غاية السول إلى علم الأصول

ابن المِبْرَد

مقدمة المؤلف

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وسيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فهذا مختصر في أصول الفقه على مذهب الإمام أحمد رضي الله عنه وأرضاه اختصرته حسب الإمكان ليسهل على الطالب ويقرب فهمه للراغب والله حسبنا ونعم الوكيل فنقول وبالله التوفيق أصول الفقه مركب من مضاف ومضاف إليه وما كان كذلك. فتعريفه من حيث هو مركب إجمالي لقبي وباعتبار كل من مفرداته تفصيلي. فأصول الفقه على الأول: العلم بالقواعد التي يتوصل

تعريف الفقه لغة واصطلاحا

بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية. وعلى الثاني , الأصول: الآتي ذكرها وهي جمع أصل الشئ: مامنه الشئ. والفقه لغة: الفهم. وهو: إدراك معنى الكلام. وشرعا: معرفة الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية بالاستدلال.

تعريف العلم

وأصول الفقه فرض كفاية وقيل فرض عين والمراد الاجتهاد قاله أبو العباس. ومعرفة الفروع مقدمة وقيل الأصول. والعلم يحد فهو معرفة المعلوم على ما هو عليه. وقيل: صفة توجب تمييزا لا يحتمل النقيض.

تعريف العقل

وقيل لا يحد قال أبو المعالي لعسره , وقيل لأنه ضروري. والعقل بعض العلوم الضرورية , وقيل:

كلها , وقيل: جوهر بسيط. وقال أحمد: هو غريزة. قال القاضي: غير مكتسب , وقيل: هو اكتساب. ويختلف فعقل بعض الناس أكثر من بعض. وقيل: لا.

تعريف الحد وشرطه

ومحله: القلب. وأشهر الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى هو: في الدماغ. والحد أي كل لفظ وضع لمعنى. وشرط الحد أن يكون جامعا مانعا ويقال له المطرد المنعكس أقسامها: مفرد ومركب. المفرد: اللفظ بكلمة واحدة. والمركب بخلافه. وينقسم إلى اسم وفعل وحرف.

تعريف الصوت والكلمة والكلام

والمركب جملة وغير جملة. والصوت: عرض مسموع. واللفظ: صوت معتمد على مخرج من مخارج الحروف. والكلمة: لفظ وضع لمعنى مفرد. وجمعها: كلم. والكلام: ما تضمن كلمتين بإسناد. وشرطه: الإفادة , ولا يتألف إلا من اسمين أو فعل واسم. وهو نص وظاهر ومجمل. فالنص: الصريح في (1\أ) معناه.

تعريف الظاهر والمشترك والمترادف والحقيقة

والظاهر: اللفظ المحتمل معنيين فصاعدا وهو في أحدهما أظهر. والمشترك: واقع ومنع منه يعضهم , وقيل: في القرآن. وقيل: في الحديث. ولا يجب في اللغة ,وقيل: بلى. والمترادف واقع , والحد والمحدود غير مترادف على الأصح. والحقيقة: اللفظ المستعمل في وضع أول.

تعريف المجاز

وهي لغوية وعرفية وشرعية. والمجاز: اللفظ المستعمل في غير وضع أول على وجه يصح. ولا بد من العلاقة وقد تكون بالشكل , أو في صفة ظاهرة, ولما كان ,أو آيل , أو لمجاورة , ويجوز أيضا بالمفعول عن الفاعل , وبالعلة عن المعلول , واللازم عن الملزوم , والأثر عن المؤثر , وما بالقوة على ما بالفعل , وبالزيادة وبالنقص , ويسمى الشئ باسم غايته , وضده , والجزء باسم الكل , وبالعكس فيهن.

ولا يشترط النقل في الآحاد على الأصح. واللفظ قبل استعماله ليس حقيقة ولا مجازا , والحقيقة لا تستلزم المجاز, وفي العكس خلاف. والمجاز واقع خلافا لأبي العباس. وعلى الأول المجاز أغلب وقوعا. قال أبو العباس الحقيقة والمجاز من عوارض الألفاظ. وهو في القرآن , ومنع منه بعضهم , وقد يكون في الإسناد وفي الأفعال والحروف , ولا يكون في الأعلام.

ويجوز الاستدلال به , ولا يقاس عليه , وقيل: بلى بناء على ثبوت اللغة قياسا. وإذا دار اللفظ بين المجاز والاشتراك فالمجاز أولى. وفي تعارض الحقيقة المرجوحة والمجاز الراجح أقوال. واللفظ لحقيقة حتى يقوم دليل المجاز. والحقيقة الشرعية واقعة عندنا , وقيل: لا شرعية بل لغوية وزيدت شروطا. وفي القرآن المعرب ونفاه الأكثر.

تعريف المشتق

والمشتق: فرع وافق أصلا , وهو: الاسم عند البصريين وعند الكوفيين: الفعل بحروف الأصول. وإطلاق الاسم المشتق قبل وجود الصفة المشتق منها مجاز. والمزاد: إذا أريد الفعل , فإذا أريدت الصفة المشبهة بالفاعل فقال القاضي: هو حقيقة ,وقيل: مجاز. وأما أسماء الله تعالى وصفاته فقديمة وهي حقيقة. وشرط المشتق صدق أصله , ولا يشتق اسم الفاعل لشيء والفعل قائم بغيره.

والأبيض ونحوه من المشتق يدل على ذات متصفة (2|ب) بالبياض لا على خصوص من جسم وغيره. وتثبت اللغة قياسا وقيل: لا. والإجماع على منعه في الأعلام والألقاب.

فصل في بيان معاني الحروف

فصل الواو لمطلق الجمع , لا لترتيب , ولا معية. وقيل: للترتيب , وقيل: إن كان كل واحد من المعطوف والمعطوف عليه شرطا في صحة الآخر فللترتيب وإلا فلا. والفاء للترتيب والتعقيب: في كل شئ بحسبه. ومن: لابتداء الغاية حقيقة , وقيل: في التبعيض , وقيل: في التبيين. وإلى: لانتهاء الغاية , وابتداء الغاية داخل

لا ما بعدها في ثالث. وعلى: للاستعلاء , وهي للإيجاب. وفي: للظرف , والتعليل , وللسببية , وبمعنى على. واللام: أقسام وفي التمهيد هي حقيقة للملك لا يعدل عنه وتكون بمعنى على , وبمعنى إلى. وأجل: حرف جواب بمعنى نعم. وإن تكون شرطية ونافية وزائدة. وأو: حرف عطف , ويكون للشك , والإيهام , والتخيير , والإباحة , وبمعنى الواو والإضراب , والتقسيم , وبمعنى إلى , وللتقريب , وتكون شرطية , وللتبعيض.

وثم: حرف عطف للترتيب , التشريك , والمهلة. وحتى: لانتهاء الغاية , والتعليل , وبمعنى إلا في الاستثناء.

فصل في مبدأ اللغات

فصل ليس بين اللفظ ومدلوله مناسبة طبيعية. ومبدأ اللغات توقيف من الله تعالى بإلهام أو وحي أو كلام. وقيل: بعضها توقيفا وبعضها اصطلاحا.

فصل في الأحكام

فصل في الأحكام لا حاكم إلا الله تعالى , فالعقل لا يحسن ولا يقبح ولا يحرم. وقال أبو الحسن التميمي: بلى. وفعل الله تعالى وأمره لعلة. وسكر المنعم من فال العقل يحسن ويقبح أوجبه عقلا , ومن نفاه أوجبه شرعا.

والانتفاع بالأعيان قبل الشرع على الإباحة , وقيل: على الحظر وقيل على الوقف. وفرض ابن عقيل المسألة في الأقوال والأفعال أيضا.

فصل في الأحكام الشرعية

فصل والحكم الشرعي , وفيل: خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع. وقيل: مقتضى خطاب الشرع .......... إلى آخره. ثم الخطاب إما أن يرد باقتضاء مع الجزم وهو الإيجاب, أو لا مع الجزم وهو الندب , أو باقتضاء الترك مع الجزم وهو التحريم , أو لا مع (3|أ) الجزم وهو الكراهة , أو بالتخيير وهو الإباحة , فهي حكم شرعي وفي كونها تكليفا خلاف.

تعريف الواجب

والواجب: ما ذم شرعا تاركه قصدا مطلقا. وهو والفرض متباينان لغة مترادفان شرعا في أصح الروايتين. والثانية الفرض آكد فهو ما ثبت بدليل مقطوع به ,وقيل: ما لا يسقط في عمد ولا سهو , وقيل: ما لزم بالقرآن. والأداء: ما فعل في وقته المقدر له أولا شرعا. والقضاء: ما فعل بعد وقت الأداء. والإعادة: ما فعل مرة بعد أخرى , وقيل: في وقته المقدر له وقيل: لخلل.

فرض الكفاية

وفرض الكفاية واجب على الجميع , وقيل: على بعض غير معين ويسقط بفعل البعض كما يسقط الإثم. وتكفي غلبة الظن في فعله. وإن فعله الجميع دفعة فالكل فرض وإن فعله بعضهم بعد بعض فالثاني فرض , وقيل: لا. ولا فرق بينه وبين فرض العين ابتداء , ويلزم بالشروع. وفرض العين أفضل منه. والأمر بواحد كخصال الكفارة مستقيم والواجب واحد لا بعينه. وقبل: يتعين بالفعل , وقيل: معين عند الله

الواجب الموسع

والخلاف معنوي، وقيل: لفظي. والفعل في الموسع جميعه أداء , ومن أخر الواجب الموسع مع ظن مانع أثم ثم إذا بقي على حاله وفعله فأداء وقيل: قضاء. وما لا يتم الواجب إلا به ليس بواجب، قدر عليه المكلف أو لا. وما لا يتم الواجب إلا به واجب. وقيل: ما كان شرطا شرعيا , وإذا قلنا بوجوبه

عوقب تاركه وقيل: لا. وإذا كنى الشارع عن عبادة ببعض ما فيها دل على فرضه. ويجوز أن يحرم واحد لا بعينه , ويجتمع في الشخص الواحد ثواب وعقاب , ويستحيل كون الشيئ الواحد واجبا حراما من جهة واحدة وأما الصلاة في الدار المغصوبة فالصحيح عدم الصحة. وقيل: يسقط الفرض عندها لا بها، وهو مردود.

وأما من خرج من أرض الغصب تائبا فتصح توبته فيها ولا يأثم بحركة خروجه. وقال أبو الخطاب بلى.

فصل في المندوب والمكروه والمباح

فصل الندب في اللغة: الدعاء إلى الفعل. وشرعا: ما أثيب فاعله ولم يعاقب تاركه. وهو مرادف المسنون , والمستحب , وهو مأمور به حقيقة. وقيل: مجازا. وهو تكليف وقيل: لا. والمكروه ضده.

تعريف المباح

وفي كونه منهيا عنه حقيقة ومكلفا به كالمندوب , ويطلق (3|ب) على الحرام، وترك الأولى, وقيل: هو حرام وفي عرف المتأخرين ينصرف إلى التنزيه ولا يتناوله الأمر المطلق. والمباح: ما استوى طرفاه , وهو غير مأمور به , وإذا أريد بالأمر الإباحة فمجاز , وقيل: حقيقة.

فصل في الحكم الوضعي

فصل خطاب الوضع: ما استفيد بواسطة نصب الشارع علما معرفا لحكمة لتعذر معرفة خطابه في كل حال. وللعلم المنصوب أصناف: العلة وهو في الأصل الغرض الموجب لخروج البدن الحيواني عن الاعتدال الطبيعي ,

الصنف الثاني: السبب

ثم استعيرت عقلا لما أوجب الحكم العقلي لذاته. ثم استعيرت لمعان: أحدهما: ما أوجب الحكم الشرعي لا محالة وهو المجموع المركب من مقتضى الحكم وشرطه ومحله وأهله. الثاني: مقتضى الحكم , وإن تخلف لفوات شرط أو وجود مانع. الثالث: الحكمة كمشقة السفر للفطر. الصنف الثاني: السبب وهو لغة: ما توصل به إلى الغرض

الصنف الثالث: الشرط

واستعير شرعا لمعان: أحدها: ما يقابل المباشرة كحفر البئر مع التردية فالأول سبب والثاني علة. الثاني: علة العلة. الثالث: العلة بدون شرطها. الرابع: العلة الشرعية كاملة. الصنف الثالث: الشرط , وهو لغة: العلامة. وشرعا: ما لزم من انتفائه انتفاء أمر على جهة السببية. وهو: عقلي , ولغوي , وشرعي.

المانع والصحة والعزيمة

وعكسه , المانع وهو: ما يلزم من وجوده عدم الحكم. والصحة في العبادات: وقوع الفعل كافيا في سقوط القضاء, وفي المعاملات: ترتب أحكامها المقصودة بها عليها. والبطلان والفساد مترادفان يقابلانها. والعزيمة لغة: القصد المؤكد. وشرعا: الحكم الثابت بدليل شرعي خال عن معارض راجح.

الرخصة

والرخصة لغة: السهولة. وشرعا: ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح. ومنها ما هو واجب , ومندوب , ومباح.

فصل المحكوم فيه

فصل المحكوم فيه الإجماع على صحة التكليف بالمحال لغيره وفي صحة التكليف بالمحال لذاته قولان. وحصول الشرط الشرعي ليس شرطا في التكليف وهو مفروض في تكليف الكفار بالفروع والصحيح عن أحمد الوقوع كالإيمان. وقيل: في الأوامر فقط ولا تكليف إلا بفعل ومتعلقة في النهي كف النفس.

وقيل: ضد المنهي عنه والأكثر يقطع التكليف حال حدوث (4|أ) الفعل. وشرط المكلف به أن يكون معلوم الحقيقة للمكلف معلوما كونه مأمورا به معدوما.

فصل المحكوم عليه

فصل المحكوم عليه شرط التكليف العقل وفهم الخطاب ولا تكليف على مميز وقيل: بلى وقيل: مراهق. والمكره المحمول كالآلة غير مكلف وقيل: بلى. وبالتهديد والضرب فهو مكلف وتعلق الأمر بالمعدوم بمعنى طلب إيقاع الفعل منه حال عدمه محال باطل وإما بمعنى تقدير وجوده فجائز.

فصل في الأدلة الشرعية

فصل الأدلة الشرعية الكتاب والسنة والإجماع والقياس. واختلف قي أصول تأتي. والأصل الكتاب والسنة مخبرة عن حكم الله والإجماع مستند إليها والقياس مستنبط منهما. الكتاب كلام الله المنزل للإعجاز بسورة منه وهو القران.

وتعريفه ما نقل بين دفتي المصحف نقلا متواترا دوري. وهو معجز في لفظه ونظمه والأصح ومعناه وفي بعض آية إعجاز وقيل: لا. وما لم يتواتر فليس بقرآن والبسملة بعض آية من النمل وآية من القرآن والقراءات السبع متواترة. وما صح من الشاذ ولم يتواتر وهو ما خالف مصحف عثمان في صحة الصلاة روايتان. قال أبو العباس قال أئمة السلف: أن مصحف عثمان هو أحد الحروف السبعة. والشاذ حجة , وقيل: لا.

وفي القرآن المحكم والمتشابه. ولا يجوز أن يقال في القرآن ما لا معنى له وفيه ما لا يفهم معناه إلا الله , ولا يجوز تفسيره برأي واجتهاد وبمقتضى اللغة روايتان.

فصل في مباحث السنة

فصل والسنة لغة: والطريقة. وشرعا: ما نقل عن الرسول قولا أو فعلا أو إقرارا. وفعل الصحابي مذهب له في وجه. وللخبر صيغة تدل بمجردها عليه. وهو: ما دخله الصدق والكذب

المتواتر والآحاد

وغير الخبر: إنشاء، وتنبيه، ومن التنبيه: الأمر والنهي والاستفهام والتمني والترجي والقسم والنداء , وبعت واشتريت ونحوها إنشاء. وينقسم الخبر إلى ما يعلم صدقه , وإلى ما يعلم كذبه, وإلى ما لا يعلم. وينقسم الخبر إلى متواتر وآحاد. فالمتواتر لغة: التتابع. وشرعا: خبر جماعة مفيد بنفسه العلم , العلم الحاصل به ضرورة. وقيل: نظري والخلاف لفظي

وشرطه أن يبلغوا عددا يمتنع تواطؤهم على الكذب لكثرتهم أو لدينهم وصلاحهم مستندين إلى حس مستوون في طرفي الخبر ووسطه وفي كونهم عالمين بما أخبروا به غير ظانين قولان. ويعتبر فيه عدد واختلفوا في قدره والصحيح لا ينحصر في عدد وضابطه: ما حصل العلم عنده وقيل: اثنان (4|ب) وقيل: أربعة, وقيل: خمسة, وقيل: عشرون, وقيل: سبعون.

ولا تشترط العدالة والإسلام ولا عدم انحصارهم في بلد أو عدد، ولا عدم اتحاد الدين والنسب، ولا عدم اعتقاد نقيض المخبر به وكتمان أهل التواتر ما يحتاج إلى نقله ممتنع، وفي جواز الكذب على عدد التواتر خلاف , وذهب قوم إلى أن ما حصل به العلم في واقعة أو شخص أفاده في غيرها ولغيره ممن شاركه في السماع من غير اختلاف وهو صحيح إن تجرد الخبر عن القرائن أما مع اقترانها به فيجوز الاختلاف. ويجوز حصول العلم بخبر الواحد مع القرائن لقيامها مقام المخبر به والله أعلم.

فصل في المتواتر والآحاد

فصل وخبر الواحد ما عدا التواتر. وقيل: إن زادت نقلته على ثلاثة سمي مستفيضا مشهورا. وعن أحمد في حصول العلم به قولان. وفي تكفير من جحد ما ثبت به، خلاف. وإذا أخبر إنسان بحضرته عليه السلام ولم ينكر دل على صدقه ظنا. وقيل: قطعا. وكذا الخلاف لو أخبر بحضرة

خلق كثير ولم يكذبوه. ويجوز العمل به عقلا. وهل في الشرع ما يمنعه؟ أو ليس فيه ما يوجبه؟ خلاف. ويجب العمل به سمعا. وقيل: عقلا. اشترط الجبائي لقبول خبر الواحد أن يروي اثنان في جميع طبقاته، أو يعضده دليل آخر. ويشترط للراوي العقل، والبلوغ. وعن أحمد تقبل شهادة المميز فخرجت هنا، فإن تحمل صغيرا عاقلا ضابطا

قبل. والإسلام، والعدالة وهي: ترك الكبائر والإصرار على الصغائر. ولا تقبل رواية مجهول العدالة في أحد القولين. والكبيرة: ما فيهل حد في الدنيا، أو وعيد في الآخرة نص عليه. وقال أبو العباس: أو لعنة، أو غضب، أو نفي إيمان. والمبتدعة، أهل الأهواء، إن كان بدعة أحدهم مغلظة ردت روايته, وإن كانت متوسطة ردت إن كان داعية, وإن كانت خفيفة فروايتان, والفقهاء ليسوا من أهل الأهواء في الأصح.

والمحدود في القذف إن كان بلفظ الشهادة قبلت روايته دون شهادته، وإن تحمل فاسقا أو كافرا وروى عدلا مسلما قبلت. ولا يشترط رؤية الراوي، ولا ذكوريته، ولا فقهه، ولا معرفة نسبه، ولا عدم العداوة، والقرابة، ولا البصر. ومن اشتبه اسمه باسم مجروح رد خبره حتى يعلم. والجرح والتعديل، يثبت بالواحد. وقيل: لا. ويشترط (5|أ) ذكر سبب الجرح لا التعديل، وقيل: عكسه, وقيل: يشترط فيهما، وعنه عكسه, والمختار إن كان عالما كفى الإطلاق، فيهما وإلا فلا.

شروط الرواية

والجرح مقدم وقيل: التعديل إن كثر المعدلون. وحكم الحاكم المشترط العدالة كشهادته أو روايته تعديل, وليس ترك الحكم بها جرحا. والصحابة عدول , وقيل: إلى حين زمن الفتن, وقيل: كغيرهم. والصحابي: من رآه مسلما واجتمع به, وقيل: من طالت صحبته له عرفا, وقيل: وروى عنه، وقيل: سنتين وغزا معه غزاتين. ويعلم بإخبار غيره عنه, أو هو عن نفسه. ولرواية الصحابي ألفاظ: أعلاها: سمعت, وحدثني, وأخبرني, وأنبأني,

وشافهني, ثم قال, وقيل: لا يحمل على السماع, ثم أمر، أونهى، وأمرنا، ونهانا؛ فهو حجة, ثم أمرنا، أو نهينا فحجة , وقيل: لا. ومثله: من السنة، أو جرت السنة، أو: كنا نفعل أو: كانوا يفعلون؛ إن أضيف إلى عهد النبوة فحجة ,وقيل: لا. وإن لم يضف فخلاف. وقول الصحابي والتابعي في حياة الرسول وبعد موته سواء. وغير الصحابي لكيفية روايته مراتب: قراءة الشيخ عليه في معرض إخباره ليروي عنه.

فيقول: سمعت، وقال، وحدثني، وأخبرني , وإلا قال: حدث، وأخبر، وقال، وسمعته. ثم أن يقرأ هو على الشيخ, وقيل: هما سواء, وقيل: هذا أعلى فيقول نعم أو يسكت ومع غفلة أو أكراه لا يكفي السكوت, ويقول حدثنا، وأخبرنا قراءة عليه وبدونها، خلاف. وهل يجوز إبدال قول الشيخ حدثنا بأخبرنا وعكسه؟ فيه روايتان. ومن شك في سماع حديث: لم يجز روايته مع الشك؛ ولو اشتبه بغيره تركها.

وإن ظن أنه واحد بعينه، أو أن هذا مسموع له, ففي جواز الرواية خلاف. والإجازة نحو: أجزت لك أن تروي عني أو ما صح عندك من مسموعاتي. والمناولة: خذ هذا الكتاب فاروه عني. ويكفي مجرد اللفظ دون المناولة, فيقول: حدثني، وأخبرني إجازة وبدونها، خلاف. ولو قال خذ هذا الكتاب، أو هو سماعي ولم يقل اروه عني لم يجز. ولا يروي عنه ما وجد بخطه لكن يقول وجدت بخطه وتسمى الوجادة.

وإنكار الشيخ الحديث غير قادح في رواية الفرع له, ويجوز إجازة معين لمعين، ولو بجميع مسموعاته, ويجوز لمعدوم تبعا لموجود, وقيل: لا. ولا تجوز لمعدوم, وقيل: بلى. والزيادة من الثقة المنفرد بها مقولة، لفظية كانت، أو معنوية. فإن علم اتحاد المجلس قدم قول الأكثر ثم الأحفظ والأضبط ثم المثبت. وقال القاضي: فيه مع التساوي روايتان. وحذف بعض الخبر جائز إلا في الغاية، والاستثناء، ونحوه. وخبر الواحد فيما تعم به البلوى مقبول، وكذا

في الحد. وخبر الواحد المخالف للقياس من كل وجه مقدم عليه. وتجوز رواية الحديث بالمعنى المطابق للعارف بمقتضيات الألفاظ الفارق بينها, وقيل: لا يجوز وقيل: فيما هو خبر عن الله, ومنع أبو الخطاب إبداله بما هو أظهر أوأخفى. ويقبل مرسل الصحابي, وفيل: لا, وفي ومرسل غير الصحابي قولان.

فصل في الإجماع

فصل والإجماع لغة: العزم والاتفاق. وشرعا: اتفاق مجتهدي العصر من هذه الأمة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على أمر ديني, وهو حجة قاطعة, واتفاق من سيوجد لا يعتبر وكذا المقلد ولا من عرف أصول الفقه أو الفقه فقط أو النحو ولا يختص الإجماع بالصحابة, بل إجماع كل عصر

حجة, وعنه لا, ولا إجماع مع مخالفة واحد واثنين كثلاثة وعن أحمد بلى, والأظهر أنه حجة لا إجماع, والتابعي المجتهد معتبر مع الصحابة, وعنه لا, فإن نشأ بعد اجماعهم فعلى انقراض العصر, وتابع التابعي كالتابعي مع الصحابة, وإجماع أهل المدينة ليس بحجة, وقول الخلفاء الراشدين مع مخالفة مجتهد صحابي لهم ليس بإجماع, وقيل: بلى فيجوز لغيرهم خلافه. وقيل: لا.

ولا ينعقد بأهل البيت وحدهم, وقيل: بلى. ولا يشترط عدد التواتر له, فلو لم يبق إلا واحد ففي كونه حجة إجماعية قولان. وإذا أفتى واحد وعرفوا به قبل استقرار المذاهب وسكتوا عن مخالفته فإجماع, وقيل: حجة لا إجماع, وقيل: هما بشرط انقراض العصر, وقيل: حجة في الفتيا لا الحكم, وقيل: عكسه. وإن لم يكن القول في التكليف فلا إجماع, وإن لم ينتشر فليس بحجة والصحيح على أنه لا فرق بين مذهب الصحابي أو مجتهد من المجتهدين ولا يعتبر للإجماع انقراض العصر, وقيل: بلى,

ولبعضهم الرجوع لدليل, ولا إجماع إلا عن مستند وتحدم مخالفته, وإذا أجمع على قولين ففي جواز إحداث قول ثالث خلاف, ويجوز إحداث دليل وعلة وتأويل على الأصح. واتفاق العصر الثاني على أحد قولي أهل العصر الأول بعد أن استقر خلافهم ليس اجماعا, وقيل: بلى. واتفاق مجتهدي عصر بعد الخلاف والاستقرار, فمن شرط انقراض العصر عده إجماعا,

ومن لم يشترطه, فقيل: حجة, وقيل: ممتنع. واختلفوا في جواز عدم علم الأمة بخبر أو دليل راجح إذا عمل على وفقه, وارتداد الأمة جائز عقلا لا سمعا في الأصح, ويصح التمسك بالاجماع فيما لا يتوقف صحة الاجماع عليه, وفي الدنيوية كالاراء في الحرب خلاف, ويثبت الإجماع بنقل الواحد على الأصح. ومنكر الإجماع الظني لا يكفر وفي اللفظي خلاف.

فصل في النسخ

فصل والنسخ لغة: (6\أ) الرفع والنقل. وشرعا: رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم، بخطاب متراخ عنه. وأهل الشرائع على جواز النسخ عقلا، ووقوعه شرعا. ولا يجوز على الله البداء, وبيان الغاية المجهولة هل هي نسخ أم لا؟ خلاف.

ويجوز النسخ قبل الفعل بعد دخول الوقت، وكذا قبل وقت الفعل. ولايجوز النسخ قبل علم المكلف بالمأمور, ويجوز نسخ أمر مقيد بالتأبيد, وفي نسخ الأخبار خلاف, ولو قيد بالأبد لم يجز, وقيل: بلى. ويجوز النسخ إلى غير بدل, وبأثقل.

ونسخ التلاوة دون الحكم وعكسه, ويجوز نسخ كل من الكتاب ومتواتر السنة، وآحادها بمثله, ونسخ السنة بالكتاب على الأصح. وأما نسخ القرآن بخبر متواتر فجائز عقلا, وشرعا في رواية, ولا يجوز نسخه بخبر الآحاد شرعا, وقيل: بلى. ولا يجوز نسخ المتواتر بأخبار الآحاد.

والإجماع والقياس لا ينسخان، ولا ينسخ بهما، وفي الروضة ما ثبت بالقياس إن نص على علته فكالنص ينسخ وينسخ به، وإلا فلا. وما حكم به الشارع مطلقا أو في أعيان لا يجوز تعليله بعلة مختصة بذلك الوقت. والفحوى ينسخ وينسخ به. وإذا نسخ نطق مفهوم الموافقة، فلا ينسخ مفهومه. وإذا نسخ حكم أصل القياس تبعه حكم الفرع. ولا حكم للناسخ مع جبريل. ولا يثبت حكمه قبل تبليغ المكلف, والعبادات المستقلة ليست نسخا، وعن بعضهم صلاة سادسة نسخ, وأما زيادة جزء مشروط، أو شرط، أو زيادة ترفع

مفهوم المخالفة فليس بنسخ, وقيل: الثالث نسخ. ونسخ جزء من العبادة أو شرطها ليس نخسا لجميعها ويجوز نسخ جميع التكاليف سوى معرفة الله تعالى. ولا يعرف النسخ بدليل عقلي، ولا قياس, بل بالنقل المجرد، أو المشوب باستدلال عقلي، أو بنقل الراوي، أو بدلالة اللفظ، أو بالتاريخ، أو يكون راوي أحد الخبرين مات قبل إسلام الراوي الثاني. وإن قال الراوي: هذه الآية منسوخة؛ لم يقبل حتى يخبر بما نسخت، وقيل: يقبل. وإن قال: نزلت هذه الآية بعد هذه؛ قبل. وإن قال هذا الخبر منسوخ؛ فكالآية. وإن قال: كان كذا ونسخ؛ قبل قوله في النسخ, ويعتبر تأخر الناسخ، وإلا فتخصيص، وإذا تعارضا فلا نسخ وإن أمكن الجمع.

فصل في الأمر

فصل الأمر استدعاء إيجاد الفعل بالقول أو ما قام مقامه. وهل يشترط العلو، أو الاستعلاء، فيه خلاف. ولا يشترط كون الأمر أمرا إرادته. وهو حقيقة في القول المخصوص مجاز في الفعل. (6|ب) وله صيغة تدل عليه وترد صيغة أفعل لمعان: الوجوب, والندب, والإرشاد, والإباحة, والتهديد, والامتنان, والإكرام, والتسخير, والتعجيز, والإهانة,

والتسوية, والدعاء, والتمني, والاحتقار, والتكوين, والخبر. والأمر المجرد عن قرينة يقتضي الوجوب, وقيل: الندب, وقيل: الإباحة, وقيل: الوقف. وإذا ورد بعد الحظر فللوجوب, أو إن كان بلفظ أمرتكم أو أنت مأمورا, لا أفعل أو للإباحة, أو الندب, أو كما كان قبل الحظر، أقوال. وعكسه التحريم, وقيل: للكراهة, وقيل: الإباحة. والأمر بعد الاستئذان للإباحة. وإذا صرف الأمر عن الوجوب؛ جاز الاحتجاج به في الندب، والإباحة.

والأمر المطلق لا يقتضي التكرار, وقيل: بلى, وعلى الأول لا يقتضي إلا فعل مرة. وقيل: هو يحتمل التكرار, وقيل الوقف فيما زاد عن المرة. وإذا علق الأمر على علة ثابتة وجب تكراره بتكرارها. وفي المعلق على شرط خلاف. ومقتضى الأمر المطلق الفور. والأمر بالشئ نهي عن ضده, والنهي عنه بأحد أضداده من حيث المعنى لا الصيغة. وأمر الندب كالإيجاب. ومقتضى الأمر حصول الإجزاء بفعل المأمور به إذا

أتى بجميع مصححاته. والواجب المؤقت يسقط بذهاب وقته, وقيل: لا. وقضاؤه بأمر جديد على الأول والأمر بالأمر بشئ ليس أمرا به. والأمر بالماهية، ليس أمرا بجزئياتها. ويجوز أن يرد الأمر معلقا باختيار المأمور, ويجوز أن يرد الأمر والنهي دائما إلى غير غاية, والأمر بالصفة أمر بالموصوف الأمر لجماعة يقتضي وجوبه على كل أحد منهم, ولا يخرج أحدهم إلا بدليل أو يكون الخطاب لا يعم فيكون فرض كفاية.

وما ثبت في حقه عليه السلام من حكم أو خوطب به تناول أمته وما توجه إلى صحابي تناول غيره حتى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقم دليل مخصص, وقيل: يختص بمن توجه إليه إلا أن يعمم.

فصل في النهي

فصل النهي مقابل الأمر فما قيل فيه فمثله هنا. وصيغته لا تفعل وإن احتملت تحقيرا، أو بيان العاقبة، أو الدعاء، أو اليأس، أو الإرشاد، فهي حقيقة في طلب الامتناع. ويختص به مسألتان: إطلاق النهي عن الشيء لعينه يقتضي فساد المنهي عنه شرعا, وقيل: لغة, وقيل: لا يقتضي فساده, وقيل: العبادات فقط.

وكذا النهي عن الشيء لوصفه, وقيل: فساد وصفه فقط. وكذا النهي لمعنى في غير المنهي عنه، خلافا للأكثر. فإن كان النهي عن غير العقد فلا يقتضي فساده على الأصح. الثانية: النهي يقتضي الفور والدوام خلافا لقوم.

فصل في العام

فصل العام اللفظ الدال على جميع أجزاء ماهية مدلوله, والخاص بخلافه. وينقسم اللفظ إلى: ما لا أعم منه كالشيئ، وإلا ما لا أخص منه كزيد، وإلى ما بينهما كالموجود. وهو من عوارض (7|أ) الألفاظ حقيقة. وله صيغة عند الأئمة الأربعة وصيغته أسماء الشرط, والاستفهام كمن فيمن يعقل وما فيما لا يعقل وفي الواضح عن آخرين ما لهما في

الخبر والاستفهام وأين وحيث للمكان ومتى للزمان وأي للكل وتعم من وأي المضاف إلى الشخص ضميرهما فاعلا كان أو مفعولا. والموصولات، والجموع المعرفة تعريف جنس، وقيل: لا تعم. والجموع المضافة وأسماء التأكيد، واسم الجنس المعرفة تعريف جنس. وعند الأكثر يعم الاسم المفرد المحلى باألف والام إذا لم يسبق تنكير، والمفرد المضاف، يعم والنكرة المنيفة على الأصح، والنكرة في سياق الشرط، وفي الجمع المنكر خلاف. وأقل الجمع ثلاثة وقيل: اثنان. والعام بعد التخصيص حقيقة، وقيل: مجاز. والعام بعد التخصيص بمبين حجة, وقيل: ليس بحجة.

والمراد: إلا في الاستثناء بمعلوم فإنه حجة. والعام المستقل على سبب خاص بسؤال وبغير سؤال، بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وقيل: عكسه, وصورة السبب قطعية الدخول فلا تخص بالاجتهاد. ويجوز أن يراد بالمشترك معنياه معا. والحقيقة والمجاز في لفظ واحد، ويحمل عليهما، ثم هل هو ظاهر في ذلك مع عدم قرينة كالعام, أو مجمل, فيرجع إلى مخصص خارج فيه خلاف. ونفي المساومة للعموم، ودلالة الإضمار عامة، والفعل المتعدي إلى مفعول يعم مفعولاته، فيقبل تخصيصه.

والفعل الواقع لا يعم أقسامه وجهاته نحو قول الصحابي: نهى عن بيع الغرر يعم كل غرر عندنا خلافا للأكثر. والمفهوم له عموم على الأصح. فعلى الأول يخص بما يخص به العام. ولا يلزم من إضمار شئ في المعطوف أن يضمر في المعطوف عليه، خلافا للقاضي. والقران بين شيئين في اللفظ لا يقتضي التسوية بينهما في الحكم غير المذكور إلا بدليل خارج.

وخطابه عليه السلام لواحد من الأمة هل يعم غيره؟ فيه خلاف. وجمع الرجال لا يعم النساء، ولا بالعكس، ويعم الناس ونحوه الجميع، ونحو المسلمين, وفعلوا مما يغلب فيه المذكر، يعم النساء تبعا، على الأصح. وفي الواضح لايقع مؤمن على أنثى، وخص الله الحجب بالإخوة فعداه القياسون إلى الأخوات. وفي المغني الأخوة والعموم للذكر والأنثى. ولا يدخل النساء في القوم، وقيل: بلى. وتعم من الشرطية المؤنث. والخطاب العام كالناس والمؤمنين ونحوهما يشمل العبد على الأصح، ومثل:"يأيها الناس","ياعبادي" يشمل الرسول عند الأكثر.

وفي تناول الخطاب العام من صدر منه من الخلق خلاف. ومثل"خذ من أموالهم صدقة"يقتضي الأخذ من كل نوع من المال عند الأكثر. والعام إذا تضمن مدحا، أو ذما، لا يمنع عمومه عند الأئمة الأربعة، ومنعه قوم وظاهر كلام أحمد قول الشافعي. وترك الاستفصال من الرسول في حكاية الحال ينزل منزلة العموم في المقال، والله أعلم.

فصل في التخصيص

فصل التخصيص: قصر العام على بعض أجزائه. وهو جائز على الأصح (7|ب) خبرا كان أو أمرا. وقيل: لا يجوز في الخبر وتخصيص العام إلى أن يبقى واحد جائز، ومنع أبو البركات النقص من أقل الجمع. وقيل: بقاء جمع

يقرب مدلول اللفظ. والمخصص المخرج وهو المتكلم بالخاص وموجده استعماله في الدليل المخصص مجاز. وهو متصل ومنفصل: والمتصل الاستثناء المتصل والشرط والغاية وقيل: وبدل البعض ويجوز تأخير التخصيص عن وقت العموم.

فصل في الاستثناء

فصل الاسثناء: إخراج بعض الجملة بإلا وما قام مقامها من: غير، وسوى، وعدا، وليس، ولا يكون، وحاشا، وخلا، وفي ما النافية، خلاف ذكره بعض النحاة، من متكلم واحد، وقيل: مطلقا. وهو إخراج ما لولاه لوجب دخوله لغة، وقيل: لجاز. ولا يصح من غير الجنس على الأصح. وفي صحة أحد النقدين من الآخر روايتان. ولا يصح من جمع منكر عند الأكثر.

ويجوز في كلام الله والمخلوقين على الأصح. وشرطه الاتصال لفظا، أو حكما كانقطاعه بنفس عند الأكثر، كسائر التوابع. ويشترط نيته على الأصح، من أول الكلام، وقيل: قبل تكميل المستثنى منه. وقيل: ولو بعد الكلام. ولا يصح إلا نطقا في الأظهر، إلا في اليمين لخائف من نطقه. ويجوز تقديمه. واستثناء الكل باطل، كاستثناء الأكثر على الأصح.

وفي النصف وجهان، ويصح فيما دونه. وإذا تعقب جملا بالواو العاطفة، عاد على جميعها عند الأكثر. ومثل بني تميم وربيعة أكرمهم إلا الطوال للجميع وجعله في التمهيد أصلا للمسألة قبلها. ولو قال أدخل بني هاشم ثم بني المطلب ثم سائر قريش وأكرمهم فالضمير للجميع. والاستثناء من النفي إثبات، وبالعكس على الأصح. والشرط مخصص، مخرج ما لولاه لدخل، وإذا تعقب جملا متعاطفة فللجميع. والتخصيص: بالصفة، والغاية، كالاستثناء،

والإشارة بلفظ ذلك بعد الجمل تعود إلى الكل. والتمييز بعد حمل هل يعود إلى الجميع؟ فيه خلاف.

فصل في التخصيص المنفصل

فصل في التخصيص المنفصل يجوز التخصيص بالعقل عند الأكثر. ويجوز بالحس، والنص، وسواء كان العام كتابا أو سنة، متقدما أو متأخرا؛ لقوة الخاص. وعنه: يتقدم المتأخر خاصا كان أو عاما. وعنه: لا يخص عموم السنة بالكتاب. وعنه: لا يخص عموم الكتاب بخبر الواحد. والإجماع مخصص ولو عمل أهل الإجماع بخلاف نص خاص تضمن ناسخا. ويخص العام بالمفهوم على الأصح.

وفعله عليه السلام يخص العموم كتقريره. ومذهب الصحابي يخص العموم، إن قيل هو حجة، وإلا فلا عند الأكثر. وقال أبو العباس: يخصه إن سمع العام وخالفه، وإلا فمحتمل. والعادة الفعلية لا تخص العموم, ولا تقيد المطلق، على الأصح. ولا يخص العام بمقصوده عند الجمهور، ورجوع الضمير إلى بعض العام المتقدم لا يخصصه على الأصح. ويخص العام بالقياس. وقيل: لا وقيل: يخص إن كان جليا.

فصل في المطلق والمقيد

فصل المطلق ما تناول (8|أ) واحدا غير معين باعتبار حقيقة شاملة لجنسه. والمقيد ما تناول معينا، أو موصوفا بزائد على حقيقة جنسه، وتفوت مراتبه بقلة القيود وكثرتها. وإذا ورد مطلق ومقيد، واختلف حكمهما لم يحمل أحدهما على الآخر وإن لم يختلف فإن اتحد سببهما وكانا مثبتين حمل المطلق على المقيد على الأصح. إن كان المقيد آحادا والمطلق متواترا؛ انبنى على

مسألة الزيادة على النص، هل هي نسخ؟ وعلى نسخ المتواتر بالآحاد. والأشهر أن المقيد بيان للمطلق لا نسخ له. وإن اختلف سببهما فالصحيح عن أحمد الحمل لغة. وقيل: قياسا. وقالت طائفة من محققي أصحابنا المطلق من الأسماء يتناول الكامل من المسميات في الاثبات والنفي.

فصل في المجمل

فصل المجمل لغة: ما جعل جملة واحدة لا ينفرد بعض آحادها عن بعض. وشرعا: اللفظ المتردد بين محتملين فصاعدا على السواء. وهو إما في المفرد: كالعين, والقرء, والجون, والشفق في الأسماء. وعسعس وبان في الأفعال. وترد الواو بين العطف والإبتداء في نحو"والراسخون" ومن بين ابتداء الغاية

والتبعيض في آية التيمم في الحروف. أو في المركب كتردد"الذي بيده عقدة النكاح" بين الولي والزوج وقد تقع من جهة التصريف كالمختار والمغتال للفاعل والمفعول ولا إجمال في إضافة التحريم إلى الأعيان، وقيل: بلى ثم هو عام. وقيل: ينصرف إطلاقه في كل عين إلى المقصود اللائق بها. ولا إجمال في نحو"وامسحوا برءوسكم" وحقيقة اللفظ مسح كله ولا إجمال في دفع عن أمتي الخطأ والنسيان

عند الأكثر ولا في نحو "لا صلاة إلا بطهور"، "وإلا بفاتحة الكتاب" "ولا نكاح إلا بولي" ويقتضي نفي الصحة عند الأكثر. وعمومه مبني على دلالة الإضمار، ورفع أجزاء

الفعل نص، فلا إلى عدم إجزاء الندب إلا بدليل. ونفي قبول الفعل يقتضي عدم الصحة. ولا إجمال في نحو "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " ولا في "وأحل الله البيع " عند الأكثر وما له محمل لغة ويمكن حمله على حكم شرعي لا إجمال فيه على الأصح. وما له حقيقة لغة وشرعا غير مجمل وهو للشرعي, وقيل: بلى.

فصل في المبين

فصل المبين: يقابل المجمل. أما البيان: إظهار المعنى للمخاطب وإيضاحه له. والفعل يكون بيانا عند الأكثر. ويجوز على الأصح كون البيان أضعف مرتبة. ويعتبر كون المخصص والمقيد أقوى. ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة. ويجوز عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة في إحدى الروايتين.

ويجوز (8|ب) على المنع تأخير السماع المخصص الموجود. ويجوز تأخير النبي صلى الله عليه وسلم تبليغ الحكم إلى وقت الحاجة على الأصح فيهما. ويجوز على الجواز التدرج في البيان عند المحققين. وفي وجوب اعتقاد عموم العام, والعمل به قبل البحث عن المخصص روايتان.

فصل في المفاهيم

فصل المفهوم مفهومان: مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة فالأول: أن يكون المسكوت عنه موافقا للمنطوق في الحكم، ويسمى فحوى الخطاب, وشرطه فهم المعنى في محل التطق، وهو حجة عند الأكثر. ودلالته لفظية, وقيل: قياس جلي. الثاني: مفهوم المخالفة, وهو أن يكون المسكوت عنه مخالفا للمنطوق في الحكم، ويسمى دليل الخطاب. وشرطه أن لا يظهر أولوية ولا مساواة في

المسكوت عنه فتكون موافقة، وإلا خرج مخرج الأغلب. ولا جوابا لسؤال على الأصح. وهو أقسام: مفهوم الصفة: وهو أن يقترن بعام صفة خاصة، وقال به الأكثر. ومفهوم الشرط, وهو أقوى منه. ومفهوم الغاية: وهو أقوى منه, ومفهوم العدد، وهو حجة على الأصح.

ومفهوم اللقب: وهو تخصيص اسم غير مشتق بحكم، وهو حجة. وقيل: لا. وهل المشتق اللازم من الصفة، أو اللقب، قولان. وإذا خص نوع بالذكر بحكم مدح، أو ذم، أو غيره مما لا يصلح السكوت عنه فله مفهوم، كقوله " كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون " وإذا اقتضى الحال، أو اللفظ عموم الحكم، لو عمَ, فتخصيص بعض بالذكر له مفهوم، كقوله " وفضلناهم على كثير " وفعله عليه السلام له دليل كدليل الخطاب. وإنما تفيد الحصر نطقا, وقيل: لا تفيده بل تؤكد الإثبات.

وفي أنما بالفتح خلاف، ومثل قوله " تحريمها التكبير وتحليلها التسليم "، ولا قرينة عهد تفيد الحصر نطقا, وقيل: فهما, وقيل: لا تفيده.

فصل في القياس

فصل القياس لغة: التقدير. وشرعا: حمل فرع على أصل في حكم جامع بينهما. وأركانه: الأصل, والفرع, وحكم الأصل, والوصف الجامع. فالأصل عند الأكثر محل الحكم المشبه به. وقيل: دليله, وقيل: حكمه، وقيل: الأصل يقع على الجميع. والفرع المحل المشبه.

شروط حكم وعلة الأصل

والحكم, والعلة مضى ذكرهما. والعلة: فرع في الأصل لاستنباطها من الحكم, أصل في الفرع لثبوت الحكم فيه بها. ومن شرط حكم الأصل كونه شرعيا, وأن لا يكون منسوخا, وفي اعتبار كونه غير فرع قولان. فإن كان حكم الأصل يخالفه المستدل ففاسد, وأن لا يكون معدولا به عن سنن القياس. ولا يعقل معناه، وأن لا يكون دليل الأصل شاملا لحكم الفرع, ولا يعتبر اتفاق الأمة على حكم الأصل, ويكفي اتفاق الخصمين, واعتبره قوم وسموا ما اتفق عليه

الخصمان: قياسا مركبا. ومن شرط علة الأصل (9|أ) كونها باعثة أي: مشتملة على حكمة مقصودة للشارع من شرع الحكم, وقال بعض أصحابنا: هي مجرد أمارة وعلامة نصبها الشارع دليلا على الحكم موجبة لمصالح ودافعة لمفاسد, ليست من جنس الأمارة الساذجة. وقال الآمدي: منع الأكثر جواز التعليل بحكمة مجرة عن وصف ضابط لها، وكلام أصحابنا مختلف في ذلك.

ويجوز أن تكون العلة أمرا عدميا في الحكم الثبوتي على الأصح. وشرطها أن تكون متعدية فلا عبرة بالقاصرة. وفي شرط اطراد العلة قولان. وفي تعليل الحكم بعلتين، أو علل كل منها مستقل، خلاف. ثم اختلف القائلون بالوقوع، إذا اجتمعت فهل كل واحدة علة، أوجزء علة، أو واحدة لا بعينها؟ أقوال. وتعليل حكمين بعلة بمعنى الباعث. أما الأمارة فاتفاق.

ولا تتأخر علة الأصل عن حكمه، ومن شرطها: أن لا ترجع عليه بالإبطال، وأن لا تخالف نصا، أو إجماعا، وأن لا تتضمن المستنبطة زيادة على النص، وأن يكون دليلها شرعيا، ويجوز أن تكون العلة حكما شرعيا عند الأكثر. ويجوز تعدد الوصف ووقوعه على الأصح. ومن شرط الفرع مساواة علته علة الأصل ظنا، ومساواة حكمه، حكم الأصل، وأن يكون منصوصا على حكمه, وقيل: لا يكون متقدما على حكم الأصل.

مسالك إثبات العلة

مسالك إثبات العلة الأول: الإجماع. الثاني: النص، فمنه صريح في التعليل، فإن أضيف إلى ما لا يصلح علة، فهو مجاز، أما نحو " إنها رجس" فصريح، وإن لحقته الفاء فهو آكد، وقيل: إيماء. ومنه إيماء، وهو أنواع الأول: ذكر الحكم عقب وصف بالفاء. الثاني: ترتيب الحكم على الوصف بصيغة الجزاء.

الثالث: ذكر الحكم جوابا لسؤال. الرابع: أن يذكر مع الحكم ما لو لم يعلل به للغي فيعلل به صيانة لكلام الشارع عن اللغو. الخامس: تعقيب الكلام، أو تضمنه ما لو لم يعلل به لم ينتظم. السادس: اقتران الحكم بوصف مناسب، وهل يشترط مناسبة الوصف المومأ إليه؟ فيه وجهان. الثالث من مسالك العلة: التقسيم، والسبر وهو حصر الأوصاف وإبطال كل علة علل بها الحكم المعلل إلا واحدة فتتعين, ومن شرطه أن يكون سبره حاصرا بموافقة

خصمه أو عجزه عن إظهار وصف زائد , فيجب إذن على خصمه تسليم الحصر أو إبراز ما عنده لينظر فيه فيفسده ببيان بقاء الحكم مع حذفه أو بيان طرديته إلى عدم التفات الشرع إليه في معهود تصرفه. ولا يفسد الوصف بالنقص ولا بقوله لم أعثر بعد البحث على (9|ب) مناسبة الوصف فيلغي, إذ يعارضه الخصم بمثله في وصفه. وإذا اتفق الخصمان في فساد علة من عداهما فإفساد أحدهما علة الآخر دليل صحة علته والصحيح خلافه، وهو حجة لناظر والمناظر على الأصح.

المسلك الرابع: إثباتها المناسبة: وهي أن يقترن بالحكم وصف مناسب، وهو وصف ظاهر منضبط يلزم من ترتيب الحكم عليه ما يصلح أن يكون مقصودا من حصول مصلحة أو دفع مفسدة وإن كان خفيا، أو غير منضبط اعتبر ملازمه، وهو المظنة. وإذا لزم من مصلحة الوصف مفسدة مساوية, أو راجحة ألغيت, وقيل: لا. المسلك الخامس: إثبات العلة بالشبه: وهو إلحاق الفرع المتردد بين أصلين بما هو أشبه به منهما. وفي صحة التمسك به قولان.

المسلك السادس: الدوران: وهو وجود الحكم بوجود الوصف، وعدمه بعدمه، يفيد العليَة على الأصح ظنا. وقيل: قطعا, واطراد العلة لا يفيد صحتها.

أنواع القياس

والقياس جلي وخفي. الجلي قطع فيه بنفي الفارق، وينقسم إلى قياس علة, وإلى قياس دلالة, وقياس في معنى الأصل. الأول: ما صرح فيه بالعلة. الثاني: ما جمع فيه بين الأصل والفرع بدليل العلة. الثالث: الجمع بنفي الفارق. ويجوز التعبد بالقياس عقلا, وقيل: يجب والقائل بجوازه عقلا قال وقع شرعا. وقيل: لا. والنص على العلة يكفي في التعدي دون التعبد بالقياس على الأصح.

وقيل: يكفي علة التحريم لا غيرها. ويجري القياس في العبادات، والأسباب، والكفارات، والحدود، والمقدرات. ويجوز على الأصح ثبوت الأحكام كلها بتنصيص الشارع لا بالقياس. والنفي إن كان أصليا جرى فيه قياس الدلالة وإلا جرى فيه القياسات.

فصل الأسئلة الواردة على القياس

فصل الأسئلة الواردة على القياس الاستفسار ويتوجه على الإجمال، وعلى المعترض اثباته ببيان احتمال اللفظ معنيين فصاعدا، لا بيان التساوي لعسره. وجوابه بمنع التعداد، أو رجحان أحدهما بأمر ما.

والثاني: فساد الاعتبار, وهو مخالفة القياس نصا، وجوابه بمنع النص، أو استحقاق عليه لضعفه أو عمومه أو اقتضاء مذهب له. الثالث: فساد الوضع: وهو اقتضاء العلة نقيض ما علق بها, وجوابه بمنع الاقتضاء المذكور، أو بأن اقتضاءها لما ذكره المستدل أرجح فإن ذكر الخصم شاهدا لاعتبار ما ذكره فهو معارضة. الرابع: المنع: وهو منع حكم الأصل، ولا ينقطع به المستدل على الأصح, وله إثباته بطرقه، ومنع وجود المدعى عليه في الأصل، فيثبته (10|أ) حسا، أو عقلا، أو شرعا، بدليل،

أو وجود أثر، أو لازم له، ومنع عليته ومنع وجودها في الفرع فيثبتهما بطرقهما. الخامس: التقسيم, ومحله قبل المطالبة؛ لأنه منع وهو مقبول بعد المنع, بخلاف العكس، وهو حصر ما ادعاه المستدل علة وإلغاءه، وشرط انقسامه إلى ممنوع ومسلم وحصر الجميع والمطابقة لما ذكره وصيانة التقسيم أن يقال إن عينت كذا فمسلم وإلا فممنوع. السادس: المطالبة: وهو طلب دليل علة الوصف ويتضمن تسليم الحكم ووجود الوصف في الأصل والفرع، وهو من الممنوع.

السابع: النقص: وهو إبداء العلة بدون الحكم، وفي بطلانها به خلاف, ويجب احترازه عنه على الأصح، وجوابه بمنع وجود العلة والحكم في صورته، أو بيان مانع، أو انتفاء شرط، أو ورد النقض على المذهبين. والكسر: وهو إبداء الحكمة بدون الحكم (لصيغة) شاقة، ولا تزاد الحكمة، ولا تنضبط بالرأي، فوقف فيها على تقدير الشارع.

الثامن: القلب: وهو تعليق نقيض حكم المستدل على علته بعينها، فقد يصحح مذهبه وقد يبطل مذهب خصمه، وهو معارضه فجوابه جوابها إلا بمنع وجود الوصف. التاسع: المعارضة: إما في الأصل، ببيان وصف غير وصف لمستدل، يقتضي الحكم فيحتمل ثبوته لأحدهما، أو لهما، وهو أظهر كمن أظهر، كمن أعطى فقيرا قريبا غلب على الظن إعطاءه لسببين. ويلزم المستدل حذف وصف المعترض بالاحتراز عنه في دليله على الأصح، وإلا ورد معارضة، ولا يكفي المستدل في دفعها، إلا ببيان استقلال وصفه بثبوت

الحكم، إما ثبوت علته بنص، أو بإلغاء وصف المعترض. وأما في الفرع، بذكره ما يمتنع معه ثبوت الحكم، إما بنص، أو إجماع فيه، وإما بإبداء مانع الحكم، أو لسببه. العاشر: عدم التأثير: وهو ذكر م يستغني فيه الدليل في ثبوت الحكم بطرديته، نحو صلاة لا تقصر فلا يقدم أذانها (على الوقت كالمغرب، إذ باقي الصلوات تقصر ولا يقدم أذانها)، أو لثبوت الحكم بدون شرطه كالبيع بدون الرؤية لا يصح بيعه، كالطير في الهواء، فإن بيع الطير في الهواء ممنوع وإن رؤي.

الحادي عشر: تركيب القياس من مذهبين، نحو قوله في البالغة: أنثى فلا تزوج نفسها كابتة خمسة عشر، إذ الخصم يمنع تزويجها لصغرها لا لأنوثيتها، ففي صحة التمسك به خلاف. الثاني عشر: وهو تسليم الدليل مع منع المدلول وينقطع المعترض بفساده والمستدل بصحته. ففي النفي كقوله في القتل بالمثقل: التفاوت في الآلة لا يمنع القصاص كالتفاوت في القتل وفي القتل وفي هذا كفاية. (10|ب)

فصل في الاستصحاب

فصل الاستصحاب دليل، ذكره المحققون إجماعا، وإنما الخلاف في استصحاب حكم الإجماع، والأكثر ليس بحجة، خلافا للشافعي وابن شاقلا وابن حامد. ونافي الحكم يلزمه الدليل على الأصح.

فصل في بيان شرع من قبلنا

فصل شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يخالف شرعنا بنسخه في أصح الروايتين. والثانية: لا يكون شرع لنا إلا بدليل، وهل يكون على الأولى مخصوصا بملة إبراهيم، أو موسى، أو عيسى، أو ليس مخصوصا بملة، وهو الصحيح فيه أقوال. ثم هل كان النبي صلى الله عليه وسلم متعبدا بشرع من قبله قبل بعثته مطلقا؟ أو آدم، أو نوح، أو إبراهيم، أو عيسى، أو لم يكن متعبدا، فيه خلاف.

فصل في الاستقراء ومذهب الصحابي

فصل الاستقراء دليل ذكره بعض أصحابنا. ومذهب الصحابي إن لم يخالفه صحابي فإن انتشر ولم ينكر فإجماع، سبق. وإن لم ينتشر

فحجة، مقدم على القياس في أصح الروايتين. ومذهب الصحابي فيما يخالف القياس توقيف ظاهر الوجوب على الأصح. ومذهب التابعي ليس بحجة عند الأكثر وكذا لو خالف القياس على الأصح.

فصل في الاستحسان

فصل الاستحسان: هو العدول بحكم المسألة عن نظائرها لدليل شرعي، وفي القول به خلاف.

فصل في الاستصلاح أو المصلحة المرسلة

فصل الاستصلاح: وهو اتباع المصلحة، إن شهد الشرع باعتبارها كاقتباس الحكم من معقول دليل شرعي فقياس أو ببطلانها فلغو إذ هو تغيير للشرع. وإن لم يشهد لها ببطلان، ولا اعتبار، فهي إما تحسيني، أو حاجي، أو ضروري، ولا يصح التمسك بالأوليين، من غير أصل، وفي الثالث خلاف.

فصل في الاجتهاد

فصل الاجتهاد لغة: بذل الجهد "في فعل شاق. وشرعا: بذل الجهد "في تعرف الحكم الشرعي. وشرط المجتهد إحاطته بمدارك الأحكام، وهي الأصول المتقدمة،، وما يعتبر للحكم في الجملة كمية وكيفية، فالواجب عليه من الكتاب، معرفة ما يتعلق بالأحكام منه وهي خمسمائة آية بحيث يمكنه استحضارها، وقيل: يشترط فيه حفظ جميع القرآن. ومعرفة صحة الحديث، اجتهادا، كعلمه بصحة مخرجه وعدالة رواته، أو تقليدا، كنقله من كتاب صحيح ارتضى الأئمة رواته، والناسخ والمنسوخ منهما،

ومن الإجماع ما تقدم فيه، ومن النحو واللغة ما يكفيه يتعلق بالكتاب والسنة من نص، وظاهر، ومجمل، وحقيقة، ومجاز، وعام، وخاص، ومطلق، ومقيد، لا تفاريع الفقه، وعلم الكلام، ولا يشترط عدالته في اجتهاد، بل في قبول فتياه وخبره, ويتجزأ الاجتهاد, وقيل: لا, (11|أ) وقيل: في باب لا في مسألة. ويجوز التعبد بالاجتهاد في زمنه عليه السلام عقلا، على الأصح. وفي جوازه شرعا خلاف. ويجوز اجتهاده عليه السلام في أمر الشرع عقلا، على الأصح, وفي جوازه ووقوعه شرعا خلاف.

والإجماع على أن المصيب في العقليات واحد, وأن النافي ملة الإسلام مخطئ آثم كافر, اجتهد أو لم يجتهد. والمسألة الظنية الحق فيها عند الله واحد، وعليه دليل، فمن أصاب فمصيب، وإلا فمخطئ مثاب على اجتهاده، على الأصح. وتعادل دليلين قطعيين، محال وكذا ظنيين، فيجتهد (ويقف إلى أن يتبينه)، وعنه يجوز تعادلهما، فيخير في أيهما شاء. وليس للمجتهد أن يقول في شيئ في وقت واحد قولين متضادين، عند الأكثر. وإذا نص المجتهد على حكمين مختلفين في مسألة في وقتين، فمذهبه آخرهما إن علم التاريخ وإلا فأشبههما بأصول وقواعد مذهبه وأقربهما إلى الدليل الشرعي وقيل: كلاهما مذهب له.

ومذهب الإنسان: ما قاله، أو ما جرى مجراه من تنبيه، أو غيره، وإلا لم يجز نسبته إليه من جهة القياس أو فعله أو المفهوم قولان. ولا ينقض الحكم في الاجتهادات منه ولا من غيره، وحكمه بخلاف اجتهاده باطل، ولو قلد غيره على الأصح. وإذا نكح مقلد بفتوى مجتهد ثم تغير اجتهاد مقلده لم يحرم خلاف لقوم. وإذا حدثت مسألة لا قول فيها فللمجتهد الاجتهاد فيها والفتوى والحكم وهل هذا أفضل أم التوقف؟ فيه خلاف.

فصل في التقليد

فصل التقليد لغة: جعل الشئ في العنق. وشرعا: قبول قول الغير من غير حجة. يجوز التقليد في الفروع عند الأكثر, ولا تقليد فيما علم كونه من الدين ضرورة، ولا في الأحكام الأصولية الكلية، كمعرفة الله تعالى، ووحدانيته، وصحة الرسالة، ونحوها, وقيل: ولا في أصول الفقه. وإذا أدى اجتهاد المجتهد إلى حكم لم يجز له التقليد، وإن لم يجتهد فلا يجوز له، وقيل: بلى, وقيل: مع ضيق الوقت, وقيل, ليعمل لا ليفتي, وقيل: لمن هو

أعلم منه. وللعامي أن يقلد من علم، أو ظن أهليته للاجتهاد بطريق ما، دون من عرفه بالجهل، ومن جهل حاله، فلا يقلده. وفي لزوم تكرار النظر عند تكرار الواقعة خلاف، ولا يجوز خلو العصر من مجتهد على الأصح، ولا يجوز أن يفتي إلا مجتهد, وقيل: يجوز فتيا من ليس بمجتهد بمذهب إن كان مطلعا على المآخذ أهلا للنظر, وقيل عند عدم المجتهد, وقيل: يجوز مطلقا. ويجوز تقليد المفضول في أصح الروايتين. (11|ب) ولو سألهما واختلفا عليه واستويا عنده تبع أيهما

شاء, وقيل: الأشد, وقيل: الأخف, وقيل: يسقطا، ويرجع إلى غيرهما. ويلزم العامي التمذهب بمذهب يأخذ برخصه وعزائمه في احدى الروايتين, ولا يجوز له تتبع الرخص ويفسق به. ويجب على المفتي أن يعمل بموجب اعتقاده، فيما له وعليه، وللمفتي رد الفتيا وفي البلد أهل لها غيره شرعا، وإلا لزمه. ولا يلزمه جواب ما لم يقع، ولا يحتمل السائل، ولا ينفعه ولا يكبر المفتي خطه, ولا يجوز إطلاق الفتيا في اسم مشترك والله أعلم.

فصل في التعارض والترجيح

فصل الترجيح: تقديم أحد طرفي الحكم لاختصاصه بقوة الدلالة. ورجحان الدليل، عبارة عن كون الظن المستفاد منه أقوى، ولا مدخل له في المذاهب، من غير تمسك بدليل، ولا في القطعيات. ويجوز تعارض دليلين من غير مرجح, وقيل: لا يجوز أن يوجد في الشرع خبران متعارضان من جميع الوجوه ليس مع أحدهما ترجيح يقدم به، وهو الصحيح.

الترجيح من جهة السند

وأحد المتعارضين باطل، إما لكذب الناظر، أولخطئه، بوجه ما في النقليات أو خطا الناظر في النظريات أو بطلان حكمه بنسخ. والترجيح اللفظي، إما من جهة السند، أو المتن، أو مدلول اللفظ، أو أمر خارج. ويقدم الأكثر رواة على الأقل، وفي تقديم الأوثق خلاف. ويرجح بزيادة الثقة، والفطنة، والورع، والعلم، والضبط، والنحو، وبأنه أشهر بأحد هذه الأمور،

وبكونه أحسن سياقا وباعتماده على حفظه لا نسخة سمع منها، وعلى ذكر لا خط. وبعلمه بروايته، وبأنه عرف أنه لا يرسل إلا عن عدل، وبكونه صاحب القصة، أو مباشرها، أو مشافها، أو أقرب عند سماعه. ويرجح التواتر على الآحاد، والمسند على المرسل، وفي تقديم رواية الخلفاء الأربعة روايتان. فإن رجحت رجحت رواية الأكابر على غيرهم. ويقدم الأكثر صحبة، ومتقدم الإسلام والمتأخر سيان, وقيل: المتأخر.

الترجيح من جهة المتن

المعنى: النص مقدم على الظاهر. والظاهر مراتب باعتبار لفظه، أو قرينة، فيقدم الأقوى منها فالأقوى. والاتحاد على الاتفاق والورع وذو الزيادة على غيره. ويرجح النهي على الأمر، والأمر على المبيح، والأقل احتمالا على الأكثر، والحقيقة على المجاز ومفهوم الموافقة على مفهوم المخالفة. المدلول يرجح الحظر على الإباحة على الأصح، وعلى الندب، والوجوب على الكراهة وعلى الندب، وقوله عليه السلام على فعله، والمثبت على النافي، إلا أن يستند

الترجيح بالأمر الخارج

النفي إلى علم بالعدم، والناقل عن حكم الأصل على غيره، على الأصح. وموجب الحد والجزية على نافيهما. الخارج: يرجح المجرى على عمومه على المخصوص، (12|أ) وما تلقى بالقبول على ما دخله النكير، وما عضده عموم كتاب أو سنة، أو قياس شرعي، أو معنى عقلي، فإن عضد أحدهما كتاب والآخر سنة فروايتان. (وما ابتدئ به

على ذي السبب)، وما عمل به الخلفاء الراشدون، في أصح الروايتين. وبقول أهل المدينة، في الأصح. والقياسي إما من جهة الأصل، أو العلة، أو القرينة. أما الأول: فحكم الأصل الثابت بالإجماع راجح، على الثابت بالنص، والثابت بالقرآن، أو تواتر السنة، على الثابت بآحادها، والثابت بمطلق النص، على الثابت بالقياس، والمقيس على أصول كثيرة على غيره. وأما الثاني: فتقدم العلة المجمع عليها على غيرها، والمنصوصة على المستنبطة، والثابتة عليتها تواترا على الثابتة آحادا، والمناسبة على غيرها، والناقلة على المقررة، الحاضرة على المبيحة.

ضابط المرجحات

وفي مسقطة الحد، وموجبة العتق، والأخف، خلاف. وتقدم (الوصفية والمردودة) إلى أصل قاس علة الشارع، والمطردة إن صحة، والمنعكسة إن شرط العكس. والمتعدية كالقاصرة إن قبلت، وقيل: تقدم القاصرة, وقيل: المتعدية. ويقدم الحكم الشرعي أو اليقيني على الوصف الحسي، والإثبات عند قوم, وقيل: الحق التسوية، والمؤثر على الملائم، والملائم على الغريب، والمناسب على الشبهي. والمرجحات كثيرة ضابطها اقتران أحد الطرفين

بأمر نقلي أو اصطلاحي أو قرينة عقلية أو لفظية أو حالية مع زيادة ظن، وقد حصل الرجحان من جهة القرائن بهذا، والله أعلم.

§1/1