يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ إلَّا بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ؛ وَعُلَمَاؤُنَا عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ وَبِهِ نَأْخُذُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي أَنَّ النُّكُولَ بَذْلٌ أَوْ إقْرَارٌ (انْتَهَى) . وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا (42) قَوْلُهُ: وَيُقَامُ التَّعْزِيرُ عَلَيْهِ تَأْدِيبًا. وَكَذَا يُحْبَسُ تَأْدِيبًا لَا عُقُوبَةً قَالَهُ السُّرُوجِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ عَنْ الْخَصَّافِ، وَنَقَلَ بَعْدَهُ بِوَرَقَةٍ مَا لَفْظُهُ: وَيُحْبَسُ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ بِهِ بِدَيْنٍ عَلَى الصَّغِيرِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَلَا يُحْبَسُ الصَّبِيُّ الْمُرَاهِقُ الَّذِي لَا أَبَ لَهُ وَلَا وَصِيَّ وَلَكِنْ يُنَصِّبُ الْقَاضِي وَصِيًّا عَنْهُ يُؤَدِّي دَيْنَهُ (43) قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ قَبْضُهُ لِلْهِبَةِ أَقُولُ وَكَذَا قَبُولُهُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ قَبُولُهُ إذَا وُهِبَ لَهُ عَبْدٌ أَعْمَى أَوْ مَقْعَدٌ كَمَا فِي حَوَاشِي حَفِيدِ السَّيِّدِ عَلِيٍّ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ (44) قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَقَّفُ مِنْ أَقْوَالِهِ مَا تَمَحَّضَ ضَرَرًا. أَيْ بَلْ يُلْغَى وَلَا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ

45 - وَمِنْهُ إقْرَاضُهُ وَاسْتِقْرَاضُهُ لَوْ كَانَ مَحْجُورًا، لَا لَوْ كَانَ مَأْذُونًا، 46 - وَكَفَالَتُهُ بَاطِلَةٌ وَلَوْ عَنْ أَبِيهِ، 47 - وَصَحَّتْ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (45) قَوْلُهُ: وَمِنْهُ إقْرَاضُهُ وَاسْتِقْرَاضُهُ لَوْ مَحْجُورًا. أَقُولُ الضَّمِيرُ فِي مِنْهُ رَاجِعٌ لِمَا تَمَحَّضَ ضَرَرًا مِنْ أَقْوَالِهِ، وَالْإِقْرَاضُ قَوْلٌ مَحْضٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَحْثِ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ. قُلْتُ: وَالِاسْتِقْرَاضُ مِثْلُهُ فَانْدَفَعَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِقْرَاضِ أَوْ الِاسْتِقْرَاضِ فِعْلٌ لَا قَوْلٌ (46) قَوْلُهُ: وَكَفَالَتُهُ بَاطِلَةٌ. مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ كَفَالَةُ الْغَيْرِ بَاطِلَةٌ. قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ: وَلَا تَجُوزُ كَفَالَةُ الصَّبِيِّ سَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَسَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ أَبُوهُ فِي الْكَفَالَةِ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ؛ لِأَنَّ إذْنَ الْأَبِ لِلصَّبِيِّ فِي الْكَفَالَةِ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ إذْنٌ بِمَا هُوَ تَبَرُّعٌ وَالتَّبَرُّعُ غَيْرُ دَاخِلٍ تَحْتَ وِلَايَةِ الْأَبِ فَلَا يَمْلِكُ الْإِذْنَ بِمَا تَبَرَّعَ. قَالَ: وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ قِبَلَ رَجُلٍ مَالٌ فَأَدْخَلَ الْمَطْلُوبُ ابْنَهُ فِي كَفَالَةِ ذَلِكَ الْمَالِ وَقَدْ رَاهَقَ وَلَمْ يَحْتَلِمْ كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا وَلَا يَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الصَّغِيرِ إذَا بَلَغَ؛ لِأَنَّهُ لَا مُجِيزَ لَهَا حَالَ وُقُوعِهَا، فَإِنْ بَلَغَ وَأَقَرَّ بِالْكَفَالَةِ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِكَفَالَةٍ بَاطِلَةٍ وَإِنْ جَدَّدَ الْكَفَالَةَ بَعْدَ الْبُلُوغِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ هَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ دِينَ الْأَبِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ دَيْنَ الصَّبِيِّ بِأَنْ اشْتَرَى الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ شَيْئًا لِلصَّغِيرِ بِالنَّسِيئَةِ وَأَمَرَ الصَّبِيَّ حَتَّى ضَمِنَ بِالْمَالِ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ وَضَمِنَ لِنَفْسِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ فَضَمَانُهُ بِالْمَالِ جَائِزٌ وَضَمَانُهُ بِنَفْسِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ بَاطِلٌ، أَمَّا ضَمَانُهُ بِالْمَالِ فَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ شَيْئًا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الضَّمَانِ فَإِنْ قَبِلَ: الضَّمَانَ كَانَ يَرْجِعُ ذَلِكَ الْمَالُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ هَذَا الضَّمَانُ تَبَرُّعًا، وَأَمَّا الضَّمَانُ بِنَفْسِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ فَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ شَيْئًا كَانَ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ قَبْلَ الضَّمَانِ وَهُوَ إحْضَارُهُمَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ. (47) قَوْلُهُ: وَصَحَّتْ لَهُ. قِيلَ: عَلَيْهِ: فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْكَفَالَةُ لِلصَّبِيِّ لَمْ تَجُزْ ثُمَّ عَلَّلَ بِأَنَّهَا لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْقَبُولِ وَهُوَ لَيْسَ أَهْلًا لِذَلِكَ فَمَا ذَكَرَهُ هُنَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْأَخِيرِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَى الْقَبُولِ أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ بِإِذْنِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ

48 - وَعَنْهُ مُطْلَقًا. وَقَدْ جَمَعَ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ أَحْكَامَ الصِّبْيَانِ، فَمَنْ أَرَادَ الِاطِّلَاعَ عَلَى كَثْرَةِ فُرُوعِنَا وَحُسْنِ تَقْرِيرِنَا وَاسْتِيعَابِنَا وَعَلَى نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا فِيمَا نَقْصِدُهُ مِنْ جَمْعِ الْمُتَفَرِّقِ فَلْيَنْظُرْ ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتَهَى) . وَفِي فَوَائِدِ أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ: الْكَفَالَةُ لِلصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لَا تَجُوزُ قِيلَ لَهُ الصَّبِيُّ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ مِنْ الْمَضَارِّ لَا عَلَى الْمَنَافِعِ بِدَلِيلِ قَبُولِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ هَذَا مَنْفَعَةٌ فَتَجُوزُ قَالَ: لِأَنَّ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ تَصِحُّ بِالْفِعْلِ وَفِعْلُهُ مُعْتَبَرٌ فَأَمَّا هَهُنَا لَا بُدَّ مِنْ قَبُولٍ وَهُوَ قَوْلٌ، وَقَوْلُهُ: غَيْرُهُ مُعْتَبَرٌ. قِيلَ: يُشْكِلُ بِمَا لَوْ أَجَّرَ نَفْسَهُ يَجِبُ الْأَجْرُ وَذَلِكَ قَوْلٌ؛ قَالَ فِي الْإِجَارَةِ قَدْ يَجِبُ الْأَجْرُ مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ فَإِنَّ رَجُلًا لَوْ اسْتَعْمَلَ إنْسَانًا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَرَأَى الْقَاضِي أَنْ يُوجِبَ الْأَجْرَ عَلَيْهِ يَجِبُ الْأَجْرُ وَلَا عِبْرَةَ لِلْقَوْلِ فِي وُجُوبِ الْأُجْرَةِ (انْتَهَى) . وَبِهِ يَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّتِهَا فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ. (48) قَوْلُهُ: وَعَنْهُ مُطْلَقًا. أَيْ إذَا كَفَلَ عَنْهُ بِمَالٍ بِأَمْرِهِ وَأَدَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ لِأَنَّ أَمْرَ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ لَهُ بِالْكَفَالَةِ بِنَفْسِهِ وَبِمَا عَلَيْهِ مُعْتَبَرٌ شَرْعًا وَإِنْ كَانَ لَا تَجُوزُ كَفَالَتُهُ عَنْ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ كَفَالَتَهُ عَنْ الْغَيْرِ تَبَرُّعٌ مِنْهُ عَلَى الْغَيْرِ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ، أَمَّا الْإِذْنُ بِالْكَفَالَةِ عَنْهُ طَلَبُ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مَحْجُورًا لَا يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَحْضُرَ مَعَ الْكَفِيلِ لِأَنَّ أَمْرَهُ بِالْكَفَالَةِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ غَيْرَ تَاجِرٍ فَطَلَبَ أَبُوهُ مِنْ رَجُلٍ أَنْ يَضْمَنَهُ فَضَمِنَهُ كَانَ جَائِزًا وَأَخَذَ بِهِ الْكَفِيلُ وَكَذَلِكَ وَصِيُّهُ أَوْ جَدُّهُ إنْ كَانَ الْأَبُ مَيِّتًا، وَكَذَلِكَ الْقَاضِي إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ وَلَا جَدٌّ، فَإِنْ تَغَيَّبَ الْغُلَامُ وَأَخَذَ الْكَفِيلَ بِالْغُلَامِ وَقَالَ: أَنْتَ أَمَرْتَنِي أَنْ أَضْمَنَهُ فَخَلِّصْنِي فَإِنَّ الْأَبَ يُؤْخَذُ بِذَلِكَ حَتَّى يَحْضُرَ ابْنُهُ وَلَيْسَ طَرِيقُهُ أَنَّ الْأَبَ أَمَرَهُ بِالْكَفَالَةِ عَنْ الصَّغِيرِ فَإِنَّ مُجَرَّدَ الْأَمْرِ بِالْكَفَالَةِ عَنْ الْغَيْرِ لَا يُثْبِتُ لِلْمَأْمُورِ حَقَّ مُطَالَبَةِ الْآمِرِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَكْفِلْ بِنَفْسِ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ وَكَفَلَ وَغَابَ الْمَطْلُوبُ فَأَرَادَ الطَّالِبُ أَنْ يُطَالِبَ الْآمِرَ بِالْكَفَالَةِ بِإِحْضَارِ الْمَطْلُوبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَكِنْ طَرِيقُهُ أَنَّ الصَّبِيَّ فِي يَدِهِ وَقَبْضَهُ وَتَدْبِيرَهُ؛ وَلِهَذَا قَالُوا: إنَّ الصَّبِيَّ الْمَأْذُونَ لَهُ إذَا أَعْطَى كَفِيلًا بِنَفْسِهِ ثُمَّ تَغَيَّبَ الصَّبِيُّ فَإِنَّ الْأَبَ يُطَالَبُ بِإِحْضَارِهِ، وَطَرِيقُهُ أَنَّ الصَّبِيَّ فِي يَدِهِ وَتَدْبِيرَهُ، كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ

مَا ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ؛ وَقَدْ ذَكَرَ الْعِمَادِيُّ مَا يَكُونُ بِهِ بَالِغًا، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَرَكْنَاهُ قَصْدًا لِتَصْرِيحِهِمْ بِهِ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ، وَكِتَابُنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كِتَابُ الْمُفْرَدَاتِ الْمُلْتَقَطَاتِ 49 - وَالصَّبِيَّةُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى يَجُوزُ السَّفَرُ بِهَا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ، 50 - وَلَا يُضْمَنُ الصَّبِيُّ بِالْغَصْبِ فَلَوْ غَصَبَ صَبِيًّا فَمَاتَ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ إلَّا إذَا نَقَلَهُ إلَى أَرْضٍ مَسْبَعَةٍ أَوْ مَكَانِ الْوَبَاءِ أَوْ الْحُمَّى، وَقَدْ سُئِلَتْ عَمَّنْ أَخَذَ ابْنَ إنْسَانٍ صَغِيرٍ وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْبَلَدِ هَلْ يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ إلَى أَبِيهِ؟ فَأَجَبْتُ بِمَا فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ غَصَبَ صَبِيًّا حُرًّا فَغَابَ الصَّبِيُّ عَنْ يَدِهِ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يُحْبَسُ حَتَّى يَجِيءَ بِالصَّبِيِّ أَوْ يُعْلَمَ أَنَّهُ مَاتَ (انْتَهَى) . ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالصَّبِيَّةُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى يَجُوزُ السَّفَرُ بِهَا إلَخْ. أَقُولُ وَكَذَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُغَسِّلَهَا كَمَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ (50) قَوْلُهُ: وَلَا يُضْمَنُ الصَّبِيُّ بِالْغَصْبِ. يَعْنِي الصَّبِيَّ الْحُرَّ. فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْغَاصِبَ إنَّمَا يَضْمَنُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الصَّبِيِّ لَا بِسَبَبِ الْغَصْبِ، وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْغَاصِبَ إنَّمَا يَضْمَنُ عِنْدَنَا بِسَبَبِ الْغَصْبِ لَا بِالْجِنَايَةِ وَذَهَبَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَهُوَ يُشْبِهُ الْعَبْدَ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّهُ مِمَّا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْيَدُ كَالْعَبْدِ، وَيُشْبِهُ الْحُرَّ الْكَبِيرَ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ فَقُلْنَا: لِشُبْهَةِ الْعَبْدِ إذَا هَلَكَ بِأَمْرٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ يُضْمَنُ، وَإِذَا هَلَكَ بِأَمْرٍ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ لَا يُضْمَنُ تَوْفِيرًا لِلشَّبَهَيْنِ حَظَّهُمَا، وَمَنْ سَلَكَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ احْتَاجَ إلَى تَخْصِيصِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ غَصَبَ صَبِيًّا فَإِنَّهُ أَطْلَقَ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ صَبِيٍّ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ لَا يُعَبِّرُ، فَإِنَّهُ مَتَى قَالَ هَذَا الْقَائِلُ بِالضَّمَانِ إذَا كَانَ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَبِعَدَمِ الضَّمَانِ إذَا كَانَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَقَدْ أَثْبَتَ تَخْصِيصًا لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ؛ وَمَنْ سَلَكَ الطَّرِيقَةَ الْأُولَى اخْتَلَفُوا أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْمُبَاشَرَةِ أَوْ بِالتَّسَبُّبِ قَالَ: بَعْضُهُمْ يَضْمَنُ الْمُبَاشَرَةَ لِأَنَّهُ بَاشَرَ بِإِتْلَافِهِ حَيْثُ نَقَلَهُ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ مِنْ حَيْثُ إنَّ التَّلَفَ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ لَا يَعُمُّ الْأَمَاكِنَ كُلَّهَا، وَالصَّبِيُّ عَاجِزٌ عَنْ حِفْظِ نَفْسِهِ عَنْ

51 - وَلَوْ خَدَعَهُ حَتَّى أَخَذَهُ بِرِضَاهُ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، لِأَنَّهُ مَا غَصَبَهُ، لِأَنَّهُ الْأَخْذُ قَهْرًا، وَفِي الْمُلْتَقَطِ مِنْ النِّكَاحِ: وَعَنْ مُحَمَّدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ خَدَعَ بِنْتَ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَتَهُ وَأَخْرَجَهَا مِنْ مَنْزِلِهِ. قَالَ أَحْبِسُهُ أَبَدًا حَتَّى يَأْتِيَ بِهَا أَوْ يُعْلَمَ مَوْتُهَا (انْتَهَى) . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَسْبَابِ الْمُتْلِفَةِ، وَإِنَّمَا يَحْفَظُ وَلِيُّهُ فَإِذَا قُطِعَ حِفْظُ وَلِيِّهِ عَنْهُ أُضِيفَ التَّلَفُ إلَى غَصْبِهِ وَفِعْلِهِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ فَصَارَ مُبَاشِرًا بِإِتْلَافِهِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ حَقِيقَةً، وَالْمُبَاشَرَةُ حُكْمًا كَافِيَةٌ لِإِيجَابِ الضَّمَانِ كَمَا فِي الْمُكْرَهِ وَشُهُودِ الْقِصَاصِ، وَإِذَا اُعْتُبِرَ مُبَاشِرًا حُكْمًا صَارَ كَأَنَّهُ أَلْقَى الْحَيَّةَ عَلَى الصَّبِيِّ حَتَّى نَهَشَتْهُ، أَوْ أَلْقَى الْجِدَارَ عَلَيْهِ أَوْ وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْ السَّبُعِ حَتَّى افْتَرَسَهُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يَضْمَنُ فَكَذَا هُنَا. وَهَذَا الْقَائِلُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَخْصِيصِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الصَّبِيِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ بِالْحُمَّى لِأَنَّ حُدُوثَ الْمَوْتِ بِالْحُمَّى لَا يُضَافُ إلَى غَصْبِهِ. وَنَقْلِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} [النساء: 78] وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ بِالتَّسَبُّبِ لَا بِالْمُبَاشَرَةِ لِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ مِنْهُ الْمُبَاشَرَةُ حَقِيقَةً وَلَكِنْ وُجِدَ حَدُّ التَّسَبُّبِ وَهُوَ اتِّصَالُ أَثَرِ فِعْلِهِ بِهِ يَسْتَقِيمُ إضَافَةُ التَّلَفِ إلَى فِعْلِهِ كَمَا فِي حَفْرِ الْبِئْرِ اتَّصَلَ التَّلَفُ بِأَثَرِ فِعْلِهِ وَهُوَ الْعُمْقُ بِوَاسِطَةِ فِعْلِ آخَرَ وَهُوَ فِعْلُ الْمَاشِي فَاسْتَقَامَتْ إضَافَةُ التَّلَفِ إلَى أَثَرِ فِعْلِهِ فَصَارَ سَبَبًا وَالْمُسَبِّبُ ضَامِنٌ حَتَّى لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ غَصَبَ حُرًّا كَبِيرًا وَنَقَلَهُ إلَى مَكَان خَاصًّا بِهِ شَيْءٌ مِنْ الصَّوَاعِقِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ حَدُّ الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسَبُّبِ أَمَّا الْمُبَاشَرَةُ فَظَاهِرَةٌ، وَأَمَّا التَّسَبُّبُ فَلِأَنَّ التَّلَفَ حِينَئِذٍ لَا يُضَافُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْكَبِيرَ يُمْكِنُهُ حِفْظُ نَفْسِهِ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُتْلِفَةِ فَكَانَ كَالْمَاشِي إذَا عَلِمَ بِالْبِئْرِ وَوَقَعَ فِيهَا لَا يَضْمَنُ الْحَافِرُ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ حِفْظُ نَفْسِهِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الْقُصُورِ وَالِاقْتِصَارِ بِسَبَبِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الِاخْتِصَارِ. (51) قَوْلُهُ: وَلَوْ خَدَعَهُ حَتَّى أَخْرَجَهُ بِرِضَاهُ لَمْ يَضْمَنْ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا شَكَّ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِرِضَاءِ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ مَنَافِعَهُ عَنْ مَضَارِّهِ. وَأَمَّا الْقَهْرُ الَّذِي يَتَحَقَّقُ مَعَ إبَاءِ

وَلَوْ قَطَعَ طَرَفَ صَبِيٍّ لَمْ تُعْلَمْ صِحَّتُهُ 53 - فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ لَا دِيَةٌ. وَلَوْ دَفَعَ السِّكِّينَ إلَى صَبِيٍّ فَقَتَلَ نَفْسَهُ لَمْ يَضْمَنْ الدَّافِعُ، وَإِنْ قَتَلَ غَيْرَهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ، وَيَرْجِعُونَ بِهَا عَلَى الدَّافِعِ. وَكَذَا لَوْ أَمَرَ صَبِيًّا بِقَتْلِ إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ، وَلَوْ أَمَرَ صَبِيًّا بِالْوُقُوعِ مِنْ شَجَرَةٍ 54 - فَوَقَعَ ضَمِنَ دِيَتَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَغْصُوبِ وَمُمَانَعَتِهِ فَغَيْرُ لَازِمٍ كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِلَّا يَلْزَمُ عَدَمُ تَحَقُّقِ الْغَصْبِ فِي الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ انْتَهَى. ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ هُنَا لَمْ يَضْمَنْ أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ الْمُقَابَلَةُ (52) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَطَعَ طَرَفَ صَبِيٍّ لَمْ تُعْلَمْ صِحَّتُهُ إلَى آخِرِهِ. قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ: الصَّبِيُّ كَالْبَالِغِ فِي دِيَةِ النَّفْسِ وَأَطْرَافِهِ إذَا كَانَ لَهَا مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ تَفُوتُ بِقَطْعِهَا كَاللِّسَانِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، وَيَجِبُ الْأَرْشُ كَمَلًا بِتَفْوِيتِهَا إذَا عَلِمَ صِحَّتَهَا فِي بَعْضِهَا بِالْحَرَكَةِ وَفِي اللِّسَانِ بِالْكَلَامِ وَفِي الْعَيْنِ يُسْتَدَلُّ بِهَا أَيْ الْحَرَكَةِ عَلَى النَّظَرِ وَلَا يُكْتَفَى بِالْأَصْلِ فَيُقَالُ الْأَصْلُ هُوَ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ هَذَا يَحْتَمِلُ التَّبَدُّلَ وَالْمُحْتَمَلُ لَا يَصْلُحُ لِلْإِلْزَامِ، وَمَا كَانَ فِي تَفْوِيتِهِ تَفْوِيتُ الْجَمَالِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ كَالْأُذُنِ الشَّاخِصَةِ وَالشُّعُورِ فَفِيهَا الدِّيَةُ كَامِلَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لِأَنَّ الْجَمَالَ وَالزِّينَةَ مِمَّا لَا يَتَفَاوَتُ. كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ. (53) قَوْلُهُ: فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ لَا دِيَةٌ بِالْإِضَافَةِ. أَيْ حُكْمُ مُقَوِّمٍ وَمَا قَوَّمَ بِهِ مِنْ قَدْرِ التَّفَاوُتِ أَوْ غَيْرِهِ فَيُقَوَّمُ عَبْدًا بِلَا هَذَا الْأَثَرِ صَحِيحًا ثُمَّ يُقَوَّمُ مَعَهُ فَقَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ هُوَ الْحُكُومَةُ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ (54) قَوْلُهُ: فَوَقَعَ ضَمِنَ دِيَتَهُ. فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ نَقْلًا عَنْ نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ صَبِيٌّ عَلَى حَائِطٍ صَاحَ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ لَا تَقَعْ فَوَقَعَ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ قَالَ: قَعْ فَوَقَعَ يَضْمَنُ لِأَنَّ قَوْلَهُ قَعْ أَمْرٌ بِأَنْ يَفْعَلَ الْوُقُوعَ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: أَلْقِ نَفْسَكَ فِي الْمَاءِ أَوْ قَالَ: فِي النَّارِ وَفَعَلَ يَضْمَنُ كَذَا هُنَا

وَلَوْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَةٍ فَعَطِبَ ضَمِنَهُ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَ بِصُعُودِ شَجَرَةٍ 56 - لِنَفْضِ ثِمَارِهَا فَوَقَعَ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ بِكَسْرِ الْحَطَبِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِيهَا أَيْضًا: 57 - صَبِيٌّ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ أَوْ غَرِقَ فِي مَاءٍ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا شَيْءَ عَلَى الْوَالِدَيْنِ لِأَنَّهُ مِمَّنْ يَحْفَظُ نَفْسَهُ، 58 - وَإِنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ أَوْ كَانَ أَصْغَرَ سِنًّا؛ قَالُوا يَكُونُ عَلَى الْوَالِدَيْنِ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي حِجْرِهِ الْكَفَّارَةُ لِتَرْكِ الْحِفْظِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ عَلَى الْوَالِدَيْنِ شَيْءٌ إلَّا الِاسْتِغْفَارُ 59 - وَهُوَ الصَّحِيحُ، إلَّا أَنْ يَسْقُطَ مِنْ يَدِهِ 60 - فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَةٍ إلَخْ. فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ نَقْلًا عَنْ كِتَابِ الْخُلَاصَةِ لِلسَّيِّدِ الْإِمَامِ أَبِي الْقَاسِمِ: لَوْ بَعَثَ غُلَامًا صَغِيرًا بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهِ إلَى حَاجَتِهِ فَارْتَقَى فَوْقَ بَيْتٍ مَعَ الصِّبْيَانِ وَوَقَعَ وَمَاتَ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا بِالِاسْتِعْمَالِ. (56) قَوْلُهُ: لِنَفْضِ ثِمَارِهَا لَهُ. أَيْ لِلْآمِرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: لِنَأْكُلَ أَنَا وَأَنْتَ أَوْ لِتَأْكُلَ أَنْتَ فَإِنَّهُ لَا دِيَةَ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ كَذَا فِي مَبَاحِثِ السَّبَبِ مِنْ شَرْحِ مُغْنِي الْخَبَّازِيِّ. (57) قَوْلُهُ: قَوْلُهُ صَبِيٌّ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ. كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ سَبْعِ سِنِينَ كَمَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ. (58) قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ. الضَّمِيرُ فِي كَانَ وَمَا بَعْدَهُ يَرْجِعُ إلَى الصَّبِيِّ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ وَصْفِهِ ابْنَ تِسْعِ سِنِينَ. (59) قَوْلُهُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ الْفَقِيهُ وَبِهِ نَأْخُذُ. (60) قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. وَهِيَ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ أَوْ صِيَامُ سِتِّينَ يَوْمًا

وَلَوْ حَمَلَ صَبِيًّا عَلَى دَابَّةٍ وَقَالَ: امْسِكْهَا لِي وَهِيَ وَاقِفَةٌ فَسَقَطَ وَمَاتَ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي حَمَلَهُ الدِّيَةُ مُطْلَقًا، وَإِنْ سَيَّرَ الصَّبِيُّ الدَّابَّةَ فَوَطِئَتْ إنْسَانًا فَقَتَلَتْهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ لَا يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا فَهَدَرٌ، وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ رَاكِبًا فَجَعَلَ صَبِيًّا مَعَهُ فَقَتَلَتْ الدَّابَّةُ إنْسَانًا؛ فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ لَا يَسْتَمْسِكُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ فَقَطْ، وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَتِهِمَا (انْتَهَى) . 62 - وَلَوْ مَلَأَ صَبِيٌّ كُوزًا مِنْ حَوْضٍ ثُمَّ صَبَّهُ فِيهِ لَمْ يَحِلَّ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ حَمَلَ صَبِيًّا عَلَى دَابَّةٍ إلَخْ. فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ: وَإِذَا حَمَلَ الرَّجُلُ الصَّبِيَّ الْحُرَّ عَلَى دَابَّةٍ وَقَالَ: امْسِكْهَا لِي وَالْحَامِلُ لَيْسَ مَوْلَى الصَّغِيرِ فَسَقَطَ الصَّبِيُّ عَنْ الدَّابَّةِ وَمَاتَ يَضْمَنُ الْحَامِلُ سَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ أَوْ لَا يَسْتَمْسِكُ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا لِلصَّغِيرِ بِحَمْلِهِ عَلَى الدَّابَّةِ، وَغَاصِبُ الصَّغِيرِ ضَامِنٌ إذَا هَلَكَ بِأَمْرٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ وَالسُّقُوطُ عَنْ الدَّابَّةِ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ بَعْدَ الْحَمْلِ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَعْمِلًا لِلصَّبِيِّ فِي عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِهِ وَهُوَ إمْسَاكُ الدَّابَّةِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ، وَمَنْ اسْتَعْمَلَ صَبِيًّا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَهَلَكَ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالِهِ ضَمِنَ كَمَا لَوْ قَالَ لِلصَّبِيِّ: اصْعَدْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ وَانْقُضْ لِي ثِمَارَهَا فَصَعِدَ فَسَقَطَ فَمَاتَ ضَمِنَ (62) قَوْلُهُ: وَلَوْ مَلَأَ صَبِيٌّ إلَخْ. وَكَذَا الْعَبْدُ وَإِنَّمَا لَمْ يَحِلَّ لِأَنَّهُ خَلَطَ مِلْكَهُ بِالْمُبَاحِ وَلَا يُمْكِنُ تَمَيُّزُهُ، وَكَذَا إذَا جَاءَ صَبِيٌّ بِالْكُوزِ مِنْ مَاءٍ مُبَاحٍ لَا يَحِلُّ لِأَبَوَيْهِ أَنْ يَشْرَبَا مِنْهُ إذَا كَانَا غَنِيَّيْنِ لِأَنَّ الْمَاءَ صَارَ مَمْلُوكًا لَهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُمَا الْأَكْلُ مِنْ مَالِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ مِنْ فَصْلِ الشُّرْبِ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ قَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ لَمْ أَجِدْهُ فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ كِتَابِ الشُّرْبِ مِنْ نُسْخَتَيْنِ صَحِيحَتَيْنِ مِنْ الذَّخِيرَةِ (انْتَهَى) . فَلَعَلَّ صَاحِبَ الذَّخِيرَةِ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي مَحِلٍّ آخَرَ. لَا يُقَالُ: الْعِلَّةُ الَّتِي ذَكَرَهَا صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ جَارِيَةٌ فِيمَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بَالِغٌ لِأَنَّ الْبَالِغَ الْحُرَّ وَإِنْ مَلَكَهُ بِالْحِيَازَةِ لَهُ وِلَايَةُ أَنْ يَجْعَلَهُ مُبَاحًا يَصُبُّهُ فِي الْحَوْضِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ فَلْيُتَأَمَّلْ

وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ الْحَرِيرَ وَالذَّهَبَ، وَلَا أَنْ يَسْقِيَهُ الْخَمْرَ، وَلَا أَنْ يُجْلِسَهُ لِلْبَوْلِ وَالْغَائِطِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا، وَلَا أَنْ يُخَضِّبَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ بِالْحِنَّاءِ، وَفِي الْمُلْتَقَطِ: زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ رَجُلٍ 64 - وَذَهَبَتْ وَلَا يُدْرَى لَا يُجْبَرُ زَوْجُهَا عَلَى الطَّلَبِ (انْتَهَى) . ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ الْحَرِيرَ إلَخْ. يَعْنِي يُكْرَهُ تَحْرِيمًا أَنْ يُلْبَسَ الذُّكُورُ مِنْ الصِّبْيَانِ الْحَرِيرَ وَالذَّهَبَ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَمَّا ثَبَتَ فِي حَقِّ الذُّكُورِ فَكَمَا لَا يُبَاحُ اللُّبْسُ لَا يُبَاحُ الْإِلْبَاسُ فَصَارَ كَالْخَمْرِ لَمَّا حَرُمَ شُرْبُهَا حَرُمَ سَقْيُهَا. كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ وَفِيهِ رَجُلٌ كَنَّى ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِأَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ كَرِهَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِهَذَا الِابْنِ ابْنٌ اسْمُهُ بَكْرٌ فَيَكُونُ هُوَ أَبًا لَهُ وَالصَّحِيحُ لَا بَأْسَ بِهِ فَإِنَّ النَّاسَ يُرِيدُونَ بِهِ التَّفَاؤُلَ أَنَّهُ سَيَصِيرُ أَبًا فِي ثَانِي الْحَالِ لَا لِتَحْقِيقٍ لِلْحَالِ (64) قَوْلُهُ: وَذَهَبَتْ وَلَا يُدْرَى. أَيْ مَكَانُهَا أَقُولُ فِيهِ: حَذَفَ نَائِبَ الْفَاعِلِ وَهُوَ عُمْدَةٌ فِي الْكَلَامِ لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ

[أحكام السكران]

أَحْكَامُ السَّكْرَانِ 1 - هُوَ مُكَلَّفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43] 2 - خَاطَبَهُمْ تَعَالَى وَنَهَاهُمْ حَالَ سُكْرِهِمْ. فَإِنْ كَانَ السُّكْرُ مِنْ مُحَرَّمٍ فَالسَّكْرَانُ مِنْهُ هُوَ الْمُكَلَّفُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مُبَاحٍ فَلَا، فَهُوَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَاخْتُلِفَ التَّصْحِيحُ فِيمَا إذَا سَكِرَ مُكْرَهًا أَوْ مُضْطَرًّا فَطَلَّقَ. وَقَدَّمْنَا فِي الْفَوَائِدِ أَنَّهُ مِنْ مُحَرَّمٍ كَالصَّاحِي 3 - إلَّا فِي ثَلَاثٍ: الرِّدَّةُ، وَالْإِقْرَارُ بِالْحُدُودِ الْخَالِصَةِ، وَالْإِشْهَادُ عَلَى شَهَادَةِ نَفْسِهِ. وَزِدْتُ عَلَى الثَّلَاثِ مَسَائِلَ: الْأُولَى: تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَحْكَامُ السَّكْرَانِ] قَوْلُهُ: أَحْكَامُ السَّكْرَانِ. يَعْنِي مِنْ إسْلَامِهِ وَغَيْرِهِ وَكَانَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى. (2) قَوْلُهُ: خَاطَبَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَنَهَاهُمْ حَالَ سُكْرِهِمْ. أَقُولُ: بَقِيَ لِهَذَا الْكَلَامِ تَتِمَّةٌ حَتَّى يَتِمَّ الْمَرَامُ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ وَالسُّكْرُ لَيْسَ بِمُنَافٍ لِلْخِطَابِ إذْ لَوْ كَانَ مُنَافِيًا لَصَارَ كَأَنَّهُ قِيلَ لَهُمْ إذَا سَكِرْتُمْ وَخَرَجْتُمْ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ فَلَا تُصَلُّوا لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى: {وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43] حَالٌ وَالْأَحْوَالُ شُرُوطٌ وَيَصِيرُ كَقَوْلِكَ لِلْعَاقِلِ إذَا جُنِنْتَ فَلَا تَفْعَلْ كَذَا وَفَسَادُهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْخِطَابَ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لَهُ وَلَمَّا صَحَّ هَهُنَا عَرَفْنَا أَنَّهُ أَهْلٌ لِلْخِطَابِ فِي حَالِ السُّكْرِ زَجْرًا لَهُ (3) قَوْلُهُ: إلَّا فِي ثَلَاثٍ الرِّدَّةُ إلَخْ. أَقُولُ فِي الْخَانِيَّةِ فِي بَابِ الْخُلْعِ: خُلْعُ السَّكْرَانِ جَائِزٌ وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ إلَّا الرِّدَّةَ وَالْإِقْرَارَ بِالْحُدُودِ وَالْإِشْهَادَ عَلَى شَهَادَةِ نَفْسِهِ.

4 - أَوْ بِأَكْثَرَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ. 5 - الثَّانِيَةُ: الْوَكِيلُ بِالطَّلَاقِ، صَاحِيًا، إذَا سَكِرَ فَطَلَّقَ لَمْ يَقَعْ. الثَّالِثَةُ: الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَوْ سَكِرَ فَبَاعَ لَمْ يَنْفُذْ عَلَى مُوَكِّلِهِ. 6 - الرَّابِعَةُ: غَصَبَ مِنْ صَاحٍ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ وَهُوَ سَكْرَانُ، وَهِيَ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ، فَهُوَ كَالصَّاحِي 7 - إلَّا فِي سَبْعٍ فَيُؤَاخَذُ بِأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِيمَا إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَالَ دَاوُد الظَّاهِرِيُّ: لَا يَنْفُذُ مِنْهُ تَصَرُّفٌ مَا وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ وَأَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَلَّامٍ: إنْ كَانَ مَعْذُورًا فِي الشُّرْبِ بِأَنْ كَانَ مُكْرَهًا أَوْ مُضْطَرًّا لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْذُورًا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَتَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ وَفِي رِدَّتِهِ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ فِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَصِحُّ يَعْنِي لِأَنَّ الْكُفْرَ وَاجِبُ النَّفْيِ وَفِي الْقِيَاسِ يَصِحُّ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ بِالْقِيَاسِ فَإِنْ قَضَى الْقَاضِي بِقَوْلٍ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَفَذَ قَضَاؤُهُ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهَلْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ تَصَرُّفَاتُ الصَّبِيِّ السَّكْرَانِ مِنْ إسْلَامِهِ وَغَيْرِهِ وَكَانَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى تَأَمَّلْ (انْتَهَى) . أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْبَالِغَ السَّكْرَانَ مِنْ مُحَرَّمٍ جُعِلَ مُخَاطَبًا زَجْرًا لَهُ وَتَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَالصَّبِيُّ لَيْسَ أَهْلًا لِلزَّجْرِ وَالتَّغْلِيظِ. (4) قَوْلُهُ: أَوْ بِأَكْثَرَ إلَخْ. قِيلَ: عَلَيْهِ: التَّزْوِيجُ بِأَكْثَرَ مَصْلَحَةٌ لِلصَّغِيرِ فَلِمَ لَمْ يَنْفُذْ.؟ أُجِيبُ بِأَنَّ عَدَمَ النُّفُوذِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ عِبَارَتِهِ غَيْرَ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِعَدَمِ النُّفُوذِ يَقْتَضِي انْعِقَادَهُ مَوْقُوفًا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ صَحَا فَأَجَازَهُ نَفَذَ فَتَأَمَّلْ. (5) قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ الْوَكِيلُ بِالطَّلَاقِ. أَقُولُ: هَذَا قَوْلٌ وَالصَّحِيحُ الْوُقُوعُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَقَدْ نَصَّ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا فِي الْبَحْرِ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ الْوُقُوعُ. (6) قَوْلُهُ: الرَّابِعَةُ غَصَبَ مِنْ صَاحٍ إلَخْ. أَقُولُ: الْمَنْقُولُ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي فَصْلِ الضَّمَانَاتِ وَفِي أَحْكَامِ السَّكْرَانِ أَنَّ حُكْمَ السَّكْرَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ الصَّاحِي حَتَّى يَصِحَّ الرَّدُّ عَلَيْهِ وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ وَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ هِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْعُمُومِ (7) قَوْلُهُ: إلَّا فِي سَبْعٍ. هِيَ السَّبْعُ الْمَذْكُورَةُ وَهِيَ الثَّلَاثُ الَّتِي ذَكَرَهَا أَوَّلًا

سَكِرَ مِنْ الْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْحُبُوبِ أَوْ الْعَسَلِ. 8 - وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ إنْ سَكِرَ مِنْ مُحَرَّمٍ فَيَقَعُ طَلَاقُهُ وَعَتَاقُهُ، 9 - وَلَوْ زَالَ عَقْلُهُ بِالْبَنْجِ لَمْ يَقَعْ، وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ بَنْجُ حِينَ شَرِبَهُ يَقَعُ وَإِلَّا فَلَا وَصَرَّحُوا بِكَرَاهَةِ أَذَانِ السَّكْرَانِ وَاسْتِحْبَابِ إعَادَتِهِ، 10 - وَيَنْبَغِي أَلَّا يَصِحُّ أَذَانُهُ كَالْمَجْنُونِ وَأَمَّا صَوْمُهُ فِي رَمَضَانَ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ إنْ صَحَا قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ النِّيَّةِ أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْهُ إذَا نَوَى لِأَنَّا لَا نَشْتَرِطُ التَّبْيِيتَ فِيهَا، وَإِذَا خَرَجَ وَقْتُهَا قَبْلَ صَحْوِهِ 11 - أَثِمَ وَقَضَى 12 - وَلَا يَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ بِسُكْرِهِ. وَيَصِحُّ وُقُوفُهُ بِعَرَفَاتٍ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهِ. وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ السَّكْرَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْأَرْبَعُ الَّتِي زَادَهَا. وَقَوْلُهُ فَيُؤَاخَذُ بِأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ كَالصَّاحِي. (8) قَوْلُهُ: وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ إنْ سَكِرَ مِنْ مُحَرَّمٍ فَيَقَعُ طَلَاقُهُ وَعَتَاقُهُ قَالَ فِي الْفَتْحِ: إلَّا إذَا شَرِبَ الْخَمْرَ فَصُدِعَ فَزَالَ عَقْلُهُ بِالصُّدَاعِ وَطَلَّقَ لَا يَقَعُ لِأَنَّ زَوَالَ الْعَقْلِ مُضَافٌ لِلصُّدَاعِ لَا لِلشُّرْبِ (9) قَوْلُهُ: وَلَوْ زَالَ عَقْلُهُ بِالْبَنْجِ لَمْ يَقَعْ. أَقُولُ إذَا كَانَ ذَلِكَ لِلتَّدَاوِي، وَأَمَّا لِلتَّلَهِّي فَيَقَعُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: لَوْ سَكِرَ مِنْ الْبَنْجِ وَطَلَّقَ تَطْلُقُ زَجْرًا لَهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (10) قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ أَذَانُهُ كَالْمَجْنُونِ. يَعْنِي بِجَامِعِ عَدَمِ صِحَّةِ الْقَصْدِ مِنْهُمَا (11) قَوْلُهُ: أَثِمَ وَقَضَى. الْإِثْمُ مَقْصُورٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ السُّكْرُ مِنْ مُحَرَّمٍ (12) قَوْلُهُ: وَلَا يَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ بِسُكْرِهِ بِأَنْ نَوَى الصَّوْمَ مِنْ اللَّيْلِ ثُمَّ شَرِبَ

فَقِيلَ: مَنْ لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَالرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ. وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقِيلَ: مَنْ فِي كَلَامِهِ اخْتِلَاطٌ وَهَذَيَانٌ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا، 13 - وَبِهِ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ 14 - وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقِدْحِ الْمُسْكِرِ فِي حَقِّ الْحُرْمَةِ مَا قَالَاهُ احْتِيَاطًا فِي الْمُحَرَّمَاتِ. وَالْخِلَافُ فِي الْحَدِّ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ بِهِ وَفِي يَمِينِهِ أَنْ لَا يَسْكَرَ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ. تَنْبِيهٌ قَوْلُهُمْ: إنَّ السُّكْرَ مِنْ مُبَاحٍ كَالْإِغْمَاءِ، يُسْتَثْنَى مِنْهُ سُقُوطُ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِأَنَّهُ بِصُنْعِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُسْكِرَ وَاعْتَكَفَ قَبْلَ سُكْرِهِ ثُمَّ بَلَغَ حَدَّ السُّكْرِ حَالَ اعْتِكَافِهِ لَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ (13) قَوْلُهُ: وَبِهِ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ. أَقُولُ عَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (14) قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقَدَحِ الْمُسْكِرِ فِي حَقِّ الْحُرْمَةِ مَا قَالَاهُ. الْمُعْتَبَرُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ مَا قَالَاهُ، وَقَوْلُهُ فِي الْقَدَحِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُبْتَدَأِ وَقَوْلُهُ فِي حَقِّ الْحُرْمَةِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا قَالَاهُ وَقُدِّمَ عَلَيْهِ لِإِفَادَةِ الْحَصْرِ وَالْمَعْنَى الْمُعْتَبَرُ فِي الْقَدَحِ الْمُسْكِرِ مِنْ الْأَشْرِبَةِ غَيْرِ الْخَمْرِ مَا قَالَاهُ فِي ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ لَا الْحَدِّ وَهُوَ أَنَّ حَدَّ السَّكْرَانِ عِنْدَهُمَا مَنْ فِي كَلَامِهِ اخْتِلَاطٌ وَهَذَيَانٌ لَا مَا قَالَهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ أَنَّهُ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ كَمَا يُفِيدُهُ تَعْرِيفُ طَرَفَيْ الْجُمْلَةِ، هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ هَذَا الْمَحِلُّ

[أحكام العبيد]

أَحْكَامُ الْعَبِيدِ 1 - أَحْكَامُ الْعَبِيدِ 2 - لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ وَلَا عِيدَ وَلَا تَشْرِيقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَحْكَامُ الْعَبِيدِ] قَوْلُهُ: أَحْكَامُ الْعَبِيدِ. جَمْعُ عَبْدٍ وَهُوَ الرَّقِيقُ وَالرِّقُّ عَجْزٌ حُكْمِيٌّ عَنْ الْوِلَايَةِ وَهَذَا الْجَمْعُ أَحَدُ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ جَمْعًا نَظَمَهَا شَيْخُ مَشَايِخِنَا السَّيِّدُ عَبْدُ اللَّهِ الطَّلَاوِيُّ فِي أَبْيَاتٍ وَهِيَ: جُمُوعُ عَبْدٍ عُبُودٌ عُبُدٌ أَعْبُدُ ... أَعَابِدُ عَبْدٌ عَبْدُونَ عِبْدَانُ عَبْدِيَّةٌ عَبْدِيٌّ وَمَعْبُودِيٌّ وَمَدُّهُمَا ... عَبَدَةٌ عَبَدَةٌ أَعْبَادٌ وَعُبْدَانُ عَبِيدٌ أَعْبِدَةٌ عُبَّادٌ وَمَعْبَدَةٌ ... مَعَابِدُ وَعَبِيدُونَ الْعِبِدَّانُ (2) قَوْله: لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ وَلَا عِيدَ إلَخْ. أَطْلَقَ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْعَبْدِ فَشَمَلَ مَا إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ أَوْ لَا وَفِي السِّرَاجِ إنْ أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحُضُورُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُخَيَّرُ. هَكَذَا ذَكَرَ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَذَكَرَ فِي بَابِ صَلَاةِ الْعِيدِ مَا يُخَالِفُ هَذَا فَقَالَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ، وَنَصُّ عِبَارَتِهِ: وَتَجِبُ، أَيْ صَلَاةُ الْعِيدِ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ إلَى أَنْ قَالَ: وَمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْعِيدِ إلَّا الْمَمْلُوكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعِيدُ إذَا أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا وَهُوَ الظُّهْرُ وَهُوَ يَقُومُ مَقَامَهَا فِي حَقِّهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْعِيدُ فَإِنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ الْعِيدُ كَمَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ لَا تَصِيرُ مَمْلُوكَةً لَهُ بِالْإِذْنِ فَحَالُهُ بَعْدَ الْإِذْنِ كَحَالِهِ قَبْلَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ حَجَّ بِإِذْنِ الْمَوْلَى لَا تَسْقُطُ عَنْهُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ لِهَذَا الْمَعْنَى، وَكَذَا لَوْ كَفَّرَ الْعَبْدُ بِالْمَالِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى لِأَنَّهُ بِالْإِذْنِ لَا يَمْلِكُ الْمَالَ (انْتَهَى) . وَفِي وُجُوبِهَا عَلَى الْمُكَاتَبِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَمُعْتَقُ الْبَعْضِ فِي حَالِ سِعَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ، وَالْأَصَحُّ الْوُجُوبُ عَلَيْهِمَا كَمَا فِي السِّرَاجِ وَلَا جُمُعَةَ عَلَى الْمَأْذُونِ كَمَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.

3 - وَلَا أَذَانَ وَلَا إقَامَةَ وَلَا حَجَّ وَلَا عُمْرَةَ، 4 - وَصُورَتُهَا كَالرَّجُلِ، 5 - وَيُزَادُ الْبَطْنُ وَالظَّهْرُ، 6 - وَيَحْرُمُ نَظَرُ غَيْرِ الْمَحْرَمِ إلَى عَوْرَتِهَا فَقَطْ 7 - وَمَا عَدَاهَا 8 - إنْ اشْتَهَى. 9 - وَلَا يَجُوزُ كَوْنُهُ شَاهِدًا 10 - وَلَا مُزَكِّيًا عَلَانِيَةً، وَلَا عَاشِرًا وَلَا قَاسِمًا وَلَا مُقَوِّمًا وَلَا كَاتِبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (3) قَوْلُهُ: وَلَا أَذَانَ وَلَا إقَامَةَ إلَخْ. أَيْ عَلَيْهِ وَفِيهِ أَنَّ عَلَى لِلْوُجُوبِ وَكُلٌّ مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لَيْسَ وَاجِبًا حَتَّى يَصِحَّ نَفْيُ وُجُوبِهِ عَنْهُ عَلَى أَنَّ نَفْيَ الْوُجُوبِ لَا يَنْفِي احْتِمَالَ الِاسْتِنَانِ وَالِاسْتِحْبَابِ (4) قَوْلُهُ: وَعَوْرَتُهَا كَالرَّجُلِ. أَيْ الْأَمَةُ الْمَعْلُومَةُ مِنْ الْمَقَامِ إذْ فِي التَّرْجَمَةِ تَغْلِيبُ الْعَبِيدِ عَلَى الْإِمَاءِ (5) قَوْلُهُ: وَيُزَادُ الْبَطْنُ وَالظَّهْرُ. أَقُولُ وَكَذَا الْجَنْبُ كَمَا فِي الْبَحْرِ. (6) قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ نَظَرُ غَيْرِ الْمَحْرَمِ إلَى عَوْرَتِهَا فَقَطْ. أَقُولُ: يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَحْرَمِ النَّظَرُ عَلَى عَوْرَتِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ الْعَوْرَةُ الْغَيْرُ الْغَلِيظَةِ كَالْبَطْنِ وَالظَّهْرِ وَالْجَنْبِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ غَيْرِ الْمَحْرَمِ السَّيِّدُ. (7) قَوْلُهُ: وَمَا عَدَاهَا. أَيْ الْعَوْرَةِ وَلَوْ ظَهْرًا أَوْ بَطْنًا كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ. (8) قَوْلُهُ: إنْ اشْتَهَى. أَيْ إنْ نَظَرَ بِشَهْوَةٍ (9) قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ كَوْنُهُ شَاهِدًا. أَيْ الْعَبْدِ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْجَمْعِ بِاعْتِبَارِ وَاحِدِهِ. (10) قَوْلُهُ: وَلَا مُزَكِّيًا عَلَانِيَةً. أَقُولُ يُفْهَمُ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْعَلَانِيَةِ أَنَّهُ تَجُوزُ تَزْكِيَتُهُ سِرًّا

حُكْمٍ وَلَا أَمِينًا لِحَاكِمٍ وَلَا إمَامًا أَعْظَمَ وَلَا قَاضِيًا وَلَا وَلِيًّا فِي نِكَاحٍ أَوْ قَوَدٍ، 11 - وَلَا يَلِي أَمْرًا عَامًّا إلَّا نِيَابَةً عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، فَلَهُ نَصْبُ الْقَاضِي نِيَابَةً عَنْ السُّلْطَانِ، وَلَوْ حَكَمَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ بِالْقَضَاءِ فَقَضَى بَعْدَ عِتْقِهِ جَازَ بِلَا تَجْدِيدِ إذْنٍ، وَلَا وَصِيًّا إلَّا إذَا كَانَ عَبْدَ الْمُوصِي، وَالْوَرَثَةُ صِغَارٌ، عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ 12 - وَلَا يَمْلِكُ وَإِنْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ، وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَلَا فِطْرَةَ، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى مَوْلَاهُ إنْ كَانَ لِلْخِدْمَةِ، وَلَا أُضْحِيَّةَ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ 13 - وَلَا يُكَفِّرُ إلَّا بِالصَّوْمِ، وَلَا يَصُومُ غَيْرَ فَرْضٍ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يَلِي أَمْرًا عَامًّا إلَّا نِيَابَةً إلَخْ. أَقُولُ يُسْتَفَادُ مِنْهُ صِحَّةُ تَصَرُّفِ الْبَاشَا نِيَابَةً عَنْ السُّلْطَانِ وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى الرِّقِّ كَمَا قَدْ يَقَعُ مَنْ يَلِي مِصْرَ مِنْ الْبَاشَوَاتِ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مِنْ السَّرَايَا بِغَيْرِ عِتْقٍ (12) قَوْلُهُ: وَلَا يَمْلِكُ وَإِنْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ. أَقُولُ لَا وَجْهَ لِلتَّقْيِيدِ بِالسَّيِّدِ بَلْ الْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ وَإِنْ مُلِّكَ سَوَاءٌ كَانَ الْمُمَلِّكُ سَيِّدَهُ أَوْ غَيْرَهُ (13) قَوْلُهُ: وَلَا يُكَفِّرُ إلَّا بِالصَّوْمِ. أَقُولُ: فِي أَيْمَانِ شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ لِلْإِسْبِيجَابِيِّ وَإِذَا حَنِثَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْيَمِينِ وَهِيَ مُعْسِرَةٌ كَانَ لِزَوْجِهَا أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الصَّوْمِ لِأَنَّ هَذَا الصَّوْمَ مَا وَجَبَ عَلَيْهَا بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ وَجَبَ بِيَمِينٍ وُجِدَتْ مِنْ جِهَتِهَا فَكَانَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْعَبْدِ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي صَوْمٍ وَجَبَ بِسَبَبٍ وُجِدَ مِنْ جِهَتِهَا إلَّا فِي فَصْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ الصَّوْمِ (انْتَهَى) . فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - غَيْرُ سَدِيدٍ وَيُحْمَلُ عَلَى تَكْفِيرِ الْعَبْدِ بِالصَّوْمِ بِالْإِيلَاءِ.

وَلَا فَرْضًا وَجَبَ بِإِيجَابِهِ، 15 - وَكَذَا الِاعْتِكَافُ وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ، 16 - وَلَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ بِمَالِ 17 - مَأْذُونًا كَانَ أَوْ مُكَاتَبًا إلَّا بِإِذْنِ مَوْلَاهُ إلَّا إذَا أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِمَا فِي يَدِهِ وَلَوْ بَعْدَ حَجْرِهِ، 18 - وَكَذَا إقْرَارُهُ بِجِنَايَةٍ مُوجِبَةٍ لِلدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ بِخِلَافِهِ بِحَدٍّ أَوْ قَوَدٍ، وَلَا يَنْفَرِدُ بِتَزْوِيجِ نَفْسِهِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَيُجْعَلُ صَدَاقًا وَيَكُونُ نَذْرًا وَرَهْنًا، وَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ، وَلَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ حَالَّةً إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَلَا دِيَةَ فِي قَتْلِهِ، وَقِيمَتُهُ قَائِمَةٌ مَقَامَهَا كُلًّا وَبَعْضًا وَلَا تَبْلُغُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (14) قَوْلُهُ: وَلَا فَرْضًا وَجَبَ بِإِيجَابِهِ. عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: غَيْرَ فَرْضٍ أَيْ وَلَا يَصُومُ فَرْضًا وَجَبَ بِإِيجَابِهِ. (15) قَوْلُهُ: وَكَذَا الِاعْتِكَافُ إلَخْ. أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ وَلَا أَنْ يَحُجَّ وَلَا أَنْ يَعْتَمِرَ بِدُونِ إذْنِ السَّيِّدِ (16) قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ بِمَالٍ. وَالتَّوْضِيحُ أَنَّ الْعَبْدَ الْمَحْجُورَ إذَا أَقَرَّ أَوْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَدَخَلَ آخَرُ إلَى عِتْقِهِ (انْتَهَى) . وَفِي بَابِ كَفَالَةِ الْعَبْدِ مِنْ الْعِنَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِاسْتِهْلَاكِ مَالٍ وَكَذَّبَهُ الْمَوْلَى أَوْ أَقْرَضَهُ إنْسَانٌ أَوْ بَاعَهُ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أَوْ أَوْدَعَهُ إنْسَانٌ فَاسْتَهْلَكَهُ فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِذَلِكَ كُلِّهِ لِلْحَالِ. (17) قَوْلُهُ: مَأْذُونًا أَوْ مُكَاتَبًا. أَيْ مَأْذُونًا كَانَ أَوْ مُكَاتَبًا أَيْ هُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي هَذَا الْحُكْمِ قَالَ السَّيِّدُ السَّنَدُ فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ فِي مَبَاحِثِ تَعْرِيفِ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ بِاللَّامِ: إنَّ خَبَرَ كَانَ إذَا أُرِيدَ بِهِ التَّسْوِيَةَ وَجَبَ تَقْدِيمُهُ. (18) قَوْلُهُ: وَكَذَا إقْرَارُهُ بِجِنَايَةٍ إلَى قَوْلِهِ: غَيْرُ صَحِيحٍ. أَقُولُ لَا يَخْفَى مَا فِي عِبَارَتِهِ مِنْ التَّدَافُعِ فَإِنَّ مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ الصِّحَّةُ مَعَ التَّوَقُّعِ وَهُوَ يُدَافِعُ قَوْلَهُ: غَيْرُ صَحِيحٍ

وَلَا عَاقِلَةَ لَهُ وَلَا هُوَ مِنْهُمْ. وَحْدَهُ النِّصْفُ. وَلَا إحْصَانَ لَهُ، 20 - وَجِنَايَتُهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِرَقَبَتِهِ كَدِيَتِهِ، وَلَا سَهْمَ لَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ بَلْ يُرْضَخُ لَهُ إنْ قَاتَلَ، 21 - وَيُبَاعُ فِي دِيَتِهِ. 22 - وَيُدْفَعُ فِي جِنَايَتِهِ إنْ لَمْ يَفْدِهِ سَيِّدُهُ، وَيَنْكِحُ اثْنَتَيْنِ 23 - وَلَا تَسْرِي لَهُ مُطْلَقًا، وَطَلَاقُهَا ثِنْتَانِ 24 - وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ وَنِصْفُ الْمُقَدَّرِ، وَلَا لِعَانَ بِقَذْفِهَا وَلَا تُنْكَحُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا عَاقِلَةَ لَهُ. أَقُولُ فِي الْحَدِيثِ " لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا عَبْدًا " قَالَ الْإِمَامُ هُوَ أَنْ يَجْنِيَ الْعَبْدُ عَلَى الْحُرِّ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى هُوَ أَنْ يَجْنِيَ الْحُرُّ عَلَى الْعَبْدِ وَصَوَّبَهُ الْأَصْمَعِيُّ وَقَالَ: لَوْ كَانَ كَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَكَانَ الْكَلَامُ لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ عَنْ عَبْدٍ وَلَمْ يَكُنْ وَلَا يَعْقِلُ عَبْدًا وَقَدْ كَلَّمْتُ أَبَا يُوسُفَ الْقَاضِيَ فِي ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الرَّشِيدِ فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ عَقَلْتُهُ وَعَقَلْتُ عَنْهُ كَذَا فِي التَّذْكِرَةِ الصَّلَاحِيَّةِ. (20) قَوْلُهُ: وَجِنَايَتُهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِرَقَبَتِهِ كَدَيْنِهِ. قِيلَ عَلَيْهِ: إنَّ الدَّيْنَ كَالْقَرْضِ يَتَأَخَّرُ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَالْجِنَايَةُ تَتَعَلَّقُ بِهِ حَالًّا (انْتَهَى) . أَقُولُ: إنَّمَا يَتِمُّ مَا ذَكَرَهُ إذَا كَانَ الْعَبْدُ مَحْجُورًا أَمَّا إذَا كَانَ مَأْذُونًا فَلَا. وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَأْذُونًا (21) قَوْلُهُ: وَيُبَاعُ فِي دَيْنِهِ يَعْنِي إذَا كَانَ مَأْذُونًا وَإِلَّا تَأَخَّرَ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ. (22) قَوْلُهُ: وَيُدْفَعُ فِي جِنَايَتِهِ إنْ لَمْ يَفْدِهِ سَيِّدُهُ. قِيلَ: هَلْ إذَا جَنَى يَكُونُ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ حَقٌّ فِي الْكَسْبِ كَمَا لَوْ كَانَ مَأْذُونًا وَارْتَكَبَهُ دُيُونٌ أَمْ لَا قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ اكْتَسَبَ الْعَبْدُ الْجَانِي اكْتِسَابًا أَوْ وَلَدَتْ الْجَانِيَةُ وَلَدًا فَاخْتَارَ الْمَوْلَى الدَّفْعَ لَا يَدْفَعُ الْوَلَدَ وَالْكَسْبَ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ قَبْلَ الدَّفْعِ فَلَا يَتَعَدَّى إلَى الْكَسْبِ (انْتَهَى) . فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْكَسْبِ وَلَوْ اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ (23) قَوْلُهُ: وَلَا تَسَرِّي لَهُ مُطْلَقًا. أَيْ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ أَوْ لَا خِلَافًا لِمَالِكٍ مِنْ صِحَّتِهِ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ (24) قَوْلُهُ: وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ وَنِصْفُ الْمُقَدَّرِ. أَيْ نِصْفُ مَا قُدِّرَ لِلْحُرَّةِ الَّتِي لَمْ تَحِضْ أَوْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَهُوَ شَهْرٌ وَنِصْفُ شَهْرٍ وَشَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ.

عَلَى حُرَّةٍ، وَيَصِحُّ عِتْقُهُ عَنْ الْكَفَّارَاتِ، وَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ وَإِنَّمَا يُعَزَّرُ، وَقَسْمُهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ قَسْمِ الْحُرَّةِ، 25 - وَمَهْرُهَا كَغَيْرِهَا، وَلَا يَلْحَقُ وَلَدُهَا مَوْلَاهَا إلَّا بِدَعْوَتِهِ مِنْهُ وَلَوْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا، وَإِيلَاءُ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ شَهْرَانِ، وَلَا خَادِمَ لَهَا وَلَوْ جَمِيلَةً وَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا إلَّا بِالتَّبْوِئَةِ وَلَا تُوطَأُ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ، وَلَا حَصْرَ لِعَدَدِ السَّرَارِي، وَيَجُوزُ جَمْعُهُنَّ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ بِدُونِ الرِّضَاءِ، وَلَا ظِهَارَ وَلَا إيلَاءَ مِنْ أَمَتِهِ، 26 - وَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا إذَا كَانَ مَوْلَاهَا عِنِّينًا، وَلَا حَضَانَةَ لِأَقَارِبِهِ بَلْ لِسَيِّدِهِ، وَلَا قِصَاصَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُرِّ فِي الْأَطْرَافِ، بِخِلَافِ النَّفْسِ، 27 - وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ بِحَلْقِ لِحْيَتِهِ، 28 - وَدَوَاؤُهُ مَرِيضًا عَلَى مَوْلَاهُ، بِخِلَافِ الْحُرِّ وَلَوْ زَوْجَةً، وَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْوُضُوءِ إلَّا بِمُعِينٍ، فَعَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُوَضِّئَهُ بِخِلَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (25) قَوْلُهُ: وَمَهْرُهَا كَغَيْرِهَا. أَيْ مِنْ الْحَرَائِرِ وَأَقَلُّهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ عَيْنًا أَوْ قِيمَةَ يَوْمِ الْعَقْدِ أَوْ الْقَبْضِ، وَأَمَّا مَهْرُ مِثْلِهَا قَدْرُ الرَّغْبَةِ فِيهَا. وَعَنْ الْأَوْزَاعِيِّ ثُلُثُ قِيمَتِهَا كَمَا فِي الْخِزَانَةِ. (26) قَوْلُهُ: وَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا إذَا كَانَ مَوْلَاهَا عِنِّينًا. أَيْ لَا مُطَالَبَةَ لَهَا بِالْوَطْءِ (27) قَوْلُهُ: وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ بِحَلْقِ لِحْيَتِهِ. أَقُولُ هَذَا قَوْلٌ وَالْمُفْتَى بِهِ أَنْ يَجِبَ نُقْصَانُ قِيمَتِهِ إذَا لَمْ تَنْبُتْ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَكِنْ فِي بَعْضِ الْمُتُونِ الْمُعْتَبَرَةِ مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا حَلَقَهَا وَنَبَتَ بِيضًا فَإِنَّهُ يَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (28) قَوْلُهُ: وَدَوَاؤُهُ مَرِيضًا عَلَى مَوْلَاهُ. أَيْ وَاجِبٌ عَلَيْهِ كَالنَّفَقَةِ لَكِنْ النَّفَقَةُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا وَهَلْ الدَّوَاءُ كَذَلِكَ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا مَحِلُّ نَظَرٍ

الْحُرِّ، وَلَا يَتَزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنِ مَوْلَاهُ، وَمَهْرُهُ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَتِهِ كَالدَّيْنِ، وَيُبَاعُ فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا إلَّا بِالتَّبْوِئَةِ، 29 - وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ إلَّا بِحُضُورِ سَيِّدِهِ وَلَا يُحْبَسُ فِي دَيْنٍ، 30 - وَيَمْلِكُهُ الْكُفَّارُ بِالِاسْتِيلَاءِ، وَلَا يَصِحُّ تَصَادُقُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ عَلَى النِّكَاحِ إلَّا فِي الْمُسَبَّبِينَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، بِخِلَافِ الْحُرَّيْنِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَإِعْتَاقُهُ بَاطِلٌ وَلَوْ مُعَلَّقًا بِمَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ عِتْقِهِ، وَكَذَا وَصِيَّتُهُ وَهِبَتُهُ وَصَدَقَتُهُ وَتَبَرُّعُهُ إلَّا إهْدَاءَ الْيَسِيرِ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ إلَّا بِحُضُورِ سَيِّدِهِ. أَقُولُ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: رَجُلٌ وَهَبَ لِعَبْدِ رَجُلٍ شَيْئًا ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا يُقْضَى لَهُ بِالرُّجُوعِ وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا لَا يُقْضَى لَهُ بِالرُّجُوعِ مَا لَمْ يَحْضُرْ سَيِّدُهُ؛ فَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ أَنَا مَحْجُورٌ وَقَالَ الْوَاهِبُ لَا بَلْ أَنْتَ مَأْذُونٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَاهِبِ مَعَ يَمِينِهِ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ أَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً أَنَّهُ مَحْجُورٌ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ هَذَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ حَاضِرًا وَالْمَوْلَى غَائِبًا فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى حَاضِرًا وَالْعَبْدُ غَائِبًا فَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْعَبْدِ لَمْ يَكُنْ الْمَوْلَى خَصْمًا، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمَوْلَى فَهُوَ خَصْمٌ (انْتَهَى) . وَفِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: لَوْ ادَّعَى عَلَى عَبْدٍ مَحْجُورٍ اسْتِهْلَاكًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ إلَى الْقَاضِي إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ يَشْغَلُهُ عَنْ خِدْمَةِ مَوْلَاهُ وَإِنْ وَجَدَهُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي حَلَّفَهُ (انْتَهَى) . وَالْحَلِفُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ دَعْوَى. وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَيُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الْعَبْدِ إذَا أَقَرَّ بِالزِّنَا أَوْ بِغَيْرِهِ مِمَّا يُوجِبُ الْحَدَّ، وَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ غَائِبًا وَكَذَا الْقَطْعُ وَالْقِصَاصُ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ النَّفْسِ وَالْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحُجَّةِ وَالْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ لِلْمَوْلَى حَقَّ الطَّعْنِ فِي الْبَيِّنَةِ دُونَ الْإِقْرَارِ (30) قَوْلُهُ: وَيَمْلِكُهُ الْكُفَّارُ بِالِاسْتِيلَاءِ. يَعْنِي إذَا كَانَ قِنًّا أَمَّا الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ فَلَا كَمَا فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ

الْمَأْذُونِ الْمُحَابَاةُ الْيَسِيرَةُ مِنْهُ، وَالْإِذْنُ فِي الْعَزْلِ إلَى مَوْلَاهَا وَهُوَ الْمَطَالِبُ لِزَوْجِهَا الْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ بِالتَّفْرِيقِ، وَلَيْسَ مَصْرِفًا لِلصَّدَقَاتِ الْوَاجِبَةِ إلَّا إذَا كَانَ مَوْلَاهُ فَقِيرًا أَوْ كَانَ مُكَاتَبًا، وَلَا يَتَحَمَّلُ عَنْهُ مَوْلَاهُ مُؤْنَةً إلَّا دَمَ إحْصَارِهِ عَنْ إحْرَامٍ مَأْذُونٍ فِيهِ، وَلَا تَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَيْهِ لَوْ وَكِيلًا مَحْجُورًا، وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي الْقَسَامَةِ 31 - وَوَطْءُ إحْدَى الْأَمَتَيْنِ لَيْسَ بِبَيَانٍ لِلْعِتْقِ الْمُبْهَمِ، بِخِلَافِ وَطْءِ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ لَا يَكُونُ بَيَانًا فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ 32 - وَأَمْرُهُ عَبْدَهُ بِإِتْلَافِ شَيْءٍ مُوجِبٌ لِضَمَانِهِ، وَأَمْرُ عَبْدِ الْغَيْرِ بِإِتْلَافِ مَالِ غَيْرِ مَوْلَاهُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ عَلَى الْآمِرِ 33 - مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْحُرِّ إلَّا إذَا كَانَ سُلْطَانًا، 34 - وَيُضْمَنُ بِالْغَصْبِ بِخِلَافِ الْحُرِّ 35 - وَلَوْ صَغِيرًا، وَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ، وَعَقْدُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ مَوْلَاهُ وَتَخْرُجُ الْأَمَةُ فِي الْعِدَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَوَطْءُ إحْدَى الْأَمَتَيْنِ لَيْسَ بِبَيَانٍ لِلْعِتْقِ الْمُبْهَمِ. أَقُولُ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا هُوَ بَيَانٌ صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ هَذَا الْكِتَابِ: وَوَطْءُ إحْدَى الْأَمَتَيْنِ بَيَانٌ بِدُونِ أَدَاةِ النَّفْيِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِهِمَا (32) قَوْلُهُ: وَأَمْرُهُ عَبْدَهُ بِإِتْلَافِ شَيْءٍ. يَعْنِي لِلْغَيْرِ وَقَوْلُهُ مُوجِبٌ لِضَمَانِهِ أَيْ الْآمِرِ لِأَنَّ الْعَبْدَ مُضْطَرٌّ إلَى فِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ فَيَنْتَقِلُ فِعْلُهُ إلَى الْآمِرِ. (33) قَوْلُهُ: مُطْلَقًا. أَقُولُ لَا تَقْيِيدَ يُقَابِلُ هَذَا الْإِطْلَاقَ لَا سَابِقًا وَلَا لَاحِقًا وَحِينَئِذٍ لَا مَوْقِعَ لِهَذَا الْإِطْلَاقِ (34) قَوْلُهُ: وَيُضْمَنُ بِالْغَصْبِ بِخِلَافِ الْحُرِّ. يَعْنِي الْكَبِيرَ. (35) قَوْلُهُ: وَلَوْ صَغِيرًا. أَمَّا الصَّغِيرُ فَفِيهِ خِلَافٌ كَمَا قَدَّمْنَا فِي أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ نَقْلًا عَنْ جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ

36 - وَيَحِلُّ سَفَرُهَا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يُؤْخَذُ بِالتَّمْيِيزِ عَنَّا لَوْ كَانَ عَبْدَ ذِمِّيٍّ. وَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى عَبْدِ نَفْسِهِ أَوْ أَمَتِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَّا الْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ 37 - وَلَمْ أَرَ حُكْمَ الْتِقَاطِهِ أَوْ اسْتِيلَائِهِ عَلَى الْمُبَاحِ. 38 - وَيَنْبَغِي فِي الثَّانِي أَنْ يَمْلِكَهُ مَوْلَاهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَوْ رَدَّ آبِقًا فَالْجُعَلُ لِمَوْلَاهُ. وَيُعَزِّرُهُ مَوْلَاهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَا يَحُدُّهُ عِنْدَنَا. وَمِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى عَبْدِهِ تَيْسِيرُ جَمْعِهَا مِنْ مَحَالِّهَا، وَلَمْ أَرَهَا مَجْمُوعَةً وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ تَعَالَى الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. اللَّهُمَّ افْتَحْ لَنَا مِنْ رَحْمَتِكَ وَأَلْهِمْنَا رُشْدَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَحِلُّ سَفَرُهَا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ. قِيلَ: عَلَيْهِ فِي كَرَاهِيَةِ الْبَزَّازِيَّةِ: وَيُكْرَهُ لِلْأَمَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ فِي زَمَانِنَا السَّفَرُ بِلَا مَحْرَمٍ (انْتَهَى) . أَقُولُ كَأَنَّهُ يُرِيدُ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِمُخَالَفَةِ عِبَارَتِهِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنَّمَا يَتِمُّ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْكَرَاهِيَةُ فِي عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ كَرَاهِيَةَ تَحْرِيمٍ، أَمَّا إذَا كَانَتْ لِلتَّنْزِيهِ فَلَا. (37) قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ الْتِقَاطِهِ إلَخْ. أَقُولُ: فِي النَّهْرِ شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ بَابِ اللُّقَطَةِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ وَدِيعَةَ عَبْدِهِ مَأْذُونًا أَوْ مَحْجُورًا مَا لَمْ يَحْضُرْ وَيُظْهِرْ أَنَّهُ مِنْ كَسْبِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ وَدِيعَةَ الْغَيْرِ قَالَ: وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْإِيدَاعِ فَكَذَا الِالْتِقَاطُ بِجَامِعِ الْأَمَانَةِ فِيهِمَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّعْرِيفُ إلَى مَوْلَاهُ كَالصَّبِيِّ بِجَامِعِ الْحَجْرِ فِيهِمَا، أَمَّا الْمَأْذُونُ وَالْمُكَاتَبُ فَالتَّعْرِيفُ إلَيْهِمَا. (38) قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي فِي الثَّانِي أَنْ يَمْلِكَهُ مَوْلَاهُ إلَى آخِرِهِ. أَقُولُ قَدْ قَدَّمْنَا فِي أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ مَا يُفِيدُ صَرِيحًا أَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ الْمُبَاحَ بِالِاسْتِيلَاءِ وَلَا وَجْهَ لِمَا اسْتَرْوَجَ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ مَسْأَلَةِ رَدِّ الْآبِقِ فِي أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْمُبَاحَ بِالِاسْتِيلَاءِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ لِمَنْ تَدَبَّرَ

[أحكام الأعمى]

أَحْكَامُ الْأَعْمَى هُوَ كَالْبَصِيرِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: مِنْهَا: لَا جِهَادَ عَلَيْهِ وَلَا جُمُعَةَ 1 - وَلَا جَمَاعَةَ وَلَا حَجَّ 2 - وَإِنْ وَجَدَ قَائِدًا 3 - وَلَا يَصْلُحُ لِلشَّهَادَةِ مُطْلَقًا 4 - عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْقَضَاءِ وَالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى، وَلَا دِيَةَ فِي عَيْنِهِ. وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ الْحُكُومَةُ، 5 - وَتُكْرَهُ إمَامَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَعْلَمَ الْقَوْمِ، وَلَا يَصِحُّ عِتْقُهُ عَنْ كَفَّارَةٍ، وَلَمْ أَرَ حُكْمَ ذَبْحِهِ وَصَيْدِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَحْكَامُ الْأَعْمَى] قَوْلُهُ: وَلَا جَمَاعَةَ. أَيْ عَلَيْهِ، وَفِيهِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عَلَى مَا هُوَ الصَّحِيحُ وَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ نَفْيُ الْوُجُوبِ عَنْهُ. (2) قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَ قَائِدًا رَاجِعٌ إلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ. (3) قَوْلُهُ: وَلَا يَصْلُحُ لِلشَّهَادَةِ مُطْلَقًا. أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا تُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ أَوْ لَا. (4) قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ. يَعْنِي خِلَافًا لِزُفَرَ فَإِنَّهُ يَقُولُ: تُقْبَلُ فِيمَا يَجْرِي فِيهِ التَّسَامُعُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ بَقِيَ أَنَّهُ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِ مَعَ شَاهِدٍ آخَرَ أَوْ بِشَهَادَةِ أَعْمَيَيْنِ هَلْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ قَالَ الْمَرْحُومُ يَعْقُوبُ بَاشَا فِي حَوَاشِي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ إنَّهُ يَنْفُذُ لِأَنَّهُ فَصْلٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ حَيْثُ قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا لَكِنْ ذَكَرَ الْكَمَالُ فِي نَفَاذِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ خِلَافًا ثُمَّ قَالَ: هَذَا كُلُّهُ فِي الْقَاضِي الْمُجْتَهِدِ وَأَمَّا الْمُقَلِّدُ فَإِنَّمَا وَلَّاهُ السُّلْطَانُ لِيَحْكُمَ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلَا يَمْلِكُ الْمُخَالَفَةَ فَيَكُونُ مَعْزُولًا بِالنِّسْبَةِ إلَى ذَلِكَ. (5) قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ إمَامَتُهُ. أَيْ كَمَا يُكْرَهُ أَذَانُهُ وَحْدَهُ.

6 - وَحَضَانَتِهِ، 7 - وَرُؤْيَتُهُ لِمَا اشْتَرَاهُ بِالْوَصْفِ، 8 - وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ ذَبْحُهُ، وَأَمَّا حَضَانَتُهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ حِفْظُ الْمَحْضُونِ كَانَ أَهْلًا وَإِلَّا فَلَا، وَيَصْلُحُ نَاظِرًا أَوْ وَصِيًّا، وَالثَّانِيَةُ فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ، وَالْأُولَى فِي أَوْقَافِ هِلَالٍ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (6) قَوْلُهُ: وَحَضَانَتِهِ بِالْجَرِّ. عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَذَبْحِهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَيُكْرَهُ ذَبْحُهُ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ صَيْدِهِ وَرَمْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ فِي الْقِبْلَةِ (انْتَهَى) . (7) قَوْلُهُ: وَرُؤْيَتُهُ بِالرَّفْعِ. مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ بِالْوَصْفِ أَيْ عِلْمُهُ بِالْمَبِيعِ الْمُحْتَاجِ لِلرُّؤْيَةِ بِالْبَصَرِ يَحْصُلُ بِالْوَصْفِ فَلَا يَكُونُ لَهُ خِيَارٌ بَعْدَ ذَلِكَ، أَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى الرُّؤْيَةِ بِالْبَصَرِ فَلَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِهِ بِالْوَصْفِ كَالْمَشْمُومِ وَالْمَذُوقِ (8) قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ ذَبْحُهُ. فِيهِ أَنَّهُ جَزَمَ فِي الْبَحْرِ بِكَرَاهَةِ الذَّبْحِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا

[الأحكام الأربعة]

الْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى: الْأَحْكَامُ تَثْبُتُ بِطُرُقٍ أَرْبَعَةٍ: الِاقْتِصَارُ؛ كَمَا إذَا أَنْشَأَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعَتَاقَ وَلَهُ نَظَائِرُ جَمَّةٌ. وَالِانْقِلَابُ وَهُوَ انْقِلَابُ مَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ، 1 - كَمَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعَتَاقَ بِالشَّرْطِ؛ فَعِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ يَنْقَلِبُ مَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ عِلَّةً وَالِاسْتِنَادُ؛ 2 - وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ فِي الْحَالِ ثُمَّ يَسْتَنِدُ وَهُوَ دَائِرٌ بَيْنَ التَّبْيِينِ وَالِاقْتِصَارِ، 3 - وَذَلِكَ كَالْمَضْمُونَاتِ تُمْلَكُ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ مُسْتَنِدًا 4 - إلَى وَقْتِ وُجُودِ السَّبَبِ 5 - وَكَالنِّصَابِ، فَإِنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ وُجُودِهِ، كَطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالْمُتَيَمِّمِ تُنْتَقَضُ 6 - عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَرُؤْيَةِ الْمَاءِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْحَدَثِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ] قَوْلُهُ: كَمَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ. بَيَانُهُ أَنَّ فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ لَا يَتَّصِفُ أَنْتِ طَالِقٌ بِالْعِلِّيَّةِ قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ وَإِنَّمَا يَتَّصِفُ بِهَا عِنْدَ الدُّخُولِ فَيُصْبِحُ عِلَّةً (2) قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ فِي الْحَالِ أَيْ يَثْبُتُ الْحُكْمُ فِي الْحَالِ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ الْفَاعِلِ وَهُوَ عُمْدَةٌ فِي الْكَلَامِ لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ. (3) قَوْلُهُ: وَذَلِكَ كَالْمَضْمُونَاتِ إلَى آخِرِهِ. أَيْ كَالْحُكْمِ فِي الْمَضْمُونَاتِ. (4) قَوْلُهُ: إلَى وَقْتِ وُجُودِ السَّبَبِ. أَيْ سَبَبِ الضَّمَانِ. (5) قَوْلُهُ: وَكَالنِّصَابِ إلَخْ. أَيْ وَكَوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي النِّصَابِ. (6) قَوْلُهُ: عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ إلَخْ. قُيِّدَ بِهِ لِأَنَّهَا تَمْسَحُ قَبْلَ خُرُوجِهِ قَالَ فِي الْمُنْيَةِ وَشَرْحُهَا: وَلَوْ لَبِسَتْ يَعْنِي الْمُسْتَحَاضَةَ بِطَهَارَةِ الْعُذْرِ أَيْ بَعْدَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا شَيْءٌ تَمْسَحُ فِي

7 - وَلِهَذَا قُلْنَا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ لَهُمَا. وَالتَّبْيِينُ وَهُوَ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْحَالِ أَنَّ الْحُكْمَ كَانَ ثَابِتًا مِنْ قَبْلُ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ فِي الْيَوْمِ إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَتَبَيَّنَ فِي الْغَدِ وُجُودُهُ فِيهَا؛ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْيَوْمِ، وَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْعِدَّةِ مِنْهُ، وَكَمَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا حِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَرَأَتْ الدَّمَ، لَا يُقْضَى بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مَا لَمْ يَمْتَدَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِذَا تَمَّ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ حَكَمْنَا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ حِينِ حَاضَتْ. 8 - وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّبْيِينِ وَالِاسْتِنَادِ؛ أَنَّ فِي التَّبْيِينِ يُمْكِنُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ الْعِبَادُ، وَفِي الِاسْتِنَادِ لَا يُمْكِنُ، وَفِي الْحَيْضِ يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ بِشَقِّ الْبَطْنِ فَيُعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ الرَّحِمِ. وَكَذَا تُشْتَرَطُ الْمَحَلِّيَّةُ فِي الِاسْتِنَادِ دُونَ التَّبْيِينِ، وَكَذَا الِاسْتِنَادُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَقْتِ فَقَطْ إذَا أَحْدَثَتْ بَعْدَ اللُّبْسِ حَدَثًا غَيْرَ عُذْرِهَا. (7) قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قُلْنَا إلَخْ. أَيْ لِأَجْلِ إسْنَادِ انْتِقَاضِ طَهَارَتِهِمَا إلَى الْحَدَثِ السَّابِقِ لَا إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ وَرُؤْيَةِ الْمَاءِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: قَدْ يُقَالُ عِلَّةُ عَدَمِ مَسْحِ الْخُفِّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُتَيَمِّمِ اقْتِصَارُ التَّيَمُّمِ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَلَا أَثَرَ لِاسْتِنَادِ الِانْتِقَاضِ إلَى الْحَدَثِ السَّابِقِ انْتَهَى. أَقُولُ هَذَا الْكَلَامُ نَاشِئٌ عَنْ عَدَمِ الْعِلْمِ بِصُورَةِ الْمَسْأَلَةِ وَصُورَتُهَا أَنَّهُ تَوَضَّأَ وَلَبِسَ الْخُفَّ عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ ثُمَّ إنَّهُ أَحْدَثَ وَأَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَلَمْ يَجِدْ مَاءً فَتَيَمَّمَ ثُمَّ وَجَدَ فَانْتَقَضَتْ طَهَارَةُ رِجْلَيْهِ بِوِجْدَانِ الْمَاءِ، مُسْتَنَدُ الِانْتِقَاضِ إلَى الْحَدَثِ السَّابِقِ وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَمْسَحَ عَلَيْهَا (8) قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّبْيِينِ وَالِاسْتِنَادِ إلَخْ. فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلْخَلَّاطِيِّ لَا يُقَالُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الِاسْتِنَادِ وَالظُّهُورِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِاخْتِلَافِ الشَّرْطِ فَإِنَّ شَرْطَ الِاسْتِنَادِ قِيَامُ الْمَحِلِّ حَالَ ثُبُوتِ الْحُكْمِ وَعَدَمِ الِانْقِطَاعِ مِنْ وَقْتِ ثُبُوتِ الْحُكْمِ إلَى الْوَقْتِ الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ كَمَا فِي النِّصَابِ لِلزَّكَاةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي التَّبْيِينِ حَتَّى لَوْ

9 - يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْقَائِمِ 10 - دُونَ الْمُتَلَاشِي. 11 - وَأَثَرُ التَّبْيِينِ يَظْهَرُ فِيهِمَا، فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَمُوتَ فُلَانٌ بَعْدَ الْيَمِينِ بِشَهْرٍ، فَإِنْ مَاتَ لِتَمَامِ الشَّهْرِ طَلُقَتْ مُسْتَنِدًا إلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ فَتُعْتَبَرُ الْعِدَّةُ أَوَّلَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَحَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي الدَّارِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا يَقَعُ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ وُقُوعُ الْأَوَّلِ وَأَنَّ إيقَاعَ الثَّلَاثِ كَانَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا ضَابِطًا لِلْمُقْتَصِرِ وَالْمُسْتَنِدِ بِأَنَّ مَا صَحَّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ يَقَعُ مُقْتَصِرًا وَمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ يَقَع مُسْتَنِدًا كَمَا فِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنِّفِ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ. وَقَدْ ذَكَرَ مَشَايِخُنَا مِنْ الْفُرُوعِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَقَالُوا: إنَّ الطَّلَاقَ الْمُنَجَّزَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ، فَإِذَا أَجَازَ وَقَعَ مُقْتَصِرًا عَلَى وَقْتِ الْإِجَازَةِ وَلَا يَسْتَنِدُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ فَإِنَّهُ بِالْإِجَازَةِ يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْبَيْعِ حَتَّى يَمْلِكَ الْمُشْتَرِي الزَّوَائِدَ الْمُتَّصِلَةَ وَالْمُنْفَصِلَةَ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَقَدْ سُئِلْتُ عَنْ مُعْتَقَلِ اللِّسَانِ إذَا طَلَّقَ بِالْإِشَارَةِ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى وَدَامَتْ عُقْلَتُهُ إلَى الْمَوْتِ هَلْ يَقَعُ ذَلِكَ مُسْتَنِدًا أَوْ مُقْتَصِرًا فَأَجَبْتُ بِمَا فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ مِنْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِالْإِشَارَةِ أَوْ طَلَّقَ بِهَا أَوْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى يُجْعَلُ ذَلِكَ مَوْقُوفًا فَإِنْ مَاتَ عَلَى عُقْلَتِهِ جَازَ ذَلِكَ كُلُّهُ مُسْتَنِدًا وَإِلَّا فَلَا. قَالَ: وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ مِنْ مَشَايِخِنَا (انْتَهَى) . لَكِنْ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الضَّابِطِ عَنْ شَرْحِ الْخَلَّاطِيِّ يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ مُقْتَصِرًا كَمَا لَا يَخْفَى. (9) قَوْلُهُ: يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْقَائِمِ. كَالنِّصَابِ مَا دَامَ قَائِمًا وَالْمَغْصُوبُ كَذَلِكَ. (10) قَوْلُهُ: دُونَ الْمُتَلَاشِي. كَمَا لَوْ هَلَكَ النِّصَابُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَالْمَغْصُوبُ بَعْدَ الضَّمَانِ. (11) قَوْلُهُ: وَأَثَرُ التَّبْيِينِ يَظْهَرُ فِيهِمَا. أَيْ فِي الْقَائِمِ وَالْمُتَلَاشِي، إلَى هُنَا كَلَامُ الْمُسْتَصْفَى وَقَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ. تَفْرِيعٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا مِنْ كَلَامِ الْمُسْتَصْفَى

وَلَوْ وَطِئَهَا فِي الشَّهْرِ صَارَ مُرَاجِعًا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَغَرِمَ الْعُقْرَ لَوْ كَانَ بَائِنًا، وَيَرُدُّ الزَّوْجُ بَدَلَ الْخُلْعِ إلَيْهَا لَوْ خَالَعَهَا فِي خِلَالِهِ ثُمَّ مَاتَ فُلَانٌ، وَلَوْ مَاتَ فُلَانٌ بَعْدَ الْعِدَّةِ بِأَنْ كَانَتْ بِالْوَضْعِ أَوْ لَمْ تَجِبْ الْعِدَّةُ لِكَوْنِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ 12 - لِعَدَمِ الْمَحِلِّ. وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ فِيهَا بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ لَا بِطَرِيقِ التَّبْيِينِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ يَقَعُ مُقْتَصِرًا عَلَى الْقُدُومِ لَا مُسْتَنِدًا (انْتَهَى) . 13 - وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْمُسْتَصْفَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (12) قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْمَحِلِّ. قِيلَ: عَلَيْهِ: إنْ أُرِيدَ أَنَّ الْمَحَلِّيَّةَ شَرْطُ وَقْتِ مَوْتِ فُلَانٍ فَعَدَمُ الْمَحَلِّيَّةِ فِي الْمَسْأَلَةِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهَا وَقْتَ الْمَوْتِ أَجْنَبِيَّةٌ وَغَيْرُ ظَاهِرٍ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إذَا لَمْ يَقَعْ كَمَا هُوَ الْغَرَضُ كَانَتْ مَحِلًّا وَقْتَ الْمَوْتِ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ نُجِّزَ طَلَاقُهَا أَيْ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ تَبِينُ لَا إلَى عِدَّةٍ فَتَكُونُ عِنْدَ الْمَوْتِ غَيْرَ مَحِلٍّ فَلَيْسَ فِي الْعِبَارَةِ مَا يُرْشِدُ إلَيْهِ وَيُشْعِرُ بِهِ فَعَلَيْك بِالتَّأَمُّلِ. (13) قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْمُسْتَصْفَى. أَقُولُ قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى: وَالْفَرْقُ لِلْإِمَامِ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الْقُدُومِ وَالْمَوْتِ أَنَّ الْمَوْتَ مُعَرَّفٌ وَالْجَزَاءُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمُعَرَّفِ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ كَانَ فِي الدَّارِ زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَ مِنْهَا آخِرَ النَّهَارِ طَلُقَتْ مِنْ حِينِ تَكَلَّمَ وَهَذَا لِأَنَّ الْمَوْتَ فِي الِابْتِدَاءِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ فَلَا يُوجَدُ الْوَقْتُ أَصْلًا، فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَشْبَهَ سَائِرَ الشُّرُوطِ فِي احْتِمَالِ الْخَطَرِ، فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ فَقَدْ عَلِمْنَا بِوُجُودِ شَهْرٍ قَبْلَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ إلَّا أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّا نَحْتَاجُ إلَى شَهْرٍ يَتَّصِلُ بِالْمَوْتِ فَإِنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ، وَالْمَوْتُ نَعْرِفُهُ فَفَارَقَ الشُّرُوطَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَأَشْبَهَ الْوَقْتَ فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ رَمَضَانَ بِشَهْرٍ فَقُلْنَا بِأَمْرَيْنِ: الظُّهُورُ وَالِاقْتِصَارُ وَهُوَ أَيْ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ الِاسْتِنَادُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِفَخْرِ الْإِسْلَامِ.

وَقَدْ فَرَّعَ الْكَرَابِيسِيُّ فِي الْفُرُوقِ عَلَى الِاسْتِنَادِ تِسْعَ مَسَائِلَ فَلْتُرَاجَعْ فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (14) قَوْلُهُ: وَقَدْ فَرَّعَ الْكَرَابِيسِيُّ إلَخْ. قِيلَ: عَلَيْهِ: لَمْ أَجِدْهَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ وَإِنَّمَا هِيَ فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَفِي غَيْرِ هَذَا الْمَحِلِّ، أَيْضًا نَقَلَ عَنْ الْمَحْبُوبِيِّ وَنَسَبَهُ لِلْكَرَابِيسِيِّ كَأَنَّهُ سَمِعَ الْفُرُوقَ لِلْكَرَابِيسِيِّ ثُمَّ وَجَدَ مَا لِلْمَحْبُوبِيِّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ اسْمُ مُؤَلِّفِهِ فَظَنَّهُ الْكَرَابِيسِيُّ (انْتَهَى) . وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمَحْبُوبِيُّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَالْكَفَّارَاتِ

[أحكام النقد وما يتعين فيه وما لا يتعين]

أَحْكَامُ النَّقْدِ وَمَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ 1 - لَا يَتَعَيَّنُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَحْكَامُ النَّقْدِ وَمَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ] قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ لَا يَتَعَيَّنُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ أَيْ النَّقْدُ وَهُوَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَعَيَّنْ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ لِأَنَّ النَّقْدَ خَلَفَ ثَمَنًا فَالْأَصْلُ إذَا قَامَ فِيهِ وُجُوبُهُ فِي الذِّمَّةِ لِتَوَسُّلِهِ إلَى الْعَيْنِ الْمَقْصُورَةِ وَاعْتِبَارِ التَّعْيِينِ فِيهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ بِخِلَافِ تَعْيِينِهِ فِي الْهِبَةِ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ فِي الذِّمَّةِ، وَكَذَا فِي الصَّدَقَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالْغَصْبِ إذَا قَامَ عَيْنُهُ، وَلَوْ هَلَكَ النَّقْدُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ انْعَزَلَ، وَلَوْ هَلَكَ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَلَا يُطَالَبُ الْوَكِيلُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ مِثْلَهُ، وَعَيَّنَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - النَّقْدَيْنِ بِالتَّعْيِينِ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ وَفَسْخِهِ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَافَقَاهُ كَزُفَرَ لِأَنَّهُ صَدَرَ عَنْ أَهْلِهِ مُضَافًا إلَى مَحِلِّهِ فَيُعْتَبَرُ كَمَا فِي غَيْرِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ وَقُيِّدَ بِالنَّقْدِ؛ لِأَنَّ مَا هُوَ مَصُوغٌ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ اتِّفَاقًا، وَكَذَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ، وَأَثَرُ الْخِلَافِ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ الدَّرَاهِمَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُسَلِّمَ غَيْرَهَا؛ وَعِنْدَنَا لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ مِثْلَهَا وَلَا يُنْتَقَضُ الْعَقْدُ بِالْهَلَاكِ وَالِاسْتِحْقَاقِ بَلْ يُطَالَبُ بِتَسْلِيمِ مِثْلِهَا. كَذَا فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ لِلْعَلَّامَةِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ وَقَوْلُهُ: وَكَذَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ يَعْنِي يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ اتِّفَاقًا وَهَذَا مَحِلُّهُ إذَا كَانَ الْمِثْلِيُّ حَاضِرًا مُشَارًا إلَيْهِ يُفْهَمُ هَذَا الْقَيْدُ مِنْ قَوْلِهِ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ إذْ التَّعْيِينُ لَا يَكُونُ فِي الْغَائِبِ، وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْفُلُوسَ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ (انْتَهَى) . وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ: الدَّرَاهِمُ لَا تَتَعَيَّنُ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ، وَفَرَّعَ عَلَيْهِ وُجُوبَ زَكَاةِ الْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ عَلَى الْآجِرِ فِي السِّنِينَ الَّتِي كَانَتْ الْأُجْرَةُ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِالْقَبْضِ، وَبِالْفَسْخِ لَا يُنْتَقَضُ مِلْكُهُ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَرَاهِمَ وَمَا شَاكَلَهَا. وَعَنْ السَّرَخْسِيِّ تَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَعُدُّ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَى الْآجِرِ كَذَا فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ، وَزَكَاةُ ذَلِكَ الْمَالِ عَلَى الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَلَيْسَ هَذَا إيجَابَ الزَّكَاةِ عَلَى شَخْصَيْنِ فِي مَالٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ لَا تَتَعَيَّنُ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ

وَفِي تَعْيِينِهِ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ رِوَايَتَانِ، وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ تَفْصِيلًا بِأَنَّ مَا فَسَدَ مِنْ أَصْلِهِ يَتَعَيَّنُ فِيهِ لَا فِيمَا انْتَقَضَ بَعْدَ صِحَّةٍ، وَالصَّحِيحُ تَعْيِينُهُ فِي الصَّرْفِ بَعْدَ فَسَادِهِ وَبَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ وَفِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَيُؤْمَرُ بِرَدِّ نِصْفِ مَا قَبَضَ عَلَى شَرِيكِهِ وَفِيمَا إذَا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْقَضَاءِ؛ فَلَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا وَأَخَذَهُ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى خَصْمِهِ حَقٌّ فَعَلَى الْمُدَّعِي رَدُّ عَيْنِ مَا قَبَضَ مَا دَامَ قَائِمًا، وَلَا يَتَعَيَّنُ فِي النَّذْرِ وَالْوَكَالَةِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَالْعَامَّةُ كَذَلِكَ، وَيَتَعَيَّنُ فِي الْأَمَانَاتِ. 3 - وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ 4 - وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْغَصْبِ، وَتَمَامُهُ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي تَعْيِينِهِ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ رِوَايَتَانِ. يَعْنِي إذَا بَاعَ شَيْئًا بَيْعًا فَاسِدًا وَقَبَضَ ثَمَنَهُ ثُمَّ تَفَاسَخَا الْبَيْعَ فَهَلْ يَتَعَيَّنُ رَدُّ الْمَقْبُوضِ مِنْ الثَّمَنِ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا؟ قِيلَ: يَتَعَيَّنُ وَقِيلَ: لَا يَتَعَيَّنُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَهِيَ رِوَايَةُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَالثَّانِي رِوَايَةُ أَبِي حَفْصٍ كَذَا فِي الزَّيْلَعِيِّ، وَذَكَرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ الْمُخْتَارَ عَدَمُ التَّعْيِينِ (انْتَهَى) . وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ لَوْ أَنْفَقَ الْوَكِيلُ الدَّرَاهِمَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ اشْتَرَى بِدَرَاهِمَ مِنْ عِنْدِهِ يَكُونُ الْمُشْتَرَى لَهُ لَا لِلْمُوَكِّلِ لِبُطْلَانِ الْوَكَالَةِ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِالدَّرَاهِمِ الْمَدْفُوعَةِ إلَى الْوَكِيلِ بِعَيْنِهَا وَقَدْ هَلَكَتْ (3) قَوْلُهُ: وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ. يَحْتَمِلُ صُورَتَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَهَبَهُ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فَلَهُ دَفْعُ غَيْرِهَا، الثَّانِيَةُ إذَا قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الدَّرَاهِمَ الْمَوْهُوبَةَ وَأَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ دَفْعُ غَيْرِ الْمَقْبُوضِ، وَالثَّانِيَةُ لَا تَتَأَتَّى فِي الصَّدَقَةِ. (4) قَوْلُهُ: وَالشَّرِكَةِ. أَيْ الشَّرِكَةِ بِالْمَالِ، فَلَوْ هَلَكَ الْمَالَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِي الشَّرِكَةِ قَبْلَ الشِّرَاءِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ جِنْسَيْنِ قَبْلَ الْخَلْطِ بَطَلَتْ الشَّرِكَةُ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ يَتَعَيَّنَانِ فِي الشَّرِكَةِ، فَقَدْ هَلَكَ مَا تَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِعَيْنِهِ قَبْلَ انْبِرَامِ الْعَقْدِ وَحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ، فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى بِدَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ شَيْئًا ثُمَّ هَلَكَتْ

وَكَتَبْنَا فِي بُيُوعِ الشَّرْحِ جَرَيَانَ الدَّرَاهِمِ مَجْرَى الدَّنَانِيرِ فِي ثَمَانِيَةٍ. وَفِي وَكَالَةِ النِّهَايَةِ: 6 - اعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ تَعَيُّنِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي حَقِّ الِاسْتِحْقَاقِ لَا غَيْرُ فَإِنَّهُمَا يَتَعَيَّنَانِ جِنْسًا وَقَدْرًا وَوَصْفًا بِالْإِنْفَاقِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ الْعَتَّابِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّرَاهِمُ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ لَا يَتَعَيَّنَانِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، ثُمَّ إنَّمَا لَمْ يَتَعَيَّنَا فِي الْمُعَاوَضَاتِ وَيَتَعَيَّنَانِ فِي الشَّرِكَةِ لِأَنَّهُمَا جُعِلَا ثَمَنَيْنِ فَلَوْ تَعَيَّنَا فِي الْمُعَاوَضَاتِ لَانْقَلَبَا مُثَمَّنَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُثَمَّنَ اسْمٌ لِعَيْنٍ يُقَابِلُهُ عِوَضٌ فَلَوْ تَعَيَّنَا فِي الْمُعَاوَضَاتِ لَكَانَا عَيْنًا يُقَابِلُهُ الْعِوَضُ فَكَانَ مُثَمَّنًا فَلَا يَكُونُ ثَمَنًا وَفِيهِ تَغْيِيرُ حُكْمِ الشَّرْعِ فَلَمْ يَتَعَيَّنَا، وَلَيْسَ فِي تَعَيُّنِهِمَا فِي بَابِ الشَّرِكَةِ تَغْيِيرُ حُكْمِ الشَّرْعِ لِأَنَّهُ لَا يُقَابِلُهَا عِنْدَ انْعِقَادِ الشَّرِكَةِ عَلَيْهِمَا عِوَضٌ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فِي فَصْلِ مَا يَبْطُلُ بِهِ عَقْدُ الشَّرِكَةِ وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهَا (5) قَوْلُهُ: وَكَتَبْنَا فِي بُيُوعِ الشَّرْحِ جَرَيَانَ الدَّرَاهِمِ مَجْرَى الدَّنَانِيرِ إلَخْ. وَأَمَّا جَرَيَانُ الزُّيُوفِ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَجْرَى الْجِيَادِ فَقَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ الشُّفْعَةِ: الزُّيُوفُ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِمَنْزِلَةِ الْجِيَادِ فِي خَمْسَةِ مَسَائِلَ: الْأُولَى فِي الشُّفْعَةِ اشْتَرَى بِالْجِيَادِ وَنَقَدَ الزُّيُوفَ أَخَذَ الشَّفِيعُ بِالْجِيَادِ الثَّانِيَةُ، الْكَفِيلُ بِالْجِيَادِ إذَا نَقَدَ الزُّيُوفَ يَرْجِعُ بِالْجِيَادِ، الثَّالِثَةُ اشْتَرَى شَيْئًا بِالْجِيَادِ وَنَقَدَ الْبَائِعَ الزُّيُوفَ ثُمَّ بَاعَهُ مُرَابَحَةً فَإِنَّ رَأْسَ الْمَالِ هُوَ الْجِيَادُ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ حَقَّهُ الْيَوْمَ وَكَانَ عَلَيْهِ الْجِيَادُ فَقَضَاهُ الزُّيُوفَ لَا يَحْنَثُ، الْخَامِسَةُ لَهُ عَلَى آخَرَ دَرَاهِمُ جِيَادٌ فَقَبَضَ الزُّيُوفَ وَأَنْفَقَهَا فَلَمْ يَعْلَمْ إلَّا بَعْدَ الْإِنْفَاقِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ فِي الْجِيَادِ فِي قَوْلِهِمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ: وَتُزَادُ سَادِسَةٌ وَهِيَ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ: اسْتَقْرَضَ دَرَاهِمَ وَقَبَضَهَا ثُمَّ اشْتَرَى مَا فِي ذِمَّتِهِ بِدَنَانِيرَ ثُمَّ وَجَدَ دَرَاهِمَ الْقَرْضِ زُيُوفًا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ فَفِيهَا الزُّيُوفُ كَالْجِيَادِ. (6) قَوْلُهُ: اعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ تَعَيُّنِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي حَقِّ الِاسْتِحْقَاقِ لَا غَيْرُ. يَعْنِي أَنَّ مِنْ حُكْمِ النُّقُودِ أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ وَلَوْ عُيِّنَتْ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ وَفُسُوخِهَا فِي حَقِّ الِاسْتِحْقَاقِ فَلَا تُسْتَحَقُّ عَيْنُهَا، فَلِلْمُشْتَرِي إمْسَاكُهَا وَدَفْعُ مِثْلِهَا جِنْسًا وَقَدْرًا وَوَصْفًا هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ لَا تَخْلُو عَنْ خِرَازَةٍ وَرَكَاكَةٍ

[ما يقبل الإسقاط من الحقوق وما لا يقبله]

مَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ مِنْ الْحُقُوقِ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ، وَبَيَانُ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ: 1 - لَوْ قَالَ الْوَارِثُ: تَرَكْتُ حَقِّي لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ؛ إذْ الْمِلْكُ لَا يَبْطُلُ بِالتَّرْكِ، وَالْحَقُّ يَبْطُلُ بِهِ حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْغَانِمِينَ قَالَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ: تَرَكْت حَقِّي بَطَلَ حَقُّهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: تَرَكْت حَقِّي فِي حَبْسِ الرَّهْنِ بَطَلَ، 2 - كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لِلْعِمَادِيِّ، وَفُصُولِ الْعِمَادِيِّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ كُلَّ حَقٍّ يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ، وَهُوَ أَيْضًا ظَاهِرُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ مِنْ الْحُقُوقِ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ] قَوْلُهُ: لَوْ قَالَ الْوَارِثُ: تَرَكْتُ حَقِّي إلَخْ. اعْلَمْ أَنَّ الْإِعْرَاضَ عَنْ الْمِلْكِ أَوْ حَقِّ الْمِلْكِ ضَابِطُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِلْكًا لَازِمًا لَمْ يَبْطُلْ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: تَرَكْت نَصِيبِي مِنْ الْمِيرَاثِ لَمْ يَبْطُلْ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَا يُتْرَكُ بِالتَّرْكِ بَلْ إنْ كَانَ عَيْنًا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّمْلِيكِ وَإِنْ كَانَ دَيْنًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِبْرَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بَلْ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ التَّمَلُّكِ صَحَّ كَإِعْرَاضِ الْغَانِمِ عَنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ كَذَا فِي قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَلَا يُخَالِفُنَا إلَّا فِي الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَمْلِيكُهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ. (2) قَوْلُهُ: كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. يَعْنِي فِي الثَّامِنِ وَالثَّلَاثِينَ وَعِبَارَتُهُ: قَالَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بَرِئْت مِنْ تَرِكَةِ أَبِي؛ يَبْرَأُ الْغُرَمَاءُ عَنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ حَقِّهِ لِأَنَّ هَذَا إبْرَاءٌ عَنْ الْغُرَمَاءِ بِقَدْرِ حَقِّهِ فَيَصِحُّ وَلَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ عَيْنًا لَمْ يَصِحَّ. وَلَوْ قَبَضَ أَحَدُهُمْ شَيْئًا مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَبَرِئَ مِنْ التَّرِكَةِ وَفِيهَا دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ لَوْ أَرَادَ الْبَرَاءَةَ مِنْ حِصَّةِ الدَّيْنِ صَحَّ لَا لَوْ أَرَادَ تَمْلِيكَ حِصَّتِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ لِتَمْلِيكِ الدَّيْنِ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ: لَوْ قَالَ وَارِثٌ تَرَكْت حَقِّي إلَى آخِرِ كَلَامِهِ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ إبْرَاءَ الْوَارِثِ مِنْ إرْثِهِ فِي الْأَعْيَانِ لَا يَصِحُّ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْأَعْيَانِ لَا تَصِحُّ وَمِنْ دَعْوَى الْأَعْيَانِ تَصِحُّ وَهُوَ يَرُدُّ قَوْلَ خُوَاهَرْ زَادَهْ إنْ أُرِيدَ بِالْحَقِّ فِي كَلَامِهِ مَا يَعُمُّ الْعَيْنَ وَالدَّيْنَ فَتَأَمَّلْ

الشُّرْبِ وَلَفْظُهَا: رَجُلٌ لَهُ مَسِيلٌ مَاءٍ فِي دَارِ غَيْرِهِ فَبَاعَ صَاحِبُ الدَّارِ دَارِهِ مَعَ الْمَسِيلِ وَرَضِيَ بِهِ صَاحِبُ الْمَسِيلِ، كَانَ لِصَاحِبِ الْمَسِيلِ أَنْ يَضْرِبَ بِذَلِكَ فِي الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ إجْرَاءِ الْمَاءِ دُونَ الرَّقَبَةِ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْمَسِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ، كَرَجُلٍ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسُكْنَى دَارِهِ فَمَاتَ الْمُوصِي وَبَاعَ الْوَارِثُ الدَّارَ، وَرَضِيَ بِهِ الْمُوصَى لَهُ جَازَ الْبَيْعُ وَبَطَلَ سُكْنَاهُ، وَلَوْ لَمْ يَبِعْ صَاحِبُ الدَّارِ دَارِهِ، وَلَكِنْ قَالَ صَاحِبُ الْمَسِيلِ: أَبْطَلْتُ حَقِّي فِي الْمَسِيلِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ إجْرَاءِ الْمَاءِ دُونَ الرَّقَبَةِ بَطَلَ حَقُّهُ قِيَاسًا عَلَى حَقِّ السُّكْنَى، وَإِنْ كَانَ لَهُ رَقَبَةُ الْمَسِيلِ. 3 - لَا يَبْطُلُ ذَلِكَ بِالْإِبْطَالِ 4 - وَذَكَرَ فِي الْكِتَابِ: إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَمَاتَ الْمُوصِي فَصَالَحَ الْوَارِثُ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى السُّدُسِ جَازَ الصُّلْحُ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ وَحَقَّ الْوَارِثِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ غَيْرُ مُتَأَكِّدٍ يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ بِالْإِسْقَاطِ (انْتَهَى) . فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ حَقَّ الْغَنَائِمِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَحَقَّ حَبْسِ الرَّهْنِ وَحَقَّ الْمَسِيلِ الْمُجَرَّدِ وَحَقَّ الْمُوصَى لَهُ بِالسُّكْنَى وَحَقَّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَحَقَّ الْوَارِثِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، عَلَى قَوْلِ خُوَاهَرْ زَادَهْ: يُسْقِطُ الْإِسْقَاطَ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (3) قَوْلُهُ: لَا يَبْطُلُ ذَلِكَ بِالْإِبْطَالِ. إلَى هُنَا كَلَامُ قَاضِي خَانْ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ انْتَهَى (4) قَوْلُهُ: وَذَكَرَ فِي الْكِتَابِ. يَعْنِي الْإِسْعَافَ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُعِينَهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَادَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ

يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ، وَقَالُوا: حَقُّ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ لَا يَسْقُطُ، كَمَا فِي هِبَةِ الْبَزَّازِيَّةِ 5 - وَأَمَّا الْحَقُّ فِي الْوَقْفِ؛ فَقَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الشَّهَادَاتِ فِي الشَّهَادَةِ بِوَقْفِ الْمَدْرَسَةِ: إنَّ مَنْ كَانَ فَقِيرًا مِنْ أَصْحَابِ الْمَدْرَسَةِ يَكُونُ مُسْتَحِقًّا لِلْوَقْفِ اسْتِحْقَاقًا لَا يَبْطُلُ بِالْإِبْطَالِ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: أَبْطَلْت حَقِّي كَانَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ وَيَأْخُذَ بَعْدَ ذَلِكَ (انْتَهَى) . 6 - وَقَدْ كَتَبْنَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ الشَّهَادَاتِ مَا فَهِمَهُ الطَّرَسُوسِيُّ مِنْ عِبَارَةِ قَاضِي خَانْ 7 - وَمَا رَدَّهُ عَلَيْهِ ابْنُ وَهْبَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَمَّا الْحَقُّ فِي الْوَقْفِ فَقَالَ قَاضِي خَانْ إلَخْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَعْضِ رَسَائِلِهِ بَعْدَ ذِكْرِ مَسْأَلَةِ قَاضِي خَانْ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِمَسْأَلَةِ وَقْفِ الْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ كُلُّ شَيْءٍ تَعَلَّقَ بِالْوَقْفِ وَمِنْهَا أَنَّ بَعْضَ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ الْمَشْرُوطِ لَهُ الِاسْتِحْقَاقُ إذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ لِغَيْرِهِ لَا يَسْقُطُ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ وَمِنْهَا الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ إذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهُ لَا يَسْقُطُ وَمِنْهَا مَنْ لَهُ وَظِيفَةٌ وَفِي وَقْفٍ كَالْإِمَامِ إذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ مَعْلُومِهِ سَنَةً لَا يَسْقُطُ وَلَهُ الْأَخْذُ إلَّا أَنْ يَكُونَ النَّاظِرُ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ فَيَكُونُ إبْرَاءً وَمِنْهَا أَنَّ مَنْ أُسْقِطَ حَقُّهُ مِنْ وَظِيفَةٍ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ. وَكَذَا مَنْ فُرِّغَ عَنْ وَظِيفَةٍ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَكُونَا بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ قَاسِمًا فِي فَتَاوِيهِ أَفْتَى بِسُقُوطِ حَقِّهِ بِالْفَرَاغِ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَسْتَنِدْ إلَى نَقْلٍ وَخُولِفَ فِي ذَلِكَ. (6) قَوْلُهُ: وَقَدْ كَتَبْنَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ الشَّهَادَاتِ مَا فَهِمَهُ الطَّرَسُوسِيُّ إلَخْ. حَيْثُ قَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ قَاضِي خَانْ: فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْفَقِيهَ مِنْ أَهْلِ الْمَدْرَسَةِ يُمْكِنُهُ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ فَلَا تَبْقَى لَهُ وَظِيفَةٌ أَصْلًا فَكَيْفَ يَقُولُ: لَا يُمْكِنُهُ إبْطَالُهُ. (7) قَوْلُهُ: وَمَا رَدَّهُ عَلَيْهِ ابْنُ وَهْبَانَ، حَيْثُ قَالَ هَذَا الِاعْتِرَاضُ لَيْسَ بِشَيْءٍ فَإِنَّ

8 - وَمَا حَرَّرْنَاهُ فِيهَا. وَقَدْ بَقِيَ حُقُوقٌ: مِنْهَا خِيَارُ الشَّرْطِ؛ قَالُوا يَسْقُطُ بِهِ، وَمِنْهَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ، قَالُوا لَوْ أَبْطَلَهُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ بِالْقَوْلِ لَمْ يَبْطُلْ وَبِالْفِعْلِ يَبْطُلُ وَبَعْدَهَا يَبْطُلُ بِهِمَا، وَمِنْهَا خِيَارُ الْعَيْبِ يَبْطُلُ بِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَاقِفَ إذَا وَقَفَ عَلَى مَنْ اتَّصَفَ بِصِفَةِ الْفِقْهِ وَالْفَقْرِ مَثَلًا وَالْإِقَامَةِ اسْتَحَقَّ مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ شَرَائِطُ الْوَقْفِ وَلَا اعْتِبَارَ بِعَزْلِ نَفْسِهِ بَلْ لَهُ الطَّلَبُ وَالْأَخْذُ بَعْدَ عَزْلِ نَفْسِهِ كَالْوَقْفِ عَلَى الِابْنِ إذَا عَزَلَ نَفْسَهُ مِنْ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ، وَصَاحِبُ الْفَوَائِدِ يَعْنِي الطَّرَسُوسِيَّ لَمْ يَفْهَمْ هَذَا مِنْ كَلَامِ قَاضِي خَانْ بَلْ جَرَى عَلَى عَادَةِ أَوْقَافِ بِلَادِنَا فَإِنَّ الْوَاقِفَ يَجْعَلُ النَّظَرَ فِيهِ لِلْحَاكِمِ مَثَلًا أَوْ لِلنَّاظِرِ وَيَجْعَلُ لَهُ وِلَايَةَ الْعَزْلِ وَالتَّقْرِيرِ وَالْإِعْطَاءِ وَالْحِرْمَانِ مَنْ اتَّصَفَ بِصِفَةِ الْفِقْهِ عَلَى مَذْهَبٍ مِنْ الْمَذَاهِبِ فَحِينَئِذٍ إذَا أَبْطَلَ ذَلِكَ حَقَّهُ وَعَزَلَ نَفْسَهُ صَحَّ وَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ إلَى أَنْ يُقَرِّرَهُ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّقْرِيرِ وَلَيْسَ كَلَامُ قَاضِي خَانْ فِي ذَلِكَ بَلْ كَلَامُهُ فِي مَنْ وَقَفَ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ يَسْتَحِقُّ مَا وَقَفَ عَلَيْهِ الْوَاقِفُ وَلَا يَبْطُلُ بِإِبْطَالِهِ. (8) قَوْله: وَمَا حَرَّرْنَاهُ إلَخْ. حَيْثُ قَالَ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ ابْنِ وَهْبَانَ: وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لِأَنَّ الْوَاقِفَ إذَا وَقَفَ عَلَى الْفُقَهَاءِ مَثَلًا فَإِنَّ الْفَقِيهَ لَا يَسْتَحِقُّ فِي ذَلِكَ الرِّيعَ إلَّا بِالتَّقْرِيرِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَنْ كَانَ فَقِيهًا أَوْ فَقِيرًا مُطْلَقًا كَمَا تَوَهَّمَهُ لِأَنَّ الْفَقِيهَ وَالْفَقِيرَ الطَّالِبَيْنِ لَمْ يَتَعَيَّنَا، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْصَرِفَ إلَى كُلِّ فَقِيهٍ وَكُلِّ فَقِيرٍ فَإِنَّمَا هُوَ لِلْجِنْسِ وَيَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَالْحَقُّ مَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ وَظِيفَةٍ تَقَرَّرَ فِيهَا، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّهُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جِنْسِ الْفُقَهَاءِ أَوْ عَدَدٍ مُعَيَّنٍ مِنْهُمْ كَمَا هُوَ فِي أَوْقَافِ الْقَاهِرَةِ، وَإِنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مَنْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَهَاءِ وَالْفُقَرَاءِ بِالتَّعْيِينِ وَلَمْ يُقَرِّرْ فِي وَقْفِهِمْ لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُقَرِّرَهُ بَعْدَهُ وَيُعْطِيَهُ مَا خَصَّهُ لَا أَنَّهُ يَطْلُبُ وَيَأْخُذُ بِلَا تَقْرِيرٍ، فَمَعْنَى الِاسْتِحْقَاقِ الَّذِي لَا يَبْطُلُ بِالْإِبْطَالِ فِي كَلَامِ قَاضِي خَانْ جَوَازُ أَنْ يَتَقَرَّرَ بَعْدَ إبْطَالِهِ وَيُعْطِيَ بَعْدَهُ مَنْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَمَعْنَى قَوْلِ الطَّرَسُوسِيِّ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِعَزْلِ نَفْسِهِ إذَا كَانَ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ، وَلَيْسَ هَذَا كَالْوَقْفِ عَلَى الِابْنِ كَمَا فَهِمَهُ ابْنُ وَهْبَانَ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الِابْنِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَقْرِيرٍ بِخِلَافِ اسْتِحْقَاقِ الْفَقِيهِ كَمَا لَا يُخْفَى

وَمِنْهَا الدَّيْنُ يَسْقُطُ بِالْإِبْرَاءِ، وَمِنْهَا حَقُّ الْقِصَاصِ يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ 10 - وَمِنْهَا حَقُّ الْقَسْمِ لِلزَّوْجَةِ يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهَا وَإِنْ كَانَ لَهَا الرُّجُوعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَأَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ مِنْ الْعَبْدِ. قَالُوا لَوْ عَفَا الْمَقْذُوفُ ثُمَّ عَادَ وَطَلَب حُدَّ، 11 - لَكِنْ لَا يُقَامُ بَعْدَ عَفْوِهِ لِفَقْدِ الطَّلَبِ، 12 - وَأَمَّا مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ مِنْ الْعُقُودِ فَلَا يَتَّصِفُ بِالْإِسْقَاطِ كَالْوَكَالَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَقَبُولِ الْوَدِيعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِنْهَا الدَّيْنُ يَسْقُطُ بِالْإِبْرَاءِ. لِأَنَّ الدَّيْنَ مَا دَامَ فِي الذِّمَّةِ مُجَرَّدَ حَقٍّ وَلَيْسَ بِمِلْكٍ لِرَبِّ الدَّيْنِ. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ بَعْدَ أَنْ رَمَّزَ لِلْمُنْتَقَى: قِيلَ لَهُ دَعْ دَيْنَكَ لَهُ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ: هُوَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى؛ يَبْرَأُ اسْتِحْسَانًا (انْتَهَى) وَمِنْهُ يُعْلَمُ جَوَابُ حَادِثَةِ الْفَتْوَى لَهُ عَلَيْهِ أَلْفٌ فَقَالَ: تَرَكْت لَهُ مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ هَلْ تَسْقُطُ عَنْهُ الْخَمْسُمِائَةِ؟ (10) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا حَقُّ الْقَسْمِ لِلزَّوْجَةِ إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ لَهَا حَقُّ الرُّجُوعِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. أَقُولُ إنَّمَا جَازَ لَهَا الرُّجُوعُ لِأَنَّ حَقَّهَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا بَعْدُ فَيَكُونُ مُجَرَّدَ وَعْدٍ فَلَا يَلْزَمُ كَالْمُعِيرِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَكِنْ يَنْبَغِي عَدَمُ حِلِّ الرُّجُوعِ لِأَنَّهُ خُلْفٌ فِي الْوَعْدِ وَهُوَ حَرَامٌ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَقَدْ صَرَّحَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَغَيْرُهُ فَإِنَّ الْعَارِيَّةَ قَبْلَ الْوَقْتِ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ خُلْفَ الْوَعْدِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: لَهَا أَنْ تَرْجِعَ يَصِحُّ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِكَرَاهَةِ رُجُوعِهَا. (11) قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يُقَامُ بَعْدَ عَفْوِهِ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ إذَا عَفَى وَلَمْ يَطْلُبْ بَعْدَ الْعَفْوِ لَا يُقَامُ وَإِنْ عَفَى وَطَلَبَ أُقِيمَ. (12) قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ مِنْ الْعُقُودِ فَلَا يَتَّصِفُ بِالْإِسْقَاطِ كَالْوَكَالَةِ. أَقُولُ ظَاهِرُ جَزْمِهِ بِذَلِكَ أَنَّهُ وَجَدَ الْحُكْمَ مَنْصُوصًا، وَعِبَارَاتُهُ فِي الرِّسَالَةِ الَّتِي فِي الْحُقُوقِ الَّتِي تَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ الْحُكْمَ حَيْثُ قَالَ، وَأَمَّا حَقُّ الْوَكَالَةِ وَالْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ بِالْإِسْقَاطِ، حَتَّى لَوْ قَالَ الْمُسْتَعِيرُ أَسْقَطْتُ حَقِّي مِنْ الِانْتِفَاعِ

وَأَمَّا حَقُّ الْإِجَارَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ إلَّا بِالْإِضَافَةِ. وَقَدْ وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ فِي مَسَائِلَ وَكَثُرَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَلَمْ أَرَ فِيهَا صَرِيحًا بَعْدَ التَّفْتِيشِ؛ مِنْهَا أَنَّ بَعْضَ الذُّرِّيَّةِ الْمَشْرُوطِ لَهُمْ الرِّيعُ إذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ لِغَيْرِهِ مِنْ اسْتِحْقَاقِهِ 14 - وَمِنْهَا الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ إذَا أَسْقَطَ لِغَيْرِهِ بِأَنْ فَرَغَ لَهُ عَنْهُ، إلَّا أَنَّ فِي الْيَتِيمَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْمَشْرُوطَ لَهُ النَّظَرُ إذَا فَوَّضَهُ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ التَّفْوِيضُ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ صَحَّ تَفْوِيضُهُ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ فِي صِحَّتِهِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ مَوْتِهِ جَازَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ (انْتَهَى) . وَفِي الْقُنْيَةِ: إذَا عُزِلَ النَّاظِرُ الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ عَنْ نَفْسِهِ لَا يَنْعَزِلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْعَارِيَّةِ لَا يَسْقُطُ مَا دَامَ الْمُعِيرُ لَمْ يَرْجِعْ وَلَهُ الِانْتِفَاعُ؛ لِأَنَّهَا كَمِلْكِ الْأَعْيَانِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ أَسْقَطْتُ حَقِّي مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْعَيْنِ لَا يَسْقُطُ وَيَنْبَغِي إخْرَاجُ الْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ الْحُقُوقِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِمَا حَاصِلٌ وَإِنْ كَانَ لِلْمَنَافِعِ (13) قَوْلُهُ: وَأَمَّا حَقُّ الْإِجَارَةِ إلَخْ. أَقُولُ: يَعْنِي لَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ تَرَكْت حَقِّي فِي الْمَنْفَعَةِ أَوْ أَسْقَطْت حَقِّي فِيهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ لَا يَسْقُطُ؛ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْإِجَارَةَ تَقْبَلُ الْفَسْخَ. وَأَصْحَابُ الْمُتُونِ وَالْفَتَاوَى وَسَائِرِ كُتُبِ الْفِقْهِ إلَّا مَا قَلَّ جَعَلُوا لِفَسْخِهَا بَابًا مُسْتَقِلًّا، وَقَدْ فَهِمَ مَنْ لَا فِقْهَ عِنْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ هُنَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ إلَّا بِالْإِقَالَةِ أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ إلَّا بِهَا وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبَعْدِ عَنْ التَّصَوُّرِ. (14) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ إذَا أَسْقَطَ لِغَيْرِهِ. فِي فَتَاوَى الْمَرْحُومِ ابْنِ الْحَلَبِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَنَصُّهُ: سُئِلَ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَحَدَّثَ عَنْهُ عَلَى الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ بَقِيَّةَ حَيَاتِهِ أَمْ لَا، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَنْزِلَ لِأَحَدٍ عَنْ النَّظَرِ أَمْ لَا؟ جَوَابُهُ نَعَمْ لَهُ. يَسْتَنِيبُ مَنْ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَالْكِفَايَةُ وَلَا يَصِحُّ نُزُولُهُ عَنْ النَّظَرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ وَلَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ لَهُ يَنْعَزِلُ.

15 - إلَّا أَنْ يُخْرِجَهُ الْوَاقِفُ أَوْ الْقَاضِي (انْتَهَى) . وَمِنْهَا أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ شَرْطًا فِي أَصْلِ الْوَقْفِ كَشَرْطِ الْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ وَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَالِاسْتِبْدَالِ فَأَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ. 16 - وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِالسُّقُوطِ فِي الْكُلِّ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي مَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ شَيْءٍ كَمَا عُلِمَ سَابِقًا مِنْ كَلَامِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ إلَّا إذَا أَسْقَطَ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرِّيعُ حَقَّهُ لَا لِأَحَدٍ فَلَا يَسْقُطُ كَمَا فَهِمَهُ الطَّرَسُوسِيُّ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ لِغَيْرِهِ وَفِيمَا إذَا أَسْقَطَ الْوَاقِفُ حَقَّهُ مِمَّا شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ 17 - أَوْ لِغَيْرِهِ. فَإِنْ قُلْت 18 - إذَا أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرِّيعُ أَوْ بَعْضُهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ فَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّهُ؟ قُلْت نَعَمْ وَلَوْ كَانَ مَكْتُوبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (15) قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُخْرِجَهُ الْوَاقِفُ أَوْ الْقَاضِي (انْتَهَى) يَعْنِي بِحُجَّةٍ أَوْ بِغَيْرِ حُجَّةٍ فَلَا يَصِحُّ إخْرَاجُ الْقَاضِي النَّظَرَ الْمَشْرُوطَ (16) قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِالسُّقُوطِ فِي الْكُلِّ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: كَيْفَ ذَلِكَ وَالْمُصَرَّحُ بِهِ أَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ الْإِرْثِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِحْقَاقُ الْمَشْرُوطُ فِي الْوَقْفِ كَذَلِكَ لَا يَسْقُطُ بِهِ، وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ وَمَا قَدْ مَرَّ عَنْ قَاضِي خَانْ فِي أَوَّلِ الصَّفْحَةِ مِنْ هَذِهِ الْوَرَقَةِ يَشْهَدُ لِمَا قُلْنَاهُ فَتَأَمَّلْ. (17) قَوْلُهُ: أَوْ لِغَيْرِهِ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَخْفَى أَنَّ إسْقَاطَ الْوَاقِفِ مَا شَرَطَهُ لِغَيْرِهِ إنْ كَانَ مَعَ شَرْطِ الْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ لِنَفْسِهِ فَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا فَلَا. (18) قَوْلُهُ: إذَا أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرِّيعُ أَوْ بَعْضُهُ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: الْإِقْرَارُ عَلَى الرَّاجِحِ إخْبَارٌ. وَبَنَوْا عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ وَلَمْ يَكُنْ مُطَابِقًا لِنَفْسِ الْأَمْرِ لَا يَحِلُّ

الْوَقْفِ بِخِلَافِهِ لِمَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ فِي بَابٍ مُسْتَقِلٍّ. وَأَمَّا حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِرَفْعِ جُذُوعِ الْغَيْرِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى حَائِطِهِ تَعَدِّيًا. 19 - فَلَا يَسْقُطُ بِالْإِبْرَاءِ وَلَا بِالصُّلْحِ وَلَا بِالْعَفْوِ 20 - وَلَا بِالْبَيْعِ وَلَا بِالْإِجَارَةِ. كَمَا ذَكَرَهُ الْبَزَّازِيُّ مِنْ فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ. فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ مِنْ مُفْرَدَاتِ هَذَا التَّأْلِيفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيّ الْعَظِيمِ. وَفِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ مِنْ السَّلَمِ: لَوْ قَالَ رَبُّ الْمُسَلَّمِ أَسْقَطْتُ حَقِّي فِي التَّسْلِيمِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَوْ الْبَلَدِ لَمْ يَسْقُطْ (انْتَهَى) . وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ سُئِلْتُ عَنْهَا: شَرَطَ الْوَاقِفُ لَهُ شُرُوطًا مِنْ إدْخَالٍ وَإِخْرَاجٍ وَغَيْرِهِمَا وَحَكَمَ بِالْوَقْفِ مُتَضَمِّنًا لِلشُّرُوطِ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ ثُمَّ رَجَعَ الْوَاقِفُ عَمَّا شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ الشُّرُوطِ. فَأَجَبْتُ بِعَدَمِ صِحَّةِ رُجُوعِهِ لِأَنَّ الْوَقْفَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَازِمٌ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، بِسَبَبِ الْحُكْمِ 21 - وَهُوَ شَامِلٌ لِلشُّرُوطِ فَلَزِمَتْ كَلُزُومِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الطَّرَسُوسِيُّ فِيمَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِيمَا شَرَطَ لَهُ مِنْ الرِّيعِ لَا لِأَحَدٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْمُقِرِّ لَهُ أَخْذُهُ فَغَايَةُ مَا حَصَلَ بِالْإِقْرَارِ الْمُؤَاخَذَةُ بِهِ ظَاهِرًا وَالسُّؤَالُ إنَّمَا هُوَ عَنْ سُقُوطِ الْحَقِّ حَقِيقَةً فَأَيْنَ هَذَا مِنْ ذَاكَ. (19) قَوْلُهُ: فَلَا يَسْقُطُ إلَخْ. يُفِيدُ بِمَفْهُومِهِ أَنَّ إسْقَاطَهُ لِأَحَدٍ مُعْتَبَرٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ خِلَافَ شَرْطِ الْوَاقِفِ مَعَ أَنَّ الْعَمَلَ بِهِ وَاجِبٌ مَهْمَا أَمْكَنَ. (20) قَوْلُهُ: وَلَا بِالْبَيْعِ وَلَا بِالْإِجَارَةِ. أَيْ بَيْعِ الْحَائِطِ الْمَوْضُوعِ عَلَيْهَا الْجُذُوعُ وَإِجَارَتِهَا. (21) قَوْلُهُ: وَهُوَ شَامِلٌ لِلشُّرُوطِ فَلَزِمَتْ كَلُزُومِهِ إلَخْ. وَقَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي فَنِّ الْفَوَائِدِ أَنَّ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ وَلُزُومِهِ وَمُوجِبِهِ لَا يَكُونُ حُكْمًا بِالشُّرُوطِ فَلَوْ وَقَعَ

22 - فَإِنَّهُ قَالَ بِعَدَمِ السُّقُوطِ. وَعِلَّتُهُ أَنَّ الِاشْتِرَاطَ لَهُ صَارَ لَازِمًا كَلُزُومِ الْوَقْفِ كَمَا أَنَّ الْمَشْرُوطَ لَهُ لَا يَمْلِكُ إسْقَاطَ مَا شَرَطَهُ لَهُ فَكَذَا الشَّارِطُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ مِنْ إسْقَاطِ رَبِّ السَّلَمِ حَقَّهُ مِمَّا شَرَطَ لَهُ مِنْ تَسْلِيمِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ إذَا كَانَ فِي ضِمْنٍ لَازِمٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ وَلَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّنَازُعُ فِي شَيْءٍ مِنْ الشُّرُوطِ عِنْدَ مُخَالِفٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِمُقْتَضَى مَذْهَبِهِ وَلَا يَمْنَعُهُ حُكْمُ الْحَنَفِيِّ السَّابِقُ إذَا لَمْ يَحْكُمْ بِمَا فِي الشُّرُوطِ إنَّمَا حَكَمَ بِأَصْلِ الْوَقْفِ وَمَا تَضَمَّنَهُ مِنْ صِحَّةِ الشُّرُوطِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ. وَذَكَرَ قَبْلَ هَذَا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَفَتَاوَى الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ أَنَّ شَرْطَ نَفَاذِ الْقَضَاءِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ أَنْ يَكُونَ فِي حَادِثَةٍ وَدَعْوَى صَحِيحَةٍ، فَإِنْ فَاتَ هَذَا الشَّرْطُ كَانَ فَتَوًى لَا حُكْمًا إلَى آخِرِ هَذَا، وَلَكِنَّ الْكَلَامَ فِي اللُّزُومِ فِي حَقِّهِ وَعَدَمِ صِحَّةِ رُجُوعِهِ عَمَّا شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ لَا فِي حُكْمِ الْحَاكِمِ فِيهِ بِمُقْتَضَى مَذْهَبِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (22) قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُ وَلَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ. أَقُولُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا اخْتَارَهُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ

[بيان أن الساقط لا يعود]

بَيَانُ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ 1 - فَلَا يَعُودُ التَّرْتِيبُ بَعْدَ سُقُوطِهِ بِقِلَّةِ الْفَوَائِتِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَقَطَ بِالنِّسْيَانِ فَإِنَّهُ يَعُودُ بِالتَّذَكُّرِ لِأَنَّ النِّسْيَانَ كَانَ مَانِعًا لَا مُسْقِطًا فَهُوَ مِنْ بَابِ زَوَالِ الْمَانِعِ. وَلَا تَعُودُ النَّجَاسَةُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِزَوَالِهَا؛ فَلَوْ دُبِغَ الْجِلْدُ 2 - بِالتَّشْمِيسِ وَنَحْوِهِ، وَفُرِكَ الثَّوْبُ مِنْ الْمَنِيِّ 3 - وَجَفَّتْ الْأَرْضُ بِالشَّمْسِ ثُمَّ أَصَابَهَا مَاءٌ لَا تَعُودُ النَّجَاسَةُ فِي الْأَصَحِّ، 4 - وَكَذَا الْبِئْرُ إذَا غَارَ مَاؤُهَا ثُمَّ عَادَ، وَمِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِقَالَةِ لِلْإِقَالَةِ فِي السَّلَمِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ سَقَطَ فَلَا يَعُودُ، وَأَمَّا عَوْدُ النَّفَقَةِ بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَيَانُ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ] قَوْلُهُ: بَيَانُ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ فَلَا يَعُودُ التَّرْتِيبُ إلَخْ. لِأَنَّ السَّاقِطَ تَلَاشَى فَلَا يَحْتَمِلُ الْعَوْدَ كَالْمَاءِ الْقَلِيلِ إذَا تَنَجَّسَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْجَارِي حَتَّى كَثُرَ وَسَالَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْقُلَّةِ فَلَا يَعُودُ نَجِسًا وَهُوَ مُخْتَارُ السَّرَخْسِيِّ وَالْبَزْدَوِيِّ، وَصَحَّحَهُ فِي الْكَافِي وَفِي النِّهَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَقِيلَ: إنَّهُ يَعُودُ وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَقَطَ التَّرْتِيبُ بِالنِّسْيَانِ. لَكِنْ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ نَسِيَ صَلَاةً فَتَذَكَّرَهَا بَعْدَ شَهْرٍ تَجُوزُ الْوَقْتِيَّةُ مَعَ ذِكْرِهَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ انْتَهَى وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ السَّاقِطُ بِالنِّسْيَانِ بِالتَّذَكُّرِ، وَمِثْلُ مَا فِي الْمُنْيَةِ فِي الْمُجْتَبَى وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ. (2) قَوْلُهُ: بِالتَّشْمِيسِ وَنَحْوِهِ. الْمُرَادُ بِنَحْوِهِ التَّتْرِيبُ وَالْإِلْقَاءُ فِي الرِّيحِ. (3) قَوْلُهُ: وَجَفَّتْ الْأَرْضُ. أَيْ الْأَرْضُ الَّتِي تَنَجَّسَتْ وَالتَّقْيِيدُ بِالشَّمْسِ أَغْلَبِيٌّ لَا شَرْطٌ. (4) قَوْلُهُ: وَكَذَا الْبِئْرُ إذَا غَارَ مَاؤُهَا. يَعْنِي وَجَفَّ أَسْفَلُهَا وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ الْعَوْدُ كَمَا فِي السِّرَاجِ.

سُقُوطِهَا بِالنُّشُوزِ بِالرُّجُوعِ فَهُوَ مِنْ بَابِ زَوَالِ الْمَانِعِ لَا مِنْ بَابِ عَوْدِ السَّاقِطِ. وَعَلَى هَذَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي بَعْضِ مَسَائِلَ فِي الْخِيَارَاتِ مِنْ الْبُيُوعِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَعُودُ الْخِيَارُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ مَانِعٌ زَالَ فَعَمَلَ الْمُقْتَضِي، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَعُودُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ سَاقِطٌ لَا يَعُودُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الشَّرْحِ. وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلْحُكْمِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَالْحُكْمُ مَعْدُومٌ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمَانِعِ، وَإِنْ عُدِمَ الْمُقْتَضِي فَهُوَ مِنْ بَابِ السَّاقِطِ 5 - وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةُ الْفَتْوَى: أَبْرَأَهُ عَامًا 6 - ثُمَّ أَقَرَّهُ بَعْدَهُ بِالْمَالِ الْمُبْرَأِ مِنْهُ عَامًا فَهَلْ يَعُودُ بَعْدَ سُقُوطِهِ كُلِّهِ؟ فَأَجَبْت بِأَنَّهُ لَا يَعُودُ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: بَرْهَنَ أَنَّهُ أَبْرَأَنِي مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى ثُمَّ ادَّعَى الْمُدَّعِي ثَانِيًا أَنَّهُ أَقَرَّ لِي بِالْمَالِ بَعْدَ إبْرَائِي؛ فَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَبْرَأَنِي وَقَبِلْت الْإِبْرَاءَ أَوْ قَالَ صَدَقْت لَا يَصِحُّ هَذَا الدَّفْعُ، 7 - يَعْنِي دَعْوَى الْإِقْرَارِ. وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ يَصِحُّ الدَّفْعُ لِاحْتِمَالِ الرَّدِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةُ الْفَتْوَى أَبْرَأَهُ عَامًا إلَخْ. هِيَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي دَفْعِ الدَّفْعِ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ. (6) قَوْلُهُ: ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَهُ بِالْمَالِ الْمُبْرَأِ مِنْهُ إلَخْ. قِيلَ: يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمُقِرَّ تَعَرَّضَ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى أَنَّ الْمُقِرَّ بِهِ هُوَ نَفْسُ الْمُبَرَّأِ مِنْهُ بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا: الْمَالُ الَّذِي أَبْرَأْتَنِي مِنْهُ هُوَ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِي، وَإِلَّا فَلَا رَيْبَ عِنْدَ عَدَمِ التَّعَرُّضِ لِكَوْنِهِ نَفْسَ الْمُبْرَأِ مِنْهُ فِي أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ حَمْلًا لَهُ عَلَى لُزُومِهِ بِسَبَبِ حَادِثٍ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ مَثَلًا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَأَبْرَأَهُ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ حَقٍّ ثُمَّ أَقَرَّ الْمُبْرَأُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ بِأَنَّ لِلْمُبْرَأِ عِنْدِي مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِبَيَانِ أَنَّهَا الْمُبْرَأُ مِنْهَا فَتَأَمَّلْ. (7) قَوْلُهُ: يَعْنِي دَعْوَى الْإِقْرَارِ إلَخْ. يُفِيدُ أَنَّ الدَّفْعَ نَفْسُ دَعْوَى الْإِقْرَارِ وَإِنَّمَا لَمْ

وَالْإِبْرَاءُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَبَقِيَ الْمَالُ عَلَيْهِ (انْتَهَى) . وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ: لَوْ قَالَ: لَا حَقَّ لِي عَلَيْك فَاشْهَدْ لِي عَلَيْك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ نَعَمْ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ ثُمَّ أَشْهَدَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَالشُّهُودُ يَسْمَعُونَ ذَلِكَ كُلَّهُ. فَهَذَا بَاطِلٌ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَا يَسَعُ الشُّهُودَ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ (انْتَهَى) . وَفَرَّعْتُ عَلَى قَوْلِهِمْ: السَّاقِطُ لَا يَعُودُ، قَوْلَهُمْ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِيَّةِ لِفِسْقٍ أَوْ لِتُهْمَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ. بَيَانُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ الزُّيُوفَ كَالْجِيَادِ: 8 - فِي مَسَائِلَ ذَكَرَتْهَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ الْبُيُوعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَصِحَّ لِأَنَّهُ اعْتِرَافٌ مِنْهُ بِأَنَّ الْمُقِرَّ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ لِمُصَادَقَتِهِ عَلَى صُدُورِ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ ادَّعَى الْإِقْرَارَ بِنَفْسِ الْمَالِ الْمُبْرَأِ مِنْهُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: أَقِرَّ لِي بِالْمَالِ وَإِلَّا لَصَحَّتْ دَعْوَى الْإِقْرَارِ وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ بِسَبَبٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (8) قَوْلُهُ: فِي مَسَائِلَ ذَكَرْتُهَا فِي الشَّرْحِ. أَقُولُ قَدْ نَقَلْنَاهَا عَنْهُ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي بَحْثِ أَحْكَامِ النَّقْدِ

[بيان أن النائم كالمستيقظ]

بَيَانُ أَنَّ النَّائِمَ كَالْمُسْتَيْقِظِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي آخِرِ فَتَاوَاهُ: النَّائِمُ كَالْمُسْتَيْقِظِ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً: الْأُولَى: إذَا نَامَ الصَّائِمُ عَلَى قَفَاهُ وَفُوهُ مَفْتُوحٌ فَقَطَرَ قَطْرَةٌ مِنْ مَاءِ الْمَطَرِ فِي فِيهِ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَكَذَا لَوْ قَطَرَ أَحَدٌ قَطْرَةً مِنْ الْمَاءِ فِي فِيهِ وَبَلَغَ جَوْفَهُ. 1 - الثَّانِيَةُ: إذَا جَامَعَهَا زَوْجُهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ يَفْسُدُ صَوْمُهَا. الثَّالِثَةُ: لَوْ كَانَتْ مُحْرِمَةً فَجَامَعَهَا زَوْجُهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ فَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ. الرَّابِعَةُ: الْمُحْرِمُ إذَا نَامَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَحَلَقَ رَأْسَهُ وَجَبَ الْجَزَاءُ عَلَيْهِ. الْخَامِسَةُ: الْمُحْرِمُ إذَا نَامَ فَانْقَلَبَ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ. السَّادِسَةُ: إذَا نَامَ الْمُحْرِمُ عَلَى بَعِيرٍ وَدَخَلَ فِي عَرَفَاتٍ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ. السَّابِعَةُ: الصَّيْدُ الْمُرْمَى إلَيْهِ بِالسَّهْمِ إذَا وَقَعَ عِنْدَ نَائِمٍ فَمَاتَ مِنْ تِلْكَ الرَّمْيَةِ يَكُونُ حَرَامًا كَمَا إذَا دُفِعَ عِنْدَ يَقْظَانَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَكَاتِهِ. الثَّامِنَةُ: إذَا انْقَلَبَ النَّائِمُ عَلَى مَتَاعٍ وَكَسَرَهُ وَجَبَ الضَّمَانُ. التَّاسِعَةُ: الْأَبُ إذَا نَامَ تَحْتَ جِدَارٍ فَوَقَعَ الِابْنُ عَلَيْهِ مِنْ سَطْحٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَيَانُ أَنَّ النَّائِمَ كَالْمُسْتَيْقِظِ] قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ إذَا جَامَعَهَا زَوْجُهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ إلَخْ. قِيلَ يُنْظَرُ إذَا جَامَعَ الزَّوْجُ الثَّانِي الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا وَهِيَ نَائِمَةٌ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا أَوْ أَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ هَلْ يَحِلُّ لِلْأَوَّلِ لَا يُقَالُ سَيَأْتِي فِي أَحْكَامِ غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ أَنَّ مِنْهَا التَّحْلِيلَ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى إطْلَاقِهِ لِأَنَّهَا لَوْ غَابَتْ مَلْفُوفَةً فِي خِرْقَةٍ أَوْ فِي الْقُلْفَةِ بِحَيْثُ لَا تُدْرِكُ الْحَرَارَةَ لَا تَحِلُّ.

وَهُوَ نَائِمٌ فَمَاتَ الِابْنُ 3 - يُحْرَمُ عَنْ الْمِيرَاثِ عَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. الْعَاشِرَةُ: مَنْ رَفَعَ النَّائِمَ وَوَضَعَهُ تَحْتَ جِدَارٍ فَسَقَطَ عَلَيْهِ الْجِدَارُ وَمَاتَ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: رَجُلٌ خَلَا بِامْرَأَتِهِ وَثَمَّةَ أَجْنَبِيٌّ نَائِمٍ لَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ. الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: رَجُلٌ نَامَ فِي بَيْتٍ فَجَاءَتْ امْرَأَتُهُ وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً صَحَّتْ الْخَلْوَةُ. الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ نَائِمَةً فِي بَيْتٍ وَدَخَلَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا وَمَكَثَ عِنْدَهَا سَاعَةً صَحَّتْ الْخَلْوَةُ. الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: امْرَأَةٌ نَامَتْ فَجَاءَ رَضِيعٌ فَارْتَضَعَ مِنْ ثَدْيِهَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ. 4 - الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: الْمُتَيَمِّمُ إذَا مَرَّتْ دَابَّتُهُ عَلَى مَاءٍ يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهُ وَهُوَ عَلَيْهَا نَائِمٌ انْتَقَضَ تَيَمُّمُهُ. السَّادِسَةَ عَشَرَةَ: الْمُصَلِّي إذَا نَامَ وَتَكَلَّمَ فِي حَالَةِ النَّوْمِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (2) قَوْلُهُ: فَمَاتَ الِابْنُ. كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ الْأَبُ. (3) قَوْلُهُ: يَحْرُمُ عَنْ الْمِيرَاثِ. وَجْهُهُ أَنَّ سُقُوطَ الِابْنِ عَلَيْهِ سَبَبٌ لِمَوْتِهِ وَمُبَاشَرَةُ جِسْمِ الْأَبِ إيَّاهُ بِمَنْزِلَةِ مُبَاشَرَةِ قَتْلِهِ، فَيَحْرُمُ كَمَا لَوْ كَانَ مُسْتَيْقِظًا (4) قَوْلُهُ: الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ الْمُتَيَمِّمُ إذَا مَرَّتْ دَابَّتُهُ إلَخْ. أَقُولُ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ التَّوْشِيحِ أَنَّ الْمُخْتَارَ فِي الْفَتَاوَى عَدَمُ الِانْتِقَاضِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ وَبِقُرْبِهِ مَاءٌ لَا يَعْلَمُ بِهِ جَازَ اتِّفَاقًا (انْتَهَى) . وَفِي التَّجْنِيسِ جُعِلَ الِاتِّفَاقُ فِيمَا إذَا كَانَ بِجَنْبِهِ بِئْرٌ وَلَا يَعْلَمُ بِهَا وَأَثْبَتَ الْخِلَافَ فِيمَا لَوْ كَانَ عَلَى جَانِبِ نَهْرٍ لَا يَعْلَمُ بِهِ وَصَحَّحَ عَدَمَ الِانْتِقَاضِ وَأَنَّهُ قَوْلُ الْإِمَامِ، وَهَذَا إذَا كَانَ نَائِمًا عَلَى صِفَةٍ لَا تُوجِبُ النَّقْضَ كَالنَّائِمِ مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا أَمْ النَّائِمُ عَلَى صِفَةٍ تُوجِبُ النَّقْضَ فَلَا يَتَأَتَّى الْخِلَافُ، إذْ التَّيَمُّمُ انْتَقَضَ بِالنَّوْمِ وَلِهَذَا صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمَجْمَعِ فِي النَّاعِسِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَكِنْ يُتَصَوَّرُ فِي النَّوْمِ النَّاقِضِ أَيْضًا بِأَنْ كَانَ مُتَيَمِّمًا عَنْ جَنَابَةٍ.

5 - السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: الْمُصَلِّي إذَا نَامَ وَقَرَأَ فِي حَالَةِ قِيَامِهِ تُعْتَبَرُ تِلْكَ الْقِرَاءَةُ فِي رِوَايَةٍ. الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: إذَا تَلَا آيَةَ السَّجْدَةِ فِي نَوْمِهِ فَسَمِعَهَا رَجُلٌ تَلْزَمُهُ السَّجْدَةُ، كَمَا لَوْ سَمِعَ مِنْ الْيَقْظَانِ. التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: إذَا اسْتَيْقَظَ هَذَا النَّائِمُ فَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ بِذَلِكَ، كَانَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ يُفْتِي بِأَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ، 6 - وَتَجِبُ فِي بَعْضِ الْأَقْوَالِ. وَعَلَى هَذَا لَوْ قَرَأَ رَجُلٌ عِنْدَ نَائِمٍ فَانْتَبَهَ فَأُخْبِرَ فَهُوَ عَلَى هَذَا. الْعِشْرُونَ: رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا فَجَاءَ الْحَالِفُ إلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ وَقَالَ لَهُ قُمْ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ النَّائِمُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَحْنَثُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَحْنَثُ. الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَجَاءَ الرَّجُلُ وَمَسَّهَا بِشَهْوَةٍ وَهِيَ نَائِمَةٌ، صَارَ مُرَاجِعًا. الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: لَوْ كَانَ الزَّوْجُ نَائِمًا فَجَاءَتْ الْمَرْأَةُ وَقَبَّلَتْهُ بِشَهْوَةٍ يَصِيرُ مُرَاجِعًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ: الرَّجُلُ إذَا نَامَ وَجَاءَتْ امْرَأَةٌ وَأَدْخَلَتْ فَرْجَهَا فِي فَرْجِهِ وَعَلِمَ الرَّجُلُ بِفِعْلِهَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ. الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: إذَا جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى نَائِمٍ وَقَبَّلَتْهُ بِشَهْوَةٍ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِشَهْوَةٍ تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (5) قَوْلُهُ: السَّابِعَةَ عَشْرَ الْمُصَلِّي إذَا نَامَ وَقَرَأَ إلَخْ. ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ فِي الْكُبْرَى. الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَنْ الْقِرَاءَةِ يَعْنِي لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ شَرْطُ أَدَاءِ الْعِبَادَةِ وَلَمْ يُوجَدْ. (6) قَوْلُهُ: وَتَجِبُ فِي بَعْضِ الْأَقْوَالِ. أَقُولُ وَهُوَ الصَّحِيحُ احْتِيَاطًا فِي أَمْرِ الْعِبَادَةِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

7 - الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: الْمُصَلِّي إذَا نَامَ فِي صَلَاتِهِ وَاحْتَلَمَ يَجِبُ الْغُسْلُ. 8 - وَلَا يُمْكِنُهُ الْبِنَاءُ. وَكَذَلِكَ إذَا بَقِيَ نَائِمًا يَوْمًا وَلَيْلَةً أَوْ يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ صَارَتْ الصَّلَاةُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ (انْتَهَى) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (7) قَوْلُهُ: الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ الْمُصَلِّي إذَا نَامَ فِي صَلَاتِهِ فَاحْتَلَمَ. أَقُولُ حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يُقَالَ فَخَرَجَ مِنْهُ مَنِيٌّ حَتَّى يُتَصَوَّرَ كَوْنُ النَّائِمِ فِيهَا كَالْمُسْتَيْقِظِ. (8) قَوْلُهُ: وَلَا يُمْكِنُهُ الْبِنَاءُ. أَيْ قِيَاسًا عَلَى سَبْقِ الْحَدَثِ لِنُدُورِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ سَبْقِ الْحَدَثِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[أحكام المعتوه]

أَحْكَامُ الْمَعْتُوهِ أَحْكَامُهُ أَحْكَامُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ فَتَصِحُّ الْعِبَادَاتُ مِنْهُ وَلَا تَجِبُ. 1 - وَقِيلَ هُوَ كَالْمَجْنُونِ 2 - وَقِيلَ هُوَ كَالْبَالِغِ الْعَاقِلِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي النَّوَاقِضِ مِنْ شَرْحِ الْكَنْزِ.، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَحْكَامُ الْمَعْتُوهِ] قَوْلُهُ: وَقِيلَ وَهُوَ كَالْمَجْنُونِ. يَعْنِي فَلَا تَصِحُّ مِنْهُ الْعِبَادَاتُ وَلَا تَجِبُ. (2) قَوْلُهُ: وَقِيلَ كَالْبَالِغِ. أَيْ الْعَاقِلِ فَتَصِحُّ وَتَجِبُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[أحكام الخنثى المشكل]

أَحْكَامُ الْمَجْنُونِ ذَكَرَهَا الْأُصُولِيُّونَ فِي بَحْثِ الْعَوَارِضِ فَلْيَنْظُرْهَا مَنْ رَامَهَا بَيَانُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْمَعْنَى أَوْ لِلَّفْظِ ذَكَرَهَا فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي. أَحْكَامُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ 1 - ذَكَرَ النَّسَفِيُّ فِي الْكَنْزِ حَقِيقَتَهُ، وَذَكَرَ مِنْ أَحْكَامِهِ وُقُوفَهُ فِي الصَّفِّ وَحُكْمَ مِيرَاثِهِ وَخِتَانِهِ. وَذَكَرَ مَوْلَانَا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَحْكَامَهُ فِي الْأَصْلِ مِنْ كِتَابِ الْمَفْقُودِ، وَأَنَا أَذْكُرُ مَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ بِاخْتِصَارٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَحْكَامُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ] قَوْلُهُ: ذَكَرَ النَّسَفِيُّ فِي الْكَنْزِ حَقِيقَتَهُ وَهُوَ مَنْ لَهُ فَرْجٌ وَذَكَرٌ، فَإِنْ بَالَ مِنْ الذَّكَرِ فَغُلَامٌ وَإِنْ بَالَ مِنْ الْفَرْجِ فَأُنْثَى وَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا فَالْحُكْمُ لِلْأَسْبَقِ، وَإِنْ اسْتَوَيَا فَمُشْكِلٌ وَلَا عِبْرَةَ بِالْكَثْرَةِ (انْتَهَى) . وَفِي الْمُحِيطِ نَقْلًا عَنْ الْمُنْتَقَى قَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا خَرَجَ مِنْ سُرَّةِ إنْسَانٍ كَهَيْئَةِ الْبَوْلِ وَلَيْسَ لَهُ قُبُلٌ وَلَا ذَكَرٌ وَلَا أَدْرِي مَا الْقَوْلُ فِي هَذَا. وَفِي الْمُغْنِي لِابْنِ قُدَامَةَ الْحَنْبَلِيِّ: وَلَوْ كَانَ شَخْصٌ لَا مَبَالَ لَهُ بَلْ لَهُ مَخْرَجٌ وَاحِدٌ فِيمَا بَيْنَ الْمَخْرَجَيْنِ مِنْهُ يَبُولُ وَيَتَغَوَّطُ أَوْ لَا مَخْرَجَ لَهُ لَا قُبُلَ وَلَا دُبُرَ وَإِنَّمَا يَتَقَيَّأُ مَا يَأْكُلُهُ وَمَا يَشْرَبُهُ، وَحُكِيَ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ عَنْ هَذَا فَهُوَ فِي الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ كَذَا فِي الْمَنْبَعِ.

2 - يَتَيَمَّمُ إذَا مَاتَ 3 - وَيُسَجَّى قَبْرُهُ 4 - وَلَا يَدْفِنُهُ إلَّا مَحْرَمٌ 5 - وَيُكَفَّنُ كَفَنَ الْمَرْأَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (2) قَوْلُهُ: يَتَيَمَّمُ إذَا مَاتَ. يَعْنِي إذَا لَمْ يُتَبَيَّنْ حَالُهُ لَمْ يُغَسِّلْهُ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أُنْثَى فَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ غُسْلُهُ وَلِاحْتِمَالِ أَنَّهُ ذَكَرٌ فَلَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُيَمِّمُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً غَيْرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ يُيَمِّمُهُ مِنْ غَيْرِ خِرْقَةٍ، وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا بِالْخِرْقَةِ وَيَكُفُّ بَصَرَهُ عَنْ ذِرَاعَيْهِ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَا تُشْتَرَى لَهُ جَارِيَةٌ لِلْغُسْلِ كَمَا لِلْخِتَانِ قُلْنَا لِأَنَّ شِرَاءَ الْجَارِيَةِ لِلْخُنْثَى بَعْدَ مَوْتِهِ لِلْغُسْلِ لَا يُفِيدُ إبَاحَةَ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ لِلْخُنْثَى جَارِيَةٌ مَمْلُوكَةٌ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا تَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ لِحَاجَةِ الْغُسْلِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَمْلِكَ ابْتِدَاءً بَعْدَ الْمَوْتِ لِحَاجَةِ الْغُسْلِ لِأَنَّ الْبَقَاءَ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يُفِيدُ الشِّرَاءُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ حَيًّا فَإِنَّهُ يَمْلِكُهَا فَيُقَيَّدُ شِرَاءُ الْجَارِيَةِ لِلْخِتَانِ، وَفِي بَعْضِ الْفَتَاوَى يُجْعَلُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فِي كُورَةٍ وَيُغْسَلُ بِالْمَاءِ. (3) قَوْلُهُ: وَيُسَجَّى قَبْرُهُ. لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أُنْثَى فَقَدْ أَقَامُوا وَاجِبًا لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ وَسِتْرُهَا وَاجِبٌ وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَالتَّسْجِيَةُ لَا تَضُرُّهُ. (4) قَوْلُهُ: وَلَا يَدْفِنُهُ إلَّا مَحْرَمٌ أَيْ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أُنْثَى فَدُخُولُ الْأُنْثَى قَبْرَهُ لِأَجْلِ الْوَضْعِ مَكْرُوهٌ وَدُخُولُ الْمَحْرَمِ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا لَا يَضُرُّهُ دُخُولُ الْمَحْرَمِ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِيمَا قُلْنَا. (5) قَوْلُهُ: وَيُكَفَّنُ كَفَنَ الْمَرْأَةِ. أَيْ يُكَفَّنُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ كَالْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أُنْثَى فَقَدْ أُقِيمَتْ السُّنَّةُ وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَقَدْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَهَذَا لِأَنَّ الْكَفَنَ يُعْتَبَرُ بِحَالِ الْحَيَاةِ، وَعَدَدُ الثِّيَابِ فِي الْحَيَاةِ إذَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ لَا يُكْرَهُ فَكَذَا بَعْدَ الْمَمَاتِ. أَمَّا إذَا كَانَ أُنْثَى فَفِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الثَّلَاثِ تَرْكُ السُّنَّةِ إذْ السُّنَّةُ فِيهَا خَمْسَةُ أَثْوَابٍ فَكَانَ الْأَحْوَطُ مَا ذَكَرْنَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَا يَلْبَسُ حَرِيرًا وَلَا حُلِيًّا فِي حَيَاتِهِ، 7 - وَإِذَا قَبَّلَهُ رَجُلٌ بِشَهْوَةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ أُصُولُهُ وَفُرُوعُهُ 8 - فَإِنْ زَوَّجَهُ أَبُوهُ رَجُلًا فَوَصَلَ إلَيْهِ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا عِلْمَ لِي بِذَلِكَ، أَوْ امْرَأَةً فَبَلَغَ فَوَصَلَ إلَيْهَا جَازَ وَإِلَّا أُجِّلَ كَالْعِنِّينِ 9 - وَيَلْبَسُ لِبَاسَ الْمَرْأَةِ فِي الْإِحْرَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَلَّا يَلْبَسَ حَرِيرًا وَلَا حُلِيًّا فِي حَيَاتِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أَبَاحَ لُبْسَ الْحَرِيرِ وَالْحُلِيِّ بِشَرْطِ أُنُوثَةِ اللَّابِسِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «هَذَانِ حَرَامَانِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ.» وَهَذَا الشَّرْطُ مَعْلُومٌ فِي الْخُنْثَى وَمَا تَرَدَّدَ بَيْنَ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ يَتَرَجَّحُ فِيهِ مَعْنَى الْحَظْرِ. (7) قَوْلُهُ: وَإِذَا قَبَّلَهُ رَجُلٌ بِشَهْوَةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ أُصُولُهُ وَفُرُوعُهُ كَذَا فِي نُسَخِ هَذَا الْكِتَابِ وَالصَّوَابُ حَرُمَ عَلَيْهِ أُصُولُهُ فَقَطْ إذْ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ لَا فُرُوعَ لَهُ قَالَ فِي الْمَنْبَعِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ لَوْ قَبَّلَهُ بِشَهْوَةٍ لَمْ يَتَزَوَّجْ أُمَّهُ حَتَّى يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ. (8) قَوْلُهُ: فَإِنْ زَوَّجَهُ أَبُوهُ رَجُلًا إلَخْ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ ابْنُ عُمَرَ بْنِ نُجَيْمٍ أَخُو الْمُؤَلِّفِ فِي كِتَابِهِ إجَابَةِ السَّائِلِ بِاخْتِصَارِ أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ لَيْسَ مَا ذُكِرَ عَلَى ظَاهِرِهِ بَلْ بَعْدَ ظُهُورِ عَلَامَةِ الرِّجَالِ فِيهِ يُؤَجَّلُ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ (انْتَهَى) . وَقَالَ فِي مَبَاحِثِ الْخَلْوَةِ مِنْ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ وَقَعَ فِي شَرْحِ شَيْخِنَا يَعْنِي الْمُصَنِّفَ أَنَّ خَلْوَةَ الْخُنْثَى صَحِيحَةٌ بِالْأَوْلَى أَيْ مِنْ الْمَجْبُوبِ وَنَحْوِهِ وَعِنْدِي بَعْدَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُشْكِلُ فِيهِ إشْكَالٌ فَفِي النِّهَايَةِ أَنَّ نِكَاحَ الْخُنْثَى مَوْقُوفٌ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ وَلِهَذَا لَا يُزَوِّجُهُ وَلِيُّهُ مَنْ تَخْتِنُهُ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَوْقُوفٌ لَا يُفِيدُ إبَاحَةَ النَّظَرِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّةِ خَلْوَتِهِ وَإِنَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْأَصْلِ لَوْ زَوَّجَهُ رَجُلًا إلَخْ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ. (9) قَوْلُهُ: وَيَلْبَسُ لِبَاسَ الْمَرْأَةِ فِي الْإِحْرَامِ. يَعْنِي إذَا أَحْرَمَ وَقَدْ رَاهَقَ يَلْبِسُ لِبَاسَ الْمَرْأَةِ لَهُ أَيْ الْمِخْيَطِ لِأَنَّ تَرْكَ الْمِخْيَطِ وَهُوَ امْرَأَةٌ أَفْحَشُ مِنْ لُبْسِهِ وَهُوَ رَجُلٌ؛ لِأَنَّ لُبْسَ الْمِخْيَطِ لِلرَّجُلِ فِي إحْرَامِهِ جَائِزٌ عِنْدَ الْعُذْرِ، وَاشْتِبَاهُ أَمْرِهِ مِنْ أَبْلَغِ الْأَعْذَارِ وَلُبْسُ الْمَخِيطِ أَقْرَبُ إلَى السِّتْرِ، وَتَرْكُ السِّتْرِ لِلْمَرْأَةِ لَا يَجُوزُ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ وَعَدَمِهِ.

وَلَا يُصَلِّي إلَّا بِقِنَاعٍ 11 - وَيَقُومُ أَمَامَ النِّسَاءِ خَلْفَ الرِّجَالِ، وَإِنْ وَقَفَ فِي صَفِّ النِّسَاءِ أَعَادَهَا وَإِنْ وَقَفَ فِي صَفِّ الرِّجَالِ لَا يُعِيدُهَا وَيُعِيدُهَا مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ وَخَلْفِهِ مُحَاذِيًا لَهُ 12 - وَيُوضَعُ فِي الْجِنَازَةِ خَلْفَ الرِّجَالِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يُصَلِّي إلَّا بِقِنَاعٍ. أَيْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَقَنَّعَ لِلصَّلَاةِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلسِّتْرِ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ رَجُلًا فَالْقِنَاعُ لَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَإِنَّهَا تُؤْمَرُ بِالتَّقَنُّعِ فِي صَلَاتِهَا إذَا كَانَتْ مُرَاهِقَةً فَعِنْدَ الِاشْتِبَاهِ تَرَجَّحَ هَذَا الْجَانِبُ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ إذَا كَانَ مُرَاهِقًا وَلِهَذَا لَوْ صَلَّى بِغَيْرِ قِنَاعٍ أَجْزَأَهُ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِالْإِعَادَةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بَالِغًا بِأَنْ بَلَغَ بِالسِّنِّ وَلَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ مِنْ عَلَامَاتِ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ لَا تُجْزِيهِ الصَّلَاةُ بِغَيْرِ قِنَاعٍ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ مِنْ الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ عَوْرَةٌ وَالصَّلَاةُ مَتَى جَازَتْ مِنْ وَجْهٍ وَفَسَدَتْ مِنْ وَجْهٍ حُكِمَ بِالْفَسَادِ احْتِيَاطًا وَلِهَذَا لَوْ صَلَّى بِغَيْرِ قِنَاعٍ تَجِبُ الْإِعَادَةُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالذَّخِيرَةِ. (11) قَوْلُهُ: وَيَقُومُ أَمَامَ النِّسَاءِ إلَخْ. يَعْنِي إذَا صَلَّى خَلْفَ الْإِمَامِ يَتَقَدَّمُ عَلَى صَفِّ النِّسَاءِ وَيَتَأَخَّرُ عَنْ صَفِّ الرِّجَالِ وَالصِّبْيَانِ فَلَا يَتَخَلَّلُ الرِّجَالَ كَيْ لَا تَفْسُدَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ، وَلَا يَتَخَلَّلُ النِّسَاءَ كَيْ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ، وَإِنْ قَامَ فِي صَفِّ النِّسَاءِ فَصَلَّى يُعِيدُ صَلَاتَهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنَّمَا قَالَ بِاسْتِحْبَابِ الْإِعَادَةِ دُونَ الْوُجُوبِ مَعَ أَنَّ فِيهَا جِهَةَ الْفَسَادِ، وَفِي الْعِبَادَاتِ جِهَةُ الْفَسَادِ رَاجِحَةٌ لِأَنَّ الْمُسْقِطَ وَهُوَ أَدَاءُ الصَّلَاةِ مَعْلُومٌ وَالْمُفْسِدَ وَهُوَ الْمُحَاذَاةُ مَوْهُومٌ، إذْ فَسَادُ الصَّلَاةِ بِجِهَةِ الْمُحَاذَاةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَفِي كَوْنِهِ رَجُلًا أَيْضًا شُبْهَةٌ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ شُبْهَةِ الشُّبْهَةِ فَلِذَلِكَ قَالَ بِالِاسْتِحْبَابِ دُونَ الْوُجُوبِ أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمَبْسُوطِ. (12) قَوْلُهُ: وَيُوضَعُ فِي الْجِنَازَةِ خَلْفَ الرِّجَالِ إلَخْ. يَعْنِي إذَا اجْتَمَعَتْ الْجَنَائِزُ يُجْعَلُ الرِّجَالُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالصِّبْيَانُ بَعْدَهُ وَالْخَنَاثَى بَعْدَهُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ أَقُولُ فِي شَرْحِ جَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِنْ قَامَ الْخُنْثَى فِي صَفِّ النِّسَاءِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ ذَكَرٌ وَكَذَا لَوْ قَامَ فِي صَفِّ الرِّجَالِ تَجِبُ الْإِعَادَةُ عَلَى مَنْ

وَيُجْعَلُ خَلْفَ الرَّجُلِ فِي الْقَبْرِ لَوْ دُفِنَا لِضَرُورَةٍ مَعَ حَاجِزٍ بَيْنَهُمَا مِنْ الصَّعِيدِ، 14 - وَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ وَلَا عَلَيْهِ بِقَذْفِهِ. 15 - بِمَنْزِلَةِ الْمَجْبُوبِ؛ 16 - وَتُقْطَعُ يَدُهُ لِلسَّرِقَةِ وَيُقْطَعُ سَارِقُ مَالِهِ 17 - وَيَقْعُدُ فِي صَلَاتِهِ كَالْمَرْأَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ وَمَنْ خَلْفَهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أُنْثَى (انْتَهَى) . وَفِي صَلَاةِ الْأَثَرِ لِهِشَامٍ الْخُنْثَى يُصَلِّي خَلْفَ الْخُنْثَى يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَفِيهَا مَنْ جَوَّزَ اقْتِدَاءَ الضَّالَّةِ بِالضَّالَّةِ غَلِطَ غَلَطًا فَاحِشًا لِاحْتِمَالِ اقْتِدَائِهَا بِالْحَائِضِ كَاقْتِدَاءِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ بِالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فَصَارَ فِي اقْتِدَاءِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ بِالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ رِوَايَتَانِ. (13) قَوْلُهُ: وَيُجْعَلُ خَلْفَ الرَّجُلِ فِي الْقَبْرِ. يَعْنِي إذَا اجْتَمَعَ الْمَوْتَى لِلدَّفْنِ يُجْعَلُ الرِّجَالُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ ثُمَّ الْخَنَاثِي ثُمَّ النِّسَاءُ اعْتِبَارًا لِحَالِ الْمَمَاتِ بِحَالِ الْحَيَاةِ، وَيُجْعَلُ بَيْنَ كُلِّ اثْنَيْنِ حَاجِزًا مِنْ التُّرَابِ لِيَصِيرَ فِي حُكْمِ قَبْرَيْنِ. (14) قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ وَلَا عَلَيْهِ بِقَذْفِهِ. أَيْ بِقَذْفِهِ غَيْرَهُ بِإِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ وَحَذْفِ مَفْعُولِهِ كَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ، وَصَوَابُهُ حَذْفُ لَا وَلَفْظُهُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ إذَا قَذَفَ رَجُلًا بَعْدَ مَا بَلَغَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ أُقِيمَ الْحَدُّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَارَ بِالْبُلُوغِ مُخَاطَبًا، وَحَدُّ الْقَذْفِ لَا يَخْتَلِفُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَاشْتِبَاهِ حَالِهِ لَا يَمْنَعُ تَحَقُّقَ قَذْفِهِ مُوجِبًا لِلْحَدِّ عَلَيْهِ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَمِثْلُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ شَرْحِ الْقُدُورِيِّ. (15) قَوْلُهُ: بِمَنْزِلَةِ الْمَجْبُوبِ. أَيْ لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ بِالزِّنَا بِسَبَبِ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَجْبُوبِ إنْ كَانَ ذَكَرًا وَبِمَنْزِلَةِ الرَّتْقَيْ إنْ كَانَ أُنْثَى، وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ قَاصِرَةً عَنْ إفَادَتِهِ مُوهِمَةً تَعَلُّقَهَا بِقَوْلِهِ: وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِقَذْفِهِ (16) قَوْلُهُ: وَتُقْطَعُ يَدُهُ لِلسَّرِقَةِ إلَخْ. وَيُقْطَعُ سَارِقُ مَالِهِ أَيْ وَتُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ مَالَهُ أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا الْحُكْمُ مِمَّا يُخَالِفُ الْخُنْثَى فِيهِ غَيْرَهُ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهِ فِي أَحْكَامِهِ الْخَاصَّةِ بِهِ. (17) قَوْلُهُ: وَيَقْعُدُ فِي صَلَاتِهِ كَالْمَرْأَةِ. يَعْنِي إذَا جَلَسَ فِي صَلَاةٍ يَجْلِسُ جُلُوسَ

وَلَا قِصَاصَ عَلَى قَاطِعِ يَدِهِ 19 - وَلَوْ عَمْدًا وَلَوْ كَانَ الْقَاطِعُ امْرَأَةً، وَلَا تُقْطَعُ يَدُهُ إذَا قَطَعَ يَدَ غَيْرِهِ عَمْدًا، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ أَرْشُهَا، وَلَا يَخْلُو بِهِ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ 20 - وَلَا يَخْلُو بِرَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٍ، 21 - وَلَا يُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَّا بِمَحْرَمٍ. 22 - وَإِذَا أَوْصَى رَجُلٌ لِمَا فِي بَطْنِ امْرَأَةٍ بِأَلْفٍ إنْ كَانَ غُلَامًا وَبِخَمْسِ مِائَةٍ إنْ كَانَ أُنْثَى، فَوَلَدَتْ خُنْثَى مُشْكِلًا فَالْوَصِيَّةُ مَوْقُوفَةٌ فِي الْخَمْسِ مِائَةِ الزَّائِدَةِ إلَى أَنْ يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ، 23 - وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ غُلَامًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالنِّسَاءِ بِأَنْ يُخْرِجَ رِجْلَيْهِ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَيَجْلِسَ بِأَلْيَتِهِ عَلَى الْأَرْضِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ رَجُلًا فَقَدْ تَرَكَ سُنَّةً وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْجُمْلَةِ عِنْدَ الْعُذْرِ، وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً وَلَمْ يَجْلِسْ جُلُوسَ النِّسَاءِ فَقَدْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا لِأَنَّ التَّسَتُّرَ عَلَى النِّسَاءِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ. (18) قَوْلُهُ: وَلَا قِصَاصَ عَلَى قَاطِعِ يَدِهِ إلَخْ. يَعْنِي لَوْ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَهُ أَوْ امْرَأَةٌ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْقَاطِعِ لِأَنَّ حُكْمَهُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ يَخْتَلِفُ بِالْأُنُوثَةِ وَالذُّكُورَةِ. (19) قَوْلُهُ: وَلَوْ عَمْدًا لَا مَوْقِعَ لِلَوْ أَصْلِيَّةٍ هُنَا. (20) قَوْلُهُ: وَلَا يَخْلُو بِرَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٍ. يَعْنِي لَا يَخْلُو بِهِ غَيْرُ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ. (21) قَوْلُهُ: وَلَا يُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَّا بِمَحْرَمٍ. يَعْنِي ذَكَرًا فَلَوْ سَافَرَ مَعَ امْرَأَةٍ لَا يَجُوزُ مَحْرَمًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَحْرَمٍ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ أُنْثَى فَيَكُونُ هَذَا مُسَافَرَةَ امْرَأَتَيْنِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ لَهُمَا وَذَلِكَ حَرَامٌ. (22) قَوْلُهُ: وَإِذَا أَوْصَى رَجُلٌ لِمَا فِي بَطْنِ امْرَأَةٍ إلَخْ. هَذَا عَلَى قَوْلِ أَئِمَّتِنَا وَقَالَ الشَّعْبِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ. (23) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ إلَخْ يَعْنِي إذَا حَلَفَ رَجُلٌ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ فَقَالَ: إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ غُلَامًا فَوَلَدَتْ خُنْثَى لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ حَتَّى يَسْتَبِينَ أَمْرُ الْخُنْثَى لِأَنَّ الْخَنَثَ لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ.

أَوْ قَالَ كَذَلِكَ لِأَمَتِهِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ، فَوَلَدَتْ خُنْثَى مُشْكِلًا لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ تُعْتَقْ. 24 - وَلَا سَهْمَ لَهُ مَعَ الْمُقَاتَلَةِ وَإِنَّمَا يُرْضَخُ لَهُ 25 - وَلَا يُقْتَلُ لَوْ أَسِيرًا أَوْ مُرْتَدًّا بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَلَا خَرَاجَ عَلَى رَأْسِهِ لَوْ كَانَ ذِمِّيًّا 26 - وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِ الْمَوْلَى: كُلُّ عَبْدٍ لِي حُرٌّ أَوْ كُلُّ أَمَةٍ لِي حُرَّةٌ، 27 - إلَّا إذَا قَالَهُمَا فَيُعْتَقُ، 28 - وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: إنْ مَلَكْت عَبْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَاشْتَرَى خُنْثَى لَمْ تُطْلَقْ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنْ مَلَكْت أَمَةً، وَلَوْ قَالَهُمَا مَعًا طَلُقَتْ، وَلَوْ قَالَ الْمُشْكِلُ: أَنَا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، 29 - وَإِذَا قُتِلَ خَطَأً وَجَبَتْ دِيَةُ الْمَرْأَةِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي إلَى التَّبْيِينِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا سَهْمَ لَهُ مَعَ الْمُقَاتَلَةِ. يَعْنِي لَا يُعْطَى لَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ سَهْمٌ تَامٌّ وَلَكِنَّهُ يُرْضَخُ لَهُ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ تَيَقُّنًا وَفِي الزِّيَادَةِ شَكٌّ. (25) قَوْلُهُ: وَلَا يُقْتَلُ أَسِيرًا أَوْ مُرْتَدًّا إلَى آخِرِهِ. يَعْنِي لَوْ كَانَ كَافِرًا فَأُسِرَ أَوْ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ لَا يُقْتَلُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أُنْثَى (26) قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِ الْمَوْلَى إلَخْ. يَعْنِي حَتَّى يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ لِأَنَّ الْخَنَثَ لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ. (27) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَالَهُمَا فَيُعْتَقُ. يَعْنِي لِلتَّيَقُّنِ بِأَحَدِ الْوَصْفَيْنِ. (28) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: إنْ مَلَكْتُ عَبْدًا إلَخْ. تَفْرِيعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ فَحَقُّهُ أَنْ يُذْكَرَ بِالْفَاءِ. (29) قَوْلُهُ: وَإِذَا قُتِلَ خَطَأً وَجَبَتْ دِيَةُ الْمَرْأَةِ. أَقُولُ فَلَوْ قَالَ وَلِيُّ الْخُنْثَى إنَّهُ ذَكَرٌ وَقَالَ الْقَاتِلُ إنَّهُ أُنْثَى فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ كَمَا فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لَلْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ.

وَكَذَا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَيَصِحُّ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، 31 - وَلَوْ تَزَوَّجَ مُشْكِلٌ مِثْلَهُ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ فَلَا يَتَوَارَثَانِ بِالْمَوْتِ، وَلَوْ شَهِدَ شُهُودٌ أَنَّهُ ذَكَرٌ وَشُهُودٌ أَنَّهُ أُنْثَى فَإِنْ كَانَ يَطْلُبُ مِيرَاثًا قَضَيْتُ بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ أَنَّهُ غُلَامٌ وَأَبْطَلْتُ الْأُخْرَى، وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يَدَّعِي أَنَّهُ امْرَأَتُهُ قَضَيْتُ بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَتْ أَنَّهُ أُنْثَى وَأَبْطَلْتُ الْأُخْرَى؛ فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً تَدَّعِي أَنَّهُ زَوْجُهَا أَوْقَفْتُ الْأَمْرَ إلَى أَنْ يَسْتَبِينَ 32 - فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْخُنْثَى شَيْئًا وَلَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ شَيْءٌ لَا تُقْبَلُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا حَتَّى يَسْتَبِينَ وَأَمَّا مِيرَاثُهُ وَالْمِيرَاثُ مِنْهُ؛ فَقَالَ: فَإِنْ مَاتَ أَبُوهُ 33 - فَلَهُ مِيرَاثُ أُنْثَى مِنْهُ، وَتَمَامُهُ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَذَا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ. يَعْنِي يُوقَفُ الْبَاقِي لِأَنَّ حُكْمَهُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ يَخْتَلِفُ بِالْأُنُوثَةِ وَالذُّكُورَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. (31) قَوْلُهُ: وَلَوْ تَزَوَّجَ مُشْكِلٌ مِثْلَهُ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ. أَقُولُ فَلَوْ تَبَيَّنَ بِالْعَكْسِ بِأَنْ ظَهَرَ الزَّوْجُ امْرَأَةً وَالزَّوْجَةُ رَجُلٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ النِّكَاحُ جَائِزٌ عِنْدِي لِأَنَّ رَجُلًا لَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ تَزَوَّجْتُكِ أَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلرَّجُلِ تَزَوَّجْتُكَ فَذَلِكَ كُلُّهُ يَسْتَوِي فِي جَوَازِ النِّكَاحِ فَكَذَا هُنَا. وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ عِنْدِي لَوْ ظَهَرَ أَنَّ الزَّوْجَ غُلَامٌ وَأَنَّ الزَّوْجَةَ جَارِيَةٌ جَازَ وَلَوْ ظَهَرَ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُمَا أَخْرَجَا الْكَلَامَ مَخْرَجَ الْفَسَادِ كَذَا فِي نَوَازِلِ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ. (32) قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْخُنْثَى هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ سَابِقًا فَإِنْ كَانَ يَطْلُبُ مِيرَاثًا إلَخْ. فَحَقُّهُ أَنْ يُذْكَرَ بَعْدَهُ بِالْوَاوِ. (33) قَوْلُهُ: فَلَهُ مِيرَاثُ أُنْثَى. أَقُولُ بَلْ لَهُ أَقَلُّ النَّصِيبَيْنِ يَعْنِي أَسْوَأَ الْحَالَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ حَتَّى لَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ ابْنًا وَخُنْثَى مُشْكِلًا فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا سَهْمَانِ لِلِابْنِ وَسَهْمٌ لِلْخُنْثَى وَهُوَ نَصِيبُ الْبِنْتِ؛ لِأَنَّهُ أَسْوَأُ الْحَالَيْنِ وَلَوْ كَانَ نَصِيبُ الِابْنِ أَقَلَّ يُعْتَبَرُ

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ كَالْأُنْثَى 35 - فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي مَسَائِلَ؛ لَا يَلْبَسُ حَرِيرًا وَلَا ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً، وَلَا يَتَزَوَّجُ مِنْ رَجُلٍ، وَلَا يَقِفُ فِي صَفِّ النِّسَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنًا لِأَنَّهُ أَسْوَأُ الْحَالَيْنِ بِأَنْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَتَرَكَتْ زَوْجًا وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَخُنْثَى لِأَبٍ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ لِأَبَوَيْنِ النِّصْفُ، فَالْخُنْثَى إنْ جَعَلْنَاهُ أُنْثَى يَكُونُ لَهُ السُّدُسُ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ وَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ عَوْلِيَّةً فَيَكُونُ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ سَبْعَةٍ، وَإِنْ جَعَلْنَاهُ ذَكَرًا كَانَ عَصَبَةً وَلَا شَيْءَ لَهُ فَجَعَلْنَاهُ ذَكَرًا لِأَنَّهُ أَسْوَأُ الْحَالَيْنِ، وَإِنَّمَا كَانَ لِلْخُنْثَى أَقَلُّ النَّصِيبَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ ثَابِتٌ بِيَقِينٍ وَفِي الْأَكْثَرِ شَكٌّ فَلَا يَثْبُتُ الِاسْتِحْقَاقُ مَعَ الشَّكِّ كَذَا فِي الْمَنِيعِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ. (34) قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ كَالْأُنْثَى. أَيْ حَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ وَحِينَئِذٍ لَا يُعَدُّ بَعْضُ مَا ذُكِرَ هُنَا تَكْرَارًا. (35) قَوْلُهُ: فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ. أَقُولُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْكَامِ الشَّهَادَةُ إذَا بَلَغَ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ أَمْرُهُ يَكُونُ فِي الشَّهَادَةِ كَالْأُنْثَى وَلِذَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَعَ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَلَوْ شَهِدَ مَعَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ تُقْبَلُ (انْتَهَى) . وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَحْكَامِ الْخِتَانُ إذَا رَاهَقَ يَكُونُ كَالْأُنْثَى وَلِذَا قَالُوا: يَشْتَرِي لَهُ مِنْ مَالِهِ جَارِيَةً لِخِتَانِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِذَا خَتَنَتْهُ تُبَاعُ وَيُرَدُّ ثَمَنُهَا إلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يُزَوَّجُ امْرَأَةً تَخْتِنُهُ فَإِنْ كَانَ رَجُلًا صَحَّ النِّكَاحُ وَحَلَّ النَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ، وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً فَلَا نِكَاحَ لَكِنْ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ النَّظَرُ إلَى فَرْجِ الْمَرْأَةِ لِلضَّرُورَةِ لَا يُقَالُ: لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً بِمَهْرٍ يَسِيرٍ حَتَّى تَخْتِنَهُ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَوْقُوفٌ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ، وَإِذَا كَانَ مُشْكِلَ الْحَالِ كَانَ النِّكَاحُ مَوْقُوفًا، وَالنِّكَاحُ الْمَوْقُوفُ لَا يُفِيدُ إبَاحَةَ النَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: سَلَّمْنَا أَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ بِصِحَّةِ نِكَاحِهِ وَمَعَ هَذَا لَوْ فَعَلَ كَانَ مُسْتَقِيمًا لِأَنَّ الْخُنْثَى إنْ كَانَ امْرَأَةً فَهَذَا نَظَرُ الْجِنْسِ إلَى الْجِنْسِ وَالنِّكَاحُ لَغْوٌ إنْ كَانَ ذَكَرًا فَهَذَا نَظَرُ الْمَرْأَةِ إلَى زَوْجِهَا، ذَكَرَ ذَلِكَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ، بَقِيَ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنَّهُ كَالْأُنْثَى فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ أَنَّهُ لَوْ نَزَلَ لِلْخُنْثَى لَبَنٌ وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ امْرَأَةٌ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ تَحْرِيمٌ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَيْضًا لَوْ أَوْلَجَ ذَكَرَهُ فِي فَرْجِ خُنْثَى مُشْكِلٍ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ عَلَيْهِ كَمَا فِي السِّرَاجِ.

وَلَا حَدَّ بِقَذْفِهِ، وَلَا يَخْلُو بِامْرَأَةٍ وَلَا يَقَعُ عِتْقٌ وَطَلَاقٌ عَلِّقَا عَلَى وِلَادَتِهَا أُنْثَى بِهِ، وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ: كُلُّ أَمَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ بِقَذْفِهِ. أَيْ بِقَذْفِ الْغَيْرِ إيَّاهُ بِالزِّنَا كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا لَا يُحَدُّ بِقَذْفِهِ أَيْ لَا يُحَدُّ الْخُنْثَى بِقَذْفِهِ غَيْرَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا خَطَأٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يُحَدُّ. قَوْلُهُ مِنْ غَرَائِبِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ الْمُهِمَّةِ فِي مَنَاقِبِ الْأَئِمَّةِ وَذَلِكَ أَنَّ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَقَعَتْ لَهُ وَاقِعَةٌ حَارَ عُلَمَاءُ وَقْتِهِ فِيهَا، وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ بِخُنْثَى لَهَا فَرْجٌ كَفَرْجِ النِّسَاءِ وَفَرْجٌ كَفَرْجِ الرِّجَالِ وَأَصْدَقَهَا جَارِيَةً كَانَتْ لَهُ وَدَخَلَ بِالْخُنْثَى وَأَصَابَهَا فَحَمَلَتْ بِوَلَدٍ، ثُمَّ الْخُنْثَى وَطِئَتْ الْجَارِيَةَ فَحَمَلَتْ مِنْهَا بِوَلَدٍ، وَاشْتُهِرَتْ وَرُفِعَ أَمْرُهَا إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَسَأَلَ عَنْ الْخُنْثَى فَأُخْبِرَ أَنَّهَا تَحِيضُ وَتَطَأُ وَتُوطَأُ وَتُمْنِي مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَدْ حَبِلَتْ وَأَحْبَلَتْ فَصَارَ النَّاسُ مُتَحَيِّرِي الْأَفْهَامِ فِي جَوَابِهَا وَكَيْفَ الطَّرِيقُ إلَى حُكْمِ قَضَائِهَا وَفَصْلِ خِطَابِهَا فَاسْتَدْعَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - غُلَامَيْهِ بَرَقًا وَقَنْبَرَ وَأَمَرَهُمَا أَنْ يَذْهَبَا إلَى هَذِهِ الْخُنْثَى وَيَعُدَّانِ أَضْلَاعَهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ مُتَسَاوِيَةً فَهِيَ امْرَأَةٌ وَإِنْ كَانَ الْجَانِبُ الْأَيْسَرُ أَنْقَصَ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ بِضِلْعٍ وَاحِدٍ فَهِيَ رَجُلٌ، فَذَهَبَا إلَى الْخُنْثَى كَمَا أَمَرَهُمَا وَعَدَّا أَضْلَاعَهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَوَجَدَا أَضْلَاعَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ أَنْقَصَ عَنْ الْأَيْمَنِ بِضِلْعٍ فَجَاءَا وَأَخْبَرَاهُ بِذَلِكَ وَشَهِدَا عِنْدَهُ بِهِ، فَحَكَمَ عَلَى الْخُنْثَى بِأَنَّهَا رَجُلٌ وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَحِيدًا أَرَادَ سُبْحَانَهُ الْإِحْسَانَ إلَيْهِ فَجَعَلَ لَهُ زَوْجًا مِنْ جَنْبِهِ لَيَسْكُنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى صَاحِبِهِ فَلَمَّا نَامَ آدَم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ضِلْعِهِ الْقُصْرَى مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ حَوَّاءَ فَانْتَبَهَ فَوَجَدَهَا جَالِسَةً إلَى جَنْبِهِ كَأَحْسَنِ مَا يَكُونُ مِنْ الصُّوَرِ، فَلِذَلِكَ صَارَ الرَّجُلُ نَاقِصًا مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ عَنْ الْمَرْأَةِ بِضِلْعٍ، وَالْمَرْأَةُ كَامِلَةُ الْأَضْلَاعِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَالْأَضْلَاعُ الْكَامِلَةُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ ضِلْعًا؛ هَذَا فِي الْمَرْأَةِ وَأَمَّا فِي الرَّجُلِ فَثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ ضِلْعًا اثْنَيْ عَشَرَ فِي الْأَيْمَنِ وَأَحَدَ عَشَرَ فِي الْأَيْسَرِ، وَبِاعْتِبَارِ هَذِهِ الْحَالَةِ قِيلَ لِلْمَرْأَةِ ضِلْعٌ أَعْوَجُ، وَقَدْ صَرَّحَ الْحَدِيثُ بِأَنَّ " الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ أَعْوَجَ إنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كُسِرَ وَإِنْ تَرَكْتَهُ اسْتَمْتَعْتَ بِهِ عَلَى عِوَجٍ " وَاَللَّهُ تَعَالَى الْهَادِي.

[أحكام الأنثى]

تُخَالِفُ الرَّجُلَ فِي أَنَّ السُّنَّةَ فِي عَانَتِهَا النَّتْفُ 1 - وَلَا يُسَنُّ خِتَانُهَا 2 - وَإِنَّمَا هُوَ مَكْرُمَةٌ، وَيُسَنُّ حَلْقُ لِحْيَتِهَا لَوْ نَبَتَتْ 3 - وَتُمْنَعُ عَنْ حَلْقِ رَأْسِهَا، وَمَنِيُّهَا لَا يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ عَلَى قَوْلٍ، وَتَزِيدُ فِي أَسْبَابِ الْبُلُوغِ بِالْحَيْضِ وَالْحَمْلِ، 4 - وَيُكْرَهُ أَذَانُهَا وَإِقَامَتُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَحْكَامُ الْأُنْثَى] قَوْلُهُ: وَلَا يُسَنُّ خِتَانُهَا. أَقُولُ الصَّوَابُ خِفَاضُهَا لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي حَقِّ الْأُنْثَى خِتَانٌ وَإِنَّمَا يُقَالُ خِفَاضٌ. (2) قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هُوَ مَكْرُمَةٌ. كَذَا فِي النُّسَخِ بِتَأْنِيثِ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الْخِتَانِ وَالصَّوَابُ التَّذْكِيرُ وَإِنَّمَا كَانَ الْخِتَانُ فِي حَقِّهَا مَكْرُمَةً لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي اللَّذَّةِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْكَرَاهَةِ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ: خِتَانُ النِّسَاءِ يَكُونُ سُنَّةً لِأَنَّهُ نَصَّ أَنَّ الْخُنْثَى الْمُشْكِلَ تُخْتَنُ، وَلَوْ كَانَ خِتَانُهَا مَكْرُمَةً لَا سُنَّةً لَمْ تُخْتَنْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا أُنْثَى، وَلَكِنْ لَا كَالسُّنَّةِ فِي حَقِّ الرِّجَالِ. (3) قَوْلُهُ: وَتُمْنَعُ مِنْ حَلْقِ رَأْسِهَا. أَيْ حَلْقِ شَعْرِ رَأْسِهَا. أَقُولُ ذَكَرَ الْعَلَّامِيُّ فِي كَرَاهَتِهِ أَنْ لَا بَأْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَحْلِقَ رَأْسَهَا لِعُذْرٍ: مَرَضٍ وَوَجَعٍ وَبِغَيْرِ عُذْرٍ لَا يَجُوزُ (انْتَهَى) . وَالْمُرَادُ بِلَا بَأْسَ هُنَا الْإِبَاحَةُ لَا مَا تَرْكُ فِعْلِهِ أَوْلَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِحَلْقِ شَعْرِ رَأْسِهَا إزَالَتُهُ سَوَاءٌ كَانَ بِحَلْقٍ أَوْ قَصٍّ أَوْ نَتْفٍ أَوْ نُورَةٍ. فَلْيُحَرَّرْ، وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ كَرَاهِيَةُ التَّحْرِيمِ لِمَا فِي مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ، وَلَوْ حَلَقَتْ فَإِنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ تَشَبُّهًا بِالرِّجَالِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهَا مَلْعُونَةٌ. (4) قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ أَذَانُهَا وَإِقَامَتُهَا. عَلَّلَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ بِأَنَّهَا مَنْهِيَّةٌ عَنْ رَفْعِ صَوْتِهَا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْفِتْنَةِ (انْتَهَى) . وَيُعَادُ أَذَانُهَا عَلَى وَجْهِ

وَبَدَنُهَا كُلُّهُ عَوْرَةٌ إلَّا وَجْهَهَا 6 - وَكَفَّيْهَا 7 - وَقَدَمَيْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاسْتِحْبَابِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ فَحِينَئِذٍ الذُّكُورَةُ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ لِلْمُؤَذِّنِ لَا مِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ، فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ تَقْرِيرُهَا فِي وَظِيفَةِ الْأَذَانِ وَفِيهِ تَرَدُّدٌ ظَاهِرٌ، وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مَا يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ أَذَانِهِمْ فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا لَمْ يُعِيدُوا أَذَانَ الْمَرْأَةِ فَكَأَنَّهُمْ صَلَّوْا بِغَيْرِ أَذَانٍ، فَلِهَذَا كَانَ عَلَيْهِمْ الْإِعَادَةُ (5) قَوْلُهُ: وَبَدَنُهَا كُلُّهُ عَوْرَةٌ. يَعْنِي الْحُرَّةَ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَظَهْرُهَا وَبَطْنُهَا عَوْرَةٌ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ الْجَنْبُ تَبَعٌ لِلْبَطْنِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَا يَلِي الْبَطْنَ تَبَعٌ لَهُ (انْتَهَى) . ثُمَّ إطْلَاقُ الْأَمَةِ يَشْمَلُ الْقِنَّةَ وَالْمُدَبَّرَةَ وَالْمُكَاتَبَةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَالْمُسْتَسْعَاةَ وَعِنْدَهُمَا هِيَ حُرَّةٌ وَالْمُرَادُ بِهَا مُعْتَقَةُ الْبَعْضِ، وَأَمَّا الْمُسْتَسْعَاةُ الْمَرْهُونَةُ إذَا أَعْتَقَهَا الرَّاهِنُ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَحُرَّةٌ اتِّفَاقًا. (6) قَوْلُهُ: وَكَفَّيْهَا. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَعَبَّرَ بِالْكَفِّ دُونَ الْيَدِ كَمَا وَقَعَ فِي الْمُحِيطِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْبَاطِنِ، وَإِنَّ ظَاهِرَ الْكَفِّ عَوْرَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَفِي مُخْتَلِفَاتِ قَاضِي خَانْ: الظَّاهِرُ الْكَفُّ وَبَاطِنُهُ لَيْسَا بِعَوْرَةٍ إلَى الرُّسْغِ، وَرَجَّحَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا حَاضَتْ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إلَّا وَجْهُهَا وَيَدَاهَا إلَى الْمِفْصَلِ، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ (انْتَهَى) . أَقُولُ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ بَحْثٌ لِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّعْبِيرَيْنِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْكَفُّ الْيَدُ وَلَوْ أَرَادَ النَّسَفِيُّ مَا ذَكَرَهُ لَعَبَّرَ بِالرَّاحَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْكَفُّ عُرْفًا اسْمٌ لِبَاطِنِ الْكَفِّ يُقَالُ فِي كَفِّهِ كَذَا وَكَفُّهُ مَمْلُوءَةٌ وَالْمُرَادُ بَاطِنُهَا. (7) قَوْلُهُ: وَقَدَمَيْهَا. أَقُولُ إنَّمَا اسْتَثْنَى الْقَدَمَ لِلِابْتِلَاءِ فِي إبْدَائِهِ خُصُوصًا الْفَقِيرَاتِ وَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِيهَا؛ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَصَحَّحَ الْأَقْطَعُ وَقَاضِي خَانْ فِي فَتَاوَاهُ أَنَّهُ عَوْرَةٌ وَاخْتَارَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ والمرغيناني وَصَحَّحَ صَاحِبُ الِاخْتِيَارِ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ فِي الصَّلَاةِ، وَعَوْرَةٌ خَارِجَهَا، وَفِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ لِلْبُرْجُنْدِيِّ مَعْزِيًّا إلَى الْخِزَانَةِ؛ الصَّحِيحُ: أَنَّ الْقَدَمَ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ، وَرَجَّحَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ كَوْنَهُ عَوْرَةً مُطْلَقًا بِأَحَادِيثَ.

8 - عَلَى الْمُعْتَمَدِ، 9 - وَذِرَاعَيْهَا عَلَى الْمَرْجُوحِ، 10 - وَصَوْتُهَا عَوْرَةٌ فِي قَوْلٍ، 11 - وَيُكْرَهُ لَهَا دُخُولُ الْحَمَّامِ فِي قَوْلٍ، وَقِيلَ يُكْرَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (8) قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قِيلَ كَأَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ تَرْجِيحَ ابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلَمْ يُصَحِّحْهُ أَحَدٌ مِنْ أَرْبَابِ التَّرْجِيحِ (انْتَهَى) . أَقُولُ لَيْسَ ابْنُ أَمِيرِ الْحَاجِّ مِنْ أَرْبَابِ التَّرْجِيحِ بَلْ هُوَ مِنْ نَقْلَةِ الْمَذْهَبِ، وَدَعْوَى أَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَمْ يُصَحِّحْهُ أَحَدٌ مِنْ أَرْبَابِ التَّرْجِيحِ مَمْنُوعٌ كَيْفَ وَقَدْ صَحَّحَهُ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوَاهُ وَاخْتَارَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا. (9) قَوْلُهُ: وَذِرَاعَيْهَا عَلَى الْمَرْجُوحِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ الذَّارِعُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَاخْتَارَهُ فِي الِاخْتِيَارِ لِلْحَاجَةِ إلَى كَشْفِهِ لِلْخِدْمَةِ وَلِأَنَّهُ مِنْ الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ وَهُوَ السِّوَارُ، وَصَحَّحَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ عَوْرَةٌ وَصَحَّحَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ عَوْرَةٌ فِي الصَّلَاةِ لَا خَارِجَهَا (انْتَهَى) . أَقُولُ كَيْفَ يَدَّعِي هُنَا أَنَّهُ مَرْجُوحٌ مَعَ نَقْلِهِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ اخْتِلَافَ التَّصْحِيحِ فِي الذِّرَاعِ. (10) قَوْلُهُ: وَصَوْتُهَا عَوْرَةٌ فِي قَوْلٍ. فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الْأَشْبَهُ أَنَّ صَوْتَهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَإِنَّمَا يُؤَدِّي إلَى الْفِتْنَةِ، وَفِي النَّوَازِلِ نَغْمَةُ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ وَبَنَى عَلَيْهِ أَنَّ تَعَلُّمَهَا الْقُرْآنَ مِنْ الْمَرْأَةِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ تَعَلُّمِهَا مِنْ الْأَعْمَى وَلِذَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ» فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْمَعَهَا الرَّجُلُ كَذَا فِي الْفَتْحِ، وَفِيهِ تَدَافُعٌ ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَعْنَى التَّعَلُّمِ أَنْ تَسْمَعَ مِنْهُ فَقَطْ لَكِنْ حِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ، وَمَشَى النَّسَفِيُّ فِي الْكَافِي عَلَى أَنَّهُ عَوْرَةٌ وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ. قَالَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ وَعَلَى هَذَا لَوْ قِيلَ لَوْ جَهَرَتْ فِي الصَّلَاةِ فَسَدَتْ كَانَ مُتَّجَهًا (انْتَهَى) . فَحِينَئِذٍ كَانَ الْمُنَاسِبُ لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقُولَ عَقِبَ قَوْلِهِ وَصَوْتُهَا عَوْرَةٌ فَلَا تَجْهَرُ بِقِرَاءَتِهَا وَتُصَفِّقُ لِأَمْرِنَا بِهَا وَلَا تُلَبِّي جَهْرًا وَيُكْرَهُ أَذَانُهَا وَإِقَامَتُهَا. (11) قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لَهَا دُخُولُ الْحَمَّامِ فِي قَوْلٍ. أَقُولُ: فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانَ دُخُولُ

12 - وَالْمُعْتَمَدُ لَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا، 13 - وَلَا تَرْفَعُ يَدَيْهَا حِذَاءَ أُذُنَيْهَا 14 - وَلَا تَجْهَرْ بِقِرَاءَتِهَا. 15 - وَتَضُمُّ فِي رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَلَا تُفَرِّجُ أَصَابِعَهَا فِي الرُّكُوعِ، وَاذَا نَابَهَا شَيْءٌ فِي صَلَاتِهَا صَفَّقَتْ وَلَا تُسَبِّحُ، وَتُكْرَهُ جَمَاعَتُهُنَّ، وَيَقِفُ الْإِمَامُ وَسَطَهُنَّ، 16 - وَلَا تَصْلُحُ إمَامًا لِلرِّجَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَمَّامِ مَشْرُوعٌ لِلنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ جَمِيعًا خِلَافًا لِمَا يَقُولُهُ بَعْضُ النَّاسِ. رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْحَمَّامَ وَتَنَوَّرَ» وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ دَخَلَ حَمَّامَ حِمْصَ لَكِنْ إنَّمَا يُبَاحُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ إنْسَانٌ مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ (انْتَهَى) . قَالَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ وَعَلَى هَذَا فَغَيْرُ خَافٍ مَنْعُ النِّسَاءِ مِنْ دُخُولِ الْحَمَّامِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْهُنَّ مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ (انْتَهَى) . وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي لَا بَأْسَ لِلنِّسَاءِ بِدُخُولِ الْحَمَّامِ بِمِئْزَرٍ، وَبِدُونِهِ حَرَامٌ. (12) قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ لَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا. قِيلَ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَخْرُجَ فِي ثِيَابِ مِهْنَةٍ. (13) قَوْلُهُ: وَلَا تَرْفَعُ يَدَيْهَا حِذَاءَ أُذُنَيْهَا. أَقُولُ بَلْ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهَا كَمَا فِي الْوُقَايَةِ وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ تَرْفَعُ حِذَاءَ صَدْرِهَا وَفِي الْقُنْيَةِ قِيلَ: هَذَا فِي الْحُرَّةِ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَكَالرَّجُلِ؛ لِأَنَّ كَفَّهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، وَفِي الْكَافِي رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الْمَرْأَةَ مُطْلَقًا كَالرَّجُلِ لِأَنَّ كَفَّهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ (انْتَهَى) . وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَنَّ الْأَمَةَ كَالرَّجُلِ فِي الرَّفْعِ وَكَالْحُرَّةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقُعُودِ. (14) قَوْلُهُ: وَلَا تَجْهَرْ بِقِرَاءَتِهَا. يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً. (15) قَوْلُهُ: وَتَضُمُّ فِي رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا. يَعْنِي حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ السِّرَاجِ. (16) قَوْلُهُ: وَلَا تَصْلُحُ إمَامًا لِلرِّجَالِ. الْمُرَادُ بِعَدَمِ الصَّلَاحِيَّةِ عَدَمُ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْإِمَامَةِ لِلرِّجَالِ الذُّكُورَةُ

وَيُكْرَهُ حُضُورُهَا الْجَمَاعَةَ، وَصَلَاتُهَا فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ، وَتَضَعُ يَمِينَهَا عَلَى شِمَالِهَا تَحْتَ ثَدْيِهَا، 18 - وَتَضَعُ يَدَيْهَا فِي التَّشَهُّدِ عَلَى رُكْبَتَيْهَا 19 - وَتَتَوَرَّكُ. وَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهَا 20 - وَلَكِنْ تَنْعَقِدُ بِهَا، 21 - وَلَا عِيدٌ وَلَا تَكْبِيرُ تَشْرِيقٍ، وَلَا تُسَافِرُ إلَّا بِزَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ، وَلَا يَجِبُ الْحَجُّ عَلَيْهَا إلَّا بِأَحَدِهِمَا، وَلَا تُلَبِّي جَهْرًا وَلَا تَنْزِعُ الْمَخِيطَ 22 - وَلَا تَكْشِفُ رَأْسَهَا وَلَا تَسْعَى بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ، وَلَا تَحْلِقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ حُضُورُهَا الْجَمَاعَةَ. أَيْ جَمَاعَةَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ، وَصَلَاتُهَا فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ وَبِهِ سَقَطَ مَا قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ جَمَاعَةُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؛ لِأَنَّهَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ. (18) قَوْلُهُ: وَتَضَعُ يَدَيْهَا فِي التَّشَهُّدِ عَلَى رُكْبَتَيْهَا. كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ خَطَأٌ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: تَبْلُغُ رُءُوسُ أَصَابِعِهَا رُكْبَتَيْهَا، وَفِي بَعْضِهَا عَلَى وَرِكَيْهَا وَهُوَ خَطَأٌ أَيْضًا، وَالصَّوَابُ عَلَى فَخِذَيْهَا، وَمَا وَقَعَ فِي النُّسَخِ مِنْ إلْحَاقِ النُّسَّاخِ، وَكَأَنَّهُ لِسُقُوطِهِ صِلَةُ الْوَضْعِ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَهْوًا. (19) قَوْلُهُ: وَتَتَوَرَّكُ. أَيْ فِي حَالِ جُلُوسِهَا لِلتَّشَهُّدِ وَبَقِيَ مِنْ أَحْكَامِهَا الْمُتَعَلِّقَةِ بِالصَّلَاةِ أَنَّهَا لَا يُسْتَحَبُّ فِي حَقِّهَا الْإِسْفَارُ بِالْفَجْرِ. (20) قَوْلُهُ: وَلَكِنْ تَنْعَقِدُ. بِهَا أَيْ تُحْسَبُ مِنْ الْجَمَاعَةِ الَّتِي هِيَ شَرْطُ انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ كَالْمُسَافِرِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرِيضِ وَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ لَكَانَ أَنْسَبَ. (21) قَوْلُهُ: وَلَا تَكْبِيرُ تَشْرِيقٍ. هَذَا عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ الذُّكُورَةَ، أَمَّا عِنْدَهُمَا فَيَجِبُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا كَمَا فِي السِّرَاجِ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا، وَإِنْ اقْتَدَتْ بِمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْكَنْزِ، وَالْمَسْأَلَةُ شَهِيرَةٌ. (22) قَوْلُهُ: وَلَا تَكْشِفُ رَأْسَهَا. هَذَا مُكَرَّرٌ وَالْجَوَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ وَلَا

وَإِنَّمَا تُقَصِّرُ وَلَا تُرْمِلُ، وَالتَّبَاعُدُ فِي طَوَافِهَا عَنْ الْبَيْتِ أَفْضَلُ، 23 - وَلَا تَخْطُبُ مُطْلَقًا، وَتَقِفُ فِي حَاشِيَةِ الْمَوْقِفِ لَا عِنْدَ الصَّخَرَاتِ، وَتَكُونُ قَاعِدَةً وَهُوَ رَاكِبٌ، وَتَلْبَسُ فِي إحْرَامِهَا الْخُفَّيْنِ، وَتَتْرُكُ طَوَافَ الصَّدْرِ لِعُذْرِ الْحَيْضِ، وَتُؤَخِّرُ طَوَافَ الزِّيَارَةِ لِعُذْرِ الْحَيْضِ وَتُكَفَّنُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ، 24 - وَلَا تَؤُمُّ فِي الْجِنَازَةِ. 25 - وَلَوْ فَعَلَتْ سَقَطَ الْفَرْضُ بِصَلَاتِهَا، وَلَا تَحْمِلُ الْجِنَازَةَ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أُنْثَى، 26 - وَيُنْدَبُ لَهَا نَحْوُ الْقُبَّةِ فِي التَّابُوتِ، وَلَا سَهْمَ لَهَا وَإِنَّمَا يُرْضَخُ لَهَا إنْ قَاتَلَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَكْشِفُ رَأْسَهَا فِي الصَّلَاةِ وَمَا هُنَا فِي الْإِحْرَامِ غَيْرُ سَدِيدٍ لِتَقْدِيمِهِ أَنَّ بَدَنَ الْحُرَّةِ كُلُّهُ عَوْرَةٌ. (23) قَوْلُهُ: وَلَا تَخْطُبُ مُطْلَقًا. أَيْ لَا فِي الْجُمُعَةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا أَمَّا فِي الْجُمُعَةِ فَلِمَا فِي الْقُنْيَةِ أَنَّ الْخَطِيبَ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَصْلُحَ إمَامًا لِلْجُمُعَةِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَلِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ لَكِنْ يَرِدُ عَلَى مَا فِي الْقُنْيَةِ أَنَّ السُّلْطَانَ لَوْ أَذِنَ لِصَبِيٍّ بِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ فَخَطَبَ صَحَّ وَيُصَلِّي بِالْقَوْمِ غَيْرُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ إمَامًا فِي الْجُمُعَةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِلْإِمَامَةِ حَالًا فَهُوَ يَصْلُحُ لَهَا مَآلًا بِخِلَافِ الْأُنْثَى فَإِنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ بِالرِّجَالِ لَا حَالًا وَلَا مَآلًا. (24) قَوْلُهُ: وَلَا تَؤُمُّ فِي الْجِنَازَةِ. أَيْ لَا تَؤُمُّ فِي صَلَاةِ جِنَازَةِ الرِّجَالِ أَمَّا النِّسَاءُ فَتَؤُمُّهُنَّ وَتَقِفُ وَسْطَهُنَّ كَمَا فِي الصَّلَاةِ ذَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. (25) قَوْلُهُ: وَلَوْ فَعَلَتْ سَقَطَ الْفَرْضُ بِصَلَاتِهَا. أَيْ لَوْ أَمَّتْ الرِّجَالَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ صَحَّتْ صَلَاتُهَا وَسَقَطَ الْفَرْضُ، وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الرِّجَالِ خَلْفَهَا. (26) قَوْلُهُ: يُنْدَبُ لَهَا نَحْوُ الْقُبَّةِ. وَهُوَ مَا يُجْعَلُ عَلَى التَّابُوتِ مِنْ جَرِيدٍ كَالْقُبَّةِ، وَنَحْوُ الْقُبَّةِ غِطَاءُ النَّعْشِ الْمُسَمَّى بِالسَّحْلِيَّةِ.

وَلَا تُقْتَلْ الْمُرْتَدَّةُ وَالْمُشْرِكَةُ، 28 - وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، وَتَعْتَكِفُ فِي بَيْتِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا تُقْتَلُ الْمُرْتَدَّةُ وَالْمُشْرِكَةُ. أَيْ بَلْ تَجْلِسُ الْمُرْتَدَّةُ حَتَّى تُسْلِمَ وَتُؤْسَرَ الْمُشْرِكَةُ. أَقُولُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمُرْتَدَّةِ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْمُرْتَدَّةِ بِالسِّحْرِ فَإِنَّهَا تُقْتَلُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْمُنْتَقَى وَفِي الْمُشْرِكَةِ بِأَنْ لَا تَكُونَ ذَا رَأْيٍ فِي الْحَرْبِ أَوْ بِأَنْ لَا تَكُونَ مَلِكَةً فَإِنْ كَانَتْ ذَا رَأْيٍ أَوْ مَلِكَةً تُقْتَلْ. (28) قَوْلُهُ: وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ. أَقُولُ ظَاهِرُ اسْتِثْنَائِهِمَا قَبُولَ شَهَادَتِهَا فِيمَا عَدَاهُمَا وَيُخَالِفُهُ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ عَنْ خِزَانَةِ الْفَتَاوَى أَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِيمَا يَقَعُ فِي الْحَمَّامَاتِ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ مَسَّتْ الْحَاجَةُ (انْتَهَى) . وَعَلَّلَهُ الْبَزَّازِيُّ بِأَنَّ الشَّرْعَ شَرَعَ لِذَلِكَ طَرِيقًا وَهُوَ مَنْعُهُنَّ عَنْ الْحَمَّامَاتِ، فَإِذَا لَمْ يَمْتَثِلْنَ كَانَ التَّقْصِيرُ إلَيْهِنَّ لَا إلَى الشَّرْعِ (انْتَهَى) . لَكِنْ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ فِي الْقَتْلِ فِي حُكْمِ الدِّيَةِ كَيْ لَا يُهْدَرَ الدَّمُ، فَإِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ قَبُولِ شَهَادَتِهِنَّ وَحْدَهُنَّ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. هَذَا وَوَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ أَنَّهُ أَفْتَى بِصِحَّةِ تَقْرِيرِهَا فِي النَّظَرِ وَالشَّهَادَةِ فِي الْأَوْقَافِ آخِذًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحُمَامِ فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَصْلُحُ شَاهِدَةً وَنَاظِرَةً وَوَصِيَّةً عَلَى الْيَتَامَى (انْتَهَى) . قَالَ: وَقَدْ أَفْتَيْت فِيمَنْ شَرَطَ الشَّهَادَةَ فِي وَقْفِهِ لِوَلَدِهِ وَتَرَكَ بِنْتًا أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ وَظِيفَةَ الشَّهَادَةِ، وَاسْتَقَرَّ بِهِ بَعْضُ الْقُضَاةِ وَلَا اعْتِبَارَ بِهِ بَعْدَ مَا ذَكَرْنَا (انْتَهَى) . وَنَازَعَهُ بَعْضُ مُعَاصِرِيهِ قَائِلًا: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الظَّاهِرُ أَنَّ فِي الْأَوْقَافِ مُتَعَلِّقًا بِنَاظِرَةٍ لَا بِشَهَادَةٍ وَعَلَى تَقْدِيرِ تُنَازِعْ الْعَامِلَيْنِ فِيهِ فَالْمُتَعَارَفُ خِلَافُ هَذَا فِي الْأَوْقَافِ وَهُوَ كَوْنُ الشَّاهِدِ ذَكَرًا (انْتَهَى) . وَتَوَزَّعَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ قَوْلَ الْمُحَقِّقِ فِي الْأَوْقَافِ مُتَعَلِّقٌ بِهِمَا لَا بِنَظَرِهِ فَحَسْبُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ فَالْمُتَعَارَفُ إلَخْ فَلَا يَمْنَعُ كَوْنَهَا أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ، وَقَوْلُ الْأَصْحَابِ بِأَنَّ شَهَادَتَهَا فِي غَيْرِ حَدٍّ وَقَوَدٍ جَائِزَةٌ فَكَذَا قَضَاؤُهَا صَرِيحٌ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهَا فِي الْأَوْقَافِ فَعَلَيْهِ تَقْرِيرُهَا شَاهِدَةٌ صَحِيحٌ (انْتَهَى) . أَقُولُ لَيْسَ النِّزَاعُ فِي كَوْنِهَا أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ فِي الْأَوْقَافِ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي صِحَّةِ تَقْرِيرِهَا فِي وَظِيفَةِ الشَّهَادَةِ فِي الْأَوْقَافِ إذَا كَانَ عُرْفُ الْوَاقِفِينَ فِي كُتُبِ أَوْقَافِهِمْ تَجْرِي عَلَى مَا تَعَارَفُوهُ لَا عَلَى عُرْفِ الشَّرْعِ وَاللُّغَةِ كَمَا حَقَّقَ فِي مَحَلِّهِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ تَقْرِيرُهَا فِي وَظِيفَةِ الشَّهَادَةِ فِي الْأَوْقَافِ إذًا كَالْعُرْفِ الْوَاقِفِ مُسْتَقِرًّا.

وَيُبَاحُ لَهَا خَضْبُ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا 30 - بِخِلَافِ الرَّجُلِ إلَّا لِضَرُورَةٍ. 31 - وَالتَّضْحِيَةُ بِالذَّكَرِ أَفْضَلُ مِنْهَا. وَهِيَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الرَّجُلِ: فِي الْإِرْثِ وَالشَّهَادَةِ وَالدِّيَةِ نَفْسًا أَوْ بَعْضًا، 32 - وَنَفَقَةُ الْقَرِيبِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُوَلَّى الْقَضَاءَ، وَإِنْ صَحَّ مِنْهَا فِي غَيْرِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُبَاحُ لَهَا خَضْبُ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا. أَقُولُ ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ كَانَ الْخِضَابُ فِيهِ تَمَاثِيلُ أَوْ لَا. وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَلَا بَأْسَ بِخِضَابِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ لِلنِّسَاءِ مَا لَمْ يَكُنْ خِضَابٌ فِيهِ تَمَاثِيلُ. (30) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرَّجُلِ. أَقُولُ وَهَلْ لَهُ أَنْ يُخَضِّبَ شَعْرَهُ وَلِحْيَتَهُ؟ قَالَ فِي مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ: يُسْتَحَبُّ خِضَابُ الشَّعْرِ وَاللِّحْيَةِ لِلرِّجَالِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْحَرْبِ وَغَيْرِهِ، وَفِي الْمَبْسُوطِ لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهِ هُوَ الْأَصَحُّ، وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي عُمْرِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مَا فَعَلَ. وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا بَأْسَ لِلْغَازِي أَنْ يَخْتَضِبَ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِيَكُونَ أَهْيَبَ فِي عَيْنِ الْعَدُوِّ، وَأَمَّا مَنْ اخْتَضَبَ لِأَجْلِ التَّزَيُّنِ لِأَجْلِ النِّسَاءِ وَالْجَوَارِي فَقَدْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ: الْخِضَابُ بِالسَّوَادِ مَكْرُوهٌ وَبَعْضُهُمْ جَوَّزَهُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَمَّا بِالْحُمْرَةِ فَهُوَ سُنَّةٌ لَا جَمَالٌ وَسِيَّمَا الْمُسْلِمِينَ كَذَا فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى فِي الْوَجِيزِ وَلَا بَأْسَ بِخِضَابِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ بِالْحِنَّاءِ، وَالْوَسْمَةُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. (31) قَوْلُهُ: وَالتَّضْحِيَةُ بِالذَّكَرِ أَفْضَلُ. أَقُولُ فِي إطْلَاقِهِ قَالَ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي: الْكَبْشُ أَفْضَلُ مِنْ النَّعْجَةِ وَإِنْ كَانَتْ النَّعْجَةُ أَكْثَرَ قِيمَةً أَوْ لَحْمًا فَهِيَ أَفْضَلُ، وَأُنْثَى مِنْ الْمَعْزِ أَفْضَلُ مِنْ التَّيْسِ إذَا اسْتَوَيَا قِيمَةً، وَأُنْثَى مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ أَفْضَلُ مِنْ الذُّكُورِ إذَا أَسْتَوَيَا فِي الْقِيمَةِ (انْتَهَى) . وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الذَّكَرُ مِنْ الْغَنَمِ إذْ كَانَ خِصْبًا (انْتَهَى) . وَإِنَّمَا كَانَ الْأُنْثَى مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ أَفْضَلُ مِنْ الذَّكَرِ لِأَنَّ لَحْمَ الْأُنْثَى أَطْيَبُ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (32) قَوْلُهُ: وَنَفَقَةُ الْقَرِيبِ. أَيْ وَهِيَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الرَّجُلِ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ الْفَقِيرِ الْعَاجِزِ مِنْ الْكَسْبِ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَأُمٌّ أَوْ أُمٌّ وَأَخٌ لِأَبٍ

وَبُضْعُهَا مُقَابَلٌ بِالْمَهْرِ دُونَ الرَّجُلِ، وَتُجْبَرُ الْأَمَةُ عَلَى النِّكَاحِ دُونَ الْعَبْدِ فِي رِوَايَةٍ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي الْجَبْرِ، وَتُخَيَّرُ الْأَمَةُ إذَا أُعْتِقَتْ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا، وَلَبَنُهَا مُحَرَّمٌ فِي الرَّضَاعِ دُونَهُ. وَتُقَدَّمُ عَلَى الرِّجَالِ فِي الْحَضَانَةِ 34 - وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَفِي النَّفْرِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إلَى مِنًى وَفِي الِانْصِرَافِ مِنْ الصَّلَاةِ، 35 - وَتُؤَخَّرُ: فِي جَمَاعَةِ الرِّجَالِ وَالْمَوْقِفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ فَعَلَى الْأُمِّ الثُّلُثُ وَعَلَى الْعَمِّ أَوْ الْأَخِ الثُّلُثَانِ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (33) قَوْلُهُ: وَبُضْعُهَا مُقَابَلٌ بِالْمَهْرِ. لِاحْتِرَامِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَى وَلِيِّهَا لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً وَلَا عَلَيْهَا لَوْ كَانَتْ كَبِيرَةً، جِهَازٌ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَمَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ وُجُوبِ الْجِهَازِ عُرْفًا فِي مُقَابَلَةِ الْمَهْرِ ضَعِيفٌ. (34) قَوْلُهُ: وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْوَلَدِ الصَّغِيرِ. أَيْ وَتُقَدَّمُ الْأُمُّ عَلَى الرِّجَالِ فِي النَّفَقَةِ عَلَى وَلَدِهَا الصَّغِيرِ الَّذِي لَهُ أَب مُعْسِرٌ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ لِلصَّغِيرِ أُمٌّ مُوسِرَةٌ وَجَدٌّ مُوسِرٌ وَأَبٌ مُعْسِرٌ، فَإِنَّ الْأُمَّ تُؤْمَرُ بِالْإِنْفَاقِ لِتَرْجِعَ دُونَ الْجَدِّ كَمَا فِي الْمُحِيطِ قِيلَ: الْأُخْتُ أَوْلَى بِالتَّحَمُّلِ مِنْ الْأُمِّ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى الْأَبِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الصَّغِيرُ لَا أَبَ لَهُ وَلَا مَالَ لَهُ وَلَهُ أُمٌّ وَجَدٌّ أَبُو الْأَبِ مُوسِرَانِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ الْإِرْثِ أَثْلَاثًا لَا عَلَى الْأُمِّ فَقَطْ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ. (35) قَوْلُهُ: وَتُؤَخَّرُ فِي جَمَاعَةِ الرِّجَالِ وَالْمَوْقِفِ. قِيلَ عَلَيْهِ قَدْ مَرَّ سَابِقًا أَنَّهُ يُكْرَهُ حُضُورُهَا الْجَمَاعَةَ وَأَنَّ التَّبَاعُدَ فِي طَوَافِهَا عَنْ الْبَيْتِ أَفْضَلُ، وَتَقِفُ فِي حَاشِيَةِ الْمَوْقِفِ لَا عِنْدَ الصَّخَرَاتِ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا هُنَا (انْتَهَى) . أَقُولُ قَدْ بَيَّنَّا سَابِقًا أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ يُكْرَهُ حُضُورُهَا الْجَمَاعَةَ جَمَاعَةُ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ لَا مُطْلَقُ الْجَمَاعَةِ، وَكَوْنُ التَّبَاعُدِ فِي طَوَافِهَا عَنْ الْبَيْتِ أَفْضَلُ وَتَقِفُ فِي حَاشِيَةِ الْمَوْقِفِ لَا عِنْدَ الصَّخَرَاتِ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا هُنَا (انْتَهَى) . أَقُولُ قَدْ بَيَّنَّا سَابِقًا أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ يُكْرَهُ حُضُورُهَا الْجَمَاعَةَ جَمَاعَةُ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ لَا مُطْلَقُ الْجَمَاعَةِ وَكَوْنُ التَّبَاعُدِ فِي طَوَافِهَا عَنْ الْبَيْتِ أَفْضَلُ لَا يُنَافِي أَنَّهَا تُؤَخَّرُ

وَفِي اجْتِمَاعِ الْجِنَازَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ 37 - فَتُجْعَلُ عِنْدَ الْقِبْلَةِ، وَالرَّجُلُ عِنْدَ الْإِمَامِ 38 - وَكَذَا فِي اللَّحْدِ . وَتَجِبُ الدِّيَةُ بِقَطْعِ ثَدْيِهَا أَوْ حَلَمَتِهِ بِخِلَافِهِ مِنْ الرَّجُلِ 39 - فَإِنَّ فِيهِ الْحُكُومَةَ، 40 - وَلَا قِصَاصَ بِقَطْعِ طَرَفِهَا بِخِلَافِهِ وَلَا مُسَاوَمَةَ عَلَيْهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي جَمَاعَةِ الرِّجَالِ إذَا تَرَكَتْ مَا هُوَ الْأَفْضَلُ، وَكَذَا فِي وُقُوفِهَا فِي حَاشِيَةِ الْمَوْقِفِ لَا يُنَافِي أَنَّهَا تُؤَخَّرُ فِي جَمَاعَةِ الرِّجَالِ إذَا تَرَكَتْ الْوُقُوفَ فِي الْحَاشِيَةِ (36) قَوْلُهُ: وَفِي اجْتِمَاعِ الْجَنَائِزِ. أَيْ تُؤَخَّرُ فِي اجْتِمَاعِ الْجَنَائِزِ قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَلَوْ صَلَّى عَلَى جَنَائِزَ جُمْلَةً قُدِّمَ الْأَفْضَلُ فَالْأَفْضَلُ إلَى الْإِمَامِ ثُمَّ الصَّبِيُّ ثُمَّ الْمَرْأَةُ (انْتَهَى) . فَهِيَ مُؤَخَّرَةٌ فِي التَّقْدِيمِ إلَى الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَتْ مُقَدَّمَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقِبْلَةِ (37) قَوْلُهُ: فَتُجْعَلُ إلَخْ. تَفْسِيرٌ لِلْجُمْلَةِ الْمُقَدَّرَةِ الْمُنْسَحِبَةِ بِالْعِطْفِ. (38) قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي اللَّحْدِ. أَيْ تُجْعَلُ عِنْدَ الْقِبْلَةِ قِيلَ وَلَازِمُهُ جَعْلُ الرِّجَالِ خَلْفَهَا، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْخُنْثَى فِي حَقِّ اللَّحْدِ بِأَنْ يُجْعَلَ خَلْفَ الرَّجُلِ وَلَازِمُهُ كَوْنُ الرَّجُلِ أَمَامَهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّ عِلَّةَ جَعْلِهِ خَلْفَ الرِّجَالِ احْتِمَالُ كَوْنِهِ أُنْثَى، وَجُعِلَتْ الْأُنُوثَةُ فِي الْأُنْثَى عِلَّةَ جَعْلِهَا أَقْرَبَ إلَى الْقِبْلَةِ وَهُوَ خَلْفُ (انْتَهَى) . أَقُولُ لَيْسَ قَوْلُهُ، وَكَذَا فِي اللَّحْدِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَيُجْعَلُ عِنْدَ الْقِبْلَةِ حَتَّى يُتِمَّ مَا ذَكَرَهُ بَلْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَيُؤَخَّرُ فِي جَمَاعَةِ الرِّجَالِ قَالَ فِي الْمُحِيطِ: وَلَا يُدْفَنُ اثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ، فَيُوضَعُ الرَّجُلُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ ثُمَّ خَلْفَهُ الْغُلَامُ ثُمَّ خَلْفَهُ الْخُنْثَى ثُمَّ خَلْفَهُ الْمَرْأَةُ وَيُجْعَلُ بَيْنَ كُلِّ مَيِّتَيْنِ حَاجِزًا مِنْ التُّرَابِ لِيَصِيرَ فِي حُكْمِ قَبْرَيْنِ «هَكَذَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شُهَدَاءِ أُحُدٍ وَقَالَ قَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» . (39) قَوْلُهُ: فَإِنَّ فِيهِ الْحُكُومَةَ. أَيْ حُكُومَةَ عَدْلٍ، فَاللَّامُ عِوَضٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَهِيَ أَنْ يُقَوَّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَبْدًا بِلَا هَذَا الْأَثَرِ، ثُمَّ يُقَوَّمَ وَهُوَ مَعَهُ فَقَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ هُوَ الْحُكُومَةُ (40) قَوْلُهُ: وَلَا قِصَاصَ بِقَطْعِ طَرَفِهَا. هَكَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ كَمَا فِي جَمِيعِ

وَلَا تَدْخُلُ مَعَ الْعَاقِلَةِ؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا مِنْ الدِّيَةِ لَوْ قَتَلَتْ خَطَأً بِخِلَافِ الرَّجُلِ فَإِنَّ الْقَاتِلَ كَأَحَدِهِمْ. وَيُحْفَرُ لَهَا فِي الرَّجْمِ. 42 - إنْ ثَبَتَ زِنَاهَا بِالْبَيِّنَةِ وَتُجْلَدُ جَالِسَةً وَالرَّجُلُ قَائِمًا، وَلَا تُنْفَى سِيَاسَةً، وَيُنْفَى هُوَ عَامًا بَعْدَ الْجِلْدِ سِيَاسَةً لَا حَدًّا، وَلَا تُكَلَّفُ الْحُضُورَ لِلدَّعْوَى إذَا كَانَتْ مُخَدَّرَةً وَلَا لِلْيَمِينِ بَلْ يَحْضُرُ إلَيْهَا الْقَاضِي أَوْ يَبْعَثُ إلَيْهَا نَائِبَهُ 43 - يُحَلِّفُهَا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ، وَيُقْبَلُ تَوْكِيلُهَا بِلَا رِضَاءِ الْخَصْمِ إذَا كَانَتْ مُخَدَّرَةً اتِّفَاقًا، 44 - وَلَا تُبْتَدَأُ الشَّابَّةُ بِسَلَامٍ وَتَعْزِيَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُتُونِ لَا قِصَاصَ فِي طَرَفَيْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ لِأَنَّ الْأَطْرَافَ كَالْأَمْوَالِ وِقَايَةً لِلنَّفْسِ وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فِي دِيَةِ الطَّرَفِ يَتَعَذَّرُ الْقِصَاصُ لِعُذْرِ الْمُسَاوَاةِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ، لَكِنْ فِي الْوَاقِعَاتِ لَوْ قَطَعَتْ امْرَأَةٌ يَدَ رَجُلٍ كَانَ لَهُ الْقَوَدُ لِأَنَّ النَّاقِصَ يُسْتَوْفَى بِالْكَامِلِ إذَا رَضِيَ صَاحِبُ الْحَقِّ. (41) قَوْلُهُ: وَلَا تَدْخُلُ مَعَ الْعَاقِلَةِ. أَقُولُ نَقَلَ الشُّمُنِّيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى النُّقَايَةِ عَنْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهَا تَدْخُلُ مَعَهُمْ لَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي قَرْيَتِهَا وَهُوَ اخْتِيَارُ الطَّحَاوِيِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ. (42) قَوْلُهُ: إنْ ثَبَتَ زِنَاهَا بِالْبَيِّنَةِ. أَقُولُ أَوْ بِالْإِقْرَارِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا. (43) قَوْلُهُ: يُحَلِّفُهَا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ. قِيلَ عَلَيْهِ يُخَالِفُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ: يُقْبَلُ قَوْلُ أَمِينِ الْقَاضِي إذَا أَخْبَرَ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ عَلَى عَيْنٍ تَعَذَّرَ حُضُورُهَا كَمَا فِي دَعْوَى الْقُنْيَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَعَثَهُ لِتَحْلِيفِ الْمُخَدَّرَةِ فَقَالَ: حَلَّفْتُهَا لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ مَعَهُ كَمَا فِي الصُّغْرَى (انْتَهَى) . أَقُولُ لَا مُخَالَفَةَ لِاخْتِلَافِ مَوْضُوعِ الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَكِنْ يَطْلُبُ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا. (44) قَوْلُهُ: وَلَا تُبْتَدَأُ الشَّابَّةُ بِسَلَامٍ وَتَعْزِيَةٍ. أَقُولُ نَهْيٌ بِصِيغَةِ النَّفْيِ وَهُوَ أَبْلَغُ فِي

وَلَا تُجَابُ، وَلَا تُشَمَّتُ وَتَحْرُمُ الْخَلْوَةُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ وَيُكْرَهُ الْكَلَامُ مَعَهَا. 46 - وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ كَوْنِهَا نَبِيَّةً، ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّهْيِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] وَهُوَ نَظِيرُ اسْتِعْمَالِ الْخَبَرِ فِي الْأَمْرِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} [البقرة: 233] وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ النَّهْيُ فِي النَّفْيِ كَمَا فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ فِي بَابِ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ. (45) قَوْلُهُ: وَلَا تُجَابُ إلَخْ. يَعْنِي لَوْ بَدَأَتْ بِالسَّلَامِ قِيلَ عَلَيْهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ يُجِيبَهَا بِصَوْتٍ غَيْرِ مَسْمُوعٍ وَعِبَارَتُهُ: امْرَأَةٌ عَطَسَتْ أَوْ سَلَّمَتْ شَمَّتَهَا وَرَدَّ عَلَيْهَا وَلَوْ عَجُوزًا بِصَوْتٍ يُسْمَعُ وَإِنْ شَابَّةً بِصَوْتٍ لَا يُسْمَعُ (انْتَهَى) . وَفِيهَا أَيْضًا امْرَأَةٌ عَطَسَتْ فَإِنْ كَانَتْ عَجُوزًا يَرُدُّ الرَّجُلُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ شَابَّةً يَرُدُّ عَلَيْهَا فِي نَفْسِهِ (انْتَهَى) . وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ الْبَزَّازِيَّ نَفْسَهُ قَالَ قَبْلَ نَقْلِهِ لِلْفَرْعِ الْمَذْكُورِ مَا نَصُّهُ: وَجَوَابُ السَّلَامِ إذَا لَمْ يَسْمَعْهُ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ لَا يَنُوبُ عَنْ الْفَرْضِ لِأَنَّ الرَّدَّ لَا يَجِبُ بِلَا سَمَاعٍ فَلِذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِهِ (انْتَهَى) . وَفِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ أَيْضًا رَدُّ جَوَابِ السَّلَامِ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ الْمُسَلِّمُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْفَرْضُ لِأَنَّ الْجَوَابَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا بِالسَّمَاعِ، فَكَذَا لَا يَقَعُ مَوْقِعَهُ إلَّا بِالسَّمَاعِ (انْتَهَى) . اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تُسْتَثْنَى الشَّابَّةُ مِنْ الْعُمُومِ، وَتُؤَوَّلُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا لِتُوَافِقَ عِبَارَةَ الْبَزَّازِيَّةِ بِأَنْ يُقَالَ: وَلَا يُجَابُ جَوَابًا مَسْمُوعًا (انْتَهَى) . أَقُولُ كَأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ وَقَعَ فِي كَلَامِ الْبَزَّازِيِّ وَكَلَامِ خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ تَدَافُعٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَفْرُوضٌ فِي السَّلَامِ الْمَسْنُونِ الَّذِي يَجِبُ رَدُّهُ، وَسَلَامُ الشَّابَّةِ غَيْرُ مَسْنُونٍ بَلْ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْفِتْنَةِ فَلَا يَجِبُ رَدُّهُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُشْتَرَطَ فِيهِ الْإِسْمَاعُ وَأَنْ يُبِيحَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا بِصَوْتٍ لَا يُسْمَعُ لِأَنَّ السَّلَامَ تَحِيَّةُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَيُبَاحُ لَهُ الرَّدُّ عَلَيْهَا بِصَوْتٍ لَا يُسْمَعُ رِعَايَةً لِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (46) قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ كَوْنِهَا إلَخْ: قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ وَأَمَّا الْأُنْثَى فَلَا تَصْلُحُ نَبِيَّةً قَالَ نَعِيشُ خِلَافًا لِلْأَشْعَرِيَّةِ قَالَ الْغَزِّيُّ فِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ قَاضِي الْقُضَاةِ سِرَاجِ الدِّينِ

47 - وَاخْتَارَ فِي الْمُسَايَرَةِ جَوَازَ كَوْنِهَا نَبِيَّةً لَا رَسُولَةً، لِأَنَّ الرِّسَالَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الِاشْتِهَارِ، وَمَبْنَى حَالِهِنَّ عَلَى السِّتْرِ بِخِلَافِ النُّبُوَّةِ وَالتَّمَامِ فِيهَا، 48 - وَلَا تَدْخُلُ النِّسَاءُ فِي الْغَرَامَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ الْقِسْمَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الْمَشْهُورِ بِقَوْلِ الْعَبْدِ وَمَا نُسِبَ إلَى الْأَشْعَرِيِّ مِنْ جَوَازِ نُبُوَّةِ الْأُنْثَى فَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ كَيْفَ وَقَدْ شَرَطَ الذُّكُورَةَ فِي الْخِلَافَةِ الَّتِي هِيَ دُونَ النُّبُوَّةِ. (47) قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ فِي الْمُسَايِرَةِ جَوَازَ كَوْنِهَا نَبِيَّةً. الْمُسَايَرَةُ كِتَابٌ فِي الْعَقَائِدِ لِلْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَايَرَ بِهِ الرِّسَالَةَ الْقُدْسِيَّةَ فِي الْعَقَائِدِ لِحُجَّةِ الْإِسْلَامِ الْغَزَالِيِّ عَلَيْهَا شَرْحٌ لِتِلْمِيذِهِ الْمُحَقِّقِ ابْنِ أَبِي شَرِيفٍ وَشَرْحٌ لِتِلْمِيذِهِ ابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَعِبَارَتُهُ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ نَصُّهَا: شَرْطُ النُّبُوَّةِ الذُّكُورَةُ إلَى أَنْ قَالَ وَخَالَفَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّوَاهِرِ وَالْحَدِيثِ فِي اشْتِرَاطِ الذُّكُورَةِ حَتَّى حَكَمُوا بِنُبُوَّةِ مَرْيَمَ وَفِي كَلَامِهِمْ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّةِ بِالدَّعْوَةِ وَعَدَمِهَا وَعَلَى هَذَا لَا يَبْعُدُ اشْتِرَاطَ الذُّكُورَةِ لِكَوْنِ أَمْرِ الرِّسَالَةِ مَبْنِيَّا عَلَى الِاشْتِهَارِ وَالْإِعْلَانِ وَالتَّرَدُّدِ إلَى الْمَجَامِعِ لِلدَّعْوَى وَمَبْنَى حَالِهِمْ عَلَى السِّتْرِ وَالْقَرَارِ، وَأَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ إنْسَانٌ بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِتُبَلِّغَ مَا أَوْحَى إلَيْهِ وَكَذَا الرُّسُلُ فَلَا فَرْقَ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِاخْتِيَارِ جَوَازِ كَوْنِهَا نَبِيَّةً كَيْفَ وَقَدْ شَرَطَ فِي صَدْرِ عِبَارَتِهِ الذُّكُورَةَ فِي النُّبُوَّةِ هَذَا وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي فِي تَفْسِيرِهِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَسْتَثْنِ امْرَأَةً بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ} [الأنبياء: 7] أَقُولُ دَعْوَى الْقَاضِي مَبْنِيَّةٌ عَلَى مُرَادَفَةِ النَّبِيِّ لِلرُّسُلِ وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي فَتْحِ الْبَارِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْأَنْبِيَاءِ فِي بَابِ امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ فَلْيُرَاجَعْ. (48) قَوْلُهُ: وَلَا تَدْخُلُ النِّسَاءُ فِي الْغَرَامَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ الْوَاقِعُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي بِلَادِنَا أَخَذُ الْعَوَارِضِ مِنْ النِّسَاءِ عَلَى دُورِهِنَّ لِأَنَّ السُّلْطَانَ يَجْعَلُهَا عَلَى الْخَانَاتِ وَهِيَ الدُّورُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ عَدَمَ دُخُولِهِنَّ عِنْدَ إطْلَاقِ طَلَبِ الْغَرَامَةِ، وَأَمَّا إذَا عَيَّنَهَا الْإِمَامُ عَلَى الدُّورِ وَجَعَلَ عَلَى كُلِّ دَارٍ قَدْرًا مُعَيَّنًا دَخَلْنَ بِالتَّعْيِينِ الصَّرِيحِ بِتَسْمِيَةِ الدَّارِ وَلَا بُدَّ مِنْ أَخْذِ الْمُسَمَّى لَا مَحَالَةَ وَلَوْ لَمْ يُؤْخَذْ طَرَحَ عَلَى الْغَيْرِ وَلَزِمَ تَضَاعُفُ الْغُرْمِ عَلَى أَرْبَابِ الدُّورِ وَعِبَارَةُ الْوَلْوَالِجيَّةِ: السُّلْطَانُ إذَا غَرَّمَ أَهْلَ قَرْيَةٍ فَأَرَادُوا الْقِسْمَةَ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الْغَرَامَةُ لِتَحْصِينِ الْأَمْلَاكِ قُسِمَتْ عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ الْمِلْكِ فَصَارَ كَمُؤْنَةِ حَفْرِ النَّهْرِ وَإِنْ كَانَ الْغَرَامَةُ لِتَحْصِينِ الْأَبَدَانِ قُسِمَتْ عَلَى قَدْرِ الرُّءُوسِ الَّتِي يَتَعَرَّضُ لَهَا لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ الرَّأْسِ وَلَا شَيْءَ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ (انْتَهَى) . وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ وَقَوْلُهُ قَبْلَهُ: لِأَنَّهُ مُؤْنَةُ الْمِلْكِ فَصَارَ كَمُؤْنَةِ حَفْرِ النَّهْرِ يَظْهَرُ لَك صِحَّةُ مَا أَفْتَيْت بِهِ فِي الْعَوَارِضِ مِنْ أَنَّهَا عَلَى قَدْرِ سِهَامِ الْمُلَّاكِ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا فَتَأَمَّلْ.

[أحكام الذمي]

حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ: إلَّا أَنَّهُ 2 - لَا يُؤْمَرُ بِالْعِبَادَاتِ، 3 - وَلَا تَصِحُّ مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَحْكَامُ الذِّمِّيِّ] قَوْلُهُ: حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ إلَخْ. يَعْنِي فِي غَيْرِ مَا يُوجِبُ تَعْظِيمَهُ فَلَا يَرِدُ أَنَّ ظَاهِرَهُ يُفِيدُ جَوَازَ اسْتِكْتَابِهِمْ وَإِدْخَالِهِمْ فِي الْمُبَاشَرَاتِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ، وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا سَبَّ الذِّمِّيَّ يُعَزَّرُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ وَفِي الْقُنْيَةِ لَا يُقَالُ لَهُ يَا كَافِرُ، وَيَأْثَمُ الْقَائِلُ إنْ آذَاهُ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ يُمْنَعُ مِمَّا يُمْنَعُ مِنْهُ الْمُسْلِمُ مِثْلُ الزِّنَا وَالْفَوَاحِشِ وَالْمَزَامِيرِ وَالْغِنَاءِ وَاللَّهْوِ وَالْمِزَاحِ وَاللَّعِبِ بِالْحَمَامِ كَمَا يُمْنَعُ مِنْهُ الْمُسْلِمُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَفِي السِّرَاجِيَّةِ لَا شَيْءَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا، وَفِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ إخْرَاجِ الصُّلْبَانِ مِنْ الْكَنَائِسِ وَالدَّوَرَانِ بِهَا فِي الْمِصْرِ، وَلَا يَضْرِبُونَ النَّاقُوسَ خَارِجَ الْكَنِيسَةِ، وَلَوْ رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِقِرَاءَةِ الزَّبُورِ وَالْإِنْجِيلِ إنْ كَانَ يَقَعُ مِنْهُ إظْهَارُ الشِّرْكِ مُنِعُوا مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يُمْنَعُوا مِنْ قِرَاءَةِ ذَلِكَ فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَحَدُّ الْإِظْهَارِ أَنَّ الْمُسْلِمَ يَطَّلِعُ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ تَجَسُّسٍ هَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ وَلَا نَخْتَلِفُ مَعَهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ. (2) قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْمَرُ بِالْعِبَادَةِ. أَقُولُ لِعَدَمِ الْخِطَابِ بِأَدَائِهَا. (3) قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ مِنْهُ. أَقُولُ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى النِّيَّةِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يَصِحُّ عِتْقُهُ (انْتَهَى) . أَقُولُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ عِتْقِهِ أَنْ يَكُونَ عِبَادَةً وَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي فَنِّ الْقَوَاعِدِ بِأَنَّ الْعِتْقَ عِنْدَنَا لَيْسَ بِعِبَادَةٍ وَضْعًا وَإِنْ كَانَ قُرْبَةً؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ مَا تُعُبِّدَ بِهِ بِشَرْطِ النِّيَّةِ وَمَعْرِفَةِ الْمَعْبُودِ، وَالْقُرْبَةُ مَا تُقُرِّبَ بِهِ بِشَرْطِ مَعْرِفَةِ الْمُتَقَرَّبِ إلَيْهِ وَهِيَ تُوجَدُ دُونَ الْعِبَادَةِ فِي الْقُرَبِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ كَالْعِتْقِ وَالْوَقْفِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ مِنْ الْقُرُبَاتِ.

وَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ، 5 - وَيَصِحُّ وُضُوءُهُ وَغُسْلُهُ، فَلَوْ أَسْلَمَ جَازَتْ صَلَاتُهُ بِهِ. 6 - وَلَا يَأْثَمُ عَلَى تَرْكِ الْعِبَادَاتِ عَلَى قَوْلٍ، وَيَأْثَمُ عَلَى تَرْكِ اعْتِقَادِهَا إجْمَاعًا، 7 - وَلَا يُمْنَعُ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ جُنُبًا بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ جَوَازُ دُخُولِهِ عَلَى إذْنِ مُسْلِمٍ عِنْدَنَا، وَلَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ 8 - وَلَا يَصِحُّ نَذْرُهُ وَلَا سَهْمَ لَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ. وَيُرْضَخُ لَهُ إنْ قَاتَلَ أَوْ دَلَّ عَلَى الطَّرِيقِ، 9 - وَلَا يُحَدُّ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَلَا تُرَاقُ عَلَيْهِ، بَلْ تُرَدُّ عَلَيْهِ إذَا غُصِبَتْ مِنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ. أَقُولُ لِشَرْطِ النِّيَّةِ فِيهِ. (5) قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ وُضُوءُهُ وَغُسْلُهُ. أَقُولُ: لِعَدَمِ شَرْطِيَّةِ النِّيَّةِ فِيهِمَا. (6) قَوْلُهُ: وَلَا يَأْثَمُ عَلَى تَرْكِ الْعِبَادَاتِ. أَيْ لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ عُقُوبَةً غَيْرَ عُقُوبَةِ الْكُفْرِ. (7) قَوْلُهُ: وَلَا يُمْنَعُ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ. أَيْ الذِّمِّيُّ الْكِتَابِيُّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَاحْتَجَّ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَهُ بِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ جَابِرٍ يَرْفَعُهُ «لَا يَدْخُلْ مَسْجِدَنَا هَذَا بَعْدَ عَامِنَا هَذَا مُشْرِكٌ إلَّا أَهْلُ الْعَهْدِ وَخَدَمُهُمْ» . ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ الِاغْتِسَالِ. (8) قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ نَذْرُهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ. أَقُولُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بِقُرْبَةٍ هِيَ عِبَادَةٌ وَضْعًا. (9) قَوْلُهُ: وَلَا يُحَدُّ بِشُرْبِ الْخَمْرِ. يَعْنِي مِنْ غَيْرِ سُكْرٍ، أَمَّا الْمُسْلِمُ فَيُحَدُّ بِمُجَرَّدِ شُرْبِهَا. وَفِي الْمُنْيَةِ. سُكْرُ الذِّمِّيِّ مِنْ الْحَرَامِ حُدَّ فِي الْأَصَحِّ، وَقَدْ سُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ الذِّمِّيِّ هَلْ يُحَدُّ أَمْ لَا أَجَابَ إذَا شَرِبَ الْخَمْرَ وَسَكِرَ مِنْهُ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ، وَأَفْتَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ بِحَدِّهِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَمَا قَالَهُ الْحَسَنُ أَحْسَنُ لِأَنَّ السُّكْرَ حَرَامٌ فِي جَمِيعِ الْأَدْيَانِ.

10 - وَيَضْمَنُ مُتْلِفُهَا لَهُ إلَّا أَنْ يُظْهِرَ بَيْعَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَا ضَمَانَ فِي إرَاقَتِهَا 11 - أَوْ يَكُونَ الْمُتْلِفُ إمَامًا يَرَى ذَلِكَ، بِخِلَافِ إتْلَافِ خَمْرِ الْمُسْلِمِ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ وَلَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ ذِمِّيًّا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إظْهَارُهُ شُرْبَهَا كَإِظْهَارِهِ بَيْعَهَا. وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ، 12 - وَلَا يُمْنَعُ مِنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ، 13 - وَلَا يُعْتَرَضُ لَهُمْ لَوْ تَنَاكَحُوا فَاسِدًا أَوْ تَبَايَعُوا كَذَلِكَ ثُمَّ أَسْلَمُوا. وَفِي الْكَنْزِ: وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْكَافِرِ فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (10) قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُ مُتْلِفُهُ لَهُ. أَقُولُ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْخِنْزِيرِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْخَمْرِ أَنَّهُ يَضْمَنُ مُتْلِفُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِمُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ، وَفِي الْهِدَايَةِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْغَصْبِ وَإِنْ أَتْلَفَ الْمُسْلِمُ خَمْرَ الذِّمِّيِّ أَوْ خِنْزِيرِهِ ضَمِنَ وَإِنْ أَتْلَفَهُمَا لِمُسْلِمٍ لَا يَضْمَنُ (انْتَهَى) . وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ آخِرَ كِتَابِ السِّيَرِ: الذِّمِّيُّ إذَا أَظْهَرَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ يُمْنَعُ فَإِنْ أَرَاقَهُ رَجُلٌ أَوْ قَتَلَ خِنْزِيرَهُ يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا يَرَى ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ (انْتَهَى) . وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ مَا يَضْمَنُهُ بِالْإِتْلَافِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ الْمُتْلِفُ مُسْلِمًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ، وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا عَلَيْهِ مِثْلُهَا كَمَا فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلْأَتْقَانِيِّ فِي آخِرِ كِتَابِ الْغَصْبِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ أَتْلَفَهَا بَعْدَ مَا اشْتَرَاهَا مِنْهُ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ: اشْتَرَى مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا أَوْ شَرِبَهُ لَا يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ وَلَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ (انْتَهَى) . (11) قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ الْمُتْلِفُ إلَخْ. عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ: أَنْ يُظْهِرَ بَيْعَهَا. (12) قَوْلُهُ: وَلَا يُمْنَعُ مِنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ. أَقُولُ صَرَّحَ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ الثِّيَابِ الْفَاخِرَةِ حَرِيرًا أَوْ غَيْرَهُ كَالصُّوفِ الْمُرَابَعِ وَالْجُوخِ الرَّفِيعِ وَالْإِبْرَادِ الرَّفِيعَةِ وَلَا شَكَّ فِي وُقُوعِ خِلَافِ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الدِّيَارِ. (13) قَوْلُهُ: وَلَا يُعْتَرَضُ لَهُمْ لَوْ تَنَاكَحُوا نِكَاحًا فَاسِدًا كَمَا لَوْ طَلَّقَ الذِّمِّيُّ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ أَنْ تُزَوَّجَ بِآخَرَ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّهُ يُفَرَّقُ مُعَلِّلًا لَهُ وَقَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ إنَّهُ لَا يُفَرَّقُ.

وَتَعَقَّبَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّهُ سَهْوٌ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِمَا. وَجَوَابُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ فِيهِمَا ضِمْنَ الْمُعَامَلَاتِ لَا مَقْصُودًا وَهُوَ مُرَادُهُ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فِي الْكَافِي. وَيَأْخُذُ الذِّمِّيُّ بِالتَّمْيِيزِ عَمَّا فِي الْمَرْكَبِ وَالْمَلْبَسِ 14 - فَيَرْكَبُونَ بِالْأُكُفِ وَلَا يَلْبَسُونَ الطَّيَالِسَةَ وَالْأَرْدِيَةَ وَلَا ثِيَابَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالشَّرَفِ، وَتُجْعَلُ عَلَى دُورِهِمْ عَلَامَةٌ، وَلَا يُحْدِثُونَ بِيعَةً وَلَا كَنِيسَةً فِي مِصْرَ. وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي سُكْنَاهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمِصْرِ، 15 - وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ فِي مَحَلَّةٍ خَاصَّةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيَرْكَبُونَ بِالْأُكُفِ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ. جَمْعُ إكَافٍ بِكَسْرِهَا وَالْوِكَافُ لُغَةٌ فِيهِ وَمِنْهُ أَوْكَفَ الْحِمَارَ وَهُوَ الْبَرْذَعَةُ قَالَ الْعَلَّامَةُ عُمَرُ أَخُو الْمُصَنِّفِ فِي النَّهْرِ: مَعَ مُخَالَفَتِهِمْ لِهَيْئَةِ الْمُسْلِمِينَ صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ لِهَيْئَتِهِمْ إنَّمَا تَكُونُ إذَا رَكِبُوا مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ قَالَ: وَغَالِبُ ظَنِّي أَنِّي سَمِعْته مِنْ الشَّيْخِ إلَى آخِرِهِ كَذَلِكَ انْتَهَى أَقُولُ: هَذَا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الرُّكُوبِ مَعَ الْمُخَالَفَةِ فِي الْهَيْئَةِ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ جَوَازِهِ مُطْلَقًا كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ قَرِيبًا وَفِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْمُصَنِّفِ وَيُرَكِّبُ سَرْجًا كَالْأُكُفِ، وَالسَّرْجُ الَّذِي كَالْأُكُفِ هُوَ مَا يُجْعَلُ عَلَى مُقَدَّمِهِ شَبَهَ الرُّمَّانَةِ. (15) قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ فِي مَحَلَّةٍ خَاصَّةٍ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ هَذَا اللَّفْظُ لَمْ أَجِدْهُ لِأَحَدٍ وَإِنَّمَا الْمَوْجُودُ فِي الْكُتُبِ أَنَّ الْجَوَازَ مُقَيَّدٌ بِمَا ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ بِقَوْلِهِ: هَذَا إذَا قَلُّوا بِحَيْثُ لَا يَتَعَطَّلُ بِسَبَبِ سُكْنَاهُمْ جَمَاعَاتُ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَتَقَلَّلُ، أَمَّا إذَا تَعَطَّلَ بِسَبَبِ سُكْنَاهُمْ جَمَاعَاتُ الْمُسْلِمِينَ أَوْ تُقَلَّلُ فَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ السُّكْنَى فِيهَا وَيَسْكُنُونَ فِي نَاحِيَةٍ خَاصَّةٍ لَيْسَ فِيهَا لِلْمُسْلِمِينَ جَمَاعَةٌ، فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَ مِنْ النَّاحِيَةِ الْمَحَلَّةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ صَرَّحَ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بَعْدَ مَا نَقَلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمْ يُؤْمَرُونَ بِبَيْعِ دُورِهِمْ فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ وَالْخُرُوجِ مِنْهَا وَبِالسُّكْنَى خَارِجَهَا لِئَلَّا تَكُونَ مَنْعَتُهُمْ كَمَنْعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَمَنَعَهُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِي الْمِصْرِ مَحَلَّةٌ خَاصَّةٌ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ مَا ذَكَرْنَاهُ نَقْلًا عَنْ النَّسَفِيِّ: وَالْمُرَادُ بِالْمَنْعِ الْمَذْكُورِ عَنْ الْأَمْصَارِ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِي الْمِصْرِ مَحَلَّةٌ خَاصَّةٌ يَسْكُنُونَهَا وَلَهُمْ فِيهَا مَنْعَةٌ عَارِضَةٌ كَمَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ بِسُكْنَاهُمْ بَيْنَهُمْ وَهُمْ مَقْهُورُونَ فَلَا

وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - هَلْ يَلْزَمُ تَمْيِيزُهُمْ بِجَمِيعِ الْعَلَامَاتِ أَوْ تَكْفِي وَاحِدَةٌ؟ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمْ لَا يَرْكَبُونَ مُطْلَقًا وَلَا يَلْبَسُونَ الْعَمَائِمَ. 17 - وَإِنْ رَكِبَ الْحِمَارَ لِضَرُورَةٍ نَزَلَ فِي الْمَجَامِعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQكَذَلِكَ (انْتَهَى) . وَفِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا تَكَارَى أَهْلُ الذِّمَّةِ دُورًا فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لِيَسْكُنُوا فِيهَا جَازَ لِأَنَّهُمْ إذَا سَكَنُوا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ رَأَوْا مَعَالِمَ الْإِسْلَامِ وَمَحَاسِنَهُ وَشَرَطَ الْحَلْوَانِيُّ قِلَّتَهُمْ، أَمَّا إذَا كَثُرُوا بِحَيْثُ تَعَطَّلَ بِسُكْنَاهُمْ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ أَوْ تَقَلَّلُوا يُمْنَعُونَ مِنْ السُّكْنَى فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ (انْتَهَى) . وَفِي الْمُحِيطِ يُمَكَّنُونَ أَنْ يَسْكُنُوا فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ وَيَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي أَسْوَاقِهِمْ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ ذَلِكَ تَعُودُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (انْتَهَى) . وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ الذِّمِّيِّ إذَا بَنَى دَارًا عَالِيَةً عَنْ دُورِ الْمُسْلِمِينَ وَجَعَلَ لَهَا طَاقَاتٍ وَشَبَابِيكَ تُشْرِفُ عَلَى جِيرَانِهِ هَلْ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ أَجَابَ أَهْلُ الذِّمَّةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالْمُسْلِمِينَ مَا جَازَ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَفْعَلَهُ فِي مِلْكِهِ جَازَ لَهُ وَمَا لَمْ يَجُزْ لِلْمُسْلِمِ لَمْ يَجُزْ لَهُ وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ تَعْلِيَةِ بِنَائِهِ إذَا حَصَلَ ضَرَرٌ لِجَارِهِ مِنْ مَنْعِ ضَوْئِهِ، هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ أَهْلَ الذِّمَّةِ أَنْ يَسْكُنُوا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بَلْ يَسْكُنُوا مُنْعَزِلِينَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ الَّذِي أُفْتِي بِهِ أَنَا (انْتَهَى) . وَفِي النَّظْمِ الْوَهْبَانِيِّ وَيُطْلَقُ لِلذِّمِّيِّ مَرْكَبُ بَغْلَةٍ وَلَيْسَ لَهُ رَفْعُ الْبِنَاءِ وَيُقَصِّرُ وَحَرَّرَ فِي شَرْحِهِ تَحْرِيرًا حَسَنًا فَأَرْجِعْ إلَيْهِ. (16) قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ هَلْ يَلْزَمُ تَمْيِيزُهُمْ إلَخْ. قَالَ بَعْضُهُمْ بِعَلَامَةٍ وَاحِدَةٍ أَمَّا عَلَى الرَّأْسِ كَالْقَلَنْسُوَةِ الطَّوِيلَةِ الْمَضْرُوبَةِ السَّوْدَاءِ أَوْ عَلَى الْوَسَطِ كَالْكَسْتِيجِ أَوْ عَلَى الرِّجْلِ كَالنَّعْلِ وَالْمُكَعَّبِ عَلَى خِلَافِ نِعَالِنَا وَمَكَاعِبِنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا بُدَّ مِنْ الثَّلَاثِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِي النَّصْرَانِيِّ: يُكْتَفَى بِعَلَامَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِي الْيَهُودِيِّ بِعَلَامَتَيْنِ وَفِي الْمَجُوسِيِّ إلَى الثَّلَاثِ وَإِلَيْهِ مَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي بَعْضُهُمْ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ فِي الْكُلِّ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ وَقَالَ الْحَاكِمُ أَبُو مُحَمَّدٍ إنْ صَالَحَهُمْ الْإِمَامُ وَأَعْطَاهُمْ الذِّمَّةَ بِعَلَامَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يُزَادُ عَلَيْهَا، وَأَمَّا إذَا فَتَحَ بَلْدَةً عَنْوَةً وَقَهْرًا كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُلْزِمَهُمْ الْعَلَامَاتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنِّفِ. (17) قَوْلُهُ: وَإِنْ رَكِبَ الْحِمَارَ لِضَرُورَةٍ نَزَلَ فِي الْمَجَامِعِ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَاخْتَارَ

وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ فِي الْمُرُورِ، 19 - وَلَا يُرْجَمُ وَإِنَّمَا يُجْلَدُ. 20 - وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تُقَامُ الْحُدُودُ كُلُّهَا عَلَيْهِ إلَّا حَدَّ شُرْبِ الْخَمْرِ، 21 - وَلَا يُبْدَأُ الذِّمِّيُّ بِسَلَامٍ إلَّا لِحَاجَةٍ 22 - وَلَا يُزَادُ فِي الْجَوَابِ عَلَى وَعَلَيْك، 23 - وَتُكْرَهُ مُصَافَحَتُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُتَأَخِّرُونَ أَنْ لَا يَرْكَبُوا أَصْلًا إلَّا أَنْ يَخْرُجُوا إلَى قَرْيَةٍ وَنَحْوِهَا أَوْ كَانَ مَرِيضًا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَرْكَبُ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَيَرْكَبُ ثُمَّ يَنْزِلُ فِي مَجَامِعِ الْمُسْلِمِينَ إذَا مَرَّ بِهِمْ وَأَلْحَقَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة الْبَغْلَ بِالْحِمَارِ فِي جَوَازِ رُكُوبِهِ لَهُمْ (18) قَوْلُهُ: وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ فِي الْمُرُورِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَلْجِئُوهُمْ إلَى أَضْيَقِ الطُّرُقِ» (19) قَوْلُهُ: وَلَا يُرْجَمُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْصَنٍ. لِأَنَّ شَرْطَ الْإِحْصَانِ الْإِسْلَامُ وَغَيْرُ الْمُحْصَنِ لَا يُرْجَمُ. (20) قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تُقَامُ الْحُدُودُ كُلُّهَا عَلَيْهِ إلَّا حَدَّ شُرْبِ الْخَمْرِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُفِيدُ أَنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ. أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ وَإِلَّا حَدَّ الزِّنَا بِالرَّجْمِ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ لِقُرْبِ الْعَهْدِ (21) قَوْلُهُ: وَلَا يُبْدَأُ الذِّمِّيُّ بِسَلَامٍ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهَلْ يُشَمَّتُ عَاطِسُهُمْ أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشَمَّتُ لِأَنَّ فِيهِ إكْرَامًا لَهُمْ وَتَعْظِيمًا وَنَحْنُ مَأْمُورُونَ بِإِهَانَتِهِمْ وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَعَنْ عُمَرَ: النَّهْيُ عَنْ السَّلَامِ عَلَى الذِّمِّيِّ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْظِيمِ. (22) قَوْلُهُ: وَلَا يُزَادُ فِي الْجَوَابِ عَلَيَّ وَعَلَيْكَ. وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ لَا يَزِيدُ عَلَى السَّلَامِ وَعَنْ الشَّعْبِيِّ لَا يُزَادُ عَلَى الرَّحْمَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَرَ بِالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِمْ بَأْسًا وَالْمُخْتَارُ هُوَ الْأَوَّلُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِ حَاجَةٌ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ لَا بَأْسَ بِالتَّسْلِيمِ (انْتَهَى) . وَلَا بَأْسَ هُنَا لِلْإِبَاحَةِ لَا لِمَا تَرْكُهُ أَوْلَى. (23) قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ مُصَافَحَتُهُ. يَعْنِي لِمَا فِيهَا مِنْ التَّعْظِيمِ كَمَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.

وَيَحْرُمُ تَعْظِيمُهُ 25 - وَيُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ مِنْ كَافِرٍ لِعَصْرِ الْعِنَبِ. وَفِي الْمُلْتَقَطِ: كُلُّ شَيْءٍ امْتَنَعَ مِنْهُ الْمُسْلِمُ امْتَنَعَ مِنْهُ الذِّمِّيُّ إلَّا الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ. 26 - وَلَا تُكْرَهُ عِيَادَةُ جَارِهِ الذِّمِّيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (24) قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ تَعْظِيمُهُ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ قَامَ الْمُسْلِمُ لَهُ إنْ كَانَ تَعْظِيمًا لَهُ أَوْ لِغِنَائِهِ كُرِهَ، وَإِنْ كَانَ لِطَمَعِهِ فِي الْإِسْلَامِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَجَزَمَ الطَّرَسُوسِيُّ بِأَنَّهُ إنْ قَامَ تَعْظِيمًا لِذَاتِهِ وَمَا هُوَ عَلَيْهِ كَفَرَ (انْتَهَى) . وَلَا بَأْسَ هُنَا فِي كَلَامِهِ لِلْإِبَاحَةِ لَا لِمَا تَرْكُهُ أَوْلَى. (25) قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ مِنْ كَافِرٍ لِعَصْرِ الْعِنَبِ. أَقُولُ لَيْسَ عَصْرُ الْعِنَبِ قَيْدًا بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ لِخِدْمَتِهِ لِمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ: لَوْ اسْتَأْجَرَ الْكَافِرُ مُسْلِمًا لِلْخِدْمَةِ جَازَ اتِّفَاقًا وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِهَانَةً صُورَةً (انْتَهَى) . وَفِي الذَّخِيرَةِ: إذَا دَخَلَ يَهُودِيٌّ الْحَمَّامَ هَلْ أَبَاحَ لِلْخَادِمِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَخْدِمَهُ إنْ خَدَمَهُ طَمَعًا فِي فُلُوسِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ تَعْظِيمًا لَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْوِيَ مَا ذَكَرْنَاهُ. أَوْ قَامَ تَعْظِيمًا لِغِنَاهُ كُرِهَ ذَلِكَ. (26) قَوْلُهُ: وَلَا تُكْرَهُ عِيَادَةُ جَارِهِ الذِّمِّيِّ. أَقُولُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَنْ الْإِمَامِ لَا بَأْسَ بِعِيَادَةِ النَّصْرَانِيِّ وَفِي الْعَتَّابِيِّ: وَأَمَّا عِيَادَةُ الْمَجُوسِيِّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا بَأْسَ بِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَجُوزُ وَاخْتَلَفُوا فِي عِيَادَةِ الْفَاسِقِ أَيْضًا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهَا. وَفِي النَّوَادِرِ: لَهُ جَارٌ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ مَاتَ ابْنُهُ يَقُولُ لَهُ أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ خَيْرًا مِنْهُ (انْتَهَى) . وَيُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ تَقْيِيدَ الْمُصَنِّفِ بِالْجَارِ اتِّفَاقِيٌّ لَا احْتِرَازِيٌّ، وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَادَ يَهُودِيًّا مَرِضَ بِجِوَارِهِ فَقَالَ لَهُ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَنَظَرَ الْفَتَى إلَى أَبِيهِ فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ: أَجِبْهُ فَقَالَهَا ثُمَّ مَاتَ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَ بِي نَسَمَةً مِنْ النَّارِ.» وَأَمَّا عِيَادَةُ الْمَجُوسِيِّ قِيلَ لَا بَأْسَ بِهَا وَقِيلَ لَا تَجُوزُ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ الْإِسْلَامِ وَاخْتُلِفَ فِي عِيَادَةِ الْفَاسِقِ قِيلَ لَا بَأْسَ بِهَا لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَالْعِيَادَةُ مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ وَفِي النَّوَادِرِ: لَهُ جَارٌ

[تنبيه الإسلام يجب ما قبله]

وَلَا تُكْرَهُ ضِيَافَتُهُ، وَلَا تُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ إلَّا إذَا كَانَتْ بِنْتُ مَلِكٍ خَدَعَهَا حَائِكٌ أَوْ كَنَّاسٌ فَيُفَرَّقُ لِتَسْكِينِ الْفِتْنَةِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ تَنْبِيهٌ 28 - الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى. 29 - دُونَ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، كَالْقِصَاصِ وَضَمَانِ الْأَمْوَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَهُودِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ فَمَاتَ ابْنٌ لَهُ أَوْ قَرِيبٌ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعَزِّيَهُ وَيَقُولَ لَهُ أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ خَيْرًا مِنْهُ وَأَصْلَحَكَ اللَّهُ فَكَانَ مَعْنَاهُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْإِسْلَامِ يَعْنِي رَزَقَكَ اللَّهُ وَلَدًا مُسْلِمًا وَفِي التَّفَارِيقِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا لَا يُبْدَأُ بِالسَّلَامِ عَلَى الْفَاسِقِ الْمُعْلِنِ. (27) قَوْلُهُ: وَلَا تُكْرَهُ ضِيَافَتُهُ. أَيْ الذِّمِّيِّ. أَقُولُ فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي الْحَسَنِ السُّغْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَكَى أَنَّ وَاحِدًا مِنْ الْمَجُوسِ كَانَ كَثِيرَ الْمَالِ حَسَنَ التَّعَهُّدِ لِفُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ يُطْعِمُ جَائِعَهُمْ وَيَكْسِي عَارِيَهُمْ وَيُنْفِقُ عَلَى مَسَاجِدِهِمْ وَيُعْطِي أَدْهَانَ سُرُجِهَا وَيُقْرِضُ مَحَاوِيجَ الْمُسْلِمِينَ فَدَعَا النَّاسَ مَرَّةً إلَى دَعْوَةٍ اتَّخَذَهَا لِجَزِّ نَاصِيَةِ وَلَدِهِ فَشَهِدَهَا كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَأَهْدَى عَلَيْهِمْ بَعْضُهُمْ هَدَايَا فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى مُفْتِيهِمْ فَكَتَبَ إلَى أُسْتَاذِهِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنْ أَدْرِكْ أَهْلَ بَلَدِكَ فَقَدْ ارْتَدُّوا بِأَسْرِهِمْ فَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ إجَابَةَ دَعْوَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مُطْلَقَةٌ فِي الشَّرِيعَةِ وَمُجَازَاتُ الْمُحْسِنِ بِإِحْسَانِهِ مِنْ بَابِ الْكَرَمِ وَالْمُرُوءَةِ، وَحَلْقُ الرَّأْسِ لَيْسَ مِنْ شَعَائِرِ أَهْلِ الضَّلَالِ، وَالْحُكْمُ بِرِدَّةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ بِهَذَا الْقَدْرِ غَيْرُ مُمْكَنٍ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي النَّوْعِ السَّادِسِ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ كِتَابِ السِّيَرِ [تَنْبِيهٌ الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ] (28) قَوْلُهُ: الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى. أَقُولُ: إنَّمَا يَتِمُّ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْكَافِرَ مُكَلَّفٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ إذَا أَسْلَمَ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ فَلَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ مِنْ الْإِثْمِ عَلَى تَرْكِ اعْتِقَادِهَا. (29) قَوْلُهُ: دُونَ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ كَالْقِصَاصِ وَضَمَانِ الْأَمْوَالِ. يَعْنِي فَلَا يُجَبُّ بِالْإِسْلَامِ، وَهَذَا فِي الذِّمِّيِّ إذَا أَسْلَمَ وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ إذَا أَسْلَمَ وَقَدْ كَانَ أَصَابَ مِنْ دِمَائِنَا وَأَمْوَالِنَا فَلَا يُؤَاخَذُ بِذَلِكَ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

[تنبيه آخر لا توارث بين المسلم والكافر]

30 - إلَّا فِي مَسَائِلَ: لَوْ أَجْنَبَ الْكَافِرُ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ تَسْقُطْ 31 - وَمِنْهَا لَوْ زَنَى ثُمَّ أَسْلَمَ وَكَانَ زِنَاهُ ثَابِتًا بِبَيِّنَةِ مُسْلِمِينَ لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ بِإِسْلَامِهِ وَإِلَّا سَقَطَ (تَنْبِيهٌ آخَرُ) : اشْتِرَاكُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي وَضْعِ الْجِزْيَةِ وَحِلِّ الْمُنَاكَحَةِ وَالذَّبَائِحِ وَفِي الدِّيَةِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ شَارَكَهُمْ الْمَجُوسِيُّ فِي الْجِزْيَةِ وَالدِّيَةِ دُونَ الْآخَرَيْنِ وَاسْتَوَى أَهْلُ الذِّمَّةِ فِيمَا ذُكِرَ. وَقَتْلُ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ وَدِيَةُ الْكَافِرِ وَالْمُسْلِمِ سَوَاءٌ، وَلَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ بِمُسْتَأْمَنٍ [تَنْبِيهٌ آخَرُ لَا تَوَارَثَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ] (تَنْبِيهٌ آخَرُ) : ـــــــــــــــــــــــــــــQ (30) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسَائِلَ. اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُذْكَرَ بَعْدَهُ ثُمَّ إنَّ الْمَذْكُورَ مَسْأَلَتَانِ لَا مَسَائِلُ، فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ: إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الْجِزْيَةَ تَسْقُطُ بِالْإِسْلَامِ فِيمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ جِزْيَةٌ مُتَكَرِّرَةٌ لَمْ يَدْفَعْهَا حَالَ كُفْرِهِ لِأَنَّهَا عُقُوبَةٌ عَلَى الْكُفْرِ، وَعُقُوبَةُ الْكُفْرِ تَسْقُطُ بِالْإِسْلَامِ وَلَا فَرْقَ فِي الْمُسْقَطِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ تَمَامِ السَّنَةِ أَوْ فِي بَعْضِهَا. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ وَهُوَ أَنَّ الْكُفَّارَ مُكَلَّفُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ وَهُوَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمُكَلَّفِينَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ فَلَا وَالْمُصَنِّفُ قَدْ نُقِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَبَعْضُ الْمُسْتَثْنَى مِنْ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْكُفَّارَ مُكَلَّفُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ؛ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِهَذَا لَا يَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ قَضَاءُ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ، وَإِنْ كَلَّفْنَاهُ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ حَالَ كُفْرِهِ وَكَذَلِكَ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا ثُمَّ أَسْلَمَ، ثُمَّ قَالَ وَيُسْتَثْنَى صُوَرٌ: الْأُولَى لَوْ أَسْلَمَ وَعَلَيْهِ يَمِينٌ أَوْ ظِهَارٌ لَا يَسْقُطُ. الثَّانِيَةُ إذَا جَاوَزَ الْكَافِرُ الْمِيقَاتَ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَحْرَمَ دُونَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّمُ. الثَّالِثَةُ لَوْ أَجْنَبَ الْكَافِرُ ثُمَّ أَسْلَمَ لَا يَسْقُطُ حُكْمُ الْغُسْلِ بِإِسْلَامِهِ. (31) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا لَوْ زَنَى ثُمَّ أَسْلَمَ إلَخْ. فِي الْبَحْرِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ فِي بَابِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَا نَصُّهُ: قَالَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ إذَا سَرَقَ الذِّمِّيُّ أَوْ زَنَى ثُمَّ أَسْلَمَ فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِشَهَادَةِ الْمُسْلِمِينَ لَا يُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ وَإِنْ ثَبَتَ بِشَهَادَةِ أَهْلِ

[تنبيه آخر اشتراك اليهود والنصارى في وضع الجزية]

لَا تَوَارَثَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، وَيَجْرِي الْإِرْثُ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس، وَالْكُفْرُ كُلُّهُ عِنْدَنَا مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ بِشَرْطِ اتِّحَادِ الدَّارِ، وَالْكُفَّارُ يَتَعَاقَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ وَخَرَجَ الْمُرْتَدُّ، فَإِنَّهُ يَرِثُ كَسْبَ إسْلَامِهِ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ مَعَ عَدَمِ الِاتِّحَادِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالذِّمَّةِ فَأَسْلَمَ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْرَفُ مَا فِي عِبَارَتِهِ هُنَا مِنْ الْقُصُورِ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى الْبَيِّنَةِ فِي الثُّبُوتِ ثُمَّ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ كَذَلِكَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ، وَفِي التَّتِمَّةِ مِنْ كِتَابِ السِّيَرِ أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا وَجَبَ التَّعْزِيرُ عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ (انْتَهَى) . أَقُولُ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ التَّعْزِيرُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لِحَقِّ الْعَبْدِ ثُمَّ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ الصَّبِيِّ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ لِلتَّأْدِيبِ فَبَلَغَ. وَنَقَلَ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيّ سُقُوطَهُ لِزَجْرِهِ بِالْبُلُوغِ، وَمُقْتَضَى مَا فِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ صَرِيحٌ. [تَنْبِيهٌ آخَرُ اشْتِرَاكُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي وَضْعِ الْجِزْيَةِ] (32) قَوْلُهُ: لَا تَوَارَثَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ. يَعْنِي الْأَصْلِيَّ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْ لَهُ إسْلَامٌ وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ وَخَرَجَ الْمُرْتَدُّ، فَإِنَّهُ يَرِثُ كَسْبَ إسْلَامِهِ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ مَعَ عَدَمِ الِاتِّحَادِ يَعْنِي فِي الدِّينِ

[أحكام الجان]

أَحْكَامُ الْجَانِّ 1 - قَلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا، وَقَدْ أَلَّفَ فِيهَا مِنْ أَصْحَابِنَا الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ الشِّبْلِيُّ 2 - فِي كِتَابِهِ آكَامِ الْمَرْجَانِ فِي أَحْكَامِ الْجَانِّ " لَكِنِّي لَمْ أَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْآنَ، وَمَا نَقَلْته عَنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ بِوَاسِطَةِ نَقْلِ الْأُسْيُوطِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. 3 - وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ: مُؤْمِنُهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَكَافِرُهُمْ فِي النَّارِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَحْكَامُ الْجَانِّ] قَوْلُهُ: الْجَانُّ أَجْسَامٌ نَارِيَّةٌ تَقْدِرُ عَلَى التَّشَكُّلِ فِي الصُّوَرِ الْمُخْتَلِفَةِ فَإِنْ قُلْت: الْجِنُّ نَارٌ وَالشُّهُبُ تَحْرِقُهُمْ فَكَيْفَ تَحْرِقُ النَّارُ النَّارَ قُلْت إنَّ أَصْلَ خِلْقَتِهِمْ مِنْ النَّارِ كَالْإِنْسَانِ أَصْلُ خِلْقَتِهِ مِنْ الطِّينِ، وَلَيْسَ طِينًا حَقِيقَةً لَكِنَّهُ كَانَ طِينًا وَكَذَلِكَ الْجِنُّ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الشِّهَابِ هَلْ يَنْفَصِلُ عَنْ مَحَلِّهِ ثُمَّ يَعُودُ أَوْ الَّذِي يَنْفَصِلُ مِنْ الشُّعْلَةِ قَوْلَانِ نَقَلَهُمَا ابْنُ حَجَرٍ. (2) قَوْلُهُ: فِي كِتَابِ آكَامِ الْمَرْجَانِ فِي أَحْكَامِ الْجَانِّ. كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ لَفْظِ فِي، وَالْآكَامُ جَمْعُ أَكَمَ كَجَبَلِ وَجِبَالِ وَأَكَمُ جَمْعُ أَكَمَةِ وَهُوَ مِمَّا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ بِالتَّاءِ، وَالْأَكَمَةُ الْجَبَلُ الصَّغِيرُ شَبَّهَ كِتَابَهُ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ نَفَائِسِ الْمَسَائِلِ بِجِبَالِ الْمَرْجَانِ الصَّغِيرَةِ، وَأَطْلَقَ اسْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ عَلَى الْمُشَبَّهِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ التَّصْرِيحِيَّةِ. (3) قَوْلُهُ: وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ إلَخْ. أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ تَكْلِيفَهُمْ وَدُخُولَهُمْ الْجَنَّةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَالَ الْحَافِظُ بْنُ حَجَرٍ وَعَلَى الْقَوْلِ بِتَكْلِيفِهِمْ قِيلَ: لَا ثَوَابَ لَهُمْ إلَّا النَّجَاةُ مِنْ النَّارِ ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ كُونُوا تُرَابًا كَالْبَهَائِمِ ثُمَّ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ، وَيُرْوَى عَنْ أَبِي اللَّيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رِوَايَتَانِ أُخْرَيَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَلَا ثَوَابَ لَهُمْ خِلَافًا لَهُمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْمُعِينِ النَّسَفِيُّ، الثَّانِيَةُ

4 - وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي ثَوَابِ الطَّائِعِينَ. فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مُعَزِّيًا إلَى الْأَجْنَاسِ عَنْ الْإِمَامِ: لَيْسَ لِلْجِنِّ ثَوَابٌ، وَفِي التَّفَاسِيرِ تَوَقَّفَ الْإِمَامُ فِي ثَوَابِ الْجِنِّ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ فِيهِمْ: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [الأحقاف: 31] وَالْمَغْفِرَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الْإِثَابَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّوَقُّفُ. قَالَ الْكَرْدَرِيُّ: وَهُوَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَمَذْهَبُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُمْ يُثَابُونَ عَلَى الطَّاعَةِ وَيُعَاقَبُونَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَفِي فَتَاوَى أَبِي إِسْحَاقَ الصَّفَّارِ أَنَّ كُفَّارِ الْجِنِّ مَعَ كُفَّارِ الْإِنْسِ يَكُونُونَ فِي النَّارِ أَبَدًا، وَأَمَّا مُؤْمِنُو الْجِنِّ فَقَالَ الْإِمَامُ لَا يَكُونُونَ فِي الْجَنَّةِ وَلَا فِي النَّارِ وَلَكِنْ فِي مَعْلُومِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَكُونُونَ فِي الْجَنَّةِ (انْتَهَى) . (4) قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي ثَوَابِ الطَّائِعِينَ. إنْ قِيلَ: الْجَزْمُ بِدُخُولِهِمْ الْجَنَّةَ أَعْظَمُ ثَوَابًا أَمْكَنَ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ ثَوَابٌ زَائِدٌ عَلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ مُؤْمِنَهُمْ يَكُونُ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ثَوَابَهُمْ لَيْسَ كَثَوَابِ بَنِي آدَمَ قَالَ فِي الْيَوَاقِيتِ: ثُمَّ فِي الْجَنَّةِ يُنَكَّسُ الْأَمْرُ وَنَرَاهُمْ وَلَا يَرَوْنَنَا، وَالْخَوَاصُّ مِنْهُمْ كَمَا يَرَاهُمْ الْخَوَاصُّ مِنَّا فِي الدُّنْيَا قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: وَيَكُونُونَ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ مَالِكٍ وَطَائِفَةٍ، وَقِيلَ: هُمْ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ فَصَارَتْ الْأَقْوَالُ سِتَّةً وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ بَعْضَهَا، فَفِي كَلَامِهِ تَدَافُعٌ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَقْوَالًا مِنْهَا أَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَيُقَالُ لَهُمْ: كُونُوا تُرَابًا، وَفِي شَرْحٍ يَقُولُ الْعَبْدُ لِلشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْغَزِّيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: الْجِنُّ عِنْدَ الْجَمَاعَةِ مُكَلَّفُونَ مُخَاطَبُونَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ} [الأنعام: 130] الْآيَةَ وَحَكَى بَعْضُهُمْ عَنْ الْحَشْوِيَّةِ أَنَّهُمْ مُضْطَرُّونَ إلَى أَفْعَالِهِمْ وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمُكَلَّفِينَ وَاعْلَمْ أَنَّ مُؤْمِنَهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَكَافِرَهُمْ فِي النَّارِ وَالْمُخَاطَبُونَ أَصْنَافٌ: بَنِي آدَمَ وَالْمَلَائِكَةُ وَالْجِنُّ وَالشَّيَاطِينُ قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مُؤْمِنِي الْجِنِّ فِي الْجَنَّةِ لَا يَرَوْنَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ

5 - لِأَنَّهُ سَتْرٌ، وَمِنْهُ الْمِغْفَرُ لِلْبَيْضَةِ، وَالْإِثَابَةُ بِالْوَعْدِ فَضْلٌ. قَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ: أُوعِدَ ظَالِمُهُمْ فَيَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ، وَيَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ صَالِحُهُمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [الجن: 15] . قُلْنَا: الثَّوَابُ فَضْلٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لَا بِالِاسْتِحْقَاقِ، فَإِنْ قِيلَ قَوْله تَعَالَى: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 13] بَعْدَ عَدِّ نَعِيمِ الْجَنَّةِ خِطَابًا لِلثَّقَلَيْنِ يَرُدُّ مَا ذَكَرْتُ. 6 - قُلْنَا: ذَكَرُوا أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّوَقُّفِ: التَّوَقُّفُ فِي الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَلَاذِّ، لَا الدُّخُولُ فِيهِ كَدُخُولِ الْمَلَائِكَةِ لِلسَّلَامِ وَالزِّيَارَةِ وَالْخِدْمَةِ: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ - سَلامٌ} [الرعد: 23 - 24] الْآيَةَ (انْتَهَى) . فَمِنْهَا النِّكَاحُ قَالَ فِي السِّرَاجِيَّةِ: ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتَعَالَى كَمَا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى سِوَى جَبْرَائِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَإِنَّهُ يَرَى رَبَّهُ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَالشَّيَاطِينُ خُلِقُوا لِلشَّرِّ إلَّا وَاحِدٌ مِنْهُمْ قَدْ أَسْلَمَ لَمَّا لَقِيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ هَامَةُ بْنُ هِيمِ بْنِ لَاقِيسَ بْنِ إبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَعَلَّمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُورَةَ الْوَاقِعَةِ وَالْمُرْسَلَاتِ وَعَمَّ وَكُوِّرَتْ وَالْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصَ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ فَهُوَ مَخْصُوصٌ مِنْ بَيْنِهِمْ. (5) قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ سَتَرَ ذِكْرَ الضَّمِيرِ الرَّاجِعِ إلَى الْمَغْفِرَةِ مُرَاعَاةً لِلْخَبَرِ أَوْ لِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ مَصْدَرٌ مَخْتُومٌ بِالتَّاءِ وَهُوَ مِمَّا يَجُوزُ تَذْكِيرُهُ. (6) قَوْلُهُ: قُلْنَا ذَكَرُوا أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ. يُتَأَمَّلُ فِيهِ وَفِي مَرْجِعِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ لَا الدُّخُولُ فِيهِ

لَا تَجُوزُ الْمُنَاكَحَةُ بَيْنَ بَنِي آدَمَ وَالْجِنِّ وَإِنْسَانِ الْمَاءِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ (انْتَهَى) . وَتَبِعَهُ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَالْفَيْضِ، وَفِي الْقُنْيَةِ: سُئِلَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ التَّزْوِيجِ بِجِنِّيَّةٍ فَقَالَ: يَجُوزُ بِلَا شُهُودٍ، ثُمَّ رَقَّمَ آخَرُ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ، ثُمَّ رَقَّمَ آخَرُ: يُصْفَعُ السَّائِلُ لِحَمَاقَتِهِ (انْتَهَى) . وَفِي يَتِيمَةِ الدَّهْرِ فِي فَتَاوَى أَهْلِ الْعَصْرِ: سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ التَّزْوِيجِ بِامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ مِنْ الْجِنِّ؛ هَلْ يَجُوزُ إذَا تُصُوِّرَ ذَلِكَ أَمْ يَخْتَصُّ الْجَوَازُ بِالْآدَمِيِّينَ؟ فَقَالَ: يُصْفَعُ هَذَا السَّائِلُ لِحَمَاقَتِهِ وَجَهْلِهِ. قُلْت: وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى حَمَاقَةِ السَّائِلِ وَكَانَ لَا يُتَصَوَّرُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَ فِي فَتَاوَاهُ أَنَّ الْكُفَّارَ لَوْ تَتَرَّسُوا بِنَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، هَلْ يُرْمَى؟ فَقَالَ يُسْأَلُ ذَلِكَ النَّبِيُّ، 8 - وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بَعْدَ رَسُولِنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَكِنْ أَجَابَ عَلَى تَقْدِيرِ التَّصَوُّرِ كَذَا هَذَا. وَسُئِلَ عَنْهَا أَبُو حَامِدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَالَ لَا يَجُوزُ (انْتَهَى) 9 - وَقَدْ اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ عَلَى تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْجِنِّيَّاتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ النَّحْلِ: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} [النحل: 72] أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا تَجُوزُ الْمُنَاكَحَةُ بَيْنَ بَنِي آدَمَ وَالْجِنِّ قِيلَ وَهَلْ يَجُوزُ بِشَهَادَةِ الْجِنِّ. (8) قَوْلُهُ: وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بَعْدَ رَسُولنَا. قِيلَ: عَدَمُ التَّصَوُّرِ مَمْنُوعٌ فَقَدْ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ عَقْلًا بَعْدَ نُزُولِ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (9) قَوْلُهُ: وَقَدْ اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ عَلَى تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْجِنِّيَّاتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} [النحل: 72] قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ لَمْ يَتَعَقَّبْ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ وَلِي فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ

مِنْ جِنْسِكُمْ وَنَوْعِكُمْ وَعَلَى خَلْقِكُمْ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 128] أَيْ مِنْ الْآدَمِيِّينَ (انْتَهَى) . وَبَعْضُهُمْ اسْتَدَلَّ بِمَا رَوَاهُ حَرْبٌ الْكَرْمَانِيُّ فِي مَسَائِلِهِ عَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ. قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْقَطِيعِيُّ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ بْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عَنْ نِكَاحِ الْجِنِّ» ، 10 - وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَقَدْ اُعْتُضِدَ بِأَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ، فَرُوِيَ الْمَنْعُ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَالْحَاكِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَعُقْبَةَ بْنِ الْأَصَمِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. فَإِذَا تَقَرَّرَ الْمَنْعُ مِنْ نِكَاحِ الْإِنْسِيِّ الْجِنِّيَّةَ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَرْجِعُ إلَى الِاسْتِدْلَالِ بِمَفْهُومِ الصِّفَةِ وَهُوَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَنَا فَيَحْتَاجُ الْقَائِلُ بِعَدَمِ صِحَّةِ نِكَاحِ الْإِنْسِيِّ الْجِنِّيَّاتِ إلَى دَلِيلٍ وَاضِحٍ يَصْلُحُ حُجَّةً لِمَا ادَّعَاهُ، وَقَدْ ظَهَرَ لِي عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ نِكَاحِ الْإِنْسِيِّ الْجِنِّيَّاتِ قَرِينَةٌ وَهُوَ أَنْ نَقُولَ: الْأَصْلُ فِي الْفُرُوجِ الْحُرْمَةُ إلَّا أَنَّ الشَّارِعَ أَذِنَ فِي نِكَاحِ الْإِنَاثِ مِنْ بَنِي آدَمَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] الْآيَةَ، وَالنِّسَاءُ اسْمٌ لِلْإِنَاثِ مِنْ بَنِي آدَمَ كَمَا فِي آكَامِ الْمَرْجَانِ فَبَقِيَ الْإِنَاثُ فِي غَيْرِ بَنِي آدَمَ عَلَى أَصْلِ الْحُرْمَةِ (انْتَهَى) . أَقُولُ الْمُسْتَدِلُّ بِالْآيَةِ شَافِعِيٌّ لَا حَنَفِيٌّ وَحِينَئِذٍ لَا يَتِمُّ الِاعْتِرَاضُ. (10) قَوْلُهُ: وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا إلَخْ. يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ خَبَرًا لِلْمُبْتَدَأِ وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ بَيْنَهُمَا لِتَأْكِيدِ اللُّصُوقِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ قَوْلَهُ فَقَدْ تَخَلَّى وَالْفَاءُ زَائِدَةٌ فِي الْخَبَرِ عَلَى مَا يَرَاهُ الْأَخْفَشُ وَالشَّرْطُ عَلَى هَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْجَزَاءِ، هَذَا وَفِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمُرْسَلَ حُجَّةٌ عِنْدَنَا لَكِنْ فِي سَنَدِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَلِّلَهُ بِهِ لَا بِالْإِرْسَالِ.

11 - فَالْمَنْعُ مِنْ نِكَاحِ الْجِنِّيِّ الْإِنْسِيَّةَ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي السِّرَاجِيَّةِ: لَا تَجُوزُ الْمُنَاكَحَةُ، وَهُوَ شَامِلٌ لَهُمَا، 12 - لَكِنْ رَوَى أَبُو عُثْمَانَ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الرَّازِيّ فِي كِتَابِ الْإِلْهَامِ وَالْوَسْوَسَةِ فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُقَاتِلٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ دَاوُد الزَّبِيدِيِّ قَالَ: كَتَبَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ إلَى مَالِكٍ يَسْأَلُونَهُ عَنْ نِكَاحِ الْجِنِّ وَقَالُوا: إنَّ هُنَا رَجُلًا مِنْ الْجِنِّ يَخْطُبُ إلَيْنَا جَارِيَةً يَزْعُمُ أَنَّهُ يُرِيدُ الْحَلَالَ. فَقَالَ: مَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا فِي الدِّينِ، 13 - وَلَكِنْ أَكْرَهُ إذَا وَجَدَ امْرَأَةً حَامِلًا قِيلَ لَهَا مَنْ زَوْجُكِ قَالَتْ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (11) قَوْلُهُ: فَالْمَنْعُ مِنْ نِكَاحِ الْجِنِّيِّ الْإِنْسِيَّةَ مِنْ بَابِ أَوْلَى. أَقُولُ هَذَا صَرِيحٌ فِي جَعْلِ الْمَصْدَرِ فِي قَوْلِ الزُّهْرِيِّ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ نِكَاحِ الْجِنِّ» مُضَافًا إلَى مَفْعُولِهِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْإِنْسِيِّ الْجِنِّيَّ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مُضَافًا إلَى فَاعِلِهِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ وَكَانَ مُرَادُهُ أَنَّ الْمَنْعَ عَنْ نِكَاحِ الْإِنْسِ الْجِنِّيَّةَ ثَبَتَ بِعِبَارَةِ النَّصِّ، وَالْمَنْعُ عَنْ نِكَاحِ الْجِنِّيِّ الْإِنْسِيَّةَ ثَبَتَ بِدَلَالَةِ النَّصِّ وَلَا يَتِمُّ هَذَا مَعَ احْتِمَالِ النَّصِّ لَهُمَا كَيْفَ وَإِضَافَةُ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ حَقِيقَةٌ وَإِضَافَتُهُ إلَى مَفْعُولِهِ مَجَازٌ كَمَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ السَّمِينُ عَلَى أَنَّ فِي دَعْوَى الْأَوْلَوِيَّةِ نَظَرًا بَلْ هُمَا سَوَاءٌ فِي الْمَنْعِ فَإِنَّ عِلَّتَهُ عَدَمُ الْجِنْسِيَّةِ وَعِبَارَةُ السِّرَاجِيَّةِ صَرِيحَةُ الدَّلَالَةِ عَلَى الْمُسَاوَاةِ لَا عَلَى الْأَوْلَوِيَّةِ كَمَا ادَّعَاهُ فَتَأَمَّلْ. (12) قَوْلُهُ: لَكِنْ رَوَى أَبُو عُثْمَانَ إلَخْ. اسْتِدْرَاكٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ نِكَاحِ الْجِنِّيِّ الْإِنْسِيَّةَ. (13) قَوْلُهُ: وَلَكِنْ أَكْرَهُ إذَا وَجَدَ امْرَأَةً إلَخْ. أَقُولُ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَكْرَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا وَجَدَ امْرَأَةً إلَخْ فَإِذَا هُنَا لِلتَّعْلِيلِ لَا لِلتَّعْلِيقِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْقَرَافِيُّ فِي كِتَابِ الْفُرُوقِ وَضَابِطُهُ أَمْرَانِ: الْمُنَاسَبَةُ وَعَدَمُ انْتِفَاءِ الْمَشْرُوطِ عِنْدَ انْتِفَائِهِ فَيُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ، مِثَالُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة: 172] وَالشُّكْرُ وَاجِبٌ مَعَ

الْجِنِّ فَيَكْثُرُ الْفَسَادُ فِي الْإِسْلَامِ بِذَلِكَ (انْتَهَى) وَمِنْهَا لَوْ وَطِئَ الْجِنِّيُّ إنْسِيَّةً فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ؟ قَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ: امْرَأَةٌ قَالَتْ: مَعِي جِنِّيٌّ 14 - يَأْتِينِي فِي النَّوْمِ مِرَارًا وَأَجِدُ فِي نَفْسِي مَا أَجِدُ لَوْ جَامَعَنِي زَوْجِي. لَا غُسْلَ عَلَيْهَا (انْتَهَى) . وَقَيَّدَهُ الْكَمَالُ بِمَا إذَا لَمْ تُنْزِلْ؛ أَمَّا إذَا أَنْزَلَتْ وَجَبَ كَأَنَّهُ احْتِلَامٌ 15 - وَمِنْهَا انْعِقَادُ الْجَمَاعَةِ بِالْجِنِّ، ذَكَرَهُ الْأُسْيُوطِيُّ عَنْ صَاحِبِ آكَامِ الْمَرْجَانِ مِنْ أَصْحَابِنَا مُسْتَدِلًّا بِحَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قِصَّةِ الْجِنِّ وَفِيهِ: فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي أَدْرَكَهُ شَخْصَانِ مِنْهُمْ فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نُحِبُّ أَنْ تَؤُمَّنَا فِي صَلَاتِنَا قَالَ: فَصَفَّهُمَا خَلْفَهُ ثُمَّ صَلَّى بِهِمَا ثُمَّ انْصَرَفَ. وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ أَنَّ الْجَمَاعَةَ تَحْصُلُ بِالْمَلَائِكَةِ، وَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ؛ لَوْ صَلَّى فِي فَضَاءٍ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ مُنْفَرِدًا ثُمَّ حَلَفَ أَنَّهُ صَلَّى بِالْجَمَاعَةِ لَمْ يَحْنَثْ. وَمِنْهَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْجِنِّيِّ ذَكَرَهُ فِي آكَامِ الْمَرْجَانِ. وَمِنْهَا إذَا مَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعِبَادَةِ وَعَدَمِهَا، وَمَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّكُمْ مَوْصُوفُونَ بِصِفَةٍ تَحُثُّ عَلَى الشُّكْرِ وَتَبْعَثُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْعِبَادَةُ وَالتَّذَلُّلُ فَافْعَلُوا ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُتَيَسِّرٌ لِوُجُودِ سَبَبِهِ عِنْدَكُمْ (انْتَهَى) . فَلْيُحْفَظْ فَإِنَّهُ قَلَّمَا يُبَاعُ لِكَثْرَةِ الِانْتِفَاعِ (14) قَوْلُهُ: يَأْتِينِي فِي النَّوْمِ. أَقُولُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ يَأْتِينِي فِي الْيَقَظَةِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ بِالْإِيلَاجِ وَإِنْ لَمْ تُنْزِلْ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِيهَا فِي الْيَقَظَةِ إلَّا فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَلْيُحَرَّرْ (15) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا انْعِقَادُ الْجَمَاعَةِ بِالْجِنِّ. قِيلَ وَهَلْ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْإِنْسِيِّ بِالْجِنِّيِّ (انْتَهَى) . أَقُولُ هَذَا بِعَيْنِهِ مَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَمِنْهَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ خَلْفَ جِنِّيٍّ

الْجِنِّيُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي يُقَاتَلُ كَمَا يُقَاتَلُ الْإِنْسِيُّ 16 - وَمِنْهَا لَا يَجُوزُ قَتْلُ الْجِنِّيِّ بِغَيْرِ حَقٍّ كَالْإِنْسِيِّ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْتَلَ الْحَيَّةُ الْبَيْضَاءُ الَّتِي تَمْشِي مُسْتَوِيَةً؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْجَانِّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «اُقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ، وَإِيَّاكُمْ وَالْحَيَّةَ الْبَيْضَاءَ فَإِنَّهَا مِنْ الْجِنِّ» وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: لَا بَأْسَ بِقَتْلِ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَاهَدَ الْجِنَّ أَنْ لَا يَدْخُلُوا بُيُوتَ أُمَّتِهِ وَلَا يُظْهِرُوا أَنْفُسَهُمْ، فَإِذَا خَالَفُوا فَقَدْ نَقَضُوا عَهْدَهُمْ فَلَا حُرْمَةَ لَهُمْ. وَالْأَوْلَى هُوَ الْإِنْذَارُ وَالْإِعْذَارُ فَيُقَالُ لَهَا: ارْجِعِي بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ خَلِّي طَرِيقَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ أَبَتْ قَتَلَهَا، وَالْإِنْذَارُ إنَّمَا يَكُونُ خَارِجَ الصَّلَاةِ (انْتَهَى) . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - رَأَتْ فِي بَيْتِهَا حَيَّةً فَأَمَرَتْ بِقَتْلِهَا فَقُتِلَتْ فَأَتَيْت فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَقِيلَ لَهَا إنَّهَا مِنْ النَّفَرِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْوَحْيَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَرْسَلَتْ إلَى الْيَمَنِ فَابْتِيعَ لَهَا أَرْبَعُونَ رَأْسًا فَأَعْتَقَتْهُمْ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ، وَفِيهِ: فَلَمَّا أَصْبَحَتْ أَمَرَتْ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَفُرِّقَتْ عَلَى الْمَسَاكِينِ 17 - وَمِنْهَا قَبُولُ رِوَايَةِ الْجِنِّيِّ ذَكَرَهُ صَاحِبُ آكَامِ الْمَرْجَانِ، وَذَكَرَ الْأُسْيُوطِيُّ أَنَّهُ لَا شَكَّ فِي جَوَازِ رِوَايَتِهِمْ عَنْ الْإِنْسِ مَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِنْهَا لَا يَجُوزُ قَتْلُ الْجِنِّيِّ إلَى آخِرِهِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: قَضِيَّةُ هَذَا أَنْ يُقْتَلَ الْقَاتِلُ إذَا كَانَ الْجِنِّيُّ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا أَقُولُ عِنْدِي تَوَقُّفٌ فِي كَوْنِ الْجِنِّيِّ يَكُونُ ذِمِّيًّا (17) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا قَبُولُ رِوَايَةِ الْجِنِّ. يَعْنِي لِجِنِّيٍّ مِثْلِهِ لِمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا مِنْ مَنْعِ رِوَايَةِ الْإِنْسِيِّ عَنْ الْجِنِّيِّ.

سَمِعُوهُ؛ سَوَاءٌ عَلِمَ الْإِنْسِيُّ بِهِمْ أَوْ لَا، وَإِذَا أَجَازَ الشَّيْخُ مَنْ حَضَرَ دَخَلَ الْجِنُّ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِنْسِ. وَأَمَّا رِوَايَةُ الْإِنْسِ عَنْهُمْ فَالظَّاهِرُ مَنْعُهَا لِعَدَمِ حُصُولِ الثِّقَةِ بَعْدَ التُّهَمِ. وَمِنْهَا لَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِزَادِ الْجِنِّ وَهُوَ الْعَظْمُ كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ. وَمِنْهَا أَنَّ ذَبِيحَتَهُ لَا تَحِلُّ. قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ: «وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَبَائِحِ الْجِنِّ» (انْتَهَى) . 18 - وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ الْكُرْدِيُّ فِي مَنَاقِبِهِ فِي فَضْلِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ الْجَانِّ وَأَوْلَادِ الشَّيْطَانِ وَبَيَانِ الْغُولِ وَالْكَلَامِ عَلَى جَمَاعَتِهِمْ وَأَكْلِهِمْ فَوَائِدُ: الْأُولَى: الْجُمْهُورُ؛ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْجِنِّ نَبِيٌّ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [الأنعام: 130] . ـــــــــــــــــــــــــــــQ (18) قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ الْكُرْدِيُّ فِي مَنَاقِبِهِ إلَخْ. أَقُولُ ذَكَرَ فِيهَا أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّ الْجِنِّيَّ الْمُطِيعَ يَنَالُ الْجَنَّةَ وَذَكَرَ فِيهَا أَنَّ بَعْضَ الْمُعْتَزِلَةِ زَعَمَ أَنَّ الْجِنَّ لَا تَأْكُلُ وَلَا تَشْرَبُ وَلَا يَطَأُ وَلَا يَتَوَالَدُ وَهَذَا بَاطِلٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَقَدْ رُوِيَ فِي الْخَبَرِ الْمَرْفُوعِ أَنَّ «الرَّجُلَ إذَا جَامَعَ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يُسَمِّ انْطَوَى الْجَانُّ عَلَى إحْلِيلِهِ وَجَامَعَ مَعَهُ» . وَجَاءَ فِي الْقَصَصِ أَنَّ بِلْقِيسَ مِنْ بَنَاتِ الْجِنِّ وَأَنَّ أَبَاهَا السَّرْحَ ابْنَ الْهَدَاهِدَ تَزَوَّجَ بِرَيْحَانَةَ بِنْتِ السَّكَنِ وَكَانَتْ بِنْتَ الْجِنِّ وَفِيهَا أَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ وَالْفَلَاسِفَةَ أَنْكَرُوا وُجُودَ الْغُولِ، وَأَهْلُ الْحَقِّ قَالُوا بِوُجُودِهِ وَإِنَّهُ مَارِدُ الْجِنِّ يُضِلُّ ابْنَ آدَمَ وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «لَا غُولَ» أَيْ لَا حُكْمَ لِلْغُولِ فِي الْإِضْلَالِ وَالْإِغْوَاءِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَا بُعِثَ لِبَيَانِ الْحَقَائِقِ وَنَفْيِهَا بَلْ لِبَيَانِ الْأَحْكَامِ

فَتَأَوَّلُوهُ عَلَى أَنَّهُمْ رُسُلٌ عَنْ الرُّسُلِ سَمِعُوا كَلَامَهُمْ فَأَنْذَرُوا قَوْمَهُمْ، لَا عَنْ اللَّهِ تَعَالَى. وَذَهَبَ الضَّحَّاكُ وَابْنُ حَزْمٍ 20 - عَلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْهُمْ نَبِيٌّ تَمَسُّكًا بِحَدِيثِ «وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً» 21 - قَالَ: وَلَيْسَ الْجِنُّ مِنْ قَوْمِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ أُنْذِرُوا فَصَحَّ أَنَّهُ جَاءَهُمْ أَنْبِيَاءٌ مِنْهُمْ. الثَّانِيَةُ 22 - قَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِ الْأَحْقَافِ: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَتَأَوَّلُوهُ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (مِنْكُمْ) أَيْ مِنْ مَجْمُوعِكُمْ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 22] وَإِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ أَحَدِهِمَا (انْتَهَى) . (20) قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْهُمْ نَبِيٌّ. كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَالصَّوَابُ إلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْهُمْ نَبِيٌّ. (21) قَوْلُهُ: قَالَ وَلَيْسَ الْجِنُّ إلَخْ كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَالصَّوَابُ قَالَا أَيْ الضَّحَّاكُ وَابْنُ حَزْمٍ. (22) قَوْلُهُ: قَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَحْقَافِ وَفِيهِ دَلِيلٌ إلَخْ. أَقُولُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا يَرْجِعُ إلَيْهِ ضَمِيرٌ فِيهِ وَعِبَارَةُ الْبَغَوِيِّ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} [الأحقاف: 29] اخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ النَّفَرِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَانُوا سَبْعَةً مِنْ جِنِّ نَصِيبِينَ فَجَعَلَهُمْ رُسُلًا إلَى قَوْمِهِمْ ثُمَّ قَالَ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى: {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأحقاف: 31]

23 - كَانَ مَبْعُوثًا إلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ جَمِيعًا، قَالَ مُقَاتِلٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَمْ يُبْعَثْ قَبْلَهُ نَبِيٌّ إلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ مُؤْمِنِي الْجِنِّ. فَقَالَ قَوْمٌ: 24 - لَا ثَوَابَ لَهُمْ إلَّا النَّجَاةُ مِنْ النَّارِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَعَنْ اللَّيْثِ: ثَوَابُهُمْ أَنْ يُجَارُوا مِنْ النَّارِ ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ كُونُوا تُرَابًا كَالْبَهَائِمِ. وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ كَذَلِكَ. وَقَالَ آخَرُونَ. يُثَابُونَ كَمَا يُعَاقَبُونَ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَعَنْ الضَّحَّاكِ أَنَّهُمْ يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالذِّكْرَ فَيُصِيبُونَ مِنْ لَذَّتِهِ مَا يُصِيبُهُ بَنُو آدَمَ. مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إنَّ مُؤْمِنِي الْجِنِّ حَوْلَ الْجَنَّةِ فِي رَبَضِهَا وَلَيْسُوا فِيهَا (انْتَهَى) . الثَّالِثَةُ: ذَهَبَ الْحَارِثُ الْمُحَاسِبِيُّ إنَّ الْجِنَّ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يَكُونُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ نَرَاهُمْ وَلَا يَرَوْنَا عَكْسَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا الرَّابِعَةُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQدَاعِيَ اللَّهِ يَعْنِي مُحَمَّدًا؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَاسْتَجَابَ لَهُ مِنْ قَوْمِهِمْ نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ الْجِنِّ فَرَجَعُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَافَقُوهُ بِالْبَطْحَاءِ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ وَأَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ وَفِيهِ أَنَّ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ لَهُمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مَبْعُوثًا إلَى الْجِنِّ وَالْإِنْسِ جَمِيعًا انْتَهَى وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ كَمَا بَيَّنَّاهُ. (23) قَوْلُهُ: كَانَ مَبْعُوثًا إلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ جَمِيعًا. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَمْ يَتَعَرَّضْ لِبَعْثِهِ إلَى الْمَلَائِكَةِ وَهُوَ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ أَقُولُ ذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْثَمِيُّ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ أَنَّهُ مَبْعُوثٌ إلَى الْمَلَائِكَةِ أَيْضًا (24) قَوْلُهُ: لَا ثَوَابَ لَهُمْ إلَّا النَّجَاةُ مِنْ النَّارِ. أَقُولُ اسْتِثْنَاءُ النَّجَاةِ مِنْ النَّارِ يُفِيدُ أَنَّ لَهُمْ ثَوَابًا وَحِينَئِذٍ لَا يَتِمُّ قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَوَقَّفَ فِي ثَوَابِهِمْ

صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ فِي الْجَنَّةِ لَا يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [الأنعام: 103] وَقَدْ اسْتَثْنَى مِنْهُ مُؤْمِنِي الْبَشَرِ فَبَقِيَ عَلَى عُمُومِهِ فِي الْمَلَائِكَةِ. قَالَ فِي آكَامِ الْمَرْجَانِ: وَمُقْتَضَى هَذَا 26 - أَنَّ الْجِنَّ لَا يَرَوْهُ لِأَنَّ الْآيَةَ بَاقِيَةٌ عَلَى الْعُمُومِ فِيهِمْ أَيْضًا (انْتَهَى) . وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ الْأُسْيُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَفِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى عَدَمِ رُؤْيَةِ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ بِالْآيَةِ نَظَرٌ، 27 - لِأَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ أَصْلًا فَلَا اسْتِثْنَاءَ قَالَ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيُّ: لَا تُدْرِكُهُ أَيْ لَا تُحِيطُ بِهِ. وَاسْتَدَلَّتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ فِي الْجَنَّةِ لَا يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى. وَفِي فَتَاوَى أَبِي إِسْحَاقَ إبْرَاهِيمَ بْنِ الصِّغَارَ مَا نَصُّهُ: اعْتِمَادُ وَالِدَيْ الشَّهِيدِ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى سِوَى جَبْرَائِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَإِنَّهُ يَرَى مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَرَى بَعْدَهَا (انْتَهَى) . قَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمُ بْنُ قُطْلُوبُغَا وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْتُ: الرُّؤْيَةُ جَائِزَةٌ عَقْلًا فَانْتِفَاءُ وُقُوعِهَا لَا يَكُونُ إلَّا بِالسَّمْعِ وَكَذَا مَا قَالَهُ فِي أَمْرِ جَبْرَائِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (انْتَهَى) . وَفِي تُحْفَةِ الْجُلَسَاءِ لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ: الْأَقْوَى أَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ فَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ إمَامُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الْإِبَانَةِ فِي أُصُولِ الدِّيَانَةِ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْبَيْهَقِيُّ (انْتَهَى) . وَهَلْ مُؤْمِنُو الْبَشَرِ مِنْ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: فِيهِ احْتِمَالَانِ وَالْأَظْهَرُ مُسَاوَاتُهُمْ نَقَلَهُ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ. (26) قَوْلُهُ: إنَّ الْجِنَّ لَا يَرَوْهُ. كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَالصَّوَابُ لَا يَرَوْنَهُ بِإِثْبَاتِ النُّونِ. (27) قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ فِيهِ أَنَّ حَمْلَ " الْ " فِي الْأَبْصَارِ لِلِاسْتِغْرَاقِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ يَدُلُّ عَلَيْهِ إذْ الْمُتَبَادَرُ الِاسْتِغْرَاقُ الْحَقِيقِيُّ الشَّامِلُ

الْمُعْتَزِلَةُ عَلَى امْتِنَاعِ الرُّؤْيَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ إذْ لَيْسَ الْإِدْرَاكُ بِمُطْلَقِ الرُّؤْيَةِ؛ وَلَا النَّفْيُ فِي الْآيَةِ عَامًّا فِي الْأَوْقَاتِ؛ فَلَعَلَّهُ مَخْصُوصٌ بِبَعْضِ الْحَالَاتِ، وَلَا فِي الْأَشْخَاصِ 28 - فَإِنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا: كُلُّ بَصَرٍ لَا يُدْرِكُهُ 29 - مَعَ أَنَّ النَّفْيَ لَا يُوجِبُ الِامْتِنَاعَ (انْتَهَى) ـــــــــــــــــــــــــــــQلِإِبْصَارِ الْمُؤْمِنِينَ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ مَبْنِيُّ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ تَعُمُّ حَمْلَ الْإِدْرَاكِ عَلَى الْإِحَاطَةِ الَّتِي نَفْيُهَا لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ أَصْلِ الرُّؤْيَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ رُؤْيَتِهِمْ إذْ نَفْيُ الْأَخَصِّ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْأَعَمِّ (انْتَهَى) . وَقِيلَ عَلَيْهِ أَيْضًا: إنَّ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ لَا يُنَاسِبُ النَّظَرَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ نَفْيُ الْعَامِّ وَاسْتُثْنِيَ مُؤْمِنُو الْبَشَرِ فَبَقِيَ عَلَى عُمُومِهِ فِي غَيْرِهِمْ وَهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَالْجِنُّ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَيْضَاوِيِّ تَأْوِيلٌ مُخَالِفٌ لِلظَّاهِرِ لَكِنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ (28) قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا كُلُّ بَصَرٍ يُدْرِكُهُ. يُرِيدُ أَنَّ الْقَضِيَّةَ الَّتِي وَرَدَ عَلَيْهِ النَّفْيُ هِيَ مَا ذَكَرَهُ فَيَصِيرُ الْحَاصِلُ بَعْدَ دُخُولِ النَّفْيِ لَيْسَ كُلُّ بَصَرٍ يُدْرِكُهُ وَهُوَ مِنْ سَلْبِ الْعُمُومِ لَا مِنْ عُمُومِ السَّلْبِ. (29) قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ النَّفْيَ لَا يُوجِبُ الِامْتِنَاعَ. يَعْنِي مَدْلُولُ النَّفْيِ عَدَمُ الْوُقُوعِ لَا عَدَمُ الْجَوَازِ فَكَمْ مِنْ شَيْءٍ غَيْرِ وَاقِعٍ يَجُوزُ وُقُوعُهُ

[أحكام المحارم]

أَحْكَامُ الْمَحَارِمِ الْمَحْرَمُ عِنْدَنَا مَنْ حَرُمَ نِكَاحُهُ عَلَى التَّأْبِيدِ بِنَسَبٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ أَوْ رَضَاعٍ. 1 - وَلَوْ بِوَطْءٍ حَرَامٍ؛ فَخَرَجَ بِالْأَوَّلِ وَلَد الْعُمُومَةِ وَالْخُؤُولَةِ وَبِالثَّانِي أُخْتُ الزَّوْجَةِ وَعَمَّتُهَا أَوْ خَالَتُهَا، وَشَمِلَ أُمَّ الْمَزْنِيِّ بِهَا وَبِنْتَهَا وَآبَاءَ الزَّانِي وَابْنَهُ وَأَحْكَامُهُ: تَحْرِيمُ النِّكَاحِ وَجَوَازُ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ وَالْمُسَافَرَةِ إلَّا الْمَحْرَمَ مِنْ الرَّضَاعِ، فَإِنَّ الْخَلْوَةَ بِهَا مَكْرُوهَةٌ 2 - وَكَذَا بِالصِّهْرَةِ الشَّابَّةِ، 3 - وَحُرْمَةُ النِّكَاحِ عَلَى التَّأْبِيدِ لَا مُشَارَكَةَ لِلْمَحْرَمِ فِيهَا؛ 4 - فَإِنَّ الْمُلَاعَنَةَ تَحِلُّ إذَا كَذَّبَ نَفْسَهُ 5 - أَوْ خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ، وَالْمَجُوسِيَّةُ تَحِلُّ بِالْإِسْلَامِ أَوْ بِتَهَوُّدِهَا أَوْ تَنَصُّرِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَحْكَامُ الْمَحَارِمِ] قَوْلُهُ: وَلَوْ بِوَطْءٍ حَرَامٍ. وَأَصَّلَ بِقَوْلِهِ أَوْ مُصَاهَرَةٍ فَحَقُّهُ أَنْ يَذْكُرَهُ بَعْدَهُ (2) قَوْلُهُ: وَكَذَا بِالصِّهْرَةِ الشَّابَّةِ أَقُولُ صَوَابُ الْعِبَارَةِ أَنْ يُقَالَ وَكَذَا بِالشَّابَّةِ الْمُحَرَّمَةِ بِالصِّهْرِيَّةِ بِيَاءِ الْمَصْدَرِيَّةِ إذْ لَا يُقَالُ: صِهْرَةٌ. (3) قَوْلُهُ: وَحُرْمَةُ النِّكَاحِ عَلَى التَّأْبِيدِ لَا مُشَارَكَةَ لِلْمَحْرَمِ فِيهَا مِنْ أَحَدٍ. أَيْ لَا يُشَارِكُهُ أَحَدٌ فِيهَا بَلْ هِيَ خَاصَّةٌ بِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَرَّازَةِ وَالرَّكَاكَةِ. (4) قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمُلَاعَنَةَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ كَمَا ضَبَطَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَلَمِهِ. أَيْ الْمَرْأَةَ الَّتِي لَاعَنَهَا زَوْجُهَا. (5) قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ. يَعْنِي بِأَنْ حُدَّ فِي قَذْفٍ.

6 - وَالْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا بِدُخُولِ الثَّانِي وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهِ، وَمَنْكُوحَةُ الْغَيْرِ بِطَلَاقِهَا وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَمُعْتَدَّةُ الْغَيْرِ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا. 7 - وَكَذَا لَا مُشَارَكَةَ لِلْمَحْرَمِ فِي جَوَازِ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ وَالسَّفَرِ، 8 - وَأَمَّا عَبْدُهَا فَكَالْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَكِنَّ الزَّوْجَ يُشَارِكُ الْمَحْرَمَ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَالنِّسَاءُ الثِّقَاتُ لَا يَقُمْنَ مَقَامَ الزَّوْجِ وَالْمَحْرَمِ فِي السَّفَرِ وَاخْتُصَّ الْمَحْرَمُ النَّسَبِيُّ بِأَحْكَامٍ: مِنْهَا عِتْقُهُ عَلَى قَرِيبِهِ لَوْ مَلِكَهُ؛ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْأَصْلِ وَالْفَرْعِ. وَمِنْهَا وُجُوبُ نَفَقَةِ الْفَقِيرِ الْعَاجِزِ عَلَى قَرِيبِهِ الْغَنِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ رَحِمًا مَحْرَمًا مِنْ جِهَةِ الْقَرَابَةِ، فَإِنَّ الْعَمَّ وَالْأَخَ مِنْ الرَّضَاعِ لَا يُعْتَقُ وَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ، 9 - وَيُغَسِّلُ الْمَحْرَمُ قَرِيبَتَهُ. وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ صَغِيرٍ وَمَحْرَمٍ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (6) قَوْلُهُ: وَالْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا بِدُخُولِ الثَّانِي. أَيْ مَعَ الْوَطْءِ لِأَنَّ الدُّخُولَ هُنَا لَا يَقُومُ مَقَامَ الْوَطْءِ بِالْإِجْمَاعِ. (7) قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا مُشَارَكَةَ لِلْمَحْرَمِ فِي جَوَازِ النَّظَرِ. أَيْ لَا مُشَارَكَةَ لِلْمَحْرَمِ فِي جَوَازِ النَّظَرِ إلَى غَيْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ مِنْ أَحَدٍ (8) قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَبْدُهَا فَكَالْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي: الْعَبْدُ يَدْخُلُ عَلَى مَوْلَاتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهَا بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ فِي النَّظَرِ إلَيْهَا كَالْأَجْنَبِيِّ يَنْظُرُ إلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وَلَا يَنْظُرُ إلَى مَوَاضِعِ زِينَتِهَا الْبَاطِنَةِ وَقَالَ مَالِكٌ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ يَحِلُّ لَهُ مِنْ سَيِّدَتِهِ مَا يَحِلُّ لِلْمَحْرَمِ، وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُسَافِرُ بِهَا (19) قَوْلُهُ: وَيُغَسِّلُ الْمَحْرَمُ قَرِيبَتَهُ. أَقُولُ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْقُهُسْتَانِيِّ لَوْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ فِي السَّفَرِ يَمَّمَهَا ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَفَّ أَجْنَبِيٌّ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً يَمَّمَهَا وَإِنْ مَاتَتْ أَمَةٌ يَمَّمَهَا أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ ثَوْبٍ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ رَجُلٌ بَيْنَ النِّسَاءِ يَمَّمَتْهُ ذَاتُ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ أَوْ أَمَتُهُ بِغَيْرِ ثَوْبٍ وَغَيْرُهَا بِثَوْبٍ، وَلَوْ مَاتَ غَيْرُ مُشْتَهًى وَمُشْتَهَاةٍ غَسَّلَهُ الرَّجُلُ أَوْ الْمَرْأَةُ وَلَا يُغَسِّلُ زَوْجَتَهُ وَتُغَسِّلُهُ إلَّا إذَا ارْتَفَعَ الزَّوْجِيَّةُ بِوَجْهٍ يَعْنِي بِأَنْ بَانَتْ مِنْهُ قَبْلَ

10 - إلَّا فِي عَشْرَةِ مَسَائِلَ ذَكَرْنَاهَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ؛ فَإِنْ فَرَّقَ صَحَّ الْبَيْعُ. وَمِنْهَا 11 - أَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ مَانِعَةٌ مِنْ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ وَتَخْتَصُّ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْمَحَارِمِ بِأَحْكَامٍ: مِنْهَا أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ أَحَدُهُمَا بِسَرِقَةِ مَالِ الْآخَرِ. وَمِنْهَا 12 - لَا يَقْضِي وَلَا يَشْهَدُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ. 13 - وَمِنْهَا تَحْرِيمُ مَوْطُوءَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَلَوْ بِزِنًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَوْتِهِ أَوْ ارْتَدَّتْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ قَبَّلَتْ ابْنَهُ أَوْ أَبَاهُ أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ (انْتَهَى) . مَعَ زِيَادَةٍ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَيُغَسِّلُ الْمَحْرَمُ قَرِيبَتَهُ غَيْرُ وَاقِعٍ مَوْقِعَهُ بَلْ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُعْتَبَرَاتِ وَمُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ نَفْسُهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ أَنَّهُ يَمَّمَهَا ذُو الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ مِنْهَا. (10) قَوْلُهُ: إلَّا فِي عَشَرِ مَسَائِلَ. ذَكَرْنَاهَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ أَقُولُ بَلْ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ كَمَا فِي النَّهْرِ شَرْحِ الْكَنْزِ. (11) قَوْلُهُ: إنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ مَانِعَةٌ مِنْ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ. أَقُولُ وَلَوْ كَانَ الْمَحْرَمُ كَافِرًا لِأَنَّ الْمَانِعَ الْمَحْرَمِيَّةُ دُونَ الْإِرْثِ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَحْرَمُ عَبْدًا كَمَا لَوْ وَهَبَ لِعَبْدِهِ وَالْعَبْدُ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْوَاهِبِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي الْهِبَةِ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْهِبَةَ لِأَيِّهِمَا وَقَعَتْ تَمْنَعُ الرُّجُوعَ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ وَهَبَ لِعَبْدِ أَخِيهِ أَوْ لِأَخِيهِ وَهُوَ عَبْدٌ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَقَعْ فِيهَا لِلْقَرِيبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِدَلِيلِ أَنَّ الْعَبْدَ أَحَقُّ بِمَا وُهِبَ لَهُ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَقَالَا لَا يَرْجِعُ فِي الْأُولَى وَيَرْجِعُ فِي الثَّانِيَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْمُصَنِّفِ (12) قَوْلُهُ: لَا يَقْضِي وَلَا يَشْهَدُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ. وَأَمَّا الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ أَحَدِهِمَا لِلْغَيْرِ فَيَجُوزُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (13) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا تَحْرِيمُ مَوْطُوءَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَلَوْ بِزِنًا. أَقُولُ يَتَرَتَّبُ عَلَى صَيْرُورَتِهَا مَحْرَمًا بِالْوَطْءِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا الرَّأْسَ وَالصَّدْرَ وَالسَّاقَيْنِ وَالْعَضُدَيْنِ وَقِيلَ إذَا ثَبَتَ الْحُرْمَةُ بِالزِّنَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ إلَّا إلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا

14 - وَمِنْهَا تَحْرِيمُ مَنْكُوحَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ. 15 - وَمِنْهَا لَا يَدْخُلُونَ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَتَخْتَصُّ الْأُصُولُ بِأَحْكَامٍ: مِنْهَا 16 - لَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُ أَصْلِهِ الْحَرْبِيِّ إلَّا دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ خَافَ رُجُوعَهُ ضَيَّقَ عَلَيْهِ وَأَلْجَأَهُ لِيَقْتُلَهُ غَيْرُهُ، وَلَهُ قَتْلُ فَرْعِهِ الْحَرْبِيِّ كَمَحْرَمِهِ. وَمِنْهَا لَا يُقْتَلُ الْأَصْلُ بِفَرْعِهِ وَيُقْتَلُ الْفَرْعُ بِأَصْلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQكَالْأَجْنَبِيَّةِ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْحُرْمَةِ فِيهِ بِطَرِيقِ الْعُقُوبَةِ عَلَى الزَّانِي لَا بِطَرِيقِ النِّعْمَةِ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَيْثُ ثُبُوتُ حُرْمَةِ النَّظَرِ فَتَبْقَى حَرَامًا عَلَى مَا كَانَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ اعْتِبَارًا لِلْحَقِيقَةِ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْحُرْمَةَ بِطَرِيقِ الْعُقُوبَةِ بَلْ بِطَرِيقِ الِاحْتِيَاطِ فِي بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ كَذَا فِي الزَّيْلَعِيِّ (14) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا تَحْرِيمُ مَنْكُوحَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ إلَّا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَى الْآخَرِ أَيْ لَوْ عَقَدَ الْأَبُ عَلَى امْرَأَةٍ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا تَحْرُمُ عَلَى الِابْنِ وَلَوْ عَقَدَ الِابْنُ عَلَى امْرَأَةٍ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا تَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ. (15) قَوْلُهُ: لَا يَدْخُلُونَ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ. يَعْنِي لَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ يَدْخُلُ الْمُحَرَّمَاتُ فَصَاعِدًا مِنْ ذَوِي رَحِمِهِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ كَمَا فِي الْإِرْثِ، وَلَا يَدْخُلُ الْوَلَدُ وَالْوَالِدَانِ فِي عِدَادِ الْأَقْرِبَاءِ إذْ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِمْ اسْمُ الْقَرِيبِ وَمَنْ سَمَّى وَالِدَهُ قَرِيبًا كَانَ عَاقًّا لِأَنَّهُ فِي الْعُرْفِ مَنْ يُتَقَرَّبُ بِوَاسِطَةِ الْغَيْرِ وَتَقَرُّبُ هَؤُلَاءِ بِأَنْفُسِهِمْ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْجَدُّ وَالْجَدَّةُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَاعْتَبَرَ الْأَقْرَبِيَّةَ لِاعْتِبَارِهَا فِي الْمِيرَاثِ، وَالْوَصِيَّةُ أُخْتُ الْمِيرَاثِ وَالْجَمْعُ الْمَذْكُورُ فِي الْمِيرَاثِ اثْنَانِ فَكَذَا فِي الْوَصِيَّةِ، وَاعْتَبَرَ الْمَحْرَمِيَّةَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْوَصِيَّةِ صِلَةُ الْقَرِيبِ فَيَخْتَصُّ بِهَا مَنْ يَسْتَحِقُّ الصِّلَةَ مِنْ قَرَابَتِهِ وَيَسْتَوِي فِيهَا الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ، هَذَا عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ كُلُّ قَرِيبٍ يَنْتَسِبُ إلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ إلَى أَقْصَى أَبٍ فِي الْإِسْلَامِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ وَالْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْكَافِرُ وَالْمُسْلِمُ كَذَا فِي الْمُعْتَبَرَاتِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ. (16) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا لَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُ أَصْلِهِ الْحَرْبِيِّ. أَقُولُ وَمَعَ هَذَا لَوْ قَتَلَهُ لَا يَجِبُ

17 - وَمِنْهَا لَا تَجُوزُ مُسَافَرَةُ الْفَرْعِ إلَّا بِإِذْنِ أَصْلِهِ دُون عَكْسِهِ. وَمِنْهَا لَوْ ادَّعَى الْأَصْلُ وَلَدَ جَارِيَةِ ابْنِهِ ثَبَتَ نَسَبُهُ. وَالْجَدُّ أَبُ الْأَبِ كَالْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ وَلَوْ حُكْمًا لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ بِخِلَافِ الْفَرْعِ إذَا ادَّعَى وَلَدَ جَارِيَةِ أَصْلِهِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْأَصْلِ. وَمِنْهَا لَا يَجُوزُ الْجِهَادُ إلَّا بِإِذْنِهِمْ بِخِلَافِ الْأُصُولِ لَا يَتَوَقَّفُ جِهَادُهُمْ عَلَى إذْنِ الْفُرُوعِ. وَمِنْهَا 18 - لَا تَجُوزُ الْمُسَافَرَةُ إلَّا بِإِذْنِهِمْ، إنْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُلْتَحِيًا فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ شَيْءٌ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ أَيْضًا لِأَنَّ شَيْئًا نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَيَعُمُّ نَفْيَ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالْإِثْمِ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَصِحُّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَخُصَّ قَوْلَ الزَّيْلَعِيِّ بِالْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ فَتَأَمَّلْ. (17) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا لَا تَجُوزُ مُسَافَرَةُ الْفَرْعِ إلَّا بِإِذْنِ أَصْلِهِ. يَشْمَلُ بِإِطْلَاقِهِ الْفَرْعَ الْبَالِغَ سَوَاءٌ اسْتَغْنَى الْأَصْلُ عَنْ خِدْمَتِهِ أَوْ لَا وَأَطْلَقَ الْمُسَافَرَةَ فَشَمِلَ السُّفْرَةَ لِلتِّجَارَةِ وَالْجِهَادِ وَالْعِلْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَفِي الْعِمَادِيَّةِ وَإِنْ سَافَرَ لِلْعِلْمِ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا إنْ لَمْ يَحْتَاجَا لِخِدْمَتِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ قِيلَ: هَذَا إذَا كَانَ مُلْتَحِيًا أَمَّا إذَا كَانَ أَمْرَدَ صَبِيحَ الْوَجْهِ فَلَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى مَوْضِعٍ يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْفِتْنَةُ وَالْفِسْقُ وَإِنْ يَحْتَاجَا أَوْ يَحْتَاجُ أَحَدُهُمَا إلَى الْخِدْمَةِ مَخُوفٌ غَالِبًا لَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ هُوَ السَّلَامَةُ فَلَهُ الْخُرُوجُ إلَى ذَلِكَ بَعْدَ رِضَائِهِمَا إنْ خَلَفَ نَفَقَتَهُمَا وَأُجْرَةَ خِدْمَتِهِمَا وَلَا يَخْرُجُ إلَى الْجِهَادِ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا مَا لَمْ يَكُنْ النَّفِيرُ عَامًّا وَإِنْ لَمْ يَحْتَاجَا إلَى شَيْءٍ لَكِنْ دَخَلَ عَلَيْهِمَا مَشَقَّةٌ بِخُرُوجِهِ إلَى ذَلِكَ أَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخْرُجَ لِأَنَّ إطَاعَةُ أَمْرِهِمَا فَرْضُ عَيْنٍ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً (انْتَهَى) وَفِي الزَّيْلَعِيِّ وَفِي غَيْرِ النَّفِيرِ الْعَامِّ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا وَكَذَا كُلُّ سَفَرٍ فِيهِ خَطَرٌ لِأَنَّ الْإِشْفَاقَ عَلَيْهِ يَضُرُّهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خَطَرٌ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا إذَا لَمْ يُضَيِّعْهُمَا وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ مِثْلُهُمَا عِنْدَ عَدَمِهِمَا وَبِهَذَا كُلُّهُ يُعْلَمُ مَا فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ. (18) قَوْلُهُ: لَا تَجُوزُ الْمُسَافَرَةُ إلَّا بِإِذْنِهِمْ إلَخْ. تَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ قَرِيبًا غَيْرُ مُقَيَّدٍ

19 - وَمِنْهَا إذَا دَعَاهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَجَبَتْ إجَابَتُهُ 20 - إلَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِكَوْنِهِ فِيهَا. وَلَمْ أَرَ حُكْمَ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ. وَيَنْبَغِي الْإِلْحَاقُ. وَمِنْهَا كَرَاهَةُ حُجَّةٍ بِدُونِ إذْنِ مَنْ كَرِهَهُ مِنْ أَبَوَيْهِ إنْ احْتَاجَ إلَى خِدْمَتِهِ. 21 - وَمِنْهَا جَوَازُ تَأْدِيبِ الْأَصْلِ فَرْعَهُ. 22 - وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ بِالْأَبِ فَالْأُمُّ وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ كَذَلِكَ. وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ. وَمِنْهَا تَبَعِيَّةُ الْفَرْعِ لِلْأَصْلِ فِي الْإِسْلَامِ. وَكَتَبْنَا مَسَائِلَ الْجَدِّ وَمَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ فِيهِ فِي فَنِّ الْفَوَائِدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQبِخَوْفِ الطَّرِيقِ وَمُجْمَلَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فَلَعَلَّ فَائِدَةَ إعَادَتِهَا التَّنْبِيهُ عَلَى حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَبَيَانِ التَّفْصِيلِ. (19) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا إذَا دَعَاهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ فِي الصَّلَاةِ. أَقُولُ إطْلَاقُهُ يَتَنَاوَلُ النَّوَافِلَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا صَارَتْ وَاجِبَةً بِالشُّرُوعِ (20) قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِكَوْنِهَا فِيهَا. أَقُولُ وَجْهُهُ أَنَّهُ دَعَاهُ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ تَعَنُّتٌ فَلَا تَقْتَضِي الْإِجَابَةُ بِخِلَافِ الدُّعَاءِ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ عَدَمَ إجَابَتِهِ حِينَئِذٍ نَوْعُ عُقُوقٍ يَسْتَدْعِي سَخَطَ الْأَصْلِ الَّذِي فِيهِ سَخَطُ اللَّهِ تَعَالَى. (21) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا جَوَازُ تَأْدِيبِ الْأَصْلِ فَرْعَهُ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يَشْتَمِلُ بِإِطْلَاقِهِ الْفَرْعَ الْبَالِغَ وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ لِانْقِطَاعِ الْوِلَايَةِ بِالْبُلُوغِ (انْتَهَى) . أَقُولُ ذَكَرَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ نُورُ الدِّينِ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ فِي شَرْحِهِ الْمُسَمَّى بِالرَّمْزِ عَلَى نَظْمِ الْكَنْزِ فِي بَابِ الْحَضَانَةِ نَقْلًا عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يُؤَدِّبَ وَلَدَهُ الْبَالِغَ إذَا وَقَعَ مِنْهُ شَيْءٌ (انْتَهَى) فَلْيُحْفَظْ. (22) قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ بِالْأَبِ. أَقُولُ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْإِمَامِ مَجْدِ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ مُحَمَّدِ الْأُسْرُوشَنِيِّ بَعْدَ كَلَامٍ: وَأَمَّا الْوَالِدَةُ إذَا ضَرَبَتْ وَلَدَهَا الصَّغِيرَ لِلتَّأْدِيبِ لَا شَكَّ أَنَّهَا تَضْمَنُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِهِمَا قَالَ بَعْضُهُمْ تَضْمَنُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَضْمَنُ انْتَهَى.

23 - وَمِنْهَا لَا يُحْبَسُونَ بِدَيْنِ الْفَرْعِ، وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ كَذَلِكَ. 24 - وَاخْتَصَّ الْأُصُولُ الذُّكُورُ بِوُجُوبِ الْإِعْفَافِ وَاخْتَصَّ الْأَبُ وَالْجَدُّ بِأَحْكَامٍ: مِنْهَا وِلَايَةُ الْمَالِ، فَلَا وِلَايَةَ لِلْأُمِّ فِي مَالِ الصَّغِيرِ إلَّا الْحِفْظُ وَشِرَاءُ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلصَّغِيرِ وَمِنْهَا تَوَلِّي طَرَفَيْ الْعَقْدِ؛ فَلَوْ بَاعَ الْأَبُ مَالَهُ مِنْ ابْنِهِ أَوْ اشْتَرَى وَلَيْسَ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ انْعَقَدَ بِكَلَامٍ وَاحِدٍ. 25 - وَمِنْهَا عَدَمُ خِيَارِ الْبُلُوغِ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَقَطْ، وَأَمَّا وِلَايَةُ الْإِنْكَاحِ فَلَا تَخْتَصُّ بِهِمَا فَتَثْبُتُ لِكُلِّ وَلِيٍّ سَوَاءٌ كَانَ عَصَبَةً أَوْ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، وَكَذَا الصَّلَاةُ فِي الْجِنَازَةِ لَا تَخْتَصُّ بِهِمَا. وَفِي الْمُلْتَقَطِ مِنْ النِّكَاحِ: لَوْ ضَرَبَ الْمُعَلِّمُ الْوَلَدَ بِإِذْنِ الْأَبِ فَهَلَكَ لَمْ يَغْرَمْ إلَّا أَنْ يَضْرِبَ ضَرْبًا لَا يُضْرَبُ مِثْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (23) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا لَا يُحْبَسُونَ بِدَيْنِ الْفَرْعِ. أَقُولُ مَحِلُّ هَذَا مَا لَمْ يَتَمَرَّدْ عَلَى الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ إذَا تَمَرَّدَ يُحْبَسُ. قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى أَبِيهِ مَهْرُ الْأُمِّ أَوْ دَيْنٌ آخَرُ فَأَقَرَّ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُحْبَسُ مَا لَمْ يَتَمَرَّدْ عَلَى الْحَاكِمِ فَإِذَا تَمَرَّدَ عَلَيْهِ يُحْبَسُ (24) قَوْلُهُ: وَاخْتَصَّ الْأُصُولُ الذُّكُورُ بِوُجُوبِ الْإِعْفَافِ. أَقُولُ الْإِعْفَافُ مَصْدَرُ الْفِعْلِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ وَالْمَعْنَى وَاخْتَصَّ الْأُصُولُ الذُّكُورُ بِوُجُوبِ أَنْ يُعَفُّوا أَيْ بِأَنْ يُعِفَّهُمْ فُرُوعُهُمْ إذَا احْتَاجُوا إلَى النِّكَاحِ وَكَانُوا مُعْسِرِينَ. (25) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا عَدَمُ خِيَارِ الْبُلُوغِ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَقَطْ. أَقُولُ ظَاهِرُهُ أَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ وَيَلْزَمُ وَلَا خِيَارَ لَهُمَا سَوَاءٌ كَانَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ كُفْءٍ أَوْ لَا ظَهَرَ سُوءُ اخْتِيَارِهِمَا أَوْ لَا، وَقَيَّدَهُ فِي الْفَتْحِ بِمَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ سُوءُ اخْتِيَارِهِمَا فِي ذَلِكَ فَإِنْ ظَهَرَ كَانَ الْعَقْدُ بَاطِلًا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ عَلَى الصَّحِيحِ وَعَلَيْهِ جَرَى فِي مَتْنِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ فَقَالَ وَلِلْوَلِيِّ إنْكَاحُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ وَلَوْ ثَيِّبًا وَلَزِمَ وَلَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ أَوْ بِغَيْرِ كُفْءٍ إنْ كَانَ الْوَالِي أَبًا أَوْ جَدًّا لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُمَا سُوءُ الِاخْتِيَارِ وَإِنْ عُرِفَ لَا.

26 - وَلَوْ ضَرَبَ بِإِذْنِ الْأُمِّ غَرِمَ الدِّيَةَ إذَا هَلَكَ. وَالْجَدُّ كَالْأَبِ عِنْدَ فَقْدِهِ، 27 - إلَّا فِي اثْنَتَيْ عَشَرَةَ مَسْأَلَةً ذَكَرْنَاهَا فِي الْفَوَائِد مِنْ كِتَابِ الْفَرَائِضِ وَذَكَرْنَا مَا خَالَفَ فِيهِ الْجَدُّ الصَّحِيحُ الْفَاسِدَ فَائِدَةٌ: يَتَرَتَّبُ عَلَى النَّسَبِ اثْنَا عَشَرَ حُكْمًا: تَوْرِيثُ الْمَالِ، 28 - وَالْوَلَاءُ، 29 - وَعَدَمُ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ، وَيُلْحَقُ بِهَا الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، 30 - وَتَحَمُّلُ الدِّيَةِ، 31 - وَوِلَايَةُ التَّزْوِيجِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (26) قَوْلُهُ: وَلَوْ ضَرَبَ بِإِذْنِ الْأُمِّ غَرِمَ الدِّيَةَ. أَقُولُ هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مِنْ ضَمَانِ الْأُمِّ لَوْ ضَرَبَتْهُ لِلتَّأْدِيبِ وَكَذَا عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُمَا مِنْ ضَمَانِهَا، وَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عَنْهُمَا الْقَائِلَةِ بِعَدَمِ الضَّمَانِ فَلَا يَتِمُّ. (27) قَوْلُهُ: إلَّا فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً إلَخْ. أَقُولُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي فَنِّ الْفَوَائِدِ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً (28) قَوْلُهُ: وَالْوَلَاءُ. أَيْ وَتَوْرِيثُ الْوَلَاءِ. (29) قَوْلُهُ: وَعَدَمُ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ لَعَلَّ الْمُرَادَ عَدَمُ نُفُوذِهَا وَإِلَّا فَهِيَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَةِ الْمُزَاحِمِ بِدَلِيلِ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ أَيْضًا عَلَى تَصْدِيقِ الْمُزَاحِمِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. (30) قَوْلُهُ: وَتَحَمُّلُ الدِّيَةِ. أَقُولُ فِيهِ إنَّ تَحَمُّلَ الدِّيَةِ لَا يَخْتَصُّ بِالنَّسَبِ حَتَّى يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ (31) قَوْلُهُ: وَوِلَايَةُ التَّزْوِيجِ. أَقُولُ فِيهِ إنَّ الْقَاضِيَ يَلِي النِّكَاحَ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ وَلَيْسَ قَرِيبًا وَلِذَا كَانَ قَوْلُهُمْ: كُلُّ مَنْ يَرِثُ يَلِي النِّكَاحَ قَضِيَّةٌ مُطَّرِدَةٌ غَيْرُ مُنْعَكِسَةٍ وَالْقَضَايَا الشَّرْعِيَّةُ يُشْتَرَطُ فِيهَا الِاطِّرَادُ دُونَ الِانْعِكَاسِ.

32 - وَوِلَايَةُ غُسْلِ الْمَيِّتِ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ، 33 - وَوِلَايَةُ الْمَالِ، وَوِلَايَةُ الْحَضَانَةِ، 34 - وَطَلَبُ الْحَدِّ، 35 - وَسُقُوطُ الْقِصَاصِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (32) قَوْلُهُ: وِلَايَةُ غُسْلِ الْمَيِّتِ. فَلَيْسَ لِغَيْرِ الْقَرِيبِ أَنْ يَتَقَدَّمَ لِغُسْلِهِ عِنْدَ وُجُودِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ. (33) قَوْلُهُ: وَوِلَايَةُ الْمَالِ. أَيْ التَّصَرُّفِ فِيهِ. أَقُولُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْأَبِ وَالْجَدِّ لِأَبٍ. (34) قَوْلُهُ: وَطَلَبُ الْحَدِّ. أَقُولُ وَكَذَا طَلَبُ الْقِصَاصِ. (35) قَوْلُهُ: وَسُقُوطُ الْقِصَاصِ. أَيْ وَصِحَّةُ إسْقَاطِ الْقِصَاصِ بِالْعَفْوِ أَوْ الصُّلْحِ

[أحكام غيبوبة الحشفة]

أَحْكَامُ غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ 1 - يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامٌ: وُجُوبُ الْغُسْلِ 2 - وَتَحْرِيمُ الصَّلَاةِ 3 - وَالسُّجُودِ وَالْخُطْبَةِ وَالطَّوَافِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَحَمْلِ الْمُصْحَفِ وَمَسِّهِ وَكِتَابَتِهِ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ، وَكَرَاهَةُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ قَبْلَ الْغُسْلِ، وَوُجُوبُ نَزْعِ الْخُفِّ، وَالْكَفَّارَةُ 4 - وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ بِدِينَارٍ وَفِي آخِرِهِ بِنِصْفِ دِينَارٍ. وَفَسَادُ الصَّوْمِ وَوُجُوبُ قَضَائِهِ وَالتَّعْزِيرُ وَالْكَفَّارَةُ وَعَدَمُ انْعِقَادِهِ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ مُخَالِصًا وَقَطْعُ التَّتَابُعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ، 5 - وَفِي الِاعْتِكَافِ وَفَسَادُ الِاعْتِكَافِ، وَالْحَجِّ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَالْعُمْرَةِ قَبْلَ طَوَافِ الْأَكْثَرِ، وَوُجُوبُ الْمُضِيِّ فِي فَاسِدِهِمَا وَقَضَائِهِمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَحْكَامُ غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ] قَوْلُهُ: أَحْكَامُ غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ. فِي الْقَامُوسِ: غَابَ الشَّيْءُ فِي الشَّيْءِ يَغِيبُ غِيَابَةً بِالْكَسْرِ وَغُيُوبَةً بِالضَّمِّ وَغِيَابًا وَغِيبَةً بِكَسْرِهِمَا (انْتَهَى) . وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُقَالُ غَيْبُوبَةً فِي مَصْدَرِ غَابَ الشَّيْءُ فِي الشَّيْءِ وَإِنَّمَا يُقَالُ فِي مَصْدَرِ غَابَ بِمَعْنَى بَعُدَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَيْضًا وَعَلَى هَذَا كَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: غُيُوبَةُ الْحَشَفَةِ. (2) قَوْلُهُ: وَتَحْرِيمُ الصَّلَاةِ. الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: وَعَدَمُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّحْرِيمِ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَلَكِنْ لَا يَتِمُّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَعْطُوفَاتِ. (3) قَوْلُهُ: وَالسُّجُودُ. أَيْ سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَإِلَّا فَسُجُودُ الصَّلَاةِ دَاخِلٌ فِيهَا. (4) قَوْلُهُ: وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ بِدِينَارٍ إلَخْ. لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ. (5) قَوْلُهُ: وَفِي الِاعْتِكَافِ. عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الصَّوْمِ وَلِذَا أَعَادَ الْجَارَّ.

وَوُجُوبُ الدَّمِ وَبُطْلَانُ خِيَارِ الشَّرْطِ لِمَنْ لَهُ، وَسُقُوطُ الرَّدِّ بِعَيْبٍ إذَا فَعَلَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ 6 - مُطْلَقًا 7 - وَقَبْلَهُ إنْ كَانَتْ بِكْرًا 8 - أَوْ نَقَصَهَا الْوَطْءُ. وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَثُبُوتُ الرَّجْعَةِ بِهِ، وَبَيْعُ الْعَبْدِ فِي مَهْرِهَا إذَا نَكَحَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، 9 - وَتَحْرِيمُ الرَّبِيبَةِ، وَتَحْرِيمُ أَصْلِ الْمَوْطُوءَةِ وَفَرْعِهَا عَلَيْهِ، وَتَحْرِيمُ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ عَلَيْهَا 10 - وَحِلُّهَا لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَلِسَيِّدِهَا الَّذِي طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ مِلْكِهَا، وَتَحْرِيمُ وَطْءِ أُخْتِهَا إذَا كَانَتْ أَمَةً، وَزَوَالُ الْعُنَّةِ وَإِبْطَالُ خِيَارِ الْعَتِيقَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (6) قَوْلُهُ: مُطْلَقًا. يَعْنِي بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا. (7) قَوْلُهُ: وَقَبْلَهُ إذَا كَانَتْ بِكْرًا. لِأَنَّ وَطْءَ الْبِكْرِ تَعْيِيبٌ لَهَا. (8) قَوْلُهُ: أَوْ نَقَصَهَا الْوَطْءُ. يَعْنِي إذَا كَانَتْ ثَيِّبًا وَنَقَصَهَا الْوَطْءُ بِأَنْ أَفْضَاهَا. (9) قَوْلُهُ: وَتَحْرِيمُ أَصْلِ الْمَوْطُوءَةِ إلَخْ. أَطْلَقَ الْمَوْطُوءَةَ فَشَمِلَ الْمَوْطُوءَةَ بِالزِّنَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَأَطْلَقَ الْمَوْطُوءَةَ فَشَمِلَ كُلَّ وَطْءٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ وَطْءُ امْرَأَةٍ رَتْقَاءَ بِالزِّنَا فَأَفْضَاهَا لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ الْوَطْءِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ كَوْنَهُ فِي الْفَرْجِ إذَا حَبِلَتْ أَوْ عَلِمَ كَوْنَهُ فِيهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَأَطْلَقَ فِي الْمَوْطُوءَةِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْمُشْتَهَاةِ فَلَوْ جَامَعَ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ثُبُوتُهَا قِيَاسًا عَلَى الْعَجُوزِ الشَّوْهَاءِ وَلَهُمَا أَنَّ الْعِلَّةَ وَطْءٌ هُوَ سَبَبٌ لِلْوَلَدِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي غَيْرِ الْمُشْتَهَاةِ بِخِلَافِ الْكَبِيرَةِ لِجَوَازِ وُقُوعِهِ كَمَا وَقَعَ لِزَكَرِيَّا وَإِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ فِي الْفَتْحِ وَلَهُ أَنْ يَقُولَ بِالْإِمْكَانِ الْعَقْلِيِّ. (10) قَوْلُهُ: وَحِلُّهَا لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَلِسَيِّدِهَا الَّذِي طَلَّقَهَا ثَلَاثًا. كَذَا فِي النُّسَخِ

11 - وَإِبْطَالُ خِيَارِ الْبُلُوغِ إذَا كَانَتْ بِكْرًا، وَكَمَالُ الْمُسَمَّى، 12 - وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ لِلْمُفَوَّضَةِ وَإِسْقَاطُ حَبْسِهَا نَفْسَهَا لِاسْتِيفَاءِ مَهْرٍ مُعَجَّلٍ مِنْ مَهْرِهَا عَلَى قَوْلِهِمَا، وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ الْمُعْتَقِ بِهِ، وَثُبُوتُ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ فِي طَلَاقِهَا وَكَوْنُهُ تَعْيِينًا فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ، وَثُبُوتُ الْفَيْءِ فِي الْإِيلَاءِ، 13 - وَوُجُوبُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لَوْ كَانَ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَوُجُوبُ الْعِدَّةِ 14 - وَمَنْعُ تَزْوِيجِهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمُفْتَى بِهِ، وَوُجُوبُ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى لِلْمُطَلَّقَةِ بَعْدَهُ، وَوُجُوبُ الْحَدِّ لَوْ كَانَ زِنًا 15 - أَوْ لِوَاطَةٍ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَذَبْحُ الْبَهِيمَةِ الْمَفْعُولِ بِهَا ثُمَّ حَرْقُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَبِخَطِّ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا وَهُوَ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ لِزَوْجِهَا الَّذِي طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ قَبْلَ مِلْكِهَا أَيْ يَتَرَتَّبُ عَلَى غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ بَعْدَ نِكَاحٍ صَحِيحٍ حِلُّهَا لِزَوْجِهَا الَّذِي صَارَ سَيِّدًا لَهَا بَعْدَمَا طَلَّقَهَا طَلْقَتَيْنِ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ: لَوْ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ بَعْدَ الثِّنْتَيْنِ لَا تَحِلُّ لَهُ بِوَطْئِهِ حَتَّى تُزَوَّجَ غَيْرَهُ. (11) قَوْلُهُ: وَإِبْطَالُ خِيَارِ الْبُلُوغِ إذَا كَانَتْ بِكْرًا. أَقُولُ ظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي فَصْلِ الْخِيَارَاتِ: وَخِيَارُ الْبُلُوغِ لِلثَّيِّبِ وَالْغُلَامِ يَمْتَدُّ إلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ وَالْعُمْرُ وَقْتٌ لَهُ. (12) قَوْلُهُ: وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ لِلْمُفَوَّضَةِ. أَيْ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ لَهَا أَمَّا قَبْلَهُ فَلَهَا الْمُتْعَةُ وُجُوبًا. (13) قَوْلُهُ: وَوُجُوبُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ إلَخْ. يَعْنِي فِيمَا إذَا حَلَفَ بِاَللَّهِ لَا يَطَأهَا. (14) قَوْلُهُ: وَمَنْعُ تَزْوِيجِهَا إلَخْ. أَيْ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ فِي أَمَتِهِ مَنْعُ تَزْوِيجِهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ (15) قَوْلُهُ: أَوْ لِوَاطَةٍ بِزَوْجَتِهِ. عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَيِّتَةٍ وَالتَّقْدِيرُ وَإِنْ كَانَ فِي لِوَاطَةٍ بِزَوْجَتِهِ.

[ما ثبت للحشفة من الأحكام ثبت لمقطوعها]

وَوُجُوبُ التَّعْزِيرِ إنْ كَانَ فِي مَيِّتَةٍ أَوْ مُشْتَرَكَةٍ أَوْ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهَا أَوْ مَحْرَمٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ أَوْ لِوَاطَةٍ بِزَوْجَتِهِ، وَثُبُوتُ الْإِحْصَانِ وَثُبُوتُ النَّسَبِ، 16 - وَوُقُوعُ الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ بِهِ، وَاسْتِحْقَاقُ الْعَزْلِ عَنْ الْقَضَاءِ وَالْوِلَايَةِ وَالْوِصَايَةِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ لَوْ كَانَ زِنًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (فَوَائِدُ) : الْأُولَى لَا فَرْقَ فِي الْإِيلَاجِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِحَائِلٍ أَوْ لَا، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَصِلَ الْحَرَارَةُ مَعَهُ. هَكَذَا ذَكَرُوهُ فِي التَّحْلِيلِ؛ فَتَجْرِي فِي سَائِرِ الْأَبْوَابِ [مَا ثَبَتَ لِلْحَشَفَةِ مِنْ الْأَحْكَامِ ثَبَتَ لِمَقْطُوعِهَا] الثَّانِيَةُ: مَا ثَبَتَ لِلْحَشَفَةِ مِنْ الْأَحْكَامِ ثَبَتَ لِمَقْطُوعِهَا إنْ بَقِيَ مِنْهُ قَدْرُهَا، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ قَدْرُهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَحْكَامِ وَيَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ لِكَوْنِهَا كُلِّيَّةً وَلَمْ أَرَهُ [الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ كَالْوَطْءِ فِي الْقُبُل] الثَّالِثَةُ: الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ كَالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ فَيَجِبُ بِهِ الْغُسْلُ وَيَحْرُمُ بِهِ مَا يَحْرُمُ بِالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ وَيَفْسُدُ الصَّوْمُ بِهِ اتِّفَاقًا. وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ: وَالْأَصَحُّ وُجُوبُهَا، وَيَفْسُدُ الْحَجُّ بِهِ قَبْلَ الْوُقُوفِ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَلَى قَوْلِهِ؛ وَالْأَصَحُّ فَسَادُهُ بِهِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَيَفْسُدُ بِهِ الِاعْتِكَافُ وَتَثْبُتُ بِهِ الرَّجْعَةُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: 17 - لَا تَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (16) قَوْلُهُ: وَوُقُوعُ الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ بِهِ بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ كَمَا فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى الْوَطْءِ الْمُتَعَقِّلِ فِي الذِّهْنِ [فَوَائِدُ] [لَا فَرْقَ فِي الْإِيلَاجِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِحَائِلٍ أَوْ لَا] (17) قَوْلُهُ: لَا تَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ. أَقُولُ ذَكَرَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يُفْتِي بِالْحُرْمَةِ احْتِيَاطًا آخِذًا بِقَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ (انْتَهَى) . وَهُوَ لَطِيفٌ حَسَنٌ إذْ لَا

18 - وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ بِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ إلَّا إذَا تَكَرَّرَ فَيُقْتَلُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ، وَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْإِحْصَانُ وَلَا التَّحْلِيلُ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَلَا فَيْءَ لِلْمُولِي، وَلَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْعُنَّةِ، وَلَا تَخْرُجُ بِهِ عَنْ كَوْنِهَا بِكْرًا فَيُكْتَفَى بِسُكُوتِهَا، وَلَا يَحِلُّ بِحَالٍ. وَالْوَطْءُ فِي الْقُبُلِ حَلَالٌ فِي الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ 19 - عِنْدَ عَدَمِ مَانِعٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ بِهِ خِيَارُ الشَّرْطِ وَالْعَيْبِ لِقَوْلِهِمْ بِسُقُوطِهِ بِالتَّقْبِيلِ وَالْمَسِّ بِشَهْوَةٍ، فَهَذَا أَوْلَى لِلدَّلَالَةِ عَلَى الرِّضَا، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: جَامَعَهَا فِي دُبُرِهَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ وَالْعِدَّةُ (انْتَهَى) . فَعَلَى هَذَا الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ لَا يُوجِبُ كَمَالَ الْمَهْرِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَلَا تَجِبُ بِهِ الْعِدَّةُ. لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ خَلْوَةٍ الرَّابِعَةُ: الْوَطْءُ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ كَالْوَطْءِ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى وَفِي الصَّحِيحِ يَجِبُ الْمُسَمَّى. ـــــــــــــــــــــــــــــQيَكُونُ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ أَدْنَى حَالًا مِنْ مَسِّهِ وَهُوَ تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ فَلَأَنْ تَثْبُتَ بِهِ أَوْلَى إذْ فِيهِ مَسٌّ وَزِيَادَةٌ. (18) قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ عِنْدَ الْإِمَامِ إلَّا إذَا تَكَرَّرَ فَيُقْتَلُ. أَقُولُ أَطْلَقَ فِي التَّكَرُّرِ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ وَقَدْ بَيَّنَهُ الْكَاكِيُّ فِي الْعُيُونِ حَيْثُ قَالَ: وَبِلِوَاطَةٍ يُعَزَّرُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَفِي الثَّانِيَةِ يُقْتَلُ (انْتَهَى) . يَعْنِي سِيَاسَةً قَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَوْ رَأَى الْإِمَامُ مَصْلَحَةً فِي قَتْلِ مَنْ اعْتَادَهُ جَازَ لَهُ قَتْلُهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ فِي حُكْمِ السِّيَاسَةِ أَنَّ الْإِمَامَ يَفْعَلُهَا وَلَمْ يَقُولُوا لِلْقَاضِي فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ الْحُكْمُ بِالسِّيَاسَةِ وَلَا الْعَمَلُ بِهَا. (19) قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ مَانِعٍ. تَخْرُجُ بِهِ الْأَمَةُ الْمَجُوسِيَّةُ

[لا يخلو الوطء بغير ملك اليمين عن مهر أو حد إلا في مسائل]

20 - الثَّانِيَةُ: الْحُرْمَةُ. 21 - الثَّالِثَةُ: عَدَمُ الْحِلِّ لِلْأَوَّلِ. الرَّابِعَةُ: عَدَمُ الْإِحْصَانِ بِهِ الْخَامِسَةُ: لِلْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَحْكَامٌ كَأَحْكَامِ الْوَطْءِ بِنِكَاحٍ؛ فَيُوجِبُ تَحْرِيمَهَا عَلَى أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ، وَتَحْرِيمُ أُصُولِهَا وَفُرُوعِهَا عَلَيْهِ، وَوُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ، وَحُرْمَةُ ضَمِّ أُخْتِهَا إلَيْهَا. وَيُخَالِفُ الْوَطْءَ بِالنِّكَاحِ فِي مَسَائِلَ: 22 - لَا يَثْبُتُ بِهِ التَّحْلِيلُ وَلَا الْإِحْصَانُ السَّادِسَةُ: كُلُّ حُكْمٍ تَعَلَّقَ بِالْوَطْءِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِنْزَالُ لِكَوْنِهِ تَبَعًا [لَا يَخْلُو الْوَطْءُ بِغَيْرِ مِلْكِ الْيَمِينِ عَنْ مَهْرٍ أَوْ حَدٍّ إلَّا فِي مَسَائِلَ] السَّابِعَةُ: لَا يَخْلُو الْوَطْءُ بِغَيْرِ مِلْكِ الْيَمِينِ عَنْ مَهْرٍ أَوْ حَدٍّ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: الذِّمِّيَّةُ إذَا نُكِحَتْ بِغَيْرِ مَهْرٍ مَثَلًا ثُمَّ أَسْلَمَا وَكَانُوا يَدِينُونَ أَنْ لَا مَهْرَ فَلَا مَهْرَ. الثَّانِيَةُ: نَكَحَ صَبِيٌّ بَالِغَةً حُرَّةً بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَوَطِئَهَا طَائِعَة؛ فَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ. الثَّالِثَةُ: زَوَّجَ أَمَتَهُ عَنْ عَبْدِهِ فَالْأَصَحُّ أَنْ لَا مَهْرَ. الرَّابِعَةُ: وَطِئَ الْعَبْدُ سَيِّدَتَهُ بِشُبْهَةٍ فَلَا مَهْرَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الثَّالِثَةِ أَنَّ الْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا. الْخَامِسَةُ: 23 - لَوْ وَطِئَ حَرْبِيَّةً فَلَا مَهْرَ لَهَا، وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْوَطْءُ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ كَالْوَطْءِ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ إلَّا فِي مَسَائِلَ] قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ الْحُرْمَةُ. أَيْ الْحُرْمَةَ الَّتِي تَثْبُتُ بِالْمُصَاهَرَةِ لَا تَثْبُتُ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَتَثْبُتُ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ. (21) قَوْلُهُ: الثَّالِثَةُ عَدَمُ الْحِلِّ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ. أَيْ لَا يَثْبُتُ الْحِلُّ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ إذَا أَبَانَ زَوْجَتَهُ بَيْنُونَةً كُبْرَى بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَيَثْبُتُ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ بِشَرْطِ الْوَطْءِ [لِلْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَحْكَامٌ] (22) قَوْلُهُ: لَا يَثْبُتُ بِهِ التَّحْلِيلُ إلَخْ. أَيْ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْوَطْءِ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ [كُلُّ حُكْمٍ تَعَلَّقَ بِالْوَطْءِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِنْزَالُ] (23) قَوْلُهُ: لَوْ وَطِئَ حَرْبِيَّةً فَلَا مَهْرَ. قِيلَ لَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ الْوَطْءِ هَلْ هُوَ بِشُبْهَةٍ

24 - السَّادِسَةُ: الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ إذَا وَطِئَ الْمَوْقُوفَةَ يَنْبَغِي أَنْ لَا مَهْرَ، وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ. السَّابِعَةُ: الْبَائِعُ لَوْ وَطِئَ الْجَارِيَةَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي 25 - وَهِيَ فِي حِفْظِي مَنْقُولَةٌ كَذَلِكَ. الثَّامِنَةُ: أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْوَطْءِ فَوَطِئَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ عَقْدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا ذِمِّيَّةٌ وَهَلْ الْوَطْءُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ دَارِ الْإِسْلَامِ بِدُخُولِهَا بِأَمَانٍ أَوْ وَطِئَهَا وَهِيَ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ (انْتَهَى) . أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْوَطْءُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِقَوْلِهِمْ الْوَطْءُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ مِلْكِ يَمِينٍ لَا يَخْلُو عَنْ عُقْرٍ أَوْ حَدٍّ. (24) قَوْلُهُ: السَّادِسَةُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ إذَا وَطِئَ الْمَوْقُوفَةَ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فِيهِ: إنَّ وَقْفَ الْحَيَوَانِ بَاطِلٌ عِنْدَنَا اللَّهُمَّ الْآنَ يَحْكُمُ بِهِ مَنْ يَرَى صِحَّتَهُ أَقُولُ وَقْفُ الْحَيَوَانِ إنَّمَا يَكُونُ بَاطِلًا إذَا كَانَ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ أَمَّا إذَا كَانَ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ فَصَحِيحٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَصَحَّ وَقْفُ الْعَقَارِ بِبَقَرَةٍ وَأَكْرَتْهُ وَقَدْ أَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْعَبِيدَ يَصِحُّ وَقْفُهُمْ تَبَعًا لِلضَّيْعَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَحْكَامَهُمْ فِي الْبَقَاءِ مِنْ التَّزْوِيجِ وَالْجِنَايَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَحُكْمُهُمْ عَلَى الْعُمُومِ حُكْمُ الْأَرِقَّاءِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَهُ بِلَا إذْنٍ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَلَوْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ جَارِيَةَ الْوَقْفِ جَازَ وَعَبْدُهُ لَا يَجُوزُ وَلَوْ مِنْ أَمَةِ الْوَقْفِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَاضِي وَالسُّلْطَانِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الْإِسْعَافِ، وَإِنْ جَنَى أَحَدٌ مِنْهُمْ فَعَلَى الْمُتَوَلِّي مَا هُوَ الْأَصْلَحُ مِنْ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ وَلَوْ فَدَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ كَانَ مُتَطَوِّعًا فِي الزَّائِدِ فَيَضْمَنُهُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ فَدَاهُ أَهْلُ الْوَقْفِ كَانُوا مُتَطَوِّعِينَ وَيَبْقَى الْعَبْدُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ فِي الصَّدَقَةِ (انْتَهَى) . وَفِي الْخُلَاصَةِ يَجُوزُ وَقْفُ الْغِلْمَانِ وَالْجَوَارِي عَلَى مَصَالِحِ الرِّبَاطِ (انْتَهَى) . وَبِهِ يَظْهَرُ سُقُوطُ مَا قَالَهُ هَذَا الْبَعْضُ فَضْلًا عَنْ الْحَاجَةِ إلَى مَا تَكَلَّفَهُ. (25) قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي حِفْظِي مَنْقُولَةٌ كَذَلِكَ: أَقُولُ نَقَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ الْفَنِّ الثَّانِي عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ.

[إذا اختلف الزوجان في الوطء فالقول لها فيه إلا في مسائل]

ظَانًّا الْحِلَّ يَنْبَغِي أَنْ لَا مَهْرَ. وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ. التَّاسِعَةُ: الَّذِي يُحَرِّمُ عَلَى الرَّجُلِ وَطْءَ زَوْجَتِهِ مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ: الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَالصَّوْمُ الْوَاجِبُ وَضِيقُ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَافُ وَالْإِحْرَامُ وَالْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَعِدَّةُ وَطْءِ الشُّبْهَةِ، وَإِذَا صَارَتْ مُفْضَاةً اخْتَلَطَ قُبُلُهَا وَدُبُرُهَا فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ إتْيَانُهَا حَتَّى يَتَحَقَّقَ وُقُوعَهُ فِي قُبُلِهَا، وَفِيمَا إذَا كَانَتْ لَا تَحْتَمِلُهُ لِصِغَرٍ أَوْ مَرَضٍ. 27 - أَوْ سِمَنِهِ، وَعِنْدَ امْتِنَاعِهَا لِقَبْضِ مُعَجَّلِ مَهْرِهَا لَمْ يَحِلَّ كَرْهًا، وَفِي بَعْضِ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَحْرُمُ وَطْءُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهَا قِصَاصٌ وَلَيْسَ بِهَا حَبَلٌ ظَاهِرٌ يَحْدُثُ حَمْلٌ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِيفَاءِ مَا وَجَبَ عَلَيْهَا. الْعَاشِرَةُ: إذَا حُرِّمَ الْوَطْءُ حُرِّمَتْ دَوَاعِيهِ؛ إلَّا فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالصَّوْمِ لِمَنْ أَمِنَ فَتَحْرُمُ فِي الِاعْتِكَافِ 28 - وَالْإِحْرَامِ مُطْلَقًا وَالظِّهَارِ وَالِاسْتِبْرَاءِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْوَطْءِ 29 - فَالْقَوْلُ لَهَا فِيهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: ادَّعَى الْعِنِّينُ الْإِصَابَةَ وَأَنْكَرَتْ وَقُلْنَ ثَيِّبٌ، فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا إنْ كَانَتْ بِكْرًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (26) قَوْلُهُ: ظَانًّا الْحِلَّ. أَفَادَ بِمَفْهُومِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْبَغِ الْحِلَّ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ ذَلِكَ (27) قَوْلُهُ: أَوْ سِمَنِهِ. أَيْ الْوَاطِئِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ ضَبْطِ الْمُصَنِّفِ لَهُ بِالْقَلَمِ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي بِخَطِّهِ (28) قَوْلُهُ: وَالْإِحْرَامُ مُطْلَقًا. يَعْنِي سَوَاءٌ أَمِنَ أَوْ لَا [إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْوَطْءِ فَالْقَوْلُ لَهَا فِيهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ] (29) قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لَهَا. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ لِأَنَّهَا تُنْكِرُ سُقُوطَ الْمَهْرِ.

وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ التَّأْجِيلِ أَوْ بَعْدَهُ. الثَّانِيَةُ: الْمُولِي إذَا ادَّعَى الْوُصُولَ إلَيْهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ لَا بَعْدَ مُضِيِّهَا. الثَّالِثَةُ: لَوْ قَالَتْ طَلَّقْتنِي بَعْدَ الدُّخُولِ وَلِي كَمَالُ الْمَهْرِ. وَقَالَ قَبْلَهُ وَلَك نِصْفُهُ، فَالْقَوْلُ لَهَا 30 - لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا وَلَهُ فِي الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى فِي الْعِدَّةِ وَفِي حِلِّ بِنْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا وَأُخْتِهَا لِلْحَالِ؛ فَلَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِزَمَنٍ تَحْتَمِلُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ. وَيَرْجِعُ إلَى قَوْلِهَا فِي تَكْمِيلِ الْمَهْرِ فَإِنْ لَاعَنَ بِنَفْيِهِ 31 - عُدْنَا إلَى تَصْدِيقِهِ. هَكَذَا فَهِمْته مِنْ كَلَامِهِمْ وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ صَرِيحًا. الرَّابِعَةُ: ادَّعَتْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا أَنَّ الثَّانِي دَخَلَ بِهَا؛ 32 - فَالْقَوْلُ لَهَا لِحِلِّهَا لِلْمُطَلِّقِ لَا لِكَمَالِ الْمَهْرِ. الْخَامِسَةُ: 33 - لَوْ عَلَّقَهُ بِعَدَمِ وَطْئِهِ الْيَوْمَ فَادَّعَتْ عَدَمَهُ وَادَّعَاهُ، فَالْقَوْلُ لَهُ لِإِنْكَارِهِ وُجُودَ الشَّرْطِ. قَالَ فِي الْكَنْزِ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الشَّرْطِ فَالْقَوْلُ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (30) قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ. أَقُولُ الصَّوَابُ فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَلَهُ فِي الْمَهْرِ. (31) قَوْلُهُ: عُدْنَا إلَى تَصْدِيقِهِ. يَعْنِي فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ. (32) قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لَهَا لِحِلِّهَا إلَى آخِرِهِ. أَقُولُ حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ فِي حِلِّهَا لَا فِي كَمَالِ الْمَهْرِ. (33) قَوْلُهُ: لَوْ عَلَّقَهُ بِعَدَمِ وَطْئِهِ. أَقُولُ يُزَادُ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى مَذْكُورَةٌ فِي الْحَافِظِيَّةِ وَهِيَ لَوْ ادَّعَى بَعْدَ الْخَلْوَةِ بِهَا وَطِئَهَا فَالْقَوْلُ لَهُ حَتَّى كَانَ لَهُ مُرَاجَعَتُهَا وَنَصُّ عِبَارَتِهَا: قَالَ بَعْدَ الْخَلْوَةِ وَطِئْتُ وَأَنْكَرَتْ فَلَهُ الرَّجْعَةُ (انْتَهَى) . وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ إذْ لَوْلَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ لَمَا ثَبَتَ لَهُ الرَّجْعَةُ

[أحكام العقود]

أَحْكَامُ الْعُقُودِ هِيَ أَقْسَامٌ: لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ: الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ وَالسَّلَمُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالْمُرَابَحَةُ وَالْوَضِيعَةُ 1 - وَالتَّشْرِيكُ وَالصُّلْحُ وَالْحَوَالَةُ. إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي الْفَوَائِدِ مِنْهَا؛ وَالْإِجَارَةُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الْفَوَائِدِ مِنْهَا، وَالْهِبَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ 2 - وَوُجُودُ مَانِعٍ مِنْ الْمَوَانِعِ السَّبْعَةِ 3 - وَالصَّدَاقُ وَالْخُلْعُ بِعِوَضٍ 4 - وَالنِّكَاحُ الْخَالِي عَنْ الْخِيَارَيْنِ. أَيْ خِيَارِ الْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: وَنِكَاحُ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْحُرِّ امْرَأَةً كَذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَحْكَامُ الْعُقُودِ] قَوْلُهُ: وَالتَّشْرِيكُ. قِيلَ: الْمُرَادُ مِنْهُ مَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا مَثَلًا وَقَالَ لِآخَرَ أَشْرَكْتُك فِيهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ أَوْ قَالَ: مَا اشْتَرَيْت الْيَوْمَ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَك وَهَذَا يُخَالِفُ الشَّرِكَةَ فِي عَقْدِ التِّجَارَةِ. (2) قَوْلُهُ: وَوُجُودُ مَانِعٍ. أَيْ وَبَعْدَ وُجُودِ مَانِعٍ. (3) قَوْلُهُ: وَالصَّدَاقُ. أَقُولُ فِيهِ: إنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْعُقُودِ بَلْ مِنْ أَحْكَامِ عَقْدِ النِّكَاحِ. (4) قَوْلُهُ: وَالنِّكَاحُ الْخَالِي عَنْ الْخِيَارَيْنِ. فَإِنْ قِيلَ النِّكَاحُ لَيْسَ لَازِمًا مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الطَّلَاقِ قُلْت هُوَ لَازِمٌ كَالْبَيْعِ وَقُدْرَتُهُ عَلَى الطَّلَاقِ لَا تُوجِبُ كَوْنَهُ جَائِزًا إنَّمَا هُوَ تَصَرُّفٌ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْجَوَازُ كَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَبِيعِ وَهُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَقِيلَ جَائِزٌ غَيْرُ لَازِمٍ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ

وَجَائِزٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ: الشَّرِكَةُ وَالْوَكَالَةُ وَالْمُضَارَبَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَالْعَارِيَّةُ وَالْإِيدَاعُ وَالْقَرْضُ وَالْقَضَاءُ وَسَائِرُ الْوِلَايَاتِ إلَّا الْإِمَامَةَ الْعُظْمَى وَجَائِزٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَقَطْ: الرَّهْنُ جَائِزٌ مِنْ جَانِبِ الْمُرْتَهِنِ وَلَازِمٌ مِنْ جَانِبِ الرَّاهِنِ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَالْكِتَابَةُ جَائِزَةٌ مِنْ جَانِبِ الْعَبْدِ لَازِمَةٌ مِنْ جَانِبِ السَّيِّدِ، وَالْكَفَالَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الْمُطَالِبِ لَازِمَةٌ مِنْ جَانِبِ الْكَفِيلِ، وَعَقْدُ الْأَمَانِ جَائِزٌ مِنْ قِبَلِ الْحَرْبِيِّ لَازِمٌ مِنْ جَانِبِ الْمُسْلِمِ تَنْبِيهٌ: مِنْ الْجَائِزِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ: تَوْلِيَةُ الْقَضَاءِ فَلِلسُّلْطَانِ عَزْلُهُ وَلَوْ بِلَا جُنْحَةٍ، كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ، 6 - وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ. وَأَمَّا الْوِلَايَةُ عَلَى مَالِ الْيَتِيمِ بِالْوِصَايَةِ؛ فَإِنْ كَانَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ فَهِيَ لَازِمَةٌ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي؛ فَلَا يَمْلِكُ الْقَاضِي عَزْلَهُ إلَّا بِخِيَانَةٍ أَوْ عَجْزٍ ظَاهِرٍ. وَمِنْ جَانِبِ الْوَصِيِّ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَجَائِزٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. أَقُولُ الْجَوَازُ يُطْلَقُ فِي السُّنَّةِ حَمْلُهُ فِي الشَّرِيعَةِ عَلَى أُمُورٍ: أَحَدُهَا رَفْعُ الْحَرَجِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا أَوْ مَكْرُوهًا، الثَّانِي عَلَى مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ وَهُوَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ، الثَّالِثُ عَلَى مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ وَهُوَ اصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ فِي الْعُقُودِ فَيَقُولُونَ: الْوَكَالَةُ وَالشَّرِكَةُ عَقْدَانِ جَائِزَانِ وَيَعْنُونَ بِهِ مَا لِلْعَاقِدِ فَسْخُهُ (6) قَوْلُهُ: وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ. أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِعِلْمِ مَنْ قَلَّدَهُ أَوْ بِحَضْرَةِ مَنْ قَلَّدَهُ كَمَا قَالُوا فِي وَصِيِّ الْقَاضِي: لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ بِحَضْرَتِهِ وَكَمَا قَالُوا فِي عَزْلِ الْوَكِيلِ نَفْسَهُ يَنْعَزِلُ إذَا عَلِمَ الْمُوَكِّلُ هَكَذَا قُلْته تَفَقُّهًا ثُمَّ رَأَيْتُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ: الْقَاضِي قَالَ عَزَلْت نَفْسِي أَوْ أَخْرَجْت نَفْسِي عَنْ الْقَضَاءِ وَكَتَبَ بِهِ إلَى السُّلْطَانِ يَنْعَزِلُ إذَا عَلِمَ لَا قَبْلَهُ كَوَكِيلٍ وَقِيلَ لَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي بِعَزْلِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْعَامَّةِ وَحَقُّ الْعَامَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِقَضَائِهِ فَلَا يَمْلِكُ عَزْلَ نَفْسِهِ.

7 - فَلَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ عَزْلَ نَفْسِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي وَصَايَا الْفَوَائِدِ، 8 - وَإِنْ كَانَ وَصِيَّ الْقَاضِي فَلَا، لِأَنَّ لِلْقَاضِي عَزْلَهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ، وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ بِحَضْرَةِ الْقَاضِي، 9 - وَقَدْ ذَكَرْنَا التَّوْلِيَةَ عَلَى الْأَوْقَافِ فِي وَقْفِ الْفَوَائِدِ تَقْسِيمٌ: فِي الْعُقُودِ: 10 - الْبَيْعُ نَافِذٌ وَمَوْقُوفٌ وَلَازِمٌ وَغَيْرُ لَازِمٍ وَفَاسِدٌ وَبَاطِلٌ. وَضَبَطَ الْمَوْقُوفَ فِي الْخُلَاصَةِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ، وَزِدْت عَلَيْهَا ثَمَانِيَةً: تَكْمِيلٌ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ (7) قَوْلُهُ: فَلَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ عَزْلَ نَفْسِهِ. عَلَى مَا صَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ كَمَا فِي فَتَاوَى الشَّمْسِ الْحَانُوتِيِّ. (8) قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ وَصِيَّ الْقَاضِي فَلَا. لِأَنَّ لِلْقَاضِي عَزْلَهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. نَصُّ عِبَارَتِهَا: نَصَّبَ الْقَاضِي وَصِيًّا أَمِينًا كَافِيًا ثُمَّ عَزَلَهُ لَا يَنْعَزِلُ لِأَنَّهُ اشْتِغَالٌ بِمَا لَا يُفِيدُ وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى: الْوَصِيُّ إنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا يَعْزِلُهُ الْقَاضِي وَيُنَصِّبُ غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا غَيْرَ كَافٍ يَضُمُّ إلَيْهِ كَافِيًا وَلَوْ عَزَلَهُ يَنْعَزِلُ وَكَذَا لَوْ عَزَلَ الْعَدْلَ الْكَافِيَ يَنْعَزِلُ وَاسْتَبْعَدَهُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقَاضِي لِأَنَّهُ مُخْتَارُ الْمَيِّتِ. قَالَ أُسْتَاذُنَا فَإِذَا كَانَ يَنْعَزِلُ وَصِيُّ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا فَكَيْفَ وَصِيُّ الْقَاضِي (انْتَهَى) . وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَصِيُّ الْقَاضِي لَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْعَزِلَ إلَّا بِعِلْمِ الْقَاضِي كَوَكِيلٍ وَقَاضٍ وَلَوْ أَرَادَ وَصِيٌّ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْوِصَايَةِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي لَوْ كَانَ كَافِيًا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْرِجَهُ فَلَوْ عَزَلَهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ (انْتَهَى) . (9) قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرْنَا التَّوْلِيَةَ عَلَى الْأَوْقَافِ. أَقُولُ بَقِيَ تَوْلِيَةُ الْحُكْمِ ذَكَرَهَا الزَّيْلَعِيُّ فِي التَّحْكِيمِ وَعِبَارَتُهُ: التَّحْكِيمُ مِنْ الْأُمُورِ الْجَائِزَةِ مِنْ غَيْرِ لُزُومٍ فَيَسْتَبِدُّ أَحَدُهُمَا بِنَقْضِهِ كَمَا فِي الْمُضَارَبَاتِ وَالشَّرِكَاتِ وَالْوَكَالَاتِ (10) قَوْلُهُ: الْبَيْعُ نَافِذٌ وَمَوْقُوفٌ إلَى آخِرِهِ. أَقُولُ فِي الْعِبَارَةِ قُصُورٌ وَحَقُّهَا أَنْ

11 - الْبَاطِلُ وَالْفَاسِدُ عِنْدَنَا فِي الْعِبَادَاتِ مُتَرَادِفَانِ 12 - وَفِي النِّكَاحِ كَذَلِكَ، لَكِنْ قَالُوا: نِكَاحُ الْمَحَارِمِ فَاسِدٌ عِنْد أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ فَلَا حَدَّ، وَبَاطِلٌ عِنْدَهُمَا رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَيُحَدُّ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: نِكَاحُ الْمَحَارِمِ؛ قِيلَ بَاطِلٌ وَسَقَطَ الْحَدُّ لِشُبْهَةِ الِاشْتِبَاهِ، وَقِيلَ فَاسِدٌ وَسَقَطَ الْحَدُّ لِشُبْهَةِ الْعَقْدِ (انْتَهَى) . وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ، فَمُتَبَايِنَانِ فَبَاطِلُهُ مَا لَا يَكُونُ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ وَوَصْفِهِ، وَفَاسِدُهُ مَا كَانَ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ دُونَ وَصْفِهِ، وَحُكْمُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ، وَحُكْمُ الثَّانِي أَنَّهُ يُمْلَكُ بِهِ. وَأَمَّا فِي الْإِجَارَةِ فَمُتَبَايِنَانِ؛ قَالُوا لَا يَجِبُ الْأَجْرُ فِي الْبَاطِلَةِ، كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِيكَهُ لِحَمْلِ طَعَامٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُقَالَ الْبَيْعُ أَقْسَامٌ صَحِيحٌ وَفَاسِدٌ وَبَاطِلٌ وَمَكْرُوهٌ وَالصَّحِيحُ نَافِذٌ وَمَوْقُوفٌ وَلَازِمٌ وَغَيْرُ لَازِمٍ. (11) قَوْلُهُ: الْبَاطِلُ وَالْفَاسِدُ عِنْدَنَا فِي الْعِبَادَاتِ مُتَرَادِفَانِ. أَقُولُ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ أَنَّ الْبَاطِلَ مَا انْتَفَى رُكْنُهُ أَوْ شَرْطُهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْعِبَادَةِ أَوْ الْمُعَامَلَةِ كَصَلَاةٍ بِلَا وُضُوءٍ وَنِكَاحٍ بِلَا شُهُودٍ وَكَثِيرًا مَا يُطْلَقُ الْفَاسِدُ عَلَيْهِ وَبِالْعَكْسِ وَالْفَاسِدُ لُغَةً الذَّاهِبُ الرَّوْنَقِ وَشَرْعًا مَا وُجِدَ أَرْكَانُهُ وَشُرُوطُهُ دُونَ أَوْصَافِهِ الْخَارِجِيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ شَرْعًا كَبَيْعِ خَمْرٍ وَصَلَاةٍ بِلَا فَاتِحَةٍ (انْتَهَى) . وَقَدْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْبَاطِلَ وَالْفَاسِدَ فِي الْعِبَادَاتِ غَيْرُ مُتَرَادِفَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ غَرِيبٍ. (12) قَوْلُهُ: وَفِي النِّكَاحِ كَذَلِكَ. يَعْنِي أَنَّ الْبَاطِلَ وَالْفَاسِدَ فِي بَابِ النِّكَاحِ مُتَرَادِفَانِ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْمِلْكِ فِي بَابِ النِّكَاحِ مَعَ الْمُنَافِي وَإِنَّمَا يَثْبُتُ ضَرُورَةَ تَحَقُّقِ الْمَقَاصِدِ مِنْ حِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ لِلتَّوَالُدِ وَالتَّنَاسُلِ فَلَا حَاجَةَ إلَى عَقْدٍ لَا يَتَضَمَّنُ الْمَقَاصِدَ فَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ، فَإِنْ قُلْت: فَإِذَا كَانَ بَاطِلًا كَيْفَ تُرَتَّبَ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ كَثُبُوتِ النَّسَبِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ وَسُقُوطِ الْحَدِّ وَغَيْرِهَا.؟ قُلْتُ لِتَحَقُّقِ شُبْهَةِ الْعَقْدِ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ مِمَّا تَثْبُتُ بِالشُّبُهَاتِ كَذَا فِي حَوَاشِي فُصُولِ الْبَدَائِعِ.

مُشْتَرَكٍ، وَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي الْفَاسِدَةِ، وَأَمَّا فِي الرَّهْنِ فَقَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: 13 - فَاسِدُهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ، وَبَاطِلُهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ بِالْإِجْمَاعِ، وَيَمْلِكُ الْحَبْسَ لِلدَّيْنِ فِي فَاسِدِهِ دُونَ بَاطِلِهِ، وَمِنْ الْبَاطِلِ: لَوْ رَهَنَ شَيْئًا بِأَجْرِ نَائِحَةٍ أَوْ مُغَنِّيَةٍ، وَأَمَّا فِي الصُّلْحِ 14 - فَقَالُوا: مِنْ الْفَاسِدِ الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ بَعْدَ دَعْوَى فَاسِدَةٍ. وَالصُّلْحُ الْبَاطِلُ: الصُّلْحُ عَنْ الْكَفَالَةِ وَالشُّفْعَةِ وَخِيَارِ الْعِتْقِ وَقَسَمِ الْمَرْأَةِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَخِيَارِ الْبُلُوغِ؛ فَفِيهَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ وَيَرْجِعُ الدَّافِعُ بِمَا دَفَعَ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَأَمَّا فِي الْكَفَالَةِ فَقَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: إذَا ادَّعَى بِحُكْمٍ كَفَالَةً فَاسِدَةً رَجَعَ بِمَا أَدَّى؛ فَالْكَفَالَةُ بِالْأَمَانَاتِ بَاطِلَةٌ (انْتَهَى) . 15 - وَلَمْ يَتَّضِحْ الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ فِي الرَّهْنِ وَالْكَفَالَةِ بِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (13) قَوْلُهُ: فَاسِدُهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ. فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِتَاجِ الشَّرِيعَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ رَهْنُ الْمُشَاعِ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ بَاطِلٌ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْكَرْخِيِّ حَتَّى لَوْ قَبَضَ كَذَلِكَ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ وَلَوْ قَبَضَ بَعْضَهُ لَا يَكُونُ رَهْنًا إلَّا بِتَجْدِيدِ الْعَقْدِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ فَاسِدٌ حَتَّى لَوْ قَبَضَ مُشَاعًا يَكُونُ مَضْمُونًا، وَلَوْ قَبَضَ مُفْرَزًا يَعُودُ إلَى الْجَوَازِ (انْتَهَى) . وَمِثْلُهُ فِي النِّهَايَةِ. (14) قَوْلُهُ: فَقَالُوا مِنْ الْفَاسِدِ الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ إلَخْ. أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلٌ ضَعِيفٌ وَالصَّحِيحُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ صِحَّةِ الدَّعْوَى كَمَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ وَفِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ: الصُّلْحُ عَنْ الدَّعْوَى الْفَاسِدَةِ يَصِحُّ وَعَنْ الْبَاطِلَةِ. (15) قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَّضِحْ الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ فِي الرَّهْنِ وَالْكَفَالَةِ إلَخْ. أَقُولُ دَعْوَى عَدَمِ الِاتِّضَاحِ بِمَا ذُكِرَ فِي الْكَفَالَةِ مُسَلَّمٌ، وَأَمَّا فِي الرَّهْنِ فَلَا، هَذَا وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ الْفَرْقَ بَيْنَ فَاسِدِ الدَّعْوَى وَبَاطِلِهَا

ذَكَرْنَا فَلْيُرْجَعْ إلَى الْكُتُبِ الْمُطَوَّلَةِ. وَأَمَّا الْكِتَابَةُ؛ فَفَرَّقُوا فِيهَا بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ؛ فَيُعْتِقُ بِأَدَاءِ الْعَيْنِ فِي فَاسِدِهَا كَالْكِتَابَةِ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ؛ وَلَا يَعْتِقُ فِي بَاطِلِهَا كَالْكِتَابَةِ عَلَى مَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ. وَأَمَّا الشَّرِكَةُ؛ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فَالشَّرِكَةُ فِي الْمُبَاحِ بَاطِلَةٌ، وَفِي غَيْرِهِ إذَا فُقِدَ شَرْطٌ فَاسِدَةٌ. فَائِدَةٌ. الْبَاطِلُ وَالْفَاسِدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ مُتَرَادِفَانِ إلَّا فِي الْكِتَابَةِ وَالْخُلْعِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْوَكَالَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْقَرْضِ وَفِي الْعِبَادَاتِ فِي الْحَجِّ، ذَكَرَهُ الْأُسْيُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[أحكام الفسوخ]

أَحْكَامُ الْفُسُوخِ وَحَقِيقَتُهُ: حَلُّ ارْتِبَاطِ الْعَقْدِ؛ إذَا انْعَقَدَ الْبَيْعُ لَمْ يَتَطَرَّقْ إلَيْهِ الْفَسْخُ إلَّا بِأَحَدِ أَشْيَاءَ: خِيَارُ الشَّرْطِ وَخِيَارُ عَدَمِ النَّقْدِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ 1 - وَخِيَارُ الِاسْتِحْقَاقِ 2 - وَخِيَارُ الْغَبْنِ 3 - وَخِيَارُ الْكَمِّيَّةِ وَخِيَارُ كَشْفِ الْحَالِ وَخِيَارُ فَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ وَخِيَارُ هَلَاكِ بَعْضِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَبِالْإِقَالَةِ وَالتَّحَالُفِ وَهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَحْكَامُ الْفُسُوخِ] قَوْلُهُ: وَخِيَارُ الِاسْتِحْقَاقِ. أَقُولُ كَمَا لَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُ الدَّارِ شَائِعًا يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي عِنْدَنَا رَدَّ بِعَيْنِهِ وَرَجَعَ بِكُلِّ ثَمَنِهِ أَوْ أَمْسَكَهُ وَرَجَعَ بِثَمَنِ الْمُسْتَحَقِّ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْهُ مَوْضِعٌ بِعَيْنِهِ فَلَوْ كَانَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ كَمَا مَرَّ وَلَوْ كَانَ مِنْ بَعْدِهِ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَيَرْجِعُ بِثَمَنِ الْمُسْتَحَقِّ. وَقَالَ الْخَصَّافُ: لَهُ رَدُّ كُلِّهِ بِكُلِّ ثَمَنِهِ وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى خِيَارِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ. (2) قَوْلُهُ: وَخِيَارُ الْغَبْنِ. وَهُوَ يَثْبُتُ فِي صُورَةِ الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ وَفِي صُورَةِ تَغْرِيرِ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِيَ بِأَنْ كَانَ الْمُشْتَرَى غَبْنًا لَا يُعْرَفُ فَقَالَ الْبَائِعُ: اشْتَرِهِ بِهَذَا الثَّمَنِ فَإِنَّهُ يُسَاوِيهِ فَاشْتَرَاهُ مُغْتَرًّا بِقَوْلِهِ فَلَهُ خِيَارُ الْغَبْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ. (3) قَوْلُهُ: وَخِيَارُ الْكَمِّيَّةِ. صُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ رَجُلٌ لِآخَرَ اشْتَرَيْتُ هَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي فِي هَذِهِ الدَّارِ فَيَقُولُ الْآخَرُ بِعْتُ بِهَا ثُمَّ يَطَّلِعُ الْبَائِعُ عَلَى الدَّرَاهِمِ فَلَهُ الْخِيَارُ، وَاعْلَمْ أَنَّ لَهُمْ خِيَارًا يُسَمُّونَهُ كَشْفَ الْحَالِ وَهُوَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا بَاعَ طَعَامًا بِإِنَاءٍ أَوْ حَجَرٍ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ لَكِنْ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ كَمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَبِإِنَاءٍ أَوْ حَجَرٍ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ.

4 - وَخِيَارُ التَّغْرِيرِ الْفِعْلِيِّ، كَالتَّصْرِيَةِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَخِيَارُ الْخِيَانَةِ فِي الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَظُهُورُ الْمَبِيعِ مُسْتَأْجَرًا أَوْ مَرْهُونًا؛ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَبَبًا وَكُلُّهَا يُبَاشِرُهَا الْعَاقِدُ 5 - إلَّا التَّحَالُفَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِهِ وَإِنَّمَا يَفْسَخُهُ الْقَاضِي، وَكُلُّهَا يَحْتَاجُ إلَى الْفَسْخِ وَلَا يَنْفَسِخُ فِيهَا بِنَفْسِهِ، وَقَدَّمْنَا فَرْقَ النِّكَاحِ فِي قِسْمِ الْفَوَائِدِ خَاتِمَةٌ: 6 - جُحُودُ مَا عَدَا النِّكَاحَ فَسْخٌ لَهُ 7 - إذَا سَاعَدَهُ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (4) قَوْلُهُ: وَخِيَارُ التَّغْرِيرِ الْفِعْلِيِّ إلَخْ. أَمَّا الْقَوْلِيُّ فَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَخِيَارُ الْغَبْنِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ الْخِلَافَ فِي الرَّدِّ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ ثُمَّ قَالَ: فَقَدْ تَحَرَّرَ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ الرَّدِّ بِهِ وَلَكِنَّ بَعْضَ مَشَايِخِنَا أَفْتَى بِالرَّدِّ بِهِ وَبَعْضُهُمْ أَفْتَى بِهِ إنْ غَرَّهُ الْآخَرُ وَبَعْضُهُمْ أَفْتَى بِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ عَدَمِ الرَّدِّ مُطْلَقًا وَبَعْضُهُمْ اخْتَارَ الرَّدَّ بِهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُشْتَرِي وَكَمَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي مَغْبُونًا مَغْرُورًا يَكُونُ الْبَائِعُ كَذَلِكَ كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ يَسِيرٌ وَمَا لَا يَدْخُلُ فَاحِشٌ (5) قَوْلُهُ: إلَّا التَّحَالُفَ. قِيلَ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ قَوْلِهِ كُلُّهَا يُبَاشِرُهَا الْعَاقِدُ لِأَنَّ الْعَاقِدَ يُبَاشِرُهُ أَيْضًا، وَكَانَ مُرَادُهُ كُلَّهَا يُبَاشِرُهَا الْعَاقِدُ وَيَفْسَخُ الْبَيْعَ بِهَا إلَّا التَّحَالُفَ فَإِنَّهُ وَإِنْ بَاشَرَهُ الْعَاقِدُ لَكِنْ لَا يَفْسَخُ الْبَيْعَ وَإِنَّمَا يَفْسَخُهُ الْحَاكِمُ (6) قَوْلُهُ: جُحُودُ مَا عَدَا النِّكَاحَ فَسْخٌ لَهُ. يَعْنِي لِأَنَّ النِّكَاحَ بَعْدَ التَّمَامِ وَهُوَ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ النَّافِذُ اللَّازِمُ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَأَمَّا قَبْلَ التَّمَامِ فَيَحْتَمِلُ الْفَسْخَ كَمَا فِي تَزْوِيجِ الْأَخِ وَالْعَمِّ الصَّغِيرَةَ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ نَافِذٌ لَكِنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ فَيَقْبَلُ الْفَسْخَ كَذَا حَقَّقَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَيَرِدُ عَلَيْهِ ارْتِدَادُ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ فَسْخٌ وَهُوَ بَعْدَ التَّمَامِ، وَكَذَا إبَاؤُهَا عَنْ الْإِسْلَامِ بَعْدَ إسْلَامِ الزَّوْجِ فَإِنَّهُ فَسْخٌ اتِّفَاقًا وَهُوَ بَعْدَ التَّمَامِ، وَكَذَا مِلْكُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ فَالْحَقُّ أَنَّهُ يَقْبَلُ الْفَسْخَ مُطْلَقًا إذَا وُجِدَ مَا يَقْتَضِيهِ شَرْعًا. (7) قَوْلُهُ: إذَا سَاعَدَهُ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ. بِأَنْ صَدَّقَهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ. قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ

وَاخْتَلَفُوا فِي جُحُودِ الْمُوصِي لِلْفَسْخِ؛ هَلْ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ؟ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إنَّهُ يَجْعَلُ الْعَقْدَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا فِيمَا مَضَى، وَفَائِدَتُهُ مَذْكُورَةٌ فِي أَحْكَامِ شُرُوحِ الْهِدَايَةِ، 9 - وَذَكَرَهَا الزَّيْلَعِيُّ أَيْضًا فِي خِيَارِ الْعَيْبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي فَصْلِ الْخِيَارَاتِ لَوْ أَنْكَرَ الْبَائِعُ بَيْعَ الْأَمَةِ وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِيهِ لَا يَسَعُ الْبَائِعَ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ إنْكَارَ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ فَسْخًا فَالْفَسْخُ لَا يَتِمُّ بِهِ حَتَّى لَوْ تَرَكَ الْمُشْتَرِي الدَّعْوَى وَأَظْهَرَهُ بِلِسَانِهِ بِأَنْ يَقُولَ: عَزَمْتُ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ أَوْ فَسَخْتُ الْبَيْعَ وَسِعَهُ الْوَطْءُ إذَا الْفَسْخُ تَمَّ (8) قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي جُحُودِ الْمُوصِي لِلْوَصِيَّةِ إلَخْ. قَالَ فِي الْجَامِعِ لَا يَكُونُ فَسْخًا أَيْ رُجُوعًا عَنْ الْوَصِيَّةِ يَعْنِي لِأَنَّ الرُّجُوعَ إثْبَاتٌ فِي الْمَاضِي وَنَفْيٌ فِي الْحَالِ وَالْجُحُودُ نَفْيٌ فِي الْمَاضِي وَالْحَالِ وَبَيْنَهُمَا تَنَافٍ وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: إنَّهُ رُجُوعٌ فَقِيلَ: إنَّهُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْكَافِي، وَقِيلَ: إنَّهُ لَيْسَ مِنْ اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ فَمَا فِي الْجَامِعِ مَحْمُولٌ عَلَى الْجُحُودِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْوَصِيِّ، وَمَا فِي الْمَبْسُوطِ عِنْدَ حُضُورِهِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ. (9) قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ أَيْضًا إلَخْ. ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ بَاعَ الْمَبِيعَ فَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ يَرُدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ وَلَوْ بِرِضَاهُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَوْلُ الْقَائِلِ بِأَنَّ الرَّدَّ بِالْقَضَاءِ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ وَجَعْلٌ لَهُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَنَاقِضًا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ إذَا جُعِلَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ جُعِلَ الْفَسْخُ أَيْضًا كَأَنْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّ فَسْخَ الْعَقْدِ بِدُونِ الْعَقْدِ لَا يَكُونُ، فَإِذَا انْعَدَمَ الْعَقْدُ مِنْ الْأَصْلِ انْعَدَمَ الْفَسْخُ مِنْ الْأَصْلِ فَإِذَا انْعَدَمَ الْفَسْخُ عَادَ الْعَقْدُ لِانْعِدَامِ مَا يُنَافِيهِ فَيَتَمَكَّنُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى دَوْرٌ وَتَنَاقُضٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَكِنْ يُقَالُ: يُجْعَلُ الْعَقْدُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَقِّ الْمُسْتَقْبَلِ دُونَ الْمَاضِي

[أحكام الكتابة]

أَحْكَامُ الْكِتَابَةِ يَصِحُّ الْبَيْعُ بِهَا، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَالْكِتَابُ كَالْخِطَابِ، وَكَذَا الْإِرْسَالُ حَتَّى اعْتَبَرُوا مَجْلِسَ بُلُوغِ الْكِتَابِ وَأَدَاءِ الرِّسَالَةِ (انْتَهَى) . وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَصُورَةُ الْكِتَابِ أَنْ يَكْتُبَ؛ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بِعْت عَبْدِي مِنْك بِكَذَا؛ فَلَمَّا بَلَغَهُ وَفَهِمَ مَا فِيهِ قَالَ: قَبِلْت فِي الْمَجْلِسِ. وَمَا فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ تَصْوِيرِهِ بِقَوْلِهِ بِعْنِي بِكَذَا فَقَالَ بِعْته يَتِمُّ، 1 - فَلَيْسَ مُرَادُهُ إلَّا الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ فِي شَرْطِ الشُّهُودِ، وَقِيلَ: بَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ؛ فَبِعْنِي مِنْ الْحَاضِرِ اسْتِيَامٌ وَمِنْ الْغَائِبِ إيجَابٌ (انْتَهَى) . وَيَصِحُّ النِّكَاحُ بِهَا قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَصُورَتُهُ أَنْ يَكْتُبَ إلَيْهَا يَخْطُبَهَا؛ فَإِذَا بَلَغَهَا الْكِتَابُ أَحْضَرَتْ الشُّهُودَ وَقَرَأَتْهُ عَلَيْهِمْ وَقَالَتْ: زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْهُ، أَوْ تَقُولُ: إنَّ فُلَانًا كَتَبَ إلَيَّ يَخْطُبُنِي فَاشْهَدُوا أَنِّي قَدْ زَوَّجْت نَفْسِي مِنْهُ. أَمَّا لَوْ لَمْ تَقُلْ بِحَضْرَتِهِمْ سِوَى: زَوَّجْت نَفْسِي مِنْ فُلَانٍ لَا يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ سَمَاعَ الشَّطْرَيْنِ شَرْطٌ وَبِإِسْمَاعِهِمْ الْكِتَابَ أَوْ التَّعْبِيرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَحْكَامُ الْكِتَابَةِ] قَوْلُهُ: فَلَيْسَ مُرَادُهُ إلَّا الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ فِي شَرْطِ الشُّهُودِ أَقُولُ إنَّمَا يَتِمُّ الْفَرْقُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَمْرَ إيجَابٌ فِي النِّكَاحِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ عَلَى التَّوْكِيلِ وَيُشْتَرَطُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي لَكِنَّ ظَاهِرَ مَا فِي الْمِعْرَاجِ أَنَّ (زَوِّجْنِي) وَإِنْ كَانَ تَوْكِيلًا لَكِنْ لَمَّا لَمْ يُعْلَمْ إذَا زَوَّجْت بِدُونِهِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ شَطْرِ الْعَقْدِ فَعَلَى هَذَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُ الشَّاهِدَيْنِ لِلَفْظَةِ الْأَمْرِ أَيْضًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَوْكِيلٌ أَيْضًا.

عَنْهُ مِنْهَا قَدْ سَمِعُوا الشَّطْرَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَيَا. وَمَعْنَى الْكِتَابِ بِالْخُطْبَةِ: أَنْ يَكْتُبَ زَوِّجِينِي نَفْسَك فَإِنِّي رَغِبْت فِيك وَنَحْوَهُ وَلَوْ جَاءَ الزَّوْجُ بِالْكِتَابِ إلَى الشُّهُودِ مَخْتُومًا فَقَالَ: هَذَا كِتَابِي إلَى فُلَانَةَ فَاشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ، فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَتَّى تَعْلَمَ الشُّهُودُ مَا فِيهِ، وَجَوَّزَهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ غَيْرِ شَرْطِ إعْلَامِ الشُّهُودِ بِمَا فِيهِ، وَأَصْلُهُ كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي. 2 - قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى: هَذَا إذَا كَانَ بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ، أَمَّا إذَا كَانَ بِلَفْظِ الْأَمْرِ كَقَوْلِهِ: زَوِّجِي نَفْسَكِ مِنِّي. لَا يُشْتَرَطُ إعْلَامُهَا الشُّهُودَ بِمَا فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهَا تَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ. وَنَقَلَهُ مِنْ الْكَامِلِ قَالَ: وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا جَحَدَ الزَّوْجُ الْكِتَابَ بَعْدَ مَا أَشْهَدَهُمْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ قِرَاءَتِهِ عَلَيْهِمْ وَإِعْلَامِهِمْ بِمَا فِيهِ، وَقَدْ قَرَأَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ الْكِتَابَ عَلَيْهِمْ وَقَبِلَ الْعَقْدَ بِحَضْرَتِهِمْ فَشَهِدُوا أَنَّ هَذَا كِتَابُهُ وَلَمْ يَشْهَدُوا بِمَا فِيهِ لَا تُقْبَلْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ عِنْدَهُمَا وَلَا يُقْضَى بِالنِّكَاحِ، وَعِنْدَهُ تُقْبَلُ وَيُقْضَى بِهِ، أَمَّا الْكِتَابُ فَصَحِيحٌ بِلَا إشْهَادٍ 3 - وَهَذَا الْإِشْهَادُ لِهَذَا، وَهُوَ أَنْ تَتَمَكَّنَ الْمَرْأَةُ مِنْ إثْبَاتِ الْكِتَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (2) قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى هَذَا إذَا كَانَ بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ إلَخْ. أَقُولُ فِيهِ إنَّ لَفْظَ الْأَمْرِ وَالتَّزْوِيجِ مَوْجُودَانِ فِي الْعِبَارَتَيْنِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ زَوِّجِينِي نَفْسَكِ وَبَيْنَ زَوِّجِي نَفْسَك مِنِّي فَلْيُرَاجِعْ عِبَارَةَ الْمُسْتَصْفَى. (3) قَوْلُهُ: وَهَذَا الْإِشْهَادُ لِهَذَا. وَهُوَ أَنْ تَتَمَكَّنَ الْمَرْأَةُ مِنْ إثْبَاتِ الْكِتَابِ إلَخْ. فَرَجَعَ اسْمُ الْإِشَارَةِ الثَّانِي فِيهِ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ وَهُوَ الْمَصْدَرُ الْمُنْسَبِكُ مِنْ قَوْلِهِ أَنْ تَتَمَكَّنَ

عِنْدَ جُحُودِ الزَّوْجِ الْكِتَابَ (انْتَهَى) وَأَمَّا وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ بِهَا؛ فَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: الْكِتَابَةُ مِنْ الصَّحِيحِ وَالْأَخْرَسِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إنْ كَتَبَ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ مُصَدَّرًا مُعَنْوَنًا وَثَبَتَ ذَلِكَ بِإِقْرَارٍ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ فَكَالْخِطَابِ. وَإِنْ قَالَ: لَمْ أَنْوِ بِهِ الْخِطَابَ لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً وَدِيَانَةً. وَفِي الْمُنْتَقَى: أَنَّهُ يُدَيَّنُ وَلَوْ كَتَبَ عَلَى شَيْءٍ يَسْتَبِينُ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ أَوْ عَبْدَهُ كَذَا إنْ نَوَى صَحَّ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ كَتَبَ عَلَى الْهَوَاءِ أَوْ الْمَاءِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى، 4 - وَإِنْ كَتَبَ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ؛ فَهِيَ طَالِقٌ بَعَثَ إلَيْهَا أَوْ لَا، 5 - وَإِنْ قَالَ الْمَكْتُوبُ إذَا وَصَلَ إلَيْك فَأَنْتِ كَذَا، لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ نَدِمَ وَمَحَا مِنْ الْكِتَابِ ذِكْرَ الطَّلَاقِ وَتَرَكَ مَا سِوَاهُ وَبَعَثَ إلَيْهَا فَهِيَ طَالِقٌ إذَا وَصَلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ كَتَبَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَهِيَ طَالِقٌ بَعَثَ إلَيْهَا أَوْ لَا. يَعْنِي إذَا نَوَى كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ كَتَبَ عَلَى شَيْءٍ يَسْتَبِينُ إلَخْ. (5) قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ الْمَكْتُوبُ إلَخْ. كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ وَإِنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ كَمَا فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ أَقُولُ فَلَوْ كَتَبَ فِي قِرْطَاسٍ إذَا أَتَاك كِتَابِي هَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ نَسَخَهُ فِي كِتَابٍ آخَرَ وَبَعَثَهُ ثُمَّ أَتَاهَا الْأَوَّلُ أَيْضًا وَاجْتَمَعَا طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ قَضَاءً وَتَقَعُ وَاحِدَةً دِيَانَةً كَمَا فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ نَقْلًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ بِالْكِتَابَةِ وَلَا حُكْمَ مَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى كِتَابَةِ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى إذَا كَتَبَ الطَّلَاقَ وَاسْتَثْنَى بِلِسَانِهِ أَوْ طَلَّقَ بِلِسَانِهِ وَاسْتَثْنَى بِالْكِتَابَةِ هَلْ يَصِحُّ قَالَ لَا رِوَايَةَ لِهَذَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ فِي فَصْلِ الْكِتَابَةِ مِنْهُ (انْتَهَى) . وَأَمَّا الثَّانِي فَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ أُكْرِهَ بِالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ عَلَى أَنْ يَكْتُبَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ فَكَتَبَ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانَةِ طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الْكِتَابَ مِنْ الْغَائِبِ جُعِلَ كَالْخِطَابِ مِنْ الْحَاضِرِ فَلَا حَاجَةَ هَهُنَا حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَى الضَّرْبِ وَالْحَبْسِ.

6 - وَمَحْوُهُ الطَّلَاقَ كَرُجُوعِهِ عَنْ التَّعْلِيقِ وَإِنَّمَا يَقَعُ إذَا بَقِيَ مَا يُسَمَّى كِتَابَةً أَوْ رِسَالَةً، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ هَذَا الْقَدْرُ لَا يَقَعُ. وَإِنْ مَحَا الْخُطُوطَ كُلَّهَا وَبَعَثَ إلَيْهَا الْبَيَاضَ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ مَا وَصَلَ إلَيْهَا لَيْسَ بِكِتَابٍ، وَلَوْ جَحَدَ الزَّوْجُ الْكِتَابَ وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَتَبَهُ بِيَدِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْقَضَاءِ (انْتَهَى) . 7 - وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ مَسَائِلَ شَتَّى فِي الْكِتَابَةِ لَا عَلَى الرَّسْمِ أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ أَوْ الْإِمْلَاءَ عَلَى الْغَيْرِ يَقُومُ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ. وَفِي الْقُنْيَةِ: كَتَبَتْ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَتْ لِزَوْجِهَا اقْرَأْ عَلَيَّ فَقَرَأَ لَا تَطْلُقُ مَا لَمْ يَقْصِدْ خِطَابَهَا (انْتَهَى) وَقَدْ سُئِلْت عَنْ رَجُلٍ كَتَبَ أَيْمَانًا ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ اقْرَأْهَا فَقَرَأَهَا هَلْ تَلْزَمُهُ؟ فَأَجَبْت بِأَنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ إنْ كَانَتْ بِطَلَاقٍ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (6) قَوْلُهُ: وَمَحْوُهُ الطَّلَاقَ كَرُجُوعِهِ عَنْ التَّعْلِيقِ. يَعْنِي وَالرُّجُوعُ عَنْ التَّعْلِيقِ لَا يَصِحُّ. (7) قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ مَسَائِلَ شَتَّى إلَخْ. نَصُّ عِبَارَتِهِ بَعْدَ كَلَامٍ: ثُمَّ الْكِتَابُ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ مُسْتَبِينٌ مَرْسُومٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُعَنْوَنًا أَيْ مُصَدَّرًا بِالْعُنْوَانِ وَهُوَ أَنْ يَكْتُبَ فِي صَدْرِهِ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إلَى فُلَانٍ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي تَفْسِيرِ الْكِتَابِ فَيَكُونُ هَذَا كَالنُّطْقِ فَيَلْزَمُ حُجَّةً وَمُسْتَبِينٌ غَيْرُ مَرْسُومٍ كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْجُدْرَانِ وَأَوْرَاقِ الشَّجَرِ أَوْ عَلَى الْكَاغِدِ لَا عَلَى وَجْهِ الرَّسْمِ، فَإِنَّ هَذَا يَكُونُ لَغْوًا لِأَنَّهُ لَا عُرْفَ فِي إظْهَارِ الْأَمْرِ بِهَذَا الطَّرِيقِ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً إلَّا بِانْضِمَامِ شَيْءٍ آخَرَ إلَيْهِ كَالْبَيِّنَةِ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَالْإِمْلَاءِ عَلَى الْغَيْرِ حَتَّى يَكْتُبَهُ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَدْ تَكُونُ لِلتَّجْرِبَةِ وَقَدْ تَكُونُ لِلتَّحْقِيقِ وَبِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَتَعَيَّنُ الْجِهَةُ. وَقِيلَ: الْإِمْلَاءُ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ لَا يَكُونُ حُجَّةً وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَغَيْرُ مُسْتَبِينٍ كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْهَوَاءِ وَالْمَاءِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ كَلَامٍ غَيْرِ مَسْمُوعٍ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَحْكَامِ وَإِنْ نَوَى (انْتَهَى)

وَإِنْ كَانَتْ بِاَللَّهِ تَعَالَى. فَقَالُوا: النَّاسِي وَالْمُخْطِئُ وَالذَّاهِلُ كَالْعَامِدِ. وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِهَا؛ فَفِي إقْرَارِ الْبَزَّازِيَّةِ: كَتَبَ كِتَابًا فِيهِ إقْرَارٌ بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ فَهَذَا عَلَى أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكْتُبَ وَلَا يَقُولَ شَيْئًا وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا؛ فَلَا تَحِلُّ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ؛ قَالَ الْقَاضِي النَّسَفِيُّ: إنْ كَتَبَ مُصَدَّرًا مَرْسُومًا وَعَلِمَ الشَّاهِدُ حَلَّ لَهُ الشَّهَادَةُ عَلَى إقْرَارٍ كَمَا لَوْ أَقَرَّ كَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ اشْهَدْ عَلَيَّ بِهِ، فَعَلَى هَذَا إذَا كَتَبَ لِلْغَائِبِ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ أَمَّا بَعْدُ ذَلِكَ عَلَيَّ كَذَا يَكُونُ إقْرَارًا لِأَنَّ الْكِتَابَ مِنْ الْغَائِبِ كَالْخِطَابِ مِنْ الْحَاضِرِ فَيَكُونُ مُتَكَلِّمًا. وَالْعَامَّةُ عَلَى خِلَافِهِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَدْ تَكُونُ لِلتَّجْرِبَةِ. وَفِي حَقِّ الْأَخْرَسِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُعَنْوَنًا مُصَدَّرًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَى الْغَائِبِ. الثَّانِي: كَتَبَ وَقَرَأَ عِنْدَ الشُّهُودِ؛ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا بِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ اشْهَدُوا عَلَيَّ. الثَّالِثُ: أَنْ يَقْرَأَ هَذَا عِنْدَهُمْ غَيْرُهُ فَيَقُولُ الْكَاتِبُ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِهِ. الرَّابِعُ: أَنْ يَكْتُبَ عِنْدَهُمْ وَيَقُولَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ؛ إنْ عَلِمُوا مَا فِيهِ كَانَ إقْرَارًا وَإِلَّا فَلَا 9 - وَذَكَرَ الْقَاضِي: ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا وَأَخْرَجَ خَطًّا وَقَالَ إنَّهُ خَطُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَذَا الْمَالِ فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ خَطَّهُ فَاسْتُكْتِبَ وَكَانَ بَيْنَ الْخَطَّيْنِ مُشَابَهَةٌ ظَاهِرَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُمَا خَطُّ كَاتِبٍ وَاحِدٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَقَالُوا النَّاسِي وَالْمُخْطِئُ وَالذَّاهِلُ كَالْعَامِدِ. أَقُولُ فِيهِ: إنَّهُمْ قَالُوا أَيْضًا النَّاسِي وَالْمُخْطِئُ وَالذَّاهِلُ فِي الطَّلَاقِ كَالْعَامِدِ فَلَا يَتِمُّ مَا قَالَهُ مِنْ الْجَوَابِ وَاَللَّهُ الْهَادِي لِلصَّوَابِ (9) قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْقَاضِي ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا وَأَخْرَجَ خَطًّا إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ هَذِهِ

10 - لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ هَذَا خَطِّي وَأَنَا حَرَّرْتُهُ لَكِنْ لَيْسَ عَلَيَّ هَذَا الْمَالُ، وَثَمَّةَ لَا يَجِبُ كَذَا هُنَا 11 - إلَّا فِي (يَادِكَارِ) الْعَامَّةِ 12 - وَالصَّرَّافِ وَالسِّمْسَارِ (انْتَهَى) وَكَتَبْنَا فِي الْقَضَاءِ مِنْ الْفَوَائِدِ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِدَفْتَرِ الْبَيَّاعِ وَالسِّمْسَارِ وَالصَّرَّافِ، وَالْخَطُّ فِيهِ حُجَّةٌ وَفِي كِتَابِ مِلْكِ الْكُفَّارِ بِالِاسْتِئْمَانِ حَتَّى لَوْ وُجِدَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِنَا وَقَالَ أَنَا رَسُولُ الْمَلِكِ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا إذَا كَانَ مَعَهُ كِتَابُهُ، كَمَا فِي سِيَرِ الْخَانِيَّةِ، فَيُعْمَلُ بِهَا. وَأَمَّا اعْتِمَادُ الرَّاوِي عَلَى مَا فِي كِتَابِهِ وَالشَّاهِدُ عَلَى خَطِّهِ وَالْقَاضِي عَلَى عَلَامَته عِنْدِ عَدَمِ التَّذَكُّرِ فَغَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَجَوَّزَهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلرَّاوِي وَالْقَاضِي دُونَ الشَّاهِدِ، وَجَوَّزَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْكُلِّ إنْ تَيَقَّنَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ تَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ. وَفِي ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعِبَارَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا عَنْ الْقَاضِي لَمْ تَكُنْ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي قَاضِي خَانْ فِي الْإِقْرَارِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الْكِتَابَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ لَكِنْ بِالْمَعْنَى فِي الْبَعْضِ نَعَمْ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْفُصُولِ. (10) قَوْلُهُ: لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ فِي الصَّحِيحِ. أَقُولُ هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ قَوْلًا بِالْحُكْمِ عَلَيْهِ. (11) قَوْلُهُ: إلَّا فِي يَادِكَارِ الْعَامَّةِ. كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَالصَّوَابُ الْبَاعَةُ. (12) قَوْلُهُ: وَالصَّرَّافُ وَالسِّمْسَارُ. أَقُولُ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ مُعِينِ الْحُكَّامِ خَطُّ الصَّرَّافِ وَالسِّمْسَارِ حُجَّةٌ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي بُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ (انْتَهَى) . هَذَا وَلِلْقَاضِي عَبْدِ الْبَرِّ بْنِ الشِّحْنَةِ رِسَالَةٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيَّنَ فِيهَا مَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَدْ ذَكَرْنَا حَاصِلَهَا فِيمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ

الْخُلَاصَةِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهَكَذَا فِي الْأَجْنَاسِ (انْتَهَى) وَفِي إجَارَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ: أَمَرَ الصَّكَّاكُ بِكِتَابَةِ الْإِجَارَةِ وَأَشْهَدَ وَلَمْ يَجْرِ الْعَقْدَ. لَا يَنْعَقِدُ بِخِلَافِ صَكِّ الْإِقْرَارِ وَالْمَهْرِ (انْتَهَى) وَاخْتَلَفُوا فِيمَا لَوْ أَمَرَ الزَّوْجُ بِكِتَابَةِ الصَّكِّ بِطَلَاقِهَا؛ فَقِيلَ يَقَعُ وَهُوَ إقْرَارٌ بِهِ، وَقِيلَ هُوَ تَوْكِيلٌ فَلَا يَقَعُ حَتَّى يُكْتَبَ، وَبِهِ يُفْتَى، وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي زَمَانِنَا. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَفِيهَا بَعْدَهُ: وَقِيلَ لَا يَقَعُ وَإِنْ كُتِبَ إلَّا إذَا نَوَى الطَّلَاقَ. وَفِي الْمُبْتَغَى بِالْمُعْجَمَةِ: مَنْ رَأَى خَطَّهُ وَعَرَفَهُ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ إذَا كَانَ فِي حِرْزِهِ وَبِهِ نَأْخُذُ (انْتَهَى) وَيَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى كُتُبِ الْفِقْهِ الصَّحِيحَةِ. قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الْقَضَاءِ: وَطَرِيقُ نَقْلِ الْمُفْتِي فِي زَمَانِنَا عَنْ الْمُجْتَهِدِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ؛ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ سَنَدٌ فِيهِ إلَيْهِ، أَوْ يَأْخُذُهُ مِنْ كِتَابٍ مَعْرُوفٍ تَدَاوَلْته الْأَيْدِي؛ نَحْوَ كُتُبِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - 13 - وَنَحْوَهَا مِنْ التَّصَانِيفِ الْمَشْهُورَةِ (انْتَهَى) وَنَقَلَ الْأُسْيُوطِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ: الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِ النَّقْلِ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّصَالُ السَّنَدِ إلَى مُصَنِّفِيهَا (انْتَهَى) وَيَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى خَطِّ الْمُفْتِي أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى إشَارَتِهِ؛ فَالْكِتَابَةُ أَوْلَى وَأَمَّا الدَّعْوَى مِنْ الْكِتَابِ وَالشَّهَادَةُ مِنْ نُسْخَةٍ فِي يَدِهِ؛ فَقَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ ادَّعَى مِنْ الْكِتَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَنَحْوَهَا مِنْ التَّصَانِيفِ الْمَشْهُورَةِ. يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْفَتْوَى مِنْ التَّصَانِيفِ الْغَيْرِ الْمَشْهُورَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي بَعْضِ رَسَائِلِهِ

تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ عَسَى لَا يَقْدِرُ عَلَى الدَّعْوَى، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِشَارَةِ فِي مَوْضِعِهَا 14 - وَفِي الْيَتِيمَةِ: سُئِلَ عَنْ وَكِيلٍ عَنْ جَمَاعَةٍ بِالدَّعْوَى لِأَشْيَاءَ عَنْ نُسْخَةٍ يَقْرَؤُهَا بَعْضُ الْمُوَكَّلِينَ هَلْ يَسْمَعُهَا الْقَاضِي؟ قَالَ: إذَا تَلَقَّنَهَا الْوَكِيلُ مِنْ لِسَانِ الْمُوَكِّلِ صَحَّ دَعْوَاهُ وَإِلَّا لَا (انْتَهَى) وَفِي شَهَادَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ. شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَنْ النُّسْخَةِ وَقَرَأَهُ بِلِسَانِهِ وَقَرَأَ غَيْرُ الشَّاهِدِ الثَّانِي مِنْهُمَا وَقَرَأَ الشَّاهِدُ أَيْضًا مَعَهُ مُقَارِنًا لِقِرَاءَتِهِ، لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَيَّنُ الْقَارِئُ مِنْ الشَّاهِدِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي: ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ الْكِتَابِ، تُسْمَعُ إذَا أَشَارَ إلَى مَوَاضِعِهَا (انْتَهَى) وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ: شَهِدَا بِالْكِتَابَةِ فَطَلَبَ الْقَاضِي أَنْ يَشْهَدَا بِاللِّسَانِ لَا تَجِبُ. وَهَذَا اصْطِلَاحُ الْقُضَاةِ وَفِي الْيَتِيمَةِ: سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ الشَّاهِدِ إذَا كَانَ يَصِفُ حُدُودَ الْمُدَّعَى بِهِ حِينَ يَنْظُرُ فِي الصَّكِّ، وَإِذَا لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ لَا يَقْدِرُ هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟ فَقَالَ: 15 - إذَا كَانَ بِنَظَرِهِ يَنْقُلُهُ وَيَحْفَظُهُ عَنْ النَّظَرِ 16 - فَلَا تُقْبَلُ، فَأَمَّا إذَا كَانَ يَسْتَعِينُ بِهِ نَوْعَ اسْتِعَانَةٍ كَقَارِئِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ الشَّاهِدِ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَابُ عَنْ حَادِثَةِ الْفَتْوَى وَهِيَ أَنَّ الشُّهُودَ إذَا سُئِلُوا عَنْ حُدُودِ الدَّارِ الَّتِي شَهِدُوا بِبَيْعِهَا وَكَانُوا قَدْ كَتَبُوا الْحُدُودَ فَلَمْ يَعْرِفُوهَا هَلْ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُمْ؟ (15) قَوْلُهُ: إذَا كَانَ بِنَظَرِهِ يَنْقُلُهُ إلَخْ. أَقُولُ حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ: إذَا كَانَ يَنْقُلُهُ بِنَظَرِهِ. (16) قَوْلُهُ: فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ. أَقُولُ وَكَمَا فِي الْمُنْيَةِ، وَعِبَارَتُهَا شَهَادَةُ الْأَخْرَسِ لَا تُقْبَلُ فِي حَادِثَةٍ مَا

الْقُرْآنِ مِنْ الْمُصْحَفِ فَلَا بَأْسَ بِهِ (انْتَهَى) . وَأَمَّا الْحَوَالَةُ بِالْكِتَابِ فَذَكَرَهَا فِي كَفَالَةِ الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ فِي فَصْلِ السَّفْتَجَةِ وَفَصَّلَ فِيهَا تَفْصِيلًا حَسَنًا فَلْيُرَاجِعْهَا مَنْ رَامَهُ. وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِالْكِتَابَةِ؛ فَقَالَ فِي شَهَادَاتِ الْمُجْتَبَى: كَتَبَ صَكًّا بِخَطِّ يَدِهِ إقْرَارًا بِمَالِ أَوْ وَصِيَّةٍ ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ: اشْهَدْ عَلَيَّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْرَأَ لَهُ، وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ (انْتَهَى) وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الشَّهَادَاتِ: رَجُلٌ كَتَبَ صَكَّ وَصِيَّةٍ وَقَالَ لِلشُّهُودِ: اشْهَدُوا بِمَا فِيهِ وَلَمْ يَقْرَأْ وَصِيَّتَهُ عَلَيْهِمْ. قَالَ عُلَمَاؤُنَا: لَا يَجُوزُ لِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا بِمَا فِيهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَسَعُهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَسَعُهُمْ، وَإِنَّمَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا بِإِحْدَى مَعَانٍ ثَلَاثَةٍ: إمَّا أَنْ يَقْرَأَ الْكِتَابَ عَلَيْهِمْ، أَوْ كَتَبَ الْكِتَابَ غَيْرُهُ وَقَرَأَ عَلَيْهِ بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ وَيَقُولَ لَهُمْ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ، أَوْ يَكْتُبَ هُوَ بَيْنَ يَدَيْ الشَّاهِدِ وَالشَّاهِدُ يَعْلَمُ بِمَا فِيهِ وَيَقُولُ هُوَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ، وَتَمَامُهُ فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[أحكام الإشارة]

[أَحْكَامُ الْإِشَارَةِ] ِ الْإِشَارَةُ مِنْ الْأَخْرَسِ مُعْتَبَرَةٌ وَقَائِمَةٌ مَقَامَ الْعِبَارَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ: مِنْ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَهِبَةٍ وَرَهْنٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ وَإِبْرَاءٍ وَإِقْرَارٍ وَقِصَاصٍ، إلَّا فِي الْحُدُودِ وَلَوْ حَدَّ قَذْفٍ، وَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ الْقِصَاصُ الْحُدُودَ. وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ الْقِصَاصَ كَالْحُدُودِ هُنَا فَلَا يَثْبُتُ بِالْإِشَارَةِ وَتَمَامُهُ فِي الْهِدَايَةِ. وَقَدْ اقْتَصَرَ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْحُدُودِ وَتُزَادُ عَلَيْهَا الشَّهَادَةُ؛ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ. وَأَمَّا يَمِينُهُ فِي الدَّعَاوَى؛ فَفِي أَيْمَانِ خِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَتَحْلِيفُ الْأَخْرَسِ: أَنْ يُقَالَ لَهُ عَلَيْك عَهْدُ اللَّهِ تَعَالَى وَمِيثَاقُهُ إنْ كَانَ كَذَا؟ 1 - فَيُشِيرُ بِهِ نَعَمْ، وَلَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ 2 - كَانَتْ إشَارَتُهُ إقْرَارًا بِاَللَّهِ تَعَالَى. وَظَاهِرُ اقْتِصَارِ الْمَشَايِخِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْحُدُودِ فَقَطْ صِحَّةُ إسْلَامِهِ بِالْإِشَارَةِ وَلَمْ أَرَ الْآنَ فِيهَا نَقْلًا صَرِيحًا. كِتَابَةُ الْأَخْرَسِ كَإِشَارَتِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكِتَابَةِ شَرْطٌ لِلْعَمَلِ بِالْإِشَارَةِ أَوْ لَا. وَالْمُعْتَمَدُ لَا، 3 - وَلِذَا ذَكَرَهُ فِي الْكَنْزِ بِأَوْ، وَلَا بُدَّ فِي إشَارَةِ الْأَخْرَسِ مِنْ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيُشِيرُ بِهِ. أَيْ بِالْحَلِفِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَتَحْلِيفُ الْأَخْرَسِ. (2) قَوْلُهُ: كَانَتْ إشَارَتُهُ إقْرَارًا بِاَللَّهِ. يَعْنِي وَلَا يَكُونُ حَالِفًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (3) قَوْلُهُ: وَلِذَا ذَكَرَهُ فِي الْكَنْزِ بِأَوْ. أَقُولُ الْمَذْكُورُ فِي نُسَخِ الْكَنْزِ الصَّحِيحَةِ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ الدَّالَّةِ عَلَى مُطْلَقِ الْجَمْعِ الصَّادِقِ بِالْمَعِيَّةِ لَا بِأَوْ الدَّالَّةِ عَلَى أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ أَوْ الْأَشْيَاءِ

تَكُونَ مَعْهُودَةً وَإِلَّا لَا تُعْتَبَرُ. وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الطَّلَاقِ: 4 - وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِشَارَةِ الَّتِي يَقَعُ بِهَا طَلَاقُهُ الْإِشَارَةُ الْمَقْرُونَةُ بِتَصْوِيتٍ مِنْهُ، لِأَنَّ الْعَادَةَ مِنْهُ ذَلِكَ فَكَانَتْ بَيَانًا لِمَا أَجْمَلَهُ الْأَخْرَسُ (انْتَهَى) وَأَمَّا إشَارَةُ غَيْرِ الْأَخْرَسِ، فَإِنْ كَانَ مُعْتَقَلَ اللِّسَانِ فَفِي اخْتِلَافٍ، 5 - وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ إنْ دَامَتْ الْعُقْلَةُ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِالْإِشَارَةِ وَالْإِشْهَادُ عَلَيْهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّرَ الِامْتِدَادَ بِسَنَةٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَقَلَ اللِّسَانِ 6 - لَمْ تُعْتَبَرْ إشَارَتُهُ مُطْلَقًا 7 - إلَّا فِي أَرْبَعٍ: الْكُفْرُ وَالْإِسْلَامُ وَالنَّسَبُ 8 - وَالْإِفْتَاءُ. كَذَا فِي تَلْقِيحِ الْمَحْبُوبِيِّ، وَيُزَادُ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِفْتَاءِ بِالرَّأْسِ إشَارَةُ الشَّيْخِ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ، وَأَمَانُ الْكَافِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (4) قَوْلُهُ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِشَارَةِ الَّتِي يَقَعُ بِهَا طَلَاقُهُ إلَى آخِرِهِ. أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ لَا بِالْقِرَاءَةِ كَذَلِكَ (5) قَوْلُهُ: فَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ إنْ دَامَتْ الْعُقْلَةُ إلَى الْمَوْتِ إلَخْ. أَقُولُ: يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي الْقُنْيَةِ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَصَلَّى صَلَاةَ الْأَخْرَسِ ثُمَّ انْطَلَقَ لِسَانُهُ لَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ (انْتَهَى) . اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تُسْتَثْنَى الصَّلَاةُ لِأَنَّهَا بِدُخُولِ وَقْتِ السَّادِسَةِ تَدْخُلُ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ فَيَخْرُجُ بِإِعَادَتِهَا. (6) قَوْلُهُ: لَمْ تُعْتَبَرْ إشَارَتُهُ مُطْلَقًا. أَقُولُ أَيْ لَا فِي الْحُدُودِ وَلَا فِي غَيْرِهَا. (7) قَوْلُهُ: إلَّا فِي أَرْبَعٍ الْكُفْرُ وَالْإِسْلَامُ إلَخْ. أَقُولُ فِي شَرْحِ الشَّافِيَةِ إنَّ جَارِيَةً أُرِيدَ إعْتَاقُهَا فِي كَفَّارَةٍ فَجِيءَ بِهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَهَا أَيْنَ اللَّهُ فَأَشَارَتْ إلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُسْلِمَةٌ. (8) قَوْلُهُ: وَالْإِفْتَاءُ. نَقَلَهُ فِي الْقُنْيَةِ عَنْ عَلَاءِ الدِّينِ الزَّاهِدِيِّ، وَنُقِلَ عَنْ ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ

9 - أَخْذًا مِنْ النَّسَبِ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ فِيهِ لِحَقْنِ الدَّمِ، وَلِذَا ثَبَتَ بِكِتَابِ الْإِمَامِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، 10 - أَوْ أَخْذًا مِنْ الْكِتَابِ وَالطَّلَاقِ إذَا كَانَ تَفْسِيرًا لِمُبْهَمٍ، كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا وَأَشَارَ بِثَلَاثٍ وَقَعَتْ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَشَارَ بِثَلَاثٍ لَمْ تَقَعْ إلَّا وَاحِدَةٌ كَمَا عُلِمَ فِي الطَّلَاقِ، 11 - وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمُ أَنْتِ هَكَذَا مُشِيرًا بِأَصَابِعِهِ وَلَمْ يَقُلْ طَالِقٌ، وَتُزَادُ أَيْضًا الْإِشَارَةُ مِنْ الْمُحْرِمِ إلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ يَجِبُ الْجَزَاءُ عَلَى الْمُشِيرِ وَهُنَا فُرُوعٌ لَمْ أَرَهَا الْآنَ. الْأَوَّلُ: إشَارَةُ الْأَخْرَسِ بِالْقِرَاءَةِ وَهُوَ جُنُبٌ، 12 - يَنْبَغِي أَنْ تَحْرُمَ عَلَيْهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْأَخْرَسَ يَجِبُ عَلَيْهِ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ، فَجَعَلُوا التَّحْرِيكَ قِرَاءَةً، الثَّانِي: عَلَّقَ الطَّلَاقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ؛ قَالَ: لِأَنَّ الْإِشَارَةَ مِنْ النَّاطِقِ لَا تُعْتَبَرُ وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى تُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ جَوَابَ الْمُفْتِي لَيْسَ بِحُكْمٍ مُتَعَلِّقٍ بِاللَّفْظِ إنَّمَا اللَّفْظُ طَرِيقُ مَعْرِفَةِ الْجَوَابِ عِنْدَ الْمُسْتَفْتِي، وَإِذَا حَصَلَ هَذَا الْمَقْصُودُ اسْتَغْنَى الْمُسْتَفْتِي عَنْ اللَّفْظِ كَمَا لَوْ حَصَلَ الْجَوَابُ بِالْكِتَابَةِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ وَالْوَصِيَّةِ فَإِنَّهُمَا يَتَعَلَّقَانِ بِاللَّفْظِ، وَالْإِشَارَةُ إنَّمَا تَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ عِنْدَ الْعَجْزِ. (9) قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ النَّسَبِ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ. يَعْنِي كَمَا يُحْتَاطُ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ، وَلِذَلِكَ أَثْبَتُوا نَسَبَ وَلَدِ الْمَشْرِقِيِّ مِنْ الْمَغْرِبِيَّةِ (10) قَوْلُهُ: أَوْ أَخْذًا مِنْ الْكِتَابِ. عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: أَخْذًا مِنْ النَّسَبِ وَقَوْلِهِ: الْكِتَابُ أَيْ كِتَابُ الْإِمَامِ بِالْأَمَانِ (11) قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمَ أَنْتِ هَكَذَا إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يَجِبُ أَنْ لَا يَقَعَ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يُشْعِرُ بِهِ، وَالنِّيَّةُ لَا تُؤَثِّرُ دُونَ اللَّفْظِ (12) قَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ عَلَيْهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إلَخْ. أَقُولُ فِي الْأَخْذِ مِنْهُ نَظَرٌ

[قاعدة فيما إذا اجتمعت الإشارة والعبارة]

بِمَشِيئَةِ أَخْرَسَ فَأَشَارَ بِالْمَشِيئَةِ، وَيَنْبَغِي الْوُقُوعُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ. الثَّالِثُ: لَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ رَجُلٍ نَاطِقٍ فَخَرِسَ فَأَشَارَ بِالْمَشِيئَةِ، يَنْبَغِي الْوُقُوعُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَاعِدَةٌ) : فِيمَا إذَا اجْتَمَعَتْ الْإِشَارَةُ وَالْعِبَارَةُ، وَأَصْحَابُنَا يَقُولُونَ: إذَا اجْتَمَعَتْ الْإِشَارَةُ وَالتَّسْمِيَةُ فَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ بَابُ الْمَهْرِ: الْأَصْلُ أَنَّ الْمُسَمَّى إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُسَمَّى مَوْجُودٌ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ ذَاتًا وَالْوَصْفُ يَتْبَعُهُ، 13 - وَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ يَتَعَلَّقُ بِالْمُسَمَّى، لِأَنَّ الْمُسَمَّى مِثْلُ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَلَيْسَ بِتَابِعٍ لَهُ، وَالتَّسْمِيَةُ أَبْلَغُ فِي التَّعْرِيفِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تُعَرِّفُ الْمَاهِيَّةَ، وَالْإِشَارَةُ تُعَرِّفُ الذَّاتَ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى فَصًّا عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ فَإِذَا هُوَ زُجَاجٌ لَا يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَلَوْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ أَحْمَرُ فَإِذَا هُوَ أَخْضَرُ انْعَقَدَ الْعَقْدُ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ (انْتَهَى) . قَالَ الشَّارِحُونَ: إنَّ هَذَا الْأَصْلَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ، وَلَكِنْ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - جَعَلَ الْخَمْرَ وَالْخَلَّ جِنْسًا، وَالْحُرَّ وَالْعَبْدَ جِنْسًا وَاحِدًا فَتَعَلَّقَ بِالْمُشَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ جَعْلَهُمْ التَّحْرِيكَ قِرَاءَةً تَكْلِيفٌ لَهُ بِالْقِرَاءَةِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ وَلِذَا قَالُوا: الْأَقْرَعُ يُجْرِي الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا شَعْرٌ فِي بَابِ الْحَجِّ تَكْلِيفًا بِالْحَلْقِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ وَلَمْ يُعْهَدْ مِثْلُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ. [قَاعِدَةٌ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَتْ الْإِشَارَةُ وَالْعِبَارَةُ] (13) قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ إلَخْ. أَقُولُ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ بَابِ مَا يَرْجِعُ بِهِ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ قَالَ: بِعْتُ مِنْكَ هَذَا الْحِمَارَ بِكَذَا وَأَشَارَ إلَى عَبْدٍ قَائِمٍ بَيْنَ يَدَيْهِ جَازَ الْعَقْدُ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا عِبْرَةَ بِالتَّسْمِيَةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ تَعَلَّقَ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ

إلَيْهِ؛ فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فِيمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الدَّنِّ مِنْ الْخَلِّ وَأَشَارَ إلَى خَمْرٍ أَوْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ وَأَشَارَ إلَى حُرٍّ، وَلَوْ سَمَّى حَرَامًا وَأَشَارَ إلَى حَلَالٍ فَلَهَا الْحَلَالُ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ سَمَّى الْبَيْعَ شَيْئًا وَأَشَارَ إلَى خِلَافِهِ؛ فَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ كَمَا إذَا سَمَّى يَاقُوتًا وَأَشَارَ إلَى زُجَاجٍ لِكَوْنِهِ بَيْعَ الْمَعْدُومِ، وَلَوْ سَمَّى ثَوْبًا هَرَوِيًّا وَأَشَارَ إلَى مَرْوِيٍّ؛ اخْتَلَفُوا فِي بُطْلَانِهِ أَوْ فَسَادِهِ، هَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ فِي الْبَيْعِ الْبَاطِلِ ذُكِرَ الِاخْتِلَافُ فِي الثَّوْبِ دُونَ الْفَصِّ، وَنَظِيرُ الْفَصِّ: الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى مِنْ بَنِي آدَمَ جِنْسَانِ، بِخِلَافِهِمَا مِنْ الْحَيَوَانِ جِنْسٌ وَاحِدٌ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا كَانَ الْجِنْسُ مُتَّحِدًا وَالْفَائِتُ الْوَصْفَ وَفِي بَابِ الِاقْتِدَاءِ قَالُوا: لَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهَذَا الْإِمَامِ زَيْدٍ فَبَانَ عَمْرًا لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ، وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ الْقَائِمِ فِي الْمِحْرَابِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ زَيْدٌ فَبَانَ أَنَّهُ عَمْرٌو يَصِحُّ، وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهَذَا الشَّابِّ فَإِذَا هُوَ شَيْخٌ لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَلَوْ بِهَذَا الشَّيْخِ فَإِذَا هُوَ شَابٌّ يَصِحُّ لِأَنَّ الشَّابَّ يُدْعَى شَيْخًا لِعِلْمِهِ، وَقِيَاسُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ عَلَى أَنَّهُ رَجُلٌ فَبَانَ أَنَّهُ امْرَأَةٌ لَمْ تَصِحَّ. 14 - وَاسْتَنْبَطَ مِنْ مَسْأَلَةِ الِاقْتِدَاءِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: اسْتَنْبَطَ مِنْ مَسْأَلَةِ الِاقْتِدَاءِ إلَخْ. أَيْ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ مَسَائِلِ الِاقْتِدَاءِ وَهِيَ لَوْ اقْتَدَى بِهَذَا الْإِمَامِ زَيْدٍ فَبَانَ عَمْرًا.

15 - عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ» 16 - أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فَلَا يَخْتَصُّ الثَّوَابُ بِمَا كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ، وَأَمَّا فِي النِّكَاحِ، فَقَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ لَهُ بِنْتٌ وَاحِدَةٌ اسْمُهَا عَائِشَةُ، فَقَالَ الْأَبُ وَقْتَ الْعَقْدِ زَوَّجْت مِنْك بِنْتِي فَاطِمَةَ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ، 17 - وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَاضِرَةً فَقَالَ الْأَبُ زَوَّجْتُك بِنْتِي فَاطِمَةَ هَذِهِ، وَأَشَارَ إلَى عَائِشَةَ وَغَلِطَ فِي اسْمِهَا، فَقَالَ الزَّوْجُ قَبِلْت جَازَ (انْتَهَى) . وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك هَذَا الْغُلَامَ وَأَشَارَ إلَى بِنْتِهِ لَصَحَّتْ تَعْوِيلًا عَلَى الْإِشَارَةِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك هَذِهِ الْعَرَبِيَّةَ فَكَانَتْ أَعْجَمِيَّةً، أَوْ هَذِهِ الْعَجُوزَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (15) قَوْلُهُ: عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ «فِي مَسْجِدِي هَذَا.» كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ بِتَعْرِيفِ الْحَدِيثِ وَمَا بَعْدَهُ بَدَلٌ وَالْمَعْرُوفُ فِي مِثْلِ هَذَا التَّنْكِيرُ وَالْإِضَافَةُ إلَى الْجُمْلَةِ. (16) قَوْلُهُ: إنَّ الِاعْتِبَارَ لِلتَّسْمِيَةِ إلَخْ. يَعْنِي لَا لِلْإِشَارَةِ إذْ لَوْ اُعْتُبِرَتْ لَاخْتَصَّ بِمَا كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا بِنِيَّةٍ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ قَدْ غُيِّرَ بَعْدَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. (17) قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ الْبِنْتُ حَاضِرَةً إلَخْ. أَقُولُ فِي شَرْحِ الْكَافِيَةِ لِلسَّيِّدِ رُكْنِ الدِّينِ لَوْ قَالَ: زَوَّجْتُكَ بِنْتِي فَاطِمَةَ وَاسْمُ بِنْتِهِ عَائِشَةُ فَإِنْ أَرَادَ عَطْفَ الْبَيَانِ صَحَّ النِّكَاحُ وَإِنْ أَرَادَ الْبَدَلَ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْغَلَطَ لَمْ يَقَعْ فِي مُعْتَمَدِ الْكَلَامِ (انْتَهَى) . وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى سُمِّيَتْ فِي صِغَرِهَا بِاسْمٍ فَلَمَّا كَبِرَتْ سُمِّيَتْ بِاسْمٍ آخَرَ تُزَوَّجُ بِاسْمِهَا الْآخَرِ قَالَ وَالْأَصَحُّ عِنْدِي أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الِاسْمَيْنِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ لَوْ كَانَتْ لَهُ بِنْتَانِ إحْدَاهُمَا كُبْرَى اسْمُهَا عَائِشَةُ وَالْأُخْرَى صُغْرَى اسْمُهَا فَاطِمَةُ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ الْكُبْرَى وَعَقَدَ بِاسْمِ فَاطِمَةَ يَنْعَقِدُ عَلَى الصُّغْرَى وَلَوْ قَالَ: زَوَّجْت بِنْتِي فَاطِمَةَ الْكُبْرَى لَا يَنْعَقِدُ

فَكَانَتْ شَابَّةً، أَوْ هَذِهِ الْبَيْضَاءَ فَكَانَتْ سَوْدَاءَ أَوْ عَكْسَهُ، وَكَذَا الْمُخَالَفَةُ فِي جَمِيعِ وُجُوهِ النَّسَبِ وَالصِّفَاتِ 18 - وَالْعُلُوِّ وَالنُّزُولِ وَأَمَّا فِي بَابِ الْأَيْمَانِ؛ فَقَالُوا: لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ أَوْ هَذَا الشَّابَّ فَكَلَّمَهُ بَعْدَ مَا شَاخَ حَنِثَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ هَذَا الْحَمَلِ فَأَكَلَ بَعْدَ مَا صَارَ كَبْشًا حَنِثَ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ وَصْفَ الصِّبَا، وَإِنْ كَانَ دَاعِيًا إلَى الْيَمِينِ لَكِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا، وَفِي الثَّانِي وَصْفُ الصِّغَرِ لَيْسَ بِدَاعٍ إلَيْهَا، فَإِنَّ الْمُمْتَنِعَ عَنْهُ أَكْثَرُ امْتِنَاعًا عَنْ لَحْمِ الْكَبْشِ، 19 - وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَ فُلَانٍ هَذَا أَوْ امْرَأَتَهُ هَذِهِ أَوْ صَدِيقَهُ هَذَا فَزَالَتْ الْإِضَافَةُ فَكَلَّمَهُ لَمْ يَحْنَثْ فِي الْعَبْدِ، وَحَنِثَ فِي الْمَرْأَةِ وَالصَّدِيقِ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ صَاحِبَ هَذَا الطَّيْلَسَانِ فَبَاعَهُ ثُمَّ كَلَّمَهُ حَنِثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (18) قَوْلُهُ: وَالْعُلُوُّ وَالنُّزُولُ. أَقُولُ لَمْ يَظْهَرْ لِي مُرَادُهُ بِالْعُلُوِّ وَالنُّزُولِ هُنَا. (19) قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ إلَخْ. أَقُولُ الْأَصْلُ فِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ أَنَّ الْيَمِينَ إذَا تَعَلَّقَتْ بِاسْمِ مُشَارٍ إلَيْهِ يَبْقَى بِبَقَاءِ الِاسْمِ وَيَزُولُ بِزَوَالِهِ لَا تُعْتَبَرُ أَوْصَافُهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الصِّفَةُ دَاعِيَةً إلَى الْيَمِينِ لِأَنَّ الْوَصْفَ يُذْكَرُ لِلتَّعْرِيفِ، وَالْإِشَارَةُ أَبْلَغُ أَسْبَابِ التَّعْرِيفِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ الْوَصْفُ مَعَهَا لِأَنَّهُ دُونَهَا وَلَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهَا، وَالْوَصْفُ الَّذِي هُوَ دَاعٍ لِلْيَمِينِ يُعْتَبَرُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يُفِيدُ التَّعْرِيفَ يُفِيدُ تَقْيِيدَ الْيَمِينِ بِهِ؛ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ الْمُسَمَّى بِالتَّحْرِيرِ.

[القول في الملك وفيه مسائل]

الْقَوْلُ فِي الْمِلْكِ 1 - قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: الْمِلْكُ قُدْرَةٌ يُثْبِتُهَا الشَّارِعُ ابْتِدَاءً عَلَى التَّصَرُّفِ، فَخَرَجَ نَحْوُ الْوَكِيلِ (انْتَهَى) . 2 - وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إلَّا لِمَانِعٍ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مَالِكٌ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى التَّصَرُّفِ، وَالْمَبِيعُ الْمَنْقُولُ مَمْلُوكٌ لِلْمُشْتَرِي وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَعَرَّفَهُ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ بِأَنَّهُ الِاخْتِصَاصُ الْحَاجِزُ وَأَنَّهُ حُكْمُ الِاسْتِيلَاءِ لِأَنَّهُ بِهِ يَثْبُتُ لَا غَيْرُ، إذْ الْمَمْلُوكُ لَا يَمْلِكُ كَالْمَكْسُورِ لَا يَنْكَسِرُ لِأَنَّ اجْتِمَاعَ الْمِلْكَيْنِ فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ 3 - فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ الْمَحَلُّ الَّذِي ثَبَتَ الْمِلْكُ فِيهِ خَالِيًا عَنْ الْمِلْكِ، وَالْخَالِي عَنْ الْمِلْكِ هُوَ الْمُبَاحُ 4 - وَالْمُثَبِّتُ لِلْمِلِكِ فِي الْمَالِ الْمُبَاحِ الِاسْتِيلَاءُ لَا غَيْرُ إلَى آخِرِهِ وَفِيهِ مَسَائِلُ: الْأُولَى: أَسْبَابُ التَّمَلُّكِ: الْمُعَاوَضَاتُ الْمَالِيَّةُ وَالْأَمْهَارُ وَالْخُلْعُ وَالْمِيرَاثُ وَالْهِبَاتُ وَالصَّدَقَاتُ وَالْوَصَايَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَوْلُ فِي الْمِلْكِ وَفِيهِ مَسَائِلُ] [الْأُولَى أَسْبَابُ التَّمَلُّكِ] قَوْلُهُ: قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْمِلْكُ قُدْرَةٌ إلَخْ. أَقُولُ نَصُّ عِبَارَتِهِ: الْمِلْكُ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّصَرُّفِ ابْتِدَاءً إلَّا لِمَانِعٍ؛ ثُمَّ قَالَ: فَخَرَجَ بِالِابْتِدَاءِ قُدْرَةُ الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَبِقَوْلِنَا إلَّا لِمَانِعِ الْمَبِيعِ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَإِنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ لِمَانِعٍ. (2) قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إلَخْ. صَرِيحٌ فِي أَنَّ صَاحِبَ الْفَتْحِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي التَّعْرِيفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَكَرَهُ وَذَكَرَ مُحْتَرَزَهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ بِنَقْلٍ صَرِيحِ نَصِّ عِبَارَتِهِ. (3) قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ إلَخْ. قَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ بِمَعْنَى مِنْ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ وَاوًا لِلُّصُوقِ أَيْ لُصُوقِ اسْمِ لَا بِخَبَرِهَا. (4) قَوْلُهُ: وَالْمُثْبِتُ لِلْمِلِكِ فِي الْمَالِ الْمُبَاحِ الِاسْتِيلَاءُ لَا غَيْرُ إلَخْ وَهُوَ طَرِيقُ الْمِلْكِ

[الثانية لا يدخل في ملك الإنسان شيء بغير اختياره]

5 - وَالْوَقْفُ وَالْغَنِيمَةُ وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَى الْمُبَاحِ وَالْإِحْيَاءِ، وَتُمْلَكُ اللُّقَطَةُ بِشَرْطِهِ، وَدِيَةُ الْقَتِيلِ يَمْلِكُهَا أَوَّلًا ثُمَّ تُنْقَلُ إلَى الْوَرَثَةِ، وَمِنْهَا الْغُرَّةُ يَمْلِكُهَا الْجَنِينُ فَتُورَثُ عَنْهُ، وَالْغَاصِبُ إذَا فَعَلَ بِالْمَغْصُوبِ شَيْئًا أَزَالَ بِهِ اسْمَهُ وَعَظَّمَ مَنَافِعَ مِلْكِهِ وَإِذَا خَلَطَ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِيٍّ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ مِلْكُهُ الثَّانِيَةُ: لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ إلَّا الْإِرْثُ اتِّفَاقًا، 6 - وَكَذَا الْوَصِيَّةُ فِي مَسْأَلَةٍ؛ وَهِيَ أَنْ يَمُوتَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي قَبْلَ قَبُولِهِ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَكَذَا إذَا أَوْصَى لِلْجَنِينِ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ اسْتِحْسَانًا ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ فِيهَا وَبِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ الْحَاصِلُ بِالِاسْتِيلَاءِ إلَيْهِ، فَمِنْ شَرْطِ الْبَيْعِ شَغْلُ الْمَبِيعِ بِالْمِلْكِ حَالَةَ الْبَيْعِ حَتَّى لَمْ يَصِحَّ فِي مُبَاحٍ قَبْلَ الِاسْتِيلَاءِ، وَمِنْ شَرْطِ الِاسْتِيلَاءِ خُلُوُّ الْمَحَلِّ عَنْ الْمِلْكِ وَقْتَهُ، وَبِالْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ تَحْصُلُ الْخِلَافَةُ عَنْ الْمَيِّتِ حَتَّى كَأَنَّهُ حَيٌّ لَا لِانْتِقَالِ مِلْكِ الْمُوَرِّثِ لِلرَّدِّ بِالْعَيْبِ دُونَ الْمُشْتَرِي، فَالْأَسْبَابُ ثَلَاثَةٌ مُثَبِّتٌ لِلْمِلِكِ وَهُوَ الِاسْتِيلَاءُ وَنَاقِضٌ لِلْمِلِكِ وَهُوَ الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ وَخِلَافُهُ وَهُوَ الْمِيرَاثُ وَالْوَصِيَّةُ وَمَا أُرِيدَ لِأَجْلِهِ حُكْمُ التَّصَرُّفِ حِكْمَةٌ وَثَمَرَةٌ، فَحُكْمُ الْبَيْعِ الْمِلْكُ وَحِكْمَتُهُ إطْلَاقُ الِانْتِفَاعِ، وَالْعُقُودُ تَبْطُلُ إذَا خَلَتْ عَنْ الْأَحْكَامِ وَلَا تَبْطُلُ بِخُلُوِّهَا عَنْ الْحِكَمِ (5) قَوْلُهُ: وَالْوَقْفُ. أَقُولُ الْمُرَادُ مَنَافِعُ الْوَقْفِ وَإِلَّا فَرَقَبَةُ الْوَقْفِ لَا تُمَلَّكُ عِنْدَنَا لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْوَقْفِ يَزُولُ عَنْ الْمَالِكِ لَا إلَى مَالِكٍ وَلَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَلَوْ مُعَيَّنًا كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا. [الثَّانِيَةُ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ] . (6) قَوْلُهُ: وَكَذَا الْوَصِيَّةُ فِي مَسْأَلَةٍ إلَخْ. أَيْ يَدْخُل الْمُوصَى بِهِ فِي مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ إذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ تَبْطُلَ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَقْدِرُ عَلَى إثْبَاتِ الْمِلْكِ لِأَحَدٍ بِدُونِ اخْتِيَارِهِ فَصَارَ كَمَوْتِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبُولِ بَعْدَ إيجَابِ الْبَائِعِ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ عَنْ جَانِبِ الْمُوصِي قَدْ تَمَّتْ بِمَوْتِهِ تَمَامًا لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ مِنْ جِهَتِهِ

7 - لِعَدَمِ مَنْ يَلِي عَلَيْهِ حَتَّى يَقْبَلَ عَنْهُ (انْتَهَى) . وَزِدْتُ: مَا وُهِبَ لِلْعَبْدِ وَقَبِلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ يَمْلِكُهُ السَّيِّدُ بِلَا اخْتِيَارِهِ، وَغَلَّةُ الْوَقْفِ يَمْلِكُهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ، وَنِصْفُ الصَّدَاقِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَكِنْ يَسْتَحِقُّهُ الزَّوْجُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا، وَبَعْدَهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِقَضَاءٍ أَوْ رِضَاءٍ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَالْمَعِيبُ إذَا رَدَّ عَلَى الْبَائِعِ بِهِ، لَكِنْ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَاءِ كَالْمَوْهُوبِ إذَا رَجَعَ الْوَاهِبُ فِيهِ، وَأَرْشُ الْجِنَايَاتِ وَالشَّفِيعُ إذَا تَمَلَّكَ بِالشُّفْعَةِ دَخَلَ الثَّمَنُ فِي مِلْكِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ جَبْرًا كَالْمَبِيعِ إذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنَّ الثَّمَنَ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَكَذَا إنْمَاءُ مِلْكِهِ مِنْ الْوَلَدِ وَالثِّمَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنَّمَا يَتَوَقَّفُ لِحَقِّ الْمُوصَى لَهُ فَإِذَا مَاتَ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ ثُمَّ مَاتَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ. (7) قَوْلُهُ: لِعَدَمِ مَنْ يَلِي عَلَيْهِ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: اُسْتُفِيدَ مِنْهُ جَوَابُ وَاقِعَةِ الْفَتْوَى وَهِيَ لَوْ جَعَلَ شَخْصًا وَصِيًّا عَلَى أَوْلَادِهِ هَلْ يَمْلِكُ الْوَصِيُّ التَّصَرُّفَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَمْلِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ إذَا انْفَصَلَ حَيًّا يَكُونُ وَصِيًّا عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا (انْتَهَى) . وَفِي مُغْنِي الْمُفْتِي رَجُلٌ أَوْصَى لِمَا فِي بَطْنِ الْمَرْأَةِ حَتَّى جَازَتْ الْوَصِيَّةُ وَصَالَحَ أَبُو الْحَمْلِ بِمَا أُوصِيَ لَهُ مَعَ رَجُلٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْأَبِ عَلَى الْجَنِينِ لِأَنَّهُ أَصْلٌ مِنْ وَجْهٍ تَبَعٌ لِلْأُمِّ مِنْ وَجْهٍ كَسَائِرِ أَجْزَائِهَا فَعَلِمْنَا بِهِمَا فَفِي حَقِّ الْمُوصَى لَهُ اُعْتُبِرَ نَفْسًا وَفِي حَقِّ الصُّلْحِ اُعْتُبِرَ جُزْءًا عَمَلًا بِهِمَا. كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَفِي التَّبْيِينِ وَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ لِلْحَمْلِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ مِنْ شَرْطِهَا الْقَبُولُ وَالْقَبْضُ وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ مِنْ الْجَنِينِ وَلَا يَلِي عَلَيْهِ أَحَدٌ حَتَّى يَقْبِضَ عَنْهُ فَصَارَ كَالْبَيْعِ. قُلْت: فَقَدْ أَفَادَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ عَلَى الْجَنِينِ لِأَحَدٍ أَصْلًا وَبِهِ ظَهَرَ خَطَأُ مَنْ أَفْتَى أَنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ الْمَوْقُوفِ لِلْحَمْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (انْتَهَى)

[الثالثة المبيع يملكه المشتري بالإيجاب والقبول]

8 - وَالْمَاءُ النَّابِعُ فِي مِلْكِهِ وَمَا كَانَ مِنْ إنْزَالِ الْأَرْضِ، إلَّا الْكَلَأَ وَالْحَشِيشَ وَالصَّيْدَ الَّذِي بَاضَ فِي أَرْضِهِ الثَّالِثَةُ: الْمَبِيعُ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ إلَّا إذَا كَانَ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ: فَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ لَمْ يَمْلِكْهُ الْمُشْتَرِي اتِّفَاقًا، 9 - وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا، وَفِي التَّحْقِيقِ الْأَمْرُ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ تَمَّ كَانَ لِلْمُشْتَرِي؛ فَتَكُونُ الزَّوَائِدُ لَهُ مِنْ حِينِهِ وَإِنْ فُسِخَ فَهُوَ لِلْبَائِعِ، فَالزَّوَائِدُ لَهُ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ مِلْكُ الْمُرْتَدِّ فَإِنَّهُ يَزُولُ عَنْهُ زَوَالًا مُرَاعًى؛ فَإِنْ أَسْلَمَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَزُلْ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ بَانَ أَنَّهُ زَالَ عَنْ وَقْتِهَا. الرَّابِعَةُ: الْمُوصَى لَهُ يَمْلِكُ الْمُوصَى بِهِ بِالْقَبُولِ 10 - إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ قَدَّمْنَاهَا فَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا، فَلَهَا شَبَهَانِ: شَبَهٌ بِالْهِبَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ، وَشَبَهٌ بِالْمِيرَاثِ فَلَا يَتَوَقَّفُ الْمِلْكُ عَلَى الْقَبْضِ، وَإِذَا وَقَعَ الْيَأْسُ مِنْ الْقَبُولِ اُعْتُبِرَتْ مِيرَاثًا؛ فَلَا تَتَوَقَّفُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (8) قَوْلُهُ: وَالْمَاءُ النَّابِعُ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا مُخْتَلِفٌ لِقَوْلِهِمْ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ إنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُ مَنْ يُرِيدُ الشَّفَةَ يَعْنِي شُرْبَ بَنِي آدَمَ وَلَوْ مَلَكَهُ لَكَانَ لَهُ الْمَنْعُ. [الثَّالِثَةُ الْمَبِيعُ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ] (9) قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ. أَيْ لَا يَدْخُلُ الْمَبِيعُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّ الثَّمَنَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ فَلَوْ دَخَلَ الْمَبِيعُ أَيْضًا لَاجْتَمَعَ فِي مِلْكِهِ عِوَضَانِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ وَهُمَا يَقُولَانِ: الْمَبِيعُ قَدْ خَرَجَ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ فَلَوْ لَمْ يَمْلِكْهُ الْمُشْتَرِي يَكُونُ زَائِلًا لَا إلَى مَالِكٍ وَلَا عَهْدَ لَنَا بِهِ فِي الشَّرْعِ؛ وَاعْتَمَدَ قَوْلَ الْإِمَامِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ نَفَقَةُ الْمَبِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ لَهُ الْخِيَارُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي السِّرَاجِ لِئَلَّا يَهْلَكَ وَلَنَا فِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْتُهُ فِي كِتَابِي قُرَّةِ الْعُيُونِ بِنَمُوذَجِ الْفُنُونِ. [الرَّابِعَةُ الْمُوصَى لَهُ يَمْلِكُ الْمُوصَى بِهِ بِالْقَبُولِ] (10) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ قَدَّمْنَاهَا. أَقُولُ الَّذِي قَدَّمَهُ مَسْأَلَتَانِ فَكَأَنَّهُ نَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ

[الخامسة لا يملك المؤجر الأجرة بنفس العقد]

عَلَى الْقَبُولِ، وَإِذَا قَبِلَهَا ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْوَرَثَةِ، إنْ قَبِلُوهَا انْفَسَخَ مِلْكُهُ وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرُوا كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَالْمِلْكُ بِقَبُولِهِ يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ مَوْتِ الْوَصِيِّ بِدَلِيلِ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ أَوْصَى بِعَبْدٍ لِإِنْسَانٍ وَالْمُوصَى لَهُ غَائِبٌ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمُوصِي، فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ إنْ قَبِلَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْقَاضِي، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فَهُوَ مِلْكُ الْوَرَثَةِ. (انْتَهَى) الْخَامِسَةُ: لَا يَمْلِكُ الْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُهَا بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ بِالتَّمَكُّنِ مِنْهُ 11 - أَوْ بِالتَّعْجِيلِ 12 - أَوْ بِشَرْطِهِ، 13 - فَلَوْ كَانَ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ الْمُؤَجِّرُ قَبْلَ وُجُودِ وَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ؛ وَعَلَى هَذَا لَا يَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنَافِعَ بِالْعَقْدِ لِأَنَّهَا تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَبِهَذَا فَارَقَتْ الْبَيْعَ، فَإِنَّ الْبَيْعَ عَيْنٌ مَوْجُودَةٌ 14 - فَمَا لَمْ تَحْدُثْ فَهُوَ عَلَى مِلْكِ الْمُؤَجِّرِ، وَلِذَا قُلْنَا: إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْخَامِسَةُ لَا يَمْلِكُ الْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ] قَوْلُهُ: أَوْ بِالتَّعْجِيلِ. أَيْ تَعْجِيلِ الْأَجْرِ بِأَنْ يَدْفَعَهُ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ. (12) قَوْلُهُ: أَوْ بِشَرْطِهِ. أَيْ أَوْ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ حَالَ الْعَقْدِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُنَجَّزَةً أَمَّا الْإِجَارَةُ الْمُضَافَةُ فَلَا تُمْلَكُ الْأُجْرَةُ فِيهَا بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ كَمَا فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ شَرْحِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ. (13) قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ إلَخْ. أَقُولُ يُنْظَرُ حُكْمُ مَا لَوْ عَجَّلَ الْعَبْدُ أَجْرَهُ وَلَمْ يُعَجِّلْهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ تَعْجِيلَهُ وَاسْتَوْفَى بَعْضَ الْمُدَّةِ ثُمَّ أَعْتَقَ الْعَبْدَ. (14) قَوْلُهُ: فَمَا لَمْ يَحْدُثُ إلَخْ. تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهَا تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَذْكُرَ بَعْدَهُ [السَّادِسَةُ الْقَرْض هَلْ يَمْلِكُهُ الْمُسْتَقْرِضُ بِالْقَبْضِ أَوْ بِالتَّصَرُّفِ] ؟

تَصِحُّ إجَارَتُهُ مِنْ الْمُؤَجِّرِ. السَّادِسَةُ: اخْتَلَفُوا فِي الْقَرْضِ: هَلْ يَمْلِكُهُ الْمُسْتَقْرِضُ بِالْقَبْضِ أَوْ بِالتَّصَرُّفِ؟ 15 - وَفَائِدَتُهُ 16 - مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: بَاعَ الْمُقْرِضُ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ الْكُرَّ الْمُسْتَقْرَضَ، الَّذِي هُوَ فِي يَدِ الْمُسْتَقْرِضِ قَبْلَ الِاسْتِهْلَاكِ، يَجُوزُ لِأَنَّهُ صَارَ مِلْكًا لِلْمُسْتَقْرِضِ، وَعِنْدَ الثَّانِي لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْمُسْتَقْرَضَ قَبْلَ الِاسْتِهْلَاكِ، وَبَيْعُ الْمُسْتَقْرِضِ يَجُوزُ إجْمَاعًا، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ 17 - يَمْلِكُ بِنَفْسِ الْقَرْضِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ كَالنَّقْدَيْنِ 18 - يَجُوزُ بَيْعُ مَا فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُسْتَقْرِضِ، وَيَجُوزُ لِلْمُقْرِضِ التَّصَرُّفُ فِي الْكُرِّ الْمُسْتَقْرَضِ بَعْدَ الْقَبْضِ قَبْلَ الْكَيْلِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ (انْتَهَى) . وَلْيُتَأَمَّلْ فِي مُنَاسَبَةِ التَّعْلِيلِ لِلْحُكْمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفَائِدَتُهُ. أَيْ ثَمَرَةِ الْخِلَافِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ. (16) قَوْلُهُ: مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ بَاعَ الْمُقْرِضُ إلَخْ. أَقُولُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ الْمَنْقُولَةُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ مُشْكِلَةٌ جِدًّا فَإِنَّ الْحُكْمَ بِالْعَكْسِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ نَقْلِهَا لِيُتَأَمَّلْ فِي مُنَاسَبَةِ التَّعْلِيلِ لِلْحُكْمِ. وَسَبَبُ إشْكَالِ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ أَنْ لَا سَقَطَتْ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ الْأَوَّلِ مِنْ قَوْلِهِ يَجُوزُ حَيْثُ قَالَ: بَاعَ الْمُقْرِضُ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ الْكُرَّ الْمُسْتَقْرَضَ قَبْلَ الِاسْتِهْلَاكِ يَجُوزُ وَالصَّوَابُ لَا يَجُوزُ وَزَادَتْ فِي قَوْلِهِ وَعِنْدَ الثَّانِي لَا يَجُوزُ وَالصَّوَابُ يَجُوزُ وَبَعْدَ إصْلَاحِ عِبَارَتِهَا بِإِثْبَاتِ لَا فِي الْعِبَارَةِ الْأُولَى وَإِسْقَاطِهَا مِنْ الثَّانِيَةِ بَقِيَ التَّعْلِيلُ مُنَاسِبًا لِلْحُكْمِ. (17) قَوْلُهُ: يَمْلِكُ بِنَفْسِ الْقَرْضِ. كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَالظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ بِنَفْسِ الْقَبْضِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ مَا ذَكَرَ بِأَنْ يُرَادَ بِالْقَرْضِ الْإِقْرَاضُ الْمُسْتَلْزِمُ لِلْقَبْضِ. (18) قَوْلُهُ: يَجُوزُ بَيْعُ مَا فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُسْتَقْرِضِ إلَخْ. بَعْدَ

[السابعة دية القتل تثبت للمقتول ابتداء ثم تنتقل إلى ورثته]

السَّابِعَةُ: دِيَةُ الْقَتْلِ تَثْبُتُ لِلْمَقْتُولِ ابْتِدَاءً ثُمَّ تَنْتَقِلُ إلَى وَرَثَتِهِ؛ فَهِيَ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ فَتُقْضَى مِنْهَا دُيُونُهُ وَتُنَفَّذُ وَصَايَاهُ؛ وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ دَخَلَتْ. وَعِنْدَنَا الْقِصَاصُ بَدَلٌ عَنْهَا فَيُورَثُ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ، وَلِهَذَا لَوْ انْقَلَبَ مَا لَا تُقْضَى بِهِ دُيُونُهُ وَتُنَفَّذُ وَصَايَاهُ، ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِي بَابِ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ. وَفُرِّعَتْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ أَرَ مِنْ فَرْعِهِ: لَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ؛ وَقُلْنَا لَا قِصَاصَ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ عَنْ الْإِمَامِ؛ فَلَا دِيَةَ أَيْضًا لِأَنَّهَا تَثْبُتُ لِلْمَقْتُولِ وَقَدْ أَذِنَ فِي قَتْلِهِ وَهِيَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهَا لِمَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ 19 - أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ وُجُوبِهَا؛ فَظَهَرَ مَا رَجَّحْتُهُ بَحْثًا مُرَجَّحًا نَقْلًا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَلَوْ جَنَى الْمَرْهُونُ عَلَى وَارِثِ السَّيِّدِ قَتْلًا لَمْ أَرَهُ الْآنَ، وَمُقْتَضَى ثُبُوتِهَا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مُخَالِفًا لِمَا إذَا جَنَى عَلَى الرَّاهِنِ. الثَّامِنَةُ: فِي رَقَبَةِ الْوَقْفِ؛ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمِلْكَ يَزُولُ عَنْ الْمَالِكِ لَا إلَى مَالِكٍ، وَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ مُعَيَّنًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَبْضِ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ بِذِمَّةِ شَخْصٍ كُرٌّ مِنْ الْقَمْحِ عَلَى وَجْهِ الْقَرْضِ فَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ الْكُرُّ قَائِمًا أَوْ هَالِكًا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لِلْمُقْرِضِ فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ مِثْلُ مَا أَقْرَضَ لَا عَيْنُهُ، وَلِذَلِكَ يَرُدُّ مِثْلَهُ وَإِنْ كَانَ عَيْنُهُ قَائِمًا إلَّا إذَا كَانَ الْقَرْضُ فَاسِدًا فَإِنَّهُ يَجِبُ رَدُّ الْعَيْنِ [السَّابِعَةُ دِيَةُ الْقَتْلِ تَثْبُتُ لِلْمَقْتُولِ ابْتِدَاءً ثُمَّ تَنْتَقِلُ إلَى وَرَثَتِهِ] (19) قَوْلُهُ: الْأَصَحُّ عَدَمُ وُجُوبِهَا. أَقُولُ قَدْ نَقَلَ الزَّيْلَعِيُّ تَصْحِيحَ وُجُوبِ الدِّيَةِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافُ تَصْحِيحٍ لَكِنَّ مَا فِي الشُّرُوحِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا فِي كُتُبِ الْفَتَاوَى

[التاسعة وقت ملك الوارث]

[التَّاسِعَةُ وَقْتِ مِلْكِ الْوَارِثِ] التَّاسِعَةُ: اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ مِلْكِ الْوَارِثِ: قِيلَ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ، وَقِيلَ بِمَوْتِهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مَعَ فَائِدَةِ الِاخْتِلَافِ فِي الْفَرَائِضِ مِنْ الْفَوَائِدِ، وَالدَّيْنُ الْمُسْتَغْرِقُ لِلتَّرِكَةِ يَمْنَعُ مِلْكَ الْوَارِثِ، قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ: لَوْ اسْتَغْرَقَهَا دَيْنٌ لَا يَمْلِكُهَا بِإِرْثٍ إلَّا إذَا أَبْرَأَ الْمَيِّتَ غَرِيمُهُ أَوْ أَدَّاهُ وَارِثُهُ بِشَرْطِ التَّبَرُّعِ وَقْتَ الْأَدَاءِ، أَمَّا لَوْ أَدَّاهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ مُطْلَقًا، بِشَرْطِ التَّبَرُّعِ أَوْ الرُّجُوعِ، يَجِبُ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ فَتَصِيرُ مَشْغُولَةً بِدَيْنٍ فَلَا يَمْلِكُهَا؛ 20 - فَلَوْ تَرَكَ ابْنًا وَقِنًّا وَدَيْنُهُ مُسْتَغْرِقٌ فَأَدَّاهُ وَارِثُهُ ثُمَّ أَذِنَ لِلْقِنِّ فِي التِّجَارَةِ أَوْ كَاتِبِهِ لَمْ يَصِحَّ إذَا لَمْ يَمْلِكْهُ، 21 - وَلَا يَنْفُذُ بَيْعُ الْوَارِثِ التَّرِكَةَ الْمُسْتَغْرِقَةَ بِالدَّيْنِ 22 - وَإِنَّمَا يَبِيعُهُ الْقَاضِي وَالدَّيْنَ الْمُسْتَغْرِقَ بِمَنْعِ جَوَازِ الصُّلْحِ وَالْقِسْمَةِ فَإِنْ لَمْ يُسْتَغْرَقْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَالِحُوا مَا لَمْ يَقْضُوا دَيْنَهُ، وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الثَّامِنَةُ فِي رَقَبَةِ الْوَقْفِ] قَوْلُهُ: فَلَوْ تَرَكَ ابْنًا وَقِنًّا وَدَيْنُهُ مُسْتَغْرِقٌ. أَقُولُ فِي الْعِمَادِيَّةِ عَنْ الصُّغْرَى وَأَحَالَهُ إلَى الْجَامِعِ: إنْ اسْتَغْرَقَ التَّرِكَةَ بِدَيْنِ الْوَارِثِ إذَا كَانَ هُوَ الْوَارِثُ لَا غَيْرُ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ كَمَا سَيَذْكُرُهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ. (21) قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفُذُ بَيْعُ الْوَارِثِ التَّرِكَةَ الْمُسْتَغْرِقَةَ بِالدَّيْنِ إلَخْ يَعْنِي أَنَّ بَيْعَهُ مَوْقُوفٌ عَلَى رِضَاءِ الْغُرَمَاءِ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي السَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا: لَا يَمْلِكُ الْوَارِثُ بَيْعَ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرِقَةِ بِالدَّيْنِ الْمُحِيطِ إلَّا بِرِضَاءِ الْغُرَمَاءِ. (22) قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَبِيعُهُ الْقَاضِي. أَقُولُ ذِكْرُ الضَّمِيرِ الرَّاجِعِ لِلتَّرِكَةِ لِتَأْوِيلِهَا بِالْمَتْرُوكِ ثُمَّ أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بِحَضْرَةِ الْوَرَثَةِ لِمَا لَهُمْ مِنْ حَقِّ إمْسَاكِهَا وَقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِمْ أَخْذًا مِمَّا فِي الثَّالِثِ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ أَنَّ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ لَا يَبِيعُهُ الْقَاضِي إلَّا بِحَضْرَةِ مَوْلَاهُ، وَالْجَامِعُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ تَعَلُّقُ الْحَقِّ لِلْوَارِثِ كَالْمَوْلَى.

فَعَلُوا جَازَ، وَلَوْ اقْتَسَمُوهَا ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ مُحْبِطٌ أَوْ لَا رُدَّتْ الْقِسْمَةُ وَلِلْوَارِثِ اسْتِخْلَاصُ التَّرِكَةِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَوْ مُسْتَغْرِقًا. وَهُنَا مَسْأَلَةٌ: لَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِلْوَارِثِ وَالْمَالُ مُنْحَصِرٌ فِيهِ؛ فَهَلْ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَمَا يَأْخُذُهُ مِيرَاثٌ أَوْ لَا، وَمَا يَأْخُذُهُ دَيْنُهُ؟ قَالَ فِي آخِرِ الْبَزَّازِيَّةِ: اسْتِغْرَاقُ التَّرِكَةِ بِدَيْنِ الْوَارِثِ إذَا كَانَ هُوَ الْوَارِثَ لَا غَيْرُ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ (انْتَهَى) . ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مِلْكَ الْوَارِثِ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ عَنْ الْمَيِّتِ، فَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَهُ كَأَنَّهُ حَيٌّ فَيَرُدُّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ، وَيَصِيرُ مَغْرُورًا بِالْجَارِيَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا الْمَيِّتُ، وَيَصِحُّ إثْبَاتُ دَيْنِ الْمَيِّتِ عَلَيْهِ وَيَتَصَرَّفُ وَصِيُّ الْمَيِّتِ بِالْبَيْعِ فِي التَّرِكَةِ مَعَ وُجُودِهِ. وَأَمَّا مِلْكُ الْمُوصَى لَهُ فَلَيْسَ خِلَافَةً عَنْهُ بَلْ بِعَقْدٍ يَمْلِكُهُ ابْتِدَاءً، فَانْعَكَسَتْ الْأَحْكَامُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَقِّهِ، 23 - كَذَا ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْخَصَّافِ وَذَكَرَ فِي التَّلْخِيصِ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَزَادَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَصِحُّ شِرَاءُ مَا بَاعَ الْمَيِّتُ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ الْعَاشِرَةُ: يَمْلِكُ الصَّدَاقَ بِالْعَقْدِ؛ فَالزَّوَائِدُ لَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ؛ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي تَنْصِيفِ الزِّيَادَةِ مَعَ الْأَصْلِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا تَفَاصِيلَهَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَقَدَّمْنَا أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (23) قَوْلُهُ: كَذَا ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ إلَخْ. نَصُّ عِبَارَتِهِ: وَإِنْ ادَّعَى قَوْمٌ عَلَى الْمَيِّتِ دُيُونًا فَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يُثْبِتُوا ذَلِكَ عَلَى الْمَيِّتِ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُثْبِتُوا ذَلِكَ إلَّا بِمَحْضَرِ خَصْمٍ مِنْ وَارِثٍ أَوْ وَصِيٍّ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُثْبِتُوا ذَلِكَ عَلَى غَرِيمٍ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَا مُوصَى لَهُ وَلَا غَرِيمَ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَمَّا الْغَرِيمُ الَّذِي لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِ دَيْنُ فُلَانٍ الْمُدَّعِي لَا

[الحادية عشرة استقرار الملك في العقود]

النِّصْفَ يَعُودُ إلَى مِلْكِ الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا، وَبَعْدَهُ بِقَضَاءٍ أَوْ رِضَاءٍ، وَفَائِدَتُهُ فِي الزَّوَائِدِ [الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ فِي الْعُقُود] الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ فِي اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ؛ فَيَسْتَقِرُّ فِي الْبَيْعِ الْخَالِي عَنْ الْخِيَارِ بِالْقَبْضِ، وَيَسْتَقِرُّ الصَّدَاقُ بِالدُّخُولِ أَوْ الْخَلْوَةِ أَوْ الْمَوْتِ أَوْ وُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا مِنْهُ قَبْلَ النِّكَاحِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي الشَّرْحِ،. 24 - وَالْأَخِيرُ مِنْ زِيَادَاتِي أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ وَالْمُرَادُ مِنْ الِاسْتِقْرَارِ فِي الْبَيْعِ الْأَمْنُ مِنْ انْفِسَاخِهِ بِالْهَلَاكِ، وَفِي الصَّدَاقِ الْأَمْنُ مِنْ تَشْطِيرِهِ بِالطَّلَاقِ وَسُقُوطِهِ بِالرِّدَّةِ وَتَقْبِيلِ ابْنِ الزَّوْجِ قَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَدَّعِي عَلَيْهِ شَيْئًا وَإِنَّمَا يَدَّعِي دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ لَكِنْ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ ثَبَتَ لَهُ وِلَايَةُ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ هَذَا الْغَرِيمِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ تَرِكَةُ الْمَيِّتِ فَلَا يَكُونُ الْغَرِيمُ لَهُ خَصْمًا بِخِلَافِ الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ، فَلِأَنَّهُ يَدَّعِي حَقَّ قَبْضِ الَّذِي عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْمُوصَى لَهُ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِخَلِيفَةٍ لِلْمَيِّتِ فِيمَا يَتَمَلَّكُ بَلْ يَتَمَلَّكُ ابْتِدَاءً بِعَقْدِ الْوَصِيَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَرُدُّ بِالْعَيْبِ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَلَا يَصِيرُ مَغْرُورًا فِيمَا اشْتَرَاهُ الْمُوصِي، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ خَلِيفَةً لَا يَمْلِكُ الْمُدَّعِي إثْبَاتَ دَيْنٍ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْغَرِيمُ الَّذِي لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَكَذَا أَيْضًا (انْتَهَى) . وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ الْبَابِ الثَّالِثِ وَالسَّبْعِينَ. هَذَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْهِدَايَةِ هُنَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ خِلَافَةٌ كَالْوِرَاثَةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ أَنَّ مِلْكَ الْمُوصَى لَهُ لَيْسَ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ كَمِلْكِ الْوَارِثِ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ: وَقَدْ ظَهَرَ لِي أَنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ أَرَادَ بِالْخِلَافَةِ أَنَّ مِلْكَ كُلٍّ مِنْهُمَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْخِلَافَةِ مَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ بَعْدَ بَيَانِ أَنَّ مِلْكَهُ لَيْسَ خِلَافَةً أَنَّهُ يَصِحُّ شِرَاؤُهُ مَا بَاعَ الْمَيِّتُ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ [الْعَاشِرَةُ يَمْلِكُ الصَّدَاق بِالْعَقْدِ] (24) قَوْلُهُ: وَالْأَخِيرُ مِنْ زِيَادَاتِي. قِيلَ عَلَيْهِ لَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَتِك لِأَنَّهُمْ قَالُوا: الدُّخُولُ فِي النِّكَاحِ السَّابِقِ دُخُولٌ فِي الثَّانِي الْوَاقِعِ فِي الْعِدَّةِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِمْ يَسْتَقِرُّ بِالدُّخُولِ.

الدُّخُولِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ اسْتِقْرَارُهُ عَلَى الْقَبْضِ لِأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ. وَجَمِيعُ الدُّيُونِ بَعْدَ لُزُومِهَا مُسْتَقِرَّةٌ إلَّا دَيْنَ السَّلَمِ لِقَبُولِهِ الْفَسْخَ بِالِانْقِطَاعِ بِخِلَافِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُهُ بِالِانْقِطَاعِ لِجَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ. وَأَمَّا الْمِلْكُ فِي الْمَغْصُوبِ وَالْمُسْتَهْلَكِ فَمُسْتَنِدٌ عِنْدَنَا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ وَالِاسْتِهْلَاكِ؛ فَإِذَا غَيَّبَ الْمَغْصُوبَ وَضَمِنَ قِيمَتُهُ مَلَكَهُ عِنْدَنَا مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ، وَفَائِدَتُهُ تَمَلُّكُ الِاكْتِسَابِ وَوُجُوبُ الْكَفَنِ وَنُفُوذُ الْبَيْعِ وَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ لَهُ. وَالتَّحْقِيقُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ لِلْغَاصِبِ بِشَرْطِ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ، لَا حُكْمًا ثَابِتًا بِالْغَصْبِ مَقْصُودًا وَلِذَا لَا يَمْلِكُ الْوَلَدُ، بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ كَذَا فِي الْكَشْفِ فِي بَابِ النَّهْيِ. وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ النَّفَقَةِ: لَوْ أَنْفَقَ الْمُودِعُ عَلَى أَبَوَيْ الْمُودَعِ بِلَا إذْنِهِ وَإِذْنِ الْقَاضِي ضَمِنَهَا، ثُمَّ إذَا ضَمِنَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ لِمَا ضَمِنَ مِلْكَهُ بِالضَّمَانِ فَظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مُتَبَرِّعًا. وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ: أَنَّهُ بِالضَّمَانِ اسْتَنَدَ مِلْكُهُ إلَى وَقْتِ التَّعَدِّي فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ تَبَرُّعٌ مَلَكَهُ فَصَارَ كَمَا إذَا قَضَى دَيْنَ الْمُودِعِ بِهَا (انْتَهَى) . وَفِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِقَاضِي خَانْ مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ الْغَصْبِ: الْأَصْلُ الْأَوَّلُ: إنَّ زَوَالَ الْمَغْصُوبِ عَنْ مِلْكِ الْمَالِكِ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ عِنْدَنَا يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ فِي حَقِّ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِمَا يَقْتَصِرُ عَلَى التَّضْمِينِ؛ إلَّا إذَا تَعَلَّقَ بِالِاسْتِنَادِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يَمْنَعُنَا مِنْ أَنْ نَجْعَلَ الزَّوَالَ مَقْصُورًا عَلَى الْحَالِ فَحِينَئِذٍ يَسْتَنِدُ فِي حَقِّ الْكُلِّ لِأَنَّ الزَّوَالَ فِي حَقِّ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ اسْتَنَدَ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لِكَوْنِ الْغَصْبِ سَبَبًا لِلْمِلْكِ وَضْعًا حَتَّى يَسْتَنِدَ فِي حَقِّ الْكُلِّ، بَلْ ضَرُورَةُ وُجُوبِ الضَّمَانِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ، فَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا 25 - إلَّا إذَا اتَّصَلَ بِالِاسْتِنَادِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ لِأَنَّ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْكُلِّ فَيَظْهَرُ الِاسْتِنَادُ فِي حَقِّ الْكُلِّ، 26 - ثُمَّ ذَكَرَ فُرُوعًا كَثِيرَةً عَلَى هَذَا الْأَصْلِ: مِنْهَا؛ الْغَاصِبُ إذَا أَوْدَعَ الْعَيْنَ ثُمَّ هَلَكَتْ عِنْدَ الْمُودَعِ ثُمَّ ضَمَّنَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُودَعِ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِالضَّمَانِ فَصَارَ مُودَعًا مَالَ نَفْسِهِ، 27 - وَفِيهِ إذَا غَصَبَ جَارِيَةً فَأَوْدَعَهَا فَأَبَقَتْ فَضَمَّنَهُ الْمَالِكُ قِيمَتَهَا مَلَكَهَا الْغَاصِبُ، فَلَوْ أَعْتَقَهَا الْغَاصِبُ صَحَّ، وَلَوْ ضَمِنَهَا الْمُودِعُ فَأَعْتَقَهَا لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً مِنْ الْغَاصِبِ عَتَقَتْ عَلَيْهِ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (25) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا اتَّصَلَ بِالِاسْتِنَادِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَهُوَ نَفَاذُ الْبَيْعِ. (26) قَوْلُهُ: ثُمَّ ذَكَرَ فُرُوعًا إلَى قَوْلِهِ: مِنْهَا الْغَاصِبُ إذَا أَوْدَعَ الْعَيْنَ ثُمَّ هَلَكَتْ عِنْدَ الْمُودَعِ. أَقُولُ الْمَذْكُورُ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ: رَجُلٌ غَصَبَ جَارِيَةً وَأَوْدَعَهَا رَجُلًا فَقَتَلَتْ عِنْدَهُ قَتِيلًا خَطَأً ثُمَّ مَاتَتْ وَاسْتَحَقَّتْ فَهُوَ بِالْخِيَارِ يُضَمِّنُ أَيَّهُمَا شَاءَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَاصِبٌ فِي حَقِّهِ هَذَا، وَالْغَصْبُ سَوَاءٌ إلَّا فِي خِصَالٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا أَنَّ هُنَا إذَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ لَا يَرْجِعُ عَلَى مُودِعِهِ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِأَدَاءِ الضَّمَانِ فَيَصِيرُ مُودَعًا مَالَ نَفْسِهِ، وَالثَّانِي إذَا ضَمَّنَ الْمُسْتَحِقُّ الْمُودَعَ يَدْفَعُ الْقِيمَةَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةٍ أُخْرَى ثُمَّ الْمُودَعُ يَرْجِعُ بِجَمِيعِ مَا غَرِمَ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ مَا غَرِمَ، وَالْخَصْلَةُ الثَّالِثَةُ أَنَّهَا لَوْ أَبَقَتْ مِنْ الْمُودَعِ ثُمَّ عَادَتْ مِنْ الْإِبَاقِ بَعْدَ التَّضْمِينِ عَادَتْ عَلَى مِلْكِ الْغَاصِبِ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا لِأَنَّ إقْرَارَ الضَّمَانِ عَلَى الْغَاصِبِ. (27) قَوْلُهُ: وَفِيهِ إذَا غَصَبَ جَارِيَةً فَأَوْدَعَهَا فَأَبَقَتْ إلَخْ. الَّذِي فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ

عَلَى الْمُودِعِ إذَا ضَمِنَا، لِأَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَى الْغَاصِبِ، لِأَنَّ الْمُودَعَ وَإِنْ جَازَ تَضْمِينُهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْغَاصِبِ وَهُوَ الْمُودَعُ لِكَوْنِهِ عَامِلًا لَهُ فَهُوَ كَوَكِيلِ الشِّرَاءِ، وَلَوْ اخْتَارَ الْمُودَعُ بَعْدَ تَضْمِينِهِ أَخْذَهَا بَعْدَ عَوْدِهَا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْعَوْدِ مِنْ الْإِبَاقِ كَانَتْ أَمَانَةً وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا ضَمِنَ، وَكَذَا إذَا ذَهَبَتْ عَيْنُهَا، وَلِلْمُودَعِ حَبْسُهَا عَنْ الْغَاصِبِ حَتَّى يُعْطِيَهُ مَا ضَمِنَهَا الْمَالِكُ، فَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ الْحَبْسِ هَلَكَتْ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ ذَهَبَتْ عَيْنُهَا بَعْدَ الْحَبْسِ لَمْ يَضْمَنْهَا كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ، لِأَنَّ الْفَائِتَ وُصِفَ وَهُوَ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ، وَلَكِنْ يَتَخَيَّرُ الْغَاصِبُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَأَدَّى جَمِيعَ الْقِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَمَا فِي الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ، وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ آجَرَهَا أَوْ رَهَنَهَا فَهُوَ الْوَدِيعَةُ سَوَاءٌ، وَإِنْ أَعَارَهَا أَوْ وَهَبَهَا، فَإِنْ ضَمِنَ الْغَاصِبُ كَانَ الْمِلْكُ لَهُ، وَإِنْ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ كَانَ الْمِلْكُ لَهُمَا، لِأَنَّهُمَا لَا يَسْتَوْجِبَانِ الرُّجُوعَ عَلَى الْغَاصِبِ فَكَانَ قَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِمَا فَكَانَ الْمِلْكُ لَهُمَا، وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQرَجُلٌ غَصَبَ جَارِيَةً فَأَوْدَعَهَا رَجُلًا فَأَبَقَتْ مِنْهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ يُضَمِّنُ أَيَّهُمَا شَاءَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ بَرِئَ الْمُودَعُ وَكَانَتْ الْجَارِيَةُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُودَعَ كَانَ لِلْمُودَعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا ضَمِنَ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ بِنَفْسِ تَضْمِينِهِ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهَا الْغَاصِبُ جَازَ وَلَوْ أَعْتَقَهَا الْمُودَعُ لَا يَجُوزُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ فَلْيُرَاجَعْ.

[الثانية عشرة الملك إما للعين والمنفعة معا أو العين فقط أو للمنفعة فقط]

مُشْتَرٍ فَضَمِنَ سُلِّمَتْ الْجَارِيَةُ لَهُ، وَكَذَا غَاصِبُ الْغَاصِبِ إذَا ضَمِنَ مَلَكَهَا، لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ فَتُعْتَقُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً مِنْهُ، وَلَوْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً فَلِلْأَوَّلِ الرُّجُوعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ مَلَكَهَا فَيَصِيرُ الثَّانِي غَاصِبًا مِلْكَ الْأَوَّلِ، وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَهُ الْمَالِكُ بَعْدَ التَّضْمِينِ أَوْ وَهَبَهَا لَهُ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الثَّانِي، وَإِذَا ضَمَّنَ الْمَالَ الْأَوَّلَ وَلَمْ يُضَمِّنْ الْأَوَّلُ الثَّانِي حَتَّى ظَهَرَتْ الْجَارِيَةُ كَانَتْ مِلْكًا لِلْأَوَّلِ، فَإِنْ قَالَ: أَنَا أُسَلِّمُهَا لِلثَّانِي وَأَرْجِعُ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الثَّانِي قَدَرَ عَلَى رَدِّ الْعَيْنِ فَلَا يَجُوزُ تَضْمِينُهُ، وَإِنْ رَجَعَ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي ثُمَّ ظَهَرَتْ 28 - كَانَتْ لِلثَّانِي، وَتَمَامُ التَّفْرِيعَاتِ فِيهِ . الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: الْمِلْكُ إمَّا لِلْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ مَعًا وَهُوَ الْغَالِبُ، أَوْ الْعَيْنِ فَقَطْ، أَوْ لِلْمَنْفَعَةِ فَقَطْ كَالْعَبْدِ الْمُوصَى بِهِ بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا رَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ، وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَنَافِعِهِ، وَمَنْفَعَتُهُ لِلْمُوصَى لَهُ، فَإِذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ عَادَتْ الْمَنْفَعَةُ إلَى الْمَالِكِ، وَالْوَلَدُ وَالْغَلَّةُ وَالْكَسْبُ لِلْمَالِكِ، وَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ الْإِجَارَةُ وَلَا إخْرَاجُهُ مِنْ بَلَدِ الْمُوصِي إلَّا أَنْ يَكُونَ أَهْلُهُ، فِي غَيْرِهَا، وَيَخْرُجُ الْعَبْدُ مِنْ الثُّلُثِ، 29 - وَلَا يَمْلِكُ اسْتِخْدَامَهُ إلَّا فِي وَطَنِهِ وَعِنْدَ أَهْلِهِ، وَيَصِحُّ الصُّلْحُ مَعَ الْمُوصَى لَهُ عَلَى شَيْءٍ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ، وَجَازَ بَيْعُ الْوَارِثِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (28) قَوْلُهُ: كَانَتْ لِلثَّانِي. لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمَّا ضَمَّنَ الثَّانِي فَقَدْ مَلَكَهَا مِنْهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَتَحَوَّلَ حَقُّهُ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الْقِيمَةِ فَلَا يَتَحَوَّلُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْجَارِيَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ [الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ الْمِلْكُ إمَّا لِلْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ مَعًا أَوْ الْعَيْنِ فَقَطْ أَوْ لِلْمَنْفَعَةِ فَقَطْ] (29) قَوْلُهُ: لَا يَمْلِكُ اسْتِخْدَامَهُ إلَّا فِي وَطَنِهِ وَعِنْدَ أَهْلِهِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ نَقَلَ

الرَّقَبَةَ مِنْ الْمُوصَى لَهُ، وَلَوْ جَنَى الْعَبْدُ فَالْفِدَاءُ عَلَى الْمَخْدُومِ فَإِنْ مَاتَ رَجَعَ وَرَثَتُهُ بِالْفِدَاءِ عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ. فَإِنْ أَبَى بَيْعَ الْعَبْدِ أَوْ أَبَى الْمَخْدُومُ الْفِدَاءَ فَدَاهُ الْمَالِكُ أَوْ يَدْفَعُهُ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ كَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَكَسْبُهُ إنْ لَمْ تُنْقِصْ الْخِدْمَةُ فَإِنْ نَقَصْتَهَا اُشْتُرِيَ بِالْأَرْشِ خَادِمٌ إنْ بَلَغَ، وَإِلَّا بِيعَ الْأَوَّلُ وَضُمَّ إلَى الْأَرْشِ وَاشْتُرِيَ بِهِ خَادِمٌ، وَلَا قِصَاصَ عَلَى قَاتِلِهِ عَمْدًا مَا لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى قَتْلِهِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا ضَمِنَ الْقَاتِلُ قِيمَتَهُ يَشْتَرِي بِهَا آخَرَ؛ فَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمَالِكُ نَفَذَ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ، يُشْتَرَى بِهَا خَادِمٌ هَكَذَا فِي وَصَايَا الْمُحِيطِ. وَأَمَّا نَفَقَتُهُ: فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ الْخِدْمَةَ؛ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ بَلَغَهَا فَعَلَى الْمُوصَى لَهُ، إلَّا أَنْ يَمْرَضَ مَرَضًا يَمْنَعُهُ مِنْ الْخِدْمَةِ فَهِيَ عَلَى الْمَالِكِ؛ فَإِنْ تَطَاوَلَ الْمَرَضُ بَاعَهُ الْقَاضِي إنْ رَأَى ذَلِكَ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ عَبْدًا يَقُومُ مَقَامَهُ كَذَا فِي نَفَقَات الْمُحِيطِ. 30 - وَأَمَّا صَدَقَةُ فِطْرِهِ فَعَلَى الْمَالِكِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَأَمَّا مَا فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQالزَّيْلَعِيُّ مَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَلَا يُسَافِرُ بِعَبْدٍ اسْتَأْجَرَهُ لِلْخِدْمَةِ بِلَا شَرْطٍ حَيْثُ قَالَ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ حَيْثُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْحَضَرِ لِأَنَّ مُؤْنَتَهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدْ الْعُرْفُ فِي حَقِّهِ. (30) قَوْلُهُ: وَأَمَّا صَدَقَةُ فِطْرِهِ فَعَلَى الْمَالِكِ إلَخْ. أَيْ صَدَقَةُ فِطْرِ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ وَكَذَا الْعَبْدُ الْمُسْتَعَارُ الْوَدِيعَةُ وَالْجَانِي عَمْدًا أَوْ خَطَأً. قَالَ فِي الْفَتْحِ وَمَا وَقَعَ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ: وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ لِإِنْسَانٍ لَا تَجِبُ صَدَقَةُ فِطْرِهِ مِنْ سَهْوِ الْقَلَمِ (انْتَهَى) . وَبِهِ سَقَطَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِخِلَافِ نَفَقَتِهِ لِأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ كَلَامَ الزَّيْلَعِيِّ فِي الْعَبْدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ كَلَامُهُ فِي الْعَبْدِ الْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ.

الزَّيْلَعِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا تَجِبُ صَدَقَةُ فِطْرِهِ فَسَبْقُ قَلَمٍ، كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَا تَجِبُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِخِلَافِ نَفَقَتِهِ. وَأَمَّا بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُوصَى لَهُ، فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَاهُ، فَإِنْ بِيعَ بِرِضَاهُ لَمْ يَنْتَقِلْ حَقُّهُ إلَى الثَّمَنِ إلَّا بِالتَّرَاضِي، ذَكَرَهُ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مِنْ الْجِنَايَاتِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قُتِلَ خَطَأً وَأُخِذَتْ قِيمَتُهُ يُشْتَرَى بِهَا عَبْدٌ وَيَنْتَقِلُ حَقُّهُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدٍ، كَالْوَقْفِ إذَا اُسْتُبْدِلَ انْتَقَلَ الْوَقْفُ إلَى بَدَلِهِ. ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ مِنْ الْوَقْفِ، وَكَالْمُدَبَّرِ إذَا قُتِلَ خَطَأً يُشْتَرَى بِقِيمَتِهِ عَبْدٌ وَيَكُونُ بِهِ مُدَبَّرًا مِنْ غَيْرِ تَدْبِيرٍ. ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ الْجِنَايَاتِ. وَلَمْ أَرَ حُكْمَ كِتَابَتِهِ مِنْ الْمَالِكِ؛ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَإِعْتَاقِهِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِالتَّرَاضِي، وَحُكْمِ إعْتَاقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لِأَنَّهُ عَادِمُ الْمَنْفَعَةِ لِلْمَالِكِ. 31 - وَلَمْ أَرَ حُكْمَ وَطْءِ الْمَالِكِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَحِلَّ لَهُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ، وَقَيَّدَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنْ تَكُونَ مِمَّنْ لَا تَحِلُّ وَإِلَّا فَلَا. الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: تُمْلَكُ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ بِالْقَبْضِ، وَيَسْتَقِرُّ الْمِلْكُ فِي الْهِبَةِ بِوُجُودِ مَانِعٍ مِنْ الرُّجُوعِ مِنْ سَبْعَةٍ مَعْلُومَةٍ فِي الْفِقْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (31) قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ وَطْءِ الْمَالِكِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَحِلَّ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَا يَلْزَمُ مِنْ مِلْكِ الرَّقَبَةِ حِلُّ الْوَطْءِ فَإِنَّ الرَّجُلَ إذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا مَا دَامَتْ مُتَزَوِّجَةً وَكَذَلِكَ لَا يَحِلُّ وَطْءُ أَمَتِهِ الْمَجُوسِيَّةِ؛ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ حِلِّ الْوَطْءِ قِيَاسًا عَلَى الْأَمَةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ (انْتَهَى) . أَقُولُ فِي الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَالظَّاهِرُ الْحِلُّ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لِعَدَمِ الْمَانِعِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ حِلِّ أَمَتِهِ الْمُتَزَوِّجَةِ وَأَمَتِهِ الْمَجُوسِيَّةِ فَلِمَانِعٍ وَهُوَ نِكَاحُ الزَّوْجِ وَكَوْنُ الْأَمَةِ مَجُوسِيَّةً

[الثالثة عشرة تملك الهبة والصدقة بالقبض]

32 - وَفِي الصَّدَقَةِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي أَصْلِ الْمِلْكِ. 33 - الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: تَمَلُّكُ الْعَقَارِ لِلشَّفِيعِ بِالْأَخْذِ بِالتَّرَاضِي أَوْ قَضَاءِ الْقَاضِي، فَقَبْلَهُمَا لَا مِلْكَ لَهُ فَلَا تُورَثُ عَنْهُ لَوْ مَاتَ، وَتَبْطُلُ إذَا بَاعَ مَا يَشْفَعُ بِهِ. تَنْبِيهٌ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ وَإِنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ لَا يُؤَجِّرُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ الْإِعَارَةَ: وَأَمَّا الْمُسْتَأْجِرُ فَيُؤَجِّرُ وَيُعِيرُ مَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمَلِ، وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ السُّكْنَى لَا يُؤَجِّرُ وَيُعِيرُ، وَالشَّافِعِيَّةُ جَعَلُوا لِذَلِكَ أَصْلًا وَهُوَ: أَنَّ مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ مَلَكَ الْإِجَارَةَ وَالْإِعَارَةَ، وَمَنْ مَلَكَ الِانْتِفَاعَ مَلَكَ الْإِعَارَةَ لَا الْإِجَارَةَ، وَيَجْعَلُونَ الْمُسْتَعِيرَ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ مَالِكًا لِلِانْتِفَاعِ فَقَطْ، 34 - وَهَذَا يَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ مِنْ أَنَّ الْإِعَارَةَ إبَاحَةُ الْمَنَافِعِ لَا تَمْلِيكُهَا وَالْمَذْهَبُ عِنْدَنَا أَنَّهَا تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَهِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ تُمْلَكُ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ بِالْقَبْضِ] قَوْلُهُ: وَفِي الصَّدَقَةِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي أَصْلِ الْمِلْكِ. وَهُوَ الِاسْتِيلَادُ وَهُوَ طَرِيقُ الْمِلْكِ فِي جَمِيعِ الْأَمْوَالِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ فِيهَا كَمَا تَقَدَّمَ. [الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ تَمَلُّكُ الْعَقَارِ لِلشَّفِيعِ بِالْأَخْذِ بِالتَّرَاضِي أَوْ قَضَاءِ الْقَاضِي] (33) قَوْلُهُ: الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ تَمَلُّكُ الْعَقَارِ. أَقُولُ لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْمِلْكَ فِي الْقِسْمَةِ بِمَاذَا يَسْتَقِرُّ وَذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الرَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الْقِسْمَةِ فَقَالَ: إنَّ الْمِلْكَ لَا يَقَعُ لِوَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ فِي سَهْمٍ بِعَيْنِهِ بِنَفْسِ الْقِسْمَةِ بَلْ يَتَوَقَّفُ بِإِحْدَى مَعَانٍ أَرْبَعٍ: إمَّا بِالْقَبْضِ أَوْ قَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ الْقُرْعَةِ أَوْ بِأَنْ يُوَكِّلُوا رَجُلًا يَلْزَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَهْمًا (انْتَهَى) . وَفِي الْقُنْيَةِ: وَالْمَقْبُوضُ بِالْقِسْمَةِ الْفَاسِدَةِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهِ وَيَنْفُذُ التَّصَرُّفُ كَالْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِالتَّرَاضِي أَوْ قَضَاءِ الْقَاضِي قَبْلَهَا لَا مِلْكَ لَهُ فَلَا تُورَثُ عَنْهُ لَوْ مَاتَ وَتَبْطُلُ مَا إذَا بَاعَ مَا يَشْفَعُ بِهِ. (34) قَوْلُهُ: وَهَذَا يَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ. أَقُولُ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ وَهَذَا يُنَاسِبُ قَوْلَ الْكَرْخِيِّ.

كَالْإِجَارَةِ تَمَلُّكُ الْمَنَافِعِ، وَإِنَّمَا لَا يَمْلِكُ الْمُسْتَعِيرُ الْإِجَارَةَ لِأَنَّهُ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَلَا يَمْلِكُ أَنْ يَمْلِكَهَا بِعِوَضٍ، وَلِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَ الْإِجَارَةَ لَمَلَكَ أَكْثَرَ مِمَّا مَلَكَ، فَإِنَّهُ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ بِلَا عِوَضٍ فَيَمْلِكُهَا نَظِيرَ مِلْكٍ، وَلِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَهَا لَلَزِمَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ غَيْرُ الْجَائِزَيْنِ: لُزُومُ الْعَارِيَّةِ أَوْ عَدَمُ لُزُومِ الْإِجَارَةِ. وَهَذَانِ التَّعْلِيلَانِ يَشْمَلَانِ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ وَالْمُسْتَعِيرَ وَهُمَا سَوَاءٌ عَلَى الرَّاجِحِ، فَيَمْلِكُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ السُّكْنَى الْمَنْفَعَةَ كَالْمُسْتَعِيرِ، وَقِيلَ: إنَّ مَا أُبِيحَ لَهُ الِانْتِفَاعُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ كَانَ لَهُ الْإِعَارَةُ. وَتَمَامُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الْوَقْفِ. وَأَمَّا الْإِجَارَةُ الْمُقْطَعُ مَا أَقَطَعَهُ الْإِمَامُ؛ فَأَفْتَى الْعَلَّامَةُ قَاسِمُ بْنُ قُطُلُوبُغَا بِصِحَّتِهَا، قَالَ: وَلَا أَثَرَ لِجَوَازِ إخْرَاجِ الْإِمَامِ لَهُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ كَمَا لَا أَثَرَ لِجَوَازِ مَوْتِ الْمُؤَجِّرِ فِي أَثْنَائِهَا؛ وَلَا لِكَوْنِهِ مَلَكَ مَنْفَعَةً لَا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ؛ فَهُوَ نَظِيرُ الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُ مَلَكَ مَنْفَعَةَ الْإِقْطَاعِ بِمُقَابَلَةِ اسْتِعْدَادِهِ لِمَا أَعَدَّ لَهُ لَا نَظِيرَ الْمُسْتَعِيرِ لِمَا قُلْنَا، وَإِذَا مَاتَ الْمُؤَجِّرُ أَوْ أَخْرَجَ الْإِمَامُ الْأَرْضَ عَنْ الْمُقْطَعِ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ 35 - لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَى غَيْرِ الْمُؤَاجِرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (35) قَوْلُهُ: لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَى غَيْرِ الْمُؤَاجِرِ. كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَفِيهِ أَنَّهُ ذَكَرَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ أَنَّهُ لَا يُقَالُ مُؤَاجِرٌ وَرَدَّهُ حَفِيدُ السَّعْدِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ سَمِعَ فِي الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ لَفْظَ الْمُؤَاجِرِ (انْتَهَى) . وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ الِاحْتِجَاجِ بِالْأَحَادِيثِ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ وَفِيهِ كَلَامٌ يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ شَرْحِ التَّسْهِيلِ لِلْفَاضِلِ الدَّمَامِينِيِّ.

36 - كَمَا لَوْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ فِي النَّظَائِرِ الَّتِي خَرَجَ عَلَيْهَا إجَارَةُ الْإِقْطَاعِ، 37 - وَهِيَ إجَارَةُ الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِجَارَةُ الْعَبْدُ الَّذِي صُولِحَ عَلَى خِدْمَتِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَإِجَارَةُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْغَلَّةُ وَإِجَارَةُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ مَا يَجُوزُ عَلَيْهِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ وَإِجَارَةُ أُمِّ الْوَلَدِ (انْتَهَى) . وَقَدْ أَلَّفْتُ رِسَالَةً فِي الْإِقْطَاعَاتِ وَأُخْرَى سَمَّيْتُهَا التُّحْفَةُ الْمَرْضِيَّةُ فِي (الْأَرَاضِي الْمِصْرِيَّةِ) وَفِيمَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخْرِجَ الْإِقْطَاعَ عَنْ الْمُقْطِعِ مَتَى شَاءَ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا 38 - إذَا أَقَطَعَهُ أَرْضًا عَامِرَةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَمَّا إذَا أَقَطَعَهُ مَوَاتًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَأَحْيَاهَا، لَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ صَارَ مَالِكًا لِلرَّقَبَةِ، كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (36) قَوْلُهُ: فِي النَّظَائِرِ الَّتِي خَرَجَ عَلَيْهَا إلَخْ خَرَّجَ عَلَيْهَا أَرْبَابُ التَّخْرِيجِ لِعَدَمِ وِجْدَانِهِمْ الرِّوَايَةَ عَنْ الْإِمَامِ وَأَصْحَابِهِ بِصِحَّةِ إجَارَةِ الْمُقْطَعِ. (37) قَوْلُهُ: وَهِيَ إجَارَةُ الْمُسْتَأْجَرِ. بِفَتْحِ الْجِيمِ عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ كَمَا فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ بِالْقَلَمِ. (38) قَوْلُهُ: إذَا أَقْطَعَهُ إلَخْ. أَقُولُ الْإِقْطَاعُ إنَّمَا يَكُونُ لِلْعَامِرِ أَمَّا الْإِذْنُ مِنْ الْإِمَامِ لِمَنْ يُحْيِي أَرْضًا مَوَاتًا فَلَا يُقَالُ لَهُ إقْطَاعٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الْحَمْلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

[القول في الدين]

الْقَوْلُ فِي الدَّيْنِ 1 - وَعَرَّفَهُ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ بِأَنَّهُ: عِبَارَةٌ عَنْ مَالٍ حُكْمِيٍّ يَحْدُثُ فِي الذِّمَّةِ بِبَيْعٍ أَوْ اسْتِهْلَاكٍ أَوْ غَيْرِهِمَا. وَإِيفَاؤُهُ وَاسْتِيفَاؤُهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِطَرِيقِ الْمُقَاصَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. مِثَالُهُ: إذَا اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ صَارَ الثَّوْبُ مِلْكًا لَهُ، وَحَدَثَ بِالشِّرَاءِ فِي ذِمَّتِهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مِلْكًا لِلْبَائِعِ؛ فَإِذَا دَفَعَ الْمُشْتَرِي عَشَرَةً إلَى الْبَائِعِ وَجَبَ مِثْلُهَا فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ دَيْنًا، وَقَدْ وَجَبَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي عَشَرَةٌ بَدَلًا عَنْ الثَّوْبِ، وَوَجَبَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ مِثْلُهَا بَدَلًا عَنْ الْمَدْفُوعَةِ إلَيْهِ فَالْتَقَيَا قِصَاصًا (انْتَهَى) . وَتَفَرَّعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَوْلُ فِي الدَّيْنِ] قَوْلُهُ: وَعَرَّفَهُ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. أَقُولُ فِي النِّهَايَةِ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ: الدَّيْنُ فِي عُرْفِ أَهْلِ الشَّرْعِ وُجُوبُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بَدَلًا عَنْ شَيْءٍ آخَرَ فَالْخَرَاجُ دَيْنٌ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ مَنَافِعِ الْحِفْظِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا تَمْلِيكُ مَالٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا (انْتَهَى) . وَفِيهِ أَنَّهُ يُنْتَقَصُ بِهِ النِّصَابُ وَكَذَا بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ خِلَافًا لِزُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (انْتَهَى) . فَقَدْ أَطْلَقَ عَلَى الْمَالِ الْوَاجِبِ فِيهَا لَفْظَ الدَّيْنِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ التَّعْرِيفُ غَيْرُ جَامِعٍ وَالتَّعْرِيفُ الْجَامِعُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَصْفَى فِي بَابِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ وَهُوَ أَنَّ الدَّيْنَ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْمُطَالَبَةِ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ إطْلَاقُ الدَّيْنِ عَلَى الْمَالِ الْوَاجِبِ فِي الذِّمَّةِ لِأَجْلِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ لَا يَخْلُو عَنْ مُسَامَحَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ دَيْنًا حَقِيقَةً لَمَا سَقَطَ بِالْمَوْتِ وَهُوَ يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ عِنْدَنَا كَالْكَفَّارَةِ وَالْفِدْيَةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ هَذَا وَالْمَالُ لُغَةً: مَا مَلَكْته مِنْ شَيْءٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقَامُوسِ، وَفِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ الْمَالُ مَا يَمِيلُ إلَيْهِ الطَّبْعُ وَيُمْكِنُ ادِّخَارُهُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ وَالْمَالِيَّةُ إنَّمَا تَثْبُتُ بِتَمَوُّلِ النَّاسِ كَافَّةً أَوْ يَتَقَوَّمُ الْبَعْضُ وَالتَّقَوُّمُ يَثْبُتُ بِهِ وَبِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِ شَرْعًا فَمَا يَكُونُ مُبَاحَ الِانْتِفَاعِ بِدُونِ تَمَوُّلِ النَّاسِ لَا يَكُونُ مَالًا

عَلَى أَنَّ طَرِيقَ إيفَائِهِ إنَّمَا هُوَ الْمُقَاصَّةُ أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْهُ بَعْدَ قَضَائِهِ صَحَّ وَرَجَعَ الْمَدْيُونُ عَلَى الدَّائِنِ بِمَا دَفَعَهُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْمُدَايَنَاتِ مِنْ قِسْمِ الْفَوَائِدِ وَاخْتُصَّ الدَّيْنُ بِأَحْكَامٍ: مِنْهَا جَوَازُ الْكَفَالَةِ بِهِ إذَا كَانَ دَيْنًا صَحِيحًا وَهُوَ مَا لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ؛ فَلَا يَجُوزُ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِدُونِهِمَا بِالتَّعْجِيزِ. وَمِنْهَا جَوَازُ الرَّهْنِ بِهِ؛ 2 - فَلَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ وَالرَّهْنُ بِالْأَعْيَانِ الْأَمَانَةِ 3 - وَالْمَضْمُونَةُ بِغَيْرِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQكَحَبَّةِ حِنْطَةٍ وَمَا يَكُونُ مَالًا يَكُونُ مَالًا بَيْنَ النَّاسِ وَمَا لَا يَكُونُ شَرْعًا مُبَاحَ الِانْتِفَاعِ لَا يَكُونُ مُتَقَوِّمًا كَالْخَمْرِ وَإِذَا عُدِمَ الْأَمْرُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَالدَّمِ (انْتَهَى) . وَصَرَّحَ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّ الْخَمْرَ لَيْسَ بِمَالٍ وَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهِ لَمْ يَنْعَقِدْ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا بِخَمْرٍ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ بِالْقِيمَةِ. وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ: الْمَالُ اسْمٌ لِغَيْرِ الْآدَمِيِّ خُلِقَ لِمَصَالِحِ الْآدَمِيِّ وَأَمْكَنَ إحْرَازُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِيَارِ وَالْعَبْدُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْمَالِيَّةِ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ حَقِيقَةً حَتَّى لَا يَجُوزَ قَتْلُهُ وَإِهْلَاكُهُ (انْتَهَى) . كَذَا فِي الْبَحْرِ أَوَّلَ كِتَابِ الْبَيْعِ " وَالذِّمَّةُ أَمْرٌ شَرْعِيٌّ مُقَدَّرٌ فِي الْمَحَلِّ يَقْبَلُ الْإِلْزَامَ وَالِالْتِزَامَ ". وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: " الذِّمَّةُ لُغَةً: الْعَهْدُ، وَاصْطِلَاحًا: الذَّاتُ وَالنَّفْسُ إطْلَاقًا لِاسْمِ الْحَالِ عَلَى الْمَحَلِّ " وَقَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: هِيَ مَعْنًى مُقَدَّرٌ فِي الْمَحَلِّ يَصْلُحُ لِلْإِلْزَامِ وَالِالْتِزَامِ (2) قَوْلُهُ: فَلَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ وَالرَّهْنُ بِالْأَعْيَانِ الْأَمَانَةِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ عِبَارَةٌ عَنْ رَدِّ مِثْلِ الْهَالِكِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ قِيَمِيًّا فَالْأَمَانَةُ إنْ هَلَكَتْ بِلَا تَعَدٍّ فَلَا شَيْءَ فِي مُقَابِلَتِهَا أَوْ بِتَعَدٍّ فَلَا تَبْقَى أَمَانَةً بَلْ تَكُونُ مَغْصُوبَةً. (3) قَوْلُهُ: وَالْمَضْمُونَةُ بِغَيْرِهَا. الْمُرَادُ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِغَيْرِهَا عَيْنٌ لَيْسَتْ بِمَضْمُونَةٍ وَلَكِنَّهَا تُشْبِهُ الْمَضْمُونَةَ كَبَيْعٍ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ إذَا هَلَكَ لَمْ يَضْمَنْ أَحَدٌ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ لَكِنَّ الثَّمَنَ يَسْقُطُ عَنْ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ غَيْرُ الْمِثْلِ وَالْقِيمَةِ فَبِمُجَرَّدِ هَذَا الِاعْتِبَارِ سَمَّوْهُ بِالْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ بِغَيْرِهَا فَكَأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُشَاكَلَةِ. ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ.

كَالْمَبِيعِ. 5 - وَأَمَّا الْمَضْمُونَةُ بِنَفْسِهَا كَالْمَغْصُوبِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْمَبِيعِ فَاسِدًا وَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ، فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَالرَّهْنُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالدُّيُونِ، قَالَ الْأُسْيُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَعْزِيًّا إلَى السُّبْكِيّ فِي تَكْمِلَةِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: (فَرْعٌ) : حَدَثَ فِي الْأَعْصَارِ الْقَرِيبَةِ؛ وَقْفُ كُتُبٍ اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا تُعَارَ إلَّا بِرَهْنٍ أَوْ لَا تَخْرُجَ مِنْ مَكَانِ تَحْبِيسِهَا إلَّا بِرَهْنٍ أَوْ لَا تَخْرُجَ أَصْلًا. 6 - وَاَلَّذِي أَقُولُ فِي هَذَا: أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَصِحُّ بِهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ فِي يَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَلَا يُقَالُ لَهَا عَارِيَّةٌ أَيْضًا، بَلْ الْأَخْذُ بِهَا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ اسْتَحَقَّ الِانْتِفَاعَ وَيَدُهُ عَلَيْهَا يَدُ أَمَانَةٍ. فَشَرْطُ أَخْذِ الرَّهْنِ عَلَيْهَا فَاسِدٌ، وَإِنْ أَعْطَاهُ كَانَ رَهْنًا فَاسِدًا، وَيَكُونُ فِي يَدِ خَازِنِ الْكُتُبِ أَمَانَةً؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ مِنْ الْعُقُودِ فِي الضَّمَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَالْمَبِيعِ. يَعْنِي إذَا هَلَكَ عِنْدَ الْبَائِعِ سَوَاءٌ هَلَكَ بَعْدَ مَنْعِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ نَقْدٍ أَوْ لَا، وَلَا يَصِيرُ بِمَنْعِهِ غَاصِبًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ فَإِنَّمَا يَهْلِكُ بِالثَّمَنِ كَمَا قَبْلَ الْمَنْعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ كِتَابِ الْقِسْمَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ. (5) قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَضْمُونَةُ بِنَفْسِهَا أَيْ فِي حَدِّ ذَاتِهَا وَوَجْهُهُ أَنَّ الضَّمَانَ كَمَا عُرِفَ عِبَارَةٌ عَنْ رَدِّ مِثْلِ الْهَالِكِ أَوْ قِيمَتِهِ فَالشَّيْءُ إذَا كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ قِيَمِيًّا يَكُونُ بِحَيْثُ لَوْ هَلَكَ تَعَيَّنَ الْمِثْلُ أَوْ الْقِيمَةُ فَتَكُونُ مَضْمُونَةً فِي حَدِّ ذَاتِهَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْعَوَارِضِ كَمَا حُقِّقَ فِي مَحَلِّهِ. (6) قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي أَقُولُ إلَخْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ بَعْدَ كَلَامٍ: وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِينَ فِي كُتُبِهِمْ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ إلَّا بِرَهْنِ شَرْطٍ بَاطِلٍ إذْ الْوَقْفُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ مُسْتَعِيرِهِ فَلَا يَتَأَتَّى الِاسْتِيفَاءُ بِالرَّهْنِ بِهِ

كَصَحِيحِهَا، وَالرَّهْنُ أَمَانَةٌ، هَذَا إذَا أُرِيدَ الرَّهْنُ الشَّرْعِيُّ، وَإِنْ أُرِيدَ مَدْلُولُهُ لُغَةً وَأَنْ يَكُونَ تَذْكِرَةً، فَيَصِحُّ الشَّرْطُ؛ لِأَنَّهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ، وَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ مُرَادُ الْوَاقِفِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالْبُطْلَانِ فِي الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالصِّحَّةِ حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ مَا أَمْكَنَ، وَحِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا بِدُونِهِ، وَإِنْ قُلْنَا بِبُطْلَانِهِ لَمْ يَجُزْ إخْرَاجُهَا بِهِ لِعُذْرِهِ وَلَا بِدُونِهِ، إمَّا؛ لِأَنَّهُ خِلَافٌ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَإِمَّا لِفَسَادِ الِاسْتِثْنَاءِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا تَخْرُجْ مُطْلَقًا، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَهَا مَظِنَّةُ ضَيَاعِهَا، بَلْ يَجِبُ عَلَى نَاظِرِ الْوَقْفِ أَنْ يُمَكِّنَ كُلَّ مَنْ يَقْصِدُ الِانْتِفَاعَ بِتِلْكَ الْكُتُبِ فِي مَكَانِهَا، وَفِي بَعْضِ الْأَوْقَافِ يَقُولُ لَا تَخْرُجْ إلَّا بِتَذْكِرَةٍ وَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا وَجْهَ لِبُطْلَانِهِ، وَهُوَ كَمَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ قَوْلَهُ إلَّا بِرَهْنٍ فِي الْمَدْلُولِ اللُّغَوِيِّ، فَيَصِحُّ وَيَكُونُ الْمَقْصُودُ أَنَّ تَجْوِيزَ الْوَاقِفِ الِانْتِفَاعَ لِمَنْ يَخْرُجُ بِهِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَضَعَ فِي خِزَانَةِ الْوَقْفِ مَا يَتَذَكَّرُ هُوَ بِهِ إعَادَةَ الْمَوْقُوفِ؛ وَيَتَذَكَّرُ الْخَازِنُ مُطَالَبَتَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ هَذَا، وَمَتَى أَخَذَهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَهُ الْوَاقِفُ يَمْتَنِعُ. وَلَا نَقُولُ بِأَنَّ تِلْكَ التَّذْكِرَةَ تَبْقَى رَهْنًا بَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا طَالَبَهُ الْخَازِنُ بِرَدِّ الْكِتَابِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ أَيْضًا بِغَيْرِ طَلَبٍ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الْوَاقِفِ الرَّهْنَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى حَتَّى يَصِحَّ إذَا ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الرَّهْنِ تَنْزِيلًا لِلَّفْظِ عَلَى الصِّحَّةِ مَا أَمْكَنَ، وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ إخْرَاجُهُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَيَمْتَنِعُ لِغَيْرِهِ، لَكِنْ لَا تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الرَّهْنِ وَلَا يَسْتَحِقُّ بَيْعَهُ وَلَا بَدَلَ الْكِتَابِ الْمَوْقُوفِ، إذَا تَلِفَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ، وَلَوْ تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ ضَمِنَهُ، وَلَكِنْ لَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْمَرْهُونُ لِوَفَائِهِ وَلَا يَمْتَنِعُ عَلَى صَاحِبِهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ (انْتَهَى) . وَقَوْلُ أَصْحَابِنَا - لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِالْأَمَانَاتِ - شَامِلٌ لِلْكُتُبِ الْمَوْقُوفَةِ، وَالرَّهْنُ بِالْأَمَانَاتِ بَاطِلٌ. فَإِذَا هَلَكَ لَا يَجِبُ شَيْءٌ بِخِلَافِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ كَالصَّحِيحِ، وَأَمَّا وُجُوبُ اتِّبَاعِ شَرْطِهِ وَحَمْلِهِ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فَغَيْرُ بَعِيدٍ. وَمِنْهَا صِحَّةُ الْإِبْرَاءِ عَنْهُ؛ فَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْأَعْيَانِ، وَالْإِبْرَاءُ عَنْ دَعْوَاهَا صَحِيحٌ. فَلَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُك عَنْ دَعْوَى هَذِهِ الْعَيْنِ صَحَّ الْإِبْرَاءُ، فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِهَا بَعْدَهُ، وَلَوْ قَالَ: بَرِئْت مِنْ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ مِنْ دَعْوَى هَذِهِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ، وَلَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُك عَنْهَا أَوْ عَنْ خُصُومَتِي فِيهَا فَهُوَ بَاطِلٌ، وَلَهُ أَنْ يُخَاصِمَ وَإِنَّمَا أَبْرَأَهُ عَنْ ضَمَانِهِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ الصُّلْحِ وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ مِنْ الْإِقْرَارِ: لَا حَقَّ لِي قَبْلَهُ يَبْرَأُ مِنْ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ وَالْكَفَالَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ (انْتَهَى) . وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ الْأَعْيَانِ فِي الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ 7 - لَكِنْ فِي مُدَايَنَاتِ الْقُنْيَةِ: افْتَرَقَ الزَّوْجَانِ وَأَبْرَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى، وَكَانَ لِلزَّوْجِ بَذْرٌ فِي أَرْضِهَا وَأَعْيَانٌ قَائِمَةٌ؛ فَالْحَصَادُ وَالْأَعْيَانُ الْقَائِمَةُ لَا تَدْخُلُ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى (انْتَهَى) . وَتَدْخُلُ فِي الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ الشُّفْعَةُ فَهُوَ مُسْقِطٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَكِنْ فِي مُدَايَنَاتِ الْقُنْيَةِ افْتَرَقَ الزَّوْجَانِ إلَخْ. اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الْأَعْيَانِ فِي الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ. أَقُولُ وَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِثْلُهُ حَيْثُ قَالَ لَوْ

لَهَا قَضَاءً لَا دِيَانَةً إنْ لَمْ يَقْصِدْهَا، كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَفِي الْخِزَانَةِ: الْإِبْرَاءُ عَنْ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ إبْرَاءٌ عَنْ ضَمَانِهَا، وَتَصِيرُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْغَاصِبِ، وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ وَتَبْقَى مَضْمُونَةً وَلَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ مُسْتَهْلَكَةً صَحَّ الْإِبْرَاءُ وَبَرِئَ مِنْ قِيمَتِهَا (انْتَهَى) . فَقَوْلُهُمْ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْأَعْيَانِ بَاطِلٌ؛ مَعْنَاهُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ مِلْكًا لَهُ بِالْإِبْرَاءِ وَإِلَّا فَالْإِبْرَاءُ عَنْهَا لِسُقُوطِ الضَّمَانِ صَحِيحٌ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْأَمَانَةِ. 8 - الثَّالِثُ قَبُولُ الْأَجَلِ 9 - فَلَا يَصِحُّ تَأْجِيلُ الْأَعْيَانِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ شُرِعَ رِفْقًا لِلتَّحْصِيلِ وَالْعَيْنُ حَاصِلَةٌ. (فَوَائِدُ) : الْأُولَى: لَيْسَ فِي الشَّرْعِ دَيْنٌ لَا يَكُونُ إلَّا حَالًّا إلَّا: رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ، وَبَدَلُ الصَّرْفِ وَالْقَرْضِ وَالثَّمَنِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ، وَدَيْنُ الْمَيِّتِ وَمَا أَخَذَ بِهِ الشَّفِيعُ الْعَقَارَ، كَمَا كَتَبْنَاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَصَحَّ تَأْجِيلُ كُلِّ دَيْنٍ إلَّا الْقَرْضَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQبِرَهْنِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ عَلَى إقْرَارِ الْآخَرِ أَنَّهُ بَرِئَ مِنْ مِيرَاثِ أَبِيهِ وَفِي الْمِيرَاثِ أَعْيَانٌ لَا تُقْبَلُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ عَنْ الْأَعْيَانِ (انْتَهَى) . وَهُوَ يُفِيدُ عَدَمَ صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ عَنْ الْأَعْيَانِ فِي ضِمْنِ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ وَقَدْ حَرَّرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْمَبْحَثَ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ فَارْجِعْ إلَيْهِ. (8) قَوْلُهُ: الثَّالِثُ قَبُولُ الْأَجَلِ لَوْ قَالَ: وَمِنْهَا قَبُولُ الْأَجَلِ لَكَانَ أَصْوَبَ (9) قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ تَأْجِيلُ الْأَعْيَانِ إلَى آخِرِهِ. فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ حَبْسِ الْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ: اشْتَرَى شَيْئًا بِأَلْفٍ مِنْ الْحِنْطَةِ نَقْدًا ثُمَّ أَجَّلَ الْبَائِع شَهْرَيْنِ فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ لِلْحَالِ إنْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ مُعَيَّنَةً؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْأَعْيَانِ بَاطِلٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً فَلَا وَلَوْ أَجَّلَ الْمُشْتَرِي الشَّفِيعَ فِي الثَّمَنِ فَالتَّأْجِيلُ بَاطِلٌ.

وَلَيْسَ فِيهِ دَيْنٌ لَا يَكُونُ إلَّا مُؤَجَّلًا إلَّا الدِّيَةُ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ. وَأَمَّا بَدَلُ الْكِتَابَةِ فَيَصِحُّ عِنْدَنَا حَالًّا وَمُؤَجَّلًا. الثَّانِيَةُ: مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ؛ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ لَهَا دَيْنٌ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ فَقَبَضَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَإِنَّ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ. 10 - وَيَصِحُّ تَفْرِيقُهُ عَلَى أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا تَصِحُّ قِسْمَتُهُ. الثَّالِثُ: 11 - الْأَجَلُ لَا يَحِلُّ قَبْلَ وَقْتِهِ إلَّا بِمَوْتِ الْمَدْيُونِ وَلَوْ حُكْمًا بِاللَّحَاقِ مُرْتَدًّا بِدَارِ الْحَرْبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَصِحُّ تَفْرِيقُهُ عَلَى أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا تَصِحُّ قِسْمَتُهُ. أَقُولُ الْحِيلَةُ فِي صِحَّةِ قِسْمَتِهِ بِحَيْثُ لَا يُشَارِكُهُ فِي نَصِيبِهِ شَرِيكُهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ الْمَطْلُوبِ كَفًّا مِنْ زَبِيبٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيُسَلِّمَ إلَيْهِ الزَّبِيبَ ثُمَّ يُبَرِّئَهُ مِنْ نِصْفِ دَيْنِهِ الْقَدِيمِ وَيُطَالِبَهُ بِثَمَنِ الزَّبِيبِ فَلَا يَكُونُ لِشَرِيكِهِ فِيهِ شَيْءٌ. كَذَا فِي نَوَازِلِ أَبِي اللَّيْثِ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: عَلَيْهِ دَيْنٌ لِشَرِيكَيْنِ فَوَهَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الْمَدْيُونِ صَحَّ وَلَوْ وَهَبَ نِصْفَ الدَّيْنِ مُطْلَقًا نَفَذَ فِي الرُّبْعِ وَلَوْ تَوَقَّفَ فِي الرُّبْعِ كَمَا لَوْ وَهَبَ نِصْفَ قِنٍّ مُشْتَرَكٍ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: قَدْ عُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ إبْرَاءَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي النَّوَازِلِ وَبِصِيغَةِ يُبَرِّئُهُ مِنْ نِصْفِهِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَإِذَا وَهَبَ النِّصْفَ نَفَذَ فِي الرُّبْعِ وَتَوَقَّفَ فِي الرُّبْعِ عَلَى إجَازَةِ شَرِيكِهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْمُدَايَنَاتِ أَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ كَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْهَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِالْقَبْضِ فَهِبَةُ النِّصْفِ مِنْهُ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ النِّصْفِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ، تَأَمَّلْ. (11) قَوْلُهُ: الْأَجَلُ لَا يَحِلُّ قَبْلَ وَقْتِهِ إلَّا بِمَوْتِ الْمَدْيُونِ. أَقُولُ يَعْنِي حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ الْوَكِيلَ بِالشِّرَاءِ إذَا اشْتَرَى بِالنَّسِيئَةِ فَمَاتَ الْوَكِيلُ حَلَّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ وَيَبْقَى الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: لَوْ قَتَلَ الدَّائِنُ الْمَدْيُونَ هَلْ يَحِلُّ بِمَوْتِهِ أَوْ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْجَلَ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ فَيُعَاقَبُ بِحِرْمَانِهِ وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يَحِلُّ (انْتَهَى) . قُلْت: وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهُ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ اعْلَمْ

وَلَا يَحِلُّ بِمَوْتِ الدَّائِنِ. وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ إذَا اسْتَرَقَ وَلَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ؛ فَنَقُولُ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ مُطْلَقًا لَا بِسُقُوطِ الْأَجَلِ فَقَطْ، كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَأَمَّا الْجُنُونُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْحُلُولَ لِإِمْكَانِ التَّحْصِيلِ بِوَلِيِّهِ. الرَّابِعَةُ: الْحَالُّ يَقْبَلُ التَّأْجِيلَ إلَّا مَا قَدَّمْنَاهُ 13 - وَالْحِيلَةُ فِي لُزُومِ تَأْجِيلِ الْقَرْضِ شَيْئَانِ: حُكْمُ الْمَالِكِيِّ بِلُزُومِهِ بَعْدَ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَصْلُ الدَّيْنِ، أَوْ أَنْ يُحِيلَ الْمُسْتَقْرِضُ صَاحِبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ الْحَصْرَ الْمَذْكُورَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إضَافِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ فَلَا يَرِدُ مَا فِي شُرُوطِ الْخَصَّافِ عَلَيْهِ مَالٌ مُؤَجَّلٌ فَقَالَ: جَعَلْته حَالًّا أَوْ قَالَ: أَبْطَلْت الْأَجَلَ أَوْ قَالَ: تَرَكْت هَذَا الْأَجَلَ فَهَذَا كُلُّهُ يُبْطِلُ الْأَجَلَ وَيَصِيرُ الْمَالُ حَالًّا، وَلَوْ قَالَ لَا حَاجَةَ لِي فِي الْأَجَلِ أَوْ بَرِئْت مِنْ الْأَجَلِ فَالْمَالُ مُؤَجَّلٌ عَلَى حَالِهِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَفِيهَا قَضَاهُ قَبْلَ أَجَلِهِ بَرِئَ وَلَيْسَ لِلطَّالِبِ أَنْ يَأْبَى الْقَبُولَ وَفِي الْخَانِيَّةِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ: مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ إذَا صَالَحَ صَاحِبَ دَيْنِهِ عَلَى أَنْ يَجْعَلَهُ حَالًّا إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِعِوَضٍ جَازَ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقُّهُ فَيَمْلِكُ إسْقَاطَهُ وَلَوْ قَالَ: أَبْطَلْت الْأَجَلَ فِي هَذَا الدَّيْنِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ جَعَلْته حَالًّا. (12) قَوْلُهُ: وَلَا يَحِلُّ بِمَوْتِ الدَّائِنِ. أَقُولُ لَمْ يَسْتَثْنِ الْمُصَنِّفُ عَنْ ذَلِكَ شَيْئًا وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً عَلَى وَجْهٍ وَهِيَ مَا لَوْ خَالَعَ زَوْجَتَهُ عَلَى طَعَامٍ فِي ذِمَّتِهِ وَوَصَفَهَا بِصِفَاتِ السَّلَمِ وَأَذِنَهَا أَنْ تَدْفَعَ إلَى وَلَدِهِ مِنْهَا أَوْ خَالَعَهَا عَلَى الْإِرْضَاعِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً ثُمَّ مَاتَ الْمُخَالِعُ الْمَذْكُورُ فَإِنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ بِحُلُولِ ذَلِكَ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ عَلَى مَا ذَكَرَ إنَّمَا كَانَ مِنْ أَجْلِ الصَّغِيرِ وَقَدْ سَقَطَ حَقُّهُ عَنْ أَبِيهِ فَيَسْقُطُ الْأَجَلُ حِينَئِذٍ. ذَكَرَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ (13) قَوْلُهُ: وَالْحِيلَةُ فِي لُزُومِهِ تَأْجِيلُ الْقَرْضِ إلَخْ. فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ: وَذُكِرَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ الْكَفَالَةُ بِالْقَرْضِ جَائِزَةٌ إلَى الْأَجَلِ وَالْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ إلَى الْأَجَلِ وَعَلَى الْأَصِيلِ حَالٌّ. وَذُكِرَ مِثْلُ هَذِهِ فِي شَرْحِ التَّكْمِلَةِ وَغَيْرِهِ ثَمَّةَ، وَقَالَ: وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا قَالَهُ الْحَصِيرِيُّ فِي التَّحْرِيرِ: إذَا كَفَلَ بِالْقَرْضِ إلَى أَجَلٍ يَصِحُّ وَيَتَأَجَّلُ عَلَى الْأَصِيلِ وَهَذِهِ الْحِيلَةُ فِي تَأْجِيلِ الْقَرْضِ فَإِنَّ الْكُتُبَ تَرُدُّ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ غَيْرُهُ.

الْمَالِ عَلَى رَجُلٍ إلَى سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ الْمَالُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: الْحَالُ لَا يَقْبَلُهُ بَعْدَ اللُّزُومِ إلَّا إذَا نَذَرَ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ بِهِ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ أَوْصَى بِذَلِكَ. وَشَرْطُ التَّأْجِيلِ الْقَبُولُ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ. وَالْمَالُ حَالٌّ، وَشَرْطُهُ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ مَجْهُولًا جَهَالَةً مُتَفَاحِشَةً، فَلَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ إلَى مَهَبِّ الرِّيحِ وَمَجِيءِ الْمَطَرِ، وَيَصِحُّ إلَى الْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ، وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ لَا يَجُوزُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ إلَيْهِمَا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. (تَنْبِيهٌ) . 14 - قَالَ الدَّائِنُ لِلْمَدْيُونِ: اذْهَبْ وَاعْطِنِي كُلَّ شَهْرٍ كَذَا. فَلَيْسَ بِتَأْجِيلٍ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالْإِعْطَاءِ الْخَامِسَةُ: 15 - لَا يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ مِنْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ فَيَكُونُ وَكِيلًا قَابِضًا لِلْمُوَكِّلِ ثُمَّ لِنَفْسِهِ، وَمُقْتَضَاهُ صِحَّةُ عَزْلِهِ عَنْ التَّسْلِيطِ قَبْلَ الْقَبْضِ 16 - وَفِي وَكَالَةِ الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. لَوْ قَالَ: وَهَبْت مِنْك الدَّرَاهِمَ الَّتِي لِي عَلَى فُلَانٍ فَاقْبِضْهَا مِنْهُ، فَقَبَضَ مَكَانَهَا دَنَانِيرَ جَازَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ الْحَقُّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَيَمْلِكُ الِاسْتِبْدَالَ (انْتَهَى) . وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَالَ الدَّائِنُ لِلْمَدْيُونِ اذْهَبْ وَاعْطِنِي إلَخْ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ بَعْدَ أَنْ رَمَزَ لِلْمُنْتَقَى وَالْمُحِيطِ: إنَّ فِيهِمَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ بِمِائَةٍ إلَى سَنَةٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ كَذَا صَحَّ الْبَيْعُ (15) قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ مِنْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ. أَقُولُ: يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ الْأَجَلِ فِي الْقَرْضِ: وَلَوْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ لِلدَّائِنِ هَبْ لِي دَيْنَهُ أَوْ حَلِّلْهُ لِي لَوْ قَالَ: اجْعَلْ ذَلِكَ لِي فَقَالَ: قَدْ فَعَلْت يَبْرَأُ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ وَهَبَهُ لَهُ ابْتِدَاءً لَا يَبْرَأُ (16) قَوْلُهُ: وَفِي وَكَالَةِ الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يُفْهَمُ مِنْ

مُقْتَضٍ لِعَدَمِ صِحَّةِ الرُّجُوعِ عَنْ التَّسَلُّطِ. وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي مِنْ الزَّكَاةِ: لَوْ تَصَدَّقَ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ عَلَى زَيْدٍ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ وَأَمَرَهُ بِقَبْضِهِ فَقَبَضَهُ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ. وَمِنْ هِبَةِ الْبَزَّازِيَّةِ: وَهَبَ لَهُ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ وَأَمَرَهُ بِقَبْضِهِ جَازَ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ لَا. وَبَيْعُ الدَّيْنِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ الْمَدْيُونِ أَوْ وَهَبَهُ جَازَ وَالْبِنْتُ لَوْ وُهِبَتْ مَهْرَهَا مِنْ أَبُوهَا أَوْ ابْنِهَا الصَّغِيرِ مِنْ هَذَا الزَّوْجِ. 17 - إنْ أُمِرَتْ بِالْقَبْضِ صَحَّتْ وَإِلَّا لَا؛ لِأَنَّهُ هِبَةُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ (انْتَهَى) . وَفِي مُدَايَنَاتِ الْقُنْيَةِ: قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ لِيَكُونَ لَهُ مَا عَلَى الْمَطْلُوبِ فَرَضِيَ جَازَ ثُمَّ رَقَّمَ لِآخَرَ بِخِلَافِهِ: وَلَوْ أَعْطَى الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لِلْآمِرِ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ قَضَاءً عَلَى الْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ لَهُ كَانَ الْقَضَاءُ عَلَى هَذَا فَاسِدًا وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا أَعْطَاهُ وَكَانَ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي عَلَى حَالِهِ (انْتَهَى) . ثُمَّ قَالَ فِيهَا: لَوْ قَالَتْ الْمَهْرُ الَّذِي لِي عَلَى زَوْجِي لِوَالِدَيَّ لَا يَجُوزُ إقْرَارُهَا بِهِ (انْتَهَى) . وَخَرَجَ عَنْ تَمْلِيكِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ الْحَوَالَةُ؛ فَإِنَّهَا كَذَلِكَ مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفُرُوعِ الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ أَنَّ لِصَاحِبِ الدَّرَاهِمِ الدَّيْنِ اسْتِبْدَالَ الدَّنَانِيرِ بِهَا وَعَكْسَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَكَثِيرُ الْوُقُوعِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ بَيْعِ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ (17) قَوْلُهُ: إنْ أَمَرَتْ بِالْقَبْضِ صَحَّتْ إلَخْ. أَيْ: إنْ أَمَرَتْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَفِيهِ إنَّ هِبَتَهَا الصَّغِيرَ دَيْنًا عَلَى أَبِيهِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْآمِرِ بِالْقَبْضِ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ: لَوْ وَهَبَتْ مَالَهَا عَلَى زَوْجِهَا مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ صَحَّ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ تَجُوزُ إذَا سَلَّطَتْهُ عَلَى قَبْضِهِ، وَلِلْأَبِ وِلَايَةُ الْقَبْضِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ فَكَانَ قَبْضُهُ كَقَبْضِ الصَّغِيرِ فَكَأَنَّهَا سَلَّطَتْهُ عَلَى قَبْضِهِ

[أنواع الديون]

صِحَّتِهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّيْلَعِيُّ مِنْهَا. وَخَرَجَ أَيْضًا الْوَصِيَّةُ بِهِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ كَمَا فِي وَصَايَا الْبَزَّازِيَّةِ؛ فَالْمُسْتَثْنَى ثَلَاثٌ. وَفَرَّعَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ تَمْلِيكِهِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِمَا عَلَيْهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَبِيعَ وَالْبَائِعَ لَمْ يَصِحَّ التَّوْكِيلُ. وَصَحَّ إنْ عَيَّنَ أَحَدَهُمَا. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ مَدْيُونَهُ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مُطْلَقًا، وَلَوْ وَكَّلَ الْمُسْتَأْجِرَ بِأَنْ يُعَمِّرَ الْعَيْنَ مِنْ الْأُجْرَةِ صَحَّ. وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي وَكَالَةِ الْبَحْرِ 18 - السَّادِسَةُ: لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ إذَا كَانَ الْمَدْيُونُ جَاحِدًا وَلَوْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِ، فَلَوْ كَانَ عَلَى مُقِرٍّ وَجَبَتْ، إلَّا إذَا كَانَ مُفْلِسًا؛ فَإِذَا قَبَضَ أَرْبَعِينَ. 19 - مِمَّا أَصْلُهُ بَدَلُ تِجَارَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ. وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْ شَرْحِ الْكَنْزِ. أَنْوَاعُ الدُّيُونِ: 20 - مَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَهُ وَمَا لَا يَمْنَعُ: الْأَوَّلُ: الْمَاءُ فِي الطَّهَارَةِ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: السَّادِسَةُ: لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ إذَا كَانَ الْمَدْيُونُ جَاحِدًا وَلَوْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِ. أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ عَدَمِ الْوُجُوبِ وَلَوْ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ. قَالَ فِي التَّنْوِيرِ: " وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى مُقِرٍّ مَلِيٍّ أَوْ مُعْسِرٍ أَوْ مُفْلِسٍ أَوْ جَاحِدٍ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَوْ عَلِمَ بِهِ قَاضٍ فَوَصَلَ إلَى مِلْكِهِ لَزِمَهُ زَكَاةُ مَا مَضَى " (انْتَهَى) وَفِي الزَّيْلَعِيِّ: " وَلَوْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ فِي الدَّيْنِ الْمَجْحُودِ يَجِبُ لِمَا مَضَى " لِأَنَّ التَّقْصِيرَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَجِبُ لِأَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ لَا تُقْبَلُ وَكُلُّ قَاضٍ لَا يَعْدِلُ وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَحَّحَهُ فِي التُّحْفَةِ وَالْخَانِيَّةِ وَعَزَاهُ إلَى السَّرَخْسِيِّ. (19) قَوْلُهُ: مِمَّا أَصْلُهُ بَدَلُ تِجَارَةٍ. أَقُولُ أَوْ قَرْضٍ كَمَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ [أَنْوَاعُ الدُّيُونِ] (20) قَوْلُهُ: مَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَهُ وَمَا لَا يَمْنَعُ الْأَوَّلُ الْمَاءُ فِي الطَّهَارَةِ إلَخْ. أَقُولُ

يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَ شِرَائِهِ لِقَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ فِي آخِرِ بَابِ التَّيَمُّمِ: " وَالْمُرَادُ بِالثَّمَنِ الْفَاضِلُ عَنْ حَاجَتِهِ ". الثَّانِي: السُّتْرَةُ كَذَلِكَ فِيمَا يَنْبَغِي وَلَمْ أَرَهُ. 21 - الثَّالِثُ: الزَّكَاةُ، وَالْمُرَادُ بِهِ فِيهَا، مَا لَهُ مَطَالِبُ مِنْ الْعِبَادِ؛ فَلَا يَمْنَعُ دَيْنَ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَاتِ. 22 - وَدَيْنُ الزَّكَاةِ مَانِعٌ. الرَّابِعُ: الْكَفَّارَةُ. وَاخْتُلِفَ فِي مَنْعِهِ وُجُوبَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQحَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ أَمَّا مَا يَمْنَعُ فَفِي مَوَاضِعَ الْأَوَّلُ مِنْهَا الْمَاءُ إلَخْ ثُمَّ يَقُولُ وَمَا لَا يَمْنَعُ ضَمَانَ سِرَايَةِ الْإِعْتَاقِ وَالدِّيَةِ. (21) قَوْلُهُ: الثَّالِثُ الزَّكَاةُ. أَيْ مِمَّا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَهُ، أَطْلَقَ الدَّيْنَ فَشَمِلَ الْحَالَّ وَالْمُؤَجَّلَ وَلَوْ صَدَاقَ زَوْجَتِهِ الْمُؤَجَّلَ إلَى الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ وَقِيلَ: الْمَهْرُ الْمُؤَجَّلُ لَا يَمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَالَبٍ بِهِ عَادَةً بِخِلَافِ الْمُعَجَّلِ وَقِيلَ: إنْ كَانَ الزَّوْجُ عَلَى عَزْمِ الْأَدَاءِ مَنَعَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ دَيْنًا كَذَا فِي الْبَيَانِيَّةِ، وَنَفَقَةُ الْمَرْأَةِ إذَا صَارَتْ دَيْنًا عَلَى الزَّوْجِ إمَّا بِالصُّلْحِ أَوْ الْقَضَاءِ وَنَفَقَةُ الْأَقَارِبِ كَذَلِكَ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَقَيَّدَ فِي الْمِعْرَاجِ نَفَقَةَ الْأَقَارِبِ بِقَيْدٍ آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ قَلِيلَ الْمُدَّةِ فَإِنَّهَا إنْ طَالَتْ تَسْقُطُ وَلَا تَصِيرُ دَيْنًا. (22) قَوْلُهُ: وَدَيْنُ الزَّكَاةِ مَانِعٌ. فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ دَيْنُ الزَّكَاةِ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ سَوَاءٌ كَانَ دَيْنًا لَحِقَهُ بِاسْتِهْلَاكِ النِّصَابِ أَوْ دَيْنًا لَحِقَهُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي النِّصَابِ يَمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ جُزْءًا مِنْ النِّصَابِ فَيَكُونُ نَاقِصًا وَدَيْنُ الزَّكَاةِ بِأَنْ اسْتَهْلَكَ مَالَ الزَّكَاةِ ثُمَّ مَلَكَ مَالًا آخَرَ لَا يَمْنَعُ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ فَلَا تَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ كَالْحَجِّ، وَقَالَ فِي الْجَامِعِ: دَيْنُ زَكَاةِ السَّائِمَةِ يَمْنَعُ فَقَطْ؛ لِأَنَّ لَهُ مُطَالِبًا وَهُوَ السَّاعِي. وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ: وَدَيْنُ الْكَفَالَةِ يَمْنَعُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَفِي النَّوَادِرِ إنْ كَانَتْ بِأَمْرِهِ لَا تَمْنَعُ وَبِلَا أَمْرِهِ تَمْنَعُ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَمْنَعُهُ بِالْمَالِ كَمَا فِي شَرْحِنَا عَلَى الْمَنَارِ مِنْ بَحْثِ الْأَمْرِ. الْخَامِسُ: صَدَقَةُ الْفِطْرِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى مَنْعِهِ وُجُوبَهَا، تَنْبِيهٌ: 24 - دَيْنُ الْعَبْدِ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ صَدَقَةِ فِطْرِهِ، وَيَمْنَعُ وُجُوبَ زَكَاتِهِ لَوْ كَانَ لِلتِّجَارَةِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ. السَّادِسُ: الْحَجُّ يَمْنَعُهُ اتِّفَاقًا. السَّابِعُ: نَفَقَةُ الْقَرِيبِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَمْنَعَهَا؛ لِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا إلَّا بِمِلْكِ نِصَابِ حِرْمَانِ الصَّدَقَةِ. الثَّامِنُ: ضَمَانُ سِرَايَةِ الْإِعْتَاقِ، وَلَا يَمْنَعُهُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ دَيْنًا آخَرَ التَّاسِعُ: الدِّيَةُ، لَا تَمْنَعُ وُجُوبَهَا. الْعَاشِرُ: الْأُضْحِيَّةُ، يَمْنَعُهَا كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ تَتِمَّةٌ: قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِلْكَ الْوَارِثِ لِلتَّرِكَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا، وَيَمْنَعُهُ إنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا وَيَمْنَعُ نَفَاذَ الْوَصِيَّةِ وَالتَّبَرُّعِ مِنْ الْمَرِيضِ، وَيُبِيحُ أَخْذَ الزَّكَاةِ، وَالدَّفْعُ إلَى الْمَدْيُونِ أَفْضَلُ. مَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْمُعْسِرِ وَمَا لَا يَثْبُتُ: إذَا هَلَكَ الْمَالُ فِي الزَّكَاةِ بَعْدَ وُجُوبِهَا لَا تَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ دَفْعِهَا وَطَلَبِ السَّاعِي، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَهْلَكَهُ، وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ لَا تَسْقُطُ بَعْدَ وُجُوبِهَا بِهَلَاكِ الْمَالِ وَكَذَا الْحَجُّ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُعْسِرًا وَقْتَ الْوُجُوبِ ثُمَّ أَيْسَرَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَمْنَعُهُ بِالْمَالِ. أَقُولُ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ فَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَهُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ مِنْ بَحْثِ الْقُدْرَةِ الْمُيَسَّرَةِ. (24) قَوْلُهُ: دَيْنُ الْعَبْدِ إلَى قَوْلِهِ وَيَمْنَعُ وُجُوبَ زَكَاتِهِ لَوْ كَانَ لِلتِّجَارَةِ كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ رَاجِعْ شَرْحَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُخْتَارِ

لَا يَجِبَانِ، وَمَا يُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الصَّوْمِ وَغَيْرِهِ فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ. 25 - كَجَزَاءِ الصَّيْدِ. 26 - وَفِدْيَةِ الْحَلْقِ وَاللِّبَاسِ وَالطِّيبِ لِعُذْرٍ. 27 - وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَجَزَاءِ الصَّيْدِ. أَيْ كَجَزَاءِ قَتْلِ الصَّيْدِ أَوْ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْهَدْيِ إنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ هَدْيًا وَبَيْنَ الطَّعَامِ بِقِيمَتِهِ كَالْفِطْرَةِ وَبَيْنَ الصِّيَامِ عَنْ إطْعَامِ كُلِّ مِسْكِينٍ يَوْمًا وَلَوْ فَضَلَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ صَاعٍ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ صَامَ يَوْمًا كَمَا فِي الْكَنْزِ. (26) قَوْلُهُ: وَفِدْيَةُ الْحَلْقِ وَاللِّبَاسِ وَالطِّيبِ لِعُذْرٍ. قَالَ فِي الْكَنْزِ: فَإِنْ تَطَيَّبَ أَوْ لَبِسَ أَوْ حَلَقَ بِعُذْرٍ ذَبَحَ شَاةً أَوْ تَصَدَّقَ بِثَلَاثَةِ أَصْوُعٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ أَوْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَ فِي الْبَحْرِ قَيَّدَ بِالْعُذْرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا لِغَيْرِهِ لَزِمَهُ دَمٌ أَوْ صَدَقَةٌ مُعَيَّنَةٌ وَلَا يُجْزِيهِ غَيْرُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِسْبِيجَابِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيَكُونُ آثِمًا وَصَرَّحُوا بِالْحُرْمَةِ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَمْ أَرَ لَهُمْ صَرِيحًا هَلْ ذَبْحُ الدَّمِ أَوْ التَّصَدُّقُ يُكَفِّرُ لِهَذَا الْإِثْمِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ أَوْ لَا بُدَّ مِنْهَا مَعَهُ؟ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى الْخِلَافِ فِي الْحُدُودِ هَلْ هِيَ كَفَّارَاتٌ لِأَهْلِهَا أَوْ لَا وَهَلْ يَخْرُجُ الْحَجُّ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَبْرُورًا بِارْتِكَابِ هَذِهِ الْجِنَايَةِ وَإِنْ كَفَّرَ عَنْهَا وَالظَّاهِرُ بَحْثًا لَا نَقْلًا أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ. (27) قَوْلُهُ: وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ. قَالَ فِي الْكَنْزِ وَكَفَّارَتُهُ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ أَوْ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ كَمَا فِي الظِّهَارِ أَوْ كِسْوَتِهِمْ بِمَا يَسْتُرُ عَامَّةَ الْبَدَنِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ أَحَدِهِمَا صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةً. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ: وَالِاعْتِبَارُ فِي الْعَجْزِ وَعَدَمِهِ وَقْتُ الْأَدَاءِ لَا وَقْتُ الْحِنْثِ فَلَوْ حَنِثَ وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ أَيْسَرَ لَا يَجُوزُ لَهُ الصَّوْمُ وَفِي عَكْسِهِ يَجُوزُ وَيُشْتَرَطُ اسْتِمْرَارُ الْعَجْزِ إلَى الْفَرَاغِ مِنْ الصَّوْمِ فَلَوْ صَامَ الْمُعْسِرُ يَوْمَيْنِ ثُمَّ أَيْسَرَ لَا يَجُوزُ لَهُ الصَّوْمُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ. وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ: وَهَبَ مَالَهُ وَسَلَّمَهُ ثُمَّ صَامَ ثُمَّ رَجَعَ بِالْهِبَةِ أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ وَالْمُعْتَبَرُ فِي التَّكْفِيرِ حَالُ الْأَدَاءِ لَا غَيْرَ (انْتَهَى) . وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ وَفِي الْمُجْتَبَى بَذْلُ ابْنِ الْمُعْسِرِ لِأَبِيهِ مَالًا لِيُكَفِّرَ بِهِ لَا تَثْبُتُ الْقُدْرَةُ بِهِ إجْمَاعًا

وَمَا يَكُونُ الصَّوْمُ مَشْرُوطًا بِإِعْسَارِهِ كَكَفَّارَةِ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ وَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَدَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَهُمَا، فَالِاعْتِبَارُ لِإِعْسَارِهِ وَقْتُ تَكْفِيرِهِ بِالصَّوْمِ، وَكَذَا يُفَرَّقُ فِي فَدِيَةِ الشَّيْخِ الْفَانِي، فَلَا وُجُوبَ عَلَى الْفَقِيرِ، فَإِذَا أَيْسَرَ لَا يَلْزَمُهُ الْإِخْرَاجُ. كَالزَّكَاةِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ فَتَسْقُطُ بِالْمَوْتِ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ، فَإِنْ وَقَّتَ التَّرِكَةَ بِالْكُلِّ فَلَا كَلَامَ؛ وَإِلَّا قُدِّمَ. 29 - الْمُتَعَلِّقُ بِالْعَيْنِ كَالرَّهْنِ عَلَى مَا تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ، وَإِذَا أَوْصَى بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى قُدِّمَتْ الْفَرَائِضُ، وَإِنْ أَخَّرَهَا كَالْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ، وَإِنْ تَسَاوَتْ فِي الْقُوَّةِ بَدَأَ بِمَا بَدَأَ بِهِ، وَإِذَا اجْتَمَعَتْ الْوَصَايَا لَا يُقَدِّمُ الْبَعْضَ عَلَى الْبَعْضِ. 30 - إلَّا الْعِتْقَ وَالْمُحَابَاةَ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ. وَتَمَامُهُ فِي وَصَايَا الزَّيْلَعِيِّ تَذْنِيبٌ: فِيمَا يُقَدَّمُ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ مِنْ غَيْرِ الدُّيُونِ ثَلَاثَةٌ فِي السَّفَرِ: جُنُبٌ وَحَائِضٌ وَمَيِّتٌ، وَثَمَّةَ مَاءٌ يَكْفِي لِأَحَدِهِمْ؛ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مِلْكًا لِأَحَدِهِمْ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ جَمِيعًا لَا يُصْرَفُ لِأَحَدِهِمْ وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِلْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ مُبَاحًا كَانَ الْجُنُبُ أَوْلَى بِهِ؛ لِأَنَّ غُسْلَهُ فَرِيضَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَا يَكُونُ الصَّوْمُ مَشْرُوطًا بِإِعْسَارِهِ. مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ. (29) قَوْلُهُ: الْمُتَعَلِّقُ بِالْعَيْنِ كَالرَّهْنِ. أَقُولُ: مِثْلُ الرَّهْنِ الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ وَالْعَبْدُ الْجَانِي وَالْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ إذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ. (30) قَوْلُهُ: إلَّا الْعِتْقَ وَالْمُحَابَاةَ. قَالَ فِي الْكَنْزِ فَإِنْ حَابَى فَحَرَّرَ فَهِيَ أَحَقُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَبِعَكْسِهِ اسْتَوَيَا، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ الْوَصَايَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا جَاوَزَ الثُّلُثَ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْوَصَايَا يَضْرِبُ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ فِي الثُّلُثِ وَلَا يُقَدِّمُ الْبَعْضَ عَلَى الْبَعْضِ إلَّا الْعِتْقَ الْمُوقِعَ فِي الْمَرَضِ وَالْعِتْقَ الْمُعَلَّقَ بِمَوْتِ الْوَصِيِّ كَالتَّدْبِيرِ الصَّحِيحِ سَوَاءٌ كَانَ مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا، وَالْمُحَابَاةُ فِي الْمَرَضِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: إذَا مِتّ فَهُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَا يَكُونُ مُنَفَّذًا عَقِيبَ الْمَوْتِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى التَّنْفِيذِ فَهُوَ فِي الْمَعْنَى أَسْبَقُ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَى تَنْفِيذِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالتَّرْجِيحُ يَقَعُ بِالسَّبَقِ؛ لِأَنَّ مَا يُنَفَّذُ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ غَيْرِ تَنْفِيذٍ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْمَدْيُونِ فَإِنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ يُنَفِّذُ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ إذَا ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ وَفِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا بِنَفْسِ الْمَوْتِ، وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ فَكَذَا الْحَقُّ الَّذِي فِي مَعْنَاهُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْوَصَايَا قَدْ تَسَاوَتْ فِي السَّبَبِ وَالتَّسَاوِي فِيهِ يُوجِبُ التَّسَاوِي فِي الِاسْتِحْقَاقِ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَهُمَا يَقُولَانِ إنَّ الْعِتْقَ أَقْوَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ، وَالْمُحَابَاةُ يَلْحَقُهَا الْفَسْخُ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِالتَّقْدِيمِ فِي الذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ التَّقْدِيمَ فِي الثُّبُوتِ إلَّا إذَا اتَّحَدَ الْمُسْتَحِقُّ وَاسْتَوَتْ الْحُقُوقُ عَلَى مَا يَجِيءُ بَيَانُهُ. وَالْإِمَامُ يَقُولُ: إنَّ الْمُحَابَاةَ أَقْوَى؛ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ فِي ضِمْنَ عَقْدِ الْمُعَاوَضَاتِ فَكَانَ تَبَرُّعًا بِمَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ لَا بِصِيغَتِهَا حَتَّى يَأْخُذَهُ الشَّفِيعُ وَيَمْلِكَهُ الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ لَهُمَا وَالْإِعْتَاقُ تَبَرُّعٌ صِيغَةً وَمَعْنًى، فَإِذَا وُجِدَ الْمُحَابَاةُ أَوَّلًا دُفِعَتْ إلَى الْأَضْعَفِ وَإِذَا وُجِدَ الْعِتْقُ أَوَّلًا وَثَبَتَ وَهُوَ لَا يَحْتَمِلُ الدَّفْعَ كَانَ مِنْ ضَرُورَتِهِ الْمُزَاحَمَةُ، وَعَلَى هَذَا قَالَ الْإِمَامُ: إذَا حَابَى ثُمَّ أَعْتَقَ ثُمَّ حَابَى قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَ الْمُحَابَاتَيْنِ نِصْفَيْنِ لِتَسَاوِيهِمَا ثُمَّ مَا أَصَابَ الْمُحَابَاةَ الْأَخِيرَةَ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمَا فَيَسْتَوِيَانِ. وَلَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ حَابَى ثُمَّ أَعْتَقَ قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ الْمُحَابَاةِ وَمَا أَصَابَ الْعِتْقَ قُسِّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِتْقِ الثَّانِي وَلَا يُقَالُ: إنَّ صَاحِبَ الْمُحَابَاةِ يَسْتَرِدُّ مَا أَصَابَ الْعِتْقَ الَّذِي بَعْدَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِكَوْنِهِ أَوْلَى مِنْهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ الدَّوْرُ؛ بَيَانُهُ أَنَّ صَاحِبَ الْمُحَابَاةِ الْأُولَى فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَوْ اسْتَرَدَّ مِنْ الْمُعْتِقِ لِكَوْنِهِ أَوْلَى لَاسْتَرَدَّ مِنْهُ صَاحِبُ الْمُحَابَاةِ الثَّانِي لِاسْتِوَائِهِمَا ثُمَّ اسْتَرَدَّ مِنْهُ الْمُعْتَقُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ يُسَاوِي صَاحِبَ الْمُحَابَاةِ الثَّانِي، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لَوْ اسْتَرَدَّ صَاحِبُ الْمُحَابَاةِ مَا أَصَابَ الْمُعْتِقَ الثَّانِيَ لَاسْتَرَدَّ مِنْهُ الْمُعْتَقُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ يُسَاوِيهِ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ صَاحِبُ الْمُحَابَاةِ وَهَكَذَا إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى. وَالسَّبِيلُ فِي الدَّوْرِ قَطْعُهُ

[تذنيب ما يقدم عند الاجتماع من غير الديون]

وَغُسْلُ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ. الرَّجُلُ يَصْلُحُ إمَامًا لِلْمَرْأَةِ فَيَغْتَسِلُ الْجُنُبُ وَتَتَيَمَّمُ الْمَرْأَةُ وَيُيَمَّمُ الْمَيِّتُ، وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ بَيْنَ الْأَبِ وَالِابْنِ فَالْأَبُ أَوْلَى بِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقَّ تَمَلُّكِ مَالِ الِابْنِ، وَلَوْ وَهَبَ لَهُمْ قَدْرَ مَا يَكْفِي لِأَحَدِهِمْ؛ قَالُوا: الرَّجُلُ أَوْلَى بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ قَبُولِ الْهِبَةِ، وَالْمَرْأَةُ لَا تَصْلُحُ لِإِمَامَةِ الرَّجُلِ. قَالَ مَوْلَانَا: 32 - وَهَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ وَإِنْ اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. 33 - وَمُرَادُهُ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ؛ أَنَّ وُجُوبَهُ بِهَا، بِخِلَافِ غُسْلِ الْجُنُبِ فَإِنَّهُ فِي الْقُرْآنِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِمَا إذَا كَانَ مُبَاحًا: مَا إذَا أَوْصَى بِهِ لِأَحْوَجِ النَّاسِ وَلَا يَكْفِي إلَّا لِأَحَدِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعِنْدَهُمَا الْعِتْقُ أَوْلَى فِي الْكُلِّ فَلَا يُرَدُّ السُّؤَالُ عَلَيْهِمَا هَذَا تَحْقِيقُ الْمَقَامِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْقُصُورِ وَالْإِخْلَالِ وَاَللَّهُ وَلِيُّ الْأَفْضَالِ [تَذْنِيبٌ مَا يُقَدَّمُ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ مِنْ غَيْرِ الدُّيُونِ] (31) قَوْلُهُ: وَغُسْلُ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ. أَقُولُ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ وَمَا نَقَلَهُ مِسْكِينٌ مِنْ قَوْلِهِ وَقِيلَ غُسْلُ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ. مُؤَكَّدَةٌ فَفِيهِ نَظَرٌ بَعْدَ نَقْلِ الْإِجْمَاعِ يَعْنِي فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلًا غَيْرَ مُعْتَدٍ بِهِ فَلَا يَقْدَحُ فِي انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ. (32) قَوْلُهُ: وَهَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ فِيمَا يُحْتَمَلُ إلَخْ. أَقُولُ: يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تُفِيدُ الْمِلْكَ لَا يَسْتَقِيمُ الْجَوَابُ وَوَجْهُهُ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يَكْفِي لِأَحَدِهِمْ فَإِذَا أَفَادَتْ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ الْمِلْكَ نَالَهُ مِنْهَا مِقْدَارُ مَا لَا يَكْفِي لِغُسْلِهِ وَحِينَئِذٍ لَا يَسْتَقِيمُ قَوْلُهُمْ الرَّجُلُ أَوْلَى بِهِ. (33) قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ مِنْ قَوْلِهِ إنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ أَنَّ وُجُوبَهُ بِهَا إلَخْ. أَقُولُ إنَّمَا يَتِمُّ هَذَا التَّأْوِيلُ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَوْلٌ بِالسُّنَّةِ أَمَّا مَعَ وُجُودِهِ فَلَا. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ

وَأَمَّا مَنْ بِهِ نَجَاسَةٌ وَهُوَ مُحْدِثٌ وَوَجَدَ مَاءً يَكْفِي لِأَحَدِهِمَا؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ صَرْفُهُ إلَى النَّجَاسَةِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الْأَنْجَاسِ. 35 - وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ مَعَ الثَّلَاثَةِ ذُو نَجَاسَةٍ يُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ وَلَمْ أَرَهُ 36 - اجْتَمَعَتْ جِنَازَةٌ وَسُنَّةٌ وَقْتِيَّةٌ، قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ. وَأَمَّا إذَا اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَجُمُعَةٌ أَوْ فَرْضُ وَقْتٍ لَمْ أَرَهُ. وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْفَرْضِ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ. 37 - وَإِلَّا الْكُسُوفُ؛ لِأَنَّهُ يُخْشَى فَوَاتُهُ بِالِانْجِلَاءِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ عِيدٌ وَكُسُوفٌ وَجِنَازَةٌ، يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْجِنَازَةِ. 38 - وَكَذَا لَوْ اجْتَمَعَتْ مَعَ جُمُعَةٍ وَفَرْضٍ وَلَمْ يُخَفْ خُرُوجُ وَقْتِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْوُجُوبِ الِافْتِرَاضُ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الْوَافِي وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالْإِجْمَاعِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ السُّنَّةَ لَا يَثْبُتُ بِهَا الْفَرْضُ إلَّا إذَا كَانَتْ قَطْعِيَّةَ الثُّبُوتِ وَالدَّلَالَةِ كَالْمُتَوَاتِرِ الْقَطْعِيِّ الدَّلَالَةِ وَدُونَ ذَلِكَ هُنَا خَرْطُ الْقَتَادِ وَحِينَئِذٍ لَا يَتِمُّ هَذَا الْمُرَادُ بَلْ الْوُجُوبُ بِمَعْنَى الِافْتِرَاضِ ثَابِتٌ هُنَا بِالْإِجْمَاعِ لَا بِالسُّنَّةِ. (34) قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَنْ بِهِ نَجَاسَةٌ وَهُوَ مُحْدِثٌ وَجَدَ مَاءً إلَخْ. مِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَعِبَارَتُهَا: مُحْدِثٌ عَلَى ثَوْبِهِ دَمٌ مَانِعٌ وَمَعَهُ مَاءٌ يَكْفِي لِأَحَدِهِمَا صَرَفَهُ إلَى الدَّمِ لِعَدَمِ الْبَدَلِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. (35) قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ مَعَ الثَّلَاثَةِ. أَيْ: الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالْمَيِّتِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ التَّيَمُّمَ يُجْزِيهِمْ بِخِلَافِ ذِي النَّجَاسَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجِدُ لِلْمَاءِ بَدَلًا فِي حَقِّهَا كَذَا قِيلَ: وَفِيهِ تَأَمُّلٌ (36) قَوْلُهُ: اجْتَمَعَتْ جِنَازَةٌ وَسُنَّةٌ وَقْتِيَّةٌ. أَقُولُ: وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَوَقْتِيَّةٌ وَقِيلَ عَلَيْهِ يُخَالِفُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي فَنِّ الْقَوَاعِدِ عِنْدَ قَوْلِهِ السَّادِسُ فِي بَيَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْعِبَادَتَيْنِ. (37) قَوْلُهُ: وَإِلَّا الْكُسُوفُ. أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ قُدِّمَ الْكُسُوفُ. (38) قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ اجْتَمَعَتْ مَعَ جُمُعَةٍ وَفَرْضٍ. كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ.

وَيَنْبَغِي أَيْضًا تَقْدِيمُ الْخُسُوفِ عَلَى الْوِتْرِ وَالتَّرَاوِيحِ وَأَمَّا الْحُدُودُ إذَا اجْتَمَعَتْ فَفِي الْمُحِيطِ: وَإِذَا اجْتَمَعَ حَدَّانِ وَقُدِرَ عَلَى دَرْءِ أَحَدِهِمَا دُرِئَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ، بِأَنْ اجْتَمَعَ حَدُّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ وَالْقَذْفِ وَالْفَقْءِ؛ بَدَأَ بِالْفَقْءِ فَإِذَا بَرِئَ حُدَّ لِلْقَذْفِ فَإِذَا بَرِئَ إنْ شَاءَ بَدَأَ بِالْقَطْعِ وَإِنْ شَاءَ بَدَأَ بِحَدِّ الزِّنَا، وَحَدُّ الشُّرْبِ آخِرُهَا لِثُبُوتِهِ بِالِاجْتِهَادِ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَإِنْ كَانَ مُحْصَنًا يُبْدَأُ بِالْفَقْءِ ثُمَّ بِحَدِّ الْقَذْفِ ثُمَّ بِالرَّجْمِ وَيُلْغَى غَيْرُهَا (انْتَهَى) 40 - وَلَوْ اجْتَمَعَ التَّعْزِيرُ وَالْحُدُودُ؛ قُدِّمَ التَّعْزِيرُ عَلَى الْحُدُودِ فِي الِاسْتِيفَاءِ لِتَمَحُّضِهِ حَقًّا لِلْعَبْدِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَمْ أَرَ الْآنَ مَا إذَا اجْتَمَعَ قَتْلُ الْقِصَاصِ وَالرِّدَّةِ وَالزِّنَا، وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْقِصَاصِ قَطْعًا لِحَقِّ الْعَبْدِ، وَأَمَّا إذَا اجْتَمَعَ قَتْلُ الزِّنَا وَالرِّدَّةِ، وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الرَّجْمِ؛ لِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ مَقْصُودُهُمَا، بِخِلَافِ مَا إذَا قُدِّمَ قَتْلُ الرِّدَّةِ فَإِنَّهُ يَفُوتُ الرَّجْمُ، 41 - وَإِذَا قُدِّمَ قَتْلُ الْقِصَاصُ وَهُوَ الْقَتْلُ بِالسَّيْفِ حَصَلَ مَقْصُودُ الْقِصَاصِ وَالرِّدَّةِ وَإِنْ فَاتَ الرَّجْمُ فَرْعٌ: تَقْرُبُ مِنْ هَذِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَيْضًا تَقْدِيمُ الْخُسُوفِ عَلَى الْوِتْرِ إلَخْ. أَقُولُ؛ لِأَنَّهُ يُخْشَى فَوَاتُهُ بِالِانْجِلَاءِ (40) قَوْلُهُ: وَلَوْ اجْتَمَعَ التَّعْزِيرُ وَالْحُدُودُ إلَخْ. أَقُولُ: إنَّمَا يَسْتَقِيمُ هَذَا فِي التَّعْزِيرِ الَّذِي وَجَبَ حَقًّا لِلْعَبْدِ كَمَا يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ تَعْلِيلُهُ وَأَمَّا الَّذِي وَجَبَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى فَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَقْدِيمُ الْحَدِّ عَلَيْهِ فَلْيُحَرَّرْ. (41) قَوْلُهُ: وَإِذَا قُدِّمَ قَتْلُ الْقِصَاصِ إلَخْ. أَيْ فِي صُورَةِ مَا إذَا اجْتَمَعَ قَتْلُ الْقِصَاصِ وَالرِّدَّةِ وَالزِّنَا

الْمَسَائِلِ مَسَائِلُ اجْتِمَاعِ الْفَضِيلَةِ وَالنَّقِيصَةِ؛ فَمِنْهَا الصَّلَاةُ أَوَّلَ الْوَقْتِ بِالتَّيَمُّمِ وَآخِرَهُ بِالْوُضُوءِ؛ فَعِنْدَنَا يُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ إنْ كَانَ طَمِعَ فِي وُجُودِ الْمَاءِ آخِرَهُ، وَإِلَّا فَالتَّقْدِيمُ أَفْضَلُ. وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ فِي أَوَّلِهِ وَيُصَلِّي؛ فَإِذَا وَجَدَهُ آخِرَهُ تَوَضَّأَ وَصَلَّى ثَانِيًا، وَلَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِأَفْضَلِيَّتِهِ، وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إنَّهُ النِّهَايَةُ فِي تَحْصِيلِ الْفَضِيلَةِ. وَمِنْهَا لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا صَلَّى فِي الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ، وَإِنْ أَخَّرَ عَنْهُ صَلَّى مَعَ الْجَمَاعَةِ فَالْأَفْضَلُ التَّأْخِيرُ 42 - وَمِنْهَا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَسْبَغَ الْوُضُوءَ تَفُوتُهُ الْجَمَاعَةُ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ أَدْرَكَهَا؛ فَيَنْبَغِي تَفْضِيلُ الِاقْتِصَارِ لِإِدْرَاكِهَا. وَمِنْهَا غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِمَنْ يَرَى جَوَازَهُ وَإِلَّا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَكَذَا بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يَرَاهُ 43 - وَمِنْهَا التَّوَضُّؤُ مِنْ الْحَوْضِ أَفْضَلُ مِنْ النَّهْرِ بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يَرَاهُ، وَإِلَّا لَا. وَمِنْهَا لَوْ خَافَ فَوْتَ الرَّكْعَةِ لَوْ مَشَى إلَى الصَّفِّ، فَفِي الْيَتِيمَةِ: الْأَفْضَلُ إدْرَاكُهُ فِي الرُّكُوعِ، وَقَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَمْ أَرَ فِيهِ لِأَصْحَابِنَا وَلَا لِغَيْرِهِمْ شَيْئًا فَقُصُورٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِنْهَا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَسْبَغَ الْوُضُوءَ تَفُوتُهُ الْجَمَاعَةُ. أَقُولُ: إنَّمَا كَانَ يَنْبَغِي تَفْضِيلُ الِاقْتِصَارِ لِإِدْرَاكِهَا لِلْقَوْلِ بِفَرْضِيَّةِ الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لَا يُقَالُ كَمَا قِيلَ بِفَرْضِيَّةِ الْجَمَاعَةِ قِيلَ بِفَرْضِيَّةِ الثَّلَاثِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ فَمَا الْمُرَجَّحُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ وَرَدَ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ مِنْ الْوَعِيدِ مَا لَمْ يَرِدْ فِي الْغَسْلَتَيْنِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالرَّاجِحُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ (43) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا التَّوَضُّؤُ مِنْ الْحَوْضِ أَفْضَلُ. أَقُولُ إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ أَفْضَلَ

وَمِنْهَا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ صَلَّى قَائِمًا وَلَوْ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ؛ فَفِي الْخُلَاصَةِ: يَخْرُجُ إلَى الْمَسْجِدِ وَيُصَلِّي قَاعِدًا 45 - وَمِنْهَا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ صَلَّى قَاعِدًا قَدَرَ عَلَى سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا لَا، قَعَدَ وَقَرَأَهَا، وَمِنْهَا لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ سُنَنِ الطَّهَارَةِ أَوْ الصَّلَاةِ تَرَكَهَا وُجُوبًا وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ الْمُسْتَحَبُّ عَنْ اسْتِيعَابِ السُّنَنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQلِقَصْدِ مُخَالَفَةِ زَعْمِ الْمُعْتَزِلَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ خَالَفُوا سَائِرَ الْحَنَفِيَّةِ فِي أَنَّ الْجِوَارَ مُنَجِّسٌ فَلَوْ وَقَعَ فِي الْحَوْضِ جُزْءٌ لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ النَّجَسِ يَصِيرُ الْكُلُّ نَجِسًا فَصَارَ تَجَاوُزُ هَذَا الْمُجَاوِرِ نَجِسًا إلَى آخِرِ الْحَوْضِ عَلَى رَأْيِهِمْ، وَقَالَ سَائِرُ الْحَنَفِيَّةِ إنَّ الْجِوَارَ لَيْسَ بِمُنَجِّسٍ بَلْ الْمُنَجِّسُ هُوَ السَّرَيَانُ فَفِي الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ لَا يَصِيرُ مُجَاوِرُ مُجَاوِرِهِ نَجِسًا وَلَا يُمْكِنُ سِرَايَةُ ذَلِكَ الْجُزْءِ إلَى سَائِرِ الْأَجْزَاءِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلتَّجْزِئَةِ أَصْلًا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الْحَوْضُ نَجِسًا عِنْدَهُمْ. إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَنَقُولُ: الْحَوْضُ لَا يَخْلُو عَنْ جُزْءٍ مِنْ النَّجَسِ أَصْلًا بِخِلَافِ الْمَاءِ الْجَارِي لِجَرَيَانِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّوَضُّؤُ بِالْمَاءِ الْجَارِي أَفْضَلَ اتِّفَاقًا إلَّا أَنَّهُ قَصَدَ إيقَاعَ الْمُخَالَفَةِ فَكَانَ التَّوَضُّؤُ مِنْ الْحَوْضِ أَفْضَلَ مِنْ التَّوَضُّؤِ بِالْمَاءِ الْجَارِي لِأَجْلِ إرْغَامِ الْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ يَتَنَجَّسُ بِالْجِوَارِ وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ زَعْمَهُمْ بَاطِلٌ قَطْعًا كَيْفَ وَلَوْ كَانَ حَقًّا لَلَزِمَ أَنْ لَا يَجُوزَ التَّوَضُّؤُ مِنْ الْحَوْضِ أَصْلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ (44) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ صَلَّى قَائِمًا إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ الَّذِي فِي الْخُلَاصَةِ: يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ قَائِمًا هُوَ الْمُخْتَارُ وَفِي نُسْخَةٍ مِنْهَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: يَخْرُجُ إلَى الْجَمَاعَةِ لَكِنْ يُكَبِّرُ قَائِمًا ثُمَّ يَقْعُدُ وَبِهِ يُفْتَى (45) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ صَلَّى قَاعِدًا قَدَرَ عَلَى سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ إلَخْ. قِيلَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِسُنَّةِ الْقِرَاءَةِ مَا يَجِبُ مِنْهَا بِالسُّنَّةِ وَهَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَزَادَ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنْ يَعْقِدُ وَذَكَرَ بَعْدَهُ أَقْوَالًا يَنْبَغِي مُرَاجَعَتُهَا.

يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْمُؤَكَّدَةِ ثُمَّ الصَّلَاةُ فِي الْمُسْتَحَبِّ وَمِنْهَا تَقْدِيمُ الدَّيْنِ الْمُقَرِّ بِهِ فِي الصِّحَّةِ وَمَا كَانَ مَعْلُومَ السَّبَبِ. 47 - عَلَى الدَّيْنِ الْمُقَرِّ بِهِ فِي الْمَرَضِ وَمِنْهَا بَابُ الْإِمَامَةِ؛ يُقَدَّمُ الْأَعْلَمُ ثُمَّ الْأَقْرَأُ ثُمَّ الْأَوْرَعُ ثُمَّ الْأَسَنُّ ثُمَّ الْأَصْبَحُ وَجْهًا ثُمَّ الْأَحْسَنُ خُلُقًا ثُمَّ الْأَحْسَنُ زَوْجَةً ثُمَّ مَنْ لَهُ جَاهٌ ثُمَّ الْأَنْظَفُ ثَوْبًا ثُمَّ الْمُقِيمُ عَلَى الْمُسَافِرِ 48 - ثُمَّ الْحُرُّ الْأَصْلِيُّ عَلَى الْمُعْتَقِ ثُمَّ الْمُتَيَمِّمُ عَنْ الْحَدَثِ عَلَى الْمُتَيَمِّمِ عَنْ الْجَنَابَةِ، وَتَمَامُهُ فِي الشَّرْحِ. 49 - وَيَقْرَبُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بَعْضُ خِصَالِ الْكَفَاءَةِ يُقَابِلُ الْبَعْضَ فَالْعَالِمُ الْعَجَمِيُّ كُفُؤٌ لِلْعَرَبِيَّةِ وَلَوْ شَرِيفَةً وَعِلْمُهُ يُقَابِلُ نَسَبَهَا. 50 - وَكَذَا شَرَفُهُ خَاتِمَةٌ: لَا يُقَدَّمُ أَحَدٌ فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ إلَّا بِمُرَجِّحٍ؛ وَمِنْهُ السَّبْقُ كَالِازْدِحَامِ فِي الدَّعْوَى وَالْإِفْتَاءِ وَالدَّرْسِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْمُؤَكَّدَةِ. كَذَا فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ بِالْوَاوِ، وَالصَّوَابُ إسْقَاطُهَا، وَالْمُرَادُ أَنَّ السُّنَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ يَأْتِي بِهَا وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ الْمُسْتَحَبُّ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُؤَكَّدَةِ فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي بِهَا إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ الْمُسْتَحَبُّ (47) قَوْلُهُ: عَلَى الدَّيْنِ الْمُقَرِّ بِهِ فِي الْمَرَضِ أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ زِيَادَةً عَلَى هَذَا وَعَلَى الدَّيْنِ الْمَجْهُولِ السَّبَبِ حَتَّى تَتِمَّ الْمُقَابَلَةُ (48) قَوْلُهُ: ثُمَّ الْحُرُّ الْأَصْلِيُّ عَلَى الْمُعْتَقِ. أَقُولُ: يُنْظَرُ حُكْمُ مَا لَوْ اجْتَمَعَ فِي الصَّلَاةِ حُرٌّ غَيْرُ فَقِيهٍ وَعَبْدٌ فَقِيهٌ هَلْ يُقَدَّمُ الْحُرُّ غَيْرُ الْفَقِيهِ أَوْ يُقَدَّمُ الْعَبْدُ الْفَقِيهُ؟ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ الْأَصَحَّ تَقْدِيمُ الْحُرِّ؛ لِأَنَّ النَّقِيصَةَ لَا تُجْبَرُ بِالْفَضِيلَةِ. (49) قَوْلُهُ: وَيَقْرَبُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بَعْضُ خِصَالِ الْكَفَاءَةِ. أَقُولُ: إنَّمَا كَانَ مُقَابِلُهُ بَعْضُ خِصَالِ الْكَفَاءَةِ بِبَعْضٍ يَقْرُبُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَا مِنْهَا لِجُبْرَانِ النَّقِيصَةِ فِيهِ بِالْفَضِيلَةِ. (50) قَوْلُهُ: وَكَذَا شَرَفُهُ. كَذَا فِي عَامَّةِ النُّسَخِ وَالصَّوَابُ شَرَفُهَا بِتَأْنِيثِ الضَّمِيرِ

[القول في ثمن المثل]

فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْمَجِيءِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ [الْقَوْلُ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ] ِ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ وَتَوَابِعِهَا. أَمَّا ثَمَنُ الْمِثْلِ: فَذَكَرُوهُ فِي مَوَاضِعَ. مِنْهَا: بَابُ التَّيَمُّمِ. قَالَ فِي الْكَنْزِ: وَلَوْ لَمْ يُعْطِهِ إلَّا بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَلَهُ ثَمَنُهُ لَا يَتَيَمَّمُ وَإِلَّا يَتَيَمَّمُ، وَفَسَّرَهُ فِي الْعِنَايَةِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فِي أَقْرَبِ مَوْضِعٍ يَعِزُّ فِيهِ الْمَاءُ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ، وَفَسَّرَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِالْقِيمَةِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، لَكِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ فِي وَقْتِ عِزَّتِهِ أَوْ فِي أَغْلَبِ الْأَوْقَاتِ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، فَإِنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْقِيمَةِ حَالَةُ التَّقْوِيمِ. 51 - وَيَتَعَيَّنُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ ثَمَنُ الْمِثْلِ عِنْدَ الْحَاجَةِ لِسَدِّ الرَّمَقِ وَخَوْفِ الْهَلَاكِ، وَرُبَّمَا تَصِلُ الشَّرْبَةُ إلَى دَنَانِيرَ فَيَجِبُ شِرَاؤُهَا عَلَى الْقَادِرِ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهَا إحْيَاءً لِنَفْسِهِ. وَمِنْهَا: بَابُ الْحَجِّ؛ فَثَمَنُ الْمِثْلِ لِلزَّادِ وَالْمَاءِ الْقَدْرُ اللَّائِقُ بِهِ، وَكَذَا الرَّاحِلَةُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَمِنْهَا، عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا. 52 - وَكَانَ الْمَبِيعُ هَالِكًا فَإِنَّ الْبَيْعَ يُفْسَخُ عَلَى قِيمَةِ الْهَالِكِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [خَاتِمَةٌ فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ] قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ ثَمَنُ الْمِثْلِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَخْ. أَقُولُ: الَّذِي يَنْتَهِي إلَى سَدِّ الرَّمَقِ كَيْفَ لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ ثَمَنُ الْمِثْلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وَحَاشَاهُ أَنْ يَتَعَبَّدَنَا بِمَا فِيهِ هَذَا الْحَرَجُ الْعَظِيمُ وَالضِّيقُ الْجَسِيمُ. (52) قَوْلُهُ: وَكَانَ الْمَبِيعُ هَالِكًا. أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ كَانَ هَالِكًا.

وَهَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ أَوْ الْقَبْضِ أَوْ أَقَلُّهَا 54 - قَالَ: وَمِنْهَا إذَا وَجَبَ الرُّجُوعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّهِ كَيْفَ يَرْجِعُ بِهِ؟ قَالَ قَاضِي خَانْ: وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ النُّقْصَانِ أَنْ يُقَوَّمَ صَحِيحًا لَا عَيْبَ بِهِ وَيُقَوَّمَ وَبِهِ الْعَيْبُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَيْبُ يَنْقُصُ عُشْرَ الْقِيمَةِ كَانَ حِصَّةُ النُّقْصَانِ عُشْرَ الثَّمَنِ (انْتَهَى) . وَلَمْ يُذْكَرْ اعْتِبَارُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ أَوْ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الزَّيْلَعِيُّ وَابْنُ الْهُمَامِ. 55 - وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ. وَمِنْهَا: الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ الْمَضْمُونِ بِتَسْمِيَةِ الثَّمَنِ إذَا كَانَ قِيَمِيًّا؛ فَالِاعْتِبَارُ لِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ أَوْ يَوْمَ التَّلَفِ 56 - قَالَ: وَمِنْهَا: الْمَغْصُوبُ الْقِيَمِيُّ إذَا هَلَكَ؛ فَالْمُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ اتِّفَاقًا. وَمِنْهَا: الْمَغْصُوبُ الْمِثْلِيُّ إذَا انْقَطَعَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَوْمَ الْغَصْبِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَوْمَ الِانْقِطَاعِ. وَمِنْهَا: الْمُتْلَفُ بِلَا غَصْبٍ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ وَلَا خِلَافَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ أَوْ الْقَبْضِ. أَقُولُ: جَوَابُ الِاسْتِفْهَامِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ يُنْظَرُ فِيهِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: النَّظَرُ الْفِقْهِيُّ يَقْتَضِي الثَّانِيَ (54) قَوْلُهُ: قَالَ فِي بَيَاضٍ هُنَا هَكَذَا فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا زِيَادَةٌ سَبَقَ إلَيْهَا قَلَمُ الْمُصَنِّفِ فَأَضْرَبَ عَنْهَا فَكَتَبَهَا النُّسَّاخُ. (55) قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: النَّظَرُ الْفِقْهِيُّ يَقْتَضِي اعْتِبَارَهَا يَوْمَ الْقَبْضِ (56) قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ بَيَاضٌ

فِيهِ. وَمِنْهَا: الْمَقْبُوضُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ بِهِ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ؛ لِأَنَّهُ بِهِ يَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ. ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ. وَمِنْهَا: الْعَبْدُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ. وَمِنْهَا: الْعَبْدُ إذَا جَنَى فَأَعْتَقَهُ السَّيِّدُ غَيْرَ عَالَمٍ بِهَا وَقُلْنَا يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِهِ، هَلْ الْمُعْتَبَرُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ أَوْ قِيمَتُهُ يَوْمَ إعْتَاقِهِ 57 - وَمِنْهَا: الرَّهْنُ إذَا هَلَكَ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتُهُ وَمِنْ الدَّيْنِ. 58 - فَالْمُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْهَلَاكِ. لِقَوْلِهِمْ: إنَّ يَدَهُ يَدُ أَمَانَةٍ فِيهِ حَتَّى كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى الرَّاهِنِ فِي حَيَاتِهِ؛ وَكَفَنُهُ عَلَيْهِ إذَا مَاتَ، كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَمِنْهَا: لَوْ أَخَذَ مِنْ الْأُرْزِ وَالْعَدَسِ وَمَا أَشْبَهَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِنْهَا الرَّهْنُ إذَا هَلَكَ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ الظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ لَيْسَ مَنْقُولًا فَإِنَّهُ جَعَلَ الْعِلَّةَ فِيهِ قَوْلَهُمْ أَنَّ يَدَهُ يَدُ أَمَانَةٍ وَالْأَمَانَاتُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا إذَا هَلَكَتْ مَضْمُونَةً يَوْمَ الْهَلَاكِ مَا أَحْسَنَ مَا قَالَ: لَوْلَا مَا يُخَالِفُهُ مِنْ الْمَنْقُولِ فَقَدْ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّ ضَمَانَ الرَّهْنِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ يُخَالِفُ ضَمَانَ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ اسْتِهْلَاكِهِ يَضْمَنُهَا الْمُرْتَهِنُ إيَّاهُ يَكُونُ رَهْنًا عِنْدَهُ، وَفِي الْخُلَاصَةِ: وَحُكْمُ الرَّهْنِ أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَإِلَى الدَّيْنِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ سَقَطَ الدَّيْنُ بِهَلَاكِهِ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ. وَقَالَ الْحَدَّادِيُّ: وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقِيمَةِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَلَمْ أَدْرِ لِمَاذَا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذَا لِمَا قَالَهُ؟ (58) قَوْلُهُ: فَالْمُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْهَلَاكِ. أَقُولُ: نَصَّ فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى أَنَّ قِيمَتَهُ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْقَبْضِ. نُقِلَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ وَذُكِرَ أَنَّ مَا هُنَا مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ الْمَنْقُولِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَأَنْتَ إذَا أَمْعَنْت النَّظَرَ فِي كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ قَطَعْت بِأَنَّهُ فِي صُورَةِ الْهَلَاكِ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَفِي صُورَةِ الِاسْتِهْلَاكِ يَوْمَ الِاسْتِهْلَاكِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِهْلَاكَ وَقَعَ عَلَى عَيْنٍ مُودَعَةٍ حَقِيقَةً فَتَأَمَّلْ

ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ دَفَعَ إلَيْهِ دِينَارًا مَثَلًا لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ ثُمَّ اخْتَصَمَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ؛ هَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْأَخْذِ أَوْ يَوْمَ الْخُصُومَةِ؟ قَالَ فِي الْيَتِيمَةِ: تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْأَخْذِ. قِيلَ لَهُ: لَوْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا بَلْ كَانَ يَأْخُذُ مِنْهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ ثَمَنَ مَا يَجْتَمِعُ عِنْدَهُ. قَالَ: يُعْتَبَرُ وَقْتُ الْأَخْذِ؛ لِأَنَّهُ سَوْمٌ حِينَ ذَكَرَ الثَّمَنَ (انْتَهَى) وَمِنْهَا: ضَمَانُ عِتْقِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ إذَا أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَكَانَ مُوسِرًا وَاخْتَارَ السَّاكِتُ تَضْمِينَهُ؛ فَالْمُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ كَمَا اُعْتُبِرَ حَالُهُ مِنْ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَمِنْهَا: قِيمَةُ وَلَدِ الْمَغْرُورِ الْحُرِّ، فَفِي الْخُلَاصَةِ: تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَحَكَاهُ فِي النِّهَايَةِ، ثُمَّ حُكِيَ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ يَوْمَ الْقَضَاءِ. وَالظَّاهِرُ أَنْ لَا خِلَافَ فِي اعْتِبَارِ يَوْمِ الْخُصُومَةِ. وَمَنْ اعْتَبَرَ يَوْمَ الْقَضَاءِ فَإِنَّمَا اعْتَبَرَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَتَرَاخَى عَنْهَا. وَلِهَذَا ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ أَوَّلًا اعْتِبَارَ يَوْمِ الْخُصُومَةِ، وَثَانِيًا اعْتِبَارَ يَوْمِ الْقَضَاءِ. وَلَمْ أَرَ مَنْ اعْتَبَرَ يَوْمَ وَضْعِهِ وَمِنْهَا: ضَمَانُ جَنِينِ الْأَمَةِ. قَالُوا: لَوْ كَانَ ذَكَرًا وَجَبَ عَلَى الضَّارِبِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ حَيًّا، وَعُشْرُ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ أُنْثَى، كَذَا فِي الْكَنْزِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ. وَهُمَا فِي الْقَدْرِ سَوَاءٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ يَوْمِ الْوَضْعِ وَمِنْهَا: قِيمَةٌ الصَّيْدِ الْمُتْلَفِ فِي الْحَرَمِ أَوْ الْإِحْرَامِ؛ فَفِي الْكَنْزِ فِي الثَّانِي بِتَقْوِيمِ عَدْلَيْنِ فِي مَقْتَلِهِ أَوْ أَقْرَبِ مَوْضِعٍ مِنْهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ الزَّمَانَ وَالظَّاهِرُ فِيهِمَا يَوْمُ قَتْلِهِ كَمَا فِي الْمُتْلِفِ وَمِنْهَا: قِيمَةُ اللُّقَطَةِ إذَا تَصَدَّقَ بِهَا أَوْ انْتَفَعَ بِهَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ وَلَمْ يَجِدْ مَالِكَهَا فَالْمُعْتَبَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قِيمَتُهَا يَوْمَ التَّصَدُّقِ لِقَوْلِهِمْ إنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا وَمِنْهَا: قِيمَةُ جَارِيَةِ الِابْنِ إذَا أَحْبَلَهَا الْأَبُ وَادَّعَاهُ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِقِيمَتِهَا قُبَيْلَ الْعُلُوقِ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ شَرْطًا لِلِاسْتِيلَادِ عِنْدَنَا لَا حُكْمًا وَمِنْهَا: قِيمَةُ الصَّدَاقِ إذَا انْتَصَفَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَكَانَ هَالِكًا، وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ يَوْمُ الْقَضَاءِ بِهِ أَوْ التَّرَاضِي لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَى مِلْكِ الزَّوْجِ النِّصْفَ إلَّا بِأَحَدِهِمَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَهَذِهِ تِسْعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا فَاغْتَنِمْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[الكلام في أجرة المثل]

[الْكَلَامُ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ] ِ 1 - تَجِبُ فِي مَوَاضِعَ؛ أَحَدُهَا الْإِجَارَةُ فِي صُوَرٍ: مِنْهَا الْفَاسِدَةُ، وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ لَهُ الْمُؤَاجِرُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ إنْ فَرَّغْتَهَا الْيَوْمَ وَإِلَّا فَعَلَيْك كُلُّ شَهْرٍ كَذَا، وَقِيلَ: يَجِبُ الْمُسَمَّى. وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ مُشْتَرِي الْعَيْنِ لِلْأَجِيرِ اعْمَلْ كَمَا كُنْت وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْأَجْرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ فَإِنَّهُ يَجِبُ. وَمِنْهَا: لَوْ عَمِلَ لَهُ شَيْئًا وَلَمْ يَسْتَأْجِرْهُ وَكَانَ الصَّانِعُ مَعْرُوفًا بِتِلْكَ الصَّنْعَةِ وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَبِهِ يُفْتَى. وَمِنْهَا: فِي غَصْبِ الْمَنَافِعِ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ وَقْفًا أَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ. وَلَيْسَ مِنْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تَجِبُ فِي مَوَاضِعَ. أَقُولُ يُزَادُ عَلَيْهَا مَوَاضِعُ مِنْهَا مَا فِي التَّنْوِيرِ: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ وَقْفٍ وَغَرَسَ فِيهَا ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِيفَاؤُهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ وَلَوْ أَبَى الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ إلَّا الْقَلْعَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ وَمِنْهَا مَا فِي التَّنْوِيرِ أَيْضًا: مُتَوَلِّي أَرْضَ الْوَقْفِ أَجَّرَهَا بِغَيْرِ أَجْرِ الْمِثْلِ يَلْزَمُ مُسْتَأْجِرَهَا تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ. وَمِنْهَا وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُتُونِ: رَفَعَ ثَوْبًا إلَى خَيَّاطٍ لِيَخِيطَهُ قَمِيصًا بِدِرْهَمٍ فَخَاطَهُ قَبَاءً؛ خُيِّرَ الدَّافِعُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَوْ أَخَذَ الْقَبَاءَ بِأَجْرِ مِثْلِهِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى الْمُسَمَّى، وَمِنْهَا دَفَعَ غُلَامَهُ إلَى حَائِكٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً لِيَتَعَلَّمَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَى أَخْذِ أَجْرٍ فَبَعْدَ تَعَلُّمِهِ طَلَبَ الْأُسْتَاذُ مِنْ الْمَوْلَى وَالْمَوْلَى مِنْهُ يُنْظَرُ إلَى عُرْفِ الْبَلَدِ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ فَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ يَشْهَدُ لِلْأُسْتَاذِ يُحْكَمُ بِأَجْرِ مِثْلِ تَعْلِيمِ ذَلِكَ الْعَمَلِ، وَإِنْ كَانَ يَشْهَدُ لِلْمَوْلَى فَبِأَجْرِ مِثْلِ الْغُلَامِ عَلَى الْأُسْتَاذِ، وَكَذَا لَوْ دَفَعَ ابْنَهُ إلَى حَائِكٍ كَمَا فِي الدُّرَرِ نَقْلًا عَنْ قَاضِي خَانْ. وَمِنْهَا مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: بَاعَ أَرْضًا بِدُونِ الزَّرْعِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ بِأَجْرِ مِثْلِهِ وَاسْتَشْكَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ قَطْعُهُ وَتَسْلِيمُ الْأَرْضِ فَارِغَةً. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِرِضَى الْمُشْتَرِي

لِمَا إذَا خَالَفَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمُؤَجِّرَ إلَى شَرْطٍ بِأَنْ حَمَلَ أَكْثَرَ مِنْ الْمَشْرُوطِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ أَجْرُ مَا زَادَ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ وَالْأَجْرَ لَا يَجْتَمِعَانِ. وَمِنْهَا: إذَا فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ كَانَ لِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ. وَمِنْهَا: إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَفِي الْأَرْضِ زَرْعٌ، فَإِنَّهُ يُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى أَنْ يَسْتَحْصِدَهُ. وَمِنْهَا: إذَا فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الْفَوَائِدِ. وَمِنْهَا: عَامِلُ الزَّكَاةِ يَسْتَحِقُّ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ بِقَدْرِ مَا يَكْفِيهِ وَيَكْفِي أَعْوَانَهُ. وَفَائِدَتُهُ أَنَّ الْمَأْخُوذَ أَجْرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْمَلْ؛ بِأَنْ حَمَلَ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ أَمْوَالَهُمْ إلَى الْإِمَامِ، فَلَا أَجْرَ لَهُ. وَمِنْهَا: النَّاظِرُ عَلَى الْوَقْفِ، إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ الْوَاقِفُ، فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْوَقْفُ طَاحُونَةً يَسْتَغِلَّهَا الْمُوقِفُ عَلَيْهِمْ؛ فَلَا أَجْرَ لَهُ فِيهَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. وَهَذَا إذَا عَيَّنَ الْقَاضِي لَهُ أَجْرًا. فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ وَسَعَى فِيهِ سَنَةً فَلَا شَيْءَ لَهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ الْقَاضِي، وَلَا يَجْتَمِعُ لَهُ أَجْرُ النَّظَرِ وَالْعِمَالَةِ لَوْ عَمِلَ مَعَ الْعَمَلَةِ (انْتَهَى) . وَمِنْهَا: الْوَصِيُّ إذَا نَصَّبَهُ الْقَاضِي وَعَيَّنَ لَهُ أَجْرًا بِقَدْرِ أُجْرَةِ مِثْلِهِ جَازَ. 2 - وَأَمَّا وَصِيُّ الْمَيِّتِ فَلَا أَجْرَ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. وَمِنْهَا: الْقَسَّامُ لَوْ لَمْ يُسْتَأْجَرْ بِمُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَجْرَ الْمِثْلِ. وَمِنْهَا: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَمَّا وَصِيُّ الْمَيِّتِ فَلَا أَجْرَ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ. قِيلَ: ذُكِرَ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فَيَكُونُ هَذَا الصَّحِيحُ خِلَافَ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْسَانَ هُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ بِأَنَّ نَقْلَ الْقُنْيَةِ لَا يُعَارِضُ نَقْلَ قَاضِي خَانْ.

يَسْتَحِقُّ الْقَاضِي عَلَى كِتَابَةِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُمْ فِي الزَّرْعِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ مَعْنَاهُ بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا وَإِلَّا فَلَا أَجْرٌ لَهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. الثَّانِي: إذَا وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ وَكَانَ هُنَاكَ مُسَمًّى فِي عَقْدٍ فَاسِدٍ فَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا لَا يُزَادُ عَلَيْهِ وَيَنْقُصُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا وَجَبَ بَالِغًا مَا بَلَغَ. الثَّالِثُ: يَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ. الرَّابِعُ: إذَا وَجَبَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَكَانَ مُتَفَاوِتًا مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَقْصِي وَمِنْهُمْ مِنْ يَتَسَاهَلُ فِي الْأَجْرِ يَجِبُ الْوَسَطُ، حَتَّى لَوْ كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ اثْنَيْ عَشَرَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَعِنْدَ الْبَعْضِ عَشَرَةٌ، وَعِنْدَ الْبَعْضِ أَحَدَ عَشَرَ، وَجَبَ أَحَدَ عَشَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يَسْتَحِقُّ الْقَاضِي عَلَى كِتَابَةِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ. أَقُولُ فِي حَاوِي الزَّاهِدِيِّ: وَلَوْ أَرَادَ الْقَاضِي أَوْ الْمُفْتِي أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا عَلَى حُكْمِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ مِمَّنْ لَهُ الْحَقُّ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَنَحْوَهُمَا مِمَّا يَسَعُ فِيهِ مُطَالَعَةُ كُتُبِ الْفِقْهِ إلَى أَنْ يَجِدَ مَسْأَلَتَهُ وَيَكْتُبَ كِتَابًا لَهُ يَجْعَلَهُ فِي دِيوَانِهِ وَكِتَابُهُ يَجْعَلُهُ فِي يَدِهِ وَيَفْصِلُ بَيْنَهُمَا الْخُصُومَةَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ أَجْرَ الْمِثْلِ لِفَسَادِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَلَا يَتَجَاوَزُ عَنْ الْمُسَمَّى، وَلَكِنْ يَحْتَرِزُ أَهْلُ الْوَرَعِ عَنْهُ، وَلَوْ أَخَذَ أَجْرَ الْمِثْلِ لِلْقِسْمَةِ وَكِتَابَةِ الصَّكِّ فَقَطْ يَحِلُّ بِلَا حِيلَةٍ إنْ لَمْ يُرْزَقْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَجِبَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ قَبْلُ بَلْ الْوَاجِبُ بَيَانُ الْحُكْمِ لِمَنْ عَلَيْهِ وَبَيَانُ الْحَقِّ لِمَنْ لَهُ فَقَطْ وَعَقْدُ النِّكَاحِ فِي الْحُكْمِ كَالْقِسْمَةِ وَكِتَابَةِ الصَّكِّ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مَسْأَلَةٌ سُئِلْت عَنْهَا لَوْ سُئِلَ الْمُفْتِي عَمَّا لَا يُمْكِنُهُ أَوْ عَمَّا يَعْسُرُ عَلَيْهِ جَوَابُهُ بِاللِّسَانِ وَلَا يَعْسُرُ عَلَيْهِ بِالْكِتَابَةِ كَمَسَائِلِ الْمُنَاسَخَاتِ الَّتِي تَدِقُّ كُسُورُهَا جِدًّا وَلَا تَثْبُتُ فِي حِفْظِ السَّائِلِ هَلْ يُفْرَضُ عَلَيْهِ الْكِتَابَةُ مَعَ تَيَسُّرِهَا أَمْ لَا؟ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِالْحُكْمِ لَكِنَّ النَّظَرَ الْفِقْهِيَّ يَقْتَضِي وُجُوبَ مُطْلَقِ الْجَوَابِ عَلَيْهِ بِأَيِّ طَرِيقٍ أَمْكَنَهُ يَقْتَضِي وُجُوبَهَا عَلَيْهِ حَيْثُ تَعْسُرُ أَوْ تَعَذَّرَ بِاللِّسَانِ وَيَكُونُ الْجَوَابُ بِالْكِتَابَةِ نَائِبًا عَنْ الْجَوَابِ بِاللِّسَانِ لِيَخْرُجَ عَنْ عُهْدَةِ

[تنبيهات]

بِخِلَافِ التَّقْوِيمِ؛ لَوْ اخْتَلَفَ الْمُقَوِّمُونَ فِي مُسْتَهْلَكٍ، فَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ وَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ قِيمَتُهُ أَقَلُّ وَجَبَ الْأَخْذُ بِالْأَكْثَرِ، ذَكَرَهُ الْأَقْطَعُ فِي بَابِ السَّرِقَةِ. الْخَامِسُ: أَجْرُ الْمِثْلِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ يَطِيبُ وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ حَرَامًا. وَالْكُلُّ مِنْ الْقُنْيَةِ. وَقَدَّمْنَا حُكْمَ زِيَادَةِ أَجْرِ الْمِثْلِ فِي الْفَوَائِدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَاجِبِ عَلَيْهِ مِنْ الْجَوَابِ اللِّسَانِيِّ فَيَكْتُبُ الْمُفْتِي مَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ أَوْ يَتَعَسَّرُ النُّطْقُ بِلَا كِتَابَةٍ حَيْثُ تَيَسَّرَتْ لَهُ آلَةُ الْكِتَابِ لِأَجْلِ الْقِيَامِ بِالْوَاجِبِ فَيَقْرَأُ عَلَى السَّائِلِ فَيَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ رَفْعُ الرُّقْعَةِ لَهُ وَلَا أَنَّهُ يُفَهِّمُهُ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِ وَيُحَفِّظُهُ مَا يَصْعُبُ عَلَيْهِ بَلْ كُلُّ ذَلِكَ خَارِجٌ عَنْ التَّكْلِيفِ وَلَا يُؤَاخَذُ الْمُفْتِي بِسُوءِ حِفْظِ السَّائِلِ وَقِلَّةِ فَهْمِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ عَلَى الْمُفْتِي الْجَوَابَ بِأَيِّ طَرِيقٍ يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَيْهِ. وَكُلُّ مَا لَا يُتَوَصَّلُ إلَى الْفَرْضِ إلَّا بِهِ فَهُوَ فَرْضٌ وَحَيْثُ كَانَ فِي وُسْعِ الْمُفْتِي الْجَوَابُ بِالْكِتَابَةِ لَا بِاللِّسَانِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْجَوَابُ بِهَا حَيْثُ تَيَسَّرَتْ آلَتُهَا بِلَا مَشَقَّةٍ عَلَيْهِ بِأَنْ أَحْضَرَهَا لَهُ السَّائِلُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُفْتِيَ بَدَلُهَا مِنْ عِنْدِهِ لَهُ، وَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ وُجُوبُ تَحْصِيلِهَا عَلَى الْمُفْتِي كَمَاءِ الْوُضُوءِ لِيَحْصُلَ بِهِ مَا هُوَ الْمَفْرُوضُ عَلَيْهِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْإِفْتَاءُ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْبَلْدَةِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ؛ وَالْإِفْتَاءُ طَاعَةٌ وَالطَّاعَةُ بِحَسَبِ الِاسْتِطَاعَةِ فَمَا يُرَاعِي فِي غَيْرِهِ مِنْ الطَّاعَاتِ يُرَاعِي فِيهِ فَرْضًا وَوُجُوبًا وَاسْتِحْبَابًا وَنَدْبًا فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ [تَنْبِيهَاتٌ] (4) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ التَّقْدِيمِ مَتَى اخْتَلَفَ تَقْوِيمُ الْمُقَوِّمِينَ فِي مُسْتَهْلَكٍ إلَخْ. قَالَ شَيْخُ شُيُوخِنَا: سَأَلَنِي بَعْضُ الْإِخْوَانِ لِمَ آخُذُ بِالْأَكْثَرِ هُنَا؟ قُلْت: لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْأَقَلِّ نَافِيَةٌ، فَقَالَ: فَفِي الْأُجْرَةِ لِمَا آخُذُ بِالْأَقَلِّ قُلْت؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ضَمَانِ الْمَنَافِعِ فَتَأَمَّلْ

[الكلام في مهر المثل]

الْكَلَامُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ: 1 - الْأَصْلُ فِي اعْتِبَارِهِ حَدِيثُ بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ، وَبَيَّنَّا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مَا هُوَ وَبِمَنْ يُعْتَبَرُ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ هُنَا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا؛ 2 - فَيَجِبُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ أَوْ تَسْمِيَةِ مَا لَا يَصْلُحُ مَهْرًا كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْحُرِّ وَالْقُرْآنِ وَخِدْمَةِ زَوْجٍ حُرٍّ وَنِكَاحٍ آخَرَ وَهُوَ نِكَاحُ الشِّغَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْكَلَامُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ] قَوْلُهُ: الْأَصْلُ فِي اعْتِبَارِهِ حَدِيثُ بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ. وَهُوَ مَا رُوِيَ فِي السُّنَنِ وَالْجَامِعِ لِلتِّرْمِذِيِّ «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَمَاتَ عَنْهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا الصَّدَاقَ كَامِلًا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ فَقَالَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِهِ فِي تَزْوِيجِ بِنْتِ وَاشِقٍ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَبِرْوَعُ كَجَرْوَلَ وَلَا يُكْسَرُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: أَهْلُ الْحَدِيثِ يَرَوْنَهَا بِكَسْرِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَأَمَّا أَهْلُ اللُّغَةِ فَيَفْتَحُونَ الْبَاءَ وَيَقُولُونَ: إنَّهُ لَيْسَ فِي الْعَرَبِيَّةِ فِعْوَلٌ إلَّا خِرْوَعٌ لِهَذَا الثَّبْتِ الْمَعْرُوفِ وَعِتْوَدٌ اسْمُ وَادٍ (انْتَهَى) . وَهُوَ تَابِعٌ لِلْجَوْهَرِيِّ وَقَدْ اُسْتُدْرِكَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَيُفْتَحُ أَوَّلُهُ وَذَرْوَدُ وَعَتْوَرُ. (2) قَوْلُهُ: فَيَجِبُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ. أَقُولُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْبَحْرِ: " إنَّ وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ بِتَمَامِهِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ لَا يَشْتَرِطَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا شَيْئًا " لِمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالْمُحِيطِ: لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ تَدْفَعَ إلَيْهِ هَذَا الْعَبْدَ يُقْسَمُ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ وَعَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ بَذَلَتْ الْبُضْعَ وَالْعَبْدَ بِإِزَاءِ مَهْرِ مِثْلِهَا، وَالْبَدَلُ يَنْقَسِمُ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْمُبْدَلِ فَمَا أَصَابَ قِيمَةَ الْعَبْدِ فَالْبَيْعُ فِيهِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهَا بَاعَتْهُ بِشَيْءٍ مَجْهُولٍ وَالْبَاقِي يَصِيرُ مَهْرًا (انْتَهَى) . وَيُخَالِفُهُ مَا نَقَلَاهُ أَيْضًا: لَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ: أَتَزَوَّجُك عَلَى أَنْ تُعْطِينِي عَبْدَك هَذَا فَقَبِلَتْ جَازَ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا شَيْءَ

وَمَجْهُولُ الْجِنْسِ. 4 - وَالتَّسْمِيَةُ الَّتِي عَلَى خَطَرٍ وَفَوَاتِ مَا شَرَطَهُ لَهَا مِنْ الْمَنَافِعِ بِشَرْطِ الدُّخُولِ فِي الْكُلِّ أَوْ الْمَوْتِ. وَأَمَّا إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَهُ؛ فَالْمُتْعَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهُ مِنْ الْعَبْدِ فَيُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ. وَقَدْ يُقَالُ: أَنَّ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ يُجْعَلْ الْعَبْدُ مَبِيعًا بَلْ هِبَةً فَلَا يَنْقَسِمُ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْعَبْدِ وَعَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ ذَكَرَ الْإِعْطَاءَ وَالْعَطِيَّةَ وَالْهِبَةَ وَفِي الْأَوَّلِ جَعَلَ الْعَبْدَ مَبِيعًا فَانْقَسَمَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ ذَكَرَ الدُّعَاءَ لَا الْإِعْطَاءَ (انْتَهَى) . (3) قَوْلُهُ: وَمَجْهُولُ الْجِنْسِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى ثَوْبٍ؛ لِأَنَّ الثِّيَابَ أَجْنَاسٌ شَتَّى كَالْحَيَوَانِ وَالدَّابَّةِ فَلَيْسَ الْبَعْضُ أَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ بِالْإِرَادَةِ فَصَارَتْ الْجَهَالَةُ فَاحِشَةً وَقَدْ فُسِّرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ الْجِنْسُ بِالنَّوْعِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُوَ الْمَقُولُ عَلَى كَثِيرِينَ مُتَّفِقِينَ بِالْأَحْكَامِ كَرَجُلٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الثَّوْبَ تَحْتَهُ الْكَتَّانُ وَالْقُطْنُ وَالْحَرِيرُ وَالْأَحْكَامُ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنَّ الثَّوْبَ الْحَرِيرَ لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ لِلرِّجَالِ وَغَيْرُهُ يَحِلُّ فَهُوَ جِنْسٌ عِنْدَهُمْ وَكَذَا الْحَيَوَانُ تَحْتَهُ الْفَرَسُ وَالْحِمَارُ وَغَيْرُهُمَا فَتَكُونُ هَذِهِ الْجَهَالَةُ أَفْحَشُ مِنْ جَهَالَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَمَهْرُ الْمِثْلِ أَوْلَى وَهُوَ الضَّابِطُ هُنَا سَوَاءٌ كَانَ مَجْهُولَ الْجِنْسِ أَوْ النَّوْعِ كَذَا حَقَّقَهُ الْمُصَنِّفُ. وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ يَجُوزُ إطْلَاقُ الْجِنْسِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْأَمْرِ الْعَامِّ سَوَاءٌ كَانَ جِنْسًا عِنْدَ الْفَلَاسِفَةِ أَوْ نَوْعًا وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْخَاصِّ كَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ نَظَرًا إلَى فُحْشِ التَّفَاوُتِ فِي الْمَقَاصِدِ وَالْأَحْكَامِ كَمَا يُطْلَقُ النَّوْعُ عَلَيْهِمَا نَظَرًا إلَى اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْإِنْسَانِيَّةِ وَاخْتِلَافِهِمَا فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُشَرِّعِينَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْتَفِتُوا إلَى مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْفَلَاسِفَةُ كَمَا فِي النُّطَفِ. (4) قَوْلُهُ: وَالتَّسْمِيَةُ الَّتِي عَلَى خَطَرٍ وَفَوَاتُ مَا شَرَطَ لَهَا مِنْ الْمَنَافِعِ. كَمَا لَوْ نَكَحَهَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى أَلْفٍ إنْ أَقَامَ بِهَا وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ أَخْرَجَهَا فَإِنْ وَفَّى وَأَقَامَ فَلَهَا الْأَلْفُ وَإِلَّا فَمَهْرُ الْمِثْلِ وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَالضَّابِطُ فِي الْأُولَى أَنْ يُسَمِّيَ لَهَا قَدْرَ أَوْ مَهْرَ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْهُ يَشْتَرِطُ لَهَا مَنْفَعَةً أَوْ لِأَبِيهَا أَوْ لِذِي رَحِمِ مَحْرَمٍ مِنْهَا فَإِنْ وَفَّى بِمَا شَرَطَ فَلَهَا الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ صَلُحَ مَهْرًا وَقَدْ تَمَّ رِضَاهَا بِهِ وَإِلَّا فَمَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ سَمَّى لَهَا مَا فِيهِ نَفْعٌ فَعِنْدَ فَوَاتِهِ يَنْعَدِمُ رِضَاهَا بِالْمُسَمَّى فَيُكَمِّلُ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ إنْ زَادَ عَلَى الْأَلْفِ وَإِنْ سَاوَى الْأَلْفَ أَوْ كَانَ أَنْقَصَ مِنْهُ لَهَا الْأَلْفَ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ رَضِيَ بِذَلِكَ. وَالضَّابِطُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَنْ

وَلَا يُنْتَصَفُ، وَفِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بَعْدَ الدُّخُولِ. 6 - وَفِي الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ إنْ لَمْ يُقَدَّرْ الْمِلْكُ سَابِقًا عَلَى الْوَطْءِ؛ كَمَا فِي أَمَةِ ابْنِهِ. 7 - إذَا أَحَبْلَهَا فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ بَيَانُ مَا يَتَعَدَّدُ فِيهِ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ وَمَا لَا يَتَعَدَّدُ: أَمَّا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ؛ فَجَعَلَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُنْقَسِمًا عَلَى عَدَدِ الْوَطْآتِ تَقْدِيرًا فَلَا يَتَعَدَّدُ فِيهِ. 8 - كَمَا لَا يَتَعَدَّدُ بِوَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ إذَا لَمْ تَحْبَلْ وَكَذَا بِوَطْءِ السَّيِّدِ مُكَاتَبَتَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQيُسَمِّيَ لَهَا مَهْرًا عَلَى تَقْدِيرٍ وَمَهْرًا آخَرَ عَلَى تَقْدِيرٍ آخَرَ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ أَقَامَ بِهَا كَانَ لَهَا الْأَلْفُ لِعَيْنِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إذَا تَمَّ رِضَاهَا بِذَلِكَ وَإِنْ أَخْرَجَهَا كَانَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لَكِنْ لَا يُزَادُ عَلَى أَلْفَيْنِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ وَلَا يُنْتَقَصُ عَنْ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ رَضِيَ بِذَلِكَ لِعَيْنِ مَا قُلْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. (5) قَوْلُهُ: وَلَا يُنْتَصَفُ. أَيْ: مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ التَّنْصِيفَ يَخْتَصُّ بِالْمَفْرُوضِ فِي الْعَقْدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237] الْآيَةَ. (6) قَوْلُهُ: وَفِي الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ إنْ لَمْ يُقَدِّرْ الْمِلْكَ سَابِقًا عَلَى الْوَطْءِ. أَيْ يَجِبُ بِالْوَطْءِ إنْ لَمْ يُقَدِّرْ الْمِلْكَ سَابِقًا عَلَى الْوَطْءِ فَإِنْ قَدَّرَ فَلَا مَهْرَ. (7) قَوْلُهُ: إذَا أَحْبَلَهَا. أَقُولُ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ الْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ وَاَلَّذِي لَا يُوجِبُهُ كُلُّ مَوْضِعٍ سَقَطَ فِيهِ الْحَدُّ مِمَّا ذَكَرْنَا يَجِبُ فِيهِ الْمَهْرُ لِمَا ذَكَرْنَا إلَّا فِي وَطْءِ جَارِيَةِ الِابْنِ وَعَلِقَتْ مِنْهُ وَادَّعَى نَسَبَهُ لِمَا ذَكَرْنَا فِي النِّكَاحِ (انْتَهَى) . وَقَدْ أَفَادَ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِمُجَرَّدِ الْحَبَلِ وَقَدْ اكْتَفَى هُنَا. أَقُولُ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ الْعُلُوقُ وَدَعْوَةُ النَّسَبِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَبَتَ شَرْطًا لِلِاسْتِيلَادِ فَيَتَقَدَّمُهُ فَصَارَ وَاطِئًا مِلْكَ نَفْسِهِ (8) قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَتَعَدَّدُ بِوَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ إذَا لَمْ تَحْبَلْ. كَذَا فِي عَامَّةِ النُّسَخِ وَالصَّوَابُ إذَا حَبِلَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

[تنبيه زنى بامرأة ثم تزوجها وهو مخالط لها]

وَفِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ. 10 - وَيَتَعَدَّدُ بِوَطْءِ الِابْنِ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ الزَّوْجِ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ، وَأَفْتَى وَالِدُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ بِالتَّعَدُّدِ فِي الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ. وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِنَا عَلَى الْكَنْزِ تَنْبِيهٌ: 11 - يَجِبُ مَهْرَانِ فِيمَا إذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ مُخَالِطٌ لَهَا، مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْأَوَّلِ، وَالْمُسَمَّى بِالْعَقْدِ. 12 - وَمَهْرَانِ وَنِصْفٌ فِيمَا لَوْ قَالَ: كُلَّمَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ. عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي النِّكَاحِ أَيْ وَلَا يَتَعَدَّدُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي النِّكَاحِ إنَّمَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ بِإِطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِالْجِمَاعِ فِيهِ، وَلَوْ تَكَرَّرَ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ وَلَا يَتَكَرَّرُ الْمَهْرُ إلَّا بِتَكَرُّرٍ بِالْوَطْءِ وَالْأَصْلُ أَنَّ بِالْوَطْءِ مَتَى حَصَلَ عَقِيبَ شُبْهَةِ الْمِلْكِ مِرَارًا لَمْ يَجِبْ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ بِالْوَطْءِ الثَّانِي صَادَفَ مِلْكَهُ كَالْوَطْءِ الْفَاسِدِ وَكَمَا لَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ أَوْ جَارِيَةَ مُكَاتَبِهِ أَوْ وَطِيءَ مَنْكُوحَتَهُ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا. (10) قَوْلُهُ: وَيَتَعَدَّدُ بِوَطْءِ الِابْنِ جَارِيَةَ أَبِيهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ وَمَتَى حَصَلَ الْوَطْءُ عَقِيبَ شُبْهَةِ الِاشْتِبَاهِ مِرَارًا فَإِنَّهُ يَجِبُ بِكُلِّ وَطْءٍ مَهْرٌ عَلَى حِدَةٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَطْءٍ صَادَفَ مِلْكَ الْغَيْرِ كَوَطْءِ الِابْنِ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ جَارِيَةَ أُمِّهِ أَوْ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ وَقَدْ ادَّعَى الشُّبْهَةَ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَطْءٍ مَهْرٌ وَمِنْهُ وَطْءُ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ مِرَارًا فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَطْءٍ نِصْفُ مَهْرٍ، وَلَوْ وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ فِي نِصْفِهِ نِصْفُ مَهْرٍ وَاحِدٍ وَعَلَيْهِ فِي نِصْفِ شَرِيكِهِ لِكُلِّ وَطْءٍ نِصْفُ مَهْرٍ وَذَلِكَ كُلُّهُ لِلْمُكَاتَبَةِ [تَنْبِيهٌ زَنَى بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ مُخَالِطٌ لَهَا] (11) قَوْلُهُ: يَجِبُ مَهْرَانِ فِيمَا إذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ إلَخْ. وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ أَوَّلَ الْفِعْلِ كَانَ حَرَامًا. إلَّا أَنَّ الْفِعْلَ فِي حَقِّ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ إذَا تَعَدَّدَ كَفِعْلِ وَاحِدٍ فَإِذَا صَارَ حَلَالًا فِي آخِرِهِ لَا يَجِبُ الْحَدُّ بِأَوَّلِهِ فَصَارَ آخِرُ الْفِعْلِ شُبْهَةً فِي أَوَّلِهِ وَالْفِعْلُ الْحَرَامُ لَا يَخْلُو عَنْ غَرَامَةٍ أَوْ عُقُوبَةٍ فَإِذَا انْتَفَى الْعُقُوبَةُ بَقِيَتْ الْغَرَامَةُ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَيَجِبُ الْمُسَمَّى بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى تَأَكَّدَ بِالْخَلْوَةِ فَبِإِتْمَامِ الْمَهْرِ أَوْلَى. (12) قَوْلُهُ: وَمَهْرَانِ وَنِصْفٌ. أَقُولُ مَهْرٌ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِذَا دَخَلَ بِهَا

فَتَزَوَّجَهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَلَوْ زَادَ بَائِنٌ وَدَخَلَ بِهَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ. 13 - فَعَلَيْهِ خَمْسَةُ مُهُورٍ وَنِصْفٌ. 14 - وَبَيَانُهُ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهَذَا دُخُولٌ عَلَى شُبْهَةٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالتَّزَوُّجِ فَتَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ آخَرُ، وَهَذَا طَلَاقٌ يَعْقُبُ الرَّجْعَةَ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا إذَا تَزَوَّجَ الْمُعْتَدَّةَ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ ذَلِكَ طَلَاقًا بَعْدَ الدُّخُولِ حُكْمًا، وَإِنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ بِالدُّخُولِ عَنْ شُبْهَةٍ وَالطَّلَاقُ بَعْدَ الدُّخُولِ يَعْقُبُ الرَّجْعَةَ وَيُوجِبُ كَمَالَ الْمَهْرِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى فِي النِّكَاحِ الثَّانِي فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ مَهْرَانِ وَنِصْفٌ وَلَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ الثَّالِثُ؛ لِأَنَّهَا فِي عِدَّتِهِ عَنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَلَا يُعْتَبَرُ النِّكَاحُ وَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ الثَّالِثُ. (13) قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ خَمْسَةُ مُهُورٍ وَنِصْفٌ. يَعْنِي فِي قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ نِصْفُ مَهْرٍ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَمَهْرٌ بِالدُّخُولِ الْأَوَّلِ وَمَهْرٌ بِالنِّكَاحِ الثَّانِي وَمَهْرٌ بِالدُّخُولِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ وَطِئَهَا عَنْ شُبْهَةٍ وَمَهْرٌ بِالنِّكَاحِ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الثَّالِثَ صَادَفَهَا وَهِيَ مُبَانَةٌ فَاعْتُبِرَ النِّكَاحُ وَمَهْرٌ بِالدُّخُولِ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّهُ دُخُولٌ عَنْ شُبْهَةٍ فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ خَمْسَةُ مُهُورٍ وَنِصْفٌ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ مُهُورٍ وَنِصْفٌ بِالْأَنْكِحَةِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَثَلَاثَةُ مُهُورٍ بِالْوَطْءِ ثَلَاثًا عَلَى شُبْهَةِ هَذَا. (14) قَوْلُهُ: وَبَيَانُهُ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَنَّ الْمُهُورَ تَتَكَرَّرُ بِالْعَقْدِ تَارَةً وَبِالْوَطْءِ أُخْرَى وَتَارَةً تَتَكَرَّرُ بِهِمَا

[القول في الشرط والتعليق]

الْقَوْلُ فِي الشَّرْطِ وَالتَّعْلِيقِ 1 - التَّعْلِيقُ: رَبْطُ حُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ بِحُصُولِ مَضْمُونِ أُخْرَى. وَفُسِّرَ الشَّرْطُ فِي التَّلْوِيحِ بِأَنَّهُ تَعْلِيقُ حُصُولِ مَضْمُونٍ جُمْلَةً بِحُصُولِ مَضْمُونٍ جُمْلَةً (انْتَهَى) . وَشَرْطُ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ؛ كَوْنُ الشَّرْطِ مَعْدُومًا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ فَالتَّعْلِيقُ بِكَائِنٍ تَنْجِيزٌ وَبِالْمُسْتَحِيلِ بَاطِلٌ، وَوُجُودُ رَابِطٍ حَيْثُ كَانَ الْجَزَاءُ مُؤَخَّرًا وَإِلَّا يُتَنَجَّزُ، وَعَدَمُ فَاصِلٍ أَجْنَبِيٍّ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ. وَرُكْنُهُ: أَدَاةُ شَرْطٍ وَفِعْلُهُ وَجَزَاءُ صَالِحٍ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَدَاةِ لَا يَتَعَلَّقُ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَنْجِيزِهِ لَوْ قَدَّمَ الْجَزَاءَ. الْفَتْوَى عَلَى بُطْلَانِهِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ. وَمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ: تَعْلِيقُ التَّمْلِيكَاتِ وَالتَّقْيِيدَاتِ بِالشَّرْطِ بَاطِلٌ؛ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالنِّكَاحِ وَالْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاءِ وَعَزْلِ الْوَكِيلِ وَحَجْرِ الْمَأْذُونِ وَالرَّجْعَةِ وَالتَّحْكِيمِ وَالْكِتَابَةِ وَالْكَفَالَةِ بِغَيْرِ الْمُلَائِمِ وَالْوَقْفِ فِي رِوَايَةٍ وَالْهِبَةِ بِغَيْرِ الْمُتَعَارَفِ، وَمَا جَازَ تَعْلِيقُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَوْلُ فِي الشَّرْطِ وَالتَّعْلِيقِ] قَوْلُهُ: التَّعْلِيقُ رَبْطُ حُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ إلَخْ. أَقُولُ: فَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالشَّرْطِ بِفَرْقٍ غَيْرِ هَذَا فَقَالَ الْفَرْقُ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالشَّرْطِ أَنَّ التَّعْلِيقَ دَاخِلٌ عَلَى أَصْلِ الْفِعْلِ بِأَدَاتِهِ كَ (أَنْ وَإِذَا) وَالشَّرْطُ مَا جُزِمَ فِيهِ بِالْأَصْلِ أَيْ أَصْلِ الْفِعْلِ وَشُرِطَ فِيهِ أَمْرٌ آخَرُ وَإِنْ شِئْت فَقُلْ فِي الْفَرْقِ: إنَّ التَّعْلِيقَ تَرْتِيبُ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ عَلَى أَمْرٍ يُوجَدُ بِأَنْ أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا وَالشَّرْطُ الْتِزَامُ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ فِي أَمْرٍ وُجِدَ بِصِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ

بِالشَّرْطِ لَمْ يَبْطُلْ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ؛ كَطَلَاقٍ وَعِتَاقٍ وَحَوَالَةٍ وَكَفَالَةٍ. وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ، وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَالْإِقَالَةُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَتَعْلِيقُ الْبَيْعِ بِكَلِمَةِ (إنْ) بَاطِلٌ إلَّا إذَا قَالَ: بِعْت إنْ رَضِيَ أَبِي. وَوَقْتُهُ كَخِيَارِ الشَّرْطِ وَبِكَلِمَةِ (عَلَى) صَحِيحٌ، إنْ كَانَ مِمَّا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ أَوْ مُلَائِمًا لَهُ أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِهِ أَوْ وَرَدَّ الشَّرْعُ بِهِ أَوْ كَانَ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِأَحَدِهِمَا. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي مُدَايَنَاتِ الْفَوَائِدِ مَا خَرَجَ عَنْ قَوْلِهِمْ: لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْإِبْرَاءِ بِالشَّرْطِ، وَفِي الْبُيُوعِ ثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ فِيهَا، 2 - وَجُمْلَةُ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَيَبْطُلُ بِفَاسِدِهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ: الْبَيْعُ وَالْقِسْمَةُ. 3 - وَالْإِجَارَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَجُمْلَةُ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَيَبْطُلُ بِفَاسِدِهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ إلَخْ. أَقُولُ فِيهِ: إنَّ الْبَيْعَ الْمَقْرُونَ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ فَاسِدٌ لَا بَاطِلٌ. قَالَ فِي الْمَجْمَعِ وَيَفْسُدُ يَعْنِي الْبَيْعُ بِشَرْطٍ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لِأَحَدٍ (انْتَهَى) . وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْفَاسِدَ غَيْرُ الْبَاطِلِ عِنْدَنَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا ذُكِرَ بِحَرْفِ الشَّرْطِ كَمَا إذَا قَالَ بِعْت إنْ كُنْت تُعْطِينِي كَذَا أَمَّا إذَا قَالَ بِعْت عَلَى أَنْ تُعْطِينِي كَذَا فَفَاسِدٌ لَا بَاطِلٌ كَمَا فِي الْمُنْتَقَى. وَاعْلَمْ أَنَّهُ ذُكِرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّ تَعْلِيقَ الْقَبُولِ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ مَا أُوجِبَ الْآخَرُ هَلْ يَصِحُّ؟ ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ أَدَّيْتَ ثَمَنَ هَذَا فَقَدْ بِعْتُ مِنْك صَحَّ الْبَيْعُ اسْتِحْسَانًا إنْ دَفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ وَقِيلَ هَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. (3) قَوْلُهُ: وَالْإِجَارَةُ. بِالرَّاءِ وَكَذَا الْإِجَازَةُ بِالزَّايِ كَمَا فِي الْكَنْزِ قَالَ شَارِحُهُ الْعَيْنِيُّ:؛ لِأَنَّهَا بَيْعُ مَعْنَى. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ وَظَاهِرُهُ تَخْصِيصُ إجَازَةِ الْبَيْعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي صَاحِبَ الْكَنْزِ؛ لِأَنَّ إجَازَةَ كُلِّ شَيْءٍ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا حَتَّى النِّكَاحَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْبَزَّازِيَّةِ. وَتَعْلِيقُ الْإِجَازَةِ بِالشَّرْطِ بَاطِلٌ كَقَوْلِهِ إنْ

وَالرَّجْعَةُ. 5 - وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ وَالْإِبْرَاءُ وَالْحَجْرُ. 6 - وَعَزْلُ الْوَكِيلِ فِي رِوَايَةٍ وَإِيجَابُ الِاعْتِكَافِ وَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ وَالْإِقْرَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQزَادَ فُلَانٌ فِي الثَّمَنِ فَقَدْ أَجَزْت وَلَوْ زَوَّجَ بِنْتَه بَالِغَةً بِلَا رِضَاهَا فَبَلَغَهَا الْخَبَرُ فَقَالَتْ: أَجَزْتُ إنْ رَضِيَتْ أُمِّي بَطَلَتْ الْإِجَازَةُ إذْ التَّعْلِيقُ يُبْطِلُ الْإِجَازَةَ اعْتِبَارًا بِابْتِدَاءِ الْعَقْدِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: يُخَالِفُهُ مَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ قَالَ: بَاعَنِي فُلَانٌ عَبْدَك بِكَذَا فَقَالَ: إنْ كَانَ كَذَا فَقَدْ أَجَزْته أَوْ فَهُوَ جَائِزٌ جَازَ إنْ كَانَ بِكَذَا أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ: وَلَوْ أَجَازَ بِثَمَنٍ آخَرَ بَطَلَ. وَعَنْ ابْنِ سَلَّامٍ لَا يُعْتَبَرُ الْعِلْمُ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ مَاضٍ، وَقِيلَ: إذَا كَانَ مِمَّا يُتَغَابَنُ فِيهِ. (4) قَوْلُهُ: وَالرَّجْعَةُ كَذَا فِي غَيْرِ كِتَابٍ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ: وَهُوَ خَطَأٌ فَقَدْ ذُكِرَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْجَوْهَرَةِ وَالْبَدَائِعِ وَالتَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ وَلَا إضَافَتُهَا وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ بِهِ، وَأَصْلُ النِّكَاحِ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ وَافَقَهُ مَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ كِتَابِ الرَّجْعَةِ أَنَّهَا تَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَالْهَزْلِ وَاللَّعِبِ وَالْخَطَأِ كَالنِّكَاحِ (انْتَهَى) . فَلَوْ كَانَتْ تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لَمْ تَصِحَّ مَعَ الْهَزْلِ؛ لِأَنَّ مَا يَصِحُّ مَعَ الْهَزْلِ لَا تُبْطِلُهُ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ وَمَا لَا يَصِحُّ مَعَ الْهَزْلِ تُبْطِلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأُصُولِيُّونَ. (5) قَوْلُهُ: وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ وَالْإِبْرَاءُ. أَيْ عَنْ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُتَعَارَفٍ أَمَّا بِالشَّرْطِ الْمُتَعَارَفِ فَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ كَمَا حَقَّقَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ وَقَيَّدْنَا بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الْكَفَالَةِ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ الْمُلَائِمِ وَهُوَ قَوْلُ الْبَعْضِ وَاخْتَارَهُ فِي الْفَتْحِ. (6) قَوْلُهُ: وَعَزْلُ الْوَكِيلِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ كَلَامٍ: إنَّ عَزْلَ الْوَكِيلِ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَهُوَ مَا لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَلَكِنْ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلِهَذَا اقْتَصَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ فَهُوَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي

وَالْوَقْفُ، فِي رِوَايَةٍ. وَمَا لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ: الطَّلَاقُ وَالْخُلْعُ وَالرَّهْنُ وَالْقَرْضُ 8 - وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْوِصَايَةُ وَالْوَصِيَّةُ. 9 - وَالشَّرِكَةُ وَالْمُضَارَبَةُ وَالْقَضَاءُ وَالْإِمَارَةُ وَالْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ وَالْإِقَالَةُ. 10 - وَالْغَصْبُ وَالْكِتَابَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّجْعَةِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَزْلُ الْوَكِيلِ مِنْ قَسْمِ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَيَبْطُلُ بِفَاسِدِهِ لَكِنْ قَالَ فِي رِوَايَةٍ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَتَعْلِيقُ عَزْلِ الْوَكِيلِ بِالشَّرْطِ يَصِحُّ فِي رِوَايَةِ الصُّغْرَى وَلَا يَصِحُّ فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّ الَّذِي يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ مَا كَانَ مِنْ بَابِ التَّمْلِيكِ وَالْعَزْلُ لَيْسَ مِنْهُ وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ فَيَجِبُ إلْحَاقُهُ بِقِسْمِ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لَكِنْ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَأَرْجُو مِنْ كَرَمِ الْفَتَّاحِ الظَّفَرَ بِالنَّقْلِ فِي الْمُرَاجَعَةِ (انْتَهَى) . (7) قَوْلُهُ: وَالْوَقْفُ فِي رِوَايَةٍ. كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَقَدْ سُئِلَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْغَزِّيُّ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ عَنْ تَعْلِيقِ الْوَقْفِ بِالشَّرْطِ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ الْمُعَوَّلِ عَلَيْهَا. أَقُولُ وَإِنَّمَا كَانَ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهَا لِمَشْيِ أَصْحَابِ الْمُتُونِ عَلَيْهَا إذْ هُوَ تَصْحِيحٌ الْتِزَامِيٌّ. (8) قَوْلُهُ: وَالْهِبَةُ. فِي الْعِمَادِيَّةِ: تَعْلِيقُ الْهِبَةِ بِالْمُلَائِمِ يَصِحُّ كَوَهَبْتُكَ عَلَى أَنْ تُعَوِّضَنِي كَذَا فَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا صَحَّتْ الْهِبَةُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ. (9) قَوْلُهُ: وَالشَّرِكَةُ. أَيْ لَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ أَقُولُ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي الشَّرِكَةُ تَبْطُلُ بِبَعْضِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَلَا تَبْطُلُ بِالْبَعْضِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَطَ التَّفَاضُلَ فِي الْوَضِيعَةِ لَا تَبْطُلُ وَتَبْطُلُ بِاشْتِرَاطِ رِبْحِ عُشْرِهِ لِأَحَدِهِمَا وَإِنْ كَانَ كِلَاهُمَا شَرْطًا فَاسِدًا (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ. (10) قَوْلُهُ: وَالْغَصْبُ. أَيْ: لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ أَقُولُ يُنْظَرُ صُورَةُ عَدَمِ بُطْلَانِهِ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ.

[فائدة من ملك التنجيز ملك التعليق]

وَأَمَانُ الْقِنِّ وَدَعْوَةُ الْوَلَدِ وَالصُّلْحُ عَنْ الْقِصَاصِ وَجِنَايَةُ غَصْبٍ وَعَهْدُ ذِمَّةٍ وَوَدِيعَةٌ وَعَارِيَّةٌ. إذَا ضَمِنَهَا رَجُلٌ وَشَرَطَ فِيهَا كَفَالَةً أَوْ حَوَالَةً. 12 - وَتَعْلِيقُ الرَّدِّ بِعَيْبٍ. 13 - أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ وَعَزْلِ قَاضٍ. 14 - وَالتَّحْكِيمُ. 15 - عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَتَمَامُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْبَزَّازِيَّةِ 16 - فَائِدَةٌ: مَنْ مَلَكَ التَّنْجِيزَ مَلَكَ التَّعْلِيقَ. 17 - إلَّا الْوَكِيلَ بِالطَّلَاقِ، يَمْلِكُ التَّنْجِيزَ وَلَا يَمْلِكُ التَّعْلِيقَ، إلَّا إذَا عَلَّقَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَمَانُ الْقِنِّ. أَقُولُ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ تَعْلِيقُ الْأَمَانِ بِالشَّرْطِ جَائِزٌ بِدَلِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «حِينَ أَمَّنَ خَيْبَرَ عَلَّقَ أَمَانَهُمْ بِكِتْمَانِهِمْ شَيْئًا وَأَبْطَلَ أَمَانَ آلِ أَبِي الْجَعْدِ بِكِتْمَانِهِمْ الْحُلِيَّ» (انْتَهَى) وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْقِنَّ لَيْسَ قَيْدًا. (12) قَوْلُهُ: وَتَعْلِيقُ الرَّدِّ بِعَيْبٍ. أَيْ: بِشَرْطٍ فَاسِدٍ. (13) قَوْلُهُ: أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ. أَيْ وَتَعْلِيقُ الرَّدِّ بِخِيَارِ شَرْطٍ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ. (14) قَوْلُهُ: وَالتَّحْكِيمُ. أَيْ وَتَعْلِيقُ التَّحْكِيمِ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ. (15) قَوْلُهُ: عِنْدَ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ لِإِطْلَاقِ الْوِلَايَةِ عِنْدَهُ فَلَا يَبْطُلُ بِالتَّعْلِيقِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَبْطُلُ بِالتَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكُ الْوِلَايَةِ وَالتَّمْلِيكَاتُ تَبْطُلُ بِالتَّعْلِيقِ [فَائِدَةٌ مَنْ مَلَكَ التَّنْجِيزَ مَلَكَ التَّعْلِيقَ] (16) قَوْلُهُ: فَائِدَةٌ مَنْ مَلَكَ التَّنْجِيزَ إلَخْ. كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَالصَّوَابُ فَائِدَتَانِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ الثَّانِيَةُ. (17) قَوْلُهُ: إلَّا الْوَكِيلَ بِالطَّلَاقِ يَمْلِكُ التَّنْجِيزَ وَلَا يَمْلِكُ التَّعْلِيقَ. يَعْنِي إذَا وَكَّلَهُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ يَمْلِكُ أَنْ يُنَجِّزَ طَلَاقَهَا وَلَا يَمْلِكُ أَنْ يُعَلِّقَ طَلَاقَهَا أَمَّا إذَا وَكَّلَهُ بِأَنْ يُعَلِّقَ طَلَاقَهَا يَمْلِكُ التَّعْلِيقِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ: قَالَ لِامْرَأَةِ الْغَيْرِ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ

[القول في أحكام السفر]

وَمَنْ لَا يَمْلِكُ التَّنْجِيزَ لَا يَمْلِكُ التَّعْلِيقَ. 19 - الثَّانِيَةُ: الْعَبْدُ وَالْمُكَاتَبُ لَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ بَعْدَ عِتْقِي صَحَّ، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ. وَتَمَامُهُ فِي الْجَامِعِ لِلصَّدْرِ سُلَيْمَانَ مِنْ بَابِ الْيَمِينِ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ السَّفَرِ: 20 - رُخْصَةُ الْقَصْرِ وَالْفِطْرِ وَالْمَسْحِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا، وَأَمَّا التَّنَقُّلُ عَلَى الدَّابَّةِ فَحُكْمُ خَارِجِ الْمِصْرِ لَا السَّفَرِ. وَمِنْهَا سُقُوطُ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَتَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَأَجَازَ الزَّوْجُ ذَلِكَ فَدَخَلَتْ الدَّارَ بَعْدَ الْإِجَازَةِ طَلُقَتْ وَإِنْ دَخَلَتْ قَبْلَ الْإِجَازَةِ لَمْ تَطْلُقْ فَإِنْ عَادَتْ بَعْدَ الْإِجَازَةِ فَدَخَلَتْ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْفُضُولِيِّ يَصِيرُ يَمِينًا عِنْدَ الْإِجَازَةِ فَيُعْتَبَرُ الشَّرْطُ بَعْدَهُ لَا قَبْلَهُ. قَالَ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ بِهِ التَّوْكِيلُ فَلَا تَصِحُّ بِهِ الْإِجَازَةُ وَقَدْ صَحَّتْ الْإِجَازَةُ فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِهِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: يُسْتَثْنَى أَيْضًا الْوَصِيُّ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ التَّنْجِيزَ وَلَا يَمْلِكُ التَّعْلِيقَ كَمَا سَيَأْتِي فِيمَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوَصِيُّ وَالْوَارِثُ حَيْثُ قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَصِيَّ وَالْوَارِثَ يَشْتَرِكَانِ فِي الْخِلَافَةِ عَنْ الْمَيِّتِ فِي التَّصَرُّفِ وَالْوَارِثُ أَقْوَى لِمِلْكِ الْعَيْنِ فَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا إعْتَاقُهُ لَكِنْ يَمْلِكُ الْوَارِثُ إعْتَاقَهُ تَنْجِيزًا وَتَعْلِيقًا وَتَدْبِيرًا وَكِتَابَةً وَلَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ إلَّا التَّنْجِيزَ وَهِيَ فِي التَّلْخِيصِ. (18) قَوْلُهُ: وَمَنْ لَا يَمْلِكُ التَّنْجِيزَ لَا يَمْلِكُ التَّعْلِيقَ. قِيلَ: إنَّ الشَّافِعِيَّ احْتَجَّ عَلَى الْإِمَامِ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِي بُطْلَانِ التَّعْلِيقِ قَبْلَ النِّكَاحِ. (19) قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ الْعَبْدُ وَالْمُكَاتَبُ لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ إلَخْ. أَقُولُ مَوْقِعُ هَذِهِ الْفَائِدَةِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا مَوْقِعُ التَّمْثِيلِ لَهَا وَحِينَئِذٍ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ كَالْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ لَوْ قَالَا إلَخْ [الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ السَّفَرِ] (20) قَوْلُهُ: رُخْصَةُ الْقَصْرِ إلَخْ. أَقُولُ أَرَادَ بِهِ صَلَاةَ الرُّبَاعِيَّةَ رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ وَفِيهِ أَنَّ صَلَاةَ الرُّبَاعِيَّةَ رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ عَزِيمَةً لَا رُخْصَةً كَمَا حُقِّقَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ.

[يختص ركوب البحر بأحكام]

وَأَمَّا صِحَّةُ الْجُمُعَةِ فَمِنْ أَحْكَامِ الْمِصْرِ. وَمِنْ أَحْكَامِ السَّفَرِ حُرْمَتُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ. 22 - وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ وُجُودُ أَحَدِهِمَا شَرْطًا لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهَا وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ نَفَقَتِهِ عَلَيْهَا إذَا امْتَنَعَ الْمَحْرَمُ إلَّا بِهَا. وَالْمُعْتَمَدُ الْوُجُوبُ عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَرْطُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ حُرْمَةِ خُرُوجِهَا إلَّا بِأَحَدِهِمَا هِجْرَتُهَا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ. 23 - وَمِنْ أَحْكَامِهِ مَنْعُ الْوَلَدِ مِنْهُ إلَّا بِرِضَاءِ أَبَوَيْهِ إلَّا فِي الْحَجِّ إذَا اسْتَغْنَيْنَا عَنْهُ، وَتَحْرِيمُهُ عَلَى الْمَدْيُونِ إلَّا بِإِذْنِ الدَّائِنِ، إلَّا إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا 24 - وَيَخْتَصُّ رُكُوبُ الْبَحْرِ بِأَحْكَامٍ: مِنْهَا سُقُوطُ الْحَجِّ إذَا غَلَبَهُ الْهَلَاكُ، وَتَحْرِيمُ السَّفَرِ فِيهِ وَضَمَانُ الْمُودِعِ لَوْ سَافَرَ بِهَا فِي الْبَحْرِ، وَكَذَا الْوَصِيُّ، وَيَسْتَوِيَانِ فِي بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ: 25 - مِنْهَا فِيمَا إذَا غَزَا فِي الْبَحْرِ وَمَعَهُ فَرَسٌ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ سَهْمُ الْفَارِسِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَمَّا صِحَّةُ الْجُمُعَةِ إلَخْ. أَقُولُ لَا مَوْقِعَ لِهَذِهِ الْعِبَارَةِ هَهُنَا. (22) قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا. أَيْ فَرْضًا. (23) قَوْلُهُ: وَمِنْ أَحْكَامِهِ مَنْعُ الْوَلَدِ مِنْهُ. أَيْ مَنَعَ الشَّارِعُ الْوَلَدَ مِنْ السَّفَرِ أَيْ حُرْمَتُهُ عَلَيْهِ [يَخْتَصُّ رُكُوبُ الْبَحْرِ بِأَحْكَامٍ] (24) قَوْلُهُ: وَيَخْتَصُّ رُكُوبُ الْبَحْرِ بِأَحْكَامٍ إلَخْ. أَقُولُ فِي اخْتِصَاصِ الْبَحْرِ بِمَا ذُكِرَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. (25) قَوْلُهُ: مِنْهَا فِيمَا إذَا غَزَا فِي الْبَحْرِ إلَخْ. فِي الْمُحِيطِ: الْفَارِسُ فِي السَّفِينَةِ يَسْتَحِقُّ سَهْمَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقِتَالُ عَلَى الْفَرَسِ فِي السَّفِينَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُبَاشِرْ الْقِتَالَ عَلَى الْفَرَسِ فَقَدْ تَأَهَّبَ لِلْقِتَالِ عَلَى الْفَرَسِ وَالْمُتَأَهِّبُ لِلشَّيْءِ كَالْمُبَاشِرِ لَهُ

[القول في أحكام الحرم]

الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْحَرَمِ 2 - لَا يَدْخُلُهُ أَحَدٌ إلَّا مُحْرِمًا 3 - وَتُكْرَهُ الْمُجَاوَرَةُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْحَرَمِ] قَوْلُهُ: فِي أَحْكَامِ الْحَرَمِ. أَقُولُ حَدُّ الْحَرَمِ مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَمِنْ طَرِيقِ الْيَمَنِ وَالْعِرَاقِ وَالْجِعْرَانَةِ وَالطَّائِفِ سَبْعَةُ أَمْيَالٍ. وَفِي الْحَاوِي أَنَّهُ مِنْ طَرِيقِ الْجِعْرَانَةِ تِسْعَةٌ وَمِنْ جُدَّةَ عَشَرَةٌ وَمِنْ بَطْنِ عُرَنَةَ أَحَدَ عَشَرَ مِيلًا وَجُمِعَتْ مَا عَدَا الْأَخِيرِ فِي قَوْلِهِ: وَلِلْحَرَمِ التَّحْدِيدُ مِنْ أَرْضِ طِيبَةَ ... ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ إذَا رُمْت إتْقَانَهْ وَسَبْعَةُ أَمْيَالٍ عِرَاقٌ وَطَائِفٌ ... وَجُدَّةُ عَشْرٌ ثُمَّ تِسْعٌ جِعْرَانَهْ وَمِنْ يَمَنٍ سَبْعٌ بِتَقْدِيمِ سِينِهَا ... وَقَدْ كَلَّمْت فَاشْكُرْ لِرَبِّك إحْسَانَهُ وَعَلَى الْحُدُودِ عَلَامَاتٌ نَصَبَهَا الْخَلِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَكَانَ جِبْرِيلُ يُرِيهِ مَوَاضِعَهَا ثُمَّ أُمِرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَحْدِيدِهَا ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ ثُمَّ مُعَاوِيَةُ وَهِيَ الْآنَ ظَاهِرَةٌ (2) قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُهُ أَحَدٌ إلَّا مُحْرِمًا. أَقُولُ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَهْلُ مَكَّةَ وَمِنْ دَاخِلِ الْمَوَاقِيتِ إلَّا إذَا قَصَدَ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَتَجَاوَزُ الْمِيقَاتَ أَحَدٌ إلَّا مُحْرِمًا» . وَإِنَّمَا خُصَّ مِنْهُ الْمَكِّيُّ وَمَنْ كَانَ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّهُ يَكْثُرُ دُخُولُهُمْ مَكَّةَ لِحَاجَتِهِمْ وَفِي إيجَابِهِمْ الْإِحْرَامَ كُلَّ مَرَّةٍ خَرَجَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ؛ لِأَنَّهُ نَادِرُ الْوُقُوعِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَكِّيِّ. أَقُولُ يُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمَكِّيَّ وَمَنْ دَاخَلَ الْمِيقَاتَ لَوْ جَاوَزَ إلَى مِصْرَ مَثَلًا وَأَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ لَا يَدْخُلُهَا إلَّا مُحْرِمًا لِعَدَمِ الْحَرَجِ وَنُدْرَةِ الْوُقُوعِ (3) قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ الْمُجَاوَرَةُ بِهِ أَيْ بِالْحَرَمِ وَالْمُرَادُ بِهِ حَرَمُ مَكَّةَ إذْ الْمَدِينَةُ لَا حَرَمَ لَهَا وَإِنْ كَانَ تُكْرَهُ الْمُجَاوَرَةُ بِهَا وَعِلَّةُ الْكَرَاهَةِ خَوْفُ سُقُوطِ حُرْمَةِ الْبَيْتِ فِي نَظَرِهِ

وَلَا يُقْتَلُ وَلَا يُقْطَعُ مَنْ فَعَلَ خَارِجَهُ وَالْتَجَأَ بِهِ؛ وَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِصَيْدِهِ وَيَجِبُ الْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ 5 - وَيَحْرُمُ قَطْعُ شَجَرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيَصِيرُ فِي نَظَرِهِ الْقَاصِرِ كَسَائِرِ الْبُيُوتِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ تَنْقُصُ الْهَيْبَةُ وَالْحُرْمَةُ الْأُولَى فِي نَظَرِهِ كَمَا هُوَ شَأْنُ كَثِيرٍ وَلِذَا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَدُورُ عَلَى الْحَاجِّ بَعْدَ قَضَاءِ النُّسُكِ بِالدِّرَّةِ وَيَقُولُ: يَا أَهْلَ الْيَمَنِ يَمَنَكُمْ يَا أَهْلَ الشَّامِ شَامَكُمْ وَيَا أَهْلَ الْعِرَاقِ عِرَاقَكُمْ فَإِنَّهُ أَبْقَى لِحُرْمَةِ بَيْتِ رَبِّكُمْ فِي قُلُوبِكُمْ. وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحُجُّونَ ثُمَّ يَرْجِعُونَ وَيَعْتَمِرُونَ ثُمَّ يَرْجِعُونَ وَلَا يُجَاوِرُونَ. ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ وَالْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ مَذْهَبُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَجَمْعٌ مِنْ الْمُحْتَاطِينَ فِي الدِّينِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا بَأْسَ بِالْمُجَاوَرَةِ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطَاتِ وَنَقَلَ الْفَارِسِيُّ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ صَبَرَ عَلَى حَرِّ مَكَّةَ سَاعَةً تَبَاعَدَتْ النَّارُ عَنْهُ مَسِيرَةَ مِائَةِ عَامٍ» (4) قَوْلُهُ: وَلَا يُقْتَلُ وَلَا يُقْطَعُ مَنْ فَعَلَ خَارِجَهُ إلَخْ. أَيْ: لَا يُقْتَلُ مَنْ فَعَلَ مُوجِبَ الْقَتْلِ وَلَا يُقْطَعُ مَنْ فَعَلَ مُوجِبَ الْقَطْعِ وَهُوَ السَّرِقَةُ خَارِجَهُ وَالْتَجَأَ بِهِ وَهَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ وَتَحْقِيقُ مَرَامِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى فِعْلِ مُوجِبِ الْقَطْعِ فَقَدْ صَرَّحَ هُوَ بِنَفْسِهِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمَنَارِ مِنْ بَحْثِ الْعَامِّ بِأَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيَّةِ إنَّمَا هُوَ فِي النَّفْسِ لَا فِي الْأَطْرَفِ؛ لِأَنَّهُ يُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ فَتُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إذَا الْتَجَأَ إلَى الْحَرَمِ (انْتَهَى) . لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الْمُقَطَّعَاتِ: وَلَا يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ فِي الْحَرَمِ فِي نَفْسٍ وَيُسْتَوْفَى فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ السَّارِقُ فِي الْحَرَمِ خِلَافًا لَهُمَا (انْتَهَى) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَفْعَلَ مَا ذُكِرَ دَاخِلَ الْحَرَمِ أَوْ خَارِجَهُ وَالْتَجَأَ إلَيْهِ (5) قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ قَطْعُ شَجَرِهِ. وَهُوَ مَا كَانَ لَهُ سَاقٌ مِنْ النَّبَاتِ رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا وَشَجَرُ الْحَرَمِ مَا كَانَ شَيْءٌ مِنْ أَصْلِهِ فِي الْحَرَمِ سَوَاءٌ كَانَ أَغْصَانُهُ فِيهِ أَوْ فِي الْحِلِّ فَيَقْطَعُ هَذِهِ الْأَغْصَانَ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْقُهُسْتَانِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَشِيشُ الْحَرَمِ كَذَلِكَ

وَرَعْيُ حَشِيشِهِ. 7 - إلَّا الْإِذْخِرَ وَيُسَنُّ الْغُسْلُ لِدُخُولِهِ؛ وَتُضَاعَفُ فِيهِ الصَّلَاةُ. 8 - وَحَسَنَاتُهُ كَسَيِّئَاتِهِ 9 - وَيُؤَاخَذُ فِيهِ بِالْهَمِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَرَعْيُ حَشِيشَتِهِ. أَيْ وَيَحْرُمُ إرْسَالُ الْبَهِيمَةِ عَلَى حَشِيشِ الْحَرَمِ لِلرَّعْيِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا بَأْسَ بِهِ لِضَرُورَةِ الزَّائِرِينَ. كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ أَقُولُ لَا بَأْسَ هُنَا لِلْإِبَاحَةِ لِمُقَابِلَتِهَا بِالْحُرْمَةِ لَا لِمَا تَرَكَهُ أَوْلَى كَمَا هُوَ الْأَصْلُ فِي اسْتِعْمَالِهَا قَالَهُ الْفَاضِلُ مُلَّا عَلَيَّ الْقَارِئِ فِي شَرْحِهِ عَلَى النُّقَايَةِ. (7) قَوْلُهُ: إلَّا الْإِذْخِرَ. بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْخَاءِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ مَا يَنْبُتُ فِي السَّهْلِ وَالْجَبَلِ وَلَهُ أَصْلٌ دَقِيقٌ وَقُصْبَانٌ دِقَاقٌ يَطِيبُ رِيحُهُ وَاَلَّذِي بِمَكَّةَ أَجْوَدُهُ يَسْقُفُونَ بِهِ الْبُيُوتَ بَيْنَ الْخَشَبَاتِ وَيَسُدُّونَ بِهِ فِي قُبُورِ الْخَلَلِ بَيْنَ اللَّبِنَاتِ كَمَا فِي فَتْحِ الْبَارِي (8) قَوْلُهُ: وَحَسَنَاتُهُ. أَقُولُ كَانَ الْأَنْسَبُ جَعْلُ الْحَسَنَاتِ مُشَبَّهًا بِهَا لِلْعِلْمِ بِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا فِي كُلِّ مَكَان وَلِمَا فِي تَقْدِيمِ ذِكْرِهَا مِنْ تَنْفِيرِ الطِّبَاعِ عَنْ شُؤْمِ ارْتِكَابِهَا وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا كَانَتْ الْحَسَنَاتُ يُمَالُ إلَيْهَا طَبْعًا إذَا تُلِيَ عَلَى السَّمْعِ ذِكْرُهَا أَوَّلًا نَاسَبَ الْبُدَاءَةَ بِهَا ثُمَّ إذَا تُلِيَ الْخَبَرُ تُلُقِّيَ بِالْقَبُولِ فَحَذَّرَ مِنْ ارْتِكَابِ مَا يُوجِبُهَا بِخِلَافِ مَا إذَا بَدَأَ بِغَيْرِ مَا لَيْسَ بِمَأْلُوفٍ. (9) قَوْلُهُ: وَيُؤَاخَذُ فِيهِ بِالْهَمِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25] وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَاعِدَةِ " الْهَمُّ بِالسَّيِّئَةِ وَعَدَمُ فِعْلِهَا " كُلُّ ذَلِكَ تَعْظِيمًا لِحُرْمَتِهِ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا مِنْ بَلَدٍ يُؤَاخَذُ الْعَبْدُ فِيهِ بِالْهَمِّ بِالْفِعْلِ إلَّا مَكَّةَ وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ وَكَرِهَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ اتِّخَاذَ السَّجْنِ بِمَكَّةَ وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِبَيْتِ عَذَابٍ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِ رَحْمَةٍ. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «احْتِكَارُ الطَّعَامِ بِمَكَّةَ إلْحَادٌ»

وَلَا يَسْكُنُ فِيهِ كَافِرٌ وَلَهُ. 11 - الدُّخُولُ فِيهِ 12 - وَلَا تَمَتُّعَ وَلَا قِرَانَ لِمَكِّيٍّ وَتَخْتَصُّ الْهَدَايَا بِهِ 13 - وَيُكْرَهُ إخْرَاجُ حِجَارَتِهِ وَتُرَابِهِ 14 - وَهُوَ مُسَاوٍ لِغَيْرِهِ عِنْدَنَا فِي اللُّقَطَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يَسْكُنُ فِيهِ كَافِرٌ. أَيْ يُمْنَعُ الْكَافِرُ مِنْ سُكْنَى حَرَمِ مَكَّةَ وَهَذَا بِالِاتِّفَاقِ وَأَمَّا الدُّخُولُ فِيهِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْفَوَائِدِ لِلطَّرَسُوسِيِّ. (11) قَوْلُهُ: وَلَهُ الدُّخُولُ. أَقُولُ وَلَوْ حَرْبِيًّا كَمَا فِي شَرْحِ جَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ وَفِي الْفَتَاوَى الْخَانِيَّةِ وَلَوْ دَخَلَ الْحَرْبِيُّ الْحَرَمَ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُ وَيُمْنَعُ عَنْهُ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُفْهَمُ مِنْ تَخْصِيصِ الْإِمَامِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ الصَّاحِبَيْنِ يُخَالِفَانِ فِي ذَلِكَ (12) قَوْلُهُ: وَلَا تَمَتُّعَ وَلَا قِرَانَ لِمَكِّيٍّ. أَقُولُ وَكَذَا مِنْ حَوْلِ مَكَّةَ وَالْمُرَادُ بِالنَّفْيِ نَفْيُ الْحِلِّ لَا نَفْيُ الصِّحَّةِ وَلِذَا وَجَبَ دَمُ جَبْرٍ وَهُوَ فَرْعُ الصِّحَّةِ وَاشْتِرَاطُهُمْ عَدَمَ الْإِلْمَامِ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هُوَ لِلتَّمَتُّعِ الْمُنْتَهِضِ سَبَبًا لِلثَّوَابِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ وُجُوبُ دَمِ الشُّكْرِ كَمَا حَقَّقَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ (13) قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ إخْرَاج حِجَارَتِهِ وَتُرَابِهِ. قِيلَ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ، وَنَصُّهُ: وَلَا بَأْسَ بِإِخْرَاجِ حِجَارَةِ الْحَرَمِ وَتُرَابِهِ إلَى الْحِلِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ (انْتَهَى) . أَقُول لَا مُخَالَفَةَ فَإِنَّ التَّعْبِيرَ بِصِيغَةِ لَا بَأْسَ مُقْتَضٍ لِلْكَرَاهَةِ لَا مُنَافٍ لَهَا حَتَّى تَتِمَّ الْمُخَالَفَةُ. وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَتُرَابُ الْبَيْتِ الْمُكَرَّمِ الْيَسِيرِ يَجُوزُ إخْرَاجُهُ لِلتَّبَرُّكِ وَإِلَّا لَا؛ لِأَنَّهُ تَخْرِيبٌ (انْتَهَى) . وَقَالَ ابْنُ وَهْبَانَ وَالصَّوَابُ الْمَنْعُ عَنْهُ مُطْلَقًا لِئَلَّا يَتَسَلَّطَ الْجُهَّالُ فَيُفْضِي إلَى الْخَرَابِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى؛ إذَنْ الْقَلِيلُ مِنْ الْكَثِيرِ كَثِيرٌ (14) قَوْلُهُ: وَهُوَ مُسَاوٍ لِغَيْرِهِ عِنْدَنَا فِي اللُّقَطَةِ. وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ، وَفِي قَوْلٍ يُعَرِّفُهَا أَبَدًا حَتَّى يَجِيءَ صَاحِبُهَا لِقَوْلِهِ فِي وَصْفِ مَكَّةَ «لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدِهَا» . وَفِي رِوَايَةٍ «لَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدِهَا» . أَيْ لِطَالِبِهَا وَهُوَ الْمَالِكُ وَلَنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا

وَالدِّيَةُ عَلَى الْقَاتِلِ فِيهِ خَطَأٌ 16 - وَلَا حَرَمَ لِلْمَدِينَةِ عِنْدَنَا فَلَا تَثْبُتُ هَذِهِ الْأَحْكَامُ إلَّا اسْتِنَانَ الْغُسْلِ لِدُخُولِهَا؛ وَكَرَاهَةَ الْمُجَاوَرَةِ بِهَا؛ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQسَنَةً» بِلَا فَصْلٍ بَيْنَ لُقَطَةِ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ إلَّا لِمُنْشِدِهَا أَيْ مُعَرِّفِهَا فَإِنَّهُ ذُكِرَ فِي الصِّحَاحِ أَنْشَدْت الضَّالَّةَ أَيْ عَرَّفْتهَا، وَيُقَالُ: أَنْشَدْتهَا أَيْ طَلَبْتهَا فَإِذَنْ لَا حُجَّةَ لَهُ فِي الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ حِلِّ الِالْتِقَاطِ إلَّا لِلتَّعْرِيفِ وَهَذَا حَالُ كُلِّ لُقَطَةٍ وَالتَّخْصِيصُ بِالْحَرَمِ لِبَيَانِ أَنَّ التَّعْرِيفَ لَا يَسْقُطُ فِيهِ لِاعْتِبَارِ أَنَّهَا لِلْغُرَبَاءِ ظَاهِرًا فَنُؤَوِّلُ وَنَقُولُ إنَّ مَالِكَهَا ذَهَبَ ظَاهِرًا فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى التَّعْرِيفِ فَأَزَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا الْوَهْمَ بِقَوْلِهِ إلَّا لِمُنْشِدِهَا أَيْ لِمُعَرِّفِهَا أَيْ لَا يُعَرِّفُ اللُّقَطَةَ إلَّا مَنْ يَعْرِفُهَا رَدًّا لِذَلِكَ الزَّعْمِ وَتَسْوِيَةً بَيْنَ لُقَطَةِ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ فِي إيجَابِ الْإِنْشَادِ وَالتَّعْرِيفِ كَذَا فِي الْمَنْبَعِ. (15) قَوْلُهُ: وَالدِّيَةُ. عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي اللُّقْطَةِ أَيْ وَهُوَ مُسَاوٍ لِغَيْرِهِ عِنْدَنَا فِي الدِّيَةِ عَلَى الْقَاتِلِ خَطَأً مِنْهُ (16) قَوْلُهُ: وَلَا حَرَمَ لِلْمَدِينَةِ عِنْدَنَا. أَقُولُ وَمَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ وَمَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «حَرُمَتْ الْمَدِينَةُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا لَا تُقْطَعُ أَغْصَانُهَا وَلَا يُصَادُ صَيْدُهَا» . كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّهُ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى فَلَا يُقْبَلُ إذْ لَوْ كَانَ صَحِيحًا لَاشْتَهَرَ نَقْلُهُ (انْتَهَى) وَفِيهِ تَأَمُّلٌ

[القول في أحكام المسجد]

الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ هِيَ كَثِيرٌ جِدًّا؛ 1 - وَقَدْ ذَكَرَهَا أَصْحَابُ الْفَتَاوَى فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي بَابٍ عَلَى حِدَةٍ. فَمِنْهَا: تَحْرِيمُ دُخُولِهِ عَلَى الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَلَوْ عَلَى وَجْهِ الْعُبُورِ. 2 - وَإِدْخَالُ نَجَاسَةٍ فِيهِ يُخَافُ مِنْهَا التَّلْوِيثُ. 3 - وَمَنْعُ إدْخَالِ الْمَيِّتِ فِيهِ؛ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَنْعَ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ فِيهِ إلَّا لِعُذْرِ مَطَرٍ وَنَحْوِهِ. وَاخْتَلَفُوا فِي عِلَّتِهِ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ عَلَّلَ بِخَوْفِ التَّلْوِيثِ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْنِ لَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ] قَوْلُهُ: ذَكَرَهَا أَصْحَابُ الْفَتَاوَى فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ. يَعْنِي أَكْثَرَهُمْ وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرَهَا قَاضِي خَانْ فِي آخِرِ كِتَابِ الْوَقْفِ وَصَاحِبُ مُنْيَةِ الْمُفْتِي فِي كِتَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ وَصَاحِبُ الْقُنْيَةِ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ. (2) قَوْلُهُ: وَإِدْخَالُ نَجَاسَةٍ فِيهِ إلَخْ عَطَفَ عَلَى دُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ فَمِنْهَا تَحْرِيمُ دُخُولِهِ عَلَى الْجُنُبِ، وَلِذَا قَالُوا يَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ أَنْ يَتَعَاهَدَ النَّعْلَ وَالْخُفَّ عَنْ النَّجَاسَةِ ثُمَّ يَدْخُلَ فِيهِ احْتِرَازًا عَنْ تَلْوِيثِ الْمَسْجِدِ. (3) قَوْلُهُ: وَمَنْعُ إلَخْ. عَطْفٌ عَلَى تَحْرِيمُ فِي قَوْلِهِ مِنْهَا تَحْرِيمُ دُخُولِهِ، وَالْمُرَادُ الْمَنْعُ عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهَةِ قَالَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ: وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسَاجِدِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ مَبْنِيًّا لِذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَمُصَلَّى الْعِيدِ مَسْجِدٌ وَالْمَدْرَسَةُ لَا (انْتَهَى) . أَقُولُ إنَّمَا يَتِمُّ مَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنْ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ إذَا بَنَى لَهَا إذَا كَانَتْ عِلَّةُ الْكَرَاهَةِ كَوْنَ الْمَسْجِدِ لَمْ يُبْنَ إلَّا لِأَدَاءِ الْمَكْتُوبَاتِ كَمَا سَيَأْتِي أَمَّا إذَا كَانَتْ عِلَّةُ الْكَرَاهَةِ خَوْفَ التَّلْوِيثِ فَلَا. وَقَوْلُهُ وَالْمَدْرَسَةُ لَا، لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ هَذَا إذَا مُنِعَ أَهْلُهَا مِنْ الصَّلَاةِ فِيهَا وَإِلَّا فَهِيَ مَسْجِدٌ.

وَعَلَى الْأَوَّلِ هِيَ تَحْرِيمِيَّةٌ، وَعَلَى الثَّانِي هِيَ تَنْزِيهِيَّةٌ. 5 - وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَلَمْ يُعَلِّلْهُ أَحَدٌ مِنَّا بِنَجَاسَةِ الْمَيِّتِ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى طَهَارَتِهِ بِالْغُسْلِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا. وَمِنْهَا: صِحَّةُ الِاعْتِكَافِ فِيهِ. وَمِنْهَا: حُرْمَةُ إدْخَالِ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ حَيْثُ غَلَبَ تَنْجِيسُهُمْ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ. 6 - وَمِنْهَا مَنْعُ إلْقَاءِ الْقَمْلَةِ بَعْدَ قَتْلِهَا فِيهِ. وَمِنْهَا: تَحْرِيمُ الْبَوْلِ فِيهِ وَلَوْ فِي إنَاءٍ، وَأَمَّا الْقَصْدُ فِيهِ فِي إنَاءٍ فَلَمْ أَرَهُ. 7 - وَيَنْبَغِي أَنْ لَا فَرْقَ. وَمِنْهَا مَنْعُ: أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ. قَالُوا فِي تُرَابِهِ؛ إنْ كَانَ مُجْتَمِعًا جَازَ الْأَخْذُ مِنْهُ وَمَسْحُ الرِّجْلِ عَلَيْهِ. 8 - وَإِلَّا لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ هِيَ تَحْرِيمِيَّةٌ. قِيلَ عَلَيْهِ إنَّ التَّعْلِيلَ بِخَوْفِ التَّلْوِيثِ وَهُوَ أَمْرٌ وَهْمِيٌّ مُحْتَمَلٌ خِلَافُهُ إنَّمَا يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ التَّنْزِيهِيَّةَ وَإِنَّمَا يُعَلَّلُ لِلتَّحْرِيمِ بِأَنَّ النَّهْيَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ. (5) قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ الْأَوَّلُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ. أَقُولُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ بَلْ هُوَ مِنْ نَقَلَةِ الْمَذْهَبِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ حَكَى تَرْجِيحَهُ. (6) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا مَنْعُ إلْقَاءِ الْقَمْلَةِ بَعْدَ قَتْلِهَا فِيهِ. أَقُولُ الْمَنْعُ عَلَى سَبِيلِ التَّنْزِيهِ لَا الْحُرْمَةِ وَلَا كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ الْقَمْلَةَ الْمَقْتُولَةَ لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ فَالْمَنْعُ مِنْ إلْقَائِهَا فِي الْمَسْجِدِ لِاسْتِقْذَارِهَا لَا لِنَجَاسَتِهَا لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ مَيْتَةَ الْقَمْلِ وَالْبُرْغُوثِ وَالْبَقِّ لَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ فَتَأَمَّلْ. (7) قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا فَرْقَ إلَخْ. أَيْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا نَجَسٌ مُغَلَّظٌ. (8) قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَا. أَقُولُ؛ لِأَنَّ الْمُجْتَمَعَ الْمُنْبَسِطَ بِمَنْزِلَةِ أَرْضِ الْمَسْجِدِ فَيُكْرَهُ أَخْذُهُ يَعْنِي عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعْمَالِ أَمَّا إذَا أَخَذَهُ لِلتَّبَرُّكِ فَجَائِزٌ كَمَا قَالُوا فِي تُرَابِ الْكَعْبَةِ هَذَا وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ كَانَ حَيْثُ كَانَتْ الْمَسَاجِدُ لَا تَنْبَسِطُ أَمَّا الْآنَ فَإِزَالَةُ التُّرَابِ وَرَفْعُهُ قُرْبَةٌ

وَمِنْهَا حُرْمَةُ الْبُصَاقِ فِيهِ، 10 - وَإِلْقَاءُ النُّخَامَةِ فَوْقَ الْحَصِيرِ أَخَفُّ مِنْ وَضْعِهَا تَحْتَهُ، فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ دَفَنَهُ 11 - وَتُكْرَهُ الْمَضْمَضَةُ وَالْوُضُوءُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَّةَ مَوْضِعٍ أُعِدَّ لِذَلِكَ لَا يُصَلِّي فِيهِ، 12 - أَوْ فِي إنَاءٍ وَيُكْرَهُ مَسْحُ الرِّجْلِ مِنْ الطِّينِ عَلَى عَمُودِهِ وَالْبُزَاقُ عَلَى حِيطَانِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِنْهَا حُرْمَةُ الْبُصَاقِ. أَقُولُ: الْمُرَادُ مِنْ الْحُرْمَةِ هُنَا كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ لِمَا فِي الْبَدَائِعِ: وَيُكْرَهُ التَّوَضُّؤُ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ طَبْعًا فَيَجِبُ تَنْزِيَةُ الْمَسْجِدِ عَنْهُ كَمَا يَجِبُ تَنْزِيهُهُ عَنْ الْمُخَاطِ وَالْبَلْغَمِ. (10) قَوْلُهُ: وَإِلْقَاءُ النُّخَامَةُ فَوْقَ الْحَصِيرِ أَخَفُّ إلَخْ. أَقُولُ: لِأَنَّ مَا تَحْتَ الْحَصِيرِ جُزْءٌ مِنْ الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ الْحَصِيرِ هَكَذَا ظَهَرَ لِي ثُمَّ رَأَيْت فِي الْخُلَاصَةِ عِلَلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْبَوَارِيَ لَيْسَتْ مِنْ الْمَسْجِدِ حَقِيقَةً لَكِنْ لَهَا حُكْمُ الْمَسْجِدِ وَتَحْتَ الْبَوَارِي مَسْجِدٌ حَقِيقَةً. (11) قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ الْمَضْمَضَةُ وَالْوُضُوءُ فِيهِ. أَقُولُ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ: وَاخْتُلِفَ فِي الْوُضُوءِ فِي الْمَسْجِدِ كَرِهَهُ الْإِمَامُ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَوْضِعٌ مُعَدٌّ لِذَلِكَ وَلَمْ يَكْرَهْهُ مُحَمَّدٌ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ: لَوْ تَوَضَّأَ الْمُعْتَكِفُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي وُضُوئِهِ إزَالَةُ قَذَرٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَكَذَا لَوْ غَسَلَ رَأْسَهُ فِي إنَاءٍ. (12) قَوْلُهُ: أَوْ فِي إنَاءٍ أَيْ: إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّوَضُّؤُ فِي إنَاءٍ فَلَا يُكْرَهُ أَقُولُ هَذَا الْحُكْمُ وَإِنْ كَانَ فِي الْخَانِيَّةِ لَكِنْ لَيْسَ عَلَى الْعُمُومِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ بَلْ فِي الْمُعْتَكِفِ فَقَطْ بِشَرْطِ عَدَمِ تَلْوِيثِ الْمَسْجِدِ أَيْضًا، قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَإِنْ غَسَلَ الْمُعْتَكِفُ رَأْسَهُ فِي الْمَسْجِدِ لَا بَأْسَ إذَا لَمْ يُلَوِّثْ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُلَوِّثُ الْمَسْجِدَ يُمْنَعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ تَنْظِيفَ الْمَسْجِدِ وَاجِبٌ وَلَوْ تَوَضَّأَ فِي الْمَسْجِدِ فِي إنَاءٍ فَهُوَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ (انْتَهَى) . بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعْتَكِفِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ التَّوَضُّؤُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ فِي إنَاءٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ اُتُّخِذَ لِذَلِكَ لَا يُصَلَّى فِيهِ. ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الِاعْتِكَافِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَوْ مَوْضِعٌ اُتُّخِذَ لِذَلِكَ لَا يُصَلِّي فِيهِ. ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الِاعْتِكَافِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَوْ تَرَكَ

وَلَا يُحْفَرُ فِيهِ بِئْرُ مَاءٍ. 14 - وَتُتْرَكُ الْقَدِيمَةُ. وَيُكْرَهُ غَرْسُ الْأَشْجَارِ فِيهِ إلَّا لِمَنْفَعَةٍ لِيَقِلَّ النَّزُّ. 15 - وَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ طَرِيقٍ فِيهِ لِلْمَرِّ إلَّا لِعُذْرٍ 16 - وَتُكْرَهُ الصِّنَاعَةُ فِيهِ مِنْ خِيَاطَةٍ وَكِتَابَةٍ بِأَجْرٍ وَتَعْلِيمِ صِبْيَانٍ بِأَجْرٍ لَا بِغَيْرِهِ. 17 - إلَّا لِحِفْظِ الْمَسْجِدِ فِي رِوَايَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفُ حَرْفَ الْجَرِّ لَكَانَ أَنْسَبَ لِمَا سَبَقَ. (13) قَوْلُهُ: وَلَا يُحْفَرُ فِيهِ بِئْرُ مَاءٍ. أَقُولُ: لِمَا فِيهِ مِنْ إذْهَابِ حُرْمَتِهِ، ثُمَّ الْحَافِرُ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِحَفْرِهِ وَلَوْ بِإِذْنِ أَهْلِهِ كَمَا فِي مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ. (14) قَوْلُهُ: وَتُتْرَكُ الْقَدِيمَةُ. أَقُولُ: كَبِئْرِ زَمْزَمَ. (15) قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ طَرِيقٍ فِيهِ لِلْمُرُورِ. يَعْنِي أَنْ يَكُونَ لَهُ بَابَانِ فَأَكْثَرُ فَيَدْخُلُ مِنْ هَذَا وَيَخْرُجُ مِنْ هَذَا وَعَدَمُ الْجَوَازِ صَادِقٌ بِالْحَرَامِ وَبِالْكَرَاهَةِ تَحْرِيمًا وَقَدْ صَرَّحَ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي بِالْكَرَاهَةِ حَيْثُ قَالَ: لَا يَمُرُّ فِي الْمَسْجِدِ وَيَتَّخِذُهُ طَرِيقًا فَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ لَمْ يُكْرَهْ (انْتَهَى) . وَفِي الْقُنْيَةِ مُعْتَادُ ذَلِكَ يَأْثَمُ وَيَفْسُقُ (انْتَهَى) . (16) قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ الصِّنَاعَةُ فِيهِ مِنْ خِيَاطَةٍ وَكِتَابَةٍ بِأَجْرٍ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ يُخَالِفُ ذَلِكَ مَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَنَصُّ عِبَارَتِهِ: وَلَا يُكْرَهُ كِتَابَةُ الْعِلْمِ وَالْقُرْآنِ فِي الْمَسْجِدِ بِأُجْرَةٍ (انْتَهَى) . أَقُولُ: الَّذِي فِي نُسْخَتِي مِنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي يُكْرَهُ كِتَابَةُ الْعِلْمِ وَالْقُرْآنِ كَالْكَاتِبِ فِي الْمَسْجِدِ بِأُجْرَةٍ (انْتَهَى) . فَلَعَلَّ لَا زَائِدَةٌ فِي نُسْخَتِهِ مِنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَفِي الْفَتْحِ: مُعَلِّمُ الصِّبْيَانِ الْقُرْآنَ كَالْكَاتِبِ إنْ بِأَجْرٍ لَا يَجُوزُ وَحِسْبَةٌ لَا بَأْسَ بِهِ (انْتَهَى) . وَفِي شَرْح الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ: وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيمُ الصِّبْيَانِ الْقُرْآنَ فِي الْمَسْجِدِ لِلْمَرْوِيِّ «جَنِّبُوا مَجَانِينَكُمْ وَصِبْيَانَكُمْ مَسَاجِدَكُمْ» انْتَهَى وَهُوَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ سَوَاءٌ كَانَ بِأَجْرٍ أَوْ لَا. (17) قَوْلُهُ: إلَّا لِحِفْظِ الْمَسْجِدِ أَيْ: إلَّا إذَا كَانَتْ الصِّنَاعَةُ فِيهِ لِأَجْلِ حِفْظِ الْمَسْجِدِ لَا لِلتَّكَسُّبِ فَإِنَّ الْأُمُورَ بِمَقَاصِدِهَا

وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ فِيهِ لِلْمُصِيبَةِ 19 - وَتُسْتَحَبُّ التَّحِيَّةُ لِدَاخِلِهِ. 20 - فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَتَكَرَّرُ دُخُولُهُ كَفَتْهُ رَكْعَتَانِ كُلَّ يَوْمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ فِيهِ لِلْمُصِيبَةِ. فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِلْمُصِيبَةِ يُكْرَهُ وَفِي غَيْرِهِ جَاءَتْ الرُّخْصَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالْأَحْسَنُ تَرْكُهُ. (19) قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ التَّحِيَّةُ لِدَاخِلِهِ. يَعْنِي قَبْلَ قُعُودِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسُ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَإِذَا جَلَسَ قَبْلَ صَلَاتِهَا تَسْقُطُ؛ لِأَنَّهَا لِتَعْظِيمِ الْمَسْجِدِ وَحُرْمَتِهِ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: «دَخَلْت الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ إنَّ لِلْمَسْجِدِ تَحِيَّةً وَإِنَّ تَحِيَّتَهُ رَكْعَتَانِ فَقُمْ فَارْكَعْهُمَا فَقُمْت فَرَكَعْتهمَا.» وَهَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي عَدَمَ سُقُوطِهَا بِالْجُلُوسِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ الصَّحِيحِ لَكِنَّهُ قَوْلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ. قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي صَلَاةِ التَّحِيَّةِ أَنْ يَجْلِسَ ثُمَّ يَقُومَ وَيُصَلِّيَ أَوْ يُصَلِّيَ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ قَالُوا يُصَلِّي كُلَّمَا يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَهُوَ الصَّحِيحُ (انْتَهَى) . وَقَوْلُهُمْ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ أَيْ: تَحِيَّةُ رَبِّهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا إلَى الْمَسْجِدِ وَهُوَ سُنَّةٌ إجْمَاعًا وَإِنَّمَا أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا الِاسْتِحْبَابَ لِاشْتِمَالِ السُّنَّةِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَأَصْحَابُنَا يَكْرَهُونَهَا فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ تَقْدِيمًا لِعُمُومِ الْحَاضِرِ عَلَى الْمُبِيحِ. وَفِي الْكِفَايَةِ: إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ إلَى الْمِنْبَرِ تُكْرَهُ صَلَاةُ التَّطَوُّعِ فَإِنْ شَرَعَ فِيهَا قَطَعَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ وَلَوْ صَلَّى رَكْعَةً ضَمَّ أُخْرَى وَسَلَّمَ. وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: الْمُصَلِّي إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَا يُصَلِّي تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ إذَا كَانُوا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ؛ لِأَنَّ اسْتِمَاعَ الْقُرْآنِ فَرْضٌ وَتَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ سُنَّةٌ، وَالْإِتْيَانُ بِالْفَرْضِ أَوْلَى (انْتَهَى) . وَفِي الْقُنْيَةِ. وَلَا يَجُوزُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَفِي مَنَاقِبِ الْإِمَامِ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا أَحْسَنُ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَدُخُولُ الْمَسْجِدِ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ أَوْ الِاقْتِدَاءِ يَنُوبُ عَنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إذَا دَخَلَهُ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ. (20) قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَتَكَرَّرُ دُخُولُهُ كَفَتْهُ رَكْعَتَانِ كُلَّ يَوْمٍ. أَقُولُ عَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِالْحَرَجِ وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ مَا سَلَفَ عَنْ الصَّحِيحَيْنِ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ سِيَّمَا وَمَزِيدُ

وَيُسْتَحَبُّ عَقْدُ النِّكَاحِ فِيهِ 22 - وَجُلُوسُ الْقَاضِي فِيهِ، وَيَحْرُمُ الْوَطْءُ فِيهِ وَفَوْقَهُ كَالتَّخَلِّي وَيُكْرَهُ دُخُولُهُ 23 - لِمَنْ أَكَلَ ذَا رِيحٍ كَرِيهَةٍ وَيُمْنَعُ مِنْهُ وَكَذَا كُلُّ مُؤْذٍ فِيهِ وَلَوْ بِلِسَانِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقُرْبِ يَحْصُلُ بِمَا يُوجِبُ التَّقَرُّبَ اللَّهُمَّ لَا أَنْ يَخْتَصَّ عَدَمُ التَّكْرَارِ بِشَيْءٍ مِنْ الْآثَارِ. وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ: فَإِنْ قِيلَ هَلْ تُسَنُّ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ كُلَّمَا دَخَلَهُ أَمْ لَا؟ قِيلَ فِيهِ خِلَافٌ قَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَبَرٌ بِتَحِيَّةِ الْإِنْسَانِ فَإِنَّهُ يُحَيِّهِ كُلَّمَا لَقِيَهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَهَذَا إذَا كَانَ نَائِيًا، أَمَّا إذَا كَانَ جَارَ الْمَسْجِدِ لَا يُصَلِّيهَا كَمَا لَا يَحْسُنُ لِأَهْلِ مَكَّةَ طَوَافُ الْقُدُومِ (انْتَهَى) . وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ مَسْجِدَيْنِ مُتَلَاصِقَيْنِ دَخَلَ أَحَدَهُمَا وَصَلَّى فِيهِ ثُمَّ دَخَلَ الْآخَرَ فَهَلْ يُطْلَبُ لَهُ تَحِيَّتُهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُمَا فِي حُكْمِ مَسْجِدٍ وَاحِدٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُطْلَبُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَسْجِدٌ آخَرُ حَقِيقَةً. قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ عَقْدُ النِّكَاحِ فِيهِ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَعِبَارَتُهُ عَقْدُ النِّكَاحِ فِي الْمَسْجِدِ لَا يُكْرَهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ. (22) قَوْلُهُ: وَجُلُوسُ الْقَاضِي فِيهِ. عَطْفٌ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ أَيْ: يُسْتَحَبُّ جُلُوسُ الْقَاضِي فِيهِ أَقُولُ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ نَقْلًا عَنْ أَدَبِ الْقَاضِي: لَا بَأْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَجْلِسَ فِي الْمَسْجِدِ لِلْقَضَاءِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُكْرَهُ، وَقَالَ مَالِكٌ إنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَقَدَّمَ إلَيْهِ الْخَصْمَانِ لَا بَأْسَ بِفَصْلِ الْخُصُومَةِ وَإِنْ تَعَمَّدَ الذَّهَابَ إلَيْهِ فِي الْفَصْلِ يُكْرَهُ. لَنَا الْحَدِيثُ «بُنِيَتْ الْمَسَاجِدُ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى» . وَالْحُكْمُ سَوَّى بَيْنَهُمَا وَفِي صَلَاةِ الْجَلَّابِيِّ كَرِهَ أَصْحَابُنَا الْقَضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا بَأْسَ بِهِ وَفِي التَّفَارِيقِ عَنْ مُحَمَّدٍ يُكْرَهُ الْقَضَاءُ فِي الْمَسْجِدِ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَرَوَى الْحَسَنُ الْأَفْضَلُ فِي الْجَامِعِ (انْتَهَى) . (23) قَوْلُهُ: لِمَنْ أَكَلَ ذَا رِيحٍ كَرِيهَةٍ. الرِّيحُ مُؤَنَّثَةٌ كَمَا فِي مَنْظُومَةِ الْمُؤَنَّثَاتِ السَّمَاعِيَّةِ لِابْنِ الْحَاجِبِ. وَفِي الْقَامُوسِ: الرِّيحُ الشَّيْءُ الطَّيِّبُ الرَّائِحَةِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ وَالرَّائِحَةُ النَّسِيمُ طَيِّبًا أَوْ نَتِنًا (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ هُنَا أَنْ يُقَالَ لِمَنْ أَكَلَ ذَا رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ وَذُو الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ كَالثُّومِ وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ".

وَمِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَكُلُّ عَقْدٍ لِغَيْرِ الْمُعْتَكِفِ، وَيَجُوزُ لَهُ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ إنْ لَمْ يُحْضِرْ السِّلْعَةَ. 25 - وَإِنْشَادُ الضَّالَّةِ 26 - وَالْأَشْعَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ «مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا» . وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ «أَوْ فُجْلًا لِيَعْتَزِلَنَّ مِنْ مَسْجِدِنَا فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» . وَذَكَرَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الطِّبِّ النَّبَوِيِّ أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ أَوَّلِ أَكْلِ الْفُجْلِ لَمْ يَجِدْ لَهُ رِيحًا خَبِيثًا قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إلَّا بَخْرٌ وَمَنْ بِهِ صُنَانٌ مُسْتَحْكَمٌ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ أَكَلَ الثُّومَ وَالْبَصَلَ وَأَوْلَى وَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا وُجِدَ مِنْهُ رِيحُ الثُّومِ يُؤْخَذُ بِيَدِهِ وَيُخْرَجُ إلَى الْبَقِيعِ وَلِلْغَيْرِ مَنْعُهُ مِنْ الْوُقُوفِ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ وَيُمْنَعُ الْمَجْذُومُ وَالْأَبْرَصُ مِنْ السِّقَايَاتِ الْمُسْبَلَةِ لِلشُّرْبِ فِي الْمَسَاجِدِ وَغَيْرِهَا لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَحُكْمُ مَنْ رَائِحَةُ ثِيَابِهِ كَرِيهَةٌ كَثِيَابِ الزَّيَّاتِينَ وَالدَّبَّاغِينَ وَنَحْوِهِمْ حُكْمُ أَكْلِ الثُّومِ، وَعَنْ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّ الزَّيَّاتِينَ يَتَأَخَّرُونَ وَلَا يَتَقَدَّمُونَ إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ بَلْ يَقْعُدُونَ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ كَذَا أَفَادَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَقَوَاعِدُ مَذْهَبِنَا لَا تَأْبَى شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ. (24) قَوْلُهُ: وَمِنْ الْبَيْعِ. عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ وَيُمْنَعُ مِنْهُ وَلِذَا أَعَادَ الْجَارُ. (25) قَوْلُهُ: وَإِنْشَادُ الضَّالَّةِ. إنْشَادُهَا: تَعْرِيفُهَا وَالِاسْتِرْشَادُ عَنْهَا ضِدٌّ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَالْمُرَادُ هُنَا بِقَوْلِ مَنْ سَمِعَ بَيَّنَ لِهَذَا وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ وَيُمْنَعُ مِنْهُ وَكَانَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْجَارِ. قَوْلُهُ: وَالْأَشْعَارُ أَيْ: وَإِنْشَادُ الْأَشْعَارِ عَلَى طَرِيقِ إيجَازِ الْحَذْفِ لَا الِانْسِحَابِ بِطَرِيقِ الْعَطْفِ لِئَلَّا يَلْزَمَ اسْتِعْمَالُ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ فِي الْإِثْبَاتِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ إذْ مَعْنَى إنْشَادِ الْأَشْعَارِ رَفْعُ الصَّوْتِ بِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ الْمَنْعُ مِنْ إنْشَادِ الشَّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ بِمَا فِيهِ شَيْءٌ مَذْمُومٌ كَهَجْوِ الْمُسْلِمِ وَصِفَةِ الْخَمْرِ وَذِكْرِ النِّسَاءِ وَالْمُرْدَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَذْمُومٌ شَرْعًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى مَدْحِ النُّبُوَّةِ وَالْإِسْلَامِ أَوْ كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى حِكْمَةٍ أَوْ بَاعِثًا عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَالزُّهْدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ فَلَا بَأْسَ بِإِنْشَادِهِ فِي الْمَسْجِدِ.

وَالْأَكْلُ وَالنَّوْمُ لِغَيْرِ غَرِيبٍ وَمُعْتَكِفٍ 28 - وَالْكَلَامُ الْمُبَاحُ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: أَنَّهُ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ، كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ 29 - وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ إلَّا لِلْمُتَفَقِّهَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْأَكْلُ وَالنَّوْمُ لِغَيْرِ غَرِيبٍ وَمُعْتَكِفٍ. فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي يُكْرَهُ النَّوْمُ وَالْأَكْلُ فِيهِ لِغَيْرِ مُعْتَكِفٍ وَإِذَا أَرَادَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ الِاعْتِكَافَ فَيَدْخُلَ وَيَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى مَا نَوَى أَوْ يُصَلِّيَ ثُمَّ يَفْعَلَ مَا شَاءَ قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ الْمُبَاحُ أَيْ: يُمْنَعُ مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ. أَقُولُ مَحَلُّهُ أَنْ نَجْلِسَ لَهُ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَمَّا أَنْ تَحْدُثَ بَعْدَ صَلَاتِهِ فَلَا يُكْرَهُ (انْتَهَى) . قَالَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِنْ كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ: الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْحَدِيثِ لَا يُبَاحُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ مَا بُنِيَتْ لِأُمُورِ الدُّنْيَا. وَفِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ الْمُبَاحَ مِنْ حَدِيثِ الدُّنْيَا حَرَامٌ فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَا يُتَكَلَّمُ فِي الْمَسَاجِدِ بِكَلَامِ الدُّنْيَا فَمَنْ تَكَلَّمَ فِي الْمَسَاجِدِ بِكَلَامِ الدُّنْيَا أَحْبَطَ اللَّهُ عَنْهُ عَمَلَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ يُكْرَهُ الْقُعُودُ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا لِلْعِبَادَةِ مَا دُونَ فِيهِ شَرْعًا أَلَا تَرَى أَنَّ أَهْلَ الصُّفَّةِ كَانُوا يُلَازِمُونَ الْمَسْجِدَ وَكَانُوا يَنَامُونَ فِيهِ وَيَتَحَدَّثُونَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ مَأْثَمٌ؟ وَفِي صَلَاةِ الْجَلَّابِيِّ الْكَلَامُ الْمُبَاحُ مِنْ حَدِيثِ الدُّنْيَا يَجُوزُ فِي الْمَسَاجِدِ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَشْتَغِلَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَنْ خَلْفٍ جَاءَهُ غُلَامُهُ فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَكَلَّمَهُ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَا تَكَلَّمْتُ فِي الْمَسْجِدِ بِكَلَامِ الدُّنْيَا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا سَنَةٍ. قَوْلُهُ: وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ إلَخْ. أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنْ يُقْرَأَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ وَيَمْنَعُ مِنْهُ وَالتَّقْدِيرُ وَيُمْنَعُ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ صَادِقٌ بِالْمَنْعِ لِلتَّحْرِيمِ وَالْمَنْعِ لِلْكَرَاهَةِ وَقَدْ اضْطَرَبَ كَلَامُ الْبَزَّازِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْجَهْرُ بِالذِّكْرِ حَرَامٌ وَقَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ سَمِعَ قَوْمًا اجْتَمَعُوا فِي مَسْجِدٍ يُهَلِّلُونَ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - جَهْرًا فَرَاحَ إلَيْهِمْ وَقَالَ مَا عَهِدْنَا ذَلِكَ عَلَى عَهْدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمَا أَرَاكُمْ إلَّا مُبْتَدِعِينَ فَمَا زَالَ يَذْكُرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ حَتَّى أَخْرَجَهُمْ مِنْ الْمَسْجِدِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قُلْت الْمَذْكُورُ فِي الْفَتَاوَى إنَّ الْجَهْرَ بِالذِّكْرِ لَوْ فِي الْمَسْجِدِ لَا يُمْنَعُ احْتِرَازًا عَنْ الدُّخُولِ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [البقرة: 114] وَصَنِيعُ ابْنِ مَسْعُودٍ يُخَالِفُ قَوْلَكُمْ. قُلْت الْإِخْرَاجُ عَنْ الْمَسْجِدِ لَوْ نُسِبَ إلَيْهِ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِاعْتِقَادِهِمْ الْعِبَادَةَ فِيهِ وَتَعْلِيمَ النَّاسِ بِأَنَّهُ بِدْعَةٌ وَالْفِعْلُ الْجَائِزُ يَكُونُ غَيْرَ جَائِزٍ لِغَرَضٍ يَلْحَقُهُ فَكَذَا غَيْرُ الْجَائِزِ يَجُوزُ أَنْ يَجُوزَ لِغَرَضٍ كَمَا تَرَكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَفْضَلَ تَعْلِيمًا لِلْجَوَازِ وَمَا رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ لِرَافِعِي أَصْوَاتِهِمْ بِالتَّكْبِيرِ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ لَنْ تَدْعُوا أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا إنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا إنَّهُ مَعَكُمْ» الْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الرَّفْعِ مَصْلَحَةٌ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ فِي غَزَاةٍ وَعَدَمُ رَفْعِ الصَّوْتِ نَحْوَ بِلَادِ الْعَدُوِّ خُدْعَةٌ وَلِهَذَا نَهَى عَنْ الْجَرَسِ فِي الْمَغَازِي. وَأَمَّا رَفْعُ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ فَجَائِزٌ كَمَا فِي الْآذَانِ وَالْخُطْبَةِ وَالْحَجِّ، وَالِاخْتِلَافُ فِي عَدَدِ تَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَهْرَ بِدْعَةٌ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كَوْنَهُ سُنَّةً زَائِدَةً عَلَى أَصْلِ الْفِعْلِ فَيُتِمُّ صَلَاةً، كَمَا اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ سُنَّةَ الْأَرْبَعِ مِنْ الظُّهْرِ بِتَسْلِيمَةٍ أَوْلَى أَمْ بِتَسْلِيمَتَيْنِ؟ وَذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بِتَسْلِيمَتَيْنِ تَكُونُ بِدْعَةً أَوْ حَرَامًا. وَفِي تَفْسِيرِ الثَّعَالِبِيِّ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ أَيْ: بِالْجَهْرِ بِالدُّعَاءِ مِنْ الِاعْتِدَاءِ فَيَدُلُّ عَلَى كَرَاهِيَتِهِ وَفِي أَجْوِبَةِ الْإِمَامِ الزَّاهِدِ الْخُوَارِزْمِيِّ أَنَّهُ بِدْعَةٌ لَا تُجِيزُ وَلَا تَمْنَعُ ثُمَّ قَالَ: جَوَّزَهُ مُحِبُّ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ تَعَالَى كَثِيرًا (انْتَهَى) . وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الشَّعْرَانِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِبَيَانِ ذِكْرِ الذَّاكِرِ لِلْمَذْكُورِ وَالشَّاكِرِ لِلْمَشْكُورِ مَا نَصُّهُ: وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ سَلَفًا وَخَلَفًا عَلَى اسْتِحْبَابِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى جَمَاعَةً فِي الْمَسَاجِدِ وَغَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ إلَّا أَنْ يُشَوِّشَ جَهْرُهُمْ بِالذِّكْرِ عَلَى نَائِمٍ أَوْ مُصَلٍّ أَوْ قَارِئٍ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ، وَقَدْ شَبَّهَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ ذِكْرَ الْإِنْسَانِ وَحْدَهُ وَذِكْرَ الْجَمَاعَةِ بِأَذَانِ الْمُنْفَرِدِ وَأَذَانِ الْجَمَاعَةِ قَالَ: فَكَمَا أَنَّ أَصْوَاتَ الْمُؤَذِّنِينَ جَمَاعَةً تَقْطَعُ جُرْمَ الْهَوَى أَكْثَرَ مِنْ صَوْتِ مُؤَذِّنٍ وَاحِدٍ كَذَلِكَ ذِكْرُ الْجَمَاعَةِ عَلَى قَلْبٍ وَاحِدٍ أَكْثَرُ تَأْثِيرًا فِي رَفْعِ الْحُجُبِ الْكَثِيفَةِ مِنْ ذِكْرِ شَخْصٍ وَاحِدٍ.

وَاخَرَاجُ الرِّيحِ فِيهِ مِنْ الدُّبُرِ 31 - وَالْخُصُومَةُ 32 - وَيُسَنُّ كَنْسُهُ وَتَنْظِيفُهُ وَتَطْيِيبُهُ 33 - وَفُرُشُهُ وَإِيقَادُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِخْرَاجُ الرِّيحِ فِيهِ مِنْ الدُّبُرِ. أَيْ: يُكْرَهُ. أَقُولُ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ فِي كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الَّذِي يَفْسُو فِي الْمَسْجِدِ فَلَمْ يَرَهُ بَعْضُهُمْ بَأْسًا وَبَعْضُهُمْ لَا يَفْسُو بَلْ يَخْرُجُ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ انْتَهَى. وَالْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى بِمَا يَتَأَذَّى بِهِ بَنُو آدَمَ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ. (31) قَوْلُهُ: الْخُصُومَةُ أَيْ: وَيُمْنَعُ مِنْ الْخُصُومَةِ فِيهِ. (32) قَوْلُهُ: وَيَسُنُّ كَنْسُهُ إلَخْ. وَكَذَا إزَالَةُ مَا فِيهِ مِنْ نُخَامَةٍ وَنَحْوِهَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اتَّخِذُوا الْمَسَاجِدَ فِي الْمَحَالِّ وَنَظِّفُوهَا وَطَيِّبُوهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ وَعَنْ الْحَسَنِ «أَنَّ مُهُورَ الْحُورِ الْعِينِ إخْرَاجُ الْقُمَامَةِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَكَنْسُهَا وَعِمَارَتُهَا» وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ وَصَلَّى فِيهِ ثُمَّ قَالَ يَا بَرْقَاءُ ائْتِنِي بِجَرِيدَةٍ فَأَتَاهُ بِهَا فَاحْتَجَرَ عُمَرُ بِثَوْبِهِ فَكَنَسَهُ (33) قَوْلُهُ: وَفُرُشُهُ وَإِيقَادُهُ. أَيْ: وَقْتَ الصَّلَاةِ بِقَدْرِ مَا يَدْفَعُ الظُّلْمَةَ وَمِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ مَا يُفْعَلُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْبُلْدَانِ مِنْ إيقَادِ الْقَنَادِيلِ الْكَثِيرَةِ فِي لَيَالِي مَعْرُوفَةٍ فِي السُّنَّةِ كَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ خُصُوصًا بَيْتُ الْمَقْدِسِ فَيَحْصُلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَفَاسِدُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا مُضَاهَاةُ الْمَجُوسِ فِي الِاعْتِبَارِ بِالنَّارِ وَالْإِكْثَارِ مِنْهَا، وَمِنْهَا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ مِنْ اجْتِمَاعِ الصِّبْيَانِ وَأَهْلِ الْبَطَالَةِ وَلَعْبِهِمْ وَرَفْعِ أَصْوَاتِهِمْ وَامْتِهَانِهِمْ بِالْمَسَاجِدِ وَانْتِهَاكِ حُرْمَتِهَا وَحُصُولِ أَوْسَاخٍ فِيهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْمَفَاسِدِ الَّتِي يَجِبُ صِيَانَةُ الْمَسَاجِدِ عَنْهَا وَمِنْ الْمَفَاسِدِ مَا يُجْعَلُ فِي الْجَوَامِعِ مِنْ إيقَادِ الْقَنَادِيلِ وَتَرْكِهَا إلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَتَرْتَفِعَ وَهُوَ مِنْ فِعْلِ الْيَهُودِ فِي كَنَائِسِهِمْ وَأَكْثَرُ مَا يُفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْعِيدِ وَهُوَ حَرَامٌ وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ وُقُودُ الشُّمُوعِ الْكَثِيرَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا بِمَقَامِ سَيِّدِي أَحْمَدَ الْبَدَوِيِّ نَفَعَنَا اللَّهُ بِبَرَكَاتِهِ وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ وُقُودُ الشُّمُوعِ الْكَثِيرَةِ لَيْلَةَ عَرَفَةَ. وَفِي مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ: وَلِأَهْلِ الْمَسْجِدِ أَنْ

وَتَقْدِيمُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى عِنْدَ دُخُولِهِ وَعَكْسُهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ، وَمَنْ اعْتَادَ الْمُرُورَ فِيهِ يَأْثَمُ وَيَفْسُقُ، وَيُكْرَهُ تَخْصِيصُ مَكَان فِيهِ لِصَلَاتِهِ، 35 - وَلَا يَتَعَيَّنُ بِالْمُلَازَمَةِ فَلَا يُزْعِجُ غَيْرَهُ لَوْ سَبَقَهُ إلَيْهِ، وَلِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ جَعْلُ الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ مَسْجِدَيْنِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ طَائِفَةٍ مُؤَذِّنٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَفْرِشُوا الْمَسْجِدَ بِالْآجُرِّ وَالْحَصِيرِ وَيُعَلِّقُوا الْقَنَادِيلَ لَكِنْ مِنْ مَالِ أَنْفُسِهِمْ لَا مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ إلَّا بِأَمْرِ الْحَاكِمِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يُعَيِّنْ الْوَاقِفُ شَيْئًا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِذَلِكَ. (34) قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى عِنْدَ دُخُولِهِ إلَخْ. يَعْنِي كَمَا يَفْعَلُ دَاخِلُ الْحَرَمِ وَالْكَعْبَةِ وَسَائِرِ الْأَمَاكِنِ الشَّرِيفَةِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطَهُورِهِ وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْلَعَ نَعْلَيْهِ فَلْيَخْلَعْ الْيُسْرَى قَبْلَ الْيُمْنَى. قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَإِذَا خَلَعَ الْإِنْسَانُ نَعْلَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى قَبْلَ الْيُمْنَى لَمْ يُدْخِلْهَا الْمَسْجِدَ أَوَّلًا بَلْ يَدَعْهَا مَخْلُوعَةً عَلَى النَّعْلِ ثُمَّ يَخْلَعْ الْيُمْنَى وَيُدْخِلْهَا الْمَسْجِدَ ثُمَّ يُدْخِلْ الْيُسْرَى. (35) قَوْلُهُ: وَلَا يَتَعَيَّنُ بِالْمُلَازَمَةِ إلَخْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ مُعَلِّلًا لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ لَيْسَ مِلْكًا لِأَحَدٍ وَعَزَاهُ إلَى النِّهَايَةِ ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ جَهْلُ بَعْضِ مُدَرِّسِي زَمَانِنَا مِنْ مَنْعِهِمْ مَنْ يَدْرُسُ فِي مَسْجِدٍ تَقَرَّرَ فِي تَدْرِيسِهِ أَوْ كَرَاهَتِهِمْ لِذَلِكَ زَاعِمِينَ الِاخْتِصَاصَ بِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ وَهَذَا جَهْلٌ عَظِيمٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ كَبِيرَةً قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18] فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مُطْلَقًا أَنْ يَمْنَعَ مُؤْمِنًا مِنْ عِبَادَةٍ يَأْتِي بِهَا فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مَا بُنِيَ إلَّا لَهَا مِنْ صَلَاةٍ أَوْ اعْتِكَافٍ وَذِكْرٍ شَرْعِيٍّ وَتَعْلِيمِ عِلْمٍ أَوْ تَعَلُّمِهِ وَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ، وَلَا يَتَعَيَّنُ مَكَانٌ مَخْصُوصٌ لِأَحَدٍ حَتَّى لَوْ كَانَ لِلْمُدَرِّسِ مَوْضِعٌ مِنْ الْمَسْجِدِ يُدَرِّسُ فِيهِ فَسَبَقَهُ غَيْرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إزْعَاجُهُ وَإِقَامَتُهُ مِنْهُ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الزَّاهِدِيُّ فِي الْقُنْيَةِ مَعْزِيًّا إلَى فَتَاوَى الْعَصْرِ: لَهُ فِي الْمَسْجِدِ مَوْضِعٌ مُعَيَّنٌ

[خاتمة أعظم المساجد حرمة]

وَلَهُمْ جَعْلُ الْمَسْجِدَيْنِ وَاحِدًا 37 - وَلَا تَجُوزُ إعَارَةُ أَدَوَاتِهِ لِمَسْجِدٍ آخَرَ وَلَا يَشْغَلُ الْمَسْجِدَ بِالْمَتَاعِ 38 - إلَّا لِلْخَوْفِ فِي الْفِتْنَةِ الْعَامَّةِ خَاتِمَةٌ: أَعْظَمُ الْمَسَاجِدِ حُرْمَةً الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ. 39 - ثُمَّ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ ثُمَّ مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. 40 - ثُمَّ الْجَوَامِعُ ثُمَّ مَسَاجِدُ الْمَحَالِّ ثُمَّ مَسَاجِدُ الشَّوَارِعِ ثُمَّ مَسَاجِدُ الْبُيُوتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُوَاظِبُ عَلَيْهِ وَقَدْ شَغَلَهُ غَيْرُهُ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَهُ أَنْ يُزْعِجَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَنَا. (36) قَوْلُهُ: وَلَهُمْ جَعْلُ الْمَسْجِدَيْنِ وَاحِدًا. فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي مَسْجِدٌ ضَاقَ عَلَى النَّاسِ وَبِجَنْبِهِ أَرْضُ رَجُلٍ تُؤْخَذُ أَرْضُهُ بِالْقِيمَةِ كَرْهًا. (37) قَوْلُهُ: وَلَا تَجُوزُ إعَارَةُ أَدَوَاتِهِ لِمَسْجِدٍ آخَرَ. أَقُولُ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ وَلَوْ اتَّخَذَ الْوَاقِفُ فَلْيَنْظُرْ صَرِيحَ النَّقْلِ فِي ذَلِكَ. (38) قَوْلُهُ: إلَّا لِلْخَوْفِ فِي الْفِتْنَةِ الْعَامَّةِ. أَقُولُ: أَوْ الْحَرِيقِ الْعَامِّ كَمَا فِي دِيَارِ الرُّومِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْأَحْكَامِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَصَدَّقَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ لَكِنَّهُ يَتَصَدَّقُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ يَدَعُهُ 1 - ، وَبَقِيَ مِنْ الْأَحْكَامِ أَنَّهُ يُكْرَهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ مُنْتَعِلًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} [طه: 12] كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي. [خَاتِمَةٌ أَعْظَمُ الْمَسَاجِدِ حُرْمَةً] (39) قَوْلُهُ: ثُمَّ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ. أَقُولُ ذَكَرَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ أَنَّ هَذِهِ الْفَضِيلَةَ مُخْتَصَّةٌ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي كَانَ فِي زَمَانِهِ دُونَ مَا زِيدَ فِيهِ بَعْدَهُ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ كَذَا قِيلَ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ فِنَاءَهُ فِي حُكْمِهِ فِي الْفَضِيلَةِ تَشْرِيفًا لَهُ وَالزِّيَادَةُ مِنْ الْفِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يُجْعَلَ مِنْهُ. (40) قَوْلُهُ: ثُمَّ الْجَوَامِعُ. أَقُولُ: قَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْ الْفَنِّ الثَّانِي أَنَّ مَسْجِدَ الْمَحَلَّةِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَامِعِ وَذَكَرَ فِي الْغَايَةِ بَعْدَ مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ مَسْجِدَ قُبَاءَ ثُمَّ الْأَقْدَمُ فَالْأَقْدَمُ ثُمَّ الْأَعْظَمُ، وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ أَحْمَدُ بْنُ الْعِمَادِ فِي كِتَابِهِ تَسْهِيلُ الْمَقَاصِدِ إنَّ

[القول في أحكام يوم الجمعة]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQأَفْضَلَ مَسَاجِدِ الْأَرْضِ الْكَعْبَةُ ثُمَّ مَسْجِدُ أَيْلَةَ الْمُحِيطِ بِالْكَعْبَةِ ثُمَّ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ ثُمَّ مَسْجِدُ الْأَقْصَى ثُمَّ مَسْجِدُ الطُّورِ أَمَّا تَفْضِيلُ الْكَعْبَةِ عَلَى الْمَسْجِدِ فَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} [آل عمران: 96] وَأَمَّا تَفْضِيلُ مَسْجِدِ مَكَّةَ عَلَى مَا سِوَاهُ مِنْ مَسَاجِدِ مَكَّةَ فَلِأَنَّهُ أَقْدَمُ مَسْجِدٍ فِيهِ وَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَجَّاجِ: إنَّ لِلْمَسْجِدِ الْعَتِيقِ فَضْلًا عَلَى غَيْرِهِ وَلِأَنَّ فِيهِ عِبَادَةٌ لَيْسَتْ فِي غَيْرِهِ وَهِيَ الطَّوَافُ وَفِي الْمُقَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأَمَّا تَفْضِيلُ الْحَرَمِ عَلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا تَعْدُلُ أَلْفَ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ» فَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ جَمِيعُ الْحَرَمِ وَحَسَنَاتُ الْحَرَمِ كُلُّ حَسَنَةٍ بِمِائَةِ أَلْفٍ حَسَنَةٍ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَأَمَّا أَنَّ تَفْضِيلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَإِنَّ أَرْضَ الْمَحْشَرِ وَالْمَنْشَرِ مِنْهُ «ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلَاةٍ» أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ «عَنْ بَعْضِ نِسَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ إحْدَانَا أَنْ تَأْتِيَهُ قَالَ إذَا لَمْ تَسْتَطِعْ إحْدَاكُنَّ أَنْ تَأْتِيَهُ فَلْتَبْعَثْ لَهُ بِزَيْتٍ يُسْرَجُ فِيهِ فَإِنَّ مَنْ بَعَثَ لَهُ بِزَيْتٍ يُسْرَجُ فِيهِ كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِيهِ» وَسُئِلَ الْجُنَيْدُ عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} [التين: 1] {وَطُورِ سِينِينَ} [التين: 2] فَقَالَ مَسْجِدُ الطُّورِ وَهَذَا الْبَلَدُ الْأَمِينُ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ أُقْسِمُ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُ يَذْكُرُ بِهِمَا. [الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ] فِي أَحْكَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ. هِيَ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ وَعَنْ الْفَرَّاءِ وَالْوَاحِدِيِّ ضَمُّ الْمِيمِ وَفَتْحُهَا أَيْضًا وَالضَّمُّ أَعْلَى وَهِيَ مِنْ الِاجْتِمَاعِ كَالْفُرْقَةِ مِنْ الِافْتِرَاقِ وَجُمِعَتْ عَلَى جُمَعٍ وَجُمُعَاتٍ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا أَوْ لِمَا جُمِعَ فِي يَوْمِهَا مِنْ الْخَبَرِ أَوْ؛ لِأَنَّ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ كَانَ يَجْمَعُ قَوْمَهُ فِيهِ فَيَأْمُرُهُمْ بِتَعْظِيمِ الْحَرَمِ أَوْ؛ لِأَنَّ كَمَالَ الْخَلَائِقِ جُمِعَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ لِأَنَّ فِيهِ خُلِقَ آدَم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - جُمِعَ فِيهِ أَقُولُ قَالَ الْفَاضِلُ الْبُرْجَنْدِيُّ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ. اُخْتُصَّ بِأَحْكَامٍ أَيْ: الْيَوْمُ الْمُسَمَّى بِالْجُمُعَةِ وَفِيهِ أَنَّ أَكْثَرَ الْأَحْكَامِ الَّتِي ذَكَرَهَا لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ لَا لِلْيَوْمِ.

الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ 1 - اُخْتُصَّ بِأَحْكَامٍ: 2 - لُزُومِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ. 3 - وَاشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ لَهَا. 4 - وَكَوْنِهَا ثَلَاثَةً سِوَى الْإِمَامِ. 5 - وَالْخُطْبَةِ لَهَا. 6 - وَكَوْنِهَا قَبْلَهَا شَرْطًا. 7 - وَقِرَاءَةِ السُّورَةِ الْمَخْصُوصَةِ لَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: اُخْتُصَّ بِأَحْكَامٍ أَيْ: الْيَوْمُ الْمُسَمَّى بِالْجُمُعَةِ وَفِيهِ أَكْثَرُ الْأَحْكَامِ الَّتِي ذَكَرَهَا لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ لَا لِلْيَوْمِ. (2) قَوْلُهُ: لُزُومِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ. بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ أَحْكَامٍ بَدَلٌ مُفَصَّلٌ مِنْ مُجْمَلٍ وَكَذَا مَا عُطِفَ عَلَيْهِ. (3) قَوْلُهُ: وَاشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ لَهَا أَيْ: لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَفِيهِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ كَمَا هِيَ شَرْطٌ لَهَا شَرْطٌ لِصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ. (4) قَوْلُهُ: وَكَوْنِهَا. بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الْجَمَاعَةِ أَيْ: وَاشْتِرَاطِ كَوْنِ الْجَمَاعَةِ ثَلَاثَةً سِوَى الْإِمَامِ وَفِيهِ أَنَّ كَوْنَهَا ثَلَاثَةً سِوَى الْإِمَامِ لَيْسَ شَرْطًا خَاصًّا بِالْجُمُعَةِ بَلْ كَذَلِكَ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ. (5) قَوْلُهُ: وَالْخُطْبَةِ أَيْ: اشْتِرَاطِ الْخُطْبَةِ لَهَا بِخِلَافِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ فَإِنَّ الْخُطْبَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا لَهَا وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى اشْتِرَاطِ الْخُطْبَةِ لَهَا لَكَانَ صَوَابًا وَقَدْ يُقَالُ الْمُخْتَصُّ بِهَا اشْتِرَاطُ الْمَجْمُوعِ لَا كُلِّ وَاحِدٍ. (6) قَوْلُهُ: وَكَوْنِهَا قَبْلَهَا شَرْطًا. كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَالصَّوَابُ شَرْطٌ بِالرَّفْعِ. (7) قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةُ السُّورَةِ أَيْ: سُورَةِ الْأَعْلَى وَالْغَاشِيَةِ وَلَكِنْ لَا يُوَاظِبُ عَلَيْهِمَا.

وَتَحْرِيمِ السَّفَرِ قَبْلَهَا بِشَرْطِهِ 9 - وَاسْتِنَانِ الْغُسْلِ لَهَا وَالطِّيبِ 10 - وَلُبْسِ الْأَحْسَنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَتَحْرِيمُ السَّفَرِ قَبْلَهَا بِشَرْطِهِ. قَالَ فِي مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ: رَجُلٌ أَرَادَ السَّفَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا خَرَجَ مِنْ الْعُمْرَانِ قَبْلَ خُرُوجِ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ بِآخِرِ الْوَقْتِ وَهُوَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ مُسَافِرٌ فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَلَا يُكْرَهُ السَّفَرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ وَإِذَا مَا فَارَقَ عُمْرَانِ مِصْرِهِ فِي الْوَقْتِ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ فِي اعْتِبَارِ آخِرِ الْوَقْتِ إشْكَالٌ إذْ اعْتِبَارُ الْوَقْتِ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا يَنْفَرِدُ بِأَدَائِهِ وَهُوَ سَائِرُ الصَّلَوَاتِ وَالْجُمُعَةُ لَا يَنْفَرِدُ بِأَدَائِهَا وَإِنَّمَا يُؤَدِّيهَا مَعَ الْإِمَامِ وَالنَّاسِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ وَقْتُ أَدَائِهِمْ إذْ لَوْ كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْ مِصْرِهِ قَبْلَ أَدَاءِ النَّاسِ يَلْزَمُهُ شُهُودُ الْجُمُعَةِ وَفِي قَوْلِهِ بِشَرْطِهِ غُمُوضٌ فَتَأَمَّلْ. (9) قَوْلُهُ: وَاسْتِنَانِ الْغُسْلِ لَهَا. أَيْ لِلْجُمُعَةِ بِمَعْنَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا خِلَافٌ مَشْهُورٌ. (10) قَوْلُهُ: وَلُبْسِ الْأَحْسَنِ أَيْ: مِنْ ثِيَابِهِ وَفِيهِ أَنَّ لُبْسَ الْأَحْسَنِ مِنْ ثِيَابِهِ لَيْسَ خَاصًّا بِالْجُمُعَةِ بَلْ كَذَلِكَ الْعِيدَانِ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَقْدِيمُ الْأَحْسَنِ مِنْ الثِّيَابِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيْضَاءَ وَالدَّلِيلُ دَالٌ عَلَيْهِ فَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَلْبِسُ يَوْمَ الْعِيدِ بُرْدَةً حَمْرَاءَ» وَهِيَ كَمَا فِي الْفَتْحِ عِبَارَةٌ عَنْ ثَوْبَيْنِ مِنْ الْيَمَنِ فِيهَا خُطُوطٌ حُمْرٌ وَخُضْرٌ لَا أَنَّهَا حَمْرَاءُ بَحْتٌ فَلْيَكُنْ مَحْمَلُ الْبُرْدَةِ أَحَدَهُمَا بِدَلِيلِ نَهْيِهِ عَنْ لُبْسِ الْأَحْمَرِ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْقَوْلُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْفِعْلِ وَالْحَاظِرُ عَلَى الْمُبِيحِ لَوْ تَعَارَضَا فَكَيْفَ إذَا لَمْ يَتَعَارَضَا بِالْحَمْلِ الْمَذْكُورِ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ كَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى صَرِيحِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ عُلَمَائِنَا حَتَّى قَالَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ. وَالْحَالُ إنَّ الْبَدْرَ الْعَيْنِيَّ نَقَلَ فِي النِّيَابَةِ عَنْ الْمُجْتَبَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ حَضَرَ الْجُمُعَةَ أَنْ يَلْبَسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ إنْ كَانَ لَهُ وَتُسْتَحَبُّ الثِّيَابُ الْبِيضُ (انْتَهَى) . وَفِي الْهِدَايَةِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ بَيْضَاءَ (انْتَهَى) . وَفِي جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ وَالْمُشْكَلَاتِ مَعْزِيًّا إلَى فَتَاوَى الْحُجَّةِ وَيُكْرَهُ لِلرِّجَالِ لُبْسُ الثِّيَابِ الْخُضْرِ وَأَحَبُّ الثِّيَابِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى الْبِيضُ وَبِهِ وَرَدَ الْخَبَرُ (انْتَهَى) .

أَوْ تَقْلِيمِ الْأَظَافِرِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ. 12 - وَلَكِنْ بَعْدَهَا أَفْضَلُ، وَالْبَخُورُ فِي الْمَسْجِدِ 13 - وَالتَّكْبِيرِ لَهَا، وَالِاشْتِغَالِ بِالْعِبَادَةِ إلَى خُرُوجِ الْخَطِيبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَتَقْلِيمُ الْأَظَافِرِ. قَالَ فِي التَّجْنِيسِ وَلِلْمَزِيدِ إذَا وَقَّتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِقَلْمِ الْأَظْفَارِ إنْ رَأَى أَنَّهُ جَاوَزَ الْحَدَّ قَبْلَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَمَعَ هَذَا يُؤَخِّرُ إلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ ظُفْرُهُ طَوِيلًا كَانَ رِزْقُهُ ضَيِّقًا وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْحَدَّ وَوَقْتَهُ تَبَرُّكًا بِالْأَخْبَارِ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - رَوَتْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ الْبَلَاءِ إلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى وَزِيَادَةً ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ لِلْعَلَّامِيِّ وَفِي جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ وَالْمُشْكَلَاتِ مَعْزِيًّا إلَى فَتَاوَى الْحُجَّةِ وَجَاءَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ يُكْرَهُ قَلْمُ الْأَظْفَارِ وَقَصُّ الشَّارِبِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْحَجِّ فَكُرِهَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْحَجِّ قَضَاءَ النَّفْثِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ وَقَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَجَاءَ فِي الْخَبَرِ «مَنْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ السُّوءِ إلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ الْقَابِلَةِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» وَرَأَيْت فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ يُقَلِّمُ وَيَقُصُّ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ عَمَلًا بِالْأَخْبَارِ فَكَأَنَّهُ اعْتَمَرَ وَحَجَّ ثُمَّ حَلَقَ وَقَصَّ وَقَصَّرَ (انْتَهَى) . وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا نَقَلْنَاهُ يَقْتَضِي كَرَاهَةَ الْقَصِّ وَالْحَلْقِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ وَكَذَا إذَا وَقَّتَهَا بِيَوْمِهَا وَكَانَ قَبْلَهُ طَوِيلًا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِصُنْعِ الْمُصَنِّفِ. (12) قَوْلُهُ: وَلَكِنْ بَعْدَهَا أَفْضَلُ. كَأَنَّهُ لِيَحْصُلَ الْبَرَكَةُ لَهَا وَيَشْهَدُ بِالْحُضُورِ {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ} [النور: 24] الْآيَةَ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَطُلْ الظُّفْرُ فَيُمْنَعُ مِنْ التَّطْهِيرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الدُّونِ عَلَى قَوْلٍ. (13) قَوْلُهُ: وَالتَّكْبِيرِ لَهَا. أَقُولُ: هُوَ سُرْعَةُ الِانْتِبَاهِ وَتَأَمَّلْ مَا فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ الْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ مِنْ قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ الْإِبْرَادُ فِي الْجُمُعَةِ لِاسْتِحْبَابِ التَّبْكِيرِ لَهَا عَلَى مَا قِيلَ وَلَكِنْ ذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّهَا كَالظُّهْرِ فِي الزَّمَانَيْنِ (انْتَهَى) . وَأَمَّا الِابْتِكَارُ فَهُوَ الْمُسَارَعَةُ إلَى الْمُصَلَّى وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ أَيْضًا كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَذَكَرَ مِفْتَاحُ السَّعَادَةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ رَاحَ إلَى الْجُمُعَةِ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا

وَلَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ بِهَا، 15 - وَيُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ، 16 - وَإِفْرَادِ لَيْلَتِهِ بِالْقِيَامِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَرَّبَ كَبْشًا وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا أَهْدَى دَجَاجَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا أَهْدَى بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ طُوِيَتْ الصُّحُفُ وَرُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَاجْتَمَعَتْ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» . وَمَعْنَى قَرَّبَ تَصَدَّقَ وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ هُنَا غَيْرُ الْحَفَظَةِ وَهُمْ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَظِيفَتُهُمْ كِتَابَةُ مُحَاضِرِ الْمَسْجِدِ (انْتَهَى) . وَفِي جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ وَالْمُشْكَلَاتِ: وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «إذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَقَفَتْ الْمَلَائِكَةُ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ يَكْتُبُونَ النَّاسَ عَلَى مَجِيئِهِمْ فَالْمُتَعَجِّلُ إلَيْهَا كَالْمُهْدِي بَدَنَةً وَاَلَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي بَقَرَةً وَاَلَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي شَاةً وَاَلَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي دَجَاجَةً يَلِيهِ كَالْمُهْدِي بَيْضَةً فَإِذَا صَعِدَ الْإِمَامُ لِلْخُطْبَةِ طُوِيَتْ الصُّحُفُ وَجَاءُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» يَعْنِي الْخُطْبَةَ (انْتَهَى) . فَإِنْ قُلْت لَوْ دَخَلَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى ثُمَّ خَرَجَ وَعَادَ فِي الثَّانِيَةِ فَهَلْ لَهُ الْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ مَعًا، الظَّاهِرُ عَدَمُهُ بَلْ الْخُرُوجُ يَمْنَعُ الِاسْتِحْقَاقَ إذْ الْمُرَادُ مِنْ الدُّخُولِ الِاسْتِمْرَارُ إلَى تَمَامِ الصَّلَاةِ وَالْإِلْزَامُ أَنْ يَكُونَ مَنْ غَابَ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ رَجَعَ أَكْمَلَ مِمَّنْ لَمْ يَغِبْ وَلَا قَائِلَ بِهِ. (14) قَوْلُهُ: وَلَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ فِيهَا. أَقُولُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ الْجُمُعَةَ كَالظُّهْرِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا فِي بَيَانِ الْأَوْقَاتِ. (15) قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ اخْتِيَارُهُ وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِيدٌ وَصَوْمَهُ مَكْرُوهٌ وَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا قَوْلُ الْبَعْضِ وَذَكَرَ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ أَنَّ صَوْمَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِانْفِرَادِهِ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الْعَامَّةِ كَالِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ وَكَرِهَ الْكُلُّ بَعْضَهُمْ (انْتَهَى) . وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَا بَأْسَ بِصَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ (انْتَهَى) . وَفِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ وَلَا بَأْسَ بِصِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ جَاءَ حَدِيثٌ فِي كَرَاهِيَتِهِ إلَّا أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ أَنْ يَضُمَّ إلَيْهِ يَوْمًا آخَرَ. (16) قَوْلُهُ: وَإِفْرَادِ لَيْلَتِهِ بِالْقِيَامِ إلَخْ. لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَخُصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَإِذَا نَهَى عَنْ

وَقِرَاءَةِ سُورَةِ الْكَهْفِ فِيهِ. 18 - وَنَفْيِ كَرَاهَةِ النَّافِلَةِ وَقْتَ الِاسْتِوَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذِهِ اللَّيْلَةِ فَغَيْرُهَا بِالْمَنْعِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ بِدْعَةٌ فَلَوْ صَلَّى لَيْلَةً قَبْلَ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةً بَعْدَهَا هَلْ تَزُولُ الْكَرَاهَةُ كَالصَّوْمِ؟ مُحْتَمَلٌ، وَالْمُرَادُ بِإِفْرَادِ لَيْلَتِهِ أَحْيَاؤُهَا وَهَلْ الْمُرَادُ اسْتِيعَابُهَا أَوْ غَالِبُهَا؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَلَوْ وَافَقَ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ الْمُسْتَحَبُّ إحْيَاؤُهَا وَهَلْ يُنْدَبُ قِيَامُهَا نَظَرًا إلَى كَوْنِهَا لَيْلَةَ النِّصْفِ أَوْ يُكْرَهُ نَظَرًا إلَى كَرَاهِيَةِ إفْرَادِ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، فِيهِ تَرَدُّدٌ، وَالْمَنْعُ خَشْيَةً مِنْ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ نِيَّةَ مُرِيدِ الْعِبَادَةِ دَافِعَةٌ لَهُ حَيْثُ حَلَّتْ لَيْلَةُ شَعْبَانَ (انْتَهَى) . أَقُولُ: قَوْلُهُ خَشْيَةَ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ إحْيَائِهَا ثَبَتَ بِخَبَرِ الْآحَادِ وَهُوَ لَا يُفِيدُ الْحَرَامَ بَلْ الْكَرَاهَةَ فَلَوْ قَالَ: خَشْيَةَ الْوُقُوعِ فِي الْكَرَاهَةِ لَكَانَ صَوَابًا. (17) قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةُ سُورَةِ الْكَهْفِ فِيهِ أَيْ: يُكْرَهُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى قِرَاءَةِ سُورَةِ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَيَّامِ وَدُونَ غَيْرِهَا مِنْ السُّوَرِ أَقُولُ عِلَّةَ الْكَرَاهَةِ هَجْرُ الْبَاقِي وَإِيهَامُ التَّفْضِيلِ كَتَعْيِينِ سُورَةِ السَّجْدَةِ (وَهَلْ أَتَى) فِي فَجْرِ كُلِّ جُمُعَةٍ ثُمَّ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ عَدَمُ الْمُدَاوَمَةِ لَا الْمُدَاوَمَةُ عَلَى الْعَدَمِ بَلْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ ذَلِكَ أَحْيَانًا تَبَرُّكًا بِالْمَأْثُورِ فَإِنَّ لُزُومَ الْإِبْهَامِ وَالتَّفْضِيلِ يَنْتَفِي بِالتَّرْكِ أَحْيَانَا (18) قَوْلُهُ: وَنَفْيِ كَرَاهِيَةِ النَّافِلَةِ بِالْجَرِّ. عَطْفٌ عَلَى لُزُومِ فِي قَوْلِهِ: لُزُومِ الصَّلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَقَوْلِهِ وَقْتَ الِاسْتِوَاءِ أَيْ: عِنْدَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ فِي كَبَدِ السَّمَاءِ. وَقَدْ وَقَعَ فِي عِبَارَاتِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْوَقْتَ الْمَكْرُوهَ هُوَ عِنْدَ انْتِصَافِ النَّهَارِ إلَى أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ فَإِنَّ الْفَاضِلَ الْقُهُسْتَانِيَّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ زَوَالَ الشَّمْسِ إنَّمَا هُوَ عَقِيبَ انْتِصَافِ النَّهَارِ بِلَا فَصْلٍ وَهَذَا الْقَدْرُ لَا يُمْكِنُ أَدَاءُ صَلَاةٍ فِيهِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِحَيْثُ يَقَعُ جُزْءٌ مِنْهَا فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَالْمُرَادُ هُوَ النَّهَارُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ مِنْ أَوَّلِ طُلُوعِ الصُّبْحِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ نِصْفُ النَّهَارِ قَبْلَ الزَّوَالِ بِزَمَانٍ مُتَعَدٍّ بِهِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ: وَاخْتُلِفَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ الزَّوَالِ فَقِيلَ مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إلَى الزَّوَالِ لِرِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ» قَالَ رُكْنُ

عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمُصَحَّحِ الْمُعْتَمِدِ. 20 - وَهُوَ خَيْرُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ، وَيَوْمُ عِيدٍ، وَفِيهِ 21 - سَاعَةُ إجَابَةٍ، وَتَجْتَمِعُ فِيهِ الْأَرْوَاحُ وَتُزَارُ فِيهِ الْقُبُورُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالدِّينِ الصَّبَّاغُ وَمَا أَحْسَنَ هَذَا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الصَّلَاةِ يَعْتَمِدُ تَصَوُّرَهَا فِيهِ (انْتَهَى) . وَهُوَ يُفِيدُ مَا تَرَجَّاهُ الْعَلَّامَةُ الْقُهُسْتَانِيُّ مِنْ حَمْلِ النَّهَارِ عَلَى النَّهَارِ الشَّرْعِيِّ. (19) قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمُصَحَّحِ الْمُعْتَمِدِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُنْظَرُ مَنْ صَحَّحَهُ فَإِنَّ الْمُتُونَ وَالشُّرُوحَ عَلَى خِلَافِهِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ تَرْجِيحُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَلِذَا قَالَ فِي الْحَاوِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا عَزَاهُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ (انْتَهَى) . أَقُولُ الْحَاوِي كَتَبَ ثَلَاثَةً حَاوِي الْحَصِيرِيِّ وَحَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَلَا أَدْرِي أَيُّهَا أَرَادَ ابْنُ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَمُجَرَّدُ دَعْوَى الْحَاوِي أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ كَيْفَ وَأَصْحَابُ الْمُتُونِ قَاطِبَةً وَالشُّرُوحِ مَاشُونَ عَلَى قَوْلِهِمَا وَمَشْيُ أَصْحَابِ الْمُتُونِ تَصْحِيحٌ إلْزَامِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى وَعَلَى أَنَّ مَا نُقِلَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَةٌ عَنْهُ لَا مَذْهَبٌ، قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ جَمْعِ الْجَوَامِعِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ جَوَّزَ النَّفَلَ وَقْتَ الزَّوَالِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَكْعَتَيْ التَّحِيَّةِ (انْتَهَى) . وَأَفَادَ بِالتَّعْبِيرِ يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَصَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ عِنْدَهُ. (20) قَوْلُهُ: وَهُوَ خَيْرُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ. فَإِنْ قِيلَ: هَلْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ أَمْ اللَّيْلَةُ؟ قُلْت: يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَفَضْلَهَا لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَأَنَّهَا فِي الْيَوْمِ فَكَانَ أَفْضَلَ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَلِأَنَّ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ لَا فِي لَيْلَتِهَا لَكِنْ ذُكِرَ فِي نُورِ الشَّمْعَةِ لِشَيْخِ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيِّ أَنَّهُ ذَهَبَ بَعْضُ ذَوِي الْقَدْرِ إلَى أَنَّ لَيْلَتَهُ أَفْضَلُ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ (انْتَهَى) . وَهُوَ غَرِيبٌ يَحْتَاجُ إلَى تَوْقِيفٍ. (21) قَوْلُهُ: وَفِيهِ سَاعَةُ إجَابَةٍ. أَقُولُ سَاعَةُ الْإِجَابَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَمَا ذَكَرَهُ يُفِيدُ هُنَا أَنَّهَا مُبْهَمَةٌ وَهُوَ قَوْلٌ؛ قَالَ الْقَرَافِيُّ وَهُوَ الْأَشْبَهُ فَيَنْبَغِي التَّعَرُّضُ لَهَا بِإِحْضَارِ الْقَلْبِ وَمُلَازَمَةِ ذِكْرِ الرَّبِّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى فِيهَا شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ» وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي فَنِّ الْفَوَائِدِ عَنْ الْيَتِيمَةِ أَنَّ الدَّعْوَةَ الْمُسْتَجَابَةَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ عِنْدَنَا عَلَى قَوْلِ عُلَمَائِنَا (انْتَهَى) .

وَيَأْمَنُ الْمَيِّتُ فِيهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. 23 - وَمَنْ مَاتَ فِيهِ أَوْ فِي لَيْلَتِهِ أَمِنَ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِهِ، وَلَا تُسْجَرُ فِيهِ جَهَنَّمُ، وَفِيهِ خُلِقَ آدَم وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْ الْجَنَّةِ، وَفِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَانَ الْأَنْسَبُ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَقِيلَ إذَا صَعِدَ الْخَطِيبُ الْمِنْبَرَ إلَى أَنْ يَنْزِلَ فَإِنْ قُلْت: صُعُودُهُ إلَى نُزُولِهِ يَتَفَاوَتُ بِاخْتِلَافِ الْخُطَبَاءِ بَلْ الْوَاحِدُ إذْ قَدْ يَتَقَدَّمُ وَيَتَأَخَّرُ فَيَلْزَمُ تَعَدُّدُهَا فِي حَقِّ كُلِّ خَطِيبٍ وَاخْتِلَافُهَا فِي حَقِّ الْخَطِيبِ الْوَاحِدِ بِاعْتِبَارِ تَقَدُّمِهِ وَتَأَخُّرِهِ قُلْت لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ: هِيَ فِي حَقِّ كُلِّ خَطِيبٍ وَسَامِعِيهِ مِنْ حِينِ صُعُودِهِ إلَى نُزُولِهِ فَلَا دَخْلَ لِلْعَقْلِ فِيهِ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَدْعُو فِي حَالِ الْخُطْبَةِ وَقَدْ أُمِرَ بِالْإِنْصَاتِ عِنْدَ سَمَاعِهَا؟ قُلْت الْمُرَادُ مِنْ الدُّعَاءِ اسْتِحْضَارُهُ بِقَلْبِهِ وَهُوَ كَافٍ وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ الْإِنْصَاتِ مُلَاحَظَةُ مَعْنَى الْخُطْبَةِ وَاشْتِغَالِ قَلْبِهِ رُبَّمَا يُفَوِّتُ ذَلِكَ. (22) قَوْلُهُ: وَيَأْمَنُ الْمَيِّتُ فِيهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. أَقُولُ: قَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ وَسُؤَالُ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ وَضَغْطَةُ الْقَبْرِ حَقٌّ سَوَاءً كَانَ مُؤْمِنًا أَوْ كَافِرًا مُطِيعًا أَوْ فَاسِقًا لَكِنْ إذَا كَانَ كَافِرًا فَعَذَابُهُ يَدُومُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيُرْفَعُ الْعَذَابُ عَنْهُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَشَهْرَ رَمَضَانَ بِحُرْمَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَذَلِكَ فِي الْقَبْرِ يُرْفَعُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَكُلَّ رَمَضَانَ بِحُرْمَتِهِ فَيُعَذَّبُ اللَّحْمُ مُتَّصِلًا بِالرُّوحِ وَالرُّوحُ مُتَّصِلًا بِالْجِسْمِ فَتَتَأَلَّمُ الرُّوحُ مَعَ الْجَسَدِ وَإِنْ خَارِجًا مِنْهُ ثُمَّ الْمُؤْمِنُ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ مُطِيعًا لَا يَكُونُ لَهُ عَذَابٌ وَيَكُونُ لَهُ ضَغْطَةٌ فَيَجِدُ هَوْلَ ذَلِكَ وَخَوْفَهُ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا يَكُونُ لَهُ عَذَابُ الْقَبْرِ وَضَغْطَةُ الْقَبْرِ لَكِنْ يَنْقَطِعُ عَنْهُ عَذَابُ الْقَبْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ لَا يَعُودُ الْعَذَابُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَإِنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ يَكُونُ لَهُ الْعَذَابُ سَاعَةً وَاحِدَةً وَضَغْطَةُ الْقَبْرِ ثُمَّ يَنْقَطِعُ عَنْهُ الْعَذَابُ كَذَا فِي الْمُعْتَقَدَاتِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمُعِينِ النَّسَفِيِّ الْحَنَفِيِّ. قِيلَ يُشْكِلُ كَلَامُهُ فِي حَقِّ الْكُفَّارِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ} [البقرة: 86] اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّخْفِيفِ رَفْعُ الْعَذَابِ بِالْكُلِّيَّةِ. (23) قَوْلُهُ: وَمَنْ مَاتَ فِيهِ أَوْ فِي لَيْلَتِهِ إلَى آخِرِهِ. فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُرْجَى لَهُ فَضْلٌ؛ لِأَنَّ لِبَعْضِ الْأَيَّامِ فَضْلًا عَلَى الْبَعْضِ (انْتَهَى) .

تَقُومُ السَّاعَةُ وَفِيهِ يَزُورُ أَهْلُ الْجَنَّةِ رَبَّهُمْ سُبْحَانَهُ تَعَالَى. وَهَذَا آخِرُ مَا أَوْرَدْنَاهُ 24 - مِنْ فَنِّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ مِمَّا يَكْثُرُ دُورُهُ وَيَقْبُحُ بِالْفَقِيهِ جَهْلُهُ. 25 - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ وَلَهُ الْحَوْلُ وَالْقُوَّةُ. ثُمَّ الْآنَ نَشْرَعُ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ فِي الْفَرْقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ وَالْمُشْكَلَاتِ: وَسُئِلَ أَبُو نَصْرٍ عَمَّنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ بِمَكَّةَ هَلْ يُرْجَى لَهُ فَضْلٌ؟ قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ لِبَعْضِ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ عَلَى الْبَعْضِ فَضْلًا فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ السَّعَادَةِ وَالْفَضِيلَةِ. وَجَاءَ فِي الْأَخْبَارِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «ثَلَاثٌ يَعْصِمُهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الْمُؤَذِّنُ وَالشَّهِيدُ وَالْمُتَوَفَّى لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ» (انْتَهَى) . وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ بِالْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ إلَّا مِنْ الْفِتْنَةِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْعَذَابِ عَدَمُ الْفِتْنَةِ 1 - وَاعْلَمْ أَنَّهُ بَقِيَ مِنْ أَحْكَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا شَهْرًا لَا يَدْخُلُ يَوْم الْجُمُعَةِ لِلْعُرْفِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ (24) قَوْلُهُ: مِنْ فَنِّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَعَلَّهُ فِي الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ وَتَصَحَّفَتْ عَلَى الْكَتَبَةِ وَقَدْ قَدَّمَ فِي الْفِهْرِسِ الثَّالِثِ فِي الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ وَفِي أَوَّلِهِ بَيَانَ أَحْكَامٍ يَكْثُرُ دُورُهَا وَيَقْبُحُ بِالْفَقِيهِ جَهْلُهَا أَوْ مِنْ ظَرْفِيَّةٌ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] . (25) قَوْلُهُ: وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. قَدَّمَ الظَّرْفَ مَعَ أَنَّ الِاخْتِصَاصَ يَحْصُلُ بِدُونِ التَّقْدِيمِ إمَّا لِلِاهْتِمَامِ بِهِ تَعَالَى وَإِشْعَارًا بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُؤْمِنٍ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ عَلَى مَا يُشِيرُ إلَيْهِ مَا يُرْوَى: مَا رَأَيْت شَيْئًا إلَّا رَأَيْت اللَّهَ قُلْهُ. وَإِمَّا؛ لِأَنَّ فِي إفَادَةِ اللَّازِمِ الِاخْتِصَاصَ الثُّبُوتِيَّ بَحْثًا وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ فِي سُورَةِ التَّغَابُنِ قُدِّمَ الظَّرْفَانِ لِيَدُلَّ بِتَقَدُّمِهِمَا عَلَى اخْتِصَاصِ الْمُلْكِ وَالْحَمْدِ بِهِ تَعَالَى وَإِنْ صَرَّحَ أَيْضًا بِأَنَّ فِي الْحَمْدِ لِلَّهِ دَلَالَةً عَلَى الِاخْتِصَاصِ وَلِهَذَا مَزِيدُ بَسْطٍ فِي حَوَاشِي الْكَشَّافِ. وَأَمَّا الْمِنَّةُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا إمَّا مِنْ مَنَّ عَلَيْهِ أَيْ: أَنْعَمَ أَيْ: لَهُ الْحَمْدُ وَالنِّعْمَةُ وَأَمَّا بِمَعْنَى الِامْتِنَانِ كَمَا فِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْله تَعَالَى {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ} [الحجرات: 17] وَأَيًّا مَا كَانَ فَفِيهِ تَفْكِيكٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَى لَهُ الْحَمْدُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقُ الْحَمْدِ وَلَهُ الْمِنَّةُ أَنَّهُ فَاعِلُهَا إذْ لَا وَجْهَ لَأَنْ يَكُونَ مُتَعَلَّقَ الِامْتِنَانِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ الْمَعْنَى الْأَعَمَّ بِمَعْنَى أَنَّهُ مُتَعَلِّقُ الْحَمْدِ وَالْمِنَّةِ فَفِي الْحَمْدِ بِمَعْنَى الْوُقُوعِ وَفِي الْمِنَّةِ بِمَعْنَى الصُّدُورِ كَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ حَوَاشِي السِّينَابِيِّ عَلَى شَرْحِ الْمَقَاصِدِ وَفِيهِ فَائِدَةٌ بَدِيعَةٌ لَمْ أَرَهَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ وَهِيَ أَنَّ التَّفْكِيكَ الَّذِي يُعَدُّ عَيْبًا فِي الْعِبَارَاتِ كَمَا يَكُونُ فِي الضَّمَائِرِ يَكُونُ فِي مُتَعَلِّقَاتِ الْجَارِ إذَا تَعَدَّدَ فَلْيُحْفَظْ.

[ما افترق فيه الوضوء والغسل]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ 1 - يُسَنُّ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمَجْلِسِ، 2 - وَيُكْرَهُ تَجْدِيدُ الْغُسْلِ مُطْلَقًا، يَمْسَحُ فِيهِ الْخُفَّ وَيَنْزِعُ لِلْغُسْلِ. يُسَنُّ فِيهِ التَّرْتِيبُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ] قَوْلُهُ: يُسَنُّ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمَجْلِسِ. أَقُولُ: فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ الْوُضُوءَ عَلَى الْوُضُوءِ مَنْدُوبٌ وَلَمْ يُقَيَّدْ بِاخْتِلَافِ الْمَجْلِسِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ إنْ فَرَغَ مِنْ الْوُضُوءِ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْوُضُوءَ لَا يُكْرَهُ بِالِاتِّفَاقِ يَعْنِي بَلْ يَكُونُ مَنْدُوبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ لَكِنْ رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ الْعَطْفِ بِثُمَّ فِي عِبَارَةِ الْخُلَاصَةِ اخْتِلَافُ الْمَجْلِسِ وَقَدْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ بِأَنَّ تَكْرَارَ الْوُضُوءِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ مَكْرُوهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِسْرَافِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَجْلِسِ وَهُوَ بَعِيدٌ (انْتَهَى) . وَرَدَّهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِأَنَّهُ لَا تَدَافُعَ فِي كَلَامِهِمْ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ وَذَلِكَ أَنَّ مَا فِي الْخُلَاصَةِ قَيِّمًا إذَا أَعَادَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَمَا فِي السِّرَاجِ فِيمَا إذَا كَرَّرَهُ مِرَارًا وَرَدَّهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ تَجْدِيدَ الْوُضُوءِ مَرَّةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤَدِّيَ بِالْأَوَّلِ عِبَادَةً غَيْرُ مَكْرُوهٍ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ؛ قَالَ الْبُرْهَانُ الْحَلَبِيُّ أَطْبَقُوا عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ لِذَاتِهَا فَإِذْ لَمْ يُؤَدَّ بِهِ عَمَلٌ مِمَّا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِيَّتِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُشَرَّعَ تَكْرَارُهُ قُرْبَةً لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَقْصُودٍ فَيَكُونُ إسْرَافًا مَحْضًا (انْتَهَى) . أَقُولُ: مُقْتَضَى مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَكْرُوهًا وَلَا يُعَدُّ إسْرَافًا حَيْثُ نَوَاهُ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ «الْوُضُوءُ عَلَى الْوُضُوءِ نُورٌ عَلَى نُورٍ» إذْ لَمْ يَفْصِلْ فِي الْحَدِيثِ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ أَوْ لَا وَبَيْنَ أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَجْلِسُ أَوْ لَا وَمَا ذَكَرَهُ الْبُرْهَانُ الْحَلَبِيُّ تَعْلِيلٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ فَيَكُونُ نَسْخًا وَلَا يَجُوزُ نَسْخُ الْحَدِيثِ بِالرَّأْيِ فَلْيُحَرَّرْ هَذَا الْمَقَامُ فَإِنَّهُ صَعْبُ الْمَرَامِ. (2) قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ تَجْدِيدُ الْغُسْلِ مُطْلَقًا. قِيلَ: إلَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ فَيُسَنُّ الِاغْتِسَالُ لِلطَّاهِرِ.

بِخِلَافِ الْغُسْلِ، تُسَنُّ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ فِيهِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ فَفَرِيضَةٌ، تُمْسَحُ الرَّأْسُ فِيهِ 4 - بِخِلَافِ الْغُسْلِ عَلَى قَوْلٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْغُسْلِ. أَقُولُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلْكَمَالِ بْنِ الْهُمَامِ مَا نَصُّهُ: وَلَمْ يَذْكُرُوا كَيْفِيَّةَ الصَّبِّ وَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ يَصُبُّ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ ثَلَاثًا ثُمَّ الْأَيْسَرِ ثَلَاثًا ثُمَّ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ، وَقِيلَ: يَبْدَأُ بِالْأَيْمَنِ ثُمَّ بِالرَّأْسِ وَهُوَ ظَاهِرُ لَفْظِ الْكِتَابِ وَظَاهِرُ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ الَّذِي نَذْكُرُهُ " وَلَوْ انْغَمَسَ الْجُنُبُ فِي مَاءٍ جَارٍ إنْ مَكَثَ فِيهِ قَدْرَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فَقَدْ أَكْمَلَ السُّنَّةَ إلَّا فَلَا (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (4) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْغُسْلِ عَلَى قَوْلٍ. أَقُولُ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَمْسَحُ بِرَأْسِهِ فِيهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ وَالْفَرْقُ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَهُوَ خِلَافُ الصَّحِيحِ.

[ما افترق فيه مسح الخف وغسل الرجل]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ مَسْحُ الْخُفِّ وَغَسْلُ الرِّجْلِ يَتَأَقَّتُ الْمَسْحُ دُونَهُ. 1 - وَرَأَيْت فِي بَعْضِ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ يَجُوزُ غَسْلُ الرِّجْلِ الْمَغْصُوبَةِ بِلَا خِلَافٍ. 2 - وَلَا يَجُوزُ مَسْحُ الْخُفِّ الْمَغْصُوبِ؛ وَصُورَةُ الرِّجْلِ الْمَغْصُوبَةِ أَنْ يَسْتَحِقَّ قَطْعَ رِجْلِهِ فَلَا يُمَكَّنَ مِنْهَا. يُسَنُّ تَثْلِيثُ الْغُسْلِ دُونَ الْمَسْحِ. يَجِبُ تَعْمِيمُ الرِّجْلِ دُونَ الْخُفِّ. 3 - لَا تَنْقُضُهُ الْجَنَابَةُ خِلَافَ الْمَسْحِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ مَسْحُ الْخُفِّ وَغَسْلُ الرِّجْلِ] قَوْلُهُ: وَرَأَيْت فِي بَعْضِ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ يَجُوزُ غَسْلُ الرِّجْلِ الْمَغْصُوبَةِ بِلَا خِلَافٍ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: هَذَا لَا يُقَالُ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْغَصْبِ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ بِإِثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطِلَةِ فَإِذَا كَانَ الْجُلُوسُ عَلَى الْبِسَاطِ لَا يَكُونُ غَصْبًا لِعَدَمِ صِدْقِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِ فَكَيْفَ تَكُونُ هَذِهِ رِجْلًا مَغْصُوبَةً؟ وَكَذَا قَالُوا: الْغَصْبُ فِيمَا يُنْقَلُ وَيُحَوَّلُ لَا الْعَقَارِ، وَيَلْزَمُ عَلَى كَوْنِهَا مَغْصُوبَةً أَنَّهُ لَوْ مَاتَ يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا كَمَا لَوْ فَوَّتَ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ عَلَى مُسْتَحِقِّهَا وَالتَّعْيِينُ لِمُسْتَحِقِّهِ الْإِزَالَةُ أَوَّلًا وَاجْتَمَعَ فِي حَالَةِ كِتَابَةِ هَذِهِ بَعْضُ حُذَّاقِ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ الْمِصْرِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ وَأَنْكَرُوا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ زَاعِمًا أَنَّهُ لَا وُجُودَ لَهُ فِي كُتُبِهِمْ (انْتَهَى) . أَقُولُ دَعْوَى أَنَّ مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لَا وُجُودَ لَهُ فِي كُتُبِهِمْ دَعْوَى غَيْرُ صَادِقَةٍ بَلْ هُوَ مَوْجُودٌ فِي كِتَابِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيِّ. غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ فِي إطْلَاقِ الْغَصْبِ عَلَى الرِّجْلِ مُسَامَحَةٌ. (2) قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ مَسْحُ الْخُفِّ الْمَغْصُوبِ. أَقُولُ: لَا شَكَّ فِي صِحَّةِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ فَيُحْمَلُ عَدَمُ جَوَازِ ذَلِكَ عَلَى الْحُرْمَةِ. (3) قَوْلُهُ: لَا تَنْقُضُهُ الْجَنَابَةُ. كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ تَتِمَّةِ مَا فِي بَعْضِ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ الْمُرَاجَعَةِ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ مَا فِي بَعْضِ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ

هُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَسْحِ لِمَنْ رَآهُ. مَا افْتَرَقَ فِيهِ مَسْحُ الرَّأْسِ وَالْخُفِّ يُسَنُّ اسْتِيعَابُ الرَّأْسِ دُونَ الْخُفِّ، لَوْ ثُلْثُ مَسْحِ الرَّأْسِ. 5 - لَمْ يُكْرَهْ. 6 - وَإِنْ لَمْ يُنْدَبْ وَيُكْرَهُ تَثْلِيثُ مَسْحِ الْخُفِّ. مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوُضُوءُ وَالتَّيَمُّمُ: كَوْنُهُ فِي الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فَقَطْ، وَلَا يَجُوزُ إلَّا لِعُذْرٍ، وَلَا يُمْسَحُ فِيهِ الْخُفُّ، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ كِتَابُ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيِّ وَالْعِبَارَةُ عِبَارَتُهُ بِرُمَّتِهَا غَيْرَ أَنَّهُ مَا كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَنْقُلَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ مِنْ غَيْرِ إنْهَاءٍ لَهَا مَعَ مَا فِيهَا مِنْ الْإِيهَامِ بَلْ كَانَ يَنْسُبُهُ عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الِافْتِرَاقِيَّةِ أَوْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ لَا تَنْقُضُهُ الْجَنَابَةُ بِخِلَافِ الْمَسْحِ مِنْ عِبَارَةِ الْأَشْبَاهِ الشَّافِعِيَّةِ فَإِنَّا مُوَافِقُونَ لَهُمْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الصُّوَرِ إلَّا فِي هَذِهِ فَإِنَّهُ كَمَا تُنْتَقَضُ طَهَارَةُ الْمَسْحِ بِالْجَنَابَةِ عِنْدَنَا تُنْقَضُ طَهَارَةُ الْغُسْلِ بِهَا وَبِمَا ذَكَرْنَا سَقَطَ مَا قِيلَ لَعَلَّ الصَّوَابَ لَا تَمْنَعُهُ الْجَنَابَةُ وَمَا قِيلَ أَيْ: لَا تُنْتَقَضُ غَسْلُ الرِّجْلِ السَّابِقُ عَلَى الْجَنَابَةِ الْكَائِنَةِ بَعْدَ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ وَيُنْقَضُ الْمَسْحُ الْكَائِنُ عَلَيْهِمَا بَعْدَ اللُّبْسِ؛ لِأَنَّ الْخُفَّ جُعِلَ مَانِعًا لِسِرَايَةِ الْحَدَثِ إلَى الرِّجْلِ وَالْمَسْحِ إنَّمَا هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِمَا فَتَنْقُضُهُ الْجَنَابَةُ، وَالْجُنُبُ مَمْنُوعٌ عَنْ الْمَسْحِ فَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ مَعَهَا فَاضْطُرَّ إلَى نَزْعِ خُفَّيْهِ وَبِنَزْعِهِمَا سَرَى الْحَدَثُ فَوَجَبَ الْغُسْلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَنَّ الْجَنَابَةَ تَنْقُضُهُ تَكَلُّفٌ لَا دَاعِيَ إلَيْهِ. (4) قَوْلُهُ: هُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَسْحِ أَيْ: غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ مَسْحِهِمَا لِلْمُتَخَفِّفِ وَفِي الذَّخِيرَةِ: أَنَّ الْمَسْحَ أَوْلَى لِإِظْهَارِ الِاعْتِقَادِ وَرَفْعِ تُهْمَةِ الْبِدْعَةِ وَالْعَمَلِ بِقِرَاءَةِ الْجَرِّ لَكِنَّ فِي الْمُضْمَرَاتِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْغُسْلَ أَفْضَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَكَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ. (5) قَوْلُهُ: لَمْ يُكْرَهْ أَيْ: تَثْلِيثُ مَسْحِ الرَّأْسِ أَقُولُ بَلْ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ مَسْحَ الرَّأْسِ بِمَاءٍ وَاحِدٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مَسْنُونٌ كَمَا فِي تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ. (6) قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُنْدَبْ. أَيْ: تَثْلِيثُ الْمَسْحِ أَقُولُ فِيهِ إنَّ عَدَمَ نَدْبِهِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الِافْتِرَاقِ الْمَذْكُورِ هَذَا إنْ جُعِلَتْ الْوَاوُ الَّتِي قَبْلَ إنْ الْوَصْلِيَّةِ لِلْحَالِ وَإِنْ جُعِلَتْ عَاطِفَةً

وَيَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ. 8 - وَلَا يُسَنُّ تَجْدِيدُهُ وَلَا تَثْلِيثُهُ، وَيَسُنُّ فِيهِ النَّقْضُ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ وَالْأَكْبَرُ. مَا افْتَرَقَ فِيهِ مَسْحُ الْجَبِيرَةِ وَمَسْحُ الْخُفِّ: 9 - لَا يُشْتَرَطُ شَدُّهَا عَلَى وُضُوءٍ وَيُشْتَرَطُ لُبْسُهُ عَلَى كَمَالِ الطَّهَارَةِ، وَتُجْمَعُ مَعَ الْغُسْلِ بِخِلَافِ مَسْحِ الْخُفِّ، وَيَجِبُ تَعْمِيمُهَا أَوْ أَكْثَرُهَا بِخِلَافِ الْخُفِّ. 10 - وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ فِي رِوَايَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى ضِدِّ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ كَانَ التَّقْدِيرُ لَمْ يُكْرَهْ تَثْلِيثُ الْمَسْحِ نُدِبَ أَوْ لَمْ يُنْدَبْ فَإِنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ تَثْلِيثِ الْمَسْحِ غَيْرُ مَنْدُوبٍ وَالْمَنْدُوبُ وَالْمُسْتَحَبُّ سِيَّانِ وَخِلَافُ الْمُسْتَحَبِّ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْبَحْرِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لَا يَتِمُّ قَوْلُهُ لَمْ يُكْرَهْ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ الْوَصْلِيَّةِ. (7) قَوْلُهُ: وَيَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ أَيْ: يَفْتَقِرُ التَّيَمُّمُ إلَى النِّيَّةِ عَلَى جِهَةِ الشَّرْطِيَّةِ قِيلَ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ يُنْبِئُ عَنْ الْقَصْدِ، وَالنِّيَّةُ قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ اشْتِرَاطُ الِاجْتِمَاعِ لِلْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ لَفْظَهَا يُعْطِي مَعْنَى الِاجْتِمَاعِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْعَرَبِيَّةِ اشْتِرَاطُ الِانْتِقَالِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْحَالِ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّحَوُّلِ. (8) قَوْلُهُ: وَلَا يُسَنُّ تَجْدِيدُهُ وَلَا تَثْلِيثُهُ إلَخْ. لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّعْقِيدِ فِي الْجُمْلَةِ. (9) قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ شَدُّهَا عَلَى وُضُوءٍ أَيْ: لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ أَنْ يَشُدَّهَا عَلَى طَهَارَةٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ. (10) قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ فِي رِوَايَةٍ. أَيْ: تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ. قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَمَنْ رَبَطَ خِرْقَةً عَلَى جُرْحٍ أَوْ جَبَائِرَ عَلَى مَا انْكَسَرَ وَذَلِكَ فِي مَوْضِعِ وُضُوئِهِ جَازَ أَنْ يُمْسَحَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ غَسْلِهِ فَيَكْتَفِي بِمَسْحِهِ فَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّهُ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِهِ. وَعَنْ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رِوَايَتَانِ: فِي رِوَايَةٍ مِثْلِ قَوْلِهِمَا وَفِي رِوَايَةٍ يَجُوزُ (انْتَهَى) . قَالَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَإِذَا كَانَ الْمَسْحُ يَضُرُّهُ

وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِخِلَافِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ. 12 - إنْ لَمْ يَغْسِلْهُمَا، وَلَا يُقَدَّرُ بِمُدَّةٍ بِخِلَافِهِ. 13 - وَلَا يَنْتَقِضُ إذَا سَقَطَتْ مِنْ غَيْرِ بُرْءٍ؛ فَلَا تَجِبُ إعَادَتُهُ بِخِلَافِ الْخُفِّ إذَا سَقَطَ ـــــــــــــــــــــــــــــQجَازَ بِالِاتِّفَاقِ فَأَبُو حَنِيفَةَ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَبَيْنَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ غَسْلَ مَا تَحْتَ الْخُفِّ وَاجِبٌ لَوْلَا الْخُفُّ أَمَّا مَا تَحْتَ الْجَبِيرَةِ فَغَسْلُهُ غَيْرُ وَاجِبٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى إقَامَةِ الْمَسْحِ مَقَامَهُ (انْتَهَى) . (11) قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ: رِوَايَةُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِدُونِ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ وَذَكَرَ ضَمِيرَهُ مُرَاعَاةً لِلْخَبَرِ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ عِنْدَ الْإِمَامِ وَفِي تَجْرِيدِ الْقُدُورِيِّ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَنَّ الْمَسْحَ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّهُ الْمَسْحُ. (12) قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَغْسِلْهُمَا أَيْ: الرِّجْلَيْنِ الْمُتَخَفِّفَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ الْمَقَامِ. (13) قَوْلُهُ: وَلَا يُنْتَقَضُ إذَا سَقَطَتْ مِنْ غَيْرِ بُرْءٍ إلَخْ. وَلَا يَلْزَمُ الْغُسْلُ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَإِنْ سَقَطَتْ عَنْ بُرْءٍ يَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ خَاصَّةً. وَفِي الْمُنْتَقَى رَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ الْإِمَامِ إذَا مَسَحَ عَلَى الْجَبَائِرِ ثُمَّ نَزَعَهَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْمَسْحَ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يُعِدْ أَجْزَأَهُ وَرَأَيْت فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَإِذَا سَقَطَتْ الْعِصَابَةُ فَبَدَّلَهَا بِعِصَابَةٍ أُخْرَى فَالْأَفْضَلُ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُعِيدَ الْمَسْحَ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يُعِدْ أَجْزَأَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَلَوْ سَقَطَتْ الْجَبَائِرُ فِي الصَّلَاةِ إنْ كَانَ سُقُوطُهَا مِنْ غَيْرِ بُرْءٍ مَضَى عَلَى صَلَاتِهِ وَإِنْ سَقَطَتْ عَنْ بُرْءٍ يَغْسِلْ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ خَاصَّةً وَيَسْتَأْنِفْ الصَّلَاةَ (انْتَهَى) . وَذَلِكَ كَمَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ إذَا نَزَعَ الْخُفَّيْنِ بَعْدَ مَا مَسَحَ عَلَيْهِمَا قَالَ الْكَرَابِيسِيُّ: وَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّهُ إذَا سَقَطَتْ مِنْ غَيْرِ بُرْءٍ لَمْ يَجِبْ غَسْلُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِالْحَدَثِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى شَدِّ الْجَبَائِرِ فَجَازَ لَهُ الْمُضِيُّ عَلَى صَلَاتِهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْجَبَائِرُ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ عَلَى بَطْنِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا نَزَعَ خُفَّيْهِ أَوْ سَقَطَتْ الْجَبَائِرُ عَنْ بُرْءٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ غَسْلُهُ بِالْحَدَثِ السَّابِقِ عَلَى السُّقُوطِ وَإِنَّمَا رُخِّصَ لَهُ فِي تَرْكِهِ مَا دَامَ لَابِسًا لِلْخُفَّيْنِ وَمَا دَامَتْ الْجَبَائِرُ عَلَى الْجُرْحِ فَإِذَا سَقَطَتْ عَنْ بُرْءٍ وَنَزْعِ الْخُفَّيْنِ لَزِمَهُ غَسْلُهُمَا بِمَعْنًى مُتَقَدِّمٍ عَلَى الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ الْحَدَثُ فَصَارَ كَأَنَّهُ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَغْسِلْ رِجْلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ

لَا تُنْزَعُ لِلْجَنَابَةِ بِخِلَافِ الْخُفِّ. 15 - وَإِذَا كَانَ عَلَى عُضْوٍ جَبِيرَتَانِ فَسَقَطَتْ إحْدَاهُمَا أَعَادَهَا بِلَا إعَادَةِ مَسْحِهَا بِخِلَافِ نَزْعِ أَحَدِ الْخُفَّيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ كَذَا هَذَا كَمَا قُلْنَا فِي التَّيَمُّمِ إذَا دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ وَاسْتَأْنَفَ صَلَاتَهُ. (14) قَوْلُهُ: لَا تُنْزَعُ لِلْجَنَابَةِ بِخِلَافِ الْخُفِّ. أَيْ: لَا تُنْزَعُ الْجَبِيرَةُ لِأَجْلِ الْجَنَابَةِ بِخِلَافِ الْخُفِّ فَإِنَّهُ يُنْزَعُ. (15) قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ عَلَى عُضْوٍ جَبِيرَتَانِ إلَخْ. فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي أَحْكَامِ الْمَرْضَى لَوْ سَقَطَتْ الْجَبِيرَةُ فَأَبْدَلَ غَيْرَهَا جَازَ وَقِيلَ الْأَوْلَى أَنْ يُعِيدَ الْمَسْحَ عَلَى الثَّانِي، وَيُزَادُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَوْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ الْعُضْوِ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَبِيرَةُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَصَابِعِ الْيَدِ كَالْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ أَوْ الرِّجْلِ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْخُفِّ كَذَا فِي كَشَّافِ الْحَقَائِقِ وَالتَّبْيِينِ.

[ما افترق فيه الحيض والنفاس]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ 1 - أَقَلُّ الْحَيْضِ مَحْدُودٌ وَلَا حَدَّ لِأَقَلِّ النِّفَاسِ، وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةٌ. 2 - وَأَكْثَرُ النِّفَاسِ أَرْبَعُونَ. 3 - وَيَكُونُ بِهِ الْبُلُوغُ وَالِاسْتِبْرَاءُ دُونَ النِّفَاسِ، وَالْحَيْضُ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ بِخِلَافِ النِّفَاسِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ] قَوْلُهُ: أَقَلُّ الْحَيْضِ مَحْدُودٌ وَلَا حَدَّ لِأَقَلِّ النِّفَاسِ. فَأَقَلُّهُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ فِي الْمَشْهُورِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ عِنْدَهُمْ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ كَمَا فِي حِلْيَةِ الْحِلْيَةِ لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ الْحَلَبِيِّ. قَالَ الْكَرَابِيسِيُّ فِي فُرُوقِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ النِّفَاسَ عِلْمٌ ظَاهِرٌ يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِ الدَّمِ مِنْ الرَّحِمِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فَاسْتَوَى قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ لِوُجُودِ عِلْمِهِ الدَّالِّ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مَعَ الْحَيْضِ عِلْمٌ يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْ الرَّحِمِ فَإِذَا امْتَدَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ صَارَ الِامْتِدَادُ دَلَالَةً عَلَى أَنَّهُ دَمُ الْحَيْضِ الْمُعْتَادِ وَإِذَا لَمْ يَمْتَدَّ لَمْ تُوجَدْ دَلَالَتُهُ فَلَا يُجْعَلُ حَيْضًا كَمَا قُلْنَا فِي دَمِ الرُّعَافِ (انْتَهَى) . وَاعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ النِّفَاسِ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَقَلُّهُ مُقَدَّرٌ بِأَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ قَدَّرَهُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا لَكِنَّ فِي الْمَنَافِعِ مَا قَالُوا عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ أَقَلَّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنَّمَا هُوَ تَقْدِيرُ مَا يَصْدُقُ فِيهِ النِّفَاسُ إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً وَلَيْسَ بِتَقْدِيرٍ لِأَقَلِّ النِّفَاسِ حَتَّى إذَا انْقَطَعَ الدَّمُ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ تَكُونُ نُفَسَاءَ وَفِي الْحُجَّةِ أَقَلُّهُ سَاعَةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مُحَمَّدٍ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ وَفِي السِّرَاجِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. (2) قَوْلُهُ: وَأَكْثَرُ النِّفَاسِ أَرْبَعُونَ أَيْ: أَكْثَرُ مُدَّةِ النِّفَاسِ مُقَدَّرٌ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا عِنْدَنَا وَإِنْ زَادَ الدَّمُ عَلَى أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَالزِّيَادَةُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ اسْتِحَاضَةٌ وَالْأَرْبَعُونَ نِفَاسٌ فِي الْمُبْتَدَأَةِ وَفِي صَاحِبَةِ الْعَادَةِ مُعْتَادُهَا نِفَاسٌ وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ اسْتِحَاضَةٌ وَالْحُجَّةُ: وَإِنْ انْقَطَعَ الدَّمُ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ وَدَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ تَنْظُرُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ ثُمَّ تَغْتَسِلُ فِي بَقِيَّةِ الْوَقْتِ وَتُصَلِّي، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (3) قَوْلُهُ: وَيَكُونُ بِهِ الْبُلُوغُ وَالِاسْتِبْرَاءُ دُونَ النِّفَاسِ أَيْ: يَتَحَقَّقُ الْبُلُوغُ بِالْحَيْضِ

[ما افترق فيه الحيض والجنابة]

وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِهِ دُونَ النِّفَاسِ، وَيَحْصُلُ بِهِ الْفَصْلُ بَيْنَ طَلَاقَيْ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ بِخِلَافِ النِّفَاسِ. 5 - فَهِيَ سَبْعَةٌ؛ فَمَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ الِافْتِرَاقِ بِأَرْبَعَةٍ قُصُورٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQدُونَ النِّفَاسِ وَيَتَحَقَّقُ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ دُونَ النِّفَاسِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْحَذْفِ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. (4) قَوْلُهُ: وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِهِ. دُونَ النِّفَاسِ بِأَنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْوَضْعِ. (5) قَوْلُهُ: فَهِيَ سَبْعَةٌ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُزَادُ ثَامِنَةً وَهِيَ أَنَّ الْغُسْلَ مِنْ الْحَيْضِ فَرْضٌ بِالْقُرْآنِ وَأَمَّا النِّفَاسُ فَلَا، بَلْ بِالْإِجْمَاعِ، وَتَاسِعُهُ مُسْتَحِلُّ الْوَطْءِ فِيهِ كَافِرٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَعَاشِرُهُ النُّفَسَاءُ فِي حُكْمِ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ وَحَادِيَةَ عَشَرَ يُعْتَبَرُ تَبَرُّعَاتُهَا مِنْ الثُّلُثِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ فِيهِمَا وَثَانِيَةَ عَشَرَ وَهِيَ أَنَّ وُضُوءَ الْحَائِضِ مُسْتَحَبٌّ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ يَكْثُرُ فَتَنْسَى الْعَادَةَ وَثَالِثَةَ عَشَرَ لَوْ كَانَ حَدُّهَا الْجَلْدَ وَهِيَ نُفَسَاءُ لَا تُحَدُّ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ نِفَاسِهَا خَوْفَ الْهَلَاكِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ (انْتَهَى) . وَفِي الثَّامِنَةِ نَظَرٌ؛ أَقُولُ: لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْحَيْضُ وَالْجَنَابَةُ] 1 ُ وَمِنْهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ يُكْرَهُ لِلْجُنُبِ وَلَوْ امْرَأَةً الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِلَا مَضْمَضَةٍ بِخِلَافِ الْحَائِضِ، وَمِنْهُ أَنَّ الْجَنَابَةَ صِفَةٌ مُسْتَدَامَةٌ بِخِلَافِ الْحَيْضِ فَيَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ جُنُبًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِ الْحَيْضِ وَفِيهِ كَلَامٌ لِلْكَمَالِ وَمِنْهُ وُضُوءُ الْحَائِضِ مُسْتَحَبٌّ مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا وَمِنْهُ وُجُوبُ أَدَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجُنُبِ وَقَضَائِهَا وَمِنْهُ حِلُّ وَطْئِهَا جُنُبًا لَا حَائِضًا وَمِنْهُ تَطْلِيقُ الْجُنُبِ بِلَا كَرَاهَةٍ وَطَلَاقُ الْحَائِضِ بِدْعِيٌّ وَمِنْهُ تَصِحُّ الْخَلْوَةُ مَعَ الْجَنَابَةِ لَا الْحَيْضِ وَمِنْهُ الْجَنَابَةُ تَصْلُحُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ وَمِنْهُ يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ لَوْ قُتِلَ جُنُبًا وَالْحَائِضُ قَبْلَ اسْتِمْرَارِ الْحَيْضِ ثَلَاثًا لَا تُغَسَّلُ.

[ما افترق فيه الأذان والإقامة]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ 1 - يَجُوزُ تَرَاخِي الصَّلَاةِ عَنْ الْأَذَانِ. 2 - دُونَ الْإِقَامَةِ. 3 - يُسَنُّ التَّمَهُّلُ فِيهِ وَالْإِسْرَاعُ فِيهَا. 4 - تُكْرَهُ إقَامَةُ الْمُحْدِثِ لَا أَذَانُهُ، وَيُكْرَهُ التَّكْرَارُ فِيهَا لَا فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ] قَوْلُهُ: يَجُوزُ تَرَاخِي الصَّلَاةِ عَنْ الْأَذَانِ. يَعْنِي؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ يَتَعَلَّقُ بِآخِرِ الْوَقْتِ عِنْدَنَا بِمِقْدَارِ التَّحْرِيمَةِ وَعِنْدَ زُفَرَ بِمِقْدَارِ أَدَاءِ الصَّلَاةِ وَقَالَ ابْنُ شُجَاعٍ: الْوُجُوبُ يَتَعَلَّقُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ وَيَتَضَيَّقُ فِي آخِرِهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ إذَا ادَّعَى فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ قِيلَ: يَقَعُ فَرْضًا وَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْوَقْتُ لِلْوُجُوبِ فِيهِ وَقِيلَ يَقَعُ نَفْلًا وَقِيلَ مَوْقُوفًا إنْ بَقِيَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ أَهْلًا لِلْوُجُوبِ يَقَعُ فَرْضًا وَإِنْ لَمْ يَبْقَ كَانَ نَفْلًا كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. (2) قَوْلُهُ: دُونَ الْإِقَامَةِ. يَعْنِي لَا يَجُوزُ تَرَاخِي الصَّلَاةِ بَعْدَهَا أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ وَعِبَارَةُ السُّيُوطِيِّ فِي الْأَشْبَاهِ: إنَّ الْأَذَانَ يَجُوزُ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَإِنْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ إلَى آخِرِهِ وَلَا تَجُوزُ الْإِقَامَةُ إلَّا عِنْدَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ فَإِنْ أَقَامَ وَأَخَّرَ بِحَيْثُ طَالَ الْفَصْلُ بَطَلَتْ أَيْ: الْإِقَامَةُ (انْتَهَى) . (3) قَوْلُهُ: يُسَنُّ التَّمَهُّلُ فِيهِ وَالْإِسْرَاعُ فِيهَا. الْمُرَادُ بِالتَّمَهُّلِ التَّرَسُّلُ قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ التَّرَسُّلُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَيَقِفَ ثُمَّ يَقُولَ مَرَّةً أُخْرَى مِثْلَهُ وَكَذَلِكَ يَقِفُ بَيْنَ كُلِّ كَلِمَتَيْنِ إلَى آخِرِ الْأَذَانِ، وَالْمُرَادُ بِالْإِسْرَاعِ الْحَدْرُ وَالْوَصْلُ وَلَوْ تَرَسَّلَ فِي الْإِقَامَةِ وَحَدَرَ فِي الْآذَانِ أَوْ تَرَسَّلَ فِيهِمَا أَوْ حَدَرَ فِيهِمَا لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ لَا بَأْسَ بِهِ كَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ. (4) قَوْلُهُ: تُكْرَهُ إقَامَةُ الْمُحْدِثِ لَا أَذَانُهُ إلَخْ. أَقُولُ: ظَاهِرُهُ أَنَّ عَدَمَ كَرَاهَتِهِمْ أَذَانَهُ لَا خِلَافَ فِيهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِيهِ رِوَايَتَانِ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ أَقُولُ وَيُزَادُ مَا ذَكَرَهُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفُ وَضْعَ الْأُصْبُعَيْنِ فِي الْأُذُنَيْنِ يُسَنُّ فِي الْأَذَانِ وَلَا يُسَنُّ فِي الْإِقَامَةِ وَيُزَادُ أَيْضًا أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ فِي الْإِقَامَةِ يَكُونُ أَخْفَضَ مِنْهُ فِي الْأَذَانِ وَذَكَرَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَيُزَادُ أَيْضًا أَنَّ الْأَذَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَالْإِقَامَةَ أَوْسَطَهُ حَتَّى يَفْرُغَ الْمُتَوَضِّئُ مِنْ وُضُوئِهِ، وَالْمُصَلِّي مِنْ صَلَاتِهِ وَالْمُعْتَصِرُ مِنْ قَضَاءِ حَاجَتِهِ ذَكَرَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْحُجَّةِ وَيُزَادُ أَيْضًا أَنَّ الْمُؤَذِّنَ إذَا كَانَ مُسَافِرًا يُؤَذِّنُ رَاكِبًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ رَاكِبًا. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَذَانَ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ؛ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِعْلَامُ. وَلَمْ يُشْرَعْ مَوْصُولًا بِالصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ فَإِنَّهَا شُرِعَتْ مَوْصُولَةً بِالصَّلَاةِ فَلَوْ أَقَامَ رَاكِبًا أَدَّى إلَى الْفَصْلِ بَيْنَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَبَيْنَ الْإِقَامَةِ، بِالنُّزُولِ وَالْفَصْلُ بَيْنَهُمَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَلَا يُقِيمُ رَاكِبًا كَذَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ لَكِنَّهُ لَوْ أَقَامَ رَاكِبًا أَجْزَأَهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَيُزَادُ أَيْضًا أَنَّ الْأَذَانَ يُقَدَّمُ عَلَى الْوَقْتِ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. وَالْإِقَامَةُ لَا تُقَدَّمُ عَلَى الْوَقْتِ بِحَالٍ فَلَوْ أَقَامَ قَبْلَهُ بِلَحْظَةٍ فَدَخَلَ الْوَقْتُ عَقِبَهُ فَشَرَعَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا وَيُزَادُ أَيْضًا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُؤَذِّنَ، وَيَسُنُّ لَهَا أَنْ تُقِيمَ؛ لِأَنَّ فِي الْأَذَانِ رَفْعَ الصَّوْتِ دُونَهَا. وَيُزَادُ أَيْضًا أَنْ يُؤَذِّنَ لِلصُّبْحِ مَرَّتَيْنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يُقَامُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً اتِّفَاقًا.

[ما افترق فيه سجدة السهو والتلاوة]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ سَجْدَةُ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ 1 - هُوَ سَجْدَتَانِ. 2 - وَهِيَ وَاحِدَةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ سَجْدَةُ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ] قَوْلُهُ: هُوَ سَجْدَتَانِ أَيْ: سُجُودُ السَّهْوِ سَجْدَتَانِ يُكَبِّرُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَعْدَ السَّلَامِ الْأَوَّلِ كَمَا قَالَ الْقُدُورِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الصَّلَاةِ: أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَا يَأْتِي بِسُجُودِ السَّهْوِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُسَلِّمُ بِتَسْلِيمَتَيْنِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: هُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُسَلِّمُ مَرَّةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ سَلَامَ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ يُخْرِجُهُ مِنْ الصَّلَاةِ عِنْدَهُمَا، وَإِذَا كَانَ يُخْرِجُهُ مِنْ الصَّلَاةِ كَانَتْ الْقَعْدَةُ الْأُولَى قَعْدَةَ الْخَتْمِ فَيُصَلِّي فِيهَا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَدْعُو بِحَاجَتِهِ لِيَكُونَ خُرُوجُهُ مِنْهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَرْكَانِ وَالسُّنَنِ وَالْأَذَانِ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ سَلَامُ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ الصَّلَاةِ فَيُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى قَعْدَةِ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ فَإِنَّهَا هِيَ الْأَخِيرَةُ. وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا ضَحِكَ بَعْدَ السَّلَامِ قَبْلَ سُجُودِ السَّهْوِ فَإِنَّهُ لَا تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهُ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تُنْتَقَضُ، وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْقَعْدَتَيْنِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: الْقَعْدَةُ بَعْدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ لَيْسَتْ بِرُكْنٍ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِهَا بَعْدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ لِيَقَعَ خَتْمُ الصَّلَاةِ بِهَا لِيُوَافِقَ مَوْضِعَ الصَّلَاةِ، فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ رُكْنًا فَلَا حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا. بِأَنْ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ ثُمَّ قَامَ وَذَهَبَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: إذَا سَهَا عَنْ قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ حَتَّى سَلَّمَ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ. وَاذَا عَادَ إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ هَلْ تُرْفَضُ الْقَعْدَةُ كَمَا رُفِضَ إذَا عَادَ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ، وَالصَّلَاتِيَّةِ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ فِي فَتَاوَاهُ: أَنَّهُ لَا تُفْرَضُ الْقَعْدَةُ. وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ: وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (2) قَوْلُهُ: وَهِيَ وَاحِدَةٌ إلَخْ أَيْ: سُجُودُ التِّلَاوَةِ، وَأَنَّثَ الضَّمِيرَ مُرَاعَاةً لِلْخَبَرِ أَوْ لِاكْتِسَابِ الْمُضَافِ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ التَّأْنِيثَ. وَرُكْنُهَا وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهَا بِهِ

هُوَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ بَعْدَ السَّلَامِ. 4 - وَهِيَ فِيهَا. 5 - هُوَ لَا يَتَكَرَّرُ. 6 - بِخِلَافِهَا، لَا يَقُومُ لَهُ. 7 - وَيَقُومُ لَهَا، يَتَشَهَّدُ لَهُ وَيُسَلِّمُ بِخِلَافِهِمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQتُوجَدُ. وَشَرَائِطُ جَوَازِهَا شَرَائِطُ جَوَازِ الصَّلَاةِ مِنْ طَهَارَةِ الْبَدَنِ عَنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ، وَطَهَارَةِ الثَّوْبِ وَالْمَكَانِ مِنْ النَّجَاسَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ. وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ: هُوَ الْمُخْتَارُ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ سَجَدَ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ جَاهِلًا. قَالَ فِي الْكِتَابِ: يُجْزِيهِ إنْ كَانَ مُتَحَرِّيًا وَفِي الْهِدَايَةِ: وَمَنْ أَرَادَ السُّجُودَ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَسَجَدَ ثُمَّ كَبَّرَ وَرَفَعَ رَأْسَهُ وَلَا تَشَهُّدَ عَلَيْهِ وَلَا سَلَامَ (انْتَهَى) . وَفِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ لَوْ سَجَدَ وَلَمْ يُكَبِّرْ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ. قَالَ فِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ: وَهَذَا يُعْلَمُ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ السَّلَفِ. وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَلَوْ تَذَكَّرَ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَسَجَدَ لَهَا هَلْ يَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ بِهَذَا التَّأْخِيرِ نَصَّ عِصَامٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ. (3) قَوْلُهُ: هُوَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ بَعْدَ السَّلَامِ. يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَوْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ أَجْزَأَهُ عِنْدَنَا فِي رِوَايَةِ الْأُصُولِ. وَرُوِيَ عَنْهُمْ أَنَّهُ لَا يُجْزِيه. (4) قَوْلُهُ: وَهِيَ فِيهَا أَيْ: سُجُودِ التِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ. وَأَنَّثَ الضَّمِيرَ الرَّاجِعَ إلَيْهِ لِاكْتِسَابِ الْمُضَافِ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ التَّأْنِيثَ. وَفِيمَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ لَا يَتَقَيَّدُ بِأَنْ يَكُونَ فِي الصَّلَاةِ بَلْ كَمَا يَكُونُ فِي الصَّلَاةِ يَكُونُ خَارِجَهَا عَلَى أَنَّ مَا يَكُونُ فِي الصَّلَاةِ صَادِقٌ بِمَا يَكُونُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ، وَمَا يَكُونُ فِي أَثْنَائِهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ الْمُفَارَقَةُ بَيْنَ سُجُودِ السَّهْوِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ إذَا وُجِدَ مُوجِبُهُ فِي الصَّلَاةِ. (5) قَوْلُهُ: هُوَ لَا يَتَكَرَّرُ أَيْ: سُجُودُ السَّهْوِ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ سَهَا فِي صَلَاتِهِ مِرَارًا تَكْفِيه سَجْدَتَانِ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ. (6) قَوْلُهُ: بِخِلَافِهَا سُجُودُ التِّلَاوَةِ يَعْنِي تَتَكَرَّرُ إذَا لَمْ يَتَحَدَّ الْمَجْلِسُ. (7) قَوْلُهُ: وَيَقُومُ لَهَا إلَخْ أَيْ لِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ اسْتِحْبَابًا. قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ:

الذِّكْرُ الْمَشْرُوعُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ لَا يُشَرَّعُ فِيهِ. مَا افْتَرَقَ فِيهِ سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ: سُجُودُ الشُّكْرِ لَا يَدْخُلُ الصَّلَاةَ بِخِلَافِهَا، وَاتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ بِخِلَافِ سَجْدَةِ الشُّكْرِ. فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُسْتَحَبُّ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ يَقُومُ ثُمَّ يَسْجُدُ. وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ يَقُومُ ثُمَّ يَقْعُدُ. (8) قَوْلُهُ: الذِّكْرُ الْمَشْرُوعُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَلَا يُشْرَعُ فِيهِ إلَخْ أَيْ: فِي سُجُودِ السَّهْوِ. قَالَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: وَمَاذَا يَقُولُ فِي هَذِهِ السَّجْدَةِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقُولُ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ مِنْ التَّسْبِيحِ مَا يَقُولُ فِي سَجْدَةِ الصَّلَاةِ. وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ اسْتَحْسَنُوا قَوْلَ {سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا} [الإسراء: 108] . وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ إذَا سَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ» وَقَدْ جَاءَ فِي الْأَخْبَارِ: أَنَّ «رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي رَأَيْت فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي أَقْرَأُ سُورَةَ ص تَحْتَ شَجَرَةٍ فَلَمَّا بَلَغْت آيَةَ السَّجْدَةِ خَرَّتْ الشَّجَرَةُ فَسَمِعْتهَا تَقُولُ فِي السُّجُودِ: اللَّهُمَّ اُكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَك أَجْرًا، وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا وَاجْعَلْ لِي بِهَا عِنْدَك ذُخْرًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: فَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ إذَا قَرَأَ سُورَةَ ص سَجَدَ. وَقَالَ فِي سُجُودِهِ مِثْلَ مَا حَكَى لَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَنْ الشَّجَرَةِ» (انْتَهَى) . وَقَوْلُهُ: لَا يُشْرَعُ، فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الذِّكْرَ الْمَشْرُوعَ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَهُوَ سُبْحَةُ السُّجُودِ كَمَا فِي النُّقَايَةِ، أَيْ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ مَشْرُوعٌ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُزَادُ عَلَى مَا ذَكَرَ أَنَّ الرُّكُوعَ يَنُوبُ عَنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ. وَكَذَا السَّجْدَةُ الصَّلَاتِيَّةُ إنْ نَوَى بِهَا سُجُودَ التِّلَاوَةِ. وَكَذَا الرُّكُوعُ خَارِجَهَا فِي غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ. وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ مَا افْتَرَقَ فِيهِ سُجُودُ التِّلَاوَةِ. وَالصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَصْلُحُ إمَامًا لِلرَّجُلِ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ دُونَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَمِمَّا اشْتَرَكَا فِيهِ أَنَّ الْمُحَاذَاةَ لَا تُفْسِدُهُمَا.

لَا وَاجِبَةٌ. 10 - وَهُوَ مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَشْرُوعَةً؛ أَيْ: وُجُوبًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا وَاجِبَةٌ. قِيلَ: عَلَيْهِ هَذَا مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْخِلَافَ الثَّابِتَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ بَلْ عَلَى هَذَا يُرْفَعُ الْخِلَافُ. (10) قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَشْرُوعَةً أَيْ وُجُوبًا. أَقُولُ: رُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ يَكْرَهُ سَجْدَةَ الشُّكْرِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: أَنَّ الْإِمَامَ كَانَ لَا يَرَاهَا شَيْئًا. وَفِي الْقُدُورِيِّ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَكْرَهُ سَجْدَةَ الشُّكْرِ، يَعْنِي؛ لِأَنَّ النِّعَمَ كَثِيرَةٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْجُدَ لِكُلِّ نِعْمَةٍ فَيُؤَدِّيَ إلَى تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: نَحْنُ لَا نَكْرَهُهَا. وَتَكَلَّمَ الْمُتَقَدِّمُونَ فِي مَعْنَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَكَانَ الْإِمَامُ لَا يَرَاهَا شَيْئًا قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَرَاهَا سُنَّةً. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَرَاهَا شُكْرًا تَامًّا فَتَمَامُ الشُّكْرِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ. وَذَكَرَ الْإِمَامُ عَلِيٌّ السَّعْدِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ السِّيَرِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ قَالَ فِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ: وَقَدْ وَرَدَّتْ فِيهِ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ الصَّحَابَةِ وَالصَّالِحِينَ، فَرُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أُوتِيَ بِرَأْسِ أَبِي جَهْلٍ لَعَنْهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ بَدْرٍ وَأُلْقِيَ بَيْنَ يَدَيْهِ سَجَدَ لِلَّهِ خَمْسَ سَجَدَاتٍ شُكْرًا» . فَلَا تُمْنَعُ الْعِبَادُ عَنْ سَجْدَةِ الشُّكْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخُضُوعِ وَالتَّعَبُّدِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَتَفْسِيرُهُ كَمَا فِي الْمُصَفَّى أَنْ يُكَبِّرَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَيَقُولَ سَاجِدًا: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَيُسَبِّحَ ثُمَّ يُكَبِّرَ تَكْبِيرَةً عِنْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي الْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ الْمَلَكِيِّ " وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ ". يَعْنِي لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَلْ مَكْرُوهَةٌ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا. وَقَالَا: قُرْبَةٌ يُثَابُ عَلَيْهَا وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَنْ تَيَمَّمَ لِسَجْدَةِ الشُّكْرِ، تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ عِنْدَهُمَا وَلَا تَجُوزُ عِنْدَهُ لَهُمَا مَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا رَأَى مُبْتَلًى أَوْ سَمِعَ مَا يَسُرُّهُ يَسْجُدُ لِلَّهِ شُكْرًا. وَلَهُ أَنَّ التَّقَرُّبَ بِالرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَلَا يُتَقَرَّبُ بِمَا دُونَهَا. وَمَا رَوَيَاهُ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ ثُمَّ نُسِخَ بِالنَّهْيِ عَنْ الْبَتْرَاءِ (انْتَهَى) . وَفِي الْقُنْيَةِ: السَّجْدَةُ الَّتِي تَقَعُ عَقِيبَ الصَّلَاةِ مَكْرُوهَةٌ؛ لِأَنَّ الْجُهَّالَ إذَا رَأَوْهَا اعْتَقَدُوهَا سُنَّةً أَوْ وَاجِبَةً، وَكُلُّ مَا يُؤَدِّي إلَى هَذَا فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَتَعْيِينِ السُّورَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلصَّلَاةِ وَتَعْيِينِ الْقِرَاءَةِ لِوَقْتٍ وَنَحْوِهِ، فَحِينَئِذٍ يُكْرَهُ أَنْ يَسْجُدَ شُكْرًا بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُكْرَهُ فِيهِ النَّفَلُ وَلَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِهِ (انْتَهَى) . وَذَكَرَ فِي التَّهْذِيبِ: " لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ سَجْدَةٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ؛ لِأَنَّ السَّجْدَةَ الْمُطْلَقَةَ لَمْ يَرِدْ بِهَا الشَّرْعُ. وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ سَجْدَةُ الشُّكْرِ مَكْرُوهَةٌ.

[ما افترق فيه الإمام والمأموم]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ نِيَّةُ الِائْتِمَامِ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمَأْمُومِ دُونَ الْإِمَامِ. 1 - إلَّا لِصِحَّةِ صَلَاةِ النِّسَاءِ خَلْفَهُ أَوْ لِحُصُولِ الْفَضِيلَةِ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْإِمَامِ إذَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ. 2 - بِخِلَافِ عَكْسِهِ. 3 - إذَا عَيَّنَ الْإِمَامُ وَأَخْطَأَ لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهُ. 4 - بِخِلَافِ الْإِمَامِ إذَا عَيَّنَ الْمَأْمُومَ وَأَخْطَأَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ] قَوْلُهُ: إلَّا لِصِحَّةِ صَلَاةِ النِّسَاءِ خَلْفَهُ إلَخْ. يَعْنِي: فَحِينَئِذٍ تَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ. وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ لِصِحَّةِ اقْتِدَاءِ النِّسَاءِ بِهِ وَلَا لِتَحْصِيلِ الْفَضِيلَةِ اللَّهُمَّ الْآنَ يُرَادُ بِالْوُجُوبِ الْوُجُوبُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. (2) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عَكْسِهِ. يَعْنِي: لِأَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ مُرْتَبِطَةٌ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ صِحَّةً وَفَسَادًا وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةٌ ذُكِرَتْ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ: وَهِيَ لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فَاسْتَخْلَفَ وَذَهَبَ لِلْوُضُوءِ فَتَذَكَّرَ فَائِتَةً عَلَيْهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ دُونَ صَلَاةِ الْقَوْمِ. (3) قَوْلُهُ: إذَا عَيَّنَ الْإِمَامَ وَأَخْطَأَ إلَخْ. بِأَنْ عَيَّنَهُ بِاسْمِهِ وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهِ بِأَنْ قَالَ: اقْتَدَيْت بِزَيْدٍ فَإِذَا هُوَ عُمَرُ وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ. وَلَوْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ وَهُوَ يَرَاهُ زَيْدًا فَإِذَا هُوَ عُمَرُ، وَيَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ وَلَوْ قَالَ: اقْتَدَيْت بِهَذَا الْخَلِيفَةِ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ بِخَلِيفَةٍ يُجْزِيه. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (4) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْإِمَامِ إذَا عَيَّنَ الْمَأْمُومَ وَأَخْطَأَ إلَخْ. أَيْ: لِأَنَّ الْخَطَأَ فِيمَا لَمْ يُشْتَرَطْ لَا يَضُرُّ، وَتَعْيِينُ الْإِمَامِ الْمَأْمُومَ غَيْرُ شَرْطٍ فِي صِحَّةِ إمَامَتِهِ لَهُ.

[ما افترق فيه الجمعة والعيد]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْجُمُعَةُ وَالْعِيدُ الْجُمُعَةُ فَرْضٌ وَالْعِيدُ وَاجِبٌ، وَقْتُهَا وَقْتُ الظُّهْرِ. 1 - وَوَقْتُهُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى زَوَالِهَا. 2 - وَشَرْطُهَا الْخُطْبَةُ وَكَوْنُهَا قَبْلَهَا بِخِلَافِهِ فِيهِمَا. 3 - وَأَنْ لَا تَتَعَدَّدَ فِي مِصْرٍ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ بِخِلَافِهِ، وَيُسْتَحَبُّ فِي عِيدِ الْفِطْرِ أَنْ يَطْعَمَ قَبْلَ خُرُوجِهِ إلَى الْمُصَلَّى بِخِلَافِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْجُمُعَةُ وَالْعِيدُ] قَوْلُهُ: وَوَقْتُهُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَخْ. يَعْنِي وَارْتِفَاعُهَا قَدْرَ رُمْحٍ. (2) قَوْلُهُ: وَشَرْطُهَا الْخُطْبَةُ وَكَوْنُهَا قَبْلَهَا بِخِلَافِهِ فِيهِمَا أَقُولُ: هَذِهِ الْعِبَارَةُ سَدِيدَةٌ فِي إفَادَةِ الْمُرَادِ بِخِلَافِ عِبَارَتِهِ فِي الْقَاعِدَةِ الْأُولَى مِنْ الْفَنِّ الْأَوَّلِ حَيْثُ قَالَ: وَخُطْبَةُ الْعِيدِ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِمْ يُشْتَرَطُ لَهُ مَا يُشْتَرَطُ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ سِوَى تَقْدِيمِ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهَا تُوهِمُ أَنَّ الْخُطْبَةَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْعِيدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (3) قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا تَتَعَدَّدَ فِي مِصْرٍ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ بِخِلَافِهِ إلَخْ. فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّعَدُّدُ فِيهِ قَوْلًا وَاحِدًا. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: إنَّ إقَامَتَهُ فِي مَوْضِعَيْنِ فِي مِصْرٍ يَجُوزُ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهَا جَامِعَةٌ لِلْجَمَاعَاتِ: وَالتَّفَرُّقُ يُنَافِيه (انْتَهَى) . وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَاضِي الْقُضَاةِ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ مَا نَصُّهُ: قُلْت الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْجُمُعَةُ فِي مَوْضِعَيْنِ فَأَكْثَرَ وَهِيَ خِلَافِيَّةٌ مَشْهُورَةٌ (انْتَهَى) . أَقُولُ: هَذَا الِافْتِرَاقُ أَخَذَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ الْبَزَّازِيِّ وَأَصْلَحَ عِبَارَتَهُ بِقَوْلِهِ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ فَسَلِمَ مِنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ، لَكِنَّ فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ تَجُوزُ إقَامَةُ صَلَاةِ الْعِيدِ فِي مَوْضِعَيْنِ، وَأَمَّا إقَامَتُهَا فِي ثَلَاثِ مَوَاضِعَ فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ، وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ. (انْتَهَى) . وَعَلَى هَذَا فَأَصْلُ التَّعَدُّدِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي إقَامَتِهَا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ: فَإِنَّ الْخِلَافَ فِيهَا فِي أَصْلِ التَّعَدُّدِ؛ لِأَنَّهَا جَامِعَةٌ لِلْجَمَاعَاتِ وَالتَّفَرُّقُ يُنَافِيه. قَالَ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ فِي مَوْضِعَيْنِ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهَا أَنْ تُقَامَ خَارِجَ الْمِصْرِ. وَلَا يُمْكِنُ لِلضَّعِيفِ الْخُرُوجُ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ فَيَجُوزَ الْأَدَاءُ فِي مَوْضِعَيْنِ رَفْعًا لِلْحَرَجِ.

[ما افترق فيه غسل الميت والحي]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ غُسْلُ الْمَيِّتِ وَالْحَيِّ تُسْتَحَبُّ الْبِدَايَةُ بِغُسْلِ وَجْهِ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْحَيِّ؛ فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِغُسْلِ يَدَيْهِ 1 - وَلَا يُمَضْمَضُ وَلَا يُسْتَنْشَقُ بِخِلَافِ الْحَيِّ، وَلَا يُؤَخَّرُ غُسْلُ رِجْلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَيِّ إنْ كَانَ فِي مُسْتَنْقَعِ الْمَاءِ، وَلَا يُمْسَحُ رَأْسُهُ فِي وُضُوءِ الْغُسْلِ بِخِلَافِ الْحَيِّ. 2 - فِي رِوَايَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ غُسْلُ الْمَيِّتِ وَالْحَيِّ] قَوْلُهُ: وَلَا يُمَضْمَضُ وَلَا يُسْتَنْشَقُ بِخِلَافِ الْحَيِّ فِي التَّتَارْخَانِيَّة. يُوَضَّأُ الْمَيِّتُ وُضُوءَ الصَّلَاةِ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا فِي الْبَالِغِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي يَعْقِلُ الصَّلَاةَ فَأَمَّا الصَّبِيُّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ الصَّلَاةَ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَلَا يُوَضَّأُ وُضُوءَ الصَّلَاةِ وَيُبْدَأُ فِي الْغُسْلِ بِوَجْهِهِ وَلَا تُغَسَّلُ الْيَدَانِ بِخِلَافِ حَالَةِ الْحَيَاةِ وَيُبْدَأُ فِي الْوُضُوءِ بِمَيَامِنِهِ وَكَذَلِكَ فِي الِاغْتِسَالِ وَلَا يُمَضْمَضُ وَلَا يُسْتَنْشَقُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (انْتَهَى) . قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ فِيهَا فِي إخْرَاجِ الْمَاءِ إلَى إكْبَابِ الْمَيِّتِ عَلَى وَجْهِهِ وَهُوَ مُتَعَسِّرٌ (انْتَهَى) . وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ: يَجْعَلُ الْغَاسِلُ عَلَى أُصْبُعَيْهِ خِرْقَةً رَقِيقَةً وَيَمْسَحُ بِهَا أَسْنَانَهُ وَلَهَاتَهُ وَشَفَتَيْهِ وَمَنْخِرَيْهِ وَسُرَّتَهُ وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ الْيَوْمَ كَمَا قَالَ الْحَلْوَانِيُّ. (2) قَوْلُهُ: فِي رِوَايَةٍ. يَعْنِي رِوَايَةَ صَلَاةِ الْأَثَرِ، وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَهُوَ أَنَّ الْغَاسِلَ يَمْسَحُ رَأْسَ الْمَيِّتِ فِي الْوُضُوءِ كَالْجُنُبِ. أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَنَّ خُرُوجَ النَّجَسِ مِنْ الْبَدَنِ يُنْقِضُ وُضُوءَ الْحَيِّ وَلَا يُنْقِضُ وُضُوءَ غُسْلِ الْمَيِّتِ بَلْ يُغْسَلُ مَا خَرَجَ مِنْ النَّجَسِ، وَيُزَادُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَيْضًا إنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ بِالْحَارِّ أَفْضَلُ مِنْ الْبَارِدِ وَأَمَّا غُسْلُ الْحَيِّ فَالْحَارُّ وَالْبَارِدُ سَوَاءٌ. كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ التَّتَارْخَانِيَّة وَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ الْمُصَنِّفُ مَا افْتَرَقَ فِيهِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَسَائِرُ الصَّلَوَاتِ وَذَكَرَ ذَلِكَ فِي مُعِينِ الْمُفْتِي قَالَ: صَلَاةُ الْجِنَازَةِ تُخَالِفُ سَائِرَ الصَّلَوَاتِ فِي سِتَّةِ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا الْمُحَاذَاةُ فِيهَا لَا تُفْسِدُهَا، وَثَانِيهَا الْمُخَالَفَةُ فِي الْأَرْكَانِ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِرَاءَةِ، وَثَالِثُهَا أَدَاؤُهَا بِالتَّيَمُّمِ مَعَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوُجُودِ الْمَاءِ إذَا خَشِيَ الْفَوَاتَ، وَرَابِعُهَا إذَا رَأَى الْمَاءَ فِيهَا لَمْ تَفْسُدْ، وَخَامِسُهَا الْقَهْقَهَةُ فِيهَا لَا تُنْقِضُ الْوُضُوءَ، وَسَادِسُهَا أَنَّهَا تُكْرَهُ فِي الْمَسْجِدِ (انْتَهَى) . وَيُزَادُ عَلَى أَنَّ النَّهْرَ وَالْبُعْدَ لَا يَمْنَعَانِ الِاقْتِدَاءَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ كَمَا فِي فَوَائِدِ الزَّاهِدِيِّ. وَفِي شَرْحِ أَبِي ذَرٍّ يُمْنَعُ كَمَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ وَيُزَادُ أَيْضًا مَا فِي الْقُنْيَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ أَمَّتْ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لَا تُعَادُ (انْتَهَى) . وَذَكَرَ فِيهَا: لَمْ يُوجَدْ رَجُلٌ فَصَلَّتْ عَلَيْهَا النِّسَاءُ جَازَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

[ما افترق فيه الزكاة وصدقة الفطر]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ الزَّكَاةُ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ يُشْتَرَطُ فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ النُّمُوُّ وَلَوْ تَقْدِيرًا بِخِلَافِ نِصَابِهَا، وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا لِذِمِّيٍّ بِخِلَافِهَا، وَلَا وَقْتَ لَهَا. 1 - وَلِصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَقْتٌ مَحْدُودٌ يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا قَبْلَ مِلْكِ النِّصَابِ. 2 - بِخِلَافِهَا بَعْدَ وُجُودِ الرَّأْسِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ الزَّكَاةُ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ] قَوْلُهُ: وَلِصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَقْتٌ مَحْدُودٌ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ. لَا يَخْفَى مَا فِي عِبَارَتِهِ مِنْ الرَّكَاكَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَلِصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَقْتٌ مَحْدُودٌ يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ عَنْهُ وَهُوَ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ. (2) قَوْلُهُ: بِخِلَافِهَا بَعْدَ وُجُودِ الرَّأْسِ. أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ لَا اجْتِمَاعَ بَيْنَهُمَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَتَّى يَتَأَتَّى الِافْتِرَاقُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَدَمَ جَوَازِ التَّعْجِيلِ فِي الزَّكَاةِ قَبْلَ مِلْكِ النِّصَابِ لِعَدَمِ وُجُودِ السَّبَبِ وَجَوَازَهُ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ بَعْدَ وُجُودِ الرَّأْسِ تَعْجِيلٌ بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ. قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: يَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ بَعْدَ مِلْكِ النِّصَابِ؛ لِأَنَّهُ عَجَّلَ بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ. قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: يَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ بَعْدَ مِلْكِ النِّصَابِ؛ لِأَنَّهُ عَجَّلَ بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ وَهُوَ مِلْكُ النِّصَابِ، فَيَجُوزُ كَالتَّكْفِيرِ بَعْدَ الْجُرْحِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَلَا يَجُوزُ التَّعْجِيلُ قَبْلَ مِلْكِ النِّصَابِ لِفَقْدِ السَّبَبِ أَصْلًا (انْتَهَى) . وَحِينَئِذٍ فَالصَّوَابُ أَنْ تَكُونَ الْعِبَارَةُ بِخِلَافِهَا قَبْلَ مِلْكِ النِّصَابِ بَعْدَ وُجُودِ الرَّأْسِ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: عَجَّلَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ قَبْلَ مِلْكِ النِّصَابِ ثُمَّ مَلَكَهُ صَحَّ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ مَوْجُودٌ يَعْنِي الرَّأْسَ (انْتَهَى) . وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ نِصَابَ الزَّكَاةِ لَوْ هَلَكَ بَعْدَ الْوُجُوبِ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ بِخِلَافِ نِصَابِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ.

[ما افترق فيه التمتع والقران]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ التَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ 1 - يَتَحَلَّلُ مِنْ الْعُمْرَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا إنْ لَمْ يَسِقْ الْهَدْيَ. 2 - بِخِلَافِهِ. 3 - يُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ وَحْدَهَا مِنْ الْمِيقَاتِ وَيَأْتِي بِأَفْعَالِهَا ثُمَّ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ مِنْ الْحَرَمِ بِخِلَافِ الْقَارِنِ فَإِنَّهُ يُحْرِمُ بِهِمَا مَعًا مِنْ الْمِيقَاتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ التَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ] قَوْلُهُ: يَتَحَلَّلُ مِنْ الْعُمْرَةِ إلَخْ أَيْ: يَتَحَلَّلُ الْمُتَمَتِّعُ مِنْ الْعُمْرَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا إنْ كَانَ لَمْ يَسِقْ الْهَدْيَ فَإِنْ سَاقَهُ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهَا. (2) قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ. أَيْ: الْقِرَانُ فَإِنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْ الْعُمْرَةِ. (3) قَوْلُهُ: يُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ وَحْدَهَا إلَخْ أَيْ الْمُتَمَتِّعُ وَهَذَا فَرْقٌ ثَانٍ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَذْكُرَهُ قَبْلَ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

[ما افترق فيه الهبة والإبراء]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْهِبَةُ وَالْإِبْرَاءُ 1 - يُشْتَرَطُ لَهَا الْقَبُولُ بِخِلَافِهِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا عِنْدَ عَدَمِ الْمَانِعِ بِخِلَافِهِ 2 - مُطْلَقًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْهِبَةُ وَالْإِبْرَاءُ] قَوْلُهُ: يُشْتَرَطُ لَهَا الْقَبُولُ بِخِلَافِهِ إلَخْ أَيْ الْإِبْرَاءُ فَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ الْقَبُولُ. أَقُولُ: إلَّا فِي مَسَائِلَ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي فَنِّ الْفَوَائِدِ وَزِدْنَا عَلَيْهَا مَسَائِلَ. (2) قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ مُطْلَقًا. أَيْ: بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ فِيهِ سَوَاءٌ وَجَدَ فِيهِ مَانِعٌ مِنْ مَوَانِعِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ أَوْ لَا. وَمَوَانِعُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ مَذْكُورَةٌ فِي الْمُتُونِ فَلَا حَاجَةَ هُنَا إلَى بَيَانِهَا.

[ما افترق فيه الإجارة والبيع]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْإِجَارَةُ وَالْبَيْعُ التَّأْقِيتُ يُفْسِدُهُ 1 - وَيُصَحِّحُهَا، وَيَمْلِكُ الْعِوَضَ فِيهِ بِالْعَقْدِ. 2 - وَفِيهَا لَا. إلَّا بِوَاحِدٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَتُفْسَخُ بِالْأَعْذَارِ بِخِلَافِهِ، وَتُفْسَخُ بِعَيْبٍ حَادِثٍ بِخِلَافِهِ، وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا. 3 - إذَا عَقَدَهَا لِنَفْسِهِ بِخِلَافِهِ. 4 - وَإِذَا هَلَكَ الثَّمَنُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ. 5 - وَاذَا هَلَكَتْ الْأُجْرَةُ الْعَيْنُ قَبْلَهُ انْفَسَخَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْإِجَارَةُ وَالْبَيْعُ] قَوْلُهُ: وَيُصَحِّحُهَا التَّأْقِيتُ أَقُولُ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ وَقَّتَاهَا إلَى مُدَّةٍ لَا يَعِيشَانِ إلَيْهَا غَالِبًا. وَاخْتَارَهُ الْخَصَّافُ وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ. وَفِي الْخُلَاصَةِ أَنَّهَا تَجُوزُ مُضَافَةً كَمَا لَوْ قَالَ: أَجَّرْتُك هَذِهِ الدَّارَ غَدًا وَلِلْمُؤَاجِرِ بَيْعُهَا الْيَوْمَ وَتَنْتَقِضُ الْإِجَارَةُ. (2) قَوْلُهُ: وَفِيهَا لَا إلَّا بِوَاحِدٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ إلَخْ. أَقُولُ: وَهِيَ التَّعْجِيلُ أَوْ شَرْطُهُ أَوْ الِاسْتِيفَاءُ أَوْ التَّمَكُّنُ مِنْهُ. (3) قَوْلُهُ: إذَا عَقَدَهَا لِنَفْسِهِ إلَخْ. بِأَنْ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا وَلَا وَصِيًّا وَلَا مُتَوَلِّيًا عَلَى وَقْفٍ. (4) قَوْلُهُ: وَإِذَا هَلَكَ الثَّمَنُ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَخْ. يَعْنِي: إذَا كَانَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ قَالَ فِي الْبَحْرِ: الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ مَبْنَاهُ عَلَى الْبَدَلَيْنِ لَكِنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْمَبِيعُ دُونَ الثَّمَنِ وَلِذَا تُشْرَطُ الْقُدْرَةُ عَلَى الْمَبِيعِ دُونَ الثَّمَنِ وَتَنْفَسِخُ بِهَلَاكِ الْمَبِيعِ دُونَ الثَّمَنِ (انْتَهَى) . (5) قَوْلُهُ: وَإِذَا هَلَكَتْ الْأُجْرَةُ الْعَيْنُ إلَخْ. الْمُرَادُ بِالْعَيْنِ مَا كَانَ قَيِّمًا كَالثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ وَغَيْرِهِمَا. أَمَّا لَوْ كَانَتْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَهَلَكَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ كَمَا لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ إذَا هَلَكَ الثَّمَنُ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ لَا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQيَتَعَيَّنَانِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ. بَقِيَ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ فِي الْبَيْعِ عَيْنًا وَهَلَكَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ بِأَنْ كَانَ الْبَيْعُ مُقَايَضَةً يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْقُنْيَةِ حَيْثُ قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ: اشْتَرَى جَارِيَةً بِثَوْبٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ زَوَّجَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ هَلَكَ الثَّوْبُ عِنْدَ بَائِعِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْجَارِيَةِ وَالْمَهْرُ يَرْجِعُ إلَى بَائِعِ الْجَارِيَةِ. وَفِي رِوَايَةِ بِشْرٍ عَنْهُ أَنَّهُ بَطَلَ النِّكَاحُ كَمَا بَطَلَ الْبَيْعُ وَلَا مَهْرَ عَلَى الزَّوْجِ

[ما افترق فيه الزوجة والأمة]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ الزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ 1 - لَا قَسْمَ لِلْأَمَةِ. 2 - بِخِلَافِهَا، وَلَا حَصْرَ لِعَدَدِ الْإِمَاءِ بِخِلَافِ الزَّوْجَاتِ، وَلَا تُقَدَّرُ نَفَقَتُهَا بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهَا بِحَسَبِ حَالِهَا، وَلَا يُسْقِطُهَا النُّشُوزُ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ، وَلَا صَدَاقَ لَهَا بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ الزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ] قَوْلُهُ: لَا قَسْمَ لِلْأَمَةِ أَيْ: الْمَوْطُوءَةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ. (2) قَوْلُهُ: بِخِلَافِهَا إلَخْ أَيْ: بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً.

[ما افترق فيه نفقة الزوجة والقريب]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ 1 - نَفَقَتُهَا مُقَدَّرَةٌ بِحَالِهَا 2 - وَنَفَقَتُهُ بِالْكِفَايَةِ وَنَفَقَتُهَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ بَعْدَ التَّقْدِيرِ أَوْ الِاصْطِلَاحِ بِخِلَافِ نَفَقَتِهِ، وَشَرْطُ نَفَقَتِهِ إعْسَارُهُ وَزَمَانَتُهُ وَيَسَارُ الْمُنْفِقِ بِخِلَافِ نَفَقَتِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ] قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَفَقَتِهَا إلَخْ. فَإِنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا قُلْت وَكَذَلِكَ نَفَقَةُ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، وَيُزَادُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَا لَوْ سُرِقَتْ أَوْ ضَاعَتْ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ تُقْرَضُ مَرَّةً أُخْرَى بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ. وَالْفَرْقُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْهَادِي. (2) قَوْلُهُ: وَنَفَقَتُهُ بِالْكِفَايَةِ إلَخْ أَيْ: نَفَقَةُ الْقَرِيبِ ذِي الرَّحِمِ الْمُحَرِّمِ لِلنِّكَاحِ. قَالَ فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ: الْأَرْحَامُ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ رَحِمُ الْوِلَادَةِ وَذُو رَحِمٍ مُحَرِّمٍ لِلنِّكَاحِ وَرَحِمٌ غَيْرُ مَحْرَمٍ. وَلَا خِلَافَ؛ لِأَنَّهُ لَا تَجِبُ لِرَحِمٍ غَيْرِ مَحْرَمٍ كَقَرَابَةِ بَنِي الْأَعْمَامِ وَنَحْوِهِمْ وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا تَجِبُ بِقَرَابَةِ الْوِلَادَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ كَالْأُخُوَّةِ وَالْعُمُومَةِ وَالْخُؤُولَةِ فَعِنْدَنَا تَجِبُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَجِبُ (انْتَهَى) . قَالَ فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ: الْفَرْقُ بَيْنَ ذِي الرَّحِمِ وَبَيْنَ الْمَحْرَمِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ لِتَصَادُقِهَا عَلَى الْبِنْتِ وَالْأُخْتِ وَصِدْقُ الْأَوَّلِ عَلَى بِنْتِ الْعَمِّ دُونَ الثَّانِي لِصِحَّةِ نِكَاحِهَا وَصِدْقُ الثَّانِي عَلَى أُخْتِ الزَّوْجَةِ لِعَدَمِ صِحَّةِ نِكَاحِهَا دُونَ الْأَوَّلِ.

[ما افترق فيه المرتد والكافر الأصلي]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْمُرْتَدُّ وَالْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ 1 - لَا يُقَرُّ الْمُرْتَدُّ وَلَوْ بِجِزْيَةٍ، وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ وَلَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ، وَيُهْدَرُ دَمُهُ. 2 - وَيُوقَفُ مِلْكُهُ وَتَصَرُّفَاتُهُ، وَلَا يَسْبِي وَلَا يُفَادِي وَلَا يُمَنُّ عَلَيْهِ وَلَا يَرِثُ. 3 - وَلَا يُوَرَّثُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْمُرْتَدُّ وَالْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ] قَوْلُهُ: لَا يُقَرُّ الْمُرْتَدُّ وَلَوْ بِجِزْيَةٍ إلَخْ. قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَإِذَا طَلَبَ الْمُرْتَدُّونَ أَنْ يَجْعَلُوا ذِمَّةً لِلْمُسْلِمِينَ لَمْ يُفْعَلْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ مِنْ الْمُرْتَدِّ أَغْلَظُ مِنْ كُفْرِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ. وَلَمْ يَقُلْ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ الذِّمَّةُ. فَكَذَا هُنَا فَإِنْ طَلَبُوا الْمُوَادَعَةَ لِيَنْظُرُوا فِي أَمْرِهِمْ فَلَا بَأْسَ بِهِ إنْ كَانَ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ بِهِمْ طَاقَةٌ، فَإِنْ كَانُوا يُطِيقُونَهُمْ وَالْحَرْبُ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْ الْمُوَادَعَةِ يَأْخُذُونَهُمْ كَمَا فِي أَهْلِ الْحَرْبِ. (2) قَوْلُهُ: وَيُوقَفُ مِلْكُهُ وَتَصَرُّفَاتُهُ إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: تَصَرُّفَاتُ الْمُرْتَدِّ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ نَافِذٌ بِالِاتِّفَاقِ كَقَبُولِ الْهِبَةِ وَالِاسْتِيلَادِ وَتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ وَالطَّلَاقِ وَالْحَجْرِ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ وَبَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ كَالنِّكَاحِ وَالذَّبَائِحِ وَالْإِرْثِ وَمَوْقُوفٌ بِالِاتِّفَاقِ كَالْمُعَارَضَةِ مَعَ الْمُسْلِمِ وَمَا اخْتَلَفُوا فِي تَوَقُّفِهِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَقَبْضِ الدَّيْنِ عِنْدَ الْإِمَامِ. هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ مَوْقُوفَةٌ إنْ أَسْلَمَ نَفَذَ وَإِنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ أَوْ قَضَى الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَ وَعِنْدَهُمَا يَنْفُذُ إلَّا أَنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْفُذُ كَمَا يَنْفُذُ مِنْ الصَّحِيحِ حَتَّى تُعْتَبَرَ تَبَرُّعَاتُهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَنْفُذُ كَمَا تَنْفُذُ مِنْ الْمَرِيضِ حَتَّى تُعْتَبَرَ مِنْ الثُّلُثِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ. (3) قَوْلُهُ: وَلَا يُوَرَّثُ إلَخْ. أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ لِمَا فِي الْكَنْزِ وَإِنْ مَاتَ أَيْ: الْمُرْتَدُّ أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ وَرِثَ كَسْبَ إسْلَامِهِ وَارِثُهُ الْمُسْلِمُ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِ إسْلَامِهِ وَكَسْبُ رِدَّتِهِ فَيْءٌ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِ رِدَّتِهِ (انْتَهَى) . وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَإِذَا ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ عَنْ الْإِسْلَامِ

وَلَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ أَهْلِ مِلَّةٍ، وَلَا يَتْبَعُهُ وَلَدُهُ فِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا قُتِلَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ وَإِنْ طَلَبَ التَّأْجِيلَ أُجِّلَ لِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ شُرِعَتْ لِإِبْلَاءِ الْإِعْذَارِ، وَالْعُذْرُ قُدِّرَ شَرْعًا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ أَسْلَمَ سَقَطَ عَنْهُ الْقَتْلُ وَإِنْ أَبَى أَنْ يُسَلِّمَ قُتِلَ وَقُسِّمَ مَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى. وَكَذَا إذَا مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ هَذَا فِي كَسْبٍ اكْتَسَبَهُ فِي حَالِ الْإِسْلَامِ فَأَمَّا مَا اكْتَسَبَهُ فِي حَالِ الرِّدَّةِ فَقَالَ الْإِمَامُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: يَصِيرُ فَيْئًا وَيُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَقَالَ: لَا يَصِيرُ مِيرَاثًا بَيْنَ وَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ فِي الْأَحْكَامِ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى لَا يُغْنَمَ مَالُهُ وَلَا يُسْتَرَقَّ كَافِرٌ، مِنْ وَجْهٍ حَتَّى حَلَّ قَتْلُهُ وَحَرُمَ ذَبِيحَتُهُ. وَيَحْرُمُ التَّزَوُّجُ بِالْمُرْتَدِّ فَكَانَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ فَعَمِلْنَا بِهِمَا فِي الْحَالَيْنِ فَقُلْنَا بِتَوْرِيثِ كَسْبِ الْإِسْلَامِ عَمَلًا بِكَوْنِهِ مُسْلِمًا وَبِعَدَمِ تَوْرِيثِ كَسْبِ الرِّدَّةِ عَمَلًا بِكَوْنِهِ كَافِرًا. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَرِثُهُ مَنْ كَانَ وَارِثًا لَهُ عِنْدَ قَتْلِهِ أَوْ مَوْتِهِ سَوَاءٌ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الرِّدَّةِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَذَا إذَا قُتِلَ أَوْ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، فَأَمَّا الْحَرْبِيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَالْمَيِّتِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ. ثُمَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَرِثُهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ مَنْ كَانَ وَارِثًا لَهُ وَقْتَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ حَتَّى لَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ وَارِثًا. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَرِثُهُ مَنْ كَانَ وَارِثًا لَهُ عِنْدَ لَحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَتَرِثُ مِنْهُ امْرَأَتُهُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ. (4) قَوْلُهُ: وَلَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ أَهْلِ مِلَّةٍ إلَخْ. قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: الْمُرْتَدُّ إذَا قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ لَا يُدْفَعُ إلَى مَنْ انْتَقَلَ إلَى دِينِهِمْ كَالنَّصْرَانِيِّ وَالْيَهُودِيِّ لِيَدْفِنُوهُ فِي مَقَابِرِهِمْ لَكِنْ يُحْفَرُ لَهُ حُفْرَةً فَيُلْقَى فِيهَا كَالْكَلْبِ (انْتَهَى) .

[ما افترق فيه العتق والطلاق]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ 1 - يَقَعُ الطَّلَاقُ بِأَلْفَاظِ الْعِتْقِ، دُونَ عَكْسِهِ. 2 - وَهُوَ أَبْغَضُ الْمُبَاحَاتِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى. 3 - دُونَ الْعِتْقِ، وَيَكُونُ بِدْعِيًّا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ دُونَ الْعِتْقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ] قَوْلُهُ: دُونَ عَكْسِهِ. وَهُوَ وُقُوعُ الْعِتْقِ بِأَلْفَاظِ الطَّلَاقِ. (2) قَوْلُهُ: وَهُوَ أَبْغَضُ الْمُبَاحَاتِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى يَعْنِي أَنَّ هُنَاكَ مُبَاحَاتٌ مَبْغُوضَةٌ لِلَّهِ وَالطَّلَاقُ أَشَدُّهَا بُغْضًا إلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُبَاحِ مَا اسْتَوَى فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ، بَلْ مَا لَيْسَ تَرْكُهُ بِلَازِمٍ الشَّامِلِ لِلْمُبَاحِ وَالْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ وَالْمَكْرُوهِ. قَالَ الشُّمُنِّيُّ: وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ مَحْظُورٌ إلَّا لِحَاجَةٍ، قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ وَيُحْمَلُ لَفْظُ الْمُبَاحِ عَلَى مَا أُبِيحَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، أَعْنِي أَوْقَاتِ تَحَقُّقِ الْحَاجَةِ كَكِبْرٍ وَرِيبَةٍ أَوْ أَنْ يُلْقِي اللَّهُ عَدَمَ اشْتِهَائِهَا إلَيْهِ أَوْ لَا طُولَ لَهُ أَوْ لَمْ تَرْضَ بِالْإِقَامَةِ بِلَا قَسْمٍ، وَالْعَامَّةُ عَلَى إبَاحَتِهِ بِالنُّصُوصِ الْمُطْلَقَةِ وَهَذَا خِلَافُ مَا رَجَّحَهُ فِي الْفَتْحِ وَهُوَ الْحَقُّ وَلَا يُنَافِيه قَوْلُهُمْ الْأَصْلُ فِيهِ الْحَظْرُ وَالْإِبَاحَةُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّارِعَ تَرَكَ هَذَا الْأَصْلَ فَأَبَاحَهُ لِقَوْلِهِمْ الْأَصْلُ فِي النِّكَاحِ الْحَظْرُ وَالْإِبَاحَةُ لِلْحَاجَةِ إذْ لَا خِلَافَ لِأَحَدٍ فِي عَدَمِ كَرَاهَةِ الْمَسْنُونِ مِنْهُ، يَعْنِي الْمُبَاحَ وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ عُرِفَ أَنَّ مَا فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنْ بَيَّنَ حُكْمَهُمْ بِإِبَاحَتِهِ وَتَصْرِيحَهُمْ بِأَنَّهُ مَحْظُورٌ وَإِنَّمَا أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ وَالْحَاجَةُ مَا ذَكَرْنَا فِي بَيَانِ سَبَبِهِ تَدَافُعًا مَمْنُوعٌ، بَلْ الْحَاجَةُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ. وَمِنْهَا إرَادَتُهُ التَّخَلُّصَ مِنْهَا وَهِيَ بِالْوَاحِدَةِ تَنْدَفِعُ وَيَكُونُ مُسْتَحَبًّا وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ مُؤْذِيَةً أَوْ تَارِكَةً لِلصَّلَاةِ لَا تُقِيمُ حُدُودَ اللَّهِ كَمَا فِي الْبَيَانِيَّةِ. وَوَاجِبًا إذَا فَاتَ الْإِمْسَاكُ بِالْمَعْرُوفِ كَمَا فِي امْرَأَةِ الْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ، وَيَكُونُ حَرَامًا وَهُوَ طَلَاقُ الْمَوْطُوءَةِ بِغَيْرِ مَالٍ نُفَسَاءَ أَوْ حَائِضًا فَإِنَّهُ حَرَامٌ إجْمَاعًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ وُجُوبًا عَمَلِيًّا عَلَى الْأَصَحِّ أَنْ يُرَاجِعَهَا فِي الْحَيْضِ خُرُوجًا عَنْ الْمَعْصِيَةِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. كَذَا فِي الرَّمْزِ. (3) قَوْلُهُ: دُونَ الْعِتْقِ إلَخْ. يَعْنِي: فَلَيْسَ مِنْ أَبْغَضِ الْمُبَاحَاتِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ نَفْيُ الْمُشَارَكَةِ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ مَعَ أَنَّ الْعِتْقَ مُبَاحٌ لَا بُغْضَ فِيهِ بَلْ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا

[ما افترق فيه العتق والوقف]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْعِتْقُ وَالْوَقْفُ الْعِتْقُ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ. 1 - بِخِلَافِ الْوَقْفِ، وَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ. 2 - بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ. ثَلَاثَةَ عَشَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْعِتْقُ وَالْوَقْفُ] قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَقْفِ إلَخْ. يَعْنِي فَلَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ. اعْلَمْ أَنَّ الْوَقْفَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَحْكُومًا بِهِ أَوْ غَيْرَ مَحْكُومٍ بِهِ، فَإِنْ كَانَ مَحْكُومًا بِهِ يَلْزَمُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحْكُومًا بِهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا أَوْ مُضَافًا أَوْ مُرَكَّبًا مِنْ التَّنْجِيزِ وَالتَّعْلِيقِ أَوْ مِنْ التَّنْجِيزِ وَالْإِضَافَةِ. فَإِنْ كَانَ مُنَجَّزًا فَفِيهِ الْخِلَافُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُعَلَّقًا فَلَا يَخْلُو، إمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَلَّقًا بِالْمَوْتِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ الْمَوْتِ فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ بِالْمَوْتِ فَإِنْ عَلَّقَ بِمَوْتٍ مُقَيَّدٍ بِمَرَضِ كَذَا. فَكَذَلِكَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ عَلَّقَ بِمَوْتٍ مُطْلَقٍ فَالْوَقْفُ لَازِمٌ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا إذَا قَالَ: إذَا مِتُّ فَقَدْ وَقَفْت دَارِي عَلَى كَذَا، وَإِنْ كَانَ مُضَافًا إلَى الْوَقْتِ بِأَنْ قَالَ: وَقَفْتُ دَارِي بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَقَدْ ذَكَرَ فِي وَقْفِ الذَّخِيرَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ: أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ سُئِلَ الْخَصَّافُ عَنْهَا فَقَالَ: مَا أَحْفَظُ عَنْ أَصْحَابِنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ شَيْئًا. وَقَالَ: وَعِنْدِي لَا تَكُونُ هَذِهِ الدَّارُ وَقْفًا وَإِنْ كَانَ مُرَكَّبًا فَالْوَقْفُ لَازِمٌ بِالْإِجْمَاعِ. فَاغْتَنِمْ هَذِهِ الْأَقْسَامَ فَإِنَّك لَا تَجِدُهَا مَجْمُوعَةً فِي جَمِيعِ كُتُبِ الْأَنَامِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى حُصُولِ الْمَرَامِ عَلَى أَتَمِّ التَّمَامِ. كَذَا فِي الْمَنْبَعِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَصُورَةُ الْجَمْعِ بَيْنَ التَّنْجِيزِ وَالْإِضَافَةِ أَنْ يَقُولَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ حَالَ حَيَاتِي وَبَعْدَ مَمَاتِي. فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ يَصِيرُ لَازِمًا لِلْحَالِ وَكَانَ لُزُومُهُ لِلْحَالِ تَبَعًا لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَصُورَةُ الْجَمْعِ بَيْنَ التَّنْجِيزِ وَالتَّعْلِيقِ أَنْ يَقُولَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ حَالَ حَيَاتِي وَإِذَا مِتُّ. (2) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ إلَخْ. قَالَ فِي الْإِسْعَافِ: قَبُولُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ إنْ وَقَعَ لِأَقْوَامٍ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَإِنْ وَقَعَ لِشَخْصٍ بِعَيْنِهِ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ فِي حَقِّهِ، فَإِنْ قَبِلَهُ كَانَتْ الْعِلَّةُ لَهُ وَإِنْ رَدَّهُ يَكُونُ

، ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْفُقَرَاءِ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ مَاتَ وَمَنْ قَبِلَ مَا وُقِفَ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَهُ وَمِنْ رَدَّهُ أَوَّلِ مَرَّةٍ لَيْسَ لَهُ الْقَبُولُ بَعْدَهُ (انْتَهَى) . وَيُزَادُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْوَقْفَ فِيهِ شَائِبَةُ مِلْكٍ بِخِلَافِ الْعِتْقِ، وَيُزَادُ أَيْضًا أَنَّ الْعِتْقَ يَسْرِي بِخِلَافِ الْوَقْفِ فَلَوْ وَقَفَ نِصْفَ دِرْهَمٍ صَحَّ وَلَا يَسْرِي لِلنِّصْفِ الثَّانِي بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدٍ. ذَكَرَ ذَلِكَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ وَلَيْسَ فِي قَوَاعِدِ مَذْهَبِنَا مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ

[ما افترق فيه المدبر وأم الولد]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ 1 - كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ: لَا تُضَمَّنُ بِالْغَصْبِ وَبِالْإِعْتَاقِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَلَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِبَيْعِهَا بِخِلَافِهِ، وَتُعْتَقُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَهُوَ مِنْ الثُّلُثِ، وَقِيمَتُهَا ثُلُثُ قِيمَتِهَا لَوْ كَانَتْ قِنَّةً وَهُوَ النِّصْفُ فِي رِوَايَةٍ وَالثُّلُثَانِ فِي أُخْرَى وَالْجَمِيعُ فِي أُخْرَى، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ إذَا أُعْتِقَتْ أَوْ مَاتَ السَّيِّدُ لَا عَلَى الْمُدَبَّرَةِ، وَلَوْ اسْتَوْلَدَ أُمَّ وَلَدٍ مُشْتَرَكَةٍ لَا يَمْلِكُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ بِالضَّمَانِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرَةِ، وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا بِالسُّكُوتِ دُونَ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ، وَلَا تَسْعَى لِدَيْنِ الْمَوْلَى بَعْدَ مَوْتِهِ بِخِلَافِهِ، وَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهَا وَيَصِحُّ اسْتِيلَادُ الْمُدَبَّرَةِ، وَلَا يَمْلِكُ الْحَرْبِيُّ بَيْعَهَا وَلَهُ بَيْعُهُ، وَلَوْ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ صَحَّ وَلَوْ صَغِيرًا، وَلَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ] قَوْلُهُ: كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ إلَخْ. أَقُولُ: الصَّوَابُ كَمَا فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ وَعَلَى الصَّوَابِ جَرَى الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَعِبَارَةُ الْفُرُوقِ وَأُمُّ الْوَلَدِ تُفَارِقُ الْمُدَبَّرَ فِي أَحْكَامٍ هِيَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَتُوَافِقُهُ فِي أَحْكَامٍ هِيَ اثْنَيْ عَشَرَ لَا تُضَمَّنُ بِالْغَصْبِ وَالْإِعْتَاقِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ حَتَّى لَوْ وَلَدَتْ جَارِيَةٌ مُشْتَرَكَةٌ وَلَدًا فَادَّعَيَاهُ مَعًا حَتَّى صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَعْتَقَ عَتَقَ كُلُّهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُعْتَقِ وَلَا سِعَايَةَ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، فَيَقُولَانِ فِي الْمَوْتِ بِالسِّعَايَةِ لِلْآخَرِ فِي الْإِعْتَاقِ بِالضَّمَانِ إنْ كَانَ مُوسِرًا بِالسِّعَايَةِ لَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَالْمُدَبَّرُ يَضْمَنُ بِالْإِعْتَاقِ وَالْغَصْبِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ مَعَ التَّسْلِيمِ كَمَا فِي الْمَوْقُوفِ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ ثَابِتَةٌ قَضِيَّةً لِلنَّصِّ وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» فَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ حَقِيقَةُ الْحُرِّيَّةِ يَثْبُتُ مَا هُوَ مِنْ لَوَازِمِهَا

[ما افترق فيه البيع الفاسد والصحيح]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ وَالصَّحِيحُ 1 - يَصِحُّ إعْتَاقُ الْبَائِعِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي بِتَكْرِيرِ لَفْظِ الْعِتْقِ بِخِلَافِهِ فِي الصَّحِيحِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ سُقُوطُ التَّقَوُّمِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ لَوَازِمِ الْحَقِيقَةِ، وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِجَوَازِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ، وَأُمُّ الْوَلَدِ تُعْتَقُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَالْمُدَبَّرُ مِنْ الثُّلُثِ، وَقِيمَةُ أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ كَالْقِنِّ فِي رِوَايَةٍ عَلَى النِّصْفِ فِي رِوَايَةٍ، وَالثُّلُثَيْنِ فِي رِوَايَةٍ. وَعَلَى أُمِّ الْوَلَدِ الْعِدَّةُ بَعْدَ الْمَوْتِ إذَا أُعْتِقَتْ أَوْ أَعْتَقَهَا، وَلَيْسَ عَلَى الْمُدَبَّرَةِ الْمُشْتَرَكَةِ عِدَّةٌ وَلَوْ اسْتَوْلَدَ أُمَّ وَلَدٍ مُشْتَرَكَةٍ لَا يَمْلِكُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ بِالضَّمَانِ. وَلَوْ اسْتَوْلَدَ الْمُدَبَّرَةَ الْمُشْتَرَكَةَ مَلَكَهَا بِالضَّمَانِ وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرَةِ وَلَا تَسْعَى أُمُّ الْوَلَدِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى فِي شَيْءٍ مِنْ دَيْنٍ الْمَوْلَى وَالْمُدَبَّرُ يَسْعَى فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ وَتَدْبِيرُ أُمِّ الْوَلَدِ لَا يَجُوزُ. وَاسْتِيلَادُ الْمُدَبَّرَةِ جَائِزٌ. حَرْبِيٌّ خَرَجَ بِأُمِّ وَلَدِهِ إلَيْنَا لَا يَكُونُ الْوَلَدُ صَغِيرًا. وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مُدَبَّرٌ جَازَ بَيْعُهُ وَلَوْ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ صَحَّ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا. وَلَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ لَا يَصِحُّ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَتُسَاوِي أُمُّ الْوَلَدِ الْمُدَبَّرَ فِي مَنْعِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْإِمْهَارِ وَجَوَازِ الْإِجَارَةِ وَحِلِّ الْوَطْءِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَجَوَازِ التَّزْوِيجِ وَمِلْكِ الْمَهْرِ الَّذِي يَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ وَمِلْكِ الْكَسْبِ وَالْغَلَّةِ وَعَدَمِ الْجَوَازِ عَنْ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ. [مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ وَالصَّحِيحُ] (1) قَوْلُهُ: يَصِحُّ إعْتَاقُ الْبَائِعِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يُنْظَرُ فِي مَعْنَى التَّكْرِيرِ وَنَقَلَ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ: أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا أَمَرَ الْبَائِعَ بِعِتْقِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى قَبْلَ الْقَبْضِ فَفَعَلَ جَازَ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ. فَقَدْ مَلَكَ الْمَأْمُورُ بِالْأَمْرِ مَا لَا يَمْلِكُهُ الْآمِرُ بِنَفْسِهِ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ قَاضِي خَانْ خِلَافَهُ وَقَالَ: لَعَلَّ فِيهَا رِوَايَتَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا غَلَطٌ فَتَأَمَّلْ وَنَقَلَ فِي شَرْحِهِ عَنْ الْقُنْيَةِ إعْتَاقُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ بَاطِلٌ، وَبِحَضْرَتِهِ صَحِيحٌ. وَيُجْعَلُ فَسْخًا لِلْبَيْعِ (انْتَهَى) . وَهُوَ تَخْصِيصٌ بِقَوْلِهِ إنَّ إعْتَاقَهَا بَاطِلٌ (انْتَهَى) . أَقُولُ فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ: بَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا

وَلَوْ أَمَرَهُ الْمُشْتَرِي بِإِعْتَاقِهِ عَنْهُ فَفَعَلَ عَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ بِخِلَافِهِ فِي الصَّحِيحِ، 3 - وَلَوْ أَمَرَهُ الْمُشْتَرِي بِطَحْنِ الْحِنْطَةِ فَفَعَلَ كَانَ لِلْبَائِعِ بِخِلَافِهِ فِي الصَّحِيحِ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِذَبْحِ الشَّاةِ فَفَعَلَ كَانَتْ لِلْبَائِعِ بِخِلَافِهِ فِي الصَّحِيحِ 4 - وَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْقِيمَةِ بَعْدَ فَسْخِ الْفَاسِدِ ثُمَّ هَلَكَ الْمَبِيعُ فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَقَبَضَ الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ هُوَ حُرٌّ يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُجْعَلُ اسْتِرْدَادًا وَفَسْخًا، وَالثَّانِي إعْتَاقًا لِلْمِلْكِ إنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِرْدَادَ يَكُونُ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي لَا بِغَيْبَتِهِ، وَفِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ لَا يَعْتِقُ وَإِنْ أَقَرَّ أَلْفَ مَرَّةٍ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى غَيْرِ الْمِلْكِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَعْنَى تَكْرِيرِ لَفْظِ الْعِتْقِ. (2) قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمَرَهُ الْمُشْتَرِي بِإِعْتَاقِهِ عَنْهُ فَفَعَلَ إلَخْ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ حَرَامٌ فَلَا يَتَكَلَّفُ لِإِثْبَاتِهِ. وَفِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ مُسْتَحَقٌّ فَيَتَكَلَّفُ لِإِثْبَاتِهِ لَهُ وَيُجْعَلُ الْإِعْتَاقُ قَبْضًا. (3) قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمَرَهُ الْمُشْتَرِي بِطَحْنِ الْحِنْطَةِ فَفَعَلَ كَانَ لِلْبَائِعِ إلَخْ. أَمَّا لَوْ أَمَرَ الْبَائِعَ لِيَخْلِطَ الْحِنْطَةَ بِحِنْطَةِ الْمُشْتَرِي فَفَعَلَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي، وَيَكُونُ قَبْضًا فِي الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ خَلْطَ الْجِنْسِ بِالْجِنْسِ اسْتِهْلَاكٌ، فَإِذَا اتَّصَلَ بِمِلْكِ الْمُشْتَرِي يُجْعَلُ قَبْضًا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ الِاتِّصَالِ بِمِلْكِ الْمُشْتَرِي. (4) قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْقِيمَةِ إلَخْ. يَعْنِي: لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَ الْعَبْدَ ثُمَّ فَسَخَا أَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الْقِيمَةِ ثُمَّ هَلَكَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، فَالْإِبْرَاءُ لَا يَصِحُّ. وَفِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الثَّمَنِ بَعْدَ الْفَسْخِ كَانَ صَحِيحًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْهَلَاكِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ بِالْفَسْخِ فِي الْفَاسِدِ تَرْتَفِعُ الْقِيمَةُ بِالْإِبْرَاءِ عَنْ الْقِيمَةِ فِي زَمَانِ عَدَمِ الْوُجُوبِ، ثُمَّ بِالْهَلَاكِ تَجِبُ بِالْقِيمَةِ أَمَّا بِالْفَسْخِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ لَا يَرْتَفِعُ ضَمَانُ

وَفِي الصَّحِيحِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. 6 - وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ بِخِلَافِ الصَّحِيحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ إبْرَاءً صَحِيحًا، حَتَّى أَنَّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْعَبْدِ ثُمَّ هَلَكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ رَدَّ الْعَبْدِ وَاجِبٌ. كَذَا فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ. (5) قَوْلُهُ: وَفِي الصَّحِيحِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. الَّذِي فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ الَّتِي بِخَطِّهِ، لَا ثَمَنَ عَلَيْهِ. (6) قَوْلُهُ: وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ إلَخْ. يَعْنِي: لَوْ اشْتَرَى دَارًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَ لَا يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ حَقٌّ عِنْدَ الْبَقَاءِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ يُسَاوِي الصَّحِيحَ فِي أَنَّهُ يَصِيرُ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ، وَيُفَارِقُهُ فِي أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مِلْكًا قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْفَسْخِ بِالْوَطْءِ وَتَوَابِعِهِ بِالْإِجَارَةِ وَبِمَوْتِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ، وَيَبْطُلُ بِالرَّهْنِ وَبِالْهِبَةِ لَكِنْ يَعُودُ بِالِانْفِكَاكِ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ، وَبِالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ، وَيَبْطُلُ بِصَبْغِهِ أَحْمَرَ لَا أَسْوَدَ. وَفِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ يَبْطُلُ حَقُّ الْفَسْخِ بِالْإِجَارَةِ وَالْمَوْتِ وَالصَّبْغِ بِأَيِّ شَيْءٍ وَيُسَاوِي الْهِبَةَ فِي أَنَّهُ يَمْلِكُ بِالْقَبْضِ فِي غَيْرِ الْمَجْلِسِ بِالْإِذْنِ لَا بِغَيْرِ الْإِذْنِ. كَذَا فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ.

[ما افترق فيه الإمامة العظمى والقضاء]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْإِمَامَةُ الْعُظْمَى وَالْقَضَاءُ 1 - يُشْتَرَطُ فِي الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ قُرَشِيًّا بِخِلَافِ الْقَاضِي، وَلَا يَجُوزُ تَعَدُّدُهُ فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ وَجَازَ تَعَدُّدُ الْقَاضِي، وَلَوْ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ. 2 - وَلَا يَنْعَزِلُ الْإِمَامُ بِالْفِسْقِ بِخِلَافِ الْقَاضِي عَلَى قَوْلٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْإِمَامَةُ الْعُظْمَى وَالْقَضَاءُ] قَوْلُهُ: الْإِمَامَةُ إلَخْ. أَقُولُ: قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْإِمَامُ الْخَلِيفَةُ (انْتَهَى) . وَقِيلَ الْإِمَامُ أَعَمُّ. قَالَ الْعَلَّامَةُ التَّفْتَازَانِيُّ: لَكِنَّ هَذَا الِاصْطِلَاحَ مِمَّا لَمْ نَجِدْهُ لِلْقَوْمِ بَلْ مِنْ الشِّيعَةِ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الْخَلِيفَةَ أَعَمُّ وَلِهَذَا يَقُولُونَ بِخِلَافِ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ دُونَ إمَامَتِهِمْ. (2) قَوْلُهُ: يُشْتَرَطُ فِي الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ قُرَشِيًّا. . . إلَخْ اعْلَمْ أَنَّ شَرَائِطَ الْإِمَامَةِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَالتَّكْلِيفِ خَمْسٌ: الذُّكُورَةُ وَالْوَرَعُ وَالْعِلْمُ وَالْكِتَابَةُ وَنَسَبُ قُرَيْشٍ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» . فَإِذَا اجْتَمَعَ عَدَدٌ مِنْ الْمَوْصُوفِينَ فَالْإِمَامُ مَنْ انْعَقَدَ لَهُ الْبَيْعَةُ مِنْ أَكْثَرِ الْخَلْقِ، وَالْمُخَالِفُ لِأَكْثَرِ الْخَلْقِ بَاغٍ يَجِبُ رَدُّهُ إلَى انْقِيَادِ الْمُحَقِّ وَلَوْ تَعَذَّرَ وُجُودُ الْوَرَعِ وَالْعِلْمِ فِيمَنْ تَصَدَّى لِلْإِمَامَةِ وَكَانَ فِي صَرْفِهِ إثَارَةُ فِتْنَةٍ لَا تُطَاقُ حَكَمْنَا بِانْعِقَادِ إمَامَتِهِ؛ لِأَنَّا بَيْنَ أَنْ تُحَرَّكَ فِتْنَتُهُ بِالِاسْتِبْدَالِ فَمَا يَلْقَى الْمُسْلِمُونَ مِنْ الضَّرُورَاتِ أَزْيَدُ عَلَى مَا يَفُوتُهُمْ مِنْ نُقْصَانِ هَذِهِ الشَّرَائِطِ الَّتِي تَثْبُتُ لِمَزِيدِ الْمَصْلَحَةِ فَلَا نَهْدِمُ أَصْلَ الْمَصْلَحَةِ شَغَفًا بِمَزَايَاهَا كَاَلَّذِي يَبْنِي قَصْرًا وَيَهْدِمُ مِصْرًا، وَبَيْنَ أَنْ يُحْكَمَ بِخُلُوِّ الْبِلَادِ عَنْ الْإِمَامِ وَبِفَسَادِ الْأَقْضِيَةِ، وَذَلِكَ مُحَالٌ وَنَحْنُ نَقْضِي بِنُفُوذِ قَضَاءِ أَهْلِ الْبَغْيِ فِي بِلَادِهِمْ لِمَسِيسِ حَاجَتِهِمْ فَكَيْفَ لَا نَقْضِي بِصِحَّةِ الْإِمَامَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ أَوْ الضَّرُورَةِ. (3) قَوْلُهُ: وَلَا يَنْعَزِلُ الْإِمَامُ بِالْفِسْقِ. . . إلَخْ وَهُوَ الْخُرُوجُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَلَا بِالْجَوْرِ وَهُوَ ظُلْمُ الْعِبَادِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ الْفِسْقُ وَانْتَشَرَ الْجَوْرُ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَالْأُمَرَاءِ بَعْدَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ. وَالسَّلَفُ كَانُوا يَنْقَادُونَ لَهُمْ وَيُقِيمُونَ الْجُمَعَ وَالْأَعْيَادَ بِإِذْنِهِمْ، وَلَا يَرَوْنَ الْخُرُوجَ عَلَيْهِمْ. وَلِأَنَّ الْعِصْمَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا لِلْإِمَامَةِ ابْتِدَاءً فَبَقَاءً أَوْلَى. وَعَنْ هَذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَطَاعَةُ مَنْ إلَيْهِ الْأَمْرُ فَالْزَمْ ... وَإِنْ كَانُوا بُغَاةً جَائِرِينَا فَإِنْ كَفَرُوا كَكُفْرِ بَنِي عُبَيْدٍ ... فَلَا تَسْكُنْ دِيَارَ الْكَافِرِينَا

[ما افترق فيه القضاء والحسبة]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْقَضَاءُ وَالْحِسْبَةُ 1 - لِلْقَاضِي سَمَاعُ الدَّعْوَى عُمُومًا وَلِلْمُحْتَسِبِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِنَجَسٍ أَوْ تَنْظِيفٍ أَوْ غِشٍّ. 2 - وَلَا يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ وَلَا يُحَلِّفُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْقَضَاءُ وَالْحِسْبَةُ] قَوْلُهُ: لِلْقَاضِي سَمَاعُ الدَّعْوَى عُمُومًا. . . إلَخْ قَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ: وَأَمَّا وِلَايَةُ الْحِسْبَةِ فَهِيَ تَقْصُرُ عَنْ الْقَضَاءِ فِي أَشْيَاءِ كُلِّ الْأَحْكَامِ بَلْ لَهُ الْحُكْمُ فِي الرَّوَاشِنِ الْخَارِجَةِ بَيْنَ الدُّرَرِ، وَبِنَاءِ الْمَشَاعِبِ فِي الطُّرُقِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْحِسْبَةِ وَلَيْسَ لَهُ إنْشَاءُ الْأَحْكَامِ وَلَا تَنْفِيذُهَا فِي عُقُودِ الْأَنْكِحَةِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَلَا لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي عُيُوبِ الدَّوَابِّ وَشَبَهِهَا إلَّا أَنْ يُجْعَلَ لَهُ ذَلِكَ فِي مَنْشُورِهِ، وَيَزِيدُ الْمُحْتَسِبُ عَلَى الْقَاضِي بِكَوْنِهِ يَتَعَرَّضُ لِلتَّفَحُّصِ عَنْ الْمُنْكَرَاتِ وَإِنْ لَمْ يُنْهَ إلَيْهِ. وَأَمَّا الْقَاضِي فَلَا يَحْكُمُ إلَّا فِيمَا رُفِعَ إلَيْهِ، وَمَوْضِعُ الْحِسْبَةِ الرَّهْبَةُ، وَمَوْضِعُ الْقَضَاءِ النَّصَفَةُ. (2) قَوْلُهُ: وَلَا يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ وَلَا يُحَلِّفُ. . . إلَخْ يَعْنِي: فِيمَا يُحَكَّمُ فِيهِ بَلْ يَكْتَفِي بِمُجَرَّدِ الْإِعْلَامِ وَالْإِخْبَارِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ.

[ما افترق فيه الشهادة والرواية]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ الشَّهَادَةُ وَالرِّوَايَةُ 1 - يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ فِيهَا دُونَ الرِّوَايَةِ، لَا تُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ فِي الرِّوَايَةِ مُطْلَقًا وَتُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، تُشْتَرَطُ الْحُرِّيَّةُ فِيهَا دُونَ الرِّوَايَةِ، لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ لِأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَرَقِيقِهِ بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ. 2 - لِلْعَالِمِ الْحُكْمُ بِعِلْمِهِ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فِي الرِّوَايَةِ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ، الْأَصَحُّ قَبُولُ الْجَرْحِ الْمُبْهَمِ مِنْ الْعَالِمِ بِهِ بِخِلَافِهِ فِي الشَّهَادَةِ، لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْأَصْلِ بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ، إذَا رَوَى شَيْئًا ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ لَا يُعْمَلُ بِهِ. 3 - بِخِلَافِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ، لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ لِمَحْدُودٍ فِي قَذْفٍ بَعْدَ التَّوْبَةِ وَتُقْبَلُ رِوَايَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ الشَّهَادَةُ وَالرِّوَايَةُ] قَوْلُهُ: يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ فِيهَا دُونَ الرِّوَايَةِ إلَخْ فِي الْفَرْقِ بِمَا ذَكَرَ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ فَرْعُ تَصَوُّرِهَا وَتَمْيِيزِهَا عَنْ الرِّوَايَةِ، فَلَوْ عُرِفَتْ بِأَثَرِهَا وَأَحْكَامِهَا الَّتِي لَا تُعْرَفُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَتِهَا لَزِمَ الدَّوْرُ. وَالْفَرْقُ الصَّحِيحُ مَا ذَكَرَهُ الْمُنْذِرِيُّ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ حَيْثُ قَالَ: الشَّهَادَةُ وَالرِّوَايَةُ خَبَرَانِ غَيْرُ الْمُخْبَرِ عَنْهُ إنْ كَانَ أَمْرًا عَامًّا لَا يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ فَهُوَ مَفْهُومُ الرِّوَايَةِ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» أَوْ الشُّفْعَةُ فِيمَا لَا يُقَسَّمُ لَا يَخْتَصُّ بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ بَلْ ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ بِخِلَافِ قَوْلِ الْعَدْلِ عِنْدَ الْحَاكِمِ: لِهَذَا عِنْدَ هَذَا دِينَارٌ إلْزَامٌ لِمُعَيَّنٍ لَا يَتَعَدَّاهُ لِغَيْرِهِ هَذَا هُوَ الشَّهَادَةُ الْمَحْضَةُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الرِّوَايَةُ الْمَحْضَةُ. هَذَا مَا حَقَّقَهُ الْقَرَافِيُّ فِي كِتَابِ الْفُرُوقِ. (2) قَوْلُهُ: لِلْعَالِمِ الْحُكْمُ بِعِلْمِهِ إلَخْ أَقُولُ لَيْسَ هَذَا الْكَلَامُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ. (3) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ إلَخْ كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَالصَّوَابُ بَعْدَ الْحُكْمِ. قَالَ فِي الْكَنْزِ: فَإِنْ رَجَعَا قَبْلَ حُكْمِهِ لَمْ يَقْضِ وَبَعْدَهُ لَمْ يَنْقَضِ.

[ما افترق فيه حبس الرهن والمبيع]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ حَبْسُ الرَّهْنِ وَالْمَبِيعِ 1 - لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ غَائِبًا لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ مُطْلَقًا وَالرَّهْنُ إذَا كَانَ غَائِبًا عَنْ الْمِصْرِ وَتَلْحَقُ الْمُرْتَهِنَ مُؤْنَةٌ فِي إحْضَارِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ إحْضَارُهُ قَبْلَ أَخْذِ الدَّيْنِ، وَالْمُرْتَهِنُ إذَا أَعَارَ الرَّهْنَ مِنْ الرَّاهِنِ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ فِي الْحَبْسِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ حَبْسُ الرَّهْنِ وَالْمَبِيعِ] قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ غَائِبًا لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ مُطْلَقًا: يَعْنِي سَوَاءً لَحِقَ الْبَائِعَ مُؤْنَةٌ فِي إحْضَارِهِ أَوْ لَا. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ: وَلَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِ السِّلْعَةِ لِيَعْلَمَ قِيَامَهَا، فَإِذَا أَحْضَرَهَا الْبَائِعُ أُمِرَ الْمُشْتَرِي بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ. وَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ دَفْعِهِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ غَائِبًا وَلَوْ عَنْ الْمِصْرِ. وَفِي السِّرَاجِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ غَيْرِ مَوْضِعِ الْمُتَرَاهِنَيْنِ مِنْ حَيْثُ تَلْحَقُهُ الْمُؤْنَةُ بِالْإِحْضَارِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْمَرُ الْمُرْتَهِنُ بِإِحْضَارِهِ بَلْ يُسَلِّمُ الرَّاهِنُ الدَّيْنَ إذَا أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ بِقِيَامِ الرَّهْنِ، فَإِنْ ادَّعَى الرَّاهِنُ هَلَاكَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ لَمْ يَهْلِكْ لِكَوْنِ الرَّهْنِ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَالْوَدِيعَةِ فَلَا يُؤْمَرُ بِإِحْضَارِهِ إذَا لَحِقَهُ مُؤْنَةٌ. وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ فَالثَّمَنُ بَدَلٌ وَلَوْ سَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ سَقَطَ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَهُ رَدُّهُ إلَيْهِ وَلَوْ أَعَارَهُ الْبَائِعُ لَهُ أَوْ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ عَلَى الْمَشْهُورِ بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ إذَا أَعَارَ الرَّهْنَ مِنْ الرَّاهِنِ، فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ فَلَهُ اسْتِرْجَاعُهُ، وَلَوْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ فِي الْحَبْسِ (انْتَهَى) . وَفِي الْخَانِيَّةِ: آخِرَ كِتَابِ الرَّهْنِ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى شَيْئًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ فَلَقِيَهُ الْبَائِعُ فِي غَيْرِ مِصْرِهِمَا فَطَالَبَهُ بِالثَّمَنِ فَأَبَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ قَبْلَ أَنْ يُحْضِرَ الْمَبِيعَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ قَبْلَ إحْضَارِ الْمَبِيعِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الرَّهْنِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَبِيعَ مَعَ الثَّمَنِ عِوَضَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَإِذَا تَأَخَّرَ قَبْضُ أَحَدِهِمَا يَتَأَخَّرُ الْآخَرُ، أَمَّا الرَّهْنُ لَيْسَ بِعِوَضٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَتَأَخُّرُ أَحَدِهِمَا لَا يُوجِبُ تَأَخُّرَ الْآخَرِ إلَّا أَنَّ فِي الْبَيْعِ يُؤْخَذُ كَفِيلٌ مِنْ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَحْضُرَ ذَلِكَ الْمِصْرَ أَوْ يَبْعَثَ وَكِيلًا لِيَدْفَعَ الثَّمَنَ وَيَأْخُذَ نَظَرًا لَهُمَا.

فَلَهُ رَدُّهُ بِخِلَافِ الْبَائِعِ إذَا أَعَارَ الْمَبِيعَ أَوْ أَوْدَعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي سَقَطَ حَقُّهُ. فَلَا يَمْلِكُ رَدَّهُ، وَهُمَا فِي بُيُوعِ السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْبَائِعُ إذَا قَبَضَ الثَّمَنَ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ فِيهِ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً وَرَدَّهَا لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ وَفِي الرَّهْنِ يَسْتَرِدُّهُ، وَلَوْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ بَعْدَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَتَصَرَّفَ فِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعُ بَعْدَ نَقْدِ الثَّمَنِ زُيُوفًا لَيْسَ لَهُ إبْطَالُ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ الرَّهْنِ. ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي الْبُيُوعِ. 3 - وَقَاضِي خَانْ فِي الرَّهْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَهُ رَدُّهُ إلَخْ وَصَوَابُهُ اسْتِرْدَادُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (3) قَوْلُهُ: وَقَاضِي خَانْ فِي الرَّهْنِ إلَخْ قَدْ رَاجَعْت الْفَتَاوَى لَهُ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ فَلَمْ أَجِدْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. فَلَعَلَّ قَاضِيَ خَانْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ كِتَابِ الْفَتَاوَى مِنْ كُتُبِهِ.

[ما افترق فيه الوكيل بالبيع والوكيل بقبض الدين]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ 1 - صَحَّ إبْرَاءُ الْأَوَّلِ مِنْ الثَّمَنِ وَحَطُّهُ وَضُمِّنَ وَلَا يَصِحُّ مِنْ الثَّانِي، صَحَّ مِنْ الْأَوَّلِ قَبُولُ الْحَوَالَةِ لَا مِنْ الثَّانِي. 2 - وَصَحَّ مِنْ الْأَوَّلِ أَخْذُ الرَّهْنِ. 3 - لَا مِنْ الثَّانِي، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ] قَوْلُهُ: صَحَّ إبْرَاءُ الْأَوَّلِ مِنْ الثَّمَنِ إلَخْ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَلَوْ أَبْرَأَ الْوَكِيلُ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ صَحَّ عِنْدَهُمَا قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَضُمِّنَ. وَبَعْدَ قَبْضِهِ لَا يَمْلِكُ الْحَطَّ وَالْإِبْرَاءَ وَالْإِقَالَةَ. وَبَعْدَمَا قَبِلَ الثَّمَنَ حَوَالَةً لَا يَصِحُّ كَمَا بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ، وَهَذَا إذَا كَانَ لِلْمُحْتَالِ عَلَى الْوَكِيلِ الْمُحِيلِ دَيْنٌ فَيَصِيرُ قَاضِيًا دَيْنَ نَفْسِهِ، فَيُضَمَّنُ لِلْمُوَكِّلِ. وَإِذَا أَقَالَ وَأَرَادَ إسْقَاطَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يَصِحُّ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَهِيَ وَكَالَةٌ فَلَا تُمْنَعُ الصِّحَّةُ. وَفِي مَوْضِعِ ثِقَةٍ قَبَضَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ ثُمَّ وَهَبَ أَوْ حَطَّ، إنْ أَضَافَ إلَى الْمَقْبُوضِ بِأَنْ قَالَ وُهِبْت مِنْك هَذَا الثَّمَنَ لَا يَصِحُّ إجْمَاعًا وَإِنْ أَطْلَقَ بِأَنْ قَالَ وُهِبْت مِنْك ثَمَنَ هَذَا الْعَبْدِ صَحَّ كَمَا لَوْ كَانَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ. (2) قَوْلُهُ: وَصَحَّ مِنْ الْأَوَّلِ أَخْذُ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي حَقِّ الْحُقُوقِ وَقَعَ لَهُ، وَلِهَذَا لَوْ حَجَرَهُ الْمُوَكِّلُ عَنْ أَخْذِ الرَّهْنِ وَالْكَفِيلُ وَعَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَنْفُذُ حَجْرُهُ وَلَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ حَتَّى سَقَطَ الثَّمَنُ عَنْ الْمُشْتَرِي، يَظْهَرُ السُّقُوطُ فِي الْمُوَكِّلِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ. (3) قَوْلُهُ: لَا مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِقَبْضٍ حَقِيقِيٍّ فَأَتَى بِقَبْضٍ حُكْمِيٍّ فَصَارَ مُخَالِفًا فَيُضَمَّنُ. وَفِي التُّمُرْتَاشِيِّ نَقْلًا عَنْ الثَّانِي: الْوَكِيلُ بِقَبْضٍ لِدَيْنٍ أَخَذَ بِهِ رَهْنًا لَمْ يَجُزْ (انْتَهَى) . وَإِنْ أَخَذَ كَفِيلًا جَازَ؛ لِأَنَّ هَذَا وَثِيقَةٌ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى الِاسْتِيفَاءِ. وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ: الْمَدْيُونُ قَالَ لِلْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ لَيْسَ عِنْدِي الْيَوْمَ مَالٌ وَلَكِنْ خُذْ هَذَا الثَّوْبَ رَهْنًا بِالْمَالِ، فَأَخَذَهُ مِنْهُ فَضَاعَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ الْأَدَاءُ بِهِ.

وَصَحَّ مِنْهُمَا أَخْذُ الْكَفِيلِ وَصَحَّ ضَمَانُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ الْمَدْيُونِ فِيهِ. 5 - وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْوَكِيلِ فِي الْمَبِيعِ الْمُشْتَرَى فِي الثَّمَنِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ بِالدَّيْنِ لَا الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ بِهِ، وَلِلْمُشْتَرِي مُطَالَبَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَصَحَّ مِنْهُمَا أَخْذُ الْكَفِيلِ إلَخْ أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا مِمَّا الْكَلَامُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الِافْتِرَاقِ لَا الِاجْتِمَاعِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُزَادُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ: أَنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَا يَمْلِكُ تَوْكِيلَ غَيْرِهِ لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي الْقَبْضِ بِخِلَافِ وَكِيلِ الْبَيْعِ. كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي أَحْكَامِ الْوُكَلَاءِ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ مِنْ فَنِّ الْفَوَائِدِ مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ فِي عِيَالِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ أَوْ تَعْمِيمٍ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَخْتَصَّ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِغَيْرِ مَنْ فِي عِيَالِ الْوَكِيلِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ حَيْثُ قَالَ: الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَا يَمْلِكُ التَّوْكِيلَ وَلَوْ فَعَلَ لَا يَبْرَأُ الْمَدْيُونُ إلَّا أَنْ يَصِلَ الْمَالُ إلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ أَوْ يَكُونَ الثَّانِي مِنْ عِيَالِ الْأَوَّلِ. (انْتَهَى) . وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ: الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ رَجُلٍ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ لِلْمَطْلُوبِ وَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا وُهِبَ الدَّيْنَ مِنْ الْغَرِيمِ أَوْ أَبْرَأَ أَوْ ارْتَهَنَ، لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ (انْتَهَى) . وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَحِينَئِذٍ تُزَادُ صُورَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَهِيَ الْمُقَاصَّةُ فِي وَكِيلِ الْقَبْضِ دُونَ وَكِيلِ الْبَيْعِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْعَدْلُ وَالْوَكِيلُ الْمُفْرَدُ بِالْبَيْعِ. وَذَكَرَ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: أَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ فِي مَسَائِلَ، مِنْهَا أَنَّهُ يَبِيعُ الْوَلَدَ وَالْإِرْثَ وَمَا يُؤْخَذُ بِالْإِتْلَافِ. وَالْمُفْرَدُ لَا يَبِيعُ وَمِنْهَا إذَا بَاعَ بِخِلَافِ جِنْسِ الدَّيْنِ كَانَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى جِنْسِ الدَّيْنِ. وَالْمُفْرَدُ إذَا بَاعَ بِأَيِّ ثَمَنٍ كَانَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَصْرِفَهُ، وَمِنْهَا عَبْدُ الرَّهْنِ إذَا قَتَلَهُ عَبْدٌ فَدُفِعَ بِهِ فَالْعَدْلُ يَبِيعُهُ بِخِلَافِ الْمُفْرَدِ، وَمِنْهَا الْعَدْلُ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ وَالْمُفْرَدُ لَا، وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ الرَّاهِنُ الْمُوَكَّلُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ الْمُفْرَدِ. (5) قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْوَكِيلِ فِي الْمَبِيعِ الْمُشْتَرِيَ إلَخْ صُورَتُهُ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ: رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَبِيعَ عَبْدَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَدَفَعَ الْعَبْدَ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ ثُمَّ إنَّ

الْوَكِيلِ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ إذَا سَلَّمَهُ لِلْمُوَكِّلِ بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ بِخِيَارٍ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ لِلثَّمَنِ، وَلَا يَصِحُّ نَهْيُ الْمُوَكِّلِ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ لِلثَّمَنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَائِعُ الْوَكِيلَ ضَمِنَ لِلْمُوَكِّلِ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي فَضَمَانُهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي الثَّمَنِ، وَبِالشَّرْطِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ كَالْوَدِيعَةِ وَكَذَلِكَ الْمُوَكِّلُ لَوْ احْتَالَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ لَمْ تَصِحَّ الْحَوَالَةُ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ لَوْ صَحَّتْ صَارَ الْوَكِيلُ ضَامِنًا لِلثَّمَنِ. وَالْأَمَانَاتُ لَا تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالشَّرْطِ كَالْوَدِيعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ فَإِنْ قِيلَ: الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا كَفَلَ الْمُوَكِّلَ بِالثَّمَنِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ. وَطَرِيقُ تَصْحِيحِ الْكَفَالَةِ ارْتِفَاعُ الْأَمَانَةِ فَلْيَكُنْ كَذَلِكَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ أُجِيبُ بِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ طَرِيقُ تَصْحِيحِ الْكَفَالَةِ ارْتِفَاعَ الْأَمَانَةِ فِي الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَمَانَةَ يَمْلِكُ الْمُوَكِّلُ إخْرَاجَهُ مِنْهَا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ نَهَاهُ عَنْ الْقَبْضِ يُعْمِلُ نَهْيَهُ؟ فَإِذَا تَرَاضَى الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ عَلَى الْكَفَالَةِ مَعَ عِلْمِهِمَا أَنَّ الْأَمَانَةَ لَا تَبْقَى مَعَ الْكَفَالَةِ، فَقَدْ خَرَجَ الْوَكِيلُ عَنْ الْوَكَالَةِ فَصَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ أَمَّا هُنَا فَبِخِلَافِهِ هَكَذَا فِي حَاشِيَةِ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ عَلَى شَرْحِ الْمَجْمَعِ.

[ما افترق فيه النكاح والرجعة]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ النِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِشُهُودٍ بِخِلَافِهَا. 1 - لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ رِضَاهَا بِخِلَافِهَا، لَا مَهْرَ فِيهَا بِخِلَافِهِ، لَا تَصِحُّ إلَّا لِلْمُعْتَدَّةِ بِخِلَافِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ النِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ] قَوْلُهُ: لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ رِضَاهَا إلَخْ أَيْ لَا بُدَّ فِي النِّكَاحِ مِنْ رِضَا الْمَنْكُوحَةِ يَعْنِي عِنْدَ عَدَمِ الْإِكْرَاهِ؛ النِّكَاحَ أَحَدُ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا يُؤَثِّرُ فِيهَا الْإِكْرَاهُ.

[ما افترق فيه الوكيل والوصي]

مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوَكِيلُ وَالْوَصِيُّ: 1 - يَمْلِكُ الْوَكِيلُ عَزْلَ نَفْسِهِ. 2 - لَا الْوَصِيُّ بَعْدَ الْقَبُولِ 3 - لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي الْوَكَالَةِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْوِصَايَةِ، وَيَتَقَيَّدُ الْوَكِيلُ بِمَا قَيَّدَهُ الْمُوَكِّلُ وَلَا يَتَقَيَّدُ الْوَصِيُّ 4 - وَلَا يَسْتَحِقُّ الْوَكِيلُ أُجْرَةً عَلَى عَمَلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوَكِيلُ وَالْوَصِيُّ] قَوْلُهُ: يَمْلِكُ الْمُوَكَّلُ عَزْلَ نَفْسِهِ. يَعْنِي؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَقَدْ اسْتَثْنَى الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةَ مَسَائِلَ لَا يَمْلِكُ الْوَكِيلُ فِيهَا عَزْلَ نَفْسِهِ. (2) قَوْلُهُ: لَا الْوَصِيُّ بَعْدَ الْقَبُولِ. أَقُولُ: يَعْنِي بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْحَاكِمِ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَبْلَ الْوِصَايَةِ: لَوْ تَصَرَّفَ بَعْدَ الْمَوْتِ ثُمَّ ادَّعَى عَزْلَ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا عِنْدَ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامُ الْقِيَامِ فَلَا يَمْلِكُ إخْرَاجَهُ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمُوصِي أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَهُوَ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ (انْتَهَى) . وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ الْقَبُولِ أَنَّ لَهُ عَزْلَ نَفْسِهِ قَبْلَ الْقَبُولِ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ وَصِيًّا قَبْلَ الْقَبُولِ حَتَّى يَعْزِلَ نَفْسَهُ لِمَا سَيَأْتِي، أَنَّ الْقَبُولَ شَرْطٌ فِي الْوِصَايَةِ. وَحِينَئِذٍ فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ بَعْدَ الْقَبُولِ إذْ لَا يَكُونُ وَصِيًّا بِدُونِ الْقَبُولِ. (3) قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي الْوَكَالَةِ إلَخْ أَقُولُ: بَلْ يُكْتَفَى بِالسُّكُوتِ وَعَدَمِ الرَّدِّ. (4) قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَحِقُّ الْوَكِيلُ أُجْرَةً عَلَى عَمَلِهِ. فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ وَدِيعَةٍ عِنْدَ إنْسَانٍ، وَجَعَلَ لَهُ أَجْرًا مُسَمًّى عَلَى قَبْضِهَا وَالْإِتْيَانِ بِهَا جَازَ وَإِنْ وَكَّلَهُ بِتَقَاضِي دَيْنِهِ وَجَعَلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَجْرًا مُسَمًّى لَمْ يَصِحَّ إلَّا أَنْ يُوَقِّتَ لِذَلِكَ وَقْتًا مِنْ الْأَيَّامِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْوَدِيعَةِ وَالْإِتْيَانَ بِهَا عَمَلٌ لَا يَطُولُ بِخِلَافِ الْخُصُومَةِ

بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْوِصَايَةُ تَصِحُّ؛ وَتَصِحُّ الْوِصَايَةُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا الْوَصِيُّ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيِّ الْإِسْلَامُ. 6 - وَالْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَكِيلِ إلَّا الْعَقْلُ ، وَإِذَا مَاتَ الْوَصِيُّ قَبْلَ تَمَامِ الْمَقْصُودِ وَنَصَّبَ الْقَاضِي غَيْرَهُ بِخِلَافِ مَوْتِ الْوَكِيلِ لَا يُنَصِّبُ غَيْرَهُ إلَّا عَنْ مَفْقُودٍ لِلْحِفْظِ وَفِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَعْزِلُ وَصِيَّ الْمَيِّتِ لِخِيَانَةٍ أَوْ تُهْمَةٍ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ، وَفِي أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا بَاعَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَعِيبٌ وَلَا بَيِّنَةَ فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ عَلَى الْبَتَاتِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ عَلَى نَفْيِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالتَّقَاضِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْصُرُ وَيَطُولُ. فَإِنْ وَقَّتَ لِذَلِكَ وَقْتًا جَازَ وَإِلَّا فَلَا (انْتَهَى) . أَقُولُ وَإِنَّمَا لَا يَسْتَحِقُّ الْوَكِيلُ أُجْرَةً عَلَى عَمَلِهِ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَبَرُّعٌ بِالْعَمَلِ وَعَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ لَا يُنَافِي صِحَّةَ الْجُعْلِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِ قَاضِي خَانْ. لَكِنَّ فِي الْخَانِيَّةِ أَوَائِلَ كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَك عَلَى شِرَائِك لِي دِرْهَمٌ يَصِيرُ، وَكِيلًا وَيَكُونُ لِلْوَكِيلِ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُزَادُ عَلَى دِرْهَمٍ. (انْتَهَى) . وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْوَكِيلَ يَسْتَحِقُّ أَجْرَ الْمِثْلِ عَلَى عَمَلِهِ إذَا سَمَّى لَهُ الْمُوَكِّلُ أَجْرًا. (5) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَصِيِّ إلَخْ أَيْ: وَصِيِّ الْقَاضِي أَمَّا وَصِيُّ الْمَيِّتِ فَلَا يَسْتَحِقُّ أَجْرًا عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: إنَّ الْوَصِيَّ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ عَلَى عَمَلِهِ سَوَاءٌ كَانَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ أَوْ وَصِيَّ الْقَاضِي اسْتِحْسَانًا، وَأَمَّا قِيَاسًا فَلَا يَسْتَحِقُّ وَبِالِاسْتِحْسَانِ صَرَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ هُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ فَعَلَى هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ مِنْ أَنَّ وَصِيَّ الْمَيِّتِ لَا أَجْرَ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ. كَمَا فِي الْقُنْيَةِ تَصْحِيحٌ لِلْقِيَاسِ وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ بِأَنَّ كَلَامَ صَاحِبِ الْقُنْيَةِ لَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ مَا لَمْ يُعَضِّدْهُ نَقْلٌ آخَرُ وَكَلَامُ قَاضِي خَانْ مُقَدَّمٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ. (6) قَوْلُهُ: وَالْحُرِّيَّةُ إلَخْ يَعْنِي: فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ وَصِيًّا عَلَى أَوْلَادِ غَيْرِ سَيِّدِهِ، أَمَّا عَلَى أَوْلَادِ سَيِّدِهِ إذَا كَانُوا صِغَارًا يَصِحُّ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْمُعْتَبَرَاتِ.

الْعِلْمِ وَهِيَ فِي الْقُنْيَةِ وَلَوْ أَوْصَى لِفُقَرَاءِ أَهْلِ بَلْخِي فَالْأَفْضَلُ لِلْوَصِيِّ أَنْ لَا يُجَاوِزَ بَلْخَ. فَإِنْ أَعْطَى فِي كُورَةٍ أُخْرَى جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ أَوْصَى بِالتَّصَدُّقِ عَلَى فُقَرَاءِ الْحَجِّ يَجُوزُ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ، وَلَوْ خَصَّ فَقَالَ لِفُقَرَاءِ هَذِهِ السِّكَّةِ لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي وَصَايَا خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ قَالَ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَلَى جِنْسٍ فَتَصَدَّقَ عَلَى غَيْرِهِ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ جَازَ، وَلَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِالتَّصَدُّقِ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ ضَمَّنَ الْمَأْمُورَ (انْتَهَى) . 7 - فَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ الْوَصِيُّ الْوَكِيلَ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمُوصِي الْوَصِيَّ لِتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ كَانَتْ وَصِيَّةً لَهُ بِشَرْطِ الْعَمَلِ، وَهِيَ فِي الْخَانِيَّةِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ؛ فَإِنْ كَانَ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ صَحَّتْ وَإِلَّا لَا. وَيَجْتَمِعَانِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَمِينٌ مَقْبُولُ الْقَوْلِ مَعَ الْيَمِينِ، وَيَصِحُّ إبْرَاؤُهُمَا عَمَّا وَجَبَ بِعَقْدِهِمَا. وَيُضَمَّنَانِ، وَكَذَا يَصِحُّ حَطُّهُمَا وَتَأْجِيلُهُمَا وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ مِنْهُمَا فِيمَا لَمْ يَجِبْ بِعَقْدِهِمَا. مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوَصِيُّ وَالْوَارِثُ. اعْلَمْ أَنَّ الْوَصِيَّ وَالْوَارِثَ يَشْتَرِكَانِ فِي الْخِلَافَةِ عَنْ الْمَيِّتِ فِي التَّصَرُّفِ، وَالْوَارِثُ أَقْوَى لِمِلْكِهِ الْعَيْنَ. فَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا إعْتَاقُهُ لَكِنْ يَمْلِكُ الْوَارِثُ إعْتَاقُهُ تَنْجِيزًا وَتَعْلِيقًا وَتَدْبِيرًا وَكِتَابَةً، وَلَا يَمْلِكُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ الْوَصِيُّ الْوَكِيلَ إلَخْ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ رُجُوعُ الْإِشَارَةِ إلَى مَا فِي الْخَانِيَّةِ: وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ رُجُوعُ الْإِشَارَةِ إلَى مَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْإِشَارَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْمُوصِي الْوَصِيَّ لَصَحَّتْ الْإِشَارَةُ.

الْوَصِيُّ إلَّا التَّنْجِيزَ، وَهِيَ فِي التَّلْخِيصِ، وَلَا يَمْلِكُ الْوَارِثُ بَيْعَ التَّرِكَةِ. 8 - لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ. 9 - وَلَوْ فِي غَيْبَةِ الْوَصِيِّ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي، وَهِيَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ، وَيَفْتَرِقَانِ فِي أَحْكَامٍ ذَكَرْنَاهَا فِي وَصَايَا الْفَوَائِدِ. 10 - أَمِينُ الْقَاضِي كَوَصِيِّهِ، وَيَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ الْأَمِينَ لَا تَلْحَقُهُ عُهْدَةٌ كَالْقَاضِي وَوَصِيُّهُ تَلْحَقُهُ كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلْنَخْتَتِمْ هَذَا الْفَنَّ بِقَوَاعِدَ شَتَّى مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَفَوَائِدَ لَمْ تُذْكَرْ فِيمَا سَبَقَ. قَاعِدَةٌ: إذَا أَتَى بِالْوَاجِبِ وَزَادَ عَلَيْهِ. هَلْ يَقَعُ الْكُلُّ وَاجِبًا أَمْ لَا؟ قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: لَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي الصَّلَاةِ وَقَعَ فَرْضًا وَلَوْ أَطَالَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فِيهَا وَقَعَ فَرْضًا. وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا مَسَحَ جَمِيعَ رَأْسِهِ. فَقِيلَ: يَقَعُ الْكُلُّ فَرْضًا، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ. أَيْ: لِقَضَاءِ الْمُسْتَغْرِقِ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: فِي السَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا: لَا يَمْلِكُ الْوَارِثُ بَيْعَ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ الْمُحِيطِ إلَّا بِرِضَاءِ الْغُرَمَاءِ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ كَلَامٌ يَتَعَلَّقُ بِهَذَا فَلْيُرَاجَعْ. (9) قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي غَيْبَةِ الْوَصِيِّ إلَخْ أَقُولُ: فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ غَيْبَتَهُ لَا تُوجِبُ عَزْلَهُ وَلَا أَنْ يُنَصِّبَ الْقَاضِي وَصِيًّا آخَرَ إلَّا إذَا كَانَ الْغَيْبَةُ مُنْقَطِعَةً، فَيُنَصِّبُ وَصِيًّا كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا. (10) قَوْلُهُ: أَمِينُ الْقَاضِي كَوَصِيِّهِ إلَخْ أَمِينُ الْقَاضِي مَنْ يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي جَعَلْتُك أَمِينًا فِي بَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ مَثَلًا، وَأَمَّا إذَا قَالَ: بِعْ هَذَا الْعَبْدَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تَلْحَقُهُ عُهْدَتُهُ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَفِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ بَيْعِ الْأُمِّ

[قاعدة إذا أتى بالواجب وزاد عليه هل يقع الكل واجبا أم لا]

وَالْمُعْتَمَدُ وُقُوعُ الرُّبُعِ فَرْضًا وَالْبَاقِي سُنَّةً وَاخْتَلَفُوا فِي تَكْرَارِ الْغَسْلِ. فَقِيلَ: يَقَعُ الْكُلُّ فَرْضًا، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْأُولَى فَرْضٌ وَالثَّانِيَةَ مَعَ الثَّالِثَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. وَلَمْ أَرَ الْآنَ مَا إذَا أَخْرَجَ بَعِيرًا عَنْ خَمْسَةٍ مِنْ الْإِبِلِ. هَلْ يَقَعُ فَرْضًا. 12 - أَوْ خُمُسَهُ وَأَمَّا إذَا نَذَرَ ذَبْحَ شَاةٍ فَذَبَحَ بَدَنَةً، وَلَعَلَّ فَائِدَتَهُ فِي النِّيَّةِ: هَلْ يَنْوِي فِي الْكُلِّ الْوُجُوبَ أَوْ لَا؟ وَفِي الثَّوَابِ هَلْ يُثَابُ عَلَى الْكُلِّ ثَوَابَ الْوَاجِبِ أَوْ ثَوَابَ النَّفْلِ فِيمَا زَادَ؟ وَفِي مَسْأَلَةِ الزَّكَاةِ: لَوْ اسْتَحَقَّ الِاسْتِرْدَادَ مِنْ الْعَامِلِ هَلْ يَرْجِعُ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ أَوْ الْكُلِّ؟ ثُمَّ رَأَيْتُهُمْ قَالُوا فِي الْأُضْحِيَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ مَعْزِيًّا إلَى الْخُلَاصَةِ: الْغَنِيُّ إذَا ضَحَّى بِشَاتَيْنِ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فَرْضًا. 13 - وَالْأُخْرَى تَطَوُّعٌ؛ وَقِيلَ الْأُخْرَى لَحْمًا (انْتَهَى) وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ أَزْيَدَ مِنْ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ، أَوْ زَادَ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْجَدِّ وَالْوَصِيِّ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ مَا نَصُّهُ: الْعُهْدَةُ عَلَى وَصِيِّ الْمَيِّتِ وَعَلَى مَنْ جَعَلَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا عَلَى الْمَيِّتِ وَلَا كَذَلِكَ إذَا جَعَلَهُ أَمِينًا فِي أُمُورِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي نَائِبٌ عَنْ الْمَيِّتِ وَأَمِينُهُ نَائِبٌ عَنْهُ وَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ. فَالْقَاضِي مَحْجُورٌ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ عِنْدَ وَصِيِّ الْمَيِّتِ وَعِنْدَ مَنْ نَصَّبَهُ وَصِيًّا عَنْ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ مَا إذَا جَعَلَهُ أَمِينًا (انْتَهَى) . وَالْعُهْدَةُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ الرَّجْعَةُ، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الرُّجُوعُ. [قَاعِدَةٌ إذَا أَتَى بِالْوَاجِبِ وَزَادَ عَلَيْهِ هَلْ يَقَعُ الْكُلُّ وَاجِبًا أَمْ لَا] (11) قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ وُقُوعُ الرُّبُعِ فَرْضًا إلَخْ أَقُولُ: عَلَى هَذَا يُطْلَبُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا أَوْ بَيْنَ مَا تَقَدَّمَهُ. (12) قَوْلُهُ: أَوْ خَمْسَةٌ إلَخْ لِأَنَّ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إبِلًا بِنْتَ مَخَاضٍ وَهِيَ نَاقَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ أَتَى عَلَيْهَا حَوْلٌ وَاحِدٌ، كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. (13) قَوْلُهُ: وَالْأُخْرَى تَطَوُّعٌ إلَخْ كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَالصَّوَابُ النَّصْبُ.

[فائدة تعلم العلم يكون فرض عين]

حَالِهِمَا فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ أَوْ كَشَفَ عَوْرَتَهُ فِي الْخَلَاءِ زَائِدًا عَلَى الْقَدْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ، هَلْ يَأْثَمُ عَلَى الْجَمِيعِ أَوْ لَا؟ [فَائِدَةٌ تَعَلُّمُ الْعِلْمِ يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ] . فَائِدَةٌ: 14 - تَعَلُّمُ الْعِلْمِ يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ، وَهُوَ بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِدِينِهِ. وَفَرْضَ كِفَايَةٍ، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَيْهِ لِنَفْعِ غَيْرِهِ. وَمَنْدُوبًا، وَهُوَ التَّبَحُّرُ فِي الْفِقْهِ وَعِلْمِ الْقَلْبِ. وَحَرَامًا، وَهُوَ عِلْمُ الْفَلْسَفَةِ 15 - وَالشَّعْبَذَةِ وَالتَّنْجِيمِ وَالرَّمْلِ وَعِلْمُ الطَّبِيعِيِّينَ وَالسِّحْرِ. 16 - وَدَخَلَ فِي الْفَلْسَفَةِ الْمَنْطِقُ. وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ عِلْمُ الْحَرْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تَعَلُّمُ الْعِلْمِ يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ إلَخْ فِي الْمُبْتَغَى: تَعَلُّمُ الْعِلْمِ يَنْقَسِمُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: مِنْهَا مَا هُوَ فَرْضُ عَيْنٍ وَهُوَ مِقْدَارُ مَا يَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ الْفَرَائِضِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ كَتَعَلُّمِ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِيُعَلِّمَهُ مُحْتَاجًا إلَيْهِ كَالْفَقِيرِ يَتَعَلَّمُ كِتَابَ الزَّكَاةِ وَالْمَنَاسِكَ لِيُعَلِّمَ مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَالْحَجُّ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مُبَاحٌ وَهُوَ تَعَلُّمُ الزَّائِدِ عَلَى ذَلِكَ لِلْإِفْتَاءِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مَكْرُوهٌ وَهُوَ التَّعَلُّمُ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ وَيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ وَيَأْكُلَ أَمْوَالَ الْأَغْنِيَاءِ وَيَسْتَخْدِمَ الْفُقَرَاءَ، ثُمَّ تَعْلِيمُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُتَعَلِّمُ فَرْضٌ لِإِقَامَةِ فَرَوْضِهِ كَتَعَلُّمِهِ، وَأَدَاءُ فَرَوْضِهِ يَعْنِي إذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالُوا: يَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى أَنْ يُعَلِّمَ عَبْدَهُ الْقُرْآنَ وَالْعِلْمَ بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِأَدَاءِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ. (15) قَوْلُهُ: الشَّعْبَذَةِ إلَخْ أَقُولُ: الصَّوَابُ الشَّعْوَذَةُ وَهِيَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ خِفَّةٌ فِي الْيَدِ، أَخْذٌ كَالسِّحْرِ يُرَى الشَّيْءُ بِغَيْرِ مَا عَلَيْهِ أَصْلُهُ. (16) قَوْلُهُ: وَدَخَلَ فِي الْفَلْسَفَةِ الْمَنْطِقُ إلَخْ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَمْ أَرَ فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا الْقَوْلَ بِتَحْرِيمِ الْمَنْطِقِ، فَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ رَآهُ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَنْقُلَهُ. ثُمَّ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ خُصُوصًا الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ تَصْرِيحٌ كَثِيرٌ بِذَلِكَ وَلَا يَبْعَدُ أَنْ يَكُونَ وَجْهُهُ أَنَّهُ تَضْيِيعُ الْعُمْرِ. وَأَيْضًا مَنْ اشْتَغَلَ بِهِ يَمِيلُ إلَى الْفَلْسَفَةِ غَالِبًا فَكَأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ قَبِيلِ سَدِّ الذَّرَائِعِ وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي الْمَنْطِقِ مَا يُنَافِي الشَّرْعَ الْمُبِينَ (انْتَهَى) . وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَعَلَّ الْمُرَادَ أَيْ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ الْمَنْطِقُ مَنْطِقُ الْفَلَاسِفَةِ، أَمَّا مَنْطِقُ الْإِسْلَامِيِّينَ فَلَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ بِحُرْمَتِهِ إذْ لَيْسَ فِيهِ مَا يُخَالِفُ الْقَوَاعِدَ الْإِسْلَامِيَّةَ وَقَدْ أَلَّفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ الْأَعْلَامُ مِنْ

[فائدة الرجل لا يصير محدثا كاملا إلا أن يكسب أربعا مع أربع]

وَالْمُوسِيقِيِّ وَمَكْرُوهًا، وَهُوَ أَشْعَارُ الْمُوَلَّدِينَ مِنْ الْغَزَلِ وَالْبَطَالَةِ. وَمُبَاحًا، كَأَشْعَارِهِمْ الَّتِي لَا سُخْفَ فِيهَا. وَكَذَا النِّكَاحُ تَدْخُلُهُ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْهُ. وَكَذَا الطَّلَاقُ تَدْخُلُهُ، وَكَذَا الْقَتْلُ [فَائِدَةٌ الرَّجُلُ لَا يَصِيرُ مُحَدِّثًا كَامِلًا إلَّا أَنْ يَكْسِبَ أَرْبَعًا مَعَ أَرْبَعٍ] فَائِدَةٌ: ذَكَرَ الْبَزَّازِيُّ فِي الْمَنَاقِبِ عَنْ الْإِمَامِ الْبُخَارِيِّ: الرَّجُلُ لَا يَصِيرُ مُحَدِّثًا كَامِلًا إلَّا أَنْ يَكْسِبَ أَرْبَعًا مَعَ أَرْبَعٍ، كَأَرْبَعٍ مَعَ أَرْبَعٍ، فِي أَرْبَعٍ عِنْدَ أَرْبَعٍ، بِأَرْبَعٍ عَلَى أَرْبَعٍ، عَنْ أَرْبَعٍ لِأَرْبَعٍ، وَهَذِهِ الرُّبَاعِيَّاتُ لَا تَتِمُّ إلَّا بِأَرْبَعٍ مَعَ أَرْبَعٍ، فَإِذَا تَمَّتْ لَهُ كُلُّهَا هَانَتْ عَلَيْهِ أَرْبَعٌ وَابْتُلِيَ بِأَرْبَعٍ، فَإِذَا صَبَرَ أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا بِأَرْبَعٍ وَأَثَابَهُ فِي الْآخِرَةِ بِأَرْبَعٍ. أَمَّا الْأُولَى فَأَخْبَارُ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَرَائِعُهُ، وَأَخْبَارُ الصَّحَابَةِ وَمَقَادِيرُهُمْ، وَالتَّابِعِينَ وَأَحْوَالُهُمْ، وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ وَتَوَارِيخُهُمْ. مَعَ أَرْبَعٍ: أَسْمَاءُ رِجَالِهِمْ وَكُنَاهُمْ وَأَمْكِنَتُهُمْ وَأَزْمِنَتُهُمْ. كَأَرْبَعٍ: التَّحْمِيدُ مَعَ الْخُطَبِ، وَالدُّعَاءُ مَعَ التَّرَسُّلِ، وَالتَّسْمِيَةُ مَعَ السُّورَةِ، وَالتَّكْبِيرُ مَعَ الصَّلَوَاتِ. مَعَ أَرْبَعٍ: الْمُسْنَدَاتُ وَالْمُرْسَلَاتُ وَالْمَوْقُوفَاتُ وَالْمَقْطُوعَاتُ. فِي أَرْبَعٍ: فِي صِغَرِهِ، فِي إدْرَاكِهِ، فِي شَبَابِهِ، فِي كُهُولَتِهِ. عِنْدَ أَرْبَعٍ: عِنْدَ شَغْلِهِ، عِنْدَ فَرَاغِهِ، عِنْدَ فَقْرِهِ، عِنْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQعُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ كَقُطْبِ الدِّينِ الرَّازِيِّ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَأَمَّا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ الْإِمَامُ ابْنُ عَرَفَةَ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا الْأَنْصَارِيُّ وَسَمَّاهُ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ مِعْيَارَ الْعُلُومِ وَقَالَ: مَنْ لَا مَعْرِفَةَ لَهُ بِهِ لَا ثِقَةَ بِعِلْمِهِ. وَسَمَّاهُ ابْنُ سِينَا خَادِمَ الْعُلُومِ. (17) قَوْلُهُ: وَالْمُوسِيقِيِّ إلَخْ بِكَسْرِ الْقَافِ كَمَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ لِلسَّيِّدِ ميرباد شَاهْ وَهُوَ عِلْمُ الْأَنْغَامِ.

غِنَاهُ. بِأَرْبَعٍ: بِالْجِبَالِ، بِالْبِحَارِ، بِالْبَرَارِيِّ، بِالْبُلْدَانِ. عَلَى أَرْبَعٍ: عَلَى الْحِجَارَةِ، عَلَى الْأَخْزَافِ، عَلَى الْجُلُودِ، عَلَى الْأَكْتَافِ إلَى الْوَقْتِ الَّذِي يُمْكِنُ نَقْلُهَا إلَى الْأَوْرَاقِ. عَنْ أَرْبَعٍ: عَمَّنْ هُوَ فَوْقَهُ، وَدُونَهُ، وَمِثْلُهُ، وَعَنْ كِتَابِ أَبِيهِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ خَطُّهُ. لِأَرْبَعٍ: لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى، وَرِضَاهُ وَلِلْعَمَلِ بِهِ إنْ وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِنَشْرِهَا بَيْنَ طَالِبِيهَا، وَلِإِحْيَاءِ ذِكْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ. ثُمَّ لَا تَتِمُّ لَهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ إلَّا بِأَرْبَعٍ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ وَهِيَ: مَعْرِفَةُ الْكِتَابَةِ وَاللُّغَةِ وَالصَّرْفِ وَالنَّحْوِ. مِنْ أَرْبَعٍ مِنْ عَطَاءِ اللَّهِ تَعَالَى: الصِّحَّةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْحِرْصِ وَالْحِفْظِ. فَإِذَا تَمَّتْ لَهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ هَانَتْ عَلَيْهِ أَرْبَعٌ: الْأَهْلُ وَالْوَلَدُ وَالْمَالُ وَالْوَطَنُ. وَابْتُلِيَ بِأَرْبَعٍ: بِشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ وَمَلَامَةِ الْأَصْدِقَاءِ وَطَعْنِ الْجُهَّالِ وَحَسَدِ الْعُلَمَاءِ. فَإِذَا صَبَرَ أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا بِأَرْبَعٍ: بِعِزِّ الْقَنَاعَةِ وَهَيْبَةِ النَّفْسِ وَلَذَّةِ الْعِلْمِ وَحَيَاةِ الْأَبَدِ. وَأَثَابَهُ فِي الْآخِرَةِ بِأَرْبَعٍ: بِالشَّفَاعَةِ لِمَنْ أَرَادَ مِنْ إخْوَانِهِ بِظِلِّ الْعَرْشِ حَيْثُ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ وَالشُّرْبِ مِنْ الْكَوْثَرِ وَجِوَارِ النَّبِيِّينَ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ. فَإِنْ لَمْ يُطِقْ احْتِمَالَ هَذِهِ الْمَشَاقِّ فَعَلَيْهِ بِالْفِقْهِ الَّذِي يُمْكِنُهُ تَعَلُّمُهُ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ قَارٌّ سَاكِنٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى بُعْدِ أَسْفَارٍ وَوَطْءِ دِيَارٍ وَرُكُوبِ بِحَارٍ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ ثَمَرَةُ الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ ثَوَابُ الْفَقِيهِ وَعِزُّهُ أَقَلَّ مِنْ ثَوَابِ الْمُحَدِّثِ وَعِزِّهِ (انْتَهَى) . فَائِدَةٌ: قَالَ فِي آخِرِ الْمُصَفَّى: إذَا سُئِلْنَا عَنْ مَذْهَبِنَا وَمَذْهَبِ مُخَالِفِينَا فِي الْفُرُوعِ، يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُجِيبَ بِأَنَّ مَذْهَبَنَا صَوَابٌ يَحْتَمِلُ الْخَطَأَ وَمَذْهَبَ مُخَالِفِينَا خَطَأٌ يَحْتَمِلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[قاعدة المفرد المضاف إلى معرفة للعموم]

الصَّوَابَ؛ لِأَنَّك لَوْ قَطَعْت الْقَوْلَ لِمَا صَحَّ قَوْلُنَا إنَّ الْمُجْتَهِدَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ. وَإِذَا سُئِلْنَا عَنْ مُعْتَقَدِنَا وَمُعْتَقَدِ خُصُومِنَا فِي الْعَقَائِدِ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَقُولَ: الْحَقُّ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ وَالْبَاطِلُ مَا عَلَيْهِ خُصُومُنَا. هَكَذَا نُقِلَ عَنْ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى (انْتَهَى) . [قَاعِدَةٌ الْمُفْرَدُ الْمُضَافُ إلَى مَعْرِفَةٍ لِلْعُمُومِ] قَاعِدَةٌ: 18 - الْمُفْرَدُ الْمُضَافُ إلَى مَعْرِفَةٍ لِلْعُمُومِ صَرَّحُوا بِهِ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: 63] . 19 - أَيْ كُلِّ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْ فُرُوعِهِ الْفِقْهِيَّةِ: لَوْ أَوْصَى لِوَلَدِ زَيْدٍ أَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَكَانَ لَهُ أَوْلَادٌ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْمُفْرَدُ الْمُضَافُ إلَى مَعْرِفَةٍ لِلْعُمُومِ إلَخْ يَعْنِي: اسْمُ الْجِنْسِ الْمُفْرَدُ الْمُضَافُ إلَى مَعْرِفَةٍ. ثُمَّ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي اسْمِ الْمُفْرَدِ الْمُضَافِ بَيْنَ مَا يَقَعُ مِنْهُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَالْمَاءِ وَالْمَالِ وَمَا لَا يَصْدُقُ إلَّا عَلَى الْوَاحِدِ كَالْعَبْدِ وَالْبَيْتِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ. قَالَ التَّاجُ السُّبْكِيُّ: خَالَفَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ فِي تَعْمِيمِ اسْمِ الْجِنْسِ الْمُعَرَّفِ وَالْمُضَافِ، وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ وَفَصَّلَ قَوْمٌ بَيْنَ أَنْ يَصْدُقَ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. فَيَعُمَّ وَإِلَّا فَلَا. وَاخْتَارَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ قَالَ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ لَكِنَّ الصَّحِيحَ خِلَافُهُ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَلِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ إذَا خَافَتَا عَلَى الْوَلَدِ. إنَّ الْمُفْرَدَ الْمُضَافَ يَعُمُّ سَوَاءٌ كَانَ مُضَافًا إلَى مُفْرَدٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَيَشْمَلُ الْوَلَدَ. يَعْنِي فِي قَوْلِ الْقُدُورِيِّ: أَوْ وَلَدُهَا الْوَلَدُ الَّذِي أَرْضَعَتْهُ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُهَا شَرْعًا وَإِنْ كَانَ هُوَ وَلَدًا مَجَازًا إلَخْ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الشُّمُولِ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ مَعًا وَلَا نَقُولُ بِهِ. (19) قَوْلُهُ: أَيْ كُلِّ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى إلَخْ أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْأَمْرَ فِي الْآيَةِ مُطْلَقٌ لَا عَامٌّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنَارِ لِشَرَفِ بْنِ كَمَالٍ.

[فائدة العلوم ثلاثة]

لِلْكُلِّ، ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الْوَقْفِ. 20 - وَقَدْ فَرَّعْتُهُ عَلَى الْقَاعِدَةِ. وَمِنْ فُرُوعِهَا: لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ كَانَ حَمْلُك ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَثِنْتَيْنِ. فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى. قَالُوا لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ اسْمٌ لِلْكُلِّ. فَمَا لَمْ يَكُنْ الْكُلُّ غُلَامًا أَوْ جَارِيَةً لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ. ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْقَاعِدَةِ فَفَرَّعْته عَلَيْهَا، وَلَوْ قُلْنَا بِعَدَمِ الْعُمُومِ لَلَزِمَ وُقُوعُ الثَّلَاثِ. وَخَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ لَوْ قَالَ: زَوْجَتِي طَالِقٌ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ. طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَعَتَقَ وَاحِدٌ، وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ، وَمُقْتَضَاهَا طَلَاقُ الْكُلِّ وَعِتْقُ الْجَمِيعِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْأَيْمَانِ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَلَهُ امْرَأَتَانِ فَأَكْثَرُ، طَلُقَتْ وَاحِدَةٌ وَالْبَيَانُ إلَيْهِ (انْتَهَى) . وَكَأَنَّهُ إنَّمَا خَرَّجَ هَذَا الْفَرْعَ عَنْ الْأَصْلِ لِكَوْنِهِ مِنْ بَابِ الْأَيْمَانِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْعُرْفِ كَمَا لَا يَخْفَى. [فَائِدَةٌ الْعُلُومُ ثَلَاثَةٌ] فَائِدَةٌ: قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: الْعُلُومُ ثَلَاثَةٌ: عِلْمٌ نَضِجَ وَمَا احْتَرَقَ؛ وَهُوَ 21 - عِلْمُ النَّحْوِ، وَعِلْمُ الْأُصُولِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَدْ فَرَّعْته عَلَى الْقَاعِدَةِ إلَخْ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: هَذَا التَّفْرِيعُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ لَفْظَ وَلَدٍ يُطْلَقُ عَلَى الْجَمْعِ الْمُؤَنَّثِ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُذَكَّرِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمِصْبَاحِ وَالصِّحَاحِ وَغَيْرِهِمَا، فَلَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ. وَكَذَا فِي حَمْلٍ فَإِنَّهُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ عَلَمٌ يُطْلَقُ عَلَى الْجَمِيعِ أَيْضًا. وَفِي الْقَامُوسِ الْحَمْلُ مَا يُحْمَلُ فِي الْبَطْنِ مِنْ الْوَلَدِ. (21) قَوْلُهُ: عِلْمُ النَّحْوِ وَالْأُصُولِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لِأَنَّهُمَا وَإِنْ دُوِّنَتْ قَوَاعِدُهُمَا وَحُرِّرَتْ. لَكِنْ لَمْ أَقِفْ عَلَى مَا اُسْتُنْبِطَ مِنْهُمَا مِنْ الْفُرُوعِ عَلَى غَايَةٍ بَلْ اخْتَلَفَ أَئِمَّتُهُمَا فِيهِمَا. فَيَظْهَرُ ذَلِكَ لِمَنْ تَأَمَّلْ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ وَالْأَعَارِيبِ.

[فائدة ثلاث من الدناءة]

وَعِلْمٌ لَا نَضِجَ وَلَا احْتَرَقَ؛ وَهُوَ عِلْمُ الْبَيَانِ وَالتَّفْسِيرِ. 23 - وَعِلْمٌ نَضِجَ وَاحْتَرَقَ؛ وَهُوَ عِلْمُ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ. 24 - فَائِدَةٌ: مِنْ الْجَوْهَرَةِ؛ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: ثَلَاثٌ مِنْ الدَّنَاءَةِ اسْتِقْرَاضُ الْخُبْزِ، وَالْجُلُوسُ عَلَى بَابِ الْحَمَّامِ، وَالنَّظَرُ فِي مِرْآةِ الْحَجَّامِ. فَائِدَةٌ: مِنْ الْمُسْتَطْرَفِ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعِلْمٌ لَا نَضِجَ وَلَا احْتَرَقَ وَهُوَ عِلْمُ الْبَيَانِ وَالتَّفْسِيرِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: أَمَّا عِلْمُ الْبَيَانِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الذَّوْقِ فَلَا غَايَةَ لَهُ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهِ. وَأَمَّا عِلْمُ التَّفْسِيرِ فَلِأَنَّهُ لَا غَايَةَ لَهُ يُوقَفُ عَلَيْهَا، وَمَنْ أَمْعَنَ النَّظَرَ فِيهِ ظَهَرَ لَهُ ذَلِكَ إذْ مَوْضُوعُهُ فَهْمُ مُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَيْثُ الْمَعَانِي وَوُجُوُهُ الْإِعْجَازِ وَمَوْقِعُ الْمُنَاسِبَاتِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُحِيطُ بِهِ إلَّا عَلَّامُ الْغُيُوبِ، فَكَيْفَ يُوقَفُ لَهُ عَلَى غَايَةٍ؟ بَلْ إنَّمَا يُعْطَى الشَّخْصُ مِنْ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْإِلْهَامِ الْإِلَهِيِّ وَهُوَ لَا يَقِفُ عِنْدَ غَايَةٍ بِحَيْثُ لَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهَا، وَمَنْ وَقَفَ عَلَى كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَتَأَمَّلَهَا ظَهَرَ لَهُ ذَلِكَ. (23) قَوْلُهُ: وَعِلْمٌ نَضِجَ وَاحْتَرَقَ وَهُوَ عِلْمُ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ. قَالَ: بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فَإِنَّهُمَا بَلَغَا نِهَايَةَ الْمَقْصُودِ مِنْهُمَا وَهُوَ بَيَانُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مَعَ مَا يُعْتَبَرُ لَهُمَا شَرْعًا مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67] وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ. [فَائِدَةٌ ثَلَاثٌ مِنْ الدَّنَاءَةِ] (24) قَوْلُهُ: فَائِدَةٌ مِنْ الْجَوْهَرَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثَلَاثٌ مِنْ الدَّنَاءَةِ إلَخْ أَقُولُ: قَدْ زِيدَ رَابِعٌ وَخَامِسٌ، أَمَّا الرَّابِعُ فَهُوَ دُخُولُ الْحَمَّامِ فِي الْغَدَاةِ لَيْسَ مِنْ الْمُرُوءَةِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّجْنِيسِ، وَأَمَّا الْخَامِسُ فَهُوَ أَخْذُ صَاحِبِ السَّنَابِلِ سَنَابِلَهُ بَعْدِ جَمْعِ غَيْرِهِ لَهُ يُعَدُّ مِنْ الدَّنَاءَةِ ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

[فائدة ليس من الحيوان من يدخل الجنة إلا خمسة]

لَيْسَ مِنْ الْحَيَوَانِ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا خَمْسَةٌ: كَلْبُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ وَكَبْشُ إسْمَاعِيلَ، وَنَاقَةُ صَالِحٍ وَحِمَارُ عُزَيْرٍ، وَبُرَاقُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَائِدَةٌ مِنْهُ: الْمُؤْمِنُ مَنْ يَقْطَعُهُ خَمْسَةٌ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَائِدَةٌ لَيْسَ مِنْ الْحَيَوَانِ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا خَمْسَةٌ] قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنْ الْحَيَوَانِ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا خَمْسَةٌ إلَخْ أَيْ: مِنْ الْحَيَوَانِ الَّذِي لَا نُطْقَ لَهُ وَإِلَّا فَالْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ. قَالَ فِي شَرْحِ شِرْعَةِ الْإِسْلَامِ قَالَ مُقَاتِلٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: عَشَرَةٌ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ: نَاقَةُ مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَنَاقَةُ صَالِحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَعِجْلُ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَكَبْشُ إسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَبَقَرَةُ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَحُوتُ يُونُسَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَحِمَارُ عُزَيْرٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَنَمْلَةُ سُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَهُدْهُدُ بِلْقِيسَ، وَكَلْبُ أَهْلِ الْكَهْفِ كُلُّهُمْ يُحْشَرُونَ كَذَا فِي مِشْكَاةِ الْأَنْوَارِ (انْتَهَى) . وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ مَا ذَكَرَهُ مُقَاتِلٌ فَقَالَ: يَدْخُلُ يَا صَاحِ دَوَابُّ عَشَرَهْ ... فِي جَنَّةِ الْخُلْدِ بِنَقْلِ الْبَرَرَهْ ذَكَرَهُ فِي نَقْلِهِ مُقَاتِلُ ... حَقًّا كَمَا صَحَّحَهُ الْأَوَائِلُ أَوَّلُهَا عِجْلُ النَّبِيّ الْخَلِيلِ ... وَمِثْلُهُ كَبْشُ فَدَى إسْمَاعِيلَ وَنَاقَةٌ مِلْكُ النَّبِيِّ أَحْمَدَا ... وَنَاقَةُ الصَّالِحِ أَخِي الْهُدَى وَكَلْبُ أَهْلِ الْكَهْفِ ذُو الْوَصِيدِ ... رَفِيقُهُمْ فِي جَنَّةِ الْخُلُودِ وَحُوتُ يُونُسِ تَمَامُ الْجُمْلَةِ ... وَاذْكُرْ أَخِي هُدْهُدًا أَوْ نَمْلَةِ وَاذْكُرْ لِإِسْرَائِيلَ أَهْلَ الْبَقَرَةِ ... وَاخْتِمْ بِهَا فَهِيَ تَمَامُ الْعَشَرَةِ وَيُزَادُ عَلَى ذَلِكَ حِمَارُ الْعُزَيْرِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. ذَكَرَهُ السُّيُوطِيّ فِي دِيوَانِ الْحَيَوَانِ، وَذِئْبُ يَعْقُوبَ، نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ الدَّاوُدِيِّ تِلْمِيذِ الْحَافِظِ السُّيُوطِيِّ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ دُلْدُلًا بَغْلَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ جُمْلَةِ الدَّوَابِّ الَّتِي تَدْخُلُ الْجَنَّةَ. وَذَكَرَ فِي مِشْكَاةِ الْأَنْوَارِ شَرْحِ شِرْعَةِ الْإِسْلَامِ: أَنَّهَا كُلُّهَا تَصِيرُ عَلَى صُورَةِ الْكَبْشِ وَقَدْ أَلْحَقْتهَا نَظْمًا وَقُلْت: كَذَا حِمَارٌ مَا لَهُ نُظَيْرُ ... لِمَنْ سُمِّيَ بَيْنَ الْوَرَى عُزَيْرُ وَدُلْدُلٌ خُصَّتْ مِنْ الْبِغَالِ ... لَهَا بِذَلِكَ رُتْبَةُ الْكَمَالِ وَذِئْبُ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ نَبَّهَا ... بَعْضُ الثِّقَاتِ الضَّابِطِينَ النُّبَهَا كَذَا الْبُرَاقُ خَاتِمٌ لِلْجُمْلَةِ ... وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلِيِّ النِّعْمَةِ

[فائدة المؤمن من يقطعه خمسة]

ظُلْمَةُ الْغَفْلَةِ، وَغَيْمُ الشَّكِّ، وَرِيحُ الْفِتْنَةِ، وَدُخَانُ الْحَرَامِ؛ وَنَارُ الْهَوَى. 27 - فَائِدَةٌ: فِي الدُّعَاءِ بِرَفْعِ الطَّاعُونِ: سُئِلْتُ عَنْهُ فِي طَاعُونِ سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَتِسْعِ مِائَةٍ بِالْقَاهِرَةِ فَأَجَبْت بِأَنِّي لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا، وَلَكِنْ صَرَّحَ فِي الْغَايَةِ وَعَزَاهُ الشُّمُنِّيُّ إلَيْهَا بِأَنَّهُ إذَا نَزَلَ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ. 28 - قَنَتَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ، وَقَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْحَدِيثِ: الْقُنُوتُ عِنْدَ النَّوَازِلِ مَشْرُوعٌ فِي الصَّلَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَائِدَةٌ الْمُؤْمِنُ مَنْ يَقْطَعُهُ خَمْسَةٌ] قَوْلُهُ: ظُلْمَةُ الْغَفْلَةِ إلَخْ لَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ الْكَلِمَاتِ مِنْ الِاسْتِعَارَةِ الْمَكْنِيَّةِ وَقَرِينَتُهَا الِاسْتِعَارَةُ التَّخْيِيلِيَّةُ. [فَائِدَةٌ الدُّعَاءِ بِرَفْعِ الطَّاعُونِ] (27) قَوْلُهُ: فَائِدَةٌ فِي الدُّعَاءِ بِرَفْعِ الطَّاعُونِ إلَخْ فِي تُحْفَةِ الرَّاغِبِينَ فِي أَمْرِ الطَّوَاعِينِ مَا نَصُّهُ: اسْتَشْكَلَ بَعْضٌ طَلَبَ الدُّعَاءِ بِرَفْعِ الطَّاعُونِ مَعَ أَنَّهُ رَحْمَةٌ وَشَهَادَةٌ. وَأُجِيبُ: بِأَنَّ الطَّاعُونَ مَنْشَأُ الشَّهَادَةِ وَالرَّحْمَةِ لِأَنْفُسِهِمَا، الْمَطْلُوبُ رَفْعُ مَا هُوَ الْمُنْشَأُ وَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ كَمُلَاقَاةِ الْعَدُوِّ وَقَدْ ثَبَتَ سُؤَالُ الْعَافِيَةِ مِنْهَا (انْتَهَى) . وَفِي تُحْفَةِ الرَّاغِبِينَ أَيْضًا. أَنَّهُ لَا يُبَاحُ الدُّعَاءُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِالطَّاعُونِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ الْأَمْرَاضِ وَلَوْ كَانَ فِي ضِمْنِهِ الشَّهَادَةُ. كَمَا لَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِالْغَرَقِ وَالْهَدْمِ وَنَحْوِهِمَا بِلَا مُوجِبٍ. وَكَذَا الدُّعَاءُ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ. وَفِي كَلَامِ الْكَرَابِيسِيِّ مَا يُشْعِرُ بِكَرَاهَتِهِ دُونَ تَحْرِيمِهِ فَإِنَّهُ قَالَ: لَوْ دَعَا عَلَى غَيْرِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ وَيَجُوزُ الدُّعَاءُ لَهُ بِطُولِ الْعُمْرِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَعَا لِأَنَسٍ بِطُولِ الْعُمْرِ» كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِمَنْ فِي بَقَائِهِ مَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، بَلْ يُنْدَبُ الدُّعَاءُ بِهِ حِينَئِذٍ وَفَائِدَةُ الدُّعَاءِ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَجَلُ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ يَظْهَرُ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَدِّرَ اللَّهُ عُمْرَ زَيْدٍ ثَلَاثِينَ سَنَةً فَإِنْ دُعِيَ لَهُ فَأَرْبَعُونَ وَعَلَى هَذَا يَنْزِلُ جَمِيعُ أَنْوَاعِ الدُّعَاءِ. (28) قَوْلُهُ: قَنَتَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ إلَخْ أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَيُكَبِّرُ لَهُ.

كُلِّهَا (انْتَهَى) . وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الْقُنُوتِ لِلنَّازِلَةِ مُسْتَمِرٌّ لَمْ يُنْسَخْ، وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَحَمَلُوا عَلَيْهِ حَدِيثَ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «مَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْنُتُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا» ) أَيْ عِنْدَ النَّوَازِلِ، وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَخْبَارِ الْخُلَفَاءِ يُفِيدُ تَقَرُّرَهُ لِفِعْلِهِمْ ذَلِكَ بَعْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ قَنَتَ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مُحَارَبَةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ وَعِنْدَ مُحَارَبَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَكَذَلِكَ قَنَتَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَكَذَلِكَ قَنَتَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مُحَارَبَةِ مُعَاوِيَةَ، وَقَنَتَ مُعَاوِيَةُ فِي مُحَارَبَتِهِ (انْتَهَى) . فَالْقُنُوتُ عِنْدَنَا فِي النَّازِلَةِ ثَابِتٌ. وَهُوَ الدُّعَاءُ بِرَفْعِهَا. 29 - وَلَا شَكَّ أَنَّ الطَّاعُونَ مِنْ أَشَدِّ النَّوَازِلِ، قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: النَّازِلَةُ الْمُصِيبَةُ الشَّدِيدَةُ تَنْزِلُ بِالنَّاسِ (انْتَهَى) . وَفِي الْقَامُوسِ: النَّازِلَةُ الشَّدِيدَةُ (انْتَهَى) . وَفِي الصِّحَاحِ: النَّازِلَةُ الشَّدِيدَةُ مِنْ شَدَائِدِ الدَّهْرِ تَنْزِلُ بِالنَّاسِ (انْتَهَى) . وَذَكَرَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ: وَلَا يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ عِنْدَنَا مِنْ غَيْرِ بَلِيَّةٍ. فَإِنْ وَقَعَتْ بَلِيَّةٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّهُ قَنَتَ شَهْرًا فِيهَا، يَدْعُو عَلَى رَعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِي لِحْيَانَ ثُمَّ تَرَكَهُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ (انْتَهَى) . فَإِنْ قُلْت هَلْ لَهُ صَلَاةٌ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الطَّاعُونَ مِنْ أَشَدِّ النَّوَازِلِ إلَخْ أَقُولُ: هُوَ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّوَازِلِ إلَّا أَنَّهُ رَحْمَةٌ وَشَهَادَةٌ فَلَا يُطْلَبُ رَفْعُهُمَا.

قُلْت هُوَ كَالْخُسُوفِ لِمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي قُبَيْلَ الزَّكَاةِ: فِي الْخُسُوفِ وَالظُّلْمَةِ، فِي النَّهَارِ وَاشْتِدَادِ الرِّيحِ وَالْمَطَرِ وَالثَّلْجِ وَالْأَفْزَاعِ وَعُمُومِ الْمَرَضِ يُصَلِّي وُحْدَانًا (انْتَهَى) . 31 - وَلَا شَكَّ أَنَّ الطَّاعُونَ مِنْ قَبِيلِ عُمُومِ الْمَرَضِ فَتُسَنُّ لَهُ رَكْعَتَانِ فُرَادَى، وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ أَنَّهُ يَتَضَرَّعُ كُلُّ وَاحِدٍ لِنَفْسِهِ، وَكَذَا فِي الظُّلْمَةِ الْهَائِلَةِ بِالنَّهَارِ وَالرِّيحِ الشَّدِيدَةِ وَالزَّلَازِلِ وَالصَّوَاعِقِ وَانْتِشَارِ الْكَوَاكِبِ وَالضَّوْءِ الْهَائِلِ بِاللَّيْلِ وَالثَّلْجِ وَالْأَمْطَارِ الدَّائِمَةِ وَعُمُومِ الْأَمْرَاضِ وَالْخَوْفِ الْغَالِبِ مِنْ الْعَدُوِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَفْزَاعِ وَالْأَهْوَالِ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ الْمُخَوِّفَةِ (انْتَهَى) . فَإِنْ قُلْت: هَلْ يُشْرَعُ الِاجْتِمَاعُ لِلدُّعَاءِ بِرَفْعِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ بِالْقَاهِرَةِ بِالْجَبَلِ؟ 32 - قُلْت: هُوَ كَخُسُوفِ الْقَمَرِ، وَقَدْ قَالَ فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ: وَالصَّلَاةُ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ تُؤَدَّى فُرَادَى وَكَذَلِكَ فِي الظُّلْمَةِ وَالرِّيحِ وَالْفَزَعِ، لَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَلُّوا فُرَادَى وَيَدْعُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قُلْت هُوَ كَالْخُسُوفِ إلَخْ أَقُولُ: هَذَا قِيَاسٌ غَيْرُ صَحِيحٍ لِعَدَمِ وُجُودِ شَرَائِطِهِ وَعَلَى تَسْلِيمِ وُجُودِ الشَّرَائِطِ، فَبَابُ الْقِيَاسِ مَسْدُودٌ فِي زَمَانِنَا إنَّمَا لِلْعُلَمَاءِ النَّقْلُ عَنْ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ عَلَى أَنَّهُ نَفْسُهُ صَرَّحَ فِي بَعْضِ رَسَائِلِهِ بِأَنَّ الْقِيَاسَ بَعْدَ أَرْبَعِمِائَةٍ مُنْقَطِعٌ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقِيسَ مَسْأَلَةً عَلَى مَسْأَلَةٍ. (31) قَوْلُهُ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الطَّاعُونَ مِنْ قَبِيلِ عُمُومِ الْمَرَضِ إلَخْ قُلْت: الطَّاعُونُ لَيْسَ مَرَضًا؛ لِأَنَّهُ وَخْزُ الْجِنِّ كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ. (32) قَوْلُهُ: قُلْت هُوَ كَخُسُوفِ الْقَمَرِ إلَخْ أَقُولُ: فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فَلَا تَغْفُلْ.

وَيَتَضَرَّعُونَ إلَى أَنْ يَزُولَ ذَلِكَ (انْتَهَى) . فَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ لِلدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ فُرَادَى، وَفِي الْمُجْتَبَى فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ: وَقِيلَ الْجَمَاعَةُ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا لَكِنَّهَا لَيْسَتْ سُنَّةً (انْتَهَى) . وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ: يُصَلِّي كُلُّ وَاحِدٍ لِنَفْسِهِ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ وَكَذَا فِي غَيْرِ الْخُسُوفِ مِنْ الْأَفْزَاعِ؛ كَالرِّيحِ الشَّدِيدَةِ. 34 - وَالظُّلْمَةِ الْهَائِلَةِ مِنْ الْعَدُوِّ وَالْأَمْطَارِ الدَّائِمَةِ وَالْأَفْزَاعِ الْغَالِبَةِ، وَحُكْمُهَا حُكْمُ خُسُوفِ الْقَمَرِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ، وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْعَبْدَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْزَعَ إلَى الصَّلَاةِ عِنْدَ كُلِّ حَادِثَةٍ. فَقَدْ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. 35 - إذَا أَحْزَنَهُ أَمْرٌ صَلَّى» (انْتَهَى) . وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْعَيْنِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ وَالظُّلْمَةُ الْهَائِلَةُ بِالنَّهَارِ وَالثَّلْجُ وَالْأَمْطَارُ الدَّائِمَةُ وَالصَّوَاعِقُ وَالزَّلَازِلُ وَانْتِشَارُ الْكَوَاكِبِ وَالضَّوْءُ الْهَائِلِ بِاللَّيْلِ وَعُمُومُ الْأَمْرَاضِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ النَّوَازِلِ وَالْأَهْوَالِ وَالْأَفْزَاعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَدْعُونَ وَيَتَضَرَّعُونَ إلَخْ كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَالصَّوَابُ يَدْعُوا وَيَتَضَرَّعُوا بِإِسْقَاطِ النُّونِ. (34) قَوْلُهُ: وَالظُّلْمَةِ الْهَائِلَةِ مِنْ الْعَدُوِّ إلَخْ كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَلَعَلَّهُ فِي الْغَدِ بِالْمُعْجَمَةِ وَأَدَاةِ الظَّرْفِ. (35) قَوْلُهُ: إذَا أَحْزَنَهُ أَمْرٌ إلَخْ فِي الْقَامُوسِ حَزَبَهُ الْأَمْرُ نَابَهُ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ أَوْ ضَغَطَهُ وَالِاسْمُ الْحُزَابَةُ بِالضَّمِّ.

إذَا وَقَعْنَ صَلَّوْا وُحْدَانًا وَسَأَلُوا وَتَضَرَّعُوا، وَكَذَا فِي الْخَوْفِ الْغَالِبِ مِنْ الْعَدُوِّ (انْتَهَى) . فَقَدْ صَرَّحُوا بِالِاجْتِمَاعِ. 37 - وَالدُّعَاءِ بِعُمُومِ الْأَمْرَاضِ، وَقَدْ صَرَّحَ شَارِحُو الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَالْمُتَكَلِّمُونَ عَلَى الطَّاعُونِ كَابْنِ حَجَرٍ بِأَنَّ الْوَبَاءَ اسْمٌ لِكُلِّ مَرَضٍ عَامٍّ وَأَنَّ كُلَّ طَاعُونٍ وَبَاءٌ، وَلَيْسَ كُلُّ وَبَاءٍ طَاعُونًا (انْتَهَى) . 38 - فَتَصْرِيحُ أَصْحَابِنَا بِالْمَرَضِ الْعَامِّ بِمَنْزِلَةِ تَصْرِيحِهِمْ بِالْوَبَاءِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ يَشْمَلُ الطَّاعُونَ. 39 - وَبِهِ عُلِمَ جَوَازُ الِاجْتِمَاعِ لِلدُّعَاءِ بِرَفْعِهِ، لَكِنْ يُصَلُّونَ فُرَادَى رَكْعَتَيْنِ يَنْوِي رَكْعَتَيْ رَفْعِ الطَّاعُونِ. 40 - وَصَرَّحَ ابْنُ حَجَرٍ بِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ لِلدُّعَاءِ بِرَفْعِهِ بِدْعَةٌ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ. وَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْعَيْنِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذَا وَقَعْنَ صَلَّوْا وُحْدَانًا إلَخْ أَقُولُ: الصَّوَابُ إذَا وَقَعَتْ. كَمَا فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ مِمَّا لَا يَعْقِلُ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْوَاحِدِ مِنْ الْإِنَاثِ. (37) قَوْلُهُ: وَالدُّعَاءُ بِعُمُومِ الْأَمْرَاضِ إلَخْ لَيْسَتْ الْبَاءُ صِلَةَ الدُّعَاءِ بَلْ الْبَاءُ هُنَا لِلسَّبَبِيَّةِ. (38) قَوْلُهُ: فَتَصْرِيحُ أَصْحَابِنَا بِالْمَرَضِ الْعَامِّ بِمَنْزِلَةِ تَصْرِيحِهِمْ بِالْوَبَاءِ إلَخْ أَقُولُ: فِيهِ أَنَّ الطَّاعُونَ غَيْرُ الْوَبَاءِ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِالْوَبَاءِ لِكَوْنِهِ يَكْثُرُ فِي الْوَبَاءِ كَمَا فِي الْهَدْيِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْوَبَاءَ هُوَ الْمَرَضُ الْعَامُّ، وَالطَّاعُونُ لَيْسَ مَرَضًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ بَلْ هُوَ مِنْ وَخْزِ الْجِنِّ. (39) قَوْلُهُ: وَبِهِ عُلِمَ جَوَازُ الِاجْتِمَاعِ لِلدُّعَاءِ بِرَفْعِهِ إلَخْ أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ. (40) قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ ابْنُ حَجَرٍ بِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ لِلدُّعَاءِ بِرَفْعِهِ بِدْعَةٌ إلَخْ أَقُولُ: مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ: هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا مِرْيَةَ فِيهِ، فَإِنَّ تَعْرِيفَ الْبِدْعَةِ صَادِقٌ عَلَيْهِ.

شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: سَبَبَهُ وَحُكْمَ مَنْ مَاتَ بِهِ وَمَنْ أَقَامَ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ بَلَدٍ هُوَ فِيهَا وَمَنْ دَخَلَهَا، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ أَصْحَابَنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - لَمْ يُهْمِلُوا الْكَلَامَ عَلَى الطَّاعُونِ وَقَدْ أَوْسَعَ الْكَلَامَ فِيهِ الْإِمَامُ الشِّبْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَاضِي الْقُضَاةِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ، كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى " بِبَذْلِ الْمَاعُونِ فِي فَوَائِدِ فَصْلِ الطَّاعُونِ " وَقَدْ طَالَعْته فِي تِلْكَ السَّنَةِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّ الْمُرَجَّحَ عِنْدَ مُتَأَخِّرِي الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الطَّاعُونَ إذَا ظَهَرَ فِي بَلَدٍ أَنَّهُ مَخُوفٌ إلَى أَنْ يَزُولَ عَنْهَا؛ فَتُعْتَبَرُ تَصَرُّفَاتُهُ مِنْ الثُّلُثِ كَالْمَرِيضِ. 41 - وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ رِوَايَتَانِ وَالْمُرَجَّحُ مِنْهُمَا عِنْدَهُمْ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ. وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلَمْ يَنُصُّوا عَلَى خُصُوصِ الْمَسْأَلَةِ وَلَكِنَّ قَوَاعِدَهُمْ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا هُوَ الْمُصَحَّحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهَكَذَا قَالَ لِي جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَائِهِمْ (انْتَهَى) . قُلْت إنَّمَا كَانَتْ قَوَاعِدُنَا أَنَّهُ فِي حُكْمِ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا فِي بَابِ طَلَاقِ الْمَرِيضِ: لَوْ طَلَّقَ الزَّوْجُ وَهُوَ مَحْصُورٌ أَوْ فِي صَفِّ الْقِتَالِ لَا يَكُونُ فِي حُكْمِ الْمَرِيضِ. فَلَا مِيرَاثَ لِزَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ السَّلَامَةُ، 42 - بِخِلَافِ مَنْ بَارَزَ رَجُلًا أَوْ قَدِمَ لِيُقْتَلَ بِقَوَدٍ أَوْ رَجْمٍ فَإِنَّهُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ رِوَايَتَانِ وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَهُمْ إلَخْ أَقُولُ: الَّذِي فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ وَالْمُرَجَّحُ مِنْهُمَا. (42) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ بَارَزَ رَجُلًا إلَخْ قِيلَ فِي كَوْنِ الْغَالِبِ الْهَلَاكَ فِيمَنْ

حُكْمِ الْمَرِيضِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ الْهَلَاكُ (انْتَهَى) . وَغَايَةُ الْأَمْرِ فِي الطَّاعُونِ أَنْ يَكُونَ مَنْ نَزَلَ بِبَلَدِهِمْ كَالْوَاقِفِينَ فِي صَفِّ الْقِتَالِ؛ فَلِذَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَائِنَا لِابْنِ حَجَرٍ: إنَّ قَوَاعِدَنَا تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ كَالصَّحِيحِ، يَعْنِي قَبْلَ نُزُولِهِ بِوَاحِدٍ، أَمَّا إذَا طُعِنَ وَاحِدٌ فَهُوَ مَرِيضٌ حَقِيقَةً وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ لَمْ يُطْعَنْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ الطَّاعُونُ. وَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ: الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ تُسْتَنْبَطُ مِنْ أَحَدِ الْأَوْجُهِ فِي النَّهْيِ عَنْ الدُّخُولِ إلَى بَلَدِ الطَّاعُونِ، وَهُوَ مَنْعُ التَّعَرُّضِ إلَى الْبَلَاءِ وَمِنْ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الدَّوَاءِ: 43 - التَّحَرُّزُ فِي أَيَّامِ الْوَبَاءِ مِنْ أُمُورٍ أَوْصَى بِهَا حُذَّاقُ الْأَطِبَّاءِ. 44 - مِثْلُ إخْرَاجِ الرُّطُوبَاتِ الْفَصِيلَةِ وَتَقْلِيلِ الْغِذَاءِ وَتَرْكِ الرِّيَاضَةِ وَالْمُكْثِ فِي الْحَمَّامِ وَمُلَازَمَةِ السُّكُونِ وَالدَّعَةِ وَأَنْ لَا يُكْثِرَ مِنْ اسْتِنْشَاقِ الْهَوَاءِ الَّذِي هُوَ عَفِنٌ. وَصَرَّحَ الرَّئِيسُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ سِينَا بِأَنَّ. 45 - أَوَّلَ شَيْءٍ يُبْدَأُ بِهِ فِي عِلَاجِ الطَّاعُونِ الشُّرَطُ إنْ أَمْكَنَ، فَيُسِيلُ مَا فِيهِ وَلَا يُتْرَكُ حَتَّى يَجْمُدَ فَتَزْدَادَ سُمِّيَّتُهُ؛ فَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQبَارَزَ رَجُلًا وَاحِدًا نَظَرٌ خُصُوصًا إذَا كَانَ هَذَا الْمُبَارِزُ أَقْوَى وَأَشْجَعَ مِنْ قَرِينِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ إلَى جَمَاعَةٍ. (43) قَوْلُهُ: التَّحَرُّزُ إلَخْ نَائِبُ فَاعِلِ تُسْتَنْبَطُ. (44) قَوْلُهُ: مِثْلُ إخْرَاجِ الرُّطُوبَاتِ الْفَصِيلَةِ إلَخْ أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بِمَا أَوْصَى الْأَطِبَّاءُ بِالتَّحَرُّزِ مِنْهُ بَلْ مِمَّا أَمَرُوا بِهِ. (45) قَوْلُهُ: أَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ فِي عِلَاجِ الطَّاعُونِ الشَّرْطُ إلَخْ أَقُولُ: قَالَ

مَصِّهِ بِالْمِحْجَمَةِ فَلْيَفْعَلْ بِلُطْفٍ، وَقَالَ أَيْضًا: يُعَالَجُ الطَّاعُونُ بِمَا يَقْبِضُ وَيُبَرِّدُ وَبِإِسْفَنْجَةٍ مَغْمُوسَةٍ فِي خَلٍّ أَوْ مَاءٍ أَوْ دُهْنِ وَرْدٍ أَوْ دُهْنِ تُفَّاحٍ أَوْ دُهْنٍ آسٍ، وَيُعَالَجُ بِالِاسْتِفْرَاغِ بِالْقَصْدِ بِمَا يَحْتَمِلُهُ الْوَقْتُ، أَوْ يُؤْجَرُ مَا يُخْرِجُ الْخَلْطَ ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى الْقَلْبِ بِالْحِفْظِ وَالتَّقْوِيَةِ بِالْمُبَرِّدَاتِ وَالْمُعَطِّرَاتِ، وَيَجْعَلُ عَلَى الْقَلْبِ مِنْ أَدْوِيَةِ أَصْحَابِ الْخَفَقَانِ الْجَائِرِ. قُلْت: وَقَدْ أَغْفَلَ الْأَطِبَّاءُ فِي عَصْرِنَا وَمَا قَبْلَهُ هَذَا التَّدْبِيرَ، فَوَقَعَ التَّفْرِيطُ الشَّدِيدُ مِنْ تَوَاطُئِهِمْ عَلَى عَدَمِ التَّعَرُّضِ لِصَاحِبِ الطَّاعُونِ بِإِخْرَاجِ الدَّمِ حَتَّى شَاعَ ذَلِكَ فِيهِمْ وَذَاعَ بِحَيْثُ صَارَ عَامَّتُهُمْ تَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ ذَلِكَ وَهَذَا النَّقْلُ عَنْ رَئِيسِهِمْ يُخَالِفُ مَا اعْتَمَدُوهُ وَالْعَقْلُ يُوَاقِفُهُ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الطَّعْنَ يُثِيرُ الدَّمَ الْكَائِنَ فَيَهِيجُ فِي الْبَدَنِ فَيَصِلُ إلَى مَكَان مِنْهُ ثُمَّ يَصِلُ أَثَرُ ضَرَرِهِ إلَى الْقَلْبِ فَيَقْتُلُ، وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ سِينَا لَمَّا ذَكَرَ الْعِلَاجَ بِالشَّرْطِ وَالْقَصْدِ إنَّهُ وَاجِبٌ. انْتَهَى كَلَامُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: إذَا تَزَلْزَلَتْ الْأَرْضُ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ؛ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْفِرَارُ إلَى الصَّحْرَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَلَّامَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ الْهَدْيِ: هَذِهِ الْقُرُوحُ وَالْأَوْرَامُ وَالْجِرَاحَاتُ هِيَ آثَارُ الطَّاعُونِ وَلَيْسَتْ نَفْسَهُ وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ تُدْرِكْ مِنْهُ الْأَطِبَّاءُ إلَّا الْأَثَرَ الظَّاهِرَ جَعَلُوهُ نَفْسَ الطَّاعُونِ وَالطَّاعُونُ يُعَبِّرُ عَنْ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ: أَحَدُهَا هَذَا الْأَثَرُ الظَّاهِرُ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَطِبَّاءُ، وَالثَّانِي الْمَوْتُ الْحَادِثُ عَنْهُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي قَوْلِهِ «الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» ، الثَّالِثُ السَّبَبُ الْفَاعِلُ لِهَذَا الدَّاءِ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: أَنَّهُ بَقِيَّةُ رِجْزٍ أُرْسِلَ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ. وَوَرَدَ فِيهِ أَنَّهُ وَخْزُ الْجِنِّ. وَجَاءَ أَنَّهُ دَعْوَى نَبِيٍّ (انْتَهَى) . فَلْيُرَاجَعْ فَثَمَّ فَوَائِدُ هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ فَوَائِدُ وَالشُّرَطُ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ كَمَا فِي تُحْفَةِ الرَّاغِبِينَ

{وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] وَفِيهِ قِيلَ: الْفِرَارُ مِمَّا لَا يُطَاقُ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ (انْتَهَى) . 46 - وَهُوَ يُفِيدُ جَوَازَ الْفِرَارِ مِنْ الطَّاعُونِ إذَا نَزَلَ بِبَلْدَةٍ. وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِخِلَافِهِ. رَوَى الْعَلَائِيُّ فِي فَتَاوَاهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِهَدَفٍ مَائِلٍ فَأَسْرَعَ الْمَشْيَ فَقِيلَ لَهُ: أَتَفِرُّ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى؟ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِرَارِي إلَى قَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْضًا» انْتَهَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُوَ يُفِيدُ جَوَازَ الْفِرَارِ مِنْ الطَّاعُونِ إلَخْ أَقُولُ: فِي الْإِفَادَةِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَدَبَّرَ.

[فائدة الكنيسة إذا هدمت ولو بغير وجه لا يجوز إعادتها]

فَائِدَةٌ: 1 - نَقَلَ الْإِمَامُ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْكَنِيسَةَ إذَا هُدِمَتْ وَلَوْ بِغَيْرِ وَجْهٍ لَا يَجُوزُ إعَادَتُهَا، كَمَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيّ فِي حُسْنِ الْمُحَاضَرَةِ فِي أَخْبَارِ مِصْرَ وَالْقَاهِرَةِ، عِنْدَ ذِكْرِ الْأُمَرَاءِ. قُلْت: يُسْتَنْبَطُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا إذَا قُفِلَتْ وَلَوْ بِغَيْرِ وَجْهٍ لَا تُفْتَحُ، كَمَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي عَصْرِنَا بِالْقَاهِرَةِ فِي كَنِيسَةِ. 2 - تِجَارَةِ زُوَيْلَةَ. 3 - قَفَلَهَا الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ إلْيَاسَ قَاضِي الْقُضَاةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلَمْ تُفْتَحْ إلَى الْآنَ، حَتَّى وَرَدَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ السُّلْطَانِيُّ بِفَتْحِهَا فَلَمْ يَتَجَاسَرْ حَاكِمٌ عَلَى فَتْحِهَا. وَلَا يُنَافِي مَا نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ الْإِجْمَاعِ قَوْلَ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: وَيُعَادُ الْمُنْهَدِمُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا هَدَمَهُ الْإِمَامُ لَا فِيمَا انْهَدَمَ فَلْيُتَأَمَّلْ. فَائِدَةٌ: الْفِسْقُ لَا يَمْنَعُ أَهْلِيَّةَ الشَّهَادَةِ وَالْقَضَاءِ وَالْإِمْرَةِ وَالسَّلْطَنَةِ وَالْإِمَامَةِ وَالْوِلَايَةِ فِي مَالِ الْوَلَدِ وَالتَّوْلِيَةِ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَائِدَةٌ الْكَنِيسَةَ إذَا هُدِمَتْ وَلَوْ بِغَيْرِ وَجْهٍ لَا يَجُوزُ إعَادَتُهَا] (1) قَوْلُهُ: نَقَلَ الْإِمَامُ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْكَنِيسَةَ إلَخْ قَالَ بَعْضُهُمْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْقَوَاعِدِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا رَأَى شَيْئًا ثُمَّ مَاتَ أَوْ عُزِلَ فَلِلثَّانِي تَغْيِيرُهُ حَيْثُ كَانَ مِنْ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ إلَخْ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْإِجْمَاعُ عَلَى الْمَذْهَبِيِّ أَوْ يُقَالَ إنَّ إعَادَةَ الْكَنَائِسِ لَيْسَ مِنْ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ. (2) قَوْلُهُ: تِجَارَةِ زُوَيْلَةَ: بِفَتْحِ الزَّايِ كَمَا فِي الْخِطَطِ. (3) قَوْلُهُ: قَفَلَهَا الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ إلْيَاسَ إلَخْ حِينَ اجْتَمَعَ عَلَى قَفْلِهَا كُلُّ عُلَمَاءِ مِصْرَ فِي عَصْرِهِ، وَعَلَى صِحَّةِ مَا حُكِمَ بِهِ حَتَّى كَتَبَ غَالِبُهُمْ فِي ذَلِكَ رَسَائِلَ وَبَالَغُوا فِي وُجُوبِ مَنْعِهِمْ عَنْ الِاجْتِمَاعِ بِهَا.

[فائدة الفسق لا يمنع الأهلية]

الْأَوْقَافِ، وَلَا تَحِلُّ تَوْلِيَتُهُ كَمَا كَتَبْنَاهُ فِي الشَّرْحِ، وَإِذَا فَسَقَ لَا يَنْعَزِلُ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ. 4 - يَجِبُ عَزْلُهُ أَوْ يَحْسُنُ عَزْلُهُ. 5 - إلَّا الْأَبَ السَّفِيهَ؛ فَإِنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي مَالِ وَلَدِهِ، كَمَا فِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ. وَقِسْت عَلَيْهِ النَّظَرَ، فَلَا نَظَرَ لَهُ فِي الْوَقْفِ وَإِنْ كَانَ ابْنَ الْوَاقِفِ الْمَشْرُوطُ لَهُ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ لِنَفْسِهِ لَا يَنْفُذُ، فَكَيْفَ يَتَصَرَّفُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ؟ وَلَا يُؤْتَمَنُ عَلَى مَالِهِ وَلِذَا لَا يَدْفَعُ الزَّكَاةَ بِنَفْسِهِ، وَلَا يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي مَحِلِّهِ، فَكَيْفَ يُؤْتَمَنُ عَلَى مَالِ الْوَقْفِ؟ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: الصَّالِحُ لِلنَّظَرِ مَنْ لَمْ يَسْأَلْ الْوِلَايَةَ لِلْوَقْفِ، وَلَيْسَ فِيهِ فِسْقٌ يُعْرَفُ، ثُمَّ قَالَ: وَصَرَّحَ بِأَنَّهُ مِمَّا يُخْرَجُ بِهِ النَّاظِرُ مَا إذَا ظَهَرَ بِهِ فِسْقٌ كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ (انْتَهَى) . وَالظَّاهِرُ أَنَّ (يُخْرَجُ) مَبْنِيٌّ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، فَيُخْرِجُهُ الْقَاضِي لَا أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِهِ. 6 - لِمَا عُرِفَ فِي الْقَاضِي. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ السَّفَهَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْفِسْقَ، لِمَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ حَجْرِ السَّفِيهِ الْمُبَذِّرِ الْمُضَيِّعِ لِمَالِهِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الشَّرِّ، بِأَنْ جَمَعَ أَهْلَ الشَّرَابِ وَالْفَسَقَةَ فِي دَارِهِ وَيُطْعِمُهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَائِدَةٌ الْفِسْقُ لَا يَمْنَعُ الْأَهْلِيَّةَ] (4) قَوْلُهُ: يَجِبُ عَزْلُهُ أَوْ يَحْسُنُ عَزْلُهُ إلَخْ أَقُولُ: لَا مُقَابَلَةَ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالْحُسْنِ كُلِّيَّةً حَتَّى يَحْسُنَ الْعَطْفُ بِأَوْ. (5) قَوْلُهُ: إلَّا الْأَبَ السَّفِيهَ إلَخْ أَقُولُ: فِي الِاسْتِثْنَاءِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فِي كَلَامِ السَّابِقِ فِي الْفِسْقِ لَا فِي السَّفَهِ، وَالسَّفَهُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْفِسْقَ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا. (6) قَوْلُهُ: لِمَا عُرِفَ فِي الْقَاضِي إلَخْ أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا فَسَقَ لَا يَنْعَزِلُ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ.

وَيَسْقِيهِمْ وَيُسْرِفُ فِي النَّفَقَةِ وَيَفْتَحُ بَابَ الْجَائِزَةِ وَالْعَطَاءِ عَلَيْهِمْ، أَوْ فِي الْخَيْرِ، بِأَنْ يَصْرِفَ مَالَهُ فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ فَيَحْجُرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي صِيَانَةً لِمَالِهِ (انْتَهَى) . وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّ السَّفِيهَ 7 - مَنْ عَادَتُهُ التَّبْذِيرُ وَالْإِسْرَافُ فِي النَّفَقَةِ. 8 - وَأَنْ يَتَصَرَّفَ تَصَرُّفًا لَا لِغَرَضٍ أَوْ لِغَرَضٍ لَا يَعُدُّهُ الْعُقَلَاءُ مِنْ أَهْلِ الدِّيَانَةِ غَرَضًا مِثْلُ: دَفْعِ الْمَالِ إلَى الْمُغَنِّي وَاللَّعَّابِ وَشِرَاءِ الْحَمَامِ الطَّيَّارَةِ بِثَمَنٍ غَالٍ وَالْغَبْنِ فِي التِّجَارَاتِ مِنْ غَيْرِ مَحْمَدَةٍ. وَأَصْلُ الْمُسَامَحَاتِ فِي التَّصَرُّفَاتِ وَالْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ مَشْرُوعٌ، وَالْإِسْرَافُ حَرَامٌ كَالْإِسْرَافِ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ (انْتَهَى) . وَالْغَفْلَةُ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ عِنْدَهُمَا أَيْضًا. وَالْغَافِلُ لَيْسَ بِمُفْسِدٍ وَلَا يَقْصِدُهُ لَكِنَّهُ لَا يَهْتَدِي إلَى التَّصَرُّفَاتِ الرَّابِحَةِ؛ فَيُغْبَنُ فِي الْبِيَاعَاتِ لِسَلَامَةِ قَلْبِهِ. ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ أَيْضًا. وَلَمْ أَرَ حُكْمَ شَهَادَةِ السَّفِيهِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُضَيِّعًا لِمَا لَهُ فِي الشَّرِّ، فَهُوَ فَاسِقٌ لَا. تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْخَيْرِ فَتُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ مُغَفَّلًا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. لَكِنْ هَلْ الْمُرَادُ بِالْمُغَفَّلِ فِي الشَّهَادَةِ الْمُغَفَّلُ فِي الْحَجْرِ؟ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَمَنْ اشْتَدَّتْ غَفْلَتُهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (7) قَوْلُهُ: مَنْ عَادَتُهُ التَّبْذِيرُ وَالْإِسْرَافُ إلَخْ. أَقُولُ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ التَّبْذِيرَ تَجَاوُزٌ فِي مَوْضِعِ الْحَقِّ فَهُوَ جَهْلٌ بِمَوَاقِعِ الْحُقُوقِ، وَالْإِسْرَافُ تَجَاوُزٌ فِي الْكَمِّيَّةِ فَهُوَ جَهْلٌ بِمَقَادِيرِ الْحُقُوقِ. ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكَشَّافِ فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ. (8) قَوْلُهُ: وَأَنْ يَتَصَرَّفَ. عَطْفٌ عَلَى التَّبْذِيرِ بِحَسَبِ الْمَعْنَى، وَالتَّقْدِيرُ السَّفِيهُ مَنْ عَادَتُهُ أَنْ يُبَذِّرَ وَأَنْ يَتَصَرَّفَ تَصَرُّفًا لَا لِغَرَضٍ.

انْتَهَى) . وَفِي الْمُغْرِبِ: رَجُلٌ مُغَفَّلٌ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ مِنْ التَّغْفِيلِ وَهُوَ الَّذِي لَا فِطْنَةَ لَهُ (انْتَهَى) . وَفِي الْمِصْبَاحِ: الْغَفْلَةُ غَيْبَةُ الشَّيْءِ عَنْ بَالِ الْإِنْسَانِ وَعَدَمُ تَذَكُّرِهِ لَهُ (انْتَهَى) . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُغَفَّلَ فِي الْحَجْرِ غَيْرُهُ فِي الشَّهَادَةِ؛ وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْحَجْرِ مَنْ لَا يَهْتَدِي إلَى التَّصَرُّفِ الرَّابِحِ وَفِي الشَّهَادَةِ مَنْ لَا يَتَذَكَّرُ مَا رَآهُ أَوْ سَمِعَهُ فَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى ضَبْطِ الْمَشْهُودِ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فائدة الصلاة على ميت موضوع على دكان]

فَائِدَةٌ: 1 - لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى مَيِّتٍ مَوْضُوعٍ عَلَى دُكَّانٍ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ إنَّ لَهُ حُكْمَ الْإِمَامِ وَهُوَ يُكْرَهُ انْفِرَادُهُ عَلَى الدُّكَّانِ؛ لِأَنَّهُ. 2 - مُعَلَّلٌ بِالتَّشْبِيهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ؛ وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ، بِهِ أَفْتَيْت. فَائِدَةٌ: ذَكَرَ الْأَبِيُّ مِنْ الْقَضَاءِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، 3 - الْفَرْقُ بَيْنَ عِلْمِ الْقَضَاءِ وَفِقْهِ الْقَضَاءِ، فَرْقُ مَا بَيْنَ الْأَخَصِّ وَالْأَعَمِّ. فَفِقْهُ الْقَضَاءِ أَعَمُّ؛ لِأَنَّهُ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الْكُلِّيَّةِ، وَعِلْمُ الْقَضَاءِ الْفِقْهُ بِالْأَحْكَامِ الْكُلِّيَّةِ مَعَ الْعِلْمِ بِكَيْفِيَّةِ تَنْزِيلِهَا عَلَى النَّوَازِلِ الْوَاقِعَةِ، وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرَّفِيقِ، أَنَّ أَمِيرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَائِدَةٌ الصَّلَاةُ عَلَى مَيِّتٍ مَوْضُوعٍ عَلَى دُكَّانٍ] قَوْلُهُ: الصَّلَاةُ عَلَى مَيِّتٍ مَوْضُوعٍ عَلَى دُكَّانٍ إلَخْ أَقُولُ: بِحَيْثُ يُحَاذِي خَزَائِنَ الْمَيِّتِ فَإِنْ كَانَ الدُّكَّانُ عَالِيًا بِحَيْثُ لَا يُحَاذِي جُزْءًا مِنْ الْمَيِّتِ فَالصَّلَاةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ مُحَاذَاةَ جُزْءٍ مِنْ الْمَيِّتِ رُكْنٌ، كَمَا فِي التُّحْفَةِ. (2) قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُعَلَّلٌ بِالتَّشْبِيهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ إلَخْ قِيلَ عَلَيْهِ: لَمْ يَقْتَصِرْ الْمَشَايِخُ عَلَى التَّشْبِيهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ بَلْ عَلَّلُوهُ بِعِلَّتَيْنِ هَذِهِ وَاخْتِلَافُ الْمَكَانِ وَهُوَ هُنَا مَوْجُودٌ. وَلِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِي الْقَدِيمِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: اخْتِلَافُ الْمَكَانِ مُفْسِدٌ لِلِاقْتِدَاءِ لَا مُوجِبٌ لِلْكَرَاهَةِ فَكَيْفَ يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِهِ لِلْكَرَاهَةِ؟ وَالْجَوَابُ: أَنَّ ذَلِكَ فِي أَصْلِ الصَّلَاةِ ذَاتِ الرُّكُوعِ. فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَفِيهِ خِلَافٌ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ. وَحِينَئِذٍ يَكُونُ التَّعْلِيلُ بِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. [فَائِدَةٌ الْفَرْقُ بَيْنَ عِلْمِ الْقَضَاءِ وَفِقْهِ الْقَضَاءِ] (3) قَوْلُهُ: الْفَرْقُ بَيْنَ عِلْمِ الْقَضَاءِ وَفِقْهِ الْقَضَاءِ فَرْقُ مَا إلَخْ الْفَرْقُ مُبْتَدَأٌ. وَقَوْلُهُ فَرْقُ مَا إلَخْ خَبَرُهُ بِإِضَافَةِ فَرْقُ إلَى مَا. وَالْفَرْقُ الَّذِي بَيْنَ الْأَخَصِّ وَالْأَعَمِّ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْأَخَصِّ وُجُودُ الْأَعَمِّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْأَعَمِّ وُجُودُ الْأَخَصِّ، وَيَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْأَعَمِّ نَفْيُ الْأَخَصِّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْأَخَصِّ نَفْيُ الْأَعَمِّ.

إفْرِيقِيَّةَ اسْتَفْتَى أَسَدَ بْنَ الْفُرَاتِ فِي دُخُولِهِ الْحَمَّامَ مَعَ جَوَارِيهِ دُونَ سَاتِرٍ لَهُ وَلَهُنَّ. فَأَفْتَاهُ بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُنَّ مِلْكُهُ. وَأَجَابَ أَبُو مُحْرِزٍ بِمَنْعِ ذَلِكَ وَقَالَ لَهُ: إنْ جَازَ لِلْمَلِكِ النَّظَرُ إلَيْهِنَّ وَجَازَ لَهُنَّ النَّظَرُ إلَيْهِ، لَمْ يَجُزْ لَهُنَّ نَظَرُ بَعْضِهِنَّ إلَى بَعْضٍ. فَأَهْمَلَ أَسَدٌ إعْمَالَ النَّظَرِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْجُزْئِيَّةِ فَلَمْ يَعْتَبِرْهَا لَهُنَّ فِيمَا بَيْنَهُنَّ وَاعْتَبَرَهَا أَبُو مُحْرِزٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَالْفَرْقُ الْمَذْكُورُ هُوَ أَيْضًا الْفَرْقُ بَيْنَ عِلْمِ الْفُتْيَا وَفِقْهِ الْفُتْيَا؛ فَفِقْهُ الْفُتْيَا هُوَ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الْكُلِّيَّةِ، وَعِلْمُهَا هُوَ الْعِلْمُ بِتِلْكَ الْأَحْكَامِ مَعَ تَرْتِيبِهَا عَلَى النَّوَازِلِ. وَلَمَّا وَلِيَ الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الصَّالِحُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُعَيْبٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَضَاءَ الْقَيْرَوَانِ وَمَحَلُّ تَحْصِيلِهِ فِي الْفِقْهِ وَأُصُولِهِ شَهِيرَةٌ. فَلَمَّا جَلَسَ الْخُصُومُ إلَيْهِ وَفَصَلَ بَيْنَهُمْ دَخَلَ مَنْزِلَهُ مَقْبُوضًا. فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ: مَا شَأْنُك؟ فَقَالَ لَهَا: عَسُرَ عَلَيَّ عِلْمُ الْقَضَاءِ. فَقَالَتْ لَهُ: رَأَيْت الْفُتْيَا عَلَيْك سَهْلَةً، اجْعَلْ الْخَصْمَيْنِ كَمُسْتَفْتِيَيْنِ سَأَلَاك. قَالَ فَاعْتَبَرْت ذَلِكَ فَسَهُلَ عَلَيَّ (انْتَهَى) . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فائدة شروط الإمامة المتفق عليها ثمانية]

فَائِدَةٌ) : ذَكَرَ الْآمِدِيُّ 1 - أَنَّ شُرُوطَ الْإِمَامَةِ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةٌ: الِاجْتِهَادُ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَأَنْ يَكُونَ بَصِيرًا بِأَمْرِ الْحُرُوبِ وَتَدْبِيرِ الْجُيُوشِ، وَأَنْ تَكُونَ لَهُ قُوَّةٌ بِحَيْثُ لَا تَهُولُهُ إقَامَةُ الْحُدُودِ وَضَرْبُ الرِّقَابِ وَإِنْصَافُ الْمَظْلُومِ مِنْ الظَّالِمِ، وَأَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَرِعًا، بَالِغًا ذَكَرًا حُرًّا، نَافِذَ الْحُكْمِ، مُطَاعًا، قَادِرًا عَلَى مَنْ خَرَجَ عَنْ طَاعَتِهِ. وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهَا فَكَوْنُهُ: قُرَشِيًّا وَهَاشِمِيًّا وَمَعْصُومًا وَأَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ، ذَكَرَهُ الْأَبِيُّ مِنْ كِتَابِ الْإِمَامَةِ. فَائِدَةٌ: كُلُّ إنْسَانٍ غَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ لَمْ يُعْلَمْ مَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ وَبِهِ؛ لِأَنَّ إرَادَتَهُ غَيْبٌ عَنَّا، إلَّا الْفُقَهَاءَ فَإِنَّهُمْ عَلِمُوا إرَادَتَهُ تَعَالَى بِهِمْ بِخَبَرِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ؛ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» ) كَذَا فِي أَوَّلِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِلْعِرَاقِيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَائِدَةٌ شُرُوطَ الْإِمَامَةِ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةٌ] قَوْلُهُ: إنَّ شُرُوطَ الْإِمَامَةِ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةٌ إلَخْ أَقُولُ: فِي دَعْوَى الِاتِّفَاقِ عَلَى هَذِهِ الثَّمَانِيَةِ نَظَرٌ. فَقَدْ ذَكَرَ الطَّرَسُوسِيُّ فِي كِتَابِهِ تُحْفَةُ التُّرْكِ فِيمَا يَجِبُ أَنْ يُعْمَلَ فِي الْمَلِكِ قَالَ الْإِمَامُ وَأَصْحَابُهُ: لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ تَوْلِيَةِ السُّلْطَانِ أَنْ يَكُونَ قُرَشِيًّا وَلَا مُجْتَهِدًا وَلَا عَدْلًا، بَلْ يَجِبُ التَّقْلِيدُ مِنْ السُّلْطَانِ الْعَادِلِ وَالْجَائِرِ، وَأَصْلُهُ قِصَّةُ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - تَقَلَّدُوا مِنْ مُعَاوِيَةَ الْأَعْمَالَ بَعْدَمَا أَظْهَرَ الْخِلَافَ مَعَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي نَوْبَتِهِ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ اشْتِرَاطَ هَذِهِ الشُّرُوطِ وَهَذَا لَا يُوجَدُ فِي التُّرْكِ وَلَا فِي الْعَجَمِ فَلَا تَصِحُّ سَلْطَنَةُ التُّرْكِ عِنْدَهُمْ وَلَا يَصِحُّ تَوْلِيَتُهُمْ لِلْقَضَاءِ مِنْ التُّرْكِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ. وَفِي هَذَا الْقَوْلِ مِنْ الْفَسَادِ مَا لَا يَخْفَى وَفِيهِ مِنْ الْأَذَى لِلسُّلْطَانِ وَصَرْفِ الرَّعِيَّةِ عَنْهُ وَمُبَايَعَةِ الْجُنْدِ لَهُ مَا لَا يَخْفَى. وَلِهَذَا قُلْنَا إنَّ مَذْهَبَنَا أَوْفَقُ لِلتُّرْكِ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ (انْتَهَى) . وَفِي سِيَاسَةِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ لِسَعِيدِ بْنِ عُمَرَ الْأَقْصُرَانِيِّ

فَائِدَةٌ: إذَا وَلَّى السُّلْطَانُ مُدَرِّسًا لَيْسَ بِأَهْلٍ لَمْ تَصِحَّ تَوْلِيَتُهُ؛ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ فِعْلَهُ مُقَيَّدٌ بِالْمَصْلَحَةِ وَلَا مَصْلَحَةَ فِي تَوْلِيَةِ غَيْرِ الْأَهْلِ خُصُوصًا أَنَّا نَعْلَمُ مِنْ سُلْطَانِ زَمَانِنَا أَنَّهُ إنَّمَا يُوَلَّى الْمُدَرِّسُ عَلَى اعْتِقَادِ الْأَهْلِيَّةِ فَكَأَنَّهَا كَالْمَشْرُوطَةِ. وَقَدْ قَالُوا فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ: لَوْ وَلَّى السُّلْطَانُ قَاضِيًا عَدْلًا فَفَسَقَ انْعَزَلَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQالشُّرُوطُ الَّتِي تَقْتَضِي الصَّلَاحِيَّةَ لِلْإِمَامَةِ نَوْعَانِ: فَنَوْعٌ يُشْتَرَطُ لِلْجَوَازِ وَنَوْعٌ يُشْتَرَط لِلِاسْتِحْبَابِ وَالْفَضِيلَةِ. فَشُرِطَ لِلْجَوَازِ مَا يُشْتَرَطُ لِلشَّهَادَةِ مَعَ التَّدَبُّرِ وَالشَّجَاعَةِ وَالشَّهَامَةِ ثُمَّ الْكَلَامُ فِيهِ مُتَنَوِّعٌ إلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ يَرْجِعُ إلَى نَفْسِهِ وَنَوْعٌ يَرْجِعُ إلَى نَسَبِهِ. فَنَبْدَأُ بِالْكَلَامِ فِي النَّسَبِ فَنَقُولُ: أَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى ذَلِكَ فَرَوَى الْإِمَامُ أَنَّهُ قَالَ: الْأَصْلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ وَبِهِ قَالَ جَمِيعُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالشَّافِعِيُّ: وَقَالَ الرَّوَافِضُ: يَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَعَيَّنُوا عَلِيًّا وَأَوْلَادَهُ وَهَذَا الْقَوْلُ بَاطِلٌ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ. وَقَالَ ضِرَارُ بْنُ عُمَرَ الْغَطَفَانِيُّ: لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ قُرَيْشِيًّا أَوْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، وَلَا مَزِيَّةَ وَلَا فَضِيلَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ بَاطِلٌ إذْ لَا شُبْهَةَ فِي فَضْلِ الْقُرَيْشِيِّ وَمَزِيَّتِهِ عَلَى غَيْرِهِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: نَقَلَ التَّقِيُّ السُّبْكِيُّ فِي فَتَاوَاهُ عَنْ ضِرَارِ بْنِ عُمَرَ الْغَطَفَانِيِّ مَا هُوَ أَبْدَعُ وَأَعْجَبُ مِمَّا ذُكِرَ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ قُرَشِيٌّ وَحَبَشِيٌّ كِلَاهُمَا قَائِمٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَالْوَاجِبُ تَقْدِيمُ الْحَبَشِيِّ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ لِخَلْعِهِ إذَا عَادَ مِنْ طَرِيقِهِ (انْتَهَى) . وَالْأَصْلُ أَنْ يَكُونَ قُرَشِيًّا وَيَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْقُرَشِيِّ وَإِنْ عُقِدَ الْعَقْدُ لِغَيْرِ الْقُرَشِيِّ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصَّ عَلَى قُرَيْشٍ حَيْثُ قَالَ: «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُ بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَطِيعُوا وَلَوْ وُلِّيَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مَا حَكَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ فِيكُمْ» فَحَمَلَ الْإِمَامُ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ عَلَى الْوُجُوبِ وَمَا رَوَى الْمُخَالِفُ عَلَى مَا إذَا أَنْفَذَ الْإِمَامُ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَمِيرًا، يَجِبُ عَلَى الْعَسْكَرِ أَنْ يُطِيعُوهُ فِي أَمْرِ الْحَرْبِ عَمَلًا بِالدَّلَائِلِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. هَذَا هُوَ الْكَلَامُ فِي نَسَبِهِ، أَمَّا الْكَلَامُ فِي صِفَاتِهِ فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلْجَوَازِ مَا يُشْتَرَطُ لِلشَّهَادَةِ عِنْدَنَا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حُرًّا بَالِغًا عَاقِلًا مُسْلِمًا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يُضَمُّ إلَى هَذِهِ الْأَوْصَافِ كَوْنُهُ عَدْلًا حَتَّى لَوْ كَانَ

اعْتَمَدَ عَدَالَتَهُ صَارَتْ كَأَنَّهَا مَشْرُوطَةٌ وَقْتَ التَّوْلِيَةِ. قَالَ ابْنُ الْكَمَالِ؛ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَكَذَلِكَ يُقَالُ إنَّ السُّلْطَانَ اعْتَمَدَ أَهْلِيَّتَهُ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً لَمْ يَصِحَّ تَقْرِيرُهُ خُصُوصًا إنْ كَانَ الْمُقَرَّرُ عَنْ مُدَرِّسٍ أَهْلٍ فَإِنَّ الْأَهْلَ لَمْ يَنْعَزِلْ وَصَرَّحَ الْبَزَّازِيُّ فِي الصُّلْحِ أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا أَعْطَى غَيْرَ الْمُسْتَحِقِّ فَقَدْ ظَلَمَ مَرَّتَيْنِ؛ بِمَنْعِ الْمُسْتَحِقِّ وَإِعْطَاءِ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ. وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ رِسَالَةَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى هَارُونَ الرَّشِيدِ: إنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ شَيْئًا مِنْ يَدِ أَحَدٍ إلَّا بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ. وَعَنْ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: إنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَرْتَكِبُ نَوْعًا مِنْ الْفِسْقِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَهَذَا الْقَوْلُ يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَى خِلَافِهِ، فَإِنَّهُ عِنْدَهُ لَوْ اغْتَابَ الْإِمَامُ يُفَسَّقُ وَإِذَا فُسِّقَ بَطَلَتْ إمَامَتُهُ عِنْدَهُ فَلَا تَصِحُّ قَضَايَاهُ وَلَا تَوْلِيَتُهُ وَلَا قِسْمَتُهُ وَلَا تَجِبُ طَاعَتُهُ وَلَا يَصِحُّ فِي الْأَقْطَارِ إنَابَتُهُ وَلَوْ أَقَامَ حَدًّا لَمْ يَكُنْ إلَيْهِ إقَامَتُهُ. وَعَنْ هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْفِسْقِ لَا يَخْلُو أَحَدٌ سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا، وَلَوْ خُلِّيَ عَنْ التَّكَلُّمِ لَا يَخْلُو عَنْ الِاسْتِمَاعِ وَلَوْ خُلِّيَ عَنْهُمَا لَا يَخْلُو عَنْ غَيْرِهِمَا فَيُؤَدِّي إلَى فَسَادِ أَمْرِ الْعَالَمِ وَالْوُقُوعِ فِي الْحَرَجِ {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] كَيْفَ وَقَدْ خَرَجَ لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ تَوْقِيعُ هَذِهِ الْوِلَايَةِ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «سَيَلِيكُمْ بَعْدِي وُلَاةٌ فَيَلِيكُمْ الْبَارُّ بِبِرِّهِ وَالْفَاجِرُ بِفُجُورِهِ فَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فِي كُلِّ مَا وَافَقَ الْحَقَّ فَإِنْ أَحْسَنُوا فَلَكُمْ وَلَهُمْ وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ» . فَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ أَنَّ الْأُمَّةَ ضِعَافٌ لَا يَقْدِرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَنْزَجِرَ عَنْ كُلِّ فِسْقٍ فِي الْعَالَمِ فَأَخْبَرَ بِمَا أَخْبَرَ وَأَمَرَنَا بِأَنْ نَسْمَعَ وَنُطِيعَ أَوَامِرَهُ لِلْوُجُوبِ هَذَا إذَا كَانَ مَسْتُورًا مُتَحَاشِيًا، أَمَّا إذَا كَانَ مُعْلِنًا بِالْفِسْقِ فَلَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْإِمَامَةِ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ. وَأَمَّا شَرَائِطُ الِاسْتِحْبَابِ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ: يَنْبَغِي مِنْ طَرِيقِ الدِّينِ أَنْ يَعْقِدَ هَذَا الْعَقْدَ الْعَالِمُ التَّقِيُّ الْوَارِعُ الْأَرْيَحِيُّ الْبَصِيرُ بِالْأُمُورِ الْعَالِمُ بِمَصَالِحِ الْجُمْهُورِ الْمُجَرِّبُ لِأُمُورِ الْحَرْبِ الْخَبِيرُ بِالطَّعْنِ وَالضَّرْبِ، فَيَدْعُو إلَى الْمَكَارِمِ وَيَزْجُرُ النَّاسَ عَنْ الْفَوَاحِشِ وَالْقَبَائِحِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْإِمَامَةَ

[فائدة ولى السلطان مدرسا ليس بأهل]

أَمْرَ السُّلْطَانِ إنَّمَا يَنْفُذُ إذَا وَافَقَ الشَّرْعَ. وَإِلَّا فَلَا يَنْفُذُ. وَفِي مُفِيدِ النِّعَمِ وَمُبِيدِ النِّقَمِ: الْمُدَرِّسُ إذَا لَمْ يَكُنْ صَالِحًا لِلتَّدْرِيسِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ تَنَاوُلُ الْمَعْلُومِ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْفُقَهَاءُ الْمُنَزِّلُونَ مَعْلُومًا؛ لِأَنَّ مَدْرَسَتَهُمْ شَاغِرَةٌ مِنْ مُدَرِّسٍ (انْتَهَى) . وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي الْمُدَرِّسِ، أَمَّا إذَا عُلِمَ شَرْطُهُ وَلَمْ يَكُنْ الْمُقَرَّرُ مُتَّصِفًا بِهِ. 2 - لَمْ يَصِحَّ تَقْرِيرُهُ وَإِنْ كَانَ أَهْلًا لِلتَّدْرِيسِ لِوُجُوبِ اتِّبَاعِ شَرْطِهِ. وَالْأَهْلِيَّةُ لِلتَّدْرِيسِ لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ بَصِيرَةٌ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا بِمَعْرِفَةِ مَنْطُوقِ الْكَلَامِ وَمَفْهُومِهِ وَبِمَعْرِفَةِ الْمَفَاهِيمِ، وَأَنْ يَكُونَ لَهُ سَابِقَةُ اشْتِغَالٍ عَلَى الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - بِحَيْثُ صَارَ يَعْرِفُ الِاصْطِلَاحَاتِ وَيَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ الْمَسَائِلِ مِنْ الْكُتُبِ، وَأَنْ يَكُونَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى أَنْ يَسْأَلَ وَيُجِيبَ إذَا سُئِلَ، وَيَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى سَابِقَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ مَشُوبٌ بِالْمِلْكِ وَالسِّيَاسَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ فِيهِ إلَى جَانِبِ التَّقْوَى، وَبِذَلِكَ نَطَقَ الْكِتَابُ الْمَجِيدُ {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] وَلِأَنَّهَا وِلَايَةٌ عَلَى الْأَمْوَالِ وَالْأَبْضَاعِ وَالْحُدُودِ وَبَذْلِ الْمَجْهُودِ، فَلَا يَقُومُ بِالْوَفَاءِ بِهَا إلَّا مَنْ عَظُمَ قَدْرُهُ وَوَرَعُهُ وَتَقْوَاهُ وَكَرُمَ خُلُقُهُ فَطَابَتْ أَرُومَتُهُ وَشَرُفَتْ جُرْثُومَتُهُ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مَنْ اتَّصَفَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ وَاتَّسَمَ بِهَذِهِ السِّمَاتِ فَتَمِيلَ إلَيْهِ الْقُلُوبُ وَتَخْضَعُ لَهُ الرِّقَابُ فَتَحْصُلُ الْمَصَالِحُ الدِّينِيَّةُ وَالدُّنْيَوِيَّةُ فَيُلَمُّ الشَّعَثُ وَيُشَدُّ الْفَتْقُ وَيُكْبَتُ الْحَاسِدُ وَيُقْمَعُ الْمُعَانِدُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. [فَائِدَةٌ وَلَّى السُّلْطَانُ مُدَرِّسًا لَيْسَ بِأَهْلٍ] (2) قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ تَقْرِيرُهُ وَإِنْ كَانَ أَهْلًا لِلتَّدْرِيسِ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ شَرَطَ مُدَرِّسًا حَنَفِيًّا فَوَلَّى السُّلْطَانُ أَوْ الْقَاضِي مُدَرِّسًا شَافِعِيًّا لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ أَهْلًا لِلتَّدْرِيسِ لِمُخَالَفَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ.

[فائدة ثلاثة لا يستجاب دعاؤهم]

اشْتِغَالٍ فِي النَّحْوِ وَالصَّرْفِ بِحَيْثُ صَارَ يَعْرِفُ الْفَاعِلَ مِنْ الْمَفْعُولِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَإِذَا قَرَأَ لَا يَلْحَنُ وَإِذَا لَحَنَ قَارِئٌ بِحَضْرَتِهِ رَدَّ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ: 1 - ثَلَاثَةٌ لَا يُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُمْ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَائِدَةٌ ثَلَاثَةٌ لَا يُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُمْ] قَوْلُهُ: ثَلَاثَةٌ لَا يُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُمْ. فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ لِأَبِي بَكْرٍ الْجَصَّاصِ مَا نَصُّهُ: وَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: «ثَلَاثَةٌ يَدْعُونَ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ: رَجُلٌ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ سَيِّئَةُ الْخُلُقِ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا، يَعْنِي؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدَيْهِ. وَرَجُلٌ أَعْطَى مَالَهُ سَفِيهًا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] . وَرَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ بِهِ» . وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَرَوَى جُوَيْرٌ عَنْ الضَّحَّاكِ: إنْ ذَهَبَ حَقُّهُ لَمْ يُؤْجَرْ وَإِنْ دَعَا عَلَيْهِ لَمْ يُجَبْ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمْرَهُ (انْتَهَى) . وَفِي الْعَدَدِ الْمَعْدُودَاتِ فِي الْمُحَاضَرَاتِ لِأَبِي يَحْيَى زَكَرِيَّا الْمَرَاغِيِّ، قَالَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ: خَمْسَةٌ لَا يُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُمْ، فَذَكَرَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَزَادَ: رَجُلًا جَلَسَ فِي بَيْتِهِ فَاغِرًا فَاهُ يَقُولُ: يَا رَبِّ اُرْزُقْنِي، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَلَمْ آمُرْك بِالطَّلَبِ؟ أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلِي {فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10] . وَرَجُلًا كَانَ لَهُ مَالٌ فَأَتْلَفَهُ إسْرَافًا وَجَعَلَ يَقُولُ: يَا رَبِّ اُخْلُفْ عَلَيَّ. فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَلَمْ آمُرْك بِالِاقْتِصَادِ؟ أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلِي {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67] . وَرَجُلًا أَقَامَ بَيْنَ قَوْمٍ يُؤْذُونَهُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اكْفِنِي شَرَّهُمْ، فَيَقُولُ أَلَمْ آمُرْك بِالْهِجْرَةِ؟ أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلِي {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النساء: 97]

رَجُلٌ لَهُ امْرَأَةٌ سَيِّئَةُ الْخُلُقِ فَلَا يُطَلِّقُهَا، وَرَجُلٌ أَعْطَى مَالًا سَفِيهًا. 3 - وَرَجُلٌ دَايَنَ رَجُلًا وَلَمْ يُشْهِدْ. كَذَا فِي حَجْرِ الْمُحِيطِ. فَائِدَةٌ: 4 - كُلُّ شَيْءٍ يُسْأَلُ عَنْهُ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا الْعِلْمَ. فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَسْأَلُ عَنْهُ. 5 - لِأَنَّهُ طَلَبَ مِنْ نَبِيِّهِ أَنْ يَطْلُبَ الزِّيَادَةَ مِنْهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114] فَكَيْفَ يَسْأَلُهُ عَنْهُ؟ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: رَجُلٌ لَهُ امْرَأَةٌ سَيِّئَةُ الْخُلُقِ فَلَا يُطَلِّقُهَا إلَخْ وَيَقُولُ: يَا رَبِّ خَلِّصْنِي مِنْهَا. فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَلَمْ أَجْعَلْ أَمْرَهَا بِيَدِك أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلِي {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء: 130] . (3) قَوْلُهُ: وَرَجُلٌ دَايَنَ رَجُلًا وَلَمْ يُشْهِدْ إلَخْ يَعْنِي وَطَالَبَهُ فَأَنْكَرَ فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا رَبِّ أَنْصِفْنِي مِنْهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَلَمْ آمُرْك بِالْإِشْهَادِ أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلِي {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] . (4) قَوْلُهُ: كُلُّ شَيْءٍ يُسْأَلُ عَنْهُ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا الْعِلْمَ إلَخْ أَقُولُ: فِيهِ بَحْثٌ فَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مَا يُفِيدُ السُّؤَالَ عَنْهُ وَلَفْظُهُ «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ اكْتَسَبَهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا صَنَعَ فِيهِ» . (5) قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ طَلَبَ مِنْ نَبِيِّهِ إلَخْ أَيْ يَطْلُبُ مِنْهُ الزِّيَادَةَ إلَخْ أَقُولُ فِيهِ: إنَّ هَذَا الدَّلِيلَ غَيْرُ مُنْتِجٍ لِلْمُدَّعِي إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ طَلَبِ الزِّيَادَةِ مِنْهُ عَدَمُ السُّؤَالِ عَنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّ هَذَا لَوْ صَحَّ كَانَ تَعْلِيلًا فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ وَهُوَ لَا يَجُوزُ.

[فائدة مدرسة بها صفة لا يصلي فيها أحد ولا يدرس والقاضي جالس فيها للحكم]

فَائِدَةٌ: سُئِلْت عَنْ مَدْرَسَةٍ بِهَا صُفَّةٌ لَا يُصَلِّي فِيهَا أَحَدٌ وَلَا يُدَرَّسُ وَالْقَاضِي جَالِسٌ فِيهَا لِلْحُكْمِ. فَهَلْ لَهُ وَضْعُ الْخِزَانَةِ فِيهَا لِحِفْظِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ لِنَفْعِ الْعَالَمِ أَوْ لَا؟ فَأَجَبْت بِالْجَوَازِ 1 - آخِذًا مِنْ قَوْلِهِمْ؛ لَوْ ضَاقَ الطَّرِيقُ عَلَى الْمَارَّةِ وَالْمَسْجِدُ وَاسِعٌ فَلَهُمْ أَنْ يُوَسِّعُوا الطَّرِيقَ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَمِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ وَضَعَ أَثَاثَ بَيْتِهِ وَمَتَاعَهُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْخَوْفِ فِي الْفِتْنَةِ الْعَامَّةِ جَازَ. 2 - وَلَوْ كَانَ الْحُبُوبَ، وَمِنْ قَوْلِهِمْ بِأَنَّ الْقَضَاءَ فِي الْجَامِعِ أَوْلَى، وَقَالُوا: لِلنَّاظِرِ أَنْ يُؤَجِّرَ فِنَاءَهُ لِلتُّجَّارِ لِيَتَّجِرُوا فِيهِ لِمَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ، وَلَهُ وَضْعُ السَّرِيرِ بِالْإِجَارَةِ فِي فِنَائِهِ. 3 - وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ مِنْ الْفِنَاءِ، وَحِفْظُ السِّجِلَّاتِ مِنْ النَّفْعِ الْعَامِّ. فَهُمْ جَوَّزُوا جَعْلَ بَعْضِ الْمَسْجِدِ طَرِيقًا دَفْعًا لِلضَّرَرِ الْعَامِّ، وَجَوَّزُوا اشْتِغَالَهُ بِالْحُبُوبِ وَالْأَثَاثِ وَالْمَتَاعِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَائِدَةٌ مَدْرَسَةٌ بِهَا صُفَّةٌ لَا يُصَلِّي فِيهَا أَحَدٌ وَلَا يُدَرَّسُ وَالْقَاضِي جَالِسٌ فِيهَا لِلْحُكْمِ] قَوْلُهُ: آخِذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ ضَاقَ الطَّرِيقُ. . إلَخْ يَعْنِي: وَإِنْ أَجَازَ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ فَيَجُوزُ وَضْعُ خِزَانَةٍ بِطَرِيقِ أَوْلَى هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ وَفِي الْأَخْذِ تَأَمُّلٌ. (2) قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْحُبُوبَ إلَخْ. أَيْ وَلَوْ كَانَ الْأَثَاثُ الْحُبُوبَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحُبُوبَ مِنْ الْأَثَاثِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَجَوَّزُوا اشْتِغَالَهُ بِالْحُبُوبِ وَالْأَثَاثِ أَنَّ الْحُبُوبَ غَيْرُ الْأَثَاثِ وَأَنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَى الْحُبُوبِ أَثَاثٌ، لَكِنَّ فِي الْقَامُوسِ الْأَثَاثُ مَتَاعُ الْبَيْتِ بِلَا وَاحِدٍ وَالْمَالُ أَجْمَعُ وَالْوَاحِدَةُ أَثَاثَةٌ. (3) قَوْلُهُ: وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ مِنْ الْفِنَاءِ إلَخْ أَقُولُ: فِي كَوْنِ الصِّفَةِ مِنْ الْفِنَاءِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فِنَاءَ الشَّيْخِ مَا عُدَّ لِمَصَالِحِهِ وَكَانَ خَارِجًا عَنْهُ وَالصِّفَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ.

[فائدة معنى قولهم الأشبه]

الْخَاصِّ، وَجَوَّزُوا وَضْعَ النَّعْلِ عَلَى رَفِّهِ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْجَامِعِ أَوْلَى مِنْ الْقَضَاءِ فِي بَيْتِهِ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّ الْقَاضِيَ يَضَعُ قِمْطَرَةً عَنْ يَمِينِهِ إذَا جَلَسَ فِيهِ لِلْقَضَاءِ. وَهُوَ مَا فِيهِ السِّجِلَّاتُ وَالْمَحَاضِرُ وَالْوَثَائِقُ؛ فَجَوَّزُوا اشْتِغَالَ بَعْضِهِ بِهَا فَإِذَا كَثُرَتْ وَتَعَذَّرَ حَمْلُهَا كُلَّ يَوْمٍ مِنْ بَيْتِ الْقَاضِي إلَى الْجَامِعِ دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى حِفْظِهَا بِهِ. فَائِدَةٌ: 4 - مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْأَشْبَهُ أَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْمَنْصُوصِ رِوَايَةً وَالرَّاجِحِ دِرَايَةً؛ فَيَكُونُ الْفَتْوَى عَلَيْهِ كَذَا فِي قَضَاءِ الْبَزَّازِيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَائِدَةٌ مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْأَشْبَهُ] قَوْلُهُ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْأَشْبَهُ أَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْمَنْصُوصِ رِوَايَةً وَالرَّاجِحِ دِرَايَةً فَيَكُونُ الْفَتْوَى عَلَيْهِ كَذَا فِي قَضَاءِ الْبَزَّازِيَّةِ إلَخْ أَقُولُ: الَّذِي فِي الْبَزَّازِيَّةِ: أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ فُقَهَاءِ خَوَارِزْمَ وَفِي جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ وَالْمُشْكَلَاتِ، أَمَّا الْعَلَاقَاتُ الْمُعَلِّمَةُ عَلَى الْفَتْوَى فَقَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَبِهِ يُفْتَى وَبِهِ يُعْتَمَدُ وَبِهِ نَأْخُذُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْأُمَّةِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ الْيَوْمَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ فِي زَمَانِنَا وَفَتْوَى مَشَايِخِنَا وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ. ثُمَّ قَالَ: إنَّ لَفْظَةَ الْأَصَحِّ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ غَيْرُهَا صَحِيحًا، وَلَفْظَةُ الصَّحِيحِ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ غَيْرَ صَحِيحٍ (انْتَهَى) . وَفِي جَرْيِ الْأَنْهُرِ عَلَى مُلْتَقَى الْأَبْحُرِ لِلْبَاقَانِيِّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ (وَلَمْ آلُ جَهْدًا فِي التَّنْبِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْأَقْوَى) قَالَ: وَالصَّحِيحُ مُقَابِلُ الْفَاسِدِ وَالْأَصَحُّ مُقَابِلُ الصَّحِيحِ فَإِذَا تَعَارَضَ إمَامَانِ مُعْتَبَرَانِ فِي التَّصْحِيحِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: الصَّحِيحُ وَقَالَ الْآخَرُ الْأَصَحُّ يُؤْخَذُ بِقَوْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ قَائِلَ الْأَصَحِّ يُوَافِقُ قَائِلَ الصَّحِيحِ أَنَّهُ صَحِيحٌ، وَقَائِلُ الصَّحِيحِ عِنْدَهُ ذَلِكَ الْحُكْمُ الْآخَرُ فَاسِدٌ (انْتَهَى) . أَقُولُ: وَكَذَلِكَ الظَّاهِرُ وَالْأَظْهَرُ ثُمَّ إنَّ الْأَظْهَرَ يُرَادُ بِمَعْنَى أَصَحَّ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْوَكَالَةِ مِنْ شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ وَذَكَرَ فِي الدَّعْوَى مِنْ شَرْحِهِ أَنَّ لَفْظَ أَوْجَهَ وَأَحْسَنَ تَصْحِيحٌ (انْتَهَى) . وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ كِتَابِ الْحِيطَاتِ وَمَا ذُكِرَ إلَّا فِي حَدِّ الْقَدِيمِ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ (انْتَهَى) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ أَلْفَاظِ الصَّحِيحِ بَقِيَ مِنْ أَلْفَاظِ التَّصْحِيحِ وَهُوَ الْأَحْوَطُ كَمَا فِي غَالِبِ الْكُتُبِ. وَفِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُغْرِبِ وَقَوْلُهُمْ هَذَا أَحْوَطُ أَيْ أَدْخَلُ فِي الِاحْتِيَاطِ (انْتَهَى) . وَالِاحْتِيَاطُ الْعَمَلُ بِأَقْوَى الدَّلِيلَيْنِ كَمَا فِي النَّهْرِ هَذَا وَبَعْضُ هَذِهِ الْعَلَامَاتِ أَقْوَى مِنْ الْبَعْضِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ: إنَّهَا تَصِحُّ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ وَفِيهِ فِي الصَّحِيحِ. وَقَالَ خَلَفُ بْنُ أَيُّوبَ: يَجُوزُ إذَا دَخَلَ فِي الصَّحِيحِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. قَالَ: فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ لَكِنَّ تَأَيُّدَ التَّقْيِيدِ بِدُخُولِ رَمَضَانَ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ فَلْيَكُنْ الْعَمَلُ عَلَيْهِ (انْتَهَى) . وَقَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: الْفَرْقُ بَيْنَ وَبِهِ يُفْتَى وَبَيْنَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى أَنَّ الْأَوَّلَ يُفِيدُ الْحَصْرَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْفَتْوَى لَا تَكُونُ إلَّا بِذَلِكَ. وَالثَّانِي يُفِيدُ الْأُضْحِيَّةَ (انْتَهَى) . وَفِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ إذَا تَعَارَضَ تَصْحِيحٌ مَا فِي الْمُتُونِ وَالْفَتَاوَى فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمُتُونِ (انْتَهَى) . وَكَذَا يُقَدَّمُ مَا فِي الشُّرُوحِ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى. كَذَا فِي شَرْحِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْكَنْزِ مِنْ بَحْثِ الْجِنْسِ بَقِيَ الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ تَعَارَضَ تَصْحِيحُ مَا فِي الشُّرُوحِ مَعَ مَا فِي الْمُتُونِ مِنْ غَيْرِ تَصْحِيحٍ

فَائِدَةٌ 1 - إذَا بَطَلَ الشَّيْءُ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: إذَا بَطَلَ الْمُتَضَمِّنُ (بِالْكَسْرِ) بَطَلَ الْمُتَضَمَّنُ (بِالْفَتْحِ) قَالُوا لَوْ أَبْرَأَهُ 2 - أَوْ أَقَرَّ لَهُ ضَمِنَ عَقْدَ فَاسِدٍ فَسَدَ الْإِبْرَاءِ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَقَالُوا: التَّعَاطِي ضَمِنَ عَقْدَ فَاسِدٍ أَوْ بَاطِلٍ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ، 3 - كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقَالُوا: لَوْ قَالَ بِعْتُكَ دَمِي بِأَلْفٍ فَقَتَلَهُ وَجَبَ الْقِصَاصُ، كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَلَا يُعْتَبَرُ مَا فِي ضِمْنِهِ مِنْ الْإِذْنِ بِقَتْلِهِ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ لِبُطْلَانِهِ فَبَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ . وَقَالُوا، كَمَا فِي الْخِزَانَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذَا بَطَلَ الشَّيْءُ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ إلَخْ. أَقُولُ: يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا فِي الْمُجْتَبَى: لَوْ اشْتَرَى الْمُسْلِمُ خَمْرًا مِنْ ذِمِّيٍّ فَشَرِبَهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا ثَمَنَ لِأَنَّ فِعْلَهُ بِتَسْلِيطِ الْبَائِعِ (انْتَهَى) . فَإِنَّ بَيْعَ الْخَمْرِ مِنْ الْمُسْلِمِ بَاطِلٌ وَلَمْ يَبْطُلْ مَا فِي ضِمْنِهِ مِنْ تَسْلِيطِ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا. (2) قَوْلُهُ: أَوْ أَقَرَّ لَهُ ضَمِنَ عَقْدَ فَاسِدٍ إلَخْ. فِي الْقُنْيَةِ نَقْلًا عَنْ مُخْتَصَرِ الْكَافِي: وَالْإِقْرَارُ مِنْ الْمُدَّعِي الَّذِي فِي يَدَيْهِ الشَّيْءُ بِهِ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الدَّعْوَى إذَا بَطَلَ الصُّلْحُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَالْإِقْرَارُ مِنْ الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ عِنْدَ الصُّلْحِ يُوجِبُ رَدَّهُ عَلَيْهِ إذَا بَطَلَ الصُّلْحُ، يَعْنِي بِهِ إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعِي فِي ضِمْنِ الصُّلْحِ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي هَذَا الشَّيْءِ ثُمَّ لَمَّا بَطَلَ الصُّلْحُ يَبْطُلُ إقْرَارُهُ الَّذِي كَانَ فِي ضِمْنِهِ وَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ عِنْدَ الصُّلْحِ بِأَنَّ هَذَا الشَّيْءِ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ بَطَلَ الصُّلْحُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ ذَلِكَ إلَى الْمُدَّعِي. وَاخْتَارَ أُسْتَاذُنَا أَنَّ الْإِقْرَارَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي صُلْبِ عَقْدِ الصُّلْحِ لَكِنَّهُ بِنَاءً عَلَى الصُّلْحِ الْفَاسِدِ لَا يَمْنَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ ذَلِكَ هَذَا. وَذُكِرَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّ إبْرَاءَهُ بَعْدَ الصُّلْحِ عَنْ جَمِيعِ دَعْوَاهُ وَخُصُومَاتِهِ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّةِ الصُّلْحِ. (3) قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ إلَخْ. عِبَارَتُهَا إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ وَسَائِدِي وَسَائِدَ

4 - لَوْ آجَرَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ نَاظِرًا لَمْ تَصِحَّ، وَإِنْ أَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الْعَمَارَةِ فَأَنْفَقَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ وَكَانَ مُتَطَوِّعًا. فَقُلْتُ: لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَمَّا لَمْ تَصِحَّ لَمْ يَصِحَّ مَا فِي ضِمْنِهَا، وَقَالُوا: لَوْ جَدَّدَ النِّكَاحَ لِمَنْكُوحَتِهِ بِمَهْرٍ لَمْ يَلْزَمْهُ. فَقُلْتُ لِأَنَّ النِّكَاحَ الثَّانِيَ لَمْ يَصِحَّ فَلَمْ يَلْزَمْ مَا فِي ضِمْنِهِ مِنْ الْمَهْرِ، 5 - وَقَدْ اسْتَثْنَى فِي الْقُنْيَةِ مَسْأَلَتَيْنِ يَلْزَمُ فِيهِمَا لَوْ جَدَّدَهُ لِلزِّيَادَةِ لَا لِلِاحْتِيَاطِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا أَبْرِئِينِي فَإِنِّي أُمْهِرُكِ مَهْرًا جَدِيدًا؛ فَأَبْرَأَتْهُ فَجَدَّدَ لَهَا، فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ: اشْتَرَى جَامِعًا مَعَ أَوْقَافِهِ وَوَقْفِهِ وَضَمَّهُ إلَى وَقْفٍ آخَرَ وَشَرَطَ لَهُ شُرُوطًا. فَأَفْتَيْتُ بِبُطْلَانِ شُرُوطِهِ لِبُطْلَانِ الْمُتَضَمَّنِ، وَهُوَ شِرَاءُ الْجَامِعِ وَوَقْفِهِ فَبَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَوُجُوهُ الطَّنَافِسِ وَهِيَ غَيْرُ مَنْسُوجَةٍ بَعْدُ، وَلَمْ يَضْرِبْ لَهُ أَجَلًا حَتَّى لَوْ لَمْ تَصِرْ سَلَمًا لَمْ يَجُزْ، فَلَوْ نَسَخَ الْوَسَائِدِيُّ الْوَسَائِدَ وَوُجُوهَ الطَّنَافِسِ وَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي لَا يَصِيرُ هَذَا بَيْعًا بِالتَّعَاطِي. وَكَذَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَكُونُ بَعْدَ بَيْعٍ فَاسِدٍ أَوْ بَاطِلٍ (انْتَهَى) (4) قَوْلُهُ: لَوْ آجَرَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ نَاظِرًا إلَخْ. أَقُولُ: فِي الْإِسْعَافِ لَوْ آجَرَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْوَقْفَ. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَكُونُ كُلُّ الْأَجْرِ لَهُ بِأَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ مُحْتَاجًا إلَى الْعِمَارَةِ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَرِيكٌ فِيهِ جَازَ لَهُ إيجَارُ الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِرْسَالِ فِي مَحِلِّ التَّقْيِيدِ وَهُوَ فِي مَقَامِ التَّصْنِيفِ وَالْفَتْوَى غَيْرُ سَدِيدٍ. (5) قَوْلُهُ: وَقَدْ اسْتَثْنَى فِي الْقُنْيَةِ مَسْأَلَتَيْنِ إلَخْ. أَقُولُ: نَصُّ عِبَارَةِ الْقُنْيَةِ جُدِّدَ لَلْحَالِّ نِكَاحًا بِمَهْرٍ يَلْزَمُ إنْ جَدَّدَهُ لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ لَا لِلِاحْتِيَاطِ (عك) . وَلَوْ قَالَ أَبْرِئِينِي فَإِنِّي أُمْهِرُ لَك مَهْرًا جَدِيدًا فَجَدَّدَ لَهَا مَهْرًا مَعَ الْحِلِّ، فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَبْرَأُ مِنْ الْمَهْرِ الْأَوَّلِ وَيَجِبُ الْجَدِيدُ (فك) تَزَوَّجَهَا بِمَهْرٍ جَدِيدٍ مَعَ قِيَامِ الْحِلِّ فَفِي وُجُوبِهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ

وَقَالُوا: لَوْ اشْتَرَى يَمِينَهُ بِمَالٍ لَمْ يَجُزْ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ (انْتَهَى) . قُلْتُ: لِأَنَّ الشِّرَاءَ لِمَا بَطَلَ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ مِنْ إسْقَاطِ الْيَمِينِ، ثُمَّ قُلْتُ: 7 - يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّعَ عَلَيْهِ: لَوْ بَاعَ وَظِيفَتَهُ فِي الْوَقْفِ لَمْ يَصِحَّ وَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْهَا تَخْرِيجًا عَلَى هَذِهِ، وَخَرَجَ عَنْهَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْبُيُوعِ: لَوْ بَاعَهُ الثِّمَارَ وَآجَرَهُ الْأَشْجَارَ طَابَ لَهُ تَرْكُهَا مَعَ بُطْلَانِ الْإِجَارَةِ؛ فَمُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ: أَنْ لَا يَطِيبَ لِثُبُوتِ الْإِذْنِ فِي ضِمْنِ الْإِجَارَةِ وَمِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْمُكَاتَبِ: لَوْ أَبْرَأَهُ الْمَوْلَى عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَلَمْ يَقْبَلْ عَتَقَ وَبَقِيَ الْبَدَلُ، مَعَ أَنَّ الْإِبْرَاءَ مُتَضَمِّنٌ لِلْعِتْقِ، وَقَدْ بَطَلَ الْمُتَضَمَّنُ بِالرِّدِّ وَلَمْ يَبْطُلْ مَا فِي ضِمْنِهِ مِنْ الْعِتْقِ، وَمَا ذَكَرُوهُ فِي الشُّفْعَةِ: لَوْ صُولِحَ الشَّفِيعُ بِمَالٍ لَمْ يَصِحَّ لَكِنْ كَانَ إسْقَاطًا لِلشُّفْعَةِ، مَعَ أَنَّ الْمُتَضَمِّنِ لِلْإِسْقَاطِ صَالَحَهُ وَقَدْ بَطَلَ وَلَمْ يَبْطُلْ مَا فِي ضِمْنِهِ وَقَالُوا: لَوْ بَاعَ شُفْعَتَهُ بِمَالِ لَمْ يَصِحَّ وَسَقَطَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَالُوا لَوْ اشْتَرَى يَمِينَهُ بِمَالٍ إلَخْ. لَمْ يَجُزْ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ إلَخْ. وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَقَالُوا: لَوْ افْتَدَى الْمُنْكِرُ يَمِينَهُ أَوْ صَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى شَيْءٍ صَحَّ وَلَمْ يَحْلِفْ بَعْدَهُ تَأَمَّلْ مَا بَيْنَهُمَا أَقُولُ: قَدْ تَأَمَّلْتُ بَيْنَهُمَا فَلَمْ أَجِدْ بَيْنَهُمَا مُعَارَضَةً فَإِنَّ الِافْتِدَاءَ وَالصُّلْحَ لَيْسَا مُعَاوَضَةً بِخِلَافِ شِرَاءِ الْيَمِينِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةِ مَالٍ بِمَالٍ، وَالْيَمِينُ لَيْسَ بِمَالٍ لَا يَجُوزُ. (7) قَوْلُهُ: يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّعَ عَلَيْهِ لَوْ بَاعَ وَظِيفَتَهُ فِي الْوَقْفِ لَمْ يَصِحَّ إلَخْ. أَقُولُ: لِعَدَمِ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي فَنِّ الْفَوَائِدِ مِنْ الْبُيُوعِ وَفِيهِ كَلَامٌ وَهُوَ أَنَّهُ ذُكِرَ فِي فَنِّ الْقَوَاعِدِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّهُ يَصِحُّ النُّزُولُ عَنْ الْوَظَائِفِ وَالِاعْتِيَاضُ عَنْهَا عَمَلًا بِالْعُرْفِ الْخَاصِّ مَعَ أَنَّهَا حَقٌّ مُجَرَّدٌ

8 - فَقَدْ بَطَلَ الْمُتَضَمِّنُ وَلَمْ يَبْطُلْ الْمُتَضَمَّنُ، وَقَالُوا: لَوْ قَالَ الْعِنِّينُ لِامْرَأَتِهِ أَوْ الْمُخَيِّرُ لِلْمُخَيَّرَةِ: اخْتَارِي تَرْكَ الْفَسْخِ بِأَلْفٍ، فَاخْتَارَتْ لَمْ يَلْزَمْ الْمَالُ وَسَقَطَ خِيَارُهَا. فَقَدْ بَطَلَ الْتِزَامُ الْمَالِ لَا مَا فِي ضِمْنِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَقَدْ بَطَلَ الْمُتَضَمِّنُ وَلَمْ يَبْطُلْ الْمُتَضَمَّنُ إلَخْ. أَقُولُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: فِي الْإِجَارَةِ فِي مَسَائِلِ الشُّيُوعِ: الْمُسْتَأْجِرُ إجَارَةً فَاسِدَةً لَوْ آجَرَ مِنْ غَيْرِهِ إجَارَةٍ صَحِيحَةً يَجُوزُ فِي الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: لَا يَمْلِكُ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا ذُكِرَ فِي الْإِجَارَاتِ: دَفَعَ إلَيْهِ دَارًا لِيَسْكُنَّهَا وَيَرُمَّهَا وَلَا أَجْرَ لَهُ وَآجَرَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ غَيْرِهِ وَانْهَدَمَ الدَّارُ مِنْ سُكْنَى الثَّانِي ضَمِنَ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا أَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّ الْعَقْدَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ إعَارَةً لَا إجَارَةً لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْمَرَمَّةَ عَلَى سَبِيلِ الْمَشُورَةِ لَا الشَّرَفِ (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ، فَقُلْتُ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ خَرَجَتْ عَنْ قَوْلِهِمْ: الْمَبْنِيُّ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ شَرْحِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ عَنْ الْمُلْتَقَطِ الْمُلَخَّصِ عَنْ ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ. أَقُولُ: فَيَجْرِي عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِمْ إذَا بَطَلَ الشَّيْءُ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ وَالْمَبْنِيُّ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فائدة المبني على الفاسد فاسد]

فَائِدَةٌ: الْمَبْنِيُّ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ 1 - وَقَالُوا الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ بِمَنْزِلَةِ الشُّفْعَةِ عَلَى الصَّحِيحِ فَلَا يَجِبُ الْمَالُ وَتَسْقُطُ. فَائِدَةٌ: يَقْرَبُ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوْلُهُمْ: الْمَبْنِيُّ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ، 2 - وَيُسْتَثْنَى مِنْهَا مَسْأَلَةُ الدَّفْعِ الصَّحِيحِ لِلدَّعْوَى الْفَاسِدَةِ صَحِيحٌ، عَلَى الْمُخْتَارِ وَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ. ذَكَرَهُ الْبَزَّازِيُّ فِي الدَّعْوَى، 3 - وَقَدْ بَيَّنْتُ فِي الشَّرْحِ فَائِدَةَ صِحَّتِهِ بَعْدَ فَسَادِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ فَائِدَةٌ: 4 - إذَا اجْتَمَعَ الْحَقَّانِ 5 - قُدِّمَ حَقُّ الْعَبْدِ لِاحْتِيَاجِهِ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لِغِنَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَائِدَةٌ الْمَبْنِيُّ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ] (1) قَوْلُهُ: وَقَالُوا الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ إلَخْ يَعْنِي لَوْ جَعَلَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ مَالًا لِلْمَكْفُولِ لَهُ لِيُسْقِطَ عَنْهُ كَفَالَةَ النَّفْسِ فَأَسْقَطَهَا تَسْقُطُ وَلَا يَجِبُ الْمَالُ. (2) قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْهَا مَسْأَلَةُ الدَّفْعِ إلَخْ قِيلَ لَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِثْنَاءِ هَذَا لِأَنَّ الدَّفْعَ هَادِمٌ لَهُ لَا مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ. (3) قَوْلُهُ: وَقَدْ بَيَّنْتُ فِي الشَّرْحِ فَائِدَةَ صِحَّتِهِ. حَيْثُ قَالَ فَإِنْ قُلْتَ مَا فَائِدَةُ دَفْعِ الدَّعْوَى الْفَاسِدَةِ مَعَ أَنَّ الْقَاضِي لَا يَسْمَعُهَا؟ قُلْتُ تَفَقُّهًا وَلَمْ أَرَ فَائِدَتَهُ لَوْ ادَّعَاهُ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ كَانَ الدَّفْعُ الْأَوَّلُ كَافِيًا ثُمَّ قَالَ اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّ الدَّفْعَ بَعْدَ الْحُكْمِ صَحِيحٌ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ قَضَى لِلْمُدَّعِي قَبْلَ الدَّفْعِ ثُمَّ دَفَعَ بِالْإِيدَاعِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ إلَّا أَنْ يَخُصَّ مِنْ الْكُلِّ [فَائِدَةٌ إذَا اجْتَمَعَ الْحَقَّانِ] (4) قَوْلُهُ: إذَا اجْتَمَعَ الْحَقَّانِ يَعْنِي الْمَعْهُودَيْنِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَهُمَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقُّ الْعَبْدِ. (5) قَوْلُهُ: قُدِّمَ حَقُّ الْعَبْدِ. أَقُولُ قَالَ الْعَلَّامَةُ الثَّانِي سَعْدُ الدِّينِ التَّفْتَازَانِيُّ فِي

6 - بِإِذْنِهِ إلَّا فِيمَا إذَا أَحْرَمَ وَفِي مِلْكِهِ صَيْدٌ وَجَبَ إرْسَالُهُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إنَّهُ مِنْ بَابِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لَا التَّرْجِيحِ وَلِذَا يُرْسِلُهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضِيعُ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. تَمَّ الْفَنُّ الثَّالِثُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ، وَيَلِيه الْفَنُّ الرَّابِعُ وَهَذَا آخِرُ مَا رَأَيْنَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّلْوِيحِ الْمُرَادُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ النَّفْعُ الْعَامُّ مِنْ غَيْرِ اخْتِصَاصٍ بِأَحَدٍ فَنُسِبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لِعَظْمِ خَطَرِهِ وَشُمُولِ نَفْعِهِ وَإِلَّا فَبِاعْتِبَارِ التَّخْلِيقِ فَالْكُلُّ سَوَاءٌ فِي الْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [النساء: 170] وَبِاعْتِبَارِ التَّضَرُّرِ وَالِانْتِفَاعِ فَهُوَ مُتَعَالٍ عَنْ الْكُلِّ وَمَعْنَى حَقِّ الْعَبْدِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَصْلَحَةٌ خَاصَّةٌ كَحُرْمَةِ مَالِ الْغَيْرِ (انْتَهَى) . قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الصَّدْرِ الشَّهِيدِ آخِرُ كِتَابِ الْحَجِّ إذَا اجْتَمَعَ الْحَقَّانِ قُدِّمَ حَقُّ الْعَبْدِ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ وَجَدَ صَيْدًا أَوْ مَالَ إنْسَانٍ يَذْبَحُ الصَّيْدَ وَلَا يَأْخُذُ مَالَ الْمُسْلِمِ وَفِي حُكْمِهِ الذِّمِّيُّ وَلَا يَأْخُذُ مَالَ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الْحُرْمَةِ لِأَنَّ الصَّيْدَ حَرَامٌ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَمَالُ الْمُسْلِمِ حَرَامٌ حَقًّا لِلْعَبْدِ فَكَانَ التَّرْجِيحُ لَحَقِّ الْعَبْدِ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ وَإِنْ وَجَدَ لَحْمَ إنْسَانٍ وَصَيْدًا يَذْبَحُ الصَّيْدَ وَلَا يَأْكُلُ لَحْمَ إنْسَانٍ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الْحُرْمَةِ لِأَنَّ لَحْمَ الْإِنْسَانِ حَرَامٌ حَقًّا لِلشَّرْعِ وَحَقًّا لِلْعَبْدِ وَالصَّيْدُ حَرَامٌ حَقًّا لِلشَّرْعِ لَا غَيْرَ فَكَانَ أَوْلَى. (6) قَوْلُهُ: بِإِذْنِهِ. الْإِذْنُ الْإِعْلَامُ وَالْجَارُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ قُدِّمَ حَقُّ الْعَبْدِ وَالْمَعْنَى قُدِّمَ حَقُّ الْعَبْدِ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِإِعْلَامِهِ بِذَلِكَ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ لِغِنَاهُ وَالْمَعْنَى قُدِّمَ حَقُّ الْعَبْدِ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لِاتِّصَافِهِ بَالِغنَا بِإِعْلَامِهِ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ {فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97] الْآيَةَ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [الحج: 64]

[الفن الرابع من الأشباه والنظائر وهو فن الألغاز]

الْفَنُّ الرَّابِعُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْأَلْغَازِ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوَّلًا وَآخِرًا، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ كَمُلَتْ مَحَاسِنُهُ بَاطِنًا وَظَاهِرًا (وَبَعْدُ) فَهَذَا هُوَ الْفَنُّ الرَّابِعُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ؛ وَهُوَ فَنُّ الْأَلْغَازِ، 1 - جَمْعُ لُغْزٍ قَالَ فِي الصِّحَاحِ: أَلْغَزَ فِي كَلَامِهِ إذَا عَمَّى مُرَادَهُ، وَالِاسْمُ اللُّغْزُ وَالْجَمْعُ الْأَلْغَازُ مِثْلُ رُطَبٍ وَأَرْطَابٍ، وَأَصْلٌ اللُّغْزِ جُحْرُ الْيَرْبُوعِ بَيْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْفَنُّ الرَّابِعُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْأَلْغَازِ] قَوْلُهُ: جَمْعُ لُغْزٍ. بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ عِبَارَةُ الصِّحَاحِ الَّتِي نَقَلَهَا وَقِيلَ جَمْعُ لَغْزٍ بِفَتْحِ اللَّامِ وَهُوَ مَيْلُكَ بِالشَّيْءِ عَنْ وَجْهِهِ وَقِيلَ الطَّرِيقُ الْمُنْحَرِفَةُ سُمِّيَ بِهِ لِانْحِرَافِهِ عَنْ نَمَطِ ظَاهِرِ الْكَلَامِ وَيُسَمَّى اللُّغْزُ أُحْجِيَّةً أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحِجَا هُوَ الْعَقْلُ وَهَذَا النَّوْعُ يُقَوِّي الْعَقْلَ عِنْدَ التَّمَرُّنِ وَالْفُقَهَاءُ يُسَمُّونَ هَذَا النَّوْعِ أَلْغَازً أَوْ أَهْلُ الْفَرَائِضِ يُسَمُّونَهُ مُعَامَاةً وَالنُّحَاةُ مُعَمَّى وَاللُّغَوِيُّونَ الْأَحَاجِي كَذَا بِخَطِّ الشَّمْسِ الْغَزِّيِّ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا النَّوْعَ يُسَمَّى أَيْضًا بِالْمُغَالَطَاتِ الْمَعْنَوِيَّةِ وَهِيَ تُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهَا شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى مَعْنَيَيْنِ بِالِاشْتِرَاكِ الْوَضْعِيِّ وَالْآخَرُ دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى مَعْنًى وَنَقِيضِهِ. وَاللُّغْزَةُ وَالْأُحْجِيَّةُ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مَعْنًى يُسْتَخْرَجُ بِالْحَدَثِ وَالْحَزْرِ لَا بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا وَلَا يُفْهَمُ مِنْ عَرْضِهِ لِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ فِي الْفَرَسِ: وَصَاحِبٌ لَا أَمَلُّ الدَّهْرَ صُحْبَتَهُ ... يَشْقَى لِنَفْعِي وَيَسْعَى سَعْيَ مُجْتَهِدٍ

2 - الْقَاصِعَاءِ وَالنَّافِقَاءِ يَحْفِرُ مُسْتَقِيمًا إلَى أَسْفَلَ ثُمَّ يَعْدِلُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ عُرُوضًا يَعْتَرِضُهَا فَيُخْفِي مَكَانَهُ بِتِلْكَ الْأَلْغَازِ (انْتَهَى) وَقَدْ طَالَعْت قَدِيمًا حِيرَةَ الْفُقَهَاءِ وَالْعُمْدَةِ فَرَأَيْتهمَا اشْتَمَلَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْت قَرِيبًا الذَّخَائِرَ الْأَشْرَفِيَّةَ فِي الْأَلْغَازِ لِلسَّادَةِ الْحَنَفِيَّةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ عَبْدِ الْبَرِّ بْنِ الشِّحْنَةِ تَارِكًا لِمَا فُرِّعَ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ أَوْ كَانَ ظَاهِرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا إنْ رَأَيْتُ لَهُ شَخْصًا فَمُذْ وَقَعَتْ ... عَيْنِي عَلَيْهِ افْتَرَقْنَا فُرْقَةَ الْأَبَدِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْفَرَسُ لَا مِنْ طَرِيقِ الْحَقِيقَةِ وَلَا مِنْ طَرِيقِ الْمَجَازِ وَلَا مِنْ طَرِيقِ الْمَفْهُومِ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يُحْدَثُ وَيُحَزَّرُ وَالْخَوَاطِرُ تَخْتَلِفُ فِي الْإِسْرَاعِ وَالْإِبْطَاءِ عِنْدَ عُثُورِهَا عَلَيْهِ. (2) قَوْلُهُ: الْقَاصِعَاءُ وَالنَّافِقَاءُ. أَقُولُ النَّافِقَاءُ إحْدَى حُجْرَتَيْهِ الَّتِي يَكْتُمُهَا وَيُظْهِرُ غَيْرَهَا فَإِذَا أَتَى مِنْ قِبَلِ الْقَاصِعَاءِ وَهَى الْحَجَرُ الَّذِي يَدْخُلُهُ فَضَرَبَ النَّافِقَاءَ بِرَأْسِهِ فَانْتَفَقَ أَيْ خَرَجَ. هَذَا وَقَدْ خَرَّجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو عَوَانَةَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صِحَاحِهِمْ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: «كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَأُوتِيَ بِجِمَارٍ فَقَالَ: أَلَا إنَّ مِنْ الشَّجَرَةِ شَجَرَةٌ لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَإِنَّهَا مِثْلُ الْمُسْلِمِ أَخْبِرُونِي مَا هِيَ؟ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ» وَلَفْظِ أَبِي عَوَانَةَ «فَظَنَنْتُ أَنَّهَا النَّخْلَةُ مِنْ أَجْلِ الْجِمَارِ الَّذِي أُوتِيَ بِهِ فَأَرَدْت أَنْ أَقُولَ هِيَ النَّخْلَةُ فَإِذَا أَنَا أَصْغَرُ الْقَوْمِ وَرَأَيْت أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَمْ يَتَكَلَّمَا فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِيَ النَّخْلَةُ» (انْتَهَى) . أَقُولُ - وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ -: هَذَا يَصْلُحُ حُجَّةً وَدَلِيلًا لِمَنْ صَنَّفُوا فِي الْأَلْغَازِ وَالْأَحَاجِي وَالْمُعَمَّيَاتِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ بَدْرُ الدِّينِ الزَّرْكَشِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى عَمَلٌ مِنْ طِبٍّ لِمَنْ أَحَبَّ أَنَّ النَّخْلَةَ لَا تُسَمَّى شَجَرًا وَأَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا " إنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةٌ " عَلَى سَبِيل الِاسْتِعَارَةِ لِإِرَادَةِ الْإِلْغَازِ (انْتَهَى) . أَقُولُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْصِدُ الْإِلْغَازَ فِي كَلَامِهِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ جِدًّا.

[كتاب الطهارة]

كِتَابُ الطَّهَارَةِ 1 - مَا أَفْضَلُ الْمِيَاهِ؟ فَقُلْ 2 - مَا نَبَعَ مِنْ أَصَابِعِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. أَيُّ حَوْضٍ صَغِيرٍ لَا يَتَنَجَّسُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ؟ 3 - فَقُلْ حَوْضُ الْحَمَّامِ إذَا كَانَ الْغَرْفُ مِنْهُ مُتَدَارِكًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الطَّهَارَةِ] (1) قَوْلُهُ: مَا أَفْضَلُ الْمِيَاهِ. أَقُولُ مِثْلُ هَذَا لَا يُعَدُّ لُغْزًا وَإِلَّا كَانَ كُلَّمَا كَانَ مَجْهُولُ الْأَفْضَلِيَّةِ يَحْتَاجُ فِي عِلْمِ ذَلِكَ إلَى مُرَاجَعَةِ الْحُفَّاظِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالنَّظَرِ وَالتَّنْقِيبِ عَلَيْهِ فِي كُتُبِ الْفُضَلَاءِ يُعَدُّ لُغْزًا وَلَا قَائِلَ بِهِ. (2) قَوْلُهُ: فَقُلْ مَا نَبَعَ. أَقُولُ عَلَى هَذَا قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ نَظْمًا وَقَدْ أَجَادَ: وَأَفْضَلُ الْمِيَاهِ مَا قَدْ نَبَعَ بَيْنَ أَصَابِعَ النَّبِيِّ الْمُتَّبَعِ فَمَاءُ زَمْزَمَ فَمَاءُ الْكَوْثَرِ فَنِيلُ مِصْرَ ثُمَّ بَاقِي الْأَنْهُرِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ حَجَرٍ الْهَيْثَمِيِّ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ النَّوَوِيَّةِ إنَّ أَفْضَلَ الْمِيَاهِ مَاءُ زَمْزَمَ بِاعْتِبَارِ غَسْلِ صَدْرِهِ الشَّرِيفِ بِهِ حِينَ شُقَّ وَأُخْرِجَتْ مِنْهُ عَلَقَةٌ سَوْدَاءُ إذْ لَوْ عُلِمَ مَاءٌ أَفْضَلَ مِنْهُ لَغُسِلَ بِهِ؛ أَقُولُ نَعَمْ هُوَ أَفْضَلُ الْمِيَاهِ حِينَ شُقَّ الصَّدْرُ وَهُوَ لَا يُنَافِي كَوْنَ الْمَاءِ الَّذِي نَبَعَ مِنْ أَصَابِعِهِ أَفْضَلَ الْمِيَاهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمُعْجِزَةِ مِنْ غَيْرِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ نَبَعَ الْمَاءُ مِنْ عَظْمِهِ وَعَصَبِهِ وَلَحْمِهِ وَدَمِهِ. قَالَ النَّوَوِيُّ وَفِي كَيْفِيَّةِ هَذَا النَّبْعِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَاءَ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ وَيَنْبُعُ مِنْ ذَاتِهِ، الثَّانِي كَثَّرَ اللَّهُ الْمَاءَ فِي ذَاتِهِ فَصَارَ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى الْأَوَّلِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَعَلَيْهِ فَهُوَ أَشْرَفُ مِيَاهِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَكَذَا عَلَى الثَّانِي. (3) قَوْلُهُ: فَقُلْ حَوْضُ الْحَمَّامِ إذَا كَانَ الْغَرْفُ مِنْهُ مُتَدَارِكًا. أَقُولُ هَذَا لَا يَكْفِي فِي الْجَوَابِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ شَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ دَاخِلًا كَمَا فِي الذَّخَائِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ

4 - أَيُّ حَيَوَانٍ إذَا خَرَجَ مِنْ الْبِئْرِ حَيًّا نُزِحَ الْجَمِيعُ وَإِنْ مَاتَ لَا؟ فَقُلْ 5 - الْفَارَةُ، إنْ كَانَتْ هَارِبَةً مِنْ الْهِرَّةِ فَيُنْزَحُ كُلُّهُ. 6 - وَإِلَّا لَا. 7 - أَيُّ بِئْرٍ نُزِحَ دَلْوٌ وَاحِدٌ مِنْهَا؟ فَقُلْ بِئْرٌ صُبَّ فِيهَا الدَّلْوُ الْأَخِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَعَنْ الثَّانِي أَنَّ حَوْضَ الْحَمَّامِ كَالْمَاءِ الْجَارِي وَعَنْ الْإِمَامِ نَعَمْ إذَا كَانَ الْغَرْفُ مُتَدَارَكًا وَالْمَاءُ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْ الْأُنْبُوبِ يُسَاوِي الْخَارِجَ أَمْ لَا، حَتَّى لَوْ كَانَتْ عَلَى يَدِ الْمُغْتَرِفِ نَجَاسَةٌ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَا يَتَنَجَّسُ وَكَذَلِكَ الْبِئْرُ أَيْضًا (انْتَهَى) . قَالَ فِي الذَّخَائِرِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ يُعْتَنَى بِهَا (انْتَهَى) . أَقُولُ وَحَقِيقَةُ التَّدَارُكِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنْ لَا يَسْكُنُ وَجْهُ الْمَاءِ (4) قَوْلُهُ: أَيُّ حَيَوَانٍ إذَا خَرَجَ مِنْ الْبِئْرِ حَيًّا إلَخْ. يَعْنِي إذَا وَقَعَ فَأُخْرِجَ حَيًّا وَلَيْسَ بِهِ جِرَاحَةٌ وَلَا عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ صُورَةُ الْأَلْغَازِ وَإِلَّا فَلَا يَتِمُّ وَلِذَلِكَ صَوَّرَهُ فِي الذَّخَائِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ كَمَا ذَكَرنَا . (5) قَوْلُهُ الْفَارَةُ؛ إنْ كَانَتْ هَارِبَةً. يَعْنِي لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ هَارِبَةً مِنْ الْهِرَّةِ تَرْمِي بِبَوْلِهَا خَوْفًا وَقَدْ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ لَكِنْ قَالَ فِي الْمُجْتَبَى وَقِيلَ بِخِلَافِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَمَحِلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهَا بَالَتْ قَبْلَ الْوُقُوعِ (انْتَهَى) . وَقَدْ يُقَالُ إنَّ نُزُولَ الْبَوْلِ مِنْهَا إذَا كَانَتْ هَارِبَةً مِنْ الْهِرَّةِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ بَلْ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَطَهَارَةُ الْبِئْرِ مُتَيَقَّنَةٌ وَالْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ فَلَوْ قَالَ إذَا كَانَتْ مَجْرُوحَةً لَكَانَ أَوْلَى بَلْ هُوَ مُتَعَيِّنٌ. (6) قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَا. أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَارِبَةً وَمَاتَتْ فِيهَا وَأُلْقِيَتْ مَيِّتَةً لَا يُنْزَحُ الْجَمِيعُ بَلْ يَجِبُ نَزْحٌ عِشْرِينَ إلَى ثَلَاثِينَ (7) قَوْلُهُ: أَيُّ بِئْرٍ يَجِبُ نَزْحُ دَلْوٍ وَاحِدٍ مِنْهَا. أَيُّ بِئْرٍ تَنَجَّسَتْ فَوَجَبَ نَزْحُ دَلْوٍ مِنْهَا أَقُولُ وَيَطَّرِدُ السُّؤَالُ فِي دَلْوَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَأَرْبَعَةٍ بِحَسَبِ الدَّلْوِ الْمَصْبُوبِ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ.

8 - مِنْ بِئْرٍ تَنَجَّسَتْ بِمَوْتِ نَحْوِ فَارَةٍ 9 - قَوْلُهُ أَيُّ مَاءٍ كَثِيرٍ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ وَإِنْ نَقَصَ جَازَ فَقُلْ هُوَ مَاءُ حَوْضٍ أَعْلَاهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ عَشْرٌ فِي عَشْرٍ إنْ مَاءٌ طَهُورٌ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ شُرْبُهُ. 10 - فَقُلْ مَاءٌ مَاتَ فِيهِ ضُفْدَعٌ بَحْرِيٌّ وَتَفَتَّتَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (8) قَوْلُهُ: مِنْ بِئْرٍ تَنَجَّسَتْ إلَخْ. أَقُولُ لَا حَاجَةَ إلَى تَقْيِيدِ التَّنَجُّسِ بِمَوْتِ نَحْوِ فَارَةٍ عَلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ يُوهَمُ مَا لَيْسَ مُرَادًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ (9) قَوْلُهُ: أَيُّ مَاءٍ كَثِيرٍ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ إلَخْ. أَقُولُ هَذِهِ الصُّورَةُ الْأَلْغَازِيَّةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْبَزَّازِيَّةِ (10) قَوْلُهُ: فَقُلْ مَاءٌ مَاتَتْ فِيهِ ضُفْدَعٌ بَحْرِيٌّ يَعْنِي لِأَنَّهُمْ قَالُوا لَا يَجُوزُ شُرْبُهُ لِضَرَرٍ يَحْصُلُ مِنْهُ وَيَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ مَائِيٌّ لَيْسَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ كَذَا فِي الذَّخَائِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ (انْتَهَى) . قُلْتُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ وَجْهُ تَقْيِيدِ الضُّفْدَعِ بِالْبَحْرِيِّ وَإِنْ كَانَ الْبَرِّيُّ أَشَدَّ ضَرَرًا مِنْهُ فَقَدْ ذَكَرَ الْحَكِيمُ ابْنُ زَهْرٍ الْأَنْدَلُسِيُّ فِي كِتَابِهِ دُرَّةُ الْغَوَّاصِ فِي بَحْثِ الْخَوَاصِّ أَنَّ الضُّفْدَعَ الْبَرِّيَّ سم سَاعَةٍ تَذْيِيلٌ وَتَكْمِيلٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْأَلْغَازِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِكِتَابِ الطَّهَارَةِ 1 - (مَسْأَلَةٌ) إنْ قِيلَ أَيُّ مَاءٍ جَارٍ فِي مَجْرَى وَاحِدٍ لَمْ يُخَالِطْهُ نَجَسٌ يَكُونُ طَاهِرًا فِي وَقْتٍ نَجِسًا فِي آخَرَ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا مَاءٌ عُمِلَ مَجْرَاهُ بِجِصٍّ وَنَوْرَةٍ خُلِطَ بِهِمَا رَمَادُ عُذْرَةٍ فَالْمَاءُ الْجَارِي عَلَى ذَلِكَ نَجِسٌ عِنْدَ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا كَانَ جَرْيُهُ قَوِيًّا يَكُونُ طَاهِرًا كَذَا فِي الذَّخَائِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ أَقُولُ الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ يُذْكَرُ وَحَمْلُ النَّظِيرِ عَلَى النَّظِيرِ لَا يُسْتَنْكَرُ ذَكَّرْتُ بِمَا ذُكِرَ فِي الذَّخَائِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ مَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ مُفْتِي دِمَشْقَ الشَّامِ تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِالرَّحْمَةِ وَالْغُفْرَانِ فِي كِتَابِهِ هَدِيَّةِ ابْنِ الْعِمَادِ لِعَبَّادٍ حَيْثُ قَالَ: قَالَ صَاحِبُ الْفَتَاوَى: مَاءُ الثَّلْجِ إذَا جَرَى عَلَى طَرِيقٍ فِيهِ سِرْقِينٌ أَوْ نَجَاسَةٌ إنْ تَغَيَّرَتْ النَّجَاسَةُ حَتَّى لَا يُرَى أَثَرُهَا يُتَوَضَّأُ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ جَمِيعُ بَطْنِ النَّهْرِ نَجِسًا، فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا لَا يُرَى مَا تَحْتَهُ فَهُوَ طَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ يُرَى فَهُوَ نَجِسٌ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يُسْتَأْنَسُ بِهَا لَمَّا عُلِمَتْ بِهَا الْبَلْوَى فِي دِيَارِنَا مِنْ اعْتِيَادِهِمْ إجْرَاءَ الْمَاءِ بِسِرْقِينِ الدَّوَابِّ فَلْيُحْفَظْ فَإِنَّهَا أَقْرَبُ مَا ظَفِرْتُ بِهِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ التَّنْقِيبِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَاتِ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَهَمِّ الْمُهَمَّاتِ وَلَا سِيَّمَا إذَا انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ نُجَيْمٍ وَغَيْرُهُ فِي فُرُوعِ الْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ أَعْنِي قَوْلَهُمْ الْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ نَجَاسَةِ الْمَعْذُورَةِ وَعَدَمِ الْحُكْمِ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ إذَا لَاقَى الْمُتَنَجِّسُ إلَّا بِالِانْفِصَالِ وَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْحُكْمِ بِالطَّهَارَةِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ مَعَ أَنَّ الْمَاءَ كُلَّمَا لَقِيَ النَّجَاسَةَ تَنَجَّسَ وَبِأَنَّ الْمَاءَ لَا يَضُرُّهُ التَّغَيُّرُ بِالْمُكْثِ وَالطِّينِ وَالطُّحْلُبِ؛ وَكُلَّمَا تَعَسَّرَ صَوْنُهُ عَنْهُ وَلَمَّا حَضَرَ الْمَوْلَى أَسْعَدُ أَفَنْدِي شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَاصِدًا إلَى الْحَجِّ مِنْ جِهَةِ الشَّامِ شَاهَدَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الدِّيَارِ فَأَنْكَرَ عَلَى أَهْلِهَا أَشَدَّ الْإِنْكَارِ حَتَّى أَرَادَ حَيَّاهُ اللَّهُ وَأَحْيَاهُ أَنْ يَتَقَيَّدَ بِتَجْدِيدِ جَمِيعِ مَجَارِي الْمِيَاهِ وَلَقَدْ قَالَ لِي يَوْمًا هَلْ رَأَيْتَ فِي الْكُتُبِ مَا يُسْتَأْنَسُ بِهِ فِي الْمَقَامِ؟ فَلَمْ يَحْضُرْنِي إلَّا مَا نَقَلْتُهُ عَنْ ابْنِ نُجَيْمٍ مِنْ الْكَلَامِ 1 - (مَسْأَلَةٌ) إنْ قِيلَ أَيُّ غَدِيرٍ مِسَاحَتُهُ مِائَةُ ذِرَاعٍ فِي مَاءٍ مُتَنَجِّسٍ وَهُوَ نَجِسٌ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُتَغَيِّرٍ بِالنَّجَاسَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا غَدِيرٌ بَقِيَ فِيهِ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ فِي مِثْلِهَا وَدَخَلَ فِيهِ مَاءٌ طَهُورٌ قَلِيلًا حَتَّى بَلَغَ الْقَدْرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ نَجِسًا. وَنُقِلَ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الْعِيَاضِيَّ يَقُولُ إنَّهُ إذَا بَلَغَ عِشْرِينَ يَصِيرُ طَاهِرًا وَجَوَابٌ آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي طَرِيقِ الْمَاءِ الَّذِي يَصِلُ مِنْهُ إلَى الْغَدِيرِ نَجَاسَةٌ وَالْمَاءُ يَمُرُّ عَلَيْهَا وَهُوَ قَلِيلٌ وَيَجْتَمِعُ فِي الْغَدِيرِ فَكُلُّهُ نَجِسٌ قَالَ قَاضِي الْقُضَاةِ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ فِي كِتَابِ الذَّخَائِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ: وَقَدْ تَوَهَّمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فِي مَاءِ بِرْكَةِ الْفِيلِ بِالْقَاهِرَةِ قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي شَرْحِهِ لِلْهِدَايَةِ: وَمَاءُ بِرْكَةِ الْفِيلِ بِالْقَاهِرَةِ طَاهِرٌ إنْ كَانَ مَمَرُّهُ طَاهِرًا أَوْ كَانَ أَكْثَرُ مَمَرِّهِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَاءِ السَّطْحِ (مَسْأَلَةٌ) إنْ قِيلَ أَيُّ رَجُلٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يَغْتَسِلْ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ وَقُدْرَتُهُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَصَلَّى بِوُضُوءٍ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فَرْضًا فَالْجَوَابُ أَنَّهُ كَافِرٌ جَامَعَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى فَإِنَّهُ لَا يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ الِاغْتِسَالُ لِأَنَّ الْكُفَّارَ لَيْسُوا مُخَاطَبِينَ بِالشَّرَائِعِ. وَفِي التَّجْنِيسِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ لِأَنَّ صِفَةَ بَقَاءِ الْجَنَابَةِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ كَبَقَاءِ صِفَةِ الْحَدَثِ 1 - (مَسْأَلَةٌ) . إنْ قِيلَ أَيُّ إنْسَانٍ أَنْزَلَ الْمَنِيَّ مَعَ الدَّفْقِ وَالشَّهْوَةِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاغْتِسَالُ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا صَبِيٌّ كَانَ مَا ذُكِرَ سَبَبُ بُلُوغِهِ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ لَكِنَّ الصَّحِيحَ خِلَافُهُ وَأَنَّ عَلَيْهِ الْغُسْلَ، قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي الذَّخَائِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ وَقَدْ حَرَّرْتُ ذَلِكَ. مَنْشَأُ الْخِلَافِ فِيهَا وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا فِي تَشْنِيفِ الْمُسْمِعِ بِمَا يُثْلِجُ الْفُؤَادَ.

[كتاب الصلاة]

كِتَابُ الصَّلَاةِ أَيُّ تَكْبِيرٍ لَا يَكُونُ بِهِ شَارِعًا فِيهَا؟ فَقُلْ تَكْبِيرُ التَّعَجُّبِ دُونَ التَّعْظِيمِ. أَيُّ مُكَلَّفٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعِشَاءُ وَالْوَتْرُ؟ فَقُلْ مَنْ كَانَ فِي بَلَدٍ 1 - إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ فِيهِ طَلَعَتْ أَيُّ مُصَلٍّ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ؟ فَقُلْ مَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ. 2 - فَقَرَأَ فِي ذَهَابِهِ أَيُّ صَلَاةٍ؛ قِرَاءَةُ بَعْضِ السُّورَةِ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ سُورَةٍ؟ فَقُلْ التَّرَاوِيحُ لِاسْتِحْبَابِ الْخَتْمِ فِي رَمَضَانَ؛ فَإِذَا قَرَأَ بَعْضَ سُورَةٍ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي غَيْرِهَا أَيْضًا 3 - لِأَنَّ الْبَعْضَ إذَا كَانَ أَكْثَرَ آيَاتٍ كَانَ أَفْضَلَ أَيُّ صَلَاةٍ أَفْسَدَتْ خَمْسًا وَأَيُّ صَلَاةٍ صَحَّحَتْ خَمْسًا؟ فَقُلْ رَجُلٌ تَرَكَ صَلَاةً وَصَلَّى بَعْدَهَا خَمْسًا ذَاكِرًا لِلْفَائِتَةِ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الصَّلَاةِ] قَوْلُهُ: إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ فِيهَا طَلَعَتْ. يَعْنِي قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ الْمُحَقِّقِينَ: الْمَعْرُوفُ الْمُمْكِنُ إذَا غَرَبَتْ الشَّفَقُ طَلَعَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْعِشَاءِ وَالْوَتْرِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْكَنْزِ وَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ خِلَافَهُ كَمَا فِي ذَخَائِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ (2) قَوْلُهُ: فَقَرَأَ فِي ذَهَابِهِ. أَقُولُ إنَّمَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالْقِرَاءَةِ لِأَنَّهُ أَدَّى جُزْءًا مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ الْحَدَثِ وَلَوْ سَكَتَ لَمْ تَفْسُدْ ثُمَّ إنَّ التَّقْيِيدَ بِالذَّهَابِ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ بِالْقِرَاءَةِ حَالَ مَجِيئِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ذَاهِبًا أَوْ جَائِيًا الْأَصَحُّ الْفَسَادُ (3) قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْبَعْضَ إذَا كَانَ أَكْثَرَ آيَاتٍ كَانَ أَفْضَلَ. أَقُولُ هَذَا وَإِنْ تَمَّ فِي

4 - فَإِنْ قَضَى الْفَائِتَةَ فَسَدَتْ الْخَمْسُ، وَإِنْ صَلَّى السَّادِسَةَ قَبْلَ قَضَائِهَا صَحَّتْ الْخَمْسُ 5 - وَلِي فِيهِ كَلَامٌ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ أَيُّ صَلَاةٍ فَسَدَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقُرْآنِ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ. رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَافِظِ فِي جُزْءٍ لَهُ فِي فَضْلِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ بِسَنَدِهِ إلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قَرَأَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] السُّورَةَ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَكُتِبَ لَهُ مِنْ الْحَسَنَاتِ بِعَدَدِ مَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ وَآمَنَ بِهِ» . وَبِسَنَدِهِ إلَى الرَّبِيعِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ كُلَّ لَيْلَةٍ قَالَ وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ قَالَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] » (4) قَوْلُهُ: فَإِنْ قَضَى الْفَائِتَةَ فَسَدَتْ الْخَمْسُ. يَعْنِي إذَا قَضَى الْفَائِتَةَ قَبْلَ السَّادِسَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْخَمْسِ وَإِنْ صَلَّاهَا بَعْدَ السَّادِسَةِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ وَالْكَثْرَةُ تَثْبُتُ بِالسَّادِسَةِ فَإِذَا ثَبَتَ أَسْنَدَ إلَى أَوَّلِهَا لِأَنَّ الْكَثْرَةَ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِالْمَجْمُوعِ فَثَبَتَ سُقُوطُ التَّرْتِيبِ الَّذِي هُوَ حُكْمُهَا مُضَافًا إلَى أَوَّلِ الصَّلَاةِ لِيَكُونَ الْحُكْمُ مُقَابِلًا لِعِلَّتِهِ كَمَا فِي تَصَرُّفِ الْمَرِيضِ وَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَأَدَاءِ الظُّهْرِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ وَلَهُمَا أَنَّ الْخَمْسَ وَقَعَتْ فَاسِدَةً لِعَدَمِ التَّرْتِيبِ فَلَا تَنْقَلِبُ جَائِزَةً ثُمَّ مَا قَالَا وَمَا قَالَهُ اسْتِحْسَانٌ. (5) قَوْلُهُ: وَلِي فِيهِ كَلَامٌ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ. أَقُولُ نَصُّ عِبَارَتِهِ فِي الشَّرْحِ بَعْدَ كَلَامٍ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا وَأَكْثَرِ الْكُتُبِ أَنَّ أَنْقِلَابَ الْكُلِّ جَائِزًا مَوْقُوفٌ عَلَى أَدَاءِ سِتِّ صَلَوَاتٍ. وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ: ثُمَّ الْعَصْرُ يَفْسُدُ فَسَادًا مَوْقُوفًا حَتَّى لَوْ صَلَّى سِتَّ صَلَوَاتٍ وَلَمْ يُعِدْ الظُّهْرَ انْقَلَبَ الْكُلُّ جَائِزًا، وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ حَتَّى لَوْ صَلَّى خَمْسَ صَلَوَاتٍ وَخَرَجَ وَقْتَ الْخَامِسِ وَصَارَتْ الصَّلَوَاتُ سِتًّا بِالْفَائِتَةِ الْمَتْرُوكَةِ أَوَّلًا وَعَلَى مَا صَوَّرَهُ يَقْتَضِي أَنْ تَصِيرَ الصَّلَوَاتُ سَبْعًا وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ بَحْثًا ثُمَّ أَطْلَعَنِي اللَّهُ عَلَيْهِ بِفَضْلِهِ مَنْقُولًا فِي الْمُجْتَبَى وَعِبَارَتُهُ: ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ فَسَادَ الصَّلَاةِ بِتَرْكِ التَّرْتِيبِ مَوْقُوفٌ عِنْدَ الْإِمَامِ فَإِنْ كَثُرَتْ وَصَارَتْ الْفَوَاسِدُ مَعَ الْفَائِتَةِ سِتًّا ظَهَرَ صِحَّتُهَا وَإِلَّا فَلَا (انْتَهَى) . وَلَقَدْ أَحْسَنَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَجَادَ هُنَا كَمَا هُوَ دَأْبُهُ فِي التَّحْقِيقِ وَنَقْلِ

أَصْلَحَهَا الْحَدَثُ؟ فَقُلْ 7 - مُصَلِّي الْأَرْبَعِ إذَا قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ قَبْلَ الْقُعُودِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَوَضَعَ جَبْهَتَهُ فَأَحْدَثَ قَبْلَ الرَّفْعِ 8 - تَمَّتْ، وَلَوْ رَفَعَ قَبْلَ الْحَدَثِ فَسَدَ وَصْفُ الْفَرِيضَةِ، وَفِيهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: زُهْ صَلَاةٌ فَسَدَتْ أَصْلَحهَا الْحَدَثُ تَعَجُّبًا مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِهِ أَيُّ مُصَلٍّ قَالَ نَعَمْ وَلَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ؟ 9 - فَقُلْ مَنْ اعْتَادَهَا فِي كَلَامِهِ أَيُّ مُصَلٍّ مُتَوَضِّئٍ إذَا رَأَى الْمَاءَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْغَرَائِبِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ صَاحِبِ الْمَبْسُوطِ إنَّ الْوَاحِدَةَ الْمُصَحِّحَةَ لِلْخَمْسَةِ هِيَ السَّادِسَةُ قَبْلَ قَضَاءِ الْمَتْرُوكَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْمُصَحِّحَ لِلْخَمْسِ خُرُوجُ وَقْتِ الْخَامِسَةِ كَمَا عَلِمْتَ (6) قَوْلُهُ: أَصْلَحَهَا الْحَدَثُ. أَيْ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا كَمَا فِي الذَّخَائِرِ. (7) قَوْلُهُ: مُصَلِّي الْأَرْبَعِ إذَا قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ إلَخْ. فِي الذَّخَائِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ رَجُلٌ قَامَ قَبْلَ الْقُعُودِ الْأَخِيرِ وَرَكَعَ وَسَجَدَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي تِلْكَ السَّجْدَةِ قَبْلَ الرَّفْعِ كَانَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى فَرْضِهِ عِنْدَهُ فَيَتَوَضَّأُ وَيَقْعُدُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَلَوْ لَمْ يَحْدُثْ حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ فَسَدَتْ فَرِيضَتُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَفْسُدُ وَلَيْسَ لَهُ الْبِنَاءُ لِأَنَّهُ فَسَدَ فَرْضُهُ بِمُجَرَّدِ الْوَضْعِ وَلَمَّا ذُكِرَ لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَوْلُ مُحَمَّدٍ هَذَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - زُهْ صَلَاةُ فَسَدَتْ يُصْلِحُهَا الْحَدَثُ (انْتَهَى) . وَزُهْ كَلِمَةُ اسْتِعْجَابٍ عِنْدَ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَهِيَ بِضَمِّ الزَّاءِ لَيْسَتْ بِخَالِصَةٍ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ وَإِنَّمَا قَالَهَا أَبُو يُوسُفَ تَهَكُّمًا. (8) قَوْلُهُ: تَمَّتْ. أَيْ قَارَبَتْ التَّمَامَ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَتِمُّ بَعْدَ طَهَارَتِهِ وَقُعُودِهِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ (9) قَوْلُهُ: فَقُلْ مَنْ اعْتَادَهَا فِي كَلَامِهِ إلَخْ. فَإِنَّ صَلَاتَهُ لَا تَفْسُدُ وَيُجْعَلُ ذَلِكَ مِنْ الْقُرْآنِ كَمَا فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ نَعَمْ وَرَدَتْ فِي الْقُرْآنِ. أَقُولُ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَثَلًا لَوْ اعْتَادَهَا فِي كَلَامِهِ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ

10 - فَقُلْ الْمُقْتَدِي بِإِمَامٍ مُتَيَمِّمٍ إذَا رَآهُ دُونَ إمَامِهِ أَيُّ امْرَأَةٍ تَصْلُحُ لِإِمَامَةِ الرِّجَالِ؟ فَقُلْ إذَا قَرَأَتْ آيَةَ سَجْدَةٍ سَجَدَتْ وَتَبِعَهَا السَّامِعُونَ أَيُّ فَرِيضَةٍ يَجِبُ أَدَاؤُهَا 11 - وَيُحَرَّمُ قَضَاؤُهَا؟ فَقُلْ الْجُمُعَةُ 12 - وَإِنَّمَا يُقْضَى الظُّهْرُ. أَيُّ رَجُلٍ كَرَّرَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَتَكَرَّرَ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ؟ فَقُلْ إذَا تَلَاهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ وَسَجَدَ لَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا فِي الصَّلَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَقُلْ الْمُقْتَدِي بِإِمَامٍ مُتَيَمِّمٍ إذَا رَآهُ دُونَ إمَامِهِ. أَقُولُ لِأَنَّهُ إذَا رَآهُ صَارَتْ صَلَاةُ إمَامِهِ فَاسِدَةً فِي اعْتِقَادِهِ وَصَلَاةُ الْمُقْتَدِي مُرْتَبِطَةٌ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ صِحَّةً وَفَسَادًا (11) قَوْلُهُ: وَيُحَرَّمُ قَضَاؤُهَا. أَقُولُ وَالصَّوَابُ وَلَا يَصِحُّ قَضَاؤُهَا كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ الْمُلْغَزِ بِهَا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُرْمَةِ عَدَمُ الصِّحَّةِ (12) قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُقْضَى الظُّهْرُ. أَقُولُ الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ وَإِنَّمَا يُصَلَّى الظُّهْرُ لِأَنَّهُ صَلَاةٌ أُخْرَى لَيْسَتْ بَدَلًا عَنْ الْجُمُعَةِ تَذْيِيلٌ وَتَتْمِيمٌ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَلْغَازِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالصَّلَاةِ (مَسْأَلَةٌ) : إنْ قِيلَ أَيُّ رَجُلٍ صَلَّى فَرْضًا فِي وَقْتِهِ وَنَوَى فَرْضَ الْوَقْتِ فَلَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ رَجُلٌ حَنَفِيٌّ نَوَى فَرْضَ الْوَقْتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ الْأَصْلِيَّ الظُّهْرُ غَيْرَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِإِسْقَاطِهِ بِأَدَاءِ الْجُمُعَةِ لَمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْوَاجِبَ الْأَصْلِيَّ مَا يَلْزَمُ قَضَاؤُهُ وَاَلَّذِي يَلْزَمُ قَضَاؤُهُ هُوَ الظُّهْرُ لَا الْجُمُعَةُ 1 - (مَسْأَلَةٌ) إنْ قِيلَ أَيُّ عِبَادَةٍ ذَاتِ عَدَدٍ مَخْصُوصٍ يَقَعُ جَمِيعُهُ سُنَّةً وَيَكُونُ الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ الْعَدَدِ أَفْضَلَ مِنْ كُلِّهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ صَلَاةَ الضُّحَى اثْنَتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً وَأَفْضَلُهَا ثَمَانٍ وَكَذَا كُلُّ مَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ الْأَذْكَارِ الْمَخْصُوصَةِ بِالْأَعْدَادِ فِي أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ كَذَا فِي الذَّخَائِرِ. أَقُولُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِمَامُ الْقَرَافِيُّ إنَّ الثَّوَابَ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْعَدَدِ الْمَخْصُوصِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ سَبَّحَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَحَمِدَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَكَبَّرَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ» . لَا يَحْصُلُ لِمَنْ زَادَ عَلَيْهِ أَوْ نَقَصَ وَسَمِعْتُ بَعْضَهُمْ يَذْكُرُ فِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQتَوْجِيهِهِ أَنَّهُ إذَا زَادَ عَلَى ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ تَسْبِيحَةً فَقَدْ أَخَّرَ التَّحْمِيدَ عَنْ وَقْتِهِ وَمَوْضِعِهِ وَتَأْخِيرُ الْعِبَادَةِ عَنْ وَقْتِهَا يُفَوِّتُ كَمَالَ أَجْرِهَا. رَأَيْتُ فِي تَفْسِيرِ السُّلَمِيِّ فِي قَوْله تَعَالَى {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} [النمل: 59] أَنَّ بَعْضَهُمْ سُئِلَ أَيُّهُمَا أَفَضْلُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى أَوْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى أَفْضَلُ مِنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى وَرُبَّمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْقَرَافِيُّ أَنَّ الْمِفْتَاحَ إذَا كَانَتْ لَهُ ثَلَاثَةُ أَسْنَانٍ وَزِيدَتْ وَاحِدَةٌ لَا يَفْتَحُ الْبَابَ وَكَذَلِكَ إذَا زِيدَ عَلَى الْأَعْدَادِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ الْعَلَّامَةُ أَحْمَدُ بْنُ الْعِمَادِ وَهَذَا كُلُّهُ مَرْدُودٌ وَلَا يَحِلُّ اعْتِقَادُهُ لِأَنَّهُ قَوْلٌ بِلَا دَلِيلٍ وَلَمْ يُعَبِّرْ الْقَرَافِيُّ عَنْ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ يَنْبَغِي الْعَدَدُ الْمَخْصُوصُ وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ الْآيَةَ السَّابِقَةَ لِأَنَّ لَفْظَ الْقُرْآنِ مُعْجِزٌ وَتِلَاوَتُهُ عِبَادَةٌ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِيهَا وَلَا النَّقْصُ وَمُرَاعَاتَهُ مَطْلُوبَةٌ وَإِنْ أَتَى بِهِ عَلَى قَصْدِ الذِّكْر يَعْنِي دُونَ التِّلَاوَةِ مُرَاعَاةً لِصُورَةِ النَّظْمِ وَإِعْجَازِهِ وَأَمَّا التَّسْبِيحَاتُ فَالْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ طُلِبَ الْعَدَدُ الْخَاصُّ أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا وَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى تَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ قِسْمٌ يَرْجِعُ إلَى الذَّاتِ وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَقِسْمٌ يَرْجِعُ إلَى الْجَلَالِ كَالْمَالِكِ وَالْكَبِيرِ وَالْقَادِرِ وَالْقَاهِرِ وَقِسْمٌ يَرْجِعُ إلَى الْجَمَالِ كَالرَّبِّ وَالْمُحْسِنِ وَالْمُحْيِي وَالرَّزَّاقِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] أَيْ نُزِّهَ أَسْمَاؤُهُ عَلَى الْإِلْحَادِ فِيهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف: 180] كَمَا يَجِبُ تَنْزِيهُ ذَاتِهِ كَذَلِكَ يَجِبُ تَنْزِيهُ صِفَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَلَمَّا كَانَتْ الْكَفَرَةُ قَدْ أَلْحَدُوا فِي أَسْمَائِهِ وَاشْتَقُّوا مِنْ اللَّهِ اللَّاتِ وَمِنْ اسْمِهِ الْعَزِيزِ الْعُزَّى وَمِنْ الْمَنَّانِ مَنَاةَ وَجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نُنَزِّهَ أَسْمَاءَهُ كَمَا يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُنَزِّهَ صِفَاتِهِ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُؤْتَى لِأَسْمَاءِ الذَّاتِ بِالتَّسْبِيحِ، وَالتَّسْبِيحُ هُوَ التَّنْزِيهُ عَنْ التَّشْرِيكِ وَعَمَّا لَا يَلِيقُ. «وَسُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ مَعْنَى سُبْحَانَ اللَّهِ فَقَالَ تَنْزِيهٌ مُنَاسِبٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQأَسْمَاءَ الْجَلَالِ وَالتَّكْبِيرِ مُنَاسِبٌ أَسْمَاءَ الْجَلَالِ وَالتَّحْمِيدُ مُنَاسِبٌ أَسْمَاءَ الْجَمَالِ لِأَنَّ الْحَمْدَ يَكُونُ عَلَى النِّعَمِ» وَلِهَذَا كَانَتْ الْأَعْدَادُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ بِعَدَدِ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى وَخُتِمَتْ الْمِائَةُ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى بِأَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ تَكْبِيرَةً لِأَنَّهُ قِيلَ إنَّ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ هُوَ تَمَامُ الْمِائَةِ فَاسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ فِي أَسْمَاءِ الْجَلَالِ وَلِهَذَا أُوتِيَ فِيهِ بِالتَّكْبِيرِ وَهَذَا الْمَعْنَى يَحْصُلُ بِهَذَا الْعَدَدِ وَبِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ الْمُعَيَّنِ لِلْمَعْنَى السَّابِقِ وَلِأَنَّهُ جَاءَ أَنَّ عَدَدَ دَرَجِ الْجَنَّةِ مِائَةٌ عَلَى عَدَدِ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ مَنْعِ الزَّائِدِ قَوْله تَعَالَى {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا} [النمل: 89] وقَوْله تَعَالَى {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «مَنْ قَالَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرَ تَسْبِيحَاتٍ وَعَشْرَ تَحْمِيدَاتٍ وَعَشْرَ تَكْبِيرَاتٍ فِي خَمْسِ صَلَوَاتٍ فَتِلْكَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ بِاللِّسَانِ وَأَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ فِي الْمِيزَانِ» وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ» وَفِي رِوَايَةٍ «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ» وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِّمْنِي كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي صَلَاتِي قَالَ: كَبِّرِي اللَّهَ عَشْرًا وَسَبِّحِي اللَّهَ عَشْرًا وَاحْمَدِيهِ عَشْرًا» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيِّ فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ دَالَّةٌ عَلَى مَنْعِ عَدَمِ اعْتِبَارِ الزَّائِدِ وَالنَّاقِصِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ الْإِتْيَانُ بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَنْوَاعِ مِنْ الذِّكْرِ وَأَنَّ أَصْلَ السُّنَّةِ تَحْصُلُ بِدُونِ الْمِائَةِ وَأَنَّ الْأَكْمَلَ مِائَةٌ بِعَدَدِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الْحُسْنَى وَمَا زَادَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ (انْتَهَى) . فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ بَدِيعٌ جِدًّا 1 - (مَسْأَلَةٌ) إنْ قِيلَ التَّكْبِيرُ لِدُخُولِ الصَّلَاةِ مَعْلُومٌ فَمَا التَّكْبِيرُ الَّذِي يُخْرَجُ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ تَكْبِيرُ مَنْ كَبَّرَ قَبْلَ إمَامِهِ ثُمَّ كَبَّرَ الْإِمَامُ فَكَبَّرَ هُوَ يَنْوِي قَطْعَ مَا دَخَلَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الصَّلَاةِ كَذَا فِي الذَّخَائِرِ نَقْلًا عَنْ الْعُدَّةِ (مَسْأَلَةٌ) إنْ قِيلَ أَيُّ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالْجَوَابُ كَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَكَذَا الْخِلَافُ فِي كُلِّ مَنْ سَعَى فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ وَأَطْلَقَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْمَنْعَ فِيهِمَا وَنُقِلَ عَنْ الْعُيُونِ الرِّوَايَةُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ مَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا لَا يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُلْغَزُ بِهَذِهِ فَيُقَالُ أَيُّ رَجُلٍ غَيْرُ شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِغَيْرِ غُسْلٍ؟ وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ قَالَ وَإِنْ كَانَ طَالَمَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْمَقْتُولَ بِالْعَصَبَةِ كَالْقَيْسِيِّ وَالْيَمَانِيِّ كَذَلِكَ قَالَ وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَاتِلِ نَفْسَهُ عِنْدَ الثَّانِي وَبِهِ أَخَذَ السَّعْدِيُّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ كَمَا هُوَ رَأْيُ الْإِمَامَيْنِ وَبِهِ أَفْتَى الْحَلْوَانِيُّ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ. أَقُولُ فِي إطْلَاقِ مَنْ قُتِلَ ظُلْمًا نَظَرٌ بَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَنْ قُتِلَ بِمُحَدَّدٍ كَمَا فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ 1 - (مَسْأَلَةٌ) رُفِعَ إلَيَّ سُؤَالٌ نَصُّهُ مَا قَوْلُكُمْ فِي شَخْصٍ لَيْسَ بِخُنْثَى وَلَا مِنْ النِّسَاءِ وَلَا قَارِئًا اقْتَدَى بِأُمِّيٍّ وَلَا بِمَنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ تَجُوزُ صَلَاتُهُ مُنْفَرِدًا وَإِمَامًا وَلَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ مَأْمُومًا وَقَدْ كَانَ السُّؤَالُ نَظْمًا ثُمَّ ضَاعَ مِنِّي فَأَجَبْتُ عَنْهُ نَظْمًا بِقَوْلِيِّ: جَوَابُكَ سَهْلٌ ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ بِهِ ... تَوَقَّعْهُ فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ يَظْهَرُ وَذَلِكَ شَخْصٌ أَمَّ فِي الرَّأْسِ شَجَّةٌ ... فَذَا الشَّخْصُ مَأْمُومٌ وَفِي الْحَالِ يُحْظَرُ عَنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ حَقًّا بِلَا امْتِرَاءِ ... وَمَنْ شَجَّهُ يَلْزَمُهُ غُرْمٌ مُقَرَّرُ 1 - (مَسْأَلَةٌ) إنْ قِيلَ أَيُّ فَرِيضَةٍ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهَا جَمَاعَةً فَالْجَوَابُ أَنَّهَا النَّظَرُ لِمَنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ وَهُوَ مُقِيمٌ بِالْمِصْرِ كَذَا فِي الذَّخَائِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا فِي النُّقَايَةِ وَشَرْحِهَا لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ حَيْثُ قَالَ: وَكُرِهَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ فِي الْمِصْرِ ظُهْرُ الْمَعْذُورِ الَّذِي لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ جَمَاعَةً كَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَالْعَبْدِ وَغَيْرِ الْمَعْذُورِ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ السَّعْيُ ثُمَّ قَالَ وَالْإِطْلَاقُ مُشِيرًا إلَى أَنَّهُ لَا تُكْرَهُ الْجَمَاعَةُ إذَا تَرَكَ الْجُمُعَةَ لِمَانِعٍ لَكِنْ فِي الْمُضْمَرَاتِ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ وُحْدَانًا اسْتِحْبَابًا (مَسْأَلَةٌ) إنْ قِيلَ أَيُّ صَلَاةٍ يُسَنُّ الْجَهْرُ فِيهَا بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَالْجَوَابُ أَنَّهَا كُلُّ صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ قُرِئَ فِيهَا النَّمْلُ أَوْ الْآيَةُ الَّتِي فِيهَا الْبَسْمَلَةُ كَذَا. فِي الذَّخَائِرِ أَقُولُ الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ فِي السُّؤَالِ أَيُّ صَلَاةٍ يَجِبُ الْجَهْرُ فِيهَا بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَإِنَّ الْجَهْرَ بِالْقِرَاءَةِ وَاجِبٌ فِي الْجَهْرِيَّةِ لَا سُنَّةٌ كَمَا فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ

[كتاب الزكاة]

كِتَابُ الزَّكَاةِ أَيُّ مَالٍ وَجَبَتْ فِيهِ زَكَاتُهُ ثُمَّ سَقَطَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ وَلَمْ يَهْلَكْ؟ فَقُلْ الْمَوْهُوبُ إذَا رَجَعَ لِلْوَاهِبِ فِيهِ بَعْدَ الْحَوْلِ 1 - وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْوَاهِبِ أَيْضًا أَيُّ نِصَابٍ حَوْلِيٍّ فَارِغٌ عَنْ الدَّيْنِ وَلَا زَكَاةَ فِيهِ 2 - فَقُلْ الْمَهْرُ قَبْلَ الْقَبْضِ 3 - أَوْ مَالُ الضِّمَارِ أَيُّ رَجُلٍ يُزَكِّي وَيَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا 4 - فَقُلْ مَنْ يَمْلِكُ نِصَابَ سَائِمَةٍ لَا تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَيُّ رَجُلٍ مَلَكَ نِصَابًا مِنْ النَّقْدِ وَحَلَّتْ لَهُ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الزَّكَاةِ] قَوْلُهُ: وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْوَاهِبِ أَيْضًا. يَعْنِي الْوُجُوبَ وَإِنَّهُ ذُكِرَ لَهَا نَظِيرٌ وَهُوَ مَا لَوْ حَلَقَ رَجُلٌ لِحْيَةَ رَجُلٍ فَغَرَّمَهُ الدِّيَةَ وَحَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهَا ثُمَّ نَبَتَتْ اللِّحْيَةُ ثَانِيًا فَإِنَّ الْحَالِقَ يَسْتَرِدُّ الدِّيَةَ مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا الزَّكَاةُ أَمَّا الْحَالِقُ فَلِأَنَّ الْمَالَ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ وَأَمَّا الْمَحْلُوقُ فَلِأَنَّ الْمَالَ لَمَّا اُسْتُحِقَّ عَلَيْهِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا وَهَذَا يَصْلُحُ جَوَابًا ثَانِيًا لِلسُّؤَالِ (2) قَوْلُهُ: فَقُلْ الْمَهْرُ قَبْلَ الْقَبْضِ. يَعْنِي لِأَنَّهُ يُمْلَكُ بِالْعَقْدِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمِلْكِ وَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِعَدَمِ النَّمَاءِ. (3) قَوْلُهُ: أَوْ مَالُ الضِّمَارِ إلَخْ بِالْكَسْرِ مِنْ الْإِضْمَارِ الْإِخْفَاءُ وَالْمُرَادُ بِهِ مَالُ غَائِبٍ لَا وُصُولَ لَهُ لِمَالِكِهِ فَلَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ لِعَدَمِ النَّمَاءِ لَا تَحْقِيقًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا تَقْدِيرًا لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ الِاسْتِنْمَاءِ وَلِأَنَّهُ مَمْلُوكُ رَقَبَةٍ يَدًا فَلَا يَتِمُّ الْمِلْكُ فِيهِ فَبَعْدَ وُصُولِهِ إلَى الْمَالِكِ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ لِمَا مَضَى مِنْ الْأَيَّامِ الَّتِي كَانَ بِهَا ضِمَارٌ أَيُّ رَجُلٍ يُزَكِّي وَيَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا (4) قَوْلُهُ: فَقُلْ مَنْ يَمْلِكُ نِصَابَ سَائِمَةٍ لَا تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ. لِأَنَّ النِّصَابَ الَّذِي يَحْرُمُ عَلَى مَالِكِهِ أَخْذُ الزَّكَاةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ قِيمَتُهَا فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ

5 - فَقُلْ مَنْ لَهُ دُيُونٌ لَمْ يَقْبِضْهَا أَيُّ رَجُلٍ يَنْبَغِي لَهُ إخْفَاءُ إخْرَاجِهَا عَنْ بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ؟ فَقُلْ الْمَرِيضُ إذَا خَافَ مِنْ وَرَثَتِهِ 6 - يُخْرِجُهَا سِرًّا عَنْهُمْ 7 - أَيُّ رَجُلٍ يُسْتَحَبُّ لَهُ إخْفَاؤُهَا؟ فَقُلْ الْخَائِفُ مِنْ الظَّلَمَةِ 8 - لِئَلَّا يَعْلَمُوا كَثْرَةَ مَالِهِ أَيُّ رَجُلٍ غَنِيٌّ عِنْدَ الْإِمَامِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ، فَقِيرٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ فَتَحِلُّ لَهُ؟ 9 - فَقُلْ مَنْ لَهُ دُورٌ يَسْتَغِلُّهَا وَلَا يَمْلِكُ نِصَابًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَقُلْ مَنْ لَهُ دُيُونٌ لَمْ يَقْبِضْهَا. يَعْنِي عَلَى رَجُلٍ مُعْسِرٍ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَيُجَابُ بِوَجْهٍ آخَرَ فَيُقَالُ هُوَ رَجُلٌ لَهُ أَلْفُ دِينَارٍ لَكِنَّهَا مُؤَجَّلَةٌ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ قَدْرَ مَا يَكْفِيه إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهُ رَجُلٌ مُسَافِرٌ لَهُ فِي وَطَنِهِ ذَلِكَ وَأَضْعَافُهُ لَكِنْ لَيْسَ مَعَهُ مَا يَبْلُغُ بِهِ إلَى وَطَنِهِ فَلَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ (6) قَوْلُهُ: يُخْرِجُهَا سِرًّا عَنْهُمْ. لِئَلَّا يَعْلَمُوا فَيَنْقُضُوا تَصَرُّفَهُ فِي ثُلُثَيْهِ كَذَا فِي الْمُخْتَصَرِ الْمُحِيطِ وَنَحْوُهُ فِي جَامِعِ الْبَزَّازِيِّ وَعَزَاهَا ابْنُ وَهْبَانَ إلَى الْقُنْيَةِ، وَاَلَّذِي فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَا يُعْطِيهَا، وَلَوْ أَعْطَاهَا، لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى الْفُقَرَاءِ بِثُلُثِهَا. قَالَ فِي الْبَدَائِعِ هَذَا قَضَاءٌ لَا دِيَانَةٌ فَقَدْ أَطْلَقَ الْقَاضِي جَلَالُ الدِّينِ فِي أَمَالِيهِ أَنَّهُ يُؤَدِّيهَا سِرًّا مِنْ الْوَرَثَةِ حَتَّى إنَّهُ وَقَعَ فِي شَرْحِ صَدْرِ الْقُضَاةِ أَنَّ تَصَرُّفَهُ هَذَا مُعْتَبَرٌ مِنْ الْكُلِّ وَفِي كَلَامِ ابْنِ وَهْبَانَ أَنَّهُ لَا يُخْفِيهَا مِنْ غَيْرِ الْوَرَثَةِ إلَّا إذَا ظَنَّ الْخَبَرَ يَصِلُ إلَيْهِمْ (7) قَوْلُهُ: أَيُّ رَجُلٍ يُسْتَحَبُّ لَهُ إخْفَاؤُهَا. يَعْنِي وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ إعْلَانُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ. (8) قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَعْلَمُوا كَثْرَةَ مَالِهِ يَعْنِي فَيَأْخُذُونَهَا فَيَضَعُونَهَا فِي غَيْرِ أَهْلِهَا فَالسِّرُّ أَفْضَلُ. ذَكَرَهَا ابْنُ وَهْبَانَ فِي شَرْحِهِ لِمَنْظُومَتِهِ وَلَمْ يَعْزُهَا إلَى أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا إلَّا بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ (9) قَوْلُهُ: فَقُلْ مَنْ لَهُ دُورٌ يَسْتَغِلُّهَا وَلَا يَمْلِكُ نِصَابًا. عِبَارَةُ الذَّخَائِرِ: أَنَّ رَجُلًا يَمْلِكُ دُورًا وَحَوَانِيتَ يَسْتَغِلُّهَا وَهِيَ تُسَاوِي أُلُوفًا لَكِنَّ غَلَّتَهَا لَا تَكْفِي لِقُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ فَعِنْدَ الْإِمَامِ هُوَ غَنِيٌّ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ فَقِيرٌ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا

[كتاب الصوم]

كِتَابُ الصَّوْمِ أَيُّ رَجُلٍ أَفْطَرَ بِلَا عُذْرٍ وَلَا كَفَّارَةً عَلَيْهِ؟ 1 - فَقُلْ مَنْ رَآهُ وَحْدَهُ 2 - وَرَدَّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ، 3 - وَلَك أَنْ تَقُولَ: مَنْ كَانَ فِي صِحَّةِ صَوْمِهِ اخْتِلَافٌ أَيُّ رَجُلٍ نَوَى رَمَضَانَ فِي وَقْتِ النِّيَّةِ وَوَقَعَ نَفْلًا؟ 4 - فَقُلْ مَنْ بَلَغَ بَعْدَ الطُّلُوعِ أَيُّ صَائِمٍ ابْتَلَعَ رِيقَ غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؟ 5 - فَقُلْ مَنْ ابْتَلَعَ رِيقَ حَبِيبِهِ أَيُّ صَائِمٍ أَفْطَرَ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الصَّوْمِ] قَوْلُهُ: فَقُلْ مَنْ رَآهُ وَحْدَهُ أَيْ الْهِلَالَ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: الرَّدُّ عُذْرٌ فَفِي التَّصْوِيرِ نَظَرٌ أَقُولُ فِي النَّظَرِ نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ. (2) قَوْلُهُ: وَرَدَّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ يَعْنِي. ثُمَّ صَامَ بَعْضَ الْيَوْمِ وَأَفْطَرَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ رَدَّ شَهَادَتِهِ أَوْجَبَ شُبْهَةً فِي فِطْرِهِ وَالْكَفَالَةُ لَا تَجِبُ مَعَ الشُّبْهَةِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرُ سَقَطَ النَّظَرُ الْمُتَقَدِّمُ إذْ لَا قَائِلَ بِأَنَّ الرَّدَّ عُذْرٌ بَلْ الْمُرَادُ بِالْعُذْرِ هُنَا مَا لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الصَّوْمُ إلَّا بِتَحَمُّلِ ضَرَرٍ. (3) قَوْلُهُ: وَلَكَ أَنْ تَقُولَ مَنْ كَانَ صِحَّةُ صَوْمِهِ اخْتِلَافٌ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الصِّحَّةِ يُوجِبُ شُبْهَةً فِي الْفِطْرِ وَالْكَفَّارَةُ لَا تَجِبُ مَعَ الشُّبْهَةِ (4) قَوْلُهُ: فَقُلْ مَنْ بَلَغَ بَعْدَ الطُّلُوعِ يَعْنِي لِأَنَّهُ إذَا بَلَغَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَمْ يُدْرِكْ وَقْتَ الْوُجُوبِ (5) قَوْلُهُ: فَقُلْ مَنْ ابْتَلَعَ رِيقَ حَبِيبِهِ. يَعْنِي لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقْذَرٍ عِنْدَهُ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ

6 - فَقُلْ مَنْ شَرَعَ فِيهِ مَظْنُونًا كَمَنْ شَرَعَ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ فَتَبَيَّنَ أَنْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ أَيُّ رَجُلٍ نَوَى التَّطَوُّعَ فِي وَقْتِهِ وَلَمْ يَصِحَّ؟ 7 - فَقُلْ الْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَنَوَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَقُلْ مَنْ شَرَعَ فِيهِ مَظْنُونًا. حَالٌ مِنْ الْمَجْرُورِ أَيْ مِنْ شَرَعَ فِي الصَّوْمِ حَالَ كَوْنِ الصَّوْمِ مَظْنُونًا أَنَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ (7) قَوْلُهُ: فَقُلْ الْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَنَوَاهُ. يَعْنِي وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ قَبْلَ الزَّوَالِ مُفْطِرٌ فَصَامَ تَطَوَّعَا لَمْ يَصِحَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَيَصِحَّ فِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ كَمَا فِي مُخْتَصَرِ الْمُحِيطِ. كَذَا فِي الذَّخَائِرِ

[كتاب الحج]

كِتَابُ الْحَجِّ 1 - أَيُّ قَارِنٍ لَا دَم عَلَيْهِ؟ 2 - فَقُلْ مَنْ أَحْرَمَ بِهِمَا قَبْلَ وَقْتِهِ ثُمَّ أَتَى بِأَفْعَالِهِمَا فِي وَقْتِهِ 3 - أَيُّ فَقِيرٌ يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْرَاضُ لِلْحَجِّ؟ فَقُلْ مَنْ كَانَ غَنِيًّا وَوَجَبَ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ أَيُّ آفَاقِيٌّ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِلَا إحْرَامٍ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ؟ فَقُلْ 4 - مَنْ لَمْ يَقْصِدْ دُخُولَهُ مَكَّةَ 5 - أَوْ مَنْ جَاوَزَ أَوَّلَ الْمَوَاقِيتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْحَجِّ] قَوْلُهُ: أَيُّ قَارِنٍ لَا دَمَ عَلَيْهِ. يَعْنِي أَيَّ قَارِنٍ فَعَلَ مَا يَفْعَلُهُ الْقَارِنُ وَهُوَ آفَاقِيٌّ بَالِغٌ حُرٌّ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ دَمٌ. (2) قَوْلُهُ: فَقُلْ مَنْ أَحْرَمَ بِهِمَا. أَيْ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ لَفْظِ الْقَارِنِ مَعًا مِنْ الْمِيقَاتِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ مِمَّ فَعَلَ بَقِيَّةَ الْأَفْعَالِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهُوَ قَارِنٌ لَكِنْ لَا دَمَ عَلَيْهِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ عَنْ الْمُحِيطِ (3) قَوْلُهُ: أَيُّ فَقِيرٍ يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْرَاضُ لِلْحَجِّ. . إلَخْ عِبَارَةُ الذَّخَائِرِ: أَيُّ فَقِيرٍ يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ وَيَحُجَّ وَأَيُّ غَنِيٍّ لَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ ثُمَّ قَالَ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا فَقِيرٌ مَلَكَ مَا يُجِبْ الْحَجَّ عَلَيْهِ مَعَهُ وَلَمْ يَحُجَّ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَالْغَنِيُّ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ غَنِيٌّ قَامَ عِنْدَهُ خَوْفُ الطَّرِيقِ أَوْ عَدُوٌّ أَوْ آخَرُ (انْتَهَى) . وَقَوْلُهُ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ فِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ يَلْزَمُهُ الْحَجُّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ (4) قَوْلُهُ: مَنْ لَمْ يَقْصِدْ دُخُولَ مَكَّةَ. بِأَنْ قَصَدَ الْبُسْتَانَ. (5) قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ جَاوَزَ أَوَّلَ الْمَوَاقِيتِ. يَعْنِي بِلَا إحْرَامٍ

[كتاب النكاح]

كِتَابُ النِّكَاحِ أَيُّ أَبٍ زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ كُفْءٍ 1 - وَلَمْ يَنْفُذْ عِنْدَ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؟ 2 - فَقُلْ الْأَبُ السَّكْرَانُ إذَا زَوَّجَهَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا 3 - أَيُّ امْرَأَةٍ أَخَذَتْ ثَلَاثَةَ مُهُورٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَزْوَاجٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ؟ فَقُلْ امْرَأَةٌ حَامِلٌ 4 - طَلُقَتْ ثُمَّ وَضَعَتْ فَلَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ 5 - ثُمَّ تَزَوَّجَتْ وَطَلُقَتْ قَبْلَ دُخُولٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ النِّكَاحِ] قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْفُذْ عِنْدَ الْإِمَامِ. عِبَارَةُ الذَّخَائِرِ: فَلَمْ يَجُزْ النِّكَاحُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَيْ لَمْ يَصِحَّ (انْتَهَى) وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ النَّفَاذِ مِنْ الْخَلَلِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (2) قَوْلُهُ: فَقُلْ الْأَبُ السَّكْرَانُ إلَخْ. نُقِلَ فِي الْعِمَادِيَّةِ عَنْ نِكَاحِ فَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ. قِيلَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ إنَّمَا جُوِّزَ فِي حَالَةِ الصَّحْوِ لِفَرْطِ شَفَقَتِهِ وَلِاهْتِدَائِهِ إلَى وُجُوهِ الْمَصَالِحِ وَقَدْ فُقِدَ هُنَا وَنُقِلَ مِثْلُهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ حَمْزَةَ وَعَنْ الذَّخِيرَةِ كَذَا فِي الذَّخَائِرِ (3) قَوْلُهُ: أَيُّ امْرَأَةٍ أَخَذَتْ ثَلَاثَةَ مُهُورٍ. أَقُولُ: مِثْلُهُ فِي الذَّخَائِرِ وَالصَّوَابُ مَهْرَانِ وَنِصْفُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ الْآتِي. (4) قَوْلُهُ: طَلُقَتْ ثُمَّ وَضَعَتْ فَلَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ. يَعْنِي وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ. (5) قَوْلُهُ: ثُمَّ تَزَوَّجَتْ وَطَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ. أَقُولُ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَتَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ الْمَهْرِ

6 - ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فَمَاتَ أَيُّ رَجُلٍ مَاتَ عَنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ تَطْلُبُ الْمَهْرَ وَالْمِيرَاثَ، وَالثَّانِيَةُ لَا مَهْرَ لَهَا وَلَا مِيرَاثَ، وَالثَّالِثَةُ لَهَا الْمَهْرُ دُونَ الْمِيرَاثِ، وَالرَّابِعَةُ لَهَا الْمِيرَاثُ دُونَ الْمَهْرِ؟ 7 - فَقُلْ هُوَ عَبْدٌ زَوَّجَهُ مَوْلَاهُ أَمَتَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَ حُرَّةً وَنَصْرَانِيَّةً أَيُّ صَغِيرٍ تَوَقَّفَ النِّكَاحُ عَلَى إجَازَتِهِ؟ فَقُلْ 8 - الْمُكَاتَبُ الصَّغِيرُ إذَا زَوَّجَهُ مَوْلَاهُ أَيُّ أَبٍ زَوَّجَ بِنْتَه فَلَمْ يَرْضَ الْوَلِيُّ فَبَطَلَ؟ 9 - فَقُلْ الْعَبْدُ أَيُّ جِمَاعٍ لَا يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ؟ 10 - فَقُلْ جِمَاعُ الصَّغِيرَةِ وَالْمَيِّتَةِ أَيُّ مُطَلَّقَةٍ ثَلَاثًا دَخَلَ بِهَا الثَّانِي وَلَمْ تَحِلُّ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (6) قَوْلُهُ: ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فَمَاتَ. أَيْ مِنْ نَوْمِهِ فَاسْتَحَقَّتْ كَمَالَ الْمَهْرِ. (7) قَوْلُهُ: فَقُلْ هُوَ عَبْدٌ زَوَّجَهُ مَوْلَاهُ أَمَتَهُ إلَخْ. أَقُولُ هَذَا أَخْطَأُ وَالصَّوَابُ مَا فِي الذَّخَائِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ أَنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ عَبْدٌ فَزَوَّجَهُ مَوْلَاهُ أَمَتَيْهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا ثُمَّ بَعْدَ الْعِتْقِ تَزَوَّجَ حُرَّةً وَنَصْرَانِيَّةً أَمَّا الَّتِي لَهَا الْمَهْرُ وَالْمِيرَاثُ فَهِيَ الْحُرَّةُ الَّتِي تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَأَمَّا الَّتِي لَا مَهْرَ لَهَا وَلَا مِيرَاثَ فَهِيَ الْأَمَةُ وَأَمَّا الَّتِي لَهَا الْمِيرَاثُ دُونَ الْمَهْرِ فَهِيَ الَّتِي عَتَقَتْ مَعَهُ وَأَمَّا الَّتِي لَهَا الْمَهْرُ دُونَ الْمِيرَاثِ فَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ لِأَنَّ الْكَافِرَةَ لَا تَرِثُ الْمُسْلِمَ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَتَّضِحُ لَك الْخَطَأُ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (8) قَوْلُهُ: الْمُكَاتَبُ الصَّغِيرُ إذَا زَوَّجَهُ مَوْلَاهُ. يَعْنِي قَبْلَ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهِ لِأَنَّهُ يُلْحَقُ بِالْبَالِغِ فِيمَا يَنْبَنِي عَلَى الْكِتَابَةِ (9) قَوْلُهُ: فَقُلْ الْعَبْدُ. يَعْنِي إذَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ أَمَةٌ وَلَمْ يَرْضَ الْمَوْلَى وَهُوَ الْمُوَلِّي (10) قَوْلُهُ: فَقُلْ جِمَاعُ الصَّغِيرَةِ وَالْمَيِّتَةِ. أَقُولُ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة مَعْزِيًّا إلَى الْعَتَّابِيَّةِ

11 - فَقُلْ إذَا كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا. أَيُّ مُعْتَدَّةٍ امْتَنَعَتْ رَجْعَتُهَا وَلَمْ تَحِلَّ لِغَيْرِهِ؟ 12 - فَقُلْ إذَا اغْتَسَلَتْ وَبَقِيَتْ لُمْعَةً بِلَا غَسْلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَقُلْ إذَا كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا. أَقُولُ أَوْ إذَا تَزَوَّجَتْ بِعَبْدٍ وَوَطِئَهَا قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ السَّيِّدُ النِّكَاحَ فَإِنَّ هَذَا الْوَطْءُ لَا يُحِلُّهَا لِلْأَوَّلِ (12) قَوْلُهُ: فَقُلْ إذَا اغْتَسَلَتْ وَبَقِيَتْ لُمْعَةً بِلَا غَسْلٍ. يَعْنِي لَوْ أَنَّ مُعْتَدَّةً مِنْ رَجْعِيٍّ اغْتَسَلَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا الثَّالِثَةِ وَحَيْضَتُهَا أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَغَسَلَتْ عَامَّةَ أَعْضَائِهَا وَبَقِيَتْ لُمْعَةٌ أَوْ أُصْبُعٌ

[كتاب الطلاق]

كِتَابُ الطَّلَاقِ أَيُّ رَجُلٍ طَلَّقَ وَلَمْ يَقَعْ 1 - فَقُلْ إذَا قَالَ عَنَيْتُ الْإِخْبَارَ كَاذِبًا. أَيُّ رَجُلٍ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ وَلَمْ يَقَعْ؟ 2 - فَقُلْ إذَا كَانَ قَصَدَ تِلْكَ السَّاعَةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا 3 - وَهَذَا إذَا سَكَّنَ أَيُّ رَجُلٍ لَهُ امْرَأَتَانِ أَرْضَعَتْ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا حُرِّمَتْ الْأُخْرَى عَلَيْهِ وَحْدَهَا؟ فَقُلْ رَجُلٌ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرِ أَمَةً فَأَعْتَقَتْ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ وَلَهُ زَوْجَةٌ فَأَرْضَعَتْ الصَّبِيَّ الَّذِي كَانَ زَوْجُ ضَرَّتِهَا بِلَبَنِ هَذَا الرَّجُلِ حُرِّمَتْ ضَرَّتُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الطَّلَاقِ] قَوْلُهُ: فَقُلْ إذَا عَنَيْت الْإِخْبَارَ كَاذِبًا. ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَازِيًا إلَى شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إنْ عَنَى الْإِخْبَارَ عَمَّا مَضَى كَذِبًا لَهُ فِي الدِّيَانَةِ إمْسَاكُهَا وَفِي الْقُنْيَةِ قَالَ رَاقِمًا لِلْمُحِيطِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَقَعُ قَضَاءً لَا دِيَانَةً لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَتَّهِمُهُ فَلَوْ أَشْهَدَ قَبْلَ ذَلِكَ زَالَتْ التُّهْمَةُ ثُمَّ رَقَّمَ لِلْأَصْلِ فِي بَابِ التَّلْجِئَةِ وَقَالَ إذَا تَوَاضَعَا أَنَّا نُخْبِرُ عَنْ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ عَلَى مَالٍ كَذِبًا ثُمَّ أَخَبَر عَنْهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلَاقًا وَلَا عَتَاقًا وَيَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لَكِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُصَدِّقُهُ وَقَدْ بَسَطَ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَاضِي الْقُضَاةِ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِهِ لِلْوَهْبَانِيَّةِ وَحَرَّرَهَا بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ (2) قَوْلُهُ: فَقُلْ إذَا كَانَ قَصَدَ تِلْكَ السَّاعَةَ. يَعْنِي إذَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ قِيَامَ ذَلِكَ الرَّجُلِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَجَعَلَ قِيَامَهُ غَايَةً لِلتَّعْلِيقِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِعِتْقِ كُلِّ جَارِيَةٍ يَشْتَرِيهَا كَذَلِكَ وَنُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ مِثْلُهُ حِينَ حَلَّفَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ فَقَالَ فِي آخِرِهِ حِينَ تَقُومُ السَّاعَةُ وَعَنَى قِيَامَهُ لَا قِيَامَ السَّاعَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ (3) قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا سَكَّنَ. يَعْنِي إذَا وَقَفَ عَلَى السُّكُونِ فِي السَّاعَةِ أَمَّا إذَا

عَلَى زَوْجِهَا لِأَنَّهُ صَارَ ابْنَهُ مِنْ الرَّضَاعِ فَصَارَ مُتَزَوِّجًا حَلِيلَةَ ابْنِهِ فَلَا يَجُوزُ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَرَّكَهَا بِحَرَكَةِ الْإِعْرَابِ فَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا حَرَّكَهَا بِحَرَكَةِ الْإِعْرَابِ لَا يَكُونُ اللَّفْظُ مُحْتَمَلًا حَتَّى يُخَصِّصَ أَحَدَ مُحْتَمَلَيْهِ بِالْقَصْدِ أَيْ النِّيَّةِ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ إذَا سَكَّنَ بَحْثًا

[كتاب العتاق]

[كِتَابُ الْعَتَاقِ] ِ أَيُّ عَبْدٍ عَتَقَ بِلَا إعْتَاقٍ وَصَارَ مَوْلَاهُ مِلْكًا لَهُ؟ فَقُلْ حَرْبِيٌّ دَخَلَ دَارَنَا مَعَ عَبْدِهِ بِلَا أَمَانٍ، وَالْعَبْدُ مُسْلِمٌ 1 - عَتَقَ وَاسْتَوْلَى عَلَى سَيِّدِهِ مَلَكَهُ؛ وَيُسْأَلُ بِوَجْهٍ آخَرَ: 2 - أَيُّ رَجُلٍ صَارَ مَمْلُوكًا لِعَبْدِهِ وَصَارَ الْعَبْدُ حُرًّا؟ أَيُّ زَوْجَيْنِ مَمْلُوكَيْنِ تَوَلَّدَ مِنْهُمَا وَلَدٌ حُرٌّ؟ 3 - فَقُلْ الزَّوْجُ عَبْدٌ تَزَوَّجَ بِالْإِذْنِ أَمَةَ أَبِيهِ بِإِذْنِهِ فَالْوَلَدُ مِلْكٌ لِلْأَبِ وَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّهُ ابْنُ ابْنِهِ أَيُّ رَجُلٍ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَبَاعَهُ 4 - وَجَازَ؟ فَقُلْ إذَا ارْتَدَّ الْعَبْدُ بَعْدَ عِتْقِهِ فَسَبَاهُ سَيِّدُهُ وَبَاعَهُ أَيُّ عَبْدٍ عُلِّقَ عِتْقُهُ عَلَى شَرْطٍ وَوُجِدَ وَلَمْ يَعْتِقْ؟ فَقُلْ إذَا قَالَ لَهُ إنْ صَلَّيْتَ رَكْعَةً فَأَنْتَ حُرٌّ فَصَلَّاهَا ثُمَّ تَكَلَّمَ، وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عَتَقَ 5 - فَالرَّكْعَةُ لَا بُدَّ مِنْ ضَمِّ أُخْرَى إلَيْهَا لِتَكُونَ جَائِزَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عَتَقَ وَاسْتَوْلَى عَلَى سَيِّدِهِ إلَخْ. يَعْنِي عَتَقَ بِلَا وَلَاءٍ عِنْدَ الْإِمَامِ وَيَسْتَوْلِي عَلَى سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ حَرْبِيٌّ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ أَمَانٍ (2) قَوْلُهُ: أَيُّ رَجُلٍ صَارَ مَمْلُوكًا. يَعْنِي عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَعْتِقُ كَمَا فِي الْحِيرَةِ (3) قَوْلُهُ: فَقُلْ الزَّوْجُ عَبْدٌ تَزَوَّجَ بِالْإِذْنِ إلَخْ. يَعْنِي أَنَّ هَذَا الزَّوْجِ مَمْلُوكٌ لِرَجُلٍ فَأَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى فِي النِّكَاحِ فَتَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِأَمَةِ أَبِيهِ بِإِذْنِ أَبِيهِ لَهَا فِي التَّزَوُّجِ فَوَلَدَتْ وَلَدًا كَانَ الْوَلَدُ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْجَارِيَةِ وَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّهُ ابْنُ ابْنِهِ (4) قَوْلُهُ: وَجَازَ. أَيْ كُلٌّ مِنْ الْعِتْقِ وَالْبَيْعِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي التَّهْذِيبِ لِابْنِ الْعِزِّ (5) قَوْلُهُ: فَالرَّكْعَةُ لَا بُدَّ مِنْ ضَمِّ أُخْرَى إلَيْهَا. لِأَنَّ هَذِهِ الْحَلِفَ يَقَعُ عَلَى الْجَائِزِ

قَوْلُهُ: أَيُّ رَجُلٍ أَقَرَّ بِعِتْقِ عَبْدِهِ وَلَمْ يَعْتِقْ؟ فَقُلْ إذَا أَسْنَدَهُ إلَى حَالِ صِبَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْجَائِزُ مِنْ الرَّكْعَةِ أَنْ يُضَمَّ إلَيْهَا رَكْعَةٌ أُخْرَى فَكَانَ شَرْطُ الْعِتْقِ رَكْعَتَيْنِ كَمَا فِي الْعُمْدَةِ وَالْمُرَادُ مِنْ الْجَوَازِ الْجَوَازُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ فَإِنَّ التَّنَفُّلَ بِالْبُتَيْرَاءِ مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا لَا حَرَامٌ (1) قَوْلُهُ: أَيُّ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ خَرَجْتِ مِنْ هَذَا الْمَاءِ. يَعْنِي وَهِيَ فِي نَهْرٍ جَارٍ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ

[كتاب الأيمان]

[كِتَابُ الْأَيْمَانِ] ِ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ خَرَجْتِ مِنْ هَذِهِ الْمَاءِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَا الْحِيلَةُ؟ فَقُلْ تَخْرُجُ وَلَا يَحْنَثُ 1 - لِأَنَّ الْمَاءَ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ زَالَ بِالْجَرَيَانِ . رَجُلٌ أَتَى إلَى امْرَأَتِهِ بِكِيسٍ فَقَالَ إنْ حَلَلْتِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ قَصَصْته فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ لَمْ تُخْرِجِي مَا فِيهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ فَأَخْرَجَتْ مَا فِي الْكِيسِ وَلَمْ يَقَعْ؟ فَقُلْ إنَّ الْكِيسَ كَانَ فِيهِ سُكَّرٌ أَوْ مِلْحٌ فَوَضَعَتْهُ فِي الْمَاءِ فَذَابَ مَا فِيهِ امْرَأَةٌ تَزَيَّنَتْ بِالْحَرِيرِ فَقَالَ لَهَا زَوْجُهَا إنْ لَمْ أُجَامِعْكِ فِي هَذِهِ الثِّيَابِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَنَزَعَتْهَا وَأَبَتْ لُبْسَهَا فَمَا الْخَلَاصُ؟ 2 - فَقُلْ إنْ يَلْبَسُهَا هُوَ وَيُجَامِعُهَا فَلَا يَحْنَثُ إنْ لَمْ أَطَأْكِ مَعَ هَذِهِ الْمِقْنَعَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ وَإِنْ وَطِئْتُكِ مَعَهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ فَمَا الْخَلَاصُ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (1) قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَاءَ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ زَالَ بِالْجَرَيَانِ. كَذَا فِي التَّهْذِيبِ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي الذَّخَائِرِ وَعِنْدِي فِيهِ نَظَرٌ (2) قَوْلُهُ: فَقُلْ إنْ يَلْبَسَهَا هُوَ وَيُجَامِعَهَا إلَخْ. كَذَا فِي التَّهْذِيبِ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشِّحْنَةِ: وَعِنْدِي فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ رَأَيْتُ الْمَسْأَلَةَ فِي الْحِيرَةِ وَلَفْظُ الْحَلِفِ فِيهَا إنْ لَمْ أُجَامِعْكِ مَعَ هَذِهِ الثِّيَابِ وَبِذَلِكَ يَبْعُدُ مَا ذَكَرْتُهُ مِنْ النَّظَرِ وَكَذَلِكَ فِي وَصِيَّةِ الْمَخِيطِ صَوَّرَهَا فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ أَبِتْ مَعَكِ مَعَ قَمِيصِكِ هَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ إنْ بِتُّ مَعَكَ مَعَ قَمِيصِي هَذَا فَجَارِيَتِي حُرَّةٌ فَتَلْبَسُ قَمِيصَهَا وَيَبِيتَانِ وَلَا يَحْنَثَانِ لِأَنَّ قَصْدَ الْمَرْأَةِ أَنْ تَبِيتَ وَهِيَ لَابِسَةٌ هَذِهِ الْقَمِيصَ وَقَصْدَ الرَّجُلِ أَنْ يَبِيتَ وَهَذَا الْقَمِيصُ مَعَهُ، انْتَهَى، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مَوْضِعُ بَحْثٍ.

3 - فَقُلْ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا بِغَيْرِهَا وَلَا يَحْنَثُ مَا دَامَتْ الْمِقْنَعَةُ بَاقِيَةً وَهُمَا حَيَّانِ 4 - حَلَفَ لَا يَطَأُ سِوَاهَا وَأَرَادَهُ فَمَا الْخَلَاصُ؟ فَقُلْ إنْ يَنْوِي الْوَطْءَ بِرِجْلِهِ فَيُصَدَّقُ دِيَانَةً لَهُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ، وَلَهُ ثَوْبَانِ فَقَالَ إنْ لَمْ تَلْبَسْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ ثَوْبًا مِنْهُمَا فِي هَذَا الشَّهْرِ عِشْرِينَ يَوْمًا وَإِلَّا فَأَنْتُنَ طَوَالِقُ كَيْفَ الْخَلَاصُ؟ 5 - فَقُلْ تَلْبَسُ اثْنَتَانِ مِنْهُنَّ كُلٌّ ثَوْبًا ثُمَّ تَلْبَسُ إحْدَاهُنَّ ثَوْبًا عَشَرَةً وَتَنْزِعُهُ فَتَلْبَسُهُ الْأُخْرَى بَقِيَّةَ الشَّهْرِ حَلَفَ أَنَّهُ يُشْبِعُهَا مِنْ الْجِمَاعِ الْيَوْمَ؛ 6 - إنْ لَمْ يُفَارِقْهَا حَتَّى أَنْزَلَتْ فَقَدْ أَشْبَعَهَا. وَطِئْتُكِ عَارِيًّا فَكَذَا لَابِسًا فَكَذَا فَمَا الْخَلَاصُ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (3) قَوْلُهُ: فَقُلْ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا بِغَيْرِهَا. . . إلَخْ. لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ الْوَطْءُ مَعَ الْمِقْنَعَةِ وَهُوَ لَا يَتَحَقَّقُ لِلْحَالِ وَعَدَمُ الْوَطْءِ مَعَ الْمِقْنَعَةِ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا فَيَحْنَثُ لَتَحَقُّقِ الْعَدَمِ. كَذَا فِي وَسِيطِ الْمُحِيطِ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّائِقَ أَنْ تُذْكَرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي فَنِّ الْحِيَلِ وَقَدْ ذَكَرِهَا فِي الْمُحِيطِ فِي كِتَابِ الْحِيَلِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا (4) قَوْلُهُ: حَلَفَ لَا يَطَأُ سِوَاهَا إلَخْ. عِبَارَةُ الذَّخَائِرِ إنْ قِيلَ أَيُّ رَجُلٍ حَلَفَ لِإِحْدَى نِسَائِهِ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا أَنَّهُ لَا يَطَأُ امْرَأَةً سِوَاهَا ثُمَّ وَطِئَ سِوَاهَا وَلَا يَحْنَثُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنْ عَنَى بِالْوَطْءِ وَطْءَ رِجْلِهِ صَحَّتْ نِيَّتُهُ وَلَهُ أَنْ يُجَامِعَ سِوَاهَا لِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُ كَلَامُهُ وَيُصَدَّقُ دَيَّانَةً لَا قَضَاءً (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِيجَازِ الْمُخِلِّ (5) قَوْلُهُ: فَقُلْ تَلْبَسُ اثْنَتَانِ مِنْهُنَّ كُلٌّ ثَوْبًا إلَخْ عِبَارَةُ الذَّخَائِرِ أَنْ تَلْبَسَ اثْنَتَانِ مِنْهُنَّ الثَّوْبَيْنِ تَلْبَسُ إحْدَاهُمَا أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَتَخْلَعُهُ وَتَلْبَسُهُ الثَّالِثَةُ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَإِنَّهَا تَخْلَعُ الثَّوْبَ بَعْدَ عِشْرِينَ يَوْمًا وَتَلْبَسُهُ الْأُولَى الَّتِي لَبِسَتْهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ عِشْرِينَ يَوْمًا وَذَلِكَ عِنْدَ تَمَامِ الشَّهْرِ (6) قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُفَارِقْهَا حَتَّى أَنْزَلَتْ فَقَدْ أَشْبَعَهَا. كَذَا فِي أَوَّلِ طَلَاقِ الْعِدَّةِ وَقَالَ

7 - فَقُلْ يَطَؤُهَا وَنِصْفُهُ مَكْشُوفٌ وَالنِّصْفُ مَسْتُورٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْحِيرَةِ: إنْ سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى ضِدِّ ذَلِكَ يَقَعُ عَلَيْهِ. (7) قَوْلُهُ: فَقُلْ يَطَؤُهَا وَنِصْفُهُ مَكْشُوفٌ وَنِصْفُهُ مَسْتُورٌ. وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَسْأَلَةُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الَّتِي وَقَعَتْ فِي زَمَنِ هَارُونَ الرَّشِيدِ أَنَّهُ حَلَفَ وَقَالَ إنْ اشْتَرَيْتُ جَارِيَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَشْتَرِيَ النِّصْفَ أَوَّلًا ثُمَّ يَشْتَرِيَ الْبَاقِي بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ حَتَّى لَا يَحْنَثَ (انْتَهَى) . قَالَ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ وَهَذَا غَيْرُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: طَلَبَنِي الرَّشِيدُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَلَمَّا دَخَلْتُ إذَا هُوَ جَالِسٌ وَعَنْ يَمِينِهِ عِيسَى بْنُ جَعْفَرٍ فَقَالَ إنَّ عِنْدَ عِيسَى بْنِ جَعْفَرٍ جَارِيَةً وَسَأَلْتُهُ أَنْ يَهَبَهَا لِي فَامْتَنَعَ وَسَأَلْتُهُ أَنْ يَبِيعَهَا لِي فَامْتَنَعَ فَقُلْتُ وَمَا مَنَعَكَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ عَلِيَّ يَمِينٌ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَصَدَقَةِ مَا أَمْلِكُ أَنْ لَا أَبِيعَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَلَا أَهَبَهَا فَقَالَ الرَّشِيدُ هَلْ فِي ذَلِكَ مَخْرَجٌ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ وَمَا هُوَ قُلْتُ يَبِيعُ لَكَ نِصْفَهَا وَيَهَبُ لَكَ نِصْفَهَا فَيَكُونُ لَمْ يَهَبْهَا وَلَمْ يَبِعْهَا قَالَ وَيَجُوزُ ذَلِكَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ عِيسَى فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي وَهَبْتُ لَهُ نِصْفَهَا وَبِعْتُهُ نِصْفَهَا الْبَاقِي، قَالَ الرَّشِيدُ بَقِيَتْ وَاحِدَةٌ فَقُلْتُ مَا هِيَ قَالَ إنَّهَا أَمَةٌ وَلَا بُدَّ أَنْ تَسْتَبْرِئَ وَلَا بُدَّ مِنْ وَطْئِهَا فَقُلْتُ اعْتِقْهَا وَتَزَوَّجَهَا فَإِنَّ الْحُرَّةَ لَا تَسْتَبْرِئُ قَالَ فَإِنِّي أَعْتَقْتُهَا فَمَنْ يُزَوِّجْنِيهَا فَقُلْتُ أَنَا فَدَعَوْتُ بِرَجُلَيْنِ فَخَطَبْتُ وَحَمِدْتُ اللَّهَ تَعَالَى وَزَوْجَتُهُ عَلَى عِشْرِينَ أَلْفِ دِينَارٍ ثُمَّ انْصَرَفْتُ إلَى مَنْزِلِي فَأَمَرَ لِي بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعِشْرِينَ تَحْتَ ثِيَابٍ فَحُمِلَ ذَلِكَ إلَيَّ

[كتاب الحدود]

كِتَابُ الْحُدُودِ 1 - أَيُّ رَجُلٍ سَرَقَ مِائَةً مِنْ حِرْزٍ وَلَا قَطْعَ؟ فَقُلْ إذَا سَرَقَهَا عَلَى دَفَعَاتٍ؛ كُلُّ مَرَّةٍ 2 - أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةٍ 3 - أَيُّ رَجُلٍ سَرَقَ مِنْ مَالِ أَبِيهِ وَقَطَعَ؟ فَقُلْ إذَا كَانَ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَيُّ رَجُلٍ قَالَ إنْ شَرِبْتُ الْخَمْرَ طَائِعًا فَعَبْدِي حُرٌّ 4 - فَشَرِبَهَا طَائِعًا بِالْبَيِّنَةِ وَعَتَقَ الْعَبْدُ وَلَمْ يُحَدُّ؟ 5 - فَقُلْ إذَا كَانَتْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْحُدُودِ] قَوْلُهُ: أَيُّ رَجُلٍ سَرَقَ مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ حِرْزٍ. يَعْنِي وَلَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهَا وَلَا فِي سَرِقَتِهَا كَمَا فِي الذَّخَائِرِ. (2) قَوْلُهُ: أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةِ أَيْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةً (3) قَوْلُهُ: سَرَقَ مِنْ مَالِ أَبِيهِ وَقَطَعَ إلَخْ. مِثْل الْأَبِ الْأُمُّ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ (4) قَوْلُهُ: فَشَرِبَهَا طَائِعًا بِالْبَيِّنَةِ. لَيْسَ الْجَارُّ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ شَرِبَهَا بَلْ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ. (5) قَوْلُهُ: فَقُلْ إذَا كَانَتْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ. أَيْ إذَا كَانَتْ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ عَلَيْهِ بِالشُّرْبِ طَائِعًا رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ

[كتاب السير]

كِتَابُ السِّيَرِ أَيُّ رَجُلٍ أَمَّنَ أَلْفًا فَقَتَلَ وَلَمْ يَقْتُلُوا؟ فَقُلْ حَرْبِيٌّ طَلَبَ الْأَمَانَ لِأَلْفِ أَلْفٍ فَعَدَّهَا وَلَمْ يَعُدَّ نَفْسَهُ أَيُّ مُرْتَدٍّ لَا يُقْتَلُ؟ 1 - فَقُلْ مَنْ كَانَ إسْلَامُهُ تَبَعَا 2 - أَوْ فِيهِ شُبْهَةٌ 3 - أَيُّ حِصْنٍ لَا يَجُوزُ قَتْلُ أَهْلِهِ وَلَا أَمَانَ لَهُمْ؟ 4 - فَقُلْ إذَا كَانَ فِيهِمْ ذِمِّيٌّ لَا يُعْرَفُ فَلَوْ خَرَجَ الْبَعْضُ حَلَّ قَتْلُ الْبَاقِي أَيُّ رَضِيعٍ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِلَا تَبَعِيَّةٍ؟ فَقُلْ لَقِيطٌ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ السِّيَرِ] قَوْلُهُ: فَقُلْ مَنْ كَانَ إسْلَامُهُ تَبَعًا. قَالَ فِي الْمُحِيطِ كُلُّ مَنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا إذَا بَلَغَ كَافِرًا يُجْبَرُ عَلَى إسْلَامِهِ وَلَا يُقْتَلُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الذَّخَائِرِ. (2) قَوْلُهُ: أَوْ فِيهِ شُبْهَةٌ أَيْ إلَخْ. فِي إسْلَامِهِ وَصُورَةُ ذَلِكَ رَضِيعٌ مُسْلِمٌ مَاتَتْ أُمُّهُ فَأَعْطَاهُ أَبُوهُ لِيَهُودِيَّةٍ تُرْضِعُهُ مَعَ ابْنٍ لَهَا وَمَاتَتْ الْيَهُودِيَّةُ وَاشْتَبَهَ الْحَالُ أَيُّهُمَا وَلَدُ الْمُسْلِمِ وَلَمْ يَحْصُلْ التَّمَيُّزُ بِوَجْهٍ وَبَلَغَا عَلَى الْيَهُودِيَّةِ فَابْنُ الْمُسْلِمِ مُسْلِمٌ تَبَعًا وَقَدْ ارْتَدَّ وَلَا يُلْزَمُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالْإِسْلَامِ لِلِاشْتِبَاهِ وَأَحَدُهُمَا مُرْتَدُّ وَلَا يُلْزَمُ بِالْإِسْلَامِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ فَلَا يُقْتَلُ (3) قَوْلُهُ: أَيُّ حِصْنٍ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ مَجَازِ الْحَذْفِ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] وَعِبَارَةُ الذَّخَائِرِ: إنْ قِيلَ أَيُّ حِصْنٍ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْكُفَّارِ وَافْتَتَحَهُ الْمُسْلِمُونَ عَنْوَةً وَلَمْ يُؤَمِّنُوا مَنْ فِيهِ وَمَعَ هَذَا لَا يَحِلُّ لَهُمْ قَتْلُهُمْ. (4) قَوْلُهُ: فَقُلْ إذَا كَانَ فِيهِمْ ذِمِّيٌّ لَا يُعْرَفُ. يَعْنِي لَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ لِقِيَامِ الْمَانِعِ بِيَقِينٍ

[كتاب المفقود]

[كِتَابُ الْمَفْقُودِ] ِ أَيُّ رَجُلٍ يُعَدُّ مَيِّتًا وَهُوَ حَيٌّ يُنَعَّمُ؟ 1 - فَقُلْ الْمَفْقُودُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَقُلْ الْمَفْقُودُ. يَعْنِي لِأَنَّ لَهُ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى مَا لَهُ حُكْمَ الْحَيَاةِ وَفِيمَا يَعُودُ إلَى غَيْرِهِ حُكْمَ الْمَمَاتِ كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ فِي شَرْحِهِ الْمَنْظُومَةَ قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ الْكَافِرُ لِأَنَّهُ يُعَدُّ مِنْ جُمْلَةِ الْأَمْوَاتِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} [البقرة: 28] يَعْنِي كُنْتُمْ كُفَّارًا فَهَدَاكُمْ إلَى الْإِيمَانِ وَقَالَ الْقَاضِي ابْنُ الشِّحْنَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِالْمَحْرُومِ عَنْ الْإِرْثِ يُقْتَلُ وَنَحْوُهُ مِمَّنْ يُعَدُّ مَيِّتًا فِي حَقِّ الِاسْتِحْقَاقِ حَيًّا فِي حَقِّ مَنْ يُحْجَبُ مِنْ الْوَرَثَةِ قَالَ وَقَدْ بَسَطْتُ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ

[كتاب الوقف]

كِتَابُ الْوَقْفِ أَيُّ شَيْءٍ إذَا فَعَلَ بِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ، وَإِذَا وَكَّلَ بِهِ جَازَ؟ 1 - فَقُلْ الْوَقْفُ إذَا قَبَضَهُ الْوَاقِفُ لَا يَجُوزُ وَإِذَا قَبَضَهُ وَكِيلُهُ جَازَ أَيُّ وَقْفٍ آجَرَهُ إنْسَانٌ ثُمَّ مَاتَ فَانْفَسَخَتْ؟ فَقُلْ الْوَاقِفُ إذَا آجَرَهُ ثُمَّ ارْتَدَّ، وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ، فَمَاتَ 2 - فَإِنَّهُ يَصِيرُ مِلْكًا لِوَرَثَتِهِ وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْوَقْفِ] قَوْلُهُ: فَقُلْ الْوَقْفُ إذَا قَبَضَهُ الْوَاقِفُ. ذَكَرَ ذَلِكَ هِلَالٌ فِي أَوْقَافِهِ (2) قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَصِيرُ مِلْكًا لِوَرَثَتِهِ وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ. أَيْ إذْ مِنْ ضَرُورَةِ صَيْرُورَتِهِ مِلْكًا فَسْخُ الْإِجَارَةِ فِيهِ بِمَوْتِهِ ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ

[كتاب البيع]

كِتَابُ الْبَيْعِ أَيُّ بَيْعٍ إذَا عَقَدَهُ الْمَالِكُ لَا يَجُوزُ وَإِذَا عَقَدَهُ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ جَازَ 1 - فَقُلْ بَيْعُ الْمَرِيضِ بِمُحَابَاةٍ يَسِيرَةٍ لَا يَجُوزُ وَمِنْ وَصِيِّهِ جَازَ 2 - أَيُّ رَجُلٍ بَاعَ أَبَاهُ وَصَحَّ حَلَالًا لَهُ؟ فَقُلْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ حُرَّةً فَفَعَلَ فَوَلَدَتْ ابْنًا وَمَاتَتْ فَوَرِثَهَا ابْنُهَا فَطَالِبَ الِابْنُ مَالِكَ أَبِيهِ بِمَهْرِ أُمِّهِ فَوَكَّلَهَا الْمَوْلَى فِي بَيْعِ أَبِيهِ وَاسْتِيفَاءِ الْمَهْرِ مِنْ ثَمَنِهِ فَفَعَلَ جَازَ 3 - أَيُّ رَجُلٍ اشْتَرَى أَمَةً وَلَا يَحِلُّ لَهُ؟ 4 - فَقُلْ إذَا كَانَتْ مَوْطُوءَةَ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ مَجُوسِيَّةً أَوْ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ مُطَلَّقَتَهُ بِاثْنَتَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْبَيْعِ] قَوْلُهُ: فَقُلْ بَيْعُ الْمَرِيضِ إلَخْ. يَعْنِي الْمَدْيُونَ إذَا بَاعَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَحَابَى لَا يَجُوزُ وَإِنْ قَلَّتْ الْمُحَابَاةُ وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ زَادَ فِي الثَّمَنِ إلَى تَمَامِ الْقِيمَةِ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ وَوَصِيُّهُ إذَا بَاعَ بَعْدَ وَفَاتِهِ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ وَحَابَى فِيهِ قَدْرَ مَا يُتَغَابَنُ فِيهِ صَحَّ بَيْعُهُ وَيُجْعَلُ ذَلِكَ عَفْوًا قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَهَذَا مِنْ أَعْجَبْ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْمَالِكَ لَا يَمْلِكُ الْمُحَابَاةَ وَمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ يَمْلِكُ (2) قَوْلُهُ: أَيُّ رَجُلٍ بَاعَ أَبَاهُ وَصَحَّ حَلَالًا لَهُ. عِبَارَةُ الذَّخَائِرِ: إنْ قِيلَ أَيُّ رَجُلٍ بَاعَ وَأَكَلَ ثَمَنَهُ وَصَحَّ الْبَيْعُ وَحَلَّ لَهُ أَكْلُ الثَّمَنِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِيجَازِ الْمُفْرِطِ (3) قَوْلُهُ: أَيُّ رَجُلٍ اشْتَرَى أَمَةً وَلَا يَحِلُّ لَهُ. أَيْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا. (4) قَوْلُهُ: فَقُلْ إذَا كَانَتْ مَوْطُوءَةَ أَبِيهِ إلَخْ. عِبَارَةُ الذَّخَائِرِ: أَيُّ رَجُلٍ اشْتَرَى أَمَةً كَانَتْ لِأَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ فَوَطِئَهَا أَبُوهُ حَلَالًا أَوْ حَرَامًا فَإِنَّهُ يَحِلُّ لِلِابْنِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا وَيَسْتَخْدِمَهَا وَلَا تَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا أَوْ كَانَتْ أُمَّ امْرَأَتِهِ أَوْ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ مَجُوسِيَّةً

أَيُّ خُبْزٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا مِنْ الشَّافِعِيَّةِ 6 - فَقُلْ مَا عُجِنَ بِمَاءٍ نَجِسٍ قَلِيلٍ، لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لِأَنَّهُ إذَا أَعْلَمَهُمْ لَا يَشْتَرُونَهُ وَلَمْ يَجُزْ بِغَيْرِ إعْلَامِهِمْ 7 - بِخِلَافِ الشَّافِعِيَّةِ فَإِنَّهُ عِنْدَهُمْ طَاهِرٌ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْهُمْ بِلَا إعْلَامِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا أَوْ دَخَلَ بِهَا وَطَلَّقَهَا طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ بِزَوْجٍ آخَرَ (5) قَوْلُهُ: أَيُّ خُبْزٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا مِنْ الشَّافِعِيَّةِ. عِبَارَةُ الذَّخَائِرِ: إنْ قِيلَ أَيُّ خُبْزٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا مِنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَخْصُوصَةٍ (انْتَهَى) . وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ جَوَابِ الذَّخَائِرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّائِفَةِ الْمَالِكِيَّةُ فَإِنَّ عِنْدَهُمْ الْمَاءَ الْقَلِيلَ لَا يَتَنَجَّسُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ إلَّا إذَا تَغَيَّرَ وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَعِنْدَهُمْ أَنَّ مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ يَتَنَجَّسُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ. (6) قَوْلُهُ: فَقُلْ مَا عُجِنَ بِمَاءٍ نَجِسٍ قَلِيلٍ. أَقُولُ لَا يَخْفَى فَسَادُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَعِبَارَةُ الذَّخَائِرِ نَقْلًا عَنْ الْحِيرَةِ. قَالَ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ سَمِعْت نُصَيْرَ بْنَ يَحْيَى يَقُولُ سُئِلَ بِشْرُ بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ عَنْ مَاءٍ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةُ فَارَةٍ وَالْمَاءُ قَلِيلٌ يَعْنِي وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَعُجِنَ مِنْهُ خُبْزٌ قَالَ بِيعُوهُ مِنْ النَّصَارَى وَلَا أَرَاهُمْ يَأْكُلُونَهُ فَإِنْ عَلِمُوا ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِعْلَامِ؛ قَالَ بِيعُوهُ مِنْ الْمَجُوسِيِّ وَلَا أَرَاهُمْ يَأْكُلُونَهُ إنْ عَلِمُوا ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ بِيعُوهُ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَقُولُونَ الْمَاءُ طَاهِرٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ. (7) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الشَّافِعِيَّةِ. قِيلَ عَلَيْهِ لَعَلَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ

[كتاب الكفالة]

كِتَابُ الْكَفَالَةِ أَيُّ كَفِيلٍ بِالْأَمْرِ إذَا لَمْ يَرْجِعْ؟ 1 - فَقُلْ عَبْدٌ كَفَلَ سَيِّدَهُ بِأَمْرِهِ فَأَدَّى الْمَالَ بَعْدَ عِتْقِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْكَفَالَةِ] قَوْلُهُ: فَقُلْ عَبْدٌ كَفَلَ سَيِّدَهُ بِأَمْرِهِ فَأَدَّى الْمَالَ بَعْدَ عِتْقِهِ إلَخْ. فَإِنَّ الْكَفَالَةَ صَحِيحَةٌ وَلَا يُرْجَعُ لِأَنَّهَا لَمْ تَقَعْ مُوجِبَةً شَيْئًا عَلَى الْمَوْلَى وَالْمُعْتَبَرُ وَقْتُ الْكَفَالَةِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ يَسْتَوْجِبُ شَيْئًا عَلَى مَوْلَاهُ وَقَالَ زُفَرُ: لَهُ الرُّجُوعُ

[كتاب القضاء]

كِتَابُ الْقَضَاءِ أَيُّ بَيْعٍ يُجْبِرُ الْقَاضِي عَلَيْهِ؟ فَقُلْ 1 - بَيْعُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِكَافِرٍ، وَالْمُصْحَفِ الْمَمْلُوكِ لِكَافِرٍ أَيُّ قَوْمٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ يَمِينٌ فَلَمَّا حَلَفَ وَاحِدٌ سَقَطَتْ الْيَمِينُ عَنْ الْبَاقِي؟ فَقُلْ رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا بَابُهَا فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ، وَقَدْ كَانَ قَدِيمًا فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ 2 - فَجَحَدَ الْجِيرَانُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَحَلَفُوا، 3 - فَإِنْ نَكَلُوا قُضِيَ لَهُ بِفَتْحِ الْبَابِ، وَإِنْ حَلَفَ وَاحِدٌ فَلَا يَمِينَ عَلَى الْبَاقِينَ لِأَنَّ فَائِدَتَهُ النُّكُولُ وَقَدْ امْتَنَعَ الْحُكْمُ بِهِ بِحَلِفِ الْبَعْضِ. ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ عَنْ فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْقَضَاءِ] قَوْلُهُ: بَيْعُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِكَافِرٍ إلَخْ الْجَارُّ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِالْبَيْعِ بَلْ بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ بَيْعُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ حَالَ كَوْنِهِ مَمْلُوكًا لِكَافِرٍ قَوْلُهُ: فَجَحَدَ الْجِيرَانُ. يَعْنِي أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا فِي تِلْكَ السِّكَّةِ الْغَيْرِ النَّافِذَةِ فَجَحَدَ الْجِيرَانُ أَنَّهُ كَانَ فِي تِلْكَ السِّكَّةِ بَابٌ فِي الْقَدِيمِ (3) قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلُوا قُضِيَ لَهُ بِفَتْحِ الْبَابِ لِأَنَّ النُّكُولَ إقْرَارٌ أَوْ بَذْلٌ

[كتاب الشهادات]

كِتَابُ الشَّهَادَاتِ أَيُّ شُهُودٍ شَهِدُوا عَلَى شَرِيكَيْنِ فَقُبِلَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ؟ فَقُلْ شُهُودٌ نَصَارَى شَهِدُوا عَلَى نَصْرَانِيٍّ وَمُسْلِمٍ 1 - بِعِتْقِ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ أَيُّ شُهُودٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَلَا يَعْرِفُونَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ؟ 2 - فَقُلْ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ أَيُّ شَاهِدٍ جَازَ لَهُ الْكِتْمَانُ؟ 3 - فَقُلْ إذَا كَانَ الْحَقُّ يَقُومُ بِغَيْرِهِ 4 - أَوْ كَانَ الْقَاضِي فَاسِقًا 5 - أَوْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ . أَيُّ مُسْلِمَيْنِ لَمْ تُقْبَلْ بِشَيْءٍ شَهَادَتُهُمَا وَشَهِدَ نَصْرَانِيَّانِ بِضِدِّهِ فَقُبِلَتْ؟ فَقُلْ نَصْرَانِيٌّ مَاتَ لَهُ ابْنَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الشَّهَادَاتِ] قَوْلُهُ: بِعِتْقِ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ أَيْ بِعِتْقِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ الْعَبْدِ (2) قَوْلُهُ: فَقُلْ فِي الشَّهَادَةِ أَقُولُ صُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِمَا بِحَقٍّ وَلَا يَعْرِفُونَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ تُقْبَلُ وَيَقُولُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي أَقِمْ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ هُوَ هَذَا (3) قَوْلُهُ: فَقُلْ إذَا كَانَ الْحَقُّ يَقُومُ بِغَيْرِهِ إلَخْ أَقُولُ أَوْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِخِلَافِ مُعْتَقَدِهِ فَإِنَّ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ الْأَدَاءِ عِنْدَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ (4) قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الْقَاضِي فَاسِقًا. أَقُولُ يُنْظَرُ وَجْهُ ذَلِكَ وَلَعَلَّهُ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا كَانَ فَاسِقًا رُبَّمَا يُؤْذِيهِ فِسْقُهُ إلَّا أَنْ يَرُدَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ تَعَنُّتًا مَيْلًا لِلْقَضَاءِ بِمَا يُؤَدِّيهِ إلَيْهِ فِسْقُهُ (5) قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ. أَيْ شَهَادَتُهُ فَإِنَّهُ يَسَعُهُ الْكِتْمَانُ سَتْرًا لِعِرْضِهِ

مُسْلِمَانِ شَهِدَ ابْنَاهُ أَنَّهُ مَاتَ نَصْرَانِيًّا، وَنَصْرَانِيَّانِ شَهِدَا أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا 6 - قُبِلَ النَّصْرَانِيَّانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قُبِلَ النَّصْرَانِيَّانِ أَيْ قُبِلَتْ شَهَادَةُ النَّصْرَانِيِّينَ لِإِثْبَاتِ الْإِسْلَامِ كَمَا فِي الْعُدَّةِ

[كتاب الإقرار]

كِتَابُ الْإِقْرَارِ أَيُّ إقْرَارٍ لَا بُدَّ مِنْ تَكْرَارِهِ؟ فَقُلْ الْإِقْرَارُ بِالزِّنَا وَالْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ، عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، 1 - ذَكَرَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ وَالثَّانِي مِنْ أَغْرَبِ مَا يَكُونُ 2 - وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا وُجُودَ لِتِلْكَ الرِّوَايَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْإِقْرَارِ] قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ. يَعْنِي فِي الذَّخَائِرِ وَعِبَارَتُهُ: إنْ قِيلَ أَيُّ رَجُلٍ أَقَرَّ وَلَمْ يَلْزَمْهُ الْمَالُ حَتَّى تَكَرَّرَ الْإِقْرَارُ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ الْمُقِرُّ بِالزِّنَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرُ الْمُزَنِيَّة حَتَّى يُكَرِّرَ الْإِقْرَارَ ثُمَّ قَالَ وَلَنَا جَوَابٌ آخَرَ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ أَنَّ التَّكْرَارَ شَرْطٌ فِي الْإِقْرَارِ وَبِالدُّيُونِ قِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ بِالزِّنَا. (2) قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا وُجُودَ لِتِلْكَ الرِّوَايَةِ. أَقُولُ هَذَا مِمَّا لَا يُقَالُ بَعْدَ نَقْلِ الْإِثْبَاتِ لَهَا

[كتاب الصلح]

كِتَابُ الصُّلْحِ 1 - أَيُّ صُلْحٍ لَوْ وَقَعَ فَإِنَّهُ يُبْطِلُ حَقَّ الْمَصَالِحِ وَيَرُدُّ الْخَصْمُ الْبَدَلَ إلَيْهِ؟ فَقُلْ الصُّلْحُ عَنْ الشُّفْعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الصُّلْحِ] قَوْلُهُ: أَيُّ صُلْحٍ لَوْ وَقَعَ فَإِنَّهُ يُبْطِلُ إلَخْ. عِبَارَةُ الذَّخَائِرِ: إنْ قِيلَ: رَجُلٌ صَالَحَ آخَرَ عَلَى أَنْ يَتْرُكَ حَقَّهُ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ فَيَسْقُطُ حَقُّ الْمَصَالِحِ وَلَا يَلْزَمُ الْمَصَالِحُ الْمَالَ الَّذِي صُولِحَ بِهِ وَيُجْبَرُ عَلَى رَدِّهِ لَوْ أَخَذَهُ انْتَهَى وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِيجَازِ الْمُخِلِّ وَإِنَّ الصَّوَابَ أَنْ يَقُولَ حَقُّ الشُّفْعَةِ فِي الصُّلْحِ

[كتاب المضاربة]

كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ أَيُّ مُضَارِبٍ يَغْرَمُ مَا أَنْفَقَهُ مِنْ عِنْدَهُ؟ فَقُلْ 1 - إذَا لَمْ يَبْقَ فِي يَدِهِ مِنْ مَالِهَا شَيْءٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ] قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَبْقَ فِي يَدِهِ مِنْ مَالِهَا شَيْءٌ. يَعْنِي لَوْ كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ أَلْفًا مَثَلًا فَاشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفَيْنِ أَلْفٌ مِنْ الْمُضَارِبِ وَأَلْفٌ مِنْ عِنْدِهِ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا فِي الِاتِّفَاقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إلَّا أَنْ تَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيَأْذَنَ بِالنَّفَقَةِ فَإِنَّهُ ثُمَّ يَرْجِعُ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ

[كتاب الهبة]

كِتَابُ الْهِبَةِ أَيُّ أَبٍ وَهَبَ لِابْنِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ فَقَالَ 1 - إذَا كَانَ الِابْنُ مَمْلُوكًا لِأَجْنَبِيٍّ أَيُّ مَوْهُوبٍ لَهُ وَجَبَ دَفْعُ ثَمَنِهِ إلَى الْوَاهِبِ؟ 2 - فَقُلْ الْمُسْلَمُ فِيهِ؛ إذَا وَهَبَهُ رَبُّ السَّلَمِ إلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ رَأْسِ الْمَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْهِبَةِ] قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الِابْنُ مَمْلُوكًا إلَخْ أَقُولُ: وَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَمْلُوكًا تَكُونُ الْهِبَةُ لِمَالِكِهِ لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ لَا يَمْلِكُ وَإِنْ مَلَكَ وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِكَوْنِهِ مَمْلُوكًا لِأَجْنَبِيٍّ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِقَرِيبٍ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ تَكُونُ الْهِبَةُ وَاقِعَةً لِلْقَرِيبِ وَالْهِبَةُ لِلْقَرِيبِ لَا رُجُوعَ فِيهَا وَأَرَادَ بِالْمَمْلُوكِ الْقِنَّ. وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِالْقَرِيبِ بِكَوْنِهِ لَيْسَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ لِإِمْكَانِ تَصَوُّرِ الْمَسْأَلَةِ وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ تَصَوُّرُهَا (2) قَوْلُهُ: الْمُسْلَمُ فِيهِ إذَا وَهَبَهُ رَبُّ السَّلَمِ إلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ رَأْسِ الْمَالِ يَعْنِي لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِقَالَةِ، وَقَالَ أَبْرَأْتُكَ مِنْ نِصْفِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ نِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ السَّلَمُ نَوْعُ بَيْعٍ وَفِي الْبَيْعِ لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهَبْت لَك نِصْفَهُ وَقَبِلَ الْبَائِعُ يَكُونُ إقَالَةً فِي النِّصْفِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ. كَذَا فِي الذَّخَائِرِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِيجَازِ الْبَالِغِ حَدَّ الْأَلْغَازِ

[كتاب الإجارة]

كِتَابُ الْإِجَارَةِ 1 - خَافَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِإِقْرَارِ الْمُؤَجِّرِ بِدَيْنٍ، مَا الْحِيلَةُ؟ فَقُلْ أَنْ يَجْعَلَ لِلسَّنَةِ الْأُولَى قَلِيلًا مِنْ الْأُجْرَةِ وَيَجْعَلَ لِلْأَخِيرَةِ أَكْثَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْإِجَارَةِ] قَوْلُهُ: خَافَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ فَسْخِ إلَخْ أَقُولُ لَا مَحِلَّ لِذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا لِأَنَّهَا مِنْ مَسَائِلِ الْحِيَلِ لَا مِنْ مَسَائِلِ الْأَلْغَازِ، وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ رَضِيُّ الدِّينِ السَّرَخْسِيُّ فِي مُحِيطِهِ فِي كِتَابِ الْحِيَلِ فَقَالَ نَقْلًا عَنْ الْمَبْسُوطِ: رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ مِنْ رَجُلٍ دَارًا سِنِينَ مَعْلُومَةً فَخَافَ أَنْ يَغْدِرَ بِهِ الْآجِرُ فَيُقِرُّ بِدَيْنٍ قَادِحٍ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَجْعَلَ لِكُلِّ سَنَةٍ أَجْرًا قَلِيلًا وَيَجْعَلَ لِلسَّنَةِ الْأَخِيرَةِ بَقِيَّةَ الْأَجْرِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ فَيَحْصُلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الثِّقَةُ عَمَّا خَافَ مِنْ الْخُدْعَةِ لِأَنَّ الْآجِرَ مَتَى عَلِمَ أَنَّهُ مَتَى فَسَخَ الْإِجَارَةَ بِعُذْرٍ لَا يَحِلُّ لَهُ إلَّا شَيْءٌ قَلِيلٌ مِنْ الْأَجْرِ يَمْتَنِعُ عَنْهُ

[كتاب الوديعة]

كِتَابُ الْوَدِيعَةِ أَيْ رَجُلٌ ادَّعَى وَدِيعَةً 1 - فَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ الْقَاضِي بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ؟ 2 - فَقُلْ إذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ بِأَنَّ الْمَتْرُوكَ وَدِيعَةٌ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ، وَلَوْ صَدَّقَهُ الْغُرَمَاءُ فَيَقْضِي الْقَاضِي دَيْنَ الْمَيِّتِ وَيَرْجِعُ الْمُدَّعِي عَلَى الْغُرَمَاءِ لِتَصْدِيقِهِمْ، وَكَذَا فِي الْإِجَارَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالرَّهْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْوَدِيعَةِ] قَوْلُهُ: فَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَخْ. وَكَذَا مَنْ يَحْتَاجُ إلَى تَصْدِيقِهِ وَمَعَ ذَلِكَ يَأْخُذُهَا الْقَاضِي وَيَدْفَعُهَا إلَى غَيْرِهِ كَذَا فِي الذَّخَائِرِ. (2) قَوْلُهُ: فَقُلْ إذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ بِأَنَّ الْمَتْرُوكَ وَدِيعَةٌ إلَخْ. وَذَلِكَ بِأَنْ مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَابْنًا فَقَالَ الِابْنُ هَذَا وَدِيعَةٌ وَذَلِكَ كَانَ عِنْدَ أَبِي لِفُلَانٍ وَجَاءَ فُلَانٌ يَدَّعِي ذَلِكَ وَصَدَّقَهُ غُرَمَاءُ الْمَيِّتِ فِي ذَلِكَ بِالْأَلْفِ عَنْ الْمَيِّتِ قَضَاءً لَا يَجْعَلُهَا لِمُدَّعِي الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ إقْرَارَ الِابْنِ الْوَدِيعَةِ وَتَصْدِيقَ الْغُرَمَاءِ لَمْ يَصِحَّ؛ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ إحَاطَةَ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ يَمْنَعُ مِلْكَ الْوَرَثَةِ فَكَانَ إقْرَارُ الْوَارِثِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ فَلَمْ يَصِحَّ وَأَمَّا إقْرَارُ الْغُرَمَاءِ فَلِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُصَدِّقُهُمْ عَلَى الْمَيِّتِ أَنْ يَتْرُكَهُ مُرْتَهِنًا بِيَدِهِ لَكِنَّ الْقَاضِيَ لَوْ قَضَى بِهَا دُيُونَ الْغُرَمَاءِ يَرْجِعُ الْمُدَّعِي فَيَأْخُذُ مِنْهُمْ بِإِقْرَارِهِمْ أَنَّهَا لَهُ. ذَكَرَ ذَلِكَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي قَالَ: وَإِذَا عَرَفَ الْجَوَابَ فِي الْوَدِيعَةِ فَكَذَلِكَ فِي الْإِجَارَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالرَّهْنِ قَالَ وَهَذَا مِنْ أَعْجَبِ الْمَسَائِلِ لَمْ يُعْرَفْ إلَّا مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْكِتَابِ يَعْنِي الْخَصَّافَ.

[كتاب العارية]

كِتَابُ الْعَارِيَّةِ أَيْ مُسْتَعِيرٌ مَلَكَ الْمَنْعَ بَعْدَ الطَّلَبِ؟ فَقُلْ 1 - إذَا طَلَبَ السَّفِينَةَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ، أَوْ السَّيْفَ لِيَقْتُلَ بِهِ ظُلْمًا، 2 - أَوْ الظِّئْرَ بَعْدَ مَا صَارَ الصَّبِيُّ لَا يَأْخُذُ إلَّا ثَدْيَهَا، 3 - أَوْ فَرَسَ الْغَازِي فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ عَارِيَّةَ الرَّهْنِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ. 4 - أَيْ مُودَعٍ ضَمِنَ بِالْهَلَاكِ؟ فَقُلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْعَارِيَّةِ] قَوْلُهُ: إذَا طَلَبَ السَّفِينَةَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ. اللَّجَّةُ بِفَتْحِ اللَّامِ مُعْظَمُ الْمَاءِ وَالْجَمَاعَةُ الْكَثْرَةُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَمِثْلُ السَّفِينَةِ زِقُّ الدُّهْنِ إذَا اسْتَعَارَهُ وَأَرَادَ الْمُعِيرُ اسْتِرْدَادَهُ فِي الْمَفَازَةِ. (2) قَوْلُهُ: وَالظِّئْرَ بَعْدَ مَا صَارَ الصَّبِيُّ لَا يَأْخُذُ إلَّا ثَدْيَهَا. الظِّئْرُ بِالْكَسْرِ الْعَاطِفَةُ عَلَى وَلَدِ غَيْرِهَا الْمُرْضِعَةُ لَهُ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْأَمَةُ إذْ الْحُرَّةُ لَا تُسْتَعَارُ وَعَلَّلَ فِي الْمَسْأَلَةِ فِي الْعِدَّةِ بِأَنَّ الْمَعْرُوفَ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْطًا. (3) قَوْلُهُ: أَوْ فَرَسَ الْغَازِي. يَعْنِي لَوْ اسْتَعَارَ إنْسَانٌ فَرَسًا لِيَغْزُوَ عَلَيْهِ فَلَقِيَهُ الْمُعِيرُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهُ فِي دَارِ الشِّرْكِ فِي مَوْضِعٍ لَا يُوجَدُ الْمَرْكَبُ بِالشِّرَاءِ وَلَا بِالْكِرَاءِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَلَكِنَّهُ يَتْرُكُهُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ السَّفِينَةُ وَالزِّقُّ يُتْرَكَانِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشِّحْنَةِ: وَقَدْ يُزَادُ فِي السُّؤَالِ نَفْيُ هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرْضٌ آجَرَهَا الْمَالِكُ مِنْ شَخْصٍ ثُمَّ أَعَارَهَا مِنْهُ فَإِنَّ الْإِعَارَةَ تَكُونُ فَسْخًا لِلْإِجَارَةِ فَإِذَا زَرَعَهَا لَا يَمْلِكُ الْمُعِيرُ أَنْ يَسْتَرْجِعَهَا مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ. (4) قَوْلُهُ: أَيْ مُودِعٌ ضَمِنَ بِالْهَلَاكِ. أَقُولُ لَا مَحَلَّ لِذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَارِيَّةِ لَا فِي الْوَدِيعَةِ

5 - إذَا ظَهَرَتْ مُسْتَحَقَّةً. 6 - أَيْ مُودَعٌ لَمْ يُخَالِفْ وَضَمِنَ؟ 7 - فَقُلْ إذَا أَمَرَهُ بِدَفْعِهَا إلَى بَعْضِ وَرَثَتِهِ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (5) قَوْلُهُ: إذَا ظَهَرَتْ مُسْتَحَقَّةً. أَيْ الْوَدِيعَةُ الْمَفْهُومَةُ عَنْ لَفْظِ الْمُودِعِ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ هُنَا مَضْمُونَةً بِالْهَلَاكِ لِأَنَّهُ ظَهَرَ بِالْأُجْرَةِ أَنَّ يَدَ الْمُودَعِ يَدُ غَصْبٍ لَا يَدُ حِفْظٍ. (6) قَوْلُهُ: أَيْ مُودَعٌ لَمْ يُخَالِفْ إلَخْ. يُقَالُ عَلَيْهِ مَا قِيلَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ. (7) قَوْلُهُ: فَقُلْ إذَا أَمَرَهُ بِدَفْعِهَا إلَى بَعْضِ وَرَثَتِهِ. أَقُولُ وَجْهُ الضَّمَانِ أَنَّ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ مَوْتِهِ تَصِيرُ مَوْرُوثَةً لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى بَعْضِهِمْ وَإِنْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ الْمُودِعُ.

[كتاب المكاتب]

كِتَابُ الْمُكَاتَبِ أَيْ كِتَابُهُ يَنْقُضُهَا غَيْرُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ؟ فَقُلْ 1 - إذَا كَانَ الْمُكَاتَبُ مَدْيُونًا لِلْغُرَمَاءِ نَقَضَهَا، 2 - أَيُّ مُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ جَازَ بَيْعُهُ؟ فَقُلْ 3 - إذَا كَاتَبَهُ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ دَبَّرَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ. 4 - أَوْ لَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدَّيْنِ فَيَأْسِرُهُمَا الْمَوْلَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْمُكَاتَبِ] قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْمُكَاتَبُ مَدْيُونًا إلَخْ. يَعْنِي إذَا كَاتَبَ عَبْدًا عَلَيْهِ دَيْنٌ بِأَنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَصَارَ مَدْيُونًا فَيَنْقُضُ الْغُرَمَاءُ الْكِتَابَةَ. (2) قَوْلُهُ: أَيُّ الْمُكَاتِبُ وَمُدَبَّرٌ جَازَ بَيْعُهُ. أَيْ بَيْعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ غَيْرِ أَنْ يَعْجِزَ الْمُكَاتَبُ أَوْ يُعْجِزَ نَفْسَهُ. (3) قَوْلُهُ: فَقُلْ إذَا كَاتَبَهُ حَرْبِيٌّ إلَخْ. أَيْ كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ أَوْ دَبَّرَ الْمُدَبَّرُ حَرْبِيٌّ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ إمَّا بِاعْتِبَارِ مَجَازِ الْأَوَّلِ أَوْ بِاعْتِبَارِ التَّجْرِيدِ إذْ الْمُكَاتَبُ لَا يُكَاتِبُ وَالْمُدَبَّرُ لَا يُدَبِّرُ. (4) قَوْلُهُ: أَوْ لَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدَّيْنِ إلَخْ. أَيْ الْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ فَأَسَرَهُمَا مَوْلَاهُمَا الْمُسْلِمُ.

[كتاب المأذون]

كِتَابُ الْمَأْذُونِ أَيُّ عَبْدٍ لَا يَثْبُتُ إذْنُهُ بِالسُّكُوتِ إذَا رَآهُ مَوْلَاهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي؟ 1 - فَقُلْ عَبْدُ الْقَاضِي. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْمَأْذُونِ] قَوْلُهُ: فَقُلْ عَبْدُ الْقَاضِي إذَا رَآهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَلَمْ يَمْنَعْ عَنْهُ لَا يَكُونُ إذْنًا وَسِرُّهُ أَنَّ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ ضَرُورِيٌّ لَهُ إذْ الْقَاضِي لَا يُبَاشِرُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ عَادَةً بِخِلَافِ غَيْرِهِ.

[كتاب الغصب]

كِتَابُ الْغَصْبِ 1 - أَيُّ رَجُلٍ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا فَلَزِمَهُ شَيْئَانِ؟ فَقُلْ إذَا اسْتَهْلَكَ أَحَدٌ مَصْرَعَيْ الْبَابِ 2 - أَوْ زَوْجَيْ خُفٍّ أَيُّ غَاصِبٌ لَا يَبْرَأُ بِالرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ 3 - فَقُلْ إذَا كَانَ الْمَالِكُ لَا يَعْقِلُ أَيَّ مُودَعٍ يَضْمَنُ بِلَا تَعَدٍّ 4 - فَقُلْ هُوَ مُودَعُ الْغَاصِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْغَصْبِ] قَوْلُهُ: أَيُّ رَجُلٍ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا فَلَزِمَهُ شَيْئَانِ. قِيلَ عَلَيْهِ يُخَالِفُهُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَتْلَفَ فَرَدَّ نَعْلَ إنْسَانٍ ضَمِنَ الْمُتْلَفَ لَا غَيْرُ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَدْفَعَ الْأُخْرَى وَيَضْمَنَهَا كَمَا لَوْ كَسَرَ حَلْقَةَ خَاتَمٍ يَضْمَنُ الْحَلْقَةَ لَا الْفَصَّ. (2) قَوْلُهُ: أَوْ زَوْجَيْ خُفٍّ. أَيْ أَحَدَ زَوْجَيْ خُفٍّ وَالزَّوْجُ هُنَا بِمَعْنَى الْفَرْدِ، وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ الزَّوْجُ يَكُونُ وَاحِدًا أَوْ يَكُونُ اثْنَيْنِ وَقَالَ ابْنُ عُبَيْدَةَ وَابْنُ فَارِسٍ كَذَلِكَ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ أَنْكَرَ النَّحْوِيُّونَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ اثْنَيْنِ وَالزَّوْجُ عِنْدَهُمْ الْفَرْدُ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ الْعَامَّةُ تَخْطِيءُ فَتَظُنُّ أَنَّ الزَّوْجَ اثْنَانِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ إذَا كَانُوا لَا يَتَكَلَّمُونَ بِالزَّوْجِ مُوَحَّدًا مِثْلُ قَوْلِهِمْ زَوْجُ حَمَامٍ وَإِنَّمَا يَقُولُونَ زَوْجَانِ مِنْ حَمَامٍ وَزَوْجَانِ مِنْ خِفَافٍ وَلَا يَقُولُونَ لِلْوَاحِدِ مِنْ الطَّيْرِ زَوْجٌ بَلْ لِلذَّكَرِ فَرْدٌ وَلِلْأُنْثَى فَرْدَةٌ وَقَالَ السِّجِسْتَانِيُّ لَا يُقَالُ لِلِاثْنَيْنِ زَوْجٌ مِنْ الطَّيْرِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْجُهَّالِ وَكُلُّ اثْنَيْنِ زَوْجَانِ كَذَا فِي الرَّمْزِ شَرْحِ نَظْمِ الْكَنْزِ لِشَيْخِ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةِ نُورِ الدِّينِ عَلِيٍّ الْمَقْدِسِيِّ. (3) قَوْلُهُ: فَقُلْ إذَا كَانَ الْمَالِكُ لَا يَعْقِلُ. يَعْنِي الْأَخْذَ وَالرَّدَّ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ. (4) قَوْلُهُ: فَقُلْ هُوَ مُودَعُ الْغَاصِبِ. يَعْنِي إذَا هَلَكَ عِنْدَهُ الْمَغْصُوبُ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ وَيَرْجِعَ هُوَ عَلَى الْغَاصِبِ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ.

[كتاب الشفعة]

كِتَابُ الشُّفْعَةِ 2 - أَيُّ مُشْتَرٍ سَلَّمَ لَهُ الشَّفِيعُ وَلَمْ تَبْطُلْ؟ 3 - فَقُلْ هُوَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الشُّفْعَةِ] قَوْلُهُ: أَيُّ مُشْتَرٍ سَلَّمَ لَهُ الشَّفِيعُ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ يُخَالِفُهُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: قَالَ الشَّفِيعُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ وَكِيلُ الْغَيْرِ سَلَّمْتُ لَكَ بَيْعَكَ أَوْ شِرَاءَكَ فَهُوَ تَسْلِيمٌ لَهَا أَقُولُ يَجِبُ حَمْلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا سَلَّمَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ شِرَاءٌ لِنَفْسِهِ وَلِذَا عَلَّلَ فِي الذَّخَائِرِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا بِأَنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ بِالتَّسْلِيمِ لَهُ لَا لِلْمُوَكِّلِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى شُفْعَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (3) قَوْلُهُ: فَقُلْ هُوَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ. لِأَنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ بِالتَّسْلِيمِ لَهُ لَا لِلْمُوَكِّلِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى شُفْعَتِهِ.

[كتاب القسمة]

كِتَابُ الْقِسْمَةِ أَيُّ شُرَكَاءَ فِيمَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ إذَا طَالِبُوهَا لَمْ يَقْسِمْ؟ 1 - فَقُلْ السِّكَّةُ الْغَيْرُ النَّافِذَةِ؛ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقْتَسِمُوهَا وَإِنْ أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْقِسْمَةِ] قَوْلُهُ: فَقُلْ السِّكَّةُ الْغَيْرُ النَّافِذَةِ إلَخْ. لِأَنَّ الطَّرِيقَ الْأَعْظَمَ إذَا كَثُرَ فِيهِ النَّاسُ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا هَذِهِ السِّكَّةَ حَتَّى يُخَفَّفَ الزِّحَامُ وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ.

[كتاب الأضحية]

كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ أَيُّ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ ذَبَحَ وَسَمَّى وَلَمْ تَحِلَّ؟ 1 - فَقُلْ إذَا سَمَّى وَلَمْ يُرِدْ بِهَا التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ. أَيُّ رَجُلٍ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ تَعَدِّيًا. وَلَمْ يَضْمَنْ؟ فَقُلْ شَاةُ الْأُضْحِيَّةِ فِي أَيَّامِهَا، 2 - أَوْ قَصَّابٌ شَدَّهَا لِلذَّبْحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ] قَوْلُهُ: فَقُلْ إذَا سَمَّى وَلَمْ يُرِدْ بِهَا التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ إلَخْ. وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ افْتِتَاحَ الصَّلَاةِ لَا يَكُونُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ كَانَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ كَامِلَ الطَّهَارَةِ. (2) قَوْلُهُ: أَوْ قَصَّابٌ شَدَّهَا لِلذَّبْحِ أَيْ الشَّاةَ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمُقَيَّدِ بِدُونِ قَيْدِهِ.

[كتاب الكراهية]

كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ 1 - أَيُّ إنَاءٍ مِنْ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ؟ 2 - فَقُلْ الْمُتَّخَذُ مِنْ أَجْزَاءِ الْآدَمِيِّ. أَيُّ إنَاءٍ مُبَاحِ الِاسْتِعْمَالِ يُكْرَهُ الْوُضُوءُ مِنْهُ؟ فَقُلْ مَا خَصَّهُ لِنَفْسِهِ. أَيُّ مَكَانٍ فِي الْمَسْجِدِ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ؟ 3 - فَقُلْ مَا عَيَّنَهُ لِصَلَاتِهِ دُونَ غَيْرِهِ. 4 - أَيُّ مَاءِ مَسِيلٍ لَا يَجُوزُ الشُّرْبُ مِنْهُ؟ 5 - فَقُلْ مَاءٌ وَضَعَ الصَّبِيُّ فِيهِ كُوزًا مِنْ مَاءٍ. أَيُّ رَجُلٍ هَدَمَ دَارَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَمْ يَضْمَنْهَا؟ فَقُلْ إذَا وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي مَحَلَّةٍ فَهَدَمَهَا لِإِطْفَائِهِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ] قَوْلُهُ: أَيُّ إنَاءٍ مِنْ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ. يَعْنِي وَلَيْسَ مَغْصُوبًا وَلَا مَمْلُوكًا لِلْغَيْرِ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ. (2) قَوْلُهُ: فَقُلْ الْمُتَّخَذُ مِنْ أَجْزَاءِ الْآدَمِيِّ. يَعْنِي مِنْ شَعْرِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَحُرْمَةُ اسْتِعْمَالِهِ لِكَرَامَةِ الْآدَمِيِّ لَا لِنَجَاسَتِهِ. (3) قَوْلُهُ: فَقُلْ مَا عَيَّنَهُ لِصَلَاتِهِ إلَخْ. ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (4) قَوْلُهُ: أَيُّ مَاءٍ مَسِيلٍ. أَيُّ طَهُورٍ لَيْسَ فِيهِ مَا يَضُرُّ بِالْإِنْسَانِ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ (5) قَوْلُهُ: فَقُلْ مَاءٌ وَضَعَ الصَّبِيُّ فِيهِ كُوزًا مِنْ مَاءٍ إلَخْ. عِبَارَةُ الذَّخَائِرِ: الْجَوَابُ مَا رَأَيْتُ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ عَنْ الْحَاوِي: صَبِيٌّ مَلَأَ الْكُوزَ مِنْ الْحَوْضِ فِيهِ ثُمَّ أَفْرَغَهُ فِيهِ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ وَعَزَاهُ لِأَحْكَامِ الصِّغَارِ.

[كتاب الجنايات]

كِتَابُ الْجِنَايَاتِ أَيُّ جَانٍ إذَا مَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِذَا عَاشَ فَالدِّيَةُ؟ 1 - فَقُلْ الْخِتَانُ إذَا قَطَعَ حَشَفَةَ الصَّبِيِّ خَطَأً بِإِذْنِ أَبِيهِ. أَيُّ رَجُلٍ قَطَعَ أُذُنَ إنْسَانٍ وَجَبَ عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ وَإِنْ قَطَعَ رَأْسَهُ فَعَلَيْهِ خَمْسُونَ دِينَارًا؟ 2 - فَقُلْ إذَا خَرَجَ رَأْسُ الْمَوْلُودِ فَقَطَعَ إنْسَانٌ أُذُنَهُ وَلَمْ يَمُتْ فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا، 3 - وَإِنْ قَطَعَ رَأْسَهُ فَعَلَيْهِ الْغُرَّةُ. أَيُّ شَيْءٍ فِي الْإِنْسَانِ تَجِبُ بِإِتْلَافِهِ دِيَةٌ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْجِنَايَاتِ] قَوْلُهُ: فَقُلْ الْخِتَانُ إذَا قَطَعَ حَشَفَةَ الصَّبِيِّ خَطَأً بِإِذْنِ أَبِيهِ. يَعْنِي فَإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ وَجَبَ عَلَى الْخَاتِنِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَإِنْ عَاشَ فَعَلَى الْخَاتِنِ الدِّيَةُ كُلُّهَا، ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ أَنَّ الْخِتَانَ فَعَلَ فِعْلَيْنِ أَحَدُهُمَا مَأْذُونٌ فِيهِ وَالْآخَرُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ فَإِذَا مَاتَ احْتَمَلَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ الْخِتَانِ وَاحْتَمَلَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ قَطْعِ الْحَشَفَةِ فَوَقَعَ الشَّكُّ فَتُنَصَّفُ الدِّيَةُ وَأَمَّا إذَا عَاشَ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ بِقَطْعِ الْحَشَفَةِ لِأَنَّهُ فَوَّتَ مَنْفَعَةَ الذَّكَرِ الَّذِي مِنْهُ النَّسْلُ وَيُسْتَأْنَسُ لِهَذَا الْفَرْقِ بِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ. (2) قَوْلُهُ: فَقُلْ إذَا خَرَجَ رَأْسُ الْمَوْلُودِ إلَى قَوْلِهِ فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا. أَيْ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ وَهِيَ نِصْفُ الدِّيَةِ. (3) قَوْلُهُ: وَإِنْ قَطَعَ رَأْسَهُ فَعَلَيْهِ الْغُرَّةُ. يَعْنِي إنْ قَطَعَ قَبْلَ خُرُوجِ الْبَاقِي وَالْغُرَّةُ جَارِيَةٌ أَوْ غُلَامٌ يُسَاوِي خَمْسِينَ دِينَارًا فَإِنَّ دِيَةَ الْجَنِينِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الْمَوْلُودِ كَمَا فِي الذَّخَائِر.

4 - فَقُلْ الْأَسْنَانُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (4) قَوْلُهُ: فَقُلْ الْأَسْنَانُ. لِأَنَّهُ تَجِبُ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ عَنْ الْمُحِيطِ. فَإِنْ قِيلَ أَيُّ رَجُلٍ فَعَلَ بِإِنْسَانٍ فِعْلًا إنْ مَاتَ مِنْهُ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ عَاشَ فَعَلَيْهِ أَرْبَعُ دِيَاتٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا رَجُلٌ صَبَّ عَلَى رَجُلٍ مَاءً حَارًّا فَذَهَبَ سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَشَعْرُهُ وَعَقْلُهُ فَعَلَيْهِ أَرْبَعُ دِيَاتٍ إنْ عَاشَ وَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ مَاتَ.

[كتاب الفرائض]

كِتَابُ الْفَرَائِضِ 1 - مَا أَوَّلُ مِيرَاثٍ قُسِّمَ فِي الْإِسْلَامِ؟ 2 - فَقُلْ مِيرَاثُ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. 3 - أَيُّ رَجُلٍ قِيلَ لَهُ أَوْصِ فَقَالَ بِمَا أُوصِي إنَّمَا تَرِثُنِي عَمَّتَاكَ وَخَالَتَاك وَجِدَّتَاك وَزَوْجَتَاك؟ فَقُلْ صَحِيحٌ تَزَوَّجَ بِجَدَّتَيْ رَجُلٍ مَرِيضٍ أُمُّ أُمِّهِ وَأُمُّ أَبِيهِ، وَالْمَرِيضُ مُتَزَوِّجٌ بِجَدَّتَيْ الصَّحِيحِ كَذَلِكَ؛ فَوَلَدَتْ كُلٌّ مِنْ جَدَّتَيْ الصَّحِيحِ مِنْ الْمَرِيضِ بِنْتَيْنِ؛ فَالْبِنْتَانِ مِنْ جَدَّتَيْ الصَّحِيحِ أُمُّ أُمِّهِ خَالَتَاهُ، وَاللَّتَانِ مِنْ أُمِّ أَبِيهِ عَمَّتَاهُ، وَقَدْ كَانَ أَبُو الْمَرِيضِ مُتَزَوِّجًا أُمَّ الصَّحِيحِ فَوَلَدَتْ بِنْتَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْفَرَائِضِ] قَوْلُهُ: مَا أَوَّلُ مِيرَاثٍ قُسِّمَ فِي الْإِسْلَامِ. أَقُولُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ مِثْلُ هَذَا مِنْ الْأَلْغَازِ وَإِلَّا فَسَائِرُ الْأَوَّلِيَّاتِ أَلْغَازٌ وَلَا قَائِلَ بِهِ. (2) قَوْلُهُ: فَقُلْ مِيرَاثُ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ. أَقُولُ قَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي كِتَابِ الْوَسَائِلِ فِي الْأَوَائِلِ أَوَّلُ مَنْ وُرِثَ فِي الْإِسْلَامِ عَدِيُّ بْنُ نَضْلَةَ وَرِثَهُ ابْنُهُ النُّعْمَانُ وَكَانَ عَدِيٌّ أَوَّلَ مَنْ مَاتَ مِمَّنْ هَاجَرَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ وَمَا هُنَا قَالَهُ الثَّعَالِبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ. (3) قَوْلُهُ: أَيُّ رَجُلٍ قِيلَ لَهُ أَوْصِ إلَخْ. أَقُولُ قَدْ نَظَمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: أَتَيْتُ الْوَلِيدَ لَهُ عَائِدًا ... وَقَدْ خَامَرَ الْعَقْلَ مِنْهُ السِّقَامَا فَقُلْت لَهُ أَوْصِ فِيمَا تَرَكْتَ ... فَقَالَ أَلَا قَدْ كُفِيت الْمُلَامَا فَفِي عَمَّتَيْكَ وَفِي خَالَتَيْكَ ... وَفِي جَدَّتَيْكَ تَرَكْت السِّوَامَا وَأُخْتَاكَ حَقُّهُمَا ثَابِتٌ ... وَزَوْجَاكَ يُحْرِزْنَ مِنْهُ التَّمَامَا أُولَئِكَ يَا ابْنَ أَبِي خَالِدٍ ... مَرَاتِبُ عَشْرٍ حَوَيْنَ السِّهَامَا وَقَدْ أَجَابَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَاضِي الْقُضَاةِ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ فَقَالَ:

فَهُمَا أُخْتَا الصَّحِيحِ لِأُمِّهِ وَالْمَرِيضِ لِأَبِيهِ؛ فَإِذَا مَاتَ الْمَرِيضُ فَلِامْرَأَتَيْهِ الثُّمُنُ وَهُمَا جَدَّتَا الصَّحِيحِ، وَلِبَنَاتِهِ الثُّلُثَانِ وَهُنَّ عَمَّتَا الصَّحِيحِ وَخَالَتَاهُ، وَلِجَدَّتَيْهِ السُّدُسُ وَهُمَا امْرَأَتَا الصَّحِيحِ وَلِأُخْتَيْهِ لِأَبِيهِ مَا بَقِيَ وَهُمَا أُخْتَا الصَّحِيحِ لِأُمِّهِ، وَالْمَسْأَلَةُ تَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ انْتَهَى وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. تَمَّ الْفَنُّ الرَّابِعُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَيَتْلُوهُ الْفَنُّ الْخَامِسُ مِنْهُ وَهُوَ فَنُّ الْحِيَلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَرَى زَوْجَتَيْ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ ... هُمَا جَدَّتَا مَنْ أَصَابَ السِّقَامَا وَزَوْجَا الْوَلِيدِ هُمَا جَدَّتَانِ ... لِذَلِكَ أَيْضًا وَلَيْسَا حَرَامَا وَكُلٌّ أَتَتْ مِنْهُمَا بِابْنَتَيْنِ ... لِهَذَا الْمَرِيضِ كُفِيت الْمُلَامَا وَأُخْتَانِ كَانَ لِهَذَا الْمَرِيضِ ... مِنْ أُمِّ الصَّحِيحِ وَكُلٌّ أَقَامَا وَمَاتَ الْوَلِيدُ فَمِيرَاثُهُ ... حَوَيْنَ لَعَمْرِي مِنْهُ التَّمَامَا أَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ إيضَاحُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ هَذَا الصَّحِيحَ تَزَوَّجَ بِجَدَّتَيْ هَذَا الْمَرِيضِ أُمُّ أُمِّهِ وَأُمُّ أَبِيهِ فَوَلَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ جَدَّتَيْ الصَّحِيحِ بِنْتَيْنِ، فَاللَّتَانِ مِنْ جَدَّتَيْ الصَّحِيحِ أُمُّ أُمِّهِ خَالَتَاهُ وَاللَّتَانِ مِنْ جَدَّتِهِ أُمُّ أَبِيهِ عَمَّتَاهُ وَقَدْ كَانَ أَبُو الْمَرِيضِ تَزَوَّجَ أُمَّ الصَّحِيحِ فَوَلَدَتْ لَهُ بِنْتَيْنِ فَكَانَتَا أُخْتَيْ الصَّحِيحِ لِأُمِّهِ وَأُخْتَيْ الْمَرِيضِ لِأَبِيهِ فَإِذَا مَاتَ الْمَرِيضُ فَلِامْرَأَتَيْهِ الثُّمُنُ وَهُمَا جَدَّتَا الصَّحِيحِ وَلِبَنَاتِهِ الثُّلُثَانِ وَهُمَا عَمَّتَا الصَّحِيحِ وَخَالَتَاهُ وَلِجَدَّتَيْهِ السُّدُسُ وَهُمَا امْرَأَتَا الصَّحِيحِ وَلِأُخْتَيْهِ لِأَبِيهِ مَا بَقِيَ وَهُمَا أُخْتَا الصَّحِيحِ لِأُمِّهِ وَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ لِأَنَّ أَصْلَهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلزَّوْجَتَيْنِ الثُّمُنُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ لَا تَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا وَلِلْأَرْبَعِ الْبَنَاتِ الثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا تَنْقَسِمُ عَلَيْهِنَّ وَلِلْجَدَّتَيْنِ السُّدُسُ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ تَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا وَيَبْقَى سَهْمٌ لِلْأُخْتَيْنِ مِنْ الْأَبِ غَيْرُ مُنْقَسِمٍ عَلَيْهِمَا وَعَدَدُ الزَّوْجَتَيْنِ مُتَمَاثِلَانِ فَيُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا وَيُضْرَبُ فِي الْأَرْبَعَةِ وَعِشْرِينَ بِثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ لِلزَّوْجَتَيْنِ الثُّمُنُ سِتَّةٌ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةٌ وَلِلْبَنَاتِ الثُّلُثَانِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثَمَانِيَةٌ وَلِلْجَدَّتَيْنِ السُّدُسُ ثَمَانِيَةٌ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ سَهْمَانِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ سَهْمٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الفن الخامس من الأشباه والنظائر وهو فن الحيل وفيه فصول]

الْفَنُّ الْخَامِسُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَعْلَمُ دَقَائِقَ الْأُمُورِ مِنْ غَيْرِ الْتِبَاسٍ، وَيْحُكُمْ بِمُقْتَضَى عِلْمِهِ، وَإِنْ جَهِلَ النَّاسُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَفْضَلِ مَنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ وَفَوَّضَ الْأُمُورَ كُلَّهَا إلَيْهِ، وَبَعْدُ فَهَذَا هُوَ النَّوْعُ الْخَامِسُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ، وَهُوَ فَنُّ الْحِيَلِ جَمْعُ حِيلَةٍ، وَهِيَ الْحِذْقُ فِي تَدْبِيرِ الْأُمُورِ، وَهِيَ تَقْلِيبُ الْفِكْرِ حَتَّى يَهْتَدِيَ إلَى الْمَقْصُودِ، وَأَصْلُهَا الْوَاوُ، وَاحْتَالَ طَلَبُ الْحِيلَةِ. كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ. وَاخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي التَّعْبِيرِ عَنْ ذَلِكَ؛ فَاخْتَارَ كَثِيرٌ التَّعْبِيرَ بِكِتَابِ الْحِيَلِ. وَاخْتَارَ كَثِيرٌ كِتَابَ الْمَخَارِجِ وَاخْتَارَهُ فِي الْمُلْتَقَطِ وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: كَذَبُوا عَلَى مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لَهُ كِتَابُ الْحِيَلِ، 1 - وَإِنَّمَا هُوَ الْهَرَبُ مِنْ الْحَرَامِ وَالتَّخَلُّصُ مِنْهُ حَسَنٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْفَنُّ الْخَامِسُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْحِيَلِ وَفِيهِ فُصُولٍ] [الْأَوَّلُ فِي الصَّلَاةِ] قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هُوَ الْهَرَبُ مِنْ الْحَرَامِ وَالتَّخَلُّصُ مِنْهُ حَسَنٌ. قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة مَذْهَبُ عُلَمَائِنَا أَنَّ كُلَّ حِيلَةٍ يَحْتَالُ بِهَا الرَّجُلُ لِإِبْطَالِ حَقِّ الْغَيْرِ أَوْ لِإِدْخَالِ شُبْهَةٍ فِيهِ فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ، يَعْنِي تَحْرِيمًا. وَفِي الْعُيُونِ وَجَامِعِ الْفَتَاوَى لَا يَسَعُهُ ذَلِكَ وَكُلُّ حِيلَةٍ يَحْتَالُ بِهَا الرَّجُلُ لِيَتَخَلَّصَ بِهَا عَنْ حَرَامٍ أَوْ لِيَتَوَصَّلَ بِهَا إلَى حَلَالٍ فَهِيَ حَسَنَةٌ وَهُوَ مَعْنَى مَا نُقِلَ عَنْ الشَّعْبِيِّ لَا بَأْسَ بِالْحِيلَةِ فِيمَا يَحِلُّ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ} [ص: 44] وَذَكَرَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ «رَجُلًا اشْتَرَى صَاعًا مِنْ تَمْرٍ بِصَاعَيْنِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَيْت هَلَّا بِعْت تَمْرَكَ بِالسِّلْعَةِ ثُمَّ ابْتَعْت بِسِلْعَتِكَ تَمْرًا» وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى الضَّرَرِ بِأَحَدٍ انْتَهَى وَفِيهِ فُصُولٌ. الْأَوَّلُ فِي الصَّلَاةِ؛ 3 - إذَا صَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا فَأُقِيمَتْ فِي الْمَسْجِدِ فَالْحِيلَةُ؛ أَنْ لَا يَجْلِسَ عَلَى رَأْسِ الرَّابِعَةِ، 4 - حَتَّى تَنْقَلِبَ هَذِهِ الصَّلَاةُ نَفْلًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ} [ص: 44] هَذَا تَعْلِيمُ الْمُخْلِصِ لِأَيُّوبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ يَمِينِهِ الَّتِي حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ امْرَأَتَهُ مِائَةَ عُودٍ وَقَدْ تَعَلَّقَ مُحَمَّدٍ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي مَسَائِلِ الْحِيَلِ وَالْخَصَّافُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا فِي حِيَلِهِ قِيلَ لِأَنَّ حُكْمَهَا مَنْسُوخٌ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْسُوخٍ وَتَكَلَّمُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي شَرْطِ الْبَرِّ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَأْخُذَ الْحَالِفُ مِائَةَ عُودٍ وَيُسَوِّي رُءُوسَ الْأَعْوَادِ قَبْلَ الضَّرْبِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ وَقَعَتْ وَحْشَةٌ بَيْنَ هَاجَرَ وَسَارَةَ فَحَلَفَتْ سَارَةُ إنْ ظَفِرَتْ بِهَا قَطَعَتْ عُضْوًا مِنْهَا فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى جَبْرَائِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَى إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يُصْلِحَ بَيْنَهُمَا فَقَالَتْ سَارَةُ مَا حِيلَةُ يَمِينِي فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إلَى إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يَأْمُرَ سَارَةَ أَنْ تَثْقُبَ أُذُنَيْ هَاجَرَ فَمِنْ ثَمَّ ثُقُوبُ الْآذَانِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة (3) قَوْلُهُ: إذَا صَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا فَأُقِيمَتْ فِي الْمَسْجِدِ. يَعْنِي وَأَرَادَ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ إحْرَازًا لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ. (4) قَوْلُهُ: حَتَّى تَنْقَلِبَ هَذِهِ الصَّلَاةُ نَفْلًا. أَقُولُ وَإِذَا انْقَلَبَتْ هَذِهِ الصَّلَاةُ نَفْلًا يَضُمُّ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّنَفُّلُ بِالْبَتْرَاءِ.

[الثاني في الصوم]

5 - وَيُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ. 6 - الثَّانِي فِي الصَّوْمِ؛ 7 - الْتَزَمَ صَوْمَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ وَصَامَ رَجَبًا وَشَعْبَانَ، فَإِذَا شَعْبَانُ نَقَصَ يَوْمًا؛ 8 - فَالْحِيلَةُ أَنْ يُسَافِرَ مُدَّةَ السَّفَرِ فَيَنْوِيَ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ عَمَّا الْتَزَمَ، 9 - وَلَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ رَمَضَانَ هَذَا يُسَافِرُ وَيُفْطِرُ. الثَّالِثُ فِي الزَّكَاةِ مَنْ لَهُ نِصَابٌ أَرَادَ مَنْعَ الْوُجُوبِ عَنْهُ؛ فَالْحِيلَةُ 10 - أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ مِنْهُ قَبْلَ التَّمَامِ، أَوْ يَهَبَ النِّصَابَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ قَبْلَ التَّمَامِ بِيَوْمٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (5) قَوْلُهُ: وَيُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ. بِأَنْ يَنْوِيَ الدُّخُولَ مَعَهُ فِي صَلَاتِهِ وَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ النَّفْيِ. [الثَّانِي فِي الصَّوْمِ] (6) قَوْلُهُ: الثَّانِي فِي الصَّوْمِ. أَقُولُ قَدْ قُدِّمَ الصَّوْمُ عَلَى الزَّكَاةِ وَهُوَ خِلَافٌ صَنَعَهُ مِنْ أَوَّلِ الْكِتَابِ إلَى هُنَا. (7) قَوْلُهُ: الْتَزَمَ صَوْمَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ إلَخْ. أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الشَّهْرَ كَمَا يَكُونُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ فَإِذَا صَامَ رَجَبَ وَشَعْبَانَ فَقَدْ وَفَّى بِمَا الْتَزَمَهُ وَإِنْ كَانَ شَعْبَانُ نَاقِصًا وَإِنَّمَا يُتِمُّ مَا ذَكَرَهُ أَنْ لَوْ الْتَزَمَ صَوْمَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ كَامِلَيْنِ. (8) قَوْلُهُ: فَالْحِيلَةُ أَنْ يُسَافِرَ مُدَّةَ السَّفَرِ فَيَنْوِيَ إلَخْ. كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ وَطَنِهِ قَاصِدًا مُدَّةَ السَّفَرِ فَيَنْوِيَ إلَخْ. (9) قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ رَمَضَانَ إلَخْ. فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ هَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتِ امْرَأَتِهِ فَأَرَادَ أَنْ لَا يَحْنَثَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُسَافِرَ وَيُفْطِرَ. [الثَّالِثُ فِي الزَّكَاةِ] (10) قَوْلُهُ: أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ مِنْهُ قَبْلَ التَّمَامِ أَوْ يَهَبَ النِّصَابَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي الْكَرَاهَةِ وَمَشَايِخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخَذُوا بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْفُقَرَاءِ. وَمَنْ لَهُ عَلَى فَقِيرٍ دَيْنٌ وَأَرَادَ جَعْلَهُ عَنْ زَكَاةِ الْعَيْنِ 12 - فَالْحِيلَةُ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَأْخُذَهُ مِنْهُ عَنْ دَيْنِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْنِي حَتَّى يَكُونَ النِّصَابُ نَاقِصًا فِي آخِرِ الْحَوْلِ أَوْ يَهَبَ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ أَوْ يَهَبَ الدَّرَاهِمَ كُلَّهَا لَهُ فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ. وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ الْقَاضِيَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَهَبَ مَالَهُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ لِزَوْجَتِهِ ثُمَّ اسْتَوْهَبَهُ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِتَسْقُطَ عَنْهُ الزَّكَاةُ وَذَكَرَ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ هَذَا مِنْ فِقْهِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا عِنْدَ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: قَوْلُهُ أَوْ يَهَبَ النِّصَابَ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ هَذَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ وَهُوَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ عِنْدَنَا (انْتَهَى) . وَرَدَّهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِأَنَّهُ صَحِيحٌ فِي صُورَةٍ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي فَنِّ الْأَلْغَازِ مِنْ الْهِبَةِ مِنْ أَنَّ الْوَلَدَ إذَا كَانَ مَمْلُوكًا لِلْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهَا فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى ذَلِكَ (انْتَهَى) . أَقُولُ: حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي فَنِّ الْأَلْغَازِ غَيْرُ سَدِيدٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْحِيلَةِ الْخَلَاصُ بِكُلِّ حَالٍ فَلَا يَكُونُ مَقْصُورًا عَلَى صُورَةٍ نَادِرَةٍ وَإِنَّمَا كَانَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِأَنَّ الْهِبَةَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا وَقَعَتْ لِلْمَالِكِ لَا لِلْوَلَدِ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ مِنْ الْوَاهِبِ لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ لَا يَمْلِكُ وَإِنْ مَلَكَ هَذَا. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ تَحَقُّقُ الْحِيلَةِ فِي مَنْعِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى الرُّجُوعِ فَالتَّعَلُّقُ بِهِ (لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) لِأَنَّ الْوَلَدَ وَإِنْ مَلَكَ الْمَالَ بِالْهِبَةِ وَامْتَنَعَ الرُّجُوعُ فَالْأَبُ يَتَمَلَّكُ مَالَ وَلَدِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيكَ» . فَلَمْ تُعَرَّ. الْحِيلَةُ بِالْهِبَةِ إلَى الْوَلَدِ عَنْ فَائِدَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى سُقُوطِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (11) قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي الْكَرَاهَةِ. أَقُولُ الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْحِيلَةِ لِإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ وَفِي التَّنْوِيرِ أَنَّهُ يُفْتَى بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي الشُّفْعَةِ وَبِقَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الزَّكَاةِ. (12) قَوْلُهُ: فَالْحِيلَةُ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَأْخُذَهُ مِنْهُ عَنْ دَيْنِهِ. لِأَنَّهُ لَا يَتَأَدَّى بِالدَّيْنِ زَكَاةُ الْعَيْنِ وَلَا زَكَاةُ دَيْنٍ آخَرَ.

13 - وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ امْتَنَعَ الْمَدْيُونُ مِنْ دَفْعِهِ لَهُ مَدَّ يَدَهُ وَيَأْخُذُهُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ؛ فَإِنْ مَانَعَهُ رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي فَيُكَلِّفُهُ قَضَاءَ الدَّيْنِ أَوْ يُوَكِّلُ الْمَدْيُونُ خَادِمَ الدَّائِنِ بِقَبْضِ الزَّكَاةِ ثُمَّ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ؛ 14 - فَيَقْبِضُ الْوَكِيلُ صَارَ مِلْكًا لِلْمُوَكِّلِ. 15 - وَنَظَرَ فِيهِ بِإِمْكَانِ عَزْلِهِ. 16 - فَيُدَافِعُهُ. 17 - وَيَأْتِي مَا تَقَدَّمَ. 18 - وَدَفَعَهُ بِأَنْ يُوَكِّلَهُ وَيَغِيبَ فَلَا يُسَلِّمُ الْمَالَ إلَى الْوَكِيلِ إلَّا فِي غَيْبَتِهِ. 19 - وَمِنْهُمْ مَنْ اخْتَارَ أَنْ يَقُولَ كُلَّمَا عَزَلْتُكَ فَأَنْتَ وَكِيلِي وَدُفِعَ بِأَنَّ فِي صِحَّةِ هَذَا التَّوْكِيلِ اخْتِلَافًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (13) قَوْلُهُ: وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ. أَيْ مِنْ التَّصَدُّقِ عَلَى غَيْرِهِ. (14) قَوْلُهُ: فَقَبَضَ الْوَكِيلُ صَارَ مِلْكًا لِلْمُوَكِّلِ. وَهُوَ الْمَدْيُونُ وَالْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ وَكِيلٌ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ فَيَقْضِي دَيْنَهُ مِنْ هَذَا الْمَالِ بِحُكْمِ وَكَالَتِهِ. (15) قَوْلُهُ: وَنُظِرَ فِيهِ بِإِمْكَانِ عَزْلِهِ. يَعْنِي بَعْدَمَا قَبَضَ الْمَالَ فَلَا يَقْدِرُ الْوَكِيلُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ صَاحِبِ الْمَالِ. (16) قَوْلُهُ: فَيُدَافِعُهُ بِأَنْ لَا يُفَارِقَ صَاحِبُ الْمَالِ الْوَكِيلَ. (17) قَوْلُهُ: وَيَأْتِي بِمَا تَقَدَّمَ. وَهُوَ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ وَيَأْخُذَ الْمَالَ مِنْ الْوَكِيلِ أَوْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيُكَلِّفَهُ قَضَاءَ الدَّيْنِ. (18) قَوْلُهُ: وَدَفَعَهُ بِأَنْ يُوَكِّلَهُ وَيَغِيبَ إلَخْ. أَقُولُ لَمْ يَتَشَخَّصْ لِي الْمُرَادُ مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (19) قَوْلُهُ: وَمِنْهُمْ مَنْ اخْتَارَ أَنْ يَقُولَ إلَخْ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي هَذِهِ الْحِيلَةِ أَنْ يُعْطِيَ صَاحِبُ الْمَالِ الْمَدْيُونَ مِنْ مَالِهِ أَلْفَيْنِ زِيَادَةً عَلَى مِقْدَارِ

فَإِنْ كَانَ لِلطَّالِبِ شَرِيكٌ فِي الدَّيْنِ يَخَافُ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْمَقْبُوضِ؛ 21 - فَالْحِيلَةُ أَنْ يَتَصَدَّقَ الدَّائِنُ وَيَهَبَ الْمَدْيُونَ مَا قَبَضَهُ لِلدَّائِنِ فَلَا مُشَارَكَةَ، 22 - وَالْحِيلَةُ فِي التَّكْفِينِ بِهَا التَّصَدُّقُ بِهَا عَلَى فَقِيرٍ ثُمَّ هُوَ يُكَفِّنُ، 23 - فَيَكُونُ الثَّوَابُ لَهُمَا، وَكَذَا فِي تَعْمِيرِ الْمَسَاجِدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّيْنِ حَتَّى يَقْضِيَ الدَّيْنَ بِمِقْدَارِهِ مِنْ الْمَالِ الْمُعَيَّنِ وَيَبْقَى لَهُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ شَيْءٌ يَنْتَفِعُ بِهِ فَلَا يَقَعُ فِي قَلْبِهِ أَنْ لَا يَفِيَ بِمَا شَرَطَ عَلَيْهِ. (20) قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ لِلطَّالِبِ شَرِيكٌ فِي الدَّيْنِ يَخَافُ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْمَقْبُوضِ بِأَنْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ. (21) قَوْلُهُ: فَالْحِيلَةُ أَنْ يَتَصَدَّقَ الدَّائِنُ إلَخْ. عِبَارَةُ الْخَصَّافِ: فَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَهَبَ الْغَرِيمُ لِصَاحِبِ الْمَالِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِمَّا عَلَيْهِ وَيَقْبِضُهُ ثُمَّ يَدْفَعُ إلَيْهِ يَحْتَسِبُ بِهِ مِنْ زَكَاتِهِ فَيُجْزِيهِ ذَلِكَ مِنْ الزَّكَاةِ ثُمَّ يُبْرِئُهُ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَيَبْرَأُ وَلَا يُشْرِكُهُ شَرِيكُهُ فِي ذَلِكَ. (22) قَوْلُهُ: وَالْحِيلَةُ فِي التَّكْفِينِ بِهَا. أَيْ الزَّكَاةِ وَالْمُرَادُ الَّذِي وَجَبَ تَمْلِيكُهُ لِأَدَاءِ فَرْضِ الزَّكَاةِ. (23) قَوْلُهُ: فَيَكُونُ الثَّوَابُ لَهُمَا ثَوَابَ الصَّدَقَةِ وَلِلْفَقِيرِ التَّكْفِينُ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ أَبْوَابِ الْبِرِّ الَّتِي يَتَأَتَّى التَّمْلِيكُ فِيهَا كَعِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ وَبِنَاءِ الْقَنَاطِيرِ وَالرِّبَاطَاتِ.

[الخامس في الحج]

الرَّابِعُ فِي الْفِدْيَةِ) أَرَادَ الْفِدْيَةَ عَنْ صَوْمِ أَبِيهِ أَوْ صَلَاتِهِ وَهُوَ فَقِيرٌ يُعْطِي مَنَوَيْنِ مِنْ الْحِنْطَةِ فَقِيرًا ثُمَّ يَسْتَوْهِبُهُ ثُمَّ يُعْطِيهِ وَهَكَذَا إلَى أَنْ يُتِمَّ. [الْخَامِسُ فِي الْحَجِّ] (الْخَامِسُ فِي الْحَجِّ) إذَا أَرَادَ الْأَفَاقِيُّ دُخُولَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ مِنْ الْمِيقَاتِ، 1 - قَصَدَ مَكَانًا آخَرَ دَاخِلَ الْمَوَاقِيتِ كَبُسْتَانِ بَنِي عَامِرٍ، إذَا أَرَادَ أَنْ يَكُونَ لِبِنْتِهِ مَحْرَمٌ فِي السَّفَرِ. 2 - يُزَوِّجُهَا مِنْ عَبْدِهِ يُعْلِمُهَا فَقَطْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الرَّابِعُ فِي الْفِدْيَةِ] قَوْلُهُ: قَصَدَ مَكَانًا آخَرَ إلَخْ. عِبَارَةُ التَّتَارْخَانِيَّة قَصَدَ مَكَانًا آخَرَ وَرَاءَ الْمِيقَاتِ نَحْوَ بُسْتَانِ بَنِي عَامِرٍ أَوْ مَوْضِعٍ آخَرَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لِحَاجَةٍ ثُمَّ إذَا وَصَلَ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ يَدْخُلُ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ شَرَطَ الْإِقَامَةَ بِذَلِكَ الْمَكَانِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. يَعْنِي لَوْ نَوَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ. (2) قَوْلُهُ: يُزَوِّجُهَا مِنْ عَبْدِهِ بِعِلْمِهَا فَقَطْ لِأَنَّ عِلْمَهَا بِالنِّكَاحِ يَشْتَرِطُ دُونَهُ.

[السادس في النكاح]

السَّادِسُ فِي النِّكَاحِ) ادَّعَتْ امْرَأَةٌ نِكَاحَهُ فَأَنْكَرَ وَلَا بَيِّنَةَ وَلَا يَمِينَ عِنْدَ الْإِمَامِ عَلَيْهِ، فَلَا يُمْكِنُهَا التَّزَوُّجُ. 1 - وَلَا يُؤْمَرُ بِتَطْلِيقِهَا لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُقِرًّا بِالنِّكَاحِ؛ 2 - فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْمُرَهُ الْقَاضِي أَنْ يَقُولَ: إنْ كُنْتِ امْرَأَتِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا. 3 - وَلَوْ ادَّعَى نِكَاحَهَا فَأَنْكَرَتْ فَالْحِيلَةُ فِي دَفْعِ الْيَمِينِ عَنْهَا عَلَى قَوْلِهَا. 4 - أَنْ تَتَزَوَّجَ بِآخَرَ، 5 - وَاخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ إقْرَارِهَا بِنِكَاحِ غَائِبٍ وَالْحِيلَةُ فِي صِحَّةِ هِبَةِ الْأَبِ شَيْئًا مِنْ مَهْرِ بِنْتِهِ لِلزَّوْجِ؛ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ كَبِيرَةً فَإِنَّهُ يَهَبُ لَهُ كَذَا بِإِذْنِهَا عَلَى أَنَّهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [السَّادِسُ فِي النِّكَاحِ] قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْمَرُ بِتَطْلِيقِهَا. كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَالصَّوَابُ وَلَا يُمْكِنُهُ تَطْلِيقُهَا. (2) قَوْلُهُ: فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْمُرَهُ الْقَاضِي أَنْ يَقُولَ إلَخْ. فَإِنَّ عَلَى هَذَا الطَّرِيقِ لَا يَصِيرُ مُقِرًّا بِالنِّكَاحِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. (3) قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى عَلَى نِكَاحِهَا فَأَنْكَرَتْ. يَعْنِي وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ. (4) قَوْلُهُ: أَنْ تَتَزَوَّجَ بِآخَرَ. أَقُولُ رُبَّمَا يَتَعَسَّرُ أَوْ يَتَعَذَّرُ حُصُولُ التَّزَوُّجِ حَالَ الدَّعْوَى فَلَا تُفِيدُ هَذِهِ الْحِيلَةُ شَيْئًا. (5) قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ إقْرَارِهَا بِنِكَاحِ غَائِبٍ. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَصِحُّ وَلَكِنْ بِالتَّكْذِيبِ مِنْ الْغَائِبِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ لَا يَصِحُّ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

6 - إنْ أَنْكَرَتْ الْإِذْنَ فَأَنَا ضَامِنٌ فَيَصِحُّ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً يُحِيلُ الزَّوْجُ الْبِنْتَ بِذَلِكَ الْقَدْرِ عَلَى الْأَبِ. 7 - إنْ كَانَ مَلِيًّا فَيَصِحُّ وَيَبْرَأُ الزَّوْجُ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ لَهُ يُزَوِّجُهُ عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِ الْمَوْلَى؛ يُطَلِّقُهَا الْمَوْلَى كُلَّمَا أَرَادَ، وَإِذَا خَافَتْ الْمَرْأَةُ الْإِخْرَاجَ مِنْ بَلَدِهَا. 8 - تَتَزَوَّجُهُ عَلَى مَهْرِ كَذَا، عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا فَإِذَا أَخْرَجَهَا كَانَ لَهَا تَمَامُ مَهْرِ مِثْلِهَا، 9 - أَوْ تُقِرُّ لِأَبِيهَا أَوْ لِوَلَدِهَا بِدَيْنٍ؛ 10 - فَإِذَا أَرَادَ إخْرَاجَهَا مَنَعَهَا الْمُقِرُّ لَهُ، فَإِنْ خَافَ الْمُقِرُّ لَهُ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (6) قَوْلُهُ: إنْ أَنْكَرَتْ الْإِذْنَ يَعْنِي وَرَجَعَتْ. (7) قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَلِيًّا إلَخْ. عِبَارَةُ التَّتَارْخَانِيَّة إنْ كَانَ الْأَبُ أَمْلَى مِنْ الزَّوْجِ. (8) قَوْلُهُ: تَتَزَوَّجُهُ عَلَى مَهْرِ كَذَا إلَى قَوْلِهِ كَانَ لَهَا تَمَامُ مَهْرِ مِثْلِهَا. يَعْنِي وَيُقِرُّ الزَّوْجُ أَنَّ مَهْرَ مِثْلِهَا شَيْءٌ كَثِيرٌ يَثْقُلُ عَلَيْهِ؛ وَتَشْهَدُ عَلَى إقْرَارِهِ كَمَا فِي حِيلَ الْخَصَّافِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ: إنَّمَا يَصِحُّ هَذَا الْإِقْرَارُ إذَا كَانَ فِي حَيِّزِ الِاحْتِمَالِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي حَيِّزِ الْمُحَالِ فَلَا. وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا لَا بَلْ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ صَحِيحٌ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّ لِهَذَا الصَّغِيرِ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ قَرْضٍ أَقْرَضَنِيهِ أَوْ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ بَاعَنِيهِ وَالصَّبِيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ هَذَا السَّبَبِ مِنْ جِهَةِ الرَّضِيعِ لَكِنْ إنَّمَا يَصِحُّ بِاعْتِبَارٍ وَأَنَّ هَذَا الْمُقِرَّ مَحَلٌّ لِثُبُوتِ الدَّيْنِ لِلصَّغِيرِ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ بِمُبَاشَرَةِ أَبِيهِ إلَى سَبَبِهِ وَانْعِقَادِ السَّبَبِ وَجَعَلْنَا هَذَا مِنْ الْمُقِرِّ الْتِزَامًا لِمَا زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ بِجِهَةٍ أُخْرَى تَصْحِيحًا لِلْإِقْرَارِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَلْيُرَاجَعْ. (9) قَوْلُهُ: أَوْ تُقِرُّ لِأَبِيهَا أَوْ لِوَلَدِهَا بِدَيْنٍ. يَعْنِي وَتَشْهَدُ عَلَى إقْرَارِهَا. (10) قَوْلُهُ: فَإِذَا أَرَادَ إخْرَاجَهَا مَنَعَهَا الْمُقِرُّ لَهُ. لَكِنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ إنَّمَا تَكُونُ حِيلَةً

يُحَلِّفَهُ الزَّوْجُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا كَذَا بَاعَهَا بِذَلِكَ الْمَالِ ثِيَابًا فَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْثَمُ. 11 - وَالْأَوْلَى أَنْ تَشْتَرِيَ شَيْئًا مِمَّنْ تَثِقُ بِهِ 12 - أَوْ تَكْفُلَ لَهُ لِيَكُونَ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ فَإِنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - خَالَفَ فِي الْإِقْرَارِ. 13 - أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَخِيفَ مِنْ أَوْلِيَائِهَا؛ تُوَكِّلُهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ يَقُولُ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلَتْ أَمْرَهَا إلَيَّ بِصَدَاقِ، كَذَا جَوَّزَهُ الْخَصَّافُ إنْ كَانَ كُفُؤًا، 14 - وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْخَصَّافَ رَجُلٌ كَبِيرٌ فِي الْعِلْمِ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ عِنْدَهُ يَصِحُّ إقْرَارُهَا بِالدَّيْنِ فِي حَقِّ نَفْسِهَا لَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ وَكَانَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الْمُقَرَّ لَهُ بِاَللَّهِ مَا أَقْرَرْت لَكَ بِهِ حَقًّا. (11) قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ تَشْتَرِيَ شَيْئًا مِمَّنْ تَثِقُ بِهِ. يَعْنِي بِثَمَنٍ غَالٍ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (12) قَوْلُهُ: أَوْ تَكْفُلُ لَهُ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّ لِلْبَائِعِ وَالْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا عَنْ الْخُرُوجِ عِنْدَ الْكُلِّ فَإِنَّ مُحَمَّدًا خَالَفَ فِي الْإِقْرَارِ؛ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة بَعْدَ كَلَامٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ - أَقَرَّتْ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُقَرُّ لَهُ سَبَبًا كَانَ فِي صِحَّةِ إقْرَارِهَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ - اخْتِلَافًا عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ. (13) قَوْلُهُ: أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَخِيفَ مِنْ أَوْلِيَائِهَا إلَخْ. أَقُولُ إنَّمَا جَازَ هَذَا الْعَقْدُ وَإِنْ كَانَ الْمُبَاشِرُ وَاحِدًا لِأَنَّ الْوَاحِدَ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ فِي بَابِ النِّكَاحِ عِنْدَنَا. (14) قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْخَصَّافَ رَجُلٌ كَبِيرٌ فِي الْعِلْمِ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ. يَعْنِي فِي الِاكْتِفَاءِ بِهَذَا الْقَدْرِ فِي تَعْرِيفِ الْمَرْأَةِ الْجَوَازَ النِّكَاحَ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا كَانُوا يَقُولُونَ إنَّهَا لَمْ تَصِرْ مُعَرَّفَةً بِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ التَّعْرِيفِ.

وَلَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ مَهْرَهَا وَكَانَ قَدْ دَفَعَهُ إلَى أَبِيهَا وَخَافَ إنْكَارَهُمَا؟ يُنْكِرُ أَصْلَ النِّكَاحِ 16 - وَجَازَ لَهُ الْحَلِفُ أَنَّهُ مَا تَزَوَّجَهَا عَلَى كَذَا 17 - قَاصِدًا الْيَوْمَ، 18 - وَالِاعْتِبَارُ لِنِيَّتِهِ حَيْثُ كَانَ مَظْلُومًا. حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ؛ 19 - فَالْحِيلَةُ أَنْ يُزَوِّجَهُ فُضُولِيٌّ وَيُجِيزُ بِالْفِعْلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ مَهْرَهَا إلَخْ. عِبَارَةُ التَّتَارْخَانِيَّة: رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ وَدَفَعَ الْمَهْرَ إلَى أَبِيهَا أَوْ إلَى مَنْ يَجُوزُ قَبْضُهُ لَهَا ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ طَلَبَتْ الزَّوْجَ بِالْمَهْرِ وَجَحَدَتْ قَبْضَ أَبِيهَا وَقَبْضَ مَنْ يَجُوزُ قَبْضُهُ عَلَيْهَا وَخَافَ الزَّوْجُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْمَهْرِ عِنْدَ الْقَاضِي أَنْ يُلْزِمَهُ إيَّاهُ وَيَجْعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَهَا. (16) قَوْلُهُ: وَجَازَ لَهُ الْحَلِفُ إلَخْ. يَعْنِي فَإِنْ أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ تَحْلِيفَهُ بِاَللَّهِ مَا تَزَوَّجَهَا عَلَى كَذَا جَازَ لَهُ الْحَلِفُ. (17) قَوْلُهُ: قَاصِدًا الْيَوْمَ إلَخْ. أَيْ نَاوِيًا بِقَلْبِهِ أَنَّهُ مَا تَزَوَّجَهَا الْيَوْمَ عَلَى كَذَا وَهُنَا وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ بَلَدًا آخَرَ غَيْرَ الْبَلَدِ الَّذِي تَزَوَّجَهَا فِيهِ. (18) قَوْلُهُ: وَالِاعْتِبَارُ لِنِيَّتِهِ حَيْثُ كَانَ مَظْلُومًا. هَذَا رَأْيُ الْخَصَّافِ فَإِنَّ مَنْ رَأَى أَنَّ نِيَّةَ التَّخْصِيصِ فِيمَا لَا لَفْظَ لَهُ صَحِيحٌ إذَا كَانَ الْحَالِفُ مَظْلُومًا وَعِنْدَنَا نِيَّةُ التَّخْصِيصِ فِيمَا لَا لَفْظَ لَهُ لَا يَصِحُّ، وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ فِي أَيْمَانِ الْجَامِعِ. (19) قَوْلُهُ: فَالْحِيلَةُ أَنْ يُزَوِّجَهُ فُضُولِيٌّ وَيُجِيزُهُ بِالْفِعْلِ. هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي فَتْحِ الْغَفَّارِ نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ، لَكِنْ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ فِي تَصَرُّفَاتِ الْفُضُولِيِّ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْقَوْلِ أَيْضًا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى خِلَافِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْنَثْ بِالْإِجَازَةِ بِالْفِعْلِ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَهُوَ التَّزَوُّجُ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْعَقْدِ وَهُوَ يَخْتَصُّ بِالْقَوْلِ وَالْإِجَازَةِ بِالْفِعْلِ كَبَعْثِ الْمَهْرِ وَشَيْءٍ مِنْهُ، وَالْمُرَادُ الْوُصُولُ إلَيْهَا. ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقِيلَ سَوْقُ الْمَهْرِ يَكْفِي مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمُجَوَّزَةَ الْإِجَازَةُ بِالْفِعْلِ وَهُوَ تَحَقَّقَ بِالسَّوْقِ وَبَعْثُ الْهَدِيَّةِ لَا يَكُونُ

وَكَذَا لَا تَتَزَوَّجُ. 21 - وَلَوْ حَلَفَ لَا يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ فَزَوَّجَهَا فُضُولِيٌّ وَأَجَازَهُ الْأَبُ لَمْ يَحْنَثْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQإجَازَةً لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِالنِّكَاحِ وَهَذَا إذَا زَوَّجَهُ الْفُضُولِيُّ بَعْدَ الْحَلِفِ أَمَّا إذَا زَوَّجَهُ قَبْلَ الْحَلِفِ ثُمَّ حَلَفَ ثُمَّ أَجَازَهُ بِالْفِعْلِ أَوْ الْقَوْلِ لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ. (20) قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا تَتَزَوَّجُ. يَعْنِي لَوْ حَلَفَتْ امْرَأَةٌ أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ فَزَوَّجَهَا فُضُولِيٌّ مِنْ رَجُلٍ فَأَخْبَرَهَا وَقَبَضَتْ الْمَهْرَ لَمْ تَحْنَثْ. (21) قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يُزَوِّجُ بِنْتَه إلَخْ. فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى رَوَى هِشَامٌ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَزَوَّجَهَا حَنِثَ وَإِنْ زَوَّجَهَا غَيْرُهُ فَأَجَازَ بِالْفِعْلِ لَا يَحْنَثُ وَعَنْ الْكَرْخِيِّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يُزَوِّجَ بِنْتَه فَوَكَّلَ رَجُلًا حَتَّى زَوَّجَهَا يَجُوزُ وَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ (انْتَهَى) . وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. أَقُولُ مَا فِي السِّرَاجِيَّةِ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْمُتُونِ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ النِّكَاحُ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَحْنَثُ الْحَالِفُ فِيهَا بِالْمُبَاشَرَةِ وَالْأَمْرِ.

[السابع في الطلاق]

السَّابِعُ فِي الطَّلَاقِ) كَتَبَ إلَى امْرَأَتِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ إلَيَّ غَيْرِكِ وَغَيْرِ فُلَانَةَ طَالِقٌ ثُمَّ مَحَا ذِكْرَ فُلَانَةَ وَبَعَثَ بِالْكِتَابِ لَهَا لَمْ تَطْلُقْ فُلَانَةُ وَهَذِهِ حِيلَةٌ جَيِّدَةٌ، 1 - وَالْحِيلَةُ لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا 2 - أَنْ يَقُولَ الْمُحَلِّلُ قَبْلَ الْعَقْدِ: إنْ تَزَوَّجْتُكِ وَجَامَعْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ بَائِنَةٌ فَيَقَعُ بِالْجِمَاعِ مَرَّةً؛ 3 - فَإِنْ خَافَتْ مِنْ إمْسَاكِهِ بِلَا جِمَاعٍ 4 - يَقُولُ إنْ تَزَوَّجْتُكِ وَأَمْسَكْتُكِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَمْ أُجَامِعْكِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ بَائِنًا وَالْأَحْسَنُ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فِي الطَّلَاقِ بِشَرْطِ بِدَايَتِهَا بِذَلِكَ ثُمَّ قَبُولُهُ أَمَّا إذَا بَدَأَ الْمُحَلِّلُ فَقَالَ تَزَوَّجْتُكِ عَلَى أَنَّ أَمْرَكِ بِيَدِكَ فَقَبِلَتْ لَمْ يَصِرْ أَمْرُهَا بِيَدِهَا إلَّا إذَا قَالَ عَلَى أَنَّ أَمْرَكِ بِيَدِكِ بَعْدَمَا أَتَزَوَّجُكِ فَقَبِلَتْ، وَإِذَا خَافَتْ ظُهُورَ أَمْرِهَا فِي التَّحْلِيلِ تَهَبُ لِمَنْ تَثِقُ بِهِ مَالًا يَشْتَرِي بِهِ مَمْلُوكًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [السَّابِعُ فِي الطَّلَاقِ] قَوْلُهُ: وَالْحِيلَةُ لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا. يَعْنِي إذَا خَافَتْ أَنْ يُمْسِكَهَا الزَّوْجُ الْمُحَلِّلُ. (2) قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ الْمُحَلِّلُ إلَخْ. حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يُقَالَ: يَقُولُ الَّذِي يُرِيدُ التَّحْلِيلَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا الْمُحَلِّلُ قُلْ إنْ تَزَوَّجْتُكِ وَجَامَعْتُكِ مَرَّةً فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً (3) قَوْلُهُ: فَإِنْ خَافَتْ مِنْ إمْسَاكِهِ بِلَا جِمَاعٍ. عِبَارَةُ التَّتَارْخَانِيَّة بِلَا طَلَاقٍ وَلَا جِمَاعٍ. (4) قَوْلُهُ: يَقُولُ إنْ تَزَوَّجْتُكِ إلَخْ. حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يُقَالَ: يَقُولُ لَهُ قَبْلَ التَّزَوُّجِ قُلْ إنْ تَزَوَّجْتُكِ وَأَمْسَكْتُكِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ فَوْقَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَمْ

5 - مُرَاهِقًا يُجَامِعُ مِثْلُهُ ثُمَّ يُزَوِّجُهَا مِنْهُ، فَإِذَا دَخَلَ بِهَا وَهَبَهُ مِنْهَا وَتَقْبِضُهُ فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ 6 - ثُمَّ تَبْعَثُ بِهِ إلَى بَلَدٍ يُبَاعُ، 7 - وَنَظَرَ فِيهَا بِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ بِكُفْءٍ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى رِضَا الْوَلِيِّ أَوْ أَنَّهَا لَا وَلِيَّ لَهَا. حَلَفَ لَيُطَلِّقُهَا الْيَوْمَ؛ 8 - فَالْحِيلَةُ أَنْ يَقُولَ لَهَا. أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ عَلَى أَلْفٍ فَلَمْ تَقْبَلْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأُجَامِعْكِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً فَإِذَا قَالَ الزَّوْجُ ذَلِكَ تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا مِنْهُ فَإِذَا مَضَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَيَحْصُلُ الْخَلَاصُ. (5) قَوْلُهُ: مُرَاهِقًا يُجَامِعُ مِثْلُهُ. أَيْ مُقَارِبٌ لِلْحُلُمِ. وَفِي شُرُوطِ الظَّهِيرِيَّةِ: إذَا تَجَاوَزَ عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ نَاشِئٌ وَإِذَا قَارَبَ الْحُلُمَ فَهُوَ مُرَاهِقٌ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي تَتَحَرَّكُ آلَتُهُ وَيَشْتَهِي كَمَا فِي الْمُسْتَصْفَى وَقُدِّرَ غَيْرُ الْبَالِغِ لِلتَّحْلِيلِ بِعَشْرِ سِنِينَ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ حُرًّا بَالِغًا فَإِنَّ الْإِنْزَالَ شَرْطٌ عِنْدَ مَالِكٍ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. فَالْأَوْلَى الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَذْهَبَيْنِ لِأَنَّهُ كَالتِّلْمِيذِ لِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلِذَا مَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَى بَعْضِ أَقْوَالِهِ ضَرُورَةً كَمَا فِي دِيبَاجَةِ الْمُصَفَّى كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ. وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي تَلْبِيسِ النَّظَائِرِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ قَوْلٌ فِي مَسْأَلَةٍ يُرْجَعُ إلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ الْمَذَاهِبِ إلَيْهِ (انْتَهَى) . وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُرَاهِقَ وَإِنْ كَانَ الْبَالِغُ أَوْلَى لِأَنَّ الْمُرَاهِقَ غَافِلٌ عَنْ مَلَاذِّ الْجِمَاعِ فَلَا يَغْشَى أَمْرَهَا بِخِلَافِ الْبَالِغِ. (6) قَوْلُهُ: ثُمَّ يَبْعَثُ بِهِ إلَى بَلَدٍ يُبَاعُ. يَعْنِي حَتَّى تَنْقَطِعَ الْمَقَالَةُ بَيْنَ النَّاسِ وَلَا يَكُونُ الْمُشَارُ إلَيْهِ، وَهَذَا لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ أَتَى بَهِيمَةً تُحْرَقُ الْبَهِيمَةُ بِالنَّارِ حَتَّى تَنْقَطِعَ الْمَقَالَةُ بَيْنَ النَّاسِ وَلَا تَكُونُ الْمُشَارُ إلَيْهَا. (7) قَوْلُهُ: وَنُظِرَ فِيهَا بِأَنَّ الْعَبْدَ إلَخْ. أَيْ فِي هَذِهِ الْحِيلَةِ وَهَذِهِ الْحِيلَةُ ذَكَرَهَا الْخَصَّافُ وَنَظَرَ فِيهَا شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ بِمَا ذَكَرَ. (8) قَوْلُهُ: فَالْحِيلَةُ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إلَخْ وَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مَوْصُولًا لَا مَلْفُوظًا حَتَّى إنَّ الْمَفْصُولَ لَا يَعْمَلُ وَكَذَا الْمُضْمَرُ فِي قَلْبِهِ وَكَوْنُهُ مَسْمُوعًا

حَلَفَ لَا يُطَلِّقُهَا فَخَلَعَهَا أَجْنَبِيٌّ وَدَفَعَ لَهُ بَدَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، فَتَزَوَّجَ 10 - فَإِذَا حَكَّمَا شَافِعِيًّا، فَحَكَمَ بِبُطْلَانِ الْيَمِينِ صَحَّ. وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ تَقْبَلْ 11 - لَمْ يَقَعْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. أَنْكَرَ طَلَاقَهَا، فَالْحِيلَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQهَلْ هُوَ شَرْطٌ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا لَيْسَ يُشْتَرَطُ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ تَصْحِيحُ الْحُرُوفِ وَالتَّكَلُّمُ بِهِ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا كَوْنُهُ مَسْمُوعًا شَرْطٌ وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ. ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي فَصْلَيْنِ، الطَّلَاقُ وَالْإِعْتَاقُ فَإِذَا قُرِنَ بِهِ الِاسْتِثْنَاءُ هَلْ يَتَّصِفُ الشَّخْصُ بِكَوْنِهِ مُوقِعًا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ الْوُقُوعُ حَتَّى إنَّ مَنْ حَلَفَ وَقَالَ لَأُطَلِّقَنَّ الْيَوْمَ امْرَأَتِي تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا وَقَالَ لَهَا فِي الْيَوْمِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى أَلْفٍ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا أَقْبَلُ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ بَارًّا فِي يَمِينِهِ وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِ بَلْخِي وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ أَنْ يَبِيعَ فَبَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا فَقَدْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ فَاعْتُبِرَ بَيْعًا مُوجِبًا لِلْمِلْكِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ فَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ يُعْتَبَرُ مُوقِعًا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ الْوُقُوعُ وَمَشَايِخُنَا يَقُولُونَ لَا يَتَّصِفُ بِكَوْنِهِ مُوقِعًا وَجَعَلُوا هَذَا الْجَوَابَ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَقَالُوا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إنَّ الْحَالِفَ يُعْتَبَرُ بَارًّا فِي يَمِينِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَلْيُرَاجَعْ. (9) قَوْلُهُ: حَلَفَ لَا يُطَلِّقُهَا فَخَلَعَهَا أَجْنَبِيٌّ إلَخْ. هَذِهِ الْحِيلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي السِّرَاجِيَّةِ. (10) قَوْلُهُ: فَإِذَا حَكَمًا شَافِعِيًّا فَحَكَمَ بِبُطْلَانِ الْيَمِينِ صَحَّ. يَعْنِي الْحُكْمَ بِالْبُطْلَانِ لِأَنَّهَا مُخَالَفَةٌ لِلنَّصِّ وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ» فَإِنَّهُ يَرْتَفِعُ الْيَمِينُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَّا أَنَّ هَذَا مِمَّا يُعْرَفُ وَلَا يُفْتَى بِالْقَلَمِ كَيْ لَا يَتَجَاسَرَ الْعَوَامُّ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا يُفْتَى بِالْقَلَمِ أَنَّهُ يُفْتَى بِالْقَوْلِ وَالْعِلَّةُ تَقْتَضِي عَدَمَ الْإِفْتَاءِ مُطْلَقًا. (11) قَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ وَعَلَيْهِ. الْفَتْوَى فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ عَدَمَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ رِوَايَةً عَنْ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

12 - أَنْ تَدْخُلَ بَيْتًا، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ أَلَكَ امْرَأَةٌ فِي هَذَا الْبَيْتِ؟ فَيَقُولُ لَا لِعَدَمِ عِلْمِهِ، 13 - فَيُقَالُ لَهُ كُلُّ امْرَأَةٍ لَكَ فِيهِ فَهِيَ بَائِنٌ، فَيُجِيبُ بِذَلِكَ فَتَظْهَرُ عَلَيْهِ فَيَشْهَدُونَ عَلَيْهِ. إنْ لَمْ تَطْبُخْ قِدْرًا، نِصْفُهَا حَلَالٌ وَنِصْفُهَا حَرَامٌ، فَهِيَ طَالِقٌ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ تَجْعَلَ الْخَمْرَ فِي الْقِدْرِ ثُمَّ تَطْبُخَ الْبَيْضَ فِيهِ. حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ؛ الْحِيلَةُ حَمْلُهُ لَهَا. فِي فِيهِ لُقْمَةٌ فَقَالَ إنْ أَكَلْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَإِنْ طَرَحَتْهَا فَهِيَ طَالِقٌ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْكُلَ النِّصْفَ وَيَطْرَحَ النِّصْفَ أَوْ يَأْخُذَهَا مِنْ فِيهِ إنْسَانٌ بِغَيْرِ أَمْرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (12) قَوْلُهُ: أَنْ تَدْخُلَ بَيْتًا. يَعْنِي فِيهَا زَوْجَهَا. (13) قَوْلُهُ: فَيُقَالُ لَهُ كُلُّ امْرَأَةٍ لَكَ فِيهِ إلَخْ. أَقُولُ الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ فَيُقَالَ لَهُ قُلْ كُلُّ امْرَأَةٍ لَكَ فِي إلَخْ.

[الثامن في الخلع]

الثَّامِنُ: فِي الْخُلْعِ سُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ سَأَلْتِنِي الْخُلْعَ وَلَمْ أَخْلَعْ، وَحَلَفَتْ هِيَ بِالْعِتْقِ إنْ لَمْ تَسْأَلْهُ الْخُلْعِ قَبْلَ اللَّيْلِ. فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْمَرْأَةِ سَلِيهِ الْخُلْعَ، فَسَأَلَتْهُ فَقَالَ لَهُ قُلْ: خَلَعْتُكِ عَلَى أَلْفٍ فَقَالَ لَهَا: قَوْلِي لَا أَقْبَلُ فَقَالَتْ، فَقَالَ: قَوْمِي وَاذْهَبِي مَعَ زَوْجِكِ 1 - فَقَدْ بَرَّ كُلٌّ مِنْكُمَا. وَحِيلَةٌ أُخْرَى أَنْ تَبِيعَ الْمَرْأَةُ جَمِيعَ مَمَالِيكِهَا مِمَّنْ تَثِقُ بِهِ 2 - قَبْلَ مُضِيِّ الْيَوْمِ ثُمَّ تَسْتَرِدَّهُ بَعْدُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الثَّامِنُ فِي الْخُلْعِ] قَوْلُهُ: فَقَدْ بَرَّ كُلٌّ مِنْكُمَا فِي يَمِينِهِ. هَكَذَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ مَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ أَنَّ الْخُلْعَ مُعَاوَضَةٌ يُشْبِهُ الْبَيْعَ، فَالْبَرُّ لَا يَحْصُلُ مَا لَمْ يُوجَدْ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَقَدَ الْيَمِينَ عَلَى التَّبَرُّعَاتِ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقَعَ الْبَرُّ فِي يَمِينِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ الْقَبُولُ مِنْ الْآخَرِ. قِيلَ مَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ يَسْتَقِيمُ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الْخُلْعَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ يَمِينٌ وَتَعْلِيقٌ لِلطَّلَاقِ بِقَبُولِهَا وَالتَّعْلِيقُ يَتِمُّ بِالْمُعَلَّقِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْقَبُولِ وَالْيَمِينُ تَتِمُّ بِالْحَالِفِ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِغَيْرِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَلْيُرَاجَعْ. (2) قَوْلُهُ: قَبْلَ مُضِيِّ الْيَوْمِ. يَعْنِي فَيَمْضِي الْيَوْمُ وَلَيْسَ فِي مِلْكِهِ شَيْءٌ فَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ لَا إلَى جَزَاءٍ.

[التاسع في الأيمان]

التَّاسِعُ: فِي الْأَيْمَانِ لَا يَتَزَوَّجُ بِالْكُوفَةِ 1 - يَعْقِدُ خَارِجَهَا وَلَوْ فِي سَوَادِهَا إمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ. لَا يُزَوِّجُ عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ ثُمَّ أَرَادَهُ 2 - فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَهُمَا مِنْ ثِقَةٍ فَيُزَوِّجَهُمَا ثُمَّ يَسْتَرِدَّهُمَا. لَا يُطَلِّقُهَا بِبُخَارَى يَخْرُجُ مِنْهَا ثُمَّ يُطَلِّقُهَا أَوْ يُوَكِّلُ فَيُطَلِّقُهَا خَارِجَهَا. 3 - حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُهَا؛ بِعَقْدٍ مَرَّتَيْنِ. قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [التَّاسِعُ فِي الْأَيْمَانِ] قَوْلُهُ: يَعْقِدُ خَارِجَهَا وَلَوْ فِي سَوَادِهَا. قَالَ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ: جَعَلَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَوَادَ الْكُوفَةِ غَيْرَ الْكُوفَةِ وَسَوَادَ الرَّيِّ مِنْ الرَّيِّ: وَإِنَّمَا تَظْهَرُ هَذِهِ الْحِيلَةُ فِي الْإِجَارَةِ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى الْكُوفَةِ أَوْ إلَى مَرْوَ أَوْ سَمَرْقَنْدَ يَجُوزُ لِأَنَّ هَذِهِ أَسَامِي الْقَصَبَةِ لَا غَيْرُ فَكَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا مَعْلُومًا وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى الرَّيِّ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ هَذَا الِاسْمَ يَقَعُ عَلَى الْقَصَبَةِ وَالسَّوَادِ جَمِيعًا فَكَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا مَجْهُولًا وَإِنَّمَا عَرَفْت هَذِهِ الْأَسَامِيَ مِنْ جِهَةِ الْعُرْفِ لَا مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَلْيُرَاجَعْ. (2) قَوْلُهُ: فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَهُمَا مِنْ ثِقَةٍ فَيُزَوِّجَهُمَا ثُمَّ يَسْتَرِدَّهُمَا إلَخْ. يَعْنِي بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ ذَكَرَ هَذِهِ الْحِيلَةَ الْخَصَّافُ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ الْكَرْخِيِّ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يُزَوِّجُ بِنْتَه فَوَكَّلَ رَجُلًا حَتَّى زَوَّجَهَا أَنَّهُ يَجُوزُ وَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. وَهَذِهِ كَانَتْ لَا تَخْفَى عَلَى الْخَصَّافِ إنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ صَحِيحًا (انْتَهَى) . أَقُولُ قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ مَا نُقِلَ عَنْ الْكَرْخِيِّ مُخَالِفٌ لِمَا فِي مُتُونِ الْمَذْهَبِ فَكَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ فَلِذَلِكَ عَدَلَ عَنْهُ الْخَصَّافُ. (3) قَوْلُهُ: حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُهَا بِعَقْدٍ مَرَّتَيْنِ. يَعْنِي لِأَنَّهُ إنْ حَنِثَ فَقَدْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا

4 - الْأَوْلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ بِيَقِينٍ. حَلَّفَتْهُ امْرَأَتُهُ بِأَنَّ كُلَّ جَارِيَةٍ تَشْتَرِيهَا فَهِيَ حُرَّةٌ. 5 - فَقَالَ نَعَمْ نَاوِيًا جَارِيَةً بِعَيْنِهَا صَحَّتْ نِيَّتُهُ. 6 - وَلَوْ نَوَى بِالْجَارِيَةِ السَّفِينَةَ صَحَّتْ نِيَّتُهُ وَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْكِ 7 - نَاوِيًا عَلَى رَقَبَتِكِ صَحَّتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْدَ مَا حَنِثَ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَنِثَ لَمْ يَضُرَّهُ النِّكَاحُ الثَّانِي وَهَذَا يَسْتَقِيمُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي تَسْمِيَةٌ يَلْزَمُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَسَمَّى لَهَا مَهْرًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا وَسَمَّى لَهَا مَهْرًا يَلْزَمُهُ الثَّانِي فَيَضُرُّهُ النِّكَاحُ الثَّانِي فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ثَانِيًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْزَمَهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْمَهْرِ الَّذِي سَمَّاهُ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى النِّصْفِ الَّذِي يَبْطُلُ مِنْهُ النِّكَاحُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي هَذَا النِّكَاحِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (4) قَوْلُهُ: الْأَوْلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ بِيَقِينٍ. يَعْنِي احْتِيَاطًا لِاخْتِلَافِ السَّلَفِ فِي صِحَّةِ هَذَا الْيَمِينِ أَوْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عِنْدَ التَّزَوُّجِ فَإِنَّ الصَّحِيحَ مَا قَالَهُ بَعْضُ السَّلَفِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لَمَّا تَزَوَّجَهَا. لَوْ قُلْنَا إنَّهُ لَا يُطَلِّقُهَا تَطْلِيقَةً أُخْرَى وَالْمَرْأَةُ تَتَزَوَّجُ آخَرَ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا وَهِيَ امْرَأَةُ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَهَذَا فَسْخٌ أَنْ يُطَلِّقَهَا تَطْلِيقَةً أُخْرَى حَتَّى تَبِينَ مِنْهُ إمَّا بِحُكْمِ هَذِهِ الطَّلْقَةِ وَإِمَّا بِحُكْمِ الْيَمِينِ السَّابِقِ فَحَلَّ لَهَا التَّزَوُّجُ بِزَوْجٍ آخَرَ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِيجَازِ الْبَالِغِ حَدَّ الْأَلْغَازِ. (5) قَوْلُهُ: فَقَالَ نَعَمْ نَاوِيًا جَارِيَةً بِعَيْنِهَا صَحَّتْ نِيَّتُهُ. يَعْنِي دِيَانَةً لَا قَضَاءً لِأَنَّهُ نَوَى خِلَافَ الظَّاهِرِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ. (6) قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى بِالْجَارِيَةِ السَّفِينَةَ صَحَّتْ نِيَّتُهُ. يَعْنِي دِيَانَةً لَا قَضَاءً لِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ. (7) قَوْلُهُ: نَاوِيًا عَلَى رَقَبَتِكَ صَحَّتْ. أَيْ نِيَّتُهُ قَضَاءً وَدِيَانَةً لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ.

عَرَضَ عَلَى غَيْرِهِ يَمِينًا فَقَالَ نَعَمْ؛ لَا يَكْفِي وَلَا يَصِيرُ حَالِفًا وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، 9 - وَعَلَى هَذَا فَمَا يَقَعُ مِنْ التَّعَالِيقِ فِي الْمُحَاكِمِ أَنَّ الشَّاهِدَ يَقُولُ لِلزَّوْجِ تَعْلِيقًا فَيَقُولُ نَعَمْ، 10 - لَا يَصِحُّ عَلَى الصَّحِيحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عَرَضَ عَلَى غَيْرِهِ يَمِينًا فَقَالَ نَعَمْ؛ لَا يَكْفِي وَلَا يَصِيرُ حَالِفًا وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. أَقُولُ الصَّوَابُ يَكْفِي وَيَصِيرُ حَالِفًا كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَعِبَارَتُهَا بَعْدَ كَلَامِ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُشِيرُ إلَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا عَرَضَ عَلَى غَيْرِهِ يَمِينًا مِنْ الْأَيْمَانِ فَيَقُولُ ذَلِكَ الْغَيْرُ نَعَمْ أَنَّهُ يَكْفِي وَيَصِيرُ حَالِفًا بِتِلْكَ الْيَمِينِ الَّتِي عَرَضَتْ عَلَيْهِ وَهَذَا فَصْلٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ. قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَكْفِي وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَكْفِي وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَيْهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ (انْتَهَى) . مِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي نَقْلِ الْمُصَنِّفِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ الْخَلَلِ وَأَنَّ الصَّوَابَ إسْقَاطُ لَا مِنْ قَوْلِهِ لَا يَكْفِي وَلَا يَصِيرُ وَيُوَافِقُ مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ التَّاجِيَّةِ عَنْ حِيَلِ الْمُحِيطِ: لَوْ عَرَضَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَيَقُولُ نَعَمْ يَكْفِي وَيَكُونُ حَالِفًا. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مُخْتَلَفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ مِنْ فَنِّ الْقَوَاعِدِ وَهِيَ السُّؤَالُ مُعَادٌ فِي جَوَابٍ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ. (9) قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا فَمَا يَقَعُ مِنْ التَّعْلِيقِ فِي الْمُحَاكِمِ. أَقُولُ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْخَطَأِ وَالْخَطَأُ يَأْنَسُ بِالْخَطَأِ. (10) قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ عَلَى الصَّحِيحِ. كَمَا قَدْ قَدَّمْنَاهُ وَقَوْلُهُ نَعَمْ يَكْفِي فِي التَّعْلِيقِ بَعْدَ قِرَاءَةِ الشَّاهِدِ التَّعْلِيقَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يَسْتَخْبِرُ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُعَلِّقَ عَلَيْهِ فَإِذَا قَالَ نَعَمْ كَانَ جَوَابًا وَإِعْلَامًا فَكَأَنَّهُ أَعَادَهُ فِي جَوَابِهِ فَيَلْزَمُهُ مُوجَبُ التَّعْلِيقِ وَيَشْهَدُ عَلَيْهِ بِهِ، فَلَوْ قَالَ لَمْ أُرِدْ الْجَوَابَ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ فَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً. وَفِي الْفَتْحِ: لَوْ قَالَ عَلَيْكَ عَهْدُ اللَّهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَقَالَ نَعَمْ الْحَالِفُ الْمُجِيبُ وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا فَهَذِهِ عَلَى أَقْسَامٍ مَذْكُورَةٍ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَلَعَلَّهَا هِيَ مَسْأَلَةُ عَرْضِ الْيَمِينِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْأَيْمَانِ: رَجُلٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ امْرَأَتُكَ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَقْضِ دَيْنِي فَقَالَ الْمَدْيُونُ نَعَمْ وَأَرَادَ جَوَابَهُ الْيَمِينُ لَازِمَةٌ وَإِنْ دَخَلَ بَيْنَهُمَا انْقِطَاعٌ.

إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ يَبِيعُهُ. ثُمَّ يَفْعَلُ ثُمَّ يَسْتَرِدُّهُ 12 - الْحِيلَةُ فِي بَيْعِ مُدَبَّرٍ يَعْتِقُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ أَنْ يَقُولَ إذَا مِتُّ وَأَنْتَ فِي مِلْكِي فَأَنْتَ حُرٌّ. 13 - اُنْتُقِضَ الْبَيْعُ بِإِقَالَةٍ أَوْ خِيَارٍ ثُمَّ ادَّعَى بِهِ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ نَاوِيًا مَكَانًا غَيْرَ مَكَانِهِ أَوْ زَمَانًا غَيْرَ زَمَانِهِ. 14 - حَلَفَ لَا يَشْتَرِيهِ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا؛ يَشْتَرِيهِ بِأَحَدَ عَشَرَ وَشَيْءٍ آخَرَ غَيْرِ الدَّرَاهِمِ. لَا يَبِيعُ الثَّوْبَ مِنْ فُلَانٍ بِثَمَنٍ أَبَدًا؛ فَالْحِيلَةُ بَيْعُ الثَّوْبِ مِنْهُ وَمِنْ آخَرَ أَوْ بَيْعُهُ مِنْهُ بِعَرْضٍ أَوْ يَبِيعُهُ الْبَعْضَ وَيَهَبُهُ الْبَعْضَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ يَبِيعُهُ. يَعْنِي مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ إذَا أَرَادَ إسْرَادَهُ وَيُسَلِّمُهُ إلَيْهِ. (12) قَوْلُهُ: الْحِيلَةُ فِي بَيْعِ مُدَبَّرٍ يَعْتِقُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ إلَخْ. عِبَارَةُ التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَرَادَ أَنْ يُدَبِّرَ عَبْدَهُ وَيُجَوِّزَ بَيْعَهُ فَإِنَّهُ يَقُولُ إذَا مِتُّ وَأَنْتَ فِي مِلْكِي فَأَنْتَ حُرٌّ هَكَذَا رَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ بَيْعَهُ يَجُوزُ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الرَّكَاكَةِ. (13) قَوْلُهُ: اُنْتُقِضَ الْبَيْعُ بِإِقَالَةٍ إلَخْ. فِي الْمُحِيطِ: رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ دَارًا وَضْعِيَّةً ثُمَّ اُنْتُقِضَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا بِإِقَالَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِع عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ اشْتَرَى ذَلِكَ مِنْهُ وَقَدَّمَهُ إلَى الْقَاضِي وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ بِاَللَّهِ مَا اشْتَرَيْت ذَلِكَ مِنْهُ وَالْبَائِعُ مُبْطِلٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى فَالْحِيلَةُ فِي دَفْعِ الْيَمِينِ أَنَّهُ يَنْوِي أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِهَا مِنْهُ بِبَغْدَادَ أَوْ بِمَكَّةَ أَوْ فِي بَلَدِ كَذَا وَقَعَ الْبَيْعُ فِيهِ، أَوْ يَنْوِي أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْمُشْتَرِي فَأَرَادَ اسْتِحْلَافَ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ يُحَلِّفُهُ عَلَى مَا وَصَفْنَاكَ وَلَا يَأْثَمُ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ يَسْعَى لِدَفْعِ الظُّلْمِ عَنْ نَفْسِهِ (انْتَهَى) . قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة هَذَا رَأْيُ الْخَصَّافِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَرَى نِيَّةَ تَخْصِيصِ مَا لَيْسَ فِي لَفْظِهِ. (14) قَوْلُهُ: حَلَفَ لَا يَشْتَرِيهِ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا إلَخْ. قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَلَوْ أَنَّ

15 - أَوْ يُوَكِّلُ بَيْعَهُ مِنْهُ أَوْ بَيْعَهُ فُضُولِيٌّ مِنْهُ وَيُجِيزُ الْبَيْعَ. 16 - لَا يَشْتَرِيهِ، يَشْتَرِيهِ بِالْخِيَارِ 17 - وَفِيهِ نَظَرٌ، أَوْ يَشْتَرِيهِ مَعَ آخَرَ أَوْ يَشْتَرِيهِ إلَّا سَهْمًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQرَجُلًا سَاوَمَ رَجُلًا بِثَوْبٍ وَأَبَى الْبَائِعُ أَنْ يُنْقِصَهُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَدِينَارًا أَوْ بَاعَ بِأَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا أَوْ مَا يَبْلُغُ قِيمَةَ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا فَيُجْعَلُ هَذَا كَالْمُصَرَّحِ بِهِ فِي يَمِينِهِ أَوْ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا مِنْ مَالٍ آخَرَ سِوَى الدَّرَاهِمِ، وَلَوْ أَرَدْنَا ذَلِكَ أَرَدْنَاهُ بِمُجَرَّدِ الْعُرْفِ وَالْقَصْدِ لِأَنَّ اسْمَ الدَّرَاهِمِ لَا يَحْتَمِلُ اسْمًا آخَرَ وَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُ الزِّيَادَةِ فِي الْيَمِينِ بِمُجَرَّدِ الْعُرْفِ وَالْقَصْدِ أَلَا تَرَى إنْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي هَذَا الثَّوْبَ بِدِرْهَمٍ فَاشْتَرَاهُ بِدِينَارٍ لَمْ يَحْنَثْ مَعَ أَنَّ الدِّينَارَ أَكْثَرُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَمَنْ رَغِبَ عَنْ شِرَاءِ شَيْءٍ بِدِرْهَمٍ كَانَ أَرْغَبَ عَنْ شِرَائِهِ بِمَا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ دِرْهَمًا وَزِيَادَةً. لَكِنْ قِيلَ لَوْ أَرَدْنَا ذَلِكَ أَرَدْنَاهُ بِمُجَرَّدِ الْعُرْفِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ جَوَابُ الْقِيَاسِ أَمَّا عَلَى جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ يَحْنَثُ. فَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ عَبْدَهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ إلَّا بِأَكْثَرَ أَوْ بِأَزْيَدَ فَبَاعَهُ بِتِسْعَةٍ وَدِينَارٍ، الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَحْنَثَ لِأَنَّ الْمَنْفِيَّ هُوَ الْبَيْعُ الْمُطْلَقُ وَالْمُسْتَثْنَى الْبَيْعُ بِأَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةٍ أَوْ بِأَزْيَدَ مِنْهَا لِأَنَّ الْكَثْرَةَ وَالزِّيَادَةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ فَلَمْ يَكُنْ هَذَا الْبَيْعُ دَاخِلًا تَحْتَ الْيَمِينِ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ جُعِلَتْ جِنْسًا وَاحِدًا فِيمَا عَدَا حُكْمَ الرِّبَا فَتَكْثُرُ الدَّرَاهِمُ بِالدَّنَانِيرِ فَكَانَ هَذَا بَيْعًا بِأَكْثَرَ. (15) قَوْلُهُ: أَوْ يُوَكِّلُ بِبَيْعِهِ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِمَا فِي إيمَانِ الْأَصْلِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ وَلَا يَشْتَرِي فَأَمَرَ إنْسَانًا بِذَلِكَ لَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا كَانَ سُلْطَانًا لَا يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ. (16) قَوْلُهُ: لَا يَشْتَرِيهِ يَشْتَرِيهِ بِالْخِيَارِ. يَعْنِي إنْ قَالَ لَوْ اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَلَا يَمْلِكُهُ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ حَتَّى لَوْ نَاقَضَهُ الشِّرَاءَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَاتًّا لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي حِيَلِهِ. (17) قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ. وَجْهُ النَّظَرِ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ وَقَالَ إنْ اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ بِالْخِيَارِ عَتَقَ عَلَيْهِ بِلَا ذِكْرِ خِلَافٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

18 - ثُمَّ يَشْتَرِي السَّهْمَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ. 19 - عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ أَخَذَ دَيْنَهُ مُتَفَرِّقًا يَأْخُذُهُ إلَّا دِرْهَمًا. 20 - حَلَفَ لَيَأْخُذَنَّ مِنْ فُلَانٍ حَقَّهُ أَوْ لَيَقْبِضَنَّهُ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْهُ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ وَكِيلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ كَفِيلِهِ أَوْ مِنْ حَوِيلِهِ، 21 - وَقِيلَ يَحْنَثُ. إنْ أَكَلْت مِنْ هَذَا الْخُبْزِ، 22 - يَدُقُّهُ وَيُلْقِيهِ فِي عَصِيدَةٍ وَيَطْبُخُهُ حَتَّى يَصِيرَ هَالِكًا فَيَأْكُلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (18) قَوْلُهُ: ثُمَّ يَشْتَرِي السَّهْمَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ. أَوْ لِامْرَأَتِهِ بِأَمْرِهَا أَوْ يَشْتَرِي تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سَهْمًا لِنَفْسِهِ؛ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ يُقِرُّ لَهُ بِالسَّهْمِ الْبَاقِي وَلَوْ وَهَبَ لَهُ السَّهْمَ الْبَاقِيَ فَفِي الْعَبْدِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ تَصِحُّ الْهِبَةُ وَفِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ وَفِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. (19) قَوْلُهُ: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ أَخَذَ دَيْنَهُ مُتَفَرِّقًا إلَخْ يَعْنِي إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ مَثَلًا فَقَالَ رَبُّ الدَّيْنِ عَبْدِي حُرٌّ إنْ أَخَذْتهَا الْيَوْمَ مُتَفَرِّقَةً فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الْمِائَةِ مُتَفَرِّقًا. (20) قَوْلُهُ: حَلَفَ لَيَأْخُذَنَّ مِنْ فُلَانٍ حَقَّهُ: يَعْنِي ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْهُ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ وَكِيلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَا يَحْنَثُ. وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْ رَجُلٍ كَفَلَ بِالْمَالِ عَنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِأَمْرِهِ أَوْ مِنْ رَجُلٍ أُحَالهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَقَدْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ هَكَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ. (21) قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَحْنَثُ. قَالَ فِي الْعُيُونِ إذَا حَلَفَ لَا يَقْبِضُ مَالًا مِنْ الْمَطْلُوبِ الْيَوْمَ فَقَبَضَ مِنْ وَكِيلِ الْمَطْلُوبِ حَنِثَ وَإِنْ قَبَضَ مِنْ مُتَطَوِّعٍ لَمْ يَحْنَثْ (انْتَهَى) . وَإِنْ عَنَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ يُصَدِّقُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ أَوَّلًا. (22) قَوْلُهُ: يَدُقُّهُ وَيُلْقِيهِ فِي عَصِيدَةٍ إلَخْ. يَعْنِي الْحِيلَةَ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ. وَفِي الْقُدُورِيِّ: أَوْ جَفَّفَهُ وَدَقَّهُ ثُمَّ شَرِبَهُ بِمَائِهِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ

لَا يَأْكُلُ طَعَامًا لِفُلَانٍ؛ يَبِيعُهُ لَهُ أَوْ يُهْدِيهِ فَيَأْكُلُهُ. 24 - إنْ صَعِدْت فَكَذَا وَإِنْ نَزَلْت فَكَذَا. يَحْمِلُهَا وَيَنْزِلُ بِهَا. لَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا؛ يَهَبُهَا مَالًا فَتُنْفِقُهُ، 25 - أَوْ يُبِينُهَا، 26 - فَتَبْطُلُ الْيَمِينُ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، أَوْ تَسْتَأْجِرُ زَوْجَهَا كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ لَهَا، 27 - فَحِينَئِذٍ الْكَسْبُ لَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ أَكَلَهُ مَبْلُولًا حَنِثَ. وَقَالَ الْفَضْلِيُّ إذَا جَعَلَهُ ثَرِيدًا أَرْجُو أَنْ لَا يَحْنَثَ لِأَنَّ اسْمَ الْخُبْزِ قَدْ زَالَ عَنْهُ. (23) قَوْلُهُ: لَا يَأْكُلُ طَعَامًا لِفُلَانٍ إلَخْ. يَعْنِي ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ فَالْحِيلَةُ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ أَنْ يَبِيعَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مِنْ الْحَالِفِ فَلَا يَحْنَثُ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَهْدَاهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لِلْحَالِفِ فَأَكَلَ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الطَّعَامَ صَارَ مِلْكًا لِلْحَالِفِ بِالْبَيْعِ وَالْإِهْدَاءِ فَكَأَنَّ الْحَالِفَ أَكَلَ طَعَامَ نَفْسِهِ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: الْخَصَّافُ جَوَّزَ بَيْعَ الطَّعَامِ هُنَا مُطْلَقًا وَإِنَّمَا يَجُوزُ هَذَا الْبَيْعُ إذَا كَانَ الطَّعَامُ مُشَارًا إلَيْهِ أَوْ يُشِيرُ الْبَائِعُ إلَى مَوْضِعِهِ بِأَنْ يَقُولَ مَنْ بَيْدَرَةِ كَذَا أَوْ يُعَرِّفُهُ بِشَيْءٍ أَمَّا إذَا أَطْلَقَ إطْلَاقًا لَا يَجُوزُ هَذَا الْبَيْعُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (24) قَوْلُهُ: إنْ صَعِدْت فَكَذَا إلَخْ. يَعْنِي لَوْ أَنَّ امْرَأَةً ارْتَقَتْ السُّلَّمَ لِتَصْعَدَ السَّطْحَ فَقَالَ الزَّوْجُ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ صَعِدْت وَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ نَزَلْت فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ تُحْمَلَ فَتُنْزَلَ. (25) قَوْلُهُ: أَوْ يُبِينُهَا. أَقُولُ لَوْ قَالَ أَوْ يُطَلِّقُهَا كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَائِنِ وَالرَّجْعِيِّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. (26) قَوْلُهُ: فَتَبْطُلُ الْيَمِينُ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا. يَعْنِي ثُمَّ يُنْفِقُ عَلَيْهَا فَيَرْتَفِعُ الْيَمِينُ (27) قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ الْكَسْبُ لَهَا يَعْنِي فَتُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهَا فَلَا يَحْنَثُ.

28 - وَإِنْ كَانَ صَانِعًا تَسْتَأْجِرُهُ لِتَقْبَلَ الْعَمَلَ طَلَبَتْ أَنْ يُطَلِّقَ ضَرَّتهَا؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْرَى اسْمُهَا عَلَى اسْمِ الضَّرَّةِ، ثُمَّ يَقُولُ طَلَّقْت امْرَأَتِي فُلَانَةَ نَاوِيًا الْجَدِيدَةَ 29 - أَوْ يَكْتُبَ اسْمَ الضَّرَّةِ فِي كَفِّهِ الْيُسْرَى ثُمَّ يَقُولُ طَلَّقْت فُلَانَةَ مُشِيرًا بِالْيُمْنَى إلَى مَا فِي كَفِّهِ الْيُسْرَى. 30 - حَلَّفَهُ السُّرَّاقُ أَنْ لَا يُخْبِرَ بِأَسْمَائِهِمْ، تُعَدُّ عَلَيْهِ الْأَسْمَاءُ؛ فَمَنْ لَيْسَ بِسَارِقٍ يَقُولُ لَا وَبِالسَّارِقِ يَسْكُتُ عَنْ اسْمِهِ؛ فَيَعْلَمُ الْوَالِي السُّرَّاقَ وَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ. 31 - لَا يُسْكِنُهَا وَشَقَّ عَلَيْهِ نَقْلُ الْأَمْتِعَةِ؛ يَبِيعُهُ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ وَيَخْرُجُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (28) قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ صَانِعًا إلَخْ. يَعْنِي كَأَنْ يَكُونَ خَيَّاطًا يَسْتَأْجِرُهُ لِيَخِيطَ لَهَا مُشَاهَرَةً فَيَسْتَقْبِلَ الْعَمَلَ فَيَجُوزَ ذَلِكَ وَيَكُونُ الْكَسْبُ لَهَا فَإِذَا أَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا مِنْهُ لَا يَحْنَثُ. (29) قَوْلُهُ: أَوْ يَكْتُبَ اسْمَ الضَّرَّةِ فِي كَفِّهِ الْيُسْرَى إلَخْ. يَعْنِي وَاسْمَ أَبِيهَا كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْحَسَنِ سَمِعْت مِثْلَ هَذَا مِنْ الْقَاضِي الْمَاتُرِيدِيِّ أَنَّهُ فَعَلَ مِثْلَ هَذَا فِي تَحْلِيفِ الْخَاقَانِ إيَّاهُ وَمَشَايِخُ عَصْرِهِ لَا يُخَالِفُونَهُ وَلَا يَخْرُجُونَ عَلَيْهِ وَكَتَبَ عَلَى كَفِّهِ الْيُسْرَى اسْمَ الْخَاقَانِ فَكَانَ يَقُولُ عِنْدَ التَّحْلِيفِ لَا أُخَالِفُ هَذَا الْخَاقَانَ وَلَا أَخْرُجُ عَلَيْهِ فَكَانَ يُشِيرُ بِيَمِينِهِ إلَى مَا فِي يَسَارِهِ. (30) قَوْلُهُ: حَلَّفَهُ السُّرَّاقُ أَنْ لَا يُخْبِرَ بِأَسْمَائِهِمْ. فَالسَّبِيلُ أَنْ يُقَالَ لَهُ إنَّا نَعُدُّ عَلَيْكَ أَسْمَاءً وَأَلْقَابًا فَمَنْ لَيْسَ بِسَارِقٍ إذَا ذَكَرْنَاهُ قُلْ وَإِذَا انْتَهَيْنَا إلَى السَّارِقِ اُسْكُتْ أَوْ قُلْ لَا أَقُولُ فَيَنْظُرُ الْأَمْرَ وَلَا يَحْنَثُ. (31) قَوْلُهُ: لَا يَسْكُنُهَا وَشَقَّ عَلَيْهِ نَقْلُ الْأَمْتِعَةِ إلَخْ. يَعْنِي إذَا حَلَفَ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ وَهُوَ سَاكِنُهَا وَيَشُقُّ عَلَيْهِ نَقْلُ الْمَتَاعِ فَإِنَّهُ يَبِيعُ الْمَتَاعَ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ وَيَخْرُجُ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِهِ ثُمَّ يَشْتَرِي الْمَتَاعَ مِنْهُ فِي وَقْتٍ يَتَيَسَّرُ عَلَيْهِ التَّحَوُّلُ وَالضَّيْرُ. فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَبِيعُهُ رَاجِعٌ إلَى الْأَمْتِعَةِ جَمْعُ مَتَاعٍ وَوَحْدُهُ نَظَرُ الْوَاحِدِ الْجَمْعَ.

إنْ لَمْ آخُذْ مِنْكَ حَقِّي وَقَالَ الْآخَرُ إنْ أَعْطَيْتُكَ؛ فَالْحِيلَةُ لَهُمَا الْأَخْذُ جَبْرًا، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إنْ لَمْ آخُذْ مِنْكَ حَقِّي وَقَالَ الْآخَرُ إنْ أَعْطَيْتُكَ فَالْحِيلَةُ لَهُمَا الْأَخْذُ جَبْرًا. يَعْنِي لَوْ قَالَ طَالِبٌ لِلْمَدْيُونِ إنْ لَمْ آخُذْ مِنْك حَقِّي فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَقَالَ الْآخَرُ إنْ أَعْطَيْتُكَ فَعَبْدِي حُرٌّ فَالسَّبِيلُ أَنْ يَمْتَنِعَ الْمَطْلُوبُ فَيَجِيءَ الطَّالِبَ فَيَأْخُذَ مِنْهُ جَبْرًا.

[العاشر في الإعتاق وتوابعه]

الْعَاشِرُ: فِي الْإِعْتَاقِ وَتَوَابِعِهِ 1 - الْحِيلَةُ لِلشَّرِيكَيْنِ فِي تَدْبِيرِ الْعَبْدِ وَكِتَابَتِهِ لَهُمَا أَنْ يُوَكِّلَا مَنْ يَعْقِلُ ذَلِكَ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ. 2 - الْحِيلَةُ فِي عِتْقِ الْعَبْدِ فِي الْمَرَضِ بِلَا سِعَايَةٍ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَيَقْبِضَ الْبَدَلَ مِنْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْعَاشِرُ فِي الْإِعْتَاقِ وَتَوَابِعِهِ] قَوْلُهُ: الْحِيلَةُ لِلشَّرِيكَيْنِ فِي تَدْبِيرِ الْعَبْدِ وَكِتَابَتِهِ إلَخْ يَعْنِي لَوْ أَنَّ عَبْدًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ دَبَّرَهُ أَحَدُهُمَا صَارَ لِكُلٍّ مُدَبَّرًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعَامَّةِ فُقَهَائِنَا وَضَمِنَ الْمُدَبِّرُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مُدَبِّرًا لَهُمَا وَلَا يَضْمَنُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ يُوَكِّلَا رَجُلًا يُدَبِّرُ الْعَبْدَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا فِي حُكْمِ وَاحِدَةٍ فَيَقُولُ الْوَكِيلُ قَدْ دَبَّرْتُكَ عَنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ أَوْ يَقُولُ قَدْ جَعَلْت نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ مُدَبَّرًا عَنْهُ فَيَكُونُ لَهُمَا جَمِيعًا. وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَاتَبَ أَحَدَهُمَا نَصِيبَهُ صَارَ الْكُلُّ مُكَاتَبًا عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ، وَلِشَرِيكِهِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ نَقَضَ الْكِتَابَةَ فِي كُلِّ الْعَبْدِ وَأَبْطَلَهَا وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُكَاتَبُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُكَاتَبًا عَلَيْهِ وَلَا يَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا فَالْحِيلَةُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنْ يُوَكِّلَا مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَيْ التَّدْبِيرَ أَوْ الْكِتَابَةَ بِصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ يَقُولَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى جَعَلْت نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مُوَكَّلَيْ مُدَبَّرًا فَيَصِيرُ الْعَبْدُ مُدَبَّرًا عَنْهُمَا. وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ كَاتَبْت عَنْ الْمَوْلَيَيْنِ جَمِيعًا عَلَى كَذَا وَكَذَا فَإِذَا قَبِلَ الْعَبْدُ ذَلِكَ صَارَ مُكَاتَبًا عَنْ الْمَوْلَيَيْنِ جَمِيعًا هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَقَدْ أَوْجَزَ الْمُصَنِّفُ غَايَةَ الْإِيجَازِ حَتَّى بَلَغَ حَدَّ الْأَلْغَازِ. (2) قَوْلُهُ: الْحِيلَةُ فِي عِتْقِ الْعَبْدِ فِي الْمَرَضِ إلَخْ يَعْنِي رَجُلٌ لَهُ عَبْدٌ أَرَادَ أَنْ يُعْتِقَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ وَخَافَ أَنْ يُنْكِرَ وَرَثَتُهُ تَرِكَتَهُ فَيُؤْخَذُ الْعَبْدُ بِالسِّعَايَةِ وَلَهُ مَالٌ يُخْرَجُ الْعَبْدُ مِنْ ثُلُثِهِ وَقَوْلُهُ أَنْ يَبِيعَهُ الْمَصْدَرُ الْمُنْسَبِكُ مِنْ أَنَّ وَالْفِعْلِ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَهُوَ قَوْلُهُ الْحِيلَةُ وَقَوْلُهُ يَقْبِضُ الْبَدَلَ مِنْهُ خَبَرٌ ثَانٍ.

3 - فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ مَالٌ دَفَعَ الْمَوْلَى لَهُ لِيَقْبِضَهُ مِنْهُ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ. 4 - وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ إقْرَارِ الْمَوْلَى لَهُ بِالْقَبْضِ. أَعْتَقَهُ وَلَمْ يَشْهَدْ حَتَّى مَرِضَ، 5 - فَإِنْ أَقَرَّ اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (3) قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ مَالٌ إلَخْ أَقُولُ هَذِهِ حِيلَةٌ أُخْرَى عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ تَمَامِ الْحِيلَةِ الْأُولَى وَهِيَ أَنْ يَدْفَعَ الْمَوْلَى إلَى الْعَبْدِ مَالًا فِي السِّرِّ وَيَكْتُمَ ذَلِكَ ثُمَّ يَدْفَعَهُ الْعَبْدُ إلَى الْمَوْلَى بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ فَإِذَا قَبَضَ الْمَوْلَى الْبَدَلَ مِنْهُ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ عَتَقَ الْعَبْدُ بِشِرَاءِ نَفْسِهِ وَلَا يَكُونُ لِلْوَرَثَةِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ شَرَطَ الْخَصَّافُ يَعْنِي فِي حِيلَةٍ أَنْ يَكُونَ قَبْضُ الْمَوْلَى الْبَدَلَ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنُ الصِّحَّةِ حَتَّى لَا يَصِحَّ إقْرَارُهُ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ فِي الْمَرَضِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنُ الصِّحَّةِ وَأَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ فِي الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ. وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ إذْ كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَيُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ. قَالَ وَأَمَّا إذَا أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ فَرَقَبَةُ الْعَبْدِ إنَّمَا تَسْلَمُ لَهُ بِقَبُولِ بَدَلِ الْعِتْقِ لَا بِإِقْرَارِ الْمَوْلَى بِالِاسْتِيفَاءِ وَكَانَ نَظِيرَ الثَّمَنِ فِي بَابِ الْبَيْعِ فَيُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَدِّقَ الْمَوْلَى إذْ أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْضُرَ الِاسْتِيفَاءَ الشُّهُودُ لَكِنَّ الْخَصَّافَ زَادَ فِي التَّوْثِيقِ وَالِاحْتِيَاطِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (4) قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ إقْرَارِ الْمَوْلَى بِالْقَبْضِ. أَقُولُ قَدْ عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنُ الصِّحَّةِ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنُ الصِّحَّةِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِاسْتِيفَاءِ الْبَدَلِ فَلَيْسَ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ خِلَافٌ إنَّمَا صِحَّتُهُ مُقَيَّدَةٌ بِمَا ذُكِرَ فَتَأَمَّلْ. (5) قَوْلُهُ: فَإِنْ أَقَرَّ اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ. يَعْنِي وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَعْتَبِرَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

6 - فَالْحِيلَةُ أَنْ يُقِرَّ بِالْعَبْدِ لِرَجُلٍ ثُمَّ الرَّجُلُ بِعِتْقِهِ، 7 - إذَا أَرَادَ أَنْ يَطَأَ جَارِيَةً وَلَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا لَوْ وَلَدَتْ؛ يَهَبُهَا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا فَإِذَا وَلَدَتْ فَالْأَوْلَادُ أَحْرَارٌ وَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (6) قَوْلُهُ: فَالْحِيلَةُ أَنْ يُقِرَّ بِالْعَبْدِ لِرَجُلٍ إلَخْ يَعْنِي أَجْنَبِيًّا بِأَنْ يَقُولَ هَذَا الْعَبْدُ لَكَ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (7) قَوْلُهُ: إذَا أَرَادَ أَنْ يَطَأَ جَارِيَةً وَلَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا لَوْ وَلَدَتْ إلَخْ فِي الْمُحِيطِ فِي بَابِ الْحِيَلِ فِي الْيَمِينِ عَلَى الْعِتْقِ وَالتَّزْوِيجِ: رَجُلٌ لَهُ جَارِيَةٌ يَطَؤُهَا فَخَافَ أَنْ يَأْتِيَ بِوَلَدٍ فَتَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ ابْنٍ لَهُ أَوْ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ يَتَزَوَّجُهَا، فَيَكُونُ أَوْلَادُهُ مِنْهَا أَحْرَارًا إنْ كَانَ بَاعَهَا مِنْ ابْنٍ لَهُ أَوْ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ يَعْتِقُونَ بِقَرَابَتِهِمْ مِنْ الْمَالِكِ وَالْجَارِيَةُ قِنَّةٌ رَقِيقَةٌ عَلَى حَالِهَا عَلَى مِلْكِ الَّذِي بَاعَهَا مِنْهُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيُخْرِجَهَا مِنْ مِلْكِهِ (انْتَهَى) . وَقَالَ فِي بَابِ الْحِيَلِ فِي الْكِتَابَةِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَطَأَ أَمَتَهُ وَلَا تَصِيرَ أُمَّ وَلَدِهِ يَبِيعُهَا مِنْ ابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا فَيَكُونُ أَوْلَادُهُ مِنْهَا أَحْرَارًا وَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدِهِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إنْكَاحَ جَارِيَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ غَيْرِهِ فَمَلَكَ مِنْ نَفْسِهِ لِأَنَّ فِيهِ أَخْذَ مَالٍ مُتَقَوِّمٍ بِإِزَاءِ الْبُضْعِ الَّذِي لَا يُتَقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ فَتَحْصُلُ لَهُ الْغِبْطَةُ وَالنَّظَرُ.

[الحادي عشر في الوقف والصدقة]

الْحَادِي عَشَرَ فِي الْوَقْفِ وَالصَّدَقَةِ أَرَادَ الْوَقْفَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَخَافَ عَدَمَ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ 1 - يُقِرُّ أَنَّهَا وَقْفُ رَجُلٍ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ وَأَنَّهُ مُتَوَلِّيهَا وَهِيَ فِي يَدِهِ. أَرَادَ وَقْفَ دَارِهِ وَقْفًا صَحِيحًا اتِّفَاقًا، يَجْعَلُهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسَاكِينِ وَيُسَلِّمُهَا إلَى الْمُتَوَلِّي ثُمَّ يَتَنَازَعُونَ 2 - فَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِاللُّزُومِ، 3 - أَوْ يَقُولُ إنَّ قَاضِيًا حَكَمَ بِصِحَّتِهِ، فَيَلْزَمُ وَإِنْ أَبْطَلَهُ قَاضٍ كَانَ صَدَقَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْحَادِي عَشَرَ فِي الْوَقْفِ وَالصَّدَقَةِ] قَوْلُهُ: يُقِرُّ أَنَّهَا إلَخْ أَيْ الدَّارَ وَقْفُ رَجُلٍ إلَخْ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الدَّارِ الْمُتَعَلِّقَةِ فِي الذِّهْنِ إذْ لَا مَرْجِعَ لِلضَّمِيرِ فِي نَظْمِ الْكَلَامِ فَإِذَا أَقَرَّ بِمَا ذَكَرَ لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِ مُعَارَضَةٌ فِي ذَلِكَ فَيَأْمَنُ مِنْ خَوْفِ عَدَمِ إجَازَتِهِمْ. (2) قَوْلُهُ: فَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِاللُّزُومِ. أَقُولُ فِي الْمَنْبَعِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ أَنَّ الْوَقْفَ إذَا كَانَ مَحْكُومًا بِهِ يَلْزَمُ بِالْإِجْمَاعِ. (3) قَوْلُهُ: أَوْ يَقُولُ إنَّ قَاضِيًا حَكَمَ بِصِحَّتِهِ فَيَلْزَمُ إلَخْ. أَقُولُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي: لَوْ اُحْتِيجَ إلَى كِتَابَةِ الْحُكْمِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ كَوَقْفٍ وَإِجَارَةِ مُشَاعٍ وَنَحْوِهِ فَلَوْ كَتَبَ وَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يُسَمِّهِ جَازَ فَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ قَاضٍ وَكَتَبَ الْكَاتِبُ كَذِبًا لَا شَكَّ أَنَّهُ بُهْتَانٌ. لَكِنْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ خَافَ الْوَاقِفُ أَنْ يُبْطِلَهُ قَاضٍ فَإِنَّهُ يَكْتُبُ فِي صَكٍّ وَبِكِتَابَتِهِ هَذَا الْكَلَامَ يَمْتَنِعُ قَاضٍ آخَرُ عَنْ إبْطَالِهِ فَيَبْقَى صَحِيحًا وَلَيْسَ هَذَا كَذِبًا مُبْطِلًا حَقًّا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمُصَحِّحًا غَيْرَ صَحِيحٍ لَكِنْ يَمْتَنِعُ الْمُبْطِلُ عَنْ الْإِبْطَالِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا يَكْتُبُهُ الْمُوَثِّقُونَ فِي صَكِّ الْإِجَارَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ وَحُكِمَ بِصِحَّتِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْقَاضِي حُكْمٌ بِذَلِكَ مُتَرَتِّبٌ عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا لِلْمُبْطِلِ عَنْ الْإِبْطَالِ لَهُ إذْ التَّصَرُّفُ فِي الْحَقِيقَةِ وَقَعَ صَحِيحًا إنَّمَا يَبْطُلُ بِإِبْطَالِ الْقَاضِي وَبِكِتَابَتِهِ هَذَا الْكَلَامَ يَمْتَنِعُ قَاضٍ آخَرُ عَنْ إبْطَالِهِ فَيَبْقَى صَحِيحًا وَلَيْسَ هَذَا كَذِبًا مُبْطِلًا حَقًّا وَمُصَحِّحًا غَيْرَ صَحِيحٍ حَتَّى يُبْطِلَهُ قَاضٍ آخَرُ وَفِي الْفَتَاوَى الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ: وَإِنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِلُزُومِهِ بَعْدَمَا صَارَ حَادِثَةَ لُزُومٍ (انْتَهَى) . قَالَ قَاضِي الْقُضَاةِ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ بِهَامِشِ نُسْخَةٍ مِنْ الْفَتَاوَى الْبَزَّازِيَّةِ: أَقُولُ كَيْفَ يُعْتَبَرُ فِي لُزُومِهِ كَوْنُهُ حَادِثًا وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنْ تُرِيدَ أَنْ تَهَبَ الْمَهْرَ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى أَنَّهَا إنْ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا كَانَ الزَّوْجُ بَرِيئًا عَنْ مَهْرِهَا فَيَعُودُ الْمَهْرُ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ أَمَّا إذَا تَعَيَّبَ وَتَعَذَّرَ رَدُّهُ فَلَا.

[الثاني عشر في الشركة]

الثَّانِي عَشَرَ فِي الشَّرِكَةِ الْحِيلَةُ فِي جَوَازِهَا فِي الْعُرُوضِ 1 - أَنْ يَبِيعَ كُلَّ نِصْفِ مَتَاعِهِ بِنِصْفِ مَتَاعِ الْآخَرِ يَعْقِدَانِهَا وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الثَّانِي عَشَرَ فِي الشَّرِكَةِ] قَوْلُهُ: أَنْ يَبِيعَ كُلَّ نِصْفِ مَتَاعِهِ بِنِصْفِ مَتَاعِ الْآخَرِ. أَقُولُ هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ مَتَاعِ كُلٍّ مِنْهَا مِثْلَ صَاحِبِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ قِيمَةُ مَتَاعِ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَةُ مَتَاعِ أَحَدِهِمَا أَرْبَعَةَ آلَافٍ وَقِيمَةُ مَتَاعِ الْآخَرِ أَلْفٌ فَإِنَّ صَاحِبَ الْأَقَلِّ يَبِيعُ مِنْ مَتَاعِهِ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ بِخُمْسِ مَتَاعِ صَاحِبِهِ فَيَصِيرُ الْمَتَاعُ كُلُّهُ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالِهِمَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَلْيُرَاجَعْ.

[الثالث عشر في الهبة]

الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْهِبَةِ أَرَادَتْ هِبَةَ الْمَهْرِ مِنْ الزَّوْجِ 1 - عَلَى أَنَّهَا إنْ خَلَصَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ يَعُودُ الْمَهْرُ عَلَيْهِ، فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَهَا شَيْئًا مَسْتُورًا بِمِقْدَارِ الْمَهْرِ 2 - فَإِذَا وَلَدَتْ تَنْظُرُ إلَيْهِ فَتَرُدُّهُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَإِنْ مَاتَتْ فَقَدْ بَرِئَ الزَّوْجُ، 3 - وَهَكَذَا فِيمَنْ لَهُ دَيْنٌ وَأَرَادَ السَّفَرَ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ يَبْرَأُ الْمَدْيُونُ وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى حَالِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ. قَالَ لَهَا إنْ لَمْ تَهَبِينِي صَدَاقَكِ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْهِبَةِ] قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهَا خَلَصَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ إلَخْ عِبَارَةُ التَّتَارْخَانِيَّة امْرَأَةٌ حَامِلٌ تُرِيدُ أَنْ تَهَبَ الْمَهْرَ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى أَنَّهَا إنْ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا كَانَ الزَّوْجُ: بَرِيئًا عَنْ مَهْرِهَا وَإِنْ سَلِمَتْ مِنْ نِفَاسِهَا عَادَ الْمَهْرُ عَلَى زَوْجِهَا (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ. (2) قَوْلُهُ: فَإِذَا وَلَدَتْ تَنْظُرُ إلَيْهِ إلَخْ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ هَذَا يَسْتَقِيمُ إذَا بَقِيَ الثَّوْبُ عَلَى حَالِهِ لِأَنَّ الرَّدَّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ غَيْرُ مُوَقَّتٍ وَبِهِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ مِنْ الْأَصْلِ فَيَعُودُ الْمَهْرُ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ أَمَّا إذَا تَعَيَّبَ الثَّوْبُ وَتَعَذَّرَ رَدُّهُ فَلَا. (3) قَوْلُهُ: وَهَكَذَا فِيمَنْ لَهُ دَيْنٌ إلَخْ يَعْنِي إذَا أَرَادَ أَنْ يَغِيبَ وَلَهُ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ وَيُرِيدُ أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ بَرِيئًا إنْ لَمْ يَعُدْ وَإِنْ عَادَ أَخَذَ الْمَالَ.

فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْهُ ثَوْبًا مَلْفُوفًا بِمَهْرِهَا ثُمَّ تَرُدَّهُ بَعْدَ الْيَوْمِ فَيَبْقَى الْمَهْرُ وَلَا حِنْثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْهُ ثَوْبًا مَلْفُوفًا بِمَهْرِهَا. يَعْنِي وَتَقْبِضَ ذَلِكَ الثَّوْبَ مِنْ الزَّوْجِ فَإِذَا مَضَى الْيَوْمُ فَقَدْ مَضَى وَقْتُ الْيَمِينِ وَلَا مَهْرَ لَهَا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ فَيَسْقُطُ الْيَمِينُ وَلَا يَحْنَثُ الزَّوْجُ بِتَرْكِ الْهِبَةِ ثُمَّ يَكْشِفُ عَنْ الثَّوْبِ الْمُشْتَرَى فَتَرُدُّهُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَيَعُودُ الْمَهْرُ عَلَى الزَّوْجِ. وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَعَ الشِّرَاءِ يَصْدُقُ أَنَّهَا لَمْ تَهَبْهُ الْمَهْرَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا قَوْلُهُمَا أَيْ اشْتِرَاطَ تَصَوُّرِ الْبَرِّ بَقَاءً فِي الْمُقَيَّدَةِ بِيَوْمٍ أَوْ نَحْوِهِ.

[الرابع عشر في البيع والشراء]

الرَّابِعَ عَشَرَ. فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَرَادَ بَيْعَ دَارِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَهُ سَلَّمَهَا وَإِلَّا رَدَّ الثَّمَنَ، 1 - فَالْحِيلَةُ أَنْ يُقِرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَهَا 2 - وَهِيَ فِي يَدِ ظَالِمٍ يُقِرُّ بِالْغَصْبِ وَلَمْ تَكُنْ فِي يَدِ الْبَائِعِ 3 - وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ لِلْمُشْتَرِي حَبْسُ الْبَائِعِ عَلَى تَسْلِيمِهَا. هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَعَابُوا عَلَيْهِ تَعْلِيمَ الْكَذِبِ، 4 - وَكَذَلِكَ عِيبَ عَلَى الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قَوْلِهِ إذَا بَاعَ حُبْلَى وَخَافَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ أَنْ يَدَّعِيَ حَبَلَهَا وَيَنْقُضَ الْبَيْعَ قَالَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْمُرَ الْبَائِعَ بِأَنْ يُقِرَّ بِأَنَّ الْحَبَلَ مِنْ عَبْدِهِ أَوْ مِنْ فُلَانٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ] قَوْلُهُ: فَالْحِيلَةُ أَنْ يُقِرَّ الْمُشْتَرِي إلَخْ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الزِّيَادَاتِ إذَا اشْتَرَى الثَّوْبَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبُ مُقِرٌّ بِالْغَصْبِ فِي مَوْضِعَيْنِ فَأَجَابَ فِي مَوْضِعٍ أَنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَكُونُ الْبَيْعُ مَوْقُوفًا وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى لِأَنَّ التَّوَقُّفَ إنَّمَا يَكُونُ لِأَجْلِ التَّسْلِيمِ وَأَمَّا الْبَيْعُ فَجَائِزٌ. (2) قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي يَدِ ظَالِمٍ يُقِرُّ بِالْغَصْبِ. قُيِّدَ بِالْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْغَاصِبُ جَاحِدًا يَكُونُ الْبَيْعُ بَاطِلًا. ذَكَرَ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ وَقَاسَهُ عَلَى بَيْعِ الْآبِقِ. (3) قَوْلُهُ: وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ لِلْمُشْتَرِي حَبْسُ الْبَائِعِ. يَعْنِي لَوْلَا إقْرَارُ الْمُشْتَرِي لَكَانَ لَهُ حَبْسُ الْبَائِعِ لَكِنْ وُجِدَ الْإِقْرَارُ فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ لِأَنَّهُ وَجَدَ الرِّضَاءَ مِنْهُ بِتَأْخِيرِ الْقَبْضِ إلَى وَقْتِ الْإِمْكَانِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ لِيُمْكِنَهُ إثْبَاتُ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ عِنْدَ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ. (4) قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ عِيبَ عَلَى الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ إلَخْ. وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ أَمْرًا مِنْ الْإِمَامِ بِالْكَذِبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ لِتَفْعَلَ كَذَا حَتَّى يَكُونَ أَمْرًا بِالْكَذِبِ وَلَكِنَّ هَذَا مِنْهُ

حَتَّى لَوْ ادَّعَاهُ لَمْ تُسْمَعْ. وَأُجِيبُ عَنْهُمَا بِأَنَّهُ لَيْسَ أَمْرًا بِالْكَذِبِ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ كَذَا لَكَانَ حُكْمُهُ كَذَا. أَرَادَ شِرَاءَ شَيْءٍ وَخَافَ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ قَدْ بَاعَهُ؛ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ إنْ اسْتَحَقَّ، 4 - يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِضِعْفِ الثَّمَنِ وَيَكُونُ حَلَالًا لَهُ، 5 - فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَ لَهُ بِضِعْفِ الثَّمَنِ ثَوْبًا، كَمِائَةِ دِينَارٍ مَثَلًا ثُمَّ يَشْتَرِيَ الدَّارَ بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَيَدْفَعَ الثَّوْبَ لَهُ بِالْمِائَةِ؛ فَإِذَا اُسْتُحِقَّتْ رَجَعَ بِالْمِائَتَيْنِ 6 - وَلَوْ أَرَادَ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَخَافَ مِنْ شَافِعِيٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَتْوَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ فَعَلَ كَذَا كَانَ كَذَا وَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا مِنْهُ أَمْرًا بِالْكَذِبِ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يُجَوِّزْ مَا هُوَ أَدُقُّ مِنْهُ وَأَنَّهُ قَالَ فِي عَقْدِ الْمُرَابَحَةِ يَقُولُ: قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا وَلَا يَقُولُ اشْتَرَيْته بِكَذَا، وَكَذَا قَالَ فِي السِّيَرِ لَوْ أَخَذَ الْكُفَّارُ مُسْلِمًا وَأَرَادُوا أَنْ يَضْرِبُوا عُنُقَهُ فَأَمَرَ الْمُسْلِمُ أَنْ يَضْرِبُوا عُنُقَهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ لَا تَضْرِبُوا عَلَى بَطْنِي وَاضْرِبُوا عَلَى رَأْسِي فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ بِالْمَعْصِيَةِ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الضَّرْبُ عَلَى الْبَطْنِ شَنِيعٌ وَالضَّرْبُ عَلَى الرِّقَابِ أَحْمَدُ فَيَكُونُ هَذَا أَمْرٌ بِضَرْبِ الرَّقَبَةِ عَلَى وَجْهِ التَّعْرِيضِ فَإِذَا لَمْ يُجَوِّزُوا هَذَا كَيْفَ يَأْمُرُونَ بِالْكَذِبِ. (4) قَوْلُهُ: يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِضِعْفِ الثَّمَنِ إلَخْ أَقُولُ الصَّوَابُ بِضِعْفَيْ الثَّمَنِ فِي الصِّحَاحِ وَضِعْفُ الشَّيْءِ مِثْلُهُ وَضِعْفَاهُ مِثْلَاهُ وَأَضْعَافُهُ أَمْثَالُهُ. (5) قَوْلُهُ: فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَ لَهُ بِضِعْفِ الثَّمَنِ ثَوْبًا إلَخْ عِبَارَةُ الْخَصَّافِ: الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ يَرْجِعُ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ أَنْ يَبِيعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ ثَوْبًا بِمِائَةِ دِينَارٍ ثُمَّ يَشْتَرِي الدَّارَ مِنْهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ وَبِالْمِائَةِ الدِّينَارِ الَّتِي هِيَ ثَمَنُ الثَّوْبِ فَيَصِيرُ ثَمَنُ الدَّارِ مِائَتَيْ دِينَارٍ فَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِهَذِهِ الْمِائَتَيْ دِينَارٍ. (6) قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرَادَ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ إلَخْ يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ

7 - بَاعَ مِنْ رَجُلٍ غَرِيبٍ 8 - ثُمَّ الْغَرِيبُ يَشْتَرِي مِنْ الْمُشْتَرِي 9 - الْحِيلَةُ فِي بَيْعِ جَارِيَةٍ يُعْتِقُهَا الْمُشْتَرِي، أَنْ يَقُولَ إنْ اشْتَرَيْتهَا فَهِيَ حُرَّةٌ؛ فَإِذَا اشْتَرَاهَا عَتَقَتْ، وَإِذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ تَخْدِمَهُ زَادَ: بَعْدَ مَوْتِي فَيَكُونُ مُدَبِّرَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQكُلَّ مَنْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ وَيَبْرَأُ عَنْ عَيْنِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيَبْرَأُ عَنْ الْعُيُوبِ كُلِّهَا وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْعُيُوبَ. وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يُسَمِّ الْعُيُوبَ، يَعْنِي الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَعَ تَسْمِيَةِ الْعُيُوبِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَوْضِعِ الْعَيْبِ أَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى. أَمَّا إذَا لَمْ يُسَمِّ الْعُيُوبَ وَلَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَى مَحَلِّ الْعَيْبِ لِمَا أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ أَسَامِي الْعُيُوبِ أَوْ لَا يَعْرِفُ جَمِيعَ الْعُيُوبِ حَتَّى يُسَمِّيَهَا وَيَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَحَلِّهَا وَخَافَ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى قَاضٍ لَا يَرَى الْبَرَاءَةَ عَنْ الْعُيُوبِ بِدُونِ التَّسْمِيَةِ وَبِدُونِ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى مَحَلِّ الْعَيْبِ صَحِيحًا وَطَلَب الْحِيلَةَ. (7) قَوْلُهُ: بَاعَ مِنْ رَجُلٍ غَرِيبٍ. يَعْنِي لَا يَعْرِفُ كَمَا فِي الْخَصَّافِ. (8) قَوْلُهُ: ثُمَّ الْغَرِيبُ يَبِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي. يَعْنِي وَيَغِيبُ الْغَرِيبُ فَإِذَا وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ عَيْبًا لَا يُمْكِنُهُ الرَّدُّ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِهِ مِنْهُ فَيَحْصُلُ مَقْصُودُ الْبَائِعِ (9) قَوْلُهُ: الْحِيلَةُ فِي بَيْعِ جَارِيَةٍ يُعْتِقُهَا الْمُشْتَرِي إلَخْ. إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى هَذِهِ الْحِيلَةِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ هُنَا شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ هَذَا الشَّرْطِ يُفْسِدُ الْعَقْدَ لَكِنْ إنَّمَا جُوِّزَ لِغَلَبَةِ الْعُرْفِ كَمَا قُلْنَا فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي حَطَبًا بِشَرْطِ أَنْ يُوفِيَهُ إلَى مَنْزِلِ الْمُشْتَرِي كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا لِغَلَبَةِ الْعُرْفِ. كَذَا هَذَا وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ أَنْ يُكْفَلَ فُلَانٌ، وَفُلَانٌ الْكَفِيلُ حَاضِرٌ فِي الْمَجْلِسِ فَكَفَلَ لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الرَّهْنِ وَالرَّهْنُ مُعَيَّنٌ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ الْعَقْدُ اسْتِحْسَانًا لِغَلَبَةِ الْعُرْفِ كَذَا هَذَا فَعَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا يَحْتَاجُ إلَى هَذِهِ الْحِيلَةِ وَلَكِنْ

أَرَادَ شِرَاءَ إنَاءٍ ذَهَبٍ بِأَلْفٍ وَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا النِّصْفُ، يَنْقُدُهُ مَا مَعَهُ ثُمَّ يَسْتَقْرِضُهُ مِنْهُ ثُمَّ يَنْقُدُهُ فَلَا يَفْسُدُ بِالتَّفَرُّقِ بَعْدَ ذَلِكَ. لَمْ يَرْغَبْ فِي الْقَرْضِ إلَّا بِرِبْحٍ، 10 - فَالْحِيلَةُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا قَلِيلًا بِقَدْرِ مُرَادِهِ مِنْ الرِّبْحِ ثُمَّ يَسْتَقْرِضُ إذَا أَرَادَ الْبَائِع أَنْ لَا يُخَاصِمَهُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ 11 - يَأْمُرُهُ الْبَائِعُ أَنْ يَقُولَ: إنْ خَاصَمْتُكَ فِي عَيْبٍ فَهُوَ صَدَقَةٌ 12 - وَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ لَا يَرْجِعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي إذَا اسْتَحَقَّ، فَالْحِيلَةُ أَنْ يُقِرَّ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ الْبَائِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإنْ أَوْفَى لَهُ الْمُشْتَرِي، بِذَلِكَ مَضَى الشِّرَاءُ وَإِلَّا لَكَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَنْقُضَ الْعَقْدَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة (10) قَوْلُهُ: فَالْحِيلَةُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا قَلِيلًا بِقَدْرِ مُرَادِهِ مِنْ الرِّبْحِ إلَخْ. كَأَنْ يَشْتَرِيَ مَا يُسَاوِي فَلْسًا بِدِرْهَمَيْنِ. أَقُولُ إنَّمَا تَتِمُّ هَذِهِ الْحِيلَةُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَتُكْرَهُ. قَالَ فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى إنَّ بَيْعَ مَا يُسَاوِي دِرْهَمًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ يَجُوزُ وَلَا يُكْرَهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُكْرَهُ (11) قَوْلُهُ: يَأْمُرُهُ الْبَائِعُ أَنْ يَقُولَ إنْ خَاصَمْتُكَ إلَخْ. أَيْ يَأْمُرُ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ فَيَقُولُ مَا ذُكِرَ. أَقُولُ الْمُشْتَرِي لَا يُوَافِقُهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُوَافِقُهُ عَلَى مَا يَلْحَقُهُ بِسَبَبِهِ ضَرَرٌ فَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا حِيلَةً لِلْبَائِعِ (12) قَوْلُهُ: فَالْحِيلَةُ أَنْ يُقِرَّ الْمُشْتَرِي إلَخْ أَقُولُ يُقَالُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ

[الخامس عشر في الاستبراء]

الْخَامِسَ عَشَرَ: فِي الِاسْتِبْرَاءِ الْحِيلَةُ فِي عَدَمِ لُزُومِهِ 1 - أَنْ يُزَوِّجَهَا الْبَائِعُ أَوَّلًا مِمَّنْ لَيْسَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ ثُمَّ يَبِيعَهَا وَيَقْبِضَهَا ثُمَّ يُطَلِّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا. وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَجَبَ عَلَى الْأَصَحِّ، 2 - أَوْ يُزَوِّجَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ كَذَلِكَ ثُمَّ يَقْبِضَهَا فَيُطَلِّقَهَا، وَلَوْ خَافَ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا يَجْعَلُ أَمْرَهَا بِيَدِهِ كُلَّمَا شَاءَ، وَإِنَّمَا قُلْنَا كُلَّمَا شَاءَ لِئَلَّا يَقْتَصِرَ عَلَى الْمَجْلِسِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ] قَوْلُهُ: أَنْ يُزَوِّجَهَا الْبَائِعُ أَوَّلًا إلَخْ. عِبَارَةُ التَّتَارْخَانِيَّة: أَنْ يُزَوِّجَهَا الْبَائِعُ مِنْ رَجُلٍ يَثِقُ بِهِ وَلَيْسَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ ثُمَّ يَبِيعَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي فَيَقْبِضَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ يُطَلِّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْمَوْلَى الَّذِي زَوَّجَهَا اسْتِبْرَاؤُهَا أَوَّلًا بِحَيْضَةٍ ثُمَّ يُزَوِّجَهَا لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَلِكَ يَكُونُ فِي هَذَا اجْتِمَاعُ الرَّجُلَيْنِ عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ وَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ. وَهَكَذَا الْجَوَابُ فِيمَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ إنْسَانٍ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ ثُمَّ يُزَوِّجَهَا هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَوْ كَانَ الْبَائِعُ وَطِئَهَا قَبْلَ التَّزْوِيجِ فَلَا بَأْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ ثُمَّ قَالَ الْخَصَّافُ فِي تَعْلِيمِ هَذِهِ الْحِيلَةِ يَقْبِضُهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ يُطَلِّقُهَا الزَّوْجُ وَإِنَّمَا شَرْطُ الطَّلَاقِ بَعْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْل قَبْضِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ قَبَضَ الْمُشْتَرِي يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْقَبْضَ لَهُ شَبَهٌ بِالْعَقْدِ وَعَلَى مَدَارِ الْأَحْكَامِ خُصُوصًا فِيمَا بُنِيَ أَمْرُهُ عَلَى الِاحْتِيَاطِ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا الْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فَكَذَا إذَا وَجَدَ الْقَبْضَ فَيُشْتَرَطُ الطَّلَاقُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَعَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ. وَفِي حَيْلِ الْأَصْلِ لَا اسْتِبْرَاءَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَعَلَى رِوَايَةِ الْحَيْلِ اعْتَبَرَ وَقْتَ الشِّرَاءِ، وَوَقْتَ الشِّرَاءِ هِيَ مَشْغُولَةٌ بِحَقِّ الْغَيْرِ وَهُوَ الصَّحِيحُ (2) قَوْلُهُ: أَوْ يَتَزَوَّجَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ. كَذَلِكَ يَعْنِي إذَا أَبَى الْبَائِعُ أَنْ

3 - أَوْ يَتَزَوَّجَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَهُ ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا وَيَقْبِضَهَا، 4 - وَاخْتَلَفُوا فِي كَرَاهِيَةِ الْحِيلَةِ لِإِسْقَاطِ الِاسْتِبْرَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُزَوِّجَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا الْمُشْتَرِي وَيَدْفَعَ الثَّمَنَ، وَلَا يَقْبِضُ الْجَارِيَةَ وَلَكِنْ يُزَوِّجُهَا مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ مِمَّنْ لَيْسَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ ثُمَّ يَقْبِضُهَا بَعْدَ التَّزَوُّجِ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا الزَّوْجُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي الِاسْتِبْرَاءُ لِأَنَّهُ حِينَ تَأَكَّدَ مِلْكُهُ فِيهَا كَانَ بُضْعُهَا حَرَامًا عَلَيْهِ وَحِينَ صَارَ بُضْعُهَا حَلَالًا لَمْ يَحْدُثْ الْمِلْكُ فِيهَا فَلَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ. (3) قَوْلُهُ: أَوْ يَتَزَوَّجَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَهُ. . . إلَخْ. يَعْنِي لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي تَزَوَّجَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِنَفْسِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَقَبَضَهَا فَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِبْرَاءُ لِأَنَّ بِالنِّكَاحِ ثَبَتَ لَهُ عَلَيْهَا الْفِرَاشُ وَقِيَامُ الْفِرَاشِ عَلَيْهَا دَلِيلُ فَرَاغِ رَحِمِهَا شَرْعًا. (4) قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي كَرَاهَةِ الْحِيلَةِ لِإِسْقَاطِ الِاسْتِبْرَاءِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُكْرَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يُكْرَهُ، إلَّا أَنَّ مَشَايِخَنَا أَخَذُوا فِي هَذَا الْبَابِ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ الْبَابَ بَابُ الْفُرُوجِ فَرُبَّمَا وَطِئَ الْبَائِعُ فِي الطُّهْرِ الَّذِي بَاعَهَا فِيهِ فَإِذَا احْتَالَ الْمُشْتَرِي لِإِسْقَاطِ الِاسْتِبْرَاءِ وَسَقَطَ يَطَأَهَا الْمُشْتَرِي فَيَجْتَمِعُ رَجُلَانِ عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة

[السادس عشر في المداينات]

السَّادِسَ عَشَرَ: فِي الْمُدَايَنَاتِ 1 - الْحِيلَةُ فِي إبْرَاءِ الْمَدْيُونِ إبْرَاءً بَاطِلًا أَوْ تَأْجِيلِهِ كَذَلِكَ أَوْ صُلْحِهِ كَذَلِكَ؛ أَنْ يُقِرَّ الدَّائِنُ بِالدَّيْنِ لِرَجُلٍ يَثِقُ بِهِ وَيَشْهَدُ أَنَّ اسْمَهُ كَانَ عَارِيَّةً وَيُوَكِّلُهُ بِقَبْضِهِ ثُمَّ يَذْهَبَا إلَى الْقَاضِي، وَيَقُولُ الْمُقِرُّ لَهُ: إنَّهُ كَانَ لِي بِاسْمِ هَذَا الرَّجُلِ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا. فَيُقِرُّ لَهُ بِذَلِكَ فَيَقُولُ الْمُقَرُّ لَهُ لِلْقَاضِي: امْنَعْ هَذَا الْمُقِرَّ مِنْ قَبْضِ الْمَالِ وَأَنْ يُحْدِثَ فِيهِ حَدَثًا أَوْ اُحْجُرْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ. فَيَحْجُرُ الْقَاضِي عَلَيْهِ وَيَمْنَعُهُ مِنْ قَبْضِهِ. فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ أَبْرَأَ أَوْ أَجَّلَ أَوْ صَالَحَ كَانَ بَاطِلًا. وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ إلَى حَجْرِ الْقَاضِي لِأَنَّ الْمُقِرَّ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُ الْقَبْضَ فَلَا تُفِيدُ الْحِيلَةُ فَتَنَبَّهْ فَإِنَّهُ يَغْفُلُ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْدَهُ: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَجُوزُ قَبْضُ الَّذِي كَانَ بِاسْمِهِ الْمَالُ بَعْدَ إقْرَارِهِ وَتَأْجِيلِهِ وَإِبْرَائِهِ وَهِبَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْمُدَايَنَاتِ] قَوْلُهُ: الْحِيلَةُ فِي إبْرَاءِ الْمَدْيُونِ إلَخْ. أَيْ فِي إبْرَاءِ الدَّائِنِ الْمَدْيُونَ فَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ إلَى الْمَفْعُولِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ، يَعْنِي رَجُلًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ بِغَيْرِ شُهُودٍ فَأَبَى الَّذِي عَلَيْهِ الْمَالُ أَنْ يُقِرَّ بِهِ إلَّا أَنْ يُؤَجِّلَهُ أَوْ يُصَالِحَهُ مِنْهُ عَلَى الشَّطْرِ أَوْ يُبْرِئَهُ عَنْ الشَّطْرِ مِنْهُ وَيُرِيدُ صَاحِبُ الْمَالِ حِيلَةً حَتَّى يُقِرَّ لَهُ بِمَالِهِ، وَلَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهُ وَصُلْحُهُ فَاعْلَمْ بِأَنَّ الْمَدْيُونَ إذَا قَالَ لِرَبِّ الدَّيْنِ لَا أُقِرُّ لَكَ بِالْمَالِ حَتَّى تُؤَجِّلَنِي أَوْ لَا أُقِرُّ لَكَ حَتَّى تُصَالِحَنِي أَوْ حَتَّى تَحُطَّ عَنِّي بَعْضَ مَا تَدَّعِي عَلَيَّ فَهَلْ ذَلِكَ يَكُونُ إقْرَارًا بِالْمَالِ فَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ يَكُونُ إقْرَارًا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى هَذِهِ الْحِيلَةِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَحِينَئِذٍ فَالْحِيلَةُ مَا ذُكِرَ وَفِي هَذِهِ الْحِيلَةِ نَوْعُ نَظَرٍ؛ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْجُرَ الْقَاضِي عَلَى الْمُقِرِّ لِأَنَّ فِي

2 - لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْحَجْرَ جَائِزًا 3 - الْحِيلَةُ فِي تَحَوُّلِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ الطَّالِبِ، إمَّا الْإِقْرَارَ 4 - كَمَا سَبَقَ وَإِمَّا الْحَوَالَةَ، 5 - أَوْ أَنْ يَبِيعَ رَجُلٌ مِنْ الطَّالِبِ شَيْئًا بِمَا لَهُ عَلَى فُلَانٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQحَجْرِهِ عَلَيْهِ إبْطَالَ حَقِّ الْمَطْلُوبِ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ يَسْتَحِقُّ الْبَرَاءَةَ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ بِإِيفَاءِ الْحَقِّ إلَى الْمُقِرِّ وَبِإِبْرَائِهِ فَفِي جَوَازِ هَذَا الْحَجْرِ إبْطَالُ حَقِّ الْمَطْلُوبِ عَلَيْهِ وَالْقَاضِي لَا يَحْجُرُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَكَانَ الْخَصَّافُ أَخَذَ هَذَا مِمَّا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرَ كِتَابِ الْحَجْرِ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا أَذِنَ رَجُلًا بِالتَّصَرُّفِ فَلَمَّا تَصَرَّفَ وَبَايَعَ النَّاسَ فَسَدَ الرَّجُلُ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُحْجَرُ وَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي وَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا يُتَحَجَّرُ إلَّا بِحَجْرِ الْقَاضِي وَإِذَا حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي صَحَّ حَجْرُهُ وَانْحَجَرَ ذَلِكَ الرَّجُلُ. وَهُنَاكَ أَيْضًا الْمَدْيُونُ يَسْتَحِقُّ الْبَرَاءَةَ بِالْإِيفَاءِ إلَى الْمَحْجُورِ أَوْ بِإِبْرَائِهِ فَفِي هَذَا الْحَجْرِ إبْطَالُ حَقِّهِ عَلَيْهِ وَمَعَ هَذَا جُوِّزَ ذَلِكَ فَهَهُنَا أَيْضًا كَذَلِكَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (2) قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْحَجْرَ جَائِزًا. يَعْنِي وَإِذَا لَمْ يَجُزْ الْحَجْرُ عِنْدَهُ صَارَ الْحَالُ بَعْدَ الْحَجْرِ كَالْحَالِ قَبْلَهُ، وَقَبْلَ الْحَجْرِ كَانَ يَجُوزُ تَصَرُّفَاتُ الْمُقِرِّ فِي الدَّيْنِ الْمُقِرِّ بِهِ (3) قَوْلُهُ: الْحِيلَةُ فِي تَحَوُّلِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ الطَّالِبِ إلَخْ. أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِالْحَوَالَةِ أَوْ غَيْرِهَا يَعْنِي رَجُلًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَأَرَادَ عَلَيْهِ الْمَالَ أَنْ يَتَحَوَّلَ الْمَالُ الَّذِي لِرَجُلٍ آخَرَ. (4) قَوْلُهُ: كَمَا سَبَقَ. أَيْ فِي الْحِيلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ. (5) قَوْلُهُ: أَوْ أَنْ يَبِيعَ رَجُلٌ إلَخْ. عَطْفٌ عَلَى سَابِقِهِ بَعْدَ التَّأْوِيلِ بِالْمَصْدَرِ وَالتَّقْدِيرُ إمَّا بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِبَيْعِ رَجُلٍ يَعْنِي يَقُولُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يُحَوِّلَ الْمَالَ لَهُ: بِعْ عَبْدَكَ هَذَا مِنْ فُلَانٍ الطَّالِبِ لِأَلْفٍ الَّتِي لَهُ عَلَيَّ، فَإِذَا بَاعَ الْمَأْمُورُ عَبْدَهُ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ الَّذِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ وَقَبِلَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْبَيْعَ مِنْ صَاحِبِ الْعَبْدِ يَتَحَوَّلُ الدَّيْنُ وَيَصِيرُ الدَّيْنُ لِصَاحِبِ الْعَبْدِ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَهَذَا لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ الدَّيْنِ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ لَا يَتَعَيَّنَانِ فِي الْعَقْدِ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمِثْلِهَا دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ بِعْ عَبْدَكَ مِنْ فُلَانٍ بِمِثْلِ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَيَّ ثُمَّ اجْعَلْ ثَمَنَهُ قِصَاصًا بِمَالِهِ عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ وَذَلِكَ جَائِزٌ وَعِنْدَ ذَلِكَ يَتَحَوَّلُ الْمَالُ إلَى صَاحِبِ

6 - أَوْ يُصَالِحَ عَمَّا عَلَى الْمَطْلُوبِ بِعَبْدِهِ فَيَكُونَ الدَّيْنُ لِصَاحِبِ الْعَبْدِ 7 - إذَا أَرَادَ الْمَدْيُونُ التَّأْجِيلَ وَخَافَ أَنَّ الدَّائِنَ إنْ أَجَّلَهُ يَكُونُ وَكِيلًا فِي الْبَيْعِ فَلَمْ يَصِحَّ تَأْجِيلُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ. 8 - فَالْحِيلَةُ أَنْ يُقِرَّ أَنَّ الْمَالَ حِينَ وَجَبَ كَانَ مُؤَجَّلًا إلَى وَقْتِ كَذَا إذَا أَرَادَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي دَيْنٍ أَنْ يُؤَجِّلَ نَصِيبَهُ وَأَبَى الْآخَرُ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَاهُ، فَالْحِيلَةُ أَنْ يُقِرَّ أَنَّ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ حَيْثُ وَجَبَ كَانَ مُؤَجَّلًا إلَى كَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَبْدِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا فِي الْجَامِعِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَظْهَرُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنَّفِ مِنْ الْإِيجَازِ الْبَالِغِ حَدُّ الْأَلْغَازِ. (6) قَوْلُهُ: أَوْ يُصَالِحَ عَمَّا عَلَى الْمَطْلُوبِ بِعَبْدِهِ فَيَكُونَ الدَّيْنُ لِصَاحِبِ الْعَبْدِ. يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الدَّيْنَ فِيهِمَا لَهُ لَكِنْ فِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ غَيْرَ أَنَّهُ فِي الصُّلْحِ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الصُّلْحَ وَقَعَ بِالْعَبْدِ لَا بِبَدَلِهِ لِأَنَّ الصُّلْحَ إذَا أُضِيفَ إلَى عَيْنٍ يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِهِ لَا بِمِثْلِهِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَكَذَا لَوْ صَالَحَهُ عَلَى الدَّيْنِ فَتَصَادَقَا أَنْ لَا دَيْنَ يَبْطُلُ وَإِذَا وَقَعَ بِالْعَبْدِ وَقَعَ الْقَضَاءُ بِعَيْنِهِ فَصَارَ الْمَدْيُونُ مُسْتَقْرِضًا عَبْدَهُ وَاسْتِقْرَاضُ الْعَبْدِ يُوجِبُ الْقِيمَةَ وَفِي الْبَيْعِ لَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ الدَّيْنِ بَلْ بِمِثْلِهِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَلِذَا لَوْ اشْتَرَى بِدَيْنٍ وَتَصَادَقَا أَنْ لَا دَيْنَ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ (7) قَوْلُهُ: فَلَمْ يَصِحَّ تَأْجِيلُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ هَلْ يَمْلِكُ التَّأْجِيلَ وَالتَّنْجِيزَ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ؟ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ الْبَيْعَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَمُنَجَّزٍ قَبْلَ تَمَامِ الْبَيْعِ وَاخْتَلَفُوا بَعْدَهُ، فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَجُزْ التَّأْجِيلُ وَالتَّنْجِيزُ بَعْدُ فَيَحْتَاجُ لِهَذِهِ الْحِيلَةِ عَلَى قَوْلِهِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى هَذِهِ الْحِيلَةِ. (8) قَوْلُهُ: فَالْحِيلَةُ أَنْ يُقِرَّ أَنَّ الْمَالَ حِينَ وَجَبَ كَانَ مُؤَجَّلًا. يَعْنِي وَأَنْكَرَ الْآخَرُ ثَبَتَ التَّأْجِيلُ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِسَبَبِ شَيْءٍ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي أَقَرَّ وَمَنْ أَرَادَ بِإِقْرَارِهِ تَغْيِيرَ سَبَبٍ قَدْ صَحَّ لَا يَعْمَلُ إقْرَارًا. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ

وَإِذَا أَرَادَ الْمَدْيُونُ التَّأْجِيلَ وَخَافَ أَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ لِغَيْرِهِ وَأَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ قَبْضِهِ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَضْمَنَ الطَّالِبُ لِلْمَطْلُوبِ مَا يُدْرِكُهُ مِنْ دَرْكِ مَا قَبْلَهُ مِنْ إقْرَارِ تَلْجِئَةٍ وَهِبَةٍ وَتَوْكِيلٍ وَتَمْلِيكٍ وَحَدَثٍ أَحْدَثَهُ يَبْطُلُ بِهِ التَّأْجِيلُ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ، فَهُوَ ضَامِنٌ حَتَّى يُخَلِّصَهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَا يَلْزَمُهُ، فَإِذَا احْتَالَ بِهَذَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْمَالِ قَبْلَ التَّأْجِيلِ وَأَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ كَانَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الطَّالِبِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ إلَى أَجَلِهِ، وَحِيلَةٌ أُخْرَى أَنْ يُقِرَّ الطَّالِبُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ بِتَارِيخٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ يُقِرَّ الْمَطْلُوبَ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ يُمَثِّلُ الدَّيْنُ لِلطَّالِبِ مُؤَجَّلًا. فَإِذَا خَافَ كُلٌّ مِنْ صَاحِبِهِ 10 - أَحْضَرَ الشُّهُودَ وَقَالَ: لَا تَشْهَدُوا عَلَيْنَا إلَّا بَعْدَ قِرَاءَةِ الْكِتَابَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا إذَا كَانَ الْأَجَلُ مُتَعَارَفًا أَمَّا إذَا كَانَ أَجَلًا يُخَالِفُ عُرْفَ النَّاسِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى (9) قَوْلُهُ: وَإِذَا أَرَادَ الْمَدْيُونُ التَّأْجِيلَ إلَخْ. فِي الْمُحِيطِ نَقْلًا عَنْ الْخَصَّافِ: رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَسَأَلَ الْمَطْلُوبُ الطَّالِبَ أَنْ يُؤَجِّلَهُ بِهَذَا الْمَالِ إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ أَوْ يُنَجِّمَهُ عَلَيْهِ وَأَجَابَهُ الطَّالِبُ إلَى ذَلِكَ فَخَافَ أَنْ يَحْتَالَ الطَّالِبُ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقِرَّ بِالْمَالِ لِإِنْسَانٍ وَيُؤَجِّلَهُ أَوْ يُنَجِّمَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّ التَّأْجِيلَ وَالتَّنْجِيمَ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِهِ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يَقُولَ الطَّالِبُ إنَّ هَذَا الْمَالَ وَجَبَ عَلَى الْمَطْلُوبِ مُؤَجَّلًا إلَى وَقْتِ كَذَا أَوْ مُنَجَّمًا كَذَا، وَقَدْ ضَمِنَ لَهُ بِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ دَرَكٍ مِنْ إقْرَارٍ أَوْ تَلْجِئَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ تَمْلِيكٍ أَوْ تَوْكِيلٍ فَيَبْطُلُ بِهِ هَذَا التَّأْجِيلُ وَالتَّنْجِيمُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِذَلِكَ وَعَلَيْهِ خَلَاصُهُ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ الطَّالِبُ لِإِنْسَانٍ وَجَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ يَطْلُبُ الْمَطْلُوبَ بَعْدَ هَذَا التَّأْجِيلِ وَالتَّنْجِيمِ فَلِلْمَطْلُوبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الطَّالِبِ فَيَأْخُذَ بِمَا ضَمِنَ وَيَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالْمَالِ فَصَارَ عَلَيْهِ إلَى وَقْتِ أَجَلِهِ وَإِلَى النُّجُومِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَتَّضِحُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. (10) قَوْلُهُ: أَحْضَرَ الشُّهُودَ وَقَالَ لَا تَشْهَدُوا إلَخْ. يَعْنِي عَلَى الْمُقِرِّ مِنَّا وَحْدَهُ فَإِذَا

فَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُنَا وَامْتَنَعَ الْآخَرُ لَا تَشْهَدُوا عَلَى الْمُقِرِّ 11 - وَنُظِرَ فِيهِ فَإِنَّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ، وَإِنْ قَالَ لَهُ الْمُقِرُّ لَا تَشْهَدْ. وَجَوَابُهُ أَنَّ مَحِلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَقُلْ لَهُ الْمُقَرُّ لَهُ لَا تَشْهَدْ عَلَى الْمُقِرِّ، 12 - أَمَّا إذَا قَالَ لَهُ لَا تَسَعُهُ الشَّهَادَةُ 13 - الْحِيلَةُ فِي تَأْجِيلِ الدَّيْنِ بَعْدَ مَوْتِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَرَأْنَاهَا وَقُلْنَا لَكُمْ اشْهَدُوا عَلَيْنَا بِمَا فِي هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ فَاشْهَدُوا بِذَلِكَ وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُنَا وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَلَا تَشْهَدُوا عَلَى الْمُقِرِّ مِنَّا وَحْدَهُ فَتَكُونُ هَذِهِ حِيلَةٌ لَهُمَا جَمِيعًا. (11) قَوْلُهُ: وَنُظِرَ فِيهِ فَإِنَّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ وَإِنْ قَالَ لَهُ الْمُقِرُّ لَا تَشْهَدْ إلَخْ. يَعْنِي لِعَدَمِ صِحَّةِ النَّهْيِ لِأَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ فَيَصِحُّ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ. (12) قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا قَالَ لَهُ لَا تَسَعُهُ الشَّهَادَةُ. لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مُحِقٌّ أَوْ مُبْطِلٌ وَالْمُدَّعِي يَعْرِفُ حَقِيقَةَ الْحَالِ فَإِذَا امْتَنَعَ الشَّاهِدُ عَنْ الشَّهَادَةِ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مُبْطِلٌ فَلَا يَسَعُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ لَكِنَّ الْقَاضِيَ الْإِمَامَ أَبَا عَلِيٍّ النَّسَفِيَّ كَانَ يَقُولُ إنَّ الْمَشَايِخَ مُتَرَدِّدُونَ فِيمَا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي لِلشَّاهِدِ لَا تَشْهَدْ بِمَا يَجْرِي بَيْنَنَا ثُمَّ جَاءَ الشَّاهِدُ وَقَالَ إنَّمَا نَهَيْتُك بِعُذْرٍ فَاحْضُرْ مَجْلِسَ الْقَاضِي وَاشْهَدْ لِي بِذَلِكَ؛ بَعْضُهُمْ قَالُوا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَهُ فَالِاخْتِلَافُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِيمَا قَالَهُ الْخَصَّافُ نَوْعًا وَنَظَرًا وَالْخَصَّافُ نَفْسُهُ شَوَّشَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ إذَا قَالَ الْمُقِرُّ لِلشَّاهِدِ لَا تَشْهَدْ عَلَيَّ لَا يَصِحُّ هَذَا النَّهْيُ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ هَذَا النَّهْيُ لَا تَكُونُ هَذِهِ حِيلَةً وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ عَرَفْت أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَجَوَابَهُ غَيْرُ سَدِيدٍ (13) قَوْلُهُ: الْحِيلَةُ فِي تَأْجِيلِ الدَّيْنِ بَعْدَ مَوْتِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ. يَعْنِي تَأْجِيلَ الْوَارِثِ بِالدَّيْنِ الَّذِي حَلَّ بِمَوْتِ مُوَرِّثِهِ. قَالَ الْخَصَّافُ الْأَجَلُ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ الْوَارِثِ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ عَلَيْهِ فَلَا يَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ فَبَعْدَ هَذَا لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَثْبُتَ الْأَجَلُ لِلْمَيِّتِ أَوْ يَثْبُتَ فِي الْمَالِ وَلَا وَجْهَ لَأَنْ يَثْبُتَ لِلْمَيِّتِ لِأَنَّ الدَّيْنَ قَدْ سَقَطَ عَنْ ذِمَّتِهِ بِالْمَوْتِ فَكَيْفَ يَعُودُ الْأَجَلُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَجَلَ الثَّابِتَ لِهَذَا الشَّخْصِ يَسْقُطُ بِمَوْتِهِ فَكَيْفَ يَثْبُتُ الْأَجَلُ لَهُ ابْتِدَاءً بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا جَائِزَ أَنْ يَثْبُتَ فِي الْمَالِ لِأَنَّهُ عَيْنٌ وَالْأَعْيَانُ لَا تَقْبَلُ

14 - فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا عَلَى الْأَصَحِّ؛ أَنْ يُقِرَّ الْوَارِثُ بِأَنَّهُ ضَمِنَ مَا عَلَى الْمَيِّتِ فِي حَيَاتِهِ مُؤَجَّلًا إلَى كَذَا وَيُصَدِّقَهُ الطَّالِبُ أَنَّهُ كَانَ مُؤَجَّلًا عَلَيْهِمَا 15 - وَيُقَرَّ الطَّالِبُ بِأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا، وَإِلَّا فَقَدْ حَلَّ الدَّيْنُ بِمَوْتِهِ؛ فَيُؤْمَرَ الْوَارِثُ بِالْبَيْعِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ، 16 - وَهَذَا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ أَنَّ الدَّيْنَ إذَا حَلَّ بِمَوْتِ الْمَدْيُونِ لَا يَحِلُّ عَلَى كَفِيلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّأْجِيلَ فَلِذَلِكَ قُلْنَا إنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْأَجَلُ. قِيلَ مَا ذُكِرَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ وَرَدُّوا هَذَا إلَى مَسْأَلَةٍ وَهُوَ أَنَّ غَرِيمَ الْمَيِّتِ لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الدَّيْنِ فَرَدَّهُ الْوَارِثُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يُعْمَلُ رَدُّهُ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ عَلَيْهِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُعْمَلُ رَدُّهُ لِأَنَّهُ الْمُطَالِبُ بِالدَّيْنِ فَلَمَّا عُمِلَ رَدُّهُ وَجُعِلَ كَانَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ عَمَلَ الْأَجَلِ أَيْضًا وَيَثْبُتُ فِي حَقِّهِ هَكَذَا قَالُوا. وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ عَلَى الِاتِّفَاقِ ثُمَّ إذَا كَانَ لَا يَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْوَارِثِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحِيلَةِ فِي تَأْجِيلِهِ. (14) قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا عَلَى الْأَصَحِّ. أَقُولُ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ نَظَرٌ فَإِنَّ مُقْتَضَى دَعْوَى الِاتِّفَاقِ عَدَمُ وُجُودِ الْخِلَافِ وَمُقْتَضَى دَعْوَى الْأُضْحِيَّةِ وُجُودُهُ فَيَتَنَافَيَانِ. (15) قَوْلُهُ: وَيُقِرَّ الطَّالِبُ بِأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا. أَقُولُ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ وَيُقِرُّ الطَّالِبُ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَى هَذَا الْوَارِثِ شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ حَتَّى يُلَائِمَ قَوْلَهُ فَيُؤْمَرَ الْوَارِثُ بِالْبَيْعِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَا يُقِرُّ أَنَّهُ مَاتَ مُفْلِسًا وَضَمِنَ الْوَارِثُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَكِنْ يُقِرُّ أَنَّهُ كَانَ ضَمِنَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالدَّيْنِ عَنْ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ لَا يَصِحُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْتَرَزَ عَنْهُ عَلَى الَّذِي قُلْنَا. (16) قَوْلُهُ: وَهَذَا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إلَخْ. أَمَّا عَلَى مَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ النَّوَادِرِ فَلَا، لِأَنَّهُ إذَا حَلَّ الْمَالُ عَلَى الْأَصِيلِ يَحِلُّ عَلَى الْكَفِيلِ وَإِذَا سَقَطَ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ لَا يَسْقُطُ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ وَقَاسَهُ عَلَى الْإِبْرَاءِ فَإِنَّ إبْرَاءَ الْأَصِيلِ يَكُونُ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ أَمَّا إبْرَاءُ الْكَفِيلِ لَا يَكُونُ إبْرَاءَ الْأَصِيلِ

[السابع عشر في الإجارات]

السَّابِعَ عَشَرَ: فِي الْإِجَارَاتِ 1 - اشْتِرَاطُ الْمَرَمَّةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ يُفْسِدُهَا، وَالْحِيلَةُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى قَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَيُضَمَّ إلَى الْأُجْرَةِ ثُمَّ يَأْمُرَهُ الْمُؤَجِّرُ بِصَرْفِهِ إلَيْهَا، فَيَكُونَ الْمُسْتَأْجِرُ وَكِيلًا بِالِاتِّفَاقِ، 2 - فَإِنْ ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ الْإِنْفَاقَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا بِحُجَّةٍ، 3 - وَلَوْ أَشْهَدَ لَهُ الْمُؤَجِّرُ أَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ بِلَا حُجَّةٍ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا بِهَا، 4 - وَالْحِيلَةُ أَنْ يُعَجِّلَ الْمُسْتَأْجِرُ لَهُ قَدْرَ الْمَرَمَّةِ وَيَدْفَعَهُ إلَى الْمُؤَجِّرِ ثُمَّ الْمُؤَجِّرُ يَدْفَعُهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ فِي الْمَرَمَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْإِجَارَاتِ] قَوْلُهُ: اشْتِرَاطُ الْمَرَمَّةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ يُفْسِدُهَا. أَيْ اشْتِرَاطُ الْمُؤَجِّرِ الْمَرَمَّةَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ إلَى مَفْعُولِهِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ وَذَلِكَ كَمَا فِي إجَارَاتِ الْأَصْلِ مِثْلَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْ آجِرٍ حَمَّامًا وَشَرَطَ رَبُّ الْحَمَّامِ الْمَرَمَّةَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ لِأَنَّ قَدْرَ الْمَرَمَّةِ يَصِيرُ أَجْرًا وَإِنَّهُ مَجْهُولٌ. (2) قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ الْإِنْفَاقَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا بِحُجَّةٍ. يَعْنِي لَوْ اخْتَلَفَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي الْمَرَمَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يُنْكِرُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُسْتَأْجِرُ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى كَمَا لَوْ ادَّعَى الْإِيفَاءَ حَقِيقَةً. (3) قَوْلُهُ: وَلَوْ أَشْهَدَ لَهُ الْمُؤَجَّرُ لَهُ إلَخْ. كَذَا فِي النُّسَخِ وَالْأَوْلَى إسْقَاطٌ لَهُ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة لِأَنَّ أَشْهَدَ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ لَا لِلتَّعْدِيَةِ يَعْنِي لَوْ أَشْهَدَ رَبُّ الدَّارِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مُصَدَّقٌ فِيمَا يَدَّعِي مِنْ الْإِنْفَاقِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا بِحُجَّةٍ، يَعْنِي أَشْهَدَ وَقْتَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَوَقْتَ اشْتِرَاطِ الْمَرَمَّةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مُصَدَّقٌ فِيمَا يَدَّعِي مِنْ الْإِنْفَاقِ فَعَلَ ذَلِكَ. (4) : قَوْلُهُ وَالْحِيلَةُ أَنْ يُعَجِّلَ. أَيْ وَالْحِيلَةُ فِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ فِي الِاتِّفَاقِ بِلَا حُجَّةٍ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة

5 - فَيُقْبَلُ بِلَا بَيَانٍ 6 - أَوْ يَجْعَلَ مِقْدَارَهَا فِي يَدِ عَدْلٍ 7 - وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَرْصَةً بِأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَأَذِنَ لَهُ رَبُّ الْعَيْنِ بِالْبِنَاءِ فِيهَا مِنْ الْأَجْرِ جَازَ، وَإِنْ أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ اسْتَوْجَبَ عَلَيْهِ قَدْرَ مَا أَنْفَقَ فَيَلْقَيَانِ قِصَاصًا وَيَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ إنْ كَانَ وَالْبِنَاءُ لِلْمُؤَجِّرِ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْبِنَاءِ فَقَطْ فَبَنَى، اخْتَلَفُوا 8 - قِيلَ لِلْآجِرِ وَقِيلَ لِلْمُسْتَأْجِرِ 9 - الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ إجَارَةِ الْأَرْضِ الْمَشْغُولَةِ بِالزَّرْعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (5) قَوْلُهُ: فَيُقْبَلُ بِلَا بَيَانٍ. يَعْنِي لِأَنَّ بِالتَّعْجِيلِ يَصِيرُ الْمُعَجَّلُ مِلْكًا لِصَاحِبِ الدَّارِ فَإِذَا دَفَعَهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ ذَلِكَ يَصِيرُ الْمُسْتَأْجِرُ أَمِينًا فِيهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَمِينِ فِي صَرْفِ الْأَمَانَةِ إلَى مَصْرِفِهَا. (6) قَوْلُهُ: أَوْ يَجْعَلَ مِقْدَارَهَا فِي يَدِ عَدْلٍ. يَعْنِي لِأَنَّ الْعَدْلَ أَمِينٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَمِينِ فِيمَا يُنْفَقُ وَحِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ الْمُسْتَأْجِرُ إلَى الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا أُنْفِقَ، فَهَذِهِ الْحِيلَةُ تُفِيدُ سُقُوطَ الْبَيِّنَةِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهَا تُفِيدُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ بِخِلَافِ الْحِيلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ نَظْمُهَا فِي سِلْكٍ وَاحِدٍ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ (7) قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْبِنَاءِ فَقَطْ. يَعْنِي إذَا لَمْ يَذْكُرْ صَاحِبُ الْعَرْصَةِ الْمُحَاسَبَةَ مِنْ الْأَجْرِ وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِالْبِنَاءِ لَا غَيْرُ، بِأَنْ قَالَ ابْنِ فِيهَا كَذَا وَكَذَا وَلَمْ يَقُلْ وَأُحَاسِبُكَ بِمَا أَنْفَقْتَ فِي الْبِنَاءِ مِنْ الْأَجْرِ فَبَنَى فِيهَا. (8) قَوْلُهُ: قِيلَ لِلْآجِرِ إلَخْ. أَيْ قَالَ بَعْضُهُمْ يَكُونُ الْبِنَاءُ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ وَاسْتَدَلَّ بِمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي ضَمَانِ الْإِجَارَاتِ أَنَّ مَنْ آجَرَ حَمَّامًا وَقَالَ صَاحِبُ الْحَمَّامِ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَا اسْتَرَمَّ فَافْعَلْ فَالْعِمَارَةُ تَكُونُ لِصَاحِبِ الْحَمَّامِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَاسْتَدَلَّ بِمَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ أَنَّ مَنْ اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ دَارًا وَبَنَى فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّ الدَّارِ، الْبِنَاءُ يَكُونُ لِلْمُسْتَعِيرِ (9) قَوْلُهُ: الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ إجَارَةِ الْأَرْضِ الْمَشْغُولَةِ بِالزَّرْعِ. يَعْنِي لِأَنَّهَا لَا تَجُوزُ وَعِلَّةُ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّ بَذْرَ رَبِّ الْأَرْضِ قَائِمٌ عَلَى الْأَرْضِ حُكْمًا

10 - أَنْ يَبِيعَ الزَّرْعَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوَّلًا ثُمَّ يُؤَاجِرَهُ، 11 - وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا كَانَ بِيعَ 12 - أَمَّا إذَا كَانَ بَيْعَ هَزْلٍ وَتَلْجِئَةٍ، فَلَا لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ، 13 - وَعَلَامَةُ الرَّغْبَةِ أَنْ يَكُونَ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ أَوْ بِنُقْصَانٍ يَسِيرٍ 14 - اشْتِرَاطُ خَرَاجِ الْأَرْضِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ غَيْرُ جَائِزٍ كَاشْتِرَاطِ الْمَرَمَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQلِكَوْنِ الْأَرْضِ مَشْغُولَةً بِالزَّرْعِ الَّذِي مَلَكَهُ فَقَدْ أَجَرَ مَا لَا يَقْدِرُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى تَسَلُّمِهِ وَمِثْلُ هَذَا لَا يَصِحُّ. (10) قَوْلُهُ: أَنْ يَبِيعَ الزَّرْعَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ لَا ثُمَّ يُؤَاجِرَهُ يَعْنِي الْأَرْضَ فَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ الزَّرْعَ بِالْبَيْعِ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْمُسْتَأْجِرِ فَالْمُسْتَأْجِرُ يَنْتَفِعْ بِالْأَرْضِ مِنْ حَيْثُ إنْ يَنْمُوَ زَرْعُهُ بِهَا فَقَدْ أَجَرَ مَا يَقْدِرُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ وَلِأَنَّ الزَّرْعَ إذَا صَارَ مَمْلُوكًا لِلْمُسْتَأْجِرِ فَقَدْ زَالَتْ يَدُ الْآجِرِ عَنْ الْأَرْضِ حُكْمًا وَحَقِيقَةً فَقَدْ آجَرَ مَا يَقْدِرُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ. (11) قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا كَانَ بَيْعَ رَغْبَةٍ. أَيْ قَيَّدَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا جَوَازَ إجَارَةِ الْأَرْضِ الْمَشْغُولَةِ بِالزَّرْعِ بِالطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ بِمَا إذَا كَانَ بَيْعُ الزَّرْعِ بَيْعَ جِدٍّ. (12) قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ بَيْعَ هَزْلٍ تَلْجِئَةً فَلَا. أَيْ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْعُ الزَّرْعِ بَيْعَ هَزْلٍ فَالزَّرْعُ لَمْ يَزُلْ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ فَبَقِيَ الْحَالُ بَعْدَ الزَّرْعِ كَالْحَالِ قَبْلَهُ. (13) قَوْلُهُ: وَعَلَامَةُ الرَّغْبَةِ أَنْ يَكُونَ بِقِيمَتِهِ. يَعْنِي وَعَلَامَةُ الْهَزْلِ أَنْ يَكُونَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ مِقْدَارُ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَهُوَ بَيْعُ رَغْبَةٍ وَجِدٍّ عِنْدَ الْإِمَامِ فَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ وَعِنْدَهُمَا بَيْعُ هَزْلٍ فَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ. وَبَعْضُهُمْ قَالُوا هَذَا إذَا كَانَ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ فَهُوَ بَيْعُ جِدٍّ بِالِاتِّفَاقِ فَلَا يَمْنَعُ جَوَازَ الْإِجَارَةِ وَبَيَانَ كَوْنِهِ بَيْعَ جِدٍّ أَنَّهُمَا بَاشَرَاهُ جِدًّا تَحْقِيقًا لِغَرَضِهِمَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَلْيُرَاجَعْ (14) قَوْلُهُ: اشْتِرَاطُ خَرَاجِ الْأَرْضِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ غَيْرُ جَائِزٍ إلَخْ. لِأَنَّ الْأَجْرَ مَجْهُولٌ لِأَنَّ الْخَرَاجَ قَدْ يَزِيدُ وَقَدْ يَنْقُصُ فَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ آجَرَ دَارِهِ سَنَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَمَرَمَّتِهَا وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَرَمَّةَ مَجْهُولَةٌ فَتَصِيرُ الْأُجْرَةُ مَجْهُولَةً وَلِأَنَّ خَرَاجَ الْأَرْضِ

15 - وَالْحِيلَةُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْأُجْرَةِ بِقَدْرِهِ ثُمَّ يَأْذَنَهُ بِصَرْفِهِ، 16 - وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَرَمَّةِ 17 - اشْتِرَاطُ الْعَلَفِ أَوْ طَعَامِ الْغُلَامِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ غَيْرُ جَائِزٍ، وَالْحِيلَةُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَرَمَّةِ 18 - الْإِجَارَةُ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَإِذَا أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ أَلَا تَنْفَسِخَ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الْمَالِكِ فَإِذَا شَرَطَ مَالِكُهَا الْخَرَاجَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ صَارَ فِي التَّقْدِيرِ كَأَنَّهُ قَالَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَجَرْتُكَ أَرْضِي سَنَةً بِكَذَا دِرْهَمًا عَلَى أَنْ تَحْتَالَ عَنِّي لِلسُّلْطَانِ بِالْخَرَاجِ الَّذِي عَلَيَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ عَقْدُ إجَارَةٍ شُرِطَ فِيهِ حَوَالَةُ دَيْنٍ فَيَفْسُدُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ. (15) قَوْلُهُ: وَالْحِيلَةُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ الْخَرَاجِ فَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ. (16) قَوْلُهُ: وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَرَمَّةِ. يَعْنِي مِنْ أَنَّ الْآجِرَ وَالْمُسْتَأْجِرَ إذَا اخْتَلَفَا فِي أَدَاءِ الْخَرَاجِ؛ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ أَدَّيْته خَرَاجَهَا وَكَذَّبَهُ الْآجِرُ أَوْ اخْتَلَفَا فِي مَدَارِ الْمَأْوَى فَالْقَوْلُ لِلْآجِرِ وَلَا يُصَدَّقُ الْمُسْتَأْجِرُ فِيمَا ادَّعَى لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ ضَمِينٌ غَيْرُ أَمِينٍ فَهُوَ بِهَذَا يُرِيدُ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ عَنْ ضَمَانِ الْأُجْرَةِ وَالْآجِرُ مُنْكِرٌ لِلِاسْتِيفَاءِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَالْحِيلَةُ فِي أَنْ يَكُونَ مُصَدَّقًا فِي أَنَّهُ أَدَّى الْخَرَاجَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ أَنْ يَدْفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ إلَى رَبِّ الْأَرْضِ جَمِيعَ الْأَجْرِ مُعَجَّلًا ثُمَّ يَدْفَعَ رَبُّ الْأَرْضِ قَدْرَ الْخَرَاجِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيُوَكِّلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ عَنْهُ إلَى وُلَاةِ الْخَرَاجِ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ أَمِينًا مُصَدَّقًا بِلَا بَيِّنَةٍ كَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ (17) قَوْلُهُ: وَالْحِيلَةُ: تَقَدَّمَ فِي الْمَرَمَّةِ. يَعْنِي أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِأَجْلِ الْعَلَفِ فَيَضُمَّ ذَلِكَ إلَى الْأَجْرِ فَيَسْتَأْجِرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ ثُمَّ يُوَكِّلَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَنْ يَعْلِفَهَا بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ إلَّا أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْإِنْفَاقِ فَالْأَحْوَطُ أَنْ يُؤَجِّلَ الْمُسْتَأْجِرُ مِقْدَارَ الْعَلَفِ وَيَدْفَعَهُ إلَى الْآجِرِ ثُمَّ الْآجِرُ يَدْفَعُهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيَأْمُرُهُ بِنَفَقَتِهِ عَلَى دَابَّتِهِ. وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا أَوْ شَرَطَ الطَّعَامَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ يَفْعَلُ مَا ذَكَرْنَا (18) قَوْلُهُ: الْإِجَارَةُ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا. أَيْ الْآجِرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ لَفْظِ الْإِجَارَةِ.

بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ، يُقِرُّ الْمُؤَجِّرُ بِأَنَّهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ عَشْرُ سِنِينَ؛ يَزْرَعُ فِيهَا مَا شَاءَ وَمَا خَرَجَ فَهُوَ لَهُ، 19 - أَوْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ آجَرَهَا لِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ يُقِرَّ الْمُسْتَأْجِرُ بِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا لِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ فَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَإِذَا كَانَ فِي الْأَرْضِ عَيْنُ نِفْطٍ أَوْ قِيرٍ فَيَجُوزُ إذَا آجَرَ، 20 - أَرْضَهُ وَفِيهَا نَخْلٌ فَأَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ التَّمْرَ لِلْمُسْتَأْجِرِ، يَدْفَعْ النَّخِيلَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ مُعَامَلَةً عَلَى أَنْ يَكُونَ لِرَبِّ الْمَالِ جُزْءٌ مِنْ أَلْفٍ مِنْ التَّمْرَةِ وَالْبَاقِي لِلْمُسْتَأْجِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (19) قَوْلُهُ: أَوْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ آجَرَهَا إلَخْ. فِي الْمُحِيطِ نَقْلًا عَنْ الْعُيُونِ: اسْتَأْجَرَ أَرْضًا عَشْرَ سِنِينَ وَأَرَادَ أَنْ لَا تُنْتَقَضَ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يُقِرَّ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا لِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يُقِرَّ الْآجِرُ أَنَّهُ آجَرَهَا لِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْوَكِيلِ وَلَا بِمَوْتِ الْآجِرِ مَتَى كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مَجْهُولًا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَادِقٌ فِي إقْرَارِهِ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا وَالْآجِرُ آجَرَهَا لِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (20) قَوْلُهُ: إذَا آجَرَ أَرْضَهُ وَفِيهَا نَخْلٌ إلَخْ. فِي الْمُحِيطِ الرَّضَوِيِّ: وَاسْتِئْجَارُ الْأَشْجَارِ لَا يَجُوزُ وَحِيلَتُهُ أَنْ يُؤَاجِرَ الْأَرْضَ الْبَيْضَاءَ الَّتِي تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْأَشْجَارِ بِأَجْرِ مِثْلِهَا وَزِيَادَةِ قِيمَةِ الثِّمَارِ ثُمَّ يَدْفَعَ رَبُّ الْأَرْضِ الْأَشْجَارَ مُعَامَلَةً إلَيْهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِرَبِّ الْأَرْضِ جُزْءٌ مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ وَيَأْمُرَهُ بِأَنْ يَضَعَ ذَلِكَ الْجُزْءَ حَيْثُ أَجَرَ لِأَنَّ مَقْصُودَ رَبِّ الْأَرْضِ أَنْ تَحْصُلَ لَهُ زِيَادَةُ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ بِقِيمَةِ الثِّمَارِ، وَمَقْصُودُ الْمُسْتَأْجِرِ لَهُ فِيهِ ثِمَارُ الْأَشْجَارِ مَعَ الْأَرْضِ وَقَدْ يَحْصُلُ لَهُمَا مَقْصُودُهُمَا بِذَلِكَ فَتَجُوزُ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مَحِلُّ هَذَا إذَا كَانَ فِي غَيْرِ الْوَقْفِ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الْوَقْفِ إنَّمَا يَكُونُ بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ وَهَذَا لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ لِلْوَقْفِ لِأَنَّهُ لَمْ يُحَصِّلْ لِلْوَقْفِ أُجْرَةً وَهَذَا جُزْءٌ ضَعِيفٌ

[الثامن عشر في منع الدعوى]

إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا بَاطِلًا، فَالْحِيلَةُ لِمَنْعِ الْيَمِينِ 2 - أَنْ يُقِرَّ بِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ، 3 - وَفِي الثَّانِي اخْتِلَافٌ، 4 - أَوْ يُعَيِّرَهُ خُفْيَةً فَيَعْرِضَهُ الْمُسْتَعِيرُ لِلْبَيْعِ فَيُسَاوِمَهُ الْمُدَّعِي فَتَبْطُلُ دَعْوَاهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الثَّامِنَ عَشَرَ فِي مَنْعِ الدَّعْوَى] قَوْلُهُ: إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا بَاطِلًا. يَعْنِي رَجُلًا فِي يَدِهِ ضَيْعَةٌ أَوْ دَارٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ فَادَّعَاهَا رَجُلٌ وَالْمُدَّعِي ظَالِمٌ مُبْطِلٌ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَكْرَهُ الْيَمِينَ فَأَرَادَ حِيلَةً حَتَّى تَنْدَفِعَ عَنْهُ الْيَمِينُ. (2) قَوْلُهُ: أَنْ يُقِرَّ بِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ. يَعْنِي فَتَنْدَفِعَ عَنْهُ الْخُصُومَةُ. قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة هَكَذَا قَالَ الْخَصَّافُ فِي حِيَلِهِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَبَعْضُهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا إذَا أَقَرَّ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ تَنْدَفِعُ الْيَمِينُ وَبَيْنَهُمَا إذَا أَقَرَّ لِلْأَجْنَبِيِّ لَا تَنْدَفِعُ الْيَمِينُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَنْدَفِعُ الْيَمِينُ فِي الصُّورَتَيْنِ جَمِيعًا قَطْعًا لِبَابِ الْحِيلَةِ. (3) قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِي اخْتِلَافٌ. أَقُولُ قَدْ عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة بِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ. (4) قَوْلُهُ: أَوْ يُعَيِّرَهُ لِغَيْرِهِ خُفْيَةً إلَخْ. هَذِهِ حِيلَةٌ أُخْرَى يَنْدَفِعُ بِهَا مَا يَرِدُ عَلَى الْحِيلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَذَلِكَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ قَالَ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمَّا أَقَرَّ بِالضَّيْعَةِ الْمُدَّعِي بِهَا لِابْنِهِ أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ صَارَ مُسْتَهْلِكًا لِمَالِي وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ فَلِي أَنْ أَحْلِفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى مَالِي عَلَيْكَ قِيمَةُ هَذِهِ الضَّيْعَةِ. قَالَ الْخَصَّافُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ الْآخَرُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ يَجِبُ الضَّمَانُ ثُمَّ بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا بِأَنَّ هَذَا الْخِلَافَ فِي الْغَصْبِ الْمُجَرَّدِ فَأَمَّا الْجُحُودُ يُوجِبُ الضَّمَانَ بِالِاتِّفَاقِ وَبَعْضُهُمْ

5 - وَلَوْ ادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ بِهِ، وَلَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ فَسَاوَمَهُ بَطَلَتْ، 6 - وَلَوْ قَالَ لَمْ أَعْلَمْ، 7 - أَوْ يَبِيعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ يَهَبَهُ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ يَسْتَحِقَّهُ الْمُشْتَرِي بِالْبَيِّنَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالُوا فِي الْجُحُودِ رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ الْحِلَافَ فِي الْكُلِّ عَلَى السَّوَاءِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الضَّمَانُ هَهُنَا بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ هَذَا إتْلَافُ الْمِلْكِ وَالْعَقَارُ يُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّاهِدَ بِالْعَقَارِ يَضْمَنُ عِنْدَ الرُّجُوعِ بِالْإِجْمَاعِ لِإِتْلَافِ الْمِلْكِ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ عَرْضًا أَوْ جَارِيَةً أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ غَيْرَ الْعَقَارِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُغَيِّرَ عَلَيْهِ الْمُدَّعِي عَلَى وَجْهٍ لَا يَعْرِفُهُ الْمُدَّعِي ثُمَّ يَعْرِضَهُ عَلَى هَذَا الْمُدَّعِي لِيُسَاوِمَهُ فَتَبْطُلَ دَعْوَاهُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ. (5) قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ بِهِ وَاصَلَ بِمَا قَبْلَهُ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا عَرَضَهُ عَلَى الْمُدَّعِي فَسَاوَمَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ الْمُدَّعِي تُسْمَعْ دَعْوَاهُ (6) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لَمْ أَعْلَمْ أَيْ الثَّوْبَ وَاصَلَ بِمَا قَبْلَهُ. يَعْنِي فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ الثَّوْبَ ثَوْبِي فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ لِأَنَّ الْمُسَاوَمَةَ مِنْ الْمُدَّعِي إقْرَارٌ مِنْهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي هَذِهِ الثَّوْبِ فَيُجْعَلُ مَا تَقْتَضِيه الْمُسَاوَمَةُ كَالْمُصَرَّحِ بِهِ. وَلَوْ صَرَّحَ وَقَالَ لَا حَقَّ لِي فِي هَذَا الثَّوْبِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّمَا قُلْت لِأَنِّي لَمْ أَعْرِفْ أَنَّ الثَّوْبَ ثَوْبِي كَذَا هَذَا. (7) قَوْلُهُ: أَوْ يَبِيعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. أَيْ يَبِيعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُدَّعَى هَذِهِ حِيلَةٌ أُخْرَى لِأَصْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ أَنْ يَبِيعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ الشَّيْءَ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ ثُمَّ يَهَبَهُ لِلْمُدَّعِي فَإِذَا قَبِلَ الْمُدَّعِي الْهِبَةَ بَطَلَ دَعْوَاهُ ثُمَّ يَجِيءُ الْمُشْتَرِي وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ فَيَأْخُذُهُ مِنْ الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَيَبْطُلُ دَعْوَى الْمُدَّعِي لِمَا قُلْنَا وَلَا تَكُونُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينٌ فِي ذَلِكَ

[التاسع عشر في الوكالة]

التَّاسِعَ عَشَرَ: فِي الْوَكَالَةِ؛ 1 - الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ شِرَاءِ الْوَكِيلِ بِالْمُعَيَّنِ لِنَفْسِهِ 2 - أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِخِلَافِ جِنْسِ مَا أُمِرَ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الْوَكَالَةِ] قَوْلُهُ: الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ شِرَاءِ الْوَكِيلِ بِالْمُعَيَّنِ لِنَفْسِهِ. عِبَارَةُ الْخَصَّافِ. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً بِعَيْنِهَا أَوْ دَارًا أَوْ ضَيْعَةً بِعَيْنِهَا فَقَبِلَ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ مَا الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ. (2) قَوْلُهُ: أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِخِلَافِ جِنْسِ مَا أُمِرَ بِهِ. كَأَنْ يَأْمُرُهُ بِالشِّرَاءِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَيَشْتَرِي بِمِائَةِ دِينَارٍ. وَقَدْ جَعَلَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ جِنْسَيْنِ إذْ لَوْ جَعَلَهُمَا جِنْسًا وَاحِدًا لَصَارَ الْوَكِيلُ مُشْتَرِيًا لِلْآمِرِ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِالشِّرَاءِ بِالدَّرَاهِمِ وَقَدْ اشْتَرَى بِالدَّنَانِيرِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ. وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ فِي بَابِ الْمُسَاوَمَةِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ قِيَاسًا فِي حَقِّ الرِّبَا حَتَّى جَازَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا وَفِيمَا عَدَا حُكْمَ الرِّبَا جُعِلَا جِنْسًا وَاحِدًا اسْتِحْسَانًا حَتَّى يَكْمُلَ نِصَابُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَالْقَاضِي فِي قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَوَّمَ بِالدَّرَاهِمِ وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَ بِالدَّنَانِيرِ، وَالْمُكْرَهُ عَلَى الْبَيْعِ بِالدَّرَاهِمِ إذَا بَاعَ بِالدَّنَانِيرِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ كَمَا لَوْ بَاعَ بِالدَّرَاهِمِ كَانَ بَيْعُهُ بَيْعَ مُكْرَهٍ وَصَاحِبُ الدَّرَاهِمِ إذَا ظَفِرَ بِدَنَانِيرَ مِنْ عِلَّتِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِجِنْسِ حَقِّهِ كَمَا لَوْ ظَفِرَ بِدَرَاهِمِهِ إلَّا رِوَايَةً شَاذَّةً عَنْ مُحَمَّدٍ: وَإِذَا بَاعَ شَيْئًا بِالدَّرَاهِمِ اشْتَرَاهَا بِالدَّنَانِيرِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ وَالثَّانِي أَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الْأَوَّلِ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا اسْتِحْسَانًا وَتَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُمَا اُعْتُبِرَا جِنْسَيْنِ فِي غَيْرِ حُكْمِ الرِّبَا شَهِدَ بِالدَّرَاهِمِ وَالْآخَرُ شَهِدَ بِالدَّنَانِيرِ أَوْ شَهِدَا بِالدَّرَاهِمِ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي الدَّنَانِيرَ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ لَا يَقْبَلُ الشَّهَادَةَ وَكَذَلِكَ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ اُعْتُبِرَا جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ عَلَى أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ دَارًا بِدَرَاهِمَ وَأَجَرَهَا مِنْ غَيْرِهِ بِالدَّنَانِيرِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ وَقِيمَةُ الثَّانِي أَكْثَرُ مِنْ الْأَوَّلِ تَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ فِيمَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُمَا جُعِلَا جِنْسًا وَاحِدًا فِيمَا عَدَا حُكْمَ الرِّبَا عَلَى الْإِطْلَاقِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

3 - أَوْ بِأَكْثَرَ مِمَّا أُمِرَ بِهِ 4 - أَوْ يُصَرِّحَ بِالشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ أَوْ يُوَكِّلَ فِي شِرَائِهِ 5 - الْحِيلَةُ فِي صِحَّةِ إبْرَاءِ الْوَكِيلِ عَنْ الثَّمَنِ اتِّفَاقًا، 6 - أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْوَكِيلُ قَدْرَ الثَّمَنِ ثُمَّ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لَهُ أَرَادَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ إذَا أُرْسِلَ الْمَتَاعُ لِلْمُوكَلِ لَا يَضْمَنُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (3) قَوْلُهُ: أَوْ بِأَكْثَرَ مِمَّا أُمِرَ بِهِ. يَعْنِي أَوْ يَشْتَرِي بِجِنْسِ مَا أُمِرَ بِهِ لَكِنْ بِالزِّيَادَةِ عَلَى مَا أُمِرَ بِهِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُخَالِفًا أَمْرَهُ فَيَنْفُذُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا عُرِفَ (4) قَوْلُهُ: أَوْ يُصَرِّحَ بِالشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ بِحَضْرَةِ مُوكِلِهِ. أَقُولُ هَذِهِ حِيلَةٌ أُخْرَى لِأَمْرٍ آخَرَ كَمَا فِي حِيَلِ الْخَصَّافِ وَعِبَارَتُهُ: رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ جَارِيَةً لَهُ فَأَرَادَ الْوَكِيلُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِنَفْسِهِ قَالَ مَا الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ قَالَ يَقُولُ لِمَوْلَى الْجَارِيَةِ قَدْ وَكَلْتَنِي بِبَيْعِ هَذِهِ الْجَارِيَةِ وَأَجَزْت أَمْرِي فِيهَا وَمَا عَمِلْت فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ وَقَبِلَ الْوَكَالَةَ فَتَسَعُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا لِلْآمِرِ أَنْ يَبِيعَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ مِنْ هَذَا الْوَكِيلِ الثَّانِي فَيَجُوزُ ذَلِكَ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ (5) قَوْلُهُ: الْحِيلَةُ فِي صِحَّةِ إبْرَاءِ الْوَكِيلِ عَنْ الثَّمَنِ اتِّفَاقًا. يَعْنِي الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ الْإِبْرَاءَ عَنْ الثَّمَنِ فَفَعَلَ الْوَكِيلُ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ وَيَضْمَنُ مِثْلَ ذَلِكَ لِلْمُوكِلِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَصِحُّ ذَلِكَ. ثُمَّ اعْلَمْ بِأَنَّ إبْرَاءَ الْوَكِيلِ الْمُشْتَرِيَ عَنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ بَعْضِهِ أَوْ هِبَةِ جَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ بَعْضِهِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ صَحِيحٌ عِنْدَ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَذَلِكَ حَطُّ بَعْضِ الثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ صَحِيحٌ عِنْدَهُمَا فَأَمَّا حَطُّ كُلِّ الثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُمَا وَيَصِحُّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَيُجْعَلُ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ. (6) قَوْلُهُ: أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْوَكِيلُ قَدْرَ الثَّمَنِ. يَعْنِي بِطَرِيقِ الْهِبَةِ

فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي بَعْثِهِ، 8 - وَكَذَا لَوْ أَرَادَ الْإِيدَاعَ يَسْتَأْذِنُهُ أَوْ يُرْسِلُهُ الْوَكِيلُ مَعَ أَجِيرٍ لَهُ، 9 - لِأَنَّ الْأَجِيرَ الْوَاحِدَ مِنْ عِيَالِهِ، 10 - أَوْ يَرْفَعَ الْوَكِيلُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيَأْذَنُهُ فِي إرْسَالِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي بَعْثِهِ فَإِذَا بَعَثَ الْمَتَاعَ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ أُجِيزَ لَهُ مَا وُضِعَ. (8) قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَرَادَ الْإِيدَاعَ إلَخْ. أَيْ الْوَكِيلَ بِالشِّرَاءِ لَوْ أَرَادَ الْإِيدَاعَ بَعْدَ مَا اشْتَرَى. (9) قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَجِيرَ الْوَاحِدَ مِنْ عِيَالِهِ. يَعْنِي وَالْأَمِينُ إذَا دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ فِي عِيَالِهِ لَا يَضْمَنُ سَوَاءٌ اسْتَأْجَرَهُ مُشَافَهَةً أَوْ مُشَاهَرَةً هَكَذَا حُكِيَ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ. (10) قَوْلُهُ: أَوْ يَرْفَعَ الْوَكِيلُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي إلَخْ. يَعْنِي وَيَطْلُبَ مِنْهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ فِي إيدَاعِ ذَلِكَ الْمَتَاعِ وَفِي بَعْثِهِ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ إلَى صَاحِبِهِ لِأَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةً وَتَدْبِيرًا فِي مَالِ الْغَائِبِ فَصَارَ فِعْلُ الْوَكِيلِ بِأَمْرِ الْقَاضِي بِمَنْزِلَةِ فِعْلِهِ بِأَمْرِ الْآمِرِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي الْقُنْيَةِ جَرَتْ عَادَةُ حَاكَةِ الرُّسْتَاقِ أَنَّهُمْ يَبْعَثُونَ الْكَرَابِيسَ إلَى مَنْ يَبِيعُهَا لَهُمْ فِي الْبَلَدِ وَيَبْعَثُ بِأَثْمَانِهَا إلَيْهِمْ بِيَدِ مَنْ شَاءَ وَيَرَاهُ أَمِينًا فَإِذَا بَعَثَ الْبَائِعُ ثَمَنَ الْكَرَابِيسِ بِيَدِ شَخْصٍ ظَنَّهُ أَمِينًا وَأَبَقَ ذَلِكَ الرَّسُولُ لَا يَضْمَنُ الْبَاعِثُ إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْعَادَةُ مَعْرُوفَةً عِنْدَهُمْ قَالَ أُسْتَاذُنَا وَبِهَا أَجَبْت أَنَا وَغَيْرِي (انْتَهَى) . وَهُوَ مِمَّا يَجِبُ حِفْظُهُ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ

[العشرون في الشفعة]

الْعِشْرُونَ: فِي الشُّفْعَةِ؛ 1 - الْحِيلَةُ أَنْ يَهَبَ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ هُوَ يُوهِبُهُ قَدْرَ الثَّمَنِ، 2 - وَكَذَا الصَّدَقَةُ، 3 - أَوْ يُقِرَّ لِمَنْ أَرَادَ شِرَاءَهَا بِهَا ثُمَّ يُقِرَّ الْآخَرُ لَهُ بِقَدْرِ ثَمَنِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْعِشْرُونَ فِي الشُّفْعَةِ] قَوْلُهُ: الْحِيلَةُ أَنْ يَهَبَ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَخْ. يَعْنِي وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ الْمُشْتَرِي يَهَبُ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ تَخْتَصُّ بِالْمُبَادَلَاتِ؛ وَالْهِبَةُ إذَا لَمْ تَكُنْ بِشَرْطِ الْعِوَضِ لَا تَصِيرُ مُبَادَلَةً مِنْ رَدِّ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْمَوْهُوبَ بِهِ بِالْعَيْبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِذَا لَمْ تَصِرْ مُبَادَلَةً تَعَيَّنَتْ هِبَةً فَلَا يَثْبُتُ فِيهَا الشُّفْعَةُ. غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ حِيلَةٌ يَمْلِكُهَا بَعْضُ النَّاسِ دُونَ الْبَعْضِ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ كَالْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهَا بِمَعْنَى الْبَيْعِ وَيَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ فِيهَا حَقُّ الشُّفْعَةِ. وَفِي النَّوَادِرِ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ وَفِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ ذُكِرَ الْخِلَافُ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَإِذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافٌ أَوْ خِلَافٌ لَا تَصِحَّ عَلَيْهِ لِإِبْطَالِ الشُّفْعَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (2) قَوْلُهُ: وَكَذَا الصَّدَقَةُ. يَعْنِي تَكُونُ حِيلَةً لِإِسْقَاطِ حَقِّ الشُّفْعَةِ كَالْهِبَةِ وَإِنَّمَا تُفَارِقُ الْهِبَةُ الصَّدَقَةَ فِي حَقِّ الرُّجُوعِ فِيهَا دُونَ الصَّدَقَةِ وَأَمَّا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ فَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ سَوَاءٌ. (3) قَوْلُهُ: أَوْ يُقِرَّ لِمَنْ أَرَادَ شِرَاءَهَا بِهَا إلَخْ. أَيْ يُقِرَّ الْبَائِعُ لِمُرِيدِ شِرَاءِ الدَّارِ بِهَا ثُمَّ يُقِرَّ الَّذِي يُرِيدُ شِرَاءَ الدَّارِ بِالثَّمَنِ لِلْبَائِعِ فَلَا يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ. وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. غَيْرَ أَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ لَيْسَ بِحَقٍّ وَالْإِقْرَارُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِحَقٍّ هَلْ يَنْقِلُ الْمِلْكَ أَوْ لَا؟ فِيهِ كَلَامٌ عُرِفَ فِي كُتُبِنَا فَهَذَا بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ.

4 - أَوْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مِمَّا يَلِي دَارَ الْجَارِ بِطَرِيقِهِ ثُمَّ يَبِيعَهُ الْبَاقِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ (4) قَوْلُهُ: أَوْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مِمَّا يَلِي دَارَ الْجَارِ إلَخْ. يَعْنِي وَيَخُطَّ عَلَى ذَلِكَ الْجُزْءِ خَطًّا كَيْ لَا يَكُونَ هِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَإِنَّمَا لَا يَكُونُ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ صَارَ شَرِيكًا وَالشَّرِيكُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْجَارِ، وَإِنَّمَا شُرِطَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِطَرِيقِهِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَصَدَّقْ عَلَيْهِ صَارَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ جَارًا لِلدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْجَارِ، غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ إنَّمَا تَكُونُ حِيلَةً لِإِبْطَالِ حَقِّ الْجَارِ لَا لِإِبْطَالِ حَقِّ الْخَلِيطِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة

[الحادي والعشرون في الصلح]

الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: فِي الصُّلْحِ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا وَزَوْجَةً وَدَارًا، فَادَّعَى رَجُلٌ الدَّارَ فَصَالَحَاهُ عَلَى مَالٍ، 1 - فَإِنْ صَالَحَاهُ عَلَى غَيْرِ إقْرَارٍ فَالْمَالُ عَلَيْهِمَا أَثْمَانًا وَالدَّارُ بَيْنَهُمَا أَثْمَانًا، وَإِلَّا فَالْمَالُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ كَالدَّارِ 2 - فَالْحِيلَةُ فِي جَعْلِ الْإِقْرَارِ لِغَيْرِهِ؛ أَنْ يُصَالِحَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا عَلَى إقْرَارٍ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهَا الثُّمْنَ وَلَهُ سُبْعَهُ 3 - أَوْ يُقِرَّ الْمُدَّعِي بِأَنَّ لَهَا الثُّمُنَ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الصُّلْحِ] قَوْلُهُ: فَإِنْ صَالَحَاهُ عَلَى غَيْرِ إقْرَارٍ فَالْمَالُ عَلَيْهِمَا أَثْمَانًا وَالدَّارُ بَيْنَهُمَا أَثْمَانًا إلَخْ. كَذَا فِي النُّسَخِ بِالنِّصْفِ، وَالصَّوَابُ أَثْمَانٌ بِالرَّفْعِ وَإِنَّمَا كَانَ الْحُكْمُ مَا ذُكِرَ لِأَنَّ الدَّارَ تَكُونُ بَيْنَهُمَا مِيرَاثًا عَلَى ثَمَانِيَةٍ فَكَذَلِكَ بَدَلُ الصُّلْحِ يَجِبُ عَلَى الِابْنِ سَبْعَةُ أَثْمَانِهِ وَعَلَى الْمَرْأَةِ ثُمْنُهُ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَنْ إنْكَارِ مُعَاوَضَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْمُعَاوَضَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ يَجِبُ الْبَدَلُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ لِأَنَّهُمَا لَمَّا أَقَرَّا بِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي صَارَا بِالصُّلْحِ مُشْتَرِيَيْنِ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ الْمُدَّعِي فَتَكُونُ الدَّارُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَكَذَلِكَ الْبَدَلُ. (2) قَوْلُهُ: وَالْحِيلَةُ فِي جَعْلِ الْإِقْرَارِ لِغَيْرِهِ إلَخْ. أَيْ فِي جَعْلِ الصُّلْحِ عَنْ إقْرَارٍ كَالصُّلْحِ عَنْ إنْكَارٍ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهُمَا أَجْنَبِيٌّ عَلَى مِائَةٍ مَثَلًا بَعْدَ مَا أَقَرَّ الْأَجْنَبِيُّ بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لِلْمَرْأَةِ ثُمْنَ الدَّارِ وَلِلِابْنِ سَبْعَةَ أَثْمَانِهَا فَإِذَا فَعَلَ الْأَجْنَبِيُّ ذَلِكَ كَانَ الدَّارُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمَا، ثُمَّ يَرْجِعُ الْأَجْنَبِيُّ عَلَيْهِمَا بِالْمِائَةِ عَلَى مِقْدَارِ مِيرَاثِهِمَا (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ. (3) قَوْلُهُ: أَوْ يُقِرَّ الْمُدَّعِي بِأَنَّ لَهَا الثُّمُنَ. أَيْ يُقِرَّ الْمُدَّعِي الدَّارَ بِأَنَّ لَهَا الثُّمُنَ مِنْهَا

[الثاني والعشرون في الكفالة]

الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: فِي الْكَفَالَةِ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْحَوَالَةِ الْحِيلَةُ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ إذَا أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ مَاتَ مُفْلِسًا، 1 - أَنْ يَكْتُبَ أَنَّ الْحَوَالَةَ عَلَى فُلَانٍ مَجْهُولٍ. وَالْحِيلَةُ فِي عَدَمِ بَرَاءَةِ الْمُحِيلِ أَنْ يَضْمَنَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْكَفَالَةِ] قَوْلُهُ: الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْكَفَالَةِ: أَقُولُ هَكَذَا تَرْجَمَ الْمُصَنِّفُ وَلَمْ يَكْتُبْ شَيْئًا وَأَكْمَلَ ذَلِكَ أَخُوهُ الْعَلَّامَةُ عُمَرُ بْنُ نُجَيْمٍ فَقَالَ عَقِيبَ التَّرْجَمَةِ أَرَادَ الطَّالِبُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ جَمِيعِ الْمَالِ مِنْ الْكَفِيلِ وَيُبْرِئَهُ وَيَرْجِعَ بِجَمِيعِ مَا ضَمِنَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُعْطِيَ عَنْ الدَّرَاهِمِ الْمَضْمُونَةِ دَنَانِيرَ أَوْ عَكْسُهُ زِيَادَةً مِنْ قِيمَتِهَا كُفِّلَا بِنَفْسِ رَجُلٍ فَدَفَعَهُ أَحَدُهُمَا لَا يَبْرَأُ الْآخَرُ وَالْحِيلَةُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ قَدْ كَفَلَ صَاحِبَهُ فِيمَا كُفِلَ هُوَ فِيهِ. خَافَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ مِنْ تَوَارِي الْمَكْفُولِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ الرَّهْنَ فِي كَفَالَةِ النَّفْسِ لَا يَجُوزُ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَضْمَنَ الْمَالَ عَلَى أَنَّهُ إنْ وَافَى بِهِ يَوْمَ كَذَا فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ وَيَرْتَهِنَ بِالْمَالِ [الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْحَوَالَةِ] (2) قَوْلُهُ: أَنْ يَكْتُبَ أَنَّ الْحَوَالَةَ عَلَى فُلَانٍ مَجْهُولٍ: أَقُولُ هَذَا نَاقِصٌ وَتَمَامُهُ أَنْ يُحِيلَ الرَّجُلَ الْمَجْهُولَ عَلَى مَعْلُومٍ فَيُطَالِبَهُ الْمُحْتَالُ لَهُ، وَلَوْ مَاتَ هَذَا الْمَعْلُومُ مُفْلِسًا لَمْ يَكُنْ لِلطَّالِبِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُحِيلَ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ مَا أَحَالَهُ عَلَيْهِ أَحَالَهُ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ وَهُوَ الْمَجْهُولُ أَنْ يَعْرِفَ مَوْتَهُ مُفْلِسًا

[الرابع والعشرون في الرهن]

الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: فِي الرَّهْنِ 1 - الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ رَهْنِ الْمُشَاعِ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ النِّصْفَ بِالْخِيَارِ ثُمَّ يَرْهَنَهُ النِّصْفَ ثُمَّ يَفْسَخَ الْبَيْعَ الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ انْتِفَاعِ الْمُرْتَهِنِ بِالرَّهْنِ أَنْ يَسْتَعِيرَهُ بَعْدَ الرَّهْنِ فَلَا يَبْطُلُ بِالْعَارِيَّةِ وَيَبْطُلُ بِالْإِجَارَةِ لَكِنْ يَخْرُجُ عَنْ الضَّمَانِ مَادَامَ مُسْتَعْمِلًا لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الرَّهْنِ] قَوْلُهُ: الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ رَهْنِ الْمُشَاعِ إلَخْ. يُقَالُ عَلَيْهِ: هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الشُّيُوعَ الطَّارِئَ لَا يَبْطُلُ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَى الظَّاهِرِ لَا يَخْرُجُ بِمَا ذَكَرَ عَنْ كَوْنِهِ رَهْنًا مُشَاعًا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحِيلَةَ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهَا وَلَوْ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ كَمَا قَالُوا فِيمَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهُ عَلَى النِّكَاحِ أَنَّهُ يَذْهَبُ إلَى شَافِعِيٍّ فَيَحْكُمُ بِإِلْغَائِهِ بَلْ قَالُوا يَعْتَمِدُ فَتْوَاهُ فِي ذَلِكَ. وَأَقُولُ لَمَّا كَانَتْ الْعِلَّةُ لِبُطْلَانِ رَهْنِ الْمُشَاعِ مُنَافَاتَهُ لِمُقْتَضَى الرَّهْنِ وَهُوَ الْحَبْسُ الدَّائِمُ إلَى الْوَفَاءِ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِيمَا إذَا شَرَى النِّصْفَ وَصَارَ النِّصْفُ عِنْدَهُ رَهْنًا لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ حَبْسُهُ حِينَئِذٍ إلَى الْوَفَاءِ فَإِذَا فُسِخَ الْبَيْعُ طَرَأَ الشُّيُوعُ فَلَمْ يُمْنَعْ عَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ (انْتَهَى) . وَقِيلَ عَلَيْهِ إنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ لَا تُفِيدُ أَيْضًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الشُّيُوعَ الطَّارِئَ لَا يَضُرُّ وَمَا ذَاكَ إلَّا لِأَنَّهُ لَمَّا بَاعَهُ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ خِيَارَ الْبَائِعِ يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ فَقَدْ رَهَنَ بَعْضَ مِلْكِهِ فَيَكُونُ رَهْنُ الْمُشَاعِ فَلَا يَجُوزُ فَلَا تُفِيدُ الْحِيلَةُ الْمَذْكُورَةُ. وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي لَا يُفِيدُ أَيْضًا وَمَا ذَلِكَ إلَّا لِأَنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي لَا يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ بَلْ يَخْرُجُ فَيَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي عَلَى قَوْلِهِمَا فَيَكُونُ رَهْنَ الْمُشَاعِ مِنْ شَرِيكِهِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ أَوْ يَعُودُ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ يَكُونُ رَهْنَ الْمُشَاعِ فَلَا يَجُوزُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ فَيَحْتَاجُ إلَى الْجَوَابِ عَنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ (انْتَهَى) . أَقُولُ ذَكَرَ هَذِهِ الْحِيلَةَ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ وَأَوْضَحَهَا عَلَى وَجْهٍ يَزُولُ بِهِ الْإِشْكَالُ وَيَحْصُلُ الْجَوَابُ وَكَذَا صَاحِبُ مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَعِبَارَتُهُ: أَرَادَ أَنْ يَرْهَنَ نِصْفَ

2 - فَإِذَا فَرَغَ عَادَ الضَّمَانُ 3 - الْحِيلَةُ فِي إثْبَاتِ الرَّهْنِ عِنْدَ الْقَاضِي فِي غَيْبَةِ الرَّهْنِ أَنْ يَدَّعِيَهُ إنْسَانٌ فَيَدْفَعَهُ بِأَنَّهُ رَهْنٌ عِنْدَهُ 4 - وَيُثْبِتَ فَيَقْضِي الْقَاضِي بِالرَّهْنِيَّةِ وَدَفْعِ الْخُصُومَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQدَارِهِ مُشَاعًا يَبِيعُ نِصْفَ الدَّارِ مِنْ الَّذِي يَطْلُبُ الرَّهْنَ وَيَقْبِضُ الثَّمَنَ عَلَى أَنَّهُ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ وَيَقْبِضُ الدَّارَ ثُمَّ يَقْبِضُ الْبَيْعَ بِحُكْمِ الْخِيَارِ فَيَصِيرُ فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ (2) قَوْلُهُ: فَإِذَا فَرَغَ عَادَ الضَّمَانُ: أَيْ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الِانْتِفَاعِ تَعُودُ رَهْنًا. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الِانْتِفَاعَ بِالدَّارِ وَفَرَّغَهَا تَعُودُ رَهْنًا فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ مَعَ تَرْكِ الِانْتِفَاعِ التَّفْرِيغَ شَرْطَ الْعَوْدِ رَهْنًا وَظَاهِرُ الْمَبْسُوطِ أَنَّ التَّفْرِيغَ لَيْسَ شَرْطًا (3) قَوْلُهُ: الْحِيلَةُ فِي إثْبَاتِ الرَّهْنِ: أَيْ إثْبَاتِ الْمُرْتَهَنِ الرَّهْنَ: فَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ إلَى الْمَفْعُولِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ. (4) قَوْلُهُ: وَيُثْبِتَ: أَيْ الْمُرْتَهَنُ الْمَعْلُومُ مِنْ الْمَقَامِ بِالْبَيِّنَةِ الرَّهْنِيَّةَ وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ وَشَوَّشَ فِيهَا الْجَوَابَ فِي بَعْضِ الْمَوَاقِعِ شَرَطَ حَضْرَةَ الرَّاهِنِ لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَالْمَشَايِخُ مُخْتَلِفُونَ فِيهِ، بَعْضُهُمْ قَالُوا مَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ وَقَعَ غَلَطًا مِنْ الْكَاتِبِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ: الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ إذَا أُسِرَ وَوَقَعَ فِي الْغَنِيمَةِ فَوَجَدَهُ الْمُرْتَهِنُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رُهِنَ عِنْدَهُ لِفُلَانٍ وَأَخَذَ لَا يَكُونُ هَذَا قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ بِالرَّهْنِ وَحِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الرَّهْنِ فَإِنَّ كَوْنَ الْعَبْدِ وَقْتَ الْأَسْرِ كَافٍ فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ قَبُولَ الْبَيِّنَةِ لِإِثْبَاتِ الرَّهْنِ عَلَى الْغَالِبِ فِي مَسْأَلَتِنَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَلْيُرَاجَعْ

[الخامس والعشرون في الوصايا]

الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: فِي الْوَصَايَا 1 - الْوَصِيَّةُ لَا تَقْبَلُ التَّخْصِيصَ بِنَوْعٍ وَمَكَانٍ وَزَمَانٍ فَإِذَا خَصَّصَ زَيْدًا بِمِصْرَ وَعَمْرًا بِالشَّامِ وَأَرَادَ أَنْ يَنْفَرِدَ كُلٌّ، 2 - فَالْحِيلَةُ أَنْ يُشْتَرَطَ لِكُلٍّ أَنْ يُوَكِّلَ وَيَعْمَلَ بِرَأْيِهِ أَوْ يَشْتَرِطَ لَهُ الِانْفِرَادَ 3 - الْحِيلَةُ فِي أَنْ يَمْلِكَ الْوَصِيُّ عَزْلَ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْوَصَايَا] قَوْلُهُ: فِي الْوَصَايَا الْوَصِيَّةُ لَا تَقْبَلُ التَّخْصِيصَ إلَخْ. هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعَلَيْهِ فَيُحْتَاجُ إلَى هَذِهِ الْحِيلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَتَقْبَلُ التَّخْصِيصَ وَأَمَّا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَوْلُهُ مُضْطَرِبٌ فِي الْكُتُبِ. (2) قَوْلُهُ: فَالْحِيلَةُ أَنْ يُشْتَرَطَ لِكُلٍّ أَنْ يُوَكِّلَ إلَخْ: عِبَارَةُ التَّتَارْخَانِيَّة: الْحِيلَةُ أَنْ يَجْعَلَهُمْ أَوْصِيَاءَ فِي جَمِيعِ تَرِكَاتِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ حَضَرَ مِنْهُمْ فَهُوَ وَصِيٌّ فِي جَمِيعِ تَرِكَاتِهِ وَعَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَقُومَ بِوَصِيَّتِهِ وَيَنْفُذَ أَمْرُهُ فِيهَا فَإِذَا فَعَلَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَصِيًّا عَامًّا مُنْفَرِدًا بِالتَّصَرُّفِ اعْتِبَارًا بِشَرْطِ الْمُوصِي. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَوْعُ نَظَرٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْصَيْت إلَى فُلَانٍ لَفْظٌ عَامٌّ يَقْتَضِي ثُبُوتَ وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ لِفُلَانٍ عَامًّا ثُمَّ تَخْصِيصُهُ بِمَالِهِ بِبَغْدَادَ يَكُونُ فِي مَعْنَى الْحَجْرِ الْخَاصِّ وَالْحَجْرُ الْخَاصُّ إذَا وَرَدَ عَلَى الْإِذْنِ الْعَامِّ لَا يُغَيِّرُهُ فَإِنَّهُ ذُكِرَ فِي الْمَأْذُونِ أَنَّ الْمَوْلَى إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ إذْنًا عَامًّا ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الْحَجْرُ وَمَسْأَلَةٌ أُخْرَى تَرَدَّدَ فِيهَا الْمَشَايِخُ أَنَّ مَنْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَجَعَلَهُ فِيمَا لَهُ عَلَى النَّاسِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ فِيمَا لِلنَّاسِ عَلَيْهِ؛ بَعْضُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ هَذَا التَّقْيِيدُ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَا يَصِيرُ وَصِيًّا فِيهِمَا فَعُلِمَ أَنَّ فِي هَذِهِ الْحِيلَةِ نَوْعَ شُبْهَةٍ (3) قَوْلُهُ: الْحِيلَةُ فِي أَنْ يَمْلِكَ الْوَصِيُّ عَزْلَ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ. يَعْنِي لِأَنَّ الْوَصِيَّ الْمُخْتَارَ لَا يَمْلِكُ عَزْلَ نَفْسِهِ.

4 - أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُوصِي وَقْتَ الْإِيصَاءِ 5 - الْحِيلَةُ فِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَعْزِلُ وَصِيَّ الْمَيِّتِ، أَنْ يَدَّعِيَ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَيُخْرِجَهُ الْقَاضِي إنْ لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. تَمَّ الْفَنُّ الْخَامِسُ 6 - مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ، وَيَتْلُوهُ الْفَنُّ السَّادِسُ مِنْهُ وَهُوَ فَنُّ الْفُرُوقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (4) قَوْلُهُ: أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُوصِي وَقْتَ الْإِيصَاءِ: وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ الْمُوصِي جَعَلْتُك وَصِيًّا عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِيَدِك فِي عَزْلِ نَفْسِكَ مَتَى شِئْتَ (5) قَوْلُهُ: أَنْ يَدَّعِيَ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ إلَخْ. يَعْنِي أَنْ يَدَّعِيَ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ لِنَفْسِهِ حَتَّى يَتَّهِمَهُ الْقَاضِي أَنَّهُ يَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ قَبْلَ الْإِثْبَاتِ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي فَيُخْرِجُهُ عَنْ الْوَصِيَّةِ. قَالَ فِي الْمُحِيطِ الرَّضَوِيِّ: وَذَلِكَ حِيلَةٌ فِي الْقَضَاءِ لَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ لِأَنَّهُ كَذِبٌ مَحْضٌ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ. (6) قَوْلُهُ: مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ: وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي بَدَلِ مِنْ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُسَمِّيَ الْفَنَّ بِالْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفِهْرِسِ مِنْ قَوْلِ الْفَنِّ السَّادِسِ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ، وَأَنَّهُ سَمَّى هَذَا الْكِتَابَ بِبَعْضِ مُتُونِهِ وَلَعَلَّ أَصْلَ الْعِبَارَةِ الْفَنُّ السَّادِسُ فِي الْفُرُوقِ وَهُوَ فَنُّ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَأَمَّا فَنُّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ فَهُوَ الْفَنُّ الْمُتَقَدِّمُ الرَّابِعُ وَوَجْهُ التَّسْمِيَةِ ظَاهِرٌ

[الفن السادس من الأشباه والنظائر وهو فن الفروق]

الْفَنُّ السَّادِسُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى، وَبَعْدُ هَذَا هُوَ الْفَنُّ السَّادِسُ مِنْ كِتَابِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ، 1 - وَهُوَ فَنُّ الْفُرُوقِ، ذَكَرْت فِيهَا مِنْ كُلِّ بَابٍ شَيْئًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْفَنُّ السَّادِسُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْفُرُوقِ] [كِتَابُ الصَّلَاةِ وَفِيهَا بَعْضُ مَسَائِلِ الطَّهَارَةِ] قَوْلُهُ: وَهُوَ فَنُّ الْفُرُوقِ: الْإِضَافَةُ لِأُمَيَّةِ وَالْفُرُوقُ جَمْعُ فَرْقٍ. قَالَ الْعَلَّامَةُ شِهَابُ الدِّينِ الْقَرَافِيُّ فِي أَوَائِلِ كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِأَنْوَارِ الْبُرُوقِ فِي أَنْوَاعِ الْفُرُوقِ: سَمِعْت بَعْضَ مَشَايِخِنَا يَعْنِي الْإِمَامَ شَمْسَ الدِّين الْخُسْرَوْ شَاهِيّ يَقُولُ فَرَّقَتْ الْعَرَبُ بَيْنَ فَرَقَ بِالتَّخْفِيفِ وَفَرَّقَ بِالتَّشْدِيدِ فَالْأَوَّلُ فِي الْمَعَانِي وَالثَّانِي فِي الْأَجْسَامِ وَوَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ فِيهِ أَنَّ كَثْرَةَ الْحُرُوفِ عِنْدَ الْعَرَبِ تَقْتَضِي كَثْرَةَ الْمَعَانِي أَوْ زِيَادَتَهَا أَوْ قُوَّتَهَا وَالْمَعَانِي لَطِيفَةٌ وَالْأَجْسَامُ كَثِيفَةٌ فَنَاسَبَهَا التَّشْدِيدُ وَنَاسَبَ الْمَعَانِي التَّخْفِيفُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى خِلَافُ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ} [البقرة: 50] فَخَفَّفَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ جِسْمٌ وقَوْله تَعَالَى: {فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 25] وَجَاءَ عَلَى قَاعِدَةِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء: 130] وقَوْله تَعَالَى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة: 102] وقَوْله تَعَالَى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} [الفرقان: 1] وَلَا تَكَادُ تَسْمَعُ مِنْ الْفُقَهَاءِ إلَّا قَوْلَهُمْ مَا الْفَارِقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَا يَقُولُونَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِالتَّشْدِيدِ وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنْ يَقُولَ السَّائِلُ اُفْرُقْ لِي بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَا يَقُولُ

2 - جَمَعْتهَا مِنْ فُرُوقِ الْإِمَامِ الْكَرَابِيسِيِّ الْمُسَمَّى بِتَلْقِيحِ الْمَحْبُوبِيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَرِّقْ لِي وَلَا بِأَيِّ شَيْءٍ يُفَرِّقُ مَعَ أَنَّ كَثِيرًا يَقُولُونَهُ فِي الْأَفْعَالِ دُونَ اسْمِ الْفَاعِلِ (انْتَهَى) . أَقُولُ الْقَاعِدَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْخُسْرَوْ شَاهِيّ أَغْلَبِيَّةٌ لَا كُلِّيَّةٌ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْقَوَاعِدِ الْأَدَبِيَّةِ وَالْفِقْهِيَّةِ بِخِلَافِ قَوَاعِدِ الْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ فَإِنَّهَا كُلِّيَّةٌ أَبَدًا (2) قَوْلُهُ: جَمَعْتهَا مِنْ فُرُوقِ الْإِمَامِ الْكَرَابِيسِيِّ الْمُسَمَّى بِتَلْقِيحِ الْمَحْبُوبِيِّ أَقُولُ الصَّوَابُ وَمِنْ فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ الْمُسَمَّى بِتَلْقِيحِ الْمَحْبُوبِيِّ فَإِنَّهُمَا كِتَابَانِ لَا كِتَابٌ وَاحِدٌ وَدَعْوَى أَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ أَحَدُ الْكِتَابَيْنِ بِالْآخَرِ بَعِيدٌ جِدًّا غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّهُ وَقَعَ سَهْوًا مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ الْأَوَّلِ لِسُقُوطِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ الصَّوَابُ

كِتَابُ الصَّلَاةِ، وَفِيهَا بَعْضُ مَسَائِلِ الطَّهَارَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 1 - الْبَعْرَةُ إنْ سَقَطَتْ فِي الْبِئْرِ لَا تُنَجِّسُ الْمَاءَ وَنِصْفُهَا يُنَجِّسُهُ؛ وَالْفَرْقُ 2 - أَنَّ الْبَعْرَةَ إذَا سَقَطَتْ فِي الْبِئْرِ وَعَلَيْهَا جِلْدَةٌ تَمْنَعُ مِنْ الشُّيُوعِ، وَلَا كَذَلِكَ النِّصْفُ، وَفِي الْمَحْلَبِ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (1) قَوْلُهُ: وَفِيهَا بَعْضُ مَسَائِلِ الطَّهَارَةِ: أَقُولُ كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ وَفِيهِ بِإِرْجَاعِ الضَّمِيرِ لِلْكِتَابِ وَقَدْ يُقَالُ أَنَّثَ الضَّمِيرَ لِاكْتِسَابِهِ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ التَّأْنِيثَ. (2) قَوْلُهُ: إنَّ الْبَعْرَةَ إذَا سَقَطَتْ الْبِئْرَ إلَخْ وَكَذَا الْبَعْرَتَانِ وَالثَّلَاثُ كَمَا فِي الْفُرُوقِ لِلْمَحْبُوبِيِّ فَلَيْسَتْ الْبَعْرَةُ قَيْدًا كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي الْكَثِيرِ الْفَاحِشِ الَّذِي يَمْنَعُ الْجَوَازَ فِي الْآبَارِ الْخَارِجَةِ مِنْ الْمِصْرِ الَّتِي لَيْسَتْ رُءُوسًا حَاجِزَةً قَالَ بَعْضُهُمْ يُفَوَّضُ إلَى رَأْيِ الْمُبْتَلَى بِهِ وَقِيلَ مَا لَا يَخْلُو دَلْوٌ عَنْ بَعْرَةٍ وَقِيلَ مَا يَأْخُذُ أَكْثَرَ وَجْهِ الْمَاءِ كَذَا فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ وَفِي زَادِ الْفَقِيرِ: أَمَّا بَعْرُ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْمَعْزِ فَلَا يَتَنَجَّسُ الْبِئْرُ بِوُقُوعِهِ إلَّا إذَا اسْتَكْثَرَهُ النَّاظِرُ وَلَوْ مُنْكَسِرًا (انْتَهَى) . وَكَذَا لَوْ كَانَ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا كَمَا فِي إعَانَةِ الْحَقِيرِ شَرْحِ زَادِ الْفَقِيرِ لِأَنَّ عَدَمَ نَزْحِهَا بِالْبَعْرَةِ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّ آبَارَ الْفَلَوَاتِ لَيْسَ لَهَا رُءُوسٌ حَاجِزَةٌ وَالْإِبِلُ وَالْغَنَمُ تَبْعَرُ حَوْلَ الْآبَارِ فَتُلْقِيهَا الرِّيحُ فِيهَا فَلَوْ أَفْسَدَهَا الْقَلِيلُ لَزِمَ الْحَرَجُ وَهُوَ مَدْفُوعٌ فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ وَالصَّحِيحِ وَالْمُنْكَسِرِ وَالْبَعْرِ وَالْخَثَى وَالرَّوْثِ لِشُمُولِ الضَّرُورَةِ وَبَعْضُهُمْ يُفَرِّقُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَكَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ آبَارِ الْمِصْرِ وَالْفَلَوَاتِ لِمَا قُلْنَا

لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوَضِّئَ امْرَأَتَهُ الْمَرِيضَةَ بِخِلَافِ عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ؛ 4 - وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَبْدَ مِلْكُهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إصْلَاحُهُ لَا الْمَرْأَةِ 5 - لَا يُنْزَحُ مَاءُ الْبِئْرِ كُلُّهُ بِالْفَارَةِ 6 - وَيُنْزَحُ مِنْ ذَنَبِهَا؛ وَالْفَرْقُ أَنَّ الدَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ذَنَبِهَا فَيُنْزَحُ الْكُلَّ لَهُ وَلَوْ نَظَرَ الْمُصَلِّي إلَى الْمُصْحَفِ وَقَرَأَ مِنْهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لَا إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ بِشَهْوَةٍ لِأَنَّ الْأَوَّلَ تَعْلِيمٌ وَتَعَلُّمٌ فِيهَا لَا الثَّانِي قَالَ الْإِمَامُ بَعْدَ شَهْرٍ كُنْت مَجُوسِيًّا فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ قَالَ صَلَّيْت بِلَا وُضُوءٍ أَوْ فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ أَعَادُوا إنْ كَانَ مُتَيَقِّنًا؛ وَالْفَرْقُ أَنَّ إخْبَارَهُ الْأَوَّلَ مُسْتَنْكَرٌ بَعِيدٌ 7 - وَالثَّانِي مُحْتَمَلٌ أُقِيمَتْ بَعْدَ شُرُوعِهِ مُتَنَفِّلًا لَا يَقْطَعُهَا وَمُفْتَرِضًا يَقْطَعُهَا وَلَا يَأْثَمُ؛ وَالْفَرْقُ أَنَّ الثَّانِيَ لِإِصْلَاحِهَا لَا الْأَوَّلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوَضِّئَ امْرَأَتَهُ الْمَرِيضَةَ. يَعْنِي حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً. (4) قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَبْدَ مِلْكُهُ وَكَذَا الْأَمَةُ فَلَوْ قَالَ إنَّ الْعَبْدَ مِلْكُهُ وَكَذَا الْأَمَةُ لَكَانَ أَوْلَى لِيُلَائِمَ قَوْلَهُ: بِخِلَافِ عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ (5) قَوْلُهُ: لَا يُنْزَحْ مَاءُ الْبِئْرِ كُلُّهُ بِالْفَارَةِ بَلْ يُنْزَحُ عِشْرُونَ دَلْوًا. هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَنْفَسِخْ وَبِمَا إذَا لَمْ تَطْرُدْهَا الْهِرَّةُ وَأَخْرَجَتْ حَيَّةً وَإِلَّا فَيُنْزَحُ الْمَاءُ كُلُّهُ كَمَا فِي الْمُعْتَبَرَاتِ. (6) قَوْلُهُ: وَيُنْزَحُ مِنْ ذَنَبِهَا إلَخْ. عِبَارَةُ الْمَحْبُوبِيِّ وَفِي نِصْفِ ذَنَبِ الْفَارَةِ يُنْزَحُ جَمِيعُ الْمَاءِ وَهُوَ أَعْقَدُ فِي الْأَلْغَازِ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْمُشَمَّعِ الْمُنْقَطِعِ وَأَمَّا الْمُشَمَّعُ الْمُنْقَطِعُ فَيَجِبُ لِوُقُوعِهِ نَزْحُ عِشْرِينَ كَمَا فِي إعَانَةِ الْحَقِيرِ (7) قَوْلُهُ: وَالثَّانِي مُحْتَمَلٌ. يَعْنِي لِأَنَّهُ قَدْ يُشْتَبَهُ عَلَى الْإِنْسَانِ فَيُصَدِّقُ. كَذَا فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ يَعْنِي يُشْتَبَهُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَمْرُ الطَّهَارَةِ فَيُصَلِّي ظَانًّا وُجُودَهَا ثُمَّ يَتَحَقَّقُ عَدَمُهَا فَيُخْبِرُ بِذَلِكَ فَيُصَدَّقُ

سُؤْرُ الْفَارَةِ نَجَسٌ لَا بَوْلُهَا لِلضَّرُورَةِ وُجِدَ مَيِّتًا فِي دَارِ الْحَرْبِ مَعَهُ زُنَّارٌ وَفِي حِجْرِهِ مُصْحَفٌ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَفِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا؛ لِأَنَّهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَدْ لَا يَجِدُ أَمَانًا إلَّا بِهِ بِخِلَافِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: سُؤْرُ الْفَارَةِ نَجَسٌ لَا بَوْلُهَا. أَقُولُ الَّذِي فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَالْفَتَاوِي أَنَّ سُؤْرَهَا مَكْرُوهَةٌ

[كتاب الزكاة]

[كِتَابُ الزَّكَاةِ] ِ يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا عَنْ نُصُبٍ بَعْدَ مَلْكِ نِصَابٍ وَقَبْلَ الْحَوْلِ، 1 - وَلَا يَجُوزُ تَعْجِيلُ الْعُشْرِ بَعْدَ الزَّرْعِ قَبْلَ النَّبَاتِ، 2 - وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِيهَا تَعْجِيلٌ بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ وَفِيهِ قَبْلَهُ 3 - الْوَكِيلُ يَدْفَعُهَا لَهُ، دَفَعَهَا لِقَرَابَتِهِ وَنَفْسِهِ 4 - وَبِالْبَيْعِ لَا يَجُوزُ؛ وَالْفَرْقُ أَنَّ مَبْنَى الصَّدَقَةِ عَلَى الْمُسَامَحَةِ 5 - وَالْمُعَاوَضَةِ عَلَى الْمُضَايَقَةِ. شَكَّ فِي أَدَائِهَا بَعْدَ الْحَوْلِ أَدَّاهَا وَفِي أَدَاءِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ تَعْجِيلُ الْعُشْرِ بَعْدَ الزَّرْعِ قَبْلَ النَّبَاتِ وَكَذَا عُشْرُ نَخِيلِهِ قَبْلَ الطُّلُوعِ عِنْدَهُمَا، أَمَّا بَعْدَ النَّبَاتِ وَبَعْدَ إخْرَاجِ الطَّلْعِ فَيَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ مَعَ أَنَّ زَكَاةَ الْأَرْضِ أَوْلَى وُجُوبًا وَتَعْجِيلًا لِأَنَّهَا أَبْقَى. (2) قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِيهَا تَعْجِيلٌ بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ. عِبَارَةُ الْمَحْبُوبِيِّ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ خُلِقَا لِلثَّمِينَةِ وَالتِّجَارَةِ وَالنَّمَاءُ يَحْصُلُ بِالتِّجَارَةِ فَكَانَتْ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ أَغْنَى بِخِلَافِ الْأَرْضِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ نَامِيَةً بِنَفْسِهَا إلَّا بِالزِّرَاعَةِ وَكَذَا النَّخْلُ إلَّا بِالتَّلْقِيحِ (انْتَهَى) وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَفَاءِ (3) قَوْلُهُ: الْوَكِيلُ يَدْفَعُهَا. أَيْ الزَّكَاةَ وَكَذَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْكَفَّارَاتِ وَالْعُشُورِ. (4) قَوْلُهُ: وَبِالْبَيْعِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ أَقَارِبِهِ وَلَا مِنْ نَفْسِهِ بِالْأَوْلَى وَلَوْ وَكَّلَتْهُ بِالتَّزْوِيجِ فَزَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ، وَمَنْ أَقَارِبِهِ يَجُوزُ لِأَنَّ النِّكَاحَ مُعَاوَضَةٌ مِنْ وَجْهٍ تَبَرُّعٌ مِنْ وَجْهٍ فَأَظْهَرْنَا عَمَلَهُمَا فِيهِ (5) قَوْلُهُ: وَالْمُعَاوَضَةُ عَلَى الْمُضَايَقَةِ فَيُتَّهَمُ فِي الْبَيْعِ مَعَ أَقَارِبِهِ بِالْمُحَابَاةِ بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ.

6 - وَالْفَرْقُ أَنَّ جَمِيعَ الْعُمْرِ وَقْتُهَا 7 - فَهِيَ كَالصَّلَاةِ إذَا شَكَّ فِي أَدَائِهَا فِي الْوَقْتِ اشْتَرَى زَعْفَرَانًا لِجَعْلِهِ عَلَى كَعْكِ التِّجَارَةِ لَا زَكَاةَ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ سِمْسِمًا وَجَبَتْ؛ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلِ مُسْتَهْلَكٌ دُونَ الثَّانِي. وَالْمِلْحُ وَالْحَطَبُ لِلطَّبَّاخِ، وَالْحُرْضُ وَالصَّابُونُ لِلْقَصَّارِ، وَالشَّبُّ وَالْقَرَظُ لِلدَّبَّاغِ كَالزَّعْفَرَانِ وَالْعُصْفُرِ، وَالزَّعْفَرَانُ لِلصَّبَّاغِ كَالسِّمْسِمِ، 8 - وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّ جَمِيعَ الْعُمْرِ وَقْتُهَا إلَخْ. عِبَارَةُ الْمَحْبُوبِيِّ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّلَاةَ إذَا كَانَتْ أَهَمَّ فَالظَّاهِرُ الْأَدَاءُ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ وَكَوْنُ جَمِيعِ الْعُمْرِ وَقْتَهَا رِوَايَةَ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ وَابْنِ شُجَاعٍ عَنْ أَصْحَابِنَا. (7) قَوْلُهُ: فَهِيَ كَالصَّلَاةِ إذَا شَكَّ فِي أَدَائِهَا فِي الْوَقْتِ. يَعْنِي فَإِنَّهُ يُعِيدُهَا وَلَوْ قَالَ كَمَا فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ الصَّلَاةُ فَإِنَّهَا مُوَقَّتَةٌ لَكَانَ أَوْلَى لِاقْتِضَاءِ السِّيَاقِ، وَالسِّيَاقُ لَهُ (8) قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ. وَهُوَ أَنَّ الزَّعْفَرَانَ فِي الثَّوْبِ غَيْرُ بَاقٍ فِي عَيْنٌ بَاقٍ فَيُعْطَى لَهُ حُكْمُ الْعَيْنِ وَفِي الْخُبْزِ لَوْنٌ غَيْرُ بَاقٍ فِي عَيْنٍ غَيْرِ بَاقٍ فَيُجْعَلُ وَصْفًا مُسْتَهْلَكًا فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ كَذَا فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ

[كتاب الصوم]

كِتَابُ الصَّوْمِ 1 - نَذَرَ صَوْمَ يَوْمَيْنِ فِي يَوْمٍ، لَا يَلْزَمُهُ إلَّا وَاحِدٌ، وَلَوْ نَذَرَ حَجَّتَيْنِ فِي سَنَةٍ لَزِمَتَاهُ؛ وَالْفَرْقُ إمْكَانُ حَجَّتَيْنِ فِيهَا بِنَفْسِهِ وَبِالنَّائِبِ بِخِلَافِهِ 2 - ذَاقَ فِي رَمَضَانَ مِنْ الْمِلْحِ قَلِيلًا كَفَّرَ وَلَوْ كَثِيرًا لَا، 3 - لِأَنَّ قَلِيلَهُ نَافِعٌ وَكَثِيرَهُ مُضِرٌّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الصَّوْمِ] قَوْلُهُ: نَذَرَ صَوْمَ يَوْمَيْنِ فِي يَوْمٍ إلَخْ. وَكَذَا لَوْ نَذَرَ صَلَاةَ يَوْمَيْنِ فِي يَوْمٍ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا صَلَاةُ يَوْمٍ وَاحِدٍ لِعَدَمِ قَبُولِ الصَّلَاةِ النِّيَابَةَ كَالصَّوْمِ (2) قَوْلُهُ: ذَاقَ فِي رَمَضَانَ. أَيْ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ. أَقُولُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِ " ذَاقَ " يُوهِمُ أَنَّ مُجَرَّدَ الذَّوْقِ مُفْطِرٌ وَمُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ ذَاقَ شَيْئًا وَمَجَّهُ لَمْ يُفْطِرْ وَيُكْرَهُ لِلصَّائِمِ إلَّا لِحَاجَةِ الشِّرَاءِ لِيَعْرِفَ الْجَيِّدَ مِنْ الرَّدِي وَكَمَا إذَا كَانَ زَوْجُهَا أَوْ سَيِّدُهَا سَيِّئَ الْخُلُقِ وَيَحْتَاجُ إلَى ذَوْقِ الطَّعَامِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ يُخَالِفُ إطْلَاقَ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّ فِي الْمِلْحِ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي الْمُخْتَارِ وَحَاصِلُ مَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمَشَايِخِ أَنَّ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِأَكْلِ الْمِلْحِ قَوْلَيْنِ أَحَدَهُمَا الْوُجُوبُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَأَطْلَقُوا فِي ذَلِكَ فَشَمِلَ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ الثَّانِي عَدَمُ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا لِإِطْلَاقِهِمْ ذَلِكَ. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ التَّفْصِيلِ فَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَإِنْ وُجِدَ فَهُوَ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَائِلٌ بِالتَّفْصِيلِ (انْتَهَى) . أَقُولُ قَدْ وَجَدْنَا هَذَا الْقَوْلَ الثَّالِثَ فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ. (3) قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَلِيلَهُ نَافِعٌ. قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «ابْدَأْ بِالْمِلْحِ وَاخْتِمْ بِالْمِلْحِ فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ سَبْعِينَ دَاءً أَدْنَاهُ الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ» بِخِلَافِ الْكَثِيرِ فَإِنَّهُ مُضِرٌّ فَصَارَ شُبْهَةً فِي إسْقَاطِ الْكَفَّارَةِ. وَالْحِلُّ عَلَى هَذَا إذَا كَانَ حُمُوضًا. كَذَا فِي تَلْقِيحِ الْمَحْبُوبِيِّ

وَقَضَى وَكَفَّرَ بِابْتِلَاعِ سِمْسِمَةٍ مِنْ خَارِجٍ، لَا أَنْ مَضَغَهَا، 5 - لِأَنَّهَا تَتَلَاشَى بِالْمَضْغِ دُونَ الِابْتِلَاعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَضَى وَكَفَّرَ بِابْتِلَاعِ سِمْسِمَةٍ مِنْ خَارِجِ كَذَا فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ (5) قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَتَلَاشَى بِالْمَضْغِ. مَعْنَى فَلَا تَدْخُلُ جَوْفَهُ وَقَوْلُهُ: تَتَلَاشَى لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ الْمُطَرِّزِيُّ

[كتاب الحج]

كِتَابُ الْحَجِّ 1 - لَوْ رَمَى الْجَمْرَةَ بِالْبَعْرِ جَازَ، 2 - وَبِالْجَوَاهِرِ لَا، لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ اسْتِخْفَافًا بِالشَّيْطَانِ وَفِي الثَّانِي إعْزَازَهُ لَوْ دَلَّ الْمُحْرِمُ عَلَى قَتْلِ صَيْدٍ لَزِمَهُ الْجَزَاءُ، وَلَوْ دَلَّ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ لَا، 3 - وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلَ مَحْظُورٌ إحْرَامُهُ 4 - وَالثَّانِي مَحْظُورٌ بِكُلِّ حَالٍ 5 - وَلَوْ غَلِطُوا فِي وَقْتِ الْوُقُوفِ لَا إعَادَةَ، وَفِي الصَّوْمِ وَالْأُضْحِيَّةِ أَعَادُوا؛ وَالْفَرْقُ أَنَّ تَدَارُكَهُ فِي الْحَجِّ مُتَعَذِّرٌ وَفِي غَيْرِهِ مُتَيَسِّرٌ . أَعْتَقَ الْعَبْدَ بَعْدَ حَجِّهِ حَجَّ لِلْإِسْلَامِ، وَلَوْ اسْتَغْنَى الْفَقِيرُ كَفَاهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْحَجِّ] قَوْلُهُ: لَوْ رَمَى الْجَمْرَةَ بِالْبَعْرِ جَازَ. أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ الرَّمْيِ بِالْبَعْرِ مُخَالِفٌ لِمَا يَقْتَضِيه كَلَامُ الْمَشَايِخِ فِي كُتُبِهِمْ الْمُعْتَمَدَةِ وَفِي النِّهَايَةِ نَسَبَ مَا ذَكَرَ مِنْ الْجَوَازِ إلَى بَعْضِ الْمُتَعَسِّفَةِ وَعِبَارَتُهُ وَبَعْضُ الْمُتَعَسِّفَةِ يَقُولُونَ إذَا رَمَى بِالْبَعْرِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إهَانَةُ الشَّيْطَانِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِالْبَعْرِ. (2) قَوْلُهُ: وَبِالْجَوَاهِرِ لَا. وَمِثْلُهَا اللَّآلِئُ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ كَمَا فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ (3) قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلَ. يَعْنِي قَتْلَ الصَّيْدِ مَحْظُورٌ فِي إحْرَامِهِ يَعْنِي وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْحَرَمِ كَمَا فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ. (4) قَوْلُهُ: وَالثَّانِي مَحْظُورٌ بِكُلِّ حَالٍ. يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ بِالْحَرَمِ أَوْ غَيْرِهِ (5) قَوْلُهُ: وَلَوْ غَلِطُوا فِي وَقْتِ الْوُقُوفِ لَا إعَادَةَ. يَعْنِي إذَا غَلِطُوا فِي الْحَجِّ فَوَقَفُوا يَوْمَ النَّحْرِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُمْ رَأَوْا هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ بِحَيْثُ يُعْلَمُ يَقِينًا أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ النَّحْرِ لَا يَلْزَمُهُمْ الْقَضَاءُ

6 - وَالْفَرْقُ انْعِقَادُ السَّبَبِ فِي حَقِّ الْفَقِيرِ دُونَ الْعَبْدِ، 7 - وَالصَّبِيُّ كَالْعَبْدِ 8 - وَالْأَعْمَى وَالزَّمِنُ، وَالْمَرْأَةُ بِلَا مَحْرَمٍ كَالْفَقِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ انْعِقَادُ السَّبَبِ فِي حَقِّ الْفَقِيرِ إلَخْ. يَعْنِي لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَتَأَهَّلُ بِشَرَائِطِ وُجُوبِ الْحَجِّ فَلَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبَبُ الْوُجُوبِ مُنْعَقِدًا بِخِلَافِ الْفَقِيرِ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِمِلْكِ الْمَالِ فَيَكُونُ سَبَبُ الْوُجُوبِ مُنْعَقِدًا فَيَكُونُ الْأَدَاءُ بَعْدَ السَّبَبِ فَنَابَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ. (7) قَوْلُهُ: وَالصَّبِيُّ كَالْعَبْدِ فِي عَدَمِ انْعِقَادِ السَّبَبِ فَلَا يَنُوبُ حَجُّهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ. (8) قَوْلُهُ: وَالْأَعْمَى وَالزَّمِنُ، وَالْمَرْأَةُ بِلَا مَحْرَمٍ إلَخْ. يَعْنِي الْأَعْمَى إذَا حَجَّ ثُمَّ أَبْصَرَ وَالزَّمِنُ إذَا حَجَّ ثُمَّ صَحَّ وَالْمَرْأَةُ إذَا حَجَّتْ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ ثُمَّ وَجَدَتْ الْمَحْرَمَ كَالْفَقِيرِ فِي انْعِقَادِ السَّبَبِ فَيَنُوبُ حَجُّهُمْ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ

[كتاب النكاح]

كِتَابُ النِّكَاحِ النِّكَاحُ يَثْبُتُ بِدُونِ الدَّعْوَى 1 - كَالطَّلَاقِ، 2 - وَالْمِلْكُ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ لَا؛ وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّكَاحَ 3 - فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ الْحِلَّ وَالْحُرْمَةَ حَقُّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، بِخِلَافِ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ 4 - لِلْأَبِ صَدَاقُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَهِيَ بِكْرٌ بَالِغَةٌ لَا قَبْضُ مَا وَهَبَهُ الزَّوْجُ لَهَا، وَلَوْ قَبَضَ لَهَا كَانَ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ النِّكَاحِ] قَوْلُهُ: كَالطَّلَاقِ وَمِثْلِهِ عِتْقُ الْأَمَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ. (2) قَوْلُهُ: وَالْمِلْكُ بِالْبَيْعِ وَنَحْوُهُ لَا. أَيْ وَالْمِلْكُ بِسَبَبِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ كَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ. (3) قَوْلُهُ: النِّكَاحُ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى. أَقُولُ: النِّكَاحُ حَقُّ اللَّهِ بِإِسْقَاطٍ فِيهِ كَمَا فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْحِلَّ وَالْحُرْمَةَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ حِلَّ الْفَرْجِ وَحُرْمَتَهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَجَازَ ثُبُوتُهُمَا فِي غَيْرِ دَعْوَى الْعَبْدِ بِخِلَافِ الْمِلْكِ بِسَائِرِ الْأَسْبَابِ (4) قَوْلُهُ: لِلْأَبِ قَبْضُ صَدَاقِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ إلَخْ. لِأَنَّ قَبْضَهُ كَقَبْضِهَا وَلِذَا لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ إطْلَاقَ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَنْهَهُ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ قَبْضَ مَهْرِ الْبَالِغَةِ إلَّا بِرِضَاهَا صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ وَالْجَدُّ كَالْأَبِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الصَّدَاقِ فَشَمِلَ الْمُسَمَّى وَغَيْرَهُ. وَالْمَنْقُولُ بِخِلَافِهِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا يَمْلِكُ الْأَبُ قَبْضَ غَيْرِ الْمُسَمَّى وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: بِكْرًا لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا لَا يَمْلِكُ قَبْضَ الْمَهْرِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْمُنْتَقَى لَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَ الزَّوْجَ

5 - وَالْفَرْقُ أَنَّهَا تَسْتَحِي مِنْ قَبْضِ صَدَاقِهَا فَكَانَ إذْنًا دَلَالَةً، بِخِلَافِهَا فِي الْمَوْهُوبِ لَوْ مَسَّ امْرَأَةً بِشَهْوَةٍ حَرُمَ أُصُولُهَا وَفُرُوعُهَا إنْ لَمْ يُنْزِلْ وَإِنْ أَنْزَلَ لَا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ دَاعٍ لِلْجِمَاعِ فَأُقِيمَ مَقَامَهُ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِي مَسُّ الدُّبُرِ يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ لَا جِمَاعَهُ، 6 - لِأَنَّ الْأَوَّلَ دَاعٍ إلَى الْوَلَدِ لَا الثَّانِي 7 - تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى أَنَّ كُلَّ وَلَدٍ تَلِدُهُ حُرٌّ صَحَّ النِّكَاحُ وَالشَّرْطُ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا كَذَلِكَ فَسَدَ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ يُفْسِدُهُ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمَهْرِهَا إلَّا بِوَكَالَةٍ مِنْهَا. بِخِلَافِ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ لِلْأَبِ الْمُخَاصَمَةُ مَعَ الزَّوْجِ فِي مَهْرِ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ كَمَا لَهُ أَنْ يَقْبِضَ (5) قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّهَا تَسْتَحْيِي مِنْ قَبْضِ صَدَاقِهَا. عِبَارَةُ الْمَحْبُوبِيِّ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْهِبَةَ وَالْهَدِيَّةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ لِيَنُوبَ الْأَبُ مَنَابَهَا وَلَا كَذَلِكَ الْمَهْرُ وَهِيَ تَسْتَحْيِي مِنْ مُطَالَبَةِ الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ فَنَابَ الْأَبُ مَنَابَهَا (6) قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ دَاعٍ لِلْجِمَاعِ إلَخْ. عِبَارَةُ الْمَحْبُوبِيِّ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَسَّ أُقِيمَ مَقَامَ الْجِمَاعِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ مَسَّ امْرَأَةً بِشَهْوَةٍ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا» فَالسَّبَبِيَّةُ بِدُونِ الْإِنْزَالِ أَظْهَرُ وَمَعَ الْإِنْزَالِ لَا يَكُونُ سَبَبًا ظَاهِرًا (انْتَهَى) . وَفِي قَوْلِهِ وَمَعَ الْإِنْزَالِ لَا يَكُونُ سَبَبًا ظَاهِرًا مُدَافَعَةً لِقَوْلِهِ: فَالسَّبَبِيَّةُ بِدُونِ الْإِنْزَالِ أَظْهَرُ (7) قَوْلُهُ: تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى أَنَّ كُلَّ وَلَدٍ تَلِدُهُ حُرٌّ صَحَّ النِّكَاحُ وَالشَّرْطُ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ عَلَّقَ الْمَوْلَى حُرِّيَّةَ الْأَوْلَادِ بِوِلَادَتِهَا

[كتاب الطلاق]

كِتَابُ الطَّلَاقِ 1 - قَالَ لَسْتِ امْرَأَتِي وَقَعَ إنْ نَوَى، وَلَوْ زَادَ وَاَللَّهِ لَا، وَإِنْ نَوَى، لِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ الْإِنْشَاءَ وَفِي الثَّانِي تَمَحَّضَ لِلْإِخْبَارِ 2 - يَحِلُّ وَطْءُ الْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا لَا السَّفَرُ بِهَا. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَطْءَ رَجْعَةٌ 3 - بِخِلَافِ الْمُسَافَرَةِ تَقْبِيلُ ابْنِ الزَّوْجِ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ بَائِنٍ لَا يُحَرِّمُهَا 4 - وَلَهَا النَّفَقَةُ، 5 - وَحَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ بِخِلَافِهِ لِعَدَمِ مُصَادَفَتِهِ النِّكَاحَ فِي الْأَوَّلِ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ عَشْرًا، فَدَخَلَتْ لَا يَقَعُ شَيْءٌ حَتَّى تَدْخُلَ عَشْرًا، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ ثَلَاثًا فَدَخَلَتْ مَرَّةً وَقَعَ الثَّلَاثُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الطَّلَاقِ] قَوْلُهُ: قَالَ لَسْت امْرَأَتِي وَقَعَ إنْ نَوَى. أَيْ الطَّلَاقَ الْمَعْلُومَ مِنْ الْمَسَاقِ وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا لِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ الْإِنْشَاءَ إلَخْ. يَعْنِي أَنَّ اللَّفْظَ لِلْإِخْبَارِ حَقِيقَةً وَيُحْمَلُ عَلَى الْإِنْشَاءِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحَقِيقَةِ فَإِذَا نَوَى الْإِنْشَاءَ فَقَدْ نَوَى مُحْتَمَلَ كَلَامِهِ فَصَحَّ فَأَمَّا إذَا أَقْرَنَهُ بِالْيَمِينِ فَذَلِكَ لَا يَحْتَمِلُ إلَّا الْإِخْبَارَ عَنْ الْمَاضِي فَإِذَا نَوَى الْإِنْشَاءَ فَقَدْ نَوَى مَا لَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ (2) قَوْلُهُ: وَطْءُ الْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا. يَعْنِي خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ. (3) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُسَافَرَةِ بِهَا. لِأَنَّهَا رُبَّمَا تُفْضِي إلَى الرَّجْعَةِ مِنْ غَيْرِ رِضًا فَيَحْتَاجُ إلَى التَّطْلِيقِ مَرَّةً أُخْرَى أَمَّا الْوَطْءُ رَجْعَةً فَلَا يَكُونُ مُفْضِيًا إلَى الرَّجْعَةِ مِنْ غَيْرِ رِضَاءٍ (4) قَوْلُهُ: وَلَهَا النَّفَقَةُ. أَيْ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ. (5) قَوْلُهُ: وَحَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ بِخِلَافِهِ. يَعْنِي يُحَرِّمُهَا وَتُحْرَمُ النَّفَقَةَ لِأَنَّهَا تَصِيرُ نَاشِزَةً

6 - لِأَنَّ الْعَدَدَ فِي الْأَوَّلِ لَا يَصْلُحُ لِلطَّلَاقِ وَيَصْلُحُ لِلدُّخُولِ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِي لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ بِالطَّلَاقِ، وَلَوْ وَكَّلَهَا بِطَلَاقِهَا لَا، 7 - لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ لَهَا 8 - يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ 9 - وَالْإِبْرَاءُ وَالتَّدْبِيرُ وَالنِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ الْمَعْنَى 10 - بِالتَّلْقِينِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِقَالَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلزَّوْجِ فَتُحْرَمُ عَنْ النَّفَقَةِ بِخِلَافِ. مَا إذَا طَلَّقَهَا يَعْنِي بَائِنًا لِأَنَّ النُّشُوزَ جَاءَ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ (6) قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَدَدَ فِي الْأَوَّلِ لَا يَصْلُحُ لِلطَّلَاقِ إذْ لَا يَصْلُحُ وَصْفًا لَهُ وَيَصْلُحُ وَصْفًا لِلدُّخُولِ فَيَصِيرُ وَصْفًا لَهُ فَيُشْتَرَطُ الدُّخُولُ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِوُقُوعِ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ أَمَّا الثَّلَاثُ يَصْلُحُ وَصْفًا لِلطَّلَاقِ فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِ فَيُشْتَرَطُ دُخُولٌ وَاحِدٌ لِوُقُوعِ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ (7) قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ لَهَا. يَعْنِي لِأَنَّهَا تَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهَا وَحَدُّ الْمِلْكِ هَذَا وَالْوَكِيلُ يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ وَحَدُّ الْوَكَالَةِ هَذَا وَالْمَالِكُ لَا يُعْزَلُ وَالْوَكِيلُ يُعْزَلُ (8) قَوْلُهُ: يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ. يَعْنِي لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ طَلِّقِي نَفْسَكِ فَطَلَّقَتْ وَهِيَ لَا تَعْلَمُ أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَعْتِقْ نَفْسَك فَأَعْتَقَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ وَقَعَا، وَكَذَلِكَ لَوْ لَقَّنَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ فَطَلَّقَهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَوْ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ الْإِعْتَاقَ فَأُعْتِقَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ وَقَعَا وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ يَقَعُ فِي الطَّلَاقِ دِيَانَةً وَقَضَاءً. وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ بِأَنَّهُ يَقَعُ قَضَاءً لَا دِيَانَةً. (9) قَوْلُهُ: وَالْإِبْرَاءُ. هَذَا سَهْوٌ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يَصِحُّ وَلِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْمَدْيُونَ لَوْ لَقَّنَ الدَّائِنَ الْإِبْرَاءَ بِلِسَانٍ وَلَا يَعْرِفُهُ الدَّائِنُ لَا يَبْرَأُ فِيمَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِيهَا قُبَيْلَ هَذَا لَقَّنَهُ الطَّلَاقَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَوْ الْعَتَاقِ أَوْ التَّدْبِيرِ أَوْ لَقَّنَهَا الزَّوْجُ الْإِبْرَاءَ عَنْ الْمَهْرِ وَنَفَقَةِ الْعِدَّةِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَهِيَ لَا تَعْلَمُ؛ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ لَا يَقَعُ دِيَانَةً وَقَالَ مَشَايِخُ أُوزْجَنْدَ لَا يَقَعُ أَصْلًا صِيَانَةً لِأَمْلَاكِ النَّاسِ عَنْ الْإِبْطَالِ بِالتَّلْبِيسِ. (10) قَوْلُهُ: بِالتَّلْقِينِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: يَقَعُ.

11 - وَالْفَرْقُ أَنَّ تِلْكَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَلْفَاظِ بِلَا رِضَا 12 - بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (11) قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّ تِلْكَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَلْفَاظِ بِلَا رِضًا يَعْنِي لَا بِالْقَصْدِ (12) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ. أَيْ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْقَصْدِ لَا بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ لِأَنَّهَا عُقُودٌ وَالْعِبْرَةُ فِيهَا لِلْمَعَانِي وَاعْتِبَارُ الْمَعَانِي يَسْتَدْعِي الْقَصْدَ

[كتاب العتاق]

كِتَابُ الْعَتَاقِ 1 - لَوْ أَضَافَهُ إلَى فَرْجِهِ عَتَقَ، لَا إلَى ذَكَرِهِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ بِخِلَافِ الثَّانِي وَلَوْ قَالَ عِتْقُكَ عَلَيَّ وَاجِبٌ لَا يَعْتِقُ، بِخِلَافِ طَلَاقُكِ عَلَيَّ وَاجِبٌ. 2 - لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُوصَفُ بِهِ دُونَ الثَّانِي وَلَوْ قَالَ كُلُّ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ فَاسِدًا ثُمَّ صَحِيحًا لَا يَعْتِقُ، وَفِي النِّكَاحِ تَطْلُقُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْعَتَاقِ] قَوْلُهُ: لَوْ أَضَافَهُ إلَى فَرْجِهِ عَتَقَ لَا إلَى ذَكَرِهِ. مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِي الْمُجْتَبَى: قَالَ لِعَبْدِهِ فَرْجُكَ حُرٌّ؛ عَتَقَ عِنْدَ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَبِي يُوسُفَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ رِوَايَتَانِ (انْتَهَى) . لَكِنْ صَحَّ عَدَمُ الْعِتْقِ وَعِبَارَةُ الْمُجْتَبَى أَنَّ الْعِتْقَ بِذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلًا وَاحِدًا وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّقٌ إلَى فَكِّ الرِّقَابِ فَيَنْبَغِي مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ قَالَ قَائِلُهُمْ: إذَا رَكِبَ الْفُرُوجُ عَلَى السُّرُوجِ ... وَصَارَ الْأَمْرُ فِي أَيْدِي الْعُلُوجِ فَقُلْ لِلْأَعْوَرِ الدَّجَّالِ هَذَا ... أَوَانُكَ إنْ عَزَمْتَ عَلَى الْخُرُوجِ وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَعَنَ اللَّهُ الْفُرُوجَ عَلَى السُّرُوجِ» وَالْمُرَادُ أَصْحَابُ الْفُرُوجِ فَثَبَتَ أَنَّ الْفُرُوجَ يُذَكَّرُ وَيُرَادُ بِهِ جَمِيعُ الْبَدَنِ فَإِضَافَةُ الْعِتْقِ إلَيْهِ كَإِضَافَتِهِ إلَى الْبَدَنِ بِخِلَافِ الذَّكَرِ لَمْ يَرِدْ اسْتِعْمَالُهُ عِبَارَةً عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ فَلِهَذَا لَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ لَوْ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى ذَكَرِهِ (2) قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُوصَفُ بِهِ. أَيْ يُوصَفُ بِالْوُجُوبِ لِوُرُودِ الْأَمْرِ بِتَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَلَمْ يَرِدْ أَمْرٌ يَقْتَضِي وُجُوبَهُ بَلْ هُوَ أَبْغَضُ الْمُبَاحَاتِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الطَّلَاقُ

3 - لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ فِي الْأَوَّلِ بِالْفَاسِدِ بِخِلَافِ الثَّانِي 4 - أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَعْنِ هَذَا. يَعْتِقُ الْآخَرُ، وَكَذَا فِي الطَّلَاقِ، بِخِلَافِهِ فِي الْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْآخَرُ لِأَنَّ الْبَيَانَ وَاجِبٌ فِيهِمَا فَكَانَ مُتَعَيَّنًا إقَامَةً لَهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاجِبًا حُمِلَ الْوُجُوبُ عَلَى الْحُكْمِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَهُوَ الِاجْتِنَابُ عَنْ الْمَرْأَةِ بِسَبَبِ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ أَوْ وُجُوبِ الْمُرَاجَعَةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ عَلَى مَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «مُرْ ابْنَكَ فَلْيُرَاجِعْهَا» فَحُمِلَ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى وُجُوبِ الْحُكْمِ بَعْدَ الطَّلَاقِ فَيَكُونُ الطَّلَاقُ وَاقِعًا. أَمَّا الْعَتَاقُ نَفْسُهُ صَلُحَ وَاجِبًا فَلَا حَاجَةَ إلَى الْحُكْمِ فَلِهَذَا لَا يَقَعُ فِي الْحَالِ كَذَا فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِيجَازِ الْبَالِغِ حَدَّ الْأَلْغَازِ (3) قَوْلُهُ: لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ فِي الْأَوَّلِ بِالْفَاسِدِ بِخِلَافِ الثَّانِي. يَعْنِي فِي مَسْأَلَةِ النِّكَاحِ لَمْ تَنْحَلَّ الْيَمِينُ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ فَتَنْحَلَّ بِالصَّحِيحِ وَفِي الشِّرَاءِ إنْ حُلَّتْ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ لَكِنْ لَمْ يَعْتِقْ لِعَدَمِ الْمِلْكِ فَلَا تَنْحَلُّ بِالشِّرَاءِ الصَّحِيحِ وَهَذَا لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمُنْعَقِدَةَ عَلَى الشِّرَاءِ مُتَنَاوِلٌ الْفَاسِدَ وَالصَّحِيحَ وَالْيَمِينَ الْمُنْعَقِدَةَ عَلَى التَّزَوُّجِ تَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ لَا غَيْرُ لِأَنَّ الْفَاسِدَ مِنْ الْبَيْعِ يُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ، وَالنِّكَاحُ الْفَاسِدُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ فَافْتَرَقَا. كَذَا فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ (4) قَوْلُهُ: أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ إلَخْ. يَعْنِي رَجُلٌ قَالَ لِأَحَدِ عَبْدَيْهِ لَهُ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَقِيلَ لَهُ مَنْ عَنَيْتَ فَقَالَ لَمْ أَعْنِ هَذَا أَعْتَقَ الْآخَرَ وَكَذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَعْنِ هَذَا لَا يَتَعَيَّنُ الْآخَرُ وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّعْيِينَ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَاجِبٌ وَلِهَذَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِجْمَالِ بِطَلَبِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فَكَانَ نَفْيُ أَحَدِهِمَا تَعْيِينَ الْآخَرِ ضَرُورَةَ إقَامَةٍ لِوَاجِبٍ وَفِي الْإِقْرَارِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَلِهَذَا لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ. كَذَا فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ وَمِنْهُ يَصِحُّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَإِلَى هُنَا انْتَهَى الْكَلَامُ عَلَى الْفُرُوقِ وَلَمْ يُكْمِلْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا الْفَنَّ إلَى آخِرِ كُتُبِ الْفِقْهِ كَمَا فَعَلَ فِي الْفُنُونِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَقَدْ أَكْمَلَ ذَلِكَ أَخُوهُ الْعَلَّامَةُ عُمَرُ بْنُ نُجَيْمٍ فِي كُرَّاسَةٍ وَهِيَ عِنْدِي وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. (تَكْمِلَةٌ أَكْمَلَ بِهَا الْفَنَّ السَّادِسَ أَخُو الْمُصَنِّفِ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ عُمَرَ بْنِ نُجَيْمٍ) . وُضِعَتْ فِي آخِرِ الْكِتَابِ فِي رَقْمِ (3)

[الفن السابع من الأشباه والنظائر الحكايات والمراسلات]

الْفَنُّ السَّابِعُ: الْحِكَايَاتُ وَالْمُرَاسَلَاتُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى وَبَعْدُ. فَهَذَا هُوَ الْفَنُّ السَّابِعُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَبِهِ تَمَامُهُ، وَهُوَ فَنُّ الْحِكَايَاتِ وَالْمُرَاسَلَاتِ، وَهُوَ فَنٌّ وَاسِعٌ قَدْ كُنْت طَالَعْت فِيهِ أَوَاخِرَ كُتُبِ الْفَتَاوَى، وَطَالَعْت مَنَاقِبَ الْكَرْدَرِيِّ مِرَارًا وَطَبَقَاتِ عَبْدِ الْقَادِرِ، 1 - لَكِنِّي اخْتَصَرْت فِي هَذَا الْكُرَّاسِ مِنْهَا الزُّبْدَةَ. مُقْتَصِرًا غَالِبًا عَلَى مَا اشْتَمَلَ عَلَى أَحْكَامٍ، 2 - لَمَّا جَلَسَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلتَّدْرِيسِ مِنْ غَيْرِ إعْلَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَأَرْسَلَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَجُلًا فَسَأَلَهُ عَنْ خَمْسِ مَسَائِلَ. الْأُولَى: قَصَّارٌ جَحَدَ الثَّوْبَ وَجَاءَ بِهِ مَقْصُورًا، هَلْ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ. فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَخْطَأْت فَقَالَ: لَا يَسْتَحِقُّ فَقَالَ: أَخْطَأْت، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْفَنُّ السَّابِعُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ الْحِكَايَاتُ وَالْمُرَاسَلَاتُ] قَوْلُهُ: لَكِنِّي اخْتَصَرْت فِي هَذَا الْكُرَّاسِ. فِيهِ أَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي الْوَاحِدِ كُرَّاسٌ وَإِنَّمَا يَقُولُ كُرَّاسَةٌ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْكُرَّاسَةُ وَاحِدَةُ الْكُرَّاسِ وَالْكَرَارِيسِ الْجُزْءُ مِنْ الصَّحِيفَةِ. (2) قَوْلُهُ: لَمَّا جَلَسَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِلتَّدْرِيسِ مِنْ غَيْرِ إعْلَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَخْ. الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَزُهْدِهِ أَنَّهُ مَا أَرْسَلَ لَهُ ذَلِكَ

3 - ثُمَّ قَالَ لَهُ الرَّجُلُ: إنْ كَانَتْ الْقِصَارَةُ قَبْلَ الْجُحُودِ، 4 - اسْتَحَقَّ، 5 - وَإِلَّا لَا. الثَّانِيَةُ 6 - هَلْ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ بِالْفَرْضِ أَمْ بِالسُّنَّةِ؟ فَقَالَ: بِالْفَرْضِ. فَقَالَ أَخْطَأْتَ. فَقَالَ بِالسُّنَّةِ. فَقَالَ أَخْطَأْتَ فَتَحَيَّرَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. فَقَالَ الرَّجُلُ: بِهِمَا لِأَنَّ التَّكْبِيرَ فَرْضٌ، وَرَفْعَ الْيَدَيْنِ سُنَّةٌ 7 - الثَّالِثَةُ: طَيْرٌ سَقَطَ فِي قِدْرٍ عَلَى النَّارِ، فِيهِ لَحْمٌ وَمَرَقٌ؛ هَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّجُلَ إلَّا لِيُحَقِّقَ وَصَلَاحِيَّتَهُ لِلتَّدْرِيسِ وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَأْذِنَهُ فِي التَّدْرِيسِ رِعَايَةً لَحَقِّ الْأُسْتَاذِ فَإِنَّ لَهُ عَلَى التِّلْمِيذِ حُقُوقًا ذَكَرَهَا الْمَشَايِخُ وَهِيَ أَنْ لَا يَفْتَتِحَ الْكَلَامَ قَبْلَهُ وَلَا يَجْلِسَ مَكَانَهُ وَإِنْ غَابَ عَنْهُ وَلَا يَرُدَّ عَلَيْهِ كَلَامَهُ وَلَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ فِي مِشْيَتِهِ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْخُلَاصَةِ نَقْلًا عَنْ رَوْضَةِ زَنْدَوِيسِيِّ. (3) قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ لَهُ الرَّجُلُ إنْ كَانَتْ الْقِصَارَةُ قَبْلَ الْجُحُودِ إلَخْ. الْقَائِلُ هُوَ الْإِمَامُ لَمَّا أَتَاهُ أَبُو يُوسُفَ لَا الرَّجُلُ السَّائِلُ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ لِابْنِ الْعِزِّ. (4) قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَفِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ يَجِبُ الْأَجْرُ لِأَنَّهُ صَنَعَهُ لِلْمَالِكِ. (5) قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَا لِأَنَّهُ غَاصِبٌ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَفِي الْيَنَابِيعِ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ فَإِنَّهُ لَمَّا جَحَدَ صَارَ غَاصِبًا وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ فَإِنْ قَصَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَدْ قَصَرَ بِغَيْرِ عَقْدٍ فَلَا يَسْتَوْجِبُ الْأَجْرَ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ لِأَنَّهُ صَنَعَهُ لِنَفْسِهِ (6) قَوْلُهُ: هَلْ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ بِالْفَرْضِ أَمْ بِالسُّنَّةِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ «تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ» يَعْنِي وَهِيَ جُمْلَةُ مَعْرِفَةِ الطَّرَفَيْنِ تُفِيدُ حَصْرَ الدُّخُولِ فِيهَا بِالتَّكْبِيرِ لَا غَيْرُ فَكَيْفَ يَدْخُلُ الْمُصَلِّي فِيهَا بِالرَّفْعِ الَّذِي هُوَ سُنَّةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ السُّؤَالُ هَلْ أَوَّلُ الْأَفْعَالِ فَرْضٌ أَوْ سُنَّةٌ فَقَدْ قَالُوا: الْمُصَلِّي يَرْفَعُ يَدَيْهِ أَوَّلًا لِأَنَّ الرَّفْعَ كَالنَّفْيِ فِي (لَا إلَهَ) وَالْوَضْعُ بِالتَّكْبِيرِ كَالْإِثْبَاتِ فِي إلَّا اللَّهُ (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمُّلٌ (7) قَوْلُهُ: الثَّالِثَةُ طَيْرٌ سَقَطَ فِي قِدْرٍ عَلَى النَّارِ إلَخْ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ امْرَأَةٌ تَطْبُخُ

يُؤْكَلُ أَمْ لَا؟ فَقَالَ يُؤْكَلُ فَخَطَّأَهُ. فَقَالَ: لَا يُؤْكَلُ فَخَطَّأَهُ ثُمَّ قَالَ: إنْ كَانَ اللَّحْمُ مَطْبُوخًا قَبْلَ سُقُوطِ الطَّيْرِ يُغْسَلُ ثَلَاثًا وَيُؤْكَلُ وَتُرْمَى الْمَرَقَةُ وَإِلَّا يُرْمَى الْكُلُّ 8 - الرَّابِعَةُ: مُسْلِمٌ لَهُ زَوْجَةٌ ذِمِّيَّةٌ مَاتَتْ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ؛ تُدْفَنُ فِي أَيْ الْمَقَابِرِ؟ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ. فَخَطَّأَهُ، فَقَالَ فِي مَقَابِرِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَخَطَّأَهُ، فَتَحَيَّرَ أَبُو يُوسُفَ فَقَالَ: تُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْيَهُودِ، وَلَكِنْ يُحَوَّلُ وَجْهُهَا عَنْ الْقِبْلَةِ حَتَّى يَكُونَ وَجْهُ الْوَلَدِ إلَى الْقِبْلَةِ لِأَنَّ الْوَلَدَ فِي الْبَطْنِ يَكُونُ وَجْهُهُ إلَى ظَهْرِ أُمِّهِ الْخَامِسَةُ: أُمُّ وَلَدٍ لِرَجُلٍ، تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا فَمَاتَ الْمَوْلَى، هَلْ تَجِبُ الْعِدَّةُ مِنْ الْمَوْلَى؟ فَقَالَ: تَجِبُ، فَخَطَّأَهُ ثُمَّ قَالَ: لَا تَجِبُ فَخَطَّأَهُ ثُمَّ قَالَ الرَّجُلُ: 9 - إنْ كَانَ الزَّوْجُ دَخَلَ بِهَا لَا تَجِبُ وَإِلَّا وَجَبَتْ. فَعَلِمَ أَبُو يُوسُفَ تَقْصِيرَهُ فَعَادَ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَالَ: تَزَبَّبْت قَبْلَ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقِدْرًا فَطَارَ الطَّيْرُ فَوَقَعَ فِي الْقِدْرِ وَمَاتَ فِي ذَلِكَ لَا تُؤْكَلُ الْمَيْتَةُ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا اللَّحْمُ إنْ وَقَعَ فِي حَالَةِ الْغَلَيَانِ لَا يُؤْكَلُ وَإِنْ سَكَنَ ثُمَّ وَقَعَ فِيهِ يُؤْكَلُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَكَذَا فِي كِتَابِ رَزِينٍ لَكِنَّ هَذَا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يُغْلَى اللَّحْمُ بِالْمَاءِ الطَّاهِرِ ثَلَاثًا كُلُّ مَرَّةٍ بِمَاءٍ جَدِيدٍ فَيَطْهُرُ (8) قَوْلُهُ: الرَّابِعَةُ مُسْلِمٌ لَهُ زَوْجَةٌ ذِمِّيَّةٌ إلَخْ. فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ مَاتَتْ كِتَابِيَّةٌ وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ مُسْلِمٌ قَدْ مَاتَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهَا وَتُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَقِيلَ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ وَقِيلَ عَلَى حَدِّهَا وَهُوَ أَحْوَطُ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الْفَيْضِ الَّتِي نَقَلَهَا الْمُصَنِّفُ (9) قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الزَّوْجُ دَخَلَ بِهَا لَا تَجِبُ. أَقُولُ لِأَنَّ بِدُخُولِ الزَّوْجِ بِهَا انْقَطَعَتْ عَلَقَتُهَا مِنْ الْمَوْلَى.

تُحَصْرِمَ كَذَا فِي إجَارَاتِ الْفَيْضِ. وَفِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ: إنَّ سَبَبَ انْفِرَادِهِ أَنَّهُ مَرَضَ مَرَضًا شَدِيدًا فَعَادَهُ الْإِمَامُ وَقَالَ: لَقَدْ كُنْت آمُلُك بَعْدِي لِلْمُسْلِمِينَ وَلَئِنْ أُصِبْت لَيَمُوتُ عِلْمٌ كَثِيرٌ: فَلَمَّا بَرَأَ أُعْجِبَ بِنَفْسِهِ وَعَقَدَ لَهُ مَجْلِسَ الْأَمَالِي وَقَالَ لَهُ حِينَ جَاءَ: مَا جَاءَ بِك إلَّا مَسْأَلَةُ الْقَصَّارِ. 10 - سُبْحَانَ اللَّهِ مِنْ رَجُلٍ يَتَكَلَّمُ فِي دِينِ اللَّهِ وَيَعْقِدُ مَجْلِسًا لَا يُحْسِنُ مَسْأَلَةً فِي الْإِجَارَةِ، 11 - ثُمَّ قَالَ: مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ يَسْتَغْنِي عَنْ التَّعَلُّمِ فَلِيَبْكِ عَلَى نَفْسِهِ (انْتَهَى) . وَقَالَ فِي آخِرِ الْحَاوِي الْحَصِيرِيُّ مَسْأَلَةً جَلِيلَةً فِي أَنَّ الْمَبِيعَ يُمْلَكُ مَعَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ، قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: جَرَى الْكَلَامُ بَيْنَ سُفْيَانَ وَبِشْرٍ فِي الْعُقُودِ، مَتَى يَمْلِكُ الْمَالِكُ بِهَا، مَعَهَا، أَوْ بَعْدَهَا، قَالَ: آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنْ قَالَ سُفْيَانُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ زُجَاجَةً سَقَطَتْ فَانْكَسَرَتْ أَكَانَ الْكَسْرُ مَعَ مُلَاقَاتِهَا الْأَرْضَ أَوْ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا؟ أَوْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ نَارًا فِي قُطْنَةٍ فَاحْتَرَقَتْ؛ أَمَعَ الْخَلْقِ احْتَرَقَتْ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (10) قَوْلُهُ: سُبْحَانَ اللَّهِ مِنْ رَجُلٍ يَتَكَلَّمُ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَعْقِدُ مَجْلِسًا لَا يُحْسِنُ مَسْأَلَةً فِي الْإِجَارَةِ. أَقُولُ مُرَادُ الْإِمَامِ مَسْأَلَةٌ سُئِلَ عَنْهَا فِي الْإِجَارَةِ بِقَرِينَةِ مَا تَقَدَّمَ لَا مَا يُعْطِيهِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ لِأَنَّ الْإِمَامَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَقُولُ الْكَذِبَ الْمُتَّفَقَ عَلَى حُرْمَتِهِ فِي الْأَدْيَانِ كُلِّهَا. (11) قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ يَسْتَغْنِي عَنْ التَّعَلُّمِ إلَخْ. أَقُولُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِلْإِمَامِ النَّوَوِيِّ مَا لَفْظُهُ: لَا يَزَالُ الرَّجُلُ عَالِمًا مَا تَعَلَّمَ الْعِلْمَ فَإِذَا رَأَى نَفْسَهُ اسْتَغْنَى وَأَفْتَى فَهُوَ أَجْهَلُ مَا يَكُونُ

[مسألة المبيع يملك مع البيع أو بعده]

12 - وَقَدْ قَالَ غَيْرُ سُفْيَانَ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا: إنَّ الْمِلْكَ فِي الْبَيْعِ يَقَعُ مَعَهُ لَا بَعْدَهُ، فَيَقَعُ الْبَيْعُ وَالْمِلْكُ جَمِيعًا مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمٍ وَلَا تَأَخُّرٍ، لِأَنَّ الْبَيْعَ عَقْدُ مُبَادَلَةٍ وَمُعَاوَضَةٍ فَيَجِبُ أَنْ يَقَعَ الْمِلْكُ فِي الطَّرَفَيْنِ مَعًا. وَكَذَا الْكَلَامُ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ مِنْ النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ عُقُودِ الْمُبَادَلَاتِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ. وَفِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ قَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: خَدَعَتْنِي امْرَأَةٌ وَفَقَّهَتْنِي امْرَأَةٌ وَزَهَّدَتْنِي امْرَأَةٌ. أَمَّا الْأُولَى قَالَ: كُنْت مُجْتَازًا فَأَشَارَتْ إلَيَّ امْرَأَةٌ، إلَى شَيْءٍ مَطْرُوحٍ فِي الطَّرِيقِ فَتَوَهَّمْت أَنَّهَا خَرْسَاءُ، وَأَنَّ الشَّيْءَ لَهَا فَلَمَّا رَفَعْتُهُ إلَيْهَا قَالَتْ: احْفَظْهُ حَتَّى تُسَلِّمَهُ لِصَاحِبِهِ. الثَّانِيَةُ: سَأَلَتْنِي امْرَأَةٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي الْحَيْضِ، فَلَمْ أَعْرِفْهَا، فَقَالَتْ قَوْلًا: تَعَلَّمْتُ الْفِقْهَ مِنْ أَجْلِهِ الثَّالِثَةُ: مَرَرْتُ بِبَعْضِ الطُّرُقَاتِ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: هَذَا الَّذِي يُصَلِّي الْفَجْرَ بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ فَتَعَمَّدْتُ ذَلِكَ حَتَّى صَارَ دَأْبِي 13 - وَسُئِلَ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ قَالَ: لَا أَرْجُو الْجَنَّةَ، وَلَا أَخَافُ النَّارَ، وَلَا أَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى، وَآكُلُ الْمَيْتَةَ، وَأُصَلِّي بِلَا قِرَاءَةٍ وَبِلَا رُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَأَشْهَدُ بِمَا لَمْ أَرَهُ، وَأُبْغِضُ الْحَقَّ وَأُحِبُّ الْفِتْنَةَ. فَقَالَ أَصْحَابُهُ: أَمْرُ هَذَا الرَّجُلِ مُشْكِلٌ فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَسْأَلَة الْمَبِيعَ يُمْلَكُ مَعَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ] قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ غَيْرُ سُفْيَانَ وَهُوَ الصَّحِيحُ إلَخْ. قِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَخُصُّ الْمُبَادَلَاتِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِغَيْرِهَا بِخِلَافِ الْأُولَى (13) قَوْلُهُ: وَسُئِلَ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَمَّنْ قَالَ لَا أَرْجُو الْجَنَّةَ إلَخْ، قَالَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: لَكِنْ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ ضَرْبٌ مِنْ الِاسْتِبْعَادِ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا

الْإِمَامُ: هَذَا الرَّجُلُ يَرْجُو اللَّهَ لَا الْجَنَّةَ، وَيَخَافُ اللَّهَ لَا النَّارَ، وَلَا يَخَافُ الظُّلْمَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فِي عَذَابِهِ، وَيَأْكُلُ السَّمَكَ وَالْجَرَادَ وَيُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ، وَيَشْهَدُ بِالتَّوْحِيدِ، وَيُبْغِضُ الْمَوْتَ وَهُوَ حَقٌّ وَيُحِبُّ الْمَالَ وَالْوَلَدَ وَهُمَا فِتْنَةٌ فَقَامَ السَّائِلُ وَقَبَّلَ رَأْسَهُ وَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّك لِلْعِلْمِ وِعَاءٌ (انْتَهَى) . وَفِي آخِرِ فَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ سُئِلَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَمَّنْ يَقُولُ: أَنَا لَا أَخَافُ النَّارَ وَلَا أَرْجُو الْجَنَّةَ، وَإِنَّمَا أَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى وَأَرْجُوهُ فَقَالَ قَوْلُهُ: إنِّي لَا أَخَافُ النَّارَ وَلَا أَرْجُو الْجَنَّةَ غَلَطٌ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَوَّفَ عِبَادَهُ بِالنَّارِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [آل عمران: 131] وَمَنْ قِيلَ لَهُ: خَفْ مِمَّا خَوَّفَك اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ: لَا أَخَافُ رَدًّا لِذَلِكَ كَفَرَ (انْتَهَى) وَفِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ قَدِمَ قَتَادَةُ الْكُوفَةَ؛ فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَقَالَ: سَلُونِي عَنْ الْفِقْهِ فَقَالَ الْإِمَامُ: مَا تَقُولُ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ؟ فَقَالَ: قَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -؛ تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَتَتَزَوَّجُ بِمَا شَاءَتْ قَالَ: فَإِنْ جَاءَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ وَقَالَ تَزَوَّجْتِ وَأَنَا حَيٌّ، وَقَالَ الثَّانِي: تَزَوَّجْتِنِي وَلَك زَوْجٌ. 14 - أَيُّهُمَا يُلَاعِنُ؟ فَغَضِبَ قَتَادَةُ وَقَالَ: لَا أُجِيبُكُمْ بِشَيْءٍ قَالَ الْإِمَامُ: خَرَجْنَا مَعَ حَمَّادٍ نُشَيِّعُ الْأَعْمَشَ وَأَغْوَرَ الْمَاءُ لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ؛ فَأَفْتَى حَمَّادٌ بِالتَّيَمُّمِ لِأَوَّلِ الْوَقْتِ، فَقُلْت: يُؤَخَّرُ إلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيُّهُمَا يُلَاعِنُ أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَرْمِهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالزِّنَا حَتَّى

آخِرِ الْوَقْتِ فَإِنْ وُجِدَ الْمَاءُ وَإِلَّا يَتَيَمَّمُ، فَفَعَلْت فَوُجِدَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَهَذِهِ أَوَّلُ مَسْأَلَةٍ خَالَفَ فِيهَا أُسْتَاذَه . وَكَانَ لِلْإِمَامِ جَارَةٌ لَهَا غُلَامٌ أَصَابَ مِنْهَا دُونَ الْفَرْجِ فَحَبِلَتْ، فَقَالَ أَهْلُهَا لَهُ: كَيْفَ تَلِدُ وَهِيَ بِكْرٌ؟ فَقَالَ: هَلْ لَهَا أَحَدٌ تَثِقُ بِهِ؟ قَالُوا عَمَّتُهَا، فَقَالَ: تَهَبُ الْغُلَامَ مِنْهَا ثُمَّ تُزَوِّجُهَا مِنْهُ، فَإِذَا أَزَالَ عُذْرَتَهَا رَدَّتْ الْغُلَامَ إلَيْهَا فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ وَخَرَجَ الْإِمَامُ إلَى بُسْتَانٍ فَلَمَّا رَجَعَ مَعَ أَصْحَابِهِ إذْ هُوَ بِابْنِ أَبِي لَيْلَى رَاكِبًا عَلَى بَغْلَتِهِ، فَتَسَايَرَا فَمَرَّا عَلَى نِسْوَةٍ يُغَنِّينَ فَسَكَتْنَ، فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْسَنْتُنَّ، فَنَظَرَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى فِي قِمْطَرَةٍ فَوَجَدَ قَضِيَّةً فِيهَا شَهَادَاتُهُ، فَدَعَاهُ لِيَشْهَدَ فِي تِلْكَ الْقَضِيَّةِ فَلَمَّا شَهِدَ أَسْقَطَ شَهَادَتَهُ وَقَالَ: قُلْت: لِلْمُغَنِّيَاتِ أَحْسَنْتُنَّ، فَقَالَ: مَتَى قُلْت ذَلِكَ؛ حِينَ سَكَتْنَ أَمْ حِينَ كُنَّ يُغَنِّينَ؟ قَالَ حِينَ سَكَتْنَ قَالَ: أَرَدْت بِذَلِكَ أَحْسَنْتُنَّ بِالسُّكُوتِ، فَأَمْضَى شَهَادَتَهُ. وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي وَلِيمَةٍ فِي الْكُوفَةِ وَفِيهَا الْعُلَمَاءُ وَالْأَشْرَافُ، وَقَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQتُلَاعِنَهُ وَقَدْ ذَكَرَ فِي آخِرِ الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ فَقَالَ: حُكِيَ أَنَّ قَتَادَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَاحِبَ التَّفْسِيرِ قَدِمَ الْكُوفَةَ وَجَلَسَ لِلنَّاسِ وَقَالَ: سَلُونِي عَنْ الْفِقْهِ فَقَامَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ غَابَ عَنْ امْرَأَتِهِ فَنُعِيَ إلَيْهَا زَوْجُهَا وَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلَادًا ثُمَّ جَاءَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ فَقَالَ لَهَا: يَا زَانِيَةُ تَزَوَّجْتِ وَأَنَا زَوْجُك وَقَالَ الْآخَرُ: يَا زَانِيَةُ تَزَوَّجْت وَلَك زَوْجٌ هَلْ يَجِبُ الْحَدُّ وَلِمَنْ تَكُونُ الْأَوْلَادُ؟ فَبَقِيَ مُتَفَكِّرًا ثُمَّ قَالَ: هَلْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ؟ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا وَلَكِنْ نَسْتَعِدُّ لِلْبَلَاءِ قَبْلَ نُزُولِهِ فَقَالَ قَتَادَةُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا أَجْلِسُ فِي الْكُوفَةِ مَا دَامَ هَذَا الْغُلَامُ فِيهَا فَمَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا يَسْأَلُنِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ (انْتَهَى) . أَقُولُ فَعَلَى هَذَا مَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ يَتَّجِهُ سُؤَالُ اللِّعَانِ لَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ

زَوَّجَ صَاحِبُهَا ابْنَيْهِ مِنْ أُخْتَيْنِ، فَغَلِطَتْ النِّسَاءُ فَزَفَّتْ كُلَّ بِنْتٍ إلَى غَيْرِ زَوْجِهَا وَدَخَلَ بِهَا. فَأَفْتَى سُفْيَانُ بِقَضَاءِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا الْمَهْرُ وَتَرْجِعُ كُلٌّ إلَى زَوْجِهَا. فَسُئِلَ الْإِمَامُ فَقَالَ: عَلَيَّ بِالْغُلَامَيْنِ فَأَتَى بِهِمَا فَقَالَ: أَيُحِبُّ كُلٌّ مِنْكُمَا؟ 15 - أَنْ يَكُونَ الْمُصَابُ عِنْدَهُ؟ قَالَا نَعَمْ. قَالَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا: طَلِّقْ الَّتِي عِنْدَ أَخِيك فَفَعَلَ، ثُمَّ أَمَرَ بِتَجْدِيدِ النِّكَاحِ فَقَامَ سُفْيَانُ فَقَبَّلَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَحَكَى الْخَطِيبُ الْخُوَارِزْمِيُّ أَنَّ كَلْبَ الرُّومِ أَرْسَلَ إلَى الْخَلِيفَةِ مَالًا جَزِيلًا عَلَى يَدِ رَسُولِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْأَلَ الْعُلَمَاءَ عَنْ ثَلَاثِ مَسَائِلَ؛ فَإِنْ هُمْ أَجَابُوك اُبْذُلْ لَهُمْ الْمَالَ وَإِنْ لَمْ يُجِيبُوك فَاطْلُبْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْخَرَاجَ فَسَأَلَ الْعُلَمَاءَ فَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِمَا فِيهِ مُقْنِعٌ، وَكَانَ الْإِمَامُ إذْ ذَاكَ صَبِيًّا حَاضِرًا مَعَ أَبِيهِ؛ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي جَوَابِ الرُّومِيِّ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ، فَقَامَ وَاسْتَأْذَنَ مِنْ الْخَلِيفَةِ فَأَذِنَ لَهُ؛ وَكَانَ الرُّومِيُّ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ لَهُ: أَسَائِلٌ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: انْزِلْ؛ مَكَانَك الْأَرْضُ وَمَكَانِي الْمِنْبَرُ فَنَزَلَ الرُّومِيُّ وَصَعِدَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ: سَلْ فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ كَانَ قَبْلَ اللَّهِ تَعَالَى؟ قَالَ: هَلْ تَعْرِفُ الْعَدَدَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: مَا قَبْلَ الْوَاحِدِ. قَالَ: هُوَ الْأَوَّلُ لَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ قَالَ: إذَا لَمْ يَكُنْ قَبْلَ الْوَاحِدِ الْمَجَازِيِّ اللَّفْظِيِّ شَيْءٌ، فَكَيْفَ يَكُونُ قَبْلَ الْوَاحِدِ الْحَقِيقِيِّ؟ فَقَالَ الرُّومِيُّ: فِي أَيِّ جِهَةٍ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى؟ قَالَ: إذَا أَوْقَدْت السِّرَاجَ؛ فَإِلَى أَيِّ وَجْهٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الْمُصَابُ عِنْدَهُ أَقُولُ: صَوَابُ الْعِبَارَةِ أَنْ تَكُونَ مُصَابَةً بِالْوَطْءِ عِنْدَهُ

نُورُهُ؟ فَإِنَّ ذَاكَ نُورٌ يَسْتَوِي فِيهِ الْجِهَاتُ الْأَرْبَعُ فَقَالَ: إذَا كَانَ النُّورُ الْمَجَازِيُّ الْمُسْتَفَادُ الزَّائِلُ لَا وَجْهَ لَهُ إلَى جِهَةٍ، فَنُورُ خَالِقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْبَاقِي الدَّائِمِ الْمُفِيضِ: كَيْفَ يَكُونُ لَهُ جِهَةٌ؟ قَالَ الرُّومِيُّ: بِمَاذَا يَشْتَغِلُ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى؟ قَالَ: إذَا كَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ مُشَبِّهٌ مِثْلُك أَنْزَلَهُ، وَإِذَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ مُوَحِّدٌ مِثْلِي رَفَعَهُ {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29] . 16 - فَتَرَكَ الْمَالَ وَعَادَ إلَى الرُّومِ. احْتَاجَ الْإِمَامُ إلَى الْمَاءِ فِي طَرِيقِ الْحَاجِّ، فَسَاوَمَ أَعْرَابِيًّا قِرْبَةَ مَاءٍ، فَلَمْ يَبِعْهُ إلَّا بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَاهُ بِهَا ثُمَّ قَالَ لَهُ: كَيْفَ أَنْتَ بِالسَّوِيقِ؟ فَقَالَ أُرِيدُهُ، فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَكَلَ مَا أَرَادَ وَعَطِشَ فَطَلَبَ الْمَاءَ فَلَمْ يُعْطِهِ حَتَّى اشْتَرَى مِنْهُ شَرْبَةً بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَتَرَكَ الْمَالَ كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَالْمُطَابِقُ لِمَا تَقَدَّمَ فَبَذَلَ الْمَالَ .

[وصية الإمام الأعظم لأبي يوسف]

[وَصِيَّةُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لِأَبِي يُوسُفَ] َ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدَ أَنْ ظَهَرَ لَهُ مِنْهُ الرُّشْدُ وَحُسْنُ السِّيرَةِ وَالْإِقْبَالُ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ لَهُ: يَا يَعْقُوبُ وَقِّرْ السُّلْطَانَ وَعَظِّمْ مَنْزِلَتَهُ، وَإِيَّاكَ وَالْكَذِبَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالدُّخُولَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ مَا لَمْ يَدْعُك لِحَاجَةٍ عَلَيْهِ، فَإِنَّك إذَا أَكْثَرْت إلَيْهِ الِاخْتِلَافَ تَهَاوَنَ بِك وَصَغُرَتْ مَنْزِلَتُك عِنْدَهُ، فَكُنْ مِنْهُ كَمَا أَنْتَ مِنْ النَّارِ تَنْتَفِعُ وَتَتَبَاعَدُ وَلَا تَدْنُ مِنْهَا، فَإِنَّ السُّلْطَانَ لَا يَرَى لِأَحَدٍ مَا يَرَى لِنَفْسِهِ، وَإِيَّاكَ وَكَثْرَةَ الْكَلَامِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ عَلَيْك مَا قُلْته لِيُرِيَ مِنْ نَفْسِهِ بَيْنَ يَدَيْ حَاشِيَتِهِ أَنَّهُ أَعْلَمُ مِنْك وَأَنَّهُ يُخَطِّئُكَ فَتَصْغُرَ فِي أَعْيُنِ قَوْمِهِ، وَلْتَكُنْ إذَا دَخَلْت عَلَيْهِ تَعْرِفُ قَدْرَك وَقَدْرَ غَيْرِك، وَلَا تَدْخُلْ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ لَا تَعْرِفُهُ فَإِنَّك إنْ كُنْت أَدْوَنَ حَالًا مِنْهُ لَعَلَّك تَتَرَفَّعُ عَلَيْهِ فَيَضُرُّك، وَإِنْ كُنْت أَعْلَمَ مِنْهُ لَعَلَّك تَحُطُّ عَنْهُ فَتَسْقُطُ بِذَلِكَ مِنْ عَيْنِ السُّلْطَانِ. وَإِذَا عَرَضَ عَلَيْك شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِهِ فَلَا تَقْبَلْ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ يَرْضَاك وَيَرْضَى مَذْهَبَك فِي الْعِلْمِ وَالْقَضَايَا، كَيْ لَا تَحْتَاجَ إلَى ارْتِكَابِ مَذْهَبِ غَيْرِك فِي الْحُكُومَاتِ وَلَا تُوَاصِلْ أَوْلِيَاءَ السُّلْطَانِ وَحَاشِيَتَهُ بَلْ تَقَرَّبْ إلَيْهِ فَقَطْ وَتَبَاعَدْ عَنْ حَاشِيَتِهِ لِيَكُونَ مَجْدُك وَجَاهُك بَاقِيًا وَلَا تَتَكَلَّمْ بَيْنَ يَدَيْ الْعَامَّةِ إلَّا بِمَا تُسْأَلُ عَنْهُ، وَإِيَّاكَ وَالْكَلَامَ فِي الْعَامَّةِ وَالتِّجَارَةِ إلَّا بِمَا يَرْجِعُ إلَى الْعِلْمِ؛ كَيْ لَا يُوقَفَ عَلَى حُبِّك رَغْبَتُك فِي الْمَالِ؛ فَإِنَّهُمْ يُسِيئُونَ الظَّنَّ بِك وَيَعْتَقِدُونَ مَيْلَك إلَى أَخْذِ الرِّشْوَةِ مِنْهُمْ. وَلَا تَضْحَكْ وَلَا تَتَبَسَّمْ بَيْنَ يَدَيْ الْعَامَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 - وَلَا تُكْثِرْ الْخُرُوجَ إلَى الْأَسْوَاقِ وَلَا تُكَلِّمْ الْمُرَاهِقِينَ؛ فَإِنَّهُمْ فِتْنَةٌ، وَلَا بَأْسَ أَنْ تُكَلِّمَ الْأَطْفَالَ وَتَمْسَحَ رُءُوسَهُمْ وَلَا تَمْشِ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ مَعَ الْمَشَائِخِ وَالْعَامَّةِ؛ فَإِنَّك إنْ قَدَّمْتَهُمْ،. 2 - ازْدَرَى ذَلِكَ بِعِلْمِك وَإِنْ أَخَّرْتَهُمْ ازْدَرَى بِك مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَسَنُّ مِنْك، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَلَمْ يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا فَلَيْسَ مِنَّا» وَلَا تَقْعُدْ عَلَى قَوَارِعِ الطَّرِيقِ " 3 - فَإِذَا دَعَاك ذَلِكَ فَاقْعُدْ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا تَأْكُلْ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْمَسَاجِدِ. 4 - وَلَا تَشْرَبْ مِنْ السِّقَايَاتِ وَلَا مِنْ أَيْدِي السَّقَّائِينَ وَلَا تَقْعُدْ عَلَى الْحَوَانِيتِ وَلَا تَلْبَسْ الدِّيبَاجَ وَالْحُلِيَّ وَأَنْوَاعَ الْإِبْرَيْسَمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إلَى الرُّعُونَةِ. وَلَا تُكْثِرْ الْكَلَامَ فِي بَيْتِك مَعَ امْرَأَتِك فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا تُكْثِرْ الْخُرُوجَ إلَى الْأَسْوَاقِ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ أَبِي اللَّيْثِ رَجَعْت فِي الْفَتَاوَى عَنْ ثَلَاثٍ إلَى ثَلَاثٍ يَجُوزُ دُخُولُ الْعَالِمِ لِلسُّلْطَانِ وَخُرُوجُهُ إلَى الْأَسْوَاقِ وَأَخْذُ الْأَجْرِ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ لِلْحَاجَةِ فِي الثَّلَاثِ وَقَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: بَدَلُ خُرُوجِهِ إلَى الْأَسْوَاقِ خُرُوجُهُ إلَى الْقُرَى لِيَجْمَعُوا لَهُ شَيْئًا. (2) قَوْلُهُ: ازْدَرَى ذَلِكَ بِعِلْمِك كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَمِثْلُهُ فِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ وَالصَّوَابُ أَزْرَى ذَلِكَ بِعِلْمِك قَالَ فِي الْقَامُوسِ زَرَى فِيهِ زَرْيًا عَابَهُ كَأَزْرَى وَأَزْرَى بِأَخِيهِ أَدْخَلَ عَلَيْهِ عَيْبًا وَبِالْأَمْرِ تَهَاوَنَ. (3) قَوْلُهُ: فَإِذَا دَعَاك ذَلِكَ فَاقْعُدْ فِي الْمَسْجِدِ أَيْ إذَا طَلَبَتْ مِنْك نَفْسُك ذَلِكَ فَخَالِفْهَا وَاقْعُدْ فِي الْمَسْجِدِ. (4) قَوْلُهُ: وَلَا تَشْرَبْ مِنْ السِّقَايَاتِ أَقُولُ لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ السِّقَايَاتِ يَشْرَبُ مِنْهَا عَامَّةُ النَّاسِ فَرُبَّمَا يَشْرَبُ مِنْهَا نَجِسُ الْفَمِ وَرُبَّمَا يَغْسِلُ نَجِسُ الْيَدِ يَدَهُ فِي ذَلِكَ الْمَاءِ الْقَلِيلِ وَإِنَّ فِي الشُّرْبِ مِنْهَا دَنَاءَةً وَسُقُوطَ حُرْمَةٍ لِلْعَالِمِ وَإِنْ كَانَ الشُّرْبُ مِنْهَا يَحِلُّ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ.

الْفِرَاشِ إلَّا وَقْتَ حَاجَتِك إلَيْهَا بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَلَا تُكْثِرْ لَمْسَهَا وَمَسَّهَا وَلَا تَقْرَبْهَا إلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا تَتَكَلَّمْ بِأَمْرِ نِسَاءِ الْغَيْرِ بَيْنَ يَدَيْهَا وَلَا بِأَمْرِ الْجَوَارِي، فَإِنَّهَا تَنْبَسِطُ إلَيْك فِي كَلَامِك وَلَعَلَّك إذَا تَكَلَّمْت عَنْ غَيْرِهَا تَكَلَّمَتْ عَنْ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ وَلَا تَتَزَوَّجْ امْرَأَةً كَانَ لَهَا بَعْلٌ أَوْ أَبٌ أَوْ أُمٌّ أَوْ بِنْتٌ إنْ قَدَرْت. 5 - إلَّا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ أَقَارِبِك. 6 - فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ ذَاتَ مَالٍ يَدَّعِي أَبُوهَا أَنَّ جَمْعَ مَالِهَا لَهُ وَأَنَّهُ عَارِيَّةٌ فِي يَدِهَا. 7 - وَلَا تَدْخُلْ بَيْتَ أَبِيهَا مَا قَدَرْت. 8 - وَإِيَّاكَ أَنْ تَرْضَى أَنْ تُزَفَّ فِي بَيْتِ أَبَوَيْهَا؛ فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ أَمْوَالَك وَيَطْمَعُونَ فِيهَا غَايَةَ الطَّمَعِ، وَإِيَّاكَ وَأَنْ تَتَزَوَّجَ بِذَاتِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ، فَإِنَّهَا تَدَّخِرُ جَمِيعَ الْمَالِ لَهُمْ وَتَسْرِقُ مِنْ مَالِكَ وَتُنْفِقُ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ الْوَلَدَ أَعَزُّ عَلَيْهَا مِنْك وَلَا تَجْمَعْ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ. وَلَا تَتَزَوَّجْ إلَّا بَعْدَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّك تَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِجَمِيعِ حَوَائِجِهَا وَاطْلُبْ الْعِلْمَ أَوَّلًا ثُمَّ اجْمَعْ الْمَالَ مِنْ الْحَلَالِ. ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (5) قَوْلُهُ: إلَّا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ أَقَارِبِك كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَالْمُنَاسِبُ مِنْ أَقَارِبِهَا بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ. (6) قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إذْ كَانَتْ ذَا مَالٍ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَالصَّوَابُ ذَاتُ مَالٍ. (7) قَوْلُهُ: وَلَا تَدْخُلْ بَيْتَ أَبِيهَا. عَطْفٌ عَلَى لَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ أَقَارِبِهَا وَالتَّقْدِيرُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ أَقَارِبِهَا وَبِشَرْطِ أَنْ لَا تَدْخُلَ هِيَ فِي بَيْتِ أَبِيهَا هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ. (8) قَوْلُهُ: وَإِيَّاكَ أَنْ تَرْضَى أَنْ تُزَفَّ فِي بَيْتِ أَبَوَيْهَا وَالْأَوْلَى وَإِيَّاكَ أَنْ تَسْكُنَ فِي بَيْتِ أَبَوَيْهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَعْلِيلُهُ

تَزَوَّجْ؛ فَإِنَّك إنْ طَلَبْت الْمَالَ فِي وَقْتِ التَّعَلُّمِ عَجَزْت عَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ وَدَعَاك الْمَالُ إلَى شِرَاءِ الْجَوَارِي وَالْغِلْمَانِ وَتَشْتَغِلُ بِالدُّنْيَا وَالنِّسَاءِ قَبْلَ تَحْصِيلِ الْعِلْمِ؛ فَيَضِيعُ وَقْتُك وَيَجْتَمِعُ عَلَيْك الْوَلَدُ وَيَكْثُرُ عِيَالُك فَتَحْتَاجُ إلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِمْ وَتَتْرُكُ الْعِلْمَ وَاشْتَغِلْ بِالْعِلْمِ فِي عُنْفُوَانِ شَبَابِك وَوَقْتِ فَرَاغِ قَلْبِك وَخَاطِرِك ثُمَّ اشْتَغِلْ بِالْمَالِ لِيَجْتَمِعَ عِنْدَك؛ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْوَلَدِ وَالْعِيَالِ يُشَوِّشُ الْبَالَ؛ فَإِذَا جَمَعْت الْمَالَ فَتَزَوَّجْ، وَعَلَيْك بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَالنَّصِيحَةِ لِجَمِيعِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ، وَلَا تَسْتَخِفَّ بِالنَّاسِ، وَوَقِّرْ نَفْسَك وَوَقِّرْهُمْ وَلَا تُكْثِرْ مُعَاشَرَتَهُمْ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُعَاشِرُوك، وَقَابِلْ مُعَاشَرَتَهُمْ بِذِكْرِ الْمَسَائِلِ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ اشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ أَحَبَّك وَإِيَّاكَ وَأَنْ تُكَلِّمَ الْعَامَّةَ بِأَمْرِ الدِّينِ فِي الْكَلَامِ؛ فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ يُقَلِّدُونَك فَيَشْتَغِلُونَ بِذَلِكَ وَمَنْ جَاءَك يَسْتَفْتِيك فِي الْمَسَائِلِ؛ فَلَا تُجِبْ إلَّا عَنْ سُؤَالِهِ وَلَا تَضُمَّ إلَيْهِ غَيْرَهُ؛ فَإِنَّهُ يُشَوِّشُ عَلَيْك جَوَابَ سُؤَالِهِ وَإِنْ بَقِيت عَشْرَ سِنِينَ بِلَا كَسْبٍ وَلَا قُوتٍ فَلَا تُعْرِضْ عَنْ الْعِلْمِ؛ فَإِنَّك إذَا أَعْرَضْت عَنْهُ كَانَتْ مَعِيشَتُك ضَنْكًا وَأَقْبِلْ عَلَى مُتَفَقِّهِيك كَأَنَّك اتَّخَذْت كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ابْنًا 9 - وَوَلَدًا لِتَزِيدَهُمْ رَغْبَةً فِي الْعِلْمِ، وَمَنْ نَاقَشَك مِنْ الْعَامَّةِ وَالسُّوقَةِ فَلَا تُنَاقِشُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (9) قَوْلُهُ: وَوَلَدًا كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَالْأَوْلَى أَبًا وَوَلَدًا.

10 - فَإِنَّهُ يُذْهِبُ مَاءَ وَجْهِك، وَلَا تَحْتَشِمْ مِنْ أَحَدٍ عِنْدَ ذِكْرِ الْحَقِّ وَإِنْ كَانَ سُلْطَانًا وَلَا تَرْضَ لِنَفْسِك مِنْ الْعِبَادَاتِ. 11 - إلَّا بِأَكْثَرَ مِمَّا يَفْعَلُهُ غَيْرُك وَيَتَعَاطَاهَا فَالْعَامَّةُ إذَا لَمْ يَرَوْا مِنْك الْإِقْبَالَ عَلَيْهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا يَفْعَلُونَ اعْتَقَدُوا فِيك قِلَّةَ الرَّغْبَةِ وَاعْتَقَدُوا أَنَّ عِلْمَك لَا يَنْفَعُك إلَّا مَا نَفَعَهُمْ الْجَهْلُ الَّذِي هُمْ فِيهِ. وَإِذَا دَخَلْت بَلْدَةً فِيهَا أَهْلُ الْعِلْمِ؛ فَلَا تَتَّخِذُهَا لِنَفْسِك، بَلْ كُنْ 12 - كَوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّك لَا تَقْصِدُ جَاهَهُمْ، وَإِلَّا يَخْرُجُونَ عَلَيْك بِأَجْمَعِهِمْ وَيَطْعَنُونَ فِي مَذْهَبِك، وَالْعَامَّةُ يَخْرُجُونَ عَلَيْك وَيَنْظُرُونَ إلَيْك بِأَعْيُنِهِمْ فَتَصِيرُ مَطْعُونًا عِنْدَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُذْهِبُ مَاءَ وَجْهِك قَالَ الثَّعَالِبِيُّ: الْعَرَبُ تَسْتَعِيرُ فِي كَلَامِهَا الْمَاءَ لِكُلِّ مَا يَحْسُنُ مَنْظَرُهُ وَمَوْقِعُهُ وَيَعْظُمُ قَدْرُهُ وَمَحَلُّهُ فَتَقُولُ مَاءُ الْوَجْهِ وَمَاءُ الشَّبَابِ وَمَاءُ الْحَيَاةِ وَمَاءُ النَّعِيمِ وَمَاءُ السَّيْفِ كَمَا تَسْتَعِيرُ الِاسْتِسْقَاءَ فِي طَلَبِ الْخَيْرِ قَالَ رُؤْبَةٌ: أَيُّهَا الْمَائِحُ دَلْوِي نَحْوَكَا ... إنِّي رَأَيْت النَّاسَ يَحْمَدُونَكَا لَمْ يَسْقِ مَاءً وَإِنَّمَا اسْتَطْلَقَ أَسِيرًا ... وَسَمَّوْا الْمُجْتَدِيَ مُسْتَمِيحًا وَإِنَّمَا الْمَيْحُ جَمْعُ الْمَاءِ فِي الدَّلْوِ وَغَايَةُ دُعَائِهِمْ لِلْمَرْجُوِّ أَوْ الْمَشْكُورِ أَنْ يَقُولُوا: سَقَاهُ اللَّهُ فَإِذَا تَذَكَّرُوا أَيَّامًا لَهُمْ قَالُوا: سَقَى اللَّهُ تِلْكَ الْأَيَّامَ انْتَهَى قَالَ أُسْتَاذُنَا: وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَمَّا تَوَارَثُوا اسْتِعْمَالَهُ فِي الْعَظِيمِ الْمُخْبَرِ وَالْحَسَنِ الْمَنْظَرِ كَانَ اسْتِعْمَالُهُ فِي خِلَافِهِ مُسْتَهْجَنًا فَلِذَا عِيبَ عَلَى أَبِي تَمَّامٍ قَوْلُهُ: لَا تَسْقِنِي مَاءَ الْمُلَامِ فَإِنَّنِي ... حَقًّا قَدْ اسْتَعْذَبْت مَاءَ بُكَائِي (11) قَوْلُهُ: إلَّا بِأَكْثَرَ مَا يَفْعَلُهُ غَيْرُك وَيَتَعَاطَاهَا الصَّوَابُ وَيَتَعَاطَاهُ. (12) قَوْلُهُ: كَوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهِمْ كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَمِثْلُهُ فِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ وَالْأَوْلَى كَوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ.

بِلَا فَائِدَةٍ، وَإِنْ اسْتَفْتَوْك الْمَسَائِلَ فَلَا تُنَاقِشْهُمْ فِي الْمُنَاظَرَةِ وَالْمُطَارَحَاتِ، وَلَا تَذْكُرْ لَهُمْ شَيْئًا إلَّا عَنْ دَلِيلٍ وَاضِحٍ، وَلَا تَطْعَنْ فِي أَسَاتِذَتِهمْ، فَإِنَّهُمْ يَطْعَنُونَ فِيك، وَكُنْ مِنْ النَّاسِ عَلَى حَذَرٍ، وَكُنْ لِلَّهِ تَعَالَى فِي سِرِّك كَمَا أَنْتَ لَهُ فِي عَلَانِيَتِك، وَلَا تُصْلِحُ أَمْرَ الْعِلْمِ إلَّا بَعْدَ أَنْ تَجْعَلَ سِرَّهُ كَعَلَانِيَتِهِ، 13 - وَإِذَا أَوْلَاك السُّلْطَانُ عَمَلًا لَا يَصْلُحُ لَك فَلَا تَقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ إنَّمَا يُوَلِّيك ذَلِكَ إلَّا لِعِلْمِك، وَإِيَّاكَ وَأَنْ تَتَكَلَّمَ فِي مَجْلِسِ النَّظَرِ عَلَى خَوْفٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُوَرِّثُ الْخَلَلَ. 14 - فِي الْإِحَاطَةِ وَالْكَلَّ فِي اللِّسَانِ وَإِيَّاكَ أَنْ تُكْثِرَ الضَّحِكَ؛ فَإِنَّهُ يُمِيتُ الْقَلْبَ، وَلَا تَمْشِ إلَّا عَلَى طُمَأْنِينَةٍ وَلَا تَكُنْ عَجُولًا فِي الْأُمُورِ، وَمَنْ دَعَاك مِنْ خَلْفِك فَلَا تُجِبْهُ، فَإِنَّ الْبَهَائِمَ تُنَادَى مِنْ خَلْفِهَا وَإِذَا تَكَلَّمْت فَلَا تُكْثِرْ صِيَاحَك وَلَا تَرْفَعْ صَوْتَك وَاِتَّخِذْ لِنَفْسِك السُّكُونَ وَقِلَّةَ الْحَرَكَةِ عَادَةً كَيْ يَتَحَقَّقَ عِنْدَ النَّاسِ ثَبَاتُك. وَأَكْثِرْ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ لِيَتَعَلَّمُوا ذَلِكَ مِنْك، وَاِتَّخِذْ لِنَفْسِك وِرْدًا خَلْفَ الصَّلَاةِ، تَقْرَأُ فِيهَا الْقُرْآنَ وَتَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى وَتَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَوْدَعَك مِنْ الصَّبْرِ وَأَوْلَاك مِنْ النِّعَمِ وَاِتَّخِذْ لِنَفْسِك أَيَّامًا مَعْدُودَةً مِنْ كُلِّ شَهْرٍ تَصُومُ فِيهَا لِيَقْتَدِيَ بِهِ غَيْرُك بِك وَرَاقِبْ نَفْسَك وَحَافِظْ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِذَا أَوْلَاك السُّلْطَانُ عَمَلًا كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ وَإِذَا وَلَّاك مِنْ التَّوْلِيَةِ. (14) قَوْلُهُ: فِي الْإِحَاطَةِ كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا فِي الْأَلْفَاظِ وَالصَّوَابُ فِي الْخَاطِرِ كَمَا فِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ.

الْغَيْرِ تَنْتَفِعُ مِنْ دُنْيَاك وَآخِرَتِك بِعِلْمِك وَلَا تَشْتَرِ بِنَفْسِك وَلَا تَبِعْ،. 15 - بَلْ اتَّخِذْ لَك غُلَامًا مُصْلِحًا يَقُومُ بِأَشْغَالِكَ وَتَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي أُمُورِك وَلَا تَطْمَئِنَّ إلَى دُنْيَاك وَإِلَى مَا أَنْتَ فِيهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَائِلُك عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ وَلَا تَشْتَرِ الْغِلْمَانَ الْمُرْدَانَ، وَلَا تُظْهِرْ مِنْ نَفْسِك التَّقَرُّبَ إلَى السُّلْطَانِ وَإِنْ قَرَّبَك. 16 - فَإِنَّهُ تُرْفَعُ إلَيْك الْحَوَائِجُ 17 - فَإِنْ قُمْت أَهَانَك وَإِنْ لَمْ تَقُمْ أَعَابَك، 18 - وَلَا تَتَّبِعْ النَّاسَ فِي خَطَايَاهُمْ بَلْ اتَّبِعْ فِي صَوَابِهِمْ، وَإِذَا عَرَفْت إنْسَانًا بِالشَّرِّ فَلَا تَذْكُرْهُ بِهِ. 19 - بَلْ اُطْلُبْ مِنْهُ خَيْرًا فَاذْكُرْهُ بِهِ، إلَّا فِي بَابِ الدِّينِ، فَإِنَّك إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَلْ اتَّخِذْ لَك غُلَامًا مُصْلِحًا إلَخْ أَيْ خَادِمًا ثِقَةً أَمِينًا هَذَا هُوَ الْمُرَادُ لَكِنْ فِي اسْتِعْمَالِ الْمُصْلِحِ بِمَعْنَى الْخَادِمِ لَمْ أَجِدْهُ فِيمَا عِنْدِي مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ. (16) قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ تُرْفَعُ إلَيْك الْحَوَائِجُ أَيْ تُرْفَعُ إلَيْك حَوَائِجُ النَّاسِ بِسَبَبِ إظْهَارِك التَّقَرُّبَ مِنْ السُّلْطَانِ. (17) قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت أَهَانَك هَكَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ كَمَا فِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ فَإِنْ قُمْت بِهَا أَهَانَك وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بِهَا عَابَك بِذِكْرِ صِلَةِ الْفِعْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَالضَّمِيرُ فِي أَهَانَك رَاجِعٌ إلَى السُّلْطَانِ، وَفِي أَعَابَك رَاجِعٌ إلَى رَافِعِ الْحَاجَةِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ لَا إلَى السُّلْطَانِ لِعَدَمِ صِحَّةِ رُجُوعِهِ إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ فِي الْعِبَارَةِ تَفْكِيكُ الضَّمِيرِ. (18) قَوْلُهُ: وَلَا تَتَّبِعْ النَّاسَ فِي خَطَايَاهُمْ بَلْ اتَّبِعْ فِي صَوَابِهِمْ كَذَا فِي النُّسَخِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ مِنْ الرَّكَاكَةِ وَعَدَمِ حُسْنِ الْمُقَابَلَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ وَلَا تَتَّبِعْ خَطَأَ النَّاسِ وَتَتَبَّعْ صَوَابَهُمْ. (19) قَوْلُهُ: بَلْ اُطْلُبْ مِنْهُ خَيْرًا أَيْ تَوَقَّعْ مِنْهُ خَيْرًا فَاذْكُرْهُ بِهِ.

عَرَفْت فِي دِينِهِ ذَلِكَ فَاذْكُرْهُ لِلنَّاسِ كَيْ لَا يَتَّبِعُوهُ. 20 - وَيَحْذَرُوهُ، وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «اُذْكُرُوا الْفَاجِرَ بِمَا فِيهِ حَتَّى يَحْذَرَهُ النَّاسُ وَإِنْ كَانَ ذَا جَاهٍ وَمَنْزِلَةٍ» وَاَلَّذِي تَرَى مِنْهُ الْخَلَلَ فِي الدِّينِ فَاذْكُرْ ذَلِكَ وَلَا تُبَالِ مِنْ جَاهِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُعِينُك وَنَاصِرُك وَنَاصِرُ الدِّينِ، فَإِذَا فَعَلْت ذَلِكَ مَرَّةً هَابُوكَ وَلَمْ يَتَجَاسَرْ أَحَدٌ عَلَى إظْهَارِ الْبِدْعَةِ فِي الدِّينِ وَإِذَا رَأَيْت مِنْ سُلْطَانِك مَا يُوَافِقُ الْعِلْمَ؛ فَاذْكُرْ ذَلِكَ مَعَ طَاعَتِك إيَّاهُ فَإِنَّ يَدَهُ أَقْوَى مِنْ يَدِك؛ تَقُولُ لَهُ: أَنَا مُطِيعٌ لَك فِي الَّذِي أَنْتَ فِيهِ سُلْطَانٌ وَمُسَلَّطٌ عَلَيَّ، غَيْرَ أَنِّي أَذْكُرُ مِنْ سِيرَتِك مَا لَا يُوَافِقُ الْعِلْمَ، فَإِذَا فَعَلْت مَعَ السُّلْطَانِ مَرَّةً. 21 - كَفَاك لِأَنَّ إذَا وَاظَبْت عَلَيْهِ وَدُمْت. 22 - لَعَلَّهُمْ يَقْهَرُونَك فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ قَمْعٌ لِلدِّينِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ لِيَعْرِفَ مِنْك الْجَهْدَ فِي الدِّينِ وَالْحِرْصَ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ. 23 - فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً أُخْرَى، فَادْخُلْ عَلَيْهِ وَحْدَك فِي دَارِهِ وَانْصَحْهُ فِي الدِّينِ وَنَاظِرْهُ إنْ كَانَ مُبْتَدِعًا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (20) قَوْلُهُ: وَيَحْذَرُوهُ عَطْفٌ عَلَى النَّفْيِ لَا عَلَى الْمَنْفِيِّ لِفَسَادِ الْمَعْنَى. (21) قَوْلُهُ: كَفَاك أَيْ فِي الْخُرُوجِ عَنْ عَهْدِ النَّصِيحَةِ. (22) قَوْلُهُ: لَعَلَّهُمْ يَقْهَرُونَك كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ لَعَلَّهُ يَقْهَرُك. (23) قَوْلُهُ: فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ افْعَلْ ذَلِكَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: لِيَعْرِفَ مِنْك الْجَهْدَ فِي الدِّينِ إلَخْ.

24 - وَإِنْ كَانَ سُلْطَانًا فَاذْكُرْ لَهُ مَا يَحْضُرُك مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ قَبِلَ مِنْك وَإِلَّا فَاسْأَلْ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَحْفَظَك مِنْهُ وَاذْكُرْ الْمَوْتَ وَاسْتَغْفِرْ لِلْأُسْتَاذِ وَمَنْ أَخَذْت عَنْهُمْ الْعِلْمَ وَدَاوِمْ عَلَى التِّلَاوَةِ وَأَكْثِرْ مِنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَالْمَشَايِخِ وَالْمَوَاضِعِ الْمُبَارَكَةِ، وَاقْبَلْ مِنْ الْعَامَّةِ مَا يَعْرِضُونَ عَلَيْك مِنْ رُؤْيَاهُمْ فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَفِي رُؤْيَا الصَّالِحِينَ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْمَنَازِلِ وَالْمَقَابِرِ، وَلَا تُجَالِسْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إلَّا عَلَى سَبِيلِ الدَّعْوَةِ إلَى الدِّينِ. 25 - وَلَا تُكْثِرْ اللَّعِبَ وَالشَّتْمَ وَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَتَأَهَّبْ لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ كَيْ لَا تَتَقَدَّمَ عَلَيْك الْعَامَّةُ، وَلَا تَتَّخِذُ دَارَك فِي جِوَارِ السُّلْطَانِ، وَمَا رَأَيْت عَلَى جَارِك فَاسْتُرْهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ أَمَانَةٌ وَلَا تُظْهِرْ أَسْرَارَ النَّاسِ، وَمَنْ اسْتَشَارَك فِي شَيْءٍ فَأَشِرْ عَلَيْهِ بِمَا تَعْلَمُ أَنَّهُ يُقَرِّبُك إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَاقْبَلْ وَصِيَّتِي هَذِهِ؛ فَإِنَّك تَنْتَفِعُ بِهَا فِي أُولَاك وَآخِرِك، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكَ وَالْبُخْلَ فَإِنَّهُ يُبْغَضُ بِهِ الْمَرْءُ وَلَا تَكُ طَمَّاعًا وَلَا كَذَّابًا. 26 - وَلَا صَاحِبَ تَخْلِيطٍ، بَلْ احْفَظْ مُرُوءَتَكَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ سُلْطَانًا كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فَإِنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُخَاطَبُ سُلْطَانًا. (25) قَوْلُهُ: وَلَا تُكْثِرْ اللَّعِبَ وَالشَّتْمَ أَقُولُ لَا يَلْزَمُ مِنْ النَّهْيِ عَنْ كَثْرَةِ اللَّعِبِ وَالشَّتْمِ النَّهْيُ عَنْ أَصْلِ اللَّعِبِ وَالشَّتْمِ مَعَ أَنَّهُمَا مَنْهِيٌّ عَنْهُمَا شَرْعًا فَلَوْ قَالَ: وَلَا تَلْعَبْ وَلَا تَشْتُمْ لَكَانَ صَوَابًا. (26) قَوْلُهُ: وَلَا صَاحِبَ تَخْلِيطٍ أَيْ وَلَا تَكُنْ صَاحِبَ تَخْلِيطٍ أَيْ تَخْلِيطِ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ وَالْجِدِّ بِالْهَزْلِ.

وَالْبَسْ مِنْ الثِّيَابِ الْبِيضَ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، وَأَظْهِرْ غِنَى الْقَلْبِ مُظْهِرًا مِنْ نَفْسِك قِلَّةَ الْحِرْصِ وَالرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا، وَأَظْهِرْ مِنْ نَفْسِك الْغَنَاءَ، وَلَا تُظْهِرْ الْفَقْرَ وَإِنْ كُنْت فَقِيرًا، وَكُنْ ذَا هِمَّةٍ؛ فَإِنَّ مَنْ ضَعُفَتْ هِمَّتُهُ ضَعُفَتْ مَنْزِلَتُهُ وَإِذَا مَشَيْت فِي الطَّرِيقِ، فَلَا تَلْتَفِتْ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا، بَلْ دَاوِمْ النَّظَرَ إلَى الْأَرْضِ وَإِذَا دَخَلْت الْحَمَّامَ، فَلَا تُسَاوِ النَّاسَ فِي أُجْرَةِ الْحَمَّامِ وَالْمَجْلِسِ بَلْ أَرْجِحْ عَلَى مَا تُعْطِي الْعَامَّةَ لِتَظْهَرَ مُرُوءَتُكَ بَيْنَهُمْ فَيُعَظِّمُونَك وَلَا تُسَلِّمْ الْأَمْتِعَةَ إلَى الْحَائِكِ وَسَائِرِ الصُّنَّاعِ بَلْ اتَّخِذْ لِنَفْسِك ثِقَةً يَفْعَلُ ذَلِكَ؛ وَلَا تُمَاكِسْ بِالْحَبَّاتِ وَالدَّوَانِيقِ وَلَا تَزِنْ الدَّرَاهِمَ بَلْ اعْتَمِدْ عَلَى غَيْرِك وَحَقِّرْ الدُّنْيَا الْمُحَقَّرَةَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَإِنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْهَا وَوَلِّ أُمُورَك غَيْرَك لِيُمْكِنَك الْإِقْبَالُ عَلَى الْعِلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْفَظُ لِحَاجَتِك وَإِيَّاكَ أَنْ تُكَلِّمَ الْمَجَانِينَ وَمَنْ لَا يَعْرِفُ الْمُنَاظَرَةَ وَالْحُجَّةَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. 27 - وَاَلَّذِينَ يَطْلُبُونَ الْجَاهَ. 28 - وَيَسْتَغْرِبُونَ بِذِكْرِ الْمَسَائِلِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ؛ فَإِنَّهُمْ يَطْلُبُونَ تَخْجِيلَك وَلَا يُبَالُونَ مِنْك، وَإِنْ عَرَفُوك عَلَى الْحَقِّ وَإِذَا دَخَلْت عَلَى قَوْمٍ كِبَارٍ فَلَا تَرْفَعْ عَلَيْهِمْ مَا لَمْ يَرْفَعُوك، كَيْ لَا يَلْحَقَ بِك مِنْهُمْ أَذِيَّةٌ وَإِذَا كُنْت فِي قَوْمٍ فَلَا تَتَقَدَّمْ عَلَيْهِمْ فِي الصَّلَاةِ مَا لَمْ يُقَدِّمُوك عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَاَلَّذِينَ يَطْلُبُونَ الْجَاهَ عَطْفٌ عَلَى الْمَجَانِينِ. (28) قَوْلُهُ: وَيَسْتَغْرِقُونَ بِذِكْرِ الْمَسَائِلِ كَذَا فِي النُّسَخِ وَلَعَلَّ الصَّوَابَ يَسْتَغْرِبُونَ بِذِكْرِ الْمَسَائِلِ أَيْ يَذْكُرُونَ الْمَسَائِلَ الْغَرِيبَةَ.

29 - وَلَا تَدْخُلْ الْحَمَّامَ وَقْتَ الظَّهِيرَةِ وَالْغَدَاةِ، 30 - وَلَا تَخْرُجْ إلَى النَّظَّارَاتِ وَلَا تَحْضُرْ مَظَالِمَ السَّلَاطِينِ؛ وَإِلَّا إذَا عَرَفْت أَنَّك إذَا قُلْت شَيْئًا يَنْزِلُونَ عَلَى قَوْلِك بِالْحَقِّ؛ فَإِنَّهُمْ إنْ فَعَلُوا مَا لَا يَحِلُّ وَأَنْتَ عِنْدَهُمْ رُبَّمَا لَا تَمْلِكُ مَنْعَهُمْ وَيَظُنُّ النَّاسُ أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لِسُكُوتِك فِيمَا بَيْنَهُمْ وَقْتَ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ وَإِيَّاكَ وَالْغَضَبَ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ، وَلَا تَقُصَّ عَلَى الْعَامَّةِ فَإِنَّ الْقَاصَّ لَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَكْذِبَ وَإِذَا أَرَدْت اتِّخَاذَ مَجْلِسٍ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ فَإِنْ كَانَ مَجْلِسَ فِقْهٍ فَاحْضُرْ بِنَفْسِك وَاذْكُرْ فِيهِ مَا تَعْلَمُهُ وَإِلَّا فَلَا، كَيْ لَا يَغْتَرَّ النَّاسُ بِحُضُورِك فَيَظُنُّونَ أَنَّهُ عَلَى صِفَةٍ مِنْ الْعِلْمِ وَلَيْسَ هُوَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ، وَإِنْ كَانَ يَصْلُحُ لِلْفَتْوَى فَاذْكُرْ مِنْهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا. 31 - وَلَا تَقْعُدْ لِيُدَرِّسَ الْآخَرُ بَيْنَ يَدَيْك بَلْ اُتْرُكْ عِنْدَهُ مِنْ أَصْحَابِك لِيُخْبِرَك بِكَيْفِيَّةِ كَلَامِهِ وَكَمِّيَّةِ عِلْمِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا تَدْخُلْ الْحَمَّامَ وَقْتَ الظَّهِيرَةِ أَوْ الْغَدَاةِ الظَّهِيرَةُ حَدُّ انْتِصَافِ النَّهَارِ وَأَوَانُ الْقَيْظِ وَالْغَدَاةُ الْبُكْرَةُ أَوْ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ كَذَا فِي الْقَامُوسِ. (30) قَوْلُهُ: وَلَا تَخْرُجْ إلَى النَّظَّارَاتِ فِي الْقَامُوسِ النَّظَائِرُ الْقَوْمُ يَنْظُرُونَ إلَى شَيْءٍ أَوْ بِالتَّخْفِيفِ بِمَعْنَى التَّنَزُّهِ لَحْنٌ يَسْتَعْمِلُهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْبُحْتُرِيُّ: فِي مَجْمَعِ النَّادِرَةِ ... تَرَفُّقًا بِأَعْيُنِ النَّظَّارَةِ قِفْ لَنَا فِي الطَّرِيقِ إنْ لَمْ تَزُرْنَا ... وَقْفَةً فِي الطَّرِيقِ نِصْفَ الزِّيَارَةِ (31) قَوْلُهُ: وَلَا تَقْعُدْ لِيُدَرِّسَ بَيْنَ يَدَيْك. أَقُولُ: رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ

وَلَا تَحْضُرْ مَجَالِسَ الذِّكْرِ أَوْ مَنْ يَتَّخِذُ مَجْلِسَ عِظَةٍ بِجَاهِك وَتَزْكِيَتِك لَهُ، بَلْ وَجِّهْ أَهْلَ مَحَلَّتِك وَعَامَّتَك الَّذِينَ تَعْتَمِدُ عَلَيْهِمْ مَعَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِك وَفَوِّضْ أَمْرَ الْمَنَاكِحِ إلَى خَطِيبِ نَاحِيَتِك، وَكَذَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَلَا تَنْسَنِي مِنْ صَالِحِ دُعَائِك، وَاقْبَلْ هَذِهِ الْمَوْعِظَةَ مِنِّي، وَإِنَّمَا أُوصِيك لِمَصْلَحَتِك وَمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ (انْتَهَى) وَفِي آخِرِ تَلْقِيحِ الْمَحْبُوبِيِّ قَالَ الْحَاكِمُ الْجَلِيلُ: نَظَرْت فِي ثَلَاثِمِائَةِ جُزْءٍ مِثْلِ الْأَمَالِي وَنَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ 33 - حَتَّى انْتَقَيْت كِتَابَ الْمُنْتَقَى، وَقَالَ حِينَ اُبْتُلِيَ بِمِحْنَةِ الْقَتْلِ بِمَرْوَ وَمِنْ جِهَةِ الْأَتْرَاكِ: هَذَا جَزَاءُ مَنْ آثَرَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَالْعَالِمُ مَتَى أَخْفَى عِلْمَهُ وَتَرَكَ حَقَّهُ خِيفَ عَلَيْهِ أَنْ يُمْتَحَنَ بِمَا يَسُوءُهُ وَقِيلَ: كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ. 34 - لَمَّا رَأَى فِي كُتُبِ مُحَمَّدٍ مُكَرَّرَاتٍ وَتَطْوِيلَاتٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQسَابِقًا فَإِنْ كَانَ مَجْلِسَ فِقْهٍ فَاحْضُرْ بِنَفْسِك وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ لِلشُّورَى فِي جُلُوسِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقْعُدَ لِيُدَرِّسَ بَيْنَ يَدَيْهِ. (32) قَوْلُهُ: وَلَا تَحْضُرْ مَجَالِسَ الذِّكْرِ: كَذَا فِي النُّسَخِ وَمِثْلُهُ فِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «عَلَيْكُمْ بِحِلَقِ الذِّكْرِ فَإِنَّهَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ» وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا تُحَقِّرْ بِالْقَافِ وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِلْمَعْطُوفِ فَتَأَمَّلْ مَنْ (33) قَوْلُهُ: حَتَّى انْتَقَيْت كِتَابَ الْمُنْتَقَى: هَذَا الْكِتَابُ مِنْ أَجَلِّ كُتُبِ الْمَذْهَبِ فِيهِ مَسَائِلُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَمَسَائِلُ نَوَادِرِ وَلِهَذَا يَذْكُرُهُ رَضِيُّ السِّرِّ لَدَيْنَا السَّرَخْسِيُّ فِي الْمُحِيطِ بَعْدَ نَقْلِ النَّوَادِرِ قَالَ الْمَوْلَى الْمُتَّجِرُ عَلِيٌّ جَلَبِي قَاضِي الْعَسْكَرَيْنِ وَلَا يُوجَدُ الْمُنْتَقَى فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ. (34) قَوْلُهُ: لَمَّا رَأَى فِي كُتُبِ مُحَمَّدٍ مُكَرَّرَاتٍ: الْمُرَادُ بِكُتُبِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

35 - خَلَسَهَا وَحَذَفَ مُكَرَّرَهَا، فَرَأَى مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مَنَامِهِ فَقَالَ: لِمَ فَعَلْت هَذَا بِكُتُبِي؟ فَقَالَ: لِأَنَّ فِي الْفُقَهَاءِ كَسَالَى فَحَذَفْت الْمُكَرَّرَ وَذَكَرْت الْمُقَرَّرَ تَسْهِيلًا فَغَضِبَ وَقَالَ: قَطَعَك اللَّهُ كَمَا قَطَعْت كُتُبِي فَابْتُلِيَ بِالْأَتْرَاكِ حَتَّى جَعَلُوهُ عَلَى رَأْسِ شَجَرَتَيْنِ فَتَقَطَّعَ نِصْفَيْنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَهَذَا آخِرُ مَا أَوْرَدْنَاهُ مِنْ كِتَابِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فِي الْفِقْهِ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَبِي حَنِيفَةَ النُّعْمَانِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَرْضَاهُ الْجَامِعِ لِلْفُنُونِ السَّبْعَةِ الَّتِي وَعَدَنَا بِهَا فِي خُطْبَةِ الْفَرِيدِ فِي نَوْعِهِ بِحَيْثُ لَمْ أَطَّلِعْ لَهُ عَلَى نَظِيرٍ فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَكَانَ الْفَرَاغُ مِنْهُ فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْأُخْرَى سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَتِسْعِ مِائَةٍ وَكَانَتْ مُدَّةُ تَأْلِيفِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ مَعَ تَخَلُّلِ أَيَّامِ تَوَعُّكِ الْجَسَدِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ عَلَى التَّمَامِ وَعَلَى نَبِيِّهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَصَحْبِهِ الْبَرَرَةِ الْكِرَامِ وَتَابِعِيهِ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكُتُبُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الْمَبْسُوطُ وَالزِّيَادَاتُ وَالْجَامِعُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالسِّيَرُ وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بِظَاهِرِ الرِّوَايَة لِأَنَّهَا رُوِيَتْ عَنْ مُحَمَّدٍ بِرِوَايَاتٍ ثِقَاتٍ فَهِيَ إمَّا مُتَوَاتِرَةٌ أَوْ مَشْهُورَةٌ عَنْهُ. (35) قَوْلُهُ: خَلَسَهَا وَحَذَفَ مُكَرَّرَهَا: أَقُولُ: وَسَمَّاهُ الْكَافِي وَهُوَ كِتَابٌ مُعْتَمَدٌ فِي نَقْلِ الْمَذْهَبِ وَشَرَحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمَشَايِخِ مِنْهُمْ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمَشْهُورُ بِمَبْسُوطِ السَّرَخْسِيِّ بَلْ هُوَ الْمُرَادُ إذَا أُطْلِقَ الْمَبْسُوطَ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَشَرَحَهُ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَيْضًا كَمَا أَفَادَهُ الْمَوْلَى عَلِيٌّ أَفَنْدِي فِي بَعْضِ تَعَالِيقِهِ قَالَ شَيْخِي وَأُسْتَاذِي مَتَّعَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ بِطَوْلِ حَيَاتِهِ: وَهُنَا تَمَّ الْكَلَامُ وَقَطَعَتْ صَحَارَى الْقِرْطَاسِ مَطَايَا الْأَقْلَامِ وَحَصَلَ مَا كُنْت أَرْجُوهُ وَأَتَمَنَّاهُ وَذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الدَّوَامِ وَعَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ وَأَشْرَفُ السَّلَامِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْكِرَامِ الَّذِينَ هُمْ مِسْكُ الْخِتَامِ مَا هَمَى الْغَمَامُ وَصَبُحَ الشَّامُ وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الْحَادِي عَشْرَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُعَظَّمِ قَدْرُهُ مِنْ شُهُورِ سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَأَلْفٍ أَحْسَنَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْضَهَا وَبَارَكَ لَنَا فِيمَا بَقِيَ مِنْ أَيَّامِهَا وَلَيَالِيهَا قَالَ ذَلِكَ وَكَتَبَهُ مُؤَلِّفُهُ السَّيِّدُ أَحْمَدُ بْنُ الْحَنَفِيِّ الْحَمَوِيُّ غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ وَأَسْكَنَهُ فَسِيحَ جَنَّتِهِ وَأَلْحَقَهُ تَعَالَى مَحَلَّ جَدِّهِ

§1/1