عمدة الأحكام ت الزهيري

المقدسي، عبد الغني

جَمِيع الْحُقُوق مَحْفُوظَة للناشر، فَلَا يجوز نشر أَي جُزْء من هَذَا الْكتاب، أَو تخزينه أَو تسجيله بأية وَسِيلَة، أَو تَصْوِيره أَو تَرْجَمته دون مُوَافقَة خطية مسبقة من الناشر الطَّبَعة الأولى 1419 هـ - 1998 م (ح) مكتبة المعَارف للنشر والتوزيع، 1419 هـ فهرسة مكتبة الْملك فَهد الوطنية اثناء النشر الجماعيلي، عبد الْغَنِيّ بن عبد الْوَاحِد الْعُمْدَة فِي الاحكام / تَحْقِيق سمير بن أَمِين الزهيري - الرياض 224 ص، 17 × 24 سم ردمك 9 - 87 - 804 - 9960 1 - الحَدِيث - جَوَامِع الْفُنُون 2 - الحَدِيث - أَحْكَام أ- الزهيري، سمير بن أَمِين (مُحَقّق) ب - العنوان ديوي 237.3 - 3282/ 18 رقم الْإِيدَاع: 3282/ 18 ردمك: 9 - 87 - 804 - 9960 مكتبة المعَارف للنشِر وَالتوزيع هَاتف: 4114535 - 4113250 فاكس: 4112932 - بَرقياً دَفتر صَ. بَ: 3281 الريَاض، الرَّمْز البريدي: 11471 سجل تجاري: 6313 الريَاض

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مقدمة التحقيق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة التحقيق إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)} [آل عمران: 102]. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)} [النساء: 1] {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)} [الأحزاب: 70، 71]. أما بعد: فإن أحسن الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

اسمه ونسبه

وبعد: فهذا كتاب "العمدة في الأحكام" للإمام الحافظ أبي محمد؛ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي رحمه الله. وهذا تعريف موجز بالمؤلِّف. اسمه ونسبه: هو الإمام، العالم، الحافظ، الكبير، الصادق، العابد، الأثري، عالم الحفاظ، تقي الدين؛ أبو محمد: عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور بن رافع بن حسن بن جعفر المقدسي، الجماعيلي، ثم الدمشقي المنشأ الصالحي. مولده: اختلف في مولد الحافظ عبد الغني رحمه الله، فقيل: سنة [541 هـ]. وقيل: [543 هـ]. وقيل: [544 هـ]. صفاته الخَلْقية: قال الضياء المقدسي: "ليس بالأبيض الأمهق، بل يميل إلى السمرة، حسن الشعر، كث اللحية، واسع الجبين، عظيم الخلق، تام القامة، كأن النور يخرج من وجهه، وكان قد ضعف بصره من البكاء، والنسخ، والمطالعة". رحلاته: لقد كان الحافظ عبد الغني شأنه شأن الحفاظ الكبار من قبله، فقلما تجد حافظًا من الحفاظ إلا وقد رحل في طلب العلم.

ولقد بدأ الحافظ رحمه الله رحلاته وهو في العشرين من عمره تقريبًا، إذ رحل إلى بغداد سنة [561]، وإذا عرفت أنهم لم يكونوا يرحلون إلا بعد سماعهم من مشايخ بلدانهم، علمت أنه طلب العلم منذ صغره رحمه الله. فرحل إلى بغداد مرتين. رحل المرة الأولى سنة [561]، هو، وابن خاله الشيخ موفق الدين بن قدامة، واستغرقت إقامتهما ببغداد نحو أربع سنوات، وكان الحافظ رحمه الله ميله إلى الحديث، والموفق يريد الفقه، وكان من أثر تلازمهما تفقه الحافظ، وسماع ابن قدامة. ثم رحل إلى الحافظ أبي طاهر السِّلفي بالإسكندرية مرتين: الأولى سنة [566]، وأقام مدة، والثانية سنة [570]، وسمع من السلفي كثرًا، فقد كتب عنه نحوًا من ألف جزء. وكان قبل رحيله إلى السلفي يحضر مجالس الحديث بدمشق، وكان يحضرها أيضًا الملك نور الدين بن زنكي، وكان إذا أشكل شيء على القارىء، بينه الحافظ، ففقده الملك بعد ذلك، فقال: أين ذاك الشاب؟، فقيل: سافر. وهذا يدل على نباهته، وقوة حفظه منذ الصغر. ورحل إلى مصر أيضًا مرتين، فسمع وحدث، وحدثت له فيها أحداث منها: أنه اجتمع بالملك العادل، إذ يقول هو في ذلك: "والملك العادل اجتمعت به، وما رأيت منه إلا الجميل،

فأقبل عليَّ، وقام لي، والتزمني، ودعوت له، ثم قلت: عندنا قصور هو الذي يوجب التقصير، فقال: ما عندك لا تقصير ولا قصور، وذكر أمر السنة، فقال: ما عندك شيء تعاب به، لا في الدين ولا الدنيا، ولابد للناس من حاسدين". وقال الضياء: ولما وصل إلى مصر كُنَّا بها، فكان إذا خرج للجمعة لا نقدر نمشي معه من كثرة الخلق. . . يجتمعون حوله، وكنا أحداثًا نكتب الحديث حوله، فضحكنا من شيء وطال الضحك، فتبسم، ولم يحرد علينا. ورحل أيضًا إلى أصبهان، واجتمع بالحافظ أبي موسى المديني. قال الضياء: سمعت الإمام عبد الله بن أبي الحسن الجبائي بأصبهان يقول: أبو نعيم قد أخذ على ابن منده أشياء في كتاب الصحابة، فكان الحافظ أبو موسى يشتهي أن يأخذ على أبي نعيم في كتابه الذي في الصحابة، فما كان يجسر، فلما قدم الحافظ عبد الغني أشار إليه بذلك، فاخذ على أبي نعيم نحوًا من مئتين وتسعين موضعًا. ولذلك كان أبو موسى رحمه الله يقول: "قل من قدم علينا يفهم هذا الشأن كفهم الشيخ الإمام ضياء الدين أبي محمد؛ عبد الغني المقدسي، وقد وفق لتبين هذه الغلطات، ولو كان الدارقطني وأمثاله في الأحياء، لصوبوا فعله، وقل من يفهم في زماننا ما فهم، زاده الله علمًا وتوفيقًا".

شيوخه

ومما وقع له في رحلته إلى أصبهان، قال: أضافني رجل بأصبهان، فلما تعشينا كان عنده رجل أكل معنا، فلما قمنا إلى الصلاة لم يصل. فقلت: ماله؟! قالوا: هذا رجل شمسي -أي: يعبد الشمس- فضاق صدري. وقلت للرجل: ما أضفتني إلا مع كافر؟! قال: إنه كاتب، ولنا عنده راحة، ثم قمت بالليل أصلي، وذاك يستمع، فلما سمع القرآن تزفَّر، ثم أسلم بعد أيام، وقال: لما سمعتك تقرأ وقع الإسلام في قلبي. ولقد كان الناس بأصبهان يصطفون في السوق ينظرون إليه، حتى قيل: لو أراد أن يملك أصبهان لملكها. ورحل أيضًا إلى الموصل، وحران، وهمدان، وغير ذلك، وهو في كل رحلاته يفيد ويستفيد، ينشر سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -. شيوخه: لا شك أن من كانت رحلاته كالحافظ فلابد أن يكون قد سمع الجم الغفير من العلماء. فمثلًا: سمع ببغداد من: أبي الفرج ابن الجوزي، وأبي الفتح ابن البطِّي، وأبي الحسن؛ علي بن رباح الفراء، وعبد القادر الجيلي، وهبة الله بن هلال الدقاق، وأبي زرعة المقدسي، وأبي بكر ابن النقور، وأحمد بن عبد الغني الباجسرائي، وغيرهم. وسمع بمصر من: محمد بن علي الرحبي، وعبد الله بن بري، وغيرهم.

تلاميذه

وسمع بالإسكندرية من: الحافظ أبي طاهر السلفي. وبأصبهان من: الحافظ أبي موسى المديني، وأبي الوفاء؛ محمود بن حَمَكَا، وأبي الفتح الخرقي، وغيرهم. وسمع بدمشق من: أبي المكارم بن هلال، وسلمان بن علي الرحبي، وأبي المعالي ابن صابر، وعدة. وغير ذلك الكثير. تلاميذه: الحافظ عز الدين محمد، والحافظ أبو موسى؛ عبد الله، والفقيه أبو سليمان، وهم أبناؤه. وحدث عنه أيضًا الشيخ موفق الدين بن قدامة، والحافظ الضياء، والشيخ الفقيه محمد اليونيني، والزين بن عبد الدايم، والشهاب القوصي، وخلق كثير. حفظه: لقد كان عبد الغني المقدسي من الحفاظ المعدودين، وجاء عنه في ذلك أخبار كثيرة تدل على قوة حفظه، وصفاء ذهنه. فقد سئل: لم لا تقرأ من غير كتاب؟. فقال: أخاف العجب. وقال الضياء المقدسي: كان شيخنا الحافظ لا يكاد يسأل عن حديث إلا ذكره وبينه، وذكر صحته أو سقمه، ولا يسأل عن رجل إلا قال: هو فلان بن

ومن شمائله

فلان الفلاني، ويذكر نسبه، فكان أمير المؤمنين في الحديث، سمعته يقول: كنت عند الحافظ أبي موسى المديني، فجرى بيني وبين رجل منازعة في حديث. فقال: هو في "صحيح البخاري". فقلت: ليس هو فيه. قال: فكتبه في رقعة، ورفعها إلى أبي موسى يسأله؟ قال: فناولني أبو موسى الرقعة، وقال: ما تقول؟ فقلت: ما هو في البخاري. فخجل الرجل. وقال أبو نزار ربيعة الصنعاني: قد حضرت الحافظ أبا موسى، وهذا الحافظ عبد الغني، فرأيت عبد الغني أحفظ منه. وقال الضياء: سمعت عبد الغني يقول: كنت عند ابن الجوزي، فقال: "وريرة بن محمد الغساني"، فقلت: إنما هو "وَزيرة"، فقال: أنتم أعرف بأهل بلدكم. وقال رجل للحافظ عبد الغني: رجل حلف بالطلاق أنك تحفظ مئة ألف حديث. فقال: لو قال أكثر لصدق. ومن شمائله: أنه نشر الحديث بالشام حتى قال أبو إسحاق؛ إبراهيم بن

محمد الحافظ: ما رأيت الحديث في الشام كله إلا ببركة الحافظ، فإنني كل من سألته يقول: أول ما سمعت على الحافظ عبد الغني. ولقد كان يهتم بالرحلة جدًا، ويحرّض الطلاب على ذلك، ورحّل غير واحد منهم. وكان رحمه الله لا يضيع شيئًا من وقته في غير فائدة، فإنه كان يصلي الفجر، ويلقن القرآن، وربما أقرأ شيئًا من الحديث تلقينًا، ثم يتوضأ ويصلي ما شاء الله له أن يصلي، ثم ينام نومة، ثم يقوم فيصلي الظهر، ويشتغل بعد ذلك بالتسميع أو بالنسخ إلى المغرب، فإن كان صائمًا أفطر، ثم يصلي العشاء، وينام إلى نصف الليل أو بعده، ثم قام كأن إنسانًا يوقظه، فيتوضأ ويصلي إلى قرب الفجر، وربما توضأ سبع مرات أو أكثر، وكان يقول: ما تطيب لي الصلاة إلا ما دامت أعضائي رطبة، ثم ينام نومة يسيرة إلى الفجر. وهذا دأبه. وكان أخوة الشيخ العماد يقول: ما رأيت أحدًا أشد محافظة على وقته من أخي. وكان الحافظ رحمه الله سخيّا جوادًا، لا يدخر دينارًا ولا درهمًا، وكان يخرج في الليل بقفاف الدقيق إلى بيوت الفقراء متنكرًا في الظلمة، وكان يُفتح عليه بالثياب، فيعطي الناس، وثوبه مرقع، وأخباره في ذلك كثيرة. وقال عنه ابن قدامة: كان الحافظ عبد الغني جامعًا للعلم والعمل، وكان رفيقي في الصبا، وفي طلب العلم، وما كنا نستبق

ما ابتلي به الحافظ

إلى خير إلا سبقني إليه إلا القليل. وكمَّل الله فضيلته بابتلائه بأذى أهل البدعة وعداوتهم، ورزق العلم، وتحصيل الكتب الكثيرة، إلا أنه لم يعمر حتّى يبلغ غرضه في روايتها ونشرها. ما ابتلي به الحافظ: ابتلي الحافظ عبد الغني رحمه الله كثيرًا، كغيره من أهل السنة، فلقد عاداه أهل البدع في زمانه، ووشوا به إلى الحكام. ولم يكن رحمه الله ممن تأخذه في الله لومة لائم، وأكثر ما جرّ عليه البلاء قيامه بنشر أحاديث النزول والصفات، وكعادة أهل البدع والضلال في كل عصر ومصر، وموقفهم من الآثار، فقد قاموا عليه، ورموه بالتجسيم، وأما هو رحمه الله فقد كان قويّا في الحق، يجهر به، فما كان يداريهم كما فعل غيره من علماء عصره. ولقد ابتلي كثيرًا. قال الضياء: "كان الحافظ يقرأ الحديث بدمشق، ويجتمع عليه الخلق، فوقع الحسد، فشرعوا [أن] عملوا لهم وقتًا لقراءة الحديث، وجمعوا الناس، فكان هذا ينام، وهذا بلا قلب، فما اشتفوا، فأمروا الناصح ابن الحنبلي بأن يعظ تحت قبة النسر يوم الجمعة، وقت جلوس الحافظ، فأول ذلك أن الناصح والحافظ أرادا أن يختلفا الوقت، فاتفقا أن الناصح جلس بعد الصلاة، وأن يجلس الحافظ بعد العصر، فدسوا إلى الناصح رجلًا ناقص العقل

من بني عساكر، فقال للناصح في المجلس ما معناه: إنك تقول الكذب على المنبر، فضرب وهرب، فتمت مكيدتهم، ومشوا إلى الوالي، وقالوا: هؤلاء الحنابلة قصدهم الفتنة، واعتقادهم يخالف اعتقادنا، ونحو هذا، ثم جمعوا كبراءهم، ومضوا إلى القلعة إلى الوالي، وقالوا: نشتهي أن تحضر عبد الغني، فانحدر إلى المدينة خالي الموفق، وأخي الشمس البخاري، وجماعة، وقالوا: نحن نناظرهم. وقالوا للحافظ: لا تجيء فإنك حَدٌّ، نحن نكفيك، فاتفق أنهم أخذوا الحافظ وحده، ولم يدر أصحابنا، فناظروه، واحتدّ، وكانوا قد كتبوا شيئًا من الاعتقاد، وكتبوا خطوطهم فيه، وقالوا له: اكتب خطك، فأبى. فقالوا للوالي: الفقهاء كلهم قد اتفقوا على شيء، وهو يخالفهم، واستأذنوه في رفع منبره، وقالوا: نريد أن لا تجعل في الجامع إلا صلاة الشافعية، وكسروا منبر الحافظ، ومنعونا من الصلاة، ففاتتنا صلاة الظهر. ثم إن الحافظ ضاق صدره، ومضى إلى بعلبك، فأقام بها مدة، ثم توجه إلى مصر، فجاء شاب من دمشق بفتاو إلى صاحب مصر الملك العزيز، ومعه كتب أن الحنابلة يقولون كذا وكذا مما يشنعون به عليهم، فقال: إذا رجعنا أخرجنا من بلادنا من يقول بهذه المقالة، فاتفق أنه عدا به الفرس، فشب به، فسقط، فخسف صدره، كذلك حدثني يوسف بن الطفيل شيخنا، وهو الذي

غسله، فأقيم ابنه صبي، فجاء الأفضل من صرخد، وأخذ مصر، وعسكر وكرّ إلى دمشق، فلقي الحافظ عبد الغني في الطريق فأكرمه إكرامًا كثيرًا، ونفّذ يوصي به بمصر، فتلقي الإمام بالإكرام، وأقام بها يُسمعُ الحديث بمواضع -وكان بها كثير من المخالفين- وحصر الأفضل دمشق حصرًا شديدًا، ثم رجع إلى مصر، فسار العادل عمُّه خلفه فتملك مصر، وأقام، وكثر المخالفون على الحافظ، فاستدعي، وأكرمه العادل، ثم سافر العادل إلى دمشق، وبقي الحافظ بمصر، وهم ينالون منه، حتى عزم الملك الكامل على إخراجه، واعتقل في دار أسبوعًا، فكان يقول: ما وجدت راحة في مصر مثل تلك الليالي. وقال الشجاع بن أبي زكريا الأمير: قال لي الملك يومًا: هاهنا فقيه. قالوا: إنه كافر. قلت: لا أعرفه. قال: بلى، هو محدِّث. قلت: لعله الحافظ عبد الغني؟ قال: هذا هو. فقلت: أيها الملك! العلماء أحدهم يطلب الآخرة، وآخر يطلب الدنيا، وأنت هنا باب الدنيا، فهذا الرجل جاء إليك، أو أرسل إليك شفاعة أو رقعة، يطلب منك شيئًا؟. قال: لا. فقلت: والله هؤلاء يحسدونه. فهل في هذه البلاد أرفع منك؟. قال: لا. فقلت: هذا الرجل أرفع العلماء، كما أنت أرفع الناس. فقال: جزاك الله خيرًا كما عرفتني. ثم بعثتُ رقعة إليه، أوصيه به، فطلبني، فجئت، وإذا عنده شيخ الشيوخ ابن حمويه، وعز الدين الزنجاري الأمير، فقال لي

السلطان: نحن في أمر الحافظ، فقال: أيها الملك! القوم يحسدونه، وهذا شيخ الشيوخ بيننا، وحلّفته: هل سمعت من الحافظ كلامًا يخرج عن الإسلام؟ فقال: لا والله. وما سمعت عنه إلا كل جميل، وما رأيته. وتكلم ابن الزنجاري فمدح الحافظ كثيرًا وتلامذته. وقال: أنا أعرفهم، ما رأيت مثلهم. فقلت: وأنا أقول شيثًا آخر: لا يصل إليه مكروه حتى يقتل من الأكراد ثلاثة آلاف. فقال الملك الكامل: لا يؤذى الحافظ. فقلت: اكتب خطك بذلك. فكتب. ثم طلب من الحافظ أن يكتب اعتقاده، فكتب: أقول كذا؛ لقول الله كذا، وأقول كذا؛ لقول الله كذا، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم - كذا. حتى فرغ من المسائل التي يخالفون فيها، فلما رآها الكامل قال: إيشٍ أقول في هذا، يقول بقول الله، وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! ". وزعم سبط ابن الجوزي أن الفقهاء أجمعوا على تكفيره، ولكن هذا من مجازفات السبط، وقلة ورعه، كما قال الحافظ الذهبي. ووقع له من البلاء أيضًا في أصبهان ما كاد يودي إلى قتله، ومثل ذلك وهو بالموصل. ولكنه رحمه الله كان محبوبًا من أهل السنة، يكرمونه، ويعرفون قدره، وينزلونه منزلته. قال الضياء: ما أعرف أحدًا من أهل السنة رآه إلا أحبه،

مصنفاته

ومدحه كثيرًا. وقال الذهبي: وبكل حال فالحافظ عبد الغني من أهل الدين، والعلم، والتأله، والصدع بالحق، ومحاسنه كثيرة. مصنفاته: صنف الحافظ عبد الغني كثيرًا من التصانيف المفيدة النافعة، نذكر منها ما يلي: 1 - الكمال في أسماء الرجال. وهو أول مؤلف في رجال الكتب الستة، قال عنه المزي: "هو كتاب نفيس، كبير الفائدة". 2 - تبين الإصابة لأوهام حصلت لأبي نعيم في معرفة الصحابة. يقع في جزأين، يدل على براعة الحافظ وحفظه، وقد مدحه الحافظ أبو موسى المديني لما سمع منه هذا الكتاب. 3 - الجامع الصغير لأحكام البشير النذير. 4 - الصفات. 5 - ذم الرياء. 6 - ذم الغيبة. 7 - فضل الصدقة. 8 - الأحكام الصغرى (وهو كتابنا هذا). 9 - الأحكام الكبرى. 10 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (وقد طبع بتحقيقي

وفاته

في دار السلف بالرياض). وغير ذلك الكثير. وفاته: قال ولده الحافظ أبو موسى: مرض أبي في ربيع الأول مرضًا شديدًا منعه من الكلام والقيام، واشتد ستة عشر يومًا، وكنت أسأله كثيرًا: ما تشتهي؟، فيقول: أشتهي الجنة، أشتهي رحمة الله، لا يزيد على ذلك، فجئته بماء حار، فمد يده، فوضأته وقت الفجر، فقال: يا عبد الله! قم صل بنا وخفف، فصليت بالجماعة، وصلى جالسًا، ثم جلست عند رأسه، فقال: اقرأ يس، فقرأتها، وجعل يدعو، وأنا أؤمن. فقلت: هذا دواء تشربه. قال: يا بني ما بقي إلا الموت. فقلت: ما تشتهي شيئًا؟. قال: أشتهي النظر إلى وجه الله سبحانه. فقلت: ما توصي بشيء؟، قال: ما لي على أحد شيء، ولا لأحد عليَّ شيء. قلت: توصيني؟، قال: أوصيك بتقوى الله، والمحافظة على طاعته، فجاء جماعة يعودونه، فسلموا، فرد عليهم، وجعلوا يتحدثون، فقال: ما هذا؟ اذكروا الله، قولوا: لا إله إلا الله، فلما قاموا جعل يذكر الله بشفتيه، ويشير بعينيه، فقمت لأناول رجلًا كتابًا من جانب المسجد، فرجعت، وقد خرجت روحه رحمه الله، وذلك يوم الاثنين الثالث والعشرين من ربيع الأول، سنة ست مئة، وبقي ليلة الثلاثاء في المسجد، واجتمع الخلق من الغد، فدفناه (¬1). ¬

_ (¬1) لترجمة الحافظ عبد الغني، انظر "سير أعلام النبلاء" [21/ 443].

وصف النسخ الخطية

وصف النسخ الخطيَّة: النسخة الأولى: نسخة نفيسة، كُتبت بخط نسخي جميل واضح، وتقع في (98) لوحة، وناسخها هو: محمد بن إلياس بن عثمان، وهذه النسخة منقولة من نسخة قُرئت على الحافظ عبد الغني رحمه الله كما أثبت ذلك الناسخ في آخرها. وكان الناسخ أمينًا في نقل كل ما وجده في الأصل الذي نقل منه فنقل السماعات والمعارضة والمقابلة، والإشارة إلى اختلاف النسخ، ثم كتب في آخر النسخة: نقله كما شاهده محمد بن إلياس بن عثمان. وهذا الناسخ هو أحد العلماء الفضلاء، له ترجمة في "شذرات الذهب" (8/ 303). وقد وقع خرم في هذه النسخة من بعد قوله في الحديث رقم (4): "وفي لفظ لمسلم. . . " إلى قوله: "البارد" في الحديث رقم (89). وأيضًا ورقة أخرى من قوله: "وفي لفظ. . . " حديث رقم (272) إلى قوله: ". . . جالس فقالت" حديث رقم (275). وهذه النسخة إليها الإشارة ب "أ" وهي محفوظة بمركز الملك فيصل بالرياض تحت رقم (726). النسخة الثانية: نسخة تامة متقنة، تقع في (53) لوحة، وهي مقابلة على

النسخة الثالثة

نسخ صحيحة، كما أنه عليها سماع وخط محمد مرتضى الحسيني الزبيدي صاحب "تاج العروس" وقد أثبت سنده المتصل إلى المؤلف الحافظ عبد الغني رحمه الله. وهذه النسخة إليها الإشارة بـ "ب" وهي برقم (727) في مركز الملك فيصل بالرياض. النسخة الثالثة: هي النسخة التي شرحها العلَّامة ابن الملقن، وهي نسخة متقنة، وقد كُتِبت هذه النسخة سنة (766 هـ)، وهي منقولة بالحرف من خط ابن الملقن نفسه مما يدل على نفاستها ودقتها. إلا أن هذه النسخة فيها خرم أيضًا من أول باب القراءة في الصلاة إلى أول باب الغسل للمحرم، وهو يمثل المجلد الثاني من شرح ابن الملقن من حديث (104) إلى حديث (242) من كتاب [العمدة] وهذه النسخة إليها الإشارة بـ: [نسخة ابن الملقن]. كما أنني لم آلو جهدًا في مقابلة أحاديث الكتاب حرفًا حرفًا مع مصدريها؛ البخاري (¬1) ومسلم، كل ذلك من أجل تحرير نص الكتاب، وأسال الله تعالى أن أكون قد وفقت في ذلك. فإنه لمن المؤسف أن مثل هذا الكتاب النفيس -على كثرة انتشاره ¬

_ (¬1) أود الإشارة إلى طبعة حديثة من صحيح البخاري؛ جيدة في مظهرها على عكس ذلك في مخبرها. وهذه بعض الأمثلة ليرجع إليها من أراد التأكد (حديث رقم 1570 و 1825 و2112 و2126 و2182 و2463 وغيرها كثير) وانظر هامش ص 173 من طبعة دار السلام مقارنة بما في هامش الفتح (2/ 352/ سلفية).

وتدريسه- لا توجد له طبعة صحيحة خالية من الغلط. وبعد: لا يفوتني أن أشكر الأخ الكبير، والأستاذ الفاضل أبا عبد الرحمن؛ سعد بن عبد الرحمن الراشد صاحب مكتبة المعارف بالرياض، فقد كان هو -جزاه الله خيرًا- صاحب اقتراح تحقيق هذا الكتاب. كما أشكر الأخ الفاضل الأستاذ صالح الخريجي رئيس قسم المخطوطات بمركز الملك فيصل على ما أجده أنا وغيري من الباحثين من تعاونه الصادق، جزاه الله خيرًا. وأخيرًا: أسأل الله عز وجل أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يثبت قلوبنا على دينه، وأن يحشرنا تحت لواء نبيه - صلى الله عليه وسلم - إنه ولي ذلك والقادر عليه. وكتب سمير بن أمين الزهيري 18/ 3/ 1418 هـ

العُمْدَةُ في الأَحْكَامِ تَأليف الإمَام الحَافِظ عَبد الغَني بْن عَبد الوَاحِد المَقدسي المتوفى 600 هـ تحقيق سَمير بْن أمين الزهَيري

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَهُوَ حسبي قال الإمام السعيد، الحافظُ الفقيه الأوحد الصدر الكبير، ناقد الحفاظ، تقي الدين: أبو محمد؛ عبد الغني بن عبد الواحد بن عليّ بن سُرور المقدسيُّ أدام الله توفيقه وأيامه (¬1): الحمدُ لله الملكِ الجبّار، الواحدِ القهَّار، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَهُ لا شَريكَ له، ربُّ السماوات والأرضِ وما بينهما، العزيزُ الغفَّارُ، وصَلى الله على (¬2) النبيِّ المُصطفى المختار، وآله (¬3)، وصحبه الأطهار. أما بعدُ: فإنّ بعضَ إخواني سألنىِ اختصارَ جُملةٍ في أحاديث الأحكام مما اتفق عليه الإمامانِ: أبو عبد الله؛ محمد بنُ إسماعيل بن إبراهيم البُخاريُّ. ومُسلم بنُ الحجَّاج (¬4)، فأجبتُهُ إلى ¬

_ (¬1) هذه مقدمة النسخة "أ"، وأما "ب" ففيها: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وبه توفيقي. قال الشيخ الإمام الأوحد العالم جمال الحفاظ، شيخ الإسلام تقي الدين أبو محمد؛ عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي رحمه الله ورضي عنه" (¬2) في "ب" زيادة: "محمد". (¬3) في نسخة ابن الملقن، وفي "ب": "وعلى آله". (¬4) في "ب": "وأبو الحسين؛ مسلم بن الحجاج القشيري".

سؤاله؛ رجاءَ المنفعةِ به. وأسألُ الله أن ينفعنا به، ومَنْ كَتبه، أو سمِعَه، أو حَفِظَهُ، أو نظرَ فيه، وأن يجعله خالصًا لوجهه (¬1)، موجبًا للفوزِ لديه؛ فإنه حسبُنا، ونعم الوكيل. ¬

_ (¬1) زاد في "ب": "الكريم".

1 - كتاب الطهارة

1 - كتاب الطهارة 1 - عن عُمر بنِ الخطَّاب رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "إِنَّما الأعمالُ بالنِّيَّة" -وفي رواية: بالنِّيَّات- وإنَّما لكلِّ امرىءٍ ما نَوى، فمَنْ كانت هِجرتُه إلى الله ورسُولِهِ فهجرتُه إلى الله ورسُولِهِ، ومَنْ كانت هجرتُه إلى دُنيا يُصِيبُها أو امرأةٍ يتزوَّجُها، فهجرتُه إلى ما هاجرَ إليه" (¬1). 2 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَقْبَلُ الله صلاةَ أحدِكُم -إذا أحْدَثَ- حتى يتوضَّأَ" (¬2). 3 - عن عبد الله بنِ عَمرو بْن العاص، وأبي هُريرة، وعائشةَ رضي الله عنهم قالوا: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "وَيْلٌ للأعقابِ مِن النَّارِ" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1)، ومسلم (1907). (¬2) هذا لفظ البخاري برقم (6954)، وأما مسلم (225) فلفظه: "لا تُقبل صلاةُ أحدكم" وللبخاري لفظ آخر (135): "لا تُقبل صلاةُ مَنْ أحدث. . . ". وزاد: قال رجلٌ من حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: فُساةٌ أو ضُراطٌ. (¬3) حديث عبد الله بن عمرو: رواه البخاري (60)، ومسلم (241) عن عبد الله بن عمرو قال: تخلَّف عنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفرة سافرناها، فأدركنا وقد أرهقتنا الصلاة، ونحن نتوضأ، فجعلنا نمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته:. . . فذكر الحديث. وزاد مسلم: "أسبغوا الوضوء". وفي روايةٍ للبخاري (96) و (163)، ومسلم؛ أن الصلاة كانت صلاة العصر. وفي =

4 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إذا توضَّأَ أحدُكم فليجعلْ في أنفِهِ (¬1)، ثم ليَنْتَثِرْ. ومَن استجمرَ فليُوتِرْ. وإذا استيقظَ أحدُكم مِن نَومِهِ فليغسِلْ يديهِ قبلَ أنْ يُدخِلَهُما في الإناءِ ثلاثًا؛ فإنَّ أحدَكم لا يدرِي أين باتتْ يدُه" (¬2). - وفي لفظٍ لمسلم: "فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمنخَرَيِه من الماءِ" (¬3). - وفي لفظٍ: "مَنْ توضَّأ فليستنشِقْ" (¬4). 5 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ¬

_ = رواية مسلمٍ؛ أن ذلك السفر كان من مكة إلى المدينة. وأما حديث أبي هريرة: فرواه البخاري (165)، ومسلم (242). وفي روايةٍ لمسلمٍ: "للعراقيب" بدل: "للأعقاب". والعراقيب: جمع عرقوب. وهو العصبة التي فوق العقب. وأما حديث عائشة: فرواه مسلم (240). (¬1) زاد البخاري ومسلم: "ماءً". (¬2) رواه البخاري برقم (162) وعنده: "فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه" وليس عنده لفظ: "الإناء" ولا لفظ: "ثلاثًا". وهذا الحديث في حقيقة الأمر حديثان ساقهما البخاري رحمه الله مساق الحديث الواحد؛ لاتحاد سندهما. وأما مسلم فأخرج الحديث الأول برقم (237)، وأخرج الحديث الثاني: "إذا استيقظ أحدكم. . . " برقم (278). (¬3) مسلم برقم (237) (21). (¬4) كذا وقع في نسخة ابن الملقن، وفي "ب": "فليستنشق" وهو وهم -إذ لم أجده بهذا اللفظ- إما من الحافظ عبد الغني رحمه الله وإما من النساخ، وقد جاء في بعض النسخ المطبوعة: "فليستنثر". وهو بهذا اللفظ عند البخاري (161)، ومسلم (237) (22).

"لا يَبُولَنَّ أحدُكم في الماءِ الدَّائِم؛ الذي لا يَجْرِي، ثم يغتسِلُ فيه". (¬1) - ولمسلمٍ: "لا يغتسِلْ أحدُكم في الماءِ الدَّائمِ وهُو جُنُبٌ" (¬2). 6 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إذا شَرِبَ الكلبُ في إناءِ أحدِكم، فليغْسِلْهُ سَبْغًا" (¬3). - ولمسلمٍ: "أُولاهُنَّ بالتُّرابِ" (¬4). 7 - وله (¬5): في حديثِ عبد الله بْن مُغَفَّل؛ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إذا وَلَغَ الكلبُ في الإناءِ، فاغسِلُوه سبعًا، وعَفِّروه الثَّامنةَ بالتُّرابِ" (¬6). 8 - عن حُمْران -مولى عُثمان بْن عفّان- رضي الله عنهما؛ أنه رأى عثمان دعا بوَضُوءٍ، فأفرغَ على يديهِ من إنائه. فغسلَهُما ثلاث مرَّاتٍ. ثم أدخلَ يمِينَه في الوَضُوءِ، ثم تمضمضَ واستنشقَ واسْتَنْثَرَ، ثم غَسلَ وجهَهُ ثلاثًا، ويديهِ إلى المِرْفقينِ ثلاثًا، ثم ¬

_ (¬1) رواه البخاري (239). ورواه مسلم أيضًا (282) لكن بلفظ: "منه" بدل: "فيه" وليس عنده قوله: "الذي لا يجري". ووقع في نسخة ابن الملقن، و"ب": "منه" والتصحيح من البخاري. (¬2) رواه مسلم (283) وفيه: قيل: كيف يفعل يا أبا هريرة؟ قال: يتناوله تناولًا. (¬3) رواه البخاري (172)، ومسلم (279) (90). (¬4) مسلم (279) (91). (¬5) أي: لمسلم برقم (280). (¬6) والذي في "الصحيح": "سبع مرات" بدل: "سبعًا" وفيه أيضًا: "في التراب" بدل: "بالتراب".

مَسَحَ برأسِهِ، ثم غسلَ كِلتا رجليهِ ثلاثًا، ثمّ قال: رأيتُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يتوضَّأَ نحوَ وُضُوئي هذا. وقال: "مَنْ توضَّأ نحوَ وُضُوئي هذا، ثم صلَّى ركعتينِ لا يُحَدِّثُ فيهما نفسَهُ، غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذَنبِهِ" (¬1). 9 - عن عَمرو بن يحيى المَازني، عن أبيه قال: شهدتُ عَمرو بن أبي حسن سألَ عبد الله بنَ زيد: عن وضوء النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ فدعا بتَوْرٍ من ماءٍ، فتوضَّأَ لهم وضوءَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. فأكفأَ على يديه من التَّوْرِ، فغسل يديه ثلاثًا. ثم أدخلَ يده في التور، فمضمضَ واستنشقَ واستنثرَ -ثلاثًا- بثلاث غَرَفَاتٍ. ثم أدخل يده، فغسلَ وجهَهُ ثلاثًا، ثم أدخلَ يديه، فغسلَهُما مرتين إلى المِرْفقين. ثم أدخلَ يده، فمسح رأسَه، فأقبلَ بهما وأدبرَ -مرةً واحدةً- ثم غسل رِجْليه (¬2). - وفي روايةٍ: بدأ بمُقَدَّم رأسِهِ، حتى ذهب بهما إلى قَفَاهُ. ثمّ رَدَّهما حتى رجعَ إلى المكان الذي بدأَ منه (¬3). - وفي روايةٍ: أتانا (¬4) رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فأخرجْنَا له ماءً في تورٍ من صُفْرٍ (¬5). التَّوْرُ: شِبْهُ الطَّستِ. 10 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) رواه البخاري (159)، ومسلم (226). (¬2) رواه البخاري (186)، ومسلم (235) وزادا: "إلى الكعبين". (¬3) هذه الرواية للبخاري (185)، ومسلم (ج 1/ ص 211). (¬4) هذا اللفظ لرواية الكشميهني وابن عساكر وأبي الوقت كما في اليونينية (1/ 61). (¬5) هذه رواية البخاري برقم (197).

يُعجبُه التَّيَمُّنُ في تَنَعُّلِه، وتَرَجُّلِهِ، وطُهُورِه، وفي (¬1) شأنه كلِّه" (¬2). 11 - عن نُعَيْم المُجْمِر، عن أبي هُريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أنَّه قال: "إنَّ أُمتي يُدْعَوْنَ يومَ القيامةِ غُزًّا مُحَجَّلين؛ من آثارِ الوُضُوء. فمَن استطاعَ منكم أن يُطِيل غُرَّتَهُ فليفعلْ" (¬3). - وفي لفظٍ: رأيتُ أَبا هريرة يتوضَّأُ، فغسلَ وجهَه ويديه، حتى كاد يبلُغ المَنكبين، ثم غسلَ رجلَيه حتى رفعَ إلى السَّاقين، ثم قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "إنّ أمَّتي يُدْعَوْن يومَ القيامةِ غُرًّا مُحجَّلين مِنْ أثرِ الوُضوءِ. فمَن استطاعَ مِنكم أن يُطيل غُرَّته فليفعلْ" (¬4). 12 - وفي لفظٍ لمسلم: سمعتُ خليلي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "تَبلغُ الحِليةُ مِن المؤمنِ حيثُ يبلغُ الوُضوءُ" (¬5). ¬

_ (¬1) بإثبات "الواو" وقال الحافظ في "الفتح" (1/ 269): "للأكثر من الرواة بغير واو، وفي رواية أبي الوقت بإثبات الواو، وهي التي اعتمدها صاحب العمدة". قلت: وسقط قوله: "وفي" من نسخة ابن الملقن. وهو من فعل النساخ؛ وذلك لوجودها في الشرح (1/ 51/ ب). (¬2) رواه البخاري (168) والسياق له، ومسلم (268). (¬3) هذه رواية البخاري برقم (136)، وانظر "بلوغ المرام" (43 بتحقيقي). (¬4) هذه الرواية لمسلم (246) (35) وعنده زيادة: "وتحجيله" في رواية أخرى برقم (34). (¬5) رواه مسلم (250) من طريق أبي حازم قال: كنت خلف أبي هريرة -وهو يتوضأ للصلاة- فكان يمد يده حتى تبلغ إبطه! فقلت له: يا أبا هريرة! ما هذا الوضوء؟ فقال: يا بني فرُّوخ أنتم هاهنا؟! لو علمت أنكم هاهنا ما توضأت هذا الوضوء. سمعت خليلي - صلى الله عليه وسلم - يقول:. . . الحديث.

باب الاستطابة

باب الاستطابة (¬1) 13 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل الخلاء قال: "اللهُمَّ إنِّي أعوذُ بك من الخُبُثِ والخَبَائثِ" (¬2). الخُبُثُ: بضم الخاء والباء جمع خَبيث، والخبائث: جمع خبيثة. استعاذَ من ذكران الشياطين وإناثهم (¬3). 14 - عن أبي أَيوب الأنصاري رضى الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتيتُم الغَائِطَ فلا تستقبلُوا القِبلةَ بغائطٍ ولا بولٍ، ولا تستدبِرُوها، ولكن شَرِّقوا أو غَرِّبوا". قال أبو أيوب: فقدمنا الشامَ، فوجدنا مراحيضَ قد بُنيت نحو الكعبة (¬4)، فنَنْحَرِفُ عنها، ونستغفرُ الله عز وجل (¬5). قال المصنف: الغائط: الموضعُ المطمئنُ (¬6) من الأرضِ ¬

_ (¬1) كذا في نسخة ابن الملقن، وفي "ب"، وفي المطبوع من العمدة: "باب دخول الخلاء والاستطابة". (¬2) رواه البخاري (142)، ومسلم (375). (¬3) هذا التفسير موجود بنسخة ابن الملقن، وهو في هامش "ب" دون إشارة إلى أنه من أصل الكتاب، ولم أجده في أي من نسخ الكتاب المطبوعة التي وقفت عليها. (¬4) في البخاري ومسلم: "قِبل القِبْلةِ" بدل: "نحو الكعبة". (¬5) رواه البخاري (394)، ومسلم (264). (¬6) في "ب": الغائط: المطمئن. . . " والمثبت من نسخة ابن الملقن.

كانوا ينتابُونَه للحاجةِ، فكنُوا به عن نفسِ الحدثِ كراهةً لذكره بخاصِّ اسمِه. والمراحيض: جمع مِرحاض، وهو المُغتسل، وهو أيضًا كناية عن موضع التخلِّي. 15 - عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: رَقِيتُ يومًا على بيتِ حفصةَ، فرأيتُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يقضي حاجتَه مُستقبِلَ الشَّامِ، مستدبرَ الكعبةِ (¬1). 16 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يدخلُ الخلاءَ، فأحمِلُ أنا -وغلامٌ نحوي- إدَاوَةً من ماءٍ، وعَنَزَةَ، فيستنجي بالماءِ (¬2). العَنَزَةُ: الحَرْبهُ. 17 - عن أبي قَتادة -الحارث بْن رِبْعِي- رضي الله عنه؛ أن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يُمْسِكنَّ أحدُكم ذَكَرَهُ بيمِينِهِ وهو يبولُ. ولا يتمسَّحْ من الخلاءِ بيمِينِهِ، ولا يتنفَّسْ في الإناءِ" (¬3). 18 - عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: مرَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقبرين، فقال: "إنَّهما ليُعذَّبانِ وما يُعذَّبانِ في كبيرٍ. أما أحدُهُما: فكان لا يستترُ من البولِ. وأما الآخرُ: فكان يمشِي بالنَّميمةِ"، فأخذ جَرِيدةً رَطْبةً، فشقَّها نِصفين، فغرزَ في كلِّ قبرٍ ¬

_ (¬1) رواه البخاري (148)، ومسلم (266) وعندهما: "القبلة" بدل: "الكعبة". (¬2) رواه البخاري (152) وانظر رقم (150)، ومسلم (271). (¬3) رواه البخاري (153)، ومسلم (267) واللفظ لمسلم.

باب السواك

واحدةً، فقالوا: يا رسولَ الله! لِمَ فعلتَ هذا؟ قال: "لعلَّهُ يُخففُ عنهما ما لم ييبسَا" (¬1). باب السواك 19 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لولا أن أشُقَّ على أُمَّتي (¬2) لأمرتُهم بالسِّواكِ عندَ كلِّ صلاةٍ" (¬3). 20 - عن حُذيفة بْن اليَمان رضي الله عنه قال: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قامَ من الليلِ يَشُوصُ فَاهُ بالسِّواكِ (¬4). يشوص: معناه يغسل. يقال: شاصه يشوصه، وماصه يموصه إذا غسله. 21 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: دخلَ عبد الرحمن بنُ أبي بكرٍ رضي الله عنه على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأنا مُسْنِدَتُهُ إلى صدري، ومع عبد الرحمن سواكٌ رَطْبٌ يستنُّ به. فأبَدَّهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بَصَرَهُ. فأخذتُ السواكَ فَقَضِمْتُه وطَيَّبْتُهُ، ثم دَفَعْتُه إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) رواه البخاري (218)، وانظر رقم (216) واللفظ له، ومسلم (292). (¬2) وفي رواية: "المؤمنين". (¬3) رواه البخاري (887)، ومسلم (252). (¬4) رواه البخاري (245)، ومسلم (255) (47)، ووقع في "ب": "من النوم" بدل: "من اللّيل" والمثبت من نسخة ابن الملقن؛ إذ هو الموافق كما في الصحيحين. كما أن التفسير التالي من "ب".

باب المسح على الخفين

فاستنَّ به، فما رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - استنَّ استنانًا (¬1) أحسنَ منه. فما عدا أن فرغَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: رفِع يدَه -أو إصبعه- ثم قال: "في الرَّفيقِ الأعلى" -ثلاثًا- ثم قَضى. وكانت تقولُ: مات بين حَاقِنتي وذَاقِنتي (¬2). - وفي لفظٍ: فرأيتُه ينظرُ إليه، وعرفتُ أنه يحبُّ السواكَ. فقلتُ: آخذهُ لك؟ فأشارَ (¬3) برأسه: "أن نعم". - لفظ البخاري (¬4). ولمسلم نحوه (¬5). 22 - عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قالَ: أتيتُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو يستاكُ بسواكٍ. قال: وطَرَفُ السواكِ على لسانِهِ، يقولُ: "أعْ أعْ" والسواكُ في فيه. كأنه يَتَهَوَّع (¬6). باب المسح على الخفين 23 - عن المغُيرة بْن شُعبة رضي الله عنه قال: كنتُ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ. فأهويتُ لأنزِعَ خُفّيه. فقال: "دعْهُما؛ فإنِّي ¬

_ (¬1) في البخاري زيادة لفظ: "قط". (¬2) رواه البخاري (4438). (¬3) كذا في "ب" وهو الذي في "صحيح البخاري"، وفي نسخة ابن الملقن: "فقال". (¬4) برقم (4449). (¬5) هذا من أوهام المصنف رحمه الله، والله أعلم. (¬6) رواه البخاري (244) -والسياق له- ومسلم (254).

باب في المذي وغيره

أدخلتُهما طَاهِرتين" فمسحَ عليهما (¬1). 24 - عن حُذيفةَ بنِ اليمان رضي الله عنهما قال: كنتُ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فبالَ، فتوضَّأَ، ومسحَ على خُفّيه. مختصرٌ (¬2). باب في المذي وغيره 25 - عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنتُ رجلًا مَذَّاءً، فاستحييتُ أن أسألَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -لمكان ابنتِهِ- فأمرتُ المقدادَ فسأله؟ فقال: "يَغسلُ ذكرَه. ويتوضَّأ" (¬3). - وللبخاري: "اغسلْ ذكرَكَ. وتوضَّأْ" (¬4). - ولمسلم: "توضَّأْ، وانضحْ فرجَك" (¬5). 26 - عن عَبَّاد بن تميم، عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازنيّ رضي الله عنه قال: شُكِي إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: الرجلُ يخيَّلُ إليه ¬

_ (¬1) رواه البخاري (206)، ومسلم (274) (79). (¬2) رواه مسلم (273) (73) وقد اختصره المؤلف كما أشار إلى ذلك. كما أن الحديث عند البخاري، ولكن ليس فيه محل الشاهد. (¬3) رواه مسلم (303) (17)، وجاء في نسخة ابن الملقن: المكان ابنته مني"، ولفظ: "مني" ليس في "ب"، وليس في "الصحيحين". (¬4) الذي وقع في البخاري (269): "توضأ، واغسل ذكرك" وقال الحافظ في "الفتح" (1/ 380): "هكذا وقع في البخاري تقديم الأمر بالوضوء على غسله، ووقع في "العمدة" نسبة ذلك إلى البخاري بالعكس، لكن الواو لا ترتب فالمعنى واحد، وهي رواية الإسماعيلي". (¬5) مسلم برقم (303) (19).

أنه يجِدُ الشيءَ في الصَّلاةِ؟ فقال: "لا ينصَرِفُ حتَّى يسمعَ صوتًا، أو يجدَ ريحًا" (¬1). 27 - عن أم قَيس بنت مِحْصَن الأسدية؛ أنها أتت بابنِ لها صغيرٍ -لم يأكلِ الطعامَ- إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأجلَسَه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حِجْرِهِ، فبالَ على ثوبه، فدعا بماءٍ، فنضَحهُ، ولم يغسِلْهُ (¬2). 28 - وعن عائشةَ رضي الله عنها؛ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أُتي بصبيٍّ، فبالَ على ثوبهِ، فدعا بماءٍ، فأتبعَهُ إيّاه (¬3). - ولمسلمٍ: فأتبعه بولَه، ولم يَغسِلْه (¬4). 29 - عن أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه قالَ: جاءَ أعرابيٌّ، فبالَ في طائفةِ المسجدِ، فزجرَهُ الناسُ، فنهاهُم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. فلما قضَى بولَه أمرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِذَنُوبٍ من ماءٍ فَأُهرِيق عليه (¬5). 30 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "الفِطْرةُ خمسٌ: الختانُ، والاستحدادُ، وقصُّ الشَّارِب، وتقليمُ الأظْفارِ، ونتفُ الإبطِ" (¬6). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (137)، ومسلم (361). (¬2) رواه البخاري (223)، ومسلم (287). (¬3) رواه البخاري (222). (¬4) رواه مسلم (286). (¬5) رواه البخاري (221)، ومسلم (284). (¬6) رواه البخاري (5889)، ومسلم (257).

باب الجنابة

باب الجنابة 31 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه؛ أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لَقِيهُ في بعضِ طُرق المدينةِ، وهو جُنُبٌ قال: فانْخَنَسْتُ مِنْه، فذهبتُ فاغتسلتُ، ثم جئتُ. فقال: "أين كنتَ يا أبا هُريرة؟ " قال: كنتُ جُنُبًا فكرهتُ أن أُجالِسكَ، وأنا على غيرِ طهارةٍ. فقال: "سُبحان الله! إن المؤمنَ (¬1) لا يَنْجُسُ" (¬2). 32 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، إذا اغتسلَ من الجنابةِ، غسلَ يديه، وتوضَّأَ وُضوءَه للصَّلاةِ، ثم اغتسلَ. ثم يُخلِّلُ بيده (¬3) شَعَرَهُ، حتى إذا ظنّ أنه قد أَرْوى بَشَرَتَهُ أفاضَ عليه الماءَ ثلاث مرّاتٍ، ثم غسلَ سائر جسدِه (¬4). 33 - وقالتْ: كنتُ أغتسِلُ أنا ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من إناءٍ واحدٍ، نغترِفُ منه جميعًا (¬5). 34 - وعن ميمونة بنتِ الحارث -زوج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- قالت: وضعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَضُوءَ الجنابةِ، فَأَكْفَأ بيمينه على يسارِه مرتين ¬

_ (¬1) وفي رواية للبخاري (283): "إن المسلم". (¬2) رواه البخاري (285)، ومسلم (371). (¬3) كذا في نسخة ابن الملقن، وهو الموافق لرواية البخاري، ووقع في "ب": "بيديه". (¬4) رواه البخاري (272)، ومسلم (316). (¬5) رواه البخاري (273)، ومسلم (321).

أو ثلاثًا، ثم غسلَ فَرْجَهُ، ثم ضربَ يدهِ بالأرضِ أو الحائط -مرتين أو ثلاثًا- ثم تمضمضَ واستنشقَ، وغسلَ وجهَهُ وذراعيه، ثمّ أفاضَ على رأسِهِ الماءَ، ثم غسلَ جسدَه، ثم تنحّى فغسلَ رِجْليه، فأتيتُه بِخِرْقَةٍ فلم يُرِدْها، فجعلَ ينفُضُ الماءَ بيدِه (¬1). 35 - عن عبد الله بنِ عمر؛ أن عمرَ بْن الخطاب رضي الله عنه قال: يا رسولَ الله! أيرقدُ أحدُنا وهو جنبٌ؟ قال: "نعم، إذا توضَّأَ أحدُكم فليرقُدْ" (¬2). 36 - عن أُمّ سلَمة -زوج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- قالتْ: جاءتْ أمُّ سُلَيم -امرأةُ أبي طلحة- إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. فقالتْ: يا رسولَ الله! إن الله لا يستحيي من الحقِّ، فهل على المرأةِ من غُسل إذا هي احتلمتْ؟ فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم. إذا رأتِ الماءَ" (¬3). 37 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: كنتُ أغسلُ الجنابةَ من ثوبِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فيخرجُ إلى الصَّلاةِ، وإن بُقَعَ الماءِ في ثوبه (¬4). 38 - وفي لفظٍ لمسلمٍ: لقد كنتُ أفْرُكُه من ثوبِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فركًا، فيُصلِّي فيه (¬5). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (274)، ومسلم (317). (¬2) رواه البخاري (287)، ومسلم (306) واللفظ للبخاري. وزاد: "وهو جنب". (¬3) رواه البخاري (282)، ومسلم (313). (¬4) رواه البخاري (229)، ومسلم (289)، واللفظ للبخاري. (¬5) رواه مسلم (288) عن عائشة أيضًا.

39 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قال رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا جلسَ بين شُعَبِهَا الأربعِ، ثم جَهَدَهَا فقد وجبَ الغُسْلُ" (¬1). - وفي لفظٍ: "وإن لم يُنْزِلْ" (¬2). 40 - عن أبي جعفر؛ محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أنه كان -هو وأبوه- عند جابر بن عبد الله، وعنده قومه (¬3) فسألُوه عن الغُسلِ؟ فقال: يكفيك صاعٌ. فقال رجلٌ: ما يكفني. فقال جابر: كان يكفي مَنْ هو أوفى منك شَعَرًا، وخيرًا منك -يريدُ: النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- ثم أمَّنَا في ثوبٍ (¬4). - وفي لفظٍ: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُفْرغُ على رأسِه ثلاثًا (¬5). الرجل الذي قال: "ما يكفيني" هو: الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالبٍ. أبوه: ابن الحنفية (¬6). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (291)، ومسلم (348). (¬2) هذا اللفظ لمسلم (ج 1/ ص 271). (¬3) كذا في نسخة ابن الملقن، و"ب"، وفي البخاري: "وعنده قوم" وعلق الحافظ على رواية البخاري فقال في "الفتح": (1/ 366): "قوله: "قوم" كذا في النسخ التي وقفت عليها من البخاري، ووقع في "العمدة"، "وعنده قومه"، بزيادة الهاء، وجعلها شراحها ضميرًا يعود على جابر، وفيه ما فيه، وليست هذه الرواية في مسلم أصلًا، وذلك وارد أيضًا على قوله: إنه يخرج المتفق عليه". (¬4) رواه البخاري (252). (¬5) رواه البخاري (255). (¬6) قلت: وقد جاء ذلك صريحًا في البخاري برقم (256) وقال الحافظ في "الفتح" (1/ 366): "هذا القائل هو: الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب الذي يعرف أبوه بابن الحنفية كما جزم به صاحب العمدة".

باب التيمم

باب التيمم 41 - عن عمران بن حُصين رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ رأى رجلًا (¬1) معتزلاً لم يُصَلِّ في القوم فقال: "يا فلانُ! ما منعكَ أن تُصلِّي في القوم؟ " فقال: يا رسول الله أصابتني جنابةٌ ولا ماءَ. قال: "عليك بالصَّعِيَدِ؛ فإنَّه يكفِيكَ" (¬2). 42 - عن عَمَّار بن ياسر رضي الله عنه قال: بعثني النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في حاجةٍ فأجنبتُ. فلم أجد الماءَ، فتمرَّغْتُ في الصَّعيدِ كما تتمرَّغُ الدابةُ، ثم أتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فذكرتُ ذلك له. فقال: "إنَّما كان يكفِيكَ أن تقولَ بيدَيْكَ هكذا" ثم ضربَ بيديه الأرضَ ضربةً واحدةً، ثم مسحَ الشمالَ على اليمينِ، وظَاهِرَ كفّيه، ووجهه (¬3). 43 - عن جابر بنِ عبد الله رضي الله عنه؛ أنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "أُعطيتُ خمسًا، لم يُعطَهُنَّ أحدٌ من الأنبياءِ قبلي: نُصرتُ بالرُّعبِ مسيرةَ شهرٍ، وجُعِلتْ لي الأرضُ مسجدًا وطَهورًا. فأيُّما رجُلٍ من أمتي أدركته الصلاةُ فليصلِّ، وأُحلَّتْ لي الغَنَائِمُ. ولم تَحِلّ لأحدٍ قبلي، وأُعطيتُ الشفاعةَ. وكان النبيُّ يُبعث إلى قومِهِ، وبُعثتُ إلى الناسِ عامةً" (¬4). ¬

_ (¬1) قال ابن الملقن في "الإعلام" (1/ 15/ ب): "هذا الرجل المبهم هو خلاد بن رافع بن مالك الأنصاري أخو رفاعه. . . ". فتعقبه الحافظ في "الفتح" (1/ 451). (¬2) رواه البخاري (348)، وانظر أيضًا رقم (344) من البخاري. (¬3) رواه البخاري (347) وانظر رقم (338)، ومسلم (368). (¬4) رواه البخاري (335)، ومسلم (521).

باب الحيض

باب الحيض 44 - عن عائشة رضي الله عنها، أن فاطمةَ بنتَ أبي حُبَيشٍ سألتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: إني أُستحاضُ فلا أطهرُ، أفأدعُ الصلاةَ؟ فقال: "لا. إنّ ذلك عِرْقٌ، ولكن دَعي الصَّلاةَ قدرَ الأيامِ التي كُنتِ تحيضِين فيها، ثم اغتسِلي وصلِّي" (¬1). - وفي رواية: "وليسَ بالحيضةِ. فإذا أقبلتِ الحيضةُ فاترُكي الصَّلاةَ، فإذا ذهبَ قدرُها فاغسِلي عنكِ الدَّمَ، وصلِّي" (¬2). 45 - عن عائشةَ رضي الله عنها؛ أن أم حَبيبةَ استُحِيضتْ سبعَ سنين، فسألتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلكَ؟ فأمرَها أن تغتسِلَ، فكانت تغتسلُ لكلِّ صلاةٍ (¬3). 46 - وعن عائشة رضي الله عنها قالتْ: كنت أغتسلُ أنا ورسولُ الله (¬4) - صلى الله عليه وسلم - من إناءِ واحدٍ، كِلانا جُنُبٌ (¬5). 47 - وكان يأمُرني فأتَّزرُ، فيُباشِرُني وأنا حائضٌ (¬6). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (325). (¬2) هذه الرواية للبخاري (306)، ولمسلم (333) نحو ذلك. (¬3) رواه البخاري (327)، ومسلم (334). (¬4) كذا في نسخة ابن الملقن، وهو الموافق لرواية مسلم، وفي "ب": "والنبي" وهو موافق لرواية البخاري. (¬5) رواه البخاري (299) -والسياق له- ومسلم (321). (¬6) رواه البخاري (300) -والسياق له- ومسلم (293).

48 - وكان يُخرج رأسَه إليَّ وهو مُعتكِفٌ، فأغسلُه وأنا حائضٌ (¬1). 49 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يتكىءُ في حِجْرِي، وأنا حائضٌ فيقرأ القرآنَ (¬2). 50 - عن مُعاذة رضي الله عنها قالتْ: سألتُ عائشةَ رضي الله عنها، فقلتُ: ما بالُ الحائضِ تقضي الصَّومَ ولا تقضي الصَّلاةَ؟ فقالتْ: أحَرُورِيَّةٌ أنتِ؟ فقلتُ: لست بحَرُوريَّةٍ، ولكني أسألُ. قالت: كان يُصيبُنا ذلك، فنؤمرُ بقضاءِ الصَّومِ، ولا نُؤمرُ بقضاءِ الصَّلاةِ (¬3). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (301)، ومسلم (297). (¬2) رواه البخاري (297)، ومسلم (301)، وكذا وقع الحديث في "ب"، وهو موافق لما في البخاري ومسلم: ". . . وأنا حائض، فيقرأ (خ: ثم يقرأ) القرآن"، ووقع في نسخة ابن الملقن: "فيقرأ القرآن، وأنا حائض". وفي رواية للبخاري (7549): كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ القرآن ورأسه في حجري، وأنا حائض. (¬3) رواه البخاري (321)، ومسلم (335) (69) واللفظ لمسلم. وقال الحافظ في "التلخيص" (1/ 164): "جعله عبد الغني في "العمدة" متفقًا عليه، وهو كذلك، إلا أنه ليس في رواية البخاري تعرض لقضاء الصوم".

2 - كتاب الصلاة

2 - كتاب الصلاة باب المواقيت 51 - عن أبي عَمرو الشيباني -واسمه: سعد بنُ إياس- قال: حدَّثني صاحبُ هذه الدار -وأشارَ بيدِه إلى دار عبد الله بن مسعودٍ- رضي الله عنه قال: سألتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ العملِ أحبُّ إلى الله؟ قال: "الصَّلاةُ على وقتِها" قلتُ: ثم أيّ؟ قال: "برُّ الوالدين". قلتُ: ثم أيّ؟ قال: "الجهادُ في سَبيلِ الله". قال: حدثني بهنّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو استزدتُه لزادَني (¬1). 52 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: لقد كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي الفجرَ، فيشهدُ معه نساءٌ من المؤمنات متلفِّعاتٌ بمُرُوطِهِنَّ، ثمّ يرجعنَ إلى بُيوتهنَّ، ما يعرفُهنَّ أحدٌ من الغَلَسِ (¬2). المروطُ: أكسِيةٌ معلَّمةٌ تكونُ من خزٍّ، وتكونُ من صوفٍ. ومُتلفّعاتٌ: مُتلحفاتٌ. والغلَسُ: اختلاطُ ضياءِ الصُّبح بظُلْمة الليلِ. 53 - عن جابر بنِ عبد الله رضي الله عنه قالَ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي الظُّهرَ: بالهاجرةِ، والعصرَ: والشمسُ نَقِيّةٌ، والمغربَ: إذا ¬

_ (¬1) رواه البخاري (527)، ومسلم (85) (139)، وانظر "البر والصلة" (1 بتحقيقي). (¬2) رواه البخاري (372)، ومسلم (645).

وجبتْ، والعشاءَ: أحيانًا وأحيانًا (¬1) إذا رآهم اجتمعوا عَجَّلَ، وإذا رآهم أبطأُوا أخَّرَ، والصبحَ: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلّيها بغلسٍ (¬2). 54 - عن أبي المِنهال -سيَّار بن سلامة- قال: دخلتُ أنا وأبي على أبي بَرْزةَ الأسلَميّ رضي الله عنه. فقال له أبي: كيفَ كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي المكتوبةَ؟ فقال: كان يُصلِّي الهجيرَ -التي تدعُونها الأولى- حين تدحضُ الشمسُ. ويُصلِّي العصرَ، ثم يرجعُ أحدُنا إلى رَحْلِهِ في أقصى المدينةِ، والشمسُ حيّةٌ. ونسيتُ ما قال في المغرب. وكان يَستحِبُّ أن يُؤخِّر من العشاءِ، التي تدعُونها العَتَمَةَ. وكَان يكرهُ النومَ قبلها، والحديثَ بعدها. وكان ينفتِلُ من صلاةِ الغداةِ حين يعرِفُ الرجلُ جليسَه. ويقرأُ بالستين إلى المائةِ (¬3). 55 - عن عليّ بن أبي طالبِ رضي الله عنه، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال يومَ الخندق: "ملأ الله قُبورَهم وبيُوتَهم نارًا، كما شغلُونا عن الصَّلاةِ الوُسطى حتَّى غابتِ الشمسُ" (¬4). - وفي لفظٍ لمسلم: "شغلُونا عن الصلاةِ الوسطى، صلاةِ ¬

_ (¬1) كذا في "ب" وهو الموافق لما في البخاري، وفي مسلم: "أحيانًا يؤخرها وأحيانًا يعجل" ووقع في نسخة ابن الملقن "أحيانًا". (¬2) رواه البخاري (560)، ومسلم (646). و"الهاجرة": شدة الحر نصف النهار. و"نقية": خالصة صافية لم تدخلها صفرة ولا تغير. و"وجبت": غابت، والمراد سقوط قرص الشمس. (¬3) رواه البخاري (547)، ومسلم (647). (¬4) رواه البخاري (2931)، ومسلم (627).

العصرِ" ثم صلَّاها بين المغربِ والعشاءِ (¬1). 56 - وله: عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: حَبَسَ المشركُون رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاةِ العصرِ، حتى احمرَّتِ الشمسُ أو اصفرَّتْ. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "شَغلُونا عن الصَّلاةِ الوسطى، صلاةِ العصرِ، ملأَ الله أجوافَهُم وقُبورَهم نارًا" أو: "حشا الله أجوافهم وقبورَهم نارًا" (¬2). 57 - عن عبد الله بنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: أَعْتَمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالعشاءِ. فخرجَ عمرُ رضي الله عنه، فقال: الصَّلاة يا رسولَ الله! رقد النساءُ والصِّبيانُ. فخرج -ورأسُه يقطرُ- يقولُ: "لولا أن أشقَّ على أمتي -أو على الناسِ- لأمرتُهم بهذِه الصَّلاةِ هذه السَّاعةِ" (¬3). 58 - عن عائشةَ رضي الله عنها، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أُقيمتِ الصلاة، وحضرَ العَشَاءُ، فابْدَأُوا بالعَشَاءِ" (¬4). 59 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما نحوه (¬5). 60 - ولمسلم: عنها قالتْ: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: ¬

_ (¬1) رواه مسلم (627) (205). (¬2) رواه مسلم (628). (¬3) رواه البخاري -والسياق له- (7239)، ومسلم (642). وقد ساقه المؤلف هنا بالمعنى. (¬4) رواه البخاري (5465)، ومسلم (557). (¬5) رواه البخاري (673)، ومسلم (559) ولفظه: "إذا وضع طعام أحدكم، وأقيمت الصلاة فابدأوا بالعشاء، ولا يعجل حتى يفرغ منه".

"لا صلاةَ بحضرةِ طَعامٍ، ولا وهو يُدافِعُه الأخْبثانِ" (¬1). 61 - عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: شهِدَ عندي رجالٌ مَرْضيُّون -وأرضَاهُم عندي: عمرُ- أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصَّلاةِ بعد الصبحِ، حتى تُشرِقَ الشمسُ، وبعدَ العصرِ حتى تَغرُبَ (¬2). 62 - عن أبي سَعيد الخُدري رضي الله عنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا صلاةَ بعد الصبحِ حتى ترتفعَ الشمسُ، ولا صلاةَ بعد العصرِ حتى تغيبَ الشمسُ" (¬3). وفي الباب عن عليّ بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاصي، وأبي هُريرة، وسَمُرة بن جُندب، وسلَمة بن الأكوع، وزيد بن ثابت، ومعاذ بن عَفْرَاء، وكعب بن مُرّة، وأبي أُمامة الباهلي، وعَمرو بن عَبْسة السُّلَمي، وعائشةَ رضوان الله عليهم، والصُّنابِحي رضي الله ¬

_ (¬1) رواه مسلم (560) من طريق ابن أبي عتيق. قال: تحدثت أنا والقاسم عند عائشة رضي الله عنها حديثًا. وكان القاسم رجلًا لحانة. وكان لأم ولد. فقالت له عائشة: مالك لا تَحَدِّثُ كما يتحدث ابن أخي هذا؟ أما إني قد علمت من أين أتيت، هذا أدبته أمه، وأنت أدبتك أمك. قال: فغضب القاسم وأضب عليها. فلما رأى مائدة عائشة قد أتي بها قام. قالت: أين؟ قال: أصلي. قالت: اجلس. قال: إني أصلي. قالت: اجلس غدر؛ إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:. . . الحديث. (¬2) رواه البخاري (581)، ومسلم (826) وزاد مسلم: "الشمس" وفي رواية عنده: "تطلع" بدل: "تشرق". (¬3) رواه البخاري (586)، ومسلم (827).

باب فضل الجماعة ووجوبها

عنه ولم يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم -. 63 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاءَ يوم الخندق، بعد ما غربتِ الشمسُ، فجعل يسبُّ كفّار قريشٍ. وقال: يا رسول الله! ما كدتُ أصلي العصرَ حتى كادت الشمسُ تغربُ. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والله ما صلَّيتُها". قال: فقمنا إلى بُطْحان، فتوضَّأ للصَّلاةِ، وتوضأْنا لها، فصلى العصر بعد ما غربتِ الشمسُ، ثم صلَّى بعدها المغربَ (¬1). باب فضل الجماعة ووجوبها 64 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاةُ الجماعةِ أفضلُ من صلاةِ الفذِّ بسبعٍ وعشرين درجةً" (¬2). 65 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاةُ الرجلِ في الجماعةِ تُضَعَّفُ على صلاتِهِ في بيته وفي سُوقه خمسًا وعشرين ضعفًا. وذلك: أنه إذا توضَّأ، فأحسنَ الوُضوءَ، ثم خرجَ إلى المسجدِ -لا يخرجُه إلا الصلاةُ- لم يخطُ خُطوةً إلا ¬

_ (¬1) رواه البجاري (596)، ومسلم (631). وقوله: "ثم صلى بعدها المغرب" كذا هو في "ب" وهو الموافق لما في "الصحيحين"، ووقع في نسخة ابن الملقن: "ثم صلى المغرب بعدها" وهي رواية للبخاري (945). (¬2) رواه البخاري (645)، ومسلم (650).

رُفعتْ له بها درجةٌ، وحُطَّ عنه بها خَطِيئةٌ. فإذا صلَّى لم تزلِ الملائكةُ تُصلِّي عليه ما دام في مُصلَّاهُ: اللهُمّ صلِّ عليه، اللهمّ ارحمْهُ، ولا يزالُ في صلاةٍ ما انتظرَ الصَّلاة" (¬1). 66 - وعنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أثقلُ الصَّلاةِ على المُنافِقين: صلاةُ العشاءِ، وصلاةُ الفجرِ، ولو يعلَمُونَ ما فِيهما لأتوهُما ولو حبوًا، ولقد هممتُ أن آمُرَ بالصَّلاةِ فتُقام، ثم آمرَ رجلًا فيُصلِّي بالناسِ، ثم أنطلقَ معي برجالٍ معهم حِزَمٌ من حطبٍ إلى قومٍ لا يشهدُون الصَّلاةَ، فأُحرِّق عليهم بيُوتَهم بالنَّارِ" (¬2). 67 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا استأذنتْ أحدَكم امرآتُه إلى المسجدِ، فلا يَمْنَعْها". قال: فقال بلالُ بنُ عبد الله: والله لنمنعهُنَّ. قال: فأقبلَ عليه عَبدُ الله فسبّه سبًّا سيِّئًا، ما سمعتُه سبّه مثلَه قط، وقال: أُخبرُك عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وتقولُ: والله لنمنعُهنّ؟! (¬3). ¬

_ (¬1) رواه البخاري -والسياق له- (647)، ومسلم (1/ 459/ رقم 649) باب فضل صلاة الجماعة وانتظار الصلاة. (¬2) رواه البخاري (644)، ومسلم -والسياق له- (651). ومن عجائب سهو النساخ أنه وقع في "ب" "لا يشهدون إلا الصلاة". (¬3) رواه البخاري (5238)، ومسلم (442) (134 و135) وقصة بلال ليست في البخاري وإنما هي لمسلم وحده، ولذلك تعقب الحافظ ابن حجر صنيع الحافظ عبد الغني هنا، فقال في "الفتح" (2/ 348): "لم أر لهذه القصة ذكراً في شيء من الطرق التي أخرجها البخاري لهذا الحديث، وقد أوهم صنيع صاحب العمدة خلاف ذلك، ولم يتعرض لبيان ذلك أحدٌ من شُرَّاحِهِ".

- وفي لفظٍ: "لا تمنعُوا إماءَ الله مساجدَ الله" (¬1). 68 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما قال: صليتُ مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين [قبلَ الظُّهرِ، وركعتين بعد الظهر، وركعتينِ بعد الجُمُعةِ، وركعتين بعد المغربِ، وركعتين] (¬2) بعدَ العشاءِ (¬3). - وفي لفظٍ: فأما المغربُ والعشاءُ والجمُعةُ: ففي بيته (¬4). - وفي لفظٍ: أن ابنَ عُمر قال: حدثتني حفصةُ، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يصلِّي سجدتين خَفِيفتين بعدما يطلعُ الفجرُ، وكانت ساعةً لا أدخلُ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيها (¬5). 69 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: لم يكُن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على شيءٍ من النوافلِ أشدَّ تعاهدًا منه على ركعتي الفجرِ (¬6). 70 - وفي لفظٍ لمسلمٍ: "ركعتا الفجرِ خيرٌ من الدُّنيا وما فِيها" (¬7). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (900)، ومسلم (442) (136)، وعند البخاري قصة؛ إذ فيه عن ابن عمر قال: كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح والعشاء في الجماعة في المسجد، فقيل لها: لم تخرجين وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار؟ قالت: وما يمنعه أن ينهاني؟ قال يمنعه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:. . . الحديث. (¬2) سقط من نسخه ابن الملقن، وهو في "ب"، وهو أيضًا في "الصحيحين"، وإن كان السياق للبخاري. (¬3) رواه البخاري (1165)، ومسلم (729). (¬4) رواه البخاري (1172)، ومسلم (729) وليس عند البخاري لفظ: "العشاء"، وعند مسلم: "فصليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته" بدل: "ففي بيته". (¬5) هذه الرواية للبخاري برقم (173). (¬6) رواه البخاري (1169)، ومسلم (724) والسياق للبخاري. (¬7) رواه مسلم (725).

باب الأذان

باب الأذان 71 - عن أنس بن مالكِ رضي الله عنه قال: أُمر بلالٌ: أن يشفعَ الأذانَ، ويُوتر الإقامةَ (¬1). 72 - عن أبي جُحيفةَ، وهب بن عبد الله السُّوائي رضي الله عنه، قال: أتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -وهو في قُبَّةٍ له حمراءَ من أَدَمِ- قال: فخرجَ بلالٌ بوَضوءٍ، فمن نَاضِحٍ ونائلٍ. قال: فخرجَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عليه حُلَّةٌ حمراءُ، كأني أنظرُ إلى بياضِ ساقيه، قال: فتوضَّأ، وأذَّنَ بلالٌ. قال: فجعلتُ أتتبعُ فَاهُ ههُنَا وهَهُنَا، يقولُ -يمينًا وشمالاً- حيَّ على الصلاةِ، حيّ على الفلاحِ، ثم رُكِزَت له عَنَزَةٌ، فتقدَّمَ فصلَّى الظهرَ ركعتين، ثم صلى العصر ركعتين. ثم لم يزلْ يصلِّي ركعتين حتى رجعَ إلى المدينةِ (¬2). 73 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما، عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ بلالاً يؤذِّنُ بليلٍ. فكلُوا واشربُوا حتى تسمعُوا أذانَ ابنِ أم مكتُومٍ" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (603) (605) و (606) و (607) و (3457)، ومسلم (378). وزادا: "إلا الإقامة". (¬2) رواه البخاري (187) وانظر أطرافه. ومسلم (503) والسياق له. وقوله: "ثم صلى العصر ركعتين" سقط من "ب". (¬3) رواه البخاري (617)، ومسلم (1092). وانظر "بلوغ المرام" رقم (189 و 190 بتحقيقي).

باب استقبال القبلة

74 - عن أبي سعيدٍ الخُدْري رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سمِعتُم المؤذن (¬1) فقولُوا مثلَ ما يقولُ" (¬2). باب استقبال القبلة 75 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما؛ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُسَبِّحُ على ظهر راحلته، حيث كان وجهُه، يُوْمِيءُ برأسِه، وكان ابنُ عمر يفعلُه (¬3). - وفي رواية: كان يوترُ على بعيرِه (¬4). - ولمسلم: غيرَ أنه لا يصلِّي عليها المكتوبةَ (¬5). - وللبخاري: إلا الفرائض (¬6). ¬

_ (¬1) كذا في نسخة ابن الملقن، وفي "ب"، وهي أيضًا كذلك في النسخ المطبوعة من العمدة، ولكن في "الصحيحين": "النداء". (¬2) رواه البخاري (611)، ومسلم (383)، وزادا: "المؤذن". وقال الحافظ في "الفتح" (2/ 91): "ادعى ابن وضاح أن قول: "المؤذن" مدرج، وأن الحديث انتهى عند قوله: "مثل ما يقول". وتعُقب بأن الإدراج لا يثبت بمجرد الدعوى، وقد اتفقت الروايات في "الصحيحين" و"الموطأ" على إثباتها ولم يصب صاحب العمدة في حذفها". قلت: لعل الحذف وقع بسبب تغيير لفظ "النداء" بلفظ: "المؤذن". والله أعلم. (¬3) رواه البخاري (1105) واللفظ له، ومسلم (700). (¬4) رواه البخاري (999)، ومسلم (700) (36)، وعندهما: "البعير" بغير هاء الإضافة. (¬5) مسلم رقم (700) (39) وهي أيضًا للبخاري (1098). (¬6) البخاري رقم (100).

76 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما قال: بينما الناسُ بقُبَاءَ في صلاةِ الصُّبحِ إذ جاءَهم آتٍ، فقال: إن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قد أُنْزل عليه الليلةَ قرآنٌ، وقد أُمِرَ: أن يستقبلَ القِبلة (¬1)، فاستقبَلوها (¬2). وكانت وُجوهُهم إلى الشامِ، فاستدارُوا إلى الكعبةِ (¬3). 77 - عن أنس بن سيرين رضي الله عنه قال: استقبلْنَا أنسًا حين قدِمَ من الشامِ (¬4)، فلقيناهُ بعين التمرِ، فرأيتهُ يصلِّي على حمارٍ ووجهُهُ من ذا الجانب -يعني: عن يسار القبلة (¬5) - فقلت: رأيتُك تصلِّي لغير القبلة؟ فقال: لولا أني رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله لم أفعله (¬6). ¬

_ (¬1) كذا في نسخة ابن الملقن، وفي "ب"، وفي "الصحيحين": "الكعبة". (¬2) قال النووي (5/ 13): "روي فاستقبلوها بكسر الباء وفتحها، والكسر أصح وأشهر وهو الذي يقتضيه تمام الكلام بعده". وانظر: "الفتح" (1/ 506). (¬3) رواه البخاري (403)، ومسلم (526). (¬4) هذه رواية البخاري، ووقع في مسلم: "حين قدم الشام" بحذف حرف الجر. قال الحافظ في "الفتح" (2/ 576) "وغلطوه لأن أنس بن سيرين إنما تلقاه لما رجع من الشام فخرج ابن سيرين من البصرة ليتلقاه، ويمكن توجيهه بأن يكون المراد بقوله: "حين قدم الشام" مجرد ذكر الوقت الذي وقع له فيه ذلك كما تقول: فعلت كذا لما حججت". وقال النووي (5/ 220): "رواية مسلم صحيحة، ومعناها: تلقيناه في رجوعه حين قدم الشام، وإنما حذف ذكر رجوعه للعلم به. والله أعلم". (¬5) كذا في "ب" وهو الموافق لما في "الصحيحين"، ووقع في نسخة ابن الملقن: "الكعبة". (¬6) رواه البخاري (1100)، ومسلم (702).

باب الصفوف

باب الصفوف 78 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سَوُّوا صُفوفَكم؛ فإن تسويةَ الصفِّ من تمامِ الصَّلاةِ" (¬1). 79 - عن النعمان بن بشير رضي الله عنه، قال: سمعت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "لتسوُّنَّ صفوفَكم أو ليُخالفنَّ الله بين وجُوهِكم" (¬2). - ولمسلم: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يسوِّي صُفوفَنا، حتى كأنما يُسوِّي بها القِدَاح، حتى رأى أن قد عَقَلْنَا عنه، ثم خرجَ يومًا، [فقام] (¬3) حتى كادَ أن يُكَبِّر، فرأى رجلًا باديًا صدرُه، فقال: "عبادَ الله! لتسوُّن صُفوفَكم أو ليُخالفنَّ الله بين وُجوهِكم" (¬4). 80 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه: أن جدته مُلَيكة دعتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لطعامٍ صنعتْه (¬5)، فأكل منه. ثم قال: "قوموا فلأصلي لكم؟ " قال أنس: فقمتُ إلى حصيرٍ لنا قد اسودَّ من طول ما لُبِسَ، فنضحتُه بماءٍ، فقامَ عليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وصففتُ أنا ¬

_ (¬1) رواه البخاري (723)، ومسلم (433). (¬2) رواه البخاري (717)، ومسلم (436). (¬3) ساقطة من نسخة ابن الملقن، وهي في "ب" وفي "صحيح مسلم" أيضًا وفيه زيادة: "من الصف" بعد قوله: "صدره". (¬4) رواه مسلم (436) (128). (¬5) زاد البخاري (380): "له".

باب الإمامة

واليتيمُ وراءَه، والعجوزُ من ورائنا، فصلى لنا ركعتين، ثم انصرف - صلى الله عليه وسلم - (¬1). - ولمسلمٍ: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى به وبأُمِّه (¬2). فأقامني عن يمينه، وأقام المرأة خلفنا (¬3). اليتيم: قيل هو: ضُميرة جدُّ حسين بن عبد الله بن ضميرة (¬4). 81 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بتُّ عند خَالتي ميمونة، فقام النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي من الليل، فقمتُ عن يَساره، فأخذ برأسي، فأقامني عن يمينه (¬5). باب الإمامة 82 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَمَا يخشى الذي يرفعُ رأسَه قبلَ الإمام أن يُحوِّل الله رأسَه رأسَ حِمَارٍ -أو يجعلَ صورتَه- صورةَ حمارٍ" (¬6). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (380)، ومسلم (658) والجملة الأخيرة عندهما تخالف ما هنا إذ لفظها: "فصلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين، ثم انصرف". (¬2) في مسلم زيادة: "أو خالته. قال:". (¬3) رواه مسلم (660) (268). (¬4) نقله الحافظ في "الفتح" (1/ 490) عن هذا الموطن. (¬5) رواه البخاري (7316)، ومسلم (763) ضمن حديث طويل. (¬6) رواه البخاري (691)، ومسلم (427) والسياق للبخاري، كما جاء هنا لفظ =

83 - وعن أبي هُريرة رضي الله عنه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليُؤْتَمَّ به. فلا تختَلِفوا عليه، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا ركعَ فاركعُوا، وإذا قال: سمعَ الله لمن حَمِدَهُ، فقولُوا: ربنا ولك (¬1) الحمدُ، وإذا سجدَ فاسجُدوا، وإذا صلَّى جالِسًا فصلُّوا جُلوسًا أجمعُون" (¬2). 84 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: صلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته -وهو شاكِ- فصلَّى جالسًا، وصلى وراءَه قومٌ قيامًا. فأشار إليهم: أن اجلسوا. فلما انصرفَ قال: "إنما جُعِلَ الإمامُ ليؤتَمَّ به، فإذا ركعَ فاركَعُوا، وإذا رفعَ فارفعُوا، وإذا قال: سمعَ الله لمن حَمِده، فقولُوا: ربنا ولك الحمدُ، وإذا صلى جالسًا فصلُّوا جلوسًا أجمعُون" (¬3). 85 - وعن عبد الله بن يزيد الخَطْمي الأنصاري رضي الله عنه قال: حدَّثني البراءُ -وهو غيرُ كَذُوبٍ- قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ = الصورة والرأس فقد جاء أيضًا بلفظ: "الوجه" كما عند مسلم. ومع أن الحافظ قال: "الظاهر أن ذلك من تصرف الرواة" إلا أنه رجح رواية الرأس واعتمدها لشمولها ولكثرة رواتها، أما القاضي عياض فقال: "هذه الروايات متفقة؛ لأن الوجه في الرأس، ومعظم الصورة فيه". (¬1) كذا في نسخة ابن الملقن، وفي "ب" بإثبات "الواو". وهي رواية أبي ذر والأصيلي. وباقي روايات البخاري ومسلم بدون "الواو" إلا أنه عند مسلم: "اللهم ربنا لك الحمد". (¬2) رواه البخاري (722)، ومسلم (414) وزاد البخاري: "وأقيموا الصف في الصلاة؛ فإن إقامة الصف من حسن الصلاة". (¬3) رواه البخاري (688)، والسياق له، ومسلم (412).

باب صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -

إذا قال: "سمع الله لِمَن حمِده": لم يَحْنِ أحدٌ منا ظهرَه حتى يقعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ساجدًا، ثم نقع سُجودًا بعده (¬1). 86 - وعن أبي هُريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أمَّنَ الإمامُ فأمِّنوا؛ فإنه مَن وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة: غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبه" (¬2). 87 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا صلَّى أحدُكم للناس فليُخفِّف، فإن فيهم الضَّعيفَ، والسَّقِيمَ، وذا الحاجةِ. وإذا صلَّى أحدُكم لنفسه فليُطَوِّلْ ما شاء" (¬3). 88 - عن أبي مسعودٍ الأنصاريّ رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إني لأتأخَّرُ عن صلاةِ الصُّبح من أَجل فُلانٍ؛ مما يُطيل بنا. قال: فما رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - غَضِبَ في موعظةٍ قط أشد مما غضبَ يومئذٍ. فقال: "يا أيها الناس! إن منكم مُنَفِّرين، فأيُّكم أمَّ الناسَ فليوجِزْ، فإن مِن ورائه الكبيرَ، والصَّغير، وذا الحاجه" (¬4). باب صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬5) 89 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) رواه البخاري (690)، ومسلم (474) (198). (¬2) رواه البخاري (780)، ومسلم (410). (¬3) رواه البخاري (703)، ومسلم (467). (¬4) رواه البخاري (7159)، ومسلم (466). (¬5) كذا في "ب" وجاء في نسخة ابن الملقن: "باب صفة الصلاة".

إذا كَبَّرَ في الصَّلاةِ سكت هُنَيْهَةً (¬1) قبل أن يقرأَ. فقلتُ: يَا رسول الله! بأبي أنت وأمّي، رأيتَ سُكوتَك بين التكبير والقراءة، ما تقول؟ قال: أقول: "اللهمّ باعِدْ بيني وبينِ خَطَاياي كما باعدتَ بين المشرِقِ والمغرِب. اللهم نقِّني مِن خَطاياي كما يُنقَّى الثوبُ الأبيضُ من الدَّنسِ. اللهم اغسِلْني مِن خطاياي بالثلج، والماء، والبَرَدِ" (¬2) (¬3). 90 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يستفتح الصلاةَ بالتكبيرِ، والقراءَةَ بـ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)}. وكان إذا ركعَ، لم يُشْخِصْ رأسَه، ولم يُصَوِّبْهُ، ولكن بين ذلك. وكان إذا رفعَ رأسَه من الرُّكوعِ، لم يسجُدْ حتى يستوي قائمًا. وكان إذا رفعَ رأسَه من السجدَةِ، لم يسجدْ حتى يستوي قاعدًا. وكان يقولُ فيِ كلِّ ركعتين التَّحيةَ. وكان يفرِشُ رجله اليُسرى، وينصِبُ رجلَه اليُمنى. وكان يَنهى عن عُقْبَةِ الشَّيطان وينهى أن يفترشَ الرجلُ ذراعيه افتراشَ السَّبُعِ، وكان يختمُ الصَّلاة بالتسليمِ (¬4). ¬

_ (¬1) كذا في نسخة ابن الملقن، وفي "ب" وهي رواية، والأكثر: "هُنية". (¬2) في نسخة ابن الملقن، وفي "أ": "بالثلج والماء البارد". (¬3) رواه البخاري (744)، ومسلم (598). (¬4) رواه مسلم (498) وهو ضعيف، ضعفه غير واحد، فقال الحافظ في "البلوغ" (274 بتحقيقي): "أخرجه مسلم وله علة". وقال ابن الملقن في "الإعلام" (1/ 77 /ب): "هذا الحديث سهى المصنف في إيراده في كتابه؛ فإنه من أفراد مسلم وشرطه إخراج ما اتفقا عليه. وفي إسناده علة ذكرتها في تخريج أحاديث الرافعي فسارع إليه".

91 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه حَذْو مَنكِبيه إذا افتتحَ الصَّلاةَ، وإذا كبَّر للرُّكوع، وإذا رفعَ رأسَه من الركُوع رفعَهما كذلك، وقال: "سمع الله لمن حَمِده. ربنا ولك الحمدُ". وكان لا يفعل ذلك في السجود (¬1). 92 - عن عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمِرْتُ أن أسجدَ على سبعةِ أعظُم، على الجبهةِ -وأشارَ بيده إلى (¬2) أنفِه- واليدينِ، والرُّكبتين، وأطرَافِ القدَمين" (¬3). 93 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قامَ إلى الصَّلاةِ، يُكَبِّرُ حين يقومُ، ثم يكبِّر حين يركعُ. [ثم يقول: "سمع الله لمن حَمِده"، حين يرفعُ صُلْبَهُ من الركعةِ ثم يقول -وهو قائمٌ-: "ربنا ولك الحمدُ". ثم يُكَبِّر حين يهوي. ثم ¬

_ (¬1) رواه البخاري (735) والسياق له، ومسلم (390). تنبيه: وقعت رواية غريبة لهذا الحديث في مسند الحميدي المطبوع رقم (614): ". . . وإذا أراد أن يركع، وبعدما يرفع رأسه من الركوع فلا يرفع، ولا بين السجدتين" ثم علق على ذلك محققه حبيب الرحمن الحنفي، وختم تعليقه بقوله: "ولم يتعرض أحد من المحدثين لرواية الحميدي هذه". قلت: كيف يتعرضون لشيء لا وجود له، إذ الموجود في المخطوط (مسند الحميدي): ". . . وإذا أراد أن يركع وبعدما يرفع رأسه من الركوع، ولا يرفع بين السجدتين". (¬2) كذا الأصول الثلاثة، وفي البخاري ومسلم "على" وقال الحافظ في "الفتح" (2/ 296): "وقع في العمدة بلفظ: "إلى" وهي في بعض النسخ من رواية كريمة". (¬3) رواه البخاري (812) والسياق له، ومسلم (490) (230) وزادا: "ولا نكفت الثياب ولا الشعر".

يُكَبِّر حين يرفعُ رأسَه. ثم يُكَبِّرُ حين يسجُدُ. ثم يُكَبِّرُ حين يرفعُ رأسَه] (¬1) ثم يفعلُ ذلك في صَلاتِهِ كلِّها حتَّى يقضِيها. ويُكَبِّرُ حين يقومُ من الثنتين بعد الجُلوسِ (¬2). 94 - عن مُطَرِّف بن عبد الله قال: صلّيتُ خلفَ عليّ بن أبي طالبٍ أنا وعمران بن حُصين، فكان إذا سجدَ كَبَّر، وإذا رفعَ رأسَه كبَّر، وإذا نهضَ من الركعتينِ كَبَّر، فلما قضى الصَّلاةَ أخذ بيدي عمرانُ بنُ حُصين، فقال: قد ذكَّرني هذا صلاةَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، أو قال: صلَّى بنا صلاةَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - (¬3). 95 - عن البراء بنِ عازبٍ رضي الله عنه قال: رمقتُ الصلاةَ مع محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، فوجدتُ قيامَه، فرَكْعَتَهُ، فاعتدالَهُ بعد ركُوعِهِ، فسجْدتَهُ، فجَلْسَتَهُ بين السجدتين، فسجْدتَهُ. فجلْستَهُ ما بين التسليمِ والانصرافِ: قريبًا من السَّواءِ (¬4). - وفي رواية البخاري: ما خلا القيامَ والقعودَ قريبًا من السواء. 96 - عن ثابت البُناني، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: إنَّي لا آلُو أن أُصلِّي بكم كما رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي بنا. ¬

_ (¬1) ساقط من نسخة ابن الملقن، وهذا من سهو النساخ، إذ هي في "أ، ب" كما أنها في "الصحيحين" وسياقها بلفظ البخاري كبقية الحديث. (¬2) رواه البخاري (789)، ومسلم (392). (¬3) رواه البخاري (787)، ومسلم (393). (¬4) رواه البخاري (792)، ومسلم -والسياق له- (471).

قال ثابت: فكان أنسٌ يصنعُ شيئًا لا أرَاكُمْ (¬1) تصنعُونه. كان إذا رفعَ رأسَه من الرُّكوع، انتصبَ قائمًا، حتى يقولَ القائلُ: قد نَسِي. وإذا رفعَ رأسَه من السَّجدةِ (¬2) مكث، حتى يقول القائلُ: قد نسِي (¬3). 97 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ما صلَّيتُ وراءَ إمامٍ قطّ أخفَّ صلاةَ ولا أتمَّ صلاةً من النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬4). 98 - عن أبي قِلابة -عبد الله بن زيد- الجَرْمي البَصْرِي قال: جاءنا مالك بن الحُوَيْرث في مسجدنا هذا. فقال: إني لأُصلِّي بكم وما أُريدُ الصَّلاةَ، أصلِّي كيفَ رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي. فقلتُ لأبي قِلابة: كيف كان يُصلِّي؟ قال: مثلَ صلاةِ شيخِنا هذا. وكان يجلسُ إذا رفعَ رأسَه من السجودِ قبلَ أن ينهضَ (¬5). ¬

_ (¬1) كذا في "أوب" وهي رواية مسلم، وفي نسخة ابن الملقن: "لم أركم" وهي رواية البخاري. (¬2) في "أ": "وإذا رفع في السجدة". (¬3) رواه البخاري (821)، ومسلم (472). (¬4) رواه البخاري (708)، ومسلم (469) (190) وزاد البخاري: "وإن كان ليسمع بكاء الصبي فيخفف؛ مخافة أن تفتن أمه". (¬5) رواه البخاري (677) وليس هو عند مسلم، وبمثل ذلك صرح ابن الملقن في "الإعلام" (1/ 188/ ب) فقال: "هذا الحديث من أفراد البخاري فهو خارج عن شرط المصنف". وأيضًا قال الحافظ في "الفتح" (2/ 164): "أخرج صاحب العمدة هذا الحديث، وليس هو عند مسلم من حديث مالك بن الحويرث". وأرادَ بشيخِهم: أَبا بُريد؛ عمرو بن سلمة الجرمي. ويقال: أبو يزيد، وهذا مصرح به عند البخاري.

باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود

99 - عن عبد الله بن مالك بن بحينة رضي الله عنه؛ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلَّى فَرَّجَ بين يديه، حتى يبدُو بَيَاضُ إبطَيْهِ (¬1). 100 - عن أبي مسلَمة -سعيد بن يزيد- قال: سأَلتُ أنس بنَ مالكٍ رضي الله عنه: أكانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصلي في نَعْلَيه؟ قال: نعم (¬2). 101 - عن أبي قَتادة الأنصاريّ رضي الله عنه؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُصلي وهو حاملٌ أُمَامَة بنت زينب بنتِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ولأبي العاص بن الرَّبيع بن عبد شمسٍ، فإذا سجدَ وضعَها، وإذا قامَ حملَها (¬3). 102 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "اعتدِلُوا في السُّجودِ، ولا يَبْسُط (¬4) أحدُكم ذِراعيه انبساطَ الكلبِ" (¬5). باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود 103 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه؛ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دخلَ ¬

_ (¬1) رواه البخاري (390)، ومسلم (495). (¬2) رواه البخاري (386)، ومسلم (555). (¬3) رواه البخاري (516)، ومسلم (543). (¬4) اختلف في هذه اللفظة ففي أكثر روايات البخاري: "ولا ينبسط" وفي إحداها: "يبتسط" ولمسلم في رواية: "لا يتبسَّط". وله في أخرى كما للمصنف هنا وهي أَيضًا رواية ابن عساكر للبخاري "يبسط" بباء موحدة ساكنة. وقال الحافظ في "الفتح": "اقتصر عليها صاحب العمدة". قلت: وهي كذلك في النسخ الثلاث. (¬5) رواه البخاري (722)، ومسلم (493).

باب القراءة في الصلاة

المسجدَ، فدخل رجلٌ فصلَّى، ثم جاءَ فسَلَّم على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. فقال: "ارجعْ فصلِّ؛ فإنك لم تُصلِّ". فرجعَ فصلّى كما صلّى، ثم جاءَ فسلَّم على النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -. فقال: "ارجعْ فصلِّ؛ فإنك لم تُصل" -ثلاثًا- فقال: والذي بعثكَ بالحق ما أُحْسِنُ غيرَه، فعلِّمْني. قال: "إذا قُمتَ إلى الصلاة فكبِّر، ثم أقرأْ ما تيسّر معكَ من القُرآن، ثم اركعْ حتى تطمئِنَّ راكعًا. ثم ارفعْ حتى تعتدِلَ قائمًا، ثم اسجدْ حتَّى تطمئنَّ ساجدًا. ثم ارفعْ حتى تطمئنَّ جالسًا. وافعلْ ذلك في صلاتِك كلِّها" (¬1). باب القراءة في الصلاة 104 - عن عُبادة بن الصَّامت رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا صلاةَ لِمن لم يقرأْ بفاتحةِ الكِتَابِ" (¬2). 105 - عن أبي قَتادة الأَنْصَاري رضي الله عنه قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأُ في الركعتينِ الأولَيَيْن من صلاة الظُّهرِ بفاتحةِ الكتابِ وسُورتين. يُطَوِّلُ في الأولى، ويُقَصِّرُ في الثانيةِ، يُسمع الآية أحيانًا، وكان يقرأ في العصر بفاتحة الكتاب وسورتين، يطول في الأولى، ويقصر في الثانية، وكان يطوِّلُ في الركعة الأولى من صلاةِ ¬

_ (¬1) رواه البخاري (793)، ومسلم (397). (¬2) رواه البخاري (756)، ومسلم (394) (34).

الصُّبحِ، ويقصِّرُ في الثانيةِ، وفي الركعتين الأُخْرَيَيْنِ بأمِّ الكتاب (¬1). 106 - عن جُبير بن مُطعِم رضي الله عنه قال: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقرأُ في المغربِ بالطُّورِ (¬2). 107 - عن البراء بن عازب؛ أنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان في سفرٍ، فصلَّى العشاءَ الآخرةَ، فقرأَ في إحدى الركعتينِ بالتِّينِ وَالزَّيْتوُنِ. فما سمعتُ أحدًا أحسنَ صوتًا -أو قراءةً- منه (¬3). 108 - عن عائشةَ رضي الله عنها؛ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بعثَ رجلًا على سريّة. فكان يقرأُ لأصحابه في صلاتِهم، فيختم بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. فلما رجعوا ذكرُوا ذلك لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: "سَلُوهُ، لأي شيء يصنعُ ذلك"؟ فسألوه؟ فقال: لأنها صفةُ الرحمن عز وجل، فأنا أحبُّ أن أقرأَ بها. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أخبِروُه أن الله تعالى يُحبُّه" (¬4). 109 - عن جابرٍ؛ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لمُعاذٍ: "فلولا صلَّيتَ بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}؛ فإنه يصلي وراءَك الكبيرُ، والضَّعِيفُ، وذو الحاجةِ" (¬5). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (759)، ومسلم (451). (¬2) رواه البخاري (765)، ومسلم (463). (¬3) رواه البخاري (769)، ومسلم (464). (¬4) رواه البخاري (7375)، ومسلم (813). (¬5) رواه البخاري (705) وهو من أفراده.

باب ترك الجهر بـ بسم الله الرحمن الرحيم

باب ترك الجهر بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 110 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وأبا بكرٍ وعمرَ رضي الله عنهما: كانوا يفتتِحُونَ الصَّلاةَ بـ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬1). - وفي رواية: صلَّيتُ مع أبي بكر وعمرَ وعُثمانَ، فلم أسمعْ أحدًا منهم يقرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (¬2). - ولمسلمٍ: صليت خلفَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ، فكانوا يستفتحُونَ بـ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، لا يذكرون: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في أول قراءةٍ، ولا آخرِها (¬3). باب سجود السهو 111 - عن محمد بنِ سيرين، عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: صلَّى بنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إحدى صلاتي العَشِيّ -قال ابن ¬

_ (¬1) رواه البخاري (743). (¬2) رواه مسلم (399) وعند زيادة: "مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". (¬3) رواه مسلم (399).

سيرين: وسماها أبو هُريرة، ولكن نسيتُ أنا- قال: فصلى بنا ركعتين، ثم سلَّم. فقام إلى خشبةٍ معروُضةٍ في المسجدِ، فاتكأَ عليها كأنّه غضبانُ. ووضع يدَه اليُمنى على اليُسرى. وشبّك بين أصابعه (¬1) وخرجَتِ السَّرْعَانُ من أبواب المسجد. فقالوا: قُصِرتِ الصلَاةُ؟ وفي القوم أبو بكرٍ وعمرُ. فهَابا أن يُكلَّماه -وفي القوم رجلٌ في يديه طولٌ -يُقال له: ذو اليدين- فقال: يا رسولَ الله! أنسيتَ أم قُصِرَتِ الصلاةُ؟ قال: "لم أنسَ ولم تُقْصَرْ". فقال: "أكما يقولُ ذو اليدين؟ " فقالوا: نعم. فتقدم فصلَّى ما ترك، ثم سلَّم، ثم كبَّر وسجدَ مثلَ سجودِهِ، أو أطولَ، ثم رفعَ رأسه فكبَّر، ثم كبَّر وسجدَ مثلَ سجودِهِ أو أطول، ثم رفعَ رأسَه وكبَّر. فربما سألوه: ثم سلم (¬2)؟ فَنُبِّئْتُ أن عمران بن حُصين قال: ثم سلم (¬3). 112 - عن عبد الله بن بُحينة -وكان من أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -- أن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بهم الظهر، فقام في الركعتين الأُولَيين، ولم يجلس، فقام الناسُ معه، حتى إذا قضى الصلاةَ، وانتظر الناسُ تسلِيمَه كَبَّرَ -وهو جالسٌ- فسجدَ سجدتين، قبل أنْ يُسلِّم، ثم سلَّم (¬4). ¬

_ (¬1) زاد البخاري: "ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى". (¬2) أي: ربما سألوا ابن سيرين: هل في الحديث: "ثم سلم؟ " فيقول: نبئت. . . (¬3) رواه البخاري (482) -والسياق له- ومسلم (573). (¬4) رواه البخاري (829)، ومسلم (570).

باب المرور بين يدي المصلي

باب المرور بين يدي المصلي 113 - عن أبي جُهَيم بن الحارث بن الصِّمَّة الأنصاري رضي الله عنهما قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو يعلمُ المارُّ بين يدي المُصلِّي ماذا عليه من الإثمِ؟ لكانَ أن يقفَ أربعينَ، خيرًا له من أن يمرَّ بين يديه". قال أبو النضر: لا أدري؟ قال: أربعينَ يومًا، أو شهرًا أو سنةً (¬1). 114 - عن أبي سعيدِ الخُدري رضي الله عنه، قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا صلَّى أحدُكم إلى شيءٍ يستُرُه من الناسِ، فأراد أحدٌ أن يجتازَ بين يديه، فليدْفَعْهُ، فإن أَبي فليُقاتله؛ فإنما هو شيطانٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (510)، ومسلم (507) إلا أنه ليس عندهما قوله: "من الإثم" إذ هذا اللفظ ليس من الحديث، ولذلك يعد هذا من أوهام الحافظ عبد الغني رحمه الله، ومن أجل ذلك قال الحافظ في "الفتح" (1/ 585): "عيب ذلك على صاحب العمدة في إيهامه أنها في الصحيحين". قلت: وسبحان من لا ينسى إذ وقع الحافظ نفسه فيما عيب على غيره، انظر بلوغ المرام رقم (228) بتحقيقي. (¬2) رواه البخاري (509)، ومسلم (505) من طريق أبي صالح السمان قال: رأيت أبا سعيدٍ الخدري في يوم جمعة يصلي إلى شيء يستره من الناس، فأراد شاب من بني أبي معيط أن يجتاز بين يديه، فدفع أبو سعيد في صدره، فنظر الشاب فلم يجد مساغًا إلا بين يديه، فعاد ليجتاز فدفعه أبو سعيد أشد من الأولى، فنال من =

باب جامع

115 - عن عبد الله بن عبّاسٍ رضي الله عنهما قال: أقبلتُ راكبًا على حمارٍ أتانٍ -وأنا يومئذٍ قد ناهزتُ الاحتلامَ -ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي بالناس بمنىً إلى غيرِ جدارٍ- فمررتُ بين يدي بعضِ الصفَّ. فنزلتُ، فأرسلتُ الأتانَ تَرْتَعُ، ودخلتُ في الصفِّ. فلم يُنكر ذلك عليَّ أحدٌ (¬1). 116 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: كُنْتُ أنامُ بين يدي رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ورِجْلاَي في قِبلته، فإذا سجدَ غمزني، فقبضتُ رِجْليّ، فإذا قام بسطتهُما. والبيوتُ يومئذٍ ليس فيها مصَابِيح (¬2). باب جامع 117 - عن أبي قَتادة بن ربْعيِّ الأنصاري رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دخلَ أَحدُكم المسجدَ، فلا يجلسْ حتى يُصلَّي ركعتينِ" (¬3). 118 - عن زيد بن أرقمَ قال: كنَّا نتكلَّمُ في الصَّلاةِ، يُكلِّمُ الرجلُ صاحِبَه، وهو إلى جنبِه في الصَّلاةِ، حتى نزلت: {وَقُومُوا ¬

_ = أبي سعيد. ثم دخل على مروان فشكا إليه ما لقي من أبي سعيد، ودخل أبو سعيد خلفه على مروان. فقال: مالك ولابن أخيك يَا أبا سعيد؟ قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:. . . الحديث. (¬1) رواه البخاري (76)، ومسلم (504). (¬2) رواه البخاري (382)، ومسلم (512) (272). (¬3) رواه البخاري (1163) واللفظ له، ومسلم (714).

لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] فأُمرْنا بالسُّكوتِ، ونُهِينا عن الكلامِ (¬1). 119 - عن عبد الله بن عُمر. وأبي هريرة رضي الله عنهم، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا اشتدَّ الحرُّ فأبرِدُوا عن الصَّلاةِ؛ فإنّ شدَّة الحرِّ من فيحِ جَهنم" (¬2). 120 - عن أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه؛ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَن نَسِي صلاةً فليُصلِّها (¬3) إذا ذكَرَها، لا كفَّارةَ لها إلا ذلك {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)} (¬4). - ولمسلمٍ: "من نسِي صلاةً، أو نامَ عنها. فكفَّارتُها: أن يُصلِّيها إذا ذكرَها" (¬5). 121 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه؛ أن مُعاذ بن جبلٍ رضي الله عنه كان يُصلِّي مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عشاءَ الآخرةِ، ثم يرجعُ إلى قومِهِ، فيُصلي بهم تلك الصلاةَ (¬6). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1200)، ومسلم (539) واللفظ لمسلم، وليس عند البخاري قوله: "ونهينا عن الكلام"، ولذلك أشار الحافظ في "الفتح" (3/ 75) إلى زيادة مسلم هذه، ثم قال: "ولم تقع في البخاري، وذكرها صاحب "العمدة"، ولم ينبه أحد من شُرَّاحها عليها". (¬2) رواه البخاري (2/ 15/ فتح رقم 533 و534)، ومسلم (615). (¬3) هذا لفظ مسلم، وأما البخاري فلفظه: "فليصل"، ولفظ مسلم أبين للمراد كما يقول ابن حجر. (¬4) رواه البخاري (597)، ومسلم (684) (314). (¬5) رواه مسلم (684) (315). (¬6) رواه البخاري (700)، ومسلم (465) (180) واللفظ لمسلم.

122 - عن أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: كُنَّا نصلِّي مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في شدِّةِ الحرِّ. فإذا لم يستطعْ أحدُنا أن يُمكّن جبهته في الأرضِ، بسطَ ثوبَه؛ فسجدَ عليه (¬1). 123 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُصلِّي أحدُكم في الثوبِ الواحِدِ، ليس على عاتِقِه منه شيءٌ" (¬2). 124 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من أكلَ ثُومًا أو بَصلًا، فليعتزِلْنا، وليعتزلْ (¬3) مسجدَنا وليقعُدْ في بيتِهِ". وأُتِيَ بقِدْرٍ فيه خَضِراتٌ من بُقولٍ، فوجد لها ريحًا. فسأل؟ فأُخُبر بما فيها من البقول. فقال: "قرِّبوُها" إلى بعض أصحابه، فلما رآه كَرِه أكلَها، قال: "كُلْ؛ فإني أُناجي مَنْ لا تُناجي" (¬4). - عن جابرٍ، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ أكلَ البصلَ والثُومَ ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1208)، ومسلم (620). (¬2) رواه البخاري (359)، ومسلم (516)، وليس عند البخاري لفظ: "منه". وعندهما: "عاتقيه" بدل: "عاتقه". (¬3) كذا في "أ، ب"، وفي الصحيحين: "أو ليعتزل". (¬4) رواه البخاري (855)، ومسلم (564). وفي رواية للبخاري (7359) "ببدر" بدل: "بقدر". وجاء في حاشية "أ" ما يلي: "قوله: وأتي بقدر. بالقاف، وفي رواية للبخاري: ببَدْر. بالباء وقال: قال ابن وهب: يعني طبقًا. قال ابن الصلاح: وهي أصح في المعنى والأولى هي الأكثر. قال الأزهري: قول ابن وهب صحيح، وأحسبه سمي بدرًا؛ لأنه مدور. والله أعلم".

باب التشهد

والكُرَّاثَ. فلا يقربنَّ مسجِدَنا؛ فإن الملائكة تتأذّى مما يتأذّى منه بنو آدم" (¬1). باب التشهد 125 - عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: علَّمني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - التشهدَ -كفي بين كفيه- كما يُعلمني السورةَ من القرآن: "التحياتُ لله، والصلواتُ والطيّباتُ. السلامُ عليك أيها النبيّ ورحمة الله وبركاته. السلامُ علينا وعلى عبادِ الله الصالِحين. أشهدُ أن لا إله إلا الله، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه" (¬2). - وفي لفظٍ: "إذا قعدَ أحدُكم في الصَّلاةِ، فليقُل: التحياتُ لله. . . " وذكره. وفيه: "فإنكم إذا فعلتُم ذلك، فقد سلّمتُم على كلِّ عبدٍ لله صالحٍ في السماءِ والأرضِ" وفيه: "فليتخيّر من المسألةِ ما شاء" (¬3). 126 - عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعبُ بن عُجْرَة، فقال: ألا أُهدي لك هديةً؟ إن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - خرجَ علينا، ¬

_ (¬1) هذه الرواية لمسلم (564) (74). وأشار ناسخ "أ" إلى أنه في نسخة أخرى: "الإنسان" بدل: "بنو آدم"، وفي "أ": "الإنسان بنو آدم"! (¬2) رواه البخاري (6265)، ومسلم (402) (59) وزاد البخاري: "وهو بين ظهرانينا، فلما قبض قلنا: السلام. يعني: على النبي - صلى الله عليه وسلم - ". وانظر: "بلوغ المرام" رقم (314) بتحقيقي. (¬3) رواه البخاري (6328) وانظر عنده رقم (831) ومسلم (402) (55).

فقُلنا: يَا رسول الله! قد علمنا كيف نُسَلِّمُ عليك، فكيف نُصلِّي عليك؟ قال: "قولوا: اللهمّ صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صلَّيتَ على آلِ إبراهيمَ إنَّك حميدٌ مجيدٌ. اللهم بارِك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما بارَكتَ على آلِ إبراهيم إنك حميدٌ مجيدٌ" (¬1). 127 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يدعُو: "اللهمّ إني أعوذُ بك من عذابِ القبرِ، ومن عذابِ النَّار، ومن فِتنةِ المحيا والمَمات، ومن فتنةِ المسيحِ الدجّال" (¬2). - وفي لفظٍ لمسلمٍ: "إذا تشهّدَ أحَدُكم فليستعذْ بالله من أربع. يقولُ: اللهمّ إني أعوذُ بك من عذابِ جهنم. . . " ثم ذكرَ نحوه (¬3). 128 - عن عبد الله بنِ عَمرو بن العاص، عن أبي بكرٍ الصدّيق رضي الله عنهما؛ أنه قالَ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: علَّمني دعاءً أدعُو به في صَلاتي. قال: "قُل: اللهمّ إني ظلمتُ نفسِي ظُلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذُّنوبَ إلا أنتَ، فاغفرْ لي مغفرةٌ من عِندك، وارحمْنِي إنك أنتَ الغفورُ الرحيمُ" (¬4). 129 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: ما صلَّى رسولُ الله ¬

_ (¬1) رواه البخاري (6357)، ومسلم (406). (¬2) رواه البخاري (1377)، ومسلم (588). (¬3) رواه مسلم (588) (128). (¬4) رواه البخاري (834)، ومسلم (2705).

باب الوتر

- صلى الله عليه وسلم - صلاةً -بعد أن أنزلت عليه: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} - إلا يقولُ فيها: "سُبحانك اللهمّ ربَّنا وبحمدِكَ، اللهم اغفِرْ لي" (¬1). - وفي لفظٍ: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يكثرُ أن يقولَ في ركُوعِهِ وسجُودِه: "سُبحانك اللهمّ ربنا وبحمدِكَ. اللهمّ اغفِرْ لي" (¬2). باب الوتر 130 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما قال: سألَ رجلٌ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -وهو على المِنْبر- ما ترى في صلاةِ الليل؟ قال: "مثنى مثنى. فإذا خَشِي الصبحَ صلَّى واحدةً، فأوترتْ له ما صلَّى" وأنه كان يقول: "اجعلُوا آخرَ صلاتِكم بالليل وترًا" (¬3). 131 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: من كلِّ الليلِ قد أوترَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ من أولِ الليلِ، وأوسطِهِ، وآخرِه، فانتهى وترُه إلى السَّحَرِ (¬4). 132 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي من الليلِ ثلاثَ عشرةَ ركعةً، يُوترُ من ذلك بخمسٍ، لا ¬

_ (¬1) رواه البخاري (4967)، ومسلم (484) (219). (¬2) رواه البخاري (817) و (4968)، ومسلم (484) (217) وزادا: "يتأول القرآن". (¬3) رواه البخاري (472)، ومسلم (749). (¬4) رواه البخاري (996)، ومسلم (745) واللفظ لمسلم.

باب الذكر عقيب الصلاة

يجلسُ في شيءٍ إلا في آخِرِها (¬1). باب الذكر عقيب الصلاة 133 - عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ أنّ رفعَ الصوتِ بالذِّكر حين ينصرفُ الناسُ من المكتوبةِ كان على عهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. قال ابنُ عباسٍ: كنت أعلمُ إذا انصرفُوا بذلك، إذا سمعتُه (¬2). - وفي لفظٍ: ما كنا نعرفُ انقضاءَ صلاةِ - صلى الله عليه وسلم - إلا بالتكبير (¬3). 134 - عن وَرَّاد مولى المغيرة بن شُعبة قال: أملى عليَّ المغيرةُ بن شعبة في كتاب إلى مُعاوية؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقولُ في دُبرِ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ: "لا إله إلا الله وحدَه لا شرِيكَ له، له الملكُ وله الحمدُ، وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ. اللهم لا مانعَ لما أعطيتَ ولا مُعطي لما منعتَ، ولا ينفعُ ذا الجَدّ منك الجَدُّ". ثم وفدتُ بعدُ على مُعاويةَ، فسمعتُه يأمر الناسَ بذلك (¬4). ¬

_ (¬1) رواه مسلم (737) وحده. (¬2) رواه البخاري (841)، ومسلم (583) (122). (¬3) رواه مسلم (583) (121). (¬4) رواه البخاري (844)، ومسلم (593).

- وفي لفظٍ: وكان ينهى عن قيلَ وقالَ، وإضاعةِ المالِ، وكثرةِ السؤال. وكان ينهى عن عُقوقِ الأمَّهاتِ، ووأدِ البناتِ، ومنعٍ وهات (¬1). 135 - وعن سُمَيٍّ -مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام- عن أبي صالح السمَّان، عن أبي هُريرة رضي الله عنه؛ أن فُقراء المهاجرين أتوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -. فقالُوا: قد ذهبَ أهلُ الدُّثور بالدرجَاتِ العُلى والنَّعِيم المُقيم. فقال: "وما ذاك؟ " قالوا: يُصَلُّون كما نُصلي، ويصُومون كما نصومُ. ويتصدَّقُون ولا نتصدّقُ. ويُعتقون ولا نُعتق. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أفلا أُعلِّمُكم شيئًا تُدركُون به مَن سبَقكم، وتسبقُون به مَن بعدَكم، ولا يكون أحدٌ أفضلَ منكم، إلا من صنعَ مَثلَ ما صنعتُم؟ " قالوا: بلى، يَا رسول الله! قال: "تُسبِّحُون وتُكبِّرونَ وتحمَدُون دُبرَ كلِّ صلاةٍ ثلاثًا وثلاثين مرة". قال أبو صالحٍ: فرجع فقراءُ المهاجرين إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالُوا (¬2): سمِعَ إخوانُنا أهلُ الأموالِ بما فعلْنا، ففعَلُوا مثلَه، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ذلكَ فضلُ الله يُؤتيه مَن يشاءُ". قال سُمَيٌّ: فحدثتُ بعض أهلي هذا الحديث. فقال: وَهِمْتَ، إنما قال لك: "تسبِّحُ الله ثلاثًا وثلاثينَ، وتحمدُ الله ثلاثًا وثلاثين، وتكبِّرُ الله ثلاثًا وثلاثين". ¬

_ (¬1) رواه البخاري (6473)، ومسلم (3/ 1341 رقم 593). (¬2) زاد في "ب": "يا رسول الله".

باب الجمع بين الصلاتين في السفر

فرجعتُ إلى أبي صالحٍ، فقلتُ له ذلك، فقال: الله أكبر وسُبحان الله والحمد لله، حتى تبلغَ من جميعهن ثلاثًا وثلاثين (¬1). 136 - عن عائشةَ رضي الله عنها؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى في خميصةٍ لها أعلامٌ. فنظرَ إلى أعلامِها نظرةً، فلما انصرفَ قال: "اذهبُوا بخمِيصتي هذه إلى أبي جَهْمٍ، وائتوني بأنْبجَانيهَ أبي جهمٍ؛ فإنها ألهتني آنفًا عن صَلاتي" (¬2). الخميصة: كساء مُرَبَّع له أعلام. والأنبجانية: كساء غليظ. باب الجمع بين الصلاتين في السفر 137 - عن عبد الله بنِ عباس رضي الله عنهما قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يجمعُ في السفرِ بين صلاةِ الظُّهرِ والعصرِ، إذا كان على ظهرِ سيرٍ، ويجمعُ بين المغربِ والعشاءِ (¬3). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (843)، ومسلم (595) والسياق لمسلم. (¬2) رواه البخاري (373)، ومسلم (556). (¬3) رواه البخاري (1107) تعليقًا، وليس الحديث عند مسلم بهذا اللفظ. ولذا قال ابن دقيق العيد في "الإحكام" (2/ 98): "هذا اللفظ في الحديث ليس في كتاب مسلم، وإنما هو في كتاب البخاري، وأما رواية ابن عباس في الجمع بين الصلاتين في الجملة من غير اعتبار لفظ بعينه فمتفق عليه".

باب قصر الصلاة في السفر

باب قصر الصلاة في السفر 138 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما قال: صحبتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فكانَ لا يزيدُ في السَّفرِ على ركعتين، وأبا بكرٍ وعمرَ وعثمانَ كذلك (¬1). باب الجمعة 139 - عن عبد الله بنِ عُمر رضي الله عنهما؛ أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ جاءَ مِنكُم الجُمعةَ فليغتسِلْ" (¬2). 140 - وعنه قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطبُ خُطبتين -وهو قائمٌ- يفصلُ بينهما بجلوسِ (¬3). 141 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: جاء رجلٌ ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1102) -والسياق له- ورواه مسلم (689) بأطول مما هنا. (¬2) رواه البخاري (894)، ومسلم (844) (2)، وانظر "الجمعة وفضلها" لأبي بكر المروزي (16) بتحقيقي. (¬3) الحديث بهذا اللفظ ليس في "الصحيحين" بل ولا في أحدهما، وإنما اللفظ الذي عندهما: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة قائمًا. ثم يجلس. ثم يقوم كما تفعلون اليوم. رواه البخاري (920) ومسلم -والسياق له- (861). وفي لفظ للبخاري (928): كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب خطبتين، يقعد بينهما. وأما اللفظ الذي ذكره المصنف فهو للنسائي (3/ 109). ثم رأيت الحافظ في "الفتح" قال: "غفل صاحب العمدة فعزا هذا اللفظ للصحيحين".

والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يخطبُ الناسَ يومَ الجمعةِ، فقال: "صليتَ يا فلانُ؟ " قال: لا. قال: "قُمْ فاركعْ ركعتين" (¬1). وفي روايةٍ "فصلِّ ركعتين" (¬2). 142 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قُلتَ لصاحِبكَ: أنصتْ -يومَ الجُمعةِ، والإمامُ يخطبُ- فقد لَغوتَ" (¬3). 143 - وعنه؛ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَن اغتسلَ يومَ الجُمعةِ (¬4)، ثم راحَ (¬5)، فكأنَّما قرَّب بدنةً. ومَن راحَ في الساعةِ الثانيةِ، فكأنما قَرَّبَ بقرةً، ومن راحَ في الساعةِ الثالثةِ، فكأنَّما قرَّبَ كبشًا أقرنَ، ومن راحَ في الساعةِ الرابعةِ، فكأنّما قرَبَ دَجاجةً. ومَن راحَ في الساعةِ الخامِسة فكأنّما قرَّب بيضةً، فإذا خرجَ الإمامُ حضرتِ الملائكةُ يستمعون الذِّكْر" (¬6). 144 - عن سلَمة بن الأكوع -وكان من أصحابِ الشجرةِ- قال: كنّا نُصلِّي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الجُمعةَ، ثم ننصرفُ، وليس ¬

_ (¬1) رواه البخاري (930)، ومسلم (875). (¬2) رواه البخاري (931)، ومسلم (875) (55). (¬3) رواه البخاري (934)، ومسلم (851). (¬4) زاد البخاري ومسلم: "غسل الجنابة". (¬5) كذا في "أ، ب" وهو الصواب، ووقع في النسخ المطبوعة من "العمدة" زيادة قوله: "في الساعة الأولى" وهي أيضًا ليست في "الصحيحين"، وإنما زادها أصحاب الموطأ عن مالك (1/ 101/ 1)، وانظر الفتح (2/ 366). (¬6) رواه البخاري (881)، ومسلم (850).

للحيطانِ ظلٌّ نستظلُّ به (¬1). - وفي لفظٍ: كنا نُجمِّعُ مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا زالتِ الشمسُ، ثم نرجعُ، فنتتبعُ الفيءَ (¬2). 145 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في صلاةِ الفجرِ يومَ الجُمعةِ {الم (1) تَنْزِيلُ} السجدة، و: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} (¬3). 146 - عن سهل بن سعدٍ الساعدي رضي الله عنهما؛ أن نفرًا (¬4) تمارَوْا في المِنبر من أيّ عودٍ هو؟ فقال سهلٌ بن سعد: من طَرْفاء الغابةِ، ولقد رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قامَ عليه، فكبَّر، وكبَّر الناسُ وراءَه، وهو على المِنبر. ثم رفِعَ، فنزلَ القَهْقَرى، حتى سجدَ في أصلِ المِنبر، ثم عادَ حتى فرغ من آخرِ صلاتِهِ، ثم أقبلَ على الناسِ، فقال: "أيها الناسُ! إنما صنعتُ هذا لتأتمُّوا بي، ولتعَلَّموا صَلاتي". - وفي لفظٍ: صلى عليها، ثم كبَّر عليها. ثم ركع وهو عليها. ثم نزل القَهْقَرى (¬5). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (4168)، ومسلم (860) (32). (¬2) رواه مسلم (860) (31). (¬3) رواه البخاري (891)، ومسلم (880). (¬4) زاد في "ب": "من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -" وهي زيادة غير صحيحة، والله أعلم. (¬5) رواه البخاري (917)، ومسلم (544).

باب العيدين

باب العيدين 147 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما قال: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمرُ يصلُّون العِيدين قبلَ الخُطبةِ (¬1). 148 - عن البراء بنِ عازبٍ رضي الله عنه قال: خطَبنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ الأضحى بعد الصَّلاةِ. فَقال: "مَنْ صلَّى صلاتَنا، ونسكَ نُسكنا، فقد أصابَ النُّسكَ. ومَن نسكَ قبل الصلاةِ فلا نُسكَ له". فقال أبو بُردة بن نِيار -خال البراء بن عازب- يا رسول الله! إني نسكتُ شاتي قبلَ الصَّلاةِ، وعرفتُ أن اليومَ يومُ أكلِ وشربٍ، وأحببتُ أن تكونَ شاتي أوّل ما يُذبحُ في بيتي، فذبحتُ شاتي، وتغدَّيتُ قبلَ أن آتي الصَّلاة. قال: "شاتُك شاةُ لحم". قال: يا رسولَ الله! فإنَّ عندنا عَناقًا، هي أحبُّ إليَّ من شَاتين، أفتَجزِي عني؟ قال: "نعم. ولن تَجْزِي عن أحدٍ بعدَك" (¬2). 149 - عن جُنْدُب بن عبد الله البَجَلي رضي الله عنه قال: صلَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - يومَ النحر، ثم خطبَ، ثم ذبحَ، وقال: "مَن ذبحَ قبلَ أن يُصلِّي، فليذبحْ أُخرى مكانَها. ومَن لم يذبحْ، فليذبحْ: باسمِ الله" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (963)، ومسلم (888). (¬2) رواه البخاري (955)، ومسلم (1961). (¬3) رواه البخاري (985)، ومسلم (1960).

150 - عن جابرٍ قال: شهدتُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يومَ العيدِ، فبدأَ بالصلاةِ قبلَ الخُطبةِ بلا أذانٍ ولا إقامةِ، ثم قامَ متوكئًا على بلالِ، فأمرَ بتقوى الله، وحثَّ على طاعتِه، ووعظَ الناسَ وذكَّرهم، ثم مضى حتَّى أتى النِّساءَ فوعظهنّ وذكَّرهنّ، وقال: "تصدَّقنَ فإنكُنّ أكثرُ حطب جَهنم" فقامتِ امرأةٌ من سِطَةِ النساء، سفعاءُ الخدّين. فقالت: لَمَ يَا رسول الله؟ فقال: "لأنكنّ تُكثِرْنَ الشَّكاةَ، وتَكفُرنَ العَشِيرَ"، قال: فجعلنَ يتصدَّقنَ من حُليِّهن، يُلْقِينَ في ثوبِ بلالٍ من أَقْرِطَتِهِنّ وخَواتِيمهِنّ (¬1). 151 - عن أم عطيّة -نُسَيبةَ الأنصارية- قالت: أَمَرَنا -تعني: النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -- أن نُخْرِج في العِيدين العواتقَ وذواتِ الخُدُورِ، وأمرَ الحُيَّض أن يعتزلن مُصلّى المسلمين (¬2). - وفي لفظٍ: كُنَّا نُؤمرُ: أن نخرُجَ يومَ العيدِ، حتى نُخْرِجَ البِكْرَ من خِدْرِها، وحتى نُخْرِج الحُيَّضَ (¬3)، فيُكَبِّرن بتكبيرهم، ويدعُون بدعائهم، يرجُون بركةَ ذلكَ اليومِ، وطُهرتَه (¬4). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (958)، ومسلم (885) (4) واللفظ لمسلم. (¬2) رواه البخاري (324)، ومسلم (890). (¬3) زاد البخاري ومسلم: "فيكن خلف الناس". (¬4) رواه البخاري (971)، ومسلم (890) (11) واللفظ للبخاري، وتحرف في "ب" إلى: "فيكبرن بتكبيرهن، ويدعون بدعائهن".

باب صلاة الكسوف

باب صلاة الكسوف 152 - عن عائشةَ رضي الله عنها؛ أن الشمسَ خسفتْ على عهدِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. فبعثَ مُناديًا يُنادي: الصَّلاةَ جامِعةً. فاجتمعُوا، وتقدَّم فكبّر، وصلى أربعَ ركَعاتٍ (¬1) في ركعتين وأربعَ سجداتٍ (¬2). 153 - عن أبي مسعود -عُقبة بن عمرو- الأنصاريّ البدريّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الشمسَ والقمرَ آيتان مِن آياتِ الله، يُخَوِّفُ الله بهما عبادَه، وإنَّهما لا ينكسِفَانِ لموتِ أحدٍ من الناسِ، فإذا رأيتُم منها شيئًا فصلُّوا وادعُوا، حتى ينكشِفَ ما بِكُم" (¬3). 154 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: خَسَفَتِ الشمسُ في (¬4) عهدِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فصلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالناسِ، فأطالَ القيامَ، ثم ركعَ، فأطالَ الرُّكوع، ثم قامَ فأطالَ القِيام -وهو دُون القيامِ الأوّل- ثم ركعَ، فأطالَ الرُّكوعَ -وهو دُون الرُّكوعِ الأوّلِ- ¬

_ (¬1) في "أ": "تكبيرات" وأشار الناسخ إلى نسخة: "ركعات" والمثبت من "ب" وهو الموافق لما في "الصحيحين". (¬2) رواه البخاري (1066)، ومسلم (901) (4). (¬3) رواه البخاري (1041)، ومسلم (911) واللفظ لمسلم. (¬4) في "ب": "على".

ثم سجدَ، فأطالَ السُّجودَ. ثم فعلَ في الركعةِ الأخرى مِثل ما فعلَ في الأُولى، ثم انصرف وقد تجلَّتِ الشمسُ، فخطبَ الناسَ. فحمِدَ الله وأثنى عليه، ثم قال: "إنّ الشمسَ والقمرَ آيتانِ من آياتِ الله. لا يَخسِفانِ لموتِ أحدٍ ولا لِحياته، فإذا رأيتُم ذلك فادعُوا الله، وكبِّروا، وصلُّوا، وتصدَّقُوا". ثم قال: "يَا أمة محمد! والله ما مِن أحدٍ أغيرُ من الله، مِن أن يزني عبدُه، أو تزني أَمَتُهُ. يا أمة محمدٍ! والله لو تعلَمُون ما أعلمُ لضَحِكتُم قليلًا. ولبكيتُم كثيرًا" (¬1). - وفي لفظٍ: فاستكملَ أربعَ ركعاتٍ وأربعَ سَجَدَاتٍ (¬2). 155 - عن أبي مُوسى قال: خسفتِ الشمسُ في زمان رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقامَ فزِعًا يخشى أن تكون الساعةُ. حتى أتى المسجدَ. فقام فصلَّى بأطولِ قيامِ ورُكوع وسُجودٍ، ما رأيتُه يفعلُه في صلاةٍ قطُّ، ثم قال: "إنّ هذه الآياتِ التي يُرسلُها الله لا تكونُ لموتِ أحدٍ ولا لِحياته. ولكنّ الله عز وجل يرسلُها يُخوِّف بها عبادَه. فإذا رأيتُم منها شيئًا، فافزَعُوا إلى ذكرِ الله، ودُعائه، واستغفَارِه" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1044)، ومسلم (901) (1). (¬2) رواه البخاري (1046)، ومسلم (901) (3). (¬3) رواه البخاري (1059)، ومسلم (912).

باب الاستسقاء

باب الاستسقاء 156 - عن عبد الله بن زيد بن عاصِم المازني رضي الله عنه قال: خرجَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يستسقي، فتوجّه إلى القِبلة يدعُو، وحوَّل رداءَه، ثم صلى ركعتين، جهرَ فيهما بالقراءةِ (¬1). وفي لفظٍ: إلى المصلى (¬2). 157 - عن أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه؛ أن رجلًا دخلَ المسجدَ يومَ جُمعةِ من بابٍ كان نحو دارِ القضاء، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قائمٌ يخطبُ. فاستقبلَ رسوَلَ الله - صلى الله عليه وسلم - قائمًا، ثم قال: يا رسول الله! هَلَكَتِ الأموالُ، وانقطعتِ السُّبُلُ. فادعُ الله يُغِثُنا. قال: فرفعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يديه، ثم قال: "اللهمّ أغِثْنا، اللهمّ أغِثْنا، اللهمّ أغِثْنا". قال أنسٌ: ولا والله، ما نرى في السَّماء من سَحابٍ ولا قزعَةٍ. وما بيننا وبين سَلْعٍ من بيتٍ ولا دارٍ. قال: فطلعَت من ورائه سَحابةٌ مثل التُّرسِ، فَلما توسطتِ السماءَ انتشرتْ، ثم أمطرتْ. قال: فلا والله، ما رأينا الشمسَ سبتًا. قال: ثم دخلَ رجلٌ من ذلك الباب في الجُمعةِ المُقبلة، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قائمٌ يخطبُ، فاستقبلَه قائمًا. فقال: يا رسول الله! ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1024)، ومسلم (894) واللفظ للبخاري. (¬2) رواه البخاري (1012)، ومسلم (894).

باب صلاة الخوف

هلكتِ الأموالُ، وانقطعتِ السُّبلُ. فادعُ الله يُمسِكُها عنَّا. قال: فرفعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يديه. ثم قال: "اللهمّ حَوَالينا ولا عَلينا، اللهمّ على الآكام، والظِّرَابِ، وبُطونِ الأوديةِ، ومَنَابِتِ الشجرِ" قال: فأقلعتْ. وخرجَنا نمشِي في الشَّمسِ. قال شريكٌ: فسألتُ أنس بنَ مالكٍ: أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري (¬1). الظِّراب: الجبالُ الصِّغار (¬2). باب صلاة الخوف 158 - عن عبد الله بن عُمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: صلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف في بعضِ أيَّامِه، فقامَتْ طائِفةٌ معه، وطائفةٌ بإزاء العدوِّ، فصلّى بالذين معه ركعةً، ثم ذهبُوا. وجاء الآخرون، فصلّى بهم ركعةً. وقضت الطائفتان ركعةً ركعة (¬3). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1014)، ومسلم (897). (¬2) جاء في المطبوع بعد ذلك قوله: و"الآكام: جمع أكمَة، وهي أعلى من الرابية، ودون الهَضْبةِ. ودار القضاء: دار عمر بن الخطاب رضي الله عنه سميت بذلك؛ لأنها بيعت في قضاء دينه". قلت: وليس ذلك في أي من النسختين "أ، ب". (¬3) رواه البخاري (942)، ومسلم (839) (306) والسياق لمسلم وزاد: قال ابن =

159 - عن يزيد بن رُومان، عن صالح بن خوَّات بن جُبير، عمّن صلى مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - صلاةَ ذاتِ الرِّقاع؛ صلاة الخوف، أن طائفةً صفّت معه، وطائفةٌ وِجاه العدوِّ. فصلى بالذين معه ركعةً. ثم ثبت قائمًا، وأتمُّوا لأنفُسِهم، ثم انصرفُوا فصفُّوا وجاهَ العدوِّ. وجاءتِ الطائفةُ الأخرى، فصلَّى بهم الركعةَ التي بقيت، ثم ثبتَ جالسًا، وأتمُّوا لأنفسِهم، ثم سلَّم بهم (¬1). الذي صلَّى مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - هو: سهل بن أبي حَثْمة (¬2). 160 - عن جابر بنِ عبد الله الأنصاري رضي الله عنه قال: شهدتُ مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - صلاةَ الخوفِ. فصفَفْنا صفّين (¬3) خلفَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - والعدُوُّ بيننا وبين القِبلة، فكبَّر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وكبّرنا جميعًا، ثم ركعَ وركعْنا جميعًا. ثم رفعَ رأسَه من الرُّكوعِ، ورفعنا جميعًا، ثم انحدرَ بالسُّجودِ والصفُّ الذي يليه. وقام الصفُّ المؤخَّرُ في نحرِ العدوِّ. فلما قضى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - السجودَ، وقام الصفُّ الذي يليه، انحدرَ الصفُّ المؤخَّرُ بالسجودِ وقامُوا، ثم تقدَّم الصفُّ المؤخّرُ وتأخّرَ الصفُّ المقدَّمُ، ثم ركعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وركَعْنا جَمِيعًا، ثم رفعَ رأسَه من الرُّكوع، ورفعنا جميعًا. ثم انحدرَ بالسجودِ والصفُّ الذي يليه -الذي كَان مؤخّرًا في الركعةِ الأولى- ¬

_ = عمر: "فإذا كان خوف أكثر من ذلك، فصل راكبًا، أو قائمًا. تومىء إيماءً". (¬1) رواه البخاري (4129)، ومسلم (842). (¬2) انظر لزامًا "فتح الباري" (7/ 422). (¬3) زاد مسلم: "صفٌّ".

وقام الصفُّ المؤخّرُ في نُحورِ العدوِّ، فلما قضى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - السجودَ والصفُّ الذي يليه، انحدر الصفُّ المؤخّرُ بالسجودِ، فسجَدُوا، ثم سلَّم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسلمنا جميعًا. قال جابر: كما يصنعُ حَرسُكم هؤلاء. بأُمرائهم. ذكره مسلم بتمامه (¬1). وذكر البُخاري طرفًا منه، وأنه صلَّى صلاةَ الخوفِ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغزوةِ السابعة؛ عُزوة ذات الرِّقاع (¬2). ¬

_ (¬1) رواه مسلم (840). (¬2) رواه البخاري (4125).

3 - كتاب الجنائز

3 - كتاب الجنائز 161 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: نعى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - النجاشيَّ في اليوم الذي ماتَ فيه، وخَرَجَ بهم إلى المُصلّى فصف بهم، وكبَّر أربعًا (¬1). 162 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه؛ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صلَّى على النجاشيِّ. فكُنت في الصفّ الثاني، أو الثالث (¬2). 163 - عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى على قبرٍ بعدما دُفن، فكبر عليه أربعًا (¬3). 164 - عن عائشةَ رضي الله عنها؛ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كُفِّنَ في ثلاثةِ أثوابٍ يَمانية بيضٍ (¬4)، ليس فيها قميصٌ ولا عمامةٌ (¬5). 165 - عن أمّ عطية الأنصارية قالت: دخلَ علينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، حِين تُوفيت ابنتُه زينبُ. فقال: "اغسِلْنَها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثرَ مِن ذلك -إن رأيتُنَّ ذلك- بماءٍ وسدْرٍ، واجعلن في الآخرةِ كافورًا -أو شيئًا من كافور- فإذا فرغتُنَّ فآذنَّني". فلما فرغنا آذناه، ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1245)، ومسلم (951). (¬2) رواه البخاري (1317)، وليس هو عند مسلم. (¬3) رواه مسلم (954)، وليس هو عند البخاري بهذا اللفظ. (¬4) زاد البخاري ومسلم: "سَحُوليةٍ من كرسف". (¬5) رواه البخاري (1264)، ومسلم (941).

فأعطانا حَقْوهُ. فقال: "أشعِرْنها به". يعني: إزاره (¬1). وفي رواية: "أو سبعًا" (¬2). وقال: "ابدأْنَ بميامِنها، ومواضِعِ الوُضوء" (¬3). وأن أمّ عطيةَ قالت: وجعلْنا رأسَها ثلاثةَ قُرون (¬4). 166 - عن عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما قال: بينما رجلٌ واقفٌ بعرفةَ، إذ وقعَ عن راحِلته فوقصتْهُ -أو قال: فأَوَقصتهُ- فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "اغسلُوه بماءٍ وسدرٍ، وكفِّنُوه في ثَوبين، ولا تُحنِّطُوه، ولا تُخمِّروا رأسَه؛ فإنَّه يُبعث يومَ القيامةِ ملبيًا" (¬5). وفي روايةٍ: "ولا تُخَمِّروا وجهَهُ، ولا رأسَه" (¬6). الوقص: كسر العنق. 167 - عن أمّ عطيةَ الأنصارية قالت: نُهِينَا عن اتّباعِ الجَنائزِ، ولم يُعْزَمْ علينا (¬7). 168 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أسرِعُوا بالجَنازةِ؛ فإن تكُ صالحةً فخيرٌ تقدِّمونَها إليه، وإن تكُ ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1253)، ومسلم (939) (36). (¬2) رواه البخاري (1259)، ومسلم (939) (39). (¬3) رواه البخاري (1255)، ومسلم (939) (42، 43)، وزادا: "منها". (¬4) رواه البخاري (1259)، ومسلم (939) (39). (¬5) رواه البخاري (1265)، ومسلم (1206). (¬6) رواه مسلم (1206) (98). (¬7) رواه البخاري (1278)، ومسلم (938) (35).

سوى ذلك فشرٌّ تضعُونه عن رِقَابِكم" (¬1). 169 - عن سمُرة بن جُندب رضي الله عنه قال: صلَّيتُ وراءَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على امرأةٍ ماتتْ في نفاسِها، فقامَ وَسْطَها (¬2). 170 - عن أبي مُوسى -عبد الله بن قيس- رضي الله عنه؛ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بَرِيءَ من الصَّالِقَةِ، والحَالِقَةِ، والشَّاقَّة (¬3). الصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة (¬4). 171 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: لما اشتكى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذكر (¬5) بعضُ نسائه كنيسةً رأينها بأرض الحبشة، يُقال لها: مارية -وكانت أمُّ سلَمة وأمُّ حَبيبة أتتا أرضَ الحبشة- فذكرتا مِن حُسنها وتَصاوير فيها، فرفعَ رأسَه فقال: "أولئك إذا ماتَ فيهم الرجلُ الصَّالحُ بَنَوْا على قبرِه مسجدًا، ثم صَوَّرُوا فيه تلك الصُّورَة، أولئك شرارُ الخلقِ عند الله" (¬6). 172 - وعنها قالتْ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -في مرضِه الذي ¬

_ (¬1) رواه البخاري -واللفظ له- (1315)، ومسلم (944). (¬2) رواه البخاري (332)، ومسلم (964)، والمرأة هي: "أم كعب" كما وقع عند مسلم. (¬3) رواه البخاري (1296)، ومسلم (104)، من طريق أبي بردة ابن أبي موسى قال: وجع أبو موسى وجعًا فغشي عليه، ورأسه في حجر امرأة من أهله، فصاحت امرأة من أهله، فلم يستطع أن يرد عليها شيئًا، فلما أفاق قال: أنا بريء مما برىء منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. . . الحديث. (¬4) والحالقة: التي تحلق رأسها عند المصيبة. والشاقة: التي تشق ثوبها. (¬5) وفي البخاري: "ذكرت". (¬6) رواه البخاري (1341) والسياق له، ومسلم (528).

لم يقُم منه-: "لَعَنَ الله اليهودَ والنَّصارى؛ اتخذُوا قُبورَ أنبيائهمِ مساجدَ"، قالت: ولولا ذلك لأُبرزَ قبرُه، غيرَ أنه خُشِي أن يُتَّخذَ مسجدًا (¬1). 173 - عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه، عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس مِنّا مَن ضربَ الخُدودَ، وشقَّ الجُيوبَ، ودعا بدعْوَى الجاهليّهَ" (¬2). 174 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن شَهِدَ الجنازةَ حتى يُصلَّى عليها، فله قِيراطٌ، ومن شِهِدَها حتى تُدفن، فله قيراطان"، قيل: وما القيراطان؟ قال: "مثلُ الجبلين العظِيمين" (¬3). ولمسلمٍ: "أصغرُهما مثلُ جبل أُحدٍ" (¬4). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1330)، ومسلم (529) والسياق لمسلم، وخشي بضم الخاء المعجمة وفتحها. (¬2) رواه البخاري (1294)، ومسلم (103). (¬3) رواه البخاري (1325)، ومسلم (945). وقوله: "يصلى" جاء بكسر اللام، وجاء بفتحها وهو الأكثر. (¬4) رواه مسلم (945) (53).

4 - كتاب الزكاة

4 - كتاب الزكاة 175 - عن عبد الله بنِ عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لمُعاذ بن جبلٍ، حين بعثَه إلى اليمن: "إنَّك ستأتي قومًا أهلَ كتاب، فإذا جئتَهم فادعُهم إلى أن يشهَدُوا أنْ لا إِله إلا الله، وأن محمدًا رسولُ الله، فإنْ هم أطاعُوا لك بذلك، فأخبِرْهم أن الله عز وجل قد فرضَ عليهم خمسَ صلواتٍ في كلِّ يوم وليلةٍ، فإن هُم أطاعُوا لك بذلكَ، فأخبرهم أنَّ الله قد فرضَ عليهمَ صدقةً تُؤخذُ مِن أغنيائهم، فتُردُّ على فُقرائهم، فإن هم أطاعُوا لك بذلك، فإيّاك وكرائمَ أموالِهم، واتّقِ دعوةَ المظلُومِ؛ فإنّه ليس بينها وبين الله حجابٌ" (¬1). 176 - عن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس فِيما دُون خمسِ أواقٍ صدقةٌ، ولا فيما دُون خمسِ ذَوْدٍ صدقةٌ، ولا فيما دون خمسةِ أوسُقٍ صدقةٌ" (¬2). 177 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليسَ على المُسلم في عبدِه ولا فَرَسِه صدقةٌ" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1496)، ومسلم (19). (¬2) رواه البخاري (1405)، ومسلم (979). (¬3) رواه البخاري (1464)، ومسلم (982).

- وفي لفظٍ: "إلا زكاة الفطر في الرَّقيقِ " (¬1). 178 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه؛ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "العَجْماءُ جُبارٌ، والبئرُ جُبارٌ، والمَعْدِنُ جُبارٌ، وفي الرِّكازِ الخمُسُ" (¬2). الجُبار: الهدرُ الذي لا شيء فيه. والعجماءُ: الدابة. 179 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: بعثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عمرَ رضي الله عنه على الصدقةِ، فقِيل: منعَ ابنُ جَميلٍ، وخالد بنُ الوليد، والعبّاسُ عمُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما يَنقِمُ ابنُ جميلٍ إلا أن كان فقيرًا، فأغناهُ الله. وأما خالدٌ: فإنَّكم تظلِمُون خالدًا، وقد احتبسَ أدراعَهُ وأعتادَهُ في سبيلِ الله، وأما العباسُ: فهي عليَّ ومثلُها؟ " ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عمر! أما شعرتَ أن عمّ الرجلِ صِنْوُ أَبيهِ؟ " (¬3). 180 - عن عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه قال: لما ¬

_ (¬1) قال ابن دقيق العيد في "الإحكام" (2/ 189): "هذه الزيادة. . . ليست متفقًا عليها، وإنما هي عند مسلم فيما أعلم، والله أعلم". قلت: هذا اللفظ الذي ذكره الحافظ عبد الغني ليس في "الصحيحين" وإنما هو عند أبي داود (1594) بسند ضعيف، ولكن روى مسلم (982) (10): "ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر". (¬2) رواه البخاري (1499)، ومسلم (1710). (¬3) رواه البخاري (1468)، ومسلم (983)، وانظر "بلوغ المرام" رقم (885 بتحقيقي).

باب صدقة الفطر

أفاءَ اللهُ على رسولهِ - صلى الله عليه وسلم - يومَ حُنين، قسَمَ في الناسِ؛ في المؤلَّفةِ قلوبُهم ولم يُعطِ الأنصارَ شيئًا، فكأنَّهم وجَدوا، إذ لم يُصبهم ما أصابَ الناسَ، فخطبَهم، فقال: "يَا معشرَ الأنصارِ! ألم أجدكُم ضُلاَّلاً فهدَاكم الله بي؟ وكُنتُم مُتفرّقين فألّفكم الله بي؟ وعالةً فأغناكُم الله بي؟ " -كلَّما قال شيئًا. قالوا: الله ورسولُه أمَنُّ. قال: "ما يمنعُكُم أن تُجِيبُوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ " قالوا: الله ورسولُهُ أمَنُّ- قال: "لو شِئْتُم لقُلتم: جئتنا كذا وكذا. ألا ترضَوْن أن يذهبَ الناسُ بالشاةِ والبَعيرِ، وتذهبُون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إلى رِحَالِكم؟ لولا الهجرةُ لكنتُ امرءًا من الأنصارِ، ولو سلكَ النَّاسُ واديًا وشعبًا لسلكتُ وادي الأنصارِ وشِعْبها. الأنصارُ شِعَارٌ، والناسُ دِثَارٌ. إنَّكم ستلقَوْن بعدِي أَثَرَةً، فاصبِرُوا حتى تلقَوْني على الحوضِ" (¬1). باب صدقة الفطر 181 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما قال: فَرَضَ النبي - صلى الله عليه وسلم - صَدَقَةَ الفِطْرِ -أو قال: رمضانَ- على الذكر والأنثى، والحُرِّ والمملوكِ: صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من شعيرٍ، قال: فعدلَ الناسُ به نصفَ صاعٍ من بُرٍّ على الصغيرِ والكبيرِ (¬2). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (4330)، ومسلم (1061). (¬2) رواه البخاري (1511)، ومسلم (984) (14) وقوله: "على الصغير والكبير" ليس في الرواية نفسها.

- وفي لفظٍ: أن تؤدّى قبل خُروجِ النَّاسِ إلى الصَّلاةِ (¬1). 182 - وعن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه قال: كنا نُعطِيها في زَمانِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - صاعًا من طعامٍ، أو صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من أقطٍ، أو صاعًا من زبيبٍ. فلما جاء معاويةُ وجاءت السَّمراءُ. قال: أُرى مُدًّا من هذا يعدِل مُدَّيْن (¬2). قال أبو سعيد: أما أنا فلا أزالُ أُخرجُه كما كنتُ أخرجُه (¬3). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1503). (¬2) رواه البخاري (1508)، ومسلم (985). (¬3) قول أبي سعيد رواه مسلم (985) (18) وزاد: "أبدًا ما عشت". وعنده في رواية: "أنكر ذلك أبو سعيد. وقال: لا أخرج فيها إلا الذى كنت أخرج في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".

5 - كتاب الصيام

5 - كتاب الصيام 183 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقدَّموا رمضانَ بصومِ يومٍ ولا يومَيْنِ، إلا رجلٌ كان يصومُ صومًا فليصُمْه" (¬1). 184 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا رَأيتُمُوه فصُومُوا، وإذا رأيتُمُوه فأفطِرُوا، فإن غُمَّ عليكم فاقدُرُوا له" (¬2). 185 - عن أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "تَسَحَّروا؛ فإن في السَّحُورِ بركةً" (¬3). 186 - عن أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه، عن زيد بن ثابتٍ رضي الله عنه قال: تسحَّرنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم قامَ إلى الصَّلاةِ. قال أنسٌ: قلتُ لزيدٍ: كم كان بين الأذانِ والسَّحُورِ؟ قال: قدرُ خمسينَ آيةً (¬4). 187 - عن عائشةَ وأمِّ سلمة رضي الله عنهما؛ أن رسولَ الله ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1914)، ومسلم (1082) واللفظ لمسلم، وللبخاري: "لا يتقدمن أحدكم رمضان. . . " وكان في "أ، ب": "إلا رجلًا" والصواب الرفع. (¬2) رواه البخاري (1900)، ومسلم (1080) (8). (¬3) رواه البخاري (1923)، ومسلم (1095). (¬4) رواه البخاري (1921)، ومسلم (1097).

- صلى الله عليه وسلم - كان يُدرِكُهُ الفجرُ وهو جُنُبٌ من أهلِه، ثم يغتسلُ ويصومُ (¬1). 188 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه، عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن نسِي -وهو صائمٌ- فأكلَ أو شرِبَ، فليُتمَّ صومَه؛ فإنما أطعمَه الله وسَقاهُ" (¬2). 189 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: بينما نحن جُلوسٌ عند النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، إذ جاءه رجلٌ. فقال: يا رسولَ الله! هلكتُ. قال: "مالك؟ " قال: وقعتُ على امرأتي في رمضانَ، وأنا صائمٌ -وفي روايةٍ: أصبتُ أهلِي في رمضانَ- فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل تجدُ رقبةً تُعتقها؟ " قال: لا. قال: "فهل تستطيعُ أن تصومَ شَهرين متتابعين؟ " قال: لا. قال: "فهل تجدُ إطعامَ ستينَ مِسكينًا؟ " قال: لا. قال: فمكثَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فبينَا نحنُ على ذلكَ أُتي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بعَرَقٍ فيه تمرٌ -والعَرَقُ: المِكْتَلُ- قالَ: "أين السائلُ؟ " قال: أنا: قال: "خُذ هذا، فتصدَّقْ به". فقال الرجل: على أفقرَ مني يا رسولَ الله؟ فوالله ما بَين لابتيها -يُريد: الحَرَّتين- أهلُ بيتِ أفقرُ من أهل بيتي. فضحِكَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حتى بدتْ أنيابُه. ثم قال: "أطعِمْهُ أهلَكَ" (¬3). الحَرَّة: أرضٌ تركبُها حجارةٌ سودٌ. ¬

_ (¬1) رواه البخاري (4/ 143/ فتح) -واللفظ له- ومسلم (1109). (¬2) رواه البخاري (1933)، ومسلم (1155). (¬3) رواه البخاري (1936)، ومسلم (1111).

باب الصوم في السفر وغيره

باب الصوم في السفر وغيره 190 - عن عائشةَ رضي الله عنها؛ أن حمزة بن عمرو الأسْلَمي رضي الله عنه قال للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أصومُ في السفر؟ -وكان كثير الصيام- قال: "إن شئتَ فصُم، وإن شئتَ فأفْطِرْ" (¬1). 191 - وعن أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: كنا نُسافر مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (¬2) فلم يعبِ الصائمُ على المُفطرِ، ولا المفطرُ على الصائمِ (¬3). 192 - عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في شهرِ رمضانَ، في حرٍّ شديدٍ، حتى إن كان أحدُنا ليضعُ يدَه على رأسِه من شدّة الحرِّ، وما فِينا صائمٌ إلا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وعبد الله بنُ رواحة (¬4). 193 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في سفرٍ، فرأى زحامًا ورجلًا قد ظُلِّلَ عليه. فقال: "ما هذا؟ " قالوا: صَائِمٌ. قال: "ليسَ من البرِّ الصومُ في السَّفرِ" (¬5). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1943)، ومسلم (1121). (¬2) زاد مسلم: "في رمضان". (¬3) رواه البخاري (1947)، ومسلم (1118). (¬4) رواه البخاري (1945)، ومسلم -والسياق. له- (1122). (¬5) رواه البخاري (1946) -واللفظ له- ومسلم (1115).

- ولمسلمٍ: "عليكُم برخصَةِ الله التي رخَّصَ لكُم" (¬1). 194 - وعن أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: كُنَّا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في السفرِ. فمنا الصائمُ. ومنا المفطرُ. قال: فنزلنا منزلاً في يومٍ حارٍّ، وأكثرنا ظلاً صاحبُ الكساءِ. فمنا من يتقي الشمسَ بيده. قال: فسقط الصُوَّامُ، وقام المفطِروُنِ فضربُوا الأبنيةَ، وسقوا الرِّكابَ. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ذهبَ المفطرونَ اليوم بالأجرِ" (¬2). 195 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: كان يكونُ عليَّ الصومُ من رمضانَ، فما أستطيعُ أن أقضِي إلا في شعبانَ (¬3). 196 - عن عائشةَ رضي الله عنها؛ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن ماتَ وعليه صِيامٌ، صامَ عنه وليُّه" (¬4). وأخرجه أبو داود. وقال: هذا في النذر، وهو قول أحمد بن حنبل رضي الله عنه (¬5). 197 - وفي عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! إن أُمّي ماتتْ وعليها صومُ شهرٍ أفأقضِيه عنها؟ فقال: "لو كانَ على أمِّكَ دينٌ، أكنتَ قاضيَهُ عنها؟ " قال: نعم. قال: "فدينُ الله أْحقُّ أن يُقضى" (¬6). ¬

_ (¬1) رواه مسلم (3/ 786) وعنده: "الذي" بدل: "التي". (¬2) رواه البخاري (2890)، ومسلم (1119) واللفظ لمسلم. (¬3) رواه البخاري (1950)، ومسلم (1146). (¬4) رواه البخاري (1952)، ومسلم (1147). (¬5) رواه أبو داود (2400)، وانظر: "الإلمام بأحكام وآداب الصيام" ص (68 - 69). (¬6) رواه البخاري (1953)، ومسلم (1148) (155).

- وفي روايةٍ: جاءت امرأةٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! إن أمي ماتتْ، وعليها صومُ نذرٍ، أفاصومُ عنها؟ فقال: "أرأيتِ لو كان على أُمِّك دينٌ فقضَيْتِيهِ، أكان يُؤدِّي ذلك عنها؟ " قالت: نعم. قال: "فصُومي عن أمِّك" (¬1). 198 - عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه؛ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يزالُ الناسُ بخيرِ ما عجَّلوا الفِطْرَ" (¬2). 199 - عن عُمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أقبلَ الليلُ من هَهُنَا، وأدبرَ النهارُ من ههُنا (¬3) فقد أفطرَ الصائمُ" (¬4). 200 - عن عبد الله بنِ عُمر رضي الله عنهما قال: نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوصالِ. قالوا: إنك تُواصل؟ قال: "إنِّي لستُ مِثلَكم، إني أُطْعَمُ وأُسْقَى" (¬5). - رواه أبو هُريرة، وعائشةُ، وأنس بنُ مالك. 201 - ولمسلمٍ: عن أبي سعيدِ الخُدري رضي الله عنه، "فأيُّكم أَرادَ أن يُواصلَ، فليُواصلْ إلى السَّحَرِ" (¬6). ¬

_ (¬1) رواه مسلم (1148) (156)، وانظر البخاري (4/ 193/ فتح). (¬2) رواه البخاري (1957)، ومسلم (1098). (¬3) زاد البخاري: "وغربت الشمس". (¬4) رواه البخاري (1954) واللفظ له، ومسلم (1100). (¬5) رواه البخاري (1962)، ومسلم (1102). (¬6) الحديث للبخاري (1963) -وليس لمسلم- وعنده: "حتى" بدل: "إلى".

باب أفضل الصيام وغيره

باب أفضل الصيام وغيره 202 - عن عبد الله بن عَمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: أُخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني أقولُ: والله لأصومنَّ النهارَ ولأقُومنّ الليلَ ما عِشتُ. فقلتُ له: قد قلتُه بأبيِ أنت وأمي. قال: "فإنَّك لا تستطيعُ ذلكَ. فصُمْ وأفطِرْ. وقُمْ ونَمْ. وصُمْ من الشهرِ ثلاثةَ أيَّامٍ؛ فإن الحسنةَ بعشرِ أمثالِها. وذلك مِثلُ صيام الدَّهرِ". قلتُ: إنيَ أُطيقُ أفضلَ من ذلك. قال: "فصُمْ يومًا وأفطرْ يومين"، قلتُ: إِني أُطِيقُ أفضلَ من ذلك. قال "فصُمْ يومًا وأفطرْ يومًا؛ فذلك صيامُ داود عليه السلامُ، وهو أفضلُ الصِّيام". فقلتُ: إني أُطيقُ أفضلَ مِن ذلكَ. فقال: "لا أفضلَ مِن ذلكَ" (¬1). - وفي روايةٍ قال: "لا صومَ فوقَ صومِ داود -شطر الدهر- صمْ يومًا وأفطرْ يومَا" (¬2). - وعنه قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ أحبَّ الصيامِ إلى الله صيامُ داودَ، وأحبَّ الصلاةِ إلى الله صلاةُ داودَ. كانَ ينامُ نصفَ الليلِ ويقومُ ثلثَه، وينامُ سدسَه. وكان يصومُ يومًا، ويفطر يومًا" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1976)، ومسلم (1159)، (181). وسقطت الجملة الأخيرة من "أ". (¬2) رواه البخاري (6277)، ومسلم (1159) (191)، وعندهما: "صيام يوم، وإفطار يوم". (¬3) رواه البخاري (1131)، ومسلم (1159) (189).

203 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خَليلي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث: صيام ثلاثةِ أيامٍ من كلّ شهرٍ، وركعتي الضُّحى، وأن أُوتر قبلَ أن أنَامَ (¬1). 204 - عن محمد بن عبَّاد بن جعفر رضي الله عنه قال: سألتُ جابرَ بن عبد الله رضي الله عنه: أنهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن صومِ يوم الجُمُعةِ؟ قال: نعم (¬2). وزاد مسلم: وربِّ الكعبة (¬3). 205 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يصُومنَّ أحدُكم يومَ الجمعةِ، إلا أن يصُومَ يومًا قبلَه أو يومًا بعدَه" (¬4). 206 - عن أبي عُبيدٍ مولى ابن أزهرَ -واسمه: سعد بن عبيد- قال: شهدتُ العيدَ مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1981)، ومسلم (721). (¬2) رواه البخاري (1984)، ومسلم (1143). (¬3) كذا قال الحافظ عبد الغني -رحمه الله- والذي في مسلم: "ورب هذا البيت"، وأما الرواية المذكورة هنا، فهي للنسائي في "الكبرى" (2/ 141). ولذلك قال الحافظ في "الفتح" (4/ 233). "وعزاها صاحب "العمدة" لمسلم فوهم". (¬4) رواه البخاري (1985)، ومسلم (1144) بنحوه. فرواية البخاري: "لا يصوم أحدكم يوم الجمعة إلا يومًا قبله أو بعده". وأما مسلم فروايته: "لا يصم أحدكم يوم الجمعة، إلا أن يصوم قبله، أو يصوم بعده". وعنده رواية أخرى لكنها بلفظ: ". . . لا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم".

باب ليلة القدر

فقال: هذانِ يومان، نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن صِيامِهما: يومُ فِطْركم من صِيامِكم، واليومُ الآخرُ: تأكلُون فيه من نُسكِكم (¬1). 207 - وعن أبي سعيدٍ الخُدري رضي الله عنه قال: نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن صومِ يومين: الفطرِ والنَّحْر. وعن الصَّمَّاء، وأن يحتبي الرجلُ في ثوب واحدٍ. وعن الصلاةِ بعد الصبحِ والعصر. أخرجه مسلم بتمامه (¬2). وأخرج البخاري الصوم فقط (¬3). 208 - عن أبي سعيدٍ الخُدري رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن صَام يومًا في سبيلِ الله بَعَّدَ الله وجهَهُ عن النارِ سبعينَ خريفًا" (¬4). باب ليلة القدر 209 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنه، أن رجالاً من أصحابِ النبي - صلى الله عليه وسلم - أُرُوا ليلةَ القدرِ في المنام، في السبع الأواخِر. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَرى رُؤياكم قد تواطأَت في السبعِ الأواخرِ، فمَن كان مُتحرِّيها، فليتحرَّها في السبعِ الأواخِر" (¬5). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1990)، ومسلم (1137). (¬2) بل أخرجه مسلم مختصرًا مقتصرًا على الصوم فقط (2/ 799 - 800). (¬3) بل لقد أخرجه البخاري بتمامه في غير موضع منها (4/ 239/ فتح). (¬4) رواه البخاري (2840)، ومسلم (1153) وعند مسلم: "باعد" بدل: "بعّد". (¬5) رواه البخاري (2015)، ومسلم (1165).

باب الاعتكاف

210 - وعن عائشةَ رضي الله عنها؛ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "تحرَّوا ليلةَ القدرِ في الوترِ من العشرِ الأواخرِ" (¬1). 211 - وعن أبي سعيدِ الخُدري رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكفُ في العشرِ الأوسَطِ من رمضانَ. فاعتكفَ عامًا حتى إذا كانتْ ليلةُ إحدى وعشرين -وهي الليلةُ التي يخرجُ من صَبيحتها من اعتكافِهِ- قال: "مَنْ اعتكفَ معي فليعتكفِ العشرَ الأوَاخِرَ. فقد أُريتُ هذه الليلةَ، ثم أُنْسيتُها، وقد رأيتُني أسجدُ في ماءٍ وطينٍ من صَبِيحتها. فالتمسُوها في العشرِ الأواخر. والتمسُوها في كلِّ وترٍ". فَمطرتِ السماءُ تلك الليلة، وكان المسجدُ على عريشٍ، فوكفَ المسجدُ، فأبصرتْ عيناي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى جبهتِه أثرُ الماءِ والطينِ من صُبح إحدى وعشرين (¬2). باب الاعتكاف 212 - عن عائشةَ رضي الله عنها؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكفُ العشرَ الأواخرَ من رمضانَ حتى توفَّاه الله عز وجل، ثم اعتكفَ ¬

_ (¬1) رواه البخاري (2017)، ومسلم (1169) وزادا: "من رمضان". وعند مسلم: "في العشر" دون لفظ: "الوتر" وفي رواية أخرى له: "التمسوا" بدل: "تحروا"، وهي أيضًا رواية للبخاري (2019)، وزاد البخاري في رواية له (2020) عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول:. . . الحديث. (¬2) رواه البخاري (2027) -والسياق له- ومسلم (1167).

أزواجُه بعده (¬1). - وفي لفظٍ: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكفُ في كلِّ رمضانَ، فإذا صلى الغداةَ جاء (¬2) مكانَه الذي اعتكفَ فيهِ (¬3). 213 - وعن عائشةَ رضي الله عنها؛ أنها كانت تُرَجِّل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهي حائضٌ، وهو مُعتكفٌ في المسجدِ، وهي في حُجرتها، يناولُها رأسَه (¬4). - وفي روايةٍ: وكان لا يدخلُ البيتَ إلا لحاجةِ الإنسانِ (¬5). - وفي روايةٍ: أنَّ عائشةَ قالت: إني كنتُ لأدخلُ البيتَ للحاجةِ -والمريضُ فيه- فما أسألُ عنه إلا وأنا مارَّةٌ (¬6). 214 - عن عُمر بنِ الخطَّاب رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسول الله! إني كنتُ نذرتُ في الجاهلية أن أعتكفَ ليلةً -وفي روايةٍ: يومًا- في المسجدِ الحرامِ؟ قال: "فأوفِ بنذرك" (¬7). ولم يذكر بعض الرواة: "يومًا" ولا: "ليلةً". 215 - عن صفية بنت حُيَيّ رضي الله عنها قالت: كان ¬

_ (¬1) رواه البخاري (2026)، ومسلم (1172) (5). (¬2) وللكشميهني وأبي ذر وأبي الوقت: "حَلَّ"، ولغيرهم: "دخل". (¬3) رواه البخاري (2045). (¬4) رواه البخاري (2046) واللفظ له، ومسلم (297) (9). (¬5) رواه البخاري (2029)، ومسلم (297) (6) وليس عند البخاري لفظ: "الإنسان" وزاد: "إذا كان معتكفًا" وهي أيضًا رواية لمسلم. (¬6) رواه مسلم (297) (7). (¬7) رواه البخاري (2032)، ومسلم (1656). وسيأتي رقم (367).

النبي - صلى الله عليه وسلم - معتكِفًا. فأتيتُه أزُورُهُ ليلًا فحدَّثتُه، ثم قمتُ لأنقلبَ، فقام معي ليقْلِبَني -وكان مسكنُها في دار أسامةَ بن زيدٍ- فمرّ رجُلان من الأنصارِ، فلما رأيا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أسرعا. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "على رِسْلِكُما؛ إنها صفيةُ بنتُ حُيَيّ"، فقالا: سبحان الله! يا رسولَ الله! فقال: "إن الشيطانَ يجرِي مِن ابن آدم (¬1) مجرى الدَّمِ، وإني خَشِيتُ أن يَقْذِفَ في قُلوبِكما شرًّا" (¬2). أو قال: "شيئًا" (¬3). - وفي روايةٍ: أنها جاءت تَزُوره في اعتكَافِهِ في المسجدِ في العشرِ الأواخر من رمضانَ، فتحدثتْ عنده ساعةً، ثم قامتْ تنقلبُ، فقام النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - معها يقلِبُها، حتى إذا بلغَت بابَ المسجدِ عند باب أمِّ سلَمة (¬4). ثم ذكره بمعناه. ¬

_ (¬1) في هذا الموطن في "الصحيحين": "من الإنسان". وإن كان في البخاري (2039) بلفظ: "ابن آدم". (¬2) في البخاري: "سوءًا". بدل: "شرًا". (¬3) رواه البخاري (3281)، ومسلم (2175) (24). (¬4) رواه البخاري (2035)، ومسلم (2175) (25).

6 - كتاب الحج

6 - كتاب الحج باب المواقيت 216 - عن عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما؛ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وَقَّتَ لأهلِ المدينةِ: ذا الْحُلَيْفَة. ولأهلِ الشَّام: الجُحْفَةَ. ولأهل نجدٍ: قَرْنَ المنازِلِ. ولأهل اليمن: يَلَمْلَمَ. "هُنَّ لَهُنّ، ولمن أتى عليهن من غَيرهنَّ، ممن أَرادَ الحجّ والعمرةَ، ومن كان دُون ذلك فمن حيثُ أنشأً، حتى أهلُ مكةَ من مكة" (¬1). 217 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُهِلُّ أهلُ المدينة: من ذي الحُليفة، وأهلُ الشام: من الجُحْفَةِ، وأهلُ نجدٍ: من قرنٍ". قال عبدُ الله: وبلغني أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ومُهَلُّ أهلُ اليمنِ: من يلملمَ" (¬2). باب ما يلبس المحرم من الثياب 218 - عن عبد الله بنِ عُمر رضي الله عنهما؛ أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله! ما يلبس المُحرِمُ من الثيابِ؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1524)، ومسلم (1181). (¬2) رواه البخاري (1525)، ومسلم (1182).

يلبسُ القُمُصَ، ولا العمائمَ، ولا السَّراويلاتِ، ولا البرانِسَ، ولا الخِفافَ، إلا أحدٌ لا يجدُ نعلَين فليلبَسْ الخُفّين، وليقطعْهُما أسفلَ من الكعبين، ولا يلبسْ من الثياب شيئًا مسَّه زعفرانٌ أو وَرْسٌ" (¬1). - وللبخاري: "ولا تنتقبُ المرأة (¬2) ولا تلبَسُ القُفَّازينِ" (¬3). 219 - عن عبد الله بنِ عباسٍ رضي الله عنهما قال: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يخطبُ بعرفاتٍ: "مَن لم يجدْ نعلين فليلبَسْ الخُفَّين، ومَن لم يجذ إزارًا فليلبسْ سراويلَ" (¬4) للمحرم (¬5). 220 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ أن تلبيةَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لبيَّكَ اللهمّ لبيكَ، لبيك لا شَرِيكَ لك لبيك إنّ الحمدَ والنَّعمةَ لك والمُلكَ، لا شرِيكَ لكَ". قال: وكان عبد الله بنُ عمر يزيدُ فيها: لبيك لبيك وسعديك، والخيرُ بيديك، والرغباءُ إليكَ والعملُ (¬6). 221 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَحِلُّ لامرأةٍ تؤمنُ بالله واليومِ الآخرِ، أن تُسافرَ مسيرةَ يومٍ ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1542)، ومسلم (1177). (¬2) زاد البخاري: "المحرمة". (¬3) رواه البخاري (1838). (¬4) رواه البخاري (1841)، ومسلم (1178). (¬5) وفي بعض روايات البخاري: "المحرم". ولمسلم: "يعني: المحرم". (¬6) رواه بهذا التمام مسلم (1184)، وهو للبخاري (1549) دون زيادة ابن عمر رضي الله عنه.

باب الفدية

وليلةٍ، إلا ومعها حُرْمةٌ" (¬1). - وفي لفظٍ للبخاري: "تُسافِرْ مسيرةَ يومٍ إلا مع ذِي محرمٍ" (¬2). باب الفدية 222 - عن عبد الله بن مَعْقل رضي الله عنه قال: جلستُ إلى كعبِ بن عُجْرةَ فسألتُه عن الفديةِ؟ فقال: نزلتْ فيَّ خاصَّةً، وهي لكمَ عامةً! حُمِلْتُ إلي رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، والقملُ يتناثرُ على وَجهي. فقال: "ما كنتُ أُرى الوجعَ بلغَ بك ما أَرى" أو: "ما كُنتُ أُرى الجَهْدَ بلغَ بك ما أَرى، أتجدُ شاةً؟ " فقلتُ: لا. قال: "فصُم ثلاثةَ أيامٍ، أو أَطْعِم ستةَ مساكِين، لكل مسكينٍ نصفُ صاعٍ" (¬3). - وفي روايةٍ: فأمرَه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أن يُطعِمَ فرَقًا بين ستةٍ، أو يُهدِي شاةً، أو يصومَ ثلاثةَ أيامٍ (¬4). باب حرمة مكة 223 - عن أبي شُريح؛ خُويلد بن عمرو الخُزاعي العَدَوي ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1088) واللفظ له، إلا أنه عنده: "وليس معها" بدل: "إلا ومعها"، ومسلم (1339). (¬2) قلت: هذا اللفظ ليس للبخاري، وإنما هو لمسلم (1339) (420)، وانظر كتابي "أوضح البيان في حكم سفر النسوان". (¬3) رواه البخاري (1816)، ومسلم (1201) (85). (¬4) هذا لفظ البخاري (1817)، ولمسلم نحوه.

رضي الله عنه؛ أنه قال لعمرو بن سعيد بن العاص -وهو يبعث البعوث إلى مكة-: ائذن لي أيُّها الأمير أن أُحدّثك قولاً قامَ به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الغدَ من يوم الفتحِ، فسمِعَتْه أذناي، ووعاهُ قلبي، وأبصرَتْه عيناي، حين تكلَّم به، أنه حَمِدَ الله، وأثنى عليه. ثم قال: "إنّ مكّةَ حرَّمها الله، ولم يُحرِّمْها الناسُ، فلا يَحِلُّ لامرىءٍ يؤمنُ بالله واليوم الآخر أن يَسْفِكَ بها دمًا، ولا يَعْضِدَ بها شجرةً، فإنْ أحدٌ ترخّص بقتالِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقولُوا: إن الله أذِنَ لرسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، ولم يأذنْ لكم، وإنَّما أذِنَ لي ساعةً من نهارٍ، وقد عادتْ حرمتُها اليومَ كحُرمتِها بالأمسِ، فليُبلَّغِ الشاهدُ الغائبَ". فقِيل لأبي شُريح: ما قال لك؟ قال: أنا أعلمُ بذلك منك يا أبا شريح. إن الحرمَ لا يُعِيذُ عاصيًا، ولا فارًّا بدمٍ، ولا فارًّا بخَرْبَةٍ (¬1). الخَرْبة: بالخاء المعجمة والراء المهملة. قيل: الجناية. وقيل: البلية. وقيل: التهمة، وأصلُها في سرقة الإبل، قال الشاعر: والخَارِبُ اللصُّ يُحبُّ الخَارِبا. 224 - عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -يومَ فَتْحِ مكة-: "لا هجرةَ، ولكن جِهادٌ ونيَّةٌ. وإذا اسْتُنْفِرتُمْ فانفِرُوا". وقال يوم فتح مكّة: "إنَّ هذا البلدَ حرَّمه الله يومَ خلقَ ¬

_ (¬1) رواه البخاري (104)، ومسلم (1354).

باب ما يجوز قتله

السمواتِ والأرضَ، فهو حرامٌ بحُرمةِ الله إلى يوم القيامةِ، وإنه لم يحِلَّ القتالُ فيه لأحدٍ قبلي، ولم يحلَّ لي إلا ساعةً من نهارٍ، فهو حرامٌ بحرمةِ الله إلى يومِ القيامةِ. لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، ولا يُنَفَّرُ صيدُه، ولا يَلتقِطُ لُقَطَتَه إلا مَن عرَّفها، ولا يُختلى خَلاه". فقال العباسُ: يا رسول الله! إلا الإذخرَ؛ فإنه لقَيْنِهم وبُيوتهم. فقال: "إلا الإِذْخِرَ" (¬1). القين: الحدَّاد. باب ما يجوز قتله 225 - عن عائشةَ رضي الله عنها؛ أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "خمسٌ من الدَّوابِ كلهُّنَّ فاسِقٌ، يُقتلنَ في الحرم: الغُرابُ، والحدأةُ، والعقربُ، والفأرةُ، والكلبُ العَقورُ" (¬2). - ولمسلمٍ: "يُقتلُ خمسٌ فواسقُ في الحلِّ والحرمِ" (¬3). الحدأة: بكسر الحاء، وفتح الدال. باب دخول مكة وغيره 226 - عن أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه؛ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دخلَ مكّةَ عامَ الفتحِ، وعلى رأسه المِغْفَرُ. فلما نزعه جاءَه رجلٌ. ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1834)، ومسلم (1353). (¬2) رواه البخاري (1829)، ومسلم (1198). (¬3) مسلم (1198) (67) بنحوه.

فقال: ابنُ خطلٍ مُتَعَلِّقٌ بأستارِ الكعبة. فقال: "اقْتُلُوه" (¬1). 227 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما؛ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دخلَ مكّة من كَدَاءٍ؛ من الثية العُليا التي بالبطحاءِ، وخرجَ من الثنيةِ السُّفلى (¬2). 228 - وعن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما قال: دخلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - البيتَ، وأسامةُ بنُ زيدٍ، وبلالٌ، وعثمان بنُ طلحة. فأغلقُوا عليهم البابَ، فلما فتحُوا كنتُ أوَّلَ من وَلَجَ، فلقيتُ بلالاً، فسأْلتُه: هل صلى فيه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم. بين العمُودين اليمانيين (¬3). 229 - عن عُمر رضي الله عنه؛ أنه جاءَ إلى الحجرِ الأسودِ فقبّله. وقال: إني لأعلمُ أنك حجرٌ، لا تضرُّ ولَا تنفعُ، ولولا أنّي رأيتُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُكَ ما قَبَّلتُك (¬4). 230 - عن عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قدم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه. فقال المشركُون: إنه يقدَمُ عليكم وفدٌ وَهَنَهُم حُمّى يثربَ، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرمُلُوا الأشواطَ الثلاثةَ، وأن يمشُوا ما بين الرُّكنين، ولم يمْنعَهُم أن يرمُلُوا الأشواطَ كلَّها ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1846)، ومسلم (1357). (¬2) رواه البخاري (1576)، ومسلم (1257). (¬3) رواه البخاري (1598)، ومسلم (1329) (393). (¬4) رواه البخاري (1597)، ومسلم (1270).

باب التمتع

إلا الإبقاءُ عليهم (¬1). 231 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما قال: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -حين يَقدَمُ مكةَ- إذا استلم الرُّكنَ الأسودَ، أولَ ما يطوفُ: يَخُبُّ ثلاثةَ أشواطٍ (¬2). 232 - عن عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما قال: طافَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في حجّةِ الوداعِ على بعيرٍ، يستلمُ الركنَ بمِحْجَنٍ (¬3). المحجن: عصا محنية الرأس. 233 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما قال: لم أرَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يستلِمُ من البيتِ إلا الرُّكنينِ اليَمانيين (¬4). باب التمتع 234 - عن أبي جَمرة -نصر بن عمران الضُّبَعي- قال: سألت ابنَ عباسٍ عن المُتعة؟ فأمَرَني بها، وسألتُه عن الهَدي؟ فقال: فيه جَزورٌ، أو بقرٌ، أو شاةٌ، أو شِرْكٌ في دمٍ. قال: وكأنّ ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1602) والسياق له، ومسلم (1266). (¬2) رواه البخاري (1603)، ومسلم (1261)، وعندهما: "أطواف" بدل: "أشواط" وزادا: "من السبع". و"يخب": أي يسرع في مشيه. (¬3) رواه البخاري (1607)، ومسلم (1272). (¬4) رواه البخاري (1609)، ومسلم (1267).

ناسًا (¬1) كرِهُوها. فنمتُ، فرأيتُ في المنام كأن إنسانًا يُنادي: حجٌ مبرورٌ، ومتعةٌ متقبَّلةٌ. فأتيتُ ابنَ عباسٍ فحدَّثتُه. فقال: الله أكبر، سُنَّة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - (¬2). 235 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما قال: تمتَّع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في حجّةِ الودَاع بالعُمرة إلى الحجِّ، وأَهدَى، فساقَ معه الهدي من ذي الحُليفة، وَبدأ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأهلَّ بالعُمرةِ، ثم أهلَّ بالحجِّ، فتمتعَ الناسُ مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بالعُمرةِ إلى الحجِّ، فكان مِن الناسِ مَن أهدى، فساقَ الهدي من ذي الحُليفة. ومنهُم مَن لم يُهْدِ، فلما قَدِمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، قال للناس: "مَن كان منكم أهدى فإنه لا يحلُّ من شيءٍ حَرُمَ منه حتى يقضِي حجَّه، ومَن لم يكُن أهدَى فليطُفْ بالبيتِ وبالصَّفا والمروةِ، وليقصِّرْ وليُحْلِلْ، ثم ليُهِلَّ بالحجِّ وليُهْدِ، فمن لم يجدْ هديًا، فليصُم ثلاثةَ أيامٍ في الحجِّ وسبعةً إذا رجَعَ إلى أهلِه". فطاف رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدِمَ مكةَ، واستلمَ الركنَ أولَ شيءٍ، ثم خَبَّ ثلاثةَ أطوافٍ من السبعِ، ومشَى أربعةً، وركعَ حين قضى طوافَه بالبيتِ عند المقامِ ركعتينَ، ثم سلَّم فانصرفَ، فأتى الصَّفا، فطافَ بالصفا والمروةِ سبعةَ أطوافٍ، ثم لم يَحْلِلْ من شيءٍ حَرُمَ منه حتى قضَى حجَّه، ونحر هديَهُ يومَ النحرِ، وأفاضَ فطافَ بالبيتِ، ثم حلَّ من كلِّ شيءٍ حَرُمَ منه، وفعلَ مثلَ ما فعلَ ¬

_ (¬1) وقع في "أ": "وكأن ناس". وفي "ب": "وكان ناس". (¬2) رواه البخاري (1688) والسياق له، ومسلم (1242).

رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مَنْ أهدى وساقَ (¬1) الهدي مِن الناسِ (¬2). 236 - عن حفصةَ -زوج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- أنها قالتْ: يا رسولَ الله! ما شأنُ الناس حلُّوا من العُمرةِ، ولم تحلَّ أنتَ من عُمرتِكَ؟ فقال: "إنِّي لبّدتُ رأسي، وقلّدتُ هديي، فلا أَحِلُّ حتى أنحرَ" (¬3). 237 - عن عِمْران بن حُصين رضي الله عنه قال: نزلتْ آيةُ المتعةِ في كتابِ الله، ففعلنَاها مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. ولم يَنْزلْ قرآنٌ يحرِّمُه، ولم يَنْهَ عنها حتى ماتَ. قال رجلٌ برأيه ما شاءَ (¬4). قال البخاري: يقال إنه عُمر (¬5). - ولمسلم: نزلت آية المتعة -يعني: مُتعة الحج- وأَمَرَنا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم لم تنزل آيةٌ تنسخُ آيةَ متعة الحجّ. ولم ينه عنها حتى ماتَ (¬6). - ولها بمعناه (¬7). ¬

_ (¬1) في "أ، ب": "فساق" والمثبت من "الصحيحين". (¬2) رواه البخاري (1691)، ومسلم (1227). (¬3) رواه البخاري (1566)، ومسلم (1229). (¬4) رواه البخاري (4518). (¬5) لم أجد هذا القول للبخاري، ولعل الحافظ عبد الغني رحمه الله تابع الحميدي في "الجمع بين الصحيحين" (1/ ق 78/ أ) إذ نسب ذلك إلى البخاري. فالله أعلم. ثم رأيت الحافظ في "الفتح" (3/ 422) قال: "لم أر هذا في شيء من الطرق التي اتصلت لنا من البخاري، لكن نقله الإسماعيلي عن البخاري كذلك، فهو عمدة الحميدي في ذلك". (¬6) رواه مسلم (1226) (172) وزاد: "قال رجل برأيه بعدُ ما شاء". (¬7) رواه البخاري (1571)، ومسلم (1226) (170) ولفظه -كما عند البخاري-: =

باب الهدي

باب الهدي 238 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: فتلتُ قلائد هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1) ثم أشعرَها وقلّدَها -أو قلَّدتُها- ثم بعثَ بها إلى البيتِ، وأقامَ بالمدينةِ. فما حَرُم عليه شيءٌ كان له حلًّا (¬2). 239 - وعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: أهدى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مرّةً غنمًا (¬3). 240 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه؛ أن نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يسوقُ بدنةً قال: "اركبْها". قال: إنها بدنةٌ؟ قال: "اركبها"، قال: فرأيتُه راكبَها، يُساير النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬4). - وفي لفظٍ: قال في الثانية، أو الثالثة: "اركبها ويلك، أو ويحك" (¬5). 241 - عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أمرَني النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن أقومَ على بُدْنِهِ، وأن أتصدَّقَ بلحمِها وجُلودها ¬

_ = "تمتعنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنزل القرآن، قال رجل برأيه ما شاء". (¬1) زاد مسلم: "بيدي" وهي رواية للبخاري أيضًا. (¬2) رواه البخاري (1699)، ومسلم (1321) (362). (¬3) رواه البخاري (1701)، ومسلم (1321) (367). (¬4) رواه البخاري (1706) وزاد: "والنعل في عنقها". (¬5) رواه البخاري (1689)، ومسلم (1322) وليس عندهما: "أو ويحك" وإنما الحديث بهذه اللفظة عند البخاري (2754) من حديث أنس رضي الله عنه.

باب الغسل للمحرم

وأجِلَّتِها، وأن لا أعطي الجزَّار منها شيئًا. وقال: "نحنُ نُعطِيه من عندِنا" (¬1). 242 - عن زياد بنِ جُبير قال: رأيتُ ابنَ عمر قد أتى على رجلٍ قد أناخَ بدنتَهُ فنحرَها (¬2). فقال: ابعثْها قِيامًا مقيَّدةً، سنةَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - (¬3). باب الغسل للمحرم 243 - عن عبد الله بن حُنين؛ أن عبد الله بنَ عبَّاسٍ رضي الله عنهما والمِسْورَ بن مَخْرَمةَ اختلفا بالأبواءِ. فقال ابنُ عباس: يغسِلُ المحرِمُ رأسَه. وقال المسورُ: لا يغسِلُ المُحرِمُ رأسَه. قال: فأرسَلني ابنُ عباس إلى أبي أيوب الأنصاريّ، فوجدتُه يغتسِلُ بين القَرْنين وهو يُسترُ بثوب، فسلّمتُ عليه. فقال: مَن هذا؟ قلتُ: أنا عبد الله بن حُنين، أرسلَني إليك ابنُ عباس يسألُك: كيف كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يغسِلُ رأسَه، وهو مُحِرمٌ؟ فوضعَ أبو أيُّوب يدَهُ على الثوب، فطأطأه حتى بدا لي رأسُه، ثم قال لإنسانٍ يصبُّ عليه الماءَ. اصبُبْ. فصبَّ على رأسِه، ثم حرَّك رأسَه بيديه، فأقبلَ ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1707)، ومسلم -واللفظ له- (1317). (¬2) كذا في "أ، ب"، وفي البخاري "ينحرها" وأما مسلم فلفظه: "وهو ينحر بدنته باركة". (¬3) رواه البخاري (1713)، ومسلم (1320).

باب فسخ الحج إلى العمرة

بهما وأدبرَ. ثم قال: هكذا رأيتُه - صلى الله عليه وسلم - يفعلُ (¬1). - وفي روايةٍ: فقال المِسْورُ لابن عباس: لا أُماريك أبدًا (¬2). القرنان: العمودان اللذان تُشد فيهما الخشبة التي تُعلق عليها البكرةُ (¬3). باب فسخ الحج إلى العمرة 244 - عن جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما قال: أهلَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه بالحجِّ. وليس مع أحدٍ منهم هديٌ، غيرَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وطلحةَ. وقدِمَ عليٌّ من اليمنِ، فقال: أهللتُ بما أهلَّ به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. فأمرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أصحابَه أن يجعلُوها عُمْرةً. فيطُوفُوا، ثم يُقصِّرُوا، ويحلُّوا، إلا مَنْ كان معه الهديُ. فقالوا: ننطلِقُ إلى منىً، وذكرُ أحدِنا يقطُرُ! فبلغَ ذلك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -. فقال: "لو استقبلتُ من أمرِي ما استدبرتُ ما أهديتُ، ولولا أنّ معي الهديَ لأحللتُ". وحاضتْ عائشةُ، فنسكتِ المناسكَ كلَّها، غيرَ أنّها لم تطُفْ بالبيتِ. فلما طهرتْ طافتْ بالبيتِ. قالتْ: يا رسولَ الله! تنطلِقونَ بحجةٍ وعُمرةٍ، وأنطلقُ بحجٍّ؟ فأمر عبدَ الرحمن بنَ أبي بكرٍ أن ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1840)، ومسلم (1205) (91). (¬2) هذه رواية مسلم (1205) (92). (¬3) جاء في "أ" بعد ذلك، وقبل الباب التالي قوله: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. رب سهل" وكتب في الهامش ما يلي: "آخر الجزء الأول من الأصل من خط المصنف".

يخرجَ معها إلى التنعيمِ، فاعتمرتْ بعد الحج (¬1). 245 - عن جابرٍ قال: قدِمنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ونحنُ نقولُ: لبيك بالحجِّ (¬2)، فأمرَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فجعلناها عُمرةً (¬3). 246 - عن عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قدِمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه صبيحةَ رابعةٍ، فأمرَهم أن يجعلُوها عُمرةً. فقالُوا: يا رسول الله! أيُّ الحلِّ؟ قال: "الحلُّ كلُّه" (¬4). 247 - عن عُروة بن الزبير رضي الله عنه قال: سُئل أسامةُ بنُ زيد -وأنا جالسٌ -: كيف كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يسيرُ (¬5) حين دفعَ (¬6)؟ فقال: كان يسيرُ العَنَقَ. فإذا وجدَ فجوةً نصَّ (¬7). العنقُ: انبساط السير. والنَّصُّ: فوق ذلك. 248 - عن عبد الله بن عَمرو رضي الله عنهما (¬8)؛ أنَّ ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1651) -واللفظ له- وهو لمسلم بمعناه. (¬2) هذا لفظ مسلم، وعند البخاري: "لبيك اللهم لبيك بالحج". (¬3) رواه البخاري (1570)، ومسلم (1216). (¬4) رواه البخاري (1085)، ومسلم (1240). (¬5) زاد البخاري: "في حجة الوداع". (¬6) في مسلم: "حين أفاض من عرفة". (¬7) رواه البخاري (1666)، ومسلم (1286) (283). (¬8) هو: عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنه، وهو هكذا على الصواب في "أ" وفي نسخة ابن الملقن، ووقع في "ب": "عبد الله بن عُمر". وقال ابن الملقن في "شرحه" (3/ 9/ أ): "ذكره الشيخ تقي الدين في شرحه من طريق عبد الله بن عُمر، وتبعه ابن العطار والفاكهي وغيرهما، وهو غلط، وصوابه عبد الله بن عمرو بن العاصي". قلت: ونبه على ذلك الحافظ أيضًا وأشار إلى اختلاف نسخ العمدة. انظر "الفتح" =

رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وقفَ في حجّةِ الوداع (¬1)، فجعلوا يسألونه. فقال رجل: لم أشعرْ فحلقتُ قبلَ أن أذبحَ؟ قال: "اذبحْ، ولا حرجَ"، وجاء آخرٌ فقال: لم أشعرْ فنحرتُ قبل أن أرمي؟ قال: "ارمِ، ولا حرجَ". فما سُئل يومئذٍ عن شيءٍ قُدَّم ولا أُخّر إلا قال:"افعلْ، ولا حرجَ" (¬2). 249 - عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي، أنّه حجّ مع ابن مسعودٍ، فرآه يرمي الجمرةَ الكبرى بسبع حصياتٍ، فجعلَ البيتَ عن يَساره، ومنىَ عن يمِينه. ثم قال: هذا مَقامُ الذي أُنزلتْ عليه سورةُ البقرةِ - صلى الله عليه وسلم - (¬3). 250 - عن عبد الله بنِ عُمر رضي الله عنهما، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اللهمّ ارحمْ المُحلِّقينَ". قالوا: يا رسولَ الله والمقصِّرين (¬4)؟ قال: "اللهُمّ ارحمْ المُحلِّقين". قالوا: يا رسول الله والمقصرين؟ قال: "والمُقصِّرِينَ" (¬5). 251 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: حججنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأفضْنا يومَ النَّحرِ. فحاضتْ صفيةُ، فأرادَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - منها ما ¬

_ = (3/ 569)، وانظر "الإحكام" لابن دقيق العيد (3/ 77). (¬1) كان هذا في منى عند الجمرة يوم النحر، كما في "الصحيحين". (¬2) رواه البخاري (83)، ومسلم (1036). (¬3) رواه البخاري (1749)، ومسلم (1296) (307). (¬4) كذا في "ب" وفي نسخة ابن الملقن، والذي في "أ" وهو أيضًا في "الصحيحين": "والمقصرين يا رسول الله؟ ". (¬5) رواه البخاري (1727)، ومسلم (1301) (317).

يُريدُ الرجلُ من أهلِه. فقلتُ: يا رسولَ الله إنها حائضٌ! قال: "أحابستُنا هي؟ " قالوا: يا رسولَ الله! أفاضتْ يومَ النحرِ. قال: "اخرُجُوا" (¬1). - في لفظٍ: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "عَقْرَى، حَلْقَى، أطافتْ (¬2) يومَ النحرِ؟ " قيل: نعم. قال: "فانفِرِي" (¬3). 252 - عن عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما قال: أُمر النَّاسُ أن يكونَ آخرُ عهدِهم بالبيتِ، إلا أنّه خُفِّف عن المرأةِ الحائضِ (¬4). 253 - عن عبد الله بنِ عُمر رضي الله عنهما قال: استأذنَ العباسُ بنُ عبد المطلب رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيتَ بمكةَ ليالي منى، من أجلِ سِقَايته، فأذِنَ له (¬5). 254 - وعنه قال: جمعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بين المغربِ والعِشَاءِ بجمعٍ، لكل واحدةٍ منهما بإقامةٍ، ولم يسبّح بينهما، ولا على إثرِ واحدةٍ منهما (¬6). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1733)، ومسلم (1211). (¬2) كذا في "أ" وهو الصواب، إذ هذا لفظ البخاري، ووقع في "ب" وفي نسخة ابن الملقن: "أفاضت". (¬3) رواه البخاري (1771) -واللفظ له- ومسلم (1211) (387). (¬4) رواه البخاري (1755)، ومسلم (1328) واللفظ لمسلم، إذ ليس عند البخاري لفظ: "المرأة". (¬5) رواه البخاري (1634)، ومسلم (1315). (¬6) رواه البخاري (1673).

باب المحرم يأكل من صيد الحلال

باب المحرم يأكل من صيد الحلال 255 - عن أبي قَتادة الأنصاريّ رضي الله عنه، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - خرجَ حاجًّا. فخرجُوا معه، فصرفَ طائفةَ منهم -فيهم أبو قَتادة- وقال: "خُذوا ساحِلَ البحرِ حتى نلتقي"، فأخذوا ساحل البحر. فلما انصرفُوا أحرَمُوا كلُّهم، إلا أبا قتادة لم يُحرِمْ، فبينما هُم يَسيرُونَ، إذ رأوا حُمُرَ وحشٍ، فحملَ أبو قتادة على الحُمُرِ، فعقرَ منها أتانًا، فنزلْنا، فأكلْنا من لحمِها. ثم قُلنا: أنأكلُ لحمَ صيدٍ، ونحن محرِمُون؟ فحملنا ما بقي من لحمِها، فأدركْنا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألناه عن ذلك؟ قال: "مِنكُم أحدٌ أمرَه أن يحملَ عليها، أو أشارَ إليها؟ " قالوا: لا. قال: "فكلُوا ما بقي من لحمِها" (¬1). - وفي روايةٍ فقال: "هل معكُم منه شيءٌ؟ " فقلت: نعم. فناولته العَضُدَ، فأكلَها (¬2). 256 - وعن الصَّعْب بن جَثَّامة الليثي، أنه أهدى إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِمارًا وحشيًّا، وهو بالأبواء -أو بوَدَّان- فردّه عليه. فلما رأى ما في وجهِه. قال: "إنَّا لم نردَّهُ عليك إلا أنا حُرُمٌ" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1824) -والسياق له- ومسلم (1196) (60). (¬2) رواه البخاري (2570). (¬3) رواه البخاري (1825)، ومسلم (1193) (50). و"الأبواء" و"ودان" مكانان.

وفي لفظٍ لمسلمٍ: رِجْلَ حمارٍ. وفي لفظٍ: شقَّ حمارٍ. وفي لفظٍ: عَجُزَ حمارٍ (¬1). قال المصنفُ (¬2): وجهُ هذا الحديث: أنَّه ظن أنه صِيدَ لأجلِه، والمحرمُ لا يأكل ما صِيد لأجلِهِ. ¬

_ (¬1) هذه الروايات الثلاث عند مسلم برقم (1193) (54). (¬2) قوله: "قال المصنف" ثابت في نسخة ابن الملقن فقط.

7 - كتاب البيوع

7 - كتاب البيوع 257 - عن عبد الله بنِ عُمر رضي الله عنهما، عن رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا تبايَعَ الرجُلانِ فكلُّ واحدٍ منهما بالخِيارِ، ما لم يتفرّقا وكانا جَمِيعًا، أو يُخيِّرَ (¬1) أحدُهما الآخرَ (¬2)، فتبايعا على ذلكَ، فقد وجبَ البيعُ" (¬3). 258 - عن حَكِيم بن حِزَامٍ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "البيّعان بالخيارِ ما لم يتفرّقا" -أو قال: "حتى يتفرّقا- فإن صَدَقا وبيّنا بُورِك لهما في بيَعِهما، وإن كَتَما وكذبا مُحِقتْ بركةُ بيعِهما" (¬4). باب ما نُهي عنه من البُيوع 259 - عن أبي سعيدٍ الخُدري رضي الله عنه؛ أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم - نهى عن المُنابذة. وهي: طرحُ الرجلِ ثوبَه بالبيعِ إلى الرجُلٍ ¬

_ (¬1) قال الحافظ في "الفتح" (4/ 333): "قوله: (أو يخير) بإسكان الراء عطفًا على قوله: (ما لم يتفرقا) ويحتمل نصب الراء على أن (أو) بمعنى (إلا أن) أ. هـ. (¬2) زاد مسلم: "فإن خير أحدهما الآخر". (¬3) رواه البخاري (2112)، ومسلم (1531) (44) وزادا: "وإن تفرقا بعد أن تبايعا، ولم يترك واحد منهما البيع، فقد وجب البيع". (¬4) رواه البخاري (2079)، ومسلم (1532).

قبلَ يُقلِّبَه أو ينظرَ إليه (¬1). ونهى عن المُلامسةِ. والملامسةُ: لمسُ الثوبِ لا ينظرُ إليه (¬2). 260 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه؛ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تَلَقَّوا الرُّكبانَ، ولا يبعْ بعضُكم على بيعِ بعضٍ، ولا تناجَشُوا، ولا يبعْ حاضرٌ لبادٍ، ولا تُصَرُّوا الغنمَ. ومَن ابتاعَها فهو بخيرِ النَّظَرَين، بعد أن يحلُبَها، إن رَضِيها أمسكَها، وإن سَخِطها ردَّها وصاعًا من تمرٍ" (¬3). - وفي لفظٍ: "وهو بالخيار ثلاثًا" (¬4). 261 - عن عبد الله بنِ عُمر رضي الله عنهما، أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيعِ حبل الحَبَلة -وكان بيعًا يتبايعُهُ أهلُ الجاهليةِ- كان الرجل يبتاعُ الجَزورَ إلى أن تُنتَجَ الناقةُ، ثم تُنتَجَ التي في بطنِها (¬5). قيل: إنه كان يبيعُ الشارِف -وهي: الكبيرةُ المسنةُ- بنتاجِ الجنين الذي في بطنِ ناقته. 262 - وعنه، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيعِ الثمرةِ حتى ¬

_ (¬1) وقع في نسخة ابن الملقن: "قبل أن ينظر إليه أو يقلبه" والمثبت من "أ، ب" وهو كذلك في صحيح البخاري. (¬2) رواه البخاري (2144) -واللفظ له- ومسلم (1512). (¬3) رواه البخاري (2150)، ومسلم (1515) (11). (¬4) رواه البخاري (2148). ورواه مسلم (1524) بلفظ: "ثلاثة أيام". (¬5) رواه البخاري (2143)، ومسلم (1514).

يبدوُ صلاحُها، نهى البائعَ والمشترِي (¬1) (¬2). 263 - عن أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: نهى عن بيع الثِّمارِ حتى تُزهِي. قيل: وما تُزهِيَ؟ قال "حتى تحمرَّ". قال: "أرأيتَ إذا منعَ الله الثمرةَ، بم يستحلُّ أحدُكم مالَ أخيه؟ " (¬3). 264 - عن عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما قال: نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن تُتلقّى الرُّكْبانُ، وأن يَبِيعَ حاضِر لبادٍ. قال: فقلتُ لابن عباسٍ: ما قولُه: حاضرٌ لبادٍ؟ قال: لا يكونُ له سمسارًا (¬4). 265 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما قال: نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن المُزابَنةِ (¬5)، أن يبيعَ ثمرَ حائطه إن كان نخلًا بتمر ¬

_ (¬1) كذا بالأصول الثلاثة "والمشتري" وهو الذي في نسخة الحافظ ابن حجر من "الصحيح" كما في "الفتح" (4/ 396). ولكن الذي في "الصحيحين": "والمبتاع" وهما بمعنى، ولم أجد اللفظ الذي ذكره المصنف في أي رواية من روايات البخاري على شدة عنايتي بالصحيح وتتبع رواياته منذ أمدٍ بعيدٍ. والله أعلم. وهذه الرواية لأبي داود (3367) وغيره. وهي عند مسلم أيضًا من حديث ابن عُمر (1535) ولكن لفظ الحديث غير اللفظ المذكور هنا. (¬2) رواه البخاري (2194)، ومسلم (1534). (¬3) رواه البخاري (2198)، ومسلم (1555) وعند البخاري: "يأخذ" بدل: "يستحل". (¬4) رواه البخاري (2274)، ومسلم -والسياق له- (1521). (¬5) زاد في "ب": "والمزابنة" وهي رواية لمسلم.

كيلًا، وإن كان كرمًا أن يبيعَه بزبيبٍ كيلًا، أو (¬1) كان زرعًا أن يبيعَه بكيلِ طعامٍ. نهى عن ذلك كلِّه (¬2). 266 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: نهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن المُخَابرَةِ، والمُحاقَلةِ، وعن المُزَابنةِ، وعن بيعِ الثمرةِ حتى يبدُو صلاحُها، وأن لا تُباع إلا بالدِّينار والدِّرهمِ، إلا العَرَايا (¬3). المُحاقلةُ: بيعُ الحنطةِ في سُنبلها بصافيةٍ (¬4). 267 - عن أبي مَسعود الأنصاريّ رضي الله عنه، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمنِ الكَلبِ، ومهرِ البَغيّ، وحُلْوان الكاهنِ (¬5). 268 - عن رافع بن خَدِيج رضي الله عنه، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثمنُ الكلبِ خبيثٌ، ومهرُ البَغيّ خبيثٌ. وكسبُ الحجّام خَبِيثٌ" (¬6). ¬

_ (¬1) كذا في الأصول الثلاثة وهي رواية قتيبة بن سعيد كما قال مسلم: "وفي رواية قتيبة: أو كان زرعًا". قلت: وباقي روايات "الصحيحين": "وإن كان زرعًا". (¬2) رواه البخاري (2205)، ومسلم (1542) (76). (¬3) رواه البخاري (2381)، ومسلم (1536) (81). (¬4) كذا في نسخة ابن الملقن، وفي "أ، ب": "بحنطة" بدل: "بصافية". قلت: أي: بحنطةٍ صافية من غير تبنٍ. (¬5) رواه البخاري (2237)، ومسلم (1567). (¬6) هذا الحديث من أفراد مسلم (1568).

باب العرايا وغير ذلك

باب العرايا وغير ذلك 269 - عن زيد بن ثابتٍ رضي الله عنه؛ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رخّص لصاحبِ العَرِيّة؛ أن يبيعها بخَرْصِها (¬1). - ولمسلمٍ: بخرصِها تمرًا، يأكلُونها رُطَبًا (¬2). 270 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه، أن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - رخّصَ في بيعِ العرايا (¬3) في خمسةِ أوسُقٍ، أو دُون خمسةِ أوسقٍ (¬4). 271 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما، أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ باعَ نخلاً قد أُبِّرتْ، فثمرتُها للبائعِ، إلا أن يشترِطَ المُبتاع" (¬5). - ولمُسلمٍ: "مَن ابتاعَ عبدًا فمالُه للذي باعَه، إلا أن يشترطَ المُبتاع" (¬6). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (2188)، ومسلم (1539) (60) وزاد مسلم: "من التمر". (¬2) رواه مسلم (1539) (61). (¬3) زاد مسلم: "بخرصها"، وللبخاري (2382): "بخرصها من التمر". (¬4) رواه البخاري (2190)، ومسلم (1541). (¬5) رواه البخاري (2204)، ومسلم (1543) (77). (¬6) وهذا ليس من أفراد مسلم، وإنما هو من أوهام الحافظ عبد الغني رحمه الله؛ إذ رواه البخاري (2379)، ومسلم (1543) (80)، وقال الحافظ في "الفتح" (5/ 51) "هكذا ثبتت قصة العبد في هذا الحديث في جميع نسخ البخاري، وصنيع صاحب العمدة يقتضي أنها من أفراد مسلم،. . . وكأنه لما نظر كتاب =

272 - وعنه؛ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن ابتاعَ طَعامًا، فلا يبعْهُ حتَّى يستوْفِيهُ" (¬1). - وفي لفظٍ: "حتى يقبضَهُ" (¬2). - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنه. مثلُه (¬3). 273 - عن جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما؛ أنه سَمِعَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول (¬4) عام الفتح: "إنّ الله ورسولَه حرّمَ بيعَ الخمرِ، والميتةِ، والخِنْزيرِ، والأصنامِ". فقيل: يا رسولَ الله! أرأيت شُحومَ الميتةِ؟ فإنّه يُطلى بها السُّفنُ، ويُدهنُ بها الجلودُ، ويَستصبِحُ بها الناسُ؟ فقال: "لا. هو حَرامٌ". ثم قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، عند ذلك: "قاتلَ الله اليهودَ، إن الله تعالى لما حرَّم (¬5) شُحومَها جَمَلُوه، ثم باعُوه، فأكلوا ثمنَه" (¬6). جملوه: أذابوه. ¬

_ = البيوع من البخاري فلم يجده فيه توهم أنها من أفراد مسلم". قلت: واعتذر ابن العطار عن المصنف بما لا طائل تحته، ولذلك رد عليه ابن الملقن -بل بالغ في الرد كما قال ابن حجر- فقال (3/ 25/ ب): "وهو اعتذار عجيب ووهم فاحش". (¬1) رواه البخاري (2126)، ومسلم (1526). (¬2) رواه البخاري (2133)، ومسلم (1526) (36). (¬3) رواه البخاري (2132)، ومسلم (1525). (¬4) زاد البخاري ومسلم: "وهو بمكة". (¬5) زاد مسلم: "عليهم". (¬6) رواه البخاري (2236)، ومسلم (1581).

باب السلم

باب السَّلَم 274 - عن عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قدِمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ، وهم يُسلِفُون في الثمارِ: السنتين والثلاثَ (¬1). فقال: "مَنْ أسلفَ في شيءٍ، فليُسلِفْ في كيلٍ معلومٍ، ووزنٍ معلومٍ، إلى أجلٍ معلومٍ" (¬2). باب الشروط في البيع 275 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: جاءتني بريرةُ. فقالت: كاتبتُ أهلي على تسع أواقٍ، في كلِّ عام أُوقيةٌ، فأَعِينيني. فقلتُ: إن أحبَّ أهلُكِ أن أعُدَّها لهم، ويكون ولاؤُك لي فعلتُ. فذهبتْ بريرةُ إلى أهلِها. فقالتْ لهم؟ فأبَوْا عليها. فجاءتْ مِن عندهم -ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جالسٌ- فقالت: إنِّي عرضتُ ذلك عليهم، فأبَوْا إلا أن يكون لهم الولاءُ. فأخبرتْ عائشةُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -. فقال: "خُذِيها، واشترِطي لهم الولاءَ، فإنما الولاءُ لمن أعتقَ". ففعلتْ عائشةُ. ثم قامَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في الناسِ، فحمِدَ الله وأثنى عليه. ثم قال: "أمّا بعدُ. ما بالُ رجالٍ يشترِطُون شُروطًا ¬

_ (¬1) وعند مسلم: "السنة والسنتين" وللبخاري في رواية: "العام والعامين -أو قال-: عامين أو ثلاثة". (¬2) رواه البخاري (2240)، ومسلم (1604).

باب الربا والصرف

ليستْ في كتابِ الله؟ ما كانَ من شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطِلٌ. وإن كانَ مائةَ شرطٍ. قضاءُ الله أحقٌّ، وشرطُ الله أوثقُ، وإنّما الولاءُ لمن أعتقَ" (¬1). 276 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنه كان يسيرُ على جملٍ فأعيى، فأرادَ أن يُسيِّبه، فلحقَنِي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فدعا لي، وضربَه فسارَ سيرًا لم يسرْ مثلَه. قال: "بعنيه بوقيةٍ". قلت: لا. ثم قال: "بعْنِيه". فبعتُه بأُوقيةٍ، واستثنيتُ حُملانَه إلى أهلي. فلما بلغتُ أتيتُهَ بالجمل، فنقدَني ثمنَه ثم رجعتُ، فأَرسلَ في أثرِي. فقال: "أتُراني ماكستُكَ لآخُذَ جَمَلك؟ خُذ جمَلك -ودراهِمَك- فهو لك" (¬2). 277 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أن يبيعَ حاضِرٌ لبادٍ، ولا تناجَشُوا، ولا يَبيعُ الرجلُ على بيعِ أخِيه، ولا يخطُبُ على خِطبة أخيه، ولا تسألُ المرأةُ طلاقَ أختِها لتكْفَأَ ما في إنائها (¬3). باب الربا والصرف 278 - عن عُمر بن الخطَّاب رضي الله عنه قال: قال رسولُ ¬

_ (¬1) رواه البخاري -والسياق له- (2168)، ومسلم (1504). (¬2) رواه البخاري (2718)، ومسلم (715) (109) (ج 3/ ص 1221)، واللفظ لمسلم. (¬3) رواه البخاري (2140)، ومسلم (1413).

الله - صلى الله عليه وسلم -: "الذهبُ بالورقِ ربًا إلا هاءَ وهاءَ، والبُرُّ بالبرِّ ربًا إلا هاءَ وهاءَ، والشَّعِيرُ بالشعيرِ ربًا إلا هاءَ وهاءَ" (¬1). 279 - عن أبي سعيدٍ الخُدري رضي الله عنه، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تَبِيعوا الذهبَ بالذهب، إلا مثلًا بمثلٍ، ولا تُشِفُّوا بعضَها على بعضٍ، ولا تبِيعُوا الورِقَ بالورِقِ إلا مثلاً بمثلٍ، ولا تُشِفُّوا بعضَها على بعضٍ، ولا تبيعُوا منها غائبًا بناجزٍ" (¬2). - وفي لفظٍ: "إلا يدًا بيدٍ" (¬3). - وفي لفظٍ: "إلا وزنًا بوزنٍ، مثلًا بمثلٍ، سواءً بسواءٍ" (¬4). 280 - وعنه قال: جاء بلالٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بتمرٍ بَرْنِيٍّ. فقال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مِن أين هذا؟ "، قال بلالٌ: كان عندنا تمرٌ رديءٌ، فبعتُ منه صاعين بصاع، ليَطْعمَ (¬5) النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -! فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك "أوَّهْ (¬6)، عينُ الرِّبَا. عينُ الرِّبا، لا تفعلْ، ولكن إذا أردتَ أن تشترِي: فبع التمرَ ببيعٍ آخر، ثم اشترِ بِهِ" (¬7). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (2134)، ومسلم (1586)، وزادا: "والتمر بالتمر ربًا إلا هاءَ وهاءَ". وللحديث روايات أخرى عند البخاري. (¬2) رواه البخاري (2177)، ومسلم (1584) (75). (¬3) رواه مسلم (1584) (76). (¬4) رواه مسلم (1584) (77). (¬5) كذا بالأصول الثلاثة، وهي كذلك للبخاري، وفي رواية أبي ذر: "لنُطعِمَ"، وعند مسلم: "لِمَطْعَمِ". (¬6) كذا بالأصول الثلاثة وهي رواية مسلم، وفي البخاري بالتكرار مرتين، كما أنه لم يكرر في مسلم قوله: "عين الربا". (¬7) رواه البخاري (2312)، ومسلم (1594).

باب الرهن وغيره

281 - عن أبي المِنهال قال: سألتُ البراء بن عازبٍ، وزيدَ بنِ أرقمَ عن الصَّرْفِ؟ فكل واحدٍ منهما يقول: هذا خيرٌ مني. وكلاهما يقولُ: نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيعِ الذَّهبِ بالوَرقِ دينًا (¬1). 282 - عن أبي بَكَرَةَ قال: نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الفِضّةِ بالفِضّةِ، والذهبِ بالذَّهبِ إلا سواءً بسواءٍ. وأمرَنا أن نشترِي الفِضّةَ بالذهبِ كيف شئنا، ونشتري الذهبَ بالفضةِ كيف شِئنا. قال: فسأله رجلٌ فقال: يدًا بيدٍ؟ فقال: هكذا سمعتُ (¬2). باب الرهن وغيره 283 - عن عائشةَ رضي الله عنها، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - اشترى من يهوديٍّ طَعامًا، ورهنَه دِرعًا من حديدٍ (¬3). 284 - وعن أبي هُريرة رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَطْلُ الغنيِّ ظلمٌ، فإذا أُتبعَ أحدُكم على مليءٍ فَليتْبَعْ" (¬4). 285 - وعنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -أو قال: سمعتُ ¬

_ (¬1) رواه البخاري (2180، 2181)، ومسلم (1589) (87). (¬2) رواه البخاري (2182)، ومسلم -واللفظ له- (1590). (¬3) رواه البخاري (2068)، ومسلم (1603) (125). (¬4) رواه البخاري (2287)، ومسلم (1564).

النبي (¬1) - صلى الله عليه وسلم - يقول-: "مَنْ أدركَ ماله بعينِهِ عند رجُلٍ -أو إنسانٍ- قد أفلسَ، فهو أحقُّ به مِن غَيرِه" (¬2). 286 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: جعلَ -وفي لفظٍ: قضى- النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالشُّفْعةِ في كل ما (¬3) لم يُقْسَمْ، فإذا وقعت الحدودُ، وصُرِّفتِ الطرقُ، فلا شُفعةَ (¬4). 287 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أصابَ عمرُ أرضًا بخيبرَ. فأتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يستأمِرُه فيها. فقال: يا رسول الله! إني أصبتُ أرضًا بخيبرَ، لم أُصِبْ مالاً قط هو أنفسُ عندي منه، فما تأمُرُني به؟ قال: "إن شئتَ حَبَسْتَ أصلَها، وتصدَّقتَ بها" قال: فتصدَّق بها عمرُ، غيرَ أنه لا يُباع أصلُها، ولا يُورَثُ، ولا يُوهبُ. قال: فتصدقَ عمرُ في الفقراء، وفي القُربى، وفي ¬

_ (¬1) كذا في الأصول الثلاثة، والذي في "الصحيحين": "رسول الله". (¬2) رواه البخاري (2402)، ومسلم (1559). (¬3) كذا في "ب" وفي نسخة ابن الملقن، "كل ما" وهي في البخاري، وفي "أ" وهي للبخاري أيضًا: "كل مَالٍ"، وانظر "الفتح" (4/ 408). (¬4) رواه البخاري (2213) واللفظ له، ومسلم -بلفظ آخر- (1608). قلت: وكما أن لفظ مسلم يخالف لفظ البخاري، أيضًا طريق الحديث عند مسلم غير طريقه عند البخاري، فهو عند البخاري من طريق أبي سلمة عن جابر، وعند مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر، ولذلك قال ابن الملقن في "الإعلام" (3/ 66/ أ): "واعلم أن ابن الجوزي لما أخرج الحديث في "تحقيقه" من طريق أبي سلمة عن جابر. قال: انفرد بإخراجه البخاري. ولما أخرجه من طريق أبي الزبير عن جابر قال: انفرد به مسلم، وهذا هو التحقيق في العزو، وكأن المصنف أراد أن أصله في "الصحيحين" من حديث جابر وإن اختلفت الطريق إليه، فيتنبه لذلك".

الرَّقاب، وفي سبيلِ الله، وابنِ السبيلِ، والضَّيفِ. لا جُناح على مَن وَلِيها، أن يأكلَ منها بالمعروفِ، أو يُطعِمَ صديقًا، غير متموِّلٍ فيه. وفي لفظٍ: غير متأثِّلٍ (¬1). 288 - وعن عُمرَ رضي الله عنه قال: حملتُ على فرسٍ في سبيلِ الله، فأضاعَه الذي كان عنده فأردتُ أن أشترِيَه، وظننتُ أنه يبيعَه برُخصٍ، فسألتُ النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: "لا تَشْتَرِه، ولا تعُدْ في صدَقتِكَ، وإن أعطاكَه بدرهمٍ، فإن العائدَ في هبتِهِ كالعائدِ في قَيْئِهِ" (¬2). - وفي لفظٍ: "فإن الذي يعودُ في صدقتِهِ كالكلبِ يعودُ في قَيْئِهِ" (¬3). 289 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "العائدُ في هِبته كالعائدِ في قيئهِ" (¬4). 290 - عن النُّعمان بن بَشير رضي الله عنه قال: تصدَّقَ عليَّ أبي ببعضِ مالِهِ. فقالتْ أمي، عَمْرةُ بنتُ رَواحة: لا أرضى حتى تُشهِدَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -. فانطلقَ أبي إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ليُشهِدَهُ على صدَقِتي. فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أفعلتَ هذا بولَدِك كلِّهم؟ " ¬

_ (¬1) رواه البخاري (2737)، ومسلم (1632). (¬2) رواه البخاري (1490)، ومسلم (1620). (¬3) رواه البخاري (2623)، ومسلم (1620) بنحوه. (¬4) رواه البخاري (2621)، ومسلم (1622).

قال: لا. قال: "اتَّقوا الله، واعدِلُوا بين (¬1) أولادِكم" فرجع أبي، فردَّ تلك الصدقةَ (¬2). - وفي لفظٍ قال: "فلا تُشهِدْني إذًا؛ فإنِّي لا أشهدُ على جَوْرِ" (¬3). - وفي لفظٍ: "فأَشْهِدْ على هذا غيرِي" (¬4). 291 - وعن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عامَلَ أهلَ خيبرَ بشَطْرِ ما يخرجُ منها، من ثمرٍ، أو زرعٍ (¬5)، 292 - عن رافع بن خَدِيجِ رضي الله عنه قال: كنَّا أكثرَ الأنصار حَقْلًا، فكُنَّا نكْرِي الأرضَ على أنّ لنا هذه ولهم هذه، فربما أخَرجتْ هذه ولم تُخرجْ هذه، فنهانَا عن ذلك، فأما الوَرِقُ فلم يَنْهَنا (¬6). - ولمُسلمٍ: عن حنظلة بنَ قيسٍ قال: سألتُ رافع بن خَدِيج عن كراءِ الأرضِ بالذَّهبِ والوَرِقِ؟ فقال: لا بأسَ به. إنما كان الناسُ يؤاجرُونَ على عهدِ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بما على المَاذِيَانَاتِ، وأقبالِ الجداوِل، وأشياءَ من الزرعِ، فيَهلِكُ هذا ويسلَمُ هذا، ¬

_ (¬1) كذا في نسخة ابن الملقن، وهو لفظ البخاري، وفي "أ، ب": "في" وهو لفظ مسلم. (¬2) رواه البخاري (2587)، ومسلم -والسياق له- (1623) (13). (¬3) رواه مسلم (1623) (14)، وللبخاري نحوه (2650). (¬4) رواه مسلم (1623) (17). (¬5) رواه البخاري (2329)، ومسلم (1551). (¬6) رواه البخاري (2327)، ومسلم -واللفظ له- (1547) (117).

ويسلمُ هذا ويهْلِكُ هذا، ولم يكن للناسِ كراءٌ إلا هذا، فلذلك زجَرَ عنه، فأما شيءٌ معلومٌ مضمونٌ فلا بأسَ به (¬1). الماذيانات: الأنهارُ الكبار. والجدول: النهرُ الصغير. 293 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قضى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالعُمْرَى لمن وُهبتْ له (¬2). - وفي لفظٍ: "مَنْ أعمرَ عُمرى له ولعَقِبه، فإنّها للذي أُعطِيَها. لا ترجعُ إلى الذي أعطاها؛ لأنه أعطَى عطاءً وقعتْ فيه المواريثُ" (¬3). - وقال جابرٌ: إنما العُمرَى -التى أجازَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -- أن يقولَ: هي لكَ ولعَقبك. فأما إذا قال: هي لك ما عشتَ، فإنها ترجعُ إلى صاحِبها (¬4). - وفي لفظٍ لمُسلمِ: "أمسِكُوا عليكم أموالَكُم، ولا تُفْسِدُوها؛ فإنه من أعمرَ عُمرى فهي للذي أُعمِرَها -حيًّا وميتًا- ولعقبِهِ" (¬5). 294 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه، أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يمنعنَّ جارٌ جارَه أن يغرِزَ خشَبهُ (¬6) في جدارِه". ثم يقول ¬

_ (¬1) رواه مسلم (1547) (116). (¬2) رواه البخاري (2625) -واللفظ له-، ومسلم (1625) (25). (¬3) هذا لفظ مسلم (1625) (20). (¬4) هذا اللفظ لمسلم أيضًا (1625) (23). (¬5) وهذا أيضًا لمسلم (1625) (26). (¬6) كذا في "أ" ونسخة ابن الملقن بالجمع، وفي "ب" بالإفراد، وقد رويت هذه =

باب اللقطة

أبو هُريرة: مالي أراكُم عنها مُعرِضين؟ والله لأرمينَّ بها بين أكتافكم (¬1). 295 - عن عائشةَ رضي الله عنها؛ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن ظَلَمَ قِيدَ شبرٍ من الأرضِ طُوِّقه من سبعِ أرَضِينَ" (¬2). باب اللقطة 296 - عن زيد بن خالدٍ الجُهني رضي الله عنه قال: سئل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن اللُقَطةِ، الذهب أو الوَرِق؟ فقال: "أعرِفْ وكاءَها وعِفَاصَها، ثم عَرِّفْها سنةً، فإَن لم تُعرف فاستنفِقْها، ولتكُن وديعةً عندك، فإن جاءَ طالبُها يومًا من الدَّهرِ، فأدِّها إليه"، وسأله عن ضالةِ الإبلِ؟ فقال: "مالكَ ولها؟ دعْها؛ فإنّ معها حذاءَها وسقاءَها، ترِدُ الماءَ وتأكلُ الشجرَ، حتى يجدَها ربُّها". وسأله عن الشاة؟ فقال: "خُذها؛ فإنَّما هي لكَ، أو لأخِيكَ، أو للذئبِ" (¬3). ¬

_ = اللفظة بالجمع والإفراد. (¬1) رواه البخاري (2463)، ومسلم (1609). (¬2) رواه البخاري (2453)، ومسلم (1612) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه كان بينه وبين قومه خصومة في أرض، وأنه دخل على عائشة رضي الله عنها، فذكر ذلك لها. فقالت: يا أبا سلمة! اجتنب الأرض؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:. . . الحديث. (¬3) رواه البخاري (91)، ومسلم -واللفظ له- (1722) (5).

باب الوصايا

باب الوصايا 297 - عن ابن عُمر رضي الله عنهما، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما حقُّ امريءٍ مُسلمٍ -له شيءٌ يوصي فيه- يبيتُ ليلتين، إلا ووصيتُه مكتوبةٌ عنده" (¬1). - زاد مسلم: قال ابنُ عمر: ما مرّتْ عليَّ ليلةٌ منذ سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ ذلك إلا وعندي وصيتي (¬2). 298 - عن سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه قال: جاءني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يعودُني -عام حجةِ الوداع- من وجعٍ اشتدَّ بي. فقلتُ: يا رسول الله! قد بلغَ بي من الوجعِ ما ترى، وأنا ذُو مالٍ، ولا يرِثُني إلا ابنةٌ، أفأتصدَّقُ بثلثي ماليَ؟ قال: "لا". قلتُ: فالشطرُ يا رسولَ الله؟ قال: "لا". قلتُ: فالثلثُ؟ قال: "الثُّلُثُ، والثلثُ كثيرٌ، إنك إن تذرْ ورثتَكَ أغنياءَ خيرٌ مِن أن تذرَهم عالةً يتكفَّفُون الناسَ، وإنك لن تُنفِقَ نفقةً تبتغي بها وجهَ الله إلا أُجرتَ بها (¬3)، حتى ما تجعلُ في فيّ امرأتِك". قال: فقلتُ: يا رسول الله! أُخلّفُ بعد أصحَابي؟ قال: "إنك لن تُخلَّفَ، فتعملَ عملًا تبتغي به وجهَ الله إلا ازددتَ به درجةً ورِفعةً، ولعلَّكَ أن تُخلَّفَ حتى ينتفِعَ ¬

_ (¬1) رواه البخاري (2738)، ومسلم (1627). (¬2) رواه مسلم (1627) (4). (¬3) كذا في "أ" وهو الموافق لما في الصحيحين، ووقع في "ب" ونسخة ابن الملقن: "عليها".

باب الفرائض

بك أقوامٌ ويُضرَّ بك آخرون. اللهم أمضِ لأصحابي هِجرتَهُم، ولا ترُدَّهم على أعقابِهم. لكنِ البائسُ سعدُ بنُ خولة" يرثي له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن ماتَ بمكة (¬1). 299 - عن عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما قال: لو أنَّ الناسَ غَضُّوا من الثلثِ إلى الرُّبُعِ؛ فإنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الثلثُ، والثلثُ كثيرٌ" (¬2). باب الفرائض 300 - عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَلْحِقُوا الفرائضَ بأهلِها، فما بقي فهو لأوْلَى رجُلٍ ذَكَرٍ" (¬3). - وفي روايةٍ: "أقسِمُوا المالَ بين أهل الفرائض على كتابِ الله، فما تركتِ الفرائضُ فلأولى رجُلٍ ذَكرٍ" (¬4). 301 - عن أسامة بن زيدٍ رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسولَ الله! أتنزل غدًا في دارِك بمكة؟ قال: "وهل ترك لنا عَقِيلٌ من رِبَاعٍ؟ " ثم قال: "لا يرِثُ الكافرُ المسلمَ، ولا المسلمُ الكافرَ" (¬5). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1295)، ومسلم (1628). (¬2) رواه البخاري (2743)، ومسلم (1629). (¬3) رواه البخاري (6732)، ومسلم (1615) (2). (¬4) رواه مسلم (1615) (4). (¬5) رواه البخاري، انظر رقم (1588) وأطرافه، ومسلم (1531)، وليس الحديث =

302 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيعِ الولاءِ وَهِبتِهِ (¬1). 303 - عن عائشةَ رضي الله عنها؛ أنَّها قالتْ: كان (¬2) في بريرةَ ثلاثُ سُننٍ: خُيِّرتْ على زوجها حين عَتَقَتْ. وأُهدي لها لحمٌ، فدخل عليّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، والبُرْمةُ على النارِ، فدعا بطعامٍ، فأتي بخُبزٍ وأُدْمٍ من أُدْم البيتِ. فقال: "ألم أرَ البرمةَ علىَ النارِ فيها لحمٌ؟ ". فقالوا: بلى. يا رسول الله! ذلك لحمٌ تُصُدِّقَ به على بريرةَ. فكرهنا أن نُطعِمَك منه. فقال: "هو عليها صدقةٌ، وهو منها لنا هديةٌ". وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها: "إنَّما الولاءُ لمن أعتقَ" (¬3). ¬

_ = عندهما بنفس السياق الذي أورده الحافظ عبد الغني رحمه الله. (¬1) رواه البخاري (2535)، ومسلم (1506). (¬2) كذا في نسخة ابن الملقن، وهي رواية مسلم، وفي "أ، ب": "كانت" وهي رواية البخاري. (¬3) رواه البخاري (5097)، ومسلم -والسياق له- (1504) (14).

8 - كتاب النكاح

8 - كتاب النكاح 304 - عن عبد الله بن مَسعود رضي الله عنه قال: قال لنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشرَ الشباب! مَن استطاعَ منكم الباءَةَ فليتزوّجْ؛ فإنه أغضُّ للبصرِ، وأحصنُ للفرجِ. ومَن لم يستطعْ فعليه بالصَّومِ؛ فإنه له وجَاءٌ" (¬1). 305 - عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه؛ أن نفرًا من أصحابِ النبي - صلى الله عليه وسلم - سألُوا أزواجَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عَمَلِه في السرِّ؟ فقال بعضُهم: لا أتزوَّجُ النساءَ. وقال بعضُهم: لا آكلُ اللحمَ. وقال بعضُهم: لا أنامُ على فراش (¬2). فحمد الله، وأثنى عليه. وقال: "ما بالُ أقوام قالُوا كذا (¬3)؟ لكني أُصلَّي وأنامُ، وأصومُ وأفطرُ، وأتزوّجُ النساءَ، فمَن رَغِبَ عن سُنَّتَي فليس مني" (¬4). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1905)، ومسلم (1400). (¬2) قال ابن الملقن في "الإعلام" (3/ 107/ أ): "وقع في بعض نسخ الكتاب قبل قوله: فحمد الله "فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -" وهي ثابتة في شرح الشيخ تقي الدين دون غيره من الشروح". وهي أيضًا في "ب"، وأشار ناسخ "أ" في الهامش إلى وجودها في نسخة. قلت: هي ليست في "الصحيحين"، ولكنها في "المسند" (3/ 241). (¬3) زاد مسلم: "وكذا". (¬4) رواه البخاري (5063) بمعناه، ومسلم -واللفظ له- (1401)، ولذلك كان ما نقله ابن الملقن عن المصنف في غير هذا المكان أدق، إذ قال: "رأيت المصنف قال في "عمدته الكبرى" قال بعد أن ساقه: متفق عليه واللفظ لمسلم وللبخاري معناه".

306 - عن سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه قال: ردَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على عُثمانَ بنِ مظعون التبتُّلَ، ولو أذِنَ له لاختصَينا (¬1). 307 - عن أمّ حَبيبة بنتِ أبي سُفيان؛ أنها قالت: يا رسول الله! انكح أختي ابنة أبيَ سفيان. فقال: "أوتحبِّين ذلك؟ " فقلت: نعم. لستُ لك بمُخْلِيَةٍ. وأحبُّ مَن شارَكني في خيرٍ أختي. فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ ذلكَ لا يحلُّ لي". قالت: فإنا نُحدَّثُ أنك تريدُ أن تنكِحَ بنتَ أبي سلَمة. قال: "بنتُ أمِّ سلَمة؟! " قلتُ: نعم. قال: "إنَّها لو لم تكُن رَبِيبتي في حِجْري ما حلَّتْ لي؛ إنها لابنةُ أخي من الرَّضاعةِ، أرضعتني وأبا سلَمة ثُوَيبةُ. فلا تعرِضْنَ علي بناتكنَّ، ولا أخواتِكُنَّ" (¬2). قال عروةُ: وثويبةُ مولاةٌ لأبي لهب، كان أبو لهب أعتقها فأرضعتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -. فلما ماتَ أبو لهبَ أُريه بعضُ أهلِه (¬3) بشرِّ حِيبَةٍ. قال له: ماذا لقيِتَ؟ قال له أبو لهب: لم ألقَ بعدَكم خيرًا (¬4)، ¬

_ (¬1) رواه البخاري (5073)، وسلم (1402). (¬2) رواه البخاري (5101)، ومسلم (1449). (¬3) زاد في "ب": "في المنام". (¬4) كذا في الأصول الثلاثة بإثبات المفعول، وقال الحافظ في "الفتح" (9/ 145): "الأصول -أي: أصول البخاري- بحذف المفعول، وفي رواية الإسماعيلي: لم ألق بعدكم رخاء. وعند عبد الرزاق عن معمر عن الزهري: لم ألق بعدكم راحة. قال ابن بطال: سقط المفعول من رواية البخاري، ولا يستقيم الكلام إلا به". قلت: ولكن في نسخة القسطلاني (8/ 31) كنسخة المصنف، وهو كذلك أيضًا في "الجمع بين الصحيحين" للحميدي.

غيرَ أني سُقِيتُ في هذه بعتاقَتي ثُويبةَ (¬1). الحيبة: الحالة بكسر الحاء. 308 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُجمعُ بين المرأةِ وعمَّتِها، ولا بين المرأةِ وخَالَتِها" (¬2). 309 - عن عُقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أحقَّ الشُّروطِ أن تُوفُوا بِه (¬3) ما استحللتُم به الفُروجَ" (¬4). 310 - عن ابن عُمر رضي الله عنهما؛ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: نهى عن الشِّغارِ. والشِّغارُ: أن يزوِّجَ الرجلُ ابنتَه على أن يُزوّجَه (¬5) ابنتَه، وليس بينهما صَدَاقٌ (¬6). 311 - عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن نكاحِ المُتعةِ يومَ خيبرَ، وعن لُحومِ الحُمُرِ الأهليةِ (¬7). ¬

_ (¬1) قول عروة هذا تفرد البخاري -دون مسلم- بروايته في الموطن السابق. (¬2) رواه البخاري (5109)، ومسلم (1408). (¬3) سقط لفظ: "به" من نسخة ابن الملقن، وهو في "أ، ب" وفي الصحيحين. (¬4) رواه البخاري -واللفظ له- (2721)، ومسلم (1418). (¬5) زاد البخاري: "الآخر". (¬6) رواه البخاري (5112)، ومسلم (1415). قلت: واختلف في جملة تفسير الشغار هل هي من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - أم من كلام غيره كابن عمر أو نافع أو مالك؟ انظر "الفتح" (9/ 162). وقال ابن الملقن في الإعلام (3/ 117/ أ): "وكيفما كان فهو تفسير صحيح، موافق لما حكاه أهل اللسان، فإن كان من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو المقصود، وإن كان من قول صحابي فمقبول". (¬7) رواه البخاري (5115)، ومسلم -واللفظ له- (1407) (30).

312 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه؛ أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تُنكحُ الأيِّمُ حتى تُستأمرَ، ولا تُنكحُ البِكْرُ حتى تُستأذنَ" قالوا: يا رسول الله! كيف إذنها؟ قال: "أن تسكتَ" (¬1). 313 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: جاءتِ امرأةُ رفاعة القُرَظيّ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. فقالتْ: كنتُ عند رِفاعةَ القُرظي، فطلّقني، فبتَّ طلاقي، فتزوجتُ بعده عبدَ الرحمن بنَ الزبيرِ. وإنما معه مثلُ هُدْبةِ الثوبِ -فتبسّم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -- وقال: "أتُريدين أن ترجِعي إلى رفاعةَ؟ لا. حتى تذُوقي عُسَيْلَتَهُ ويذوقَ عُسَيْلَتَكِ" قالت: وأبو بكر عنده، وخالد بنُ سعيدٍ بالباب ينتظرُ أن يُؤذنَ له، فنادى: يا أبا بكرٍ! ألا تسمعُ هذه ما تجهرُ به عند رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ (¬2). 314 - عن أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: من السُّنَّةِ: إذا تزوّج (¬3) البكر على الثيبِ (¬4) أقامَ عندها سبعًا وقسمَ، وإذا تزوّجَ الثيبَ على البكر (¬5) أقامَ عندها ثلاثًا، ثم قسمَ. قال أبو قِلابة: ولو شئتُ لقلتُ: إن أنسًا رفعه إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (¬6). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (5136)، ومسلم (1419). (¬2) رواه البخاري (2639)، ومسلم (1433). (¬3) زاد البخاري: "الرجل". (¬4) قوله: "على الثيب" سقط من نسخة ابن الملقن، وهو في "أ، ب" وأيضًا في الصحيحين. (¬5) قوله: "على البكر" سقط من نسخة ابن الملقن، وهو في "أ، ب" وأيضًا في الصحيحين. (¬6) رواه البخاري (5214)، ومسلم (1461).

باب الصداق

315 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو أنّ أحدَهم -إذا أرَاد أن يأتي أهله- قال: بسم الله، اللهمّ جنّبنا الشَّيطانَ، وجنِّب الشيطانَ ما رزقتَنا، فإنه إن يُقدَّرْ بينهما ولدٌ في ذلك لم يَضُرّه الشيَطانُ أبدًا" (¬1). 316 - عن عقبة بن عامر رضي الله عنه؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إياكم والدخولَ على النساءِ". فقال رجلٌ من الأنصار: يا رسولَ الله! أفرأيتَ الحَمْوَ؟ قال: لا الحَمْوُ الموتُ" (¬2). - ولمسلم: عن أبي الطاهر، عن ابن وهبٍ قال: سمعت الليثَ يقول: الحمو: أخو الزوجِ وما أشبَهه من أقارب الزوج؛ ابنِ العمِّ، ونحوه (¬3). باب الصداق 317 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعتقَ صفية، وجعلَ عتقَها صداقَها (¬4). 318 - وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاءته امرأةٌ فقالتْ: إني وهبتُ نفسِي لك. فقامت ¬

_ (¬1) رواه البخاري (6388)، ومسلم (1434). (¬2) رواه البخاري (5232)، ومسلم (2172) (20). (¬3) رواه مسلم (2172) (21) ووقع في نسخة ابن الملقن: "وغيره" بدل: "ونحوه"، والذي في مسلم هو الموافق لما في "أ، ب". (¬4) رواه البخاري (5086)، ومسلم في النكاح (1365) (85).

طويلًا. فقال رجلٌ: يا رسولَ الله! زوِّجْنيها، إن لم يكنْ لك بها حاجةٌ. فقال: "هل عندك من شيءٍ تُصدِقُها؟ ". فقال: ما عندي إلا إزاري هذا. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إزاركَ، إن أعطيتها جلستَ ولا إزارَ لك، فالتمسْ شيئًا" قال: ما أجدُ. قال: "فالتمسْ ولو خَاتمًا من حديدٍ". فالتمس، فلم يجد شيئًا. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "زوَّجتُكها بما معكَ من القُرآنِ" (¬1). 319 - عن أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه؛ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رأى عبد الرحمن بنَ عوفٍ، وعليه رَدْعُ زعفرانٍ. فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَهْيَمْ؟ " فقال: يا رسول الله! تزوجت امرأةً. قال: "ما أصدقْتَها؟ " قال: وزنَ نواةٍ من ذهبٍ. قال: "فباركَ الله لك. أوْلِمْ ولو بشاةٍ" (¬2). الردع: براء ودال وعين مهملات. ومهيم: تفسيره: ما أمْرُك؟. والنواة: خمسة دراهم (¬3). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (2310)، ومسلم (1425) مع التنبيه على أن الحديث ليس عند أحد منهما بهذا السياق الذي ساقه الحافظ عبد الغني رحمه الله. وانظر "بلوغ المرام" رقم (979 بتحقيقي). (¬2) رواه البخاري (2049)، ومسلم (1427) بنحوه، وأقرب الروايات لما ساقه الحافظ عبد الغني هنا رواية أبي داود (2109)؛ إذ الخلاف الوحيد بينهما أن رواية أبي داود ليس فيها جملة: "فبارك الله لك". (¬3) هذه الألفاظ وتفسيرها من نسخة ابن الملقن فقط، وهي في هامش "ب" ولكن دون إشارة إلى أنها من كلام المؤلف رحمه الله.

9 - كتاب الطلاق

9 - كتاب الطلاق 320 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ أنه طلَّق امرأته (¬1) وهي حائضٌ، فذكر ذلك عمرُ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. فتغيَّظَ فيه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم قال: "ليُراجِعْها، ثم يُمسِكْها حتى تطهُرَ، ثم تحِيضَ فتطهُرَ، فإن بَدَا له أن يُطلقها فليُطلِّقْها (¬2) قبلَ أن يمسَّها، فتلكَ العدَّةُ، كما أمرَ الله عز وجل" (¬3). - وفي لفظٍ: "حتى تحِيضَ حيضةً (¬4) مُستقبَلَةً، سوى حيضتِها التي طلَّقها فيها" (¬5). - وفي لفظٍ: فحُسبتْ من طلاقِها، وراجَعها عبدُ الله كما أمرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - (¬6). 321 - عن فاطمة بنت قيس؛ أن أبا عمرو بن حفص طلَّقها البتّة، وهو غائبٌ -وفي روايةٍ: طلقها ثلاثًا (¬7) - فأَرسلَ إليها وكيلُه ¬

_ (¬1) هذا اللفظ لنسخة ابن الملقن، وفي "أ، ب": "امرأة له" وكلا اللفظين في الصحيحين. (¬2) زاد البخاري ومسلم: "طاهرًا". (¬3) رواه البخاري (4908) -واللفظ له- ومسلم (1471). (¬4) زاد مسلم: "أخرى". (¬5) رواه مسلم (1471) (4). (¬6) رواه مسلم (1471) (4). (¬7) هذه الرواية لمسلم: (1480) (38).

باب العدة

بشعير، فسخِطَته. فقال: والله مالَكِ علينا من شيءٍ. فجاءت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرتْ ذلك له. فقال: "ليسَ لكِ عليه نفقةٌ". وفي لفظٍ: "ولا سكنى" (¬1). فأَمَرَها أن تعتدَّ في بيتِ أم شَرِيك. ثم قال: "تلكَ امرأةٌ يغشَاها أصْحَابي، اعتدِّي عند ابنِ أم مَكتومٍ؛ فإنه رجلٌ أعمى تضعِين ثيابَك، فإذا حللتِ فآذِنيني". قالت: فلما حللتُ ذكرت له أن معاوية بنَ أبي سُفيان وأبا جَهْمٍ خطباني. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما أبو جَهْمٍ: فلا يضعُ عصاه عن عاتِقِهِ. وأما مُعاوية: فصُعْلوكٌ لا مالَ له. انكِحي أسامة بنَ زيدٍ" فكرِهْتُه. ثم قال: "أنكِحي أسامةَ بنَ زيدٍ". فنكحتُه. فجعلَ الله فيه خيرًا، واغتبطتُ به (¬2). باب العدة 322 - عن سُبَيعة الأسلميّة؛ أَنَّها كانت تحت سعدِ بن خَوْلةَ -وهو في (¬3) بني عامر بن لؤي، وكان ممن شهد بدرًا- فتوفي ¬

_ (¬1) هذه الرواية لمسلم (1480) (37). (¬2) هذا الحديث بهذا السياق ليس متفقًا عليه، وإنما هو لمسلم (1480) فقط. ولفظ: "به" من نسخة ابن الملقن، ومن "ب"، وهي في بعض نسخ مسلم. (¬3) كذا الأصول الثلاثة: "في" وهو الذي في صحيح مسلم، وقال النووي: "هكذا هو في النسخ (في بني عامر) وهو صحيح. ومعناه: ونسبه في بني عامر. أي: هو منهم".

عنها (¬1) في حَجَّةِ الوَدَاع، وهي حامِلٌ. فلم تَنْشَبْ أن وضعتْ حمْلَها بعد وفاتِهِ، فلما تعلَّتْ من نفَاسِها تجمَّلتْ للخُطَّاب، فدخلَ عليها أبو السَّنابل بن بَعْكَكٍ -رجلٌ من بني عبد الدار- فقالَ لها: ما لي أراكِ مُتجمِّلةً؟ لعلك تَرْجِين النكاح! والله ما أنتِ بناكحٍ حتى تمُرَّ عليك أربعةُ أشهرٍ وعشرٌ. قالت سُبيعة: فلما قال لي ذلك، جمعتُ عليَّ ثيابي حين أمسيتُ، فأتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فسألتُه عن ذلك؟ فأفتانِي: بأنِّي قد حللتُ حين وضعتُ حملي، وأمرَني بالتزويج إِن بدا لي. قال ابنُ شهابٍ: ولا أرى بأسًا أن تتزوّج حين وضعتْ -وإن كانتْ في دمِها- غير أن لا يقربُها زوجُها حتى تطهُرَ (¬2). 323 - عن زينب بنت أم سلمة قالت: تُوفِّي حَمِيمٌ لأم حبيبةَ، فدعت بصُفرةٍ فمسحتْه بذراعيها. وقالت: إنما أصنعُ هذا؛ لأني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يحلُّ لامرأةٍ تُؤمنُ بالله واليوم الآخرِ أن تُحِدَّ فوقَ ثلاثٍ، إلا على زوجٍ؛ أربعةَ أشهرٍ وعشرًا" (¬3). الحميم: القرابة. 324 - عن أم عطيةَ؛ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تُحِدُّ امرأةٌ على ميتٍ فوقَ ثلاثٍ، إلا على زوجٍ؛ أربعةَ أشهُرٍ وعشرًا، ولا ¬

_ (¬1) لفظ: "عنها" من "أ، ب" ساقطة من نسخة ابن الملقن، وهو في مسلم. (¬2) الحديث بهذا السياق لمسلم (1484). (¬3) رواه البخاري (1280)، ومسلم -والسياق له- (1486) (59).

تلْبسُ ثوبًا مصبوُغًا إلا ثوبَ عَصْبٍ، ولا تكتحِلُ، ولا تمسُّ طِيبًا إلا إذا طهرتْ؛ نُبذةً من قُسْطٍ أو أَظْفارٍ" (¬1). العصب: ثيابٌ من اليمن فيها بياضٌ وسوادٌ. 325 - عن أمِّ سلَمة رضي الله عنها قالت: جاءتِ امرأةٌ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. فقالتْ: يا رسولَ الله! إن ابنتي تُوفِّي عنها زوجُها وقدِ اشتكتْ عينَها، أفنُكْحِلُها؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا" مرتين أو ثلاثًا. كل ذلك يقول: "لا". ثم قال: "إنَّما هي أربعةُ أشهرٍ وعشرٌ، وقد كانتْ إحداكُنَّ في الجَاهليةِ ترمي بالبعرةِ على رأس الحولِ". فقالت زينبُ: كانت المرأةُ إذا تُوفّي عنها زوجُها دخلتْ حِفْشًا، ولَبِستْ شرَّ ثِيابها، ولم تمسَّ طيبًا ولا شيئًا حتَّى تمُرَّ بها سنةٌ، ثم تُؤتى بدابةٍ -حمارٍ، أو شاةٍ، أو طيرٍ- فتفتضُّ به، فقلّ ما تفتضُّ بشيءٍ إلا ماتَ، ثم تخرجُ، فتُعطَى بعرةَ فترمِي بها، ثم نُراجِعُ بعدُ ما شاءتْ من طيبٍ أو غيرِه (¬2). الحفش: البيت الصغير. وتفتض: تدلك به جسدها. ¬

_ (¬1) رواه البخاري (5342 و5343)، ومسلم -واللفظ له- (938) (66) في كتاب الطلاق. (¬2) رواه البخاري (5336 و 5337)، ومسلم (1488 و1489) وليس عند البخاري: "ولا شيئًا" وعنده أيضًا: "أو طائرٍ" بدل: "أو طير". وزاد: "سئل مالك رحمه الله: ما تفتض به؟ قال: تمسح به جلدها" قلت: وهذا التفسير من الإمام مالك في "الموطأ" (2/ 598).

10 - كتاب اللعان

10 - كتاب (¬1) اللعان 326 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما؛ أن فلان بنَ فلان قال: يا رسول الله! أرأيت أنْ لو وجدَ أحدُنا امرأتَه على فاحشةٍ، كيف يصنعُ؟ إن تكلَّم تكلم بأمرٍ عظيمٍ، وإن سكتَ سكتَ على مثلِ ذلك. قال: فسكتَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فلم يُجبه، فلمّا كان بعد ذلك أتاهُ. فقال: إنّ الذي سألتُكَ عنه قد ابتليتُ به! فأنزلَ الله عز وجل هؤلاء الآيات في سورة النور: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلا أَنْفُسُهُمْ} فتلاهُنّ عليه. ووعظَه وذكَّره، وأخبرَه أنّ عذابَ الدنيا أهونُ من عذابِ الآخرة. فقال: لا. والذي بعثك بالحق ما كذبتُ عليها. ثم دعاها، فوعظَها، وذكرها وأخبرها أن عذابَ الدنيا أهونُ من عذاب الآخرة. قالت: لا. والذي بعثك بالحقِّ إنه لكاذبٌ. فبدأ بالِرجل، فشهد {أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6)}. {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7)}. ثم ثنَّى بالمرأة، فشهدتْ {أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8)}. {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)}. ثم فرق بينهما (¬2). ثم قال: "الله يعلمُ أنّ أحدكما كاذِبٌ، فهل منكما تائِبٌ؟ " ثلاثاً (¬3). ¬

_ (¬1) كذا في "أ" وفي نسخة ابن الملقن، وجاء في "ب": "باب". (¬2) إلى هنا هذا اللفظ لمسلم (1493) (4). والحديث أيضًا رواه البخاري. (¬3) وهذه الجملة للبخاري (5312)، وهي لمسلم أيضًا (1493) (6) دون قوله ثلاثاً.

- وفي لفظٍ: "لا سَبيلَ لك عليها". قال: يا رسول الله! ما لي؟ قال: "لا مالَ لك. إنْ كُنت صدقتَ عليها فهو بما استحللتَ من فرجِها، وإن كُنتَ كذبتَ عليها فهو أبعدُ لك مِنها" (¬1). 327 - وعنه (¬2)؛ أن رجلًا رمى امرأتَه، وانتفَى من ولدِها في زمانِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. فأمرهُما رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فتلاعَنَا كما قال الله عز وجل، ثم قضى بالولدِ للمرأةِ، وفرَّق بين المُتلاعِنَيْنِ (¬3). 328 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: جاءَ رجلٌ مِن بني فَزارة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال: إنّ امرأتي ولدتْ غُلامًا أسودَ. فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "هلْ لكَ مِن إبلٍ؟ " قال: نعم. قال: "فما ألوانُها؟ " قال: حُمْرٌ. قال: "هل فيها مِن أوْرَقَ؟ " قال: إن فيها لوُرْقًا. قال: "فأنّي أتاها ذلكَ؟ " قال: عسى أن يكون نزعَهُ عِرْقٌ. قال: "وهذا. عسى أنْ يكونَ نزعهُ عِرقٌ" (¬4). 329 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: اختصمَ سعد بنُ أبي وقّاص وعبدُ بنُ زَمْعةَ في غُلامٍ. فقال سعدٌ: يا رسولَ الله! هذا ابنُ أخي عتبة بنِ أبي وقاص، عهدَ إليَّ أنه ابنُه. انظر إلى شَبهه. وقال عبد بنُ زَمعة: هذا أخي يا رسولَ الله وُلد على فراشِ ¬

_ (¬1) رواه البخاري (5350)، ومسلم (1493) (5). (¬2) وفي نسخة ابن الملقن: "عن ابن عمر أيضًا". (¬3) رواه البخاري -والسياق له- (5748)، ومسلم (1494) بمعناه. (¬4) رواه البخاري (5305)، ومسلم (1500).

أبي من وَليدته، فنظرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى شَبهِهِ، فرأى شبهًا بيّنًا بعُتبةَ. فقال: "هو لكَ يا عبدُ بن زَمعة، الولدُ للفراشِ، وللعَاهِرِ الحَجَرُ، واحتجِبي منه يا سودةُ". فلم تره سودةُ قط (¬1). 330 - وعن عائشةَ رضي الله عنها؛ أنَّها قالتْ: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دخلَ عليَّ مَسرُورًا، تبرُق أساريرُ وجههِ. فقال: "ألم تَرَيْ؟ أن مُجزِّزًا نظرَ آنفًا إلى زيد بنِ حارثةَ، وأسامة بنِ زبدٍ. فقال: إن بعضَ هذه الأقدامِ لمن بعضٍ" (¬2). - وفي لفظٍ: "كان مُجززٌ قائفاً" (¬3). 331 - عن أبي سعيدٍ الخُدْري رضي الله عنه قال: ذُكر العزلُ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: "وَلِمَ يفعلُ ذلك أحدُكم؟ -ولم يقُلْ: فلا يفعلْ ذلك أحدُكم- فإنّه ليستْ نفسٌ مخلوقةٌ إلا الله خَالِقُها" (¬4). 332 - عن جابر بن عبد الله قال: كُنَّا نعزِلُ والقرآنُ ينزِلُ (¬5). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (2218)، ومسلم (1457). وعند مسلم: "فلم ير سودة قط" وهي رواية للبخاري أيضًا. (¬2) رواه البخاري (6770)، ومسلم (1459). (¬3) رواه مسلم (1459) (40). قلت: ولهما في رواية: قالت عائشة رضي الله عنها: دخل عليَّ قائف. (¬4) رواه البخاري (2229)، ومسلم -واللفظ له- (1438) (132). (¬5) رواه البخاري (5208)، ومسلم (1440).

لو كان شيئًا يُنهى عنه، لنهانا عنه القرآن (¬1). 333 - عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه؛ أنه سَمع رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "ليسَ من رجُلٍ ادّعى لغيرِ أبيه -وهو يعلمُه- إلا كفَرَ، ومن ادّعى ما ليسَ له فليس مِنّا، وليتبوّأ مقعدَه من النارِ، ومَن دعا رجُلًا بالكُفرِ -أو قال: عدوّ الله- وليس كذلك إلا حارَ عليه". كذا عند مسلمٍ (¬2). وللبخاري نحوُه (¬3). ¬

_ (¬1) هذه الجملة لمسلم فقط؛ إذ قال بعد نهاية كلام جابر السابق: "زاد إسحاق: قال سفيان: لو كان شيئًا ينهى عنه، لنهانها عنه القرآن". وقال الحافظ في "الفتح" (9/ 305) تعليقًا على هذه الزيادة التي عند مسلم: "هذا ظاهر في أن سفيان قاله استنباطاً، وأوهم كلام صاحب "العمدة" ومن تبعه أن هذه الزيادة من نفس الحديث فأدرجها، وليس الأمر كذلك؛ فإني تتبعته من المسانيد فوجدت أكثر رواته عن سفيان لا يذكرون هذه الزيادة، وشرحه ابن دقيق العيد على ما وقع في العمدة". (¬2) رواه مسلم (61). (¬3) هو عند البخاري برقم (3508) ولفظه: "ليس من رجل ادعى لغير أبيه -وهو يعلمه- إلا كفر بالله، ومن ادعى قومًا ليس له فيهم نسب، فليتبوأ مقعده من النار".

11 - كتاب الرضاع

11 - كتابُ الرَّضَاع 334 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -في بنتِ حمزةَ-: "لا تحِلُّ لي، يَحرمُ من الرَّضاعِ ما يحرُمُ من النسبِ، وهي ابنةُ أخي من الرَّضاعةِ" (¬1). 335 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ الرَّضاعةَ تحرِّمُ ما يحرُمُ من الوِلَادةِ" (¬2). 336 - وعنها قالتْ: إن أفلحَ -أخَا أبي القُعَيس- استأذنَ عليَّ بعدما أُنزِلَ الحِجابُ. فقلتُ: والله لا آذنُ له حتى استأذِنَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن أخا أبي القُعَيس ليس هو أرضَعني، ولكن أرضعتني امرأةُ أبي القعيس، فدخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقلت: يا رسولَ الله! إن الرجلَ ليس هو أرضعَني، ولكن أرضعتنِي امرأتُه؟ فقال: "ائذَنِي له؛ فإنّه عمُّكِ، تَرِبَتْ يمينُكِ". قال عروة: فبذلك كانت عائشةُ تقول: حرِّموا من الرضاعةِ ما يحرُمُ من النسب (¬3). - وفي لفظٍ: استأذنَ عليَّ أفلحُ، فلم آذنْ له. فقال: ¬

_ (¬1) رواه البخاري (2645)، ومسلم (1447). وعند مسلم في رواية: "من الرحم" بدل: "من النسب". (¬2) رواه البخاري (5099)، ومسلم (1444) بنحوه. (¬3) رواه البخاري (4796)، ومسلم (1445).

أتحتجبينَ مني، وأنا عمُّكِ؟ فقلتُ: وكيف ذلك؟ قال: أرضعَتْكِ امرأةُ أخي بلبنِ أخي. قالت: فسألتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: "صدقَ أفلحُ، ائذني له" (¬1). تربت يمينك: أي: افتقرت، والعربُ تدعو على الرجلِ، ولا تريدُ وقوعَ الأمرِ به (¬2). 337 - وعنها قالت: دخل عليَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -وعندي رجل (¬3) - فقال: "يا عائشةُ! مَن هذا؟ " قلت: أخي مِن الرَّضاعةِ. فقال: "يا عائشة! انظُرنَ مَن إخوانُكنَّ؟ فإنما (¬4) الرضاعةُ مِن المَجاعةِ" (¬5). 338 - عن عُقبة بنِ الحارث رضي الله عنه قال: تزوّجتُ أمَّ يحيى بنتَ أبي إهابٍ، فجاءت أَمَةٌ سوداءُ. فقالت: قد أرضعْتُكما! فَذَكَرْتُ ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -. فأعرضَ عني. فتنحَّيتُ، فذكرتُ ذلك له. قال: "وكيفَ؟ وقد زعمتْ أنْ قد أرضعَتْكُما" (¬6). ¬

_ (¬1) هذا اللفظ للبخاري برقم (2644). (¬2) هذا التفسير من نسخة ابن الملقن، وكتبه ناسخ "ب" في الهامش ولكن دون أن يتبعه بعلامة الإلحاق، وأما "أ" فلا يوجد فيها أصلًا. (¬3) زاد مسلم: "قاعد، فاشتد ذلك عليه، ورأيت الغضب في وجهه" ومعناها للبخاري في رواية أيضًا. (¬4) كذا في "أ، ب" وهو الموافق لما في الصحيحين، ووقع في نسخة ابن الملقن: "إنما"، ونبه على مخالفة ذلك للفظ البخاري. (¬5) رواه البخاري (2647)، ومسلم (1455). (¬6) رواه البخاري (2659) وهو من أفراده؛ إذ لم يروه مسلم، بل لم يرو شيئًا لعقبة بن الحارث رضي الله عنه.

339 - عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه قال: خرجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -يعني: من مكةَ- فتبعتهم ابنةُ حمزةَ، تُنادي: يا عمِّ! فتناوَلها عليٌّ، فأخذَ بيدِها. وقال لفاطمةَ: دُونَكِ ابنةَ عمِّكِ. فاحتمَلَها. فاختصمَ فيها عليٌّ وزيدٌ وجعفرٌ. فقال عليّ: أنا أحقُّ بها، وهي ابنةُ عمي. وقال جعفر: ابنةُ عمِّي، وخالتُها تحتي. وقال زيد: ابنةُ أخي، فقضى بها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لخَالتها. وقال: "الخالةُ بمنزلةِ الأم". وقال لعليّ: "أنتَ مني، وأنا منك". وقال لجعفر: "أشبهتَ خَلْقي وخُلُقي". وقال لزيد: "أنت أخُونا ومولانا" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (2699) وعنده: "يا عم. يا عم" ورواه أيضًا (4251) وزاد: "قال عليٌّ: ألا تتزوج بنت حمزة؟ قال: إنها بنت أخي من الرضاعة". وليس هذا الحديث في مسلم، ومراد من جعله متفقًا عليه كالحميدي في "الجمع بين الصحيحين" (1/ 121/ ب)، وعبد الحق، وابن الأثير قصة صلح الحديبية وهي عند مسلم أيضًا، والمذكور هنا طرف من ذاك الحديث اختصره هنا الحافظ عبد الغني رحمه الله.

12 - كتاب القصاص

12 - كتابُ القِصاص 340 - عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَحِلُّ دمُ امريءٍ مُسِلم -يشهدُ أن لا إله إلا الله، وأنّي رسولُ الله- إلا بإحدى ثلاثٍ: الثَّيِّبُ الزاني، والنفسُ بالنفسِ، والتاركُ لدِينه؛ المفارقُ للجَماعةِ" (¬1). 341 - عن عبد الله بن مَسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أول ما يُقضى بين الناسِ يومَ القيامةِ في الدِّماءِ" (¬2). 342 - عن سهل بن أبي حَثمة قال: انطلقَ عبد الله بنُ سهل ومُحَيِّصةُ بنُ مسعود إلى خيبرَ -وهي يومئذٍ صُلْحٌ- فتفرّقا، فأتى مُحَيِّصةُ إلى عبد الله بنِ سهلٍ، وهو يتشحَّطُ في دمِهِ قتيلًا، فدفنَهُ، ثم قدم المدينةَ، فانطلقَ عبد الرحمن بنُ سهل ومُحيصة وحُوَيِّصةُ ابنا مسعودٍ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فذهبَ عبدُ الرحمن يتكلّمُ. فقال: "كَبِّرْ، كَبِّرْ" -وهم أحدثُ القومِ- فسكتَ. فتكلّما. فقال: "أتحلِفُونَ. وتستحقُّونَ قاتِلَكم أوَ صاحِبكم؟ " قالوا: وكيف نحلف، ولم نشهدْ، ولم نرَ؟ قال: "فتُبْرِئُكُم يهودُ بخمسينَ ¬

_ (¬1) رواه البخاري (6878)، ومسلم (1676). (¬2) رواه البخاري (6533)، ومسلم (1678)، واللفظ لمسلم؛ إذ البخاري ليس عنده لفظ: "يوم القيامة".

يمينًا". فقالوا: كيف نأخذُ بأيمانِ قومٍ كفَّارٍ؟ فعقلَه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِن عنده (¬1). - وفي حديث حمّاد بن زيدٍ: فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُقسِمُ خمسُون منكم على رجُلٍ منهم، فيُدفعُ برُمَّتِهِ". قالوا: أمرٌ لم نَشهدْهُ، كيف نحلفُ؟ قال: "فتُبرِئُكم يهودُ بأيمانِ خمسينَ منهم؟ " قالوا: يا رسولَ الله! قومٌ كفّار (¬2). - وفي حديث سعيد بن عُبيدٍ: فكره رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُبطِلَ دمَه، فودَاهُ بمائةٍ من إبلِ الصدقةِ (¬3). 343 - عن أنس بن مالكِ رضي الله عنه؛ أن جاريةً وُجد رأسُها مَرضُوضًا بين حجرين. فقِيل: مَن فعل هذا بك: فلانٌ، فلانٌ؟ حتَّى ذُكر يهوديٌّ، فأومأتْ برأسِها، فأُخذ اليهوديُّ فاعترفَ، فأمرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرضَّ رأسُه بين حجرينِ (¬4). - ولمسلم والنسائي عن أنسٍ: أن يهوديًّا قتل جاريةً على أوضاحٍ، فأقادَه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بها (¬5). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (3173)، ومسلم (1669). (¬2) رواه البخاري (6143)، ومسلم (1669) (2). (¬3) رواه البخاري (6898)، ومسلم (1669) (5). (¬4) رواه البخاري (2413)، ومسلم (1672) (17). (¬5) قلت: هذا اللفظ ليس لمسلم، وإنما هو للنسائي (8/ 22) وزاد بعد قوله: "أوضاح" لفظ: "لها". وأشار ناسخ "ب" في الهامش إلى وجود هذا اللفظ في نسخة، وعند البخاري (6879)، ومسلم (1672): أن يهوديًا قتل جارية على أوضاح لها، فقتلها بحجر. فجيء بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -وبها رمق- فقال لها: "أقتلك فلان؟ "فأشارت برأسها؛ أن لا. ثم قال لها الثانية. فأشارت برأسها؛ أن =

344 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: لما فتحَ الله على رسولِه - صلى الله عليه وسلم - مكةَ. قتلتْ هُذيلٌ رجلًا من بني ليثٍ بقتيلٍ كان لهم في الجاهليةِ، فقامَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "إن الله عز وجل قد حبسَ عن مكة الفيلَ، وسلّط عليها رسولَه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين، وإنها لم تَحل لأحدٍ كان قبلي، ولا تحلّ لأحدٍ بعدي، وإنما أُحلتْ لي ساعةً من نهارٍ، وإنها سَاعتي هذه، حَرَامٌ لا يُعضدُ شجرُها، ولا يُختلى شَوكُها (¬1)، ولا تُلتقَطُ ساقِطتُها إلا لمُنشدٍ، ومَن قُتل له قتيلٌ فهو بخير النَّظَرين؛ إما أن يَقْتُلَ، وإما أن يُفدَى". فقام رجلٌ من أهل اليمن -يقال له: أبو شاهٍ- فقال: يا رسولُ الله! اكتبوا لي. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "اكتبُوا لأبي شاهٍ". ثم قام العباسُ. فقال: يا رسول الله! إلا الإذْخِرَ؛ فإنا نجعلُه في بُيوتِنا وقُبورِنا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إلا الإذخرَ" (¬2). 345 - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ أنه استشارَ النَّاسَ في إملاصِ المرأةِ. فقال المغيرةُ بن شعبة: شهدتُ النبيَّ ¬

_ = لا. ثم سألها الثالثة. فقالت: نعم. وأشارت برأسها. فقتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين حجرين. (¬1) كذا في "أ، ب" وهو الموافق لما في الصحيحين، ووقع في نسخة ابن الملقن: "خلاها". وفيها زيادة بعد ذلك: "ولا يعضد شوكها" وهذا الذي وقع في نسخة ابن الملقن: "ولا يختلى خلاها، ولا يعضد شوكها" إنما هو رواية أحمد (1/ 318) لكن عن ابن عباس. (¬2) رواه البخاري (112)، ومسلم (1355). وقوله: "يفدى" وقع في نسخة ابن الملقن بلفظ: "يُدى" ولم أجده بهذا اللفظ، وإن شرحه ابن الملقن (4/ 18/ ب) بقوله: ومعنى يدى: تؤخذ ديته. وانظر البخاري (6880).

- صلى الله عليه وسلم - قضى فيه بغرَّةٍ: عبدٍ، أو أَمَةٍ. فقال: لتأتينَّ بمن يشهدُ معك، فشهد له محمد بنُ مسلمة (¬1). 346 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: اقتَتَلَتْ امرأتانِ من هُذيل، فرمتْ إحداهُما الأخرى بحجرٍ، فقتلَتْها وما في بطنِها، فاختصَمُوا إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقضى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أن ديَّة جَنينها غُرّةٌ: عبدٌ أو وَليدةٌ. وقضى بديةِ المرأةِ على عَاقِلتها، وورَّثَها ولدَها ومَن معهم. فقام حَمَلُ بن النابغة الهُذليّ، فقال: يا رسولَ الله! كيف أغرمُ مَنْ لا شَرِبَ ولا أكلَ، ولا نطقَ ولا استهلَّ، فمثلُ ذلك يُطلُّ. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما هُو مِن إخوانِ الكُهَّانِ" من أجلِ سجعة الذي سجع (¬2). 347 - عن عِمران بن حُصين رضي الله عنهما؛ أن رجلًا عضَّ يدَ رجلِ، فنزعَ يدَه من فمه، فوقعتْ ثَنِيّتاه، فاختصَمُوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال: "يعضُّ أحدُكمْ أخاه كما يعضُّ الفحلُ؟! لا دِيَةَ لك" (¬3). 348 - عن الحَسن بن أبي الحسن البَصري قال: حدثنا جُنْدُب -في هذا المسجد، وما نسينا منه حديثًا (¬4)، وما نخشى أن ¬

_ (¬1) رواه البخاري (6905)، ومسلم (1689) (39) في كتاب القسامة. (¬2) رواه البخاري (5758)، ومسلم -واللفظ له- (1681) (36). (¬3) رواه البخاري (6892)، ومسلم (1673). (¬4) كذا بالأصول الثلاثة، والذي في "الصحيح": "منذ حدثنا". وأشار ابن الملقن في شرحه (4/ 24/ ب) إلى أنه في "الجمع بين الصحيحين" للحميدي كما وقع للحافظ عبد الغني هنا. فالله أعلم.

يكونَ جندب كذَبَ على رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -- قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "كانَ فِيمن كان قبلَكم رجلٌ به جُرحٌ فجزِعَ، فأخذ سكِّينًا، فحزَّ بها يدَه، فما رقأَ الدمُ حتى ماتَ. قال الله عز وجل: عبدي بادَرَني بنفسِه، فحرَّمتُ عليه الجنةَ" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه البخاري -واللفظ له- (3463)، ومسلم (113).

13 - كتاب الحدود

13 - كتاب الحدود 349 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قَدِمَ ناسٌ من عُكْلٍ -أو عُرَينةَ- فاجْتَووا المدينةَ. فأمرَ لهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بلقاحٍ، وأمرَهم أن يشرَبُوا مِن أبوالِها وألبانِها، فانطلقُوا، فلما صحُّوا قتلوا راعي النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، واستاقُوا النَّعَمَ، فجاء الخبرُ في أول النهارِ، فبعثَ في آثارهم، فلما ارتفعَ النهارُ جيء بهم، فأمر بهم فقُطِّعتْ أيدِيهم وأرجُلُهُم (¬1)، وسُمِّرت أعينُهم، وتُرِكُوا في الحرَّةِ يستسقُون فلا يُسقون. قال أبو قلابة: فهؤلاء سرقوا، وقتلوا، وكفروا بعد إيمانِهم، وحاربُوا الله ورسوله (¬2). أخرجه الجماعة (¬3). ¬

_ (¬1) كذا في نسخة ابن الملقن، وهو موافق لما في مسلم وهو أيضًا رواية للبخاري (6899)، وفي "ب": "فأمر بقطع أيديهم وأرجلهم" وهو موافق لما في البخاري، وفي "أ": "فقُطِعَ أيديهم وأرجلهم" وهي رواية للبخاري (6805). (¬2) رواه البخاري (233)، ومسلم (1671). (¬3) هذا اصطلاح للمصنف لم ينص عليه في كتابه، إلا أن ابن الملقن قال في "الإعلام" (4/ 28 - 29/ ب - أ): "ومراد المصنف بالجماعة أصحاب الكتب الستة". قلت: وعلى ذلك فالحديث رواه أيضًا: أبو داود (4364)، والنسائي (7/ 94)، والترمذي (72)، وابن ماجه (2578).

350 - عن عُبيد الله بن عَبد الله بن عُتبة بن مسعود، عن أبي هُريرة وزيد بن خالد الجُهني رضي الله عنهما؛ أنهما قالا: إن رجلًا من الأعرابِ أتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: يا رسول الله! أَنْشُدُكَ الله إلا قضيتَ بيننا بكتاب الله. فقال الخصمُ الآخرُ -وهو أفقه منه-: نعم. فاقض بيننا بكتَاب الله، وائذنْ لي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قُل". قال: إن ابني كان عَسِيفًا على هذا، فَزَنَا بامرأته، وإني أُخبرتُ أن على ابني الرجمَ، فافتديتُ منه بمائةِ شاةٍ ووليدةٍ. فسألتُ أهلَ العلم؟ فأخبروُني أنَّما على ابني جلدُ مائةٍ وتغريبُ عامٍ، وأنَّ على امرأةِ هذا الرجمَ؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسِي ببده لأقضينَّ بينكُما بكتابِ الله: الوليدةُ والغنمُ ردٌّ (¬1)، وعلى ابنِكَ جلدُ مائةٍ، وتغريبُ عامٍ. واغدُ يا أُنيس -لرجلٍ من أسلمَ- إلى امرأةِ هذا، فإن اعترفتْ فارجُمْها" قال: فغدا عليها فاعترفتْ، فأمرَ بها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فرُجمت (¬2). العَسِيفُ: الأجيرُ. 351 - وعنه، عنهما قالا: سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الأمَةِ إذا زنتْ، ولم تُحصَن؟ قال: "إذا زنتْ فاجلِدُوها، ثم إن زَنتْ ¬

_ (¬1) زاد "ب": "عليك". (¬2) رواه البخاري (2695 و2696) ومسلم (1697 و1698).

فاجلدُوها، ثم إن زنتْ فاجلدُوها (¬1)، ثم بِيعوها ولو بضَفِيرٍ". قال ابنُ شهابٍ: لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة (¬2). والضفير: الحبل. 352 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى رجلٌ من المسلمين رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -وهو في المسجدِ- فناداه، فقال: يا رسولَ الله! إني زنيتُ. فأعرضَ عنه. فتنحَّى تلقاءَ وجههِ، فقال له: يا رسولَ الله! إنِّي زنيتُ. فأعرضَ عنه، حتى ثنَّى ذلك عليه أربعَ مرّاتٍ، فلما شَهِدَ على نفسِه أربعَ شهاداتٍ، دعاهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "أبك جُنونٌ؟ " قال: لا. قال: "فهل أَحْصَنْتَ؟ " قال: نعم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اذهبوا به، فارجُمُوه". قال ابنُ شهابٍ: فأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن؛ أنه سمع جابر بنَ عبد الله يقول: كُنت فيمن رَجَمه، فرجمناه بالمصلَّى، فلما أَذْلَقَتْه الحجارةُ هربَ، فأدركناه بالحرّةِ، فرجمناه (¬3). الرجلُ: هو ماعز بنُ مالكٍ. وروى قصته جابر بن سَمُرة (¬4)، ¬

_ (¬1) سقطت هذه الجملة: "ثم إن زنت فاجلدوها" من نسخة ابن الملقن، وهي ثابتة في "أ، ب" وهي كذلك في البخاري. (¬2) رواه البخاري -والسياق له- (6837 و6838)، ومسلم (1704) وأحال في لفظه على حديث آخر لأبي هريرة. (¬3) رواه البخاري (5271 و5272)، ومسلم (1691) (16). وعندهما: "أخبرني من سمع جابر بن عبد الله" بدل: "أخبرني أبو سلمة"، وانظر البخاري (5270). (¬4) حديث جابر عند مسلم (1692).

وعبد الله بن عباس (¬1)، وأبو سعيد الخدري (¬2)، وبُريدة بن الحُصَيب الأسلمي رضي الله عنهم (¬3). 353 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما؛ أنه قال:. إنَّ اليهودَ جاءوا إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرُوا له أن امرأةً منهم ورجُلًا زَنَيا. فقال لهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما تجدُون في التوراةِ في شأنِ الرَّجمِ؟ " فقالوا: نفضَحُهم ويُجلدون. قال عبد الله بن سلامَ: كذبتم، إنّ فيها الرجمَ. فأتَوْا بالتوراةِ فنشرُوها، فوضعَ أحدُهم يدَه على آيةِ الرجم، فقرأَ ما قبلَها وما بعدَها. فقال له عبد الله بنُ سلام: ارفعْ يدكَ، فرفع يدَهُ، فإذا فيها آيةُ الرجمِ. فقال: صدقَ يا محمد، فأمرَ بهما النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فرُجما. قال: فرأيَتُ الرجلَ يجنأُ على المرأةِ؛ يقيها الحجارة (¬4). الرجل الذي وضع يده على آية الرجم: عبد الله بن صُوريا. 354 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو أن امرءًا اطلعَ عليك بغيرِ إذنٍ، فحذفتَهُ بحصَاةٍ، ففقأتَ عينَه، ما كان عليكَ جُناحٌ" (¬5). ¬

_ (¬1) حديث ابن عباس رواه البخاري (6824)، ومسلم (1693). (¬2) حديث أبي سعيد رواه مسلم (1694). (¬3) حديث بريدة رواه مسلم (1695). (¬4) رواه البخاري -والسياق له- (3635)، ومسلم (1699) بمعناه. (¬5) رواه البخاري (6902)، ومسلم (2158). وعند مسلم: "رجلًا" بدل: "امرءًا" وزاد حرف "من" قبل لفظة: "جناح"، وهو في رواية للبخاري. وقال ابن الملقن في "الإعلام" (4/ 40/ ب): "هذا الحديث مما زاده المصنف على العمدة الكبرى".

باب حد السرقة

باب حد السرقة 355 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما؛ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قطعَ في مِجَنٍّ قِيمتُه -وفي لفظٍ: ثمنُه- ثلاثةُ دراهم (¬1). 356 - وعن عائشةَ رضي الله عنها؛ أنها سمِعتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "تقطعُ اليدُ في رُبع دينارٍ فصاعِدًا" (¬2). 357 - وعن عائشةَ رضي الله عنها؛ أن قُريشًا أهمَّهم شأن المخزوميةِ التي سرقتْ، فقالوا: مَن يُكلّم فيها رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالوا: ومَن يجتريءُ عليه إلا أسامةُ بن زيدٍ؛ حِبُّ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فكلَّمه أسامةُ. فقال: "أتشفعُ في حدٍّ من حُدودِ الله؟ " ثم قام، فاختطبَ. فقال: "إنَّما أهلكَ الذين مِن قَبلكم أنَّهم كانُوا إذا سرقَ فيهم الشريفُ تركُوه، وإذا سرقَ فيهم الضَّعيفُ أقامُوا عليه الحدَّ، وأيمُ اللهِ لو أن فاطمةَ بنتَ محمدٍ سرقتْ لقطعتُ يدَها" (¬3). - وفي لفظٍ: كانت امرأةٌ تستعيرُ المتاعَ وتجحدُه، فأمرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقطعِ يدِها (¬4). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (6795)، ومسلم (1686). (¬2) رواه البخاري -واللفظ له- (6789)، ومسلم (1684). (¬3) رواه البخاري (3475)، ومسلم (1688). (¬4) رواه مسلم (1688) (10) وزاد: "مخزومية" بعد "امرأة". وعنده: "أن تقطع يدها" بدل: "بقطع يدها".

باب حد الخمر

باب حد الخمر 358 - عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه؛ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتي برجلٍ قد شرب الخمرَ، فجلدَه بجريدةٍ نحو أربعين. قال: وفعله أبو بكر. فلما كان عمرُ استشارَ الناسَ؟ فقال عبد الرحمن؛ أخفّ الحدودِ ثمانين، فأمرَ به عمر رضي الله عنه (¬1). 359 - عن أبي بُردة؛ هانيء بن نِيار البلويّ رضي الله عنه؛ أنه سمع رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يُجلد (¬2) فوقَ عشرةِ أسواطٍ، إلا في حدٍّ من حُدودِ الله" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (6773)، ومسلم -واللفظ له- (1706)، ووقع في نسخة ابن الملقن: "ثمانون". وانظر: "بلوغ المرام" (1241 بتحقيقي). (¬2) زاد مسلم: "أحد". (¬3) رواه البخاري (6848)، ومسلم -والسياق له- (1708). وفي نسخة ابن الملقن زيادة: "عز وجل" ولم ترد في "أ، ب" كما أنها ليست في الصحيحين، فلعلها من زيادات الناسخ. والله أعلم.

14 - كتاب الأيمان والنذور

14 - كتاب الأيمان والنذور 360 - عن عبد الرحمن بن سَمُرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عبدَ الرحمن بنَ سمُرة! لا تسألِ الإمارةَ؛ فإنك إن أُعطيتها عن مسألةٍ، وُكِلتَ إليها، وإن أُعطيتَها عن غيرِ مسألةٍ، أُعِنتَ عليها، وإذا حلفتَ على يمينٍ فرأيت غيرَها خيرًا منها، فكفِّر عن يَمينك، وائتِ الذي هو خيرٌ" (¬1). 361 - عن أبي مُوسى رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنِّي والله -إن شاء الله- لا أحِلفُ على يمينٍ فأرى غيرَها خيرًا منها، إلاَّ أتيتُ الذي هو خيرٌ، وتحلَّلتُها" (¬2). 362 - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله ينهاكُم أن تحلِفُوا بآبائكم" (¬3). - ولمسلمٍ: "فمَن كان حالفًا فليحلِفْ بالله، أو ليصمُتْ" (¬4). - وفي روايةٍ: قال عمرُ: فوالله ما حلفتُ بها منذُ سمعتُ ¬

_ (¬1) رواه البخاري (6622)، ومسلم (1652). (¬2) رواه البخاري (3133)، ومسلم (1649) (9) ضمن حديث طويل، وسيأتي منه طرف آخر برقم (386). (¬3) رواه البخاري (6647)، ومسلم (1646) (1). (¬4) رواه مسلم (1646) (3)، وهي للبخاري أيضًا (6647).

رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عنها، ذاكرًا ولا آثرًا (¬1). آثرًا. يعني: حاكيًا عن غيري أنه حلف بها. 363 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "قال سُليمان بنُ داود عليهما السلام: لأطُوفنَّ الليلةَ على سبعينَ امرأةً، تلدُ كلُّ امرأةٍ منهن غُلامًا يقاتلُ في سبيلِ الله. فقِيل له: قل: إن شاءَ الله. فلم يقلْ، فأطافَ بهنَّ، فلم تلدْ منهن إلا امرأةٌ واحدةٌ نصفَ إنسانٍ". قال: فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو قالَ: إن شاء الله لم يَحْنَثْ، وكان دركًا لحاجتهِ" (¬2). قوله: "قيل له: قل: إن شاء الله" يعني: قال له الملك (¬3). 364 - عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن حلَفَ على يمينٍ صَبْرٍ، يقتطِعُ بها مالَ امريءٍ مُسلمٍ -هو فيها فاجرٌ- لقي الله وهو عليه غضبانُ". ونزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا. . .} إلى آخر الآية (¬4). 365 - عن الأشعث بنِ قيسٍ قال: كان بيني وبين رجُلٍ خُصومةٌ في بئرٍ. فاختصمنا إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "شاهداك، أو يمينهُ". قلتُ: إذًا يحلِف ولا يُبالي! فقال ¬

_ (¬1) رواه البخاري (6647)، ومسلم (1646) (1). (¬2) رواه البخاري (5242)، ومسلم -واللفظ له- (1654) (24). (¬3) هذا الذي قاله المصنف جاء صريحًا في رواية البخاري. وفي رواية للبخاري (3424) وهي لمسلم أيضًا (1654) (25): "فقال له صاحبه". (¬4) رواه البخاري (2356)، ومسلم (138).

باب النذر

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن حَلف على يمينٍ صبر، يقتطعُ بها مالَ امريءٍ مُسلمٍ، هو فيها فاجِرٌ، لقي الله وهو عليه غضبانُ" (¬1). 366 - عن ثابت بن الضحّاك الأنصاريّ رضي الله عنه؛ أنه بايعَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - تحتَ الشجرةِ، وأنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ حلفَ على يَمينٍ بملّةٍ غيرِ الإسلام كاذبًا مُتعمدًا، فهو كما قالَ. ومن قتلَ نفسَه بشيء عُذِّب به يومَ القيامةِ، وليس على رجلٍ نذرٌ فيما لا يملكُ" (¬2). - وفي روايةٍ: "ولَعْنُ المؤمنِ كقتلِهِ" (¬3). - وفي روايةٍ: "ومَن ادّعى دعوى كاذبةً؛ ليتكثَّر بها: لم يزِدْهُ الله بها إلا قلةً" (¬4). باب النذر (¬5) 367 - عن عُمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قُلتُ: يا رسول الله! إني نذرتُ في الجاهليةِ: أن أعتكفَ ليلةَ -وفي روايةٍ: يومًا- في المسجدِ الحرامِ؟ قال: "فأوفِ بنذرِك" (¬6). ¬

_ (¬1) هذا الحديث في "الصحيحين" عقيب الحديث السابق. (¬2) رواه البخاري (6047)، ومسلم (110). (¬3) رواه البخاري (6105)، وهي لمسلم أيضًا. وزاد البخاري: "ومن قذف مؤمنًا بكفر فهو كقتله". (¬4) هذه الرواية لمسلم وحده. (¬5) كذا في "أ، ب"، ووقع في نسخة ابن الملقن: "باب النذور". (¬6) تقدم برقم (214). وفي "أ، ب": "إني كنت نذرت".

باب القضاء

368 - عن عبد الله بنِ عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه نهى عن النذرِ. وقال: "إنّه لا يأتي بخيرٍ، وإنما يُستخرجُ به مِن البخيلِ" (¬1). 369 - عن عُقبة بن عامرٍ رضي الله عنه قال: نذرتْ أُختي أن تمشِي إلى بيت الله الحرام حافيةً، فأمرتني أن استفتي لها رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -. فاستفتيتُه. فقال: "لتمشِ، ولتركبْ" (¬2). 370 - عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ أنه قال: استفتى سعد بنُ عُبادةَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في نذرٍ كان على أمِّه -توفِّيتْ قبلَ أن تقضِيه- فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "فاقضِهِ عنها" (¬3). 371 - عن كعب بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسولَ الله! إن مِن تَوبتي أن أنخلعَ من مالي؛ صدقةَ إلى الله وإلى رسولِ - صلى الله عليه وسلم -. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمسِكْ عليك بعضَ مالِكَ؛ فهو خبرٌ لكَ" (¬4). باب القضاء 372 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: قال رسولُ الله ¬

_ (¬1) رواه البخاري (6608)، ومسلم -واللفظ له- (1639) (4). (¬2) رواه البخاري (1866)، ومسلم (1644)، وليس عند البخاري قوله: "حافية". (¬3) رواه البخاري (2761)، ومسلم (1638) وسقط لفظ: "عنها" من نسخة ابن الملقن، وهو ثابت في "أ، ب" كما أنه في الصحيحين. (¬4) رواه البخاري (6690)، ومسلم (2769).

- صلى الله عليه وسلم -: "مَن أحدثَ في أمرِنا هذا ما ليسَ منه، فهو ردٌّ" (¬1). - وفي لفظٍ: "مَن عمِل عملًا ليس عليه أمرُنا، فهو رَدٌّ" (¬2). 373 - وعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: دخلتْ هند بنتُ عُتبة -امرأةُ أبي سفيان- على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالتْ: يا رسول الله! إن أبا سُفيان رجلٌ شحِيحٌ؛ لا يُعطيني من النفقةِ ما يكفيني ويكفي بَنيَّ، إلا ما أخذتُ من ماله بغيرِ علمِه، فهل عليَّ في ذلك من جُناحٍ؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "خُذي من مالِهِ بالمعروفِ ما يكفِيكِ، ويكفي بَنِيكِ" (¬3). 374 - عن أم سلَمة رضي الله عنها؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمِع جلبةَ خصمٍ بباب حُجرته، فخرجَ إليهم. فقال: "ألا إنَّما أنا بشرٌ، وإنما يأتيني الخَصْمُ، فلعل بعضَكم أن يكونَ أبلغَ من بعضٍ، فأحسِبُ أنه صادِقٌ، فأقضِي له. فمن قضيتُ له بحق مسلمٍ، فإنما هي قطعةٌ من النارِ، فليحمِلْها، أو يذَرْها" (¬4). 375 - عن عبد الرحمن بنِ أبي بَكَرة رضي الله عنه قال: كتبَ أبي -وكتبتُ له إلى ابنهِ عبيد الله بن أبي بكرة، وهو قاضٍ بسجستان-: أن لا تحكمَ بين اثنينِ وأنت غَضبانٌ؛ فإني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يحكُمْ أحدٌ بين اثنينِ وهو غَضْبانٌ" (¬5). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (2697)، ومسلم (1718) (17). (¬2) هذا اللفظ لمسلم (1718) (18). (¬3) رواه البخاري (2211)، ومسلم -والسياق له- (1714) (7). (¬4) رواه البخاري (2458)، ومسلم -واللفظ له- (1713) (5). (¬5) رواه مسلم (1717)؛ وليس عنده لفظ: "ابنه". وقال الحافظ في "الفتح" =

- وفي روايةٍ: "لا يقضينَّ حكمٌ بين اثنينِ وهو غضبانٌ" (¬1). 376 - عن أبي بَكْرةَ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أُنبِّئكم بأكبرِ الكَبائرِ" ثلاثًا؟ قُلنا: بلى. يا رسولَ الله! قال: "الإشراكُ بالله، وعقوقُ الوالدين". وكان متكئًا فجلسَ، فقال: "ألا وقولُ الزُّورِ، وشهادةُ الزورِ". فما زال يكرِّرها حتى قُلنا: ليته سكتَ (¬2). 377 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما؛ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو يُعطى الناسُ بدعْواهم، لادَّعى ناسٌ دماءَ رجالٍ وأموالَهم، ولكن اليمينُ على المدَّعى عليه" (¬3). ¬

_ = (13/ 137): "وقع في العمدة: كتب أبي وكتبت له إلى ابنه عبيد الله. . . وهو موافق لسياق مسلم، إلا أنه زاد لفظ: ابنه". (¬1) رواه البخاري (7158). (¬2) رواه البخاري (2654)، ومسلم (87). (¬3) هذا اللفظ لمسلم (1711)، ولفظ البخاري (4552): "لو يعطى الناس بدعواهم لذهب دماء قوم وأموالهم. . . اليمين على المدعى عليه". وقال ابن الملقن في "الإعلام" (4/ 77/ أ): "اللفظ الذي ساقه المصنف هو لفظ مسلم. . . ولهذا لما ساقه المصنف في "عمدته الكبرى" باللفظ المذكور قال: رواه مسلم، والبخاري نحوه".

15 - كتاب الأطعمة

15 - كتاب الأطعمة 378 - عن النُّعمان بن بَشيرٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول -وأهوى (¬1) النعمانُ بإصبعيه إلى أُذنيه-: "إن الحلالَ بيِّنٌ، وإنَّ الحرامَ بيِّنٌ، وبينهما مُشتبِهاتٌ، لا يعلمُهنَّ كثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشُّبهاتِ استبرأ لدِينه وعِرْضه، ومَن وقعَ في الشُّبهاتِ وقعَ في الحرام، كالرَّاعي يرعى حولَ الحِمىَ يُوشك أن يرتعَ فيه، ألا وإن لكلِّ مَلكٍ حِمىً، ألا وإن حمَى الله محارِمُه، ألا وإن في الجسدِ مُضغةً إذا صلَحتْ صلَح الجسدُ كلُّه، وإذا فسدتْ فسدَ الجسدُ كلُّه، ألا وهي القلبُ" (¬2). 379 - عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: أنفجْنا أرنبًا بمَرِّ الظَّهران، فسعى القومُ فلغَبُوا، فأدركتُها فأخذْتُها (¬3)، فأتيتُ بها أبا طلحةَ، فذبَحها، وبعثَ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بوَرِكِها وفخِذَيها (¬4). فقَبِله (¬5). لغبوا: أعيوا. ¬

_ (¬1) كذا في "أ" وهو الموافق لما في صحيح مسلم، وفي "ب" ونسخة ابن الملقن: "وأشار" وليس هذا اللفظ في الصحيحين، وأشار ناسخ "ب" في الهامش إلى نسخة أخرى بلفظ: "أهوى". (¬2) رواه البخاري (52)، ومسلم (1599). (¬3) قوله: "فأخذتها" لم يرد إلا في "أ" وهو في البخاري. (¬4) هذا لفظ مسلم، وللبخاري: "بوركها -رواية: بوركيها- أو فخذيها". (¬5) رواه البخاري (2572)، ومسلم (1953).

380 - عن أسماء بنتِ أبي بكرٍ رضي الله عنهما قالتْ: نحرْنا على عهدِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فرسًا فأكلْناه (¬1). - وفي روايةٍ: ونحنُ بالمدينةِ (¬2). 381 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لُحومِ الحُمر الأهلية، وأذِنَ في لُحوم الخيلِ (¬3). - ولمسلمٍ وحده قال: أكلْنا زمنَ خيبرَ الخيلَ وحُمُرَ الوحشِ، ونهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن الحمارِ الأهلي (¬4). 382 - عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: أصابتنا مَجَاعةٌ ليالي خيبرَ، فلما كان يومُ خيبرَ وقعنا في الحُمرِ الأهلية فانتحرْناها، فلما غلتْ بها القُدورُ، نادى مُنادي رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أن أكفِئوا القُدورَ، ولا تأكلُوا من لحومِ الحُمر شيئًا" (¬5). 383 - عن أبي ثَعْلبة رضي الله عنه قال: حرَّم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لُحومَ الحُمرِ الأهليةِ (¬6). 384 - عن عباسٍ رضي الله عنهما قال: دخلتُ -أنا وخالد بنُ الوليدِ- مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بيتَ ميمونةَ، فأُتي بضبٍّ ¬

_ (¬1) رواه البخاري (5519)، ومسلم (1942). (¬2) رواه البخاري (5511) وفي روايته هذه: "ذبحنا" بدل: "نحرنا". (¬3) رواه البخاري (5524)، ومسلم (1941)، وعندهما أن النهي كان يوم خيبر. وعند البخاري "رخص" بدل: "أذن". (¬4) رواه مسلم (1941) (37) وعنده: "ونهانا" بدل: "ونهى". (¬5) رواه البخاري (3155)، ومسلم (1937). (¬6) رواه البخاري (5527)، ومسلم (1936).

محنوذٍ، فأهوى إليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بيدِه. فقال بعضُ النِّسوةِ اللاتي في بيتِ ميمونة. أخبروا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بما يُريدُ أن يأكل. فرفع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يدَه. فقلتُ: أحرامٌ هو يا رسولَ الله؟ قال: "لا. ولكنّه لم يكن بأرضِ قومي؛ فأجدُني أَعافُه". قال خالدٌ: فاجتررتُه فأكلتُه، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ينظر (¬1). المحنوذ: المشوي بالرَّضْفِ، وهي: الحجارة المحماة. 385 - عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: غَزَونا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - سبعَ غزواتٍ، نأكلُ الجراد (¬2). 386 - عن زَهْدَم بن مُضَرِّب الجَرْمي قال: كنا عند أبي مُوسى رضي الله عنه فدعا بمائدته (¬3) -وعليها لحمُ دجاجٍ- فدخل رجلٌ من بني تيم الله أحمرُ شَبِيةٌ بالموالي. فقال له: هلمّ. فتلكّأ. فقال له: هلم؛ فإني قد رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يأكلُ منه (¬4). 387 - عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما؛ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أكلَ أحدُكم طعامًا، فلا يمسحْ يدَه حتى يَلعَقَها، أو يُلعِقَها" (¬5). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (5537)، ومسلم -واللفظ له- (1945). (¬2) رواه البخاري (5495)، ومسلم -واللفظ له- (1952). (¬3) كذا في "أ" وهو الموافق لما عند مسلم، وفي نسخة ابن الملقن، و"ب": "بمائدةٍ". (¬4) رواه البخاري (6721)، ومسلم (1649) (9) ضمن حديث طويل، وهو طرف من الحديث السابق برقم (361). (¬5) رواه البخاري (5456)، ومسلم (2031).

باب الصيد

باب الصيد 388 - عن أبي ثَعلبة الخُشني رضي الله عنه قال: أتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -. فقلتُ: يا رسولَ الله! إنا بأرضِ قومٍ أهلِ كتابٍ، أفنأكلُ في آنيتهم؟ وفي أرضٍ أَصِيدُ بقوسي وبكلبي الذي ليسَ بمعلَّمِ وبكلبي المُعلَّم، فما يصلُحُ لي؟ قال: "أمّا ما ذكرتَ -يعني: من آنيةِ أهلِ الكتابِ- فإن وجدتُم غيرَها فلا تأكلُوا فيها، وإن لم تجِدُوا فاغسِلُوها، وكُلوا فيها. وما صِدتَ بقوسِك فذكرتَ اسمَ الله عليه فكُل، وما صِدْتَ بكلبك المُعلّمِ فذكرتَ اسمَ الله عليه فكُلْ، وما صدتَ بكلبك غيرِ المعلَّمِ فأدركتَ ذكاته فكُلْ" (¬1). 389 - عن همّام بن الحارث، عن عديّ بن حاتمٍ رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسولَ الله! إني أُرسلُ الكلابَ المعلَّمةَ، فيُمسِكنَ عليّ، وأذكرُ اسمَ الله؟ فقال: "إذا أرسلتَ كلبَكَ المعلَّمَ، وذكرتَ اسمَ الله، فكُلْ ما أمسكَ عليك". قلت: وإن قتلنَ؟ قال: "وإن قَتلْنَ، ما لم يَشْرَكْها كلبٌ ليس منها". قلتُ له: فإني أرمي بالمِعْراض الصيدَ فأُصُيبُ؟ فقال: "إذا رميتَ بالمعراضِ فخزَقَ فكلْهُ، وإن أصابَه بعَرْضٍ (¬2) فلا تأكلْهُ" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (5496)، ومسلم (1930). (¬2) كذا في الأصول الثلاثة: "بعرض" والذي في "الصحيحين": "بعرضه". (¬3) رواه البخاري (5477 و7397) مختصراً، ورواه مسلم -واللفظ له- (1929) (1).

- وحديث الشَّعبي، عن عديٍّ نحوُه، وفيه: "إلا أن يأكُلَ الكلبُ، فإن أكلَ فلا تأكلْ؛ فإنِّي أخافُ أن يكونَ إنما أمسكَ على نفسِه، وإن خالَطها كلابٌ من غيرها فلا تأكُلْ (¬1)؛ فإنما سَمَّيتَ على كلبك، ولم تُسمِّ على غيرِه" (¬2). وفيه: "إذا أرسلتَ كلبَك المُكلَّبَ فاذكُرِ اسمَ الله، فإن أمسكَ عليك فأدركتَهُ حيًّا فاذْبَحْه، وإن أدركته قد قَتَلَ ولم يأكلْ منه فكُله (¬3). فإنّ أَخَذَ الكلبِ ذكاتُه" (¬4). وفيه أيضًا: "إذا رميتَ بسهمِكَ فاذكُرْ اسمَ الله" (¬5). وفيه: "فإن غابَ عنك يومًا أو يَومين -وفي رواية: اليومينِ والثلاثةَ- فلم تجد فيه إلا أثرَ سهمِك، فكُلْ إن شئتَ. فإن وجدته غريقًا في الماءِ فلا تأكل؛ فإنك لا تدرِي الماءُ قتله، أو سهمُك؟ " (¬6). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (5483) و (5487)، ورواه مسلم (1929) (2). (¬2) وهذه الجملة للبخاري (5486) كما أنها لمسلم (1929) (3). (¬3) هذه الرواية لمسلم (1929) (6)، ولكن ليس عنده لفظ: "المكلب" وإنما هذه اللفظة لأحمد في "المسند". (¬4) أما هذه الجملة فهي لمسلم أيضًا، ولكن في رواية أخرى (1929) (4) وبلفظ: "فإن زكاته أخذه". (¬5) رواه مسلم (1929) (6). (¬6) وهذه الرواية ملفقة من روايتين في مسلم (1929) (6 و7) بلفظ: "فإن غاب عنك يومًا فلم تجد فيه. . . ". وأما قوله: "يومًا أو يومين" فلم أجدها في مسلم، ولكنها إحدى روايات البخاري (5484). وقوله: "وفي رواية: اليومين والثلاثة، فهي أيضًا رواية لبخاري (5485) معلقة مجزومًا بها.

390 - عن سالم بن عبد الله بن عُمر، عن أبيه رضي الله عنهم قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَن اقتني كلبًا -إلا كلبَ صيدٍ أو ماشيةٍ- فإنه ينقُصُ من أجرِه كلَّ يوم قيراطان" (¬1). قال سالمٌ: وكان أبو هُريرة يقول: "أو كلبَ حرثٍ". وكان صاحبَ حرثٍ (¬2). 391 - عن رافع بن خَدِيج رضي الله عنه قال: كُنّا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بذي الحُليفة من تِهامةَ، فأصابَ الناسَ جوعٌ، فأصابُوا إبلًا وغنمًا. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - في أُخريات القومِ، فعجِلوا وذبحُوا، ونصبوا القُدورَ، فأمرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقُدورِ فأُكفئت، ثم قسَم، فعدل عشرةً من الغنم ببعيرٍ، فندّ منها بعيرٌ، فطلبوه، فأعياهم، وكان في القومِ خيلٌ يسيرة، فأهوى رجلٌ منهم بسهم، فحبسه الله. فقال: "إن لهذه البَهائم أوابدَ كأوابدِ الوحشِ. فما غلبكُم منها فاصنعُوا به هكذا". قال: قلتُ: يا رسول الله! إنا لاقُوا العدوّ غدًا، وليستْ معنا مُدىً. أفنذبحُ بالقصبِ؟ قال: "ما أنهرَ الدمَ، وذُكرَ اسمُ الله عليه، فكُلوه، ليس السِّنَّ وَالظُّفرَ، وسأحدّثُكم عن ذلك؛ أما السنُّ: فعَظمٌ. وأما الظفرُ: فمُدى الحبشةِ" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (5481)، ومسلم (1574) (51). (¬2) رواه مسلم (1574) (54). وروى مسلم أيضًا (53) قال عبد الله: وقال أبو هريرة: "أو كلب حرث". (¬3) رواه البخاري (2488)، ورواه مسلم -بنحوه- (1968).

باب الأضاحي

الأوابد: التي قد توحّشتْ ونفرتْ من الإنسِ. يقال: أبدت تأبد أبودًا (¬1). باب الأضاحي 392 - عن أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: ضحَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشَين أملَحين أقرنين، ذبحهما بيدِه، وسمّى وكبَّر، ووضعَ رِجلَه على صِفَاحهما (¬2). الأملحُ: الأغبرُ، وهو الذي فيه سوادٌ وبياضٌ. ¬

_ (¬1) هذا التفسير من نسخة ابن الملقن فقط. (¬2) رواه البخاري (5564)، ومسلم (1966)، وانظر "بلوغ المرام" (1346 بتحقيقي).

16 - كتاب الأشربة

16 - كتاب الأشربة 394 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما؛ أن عمرَ رضي الله عنه قال -على مِنبر رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -- أما بعدُ: أيُّها الناسُ! إنه نزلَ تحريمُ الخمرِ، وهي من خمسةٍ: من العنبِ، والتَّمرِ، والعسلِ، والحِنطةِ، والشَّعيرِ. والخمرُ: ما خامر العقلَ. ثلاثٌ وددتُ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان عهِد إلينا فيهن عهدًا ننتهي إليه: الجَدُّ، والكَلَالةُ، وأبوابٌ من أبوابِ الربا (¬1). 394 - عن عائشةَ رضي الله عنها، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عن البِتْعِ؟ فقال: "كلُّ شرابٍ أسكرَ، فهو حرامٌ" (¬2). (*) البتع: نبيذ العسل. 395 - عن عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما قال: بلغَ عمرَ رضي الله عنه أن فلانًا باعَ خمرًا. فقال: قاتلَ الله فلانًا! ألم يعلم أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ¬

_ (¬1) رواه البخاري (5588)، ومسلم (3032). (¬2) رواه البخاري (242)، ومسلم (2001). (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كذا بالمطبوع، رقم 394 مكرر

"قاتلَ الله اليهودَ، حُرِّمت عليهم الشُّحومُ، فجمَلُوها، فباعُوها" (¬1). جملوها: أذابوها (¬2). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (2223)، ومسلم (1582)، وفي رواية مسلم: "بلغ عمر أن سمرة باع خمراً. فقال: قاتل الله سمرة". وتحرف في نسخة ابن الملقن "عبد الله بن عباس" إلى: "عبد الله بن عمر" ولعله من سهو النساخ. ووقع في "أ": "لعن" بدل: "قاتل" وهي رواية للبخاري. (3460) كما أنه ليس عند مسلم غيرها. (¬2) هذا التفسير من نسخة ابن الملقن فقط.

17 - كتاب اللباس

17 - كتاب اللباس 396 - عن عُمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تلبَسُوا الحرِيرَ؛ فإنه مَن لبِسَه في الدُّنيا لم يلْبَسْه في الآخرةِ" (¬1). 397 - وعن حُذيفة بن اليَمان رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تلبَسُوا الحريرَ ولا الدِّيباجَ، ولا تشرَبُوا في آنيةِ الذَّهبِ والفِضةِ، ولا تأكلُوا في صِحَافِها؛ فإنّها لهم في الدُّنيا، ولكُم في الآخرةِ" (¬2). 398 - عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه قال: ما رأيتُ مِن ذي لِمّةٍ في حُلّةٍ حمراءَ أحسنَ من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، له شَعَرٌ يضربُ منكِبيه، بعيدُ ما بين المَنكبين، ليس بالقصيرِ ولا بالطَّويلِ (¬3). 399 - وعن البراء بن عازِب -أيضًا - رضي الله عنه قال: أمرَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بسبعٍ، ونهانها عن سبعٍ. أمرنا: بعيادةِ المريضِ، واتّباع الجَنازةِ، وتشمِيتِ العاطِس، وإبرارِ القَسَمِ -أو المُقسِم- ونصرِ المظلُومِ، وإجابةِ الدَّاعي، وإفشاءِ السَّلامِ. ونهانا: عن خَواتيمِ -أو تختُّمِ- الذهبِ، وعن شُرْبٍ بالفضّةِ، ¬

_ (¬1) رواه البخاري (5834)، ومسلم (2069) (11) واللفظ لمسلم، وأما لفظ البخاري فهو: "من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة". (¬2) رواه البخاري (5426)، ومسلم (2067) (5)، وانظر: "بلوغ المرام" رقم (16 بتحقيقي). (¬3) رواه البخاري (3551)، ومسلم -واللفظ له- (2337) (93).

وعن الميَاثِرِ، وعن القَسِّيِّ، وعن لُبْسِ الحريرِ، والإِستبرق، والدِّيباج (¬1). 400 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما؛ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - اصطنعَ خاتمًا من ذهبِ، فكان يجعلُ فصَّه في باطن كفه إذا لبِسَه، فصنعَ الناسُ (¬2)، ثم إنَّه جلس (¬3)، فنزعه. وقال: "إنِّي كنتُ ألبَسُ هذا الخاتمَ، وأجعلُ فصَّه من داخلٍ" فرمى به. ثم قال: "والله لا ألبسُه أبدًا" فنبذ الناسُ خواتيمَهم (¬4). - وفي لفظٍ: جعله في يده اليمنى (¬5). 401 - عن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: نهى عن لَبُوس الحرير، إلا هكذا ورفعَ لنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إصبعيه: السبابةَ، والوُسطى (¬6). - ولمسلمٍ: نهى نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - عن لُبْسِ الحريرِ، إلا موضعَ إصبعينِ، أو ثلاثٍ، أو أربعٍ (¬7). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1239)، ومسلم -واللفظ له- (2066). (¬2) كذا في "أ" وهي رواية لمسلم، وفي نسخة ابن الملقن: "فصنع الناس كذلك" وهذا اللفظ ليس في الصحيحين، وفي "ب": "فصنع الناس مثل ذلك" وهو أيضًا ليس في الصحيحين. (¬3) زاد البخاري ومسلم: "على المنبر". (¬4) رواه البخاري (6651)، ومسلم (2091). (¬5) هذا اللفظ للبخاري (5876) وهو لمسلم أيضًا. (¬6) رواه البخاري (5828) و (5829)، ومسلم (2569) (12) واللفظ لمسلم. (¬7) رواه مسلم (2069) (15).

18 - كتاب الجهاد

18 - كتاب الجهاد 402 - عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما؛ أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -في بعضِ أيامه التي لقي فيها العدوّ- انتظرَ، حتى إذا مَالتِ (¬1) الشمسُ قام فيهم. فقال: "يا أيُّها الناسُ! لا تتمنَّوا لقاءَ العدوِّ، وسلُوا الله العافيةَ، فإذا لَقيتمُوهم فاصبِرُوا، واعلَموا أن الجنّةَ تحتَ ظلالِ السُّيوفِ". ثم قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اللهمّ مُنزِلَ الكتاب، ومُجرِي السِّحابِ، وهازِمَ الأحزاب. اهزمْهُم، وانصُرنا عليهم" (¬2). 403 - عن سهل بن سعدٍ السَّاعدي رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رباطُ يومٍ في سببلِ الله خيرٌ من الدُّنيا ومَا عليها، وموضِعُ سوطِ أحدِكم من الجنَّةِ خيرٌ من الدُّنيا وما عليها، والرَّوحةُ يروحُها العبدُ في سبيلِ الله، أو الغَدْوةُ خيرٌ من الدنيا وما فيها" (¬3). ¬

_ (¬1) كذا في "أ، ب" وهو الموافق لما في الصحيحين، وفي نسخة ابن الملقن: "زالت" ولم أجده في الصحيحين. (¬2) رواه البخاري (2965 و2966) والسياق له، ومسلم (1742). (¬3) رواه البخاري (2892) واللفظ له، ومسلم (1881) مختصرًا وقوله: "وما فيها" من نسخة ابن الملقن وهو رواية للبخاري وليس في مسلم غيره، وفي "أ، ب": "وما عليها" وهي رواية للبخاري.

404 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "انتدبَ الله -ولمسلمٍ: تضمّن الله (¬1) - لِمن خرجَ في سبيله. لا يُخرِجُه إلا جهادٌ في سبِيلي، وإيمانٌ بي، وتصدِيقٌ برسُولي (¬2) فهو عليَّ ضامِنٌ أن أُدخِلُه الجنةَ، أو أُرجعَه إلى مَسكَنِه الذي خرجَ منه، نائلًا ما نالَ من أجرٍ أو غنيمةٍ" (¬3). - ولمسلم: "مَثلُ المُجاهدِ في سَبيل الله -والله أعلمُ بمن يُجاهدُ في سبيل الله -كمثَل الصَّائمِ القائمِ، وتوكَّلَ الله للمجاهدِ في سَبِيله، إن توفّاه أن يُدخِله الجنةَ، أو يُرجِعه سَالمًا مع أجرٍ أو غَنيمةٍ" (¬4). 405 - وعنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما مِن مكلُومٍ يُكْلَم في سبيلِ الله، إلا جاءَ يومَ القيامةِ وكَلْمُه يَدْمِي، اللونُ: لونُ دمٍ. والريحُ: ريحُ المسكِ" (¬5). ¬

_ (¬1) وللبخاري في أكثر من رواية: "تكفل الله"، وهي رواية لمسلم أيضًا. (¬2) كذا في نسخة ابن الملقن: "برسولي" وفي "الصحيحين": "برسلي". وفي "أ، ب": "وتصديق رسولي" وليس ذلك في الصحيحين. (¬3) رواه البخاري (36)، ومسلم (1876). (¬4) هذا اللفظ ليس لمسلم، وإنما هو للبخاري (2787). وإنما روى مسلم (1878) من طريق آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: "مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله. لا يفتر من صيام ولا صلاة. حتى يرجع المجاهد في سبيل الله تعالى". (¬5) هذا اللفظ للبخاري برقم (5533). ورواه البخاري (2803)، ومسلم (1876) (105) بلفظ: " [والذي نفسي بيده] لا يكلم أحد في سبيل الله -والله أعلم بمن يكلم في سبيله- إلا جاء يوم القيامة [وجرحه يثعب] اللون لون الدم، والريح ريح =

406 - عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "غَدْوةٌ في سبيلِ الله أو رَوْحةٌ، خيرٌ مما طلعتْ عليه الشَّمسُ، و (¬1) غَرَبَتْ". أخرجه مسلم (¬2). 407 - عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "غَدْوةٌ في سبيلِ الله أو رَوْحةٌ، خيرٌ من الدُّنيا وما فِيها". وأخرجه البخاري (¬3). 408 - عن أبي قَتادة الأنصاريّ رضي الله عنه قال: خرجْنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حُنين -وذكر قصةً- فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قتلَ قتِيلًا، له عليه بينةٌ، فله سلبُه" قالها ثلاثًا (¬4). ¬

_ = مسك". والزيادة الأولى للبخاري، والثانية لمسلم. ولهما رواية أخرى بلفظ: "كُلُّ كَلْم يُكْلَمه المسلم في سبيل الله، تكون يوم القيامة كهيئتها، إذا طُعنت تفجَّرُ دمًا، اللون لون الدم، والعَرْفُ عرف المسك". (¬1) كذا في "أ، ب" وهو الذي في مسلم، ووقع في نسخة ابن الملقن: "أو". (¬2) رواه مسلم (1883). (¬3) رواه البخاري (6568)، ومسلم (1880). وقال ابن الملقن في "الإعلام" (4/ 118/ ب): "هذا الحديث متفق عليه في "الصحيحين" فقوله: "وأخرجه البخاري" يعني: مع مسلمٍ. ويقع في بعض الشروح: أخرجه البخاري. بحذف الواو. فيوهم أنه من أفراده، فأحببت [أن أنبه على] ذلك، وقد علَّم هو له في "عمدته الكبرى" بعلامة البخاري فقط، فأوهم أنه من أفراده، وليس كذلك". قلت: هو في نسخة ابن الملقن فقط بإثبات الواو، وهي محذوفة من "أ، ب". (¬4) رواه البخاري (3142)، ومسلم (1751).

409 - عن سلَمة بن الأكوعَ رضي الله عنه قال: أَتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عينٌ مِن المُشركين -وهو في سفرٍ- فجلسَ عند أصحابه يتحدَّثُ، ثم انفتلَ. فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اطلبُوه، واقتُلوه". فقتلتُه. فنفَّلني (¬1) سلبه (¬2). - وفي روايةٍ فقال: "مَن قتلَ الرجلَ؟ " فقالوا: ابنُ الأكوع. قال: "له سلبُه أجمعُ" (¬3). 410 - عن عبد الله بنِ عُمر رضي الله عنهما قال: بعثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - سريةً إلى نجدٍ، فخرجتُ فيها، فأصبنا إبلًا وغنمًا، فبلغتْ سُهمَانُنا اثني عشر بعيرًا، ونفَّلنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بعيرًا بعيرًا (¬4). 411 - وعنه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا جمعَ الله الأوّلين ¬

_ (¬1) هذه اللفظة رواية أبي داود (2653)، وأما رواية البخاري: "فنفله" وفيه التفات من ضمير المتكلم إلى ضمير الغيبة، كما قال الحافظ في "الفتح" (6/ 169). (¬2) رواه البخاري (3051). (¬3) هذه الرواية لمسلم (1754)، وهي ضمن قصة عنده مطوله، وقد ذكرتها في الجزء الأول من كتاب "صور من حياة الأبطال" ص (42) الطبعة الأولى. (¬4) رواه البخاري (4338)، ومسلم -واللفظ له- (1749) (37) وقوله: "إلى نجد" وقع في رواية البخاري، وهي أيضًا رواية لمسلم: "قِبل نجد". وفي رواية للبخاري (3134) وأخرى لمسلم: "اثني عشر بعيرًا أو أحد عشر بعيرًا". وذكر الغنم في الحديث هو من زيادات مسلم دون البخاري، وزاد البخاري: "فرجعنا بثلاثة عشر بعيرًا".

والآخِرين يُرفَعُ لكلّ غادرٍ لواءٌ. فيُقال: هذه غَدْرةُ فُلان بنِ فلانٍ" (¬1). 412 - وعنه أن امرأةً وُجِدتْ في بعضِ مغازي النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مقتولةً. فأنكرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتلَ النساءِ والصِّبيان (¬2). 413 - عن أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه؛ أن عبدَ الرحمن بنَ عوفٍ، والزبيرَ بن العوام، شَكَيَا القَمْلَ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في غَزاةٍ لهما، فرخَّص لهما في قميصِ الحريرِ، ورأيتُه عليهما (¬3). 414 - عن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه قال: كانتْ أموالُ بني النَّضِير مما أَفاءَ الله على رسُوله ممّا لم يُوجفِ المسلمون عليه بخيلٍ ولا رِكابٍ، وكانتْ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - خالصًا (¬4)، فكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يعزِلُ نفقةَ أهلِه سنةً (¬5)، ثم يجعلُ ما بقي في الكُرَاعِ والسِّلاحِ؛ عُدّةً في سبيلِ الله عز وجل (¬6). 415 - عن عبد الله بنِ عُمر رضي الله عنهما قال: أجرى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ما ضُمِّر من الخيلِ: من الحَفْياء إلى ثنيةِ الوَداع، وأجرى ¬

_ (¬1) رواه البخاري (6177) مختصراً، ورواه مسلم -واللفظ له- (1735) (9). (¬2) رواه البخاري (3014)، ومسلم (1744) (24). وعندهما في رواية: "فنهى عن" بدل: "فأنكر". (¬3) رواه البخاري (2920)، ومسلم (2076) مع تفاوت في بعض ألفاظه. (¬4) كذا بالأصول الثلاثة، وفي "الصحيحين": "خاصة". (¬5) في "الصحيحين": "ينفق على أهله نفقة سنة". (¬6) رواه البخاري (2904 و4885)، ومسلم (1757) (48).

ما لم يُضمَّر: من الثنيةِ إلى مسجدِ بني زُرَيق. قال ابنُ عمر: وكنتُ فيمن أجرى. قال سُفيان: من الحَفْياء إلى ثنيةِ الوداع: خمسةُ أميالٍ، أو ستةٌ. ومن ثنيةِ الوداع إلى مسجدِ بني زُريق: مِيلٌ (¬1). 416 - وعنه قال: عُرِضْتُ على النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ أُحدٍ -وأنا ابنُ أربع عشرةَ- فلم يُجزني، وعُرِضتُ عليه يومَ الخندقِ- وأنا ابنُ خمسَ عشرةَ- فأجازني (¬2). 417 - وعنه؛ أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَسَمَ في النفلِ: للفرسِ سهمينِ، وللرجُلِ سهمًا (¬3). 418 - وعنه أيضًا؛ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُنفَّلُ بعضَ من يبعثُ مِن السرايا لأنفُسِهم خاصّةً، سوى قَسْمِ عامَّةِ الجيشِ (¬4). 419 - عن أبي مُوسى؛ عبد الله بن قيس رضي الله عنه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن حملَ علينا السِّلاح فليسَ مِنَّا" (¬5). ¬

_ (¬1) رواه البخاري -واللفظ له- (2868)، ورواه مسلم (1870) بنحوه، ولم يرو قول سفيان أصلًا. (¬2) رواه البخاري (4097)، ومسلم (1868). (¬3) رواه البخاري (2863)، ومسلم (1762). (¬4) رواه البخاري (3135)، ومسلم (1750) (40) وزاد الأخير: "والخمس في ذلك. واجب، كُلِّه". (¬5) رواه البخاري (7071)، ومسلم (100).

420 - عن أبي مُوسى رضي الله عنه قال: سئُل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجلِ: يُقاتِلُ شجاعةً، ويُقاتل حَمِيّةً، ويُقاتل رِياءً، أيُّ ذلك في سبيل الله؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قاتلَ لتكون كلمةُ الله هي العُليا، فهو في سَبِيلِ الله" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (7458)، ومسلم (1904) (150). وفي نسخة ابن الملقن زيادة: "عز وجل" وهي رواية للبخاري (123).

19 - كتاب العتق

19 - كتاب العتق 421 - عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما؛ أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن أعتقَ شِركًا له في عبدٍ، فكان له مالٌ يبلغُ ثمنَ العبد، قُوِّمَ عليه قيمةَ عدلٍ، فأَعطى شُركاءَه حِصَصهُم، وعَتقَ عليه العبدُ، وإلا فقد عَتَقَ منه ما عَتَقَ" (¬1). 422 - عن أبي هُريرة رضي الله عنه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن أعتقَ شَقِيصًا (¬2) من مملُوكٍ، فعليه خلاصُه (¬3) في مَالِهِ، فإنْ لم يكن له مالٌ، قُوِّمَ المملوكُ قيمةَ عدلٍ، ثم استُسعِي، غيرَ مشقوقٍ عليه" (¬4). 423 - عن جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما قال: دبَّر رجلٌ مِن الأنصارِ غُلامًا له (¬5). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (2522)، ومسلم (1501). (¬2) كذا في "أ" وهو موافق لما في البخاري، وفي نسخة ابن الملقن و"ب": "شقصًا" وهي لمسلم وأيضًا رواية للبخاري. وهما بمعنى واحد. (¬3) في نسخة ابن الملقن زيادة: "كله"، وفي "ب": "من ماله": بدل: "في ماله"، والمثبت من "أ"، وهو الموافق لرواية البخاري. (¬4) رواه البخاري (2527)، ومسلم (1503)، وانظر "بلوغ المرام" (1423 بتحقيقي). (¬5) هذا اللفظ لمسلم في كتاب الأيمان (997) (59) وزاد: "لم يكن له مال غيره. فباعه رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -. قال جابر: فاشتراه ابن النحام. عبدًا قبطيًا مات عام أول، =

- وفي لفظٍ: بلغَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: أن رجُلًا من أصحابِهِ أعتقَ غُلامًا له عن دُبُرٍ، لم يكن له مالٌ غيرُه، فباعه بثمانمائة درهمٍ. ثم أرسلَ ثمنه إليه (¬1). آخر الكتاب والحمد لله وحده وصلى الله على محمد وآله ¬

_ = في إمارة ابن الزبير". (¬1) هذا اللفظ للبخاري (7186)، ورواه مسلم (ج3/ ص1289/ رقم 997) بمعناه.

§1/1