عرفوا الحق فتركوا الباطل

شحاتة صقر

مقدمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، خالق السماوات السبع والأرضين، الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبد الله، الصادق الأمين، وبعدُ .. فهذه رسالة من مسلم يريد للناس جميعًا معرفة الدين الحق والإيمان به، ونرسل هذه الرسالة إلى كل باحثٍ عن الحق في العالم ندعوهم إلى دين الإسلام، اقتداءًا بنبينا محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - الذي راسل ملوك عصره، يدعوهم إلى الله - عز وجل - حيث كتب إلى قيصر ملك الروم، وكسرى ملك فارس، والمقوقس ملك مصر، والنجاشي ملك الحبشة. وهذا نَصُّ رسالة رسول الله محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى «هرقل»: «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الهُدَى أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤْتِكَ اللهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ

إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ وَ {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [سورة آل عمران: 64]» (رواه الإمام البخاري). «بِدِعَايَةِ الْإِسْلَام» أَيْ: بِالْكَلِمَةِ الدَّاعِيَة إِلَى الْإِسْلَام، وَهِيَ شَهَادَة أَنْ لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول الله. «فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ» أَي عَلَيْك مَعَ إِثْمك إِثْم الضُّعَفَاء وَالْأَتْبَاع إِذَا لَمْ يُسْلِمُوا تَقْلِيدًا لَك؛ لِأَنَّ الْأَصَاغِر أَتْبَاع الْأَكَابِر. * قال الله - عز وجل -: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [سورة المائدة: 14 - 15]. * وقال - عز وجل -: {مَّا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [سورة المائدة: 75].

* وقال - عز وجل -: {لَن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للهِ وَلاَ المَلآئِكَةُ المُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعًا} [سورة النساء: 172]. (أى لن يمتنع المسيح - عليه السلام - ولن يتنزه عن العبودية لله - عز وجل - ولن ينقطع عنها. ولن يُعَابَ أن يكون عبداً لله - عز وجل -. * وقال - عز وجل -: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللهِ إِلاَّ الحَقِّ إِنَّمَا المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلاً} [سورة النساء: 171]. * وقال - عز وجل -: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى المَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [سورة التوبة: 30]. * وقال - عز وجل -: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَل رَّفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [سورة النساء: 157 - 158].

* وقال - عز وجل -: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [سورة المائدة: 73]. * وقال - عز وجل -: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ المَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [سورة المائدة: 72]. * وقال - عز وجل -: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَللهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [سورة المائدة: 17]. * وقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «ثَلَاثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وآله وسلم -، وَالْعَبْدُ الْمَمْلُوكُ إِذَا أَدَّى حَقَّ اللهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ، وَرَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ» (رواه الإمام البخاري). * وقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ» (رواه الإمام مسلم).

ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين

رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ قال تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ باللهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ * فَأَثَابَهُمُ اللهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء المُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الجَحِيمِ} [المائدة: 82 - 86]، قال قتادة: «هم قوم كانوا على دين عيسى ابن مريم - عليه السلام - فلما رأوا المسلمين وسمعوا القرآن أسلموا ولم يتلعثموا»، واختار ابن جرير أن هذه الآيات نزلتْ في صفة أقوام بهذه المثابة سواء كانوا من الحبشة أو غيرها. فقوله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ} وما ذاك إلا لأن كفر اليهود كفر عناد وجحود ومباهتة للحق وغمط للناس وتنقص بحملة العلم ولهذا قتلوا كثيراً من الأنبياء حتى هَمُّوا بقتل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - غير مرة وسمّوه وسحروه وألّبوا عليه أشباههم من المشركين، عليهم لعائن الله

المتتابعة إلى يوم القيامة. وقوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى}، أي الذين زعموا أنهم نصارى من أتباع المسيح وعلى منهاج إنجيله فيهم مودة للإسلام وأهله في الجملة وما ذاك إلا لما في قلوبهم ـ إذا كانوا على دين المسيح ـ من الرقة والرأفة كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً} [الحديد: 27]، وفي كتابهم: «من ضربك على خدك الأيمن فأَدِرْ له خدك الأيسر»، وليس القتال مشروعاً في ملتهم، ولهذا قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} أي يوجد فيهم القسيسون وهم خطباؤهم وعلماؤهم، واحِدُهُم قسيس وقس أيضا، والرهبان جمع راهب وهو العابد مشتق من الرهبة وهي الخوف. فقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} تضمن وصفهم بأن فيهم العلم والعبادة والتواضع، ثم وصفهم بالانقياد للحق واتباعه والإنصاف فقال: {وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الحَقِّ} أي مما عندهم من البشارة ببعثة محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، يقولون: {رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} أي مع من يشهد بصحة هذا ويؤمن به، أي مع محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - وأمته هم الشاهدون يشهدون لنبيهم - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قد بلغ وللرسل

أنهم قد بلغوا. وهذا الصنف من النصارى هم المذكورون في قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ باللهِِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [آل عمران: 199]، وهم الذين قال الله فيهم: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ * أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الجَاهِلِينَ} [القصص: 52 - 55]. ولهذا قال تعالى ها هنا: {فَأَثَابَهُمُ اللهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ}، أي فجازاهم على إيمانهم وتصديقهم واعترافهم بالحق {جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا}، أي ماكثين فيها أبداً لا يحولون ولا يزولون {وَذَلِكَ جَزَاء المُحْسِنِينَ}، أي في اتباعهم الحق وانقيادهم له حيث كان، وأين كان، ومع من كان، ثم أخبر عن حال الأشقياء فقال: {وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا} أي جحدوا بها وخالفوها {أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الجَحِيمِ} أي هم أهلها والداخلون فيها (¬1). ¬

_ (¬1) باختصار من تفسير ابن كثير.

هؤلاء ... عرفوا الحق فتركوا الباطل

هؤلاء ... عرفوا الحق فتركوا الباطل الأستاذ بكلية اللاهوت بأسيوط: القسيس الذي أسلم على يديه 13 قسيسًا: كان القس إبراهيم خليل فيلبس راعياً لإحدى الكنائس وأستاذاً للعقائد واللاهوت بكلية اللاهوت بمدينة أسيوط. قصة إسلامه: قال عن نفسه: كان ذلك في إحدى الأمسيات من عام 1955م سمعت القرآن مذاعاً بالراديو في قوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} [سورة الجن: 1 - 2]. كانت هاتان الآيتان بمثابة الشعلة المقدسة التي أضاءت ذهني وقلبي للبحث عن الحقيقة، وفي تلك الأمسية عكَفْتُ على قراءة القرآن حتى أشرقَتْ شمس النهار. ثم قرأت مرة ثانية فثالثة فرابعة حتى وجدت قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُون} [سورة الأعراف: 157].

عند هذه الآية قرر أن يقوم بدراسة متحررة للكتاب المقدس، فقرر الاستقالة من عمله، وفي 31 مايو 1960م أشهر إسلامه وغيَّرَ اسمه من إبراهيم خليل فيلبس إلى إبراهيم خليل أحمد، كما غيَّرَ أسماء أولاده على النحو التالي: إسحق إلى أسامة، وصموئيل إلى جمال، وماجدة إلى نجوى، وقد فارقَتْه زوجتُه بعد أن استنكرت عليه وعلى أولاده الإسلام ثم عادت ورجعت إليه فيما بعد. وقام إبراهيم خليل بعد إسلامه بإلقاء عدد من المحاضرات في علم «الأديان المقارن» بالمساجد في مدن الإسكندرية والمحلة الكبرى وأسيوط والمنيا وسوهاج وأسوان وفي بعض كليات الجامعات المصرية، فاعتنق كثير من الشباب النصراني الإسلام عندما استبانت له الحقيقة. * وفي عام 1975م طُلِب منه تقديم محاضرة بكلية أسيوط، فتكلم عن المسيح - عليه السلام - وعن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - من خلال الأناجيل والتوراة، وكان للمحاضرة صدى واسع انتهى بإعلان 17 من الشبان أبناء الجامعة إسلامهم. * التقي ـ مع الدكتور جميل غازي - رحمه الله - ـ بـ 13 قسيساً عام 1401هـ بالسودان في مناظرة مفتوحة انتهت باعتناقهم الإسلام جميعاً وهؤلاء كانوا سبب خير وهداية لغرب السودان حيث دخل

الألوف من الوثنيين وغيرهم دين الله على أيديهم، وله مؤلفات منها: (محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - في التوراة والإنجيل والقرآن). درست اللاهوت في ثماني سنوات، واهتدت إلى الإسلام في أسبوع: (ميري واتسون) معلمة اللاهوت سابقاً بإحدى جامعات الفلبين، والمنصِّرة والقسيسة، تحولت بفضل الله إلى داعية إسلامية تنطلق بدعوتها من بُرَيْدة بالمملكة العربية السعودية بمركز توعية الجاليات بالقصيم، كان اسمها قبل الإسلام «ميري»، وهي أمريكية المولد في ولاية أوهايو، والآن بعد الإسلام اسمها خديجة. كان لديها ثلاث درجات علمية: درجة من كلية ثلاث سنوات في أمريكا، وبكالوريوس في علم اللاهوت بالفلبين، ومعلمة اللاهوت في كُليتين فقد كانت لاهوتية وأستاذاً محاضراً وقسيسة ومنصِّرة، كذلك عملت في الإذاعة بمحطة الدين النصراني لإذاعة الوعظ المسيحي، وكذلك ضيفة على برامج أخرى في التلفاز، وكتبت مقالات ضد الإسلام قبل إسلامها، فقد كانت متعصبة جداً للنصرانية. * سمعَتْ عن الإسلام من دكتور فلبيني من المنصرين كان قد أسلَم، وبعد ذلك راودَتْها أسئلة كثيرة: لماذا أسلَم؟! ولماذا بدّل دينه؟! لابد أن هناك شيئاً في هذا الدين وفيما تقوله النصرانية عنه؟!

ففكرت في صديقة قديمة فلبينية أسلمت وكانت تعمل بالمملكة العربية السعودية، فذهبَتْ إليها، وبدأَتْ تسألها عن الإسلام، وأول شيء سألتها عنه معاملة النساء، لأن النصرانية تعتقد أن النساء المسلمات وحقوقهن في المستوى الأدنى في دينهن؛ لذلك هن مختبئات وكائنات في منازلهن دائماً!! وهذا غير صحيح طبعاً. * ارتاحت كثيراً لكلامها، وذهبَتْ إلى المركز الإسلامي فاندهشوا جداً من معلوماتها الغزيرة عن النصرانية ومعتقداتها الخاطئة عن الإسلام، وصححوا ذلك لها، وأعطوها كتيبات، وكانت تلك المرة الأولى التي تقرأ فيها كتباً لمؤلفين مسلمين، والنتيجة أنها اكتشفت أن الكتب التي كانت قد قرأتها من قبل لمؤلفين نصارى ممتلئة بسوء الفهم والمغالطات عن الإسلام والمسلمين، لذلك عاودت السؤال مرة أخرى عن حقيقة القرآن الكريم، وهذه الكلمات التي تُقال في الصلاة. * وفي نهاية الأسبوع عرفت أنه دين الحق، وأن الله وحده لا شريك له، وأنه هو الذي يغفر الذنوب والخطايا، وينقذنا من عذاب الآخرة، ونطقت بالشهادة. * بعد إسلامها تركت عملها كأستاذة في كليتها وبعد شهور عدة طُلِب منها أن تنظم جلسات أو ندوات نَسَوِيّة للدراسات

الإسلامية في مركز إسلامي بالفلبين حيث موطن إقامتها، وظلت تعمل به تقريباً لمدة سنة ونصف، ثم عملت بمركز توعية الجاليات بالقصيم ـ القسم النسائي ـ كداعية إسلامية خاصة متحدثة باللغة الفلبينية بجانب لغتها الأصلية. * هدي الله ابنها «كريستوفر» إلى الإسلام، وسمّى نفسه عمر، وتدعو الله أن يمنَّ على باقي أولادها بنعمة الإسلام. أراد شيئاً وأراد الله له شيئاً آخر: إنه الدكتور جاري ميلر، أحد أعضاء هيئة التدريس في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في قسم الرياضيات، وهو كندي الجنسية، وكان من المبشرين النشطين في الدعوة إلى النصرانية، وذات يوم أراد أن يقرأ القرآن بقصد أن يجد فيه بعض الأخطاء، كان يتوقع أن يجد القرآن كتاباً قديماً مكتوباً منذ 14 قرناً يتكلم عن الصحراء وما إلى ذلك، لكنه ذُهِل مما وجد فيه، بل وجد أن هذا الكتاب يحتوي على أشياء لا توجد في أي كتاب آخر في العالم. * كان يتوقع أن يجد في القرآن بعض الأحداث العصيبة التي مرت على النبي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - مثل وفاة زوجته خديجة ـ رضي الله عنها ـ أو وفاة بناته وأولاده، لكنه لم يجد شيئاً من ذلك!! بل وجد أن هناك سورة كاملة في القرآن تسمى سورة مريم، وفيها تشريف لمريم

- عليها السلام - لا يوجد له مثيل في كتب النصارى ولا في أناجيلهم، ولم يجد سورة باسم عائشة أو خديجة أو فاطمة ـ رضي الله عنهن ـ وكذلك وجد أن عيسى - عليه السلام - ذكر بالاسم 25 مرة في القرآن في حين أن النبي محمداً - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يذكر إلا خمس مرات فقط. * أخذ يقرأ القرآن بتمعُّن أكثر لعله يجد مأخذاً عليه، ولكنه صُعق بآية عظيمة وهي قوله تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} [النساء: 82]. يقول الدكتور «ميلر» عن هذه الآية: «لا يوجد مؤلِّف في العالم يمتلك الجرأة ويؤلف كتابًا ثم يقول: هذا الكتاب خالي من الأخطاء، ولكن القرآن على العكس تماماً، يقول لك: لا يوجد أخطاء بل يعرض عليك أن تجد فيه أخطاء ولن تجد». * ومن الآيات التي وقف عندها الدكتور «ميلر» طويلاً قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ المَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [سورة الأنبياء: 30]، يقول الدكتور «ميلر»: «إن العلم الحديث أثبت أن الخلية تتكون من السيتوبلازم الذي يمثل 80 ? منها والسيتوبلازم يتكون بشكل أساسي من الماء، فكيف لرجل أُمّي عاش قبل 1400 سنة أن يعلم كل هذا لولا أنهم وصل بالوحي من السماء؟».

* اعتنق الدكتور «ميلر» الإسلام عام 1977م ومن بعدها بدأ يلقي المحاضرات في جميع أنحاء العالم، وكذلك له الكثير من المناظرات مع رجال الدين النصارى. قصة إسلام ثاني أكبر قسيس في غانا: ذات يوم أخذ يتساءل: «على الرغم من رغد العيش الذي أنا فيه والرفاهية التي أتمتع بها إلا أنني لم أجد الانشراح ولم أشعر وأنعم بالراحة والسعادة والطمأنينة إذ ما فتِئْتُ أقلقُ من المصير بعد الموت ولم أرسُ على برّ أمان أو قاعدة صلبة تريح الضمير حول ما في الآخرة من مصير، لماذا لا أتعرف على الإسلام أكثر؟ لماذا لا أقرأ القرآن مباشرة، بدلا من الاكتفاء بمعلوماتي عن الإسلام من المصادر النصرانية التي ربما لم تعرض الإسلام بصورته الحقيقة؟». وهنا شرع يقرأ القرآن ويتأمل ويقارن، فوجد فيه الانشراح والاطمئنان، وانفرجت أساريره وعرف طريق الحق وسبيل النور {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [سورة المائدة: 14 - 15]، هنا اتخذ قراره الحاسم وعزم على التصدي لكل عقبة تحول دون إسلامه.

تُرى ماذا فعل؟! لقد ذهب إلى الكنيسة وقابل الرجل الأول فيها، القسيس الأوروبي الكبير عندهم، وأخبره بقراره، فظن أنه يمزح، أو أنه هكذا أراد أن يقنع نفسه، لكنه أكّد له أنه جادٌّ في رغبته هذه، فجُنَّ جنون الرجل وأخذ يزبد ويرعد ويهدد، ثم لما هدأ، أخذ يذكّره بما كان عليه وما صار إليه، وما فيه الآن من نعمة ويسر، وحاول إغراءه بالمال وأنه سيزيد راتبه ويعطيه منحة حالا، ويزيد من المنحة السنوية، ويزيد من صلاحياته، و ... و ... و ... لكن دون جدوى، فجذوة الإيمان قد تغلغلت في شغاف القلب واستقرت في سويداء الضمير، هنا قال له: إذن تُرجِع لنا كل ما أعطيناك وتتجرد من كل ما تملك. قال: أما ما فات فليس لي سبيل إلى إرجاعه، وأما ما لدي الآن فخذوه كله، وكان تحت يديه أربع سيارات لخدمته، وفيلا كبيرة وغيرها، فوقّع تنازلاً عن كل ما يملك. اغتاظ القسيس الكبير وجرّده حتى من ملابسه وطرده من الكنيسة شر طردة، وظن أنه سيكابد الفقر يومين ثم يعود مستسمحاً. خرج من الكنيسة، وهو لا يلبس سوى ما يستر عورته، ولا يملك سوى هذا الدين العظيم الإسلام، وشعر حينئذٍ أنه أسعد

مخلوق على هذه البسيطة، سار ماشياً باتجاه المسجد الكبير وسط البلد وفي الطريق أخذ الناس يمشون بجانبه مستغربين، ويقول بعضهم: لقد جُنَّ القسيس، وهو لا يرد على أحد حتى وصل المسجد فلما هَمّ بالدخول حاولوا منعه متسائلين: إلى أين؟! وإذا بالجواب الصاعقة: جئت أُعلن إسلامي. عجباً!! القسيس الأشهر في البلاد الذي يظهر في شاشة التلفاز مرتين أسبوعياً، الذي يمثل النصرانية في البلد، الذي ... الذي ... الذي ... يأتي اليوم ليُعلن إسلامه، إنها سعادةٌ لا توصف، وفرحة لا تعبر عنها الكلمات، ولا تقدر على تصويرها الجمل والعبارات. دخل المسجد وألقى بالمسلمين المتواجدين خطبة عصماء، أعلن فيها إسلامه، انطلقت على إثرها صيحات التكبير وارتفعت خلالها أصوات التهليل والتسبيح، استبشارا وفرحا بإسلام مَن طالما دعا إلى الضلال، وإذا به اليوم يدعوهم إلى الهداية والإسلام. وأسلم كثيرون غيرهم ... منهم: 1 - سفير ألمانيا السابق في المغرب الذي أصبح اسمه بعد إسلامه «مراد هوفمان». من مؤلفاته (يوميات مسلم ألماني)، و (الإسلام عام ألفين) و (الطريق إلى مكة) وكتاب (الإسلام كبديل) الذي أحدث ضجة كبيرة في ألمانية.

2 - المغني البريطاني المشهور «كات ستيفنس» الذي أصبح اسمه بعد إسلامه «يوسف إسلام» وأصبح له نشاط ملحوظ في الدعوة إلى الإسلام. 3 - السيدة «أنيتاماريا ماكلوسكي» التي كانت تعمل قنصلًا لدولة ألمانيا الغربية في بنجلاديش وأصبح اسمها بعد أن أشهرت إسلامها «منى عبد الله ماكلوسكي». 4 - «هيوجود يزيل بيني» الذي كان يعمل سفيراً لدولة غانا في القاهرة الذي قال إنه لم يعلن اعتناقه للإسلام إلا بعد اقتناعه بأنه الدين الذي جعل الله فيه صلاح الدنيا وخير الشعوب كلها. 5 - «دا?يد بنيامين الكلداني»، كان قسيساً للروم من طائفة الكلدان، وبعد إسلامه تسمى بـ «عبد الأحد داود». 6 - القس المصري «فوزي صبحي سمعان» الذي أصبح بعد إسلامه معلماً للدين الإسلامي. ولقد أسلم والده وأسلمت شقيقته وتزوجت من شاب نصراني «مسيحي» هداه الله للإسلام فاعتنقه وصار داعية له، وهو يعمل حالياً إماماً لأحد المساجد بمدينة الدوحة بدولة قطر. 7 - القسيس الأمريكي «كِنِث چنكِنز» الذي أصبح اسمه بعد إسلامه «عبد الله الفاروق».

8 - «فابيان» أشهر عارضة أزياء فرنسية، فتاة في الثامنة والعشرين من عمرها، جاءتها لحظة الهداية إلى الإسلام وهي غارقة في عالم الشهرة والإغراء والضوضاء، انسحبت في صمت، تركت هذا العالم بما فيه، وذهبت إلى أفغانستان! لتعمل في تمريض جرحى المجاهدين الأفغان! وسط ظروف قاسية وحياة صعبة! 9 - القس الكاثوليكي الفلبيني «كريسانتو بياجو» الذي أصبح اسمه بعد إسلامه «عيسى عبد الله بياجو». 10 - قالت صحيفة «الصنداي تايمز» البريطانية أن 14 ألف بريطاني أبيض، بعضهم من صفوة المجتمع ومن الطبقات المثقفة والعليا قد أعلنوا إسلامهم، وبعضهم من كبار ملاك الأرض أو من المشاهير أو من الأثرياء، ومنهم «يحيى بِرت» مدير إذاعة BBC الأسبق الذي كان اسمه قبل إسلامه «جوناثان برت». 11 - نشرت صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية تقريراً سرياً للمخابرات الفرنسية يفصح عن القلق الشديد من انتشار الإسلام في فرنسا حيث يعلن حوالي ثلاثين إلى خمسين ألف فرنسي إسلامهم سنوياً. 12 - أسلم خلال السنوات الأربع التالية لأحداث 11 سبتمبر حوالي نصف مليون شخص في أوربا وأمريكا.

إلى الهدى ائتنا

إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا * يُقِرّ النصارى الكاثوليك والبروتستانت أن عيسى بن مريم ـ عليهما السلام ـ هو ابن الله حقيقة، وهو أقنوم ثان في آلهة ثلاثة غير منفصلة، وعلى ذلك يكون الأب هو نفسه الروح القدس هو نفسه الابن يسوع «عيسى». قارن هذه العقيدة بما ورد في (إنجيل متى 1: 18): «وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ القُدُس». والسؤال هنا: هل حبلت مريم إذن من ابنها يسوع، الذي هو الله، الذي هو الروح القدس؟! * أما الأرثوذكس فيقولون بأن المسيح هو الله نفسه نزل ليتفقد شعبه. والسؤال هنا: لمن كان يصلي يسوع إنْ كان هو الله؟! لمن كان يتضرع ويبكي حتى يرفع الله عنه كأس الموت؟! (انظر إنجيل متى 26: 39). لو كان عيسى هو الله فمن الذي كان يدبر أمر المخلوقات عندما كان الإله في بطن أمه؟! ومن الذي كان يحيي ويميت ويقدر الأرزاق وهو على هذه الحال؟! وعندما قتله اليهود ـ كما يزعم النصارى ـ فقد بقي العالم بدون إله، فمن الذي كان يسيّر

هل هذا إله؟!

الكون والإله مقتول؟! ويكون اليهود إذن أقوى من الإله؛ لأنهم تغلبوا عليه وقتلوه، فلماذا لا يعبدون إذن من قتلوه؟! وبعدما قتل عيسى «الإله» من الذي أحياه؟! هل هذا إله؟! هل تصدق الآتي؟ حمْل أَم «الإله» وولادته: «كانت مريم مخطوبة ليوسف، قبل أن يجتمعا وجدت حبلى من الروح القدس» (إنجيل متى 1: 18). «وُلد يسوع في بيت لحم اليهودية في أيام هيرودس الملك» (إنجيل متى 2: 1). «ولما تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبي سمي يسوع كما تسمى الملاك قبل أن حُبِلَ به في البطن» (لوقا 2: 12)، ويعني هذا أن مريم - عليها السلام - مرَّتْ بكل مراحل الحمل الطبيعية التي تمر بها أي امرأة من حمل ومخاض وولادة، ولم يكن في ولادتها أي اختلاف عن أي امرأة أخرى منتظرة لوليدها!! رضاعة «الإله»: الإله رضع من ثدي امرأة: «وبينما هو يتكلم بهذا رفعت امرأة صرتها من الجمع وقالت له طوبى للبطن الذي حملك والثديين اللذين رضعتهما» (لوقا 11: 27). ختان «الإله»: «ولما تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبي سمي يسوع» (إنجيل لوقا 2: 21).

حرفة «الإله»: «أليس هذا هو النجَّار ابن مريم» (إنجيل مرقس 6: 3). «الإله» ضعيف معدوم القوة: قال يسوع: «أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً» (إنجيل يوحنا 5: 30) «فظهر له ملاك في السماء يقويه» (لوقا 22:43). «الإله» يجوع: «فبعد ما صام أربعين يوما وليلة جاع أخيرا» (متى 4: 2). «الإله» يعطش: «قال يسوع: أنا عطشان» (إنجيل يوحنا 19:28). «الإله» ينام: «وكان هو نائماً» (متى 8: 24)، «وفيما هم سائرون نام» (لوقا 8: 23). «الإله» يتعب: «وكان هناك بئر يعقوب فإذا كان يسوع قد تعب في السفر جلس هكذا على البئر» (يوحنا 4: 6). «الإله» يضطرب وينزعج: «انزعج ـ عيسى ـ بالروح واضطرب» (يوحنا 11: 33). «الإله» يحزن ويكتئب: «ثم اخذ معه بطرس وابني زبدي وابتدأ يحزن ويكتئب» (متي 26: 37)، «فقال لهم: نفسي حزينة جداً حتى الموت» (متى 26: 38).

«الإله» يصلي: «وفي الصباح باكراً جداً قام وخرج إلى موضع خلاء وكان يصلي هناك» (إنجيل مرقس 1:35). «الإله» ملعون: «المسيح افتدانا من لعنة الناموس، إذ صار لعنة لأجلنا؛ لأنه مكتوب ملعون كل من عُلّق على خشبة» (غلاطية 3:13) ومع ذلك يصرون على أن عيسى - عليه السلام - هو الذي علق على خشبة الصليب. وسائل تَنَقُّل «الإله» وتجواله: «قولوا لابن صهيون هو ذا ملكك يأتيك وديعا على أتان أو جحش ابن أتان» (متى 21: 25) «ووجد يسوع جحشاً فجلس عليه كما هو مكتوب» (يوحنا 12: 14) الأتان: أنثى الحمار. ممتلكات «الإله»: «حذاء ليسوع» (لوقا 7: 16)، «ثم إن العسكر لما قد صلبوا يسوع أخذوا ثيابه وجعلوها أربعة أقسام لكل عسكري قسما واخذوا القميص أيضاً» (يوحنا 19: 23). كان «الإله» يدفع الضريبة بانتظام كبقية الرعية: «ولما جاء إلى كفرنا تقدم نحو الذين يأخذون الدرهمين إلى بطرس وقالوا: «أما يوفي معلمكم المسيح الدرهمين؟»، قال: «بلى» (متى 17: 24) كان «الإله» ابن يوسف النجار: «وقال له: وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء يسوع بن يوسف الذي من

الناصرة» (يوحنا 1: 45). النشأة الطبيعية والذهنية والخلقية لـ «الإله»: «وأما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله وعند الناس» (لوقا 2: 52). لقد كان «الإله» يجهل الوقت: «وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الأب» (مرقس 13: 2). «الإله» يجهل مواسم المحاصيل: «وفي الغد لما خرجوا من بيت عنيا جاع يسوع فنظر شجرة تين من بعيد عليها ورق وجاء لعله يجد فيها شيئاً فلما جاء إليها لم يجد شيئا إلا ورقا؛ لأنه لم يكن وقت التين» (لوقا 11: 12). الشيطان يجرب «الإله» أربعين يوما: «وللوقت أخرجه الروح إلى البرية وكان هناك في البرية أربعين يوما يجرب من الشيطان» (مرقس 1: 12). الشيطان جرب «الإله» أكثر من مرة: «ولما أكمل إبليس كل تجاربه فارقه إلى حين» (لوقا 4: 13). «الإله» يتوب ويندم ويعترف قبل بدء خدمته العلنية: «حينئذ جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليتَعَمَّد عنده» (متي 1:

13)، «واعتمدوا ـ يسوع وأصحابه ـ منه ـ من يوحنا ـ في الأردن معترفين بخطاياهم» (متي 3: 6). «الإله» كان يمشي خائفا من اليهود: «فمن ذلك اليوم تشاوروا ليقتلوه فلم يكن يسوع أيضا يمشي بين اليهود علانية» (يوحنا 11: 53). «الإله» يهرب: «فطلبوا أيضا أن يمسكوه فخرج من أيديهم» (يوحنا 10: 39). «الإله» يخرج متخفيا من اليهود: «أما يسوع فاختفى وخرج من الهيكل في وسطهم مجتازا ومضى هكذا» (يوحنا 8: 59) خيانة وغدر الصديق دلت على المكان السري الذي كان يختبئ فيه «الإله»!: «وكان يهوذا مسلمه يعرف المكان السري الذي كان يختبئ به «الرب»؛ لأن يسوع اجتمع هناك كثيراً مع تلاميذه فأخذ يهوذا الجند وخدما من عند رؤساء الكهنة والفريسين وجاء إلى هناك» (يوحنا 18: 2). قُبض على «الإله» وأوثقت يديه ومُضِيَ به: «قبضوا على يسوع وأوثقوه ومضوا به» (يوحنا 12: 13). لقد أُهِين «الإله»: «والرجال الذين كانوا ضابطين يسوع كانوا يستهزئون به وهم يجلدونه وغطوه وكانوا يضربون وجهه» (لوقا

أسئلة عن إلهية المسيح تنتظر الجواب من النصارى

22: 63)، «وحينئذ بصقوا في وجهه ولكموه وآخرون لطموه» (متي 26: 67). «الإله» لم يستطع الدفاع عن نفسه: «فصرخ يسوع بصوت عظيم وأسلم الروح» (مرقس 15: 37). «الإله» مات: «لأنهم رأوه قد مات» (يوحنا 19: 33)، «فصرخ يسوع بصوت عظيم وأسلم الروح» (مرقس64:14). جسد «الإله» بعد موته: «تقدم بيلاطس وطلب جسد يسوع فأمر بيلاطس حينئذ أن يعطي الجسد» (متي 27: 58)، «فأخذ يوسف الجسد ولفَّه بكتّان نقيّ» (متي 27: 59). أسئلة عن إلهية المسيح تنتظر الجواب من النصارى * من كان الممسك للسماوات والأرض، حين كان ربها وخالقها مربوطا على خشبة الصليب، وقد شدّت يداه ورجلاه بالحبال، وسمرت اليد التي أتقنت العوالم، فهل بقيت السماوات والأرض خلوا من إلهها، وفاطرها، وقد جرى عليه هذا الأمر العظيم؟!!! أم تقولون: استخلف على تدبيرها غيره، وهبط عن عرشه، لربط نفسه على خشبة الصليب، وليذوق حر المسامير، وليوجب اللعنة على نفسه، حيث ورد في كتابكم المقدس: «قد كتب ملعون

كل من علق علي خشبة»، أم تقولون: كان هو المدبر لها في تلك الحال، فكيف وقد مات ودفن؟ ما الذي دلّكم على إلهية المسيح؟ * إن قلتم: إنما استدللنا على كونه إلهاً، بأنه لم يولد من البشر، ولو كان مخلوقا لكان مولوداً من البشر، فإن كان هذا الاستدلال صحيحاً، فآدم إله المسيح، وهو أحق بأن يكون إلهاً منه، لأنه لا أم له، ولا أب، والمسيح له أم، وحواء أيضاً اجعلوها إلهاً خامساً، لأنها لا أم لها، وهي أعجب من خلق المسيح؟!! والله سبحانه قد نوَّع خلق آدم وبنيه، إظهاراً لقدرته، وأنه يفعل ما يشاء، فخلَق آدم لا من ذكر، ولا من أنثى، وخلَق زوجه حواء من ذكر لا من أنثى، وخلَق عبده المسيح من أنثى لا من ذكر، وخلَق سائر النوع من ذكر وأنثى. * وإن قلتم: استدللنا على كونه إلها، بأنه أحيا الموتى، ولا يحييهم إلا الله، فاجعلوا موسى إلها آخر، فإنه أتى من ذلك بشيء، لم يأت المسيح بنظيره، ولا ما يقاربه، وهو جعل الخشبة حيوانا عظيما ثعبانا، فهذا أبلغ وأعجب من إعادة الحياة إلى جسم كانت فيه أولا، فإن قلتم: هذا غير إحياء الموتى، فهذا اليسع النبي أتى بإحياء الموتى، وأنتم تقرون بذلك، وكذلك إيليا النبي أيضاً أحيا صبيا

بإذن الله، وهذا موسى قد أحيا بإذن الله السبعين الذين ماتوا من قومه، وفي كتبكم من ذلك كثير عن الأنبياء والحواريين، فهل صار أحد منهم إلها بذلك؟!! * وإن قلتم: جعلناه إلهاً للعجائب التي ظهرت على يديه، فعجائب موسى أعجب وأعجب، وهذا إيليا النبي بارك على دقيق العجوز ودهنها، فلم ينفد ما في جرابها من الدقيق، وما في قارورتها من الدهن سبع سنين!! وإن جعلتموه إلها لكونه أطعم من الأرغفة اليسيرة آلافا من الناس، فهذا موسى قد أطعم أمته أربعين سنة من المن والسلوى!! وهذا محمد بن عبد الله قد أطعم العسكر كله من زاد يسير جداً، حتى شبعوا، وملئوا أوعيتهم، وسقاهم كلهم من ماء يسير، لا يملأ اليد حتى ملئوا كل سقاء في العسكر، وهذا منقول عنه بالتواتر؟! * وإن قلتم: جعلناه إلهاً، لأنه صاح بالبحر فسكنت أمواجه، فقد ضرب موسى البحر بعصاه، فانفلق اثني عشر طريقا، وقام الماء بين الطرق كالحيطان، وفجر من الحجر الصلد اثني عشر عينا سارحة!! * وإن جعلتموه إلهاً لأنه أبرأ الأكمه والأبرص، فإحياء الموتى أعجب من ذلك، وآيات موسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم

أجمعين أعجب من ذلك!! * وإن جعلتموه إلهاً لأنه ادعى ذلك، فلا يخلو إما أن يكون الأمر كما تقولون عنه، أو يكون إنما ادعى العبودية والافتقار، وأنه مربوب، مصنوع، مخلوق، فإن كان كما ادعيتم عليه فهو أخو المسيح الدجال، وليس بمؤمن، ولا صادق فضلا عن أن يكون نبيا كريما، وجزاؤه جهنم وبئس المصير، كما قال تعالى: {وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [سورة الأنبياء: 29]. وكل من ادعى الإلهية من دون الله، فهو من أعظم أعداء الله كفرعون، ونمرود، وأمثالهما من أعداء الله، فأخرجتم المسيح - عليه السلام - عن كرامة الله، ونبوته، ورسالته، وجعلتموه من أعظم أعداء الله، ولهذا كنتم أشد الناس عداوة للمسيح في صورة محب موال!! ولو كان إلها لم يقتل، فضلا عن أن يصلب، ويسمر، ويبصق في وجهه!! * وإن كان المسيح إنما ادعى أنه عبد، ونبي، ورسول كما شهدت به الأناجيل كلها، ودل عليه العقل، والفطرة، وشهدتم

أنتم له بالإلهية ـ وهذا هو الواقع ـ فلم تأتوا على إلهيته ببيّنة غير تكذيبه في دعواه، وقد ذكرتم عنه في أناجيلكم في مواضع عديدة ما يصرح بعبوديته، وأنه مربوب، مخلوق، وأنه ابن البشر، وأنه لم يدع غير النبوة والرسالة، فكذبتموه في ذلك كله، وصدقتم من كذب على الله وعليه!! * وإن قلتم: إنما جعلناه إلهاً؛ لأنه أخبر بما يكون بعده من الأمور، فكذلك عامة الأنبياء. * وإن قلتم: إنما جعلناه إلهاً، لأنه سمّى نفسه ابن الله في غير موضع من الإنجيل كقوله: «إني ذاهب إلى أبي»، «وإني سائل أبي» ونحو ذلك، وابن الإله إله، قيل: فاجعلوا أنفسكم كلكم آلهة في غير موضع إنه سماه «أباه، وأباهم»، كقوله: «اذهب إلى أبي وأبيكم»، وفيه: «ولا تسبوا أباكم على الأرض، فإن أباكم الذي في السماء وحده»، وهذا كثير في الإنجيل، وهو يدل على أن الأب عندهم الرب!! * وإن جعلتموه إلهاً، لأن تلاميذه ادعوا ذلك له، وهم أعلم الناس به، كذبتم أناجيلكم التي بأيديكم، فكلها صريحة أظهر صراحة، بأنهم ما ادعوا له إلا ما ادعاه لنفسه من أنه عبد وهذا كثير جدا في الإنجيل!!

هل الكتاب المقدس كلام الله؟

* وإن قلتم: إنما جعلناه إلها لأنه صعد إلى السماء، فهذا أخنوخ وإلياس قد صعدا إلى السماء، وهما حيان مكرمان، لم تشكهما شوكة ولا طمع فيهما طامع، والمسلمون مجمعون على أن محمد صلى الله عليه وسلم صعد إلى السماء، وهو عبد، وهذه الملائكة تصعد إلى السماء، وهذه أرواح المؤمنين تصعد إلى السماء بعد مفارقتها الأبدان ولا تخرج بذلك عن العبودية، وهل كان الصعود إلى السماء مخرج عن العبودية بوجه من الوجوه؟!! * وإن جعلتموه إلهاً لأنه صنع من الطين صورة طائر، ثم نفخ فيها، فصارت لحماً، ودماً، وطائراً حقيقة، ولا يفعل هذا إلا الله، قيل: فاجعلوا موسى بن عمران إله الآلهة، فإنه ألقى عصا فصارت ثعباناً عظيماً، ثم أمسكها بيده، فصارت عصا كما كانت!! هل الكتاب المقدس كلام الله؟ يتكون كتابهم المقدس من: العهد القديم «التوراة»، والعهد الجديد «الإنجيل». الكتاب المقدس في ميزان التوثيق: * ليس للتوراة التي بين يدي أهل الكتاب شبه سند، قال العالم الكاثوليكي «جان ميلز»: اتفق أهل العلم على أن نسخ التوراة الأصلية، وكذا نسخ كتب العهد القديم ضاعت في أيدي عسكر

«بختنصر»، ولما ظهرت نُقُولُها بوساطة «عزرا» ضاعت تلك النقول في حادثة «أنتيوخوس». * العهد الجديد «الإنجيل»: يتكون عند النصارى «المسيحيين» من أربعة أناجيل تنسب لمتى ومرقس ولوقا ويوحنا، انتقوها في أحد مجامعهم المقدسة من بين أكثر من مائة إنجيل. * ليس لدى النصارى نسخة واحدة بخط تلميذ من تلامذة المسيح مطلقاً، وهم يقرون بعدم وجود السند الكامل المتصل من الرواة المعروفين إلى من تنسب إليهم الأناجيل والرسائل. * والحق والواقع أن اثنين ممن تنسب لهم الأناجيل لم يَرَيَا المسيح أصلاً، وهما لوقا ومرقس، أما الآخران وهما متى ويوحنا فمختلف في رؤيتهما له، والمحققون يرجحون عدم الرؤية بسبب عبارات وردت في الكتابين وأمور أخرى. * قال العالم «فاستس»: إن العهد الجديد ما صنفه المسيح ولا الحواريون، بل صنفه رجل مجهول الاسم، ونُسب إلى الحواريين ورفاقهم. * * *

متناقضات وأغلاط في التوراة والإنجيل

متناقضات وأغلاط في التوراة والإنجيل نماذج من متناقضات الكتاب المقدس: 1 - يرجع نسب يسوع ـ الله في زعمهم ـ إلى داود في كل من إنجيل متى وإنجيل لوقا، إلا إنه عند متى من نسل سليمان بن داود (متى6:1)، وعند لوقا من نسل ناثان بن داود (لوقا 31:3). 2 - يقول سفرالتكوين (3:1 - 5): «خلق النور والليل والنهار في اليوم الأول»، ويناقضه سفر التكوين (14:1) بقوله: «خلق النور في اليوم الرابع». 3 - من حمل الصليب الذي صُلب عليه إلههم؟ اتفق كل من مرقس (21:15)، ولوقا (26:23)، ومتى (32:27) أنه سمعان القيرواني، بينما خالفهم يوحنا (17:9) فذكر أن الذي حمل الصليب عيسى - عليه السلام - بنفسه. 4 - بعد موت يسوع ـ الإله ـ اتفق مرقس ولوقا ومتى أن المصلوب لم يطعن بحربة، وخالفهم يوحنا فذكر أن المصلوب طعنه العسكر بحربة في جنبه فخرج ماء ودم. (يوحنا 19: 31 - 34) 5 - سفر التكوين (الإصحاح 1: 14 - 19) القمر يضيء تناقض سفر أيوب (الإصحاح 25: 5) القمر لا يضيء. 6 - سفر التكوين (الإصحاح 2: 3) تعب الرب فاستراح في

اليوم السابع، تناقض سفر اشعياء (الإصحاح40: 28) الرب لا يكَلّ ولا يعيا. 7 - سفر التكوين (الإصحاح 6: 3) يكون عمر الإنسان 120 سنة، تناقض سفر التكوين (الإصحاح 9: 29) عاش نوح 950 سنة، وتناقض سفر التكوين (الإصحاح 11: 10 - 26) أعمارهم بمئات السنين. 8 - سفر التكوين (الإصحاح 6: 6 - 7) ندم الله أن خلق الإنسان وقرر أن يمحوه عن وجه الأرض، تناقض سفر العدد (الإصحاح 23: 19) ليس الله إنساناً فيكذب ولا ابن إنسان فيندم. 9 - سفر التكوين (الإصحاح 20: 12) تزوج إبراهيم سارة لأنها ابنة أبيه، تناقض سفر اللاويين (الإصحاح 18: 9) تحريم ابنة أب الرجل عليه وتناقض سفر التثنية (الإصحاح 27: 22) ملعون من يفعل ذلك. 10 - سفر الخروج (الإصحاح 33: 11) موسى كلم الله وجهاً لوجه، تناقض سفر الخروج (الإصحاح 33: 20) قال الرب لموسى لا تقدر أن ترى وجهي. 11 - سفر العدد (الإصحاح 25: 9) مات بالوباء 24 ألفاً، تناقض رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس (الإصحاح 10: 8)

مات بالوباء 23 ألفاً. 12 - سفر عزرا (الإصحاح 2: 64) عدد المغنين والمغنيات 200، تناقض سفر نحميا (الإصحاح 7: 66) عدد المغنين والمغنيات 245. 13 - سفر إشعياء (الإصحاح 7: 8) ينكسر أفرايم في مدة 65 سنة، تناقض سفر الملوك الثاني (الإصحاح 17: 6) انكسر في 3 سنوات. 14 - إنجيل متى (الإصحاح 8: 28 - 34) مجنونان يكلما المسيح لإخراج الشياطين منهما فأخرجها ودخلت في الخنازير، تناقض إنجيل مرقس (الإصحاح 5: 1 - 17) مجنون واحد وقد أخرج المسيح منه 2000 شيطاناً ودخلت في 2000 خنزير. 15 - إنجيل متى (الإصحاح 11: 14) المسيح يقول عن يحيى أنه إيليا، تناقض إنجيل يوحنا (الإصحاح 1: 19 - 28) يحيى ينكر أنه إيليا، من منهما الصادق؟ إن كلاهما صادق ونبي كريم وكاتب الإنجيل هو الكاذب. 16 - إنجيل متى الإصحاح (26: 3 - 13) سكبت المرأة الطيب على رأس المسيح، تناقض إنجيل يوحنا (الإصحاح 12: 1 - 8) دهنت المرأة قدمي المسيح بالطيب.

17 - إنجيل متى الإصحاح (26: 26 - 29) العشاء الأخير يوم الفصح ولم يغسل أرجلهم، تناقض إنجيل يوحنا (الإصحاح 13: 1 - 20) العشاء الأخير قبل الفصح وقد غسل أرجلهم. 18 - إنجيل متى (الإصحاح 27: 23 - 31) بيلاطس غسل يديه من دم المسيح ثم جَلَدَه وسلمه لهم، وإنجيل مرقس (الإصحاح 15: 14 - 20) بيلاطس جَلَدَه وسلمه لهم ليرضيهم، تناقض إنجيل لوقا (الإصحاح 23: 8 - 12) بيلاطس لم يَجْلِدَه بل سلمه لهم ليرضيهم. 19 - إنجيل مرقس (الإصحاح 10: 27) لأن كل شيء مستطاع عند الله، تناقض القضاة (الإصحاح 1: 19) لم يستطع الله طردهم لأن مركباتهم حديد! 20 - إنجيل مرقس (الإصحاح 15: 25) الساعة الثالثة صلبوه، تناقض إنجيل يوحنا (الإصحاح 19: 14 - 16) الساعة السادسة صلبوه. 21 - إنجيل لوقا (الإصحاح 5: 1 - 11) معجزة الصيد حدثت قبل قيامة المسيح - عليه السلام -، تناقض إنجيل يوحنا (الإصحاح 21: 1 - 14) معجزة الصيد حدثت بعد قيامة المسيح عليه السلام. 22 - إنجيل لوقا (الإصحاح 24: 51) صعد المسيح إلى السماء

مساء عيد الفصح، تناقض أعمال الرسل (الإصحاح 1: 2 - 3) صعد المسيح إلى السماء بعد أربعين يوماً من قيامته. 23 - إنجيل يوحنا (الإصحاح 1: 18) الله لم يره أحد قط تناقض سفر الخروج (الإصحاح 33: 11) يكلم الرب موسى وجهاً لوجه. 24 - إنجيل يوحنا (الإصحاح 5: 31) إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي ليست حقاً، تناقض إنجيل يوحنا (الإصحاح 8: 14) إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق. 25 - أعمال الرسل (الإصحاح 9: 7) لم ير الرجال أحداً ولكن سمعوا الصوت، تناقض أعمال الرسل (الإصحاح 22: 9) رأى الرجال النور ولم يسمعوا الصوت. 26 - أعمال الرسل (الإصحاح 26: 23) المسيح أول قيامة الأموات، وهي تتناقض مع حادثة قيام الصبية من الموت التي وردت في إنجيل متى (الإصحاح 9: 25) وفي إنجيل مرقس (الإصحاح 5: 42) وفي إنجيل لوقا (الإصحاح 8: 55)، وتتناقض مع حادثة قيام الشاب من الموت التي وردت في إنجيل لوقا (الإصحاح 7: 11 - 17) وفي إنجيل يوحنا (الإصحاح 11: 1 - 44).

27 - سفر التكوين (الإصحاح 2: 17): «لأنك يوم تأكل منها تموت موتاً» أكل آدم منها ولم يمت وكذلك حواء. 28 - سفر الخروج (الإصحاح31: 20): «فأخذت مريم النَّبيّة أخت هارون الدُّفّ بيدها وخرجت جميع النساء وراءها بدفوف ورقص» نبيّة وتضرب بالدف وترقص؟! 29 - سفر العدد (الإصحاح 31: 17 - 18): «اقتلوا كل ذكر من الأطفال وكل امرأة ... لكن جميع الأطفال من النساء اللواتي لم يعرفن مضاجعة ذكر أبقوهن لكم حيات» لا يمكن أن يصدر هذا الإرهاب عن الله - سبحانه وتعالى -، وكيف لهم معرفة العذراء من غيرها؟ 30 - سفر التثنية (الإصحاح 23: 2): «لا يدخل ابن زنا في جماعة الرب حتى الجيل العاشر» إذن لا يدخل داود - عليه السلام - جماعة الرب فهو ـ حاشاه ـ ولد زنا كما في (التكوين 38: 12 - 30)، هذا أيضاً ينطبق على ما ورد في (إنجيل متى 1: 3 - 6) 31 - سفر القضاة (الإصحاح 15: 4 - 5): «أحضر 300 ثعلب وربطها بذيولها وجعل شعلة بين كل ذنبين ـ ذيلين ـ في الوسط ُثم أضرم المشاعل ناراً وأطلقها بين زروع الفلسطينيين فأحرق الأكداس والزرع» هذه ثعالب مطيعة! هذا بزعمهم نبي فما رأي جمعيات الرفق بالحيوان؟

32 - سفر صموئيل الأول (الإصحاح 18: 27): «قتل من الفلسطينيين مئتي رجل وأتى داود بغلفهم فأكملوها للملك لمصاهرة الملك» قتلهم واستعمل غُلفهم ـ جزء من عضو الذكورة ـ كَمَهر لابنة الملك؟ لا يليق هذا الانحطاط بنبي. 33 - سفر صموئيل الثاني (الإصحاح 7: 1 - 15) الأخ يزني بأخته في عائلة داود عليه السلام! هذه الفواحش لا تحدث في بيوت الصالحين فكيف ببيوت الأنبياء؟ 34 - سفر إشعياء (الإصحاح 7: 18) الرب يصفّر للنحل والذباب! 35 - سفر إشعياء (الإصحاح 7: 20) الرب يَحلِق شعر رأس ملك أشور وشعر الرجلين بشفرة مستعارة. 36 - سفر حزقيال (الإصحاح 4: 1 - 15): « ... وتأكل كعكاً من الشعير على الخُرء الذي يخرج من الإنسان تخبزه» وكذلك في الإصحاح الخامس تعليمات عجيبة وقذارات لا يمكن أن تصدر عن الله سبحانه وتعالى. 37 - إنجيل متى (الإصحاح 12: 3 - 4): «داود ... دخل بيت الله وأكل خبز التقدمة الذي لا يحل» (لا يأكل النبي حراماً). 38 - إنجيل متى (الإصحاح 12:40)، و (الإصحاح 27:

63): «يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال» هذا خطأ فبزعمهم صلب المسيح - عليه السلام - ظهر الجمعة كما في (متى 27: 45 - 46) ووجد القبر فارغاً فجر الأحد كما في (متى 28: 6) وفي (مرقس 16: 6)؟ ومعنى هذا أنه مكث في القبر 30 ساعة تقريباً. 39 - إنجيل متى (الإصحاح 21:7 - 28): «إن من القيام هاهنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الإنسان آتياً في ملكوته» ماتوا جميعاً ولم يأت المسيح - عليه السلام -. 40 - إنجيل متى (الإصحاح 21: 18 - 22): «فنظر شجرة تين ... ولم يجد فيها شيئاً إلا ورقاً» لم يجد ثمراً فدعا عليها فجفت، إنجيل مرقس (الإصحاح 11: 21): «لأنه لم يكن وقت التين»، لو كان إلهاً لعرف وقت الثمر ولجعل عليها ثمراً وما ذنبها حتى يدعو عليها؟ فهل اقترفت التينة ذنباً حتى تُلعن؟ ثم كيف يأكل مما لا يملك؟ لو كان إلهاً لما جاع ولجعل عليها تيناً. 41 - إنجيل مرقس (الإصحاح 11: 23): «من قال لهذا الجبل: «انتقِل وانطرِح في البحر» ولا يشك في قلبه ... فمهما قال يكون له»، فلْيُجَرِّبْ ذلك النصارى لِنرى صِدْق حُدوثه. 42 - إنجيل مرقس (الإصحاح 13: 32): «ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ... ولا الابن» إذا كان إلهاً فكيف لا يعرف

وقت القيامة؟ 43 - إنجيل لوقا (الإصحاح 1: 3): «رأيت أنا أيضاً ... أن أكتب» اعتراف لوقا أنه غير ملهم. 44 - إنجيل لوقا (الإصحاح 19: 30 - 36): «تجدان جحشاً ... فَحُلّاه وأْتيا به»، وهو يركب حمارين معاً، كما في إنجيل (متى الإصحاح 21: 1 - 7)! لا يحتاج الله سبحانه وتعالى لجحش أو أي شيء. 45 - حددت الأناجيل الأخرى مدة بعثة المسيح - عليه السلام - بعام واحد، أما يوحنا فإنه يحاول بإيراد كثرة تنقلات المسيح - عليه السلام - والاحتفالات الفصحية المتعددة يحاول أن يوحي بأن مدة بعثة المسيح - عليه السلام - عامين، فمن نصدق؟ 47 - إنجيل يوحنا (الإصحاح 18: 13 - 14): «وكان قيافا هو الذي أشار على اليهود أنه خير أن يموت إنسان واحد عن الشعب»، رئيس الكهنة يفتي بقتل عيسى - عليه السلام - الإنسان فهو ليس إلهاً!

أدلة نبوة المسيح - عليه السلام - من الإنجيل:

أدلة نبوة المسيح - عليه السلام - من الإنجيل: 1 - إنجيل متى (الإصحاح 5: 17) من أقوال المسيح - عليه السلام -: «ما جئت لأنقض بل لأكمل» أي أن الهدف من بعثته هو إتمام ما سبق من الشرائع كغيره من الأنبياء. 2 - جاء في إنجيل متى (الإصحاح 15: 24 - 26) من أقوال المسيح - عليه السلام -: «لم أُرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة» أي أنه رسول من عند الله سبحانه وتعالى وليس إلهاً. 3 - إنجيل متى (الإصحاح 23:11): «هذا يسوع النبي». 4 - إنجيل متى (الإصحاح 21: 46): «كان عندهم مثل نبي». 5 - إنجيل مرقس (الإصحاح 6: 4) من أقوال المسيح - عليه السلام -: «ليس نبي بلا كرامة»، كرامة تعني معجزة وقد أيد الله سبحانه وتعالى أنبياءه بمن فيهم المسيح - عليه السلام - بمعجزات كدليل على صدقهم. 6 - إنجيل مرقس (الإصحاح 10: 20): «وقال له يا معلم» أليس كل نبي معلم؟ 7 - إنجيل لوقا (الإصحاح 3: 23 - 38): «ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة» أي أن نبوته بدأت في سن الثلاثين. 8 - إنجيل لوقا (الإصحاح 7: 16): «قد قام فينا نبي

عظيم». 9 - إنجيل لوقا (الإصحاح 13: 33) قال المسيح - عليه السلام - عن نفسه: «لا يمكن أن يهلك نبي خارجاً عن أورشليم». 10 - إنجيل لوقا (الإصحاح 24: 19): «يسوع الناصري الذي كان إنسانًا نبياً مقتدراً في الفعل والقول». 11 - إنجيل يوحنا (الإصحاح 5: 30) من أقوال المسيح عليه السلام: «الآب الذي أرسلني» أطلق لفظ الأب على غير المفهوم الجسمي المتداول بين الناس في مواضع منها: (سفر أيوب الإصحاح 29: 16): «أب أنا للفقراء» المتكلم أيوب - عليه السلام -. 12 - إنجيل يوحنا (الإصحاح 9: 17): «فقال إنه نبي». 13 - إنجيل يوحنا (الإصحاح 12: 44) من أقوال المسيح - عليه السلام -: «الذي يؤمن بي ليس يؤمن بي بل بالذي أرسلني». 14 - إنجيل يوحنا (الإصحاح 17: 3) من أقوال المسيح - عليه السلام -: «أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته» يسوع رسول من عند الله سبحانه وتعالى أما كلمة المسيح فتعني تعيين شخص لأداء مهمة كما في (صموئيل الثاني الإصحاح 2: 4، 7).

البشارة بالنبي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - في التوراة والإنجيل

البشارة بالنبي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - في التوراة والإنجيل {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} نود هنا أن نذكر البشائر التي بشرت بها التوراة وكذلك الإنجيل بنبوة نبينا محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - رغم التحريف الطاريء عليهما، فالتوراة التي بين أيدي الناس اليوم محرفة مغيرة؛ يدلك على ذلك هذا الاختلاف الذي تجده في أمور كثيرة بين نسخها وطبعاتها، فهناك ثلاث نسخ للتوراة: العبرانية، واليونانية، والسامرية، وكل قوم يدعون أن نسختهم هي الصحيحة، وهناك فروق واضحة بين طبعات التوراة وترجماتها. وقد أدى هذا التحريف إلى ذهاب كثير من البشارات أو طمس معالمها، ومع ذلك فقد بقي من هذه البشارات شيء كثير، ولا تخفى هذه البشارات على من يتأملها، ويعرضها على سيرة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - متجردا من الهوى. لقد صرح بعض هذه البشارات باسم محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - وقد اطلع بعض العلماء المسلمين على هذه النصوص، ولكن التحريف المستمر لهذا الكتاب أتى على هذه النصوص، فمن ذلك: * في بعض الأحيان يذكر مكان مبعث النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ففي (سفر التثنية الإصحاح: 33): «أقبل الرب من سيناء * وأشرق لهم من

ساعير* وتجلى من جبل فاران». وسيناء هي الموضع الذي كلم الله فيه موسى، وساعير الموضع الذي أوحى الله فيه لعيسى، وفاران هي جبال مكة حيث أوحى الله لمحمد - صلى الله عليه وآله وسلم - وكون جبال فاران هي مكة، دلت عليه نصوص من التوراة، وقد جمع الله هذه الأماكن المقدسة في قوله: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ}. وفي إنجيل يوحنا (الإصحاح 11: 14): «إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي، وأنا اطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد»، وفي اللغات الأجنبية: «فيعطيكم باركليتوس ليمكث معكم إلى الأبد»، والمعنى الحرفي لكلمة «باركليتوس» اليونانية هو أحمد، وهو من أسماء الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، وفي (إنجيل يوحنا 15: 26): «ومتى جاء المعزي الذي أرسله أنا إليكم من الأب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي»؛ لأن النبي محمداً - صلى الله عليه وآله وسلم - شهد للمسيح بالنبوة والرسالة، وروح الحق كناية عن الرسول محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -. والمعاني الواردة في هذه الترجمة الحديثة ليست دقيقة، لأن أصلها باليونانية، وهي اللغة التي ترجمت منها هذه الأناجيل، مكتوبة «بيركليتوس» وفي التراجم العربية المطبوعة سنة، سنة

1834، سنة 1844، في لندن تجدها «فارقليط» وهي أقرب إلى العبارة اليونانية المشار إليها. أما ترجمتها إلى «المعزي» فهو من التحريف الذي ذم الله أهل الكتاب به {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ} [النساء: 46]، ويلاحَظ أن هناك جملة قبل الجملة الواردة في عدد (26) من هذا الإصحاح سقطت من الطبعات الحديثة، لكنها واردة في الطبعات القديمة للإنجيل، ونص هذه الجملة: «فلو جاع هذا المنحما الذي يرسله الله إليكم» ومعنى «المنحما» الحرفي باللغة السريانية محمد. وقد سأل الدكتور عبد الوهاب النجار ـ مؤلف كتاب (قصص الأنبياء) ـ الدكتور كارلو نلينو المستشرق الإيطالي عن كلمة «بيركليتوس» الواردة في الإنجيل، فأجابه بقوله: «إن القُسُس يقولون: إن هذه الكلمة معناها: «المعزي». فقال له: «إني أسأل الدكتور كارلو نلينو الحاصل على الدكتوراة في الآداب اللغة اليونانية القديمة، ولستُ أسأل قسيسًا». فقال الدكتور كارلو نلينو: «إن معناها الذي له حمْدٌ كثير». فسأله أيضًا: «هل ذلك يوافق (أفعل التفضيل من حَمَدَ؟)». فقال الدكتور كارلو نلينو: «نعم». وهذا ماجاء في القرآن على لسان المسيح - عليه السلام -: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ

يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف:6]. * إن اعتكاف محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - وتعبده في غار حراء واستجابته لبدء التنزيل وحياً عن طريق جبريل الملاك إنما هو إنجاز لنبؤة في (سفر أشعياء: 29 - 12) هذا نصها: «أو يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويقال له: اقرأ هذا، فيقول: لا أعرف الكتابة»، الكتاب: القرآن، قال تعالى عن النبي الأمي: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [سورة الأعراف: 158]. «أو يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة» الترجمة الصحيحة: «ما أنا بقاريء»، تلك الكلمات التي تكلم بها محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - مرتين للملاك جبريل عندما قال له: «اقرأ»، واعلم أنه لم تكن هناك نسخة عربية للتوراة أو الإنجيل في القرن السادس الميلادي عندما عاش محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ودعا إلى سبيل الله! أضف إلى ذلك أنه كان أمياً لا يعرف القراءة ولا الكتابة، وما علمه أحد كلمة بل كان معلمه خالقه لقوله سبحانه: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [سورة النجم: 3 - 4].

موقف يدل على نبوة وصدق الصادق الأمين - صلى الله عليه وآله وسلم -

موقف يدل على نبوة وصدق الصادق الأمين - صلى الله عليه وآله وسلم - عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قال: «انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ـ أحد أبناء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ـ فَقَالَ النَّاسُ: انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ» (¬1). فلو أن ساحراً أو كذاباً أو مشعوذاً حدث معه هذا الموقف لاستغله واعتبره دليلاً على صدقه، ولكن المعصوم - صلى الله عليه وآله وسلم - لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى. حوار مسلم مع نصراني حول حادثة الصلب المسلم: من الذي خلق هذا الكون وخلقك وخلقنا جميعا؟ النصراني: الله. المسلم: من هو الله؟ النصراني: عيسى. المسلم: أفهم من هذا أن عيسى خلق أمه مريم؟ وخلق موسى الذي جاء قبله؟ النصراني: عيسى ابن الله. ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1060).

المسلم: إذا كان هو ابن الله حسب قولك فهل تؤمن بأنه قد صلب على الصليب؟ النصراني: نعم. المسلم: أفهم من هذا أن الله لم يستطع إنقاذ ابنه من الصلب؟ النصراني: إن الله أرسل ابنه لتكفير خطايا ابن آدم .. أقصد أن الله هو الذي نزل في بطن العذراء مريم وولد يسوع فهو تجسد في يسوع. المسلم: إذا كان الرب قد نزل إلى الأرض ليدخل في بطن أمه ويتغذى جنيناً تسعة أشهر ويخرج مولوداً ملطخاً بالدماء، ثم يتربى ويتعلم القراءة والكتابة والأدب، ثم يكبر فيعلم أصحابه الشريعة، ثم يثور عليه اليهود فيهرب منهم كما جاء في كتابكم المقدس ويطلبوه ويدلهم عليه أحد تلاميذه ـ يهوذا الأسخريوطي ـ فيجدوه، وإلى خشبة الصلب يدقوه ثم بتاج الشوك يتوجوه ثم من شراب الخل والمر يسقوه ثم يقتلوه ثم يدفنوه ثم يقوم بعد ثلاثة أيام من قبره ليصعد إلى السماء، فقل لي بربك لم هذه المعاناة وهذه المآسي وهل ترضى أن يكون لك رباً كهذا يعامَل معاملة المجرمين الخارجين عن القانون على أيدي اليهود القذرين؟ المسلم: هل هذا هو الذي خلق الكون والمجموعات الشمسية

وكل الأنبياء والبشر؟ المسلم: وإذا كان قد دفن ثلاثة أيام في قبره ميتًا فمن كان يدبر شؤون العالم في ذلك الوقت؟ المسلم: هل صلب المسيح على الصليب وهل تؤمن بهذا؟ النصراني: نعم. المسلم: إذن اسمع ما يقول لوقا في (24: 36 - 41) وما قاله في (سفر التثنية 21: 22 - 23): «أن من يصلب فهو ملعون»، فهل يعقل أن يكون عيسى الذي رضي بالصلب ملعوناً؟ النصراني: لم يقل ذلك أي نصراني. المسلم: استمع إلى ما يقوله شاؤول الذي تسمونه بولس وهو من أقدس الناس عندكم: وبالتحديد في رسالته إلي أهالي غلاطية (3/ 13): «إن المسيح افتدانا من لعنة الشريعة إذ صار لعنة من أجلنا، لأنه قد كتب ملعون كل من علق علي خشبة». المسلم: أرأيت أننا نحب المسيح أكثر منكم وننزهه مما ترمونه به؟ * * *

أسئلة تنتظر الإجابة فهل من مجيب؟

أسئلة تنتظر الإجابة فهل من مجيب؟ أعُبَّادَ المسيحِ لنَا سُؤَالٌ نريدُ جوابَه ممنْ وعاهُ إذا ماتَ الإلهُ بفِعْلِ قَومٍ أماتُوهُ فهَلْ هذَا إلَهُ؟ وهَل أرْضَاهُ ما نالوهُ منْهُ؟ فَبُشراهُم إذا نالوا رضاهُ وإنْ سَخِطَ الذي فعَلَوهُ فيهِ فقوّتُهم إذاً أوْهَتْ قُواهُ وهل بقيَ الوجودُ بلا إلهٍ سميعٍ يستجيبُ لِمَنْ دعاهُ؟ وكيف أطاقَتِ الخشباتُ حَمْلَ الإلهِ الحقِّ مشدودًا قفاهُ؟ وكيف دنا الحديدُ إليه حتى يُخالطَه ويَلْحقُه أذاهُ؟ وكيف تمكَّنَتْ أيْدي عِدَاهُ وطالَتْ حيثُ قد صفعوا قفاهُ؟ وهل عادَ المسيحُ إلى حياةٍ أم المُحيِى له ربٌ سواهُ؟ ويا عجبًا لقبٍر ضمّ ربَّاً وأعجبُ منه بَطْنٌ قد حَواهُ أقام هناك تِسْعًا مِن شُهُورٍ لدى الظُلُمات مِنْ حَيْضٍ غِذاهُ وشقَّ الفرْجَ مَولودًا صغيرًا ضَعِيفًا فاتحًا للثَّدْي فاهُ ويأكلُ ثم يشربُ، ثم يأتي بلازمِ ذاكَ هل هذا إلهُ؟ فيا عبد المسيحِ أفِقْ فهذا بدايتُه وهذا منتهاهُ * * * يأتي بلازمِ ذاكَ: أي يفعل ما ينتج عن الأكل والشراب، وهو التبول والتبرز.

عقيدتنا ـ نحن المسلمين ـ في المسيح - عليه السلام -

عقيدتنا ـ نحن المسلمين ـ في المسيح - عليه السلام - * قال الله - عز وجل -: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [سورة آل عمران: 59]. {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللهِ} في قدرة الله حيث خلقه من غير أب {كَمَثَلِ آدَمَ} فإن الله خلقه من غير أب ولا أم، بل {خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ}. * {إِنَّمَا المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ} [سورة النساء: 171]. {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} أي كلمة تكلم الله بها فكان بها عيسى. {وَرُوحٌ مِّنْهُ} أي من الأرواح التي خلقها، وكمَّلها بالصفات الفاضلة والأخلاق الكاملة، أرسل الله تعالى جبريل - عليه السلام -، فنفخ في فرج مريم - عليها السلام - فحملت بإذن الله بعيسى - عليه السلام -. اليهود لم يقتلوا رسول الله عيسى بن مريم - عليه السلام -، وإن ادَّعَوا هذه الدعوى، وصدَّقها النصارى، والحقيقة أن عيسى - عليه السلام - لم يُقتَل، ولكن الله ألقى شبهه على غيره، أما هو فقد رفعه الله إلى السماء، قال تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا المَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَمَا قَتَلُوهُ

وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَل رَّفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [سورة النساء: 157 - 158]. * وسينزل عيسى - عليه السلام - في آخر الزمان حكماً عدلاً، وسيكون نزوله علامة دالة على قُرب وقوع الساعة، قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ} [سورة الزخرف: 61]، فيقتل الدجال، ويخرج يأجوج ومأجوج في زمانه فيفسدون في الأرض إفساداً عظيماً، فيدعو عيسى ربه، فيستجيب له، ويصبحون موتى، لا يبقى منهم أحد، وعند ذلك يُحَكّم شريعة الإسلام ويقضي على المبادئ الضالة والأديان المحرّفة، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، فلا يقبلها من اليهود والنصارى، بل لا يقبل منهم إلا الإسلام أو القتل، ويعم الرخاء والأمن، ويسود الإسلام، ويجتمع البشر على كلمة الله، فلا يعبد إلا الله، وترفع الشحناء والتباغض بين الناس، ومدة بقاء عيسى في الأرض أربعون عاماً، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون، وفي تلك المدة سيقيم حكم الإسلام، وسيصلي إلى قبلة المسلمين، وسيحج البيت الحرام.

لماذا كان الإسلام أسرع الأديان انتشارا في العالم؟!

لماذا كان الإسلام أسرع الأديان انتشاراً في العالم؟! «إني أتنبأ بأن الناس سيقبلون على دين محمد في أوروبا في المستقبل، وقد بدأ يلقى القبول في أوروبا اليوم» جورج برنارد شو. إن ما تنبأ به هذا الأديب الأوروبي أصبح حقيقة واقعة اليوم، فالدين الإسلامي هو في المرتبة الثانية من حيث أعداد معتنقيه في أوروبا، وهو أسرع الأديان انتشاراً في العالم. قال الكاردينال «بول باد» ـ مسئول المجلس الفاتيكاني للثقافة وأحد مساعدي بابا الفاتيكان الأسبق يوحنا بولس الثاني ـ في مقابلة أجرتها معه جريدة «لوفيجارو» الفرنسية: «إن تزايد الحضور الإسلامي في أوروبا بات حقيقة، ويجب الاستعداد له». وأوضح الكاردينال أن: «التحدي الذي يشكله الإسلام يكمن في أنه دين، وثقافة، ومجتمع، وأسلوب حياة وتفكير، وتصرف، في حين أن المسيحيين في أوروبا يميلون إلى تهميش الكنيسة أمام المجتمع، ويتناسون الصيام الذي يفرضه عليهم دينهم، وفي الوقت نفسه ينبهرون بصيام المسلمين في شهر رمضان».

خصائص الدين الإسلامي

خصائص الدين الإسلامي الخاصة الأولى: البساطة والمنطقية والقابلية للتطبيق: فالإسلام دين لا أساطير فيه، وتعاليمه بسيطة وواضحة مفهومة، فهو لا يقرُّ الخرافة ولا المعتقدات التي تنافي العقول السليمة؛ والإيمان بوحدانية الله، وبرسالة محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - من ربه، وبالحياة الآخرة هي المبادئ الرئيسية في العقيدة الإسلامية، وكلها قائمة على أساس من الفكر السليم والمنطق الرصين، وجميع تعاليم الإسلام ترتكز على هذه الأسس الأولية وجميعها بسيطة وقويمة. وليس في الإسلام سلطة كهنوتية تحتكر الدين، ولا أفكار مجردة يصعب تصديقها، ولا طقوس دينية معقدة، بل يستطيع كل إنسان أن يقرأ كتاب الله «القرآن» ثم يصوغ حياته عملياً طبقاً لهذا الكتاب. والإسلام يحثّ الإنسان على التفكر وتدبر الأمور، وعلى البحث عن الحقيقة والسعي إلى المعرفة؛ ويأمر الله الإنسان أن يسأل ربه المزيد من العلم {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [سورة طه: 114]. الخاصة الثانية: وحدة المادة والروح: من الخصائص الفريدة للإسلام أنه لا يفصل بين المادة والروح بل ينظر إلى الحياة على أنها وحدة تشملهما معاً، فلا يحول بين

الإنسان ومقتضيات الحياة، بل يتولى تنظيم هذه المقتضيات؛ لا يقر الحرمان ولا يطلب تجنُّب الحياة المادية، بل يرسم الطريق إلى رفعة الجانب الروحي من خلال تقوى الله في النواحي المختلفة من حياة البشر، لا من خلال إنكار المطالب الدنيوية، ويحكي عن عباد الله الصالحين: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَاءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [البقرة: 201 - 202]. كما ينعى على أولئك الذين لا ينعمون بواسع فضل الله وما خلق من متاع طيب فيقول: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَءَامَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُون} [الأعراف: 32] ولكنه في الوقت ذاته يطلب إليهم أن يكونوا في ذلك أمَّةً وسطاً: {يَابَنِيءَادَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31]. فالإسلام على ذلك لا يقر الفصل بين المادية والروحانية في حياة الإنسان، ولكن يؤلف بينهما حتى يتسنى للإنسان أن يمارس

الخاصة الثالثة: الإسلام نظام كامل للحياة:

الحياة بكل طاقاته على أسس صحيحة سليمة، ويعلمه أن الجانبين المادي والروحي متلازمان متلاصقان، وأن تنقية الروح من الشوائب أمر ميسور إذا استخدمت المادة لصالح الإنسانية، ولا يتم ذلك بالتقشف والزهد وقهر الغرائز الحيوية. الخاصة الثالثة: الإسلام نظام كامل للحياة: ليس الإسلام ديناً يحصر فعاليته في نطاق الحياة الفردية للإنسان كما هي الصورة المشوهة عنه في أذهان الكثيرين؛ بل هو نظام كامل للحياة البشرية في مختلف ميادينها يرسم الطريق لكل جوانبها، سواء في ذلك حياة الفرد أو الجماعة، وفي جانبيها المادي والروحي، وفي مجالاتها الاقتصادية والسياسية والتشريعية والثقافية والإقليمية والعالمية، والقرآن يحض الناس على الدخول في الإسلام دون أدنى قيد أو شرط إلا أن يقيموا أمر الله في جميع نواحي حياتهم. الخاصة الرابعة: الموازنة بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة: وهناك ظاهرة أخرى فريدة في دين الإسلام أنه يوجد تناسق بين حياة الفرد وحياة الجماعة، فهو يؤكد وجود الكيان الشخصي للفرد ويعتبر كل إنسان مسئولاً ومحاسباً أمام الله، ويضمن للفرد الحقوق الأساسية، ولا يبيح مطلقاً لأي كائن أن يعبث بها أو أن ينتقص منها، ثم هو يحافظ على كرامة الفرد وشخصيته، ويجعل

الخاصة الخامسة: عالمية الإسلام:

ذلك في المقام الأول من تعاليمه التربوية، ولا يؤيد مبدأ ضياع الكيان الفردي في نطاق كيان الجماعة أو الدولة، يقول الله - عز وجل -: {أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الجَزَاءَ الأَوْفَى} [النجم: 38 - 41]، ويقول: {لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}. [البقرة: 286] هذا في جانب حياة الفرد، أما فيما يتعلق بحياة الجماعة فالإسلام يغرسُ في النفس البشرية شعورها بمسئولية الجماعة ويربط بين الناس في نطاق الجماعة والدولة، ويأمر كل فرد بمراعاة الصالح العام المشترك، فالصلاة في الإسلام تقام في جماعات وفي هذا ما يغرس الشعور بالنظام الجماعي في نفس الفرد الواحد. والزكاة فرض على من يملك نصابها، قال تعالى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالمَحْرُومِ} [الذاريات: 19]، وهي حق للجماعة طبعاً. والجهاد فرض، وفي هذا ما يوجب على الفرد ـ إذا جد الجد ـ أن يبذل حتى روحه دفاعاً عن الإسلام والدولة الإسلامية. الخاصة الخامسة: عالمية الإسلام: الإسلام رسالة من الله إلى الجنس البشري بأسره ويقرر الإسلام

أن الله سبحانه وتعالى هو رب العالمين: {الحَمْدُ لِله رَبِّ الْعَالَمِينَ} وأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - رسول الله إلى الناس كافة، ويؤكد القرآن ذلك في قوله تعالى: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون} [الأعراف: 158]. والإسلام يقرر أن المسلمين سواسية، مهما اختلفت ألوانهم وألسنتهم وأجناسهم ومواطنهم، وينكر كل فارق من جنس أو طبقة أو مال، وفي هذا يقول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى» (¬1). فالإسلام دين عالمي في نظرته للأمور وعلاجه لها، ولا يجيز مطلقاً قيام الحواجز والمميزات التي نشأت في عهود الجاهلية؛ إنه دين يهدف إلى جمع البشر كافة تحت راية واحدة، وهو بلا شك بالنسبة لهذا العالم الذي مزقته الأحقاد والتنافس بين أممه المختلفة، ¬

_ (¬1) إسناده صحيح رواه الإمام أحمد.

الخاصة السادسة: تعاليم الإسلام سجل لا يتطرق إليها التحريف:

رسالة الحياة والأمل في مستقبل عظيم مزدهر. الخاصة السادسة: تعاليم الإسلام سجل لا يتطرق إليها التحريف: تعاليم الإسلام في القرآن الكريم باقية على أصولها ونصوصها كما أنزلها الله رب العالمين، يجد الناس فيها الهدى كما أراده الله، دون تحريف أو تبديل في قليل أو كثير، فالقرآن كما أنزله الله قد بقي بين ظهرانينا قرابة أربعة عشر قرناً، ولا زالت كلمات الله هي هي على هيئتها التي أنزلت عليها. وحياة رسول الإسلام - صلى الله عليه وآله وسلم - مروية بتفاصيلها، وتعاليمه باقية على أصولها، سجّلها التاريخ في دقة لم يعتريها أدنى تحريف، وهي قائمة بين أيدينا؛ ولقد تواترت أحاديثه وسيرته - صلى الله عليه وآله وسلم - عبر القرون بمنتهى الدقة وصدق التحري والأمانة، وهذه حقيقة واضحة جلية يقرها حتى الناقدون من غير المسلمين. يقول البروفسور «رينولد أ.» في كتابه «التاريخ الأدبي للعرب» ص (143): «القرآن وثيقة إلهية رائعة توضح بدقة سر تصرفات محمد في جميع أحداث حياته، حتى إننا لنجد فيه مادة فريدة لا تقبل الشك أو الجدال، نستطيع من خلالها أن نتتبّع سير الإسلام منذ نشأته وظهوره في تاريخه المبكر، وهذا ما لا تجد له مثيلاً في البوذية أو المسيحية أو أي من الأديان القديمة».

هذه بعض الملامح الفريدة في الإسلام، وهي تؤكد وتبرهن أنه الدين الأكمل للإنسان، وأن المستقبل لهذا الدين، وقد بهرت طبيعة هذا الدين مئات الألوف من البشر في الماضي وفي الحاضر فآمنوا بأنه دين الحق وأنه الطريق المستقيم الذي يجب أن تسلكه البشرية، وسيظل محتفظاً بكل خواصه ما بقي الزمان. وكل من أوتي قلباً سليماً وحنيناً إلى الحق سيقول دائماً ويردد: «أشهد أن لا إله إلا الله (أي لا معبود بحق إلا الله، وحده لا شريك له) وأشهد أن محمداً عبده ورسوله». فهذه دعوة لكل إنسان؛ لينضم إلى ركب المؤمنين في مسيرتهم إلى الله قال تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69]. * * *

§1/1