غرر الفوائد المجموعة

الرشيد العطار

مقدمة

مقدمة الجزء الأول من غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في صحيح مسلم من الأحاديث المقطوعة جمع الإمام الحافظ رشيد الدين أبي الحسين يحيى بن علي بن عبد الله القرشي المصري العطار المالكي وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين ورضي الله عن أصحاب رسول الله أجمعين والحمد لله رب العالمين آمين بسم الله الرحمن الرحيم وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت الحمد لله حق حمده وصلواته وسلامه على محمد نبيه وعبده وعلى آله وصحبه من بعده وبعد فهذه أحاديث مخرجة من صحيح الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري الحافظ رضي الله عنه وقعت شاذة عن رسمه فيه ذكرها الإمام أبو عبد الله محمد بن علي التميمي المازري رحمه الله في كتابه المسمى بالمعلم ونص على أنها وقت في كتاب مسلم مقطوعة الأسانيد

وعدها أربعة عشر حديثا ونبه على أكثرها في مواضعها من كتابه إلا أنه لم يبين صفة انقطاعها ولا ذكر من وصلها كلها من أئمة الرواة فربما توهم الناظر في كتابه ممن ليس له عناية بالحديث ولا معرفة بجمع طرقه أنها من الأحاديث التي لا تتصل بوجه ولا يصح الاحتجاج بها لانقطاعها وقد رأيت غير واحد يلهج بذكرها ويظنها على هذه الصفة وليس الأمر كذلك بل هي متصلة كلها والحمد لله من الوجوه الثابتة التي نوردها فيما بعد إن شاء الله وهذا القول الذي قاله الإمام أبو عبد الله المازري إنما أخذه فيما قيل من كلام الحافظ أبي علي الغساني الأندلسي فإنه جمعها قبله وعدها كذلك أيضا إلا أنه نبه على اتصال بعضها ولم يستوعب ذلك في جميعها ولعل المازري رحمه الله إنما ترك التنبيه على اتصالها لاكتفائه بما ذكره أبو علي الحافظ على أنهما قد خولفا في إطلاق تسمية المقطوع على أحاديث منها ولم يسلم لهما ذلك فيها على ما يأتي بيانه في موضعه إن شاء الله وقد استخرت الله سبحانه وجمعتها في هذا الجزء لنفسي ولمن شاء الله أن ينتفع بها وأضفت إليها ما وقع لي في صحيح مسلم من جنسها مما لم يعده الحافظ أبو علي في جملتها وبينت وجوه اتصالها كلها وسميت من وصلها من الثقات المعتمد على قولهم في هذا الشأن ومن أخرجها في كتبه من أئمة الحديث مستعينا في ذلك كله بالله عز وجل ومستمدا هدايته وإرشاده وتوفيقه إلى الصواب وإسعاده وهو حسبي ونعم الوكيل

الأحاديث التي ذكرها المازري

الحديث الأول قال الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري رحمه الله في كتاب الطهارة وروى الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز عن عمير مولى ابن عباس أنه سمعه يقول أقبلت أنا وعبد الرحمن بن يسار مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخلنا على أبي

الجهم بن الحارث بن الصمة الأنصاري فقال أبو الجهم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الجدار فمسح وجهه ويديه ثم رد عليه قلت هكذا أخرجه مسلم في صحيحه مقطوعا وهو حديث صحيح ثابت متصل في كتاب البخاري وغيره من حديث الإمام أبي الحارث الليث بن سعد بن عبد الرحمن المصري الفقيه عن جعفر بن ربيعة بن شرحبيل المصري أخرجه الأئمة الثقات البخاري وأبو داود والنسائي في مصنفاتهم متصلا من حديثه فرواه البخاري عن يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي المصري عنه وابن بكير هذا من شرط مسلم فإنه احتج بحديثه وروى عن أبي زرعة الرازي وعن غير واحد

عنه ورواه أبو داود عن عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد عن أبيه عن جده وعبد الملك هذا من ثقات المصريين روى عنه مسلم في صحيحه عدة أحاديث من روايته عن أبيه عن جده ورواه النسائي عن الربيع بن سليمان عن شعيب بن الليث بن سعد عن أبيه والربيع بن سليمان هذا هو المرادي صاحب الإمام الشافعي رحمه الله مشهور من ثقات المصريين وأكابرهم وقد أخبرنا به من طريق البخاري الشيخ المحدث الثقة أبو القاسم هبة الله بن علي بن مسعود بن ثابت الأنصاري الخزرجي رحمه الله قراءة عليه في شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين وخمس مائة بمصر أنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن بركات بن هلال السعيدي النحوي قراءة

عليه وأنا أسمع أخبرتنا الحرة الصالحة المجاورة أم الكرام كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم المروزية بقراءتي عليها بمكة شرفها الله سنة ست وخمسين وأربع مائة أنا أبو الهيثم محمد بن مكي بن محمد الكشميهني الأديب أنا أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفربري أنا الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري قراءة عليه وأنا أسمع غير مرة ثنا يحيى بن بكير ثنا الليث عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج قال سمعت عميرا

مولى ابن عباس قال أقبلت أنا وعبد الله بن يسار مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخلنا على أبي الجهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري فقال أبو الجهيم أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه ثم رد عليه السلام هكذا أورده البخاري في صحيحه فثبت اتصاله وصح الاحتجاج به ووقع في هذا الحديث وهم في صحيح مسلم وهو قوله أقبلت أنا وعبد الرحمن بن يسار وصوابه عبد الله بن يسار كما أوردناه من صحيح البخاري آنفا وكذلك هو في كتابي أبي داود والنسائي أيضا عبد الله بن يسار على الصواب وهو أخو

عطاء وسليمان وعبد الملك بني يسار مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأبو جهيم هذا اسمه عبد الله بن الحارث بن الصمة الأنصاري قاله أبو مسعود الدمشقي وخلف بن محمد الواسطي الحافظان ولم يسمه الكلاباذي

الحديث الثاني

ولا أبو عمر بن عبد البر وذكر الحافظ أبو الفضل المقدسي وغيره أنه يقال له أبو جهم أيضا والله عز وجل أعلم الحديث الثاني قال مسلم رحمه الله في كتاب الصلاة في إحدى الروايات عنه حدثنا صاحب لنا ثنا إسماعيل بن

زكرياء عن الأعمش وعن مسعر وعن مالك بن مغول عن

وعن مسعر وعن مالك بن مغول عن الحكم بهذا الإسناد مثله يعني

الحكم بن عتيبة قال سمعت ابن أبي ليلى قال لقيني كعب بن

عجرة فقال ألا أهدي لك هدية خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا قد عرفنا كيف نسلم عليك الحديث قلت وهذا الحديث مما اتفق الأئمة الحفاظ على صحته وثبوته وأخرجه البخاري ومسلم وأبو داود

والترمذي والنسائي وابن ماجه في كتبهم من طرق ثابتة عن الحكم بن عتيبة بإسناده المذكور متصلا وقول مسلم رحمه الله في بعض طرقه حدثنا صاحب لنا لا يسمى مقطوعا عند أكثر المحدثين لأن المقطوع في اصطلاحهم ما لم يتصل سنده وكان في رواته من دون التابعين من لم يسمعه ممن فوقه كرواية مالك بن أنس عن

عبد الله بن عمر ورواية الثوري عن جابر بن عبد الله ونحو ذلك وهو نوع من المرسل إلا أنهم قصروا المرسل على التابعين إذا أرسلوه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكروا فيه الصحابي وقول أبي علي إن ما تقدم ذكره يسمى مقطوعا هو قول الحاكم أبي عبد الله بن البيع النيسابوري والذي عليه الأكثر من علماء الرواية وأرباب النقل أن قول الراوي حدثنا صاحب لنا وحدثني غير واحد وحدثني من سمع فلانا وحدثت عن فلان ونحو ذلك معدود في المسند لأنه لم ينقطع له سند وإنما وقعت الجهالة في أحد رواته كما لو سمي ذلك الراوي وجهل حاله على أنه لم يقع كذلك في كتاب مسلم إلا من طريق أبي العلاء ابن ماهان عن أبي بكر الأشقر عن

القلانسي عن مسلم ووقع في روايتنا من طريق أبي أحمد الجلودي عن إبراهيم بن محمد بن سفيان عن مسلم مسمى غير مبهم ونحن نورده من صحيح مسلم كما رويناه ليتضح اتصاله أخبرنا به جماعة من شيوخنا قراءة عليهم قالوا أنا الشريف أبو المفاخر الماموني قراءة عليه ونحن نسمع أنا الإمام أبو عبد الله الفراوي ح وأخبرنا عاليا الشيخ أبو الحسن المؤيد بن محمد بن علي

الطوسي رحمه الله إذنا وكتابة من نيسابور أنا الإمام فقيه الحرم أبو عبد الله محمد بن الفضل الصاعدي الفراوي قراءة عليه وأنا أسمع أنا أبو الحسين عبد الغافر ابن محمد الفارسي أنا أبو أحمد محمد بن عيسى بن عمرويه الجلودي أنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان الزاهد ثنا الإمام الحافظ أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري ثنا محمد بن مثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن مثنى قالا ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحكم قال سمعت ابن أبي ليلى قال لقيني كعب بن عجرة فقال ألا أهدي لك هدية خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا قد عرفنا كيف نسلم عليك

فكيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد قال ثنا زهير بن حرب وأبو كريب قالا ثنا وكيع عن شعبة ومسعر عن الحكم بهذا الإسناد مثله وليس في حديث مسعر ألا أهدي لك هدية قال حدثنا محمد بن بكار قال ثنا إسماعيل بن زكرياء عن الأعمش

وعن مسعر وعن مالك بن مغول كلهم عن الحكم بهذا الإسناد مثله واللفظ للماموني يقول قلت فهذه طرق هذا الحديث في صحيح مسلم متصلة كلها من الوجه الذي أوردناه عنه فثبت اتصاله من جميع طرقه في كتاب مسلم والحمد لله وقد قال الحاكم أبو عبد الله بن البيع الحافظ وقد يروى الحديث وفي إسناده رجل غير مسمى وليس بمنقطع يعني إذا روي ذلك الحديث من وجه آخر وسمي ذلك الرجل فيه كما وقع في إسناد هذا الحديث قال فهذا النوع من المنقطع الذي لا يقف عليه لا الحافظ الفهم المتبحر في الصنعة والله أعلم قلت وقد وقع لي هذا الحديث أعلى من طريق الصحيح بدرجتين كأني سمعته من عبد الغافر الفارسي رحمه الله وهو ما أخبرنا به أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد البغدادي بقراءتي في منزله بدمشق أخبركم أبو منصور

عبد الرحمان بن محمد بن عبد الواحد الشيباني قراءة عليه وأنت تسمع ببغداد فأقر به ثنا القاضي الشريف أبو الحسين محمد بن علي بن محمد بن المهتدي بالله من لفظه وكتابه ثنا أبو حفص عمر بن إبراهيم بن أحمد إملاء ثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ثنا علي يعني ابن الجعد أنا شعبة

الحديث الثالث

رجل عنها لا يدل عن الحكم قال سمعت ابن ليلى قال لقيني كعب بن عجرة فقال ألا أهدي لك هدية فذكر نحوه الحديث الثالث قال مسلم رحمه الله في كتاب الصلاة أيضا حدثت عن يحيى بن حسان ويونس بن محمد المؤدب وغيرهما قالوا

ثنا عبد الواحد حدثني عمارة عن أبي زرعة عن أبي هريرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة بالحمد لله رب العالمين ولم يسكت قلت وهذا أيضا لا يسمى مقطوعا عند جماعة من أرباب النقل وإنما هو مسند وقع الإبهام في أحد رواته كما بيناه ومع ذلك فهو حديث صحيح الإسناد متصل أخرجه الحافظ أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار البصري في مسنده فرواه عن أبي الحسن محمد بن مسكين اليمامي نزيل

البصرة عن يحيى بن حسان التنيسي بإسناده كذلك متصلا وأبو بكر البزار هذا من أكابر الحفاظ ومحله في هذا العلم وشهرته تغني عن الإطناب في ذكره وشيخه في هذا الحديث محمد بن مسكين من ثقات الرواة روى عنه البخاري ومسلم في صحيحيهما فثبت اتصاله والحمد لله وأخرجه أيضا الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني وناهيك به جلالة ونبلا ومعرفة بهذا الشأن في كتابه المسمى بالمسند الصحيح المستخرج على كتاب مسلم وهو كتاب جليل كثير الفوائد ونحن نورده منه ليتضح اتصاله وأخبرناه أبو طاهر الفرشي مكاتبة عن أبي علي الحداد ح وأنبأنا الحافظ أبو محمد المقدسي قال أنا أبو موسى الحافظ

المديني وأبو بكر محمد بن أحمد الجوزداني قراءة عليهما أنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد المقرئ أنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ ثنا أبو بكر الطلحي ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا ابن عسكر ح قال أبو نعيم وحدثنا أبو محمد بن حيان ثنا أحمد بن عمر حدثنا محمد بن سهل بن عسكر ثنا يحيى بن حسان ثنا عبد الواحد بن زياد عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام للركعة الثانية استفتح القراءة بالحمد لله رب العالمين ولم يسكت لفظهم سواء وهذا إسناد صحيح ومحمد بن سهل بن عسكر روى عنه مسلم في صحيحه والله أعلم

الحديث الرابع

الحديث الرابع قال مسلم رحمه الله في كتاب الصلاة أيضا حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أنا يحيى بن آدم ثنا الفضيل بن مرزوق عن شقيق بن عقبة عن البراء بن عازب قال نزلت هذه الآية حافظوا على الصلوات وصلاة العصر فقرأناها ما شاء الله ثم نسخها الله فنزلت حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قانتين وذكر

باقي الحديث ثم قال عقيبة ورواه الأشجعي عن سفيان عن الأسود بن قيس عن شقيق بن عقبة عن البراء بن عازب قال قرأناها مع النبي صلى الله عليه وسلم زمانا بمثل حديث فضيل بن مرزوق قلت هكذا أورده مسلم في صحيحه وهو حديث صحيح متصل من حديث فضيل بن مرزوق بالإسناد المذكور انفرد به مسلم دون البخاري وقوله بعد إيراده ورواه الأشجعي عن سفيان إنما هو على وجه المتابعة وذكر متابعة الرواة بعضهم بعضا على رواية الحديث لا يقدح في اتصاله بل يقويه ويؤيده وفي صحيح البخاري من هذا النمط كثير والله ولي التوفيق والأشجعي هذا اسمه عبيد الله بن عبد الرحمن كوفي ثقة وهو ممن اتفق البخاري ومسلم على الاحتجاج بحديثه في صحيحيهما وقد وقع لي حديثه هذا الذي أشار إليه مسلم رحمه الله بالإسناد المتصل وهو ما أخبرنا المشايخ الثقات الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل بن علي المقدسي الفقيه وأبو محمد عبد الله بن عبد الجبار العثماني وأبو

صابر حامد بن أبي القاسم الأهوازي وغير واحد قراءة عليهم قالوا أنا أحمد بن محمد الحافظ أنا أبو عبد الله القاسم بن الفضل الثقفي بأصبهان أنا أبو زكرياء يحيى بن إبراهيم بن محمد المزكي أنا أحمد بن أبي محمد بن عبدوس الطرائفي ثنا عثمان بن سعيد ثنا إبراهيم بن أبي الليث وهو ابن نصر البغدادي ثنا الأشجعي عن سفيان عن الأسود بن

قيس عن شقيق بن عقبة عن البراء بن عازب قال قرأناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أياما حافظوا على الصلوات وصلوات العصر ثم قرأناها حفظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين فلا أدري أهي هي أم لا قلت وهذا إسناد حسن متصل وليس لشقيق بن عقبة ذكر في صحيح مسلم إلا في هذا الحديث فيما علمت وأخرجه الحافظ أبو علي بن السكن المصري في جمعه حديث الثوري فرواه عن رجل عن عثمان بن سعيد الدرامي بهذا الإسناد وقال عقيبة لم يسند شقيق بن عقبة غير هذا الحديث والله عز وجل أعلم

الحديث الخامس

الحديث الخامس قال مسلم رحمه الله في كتاب الجنائز وحدثني هارون بن سعيد الأيلي ثنا عبد الله بن وهب أنا ابن جريج عن عبد الله بن كثير بن المطلب أنه سمع

محمد بن قيس يقول سمعت عائشة تحدث فقالت ألا أحدثكم عن النبي صلى الله عليه وسلم وعني قلنا بلى ح ثم قال مسلم وحدثني من سمع حجاجا الأعور واللفظ له ثنا حجاج بن محمد ثنا ابن جريج أخبرني عبد الله رجل من قريش عن محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب أنه قال يوما ألا أحدثكم عني وعن أمي فظننا أنه يريد أمه التي ولدته قال قالت عائشة ألا أحدثكم عني وعن

رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا بلى فذكر الحديث بطوله في خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى البقيع وصلاته على أهل القبور وسنورده بكماله فيما بعد إن شاء الله تعالى وهذا الحديث صحيح متصل أيضا في كتاب مسلم لأنه أورد إسناده متصلا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما ترى إلا أنه جعل لفظه لمن لم يسمه من شيوخه عن حجاج وقد تقدم الجواب عن مثل هذا ومع ذلك فحديث حجاج هذا قد رواه عنه غير واحد من الثقات منهم الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل ويوسف بن سعيد بن مسلم المصيصي وأخرجه الإمام أبو عبد الرحمن النسائي في سننه عن المصيصي هذا وذكر أنه ثقة حافظ قلت إلا أن يوسف بن سعيد هذا خالف أصحاب حجاج في قوله عن عبد الله بن أبي مليكة على ما يأتي بيانه وقد أخبرنا بهذا الحديث الشيخ أبو بكر بن أبي الفتح البغدادي المعدل قراءة عليه أنا طاهر بن محمد بن طاهر الهمداني أنا أبو محمد

عبد الرحمان بن حمد بن الحسن الفقيه أنا القاضي أبو نصر أحمد بن الحسين الدينوري أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق الحافظ أنا الحافظ أبو عبد الرحمان أحمد بن شعيب النسائي أنا يوسف بن سعيد ثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني عبد الله بن أبي مليكة أنه سمع محمد بن قيس بن مخرمة يقول سمعت عائشة رضي الله عنها تحدث قالت ألا أحدثكم عني وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا بلى قالت لما كانت ليلتي التي هو عندي تعني النبي صلى الله عليه وسلم انقلب فوضع نعليه عند رجليه وبسط طرف ردائه على فراشه فلم يلبث إلا ريثما ظن أني قد رقدت ثم انتعل رويدا وأخذ رداءه رويدا ثم فتح الباب رويدا وخرج رويدا وجعلت درعي في رأسي واختمرت

وتقنعت إزاري وانطلقت في إثره حتى جاء البقيع فرفع يديه ثلاث مرات وأطال القيام ثم انحرف فانحرفت فأسرع فأسرعت فهرول فهرولت فأحضر فأحضرت وسبقته فدخلت فليست إلا أن اضطجعت فدخل فقال ما لك يا عائشة حشيا رابية قلت لا قال لتخبرني أو ليخبرني اللطيف الخبير قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي فأخبرته الخبر قال وأنت السواد التي رأيت أمامي قالت نعم قالت فلهزني في صدري لهزة أوجعتني ثم قال أظننت أن يحيف الله

ورسوله قلت مهما يكتم الناس فقد علمه الله فإن جبريل عليه السلام أتاني حيث رأيت ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك فناداني فأخفى منك فأجبته فأخفيت منك فظننت أن قد رقدت وخشيت أن

الحديث السادس

تستوحشي فأمرني أن آتي أهل البقيع فاستغفر لهم الحديث السادس قال مسلم رحمه الله في كتاب المساقاة وحدثني غير واحد من أصحابنا قالوا حدثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثني أخي عن سليمان وهو ابن بلال عن يحيى بن سعيد عن أبي

الرجال محمد بن عبد الرحمن أن أمه عمرة بنت عبد الرحمن قالت سمعت عائشة تقول سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت خصوم بالباب عالية أصواتها وإذا أحدهما يستوضع الآخر ويسترفقه في شئ وهو يقول والله لا أفعل فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما فقال أين المتألي على الله لا يفعل المعروف قال أنا يا رسول الله فله أي ذلك أحب قال المازوري الذي في المعلم في كتاب المساقاة خرج مسلم في باب الحوائج حديثين مقطوعين فذكر الأول منهما وهو حديث الباب ثم عقب عليه بقوله وهذا الحديث يتصل لنا من طريق البخاري ورواه البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس وقد حدث مسلم عن إسماعيل بن أبي أويس دون واسطة في كتاب الحج وفي آخر كتاب الجهاد وروى أيضا عن أحمد بن يوسف الأزدي عن إسماعيل بن أبي أويس في كتاب اللعان وفي كتاب الفضائل

الحديث السابع

أما قول مسلم حدثني غير واحد من أصحابنا فقد قال أبو نعيم في المستخرج يقال إن مسلما حمل هذا الحديث عن البخاري قال القاضي عياض إذا قال الراوي حدثني غير واحد أو حدثني الثقة أو حدثني بعض أصحابنا ليس هو من المقطوع ولا من المرسل ولا من المعضل عند أهل هذا الفن بل هو من باب الرواية عن المجهول وقوله وإذا أحدهما يستوضع الآخر ويسترفقه أي يطلب منه الحط عنه من أصل الدين والرفق في الاستيفاء والمتألي لأن هو الحالف من الألية وهي اليمين الحديث السابع وأخرج مسلم رحمه الله في كتاب المساقاة أيضا حديثا آخر قال وروى الليث بن سعد حدثني جعفر بن ربيعة عن

عبد الرحمن بن هرمز عن عبد الله بن كعب بن مالك عن كعب ابن مالك أنه كان له مال على عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي الحديث نص المازري في كتابه المعلم على أن هذا الحديث مقطوع وتقدم نظيره في الحديث الأول وحديث كعب بن مالك هذا حديث صحيح متصل السند أخرجه مسلم من غير طريق الليث بن سعد فقد رواه عن عبد الله بن وهب عن يونس بن يزيد الأيلي عن ابن شهاب عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه ثم رواه عن إسحاق بن إبراهيم عن عثمان بن عمر عن يونس به ثم ساق الطريق الثالث بقوله وروى الليث بن سعد الحديث بل قد أخرجه الأئمة الحفاظ من طرق صحيحة متصلة أخرجه أبو عبد الله البخاري من عدة طرق منها طريق الليث بن سعد

الحديث الثامن

وأخرجه أبو عبد الرحمن النسائي وأخرجه أبو داود وأخرجه ابن ماجه وأخرجه الإمام أحمد في مسنده والدارمي في سننه ونصه في صحيح البخاري من طريق الليث بن سعد حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج قال حدثني عبد الله بن كعب بن مالك عن كعب بن مالك أنه له على عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي مال فلقيه فلزمه حتى ارتفعت أصواتهما فمر بهما النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا كعب فأشار بيده كأنه يقول النصف فأخذ نصف ماله عليه وترك نصفا وبهذا ثبت صحة الحديث في صحيح مسلم وغيره من طرق أخرى ويثبت اتصاله من طريق الليث في صحيح البخاري والحمد لله الحديث الثامن أخرج مسلم رحمه الله في كتاب المساقاة حديثا

ذكر المازري أنه من الأحاديث الأربعة عشر المقطوعة في صحيح مسلم وهو قوله وحدثني بعض أصحابنا عن عمرو بن عون أخبرنا خالد بن عبد الله عن عمرو بن يحيى عن محمد بن عمرو عن سعيد بن المسيب عن معمر بن أبي معمر أحد بني عدي بن كعب قال قال

رسول الله فذكر بمثل حديث سليمان بن بلال عن يحيى وهذا نص حديث سليمان بن بلال المذكور حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب حدثنا سليمان يعني ابن بلال عن يحيى وهو ابن سعيد قال كان سعيد بن المسيب يحدث أن معمرا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من احتكر فهو خاطئ فقيل لسعيد فإنك تحتكر قال سعيد إن معمرا الذي كان يحدث هذا الحديث كان يحتكر ثم رواه مسلم في صحيحه كذلك عن الثقات من طريق أخرى متصلة وهذا الحديث أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه فتبين بذلك صحة الحديث من هذه الطرق في صحيح مسلم وغيره وقال القاضي عياض ليس هذا من باب المقطوع وقد تكلمنا على ذلك بما يكفي

الحديث التاسع

الحديث التاسع أخرج مسلم رحمه الله في صفة النبي صلى الله عليه وسلم وحدثت عن أبي أسامة وممن روى ذلك عنه إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا أبو أسامة حدثني بريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل إذا أراد رحمة أمة من عباده

قبض نبيه قبلها فجعله لها فرطا وسلفا بين يديها وإذا أراد أمة عذبها ونبيها حي فأهلكها وهو ينظر فأقر عينه بهلكتها حين كذبوه وعصوا أمره وهذا الحديث أخرجه الحافظ أبو عوانة في كتابه الموسوم بالمسند الصحيح المخرج على كتاب مسلم بن الحجاج كما أخرجه البزار في مسنده كلاهما من طريق إبراهيم بن سعيد الجوهري وعندما ذكر أبو علي الغساني حديث الباب في تقييد المهمل قال فقد وصل لنا هذا الحديث أبو القاسم حاتم بن محمد قال حدثنا أبو سعيد السجزي بمكة قال حدثنا أبو أحمد الجلودي قال حدثنا أبو عبد الله

الحديث العاشر

محمد بن المسيب الأرغياني قال حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا أبو أسامة بهذا الحديث قلت ولا يسلم لهم تسميته بالمقطوع فهو مسند أبهم أحد رواته على أنه تبين اتصال سنده في غير صحيح مسلم من طرق متعددة وقوله وقوله فجعله لها فرطا وسلفا قال عياض والفرط بفتح الفاء والراء الذي يتقدم الواردة فيهيئ وقد لهم ما يحتاجون إليه والسلف يطلق على الخير المتقدم أو على من تقدمك من الآباء والأقارب الحديث العاشر قال مسلم رحمه الله في آخر كتاب فضائل

الصحابة حدثنا محمد بن رافع وعبد بن حميد قال محمد ابن رافع حدثنا وقال عبد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري أخبرني سالم بن عبد الله وأبو بكر بن

سليمان أن عبد الله بن عمر قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته فلما سلم قام فقال أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظفر الأرض أحد قال ابن عمر فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك فيما يتحدثون من هذه الأحاديث عن مائة سنة وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن ثم قال مسلم حدثني عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي أخبرنا أبو اليمان

أخبرنا شعيب ثم قال ورواه الليث عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر كلاهما عن الزهري بإسناد معمر كمثل حديثه فإذا انقطعت طريق الليث عن عبد الرحمن عند مسلم في هذا الحديث فقد بقيت طريق أبي اليمان عن شعيب بن أبي حمزة سالمة متصلة لأن كل واحد منهما يرويه عن الزهري وعبد الرحمن بن خالد ليس من شرط الإمام مسلم فلا لزوم عليه في الإخراج له على أن طريق الليث عن عبد الرحمن بن خالد التي أوردها مسلم بقوله ورواه الليث وردت في صحيح البخاري من طريق متصلة وهي قوله حدثنا سعيد بن عفير قال حدثني الليث قال حدثني

الحديث الحادى عشر

عبد الرحمن بن خالد عن ابن شهاب عن سالم وأبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة أن عبد الله بن عمر الحديث ثم إن الحديث أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد والترمذي وقال هذا حديث الصحيح الحديث الحادى عشر قال مسلم رحمه الله في آخر كتاب القدر وحدثنا عدة من أصحابنا عن سعيد بن أبي مريم أخبرنا أبو غسان وهو محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن عطاء بن

يسار عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتركبن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر الحديث وهذا أيضا حديث متصل في الصحيحين من حديث زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار رواه عنه رجلان ثقتان أبو عمر حفص بن ميسرة الصنعاني وأبو غسان محمد بن مطرف المدني واتفق الإمامان على إخراجه من حديثيهما عنه فأما حديث حفص فرواه البخاري عن محمد بن عبد العزيز الرملي ورواه مسلم عن سويد بن سعيد

الحدثاني كليهما عنه وأما حدث أبي غسان فرواه البخاري عن سعيد بن أبي مريم المصري وقال مسلم حدثني عدة من أصحابنا عن سعد بن أبي مريم عنه وقد تقدم الجواب عن مثل هذا القول بما فيه كفاية ومع ذلك فقد بينا أن البخاري رحمه الله قد رواه في صحيحه عن سعيد بن أبي مريم هذا وهو ما أخبرنا هبة الله بن علي المصري رحمه الله أنا محمد بن بركات الصوفي أخبرتنا كريمة أنا الكشميهني أنا الفربري أنا البخاري ثنا سعيد بن أبي مريم أنا

الحديث الثاني عشر

أبو غسان حدثني زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى فقال النبي صلى الله عليه وسلم فمن وهكذا أورده البخاري في صحيحه في أحاديث بني إسرائيل فثبت اتصاله من هذا الوجه الآخر والحمد لله وقد وصله أيضا إبراهيم بن محمد بن سفيان الزاهد راوي صحيح مسلم فرواه عن الإمام أبي عبد الله محمد بن يحيى الذهلي عن سعيد بن أبي مريم كذلك ولعل البخاري أحد العدة الذين سمع منهم مسلم هذا الحديث ولم يسمهم والله عز وجل أعلم الحديث الثاني عشر اخرج مسلم رحمه الله في كتاب الحدود حديث الليث بن سعد مقطوعا عن عبد الرحمن بن خالد عن

الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة كليهما عن أبي هريرة أنه قال أتى رجل من المسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فناداه فقال يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه الحديث وهذا أيضا حديث متصل في الصحيحين من طرق عن الزهري رواه مسلم عن عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد عن أبيه عن جده عن عقيل عن الزهري بإسناده المذكور متصلا ثم قال ورواه الليث أيضا عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن ابن شهاب بهذا الإسناد مثله قلت وقد تقدم الجواب عن مثل هذا في الكلام على الحديث العاشر من هذه الأحاديث وبينا أن عبد الرحمن بن خالد هذا ليس من شرط مسلم فلا يلزمه إخراج حديثه وإن كان ثقة قد أخرج له البخاري في صحيحه واحتج بحديثه إلا أن لكل واحد منهما اجتهادا يرجع إليه وانتقادا علي في الرجال يعول عليه ومع ذلك فالحديث متصل أيضا في صحيح البخاري من طريق الليث بن سعد عن عبد الرحمن بن خالد وهو ما أخبرنا أبو علي ناصر بن عبد الله بن

عبد الرحمن العطار بمكة شرفها الله أنا أبو الحسن علي بن حميد الأطرابلسي أنا أبو مكتوم الهروي أنا أبي أبو ذر الحافظ أنا أبو محمد عبد الله بن أحمد السرخسي وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملي وأبو الهيثم الكشميهني قالوا أنا الفربري أنا البخاري ح وأخبرنا عاليا هبة الله بن علي البوصيري واللفظ له أنا محمد بن بركات الصوفي أخبرتنا كريمة بنت أحمد المروزية أنا أبو الهيثم الكشميهني

أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل البخاري ثنا سعيد بن عفير حدثني الليث حدثني عبد الرحمن بن خالد عن ابن شهاب عن ابن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من الناس وهو في المسجد فناداه يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قبله فقال يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه فجاء لشق وجه النبي صلى الله عليه وسلم الذي أعرض عنه فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبك جنون قال لا يا رسول الله فقال أحصنت قال نعم يا رسول الله قال اذهبوا به فارجموه قال ابن شهاب أخبرني من سمع جابرا قال فكنت فيمن رجمه فرجمناه بالمصلى فلما أذلقته الحجارة جمز حتى أدركناه بالحرة فرجمناه هكذا أورده البخاري في باب سؤال الإمام المقر هل أحصنت فثبت اتصاله من هذا الوجه الآخر والحمد لله

والرجل المرجوم المبهم اسمه في هذا الحديث هو ماعز بن مالك الأسلمي وقد جاء مسمى هكذا في الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري وبريدة بن الحصيب وغيرهما وذكر بعض العلماء أنه لا خلاف بين أصحاب الحديث في ذلك وقيل إن ماعزا لقب له واسمه عريب بن مالك حكى ذلك الحافظ أبو القاسم خلف بن عبد الملك القرطبي وعزاه إلى الحافظين أبي علي بن السكن

وأبي الوليد بن الفرضي والله أعلم وفي سنن أبي داود أن ماعزا كان يتيما في حجر هزال الأسلمي وأنه الذي عنى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لهزال يا هزال لو سترته بردائك كان خيرا لك وقول الزهري فأخبرني من سمع جابر بن عبد الله يقول فكنت فيمن

رجمه يدخل في باب المقطوع على مذهب من يرى ذلك كما تقدم بيانه ويحتمل أن يكون المخبر للزهري هو أبو سلمة بن عبد الرحمن لأن مسلما أخرج بعد حديث عقيل عن الزهري الذي ذكرناه أولا حديث يونس ومعمر وغيرهما عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال نحو حديث عقيل عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة والله عز وجل أعلم وقوله أذلقته الحجارة يعني بلغت به الجهد وقيل معناه أوجعته وأوهنته وقيل أصابته بحدها فعقرته ومعنى الجميع متقارب وقوله جمز

الحديث الثالث عشر

معناه أسرع يهرول والجمزى ضرب من السير كأنه قفز ويقال جمز وأجمز حتى والله الموفق الحديث الثالث عشر أخرج مسلم رحمه الله في كتاب المغازي حديث مسلم بن قرظه عن عوف بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم الحديث فأورده من طريقين متصلين عن رزيق بن حيان عن مسلم بن قرظه بإسناده الذي ذكرناه ثم قال عقيبة ورواه معاوية بن صالح عن ربيعة بن

أحاديث ملحقة

يزيد عن مسلم بن قرظة عن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الحديث متصل في كتاب مسلم كما بيناه وذكر المتابعة بعد إيراده متصلا يؤيده ولا يوهنه كما قدمناه والله عز وجل أعلم هذا الآخر الأحاديث التي ذكرها أبو علي الغساني رحمه الله وكان قد أورد بعد هذا الحديث حديثا آخر وهو من الأحاديث المتقدمة وقع مكررا في كتابه المسمى بتقييد المهمل من الطريق التي اتصلت إلينا بالرواية عنه وهو حديث ابن عمر رضي الله عنه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء فلما سلم قام فقال أرأيتكم ليلتكم هذه وقد تقدم هذا الحديث والجواب عنه فلا وجه لإعادته وقد وقع لي في كتاب مسلم رحمه الله أحاديث من هذا الجنس لم يذكرها أبو علي رحمه الله في جملة الأحاديث التي تقدمت وإن كان قد نبه على بعضها في مواضعها من كتابه فأردت أن أضيفها إلى هذه الأحاديث وأوردها على حسب ما وقعت لي لا على الترتيب وأبين وجه اتصالها كما تقدم وبالله التوفيق الحديث الأول قال مسلم رحمه الله في كتاب الطهارة حدثني زهير بن حرب ثنا يحيى بن سعيد ثنا حميد ح قال وثنا أبو

بكر بن أبي شيبة واللفظ له ثنا إسماعيل بن علية عن حميد الطويل عن أبي رافع عن أبي هريرة أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم في طريق من طرق المدينة وهو جنب فانسل فذهب فاغتسل الحديث قلت هكذا وقع إسناد هذا الحديث فيما رأيته من النسخ من صحيح مسلم وكذلك هو في روايتنا من طريق أبي أحمد الجلودي عن ابن سفيان

عنه وقد سقط من إسناده رجل بين حميد الطويل وأبي رافع وهو بكر بن عبد الله المزني فإن حميدا الطويل إنما يروي هذا الحديث عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي رافع كذلك أخرجه البخاري في صحيحه وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه في سننهم بلا خلاف أعلمه بينهم في ذلك كذلك رويناه من طريق مسند أبي بكر بن أبي شيبة وكذلك هو في مسند الإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل أيضا وقد ذكر أبو مسعود الدمشقي وخلف الواسطي أن مسلما أخرجه أيضا كذلك إلا أني لم أره في جميع النسخ التي رأيتها من كتاب مسلم إلا مقطوعا وكذلك قال الحافظ أبو علي الجياني أنه وقع إسناد هذا الحديث في النسخ كلها حميد عن أبي رافع عن أبي هريرة قال وفي هذه الرواية انقطاع وإنما يرويه حميد عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي رافع كما قدمناه قد أخبرنا به متصلا من طريق

البخاري أبو القاسم الخزرجي أنا أبو عبد الله السعيدي أخبرتنا كريمة أنا الكشميهني أنا الفربري أنا البخاري ثنا علي بن عبد الله ثنا يحيى ثنا حميد ثنا بكر عن أبي رافع عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طريق المدينة وهو جنب فانبجست منه فذهب فاغتسل ثم جاء فقال أين كنت يا أبا هرة فقال كنت جنبا فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة قال سبحان الله إن المؤمن لا ينجس وبالإسناد إلى البخاري ثنا عياش ثنا

عبد الأعلى ثنا حميد عن بكر عن أبي رافع عن أبي هريرة قال لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جنب فأخذ بيدي فمشيت معه حتى قعد فانسللت وأتيت الرحل فاغتسلت ثم جئت وهو قاعد فقال أين كنت فقلت له فقال سبحان الله إن المؤمن لا ينجس وأخبرنا به من طريق النسائي عاليا أبو القاسم البوصيري أنا أبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المدني أنا أبو الحسن محمد بن الحسين النيسابوري ثنا محمد بن عبد الله بن زكرياء لفظا ثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي أخبرنا حميد بن

مسعدة ثنا بشر وهو ابن المفضل ثنا حميد عن بكر عن أبي رافع عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في طريق من طرق المدينة وذكر الحديث نحوه هكذا أورده البخاري في كتاب الغسل من هذين الطريقين والنسائي أيضا في سننه من الطريق الآخر كلهم عن حميد عن بكر عن أبي رافع متصلا كذلك ولولا خشية الإطالة لوردناه تعالى من جميع الكتب التي سميناها وفي إيراده من صحيح البخاري وسنن النسائي كفاية وبالله التوفيق وقول أبي هريرة رضي الله عنه فانبجست منه فيه أربع روايات الأولى فانبجست بنون ثم باء معجمة بواحدة بعدها جيم ومعناه اندفعت منه وقال الترمذي معناه تنحيت عنه

الحديث الثاني

الرواية الثانية فانخنست منه بنون بعدها خاء معجمة ثم نون ومعناها انقبضت وتأخرت عنه الثالثة فاختنست بتقديم الخاء المعجمة وبعدها تاء معجمة باثنتين من فوقها ثم نون ومعناها معنى التي قبلها الرابعة فانتجست بنون ثم تاء معجمة باثنتين من فوقها ثم جيم ومعناها اعتقدت نفسي نجسا لا أصلح لمجالسة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا على تلك الحالة وقد ذكر في هذه الكلمة قول خامس هو فانبخست بنون ثم باء معجمة بواحدة بعدها خاء معجمة من البخس وهو النقص فإن صحت هذه الرواية فقد ذكر بعض العلماء أن معناها أنه ظهر له نقصانه عن مماشاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما اعتقده في نفسه من النجاسة فرأى أنه لا يقاومه ما دام في تلك الحال قلت ومعنى هذه الأقوال كلها يرجع إلى شئ واحد وهو الانفصال والمزايلة على وجه التوقير والتعظيم له صلى الله عليه وسلم والله أعلم الحديث الثاني أخرج مسلم رحمه الله في كتاب الزكاة حديث عمرو بن الحارث عن الزهري عن سالم عن أبيه أن

رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي عمر بن الخطاب العطاء فيقول له عمر اعطه يا رسول الله أفقر إليه مني الحديث ثم أردفه بقوله وحدثني أبو الطاهر أنا ابن وهب قال عمرو وحدثني ابن شهاب بمثل ذلك عن السائب بن يزيد عن عبد الله بن السعدي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا أخرجه مسلم في صحيحه وقال الحافظ أبو علي في إسناده انقطاع قلت وبيان انقطاعه أنه قد

سقط من هذا الطريق الثاني رجل بين السائب بن يزيد وعبد الله بن السعدي وهو حويطب بن عبد العزى رضي الله عنهم هكذا ذكر غير واحد من الحفاظ وقال الإمام أبو عبد الرحمن النسائي لم يسمعه السائب بن يزيد من عبد الله بن السعدي إنما رواه عن حويطب يعني ابن عبد العزى عنه قلت وهكذا رواه يونس بن عبد الأعلى الصدقي عن ابن وهب متصلا وهو حديث مشهور اجتمع في إسناده أربعة من الصحابة رضي الله عنهم في

نسق واحد يروي بعضهم عن بعض وليس في الصحيحين هكذا غيره وحديث آخر اجتمع في إسناده أربع صحابيات تروي بعضهن عن بعض على اختلاف في ذلك بين الرواة لأن جماعة منهم لم يذكروا في إسناده إلا ثلاث صحابيات فقط وهو حديث زينب بنت جحش رضي الله عنها قالت انتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما محمرا وجهه وهو ويقول لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب الحديث وليس هذا موضع إيراده

وحديث ابن السعدي المتقدم وإن كان مقطوعا في صحيح مسلم من هذا الوجه الذي ذكرناه خاصة فإنه متصل فيه من وجه آخر ومع ذلك فقد وصله البخاري في صحيحه والنسائي في سننه من ذلك الوجه المنقطع فأما حديث البخاري فأخبرنا به أبو علي بن عبد الله المجاور بالحرم الشريف أنا أبو الحسن علي بن حميد المقرئ أنا عيسى بن أبي ذر أنا أبي أنا المشايخ الثلاثة أبو محمد السرخسي وأبو إسحاق المستملي وأبو الهيثم الكشميهني قالوا أنا الفربري أنا البخاري ح وأخبرنا عاليا أبو القاسم هبة الله بن علي المصري واللفظ له أنا محمد بن بركات النحوي أخبرتنا كريمة أنا أبو الهيثم الأديب أنا الفربري أنا البخاري ثنا أبو اليمان ثنا شعيب عن الزهري أخبرني السائب بن يزيد ابن أخت نمر أن حويطب بن عبد العزى أخبره أن عبد الله بن السعدي أخبره أنه قدم على عمر في خلافته فقال له عمر ألم أحدث أنك تلي من أعمال الناس أعمالا فإذا أعطيت العمالة كرهتها فقلت بلى قال عمر فما تريد إلى ذلك قلت إن لي أفراسا وأعبدا وأنا بخير وأريد أن تكون عمالتي صدقة على المسلمين قال عمر لا تفعل فإني كنت أردت الذي أدرت فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول أعطه أفقر إليه مني حتى أعطاني مرة مالا فقلت اعطه أفقر إليه مني فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خذه فتموله وتصدق به فما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وإلا فلا تتبعه نفسك

هكذا أخرجه البخاري في كتاب الأحكام وأما حديث النسائي فأخبرناه الشيخ العلامة البارع أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني رحمه الله قراءة عليه أنا الفقيه الزاهد أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن نبهان الغنوي الرقي بقراءتي عليه بمدينة السلام بالجانب الغربي سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة قال سمعت الحافظ أبا عبد الله محمد ابن أبي نصر الحميدي يقول سمعت أبا زكرياء عبد الرحيم بن أحمد البخاري يقول سمعت الحافظ أبا محمد بن عبد الغني بن سعيد بن علي رحمه

الله يقول حدثنا حمزة بن محمد الكناني حدثنا أحمد بن شعيب ح وأخبرنا عاليا أبو بكر عبد العزيز بن أحمد البغدادي أنا طاهر بن محمد الهمداني أنا أبو محمد الدوني أنا أبو نصر أحمد بن الحسين الدينوري أنا أحمد بن محمد بن إسحاق الحافظ أنا أبو عبد الرحمن النسائي ثنا كثير بن عبيد ثنا محمد بن حرب عن الزبيدي عن الزهري عن السائب بن يزيد أن حويطب بن عبد العزى أخبره أن عبد الله بن السعدي أخبره أنه قدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافة عمر فقال له عمر أخبرت أنك تلي من أعمال الناس أعمالا وذكر الحديث

بكماله أنا اختصرته أخبرنا الشيخان الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل بن علي المقدسي الفقيه قراءة عليه وأنا أسمع وأبو الطاهر إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد الأنصاري بقراءتي عليه قالا أنا أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ أنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين بن السراج البغدادي سنه أربع وتسعين وأربع مائة ح وأخبرنا الحافظ أبو الحسن المقدسي أيضا قال وأنا أبو محمد العثماني بقراءتي عليه أنا أبو الحسن علي بن المشرف الأنماطي قالا أنا أبو زكرياء عبد الرحيم بن أحمد البخاري الحافظ ثنا أبو محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ ح وسمعت الشيخ البارع أبا عبد الله الأصبهاني قراءة عليه يقول سمعت الفقيه أبا إسحاق الغنوي الرقي بمدينة السلام يقول سمعت الحافظ أبا عبد الله الحميدي يقول سمعت الحافظ أبا زكرياء عبد الرحيم بن أحمد البخاري يقول سمعت الشيخ الحافظ أبا محمد عبد الغني بن سعيد قال سمعت أبا الحسن علي بن عمر الحافظ

رحمه الله يقول سمعت أبا محمد الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي يقول قدم علينا حلب الوزير أبو الفتح الفضل بن جعفر بن محمد بن الفرات فتلقاه أهل البلد وكنت فيهم فقيل له إني من أصحاب الحديث

فقال لي تعرف إسنادا اجتمع فيه أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كل واحد منهم يروي عن صاحبه فقلت نعم وذكرت له حديث السائب بن يزيد عن حويطب بن عبد العزى عن عبد الله بن السعدي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في العمالة فقال لي صدقت وعرف لي ذلك وصارت لي به منزلة عنده قلت وقد اختلف في اسم السعدي والد عبد الله هذا فقيل اسمه قدامة وقيل وقدان وقيل عمرو بن وقدان وذكر الحافظ أبو عمر بن عبد البر أن هذا القول الأخير هو الصواب عند أهل العلم بنسب قريش وهو من بني مالك بن حسان بن عامر بن لؤي قرشي عامري مالكي وإنما قيل له السعدي لأنه استرضع في بني سعد بن بكر ووقع في كتاب مسلم في بعض طرق هذا الحديث عن

الحديث الثالث

يسر بن سعيد عن ابن الساعدي بزيادة ألف وقال القاضي عياض لا نعرف له وجها والله أعلم الحديث الثالث قال مسلم رحمه الله في كتاب الرجم حدثنا محمد بن العلاء الهمداني ثنا يحيى بن يعلى وهو ابن الحارث المحاربي عن غيلان وهو ابن جامع عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا

رسول الله طهرني وذكر الحديث بطوله هكذا إسناد هذا الحديث في جميع النسخ التي رأيتها من صحيح مسلم وذكر الحافظ أبو علي أنه أيضا كذلك لجميع الرواة عندهم وقد سقط من إسناده رجل وهو يعلى بن الحارث المحاربي والد يحيى بن يعلى المذكور في هذا الإسناد فإن يحيى هذا إنما يروي هذا الحديث فيما قيل عن أبيه عن غيلان بن جامع وكذلك أخرجه النسائي في سننه قال الحافظ أبو علي وقد نبه عبد الغني يعني ابن سعيد الحافظ على الساقط من هذا الإسناد في نسخة أبي العلاء بن ماهان وقال البخاري في تاريخه يحيى بن يعلى سمع أباه وزائدة بن قدامة وقال ابن أبي حاتم مثله أيضا

وإذا ثبت انقطاعه من هذا الوجه فإنه متصل في كتاب مسلم من وجه آخر ومع ذلك فقد اتصل حديث يحيى بن يعلى عن أبيه في كتاب النسائي فإنه أخرجه عن إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني وذكر أنه ثقة عن يحيى بن يعلى بن الحارث عن أبيه عن غيلان بن جامع بإسناده وأخرج أبو داود أيضا في سننه عن محمد بن أبي بكر بن أبي شيبة عن يحيى بن يعلى بن الحارث عن أبيه عن غيلان بهذا الإسناد المتقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم استنكه ماعزا فقط وكأنه طرف من هذا الحديث والله أعلم فثبت اتصاله من هذا الوجه الآخر ولله الحمد

الحديث الرابع

الحديث الرابع أخرج مسلم رحمه الله في كتاب الفتن حديث عبد الله بن وهب عن أبي شريح المعافري أن عبد الكريم بن الحارث حدثه أن المستورد بن شداد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تقوم الساعة والروم أكثر الناس الحديث قلت وهذا إسناد منقطع فإن عبد الكريم هذا لم يدرك المستورد ولا أدركه أبوه الحارث بن يزيد قاله الحافظ أبو الحسن الدارقطني رحمه الله قلت وهذا الحديث إنما أورده مسلم رحمه الله هكذا في الشواهد وإلا فهو في الأصل ثابت متصل في كتابه من وجه آخر فإنه أخرجه عن عبد الملك بن شعيب عن ابن وهب عن الليث بن سعد عن موسى بن

الحديث الخامس

علي عن أبيه قال قال المستورد القرشي عند عمرو بن العاص سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تقوم الساعة والروم أكثر الناس وذكر باقي الحديث فصح اتصاله من هذا الوجه في كتاب مسلم والحمد لله الحديث الخامس أخرج مسلم رحمه الله في كتاب الطلاق

حديث الزهري عن عبيد بن الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا عمرو بن حفص خرج مع علي رضي الله عنهما إلى اليمن فأرسل إلى امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقه كانت بقيت من طلاقها الحديث بطوله قلت وفي سماع عبيد الله هذا من أبي عمرو بن حفص رضي الله عنه نظر وقد ذكر غير واحد من العلماء أن هذا الحديث من هذا الوجه غير متصل قلت وهذا حديث انفرد به مسلم دون البخاري وأخرجه في صحيحه متصلا من عدة طرق من حديث الشعبي

وأبي سلمة وغيرهما عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها ولو سلمنا أنه منقطع من هذا الوجه فقد بينا أنه متصل في كتاب مسلم من عدة أوجه وقد أخرجه النسائي في سننه من هذا الوجه الذي ذكرناه فأورده من حديث شعيب بن أبي حمزة ومحمد بن الوليد الزبيدي كلاهما عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان طلق ابنة سعيد بن زيد البتة فأمرتها خالتها فاطمة بنت قيس بالانتقال من بيت عبد الله بن عمرو فسمع ذلك مروان فأرسل إليها أن ترجع إلى مسكنها وساق الحديث بطوله وأورده الحافظ أبو القاسم

الدمشقي في أطرافه في ترجمة عبيد الله بن عبد الله هذا عن فاطمة بنت قيس ولم يذكر أنه لم يسمع منها وعادته في هذا الكتاب أنه إذا ذكر راويا عن الصحابي لم يكن سمع منه يقول فلان عن فلان ولم يسمع منه وذكر غيره أيضا أن عبيد الله هذا روى عنها والله عز وجل أعلم واختلف في اسم أبي عمرو بن حفص المخزومي هذا فقيل اسمه عبد الحميد وقيل اسمه أحمد وقيل اسمه كنيته فإن ثبت أن اسمه أحمد فلا أعلم في الصحابة رضي الله عنهم من اسمه أحمد سواه ووقع في صحيح

مسلم في بعض طرق هذا الحديث من رواية شيبان بن عبد الرحمن عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن فاطمة أن أبا حفص بن المغيرة المخزومي طلقها والمشهور عندهم أنه أبو عمرو بن حفص بن المغيرة وقد ذكر الحافظ أبو أحمد الكرابيسي الحاكم فيه ثلاثة أقوال

فقال أبو عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي ويقال أبو حفص بن عمرو بن المغيرة ويقال أبو حفص بن المغيرة له صحبة من النبي صلى الله عليه وسلم والله عز وجل أعلم بالصواب آخر الجزء الأول ويتلوه في أول الثاني إن شاء الله تعالى الحديث السادس: أخرج مسلم في كتاب الحج حديث منصور بن المعتمر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه والحمد لله وحده وصلواته على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

الحديث السادس

الجزء الثاني بسم الله الرحمن الرحيم استعنت أخبرنا الشيخ الإمام الحافظ قدوة الحفاظ رشيد الدين أبو الحسين يحيى ابن الشيخ أبي الحسن علي بن عبد الله القرشي قال الحديث السادس أخرج مسلم رحمه الله في كتاب الحج حديث منصور بن المعتمر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال كان مع النبي صلى الله عليه وسلم رجل فوقصته ناقته فمات فقال النبي صلى الله عليه وسلم اغسلوه ولا تقربوه طيبا ولا تغطوا وجهه فإنه يبعث يلبي هكذا أخرجه مسلم في صحيحه وانتقده الحافظ أبو الحسن الدارقطني عليه وقال إنما سمعه منصور من الحكم يعني ابن عتيبة وأخرجه البخاري عن قتيبة عن جرير عن منصور عن الحكم عن سعيد وهو الصواب

وقيل عن منصور عن سلمة ولا يصح انتهى كلام الدارقطني رحمه الله قلت وقد تابع البخاري على إخراجه كذلك أبو داود السجستاني وأبو عبد الرحمن النسائي فأما أبو داود فرواه عن عثمان بن أبي شيبة وأما النسائي فرواه عن محمد بن قدامة كلاهما عن جرير عن منصور عن الحكم بإسناده كما رواه البخاري وجرير بن عبد الحميد من أعلم الناس بحديث منصور وهذا مما يؤيد قول الدارقطني رحمه الله إلا أن مسلما قدس الله روحه ونور ضريحه قد أخرج هذا الحديث من طرق ثابتة من رواية عمرو بن دينار وأبي بشر جعفر بن أبي وحشية وغيرهما عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بألفاظ أتم من حديث

منصور الذي قدمناه ثم أورد حديث منصور آخر طرق هذا الحديث فإن ثبت انقطاعه من هذا الوجه فقد بينا أنه متصل في كتاب مسلم من طرق أخر سواه وأن البخاري وغيره قد أخرجوه في كتبهم متصلا من حديث منصور أيضا عن الحكم عن سعيد بن جبير ونحن نورده من كتب الأمة الثلاثة ليتضح اتصاله فأما طريق البخاري فأخبرنا بها الشيخ أبو القاسم هبة الله بن علي بن مسعود وأبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي الأنصاريان قراءة عليهما معا قال أبو القاسم أخبرنا أبو عبد الله محمد بن بركات السعيدي قراءة عليه وقال الأرتاحي أنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء الموصلي إجازة قالا أخبرتنا كريمة بنت أحمد المروزية بمكة شرفها الله أنا أبو الهيثم الكشميهني أنا أبو عبد الله الفربري أنا محمد بن إسماعيل البخاري ثنا قتيبة ثنا جرير عن منصور عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال وقصت برجل محرم ناقته فقتلته فأتي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اغسلوه وكفنوه ولا تغطوا رأسه ولا تقربوه طيبا فإنه يبعث يهل وأما طريق أبي داود فأخبرنا بها الحافظ أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج بن علي البغدادي رحمه الله في كتابه إلي من مكة شرفها الله مرات عدة بخطه أنا الشريف النقيب أبو طالب محمد بن محمد بن أبي زيد البصري قراءة عليه

وأنا أسمع سنة ست وخمسين وخمس مائة أنا أبو علي علي بن أحمد بن علي التستري ح وأنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر البغدادي فيما كتب به إلي بخطه غير مرة أنا أبو البدر إبراهيم بن محمد بن منصور الكرخي قراءة عليه ثنا الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي قالا أنا أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي أنا أبو علي محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي أنا أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا جرير عن منصور عن

الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال وقصت برجل محرم ناقته فقتلته فأتي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اغسلوه وكفنوه ولا تغطوا رأسه ولا تقربوه طيبا فإنه يبعث يهل لفظهما واحد وأما طريق النسائي فأخبرنا بها الشيخ أبو بكر بن أبي الفتح المعدل قراءة عليه أنا طاهر بن أبي الفضل الهمداني ببغداد أنا أبو محمد عبد الرحمن بن حمد بن الحسن الدوني أنا القاضي أبو نصر أحمد بن الحسين الدينوري أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق الحافظ أنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي أخبرني محمد بن قدامة ثنا جرير عن منصور عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال وقصت رجلا محرما ناقته فقتلته فأتي

رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اغسلوه وكفنوه ولا تغطوا رأسه ولا تقربوه طيبا فإنه يبعث يهل قلت فهذه طرق هذا الحديث من الكتب الثلاثة التي ذكرناها فقد اتضح اتصاله وبان وجه الصواب فيه والحمد لله ووقع في بعض طرقه في كتاب مسلم أيضا من رواية إسماعيل بن علية عن أيوب قال نبئت عن سعيد عن ابن عباس أن رجلا كان واقفا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم الحديث وهذا أيضا يدخل في باب المقطوع على مذهب الحاكم وغيره إلا أن مسلما رحمه الله لم يورده هكذا إلا بعد أن أورده من حديث حماد بن زيد عن عمرو بن دينار وأيوب كلاهما عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه متصلا ثم أورده بعده حديث ابن علية الذي ذكرناه لينبه والله أعلم على الاختلاف فيه على أيوب وإذا اختلف حماد بن زيد وغيره في حديث أيوب بن أبي

تميمة فالقول قول حماد بن زيد وقد روى ابن أبي خيثمة عن يحيى بن معين أنه قال ليس أحد في أيوب أثبت من حماد بن زيد قلت ولهذا قدم مسلم في هذا الحديث طريق حماد على طريق ابن علية والله عز وجل أعلم وقد أخرجه البخاري عن سليمان بن حرب وأبو داود عن مسدد والنسائي عن قتيبة كلهم عن حماد بن زيد عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فتبين اتصاله والحمد لله وقوله في هذا الحديث وقصته ناقته وروي فأوقصته وهما صحيحان قاله القاضي أبو الفضل اليحصبي قال ولم يذكر

الحديث السابع

صاحب الأفعال إلا وقصة لا غير والوقص ها هنا كسر العنق ومعناه أنها صرعته فدقت عنقه وجاء في بعض طرقه أيضا فأقعصته ومعناه قتلته لوقته وروي فأقصعته بتقديم الصاد على العين ومعناه فضخته وهكذا جاء فأقعصته رباعيا وقال بعض العلماء الوجه فيه أن يكون ثلاثيا والله عز وجل أعلم الحديث السابع أخرج مسلم رحمه الله في كتاب الجنائز حديث عبد الملك بن شعيب بن الليث عن أبيه عن جده قال حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب أنه قال حدثني رجال عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث معمر يعني حديثه عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان قلت وقول الزهري في هذا الإسناد حدثني رجال ولم يسم واحدا منهم يدخل في باب المقطوع على مذهب الحاكم وغيره وهذا الحديث قد أخرجه مسلم رحمه الله متصلا من غير وجه فأخرجه من حديث يونس بن يزيد عن الزهري عن

الحديث الثامن

الأعرج ومن حديث معمر بن راشد عن الزهري عن سعيد بن المسيب كلاهما عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم أردفهما فإن بحديث عقيل الذي ذكرناه وهذا الاختلاف الذي وقع في إسناد هذا الحديث عن الزهري لا يؤثر في صحته فإن الحديث قد يكون عند الراوي له عن جماعة من شيوخه فيحدث به تارة عن بعضهم وتارة عن جميعهم وتارة يبهم أسماءهم وربما أرسله تارة على حسب نشاطه وكسله كما أشار إليه مسلم رحمه الله في مقدمة كتابه ومع ذلك فلا يكون ما ذكرناه اعتلالا يقدح في صحة الحديث وإنما أخرجه مسلم من طريق عقيل الذي قدمنا كذلك ليحقق به والله أعلم أن الزهري يرويه عن غير واحد من أصحاب أبي هريرة رضي الله عنه وقد نبه البخاري رحمه الله في صحيحه على أن الزبيدي قد روى هذا الحديث عن الزهري فجمع فيه بين الأعرج وسعيد بن المسيب وهذا يؤيد ما ذكرناه وبالله التوفيق الحديث الثامن أخرج مسلم رحمه الله في كتاب الصلاة حديث عبد الله بن الحارث البصري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لمؤذنه في يوم مطير إذا قلت أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة قل صلوا في بيوتكم الحديث ثم أورده من عدة طرق

عنه قال في آخرها وحدثنا عبد بن حميد ثنا أحمد بن إسحاق الحضرمي ثنا وهيب ثنا أيوب عن عبد الله بن الحارث قال وهيب لم يسمعه منه قال أمر ابن عباس مؤذنه في يوم جمعة وفي يوم مطير بنحو حديثهم قلت وقول وهيب بن خالد أن أيوب لم يسمعه منه يعني من عبد الله بن الحارث يدل على انقطاعه من هذا الوجه وهذا الحديث متصل في الصحيحين من حديث حماد بن زيد عن عبد الحميد صاحب الزيادي وأيوب وعاصم الأحول كلهم عن

الحديث التاسع

عبد الله بن الحارث المذكور ومداره عليه عن ابن عباس رضي الله عنهما وإنما أورد مسلم حديث وهيب هذا لينبه والله أعلم على الاختلاف فيه على أيوب لأن وهيبا كان من حفاظ أهل البصرة وثقاتهم إلا أن حماد بن زيد أثبت في أيوب من غيره كما قدمنا ذكره عن يحيى بن معين ولذلك قدم مسلم حديثه على حديث وهيب ومع ذلك فلو سلمنا أن أيوب لم يسمعه من عبد الله بن الحارث فقد بينا أنه متصل في كتاب مسلم وغيره من حديث غير واحد عنه وبالله التوفيق الحديث التاسع أخرجه مسلم رحمه الله في كتاب الجهاد حديث

يونس عن الزهري عن سالم عن أبيه قال نفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفلا سوى نصيبنا من الخمس فأصابني شارف والشارف المسن الكبير ثم أردفه بقوله حدثنا هناد بن السري ثنا ابن المبارك ح قال وحدثني حرملة بن يحيى أنا ابن وهب كلاهما عن يونس عن ابن شهاب قال بلغني عن ابن عمر قال نفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية بنحو حديث ابن رجاء يعني عن يونس قلت وهذا الحديث قد أورده مسلم من حديث عبد الله بن رجاء الغداني عن يونس عن الزهري بإسناده المتصل الذي ذكرناه أولا ثم أورد بعده حديث ابن

المبارك وابن وهب كلاهما عن يونس بإسناده المقطوع وإنما أراد بذلك والله أعلم أن ينبه على الاختلاف فيه على يونس كما فعل في عدة أحاديث تشبه هذا الحديث وقد تقدم بعضها وعبد الله بن رجاء الذي وصله ثقة صدوق عند أهل النقل إلا أن عمرو بن علي الفلاس نسبه إلى كثرة الغلط وعبد الله بن المبارك وابن وهب مقدمان عليه في الحفظ عندهم ولهذا جعل الدارقطني القول قولهما في إسناد هذا الحديث وقال لو كان الزهري سمعه من سالم لم يكن عن اسمه والله عز وجل أعلم قلت والعذر لمسلم رحمه الله في ذلك أنه إنما أورده هكذا في الشواهد وإلا فقد أورد في أول الباب الحديث المتفق على صحته في هذا المعنى وهو حديث نافع عن ابن عمر قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية وأنا فيهم قبل نحو الحديث ووقع في بعض طرقه أيضا كتاب مسلم عن ابن عون قال كتبت

الحديث العاشر

إلى نافع أسأله عن النفل فكتب إلي أن ابن عمر كان في سرية الحديث وسنذكره فيما بعد مع الأحاديث التي وقعت في كتاب مسلم بالمكاتبة دون السماع وننبه على اختلاف العلماء فيها إن شاء الله عز وجل الحديث العاشر قال مسلم رحمه الله في كتاب الجهاد أيضا حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار واللفظ لابن المثنى قالا ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي إسحاق أنه سمع البراء رضي الله عنه في هذه الآية لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا فجاء بكتف يكتبها فشكا إليه ابن أم مكتوم ضررا به فنزلت لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ

المؤمنين غير أولي الضرر قال شعبة وأخبرني سعد بن إبراهيم عن رجل عن زيد في هذه الآية لا يستوي القاعدون بمثل حديث البراء وقال ابن بشار في روايته سعد بن إبراهيم عن أبيه عن رجل عن زيد بن ثابت قلت هكذا أورده مسلم في صحيحه وقد اشتمل هذا الحديث على طريقين عن صحابيين رضي الله عنهما فالأول منهما حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما وهو صحيح متصل ثابت متفق عليه والثاني حديث زيد بن ثابت وفي إسناده اختلاف ورجل غير مسمى فهو داخل في باب المقطوع على مذهب الحاكم وغيره إذا لم يعرف ذلك الرجل والجواب عن ذلك أن مسلما رحمه الله إنما احتج بحديث البراء وحده وإنما أورد الإسناد الثاني لأن شعبة حدث به غندر هكذا فأورده مسلم كما سمعه من أصحاب غندر والظاهر من مذهبه أنه لا يختصر من الحديث شيئا وإن اختصر منه شيئا لضرورة نبه عليه وقد أخرج البخاري حديث البراء هذا في صحيحه في غير موضع من رواية

شعبة عن أبي إسحاق عنه ولم يذكر فيه حديث زيد بن ثابت محتمل أن يكون تركه عمدا لما فيه من الاعتلال ويحتمل أن يكون إنما سمعه كذلك من غير زيادة على ما أورده لكنه أخرج حديث زيد بن ثابت المذكور من طريق آخر من حديث الزهري عن سهل بن سعد عن مروان بن الحكم عنه وهو إسناد اجتمع فيه ثلاثة من الصحابة رضي الله عنهم يروي بعضهم عن بعض ويدخل أيضا في رواية الأكابر

عن الأصاغر لأن سهلا أكبر من مروان ومروان وإن لم يثبت سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم فهو معدود في الصحابة رضي الله عنهم وقد أخرج له البخاري في صحيحه حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم مقرونا بالمسور بن مخرمة والله أعلم فقد تبين بما ذكرناه أن حديث زيد بن ثابت متصل أيضا في كتاب البخاري والله عز وجل أعلم ووقع في كتاب الأشربة حديث نحو هذا من رواية سليمان التيمي عن أنس رضي الله عنه قال إني لقائم عل الحي على عمومتي أسقيهم الحديث وفي آخره قلت لأنس ما هو قال بسر ورطب قال فقال أبو بكر بن

الحديث الحادى عشر

أنس كانت خمرهم يومئذ قال سليمان وحدثني رجل عن أنس أنه قال ذلك أيضا ثم أردفه بطريق آخر عن التيمي عن أنس بنحوه وقال التيمي في آخره حدثني بعض من كان معي أنه سمع أنسا يقول كانت خمرهم يومئذ قلت وقد أورد مسلم بعد ذلك حديث قتادة عن أنس متصلا وفيه نزل تحريم الخمر فأكفأناها يومئذ وإنها لخليط البسر والتمر قال قتادة وقال أنس بن مالك لقد حرمت الخمر وكانت عليه خمورهم يومئذ خليط البسر والتمر فثبت اتصاله والحمد لله الحديث الحادى عشر أخرج مسلم رحمه الله في كتاب الجهاد أيضا حديث عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة

رضي الله عنها قالت أصيب سعد يوم الخندق ورماه رجل من قريش ابن العرقة وساق الحديث إلى آخره ثم أردفه بقوله وحدثنا أبو كريب ثنا ابن نمير ثنا هشام قال أبي فأخبرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقد حكمت فيهم بحكم الله قلت وقول هشام قال أبي فأخبرت ليس بمتصل على مذهب الحاكم وغيره كما تقدم والجواب عنه أن مسلما رحمه الله قد أخرج هذا اللفظ بعينه متصلا من رواية أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم وإذا ثبت اتصاله من وجه صحيح فلا يؤثر قول بعض الرواة فيه فأخبرت من وجه آخر والله أعلم وابن العرقة اسمه حبان بكسر الحاء المهملة وبالباء بواحدة وقيل في تقييده جبار بالجيم والباء المعجمة بواحدة وآخره راء والأول أصح وهو حبان بن أبي قيس ويقال ابن قيس وكان قد رمى سعد بن معاذ يوم الخندق

بسهم في أكحله وقال خذها وأنا ابن العرقة فروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عرق الله وجهه في النار والعرقة هي أمه نسب إليها وقيل إنها أم عبد مناف جد أبيه واسمها قلابة بنت سعيد وقيل بنت سعيد بن سهم وذكر أنها سميت بذلك لطيب ريحها ونقل عن الواقدي أنه كان يقول فيها العرقة بفتح الراء ويقول إن أهل مكة يقولون ذلك والمشهور ما تقدم والله عز وجل أعلم ومما يشبه إسناد هذا الحديث حديث أخرجه مسلم في الصلاة من حديث أيوب عن محمد بن سيرن عن أبي هريرة قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي الحديث بطوله في السهو وفيه ذكر ذي اليدين وفي آخره ثم كبر ثم سجد ثم كبر فرفع ثم كبر وسجد ثم كبر ورفع قال وأخبرت عن عمران بن حصين أنه قال وسلم قلت وذكر السلام في هذا الحديث من هذا الوجه مقطوع الإسناد على مذهب

الحديث الثاني عشر

الحاكم والجواب عنه أنه قد جاء متصلا في كتاب مسلم من وجه آخر من حديث أبي المهلب عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم فثبت اتصاله والحمد لله والقائل فأخبرت عن عمران بن حصين هو ابن سيرين ويحتمل أن يكون أيوب والأول أظهر فقد ذكر الدارقطني أن ابن سيرين يقول في غير حديث من حديث عمران بن حصين نبئت عن عمران والله عز وجل أعلم الحديث الثاني عشر واخرج في الجهاد أيضا أيوب بن موسى عن مكحول عن شرحبيل بن السمط عن سلمان قال سمعت

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه الحديث قلت وفي سماع مكحول من شرحبيل بن السمط نظر فإن شرحبيل معدود في الصحابة رضي الله عنهم وتقدمت وفاته فقيل إنه توفي في سنة ست وثلاثين وقيل سنة أربعين وتوفي مكحول سنة ثماني عشرة ومائة في أحد الأقوال وقيل سنة إثني عشرة وقيل سنة ثلاث عشرة وقيل سنة أربع عشرة وقد اختلف في عدد الصحابة الذين لقيهم مكحول وسمع منهم فقال البخاري سمع أنس بن مالك وأبا مرة الداري وواثلة بن الأسقع وأم الدرداء وذكر ابن أبي حاتم عن أبيه قال سألت أبا مسهر هل سمع مكحول

من أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما صح عندنا إلا أنس بن مالك قلت وواثلة فأنكره وسئل أبو داود السجستاني وكم يصح لمكحول من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال واثلة وذكر الحافظ أبو سعيد بن يونس المصري أنه رأى أبا أمامة الباهلي وسمع واثلة بن الأسقع ولقي أنس بن مالك رضي الله عنهم قلت وذكر ابن أبي حاتم كتاب المراسيل قال سمعت أبي يقول وذكر حديث رواه الوليد بن مسلم عن تمبم بن عطية عن مكحول قال جالست شريحا ستة أشهر ما أسأله عن شئ إنما أكتفي بما يقضي به بين الناس فقال أبي لم يدرك مكحول شريحا وهذا وهم

قلت وإذا لم يدرك مكحول شريحا وكانت وفاته في سنة ست وسبعين من الهجرة وقيل سنة ثمان وسبعين وقيل سنة ثمانين فإدراكه لشرحبيل أبعد لأنه توفي سنة ست وثلاثين وقيل سنة أربعين كما بيناه من قبل ويحتمل أن يريد بالإدراك اللقاء وإذا لم يثبت لمكحول سماع من شرحبيل فإسناده مقطوع إلا أن مسلما رحمه الله قد أخرج هذا الحديث من طريق آخر عن شرحبيل من حديث أبي شريح المعافري المصري عن عبد الكريم بن الحارث المصري عن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري عن شرحبيل بإسناده نحوه وظاهر هذا الإسناد الاتصال إلا أن عبد الله بن المبارك رواه عن أبي شريح هذا عن أبي عبد الكريم بن الحارث عن أبي عبيدة عن رجل من أهل الشام أن شرحبيل بن السمط قال طال رباطنا أو إقامتنا على حصن فمر بي سلمان وذكر الحديث وقد ذكر الحافظان أبو أحمد الكرابيسي الحاكم وأبو عمر بن عبد البر النمري أن أبا عبيدة هذا روى عن ابن عمر وأخيه عياض بن عقبة وعن رجل عن

شرحبيل بن السمط وفي لفظ الحاكم رجل من أهل الشام وهذا يؤيد رواية ابن المبارك والله عز وجل أعلم إلا أن أبا أحمد وأبا عمر ذكرا أبا عبيدة هذا فيمن لم يعرف اسمه وذكر ابن يونس أن اسمه مرة وأنه أدرك معاوية وروى عن ابن عمر رضي الله عنهم وتعريف ابن يونس باسمه أولى بالصواب لأنه من أهل بلده وهو أعلم به والله عز وجل أعلم وقد أخرج مسلم رحمه الله لمكحول هذا حديثا آخر في كتاب الصيد عن أبي ثعلبة الخشني لم يورد له متنا بل قال حديثه في الصيد فقط وفي سماعه

الحديث الثالث عشر

منه أيضا نظر إلا أن مسلما رحمه الله أورد حديث أبي ثعلبة هذا من طرق ثابتة الاتصال وهو قوله صلى الله عليه وسلم إذا رميت بسهمك فغاب عنك فأدركته فكل ما لم ينتن انفرد به مسلم دون البخاري والله الموفق الحديث الثالث عشر وأخرج في الجهاد أيضا حديث ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن عبد الرحمن قال مسلم ونسبه غير ابن وهب فقال ابن عبد الله بن كعب بن مالك أن سلمة بن الأكوع قال لما كان يوم خيبر قاتل أخي قتالا شديدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتد عليه سيفه فقتله الحديث بطوله وفي آخره قال ابن شهاب ثم سألت ابنا لسلمة بن الأكوع فحدثني عن أبيه مثل ذلك غير أنه قال حين قلت إن ناسا يهابون الصلاة عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذبوا مات جاهدا مجاهدا فله أجره مرتين وأشار بأصبعيه قلت وقول ابن شهاب في آخره ثم سألت ابنا لسلمة ولم يسمه يدخل في باب المقطوع على مذهب من قدمنا ذكره ولا يخلو أن يكون هذا المبهم هو إياس بن سلمة أو غيره

فإن كان إياسا فهو ثقة متفق على إخراج حديثه في الصحيحين عن أبيه وإن كان غيره فهو مجهول فقد ثبت في كتاب مسلم وغيره قوله صلى الله عليه وسلم كذبوا مات جاهدا مجاهدا إلى آخره من حديث يزيد بن أبي عبيد عن سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأخو سلمة هذا اسمه أهبان فيما ذكر بعض العلماء وعزاه إلى ابن الكلبي وقاله ابن قتيبة أيضا وسلمة منسوب إلى جده وهو سلمة بن عمرو بن الأكوع والأكوع لقب واسمه سنان بن عبد الله وقول مسلم رحمه الله في هذا الإسناد عن ابن وهب أخبرني عبد الرحمن ونسبه غير ابن وهب من بديع التصرف في العدول عن الوهم إلى الصواب وذلك أن عبد الله بن وهب كان يقول في هذا الإسناد قال أخبرني عبد الرحمن وعبد الله ابنا كعب ويقال إنه وهم في ذلك وهكذا أورده أبو داود في سننه عن

أحمد بن صالح عن ابن وهب إلا أنه قال قال أحمد كذا قال هو وعنبسة يعني ابن خالد قال أحمد والصواب عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب قلت وقد نبه على هذا الوهم أيضا أبو عبد الرحمن النسائي وأبو الحسن الدارقطني وذكر الدارقطني أن القاسم بن مبرور رواه عن يونس عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن سلمة قال وهو الصواب وكذلك رواه غير واحد عن الزهري والله عز وجل أعلم

الحديث الرابع عشر

وفي هذا الحديث إشكال وهو قوله قاتل أخي فارتد عليه سيفه فقتله لأن هذه القصة مشهورة لعامر عم سلمة وقد أوردها مسلم بعد ذلك في حديث سلمة بن الأكوع الطويل وفيه أن عامرا هو الذي ارتد عليه سيفه يوم خيبر وأنه الذي كان يرتجز بالقوم وكذلك ذكر ابن إسحاق في السير والجمع بين الحديثين عسير إلا أن يكون عامر أخا سلمة من الرضاعة أو يكون أراد أخوة الإسلام والله عز وجل أعلم الحديث الرابع عشر أخرج مسلم رحمه الله في كتاب الطلاق حديث عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي

ثور عن ابن عباس عن عمر رضي الله عنهم حديث المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث بطوله وقال في آخره قال معمر فأخبرني أيوب أن عائشة قالت لا تخبر نساءك أني أخبرتك فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم إن الله أرسلني مبلغا ولم يرسلني متعنتا قلت وهذا مقطوع فإن أيوب السختياني لم يدرك عائشة رضي الله عنها لأن مولده سنة ست وستين من الهجرة وقيل سنة ثمان وستين وتوفيت عائشة رضي الله عنها سنة ثمان وخمسين وقيل سنة سبع وخمسين والأول أشهر ومسلم رحمه الله إنما أخرج هذه الزيادة تبعا للحديث المسند الذي وقعت هي في آخره ولم ير اختصارها منه على عادته التي بيناها من قبل ومع ذلك فهذه الزيادة متصلة في كتابه في حديث التخيير من رواية أبي الزبير عن جابر

الحديث الخامس عشر

فثبت اتصالها في كتاب مسلم والحمد لله الحديث الخامس عشر أخرج مسلم رحمه الله في كتاب اللعان حديث حجين بن المثنى عن الليث بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب أنه قال بلغنا أن أبا هريرة كان يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو حديثهم قلت يعني حديثا قبله وهو حديث ابن عيينة ومعمر وغيرهما عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال جاء رجل من بني فزارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن امرأتي ولدت غلاما أسود الحديث قلت وهو حديث متصل في الصحيحين من حديث ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأخرجه مسلم أيضا وحده من حديث الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة متصلا ثم أردفه بحديث عقيل الذي ذكرناه وإنما أورده مسلم هكذا في الشواهد آخر الباب ليكثر والله أعلم بذلك طرق هذا الحديث ولينبه على

مخالفة عقيل للجماعة الذين رووه عن الزهري وجودوا إسناده والله عز وجل أعلم والرجل الفزاري المذكور في هذا الحديث اسمه ضمضم بن قتادة قاله الحافظ أبو محمد عبد الغني بن سعيد الأزدي والله أعلم

الحديث السادس عشر

الحديث السادس عشر أخرج مسلم رحمه الله في المغازي حديث زيد بن سلام عن أبي سلام الحبشي قال قال حذيفة يا رسول الله إنا كنا بشر فجاء الله بخير فنحن فيه الحديث قال الحافظ أبو الحسن الدارقطني هذا الحديث عندي مرسل أبو سلام

الحديث السابع عشر

لم يسمع من حذيفة ولا من نظرائه الذين نزلوا العراق لأن حذيفة توفي بعد قتل عثمان رضي الله عنه بليال وقد قال فيه قال قال حذيفة فهذا يدل على إرساله قلت وهذا الحديث قد أخرجه مسلم في صحيحه متصلا من وجه لآخر من حديث بسر بن عبيد الله الحضرمي الشامي عن أبي إدريس الخولاني عن حذيفة وهو أتم من حديث أبي سلام وكذلك أخرجه البخاري في صحيحه أيضا فإن ثبت أن أبا سلام لم يسمع من حذيفة فقد بينا أن هذا الحديث متصل في الصحيحين من حديث أبي إدريس عن حذيفة رضي الله عنه وبالله التوفيق الحديث السابع عشر أخرج مسلم رحمه الله في كتاب النذور والأيمان حديث الصعق بن حزن عن مطر الوراق عن زهدم

الجرمي قال دخلت على أبي موسى الأشعري وهو يأكل لحم دجاج الحديث وهذا الحديث أيضا قد انتقده الحافظ أبو الحسن الدارقطني رحمه الله وعاب على مسلم إخراجه من هذا الوجه وقال الصعق ومطر ليسا بالقويين ومع هذا لم

يسمعه مطر من زهدم إنما رواه عن القاسم بن عاصم عنه قال ذلك ثابت بن حماد عن مطر قلت وهذا الحديث أيضا قد أخرجه مسلم في صحيحه من طرق صحاح متصلة عن زهدم عن أبي موسى رضي الله عنه وطريق مطر التي انتقدها الدارقطني إنما أوردها مسلم في الشواهد لا في الأصول وإذا كان الحديث ثابتا متصلا من وجه صحيح ثم روي من وجه آخر دونه في الصحة وفي اتصاله نظر فلا يؤثر ذلك في ثبوته واتصاله من الوجه الآخر على أن مطرا قد قال فيه حدثنا زهدم وليس هو ممن يتهم بالكذب لكنه سئ الحفظ عندهم وقد سئل عنه يحيى بن معين فقال صالح وكذلك قال أبو حاتم الرازي ويحتمل أن يكون مطر قد سمعه من القاسم بن عاصم عن زهدم كما ذكره الدارقطني ثم لقي زهدما فسمعه منه فحدث به تارة هكذا وتارة هكذا والله عز وجل أعلم بالصواب

الحديث الثامن عشر

الحديث الثامن عشر أخرج مسلم رحمه الله في كتاب الحج حديث سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سنان بن سلمة عن ابن عباس أن ذؤيبا أبا قبيصة حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث معه بالبدن الحديث قلت قلت وهذا الإسناد غير متصل عند جماعة من أهل النقل فإن قتادة لم يسمع هذا الحديث من سنان بن سلمة قاله الإمامان يحيى بن سعيد القطان ويحيى بن

معين وناهيك بهما جلالة ومعرفة بهذا الشأن وذكر الحافظ أبو الفضل المقدسي أيضا أن هذا الحديث معلول من ثلاثة أوجه عمدتها ما قاله يحيى القطان وابن معين قلت ومما يؤيد ذلك أن سنان بن سلمة هذا هو سنان بن سلمة بن المحبق معدود في الصحابة رضي الله عنهم وله أيضا رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد نص الإمام أبو حاتم الرازي على أن قتادة لم يلق من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنس بن مالك وعبد الله بن سرجس وذكر البخاري في تاريخه أنه سمع أنسا وأبا الطفيل ولم يذكر له من الصحابة غيرهما والعذر لمسلم رحمه الله أنه إنما أخرج هذا الحديث بهذا الإسناد في الشواهد ليبين والله أعلم أنه قد روي من غير وجه عن ابن عباس وإلا فقد أخرجه قبل ذلك من حديث أبي التياح عن موسى بن

الحديث التاسع عشر

سلمة عن ابن عباس متصلا فثبت اتصاله في الكتاب والله الموفق للصواب الحديث التاسع عشر وأخرج أيضا في كتاب الأدب حديث عراك ابن مالك الغفاري المدني عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات الحديث قلت وفي سماع عراك

من عائشة رضي الله عنها نظر فإنه إنما يروي عن عروة عن عائشة وقد ذكر الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله أن حديثه عن عائشة مرسل وقال موسى بن هارون الحافظ لا نعلم له سماعا من عائشة وقال أبو الفضل الحافظ حفيد أبي سعد الزاهد في كلامه على هذا الحديث هذا عندنا حديث مرسل واستدل بما ذكرناه من قول أحمد بن حنبل وموسى بن هارون ولم يخرج البخاري لعراك عن عائشة شيئا وأخرج له ابن ماجه عنها حديثين وحديثه عن رجل عنها لا يدل

على عدم سماعه بالكلية منها لا سيما وقد جمعهما بلد واحد وعصر واحد وهذا ومثله محمول على السماع عند مسلم رحمه الله حتى يقوم الدليل على خلافه كما نص عليه في مقدمة كتابه فسماع عراك من عائشة رضي الله عنها جائز ممكن وقد ثبت سماعه من أبي هريرة وغيره من الصحابة رضي الله عنهم والله أعلم ومما يشبه هذا الحديث في إسناده حديث أخرجه مسلم رحمه الله في البر والصلة

من رواية ابن عيينة عن أبي محيصن وهو عمر بن عبد الرحمن بن محيصن المقرئ عن محمد بن قيس بن مخرمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال لما نزلت مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ الحديث وقد ذكر بعض الحفاظ أن محمد بن قيس هذا لم يسمع من أبي هريرة قلت وذكر غير واحد من العلماء أن محمد بن قيس هذا حجازي وأنه سمع من عائشة فسماعه من أبي هريرة جائز ممكن لأنهما متعاصران ويجمعهما قطر واحد فعلى مذهب مسلم تحمل روايته عنه

الحديث العشرون

السماع إلا أن يقوم دليل بين على خلافة والله عز وجل أعلم الحديث العشرون وأخرج أيضا في كتاب الأدب حديث أبي النضر هاشم بن القاسم عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو بن عطاء قال سميت ابنتي برة فقالت لي زينب ابنة أبي سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا وذكر بعض الحفاظ أنه قد سقط من هذا الإسناد رجل بين يزيد ومحمد بن عمرو وهو محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي قال كذلك رواه المصريون يعني عن الليث قلت وقد وجدته كما قال من حديث غير واحد من أهل مصر منهم يحيى بن بكير وعيسى بن حماد زغبة وأخرجه أبو داود في

سننه عن عيسى بن حماد عن الليث كذلك وأثبت في إسناده محمد بن إسحاق وذكر بعض العلماء أن غسان بن الربيع الكوفي رواه عن الليث كذلك أيضا وهذا إنما أورده مسلم بهذا الإسناد استشهادا وإلا فقد أورده قبل هذا بإسناد متصل فرواه من غير وجه عن الوليد بن كثير المخزومي المدني قال حدثنا محمد بن عمرو بن عطاء عن زينب بنت أبي سلمة رضي الله عنها وهذا متصل لا شك فيه فإن ثبت انقطاعه من حديث يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو فقد بينا أنه متصل في الكتاب من حديث الوليد بن كثير عن محمد بن عمرو وبالله التوفيق وقد رأيت في بعض النسخ من كتاب الأطراف لأبي مسعود الدمشقي أن مسلما أخرج هذا الحديث عن عمرو الناقد عن هاشم بن القاسم عن الليث عن يزيد عن محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو

فصل

كما رواه المصريون عن الليث فلعله كذلك في أصل مسلم وسقط من بعض النسخ ذكر ابن إسحاق والله عز وجل أعلم فصل ومما يظن أنه مقطوع على مذهب عبد الله الحاكم وغيره وليس كذلك حديث أخرجه مسلم في كتاب الفتن من حديث شعبة عن فرات القزاز

قال سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي سريحة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفة ونحن تحتها نتحدث يعني فاطلع إلينا فقال ما تذكرون قلنا الساعة قال إن الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات الحديث وفي آخره قال شعبة وحدثني رجل بهذا الحديث عن أبي الطفيل عن أبي سريحة ولم يرفعه اه قلت وهذا الرجل المبهم اسمه هو فيما ظهر لي عبد العزيز بن رفيع المكي وقد بين ذلك غير واحد من الثقات في روايتهم لهذا الحديث عن شعبة منهم معاذ بن معاذ العنبري وأبو النعمان الحكم بن عبد الله العجلي فإنهما روياه عن شعبة عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي الطفيل عن أبي سريحة موقوفا

وأخرجه مسلم في صحيحه من حديث من سمينا عن شعبة عن عبد العزيز بإسناده موقوفا وقال الدارقطني لم يرفعه غير فرات عن أبي الطفيل من وجه يصح فتبين بما ذكرناه أن هذا الحديث من هذا الوجه متصل الإسناد إلى أبي سريحة رضي الله عنه ولكنه موقوف عليه اه وفي كتاب مسلم أحاديث يسيرة موقوفة أيضا وليس هذا موضع ذكرها وبالله التوفيق اه

حديث آخر

حديث آخر وأخرج في كتاب الديات حديث عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن محمد بن سيرين عن ابن أبي بكرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض الحديث وابن أبي بكرة المبهم اسمه في هذا الإسناد هو عبد الرحمن ثقة متفق عليه بين ذلك عبد الله بن عون وغيره في روايتهم لهذا الحديث عن أيوب وبنو أبي

بكرة ستة فيما ذكر علي بن المديني وهم عبد الرحمن ومسلم وعبد العزيز ويزيد وعبيد الله ورواد وزاد غيره كيسة بنت أبي بكرة وهي بفتح الكاف وتشديد الياء المعجمة باثنتين من تحتها وسين مهملة وتشبه بكبشة بالياء بواحدة وبالشين المعجمة فأما عبد الرحمن فاتفق البخاري ومسلم على إخراج حديثه عن أبيه وأما مسلم فانفرد به مسلم وأما عبد العزيز فأخرج له أبو داود والترمذي وابن

حديث آخر

ماجه وأما كيسة فأخرج لها أبو داود عن أبيها والباقون لم يخرج لهم شئ في الكتب الستة فيما أعلم والله عز وجل أعلم وقد ذكر عبد الغني بن سعيد الحافظ كيسة هذه وقيدها كما ذكرناه إلا أنه قال بإسكان الياء وبالتشديد قيدها الأمير أبو نصر بن ماكولا وذكر أن غير ذلك تصحيف والله عز وجل أعلم اه حديث آخر مثل الذي قبله قال مسلم رحمه الله في كتاب الجنائز حدثنا محمد بن المثنى ثنا يحيى بن سعيد ح قال وثنا إسحاق بن إبراهيم أنا عبد الرزاق جميعا عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن محمد بن

عمرو عن ابن كعب بن مالك عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني مثل الحديث الذي قبله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة فقال مستريح ومستراح منه الحديث اه قلت وابن كعب المبهم اسمه في هذا الإسناد هو معبد بن كعب بين ذلك الإمام أبو عبد الله مالك بن أنس في روايته لهذا الحديث عن محمد بن عمرو الديلي وأخرجه مسلم في صحيحه عن قتيبة عن مالك كذلك اه

وبنو كعب بن مالك رضي الله عنه ستة عبيد الله وعبد الله وعبد الرحمن وفضالة ووهب ومعبد حكى ذلك أبو زرعة الدمشقي عن أحمد بن حنبل فمنهم أربعة اتفق الإمامان على إخراج حديثهم في الصحيحين وهم عبيد الله وعبد الله وعبد الرحمن ومعبد وأما وهب وفضالة فلم يخرجا لهما في الصحيحين ولم أقف على ذكرهما في غير تاريخ أبي زرعة والله أعلم فصل ووقع في الكتاب أيضا أحاديث مروية بالوجادة وهي داخلة في باب المقطوع عند علماء الرواية إلا أن منها ما وقعت الوجادة في إسناده من أحد شيوخ مسلم خاصة على ما سنبينه فمن ذلك حديث أخرجه في كتاب الفضائل فقال فيه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال وجدت في كتابي عن أبي أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتفقد يقول أين أنا اليوم أين أنا غدا استبطاءا ليوم عائشة قالت فلما كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري قلت هكذا أورده مسلم ولم يخرجه في كتابه إلا في هذا الموضع وحده فيما علمت بهذا الإسناد وقد أخرجه البخاري في صحيحه متصلا من غير وجادة وهو ما أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي السعودي الأنصاري أنا أبو عبد الله محمد بن بركات السعيدي أخبرتنا كريمة بنت أحمد المروزية

أنا أبو الهيثم الكشميهني أنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربري أنا محمد بن إسماعيل البخاري ثنا إسماعيل ثنا سليمان عن هشام ح قال وحدثني محمد بن حرب ثنا أبو مروان يحيى بن أبي زكرياء عن هشام عن عروة عن عائشة قالت إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتعذر في مرضه أين أنا اليوم أين أنا غدا استبطاءا ليوم عائشة فلما كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري ودفن في بيتي صلى الله عليه وسلم اه وأخرجه أيضا عن عبيد بن إسماعيل الكوفي عن أبي أسامة عن هشام

عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا مرسلا إلا أنه قال في آخره قالت عائشة فلما كان يومي سكن وهذا متصل والله أعلم ويحيى بن أبي زكريا المذكور في هذا الإسناد هو الغساني شامي وربما اشتبه بيحيى بن زكريا الكوفي وهو ابن أبي زائدة لاشتراكهما في الرواية عن هشام بن عروة والأول يكنى أبا مروان وابن زائدة يكنى أبا سعيد همداني وقوله في هذه الرواية التي أوردناها من طريق البخاري أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتعذر قال الخطابي معناه يتعسر ويتمنع وأنشد ويوما على ظهر الكتيب تعذرت وأكثر الرواة يرويه ليتقدر بالقاف من التقدير وفي كتاب مسلم ليتفقد من الافتقاد كما أوردناه وقولها بين سحري ونحري والسحر بفتح السين

المهملة وضمها الرية وقال بعضهم هو ما بين ثدييها والله أعلم ومن ذلك حديثان إسنادهما واحد رواهما مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة أيضا قال أبو بكر في كل واحد منهما وجدت في كتابي عن أبي أسامة إلا أن مسلما رحمه الله رواهما عن أبي كريب أيضا عن أبي أسامة فاتصلا من طريق أبي كريب اه فأحد الحديثين أخرجه في الفضائل من حديث أبي أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت علي غضبي الحديث والآخر أخرجه في النكاح من حديث أبي أسامة أيضا عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لست سنين وبنى بي

وأنا بنت تسع سنين الحديث وقد بينا أنهما متصلان في الكتاب من رواية أبي كريب عن أبي أسامة من غير وجادة وبالله التوفيق فصل ووقع في الكتاب أيضا أحاديث مرسلة وفيها ما وقع الإرسال في بعضه خاصة فأحببت أن ألحقها بما تقدم لكونها داخلة في معناه لأن كل ما لم يتصل فهو مقطوع في المعنى إلا أن منها ما يوافق معناه التسمية المصطلح عليها فيكون اسمه ومعناه واحدا ومنه ما يكون له تسمية أخرى على أن جمهور المتقدمين من علماء الرواية يسمون ما لم يتصل إسناده مرسلا سواء كان مقطوعا أو معضلا إلا أن أكثر ما يوصف بالإرسال من حيث الاستعمال ما رواه التابعي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان معنى الجميع عدم الاتصال والله عز وجل أعلم فمن الأحاديث المرسلة حديث يشتمل على ثلاثة أحاديث اثنان مرسلان والثالث متصل أخرجه في كتاب البيوع فقال فيه وحدثني محمد بن رافع ثنا حجين ثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة والمحاقلة والمزابنة أن يباع ثمر النخل بالتمر والمحاقلة أن يباع الزرع بالقمح واستكراء الأرض بالقمح قال وأخبرني سالم بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تبتاعوا الثمر حتى يبدو صلاحه ولا تبتاعوا الثمر بالتمر وقال سالم أخبرني عبد الله عن يزيد بن ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رخص بعد ذلك في بيع العرية بالرطب أو بالتمر ولم يرخص في غير ذلك

قلت هكذا أورده مسلم رحمه الله في كتابه فإن قيل كيف اختار إخراج المراسيل في صحيحه وليست من شرطه ولا داخلة في رسمه فالجواب أن مسلما رحمه الله من عادته أن يورد الحديث كما سمعه وكان هذا الحديث عنده عن محمد بن رافع على هذه الصفة فأورده كما سمعه منه ولم يحتج بالمرسل الذي فيه وإنما احتج بما في آخره من المسند وهو حديث سالم عن عبد الله عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص بعد ذلك في بيع العرية الحديث فهذا القدر الذي احتج به مسلم منه فإن قيل فقد كان يمكنه أن يقتصر على هذا المسند خاصة ويحذف ما فيه من المرسل ولا يطول كتابه لما ليس من شرطه قيل هذه مسألة اختلف العلماء فيها فمنهم من أجاز تقطيع الحديث الواحد وتفريقه في الأبواب إذا كان مشتملا على عدة أحكام كل حكم منها مستقل بنفسه غير مرتبط بغيره كحديث جابر الطويل في الحج ونحوه ومنهم من منع ذلك واختار إيراد الحديث كاملا كما سمعه والظاهر من مذهب مسلم رحمه الله إيراد الحديث بكامله من غير تقطيع له ولا اختصار إذا لم يقل فيه مثل حديث فلان أو نحوه والله عز وجل أعلم فإن قيل فهل يسند هذان المرسلان من وجه يصح قيل نعم كلاهما مسند متصل في الصحيح أما حديث سعيد بن المسيب فقد أخرجه مسلم من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم

ومن حديث سعيد بن ميناء وأبي الزبير كلاهما عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وأخرجه أيضا هو والبخاري من حديث عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم فثبت اتصاله

وأما حديث سالم فقد أخرجه مسلم من حديث ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه وأخرجه البخاري في صحيحه متصلا من الوجه الذي أورده مسلم مرسلا وهو ما أخبرنا الشيخ أبو علي ناصر بن عبد الله الفقيه بالحرم الشريف تجاه الكعبة المعظمة أنا أبو الحسن علي بن حميد بن عمار المقرئ بمكة شرفها الله أنا أبو مكتوم عيسى بن أبي ذر الهروي أنا أبي أنا عبد الله بن أحمد السرخسي وإبراهيم بن أحمد المستملي ومحمد بن مكي الكشميهني قالوا أنا محمد بن يوسف الفربري أنا محمد بن إسماعيل البخاري ح وأخبرنا عاليا أبو القاسم الخزرجي واللفظ له أنا محمد بن بركات السعيدي أخبرتنا كريمة أنا أبو الهيثم الكشميهني أنا الفربري أنا البخاري ثنا يحيى بن بكير ثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أخبرني سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحه ولا تبيعوا الثمر بالتمر قال سالم وأخبرني عبد الله عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص بعد ذلك في بيع العرية بالرطب أو بالتمر ولم يرخص في غيره

حديث آخر

حديث آخر أخرج مسلم في كتاب الأضاحي حديث مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن واقد قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل

لحوم الضحايا بعد ثلاث قلت وهذا مرسل فإن عبد الله بن واقد تابعي يروي عن عبد الله بن عمر وغيره وهو عبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم ولم يحتج مسلم بهذا المرسل إنما احتج بباقي الحديث وهو قول عبد الله بن أبي بكر بن حزم فذكرت ذلك لعمرة فقالت صدق سمعت عائشة تقول دف أهل أبيات من أهل البادية حضرة الأضحى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذخروا عمر ثلاثا الحديث وهذا مسند ولا يخفى على من له أنس بعلم الرواية أن هذا المسند من هذا الحديث هو الذي احتج به مسلم وقد رواه القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة به لم يذكر فيه عبد الله بن واقد وكذلك رواه يحيى القطان عن مالك أيضا وأخرجه أبو داود في سننه عن القعنبي كذلك وأخرجه النسائي أيضا في سننه عن عبيد الله بن سعيد وهو أبو قدامة السرخسي عن يحيى وهو القطان فيما علمت عن مالك كذلك

وأما المرسل الذي في أوله فإنه متصل في كتاب مسلم من حديث ابن عمر وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم وقولها دف أهل أبيات معناه ساروا سيرا رفيقا في جماعة والدف السير ليس بالسريع في جماعة

حديث آخر

وقولها حضرة الأضحى بإسكان الضاد أي وقته وحينه وقد قيده بعضهم بفتحها والمعنى واحد قاله القاضي أبو الفضل اليحصبي والله أعلم حديث آخر وأخرج في كتاب الصلاة حديث مسعر عن عمرو بن مرة عن إبراهيم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود اقرأ

علي فقال أقرأ عليك وعليك أنزل الحديث وقال في آخره قال مسعر فحدثني معن عن جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه عن ابن مسعود قال النبي صلى الله عليه وسلم شهيدا عليهم ما دمت فيهم أوما كنت فيهم شك مسعر قلت هكذا هو في كتاب مسلم وهو حديث ليس بمتصل من هذا الوجه إلا ما في آخره من حديث مسعر عن معن فإنه مسند وهذا القدر هو الذي احتج به مسلم وأما أوله فإن مسلما رحمه الله قد أخرجه قبل هذا الحديث متصلا من حديث الأعمش عن إبراهيم عن عبيدة عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فثبت اتصاله والحمد لله وإبراهيم هذا هو ابن يزيد النخعي الفقيه معدود في الطبقة الثانية من تابعي

حديث آخر

أهل الكوفة رأى عائشة وأدرك أنس بن مالك رضي الله عنهما والله ولي التوفيق حديث آخر وأخرج في كتاب الطهارة حديث أبي العلاء بن الشخير كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينسخ حديثه بعضه بعضا الحديث وأبو العلاء هذا معدود في التابعين من أهل البصرة واسمه يزيد بن عبد الله بن الشخير روى عن أبي هريرة وعبد الله بن عمر وعياض بن حمار وغيرهم وهو أخو مطرف بن عبد الله بن الشخير وهذا الكلام لا أعلم أحدا رواه عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم من وجه يصح وقد روي بمعناه من حديث عبد الله بن الزبير بن العوام عن أبيه

حديث آخر

الزبير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول القول ثم يلبث أحيانا ثم ينسخه بقول آخر كما ينسخ القرآن بعضه بعضا قلت وفي إسناده نظر وليس من شرط مسلم والله أعلم اه حديث آخر وأخرج في كتاب النكاح حديث مالك عن

عبد الله بن أبي بكر عن عبد الملك بن أبي بكر عن أبيه أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تزوج أم سلمة

وأصبحت عنده قال لها ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبعت عندك الحديث وأورده أيضا من حديث سليمان بن بلال وأبي ضمرة أنس بن عياض كلاهما عن عبد الرحمن بن حميد عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبيه مرسلا كذلك قلت وهذا حديث انفرد به مسلم دون البخاري وأخرجه في صحيحه متصلا من وجه آخر من حديث سفيان الثوري عن محمد بن أبي بكر بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر عن أبيه عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم أردفه بحديث مالك وغيره مرسلا كما ذكرناه وإنما أراد بذلك والله أعلم ليبين الاختلاف الواقع في إسناده بين رواته ويخرج من عهدته وقد أورده البخاري رحمه الله في تاريخه من حديث الثوري مسندا كما أورده مسلم ثم قال عقيبة قال أنا إسماعيل حدثني مالك وذكر الإسناد الذي قدمناه عنه مرسلا ثم قال الصحيح هذا قلت وقد حكى بعض العلماء عن الدارقطني أنه حكم بصحة حديث الثوري الذي أسنده ولو لم يكن كذلك لما أخرجه مسلم والله عز وجل أعلم اه

حديث آخر

حديث آخر وأخرج في مقدمة الكتاب حديث معاذ بن معاذ

وعبد الرحمن بن مهدي عن شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع قلت وهذا مرسل وكذلك رواه غندر وحفص بن عمر عن شعبة إلا أن مسلما رحمه الله أردفه بطريق آخر متصل من حديث علي بن حفص المدائني عن شعبة عن خبيب عن حفص عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فاتصل ذلك المرسل من هذا الوجه الثاني لكن رواية ابن مهدي ومن تابعه على إرساله أرجح لأنهم أحفظ وأثبت من المدائني الذي وصله وإن كان قد وثقه يحيى بن معين والزيادة

حديث آخر

من الثقة مقبولة عند أهل العلم ولهذا أورده مسلم من الطريقين ليبين الاختلاف الواقع في اتصاله وقدم رواية من أرسله لأنهم أحفظ وأثبت كما بيناه وقد سئل أبو حاتم الرازي عن علي بن حفص هذا فقال يكتب حديثه ولا يحتج به ولهذا قال أبو الحسن الدارقطني الصواب في هذا الحديث المرسل والله عز وجل أعلم حديث آخر وأخرج في كتاب الصلاة حديث ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي بصلاة العشاء وهي التي يدعونها العتمة الحديث

وفي آخره قال ابن شهاب وذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وما كان لكم أن تنزروا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصلاة وذلك حين صاح عمر بن الخطاب رضي الله عنه قلت هكذا هو في كتاب مسلم وقد أخرجه البخاري في صحيحه والنسائي في سننه فلم يذكرا هذه الزيادة التي في آخره من قول الزهري ولا أعلم الآن من أسندها من الرواة والله عز وجل أعلم وقوله تنزروا بفتح التاء باثنتين من فوقها بعدها نون ساكنة ثم زاي مضمومة بعدها راء مهملة معناه تلحوا من نزره إذا ألح عليه وقيده بعضهم تبرزوا بضم التاء المعجمة باثنتين من فوقها والباء بواحدة بعدها وتقديم الراء المهملة على الزاي من الإبراز وهو الإخراج والإظهار والأول أليق بالمعنى والله عز وجل أعلم ووقع في الكتاب موضع آخر نحو هذا أورده مسلم في أواخر الكتاب

من حديث شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة عن أنس قال قال نبي الله إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم الحديث وفي آخره قال قتادة وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعا ويملأ عليه خضرا إلى يوم يبعثون قلت وهذا حديث انفرد به مسلم من هذا الوجه دون البخاري وأخرجه النسائي في سننه من هذا الوجه ولم يذكر هذه الزيادة وقد أخرج البخاري هذا الحديث من وجه آخر عن قتادة عن أنس فذكره أتم من حديث شيبان عن قتادة ولم يذكر فيه هذه الزيادة كلها غير أنه قال فيه قال قتادة وذكر لنا أنه يفسح له في قبره فقط وأخرجه مسلم أيضا من حديث سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس مختصرا ولم يذكر فيه هذه الزيادة أيضا والله عز وجل أعلم ولا أعلم الآن من أسندها وإنما أوردها مسلم جريا على عادته في ترك الاختصار من الحديث وإيراده إياه كاملا كما سمعه والله عز وجل أعلم

حديث آخر

حديث آخر وأخرج أيضا في كتاب الصلاة حديث قتيبة بن سعيد

عن الليث عن ابن عجلان عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم الحديث وفي آخره قال أبو صالح فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ من يشاء قلت هكذا أورده مسلم وهو حديث بعضه مسند وبعضه مرسل والمرسل منه قول أبي صالح فرجع فقراء المهاجرين إلى آخره لأن أبا صالح لم يسنده وقد أخرج البخاري هذا الحديث في غير موضع من كتابه ولم يذكر فيه هذه الزيادة من قول أبي صالح إلا أن مسلما رحمه الله قد أخرجه من وجه آخر عن أبي صالح وفيه هذه الزيادة متصلة مع سائر الحديث فأخرجه من حديث روح بن

عبادة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال في آخره بمثل حديث قتيبة عن الليث إلا أنه أدرج في حديث أبي هريرة قول أبي صالح ثم رجع فقراء المهاجرين إلى آخر الحديث انتهى كلام مسلم رحمه الله قلت فقد اتصل ما في هذا الحديث من المرسل من هذا الوجه الآخر الذي ذكرناه والحمد لله وقوله أهل الدثور يعني أهل الأموال الكثيرة وواحد الدثور دثر بفتح الدال المهملة وسكون الثاء المثلثة وهو المال الكثير ووقع في آخر هذا الحديث أيضا زيادة أوردها مسلم غير متصلة وهي قوله بعد انقضائه وزاد غير قتيبة في هذا الحديث عن الليث عن ابن عجلان قال سمي فحدثت بعض أهلي هذا الحديث فقال وهمت وذكر باقي الحديث وهذا غير متصل كما ترى ووقع أيضا مثل ذلك في كتاب الجهاد في حديث أخرجه عن

حديث آخر

شيبان بن فروخ عن سليمان بن المغيرة عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة قال وفدت وفود إلى معاوية وساق الحديث إلى قوله ورسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبة قال فنظر فرآني فقال أبو هريرة قلت لبيك يا رسول الله قال لا يأتيني إلا أنصاري قال مسلم زاد غير شيبان اهتف لي بالأنصار قال فأطافوا به وهذه الزيادة غير متصلة أيضا في الكتاب والله أعلم حديث آخر وقع في آخره زيادة مرسلة وهو حديث أخرجه في الصلاة من حديث مالك عن ابن شهاب عن سعيد وأبي سلمة أنهما أخبراه عن

حديث آخر

أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أمن الإمام فأمنوا الحديث وفي آخره قال ابن شهاب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول آمين وهذا مرسل وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول آمين من غير وجه خارج الصحيحين أخرجه أبو داود والترمذي في كتابيهما من حديث وائل بن حجر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال الترمذي حديث وائل بن حجر حديث حسن وبالله التوفيق اهـ حديث آخر وأخرج في كتاب الجهاد حديث ابن شهاب عن

أنس قال لما قدم المهاجرين من مكة المدينة قدموا وليس بأيديهم شئ وكان الأنصار أهل الأرض والعقار فقاسمهم الأنصار على أن أعطوهم أنصاف ثمارهم كل عام وساق الحديث إلى قوله قأعطى النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أيمن مكانهن من حائطه قال ابن شهاب وكان من شأن أم أيمن أم أسامة بن زيد أنها كانت وصيفة لعبد الله بن عبد المطلب وكانت من الحبشة فلما ولدت آمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما توفي أبوه فكانت أم أيمن تحضنه حتى كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقها ثم أنكحها زيد بن حارثة ثم توفيت بعد ما توفي رسول الله بخمسة أشهر قلت وهذه الزيادة من قول ابن شهاب متضمنة عتق النبي صلى الله عليه وسلم لأم أيمن وغير ذلك وهي مرسلة كما ترى وقد أخرج البخاري هذا الحديث في صحيحه ولم

يذكر فيه هذه الزيادة وهذا يدل على ما قدمناه من إيراد مسلم للحديث بتمامه من غير اختصار له في الغالب والله عز وجل أعلم اه وفي الكتاب من مرسلات الزهري أيضا مواضع وقعت في أحاديث نحو هذا فمن ذلك ما وقع في حديث أخرجه في الصيام من حديث عبد الرزاق عن معمر عن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقسم ألا يدخل على أزواجه شهرا فأخبرني عروة عن عائشة قالت لما مضت تسع وعشرون ليلة أعدهن الحديث قلت هكذا هو في كتاب مسلم والمرسل الذي في أوله من قول الزهري قد

أخرجه مسلم متصلا من حديث عكرمة بن عبد الرحمن عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم فثبت اتصاله والحمد لله أه ومن ذلك أيضا ما أخرجه في كتاب الصيام من حديث ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح في رمضان فصام حتى بلغ الكديد وفي آخره قال ابن شهاب فصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة لثلاث عشرة خلت من رمضان

ومن ذلك أيضا ما أخرجه في التوبة من حديث ابن وهب عن

حديث آخر

يونس عن ابن شهاب قال ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك وهو يريد الروم ونصارى العرب بالشام ثم قال ابن شاب فأخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب أن عبد الله بن كعب وكان قائد كعب من بنيه حين عمي قال سمعت كعب بن مالك وساق الحديث بطوله في توبة كعب رضي الله عنه قلت وهذان الحديثان قد أخرجهما البخاري ولم يورد ما فيهما من مرسل ابن شهاب ولا يخفى على من له أنس بعلم الرواية أن مسلما رحمه الله إنما احتج بما في هذه الأحاديث وما شاكلها من المسند دون المرسل وإنما أوردها بما فيها من المرسل جريا على عادته في ترك الاختصار والله عز وجل أعلم اه حديث آخر وأخرج في كتاب الدعوات حديث أبي إسحاق

وهو السبيعي عن عمرو بن ميمون قال من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير عشر مرار كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل هكذا أخرجه مسلم في صحيحه وكذلك هو في صحيح البخاري أيضا إلا أن مسلما رحمه الله أردفه بحديث الشعبي عن الربيع بن خثيم بمثل ذلك قال فقلت للربيع ممن سمعته قال من عمرو بن ميمون فأتيت عمرو بن ميمون فقلت له ممن سمعته قال من ابن أبي ليلى فأتيت ابن أبي ليلى فقلت ممن سمعته قال من أبي أيوب يحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت فقد اتصل هذا الحديث في كتاب مسلم من طريق الشعبي عن ابن أبي

ليلى عن أبي أيوب رضي الله عنه والحمد لله وفي إسناد هذا الحديث اختلاف كثير ذكره البخاري والنسائي وقال البخاري والصحيح قول عمرو يعني ابن ميمون والله أعلم وعمرو بن ميمون هذا هو الأودي يكنى أبا عبد الله كان بالشام ثم سكن الكوفة بعد ذلك فهو معدود في أهلها أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وصدق إليه وليس له رواية عنه وروى عن عمر بن الخطاب وابن مسعود ومعاذ وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم وفي رجال الصحيحين عمرو بن ميمون رجل آخر غير هذا وهو دونه في الطبقة جزري من أهل الرقة يروي عن سليمان بن يسار وغيره ويكنى أبا عبد الله أيضا ولم يذكرهما الحافظ أبو علي الجياني في تقييده وهما من شرط كتابه أخرج لهما البخاري ومسلم جميعا ولهما نظير ثالث في التسمية وهو عمرو بن ميمون المكي حدث عن الزهري روى عنه عنبسة بن سعيد ولم يخرجا له فيما علمت شيئا والله ولي التوفيق اه

حديث آخر

حديث آخر أخرج مسلم رحمه الله في كتاب الأشربة باب في الأطعمة حديث مالك عن أبي بكر عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن جده عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه الحديث قال الدارقطني لم يسمع أبو بكر بن عبيد الله هذا الحديث من جده

عبد الله بن عمر إنما سمعه من عمه سالم عن أبيه والله أعلم قلت وقد تابع مالكا على روايته كذلك عبيد الله بن عمر وسفيان بن عيينة وفي إسناده اختلاف بين رواته وقد أخرجه مسلم من حديث الليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الأنصاري بنحوه والله عز وجل أعلم

حديث آخر

حديث آخر وأخرج في كتاب الوصايا حديث حماد بن زيد عن

أيوب عن عمرو بن سعيد عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن ثلاثة من ولد سعد قالوا مرض سعد بمكة فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده الحديث قلت وهذا مرسل وليس في ولد سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه من له صحبة ولا رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم قاله الدارقطني وغيره وهذا الحديث وإن كان مرسلا من هذا الوجه فإنه متصل في كتاب مسلم وغيره من حديث عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه ومن حديث مصعب بن سعد أيضا عن أبيه وأخرجه البخاري وأبو داود والنسائي من حديث عائشة بنت سعد عن أبيها أيضا كذلك والطريق الذي ذكر الدارقطني أنها مرسلة إنما أوردها مسلم في الشواهد ومع ذلك فقد أخرجها في كتابه متصلة من وجه آخر من حديث عبد الوهاب الثقفي عن أيوب بإسناده المتقدم وقال فيها عن ثلاثة من ولد سعد كلهم يحدثه عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على سعد يعوده بمكة الحديث فثبت اتصاله في الكتاب من حديث أيوب بن أبي تميمة

أيضا والحمد لله وإنما أورده مسلم من الوجهين المذكورين عن أيوب لينبه على الاختلاف عليه في إسناده والله عز وجل أعلم وبنو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه سبعة فيما ذكر علي بن المديني وهم مصعب وعامر ومحمد وإبراهيم وعمر ويحيى وعائشة وذكر أبو زرعة الدمشقي أنهم ثمانية فعد هذه السبعة وزاد إسحاق بن سعد والله أعلم اه فصل ووقع في الكتاب أيضا أحاديث فوق العشرة مروية بالمكاتبة لم يسمعها الراوي لها ممن كاتبه بها وإنما رواها عن كتابه فقط فهي مقطوعة من طريق السماع متصلة من طريق المكاتبة وقد اختلف العلماء في ذلك فمنهم من منع الرواية بالمكاتبة ومنهم من أجاز ذلك بشرط وهو أن يأذن الكاتب للمكتوب بها إليه في روايتها عنه وإلى هذا القول ذهب أبو حامد الغزالي ونص عليه في كتابه المستصفى وقال الإمام أبو المعالي الجويني في كتاب النهاية كل حديث نسب إلى كتاب ولم يذكر حامله فهو مرسل والشافعي لا يرى التعلق بالمراسيل

قلت وذكر القاضي عياض أن الذي عليه الجمهور من أرباب النقل وغيرهم جواز الرواية لأحاديث المكاتبة ووجوب العمل بها وأنها داخلة في المسند وذلك بعد ثبوت صحته عند المكتوب إليه بها ووثوقه بأنها عن كاتبها ولهذا أضربت عن إيرادها وإنما نبهت عليها في الجملة لأجل الخلاف الواقع فيها ولأن أبا الحسن الدارقطني انتقد على البخاري ومسلم إخراجهما أحاديث منها على أن أكثر هذه الأحاديث المشار إليها إنما وقعت كذلك في الكتاب من بعض طرقها دون بعض والله الموفق قلت ويدخل في هذا الباب ما أخرجه مسلم رحمه الله في مواضع من كتابه من حديث مخرمة بن بكير عن أبيه فإنه لم يسمع من أبيه شيئا إنما

روى عن كتب أبيه وقد سئل أحمد بن حنبل رحمه الله عن مخرمة بن بكير هذا فقال هو ثقة لم يسمع من أبيه شيئا إنما روى من كتاب أبيه قلت وقد انتقد الدارقطني على مسلم إخراجه هذه الترجمة والله أعلم اه

ومع صحة المكاتبة وثبوتها عند الأكثر فقد رجح جماعة من العلماء ما روى بالسماع المتصل على ما روي بها ووقع في مثل ذلك مناظرة بين الإمامين أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي وإسحاق بن راهوية بحضرة الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله عليهم وهي ما أخبرنا الشيخان أبو محمد العثماني وأبو علي منصور بن علي الصوفي الكاغدي قراءة عليهما منفردين قالا أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ أخبرنا أبو الحسن بن عبد الجبار قراءة عليه ببغداد قيل له أخبركم أبو الحسن علي بن أحمد بن علي بقراءتك عليه فأقر به أخبرنا أحمد بن إسحاق القاضي أخبرنا الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد القاضي

حدثنا زكرياء الساجي حدثني جماعة من أصحابنا أن إسحاق بن راهوية ناظر الشافعي وأحمد بن حنبل حاضر في جلود الميتة إذا دبغت فقال الشافعي دباغها طهورها فقال إسحاق ما الدليل فقال حديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بشاة ميته فقال هلا انتفعتم بجلدها فقال إسحاق حديث ابن عكيم كتب إلينا

النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بشهر لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب أشبه أن يكون ناسخا لحديث ميمونة لأنه قبل موته بشهر فقال الشافعي هذا كتاب وذاك سماع فقال إسحاق إن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وقيصر وكان حجة عليهم عند الله فسكت الشافعي فلما سمع ذلك أحمد بن حنبل ذهب إلى حديث ابن عكيم وأفتى به ورجع إسحاق إلى حديث الشافعي فأفتى بحديث ميمونة اه سمعت شيخنا الإمام الحافظ أبا الحسن علي بن المفضل بن علي المقدسي الفقيه رضي الله عنه يقول سمعت أبا طاهر السلفي يقول سمعت أبا سهل غانم بن أحمد بن محمد الحداد الأصبهاني ببغداد يقول سمعت أبا بكر أحمد بن

الفضل بن محمد الباطرقاني الحافظ يقول سمعت أبا عبد الله محمد بن إسحاق بن منده الحافظ يقول سمعت أبا علي الحسين بن علي النيسابوري وما رأيت أحفظ منه قال ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم بن الحجاج اه أخبرنا أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي وأبو اليمن زيد بن الحسن الكندي البغداديان وغيرهما إجازة قالوا أنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد الشيباني أنا الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب أنا محمد بن نعيم الضبي ثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم قال سمعت أحمد بن سلمة يقول رأيت أبا زرعة

وأبا حاتم الرازيين يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما قال الخطيب وأخبرني ابن يعقوب أخبرنا ابن نعيم قال سمعت الحسين بن محمد الماسرجسي يقول سمعت أبي يقول سمعت مسلم بن الحجاج يقول صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاث مائة ألف حديث مسموعة آخره والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد نبيه المصطفى وعلى آله وعترته وأصحابه أجمعين بسم الله الرحمن الرحيم ومما ألحقه سيدنا الحافظ رشيد الدين أثابه الله الجنة في أول الكتاب وفي آخره ما يأتي ذكره قال حديث أخرجه مسلم رحمه الله في المناسك من رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد عن عائشة رضي الله عنها قالت حضت بسرف

فطهرت بعرفة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك قلت وفي اتصال هذا الإسناد نظر فإن جماعة من أئمة أهل النقل أنكروا سماع مجاهد عن عائشة منهم شعبة ويحيى القطان ويحيى بن معين وغيرهم وقال ابن أبي حاتم سمعت أبي يقول مجاهد عن عائشة مرسل والعذر لمسلم رحمه الله ما بيناه في غير موضع من هذا الكتاب وهو اعتبار التعاصر وجواز السماع وإمكانه ما لم يقم دليل بين على خلاف ذلك ولا خلاف في إدراك مجاهد بن جبر لعائشة ومعاصرته لها ومع هذا فقد أخرج مسلم معنى هذا الحديث من رواية طاوس عن عائشة بإسناد لا أعلم خلافا في

اتصاله وقدم على حديث مجاهد هذا والله عز وجل أعلم وقد أخرج البخاري ومسلم حديثا غير هذا لمجاهد عن عائشة من رواية منصور عن مجاهد قال دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة والناس يصلون الضحى الحديث بكماله وفيه وسمعنا استنان عائشة فقال عروة ألا تسمعين يا أم المؤمنين إلى ما يقول أبو عبد الرحمن الحديث اه قلت وفي ظاهر لفظ هذا الحديث ما يدل على سماع مجاهد من عائشة ولهذا أخرجه البخاري ولو لم يكن عنده كذلك لما أخرجه لأنه يشترط اللقاء وسماع الراوي ممن روى عنه مرة واحدة فصاعدا والله أعلم

وقد أخرج النسائي في سننه من رواية موسى الجهني عن مجاهد قال أتى مجاهد بقدح حزرته ثمانية أرطال فقال حدثتني عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بمثل هذا قلت وهذا أيضا يدل على سماعه منها والله عز وجل أعلم اه وقال شيخنا وفقه الله حديث أخرج مسلم رحمه الله في الذبائح منفردا به من حديث شعبة عن أبي إسحاق وهو السبيعي قال قال البراء أصبنا يوم خيبر حمرا فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اكفؤوا القدور قال أبو مسعود الدمشقي الحافظ رحمه الله لهذا الحديث تعليل في مسند الحسن بن سفيان وهو أنه مرسل

قلت يعني أن أبا إسحاق لم يسمعه من البراء رضي الله عنه ولذلك قال فيه قال البراء فإن ثبت إرساله من هذا الوجه فإنه متصل في كتاب مسلم رحمه الله من رواية الشعبي وغيره عن البراء بنحوه وبالله التوفيق حديث أورده مسلم في مقدمة كتابه تعليقا بغير إسناد فقال فيه ويذكر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم وهذا الحديث رواه أبو هشام الرفاعي وغيره من الثقات عن يحيى بن

يمان عن الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن ميمون بن أبي شبيب عن عائشة رضي الله عنها وأخرجه أبو داود في سننه من هذا الوجه وإسناده جيد إلا أنه معلول فإن ميمون بن أبي شبيب لم يسمع من عائشة رضي الله عنها قاله غير واحد من العلماء وقد نبه أبو داود على هذه العلة عقيب هذا الحديث ولذلك لم يذكر له مسلم إسنادا فيما أرى وإن كان رجال إسناده كلهم من شرط كتابه وإنما أورده على وجه التعليق والله عز وجل أعلم اه حديث وقع في أثنائه ألفاظ في اتصالها نظر أخرجه مسلم في كتاب الإيمان من حديث ابن شهاب عن أنس بن مالك عن أبي ذر رضي الله عنهما في المعراج

وفيه قال ابن شهاب وأخبرني ابن حزم أن ابن عباس وأبا حبة الأنصاري كانا يقولان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام وابن حزم هذا هو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني قاضيها يقال اسمه أبو بكر وكنيته أبو محمد ويقال اسمه كنيته ولا نعلم له سماعا من أحد الصحابة رضي الله عنهم وإنما يروي عن أبيه وعمر بن عبد العزيز وعمرة بن عبد الرحمن وغيرهم من التابعين وإن كان أبوه قد ولد في آخر حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة تسع من الهجرة وقيل سنة عشر لكنه معدود في التابعين وأما رواية أبي بكر بن حزم عن أبي حبة الأنصاري البدري فغير متصلة بلا شك لأن أبا حبة قتل يوم أحد وكانت غزوة أحد في السنة الثالثة من الهجرة وأبو بكر بن حزم توفي سنة عشرين ومائة وهو ابن أربع وثمانين سنة فيما ذكر غير

حديث آخر

واحد من العلماء فيكون مولده على هذا سنة سبع وثلاثين من الهجرة فلا يتصور إدراكه له وأما روايته عن ابن عباس فغير معروفة لكنها جائزة ممكنة لإدراكه له لأن ابن عباس رضي الله عنهما توفي سنة ثمان وستين من الهجرة وقيل سنة تسع وستين وقيل سنة سبعين فإدراكه له معلوم غير مشكوك فيه وسماعه منه جائز ممكن وهذا محمول على الاتصال عند مسلم رحمه الله حتى يقوم دليل على أنه لم يسمع منه والله أعلم وأبو حبة البدري اسمه عامر وقيل مالك واختلف في ضبطه على ثلاثة أقوال فقيل أبو حبة بالباء بواحدة وقيل بالنون وقيل بالياء باثنتين من تحتها والصحيح الأول ذكر ذلك ابن عبد البر في استيعابه بنحوه وقيل في اسمه غير ذلك ولا خلاف أنه بالحاء المهملة والله أعلم اه حديث آخر أخرج مسلم رحمه الله في كتاب الصلاة حديث أبي الجوزاء الربعي عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين الحديث وأورده أبو عمر بن عبد البر النمري الحافظ في تمهيده في ترجمة العلاء بن عبد الرحمن وقال عقيبه ما هذا نصه اسم أبي الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي لم يسمع من عائشة وحديثه عنها مرسل وأورده أيضا في كتابه المسمى بالإنصاف وقال عقيبه رجال إسناد هذا الحديث ثقات كلهم لا يختلف في

ذلك إلا أنهم يقولون إن أبا الجوزاء لا يعرف له سماع من عائشة وحديثه عنها إرسال قال شيخنا الحافظ أبو الحسين يحيى بن علي أسعده الله وإدراك أبي الجوزاء هذا لعائشة رضي الله عنها معلوم لا يختلف فيه وسماعه منها جائز ممكن لكونهما جميعا كانا في عصر واحد وهذا ومثله محمول على السماع عند مسلم رحمه الله كما نص عليه في مقدمة كتابه الصحيح إلا أن تقوم دلالة بينة على أن ذلك الراوي لم يلق من روى عنه أو لم يسمع منه شيئا فحينئذ يكون الحديث مرسلا والله أعلم وقد روى البخاري في تاريخه عن مسدد عن جعفر بن

سليمان عن عمرو بن مالك النكري عن أبي الجوزاء قال أقمت مع ابن عباس وعائشة اثنتي عشرة سنة ليس من القرآن آية إلا سألتهم عنها قال البخاري في إسناده نظر قلت ومما يؤيد قول البخاري رضي الله عنه ما رواه محمد بن سعد كاتب الواقدي وكان ثقة عن عارم عن حماد بن زيد عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء قال جاورت ابن عباس في داره اثنتي عشرة سنة فذكره ولم يذكر عائشة وهذا أولى بالصواب والله أعلم وقد روى أبو الجوزاء هذا عن ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة وقتل في

الجماجم سنة ثلاث وثمانين من الهجرة ولم يخرج البخاري له عن عائشة شيئا وبالله التوفيق وقد روى هذا الحديث أعني حديث أبي الجوزاء إبراهيم بن طهمان الهروي وهو من الثقات الذين اتفق البخاري ومسلم على إخراج حديثهم في الصحيحين عن بديل العقيلي عن أبي الجوزاء قال أرسلت رسولا إلى عائشة رضي الله عنها أسألها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان يفتتح الصلاة بالتكبير الحديث أخبرنا أبو اليمن الكندي بقراءتي عليه بدمشق أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري ببغداد أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن علي الصيرفي أخبرنا جعفر بن محمد الفريابي حدثنا مزاحم بن سعيد أخبرنا عبد الله بن المبارك حدثنا إبراهيم بن طهمان حدثنا بديل العقيلي عن أبي الجوزاء قال أرسلت

رسولا إلى عائشة رضي الله عنها أسألها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث وهذا الحديث مخرج في كتاب الصلاة لأبي بكر جعفر بن محمد بن الحسين الفريابي وهو إمام من أئمة أهل النقل ثقة مشهور وإسناده إسناد جيد لا أعلم في أحد من رجاله طعنا وقول أبي الجوزاء فيه أرسلت إلى عائشة يؤيد ما ذكر ابن عبد البر والله أعلم اه قال شيخنا الحافظ وفقه الله عبدة بن أبي لبابة روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يجهر بهؤلاء الكلمات سبحانك اللهم

الحديث وأورده مسلم في أول حديث رواه أبو عمرو الأوزاعي عن قتادة عن أنس قال صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم الحديث وفي رواية عبدة عن عمر رضي الله عنه نظر والصحيح أنه مرسل وإنما احتج مسلم بحديث قتادة عن أنس والله أعلم اه هذا آخر الأحاديث الملحقة في هذا الكتاب والحمد

§1/1