طبقات الأولياء

ابن الملقن

خطبة الكتاب

خطبة الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله على رفع الأعلام، لمن شاء من الأعيان الأعلام، وعلى بيان الطريق، لأهل التحقيق. وأشهد أن لا اله الا الله، وحده لا شريك له، شهادة نافعة على الدوام، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله، مصباح الظلام. صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الكرام. وبعد: فهذه جملة من طبقات الأعلام الأعيان، وأوتاد الأقطاب فى كل قطر وأوان؛ جمعتهم لأهتدى بمآثرهم، وأقتفى بآثارهم، رجاء أن أنظم في سلكهم، " فالمرء مع من أحب "، وأحيا بذكرهم، ويزول عني النصب. وعلى الله واليه التفويض والاستناد

حرف الألف

حرف الألف إبراهيم بن أدهم - 161 للهجرة ابرهيم بن أدهم، أبو اسحاق البلخي. ولد بمكة، وطافت به أمه على الخلق، وسألت الدعاء له أن يكون صالحاً فأستجيب لها، وترك الامارة، وما كان فيه. خرج متصيداً، فأثار ثعلباً - أو أرنباً - واذ هو طلبه، هتف به هاتف من قربوس سرجه: " والله! ما لهذا خلقت!، ولا بهذا أمرت! ". فنزل عن دابته، وصادف راعياً أبيه، فأخذ جبته - وكانت من صوف - فلبسها، وأعطاه ثيابه وقماشه وفرسه.

ثم دخل مكة، ثم الشام، لطلب الحلال. وكان يأكل من عمل يده. وصحب بمكة سفيان الثورى، والفضيل بن عياض. وتوفى بالجزيرة في الغزو، وحمل إلى صور - مدينة بساحل الشام، أو ببلاد الروم على ساحل البحر - فدفن بها سنة إحدى وستين ومائة. ومناقبه جمة، أفردها ابن الحلبى بالتأليف. واختلف - ليلة أن مات - إلى الخلاء نيفاً وعشرين مرة، في كل مرة يجدد الوضوء للصلاة، فلما أحس بالموت، قال: " أوتروا لى قوسى! " فقبض عليه، فقبضت روحه والقوس في يده.

ومن كلامه البديع: " الفقر مخزون في السماء، يعدل الشهادة عند الله، لا يعطيه إلا لمن أحبه ". ومنه: " على القلب ثلاثة أغطية: الفرح، والحزن، والسرور. فإذا فرحت بالموجود فأنت حريص، والحريص محروم. وإذا حزنت على المفقود فأنت ساخط، والساخط معذب. وإذا سررت بالمدح فأنت معجب، والعجب يحبط العمل. ودليل ذلك قوله تعالى:) لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتيكم (. ومن كلامه: " قلة الحرص والطمع تورث الصدق والورع، وكثرة الحرص والطمع تكثر الهم والجزع ". وقال: " وجدت يوماً راحة، فطابت نفسي لحسن صنع الله بي، فقلت: اللهم! إن كنت أعطيت أحداً من المحبين لك ما سكنت به قلوبهم قبل لقائك فأعطني كذلك! فقد أضر بي القلق ". فرأيت رب العزة في المنام، فأوقفني بين يديه، وقال لي: " يا إبرهيم! أما استحيت منى! تسألني أن أعطيك

ما يسكن به قلبك قبل لقائى؟! وهل يسكن قلب المشتاق إلى غير حبيبه؟! أم هل يستريح المحب إلى غير من اشتاق إليه؟! ". قال، فقلت: " يا رب! تهت في حبك، فلو أدر ما أقول! ". قال ابرهيم بن بشار خادمه: " كنت ذات ليلة معه، وليس معنا شىء نفطر عليه، ولا لنا حيلة، فرآنى مغموماً، فقال: " يا ابن بشار! ماذا انعم الله تعالى على الفقراء والمساكين، من النعم والراحة دنيا وأخرى!. لا يسألهم يوم القيامة عن حج ولا زكاة، ولا صلة رحم ولا مواساة؛ وإنما يسأل ويحاسب هؤلاء المساكين، أغنياء في الدنيا، فقراء في الآخرة، أعزة في الدنيا، أذلة يوم القيامة. لا تغتم! فرزق الله مضمون سيأتيك!. نحن والله الملوك والأغنياء، قد تعجلنا الراحة في الدنيا، لا نبالي على أي حال أصبحنا أو أمسينا إذا أطعنا الله! ". ثم قام إلى الصلاة، وقمت إلى صلاتى، فما لبثنا غير ساعة، واذا نحن برجل قد جاء بثمانية أغنية وتمر كثير؛ فوضعه بين أيدينا، وقال: " كلوا! رحمكم الله! " فسلم ابرهيم من صلاته وقال: " كل يا مغموم! " فدخل سائل وقال: " أطعمونى شيئاً! " فأطعمه ثلاثة أرغفة مع تمر كثير، وأعطانى ثلاثة، وأكل رغيفين، وقال: " المواساة من أخلاق المؤمنين ". وقال ابرهيم لشقيق: " علام اصلتم اصولكم؟ " فقال:

" اذا رزقنا أكلنا، واذا منعنا صبرنا ". فقال ابرهيم: " هكذا كلاب بلخ! اذا رزقت أكلت، واذا منعت صبرت. أنا أصلنا أصولنا على انا اذا رزقنا آثرنا، واذا منعنا حمدنا وشكرنا ". فقام شقيق، وقعد بين يديه وقال: " انت استاذنا! ". وحصد ابرهيم في المزارع عشرين ديناراً ودخل إلى أذنة، ومعه صاحب له. فأراد أن يحلق ويحتجم؛ فجاء إلى حجام، فحقره الحجام وصاحبه، وقال: " ما في الدنيا أحد أبغض إلى من هؤلاء! أما وجدوا غيري؟! " فقضى شغل غيرهما، وأعرض عنهما. ثم قال: " أي شيء تريدان؟ " فقال ابرهيم: " أحتجم واحلق ". ففعل به، وأما صاحبه فقال له: " لا أفعل ذلك! " لتهاونه بهما، ثم أعطاه ابرهيم الذي كان معه، فقال له صاحبه: " كيف ذاك؟! " فقال: " اسكت؟ لئلا يحتقر فقيراً بعده ". وروى انه كان يعمل في الحصاد وحفظ البساتين وغير ذلك، وينفق على من في صحبته من الفقراء. وكان يعمل نهاره، ويجتمعون ليلا إلى

موضع، وهم صيام؛ وكان ابرهيم يبطىء فى رجوعه من عمله. فقالوا ليلة: " هلم نسبقه حتى لا يبطىء في رجوعه من عمله؟ " ففعلوا وناموا. فجاء ابرهيم، فظن انهم لم يجدوا طعاماً، فأصلحه لهم، فأنتبهوا وقد وضع شيبته فى النار، وينفخ بها، فقالوا له في ذلك فقال: " ظننت إنكم نمتم جوعى لأجل العدم، فأصلحت لكم ذلك! ". فقال بعضهم لبعض: " انظروا ما الذي عملنا، وما الذي يعاملنا به ". وقال سهل بن ابرهيم: " صحبته، فمرضت، فأنفق على نفقته، فاشتهيت شهوة، فباع حماره وأنفق على. فلما تماثلت قلت أين الحمار؟. قال: بعناه!. فقلت: ماذا أركب؟! فقال: يا أخي! على عنقي. فحملني ثلاثة منازل ". وقال: " أتيت ليلة بعض المساجد لأبيت فيه، وكانت ليلة باردة، فلم أمكن، وجررت برجلي إلى مزبلة؛ فرأيت أتون حمام، ووقاداً يوقد، فسلمت عليه، فلم يرد السلام حتى فرغ من عمله؛ وكان يلتفت يميناً شمالا، فقلت: " يا هذا! لم لا ترد على السلام فى وقته؟! "، فقال: " كنت مستأجراً فخفت أن اشغل معك، فأقصر في عملي، فآثم؛ والتفاتي خوف الموت، لا أدرى من أين يأتيني ". قلت: " فبكم تعمل كل يوم؟ " قال: " بدرهم ودانق، فأنفق الدانق على نفسي، والدرهم على أولاد أخ لي

في الله، مات منذ عشرين سنة ". قلت: " فهل سألت الله تعالى حاجة قط؟ " قال: " نعم! سألته في حاجة منذ عشرين سنة، وما قضيت بعد! " قلت: " ما هي؟ " قال: " أن يريني ابرهيم بن أدهم، فأموت! " فقلت " والله! ما رضى بي أن آتيك إلا سحباً على وجهي! أنا هو ". فعانقني، ووضع رأسه في حجري، ثم قال: " إلهي! قضيت حاجتي، فاقبضني إليك! " ومات من ساعته ". وقال شقيق: " كنا عنده يوماً، إذ مر به رجل، فقال: " أليس هذا فلاناً؟ " فقلنا: " نعم! " فقال الرجل: " أدركه. وقل له: لم لم تسلم؟ " فقال له: " أن امرأتي وضعت، وليس عندي شيء، فخرجت شبه المجنون " فقال: " أنا لله! غفلنا عن صاحبنا! ". ثم أستقرض له دينارين، وأمر أن يشترى له بدينار ما يصلح، ويدفع أليه الآخر. فدفع ذلك إلى زوجته، فقالت: " اللهم! لا تنس هذا اليوم لابرهيم! "، ففرح فرحاً لم يفرح مثله قط ". وركب مرة البحر، فقال عليهم، فلف رأسه في عباءة ونام. فقيل له: " ما ترى ما نحن فيه من الشدة؟! " فقال: " ليس هذا شدة! الشدة الحاجة إلى الناس ". ثم قال: " اللهم! أريتنا قدرتك، فأرنا عفوك! ".

فصار البحر كأنه قدح زيت. وقال ابراهيم: مررت ببعض بلاد الشام، فإذا حجر مكتوب عليه: كل حى وان بقى ... فمن العين يستقي فاعمل اليوم واجتهد ... واحذر الموت يا شقي فقعدت زماناً أقرأه وأبكي. وكان كثيراً ما يتمثل بهذا البيت: للقمة بجريش الملح آكلها ... ألذ من تمرة تحشى بزنبور ومن أصحابه شقيق بن ابرهيم البلخى، أبو على، من كبار مشايخ خراسان. حدث عن أبى حنيفة، وكان استاذ حاتم الأصم.

مات شهيداً فى غزوة كولان، سنة أربع وتسعين ومائة، حكاه ابن عساكر. وجزم ابن الجوزى، في " المنتظم " بأنه مات سنة ثلاث وخمسين ومائة. وأخبر عن نفسه في تلك الغزوة أنه رأى نفسه في ذلك اليوم كيوم الزفاف، ونام بين الصفين، حتى سمع غطيطه. قيل: كان سبب زهده أنه رأى مملوكا يلعب ويمرح فى زمن قحط، فعاتبه، فقال: " لمولاى قرية يدخل له منها ما يحتاج إليه! " فانتبه شقيق، فقال: " هذا مولاه مخلوق، ومولاى أغنى الأغنياء! " فترك ما في بيته، وتخلى للعبادة. ومن كلامه: " التوكل طمأنينة القلب لموعود الله ". " من شكا مصيبة نزلت به إلى غير الله لم يجد في قلبه حلاوة لطاعة الله ".

ومنه: " اذا أردت أن تكون فى راحة فكل ما أصبت، والبس ما وجدت، وارض بما قضى الله عليك ". وقال: " ليس شيء أحب إلى من الضيف، لأن رزقه ومؤنته على الله، وأجره لي ". وقال: " إن أردت أن تعرف الرجل، فانظر إلى ما وعده الله، ووعده الناس، بأيهما يكون قلبه أوثق! ". وقال: " تعرف تقوى الرجل في ثلاثة أشياء: في أخذه، ومنعه، وكلامه ". وسئل: " ما علامة التوبة؟ " فقال: " إدمان البكاء على ما سلف من الذنوب، والخوف المقلق من الوقوع فيها، وهجران أخوان السوء، وملازمة أهل الخير ". وقيل له: " ما علامة المطرود؟ " فقال: " إذا رأيته منع الطاعة واستوحش منها قلبه؛ وحلاله المعصية واستأنس بها؛ ورغب في الدنيا وزهد في الآخرة؛ وشغله بطنه وفرجه؛ ولم يبال من اين

أخذ الدنيا؛ فاعلم انه عند الله مباعد، لم يرضه لخدمته ". والتقى هو وابرهيم بن أدهم بمكة، فقال له ابرهيم: " ما بدء حالك الذي بلغك هذا؟ " قال: " سرت في بعض الفلوات، فرأيت طيراً مكسور الجناحين، في فلاة من الأرض، فقلت: انظر من أين يرزق هذا!. فإذا أنا بطير قد أقبل، وفى فيه جرادة، فوضعها في منقاره. فاعتبرت وتركت الكسب، وأقبلت على العبادة ". فقال ابرهيم: " ولم لا تكون أنت الذي أطعم المكسور، حتى تكون أفضل منه؟!. أما سمعت عن النبي صلى الله عليه وسلم:) اليد العليا خير من اليد السفلى (؛ ومن علامة المؤمن أن يطلب أعلى الدرجتين فى أموره كلها، حتى يبلغ منازل الأبرار! " فأخذ شقيق يده يقبلها، وقال له. " أنت أستاذنا! ".

إبراهيم الخواص

إبراهيم الخواص - 291 للهجرة ابرهيم بن أحمد الخواص أبو إسحاق، أوحد المشايخ. صحب أبا عبد الله المغربي، وكان من أقران الجنيد والنووى. مات بالرى سنة إحدى وتسعين ومائتين. قيل: مرض بالجامع، وكان به علة القيام، وكان إذا قام يدخل الماء، يغتسل ويعود إلى المسجد، ويركع ركعتين، فدخل مرة الماء، فخرجت روحه فيه.

وله رياضيات وسياحات وتدقيق في التوكل. وكان لا يفرقه إبرة وخيوط، وركوة ومقارض، وقال: " مثل هذا لا ينقص التوكل، لأجل الإعانة على ستر العورة، واذا رأيت الفقير بلا ذلك فاتهمه في صلاته ". ومن كلامه: " دواء القلب خمسة: قراءة القرآن بالتدبر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين ". وقال: " من لم تبك الدنيا عليه لم تضحك الآخرة إليه ". وقال: " ليس العلم بكثرة الرواية، إنما العالم من اتبع العلم واستعمله، واقتدى بالسنن، وان كان قليل العلم ". روى عنه أنه كان إذا دعى إلى دعوة فيها خبز بائت امسك يده، وقال: " هذا قد منع حق الله فيه، إذ بات ولم يخرج من يومه ". وقال: " تاه بعض أصحابنا أياماً كثيرة في البادية، فوقع على عمارة بعد أيام، فنظر إلى جارية تغتسل فى عين ماء، فلما رأته تجللت بشعرها، وقالت له: " إليك عنى يا إنسان! "، فقال لها: " كيف أذهب عنك، والكل منى

مشغول بك؟ ". فقالت له: " في العين الأخرى جارية أحسن منى، فهل رأيتها؟ ". فالتفت إلى خافه، فقالت له: " ما أحسن الصدق، وأقبح الكذب!. زعمت أن الكل منك مشغول بنا، وأنت تلتفت إلى غيرنا! ". ثم التفت فلم ير أحداً. وقال: " قرأت في التوراة: ويح ابن آدم!. يذنب الذنب ويستغفرني فأغفر له؛ ثم يعود، ويستغفرني فأغفر له. ويحه!. لا هو يترك الذنب، ولا هو ييأس من رحمتي!. أشهدكم يا ملائكتي أنى قد غفرت له ". وقال: " أعجب ما رأيت في البادية، أنى نمت على حجر، فإذا بشيطان قد جاء وقال: قم من هنا، فقلت اذهب؛ فقال: اني أرفسك فتهلك؛ فقلت: افعل ما شئت. فرفسني فوقعت رجله على كأنها خرقة. فقال: أنت ولى الله، من أنت؟!. قلت: ابرهيم الخواص؛ قال: صدقت!. ثم قال: يا ابرهيم! معي حلال وحرام، فأما الحلال فرمان من الجبل الفلاني، وأما الحرام فحيتان، مررت على صيادين، فتخاونا، فأخذت الخيانة؛ فكل أنت الحلال ودع الحرام ". وقال ممشاذ الدينورى: " كنت يوماً في مسجدي بين النائم

واليقظان، فسمعت هاتفاً يهتف: أن أردت أن تلقى ولياً من الأولياء فامض إلى " تل التوبة ". قال: " فقمت وخرجت، فإذا أنا بثلج عظيم، فذهبت إلى تل التوبة، فإذا إنسان قاعد مربع على راس التل، وحوله خال من الثلج قدر موضع خيمة، فتقدمت أليه، فإذا هو ابرهيم الخواص، فسلمت عليه، وجلست إليه، فقلت: بماذا نلت هذه المنزلة؟! فقال: بخدمة الفقراء ". ومن شعره: صبرت على بعض الأذى كله ... ودافعت عن نفسي لنفسي فعزت وجرعتها المكروه حتى تدربت ... ولو جرعته جملة لاشمأزت ألا رب ذل ساق للنفس عزة ... ويا رب نفس بالتذليل عزت إذا ما مددت الكف التمس الغنى ... إلى غير من قال: " اسألوني "، فشلت سأصبر جهدي إن في الصبر عزة ... وأرضى بدنيائى، وان هى قلت

وقال جعفر بن محمد: " بت ليلة معه، فانتبهت فإذا هو يناجى إلى الصباح، وينشد ويقول: برح الخفاء، وفى التلاقى راحة ... هل يشتفى خل بغير خليله؟ وقال: عليل ليس يبريه الدواء ... طويل الصبر، يضنيه الشقاء سرائره بواد، ليس تبدو ... خفيات اذا برح الخفاء وروى أنه تأوه، فقال له بعض أصحابه: " ما هذا؟! "، فقال: " أوه! كيف يفلح من يسره ما يضره؟! ". وأنشأ يقول: تعودت مس الضر حتى ألفته ... وأسلمنى حب العراء إلى الصبر وقطعت أيامى من الناس آيساً ... لعلمي بصنع الله من حيث لا أدرى

إبراهيم بن شيبان القرميسينى

إبراهيم بن شيبان القرميسينى - 330 للهجرة ابرهيم بن شيبان، الحجة القرميسيني، نسبة إلى مدينة قرميسين من جبال العراق. صحب أبا عبد الله المغربي ثلاثين سنة. ودخل عليه يوماً - وهو يأكل - فقال له: " أدن وكل معى " قال: فقلت: " أني صحبتك منذ ثلاثين سنة، لم تدعني إلى طعامك قبل اليوم، فما بالك دعوتنى اليوم؟! " فقال: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يأكل طعامك إلا تقي؛ ولم يظهر لي تقاك إلا اليوم ".

مات سنة ثلاثين وثلثمائة. ومن عباراته: " من ترك حرمة المشايخ ابتلى بالدعاوى الكاذبة، وافتضح بها. ومن تكلم فى الإخلاص، ولم يطالب نفسه بذلك، أتلاه الله بهتك ستره عند أقرانه وإخوانه. والخلق محل الآفات، وأكثر منهم آفة من يأنس بهم، أو يسكن إليهم ". وقال: " إن التوكل سر بين العبد وربه، فلا ينبغي أن يطلع على ذلك السر أحداً ". وأوصى ابنه إسحاق، فقال: " تعلم العلم لآداب الظاهر، واستعمل الورع لآداب الباطن، وإياك أن يشغلك عن الله شاغل، فقل من أعرض عنه فأقبل عليه ". وقال إسحاق: قلت لأبى: " بماذا أصل إلى الورع؟ ". قال: بأكل الحلال، وخدمة الفقراء ". فقلت: " من الفقراء؟ " فقال: " الخلق كلهم؛ فلا تميز بين من مكنك من خدمته، واعرف فضله عليك في ذلك ".

ومن كلامه: " التواضع من تصفية الباطن تلقى بركاته على الظاهر، والتكبر من كدورة الباطن تظهر ظلمه على الظاهر ". وقال الحسين ابن ابرهيم: " دخلت على ابرهيم بن شيبان، فقال لي: " لم جئتنى؟! " فقلت: " لأخدمك! " قال: " أستأذنت والدتك؟ " قلت: " نعم! ". فدخل عليه قوم من السوقة، وقوم من الفقراء، فقال لى: " قم واخدمهم ". فنظرت فى البيت إلى سفرتين: جديدة، وخلقه؛ فقدمت الجديدة للفقراء، والخلقة للسوقة؛ وحملت الطعام النظيف للفقراء، وغيره للسوقة. فنظر إلى واستبشر، وقال: " من علمك هذا؟ ". قلت: حسن نيتي فيك ". فقال: " بارك الله عليك! ". فما حلفت بعد ذلك باراً ولا حانثاً، وما عققت والدي، ولا عقني أحد من أولادي ".

إبراهيم بن سعد العلوى

إبراهيم بن سعد العلوى ابرهيم بن سعد العلوي، الشريف الزاهد، أبو إسحاق البغدادي، ثم الشامي، ذو الكرامات. وهو أستاذ أبى الحارث الأولاسى. حكى عنه أبو الحارث، قال: " كنت معه فى البحر، فبسط كساءه على الماء وصلى عليه ". ومن أصحابه الفيض بن الخضر بن أحمد الأولاسى أبو الحارث، الجليل الزاهد. مات بطرطوس سنة سبع وتسعين ومائتين.

إبراهيم الصياد البغدادي

إبراهيم الصياد البغدادي ابرهيم الصياد البغدادي الجليل من أقران سرى. من كلامه: " علامة الفقير الصادق كونه فى كل وقت بحكمه " قال الجنيد: " جاء ابرهيم الصياد يوماً إلى سرى. وهو متزر بقطعة حصير. فأمر السرى فجىء له بجبة فامتنع من لبسها؛ فقال له سرى: " البسها!، فانه كان معى مقدار عشرة دراهم من موضع حلال، فاشتريتها به " فنظر اليه شزراً، وقال: " أنت تقعد مع الفقراء، ومعك عشرة دراهم؟! ". وامتنع من أخذها ".

أبو القاسم النصر اباذى

أبو القاسم النصر اباذى - 367 للهجرة ابرهيم بن محمد النصر اباذى نسبة إلى نصر اباذ محلة من محال نيسابور أبو القاسم. شيخ نيسابور، والمحدث المؤرخ. صحب الشبلى، وأبا على الروذبارى، والمرتعش، وغيرهم. وهو استاذ أبى عبد الرحمن السلمى. مات بمكة - ودفن بقرب الفضيل - سنة سبع وستين وثلثمائة.

من كلامه: " مراعاة الأوقات من علامات التيقظ ". وقال: " التصوف ملازمة الكتاب والسنة، وترك الأهواء والبدع، وتعظيم حرمات المشايخ، والملازمة على الأوراد، وترك ارتكاب الرخص والتأويلات ". وقال: " المحبة مجانبة السلو على كل حال ". ثم أنشد: ومن كان طول الهوى ذاق سلوة ... فانى من ليلى لها غير ذائق وأكثر شىء نلته من وصالها ... أمانى لم تصدق كلمحة بارق قال أبو عبد الرحمن السلمي: " وقع قحط، فخرج الناس للاستسقاء؛ فلما ارتفع النهار جاء غبار وريح وظلمة، لا يستطيع أن يرى أحد أحداً، من شدة الغبار ونحن مع الأستاذ أبى القاسم، فقال: " جئنا بأبدان مظلمة، وقلوب غافلة، ودعونا بلسان مثل الريح، فنحن نكيل ريحاً، ويكتال علينا ريح ". فلما كان الغد خرج - وكان فقيراً، لكن له وجاهة عند الناس - فطلب من أغنيائهم، فاشترى بقرة، وكثيراً من لحم الغنم، وأرزاً، وآلات حلوى، ونادى: " من أراد من ذلك فليحضر عند المصلى! " فحضروا وأكلوا وحملوا، فمطروا بعد العصر مطراً كثيراً؛ وركنا إلى مسجد حتى الصباح وكان يترنم:

خرجوا للاستسقا، فقلت لهم: ... دمعى ينوب لكم عن الأنواء! قالوا: صدقت! ففى دموعك مقنع ... لو لم تكن ممزوجة بدماء! وقال: " لما هم بالحج - سنة ست وستين وثلثمائة - صحبته. فكان كل منزلة يقصد سماع الحديث، فلما دخل بغداد جاء إلى القطيعى، فرد على قارئه مرة ثم أخرى. فقال له: " إن كنت تحسن القراءة فقم فاقرأ! "، فأخذ الجزء منه، وقرأ قراءة تحير منها القوم، قرأوا في مجلس واحد قدر قراءة خمسة أيام ". وكان لا يفارقه المحبرة والمقلمة والبياض فقيل له في ذلك فقال: " ربما سمعت شيئاً - من حمال أو غيره - حكمة، فأثبته ". ولما دخل إلى مكة نظر إلى المقبرة، فقال: " طوبى لمن كان قبره بها " وأمرني بالرجوع لوالدي فمرض، واشتهى التمر فطلب تمراً، وجيء به اليه، فلم يتناوله.

إبراهيم الرقي

إبراهيم الرقي - 326 للهجرة ابرهيم بن داود الرقى، من أقران الجنيد وابن الجلاء، والرقى نسبة إلى مدينة الرقة على طرف الفرات. عمر وصحبه أكثر مشايخ الشام. مات سنة ست وعشرين وثلثمائة. من كلامه: " أضعف الخلق من ضعف عن رد شهواته؛ وأقوى الخلق من قوى على ردها ". وقال: " علامة محبة الله ايثار طاعته ومتابعة نبيه ".

وسئل: " هل يبدى المحب حبه؟ وهل يطيق كتمانه؟ " فأنشد: ظفرتم بكتمان اللسان، فمن لكم ... بكتمان عين دمعها الدهر تذرف حملتم جبال الحب فوقى واننى ... لأعجز عن حمل القميص وأضعف وقال: " حسبك من الدنيا شيئان: صحبة فقير، وحرمة ولى ".

أحمد بن أبي الحواري

أحمد بن أبي الحواري 148 - 230 للهجرة احمد بن أبى الحواري عبد الله بن ميمون، أبو العباس الدمشقي. صحب الداراني وغيره. كان الجنيد يقول فيه: " انه ريحانة أهل الشام ". مات سنة ثلاثين ومائتين، كما قال السلمي والقشيري وغيرهما. والصواب سنة أربعين، كما نبه عليه ابن عساكر عن اثنتين وثمانين سنة. وكان ولده صالحاً عابداً.

من كلامه: " من نظر إلى الدنيا نظر ارادة وحب لها أخرج الله نور اليقين والزهد من قلبه ". وقال: " ما ابتلى الله عبداً بشىء أشد من الغفلة والقسوة ". وطلب العلم ثلاثين سنة، فلما بلغ الغاية غرق كتبه، وقال: لم أفعله تهاوناً ولا استخفافاً بحقك، ولكن طلبنا الهداية فحصلت، فاستغنيت عنك به ". فان قلت: " هذه اضاعة مال! ". قلت: " لعله كان فيها شيء لا يرى تعديه إلى الغير. وقد روى نحو هذا عن سفيان الثوري الأمام، انه أوصى بدفن كتبه، وكان ندم على أشياء كتبها عن الضعفاء، وقال: " حملني عليها شهوة الحديث ". فكأنه لما عسر عليه التمييز بين الصحيح وغيره، أوصى أن تدفن كلها. أو أن هذا من باب إلقاء أهل السفينة الموال رجاء النجاة. واين ذلك من غرق النفس فى بحر الركون إلى المألوفات المنافية لصفاء الذكر، والالتجاء إلى الله تعالى في فسيح أبواب الفكر، لا سيما إذا خاف فوات الأولى بالاشتغال به،

فيكون أتلافه لذلك من باب:) ردوها على فطفق مسحاً بالسوق والأعناق (. وروى أنه كان بينه وبين أبى سليمان الداراني عقد بأنه لا يخالفه فى شيء يأمره به، فجاء يوماً والداراني يتكلم في مجلسه، فقال: " ان التنور قد سجر، فبم تأمر؟ " فلم يجبه. فقال ثانياً، وثالثاً، فلما ألح عليه، كأنه قد ضاق قلبه، فقال له: 00 اذهب فاقعد فيه! ". ثم تغافل واستغل عنه ساعة، ثم ذكره فقال: " اطلبوا أحمد، فانه فى التنور، لأنه على عقد ألا يخالفنى! " فذهبوا إليه فإذا به جالس في التنور لم يحترق منه شعرة ". وروى عن سعيد بن عبد العزيز الحلبي، قال: " أحسن ما سمعت عنه، أنه جاءه مولود، ولم يكن له شىء من الدنيا، فقال لتلميذ له: " قد جاءنا البارحة مولود! خذ لنا دقيقاً! " فتعجب تلميذه من ذلك. وكان بعض التجار قد وجه متاعاً إلى مصر، فنوى: إن سلم فلأحمد مائتا درهم؛

فسلم المتاع، فدفعها إلى غلامه، وقال: " اخبر احمد بذلك "، ففرح تلميذه لذلك. ثم جاء رجل وقال: " يا أحمد! جاءني البارحة ولد! أعندك من الدنيا شيء؟ ". فرفع رأسه إلى السماء وقال: " يا مولاى! هكذا بالعجل؟! " ودفع الدراهم اليه، ثم قال لتلميذه: " قم - ويحك! - جئنا بالدقيق! ". وجاءه رجل مرة أخرى، فقال: " ولد لى الليلة غلام، وما عندنا شىء ننفقه! " فقال: " أصبحت لا املك سوى هذين القميصين!. فخذ أحدهما ". فنظر أيهما أجد، فقال: " السفلاني أجد، وهو يبلغ لك ثمناً جيداً ". ثم تنحى فنزعه ولبس الفوقاني، ومضى الرجا. وخرج أحمد من باب جيرون، فلما صار على المدرج لقيه رجل فسلم عليه، وقال له: " عمير ابن جوصاء يسلم عليك ويقول: ثلاثون ديناراً، انتفع بها! ". فقال احمد: " أعطيت قميصاً فوجه إلى بثلاثين ديناراً!. ما هذه الغفلة؟! "

ثم صرخ صرخة عظيمة ورمى بنفسه، ولو لم يمسك لتهشم وجهه. ولأحمد ولد أسمه عبد الله، وكنته أبو محمد. وكان زاهداً ورعاً، عالماً بالحديث، حدث عن أبيه، وصار من الأعيان. مات سنة خمس وثلثمائة. ولأحمد أخ اسمه محمد كان أكبر منه. من قدماء المشايخ، صحب الفضيل، وروى عنه أخوه. قال: سمعته يقول: " من أنس بغير الله فهو فى وحشة أبداً ". وزوجة احمد، واسمها رايعة - بمثناة من تحت - بنت إسماعيل، كانت عابدة كرابعة العدوية بمصر.

خطبت أحمد من نفسها، فكرة ذلك لما كان فيه من العبادة، وقال: " والله ما لى همة في النساء، لشغلي بحالي! " فقالت: " وأني لأشغل بحالي منك، ومالي شهو في الرجال. ولكنى ورثت مالا جزيلا من زوجي، فأردت أن أنفقه على أخواني، وأعرف بك الصالحين، لتكون لى طريقاً إلى الله ". فقال: " حتى استأذن أستاذي ". قال أحمد: " فرجعت إلى أستاذي، وكان ينهاني عن التزوج، ويقول: " ما تزوج أحد من أصحابنا إلا تغير ". فلما سمع كلامها، قال: " تزوج بها، فأنها ولية الله، هذا كلام الصديقين ". قال: فتزوجها، وتزوج عليها ثلاث نسوة، قال: " فكانت تطعمني الطيبات، وتطيبني وتقول: اذهب بنشاطك وقوتك إلى أزواجك ". وكانت تشبه في أهل الشام برابعة العدوية في أهل مصر.

أحمد بن خضرويه البلخي

أحمد بن خضرويه البلخي 145 - 240 للهجرة أحمد بن خضرويه البلخي أبو حامد من أكابر خراسان سمع أبا تراب، وحاتماً الأضم، ورحل إلى أبى يزيد. ومات سنة أربعين ومائتين. من كلامه: " لا نوم اثقل من الغفلة، ولا رق أملك من الشهوة؛ ولولا ثقل الغفلة ما ظفرت بك الشهوة ". وقال: " من خدم الفقراء أكرم بثلاثة أشياء: بالتواضع، وحسن الأدب، وسخاوة النفس ".

وقال: " من أراد ان يكون الله معه فليلزم الصدق، فان الله مع الصادقين ". وروى أنه اقترض من رجل مائة ألف درهم، فقال الرجل: " ألستم أنتم الزهاد فى الدنيا؟!، فما تصنع بهذه الدراهم؟! ". قال: أشترى بها لقمة، وأضعها في فم مؤمن، ولا أجترىء أن أسأل ثوابه من الله تعالى "، فقال: " ولم؟! ". قال: " لأن الدنيا كلها لا تزن عند الله جناح بعوضة!. فما مائة ألف فى جناح بعوضة، وما قدرها؟! ". وقال محمد بن حامد: " كنت جالساً عند احمد بن خضرويه، وهو في النزع، فسئل عن مسألة، فدمعت عيناه، وقال: " يا بنى! باب كنت أدقه منذ خمس وتسعين سنة، هو ذا يفتح لى الساعة. وى ادرى أنفتح لى بالسعادة أم بالشقاوة، وأنى لى بالجواب؟! "

وكان قد ركبه من الدين سبعمائة دينار، وحضره غرماؤه، فنظر إليهم وقال: " اللهم انك جعلت الرهون وثيقة، فأد عنى! ". قال: فدق داق الباب، وقال: " أهذه دار أحمد بن خضرويه؟ ". فقالوا: " نعم! ". قال: " فاين غرماؤه؟ " قال: فخرجوا، فقضى عنهم، ثم خرجت روحه.

أبو سعيد الخراز

أبو سعيد الخراز - 277 للهجرة أبو سعيد أحمد بن عيسى الخراز البغدادي. صحب ذا النون وغيره، وكان من جملة مشايخ القوم. مات سنة سبع وسبعين ومائتين. وقال السمعاني: " سنة ست وثمانين ". من كلامه: " كل باطن يخالفه ظاهر فهو باطل ".

وقال: " مثل النفس مثل ماء واقف طاهر صاف، فان حركته ظهر ما تحته من الحمأة. وكذا النفس، تظهر عند المحن والفاقة والمخالفة. ومن لم يعرف ما في نفسه كيف يعرف ربه؟! ". وقال: " ليس من طبع المؤمن قول: لا. وذلك أنه إذا نظر ما بينه وبين ربه من أحكام الكرم استحى أن يقول: لا ". مقال: " رأيت إبليس في النوم، وهو يمر عنى ناحية، فقلت: " تعال! " فقال: " أيش أعمل بكم؟! أنتم طرحتم عن نفوسكم ما أخادع به الناس " قلت: " وما هو؟ ". قال: " الدنيا ". وقال: " ورأيته مرة أخرى، وكان بين يدي عصا، فرفعتها حتى أضربه بها، فقال لى قائل: " هذا لا يفزع من العصا! ". فقلت له: " من أى شيء يفزع؟ ". قال: " من نور يكون فى القلب ". وقال في قوله تعالى:) ولله خزائن السموات والأرض (: خزائنه في السماء الغيوب، وفى الأرض القلوب ".

وقال في معنى قوله عليه السلام:) جبلت القلوب على حب من أحسن أليها (: " واعجباً ممن لم ير محسناً غير الله، كيف لا يميل بكليته إليه؟! ". وقال: " دخلت المسجد الحرام، فرأيت فقيراً عليه خرقتان يسأل شيئاً، فقلت في نفسي: " مثل هذا كل على الناس! ". فنظر إلى قال:) واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه (؛ قال: فاستغفرت في سرى، فناداني فقال:) وهو الذي يقبل التوبة عن عباده (. وقال: " صحبت الصوفية ما صحبت، فما وقع بيني وبينهم خلاف ". قالوا: " لم؟ ". قال: " لأني كنت معهم على نفسي ". وقال الجنيد: " لو طالبنا الله بحقيقة ما عليه أبو سعيد الخراز لهلكنا، فانه أقام كذا وكذا سنة يخرز ما فاته الحق بين الخرزتين ".

ومن أصحاب أبى سعيد أبو الحسن بن بنان، من كبار مشايخ مصر. ومن كلامه: علامة سكون القلب إلى الله تعالى أن يكون بما في يد الله تعالى أوثق منه بما في يده ". وقال: " اجتنبوا دناءة الأخلاق كما تجتنبون الحرام ". وقال الخراز: " كنت بالبادية، فنالني جوع شديد، فغلبتني نفسي أن اسأل الله صبراً، فلما هممت بذلك سمعت هاتفاً يقول: ويزعم أنه منا قريب ... وأنا لا نضيع من أتانا ويسألنا الفتى جهداً وصبراً ... كأنا لا نراه ولا يرانا

قال: " فأخذني الاستقلال من ساعتى، فقمت ومشيت ". وقال: " وبقيت إحدى عشرة سنة، أتردد من مكة إلى المدينة، ومن المدينة إلى مكة؛ لا أرى مكة وأرى رب مكة، فما صح لى منه نفس. فلما كان بعد ذلك تراءى لى بعض الجن وقال لى: " يا أبا سعيد! قد - والله - رحمتك، من كثرة تردادك!، وقد حضرني شعر، فاستمع: أتيه، فلا أدرى من التيه من أنا ... سوى ما يقول الناس فى وفى جنسي أتيه على جن البلاد وانسها ... فان لم أجد خلقاً أتيه على نفسي قال أبو سعيد؛ فقلت له: " اسمع - يا من لا يحسن يقول - ان كنت تسمع: أيا من يرى الأسباب أعلى وجوده ... ويفرح بالتيه الدنى وبالأنس فلو كنت من أهل الوجود حقيقة ... لغبت عن الأكوان والعرش والكرسي وكنت بلا حال مع الله واقفاً ... تصان عن التذاكر للجن والأنس

وقال: رويم بن أحمد: " حضرت وفاة ابي سعيد في آخر نفسه: حنين قلوب العارفين إلى الذكر ... وتذكارهم وقت المناجاة للسر أدريت كئوس المنايا عليهم ... فأغفوا عن الدنيا كإغفاء ذي السكر فأجسامهم في الأرض تحيى بحبه ... وأرواحهم في الحجب تحت العلا تسرى فما عرسوا إلا بقرب مليكهم ... ولا عرجوا عن مس بؤس ولا ضر

أحمد بن عاصم الأنطاكي

أحمد بن عاصم الأنطاكي 140 - 239 للهجرة أبو على أحمد بن عاصم الأنطاكي، من أقران السرى وغيره. وكان الداراني يسميه " جاسوس القلوب " لحدة فراسته. من كلامه: " إذا طلبت صلاح قلبك فاستعن بحفظ لسانك ". وقال: " اليقين نور يجعله الله في قلب العبد، حتى يشاهد به أمور آخر، ويخرق بقوته كل حجاب بينه وبين ما في الآخرة، حتى يطالع أمور الآخرة كالمشاهد لها ".

وقال: " يسير اليقين يخرج كل الشك من القلب. ويسير الشك يخرج اليقين كله من القلب ". وقال: " اذا جالستم أهل الصدق فجالسوهم بالصدق، فانهم جواسيس القلوب؛ يدخلون في قلوبكم، ويخرجون منها من حيث لا تحسون ". وقال: " من كان بالله أعرف كان له أخوف ".

أبو جعفر بن سنان

أبو جعفر بن سنان - 311 للهجرة أبو جعفر أحمد بن حمدان بن على بن سنان، من كبار مشايخ نيسابور صحب أبا عثمان. كتب وحدث وصنف " المسند " على صحيح مسلم. وكان أحد الخائفين الورعين، حتى كان أبو عثمان يقول: " من أحب أن ينظر إلى سبيل الخائفين فلينظر إلى أبى جعفر بن سنان ". مات سنة احدى عشرة وثلثمائة.

ومن كلامه: " أنت تبغض العاصي بذنب واحد تظنه، ولا تبغض نفسك مع ما تتيقنه من ذنوبك ". وقال: " من لزم العزلة والخلوة كان أقل لفضيحته في الدنيا، إلى أن يبلغ إلى فضيحة الآخرة ". وقال: " ذمك لأخيك بعيوبه يوقعك في ما فوقه وشر منه ". وقال: " علامة من انقطع إلى الله على الحقيقة إلا يرد عليه ما يشغله عنه ".

أبو علي الرذباري

أبو علي الرذباري - 322 للهجرة أبو على أحمد بن محمد الروذبارى البغدادي ثم المصري. مات سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة، وقال السمعاني: سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة. وروذبار يقال لمواضع عند الأنهار الكبار؛ وهذا الموضع عند طوس كما قال السمعاني؛ وقال الطلحي: " قرية من بغداد ".

صحب الجنيد والنوري وابن الجلاء وغيرهم. كان أظرف المشايخ وأعلمهم بالطريقة، كبير الشأن. من كلامه: " من الاغترار أن تسيء فيحسن اليك، فتترك الإنابة والتوبة توهماً انك تسامح فى الهفوات، وترى أن ذلك من بسط الحق عليك ". وقال: " لو تكلم أهل التوحيد بلسان التجريد ما بقى محب إلا مات ". وأنشد: نعمى تسر إذا رأتك، وأختها ... تبكى بطول تباعد وفراق فاحفظ لواحدة أوان سرورها ... وعد التي أبكيتها بتلاقي وقال: " قدم علينا فقير في يوم عيد، في هيئة رثة، فقال: " هل عندك مكان نظيف، يموت فيه فقير غريب؟ ". فقلت كالمتهاون به: " ادخل ومت حيث شئت؟ ". فدخل فتوضأ وصلى ركعتين، ثم اضطجع

ومات. فجهزته، فلما دفنته وكشفت عن وجهه لأضعه في التراب، ليرحم الله غربته، فتح عينيه وقال: " يا أبا على!. أتدللني بين يدي من يدللنى؟! ". فقلت: " يا سيدى! أحياة بعد الموت؟! ". قال: " نعم! أنا حي، وكل محب لله حي، لأنصرنك غداً بجاهي يا روذبارى ". قالت فاطمة أخته: " لما قربت وفاة أخي كانت رأسه في حجري، ففتح عينيه وقال: هذه أبواب السماء قد فتحت، وهذه الجنان قد زينت، وهذا قائل يقول: يا أبا على! قد بلغناك الرتبة القصوى، وان لم تسالها، وأعطيناك درجة الأكابر وان لم تردها ". وأنشأ يقول: وحقك لا نظرت إلى سواكا ... بعين مودة حتى أراكا أراك معذبي بفتور لحظ ... وبالخد المورد من جناكا ثم قال: " يا فاطمة! الأول ظاهر، والثاني أشكال ". وقال: " رأيت بالبادية حدثاً، فلما رآني قال: " ما يكفيه أن شغفني بحبه حتى أعلني! ". ثم رأيته يجود بروحه، فقلت له: " قل: لا اله إلا الله! ". فأنشأ يقول:

أيا من ليس لي منه ... وان عذبني بد ويا من نال من قلبي ... منالاً ما له حد وقال: " دخلت مصر، فرأيت الناس مجتمعين، فقالوا: كنا في جنازة فتى سمع قائلا يقول: كبرت همة عين ... طمعت في أن تراكا أو ما حسب عين ... ان ترى من قد رآكا قال: فشهق شهقة ومات ". ومن شعره: تشاغلتم عنى فكلى أفكر ... لأنكم منى بما بي أخبر فان شئتم وصلى فذاك أريده ... وان شئتم هجري فذلك أوثر فلست أرى إلا بحال يسركم ... بذلك أزهو ما حييت وأفخر ولني على أخت زاهدة مشهورة، وهى والدة أحمد بن عطاء الروذبارى، الآتي ذكره. لها كلام حسن.

حكى عنها أخوها فقال: " تكلمت يوماً في المروة، فرجعت إلى أختي، فأخبرتني بذلك، وقالت: وقع في نفسي أنها - مع الله - حفظ أسراره، والقيام بما يوصلك أليه. والمروءة مع الخلق الشفقة عليهم، والاحتمال عنهم، ورؤية فضلهم عليك، بمشاهدة نقصانك ". فاستحسنت ذلك منها ". قلت: واحمد هذا هو أبو عبد الله، شيخ الشام في وقته مات بصور، سنة تسع وستين وثلثمائة. ومن كلامه: التصوف ينفى عن صاحبه البخل، وكتب الحديث ينفى عن صاحبه الجهل؛ فإذا اجتمعا في شخص فناهيك به نبلاً ". وأنشد لنفسه: فما مل ساقيها وما مل شارب ... عقار لحاظ كأسه يذهب اللبا يدور بها طرف من السحر فاتر ... على جسم نور ضوؤه يخطف القلبا

يقول بلفظ يخجل الصب حسنه: ... تجاوزت يا مشغوف في حالك الحبا فسكرك من لحظي هو الوجد كله ... وصحوك من لفظي يبيح لك الشربا وقال: " أقبح من كل قبيح صوفي شحيح ". وأنشد: أشرت إلى الحبيب بلحظ طرفي ... فاعرض عن إجاباتي المليح فقلت: أضاع مذهبه المرجى ... ومزق ذلك العهد الصحيح! ألم تسمع بألا قبح إلا ... وأقبح منه صوفي شحيح! وقال: " من خدم الملوك بلا عقل أسلمه الجهل إلى القتل ". وقال: " أن الخشوع في الصلاة) علامة (فلاح المصلى، قال تعالى:) قد أفلح المؤمنون. الذين هم فى صلاتهم خاشعون (.

وقال، في قوله تعالى:) أن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا (: " استقاموا بالرضاء، على مر القضاء، والصبر على البلاء، والشكر في النعماء ". روى أنه دخل يوماً دار بعض أصحابه، فوجده غائباً، ورأى فيه باب بيت مقفل، فقال الأستاذ: " اكسروا القفل " فكسروه؛ وأمر بجميع ما في البيت فباعوه، وأصلحوا بثمنه وقتاً ن وجاسوا في الدار. فدخل صاحب الدار ولم يقل شيئاً، ودخلت زوجته بعده إلى الدار، وعليها كساء، فدخلت بيتاً ورمت بالكساء، وقالت: " يا اصحابنا، هذا من جملة المتاع، فبيعوه! "، فقال لها الزوج: " ما حملك على هذا؟! ". قالت له: " مثل الشيخ يباسطنا، ويحكم علينا، ويبقى بنا شيء ندخره عنه؟! ". وقال أبو طاهر الرقى: " سمعت أحمد بن عطاء يقول: " كلمني جمل في طريق مكة. رأيت الجمال والمحامل عليها، وقد مدت أعناقها ليلا، فقلت: " سبحان من يحمل عنها ما هي فيه! ". فالتفت جمل وقال: " قل: جل الله ".

وأنشد أحمد هذا: إذا أنت صاحبت الرجال فكن فتى ... كأنك مملوك لكل رفيق وكن مثل طعم الماء عذباً وبارداً ... على الكبد الحرى لكل صديق ومن أصحابه أبو على الحسن بن أحمد الكاتب، أحد مشايخ وقته، من كبار اهل مصر. مات سنة نيف وأربعين وثلثمائة. من كلامه: " إذا انقطع العبد إلى الله تعالى بكليته، فأول ما يفيد الاستغناء به عن الناس ". وقال: " صحبة الفساق داء، والدواء مفارقتهم ". وقال: " إذا سكن الخوف في القلب لم ينطق اللسان إلا بما يعنيه ".

وانشد: إذا ما أسرت انفس الناس ذكره ... تبينته فيهم ولم يتكلموا تطيب به أنفاسهم فتذيعه ... وهل سر مسك أودع الريح مكتم؟ وأنشد متمثلا: ولست بنظار إلى جانب الغنى ... إذا كانت العلياء في جانب الفقر وانى لصبار على ما ينوبني ... وحسبك أن الله أثنى على الصبر وقال: " روائح نسيم المحبة تفوح من المحبين وان كتموها، وتغلب عليهم دلائلها وان أخفوها، وتدل عليهم وان ستروها ".

أبو العباس بن عطاء الأدمى

أبو العباس بن عطاء الأدمى - 309 للهجرة أبو العباس أحمد بن محمد بن سهل بن عطاء الأدمى. صحب الجنيد، وابرهيم المارستاني، وغيرهما. وكان من أقران الجنيد وعلمائهم. وكان أبو سعيد الخراز يعظم شأنه. مات سنة تسع وثلثمائة. من كلامه: " من الزم نفسه آداب السنة نور الله قلبه بنور المعرفة.

ولا أشرف من متابعة الحبيب صلى الله عليه وسلم فى أوامره، وأفعاله وأخلاقه، والتأدب بآدابه ". وقال. " أعظم الغفلة غفلة العبد عن ربه، وعن أوامره، وعن آداب معاملته ". وقال: " علامة الولي أربعة: صيانة سره فيما بينه وبين الله، وحفظ جوارحه فيما بينه وبين أمره، واحتمال الأذى فيما بينه وبين خلقه، ومداراته للخلق على تفاوت عقولهم ". وسئل: " ما العبودية؟ " فقال: " ترك الاختيار، وملازمة الافتقار ". وسئل: " ما المروءة؟ " فقال: " ألا تستكثر لله عملاً ". وقال: " لما عصى آدم عليه السلام بكى عليه كل شيء في الجنة إلا الذهب

والفضة؛ فأوحى الله أليهما: " لم لا تبكيان على آدم؟! " فقالا: " ما كنا لنبكى على من يعصيك! ". فقال الله: " وعزتي وجلالي! لأجعلن قيمة كل شيء بكما، ولأجلعن بنى آدم خدماً لكما ". وأنشد أبو العباس بن عطاء: اذا صد من أهوى صددت عن الصد ... وان حال عن عهدي أقمت على العهد فما الوجد إلا أن تذوب من الوجد ... وتصبح في جهد يزيد على الجهد

أبو الحسين النورى

أبو الحسين النورى - 295 للهجرة أبو الحسين أحمد بن محمد النوري البغدادي. لم يكن في وقته أحسن طريقة منه، ولا ألطف كلاماً. صحب السري وابن أبى الحواري. وكان من أقران الجنيد، كبير الشأن. مات قبل الجنيد، في سنة خمس وتسعين ومائتين. والنورى نسبة إلى " نور "، بليدة بين بخاري وسمرقند؛ ويقال: لنور كان بوجهه فنسب اليه، وقيل: قيل له النوري لحسن وجهه.

سئل عن أدب المعرفة. فقال: " لا تصل إلى أول مبدأ حواشي المعرفة حتى تخوض إلى الله سبعة بحار من نيران، بحراً بعد بحر؛ فعسى بذلك يقع لك أوائل بدو علم المعرفة ". وقال: " إذا امتزجت نار التعظيم مع نور الهيبة في السر هاجت ريح المحبة من حجب العطف على النار والنور، فيظهر فيه الاشتياق، وتتلاشى البشرية، فيتولد من ذلك المثابرة ". ومن كلامه: " التصوف ترك كل حظ للنفس ". وأنشد لنفسه: إلى الله أشكو طول شوقي وحيرتي ... ووجدي بما طالت على مطالبه ومن قد برى جسمى، وكدر عيشي ... ويمنعني الماء الذي أنا شاربه فيا ليت شعري! ما الذي فيه راحتى؟! ... وما آخر الأمر الذي أنا طالبه؟! وقال، في قوله تعالى:) وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم (: " أوفوا بعهدي في دار محبتي، على بساط خدمتى، بحفظ حرمتي، أوف بعهدكم

في دار نعمتي، على بساط قربتي، بسرور رؤيتي ". ومكث عشرين سنة، يأخذ من بيته رغيفين. فيخرج إلى سوقه فيتصدق بهما، ويدخل إلى مسجده، فلا يزال يركع حتى يحيء وقت سوقه، فيذهب أليه. فيظن أهل سوقه أنه تغدى في منزله، وأهل بيته أنه اخذ معه غداءه، وهو صائم. ودخل الماء ليغتسل، فجاء لص فأخذ ثيابه، فخرج فلم يجدها، فرجع إلى الماء. فلم يكن إلا قليلا حتى جاء بها، وقد جفت يده اليمنى، فلبسها وقال: " سيدي! قد رد ثيابي فرد عليه يده! " فردت ومضى. ولما سعى بالصوفية إلى الخليفة، وأمر بضرب أعناقهم، تقدمهم النوري، وقد بسط النطع، فقال له السياف: " لا أدرى لماذا تبادر؟! وما الذي يعجلك؟ " قال: " أوتر أصحابي على بحياة ساعة! " فتحير السياف،

وأنهى خبرهم إلى الخليفة، فرد أمرهم إلى القاضي. فألقى القاضي يومئذ على أبى الحسين مسائل فقهية. فأجاب عنها، ثم قال: " وبعد! فان لله عباداً اذا قاموا قاموا بالله، واذا نطقوا نطقوا بالله! " وسرد ألفاظاً حتى أبكى القاضى. فأرسل إلى الخليفة، وقال: " إن كان هؤلاء زنادقة، فما على وجه الأرض موحد! " فخلى سبيلهم. وقال: " حيل بيني وبين قلبي أربعين سنة، ما اشتهيت شيئاً، ولا تمنيت شيئاً، ولا استحسنت شيئاً منذ عرفت ربى ". وأنشد لنفسه: ذكرت ولم أذكر حقيقة ذكره ... ولكن بوادي الحق تبدو فأنطق اذا ما بدا ذكر لذكر ذكرته ... يغيبني عن ذكر ذكرى فأغرق وأغرق بالذكر الذي قد ذكرته ... عن الذكر، بالذكر الذي هو أسبق

وروى أن زيتونة، خادمة أبي الحسين، واسمها فاطمة - وكانت تخدم الجنيد وأبا حمزة - قالت: " جئت يوماً إلى النوري، وكان يوماً شديد البرد والريح، فوجدته في المسجد وحده جالساً. فأمرني بإحضار خبز ولبن، فأحضرته. وكان بين يديه قصعة فيها فحم، فقلبه بيده وهو مشتعل، ثم أخذ الخبز واللبن، فجعل اللبن يسيل على يديه، وفيها سواد الفحم، فقلت: " يا رب! ما أقذر أولياءك! ما فيهم أحد نظيف! ". قالت: " ثم خرجت من عنده، فتعلقت بى امرأة وقالت: " سرقت رزمة ثياب! ". وجروني إلى الشرطي. فأخبر النوري بذلك، فخرج وقال: " لا تتعرض لها، فأنها ولية من أولياء الله ". فقال الشرطي: " كيف أصنع والمرأة تدعى ذلك؟! ". قالت: " فجاءت جارية ومعها الرزمة المطلوبة ". وانطلق النوري بزيتونة، وقال لها: " تقولين - بعد هذا - يا رب! ما اقذر أولياءك؟! "، فقالت: " قد تبت ". واعتل النوري، فبعث الجنيد بصرة فيها دراهم وعاده، فردها النوري. ثم اعتل الجنيد، فدخل عليه النوري عائداً، فقعد عند رأسه، ووضع

يده على جبهته، فعوفي في ساعته. فقال النورى للجنيد: " إذا زرت إخوانك فأرفقهم بهذا البر ". وروى أنه أصابته علة، وأصابت الجنيد علة، فالجنيد أخبر عن حاله، والنورى كتم، فقيل له: " لم لم تخبر كما اخبر صاحبك؟ " فقال: ما كنا لنبتلى ببلوى فنوقع عليها اسم الشكوى؛ ثم أنشد: أن كنت للسقم أهلا ... قد كنت للشكر أهلا عذب فلم يبق قلب ... يقول للسقم: مهلا فأعيد ذلك على الجنيد، فقال: " ما كنا شاكين، ولكنا أردنا أن نكشف عن عين القدر فينا ". ثم أنشد يقول: أجل ما عنك يبدو ... لأنه عنك جلا وأنت، يا أنس قلبي ... أجل من أن يجلا أفنيتني عن جميعي ... فكيف أرعى المحلا فبلغ ذلك الشبلى، فأنشأ يقول: محنتي فيك أنني ... لا أبالي بمحنتي

يا شفائي من السقام، وان كنت على ... تبت دهراً، فمذ عرفتك ضيعت توبي قربكم مثل بعدكم ... فمتى وقت راحتي؟! وروى انه اجتمع الجنيد والنورى ورويم وابن وهب وغيرهم في سماع، فمضى بعض الليل وأكثره، فلم يتحرك أحد منهم، ولا أثر فيه القول. فقال النورى للجنيد: " يا أبا القاسم! هذا السماع يمر مراً ن ولا أرى وجداً يظهر! " فقال الجنيد: " يا أبا الحسين!) وتر الجبال الجبال يحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب (فأنت يا أبا الحسين، ما أثر عليك؟! ". فقال النورى: " ما بلغت مقامي في السماع ". فقال له الجنيد: " وما مقامك فيه؟ " فقال: " الرمز بالإشارة دون الإفصاح، والكناية دون الإيضاح ". ثم وثب وصفق بيديه، فقام جميع من حضر بقيامه ساعة. وكان سبب وفاته أنه سمع هذا البيت: لا زلت أنزل من ودادك منزلا ... تتحير الألباب دون نزوله فتواجد وهام في الصحراء، فوقع في أجمة قصب قد قطع، وبقيت أصوله

مثل السيوف؛ وكان يمشى عليها ويعيد البيت إلى الغداة، والدم يسيل من رجليه، ثم وقع مثل السكران، فورمت قدماه ومات. وقال الحسين بن الفضيل: " حضرت النوري، وهو في الموت؛ فقلت: " ألك حاجة؟ أو في نفسك شهوة؟ ". فرفع رأسه، وقد انكسر لسانه، وقال: " أي والله! أشتهى شهوة كبيرة! ". قلت: " وما هي؟ " قال: " أشتهي أن أرى الله! ". ثم تنفس ثلاثاً عالياً، كالواجد بحاله، وفارق الدنيا ". وأنشد النورى: كم حسرة لي قد غصت مرارتها ... جعلت قلبي لها وقفاً لبلواكا وحق ما منك يبليني ويتلفني ... لأبكيك أو أحظى بلقياكا قلت: وأستاذه بنان بن محمد الحمال - بالحاء المهملة - أبو الحسن. أصله من واسط، ونشأ ببغداد، وسمع الحديث: ثم استوطن مصر، ومات بها

في رمضان سنة ست عشرة وثلثمائة. وكان كبير الشأن صاحب كرامات. ومن كلامه: " الحر عبد ما طمع، والحر حر ما قنع ". وقال: " من أساء استوحش ". وقال: " من كان يسره ما يضره متى يفلح؟ ".

أبو محمد الجريرى

أبو محمد الجريرى - 311 للهجرة أحمد بن محمد الحسين الجريرى - يضم الجيم - نسبة إلى جرير بن عباد، أخي الحارث بن عباد، من بنى بكر بن وائل؛ يكنى أبا محمد. من كبار أصحاب الجنيد، وخلفه في مكانه؛ وصحب سهل بن عبد الله التستري. مات سنة أحدى عشرة وثلثمائة. ومن كلامه: " من استولت عليه النفس صار أسيراً في حكم الشهوات، محصوراً

في سجن الهوى، وحرم الله على قلبه الفوائد، فلا يستلذ بكلام الحق ولا يستحليه، وان كثر ترداده على لسانه، لقوله تعالى:) سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق (. يعنى: لا يفهمونه، ولا يجدون له لذة. صرف الله عن قلوبهم فهم مخاطباته، وأغلق عليهم سبيل فهم كتابه، وسلبهم الانتفاع بالمواعظ، فلا يعرفون الحق، ولا يسلكون سبيله ". وقال: " ما مددت رجلي في الخلوة منذ عشرين سنة، فان حسن الأدب مع الله أولى ". واعتكف مرة بمكة فلم يأكل، ولم ينم، ولم يستند إلى حائط، ولم يمد رجليه، فقيل: " بماذا قدرت على اعتكافك؟ ". فقال: " علم صدق باطني فأعانني على ظاهري ". وأنشد: شكرتك، لا أبى مجازيك منعماً ... بشكر، ولا كيما يقال له الشكر

وأذكر أياماً لديك، وحسنها ... وآخر ما يبقى على الذاكر الذكر وقال مرة - وكان عنده جماعة -: " هل فيكم من إذا أراد الله أن يحدث في المملكة حدثاً أبى علمه إلى وليه قبل ابتدائه في كونه؟ " فقالوا: " لا! " فقال: " مروا! وابكوا على قلوبكم لم تجد من الله شيئاً من هذا ". وكان كثيراً ما ينشد: تعلمت ألوان الرضا خوف هجره ... وعلمه حبي له كيف يغضب ولى ألف وجه، مذ عرفت طريقه، ... ولكن بلا قلب إلى أين أذهب؟! وعزى إلى ابن عطاء الأدمى السالف، وأوله: ومستحسن للهجر والوصل أعذب ... أطالبه ودي فيأبى ويهرب إذا حدثته بالهوى أظهر الجفا ... ويعلم منى أنني لست أذنب وقال: " كان في جامع بغداد فقير لم يجتمع له ثوبان قط،

في شتاء ولا صيف. فسئل عن ذلك، فقال: " أني كنت ولعاً بكثرة الثياب، فرأيت في منامي كأني في الجنة، وإذا بفقراء على مائدة، فأردت أن أجلس معهم، فإذا جماعة من الملائكة أخذوا بيدي، فأقاموني وقالوا: " هؤلاء أصحاب قميص واحد. وأنت لك قميص، فلا تجلس معهم ". فانتبهت ونذرت ألا ألبس غير ثوب واحد إلى أن القى الله ". وأنشد: قف بالديار فهذه آثارهم ... تبكى الأحبة حسرة وتشوقا كم قد وقفت بها أسائل مخبراً ... عن أهلها، أو صادقاً، أو مشفقا فأجابني داعي الهوى في رسمها: ... فرقت من تهوى فعز الملتقى! وقال: " الصبر ألا تفرق بين حالتي النعمة والمحنة، وع

سكون الخاطر فيها. والتصبر هو السكون في البلاء مع وجدان أثقال المحنة ". وأنشد لبعضهم في المعنى: صبرت ولم أطلع هواك على صبري ... وأخفيت ما بي منك عن موضع الصدر مخافة أن يشكو ضميري صبابتي ... إلى دمعتي سراً، فتجري ولا أدري ومن أصحابه أبو عبد الله، وأبو القاسم، ابنا أحمد بن محمد المقرئ. وصحبا غيره أيضاً. مات الأول سنة ست وستين وثلثمائة. وكان ورعاً. ومات الثاني سنة ثمان وسبعين وثلثمائة. ومن كلام الأول: " الفقير الصادق الذي يملك كل شئ ولا يملكه شئ ".

ومن كلام الثاني: " الفتوة رؤية فضل الناس ونقصانك ". ومن أصحابه أيضاً أبو محمد عبد الله بن محمد الراسبي البغدادي. مات سنة سبع وستين وثلثمائة. قال: " المحبة إذا ظهرت افتضح بها الحب، وإذا كتمت قتلت المحب كمداً ". وأنشد: ولقد أفارقه بإظهار الهوى ... عمداً ليستر سره إعلانه فلربما كتم الهوى إظهاره ... ولربما فضح الهوى كتمانه وعى المحب لدى الحبيب بلاغه ... ولربما قتل البليغ لسانه كم قد رأينا قاهراً سلطانه ... للناس، ذل بحبه سلطانه

أبو سعيد بن الأعرابي

أبو سعيد بن الأعرابي 247 - 340 للهجرة أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد البصري، المعروف بابن الأعرابي. صحب الجنيد والنوري وغيرهما. وكتب وصنف في التصوف وفي غيره. سكن مكة، ومات بها سنة أربعين وثلثمائة، عن ثلاث وستين سنة. من كلامه: " أخسر الخاسرين الخاسرين من أبدى للناس صالح عمله، وبارز بالقبيح من هو أقرب اليه من حبل الوريد ".

وسئل عن أخلاق الفقراء، فقال: " أخلاقهم السكون عند الفقد، والاضطراب عند الوجود، والأنس بالهموم، والوحشة عند الأفراح ". وقال: " خرجت في بعض السنين أريد العراق من مكة، ومعي جماعة من الفقراء، فجئنا إلى بئر في بعض المنازل، وليس معنا ما نستقي به. فقطعنا ما معنا من العباء، وشددناه في ركوة، وسقيت أصحابي، ثم أدليته لأشرب، فانقطعت الركوة والحبل، فارتفع الماء حتى شربت، فتعجب أصحابي، فقلت: " مم تتعجبون؟. هذا يسير في القدرة! ". ودخلنا الكوفة فاجتمع إلى طرف من الصوفية، فجلسوا يسيراً ثم قاموا، وقالوا: " أخوان تحابا، أحدهما عليل! " فقلت: " أنا معكم " فدخلنا على رجل طريح، وآخر ينظر في وجهه. فلما دخلنا قام وجلس ناحية، فجلس أصحابي عند العليل، وأقبلت أنا على الآخر، وكلما أن العليل أن هو. قال أصحابى: " قد مات! " فقال الآخر: " هاه! " وخرجت نفسه، فصلينا عليهما ".

أبو العباس الدينورى

أبو العباس الدينورى - 340 للهجرة أبو العباس أحمد بن محمد الدينورى، صحب ابن عطاء والجريرى وغيرهما؛ وكان عالماً فاضلا، واعظاً بنيسابور. ومات بسمرقند، بعد الأربعين وثلثمائة. ومن كلامه: " أدنى الذكر أن تنسى ما دونه، ونهايته أن يغيب الذاكر - في الذكر - عن الذكر ". وتكلم يوماً، فصاحت عجوز في المجلس

صيحة، فقال لها: " موتى! " فقامت، وخطت خطوات، ثم التفتت أليه وقالت: " قد مت " ووقعت ميتة. ولما أراد أن يخرج إلى سمرقند، قيل له: " ما حملك على ذلك، مع ميل أهل نيسابور اليك، ومحبتهم لك؟! " فأنشأ يقول: إذا عقد القضاء عليك عقداً ... فليس يحله غير القضاء فمالك قد أقمت بدار ذل ... ودار العز واسعة الفضاء؟!

أبو عبد الله بن الجلاء

أبو عبد الله بن الجلاء - 306 للهجرة أحمد بن يحيى الجلاء، أبو عبد الله البغدادي، ثم الشافعي. أقام بالرملة، ومات بدمشق سنة ست وثلثمائة. وكان عالماً ورعاً. صحب أباه وأبا تراب وذا النون وغيرهم، وهو أستاذ محمد بن داود الدقي. وكان مذهبه في سفره التوكل والتجريد. ومن كلامه: " من استوى عنده المدح والذم فهو زاهد، ومن حافظ على الفرائض

في أول مواقيتها فهو عابد، ومن رأى الأفعال كلها من الله فهو موحد ". قال لأبيه وأمه: " أحب أن تهباني لله! " ففعلا.) قال (: " فغبت عنهما مدة، ثم رجعت في ليلة ممطرة، فدققت الباب، فقالا: " من؟ " قلت: " ولدكما! " قالا: " كان لنا ولد، فوهبناه لله، ونحن من العرب، لا نرجع فيما وهبنا ". وما فتحا له. وكان إذا سئل عن المحبة قال: " مالي ولها!، أنا أريد أن أتعلمها ". وسئل عن الفقر، فسكت، ثم ذهب ورجع عن قرب، ثم قال: " كان عندي أربعة دوانق، فاستحييت من الله أن أتكلم في الفقر) وهى عندي (فذهبت فأخرجتها ". ثم قعد وتكلم فيه. وقال: " لولا شرف التواضع كان حكم الفقير إذا مشى يتبختر ". وقال حمدان بن بكر: " لقيت أبا عبد الله بن الجلاء في الطواف. فقال لى: " من أين أحرمت؟ " قلت: " على طريق تبوك "، قال: " على

التوكل؟ " قلت: " نعم! "، قال: " أنا أعرف من حج اثنتين وخمسين حجة على التوكل، وهو يستغفر الله منها! ". قلت: " يا عم! بحق هذه البنية، يعنى الكعبة، من هو؟ " قال: " أنا، وأستغفر الله من ذلك! " وبكى. وقال: " الدنيا أوسع رقعة، وأكبر زحمة من أن يجفوك واحد فلا يرغب فيك آخر ". وأنشد: تلقى بكل بلاد، إن حللت بها ... أهلا بأهل وجيراناً بجيران ومن أصحابه أبو عمرو الدمشقي، أحد مشايخ الشام، بل أوحدها علماً بعلوم الحقائق. مات سنة عشرين وثلثمائة. ومن كلامه: التصوف رؤية الكون بعين النقص، بل غض الطرف عن كل ناقص بمشاهدة من تنزه عن كل نقص ". ومن أصحابه أيضاً أبو إسحاق ابرهيم بن أحمد بن

المولد. من كبار مشايخ الرقة، وأحسنهم سيرة. وله شعر: لولا مدامع عشاق ولوعتهم ... لبان في الناس عز الماء والنار فكل نار فمن أنفاسهم قدحت ... وكل ماء فمن عين لهم جارى وأنشد للعباس بن الأحنف: خيالك ... حين أرقد نصب عيني إلى وقت انتباهي، لا يزول وليس يزورني صلة، ولكن ... حديث النفس عنه هو الوصول ووالده يحيى كان خادم بشر الحافي، ومن خيار عباد الله الصالحين، ولقى معروفاً الكرخى. مات سنة ثمان وخمسين ومائتين.

قال: " كنت يوماً جالساً عند معروف، فجاء رجل، فقال له: " رأيت أمس عجباً!. اشتهى أهلي سمكة فاشتريتها؛ فبينا أنا أطلب من يحملها إذا بصبي ملتف بعباءة، معه طبق، فقال: " عم! تحمل عليه؟ " قلت: " نعم! ". فحملها، فمررنا بمسجد يؤذن فيه الظهر، فقال: " يا عم! هل لك في الصلاة؟ ". قلت: " نعم! " فطرحها ودخل المسجد وصلى، فلما أقيمت الصلاة قلت: " صبى توكل على الله في طبقه، ألا أتوكل على الله في سمكة؟! " فتركتها وصليت، وخرجت فإذا هى بحالها؛ فحملها، ثم عاد إلى ما كان عليه من الذكر إلى أن وصل إلى منزلى، فأخبرت أهلي خبره، فقالوا له: " كل معنا! " فقال: " انى صائم " فقلت: " تفطر عندنا؟ " قال: " نعم، فأين طريق المسجد؟ " فدللته عليه، فلم يزل راكعاً ساجداً إلى العصر. فلما صلى العصر جعل رأسه بين ركبتيه إلى الغروب، فصلى. فقلت له: 00 هل لك في الفطور؟ " قال: " على العادة ". قلت: " وما هي؟ " قال: " بعد العشاء ". فلما كان بعدها أخذته إلى البيت، وغلقت الباب؛ وكانت لى ابنة مقعدة في بيت الدار منذ زمان، فبينا نحن في جوف الليل، وإذا بداق يدق باب البيت، فقلت: " من هذا؟ " قلت:

" فلانة ". فبادرناها، فاذا هى تمشى، فقلنا: " ما شأنك؟! " قالت: " لا أدرى! إنى سهرت الليلة، فألقى في نفسي أن أسأل الله بحق ضيفكم، فقلت: " ألهى! بحق ضيفنا إلا أطلقتني! "؟. فكان ما ترون! ". قال: فبادرت البيت أطلب الصبي، وإذا الباب مغلق، وهو قد ذهب. قال: فبكى معروف، وقال: " نعم! منهم كبار وصغار ". وقال ولده أحمد: " مات أبى، فلما وضع على المغتسل وجدناه يضحك، فلتبس على الناس أمره، فجاءوا بطبيب، وغطوا وجهه، فأخذ مجسه فقال: " هذا ميت! " فكشف عن وجهه الثوب، فرآه يضحك، فقال الطبيب: " ما أدرى أحي هو أم ميت! ". فكان كلما جاء إنسان يغسله لبسته منه هيبة، فلا يقدر على غسله. حتى جاء رجل من إخوانه فجهزه، وصلى عليه ودفن ". وهذا المعنى ذكره القشيري في ولده أحمد. وأما ابن الجوزي فذكره في حق والده.

ومن أصحاب أبى عبد الله حماد الأقطع. ومن أصحاب والده طاهر المقدسي. من جلة مشايخ الشام وقدمائهم، ورأى ذا النون أيضاً. وكان عالماً، سماه السبلي: " حبر أهل الشام ". من كلامه: " لا يطيب العيش إلا لمن وطئ بساط الأنس، وعلاه على سرير القدس، وغيبه الأنس بالقدس، والقدس بالأنس، ثم غاب عن مشاهدتهما بمطالعة القدوس ". وأنشد: أراعى النجوم، ولا علم لي ... بعد النجوم بجنب الظلام وكيف ينام فتى لا ينام ... إذا نام عنه عيون الحمام؟

أسير يسير إليه هواه ... فيضحي الأسير قتيل الغرام فلم يبق منه سوى أنه ... يقال له: عاشق، والسلام لفرط النحول، وحر الغليل ... وحزن مذيب لطول السقام

أبو العباس الطوسي

أبو العباس الطوسي 214 - 299 للهجرة أبو العباس أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي. سكن بغداد، وصحب الحارث المحاسبي وسريا السقطي. مات ببغداد سنة تسع وتسعين ومائتين. وقيل سنة ثمان. ومن كلامه: " تعظيم حرمات المؤمن من تعظيم حرمات الله، وبه يصل العبد إلى مجمل حقيقة التقوى ". وقال: " كنت آوى إلى مسجد؛ وفيه سدرة يأوي أليها بلبلان، ففقد أحدهما صاحبه. وبقى الآخر على غصن ثلاثة أيام، لا ينزل يرعى، ولا

يلتقط من الأرض شيئاً. فلما كان في الثالث - آخر النهار - مر به بلبل آخر، فصاح، فذكره صاحبه، فسقط ميتاً ". ومن إنشاداته: وإني لأهواه، مسيئاً ومحسناً ... وأقضي على قلبي له بالذي يقضى فحتى متى روح الرضا لا ينالني؟ ... وحتى متى أيام سخطك لا تمضى؟

أبو بكر الزقاق الكبير

أبو بكر الزقاق الكبير - 291 للهجرة أحمد بن نصر، أبو بكر الزقاق، نسبة إلى بيع الزق وعمله. من أقران الجنيد، ومن أكابر مشايخ مصر، لا تحضرني وفاته. وسيأتي أبو بكر الزقاق - أحد مشايخ الصوفية - محمد بن عبد الله في حرف الميم. وأغفله القشيري. ومن كلامه: " من لم يصحبه التقى في فقره أكل الحرام المحض ".

وقال: " تهت في تيه بنى إسرائيل مقدار خمسة عشر يوماً، فلما وقفت على الطريق استقبلني إنسان جندي، فسقاني شربة من ماء، فعادت قسوتها على قلبي ثلاثين سنة ". قال الكناني: " لما مات الزقاق انقطعت حجة الفقراء في دخولهم مصر! ". أي: لأن سعى أهل الأقطار إليها لأجل كثرة الخير والرزق؛ أما زيارة الشيخ فلا يهتمون بها، لأن محبتهم في المجيء إليها لغيره، فلما مات انقطعت حجتهم في دخولهم إليها.

أبو العباس أحمد الرفاعي

أبو العباس أحمد الرفاعي 500 - 578 للهجرة أبو العباس أحمد بن أبى الحسن على، الرفاعي نسبة، ابن يحيى بن حازم بن على بن ثابت بن على بن الحسن الأصغر ابن المهدى بن محمد بن الحسن، ابن يحيى بن ابرهيم بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق

ابن الإمام محمد الباقر بن الإمام على زين العابدين بن الإمام الشهيد الحسين ابن الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه. وطريقه في الصحبة. صحب خاله الشيخ منصور، وهو صحب بها الشيخ علياً القارئ الواسطى، وهو صحب بها الشيخ أبا الفضل بن كامخ، وهو صحب الشيخ على بن تركان، وهو صحب بها الشيخ ابا على الروذباوي، وهو صحب بها الشيخ علياً العجمي، وهو صحب بها الشيخ أبا بكر الشبلي، وهو صحب بها الشيخ أبا القاسم الجنيد، وهو صحب بها السرى. وبقية السند معروف. أستاذ الطائفة المشهورة، كان من حقه التقديم، فإنه أوحد وقته حالا وصلاحاً. فقيهاً شافعياً. أصله من المغرب، وسكن البطائح، بقرية يقال لها " أم عبيدة " - بفتح العين - وانضم اليه خلق عظيم من الفقراء، وأحسنوا الاعتقاد فيه. والرفاعي، نسبة إلى رفاعة، رجل من المغرب. والبطائح قرى

مجتمعة في وسط الماء، بين واسط والبصرة، مشهورة بالعراق. ومن كلامه: " من اشتغل بما لا يعنيه فاته ما يعنيه؛ والأنس بالخلق انقطاع عن الحق؛ والدب سنة الفقراء ووراثة الأغنياء ". وسئل: " لماذا نحجب إجابة الدعوة؟ " فقال: " لقلة الحلال! ". وسئل عن الفتوة، فقال: " هي الصفح عن عثرات الإخوان. وألا ترى لنفسك فضلا على غيرك ". وسئل عن التصوف، فقال للسائل: " تسألنا عن تصوفنا أو تصوفكم؟ " فقال: " يا سيدي! كانت مسألة فصارت اثنتين؛ اشرحهما لي! " فقال: " أما تصوفكم أنتم فهو أن تصفي أسرارك، وتطيب أخبارك، وتطيع جبارك، وتقوم ليلك وتصوم نهارك. وأما تصوف القوم، فكما قيل: ليس التصوف بالخرق ... من قال هذا قد مرق إن التصوف يا فتى ... حرق يمازجها قلق وكان يعظ الناس بكرة يوم الخميس، وما بين الظهر والعصر منه.

وكان يسمع صوته البعيد منه في المجلس كالقريب. ويحضر مجلسه الأصم الذي لا يسمع، فيفتح الله سمعه بكلامه حتى ينتفع بما يقول. وكان كثيراً ما ينشد هذا الشعر: والله لو علمت روحي بما نطقت ... قامت على رأسها فضلا عن القدم قيل إنه أقسم على أصحابه إن كان فيه عيب أن ينبهوه عليه، فقال الشيخ عمر الفاروقي: " يا سيدي! أنا أعلم فيك عيباً! "، قال: " وما هو؟ " قال: " يا سيدي! عيبك أننا من أصحابك ". فبكى الشيخ والفقراء، وقال: " أي عمر! إن سلم المركب حمل من فيه! ". وتوضأ يوماً، فوقعت عليه بعوضة، فوقف لها حتى طارت. وقال: " أقرب الطرق، والذل والافتقار، وتعظيم أمر الله، والشفقة على خلق الله، وأن يقتدى بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ". ولأتباعه أحوال عجيبة: من أكل الحيات بالحياة، والنزول إلى النار فيطفئونها، ويركبون الأسد، ونحوه. ولهم مواسم يحضرها من لا يحصى، ويقومون بكفاية الكل، ولم تكن لغيرهم وإنما الولاية لهم. وأولادهم يتوارثون المشيخة والولاية على تلك الناحية إلى الأن.

وله شعر حسن. ومنه: إذا جن ليلى هام قلبي بذكركم ... أنوح كما ناح الحمام المطوق وفوقي سحاب يمطر الهم والأسى ... وتحتي بحار للهوى تتدفق سلوا أم عمرو كيف بات أسيرها ... تفم الأساري دونه وهو موثق فلا هو مقتول، ففي القتل راحة ... ولا هو ممنون عليه فيطلق قيل إنه رأى فقيراً يقتل قملة، فقال: " لا، وآخذك الله!. شفيت غيظك؟! ". وأحضر بين يديه طبق تمر، فبقى ينقى لنفسه الحشف يأكله، ويقول: " أنا أحق بالدون، فأنى مثله دون ". وكان لا يجمع بين لبس قميصين، ويأكل بين يومين أو ثلاثة أكلة ". وعنه: " لفقير المتمكن، إذا سأل حاجة وقضيت له، أنقص تمكنه درجة ". وكان لا يقوم للرؤساء، ويقول: " النظر إلى وجوههم يقسي القلب ". ولما مرض مرض الوفاة، قال له بعض أصحابه: " أوصنا! " فقال: " من عمل خيراً قدم عليه، ومن عمل شراً ندم عليه ".

وكان مرضه بالاسهال، دام عليه أكثر من شهر، وكان يعاوده في اليوم والليلة أكثر من ثلاثين مرة؛ وهو عقيب كل مرة يسبغ الوضوء ويصلى. وأخبر أن الرب تعالى وعده ألا يعبر وعليه شئ من لحم الدنيا، ففنى لحمه بأجمعه قبل خروجه من الدنيا. ولم يزل على تلك الحال إلى أن توفي يوم الخميس، ثاني عشرى شهر جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، في عشر السبعين، بأم عبيدة. وقال الشطنوفي: " ناهز الثمانين " في كتابه: " مناقب سيدي عبد القادر الجيلي ". قال: وهو القائل: " الشيخ من يمحو اسم مريده من ديوان الأشقياء! ". ودخل عليه شخص؛ وكان على جبهته مكتوب سطر الشقاوة، فمحى ببركته. وهو القائل، وقد سئل عن وصف الرجل المتمكن، فقال: " هو

الذي لو نصب له سنسان على أعلى شاهق في الأرض، وهبت الرياح اليمانية ما حركت منه شعرة واحدة ". وقعد مرة على الشط، وقال: " أشتهى أن أكل سمكاً مشوياً! " فلم يتم كلامه حتى امتلأ الشط سمكاً. ورؤى ذلك اليوم منه في الشط ما لا يرى مثله، فقال: " إن هذه الأسماك تسألني بحق الله أن أكل منها! " فأكل القوم، وبقى في الطواجن رؤوس وأذناب وقطع. فقال له رجل: " ما صفة الرجل المتمكن؟ ". فقال: " أن يعطى التصريف العام في جميع الخلائق. وعلامته أن يقول لبقايا هذه الأسماك: قومي فاسعى! فتقوم فتسعى " ثم أشار الشيخ أليها، فكان كما ذكر. ورآه ابن أخته عبد الرحيم أبو الفرج، ورجل قد نزل عليه، فقال له: " مرحباً بوتد المشرق! ". فقال له: " إن لي عشرين يوماً لم آكل ولم أشرب! وأريد أن آمر هذا الأوز الذى في السماء، فتنزل واحدة مشوية! " ففعل، فنزلت كذلك، ثم أخذ حجرين من جانبه فصارا رغيفين، ثم مد يده إلى الهواء فأخذ كوز ماء، فأكل ذلك وشرب ثم طار. فقال الشيخ لتلك العظام: " اذهبي باسم الله! " فذهبت سوية وطارت. وقال قبل موته: " أنا شيخ من لا شيخ له، أنا شيخ المنقطعين ".

وما تصدر في مجلس، ولا جلس على سجادة قط، وقال: " أمرت بالسكوت! " وكان لا يتكلم إلا قليلا. وقال أبو العباس الخضر بن عبد الله الحسنى الموصلي: " كنت يوماً جالساً بين يدى الشيخ عبد القادر الجيلانى، فخطر في نفسي الشيخ أحمد فقال الشيخ: " أتحب رؤيته؟ ". فقلت: " نعم! " فأطرق وقال: " حضر! " فقمت اليه وسلمت عليه، فقال: " يا خضر! ومن يرى مثل الشيخ عبدج القادر سيد الأولياء يتمنى رؤية مثلى؟! وهل أنا إلا من رعيته؟! " ثم غاب. فبعد وفاة الشيخ زرته، فقال لى: " يا خضر! ألم تكفك الأولى؟! ". وقال الإمام أبو عبد الله محمد البطائحي: " انحدرت في أيامي سيدي عبد القادر إلى أم عبيدة، فقال لى الشيخ أحمد: " اذكر لى شيئاً من مناقب الشيخ عبد القادر وصفاته ". فذكرت منها شيئاً؛ فجاء رجل في أثناء حديثي، فقال: " مه! لايذكر عندنا مناقب هذا! ". فنظر الشيخ أليه مغضباً، فرفع الرجل من بين يديه ميتاً. ثم قال: " ومن يستطيع وصف مناقبه؟!. ومن يبلغ مبلغه؟!. ذاك رجل بحر الشريعة على يمينه، وبحر الحقيقة عن يساره، من أيهما شاء اغترف!. لا ثاني له في وقتنا هذا ".

ووصى أولاد أخيه وأكابر أصحابه، وجاء رجل يودعه لأنه مسافر إلى بغداد، فقال: " إذا دخلتم بغداد فلا تقدموا على زيارة الشيخ أحداً؛ حياً أو ميتاً - فقد أخذ له العهد: أيما رجل من أصحاب دخل بغداد فلم يزره سلب حاله ولو قبيل الموت. الشيخ عبد القادر؟ حسرة من لم يره! ".

أبو الفتح أحمد الغزإلى

أبو الفتح أحمد الغزإلى - 520 للهجرة أحمد بن محمد بن محمد أبو الفتح الغزالي الطوسي، أخو الغزالي حجة الإسلام أبى حامد من كبار الوعاظ السادات، صاحب إشارات وكرامات. طاف البلاد وخدم الصوفية بنفسه وكان مائلا إلى الانقطاع والعزلة. مات بقزوين سنة عشرين وخمسمائة نقطة ومن كلامه: " من كان فى الله تلفه كان على الله خلفه ". وقال - في قوله سبحانه في الحديث القدسي:) كذب كم ادعى محبتي فإذا جنه الليل نام عنى (-: " لا تظن ان كل نوم حرام.

الحرام نومك، لأنه غفلة في غفلة، إذا كان نومهم عن غلبة. فهم، ما داموا أحياء، يراقبونه؛ فإذا ناموا راقبهم،) إن الله كان عليكم رقيبا (. وكان لأخيه؛ الإمام أبى حامد، كتاب قلما يفارقه، ولا يمكن أحد من مطالعته؛ فأوصى عند وفاته أن يحمل إلى أخيه أحمد، ولا يذل لأحد ثم أمر بغسله وعدم إرساله إليه. واختصر " الإحياء " - ظفرت به، وكتبت بيدي عندي منه نسخة - وله: " الذخيرة في علم البصيرة ". ومن إنشاداته: تقاطعنا وليس بنا صدود ... وقلن: توق، ما تلقى مزيد فظن الحاسدون بأن سلونا ... ودون سلونا الأمد البعيد وأخوه الإمام أبو حامد محمد الغزالي. صنف في الفقه والأصول وعلم الطريقة وتزهد. ودخل إلى مصر الإسكندرية والقدس ودمشق، ودرس بها، وببغداد ووعظ بها.

ثم عاد إلى وطنه طوس، ومات بها سنة خمس وخمسمائة. وقد بسطت ترجمته في " طبقات الفقهاء ". وكان يقول: أما الوعظ فلست أرى نفسي له أهلا، لأن الوعظ زكاة نصابه الإتعاظ، ومن لا نصاب له كيف يخرج الزكاة؟!. وهل يستقيم الظل والعود أعوج؟! ".

أبو يعقوب النهر جورى

أبو يعقوب النهر جورى - 330 للهجرة إسحاق بن محمد النهرجورى أبو يعقوب. صحب الجنيد وغيره. مات بمكة مجاوراً، سنة ثلاثين وثلثمائة. ومن كلامه: " الدنيا بحر، والآخرة ساحل؛ والمركب التقوى، والناس سفر ". وقال: " من كان شبعه بالطعام لم يزل فقيراً، ومن قصد بحاجته الخلق لم يزل محروماً، ومن استعان على أمره بغير الله لم يزل مخذولا ".

وقال: " المتوكل - على الحقيقة - من رفع مئونته عن الخلق، وشكر من أعطاه، ولم يذم من منعه، لأنه يرى المنع والعطاء من الله ". وقال: " رأيت رجلا فى الطواف بفرد عين، يقول: " أعوذ بك منك! ". فقلت: " ما هذا الدعاء؟! ". فقال: " نظرت إلى شخص فاستحسنته، فإذا لطمة وقعت على بصري، فسألت عيني، فسمعت: " لطمة بلحظة، ولو زدت لزدنا ".

أبو عمرو بن نجيد السلمي

أبو عمرو بن نجيد السلمي 292 - 365 للهجرة إسماعيل بن نجيد بن أحمد بن يوسف السلمي أبو عمرو، جد الشيخ أبى عبد الرحمن السلمي. صحب أبا عثمان، وكان من أكابر أصحابه وآخر من مات منهم. ولقي الجنيد؛ وكان من أكبر مشايخ وقته. مات سنة خمس - وقيل: ست - وستين وثلثمائة. ومن كلامه: " من لم تهذبك رؤيته فاعلم أنه غير مهذب ".

وقال: " التصوف الصبر تحت الأمر والنهى، والتوكل أدناه حسن الظن بالله ". وقال: " من أراد أن يعرف قدر معرفته بالله فلينظر قدر هيبته له وقت خدمته ". وقال: " إذا أراد الله بعبد خيراً رزقه خدمة الصالحين والأخيار، ووفقه لقبول ما يشيرون به عليه، وسهل عليه سبل الخير ". وقال: " من ضيع - في وقت من أوقاته - فريضة افترضها الله عليه في ذلك لوقت حرم لذة تلك الفريضة ولو بعد حين ". وقال: " من قدر على إسقاط جاهه عند الخلق سهل عليه الإعراض عن الدنيا وأهلها ".

حرف الباء

حرف الباء بشر الحافي 152 - 227 للهجرة بشر الحارث الحافى؛ لقب بذلك لأنه جاء إلى إسكاف يطلب منه شسعاً لأحد نعليه، وكان قد انقطع، فقال له الإسكاف: " وما أكثر كلفتكم على الناس! " فألقى النعل من يده والأخرى من رجله، وحلف لا يلبس نعلا بعدها. كنيته أبو نصر، أحد رجال الطريقة، ومعدن الحقيقة، مثل الصلحاء وأعيان الورعاء. أصله من مرو، سكن بغداد. صحب الفضيل بن عياض ورأى سريا السقطي، وغيره.

وسبب توبته أنه أصاب فى الطريق رقعة فيها اسم الله، وقد وطئتها الأقدام، فأخذها واشترى بدرهم كان معه غالية، فطيبها وجعلها في شق حائط، فرأى في المنام كأن قائلا يقول: " يا بشر! طيبت أسمى، لأطيبن اسمك في الدنيا والآخرة! " وروى أنه إلى النهر فغسله، وكان لا يملك إلا درهما، فاشترى به مسكا وماء ورد، وجعل يتتبع اسم الله ويطيبه، ورجع إلى منزله فنام؛ فأتاه آت وقال: " يا بشر! كما طيبت أسمى لأطيبن ذكرك! وكما طهرته لأطهرن قلبك! ". ومناقبه جمة أفردها ابن الجوزى بالتأليف. مات عشية الأربعاء لعشر بقين من ربيع الأول - وقيل: لعشر خلون من المحرم - سنة سبع وعشرين ومائتين، وقد بلغ من العمر خمساً وسبعين سنة، وقيل: سبعاً وستين. وأخرجت جنازته بعد صلاة الصبح، ولم يحصل في القبر إلى الليل، وكان نهاراً صافياً. ومن كلامه: " لا تكون كاملا حتى يأمنك عدوك، وكيف يكون

فيك خير وأنت لا يأمنك صديقك؟! ". وقال: أول عقوبة يعاقب بها ابن آدم في الدنيا مفرقة الأحباب ". وقال: " من أراد أن يكون عزيزاً فى الدنيا سليما في الآخرة فلا يحدث، ولا يشهد، ولا يؤم قوماً، ولا يأكل لأحد طعاماً ". وأنشد: وليس من يزوق لي دينه ... يغرني، يا قوم!، تزويقه من حقق الإيمان في قلبه ... يوشك أن يظهر تحقيقه وقال الساجى: سمعت بشراً ينشد: أقسم بالله! لرضخ النوى ... وشرب ماء القلب المالحة

أعز للإنسان من حرصه ... ومن سؤال الأوجه الكالحه فاستغن باليأس تكن ذا غنى ... مغتبطاً بالصفقة الرابحه فاليأس عز والتقى سؤدد ... ورغبة النفس لها فاضحه من كانت الدنيا به برة ... فإنها يوماً له ذابحه وقال: " غنيمة المؤممن غفلة الناس عنه، وإخفاء مكانه عنهم ". وقال: " التكبر على المتكبر من التواضع ". وقال: " من أراد عز الدنيا وشرف الآخرة فعليه بثلاث: لا يأكل طعام أحد، ولا يسأل أحداً حاجة، ولا يذكر إلا بخير ". وقال: " يكون الرجل مرائياً في حياته، وبعد موته يحب أن يكثر الناس على جنازته! ". وقال: " لو علمت أن أحداً يعطى لله لأخذت منه، ولكن يعطى بالليل ويحدث بالنهار ".

وقال: " يقول أحدهم: توكلت على الله! ويكذب، لأنه لو توكل على الله صادقاً لرضى بما يفعله به ". وقال: " إذا أراد الله أن يتحف العبد سلط عليه من يؤذيه ". وقال: " الصبر الجميل الذي لا شكوى فيه للناس ". وقيل له: باى شئ آكل الخبز؟ " فقال: " اذكر العافية، واجعلها إداماً! ". وقال، يوم ماتت أخته: " إن العبد إذا قصر في الطاعة سلب من يؤنسه ". ولقيه سكران، فجعل يقبله ويقول: " يا سيدي! " ولا يدفعه بشر عن نفسه، فلما ولى تغرغرت عينا بشر، وجعل يقول: " رجل أحب رجلا على خير توهمه! لعل المحب قد نجا، والمحبوب لا يدرى ما حاله! ".

قال أبو عبد الله المحاملي، حدثني أبى قال: كان عندنا رجل من التجار صديقاً لي، وكان يقع في الصوفية كثيراً، ثم رأيته بعد ذلك يصحبهم، وينفق عليهم ماله. فقلت له: " أليس كنت تبغضهم؟! " فقال: " ليس الأمر على ما كنت أتوهم ". فقلت له: " كيف؟ ". قال: " صليت يوماً الجمعة، فرأيت بشراً مسرعاً خارجاً من المسجد، فقلت في نفسي: لأنظرن إلى هذا الزاهد!. فاشترى خبز الماء بدرهم، ثم شواء بمثله؛ فزادني غيظاً. ثم ثم قالوا ذجاً بدرهم؛ فتبعته فخرج إلى الصحراء، وأنا أقول: " يريد الخضرة والماء! ". فما زال يمشى إلى العصر وأنا خافه، فدخل مسجداً في قرية، فيه مريض، فجعل يلقمه. فقمت أنظر إلى القرية وعدت، فقلت للمريض: " أين بشر؟ ". قال: " ذهب إلى بغداد ". قلت: " كم بيني وبينها؟ ". قال: " أربعون فرسخاً ". فقلت: " أنا لله! " فقال: " اجلس حتى يرجع ". فجاء الجمعة القابلة، ومعه شئ يطعمه للمريض، فلما فرغ قال له: " يا أبا نصر! هذا الرجل صحبك من بغداد، وهو عندي منذ جمعة ". قال فنظر إلى كالمغضب، وقال: " لم صحبتنى؟! " قلت: " أخطأت! " قال: " قم فامش! ". فمشيت إلى المغرب، فلما قربنا من بغداد قال: " اذهب

إلى محلتك ولا تعد! " فتبت إلى الله مما كنت أعتقده فيهم، ثم آثرت صحبتهم، وأنا على ذلك ". وقال بعضهم: " دخلت على بشر في يوم شديد البرد، وقد تعرى من ثيابه وهو ينتفض، فقلت له: " الناس يزيدون من الثياب فى مثل هذا اليوم، وأنت قد نقصت؟! " فقال: " ذكرت الفقراء، وما هم فيه، ولم يكن لي ما أواسيهم به، فأردت أن أواسيهم بنفسي في مقاساة البرد ". وقال منصور الصياد: " مر بي بشر - وهو منصرف من صلاة العيد - فقال لى: " فى هذا الوقت؟! " فقلت: " ليس في البيت دقيق ولا خبز! " فقال: " الله المستعان! احمل شبكتك وتعال إلى الخندق ". وأمرني بالوضوء وصلاة ركعتين، ثم قال لي: " ألقها، وقل: بسم الله! " فألقيتها، فوقعت فيها سمكة كبيرة، فقال: " بعها! " فبعتها بعشرة دراهم، واشتريت منها جميع ما يحتاجونه اليه. ثم أخذت رقاقتين وعليهما حلوى، وجئت بهما إلى بشر، فدققت الباب، فقال: " من؟ " قلت: " منصور الصياد! " فقال: " ادفع الباب، وضع ما معك فى الدهليز، وادخل أنت " فدخلت، فقال " لو الهمنا أنفسنا هذا ما خرجت السمكة! ".

وروى أنه أتى باب المعافى بن عمران فدقه، فقيل: " من؟ " قال: " بشر الحافى " فقال: بنية من داخل الدار: " لو اشتريت نعلا بدانقين ذهب عنك اسم الحافى ". وروى أن امرأة جاءت إلى أحمد بن حنبل، فقالت: " إنى امرأة أغزل بالليل والنهار، وأبيع الغزل، ولا أبين غزل النهار من الليل، فهل على فى ذلك شىء؟. فقال: " يجب أن تبيني! " ثم انصرفت، فقال أحمد لأبنه: " اذهب فانظر أين تدخل! ". فرجع فقال: " دخلت دار بشر ". وقال محمد بن نعيم: " دخلت عليه في علته، فقلت: " عظني! ". فقال: " إن في هذه الدار نملة، تجمع الحب فى الصيف لتأكله في الشتاء؛ فلما كان يوماً أخذت حبة في فمها، فجاء عصفور فأخذها، فلا ما جمعت أكلت، ولا ما أملت نالت ".

وروى أن رجلا سأله أن يوصيه، فقال له بشر: " عليك بلزوم بيتك، وترك ملاقاة الناس ". فقال له الرجل: " بلغني عن الحسن أنه قال: " لولا الليل وملاقاة الإخوان ما كنت أبالي متى مت! ". فقال بشر: " رحم الله الحسن! لقد كان الظن به خلاف هذا! ". وأنشد: يا من يسر برؤية الإخوان ... هلا أمنت مكايد الشيطان؟! خلت القلوب من المعاد وذكره ... وتشاغلت بالحرص والخسران صارت مجالس من ترى وحديثهم ... في هتك مستور وفتق قران قال حسن المسوحي: " رآني بشر يوماً بارداً، وأنا أرتعد من البرد، فنظر إلى ثم أنشد: قطع الليالي مع الأيام في خلق ... والنوم تحت رواق الهم والقلق

أحرى وأجدر بى من أن يقال غداً ... إني التمست الغنى من كف ممتلق قالوا: رضيت بذا؟! قلت: القنوع غنى ... ليس الغنى كثرة الأموال والورق رضيت بالله في عسري وفى يسرى ... فلست أسلك إلا واضح الطرق وقال الحسن بن عمران المروزى، سمعت بشراً ينشد: ذهب الرجال المقتدى بفعالهم ... والمنكرون لكل أمر منكر وبقيت في خلف بزين بعضهم ... بعضاً ليدفع معور عن معور

بكار بن قتيبة

بكار بن قتيبة 182 - 270 للهجرة بكار بن قتيبة، قاضى مصر، من ذرية أبى بكرة. ولد بالبصرة سنة اثنتين وثمانين ومائة. ومات سنة سبعين ومائتين. عوتب في توليه القضاء، وكان أحد البكائين التالين لكتاب الله. له الدعوات المستجابة، مشهور بالزهد والورع. أعطى النجاب لذي جاءه بتقليد القضاء رغيفين، فاستحقرهما وقال: " وا خيبة طريقاه! ". ففرط في أحدهما في الطريق، وأعطاه المتوكل على الرغيف الآخر ألف دينار، وقال: " لو أتيتني بالآخر أعطيتك مثلها! ". وجعله في الكحل والأدوية يستشفي به. وقد أفردت ترجمته بالتأليف.

بندار بن الحسين الشيرازي

بندار بن الحسين الشيرازي - 353 للهجرة أبو الحسين بندار بن الحسين الشيرازي. سكن أرجان. وكان كبير الشأن، عالماً بالأصول. صحب الشبلي. مات بأرجان سنة ثلاث وخمسين وثلثمائة. ومن كلامه: " صحبة أهل البدع تورث الإعراض عن الحق ". وقال: " ليس من الأدب أن تسأل رفيقك: " إلى أين؟ " أو: " في أيش؟ ".

وقال: " من اقبل على الدنيا، وسكن لها، أحرقته بنيرانها، وصار رماداص، لا قيمة له ولا قدر. ومن أقبل على الآخرة، وسكن اليها، أحرقته بنورها، وصار سبيكة من ذهب ينتفع به. ومن أقبل على الله أحرقه التوحيد، فصار جوهراً لا قيمة له ". وقال: نوائب الدهر أدبتني ... وإنما يوعظ الأريب قد ذقت حلواً وذقت مراً ... كذاك عيش الفتى ضروب ما مر بؤس ولا نعيم ... إلا ولى فيهما نصيب

بنان الحمال

بنان الحمال - 316 للهجرة بنان الحمال السالف بعض ترجمته. قال: " بينا أنا أسير بين مكة والمدينة، وإذا شخص

قد تراءا لي، فأممت نحوه، فلما قربت منه سلمت عليه، وقلت له: " أوصني! " فقال: " يا بنان! إن كان الله قد أعطاك من سر سره سراً، فكن مع ما أعطاك؛ وإن كان الله لم يعطك من سر سره سراً فكن مع الناس على ما هم عليه من الظاهر ". وقال: " دخلت البرية - على طريق تبوك - وحدي، فاستوحشت، فإذا هاتف يهتف: يا بنان! نقضت العهد! لم تستوحش؟! أليس حبيبك معك؟! ". وتكلم يوماً في المحبة بكلام عجيب، ثم أنشد: لحانى العاذلون، فقلت: مهلا! ... فإنى لا أرى فى الحب عارا فقالوا: قد خلعت! فقلت: لسنا ... بأول عاشق خلع العذارا وقال أبو على الروذبارى: " كان سبب دخولي مصر حكاية بنان الحمال، وذلك أنه أمر ابن طولون بالمعروف، فأمر به أن يلقى بيم يدي السبع، فجعل السبع يشمه ولا يضره،

فلما أخرج من بين يديه قيل له: " ما كان في قلبك حين شمك؟ " قال: " منت أتفكر فى اختلاف العلماء فى سؤر السباع ولعابها ". وروى أن رجلا كان له على رجل مائة دينار بوثيقة إلى أجل، فلما جاء الأجل طلب الوثيقة، فلم يجدها، فجاء إلى بنان، فسأله الدعاء، فقال له: " أنا رجل قد كبرت، وأنا أحب الحلوى، اذهب فأشتر لى رطل معقود، وجئني به أدعو لك! ". فذهب الرجل، فاشترى ما قال ثم جاء به، فقال له بنان: " افتح القرطاس! " ففتحه فإذا هو بالوثيقة، فقال لبنان: " هذه وثيقتي! " فقال: " خذ وثيقتك، وخذ المعقود، وأطعمه صبيانك ". فأخذه ومضى. وروى أن قاضى مصر سعى به إلى أن ضرب سبع درر، فدعا عليه بنان، فقال: " حسبك الله بكل درة سنة! ". فأخذه ابن طولون وحبسه سبع سنين ". قال أحمد بن مسروق: أنشدني بنان الحمال في المسجد الحرام، قال: أنشدني بعض أصحابنا وقد دعوته: من دعانا فأبينا ... فله الفضل علينا فإذا نحن أجبنا ... رجع الفضل إلينا

حرف الثاء

حرف الثاء ثابت بن أسلم البناني 41 - 127 للهجرة ثابت بن أسلم البناني، أبو محمد البصري، التابعي، القاص الزاهد العابد، أحد مفاتيح الخير. كان بقول: " اللهم أن كنت قد أعطيت أحداً الصلاة في قبره، فأعطني الصلاة في قبرى ". ويقال إن هذه الدعوة أستجيبت له، وأنه رؤى بعد موته يصلى في قبره. مات بعد العشرين ومائة، عن نيف وثمانين سنة.

حرف الجيم

حرف الجيم أبو القاسم الجنيد - 297 للهجرة الجنيد بن محمد، الخراز القواريري أبو القاسم. شيخ وقته، ونسيج وحده. أصله نهاوند، ومولده ومنشؤه ببغداد. صحب جماعة من المشايخ، واشتهر بصحبة خاله السري، والحارث المحاسبي. ودرس الفقه علي أبي ثور، وكان يفتي في حلقته - بحضرته - وهو ابن عشرين سنة.

قال: " كنت بين يدي سري ألعب، وأنا ابن سبع سنين، وبين يديه جماعة يتكلمون في الشكر؛ فقال لي: " يا غلام! ما الشكر؟ " قلت: " الشكر ألا تعصي الله بنعمه ". فقال لي: " أخشي أن يكون حظك من الله لسانك! " قال الجنيد: " فلا أزال أبكي علي هذه الكلمة التي قالها لي السري ". وقال: " علامة لإعراض عن العبد أن يشغله بما لا يعنيه ". وقال: " من لم يحفظ القرآن، ولم يكتب الحديث، لا يقتدي به في هذا المر، لأن علمنا مقيد بالكتاب والسنة ". وقال: " من طلب عزاً بباطل أورثه الله ذلا بحق ". وقال: " من هم بذنب لم يفعله ابتلي بهم لم يعرفه ". وقال: " الصوفية أهل بيت واحد، لا يدخل فيهم غيرهم ". وقال: " الأدب أدبان: أدب السر، وأدب العلانية.

فالأول طهارة القلب من العيوب، والعلانية حفظ الجوارح من الذنوب ". وقال له رجل: " علمني شيئاً يقربني إلي الله وإلي الناس "، فقال: " أما الذي يقربك إلي الله فمسألته، وأما الثاني فترك مسألتهم ". وقال: " لكل أمة صفوة، وصفوة هذه الأمة الصوفية ". وسئل: " من العرف؟ " فقال: " من نطق عن سرك وأنت ساكت ". ورؤى في يده يوماً سبحة، فقيل له: " أنت، مع تمكنك وشرفك، تأخذ بيدك سبحة؟! " فقال: " نعم! سبب وصلنا به إلي ما وصلنا لا نتركه أبداً ". وقال: " قال لي خالي سرى السقطى: " تكلم علي الناس! " وكان في قلبي حشمة من ذلك، فاني كنت أتهم نفسي في استحقاق ذلك، فرأيت ليلة، في المنام، رسول الله صلي الله عليه وسلم - وكان ليلة جمعة - فقال لي: " تكلم علي الناس! ". فانتبهت، وأتيت باب سري قبل أن أصبح، فدققت الباب، فقال: " لم تصدقنا حتى قيل لك! ". فقعدت في غد للناس بالجامع، وانتشر في الناس أني قعدت أتكلم، فوقف علي غلام نصراني متنكر وقال: " أيها الشيخ! ما معني قوله عليه السلام:) اتقوا فراسة المؤمن.

فانه ينظر بنور الله (فأطرقت، ثم رفعت رأسي فقلت: " أسلم! فقد حان وقت غسلامك! " فأسلم ". وقال الجنيد: " معاشر الفقراء! إنما عرفتم بالله، وتكرمون له؛ فإذا خلوتم به فانظروا كيف تكونون معه " وقال رجل له: " علي ماذا يتأسف المحب من أوقاته؟ ". قال: " علي زمان بسط أورث قبضاً، أو زمان أنس أورث وحشة ". ثم أنشأ يقول: قد كان لي مشرب يصفو برؤيتكم ... فكدرته يد الأيام حين صفا وقال الخلدي: " دفع إلى الجنيد درهما، وقال: " اشتر به تيناً وزيرياً، فاشتريته، فلما أفطر أخذ واحدة، ووضعها في فيه، ثم ألقاها وبكي، وقال لي: " احمله! " فقلت له في ذلك، فقال: " هتف بي هاتف في قلبي: أما تستحي؟! تركت هذا من أجلي ثم تعود؟! ". ثم أنشد:

نون الهوان من الهوى مسروقة ... فصريع كل هوى صريع هوان وقال أبو عمرو بن علوان: " خرجت يوماً إلي سوق الرحبة في حاجة، فرأيت جنازة، فتبعتها لأصلي عليها، فوقفت حتى تدفن، فوقعت عيني علي امرأة مسفرة، من غير تعمد، فألححت بالنظر إليها، واسترجعت واستغفرت الله تعالى وعدت إلي منزلي. فقالت عجوز لي: " يا سيدي! مالي أري وجهك أسود؟!. فأخذت المرآة فنظرت، فإذا هو كما قالت، فرجعت إلي سري أنظر من أين ذهبت، فذكرت النظرة، فانفردت في موضع، أستغفر الله، وأسأله الإقامة، أربعين يوماً. فخطر في قلبي: أن زر شيخك الجنيد!. فانحدرت إلي بغداد، فلما جئت حجرته طرقت الباب، فقال لي: " ادخل يا أبا عمرو! تذنب بالرحبة ونستغفر لك ببغداد ". وقال علي بن ابرهيم الحداد: " حضرت مجلس ابن سريج

الفقيه الشافعي، فكان يتكلم في الفروع والأصول بكلام حسن عجيب. فلما رأي إعجابي قال: " أتدري من أين هذا؟ " قلت: " لا! " قال: " هذا ببركة مجالسة أبي القاسم الجنيد ". وقال خير: " كنت يوماً جالساً في بيتي، فخطر لي خاطر، أن الجنيد بالباب فاخرج إليه، فنقيته عن قلبي وقلت: " وسوسة! ". فوقع لي خاطر ثان بأنه علي الباب فاخرج اليه، فنقيته عن سري؛ فوقع لي ثالث، فعلمت أنه حق، ففتحته، فإذا بالجنيد قائم، فسلم علي، وقال لي: " يا خير! لم لا تخرج مع الخاطر الأول؟! ". وقال عبد الرحمن بن إسماعيل: " كنت ببغداد، ووافي الحاج من خراسان، فلقيني بعض أصحابنا ممن له فضل وإفضال، فسألني أن أعرفه بجماعة ليصلهم بشيء، فقلت له: " ابدأ بالجنيد! " فحمل إليه دراهم وثياب كثيرة، فلما رآه أعجبه أدبه في رفقه، فقال: " اجعل بعضه لفقراء اذكرهم لك " فقال: " أنا أعرف الفقراء أيها الشيخ؟! " فقال له الجنيد: " وأنا! أؤمل أن أعيش حتى آكل هذا؟! "، فقال: " إني لم أقل لك: أنفقه في الخل والبقل، والكامخ والجبن والمالح!، إنما أريد أن تنفقه في الطيبات وألوان الحلاوات،

فكل ما أسرع فهو أحب إلي ". فتبسم الجنيد وقال: " مثلك لا يجوز أن يرد عليه! " وقبل ذلك منه. فقال الخراساني: " ما أعلم أحداً ببغداد أعظم منة علي منك! "، فقال الجنيد: " ولا ينبغي لأحد أن يرتفق إلا ممن كان مثلك ". وقال الجنيد: " رأيت إبليس في المنام كأنه عريان، فقلت له: " أما تستحي من الناس؟! " فقال: " يا لله! هؤلاء عندك من الناس؟!. لو كانوا منهم ما تلاعبت بهم كما تتلاعب الصبيان بالكرة، ولكن الناس غير هؤلاء ". فقلت: " ومن هم؟ " قال: " قوم في مسجد الشونيزي، قد أضنوا قلبي، وأنحلوا جسمي؛ كلما هممت أشاروا بالله، فأكاد أحرق ". فانتبهت ولبست ثيابي، وأتيت مسجد الشونيزي وعلى ليل، فلما دخلت المسجد إذا أنا بثلاثة أنفس - قيل: هم أبو حمزة، وأبو الحسين

النوري، وأبو بكر الزقاق - جلوس، ورءوسهم في مرقعاتهم؛ فلما أحسوا بي قد دخلت أخرج أحدهم رأسه وقال: " يا أبا القاسم! أنت كلما قيل لك شيء تقبله! ". وبات الجنيد ليلة العيد في الموضع الذي كان يعتاده في البرية، فإذا هو وقت السحر بشاب ملتف في عباءته يبكي ويقول: بحرمة ربتي! كم ذا الصدود؟! ... الا تعطف علي؟! ألا تجود؟! سرور العيد قد عم النواحي ... وحزني في ازدياد لا يبيد فإن كنت أفترفت خلال سوء ... فعذري في الهوى أفلا تعود؟ وقال أبو محمد الجريري: " كنت واقفاً علي رأس الجنيد وقت وفاته - وكان يوم جمعة - وهو يقرأ، فقلت: " ارفق بنفسك! " فقال: " ما رأيت أحداً أحوج إليه مني في هذا الوقت، هو ذا تطوي صحيقتي ". وقال أبو بكر العطار: حضرت الجنيد عند الموت، في جماعة من أصحابنا، فكان قاعداً يصلي ويثني رجله، فثقل عليه حركتها، فمد رجليه وقد تورمتا، فرآه بعض أصحابه فقال: " ما هذا يا أبا القاسم؟! "، قال: " هذه نعم!. الله أكبر ". فلما فرغ من صلاته قال له أبو محمد الجريري:

" لو اضطجعت! "، قال: " يا أبا محمد! هذا وقت يؤخذ منه. الله أكبر ". فلم يزل ذلك حاله حتى مات ". وقال ابن عطاء: " دخلت عليه، وهو في النزع، فسلمت عليه، فلم يرد، ثم رد بعد ساعة، وقال: " اعذرني! فإني كنت في وردي "، ثم حول وجهه إلي القبلة ومات ". وكان عند موته قد ختم القرآن، ثم ابتدأ في البقرة فقرأ سبعين آية ". وكانت وفاته في شوال، آخر ساعة من يوم الجمعة، سنة سبع وتسعين ومائتين ببغداد. وقيل: سنة ثمان. وغسله أبو محمد الجريري، صلي عليه ولده، ودفن بالشونيزيه، بتربة مقبرة بغداد، عند خاله سري. وحزر الجمع الذين صلوا عليه، فكانوا ستين ألفاً. قال أبو محمد الجريري: " كان في جوار الجنيد رجل مصاب في خربة، فلما مات الجنيد ودفناه، تقدمنا ذلك المصاب، وصعد موضعاً رفيعاً، وقال لي: " يا أبا محمد! تراني أرجع إلي تلك الخربة بعد أن فقدت ذلك السيد؟! "، ثم أنشد:

واأسفي من فراق قوم ... هم المصابيح والحصون! والمدن والمزن والرواسي ... والخير والأمن والسكون لم تتغير لنا الليالي ... حتي توفتهم المنون فكل جمر لنا قلوب ... وكل ماء لنا عيون ثم غاب عنا فكان ذلك آخر العهد منه ". وسئل الجنيد عن التوحيد، فأنشد قائلا: وغني لي من قلبي ... وغنيت كم غني وكنا حيثما كانوا ... وكانوا حيثما كنا فقال السائل: " وأين القرآن والأخبار؟! " فقال: " الموحد يأخذ علي التوحيد من أدني الخطاب ". وأنشد مرة: وإن امرءاً لم يصف لله قلبه ... لفي وحشة من كل نظرة ناظر وإن امرءاً لم يرتحل ببضاعة ... إلي داره الأخرى فليس بتاجر وإن امرءاً باع دنيا بدينه ... لمنقلب منها بصفقة خاسر

وسئل عن الفقر فأنشأ يقول: لا الفقر عار ولا الغنى شرف ... ولا شئ في طاعة سرف قلت: وأستاذ الجنيد محمد بن علي القصاب، أبو جعفر البغدادي. وكان الجنيد يقول " الناس ينسبوني إلي سري، وإنما أستاذي هذا يعني القصاب. سئل القصاب: " ما بال أصحابك محرومين من الناس؟ " قال: " لثلاث خصال: أحدها: أن الله لا يرضي لهم ما في أيديهم، ولو رضي لهم ما لهم لترك ما لأنفسهم عليه. وثانيها: أن الله لا يرضي أن يجعل حسناتهم في صحائفهم، ولو رضي لهم لخلطهم بهم. وثالثها: أنهم قوم لم يسيروا إلا إلي الله، فمنعهم كل شيء سواه وأفردهم به ".

أصحاب الجنيد

أصحاب الجنيد ومن أصحاب الجنيد أبو محمد أحمد بن محمد بن الحسين الجريري، وأبن الأعرابي أبو العباس احمد بن محمد بن زياد، وقد سلفاً؛ وكذا اسماعيل بن نجيد؛ أما الشبلي فسيأتي. وصحبه علي بن بندار أبو الحسن الصيرفي، من جلة مشايخ نيسابور. صحب أيضاً الحيري، وكتب الحديث الكثير، وكان ثقة. رزق من رؤية المشايخ وصحبتهم ما لم يرزق غيره. مات سنة تسع وخمسين وثلثمائة. قال: " دخلت دمشق علي أبي عبد الله بن الجلاء، فقال: " متي دخلت دمشق؟ " قلت: " منذ ثلاثة أيام " فقال: " ما لك لم تجئني؟! " قلت: " دخلت إلي أبي ابن جوصاء، وكتبت

عنه الحديث ". فقال: " شغلتك السنة عن الفريضة ". ومن كلامه: " فساد القلوب علي حسب فساد الزمان وأهله ". وقال: " زمان يذكر فيه بالصلاح زمان لا يرجى منه الصلاح ". وقال: " دار أسست على البلوي بلا بلوي محال ". وقال: " إياك والخلاف على الخلق، فمن رضي الله به عبداً فارض به أخاً ". وكان يقول: " إياك والاشتغال بالخلق فقد عدم الربح عليهم اليوم ". وقال لبعض أصحابه: " إلى أين؟ " قال: " أخرج إلى النزهة ". فقال: " من عدم الأنس من حاله لم تزده النزهة إلا وحشة ". وقال: " كنت أماشي يوماً أبا عبد الله بن خفيف، فقال لي:

" تقدم يا أبا الحسن! " فقلت: " بأي عذر أتقدم؟! " قال: " بأنك لقيت الجنيد وما لقيته ". ومنهم عبد الله بن محمد الشعراني أبو محمد الرازي الأصل، النيسابوري المولد والمنشأ. وصحب أيضاً رويماً والحيري وسمنوناً وغيرهم. ومات سنة ثلاث وخمسين وثلثمائة. ومن كلامه: من أراد أن يعرف متابعة للحق فلينظر إلي من يخالفه في مراد له، كيف يجد نفسه عند ذلك، فإن لم يتغير فليعلم أن نفسه متابعة للحق ". سئل: " ما بال الناس يعرفون عيوبهم ولا ينتقلون عنها، ولا يرجعون إلي الصواب؟! " فقال: " لأنهم اشتغلوا بالمباهاة بالعلم، ولم يشتغلوا باستعماله، واشتغلوا بآداب الظواهر وتركوا آداب البواطن، فأعمي الله قلوبهم، وقيد جوارحهم عن العبادات ".

ومن أصحابه أيضاً علي بن محمد المزين أبو الحسن البغدادي. وصحب أيضاً سهلا. ومات مجاوراً بمكة سنة ثمان وعشرين وثلثمائة. ومن كلامه: " من استغني بالله أحوج الله الخلق إليه، ومن افتقر إلى الله، وصح فقره أليه بملازمة آدابه، أغناه الله عن كل ما سواه ". وقال: " الذنب بعد الذنب عقوبة الذنب؛ والحسنة بعد الحسنة ثواب الحسنة ". وقال المزين: " لما مرض أبو يعقوب النهرجوري، قلت - وهو في النزع -: " قل: لا إله إلا الله! " فتبسم إلي وقال: " إياي تعني؟! وعزة من لا يذوق الموت! ما بيني وبينه إلا حجاب العزة " وانطفأ من ساعته. فكان المزين يأخذ بلحيته ويقول: " حجام مثلي يلقن أولياء الله الشهادة؟! واخجلتاه منه! " ويبكي إذا ذكر ذلك.

وروي أنه رؤي يوماً متفكراً، ثم أنشد: منازل كنت تهواها وتألفها ... أيام أنت علي الأيام منصور وقد كان يوماً يبكي - وهو بالتنعيم يريد العمرة - وهو ينشد: أنافعي دمعي فأبكيك؟! ... هيهات! مالي طمع فيك فلم يزل كذلك حتي بلغ مكة. وممن لقيه أبو محمد عبد الله بن محمد المرتعش النيسابوري، أحد مشايخ العراق. كان يقيم في مسجد الشونيزية ببغداد، وصحب أبا حفص وأبا عثمان، وكان كبير الشأن. قيل: " عجائب بغداد ثلاثة: نكت المرتعش؛ وإشارات الشبلي، وحكايات جعفر الخلدي ". مات ببغداد سنة ثمان وعشرين وثلثمائة.

من كلامه: " سكون القلب إلي غير المولي تعجيل عقوبة من الله في الدنيا ". وقيل له: " بماذا ينال العبد حب الله تعالي؟ ". قال: " ببغض ما أبغضه وهي الدنيا والنفس ". وقيل له: " إن فلاناً يمشي علي الماء! ". فقال: " عندي أن من مكنه الله من مخالفة هواه فهو أعظم من المشي علي الماء ". وسئل عن التصوف فقال: " الأشكال والتلبيس والكتمان ". ثم أنشد يقول: سري وسرك لا يعلم به أحد ... إلا الجليل ولا ينطق به نطق وانشد أيضاً علي إثره: إذا جئت فامنح طرف عينك غيرنا ... لكيلا يحسبوا أن الهوى حيث تنظر وسئل: " بماذا ينال العبد المحبة؟ ". فقال: " بمولاة أولياء الله تعالي ومعاداة أعدائه ".

ثم قال لبعض جلسائه: " أنشدني الأبيات التي كنت تنشد بالأمس " فأنشأ يقول: وقف الهوى بي حيث أنت فلي ... س لي متأخر عنه ولا متقدم أجد الملامة في هواك لذيذة ... حباً لذكرك فليلمني اللوم أشبهت أعدائي فصرت أحبهم ... إذ صار حظي منك حظي منهم وأهنتني فأهنت نفسي صاغراً ... ما من يهون عليك ممن يكرم وقال السلمي: سمعت أحمد بن علي بن جعفر يقول: " كنت عند المرتعش قاعداً، فقال رجل: " قد طال الليل وطال الهوى! " فنظر أليه المرتعش وسكت ساعة، ثم قال: " لا أدري ما تقول! غير أني سمعت بعض القوالين في هذه الليالي: لست أدري أطال الليل أم لا ... كيف يدري بذاك من غفلا لو تفرغت لاستطالة ليلي ... ولرعي النجوم كنت مخلي ان للعاشقين عن قصر الليل وعن طوله من الوجد شغلا فبكي من حضره، واستدلوا علي عمارة أوقاته ".

وقال وقت وفاته: " سألت الله ثلاث حوائج فقضاها لي: سألته أن يكون موتي في مسجد الشونيزية، فأني قد صحبت فيه أقواماً، سادة كراماً، وهوذا أنا أموت فيها. وألا يكون لي أمر الدنيا شيء وقت خروجي منها، وليس لي غير الخرقه التي تحتي؛ فإذا مت فأخرجوها من تحتي واشتروا بها شيئاً للفقراء، فإنهم لا يدفنونني بغير كفن. وسألته ألا يحضرني في وقت وفاتي رجل أبغضه، وأنا أحبكم كلكم وليس فيكم من أبغضه ". ثم مات. ومن أصحابه أيضاً محمد بن علي بن جعفر الكتاني - نسبة إلي الكتان، بفتح الكاف، وعمله - أبو بكر، ويقال: أبو بكر عبد الله، البغدادي، ثم المكي.

هاجر ال مكة وبها مات مجاوراً سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة. وصحب أيضاً النوري والخراز. ومن كلامه: " التصوف خلق، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في التصوف ". وقال: " العاجز من عجز عن سياسة نفسه ". وقال: " إذا صح الافتقار إلي الله صح الغني به، لأنهما حالان لا يصح أحدهما إلا بصاحبه ". وقال: " رأيت النبي صلي الله عليه وسلم في النوم، فقلت: " يا رسول الله! ادع الله ألا يميت قلبي ". قال: " قل - كل يوم أربعين مرة -: " يا حي! يا قيوم! لا إله إلا أنت! " فإنه لا يموت فلبك، ويكون قلبك حياً ". وقال: " من حكم المريد أن يكون فيه ثلاثة أشياء: نومه غلبة، وأكله فاقة، وكلامه ضرورة ".

وقال: " النقباء ثلثمائة، والنجباء سبعون، والأبدال أربعون، والأخيار سبعة، والعمداء أربعة، والغوث واحد ". فمسكن النقباء المغرب، والنجباء مصر، والأبدال الشام، والأخيار سياحون في الأرض، والعمداء زوايا الأرض، والغوث بمكة. فإن عرضت الحاجة من أمر العامة ابتهل النقباء، ثم النجباء، ثم الأبدال، ثم الأخيار، ثم العمداء؛ فإن أجيبوا وإلا ابتهل الغوث، فلا يتم مسألته حتى تجاب دعوته ". وقال: " صحبني رجل، وكان ثقيلا علي قلبي، فوهبت له شيئاً ليزول ما في قلبي، فلم يزل، فحملته إلي بيتي، وقلت: " ضع رجلك علي خدي " فأبي، فقلت: " لا بد تفعل! " واعتقدت أنه لا يرفع رجله علي خدي حتى يرفع الله من قلبي الذي كنت أجده. فلما زال عن قلبي ما كنت أجده قلت له: " ارفع رجلك الآن! ". وسئل عن الفائدة في مذاكرة الحكايات، فقال: " الحكايات جند من جنود الله، تقوي بها أبدان المريدين ". فقيل له:

" هل لهذا شاهد؟ ". قال: " نعم! قال الله تعإلي:) وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك (. وروي عنه انه قال: " كنت وأبو سعيد الخراز، وعباس بن المهتدي، وآخر لم يذكره، نسير بالشام علي ساحل البحر وإذا شاب يمشي ومعه محبرة، فظننا أنه من أصحاب الحديث، فتثاقلنا به، فقال أبو سعيد: " يا فتي! علي أي طريق تسير؟ " فقال: " ليس أعرف إلا طريقتين: طريق الخاصة وطريق العامة؛ أما طريق العامة فهذا الذي أنتم عليه، وأما طريق الخاصة فباسم الله! " وتقدم إلي البحر ومشي حيالنا علي الماء، فلم نزل نراه حتي غاب عنا ". ونظر الكتاني إلي شيخ أبيض الرأس واللحية يسأل، فقال: " هذا رجل أضاع حق الله في صغره فضيعه الله في كبره ". وكان كثيراً ما ينشد:

الشوق والوجد في مكاني ... قد منعاني من القرار هما في لا يفارقاني ... فذا شعاري وذا دثاري وخيم في الطواف اثنتي عشرة ألف ختمة. وقال: " لولا أن ذكره فرض علي ما ذكرته إجلالا له، مثلي يذكره ولم يغسل فاه بألف توبة متقبلة عن ذكره؟! ". وأنشد: ما إن ذكرتك إلا هم يغلبني ... قلبي وسري وروحي عند ذكراكا حتي كأن رقيباً منك يهتف بي: ... إياك! ويحك والتذكار! إياكا! ومن أصحابه أيضاً محمد بن موسى الواسطي - نسبة إلي واسط العراق بلدة مشهورة - أبو بكر الخراساني، من فرغانة.

وصحب أيضاً النوري وكان عالماً كبير القدر. مات بمرو بعد العشرين وثلثمائة. ومن كلامه: " الخوف والرجاء زمامان يمنعان من سوء الأدب ". وانقطع شسع نعله في غدوة إلي الجمعة، فأصلح له، فقال: " إنما انقطع لأني لم أغتسل للجمعة! ". واغتسل بعد ذلك. ومن أصحابه أبو الحسين علي بن هند القرشي الفارسي، من كبار مشايخ الفرس وعلمائهم. وصحب أيضاً جعفر الحذاء، وعمراً المكي. له الأحوال العالية، والمقامات الزكية.

ومن كلامه: " اجتهد ألا تفارق باب سيدك بحال، فإنه ملجأ الكل، فمن فارقه لا يري لقدمه قراراً ولا مقاماً ". وانشد: كنت من كربتي أفر إليهم ... فهم كربتي! فأين المفر؟! ومن أصحابه أبو بكر أحمد بن محمد بن أبي سعدان البغدادي، وصحب النوري أيضاً. شافعي المذهب، إمام في المعارف. ومن كلامه: الصابر علي رجائه لا يقنط من فضله ". ومن أستاذيه محمد بن ابرهيم البغدادي البزاز أبو حمزة، من

أولاد عيسى بن أبان. وجالس بشر بن الحارث، وسافر مع أبي تراب، وصحب سرياً. وكان عالماً بالقراءات، فقيهاً زاهداً واعظاً. وهو أول من تكلم ببغداد في المحبة والشوق، والقرب والأنس، على رءوس الناس. وهو أستاذ جميع البغاددة؛ وكان الإمام أحمد يقول له في المسائل: " ما تقول فيها يا صوفي؟! ". مات سنة تسع وثمانين ومائتين. وكان يتكلم في مجلسه يوم الجمعة، فتغير عليه الحال، وسقط عن كرسيه، ومات في الجمعة الثانية، ودفن بباب الكوفة. ومن كلامه: من رزق ثلاثة أشياء مع ثلاثة أشياء فقد نجا من الآفات: بطن خال مع قلب قانع، وفقر دائم مع زهد حاضر؛ وصبر كامل مع ذكر دائم ".

وقال: " علامة الصوفي الصادق أن يفتقر بعد الغني ويذل بعد العزة، وينحط بعد الشهرة. وعلامة الصوفي الكاذب أن يستغني بعد الفقر، ويعز بعد الذل، ويشتهر بعد الخفاء ". وروى أنه ولد له مولود في ليلة ممطرة، وما كان في منزله شئ، وأشتد المطر، وكانت داره علي الطريق، وأخذ السيل يدخل داره، وكان في الدار صبي يخدمه، فقام هو والصبي، وأخذ جرتين، فكانوا ينقلون الماء إلي الطريق حتى أصبحوا. فلما أصبحوا تحيلت المرأة في دراهم، وقالت له: " أشتر لنا بها شيئاً "، فخرج فإذا بجارية صغيرة تبكي، فقال: " ما بكاؤك؟ " قالت: " لي مولي شرير، وقد دفع إلي قارورة اشتري له فيها زيتاً، فوقعت وهلك الزيت، وأخاف أن يضربني! "، فأشتري لها بما معه ذلك، ومشي معها إلي مولاها، وشفع فيها ألا يضربها بتأخيرها عنه، ثم رجع إلي المسجد، فقال له الصبي: " ما العمل؟! " فقال: " اسكت! " فقعد إلى العصر، ثم قال الصبي: " قم بنا نعود إلى المنزل! " فجاءوا والزقاق كله حمالون، معهم ما يحتاج أليه لمثل هذا، وخمسمائة

درهم، ورجل معه رقعة فيها مكتوب: " أخبرنا انك البارحة ولد لك مولود فتفضل بقبول ذلك " فقال الصبي: " إذا عاملت فعامل من هذه معاملته! ". وروى أنه كان له مهراً قد رباه، وكان يحب الغزو، فيخرج عليه متوكلا، فقيل له: " ما تعمل في أمر الدابة؟ "، قال: " كان إذا رحل العسكر تبقي تلك الفضلات من الدواب ومن الناس، يدور فيأكل ". وقيل له: " هل يفرغ المحب الى شئ سوى محبوبه؟ " فقال: " لا! لأنه بلاء دائم وسرور منقطع، وأوجاع متصلة؛ لا يعرفها إلا من باشرها ". وأنشد: يقاسي المقاسي شجوه دون غيره ... وكل بلاء عند لاقيه أوجع وقال الجنيد: " وافي أبو حمزة من مكة، وعليه وعناء السفر، فسلمت عليه وشهيته، فقال: " سكباج وعصيدة تخليني بهما "؛

فيأتيهما له، وأدخلته الدار، وأسبلت الستر، فدخل واكله أجمع؛ فلما فرغ قال: " يا أبا القاسم! لا تعجب! فهذا - من مكة - الأكلة الثالثة ". وأما حكاية وقوعه في البئر، وإخراج السبع له فمشهورة. وهتف به هاتف: " يا أبا حمزة! نجيناك من التلف بالتلف! " فقال: أهابك أن أبدي إليك الذي أخفي ... وسري يبدي ما بقول له طرفي نهاني حيائي منك أن أكتم الهوى ... فأغنيتني بالفهم منك عن الكشف

تلطفت في أمري وأبديت شاهدي ... إلى غائبي واللطف يدرك باللطف تراءيت لي بالغيب حتي كأنما ... تبشرني بالغيب إنك في الكف أراك وبي من هيبتي لك حشمة ... فتؤنسني باللطف منك وبالعطف وتحيي محباً أنت في الحب حتفه ... وذا عجب كون الحياة مع الحتف وقال الخطيب - فيما ذكر أبو نعيم -: " إنه أبو حمزة هذا " وقال غيره: " إنه أبو حمزة الخراساني ". وأبو حمزة الخراساني أحد المشايخ، أصله من نيسابور، صحب مشايخ بغداد، وهو من أقران الجنيد صحبه أيضاً وغيره، وكان ورعاً ديناً. ومن كلامه: " من استشعر ذكر الموت حبب إليه كل باق وبغض إليه كل فان ".

وسئل عن الإخلاص، فقال: " الخالص من الأعمال ما لا يجب أن يجده عليه إلا الله تعالى ". وقال له رجل: " أوصي! ". فقال: " هيء زادك للسفر الذي بين يديك، فكأني بك وأنت في جملة الراحلين عن منزلك؛ وهيء لنفسك منزلا إذا نزل أهل الصفة منازلهم، لئلا تبقى متحسراً ". وخرج مرة يشيع بعض الغزاة، فسمع قائلا يقول: نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ... ما الحب إلا للحبيب الأول فسقط مغشياً عليه. ومات سنة تسعين ومائتين. ومن أصحابه محمد بن ابرهيم الزجاجي، أبو عمرو النيسابوري. صحب أيضاً النوري وأبا عثمان، ورويما، والخواص.

وأقام بمكة، وصار شيخها، والمشار أليه فيها. حج قريباً من ستين حجة. قيل: إنه لم يبل ولم يتغوط في الحرم أربعين سنة، وهو بها مقيم. مات سنة ست وأربعين وثلثمائة. وروي أنه كان يجتمع بمكة الكتاني والنهرجوري والمرتعش وغيرهم. فكانوا يعقدون حلقة وصدرها للزجاجي، وإذا تكلموا في شيء رجع جميعهم إلى قوله. وكان أول ما دخل مكة يطوف كل يوم سبعين مرة، ويعتمر عمرتين. ومن كلامه: " المحبة ترك الشكوى من البلوى، بل استلذاذ البلوى، إذا الكل منه، فمن أسخطه وارد من محبوبه تبين عليه نقصان محبته ". وقيل له: " كيف الطريق إلي الله؟ " فقال للسائل: " أبشر! أزعجك لطلب دليل يدلك عليه ". وسئل عن حديث:) تفكر ساعة خير من عبادة

سبعين سنة (فقال: " ذاك التفكير هو نسيان النفس ". ومن أقران الجنيد علي بن سهل الأصبهاني أبو الحسن. لقي أبا تراب وطبقته، وقصده عمرو بن عثمان المكي في دين كان عليه بمكة، ومبلغه ثلاثون ألف درهم، فكتب بديونه سفانج إلى مكة، ولم يعلمه بذلك. ومن كلامه: " المبادرة إلى الطاعات من علامة التوفيق، والتقاعد عن المخالفات من علامة حسن الرعاية، ومراعاة الأسرار من علامة التيقظ، وإظهار الدعاوى من رعونات البشرية، ومن لم تصح مبادئ إرادته لا يسلم في منتهى عواقبه ". وقال: " من فقه قلبه أورثه ذلك الإعراض عن الدنيا

وأبنائها، فان من جهل القلب متابعة سرور لا يدوم ". وأنشد لنفسه: ليتني مت فاسترحت، فإني ... كلما قلت: قدقربت! بعدت وسئل عن حقيقة التوحيد، فقال: " قريب من الظنون، بعيد من الحقائق ". وأنشد لبعضهم: فقلت لأصحابي: هي الشمس ضوؤها ... قريب، ولكن في تناولها بعد أما أبو الحسن علي بن سهل الصائغ الدينوري، أحد السادات، فأقام بمصر، ومات سنة ثلاثين وثلثمائة. قيل له: " بماذا يبتلي المحب؟ وبماذا يروح فؤاده عند هيجانه؟ " فأنشأ يقول: لو شربت السلو ما سليت ... ما بي غني عنك وإن غنيت

وأما خاله وأستاذه سري، فهو أبو الحسن سري بن المغلس السقطي، أحد الأوتاد. كان أوحد زمانه في الورع وعلوم التوحيد، ملازماً بيته لا يخرج منه ولا يراه إلا من يقصده. وكان تلميذ معروف الكرخي. قيل: كان يوماً في دكانه، فجاء معروف ومعه صبي يتيم، فقال لي: " اكسه! ". قال سري: فكسوته، ففرح به معروف، فقال: بغض الله إليك الدنيا، وأراحك مما أنت فيه! ". قال: " فقمت من الدكان وليس شئ أبغض إلي من الدنيا وما فيها، وكل ما أنا فيه من بركاته ". مات سنة ثلاث وخمسين ومائتين، علي الأصح. ودفن بالشونيزية. ومن كلامه: " ثلاث من كن فيه استكمل الإمان: من إذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق، وإذا رضي لم يخرجه رضاه إلي الباطل؛ وإذا قدر لم يتناول ما ليس له ". وقال: " الشكر ثلاثة أوجه: للسان، وللبدن، وللقلب. فالثالث أن يعلم أن النعم كلها من الله، والثاني ألا يستعمل جوارحه

إلا في طاعته بعد أن عافاه الله، والأول دوام الحمد عليه ". قال الجنيد: " أرسلني خاليي، فأبطأت عليه، فقال لي: " إذا أرسلك من يتكلمون في موارد القلوب في حاجة فلا تبطئ عليهم، فإن قلوبهم لا يتحمل الانتظار ". ومكث سري عشرين سنة، يطوف بالساحل، يطلب صادقاً، فدخل يوماً إلى مغارة، فإذا زمني قعود وعميان ومجذمين، قال: فقلت: " ما تصنعون ها هنا؟! " قالوا: " ننتظر شخصاً يخرج علينا فنعافى! ". فقلت: " إن كان صادقاً فاليوم! ". فقعدت فخرج كهل معليه مدرعة من شعر، فسلم وجلس، ثم أمر يده علي عمي هذا فأبصر، وأمر يده علي زمانة هذا فصح، وأمر يده علي جذام هذا فبرئ. ثم قام مولياً، فضربت بيدي اليه، فقال لي: سري؟!. خل عني، فانه غيور. لا يطلع علي سرك فيراك وقد سكنت إلي غيره، فتسقط من عينه ". وقال الجنيد: " ما رأيت أعبد من خالي!. أني عليه ثمان وسبعون سنة ما رؤى مضطجعاً إلا في علة الموت ".

قال: وسمعته يقول: " أشتهي أن أموت ببلد غير بغداد! " فقيل له: " ولم؟! ". قال: " أخاف ألا يقبلني قبري فأفتضح ". قال: وسمعته يقول: " من أراد أن يسلم دينه، ويستريح قلبه وبدنه، ويقل غمه، فليعتزل الناس، لأن هذا زمان عزلة ووحدة ". قال: وكان يقول: " لولا الجمعة والجماعة لسددت علي نفسي الباب ولم أخرج ". قلت: " كيف في زمننا هذا - في القرن الثامن - وما أهله إلا كما قيل: لم يبق في الناس موثوق بصحبته ... ولا أمر لك مرضي إذا اختبرا ولا أخ لك تدعوه لنائبة ... ولا لسر إذا استودعته سرا ما إن تري غير ذي الوجهين قد طويت ... منه الضلوع علي غير الذي ظهرا يلقاك يظهر وداً زائداً فإذا ... ما غبت عاد عدواً مبغضاً اشرا له لسانان في فيه يديرهما ... يهدي لمن يشاء شهداً منه أو صبرا مواصل لك ما دامت تواصله ... منك الأيادي وإن أمسكتها هجرا وإن بدت منك يوماً زلة خطأ ... عن غير عمد تراه حية ذكرا

يسعي إلى كل من يلقاه عنك بما ... يراه، مفترياً ما لا يكون يري فكن علي حذر من مثلهم أبداً ... فالمرء من كان من أمثالهم حذرا وقال الجنيد: دفع السري إلي رقعة، وقال: " هذا خير لك من سبعمائة فضة! ". فإذا فيها: ولما ادعيت الحب، قالت: كذبتني ... ألست أرى الأعضاء منك كواسيا؟! فما الحب حتى يلصق القلب بالحشا ... وتذبل حتي لا تجيب المناديا وتنحل حتى لا يبق لك الهوى ... سوي مقلة تبكي بها وتناجيا وروي أنه أنشد يوماً: لا في النهار ولا في الليل لي فرح ... فلا أبالي أطال الليل أو قصرا لأني طول ليلي هائم دنف ... وبالنهار أقاسي الهم والفكرا وقال الجنيد، قال لي خالي: " اعتللت بطرطوس علة القيام، فعادني ناس من القراء، فأطالوا الجلوس، فقلت: " ابسطوا أيديكم حتى ندعو! " فقلت: " اللهم علمنا كيف نعود المرضى! " قال: فعلموا أنهم قد أطالوا فقاموا ".

وقال علي بن عبد الحميد الغضائري: " دققت علي سري بابه فسمعته يقول: " اللهم من شغلني عنك فاشغله بك عني! " فكان من بركة دعائه أني حججت من حلب ماشياً أربعين حجة ". وقال الجنيد: " دخلت عليه، وهو في النزع، فجلست عند رأسه، ووضعت خدي علي خده، فدمعت عيناي، فوقع دمعي علي خده، ففتح عينيه، وقال لي: " من أنت؟ " قلت: " خادمك الجنيد! " فقال: " مرحباً ". فقلت: " أوصني بوصية أنتفع بها بعدك! " قال: " إياك ومصاحبة الأشرار، وأن تنقطع عن الله بصحبة الأخيار ". ولما حضرته الوفاة، قلت له: " يا سيدي! لا يرون بعدك مثلك! " قال: " ولا أخلف عليهم - بعدي - مثلك ". قال أبو عبيد بن حربوية: " حضرت جنازته، فلما كان في بعض الليالي رأيته في النوم، قلت: " ما فعل الله بك؟ " قال: " غفر لي ولمن حضر جنازتي وصلي علي! ". فقلت: " فأني ممن حضر جنازتك وصلي عليك! " قال: " فاخرج درجاً فنظر فيه،

فلم ير لي اسماً، فقلت: بلي! حضرت، فنظر فاذا اسمي في الحاشية ". وولد سري، ابرهيم أبو اسحاق، زاهد تقي، وله أحوال في المعاملات سنية، قريب في السيرة من أبيه. حكي عن أبيه. روي عنه أبو العباس السراج، قال: سمعته يقول، سمعت أبي يقول: " عجيب لمن غدا وراح، في طلب الأرباح، وهو مثل نفسه لا يربح أبداً ". ومن أصحاب سري، إبرهيم النصراباذي، وأحمد النوري، وقد سلفاً. وكذا أحمد بن مسروق. ومن أصحابه سمنون - بضم السين علي المشهور - ابن حمزة أبو الحسن. أصله من البصرة، سكن بغداد.

وصحب - مع السري - أبا أحمد القلانسي وغيرهما. ومات قبل الجنيد، فيما قيل. وقال ابن الجوزي: " بعده سنة ثمان وتسعين ومائتين ". وهذا غلط، فان وفاة الجنيد في هذه السنة، أو سنة تسع، كما سلف. ومن كلامه: إذا بسط الجليل غداً بساط المجد دخل ذنوب الأولين والآخرين في حاشية من حواشي كرمه. وإذا أبدي عيناً من عيون الجود ألحق المسئ بالمحسن ". وقال: " لا يعبر عن شئ إلا بما هو أدق منه، ولا شئ أدق من المحبة، فبم يعبر عنها؟! ". وأنشد: أنت الحبيب الذي لا شك في خلدي ... منه، فان فقدتك النفس لم تعش يا معطشي بوصال كنت واهبه ... هل فيك لي راحة إن صحت: واعطشي

وجاءه رجل فقال: " لي أربعون شاة، كم أخرج عنها؟ " قال: " علي مذهبي: الكل؛ وعلي مذهب القوم: واحدة ". وكان ورده كل يوم وليلة خمسمائة ركعة. قيل أنه أنشد: وليس لي في سواك حظ ... فكيفما شئت فاختبرني إن كان يرجو سواك قلبي ... لا نلت سؤلي، ولا التمني! فأخذه الأسر من ساعته، فكان يدور علي المكاتب، ويقول للصبيان: " ادعوا لعمكم الكذاب! ". وقيل: إنه شاع عنه الدعاء بذلك، ولم يكن وقع منه، فعلم أن القصد منه إظهار الجزع، تأدباً بالعبودية، وستراً لحاله، فأخذ يفعل ذلك. وروي أنه لما أخذه السر، احتبس بوله أربعة عشر يوماً، فكان يلتوي كما تلتوي الحية علي الرمل، يميناً يتقلب وشمالا؛ أطلق بوله قال: " يا رب! قد تبت إليك! ". وأنشد: أنا راض بطول صدك عني ... ليس إلا لأن ذاك هواكا فامتحن بالجفاء ضميري ... علي الود، ودعني معلقاً برجاكا

وقيل إنه كان جالساً علي شاطئ دجلة، وبيده قضيب يضرب به فخذه، ويقول: كان لي قلب أعيش به ... ضاع مني في قلبه رب! فاردده علي فقد ... عيا صبري في تطلبه وأغث، ما دام في رمق ... يا غياث المستغيث به! وقال: " كنت ببيت المقدس، وكان البرد شديداً، وعلي جبة كساء، وأنا أجد البرد، والثلج يسقط، وإذا بشاب مار في الصحن، وعليه خلقان، فقلت: " يا حبيبي! لو استترت ببعض هذه الأردية، فتكنك من البرد! " فقال: " يا أخي سمنون: وحسن ظني فيه أنني في فنائه ... وهل أحد في كنه يجد القرا؟! ولكن من أعري من الحب قلبه ... وأفرد من أحبابه تجد الحرا وسئل عن الفقير الصادق، فقال: " الذي يأنس بالعدم كما يأنس بالغني، ويستوحش من الغني كما يستوحش الجاهل من الفقر ". وانشد: وكان فؤادي خالياً قبل حبكم ... وكان بذكر الخلق يلهو ويمرح فلما دعا قلبي هواك أجابه ... فلست أراه عن فنائك يبرح

رميت بببن منك إن كنت كاذباً ... وإن كنت في الدنيا بغيرك أفرح وإن كان شئ في البلاد بأسرها ... إذا غبت عن عيني، لعيني يملح فإن شئت واصلني وإن شئت لا تصل ... فلست أري قلبي لغيرك يصلح وسئل عن قوله تعالى:) ومكروا مكراً ومكرنا مكراً (: " هل ينسب المكر إلي الله؟ " فأنشد: وقبح من سوك الفعل عندي ... وتفعله فيحسن منك ذاكا فمهما كان من خير وجود ... فما يرجي له أحد سواكا وله أيضاً: يعاتبني فينبسط انقباضي ... وتسكن روعتي عند العتاب جري في الهوى مذ كنت طفلا ... فمإلي قد كبرت عن التصابي وله أيضاً: أحن بأطراف النهار صبابة ... وفي الليل يدعوني الهوى فأجيب وأيامنا تفني، وشوقي زائد ... كأن زمان الشوق ليس يغيب

وله أيضاً: بكيت ودمع الشوق للنفس راحة ... ولكن دمع العين يبكي به القلب وذكري بما ألقاه ليس بنافع ... ولكنه شئ يهيج به الكرب ولو قيل لي: ما أنت؟ قلت: معذب ... بنار مواجيد يضرمها الغيب بليت بمن لا أطيق عذابه ... ويعتبني حتى يقال له الذنب ومن أصحابه أيضاً أبو محمد، جعفر بن محمد بن نصير الخلدي البغدادي؛ وصحب النوري، ورويماً، وسمنون وغيرهم. وحج قريباً من ستشن حجة. مات سنة ثمان وأربعين وثلثمائة، ودفن عند قبر سري والجنيد. سمي الخلدي لأنه كان يوماً عند الجنيد، فسئل الجنيد عن مسألة، فقال له:

" أجبهم! " فأجابهم، فقال: " يا خلدي! من أين لك هذه الأجوبة؟! " فبقي عليه هذا الاسم. والمسألة التي أجاب فيها، هي أنهم قالوا: " أنطلب الرزق. " فقال الخلدي: " إن علمتم في أي موضع هو فاطلبوه! " فقالوا: " نسأل الله ذلك! "، فقال: " إن علمتم أنه نسيكم فذكروه! " فقالوا: " ندخل البيت، ونتوكل علي الله؟ ". فقال: " تجربون الله في التوكل؟! فهذا شك! " قالوا: " فكيف الحيلة؟! " قال: " ترك الحيلة ". ومن كلامه: " لا يجد العبد لذة المعاملة مع لذة النفس؛ لأن أهل الحقائق قطعوا العلائق، التي تقطعهم عن الحق، قبل أن تقطعهم العلائق ". وقال: " إنما بين العبد وبين الوجود أن تسكن التقوى قلبه، فهذا سكن نزلت عليه بركات العلم، وزال عنه رغبة الدنيا ". وقال: " إني أخاف أن يوقفني المشايخ بين يدي الله، ويقولون: لم أخرجت أسرارنا إلى الناس ".

وروي أنه مر بمقبرة الشونيزية، وامرأة علي قبر تندب؛ وتبكي بكاء بحرقة، فقال لها: " ما لك؟! " فقالت: " ثكلي بولدي! " فأنشأ يقول: يقولون: ثكلي! ومن لك يذق ... فراق الأحبة لم يثكل لقد جرعتني ليإلي الفرا ... ق شراباً أمر من الحنظل كما جرعتني ليالي الوصا ... ل شراباً ألذ من السلسل وقال: " المحب يجتهد في كتمان محبته، وتأبي المحبة إلا اشتهاراً، وكل شئ ينم علي المحب حتى يظهره ". وأنشد: زائر نم عليه حسنه ... كيف يخفي الليل بدراً طلعا؟! راقب الغفلة حتى أمكنت ... ورعي الحارس حتى هجعا ركب الأهوال في رؤيته ... ثم ما سلم حتى ودا وروي أنه كان له فص، فوقع منه يوماً في دجلة، وكان عنده دعاء مجرب للضالة، إذا دعا به عادت. فدعا به، فوجد الفص في وسط أوراق كان يتصفحها. وصورة الدعاء أن يقول: " يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه!

اجمع علي ضالتي! ". وقد روي أنه يقرأ قبله " سورة الضحى ثلاثاً. وهذا الدعاء والنص لهما سبب ذكره الخطيب في " تاريخه ". قال: " ودعت في بعض حجاتي المزين الكبير الصوفي، فقلت: " زودني شيئاً " فقال: " إن ضاع منك شئ، أو أردت أن يجمع الله بينك وبين إنسان، فقل: " يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه، إن الله لا يخلف الميعاد، اجمع بيني وبين كذا وكذا. فان الله يجمعه ". قال: " فجئت إلي الكتاني الكبير، فودعته، فقلت: " زودني شيئاً " فأعطاني فصاً عليه نقش كأنه طلسم، وقال: " إن اغتممت فانظر إلي هذا، فانه يزول غمك " قال: " فانصرفت، فما دعوت الله بتلك الدعوة إلا استجيب لي، ولا رأيت الفص، وقد اغتممت إلا زال غمي "، وهو هذا الفص الذي ذهب منه ثم وجده. وروي عنه أنه قال: " خرجت سنة من السنين إلي البادية، فبقيت أربعاً وعشرين يوماً لم أطعم بطعام، فلما كان بعد ذلك رأيت كوخاً فيه غلام، فقصدت الكوخ، فرأيت الغلام قائماً يصلي، فقلت

في نفسي: " بالعشي يجئ إلي هذا طعام فآكل معه! " فبقيت تلك الليلة، والغد وبعد غد، ثلاثة أيام لم يجءه أحد بطعام، ول رأيت أحداً، فقلت: " هذا شيطان! ليس هذا من الناس! " فتركته وانصرفت. فلما كان بعد عدة أشهر، وأنا جالس في منزلي، لاذا بداق يدق الباب، فقلت: " من؟ ادخل! " فدخل علي ذلك الغلام، وقال: " يا جعفر! أنت كما سميت! " جاع فر ". ومن أصحاب الخلدي أبو الحسن محمد بن علي العلوي، وسيأتي في حرف الميم إن شاء الله تعالى.

حرف الحاء

حرف الحاء الحارث بن أسد المحاسبي - 243 للهجرة الحارث بن أسد المحاسبي البصري أبو عبد الله. أحد الآوتاد والجامع بين الظاهر والباطن. سمي المحاسبي لأنه كان يحاسب نفسه. مات سنة ثلاث وأربعين ومائتين. من كلامه: " من أراد أن يذوق لذة طعم معاشرة أهل الجنة فليحصب الفقراء الصادقين ". وقال: " المحبة ميلك إلي المحبوب بكليتك، ثم أيثار له علي نفسك وزوجك ومالك، ثم موافقتك له سراَ وجهراَ، ثم علمك بتقصيرك في حبه ":

وروي أنه ورث عن أبيه سبعين ألف درهم، فلم يأخذ منها شيئا، أي لأن أباه كان قدرياً، فتركه وَرَعاً، لاختلاف العلماء في تفكيرهم، وقال: " صحت الرواية أنه لا يتوارث أهل ملتين شيئاً ". ومات وهو محتاج إلى درهم. وروي أن الله تعالى عن ذلك أنه كان إذا مد يده إلي الطعام فيه شبهة تحرك إصبعه عرق، فكان يمتنع منه. وقال الجنيد: " مربي يوماً، فرأيت فيه أثر الجوع، فقلت: " يا عم، ندخل الدار وتتناول شيئاً؟ "، فقال: " نعم " فدخلت الدار، وحملت إليه طعاماً، من عرس قوم؛ فأخذ لقمة وأدارها في فيه مراراً، ثم قام وألقاها في الدهليز وفرَ، فلما رأيته بعد أيام، قلن له في ذلك، فقال: " أني كنت جائعاً أن أسرك بأكلي وأحفظ قلبك، ولكن بينيوبين الله علامة: ألا يسوغني طعاما فيه شبهة، فلم يمكنني ابتلاعه، فمن أين كان ذلك الطعام؟ ". فقالت: " أنه حمل من دار قريب لي من العرس " ثم

قلت له: " تدخل اليوم؟ " فقال: " نعم " فقدمت اليه كسراً كانت لنا فأكل، وقال: " إذا قدمت إلي فقير شيئاً فقدم مثل هذا ". وقيل: أنشد قوال بين يديه هذه الأبيات: أنا في الغربة أبكي ... ما بكت عين غريبِ لم أكن يومي خروجي ... من بلادي بمصيبِ عجباً لي ولتركي ... وطناً فيه حبيبي أنا أن مت غراماً ... فأجعلوا حبي طبيبي فقام وتواجد وبكي حتى رحمه كل من حضره ".

حاتم الأصم

حاتم الأصم - 227 للهجرة حاتمُ الأصمُ، أبو عبد الرحمن، من مشايخ خُراسان. صحب شفيقَ أبن ابرهيم البلخي؛ وكان أستاذَ أحمد بن خَضَروَيه. مات سنة سبع وثلاثين ومائتين. ولم يكن أصمَّ، وإنما جاءته أمرأةٌ تسأله مسألةً، فأتفق أن خرج منها ريحٌ، فخجلت؛ فقال حاتم: " أرفعي صوتك! " وأري من نفسه أنه أصمٌ، فسرت بذلك، وقالت: " أنه لم يسمع الصوتَ! ". فغلب عليه ذلك، حكاه أبو علي الدقاق من كلامه: " الزم خدمة مولاك، تأتك الدنيا راغمةً، والأخري راغبةً ".

وقال: " نعهد نفسك في ثلاثة مواضع: إذا عملت فأذكر نظر الله إليك، وإذا تكلمت فأذكر سمع الله إليك، وإذا سكتَ فأذكر علمَ الله فيك ". وقال: " من ادعي ثلاثاً بغير ثلاث فهو كذاب: من أدعي حُبَ اللهِ من غير وَرَع من محارمه؛ ومن ادعي حبَ الجنةِ غير أنفاق ماله؛ ومن ادعي محبةَ الرسول من غير محبة الفقراء ". وقال له رجل: " ماتشتهي؟ "، فقال: " أشتهي عافيةَ يوم إلي الليل! " فقيل له: " أليست الأيامُ كلها عافيةَ؟! "، فقال: " أن عافيةَ يومي أل أعصي اللهَ فيه! ". وسُئِل: " علام بنيتَ أمرَكَ هذا في التوكل علي الله؟ "، قال: " علي خصالِ أربع: علمتُ أن رزقي لا يأكله غيري، فاطمأنت به نفسي، وعلمتُ أن عملي لا يعملهُ غيري، فأنا مشغول به، وعلمتُ أن الموت يأتيني بغتةً، فأنا أبادره، وعلمتُ أني لا أخلو من عين الله حيث كنتُ، فأنا

مستحٍ منه ". وقال: " ما من صباح إلا والشيطانُ يقول لي: " ماتأكلُ، وماتلبسُ؟ وأين تسكنُ؟ ". فأقول: " أّكل الموتَ، وألبس الكفنَ، وأسكن القبرَ ". وقيل له: " من أين تأكل؟ "، فقال: " ولله خزائنُ السمواتِ والأرض ولكن المنافقين لا يعلمونَ (. وقال: " لقينا التُرك، وكان بيننا جولة، فرماني تركي، فقلبني وقعد علي صدري، وأخذ بلحيتي، وأخرج من خفهِ سكيناً ليذبحني، فوحق سيدي ما كان قلبي عنده، ولا عند سكينه، إنما كان قلبي عند سيدي، لأنظر ماذا ينزل منه بي، فقلت: قضيت سيدي ذلك؟! فعلي الرأس والعين! إنما أنا ملكك! فبينا أنا أخاطب سيدي، وهو قاعد علي صدري، آخذ بلحيتي ليذبحني، إذا رماه المسلمين بسهم، فما اخطأ حلقه، فسقط عني، فقمت أنا أليه، وأخذتها من يده، وذبحته بها. غما هو ألا أن تكون قلوبكم عند السيد، حتى تروا من عجائب لطفه ما لم تروا من الآباء والأمهات ". وذكر أبن عساكر في " تاريخه " حكاية في معني هذه - وهي غريبة - عن علي بن حرب، قال " خرجنا من " الموصل " في سفينة، نريد

" سري من رأي ". فإذا بسمكة قد وثبت من الماء إلي السفينة، فقال أحداث كانوا معنا: اعدلوا بنا إلي الشط، نطلب حطباً نشويها فجئنا إلي خربة فدخلناها، فوجدنا رجلا مذبوحاً، ورجلا مكتوفاً قائماً. فسألنا الرجل عن القصة، فقال: هذا المكارىُّ عدا من القافلة في الليل، فشدني وثاقاً - كما ترون - وعزم علي قتلي، فناشدته الله، وقلت: يا هذا! خذ جميع ما معي، ولا تقتلني!. فأني ألا قتلي، فأنتزع سكينا معه، فعسُرت عليه، فأجتذبها، فمرت علي أوداجه فذبحته. قال: فأطلقنا يديه، فوثبت السمكة في الماء وذهبت ".

حبيب العجمي

حبيب العجمي - 119 للهجرة حبيبُ بن عيسى بن محمد العجميُ، أبو محمد - وقيل - أبو مسلم الفارسي أصلاً، ثم البصري سكناً. كان عابداً زاهداً مجاب الدعوة. لقى الحسن وابن سيرين، وروى عنهما. مات سنة تسع عشرة ومائة، كما أفاده ابن الجوزي في " المنتظم ". من كلامه: أن الشيطان ليلعب بالقراء كما يلعب الصبيان بالجوز. ولو أن الله تعإلى دعاني - يوم القيامة - فقال: " ياحبيب! " فقلت: " لبيل! " فقال: " جئني بصلاة يوم، أوركعة، أو سجدة، أو نسبيحة، أبقيت عليها

من أبليس، أل يكون طعن فيها طعنة فأفسدها. ما أستطعت أن أقول: نعم! أي ور! ". وكان يخلو في البيت، فيقول: " من لم تقر عينه بك فلا قرت!. ومن لم يأنس بك فلا أَنِس! ". وكان - أولا - تاجراً، فمر بصبيان، فقالوا: قد جاء آكل الربا! فنكس رأسه وقال: يا رب، أفشيت سري للصبيان!، فرجع فلبس مدرعة من شعر، وغلَ يده، ووضع ماله بين يديه، وجعل يقول: يا رب! أني أشتري نفسي منك بهذا المال، فأعتقني!. فلما اصبح تصدق به، وأخذ في العبادة، فلم ير ألا صائماً، أو قائماً، أو ذاكراً. فمر ذات يوم بأولئك الصبيان، فقالوا: اسكتوا! قد جاء حبيب العابد! فبكى وقال: يا رب! أنت تذم مرة، وتحمد مرة، فكل من عندك!. وقال عبد الواحد بن زيد: " كنا عند مالك

أبن دينار، ومعنا محمد بن واسع وحبيب. فجاء رجل فكلم مالكا فأغلظ عليه قسمة قسمها، وقال: " وضعتها في غير حقها! وتتبعت بها أهل مجلسك، ومن يغشاك، لتكبر غاشيتك، وتصرف وجوه الناس إليك ". فبكى مالك، وقال: " والله ما أردت هذا! " قال: " بلى! والله لقد أردته! ". فجعل مالك يبكي، والرجل يغلظ عليه، فلما كبر ذلك عليهم، رفع حبيب يده إلى السماء ثم قال: " اللهم أن هذا قد شغلنا عن ذكرك، فأرجهنا منه كيف شئت! ". قال: فسقط - والله - الرجل على وجهه ميثاً، فحمل إلى أهله على السرير ". وعن أبي إسحاق، قال: سمعت مسلماً يقول: " أتي رجل حبيبا، فقال: أن لي عليك ثلثمائة درهم "، قال حبيب: " أذهب إلى غد " فلما كان من الليل توضأ وصلى وقال: " اللهم! أن كان صادقاً فأد أليه، وأن كان كاذباً فأبتلهِ في بدنه! " قال: فجيء بالرجل من غد، قد حُمِل

وضرب شقة الفالج، فقال: مالك؟!. قال: أنا الذي جئتك بالأمس، لم يكن لي عليك شئ، وإنما قلت: تستحي من الناس فتعطيني!. فقال له: تعود؟!. قال: لا! قال: الهم! أن كان صادقاً، فألبسه العافية! فقام الرجل على الأرض كأن لم يكن به شئ. وقيا لحبيب: " ما بالك لا تضحك، وتجالس الناس، ولا تراك أبداً ألا محزوناً؟! "، فقال: " أحزنني شيئان: وقت أوضع في لحدي وينصرف الناس عني، فأبقى تحت الثرى، مرتهناً بعملي؛ ويوم القيامة، إذا أنصرف الناس عن حوضه، عليه السلام، فأنه بلغني أنه يلقى الرجلُ الرجلَ، في عرضة القيامة، فيقول له: أشربتَ من الحوض؟ فسيقول: لا!، فيقول: واحسرتاه!. فأي حسرة أشد من هذا؟!. وقيل له في مرض الموت: " ما هذا الجزع الذي ما كنا نعرفه منك؟! " فقال: " سفري بعيد، بلا زاد!. وينزل بي في حفرة من الارض موحشة بلا مؤنس!. وأُقدم على ملك جبار، قد قدَم إلى العذر ". ويروى أنه جزع جزعاً شديداً عند الموت، فجعل يقول: " أريد سفراً ما سافرته قط!. أريد أن أسلك طريقاً مت سلكته قط! أريد أن أزور سيداً ومولى ما رأيته قط!. أريد أشرف على أهوال ما شاهدت مثلها

قط!. أريد أن أدخل تحت التراب، وأبقى تحتهإلى يوم القيامة، ثم أقف بين يدي الله تعالى، وأخاف أن يقول لي: يا حبيب، هات تسبيحة واحدة، سبحتي في ستين سنة، لم يظفر الشيطان منها بشيء؟ فماذا أقول؟!. وليس لي حيلة؟!. أقول: يا رب!. هو ذا قد أتيتك مقبوض اليدين إلى عنقي! ". فهذا رجل عبد الله ستين سنة، ولم يشتغل من الدنيا بشيء قط. فكيف حالنا؟!

الحلاج

الحلاج - 305هـ الحسين بن منصور الحلاج، أبو مغيث البيضاوي ثم الواسطي. صحب الجنيد والنوري وغيرهما. واختلف فيه المشايخ، فرده أكثرهم. وابن خفيف والنصر ابادي وغيرهم. قتل بسيف الشرع ببغداد سنة تسع وثلثمائة. ومن كلامه: " حجبهم بالاسم فعاشوا، ولو أبرز لهم علوم القدرة لطاشوا، كشف لهم عن الحقيقة لماتوا ".

وقد افرد ابن الجوزي ترجمته بالتأليف، وردة. ومن شعره: لم يبقى بيني وبين الحق تبيان ... ولا دلائل آيات وبرهان كل الدليل له، منه، إليه، به ... حق، وجدناه في علم وفرقان هذا وجودي وتصريحي ومعتقدي ... هذا توحد توحيديوإيماني هذا تجلي طلوع الشمس نائرة ... قد أزهرت في تلاليها بسلطان لا يستدل على الباري بصنعته ... وأنتم حدث يفنى لإرمان هذا وجود الواجدين له ... بين التجانس، أصحابي وخلاني

الحسين بن محمد الأزدري

الحسين بن محمد الأزدري - 348هـ الحسين بن محمد بن موسىالأزدري، والد أبي عبد الرحمن السلمي الأتي، أبو الحسن. صحب عبد الله بن منازل وغيره، ولقى الشبلي وغيره، يرجع إلى حسن الخلق، ودوام اجتهاد، ولسان حق في علوم المعاملة. باع جميع أملاكه وضياعه، حين ولد ابنه أبو عبد الرحمن. قيل له: " قد ولد لك مولود، فلم تبيع ملكك؟! " فقال: " لا يخلو حاله من أحد أمرين: إما ان يكون صالحاً، فالله يكفيه؛ وإما أن يكون مفسداً فلا أكون عوناً على فساده " مات سنة ثمان واربعين وثلثماءة.

أبو الخير الأقطع

أبو الخير الأقطع 223 - 343 للهجرة حماد بن عبد الله، الاقطع التيناتي أبو الخير. أحد مشايخ الصوفية2 (، صحب كثيراً من جلة مشايخ الصوفية. أصله من المغرب، وسكن التينات، قرية على أميال من المصيصة. وكان من العباد المشهورين، والزهاد المذكورين. صحب أبا علد الله بن الجلاء، وسكن جبل لبنان، من نواحى دمشق. وكان ينسج الخوص بيديه، لا يدرى كيف ينسجه. وحكاية قطع يده طويلة مشهورة. وكانت السباع تأوى اليه، وتأنس به. ولم

تزل ثغور الشام محفوظة أيام حياته، إلى ان مضى لسبيله. مات سنة نيف وأربعين وثلثمائة، عن مائة وعشرين سنة. ومن كلامه: " القلوب ظروف: فقلب مملوء ايماناً، فعلامته الشفقة على جميع المسلمين، والاهتمام بهم، ومعاونتهم على ما يعود صلاحه اليهم؛ وقلب مملوء نفاقاً، فعلامته الحقد والغل، والغش والحسد ". وقال: " من أحب أن يطلع الناس على عمله فهو مراء، ومن أحب أن يطلع الناس على حاله فهو مدع كذاب ". وقال: " دخلت مدينة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأنا بفاقة، فأقمت خمسة أيام ما ذقت ذواقاً، فتقدمت إلى القبر، فسلمت على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعلى خليفته؛ وقلت: أنا ضيفك الليلة، يا رسول الله!. وتنحيت ونمت خلف المنبر. فرأيت رسول الله في المنام، والصديق عن يمينه، والفاروق عن شماله، وعلى بين يديه. فحركنى على، وقال لى:

قم! قد جاء رسول الله!. فقمت اليه، وقبلت بين عينيه؛ فدفع إلى رغيفاً، فأكلت نصفه، فأنتبهت فاذا في يدى نصفه ". وقيل له: " أي شئ أعجب ما رأيت؟ ". قال: " رأيت عبداً أسود، في جامع طرسوس، أدخل رأسه في مرقعته، وخطر في قلبه الحرم، فأخرج رأسه وهو في الحرم ". وقال أبو الحسين القرافي: " زرت أبا الخير، فلما ودعته خرج معي من باب المسجد، وقال: " أنا أعلم أنك لا تحمل معك معلوماً، ولكن احمل معم هاتين التفاحتين! ". فأخذتهما فوضعتهما في جيبي وسرت فلم بفتح لى بشيء ثلاثة أيام، فأخرجت واحدة منها فأكلتها؛ ثم أردت أن اخرج الثانية فإذا هما في جيبي، فكنت آكل منهما ويعودان، إلى ان وصلت باب الموصل فقلت في نفسي: أنهما يفسدان على توكلي إذا صارتا معلوماً لي. فأخرجتهما من جيبى ثمرة؛ فاذا فقير ملفوف بعباءة يقول: أشتهى تفاحة!. فناولتهما اليه. فلما عبرت وقع لي أن الشيخ بعثهما أليه وكنت في رفقة في الطريق فانصرفت، فلما كان الغد رجعت أليه فلم أجده ".

وقال أبو الحسن القرافي: " كنت ماضياً لأبى الخير أزوره، فلقيت أنساناً بغدادياً، فقال لي: " إلى أين؟ "، قلت: " أزور الشيخ! "، قال: " أنا ندخل أليه، فيقدم لنا الخبز واللبن، وأنا صفراوى! ". فدخلنا عليه، وقدم لى خبزاً ولبناً، ولرفيقى رماناً حلواً وحامضاً، وقال: " كل هذا! ". ثم قال لي: " من أين صحبت هذا، فانه يدعى؟! ". وما كنت سمعت منه شيئاً، فلما أن كان بعد عشر سنين رأيته بتنيس - وهو تاجر - وإذا به معتزلي محض ". وروى عن ابرهيم الرقى قال: " قصدته مسلماً، فصلى المغرب، ولم يقرأ الفاتحة مستوياً، فقلت في نفسي: " ضاعت سفرتي! ". فلما سلمت خرجت للطهارة، فقصدني السبع، فعدت أليه، وقلت: " أن الأسد قصدني! " فخرج وصاح على الأسد، وقال: " ألم أقل لك: لا تتعرض لأضيافي؟!: فتنحي وتطهرت. فلما رجعت قال: " اشتغلتم بتقويم الظواهر فخفتم الأسد، واشتغلنا بتقويم القلب فخافنا الأسد! ". وروى أنه كان أسود، وفي لسانه عجمة الحبش، وقصده بعض

البغداديين - من أهل السان - ليمتحنه، ومعه تلامذة له، وأعلمهم أنه لا يحسن شيئاً، فدخل عليه، وحوله أصحابه، فسلم عليه وقال: " أيها الشيخ! مسألة؟! ". فقال: " ليس هذا موضع مسألتك، ولكن أجلس حتى يخلو الموضع ". فلما خلا أخذ بيد البغدادي، وأدخله إلى مسجد يأوي أليه للخلوة، في وسط الأجمة، فأجلسه في المسجد، وقام هو يركع، فإذا هو بصياح الأسد من كل جانب، فارتعد البغدادي واصفر لونه، فسلم أبو الخير وقال: " هات مسألتك! " فغشى عليه، فحمله أبو الخير على ظهره، ورده إلى أصحابه، وقال: " خذوا شيخكم! "، فلما أفاق هرب من عنده خفية ". ومن إنشاداته: أنحل الحب قلبه والحنين ... ومحاه الهوى فما يستبين ما تراه الظنون إلا ظنونا ... وهو أخفي من أن تراه العيون ولأبي الخير ولد اسمه عيسى، كان صالحاً أيضاً. طلب من والده الخبز، وكان صبياً فقال: أيما أحب إليك: أعطيك الخبز، وتكون عند السبع؟ أو تكون عندي بلا خبز؟ " قال، فقلت في نفسي: " هو والد، ولا تطيب نفسه أن يتركني مع السبع! " فقلت: " أعطني

الخبز، واحبسني حيث شئت! " فأعطاني الخبز، فلما أكلت، قال لي: " قم! "، قلت: " ترى يحملني إلى السبع؟! " فقمت معه، فدخل الغابة، وأنا خلفه؛ وإذا بسبعين، فلما أبصرا به قاما، فقال لى: " اجلس! "، فجلست، ومضى هو، وريض السبعان، فكنت أرجف من الخوف، ثم سكنت وقلت: " لو أراد بى أمراً لكانا قد فعلا " ثم خطر لي أنه ولهما بحفظي، فبقيت إلى قريب المغرب هناك، فلما جاء قرب العشاء جاء والدى، فلما بصرا به قاما؛ فأخذ بيدي وأخرجني، وخرج كل واحد منهما إلى جانب ".

خير النساج

خير النساج 202 - 222 للهجرة خير بن عبد الله النساج، أبو الحسن. من " سر من رأى "، ونزل بغداد، وصحب أبا حمزة البغدادى، ولقى سرياً السقطي. وكان من أقران النوري. وعمر طويلا، وصحب الجنيد، وابن عطاء. وتاب في مجلسه ابرهيم الخواص والشبلي، وكان أستاذ الجماعة. مات سنة اثنتين وعشرين مثلثمائة، عن مائة وعشرين سنة. من كلامه: الخوف سوط الله، يقوم به أنفساً قد تعلمت سوء الأدب؛ فمتى

أساءت الجوارح الأدب فهو من غفلة القلب وظلمة السر ". قال جعفر الخلدي: سألت خيراً النساج: " أكان النسج حرفتك؟ " قال: " لا! " قلت: " فمن اين سميت به؟! " قال: " عاهدت الله ألا آكل الرطب أبداً، فغلبتني نفسي يوماً، فأخذت نصف رطل، فلما أكلت واحدة، إذا رجل نظر إلى وقال: " يا خير! يا آبق! هربت منى؟! ". وكان له غلام اسمه خير، قد هرب منه، فوقع على شبهه. فاجتمع الناس فقالوا: " والله! هذا غلامك خير! ". فبقيت متحيراً، وعلمت بما أخذت، وعرفت جنايتي. فحملني إلى حانوته، الذي كان ينسج فيه غلمانه، فقالوا: " يا عبد السوء! تهرب من مولاك!. ادخل واعمل عملك الذي كنت تعمل ". وأمرني بنسج الكرباس. فدليت رجلي على أن أعمل، فكأني كنت أعمل من سنين. فبقيت معه أربعة أشهر أنسج له، فقمت ليلة فتوضأت وقمت إلى صلاة الغداة، فسجدت وقلت في سجودي: " إلهي! لا أعود إلى ما فعلت! ". فأصبحت فإذا الشبه قد ذهب عنى، وعدت إلى صورتي التي كنت عليها، فأطلقت، فثبت على هذا الاسم ". وكان يقول: " لا أغير اسماً سماني به رجل مسلم ". وقال عيسى بن محمد؛ سمعت أبا الحسن خيراً النساج يقول: " تقدم إلى شاب من البغاددة، وقد انطبقت يده، فقلت له: " مالك؟! " فقال:

" جلست اليك، فحللت عقدة من طرف إزارك، فأخذت منه درهماً، فجفت يدي ". فقلت: " كيف فعلت به؟ "، قال خير: - وكنت قد بعت به لأهلى غزلا - فمسحت يده بيدي، فردها الله عليه، وناولته الدرهم، قلت: " اشتر به شيئاً ولا تعد ". وقال أبو الحسين المالكي: " كنت أصحب خيراً النساج عدة سنين، فقال لي، قبل موته بثمانية أيام: " أنا أموت يوم الخميس، وقت المغرب، وأدفن يوم الجمعة، قبل الصلاة، وستنسى هذا، فلا تنسى! "، قال أبو الحسين: فأنسيته إلى يوم الجمعة، فلقيني من أخبرني بموته، فخرجت لأحضر الجنازة قبل الصلاة كما قال ". وحكى غيره أنه غشى عليه عند المغرب، ثم أفاق ونظر إلى ناحية من باب البيت، فقال: " قف! عافاك الله! فإنما أنت عبد مأمور وأنا عبد

مأمور، وما أمرت به لا يفوتك، وما أمرت به يفوتنى، فدعنى أمضى لما أمرت به ". ودعا بماء فتوضأ للصلاة وصلى، ثم تمدد وغمض عينيه، وتشهد ومات ". رضى الله عنه، ورحمة الله عليه.

حرف الدال

حرف الدال داود الطائي - 165 للهجرة داود بن نصير الطائي أبو سليمان. كان كبير الشأن، سمع الحديث، واشتغل بالفقه مدة، ثم اختار العبادة والزهد، فبلغ منهما الغاية. ورث عن ابيه عشرين ديناراً، فأكلها في عشرين سنة، كل سنة ديناراً، منه يصل، ومنه يتصدق. وكان بدء توبته أنه دخل المقبرة، فسمع امرأة عند قبر تقول: مقيم إلى أن يبعث الله خلقه ... لقاؤك لا يرجى وأنت قريب نريد تلاقى كل يوم وليلة ... وتبلى كما تبلى وأنت حبيب وقيل: سبب زهده أنه سمع نائحة تندب وتقول: بأي خديك تبدى البلى ... وأي عينيك إذا سالا؟

مات بالكوفة سنة خمس - وقيل: ست - وستين ومائة، فى خلافة المهدى. من كلامه: " ما أخرج الله عبداً من ذل المعاصي إلى عز التقوى إلا أغناه بلا مال، وأعزه بلا عشيرة، واّنسه بلا بشر ". ودخل عليه رجل، فقال له: " ما حاجتك؟ "، قال: " زيارتك " فقال: " أما أنت فقد فعلت خيراً حين زرت، ولكن انظر ما ينزل بي أنا، إذا قال لي: من أنت لتزار؟. من الزهاد؟ والله. أنت من العباد؟ لا والله. أنت من الصالحين؟. لا والله ". ثم أقبل يوبخ نفسه " كنت في الشبيبة فاسقاً، ولما شبت صرت مرائياً ". وقال عبد الله بن ادريس، قلت لداود: " أوصني " فقال: " أقلل من معرفة الناس ". قلت: " زدني "، قال: " ارض باليسير من الدنيا، عن سلامة الدين، كما رضى أهل الدنيا بالدنيا، مع فساد الدين ". قلت: " زدني "، قال: " اجعل الدنيا كيوم صمته، ثم أفطر على الموت ". وأحتجم داود، فأعطى الحجام ديناراً، فقيل له: " هذا أسراف "، فقال: " لا عباد لمن لا مروءة له ".

ودخل عليه بعض أصحابه، فرأى جرة ماء، قد انبسطت عليها الشمس، فقال له: " ألا تحملها إلى الظل؟ " فقال: " حين وضعتها لم يكن شمس، وأنا أستحي من الله أن يراني أمشى لما فيه حظ نفسي ". وقيل له: " قد رضيت من الدنيا باليسير "، فقال: " ألا أدلك على من رضى بأقل نم ذلك؟. من رضى بالدنيا كلها عوضاً عن الآخرة ". ويروى أنه خرج يوماً إلى السوق، فرأى الرطب، فاشتهته نفسه، فجاء إلى البائع فقال: " أعطني بدرهم إلى الغد ". فقال له: " اذهب إلى عملك " فرآه بعض من يعرفه، فأخرج له صرة فيها مائة درهم، وقال له: " اذهب فان أخذ منك بدرهم رطباً فالمائة لك ". فلحقه البائع، وقال له: " ارجع خذ حاجتك " فقال: لا حاجة لي فيه. أنا جربت هذه النفس، فلم أرها تسوى فى هذه الدنيا درهماً، وهى تريد الجنة غداً ". ودخل عليه رجل، فوجده يأكل ملحاً جريشاً بخبز يابس، فقال له: " كيف يشتهى هذا؟ " قال: " ادعه حتى أشتهيه ". واشتكى داود أياماً، وكان سبب علته أنه مر بآية فيها ذكر

النار، فكررها مراراً في ليلته، فأصبح مريضاً، ووجدوه قد مات، ورأسه على لبنه. ورآه بعض الصالحين في المنام، فقال له: " الساعة خلصت من السجن " فاستيقظ الرجل، وإذا الصياح: " قد مات داود ".

أبو بكر الشبلى

أبو بكر الشبلى 247 - 334 للهجرة دلف بن جحدر، وقيل: ابن جعفر، الشبلى، نسبة إلى قرية من قرى اسروشنة، بلدة عظيمة وراء سمرقند، من بلا د ما وراء النهر. كنيته أبو بكر، الخراساني الأصل، والبغدادي المولد والمنشأ. جليل القدر، مالكي المذهب عظيم الشأن. صحب الجنيد وطبقته. ومجاهداته، في أول أمره، متواترة؛ يقال: أنه اكتحل بكذا وكذا من الملح ليعتاد السهر ولا يأخذه النوم. وكان يبالغ في تعظيم الشرع المكرم، وإذا دخل رمضان جد فيه

الطاعات، ويقول: " هذا شهر عظمه ربى، فأنا أولى بتعظيمه ". مات في ذي الحجة، سنة أربع وثلاثين وثلثمائة، عن سبع وثمانين سنة. ومن كلامه: وقد سئل عن حديث) خير كسب المرء عمل يمينه (: " إذا كان الليل فخذ ماء، وتهيا للصلاة، وصلي ما شئت، ومد يدك، وسل الله، فذلك كسب يمينك ". وسئل عن قوله تعالى:) لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا (، قال: " لو اطلعت على الكل لوليت منهم فراراً ألينا ". قال، في معنى قوله تعالى:) قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم (، قال: " أبصار الرءوس عن المحارم، وأبصار القلوب عما سوى الله عز وجل ". ولما حج عن التجريد، ورأى مكة، وقع مغشياً عليه، فلما افاق أنشد:

هذه دراهم وأنت محب ... ما بقاء الدموع في الآماق وقديماً هدت أفنية الدار ... وفيها مصارع العشاق وقال القوال بين يديه ليلة شيئاً، فصاح، فقيل له: " ما لك، من بين الجماعة، تتواجد، فقال: لي سكرتان، وللندمان واحدة ... شئ خصصت به، من بينهم، وحدي ووقع ذلك مرة أخرى، فأنشأ: لو يسمعون، كما سمعت، حديثها ... خروا لعزة ركعاً وسجوداً وكان الشبلى يوماً حاضراً، فوقف عليه شخص ودعا، والشبلى ينظر إليه، فأنشأ: أم الخيام فأنها كخيامهم ... وأرى نساء الحي غير نسائها وحضر مرة فاجتمع الناس إليه، فسكت فسكتوا، ثم أنشأ: كفى حزناً بالواله الصب أن يرى ... منازل من يهوى معطلة صفرا وكان يقول: " ليت شعري ما اسما عندهم يا علام الغيوب؟. وما أنت صانع في ذنوبي يا غفار الذنوب؟. وبم يختم عملي يا مقلب القلوب؟ ".

وسئل عن حديث:) إذا رأيتم أهل البلاء فاسألوا الله العافية (: من هم أهل البلاء؟. قال: " أهل الغفلة عن الله ". وقال له رجل: " ادع الله لي "، فانشأ: مضى زمن والناس يستشفعون بي ... فهل لي إلى الليل الغداة شفيع؟ وقيل له: " أراك جسيماً بدينا، والمحبة تضنى؟ "، فأنشأ: احب قلبي، وما درى بدني ... ولو درى ما أقام في السمن وكان كثيراً ما ينشد: ولي فيك ... ياحسرتي حسرت تقظي حياتي وما تنقضي.

ويروي انه قال: " كنت يوماً جالساً، فجرى بخاطري أني بخيل، فقلت: أنا بخيل؟! فقاومني خاطري، وقال: بلا!، انك بخيل!. فقلت: مهما فتح على اليوم، لأدفعنه إلى أول فقير يلقاني!. قال: بينا أنا أتفكر، إذ دخل على صاحب لمؤنس الخادم، ومعه خمسون ديناراً، فقال: اجعل هذه في مصالحك "، فأخذتها وخرجت. وإذا بفقير مكفوف، بين يدي مزين، يحلق رأسه، فتقدمت إليه، وناولته الصرة، فقال لي: أعطها للمزين ". فقلت: " أنها دنانير! "، فقال: " أو ليس قد قلنا انك بخيل؟! "، فناولتها للمزين: " من عاداتنا أن الفقير إذا جلس بين أيدينا لا نأخذ منه أجراً ". قال: فرميتها في دجلة فقلت: " ما أعزك أحد إلا أذله الله! ". وقال: كنت في قافلة بالشام، فخرج الأعراب فأخذوها، وأميرهم جالس يعرضون عليه، فخرج جراب في لوز وسكر، فأكلوا منه إلا الأمير، فأنه لم يأكل؛ فقلت له: " لما تأكل؟! "، قال: " أنا صائم! ". قلت " تقطع الطرق، وتأخذ الأموال، وتقتل النفس، وأنت صائم؟! "، قال: " يا شيخ! اجعل للصلح موضعاً ". فلما كان بعد حين، رأيته يطوف، وهو محرم، كالشن البالي، فقلت: " أنت ذاك الرجل؟! ". فقال: " ذلك الصوم بلغ بي إلى هذا ". ورؤى الشبلي في جامع المدينة قد كثر الناس عليه في الرواق

الوسطاني، وهو يقول: " رحم الله عبدا، ورحم والديه دعا لرجل كانت له بضاعة، وقد فقدها؛ وهو يسأل الله ردها! " والناس صموت. فخرق الحلقة غلام حدث، وقال: " من هو صاحب البضاعة؟ "، الشبلي: " أنا! " قال: " فأيش كانت بضاعتك؟ "، قال: " الصبر، وقد فقدته! " فبكى الناس بكائاً عظيماً ". وللشبلي: مضت الشبيبة والحبيبة فانبرى ... دمعان في الأجفاني يستبقان ما أنصفتني الحادثات! ... رمينني بمودعيني، وليس لي قلبان وقيل ضاق صدره يوماً ببغداد، فانحدر إلى البصرة، فلما ضاق صدره خرج لوقته، فلما قرب من دار الخليفة، إذا جار تغني بين يدي الخليفة: أيا قادماً من سفرة الهجر، مرحباً ... أنا ذاك، لا أنساك، ما هب الصبا قدمت على قلبي، كما قد تركته ... كئيباً حزيناً بالصبابة متعبا فصاح صيحة، ووقعت الدجلة مغشياً عليه، فقال الخليفة:) ألحقوه واحملوه! " فحمل أليه، فقال له: " أمجنون أنت؟! ". قال:

" يا أمير المؤمنين! كان من أمري كيت وكيت، فتحيرت في أمري " فبكى الخليفة لما رأى من حرقته. وآخر يوماً العصر، ونظر الشمس وقد نزلت للغروب، فقال: " الصلاة ياسادتي! " وقام فصلى، وانشأ يقول مداعباً وهو يضحك: " ما احسن من قال: نسيت اليوم من عشقي صلاتي ... فلا ادري عشائي من غدائي فذكرك ... سيدي أكلي وشربي ووجهك أن رأيتُ شفاء دائي ورؤى يوماً في عيد خارجاً من المسجد، وهو يقول: إذا ما كنت لي عيداً ... فما اصنع بالعيد؟ جرى حبك في قلبي ... كجري الماء في العود وقال: " ما أحوج الناس إلى سكرة، تفنيهم عن ملاحظة أنفسهم وأفعالهم وأحوالهم " وأنشأ يقول: وتحسبني حياً وأني لميت ... وبعض من الهجر أن يبكي على بعض

وأنشد: وأني وإياها لفي الحب صادق ... نموت بما نهوى جميعاً، وما نبدي وأنشد أيضاً: ومن أين لي أين؟ وأني كما ترى ... أعيش بلا قلب وأسعى بلا قصد وروى انه كان يقول في أخر أيامه: وكم من موضعاً لو مت فيه ... لكنت نكالاً في العشيرة! وقال خير النساج: " كنا في المسجد، فجاء الشبلي - في سكره - فنظر ألينا، فلم يكلمنا وهجم على الجنيد في بيته، وهو جالس مع زوجته، وهي مكشوفة الرأس، فهمت أن تغطي رأسها، فقال لها الجنيد: " لا عليك!، ليس هو هناك! " فصفق على رأس الجنيد وأنشد يقول: عودوني الوصال، والوصل عذبٌ ... ورموني بالصد، والصد صعبُ زعموا ... حين أيقنوا أن جرمي فرط حبي لهم، وما ذاك ذنبُ لا! وحسن الخضوع عند التلاقي! ... ما عجزا من يحب إلا يحبُ! قال: ثم ولى الشبلي خارجا، فضرب الجنيد على الأرض برجليه، قال: " هو ذاك يا أبا بكر، هو ذاك! "، وخر مغشياً عليه.

قال بكير الدينوري " وجد الشبلى خفة - في يوم جمعة - من وجع كان به، فأمر بمضيه إلى الجامع، فراح أليه متكئاً، فتلقاه رجل مقبل من الرصتفة، فقال: " سيكون لي غداً مع هذا الشيخ شأن! ". فصلينا ثم غدونا، فتناول شيئاً من الغداء، فلما كان الليل مات. فقيل لي: " في درب السقايين رجل يغسل الموتى " فدلوني عليه في السحر، فأتيته فدققت الباب خفيفاً فقلت: " سلام عليك "، فقال:، مات الشبلى؟ "، قلت: " نعم! " فخرج إلى، فإذا به الشيخ، فقلت: " لا أله إلا الله! " فقال: " لا اله إلا الله، تعجبا مم؟ " قال: " قال لى الشبلى أمس - لما وجدناك -: " غداً يكون لي مع هذا شأن. بحق معبودك!، ة من أين لك أن الشبلى قد مات؟ ". قال: " يا ابله! فمن أين للشبلى أن يكون له معي اليوم شأن؟ ". وقيل لبكير الديننورى خادمه: " ما الذي رأيت منه؟ " يعنى عند وفاته، فقال: " قال: على درهم مظلمة، قد تصدقت عن صاحبه بألوف، فما على قلبي شغل أعظم منه " ثم قال: " وضئني للصلاة! " ففعلت، فنسيت تخليل لحيته، فقد أمسك على لسانه فقبض على يدى وأدخلها فى لحيته، ثم مات ". فهذا رجل لم يفته - فى أخر عمره - أدب من آداب الشريعة ". وقيل له عند موته: " قل: لا اله إلا الله " فقال:

قال سلطان حبه: ... أنا لا أقبل الرشا فسلوه فديته ... لم بقلبي تحرشا أصحابه، منهم الحسين بن محمد بن موسى الأزدي، والد أبى عبد الرحمن السلمى، سلف قريباً. ومنهم على بن إبرهيم، أبو الحسن الحصري البغدادي. حكى عنه انه كان لا يخرج إلا يوم الجمعة، وكان أحد الموصوفين بالعباده وشدة المجاهدة. وله كلام على الأحوال، دونه عنه الأعلام، ومنه: " لا يغرنكم صفاء الأوقات، فان تحتها آفات، ولا يغرنكم العطاء فان العطاء، عند أهل الصفاء، مقت ".

وكان شيخ بغداد في وقته، منفرداً بلسان التوحيد، لا يدانيه فيه أحد، وكان أوحد زمانه في أحواله، وحسن المشاهدة؛ شاهده يدل على صدق حاله، وسلامة صدره. ملت ببغداد سنة أحدى وسبعين وثلثمائة، وقد نيف على الثمانين، ودفن بباب حرب قرب بشر. وكان ينشد: أن دهراً يلف شملي بسلمى ... لزمان يهم بالأحسان وقال أبو الحسين الزنجاني؛ كثيراً ما كنت أسمعه يقول: " عرضوا ولا تصرحوا فان التعريض أستر ". وينشد: وأعرض ... إذا ما جئت عنا بحيلة وعرض ببعض، أن ذلك استر فما زلت في أعمال طرفك نحونا ... ولحظك، حتى كاد ما بك يظهر ومنهم محمد بن أحمد بن حمدون الفراء، من كبار مشايخ

نيسابور. وصحب أيضاَ أبا على الثقفي، وغيره. وكان أوحد وقته في طريقته. قيل له: " من هم الأبرار؟ " قال: " المتقون ". ومنهم بندار بن الحسين، سلف. ومنهم محمد بن سليمان الصعلوكي الحنفي، أبو سهل. كان اماماً في العلوم، وأوحد زمانه، وكان - مع تمام علمه وفضله - مقدم علوم هذه الطائفة، ويتكلم فيه بأحسن إشارة، ويحترمهم وصحب المرتعش وغيره أيضاً، وكان حسن السماع طيب الوقت. قال: " ما عقدت على شئ قط، وما كان لى قفل ولا مفتاح، ولا صررت على دراهم ولا دنانير قط ". وسئل عن التصوف، فقال: " الأعراض عن الأعراض ". وقال: " من قال لأستاذه: " لم؟ " لا يفلح أبداً ".

وقال: " عقوق الوالدين تمحوه التوبة، وعقوق الاستاذين لا يمحوه شيء البته ". مات سنة تسع وستين وثلاثمائة، عن ثلاث وسبعين سنة. ومنهم نعمان الحديثي. لقي الشبلي وغيره، وكان أحد الزهاد، صاحب كرامات. دخل على الشبلي ببغداد، مختفياً، فعرفه. حكت عنه ابنته فاطمة، فالت: قال أبي: " دخلت على الشبلي ببغداد، فقال لي: " تعرف الله؟ "، قلت: " نعم! "، فحملني إلى بيته، وأمر بآلة الحلاوة، ونصب الدست، وأوقد النار، فلما إلى ادخل يده فيها فحركه، قال: فمددت يدي إلى الشعلتين التي تقدان تحته، فأختهما واكتحلت بهما، فضرب بيديه الي، وقال: " نعمان؟! "، قلت: " نعم! ". ومن أقرانه عبد الله بن طاهر الأبهري أبو بكر. عالم ورع،

صحب يوسف بن الحسين وغيره. ومات قرب الثلاثين وثلاثمائة. ومن كلامه: " إذا أحببت أخافني الله فأقلل من مخالطته في الدنيا ". وانشد: كل العذاب الذي في الناس مسترق ... مما الأقيه من شوق وتذكار وقال: " حكم الفقير أن لا تكون له رغبة، فأن كان ولا بد فلا تتجاوز رغبته كفايته ". ويروى انه حضر جنازة، فرأى أخوان الميت يكثرون البكاء، فنظر إلى أصحابه، ثم انشد يقول: ويبكي على الموتى، ويترك نفسه ... ويزعم أن قد قل عنه عزاؤه ولو كان ذي رأي وعقل وفطنة ... لكان عليه لا عليهم بكاؤه وله أيضاً: يا مدعي الود أن الود محضور ... باد على صادق لله مشهور مستأنس لا يرى شيئاَ يروعه ... ولا يحاذره في الله محذور

حرف الذال

حرف الذال ذو النون المصري 157 - 245 للهجرة ذو النون بن ابرهيم المصري الاخميني، ابو الفيض احد ارجال الحقيقة. قيل: اسمه ثوبان، وقيل: الفيض، وقيل: ذو النون لقبه، واشتهر بذلك. وقد ذكره في حرف الذال ابن عساكر وغيره. وكان احد العلماء الورعين في وقته، نحيفاً، تعلوه حمرة، ليس بأبيض اللحية، وكان ابوه نوبياً، فيما قيل.

سئل عن سبب توبته، فقال: - خرجت من صمر إلى بعض القرى، فنمت في الطريق، في بعض الصحاري. ففتحت عيني، فإذا انا بقنبرة عمياء، سقطت من وكرها على الارض، فأنشقت الارض، فأنخرجت منها سكر جتان: واحدة ذهب والاخرى فضة، في احداهما سمسم، وفي الاخرى ماء، فجعلت تأكل من هذا، وتشرب من هذا، فقلت: حسبي، قد تبت. ولزمت الباب إلى ان قبلت ". مات يوم الاثنين، سنة خمس، وقيل: ست واربعين ومائتين، ودفن بالقرافة الصخرى. وعلى قبره مشهد مبني، عليه جلالة، ومعه قبور جماعة من الاولياء. ومن كلامه: سقم الجسد في الاوجاع، وسقم القلوب في الذنوب. فكما لا يجد الجسد لذة في الطعام عند سقمه، كذلك لا يجد القلب حلاوة العبادة مع ذنبه ". وقال: " من لم يعرف حق النعم سلبها من حيث لا يعلم ". وقال: " الانس بالله من صفاء القلب مع الله ".

وقال: " الصدق سيف الله في ارضه، ما وضع على شيء الا قطعه ". وسئل عن التوبه، فقال: " توبة العوام من الذنوب، وتوبة الخواص من الغفلة ". وقال: " ثلاثة موجودة، وثلاثة مفقودة: العلم موجود، والعمل به مفقود؛ والعمل موجود، والاخلاص فيه مفقود؛ والحب موجود، والصدق فيه مفقود ". وقال: قال الله: " من كان لي مطيعاً كنت له ولياً، فليثق بي، وليحكم علي، فوعزتي لو سألني زوال الدنيا لازلتها عنه ". وقال: " لم ارْ شيئاً ابعثُ لطلب الاخلاص من الوحدة. لانه اذا خلا لم يرْ غير الله، فاذا لم يرْ غيره لم يحركه الا حكم الله. ومن احب الخلوة فقد تعلق بعمود الاخلاص، واستمسك بركن كبير من اركان الصدق ". وقيل له: " هل للعبد إلى اصلاح نفسه من سبيل؟: فقال: قد بقينا مذ بذ بين حيارى ... نطلب الصدق ما اليه سبي فدواعي الهوى تخف علينا ... وخلاف الهوى علينا ثقيل

وقال: " ما اكلت طعام امرئ بخيل ولا منان الا وجدت ثقله على فؤادي اربعين صباحاً ". وحكى ان رجلاً صالحاً صحبه مدة، وخدمه سنين، ثم قال له: " انت تعلم صلاحي وامانتي، احبك ان تعلمني اسم الله الاعظم، فأنه بلغني انك تعرفه. فسكت عنه مدة، وأوهمه انه سيعلمه، ثم أخذ يوماً طبقاً، وجعلى فيه فأرة حية، وغطاه وشده في مئزر، وقال له: " اتعرف صاحبنا الذي بالجيزة، بالمكان الفلاني؟ ". قال: " نعم "، قال: " فاوصل اليه هذه الامانة ". فأخذه ومضى، فوجده خفيفاً، فرفع الغطاء، فهربت الفآرة، فأزداد غيظاً، فقال: " يسخر بي؟؟. يحملني فأرة هدية؟؟ ". قال: فلما رآني علم ما في نفسي، فقال: " يا مسكين أئتمنتك على فآرة فلم تؤديها، فكيف آتمنك على اسم الله الاعظم؟؟ ز اذهب فلست تصلح له ". وسئل: لما صير الموقف بالحل دون الحرم؟ ". فقال: " لان الكعبة بيت الله، والحرم حجابه، والمشعر الحرام بابه. فلم ان وصل الوافدون اوقفهم بالحجاب الثاني، وهو مزدلفة، فلم نظر إلى تضرعهم

امرهم بتقريب قربانهم؛ فلما قربوه وقضوا تفثهم، وتطهروا من ذنوبهم، التي كانت لهم حجاباً من دونه، امرهم بالزيارة على الطهارة. وانما كره صيام التشريق، لان القوم زوار الله، وهم في ضيافته، ولا ينبغي لضيف ان يصوم عند من اضافه الا باذنه ". وقال اسحاق بن ابرهيم السرخسي، سمعت ذا النون - وفي يده الغل، وفي رجليه القيد - وهو يساق إلى " المطبق "، والناس يبكون حوله، وهو يقول: " هذا من مواهب الله ومن عطاياه، وكل عذب حسن طيب ". ثم انشأ يقول: لك من قلبي المكان المصون ... كل لومٌ علي فيك يهون لك عزم بأن اكون قتيلا ... فالصبر عنك ما لا يكون ولما مرض مرضه الذي مات فيه، قيل له: " مات تشتهي؟؟ " قال: " ان اعرفه قبل موتي بلحظة.؟ ". وقيل له عند النزع " اوصنا "، فقال: " لا تشغلوني فأني متعجب من سر لطفه ". قال فتح بن شخرف: " دخلت عليه عند موته، فقلت له: كيف تجدك؟ فقال:

اموت وما ماتت اليك صبابتي ... ولا قضيت من صدق حبك اوطاري مناي المنى، كل المنى، انت لي منى ... وانت الغني، كل الغني، عند أفقاري وانت مدى سؤلي، وغاية رغبتي ... وموضع امالي ومكنون إضماري تحمل قلبي فيك ما لا ابثه ... وان طال سقمي فيك او طال اضراري وبين ضلوعي منك مالك قد بدا ... ولن يبد باديه لاهلٍ ولا جاري وبي منك في الاحشاء داء مخامر ... وقد هد من الركن وانبت اسراري الست دليل الركب اذ هم تحيروا ... ومنقذ من اشفى على جرف هار؟ انرت الهدى للمهتدين ولم يكن ... من النور في ايديهم عشر معشارِ وعلمتهم علماً فباتوأ بنوره ... وبان لهم منهم معلموا اسرارِ مهامه للغيب حتى كأنها ... لما غاب عنه منه حاضرة الدارِ وابصارهم محجوبة وقلوبهم ... تراك اوهام حديدات ابصار ومن اصحابه احمد الخراز، واحمد الجلاء، سلفاً. ومنهم اخوه زرقان بن محمد، ولعها اخوة مؤاخاة لا نسب،

كما قال السلمي. من اقرانه، وجلة رفقائه، صاحب سياحة. كان بجبل لبنان، من ساحل دمشق. حكى عنه بن يوسف بن الحسين الرازي، قال: " بينا انا في جبل لبنان ادور، اذ بصرت بزرقان اخي ذو النون، جالساً على عين ماء عند العصر، وعليه زرمانقة شعر، فسلمت عليه، وجلست من ورائه، فألتفت الي، وقال: " ما حاجتك؟ ". قلت: " بيتين من شعر، سمعتها من اخيل ذو النون، اعرضهمنا عليك، فقال: " قل "، فقلت: " سمعت ذا النون يقول: قد بقينا مذبذبين حيارى ... حسبنا ربنا ونعم الوكيل فدواعي الهوى تخف علينا ... وخلاف الهوى علينا ثقيل فقال زرقان: لكني اقول:

قد بقينا مدلهين حيارى ... حسبنا ربنا ونعم الوكيل حيث ما الفور كان ذلك منا واليه في كل امر نميل فعرضت اقوالهم على طاهر المقدسي، فقال: " رحم الله ذا النون؟ رجع إلى نفسه فقال ما قال، ورجع زرقان إلى ربه فقال ما قال ". ومن اقرانه سعيد بن يزيد النباجي، ابو عبد الله. احد الصلاحاء، حكى عن الفضيل بن عياض، وعنه ابن ابي الحواري تلميذه. وله كلام حسن في المعرفة وغيرها. ومن كلامه: " اصل العبادة في ثلاثة اشياء: لا يرد من احكامه شيئاً، ولا يدخر عنه شيئاً، ولا يمسك تسأل غيره حاجة ". وقال: " ما التنعم إلا في الإخلاص، ولا قرة العين الا في التقوى، ولا الراحة الا في التسليم ". وقال: " من خطرت الدنيا بباله لغير القيام بأمر الله حجب عن الله ".

وقال: " إن احببتم ان تكونوا ابدالا فأحبوا ما شاء الله، ومن احب ما شاء الله لم تُنزِل به مقادير الله وأحكاُمه شيئاً إلا احبه ". وصلى بأهص طَرَسُوس الغداة، فوقع النقير وصاحوا، فلم يُخَفف الصلاة، فلما فرغوا قالوا: " أنت جاسوس! " قال: " وكيف ذاك؟! " فقالوا: " صاح النقير ولم تخفف ". فقال: " إنما سُميت صلاة لانها اتصال بالله تعإلى، وما حسبت أن أحداً يكون في الصلاة، فيقع في سمعه غير ما يخاطب الله به ". وروى عنه انه قال: " أصابني ضيقة وشدة، فبت وأنا اتفكر في المصير إلى بعض إخواني، فسمعت قائلا يقول في النوم لي: " أيجمل بالحر المريد، إذ وجد عند الله ما يري، أن يميل بقلبه إلى العبيد؟! ". فأنتبهت وأنا من أغنى الناس ". ومن أصحابه عمر بن سنان المنبجي ابو بكر، من قدماء مشايخ الشام، وصحب ابرهيم الخواص ايضاً. ومن كلامه: " من لم يتأدب بأستاذ فهو بطال ".

وقال: " لما أقبل ذو النون منبج استقبله الناس فخرجت فيهم وأنا صبي، فوقفت على القنطرة، فلما رأيته اقبل، وحوله قوم من الصوفية، وعليهم المرقعات. ازدريته. فنظر إلى شزرا، وقال: " ياغلام! إن القلوب إذا بعدت عن الله مقتت القائمين بأمر الله ". فأرعدت مكاني، فنظر إلى ورحمني، وقال: " لن تراعَ ياغلام! رزقك الله علم الرواية، وألهمك علم الدراية والرعاية ". ومن اصحابه ايضاً وليد السقاء، ابو إسحاق. دخل عليه ابو عبد الله الرازي، وقال: " كان في نفسي أن أسأله عن الفقر، فقال: " لا يستحق أحد اسم الفقر حتى يستيقن انه لا يرد القيامة احد افقر إلى الله منه ". وروى عنه انهقال: " قُدَّم إلى بعض اصحابنا لبن، قال: فقلت: " ذا يضرني! ". فلما كان يوم من الايام دعوت الله عين "، فمسعت هاتفاً يهتف بي ويقول: " ولا يوم اللبن؟! ". مات سنة عشرين وثلثمائة.

حرف الراء

حرف الراء رُويم بن احمد البغدادي - 303 للهجرة رُوَيمْ بن أحمد البغدادي، القاضي ابو محمد. من جلة المشايخ، مقرئ، فقيه، كبير الشأن. مات ببغداد سنة ثلاث وثلثمائة. ومن كلامه: " الفقر له حرمه، وحُرمته ستر "، وإخفاؤه، والغيرة عليه، والظن به. فمن كشفه وأظهره وبدله فليس هو من أهله ولا كرامة ". وقال: " الصبر ترك الشكوى، والرضا استلذاذ البلوى، والتوكل إسقاط رؤية الوسائط ". وسئل عن المحبة، فقال: " الموافقة في جميع الأحوال ". وأنشد:

ولو قيل مِتْ! مُت سمعاً وطاعة ... وقلت لداعي الموت: أهلاً ومرحباً وسئل عن مواجيد الصوفية عند السماع، فقال: " يشهدون المعاني التي تعزُب عن غيرهم، فتشير: إلى! إلى!، فيتنعمون بذلك الفرح، ثم يقع الحجابُ، فيعود ذلك الفرح بكاء؛ فمنهم من يُخَرق ثيابه، ومنهم من يصيح، ومنهم من يبكي، كل إنسان على قدره ". وقال: " إذا وهبك الله مقالا وفعالا؛ فأخذ منك المقال، وابقى عليك الفعال فلا تبال، فإنها نعمة. وإذا أخذ منك الفعال، وترك عليك المقال فَتُح، فإنها مصيبة. وإن اخذ منك الفعال والمقال فأعلم انها نقمة ". وقال: " أجتزت ببغداد وقت الهاجرة، في بعض السكك، وانا عطشان. فأستقيتُ من دار، ففتحت صبية الباب ومعها كوز، فلما راتني قالت: " صوفي يشرب بالنهار؟! " فما افطرت بعد ذلك ". وقال ابو عبد الله بن خفيف: " لما دخلت بغداد قصدت رُويما، وكان قد تولى القضاء، فلما دخلت عليه رحب بي وادناني، وقال لي:

" من اين انت؟ " قلت: " من فارس " فقال: " من صحبت " قلت: " جعفر الحذاء ". فقال: " ما يقول الصوفية في! " قلت: " لا شيء " قال: " بل يقولون: إنه رجع إلى الدنيا ". فينما هو يحدثني إذ جاء طفل، فقعد في حجره، فقال: " لو كنت ارى فيهم - يعني الصوفية - من يكفيني مئونة هذا الطفل لما تعلقت بهذا الامر، ولا بشيء من اسباب الدنيا. ولكن شُغْل قلبي بهذا اوقعني فيما انا فيه ". " قف على البساط، وإياك والانبساط، واصبر على ضرب السياط، حتى تجوز الصراط ". وأنشد في المعنى للشافعي:

صبراً جميل! ما أسرع الفرجا ... من صَدق الله في الامور نجا من خشي الله لم ينله أذى ... ومن رجا الله كان حيث رجا ومن اصحابه ابو محمد عبد الله بن محمد الرازي الشعراني، وصحب ايضاَ الجنيد وغيره. وهو من جلة اصحاب ابي عثمان. حدث وكتب. ومات سنة ثلاث وخمسين وثلثمائة. ومن كلامه: دلائل المعرفة العلم. والعمل بالعلم. والخوف على العمل ". وقد اسلفته ايضاً في اصحاب الجنيد.

حرف السين المهملة

حرف السين المهملة سرى السقطي - 253 للهجرة سَرِىُّ الَّقَطِىُّ سلف في ترجمة الجنيد. سهل بن عبد الله التستري سهل بن عبد الله التَستَرِي، أبو محمد. صاحب كرامات، لقي ذا النون وكان له اجتهاد ورياضات، وهو ورع.

سكن البصرة زمأنا، وعبادان مدة. وكان سبب سلوكه خاله محمد بن سَوار. وروى انه قال: " قال لي خالي يوماً: يا سهل! إلا تذكر الله الذي خلقك؟! ". قلت: " فكيف أذكره؟ قال: - عند تقلبك في فراشك -، ثلاث مرات، من غير ان تحرك به لسانك: " الله معي!، الله ناظر الي!، الله شاهدي! " فقلت ذلك، ثم أعلمته فقال: قلها - كل ليلة - إحدى عشرة مرة، فقلت ذلك، فوقع في قلبي حلاوة. فلما كان بعد سنة قال لي خالي: " احفظ ما علمتُك، ودم عليه، إلى إن تدخل القبر. فإنه ينفعل في الدنيا وإلاخرة ". فلم أزل على ذلك سنسن، فوجدت له حلاوة في سري. ثم قال لى خالي يوماً: " يا سهل! من كان الله معه، وهو ناظر اليه، وشاهده، يعصيه؟!. إياك والمعصية ". فكان ذلك اول أمره. وروى أن عمره كان إذ ذاك ثلاث سنين ما فوقها. مات سنة ثلاث وثمانين، وقيل: - ثلاث وسبعين - ومائتين. وأظنه توفي بتُسْتَر. ومن كلامه:

" آية الفقير ثلاثة أشياء: حفظ سره، وأداء فرضه، وصيانة فقره ". وسئل عن السماع، فقال. " علم استأثر الله تعالى به، ولا يعلم حقيقته إلا هو ". وقال له رجل " أريد إن أصحبك " فقال سهل: " فإن مات أحدنا فمن يصحب الثاني؟ ". قال: " يرجع إلى الله تعالى "، قال: " فلتفعل إلان ما نفعله غداً ". ودخل عليه بعض أصحابه يوماً، فرآه مهموماً، فقال له الشيخ: " أراك مشغول القلب! "، قال: " كنت بإلامس بالجامع، فوقف على شاب فقال: " أيها الشيخ!، أيعلم العبد ان الله تعالى قد قبله؟ " فقلت: " لا يعلم ". قال: " بلى!، يعلم " فقلت: " لا يعلم " فقال لي ثانياً: " بلى! يعلم " ثم قال: " إذا رأيتُ اللع قد عصمني من كل معصية ووفقني لكل طاعة علمت إن الله قد قبلني ". وروى انه اسلم على يد خلق، وكان له جار مجوسي، فلما احتضر سهل استدعاه، وقال له: " ادخل ذلك البيت وانظر ما فيه " فدخل، فإذا جفنه

موضوعة تحت حُش لدار المجوسي، قد أنفتح إلى دار سها، فخرج فقال: " يا شيخ! ما هذا؟! " قال " اعلم انه - منذ سنة - انفتح كنيف دارك إلى داري، وأنا كل يوم أضع تحته آنية كما رأيت، فتمتلئ نهاراً، فإذا كان الليل اخذتها، فرميت ما فيها وأعدتها، ولولا أني مفارق، ولست اطمع أن تتسع أخلاق غيري لك، ما أعلمتُك ". فبكى المجوسي، وقال: " والله! ما كان حسن الخلق، ورعاية الحال، في دين إلا زانه. ويلي!، أنت تعاملني هذه المعاملة، وتموت وأنا على ضلالي القديم!، اشهد إلا اله إلا الله، واشهد ان محمداً رسول الله؛ وداري هذه وقف على الفقراء! ". وقال أحمد بن محمد بن احمد البصري: خدم أبي سهل بن عبد الله سنيناً، فقال لي: " ما رايته يتغير عند سماع شيء كان يسمعه، من القرآن والذكر وغيرهما. قال: فلما كان في أخر عمره قرئ بين يديه:) فَاليومَ لاَ يؤخَذُ مِنْكُمْ فديةٌ (فرايته قد تغير وارتعد، حتى كاد يسقط، فلما أفاق سألته إن ذلك، فقال: " يا حبيبي! ضعفنا! ". ومن أصحابه:

أبو عبد الله محمد بن احمد بن سالم البصري، وهو راوية كلامه. له جد واجتهاد وله بالبصرة أصحاب ينتمون أليه، وإلى ولده أبي الحسن على بن سهل. ومن كلامه: " من صبر على مخالفة نفسه أوصله الله إلى مقام انسه "

سعيد بن سلام المغربي

سعيد بن سلام المغربي - 373 للهجرة سعيد بن سلام القيرواني البغدادي ثم النيسأبوري أبو عمان. من الكبار، وله أحوال وكرامات. صحب ابن الكاتب، وأبا عمرو الزجاجي، ولقي أبا الخير الأقطع؛ وجاور بمكة سنين. وكان أوحد عصره في الورع والزهد والصبر على العزلة. مات بنيسأبور سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة؛ وأوصى بان يصلى عليه ابن فورك، ودفن بجنب أبي عثمان الحيري. من كلامه: " من آثر صحبة الأغنياء على مجالسة الفقراء ابتلاه الله بموت القلب ".

وقال: " من اشتغل باحوال الناس ضيع حاله. ومن مد يده إلى طعام الأغنياء بشره وسهوة لا يفلح أبداً ". وذكر بين يدي قول الشافعي: " العلم علمان: علم الأديان، وعلم الأبدان ". فقال رحمه الله: " ما احسن ما قال!. علم الأديان علم الحقائق والمعرف، وعلم الأبدان علم السياسات والرياضات والمجاهدات ". وروى عن على بن محمد الصغير القوال، قال: قال لي جماعة من أصحابنا: " تعال! حتى ندخل على الشيخ أبي عثمان المغربي، فنسلم عليه، فقلت لهم: " انه رجل منقبض، وأنا استحي منه! ". فألحوا علي، فدخلنا عليه، فلما وقع بصره علي قال: " يا أبا الحسن! كان انقباضي بالحجاز، وانبساطي بخراسان.

أبو عثمان الحيري

أبو عثمان الحيري - 298 للهجرة سعيد بن إسماعيل بن سعيد بن منصور، الحيري ابن عثمان. اصله من الري، ثم أقام بنيسأبور. سحب شاه الكرماني، وأقام عند أبي حفص الحداد، وتخرج به، وصاهره بابنته. وكان يقال: " في الدنيا ثلاثة لا رابعة لهم: أبو عثمان الحيري بنيسأبور، والجنيد ببغداد، وأبو عبد الله بن جلاء بالشام ".

ومن كلامه: " لا يكمل الرجل حتى يستوي في قلبه أربعة أشياء: المنع والعطاء، والعز والذل ". وقال: " موافقة الأخوان خير من الشفقه عليه ". وقال: " منذ أربعين سنة، ما أقامني الله في حال فكرهته، ولا نقلني إلى غيره فسخطته ". وقال: " من اضر به الرجاء - حتى قارب الأمن - فالخوف له افضل. ومن اضر به الخوف - حتى قارب الأياس - فالرجاء له افضل ". وأنشد في المعنى: أسأتُ فلم أُحسن، وجئتك هارباً ... واين لعبد من مواليه مهربُ يؤمل غُفرأنا، فإن خاب سعيُه ... فما أحد منه على إلارضأ خيبُ وقال: " صحبت أبا حفص وأنا شاب فطردني مرة وقال: " لا تجلس عندي! ". فقمت ولم أولّه ظهري، ووجه إلى وجهه، حتى خبت عنه، وجعلت في نفسي ان احفر على بأبي حفرة: لا اخرج منها إلا بأمره. فلما رأى مني ذلك ادناني، وجعلني من خواص أصحابه ".

وروي أن رجلا دعا أبا عثمان إلى ضيافته؛ فلما وافي باب داره قال: " يا أستاذ!، ليس لي وجه لدخولك، وقد ندمت! " فانصرف أبو عثمان. فلما أتى منزله عاد أليه الرجل وقال: " احضر الساعة! ". فقام أبو عثمان ومشى معه؛ فلما وافي باب داره، قال له مثلما قال له في المرة إلاولى؛ ثم فعل به كذلك ثالثاُ ورابعا، وأبو عثمان يحضر وينصرف. فلما كان بعد ذلك اعتذر أليه، وقال: " يا أستاذ!. أنا أردت اختبارك " وأخ يمدحه، ويثنى عليه، ويدعو له؛ وقال له أبو عثمان: " لا تمدحني على خلق تجد مثله مع الكلاب. الكلب إذا دعي حضر، وإذا زجر انزجر ". وقال الفرغاني: " كنت يوماً امشي خلف دابة أبي عثمان، وكان يوماً وحلاً، فوق في خاطري، وقلت: " هذا الرجل - على هذه الدابة - لا يعلم أنا نجد البرد، ويشق علينا المشي في هذه الأحوال؟! ". قال: فنزل أبو عثمان - في الوقت - عن دابته، وقال لي: " اركب! " فركبت، وجعل أبو عثمان يمشي خلف الدابة، وأنا راكب، وفي قلبي ما فيه، فلما بلغت باب الدار ونزلت، قال لي: " يا فرغاني!. أنت إذا مشيت خلف الدابة وأنا راكب، يكون في قلبي مثل الذي يكون في قلبك وأنا امشي وأنت راكب، أو اشد! ". والفرغاني هذا خادم أبي عثمان. اسمه محمد بن احمد، وكان صاحب

ركابه، وكان أبو عثمان يكثر رياضته، فصار بذلك أحد الرجال السادة. ذكره السلمي. وروي إن أبا عثمان اجتاز يوماً بسكة - في وقت الهاجرة - فألقى عليه من سطح طشت رماد، فتغير أصحابه، وبسطوا ألسنتهم في الملقى؛ فقال أبو عثمان: " لا تقولوا شيئاً! من يستحق ان يصب عليه النار فصولح على الرماد، لم يجز له ان يغضب ". وله ولد اسمه احمد وكنيته أبو الحسين؛ لم يكن في ذكور أولاده ازهد منه. ما اشتغل بالدنيا قط، ولا اخذ الميزان بيده قط. كتب الحديث الكثير، وكان والده يقول عنه: " انه من الأبدال! ". مات سنة ست وأربعين وخمسمائة. ومن أصحاب أبي عثمان أبي عبد الله محمد بن محمد بن الحسن التٌّغبذِيُّ، من مشايخ طوس، له كرامات. مات بعد الخمسين وثلثمائة.

ومن كلامه:) 1 (" ترك الدنيا للدنيا من علامات حب جمع الدنيا ". ومن أصحابه أبو بكر محمد بن احمد بن جعفر الشبهي من كبار مشايخ نيسأبور. مات قبل الستين وثلاثمائة. ومن كلامه:) 1 (" الفتوة حسن الخلق، وبذل المعروف ".

سمنون المحب

سمنون المحب - 298 للهجرة سمنون بن حمزة أبو الحسن سلف. حرف الشين المعجمة شقيق البلخي - 194 للهجرة شقيق البلخي، سلف. شاه الكرماني - 299 للهجرة شاه الكرماني يأتي في الكنى.

حرف الصاد

حرف الصاد صالح بن عبد الجليل صالح بن عبد الجليل من قدماء مشايخ بغداد. صحب الفضيل، وكان من أقران بشر الحافي. سئل عن السماع فقال: " ما وجدت قلبك يصلح عليه فافعله ". حرف الطاء أبو يزيد البسطامي - 261 للهجرة طيفور بن عيسى البسطامي أبو يزيد، يأتي في الكنى فأنه اشهر به.

حرف العين

حرف العين عبد القادر الجيلاني 470 - 561 للهجرة عبد القادر بن أبي صالح الجيلي، قطب العارفين. ولد سنة سبعين وأربعمائة، ومات سنة أحدى وتسعين وخمسمائة. وقد أفردت ترجمته في مجلدات. اعتنى بها الشيخنور الدين أبو الحسن علي بن يوسف بن حريز بن معضاد، الشافعي اللخمي.

وسنفرده بالتأليف بعد.

أبو تراب النخشبي

أبو تراب النخشبي - 245 للهجرة عسكر بن حصين، أبو تراب النخشبي. يأتي في الكنى، فإنه أشهر به. أبو حفص الحداد - 264 للهجرة أبو حفص عمرو بن سلم الحداد؛ والأصح: عمرو بن سلمى، أبو حفص، أحد السادات.

صحب ابن خضرويه البلخي وغيره. وهو اول من اظهر طرية التصوف بنيسايور. مات سنة أربع وستين ومائتين على الصحيح، قاله السلمي وقال السمعاني " سنة خمس وستين ". ومن كلامه: " الكرم طرح الدنيا لمن يحتاج أليها، والإقبال على الله لاحتياجك إليه ". وقال: " إذا رأيت المريد يحب السماع فاعلم إن فيه من البقية من البطالة ". وقال: " حسن أدب الظاهر عنوان حسن أدب الباطن، لأنه عليه السلام - قال: " لو خشع قلبه لخشعت جوراحه ". وقال: " من لم يزل أقواله وأفعاله - في كل وقت - بالكتاب والسنة، ولم يتهم خواطره، فلا تعده في ديوان الرجال ".

وقال: " من هواني الدنيا أني لا ابخل بها على أحد، ولا ابخل بها على نفسي، لاحتقارها واحتقار نفسي عندي ". ولما ورد العراق، جاء الجنيد، فراه أصحابه وقوفاً على رأسه يأتمرون بأمره لا يخطئ أحده بصره عنه، فقال له الجنيد: " يا سيدي! لقد أدبت أصحابك أدب السلاطين! " فقال: " يا أبا القاسم!. إنما حسن آداب الظاهر عنوان حسن أداب الباطن ". وقال الجنيد: " مكث عندي أبو حفص سنة، مع ثمانية انفس. فكنت كل يوم اقدم لهم طعاماً جديداً، وطيباً جديداً، وذكر أشياء من النبات وغيرها. فلما أراد ان يمر كسوته، وكسوة أصحابه اجمع فلما أراد ان يفارقني قال: " لو جئت إلى نيسأبور علمناك الفتوة والسخاء! " ثم قال: " هذا الذي عملت كان تكلفاً!. إذا جائك الفقراء فكن معهم بلا تكلف. فإذا جعت جاعوا، وإذا شبعت شبعوا، حتى يكون مقامهم وخرجوهم عندك شيء واحد ". وقال أبو عثمان: " كنا مع أستاذنا أبي حفص خارج نيسأبور فتكلم علينا، وطابت نفوسنا، فإذا بأيل قد نزل من الجبل وبرك بين يدي

الشيخ فأبكاه ذلك بكاء شديداً، وذهب إلايل. فلما سكن الشيخ، قلنا له: " ما الذي أزعجك؟، وأيش الخبر؟ ". قال: " لما رأيت اجتماعكم حولي، وقد طابت نفوسك، وقع في نفسي: لو إن لي شاة ذبحتها لكم، ودعوتكم عليها! ". فما استقر هذا الخاطر في نفسي حتى جاء الأيل، وبرك بين يدي، وقال لي، بلسان الأشارة: " تحكم في بما شئت! ". فخيل ألي أني مثل فرعون، الذي سائل الله أن يجري له النيل، فاجراه له مع حافر فرسه؛ فقلت: " ما يؤمنني ان الله يوفقني لكل حظ في الدنيا، وابقي في الآخرة فقيراً لا شيء لي!. فهذا الذي أزعجني ". وقال المرتعش: " دخلنا مع أبي حفص على مريض نعوده، ونحن جماعة. فقال للمريض: " اتحب ان تبرأ؟ ". قال: " نعم! ". فقال لأصحابه: " تحملوا عنه! ". فقام المريض، وخرج معنا؛ وأصبحنا كلنا أصحاب فرش معاد ".

أبو الحسن البوشنجي

أبو الحسن البوشنجي - 347 للهجرة علي بن احمد بن سهل البوشنجي نسبة لبوشنج بلدة على فراشخ من هراة، أبو الحسن. أحد الأوتاد. دخل إلى الشام والعراق. وصحب ابن عطاء والجيري وغيرهما واستوطن بنيسأبور، وبنى بها خانقاه. ولزم المسجد وتخلف عن الخروج، واعتزل الناس إلى أن مات. مات سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة. وغسله أبو الحسن العلوي، وصلى عليه، ودفن بجن أبي علي الغنوي. وانقطعت طريقة الفتوى والأخلاص من نيسأبور بموته. وكان اعلم وقته للتوحيد والطريق، وأحسنهم طريقة في الفتوة والتجريد. ومن كلامه:

" المروءة ترك استعمال ما حرم عليك مع الكرام الكاتبين ". وقال: " ليس في الدنيا أسمح من محب لسبب وغرض ". وقال: " الخير منازلة، والشر لنا صفة ". وقال: " من أذل نفسه رفع الله قدره؛ ومن أعز نفسه أذله الله في أعين عباده ". وقال: " الناس على ثلاث منازل: الأولياء، وهم الذين باطنهم افضل من ظاهرهم. والعلماء، وهم الذين سرهم وعلانيتهم سواء. والجهال، وهم الذين علانيتهم بخلاف أسرارهم، لا ينصفون من أنفسهم، ويطلبون الأنصاف من غيرهم ". وقال: " التصوف فراغ القلب، وخلاء اليدين، وقلة المبالاة بالأشكال: فأما فراغ القلب ففي قوله تعالى:) للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم (. وخلو اليدين لقوله تعالى:) الذين ينفقون

أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية (. وقلة المبإلاة قوله تعالى:) ولا يخافون لومة لائم (. وسئل عن المحبة، فقال: " بذل المجهود، مع معرفتك بالمحبوب؛ والمحبوب - مع بذل مجهودك - يفعل ما يشاء ". وقال أبو سعيد الهروى خادمه: " ما أذكر قط أن الأستاذ بات ليلة وعنده درهم؛ إنما كانت الديون تركبه لنفقاته على الفقراء، فإذا لاح من موضع شئ دفعه إليه ". وسئل عن التوحيد، فقال: " قريب من الظنون، بعيد من الحقائق ". وأنشد لبعضهم: فقلت لأصحابي: هي الشمس! ضوؤها ... قريب، ولكن في تناولها بعد! وروى أنه كان يوماً في الخلاء، فدعا تلميذاً له فقال: " انزع

عنى هذا القميص، وادفعه إلى فلان! ". فقيل له: " هلا صبرت؟!. فقال: " لم آمن على نفسي أن تتغير عما وقع لي من التخلف منه بذلك القميص ". وقال إلاستاذ أبو الوليد: " دخلت عليه في موضعه عائداً، فقلت له: " إلا توصى بشئ؟ ". فقال: " أكفن في هذه الخريقات، وأحمل إلى مقبرة من مقابر المسلمين، ويتولى الصلاة على رجل من المسلمين ".

أبو بكر بن أبرويه إلاصبهاني

أبو بكر بن أبرويه إلاصبهاني - 346 للهجرة عبد الله بن ابرهيم بن واضح إلاصبهاني، المعروف بابن أبرويه، أبو بكر. صحب رويماً، وعلى بن سهل. مات سنة ست وأربعين وثلثمائة. من كلامه: " من طلب الفقر لثواب الفقر مات فقيراً ". قيل له: " فلأي شئ يطلب؟ "، قال: " وجوباً ". قال ابرهيم بن المولد: " كنت بالرقة، فدخل ابن أبرويه المسجد، وقعد فيه ستة أيام، لم يبرح مكانه. قال: فتعجبت منه، حتى دخل فقير، فأكب على رأسه فقبله، فقلت له: " من هذا؟ " فقال: " أبو بكر ابن ابرويه! ". فتقدمت وسلمت عليه، وقلت: " لم أستحسن لك، حيث دخلت هذه البلدة، ولم تتعرف! ". فقال: " وأنا لم أستحسن لك، حيث تكون أنت شيخ أهل الشام وإمامهم، ولم يكن لك من الفراسة بمقدار أن تعرفني! ".

أبو القاسم القشيرى

أبو القاسم القشيرى 377 - 465 للهجرة عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيرى أبو القاسم؛ صاحب " الرسالة " و " التفسير " وغيرهما، الجامع بين الشريعة والحقيقة. صحب أبا على الدقاق، وغيره. وأصله من " أستواى "، من العرب الذين قدموا خراسان.

توفي أبوه وهو صغير، وقرأ الأدب في صباه. حضر إلى نيسأبور ليتعلم الحساب، لأجل قريته، فاتفق حضوره مجلس الدقاق، فأعجبه كلامه، ووقع في قلبه، فرجع عن ذلك لعزم، وسلك طريق الإرادة، فقبله الدقاق، وأقبل عليه، وتفرس فيه فجذبه أخذ الفقه فأتقنه، ثم الأصول، على ابن فورك، والأستاذ أبى إسحاق، وجمع بين طريقتهما. ونظر في كتب ابن الباقلاني. وزوجه الدقاق ابنته مع كثرة أقاربها. وحج في رفقة فيها الجوينى،

والد الأمام، والبيهقى، وغيرهما، وسمع ببغداد والحجاز، وكانت له فراسة، وفروسية. وأما مجلس التذكير فهو إمامه. عقد له مجلس الوعظ ببغداد، فروى في أول مجلس منه الحديث المشهور:) السفر قطعة من العذاب. الحديث (، فقام شخص وقال: " لم سمى عذابا؟ فقال: " لأنه سبب فرقة الأحباب! ". فاضطرب الناس وتواجدوا، وما أمكنه أن يتم المجلس، فنزل. ومن إنشاداته: إلا حي بالدمع أطلالها ... وعرج لتعرف أحوالها وهل نسيتنا بحمي عهدنا ... وهل مثل ما نالني نالها وهل يرجى لزمان النوى ... ذهاب يقصر أذيالها سقى الله أيامنا بالحمى ... وأيام سعدي، وأطلالها

وأنشد لنفسه: سقى الله وقتاً كنت أخلو بوجهكم ... وثغر الهوى في روضة الأنس ضاحك أقمنا زمأنا، والعيون قريرة ... وأصبحت يوماً، والجفون سوافك وكان كثيراً ما ينشد: لو كنت ساعة بيننا ما بيننا ... وشهدت حين نكرر التوديعا لعلمت أن من الدموع محدثاً ... وعلمت أن من الحديث دموعا ولد سنة سبع وسبعين وثلثمائة، ومات سنة خمس وستين والأبعمائة، بنيسأبور. ودفن بالمدرسة، تحت شيخه أبى على الدقاق. وولده أبو نصر عبد الرحيم كان أيضاً إماماً كبيراً، " ومن شابه أباه فما ظلم ". واظب على دروس إمام الحرمين، فحصل طريقته في المذهب والخلاف، وحج وعقد المجلس ببغداد، وحصل له القبول التام،

وحضر الشيخ أبو إسحاق الشيرازى مجلسه. وأطبق علماء بغداد على أنهم لم يروا مثله. ومن أنشاداته: ليالي الوصل قد مضين كأنها ... لآلى عقود في نحور الكواعب وأيام هجر أعقبتها، كأنها ... بياض مشيب في السواد الذوائب وكان يعظ في " النظامية " ورباط شيخ الشيوخ. ثم رجع إلى نيسأبور، فلزم الدرس والوعظ، إلى أن قارب انتهاء أمره، فأصابه ضعف في أعضائه. ثم مات سنة أربع عشرة وخمسمائة، ودفن بمشهدهم. وقد ذكرت اخوته في " طبقات الفقهاء " فليراجع منها.

شهاب الدين السهروردى

شهاب الدين السهروردى 539 - 632 للهجرة عمر بن محمد بن عمويه السهروردى - بضم السين - نسبة إلى سهرورد، بليدة عند زنجان، من عراق العجم، أبو عبد الله. أحد السادات، الجامع بين الحقيقة والشريعة، والورع والرياضة والتسليك. ولد بسهرورد، وقدم بغداد في صباه. وصحب عنه الشيخ أبا النجيب،

وغيره من المشايخ، وعليه تخرج. وحصل من العلم ما لا بد منه، ثم انقطع وخلا، واشتغل بإدامة الصيام والقيام، والتلاوة والذكر. ثم وعظ عند كبر سنه، في مدرسة عمه، على شاطئ دجلة. وكان يتكلم على الناس بكلام مفيد، من غير تزويق، ويحضر مجلسه خلق. وحصل له قبول تام، وقصد من الأفاق، واشتهر اسمه، وتاب على يده خلق كثير، وصار له أتباع كالنجوم. وانشد يوماً: لا تسقني وحدي! فما عودتني ... أنى أشح بها على جلاسي أنت الكريم! ولا يليق تكرماً ... أن يعتر الندماء دور الكاس فتواجد الناس لذلك، وقطعت شعور كثيرة، ومات جمع. وكان كثير الحج، وربما جاور في بعضها؛ وله تواليف حسنة، منها " عوارف المعارف ". وأملى في الرد على الفلاسفة. وله غرائب في خلواته. وكان يستفتى في الأحوال. كتب أليه بعضهم: " يا سيدي!. إن تركت العمل أخلدت إلى البطالة، وإن عمات داخلني العجب، فأيهما أولى؟ ". فكتب: " اعمل واستغفر الله من العجب ".

ومن شعره: تصرمت وحشة الليالي ... وأقبلت دولة الوصال وصار بالوصل لى حسودا ... من كان في هجركم دنا لي وحقكم!. بعد إذ حصلتم ... بكل ما فات لا أبالي على ما للورى حرام ... وحبكم في الحشا حلالي أحييتموني، وكنت ميتاً ... وما بعتمونى بعد غالي تقاصرت دونكم قلوب ... فيا له مورداً حلالي! تشربت أعظمى هواكم ... فما لغير الهوى ومالي؟! فما على عادم أجاجاً ... وعنده أعين الزلال؟! وكان مليح الخلق والخلق، متواضعاً جامعاً للمكارم. ما للمال عند قدر، لو حصل منه ألوف فرقها. ومات ولم يخلف كفناً، ولا شيئاً من أسباب الدنيا. ومن شعره: ربيع الحمى ... مذ حللتم معشب نضر ومن أهابه يزهو بها النظر لا كان وادي الغضا لا تنزلون به ... ولا الحمى سح في أرجائه مطر ولا الرياح، وإن رقت نسائمها ... إن لم تفد نشركم لا ضمها سحر

ولا خلت مهجتى تشكو رسيس جوى ... حر قلبي برياحبكم عطر ولا رقأت عبرتي حتى تكون لمن ... ذاق الهوى وضنى، في عبرتي عبر أضر في آخر عمره، وأقعد، وما أخل بأوراده، وحضور الجامع في المحفة، والحج كذلك، إلى أن دخل في عشر المئة، وعجز وضعف، فانقطع في منزله إلى أن مات، سنة اثنتين وستمائة، ببغداد. وصلى عليه بجامع القصر، وحمل إلى الوردية، فدفن في تربة هناك. ومن أعظم أصحابه رشيد الدين الفرغاني. قال الشيخ عنه: " كل أصحابنا في قبضتنا، وهو في قبضته ".

حرف الفاء

حرف الفاء فضيل بن عياض - 187 للهجرة فضيل بن عياض، أبو على، أحد الأقطاب، ولد بخراسان، بكورة أبيورد، وقدم إلى الكوفة وهو كبير، فسمع بها الحديث. ثم تعبد وانتقل إلى مكة، وجاور بها، إلى أن مات، سنة سبع وثمانين ومائة. وأفرد ابن الجوزى ترجمته بالتأليف. وكان شاطراً، يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس. وسبب توبته أنه كان يعشق جارية، فبينما هو ذات يوم يرتقى الجدران إليها، إذ سمع تالياً يتلو:) ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق (فقال: " بلى!. والله يارب! قد آن ". فرجع، فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها رفقة، فقال بعضهم: " نرتحل ". وقال

بعضهم: " حتى نصبح، فان فضيلا على الطريق ". فآمنهم، وبات معهم. من كلامه: " إذا أحب الله عبداً أكثر همه - أي: بأمر أخرته - وإذا أبغض الله عبداً أوسع عليه دنياه ". وقال: " خمس من علامات الشقاء: القسوة في القلب، وجمود العين، وقلة الحياء، والرغبة في الدنيا، وطول الأمل ". وقال: " من أظهر لأخيه الود والصفا بلسانه، وأضمر العداوة والبغضاء، لعنه الله وأصمه، وأعمى بصيرة قلبه ". وقال، في قوله تعالى:) إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين (، قال: " الذين يحافظون على الخمس ". وقال: " ما أدرك - عندنا - من أدرك بكثرة صيام ولا صلاة، ولكن بسخاء النفس وسلامة الصدر، والنصح للأمة ". وقال: " من عرف الناس استراح ". أي في أنهم لا يضرون ولا ينفعون.

وقال لرجل: " لأعلمنك كلمة خير من الدنيا وما فيها: والله!، إن علة الله منك إخراج الأدميين من قلبك، حتى لا يكون في قلبك مكان لغيره. لم تسأله شيئاً إلا أعطاك! ". وقال: " إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار، فأعلم أنك محروم بذنوبك ". وقال: " اصلح ما أكون أفقر ما أكون. وإني لأعصى الله فأعرف ذلك في خلق حماري وخادمي ". وقال: " يأتي على الناس زمان إن تركتهم لم يتركوك، وهو زمان لك يبق فيه أحد يستراح إلا القليل ". وروى أن الرشيد قال له يوماً: " ما أزهدك! ". فقال: " أنت أزهد منى! ". قال: " وكيف ذاك؟! ". قال: " لأني أزهد في الدنيا، وأنت تزهد في الآخرة؛ والدنيا فانية، والآخرة باقية ". ومن إنشاداته: أنا لنفرح بالأيام ننفقها ... وكل يوم مضى نقص من الأجل فأعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً ... فإنما الربح والخسران في العمل

وقال: " أنا - منذ عشرين سنة - أطلب رفيقاً وإذا غضب لم يكذب على ". وقال: " إن فيكم خصلتين هما من الجهل: الضحك بغير عجب. والتصبح من غير سهر ". أي النوم أول النهار، لأنه وقت ذكر، ثم وقت طلب للكسب. وقال: " أتى على وقت، لم أطعم فيه ثلاثة أيام، وإذا مجنون أقبل، وهو ينظر إلى ويقول: محل بيان الصبر منك عزيز ... فيا ليت شعري!. هل لصبرك من أجر فقلت: " لولا الرجاء لم أصبر ". فقال لى: " وأين مسكن الرجاء منك؟ ". فقلت: " موضع مستقر هموم العارفين ". فقال: " والله أحسنت!. إنما هو قلب الهموم عمرانه، والأحزان أوطانه؛ عرفته فاستأنست به، وأحببته فارتحلت إليه ". فسمعت من كلامه، ما قطعني عن جوابه. ثم وعظني وولى، وهو يقول: أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ... ولك تخف سوء ما يأتي به القدر وسالمتك الليالي، فاغتررت بها ... وعند صفو الليالي يحدث الكدر وكانت قراءة الفضيل حزينة، شهيرة به، مترسلة، كأنه

يخاطب أنسانا. وكان إذا مر بآية فيها ذكر الجنة والنار تردد فيها وسأل. وكان يلقى له حصير بالليل في مسجده، فيصلى من أول الليل حتى تغلبه عيناه، فيلقى نفسه على الحصير، فينام قليلا ثم يقوم، فإذا غلبه النوم نام ثم يقوم، وكذلك حتى يصبح. وقال أبو على الرازي: " صحبت الفضيل ثلاثين سنة، ما رأيته ضاحكاً ولا مبتسماً، إلا يوم مات ابنه على؛ فقلت له في ذلك، فقال: " إن الله أحب أمراً فأحببت ذلك الأمر ". وكان ولده على شابا من كبار الصلحاء، وهو من جملة من قتلته النخبة. وهم جماعة أفردهم الثعلبي في جزء. قال ابن عيينة: " ما رأيت أحداً أخوف من الفضيل وابنه ". قال الفضيل: " بكى أبني على، فقلت: " ما يبكيك؟! ". فقال: " يا أبت!. أخاف إلا تجمعنا القيامة ".

وكان يصلى حتى يزحف إلى فراشه، ويقول: " يا أبت! سبقني العابدون ". وكان مرض مرضه فنقه منها؛ وقدم رجل من أهل البصرة حسن القراءة، فأتى إليه قبل أن يأتي إلى أبيه. فبلغ والده أنه قدم، وأنه ذهب إلى ابنه، فأرسل إليه: إلا تقرأ عليه؛ فقرأ عليه قبل أن يجئ الرسول:) ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا (. فخر على، وشهق شهقة خرجت روحه معها. ومن أصحاب الفضيل صالح، سلف في حرف الصاد.

أبو سعيد بن أبي الخير

أبو سعيد بن أبي الخير 357 - 440 للهجرة فضل الله بن أحمد بن على الميهنى، الزاهد العالم، أبو سعيد بن أبى الخير، صاحب الأحوال والكرامات. مات سنة أربعين وأربعمائة ببلده. أن شخصاً من التجار انقطع عن رفقته، فمر بالشيخ فسأله عن خاله، فشرحه له، فمر أسد، فقال: " اركب عليه ". وقال

للأسد: " احمله إلى رفقائه! ". فحمله السد إلى أن بصر بهم، فجعله هناك. ومنها أن صالحاً - خادمه - جاء يوماً من السوق، ويداه مشغولتان، وقد انحل سرواله، فقال الشيخ لمن عنده، قبل أن يتقدم: " أدركوا صالحاً، وشدوا سرواله! ".

فتح بن شخرف الكسى

فتح بن شخرف الكسى - 273 للهجرة فتح بن شخرف بن داود الكسى - نسبة إلى كس، مدينة بما وراء النهر، بقرب نخشب - أبو نصر. أحد الورعاء الزهاد؛ لم يأكل الخبز مدة ثلاثين سنة. ومن كلامه: " رأيت رب العزة في المنام، فقال لى: " يا فتح!. أحذر، لا آخذك على غرة! ". قال: " فتهت في الجبال سبع سنين ".

وكتب على باب بيته: " رحم الله ميتاً دخل هذا البيت، فلم يذكر الموتى عند أهله إلا بخير ". وقال: " رأيت الأمام علياً في المنام، فقلت له: " أوصني! ". فقال: ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء، طلباً لما عند الله؛ وأحسن من ذلك تيه الفقراء على إلاغنياء، ثقة بما عند الله ". وقال عبد الجبار: صحبته ثلاثين سنة، فلم أره رفع رأسه إلى السماء. ثم رفع رأسه، وفتح عينيه، ونظر إلى السماء، وقال: قد طال شوقى اليك، فعجل قدومي عليك! ". قال الحربي: " ولما غسلناه، رأينا على فخذه مكتوباً: " لا إله إلا الله ". فتوهمناه مكتوباً، فإذا هو عرق داخل الجلد ". وقال إسحاق بن ابرهيم: " لما مات فتح ببغداد، صلى عليه ثلاث وثلاثون مرة؛ أقل قوم كانوا يصلون عليه يعدون خمس وعشرين ألفاً إلى ثلاثين ألفاً ". وكانت وفاته في شوال سنة ثلاث وسبعين ومائة.

فتح بن سعيد الموصلي

فتح بن سعيد الموصلي - 220 للهجرة فتح بن سعيد الوصلي، او نصر. من اقران بشر الحافي، وسري السقطي، كبير الشأن في باب الورع والمعاملات. وكان يحضر بغداد لزيارة بشر، فورد عليه مرة زائراً، فأكل عنده، واخذ باقي الطعام، فقال بشر لمن حضر: " أتدرون لم حمل باقي الطعام؟ ". قالوا: " لا! ". قال: " أراكم انه إذا صحت التوكل لا يضر الحمل ". قال ابرهيم بن نوح الموصلي: " رجع فتح الموصلي إلى أهله بعد العتمة، وكان صائماً، فقال: " عشيتموني؟ ". فقالوا: " ما عندنا شيء! ".

قال: " مالكم جلوس في الظلمة؟ "، فقالوا: " ما عندنا شيء نسرج به! ". فجلس يبكي من الفرح ويقول: " يا ألهي!. مثلي يترك بلا عشاء ولا سراج؟!، بأي يد كانت مني؟! ". فما زال يبكي حتى الصباح. وقال بشر بن الحارث: " بلغني أن بنتاً لفتح الموصلي عريت؛ فقيل له " إلا تطلب من يكسوها؟ ". فقال: " ادعها حتى يرى الله عريها وصبري عليها ". قيل: " وكانت إذا كانت ليالي الشتاء جمع عياله، وقال بكسائه عليهم، ثم قال: " اللهم!، أفقرتني وأفقرت عيالي، وجوعتني وجوعت عيالي، وأعريتني وأعريت عيالي، بأي وسيلة أتوسل إليك؟؛ وانما تفعل هذا بأوليائك واحبابك، فهل أنا منهم حتى افرح ". قال فتح: " رأيت غلاماً بالبادية، لم يبلغ الحلم، وهو يمشي وحده، ويحرك شفتيه؛ فسلمت عليه فرد علي السلام؛ فقلت: " إلى اين؟ "، قال: " البيت ربي "؛ فقلت: " وبماذا تحرك شفتيك؟ "، فقال: " اتلوا كلام ربي ". فقلت له: " انه لم يجري عليك قلم التكليف! "، فقال: " رأيت الموت يأخذ من هو اصغر مني سناً ". فقلت: " خطوك قصير، وطريقك بعيد "، فقال: " إنما علي نقل الخطا، وعليه الإبلاغ ". قلت: " فأين الزاد والراحلة؟ "،

قال: " زاد يقيني، وراحلتي رجلاي ". فقلت: " أسألك عن الخبز والماء! "، فقال: " يا عماه!، أرأيت لو دعاك مخلوق إلى منزله، أكان يجمل بك ان تحمل معك زادك إلى منزله؟! "، قلت: " لا! "، فقال: " إن سيدي دعا عباده إلى بيته، وأذن لهم في زيارته؛ فحملهم ضعف يقينهم على حمل أزوادهم واني استقبحت لك، فحفظت الأدب معه، أفتراه يضيعني؟! "، فقلت: " كلا وحاشا! "؛ ثم غاب عن بصري، فلم اره إلا بمكة. فلما رآني فقال: " انت - ايها الشيخ - بعد على ذلك الضعف من اليقين؟! ". وقال أبو إسماعيل، وكان من أصحاب فتح: " شهد فتح العيد ذات يوم بالموصل، ورجع بعدما تفرق الناس، ورجعت معه. فنظر إلى الدخان يفور من نواحي المدينة، فبكى ثم قال: " قد قرب الناس قربانهم، فليت شعري! ما فعلت في قرباني عندك أيها المحبوب؟! "، ثم سقط مغشياً عليه؛ فجئت بماء، فمسحت به وجهه فأفاق. ثم مضى حتى دخل بعض أزقة المدينة، فرفع رأسه إلى السماء، وقال: " علمت طول غمي وحزني، وتردادي في أزقة الدنيا، فحتى متى تحبسني أيها المحبوب؟! ". ثم سقط مغشياً عليه، فجاءت بماء، فمسحت به وجهه فأفاق، فما عاش بعد ذلك إلا أيام حتى مات ". وقال أبو إسماعيل أيضاً: " دخلت عليه يوماً، وقد مد كفه يبكي، حتى رأيت الدموع من بين أصابعه تتحدر، فدنوت منه لا نظر أليه، فإذا دموعه

قد غالطها صفرة، فقلت: " بالله يافتح! بكيت الدم؟ "، فقال: " نعم!. ولولا انك حلفتني بالله ما خبرتك ". فقلت: " على ماذا بكيت الدموع ثم الدم؟ ". فقال: " بكيت الدموع على تخلفي عن واجب حق الله؛ وبكيت الدم بعد الدموع حزناً إلا تكون قد صحت لي توبتي1. فرأيته في المنام بعد موته، فقلت: " ما صنع الله بك؟ "، فقال: " غفر لي "، فقلت: " فما صنع في دموع؟ "، قال: " قربني ربي، وقال: يا فتح!، ادمع على ماذا؟ والدم على ماذا؟؛ فذكرت له ما سلف، فقال: يا فتح!، ما أردت بهذا كله؟!. وعزتي!، لقد صعد إلى حافظاك - من أربعين سنة - بصحيفتك، ما فيها خطيئة واحدة ". مات سنة عشرين ومائتين.

حرف القاف

حرف القاف القاسم بن عثمان الجوعي - 248 للهجرة القاسم بن عثمان الجوعى، سيأتى في الكنى، في أصحاب أبى سليمان الداراني. حرف الميم معروف الكرخي - 200 للهجرة معروف بن فيروز الكرخي، أبو محفوظ. أحد السادات، مجاب

الدعوة، أستاذ سرى. كان أبواه نصرانيين، فأسلما إلى مؤدبهم، وهو صبى. وكان المؤدب: يقول له قل: " ثالث ثلاثة "، فيقول معروف: " بل هو الواحد الصمد! "، فضربه على ذلك ضرباً مفرطاً، فهرب منه. فكان أبواه يقولان: " ليته يرجع ألينا، على أي دين كان، فنوافقه عليه! "، فرجع أليهما، فدق الباب، فقيل: " من؟ "، قال: " معروف! "، فقالا: " على أى دين؟ "، قال: " دين الإسلام "؛ فأسلم أبواه. مات ببغداد، سنة ماتين، وقبل: إحدى ومائتين. وقبره ظاهر هناك، يتبرك به. وأهل بغداد يستسقون به، ويقولون: " قبره ترياق مجرب! ". قال أبو عبد الرحمن الزهري: " قبره معروف لقضاء الحوائج. يقال: أنه من قرأ عنده - مائة مرة -:) قل هو الله أحد (، وسأل الله ما يريد، قضى حاجته ". ومثل هذا يذكر عن قبر أشهب، وابن القاسم، صاحبي الأمام مالك. وهما مدفونان في مشهد واحد بقرافة مصر، يقال أن زائرهما، إذا

وقف بين القبرين، مستقبلا القبلة، ودعا استجيب له، وقد جرب ذلك. وقد زرتهما وقرأت عندهما مائة مرة) قل هو الله أحد (ودعوت الله لأمر نزل بي، أرجو زواله فزال. من كلامه: " إذا أراد الله بعبد خير فتح له باب العمل، وأغلق عليه باب الفترة والكسل ". وكان يعاتب نفسه، ويقول: " يا مسكين!، كم تبكى وتندم؟!. أخلص تخلص ". وقال له رجل: " أوصني! "، فقال: " توكل على الله، حتى يكون جليسك وأنيسك وموضع شكواك؛ وأكثر ذكر الموت، حتى لا يكون لك جليساً غيره؛ وأعلم أن الشفاء لما نزل بك كتمانه؛ وأن الناس لا ينفعونك ولا يضرونك، ولا يعطونك ولا يمنعونك ". وقال السرى: " سألت معروفاً عن الطائعين لله، بأي شئ قدروا على الطاعة لله، قال: " بخروج الدنيا من قلوبهم، ولو كانت في قلوبهم ما صحت لهم سجدة ".

ومن إنشاداته: الماء يغسل ما بالثوب من درن ... وليس يغسل قلب المذنب الماء ونزل يوماً إلى دجلة يتوضأ ووضع مصحفه وملحفة فجاءت امرأة فأخذهما، فتبعها، وقال: " أنا معروف!، لا بأس عليك!، ألك ولد يقرأ القرآن؟ "، قال: " لا! "، قال: " فزوج؟ "، قالت: " لا! "، قال: " فهات المصحف، وخذي الملحفة! ". وسمعه بعضهم ينوح عند السحر ويبكى وينشد: أي شيء تريد مني الذنوب؟! ... شغفت بي، فليس عني تتوب ما يضر الذنوب لو أعتقتني ... رحمة لي، فقد علاني المشيب وكان قاعداً على دجلة ببغداد إذ مر به أحداث في زورق، يضربون الملاهي ويشربون؛ فقال له أصحابه: ما ترى هؤلاء - في هذا الماء - يعصون! أدع الله عليهم! "، فرفع يديه إلى السماء وقال: " إلهي وسيدي!، كما فرحتهم في الدنيا أسألك أن تفرحهم في الآخرة! " فقال له أصحابه: " إنما قلنا لك: أدع عليهم! "، فقال: " إذا فرحهم في الآخرة تاب عليهم في الدنيا، ولم يضركم شئ ". وقال محمد بن منصور الطوسى: " كنت يوماً عنده، فدعاني، ثم عدت أليه من الغد، فرأيت في وجهه أثر شجة، فهبت أن أسأله عنها؛ وكان عنده رجل أجرأ عليه منى، فسأله عنها، فقال له: " سل عن ما يعنيك! "،

فقال: " بمعبودك!، إلا عرفتني "، فتغير معروف، وقال: " لم أعلم أنك تحلفني بالله!، صليت البارحة هنا، واشتهيت أن أطوف فطفت، ثم ملت إلى زمزم لأشرب من مائها، فزلقت على الباب، فأصاب وجهي ما تراه ". وجرى ذكره يوماً، في مجلس الأمام أحمد، فقال واحد من الجماعة: " هو قصير العلم " فقال أحمد: " أمسك!، عافاك الله!، هل يراد العلم إلا لما وصل إليه معروف؟! ". وجاء رجل إليه، فقال: " جاءني البارحة مولود، وجئت لاتبرك بالنظر أليك ". فقال: " اقعدت!، عافاك الله!، وقل مائة مرة: " ما شاء الله كان "، فقالها؛ قال: " قل مثلها "، فقالها، حتى قال ذلك خمس مرات، فكان ذلك خمسمائة مرة؛ فلما استوفاها دخل عليه خادم جعفر وبيده رقعة وصرة، فقال: " ستنا تقرأ عليك السلام، وتقول لك: خذ هذه، وادفعها إلى قوم مساكين "، فقال: " ادفعها إلى ذلك الرجل "، فقال: " فيها خمسمائة درهم! "، فقال: " قد قال خمسمائة مرة: ما شاء الله كان "؛ ثم اقبل على الرجل، وقال: " يا هذا! لو زدتنا لزدناك! ". وقال سري: " رأيت معروفاً - في المنام - وكأنه تحت العرش والله تعالى يقول لملائكته: " من هذا؟، فقالوا: " أنت اعلم يا ربُ؟ "،

فقال: " هذا معروف الكرخي، سكر من حبي، لا يفيق إلا بلقائي ". وقيل له، في علته: " أوص؟ " فقال: " إذا مت فتصدقوا بقميصي هذا، فأن احب أن اخرج من الدنيا عريانا، كما دخلتها عريانا ". وروى في النوم، فقيل له: " ما فعل بك ربك؟، قال: " أباحني الجنة، غير أن في نفسي حسرة، أني خرجت من الدنيا ولم أتزوج "، أو قال: " وددت لو إني تزوجت! ". وقال أبو بكر الخياط: " رأيت - في المنام - كأني دخلت المقابر، فإذا اهل القبور جلوس على قبورهم، وبين أيديهم الريحان؛ وإذا بمعروف بينهم، يذهب ويجيء، فقلت: " أبا محفوظ!، ما صنع الله بك؟، او ليس قد مت؟! "، قال: " بلى! ". ثم انشد: موت التقي حياة لا نفاذ لها ... قد مات قوم، وهم في الناس أحياءُ من كلامه: " الدنيا أربعة أشياء: المال، والكلام، والمنام، والطعام. فالمال يطغى، والكلام يلهى، والمنام ينسى، والطعام يسقى ". ومناقبه جمة، افردها ابن الجوزي بالتأليف. ومن أصحابه يحي الجلاء، وقد سلف.

منصور بن عمار

منصور بن عمار - 225 للهجرة منصور بن عمار الواعظ، أبو السري الخراساني، ثم البغدادي. مات بها سنة خمس وعشرين ومائتين. قيل: سبب وصوله انه وجد في الطريق رقعة مكتوب عليها) بسم الله الرحمن الرحيم (، فاخذها فلم يجد لها موضعاً، فأكلها؛ فأرى في المنام كان قائلاً يقول له: " قد فتح لك باب الحكمة، بأحترامك لتلك الرقعة ". فكان، بعد ذلك، يتكلم بالحكمة. من كلامه: " من جزع من مصائب الدنيا تحولت مصيبته في دينه ". قال سليم بن منصور، سمعت ابي يقول: " دخلت على المنصور

- أمير المؤمنين - فقال: " يا منصور! عظني وأوجز "، فقلت: " إن من حق المنعِم على المنعَم عليه ألا يجعل ما أنعم به عليه سبباً لمعصيته ". قال: " أحسنت وأوجزت ". وقال سليم: " رأيت والدي في المنام، فقلت: " ما فعل بك ربُّك؟ "، قال: " قرَّبني وأدناني، وقال: يا شيخ السوء!، تدري لمَ غفرتُ لك؟!، قلت: لا! يا رب!، قال: إنك جلست للناس يوماً مجلساً، فبكَّيْتهم، فبكى فيهم عبد من عبادي، لم يبك من خشيتي قط، فغفرت له، ووهبت أهل المجلس كلهم له، ووهبتك - فيمن وهبتُ - له ". وقال أبو الحسن الشعراني: " رأيته في المنام، فقلت: ما فعل الله بك؟، فقال: " قال لي: أنت منصور بن عمار؟ "، قلت: " بلى!، يا رب! " قال: " أنت الذي كنت تزهِّد الناس في الدنيا، وتَرْغَبُ فيها؟! "، قلت: " قد كان ذلك!، ولكني ما اتخذت مجلساً إلا بدأتُ بالثناء عليه، وثنيت بالصلاة على نبيك، وثلثت بالنصيحة لعبادك ". فقال: " صدق!. ضعوا له كرسياً في سمائي يمجدني بين ملائكتي، كما مجدني في أرضي بين عبادي ".

ممشاذ الدنيوري

ممشاذ الدنيوري - 299 للهجرة مِمْشاذُ الدِّينَوَرِيُّ، أحد السادات. صحب يحيى الجلاء ومن فوقه. مات سنة تسع وتسعين ومائتين. ومن كلامه: " صحبة أهل الصلاح تورث في القلب الصلاح، وصحبة أهل الفساد تورث في القلب الفساد ". وقال: " أدب المريد في التزام حرمات المشايخ، وخدمة الأخوان، والخروج عن الأسباب، وحفظ آداب الشرع على نفسه ". وقال: " ما دخلت قط على أحد من شيوخي إلا وأنا خال من جميع مالي، انتظر بركات ما يرد علي، من رؤيته وكلامه.

فإن من دخل على شيخه بحظه، انقطع عن بركات رؤيته، ومجالسته، وكلامه ". وقال: " مذ علمت أن أحوال الفقراء جدٌّ كلها لم أمازح فقيراً. وسبب ذلك أن فقيراً قدم علي، فقال لي: " أيها الشيخ!، أريد أن يُتَّخذ لي عصيدة "، فجرى على لساني: " إرادة وعصيدة؟! "، فتأخر الفقير ولم أشعر به، ثم أمرت باتخاذ عصيدة، وطلبت الفقير فلم أجده، فتعرفت خبره، فقيل لي: إنه انصرف من فوره، وكان يقول في نفسه: " إرادة وعصيدة؟! "، وهام على وجهه، حتى دخل البادية، ولم يزل يقول هذه الكلمات حتى مات ".

محمد بن خفيف الشيرازي

محمد بن خفيف الشيرازي 267 - 371 للهجرة محمد بن خفيف الشيرازي أبو عبد الله، أحد الأوتاد. صحب رُوَيما والجريري وابن عطاء وغيرهم. وهو أعلمهم بالظاهر، شافعي المذهب. مات في رمضان سنة إحدى وسبعين وثلثمائة بشيراز، عن مائة وأربع سنين. ومن كلامه: " ليس شيء أضر بالمريد من مسامحة النفس في ركوب الرُّخص، وقبول التأويلات ". وقال: " الأكل مع الفقراء قُرْبة إلى الله ". وسئل عن إقبال الحق على العبد، فقال: " علامته أدبار الدنيا عن العبد ".

وقال: " أول من لقيت من المشايخ أبو العباس أحمد بن يحيى، وعلى يده تبت. وأول ما أمرني به كَتَبةُ الحديث، ثم أخذ بعد ذلك في رياضتي. فأولها أنه حملني إلى السوق، وجلس على باب مسجد، حتى عبر قصاب، فاشترى قطعة لحم، وقال: " احملها بيدك إلى المنزل وارجع "، فأخذتها واستحيت من الناس، فدخلت مسجداً، وتركتها بين يدي، أفكر بين حملها، وأن أعطيها إلى الحمال، فاستخرت الله، وقلت: " لا أخالف الشيخ ". فحملتها، والناس يقولون: " أيشُ هذا؟! "، وأنا أخجل وأسكت، حتى صرت بها إلى منزله. ورجعت أليه، وأنا عرق مستحٍ، فقال: " يا بني، كيف كانت نفسك في حمل هذا اللحم، بعد أن كان الناس ينظرون إليك بعين التعظيم، وأنك من أولاد الملوك؟ ". فحدثته فتبسم وقال: " يا بني قد حمدتُ فعلك، وسترى! ". وروى عنه أنه قال: " قدم علينا بعض أصحابنا، فاعتل - وكان به علة البطن - فكنت أخدمه، وآخذ منه الطست طول الليل. فغفوت مرة، فقال لي: " نمت؟. لعنك الله! "، فقيل: " كيف وجدت نفسك عند قوله: " لعنك الله؟! "، فقال: كقوله: " رحمك الله ".

وقال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، في المنام، وهو يقول: من عرف طريقاً إلى الله، فسلكه، ثم رجع عنه، عذبه الله بعذاب لم يعذب به أحداً من العالمين ". وقال: " دخل - يوماً من الأيام - عليّ فقير، فقال: بي وسوسة!، فقلت: عهدي بالصوفية يسخرون بالشيطان، فالآن الشيطان يسخر بهم ". وقال أبو أحمد الصغير: " سألته يوماً، فقلت: " فقير يجوع ثلاثة أيام، وبعدها يخرج ويسأل مقدار كفايته، أيشُ يقال فيه؟ "، فقال: " مُكْدٍ! ". ثم قال: " كلوا واسكتوا، فلو دخل فقير من هذا الباب لفضحكم كلكم! ". وقال أيضاً: " كنت أخدم الشيخ، وليس معي في داري أحد، ولا يتقدم أليه أحد غيري، أو من أقدمه، فأصبحت يوماً، وصليت الصبح في الغلس، وجلست على الباب أقرأ في المصحف وقد أخرجت رأسي من الباب، أستضيء من الغلس. قال: فجاء أبو أحمد الكاغدي البيضاوي، وقال: " أيها الشيخ! أريد الخروج، فادع لي! فدعا له. ومضى خطوات، فدعاه الشيخ، فرجع أليه، فناوله أرغفة حارة، وقال: كلْ هذا في

الطريق. قال أبو أحمد: فتحيرت، وعلمت أنه لا يدخل عليه إلا من أدخلته؛ فعدوت وراء الكاغدي، فقلت: أرني الخبز! فأراني، فإذا هو رقاق حار؛ فما أدركني من الوسواس لم أصبر. فلما كان العصر، قلت: أيها الشيخ! ذلك الخبز، من أين؟ قال: لا تكن صبياً أحمق! ذاك جاء به إنسان! فهممت أن أستزيده فسكت " وقال أحمد بن محمد: " كان بي وجع القولنج، وأعياني علاجه، وإعياء الأطباء معالجته، فما رأيت فيه برءاً، فرأيت الشيخ - يعني ابن خفيف - في المنام بعد موته، فقال لي: مالك؟!. فقلت: هذه العلة!، وقد أعيتني - والأطباء - معالجتها، فقال لي: لا عليك! فإنك غداً تبرأ، ولا يوجعك بعد. قال: فلما أصبحت انحلت طبيعتي من غير دواء، وأقامنيمجالس، وسكن الوجع ". وقيل: كان به قديماً وجع الخاصرة، فكان إذا أخذه أقعده عن الحركة. فكان إذا أقيمت الصلاة يحمَل على الظهر إلى المسجد ليصلي، فقيل له: " لو خففت على نفسك كان لك سعة في العلم! " فقال: " إذا سمعتم: " حيّ على الصلاة! " ولم تروني في الصف، فاطلبوني في المقابر ".

ومات وله سبعة عشر يوماً لم يأكل شيئاً. وكنا نشم من فمه رائحة المسك وروائح الطيب، شيئاً ما شممت مثله قط، ولا بخور هناك. ولما قرب خروج روحه، كان له سنة وأربعة أشهر لم يتحرك. فمد رجله، وتمدد هو من تلقاء نفسه، وبعد ساعات مات، فحمل على المغْتَسَل وغسّله الأولياء، وحمل إلى الصلاة، وصُلِّي عليه نحوٌ من مائة مرة. واجتمع في جنازته اليهود والنصارى والمجوس، ودفن. وقيل له عند وفاته: " كيف تجد العلة؟ "، فقال: " سلوا العلة عني! ". فقيل له:، قل: " لا إله إلا الله "، فحول وجهه إلى الجدار، وأنشد: أفنيتَ كُلِّي بكُلِّك ... هذا جزا من يُحبكْ!

أبو الحسين العلوي

أبو الحسين العلوي - 393 للهجرة محمد بن علي بن الحسين، أبو الحسين الهمداني العلوي. ولد بهمدان، وهي أشهر مدن الجبال، ونشأ ببغداد، وكان أحد الأشراف علماً ونسباً، معمحبة للفقراء، وصحبة لهم. كتب الحديث، ودرس الفقه على يد أبي هريرة، وسافر إلى الشام، وصحب جعفراً الخلدي، وكان يكرمه. ودخل البادية غير مرة، وجاور مكة، وحج مرات على الوحدة. روي عنه أنه قال: " كنت ليلة عند جعفر الخلدي، وكنت أمرت في بيتي أن يعلق طير في التنور، وكان قلبي معه، فقال لي جعفر: " أقم عندنا الليلة! "، فتعللت بشيء، ورجعت إلى منزلي، فوضع الطير بين يديّ، فدخل كلب فأخذه، ووضع بين يدي الجُواذَب، فتعلق به ذيل الجارية، فانصب. فلما أصبحت دخل عليّ جعفر، فحين وقع بصره عليّ، قال: من لم يحفظ قلوب المشايخ، سلط عليه كلب يؤذيه! ". مات في المحرم، سنة ثلاث وتسعين وثلثمائة.

أبو عبد الله الدينوري

أبو عبد الله الدينوري - ق4 للهجرة محمد بن عبد الخالق الدِّينَوَرِيُّ، أبو عبد الله، من الجِلَّة، مات بدِينَوَر. وبه ختم ابن خميس كتابه. وروي عنه أنه دخل عليه رجل، فقال له: " كيف أمسيت؟ ".

فأنشأ يقول: إذا الليل ألبسني ثوبَه ... تقلَّب فيه فتى مُوجَع وأنشد: بقلبي من نفا عني نعاسي ... وأَرَّقني، وبات ولم يواسِ ومن حبي له ... أبداً جديدُ وثوب صدوده أبداً لباسي يسيء ولا أواخِذُه بذنب ... وألزم ذمه كلاًّ يراسي

أبو علي الثقفي

أبو علي الثقفي 244 - 338 للهجرة محمد بن عبد الوهاب الثقفي أبو علي، الإمام في علوم الشريعة والوعظ. سمع أبا حفص، وحمدون القصّار، وبه ظهر التصوف بنيسأبور. مات سنة ثمان وعشرين وثلثمائة. من كلامه: " من غلبه هواه توارى عنه عقله ". وقال: " لا تلتمس تقويم ما لا يستقيم، ولا تأديب من لا يتأدب من لا يتأدب ". وقال: " أربعة أشياء لا بد للعاقل من حفظهن: الأمانة، والصدق، والأخ الصالح، والسريرة ". وقال: " لو أن رجلاً جمع العلوم كلها، وصحب طوائف الناس، لا يبلغ مبلغ الرجال إلا بالرياضة من مُريض ناصح. ومن لم يأخذ أدبه من

أستاذ، يريه عيوب أعماله، ورعونات نفسه، لا يجوز الاقتداء به في تصحيح المعاملات ". وقال: " يأتي على هذه الأمة زمان لا تطيب فيه المعيشة لمؤمن إلا بعد استناده لمنافق ". أي يكون عنده باطن وظاهر، ليخالط الناس الظلمة وغيرهم. فإذا غلب الفساد - كهذا الزمان - واستهين بأهل الخير، فلا يطيب لهم حال، ولا يسلمون من أذى. إلا إذا استندوا لمن هذه صفته. وقال أبو بكر الرازي: " حضرت مجلسه، فتكلم في أنواع المحبة، وأحوال المحبين ". وأنشد في خلال ذلك: إلى كم يكون الصد في كل ساعة ... وكم لا تملّين القطيعة والهجرا رويدك! إن الدهر فيه كفاية ... لتفريق ذات البين، فارتقبي الدهرا!

محمد بن الفضل البلخي

محمد بن الفضل البلخي - 319 للهجرة محمد بن الفضل البَلْخِيُّ أبو عبد الله. من أكابر مشايخ خُراسان وجِلَّتهم. صحب ابن خِضرويه، وغيره، وكان أبو عثمان الحِيرِيُّ يميل اليه كثيراً، وكان يقول في حقه: " هو سِمْسار الرجال ". ورحل من بلخ إلى سمرقند، ومات بها سنة تسع عشرة وثلثمائة. ومن كلامه: " إذا رأيت المريد يستزيد من الدنيا فذلك من علامة إدباره ". وقال: " علامة الشقاوة ثلاثة أشياء: يرزق العلم ويحرم العمل، ويرزق العمل ويحرم الإخلاص، ويرزق صحبة الصالحين ولا يحترم لهم ".

وقال: " ست خصال يعرف بها الجاهل: الغضب من أي شيء، والكلام في غير نفع، والعطية في غير موضعها، وإفشاء السر، والثقة بكل أحد، وألا يعرف صديقه من عدوه ". وروى عنه أنه تكلم يوماً فقال: " عجبت لمن يقطع البوادي والمفاوز، حتى يصل إلى بيته وحرمه، لأن فيه آثار أنبيائه وأوليائه، كيف لا يقطع هواه ونفسه، حتى يصل إلى قلبه، لأن فيه آثار مولاه! ". فمات أربعة ممن سمع كلامه. وأنشد في المعنى: ومن البلاء، وللبلاء علامةٌ ... ألا يُرى لك، عن هواك، نُزوعُ العبدُ عبدُ النفسِ في شهواتها ... والحرُّ يشبع تارة ويجوعُ وسمع عبدُ الله الرازي أبا عثمان الحِيريَّ يصف محمد بن الفضل البَلْخِيَّ، ويمدحه. فاشتاق أليه عبدُ الله، فخرج إلى زيارته، فلم يقع بقلبه من محمد بن الفضل ما اعتقد فيه، فرجع إلى أبي عثمان، فسأله عنه، فقال: " كيف وجدته؟ "، قال: " لم أجده كما حكيتَ "، فقال له أبو عثمان: " لأنك استصغرته، وما استصغر أحدٌ أحداً إلا حُرِمَ فائدته، ارجع أليه بالحرمة ". فعاد أليه فانتفع به.

أبو بكر الفرغاني

أبو بكر الفرغاني - 331 للهجرة محمد بن اسماعيل، الفَرْغانِيُّ أبو بكر. من أصحاب الجد في العبادة، وخلو اليد من المعلوم. وهو من أستاذي أبي بكر الدُقّي. حكىعن أبي الحارث الأولاسي السالف، حكى عنه أبو بكر محمد بن داود الدُّقي. والفرغاني نسبة إلى فرغانة، ولاية وراء الشاش، وراء سيحون وجيحون. وفرغانة قرية من قرى فارس. مات سنة إحدى وثلاثين وثلثمائة. من كلامه: " القلب إذا كثر إعراضه عن الله عاقبه بالوقيعة في أوليائه ". وقال الدقي: " ما رأيت في الفقر أحسن منه. وكان ممن يظهر

الغنى في الفقر: يلبس قميصين أبيضين، ورداء وسراويل، ونعلاً نظيفاً وعمامة، وفي يده مفتاح كبير حسن، وليس له بيت يأوي اليه، بل ينطرح في المسجد، ويطوي الخمس والستدائماً. فكل من رآه يتوهم أنه تاجر قد نزل بعض الخانات، فلا يفطن له إلا الخُلَّص من الأولياء ". روى أنه دخل مصر على هذا الزي، فعرف بها، واجتمع اليه الصوفية، فتكلم عليهم، فعرض له السفر، فقام من مجلسه، وخرج معه نحو من سبعين منهم، فمشى في يومه فراسخ، لا يعرج على أحد، فانقطع من كان خلفه، وبقي منه قليل، فالتفت إليهم وقال: " كأني بكم قد جعتم وعطشتم! "، فقالوا: " نعم! "، فعدل بهم إلى دير فيه صومعة راهب، فلما دخلوا أشرف الراهب على أصحابه، وناداهم: " أطعموا رهبان المسلمين!، فإن بهم قلة صبر على الجوع ". فغضب من ذلك، ورفع رأسه أليه، وقال: " أيها الراهب!، هل لك إلى خصلة نتبين بها الصابر والجازع؟ "، قال: " وما ذاك؟ " قال: " تنزل من صومعتك، فتتناول من الطعام ما أحببت، ثم تدخل معي بيتاً، ونغلق علينا الباب، ويُدَلَّى لنا من الماء قدرُ ما نتطهر به، فأول من يظهر جزعه، ويستغيث من جوعه، ويستفتح الباب، يدخل في دين صاحبه كائناً

من كان؛ على أننيمنذ ثلاث لم أذق ذواقا ". قال الراهب: " لك ذلك ". فنزل من صومعته، وأكل ما أحب وشرب، ثم دخل مع أبي بكر بيتاً، وغُلِّق الباب عليهما، والصوفية والرهبان يرصدونهما، لا يُسمع لهما حسٌّ أربعين يوماً. فلما كان في اليوم الحادي والاربعين سمعوا حسحسة الباب، وقد تعلق أحد به، ففتحوا، فإذا الراهب قد تلف جوعاً وعطشاً، وإذا هو يستغيث بهم إشارةً، فأسقوه، واتخذوا له حريرة، فصبوها في حلقه، والفرغاني ينظر إليهم. فلما رجعت أليه نفسه، قال: " أشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله ". ففرح الفرغاني بذلك، وجعل يتكلم على من في الدير، من النصارى، حتى أسلموا عن آخرهم. وقدم بغداد ومعه الراهب، ومن أسلم من أولئك النصارى ". وقال الفرغاني: " جاءتني مائة دينار من العراق ميراثاً، فجعلت أفرقها على المستورين، فقالت لي زوجتي: " تفرق هذه الدنانير، وتردنا إلى الفقر؟! "، فقلت: " ما أبيع مذهبي بمائة دينار "، قالت: " فاجعل لابنك عشرين ديناراً، فإن عاش كانت له، وإلا صارت لمن هو له! ". قال: فأعطيتها ما طلبت. ثم قدم علي نفسان من أخواني، فاشتغل قلبي بهما، فأعطيتهما منها دينارين،

على أني أرد بدلهما، وكنت أخذتها سراً منها، فرأيت في المنام كأني خرجت إلى دير مُرَّان فإذا بقصر، دون الجامع، عليه بوابين، فقلت: " لمن هذا القصر؟ " قيل: " هو لك! " فقلت: " من أين؟ وأنا رجل فقير! "، فقيل: " بذينك الدينارين! " وانتبهت، فقلت: " إن صح منامي، فالدنانير ما نقصت، فحللتها، فإذا هي كما كانت سواء ". وقال: " من حال به الحال كان مصروفاً عن التوحيد، ومن قُطِعَ به انقطع، ومن وُصل به وصل. وفي الحقيقة: لا فصل ولا وصل. وفي الحقيقة: لا فصل ولا وصل، ولذلك قيل: ولا عن قَلِى كان القطيعة بيننا ولكنه دهرٌ يشتُّ ويجمعُ

أبو بكر الدقي

أبو بكر الدقي 260 - 360 للهجرة محمد بن داود الدينوري، أبو بكر الدقي؛ أحد الأعيان، البغدادي ثم الدمشقي. قرا القرآن على ابن مجاهد، وصحب أبى عبد الله بن الجلاء، وابا بكر الزقاق؛ وكان من أقران أبى علي الروذباري؛ وعمر فوق مائة سنة. مات بدمشق سنة ستين وثلاثمائة. من كلامه: " المعدة موضع لجميع الأطعمة. فإذا طرحت فيها الحلال صدرت

الأعضاء بالأعمال الصالحة؛ وإذا طرحت فيها الشبهة اشتبه عليك الطريق إلى الله. وإذا طرحت فيها التبعات كان بينك وبين أمر الله حجاب ". وقال: " من عرف ربه لم ينقطع رجاؤه، ومن عرف نفسه لم يعجب بعمله، ومن عرف الله لجا اليه، ومن نسى الله لجا إلى المخلوقين، والمؤمن لا يسهو حتى يغفل، فإذا تفكر حزن واستغفر ". وسئل عن الفرق بين الفقر والتصوف، فقال: " الفقر حال من احوال التصوف ". وقال: كنت بالبادية، فوافيت قبيلة من قبائل العرب، فأضافني رجل منهم، فرأيت غلاما اسود، مقيدا هناك، ورأيت جمالا ماتت بفناء البيت. فقال الغلام: " أنت الليلة ضيف، وأنت على مولاي كريم، فتشفع لي!، فانه لا يردك! ". فقلت لصاحب البيت: " لا آكل حتى تحل هذا العبد "، فقال: " هذا الغلام قد افقرني، واتلف مالي! ". فقلت: " ما فعل؟ ". فقال: " له صوت طيب، وكنت أعيش من ظهر هذه الجمال، فحملها أحمال ثقيلة، وحدا لها، حتى قطعت مسيرة ثلاثة أيام في يوم، فلما حط

عنها ماتت كلها!. ولكن قد وهبته لك ". وأمر بالغلام فحل عنه القيد. فلما أصبحنا أحببت ان اسمع صوته، فسألته عن ذلك، فأمر الغلام أن يحدو على جمل كان على بئر هناك، يسقى عليه، فحدا، فهام الجمل على وجهه، وقطع حباله. ولا أظن أني سمعت صوتا أطيب منه، ووقعت لوجهي حتى أشار عليه بالسكوت ". وانشد في المعنى: إن كنت تنكر أن للأص ... وات فائدة ونفعا فانظر إلى الإبل اللواتي ... هن اغلظ منك طبعا تصغى إلى حدو الحدا ... ة فتقطع الفلوات قطعا وقال: " كنت أخرج كل ما فتح به على الفقراء، ولا ادخر لنفسي شيئا، ففتح على بالرملة بنصف دينار،) وكان على ببيت المقدس نصف دينار دينا (، وقدم جماعة من الفقراء - من الحجاز - فقصدوني، وسلموا على فجعلت أميز: هل احبه للدين؟ أو اصرفه لهم

على العادة؟ فقوى على شاهد العلم الأول، فبات الفقراء، جياعاً على حالهم، وبت معهم، فضرب على ضرس من أضراسي تلك الليلة، فلم انم، فأشير على بقلعة، فاقترضت نصف درهم، وقلعته به. ثم خطر بقلبي إخراج النصف دينار. ثم قلت: الدين واجب، فضرب على في الليلة الثانية ضرس آخر، فقلعته. ثم ذكرت النصف دينار، فقلت: لعلى عوقبت بحبسه!. ثم قلت: إنما حبسته للدين. ثم ضرب على ضرس آخر، فهممت بقلعه، فأخرجته قبل الليل، فهتف بي هاتف: لو لم تخرجه لقلعنا أضراسك ضرساً ضرساً! حتى لا يبقى في فيك ضرس واحدا!. قال: فجئت إلى الفقراء وعرفتهم، فقالوا: ما أخرجت القرش الا بعد قلع الضرس ". وروى انه قام ليلة إلى الصباح، يصيح ويبكى، وينشد: بالله! فاردد فؤاد مكتثب ... ليس له من حبيبه خلف! والناس حوله يبكون.

وقال: " من ألف الاتصال، ثم ظهر له عين الانفصال نُغَص عليه عيشه، وانمحق عليه وقته، وحار ثلاثاً في محل الوجه ". وأنشد: لو أن الليالي عُذَّبتْ بفراقنا ... محا دمعُ عينِ الليل ضوءَ الكواكبِ ولو جُرَّعَ الأيامُ كأسَ فراقنا ... لأصبحت الأيام شيب الذوائب

أبو بكر الزقاق الصغير

أبو بكر الزقاق الصغير - 290 للهجرة محمد بن عبد الله، أبو بكر الزقاق. أحد المشايخ ذوي الكرامات. مات سنة تسعين ومائتين. ومن كلامه: " لي تسعون سنة أرب هذا الفقر. من لم يصحبه في فقره الورع أكل الحرام النص ". وقال: " ثمن هذا الطريق روح الإنسان ". وقال: " كل أحد ينسب إلى نسب، الا الفقراء، فانهم ينسبون إلى الله. وكل حسب ونسب ينقطع ألا حسبهم ونسبهم، فان نسبهم الصدق، وحسبهم الصبر ".

وقال: " خرجت إلى الحج، فنزلنا الجحفة، فمطرنا، فلحقنا السيل،) فسبح الناس، إلا رجلا محرما في محمل، فلحقه السيل (وحمله، فسمعته يقول: " لبيك اللهم لبيك!، ان كنت ابتليت فطالما عافيت! " فمضى به السيل إلى البحر وغرق ".

أبو عبد الرحمن السلمى

أبو عبد الرحمن السلمى 325 - 412 للهجرة محمد بن الحسين بن محمد بن موسى، أبو عبد الرحمن النيسأبوري. وهو ابن أخت أبى عمرو إسماعيل بن نحيد السلمي السالف. كان رأسا في اخبارهم، صنف لهم " سننا " و " تفسيرا " و " تاريخا " وله بنيسأبور دويرة معروفه لهم. وقبره يتبرك به. قال القشيري: " كنت يوما عند أبى على الدقاق، فجرى ذكره،

وانه يقوم في السماع موافقة الفقراء. فقال أبو على: " مثله - في - حاله - لعل السكون اولى به! ". ثم قال: " امض أليه، فستجده بين كتبه، وعلى وجه الكتب مجلدة حمراء صغيرة، فيها شعر الحسين بن منصور، فاحملها ولا تقل له شيئا، وجئني بها "؛ وكان وقت الهاجرة. فدخلت بيته، فوجدته كما ذكر، والمجلدة على وجه الكتب. فلما قعدت اخذ أبو عبد الرحمن في الحديث، وقال:) كان بعض الناس ينكر على واحد من العلماء حركته في السماع، فرؤى ذلك الإنسان - يوما - جالسا في بيته، وهو يدور كالمتواجد، فسئل عن حاله، فقال: " كانت مسالة مشكلة علىّ، فتبين لي معناها، فلم أتمالك من السرور، حتى قمت أدور! ". فقيل: " مثل هذا يكون حالهم ". قال القشيري: " فلما رايت ما امرني به أبو على ووصف لي، على الوجه الذي قال؛ وجرى على لسان أبي عبد الرحمن ما كان قد ذكره به، تحيرت وقلت: " كيف افعل بينهما!؟ " ثم فكرت وقلت: " لا وجه إلا الصدق! ". فقلت: " إن الأستاذ أبا علي وصف لي هذه المجلدة، وقال لي: " أحضرها من غير أذن الشيخ!. وأنا اخافك، وليس يمكن مخالفته، فايش تأمر!؟ ".

فاخرج مجموعة أخرى، من كلام الحسين بن منصور، وقال: " احمل هذه أليه، وقال) أني أطالع تلك المجلدة لا نقل منها أبياتا إلى مصنفاتي ". فخرجت وتركته ". مات في سنة أثنتي عشرة وأربعمائة.

أبو الفضل بن القيسراني المقدسي

أبو الفضل بن القيسراني المقدسي 448 - 507 للهجرة محمد بن طاهر بن محمد بن على، الحافظ المقدسي، أبو الفضل. أحد الحفاظ السادات، ذو المصنفات في الحديث والطريق والرجال. أقام بهمذان،) وكان (يحج في كل سنة. روى عنه الحافظ السلفى، والسلامى، وغيرهما. ولد سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، ببيت المقدس. انتصر في كتابه " صفوة التصوف " لأهل الطريق، وبوب لهم أبوابا من حيث السنة

انكرو عليهم الشوازك في المرقمة، فأجاب بان أسماء أخبرت انه عليه السلام كانتله جبه مكفوفة الجنبين والكمين والفرجين بالديباج، وهو ليس من جنس الجبة، كالشوازك. وكذا أنكروا عليهم قولهم - وقت حضور الطعام -: " الصلاة! " وليس هو وقت صلاة. فأجاب بان عبد الله بن عمر يخبر بأنه كان مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في بعض أسفاره، فنادى منادي: " الصلاة جامعة ". قال: فانتهيت أليه، فسمعتة يقول:) إنه لم يكن نبي قبلي ألا كان حقا عليه أن يدل أمته على ما هو خير لها (وذكر الحديث. وله شعر حسن. فمنه، وقد احرم في شملة سوداء: لبس البياض، بذات عرق، معشر ... فرحا بقرب نزولهم بالنادى وحرمت، من بين الورى، قربى به ... فليست بالحرمان ثوب سواد

وعلا يلبيك الحجيج فلا يرى ... إلا مُلبً له للهادي وبقيت من خجلي اسر بقولها ... حذرا من التوبيخ والأبعاد ) دخل بغداد سنة سبع وستين وأربعمائه (. ثم رجع من بغداد إلى بيت المقدس فاحرم، ثم أتى مكة. ومات عند قدومه - آخر حجاته - ببغداد، في شهر ربيع الأول سنة سبع وخمسمائة ودفن بالمقبرة العتيقة بالجانب الغربي.

أبو القاسم القباري

أبو القاسم القباري 587 - 662 للهجرة محمد بن عيسى، القبارى، الرجل الصالح الزاهد الورع. مات بالأسكندرية سنة اثنتين وستين وستمائة. ومناقبة مفردة بالتأليف في جزء. كان يعمل في غيط له، ويتورع فيه، حتى في ثماره الساقطة، لاحتمال سقوطها من طائر. ذكر أبن خلكان ان أثاثه كان قيمته خمسين درهما، فبيع بنحو عشرين ألف درهم لأجل البركة.

وكانت له بهيمة - في حال حياته - فوكل بعض خدمه في بيعها، فباعها بخمسين درهم، ثم جاء بها إلى الشيخ، فوضعها في قادوس، فلما كان بعد أيام، جاء صاحب الدابة أليه، وقال: " لها يومان ما أكلت! ". فنظر الشيخ أليه ساعة، وقال: " ما صنعتك؟! "، فقال: " رقاص في دار الوإلى " فدخل الشيخ، واخرج القادوس، وفيه دراهم غير ثمن البهيمة. فإعطى الجميع له، لإجل اختلاط دراهم الرقاص بها؛ فاشترى الناس من الرقاص كل درهم بثلاثة، لأجل البركة. وحديثه مع ملوك مصر ووزرائهم، ومنعهم من الدخول عليه، مشهور.

يحيى بن معاذ الرازي

يحيى بن معاذ الرازي - 258 للهجرة يحيى بن معاذ الرازي الواعظ أبو زكريا، أحد الأوتاد. وكان أوحد وقته في فنه. مات سنة ثمان وخمسين ومائتين. وقبره بنيسابور يستسقى به، ويتبرك بزيارته. وكانوا ثلاثة اخوة: يحيى، وسماعيل، وابرهيم، وكلهم زهاد. ومن كلامه: " لا تكن ممن يفضحه يوم موته ميراثه، ويوم حشره ميزانه " وقال: " كيف يكون زاهدا من لا ورع له؟!. تورع عما ليس لك، ثم ازهد فيما لك ".

وقال: " من لم ينظر في الدقيق من الورع لم يصل إلى الجليل من العطاء ". وقال: " ليكن حظ المؤمن منك ثلاث خصال: ان لم تنفعه فلا تضره، وان لم تسره فلا تغمه، وان لم تمدحه فلا تذمه ". وقال: " الزهد ثلاثة أشياء: الخلوة، والقلة، والجوع ". وقال: " أولياؤه أسراء نعمه، وأصفياؤه رهائن كرمه، وأحباؤه عبيد مننه. فهم أسراء نعم لا يطلقون، ورهائن كرم لا يفكون، وعبيد منن لا يطلقون ". وقال: " الصبر على الخلوة من علامة الأخلاص ". وقال: " بئس الصديق صديقا يحتاج أن يقال له: " اذكرني في دعائك!، وبئس الصديق صديقا يحتاج أن يعتذر إليه، وبئس الصديق صديقا يحتاج ان يعيش معه بالمداراة ". وقال: " من سعادة المرء أن يكون خصمه فهما، وخصمي لا فهم له ". قيل له: " ومن خصمك؟ " قال: " نفسي! لا فهم لها، تبيع

الجنة بما فيها من النعيم المقيم، والخلود فيها، بشهوة ساعة من دار الدنيا ". وقال: " على قدر حبك لله يحبك الخلق؛ وعلى قدر خوفك من الله يهابك الخلق؛ وعلى قدر شغلك بالله يشتغل في أمرك الخلق ". وقال: " من كان غناه في كسبه لم يزل فقيرا "؛ ومن كان غناه في قلبه لم يزل غنيا "، ومن قصد بحوائجه المخلوقين لم يزل محروما " ". وقال: " جميع الدنيا - من أولها إلى أخرها - لا تساوي غم ساعة، فكيف بغم عمرك فيها مع قليل نصيبك منها؟! ". وقال: " إذا احب القلب الخلوة أوصله حب الخلوة إلى الأنس بالله، ومن انس بالله استوحش من غيره ". وأنشد: سلم على الخلق، وارحل نحو مولاكا ... واهجر على الصدق والاخلاص دنياكا عساك في الحشر تعطى ما تؤمله ... ويكرم الله ذو الالاء مثواكا!

وقال: " العارف يخرج من الدنيا ولا يقضي وطره في شيئين: بكاؤه على نفسه، وثناؤه على ربه ". وقال، في قوله تعالى:) فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى (: " الهي! هذا رفقك بمن يقول: أنا إله، فكيف بمن يقول: أنت إلهه!؟ ". وكان يقول، في جملة دعائه: " الهي!، حبك اعطش كبدي!، وأوحشني من أهلي وولدي! " وروى انه قدم شيراز، فجعل يتكلم في علم الأسرار؛ فاتته أمراءه من نسائها، فقالت: " كم تريد أن تأخذ من هذه البلدة؟ " قال: " ثلاثين ألفا، اصرفها في دين على بخراسان "، فقالت: " لك ذلك، على انك تأخذها وتخرج من ساعتك! "، فرضى به، وحملت اليه، وخرج من الغد. فعوتبت تلك المرأة فيما فعلت، فقالت: " لأنه كان يظهر أسرار أوليائه للسوقة والعامة، ففوت عليه ذلك ".

وقال له رجل: " انك لتحب الدنيا "، فقال: " أين السائل عن الأخرة؟ " قال) ها أنا! "، قال) اخبرني أيها السائل عنها، أبالطاعة تنال أم بالمعصية؟ ". قال: لا، بل بالطاعة " قال: " فاخبرني عن الطاعة، أبالحياة تنال، أم بالممات؟ " قال: " لا، بل بالحياة " قال: " فاخبرني عن الحياة، أبالقوت تنال، أم بغيره؟ " قال: " لا، بل بالقوت " قال: " فاخبرني عن القوت، أمن الدنيا هو، أم من الأخرة؟ " قال: " لا، بل من الدنيا "، قال: " فكيف لا أحب دنيا قدر لي فيها قوت، اكتسب به حياة، أدرك بها طاعة، أنال بها الأخرة؟! ". فقال الرجل: " اشهد ان ذلك معنى قول النبي، صلى الله عليه وسلم:) أن من البيان لسحرا (. خرج يحيى إلى بلخ، وأقام بها مدة، ورجع إلى نيسأبور، ومات بها كما سلف. ومن شعره: أموت بدائي لا أصيب دوائيا ... ولا فرجا مما أرى من بلائيا إذا كان داء العبد حب مليكه ... فمن، دونه، يرجو طبيبا مداويا؟!

ومنه: دعني أدارى الحب من كل جانب ... فليس لها مني سبيل ومهرب وحملتني مالا تطيق جوارحي ... فسرك في الأحشاء منى مغيب ومن كلامه أيضا: " صبر المحبين اشد من صبر الزاهدين، واعجبا!. كيف يصبرون؟! ". وأنشد: الصبر يجمل في المواطن كلها ... إلا عليك فانه لا يجمل ومنه: " حقيقة المحبة مالا تنقص بالجفاء، ولاتزيد بالبر ". وأنشد: لم اسلم للأسقام تتلفها ... إلا لعلمي بان الوصل يحييها نفس المحب على الالام صابرة ... لعل سقمها يوما يداويها

فصل في طبقات أخرى

فصل في طبقات أخرى

أبو الخير الحبشي

أبو الخير الحبشي - 383 للهجرة ثقف بن عبد الله الحبشى، خادم دويرة الرمله، أبو الخير. من جلة المشايخ. سافر الكثير، واقام بالحرم. وكان حسن التعهد للفقراء، يرجع إلى أخلاق حسان، وآداب جميلة. ومن كلامه: " الحر من يوجب على نفسه خدمة الاحرار؛ والفتى من لا يرى لنفسه على أحد منة؛ ولا يرى من نفسه استغناء عن أحد ". وقال: " البر تجارة الأحرار، والتواضع ربحهم ".

جعفر الحذاء

جعفر الحذاء - 341 للهجرة جعفر الحذاء، أبو محمد الفارسى. ذكره ابن خفيف. من كلامه: الولي لا يترك في سره ما يحتاج إلى حفظه، او يحفظ عليه، لان الله تعالى قد تولاه ". وقال: " إذا رأيت الفقير فابدأه بالرغيف، وإذا رأيت القارئ فأعطه مفتاح الساقيه، وأذا رأيت العارف فأنزله اشرف المنازل ". وقال بندار بن الحسين، قال لي الشبلي: " ابن جعفر الحذاء؟ " قلت:) جعفر؟ " قال: " ذاك فرعون! ". فأخبرت الحذاء بذلك، فقال: " صَدَق!. نظر في ارض فارس، فلم يرى أحداً يشرف عليه غيري، فسماني فرعون ".

أبو القاسم المقرىء النيسأبورى

أبو القاسم المقرىء النيسأبورى - 378 للهجرة جعفر بن محمد بن احمد المقرئ - نسبة إلى عم أبيه، فانه كان مقرئاً - أبو القاسم النيسابوري. صحب ابن عطاء، والجريري، والروذباري. وكان أحد مشايخ وقته، حسن السمث والسيرة، حسن السمث والسيرة، كثير المجاهدة، دائم المراقبة. انفق على هذه الطائفة مالا جماً. مات سنة ثمان وسبعين وثلثمائة. قيل: إضافة يوماً أبو الحسين الزنجاني ببغداد، مع

أبو علي الجوزجاني

جماعة من مشايخ بغداد، فلما قعدوا على الاكل قال أبو القاسم: " أنى صائم "، فقال بعض من حضر لجعفر الخلدي: " إن أبا القاسم يقول: " أنا صائم! "، فقال: " إن كان الثواب الذي يعطيه الله له على صومه احب أليه من سرور اخوانه فاتركوه حتى يصوم ". فمد أبو القاسم يده واكل. أبو علي الجوزجاني - ق 4 للهجرة الحسن بن علي الجوزجاني، أبو علي، من كبار مشايخ خراسان. له التصانيف في الرياضيات وغيرها. صحب محمد بن على الترمذي، ومحمد ابن الفضل؛ وهو قريب السن منهما. من كلامه: " في البخل ثلاثة: الباء وهو البلاء، والخاء وهو الخسران، واللام وهو اللوم. فالبخيل بلاء على نفسه، وخاسر في سعيه، وملوم في بخله ".

أبو علي الصبيحي

أبو علي الصبيحي - ق 4 للهجرة الحسن بن عبد الله بن بكر أبو على الصبيحي البصري. قيل انه لم يخرج من سرداب في داره ثلاثين سنة، يجتهد فيها ويتعبد، حتى أخرجه أهل البصرة منها. فخرج إلى السوس، ومات بها. وقبره ظاهر هناك. وكان عالما بعلوم القران، وصنف فيها، وكان صاحب ورع ولسان. ومن كلامه: " الربوبية سبقت العبودية، وبالربوبية ظهرت العبودية، وتمام وفاء العبودية مشاهدة الربوبية ".

أبو بكر بن يزدانيار

أبو بكر بن يزدانيار - ق 4 للهجرة الحسين بن علي بن يزدانيار، من أُرْميَة، أبو بكر. له طريقة فضلة في التصوف، وكان عالماً. وأنكر على بعض العراقيين في إطلاق ألفاظ له. من كلامه: " إياك ان تطمع في حب الله، وأنت تحب الفضول؛ واياك تطمع في حب الانس بالله، وأنت تحب الأنس بالناس؛ وإياك ان تطمع في المنزلة عند الله، وأنت تحب المنزلة عند الناس ". وقال: " صوفية خراسان عمل لا قول له؛ وصوفية بغداد قول لا عمل؛ وصوفية البصرة قول وعمل؛ وصوفية مصر لا قول ولا عمل ".

أبو عبد الله خاقان البغدادي

أبو عبد الله خاقان البغدادي - 279 للهجرة خاقان أبو عبد الله؛ من كبار مشايخ بغداد، صاحب كرامات. مات سنة تسع وسبعين ومائتين. ذكر ابن فضلان الرازي، قال: " كان أبي أحد الباعة ببغداد، وكنت على سرير حانوته جالساً، فمر إنسان ظننت انه من فقراء بغداد، وان حين إذ لم ابلغ الحلم، فجذب قلبي، وقمت فسلمت عليه، ومعي دينار، فدفعت اليه، فتناوله ومضى، ولم يقبل علي فقلت في نفسي: ضيعت الدينار؟. فتبعته حتى أتى مسجد الشونيزية، فرأى في ثلاثة من الفقراء، فدفع الدينار إلى احدهم، واستقبل هو القبلة يصلي، فخرج الذي اخذ الدينار - وأنا أتابعه - فأشترى طعاماً، فحمله، فأكله ثلاثة، والشيخ مقبل على صلاته يصلي. فلم فرغوا اقبل عليهم الشيخ، فقال: " أتدرون ما حبسني عنكم؟ " قالوا: " لا. يا أستاذ! ". فقال: " شاب ناولني الدينار، وكنت أسأل الله ان يعتقه من الدنيا، وقد فعل ". فلم أتمالك ان قعدت بين يديه، فقلت: " صدقت يا أستاذ! ". وكان هذا الشيخ خاقان ".

أبو جعفر النجار

أبو جعفر النجار - 283 للهجرة زيد بن بندار، النجار أبو جعفر. من جلة مشايخ أصبهان، شديد الاجتهاد. قيل: لم يفطر هو ولا ابنه ولا امرأته أربعين سنة. مات سنة ثلاث وسبعين ومائتين. ظالم بن محمد السائح - ق 4 للهجرة ظالم بن محمد السائح، من أصحاب أبى جعفر الحداد. حكى عنه أنه قال: " أصل هذا الأمر ثلاثة أشياء: السكون إلى الله، وقلة الغذاء، والهروب من الخلق ".

عبد الله بن خبيق الأنطاكي

عبد الله بن خبيق الأنطاكي - ق 3 للهجرة عبد الله بن خبيق، أبو محمد، أحد الزهاد، الكوفي ثم الأنطاكى. صحب ابن أسباط. من كلامه: " لا تغتم إلا من شئ يضرك غداً، ولا تفرح إلا بشيء يسرك غداً ". وقال: " أنفع الخوف ما حجزك عن المعاصي، وأطال منك الحزن على ما فات، وألزمك الفكرة في بقية عمرك. وأنفع الرجاء ما سهل عليك العمل ". وقال: " طول الاستماع إلى الباطل يطفئ نور حلاوة الطاعة من القلب ".

وقال فتح بن شخرف: " حدثني أول ما لقيته، فقال: يا خراساني!، إنما هي أربع لا غير: عينك، ولسانك، وقلبك، وهواك. فانظر عينك، لا تنظر بها إلا ما يحل لك؛ ولسانك، لا تقل شيئاً يعلم الله خلافه من قلبك؛ وقلبك، لا يكن فيه غل ولا حقد على أحد من المسلمين؛ وهواك، لا تهو به شيئاً من الشر. فإذا لم يكن فيك هذه الأربع من الخصال فاجعل الرماد على رأسك فقد شقيت ".

أبو الحسن بن الموفق

أبو الحسن بن الموفق - 265 للهجرة على بن الموفق، أبو الحسن. من كبار العباد، أكثر من الحج. حدث عنه منصور بن عمار، وابن أبى الحواري. ومات سنة تسع وخمسين وثلثمائة. حج نيفاً وخمسين حجة، قال: " فنظرت إلى أهل الموقف، وضجيج أصواتهم، فقلت: اللهم، إن كان فى هؤلاء أحد لك تقبل حجته فقد وهبت حجتي له!. فرجعت إلى مزدلفة، فبت بها، فرأيت رب العزة في المنام، فقال لى: يا على بن الموفق! تَتَسخى على؟!. قد غفرت لأهل الموقف ولأمثالهم، وشفعت كل واحد منهم في أهل بيته وعشيرته، وأنا أهل التقوى وأهل المغفرة ".

وقال: " لما تم لي حج ستين حجة خرجت من الطواف، وجلست بحذاء الميزاب، وجعلت أتفكر: لا أدرى أى شئ حإلى عند الله؛ وقد كثر ترددي إلى هذا المكان. فغلبتني عينى، فكأن قائلا يقول: يا على! أتدعو إلى بيتك إلا من تحبه؟. فانتبهت وقد سرى عنى ما كنت فيه ". وقال: " نام رجل من إخوانكم في ليلة باردة، فلما تهيأ للصلاة إذا شقاق فى يديه ورجليه، فبكى فهتف به هاتف من الثنية: أيقظناك وأنمناهم، فلم تبكي علينا؟! ". وقال: " خرجت يوما لأؤذن، فأصبت قرطاساً، فأخذته ووضعته في كمي، فأذنت وأقمت وصليت، فلما فرغت قرأته، فإذا فيه مكتوب: " بسم الله الرحمن الرحيم. يا على بن الموفق! تخاف الفقر وأنا ربك؟! ". ومضى هو وابن علان إلى دعوة وباتا عندهم، وانصرفا من الغد. فلما حصل ابن علان في البيت جاءته الجارية، فقالت: " على الباب رجل يطلبك " قال ابن علان: فخرجت إليه فرايته يرتعد، فقلت: " ما شأنك؟! " قال: " يا عم! مررت بي أنت وذاك الشيخ الذي كان معك - يعنى ابن الموفق - فقلت في نفسي: هؤلاء الصوفية يمرون إلى

الدعاوى، يأكلون ويرقصون!. فلما كان الليل ظهر لى شخص، أخذ بعضدي، وهزني في منامي، وقال: تستهزئ بقوم قد غفر الله لهم في هذه الليلة سبع عشرة مرة؟!. فقلت: لا أعود!. ثم قال: يا عم!، اجعلني في حل!. أو كما قال ". وقال: " اللهم، إن كنت تعلم أنى أعبدك خوفاً من نارك فعذبني بها؛ وإن كنت تعلم أنى أعبدك حباً منى لجنتك، وشوقاً إليها، فاحرمنيها. وإن كنت تعلم أنى أعبدك حباً منى لك، وشوقاً منى إلى وجهك الكريم فأبحنيه مرة واصنع بي ما شئت ".

عمرو بن عثمان المكي

عمرو بن عثمان المكي - 297 للهجرة عمرو بن عثمان المكي، أبو عبد الله. أحد المشايخ، سكن بغداد، ومات بها. صحب أبا سعيد الخراز، وغيره من القدماء. زكان عالماً بالأصول؛ وله مصنفات في التصوف، وكلام رائق. أخذ عنه جعفر الخلدي وغيره. مات قبل الثلثمائة بمكة، قاله السلمي. وصحح الخطيب أنه توفى ببغداد إحدى وتسعين.

من كلامه: " ثلاثة أشياء من صفات الأولياء: الرجوع إلى الله في كل شئ، والفقر إلى الله فى كل شئ، والثقة بالله في كل شئ ". وقال: " المروءة التغافل عن زلل الأخوان ". وقيل إنه دخل أصبهان، فصحبه حدث، وكان والده يمنعه من صحبته، فمرض الصبى، فدخل عليه عمرو مع قوال. فنظر الحدث إلى عمرو، وقال: " قل لع يقول شيئاً! " فقال: ما لي مرضت فلم يعدني عائد ... منكم، ويمرض عبدكم فأعود؟! فتمطى الحدث على فراشه وقعد، وقال للقوال: " زدنى بحبك لله! "، فقال: وأشد من مرضى على صدودكم ... وصدود عبدكم على شديد أقسمت لاعلق الفؤاد بغيركم ... ولكم على بما أقول عهود فزاد به البر حتى قام، وخرج معهم ".

عبد الله محمد بن منازل

عبد الله محمد بن منازل - 329 للهجرة عبد الله بن منازل - بفتح الميم - أبو محمد النيسأبوري، من جله مشايخ الصوفية. صحب حمدون القصار، وأكثر عنه: وكان عالماً بعلوم القوم؛ كتب الحديث الكثير. مات بنيسأبور سنة تسع وعشرين وثلثمائة. من كلامه: " من اشتغل بالأوقات الماضية والآتية ذهب وقته بلا فائدة ". وقال: " لا تكن خصماً مع نفسك على الخلق، وكن خصماً مع الخلق على نفسك ". وقال: " اقل الناس معرفة بنفسه من ظن أنه يجئ من نفسه شئ ".

وقال: " إذا لم تنتفع بكلامك فكيف ينتفع به غيرك ". وقال: " كل فقر لا يكون عن ضرورة فليس فيه فضيلة ". وقال: " من احتجت إلى شئ من علومه فلا تنظر إلى شئ من عيوبه؛ فان نظرك فى عيوبه يحرمك بركة الانتفاع بعلمه ". وقال: " أفضل أوقاتك وقت تسلم فيه من هواجس نفسك، ووقت يسلم فيه الناس من سوء ظنك ". ومن إنشاداته: يا من شكا شوقه من طول فرقته ... اصبر، لعلك تلقى من تحب غداً!

أبو القاسم المخرمي

أبو القاسم المخرمي - 364 للهجرة عبد السلام بن محمد البغدادى، المخرمى أبو القاسم، شيخ الحرم. سافر، ولقي المشايخ، وسكن مكة وحدث بها. مات سنة أربع وستين وثلثمائة. ولقى الكتاني، والروذبارى. جمع بين علمي والحقيقة، والفتوة وحسن الأخلاق. والمخرمى نسبة إلى المخرم - محلة ببغداد - لأن بعض ولد يزيد بن المخرم نزلها فسميت به.

أبو محمد الخراز

أبو محمد الخراز - 308 للهجرة عبد الله بن محمد الخراز، أبو محمد. من أهل الرى، جاور مكة، وصحب أبا حفص، وأبا عمران الكبير. وكان عالماً ورعاً. مات قبل العشر وثلثمائة. ومن كلامه: " الجوع طعام الزاهدين، والذكر طعام العارفين ". قال الدقي: " دخلت عليه، ولى أربعة أيام لم آكل، فقال: يجوع أحدكم أربعة أيام، ويصبح ينادى عليه الجوع!. ثم قال: أيش يكون، لو أن كل نفس منفوسة تلفت فيما تؤمله من الله؛ أترى يكون ذلك كثيراً؟! ".

أبو الحسن بن الصائغ الدينوري

أبو الحسن بن الصائغ الدينوري - 330 للهجرة أبو الحسن على بن محمد بن سهل الدينوري. أقام بمصر، ومات بها سنة ثلاثين وثلثمائة. كان من الكبار، قوى الفراسة. قال يوماً لبعض أصحابه، وقد افطر بعد أن نوى الصيام: " من آثر على الله رغيفاً لا يفلح أبداً ". وسئل عن صفة المريد، فقال: " ما قال الله تعالى:) حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا إلا ملجأ من الله إلا إليه (.

غنيمة بن الفضل البغدادى

غنيمة بن الفضل البغدادى - 592 للهجرة أبو القاسم بن الفضل البغدادي، أحد الأعيان. صاحب مجاهدات ورياضات، وتلامذة وتسليك وظرافة. كان ينزل بالرباط الناصري، من الجانب الغربي ببغداد. مات سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، ودفن بمقبرة معروف الكرخي. غيلان السمرقندى - ق 4 للهجرة غيلان السمرقندى الخراسانى. من كبارهم، له يد فى علومهم. قال: " العارف يفهم عن الله بالله، والعالم يفهم عن الله بغيره، لأن الأشياء كلها دليل على وحدانية الله، فإذا وجد الواحد استغنى عن دليل ".

من اشتهر بكنيته من غير ترتيب

من اشتهر بكنيته من غير ترتيب

أبو بكر الشبلي

أبو بكر الشبلي 247 - 334 للهجرة أبو بكر الشبلى سلف. أبو بكر الطمستانى - بعد 340 للهجرة أبو بكر الطمستانى، صحب ابرهيم الدباغ، وكان أوحد وقته علماً وحالا. مات بنيسأبور بعد سنة أربعين وثلثمائة. من كلامه:

" النعمة العظمى الخروج من النفس، والنفس أعظم حجاب بينك وبين الله ". وقال: " إذا هم القلب عوقب في الوقت ". أي: إذا عزم على الشر. فائدة: الطمستاني، لا أعلم نسبته إلى مإذا. ولعله: " الطبسى " نسبة إلى طبس، قرية من قرى مازندران.

أبو تراب النخشبي

أبو تراب النخشبي - 245 للهجرة أبو تراب عسكر بن حصين النخشبى، نسبة إلى نخشب، بلدة بما وراء النهر. من جلة مشايخ خراسان وأكابرهم. وصحب الأصم وغيره. وأستاذه على الرازي المذبوح، من قدماء المشايخ. سمى المذبوح لأنه غزا في البحر، فأخذه العدو، فأرادوا ذبحه، فدعا بدعاء، ثم رمى نفسه في البحر، فجعل يمشى على الماء حتى خرج. وقيل: ارادوا ذبحه، فكانوا كلما وضعوا الشفرة على حلقه انقلبت، فضجروا وتركوه.

وسئل عن التوكل فقال:) الله الذى خلقكم ثم رزقكم ثم يحييكم ثم يميتكم (. ومن كلامه أبى تراب: " الفقير قوته ما وجد، ولباسه ما ستر، ومسكنه حيث نزل ". وقال: " الصوفي لا يكدره شئ، ويصفو به كل شئ ". وقال: " إذا صدق العبد في العمل وجد حلاوته قبل أن يعمله، فإذا أخلص فيه وجد حلاوته وقت مباشرته ". وقال: " إذا تواترت على أحدكم النعم فليبك على نفسه، فقد سلك به غير طريق الصالحين ". وقال: " إذا ألف القلب الأعراض عن الله صحبته الوقيعة في أعراض أولياء الله ".

وقال لأصحابه: " من لبس منكم مرقعة فقد سأل، ومن قعد في خانقاه أو مسجد فقد سأل، ومن قرأ القرآن من مصحف كيما يسمع الناس فقد سأل ". ونظر يوماً إلى صوفي من تلامذته، مد يده إلى قشر بطيخ، وكان قد طوى ثلاثة أيام، فقال: " تفعل ذلك؟!. أنت لا يصلح لك التصوف، فالزم السوق! ". قال يوسف بن الحسين: " صحبت أبا تراب خمس سنين، وحججت معه على غير طريق الجادة. ورأيت منه في السفر عجائب، يقصر لساني عن وصف جميع ما شاهدته، غير أننا كنا مارين، فنظر إلى يوماً وانا جائع، وقد تورمت قدماى؛ وأنا امشى بجهد، فقال لى: " كالك؟ لعلك جعت؟ " قلت: " نعم " قال: " ولعلك أسأت الظن؟ " قلت: " بلى! " قال: " ارجع أليه! " قلت: " وأين هو؟ " قال: " حيث خلفته! " قلت: " هو معي! " قال: " فان كنت صادقاً فما هذا الهم الذي أراه عليك؟! " قال: فرأيت الورم قد سكن، والجوع قد ذهب، ونشطت حتى كدت أتقدمه. فقال أبو تراب: " اللهم إن عبدك قد اقر لك، فأطعمه! " ونحن بين جبال ليس فيها مخلوق، ثم انتهينا إلى رابية، وإذا كوز ورغيف موضوع، فقال لى

أبو تراب: " دونك! دونك! " فجلست فأكلت، وقلت: " أليس تأكل منه، أنت؟ " فقال: " لا! بل من اشتهاه! ". وروى أنه قال: " وقفت بعرفات خمساً وعشرين وقفة. فلما كان من قابل رأيت الناس بعرفات، ما رأيت أكثر منهم عدداً، ولا أكثر خشوعاً وتضرعاً ودعاء، فاعجبنى ذلك، فقلت: " اللهم، من لم تقبل حجته من هذا الخلق فأجعل ثواب حجتي له! ". وأفضنا من عرفات وبتنا بجمع، فرأيت في المنام هاتفاً يهتف بى: " تتسخى على، وأنا أسخى الأسخياء؟!. وعزتي وجلالي! ما وقف أحد هذا الموقف إلا غفرت له " فانتبهت فرحاً بهبة الرؤيا، فرأيت يحيى بن معاذ الرازى، فقصصت عليه الرؤيا، فقال: " إن صدقت رؤياك فإنك تعيش أربعين يوماً. فلما كان يوم إحدى وأربعين جاءوا إلى يحيى وقالوا: إن أبا تراب مات، فغسله ودفنه. وقيل: مات بالبادية. نهشته السباع، في سنة خمس وأربعين ومائتين.

ومن أصحابه حمدون بن أحمد القصار، أبو صالح النيسابورى. ملت سنة إحدى وسبعين ومائتين. ومن كلامه: " من رأيت فيه خصلة من الخير فلا تفارقه فانه يصيبك من بركاته ". وقال: " إذا رأيت سكران يتمايل فلا تنع عليه، فتبتلى بمثل ذلك ". وسئل: " متى يجوز للرجل أن يتكلم؟ " فقال: " إذا تعين عليه أداء فرض من فرائض الله في علمه، أو خاف هلاك إنسان في بدعة يرجو أن ينجيه الله منها ". وقال عبد الله بن منازل، قلت لأبى صالح: " أوصني! " فقال: " أن استطعت إلا تغضب لشيء من الدنيا فافعل ".

ومات صديق له وهو عند رأسه، فلما مات أطفأ حمدون السراج فقيل: " في مثل هذا الوقت يزاد في السراج! " فقال: إلى هذا الوقت كان الدهن له، فصار لورثته ". ومن أصحابه أيضاً شاه بن شجاع الكرماني أبو الفوارس. من أولاد الملوك، وكان كبير الشأن، حاد الفراسة، قل أن يخطئ. مات قبل الثلثمائة. وكرمان عدة بلاد. ومن كلامه: " علامة التقوى الورع، وعلامة الورع الوقوف عند الشبهات ".

وكان يقول لأصحابه: " اجتنبوا الكذب والخيانة والغيبة، ثم افعلوا ما بدا لكم ". وقال: " من غض بصره عن المحارم، وأمسك نفسه عن الشهوات؛ وعمر باطنه بدوام المراقبة، وظاهرة باتباع السنة، وعود نفسه أكل الحلال، لم تخطئ له فراسة ". وروى أنه كان بينه وبين يحيى بن معاذ صداقة. فجمعهما بلد واحد، فكان شاه لا يحضر مجلسه، فقيل له في ذلك، فقال: " الصواب هذا! " فما زالوا به حتى حضر مجلسه، وقعد ناحية وهم لا يشعرون. فلما أخذ يحيى بالكلام ارتج عليه وسكت، ثم قال: " هنا من هو أحق بالكلام منى! "، فقال لهم شاه: " قلت لكم: الصواب ألا أحضر مجلسه! ". وروى انه كان قد تعود السهر، فغلبه النوم مرة واحدة، فرأى الحق تعالى في المنام، فكان يتكلف النوم بعد ذلك، فقيل له في ذلك، فأنشد: رأيت سرور قلبي في منامي ... فأحببت التنعس والمناما

ومن أصحابه أيضاً محمد بن على الترمذي أبو عبد الله، من كبار الشيوخ. وله تصانيف في علوم القوم. وصحب أيضاً ابن الجلاء وغيره. سئل عن صفة الخلق، فقال: " ضعف ظاهر ودعوى عريضة ". وقال: " ما صنعت حرفاً عن تدبير، ولا لينسب إلى شئ منه ولكن إذا اشتد على وقتي أنسلي به ". ومن أصحابه أيضاً محمد بن حسان البسرى أبو عبيد. من قدماء المشايخ، صاحب كرامات.

قال ابن الجلاء: " لقيت ستمائة شيخ، ما رأيت مثل أربعة: ذي النون، وأبى تراب، وأبى عبيد البسرى، وأبى ". مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين. ومن كلامه: " النعم طرد، فمن أحب النعم فقد رضى بالطرد والبلاء قربة، فمن ساءه البلاء فقد أحب ترك القربة "؛ أي التقرب إلى الله تعالى. ويروى عنه أنه قال: " سألت الله عز وجل ثلاث حوائج، فقضى لي اثنتين، ومنعني الثالثة: سألته أن يذهب عنى شهوة الطعام، فما ابالي أكلت أم لا. وسألته أن يذهب عنى شهوة النوم، فما أبالي نمت أم لا. وسألته أن يذهب عنى شهوة النساء فما قبل ". قيل: فما معنى ذلك؟. قال: " أن الله تعالى قد قضى في مبدأ خلقه أن يكون شئ قدره وقضاه، فلا راد لقضائه ". وروى أنه كان في أول ليلة من رمضان يدخل بيتاً، ويقول

لامرأته: " طيني الباب، وألق إلى من الكوة رغيفاً " فإذا كان يوم العيد فتحته، ودخلت امرأته البيت، فإذا فيه ثلاثين رغيفاً في زاوية البيت، فلا أكل ولا شرب ولا نام، ولا فاتته ركعة من الصلاة. وجاء ولده أليه فقال: " إني أخرجت جرة فيها سمن، فوقعت فانكسرت، فذهب رأس مالي! "، فقال: " يا بنى! اجعل رأس مالك رأس مال أبيك، فوالله ما لأبيك رأس مال في الدنيا والآخرة إلا الله تعالى! ". وقال أبو عبيد البسرى، قال لي الخضر: " يا أبا عبيد!، أنا أجئ إلى العارفين في اليقظة، وأجئ إلى المريدين في المنام أودهم ". فرأيت مناماً، وكان فيما بيني وبينه يحضر، وكان قبل ذلك يجيئني في اليقظة، فقلت له: " اعبر لي " فقال: " أنا أزور من يدخر شيئاً لغد مناماً " فلما استيقظت جعلت أنظر وأفكر، فلم أر شيئاً أعرفه، فجاءت المرأة، فرأت على اثر الندم، فأخبرتها، فقالت: نعم! قد كان جاءنا أمس نصف درهم فرفعته، وقلت: " يكون لنا غداً ". ويروى عن نجيب بن أبى عبيد البسرى قال: " كان والدي

في المحرس الغربي بعكا، في ليلة النصف من شعبان، وأنا في الرواق السادس، انظر إلى البحر؛ فبينا أنا أنظر إذا شخص يمشى على الماء، ثم بعد الماء مشى على الهواء، وجاء إلى والدى، فدخل من طاقته التي هو فيها ينظر إلى البحر، فجلس معه ملياً يتحادثان، ثم قام والدى فودعه، ورجع الرجل من حيث جاء. يمشى في الهواء، فقمت إلى والدي، قلت له: " يا أبت!، من هذا الذي كان عندك، يمشى على الماء، ثم الهواء؟ "، فقال: " يا بنى! رأيته؟ "، قلت: " نعم "، قال: " الحمد لله رب العالمين، الذى سوى بك وبنظرك له، يا بنى!، هذا الخضر. نحن اليوم في الدنيا سبعة، ستة يجيئون إلى أبيك، وأبوك لا يروح إلى واحد منهم ".

أبو العباس السيارى

أبو العباس السيارى - 342 للهجرة القاسم بن القاسم السيارى أبو العباس، أصله من مرو. وصحب أبا بكر الواسطي، وصار رأساً في علوم الطائفة، مع فقهه علمه، وكتابته الحديث الكثير. مات سنة اثنتين وأربعين وثلثمائة. من كلامه: " من حفظ قلبه مع الله بالصدق أجرى على لسانه الحكمة ". وقال: " ظلم الأطماع تمنع أنوار المشاهدات؛ وما استقام إيمان عبد حتى يصبر على الذل مثلما صبر على العز ".

وقال: " لو جاز أن يصلى ببيت شعر لجاز أن يصلى بهذا البيت: أتمنى على الزمان محالا ... أن ترى مقلتاي طلعة حر وقيل له يوماً: " بماذا يروض المريد نفسه؟ وكيف يروضها؟ ". فقال: " بالصبر على الأوامر، واجتناب النواهي، وصحبة الصالحين، وخدمة الرفقة ن وجالسة الفقراء. والمرء حيث وضع نفسه ". ثم أنشد متمثلا: صبرت على اللذات حتى تولت ... وألزمت نفسي صبرها فاستمرت وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى ... فإن أطعمت تاقت وإلا تسلت وكانت على الأيام نفس عزيزة ... فلما رأت عزمي على الذل ذلت وينشد: فلما استنار الصبح أدرج ضوءه ... بأسفار أنوار ضوء الكواكب يجرعهم كأساً، لو ابتلى اللظى ... بتحريقه طارت، كأسرع ذاهب

أبو تمام التكريتي

أبو تمام التكريتي - 548 للهجرة كامل بن سالم التكريتي أبو تمام؛ قدم بغداد وصار من الأعيان صحب أبا الوفاء الفيروز ابادي مدة. ومات سنة ثمان وأربعين وخمسمائة ببغداد. أبو على الرومي - 312 للهجرة لبيب بن عبد الله الرومى العابد، أبو على الزاهد الورع. يقصد للتبرك، وله كلام حسن. مات سنة اثنتي عشرة وثلثمائة.

ومن كلامه: الظرف هو الأنس بالأوامر، والاستحياش من الزواجر ". وقال: " الظريف لا يحيف، ويرضى باليسير من الدنيا ". وسبب سلوكه أنه كان مملوكا لجندي، فرباه وعلمه العمل بالسلاح، وأعتقه؛ ومات سيده، فاخذ رزقه، وتزوج زوجته صيانة لها. قال: " ثم إنه اتفق أن حية دخلت جحراً، فأمسكت ذنبها، فنهشت يدى فشلت، ثم بعد مدة شلت الأخرى بغير سبب أعرفه، ثم جفت رجلاي، ثم عميت ثم خرست؛ فبقيت كذلك سنة، لم يبق لى صحيح غير سمعى، اسمع به ما اكره وأنا طريح على ظهري. فدخلت امرأة على زوجتي، فقالت: " كيف حال زوجك؟ " فقالت: " لا حي فيرجى، ولا ميت فيبلى! " فتألمت من ذلك، واستغثت بالله. فنمت وانتهت وقت السحر، وإحدى يدى على صدرى، فعجبت فحركتها فتحركت، ففرحت ثم حركت رجلي، ثم الأخرى، ثم قمت، ثم رأيت، ثم انطلق لساني بأن قلت: " يا قديم الإحسان!، لك المجد! " ثم صحت بزوجتي فأتتنى، فقصصت شارباً كان لى على زي الجند، وقلت: " لا أخدم غير ربى! "، وخرجت من الدار، وطلقت الزوجة، ولزمت عبادة ربى ".

محفوظ بن محمود النيسأبوري

محفوظ بن محمود النيسأبوري - 303 للهجرة محفوظ بن محمود، من أصحاب أبى حفص النيسأبوري. من قدماء مشايخ نيسأبور وجلتهم. صحب أبا عثمان، وحمدونا القصار، وعلياً النصر اباذى، وغيرهم. وكان من الورعين. مات سنة ثلاث - أو أربع - وثلثمائة بنيسأبور، ودفن بجنب أبى حفص. ومن كلامه: " من ظن بمسلم فتنة فهو المفتون ". وقال: " أكثر الناس خيراً أسلمهم صدراً للمسلمين ".

مظفر القرميسيني

مظفر القرميسيني - ق4 للهجرة مظفر القرميسيني من مشايخ الجبل. صحب عبد الله الخراز، وغيره. من كلامه: " الصوم على ثلاثة اوجه: صوم الروح بقصر الأمل، وصوم العقل بمخالفة الهوى، وصوم النفس بالإمساك عن الطعام والمحارم ". وقال: " الجوع - إذا ساعدته القناعة - مزرعة الفكرة، وينبوع الحكمة، وحياة الفطنة، ومصباح القلب ". وقال: " افضل أعمال العبيد حفظ أوقاتهم، وهو الا يقصروا

محمد وأحمد ابنا أبي الورد

في أمر، ولا يتجاوزوا عن حد ". وقال: " من لم يأخذ الأدب عن حكيم لم يتأدب به مريد ". محمد وأحمد ابنا أبي الورد محمد:؟ - 263 للهجرة أحمد:؟ 263 للهجرة محمد وأحمد ابنا أبي الورد، من كبار مشايخ العراقيين، وأقارب الجنيد وجلسائه.

محمد بن عليان النسوي

صحبا سريا والحارث، وبشرا الحافي، وأبا الفتح الحمال. وورعهما قريب من ورع بشر. قال محمد: " الولي من يوالي أولياء الله، ويعادي أعدائه " وقال احمد: " إذا زاد الله في الولي ثلاثة أشياء زاد منه ثلاثة أشياء: إذا زاد جاهه زاد تواضعه، وإذا زاد ماله زاد سخاؤه، وإذا زاد عمره زاد جهاده ". محمد بن عليان النسوي - ق4 للهجرة محمد بن عليان النسوي، من جلة أصحاب أبى عثمان الحيري، له كرامات. من كلامه: " الزهادة في الدنيا مفتاح الرغبة في الآخرة ".

أبو بكر الوراق

أبو بكر الوراق - 240 للهجرة محمد بن عمر، أبو بكر الوراق، الترمذي ثم البلخي. صحب ابن خضرويه وغيره، وصنف في الرياضيات والمعاملات. وذكر " ابن خميس " في كتابه أبا بكر محمد بن حماد بن إسماعيل بن خالد الترمذي، من مشايخ خراسان، وقال: " لقي احمد بن خضرويه ومن دونه ". فلعله هذا. ومن كلآمه: " من أرضى الجوارح بالشهوات غرس في قلبه شجر الندامات ". وقال: " الصوفي من صفا قلبه من كل دنس، ويلم صدره لكل أحد، وسخت نفسه بالبذل والإيثار ". وقال: " لو قيل للطمع: من أبوك؟ لقال: الشك في المقدور؛ ولو قيل: ما حرفتك؟، لقال: اكتساب الذل؛ ولو قيل: ما غايتك؟،

لقال: الحرمان ". وكان يمنع أصحابه من الأسفار والسياحات، ويقول: " مفتاح كل بركة الصبر في موضع أرادتك، إلى أن تصح لك الإرادة، فإذا صحة فقد ظهر عليك أوائل البركة ". وقال: " لا تصحب من يمدحك بخلاف ما أنت عليه، أو بغير مافيك، فانه إذا غضب عليك ذمك بما ليس في ". وقال له رجل: " علمني شيئا يقربني إلى الله، ويقربني من الناس "، فقال: " الأول مسألته، والثاني ترك مسألتهم ". وروى أن رجلا جاءه زائرا، فلما أراد أن يرجع، قال له: " أوصني! " فقال: " وجدت خير الدنيا والآخرة في القلة والخلوة، ووجدت شرها في الكثرة والاختلاط ".

أبو المظفر الميهني

أبو المظفر الميهني - 491 للهجرة ناصر بن فضل الله بن احمد الميهنى أبو المظفر. صحب أباه، وكان شيخ وقته، وسمع من القشيري وغيره. مات بميهنة - ناحية بين سرخس وابيورد - في رمضان، سنة إحدى وتسعين وأربعمائة. نصر بن الحمامي - ق3 للهجرة نصر بن الحمامي، من اهل قصر ابن هبيرة، ذكره السلمي. يرجع إلى فتوة وسلامة صدر.

هشام بن مطيع الدمشقي

سئل: " لم اختار أصحابنا الفقر على غيره؟ " فقال:) لأنه أول منازل التوحيد ". قال السائل: فقنعت به، وتسميت به ". هشام بن مطيع الدمشقي - ق 3 للهجرة هشام بن مطيع الدمشقي، أحد الأعيان؛ ذكره ابن عساكر، وأثنى عليه. نظر مرة إلى رجل يساوم بغلام جميل ليشتر به؛ فظل ينتظر حتى قطع) الرجل (أمره مع صاحب) الغلام (، وهم أن يزن له، فجلس إلى جانبه، فقال له " يا أخي!، أني ما عرفتك ولا عرفتني، ولا كلمتك ولا كلمتني. وقد رأيتك على أمر، لم يسعني فيه إلا تسديدك، وبذل النصيحة فرض علي المسلم لأخيه إذا رآه على حالة لا يرضاها، وقد رايتك تنظر إلى هذا الغلام نظرا لا ينظره إلى مثله إلا من اشتغل عقله به عن طاعة ربه،

أبو طاهر الخباز الصوفي

ثم رايتك تريد ان تزن فيه مالا، لا ادري ما أقول فيه: إحلال هو أم حرام؛ فلان كان حراما فحقيق على مثلك إلا يجمع على نفسه أمرين محرمين، وان كان حلالا فينبغي ان تضعه نسبة الحلال. واعلم انه لن يصاب المؤمن بمصيبة ولا ابتلاء، اعظم من بلية تسكن في قلبه، فينقطع بها عن طاعة ربه ". أبو طاهر الخباز الصوفي - 600 للهجرة . . . ابن الفضل الخباز، أبو طاهر الصوفي. فلج في آخر عمره. سمع من ابي القاسم بن الحصين مسند الأمام احمد، وحدث به مرات، وكان شيخا صالحا. روى بسنده عن الاصمعي، قال، سمعت أعرابيا يقول: " من الغرة بالله ان يصر العبد على المصيبة، ويتمنى على الله المغفرة ". مات سنة ستمائة، ودفن بباب حرب.

يوسف بن الحسين الرازي

يوسف بن الحسين الرازي - 304 للهجرة يوسف بن الحسين الرازي، أبو يعقوب. شيخ الرى، في وقته، والجبال.) كان (عالما أديبا. صحب ذا النون وأبا تراب، ورافق أبا سعيد الخراز في بعض أسفاره. توفي سنة اربع وثلثمائة. ومن كلامه: " الصوفية خيار الناس، وشرارهم خيار شرار الناس؛ فهم الأخيار على كل الأحوال ". وقال: " إذا أردت ان تعلم العاقل من الأحمق فحدثه بالمحال، فان قبل فاعلم انه أحمق ". وقال: " إذا رأيت المريد يشتغل بالرخص فاعلم انه لا يجيء منه شيء ".

وقال: " لان ألقى الله بجميع المعاصي احب ألي من أن ألقاه بذرة من التصنع ". وكتب إلى الجنيد: " لا أذاقك الله طعم نفسكفانك أن ذقتها فانك لا تذوق بعدها خيرا أبدا " وكان يقول: " اللهم!، انك تعلم أني نصحت الناس قولا، وخنت نفسي فعلا، فهب خيانتي لنفسي، لنصيحتي للناس ". وقيل له: " هل لكم - يا أبا يعقوب - هم غد؟ "، قال: " يا سيدي!، من كثرة همنا اليوم لا نتفرغ إلى هم غد ". قال أبو الحسن الدراج: " قصدت زيارة يوسف بن

الحسين الرازي، من بغداد، فلما دخلت الري سالت عن منزله، فكل من أساله عنه يقول: " ايش تعمل بذلك الزنديق؟؟ "، فضيقوا صدري، حتى عزمت على الانصراف. فبت تلك الليلة في مسجد، ثم قلت في نفسي: جئت هذا البلد، فلا اقل من زيارته. فلم أزل أسال عنه، حتى دفعت إلى مسجد، فوجدته جالسا في المحراب، وبين يديه مصحف يقرا فيه، وإذا هو شيخ بهي، حسن الوجه واللحية. فدنوت منه، وسلمت عليه، فرد على السلام، وقال: من انت؟ قلت من بغداد، قال: لاي شي جئت؟، قلت: زائرا لك، قال: أرايت لو إن أنسانا - في بعض البلدان التي جزت بها - قال لك: أقم عندي، وسأشتري لك دارا أو جارية، أكان ذلك يمنعك من زيارتي؟، قلت: ياسيدي، ما أمتحنني الله بشي من ذلك ". ولو كان، فلا ادري كيف كنت أكون؛ فقال: أتحسن تقول شيئا؟، قلت: نعم. وانشدت: رايتك تبنى دائبا في قطيعتي ... ولو كنت ذا رحم لهدمت ما تبنى كأني بكم، والليت افضل قولكم: ... الا ليتنا كنا إذ الليت لا تغنى فأطبق المصحف، ولم يزل يبكي، حتى بل لحيته وثوبه، ورحمته من كثرة بكائه. ثم التفت إلى، وقال: يا بني، أتلوم أهل الري على قولهم: يوسف

ابن الحسين زنديق، وهو ذا من وقت صلاة الصبح أتلو القرآن، لم تقطر من عيني قطرة، وقد قامت على القيامة بهذا البيت؟؟؟؟؟؟! ". وقيل، كان آخر كلامه: " ألهى؟ دعوت الخلق إليك بجهدي، وقصرت في الواجب لك، على معرفتي بك، وعلمي فيك؛ فهبني لمن شئت من خلقك؟ ". ثم مات، فرؤى في المنام، فقيل له: " ما فعل الله بك؟ "، فقال: " أوقفني بين يديه وقال: يا عبد السوء! فعلت وصنعت؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ "، قلت: " سيدي لم أبلغ عنك هذا، بلغت انك كريم، والكريم إذا قدر عفا "، فقال: " تملقت بى بقولك: هبني لمن شئت من خلقك. اذهب؟ فقد وهبتك لك ". وقال: " عاهدت ربي - اكثر من مائة مرة - إلا أصحاب حدثا، وفسخها على حسن الخدود، وقوام القدود، وغنج العيون، وما يسألني الله معهم، عن معصية ". وانشد لصريع الغواني: أن ورد الخدود والحدق النجل ... وما الثغور من أفحوان واعوجاج في ظاهر الخد ... وما في الصدور من رمان تر تركتني بين الغواني صريعاً ... فلهذا ادعى صريع الغواني

وكان يتأوه ويقول في تأوهه: كيف السبيل إلى مرضاه من غضبا ... من غير جرم، ولم اعرف له سبباً وينشد: يا موقد النار في قلبي بقدرته ... لو شئت أطفأت عن قلبي بك النارا لا عار ان مت من شوقي ومن حزني ... على فَعالك بي، لا عار، لا عاراً وينشد: وأذكركم في السر والجهر دائباً ... وإن كان قلبي في الوثاق أسير لتعرف نفسي قدرة الخالق الذي ... يدبر امر الخلق وهو شكور وقيل له: " ما بال المحبين يتلذذون بالذل في المحبة؟؟ " فأنشد. ذُل الفتى في الحب مكرمة ... وخضوعه لحبيبه شرف وروى انه اعتل، فدخل عليه بعض إخوانه، فقال له: " مالك أيها الشيخ؟؟ " وما الذي تجد؟ إلا ندعو لك بعض الاطباء؟ " فأنشد:

أبو الحسين بن بنان

بقلبي سقام ما يداوي مريضه ... خفي عن العواد، باق على الدهر هوى باطن، فوق الهوى، لج داؤه ... وأصبى فؤادي منه في السر والجهر تلفت بجار يجل عن المنى ... على رأسه تاج من التيه والكبر قدير على ما سأمنى، متسلط ... جريء على ظلمى، امير على أمرى أبو الحسين بن بنان - 316 للهجرة أبو الحسين بن بنان، من كبار مشايخ مصر ومقدميهم صحب الخراز، واليه ينتمي. مات في التيه، لما خرجه هائما على وجهه.

أبو الحسين الوراق

من كلامه:) 1 (" لا يعظم أقدار الأولياء إلا من كان عظيم القدر عند الله ". أبو الحسين الوراق - 319 للهجرة أبو الحسين، محمد بن سعد، الوراق النيسأبوري، من كبار المشايخ، وقدماء أصحاب أبي عثمان. مات قبل العشرين وثلثمائه. قال: " من اسكن نفسه محبة شيء من الدنيا، فقد قتلها بشيف الطمع؛ ومن طمع في شيء ذل وبذله هلك، وقديما قيل: أتطمع في ليلى؟، وتعلم إنما ... تقطع أعناق الرجال المطامع؟!

أبو سليمان الداراني

أبو سليمان الداراني - 211 للهجرة أبو سليمان الداراني، عبد الرحمن بن احمد بن عطية العنسي، أحد الأوتاد والأقطاب. مات سنة خمس عشرة ومائتين. من كلامه: " من أحسن في نهاره كفى في ليله، ومن احسن في ليله كفى

في نهاره. ومن صدق في ترك شهوة ذهب الله بها من قلبه. والله اكرم من أن يعذب قلبا بشهوة تركت له " وقال: " لكل شي علم، وعلم الخذلان ترك البكاء ". وقال: " لكل شي صدا، وصدأ نور القلب شبع البطن ". وقال: " كل ما شغلك عن الله - من اهل أو مال أو ولد - فهو عليك مشؤم ". وسئل عن السماع، فقال: " كل قلب يريد الصوت الحسن فهو ضعيف، يدارى كما يدارى الصبي إذا إريد أن ينوم ". ثم قال: " الصوت) الحسن (لا يدخل في القلب شيئا، إنما يحرك من القلب ما فيه ". وقال: " افضل ما يتقرب به العبد إلى الله ان يطلع على قلبك وانت لاتريد من الدنيا والآخرة غيره "

وروى عنه. انه قال: " اختلفت إلى منزل قاص، فاثر كلامه في قلبي، فلما لم يبق في قلبي شيء، فعمت ثانيا فسمعت كلامه، فبقي في قلبي حتى رجعت إلى منزلي، فكسرت آلات المخالفات، ولزمت الطريق ". فحكيت هذه الحكاية ليحيى بن معاذ، فقال: " عصفورا اصطاد كركيا! "، إراد بالعصفور ذلك القاص، وبالكركى الداراني ". وقال ابن أبي الحوارى، قلت لأبي سليمان: " أيجوز للرجل أن يخبر عن نفسه بالشيء يكون منه؟ "، فقال: " إذا كان في موضع الأدب ليقتدي به، جاز له ذلك ". وقال أيضا: " دخلت عليه يوما وهو يبكي، فقلت له: " ما يبكيك؟! "، فقال: " يا احمد!، ولم لا أبكى؟!، إذا جن الليل، ونامت العيون، وخلا كل حبيب بحبيبه، افترش أهل المحبة أقدامهم، وجرت دموعهم على خدودهم، وقطرت على محاريبهم، اشرف الجليل سبحانه فنادى: يا جبريل! بعيني من تلذذ بكلامي، واستراح إلى ذكرى،

وأنى لمطلع عليهم في خلواتهم، اسمع أنينهم وارى بكائهم، فلم لا تنادي فيهم، يا جبريل: ما هذا البكاء؟!، هل رأيتم حبيبا يعذب أحباءه؟ ام كيف يجمل بي أن أعذب قوما إذا جنهم الليل تعلقوا) بي (؟! فبي حلفت!، إذا وردوا علي القيامة لا كشفن عن وجهي الكريم، حتى ينظروا إلى، وانظر أليهم! " وقال أيضا: شكوت) أليه (الوسواس، فقال: " إذا أردت ان ينقطع عنك، فأي وقت أحسست به فافرح، فانك إذا فرحت انقطع عنك، لأنه ليس شي ابغض للشيطان من سرور المؤمن، وان اغتنمت به زادك ". وقال، ذاكرته يوما في الصبر، فقال: " والله، ما نصبر على ما نحب، فكيف نصبر على ما نكره؟! ". وقال، قال لي أبو سليمان: " يا احمد!، أيكون شيء اعظم ثوأبا مكن الصبر؟ " قلت: " نعم!، الرضى عن الله! "، قال: " ويحك!، إذا كان الله يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب، فأنظر ماذا يفعل بالمرضى

عنهم! ". وقال، قال ل ييوما: " إذا أردت أبداً حاجة من حاجات الدنيا فلا تأكل شيئاً حتى تقضيها، فان الأكل يغير العقل ". وقال ذو النون: " تسمعوا يوماً على أبي سليمان، فسمعوه يقول: يا رب!، أن طالبتني بسريرتي طالبت بتوحيدك!، وان طالبت بذنوبي طالبت بكرمك!، وان جعلتني من اهل النار أخبرت أهل النار بحبي إياك ". وقال: " يعرف الأبرار بكتمان المصائب، وصيانة الكرامات ". وروى عنه انه قال: " نمت ليلة عن وردي، فإذا حورية تقول لي: أتنام وأنا أُرَبى لك في الخدود منذ خمسمائة عام؟! ". وقال: " كنت ليلة باردة في المحراب، فاتلفني البرد، فخبأت إحدى يدي من البرد، وبقيت الأخرى ممدودة، فغلبت عيناي فنمت، فهتف بي هاتف: يا أبا سليمان!، قد وضعنا في هذه ما أصابها، ولو كانت الأخرى لوضعنا فيها. فآليت على نفسي أن لا ادعوا إلا ويداي خارجتان، حراً أو برداً ".

وقال: " بينما أنا مار في طريق بيت المقدس، إذ رأيت امرأة عليها جبة مسح، وعلى رأسها خمار صوف، وهي جالسة، ورأسها بين ركبتيها، وهي تبكي؛ فقلت لها: ما أبكاكِ، يا جارية؟. فقالت: يا أبا سليمان؛ وكيف لا ابكي وأنا احب لقائه؟!. فقلت لها ما تحبين؟، فقالت: وهل يحب المحب غير لقاء المحبوب؟!. فقلت لها: ومن محبوبك؟ فقالت: علام الغيوب!، قلت: كيف تحبينه؟، فقالت: إذا صفيت نفسك من العيوب، وجالت روحك في الملكوت، عند ذلك تصل إلى محبة المحبوب ". فقلت: " فكيف يكونون في محبتهم له؟ "، فقالت: " أبدانهم نحيلة، وألوانهم متغيرة، وعيونهم هاطلة، وقلوبهم واجفة، وأرواحهم ذائبة، وألسنتهم بذكر محبوبهم لهجة "، قلت: " من أين لك هذه الحكمة، التي تنطقين بها؟! "، فقالت: " يا أبا سليمان!، لا تجيئ بطول العمر! ". فقلت: " بماذا تجئ؟ "، قالت: " بصفاء الود، وحسن المعاملة؟ "، ثم أنشأت تقول: قد كتمت الهوى فباح بسره ... عبرات من الجفون تسيل ثم قالت: أواه! أواه!. وأنشأت تقول:

كتب الدمع، فوق خدي، سطورا ... كل وجدٍ بمن هويت قليل اعذروني، إذا بليت من الوجد، ... فمالي إلى العزاء سبيل ان دمعي لشاهد على الحب، ... دليل بأن حزني طويل ثم قامت ودخلت في واد بين الجبال، وأنا انظر أليها ". قلت: وابنه سليمان بن أبي سليمان من الجلة، له لسان في علومهم. لقيه ابن أبي الحوارى. وحَكَى عنه، قولَ والده: " كنت بالعراق اعمل، وأنا بالشام اعرف " قال ابنه: " إنما معرفة أبي لله تعإلى للشام لطاعته بالعراق، ولو ازداد بالعراق طاعة لازداد بالله معرفة ". وحكى بعض أصحابه، قال: " كنا ببيت المقدس، ولا نتكلم إلا في أوقات، وكان له عمود في المسجد يجلس أليه؛ فجأت يوماً إلى العمود فما رأيته، كذا ثانية. فلما كان يوماً ثالث كنت

بجانب العمود وما رأيته، فحدثني وقال: " اجلس! " فنظرت فإذا هو قائم في العمود، فجلست وأنا مرعوب، وجاء اخر فقعد، وجاء اخر، فقال أبو سليمان: " من الناس من يطلبني اليوم واليومين والثلاثة، فإذا اردت استترت، وإذا اردتم انكشفت، وحدثته فقعد ". ولأبي سليمان أخ اسمه داود، زاهد وورع، كلام ككلام أخي في الرياض والمعاملة، حكى عنه ابن أبي الحواري. قال: قلت له: " ما تقول في القلب، يسمع الصوت الحسن، فيؤثر فيه؟ ". قال: " كل قلب يؤثر فيه الصوت الحسن فهو ضعيف، يدأوي كما تداوى النفس كما تداوى النفس المريضة ". ومن أصحابه القاسم بن عثمان الجوعي، أبو عبد الملك، من الأعلام. من أقران السري والحارث؛ وكان أبو تراب يصحبه.

مات سنة ثمان وأربعين ومائتين. من كلامه: " من اصلح فيما بقى من عمره غُفر له ما مضى وما بقى. ومن افسد فيما بقى من عمره أو خذ بما مضى وما بقى ". وقال: " السلامة كلها في اعتزال الناس، والفرح كله في الخلوة بالله ". وقال: " التوبة رد المضالم، وترك المعاصي، وطلب الحلال، وأداء الفرائض ". وقال لأصحابه: " أوصيكم بخمس: إن ظلمتم فلا تظلموا، وان مدحتم فلا تفرحوا، وان ذممتم فلا تجزعوا، وان كذبتم فلا تغضبوا، وان خانوكم فلا تخونوا " وقال: " أن لله عبادا قصدوا الله بهممهم، وافردوه بطاعتهم، واكتفوا به في توكلهم، ورضوا به عوضا عن كل ما خطر على قلوبهم من أمر الدنيا. فليس لهم حبيب غيره، ولا قرة عين الا فيما قرب أليه ". قال أبو جعفر الحداد: " دخلت دمشق، فوقفت عليه وهو يتكلم في الإيثار، فدخل عليه رجل من خارج الحلقة، حتى جاء إلى

القاسم، وفي رأسه عمامة، فأخذها وجعل يلقيها على رأسه، وقاسم يديرها له حتى أخذها، ولم يكلم أحدا من أصحابه، ولا قطع كلامه ": وقال له شخص: " ادع لي! فان السلطان يطلبني وأنا مظلوم! " فقال: " ما أخدعك!، أنا ما أدعو لنفسي، أنا اعرف أيش تحت ثيابي؟! ". وروى عنه انه قال:) رأيت في الطواف حول البيت رجلا، فقربت منه، فإذا هو لا يزيد على قوله:) اللهم قضيت حاجة المحتاجين، وحاجتي لم تقض! "، فقلت له:) مالك لا تزيد على هذا الكلام؟! ". فقال: " أحدثك!. كنا سبعة رفقاء، من بلدان شتى غزونا ارض العدو، فأسرنا كلنا؛ فاعتزل بنا لتضرب أعناقنا، فنضرت إلى السماء، فإذا سبعة أبواب مفتحة، عليها سبع من الحور العين، على كل باب جارية، فقدم منا رجل، فضربت عنقه، فرأيت جارية في يدها منديل، قد هبطت إلى الأرض،) وهكذا (حتى ضربت أعناق ستة، وبقيت أنا وبقي باب وجارية، فاستوهبت، فسمعتها تقول: " اي شي

فانك يا محروم! ". وأغلقت الأبواب!، وأنا يااخي، متحسر على ما فاتني ". قال قاسم بن عثمان: " أراه أفضلهم، لنه رأى ما لم يرو، وترك يعمل على الشوق " قال ابن عساكر الحافظ: " وجدت بخط بعضهم له: اصبر على كسرة وملح ... فالصبر مفتاح كل زين واقنع فان القنوع عز ... لا خير في شهوة بدين وأما قاسم الجوعي الكبير فاخر. كان من العيان، حكى عنه ابن أبي الحواري قال، سمعته يقول: " قليل العمل مع المعرفة خير من كثير العمل بلا معرفة " ثم قال لي: " اعرف!، وضع رأسك ونم، فما عبد الله الخلق بشيء افضل من المعرفة ". قال، وسمعته يقول: شبع الأولياء بالمحبة عن الجوع، ففقدوا لذة الطعام والشراب والشهوات ولذإذات الدنيا، لأنهم تلذذوا بلذة ليس فوقها لذة، فقطعهم عن كل اللذات ".

أبو عثمان سعيد بن سلام المغربي

وقال: " إنما سميت " الجوعى " لان الله قواني عليه، فكنت أبقى شهراً، ولا أكل ولا اشرب، ولو تركوني لزدت. وكنت أقول: اللهم أنت فعلت ذلك، فأتمه على بمنك! ". أبو عثمان سعيد بن سلام المغربي - 373 للهجرة أبو عثمان المغربي سلف.

أبو يزيد البسطامي

أبو يزيد البسطامي 188 - 261 للهجرة أبو يزيد طيفور بن عيسى البِسْطامِيّ، من الأعلام كان جده مجوسياً وأسلم. وهم ثلاثة إخوة، وطيفور، وعلى. وكلهم زهاد عّباد، وأبو يزيد أجلهم حالا. مات سنة إحدى وستين، وقيل: سنة اربع وستين ومائتين، عن ثلاث وسبعين سنة. من كلامه:

ما زالت أسوق نفسي إلى الله وهي تبكي، حتى سقها هي تضحك ". وسئل: " أي شيء وجدت هذه المعرفة؟ "، فقال: " ببطن جائع، وبدن عارٍ ". قيل له: " ما اشد ما لقيت في سبيل الله؟ "، فقال: " ما لا يمكن وصفه! " فقيل له: " فما أهون ما لقيتُه نفسُك منك؟ " فقال: " أما هذا فَنَعم، دعوتُها إلى شيء من الطاعات، فلم تجبني، فمنعتها الماء سنة! ". وقال أبو تراب: " سألته عن الفقير، هل له وصف؟ " فقال: " نعم!، لا يملك شيئاً، ولا يملكه شيء ". وقال: " الناس كلهم يهربون من الحساب، ويتجافون عنه، وأنا أسأل الله ان يحاسبني! "، فقيل: " لَمَ "، قال: " لعله يقول لي، فيما بين ذلك؛ يا عبدي!، فأقول: لَّبيك!. فقوله لي: يا عبدي!. أحب إلى من

الدنيا وما فيها؛ ثم يفعل بي ما يشاء ". وقال له رجل: " دُلَّني على عمل أتقرب به إلى ربي! "، فقال: " أحبب أولياء الله ليحبوك، فأن الله تعالى ينظر إلى قلوب أوليائه، فلعله أن ينظر إلى اسمك في قلب وليه، فيغفر لك ". قال عيسى بن آدم، ابن أخي أبي يزيد: " كان أبو يزيد يعظ بثلاثة أيام، وأكثره بعشرة ايام، وانت - يا نفس - قاعدة منذ عشرين وثلاثين سنة، بعد ما طهرت؟!، متى تطهرين؟!. إن وقوفك بين يدي طاهر، فينبغي ان تكوني طاهرة ". وروى انه أذن مرة، ثم أراد ان يقيم، فنظر في الصف، فرأى رجلاً عليه اثر سفر، فتقدم أليه فكلمه بشيء، فقام الرجل وخرج من المسجد، فسأله بعض من حضره، فقال الرجل: " كنت في السفر، فلم اجد الماء، فتيممت ونسيت ودخلت المسجد، فقال لي أبو يزيد: لا يجوز التيمم في الحضر!، فذكرت ذلك وخرجت. وروى انه قال لبعض أصحابه: " قم بنا إلى فلان "، لرجل

قد شهر نفسه بالزهد في ناحية، فقصداه، فرآه أبو يزيد قد خرج من بيته، ودخل المسجد وتفل في قبلة المسجد، فقال أبو يزيد لصاحبه: " هذا الرجل ليس بمأمون على أدب من أداب السنة، كيف يكون مأموناً على ما يدَّعيه من مقامات الأولياء؟! " وروى ان شقيقا البلخي وأبا تراب قدما عليه فقٌدّمت السفرة، وشاب يخدم أبا يزيد فقالا له: " كل معنا يا فتى! " فقال: " أنا صائم "، فقال له أبو تراب: " كل ولك اجر صوم شهر " فأبى، فقال له شقيق: " كل، ولك اجر صوم سنه " فأبى فقال أبو يزيد: دعوا من سقط من عين الله! " فاخذ ذلك الشاب في سرقه - بعد سنة - فقطعت يده ". وقال احمد بن خضريه: " رأيت ربك العزة في المنام، فقال: يا أحمد؟ كل الناس يطلبون مني، إلا أبا يزيد فانه يطلبني ". ومن شعره: غرست الحب غرساً في فؤادي ... فلا أسلو إلى يوم التنادي جربت القلب مني بالاتصال ... فشوقي زائد، والحب بادي

أبو عبد الله المغربي

سقاني شرباً أحيا فؤادي ... في كاس الحب، في بحر الودادِ فلولا الله يحفظ عارفيه ... لهام العارفون بكل وادي وروي أن يحيى بن معاذ الرازي كتب إلى يزيد: " أني سكرت من كثرة ما شربتُ من كأس محبته ". فكتب اليه أبو يزيد: " غيرك شرب بحور السموات والأرض وما روي بعد، ولسانه خارج، وهو يقول: هل من مزيد؟! ". وأنشد: عجبت لمن يقول: ذكرت ربي ... وهل أنسى فأذكر من نسيتُ؟! شربت الحب، كأساً بعد كأس ... فما نفذ الشرابُ، وما رويتُ أبو عبد الله المغربي 179 - 299 للهجرة أبو عبد الله المغربي، محمد بن إسماعيل، أستاذ إبراهيم بن شيبان، كان

يأكل المباحات وأصول العشب. ومكث سنين كثيرة لا يأكل ما وصلت أليه أيدي بنى آدم. مات سنة تسع وتسعين ومائتين، عن مائة وعشرين سنة. وقبره على جبل طور سناء. من كلامه: " أفضل الأعمال عمارة الأوقات بالموافقات ". وقال " صوفي بلا صدق. . . ". وقال: " أعظم الناس ذلا فقير داهن غنياً أو تواضع له، وأعظم الخلق عزاً غنى تذلل للفقير وحفظ حرمته ". وأشد لنفسه: يا من يعد الوصال ذنباً ... كيف اعتذاري من الذنوب؟ إن كان ذنبي إليك حبي ... فإنني منه لا أتوب

أبو عبد الله البناء

أبو عبد الله البناء - 286 للهجرة أبو عبد الله محمد بن يوسف البناء الاصبهاني، كتب عن ستمائة شيخ، ثم غلب عليه الانفراد والخلوة، إلى أن خرج إلى مكة بشرط التصوف، وقطع البادية على التجريد. وكان في ابتداء أمره يكسب كل يوم ثلاثة دراهم وثلثاً، فيأخذ من ذلك لنفسه دانقاً ويتصدق بالباقي. وكان يختم مع العمل، كل يوم ختمه؛ فإذا صلى العتمة في مسجده خرج إلى الجبل، إلى قرب الصبح، ثم يرجع إلى العمل. وكان يقول في الجبل: " يارب!،، إما أن تهب لي

معرفتك، أو تأمر الجبل ان ينطبق علي، فأني لا أريد الحياة بلا معرفتك! ". وقال " كنت في مكة أدعو الله: يا رب!، أما ان تدخل معرفتك في قلبي، أو تقبض روحي، فلا حاجة لي في الحياة بلا معرفتك!، من الناس، ثم ادخل قبة زمزم، وسل الحاجة!. ففعلت، وختمت كل يوم ختمة، فلما انقضى الشهر على ذلك، دخلت قبة زمزم، ورفعت يدي، ودعوت الله وسألت الحاجة، فسمعت من القبة يقول: يا ابن يوسف!، اختر من الأمرين واحداً، أيما احب إليك: العلم مع الغني والدنيا، ام المعرفة مع القلة والفقر!. فقلت: المعرفة أولى، فسمعت من القبة: قد أعطيت!، قد أعطيت! ". وقال محمد بن يوسف البناء: " دخلت مكة، فرأيت المشايخ جلوساً بباب ابراهيم، فقعدت قريباً منه، فقرأ رجل البسملة، فوقع على قلبي، فصحت، فقال المشايخ للقارئ: امسك!، ثم قالوا: يا شاب!، مالك صحت؟!، وهو - بعد - لم يقرأ آية؟!، فقلت: باسمة قامت السموات والأرض، وباسمة قامت الأشياء، وكفى باسم الله سماعاً!. فقام المشايخ كلهم وأجلسوني وسطهم، وأكرموني ". وكان في عصر الجنيد، وكان الجنيد يقول بفضله. وكتب في

أبو السعود بن أبي العشائر

رسالته على بن سهل: " سَل شيخك أبا عبد الله محمد بن يوسف البناء؛ ما الغالب عليك؟ ". فسأله، فقال " اكتب أليه:) والله غَالبُ عَلَى أَمره (. أبو السعود بن أبي العشائر 577 - 644 للهجرة أبو السعود - صاحب الطائفة - أبي العشائر بن شعبان بن الطيب ابن إبراهيم بن موسى بن إسحاق بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد الله ابن عبد الكريم بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي يزيد عقيل بن عبد مناف ابن عبد المطلب بن هاشم، العقيلي القرشي الباذَ بِينيُ نسبة إلى باذَ بين بين بلدة بقرب واسط العراق. ذكره كذلك المنذري الحافظ في " معجمه ".

السيدة نفيسة

وقال: سمعت الشيخ الأجل، أبا السعود المذكور، يقول: " ينبغي للسالك، الصادق في سلوكه، أن يجعل كتابه قلبه ". قال: ومات بالقاهرة في يوم الاحد، تاسع شوال سنة اربع ةاربعين وستمائة، ودفن من يومه بسفح المقطم. ومولده بباذبين السالفة في أول ليلة من شهر صفر، سنة سبع وسبعين وخمسمائة. السيدة نفيسة 145 - 208 للهجرة السيدة نفيسة ابنة الحسن الانور الانور بن أبي محمد زيد بن الحسن بن علي ابن أبي طالب.

رابعة العدوية

دخلت مصر مع زوجها اسحاق بن جعفر الصادق. وكانت من الصالحات التقيات. ويروى عن الشافعي انه لما دخل مصر حضر اليها، وسمع منها الحديث. ولما توفي ادخل اليها، فصلت عليه في دارها، وهو. وضع مشهدها اليوم، ولم تزل به إلى ان توفيت في رمضان سنة ثمان ومائتين. ولها فضائل جمة، وكان من حقها التقديم، لكن الختام مسك. وقبرها معروف بالاجابة. رابعة العدوية - 135 للهجرة رابعة العدوية، ام الخير، بنت إسماعيل البصرية، مولاة ال عتيك، الصالحة المستورة، من أعيان عصرها، فضلها مشهور. ماتت سنة خمس وثلاثين ومائة. ودفنت بظاهرة القدس من شرقية، على رأس جبل، يسمى جبل الطور.

ذيل آخر منه

ذيل آخر منه

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله مانح العطاء، وكاشف الغطاء؛ مبدئ الآلاء، دافع اللأواء، ولي الأولياء. واشهد أن لا اله إلا الله، وحده لا شريك له، اله الأرض والسماء، وان محمد عبده ورسوله، مبلغ الأنباء، وخاتم الرسل والانبياء؛ صلى الله عليه، وعلى الغر النجباء. وبعد: فلما يسر الله تعالى وله الحمد، بذكر هؤلاء القوم، الذين تنزل الرحمة بكرهم وينزل اللوم؛ بقي علينا بعدهم جماعات ذكرهم ترياق، وسماع مآثرهم يجذب السباق؛ ختمت بهم الكتاب، فالختام مسك ذوي الالباب، واتحفت بهم الطلاب طلباً للرحمة في المحيا والممات. وكنت بدأت أولا بإبراهيم، وبه استفتح أيضا.

إبراهيم بن معضاد الجعبري

إبراهيم بن معضاد الجعبري 597 - 687 للهجرة ابراهيم بن معضاد بن شداد بن ماجد بن مالك الجعبري الزاهد المذكور. ذو الأحوال الغريبة، والمكاشفات العجيبة. مجلس، وعظه يطرب السامعين ويستجلب العاصين. اخبر بموته عند قرب وفاته، ونظر إلى قبره وقال: " ياقبر، جَاكَ دبير ". ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة. وحدث عن السخأوي، وعنه

البرزلي، وجماعة وكان قولا بالحق، أماراً بالمعروف، كثير التعظيم لأصحابه. وله نظم وسجع، وتصوف، وشطح. مات في المحرم سنة سبع وثلاثين وستمائة. ودفن خارج باب النصر بزاويته. وولده ناصر الدين أبو عبد الله محمد، عالم ربائي، تذكر له الكرامات. مات في رابع عشرين من المحرم، سنة سبع وثلاثين وسبعمائة

ابراهيم بن حسن الفأوي

ودفن بالزاوية المذكورة، بقلمه " جَعْبَر " تقريبا سنة خمسين وستمائة وسمع صحيح مسلم من ابن المصري وحفيده ركن الدين عمر. له شطحات ودعاوى. مات أخر سنة سبع وأربعين وسبعمائة. ابراهيم بن حسن الفأوي - 696 للهجرة إبراهيم بن الفاوي المولود، الدندري المحتد، خادم الشيخ أبى الحجاج الأقصري. ظهرت عليه بركاته، واشتهر بالمكاشفات والكرامات.

مات بفاو، ثامن الشهر ربيع الأول، سنة ست وتسعين وستمائة. أما أبو زكريا يحيى بن رزق الله بن مُخير بن مُجِير الفأوي، فصالح فاضل حافظ القرآن، ويقرؤه أحتسابا. أم بجامع مصر العتيق. روى عنه الحافظان المنذري، وأبو الحسين العطار. قال الرشيد العطار: ولد بفاو سنة ثلاث - أو أربع - وأربعين وخمسمائة، مات سنة سبع وعشرين وستمائة. ودفن بسفح المقطم.

ابراهيم بن علي الاندلسي

ابراهيم بن علي الاندلسي - 656 للهجرة إبراهيم بنعلي بن عبد الغفار بن أبي القاسم محمد بن فضل بن أبي الدنيا الأندلسي، ثم القنأوي. كان من المشهورين بالكرامات. وذكر ان الشيخ عبد الرحيم القناوي كان يذكره، ويقول " يأتي بعدي رجل من المغرب، يكون له شان! ". فقدم وزار الجبانة، ثم نزل إلى مكان، فوقف وغرز عكازه، وقال: " ها هنا سمعت الأذان والإقامة ". ثم توجه إلى الحجاز ورجع، فوجد أهل البلد بنوا هناك رباطاً، فأقام به وتزوج. وله ولد صالح، ويسمى محمدً.

أحمد بن سليمان البطائحي

توفى الشيخ بقناء، مستهل صفر، سنة ست وخمسين وستمائة. وتوفى ولده محمد بشهور. أحمد بن سليمان البطائحي - 691 للهجرة احمد بن سليمان البطائحي، صاحب الرواق تحت القلعة، كان ينتمي إلى سيدي احمد بن الرفاعي، وكان ذا صمت، ساكن النفس. قال شيخنا: " احسن من رأيته وضوءاً وصلاة، ولا يكترث بأرباب الدنيا، ولذد كان الحسام طُرنطاي، وبدر الدين بيدر، وكبراء أمراء الدولة المنصورية لا يقوم إليهم، ولا يكترث بهم، بل يعبرون عليه، وهو ممدود الرجل ولا يجمعها. وكان معظماً عند الخاصة والعامة ".

أبو العباس المرسي

قال: " ومن اغرب ما رأيته منه، انه قدم ابنه محمد من البطائح، من " أم عبيدة "، وكان غائباً عنه مدة اربع سنين، فجاء وقبل يده وسله، فرد عليه السلام فقط، ولم يسأله عن حاله ". ومات ولده الشيخ صالح في الثاني والعشرين من جمادي الأول، سنة ثمان وستين وسبعمائة. وعزل عن مشيخة الرزواق سنة خمس وخمسين. أبو العباس المرسي 616 - 686 للهجرة أبو العباس، احمد بن عمر بم محمد الأندلسي المرسي الأنصاري، الشيخ العارف الكبير. نزيل الأسكندرية

صحب الشاذلي، وصحبه تاج الدين بن عطاء الله، والشيخ ياقوت. مات سنة ست وثمانين وستمائة، وقبرهبالأسكندرية يزار وكان كثير اً ما انشد: من كلامه: " ان كان المُحاسِبِىُّفي أصبعه عِرْق، إذا أمد يده إلى طعام فيه شبهة تحرك عليه، فأنا في يدي سبعون عرقاً تتحرك على إذا كان مثل ذلك ". وكان ينشد لبعض العارفين: قالوا: غدُ العيدٌ! ماذا أنت لابسه؟ ... فقلت خِلُعةٌ سلقٍ، حبه جرعا

أبو العباس الملثم

فقر وصبر، هما ثوبان يلبسها ... فلن ترى الفه الاعياد والجمعا العيد لي مأتم ... إن غبت يا أملي! والعيد ما كنت لي مراى ومستمعا أحرى الملابس ان تلقي الحبيب به ... يوم التزاور، بالثوب الذي خلعا أبو العباس الملثم - 672 للهجرة أبو العباس، احمد بن محمد، الملثم، يقال انه من المشرق، كان مقيماً بالصعيد، ودفن بقوص، وله رباط بها. يحكى عنه عجائب وغرائب. ذكر الشيخ عبد الغفار كراماته. منها انه عاش سنين كثيرة، وانه شريف حسيني، وانه صلى خلف

ابن عطاء الله الاسكندري

الشافعي، ثم رجع وقال: " في النوم ": وكان جامع مصر سوق الدواب والقاهرة اخصاصاً. وادعى انه أعطى التبدل. وكان إذا طلب حضر، ويخبر الشخص باسم أبيه وجده، وان كانوا من بلاد بعيدة غير معروفين. مات في رجب سنة اثنين وسبعين وستمائة. ابن عطاء الله الاسكندري - 709 للهجرة تاج الدين احمد بن محمد بن عطاء الله الاسكندراني، الزاهد المذكور تلميذ الشيخ أبي العباس المرسي.

الشيخ احمد البدوي

كان ينتفع الناس بإشاراته. وله موقع في النفس وجلالة، ومشاركة في الفضائل. مات كهلا، سنة تسع وسبعمائة. وكانت جنازته مشهودة. اجتمعت بأخيه العلامة شرف الدين بالاسكندرية، وسمعت منه، ولبست منه الطاقية كما ستعلمه. الشيخ احمد البدوي 516 - 675 للهجرة الشيخ احمد البدوي، المعروف بالسطوحي، اصله من بني برى، قبيلة من عرب الشام. تسلك بالشيخ برى، أحد تلامذة الشيخ أبي نعيم أحد

اسماعيل بن ابراهيم المنفلوطي

مشايخ العراق، وأحد سيدي احمد بن الرفاعي. اسماعيل بن ابراهيم المنفلوطي - 652 للهجرة إسماعيل بن إبراهيم بن جعفر المفلوطي، ثم القنأوي. ذو الكرامات علم الدين، الفقيه الصالح. من أصحاب سيدي الشيخ أبي الحسن بن الصباغ، كان مالكي الذهب. وكان يغيب في أوقات كثيرة، وربما استمرت غيبته اليوم واليومين والثلاثة وتنحل عمامته. كذا ذكره الشيخ عبد الغفار بن نوح، وذكره غيره. وصنف ابن نوح كتابا، ذكر فيه من كلام شيخه أبي الحسن،

إسماعيل بن محمد المراخي

ومن كلام شيخه عبد الرحيم، ومن أحوالهما، وغير ذلك وفيه أحاديث واستدلالات تدل على علم. وفيه مسائل فقهيه، ومقالات صوفية. مات بقنا، ودفن بالجبابة بقرب شيخه؛ في صفر سنة اثنتين وخمسين وستمائة. إسماعيل بن محمد المراخي - 696 للهجرة إسماعيل، بن محمد بن عبد المحسن، المراخي المحتد والمولد، القناوي المنشأ والدار والمدفن، أبو الطاهر. صحب الشيخ أبا يحيى بن شافع صغيراً، ونسبت أليه مكاشفات، وحدث بكرامات عن شيخه وغيره. طلب من ابن شعبان، كفنه قبل موته بخمسة عشر يوماً أو نحوها.

جاكير الكردي الزاهد

ومات سنة ثلاث - أو أربع - وتسعين وستمائة، أو نحوها. جاكير الكردي الزاهد - 679 للهجرة جاكير الزاهد، من كبار مشايخ العراق، صاحب احوال وزهد وتعبد. صحب الشيخ علي ابن الهيتي وغيره. وجاكير لقبه، واسمه محمد بن دسم الكردي الجيلي. لم يتزوج، تذكر عنه كرامات. كان تاج العارفين أبو الوفى يعظمه كثيراً، وبعث أليه طاقية

الشيخ علي بن ألهيتي، ولم يكلفه الحضور أليه، وقال: " سألت الله ان يكون جاكير من مريدي، فوهبه لي. وكان، المشايخ بالعراق يقولوا: " انسلخ الشيخ جاكير من نفسه، كما انسلخت الحية من جلدها ". وهو الذي يقول: " ما أخذت العهد على أحد حتى رأيت اسمه مرقوماً في اللوح المحفوظ من جملة مريدي ". وقال أيضا: " أوتيت سيفاً ماضي الحد، احد طرفيه بالمشرق والأخر بالمغرب، لو أشرت إلى الجبال الشوامخ هوت ". وقال، في قوله تعالى:) أن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا (: " أي على المشاهدة، لان من عرف الله لا يعرف غيره، ومن احب شيئاً لا يطالع سواه (. وكان، يتمثل بهذين البيتين: الشوق والوجد في مكاني ... قد منعاني من القرار

هما معي لا يفارقاني ... فذا شعاري وذا دثاري وكانت، نفقته من الغيب، واغبر بمغيبات كثيرة. مرت به بقرات مع راعيها، واخبر بحمل واحدة، وصفتهم، ورقت ولادته، وانه يدركه. وأخرى كذلك، ويذبها فلان، ويأكلها فلان وفلا، وكلب احمر. فوقع كذلك. واتاه وارد، فقال: " أطعمني لحم ظبي " فأطرق، فإذا ظبي قد جاء، فذبحه. وحكايته في نجاة التاجر في البحر مشهورة. وقال: " لم يظهر في الوجود - بعد سيدي تاج العارفين - مثل سيدي عبد القادر. ومنه انتقلت القطبية إلى الشيخ علي بن الهيتي ". ولو زاوية كبيرة بقرب وادان، على بريد من سامرا. مات في شعبان، سنة تسعة وسبعين وستمائة بدمشق. وللناس فيه اعتقاد كبير. وجلس في المشيخة بعده، أخوه احمد وبعد احمد ولده الغرس، وبعد الغرس ابنه محمد.

الجنيد بن مقلد السمهودي

الجنيد بن مقلد السمهودي - 672 للهجرة الجنيد، من المشهورين بالصلاح والكرامات والكرم. وله رباط بسمهود وأصحاب. ذكر عنه عبد الغفار بن نوح كرامات. مات ببلده سنة اثنتين وسبعين في ما ذكر ابن ابنه. الحسين بن علي بن هود - 699 للهجرة حسين، بن إلامير علي، أخي ملك إلاندلس مع ابن إلاحمر، ابني يوسف

بن هود المرسي الصوفي الزاهد الكبير، بدر الدين. ينسب إلى إلاتحاد شارك في فنون. مات في شعبان، سنة تسع وتسعين وستمائة بدمشق. وكان يستولي عليه الفكر، ويغيب عن نفسه، ويسافر على التجريد. سافر مرة ومعه جماعة، فتاهوا عن الطريق، فقال: " من معه شيء من هذا الحطام فليرمه! ". وكان مع شخص صر الذهب، ورماها، فلاحت الطريق. وكان يصحبه يهودي ويخدمه، فجاء يوم السبت، فالقى الشيخ بطعام لبنيه، فدعاه فقال: " يا سيدي! يهودي، ويوم سبت، ويأكل الجدي بلبن أمه؟! ". قال الشيخ بحده وغيض: " أتظن انك في الجنة وابن هود في النار؟! " فاسلم. وقعد يوم في الطهارة، فطال مجلسه، فجاء شخص فسمعه يقول: مبعد عن الوطن ... مشرد عن الوسن يبكي الطلول والدمن ... يهوى، ولا يدري لمن وحظر عند بعض المدرسين، أول يوم، للتجمل به. فقعد بدرفاسه

حياة بن قيس الحراني

على سجادة المدرس، وتكلم بكلام اذهل الحاضرين. وفي مثله قال القائل: خذوا عن قريب الدار كل غريبة حياة بن قيس الحراني 501 - 581 للهجرة حياة بن قيس بن رحار بن سلطان، إلانصاري الحراني، الشيخ القدور. ذو أحوال وكرامات وتأله واخلاص، وتعفف وانقباض. وكانت الملوك تزوره ويتبركون بلقائه. قيل أن السلطان نور الدين زاره، فقوى عزمه على جهاد الفرنج، ودعا له، وان السلطان صلاح الدين زاره، وطلب منه الدعاء، وأشار عليه بترك قصد الموصل، فلم يقبل، وسار أليها، فلم يظفر بها. صحب الشيخ حسين التواري، تلميذ مجلى بن ياسين، وكان ملازماً

خضر بن أبي بكر المهراني

لزاويته بحران، مدة خمسين سنة، لم تفته جماعة إلا من عذر شرعي. وكان شيخاً جواداً. له سيرة في مجلد عند ذريته. مات بحران سنة أحدى وثمانين وخمسمائة، عن ثمانين سنة. خضر بن أبي بكر المهراني - 675 للهجرة خضر بن أبي بكر محمد بن موسى المهراني العدوي، شيخ الملك الظاهر. صاحب حال وتصرف، وكشف وهمة ومدد بحيث انه اعلم الظاهر انه يملك، فلما تسلطن ارتبط عليه، وكان ينزل في زيارته في الشهر مرات ويحادثه بأسراره، ويستصحبه في اسفاره. وسأله: " متى افتح أرسوف؟ " فعين اليوم. وكذا في صفد.

رفاعة بن أحمد الجذامي

وقال مرة له: " لا ترح الكرك " فخالفه، فوقع وانكسرت رجله. وقال في حصن إلاكراد: " يفتحوا له في أربعين يوماً " فوافق ذلك. وكان كبير الشأن، بذإلا للمال. نقم عليه السلطان ونسب إلى أمور فصاح: " أنا اجلي قريب من اجله؟ ". فوجم له السلطان وحبسه، وكان يتحفه بإلاطعمة. فبقي في الحبس أربع سنين. واخبرهم بنوبة البلستين، وهو محبوس، أن السلطان يضفر ويعود، ويموت بعده بأيام. مات في المحرم سنة خمس وسبعين وستمائة كهلاً. رفاعة بن أحمد الجذامي - ق7 للهجرة رفاعة، بن احمد بن رفاعة، القناوي الجذامي، من اصحاب الشيخ

أبي الحسن ابن الصباغ، ذو الكرامات. حكى الشيخ عبد الغفار بن نوح، قال: حكى الشيخ أبو الطاهر إسماعيل ان الشيخ أبا الحسن ابن الصباغ تحدث مع والي قوص ان يعزل والي قدا، فأمتنع، وكان رفاعة حاضراً، فقال رفاعة: " يا سيدي؟ أقول؟ "، فقال له الشيخ: " لا "، ثم خرج الشيخ وربما كان الشيخ توجه إلى الوالي بهذا السبب. قال: " فلما اجتمع الفقراء، بعد خروج الشيخ، قالوا لرفاعة: " ما لذي كنت تريد أن تقول؟ " فقال: " أن الوالي لما رد على الشيخ عزل في ساعته ". فأرخوا ذلك الوقت، فجاء المتولي مكانه والمرسوم في ذلك التاريخ. قال: وحكى أبو الطاهر، عن رفاعة، انه أتاهم ذات يوم طعام أمير أو وال، فقال الشيخ أبو الحسن: " من أراد أن يأكل يأكل، ومن لا، فلا ". فامتنعوا إلا رفاعة، فأنه بقي يأكل ويقول: " والله ما أكل إلا ثوراً ". مات بقنا، وقبره بجانبها يزار.

زهير بن هرماس إلادفوي

زهير بن هرماس إلادفوي - ق6 للهجرة زهير بن هرماس إلادفوي. كان فاضلاً عارفاً بالعلوم القديمة. حكى عنه بعض شيوخنا انهم كانوا في مكان في مقابل مقابل جزيرة بأدفو، به مغنية تغني في عرس. فقال بعض الجماعة: " نشتهي لو كانت عندنا؟ " فانعزل عنهم لحظة، وإذا بالمغنية قد حضرت عندهم، وهم يشاهدونها وفي يدها الدف، وهي تغني مارة على البحر. وكان في الماء السادسة.

أبو النجا الفوي المغربي

أبو النجا الفوي المغربي - 532 للهجرة أبو النجا سالم الفوي المغربي. مات بعد الخمسمائة. قال الشيخ عتيق، وكان أخص الصحابة: " صحبته من بلده، ولم أفارقه إلى أن مات بفوه، في شهر رمضان سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة. قال الشيخ عتبق: " كنا في صحبته أربعين ولياً، فكان كل بلد يستوعب ما فيه من الرجال إلى ان وصلنا الموصل، خرج بري الرجل وإذا بقضيب البان المشهور، دخل باطماره وشعثه. قال: " ابن الشيخ؟ "، قلنا: " خرج! "، قال: " خرج شيطانك! ". فأظهر العيظ، ورمى اطماره عنه، وهو قائم على جنب البركة عرياناً، يسكب الماء بيده على جسده ثم لبس أطماره وخرج. فبعد ساعة والشيخ قد جاء، فلما دخل كأنه أدرك شيئاً، قال لنا: " من جاءكم؟ "، فأخبرناه بمن جاء فقال: " صدق!. كنت في تلك

الساعة جالساً مع أمام الموصل، ينافقني وأنافقه ". قم اقبل قضيب البان، فقال: " اخبرني بكل رجل رأيته، من بلادك إلى هنا " فذكر له رجالا، وقضيب البان يقول في كل منهم: " وزنه ربع رجل ونصف رجل "، إلى ان ذكر له رجلين، فقال له عن كل منهما، " هذا وازن وهذا كامل " ثم ذكر شيخاً كان مشهوراً في بلاد المشرق والمغرب، قال له: " من الرجال من يرفع صيته ما بين المشرق والمغرب، ولا يسري عند الله جناح بعوضة! " ثم ودعه، وكان من أكابر المحدثين في زمنه، وما في وقته مثله. وقال: " كنت في بدايتي، ما سمعت عن أحد من الرجال انه عمل عملاً إلا عملته؛ حتى ذكرت الملائكة، وان غداءهم التسبيح، فأقمت مدة أتغذى بالذكر، واشبع منه، كما اشبع بالطعام ". وكنت مرة على جبل الربوة - بدمشق - فقلت: " يا رب! ". الذي تطيره في الهواء، كيف يفعل؟! "، فما فرغ من الكلام إلا وأخذني ورفعني في الهواء، صوب السماء، إلى ان صارت دمشق تحتي كدور

أبو مدين التلمساني

الدرهم؛ قلت " اشهد انك على كل شيء قديراً. ردني إلى موضعي! ". وكرامته جمة. أبو مدين التلمساني 514 - 593 للهجرة شعيب بن حسين الأندلسي الزاهد أبو مدين. شيخ أهل المغرب توفى سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة بتلمسان. جال وساح، واستوطن بجاية مدة، ثم تلمسان. ذكره ابن

ضو الزرنيخي

الآبار، وأثنى عليه، قال: " مات في نحو التسعين وخمسمائة بتلمسان، وكان من أخره كلامه: " الله الحي!، ثم فاضت نفسه ". وقال محي الدين بن العربي: كان سلطان الوارثين أخاه عبد الحق، وكان إذا دخل عليه وجد حالة حسنة سنية، فيقول: " وهذا وارث على الحقيقة! ومن علامات صدق المريد - في بدايته - لقطاعه عن الخلق، أو فراره؛ ومن علامات صدق فراره عنهم وجوده للحق؛ ومن علامات صدق وجوده للحق رجوعه للخلق ". فأما قول أبي سليمان الداراني: " لو وصلوا ما رجعوا! ". فليس بمناقض لهذا. فإن أبا مدين على رجوعهم إلى إرشاد الخلق. ضو الزرنيخي - 700 للهجرة ضو الزرنيخي، وزرنيخ.. قرية من قرى أسنا، بالبر الشرقي.

عبد الله بن أبي جمرة إلاندلسي

ذكرت له كرامات. حتى من قيل: انه لم يجد المعدية، فألقى البران. توفى في حدود السبعمائة. عبد الله بن أبي جمرة إلاندلسي - 675 للهجرة عبد الله بن سعد بن احمد بن أبي جمرة الأندلسي المرسى، القدوة الرباني. من بيت كبير، لهم تقدم ورياسة، قدم مصر، وله زاوية بالمقسى، ذو تمسك بإلاثر، واعتناء بالعلم وآله، وجمعية على السيادة، وشهرة كبيرة بالإخلاص، واستعداد للموت، وفرار من الناس، وانجماع عنهم، إلا من الجمع. وتذكر له كرامات.

واختصر قطعة من صحيح البخاري، وشرحها بشرح بديع، وفي أخرها تلك المرائي البديعة. وقصته مع أبي الجاني مشهورة. مات في تاسع عشر ذي القعدة، سنة خمس وسبعين وستمائة؛ وقد شاخ. ودفن بالقرافة، وقبره معروف، يتبرك به. قلت لهم: " ابن أبي الجمرة " أخر، اقدم منه، اسمه: محمد بن احمد ابن عبد الملك بن موسى بن أبي جمرة الأموي الأندلسي المرسي. سمع وأسمع، عرض المدونة على أبيه. مات بمرسية سنة تسع وتسعين وخمسمائة.

أبو محمد عبد الله بن محمد التونسي

أبو محمد عبد الله بن محمد التونسي 637 - 699 للهجرة عبد الله بن محمد القرشي التونسي، الأمام القدوة، الواعظ المفسر ذو الفنون، أبو محمد، أحد الأعلام، المرجاني. كان عارفاً بمذهب مالك، رأساً في التفسير، عالماً بالحديث، صوفياً عامداً. قدم مصر، وذكر بها، واشتهر في البلاد. مات بتونس، في ربيع الثاني، سنة تسع وتسعين وستمائة، عن اثنتين وستين سنة وله عقب.

عبد الحق بن سبعين

عبد الحق بن سبعين 612 - 667 للهجرة عبد الحق بن ابرهيم بن سبعين المرسي، قطب الدين، المتزهد الفيلسوف المجاور. نسب إلى أمور، والله اعلم بها. مات بمكة في شوال سنة سبع وستين وستمائة، عن خمس وخمسين سنة.

عبد الرحيم القناوي

عبد الرحيم القناوي 475 - 592 للهجرة عبد الرحيم بن احمد بن حجون بن احمد بن محمد بن حمزة ابن جعفر بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن المأمون بن علي بن الحسين ابن علي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين الحسين بن علي ابن أبي طالب، النزعي المولد، السبتي المحتد، ونزغ من اعمال سبته، وقبل: الغماري، الحسيني، أبو محمد الأمام، شيخ الأسلام، ذو كرامات، أواب. وصل من المغرب، فأقام بمكة سبع سنين، ثم قدم قنا، وأقام بها إلى حين وفاته، وتزوج بها، وله أولاد. وهو من أصحاب الشيخ أبي معزى. ومن أصحابه الأمام أبو الحسن

علي بن احمد الصباغ. ذكره المنذري في " وفياته " معضن له، معترفاً ببركاته. وكان مالكياً. ومن كراماته ان الشيخ كمال الدين بن عبد الظاهر، ثزيل اخمين، زار قبره، قال: " وإذا يد خرجت من قبره وصافحتني، وقال: يا بني "!، لا تعصي الله طرفة عين! فأني في " عليين "، وانا أقول يا حسرتاه على ما فرطت في جنب الله. وأهل بلاده متفقون على تجربة الدعاء عند قبره يوم الأربعاء. يمشي الإنسان مكشوف الرأس حافياً، وقت الظهر، ويدعوا بدعاء معروف عندهم؛ وما حصل للإنسان ضائقة وفعل ذلك، إلا فرج الله عنه. وكان ببعض الحكماء حمى الربع وقلق منها، فزاره وفعل ما ذكر، فأقلعت عنه. مات في صفر تاسعه، سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة، وكذا هو مكتوب على قبره، عن سبع وسبعين سنة. وقال عبد العظيم: " في أحد الربيعين بقنا. وفي كتاب الشطوفي:: سنة " اثنتين وتسعين وخمسمائة " بدل: وخمسين ".

وازحم الناس على الدفن عنده، حتى أن القاضي الرَّضِىَّ بن أبي المنى أعطى جملة على ذلك، قيل: ألف دينار. وأنشد القوال مرة بين يديه سروري أن أراك، وأن تراني ... وأن يدنو مكانك من مكاني لان واصلتني، وأردت قربي ... وحقك!، لا أبالي من جفاني فداخله من ذلك أمر عظيم. وولده الحسن، صوفي فاضل فقيه، صاحب كرامات، مالكي المذهب. شديد الفاقة، عديم السؤال، كتب " الأحياء " بخطه، وكان جيداً. وكتب إلى الشيخ أبي الحسن بن الصباغ، لما أراد بعضهم ان يوحث بينهما: طَهرتم، فُطَهرنا بفاضل طُهرْكم ... وطبتم، فمن أنفاس طيبكم طبنا ورثنا من الأباء حسن ولائكم ... ونحن إذا متنا نورثه الأبناء

كانت سنته لما مات والده، أربع عشرة، أو خمس عشرة، ومات بقنا في جمادي الأولى، سنة خمس وخمسين وستمائة. ومن شعره: لما رأيتُ قَطب وجههَ ... وقد كان صَلقاً، قلت للنفس شَمري لعلى أرى داراً أقيم بربعها ... على حفظ عيشي، لا أرى وجهَ مُكرِ وما القصد إلا حفظ دين وخاطر ... يكنفه التشويش من كل مجتري عليكم سلام الله بدءاً وعودة ... مع الشكر ولإحسان في كل مَحضَر وحفيده محمد بن الحسن، الجامع بين العلم والسيادة، والورع والزهد، المالكي، الشافعي لاقرانه مذهبه، النحوي، الفرضي، الحاسب تنقل عنه كرامات ومكاشفات. وكان ساقط الدعوى، كثير الخلوة، صائم الدهر، قائم الليل. قال عن نفسه: " كنت أمر بالحشائش فتخبرني عن منافعها ". مات بقنا، في ربيع الأخر، سنة اثنتين وتسعين وستمائة.

عبد العزيز الديريني

عبد العزيز الديريني 612 - 697 للهجرة عبد العزيز بن احمد بن سعيد، الديريني، الزاهد القدوة، ذو إلاحوال المذكورة والكرامات المشهورة، والمصنفات الكثيرة، والنظم الشائع. وكان مقامه الريف، والناس يقصدونه للتبرك مات سنة سبع وتسعين وستمائة، وقد أوضحت ترجمته في " طبقات الفقهاء ".

ابن نوح

ابن نوح - 708 للهجرة عبد الغفار بن احمد بن عبد المجيد بن عبد الحميد بن حاتم، الدَّرَوى المحتد، الأقصرى المولد، القوصي الدار، الشيخ ابن نوح. سحب الشيخ أبا العباس احمد الملثم، وعبد العزيز المنوفي، وتجرد زماناً وتعبد: وسمع الدمياطي، والمحب الطبري. صف " التجريد في علم التوحيد ". وله شعر حسن، وقدرة على الكلام، وحال في السباع. وينسب أصحابه أليه كرامات. وله رباط معروف بقوص. وكان النصارى بقوص أحضروه مرسوماً ان تفتح الكنائس، فقام

شخص في البحر، بجامعها. وقرأ:) إنْ تَنصُروا الله يَنْصُرْكَمْ وَيثَبْت أقدَامَكمْ (، وقال: " يا أصحابنا!. الصلاة في هدم الكنائس! "، فلم يأت وقت الظهر إلا وقد هدم ثلاث عشرة كنيسة، ونسب ذلبك إلى انه من جهة الشيخ عبد الغفار. ثم حضر بعد أيام عز الدين الرشيدي. فتكلم - في قصة النصارى - النَّشْوُ، فأجتمع العوام، ورجموا، ووصل الرجم إلى حُرافة الرشيدي، فأنهم الشيخ أيضاً في ذلك. ثم بعد أيام حضر أمير إلى قوص، وضرب جماعة من الفقراء، وتوجه الشيخ إلى مصر، ورسم ان يقيم بها. ثم هلك الرشيدي والنشْوُ. ومات الشيخ بمصر، ثامن ذي القعدة، ومن سنة ثمان وسبعمائة. وأوصى ان يجرد من كفنه في قبره، ويبقى بالشدادة، ليلقى الله مجرداً، ففعل به. واشترى كفنه بخمسين مثقالا.

الشيخ عتيق

الشيخ عتيق - ق6 للهجرة الشيخ عيتق، صاحب أبي النجا سالم القوي، تقدم. علي بن أبي الحسن الحريري - 645 للهجرة الشيخ على بن أبي الحسن بن منصور الحريري. مات سنة خمس وأربعين وستمائة. صحب الشيخ أبا على المغربل، خادم الشيخ رسلان، نسب إلى أمور نسأل الله العافية منها) 5 (. وأما أبو شامة المقدسي فعظمه.

أبو الحسن الهكارى

وقال عن نفسه: فقير، ولكن من صلاح ... وضيخ، ولكن للفسوق إمام ومن أصحابه الشيخ محمد بن عيسى، وكان على قدم، صالحاً. اقتنى بستاناً بدمياط، يعيش من ثمره. صحبه شيخنا الارِى. أبو الحسن الهكارى 409 - 486 للهجرة علي ابن احمد بن يوسف من عرفة الهكاري، الملقب شيخ الإسلام.

أبو الحسن ابن الصباغ القوصي

كان كثير الخير والعبادة. طاف البلاد، واجتمع بالعلماء والمشايخ، وأخذ عنهم الحديث. وأقبل الناس عليه واعتقدوه، وخرج من أولاده وحفدته جماعة تقدموا عند الملوك، وعلت مراتبهم فيها وأَمروا. ولد سنة تسع وأربعمائة.) ومات سنة ست وثلاثين وأربعمائة (. ونسبتهم إلى طائفة) من (الأكراد، لهم معاقل وحصون وقرى من بلاد الموصل، من جهتها الشرقية، ويقال لهم البكارى. أبو الحسن ابن الصباغ القوصي - 613 للهجرة علي بن حميد بن إسماعيل بن يوسف، الشيخ أبو الحسن ابن الضباغ،

القوصي، ذو الكرامات والأحوال ومن سره ظهر سر الشيخ عبد الرحيم والشيخ أبي يحيى بن شافع، وغيرهما من الأعيان. ذكره المنذري، فقال: " اجتمعت به في قنا، سنة ست وستمائة، فظهرت بركاته على الذين صحبوه، وهدى الله به خلقاً. وكان حسن التربية للمريدين، ينظر في مصالحهم الدينية، وانتفع به جماعة " وذكره العالم المنفلوطي في " رسالته " وذكر شيئاً من أقواله وأفعاله. وقال: " دخلت عليه في مرضه، فسألته عن حاله، فسمعته يقول: " سألت: من الذي بي؟ " قيل لي: " ابتليناك بالفقر فلم تشك وأفضنا عليك النعم فلم تشغلك عنا، وما بقي إلا مقام الابتلاء لتكون حجة على أهل البلاء. قال، وسمعت زوجته عائشة ابن الشيخ عبد الرحيم،: سمعته يردد هاتين الكلمتين وحده مراراً في مرضه ولما كان في وفاته كرر الشهادتين ثم قبض.

قال:، وسمعت فقيراً من أصحابنا يقول: " حضر قوال ودف وشبابه، وعملوا سماعاً والشيخ في ناحية فأنشد القوال ". أغضبت إذ زعم الخيال بأنه ... إذ زار، صادف جفني عين مغمضاً؟ لا تغضبي، انزار طيفك في الكرى ... ما كان إلا مثل شخصك معرضاً وافي ... كلمح البرق صادف نوره غسق الدجنة، ثم للحال انقضى فكأنه ما جاء إلا زائراً ... للقلب، يذكر من وصالك ما مضى وحياة حبك! لم انم عن سلوة ... بل كان ذلك للخيال تعرضا! يا ضرة القمرين من كنف الحمى ... وربيبة العلمين من وادي الغضا قال: فلما انشد البيت الثالث: " وافى كلمح البرق ... " قام الأمام في السماع، وقام القراه لقيامه، وخلع على الفوال رداء كان عليه، ثم خلع الجماعة أثوابهم ". وكان يتمثل بهذه الأبيات: تسرمد وقتي فيك فهو مسرمد ... وأفنيتني عني، فعدت مجردا وكلي ... بكل الكل وصل محقق حقائق حق، في دواماً تخلدا تفرد أمري، فانفردت بغربتي ... فصرت قريباً، في البرية أوحدا

وكان ينشد هذه الأبيات: بقائي فناء في بقائي مع الهوى ... فياويح قلب في فناء بقاؤه وجودي فناء في فنائي، فإني ... مع الأنس، يأتيني هنياً بلاؤه فيا من دعا المحبوب سراً فسره ... أتاك المنى يوماً أتاك فناؤه وصحب جماعة من العلماء: كالمجد القشيري، والشيخ أبي القاسم المراغي. ومنن ظهرت عليه بركاته: الشيخ أبو يحيى، والعلم المنفلوطي، والشيخ المغاور، والشيخ أبو إسحاق بن عديس، ورفاعة، وخلق يطول تعدادهم. مات منتصف شعبان، سنة ثلاث عشرة وستمائة، قاله المنذري، زاد العلم البرزالي: " عند طلوع الفجر ". ودفن بقنا، تحت رجلي شيخه عبد الرحيم القنائي. ومن شعره: تجردت من دنياي والسيف لم يكن ... ليبلغ نجح السعي حتى يجردا

وكان إذا جائه أحد يريد الانقطاع أليه اطرق ملياً فأن رآه في اللوح المحفور قبله، وإلا تركه. واجتمع به الشيخ يوسف المغاور القرطبي، الذي قال له الغزالي: " ما أنت لي!، أنت لرجل تلقاه في أخر عمرك بمصر! ". كان لا يتأثر بشيء، أقام في أسوان، في أخذت اخذها، اربعين يوماً؛ ملفوفاً في كساء، لم يتحرك من عضواً وأحدا، فسئل عن ذل، فقال: " كنت فيها بين المحمدية والموسوية، يعني المحبة والمكالمة ". قال ابن الصباغ في حقه: " اطلعه الله على علمه ". وأما أبو القاسم بن سليمان بن قاسم بن الصباغ الأدفوي فاخر كان عليه سمة الصالحين. وله نظم، ويقترح فيه لغة. انشد الشيخ تقي الدين القشيري قصيدة فقال له: " هذه اللغة جمعتها من الكوم ".

وكان يدعى انه يحصر دخان المعصرة، كم يجئ منه قنطار قند، والأردب السمسم كم حبة، وأنه بال في النيل فزاده، وانه طلع على برباة وكسر التتار. ومات سنة أربع وتسعين وستمائة. ومن مسائله: " أيجوز بيع الجياد من الخيل الأعوجية بلحوم الأبل المهرية؟. لا حرج على من يقوله، أحله الله ورسوله ". الجياد جمع جيد، وهو: العنق؛ والخيل إلاعوجية منسوبة إلى " اعوج " فحل كريم كان بني هلال بن عامر؛ و " المهرية " من نتائج إبل " مهرة " قبيلة من قضاعة.

أبو الحسن الشاذلي

أبو الحسن الشاذلي 591 - 656 للهجرة على بن عبد الله بن عبد الجبار بن يوسف أبو الحسن الهذلي الشاذلي، بالشين والذال المعجمتين وبينهما ألف، وفي أخرها لام نسبة إلى شاذلة قرية بأفريقيا، الضرير الزاهد، نزيل الأسكندرية، وشيخ الطائفة الشاذلية. وقد انتسب - في بعض مصنفاته - إلى الحسن بن علي بن أبي طالب فقال - بعد يوسف المذكور - ابن يوشع بن برد بن بطال بن احمد بن محمد

أبو الحسن الدمياطي

ابن عيسى بن محمد بن الحسن بن علي بن أبي طالب وتوقف فيه كان كبير المقدار، عالي المقام، له نظم ونثر ومتشابهات وعبارات فيها رموز. صحب الشيخ نجم الدين بن الأصفهاني نزيل الحرم ومن أصحابه الشيخ أبو العباس المرسي. حج مرات. ومات بصحراء عيذاب، فدفن هناك، في أول ذي القعدة سنة ست وخمسين وستمائة. وتكلم فيه القباري، وقد أنتصب بعض الحنابلة إلى حربه، فرد عليه، وما هو من حزبه. أبو الحسن الدمياطي 576 - 647 للهجرة علي بن أبي القاسم بن غزى بن عبد الله أبو الحسن الدمياطي

كمال الدين بن عبد الظاهر

المعروف بابن قفل. ذكره المنذري في معجم شيوخه، وقال:) شيخ جليل صالح (. ) وقال (سمعته يقول: " كان لبعض بن خيار بقرة، فذبحوها وباعوها، بدمياط، يعني في الحصار، فجاءت بثمانمائة دينا ". وسألته عن سنه، في ذي القعدة سنة ست وعشرين وستمائة، فقال:) أنا في الخمسين تقديراً (. قال: وتوفي برباطة بقرافة مصر، في يوم إلاربعاء، رابع عشر ذي الحجة، سنة سبع واربعين وستمائة. ودفن من الغد في بالرباط المذكور. كمال الدين بن عبد الظاهر 638 - 701 للهجرة علي بن محمد بن جعفر، الهاشمي الجعفري، الشيخ كمال الدين ابن عبد الظاهر، القوصي نزيل أخمين، ذو الكرامات والإشارات، العالم العامل.

أبو الحسن البكاء

سمع ابن سلامة وغيره، وتفقه على المجد القشيري، وأجازه بالتدريس على المذهب الشافعي. ثم صحب الشيخ عليا الكردي، والشيخ إبراهيم الجمبري، وانتفع به. ثم سكن اخمين وبنا بها رباطاً، وذريته إلى إلان بها وقد ذكرته ايضاً2 في " طبقات الفقهاء " لأجل ما ذكرته. مات يوم الأربعاء الحادي عشرى رجب، سنة إحدى وسبعمائة، ودفن رباطه بأخمين، وقبره يزار. أبو الحسن البكاء 570 - 670 للهجرة علي البكاء، أبو الحسن الزاهد العابد ولي الله، أقام مدة ببلد الخليل. وكان مقصوداً بالزيارة، والتبرك به.

مات في رجب سنة سبعين وستمائة، وقد قارب المائة، وقبره ظاهر يزار. وكان المنصور قلاوون يثنى عليه، ويذكر انه اجتمع به، وكاشفه في امور. صحب أبو الحسن رجلاً له أحوال وحضوة، وقال له: " أموت في وقت كذا " فحضره، فاستدار إلى الشرق، ثم أداره: فاستدار إلى الشرق ثانية؛ فقال أبو الحسن: " لا تتعبوا!، فأنه لا يموت إلا كذلك ". وجعل يتكلم بكلام الرهبان حتى مات، فحملوه إلى دير هناك فوجدوا عندهم حزناً، فقالوا: " مات عندنا شيخ كبير مسلم، من مائة سنة "، فأخذناه، وأعطينا هذا لهم.

عمر بن أحمد الحطاب

عمر بن أحمد الحطاب - 678 للهجرة عمر بن احمد الحطاب - لاحتطابه - السيوطي ثم القناوي. صحب الشيخ ابا يحيى بن شافع وهو امرد، وحضر معه إلى قنا، وتزوج بنته. وكان من الصلاحاء المشهورين بالكرامات. حكى ابنه الشيخ محمد عنه، ان بنته وقعت من دارهم وهي عالية، فقالت: " ما يصيبها شيء!، وتكبر وتتزوج وتستقر في زواجها " فكان كذلك. عمر بن أبي الفتوح الدماميني 647 - 714 للهجرة عمر بن أبي الفتوح الدماميني، تنقل عنه كرامات ومكاشفات. مات

عمر بن الفارض

بالقاهرة في ذي القعدة سنة أربع عشرة وسبعمائة. ومولده سنة سبع وأربعين وستمائة. عمر بن الفارض 576 - 632 للهجرة عمر بن الفارض أبي الحسن على بن المرشد بن علي، شرف الدين

مجلي بن خليفة ألاسنائي

الحموي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة. العارف المحب، المنعوت بالشرف صاحب الديوان المعروف الفائق، والشعر الرائق، منه قصيدته في السلوك: قلبي يحدثني بأنك متلفي ... نفسي فداك عرفت أم لم تعرف وغير ذلك مما هو في ديوانه. ونسب إلى الاتحاد، وأُوَّلز عاين مقامه في منازل العارفين فاستبشر، ونسب إلى الصلاح والخير والتجريد. وجاور بمكة وبمنى. مات في جمادى الأولى سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، ودفن في المقطم تحت العارض. وولد في ذي القعدة سنة ست وسبعين وخمسمائة. والفارض الذي يكتب الفروض. مجلي بن خليفة ألاسنائي - قريباً من 690 للهجرة مُجلَّى بن خليفة ألاسنائي، المقيم بزرنيخ، من ضواحي أسنا.

محمد بن إبراهيم الفارسي

كان من المتطوعة الصلحاء، المسقطن للدعوى. وله مكاشفات، منها حكاية الطعام، وجُرحَ خطيب أدفو فبصق عليها، فبرئ من ساعته. متأخر، أدركنا من أدركه، وهو من أصحاب الشيخ مُسَلّم. محمد بن إبراهيم الفارسي 518 - 622 للهجرة محمد بن إبراهيم بن احمد، الفخر الفارسي الصوفي. ذو الرياضات والمعاملات. ألف وسمع السلفي وغيره. وعنه المذري وغيره. كان فيه دعاية وبداعة.

صدر الدين القونوي

مات بزاويته بالقرافة، سنة اثنتين وعشرين وستمائة. وكان معظماً عند الملوك والأعيان. وآخر من خدم من الشيوخ روز نهار. حضرة مرة مجمعاً فيه الفصيح القوال، فهرب، فقال ابن الورذور: 0دوبيت (: كررت في المذهب في العِشْق زَمانْ ... حتى ظهرت أدلة الحق وبان ما زلت أوحد الذي أعشقه ... حتى ارتحل الشرك عن القلب وبان فطاب الوقت، واستغنوا عن الفصيح المليح. صدر الدين القونوي - 672 للهجرة محمد بن اسحق بن محمد القونوي الصوفي، صاحب ابن العربي، صاحب

" الفتوحات الملكية " له تفسير الفاتحة في مجلد. عاش نيفاً وستين سنة، مات سنة اثنتين وسبعين وستمائة بقونية. وأوصى بأن ينقل تأبوته، ويدفن عند شيخه ابن العربي.

محي الدين بن العربي

محي الدين بن العربي 560 - 638 للهجرة محمد بن علي بن محمد احمد، الطائي الحاتمي المرسي، محي الدين أبو بكر، ابن العربي نزيل دمشق. ذكر انه سمع من اين بشكوال وغيره، وسكن الروم مدة، وكان ذكياً كثير العلم. كتب الإنشاء لبعض الأمراء بالمغرب. ثم تزهد وتعبد، وتفرد وتوحد، وسافر وتجرد، واتهم وانجد، وعمل الخلوات، وعلق شيئاً كثيراً

ابن الحاج العبدري

في تصوف أهل الوحدة، ومن أفحشها " الفصوص "، ومن تكلف فيه فهو من المتكلفين. وقد حط عليه ابن عبد السلام. مات سنة ثمان وثلاثين وستمائة. ابن الحاج العبدري - 737 للهجرة محمد بن محمد بم محمد العبدري، الفاسي ثم المصري، المالكي، الأيتام القدوة، المعروف بابن الحاج. من أصحاب الشيخ عبد الله بن أبي حمزة. حدث بالموطَّأ عن التقى عُبيد إلاسعردي، وألف كتاباً في البدع

نجم الدين الخبوشاني

والحوادث. وكان متزهداً متعبداً، عمر، عاش بضعاً وثمانين سنة. ومات في جمادي إلاول سنة سبع وثلاثين وسبعمائة. نجم الدين الخبوشاني 510 - 587 للهجرة محمد بن مُوَفَّق بن سعيد الخُبوشاني الزاهد، مات سنة سبع وثمانين وخمسمائة. ودفن بالقرب من الشافعي، خلف الشباك الذي تحت رجله. ترجمته في " طبقات الشافعية ".

مفرج الدماميني

مفرج الدماميني - 648 للهجرة مُفَرَّج بن مُوَفقَّ بن عبد الله الدَّماميني كان ولياً عظيم الشأن، وكان عبداً حبشياً، اصطفاه الله. ولما اْشُتِرىَ مكث ستة اشهر لا يأكل ولا يشرب، فضربه سيده، فلم يتأثر، فحسبه مجنوناً، فاسْتندَبَ من ضربه، وقال للجنية: " اخرجي! "، فيقول: " خرجت! " يعني نفسه، فقيد. فلما تكاثرت كراماته أحضرت عنده فراريج مشوية، فقال لها: " طيري! " فطارت أحياء بإذن الله. وكان يكتب اسمه في الحروز تبركاً. ذكره الصفي بن أبي المنصور، وذكر عنه انه كان أولاً مجذوباً ثم صحب

الشيخ ابا الحسن بن الصباغ. وذكر الشيخ عبد الكريم انه صحب أبا الحجاج الاقصري. وذكره الرشيد العطار، وقال: " كان من مشاهير الصالحين، ومن ترجى بركته، وذكرت عنه كرامات وتعبد، وكان قد عمر، وبلغ نحواً من تسعين سنة وكف بصره آخر عمره. وقال: سمعته يقول: " التقوى مجانية ما حرم الله ". وسمعته يقول: " من تكلم في شيء لا يصل إلى علمه كان كلامه فتنة لسامعه ". مات يوم الجمعة لثماني عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وستمائة.

ولما قبض الصالح نجم الدين أيوب على أخيه العادل، قبض على بني الفقيه نصر، بسبب العادل، لأنه ابن الكامل من شَمسْه، وكانت أولا جارية لأولاد لابن الفقيه نصر، وكانوا جماعة بقوص، ولم إحسان إلى الفقراء والفقهاء وغيرهم. فتوجه الشيخ نجم الدين والد الشيخ تقي الدين القشيري والشيخ مفرج بسببهم إلى القاهرة، فلما وصلا إليها أرسل السلطان إليه يقول: " لولا العوام جئت إليك! ". وطلب منه الحضور، فطلع ودخل عليه. وكان عادته - أول ما يرى شخصاً - يثول له: " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلك: " لا تقاطعوا ولا تباغضوا ... (ويسوق الحديث. فلما رأى السلطان، قال له: " أنت السلطان؟ " قال: " نعم! " فروى الحديث، فوجم السلطان خشية ان يتشفع في العادل، فلما ذكر أولاد الفقيه نصر سري عنه، ورسم إطلاق بني نصر ورفع الحوطة عنهم، وأخرج الحريم إلى الشيخ حتى لمس رؤوسهن ودعا لهن.

وكان يقول له في الطريق: " يا سيدي!. إذا دخلت إلى السلطان، ما تقوله له؟ ". فقال: يا أولادي! كل طعام معبأ فهو مفسود! ". وقد ذكره - مع جماعة - في قصيدة النجم احمد القوصي القاضي، التي أولها: لقد كان في الدنيا شيوخ صوالح ... إذا دهم الناس الدواهي توسلوا مفرج منهم في البلاد، وشيخنا ... أبونا أبو الحجاج، ذاك المبجل وشيخ شيوخ الأرض كان بأرضنا ... أبو الحسن بن الصباغ ذاك المدلل والشيخ مجد الدين كان انتسابنا ... فذاك الذي ينحل صوتاً وينحل فإن كانت الدنيا من الكل أقفرت ... ولم يبق فيها للحلائق موئل فجاه رسول الله باق مؤبد ... وجاه رسول الله يكفى ويفضل وقال بعض أصحاب أبي السعود عن أبي السعود: " إن مقام مفّرج فوق مقام داود التنهني، غير أنه لما اجتمع بالسلطان سبقه داود ".

موسى بن بهرام السمهوري

موسى بن بهرام السمهوري 602 - 671 للهجرة موسى بن بهرام، الهمام السمهوري، كان من المتعبدين الصالحين. ولد بسمهود سنة اثنتين وستمائة. ومات بها سنة إحدى وسبعين وستمائة. ناصر بن عرفات القوصي 0 565 للهجرة ناصر بن عرفات بن عيسى بن علي، أبو الفتوح القوصي الزاهد. سمع بعض أصحاب السلفي، وكان من الإبدال. ذكره شيخنا قطب الدين عبد الكريم الجلبي، وقال: " توفى سنة خمس وستين وخمسمائة، ودفن بوعلة، داخل باب البحر، وقبره يزار ".

نصر بن سليمان المنبجي

وذكره الحافظ على بن الفضل المقدسي في " وفياته "، وقال: سمع معنا، وكان من الصالحين. وهو من ولد أبي بكر الصديق. نصر بن سليمان المنبجي 638 - 719 للهجرة الشيخ نصر بن سليمان بن عمر، المنبجي المقرئ، أبو الفتوح. ذكرته في) طبقات الفقهاء (أيضاً. ولد بعد الثلاثين وستمائة ومات في السادس والعشرين من جمادي إلاخرة، سنة تسع عشرة وسبعمائة، بزاويته بالحسينية. سمع وأسمع، وكان له حظوة عند السلطان بيبرس. وهو خال شيخنا قطب الدين عبد الكريم الحلبي.

يس بن عبد الله المغربي

يس بن عبد الله المغربي 607 - 687 للهجرة الشيخ يس بن عبد الله المغربي الحجام، شيخ النووي ذو الأحوال والكرامات. حج عشرين حجة. ياقوت بن عبد الله الحبشي 602 - 732 للهجرة الشيخ ياقوت بن عبد الله الحبشي الشاذلي، تلميذ الشيخ أبي العباس

يحيى بن رزق الله الفاوي

المرسي. مات سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة. انتفع به خلق كثير منهم الشيخ شمس الدين محمد بن اللبان. قارب الثمانين وكان أبو العباس يقو في حقه: " هذا هو الياقوت البهرمان ". أعتقته امرأة تعرف بزوجة الشريفي، وأستأذن ابا الحسن الشاذلي في الافتداء به، ففكر وقال: " وجدت اسمك في أصحاب أصحابي، أبي العباس المرسي، فيالطبقة الثانية ". فلما حج وقدم صحبه. قال المكين السمر: " رأيت نور الولاية عليه ". يحيى بن رزق الله الفاوي - 627 للهجرة يحيى بن رزق الله بن مخير بن مجير الفاوي. سلف.

يحيى بن موسى بن علي القناوي

يحيى بن موسى بن علي القناوي - 625 للهجرة يحيى بن موسى بن علي القناوي الفقيه، زاهد عالم صالح، روي عنه الحافظ العطار. روي عن شيخه عبد الرحيم القناوي انه قال، في حديث:) من طلب العلم تكَّفلَ الله برزقه (، معناه - والله اعلم -: يخصه بالحلال من الرزق، لمكان طلب العلم. مات بقنا سنة خمس وعشرين وستمائة. أبو الحجاج الأقصري - 624 للهجرة يوسف بن عبد الرحيم بن غزي، المغربي الزاهد العارف،

أبو الحجاج الأقصري، ذو الكرامات والمعارف. تخرج به الشيخ علي الافواني وعلي بن بدران وإبراهيم الفاوي ومفرج ونظرائهم حكى الشيخ عبد الغفار بن نوح في كتابه انه كان مشارف الديوان ثم تجرد وصحب الشيخ عبد الرزاق تلميذ الشيخ أبي مدين فحصل له من الخير ما حصل يقال: " إن الجن المؤمنين يجتمعون به " وكان في سماعه يصيح: " يا حبيب! يا حبيب! " افرد ترجمته بالتاليف وغلا أصحابه، فادعوا انه اعرج به في ليلة النصف من شعبان إلى السماء واتخذوه عادة ودينا قال عبد الغفار: " وكان مشهورا بالعلم والرواية وله كلام يشهد بالمعرفة والدراية " مات في رجب سنة اثنين وأربعين وستمائة وقبره مشهور بالأقصر يزار وعليه مهابة وجلالة

أبو الحجاج المغاور

وولده نجم الدين احمد مذكور بكرامات وهو الذي بنى الضريح على أبيه مات ببلده بعد الثمانيين وستمائة وحفيده جمال الدين محمد خلف والده في المشيخة يذكر عنه مكاشفات منها: ناه اخبر بفتح عكا يوم وقوعه وغير ذلك. مات في الأقصر في الرابع والعشرين من شعبان سنة ستة وتسعين وستمائة. أبو الحجاج المغاور 489 - 619 للهجرة يوسف بن محمد بن علي بن احمد بن سليمان الهاشمي أبو الحجاج

أبو يحيى بن شافع القناوي

المغاور قدم من المغرب واقام بقنى إلى ان توفي بها. وصحب الشيخ أبا الحسن بن الصباغ وكان من المشهورين بالولاية وممن لهم من الله العناية. يحكى انه كان يأخذ إبريقه وعكازه ويخرج إلى البرية ويقيم شهرين أو اكثر ويعود. ويحكى عن الشيخ أبي الحسن انه قال: كل من صحبني كان محتاجا إلى المغاور فانه صحبني غير محتاج إلي ". وذكر الشيخ عبد الغفار عنه أنواعا من الكرامات. مات في صفر سنة تسع وعشرة وستمائة ويقال انه عاش مائة وثلاثين سنة. أبو يحيى بن شافع القناوي - 647 للهجرة أبو بكر وأبو يحيى بن شافع القناوي العارف شيخ عصره من أصحاب ابن الصباغ.

حكى الشيخ عبد الغفار بن نوح أن الشيخ أبا يحيى كان شابا في حانوت بالسوق وان الشيخ أبا الحسن بن الصباغ. مر به فوقف ساعة ينظر أليه ثم قال لخادمه " هذا الشاب يجيء منه سلطانا ويتزوج بنت الخليفة " وان أبا يحيى قام من الحانوت وصحب أبا الحسن بن الصباغ وتزوج ابنته وكان الخليفة بعده ". قال " ولقد حدثوني أن الشيخ أبا الحسن كان يأخذه في ليالي الشتاء وينزل في بركة هناك ويقف بها لشدة الوارد الذي يرد أليه وحرارته ". قال ورأيت طاقة كان ينزل بها في طريق الجبانة وقالوا كنا نسمع بها كدوي الرعد من الوارد الذي يرد عليه وحرارته. وقال " ولما مات شيخه أبا الحسن قام الفقراء واخذوا ابنه زين الدين وقالوا له " تجلسي مكان الشيخ! " قال " اكذب على الله " ثم أخذة بيد الشيخ أبي يحيى فأجلسه وصحبه " قال " وكان سماطا كسماط الملوك على عادة شيخه " وقال أيضا حكى الشيخ أبو الطاهر إسماعيل بن عبد المحسن المراغي أحد أصحابه انه كان يزن بعد العشاء لكل فقير رطل من الحلاوة.

أبو بكر بن عرام الربعي

ونظر مرة إلى الشيخ تقي الدين والشيخ جلال الدين وجماعة وقال " هؤلاء نجوم ظهروا " ثم التففت إلى الشيخ تقي الدين وقال " ونجم " هذا اظهر. وله كرامات وأحوال غريبة وتخرج به جماعات تنسب أليهم كرامات كأبي عبد الله الأسواني 7 وأبي الطاهر إسماعيل المراغي والبهاء الأخميني والتاج بن شعبان والشيخ زين الدين ولد شيخه وخلائق. مات يوم الجمعة تاسع شوال سنة سبع وأربعين وستمائة. أبو بكر بن عرام الربعي 620 - 691 للهجرة أبو بكر وأبو القضل - ويقال أبو الفضائل - بن عرام بن إبراهيم بن يس، زكي الدين الربعي، الأسواني الأسكندراني الدار والوفاة الفقيه الشافعي.

أبو محمد البلتاجي

صحب أبا الحسن الشاذلي وشهد له بالولاية وتزوج ابنته مات سنة إحدى وتسعين وستمائة أبو محمد البلتاجي - ق7 للهجرة الشيخ أبو محمد البلتاجي ولي الله العارف من اكبر أصحاب أبي الفتحة الواسطي أبو بكر بن قوام البالسي 584 - 658 للهجرة أبو بكر بن قوام بن علي بن قوام البالسي الزاهد القدوة بركة الشام العابد القانت صاحب أحوال ومكاشفات.

أبو العباس القسطلاني

ولد بمشهد صفين سنة أربعة وثمانيين وخمسمائة ونشأ ببالس وبعث أليه الكامل بخمسة عشر ألف درهم فلم يقبلها) وقال ينفقها في الجند. مات سنة ثمان وخمسين وستمائة (وقال لابنه " اجعلني في تابوت فلا بد أن انقل! " ثم نقل سنة سبعين) وستمائة (إلى زاوية أبيه. أبو العباس القسطلاني 559 - 636 للهجرة أبو العباس احمد بن علي بن محمد بن القسطلاني.

أبو عبد الله بن النعمان

أخص أصحاب الشيخ القرشي وخادمه. انفق ماله عليه وفي بيته كانت أقامته مات بمكة سنة ثلاث وثلاثين وستمائة ودفن بالمعلاة ومولده سنة تسع وخمسين وخمسمائة. وروى عنه المنذري في مجمعه، وخلق. أبو عبد الله بن النعمان 607 - 683 للهجرة الشيخ أبو عبد الله بن النعمان بالاسكندرية العالم المحدث

أبو الفتح الواسطي

الرباني. مشهور بالعلم والصلاح وتنسب أليه طائفة تسمى النعمانية. أبو الفتح الواسطي - 580 للهجرة أبو الفتح الواسطي إلامام العارف اذن له سيدي احمد ابن الرفاعي بالتوجه إلى ديار مصر فامتثل واستقر بالثغر فظهر حاله وكثرت اولياؤه.

أبو العباس الشاطر

أبو العباس الشاطر - ق 690 للهجرة أبو العباسى شبيب الشاطر. مات ما بين التسعين وستمائة يونس بن يوسف الشيباني 529 - 619 للهجرة يونس بن يوسف بن مساعد الشيباني ثم البخاري شيخ الطائفة اليونسية كان صالحا، وقيل كان مجذوبا لا شيخ له. وأصحابه يذكرون له كرامات منها:

منها انه سافر بقوم فلما مر مروا على " عين ثورا " - والوقت مخيف - لم ينم أحد ونام هو فسئل عن نومه فقال " ما نمت حتى أتى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام وتدرك الفعل مني ". واصبحوا صالحين0 وحكى عنه أنه قال لشخص 0 " إذا دخلت المدينة فاشتر " لأم مساعد " كفنا! "، يعني زوجته، وكانت في عافيه، فقيل له: " وما بها؟! "، فقال: " ما يضر! "، فلما حضر وجدها ماتت0 وله شعر مواليا 0 مات سنة تسع عشره وستمائة 0 في قرية هي القنية، من أعمال داريا، وقبره يزار بها مات وقد ناهز التسعين وكان من حقه التقديم.

يوسف بن عبد الله العجمي

يوسف بن عبد الله العجمي - 768 للهجرة الشيخ يوسف بن عبد الله بن عمر بن علي بن خضر، العجمي الكوراني، جمال الوقت. كان ذا طريقة في الانقطاع والتسليك. وله التلامذة الكثيرة، وعدة زوايا. مات في زاويته بالقرافة الصغرى، في يوم الأحد، نصف جمادى الأولى، سنة ثمان وستين وسبعمائة. وصلى عليه الخلق. أخذ العهد عن الشيخ الصالح نجم الدين محمود الأصفهاني؛ وعن الشيخ بدر الدين حسن الشمشيري، وهو أخذ من نجم الدين المذكور، ومن الشيخ بدر الدين محمود الطوسي، كلاهما عن الشيخ نور الدين عبد الصمد النطيزي؛

عن الشيخ نجيب الدين على بن برعوس الشيرازي؛ عن شهاب الدين عمر بن محمد السهروردي؛ عن عمه الشيخ ضياد الدين النجيب؛ عن عمه القاضي وجيه الدين عمر، عن أبيه محمد الشهير بعّموريه؛ عن الشيخ احمد الأسود الدينوي؛ عن ممشاذ. وممشاذ ورويم أخذا عن الجنيد، عن سرى السقطي، عن المعروف ابن فيروز الكرخي، عن داود الطائي، عن حبيب العجمي، عن الحسن البصري عن علي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومعروف أخذ أيضاً عن على الرضا، عن أبيه موسى الكاظم، عن أبيه جعفر الصادق، عن أبيه محمد الباقر. عن أبيه على زين العابدين، عن أبيه الحسين بن علي، عن جده رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولبس الشيخ الخرقة من شيخيه الأولين بالطريق المذكور

سلاسل خرقة بن الملقن

إلى جنيد، عن جعفر الحذاء، عن أبي عمر الأصطخري، عن شقيق البلخي، عن إبراهيم بن أدهم، عن موسى بن يزيد الراعي، عن أويس القرني، عن عمر وعلي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتلقن الذكر، وهو: " لا إله إلا الله " عن شيخيه، بالطريق المذكور. سلاسل خرقة بن الملقن قال كاتبه المؤلف: وقد لبست الخرقة من جماعات بطرق متنوعات جليلات منهم: ولي الله زين الدين أبو بكر بن قاسم الرحي الحنبلي؛ عن شيخه ذي الكرامات تقي الدين أبي إسحاق إبراهيم بن علي بن احمد بن فضل الله الواسطي؛ عن الشيخ موفق الدين بن قدامة الحنبلي،

عن ولي الله محي الدين أبي محمد بن أبي صالح الجبلي عن أبي سعيد المبارك بن علي المخرمي عن الشيخ أبي الحسن بن محمد ابن يوسف ابن عبد الله القرشي عن أبي الفرج عبد الرحمن ابن عبد الله الطرسوسي عن أبي الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز التميمي عن والده، عن الشبلي عن الجنيد عن سرى كما سلف قال شيخنا: " ولبستها أيضا عن الشيخ عز الدين الفاروثي عن الشيخ أبي الحفص عمر بن محمد السهروردي. عن عمه الضياء عن الإسود عن ممشاذ؛ عن الجنيد به. قال الشيخ أخي فرج: ولبستها من أبي العباس النهاوندي عن ابن خفيف كما سلف

قال شيخنا أيضا: وألبسينها أيضا الأمام أبو إسحاق إبراهيم الرقي صاحب الكرامات، عن عبد الصمد بن احمد الخطيب عن أبي محمد عبد العزيز بن احمد الناقد عن أبي الفضل محمد بن عمر بن يوسف إلارسوى عن أبي الحسن بن ياسين بن حمويه عن أبي حفص محمد بن إبراهيم الكناني عن أبي القاسم عبد الله بن محمد البغوي عن أبي عبد الله احمد بن محمد المروزي الشيباني، عن إسماعيل بن إبراهيم عن الوليد بن أبي هشام عن أبي بكر محمد بن عمرو بن حزم بن عائشة رضي الله عنها. قال شيخنا ولبستها أيضا عن الشيخ سعد الدين أبي عبد الله محمد بن المؤيد أبي بكر بن الجويني، عن أبي الحسن محمد بن شيخ الشيوخ عمر ابن علي بن حمويه الجويني عن أبيه عن جده محمد عن الفارمذي عن الطوسي بحرجان عن سعيد بن سلام المغربي عن محمد بن إبراهيم الزجاجي عن الجنيد عن السرى عن معروف به.

قال: ولبستها أيضا من الشيخ شرف الدين أبي العباس إسحاق إبراهيم بن السباع الفزاري والشيخ أبي عبد الله محمد بن الحسن ابن أبي يوسف الارموي كلاهما عن الشيخ تقي بن الصلاح عن أبي الحسن المؤيد بن علي الطوسي، عن أبي الأسد هبة الله بن أبي سعيد عبد الواحد ابن أبي القاسم القشيري عن جده أبي القاسم القشيري وحكى به قال شيخنا: ولبستها أيضا من المشايخ الثلاثة شرف الدين أبي محمد يعقوب الحلبي وأبي الفداء إسماعيل بن إبراهيم بن سالم الأنصاري وسلامة بن سالم بن سلامة الجعبري. كلهم عن الحافظ جمال الدين أبي حامد محمد بن علي بن الصايوني عن الشيخ شهاب الدين عمر ابن محمد بن عبد الله السهروردي عن عمر كما سلف.

قال ابن الصابوني: ولما دخلت مصر صحبة والدي قصدت معه زيارة الأمام فخر الدين أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن احمد الجبري الفارسي والتبرك به فقربني وأكرمني فسألني في بعض الأيام: " ممن لبست الخرقة؟ " وكان بحضور والدي، فذكر له والدي أني لبستها من الشيخين المذكورين، وهما السهروردي وصدر الدين بن حمويه، فقال له:) نسبة خرقتي أعلى وثمنها أغلى! وإذا لبستها مني تكون كأنك قد لقيت حده ولبست منه فأنني أنا وهو في درجة وأحدة! " فالتمست منه ذلك تبركا وقال:) البسني شيخي ووالدي الأمام إسحاق إبراهيم بناحمد الفارسي، عن شيخ الشيوخ نصر بن خليفة البيضاوي، عن أبي إسحاق بن إبراهيم ابن شهريار الكازروني عن الشيخ أبي محمد الحسين بن إلاكار عن ابن خفيف عن جعفر الحداء عن أبي عمر الأصطخري عن أبي تراب النخشبي عن شقيق عن إبراهيم بن ادهم عن أبي عمران موسى بن يزيد الراعي عن اويس القرني عن عمر وعلي عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال شيخنا: وقد لبستها أيضا عن الأبرقوهي عن الشيخ شهاب الدين السهروردي عن عمه عن عمه كما سلف. قال: " وألبسنيها أيضا الحافظ شرف الدين أبو محمد عبد المؤمن

ابن خلف الدمياطي عن البهاء أبي الحسن علي بن هبة الله بن سلامة وعلم الدين أبي الحسن علي بن محمود بن احمد الصابوني كلاهما عن الحافظ أبي طاهر اللفي عن الشريف المعمر عن والده عن ابن أخيه عن الجنيد به. قال الدمياطي: وألبسنيها العلامة نجم الدين أبو النعمان يسيرابن أبي بكر بن حامد الأعرابي بمكة عن أبي المحاسن فضل الله بنسرهنك ابن علي الريحاني عن أبي المحاسن بن علي الفارمذي عن شيخه وجده أبي القاسم عبد الله الكراني عن أبي عمرو محمد بن إبراهيم الزجاجي عن الشبلي عن الجنيد به قال شيخنا: وألبسنيها أيضا الشريف تاج الدين أبو الهدى احمد بن محمد بن كمال الدين علي بن شجاع بن سالم العباسي عن الشيخ نجم الدين أبي الفضل عبد الله بن أبي الوفاء البارائي عن شيخه شهاب الدين أبي حفص عمر بن محمد بن عبد الله السهروردي. به كما سلف. ولبسها نجم الدين الدمياطي هذا.

هذه طرق شيخنا نفعنا الله به ولقد اخبرني مرة انه خفير الديار المصرية وان ذلك سبب عدم خروجه منها سقى الله ثراه ولستها ان أيضا من شيخنا المسند المعمر جمال الدين أبي المحاسن يوسف بن محمد بن نصر الله المعدي الحنبلي بظاهر القاهرة بكوم الريش وكان مولده سنة تسع واربعين وستمائة. ومات ستة خمس واربعين وسبعمائة. قال ألبسنيها شيخ الإسلام قاضي القضاة شمس الدين أبو عبد الله محمد ابن الشيخ الإمام عماد الدين أبي إسحاق إبراهيم ابن عبد الواحد المقدسي عن العلامة موفق الدين بن قدامة عن قطب الأقطاب محي الدين عبد القادر ابن ابقي صالح بن عبد الله الجيلي عن الشيخ أبي سعد المبارك بن علي المخرمي عن الشيخ أبي الحسن بن علي بن محمد بن يوسف القرشي الهكاري عن الشيخ أبي الفتح الطرسوس عن الشيخ أبي الفضل عبد الواحد التميمي عن والده الشيخ عز الدين عنة الشبلي به. والبسنيها بثغر الاسكندرية في رحلتي الأولى أليها؛ في يوم الأربعاء في الحادي والعشرين مكن شعبان سنة خمس وخمسين وسبعمائة المام

العلامة مفتي الإسلام شرف الدين أبو البركات محمد ابن الإمام فخر الدين أبي بكر محمد بن العلامة أبي محمد عبد الكريم بن عطاء الله بن عبد الرحمن بن القاسم الجذامي المالكي أخو الشيخ تاج الدين بن عطاء الله ومولده ثالث وعشرين من صفر سنة ثلاث وسبعين وستمائة قال: ألبسني الشيخ الأمام القدوة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن موسى بن النعمان على وجه الصحبة والتببرك خاصة لا على وجه الافتداء إذ أنا الشاذلي خاصة قال وكنت أترددمع أخي الشيخ تاج الدين في صغري علي سيدي الشيخ أبي العباس المرسي قال وشاهدت جنازته في سنة ست وثمانيين وستمائة بالاسكندرية ولم يكن الشيخ أبي العباس المرسي الشيخ سوى الشيخ أبي الحسن الشاذلي خاصة واقتدى الشيخ أبو عبد الله محمد بن موسى بن النعمان بالشيخ القدوة ضياء الدين أبي الحسن علي بن أبي القاسم بن غزيالمعروف بابن قفل وصحبه ولبس منه الخرقة ولم يقتد بغيره.

ولبسها ابن النعمان أيضا لباسا مجردا أيضا لباسا عن الاقتداء من يد الشيخين الإمامين مفتي الإسلام بهاء الدين أبي الحسن علي ابن أبي الفضائل هبة الله ابن سلامة وعلم الدين أبي الحسن الصابوني السالف. فأما ابن قفل فلبس من شيخه الأستاذ مروان بن عبد الملك بن قفل عن الأستاذ أبي عبد الله محمد بن عثمان بن بنجير المعروف بالسسميرمي، عن جمال إلاسلام، إسماعيل بن الحسن، عن محمد بن ماتكيل. وصحب إسماعيل هذا الشيخ أبا محمد عبد الكريم بن دسمبريار تلمذ له؛ وهما لبسا من داود ابن محمد المعروف بخادم الفقراء لبس وهو من الشيخ أبي العباس بن الريس عن الشيخ أبي عبد الله ابن عثمان عن أبي يعقوب النهرجوري وصحبهو أبا يعقوب السوسي وصحب هو عبد الواحد بن زيد وصحب هو على ابن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما شيخاه الاخران وهما بهاء الدين وابن الصابوني فلبسا من الحافظ أبي طاهر السلفي وصحب هو من المشايخ الصوفية اثني عشر شيخا وهم: عم أبيه، الشيخ أبو القاسم الفضل بن محمد بن إبراهيم السلفي وجاوز المائة كالسلفي الحافظ والشيخ أبو بكر عبد الكريم السالف،

وأبو الفرج احمد بن محمد بن إبراهيم بن سعيد بن وردة النهاوندي وأبو الفضل احمد الخريبي والشيخ أبو بكرمحمد بن احمد النجار والحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي ومحمود بن عبد الله بن احمد البسري وأبو سعيد محمد بن احمد النيسابوري والشريفان: أبو المنصور معمر بن احمد بن محمد العبدي الأصبهاني وحمزة بن علي بن عباس بن برطلة وأبو بكر احمد بن علي الطريثي ولبس السلفي من هذا والشريفين. فأما معمر العبدي فلبسها من الشيخ أبي الحسن احمد بن محمد الأصفهاني والده عن أبي احمد عبد الله بن حنة المعبر عن الجنيد. قال السلفي: وكان لباسي من معمر هذا بأصبهان بحضرة والدي وأما ابن برطلة فلبسها من الشيخ أبي هاشم العلوي وصحبه عن أبي الحسن احمد بن محمد ابن عمر اللسلاني عن ابن حن عن الجنيد. وأما الطريثي فلسها من الشيخ عبي علي بن شاذان عن ابن خفيف عن الجنيد.

لأبي هاشم العلوي - شيخ ابن برطلة - طريق أخر كله الصحبة. فانه صحب الشيخ معمر أبان السالف ولبس منه وصحبه وهو لبسها من أبو القاسم سليمان بن احمد بن أيوب الطبراني وصحبه وهو صحب أباه احمد ابن أيوب الطبراني وأبوه صحب الجنيد قال الجنيد: صحبت خالي سري ولبست منه، وقال صحبت معروفا وليست منه قال: البسني داود الطائي وصحبته عن حبيب العجمي كذلك عن الحسن البصري كذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك. ولبستها أيضا من الشيخ المعتقدالمعمر رضي الدين أبي محمد الحسين بن عبد المؤمن علي الطبري سبط الأمام محب الدين الطبري، سادس عشر جمادى الأولى من سنة خمس وخمسين وسبعمائة بزاويته ببولاق، قال ألبسني الأمام، مفتي القرن جمال الدين محمد بن سليمان بن الحسن بن حسين، عرف بابن النقيب سنة ثمان وتسعين وستمائة قال الشيخ ألبسني شهاب الدين السهروردي عن عمه النجيب كما سلف. ولبستها أيضا من شيخنا قاضي القضاة عز الدين أبي عمر

عبد العزيز بن قاضي القضاة بدر الدين أبي عبد الله محمد بن شيخ الإسلام برهان الدين أبي إسحاق إبراهيم ابن سعد ابن جماعة الكتاني الشافعي، عن والده عن عمه الشيخ نصر الله بن جماعة عن الشيخ عبد الله بن الفرات، عن الشيخ أبي البيان بنان بن محمد بن محفوظ القرشي الدمشقي ذي الكرامات قال قاضي القضاة عز الدين: ولبسها والدي من الشيخ زين الدين أبي عبد الله محمد ابن إسماعيل السمرماني الأصبهاني المعروف بالحلواني عن الشيخ أبا حفص السهروردي السالف كما سلف. قال والبسنها والدي أيضا عن العلامة قاضي القضاة تقي الدين أبي عبد الله محمد بن الحسين بن رزين الحموي الشافعي، عن سعد الدين أبي المحاسن محمد ابن المؤيد ابن أبي بكر بن أبي الحسن علاي بن أبي عبد الله محمد ابن حمويه الجويني قال ألبسنيها ابن عم والدي الشيخ الإسلام صدر الدين أبو الحسن محمد؛ قال: ألبسنيها والدي الشيخ الشيوخ عماد الدين أبو الفتح عمر، عن جده الشيخ الإسلام معين الدين أبي عبد الله محمد عن الأمام أبي الفضل بن محمد الفارمذي عن قطب وقته أبي القاسم عبد الله بن عليا

بن عبد الله الطوسي بحرجانعن أبي عثمان سعيد بن سلام المغربي، قال صحبت أبا عمرو محمد ابن إبراهيم بن محمد الزجاجي النيسابوري عن الجنيد به. قال قاضي القضاة: ولبسها والدي من الشيخ صفي الدين أبي العباس احمد الكاهوردي الصوفي، يوم عيد الضحى، سنة ست وستين وستمائة، بخانقاء سيد السعداء ومات سنة ثلاث وسبعين عن الشيخ الصالح، شمس الدين محمد بن إبراهيم بن أبي الفرج ألارغاني عن والده عن جده، عن شيخ الشيوخ أبي الفتح نصر خليفة البيضاوي عن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن شهريار الكازروني، عن الشيخ أبي محمد الحسين إلاكار عن شيخ الوقت أبي عبد الله محمد بن الخفيف عن جعفر الحذاء به. قال قاضي القضاة: وألبسنيها الشيخ صدر الدين أبي المجامع إبراهيم، عن والده شيخ الطائفة سعد الدين أبي المحسن محمد بن المؤيد ابن حمويه كما سلف. وأجاز لي الشيخ العلامة الأستاذ أبو الحيان الأندلسي جميع ما يسوغ له روايته وحضرت عنده وسمعت عليه وهو لبس من شيخه قطب الدين بن القسطلاني وكمال الدين ابن النقيب المفسر كلاهما

الشهاب السهروردي، صاحب " عوارف المعراف " عن عمه كما سلف. وسمع المؤلف بالأسكندرية الشيخ ابا عبد الله بن النعمان وزار بدسوق الشيخ إبراهيم الدسوقي، وفي القرافة بلال البطائحي، سكنة اللؤلؤةمن القرافة وكانا صحبا الشيخ إبراهيم الأعزب وهو صحب الشيخ احمد بن سليمان البطائحي صاحب الرواق ومات ولده الشيخ صالح شيخ الرواق ايضا سنة ثمان وستتين وستمائة كما سلف وسمع علي الشيخ أبي عبد الله أبي عيسى بن عبد العزيز الحجي عام حج سنة أربع وثلاثين وسبعمائة وصحبه، وهو صحب الشيخ أبا عبد الله محمد بن أبي البركات بن أبي الخير الحمداني البطائحي، وصحب الشيخ احمد بن الرفاعي ولبس منه، وأذن له في الألباس. ولبستها بالطريق المذكور من صاحبنا الشيخ الصالح، برهان الدين إبراهيم بن احمد بن محمد التبوري اللخمي الأندلسي، عن شيخنا أبي حيان.

ولبسها الشيخ قطب الدين بن الزاهد أبا طالب بن أبا العبيد الخفيف الأبرهي، عن الحافظ أبي موسى المديني، عن السيد الزاهد أبا محمد الحمزة بن العباس الحسيني، عن فخر السادة أبي هشام غانم ابن الحسين، عن محمد ابن ناصر، الملقب بماجة، عن أبا مسلم عبد الرحمن ابن حفص السقا، عن ابا بكر ابن أبوريه، عن محمد بن يوسف البناء، عن عبد الله بن عمران الزاهد، الفضيل بن عياض، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن مسعود، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الشيخ قطب الدين: ولبستها - بمكة - من أبي احمد ناصر عبد الله العطار، وكان حج ستين حجة أو اكثر عن شيخه بمكة أبي عبد الله محمد بن محمد السميري، عن إسماعيل بن الحسن وعبد الكريم ابن سميرياروشيخ الشيوخ محمد بن مايكتال عن داود إدريس عن أبي القاسم بن رمضان عن أبي يعقوب الطبري عن أبي عبد الله بن عثمان عن أبي يعقوب النهرجوري عن أبي يعقوب السوسي عن عبد الواحد بن زيد عن كميل بن زياد عن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الشيخ قطب الدين: ولبستها من العلامة نجم الدين أبي نعمان بشير بن أبي بكر حامد الجعبري التبريزي، عن أبي المحاسن فضل الله

ابن سرهنك الزنجاني عن أبي المحاسن بن أبي علي الفارمذي عن جده لامه الأمام أبي القاسم عبد الله بن علي الجرجاني عن الأمام عمرو محمد ابن إبراهيم الزجاجي، عن الشبلي. وفي ليلة يسفر صباحها عن يوم الجمعة، خامس عشر شهر ربيع الأول من سنة ستة وسبعين وسبعمائة، ألبسني الشيخ الصالح، أمين الدولة أبو عبد الله محمد ابن الشيخ الصالح الخاشع الناسك أبي العباس احمد بن الشيخ الصالح سراج الدين عمرو بن عبد القادر الغزي العسقلاني والده، نفع الله به بفناء سكنة تجاه الجامع المعمور المعروف ألان بتجديد الصاحب شمس الدين المقصي أيده الله قال: ألبسني الشيخ شهاب الدين السيزباني عن عكاشة عن الشيخ شهاب الدين السهروردي، بسنده السالف. قال وألبسني والدي، عن الشيخ تقي الدين بن الحسن بن علي ابن احمد الرفاعي، عن الشيخ عبد العزيز الدريني، عن أبي الفتح الواسطي، عن سيدي احمد بن الرفاعي. وفي أوائل سنة ثمان وسبعين ألبسنيها الشيخ الصالح الحبر المعمر،

أخر الذيل يتلوه من أدركته من السادة والله اعلم

جمال الدين أبو محمد عبد الله بن الشيخ الصالح زين الدين عبد الرحمن بن عبد الله ابن الحسن القرشي الطلحي البطائحي بالقرافة عن شمس الدين احمد عن والده تاج الدين محمد، عن والده شمس الدين المستعجل، عن والده عبد الرحيم، عن خاله سيدي احمد الرفاعي، عن خاله الشيخ منصور، عن الشيخ علي بن الغازي الواسطي، عن أبي الفضل بن كامخ، عن الشيخ الي البارنباري، عن الشيخ محلى العجمي، عن الشبلي. أخر الذيل يتلوه من أدركته من السادة والله اعلم

فصل في طبقة أخرى تلي هؤلاء

فصل في طبقة أخرى تلي هؤلاء ماتوا في القرن الثامن

إبراهيم الرقي

إبراهيم الرقي - ق 8 للهجرة إبراهيم الرقي، شيخ من شيوخنا، والرقي نسبة إلىالرقة. ولد بها، وقدم دمشق. وكان عالما عاملا، صنف في الفنون، ولع الخطب. ودفن بسفح المقطم. شرف الدين اليونيني 621 -؟ للهجرة اليونيني شرف الدين اخو قطب الدين شيخ شيوخنا عارف رباني ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة. سمع واسمع، وتفقه، ضربه إنسان بعصى في رأسه ببيت الكتب، فكانت سبب موته في رمضان ببعلبك ويونيين من قرى بعلبك. وجدهم عبد الله، يلقب أسد الشام، زاهد عابد، أحد من حج في الهواء كحبيب العجمي، مات وهو يسبح.

بهاء الدين بن عرام

بهاء الدين بن عرام - ق 8 للهجرة البهاء بن عرام احمد بن أبي بكر صحب المرسي وأبو الحسن الشاذلي جده لامه. كان يسمع إلاذان من العرش، وكان إذا زار المرسي كلمه من ضريحه. قرأ وحصل، وأصل ومن شعره: وحقك يا أمي! الذي تعرفينه ... من الوجد والبريح، عندي باقي فبالله! لا تخشى رقيبا وواصلي ... وجودي، ومني، وانعمي بتلاقي تقي الدين بن تمام - ق 8 للهجرة التقى عبد الله بن احمد بن تمام بن حسان الصالحي. سمع فقه وتأله ومن شعره، من قصيدة طويلة: يا نازحين! متى يدنو النوى بكم ... حالت لبعدكم حالى وأيامي

أبو محمد الكتاني

كم اسال الطرف عن طيف يعاودني ... وما لجفني من عهد بأحلام استودع الله قلبا في رحالكم ... عهدي به منذ أزمان وأعوام وما قضا بكم في حبكم أربا ... ولو قضى فهو من وجد بكم ضامي من ذا يلوم أخا وجد يحبكم ... فابعد الله عذالي ولوامي! في ذمة الله قوم ما ذكرتهم ... إلا ونم بوجدي دمعي النامي قوم أذاب فؤادي فرط حبهم ... وقد ألم بقلبي أي إالمام! ولا اتخذ سواهم عنهم بدلا ... ولا نقضت لعهد بعد أبرام ولا عرفت سوى حبي لهم، أبدا ... حبا يعبر عنه جفني الدامي أبو محمد الكتاني ق 8 للهجرة الكتاني العارف الزاهد الضرير، أبو محمد عبد الله، خادم أبي القاسم القباري لم يشرب في إلاسكندرية إلا من ماء البئر التي لا يصل أليها ماء النيل، لما من غضب المسلمين بحفر الخليج ومما ينفق بسببه.

برهان الدين الشاذلي

وكان يقتات من ونسجه، وكان إذا انقطع منه الخيط علم موضعه بالحمرة ليراه المشتري. وكان لا يقطع الرمي، قاعة، وكان يقول: " تقوم الساعة على قاعتي هذه والجامع الغربي " وكان يصيب على بعد مرماه جاءهم قطاع من الإفرنج فخرج فرمى، فأصاب بسهم واحد سبعة انفس، فهربوا. برهان الدين الشاذلي - ق 8 للهجرة البرهان الأعرج الشاذلي صحب المجد القشيري كان يختم كل يوم وليلة ختمة، وكان يكت الغزل وينفق منه. كان لزوجته مرجونة، تضع فيها الخبز وغيره فيدخل يده فيخرج منها وان كان الحاضرون يعلمون انه لا شئ فيها.

أبو عبد الله الفاسي

أبو عبد الله الفاسي - ق 8 للهجرة الفاسي أبو عبد الله محمد، العابد الأواه صحب أصحاب سيدي الشيخ أبي مدين. اغلظ لبيربس وكريم الدين، ولغيرهما. رآه ابن الحاج طائرا في طريق الحاج، وقال له: " ثم! ما يصيبم إلا خيرا! " ولما قدم من دياره إلى بلاد مصر، وجد في جانب البحر المالح كوما كبيرا ذهبا، والناس ينضرون اليه، فعرف ان ذلك امتحان واعرض عنه. داود بن عمر الكهاري - ق 8 للهجرة الشيخ داود بن عمر بن ما خل الكهاري الأسكندري المالكي،

محمد بن نبهان الحلبي

صحب تاج الدين بن عطاء الله وشرح " حزب البحر " فكان يتمثل بقوله: لقد ظهرت، فلا تخفى على أحد ... إلا على أكمه لا يعرف القمرا ثم استترت عن الأبصار يا صمد ... وكيف يظهر من بالعزة استتراً؟! محمد بن نبهان الحلبي ق 8 للهجرة الشيخ محمد بن نبهان شيخ حلب له كل يوم ختمة. عمر الزاهد ق 8 للهجرة الشيخ عمر الزاهد المتقشف، من أصحاب سيدي عبد الهادي. كان يصلي بالختمة من المغرب والعشاء بالجامع المغربي. واستسقى بعد الظهر فسقوا، فصلى ركعتين بختمة إلى العصر.

القصيدة اللامية للديريني

فصل القصيدة اللامية للديريني وقد ذكر الشيخ عبد العزيز الديريني،

قصيدة له لامية، فبدا بها بحمد الله سبحانه وتعالى ثم بالسلام والصلاة على النبي، صلى الله عليه وسلم، والصحابة - وخص منهم الأربعة - ثم قال: والتبعين وشيخنا البصري قدوتنا ... الأمام الفاضل الَحَسنِ الوَلِي وحبيب العَجَميَّ، هو ابْن محمد ... مِنْ بَعده في الصدق صافي المنهل من بعده داوود الطائِيّ له ... من ورده صافي الشراب السلسل من بعده معروف الكَرْخِيّ لم ... يجنح لنيل العاجل المُسْتَوْبل وَسِرىْ السُّقَطِيُّ ذو زهدٍ ... وأحوال وصدق توكُّل خالُ الجُنَيْد وشيخُه كانا إلى ... الخيرات سبقاً كالَّسِرى الجدول ثم الفتى الشبَّلْي في أحواله ... الصادقُ الساري كمثل المعقلِ من بعده مُمْلىِ هو العجميُّ ذو ... قلب من التحقيق والتقوى مَلِي من بعده الشيخ الزكيُّ المرتَضَي ... أستاذنا ذو الهمة العليا " عَلِي "

من بعده فاذكر ابا الفضل الذي ... في جِده عن عزمه لا يأتلي من بعده ايضاً على الواسطي ... العلم العاري بقلب مقبل من بعده المنصورُ، والمنصور ذو عزم ... وجد دون حظ مُشْغِل والشيخ احمدُ سيدي ذو الهمة ... العلياه والتحقيق والفضل الجلي ابنُ الرفاعيَّ، الذي رفعت له ... أعلامُ صدق من بُزاة الموصل قد كان يسمو همةً ومعارفاً ... أنفاسُه فوق السماك الأعزل شيخي أبو الفتح الولي الواسطي ... منه إلى أهل الرواق توصلي تلميذُ احمد، سيدي أنفاسه ... عنه شفاها دون حجب فيصل بايعته عُمراً على شرط الوفا ... عقدا على التحقيق غير مبدَّل وقطعتُ في أيامه زمنَ الصبا ... حتى قضى على موثقه ولى فانا الفقير الأصغر الراجي الذي ... ما زالت ذا فقد حليف تطفل والسادة البرار من أصحابه ... في حبهم قد صح عقد توسلي والشيخ عبد الله في بلتاج كالعذب ... الروي لقلب كل مؤمل قد كان أوحد عصره، فتراه ما ... بين الأنام وسره في معزل وبها أبو الحسن الولي، رفيقُه ... وأنيسُه في تُرْبه والمنزل ثم القليبي القلب المرتضي ... عبد السلام كوابل مسترسل

ذو همة عُمَرية، ومحافل ... في الخير، كم به من محقل والشيخ ضرغام المسيريّ الذي ... قد كان كالضرغام بين الجحفل والشيخ بِهْرام الأمامُ الخيرْ، لم ... يركن إلى حفظ دني مُشغِل واذكر سراج الدين عبد الله في ... أخلاقه وعلومه كالمهل شيخاي أستاذاي، ولا أنساهما ... أبداً، ولا اسلوا وان لام الخَلىِ إن الرفاعِيَّين أصحاب الوفا ... والجود للعافي المِلمَّ المرْمِلِ كم فيهمُ من عارفٍ ذي همةٍ ... أو صادق عن عزمه لم يَفْشَلِ لا انتهى، لاأنثنى عن حُبَّههم ... كِرَّرْ مَلامي ياعذولي، واعذِلِ أنا أحمدي، أنا أحمدي من أَوجَهٍ ... في ذكر احمدَ كُلَّ معنى أجْتَلىِ أعلى المعالي لنبي المصطفى ... الهاشمي، الشافع المُتَقَبَّلِ خير البرايا، الصادق المختا ... ر والمبعوث والمنعوت بالمَّزَّمل صلى عليه الله ما أحيا المحيا ... كوروده ساحات روض ممحِلِ يا عالم التفصيل! لطفا شاملا ... أنت الخير بسر لفظ مُجْمَلِ مالي) سوى (حسن الرجاء عقيدتي ... ظَنٌّ جميل بالكريم المُجْمِلِ

الأرجوزة الوجيزة للديريني

الأرجوزة الوجيزة للديريني وله قصيدة أخرى ذكر فيها اكثر من هذه وها هي: الله أرجو وليس غير الله ... الله حسب الطالب إلاواه ثم الصلاة والسلام ... على النبي سيد النام محمد خاتم رسل المولى ... فأنه بالمؤمنيين اولى وآله وصحبه وعترته ... وكل من تابعه من أمته وهذه أرجوزة وجيزة ... ضمَّنتُها المقاصد العزيزة بذكر مَنْ بالعلم والصلاحْ ... بدا عليه عالمٌ ولاحْ ممن صحبت لرجاء النفعِ ... ولاجتماع الشمل يوم الجمعِ مشايخ أئمة أبرار ... وأخوة أحبة أخيار منهم سراج الدين عبد اللهِ ... كنا بفضل علمه نباهي صحبته سبع سنين أوَّلا ... وكنت في خدمته مفضلا عني من الله علىَّ فضلا ... ما كنت في القدر لذاك أهلا

وكان بحراً في علوم النظرِ ... والفقه والتحرير ذا تحرى والشيخ تاج الدين بن بهرام البدل ... كان إمامي في العلوم والعمل أوصافه في فضله مأثورة ... وكم له من كرامة مشهورة صحبته خمساً وعشرين سنة ... حتى قطعت من زماني أحسنه والشيخ زين الدين بالمحلة ... أعنى أبا بكر، فما أجلَّه وعلمه وزهده معروفُ ... وشكره بين الورى موصوفُ قد نلت منه دعوة مجابة ... وصحبه لي معها قرابة والشيخ مجد الدين ذو الفنون ... هو ابن عبد الصمد إلامينِ محمد المنتسب الأنصاري ... كالبحر في معرفة الأثار رويت عنه كل ما يرويه ... من سائر العلوم أو يليه وشيخنا عبد الوهاب بن خلف ... كان شبيهاً في السلوك بالسلف له علوم جمَّة وزهدُ ... وخشية وورع وقصدُ

وقد صحبت الشرف بن تغلبِ ... ونلت منة جدواه أي مطلبِ أفادني في مدة قليلة ... فوائد عظيمة جليلة والشيخ عز الدين تاج العلما ... بدر الزمان إذا قام العلما لاحت لنا من نحوه المسرة ... طوبى لعين نظرته مره والعالم الصالح إبراهيم ... بن وليد، فضله عميم عاش سليماً في جميع الرزقِ ... مستغنياً بالله، لا بالخلقِ ذو الخُلق المستحسن الرضىَّ ... والمنظر المستعظم البهيَّ عَّمر في نزاهة وطاعهْ ... وعفه تتبعُها قناعةْ وحج عامين ثم زار المصطفى ... ثم الخليل، ذو العهود والوفا فمات عندما أتى الخليلا ... فحاز ثم مغنماً جِليلا

والشيخ إسماعيل من قُطورِ ... راوي شفاء غُلَّة الصدور وقد صحبت العالم الصفراوي ... ثم الذكي العالم النشاوي كذا البرهان بالمحلةْ ... وبعد داود رقي محلة كذا الأمام طاهر المحَّلى ... خطيب مصر الظاهر المجَلَّى وصهره المجد، هو الأخميني ... المرتَضى، ذو المنهج القويم وشيخه جبريل من أخيم ... لقيُته بمصر للتسليم فهؤلاء كلهم أبرار ... أئمة لديننا أخيار أعطاهم العلم فهم في ستر ... فالنجم لا يظهر وقت الظهر لأن نور علمهم كالشمس ... وزدهدهم مستتر في طَمْس وفضلهم يغني الورى عن شاهدِ ... وليس يخفيه سوى معانِدِ وإنما يحتاج للكرامةْ ... من لم يكن لفضله علامة وها أنا ذا أذكر أهل المعرفة ... ذي الصدق والدلائل المشرفة لأنهم عاشوا بأنس الرب ... سراً، وذاقوا من شراب الحب

فهم جلوس في نعيم الحضرة ... وجوههم في نضرة من نظرة وكل من والاه رب العزة ... فهو الذي يعز من أعزَّه وقد تعلقت بقطب العصر ... منهم فنحن في سناه نسرى شيخ الأنام احمد الرفاعي ... حين أتانا من حِماه داعي فنحن بين احمد وأحمدي ... وشيخنا القطب الشريف احمد وشيخه وخاله منصورُ ... ثم على الواسطي المذكورُ بعد ان فَضل، له فضلٌ جِلى ... بعد أن بازى، بالتقوى ملى بعد الذكيُّ العجميُّ مُمْلِى ... بعدُ أبو بكر المسمى الشبليِ بعدُ الجنيد العارف المشهور ... بعد سرى السقطي المشهورُ وقبله معروف الكرخُّي ... وقبله دارد الطائي بعدُ حبيب العجميُّ الولى ... بعدُ الأمام الحسن البَصريُّ بعدُ الأمام المرتضى على ... بعدُ النبي المصطفى الأمىُّ صلى عليه الله ما دار فلك ... ولازم التسبيح والذكر ملك فهذه نسبتنا الشريفة ... أكرم بها من نسبة شريفة

وشيخنا الشيخ أبو الفتح الأسدْ ... لنا به إلى الرفاعي السندْ له كرامات وفضل بادي ... كثرتها جلت عن التعدادِ صحبته نحو ثلاث عشراً ... من السنين إذا وجدت السرا وقد صحبت السادة الكبارا ... أصحابه المشايخ الأخيارا الشيخ تاج الدين، والسراجا ... اثنان أيضاً مقامهم بلتاجا الشيخ عبد الله ذو الأحوالِ ... والصدق حقاً والمقام العالي وكان في رؤيته ولحظه ... ما يملأ القلوب قبل لفظه فإن بدت ألفاظه الخفية ... فيالها من حالة سنية وإن يدا بالنطق في الحقائق ... دقق حتى تعجم الدقائق وإن سمعت لفظه في العلم ... جاء بفتح فاق أهل الفهم صحبته نحو الثلاثين سنة ... كأنها من طيبها كانت سِنَهْ ثم أخاه في السلوك والسكنْ ... ذا الهمة العليا الرضى أبا الحسن ثم القليبي أبا المعالي ... عبد السلام الصادق الأحوال ذا النفس الطاهر والمحافل ... في الخير كم أحيا بها من غافل

ثم أخاه البر إبراهيما ... كان محباً صادقاً كريماً له مقام راسخ في الصدق ... في كل حال صادع بالحق والشيخ ضرغام المسيري الرضى ... قد كان ضرغاماً وسيفاً منتضى ثم أبا بكر، وقد تقدما ... ولم يزل في فضله مقدما والعارف الدقاق ذو الوفاء ... والخلق المرضي والحياء فهؤلاء أنجم دراري ... أنوارهم مضيئة للسارى لم يبق في الستين والستمائة ... في الناس من أصحابه إلا فئة قليلة قد غلبت كثيرة ... وأظهرت بين الأنام نوره وإنني، لفعلتي، أقلهم ... وقد تقضى منهم أجلهم وقد صحبت حسن الأنباري ... ذو الصدق والأحوال والأنوار والزهد والعبارة الفصيحة ... والكشف والفراسة الصريحة والنطق في الحكم والبيان ... نطق المراد العالم الرباني قد نلت من صحبته مراماً ... في الخير نحو أربعين عاماً كذا ابن عمه أبو علي ... ذو همه ومقصد جلى عُبَيْد في ديصة ذو الفتوه ... والزهد والحياء والمروه

وقد صحبت شيخنا الدكالي ... يعقوب في عمر البقي الحالي عشرين عاماً كان لي في رُؤيتهْ ... معنى ُلفيا البحرِ عند صَدْمتِهْ قَبْضٌ وَوَجْدٌ بعده طَّراحُ ... وكان بِلتاَج الارتياحُ والشيخ قاسم، الذي اجتهادُهْ ... مشهورٌ، وقد بدا لنا اجتهادُهْ تلميذ يعقوب العظيم القدر ... قد كان في عمري لجبر الكسر وقد صحبت العارِفَ الصَّدَّيقا ... عبد الرحيم، مشفقاً صَديقا وكان ذا زهد وعلمٍ وعملْ ... صحيتُه عشرين عاماً في مَهَل والشيخ يحيى الصالح السنيا ... والشيخ مرزوق الفتى البراسيا والشيخ مرزوق الرضى الَّسكَّيُا ... ثم الصقلي قاسم الرِضيَّا ثم كبيراً وأبا ماضي معاً ... خادم الرمل الذي ينْتَفِعا

ثم المليجي على الصادق ... ونجله التاج واثق والعارف المحقق الدققا ... تسبيحه على الرجال فاقا هو الولي المرتضى أبو الحسن ... أخلاقه تجلو عن القلب الحزين قد صحبت الصادق الغرباوي ... فكان فوق ما يقول الراوي وقد صحبت الأفطع المجاهداَ ... محمداً وقد كان فرداً واحداً صحبته بالحرم الشريف ... ووصفه يجل عن تصنيفي والشيخ نصر جاءنا بالقاهرة ... وقد بدأنا بكشوف ظاهرة وبعدها رايته على الصفا ... حتى إذا أضمرت لقياه اختفى وواحدا رايته بعرفة ... سوا إليها نظرة مختطفة ونلت ما يفوق ظني ... ثم اختفى بلا حجاب عني وثانية رايته في وقت ... مختلس الذكر بحسن صمت حتى إذا أخبرتهم عنه احتجب ... فاعجب لأمر خارق ولا عجب وكل شيخ نلت منه علماً ... أو أدباً، فهو إمامي حتما وكل شيخ زرته للبركة ... فقد وجدت ريح تلك الحركة وكل شيخ زرته للبركة ... فقد وجدت ريح تلك الحركة

وقد عدت منهُم جماعه ... اشتهروا بالفضل والبراعة وما سلكت عن سواهم صداَّ ... ولم أصِق حَصْرَ جميع عدَّا فأسأل الله لهم رضاهُ ... فإنه من ارتضى أرتضاهُ وأن يحقق الذي قصدتُه ... بذكرهم في نيل ما أملته وأن يميني على الأيمانِ ... فذاك رأس المال والأملنِ وآن أن أذكر قوماً درجوا ... ومن مضيق شحهم قد خرجوا قد كان لي بأُنْسِهم سُلْوانُ ... وما نسيت ذكرهم إذ بانوا وقد بقيت بعدهم فريداً ... مخلفاً عن رفقتي وحيداً أقطعُ الأوقاتَ بالرجاءِ ... لتَحضُر الوفاةُ بالوفاءِ وفي الزمان منهم بقية ... قليلة صالحة مرضية فقل لهم إذا أقاموا بعدنا ... يدعو لنا، فقد دعونا جهدنا والحمد لله العظيم القادرِ ... المنعم البر الرحيم الغافر ثم الصلاة والسلام السرمدي ... على النبي المصطفى محمدِ ونسأل الله قبول المعذرة ... والعفو عنا وجميع المغفرة

فصل آخر في الكنى

فصل آخر في الكنى

أبو جعفر بن الطباع

أبو جعفر بن الطباع - ق 8 للهجرة الشيخ الخطيب أبو جعفر بن الطباع. كان عاكفاً على كتاب الله لم يذكر الدنيا ولا أهلها. قال الأبرى: " وُلى القضاء فعزل نفسه ". وذكرته فيما مضى. عبد الحق القجاطي - ق 8 للهجرة عبد الحق القجاطي، عابد متأله متجهد، صحبه شيخنا الأبرى نحو ست عشرة سنة. وهو كان صحب لشيخ أبا تمام غالب بن حسن بن سند بونه الخزاعي، وهو الشيخ أبا أحمد جعفر بن عبد الله بن محمد ابن سند بونه الخزاعي.

أبو عمران الغرناطي

أبو عمران الغرناطي - ق 8 للهجرة الشيخ أبو عمران موسى، كان من عباد الله الصالحين، غزير الدمعة، كثير الذكر لله. يقصده الناس للزيارة والتبرك. أبو عبد الله الغرناطي - ق 8 للهجرة أبو عبد الله محمد بن فضيل. كان يخدم بالمسحاة في الكروم بالأجرة، تالياً للقرآن، لا يقبل من أحد شيئاً. وقصد السلطان ان يزوره، فحكى عنه انه قال: " أن زارني سافرت! ". ومن غريب حاله انه لما أسنَّ، وعجز عن خدمة الكروم، ماتت ابنته وورث منها شيئاً كفاه إلى حين موته. وكان من رآه كأنه رأى السلف الصالح من هذه الأمة. قال الأبري: " رأيته - والذي قبله - بغرناطة، وصحبتهما ".

أبو على المريد المالقي

أبو على المريد المالقي - ق 8 للهجرة الشيخ أبو على المريد. قال إلابري: " زرته بمالقة، وكانت عبادته الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أيضاً ". أبو الحسن الرندي - ق 8 للهجرة الشيخ أبو الحسن الرندي، قال إلابرى1: " زرته بيجاية ودعا لي ". وكان أهل بجاية يزورونه ويتمنون بركته.

أبو يعقوب الشاطي

أبو يعقوب الشاطي - ق 8 للهجرة أبو يعقوب على بن عقاب الشاطبي، قال: " زرته بتونس، وسمعت عليه الحديث ". أبو التقى صالح بن سوش - ق 8 للهجرة الشيخ التقى صالح بن سوش. كان من عباد الله الصالحين. قال: وزرت بالمحلة الشيخ علياً المرادى، وبدمياط الشيخ فاتحاً التكرورى، والشيخ كلملا، والشيخ محمداً الحطاب مربى الأيتام، يحتطب ويشفع عند ذوى الأمر بدمياط فلا تكاد ترد شفاعته. والشيخ سعيداً الألواحي، وكل من زار الشيخ فاتحاً فلا بد له من زيارته، وفيه إيثار.

صفى الدين بن أبى المنصور

وبقارسكور الشيخ يوسف الرفاعي. وبسنهور الشيخ خليفة المعراوى، والشيخ ابن هارون السعودى، وبدسوق إبراهيم الدسوقى. وبالقرافة الشيخ بلال البطائحى وسكنه باللؤلؤة منها، وكان صحب الشيخ إبراهيم الأعزب، وهو صحب سيدي أحمد بن أبى الحسن بن الرفاعى؛ وبمكة أبو اليمن بن عساكر، وكان فيه إيثار، وسمعت عليه الحديث. والشيخ أبا الحسن الشريف البهنسى المجاور الصالج، والشيخ أبا عبد الله عيسى بن عبد العزيز الحجى. وهو سمع وصحب الشيخ أبا عبد الله محمد بن أبى البركات بن أبى الخير الهندانى البطائحى، عن أبن الرفاعى، فلبس منه وأذن له في الإلباس. صفى الدين بن أبى المنصور - ق 8 للهجرة صفى الدين أبى المنصور، صاحب " الرسالة "، تلميذ الشيخ أبى العباس. كان لشيخه بنت تطلع أليها جماعة، فقال الشيخ: " لا يخطر هذا ببال أحدكم، فأنها ساعة أن ولدت أطلعني الله على زوجها! ". وجرت له حكاية في تزويجه لها، ورزق منها عدة أولاد فقراء. وعاش في بركتها.

ذيل آخر منه يتلوه

ذيل آخر منه يتلوه

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم " ربنا هب لنا من أزواجنا وذريتنا قرة أتعين واجعلنا للمتقين إماما " وإذ قد فرغنا من هذه الخاتمة التي عقدها ثمين، فلنذل عليها بسادات ادركتهم. حشرنا الله في سلكهم، ولا أخرجنا من عقدهم.

إبراهيم البرسلي

إبراهيم البرسلي - 769 للهجرة الشيخ إبراهيم البرلسي، الصالح المكاشف القدوة، برهان الدين أبو اسحق. إحد السادات، رأى الشيخ فخر الدين الطوخي ووإبراهيم الجمبري وغيرهما من الأكابر. حج وجاور بالمدينة مدة وعمر تربة - خارج باب النصر - بالقرب من تربة الصوفية، وشاركه بعمارتها الجي بغا، ووقف عليها وقفا جيدا وجعل للشيخ في كل شهر فيها جملة ثم توقف بعد مدة في اخذ المعلوم، إلا ان تكون التربة له، فخرج عنها ثم أعيدت له أيام السلطان حسن ثم اخرج منها وشهد عليه بعض القضاة بعزل نفسه،

فعزله القاضي. ولم يزل الشيخ يلهج إلى ضعفه وأمات الله كل من كان السبب في عزله وشاهد في بعضهم العبر وصاروا عبرة لمن اعتبر. وكانت منزلته عظيمة، وحالته جسيمة شاهدت منه أحوالا عجيبة، وأوقاتا منيفة وأمورا غريبة. ولقد زرته مرة وقد كان معي فقير من أهل الطريق، فقال لي - قبل ذهابي أليه: 00 لا تمض أليه! " وحط عليه، فلما دخل ذكر له ما قال فبهت ثم أقاله. وأراد أن يعاهدني فقلت " على شرط أن من كان منا من أهل الجنة. لا يدخلها إلا برفيقه. والله حري بتحقيقه! " فبكى وقال: " وصلنا إلى هذا المقام! " ثم اخذ العهد على ذلك وجرت أمور والسلام. ولقد جئته يوما فخاطبني بلفظ استعظم ذكره، فقلت " يا سيدي ما هذا! " فقال: " خرج والله سنناله! " وعمر دهرا فيقال انه جاوز المائة وكان موته يوم الثلاثاء

إبراهيم الطراوي

سلخ؟ سنة تسع وستين وسبعمائة واخبرني من شاهد موته، انه صلى ليلة موته - المغرب والعشاء الآخرة. ولما جاء نصف الليل دعا بوضوء فتوضأ ثم صلى ركعتين ثم سلم ثم خفقت رأسه وفاضت نفسه. وكان ارسل الله على يدي فتوحا فجئت به أليه واخبرني بشدة حاجته أليه. وكان نفقته وحاله بعد وصوله أليه. وكان لي منه حظ وافر واقبال أي اقبال وهو احد من ازوره كل جمعة مع والدي ومشايخي واحبائي. إبراهيم الطراوي - ق 8 للهجرة إبراهيم الطراوي الشيخ الصالح المتكلم بالإشارات كان كثيرا ما ينزل البحر بطرا ورايته بجزيرة النيل. وشاهدته يتكلم كلاما بديعا، من قلب صاف.

إبراهيم بن عبد الله الرفاعي

إبراهيم بن عبد الله الرفاعي - 778 للهجرة إبراهيم بن عبد الله بن احمد بن محمد بن عبد الرحيم بن عثمان، الرفاعي محي الدين. قدم مصر من الحجاز إلى رواق السليماني، يوم الأحد من سنة ثمان وسبعين وسبعمائة ودفن تحت قلعة الجبل. أبو العباس الصقيلي - 778 للهجرة إبراهيم الصقيلي أبو العباس الشيخ الصالح العالم الأوحد الشافعي خطيب الروضة وأمامها.

اصله من صقيل قرية من قرى الجزيرة. اشتغل بالعلم ثم لزم الانفراد والخلوة والانقطاع. وكان يتكسب من نسج يده، إلى أن أغناه الله عنه ويسر له. وهو الذي أشار علي بتركي نيابة القضاء بعث ألي بذلك قي رمضان، مع بعض السادة الصلحاء الأعيان فاجتمعت به في شوال مع بعض السادة الصلحاء، والقادة الأمراء لألحقني إشارته، فامرني بالجلوس إلى جانبه فتركته لهذا الأمير فأقامه بعد أن قعد وقال " هذا ليس مكانك! " فبكى الأمير فقال " ما يبكيك! " فقال: " أبكاني اجتماع أهل الخير، وانفرادي وحدي! " فقال له الشيخ: " هذا مكانك وهذا مكان العلماء! " ثم ذكر فضلهم ومآثرهم. وذكرت له إشارته، فقال: " نعم! لان منزلة العلماء اشرف! " فقلت له: " فما ترى؟ " قال: " اعزل نفسك " فنظرت إلى الأمير - وكنت احبه - فإذا وجهه قد تغير، فقال: " يا سيدي! تخاف من شئ يحدث له؟ " فقال: " والله ما يصيبه شيء " ثم سكت ساعة وقال: " نحن نسعى لك في ذلك ". ثم انصرفنا من عنده وبسر الله الانصراف منه على حالة حسنة وحقني فيها من جملة الألطاف وصنفت هذه إذ ذاك الطبقات فكانت ديراقا

أيوب السعودي

خوطب الشيخ شهاب الدين في النيابة في خطابة " طيبة " وأماتها فأجاب فرحا وناب وامتنع من القضاء واجتمع بالمقام الأشرف السلطاني ودعا له وأقام هناك سنة واخبرني انه لم يخرج من بيته إلا للإمامة وما زار البقيع إلا منصرفا من صلاة العيد. وجاء إلى مصر ضعيفا فمات صبيحة يوم الأثنين ثامن ربيع الآخر من سنة ثمان وسبعين وسبعمائة ودفن خارج باب القرافة، بتربة اقبغا اصر، ولم يخلف بعده على طريقته. أيوب السعودي 624 - 724 للهجرة الشيخ أيوب السعودي. مات مستهل صفر سنة أربع وعشرين

حسن بن مسلم

وسبعمائة، بزاوية سيدي الشيخ أبي السعود بباب القنطرة، خارج باب البحر بالقاهرة. وقد قاربة المائة او جاوزها. كان يذكر انه رآه. حسن بن مسلم - 764 للهجرة الشيخ حسن بن مسلم، شيخ المسلمية. كان سيداً كبيراً صالحاً. مات سنة أربع وستين وسبعمائة، بجامع القبلة بالرصد، ثالث صفر ودفن بالقرافة الكبرى.

حسن الصبان

حسن الصبان - 781 للهجرة الشيخ حسن الصبان المغربي، الحبر العابد، مات ليلة الجمعة. . . من شهر. . . سنة إحدى وثمانين وسبعمائة وصلى عليه بالجامع الحاكي، ودفن خارج باب النصر، وكان ابتلى بالفالج أخر عمره، ومات به. حسين الجاكي - 739 للهجرة الشيخ حسين بن إبراهيم بن حسين الجاكي، أمام جامع الجاكي والخطيب به بالحكر. كان خيراً صالحاً، يذكر الناس، وانتفعوا به. مات في العشرين من شوال، سنة تسع وثلاثين وسبعمائة، ودفن خارج باب النصر عند شيخه أيوب. وكان جنازته مشهودة حافلة.

خليفة بن عطيه الأسكندري

خليفة بن عطيه الأسكندري - 735 للهجرة الشيخ خليفة بن عطية بن خليفة المالكي الأسكندري، الزاهد العابد، صحب جماعة، منهم أبو العباس المرسي. مات بالأسكندرية في ليلة الرابع عشر ذي الحجة، سنة خمس وثلاثين وسبعمائة. وكان الشيخ أبو العباس يقول: " يا خليفة! أنت الخليفة! "، وكان الشيخ تاج الدين بن عطاء الله يقبل يده تقرباً. وزاره قبل موته، فخرج أليه من فوره وتلقاه، وقال: " والله! لقد سررت بقدومك علي، وما أرى إلا أنت، وأنت أنا ". وأخبر بوفاة نور الدين البكري فوافق.

صالح بن نجم بن صالح القليوبي

صالح بن نجم بن صالح القليوبي - 780 للهجرة صالح بن نجم بن صالح اصله من قليوب، ونشأ هو ووالده بظاهر " منية السيرج " خارج القاهرة. كان عبداً صالحاً خيراً، قائماً بخدمة العباد على اختلاف طبقاته، ويطعم الطعام لكل وارد. واتفق انه اشيع موته اول يوم من شهر رمضان - وكان طيباً - فقيل له: في ذلك، فحن اخر النهار، ثم قوى ضعفه، ومات يوم الأربعاء نصف رمضان، سنة ثمانين وسبعمائة، ودفن بزاويته التي وسعها. وكان جنازته مشهودة، حضرها القضاة والعلماء، والوزراء والأمراء، والفقراء. وكان لي منه حظ وافر. صالح الجزيري - 781 للهجرة صالح الجزيري، أنشئ مكاناً بالجزيرة الوسطى، في بحر النيل،

عبد الله المنوفي

- قبالة الروضة - وأقام بها. وكان عبداً صالحاً منور القلب، وكان لي منه حظ وافر. مات بها يوم السبت، ثالث عشر ربيع الثاني، من سنة إحدى وثمانين وسبعمائة، ودفن بزاويته. عبد الله المنوفي 686 - 748 للهجرة الشيخ عبد الله المنوفي المالكي. الصالح العابد الزاهد الأوحد، ذو الكرامات والتلامذة الأئمة. مات يوم السبت، سابع رمضان المعظم من شهور سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، ودفن بغرب الجبل خارج الروضة. وكان في ذلك اليوم

عبد الله بن اسعد اليافعي

خرج الناس للدعاء في الصحراء بسبب كثرة الفناء، فحضر أكثرهم جنازته، وكان الجمع متوفراً، حُزِر بثلاثين ألفاً. وقد افرد ترجمته بالتأليف تلميذه الشيخ خليل. عبد الله بن اسعد اليافعي - 768 للهجرة الشيخ عبد الله بن اسعد اليافعي، ثم المكي، عفيف الدين ويافع قبيلة

من اليمن من قبائل حمير. كان إماماً مفتياً عاملاً، ممن تنزل الرحمة عند ذكره. ولد قبل سبعمائة وشيخه في الطريق شيخ علي، المعروف بالطواشي، صنف بأنواع العلوم، واسمع، وله شعر حسن. ومات بمكة، ليلة الأحد، عشرى جمادى الآخرة، من سنة ثمان وسبعمائة. ودفن بالمعلاة بجاور الفضيل بن عياض. وتبرك الناس بآثاره فنشروها بأثمان غالية.

عبد الله بن محمد العثماني الشافعي

عبد الله بن محمد العثماني الشافعي 694 - 707 للهجرة عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن خليل بن إبراهيم بن يحيى بن أبي عبد الله ابن فارس بن أبي عبد الله بن يحيى بن إبراهيم بن سعيد بن طلحة بن موسى بن إسحاق بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان المكي العثماني الشافعي، العلامة ذو الفنون، قطب وقته بهاء الدين. وولد بمكة سنة أربع وتسعين وستمائة، وقدم مصر سنة إحدى وعشرين وسبعمائة. واشتغل على الشيخ تقي الدين السبكي، وعلاء الدين القونوي، وأبي حيان، والشمس الأصفهاني. ثم عاد إلى مكة بعد سبع سنين وأقام بها سنتين. ثم قدم إلى مصر، ورحل إلى دمشق وحلب والأسكندرية وغيرها. وسمع من برهان ابن سباع الفزاري، وشمس الدين محمد بن أبي بكر ابن احمد بن عبد الدايم، وخلق. أعاد بتدريس القلعة والمنصورية في الحديث وغيرهما، وتمشيخ بالخانقاه الكريمية بالقرافة. ومات يوم إلاحد، ثالث جمادي الأولى، سنة سبع وسبعين وسبعمائة.

أبو الخميس البطائحي

أبو الخميس البطائحي - ق 8 للهجرة عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الخميسي، القرشي البطائحي الشيخ الصالح الحبر العابد. ولد بالبطائح وكان عبداً صالحاً خيراً متزهداً متقللا من الدنيا، لا تعرف شيئاً من أحوال أهلها، تولى رواق السليمانية ومكث به نحو سنتين ولم يتناول من المعلوم شيئاً. كان لى منه حظ وافر، ولبست منه الطاقية كما مضى. عبد الله درويش - 773 للهجرة الشيخ عبد الله درويش، ذو المكاشفات. من عجيب ما اتفق لي معه اي لما كنت احضر المجلس بالجامع

الطولوني للحكم، كان بعض الجماعة يحب ان يحضر هذا الشيخ عندي ليدعوا لي، فدعاه غير مرة فلم يجب، فبينما انا في بعض الأحيان اذ هو جاء من تلقاء نفسه فيجاذبني، وتكلم بكلام لم افهم منه غير قوله: " نحن ما خطبناها هي خطبتنا " ثم مد يده ودعا وانصرف، فمن تلك المرة لم يتفق لي طاوع المجلس، ويطلب الجماعة إلى حضروه فأعين لهم وقتاً في البطالة فيحصل عارض إلى ان جاء الله ببركته. مات في أواخر رجب من شهور سنة ثلاثة وسبعين وسبعمائة. ومما وقع لي مع هؤلاء السادة واقعتان غريبتان. الأولى: أني لما حججت سنة إحدى وسبعين وسبعمائة ورحت إلى مسجد إبراهيم يوم عرفة مع بعض السادة الأمراء فتظللت بالحائط وقعدت اقرأ القرآن، فاشتهت النفس " مُحَّبباً " فاستبعدت وقوع ذلك إذ ذاك لأنه يوم عن ذلك بمعزل؛ فما ستتم الخاطر إلا ان بسط لي شيخ بجانبي خرقة مرقعة، واخرج كشكولاً احمر ملآن من ذلك كما في النفس وزيادة، فأكلت منه أكلاً كثيراً، ولم أرى ذلك الفقير من أين جاء ولا من أين ذهب.

عبد الله بن مؤمن الجبرتي

الواقعة الثانية: أني لما سافرت إلى القدس الشريف، ثم عزمن إلى الشام ووصلت قرب عقبة قيق، لحقني شيخ من الرقب هيئته صوفي، فسلم علي وقال: " كأنك فقيه؟ " فقلت: " ان شاء الله " وبعد ان سأل عن اسمي، قال لي: " كنت تدخل دمشق وتعرض عليك ثياب القضاء، فلا تسمع! ". فلما وصلت دمشق اتفق مثلما قال فامتنعت، ثم تذكرت كلام هذا الرجل، ولم أره غير تلك المرة، ويجوز أن يكون هو الذي رايته بعرفات. ثم في سنة نيف وثمانين اجتمع بن الشيخ الصالح عمر بن طريف لما قدم مصر وقال لي: " أخوك الذي رآك في عقبة قيق، وقال لك كيت كيت - الحكاية السابقة - يسلم عليك! " فقلت ذاهلاً: " وعليه السلام ورحمة الله وبركاته! " وتعجبت من ذلك فقلت: " ومن هو ذا يا أخي!؟ " فقال: " الخضر عليه السلام " فقلت: " وأين مقامه؟ " فقال: " القدس " وذكر عنه دعاء وشيئاً أخر. عبد الله بن مؤمن الجبرتي - 784 للهجرة عبد الله بن مؤمن بن علي الجبرتي الشافعي أبو محمد. العالم الصالح الزاهد العابد الرباني.

عبد الرحمن بن موسى بن خلف الجذامي

كان عبداً عالماً صالحاً خيراً طاهر اللسان. تفقه ببلده على الشيخ الأمام الصالح فقيه الدين، والعلامة سعيد. ثم اقبل على العبادة بجد واجتهاد؛ أذاب نفسه فيها صوم وصلاة، وقراءة ومطالعة. كثير التلاوة إلى ان لقي ربه حميداً، وحصل له الشهادة من اوجه: كونه غريباً، وكونه مبطوناً، وكونه من كبار اهل العلم، وكونه في رمضان. وكان بي شقيقاً حفياً، جزاه الله عني خيرا، وآواه الجنان. توفي في ليلة يصفر صباحها عن يوم إلاربعاء، ثاني عشر رمضان سنة أربع وثمانين وسبعمائة. وكانت جنازته مشهودة بأهل الخير، ودفن بالقرب من تربة ألجي بغا، بجوار صاحبة الشيخ العالم الحبر شهاب الدين أبي العباس احمد ابن حسن الحرازي، بإشارته إلى ذلك. عبد الرحمن بن موسى بن خلف الجذامي - 727 للهجرة عبد الرحمن بن موسى بن خلف، الجذامي، الشيخ الصالح الحبر ذو الكرامات. مات بروضة مصر، في منتصف رجب، سنة سبع وعشرين وسبعمائة. اخذ عنه شيخنا علي الديميري وغيره وكان مقصوداً بالزيارة والتبرك. عرف بالروضي لسكناه بها.

عثمان الصياد

عثمان الصياد - 777 للهجرة الشيخ عثمان الصياد، المقيم قبالة دمياط؛ شيخ صالح خير. اجتمعت به، ورأيته على خير. كان يأكل من صيده، ويطعم الفقراء. دعا لي، وأقبل علىَّ، وأجلسني في المحراب. مات يوم الأثنين، سادس عشر جمادى الأولى، سنة سبع وسبعين وسبعمائة، ودفن بزاويته. وكان مقصوداً. علي الدميري - 778 للهجرة الشيخ على الدميري، العالم الصالح، الخير العابد، الورع الزاهد، ذو الطريقة الغريبة والأسلوب العجيب والفنون البديعة. لازم أقرأ الأيتام، والأحسان إليهم إلى إن لقى الله. وكان أمة في التعبير.

على التكروري

ولي منه حظ وافر. أشار على بالإفراء بجامع الأزهر، فكان مبدأ الخير. مات في ليلة الأثنين، حادي عشر المحرم، سنة ثمان وسبعين وسبعمائه، ودفن من الغد بمقابر الصوفية، بعد أن صلى عليه بجامع الأزهر، وكنت معه ليلة موته، وأكلت أنا وأياه. على التكروري - 771 للهجرة الشيخ على التكروري. عبد صالح، أمام بالقرافة الكبرى، اجتمعت به غير مره. مات سنة أحدا وسبعين وسبعمائة بالقرافة الكبرى ودفن بها. علي الحوائري - 737 للهجرة الشيخ على بن حسن الحوائرى، شيخ دويرة سعيد السعداء، مات

علي السدار البطائحي

في صفر سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، ودفن بالقرب من مقابر الصوفية، وكان محباً للخلوة صالحاً. علي السدار البطائحي - 778 للهجرة الشيخ علي السدار البطائحي. مات ليلة الخميس، ثامن عشري رجب، من سنة ثمان وسبعين وسبعمائة. وصلى عليه ليلة الخميس بجامع الأزهر، ودفن بزاويته التي أنشأها بحارة الروم. كان أولاً يبيع السَّدر في رأس هذه الحارة، ثم انقطع في بيته، وبنى هذه الزاوية في أخر عمره سلكه الشيح عبد الله البطائحي، أحد مشايخ " الخليل " عليه السلام.

علي المكشوف

علي المكشوف - 783 للهجرة الشيخ علي المكشوف، يعرف بالحفي، كبير الشأن. اخبرني بعض القضاة الثقات عنه عجائب وأحوالا ومكاشفات وجرى لي معه أحوال. كان إذا رآني طالبني، فأعطيه ما حصل معي، فطلب مني شيئاً، ففتح الكيس، فقال: " جميعه! " فأعطيته له، فاتفق أخر النهار أني اصطلحت مع شخص كبير، كان حصل بيني وبينه أمر. مات يوم الثلاثاء، رابع صفر، سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، ودفن خارج باب النصر. كان في أول أمره حمالا، ثم تسلك بعمر المغربي، شيخ زاوية الحجازيين بمصر، وراح إلى دمشق، ثم بارحها إلى القاهرة. عمر بن محمد بن إبراهيم الجعبري - 747 للهجرة عمر بن محمد بن إبراهيم بن معضاد الجعبري. سلفت ترجمته مع والده.

عمر بن علي بن الفاكهاني

عمر بن علي بن الفاكهاني 654 - 734 للهجرة عمر بن أبي الُيمْن على بن أبي النجا سالم بن صدقة، اللخمي المالكي الأسكندري، أبو حفص تاج الدين، عرف بابن الفاكهاني. ولد بالأسكندرية سنة أربع وخمسين وستمائة. ومات بها في جمادى الأولى سنة أربع وثلاثين وسبعمائة. شرح العمدة والأربعين، والرسالة، وله مقدمة في المربية، وشرحها.

محمد بن إبراهيم بن معذاد الجعبري

محمد بن إبراهيم بن معذاد الجعبري - 737 للهجرة محمد بن إبراهيم بن معضاد الجعبري. سلفت ترجمته مع والده. الشريف بن ضياء الدين - 728 للهجرة محمد بن ضياء جعفر بن محمد بن عبد الرحيم الحسيني الصعيدي الشافعي. مات بمنشأة المهراني على شاطئ النيل، بمنتصف جمادى الأولى، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. وتفقه على والده، وسمع وحدث ودرس. وكان شيخاً فقيهاً فاضلاً، زاهداً صالحاً، كثير الانقطاع، من بيت علم وصلاح. ولي الدين العثماني - 774 للهجرة محمد بن أقضى القضاة شهاب الدين بن احمد بن عثمان، الديباجي العثماني.

محمد بن عبد الله المرشدي

ولي الدين، قطب وقته، وقد ترجمته في " الطبقات ". مات في ربيع الأول، سنة أربع وسبعين وسبعمائة. محمد بن عبد الله المرشدي 737 للهجرة محمد بن عبد الله بن أبي المجد إبراهيم المرشدي. الشيخ الكبير الصالح، صاحب الأحوال، وكثرة الطعام، ولا يعلم أحد من أين يؤتى له به، ويحكى عنه عجائب، منها: أقام بقرية " منية مرشد "، بقرب فوة، وكان يحفظ القرآن، وتلاه على الصائغ، وكان يخدم الواردين بنفسه، ولا يكاد أن قبل من أحد شيئاً. وحج في هيئة وتلامذة وانفق في ليلة ما قيمته ألفان وخمسمائة درهم. وقيل انه انفق في ثلاثة أيام يساوي ألف دينار.

ابن اللبان الدمشقي

ويحكى انه بات في عافية، فأرسل إلى القرى التي حوله ليحضروا إليه، فقد عرض له أمر مهم، فأتوا فدخل خلوة زاويته وأبطأ، فطلبوه فوجدوه ميتاً. وكان قليل الدعوى، عديم الشطح، حسن المعتقد. مات ثامن من رمضان، سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، لعله قارب الستين ورحل إليه الناس من الأفطار، ووددت الاجتماع به فلم يتيسر. ابن اللبان الدمشقي - 749 للهجرة محمد بن احمد الدمشقي ثم المصري المعروف بابن اللبان، ذو المؤلفات ومجالس التذكير. مات سنة تسع وأربعين وسبعمائة. وقد ترجمته في " الطبقات " " والتاريخ ".

محمد بن الحاج العبدري

محمد بن الحاج العبدري - 737 للهجرة محمد بن محمد بن محمد العبدري المعروف بأبن الحاج، سلف فيما قبله. مسعود الضرير - 747 للهجرة مسعود الشيخ الصالح، الحبر المذكر الضرير. اجتمع بخادم سيدي عبد الله بن أبي جمرة. ومن جملة اجتماعاتي به في العقبة سنة سبع وأربعين وسبعمائة. وسمعته ينشد: وغَنى لي مني قلبي ... وغَنَّنيتُ كما غَنَّى وكُنَّا حيثُما كانوا ... وكانوا حيثما كُنَّا

مسعود النوبي

مسعود النوبي - 777 للهجرة مسعود الشيخ الصالح، كأنه نوبي. زرته بمدرسة الشافعي وبغيرها مراراً. ومات في رمضان سنة سبع وسبعين وسبعمائة. الشيخ نهار المغربي - 780 للهجرة الشيخ نهار، عبد الله بن محمد بن سهل بن فارس بن احمد، المرسي. مات يوم الأثنين - بعد العصر - خامس عشر جماد الأولى، من سنة ثمانين وسبعمائة، ودفن بالأسكندرية، وكان مسلوباً. اجتمعت به في رحلتي الثالثة اليها، ودعا لي.

يحيى الصنافيري

يحيى الصنافيري - 722 للهجرة الشيخ يحيى الصنافيري، مكاشفاته جمّة. اجتمعت به غير ما مرة، ودعا لي. مات يوم السبت، سادس عشري شعبان، من شهور سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة. ودفن يوم الأحد بتربة الشيخ أبي العباس الضرير بالقرافة. وكانت جنازته مشهودة بالأعيان والفقراء. صُلَّى عليه قِبالة مُصَلَّى خَولاَن، ثم دفن بالزاوية المذكورة.

يوسف العجمي

يوسف العجمي - 768 للهجرة الشيخ يوسف العجمي، سلفت ترجمته. أبو بكر الدهروطي 655 - 755 للهجرة أبو بكر الدهروطي السيلماني الشيخ الصالح. مات في أواخر

شوال، سنة خمس وسبعين وسبعمائة. ودفن بزاويته التي أنشأها بقرب الأشرفية. كان يحفظ جملة من " الشامل " لابن الصباغ، وأختصر منه قطعاً؛ ومن " إلاقضية " لابن الطَّلاَّع. وكان يخبر ان عمره مائة وعشرون سنة، وكان من أهل الخير والصلاح والدين، سليم الباطن. أنشدني للشيخ تقي الدين القشيري فيما ذكر: يا راحلين إلى المختار من مُضَر ... سِرتُم جُسُوماً، وسِرْنا نحن أرواحا أنا تركنا عن عَجزٍ وعن قَدَرٍ ... ومَنْ أقام على عُذْرٍ كمَن راحا ثم رأيت بعد ذلك ان هذا الشعر - بزيادة عليه - للشيخ أبي العباس احمد بن محمد بن موسى بن عطاء الله الصنهاجي، المعروف بابن العريف،

ذكره ابن خَّلكان في ترجمته، وقال: " كان من كبار الأولياء الصالحين المتورعين، وله المناقب المشهورة و " المجالس " وغيره من الكتب المتعلقة بطريق القوم، وله نظم حسن في طريقهم ايضاً، ومن شعره: شَدّوا المَطِىَّ، وقد نالوا المُنى بِمنَى ... وكَُلَهمْ بأليم الشوق قد باحا سارت ركائُبهم تبدو رَوايحها ... طِيباً، وقد قَّربوا للوفْد أشباحا نسيمُ قبر النبي المصطفى أمُهمُ ... رُوحٌ، إذا شربوا مِنْ ذِكْره راحا ياواصلين إلى المختار من مُضَرِ ... زُرْتُم جُسوماً وزَرْنا نحن أَرواحا أنا أقمنا على عذر، وعن قَدَرِ ... ومَنْ أقام على عذر كمن راحا وبينه وبين القاضي عياض مكاتبات حسنة، وحكى بعض المشايخ

محمد بن كريم إلاميري

الفضلاء، انه رأى بخطه فصلا في جزء عن ابن حزم الظاهري، وقال فيه: " كان لسانه الحجاج شقيقين! ". مات سنة ست وثلاثين وخمسمائة بمراكش. محمد بن كريم إلاميري - 785 للهجرة الشيخ محمد بن كريم الأميري، من الأميرية من ضواحي القاهرة، قرب بهتيت، فقير منقطع ظريف، اجتمعت به غير مرة، وأخبرني انه كان خواياً بالناحية المذكورة. مات بها ليلة إلاربعاء، تساع عشر ذي القعدة الحرام، منشهور سنة خمس وثمانين وسبعمائة، ودفن بزاويته.

أبو عبد الله التبريزي

أبو عبد الله التبريزي صائم الدهر - 787 للهجرة الشيخ الأوحد، القدوة، أبو عبد الله بن الشيخ صدر الدين الشافعي التبريزي؛ قدم مصر ونزل بخانقاه سعيد السعداء، وأقام بها مشتغلاً بالعلم، وتحصيل الكتب، ووقف بعضها. وكان متقللا من امر الدنيا، يلبس ثوباً أزرق، ويتعصم بمئرز صوف. ويأكل عند إفطاره بقَلْس حمصاً مسلوقاً، وله رغيف في اليوم. وقف دوره علة وجود البر من فراء وأيتام. ومات عن نقد جيد، وأثات وكتب وبعض أملاك، في ليلة يسفر صباحها عن يوم إلاثنين مستهل شهر شوال سنة سبع وثمانين وسبعمائة، ودفن بمقابر الصوفية خارج باب النصر. أستنسخ شرحى للبخاري ووقفه.

شهاب الدين القونوي

شهاب الدين القونوي - ب 787 للهجرة الشهاب القونوي، العالم الصالح المنقطع، شيخ الثغر، مرضى إلاقراء وإلاستفتاء، ألف. اجتمعت به غير مرة بالمدرسة الحافظية، وحضر عنده الوالد فير مرة ودعا له. وهو إلان باق، حفظه الله وايماناً بألطافه آمين. . . آمين وافق الفراغ منه ليلة يوم إلاربعاء، ثالث جمادي إلاولى سنة سبع وثمانين وسبعمائة.

§1/1