عيد الأم هل نحتفل

شحاتة صقر

حقوق الطبع محفوظة دار الخلفاء الراشدين // الإسكندرية - 3 ش عمر - أبو سليمان - أمام مسجد الخلفاء الراشدين أبو سليمان // ت 0120152908/ 0105013151 دار الفتح الإسلامي // الإسكندرية - مصطفي كامل - بجوار مسجد الفتح الإسلامي // ت 0102771060/ 0106714768

مقدمة فضيلة الشيخ ياسر برهامي حفظه الله

مقدمة فضيلة الشيخ ياسر برهامي حفظه الله إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)} (آل عمران:102). {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)} (النساء:1). {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70)}. (الأحزاب:70).

أما بعد: فإن خيرَ الحديث كلامُ الله، وخيرَ الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. إن من أخطر مظاهرِ فَقْدِ الهويَّة في أمتنا الإسلامية استبدال أعياد بدعية بأعيادنا الإسلامية، ومن هذه الأعياد المبتدعة التي انتشرت في الناس انتشار النار في الهشيم ـ ظنًّا منهم أن ذلك من البِرِّ المأمور به شرعًا ـ ما يُسَمَّى بعيد الأم، وهو في حقيقة الأمر تقصيرٌ في حق الأم لأنه يقصر برها على يومٍ واحدٍ في السنة مع أن المأمور به شرعًا هو بِرُّها على دوام العمر. وكانت هذه الدراسة المختصرة لأخينا الفاضل/شحاتة صقر، جامعةً لكثير من الفوائد المهمة في هذا المقام نسأل الله - عز وجل - أن ينفع بها كاتبها وناشرها وقارئها. أملاه عفا الله عنه

مقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)} (آل عمران:102). {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)} (النساء:1). {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70)}. (الأحزاب:70). أما بعد: فإن خيرَ الحديث كلامُ الله، وخيرَ الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. يلحظ المسلم كثرة الأعياد في هذه الأزمنة، مثل عيد (شم

النسيم) المسمى بعيد الربيع، و (عيد الحب)، واحتفال الشخص بعيد ميلاده ... الخ، وكل هذا من اتباع اليهود والنصارى والمشركين، ولا أصل لهذا في الدين، وليس في الإسلام إلا عيد الأضحى وعيد الفطر وعيد الأسبوع وهو يوم الجمعة. وقد تابع بعض هذه الأمة الأمم السابقة من اليهود والنصارى والفرس في عقائدهم ومناهجهم وأخلاقهم وهيئاتهم، ومن ذلك اتباعهم في ابتداع (عيد الأم) أو (عيد الأسرة)، وهو اليوم الذي ابتدعه النصارى تكريمًا ـ في زعمهم ـ للأم، فصار يومًا معظَّما تُعَطَّل فيه الدوائر، ويَصِلُ فيه الناسُ أمهاتِهم ويبعثون لهن الهدايا والرسائل الرقيقة، فإذا انتهى اليوم عادت الأمور إلى ما كانت عليه من القطيعة والعقوق. والعجيب من المسلمين أن يحتاجوا لمثل هذه المشابهة وقد أوجب الله تعالى عليهم بر الأم وحرَّم عليهم عقوقها وجعل الجزاء على برها أرفع الدرجات. إن ما يُعرَف بعيد الأم ـ والذي يحتفل به كثير من الناس في الحادي والعشرين من مارس كل عام ـ هو من جملة البدع والمحدثات التي دخلت ديار المسلمين، لغفلتهم عن أحكام دينهم وهدي شريعة ربهم، وتقليدهم واتباعهم للغرب في كل ما يصدره

إليهم. وقد قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (رواه البخاري ومسلم). ولم تأتِ بدعة محدثة من البدع إلا وهجرت أو أميتت سنة من السنن، وقد قال التابعي الجليل حسان بن عطية المحاربي - رحمه الله -: «ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سُنَّتهم مثلها، ثم لا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة» (رواه الدارمي، وقال الألباني: إسناده صحيح). مصداقُ ذلك أنك ترى الرجل غير بَارٍّ بأمه، لا يَصِلُها إلا قليلًا، فإذا كان هذا اليوم، جاءها بهدية، أو قدم لها وردة، ويظن في نفسه أنه بذلك قد عمل الذي عليه تجاهها. وقد استفاض العلم بأنه لا يجوز إحداث عيد يحتفل به المسلمون غير عيدي الأضحى والفطر، لأن الأعياد من جملة الشرع والمنهاج والمناسك، قال تعالى: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67)} (الحج:67). وأتقدم بالشكر لفضيلة الشيخ / ياسر برهامي ـ حفظه الله ـ لما قام به من مراجعة لهذه الرسالة والإجابة على ما طرحته عليه من

أسئلة، وأسأل الله - عز وجل - أن يبارك في عمره وعلمه وأن ينفع به الإسلام والمسلمين (¬1). وأسأل الله - عز وجل - أن ينفع المسلمين بهذه الرسالة وأن يرزقنا الإخلاص في السر والعلن، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه ـ سيدنا محمد ـ وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين. شحاتة محمد صقر [email protected] ¬

_ (¬1) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - «مَنْ لاَ يَشْكُرِ النَّاسَ لاَ يَشْكُرِ اللهَ». (رواه أبو داود الترمذي وصححه الألباني). قَالَ صَاحِبُ (عَوْنِ الْمَعْبُودِ): «قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا يُتَأَوَّل عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدهمَا أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ طَبْعه وَعَادَته كُفْرَان نِعْمَة النَّاس وَتَرْك الشُّكْر لِمَعْرُوفِهِمْ كَانَ مِنْ عَادَته كُفْرَان نِعْمَة اللهِ ـ تَعَالَى ـ وَتَرْك الشُّكْر لَهُ. وَالْوَجْه الْآخَر: أَنَّ اللهَ ـ سُبْحَانه ـ لَا يَقْبَل شُكْر الْعَبْد عَلَى إِحْسَانه إِلَيْهِ إِذَا كَانَ الْعَبْد لَا يَشْكُر إِحْسَان النَّاس وَيَكْفُر مَعْرُوفهمْ لِاتِّصَالِ أَحَد الْأَمْرَيْنِ بِالْآخَرِ». وقال صاحب (تحفة الأحوذي): «قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا إِمَّا لِأَنَّ شُكْرَهُ تَعَالَى إِنَّمَا يَتِمُّ بِمُطَاوَعَتِهِ وَامْتِثَالِ أَمْرِهِ وَأَنَّ مِمَّا أُمِرَ بِهِ شُكْرُ النَّاسِ الَّذِينَ هُمْ وَسَائِطُ فِي إِيصَالِ نِعَمِ اللهِ إِلَيْهِ، فَمَنْ لَمْ يُطَاوِعْهُ فِيهِ لَمْ يَكُنْ مُؤَدِّيًا شُكْرَ نِعَمِهِ، أَوْ لِأَنَّ مَنْ أَخَلَّ بِشُكْرِ مَنْ أَسْدَى نِعْمَةً مِنْ النَّاسِ مَعَ مَا يَرَى مِنْ حِرْصِهِ عَلَى حُبِّ الثَّنَاءِ وَالشُّكْرِ عَلَى النَّعْمَاءِ وَتَأَذِّيهِ بِالْإِعْرَاضِ وَالْكُفْرَانِ كَانَ أَوْلَى بِأَنْ يَتَهَاوَنَ فِي شُكْرِ مَنْ يَسْتَوِي عِنْدَهُ الشُّكْرُ وَالْكُفْرَانُ.

درر من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية عن تحريم مشابهة أهل الكتاب في الأعياد وغيرها

دُرَر من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية عن تحريم مشابهة أهل الكتاب في الأعياد وغيرها (¬1) بعض الأدلة من القرآن والسنة على النهي عن التشبه بالكافرين: 1 - قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (16) وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17) ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19)} (الجاثية: 16 - 19). ¬

_ (¬1) باختصار وتصرف من (تهذيب كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم) لشيخ الإسلام ابن تيمية، هذَّبه وخرَّج أحاديثه شحاتة صقر (ص 16 - 112).

أخبر سبحانه، أنه أنعم على بني إسرائيل بِنِعَم الدين والدنيا، وأنهم اختلفوا بعد مجيء العلم بغيًا من بعضهم على بعض، ثم جعل محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - على شريعة شرعها له، وأمره باتباعها، ونهاه عن إتباع أهواء الذين لا يعلمون، وقد دخل في الذين لا يعلمون كل من خالف شريعته. وأهواؤهم: هو ما يهوونه، وما عليه المشركون من هديهم الظاهر، الذي هو من موجبات دينهم الباطل، وتوابع ذلك فهم يهوونه، وموافقتهم فيه اتباع لما يهوونه، ولهذا يفرح الكافرون بموافقة المسلمين في بعض أمورهم، ويُسَرُّون به، ويَوَدُّون أن لو بذلوا مالًا عظيمًا ليحصل ذلك. 2 - قال سبحانه لموسى وهارون: {فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (89)} (يونس:89)، وقال سبحانه: {وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142)} (الأعراف:142)، وَقال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)} (النساء:115)، إلى غير ذلك من الآيات.

وما هم عليه من الهدي والعمل، هو من سبيل غير المؤمنين، بل ومن سبيل المفسدين، والذين لا يعلمون. 3 - قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» (أبو داود، وقال الألباني: حسن صحيح)، وهذا الحديث أقل أحواله: أن يقتضى تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، كما في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)} (المائدة:51)، فقد يُحمَل هذا على التشبه المطلق، فإنه يوجب الكفر، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك، وقد يحمل على أنه منهم، في القدر المشترك الذي شابههم فيه، فإن كان كفرًا، أو معصية، أو شعارًا لها كان حكمه كذلك. وبكل حال: يقتضي تحريم التشبه، بعلة كونه تَشَبُّهًا، والتَّشَبُّه: يعم مَنْ فَعَل الشيء لأجل أنهم فعلوه، وهو نادر، ومن تبع غيره في فعل لغرض له في ذلك، إذا كان أصل الفعل مأخوذًا عن ذلك الغير، فأما من فعل الشيء واتفق أن الغير فعله أيضًا، ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه، ففي كون هذا تشبهًا نظر، لكن قد ينهى عن هذا، لئلا يكون ذريعة إلى التشبه، ولما فيه من المخالفة، كما أمر بصبغ

اللحى وإحفاء الشوارب، مع أن قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «غَيِّرُوا الشَّيْبَ وَلاَ تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ» (رواه الترمذي وصححه الألباني)، دليل على أن التشبه بهم يحصل بغير قصد منا ولا فعل، بل بمجرد ترْك تغيير ما خُلِق فينا، وهذا أبلغ من الموافقة الفعلية، الاتفاقية، وبهذا احتج غير واحد من العلماء على كراهة أشياء من زيّ غير المسلمين. وقد أخبر الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - أن أمته ستتبع سنن الأمم قبلها، فعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ»، قُلْنَا: «يَا رَسُولَ اللهِ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟». قَالَ «فَمَنْ» (رواه البخاري ومسلم). وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِى بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا، شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ»، فَقِيلَ: «يَا رَسُولَ اللهِ، كَفَارِسَ وَالرُّومِ؟». فَقَالَ «وَمَنِ النَّاسُ إِلاَّ أُولَئِكَ؟» (رواه البخاري). فأخبر - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه سيكون في أمته مضاهاة لليهود والنصارى، وهم أهل الكتاب، ومضاهاة لفارس والروم، وهم الأعاجم. وقد كان - صلى الله عليه وآله وسلم - ينهى عن التشبه بهؤلاء وهؤلاء، وليس هذا إخبارًا عن جميع الأمة، بل قد تواتر عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: «لاَ تَزَالُ

موافقتهم في أعيادهم:

طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى قَائِمَةً بِأَمْرِ اللهِ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ» (رواه البخاري ومسلم). وعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ «إِنَّ اللهَ لاَ يَجْمَعُ أُمَّتِى ـ أَوْ قَالَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وآله وسلم - ـ عَلَى ضَلاَلَةٍ» (رواه الترمذي وصححه الألباني). وقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لاَ يَزَالُ اللهُ يَغْرِسُ فِى هَذَا الدِّينِ غَرْسًا يَسْتَعْمِلُهُمْ فِى طَاعَتِهِ» (رواه ابن ماجه وحسنه الألباني). فعُلِم بخبره الصِّدق أنه في أمته - صلى الله عليه وآله وسلم - قومٌ مستمسكون بهَدْيه، الذي هو دين الإسلام محضًا، وقوم منحرفون إلى شُعبة من شُعَب اليهود، أو إلى شعبة من شعب النصارى، وإن كان الرجل لا يكفر بكل انحراف، بل وقد لا يفسق أيضًا، بل قد يكون الانحراف كفرًا، وقد يكون فسقًا، وقد يكون معصية، وقد يكون خطأ، وهذا الانحراف أمر تتقاضاه الطباع ويزينه الشيطان، فلذلك أُمِر العبدُ بدوام دعاء الله سبحانه بالهداية إلى الاستقامة التي لا يهودية فيها ولا نصرانية أصلًا. موافقتهم في أعيادهم: موافقتهم في أعيادهم لا تجوز من طريقين: الطريق الأول:

حريم العيد:

أن هذا موافقة لأهل الكتاب فيما ليس في ديننا، ولا عادة سلفنا، فيكون فيه مفسدة موافقتهم، وفي تركه مصلحة مخالفتهم، حتى لو كان موافقتهم في ذلك أمرًا اتفاقيًا، ليس مأخوذًا عنهم لَكَانَ المشروع لنا مخالفتهم، لما في مخالفتهم من المصلحة، فمن وافقهم فوّت على نفسه هذه المصلحة، وإن لم يكن قد أتى بمفسده، فكيف إذا جمعهما؟ وأما الطريق الثاني ـ الخاص ـ في نفس أعياد الكفار: فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: «كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - الْمَدِينَةَ قَالَ: «كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى» (رواه النسائي وصححه الألباني). فوجه الدلالة: أن العيدين الجاهليين لم يقرُّهما رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ولا تركهم يلعبون فيهما على العادة، بل قال: «وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى»، والإبدال من الشيء، يقتضي ترك المبدل منه، إذ لا يجمع بين البدل والمبدل منه، ولهذا لا تستعمل هذه العبارة إلا فيما ترك اجتماعهما. حريم العيد: العيد: اسم جنس يدخل فيه كل يوم أو مكان لهم فيه اجتماع،

وكل عمل يحدثونه في هذه الأمكنة والأزمنة، فليس النهي عن خصوص أعيادهم، بل كل ما يعظمونه من الأوقات والأمكنة التي لا أصل لها في دين الإسلام، وما يحدثونه فيها من الأعمال يدخل في ذلك. وكذلك حريم العيد: وهو ما قبله وما بعده من الأيام التي يُحْدثون فيها أشياء لأجله، أو ما حوله من الأمكنة التي يحدث فيها أشياء لأجله، أو ما يحدث بسبب أعماله من الأعمال حكمها حكمه فلا يفعل شيء من ذلك، فإن بعض الناس قد يمتنع من إحداث أشياء في أيام عيدهم، كيوم الخميس والميلاد ويقول لعياله: إنما أصنع لكم هذا في الأسبوع، أو الشهر الآخر، وإنما المحرك على إحداث ذلك وجود عيدهم، ولولا هو لم يقتضوا ذلك. فهذا أيضًا من مقتضيات المشابهة. لكن يُحَالُ الأهلُ على عيد الله ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - ويُقْضَي لهم فيه من الحقوق ما يقطعُ استشرافَهم إلى غيره، فإن لم يرضوا فلا حول ولا قوة إلا بالله، ومن أغضب أهله لله، أرضاه الله وأرضاهم. وليحذر العاقل من طاعة النساء في ذلك، ففي الصحيحين عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ». (رواه البخاري ومسلم).

هل يجب على المسلم أن يعرف أعياد الكفار؟

هل يجب على المسلم أن يعرف أعياد الكفار؟ أعياد الكفار كثيرة مختلفة، وليس على المسلم أن يبحث عنها، ولا يعرفها، بل يكفيه أن يعرف في أي فعل من الأفعال أو يوم، أو مكان، أو سبب هذا الفعل أو تعظيم هذا المكان أو الزمان من جهتهم، ولو لم يعرف أن سببه من جهتهم، فيكفيه أن يعلم أنه لا أصل له في دين الإسلام، فإنه إذا لم يكن له أصل فإما أن يكون قد أحدثه بعض الناس من تلقاء نفسه، أو يكون مأخوذًا عنهم، فأقل أحواله: أن يكون من البدع. ونحن ننبه على ما رأينا كثيرًا من الناس قد وقعوا فيه، فمن ذلك: الخميس الحقير، الذي في آخر صومهم، فإنه يوم عيد المائدة فيما يزعمون، ويسمونه عيد العشاء، وهو الأسبوع الذي يكون فيه من الأحد إلى الأحد ـ هو عيدهم الأكبر، فجميع ما يحدثه الإنسان فيه من المنكرات. فمنه: خروج النساء، وتبخير القبور، ووضع الثياب على السطح، وكتابة الورق وإلصاقها بالأبواب، واتخاذه موسمًا لبيع البخور وشرائه وكذلك شراء البخور في ذلك الوقت، إذ اتخذ وقتًا للبيع، ورقى البخور مطلقًا في ذلك الوقت، أو في غيره أو قصد شراء البخور المرقي، فإن رقى البخور واتخاذه قربانًا هو دين

النصارى والصابئين، وإنما البخور طيب يتطيب بدخانه كما يتطيب سائر الطيب من المسك وغيره، مما له أجزاء بخارية، وإن لطفت، أو له رائحة محضة، ويستحب التبخر حيث يستحب التطيب. وكذلك اختصاصه بطبخ رُزّ بلبن، أو بسيسة، أو عدس، أو صبغ، أو بيض، ونحو ذلك. ومن ذلك ترك الوظائف الراتبة: من الصنائع، والتجارات، أو حلق العلم، أو غير ذلك، واتخاذه يوم راحة وفرح، واللعب فيه بالخيل أو غيرها، على وجه يخالف ما قبله وما بعده من الأيام. والضابط: أنه لا يحدث فيه أمر أصلًا، بل يجعل يومًا كسائر الأيام، فإن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - نهاهم عن اليومين اللذين كانا لهم يلعبون فيهما في الجاهلية، ونهى - صلى الله عليه وآله وسلم - عن الذبح بالمكان إذا كان المشركون يُعَيِّدون فيه. (رواه أبو داود وصححه الألباني)، وإذا كان الذبح بمكان عيدهم مَنْهِيًّا عنه، فكيف بالموافقة في نفس العيد بفعل بعض الأعمال التي تعمل بسبب عيدهم؟ وأعياد الفرس مثل النيروز والمهرجان، وأعياد اليهود أو غيرهم من أنواع الكفار، أو الأعاجم أو الأعراب، حكمها كلها على ما ذكرناه من قبل.

حكم إعانة المسلمين المتشبهين بالكفار في أعيادهم:

حكم إعانة المسلمين المتشبهين بالكفار في أعيادهم: وكما لا نتشبه بهم في الأعياد، فلا يُعَان المسلم المتشبه بهم في ذلك. بل ينهى عن ذلك، فمن صنع دعوة مخالفة للعادة في أعيادهم لم تُجَبْ دعوتُه، ومن أهدى من المسلمين هدية في هذه الأعياد، مخالفة للعادة في سائر الأوقات، غير هذا العيد، لم تُقْبل هديته (¬1)، خصوصًا إن كانت الهدية مما يستعان بها على التشبه بهم، مثل إهداء الشمع ونحوه، في الميلاد، أو إهداء البيض واللبن والغنم في الخميس الصغير، الذي في آخر صومهم. وكذلك أيضًا لا يهدى لأحد من المسلمين في هذه الأعياد هدية لأجل العيد، لا سيما إذا كان مما يستعان به على التشبه بهم كما ذكرناه. ولا يبيع المسلم ما يستعين به المسلمون على مشابهتهم في العيد، من الطعام واللباس ونحو ذلك، لأن في ذلك إعانة على المنكر. ¬

_ (¬1) جاء في فتاوى موقع موقع الإسلام سؤال وجواب، بإشراف الشيخ محمد المنجد: «الإهداء لهم في عيدهم لا يجوز لأنه من إعانتهم على باطلهم، وأيضًا عدم جواز هدية المسلم المتشبه بهم في عيدهم؛ لأن قبولها إعانة له في تشبهه وإقرار له وعدم إنكار عليه الوقوع في هذا الفعل المحرم.

بيع المسلمين للكفار في أعيادهم ما يستعينون به على عيدهم:

بيع المسلمين للكفار في أعيادهم ما يستعينون به على عيدهم: فأما بيع المسلمين لهم في أعيادهم، ما يستعينون به على عيدهم، من الطعام واللباس، والريحان ونحو ذلك، أو إهداء ذلك لهم، فهذا فيه نوع إعانة على إقامة عيدهم المحرم. وهو مبني على أصل، وهو: أن بيع الكفار عنبًا أو عصيرًا يتخذونه خمرًا لا يجوز، وكذلك لا يجوز بيعهم سلاحًا يقاتلون به مسلمًا.

الاحتفال بعيد الأم

الاحتفال بعيد الأم إن بِرَّ الوالدين عبادةٌ مأمور بها العبد في كل يوم بقدر استطاعته، وأكمل المسلمين من أتمها في كل يوم وأداها كما ينبغي، والاحتفال بعيد الأم بتحديد يوم معين وكيفية معينة لبر الوالدين هو تخصيص لهذه العبادة بما لم يأت به الشرع، وأقصى ما يقدمه المرء في هذا اليوم لأمه هو مطالب به طوال أيام العام بقدر استطاعته لإدخال السعادة والرضا على نفسها وأيضًا يفعل ذلك مع أبيه. ولو كان في الاحتفال بعيد الأم خيرٌ يُقَرب إلى الله - عز وجل -، لَفَعَلَه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ولَفَعَلَه سلفنا الصالح - رضي الله عنهم -، ولَحَثُّوا عليه. وإضافة عيد في حياة الأمة لا يكون إلا بدليل من الشرع، فالأعياد من العبادات والأصل في العبادات التوقيف، فلا يجوز لأحد أن يتعبد بما لم يشرعه الله، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: «الأعياد شريعة من الشرائع فيجب فيها الاتباع، لا الابتداع» (¬1). قال ابن عابدين - رحمه الله -: «سُمِّيَ الْعِيدُ بِهَذَا الِاسْمِ لِأَنَّ لِلهِ ـ تَعَالَى ـ فِيهِ عَوَائِدَ الْإِحْسَانِ أَيْ أَنْوَاعَ الْإِحْسَانِ الْعَائِدَةَ عَلَى عِبَادِهِ فِي كُلِّ ¬

_ (¬1) اقتضاء الصراط المستقيم (ص266).

عَامٍ: مِنْهَا الْفِطْرُ بَعْدَ الْمَنْعِ عَنْ الطَّعَامِ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ وَإِتْمَامُ الْحَجِّ بِطَوَافِ الزِّيَارَةِ وَلُحُومِ الْأَضَاحِيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهِ الْفَرَحُ وَالسُّرُورُ وَالنَّشَاطُ وَالْحُبُورُ غَالِبًا بِسَبَبِ ذَلِكَ» (¬1). وعيد الأم نوع من العبادات المحدثة في دين الله وهذا الاحتفال ليس من باب العادات، لأنه يتكرر، ولهذا كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - الْمَدِينَةَ قَالَ: «كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى» (رواه النسائي وصححه الألباني)، مع أن هذا من الأمور العادية عندهم» (¬2). قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: «عيد: اسم لما يعتاد فعله أو التردد إليه، فإذا اعتاد الإنسان أن يعمل عملًا كما لو كان كلما حال عليه الحول صنع طعامًا ودعا الناس فهذا يسمى عيدًا، ولأنه جعله يعود ويتكرر» (¬3). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: «العيد اسم لما يُعادُ من ¬

_ (¬1) حاشية رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الابصار في فقه مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان لمحمد أمين الشهير بابن عابدين (2/ 165). (¬2) انظر: القول المفيد على كتاب التوحيد للشيخ ابن عثيمين (1/ 302 - 303). (¬3) مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (9/ 443).

الاجتماع العام على وجه معتاد عائد: إما بِعَوْد السنة، أو بعود الأسبوع أو الشهر، أو نحو ذلك فالعيد يجمع أمورًا منها: يوم عائد كيوم الفطر، ويوم الجمعة، ومنها: اجتماع فيه، ومنها: أعمال تجمع ذلك من العبادات أو العادات، وقد يختص العيد بمكان بعينه وقد يكون مطلقًا، وكل من هذه الأمور قد يسمى عيدًا. فالزمان كقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - ليوم الجمعة: «إنَّ هَذَا يَوْمُ عِيدٍ جَعَلَهُ اللهُ لِلْمُسْلِمِينَ» (¬1)، والاجتماع والأعمال: كقول ابن عباس: «شَهِدتُ الْعِيدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -» (¬2)، والمكان كقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لَا تَجْعَلُوا قَبْرِى عِيدًا» (¬3)، وقد يكون لفظ العيد اسمًا لمجموع اليوم والعمل فيه وهو الغالب، كقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «دَعْهُمَا يَا أبَا بَكْرٍ، فَإِنَّ لِكُلّ قَوْمٍ عِيدًا وَإِنَّ هَذَا عِيدُنَا» (¬4). * فالعيد يطلق على: - زمان العيد. - مكان العيد. ¬

_ (¬1) رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني. (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) رواه أبو داود، وصححه الألباني. (¬4) اقتضاء الصراط المستقيم (ص169)، والحديث رواه البخاري ومسلم.

- الاجتماع والأعمال من العبادات أو العادات. - مجموع اليوم والعمل فيه. * وعندما نطبق كلام شيخ الإسلام على الاحتفال بعيد الأم نجده عيدًا وليس عادة فقط فهو: 1 - يوم عائد بِعَوْدِ السنة (يتكرر كل سنة في 21 مارس). 2 - يحدث فيه اجتماع للأهل والأقارب. 3 - يحدث فيه أعمال مثل إهداء الهدايا. فالاحتفال بهذا الشكل يجعله عيدًا يتكرر كل سنة على وجه مخصوص وهو بهذه الكيفية عيد مبتدع لم يكن عليه عمل السلف الصالح - رضي الله عنهم -. وفي الاحتفال بعيد الأم مخالفة أخرى وهي التشبه بالكفار، قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مًنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» (رواه أبو داود وقال الألباني: حسن صحيح)، وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ»، قُلْنَا: «يَا رَسُولَ اللهِ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟»، قَالَ: «فَمَنْ؟» (¬1) (رواه البخاري ومسلم). ¬

_ (¬1) «فَمَنْ»:أي فَمَنْ غيرُ أولئك.

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِى بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا، شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ»، فَقِيلَ: «يَا رَسُولَ اللهِ، كَفَارِسَ وَالرُّومِ؟»، فَقَالَ «وَمَنِ النَّاسُ إِلاَّ أُولَئِكَ؟» (رواه البخاري). فبدعة الاحتفال بعيد الأم لم يكن المسلمون يعرفونها، وإنما انتقلت إليهم عن الكفار، وهذه ليست كالأمور العادية من الاختراعات والمأكولات التي لا تخالف شرع الله، فتكرارها كل عام في نفس اليوم يجعلها عيدًا من أعياد الكفار، وليس للمسلمين التشبه بهم في أعيادهم وإن لم تكن أعيادًا دينية.

تكريم الإسلام للوالدين

تكريم الإسلام للوالدين من أحدث هذه البدعة إنما أحدثها تعويضًا عن تقصير مجتمعه في حق الأم، وانقطاع روابط الود والصلة، فأحب أن يكرمها، ويرُدَّ إليها شيئًا من حقها، فعمد إلى إحداث هذا اليوم لتحتفل به الأسر تكريمًا لها، فكانوا كمن سكت دهرًا ونطق نُكْرًا. وماذا يُغْنِي عن الأم يوم في السنة، وبقية العام تكون نزيلة ملجأ، أو تعيش مع كلب أو هرة، هما أوفى لها ممن رضع من ألبانها وتربى في حجرها. والاحتفال بالأم وتكريمها على هذه الطريقة المحْدَثة لن يعطيها عشر معشار ما كفلت لها الشريعة المطهرة من الحقوق، وكيف يمكن ذلك، وقد أمر الله - عز وجل - ببرها والإحسان إليها الدهر كله، وجعله حقًّا لها وهي على قيد الحياة. وعندما تكون في عالم الأموات، فإن من برها الدعاء لها، والتصدق عنها، والحج والاعتمار عنها، ولم يجعل لهذا الإحسان يومًا أو وقتًا واحدًا يُحْتَفَل فيه بها، ولم تأت شريعة من الشرائع بمثل ما جاءت به شريعة الإسلام.

يقول الشاعر: لأمِّكَ حَقٌّ لو علِمْتَ كبيرُ كَثيرُكَ يا هذا لدَيهِ يسيرُ فكمْ ليلةٍ باتَتْ بثِقْلِكَ تشتكِي لَها مِن جَوَاها (¬1) أنَّةٌ وزفيرُ وفِي الوَضعِ لو تدرِي عليْكَ مشقةٌ فكمْ غُصَصٍ منها الفؤادُ يطيرُ وكمْ غسلَتْ عنكَ الأذَى بيمينِهَا ومِن ثَدْيِها شُربٌ لدَيْك نَمِيرُ وكم مَرّة جاعَتْ وأعطَتْكَ قُوتَها حُنُوًّا وإشفاقًا وأنتَ صغيرُ فَضَيَّعْتَهَا لَما أسَنّتْ جَهَالةً وطالَ عليكَ الأمرُ وهو قصيرُ فَدُونَكَ فارغبْ فِي عَمِيمِ دُعائِهَا فأنت لِما تَدْعو إليه فقيرُ ¬

_ (¬1) الجَوَى: الحُرْقة وشدَّة الوَجْدِ من عشق أَو حُزْن، والجَوَى السُّلُّ، وتطاوُل المرض (انظر لسان العرب، مادة: جوا).

وذِكْرُ حقوق الأم في الشريعة باب يطول، ويكفي التنبيه إلى أن الله تعالى أمر ووصى في مواضع من كتابه بالإحسان إلى الوالدين، وقرنه بالأمر بعبادته والنهي عن الشرك به، وأمر بالشكر لهما متصلًا بالشكر له، وخص الأم بالذكر في بعض هذه الوصايا للتذكير بزيادة حقها على الأب. قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14)} (لقمان: 14). وَقال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (النساء: 36).وَقال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)} (الإسراء:23 - 24). قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: «يزيد البر بهما مع اللطف، ولين الجانب، فلا يغلظ لهما في الجواب، ولا يحدّ النظر إليهما، ولا يرفع صوته عليهما، بل يكون بين يديهما مثل العبد بين يدي السيد، تذللًا لهما».

وقال سعيد بن المسيب في قوله تعالى: {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}: «هو: قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ». ولا يمنع من برهما والإحسان إليهما كونهما غير مسلمين أو عاصيين، قال تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (لقمان: 15). فأمر تعالى بمصاحبتهما بالمعروف مع كفرهما، بل ومع أمْرِهِما ولَدَهُما بالكفر بالله تعالى، وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ - رضي الله عنهما - قَالَتْ: «قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ إِذْ عَاهَدَهُمْ فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَقُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللهِ، قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ رَاغِبَةٌ، أَفَأَصِلُ أُمِّي؟»، قَالَ: «نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ» (رواه البخاري ومسلم) (¬1). وحق الأم مقدم على حق الأب ويزيد عليه بأضعاف ثلاثة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ»، قَالَ ¬

_ (¬1) (رَاغِبَة) قِيلَ: مَعْنَاهُ رَاغِبَة عَنْ الْإِسْلَام وَكَارِهَة لَهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ طَامِعَة فِيمَا أَعْطَيْتهَا. وَحَرِيصَة عَلَيْهِ. وَفِيهِ: جَوَاز صِلَة الْقَرِيب الْمُشْرِك». باختصار من شرح الإمام النووي لهذا الحديث من صحيح مسلم.

: «ثُمَّ مَنْ؟»، قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: «ثُمَّ مَنْ؟»، قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: «ثُمَّ مَنْ؟»، قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ» (رواه البخاري ومسلم). قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث من صحيح مسلم: «الصَّحَابَة هُنَا بِفَتْحِ الصَّاد بِمَعْنَى الصُّحْبَة، وَفِيهِ الْحَثّ عَلَى بِرّ الْأَقَارِب، وَأَنَّ الْأُمّ أَحَقّهمْ بِذَلِكَ، ثُمَّ بَعْدهَا الْأَب، ثُمَّ الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب، قَالَ الْعُلَمَاء: وَسَبَب تَقْدِيم الْأُمّ كَثْرَة تَعَبهَا عَلَيْهِ، وَشَفَقَتهَا، وَخِدْمَتهَا، وَمُعَانَاة الْمَشَاقّ فِي حَمْله، ثُمَّ وَضْعه، ثُمَّ إِرْضَاعه، ثُمَّ تَرْبِيَته وَخِدْمَته وَتَمْرِيضه، وَغَيْر ذَلِكَ». وقال الحافظ ابن حجر في شرحه لهذا الحديث من (صحيح البخاري): «قَالَ اِبْن بَطَّال: مُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُون لِلْأُمِّ ثَلَاثَة أَمْثَال مَا لِلْأَبِ مِنْ الْبِرّ، قَالَ: وَكَانَ ذَلِكَ لِصُعُوبَةِ الْحَمْل ثُمَّ الْوَضْع ثُمَّ الرَّضَاع، فَهَذِهِ تَنْفَرِد بِهَا الْأُمّ وَتَشْقَى بِهَا، ثُمَّ تُشَارِك الْأَب فِي التَّرْبِيَة. وَقَدْ وَقَعَتْ الْإِشَارَة إِلَى ذَلِكَ فِي قَوْله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} (لقمان: 14)، فَسَوَّى بَيْنهمَا فِي الْوِصَايَة، وَخَصَّ الْأُمّ بِالْأُمُورِ الثَّلَاثَة. قَالَ الْقُرْطُبِيّ: الْمُرَاد أَنَّ الْأُمّ تَسْتَحِقّ عَلَى الْوَلَد الْحَظّ الْأَوْفَر مِنْ الْبِرّ، وَتُقَدَّمَ فِي ذَلِكَ عَلَى حَقّ الْأَب عِنْد الْمُزَاحَمَة» اهـ.

وعَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: «إِنَّ اللهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ ـ ثَلَاثًا ـ إِنَّ اللهَ يُوصِيكُمْ بِآبَائِكُمْ، إِنَّ اللهَ يُوصِيكُمْ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ» (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني). وقد حرَّم الإسلام عقوق الوالدين وجعله من الكبائر فقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ» (رواه البخاري ومسلم). قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث من صحيح مسلم: «أَمَّا (عُقُوق الْأُمَّهَات) فَحَرَام، وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِر بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاء، وَقَدْ تَظَاهَرَتْ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة عَلَى عَدِّهِ مِنْ الْكَبَائِر، وَكَذَلِكَ عُقُوق الْآبَاء مِنْ الْكَبَائِر، وَإِنَّمَا اِقْتَصَرَ هُنَا عَلَى الْأُمَّهَات لِأَنَّ حُرْمَتهنَّ آكَد مِنْ حُرْمَة الْآبَاء، وَلِأَنَّ أَكْثَر الْعُقُوق يَقَع لِلْأُمَّهَاتِ، وَيَطْمَع الْأَوْلَاد فِيهِنَّ». اهـ باختصار. وقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «بَابَانِ مُعَجَّلَانِ عُقُوبَتُهُمَا فِي الدُّنْيَا: الْبَغْيُ وَالْعُقُوقُ» (رواه الحاكم في (المستدرك) وصححه الألباني). قال المناوي في (فيض القدير): (بَابَانِ مُعَجَّلَانِ عُقُوبَتُهُمَا فِي الدُّنْيَا) أي قبل موت فاعليهما: (الْبَغْيُ) أي مجاوزة الحد والظلم، (وَالْعُقُوقُ) للوالدين وإنْ عَلَيَا، أو أحدِهما، أي إيذاؤهما ومخالفتهما فيما لا يخالف الشرع.

وقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أتَانِي جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَنْ أدْرَكَ أحَدَ وَالِدَيْهِ فَماَتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأبْعَدَهُ اللهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَنْ أدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَمَاتَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَأدْخِلَ النَّارَ فَأبْعَدَهُ اللهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، قَالَ: وَمَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَّلّ عَلَيْكَ فَمَاتَ، فَدَخَلَ النَّارَ، فَأبْعَدَهُ اللهُ قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ» (صحيح رواه الطبراني). وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنهما - عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: «رِضَى الرَّبِّ فِي رِضَى الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ» (رواه الترمذي وصححه الألباني).وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِلَفْظِ: «رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدَيْنِ، وَسَخَطُهُ فِي سَخَطِهِمَا» (وحسنه الألباني). وعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ: جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللهِ أَرَدْتُ الْغَزْوَ وَجِئْتُكَ أَسْتَشِيرُكَ»، فَقَالَ: «هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ؟»، قَالَ: «نَعَمْ»، فَقَالَ: «الْزَمْهَا، فَإِنَّ الْجَنَّةَ عِنْدَ رِجْلَيْهَا»، ثُمَّ الثَّانِيَةَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ، فِي مَقَاعِدَ شَتَّى كَمِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ» (رواه الإمام أحمد والنسائي وحسنه الألباني) (¬1). ¬

_ (¬1) أما رواية: «الجنة تحت أقدام الأمهات» فسندها ضعيف، ضعفه الشيخ الألباني - رحمه الله - في (ضعيف الجامع)، برقم 2666. ومن القصص المكذوبة قصة عقوق علقمة لأمه وأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هَمَّ أن يحرقه بالنار أمام أمه، هذه القصة أخرجها ابن الجوزي في (الموضوعات 3/ 87)، والعقيلي في كتاب (الضعفاء الكبير 3/ 461)، والسيوطي في (اللآلئ المصنوعة 2/ 296)

والمقصود بالغزو هنا جهاد طلب الكفار في عقر دارهم، وليس جهاد دفع الكفار عن بلاد المسلمين، (فَإِنَّ الْجَنَّةَ عِنْدَ رِجْلَيْهَا) أَيْ نَصِيبُك مِنْهَا لَا يَصِل إِلَيْك إِلَّا بِرِضَاهَا، بِحَيْثُ كَأَنَّهُ لَهَا وَهِيَ قَاعِدَة عَلَيْهِ، فَلَا يَصِل إِلَيْك إِلَّا مِنْ جِهَتهَا، فَإِنَّ الشَّيْء إِذَا صَارَ تَحْت رِجْل أَحَد، فَقَدْ تَمَكَّنَ مِنْهُ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَصِل إِلَى آخَر إِلَّا مِنْ جِهَته. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «إني لا أعلم عملًا أقرب إلى الله ـ عز وجل ـ من بر الوالدة» (رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني). فهذا البر هو الاحتفال بالوالدين ـ لا سيما الأم ـ الذي دعا إليه الإسلام وحث عليه ورغب فيه، والناس بعد ذلك أحد شخصين: - بارٌّ بأمه كما أمرته الشريعة المطهرة، فهذا لا يجوز له الاحتفال بهذا اليوم، لأنه بدعة، ولأن هدي الإسلام في هذا الباب أتم وأحكم.

- وشخص لم يكن بأمه بارًّا، وهذا لن يكون بهذا الاحتفال وهذا اليوم بارًّا، بل هو ممن جمع بين العقوق والابتداع. ولعل للغرب ما يسوغ اختراع هذا اليوم وأمثاله، إذ لا قيمة ـ في ظل فلسفتهم المادية ـ للروابط الأسرية عندهم، ولا أهمية للقرابة، ولا حق للأم التي حملت ثم ولدت ثم أرضعت وسهرت، فتحتاج أمهاتهم ولو يومًا من السنة يتذكرن فيه أولادهن، ويرسلون إليهن الهدايا وبطاقات معايدة، ولكن الذي لا يمكن فهمه وتفسيره إلا على وجه التبعية البغيضة تقليد بعض أبناء المسلمين لأساتذتهم في الغرب وإحياء (يوم الأمومة) في ديار أهل الإسلام، مع أن المسلمين ليسوا محتاجين يومًا ولا أسبوعًا ولا شهرًا يكرمون فيه أمهاتهم، إذ إن دينهم يحتم عليهم بر والديهم العمر كله، ويجعل جزاء ذلك الجنة، فما الداعي إلى نقل يوم الأمومة إلى ديار المسلمين؟ عيد الأم عندنا في كل يوم، وليس يوم واحد ونرميها بعدها في أقرب دار المسنيين!!

لماذا احتفل الغربيون بعيد الأم؟

لماذا احتفل الغربيون بعيد الأم؟ إن المتتبع لأحوال الأسرة عموما وللأم خاصة في المجتمعات غير الإسلامية ليسمع ويقرأ عجبًا، فلا تكاد تجد أسرة متكاملة يصل أفرادها بعضهم بعضًا فضلا عن لقاءات تحدث بينهم وفضلا عن اجتماع دائم. ومن النادر أن تجد أسرة كاملة تتسوق أو تمشي في الطرقات. وعندما يصير الأب أو الأم في حالة الكِبَر يسارع البَارُّ بهما!! إلى وضعهما في دور العجزة والمسنِّين، وقد ذهب بعض المسلمين إلى بعض تلك الدور وسأل عشرة من المسنِّين عن أمنيته، فكلهم قالوا: «الموت!!»، بسبب ما يعيشه الواحد منهم من قهر وحزن وأسى على الحال التي وصل إليها وتخلى عنهم فلذات أكبادهم في وقت أحوج ما يكون إليهم.

يقول الدكتور عبد الله عزام - رحمه الله -: «أحد إخواننا تزوج امرأة أمريكية وزارونا , فأبي وأمي في البيت, وأبي يأمر الولد: «هات يا ولد كذا , اذهب وأحضر الشاي» , ينهره وما إلى ذلك , فتعجبَتْ هذه المرأة الأمريكية , قالت: «كيف هؤلاء يستطيعون أن يحكموا على ابنهم , هؤلاء كبار في السن عندنا يرمونهم في ملاجئ في بيوت العجزة , كيف هؤلاء يحترمونهم بهذا الشكل , ويطيعونهم؟». قالوا لها: «هذا هو الإسلام , لا جَنَّةَ إلا عن طريق هؤلاء» , هي ذهلت , أبي عمره سبعة وثمانون سنة , وأمي عمرها خمسة وثمانون سنة , كيف هؤلاء يُطَاعُون في البيت , وهؤلاء شباب كبار يطيعونهم , وزوجتي تطيع أمي وتطيع أبي؟ كيف هذا؟ هي تعجبَتْ، لأنها وجدت أن جدتها وأمها وغير ذلك يغيب عنها أبناؤها سنة كاملة لا يزورونها, لا يزورونها, ويمر في السيارة ويرى والده في الطريق في السيارة فلا يقف حتى ليسلم على أبيه. وذات يوم اجتمعت على الإشارة سيارتان , سيارة الأب وسيارة الابن, فالوالد أوقف سيارته جانبًا ووقف حتى ينزل ابنه يسلم عليه, فإبنه قال: «هاي هاي باي» واستمر ماشيًا , مشى , فنزلت الدمعة من عينه.

هذا قال له آخر: «ما بالك؟». قال: «منذ خمس سنوات لم أر هذا الولد الذي يقول لي: هاي هاي». ولذلك اتفقوا على يوم اسمه يوم ماذا؟ عيد الأم في بداية الربيع, قالوا: هذا عيد الأم يعني يوم في السنة نزور الأم , نأخذ لها باقة زهور أو قطعة كاتوه ونقول لها: اسكتي من السنة إلى السنة, نعم! وتجد عيد الأم أين؟ في قرية من قرانا طول الليل والنهار أمه وأبوه في وجهه, والصبح فاصولياء مسلوقه , والظهر الرز , والمغرب الحليب , طول النهار في وجهها، وبالتالى يعملون لها عيد أم , نعم مساكين! التقليد, هنا التقليد المذموم , هذا تقليد القرود, لأن القرود يحاكون, يمثلون كل شيء يرونه. ولذلك البنت الأوروبية عندما تسلم ويحسن إسلامها وتتزوج لا تطيق فراق زوجها أبدا , لأنها تراه الدنيا بأسرها , كانت ضائعة تائهة , لا أحد يتكلم معها. يحدثني أحد إخواننا كان في أمريكا يدرس الدكتوراه , فقال: سكنتُ عند عجوز , ففي الصباح وأنا نازل الجامعة أقول لها:

( Good morning ) , والمساء وأنا طالع إلى غرفتي أقول لها Good evening) (¬1) ، عمرها سبعون , فالمهم كبيرة , قال: بعد يومين أو ثلاثة نادَتْنِي , قالت: «كم تريد راتبك؟».قلت لها: «لماذا؟» قالت: «لأنك تُسَلِّمُ عَلَيَّ , أريد أن أدفع لك راتبًا لأني أسمع صوت إنسان». ولذلك هناك كان تمسُّكُهم بالكلاب , يقول لك: الناس كلهم غدورا بي وتركوني, فلم يبق لي إلا هذا الكلب الوفي, نعم, ما بقي إلا هذا الكلب, قال: هذا أفضل من أولادي, لأنه لم يبق مَن يُسَلّيني إلا هذا الكلب, ولذلك كثير من كبيرات السن أو كبار السن يموتون في غرفهم ولا يدري أحد عن موتهم حتى تخرج رائحتهم وتشمئز منها النفوس, وتزكم رائحته الأنوف, فيتصلون بالبلدية, تعالوا هنالك في الحارة واحد ميت أو واحدة ميتة, تعالوا خذوها وارموها. نعم والد جونسون رئيس الولايات الأمريكية مات في المزرعة, لا أحد عرف, ما دَلَّهُم عليه إلا كلبه, جونسون!! رئيس الولايات الأمريكية. ¬

_ (¬1) لا يجوز ابتداء غير المسلمين بالسلام لقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لاَ تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلاَ النَّصَارَى بِالسَّلاَمِ» (رواه مسلم).

ولذلك مجتمع منهار نهائيًا , بنت تبكي ووالدها يدفعها , فيسأل شاب عربي ما بالها؟ قال: «هي تريد أن تستأجر كأنه بمائة دولار, وشاب آخر يدفع لي ـ غريب ـ مائة وخمسين دولارا في الغرفة, فأنا أؤجر الغرفة لهذا الشاب». أخ قادم من أمريكا قال لي: نحن أهم صفتين عندنا الحياء والكرم, اجتثت هاتان الصفتان من الأوروبيين, دعا عربي ـ العربي كريم ـ دعا أمريكيًّا إلى بيته, عمل له غداء من اللحوم ومن غيره, فهو مكث عنده ساعتين، فواكه وحديث، وبعدها ودعه وخرج الأمريكي, فوضع له بطاقة , فقرأ البطاقة: «مكثْتُ عندك ساعتين وأجْرَتي في الساعة عشرون دولارًا , أرجو دَفْع أربعين دولارًا لي». مجتمع مُنْتَه , لكن حنحنة الحديد وطنطنة الفولاذ وأزير الطائرات لا زالت تغطي على هذا المجتمع المنهار , تغطي على أكوام القمامة التي تحول إليها المجتمع, مزبلة وموضوع فوقها كم قطعة ذهب ـ أجَلَّكُم الله ـ , فاحمدوا الله على دين الله , احمدوا الله على دين الإسلام (¬1). ¬

_ (¬1) في ظلال سورة التوبة للدكتور عبد الله عزام - رحمه الله -، نشر واعداد: مركز الشهيد عزام الإعلامي، بيشاور ـ باكستان، والكتاب على ما يبدو من أسلوبه أنه محاضرات صوتية مفرغة.

عيد الأم ... نبذة تاريخية

عيد الأم ... نبذة تاريخية بدأ عيد الأم عند الإغريق في احتفالات عيد الربيع، وكانت هذه الاحتفالات مهداة إلى الإلهة الأم (ديميتر)، حسب أساطيرهم، فرحًا بعودة ابنتها (برسيفوني)، من عالم الآخرة، بعد أن كان اختطفها هاديس، إله العالم السفلي لنفسه. وفي روما القديمة كان هناك احتفال مشابه لهذه الاحتفالات كان لعبادة أو تبجيل (سيبل) ـ أم أخرى للآلهة. وقد بدأت الأخيرة حوالي 250 سنة قبل ميلاد السيد المسيح - عليه السلام -، وهذه الاحتفالات الدينية عند الرومان كانت تسمى (هيلاريا) وتستمر لثلاثة أيام من 15 إلى 18 مارس. تاريخ الاحتفال بعيد الأم: يختلف تاريخ الاحتفال بعيد الأم، وأسلوب الاحتفال به، من دولة لأخرى، فالنرويج تقيمه في الأحد الثاني من فبراير، أما في الأرجنتين فهو يوم الأحد الثاني من أكتوبر، وفي لبنان يكون اليوم الأول من فصل الربيع، وجنوب أفريقيا تحتفل به يوم الأحد الأول من مايو.

أما في فرنسا والسويد فيكون الاحتفال في يوم الأحد الأخير من مايو حيث يجتمع أفراد الأسرة للعشاء معًا ثم تقدم كيكة للأم. وقبلها بأيام يقوم الصليب الأحمر السويدي ببيع وردات صغيرة من البلاستيك تقدم حصيلتها للأمهات اللاتي يَكُنَّ في عطلة لرعاية أطفالهن. وفي اليابان يكون الاحتفال في يوم الأحد الثاني من مايو مثل أمريكا الشمالية وفيه يتم عرض صور رسمها أطفال بين السادسة والرابعة عشرة من عمرهم وتدخل ضمن معرض متجول يحمل اسم (أمي) ويتم نقله كل 4 سنوات يتجول المعرض في عديد من الدول. الأحد في إنجلترا: وهو يوم شبيه باحتفالات عيد الأم الحالية، ولكنه كان يسمى أحد الأمهات أو أحد نصف الصوم، لأنه كان يُقام في فترة الصوم الكبير عندهم، والبعض يقول إن الاحتفالات التي كانت تقام لعبادة وتكريم (سيبل) الرومانية بُدِّلت من قبل الكنيسة باحتفالات لتوقير وتبجيل مريم عليها السلام، وهذه العادة بدأت بحَثِّ الأفراد على زيارة الكنيسة التابعين لها والكنيسة الأم محمَّلين بالقرابين.

وفي عام 1600 بدأ الشباب والشابات ذوو الحرف البسيطة والخادمون في زيارة أمهاتهم في (أحد الأمهات) مُحمَّلين بالهدايا والمأكولات، هذا عن انجلترا. أما في الولايات المتحدة الأمريكية فقد كانت آنا جارفس (1864 - 1948) هي صاحبة فكرة جعل يوم عيد الأم إجازة رسمية، فهي لم تتزوج قط وكانت شديدة الارتباط بوالدتها، وقد نذرت نفسها للدِّير، وتدرس في مدرسة الأحد التابعة للكنيسة النظامية (أندرو) في (جرافتون) غرب (فرجينيا). وبعد موت والدتها بسنتين بدأت حملة واسعة النطاق شملت رجال الأعمال والوزراء ورجال الكونجرس، لإعلان يوم عيد الأم عطلة رسمية في البلاد، بحجة أن الأطفال لا يُقَدِّرون ما تفعله الأمهات خلال حياتهم، فعسى أن يزيد هذا اليوم من إحساس الأطفال والأبناء بالأمهات والآباء، وتقوى الروابط العائلية المفقودة. حرصت الكنيسة على تكريم (آنا جارفس) في (جرافتون) غرب (فرجينيا)، وفلادلفيا، وبنسلفانيا في العاشر من مايو 1908، وكانت هذه بداية الاحتفال بعيد الأم في الولايات المتحدة. وكان القرنفل من ورود والدتها المفضلة وخصوصًا الأبيض،

في العالم العربي:

بحجة أنه يعبر عن الطيبة والنقاء والتحمل الذي يتميز به حب الأم، ومع مرور الوقت أصبح القرنفل الأحمر إشارة إلى أن الأم على قيد الحياة، والأبيض أن الأم رحلت عن الحياة. وكان أول إعلان رسمي عن عيد الأم في الولايات المتحدة غرب فرجينيا ولاية أوكلاهوما سنة 1910، ومع عام 1911 كانت كل الولايات المتحدة قد احتفلت بهذا اليوم، وفي هذا الوقت دخلت الاحتفالات كلًا من المكسيك، وكندا، والصين، واليابان، وأمريكا اللاتينية وأفريقيا، ثم وافق الكونجرس الأمريكي رسميًّا على الإعلان عن الاحتفال بيوم الأم، في العاشر من مايو سنة 1913، وقد اختير يوم الأحد الأول من شهر مايو للاحتفال بعيد الأم. في العالم العربي: بدأت فكرة الاحتفال بعيد الأم في مصر على يد الأخوين (مصطفى وعلي أمين) مؤسِّسَيْ دار أخبار اليوم الصحفية، فقد وردَتْ إلى علي أمين رسالة من أم تشكو له جفاء أولادها وسوء معاملتهم لها، وتتألم من نكرانهم للجميل. وحدث أن زارت إحدى الأمهات مصطفى أمين في مكتبه، وحكت له قصتها التي تتلخص في أنها ترمَّلت وأولادها صغار،

فلم تتزوج، وأوقفت حياتها على أولادها، تقوم بدور الأب والأم، وظلت ترعى أولادها بكل طاقتها، حتى تخرجوا في الجامعة، وتزوجوا، واستقل كل منهم بحياته، ولم يعودوا يزورونها إلا على فترات متباعدة للغاية. فكتب مصطفى أمين وعلي أمين في عمودهما الشهير (فكرة) يقترحان تخصيص يوم للأم يكون بمثابة تذكرة بفضلها، وأشارا إلى أن أهل الغرب يفعلون ذلك، وإلى أن الإسلام يحض على الاهتمام بالأم، فانهالت الخطابات عليهما تشجع الفكرة، واقترح البعض أن يخصص أسبوعًا للأم وليس مجرد يوم واحد، ورفض آخرون الفكرة بحجة أن كل أيام السنة للأم وليس يومًا واحدًا فقط، لكن أغلب القراء وافقوا على فكرة تخصيص يوم واحد، وشارك القراء في اختيار يوم 21 مارس ليكون عيدًا للأم، وهو أول أيام فصل الربيع، ليكون رمزًا للتفتح والصفاء والمشاعر الجميلة. واحتفلت مصر بأول عيد أم في 21 مارس سنة 1956. ومن مصر خرجت الفكرة إلى البلاد العربية الأخرى. ولا عجب مِن معرفة أن أكثر من يحتفل بهذه الأعياد اليهود والنصارى والمتشبهون بهم، ويُظهرون ذلك على أنه اهتمام بالمرأة والأم، وتحتفل بعض الأندية الماسونية في العالم العربي بعيد الأم

هل تعلم؟

كنوادي الروتاري واللَّيُونْز. هل تعلم؟ يوم عيد الأم ـ وهو 21 مارس ـ هو يوم عيد النيروز عند الفرس المجوس. وفي يوم 21 مارس من كل عام يحتفل البهائيون بعيد النيروز، وعيد النيروز هو رأس السنة البهائية والتى تبدأ يوم 21 مارس من كل عام. تنبيه: جاء في قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي، قرار رقم: 34 (9/ 4) بشأن البَهائيَّة: «بعد التدبر العميق في معتقدات هذه الفئة والتأكد من أن البهاء، مؤسس هذه الفرقة يدّعي الرسالة، ويزعم أن مؤلفاته وحي منزل، ويدعو الناس أجمعين إلى الإيمان برسالته، وينكر أن رسول الله هو خاتم المرسلين، ويقول إن الكتب المنزلة عليه ناسخة للقرآن الكريم، كما يقول بتناسخ الأرواح. وفي ضوء ما عمد إليه البهاء، في كثير من فروع الفقه بالتغيير والإسقاط، ومن ذلك تغييره لعدد الصلوات المكتوبة وأوقاتها، إذ جعلها تسعًا تؤدى على ثلاث مرات، في البكورة مرة، وفي الآصال

مرة، وفي الزوال مرة، وغيَّر التيمم، فجعله يتمثل في أن يقول البهائي: (بسم الله الأطهر الأطهر)، وجعل الصيام تسعة عشر يومًا، تنتهي في عيد النيروز، في الواحد والعشرين من آذار (مارس) في كل عام، وحوّل القبلة إلى بيت البهاء في عكا بفلسطين المحتلة، وحرم الجهاد وأسقط الحدود، وسوى بين الرجل والمرأة في الميراث، وأحل الربا. وبعد الإطلاع على البحوث المقدمة في موضوع (مجالات الوحدة الإسلامية) المتضمنة التحذير من الحركات الهدامة التي تفرقّ الأمة، وتهز وحدتها، وتجعلها شيعًا وأحزابًا وتؤدي إلى الردة والبعد عن الإسلام، قرر ما يلي: اعتبار أن ما ادعاه البهاء من الرسالة، ونزول الوحي عليه، ونسخ الكتب التي أُنزلت عليه للقرآن الكريم، وإدخاله تغييرات على فروع شرعية ثابتة بالتواتر، هو إنكار لما هو معلوم من الدين بالضرورة. ومنكِرُ ذلك تنطبق عليه أحكام الكفار بإجماع المسلمين (¬1). ¬

_ (¬1) مجلة المجمع (العدد 4، ج3، ص 2189).

كلام أهل العلم في عيد الأم

كلام أهل العلم في عيد الأم الإسلام غني عما ابتدعه الآخرون سواءً عيد الأم أو غيره، وفي تشريعاته من البر بالأمهات ما يغني عن عيد الأم المبتدع. قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية: «لا يجوز الاحتفال بما يسمى (عيد الأم) ولا نحوه من الأعياد المبتدعة لقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (رواه البخاري ومسلم). وليس الاحتفال بعيد الأم من عمله - صلى الله عليه وآله وسلم - ولا من عمل أصحابه - رضي الله عنهم - ولا من عمل سلف الأمة، وإنما هو بدعة وتشبه بالكفار» (¬1). ¬

_ (¬1) فتاوى اللجنة الدائمة (3/ 86).

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -:

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: «قد ثبت في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - التحذير من المحدثات في الدين وعن مشابهة أعداء الله من اليهود والنصارى وغيرهم من المشركين. والآيات والأحاديث في بر الوالدين وصلة الرحم وبيان تأكيد حق الأم كثيرة مشهورة، وهي تدل مَنْ تأملها دلالةً ظاهرة على وجوب إكرام الوالدين جميعًا واحترامهما والإحسان إليهما وإلى سائر الأقارب في جميع الأوقات وترشد إلى أن عقوق الوالدين وقطيعة الرحم من أقبح الصفات والكبائر التي توجب النار وغضب الجبار نسأل الله العافية من ذلك. وهذا أبلغ وأعظم مما أحدثه الغرب من تخصيص الأم بالتكريم في يوم من السنة فقط، ثم إهمالها في بقية العام، مع الإعراض عن حق الأب وسائر الأقارب، ولا يخفى على اللبيب ما يترتب على هذا الإجراء من الفساد الكبير، مع كونه مخالفا لشرع أحكم الحاكمين وموجبًا للوقوع فيما حذر منه رسوله الأمين - صلى الله عليه وآله وسلم -. وقد وقع ما أخبر به الصادق المصدوق - صلى الله عليه وآله وسلم - من متابعة هذه الأمة ـ إلا من شاء الله منها ـ لمن كان قبلهم من اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم من الكفرة في كثير من أخلاقهم وأعمالهم، حتى

جواب للشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - عن حكم الاحتفال بما يسمى بعيد الأم

استحكمت غربة الإسلام وصار هدي الكفار وما هم عليه من الأخلاق والأعمال أحسن عند الكثير من الناس مما جاء به الإسلام، وحتى صار المعروف منكرًا، والمنكر معروفًا، والسنة بدعة، والبدعة سنة عند أكثر الخلق بسبب الجهل والإعراض عما جاء به الإسلام من الأخلاق الكريمة والأعمال الصالحة المستقيمة (¬1). وفي جواب للشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - عن حكم الاحتفال بما يسمى بعيد الأم، قال: «إن كل الأعياد التي تخالف الأعياد الشرعية كلها يكون بدع حادثة لم تكن معروفة في عهد السلف الصالح وربما يكون منشؤها من غير المسلمين أيضًا، فيكون فيها مع البدعة مشابهة أعداء الله سبحانه وتعالى، والأعياد الشرعية معروفة عند أهل الإسلام، وهي عيد الفطر، وعيد الأضحى، وعيد الأسبوع (يوم الجمعة) وليس في الإسلام أعياد سوى هذه الأعياد الثلاثة، وكل أعياد أحدثت سوى ذلك فإنها مردودة على محدثيها وباطلة في شريعة الله سبحانه وتعالى، لقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مَنْ أَحْدَثَ فِى أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ» (¬2). ¬

_ (¬1) باختصار من مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (5/ 189). (¬2) رواه البخاري ومسلم.

أي مردود عليه غير مقبول عند الله، وفي لفظ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (¬1). وإذا تبين ذلك فإنه لا يجوز العيد الذي ذكر في السؤال والمسمى عيد الأم، ولا يجوز فيه إحداث شيء من شعائر العيد، كإظهار الفرح والسرور، وتقديم الهدايا وما أشبه ذلك. والواجب على المسلم أن يعتز بدينه ويفتخر به وأن يقتصر على ما حَدَّهُ الله تعالى لعباده فلا يزيد فيه ولا ينقص منه، والذي ينبغي للمسلم أيضًا ألا يكون إمَّعَة يتبع كل ناعق بل ينبغي أن يُكوِّن شخصيته بمقتضى شريعة الله تعالى حتى يكون متبوعًا لا تابعًا، وحتى يكون أسوة لا متأسيًا، لأن شريعة الله والحمد لله، كاملة من جميع الوجوه كما قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (المائدة:3). والأم أحق من أن يحتفى بها يومًا واحدًا في السنة، بل الأم لها الحق على أولادها أن يرعوها، وأن يعتنوا بها، وأن يقوموا بطاعتها في غير معصية الله - عز وجل - في كل زمان ومكان» (¬2). ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (2/ 301).

فتاوى متعلقة بعيد الأم

فتاوى متعلقة بعيد الأم إنكار بدعة الاحتفال بعيد الأم: س: يافضيلة الشيخ كنت قد قرأت في أحدى المواقع فتوى عن عيد الأم وأنها على قدر فهمي تشبه بالكفار, والنصارى ونحن في موطننا الأصلي احتفلوا بها في 21 مارس والصراحة بعد قراءتي للفتوى لم أقُمْ بالاتصال والتهنئة بها وكيف لي أن أقنع من حولي وهل يكون علَيَّ وِزر إذا لم أخبر أحدًا بهذا الموضوع على اعتبار أنها أصبحت عادة واحتفالًا تقره الدولة؟ ج: قد سبق أن بَيَّنَّا أن تخصيص يوم للاحتفال بالأم غير مشروع، واعلمي أن هذه البدعة من الأمور المحرمة التي يجب على المسلم إنكارها حسب طاقته امتثالًا لقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ» (رواه مسلم). وَقال تعالى: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17)} (لقمان:17).

أمه ستغضب إن لم يحتفل بعيد الأم:

وتغيير المنكر داخل في الدعوة إلى الله، وقد بين الله تعالى أن الدعوة تكون بأقرب الطرق للوصول إلى مقصد الداعي وهو تَرْكُ المنكر، قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} (آل عمران: 104)، وَقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل: 125). ولإنكار المنكر شروط يجب على المسلم أن يأخذ بها، وعليه فعدم إنكارك عليهم وسكوتك على هذا المنكر مع استطاعتك تغييره يلحق بك إثمًا ولو كنت لاتشاركينهم فيه. أما إن كان إنكارك لهذا المنكر سوف يترتب عليه منكر أكبر منه ففي هذه الحالة يكفيك الإنكار بقلبك وذلك أضعف الإيمان (¬1). أمه ستغضب إن لم يحتفل بعيد الأم: س: لدَيَّ صديق من أحد البلاد العربية وفي تلك البلد عيد الأم لديهم رسمي، وهو يحتفل مع إخوته وأخواته من أجل أمهم، وهو الآن يريد أن يقطع هذا الشيء، ولكن أمه ستغضب منه لأنها ¬

_ (¬1) فتاوى موقع الشبكة الإسلامية، بإشراف الدكتور عبد الله الفقيه، (رقم الفتوى:60944).

تعوَّدَتْ على هذا الشيء وأصبح عادة عندهم في بلادهم، وهو خائف أن تغضب منه أمه وتحمل عليه إلى أن تموت ولا ترضى، حاوَلَ إقناعها بأن هذا حرام وبالحكمة ولكنها لم تقتنع للجو العام في بلدهم، ماذا يفعل؟ ج: الاحتفال بعيد الأم من الأمور المحدثة التي لم يفعلها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ولا أصحابه - رضي الله عنهم -، وهو كذلك من التشبه بالكفار الذين أُمِرْنا بمخالفتهم، ولهذا لا يجوز الاحتفال به، ولا تطاع الأم في ذلك، لقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ» (رواه البخاري ومسلم). ولْيَستمِرّ في بِرِّها والإحسان إليها، وإقناعها بأن هذا الاحتفال من البدع المحدثة، وقد قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «وشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) (رواه مسلم). ثم إن الأم لها حق الاحترام والإكرام، والبر والصلة، طول العام، فما معنى تخصيص إكرامها بيوم معين؟! ثم إن هذه البدعة لم تأت إلينا إلا من المجتمعات التي انتشر فيها العقوق، ولم تجد فيه الأمهات والآباء من ملجأ غير دور الرعاية، حيث البعد والقطيعة والألم، فظنوا أن إكرامها في يومٍ يمحو إثمَ عقوقِها في بقية السنة!

حكم تقديم الهدايا قبل المناسبات المبتدعة أو بعدها:

أما نحن أمة الإسلام فقد أُمِرْنا بالبر والصلة، ونُهِينا عن العقوق، وأُعطِيَتْ الأم في ديننا ما لم تعطه في شريعة قط، حتى كان حقها مقدمًا على حق الأب. ولا ينقطع بِرُّ الأم حتى بعد وفاتها، فهي مُكَرَّمَةٌ حال الحياة، وحال الممات، وذلك بالصلاة عليها والاستغفار لها، وإنفاذ وصيتها، وإكرام أهلها. فلنتمسك بهذا الدين العظيم، ولنلتزم آدابه وأحكامه، ففيه الهدى، والكفاية، والرحمة» (¬1). حكم تقديم الهدايا قبل المناسبات المبتدعة أو بعدها: س: علِمْنا بفضل الله تعالى أن الاحتفال وتقديم الهدايا في الأعياد المبتدعة مثل عيد الأم أو أعياد الميلاد أمر منكر وغير جائز، وللأسف نظرًا لانتشار هذه الأعياد بكثرة في بلادنا والتعود عليها خطأ منذ الصغر قد تحدث بعض الخلافات والمشاكل بين الأهل إذا لم يتم تقديم هدية للأم في عيد الأم مثلًا أو للأخ في يوم ميلاده وهكذا. ¬

_ (¬1) باختصار من فتاوى موقع الإسلام سؤال وجواب، بإشراف الشيخ محمد صالح المنجد، (رقم الفتوى:59905).

وسؤالي هو: هل يجوز أن أقدم هدية لأمي قبل عيد الأم بيوم أو يومين مثلًا أو بعده (دون تخصيص يوم معين كل عام) حتى لا يحدث خلاف بيننا؟ وكذلك إذا حَلَّ يوم ميلاد أحد الإخوة المقربين إليَّ فهل لي أن أهديه هدية أو حتى أهنئه فقط في يوم آخر غير هذا اليوم تحديدًا من باب تأليف القلوب وحتى لا يحزن مني، علما بأني سوف أنبه من أعطيه الهدية أن هذا عيد مبتدع ولا يجوز الاحتفال به وهكذا؟ ج: قد سبق أن ذكرنا أن الاحتفال بهذه المناسبات لا يجوز وأن المشاركة فيه بتقديم الهدايا أو التهاني يعد من الإعانة عليه وإقراره، وعليه فيجب على السائل أو غيره إنكار ذلك حسب استطاعته والامتناع من تقديم أي هدية أو تهنئة بتلك المناسبات ولو كانت قبل العيد أو بعده ما دامت من أجل المناسبة. ويمكن للسائل حَلّ ما يلاقيه من المشاكل من أمه أو قريبه بإقناعه لهما بأنه إنما امتنع خوفًا من الوقوع في الحرام، لا بُخلًا منه على الأم بتقديم هدية ولا تقصيرًا منه في حق القريب، لكن هذه

المناسبة غير شرعية أصلًا فلا يجوز لهما أن يطلبا ذلك بهذه المناسبات بل ولا أن يحتفلا بها (¬1). تقديم الهدية في عيد الأم من مظاهر الاحتفال به: س: أعلم أن الاحتفال بعيد الأم بدعة، ولكني أعطي لأمي مالًا لها في تلك المناسبة، فهل في ذلك حرمة، كما أنني أعمل مدرسًا وقد طلب مني مدير المدرسة نقودًا لعمل احتفال بهذه المناسبة فأعطيته ولكن نيتي كانت الغياب في اليوم التالي فأعطيته النقود ليتم التجاوز عن ذلك بدون أن أخبره، فهل علي من ذنب في ذلك؟ ج: كما علمتَ أن الاحتفال بعيد الأم بدعة فلْتَعلمْ أن تقديم الهدية فيه أو إطعام الطعام وتبادل الزيارات وما أشبه ذلك من مظاهر الاحتفال هو إحياء لهذه البدعة واعتراف بها، وعلى المسلم أن يتجنب ذلك كله في ذلك اليوم سدًا للذريعة ـ على الأقل ـ حتى لا يكون فعله إحياءً لها واعترافًا بها. وأما إعطاؤك المال للمدير ليعمل به احتفالًا بتلك المناسبة فلا ينبغي ولا يجوز إذا كان باختيارك لأنه إما أن يكون مشاركة منك في ¬

_ (¬1) فتاوى موقع الشبكة الإسلامية، بإشراف الدكتور عبد الله الفقيه، (رقم الفتوى 106408).

حكم الاحتفال بعيد الأم إذا كان تركه يؤدي إلى حزن الأم:

إحياء هذه المناسبة واعترافًا بها وأنت تعلم أنها بدعة ومنكر، أو يكون ذلك بقصد التخلف عن العمل فيكون من باب الرشوة المحرمة. أما إذا كان قصدك بإعطاء المال ونية الغياب هو الغياب عن مشاهدة الاحتفال بذلك اليوم فهذا مقصد حسن ـ إن شاء الله تعالى ـ لأنه من باب المداراة، ولكن لا ينبغي أن تلجأ إلى دفع المال إلا في حال الضرورة، وبإمكانك أن تتجنب ذلك بمصارحة المدير بأنك تعتبر الاحتفال بذلك اليوم بدعة ومنكرًا لا تريد المشاركة فيه، وتنصحه هو بتركه إن أمكن له ذلك فهذا نوع من إنكار المنكر والنصيحة للمسلم (¬1). حكم الاحتفال بعيد الأم إذا كان تركه يؤدي إلى حزن الأم: س: والدتي كانت قد أخبرت أختي أنها تحتاج لبعض الأشياء في المنزل كالسجاد وهكذا, وأختي أرادت أن تشتريها قبل عيد الأم البدعي هذا، وأنا رفضت ذلك وقلت لها لن أشارك في شيء فيه معصية لله - عز وجل -، وقلت إنني سوف أدفع ما طلب مني من أموال في ¬

_ (¬1) فتاوى موقع الشبكة الإسلامية، بإشراف الدكتور عبد الله الفقيه، (رقم الفتوى 46619).

حكم قبول المدرسة هدية عيد الأم:

أول الشهر القادم حتى ينقضي هذا الشهر، وقد أحزن أمي ذلك، فهل في ذلك معصية لله بسبب حزن أمي مني أم لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؟ ج: يمكنك شراء هذه الأشياء في مناسبة أخرى مثل: عيد الفطر أو الأضحى، أو بغير مناسبة كما فعلت، ولا يجوز المشاركة في هذا العيد ولو حزنت أمك (¬1). حكم قبول المُدَرِّسَة هدية عيد الأم: سألْتُ الشيخ ياسر برهامي ـ حفظه الله ـ هذا السؤال: ما حكم قبول المُدَرِّسَة للهدايا التي يقدمها لها التلاميذ والتلميذات في مناسبة عيد الأم؟ فأجاب: لما كان عيد الأم عيدًا مُبْتَدَعًا لا يجوزُ الاحتفالُ به كان الإهداء وقبول الهدية فيه، مِن التشبُّه المَنْهِيِّ عنه، فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: «كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - الْمَدِينَةَ قَالَ: «كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى» (رواه النسائي وصححه الألباني). ¬

_ (¬1) فتاوى موقع موقع صوت السلف، بإشراف الشيخ ياسر برهامي.

وقد قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إِنَّ لِكُلّ قَوْمٍ عِيدًا وَإِنَّ هَذَا عِيدُنَا» (رواه البخاري ومسلم). فلا يجوز تعظيم عيد الأم بالإهداء، أو بقبول الهدية، أو بأي مظاهر للفرح أو تخصيص لهذا اليوم بأي عمل، وينبغي صرف المال إلى البديل، وهو الإهداء المطلق غير المحدد بيوم بعينه، أو الإهداء في أعياد المسلمين. فسألْتُه: هل يتغير الحكم إذا علمَتْ المُدَرِّسة أن عدم قبولها سيترتب عليه مفسدة كغضب أمهات التلاميذ منها أو نفور التلاميذ عنها واعتقادهم أنها متزمتة؟ فأجاب: إن مفسدة الابتداع في الدين والتشبه بالكفار أو المبتدعين أكبر من مفسدة حزن بعض الناس في هذا الباب، ويمكن إرضاؤهم وتحصيل المصلحة بما ذكرنا من الإهداء العام أو الإهداء المطلق، أو في أعياد المسلمين، ويجب الاهتمام ببر الوالدين على الدوام. واتهام بعض الناس للملتزمين بالتزمت والتشدد تتم معالجته بتوضيح الأدلة والبدائل الشرعية، ولو تركنا الإنكار على كل بدعة أو تركنا الالتزام بالسُنّة من أجل اتهام بعض الناس لنا بالتشدد لَحَدَثَ فسادٌ كبير.

مفاسد الاحتفال بعيد الأم

مفاسد الاحتفال بعيد الأم يزعم مُرَوِّجُو الاحتفال بعيد الأم أنه يقوي الروابط الأسرية ويدخل السعادة عليها، ولكن الواقع غير ذلك فمن مفاسده: 1 - ذلك الاحتفال بهذا العيد المزعوم ـ بالإضافة إلى مخالفته للشرع ـ يحمِّل ميزانية الأسرة أعباءً في هذا الشهر، بل ربما اقترض البعض احتفالًا بهذا اليوم. فالأطفال في سن المدارس يشترون بمصروفهم هدايا لأمهاتهم، ثم عليهم بعد ذلك تكريم معلماتهم في الفصل والناظرة أو المديرة في المدرسة، ولا يكفي مصروفهم لذلك فيضطر الآباء والأمهات إلى تغطية نفقات هذه الهدايا الواجب تقديمها في زعمهم لعدم إحراج أولادهم بين زملائهم وأمام معلماتهم. وتواجه السيدات العاملات ضرورة تكريم رئيساتهن في العمل وكبار زميلاتهن بهدايا مناسِبة، مجاملةً شِئْنَ أم أبَيْنَ. ويتمادى الأمر فيحتاج الزوج إلى تكريم أم زوجته ـ حماته ـ كما يكرم أمه، وتكرم الزوجة أم زوجها ـ حماتها ـ كما تكرم أمها، والتكريم بهدايا قَيِّمَة تُرضي مَن تُقَدَّم إليه إرضاءً تامًا وإلا .... 2 - الأرامل والمسِنَّات ممن لا أولاد لهن يعِشْنَ هذا اليوم في

حزن وأسى وربما البكاء، وقد هيج احتفال المجتمع بهذه المناسبة مشاعرهن، وهن المحرومات ممن يحتفي بهن من الأولاد. 3 - الأيتام يتملكهم الحزن في هذا اليوم، وقد تجدد في نفوسهم الشعور بالحرمان من الأم بينما ينعم من حولهم بأمهاتهم والقرب منهن. 4 - يأتي هذا العيد المزعوم على بعض الآباء فيشعرون بنوع من الأسى لما رأوه من تجاهل المجتمع لدورهم ومكانتهم في أسرهم بقصر التكريم على الأمهات دونهم. لذا سمعنا من ينادي بتخصيص يوم يكون عيدًا للأب، أو تسمية عيد الأم بعيد الأسرة، ليكون للأم والأب معًا دفعًا لما ينتاب نفوس الأباء من جراء تجاهلهم. 5 - الأمهات يَعْتَدْنَ من الأولاد الهدايا، وقد تكون مكلفة وفي غير المقدور، فإذا لم يقدم الابن هدية تغضب الأمهات. 6 - الأم التي لديها أكثر من ولد، ذكرًا أو أنثى، وخاصة المتزوجين والمتزوجات، تقارن بين ما يقدمه كل منهم، وأقل ما يمكن أن يحدث هو أن تغضب على بعضهم. 7 - الزوجة تطالب زوجها أن تقدم لأمها هدية كما يفعل زوجها مع أمه، وهذا قد يؤدي إلى مشكلات ومقارنات وتكليف

فوق الطاقة. 8 - الأم تعتبر ولدها مقصرًا إذا نسي أو ترك عادته معها كل عام، وقد تلومه، وقد تقاطعه، وقد تغضب عليه، وقد تعتبر زوجته، أو تعتبر زوج ابنتها السبب في هذا التقصير، فتحدث القطيعة بين الأسر. 9 - قد يؤدي الدوام على هذا الاحتفال كل عام إلى اعتقاد أنه قربة من القربات، وأن هذا واجب ديني، وعند ذلك يعتقد الناس أن المقصر فيه مقصرٌ في واجب ديني. إن علاجَ مشكلة العقوق ليس بالابتداع في الدين وإنما بتربية الأمة ـ خاصةً النشء ـ على بر الوالدين كما يحبه الله - عز وجل - وعلمه لنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وقام به سلف الأمة - رضي الله عنهم -، وأن ننبذ ما يخالف ديننا، فلن يصلح أخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.

أهم المراجع

أهم المراجع - نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وآله وسلم -، تأليف: عدد من المختصين بإشراف الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي. - فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية. - مجموع فتاوى الشيخ ابن باز - رحمه الله -. - فتاوى موقع الشبكة الإسلامية www.islamweb.net - فتاوى موقع صوت السلف www.salafvoice.com - أعياد الكفار وموقف المسلم منها لإبراهيم بن محمد الحقيل. - بر الوالدين أم عيد الأم؟! مقال للدكتور علاء بكر على موقع صوت السلف www.salafvoice.com - عيد الأم! نبذة تاريخية، وحكمه عند أهل العلم موقع الإسلام سؤال وجواب. www.islam-qa.com - في ظلال سورة التوبة للدكتور عبد الله عزام - رحمه الله -. - تهذيب كتاب (اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم) لشيخ الإسلام ابن تيمية، هذَّبه وخرَّج أحاديثه شحاتة صقر.

§1/1