صور الإعلام الإسلامي في القرآن الكريم - دراسة في التفسير الموضوعي

عاطف إبراهيم المتولي

بسم الله الرحمن الرحيم

قرار توصية اللجنة

ملخص البحث

ملخص البحث هذا البحث دراسة في التفسير الموضوعي، حاول فيه الباحث إبراز صور الإعلام الإسلامي في القرآن الكريم، ومن أجل تحقيق هذا المقصد تناول الباحث الإعلام ونشأته ومراحل تطوره، ووسائله المتعددة، ومكوناته المختلفة، كما عرض للاتجاهات الحاكمة للمؤسسات الإعلامية، ومذاهبها، ونظرياتها المتعددة، وأهدافها. ثم كان الحديث عن الإعلام الإسلامي وتناوله الباحث، تعريفاً، وإبانةً عن دواعي ظهوره، ومنطلقاته، وأهدافه التي يسعى إلى تحقيقها، وخصائصه المميزة، ووسائله العديدة التي تمكنه من توصيل رسالته وتحقيق الأهداف المحددة من منظومة الإعلام الإسلامي. وبعد ذلك تكلم الباحث عن الإعلام في القرآن الكريم، عن طريق بيان أن القرآن هو أعظم وسيلة إعلامية عرفها تاريخ الإنسانية، وبيَّن الباحث المفاصل الإعلامية الرئيسة في القرآن الكريم، والتي تمثلت في تحديد مهمة الرسل جميعاً، وهي القيام بالبيان والبلاغ، والتزام الرسل بأداء الرسالة الإعلامية الربانية كما هي بدون زيادة أو نقصان، كما اتضح أن الإعلام القرآني إعلام شامل يحرك ويؤثر في جميع المجالات. واشتمل البحث على بيان أن الإعلام القرآني له خصائص تفرد بها عن غيره من سائر اتجاهات الإعلام الأخرى، منها أنه رباني، وأنه يعتمد الحقائق مصدراً وحيداً، والمصداقية، والبرهنة العقلية للإقناع، والانحياز التام لمكارم الأخلاق، والتفاعلية الإيجابية مع الأحداث، وكامل العدالة والإنصاف، وهي ما يعبر عنها الآن بالشفافية الكاملة والموضوعية التامة. كما أظهر البحث وسائل الإعلام في القرآن الكريم ومنها: تنوع الخطاب، والقصص، وضرب الأمثال، والتكرار، والجدال، والحوار مع المخالفين، والترغيب والترهيب. ثم استعرض الباحث صور الإعلام في القرآن الكريم، واستخرج ستة أنواع هي: الإعلام العقدي، والسياسي، والعسكري، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، مع تعريف كل نوع من أنواع الإعلام التعريف المبين، الكاشف عن حقيقته، موضحاً أهداف كل نوع منه، وخصائصه، والصور المتنوعة له، والأساليب الإعلامية التي جاء بها القرآن الكريم. وقد كُتِبَ هذا البحث رجاء أن تكون كلماته لبنة في صرح إعلامنا القرآني، وطمعاً في الدلالة على معين صافي، ومداد لا ينقطع، لوسائل إعلامنا الإسلامي، والله ولي المؤمنين.

This research study in the objective interpretation, try the researcher to highlight the images of Islamic Information in the Koran, and in order to achieve this objective researcher dealt with the media and its origins and stages of development, and means of multiple, and its various components, also presented the trends of the ruling of the media institutions, creeds, and doctrines, multiple objectives. Then there was talk of Islamic Information and dealt with the researcher, by definition, and indicate the reasons for his appearance, and the origins and goals, which seek to achieve, and characteristics, and the many means which enables it to deliver his message and to achieve specific objectives of the system of Islamic media. And then speak a researcher from the media in the Koran, through the statement that the Koran is the greatest information tool known in the history of humanity, and the researcher joints media key in the Holy Quran, which was to define the task of the apostles all, is to do the statement and author, and the commitment of the Apostles performance of the message Lord's media as it is without an increase or decrease, as it turns out that the media Quranic comprehensive information drives and affects all areas. The research involved a statement that the media Quranic has the characteristics of the uniqueness of it from other all other trends in other media, including that it brought me, and that he supports finding a single source, credibility, and to demonstrate mental persuasion, and aligned the full morals, and interactive positive with events, and full justice and equity, What passes now for full transparency and objectivity full. Research has also shown the media in the Quran, including: the diversity of speech, stories, proverbs, repetition, and debate, and dialogue with the offenders, and the carrot and the stick. Then reviewed the researcher Photos Media in the Koran, and extracted six types: information lumpy, political, military, economic, social and cultural development, with the definition of each type of media profile shown, Reagent for the truth, explaining the objectives of each type of it, and its properties, and images His diverse, and methods of information brought by the Holy Quran. He has written this research in the hope that his words be brick in the edifice of Quranic let us know, and hope, as the evidence on a particular net, and the ink, not broken, let us know of the means of the Islamic, and God is faithful.

شكر وتقدير

شكر وتقدير الحمد لله أولاً وآخراً، لا أحصي ثناءً عليه، أحمده كما ينبغي لجلال وجهه ولعظيم سلطانه. ثم شكري وامتناني لجامعة المدينة العالمية المباركة، التي أتاحت لنا هذه الفرصة العلمية العظيمة الجادة لمواصلة الطريق في التحصيل العلمي، فلكل القائمين عليها أساتذة وإداريين التقدير والثناء على هذه الجهود المشهودة النافعة. وأتقدم بالشكر الجزيل لفضيلة الدكتور / حاتم مزروعة - حفظه الله - المشرف على الرسالة، والذي خصني بتوجيهاته السديدة، وونصائحه الرشيدة، حتى انتهيت من هذا البحث على هذا النحو من الترتيب، وأرجو الله تعالى أن يديم عليه التوفيق وأن يبارك له، وينفع به طلاب العلم. ولإخواني الأفاضل - وهم كثيرون - الذين دعموني وشجعوني لمواصلة البحث، والدراسة، فلهم جزيل الشكر، وعظيم الامتنان، ويدهم البيضاء لا أجزيها ولكن يجزيها رب العالمين سبحانه فضلاً منه وتكرماً.

المقدمة

المقدمة الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، خلق الإنسان، علمه البيان، وجمله بالبنان والجنان، وزينه بمنطق اللسان، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أوتي جوامع الكلم والتبيان، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الذين قاموا بنشر دينه، وسلكوا سبيله في التبليغ والإعلام أما بعد فأمتنا الإسلامية تواجه صراعاً معلناً وخفياً لم يسبق له مثيل، مخططات تستهدف أصولها ومبادئها، ومكر بالليل والنهار لتذويبها وسلخها من دينها، عمل دؤوب لقلب الحقائق، وتمييع المفاهيم، وإغراق المجتمعات المسلمة بشتى صنوف الشهوات والشبهات، حتى غدا أمر الأمة ملتبساً، وحالها في التيه والغواية مرتكساً، ونشأ جيل بل أجيال لا تعرف سوى اسم الإسلام ورسم القرآن، ولا علاقة لهم بشعائره وشرائعه. وقد مرت قرون اعتمدت فيها قوى الظلام الكافرة والأمم المستكبرة على قوتها العسكرية في إخضاع الشعوب وتليين قناتها، وربط مقدراتها بمصالحها رباط العبد الذليل على باب سيده، غير أن كل هذه القوة والجبروت كانت غالباً ما تعود خائبة مهما مر من سنين وأيام؛ هذا غير ما كانت تحدثه من يقظة هائلة في وجدان المسلمين تزيدهم قوة في المواجهة وقدرة على تحقيق الانتصار والتحرر. ومن هنا تغيرت مخططات أعداء الأمة فعمدوا إلى تمزيق وحدتها، ببث روح الفرقة، وإثارة النزاعات العرقية والمذهبية، سلاحهم الأكبر الذي يستخدم في هذا الصراع المحموم هو وسائل الإعلام المختلفة مرئية ومسموعة ومقروءةً وتكنولوجية. وعبر هذه الوسائل ينهال على المسلمين كم رهيب من صور الفساد العقدي والانحراف الخلقي، الذي باتت تضج منه أمة الإسلام، وتصطلي بناره، خاصة وأن كثيراً من القائمين على هذه الوسائل من أبناء الأمة الذين تنكبوا الطريق وتنكروا لأمتهم ودينهم، ورضوا بأن يكونوا أداة طيعة، بل ورؤوس حربة لأعداء الأمة ومخططاتهم الخبيثة.

وقد مر دهر طويل وساحة الإعلام لا تجد صوتاً مسلماً يدافع أو ينافح عن دين الأمة وسبب عزتها وصمام أمانها، وخلت الساحة لكل ناعق ومارق، يفسدون ولا يصلحون، يصرفون الناس عن دين ربهم، أوهنوا الهمم، وأسقطوا القيم، يستهزئون ويسخرون بالخير والدعاة إليه، ويقدمون ويمجدون سبل المعاصي والآثام وسائلهم في ذلك المال الحرام واللحم الحرام، واشتد ظلام الفتن، ويأس الكثيرون من الصلاح، وفرط الكثيرون في الإصلاح. وتصديقاً لقول الحق تعالى {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)} (¬1). ظهرت مؤسسات إعلامية تتخذ الإسلام مرجعاً لها، تعمل وفق ضوابطه، وتلتزم بأحكامه، ففرح المسلمون الصادقون بها، وتأملوا فيها الخير، وانتظروا منها بيان حقائق الإسلام وصفاء عقيدته ونقاء شعائره ومتانة شريعته وصلاحيتها لكل زمان ومكان. ولقد تنادى المخلصون من أبناء الأمة بضرورة دعم هذا الكيان الإعلامي الإسلامي، إيماناً منهم بخطورة وسائل الإعلام، ومسيس الحاجة إليها، حفاظاً على الهوية، وصيانة للمجتمعات المسلمة من الأفكار المنحرفة والهجمات الحاقدة على دين الأمة عقيدة وشريعة. ومن هنا تعددت المؤلفات والدراسات حول الإعلام الإسلامي فأفرزت جهوداً مشكورة، وأفكاراً بديعة، تتحدث عن الأصول، والمقومات، والمبادئ، والخصائص، والوسائل. ويبقى المجال خصباً رحيباً، للطامحين لخدمة دينهم وأمتهم ليبدعوا في مجال الإعلام الإسلامي، ويفتحوا الآفاق واسعة أمامه من خلال ما يستخرجون كل يوم من فنون جديدة في الوسائل الإعلامية التي تتسق وأحكام الدين، وترتكن للكتاب والسنة، وهما المنهل العذب المورود، والمعين الصافي المقصود. ¬

_ (¬1) - سورة الحج. آية: 40

أهمية الموضوع

أهمية الموضوع تبوأ الإعلام مكانة خطيرة في عصرنا الحاضر، وتنافست في مجالاته الدول، فسارعوا إلى تشييد صروحه، وتوفير كوادره المدربة، وتسخير قدراتهم المادية لدعم المؤسسات الإعلامية التي تخدم أهدافهم المعلنة منها والخفية، ذلك أنهم بوسائل الإعلام يغزون الأمم، يذوبون هوياتها، يسيطرون على العقول ويتلاعبون بالقيم، يوجهون ويؤيدون السياسات التي توافق مخططاتهم وتحقق مصالحهم، وتمادوا في هذا تماديا عظيماً، حتى غلب على الإعلام صبغة كئيبة، ومناهج منحرفة، وأساليب ملتوية، تروج للشرور والآثام، تنكر المعروف، وتحتفي بالمنكر، وتنشر الإباحية والفساد. وعلى هذا الطريق المُسْتَغْرِبِ سارت وسائل الإعلام، ففرخت فراخاً من أبواق الضلالة وأعلام الغواية؛ التي حصدت شعوبنا الإسلامية من جرائها الضعف والهوان بسبب التعلق بالشهوات ونشر الشبهات، فكم من شعوب خلعت تعاليم الإسلام، وتحولت إلى مسخ بين الخلق فلا دنيا أقاموا ولا دينا أبقوا. ومن بين هذه الظلمات المدلهمة، وبعد مخاض عسير، بزغ نجم إعلام جديد، إعلام رضي بالله سبحانه رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد عليه الصلاة والسلام نبياً، وبشريعته دستوراً، يروم إصلاح الخلل، وسد النقص، وترشيد مسيرة الأمة، وإعادة الوعي لأفرادها، من خلال إظهار محاسن دين الإسلام، ورد المجتمعات إلى الصراط المستقيم، والخلق القويم، ويعتمد في هذا السبيل على كتاب رب العالمين، وهو الحجة والدليل، وسنة سيد المرسلين عليه أتم الصلاة والتسليم، ورغم كل الجهود العظيمة المبذولة؛ يبقى هذا المجال الجسيم ميداناً مفتوحاً، محتاجاً إلى تكاتف جهود الأمة، لدعمه وعونه، مع السعي لتأصيله وربطه الرباط القوي بالعروة الوثقى وحبل الله المتين، وفيه الهدى والنور والبيان لمنطلقاته وغاياته وصوره وأساليبه. أسباب اختيار الموضوع أ) التأثير الهائل للإعلام في عصرنا الحاضر ب) الانحراف الكبير في بوصلة كثير من وسائل الإعلام.

مشكلة البحث

ت) ظهور العديد من وسائل الإعلام الإسلامي وانتشارها. ث) التنافس الشديد بين وسائل الإعلام الإسلامي وغيره على كسب جمهور المتلقين. ج) الحاجة الماسة لوضع الأطر الشرعية لعمل وسائل الإعلام الإسلامي وتأصيلها وربطها بإحكام بمقاصد الشريعة من الكتاب والسنة. بيان عطاء القرآن الواسع، وقيامه في كل زمان ومكان بمتطلبات الإصلاح، والنهوض بالأمة، وأنه معين لا ينضب لكل ملتمس هدى ورشاد. مشكلة البحث ولما كانت وسائل الإعلام تحكمها توجهات مالكيها ومذاهبهم السياسية والاقتصادية والأخلاقية وغيرها؛ كان الواجب علينا تأصيل العمل بوسائل إعلامنا الإسلامي وتأسيسه على دستور الأمة المحفوظ من التبديل والنقصان {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)} (¬1). فتبادر إلى ذهن الباحث أسئلة منها: - هل يمكن لنا ربط وسائل إعلامنا بكتاب ربنا سبحانه؟. - وهل نستطيع تلمس أصول البلاغ والإخبار في آياته؟.وكيف نستلهم منه أسس التوجيه والبيان الإعلامي؟. - وهل نتوصل من خلال دراستنا لآيات الكتاب العزيز لاستخراج صور الإعلام الإسلامي بمختلف أنواعه واتجاهاته، بحيث يمكن التأسيس والبناء عليها؟ ويأتي هذا البحث - إن شاء الله تعالى - إجابة على هذه الأسئلة. أهداف البحث كتاب ربنا كفيل لمن تدبره وتأمله بالظفر والنوال، وقد قال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} (¬2). ومن هنا يرجو الباحث أن يحقق الأهداف التالية: ¬

_ (¬1) - سورة فصلت. آية42 (¬2) - سورة الأنعام. آية: 38

الدراسات السابقة

1 - استخراج وبيان صور الإعلام الإسلامي في القرآن الكريم. 2 - دعم إخواننا الإعلاميين الطامحين لخدمة الإسلام والمسلمين. 3 - تأسيس منهج قرآني لمؤسساتنا الإعلامية تنبني عليه خطواتها وتحدد على أساسه خططها. 4 - تصويب ورعاية المسيرة الإعلامية الإسلامية التي نتمنى لها التقدم والترقي حتى يعم بها النفع وينتشر بها الخير. 5 - بيان وجه من وجوه عظمة كتاب ربنا - سبحانه - ووفائه بمتطلبات البشرية على مر الأزمنة وفي شتى الأمكنة. 6 - إضاءة جانب من جوانب البحث حول الإعلام الإسلامي لم يتم تناوله من قبل - من وجهة نظر الباحث -. الدراسات السابقة الدراسات في الإعلام الإسلامي كثيرة متنوعة، وكما سبق بيانه فإنها تتحدث عن الأصول، والمقومات، والمبادئ، والخصائص، والوسائل، والجوانب التشريعية الفقهية، والجوانب التربوية، ورغم ذلك - وعلى شدة تحري الباحث وتعقبه واطلاعه على عناوين ومضامين رسائل وفهارس جامعات كبيرة كجامعة القاهرة وجامعة الإمام محمد بن سعود ومكتبة الملك فهد الوطنية ومكتبة المصطفى الإليكترونية ومنتدى الكتب المصورة وغيرها - فلم يجد الباحث فيها ما يشبه موضوع دراسته في التفسير الموضوعي لمحاولة استخراج صور الإعلام الإسلامي من القرآن الكريم. وقد وجدتُ دراسة قامت بها الأخت الباحثة /آلاء أحمد - في الجامعة الإسلامية في غزة الصامدة، بفلسطين المجاهدة، وهي رسالة ماجستير، في كلية أصول الدين، قسم التفسير وعلوم القرآن 2009 م. وكانت بعنوان ((الإعلام .. مقوماته .. ضوابطه .. أساليبه .. في ضوء القرآن الكريم .. دراسة موضوعية)). تكلمت فيها الأخت الباحثة - بعد مقدمة عامة عن الإعلام ونشأته وتطوره - تكلمت عن مقومات العملية الإعلامية ومعوقاتها، والضوابط التي يجب مراعاتها بين الإرسال

منهج الدراسة

والتلقي، ثم تكلمت عن الإعلام في زمني السلم والحرب وضوابط كل حالة منهما، كما تكلمت عن أساليب الإعلام القرآني وإعلام الأعداء، وبينت آثار الإعلام القرآني على الأمة في شتى النواحي كترسيخ العقيدة ونشر الأخلاق، وضبط المعاملات. ثم ختمت بحثها بجملة من التوصيات النافعة منها: 1 - أن الإعلام بحاجة للضوابط التي تحكم وترشد العملية الإعلامية 2 - أن محاكاة أساليب القرآن المختلفة والمتنوعة لها أعمق الأثر في الجمهور المتلقي للرسالة الإعلامية. 3 - أن الواجب يفرض على وسائل الإعلام الإسلامي مواجهة أساليب الأعداء في التضليل والتشويه، ومنعه من تحقيق أهدافه. كما وجدت ثلاث رسائل ماجستير بجامعة الإمام محمد بن سعود بكلية الإعلام وهي وإن كانت دراسات في التفسير الموضوعي إلا أنها موضوعات جزئية ومختلفة عن موضوع دراسة الباحث كالتالي: 1 - أسلوب الإعلام الإسلامي في مواجهة الشائعات في ضوء سورة التوبة للباحث عبد الله محمد المجلي إشراف د سيد محمد ساداتي الشنقيطي. 2 - الأسلوب الإعلامي في القرآن الكريم للباحث محمد محمود سيد أبات إشراف د أحمد حسن فرحات. 3 - عوامل تأثير الرسالة الإعلامية في ضوء سورة (ق (للباحث محمد عبد الله الخرعان إشراف د سيد محمد ساداتي الشنقيطي. منهج الدراسة هذه دراسة في التفسير الموضوعي، تقوم على المنهج الاستقرائي الوصفي، وسوف يلتزم الباحث فيها بالخطوات الآتية: 1 - جمع الآيات القرآنية التي تتحدث عن الموضوع أو تشير لجانب من جوانبه. 2 - ترتيب الآيات حسب زمن نزولها لما هو معروف من الفروق بين آيات العهد المكي والآيات التي نزلت بالمدينة وما يترتب على ذلك من المعاني والأحكام.

3 - التفسير الإجمالي للآيات مع الشرح والتوجيه، وذلك بالاستعانة بأمهات كتب التفسير قديماً وحديثاً. 4 - استنباط العناصر الأساسية للموضوع، ووضع العناوين الكاشفة. 5 - الاستدلال بالسنة الصحيحة والآثار الثابتة عن الصحابة والتابعين. 6 - نقل آراء العلماء المختصين وتوثيق النقول عنهم من مصادرهم الأصلية. 7 - الالتزام بتوثيق مادة البحث وشواهده. 8 - إبراز حقائق القرآن الكريم في أسلوب مشرق متسلسل – إن شاء الله تعالى -، وبيان واضح بلا تكلف أو غموض. 9 - تدوين خلاصة ونتائج ما توصلت إليه الدراسة في الخاتمة. 10 - وضع الفهارس العلمية المتنوعة.

هيكل البحث

هيكل البحث وقد اقتضت طبيعة البحث تقسيمه إلى مقدمة، وتمهيد، وبابين، وخاتمة، على النحو التالي: مقدمة وتشتمل على: 1 - أهمية الموضوع. 2 - سبب اختيار الموضوع. 3 - مشكلة البحث. 4 - أهداف البحث. 5 - الدراسات السابقة. 6 - منهج الدراسة. تمهيد ويشتمل على: 1 - تعريف التفسير الموضوعي، وأنواعه وأهميته. الباب الأول الإعلام، تعريفه ونشأته وتطوره. وفيه فصول: الفصل الأول: تعريفات ومقاصد المبحث الأول: تعريف الإعلام المبحث الثاني: نشأة الإعلام وتطوره المبحث الثالث: وسائل الإعلام المبحث الرابع: التوجهات الحاكمة للإعلام المعاصر الفصل الثاني: الإعلام الإسلامي

المبحث الأول: تعريفه المبحث الثاني: دواعي ظهوره المبحث الثالث: المنطلقات المبحث الرابع: الأهداف المبحث الخامس: الوسائل الفصل الثالث: الإعلام في القرآن المبحث الأول: القرآن أعظم الوسائل الإعلامية المبحث الثاني: الدور الإعلامي للرسل الكرام المبحث الثالث: خصائص الإعلام القرآني المبحث الرابع: وسائل الإعلام في القرآن المبحث الخامس: ألفاظ القرآن ذات الدلالات الإعلامية الباب الثاني صور الإعلام الإسلامي في القرآن الكريم وفيه فصول: الفصل الأول: الإعلام العقدي في القرآن المبحث الأول: تعريف الإعلام العقدي المبحث الثاني: أهداف الإعلام العقدي في القرآن المبحث الثالث: صور الإعلام العقدي في القرآن وتطبيقاته الفصل الثاني: الإعلام السياسي في القرآن المبحث الأول: تعريف الإعلام السياسي في القرآن المبحث الثاني: أهداف الإعلام السياسي في القرآن المبحث الثالث: صور الإعلام السياسي في القرآن وتطبيقاته

الفصل الثالث: الإعلام العسكري في القرآن المبحث الأول: تعريف الإعلام العسكري في القرآن المبحث الثاني: أهداف الإعلام العسكري في القرآن المبحث الثالث: صور الإعلام العسكري في القرآن وتطبيقاته الفصل الرابع: الإعلام الاجتماعي في القرآن المبحث الأول: تعريف الإعلام الاجتماعي في القرآن المبحث الثاني: أهداف الإعلام الاجتماعي في القرآن المبحث الثالث: صور الإعلام الاجتماعي في القرآن وتطبيقاته الفصل الخامس: الإعلام الاقتصادي في القرآن المبحث الأول: تعريف الإعلام الاقتصادي في القرآن المبحث الثاني: أهداف الإعلام الاقتصادي في القرآن المبحث الثالث: صور الإعلام الاقتصادي في القرآن وتطبيقاته الفصل السادس: الإعلام الثقافي في القرآن المبحث الأول: تعريف الإعلام الثقافي في القرآن المبحث الثاني: أهداف الإعلام الثقافي في القرآن المبحث الثالث: صور الإعلام الثقافي في القرآن وتطبيقاته الخاتمة: وتشتمل على أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال البحث التوصيات الفهارس العلمية والله من وراء القصد، لا رب سواه ......... كتبه عاطف إبراهيم المتولي رفاعي

تمهيد

تمهيد

تعريف التفسير الموضوعي، وأنواعه وأهميته

تعريف التفسير الموضوعي، وأنواعه وأهميته: قبل الكلام عن التفسير الموضوعي، وأنواعه، وأهميته، لابد لنا أولاً من التعريف بهذا النوع من التفسير. وكما هو واضح فهذا المصطلح التفسيري مركب من جزأين، نُعَرِّفُهُما أولاً، كلاً على حدة، ومن ثم نعرف بهما مجتمعين كمصطلح على نوع بعينه من أنواع التفسير. التفسير لغة: من الفَسْرِ وهو الإبانة، وكشف المُغَطَّى (¬1). ويقولون فَسَر الشيء فَسْراَ: وضحه، ومثله فسَّر الشيءَ: وضحه، وفسَّر آيات القرآن: شرحها ووضَّح ما تنطوي عليه من معانٍ وأسرار (¬2). التفسير اصطلاحاً: تعددت في معناه أقوال العلماء (¬3) وأقربها وأجمعها اختيار العلامة الزرقاني - رحمه الله - أنه:"علم يبحث فيه عن القرآن الكريم من حيث دلالته على مراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية" (¬4). والموضوع لغةً: من الوضع؛ وهو جعل الشيء في مكان ما، سواء أكان ذلك بمعنى الحط والخفض، أو بمعنى الإلقاء والتثبيت في المكان، تقول العرب: ناقة واضعة: إذا رعت الحمض حول الماء ولم تبرح (¬5)، وهذا المعنى ملحوظ في التفسير الموضوعي، لأن المفسر يرتبط بمعنى معين لا يتجاوزه إلى غيره حتى يفرغ من تفسير الموضوع الذي أراده (¬6). ¬

_ (¬1) - القاموس المحيط: باب الراء فصل الفاء مع السين / 587. الطبعة الثانية 1987م - مؤسسة الرسالة - بيروت - لبنان (¬2) - المعجم الوسيط: باب الفاء مع السين والراء. 2/ 688. الطبعة الثانية 1989م - مؤسسة دار الدعوة - إستنبول - تركيا (¬3) - الإتقان: 6/ 2265. النوع السابع والسبعون في معرفة تفسيره وتأويله- طبعة مجمع الملك فهد - المملكة العربية السعودية. (¬4) - مناهل العرفان: 2/ 6. المبحث الثاني عشر في التفسير والمفسرين- طبعة دار الكتاب العربي. (¬5) - المعجم الوسيط: باب الواو مع الضاد والعين. 2/ 1039و1040. (¬6) - مباحث في التفسير الموضوعي: 15. د مصطفى مسلم - الطبعة السادسة 2009م - دار القلم -دمشق - سوريا.

أنواع التفسير الموضوعي

تعريف التفسير الموضوعي: تعددت تعاريف الباحثين المعاصرين له، ولعل أجمعها وأرجحها قولهم: "هو علم يتناول القضايا حسب المقاصد القرآنية من خلال سورة أو أكثر .. " (¬1) أنواع التفسير الموضوعي: ويمكن حصر أنواع هذا التفسير في ثلاثة أنواع: الأول: التفسير الموضوعي للمصطلح القرآني: بحيث يختار الباحث لفظة أو مصطلحاً، تتكرر في القرآن كثيراً، فيتتبعها من خلال القرآن، ويأتي بمشتقاتها، ويستخرج منها الدلالات واللطائف. الثاني: التفسير الموضوعي لموضوع قرآني: بحيث يختار الباحث موضوعاً من القرآن، له أبعاده الواقعية في الحياة، أو العلم، أو السلوك ..... ، مما يفيد المسلمين منه ويشكّل منه موضوعا معينا، يخرج بخلاصة تساعد على حل مشاكل المسلمين ومعالجة أمورهم _ ومن هذا النوع البحث الذي بين أيدينا _ وهذا النوع من التفسير الموضوعي هو المشهور في عرف أهل الاختصاص وإذا أطلق اسم (التفسير الموضوعي) فلا يكاد ينصرف الذهن إلا إليه. الثالث: التفسير الموضوعي للسور القرآنية: حيث يبحث في هذا النوع عن الهدف الأساسي في السورة الواحدة، ويكون هذا الهدف هو محور التفسير الموضوعي في السورة (¬2). ¬

_ (¬1) - المرجع السابق: 16. (¬2) - مباحث في التفسير الموضوعي: 23: 28 بتصرف.

أهمية التفسير الموضوعي

أهمية التفسير الموضوعي: (¬1) التفسير الموضوعي هو تفسير العصر والمستقبل معاً، وهذا التفسير يحقق للمسلمين فوائد عديدة من حيث صلتهم بالقرآن وتعرفهم على مبادئه وحقائقه، وتشكيل تصوراتهم وتكوين ثقافتهم، ومن حيث عملهم على إصلاح أخطائهم وتكوين مجتمعاتهم، والوقوف أمام أعداء الإسلام. وتبرز أهمية التفسير الموضوعي في: 1 - حل مشكلات المسلمين المعاصرة، وتقديم الحلول لها، على أسس حث عليها القرآن الكريم. 2 - تقديم القرآن الكريم، تقديماً علمياً منهجياً لإنسان هذا العصر، وإبراز عظمة هذا القرآن، وحسن عرض مبادئه وموضوعاته. 3 - بيان مدى حاجة الإنسان المعاصر إلى الدين عموماً، وإلى الإسلام خصوصاً، وإقناعه بأن القرآن هو الذي يحقق له حاجاته. 4 - الوقوف أمام أعداء الله وتفنيد آرائهم وأفكار الجاهلية. 5 - عرض أبعاد ومجالات آفاق جديدة لموضوعات القرآن، وهذه الأبعاد تزيد إقبال المسلمين على القرآن. 6 - إظهار حيوية وواقعية القرآن الكريم، حيث إنه مُصْلِح لكل زمان ومكان فلا ينظر الباحثون إلى موضوعات القرآن على أنها موضوعات قديمة، نزلت قبل خمسة عشر قرنا، وإنما يعرضونها في صورة علمية واقعية، تناقش قضايا ومشكلات حية. ¬

_ (¬1) - المدخل إلى التفسير الموضوعي: 40: 50 بتصرف. د عبد الستار فتح الله سعيد. الطبعة الثانية 1991. دار التوزيع والنشر الإسلامية / مباحث في التفسير الموضوعي: 30: 33 بتصرف. / التفسير الموضوعي بين النظرية والتطبيق: 56: 58 بتصرف. د صلاح عبد الفتاح الخالدي. الطبعة الثانية 2008. دار النفائس للنشر والتوزيع.

7 - التفسير الموضوعي يتفق مع المقاصد الأساسية للقرآن الكريم، ويحقق هذه المقاصد في حياة المسلمين. 8 - التفسير الموضوعي أساس تأصيل الدراسات القرآنية، وعرضها أمام الباحثين عرضاً قرآنياً منهجياً، وتصويب هذه الدراسات، وتخليصها مما طرأ عليها من الأفكار غير القرآنية. 9 - عن طريق التفسير الموضوعي يستطيع الباحث أن يبرز جوانب جديدة من وجوه إعجاز القرآن الذي لا تنقضي عجائبه. 10 - تأهيل الدراسات القرآنية وتصحيح مسارها مثل (الإعجاز العلمي)، وذلك بضبطها بقواعد علمية مستمدة من هدايات القرآن الكريم، لتجنب التفريط والإفراط في نسبة المسائل والموضوعات للقرآن، ومثل ذلك (أصول التربية القرآنية)، و (أصول علم الاقتصاد الإسلامي)، و (أصول الإعلام الإسلامي)، فالحاجة ماسة لتأصيل هذه العلوم، ووضع الأسس والضوابط لها، ولا يتم ذلك إلا من خلال دراسة آيات القرآن الكريم وفق منهج التفسير الموضوعي (¬1). 11 - بالتفسير الموضوعي ينفذ الباحثون أمر الله - سبحانه وتعالى - بتدبر القرآن الكريم وإمعان النظر فيه وإحسان فقهه وفهم نصوصه. ¬

_ (¬1) - مباحث في التفسير الموضوعي: 32: 33 بتصرف. (مرجع سابق)

وهكذا برز التفسير الموضوعي في عصرنا الحاضركملجأ للأمة تجد فيه حلولاً لمشكلات واقعها، من خلال رؤية واضحة مستمدة من كتاب ربنا، تنطلق من آياته، لتحقق توجيهاته، ملتزمة بضوابطه، تقتبس وسائلها من أنواره، ويهتدي العاملون فيه بآدابه حتى يؤدوا مهمتهم على الوجه الأكمل المرضيِّ. هذا البروز وهذه المكانة لهذا النوع من التفسير كان دافعاً – للباحث – لاستقراء آيات القرآن، وتتبع أساليبه، وهداياته، كي أستخرج منه صور الإعلام الإسلامي وتطبيقاته التي تبقى كنزاً لا ينفد، ومعيناً لا ينضب، لكل ملتمسٍ وباحث عن الحق والهدى.

الباب الأول الإعلام تعريفه، ونشأته، وتطوره

الباب الأول الإعلام تعريفه، ونشأته، وتطوره.

الفصل الأول تعريفات ومقاصد

الفصل الأول تعريفات ومقاصد

المبحث الأول تعريف الإعلام

المبحث الأول تعريف الإعلام أولاً: لغةً - أصل الإعلام من مادة عِلْم، قال في اللسان: والعِلْمُ نقيضُ الجهل عَلِم عِلْماً وعَلُمَ هو نَفْسُه ورجل عالمٌ وعَلِيمٌ من قومٍ عُلماءَ. - ....... وعَلاّمٌ وعَلاّمةٌ إذا بالغت في وصفه بالعِلْم أي عالم جِداً والهاء للمبالغة. - ...... وعَلِمْتُ الشيءَ أَعْلَمُه عِلْماً عَرَفْتُه قال ابن بري: وتقول: عَلِمَ وفَقِهَ أَي تَعَلَّم وتَفَقَّه وعَلُم وفَقُه أي سادَ العلماءَ والفُقَهاءَ. - ...... وعَلِمَ بالشيء شَعَرَ يقال: ما عَلِمْتُ بخبر قدومه أي ما شَعَرْت ويقال: اسْتَعْلِمْ لي خَبَر فلان وأَعْلِمْنِيه حتى أَعْلَمَه واسْتَعْلَمَني الخبرَ فأعْلَمْتُه إياه وعَلِمَ الأمرَ وتَعَلَّمَه أَتقنه. - ....... ويجوز أن تقول: عَلِمْتُ الشيء بمعنى عَرَفْته وخَبَرْته وعَلِمَ الرَّجُلَ خَبَرَه وأَحبّ أن يَعْلَمَه أي يَخْبُرَه وفي التنزيل {وآخَرِين مِنْ دونهم لا تَعْلَمُونَهم الله يَعْلَمُهم} (¬1). - وأعلم فلاناً الخبر: أخبره به ....... (العلم) إدراك الشيء على ما هو به ....... وقيل: العلم يقال لإدراك الكلي والمركب، والمعرفة تقال لإدراك الجزئي أو البسيط (¬2) ومن هنا يقال: عرفت الله سبحانه دون علمته ويطلق العلم على مجموع مسائل وأصول كلية تجمعها جهة واحدة كعلم الكلام وعلم النحو (¬3). ¬

_ (¬1) - لسان العرب. باب العين مع اللام والميم: 4/ 3083. طبعة دار المعارف (¬2) - قال العلامة الأخضري في شرح سلمه على المنطق ص 11، مباحث الألفاظ:" اعلم أن اللفظ قسمان: مهمل كأسماء حروف الهجاء، ومستعمل وهو قسمان: مركب وهو ما دل جزؤه على جزؤه معناه. ومفرد وهو عكس المركب أي ما لا يدل جزؤه على جزء معناه كزيد وقام وهل. ثم المفرد إما كلي أو جزئي: فالكلي هو الذي لا يمنع نفس تصور معناه من وقوع الشركة فيه. والجزئي ما يمنع نفس تصور معناه من وقوع الشركة فيه ويسمى الحقيقي كزيد فإن ذاته يستحيل جعلها لغيره" بتصرف. (¬3) - المعجم الوسيط: باب العين مع اللام والميم. 2/ 624.

- فخلاصة المعنى اللغوي أن الإعلام دائر حول الإخبار والتعريف ونقل المعلومات إلى الآخرين عن طريق الكلمة أو غيرها. ثانيا: الإعلام اصطلاحاً للإعلام تعريفات عديدة، مختلفة باختلاف التصورات والأفكار، منها الدقيق القريب، ومنها غير الدقيق البعيد، ونستعرض بعضا من هذه التعريفات في النقاط التالية: - فمنها ما قاله د إبراهيم إمام: "تزويد الناس بالأخبار الصحيحة، والمعلومات السليمة، والحقائق الثابتة التي تساعدهم على تكوين رأي صائب في واقعة من الوقائع أو مشكلة من المشكلات، بحيث يعبر هذا الرأي تعبيراً موضوعياً عن عقلية الجماهير واتجاهاتهم وميولهم" (¬1). فهو تعريف بقضايا العصر وبمشاكله، وكيفية معالجة هذه القضايا في ضوء النظريات والمبادئ التي اعتمدت لدى كل نظام أو دولة من خلال وسائل الإعلام المتاحة داخليا وخارجيا، وبالأساليب المشروعة أيضا لدى كل نظام وكل دولة. - ومن أشهر التعريفات وأقربها تعريف العالم الألماني "أوتوجروت" للإعلام بأنه: هو التعبير الموضوعي لعقلية الجماهير ولروحها وميولها واتجاهاتها في الوقت نفسه (¬2) ". ويقال عن هذا التعريف إنه بيان لما ينبغي أن يكون عليه الإعلام، ولكن واقع الإعلام قد يقوم على تزويد الناس بأكبر قدر من المعلومات الصحيحة، أو الحقائق الواضحة، (¬3) فيعتمد على التنوير والتثقيف ونشر الأخبار والمعلومات الصادقة التي تنساب إلى عقول الناس، وترفع من مستواهم، وتنشر تعاونهم من أجل المصلحة العامة، وحينئذ يخاطب العقول لا الغرائز أو هكذا يجب أن يكون. - أو هو – كما ذهب إليه د سيد الشنقيطي -: كل قول أو فعل قصد به حمل حقائق أو مشاعر أو عواطف أو أفكار أو تجارب قولية أو سلوكية شخصية أو ¬

_ (¬1) - الإعلام الإسلامي د إبراهيم الإمام ط1 القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية 1980، ص 27./ الإعلام والدعاية، د. عبد اللطيف حمزة، ص75، ط،2، 1978م، دار الفكر العربي. (¬2) - الإعلام والدعاية، د. عبد اللطيف حمزة، ص76. مرجع سابق. (¬3) - السابق: ص75

جماعية إلى فرد أو جماعة أو جمهور بغية التأثير، سواء أكان الحمل مباشراً بواسطة وسيلة اصطلح على أنها وسيلة إعلام قديماً أو حديثاً (¬1). والخلاصة أن الإعلام عملية اتصال يراد من ورائها بناء معارف المتلقين، أو الميل بهم نحو أهداف محددة، وتتوقف عملية الاتصال صلاحاً وفساداً، حقاً وباطلاً، هدىً وضلالاً، بحسب نوعية ما يتم إرساله من المعلومات، والقالب الذي تصاغ فيه الرسالة، وعلى هذا النحو يستطيع المرء الحكم على وسائل الإعلام والتمييز بينها. وقبل الولوج لعالم وسائل الإعلام، والتعرض لأنواعها، وأهميتها، ووظائفها، وتوجهاتها، نتمهل قليلاً مع مسيرة الإعلام وملامح تطوره، وذلك في المبحث التالي بمشيئة الله تعالى. ¬

_ (¬1) 1 - مفاهيم إعلامية من القرآن الكريم: دراسة تحليلية لنصوص من كتاب الله. د سيد محمد ساداتي الشنقيطي. ص17 و18. الرياض: دار عالم الكتب 1986.

المبحث الثاني: نشأة الإعلام وتطوره

المبحث الثاني: نشأة الإعلام وتطوره المطلب الأول: البداية نشأ الإعلام منذ ظهرت الحاجة إلى نقل المعلومات وتبادلها، أي مع بدء الحياة الاجتماعية للإنسان (¬1)، فالإعلام حاجة بشرية لاغنى عنها، ويمكن لنا أن نتلمس بداياته مع البدايات الأولى للخلق حين خلق الله سبحانه آدم - عليه السلام - وعلمه الأسماء كلها وأمره أن ينبيء الملائكة بأسمائهم قال الله تعالى {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33)} (¬2).فهذه الآيات يستفاد منها أن الإنسان عرف الإعلام من أول وهلة في الحياة، وكان يمارسه بطرق فطرية ألهمه الله تعالى بها وعلمه إياها. ومنذ بدايات وجود الانسان، ظهرت طرق التعبير متتابعة عن التصورات والأفكار، وكيفية الإخبار عن كل ما يحيط بالإنسان من أحوال ومتغيرات، فحين لا تسعف الإنسان اللغة في التعبير عن مراده يستخدم الحركات والأصوات مثل: الإشارة، وإشعال النار، ودق الطبول وغير ذلك من الأمور البدائية التي لا يزال بعضها مستخدماً إلى عصرنا هذا (¬3). كما يسهل علينا ملاحظة البعد الاجتماعي في حياة الإنسان، الذي خلق ليتعارف ويتعاطى مع البشر من حوله، ويأنس بهم ويتشوق إلى معرفة أخبارهم، والاطلاع على أحوالهم وقد أشار الله تعالى إلى ذلك بقوله سبحانه {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا ¬

_ (¬1) 1 - مدخل إلى علم الصحافة، د فاروق أبو زيد، ص 14. الناشر: عالم الكتب - مصر - 1986 (¬2) 2 - سورة البقرة / الآية: 31 و 32 و33 (¬3) 3 - الإعلام الإسلامي في مواجهة الإعلام المعاصر: 16، أستاذ عبد الله قاسم الوشلي. بتصرف

وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (¬1). فخلقهم - سبحانه وتعالى- ليتعارفوا ويتواصلوا لا ليتفاخروا ويتقاطعوا. المطلب الثاني: ملامح التطور لقد تنوعت سبل الاتصال بالآخرين وإبلاغ الأخبار بتنوع الثقافات والحضارات وتوقفت طرق الإعلام على مدى الرقي الحضاري والازدهار المعرفي. ولو عدنا إلى الحضارات الإنسانية القديمة، وماوصل إلينا من آثارهم الباقية، سنجد أنهم استخدموا الإعلام في علاقاتهم وفي تسيير شؤونهم وفي توثيق مناحي حياتهم، فقد تبادل الناس المعلومات في البداية مشافهة. ونقل العداؤون الرسائل الشفهية لمسافات بعيدة. واستخدم الناس قرع الطبول وإشارات الدخان وإشعال النار للاتصال بالآخرين. ثم استحدث السومريون الكتابة بالصور في نحو عام 3500ق. م. ثم اخترعت الكتابة لتصبح وسيلة الاتصال، وتضع حدًا لعصر ما قبل التاريخ؛ إذ بالكتابة بدأت حقبة التاريخ المكتوب. واتقن البابليون وقدماء المصريين فنون الإعلام فكتبوا على أوراق البردي، ونقشوا على جدران معابدهم. وفي العصر الروماني تمثل الإعلام في الخطابة والملاحم والمناقشات، وفي الجزيرة العربية اتخذ الإعلام مظاهر عديدة مثل المنتديات والأسواق وحلبات السباق. وكانت دار الندوة في مكة المكرمة المقر الإعلامي لقريش. وأبقى الإسلام على القصيدة الشعرية وفن الخطابة إلا أن القرآن الكريم والأحاديث النبوية كانت وسيلته الإعلامية الأولى. وازدهرت مهنة الناسخين والمترجمين في العصر العباسي الأول. وفرضت الحروب، في العصور الوسطى الأوروبية، على الحكام استخدام وسائل الإعلام المتاحة كالخطابة وتبادل المعلومات لتحقيق النصر (¬2). ¬

_ (¬1) 1 - سورة الحجرات / الآية: 13 (¬2) - الأسس العلمية لنظريات الإعلام. د جيهان رشتي ص 13

وقد ذهب بعض العلماء (¬1) والباحثين إلى قياس تطور حياة البشر من خلال تطور وسائل وأدوات الاعلام، فقسموا تاريخ البشرية لمراحل تبعاً لمراحل تطور وسائل الاعلام، وهو ما يطلق عليه (التفسير الاعلامي للتاريخ)، وهو التفسير الذي يقسم التطور الاجتماعي للبشرية على ضوء تطور وسائل الاعلام، وهذه المراحل كالتالي: - المرحلة السمعية في التاريخ (النفخ في الأبواق والمنادين). - المرحلة الخطية (النقش والرسم على جدران المقابر والمعابد والقصور والكتابة المنسوخة على الجلود أو الورق). - المرحلة الطباعية (الصحف). - المرحلة الالكترونية (الراديو والتلفزيون والفيديو واستخدامات الكمبيوتر والأقمار الإصطناعية في الاعلام) (¬2). فعلى مر الزمن تطور الإعلام، وتطورت وسائله وأساليبه وأدواته وأصبح واقعاً لا يمكن لبني البشر أن يتخلوا عنه، بل وأصبح الإعلام هو المحرك الأساسي للرأي العام والمرآة العاكسة للأحداث. وكانت وسائل الإعلام المكتوبة ولاسيما الصحافة إلى عهد قريب هي المسيطر الأساسي على اهتمام الجماهير، وساعد إنشاء الخدمات البريدية على سرعة وصول الصحف إلى المشتركين، وكذلك سرعة وصول الأخبار من مختلف الأماكن إلى البلد الذي تصدر فيه الصحيفة. ومع قيام الثورة الصناعية مطلع القرن العشرين، كان الإعلام أكبر المستفيدين منها، بإيجاد وسائل إعلامية أكثر سرعة من الوسائل الإعلامية التقليدية المتوفرة لديهم. ¬

_ (¬1) - ماكلوهان، مارشال (1911: 1980م). أستاذ وكاتب كندي أحدثت نظرياته في وسائل الاتصال الجماهيري جدلاً كبيرًا، فهو يرى أن أجهزة الاتصال الإلكترونية ـ خاصة التلفاز ـ تُسيطر على حياة الشعوب، وتؤثر على أفكارها ومؤسساتها. قام ماكلوهان بتحليل التأثيرات التي تُحدِثها وسائل الإعلام في الناس والمجتمع من خلال مؤلفاته مثل العروس الميكانيكية (1951)، مجرَّة جوتنبرج) 1952)؛ فهم وسائل الاتصال (1964)؛ الإعلام هو الرسالة (1967)؛ الحرب والسلام في القرية العالمية. (¬2) - مدخل إلى علم الصحافة. ص 43: 45. بتصرف

وبدأ عصر التكنولوجيا الإعلامية التي أحدثت نقلة واسعة وسريعة في مفهوم وأهمية الإعلام، وغيرت في نمط أدواته، حتى صار الإعلام اليوم جزءاً مهماً من نشاطنا وحياتنا اليومية، وصار المواطنون أكثر ارتباطا بوسائل الإعلام التي صارت تتفنن في نقل الأخبار والمعلومات ومتابعتها. ثم جاء اختراع الراديو الذي كان ومازال وسيلة مهمة من وسائل الإعلام والاتصال، وانتشرت في أصقاع العالم الإذاعات التي سارعت الدول إلى إنشائها بعد أن تيقنت أهميتها خاصة بعد الدور الكبير الذي لعبته في الحرب العالمية الأولى والثانية وبالأخص الإذاعات الموجهة، وأصبح الراديو منافساً كبيراً للصحافة لكنه لم يقض على وجودها بل زاد من أهميتها. وفي منتصف القرن الماضي كانت الثورة الصناعية في أوج قمتها، وقد أثمرت أخطر اختراع في وقتها وهو التلفزيون والذي أدى بشكل مباشر إلى تغيير الكثير من المفاهيم والأسس الاجتماعية في حياتنا أكثر من وسائل الإعلام المختلفة .. وظل العالم مبهورا بهذه الشاشة الصغيرة المرئية .. ولا يزال .. وتطور التلفاز وتعددت أغراضه ووسائله، ومع ثورة الأقمار الاصطناعية انتقلت فكرة التلفزيون من مجرد شاشة محلية إلى محطات وقنوات فضائية يتابعها ملايين البشر وتنقل الأخبار والأحداث أولاً بأول للمُتَلَقِّى من موقع الحدث. ولم تقف تكنولوجيا الإعلام عند هذا الحد، بل تخطته بمراحل كثيرة .. وكان الإعلام دائماً من أكثر المستفيدين من تطور عقل بني البشر ... ومع ظهور الانترنت أصبح الإعلام بلا منازع أهم وأخطر صناعة تسعى دول العالم جميعها لامتلاكها. وعلى الرغم من الاختلاف الكبير الذي انقسم إليه الجمهور حول مصداقية وسائل الإعلام يبقى الإعلام أهم وسيلة يتعامل معها البشر ولا يستطيعون الخلاص من تأثيرها، ومن هنا كان لزاماً على الباحث أن يتوقف مع وسائل الإعلام تعريفاً بها واستعراضاً لأنواعها، وبيانا لأهميتها ووظائفها الحيوية في المجتمعات البشرية.

المبحث الثالث: وسائل الإعلام

المبحث الثالث: وسائل الإعلام المطلب الأول: التعريف يحسن بنا أن نبدأ بالتعريف بالوسائل لغة واصطلاحاً، وذلك قبل أن نعدد وسائل الإعلام. تعريف الوسائل لغةً: هي جمع وسيلة، والوسيلة ما يتقرب به إلى غيره، ويقال: توسل إليه بوسيلة إذا تقرب إليه بعمل (¬1). وقد سبق بيان الإعلام لغة واصطلاحاً، فما هي وسائل الإعلام؟ "عندما يطلق هذا اللفظ اليوم ينصرف الذهن مباشرة إلى وسائل الإعلام الجماهيرية (الصحافة - الإذاعة - إلخ) ولكن الوسيلة في الاصطلاح الإعلامي أعم من هذا التخصيص كثيراً، فكل أداة لنقل المعنى إلى الناس هي في الحقيقة وسيلة إعلام، أو هي القناة التي يعبر منها المعنى إلى الناس، وهي في أساسها الكلمة أو القول" (¬2). المطلب الثاني: أنواع وسائل الإعلام وسائل إعلام مطبوعة - صحف. - مجلات. - كتب. - دوريات، ونشرات ومطويات. ¬

_ (¬1) - مختار الصحاح باب الواو مع السين واللام. ص 636. مكتبة لبنان. / المعجم الوسيط. باب الواو مع السين واللام 2/ 1032 (¬2) - الأسس الفكرية للإعلام. د سيد محمد ساداتي الشنقيطي ص 39 - 40. ط الأولى. دار الحضارةللنشر والتوزيع

وسائل إعلام سمعية - إذاعات. - تسجيلات صوتية. وغيرها من الوسائل التي تعتمد على الصوت وحده. وسائل إعلام مسموعة ومرئية. - التلفاز. - السينما. - المسرح - الإنترنت: وسيلة إعلام مطبوعة، مرئية، ومسموعة المطلب الثالث: أهمية وسائل الإعلام تتمتع وسائل الإعلام أو الاتصال الجماهيري بعامة، المسموعة والمرئية والمكتوبة، بأهمية خاصة في جميع أنحاء العالم، لما لها من تأثير مباشر وفوري على الجمهور في كافة المجالات والميادين. وكثيرا ما يطلق على وسائل الإعلام المختلفة عبارة " السلطة الرابعة " بعد السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وذلك كناية عن دورها المميز في المجتمع. ولكل وسيلة من وسائل الإعلام مميزات تختلف عن الأخرى حسب النوع أو الشكل: فالصحف والمجلات تمتاز بميزة لا يمكن لوسائل الإعلام الأخرى أن تتمتع بها وهذه الميزة تتمثل في إمكانية الاحتفاظ بالصحيفة أو المجلة أو النشرة لدى الإنسان العادي لفترة زمنية أطول (¬1). ¬

_ (¬1) - وسائل الاتصال نشأتها وتطورها. د محمد منير حجاب. ص: 59. ط الأولى. دار الفجر للنشر والتوزيع 2008، الأسس العلمية لنظريات الإعلام. د جيهان رشتي ص 240 - 242

وظائف وسائل الإعلام

والإعلام الإذاعي (المسموع) له تأثير ووقع على الأذن، وتتميز الخدمة الإذاعية بكونها يمكنها الوصول إلى المستمع المفترض بأقصر فترة زمنية محددة بكلفة أقل للفرد والجماعة على السواء (¬1). الإعلام المرئي والمسموع (التلفزيون)، يجتذب العين والأذن في الآن ذاته، وتعود زيادة قوة التأثير في الإعلام المرئي إلى كونه ينقل الصوت والصورة المرافقة له وكأن المشاهد يرى ما يحدث عن قرب. فالفضائيات تخترق الحدود الطبيعية والجغرافية دون رقيب سياسي أو عسكري (¬2). المطلب الرابع: وظائف وسائل الإعلام لوسائل الإعلام ست وظائف رئيسة هي: 1 - إخبارية تنقل الأحداث والقضايا المهمة، وتتابع تطوراتها وانعكاساتها على المجتمع، ويكاد المضمون الإخباري يشكل النسبة الرئيسة السائدة اليوم في وسائل الإعلام التي يفترض أن تقوم بتغطية تلك الأحداث بحيادية ودقة ومصداقية، لكي تحظى باحترام الجمهور. 2 - اجتماعية تهتم بالمجتمع وما يحيط به من ظواهر وأحداث وتنمية العلاقات البينية التي تتولى تعميق الصلات الاجتماعية وتوثيقها، فعندما تقدم الصحف كل يوم أخبارا اجتماعية عن الأفراد أو الجماعات أو المؤسسات ¬

_ (¬1) - المرجع السابق. ص 178 - 179، الأسس العلمية لنظريات الإعلام. د جيهان رشتي ص 243 (¬2) - نفس المرجع. ص 231، الأسس العلمية لنظريات الإعلام. د جيهان رشتي ص 244

الاجتماعية والثقافية فإنها بذلك تكون همزة وصل يومية تنقل أخبار الأفراح والأحزان، وليست هذه الصفحات بصفحات عابرة وغير مهمة في الصحف، بل إنها وسيلة للاتصال الاجتماعي اليومي بين جميع فئات الجماهير. 3 - تربوية ثقافية تتضمن تعلم مهارات جديدة وزيادة الثقافة والمعلومات فالتثقيف العام هدفه زيادة ثقافة الفرد بواسطة وسائل الإعلام وليس بالطرق والوسائل الاكاديمية التعليمية، والتثقيف العام يحدث في الإطار الاجتماعي للفرد وسواء أكان ذلك بشكل عفوي وعارض أو بشكل مخطط ومبرمج ومقصود. 4 - ترفيهية ترويحية تساعد الفرد على الاستمتاع بوقته، وتوفر سبل التسلية وقضاء أوقات الفراغ، وفي الحالتين تأخذ وسائل الإعلام في اعتبارها مبدأ واضحاً وهو أن برامج الترفيه والتسلية ضرورية لراحة الجمهور ولجذبه إليها؛ وحتى في مجال الترفيه هناك برامج وأبواب ترفيه موجهة، يمكن عن طريقها الدعوة إلى بعض المواقف، ودعم بعض الاتجاهات، وهذا يتطلب بالطبع أساليب مناسبة من جانب وسائل الإعلام. 5 - تسويقية تشتمل على الإعلان والدعاية فتقوم وسائل الإعلام بوظيفة الاعلان عن السلع الجديدة التي تهم المواطنين، كما تقوم بدور هام في

حقول العمل والتجارة، وتستطيع وسائل الإعلام على تنوعها من صحافة وتلفزيون وأحيانا إذاعة أن تقوم بمهمة التعريف بما هو جديد وتقديمه إلى الجمهور وعرض فوائده وأسعاره وحسناته بشكل عام .. 6 - إقناعية توجيهية تهدف إلى تكوين المواقف والاتجاهات والسلوك، أو تأكيدها وتعزيزها خشية أن تؤثر عليها مستجدات طارئة أو حملات إعلامية أخرى مضادة، وكلما كانت المادة الإعلامية ملائمة للجمهور لغة ومحتوى، ازداد تأثيرها، وحققت المراد منها (¬1). بعد استعراض وظائف وسائل الإعلام، وبيان الدور الكبير الذي تلعبه تلك الوسائل، في شتى مناحي الحياة، من تعليم وتربية، وتوجيه وإقناع، وتنمية وتسويق، وتثقيف وترفيه، واتصال اجتماعي يعمق الصلات ويوثقها بين أفراد المجتمع؛ يَرِِدُ سؤال: هل تخضع المؤسسات الإعلامية لتوجهات معينة محددة، سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وفكرياً، أو غير ذلك من الرؤى والإملاءات التي تُفْرَضُ على وسائل الإعلام؟ هذا ما نفصله في المبحث التالي إن شاء الله تعالى. ¬

_ (¬1) - وسائل الاتصال نشأتها وتطورها. د محمد منير حجاب. ص: 9 – 12، الأسس العلمية لنظريات الإعلام. د جيهان رشتي ص 332 – 340. بتصرف من المصدرين

المبحث الرابع: التوجهات الحاكمة للإعلام المعاصر (النظريات الإعلامية)

المبحث الرابع: التوجهات الحاكمة للإعلام المعاصر (النظريات الإعلامية) الحديث عن التوجهات الحاكمة للإعلام أو استخدام تعبير نظريات الإعلام في مجمله انعكاس للحديث عن أيديولوجيات (¬1) ومعتقدات اجتماعية واقتصادية، وترتبط النظريات بالسياسات الإعلامية في المجتمع، من حيث مدى التحكم في الوسيلة من الناحية السياسية، وفرص الرقابة عليها وعلى المضمون الذي ينشر أو يذاع من خلالها، فهل تسيطر عليها الحكومة أم لها مطلق الحرية أم تحددها بعض القوانين. فنظريات الإعلام هي: خلاصة نتائج الباحثين والدارسين للاتصال الإنساني بالجماهير بهدف تفسير ظاهرة الاتصال والإعلام ومحاولة التحكم فيها والتنبؤ بتطبيقاتها وأثرها في المجتمع، وهي أربع نظريات أساسية (¬2): 1 - نظرية السلطة: وترى أن الشعب غير جدير بتحمل المسؤولية، وأن السلطة ملك للحاكم أو من يقوم مقامه، وأنه ينبغي أن تظل وسائل الإعلام خاضعة للسلطة الحاكمة. ومن الأفكار الهامة في هذه النظرية أن الشخص الذي يعمل في الصحافة أو وسائل الإعلام الجماهيرية، يعمل بها كامتياز منحه إياه الزعيم الوطني ويتعين أن يكون ملتزما أمام الحكومة والزعامة الوطنية. 2 - نظرية الحرية: وترى هذه النظرية أن الفرد يجب أن يكون حرا في نشر ما يعتقد أنه صحيح عبر وسائل الإعلام، وترفض هذه النظرية الرقابة أو مصادرة الفكر. ومن أهداف نظرية الحرية تحقيق اكبر قدر من الربح المادي من خلال الإعلان والترفيه والدعاية، لكن الهدف الأساسي لوجودها هو مراقبة الحكومة وأنشطتها المختلفة، ¬

_ (¬1) - الأيديولوجيا: هي رؤية فكريةللحياة بكل تفاصيلها، وأبعادها، نابعة من مصادر فكر الأمة التي يمارس فيها الإعلام، بها توزن الأفكار والآراء، وتُزكى العواطف والمشاعر، ومن خلالها تعرض الأحادث بتفسيراتها وتحليلاتها. الأسس الفكرية للإعلام (أيدلوجيا الإعلام). ص 9، مرجع سابق. (¬2) - مدخل إلى علم الصحافة. ص 97: 111. بتصرف

3 - نظرية المسؤولية الاجتماعية

كما انه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تمتلك الحكومة وسائل الإعلام؛ وتتميز هذه النظرية أن وسائل الإعلام وسيلة تراقب أعمال وممارسات أصحاب النفوذ والقوة في المجتمع، وتدعو هذه النظرية إلى فتح المجال لتداول المعلومات بين الناس بدون قيود من خلال جمع ونشر وإذاعة هذه المعلومات عبر وسائل الإعلام كحق مشروع للجميع. 3 - نظرية المسؤولية الاجتماعية: تقوم هذه النظرية على ممارسة العملية الإعلامية بحرية قائمة على المسؤولية الاجتماعية، ويرى أصحاب هذه النظرية ان الحرية حق وواجب ومسؤولية في نفس الوقت، ومن هنا يجب أن تقبل وسائل الإعلام القيام بالتزامات معينة تجاه المجتمع، وأن التدخل في شؤون وسائل الإعلام يمكن أن يكون مبرراً تحقيقاً للمصلحة العامة؛ أضف إلى ذلك أن الإعلاميين في وسائل الاتصال يجب أن يكونوا مسؤولين أمام المجتمع بالإضافة إلى مسؤولياتهم أمام مؤسساتهم الإعلامية. وتهدف هذه النظرية إلى الإعلام والترفيه الحصول على الربح إلى جانب الأهداف الاجتماعية الأخرى. 4 - النظرية الاشتراكية: إن الأفكار الرئيسة لهذه النظرية يمكن إيجازها في أن الطبقة العاملة هي التي تمتلك السلطة في أي مجتمع اشتراكي، ولابد أن تسيطر على وسائل الإنتاج الفكري التي يشكل الإعلام الجزء الأكبر منها. وفي هذه النظرية تخضع وسائل الإعلام للرقابة الصارمة، وتقدم رؤية كاملة للمجتمع والعالم طبقا للمبادئ الشيوعية. والحزب الشيوعي هو الذي يحق له امتلاك وإدارة وسائل الإعلام من أجل تطويعها لخدمة الشيوعية والاشتراكية. ومما سبق نخلص إلى أنه ليس من وسيلة إعلامية تعمل من فراغ بلا هدف، أو منهج؛ فلكلٍ منهج وغايات، فكرية كانت أو مادية، دينية كانت أو دنيوية، ربحية كانت أو غير ربحية، وهنا يطرأ السؤال فأين إعلامنا الإسلامي من ذلك كله؟ وماهي منطلقاته؟ وما أهدافه؟ وما وسائله؟ وهذا ما نحاول الإجابة عليه في الفصل القادم، بمشيئة الله تعالى.

الفصل الثاني لمحات حول الإعلام الإسلامي

الفصل الثاني لمحات حول الإعلام الإسلامي

المبحث الأول: تعريف الإعلام الإسلامي

المبحث الأول: تعريف الإعلام الإسلامي تعددت آراء المصنفين في وضع تعريف للإعلام الإسلامي فمنها: - أنه " تعريف الناس بحقائق الدين الإسلامي، من حيث العقيدة، والفرائض، والسنن والعبادات، والمعاملات، ومن خلال وسيلة إعلامية متخصصة، أو عامة بواسطة قائم بالإعلام، لديه خلفية واسعة ومتعمقة في موضوع الرسالة، وذلك بغية تكوين رأي عام صائب يعي الحقائق الدينية، ويدركها ويتأثر بها في معتقداته وعباداته ومعاملاته " (¬1). - هو " نقل المباديء وشرحها شرحاً واضحاً وصحيحاً وثابتاً، ومستهدفاً تنوير الناس وتثقيفهم ومدهم بالمعلومات الصحيحة بموضوعية أيضاً، ومعبراً عن عقلية الجماهير، ومراعاة الأسلوب واللغة التي تخاطب" (¬2). - هو " الإعلام الذي يعكس الروح والمباديء والقيم الإسلامية، ويمارس في مجتمع مسلم، ويتناول كافة المعلومات والحقائق والأخبار المتعلقة بكافة نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والقانونية والدينية والأخلاقية ... إلخ " (¬3). - هو " استخدام منهج إسلامي بأسلوب فنّي إعلامي يقوم به مسلمون عالمون عاملون بدينهم متفهمون لطبيعة الإعلام ووسائله الحديثة وجماهيره المتباينة مستخدمون تلك الوسائل المتطورة لنشر الأفكار المختصرة والأخبار الحديثة والقيم الأخلاقية والمبادئ والمثل للمسلمين وغير المسلمين في كل زمان ومكان وفي إطار الموضوعية التامة بهدف التوجيه والتوعية والإرشاد ولإحداث التأثير المطلوب والتعرف على مدى التأثير أولاً بأول " (¬4). ¬

_ (¬1) - الإعلام الإسلامي وتطبيقاته العملية. محيي الدين عبد الحليم. ص 147. مكتبة الخانجي. القاهرة. الطبعة الثانية./ الإعلام الإسلامي ووسائل الاتصال الحديثة. إبراهيم إسماعيل. ص 20. رابطة العالم الإسلامي. كتاب دعوة الحق، العدد 133 (¬2) - من خصائص الإعلام الإسلامي. محمد خير رمضان يوسف. ص 11و 12 رابطة العالم الإسلامي. كتاب دعوة الحق، العدد 97. ومصادره ص12 (¬3) - الإعلام الإسلامي المباديء والنظرية والتطبيق. د محمد منير حجاب. ص 24. دار الفجر للنشر والتوزيع. 2002م (¬4) - الأسس العلمية والتطبيقيّة للإعلام الإسلامي. عبد الوهاب كحيل. ص29, عالم الكتب. مكتبة القدسي 1985.

وقفة مع التعريفات السابقة

وقفة مع التعريفات السابقة: بالنظر في هذه التعريفات نجد أن التعريف الأول والثاني للإعلام الإسلامي يحصران الإعلام الإسلامي ضمن الدعوة إلى الله سبحانه والتعريف بالإسلام ومنهجه في الإرشاد والتوجيه. ولا شك أن الدعوة إلى الله تعالى وبيان منهج الدين الإسلامي من صفات المجتمع المسلم الأساسيّة , فالمسلمون مكلّفون بحمل هذه الرسالة وتبليغها للناس كافة لقوله تعالى {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)} (¬1)، ولكن هذا كله جزء من مهمة الإعلام الشاملة لكل مقتضيات الحياة وشؤونها. وأما الإعلام الإسلامي فهو " فن إيصال الحق للناس قصد اعتناقه والتزامه، وفن كشف الباطل ودحضه قصد اجتنابه " (¬2)، " فهو روح تسري في النشاط الإعلامي كله، تصوغه، وتحركه وتوجهه منذ أن يكون فكرةً إلى أن يغدو عملاً منتجاً متكاملاً، مقروءاً كان أو مسموعاً أو مرئياً، وبذلك يصبح الإعلام الإسلامي منهجاً قويماً تسير وفقه جميع النشاطات الإعلامية في كافة الوسائل والقنوات دون أن يحيد نشاط واحد منها عن الطريق، أو يتناقض مع النشاطات الأخرى سواء في الوسيلة الواحدة أو الوسائل المتعددة " (¬3). ¬

_ (¬1) - سورة النحل، الآية: 125. (¬2) - الإعلام الإسلامي المفهوم والخصائص. د سيد محمد ساداتي الشنقيطي. ص 76 (¬3) - إضاءات حول الإعلام الإسلامي. د عبد القادر طاش. ص 8: 9. بتصرف

المبحث الثاني: دواعي ظهور الإعلام الإسلامي

المبحث الثاني: دواعي ظهور الإعلام الإسلامي (¬1) تتمتع وسائل الإعلام في عصرنا الحاضر بمكانة عظيمة في توجيه أفكار الجماهير، وتشكيل سلوكياتها في الحياة، في عالم تحول إلى (قرية كونية)، قَصَّرَتْ وسائل الاتصال الالكترونية المسافات بين أجزائه، وربطت شبكةً معقدة من الاتصالات بين دوله وشعوبه، بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الإنسانية كله، وأصبحت وسائل الإعلام الموجه المركزي الأول للأفراد والمجتمعات، ولا يخفى على أحد السيطرة الكبيرة للدول الغربية على الإعلام وسياساته وتوجيهاته، ولا يخفى على مخلص الأضرار التي نزلت بالأمة من جراء هذا الإعلام الخبيث الموجه، ومن هنا تكتسب المطالبة بإيجاد البديل الإسلامي في ميدان الإعلام - بجانبيه النظري والتطبيقي - أهمية بالغة، فإنَّ صياغة منهج للإعلام الإسلامي يعمل على سد الفراغ الهائل في منظومات المنهج الإسلامي ليعتبر ضرورة ملحّة، حتىّ يمكن بلورة أنموذج جديد للإصلاح الإسلامي يقوم على الشمول والتكامل والواقعية. ويمكن لنا أن نعدد الدواعي التي دعت المسلمين للنزول لهذا الميدان الخطير في النقاط التالية: 1 - إدراك أهمية الإعلام في حياة المجتمعات، وخطورة ما يقوم به من التأثير على الأفراد والجماعات سلباً كان هذا التأثير أو إيجاباً. 2 - شمولية أحكام الإسلام لجميع مناحي الحياة ووجوب العمل على صبغ جميع الأنشطة بالصبغة الإسلامية ومن أهمها المنظومة الإعلامية. 3 - مواجهة الغزو الفكري والثقافي والحضاري الرهيب الذي يتعرض له المسلمون طعناً وتشكيكاً في دينهم وأخلاقم وتاريخهم. 4 - توجيه الإعلام في الدول الإسلامية نحو الأصالة والذاتية النابعة من قيم الإسلام ومبادئه، وتوفير الجو الملائم والدعم المناسب لصنع البدائل الإسلامية التي تقف في مواجهة ما يقدمه الغرب. ¬

_ (¬1) - مستفاد بتصرف كبير وإعادة صياغة غالباً من إضاءات حول الإعلام الإسلامي. ص 3 - 7، الإعلام الإسلامي في مواجهة الإعلام المعاصر ص 3 - 6.

5 - تنقية الإعلام - إلى جانب التعليم - من المؤثرات الغربية العلمانية (¬1) والإلحادية (¬2)، وتفنيد ما تقدمه وسائل الإعلام الغربية من مفاسد وانحرافات وبيان عوارها وتهافتها بمنطق مقنع وبوسائل مكافئة. 6 - حاجة البشرية اليوم للخلاص من الشرائع المحرَّفة والمذاهب الفاسدة، وهي تعيش ضياعاً وقلقاً واضطراباً. بسبب كابوس الإلحاد والعلمانية، والفساد الخلقي، والظلم والاستبداد السياسي، والاستغلال الاقتصادي، والتفكك الاجتماعي، وتعالت الصيحات تبحث عن مصدر للأمان والعدالة والحياة الكريمة، فأين سيجدون كل ذلك إلاّ في الإسلام؟!! 7 - مخاطبة الآخرين بلغتهم ووسائلهم في سبيل الدعوة إلى الإسلام، وتوضيح صورته الناصعة، وإبراز محاسنه وثمراته للناس في كل مكان، وتبليغ رسالة الإسلام العالمية، وإيصال دعوته إلى البشرية كلها، وهذا من أعظم المبررات للدعوة إلى صياغة الإعلام صياغة إسلامية حتى يمكن أن يؤدي هذا الإعلام دوره في الحياة الإنسانية. لقد تأخر المسلمون كثيراً في سبيلهم للحاق بركب الإعلام والاستفادة من وسائله، ولكنهم بدأوا جهادهم الإعلامي (جهاد العصر) ولن تعدم أمتنا المخلصين من أبنائها الذين يدافعون عنها ويذودون عن حياض حرماتها ومقدساتها، ويرفعون عقيدتها وشريعتها عالية للناظرين، واضحة للحيارى والباحثين عن الحق والهدى. وبعد هذا العرض السريع لدواعي ظهور الإعلام الإسلامي ننتقل إلى المبحث التالى وفيه الحديث عن منطلقات هذا الإعلام بمشيئة الله تعالى. ¬

_ (¬1) - هي ترجمة خاطئة لكلمة ( secularism) في الإنجليزية، وهي كلمة لا صلة لها بالعلم، والترجمة الصحيحة للكلمة هي اللادينية، أي لا صلة لها بالدين أو تضاده. جاء في دائرة المعرف البريطانية مادة ( secularism) { هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها} والشائع التعبير عن العلمانية لدى الكثيرين {فصل الدين عن الدولة}. ولو قيل {فصل الدين عن الحياة لكان أصوب. انظر: العلمانية نشأتها وتطورها للدكتور سفربن عبد الرحمن الحوالي. ص/21 - 24 (¬2) - الإلحاد: الطعن في الدين والميل عن الحق. انظر المعجم الوسيط مادة: لحد، ص/ 817

المبحث الثالث: منطلقات الإعلام الإسلامي

المبحث الثالث: منطلقات الإعلام الإسلامي ينطلق المسلمون في اهتمامهم بوسائل إعلامهم من منطلقات ربانية جاء بها كتاب ربنا سبحانه سنة نبينا عليه الصلاة والسلام ومن هذه المنطلقات: 1 - تحقيق خيرية هذه الأمة بامتثال قوله تعالى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} (¬1) فربط الله تعالى خيرية هذه الأمة بقيامها بهذا الركن الكبير والفريضة العظيمة، ودلهم سبحانه على سبب فلاحهم وصلاح مجتمعاتهم، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان الخليفة الراشد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: (من سره أن يكون من تلك الأمة فليؤد شرط الله فيها) (¬2). ولا شك أن وسائل الإعلام - بما لها من تأثير هائل في حياة الناس، وقدرة على تكوين وتغييرالمفاهيم والأفكار - هي ميدان واسع لتطبيق هذه الفريضة، وتفعيلها في حياة الأمة، تطهيراً لمجتمعاتنا من الفساد، وتعزيزاً لكل خير وطاعة لله سبحانه، وبهذا أمر رسولُه عليه الصلاة والسلام فعن حذيفة بن اليمان: عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: {والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم} (¬3). بل إن القيام بهذه الفريضة الجليلة من شكر نعم الله سبحانه على العباد بالنصر على الأعداء والتمكين في الأرض {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ ¬

_ (¬1) - سورة آل عمران، الآية: 110 (¬2) - تفسير القرآن العظيم. الإمام ابن كثير. ج1. ص526. ط1 مكتبة دار الفيحاء. دمشق، ومكتبة دار السلام. الرياض (¬3) - سنن الترمذي. 4/ 2169. باب ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقال الترمذي حديث حسن، وحسنه الألباني. صحيح الترمذي 2/ 1762

الْأُمُورِ} (¬1) فإظهار هذه الشعيرة العظيمة، ورفع لوائها، من أعظم المنطلقات للسعي الحثيث لامتلاك الإعلام وصبغ وسائله الصبغة الرشيدة، التي تنشر الخير والمعروف، وتدعو إليه وترغب فيه، وتحارب الشر والمنكر، وتبغضه للخلق وتحذرهم من شروره وآثامه المحدقة بالمفسدين. 2 - القيام بواجب الدعوة إلى الله سبحانه، وهي سبيل النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه الكرام رضي الله عنهم. وقد قال الله سبحانه {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (¬2) فأمة النبي محمد عليه الصلاة والسلام أمة دعوة، تدعو للخير والهدى، بالحكمة والرفق، تأتمر بأمر ربها سبحانه القائل {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (¬3). يلتمسون الأجر العظيم في دلالة الناس على الخير، والذي أخبر به رسولنا عليه الصلاة والسلام {والله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم} (¬4). ومن الدعوة إلى الله القيام بواجب البيان والبلاغ من خلال وسائل الإعلام تحقيقاً لقول الله سبحانه {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (¬5) فالبيان واجب من واجبات الرسولصلى الله عليه وسلم، ثم واجب على أمته من بعده أن يبينوا للناس معالم الطريق الحق في شتى شئون حياتهم ويأخذوا بأيديهم إلى الحياة الطيبة في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة. 3 - بذل النصيحة للخلق فأهل الإسلام أنصح الخلق للناس؛ لما عندهم من الهدى والرشاد والنور المبين، ويحملون من الشفقة والرحمة للخلق أجمعين، متمثلين ¬

_ (¬1) - سورة الحج، الآية: 41 (¬2) - سورة يوسف، الآية: 108 (¬3) - سورة النحل، الآية: 125 (¬4) - صحيح البخاري. كتاب المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب. رقم الحديث 3498.بيت الأفكار الدولية 1998. وصحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل علي بن أبي طالب ص 682. رقم الحديث 2406، طبعة دار ابن حزم - القاهرة 2008 (¬5) - سورة النحل، الآية: 44

وصف رسولهم عليه الصلاة والسلام في القرآن {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (¬1) وقول نبيهم عليه الصلاة والسلام {الدين النصيحة} (¬2). فإعلامهم إعلام رشد وهداية، ووسائلهم أطهر الوسائل وأبعدها عن الريبة والمكر، وغش وخداع الناس. 4 - البشارة والنذارة: والقيام بهذا الأمر من أعظم المنطلقات والأسس التي يقوم عليها الإعلام الإسلامي بجميع مكوناته، فالبشارة والنذارة لأهل الإسلام بعد الرسل، وهم أحق بها وأهلها، بكتابهم الحكيم المحفوظ على الدوام بحفظ رب العالمين سبحانه، وبما بين أيديهم من صحيح سنة المصطفى الكريم عليه الصلاة والسلام، ومن أظهر الدلائل على هذه المهمة النبيلة قوله سبحانه {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} (¬3). فهذه هي مهمة المرسلين عامة، كما أنها وظيفة النبي خاصة قال الله سبحانه {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} (¬4). فتبشير الطائعين المؤمنين بثواب الله ورحمته لهم كما في قوله سبحانه {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (¬5)، وإنذار المعرضين المعاندين بشديد العقاب وأليم العذاب كما في قوله سبحانه {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16)} (¬6)، وقد اقتضت حكمة العلي الخبير أن يكون لهاتين الوسيلتين أثر بالغ في المتلقين، فبالبشارات تنبعث الهمم إلى الخير، وتسمو العزائم إلى الطاعة، وبالنذارات تنحسم مادة العصيان، ويحجز العقلاء المؤمنون أنفسهم عن مواضع سخط الجبار سبحانه. ¬

_ (¬1) - سورة الأنبياء، الآية: 107 (¬2) - صحيح مسلم. كتاب الإيمان. باب بيان أن الدين النصيحة. رقم الحديث / 95 (¬3) - سورة الكهف، الآية: 56. (¬4) - سورة الإسراء، الآية: 105 (¬5) - سورة البقرة، الآية: 25 (¬6) - سورة الليل، الآية: 14 - 16

ويدخل تحت البشارات بيان محاسن الإسلام والصلاح المترتب على الالتزام به في الدنيا قبل الآخرة، كما أن التحذير والإنذار مما يخالف دين الإسلام قولاً وفعلاً، عقيدةً وعملاً، سلوكاً وخلقاً من أعظم ما تقوم به وسائل الإعلام. ويحسن بنا وقد تكلمنا عن المنطلقات والدواعي أن نلج إلى المبحث التالي نعدد فيه بعض أهداف إعلامنا الإسلامي، إكمالاً لعقد هذه الثلاثية من (الدواعي والمنطلقات والأهداف)

المبحث الرابع أهداف الإعلام الإسلامي

المبحث الرابع أهداف الإعلام الإسلامي (¬1) تختلف أهداف وسائل الإعلام باختلاف توجهات القائمين عليها فمنها الربحي، ومنها الإباحي، ومنها السلطوي الخاضع لتوجهات الحاكم أو السلطة الحاكمة، وغير ذلك من التوجهات الإعلامية. وهنا يبرز الإعلام الإسلامي بمرجعيته الربانية المعتمدة بالأساس على القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، لا يخالف أحكامهما، ولا يخرج عن توجيهاتهما، يعتمد أهدافاً سامية، وغايات نبيلة، نذكر بعضاً منها فيما يلي: 1 - تعبيد الناس لربهم سبحانه، وتخليصهم من عبودية الأهواء، والأشخاص، والمعبودات الباطلة، والآلهة الزائفة. 2 - ترسيخ العقيدة الصحيحة، وتوصيلها للمتلقين نقية صافية، ورد تحريف المبطلين وشبهاتهم بالبرهان الناصع والدليل الساطع. 3 - توثيق الروابط بين النسيج الاجتماعي للمسلمين بإعلاء معاني الأخوة الإيمانية، ونشر مبادئ وحدة الأمة، والعدالة، والمساواة. 4 - الإصلاح والتوجيه في جانب المعاملات، والتأكيد على أن الإسلام عقيدة وشريعة، عبادة ومعاملة، لا يُفْصَل بينهما في وجوب الالتزام بأحكام الإسلام. ¬

_ (¬1) - الإعلام الإسلامي في مواجهة الإعلام المعاصر ص 39 - 42. بتصرف كبير

5 - المساهمة في تنمية المجتمعات والإصلاح الاقتصادي بالدلالة على القواعد التي جاء بها الإسلام في مجالات العمل والإنتاج والإنفاق والتخطيط الصحيح للانتفاع بثروات الأمة ومواردها المختلفة. 6 - نشر الوعي العام بين المسلمين، بالدعوة للعلم والتعليم، ومحو الأمية الثقافية، ومحاربة الجهل. 7 - تحصين المجتمع المسلم ضد الغزو الإعلامي الجاهلي، والمخططات الخبيثة الماكرة الهادفة لتذويب الأمة، ومحو هويتها. هذه هي أهداف الإعلام الإسلامي تشع نُبْلاً، ونوراً، وتنشر علماً نافعاً، ومعرفة مفيدة، ووعياً صحيحاً، وعملاً صالحاً، ترتفع به أمتنا، وتزدهر به شتى مناحي الحياة. وبعد هذا الطواف في ثلاثية الإعلام الإسلامي (الدواعي، والمنطلقات، والأهداف) يتبادر إلى الأذهان سؤال بدهي: فما هي وسائل الإعلام الإسلامي لتوصيل رسالته وتحقيق أهدافه؟ وهذا ما نجيب عليه بمشيئة الله تعالى في المبحث التالي

المبحث الخامس وسائل الإعلام الإسلامي

المبحث الخامس وسائل الإعلام الإسلامي يتمتع الإعلام الإسلامي دون غيره بوسيلتين ربانيتين، القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وإلى جانب هاتين الوسيلتين نالت وسائل الإعلام الأخرى من الإسلام اهتماماً كبيراً من حيث التطوير والتحسين على مختلف العصور أكثر من غيره من الملل والنحل والدعوات. ولقد استخدم المسلمون الأوائل الوسائل المعروضة وقاموا بتطوير بعضها تحسيناً وتجويداً، وأضافوا إليها وسائل جديدة، ومن هنا تميز الإعلام الإسلامي بتنوع وسائله مع الاستفادة الكاملة مما يُسْتَحْدث من الوسائل والتقنيات الإعلامية (¬1). وهذه وقفة مع أهم وسائل الإعلام الإسلامي قديماً وحديثاً. 1 - القرآن الكريم: وسيأتي بيان هذه الوسيلة الجليلة في الفصل التالي منفردة على التفصيل اللائق بها والذي تقتضيه طبيعة وموضوع البحث (¬2). 2 - السنة النبوية: كانت - وما تزال - الأحاديث الشريفة - قولاً، أوفعلاً، صفةً، أو تقريراً - منبعاً ومصدراً للعلم والثقافة الإسلامية في عالم الإسلام، وتمثل الرسالة الإعلامية المثلى، التي تفي بحاجات الإعلام الإسلامي في جميع المجالات، وتوفر النموذج الكامل للاتصال بالناس. 3 - القدوة الحسنة: وهذه الوسيلة العظيمة مبنية على غريزة التقليد والمحاكاة عند البشر، وذلك بما لها من تأثير فعال في ميدان الإعلام والتربية والتعليم، ورُبَّ رجل يقتدى به في عمله يكون أنجع وأنجح من كثير من الجهود الإعلامية لنشر فكر أو عقيدة أوسياسة؛ وقد اهتم القرآن بهذه الوسيلة فلفت أنظار المؤمنين إلى أحسن القدوة وخير الأسوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لنهتدي بسنته ونقتدي بأقواله وأفعاله فقال سبحانه {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ¬

_ (¬1) - الإعلام الإسلامي ووسائل الاتصال الحديثة. ص 33. / الإعلام الإسلامي خصائصه وأهدافه. د عناية الله إبلاغ. ص 84 - 89. ط عالم الفكر. القاهرة. 2000م (¬2) - ص 51 وما يليها من هذا البحث.

إعلام الكلمة الطيبة

لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (¬1) فرأينا في رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام تطبيقاً عملياً واهتماماً شديداً بهذه الوسيلة، فكانوا مضرب المثل في نشر القيم التي دعا إليها الدين الجديد، وترجموا بأفعالهم تعاليم دينهم من المساواة والعدالة والرحمة والتكافل والشجاعة والبذل والتضحية والإيثار، فكانوا سببا لدخول الشعوب والأمم في دين الله أفواجاً لما رأوه من السمو الأخلاقي والسلوكي في سيرتهم الراشدة المباركة (¬2). 4 - إعلام الكلمة الطيبة: وهذا العنوان وضعته من عند نفسي، فبعد تأمل في بعض وسائل إعلامنا الإسلامي، وجدتها تعتمد بالأساس على توظيف الكلمة إعلامياً، ورغم أن للكلمة مكانة عظيمة كوسيلة إعلامية من قبل الإسلام، إلا أن إسلامنا تعامل مع الكلمة باهتمام كبير، ونبه على خطورتها في كتاب الله سبحانه، فجاء قوله سبحانه {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)} (¬3) وبين أثر الكلمة طيبة كانت أو خبيثة في قوله سبحانه {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26)} (¬4) وفي السنة المطهرة أيضاً جاء التأكيد على مكانة الكلمة فقال النبي صلى الله عليه وسلم (إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، لا يلقي لها بالا، يرفع اللهُ بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها بالا، يهوي بها في جهنم) (¬5) وهذا الوعد والوعيد على الكلمة يؤكد بجلاء على اعتبار الشرع لها واهتمامه بها إدراكاً لأثرها وتقديراً لخطورتها. ويدخل تحت مسمى إعلام الكلمة الطيبة: ¬

_ (¬1) - سورة الأحزاب. آية: 21 (¬2) - الإعلام في صدر الإسلام. ص 44 - 69 بتصرف كبير (¬3) - سورة ق. آية: 18 (¬4) - سورة إبراهيم. آية: 24 - 26 (¬5) - صحيح البخاري. كتاب الرقاق. باب حفظ اللسان رقم الحديث: 6113

أ- الخطبة: وهي من الفنون الإعلامية القديمة، وقد ظهر أثرها في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، واستخدمها الخطباء بهدف الإقناع واستمالة الآخرين بالتأثير فيهم عاطفياً وعقلياً معا. وقد تعامل الإسلام مع الخطبة تعاملاً متميزاً بل جعل منها فريضة يُسْتَمَع إليها في أيام الجُمَعِ والأعياد، وللخطب عند المسلمين مكانة خطيرة في القديم والحديث، لم تستطع وسائل الإعلام الحديثة زحزحتها عنها، وما تزال الخطبة إلى الآن من الفنون الإعلامية المؤثرة التي لو أحسن الخطباء استغلالها لفاق تأثيرها كل وسيلة (¬1). ب- الأذان: وهو شعيرة جليلة من شعائر الإسلام، يراد به إعلام المسلمين بدخول وقت الصلاة، يرفع على رؤوس الأشهاد خمس مرات في اليوم والليلة، وفي كلماته الشهادة لله سبحانه بالوحدانية، ولرسوله عليه الصلاة والسلام بالرسالة، وتكبير الرب عزَّ وجلَّ، والدعوة للصلاة والفلاح، وهذا من أعظم الوسائل الإعلامية الإيمانية التي يتربى المسلمون في ظلالها؛ فيوحدون ربهم سبحانه ويتبعون رسولهم عليه الصلاة والسلام ويسعون للصلاة والوقوف بين يدي ربهم وفيها فلاحهم (¬2). ت- المحاضرة: وهي فن من فنون القول أيضاً يختلف عن الخطبة في اعتماد المحاضر على الحقائق المجردة والإحصاءات الدقيقة، والحجج المنطقية، بدون اعتماد على الناحية العاطفية، وتستخدم المحاضرات في شتى مجالات المعارف العلمية والإنسانية (¬3). ث- الندوة: من أخصب وسائل الإعلام يتعدد المتحدثون فيها بوجود عريف لها يقوم على تنظيمها وترتيب المتحدثين وتوجيه النقاش، ويتعرف فيها على الآراء المختلفة، وتبحث المشكلات من زوايا عدة، من خلال تبادل الرأي والمناقشة، ومن ثم التقويم وصياغة النتائج. ج- المناظرة: وتعد من أكثر الوسائل إثارة وجذباً لانتباه المتلقين، وهي من أهم وسائل الإعلام، خاصة في زمن اختلاط المفاهيم، وصراع الأفكار والمذاهب المختلفة، وتكون بين ¬

_ (¬1) - مقالات في الدعوة والإعلام الإسلامي. د محمد عماد محمد. كتاب الأمة - قطر. عدد: 28. ص 58 - 60 بتصرف (¬2) - مقالات في الدعوة والإعلام الإسلامي. د سيد رزق الطويل. كتاب الأمة - قطر. عدد: 28. ص 74 - 79 بتصرف (¬3) - الإعلام الإسلامي. ص 132 - 134 بإعادة صياغة وبتصرف كبير

اثنين من تيارين مختلفين، يبرهن كل مناظر على صحة آرائه ومعتقداته، مع بيان الشبهات ورد حجج المخالفين. ح- القصيدة الشعرية: احتل الشعر المنزلة الأولى بين وسائل الإعلام والدعاية في العصر الجاهلي، حتى كان العرب يكتبون أجود القصائد بماء الذهب لتعليقها على الكعبة أو بيوت الملوك، ثم جاء الإسلام فتراجعت مكانة الشعر عما كانت عليه في الجاهلية - وعلى الرغم من ذلك بقي الشعر وسيلة من وسائل الدعوة والدفاع عن الإسلام كقصائد حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة، وغيرهم من الأصحاب رضي الله عنهم، واستمر هذا الدور الإعلامي متميزاً في تسجيل الحوادث، وذكر البطولات، وتفنيد الشبهات، وجمع العلوم وتقييدها، وغير ذلك من فنون البيان الشعري البليغ (¬1). 5 - الحج إلى بيت الله الحرام: هو المؤتمر الأعظم لاجتماع المسلمين سنوياً في هذه الرحاب الطاهرة، يجتمع المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها، مستجيبين لنداء ربهم {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} (¬2)، والحج من أعظم وسائل الإعلام الإسلامي، تظهر فيه وحدة الأمة وسمو مبادئها، ويبدو جلياً تعظيم الرب سبحانه، وطاعة النبي عليه الصلاة والسلام، والولاء للإسلام وأهله، والبراءة من الكفر والكافرين. كما يتجلى اتصاف أمة الإسلام بالسلام، والعدالة، والمساواة، والرحمة، من خلال مناسكه الجليلة، في سياق إعلامي جهير ليس له نظير (¬3). 6 - الجهاد: إن الجهاد في سبيل الله ليس الهدف منه سفك الدماء وترويع الآمنين، وإنما غايته الدعوة إلى الله، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، وإزالة الحواجز والقوى التي تحول دون وصول دعوة الحق للعالمين قال سبحانه {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193)} (¬4) "فالجهاد ودفع الظالمين من أعظم الوسائل التي تمهد الطريق للدعاة إلى ¬

_ (¬1) - الإعلام في صدر الإسلام. ص 26 - 28 بتصرف. (¬2) - سورة الحج. آية: 27 (¬3) - الإعلام في صدر الإسلام. ص 86. (¬4) - سورة البقرة. آية: 193.

الله، وتفسح لهم السبيل لحسن الإعلام بمحاسن دين الإسلام وصلاحيته لكل مكان وزمان " (¬1). 7 - المطبوعات: وتشمل الصحف، والمجلات الإسلامية المتخصصة، وتتضمن أيضاً الكتب والكتيبات الإسلامية، والملصقات، والمطويات، وفي هذا المجال فمكتبتنا الإسلامية تزخر بكَمٍّ هائل وقَيِّم من المصنفات التي تمثل مرجعا للجميع كُتَّاب وباحثين ومتفقهين ومسترشدين، وكل هذه الوسائل المطبوعة تسهم بشكل كبير وفعال في مجال الإعلام الإسلامي خاصة حين تتعرض للموضوعات والمشكلات التي تمس واقع المجتمع الإسلامي وقضاياه المختلفة وتعمل على معالجتها معالجة إسلامية واعية. 8 - الإذاعة: يعتبر الإرسال الإذاعي من أقدر وسائل الاتصال لتميزه بعاملي السرعة والقدرة على الانتشار الواسع، فيتحقق له القدرة على مخاطبة أكبر قطاع من الجماهير، وتوصيل الرسالة الإعلامية إلى أوسع دائرة من هذه الجماهير. 9 - التلفاز: يتميز التلفاز بين الوسائل الإعلامية بجمعه بين العناصر الثلاثة المؤثرة وهي الصوت والصورة والحركة، فيمتلك من الفعالية والتأثير ما لا يتوفر لغيره من الوسائل، ولذلك نجده حائزاً على اهتمام الصغير والكبير والعديد من القطاعات في المجتمع. ويمثل التلفاز أداة تربوية وتثقيفية وتعليمية وترفيهية فعالة ونافعة إذا أحسن استخدامه وتوجيهه (¬2). ونظراً للأهمية القصوى لهاتين الوسيلتين (الإذاعة والتلفاز) فقد اتفقت دول منظمة المؤتمر الإسلامي على إنشاء منظمة إذاعات الدول الإسلامية عام 1975م تكون أهدافها: أنشر الدعوة الإسلامية. ب إبراز أهمية التراث. ¬

_ (¬1) - الإعلام الإسلامي خصائصه وأهدافه. ص 118 - 125 بتصرف. (¬2) - الإعلام في المجتمع الإسلامي. الأستاذ حامد عبد الواحد. ص 31 - 35. بتصرف.

ت العمل على نشر اللغة العربية لغير الناطقين بها. ث إبراز الصورة الصادقة المشرفة والحقيقية للأمة الإسلامية. ج إنتاج وتبادل البرامج الإذاعية والتلفازية مع الدول الأعضاء. ح مواجهة الحملات المغرضة التي تشنها بعض الأجهزة الإعلامية الغربية على الإسلام والمسلمين. خ تصحيح الصورة الخاطئة التي يحملها الغرب عن الإسلام (¬1). 10 - الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) من فضول القول: أننا نعيش في عالم متسارع من التقدم المعلوماتي، والتقنيات الحديثة المتلاحقة، التي غطت أرجاء المعمورة، وفرضت نفسها كأخطر وأعظم الوسائل الإعلامية في عصرنا الحديث، لما تتمتع به من مزايا فائقة جامعة لكل خصائص وسائل الإعلام الأخرى ففيها المشافهة وجها لوجه، وفيها الاستماع، وفيها الصوت والصورة والحركة جميعاً، وفيها الوسائل المطبوعة المقروءة، إنها بحق الوسيلة الجامعة لكل محاسن الإعلام، وأيضاً الجامعة لكل مساوئه بل أكثر، فهو ساحة عرض لكل الأفكار، ولجميع الملل والنحل، وكما أن للمؤمنين جهوداً كبيرة فلغيرهم - للأسف - جهود أكبر وأوسع انتشارا - لا بارك الله فيهم - تجذب المستخدمين للشبكة من جميع الأعمار. ورغم كل الجهود المخلصة في هذا المجال الفسيح فإنها تبقى قليلة وقاصرة، تحتاج الدعم، والزيادة، والتنوع، والمثابرة، والتنظيم، وترتيب الأولويات. هذه هي الوسائل التي تَيَسَّرَ للباحث الكتابة عنها، ورأى أنها وسائل حية يمكن الاعتماد عليها للوصول للأهداف المنشودة من منظومة الإعلام الإسلامي. وبهذا المبحث نختتم الفصل الثاني، ومنه إلى الفصل الثالث بلا تواني، وهو من أَجَلِّ مواضع هذا البحث - أسأل الله أن يبارك فيه - ويتناول الإعلام في القرآن الكريم؛ فأقول - بحول الله وفضله -: ¬

_ (¬1) - موقع منظمة إذاعات الدول الإسلامية على الشبكة العنكبوتية http://chouibo2010.jeeran.com/radio_arabic_islamic.html

الفصل الثالث خصائص الإعلام القرآني ووسائله

الفصل الثالث خصائص الإعلام القرآني ووسائله

المبحث الأول: القرآن أعظم الوسائل الإعلامية

المبحث الأول: القرآن أعظم الوسائل الإعلامية المطلب الأول: المعجزة الباقية خلق الله سبحانه الخلق، فلم يتركهم هملا، أو يدعهم سدى، بل أرسل إليهم الرسل معلمين وموجهين، وأنزل عليهم الكتب، وجعل لكل رسول آية عظمى على مثلها يؤمن البشر، فالناقة لصالح، وجعل النار برداً وسلاماً على إبراهيم، والعصا والآيات الكبرى لموسى، والطب لعيسى عليهم جميعاً أفضل الصلوات والتسليم. وكانت معجزة الرسول الخاتم عليه الصلاة والسلام قرآنا يتلى إلى يوم الدين، قال عليه الصلاة والسلام: " ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحياً أوحاه الله إليَّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة." (¬1). تحدى الله به الثقلين الإنس والجن فبان عجزهم {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)} (¬2)، وأنزله بلسان عربي مبين فلم يسع الجن إذ سمعوه إلا أن قالوا {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} (¬3)، ولم يسمعه فصحاء العرب والبلغاء إلا شهدوا له بالحلاوة والطلاوة وأنه ليس بكلام البشر، ولإدراكهم تأثيره في النفوس كانوا يتواصون فيما بينهم بعدم الاستماع إليه، والتشويش عليه كما حكى عنهم ربهم سبحانه فقال {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} (¬4) إلا أنهم رغم ذلك لم يفلحوا بل جاء الأمر على غير ما يشتهون فمال الناس أكثر للقرآن وسماعه وصدق وعد الله سبحانه إذ يقول {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (¬5)، وكما قال أبو الطيب المتنبي: ¬

_ (¬1) - متفق عليه. البخاري كتاب فضائل القرآن. باب كيف نزل الوحي وأول مانزل، 4/ 1905 حديث رقم (4696) ومسلم. في كتاب الإيمان باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -. ص 52. رقم الحديث (152) (¬2) - سورة الإسراء. آية: 88. (¬3) - سورة الجن. آية: 1 (¬4) - سورة فصلت. آية: 26. (¬5) - سورة الصف. آية: 8.

الإعلام في القرآن

وهبني قلت: هذا الصبحُ ليلٌ ... أيعمى العالمون عن الضياءِ (¬1) فلم يجدوا إلا نشر الأكاذيب والافتراءات بشأنه {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ} (¬2)، يفعلون ذلك باضطراب وهلع مما يعاينونه من عظمة في النظم، وسمو في الأخلاق، ورُقِيٍّ فيما يدعو إليه، يجلي الحق، ويفند الباطل، يهدي لأقوم الطرق، ويقود لأحسن السبل، فكل خير يأمر به ويحث عليه، وكل شر ينهى عنه ويحرم دواعيه قال سبحانه {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} (¬3). ولما كان رسولنا عليه الصلاة والسلام هو النبي الخاتم ختمت به النبوات والرسالات، فرسالته باقية إلى يوم القيامة، وعامة إلى كل الأمم، في كل زمان ومكان، لذلك كان لابد للمعجزة من البقاء، ليعاينها كل من آمن أو دُعِيَ إلى الإيمان، وقد كان، فقد تكفل الله سبحانه بحفظ كتابه من كل تحريف أو نقصان، فقال سبحانه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (¬4)، فهو الكتاب العزيز المعجز من جميع نواحيه بنظمه وسبكه، وشعائره وأخلاقه، بقصصه وعظاته، وأحكامه وتشريعاته. وصفه الله سبحانه فقال {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (¬5). "فبقي القرآن تحدياً لكل من في الأرض من كل الأمم من عرب وغيرهم، وما من متأمل منصف إلا ويحني رأسه، ويعلن استسلامه وإسلامه أمام هذا الإعجاز الحي الناطق لكل زمان ومكان، الذي لا يموت ولا يبلى، ولا تزيده الأيام إلا شدة وقوة، وظهوراً ووضوحاً" (¬6). المطلب الثاني: الإعلام في القرآن ¬

_ (¬1) - البيت لأبي الطيب المتنبي، من قصيدة يمدح بها الحسين التنوخي. ديوان المتنبي ط 1 دار الكتب العلمية بيروت - 1406هـ / 1986م. (¬2) - سورة الأنبياء. آية: 5. (¬3) - سورة الإسراء. آية: 9 (¬4) - سورة الحجر. آية: 9. (¬5) - سورة فصلت. آية: 42. (¬6) - المعجزة القرآنية. د محمد حسن هيتو. صـ 69. الطبعة الثالثة. مؤسسة الرسالة. 1998م. بتصرف.

لم تر البشرية وسيلة إعلام تحلت بالعصمة، وتخلصت من الوصمة، كما رأت في القرآن العظيم، ولا عجب فهو كلام رب العالمين، العاصم من الزيغ والضلال، المنزه عن النسيان والنقصان {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (¬1). وجعل الله سبحانه القرآن دستوراً وإماماً لنبيه عليه الصلاة والسلام والمؤمنين، ورسم له طريق دعوته، وزوَّده بكل ما يحتاج إليه في مسيرته، وتبرز أمامنا هذه السمات الإعلامية في القرآن والتي أوردها في النقاط التالية: 1 - تحديد مهمة الرسل جميعاً، وهي القيام بالبيان والبلاغ قال سبحانه {فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (¬2) فكانت وظيفة الرسل العظمى البلاغ عن الله وإعلام الخلق بما ينفعهم في دينهم ودنياهم قال سبحانه {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} (¬3) وقال - سبحانه وتعالى - {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (¬4) وهكذا كان شأن النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً قال - سبحانه وتعالى - {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (¬5) فالبيان والإبلاغ محور مهمة الرسول عليه الصلاة والسلام التي أُمِرَ بها قال سبحانه {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (¬6) فقام عليه الصلاة والسلام بالتبليغ حق قيام وأوضح دعوته أتم توضيح وبيان. 2 - التزام الرسل بأداء الرسالة الإعلامية الربانية كما هي بدون زيادة أو نقصان فقال سبحانه في مواضع عديدة على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} (¬7) فهم مؤتمنون يؤدون أمانتهم بكل تجرد وإخلاص، وهذا نوح عليه السلام ¬

_ (¬1) - سورة المائدة. آية: 16 (¬2) - سورة النحل. آية: 35. (¬3) - سورة النحل. آية: 2. (¬4) - سورة النحل. آية: 36. (¬5) - سورة النحل. آية: 44. (¬6) - سورة المائدة. آية: 67 (¬7) - سورة الأنعام. آية: 50، وأيضاً سورة يونس آية 15، وسورة الأحقاف آية: 9

يخاطب قومه يقول لهم: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} (¬1) وهكذا جميع الرسل لا يأتون بشيء من عند نفوسهم بل يؤدون ما حُمِّلوا من الأمانة ويبلغون ما أُرسلوا به. وأعظم من هذا بياناً قول رب العالمين - سبحانه وتعالى - ينفي أي شبهة عن رسوله عليه الصلاة والسلام {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47)} (¬2) ولهذا أنكر الله سبحانه عليهم لما ادَّعَوْا أن النبي عليه الصلاة والسلام إنما يقول القرآن ويفتريه على الله فقال سبحانه {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (3)} (¬3). فكانت دعوة الرسل أوثق الدعوات عبر تاريخ البشرية مصدراً، وأداءً، تحققت فيها كل عوامل النجاح الإعلامي، مع اكتمال عناصر المنظومة الإعلامية بمعناها المتعارف عليه عند الإعلاميين الآن وهي: أالمرسِل: وهو الله سبحانه. ب المرسَل إليه: وهم الناس الذين يستقبلون الرسالة. ت الرسالة: وهي الوحي المتمثل في آيات القرآن. ث أداة الإرسال: هل هو الرسول عليه الصلاة والسلام، أم جبريل عليه السلام؟ خلاف (¬4) والظاهر أن في الأمر تفصيلاً، فرسول الله عليه الصلاة والسلام - في رأي الباحث - يجمع بين مقامين؛ فتارة يكون أداة إرسال وذلك في مقام تبليغ القرآن كما أنزل عليه عليه الصلاة والسلام بلا تقديم ولا تأخير، بلا زيادة ولا نقصان، وتارة أخرى يكون عليه الصلاة والسلام مصدراً للرسالة مرسِلاً لها وذلك في مقامات البيان المتعددة التي تستقل السنة النبوية بها، مثل ما ¬

_ (¬1) - سورة هود. آية: 29 - 31. (¬2) - سورة الحاقة. آية: 44 - 47. (¬3) - سورة السجدة. آية: 3 (¬4) - مدخل إلى الإعلام الإسلامي. د إسماعيل صيني. ص: 98. ومصادره.

جاء من تحريم أكل لحوم الحمر الأهلية وكل ذي مخلب وناب من السباع، وتحريم الجمع بين المرأة وخالتها أوعمتها. ج الغرض من الرسالة: وهو الهدف من كل هذه العملية والتي تتلخص في وصل الناس بربهم فيعبدونه وحده، ويأتمرون بأمره، وينتهون بنهيه، ويُحَكِّمون شريعته في سائر شئون حياتهم. 3 - الإعلام القرآني إعلام شامل يحرك ويؤثر في جميع المجالات واسمع الإعلام الإلهي {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (¬1) يتعامل مع النفوس البشرية قلباً وقالباً، يكشف أمراضها، ويُشَخِّصُ لها الدواء، ويبذل لها سبل الوقاية، ولذا نجد آيات القرآن متتابعة تعلم وترشد وتقي وتعالج، ونقرأ في القرآن: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} (¬2) فهذه الآية ومثيلاتها إعلام رباني بصلاحية النفوس البشرية وقابليتها لسلوك أحد السبيلين الخير أو الشر مع بيان أن سبيل فلاحها في تزكية نفوسها وتطييبها، وإلا كانت العاقبة خيبة وخسراناً. ولا يقتصر هذا الإعلام على جانب تربية النفوس فقط بل يحيط بجميع الجوانب الأخرى ففي جانب العقائد نقرأ قول الله سبحانه {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (¬3) "فأخبر سبحانه عن تفرده بالإلهية، وأنه لا شريك له ولا عديل له، بل هو الله الواحد الأحد الفرد الصمدالذي لا إله إلا هو، وأنه هو الرحمن الرحيم" (¬4) ثم نبه سبحانه إلى الآيات الشاهدة على وحدانيته وقدرته المطلقة في الكون، والتي لا يهتدي إليها إلا ذوو العقول والأفهام. ¬

_ (¬1) - سورة النحل. آية: 89. (¬2) - سورة الشمس. آية: 7 - 10. (¬3) - سورة البقرة. آية: 163 - 164. (¬4) - تفسير القرآن العظيم. 1/ 274.

ونقرأ في جانب العقائد العبادات والمعاملات {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)} (¬1)، ونقرأ {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (¬2) ... ونقرأ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (¬3) ونقرأ {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3)} (¬4) ونقرأ الآيات الجامعات للفضائل والمكارم الأخلاقية كما في قوله - سبحانه وتعالى - {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)} (¬5)، وغير ذلك في آيات القرآن كثير، إعلام بنقيِّ العقائد، وصحيح العبادات، ومرضيِّ المعاملات، ومكارم الأخلاق، تصديقاً لقول الله سبحانه {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} (¬6). ¬

_ (¬1) - سورة البقرة. آية: 177. (¬2) - سورة البقرة. آية: 275. (¬3) - سورة المائدة. آية: 1. (¬4) - سورة المطففين. آية: 1 - 3. (¬5) - سورة النحل. آية: 90. (¬6) - سورة الأنعام. آية: 38.

المبحث الثاني: الدور الإعلامي للرسل الكرام

المبحث الثاني: الدور الإعلامي للرسل الكرام قام الرسل الكرام بالدور الإعلامي الكامل على مر تاريخ البشرية، بما قاموا به من إذاعة للخير ونشر الفضيلة، ودفاع عن الحق، وبذل كل غال ونفيس، وتفنن في تعبيد الناس لربهم. حملوا الأخبار الصادقة عن ربهم إلى الناس ليهتدوا بها من ظلمات الجهالة وضلالات الشرك والانحراف إلى صراط الله المستقيم، إلى الحياة الطيبة الطاهرة قال سبحانه {أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (¬1). وقد أمد الله تعالى رسله الكرام بوسائل الإعلام المناسبة والحجج الباهرة، التي أعجزت أعداءهم بوضوحها، وصدقها، ونبل أهدافها، فأذعن لهم ذوو الألباب، وأصحاب البصائر، وأخبتت قلوبهم للأنباء الربانية والتوجيهات الرسالية. قال الله - سبحانه وتعالى - {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54)} (¬2). ورغم العنت الكبير، والمكر السيء، والحرب المستعرة على الرسل الكرام، والكيد المستمر، من كفار الأقوام، المكذبين للآيات والذين يقول الله عنهم {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ ¬

_ (¬1) - سورة التوبة. آية: 70 .. (¬2) - سورة الحج. آية: 52 - 54.

بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ (42) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (43) ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (44)} (¬1)، رغم كل ذلك بقي الرسل الكرام وهم أشرف الإعلاميين وسادات حملة الأخبار صابرين محتسبين، ينوعون في وسائل دعوتهم، كلما أغلق باب، فتحوا أبوابا، إذا انقطع طريق سلكوا طرقا أخرى، يحدوهم الأمل بإبلاغ دعوتهم، قال - سبحانه وتعالى - يحكي دعوة أحد أنبيائه من أولي العزم نوح عليه السلام {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9)} (¬2). فكانت همتهم إعلام البشرية بدين رب البرية: - يدعونهم إلى التوحيد الخالص، ولسان كل رسول قائل {يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (¬3)، ويلفتون أنظارهم إلى بديع صنع الله في الكون لعلهم يهتدون كما قال الخليل إبراهيم عليه السلام {قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (56)} (¬4). - يرغبونهم في طاعة الرحمن يقول هود عليه السلام {وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52)} (¬5)، ويحثونهم على التعلق به سبحانه {وَقَالَ مُوسَى يَاقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84)} (¬6). - يصححون لهم معاملاتهم، ويوجهونهم لمكارم الأخلاق وينهونهم عن المحرمات كما جاء في قصة شعيب عليه السلام {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا ¬

_ (¬1) - سورة المؤمنون. آية: 42 - 44. (¬2) - سورة نوح. آية: 5 - 9. (¬3) - سورة الأعراف. آية: 59. (¬4) - سورة الأنبياء. آية: 56 (¬5) - سورة هود. آية: 52 (¬6) - سورة يونس. آية: 84.

بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} (¬1)، وكما جاء في قصة لوط عليه السلام يقول لقومه {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166)} (¬2). فكان الرسل والأنبياء يبينون للناس حسن عاقبة المؤمنين، ويحذرونهم سوء عاقبة المكذبين، وكلما مضى رسول إلى ربه جاء بعده رسول يحمل الراية، يجدد ما اندرس من الدين الخالص {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} (¬3). وفي ظل هؤلاء الرسل تطور الإعلام مضموناً ومحتوىً، ووسيلة وأسلوباً بوحي الله سبحانه إليهم، وهكذا ظلت عناية الله تعالى بالخلق يرسل الرسل، وينزل الكتب، حتى أسلموا الراية إلى خاتم المرسلين وخير من أعلم وعلم، وأدى ووفى، سيدنا محمد الأمين - صلى الله عليه وسلم -، فكانت رسالته عليه الصلاة والسلام الرسالة الخاتمة الشاملة لجميع البشر ولجميع جوانب الحياة، والكاملة في تشريعها (¬4)، يقول سبحانه {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (¬5). وبهذه الرسالة المحمدية كمل الدين وتمت النعمة {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (¬6) فاكتملت رسالة السماء الإعلامية إلى البشرية، وبقي القرآن - كما هو شأنه في جميع المجالات - المَفْزَعُ الذي يعتمد عليه لوضع الأسس والأصول، وتحديد الغايات والوسائل. فما أحوج أمتنا في هذا العصر إلى العودة إلى الحياة بروح هذا الكتاب العزيز، والاستهداء بنوره؛ وإلى التعرف على خصائص هذا الإعلام، وصبغ وسائلنا الإعلامية بها؛ فما هي تلك الخصائص التي يتميز بها الإعلام القرآني عن غيره؟ والإجابة عن هذا السؤال بإذن الله تعالى في الفصل التالي وهو: ¬

_ (¬1) - سورة الشعراء. آية: 181 - 183. (¬2) - سورة الشعراء. آية: 165 - 166. (¬3) - سورة فاطر. آية: 24. (¬4) - الإعلام الإسلامي في مواجهة الإعلام المعاصر. ص: 18. بتصرف. (¬5) - سورة سبأ. آية: 28. (¬6) - سورة المائدة. آية: 3

المبحث الثالث: خصائص الإعلام القرآني

المبحث الثالث: خصائص الإعلام القرآني للإعلام القرآني خصائص تفرد بها عن سائر اتجاهات الإعلام الأخرى 1 - رباني لا يد لأحد من البشر فيه، لأنه وحي من الله سبحانه، يحدد ملامح الفضائل المرضية عنده سبحانه، والعبادات المقبولة بين العباد وربهم، والمعاملات الصحيحة بين الناس بعضهم البعض، يرسم للمرسلين والمصلحين ملامح الدعوة، ويبين طرق التأثير ووسائل الإقناع، موجه من رب العالمين للثقلين، وهو أعلم بمن خلق، أعلم سبحانه بما يصلح شئونهم، ويقوِّم سلوكياتهم، وما يُحَصِّلون به صلاح الدين والدنيا، ويوفر لهم الحياة الطيبة السعيدة. 2 - اعتماد الحقائق كمصدر وحيد، ولا شيء غيرها، وانظر إلى سيل الحقيقة القرآنية المتدفق: - فالله تعالى هو الحق، قال سبحانه {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6)} (¬1). - وأنزل كتابه بالحق، {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} (¬2). - وقول ربنا كله حق {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ} (¬3)،وقال عزَّ وجلَّ {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} (¬4). - ورسالة رسولنا عليه الصلاة والسلام هي الحق {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} (¬5). ¬

_ (¬1) - سورة الحج. آية: 6. (¬2) - سورة الإسراء. آية: 105. (¬3) - سورة ص. آية: 84. (¬4) - سورة الأحزاب. آية: 4. (¬5) - سورة البقرة. آية: 119.

3 - المصداقية

- وأنزل سبحانه الكتاب ليحكم بالحق، {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} (¬1). - وكل ما جاء بالكتاب هو الحق {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (¬2). - وقصص القرآن حق {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} (¬3) - وأمثال القرآن وردوده بالحق، {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} (¬4) - وهمة أهل الإيمان الصالحين في التعاون على الحق، {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (¬5) فهو إعلام لا سبيل للباطل عليه، لا تهتز حقائقه، ولا تلتوي طرائقه، مستقيم لا ميل فيه ولا زيغ، عدل في أحكامه، غايته الحقيقة، ووسيلته الحقائق، ولذلك كان واجباً على المسلمين أن يدعموا إعلامهم مادياً ومعنوياً، إعداداً لكوادره وتدريباً، وتحصيلاً لوسائله وآلياته، رفعة لشأنهم، ونصرةً لدينهم الحق. 3 - المصداقية التي لا يتطرق إليها شك وذلك أن القرآن كلام أصدق القائلين سبحانه، فهو أتم كلام سمعته أذن البشرية، وأعدل كلمات مسطورة محفوظة حتى يرث الله الأرض ومن عليها. قال الله عزَّ وجلَّ {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)} (¬6)، بل إن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ما كانت إلا صدقاً كلها قال سبحانه {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ¬

_ (¬1) - سورة النساء. آية: 105 (¬2) - سورة النحل. آية: 102. (¬3) - سورة الكهف. آية: 13. (¬4) - سورة الفرقان. آية: 33. (¬5) - سورة العصر. آية: 3. (¬6) - سورة الأنعام. آية: 115.

أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33)} (¬1)، وأمر اللهُ عزَّ وجلَّ رسولَه صلى الله عليه وسلم بسؤاله والتضرع إليه أن يهب له مداخل الصدق ومخارجه في أمره كله، دلالة على عدم استغناء العبد عن الصدق في شئونه وأحواله قال سبحانه {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80)} (¬2) ولذلك كان مسمى الصادق الأمين علماً عليه صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وبعدها، وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بالصدق يقول: (إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً) (¬3). والإعلام القرآني يدعو إلى أن يسود الصدق في أقوال وأفعال الناس فيناديهم سبحانه إلى لزوم جانب الصادقين فيقول عزَّ وجلَّ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (¬4). ويرغبهم فيه قال سبحانه {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} (¬5). ولا يقتصر الخير على الدنيا فحسب بل يتعداها إلى أن يتحول لنعيم خالد وفوز عظيم في الآخرة {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (¬6). فإعلام القرآن لا مجال فيه لكذب أو افتراء أو تزوير أو ترويج لإشاعات، "بل يعتمد الصدق فقط في أخباره، وكيفية صياغتها، والمقاصد المتوخاة منها، مع الصدق في ¬

_ (¬1) - سورة الزمر. آية: 33. (¬2) - سورة الإسراء. آية: 80. (¬3) - البخاري 5/ 2261. باب قول الله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} وما ينهى عن الكذب. حديث رقم: 5743، مسلم. باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله. حديث رقم: 2607. (¬4) - سورة التوبة. آية: 119. (¬5) - سورة محمد. آية: 21 (¬6) - سورة المائدة. آية: 119.

4 - اعتماد البرهان والدليل العقلي

الأحكام على الأمور ليتكون لدي الجمهور الرأي السديد والفهم القويم للأمور التي تحيط بهم" (¬1). 4 - اعتماد البرهان والدليل العقلي للوصول لإقناع الناس بالمباديء والمفاهيم التي جاء بها الإسلام قال الله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174)} (¬2)، فالإعلام القرآني ليس إعلاماً عاطفياً يدغدغ المشاعر ويلهب الأحاسيس فحسب بل هو إعلام يعتمد البرهان العقلي والتفكير السليم لتأسيس الحقائق، كما جاء في قصة الخليل إبراهيم عليه السلام مع النمرود {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (¬3)، ويخاطب كفار مكة {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (194) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ} (¬4) ويحفز أذهانهم بأسئلة مثيرة تقودهم إجابتهم إلى الحق الذي ليس بعده إلا الضلال {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31) فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} (¬5)، ويتحداهم المرة بعد المرة {قُلْ ¬

_ (¬1) - الإعلام مقوماته وضوابطه وأساليبه في القرآن 45 - 46.رسالة ماجستير. الباحثة /آلاء أحمد - في الجامعة الإسلامية في غزة بفلسطين، في كلية أصول الدين، قسم التفسير وعلوم القرآن 2009 م .. (¬2) - سورة النساء. آية: 174. (¬3) - سورة البقرة. آية: 258. (¬4) - سورة الأعراف. آية: 194 - 195. (¬5) - سورة يونس. آية: 31 - 32.

هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111)} (¬1)، ومرة {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148)} (¬2). ومن تتبع آيات القرآن وجد من ذلك الكثير من الدعوة والإلحاح لإعمال العقول واستخدام البراهين والأدلة المبثوثة حولنا في الكون ولذلك يرد كثيراً في كتاب ربنا الاستفهام الإنكاري والتعجبي {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (¬3)، وقوله سبحانه ...... {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (¬4)، وقوله سبحانه ....... { ... أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ} (¬5)، وأيضاً ......... {أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} (¬6) وأيضاً ........ {أَفَلَا تُبْصِرُونَ} (¬7). ونقرأ مواضع تذييل الآيات ببيان السبب وراء إيرادها فنجده إعمال الفكر والتدبر ورجاء تحقق الهداية بذلك {لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} (¬8) ..... {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (¬9) ....... {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (¬10) ........ {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (¬11). ويأتي في القرآن أيضاً بيان أنه لا ينتفع بهذا البيان الإلهي والبرهان العقلي إلا القوم العالمون العقلاء أصحاب الأفهام السليمة {لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (¬12) وقوله تعالى {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (¬13) وقوله تعالى ... {لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ} (¬14) وقوله تعالى {قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} (¬15) وقوله تعالى {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)} (¬16). ¬

_ (¬1) - سورة البقرة. آية: 111. (¬2) - سورة الأنعام. آية: 148. (¬3) - سورة البقرة. آية: 44. (¬4) - سورة النساء. آية: 82. (¬5) - سورة الأنعام. آية: 50. (¬6) - سورة الأنعام. آية: 80. (¬7) - سورة القصص. آية: 72. (¬8) - سورة البقرة. آية: 219. (¬9) - سورة البقرة. آية: 73. (¬10) - سورة البقرة. آية: 53. (¬11) - سورة البقرة. آية: 150. (¬12) - سورة البقرة. آية: 164. (¬13) - سورة البقرة. آية: 230. (¬14) - سورة الأنعام. آية: 98. (¬15) - سورة الأنعام. آية: 126. (¬16) - سورة يونس. آية: 24.

5 - الانحياز التام لمكارم الأخلاق

فالإعلام القرآني إعلام عقلاني منير، لا وجود فيه لأوهام أو خرافات، يدافع عن عقيدة الأمة بالدليل الساطع وينافح عن شريعة ربنا سبحانه بالبرهان الناصع، والعقل الذي ينشده الإعلام القرآني هو العقل الصحيح الصريح الذي يسعى للحقيقة بتجرد وإخلاص فيوفق إليها ويوقفه الله عليها فضلاً منه ورحمة. 5 - الانحياز التام لمكارم الأخلاق، والترويج لها، وإذاعتها، رجاء أن يلتزم بها جمهور المكلفين، وإن إطلالة خاطفة على بعض آيات القرآن الكريم كافية لبيان هذه الخصيصة الإعلامية قال الله سبحانه {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)} (¬1)، وقال الله سبحانه {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)} (¬2)، وقال - سبحانه وتعالى - {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)} (¬3)، وقال عزَّ وجلَّ {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72)} (¬4)، وقال سبحانه {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (¬5)، وقال - سبحانه وتعالى - {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37)} (¬6)، وقال - سبحانه وتعالى - {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40)} (¬7)، وقال عزَّ وجلَّ {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)} (¬8)، وقال سبحانه {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} (¬9) وقال سبحانه {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ¬

_ (¬1) - سورة الأعراف. آية: 199. (¬2) - سورة آل عمران. آية: 134. (¬3) - سورة الفرقان. آية: 63. (¬4) - سورة الفرقان. آية: 72. (¬5) - سورة البقرة. آية: 155. (¬6) - سورة الشورى. آية: 37. (¬7) - سورة الشورى. آية: 40. (¬8) - سورة الشورى. آية: 43. (¬9) - سورة البقرة. آية: 83.

وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)} (¬1) فهذه المكارم والمآثر الأخلاقية، وغيرها كثير جداً، تمثل عنواناً متلألئاً لإعلامنا القرآني، فهي صفات قويمة، وخلال مستقيمة، متى ما تمسك بها المجتمع، وعمل بها الأفراد؛ انتشرت بها الفضيلة، وسادت بها المحبة والمودة، وانحسمت مادة عظيمة من الشحناء والبغضاء والأحقاد من المجتمعات. ولا يقتصر الإعلام القرآني على الحث على مكارم الأخلاق والتحلي بكريم الصفات بل نجد فيه الإلحاح على بيان الأخلاق السيئة، والعادات القبيحة والتشديد على ضرورة التخلص منها ووقاية المجتمعات من شرورها، وتطهير سلوكيات الأفراد من مفاسدها. قال سبحانه {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} (¬2). وقال سبحانه {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} (¬3). وقال سبحانه في آيات عشر جامعات {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27) وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28) وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (35) وَلَا تَقْفُ مَا ¬

_ (¬1) - سورة النساء. آية: 58. (¬2) - سورة البقرة. آية: 60. (¬3) - سورة لقمان. آية: 18 - 19.

6 - العدالة والإنصاف

لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36)} (¬1)، وقال عزَّ وجلَّ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)} (¬2). وغير هذا في كتاب ربنا سبحانه كثير ومبثوث، الأمر بالخير وأسبابه، والنهي عن الشر ودواعيه، وحث على ما يجمع قلوب الناس ويؤلف بينها من كريم الصفات ومحاسن الأخلاق، ونهي عن كل ما يخدش ثوب الأخوة من قول وفعل سيء، وتنفير عن الاتصاف برديء الصفات التي تقطع أواصر المحبة، وتتسبب في البغضاء والشحناء بين الخلق. وهذه الخصيصة الجامعة من الانحياز التام لمكارم الأخلاق هي بلا شك خصيصة يتفرد بها إعلام القرآن الكريم الذي تنمحي فيه المجاملات والمداهنات، وتعلو فيه الحقائق الواضحات، ويسمو بالقلوب للرقي نحو المعالي، ويوجه النفوس للتحلي بجميل الخصال. 6 - العدالة والإنصاف وهي ما يسميه الإعلاميون في مصنفاتهم بـ (الموضوعية): خصيصة جليلة يدندن حولها كل الإعلاميين على مختلف اتجاهاتهم وعقائدهم، بل واعتبروها -كما يقول د سعيد صيني-: "شرطاً أساسياً من شروط الدقة في نقل الأخبار، ومع هذا فإن الموضوعية بقيت مصطلحاً يحيط به الغموض، فقامت جمعية الصحفيين المحترفين بالولايات المتحدة بتعريف الموضوعية: على أنها الدقة والتمييز بين الخبر والرأي وتقديم كافة الحقائق التي تمثل جميع ¬

_ (¬1) - سورة الإسراء. آية: 26 - 36. (¬2) - سورة الحجرات. آية: 11 - 12.

الأطراف المشتركة. وعرَّفها ليبمان (¬1): بأنها حالة من التحرر من المشاعر العاطفية والتحيزات والتجارب الشخصية" (¬2) ورغم الجهود العظيمة في هذا المجال فلم تتحقق هذه الموضوعية المطلقة في الطرح الإعلامي بل ظلت نسبية، وبدرجات متفاوتة ما بين مقل ومستكثر، وأما العدالة التامة، والإنصاف الكامل فلم تعرفه البشرية حاضراً حياً إلا من خلال الإعلام القرآني، الذي تميز بميزان رباني دقيق، لا يغفل أي تفصيل، ولا يهمل مثقال الذرة من العمل. ? والمتأمل في آيات القرآن العظيم يجد نهراً جارياً بالعدالة بين الرب وعباده قال سبحانه {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} (¬3) ? ويأمر عباده به {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (¬4)،وقال سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (¬5). ? ويأمرهم بالعدل ولو كان المحكوم عليه من الشانئين المخالفين يقول سبحانه {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (¬6). ¬

_ (¬1) - ليبمان، والتر ((1974 - 1889 صحفي أمريكي اكتسب شهرة عالمية بوصفه كاتبًا سياسيًا وفيلسوفًا. . قام ليبمان طوال الفترة من عام 1931م حتى عام 1967م بكتابة عمود في جريدة نيويورك هيرالد تريبيون. تحت عنوان اليوم وغدًا، وكان يُنشر في أكثر من 200 صحيفة. وفي عام 1962م فاز ليبمان بجائزة بوليتزر عن التقارير الصحفية الدولية. حظي ليبمان بتقدير بوليتزر الخاص عن مقالاته التحليلية حول الشؤون القومية والدولية. وُلد ليبمان في مدينة نيويورك، وتخرج في جامعة هارفارد عام 1910م موسوعة الجياش - شبكة المعلومات: http://mosoa.aljayyash.net/encyclopedia-9080/ (¬2) - مدخل إلى الإعلام الإسلامي. ص: 226 - 228. ومصادره. بتصرف. (¬3) - سورة النساء. آية: 40. (¬4) - سورة النساء. آية: 58. (¬5) - سورة النساء. آية: 135. (¬6) - سورة المائدة. آية: 8.

7 - التفاعلية الإيجابية مع الأحداث

7 - التفاعلية الإيجابية مع الأحداث، ويبدو ذلك بجلاء من نزول القرآن الكريم منجماً على ثلاث وعشرين سنة متابعاً للحوادث، مجيباً عن الأسئلة، حالّاً للمشكلات، مرشداً للحائرين، حاسماً للنزاع، حكماً فصلاً في الملمات، والوصول لواحد مما سبق أو بعضه هو غاية أماني وسائل الإعلام. ... ولم تقتصر تفاعلية الإعلام القرآني على جانب دون آخر بل شملت جميع جوانب الدين والحياة، في العقائد والعبادات والمعاملات والحدود والأحكام. ? نقرأ في العقائد إيضاح التصورات، ورد الزائف من الأقوال {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (116)} (¬1)، ونقرأ قوله تعالى {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (21) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22)} (¬2). ? ونجد في العبادات {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (¬3)، ونقرأ قوله تعالى {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198)} (¬4). ? ونجد الإرشادات التامة والإجابات الوافية لما يقع من مشكلات أو يحل من نكبات ومحن ففي غزوة أحد كمثال يقول سبحانه واصفاً لحال المسلمين {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ ¬

_ (¬1) - سورة البقرة. آية: 116. (¬2) - سورة الأنبياء. آية: 21 - 22. (¬3) - سورة البقرة. آية: 187. (¬4) - سورة البقرة. آية: 198.

وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (¬1)، ثم يذكر زلة بعضهم ويعفو عنهم {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} (¬2)، ثم يكشف لهم عن موضع الخلل ومرجع الهزيمة فيقول سبحانه {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (¬3). ? وبمثل هذا التفاعل كان القرآن يتنزل على الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ونجد فيه أحكام الأسرة زواجاً وطلاقاً ووصيةً وميراثاً، والحدود، والعلاقات مع غير المسلمين نجد بيانا كافياً، ودواءً شافياً لجميع العلل، يعلم ويرشد، وينفي عن مجتمع المسلمين الخبث، يثبت أهل الإيمان الصادقين، ويفضح مخططات الكافرين والمنافقين (¬4) وهكذا يجب أن تكون وسائل الإعلام، تعبر بصدق عن مجتمعاتها، وتعكس الفكر الصحيح والفهم المستنير، وتكون أداة إصلاح لا إفساد، وسيلة إرشاد وهداية لا إضلال وغواية. ? إن إطلالة متجردة على خصائص الإعلام القرآني تبعث همم المخلصين لإصلاح مواطن الخلل، ومواضع الفساد، في منظومة الإعلام في أمتنا الإسلامية عامة، والمؤسسات الإعلامية العربية خاصة. ¬

_ (¬1) - سورة آل عمران. آية: 152 - 153. (¬2) - سورة آل عمران. آية: 155. (¬3) - سورة آل عمران. آية: 165. (¬4) - كمثال يمكن مطالعة سور (النور والأحزاب والحشر) فقد احتوت على تحديات جسام كان الوحي الإلهي فيصلا حاسما في مجرياتها.

وإذا كانت هذه هي الخصائص، فلابد لنا من الولوج إلى عالم وسائل الإعلام القرآنية، نستلهم منها الرشاد، ونتعرف بها الطريق الصحيح إلى التأثير الإيجابي، وتوصيل الرسالة بأوضح الأساليب، وأبين الوسائل، ومبحثنا التالي يحقق بذلك المعنى بإذن الله.

المبحث الرابع: وسائل الإعلام في القرآن

المبحث الرابع: وسائل الإعلام في القرآن المطلب الأول: تنويع الخطاب (¬1) في صدارة وسائل الإعلام القرآني، يأتي الخطاب الإلهي في القرآن متنوعاً إنشاءً أو إخباراً، أمراً ونهياً، وترغيباً وترهيباً، ووعداً ووعيداً، وإخباراً وتذكيراً، واعتباراً وإنذاراً. والمتتبع للخطاب القرآني والمتأمل له، يجد أنه يأتي على أنواع عديدة منها: 1 - خطاب عامٌّ يراد به عموم الناس، كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} (¬2)، فالخطاب في الآية يشمل جميع الناس المؤمن والكافر، والغني والفقير، والرئيس والمرؤوس. 2 - خطاب خاصٌّ يُراد به الخصوص، من ذلك قوله سبحانه: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً} (¬3)،فالخطاب في الآية خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ إن قيام الليل واجب في حقه صلى الله عليه وسلم دون الناس. 3 - خطاب خاصٌّ يراد به عموم المكلفين، كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (¬4)، فالخطاب موجه للنبي صلى الله عليه وسلم، لكن المراد عموم المكلفين، وكقوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} (¬5) فالخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد المؤمنون؛ لأنه صلى الله عليه وسلمكان أتقى الخلق، وحاشاه من طاعة الكافرين والمنافقين. فالتحقيق في كل هذا ونحوه أنه من باب خطاب عموم المؤمنين من غير قصد النبي صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) - مستفاد من: المدهش لابن الجوزي 1/ 15 - 16، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروزآبادي. 1/ 73 - 74، البرهان للزركشي. 2/ 217 - 251. ط دار الكتب العلمية، الاتقان للسيوطي. 7/ 1494 - 1504. ط مجمع الملك فهد 1426هـ. (¬2) - سورة فاطر. آية: 3. (¬3) - سورة الإسراء. آية: 79. (¬4) - سورة الطلاق. آية: 1. (¬5) - سورة الأحزاب. آية: 1.

4 - خطاب عامٌّ يُراد به الخصوص، من ذلك قوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} (¬1)، الخطاب في الآية عام، يشمل كل الناس كبيراً وصغيراً، عاقلاً أو لا، مع أن المراد فقط من كان صالحاً للتكليف من غير الصغار والمجانين. 5 - خطاب الجنس، نحو قوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} (¬2)، فإن المراد جنس الناس، لا كل فرد؛ إذ من المعلوم أن غير المكلف، لا يدخل تحت هذا الخطاب. 6 - خطاب النوع، نحو قوله تعالى: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ} (¬3)، فالخطاب هنا موجَّه لنوع معين من الناس دون غيرهم، والمراد بنو يعقوب. 7 - خطاب العين، نحو قوله تعالى: {يَانُوحُ} (¬4)، وقوله سبحانه: {يَاإِبْرَاهِيمُ} (¬5). 8 - خطاب التكريم، نحو قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ} (¬6) ... وقوله سبحانه {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ} (¬7). 9 - خطاب المدح والتبشير، نحو قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} (¬8). فهذا خطاب للمؤمنين بما هم متصفون به من الإيمان، وهو من باب المدح لهم، ونحو قوله سبحانه للمؤمنين يوم القيامة: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ} (¬9). 10 - خطاب الذم والتنفير، من ذلك قوله سبحانه: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} (¬10)، فالآية خطاب للمؤمنين تفيد التنفير من الغيبة، ونحو قوله سبحانه: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬11). وهذا خطاب للكافرين بما هم متصفون به من الكفر. وهو من باب الذم لهم. ¬

_ (¬1) - سورة النساء. آية: 1. (¬2) - سورة النساء. آية: 1. (¬3) - سورة البقرة. آية: 40. (¬4) - سورة هود. آية: 48. (¬5) - سورة هود. آية: 76. (¬6) - سورة الأنفال. آية: 64. (¬7) - سورة المائدة. آية: 41. (¬8) - سورة البقرة. آية: 104. (¬9) - سورة الحجر. آية: 46. (¬10) - سورة الحجرات. آية: 12. (¬11) - سورة الكافرون. آية: 1.

11 - خطاب الإهانة والتهكم، كقوله تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49)} (¬1) فالخطاب هنا على معنى الاستخفاف والتوبيخ والاستهزاء.، ونحو قوله سبحانه: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} (¬2)، خطاب للمعرضين والكافرين بما وعدوا به من الذل والمهانة. 12 - خطاب الجمع بلفظ الواحد، كقوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} (¬3). فالمراد بلفظ {الإنسان} هنا الجميع. 13 - خطاب الواحد بلفظ الجمع، كقوله تعالى: {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا} (¬4) فالخطاب في الآية للنبي صلى الله عليه وسلم؛ بدليل قوله سبحانه قبلُ: {قل فأتوا}. 14 - خطاب الاثنين بلفظ الواحد، كقوله تعالى: {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} (¬5). فأخبر أن الشقاء حاصل لآدم، مع أن مخالفة الأمر حصل منه ومن زوجه. 15 - الالتفات في الخطاب: من ذلك قوله تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا} (¬6)، فالخطاب للمفرد (للنبي صلى الله عليه وسلم): {وما تكون}، و {وما تتلو}، ثم جاء بالفعل الثالث بصيغة الجمع: {ولا تعملون}؛ تنبيهاً للسامعين بدخولهم في الخطاب، وكقوله سبحانه: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ} (¬7)، فجاء الخطاب أولاً بصيغة المخاطبين {كنتم}، ثم أتبعه بخطاب الغائبين {وجرين بهم} فنقلهم من الخطاب للغائب لكون الإنسان يسهل عليه أن يستبشع عمل غيره ويستقبحه بمجرد خروجه من العهدة. ¬

_ (¬1) - سورة الدخان. آية: 49. (¬2) - سورة المؤمنون. آية: 108. (¬3) - سورة الانشقاق. آية: 6. (¬4) - سورة هود. آية: 14. (¬5) - سورة طه. آية: 117. (¬6) - سورة يونس. آية: 61. (¬7) - سورة يونس. آية: 22.

16 - خطاب التهييج والتشجيع والتحريض، كقوله سبحانه: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (¬1)، فالآية سيقت مساق الحث على التوكل على الله، وكقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} (¬2). 17 - خطاب الحزم والتأني، كقوله سبحانه {وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} (¬3)، وكقوله سبحانه: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (¬4)، فالآيتان خطاب للمؤمنين بالاستعداد وأخذ الأُهْبَة لمواجهة الصادين عن سبيل الله. 18 - خطاب التحنن والتَّعَطُّف، كقوله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (¬5). فالآية دعوة منه تعالى للمتولين عنه إلى الإقبال إليه، وأنه سبحانه رحيم يقبل منهم الإنابة والتوبة. 19 - خطاب التحبيب، نحو ما جاء في خطاب إبراهيم لأبيه: {يَاأَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ} (¬6) مريم: 44 ونحو قوله سبحانه على لسان موسى {يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ} (¬7). 20 - خطاب التعجيز والتيئيس، {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} (¬8)، ونحو قوله تعالى: {فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (¬9). هذا ما تيسر من أنواع الخطاب القرآني الذي لقي عناية العلماء والمفسرين فأبانوا عن معانيه ومراميه، لأهميته البالغة في فهم مراد الرحمن سبحانه، وكذلك للوقوف على هذا النمط في الخطاب المتنوع، الذي يشد السامعين، ويسحر المتدبرين، بثراء أساليبه، واتساع ألفاظه وعظم بلاغته، ويدفع عن قرائه أي عارض من عوارض السآمة والملل، ليبقيه يقظاً منتبهاً منجذباً لحِكَمِه وأحْكامه، وتوجيهاته وإرشاده (¬10). ¬

_ (¬1) - سورة المائدة. آية: 23. (¬2) - سورة الصف. آية: 4. (¬3) - سورة النساء. آية: 102. (¬4) - سورة الأنفال. آية: 60. (¬5) - سورة الزمر. آية: 53. (¬6) - سورة مريم. آية: 44. (¬7) - سورة البقرة. آية: 54. (¬8) - سورة البقرة. آية: 24. (¬9) - سورة آل عمران. آية: 68. (¬10) - ينظر هامش ص 73 رقم 1.

القصص

المطلب الثاني: القصص ? حين تأخذ الحادثة صورة من واقع الحياة في أحداثها تتضح أهدافها، ويرتاح المرء إلى سماعها، ويصغي إليها بشوق ولهفة، ويتأثر بما فيها من عبر وعظات، والقصص الصادق يمثل هذا الدور في الأسلوب العربي أقوى تمثيل، ويصوره في أبلغ صورة: القرآن الكريم. ? معنى القصص لغةً القصّ: تتبع الأثر، يقال: قصصت أثره: أي تتبعته، والقصص مصدر، قال تعالى: {فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} (¬1). أي رجعا يقصان الأثر الذي جاءا به. وقال على لسان أم موسى: {وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ} (¬2). أي تتبعي أثره حتى تنظري من يأخذه. والقصص كذلك: الأخبار المتتبعة قال تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ} (¬3). والقصة: الأمر، والخبر، والشأن، والحال (¬4). ? وقصص القرآن: إخباره عن أحوال الأمم الماضية، والنبوات السابقة، والحوادث الواقعة- وقد اشتمل القرآن على كثير من وقائع الماضي، وتاريخ الأمم، وذكر البلاد والديار. وتتبع آثار كل قوم، وحكى عنهم صورة ناطقة لما كانوا عليه. ? أنواع القصص في القرآن: والقصص في القرآن ثلاثة أنواع: النوع الأول: قصص الأنبياء، وقد تضمن دعوتهم إلى قومهم، والمعجزات التي أيدهم الله بها، وموقف المعاندين منهم، ومراحل الدعوة وتطورها، وعاقبة المؤمنين والمكذبين. كقصص نوح، وإبراهيم، وموسى، وهارون، وعيسى، ومحمد، وغيرهم من الأنبياء والمرسلين، عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) - سورة الكهف. آية: 64. (¬2) - سورة القصص. آية: 11. (¬3) - سورة آل عمران. آية: 62. (¬4) - لسان العرب. مادة قصص. 11/ 190 - 191. طبعة دار إحياء التراث العربي. ط 3، تاج العروس. باب الصاد مع القاف والصاد. 18/ 106 - 108. طبعة وزارة الإعلام الكويتية.

النوع الثاني: قصص قرآني يتعلق بحوادث غابرة، وأشخاص لم تثبت نبوتهم، كقصة طالوت وجالوت، وابني آدم، وأهل الكهف، وذي القرنين، وقارون، وأصحاب السبت، وأصحاب الأخدود، وأصحاب الفيل، ونحوهم. النوع الثالث: قصص يتعلق بالحوادث التي وقعت في زمن رسول الله عليه الصلاة والسلام كغزوة بدر وأحد في سورة آل عمران، وغزوة حنين وتبوك في التوبة، وغزوة الأحزاب في سورة الأحزاب، ونحو ذلك. ? فوائد قصص القرآن وللقصص القرآني فوائد نجمل أهمها فيما يأتي: أ- إيضاح أسس الدعوة إلى الله، وبيان أصول الشرائع التي بعث بها كل نبي قال سبحانه {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (¬1) ب- تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم وقلوب الأمة المحمدية على دين الله وتقوية ثقة المؤمنين بنصرة الحق وجنده وخذلان الباطل وأهله {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120)} (¬2) ج- تصديق الأنبياء السابقين وإحياء ذكراهم وتخليد آثارهم. د- إظهار صدق محمد عليه الصلاة والسلام في دعوته بما أخبر به عن أحوال الماضين عبر القرون والأجيال. هـ- مقارعة أهل الكتاب وتحديهم بالحجة فيما كتموه من البينات والهدى مماكان في كتبهم قبل التحريف والتبديل كقوله تعالىقال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (¬3) ¬

_ (¬1) - سورة النحل. آية: 36. (¬2) - سورة هود. آية: 120. (¬3) - سورة آل عمران. آية: 93.

ووالقصص ضرب من ضروب الأدب، يصغي إليه السمع، وتَرْسَخُ عِبَرُه في النفوس، {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (¬1) ? تكرار القصص وحكمته يشتمل القرآن الكريم على كثير من القصص الذي تكرر في غير موضع، فالقصة الواحدة يتعدد ذكرها في القرآن، وتعرض في صور مختلفة في التقديم والتأخير، والإيجاز والإطناب، وما شابه ذلك ومن حكمة هذا: 7 - بيان بلاغة القرآن في أعلى مراتبها. فمن خصائص البلاغة إبراز المعنى الواحد في صور مختلفة، والقصة المتكررة ترد في كل موضع بأسلوب يتمايز عن الآخر، وتصاغ في قالب غير القالب، ولا يمل الإنسان من تكرارها، بل تتجدد في نفسه معان لا تحصل له بقراءتها في المواضع الأخرى. 8 - قوة الإعجاز- فإيراد المعنى الواحد في صور متعددة مع عجز العرب عن الإتيان بصورة منها أبلغ في التحدي. 9 - الاهتمام بشأن القصة لتمكين عبرها في النفس، فإن التكرار من طرق التأكيد وأمارات الاهتمام. كما هو الحال في قصة موسى مع فرعون، لأنها تمثل الصراع بين الحق والباطل أتم تمثيل، مع أن القصة لا تكرر في السورة الواحدة مهما كثر تكرارها. 10 - اختلاف الغاية التي تساق من أجلها القصة فتذكر بعض معانيها الوافية بالغرض في مقام، وتبرز معان أخرى في سائر المقامات حسب اختلاف مقتضيات الأحوال (¬2). ¬

_ (¬1) - سورة يوسف. آية: 111. (¬2) - الإتقان في علوم القرآن للسيوطي 5/ 1655 - 1658، مباحث في علوم القرآن. مناع القطان. 305 - 311. بتصرف. مكتبة المعارف. الرياض. 1988.ط8.

الأمثال

4 - وتستطيع وسائل إعلامنا الإسلامي - بهذا الكنز العظيم والمعين الفياض من القصص القرآني - تقديم زاد نافع للأمة، أبلغ أثراً، وأكثر تحليلاً وعمقاً. ومن القصص القرآني لضرب الأمثال في القرآن، وهو مطلبنا التالي: المطلب الثالث: الأمثال (¬1) 7 - "الحقائق السامية في معانيها وأهدافها تأخذ صورتها الرائعة إذا صيغت في قالب حسن يقربها للأفهام بقياسها على المعلوم اليقيني, والتمثيل هو القالب الذي يبرز المعاني في صورة حية تستقر في الأذهان، بتشبيه الغائب بالحاضر، والمعقول بالمحسوس، وقياس النظير على النظير، وكم من معنى جميل أكسبه التمثيل روعة وجمالاً، فكان أدعى لتقبل النفس له، واقتناع العقل به، وهو من أساليب القرآن الكريم، ومن ضروب بيانه ونواحي إعجازه، وذكر الله سبحانه في كتابه أنه يضرب الأمثال" (¬2)، فقال تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} (¬3)، وقال تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (¬4) 8 - تعريف الأمثال: جمع مثل، والمثَل والمِثْل والمَثيل، كالشَّبَه والشِّبْه والشبيه لفظاً ومعنىً. قال ابن منظور: "المثَل الشيء الذي يضرب لشيءٍ مثلا فيُجعل مِثْله، وفي الصحاح: ما يضرب به من الأمثال" (¬5). 9 - والمثل القرآني هو: إبراز المعنى في صورة رائعة موجزة لها وقعها في النفس سواء كانت تشبيهاً، أو قولاً مرسلاً (¬6) 10 - أنواع الأمثال في القرآن: وأغزر الأمثال بياناً, وأعلاها فصاحةً أمثال القرآن الكريم, من غاص فيها, صدر عن صنوف الآداب, وانهالت عليه ¬

_ (¬1) - مستفاد من المدهش لابن الجوزي. 1/ 16 - 17، الاتقان للسيوطي. 5/ 1932 - 1942، مباحث في علوم القرآن. 281 - 289. بتصرف (¬2) - مباحث في علوم القرآن. 281 بتصرف يسير. (¬3) - سورة العنكبوت. آية: 43. (¬4) - سورة الزمر. آية: 27. (¬5) - لسان العرب. مادة مثل. 13/ 22 (¬6) - مباحث في علوم القرآن. 283

المعاني الثَّرَّة، فالقارئون لها والمتدبرون معانيها يقطفون منها نوادر الأمثال, وجواهر الحكم, وقلائد الأدب، وللأمثال في الكتاب العزيزثلاثة أنواع: - الأمثال المصرحة: وهي ما صُرِّحَ فيها بلفظ المثل، أو ما يدل على التشبيه، كما جاء في قوله سبحانه {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ} (¬1) فقد ذكر الله سبحانه في هذه الآية حال المنافقين " وتقدير هذا المثل أن الله سبحانه شبههم في اشترائهم الضلالة بالهدى وصيرورتهم بعد البصيرة إلى العمى بمن استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله وانتفع بها وأبصر بها ما عن يمينه وشماله وتأنس بها فبينا هو كذلك إذ طفئت ناره وصار في ظلام شديد لا يبصر ولا يهتدي" (¬2) - الأمثال الكامنة: وهي التي لم يصرح فيها بلفظ التمثيل، ولكنها تدل على معاني رائعة في إيجاز، ويكون لها وقعها إذا نقلت إلى ما يشبهها، ومن أمثلة هذا النوع قوله سبحانه {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} (¬3) وقوله سبحانه {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (¬4) وللآيتين معنى المثل السائر: خير الأمور الوسط ومن أمثلة هذا النوع أيضاً قوله عزَّ وجلَّ {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} (¬5)، وهذه الآية الكريمة كقولهم: كما تدين تدان. - الأمثال المرسلة: وهي جمل أرسلت إرسالاً من غير تصريح بلفظ التشبيه، فهي جارية مجرى الأمثال، كما في قوله سبحانه {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} (¬6)،وقوله عزَّ وجلَّ {لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ} (¬7)، وقوله سبحانه {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} (¬8) ¬

_ (¬1) - سورة البقرة. آية: 17. (¬2) - تفسير ابن كثير. 1/ 83. (¬3) - سورة البقرة. 68. (¬4) - سورة الفرقان. 67. (¬5) - سورة النساء. آية: 123. (¬6) - سورة الرحمن. آية: 60. (¬7) - سورة المائدة. آية: 100. (¬8) - سورة فاطر. آية: 43.

11 - فوائد الأمثال: للمثل أهمية كبرى في إفهام الناس, وتأثير عجيب في الأسماع, فإذا جعل الكلام مثلاً كان أوضح للمنطق, وأجمل للسمع, وأوسع لنواحي الحديث. تأنس إليه النفوس الأُنس التام, ويمكن لنا أن نلخص فوائد ضرب الأمثال فيما يلي: أإبراز المعاني في صورة محسوسة، تقبلها العقول، وتستقر فيها. ب الكشف عن الحقائق وعرض الغائب في معرض الحاضر. ت إخراج المعنى الرائع في عبارة موجزة كما في الكامن والمرسل من الأمثال. ث يضرب المثل للترغيب والمدح حيث يكون الممثل به مما تحبه النفوس، وتعظمه القلوب، كما في قوله سبحانه {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)} (¬1). ج ويضرب المثل للتنفير والذم حيث يكون الممثل به مما تكرهه النفوس، ويستقبحه الخلق، كما في قوله عزَّ وجلَّ {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)} (¬2). ح والأمثال أوقع وأبلغ وأقوى وأقوم في النفوس والقلوب زجراً ووعظاً وإقناعاً، وقد أكثر الله عزَّ وجلَّ منها في القرآن تذكرة وعبرةً للناس (¬3). 12 - ووسائل الإعلام عامة والإسلامي خاصة مدعوة دعوة أكيدة إلى تفعيل هذه الأدوات القرآنية والاستفادة منها في غرس المعاني، وتربية النشء المسلم، وترسيخ المفاهيم الصحيحة في وجدان الجماهير التي غالباً ما تتلقف ما تلقيه إليه وسائل الإعلام وتعتقده صحيحاً، تتمثله، وتقتدي وتعمل به. ¬

_ (¬1) - سورة البقرة. آية: 261. (¬2) - سورة الحجرات. آية: 12. (¬3) - أنواع وفوائد الأمثال كتاب مباحث في علوم القرآن. ص 284: 289 مصدر سابق.

الترغيب والترهيب

المطلب الرابع: الترغيب والترهيب (¬1) الترغيب: كل ما يشوق المدعو إلى الاستجابة وقبول الحق والثبات عليه. الترهيب: كل ما يخيف ويحذر المدعو من عدم الاستجابة أو رفض الحق أو عدم الثبات عليه بعد قبوله. والملاحظ أن القرآن الكريم مملوء بما يرغب الناس في قبول دعوة الإسلام والالتزام بمبادئه والتحذير من الإعراض عنها ورفضها، مما يدل دلالة قاطعة على أهمية هذا الأسلوب: أسلوب الترغيب والترهيب في الدعوة إلى الله تعالى، والإعلام بأحكام ومفاهيم الإسلام وعدم إهماله من قبل الداعي المسلم، والإعلام الإسلامي. بم يكون الترغيب والترهيب؟ - والأصل في الترغيب أن يكون في نيل رضى الله ورحمته وجزيل ثوابه في الآخرة، وأن يكون الترهيب بالتخويف من غضب الله وعذابه في الآخرة وهذا هو نهج رسل الله الكرام كما بينه القرآن الكريم، فمن الآيات القرآنية قوله تعالى: 1 - عن نوح عليه السلام {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1) قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (¬2) 2 - وقال تعالى عن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (8) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (¬3) ¬

_ (¬1) - أصول الدعوة. د عبد الكريم زيدان. ص 421.بتصرف واختصار، الدعوة الإسلامية (الوسائل والأساليب). محمد خير رمضان يوسف. ص 98 - 103. دار طويق للنشر والتوزيع. ط2/ 1414هـ. بتصرف (¬2) - سورة نوح. آية: 1 - 4. (¬3) - سورة التغابن. آية: 8 - 10.

3 - وقال سبحانه {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (¬1). - ويكون الترغيب والترهيب أيضاً بما يصيب المدعوين في الدنيا من خير في حالة استجابتهم وما يصيبهم من شر في حالة رفضهم، على أن لا يغفل الداعي أبداً عن الترغيب والترهيب بالجزاء في الآخرة. ومن أدلة هذا الجواز ما يأتي: 1 - قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)} (¬2). 2 - وقال تعالى حكاية عن قوم نوح عليه السلام لقومه: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} (¬3). 3 - وقال سبحانه {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)} (¬4). - إن هذا الأسلوب القرآني المتميز في جذب الناس إلى دعوته الكريمة ومبادئه السامية، من أبدع الطرق الإعلامية، فآيات القرآن العظيم تُعرِّف بالمبادئ والمفاهيم، وتبين محاسنها، وتعدد فوائدها ومكاسبها في الدنيا والآخرة، وهي كذلك تنبه وتحذر جماهير المتلقين للرسالة القرآنية من تَنَكَّبَ الطريق السويّ، وسلوك السبيل الغويّ، والإعراض عن الحق المبين، ورفض النور الذي جاء به سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، ولا يتوقف القرآن عند ذلك فقط، بل يتخطاه ليبين للجماهير العاقبة السيئة، وسوء المصير في الدنيا قبل الآخرة، ومن أجمع الآيات في هذا المعنى الجليل قوله سبحانه {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ ¬

_ (¬1) - سورة المائدة. آية: 9 - 10. (¬2) - سورة النور. آية: 55. (¬3) - سورة نوح. آية:10 - 12. (¬4) - سورة النحل. آية: 97.

لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127)} (¬1). فبينت الآيات أن التمسك بما جاء عن الله في كتابه وعلى لسان رسوله من الهدايات يكون عصمة للمتمسكين به من الضلال في الأفهام والأفعال، ونجاة من الشقاء، كما بينت الآيات الكريمة عاقبة المعرضين عن الهدى والرشاد بالضيق والضنك في الدنيا، والعمى في الآخرة فلا يستطيعون مضياً ولا يرجعون والجزاء من جنس العمل، فكما نسوا آياته وأعرضوا عنها في الدنيا، أعرض الله عنهم في الآخرة وعذبهم عذاب المسرفين الجاحدين، وهو العذاب الأشد الخالد. - ووسائل الإعلام الموفقة هي تلك المؤسسات التي تنتفع بهدايات القرآن، ويكون لها في آياته وتوجيهاته معين لا ينضب، ومرتع خصب تتفيأ في ظلاله، وتجتني من ثماره، وتنتفع بأساليبه في خدمة رسالتها الإعلامية، وما تسعى إليه من خدمة أمتها ونصرة دينها. والذي لا شك فيه أن هذا العطاء القرآني الرباني الممدود، هو مزية فريدة لأهل الإسلام ودعاته وإعلامييه، متى أحسن استغلاله والانتفاع به، جاءت أمتنا بالعجائب، وتبوأت صدارة الموجهين والمرشدين بين البشرية. ¬

_ (¬1) - سورة طه. آية: 123 - 127.

التكرار

المطلب الخامس: التكرار التكرار في كلام الله سبحانه ليس هو التكرار المعهود والمذموم في كلام البشر، إذ هو تكرار محكم، ذو وظيفة يؤديها في النص القرآني؛ يعرف ذلك كل من خَبَر طبيعة النص القرآني وخصائصه. ونستطيع أن نقول هنا: إن التكرار في القرآن يؤدي وظيفتين اثنتين: الأولى: وظيفة دينية، غايتها تقرير المفاهيم والمبادئ وتأكيد الحكم الشرعي، الذي جاء به النص القرآني. والوظيفة الثانية للتكرار، فهي وظيفة أدبية، تتمثل في تأكيد المعاني وإبرازها وبيانها بالصورة الأوفق والأنسب والأقوم. أولاً: تعريف التكرار. قال ابن منظور: والكَرُّ: الرجوع على الشيء، ومنه التَّكْرارُ ... (قال) الجوهري: كَرَّرْتُ الشيء تَكْرِيراً وتَكْراراً (¬1). فالتكرار: إعادة كلمة أو جملة أكثر من مرة لمعاني متعددة كالتوكيد، والتهويل، والتعظيم، وغيرها. ثانياً: التكرار من الفصاحة. قال الإمام السيوطي - رحمه الله -: التكرير وهو أبلغ من التأكيد، وهو من محاسن الفصاحة خلافاً لبعض من غلط. (¬2) ثالثاً: أنواع التكرار (¬3): قسَّم العلماء التكرار الوارد في القرآن إلى نوعين: ¬

_ (¬1) - لسان العرب. مادة كرّ. 5/ 135. (¬2) - الإتقان في علوم القرآن. 5/ 1648. (¬3) - مستفاد من الإتقان في علوم القرآن. 5/ 1648 - 1658.،وبحث على شبكة المعلومات (إنترنت). التكرار في القرآن الكريم أنواعه وفوائده. للشيخ محمد المنجد على هذا الرابط: http://www.islamqa.com/ar/ref/82856

الأول: تكرار اللفظ والمعنى. وهو ما تكرر فيه اللفظ دون اختلاف في المعنى، وقد جاء على وجهين: 1 - الموصول: فقد جاء على وجوه متعددة: 4 - تكرار كلمات في سياق الآية، مثل قوله تعالى {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} (¬1). 5 - تكرار في آخر الآية وأول التي بعدها، مثل قوله تعالى {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16)} (¬2). 6 - تكرار في أواخرها، مثل قوله تعالى {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا} (¬3). 7 - تكرر الآية بعد الآية مباشرة، مثل قوله تعالى {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} (¬4). 2 - المفصول: فيأتي على صورتين: 8 - تكرار في السورة نفسها ومثاله: تكرر قوله تعالى {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} في سورة " المرسلات " 10 مرات، وتكرر قوله تعالى {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)} في سورة " الرحمن " 31 مرة. 9 - تكرار في أكثر من سورة ومثاله: تكرر قوله تعالى {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48)} 6 مرات (¬5)، وتكرر قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73)} مرتين (¬6). ¬

_ (¬1) - سورة المؤمنون. آية: 36. (¬2) - سورة الإنسان. آية: 15 - 16. (¬3) - سورة الفجر. آية: 21. (¬4) - سورة الشرح. آية: 5 - 6. (¬5) - سور: يونس/ 48 والأنبياء/ 38 والنمل/ 71 وسبأ/ 29 ويس/ 48 والملك/ 25. (¬6) - سور: التوبة/ 73 والتحريم/ 9.

والثاني: التكرار في المعنى دون اللفظ. وذلك مثل قصص الأنبياء مع أقوامهم، وذِكر الجنة ونعيمها، والنار وجحيمها. رابعاً: فوائد التكرار قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "وليس في القرآن تكرار محض، بل لابد من فوائد في كل خطاب" (¬1). وقال الإمام السيوطي - رحمه الله -: "وله - أي: التكرار - فوائد: منها: التقرير، وقد قيل " الكلام إذا تكرَّر تقرَّر "، وقد نبه تعالى على السبب الذي لأجله كرر الأقاصيص والإنذار في القرآن بقوله سبحانه {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا} (¬2). ومنها: التأكيد ومنه قوله عزَّ وجلَّ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)} (¬3). ومنها: زيادة التنبيه على ما ينفي التهمة ليكمل تلقي الكلام بالقبول، ومنه قوله تعالى على لسان مؤمن آل فرعون {يَاقَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ} وقوله تعالى {يَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30)} وقوله تعالى {وَيَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32)} وقوله تعالى {يَاقَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38)} وقوله تعالى {يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39)} (¬4)، فإنه كرر فيه النداء {يَاقَوْمِ} لإظهار موالاته لهم وشفقته عليهم. ومنها: إذا طال الكلام وخشي تناسي الأول أعيد ثانيها تطرية له وتجديداً لعهده، ¬

_ (¬1) - مجموع الفتاوى. 14/ 408. (¬2) - سورة طه. آية: 113. (¬3) - سورة الكافرون. آية: 1 - 6. (¬4) - سورة غافر. آية: 30 و32 و 38 و 39.

ومنه قوله سبحانه {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110)} (¬1)، وقوله سبحانه {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (¬2)، وقوله سبحانه {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} (¬3) ومنها: التعظيم والتهويل نحو قوله سبحانه {الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ} (¬4)، وقوله عزَّ وجلَّ {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ} " وقد سبق قريباً فوائد تكرار القصص في القرآن الكريم، فلا نعيدها ثانية (¬5) ¬

_ (¬1) - سورة النحل. آية: 110. (¬2) - سورة آل عمران. آية: 188. (¬3) - سورة يوسف. آية: 4. (¬4) - سورة الحاقة. آية: 1 - 3. (¬5) - ص 63 من هذا البحث

الحوار والجدال

المطلب السادس: الحوار والجدال (¬1) يلتقي الحوار والجدال في كونهما مراجعة للكلام بين طرفين، ويفترقان في أن الجدال فيه لدد وخصومة وشدة في الكلام، مع التمسك بالرأي والتعصب له، وأما الحوار فهو مجرد مراجعة للكلام بين الطرفين، دون وجود خصومة بالضرورة، بل الغالب عليه الهدوء والبعد عن التعصب ونحوه، فالحوار أعم من الجدل من هذا النحو. والاختلاف والتعددية بين البشر قضية واقعية، وحقيقة فطرية، وقضاء إلهي أزلي قال تعالى {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)} (¬2)، وآلية تعامل الإنسان مع هذه القضية هي الحوار، من خلال كشفه عن مواطن الاتفاق ومثارات الاختلاف؛ لتكون محل النقاش والجدل بالتي هي أحسن لمعرفة ما هو أقوم للجميع. وقد تعرضت آيات القرآن في مواضع شتى وبأساليب مختلفة لهذه الوسيلة الفعالة، فجاء في بعضها الدعوة إلى الحوار أو شيء من مستلزماته وأصوله، وفي أخرى حث على الالتزام بآداب عامة للحوار، وفي قسم منها بيان لآداب خاصة للحوار، وفي بعضها أمثلة ونماذج للحوار. ومن هذه النصوص الجامعة قوله تعالى {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46)} (¬3)، آية عظيمة وموعظة كريمة، من عمل بها قادته للصواب، والحق الذي لا شك فيه. وقد اشتملت هذه الاية على عدة مقومات أساسية للحوار: - {أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ}، والقيام لله هو الإخلاص والتجرد في طلب الحق، وهو شرط أساسي لكل عمل، وبدونه يصبح العمل عناءً وهباءً، وهذا العامل الأساسي يجمع للمُحَاوِر عدة أمور منها: ¬

_ (¬1) - الحوار وآدابه في ضوء الكتاب والسنة، رسالة ماجستير للباحث يحيى بن محمد زمزمي. . ص: 19 - 26 جامعة أم القرى كلية الدعوة وأصول الدين1413هـ. طبعة دار التربية والتراث. مكة المكرمة، الدعوة الإسلامية (الوسائل والأساليب). ص 114 - 120. بتصرف واختصار. (¬2) - سورة المائدة. آية: 48. (¬3) - سورة سبأ. آية: 46.

تصحيح النية، وحسن الاستماع، والتسليم بالخطأ، والتواضع، والإنصاف، والأمانة، والعدل، والرجوع للحق، وتجنب المراوغة والكذب، وغير ذلك. - {مَثْنَى وَفُرَادَى}، مراجعة النفس على انفراد أو مع مقربين، وهذا من أدعى الأمور لحسن التفكر وقبول الحق بالبعد عن الأجواء المشحونة والغوغائية، وهذا العامل الأساسي يجمع للمُحَاوِر عدة أمور منها: مراعاة الجو المحيط بالحوار، والتعارف بين الطرفين، والمحافظة على هدف الحوار والوصول لنتائج. - {ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} النظر فيما يقول المخالف هو الوسيلة الأساسية للوصول للحق مع الشرطين السابقين، والمقصود بالتفكر البحث عن الأدلة، والتحقق من ثبوتها ودلالتها على المراد، وهذا العامل الأساسي يجمع للمُحَاوِر عدة أمور منها: حسن العرض والبيان مع التثبت والتوثيق، والبدء بمواطن الاتفاق، وطلب الدليل، والتسليم بالحق والبدْء بالأهم (¬1). وقريب من معنى هذه الآية الجامعة قوله تعالى {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (¬2)، فقد قال فيها الطبري رحمه الله {(ادْعُ) يا محمد من أرسلك إليه ربك بالدعاء إلى طاعته (إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ) يقول: إلى شريعة ربك التي شرعها لخلقه، وهو الإسلام (بِالْحِكْمَةِ) يقول بوحي الله الذي يوحيه إليك وكتابه الذي ينزله عليك (وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) يقول: وبالعبر الجميلة التي جعلها الله حجة عليهم في كتابه، وذكّرهم بها في تنزيله، كالتي عدّد عليهم في هذه السورة من حججه، وذكّرهم فيها ما ذكرهم من آلائه (وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) يقول: وخاصمهم بالخصومة التي هي أحسن من غيرها أن تصفح عما نالوا به عرضك من الأذى، ولا تعصه في القيام بالواجب عليك من تبليغهم رسالة ربك} (¬3). ¬

_ (¬1) - الحوار وآدابه في ضوء الكتاب والسنة. ص: 48 - 54. (¬2) - سورة النحل. آية: 125. (¬3) - تفسير ابن جرير الطبري. 14/ 435.

فالحوار الذي أسسه القرآن وشادت دعائمه آيات الرحمن، هو حوار متجرد، بناء، هادف، غايته الحقيقة الثابتة بالأدلة والبراهين {ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (¬1)، بلا تنازل أو تزحزح أو تفريط في الحق {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا} (¬2). والحوار هو قاعدة الإسلام الأساسية في دعوته الناس إلى الإيمان بالله وعبادته، وقد أكَّدَ القرآن هذا المبدأ بطرق عديدة، فعرض القرآن لحوار الله مع خلقه بواسطة الرسل، وكذا مع الملائكة ومع إبليس، كما أنَّ دعوات الرسل كلها كانت محكومة بالحوار مع أقوامهم، وقد أطال القرآن الكريم في عرض هذه الحوارات بين الرسل وأقوامهم، ولم يشجب القرآن في هذا الباب موقفاً كما شجب موقف رفض الحوار والإصرار على عدم ممارسته: {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8)} (¬3). ومن أعظم منطلقات الحوار في القرآن التسليم بإمكانية صواب الخصم: فبعد مناقشة طويلة في الأدلة على وحدانية الله تأتي هذه الآية من سورة سبأ: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25)} (¬4)، فيجعل اختياره هو بمرتبة الإجرام على الرغم من أنه هو الصواب، ولا يصف اختيار الخصم بغير مجرد العمل، ليقرر في النهاية أن الحكم النهائي لله: {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26)} (¬5). ¬

_ (¬1) - سورة الأحقاف. آية: 4. (¬2) - سورة الأنعام. آية: 148. (¬3) - سورة الجاثية. آية: 7 - 8. (¬4) - سورة سبأ. آية: 24 - 25. (¬5) - سورة سبأ. آية: 26.

ومن منطلقات الحوار في القرآن التعهد والالتزام باتباع الحق: هذا ولا يكفي مجرد التسليم الجدلي بإمكانية صواب الخصم، بل لا بد من التعهد والالتزام باتباع الحق إن ظهر على يديه، حتى ولو كان التعهد باتباع ما هو باطل أو خرافة إذا افتُرِض أنه ثبت وتبين أنه حق: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} (¬1). ومن منطلقات الحوار في القرآن تحديد المرجعية: وهي الجهة التي يسلم لحكمها المتحاورون عند الاختلاف والنزاع، وهي أمر لابد منه لكي يتوفر الحزم والحسم في الاختلاف، وكي ينضبط الحوار ويتحدد مساره. قال سبحانه {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (¬2)، وقال سبحانه ... {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (¬3). الحوار مع المشركين نموذجاً: - وصف القرآن حالة المشركين النفسية تجاه الرسول صلى الله عليه وسلم حيث كان موقفهم انفعالياً فجعلوا يردون بالتُّهَمِ والتعجب؛ ليريحوا أنفسهم من عناء التفكير فيما جاهم به صلى الله عليه وسلم {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ} (¬4). - فقابلهم الرسول بكل هدوء، وطلب منهم إبداء الدليل على ما هم عليه من شرك {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (¬5). ¬

_ (¬1) - سورة الزخرف. آية: 81. (¬2) - سورة الشورى. آية: 10. (¬3) - سورة النساء. آية: 5. (¬4) - سورة الأنبياء. آية: 5. (¬5) - سورة الأحقاف. آية: 4.

- ولما عجز المشركون عن إقامة الدليل، إذ مستندهم التقليد واتباع الظن أقام الدليل عليهم: {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (21) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22) لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (24)} (¬1). - ولما لم يُجدِ الدليل العلمي العقلي على بطلان مُدَّعَاهم، أتاهم بأدلة حسية مادية من الواقع تثبت بطلان ألوهية الأصنام:" {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (192) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ (193) إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (194) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ (195)} (¬2). فهذه بعض معالم الحوار مع المشركين تجلّت فيها الاستقلالية التامة والحرية المطلقة التي أُعْطِيَتْ للمشركين؛ حيث قُوبل توترهم وردهم العنيف بالدعوة إلى إبداء الدليل العلمي، وإذ عجزوا عنه أقيم عليهم الدليل العلمي والواقعي على بطلان دعواهم دون أن يتعدى ذلك إلى أي شائبة من شوائب الإكراه المادي أو النفسي. خلاصة ونخلص مما سبق إلى أن الحوار وفق المنهج القرآني لا ينطلق من منطق الوصاية على الآخر، أو مجرد التعريف بما عند المحاور، إنما هي قضية بحث عن الحق أين كان، وهذا لا يعني أن المسلم عندما يدخل في حوار مع الآخرين قد تخلّى عن تصوراته، إنما الموضوعية تتجلّى في الاستعداد التام للتخلي عن جميع التصورات، وتبني نقيضها إذا ما اتضح أنَّ الحق مع الرأي ¬

_ (¬1) - سورة الأنبياء. آية: 21 - 24. (¬2) - سورة الأعراف. آية: 191 - 195.

الآخر، وهذا الاستعداد ليس مجاملة إنما هو تَعَهُّدٌ يعبر عن مصداقية المسلم في اتباع الحق، وهو تكليف إلهي صريح في محاورة الآخر {قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (49)} (¬1). "وإذا عرفنا هذه الأسس القرآنية لنجاح الحوار، أو على الأقل عدم تحوله إلى الضد من أهدافه السامية، عرفنا أسباب التردي والفشل، في مختلف الحوارات التي تجري في واقعنا بين المسلمين أنفسهم، أو بين المسلمين وغيرهم، فهي حوارات يغلب عليها منطق الوصاية، وإثبات الوجود؛ لذا فهي أبعد ما تكون عن القصد إلى الحق، وهذا طبيعي إذا فقد المحاور أهم أسس الحوار، وهو الحرية الفكرية، التي يستطيع الفرد من خلالها اتخاذ قراره الفكري" (¬2). وبهذا العرض لخصائص وأساليب الإعلام في القرآن الكريم يتبقى لنا التعرف على ألفاظ القرآن ذات الدلالات الإعلامية، وهي موضوع مبحثنا التالي والأخير في هذا الفصل ¬

_ (¬1) - سورة القصص. آية: 49. (¬2) - منهج الحوار في القرآن الكريم. مقال للأستاذ عبد الرحمن حللي. على موقع الشبكة الإسلامية، بتصرف. وهذا رابطه: http://www.islamweb.net/ver2/archive/readArt.php?id=1375.

المبحث الخامس ألفاظ القرآن ذات الدلالات الإعلامية

المبحث الخامس ألفاظ القرآن ذات الدلالات الإعلامية لا يصعب على الراصد لآيات وألفاظ القرآن الكريم، والمتأمل في معانيها، لا يصعب عليه ملاحظة هذا الكم الهائل من الألفاظ ذات الدلالات الإعلامية، المبثوثة بين الآيات والسور الكريمة، والتي تؤكد ما سبق أن تقرر، من أن القرآن الكريم هو كتاب إعلامي بامتياز بلا ريب، ولا مرية. وهذه الألفاظ هي (¬1): العلم، والقول، والكلمة، والبيان، والبلاغ، والخبر، والنبأ، والتلاوة، والبشرى، والإنذار. فقد تكررت هذه الألفاظ بمشتقاتها المختلفة، وبلغت مواضعها في القرآن الكريم ألفي موضعٍ (2000) تقريباً، والجدول التالي يعرض نماذج واسعة من هذه الألفاظ ذات الدلالة الإعلامية في سياقها القرآني: {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)} البقرة: 32 {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66)} آل عمران: 66 {وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (68)} يوسف: 68 {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28)} النجم: 28 {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (35)} النجم: 35 {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} العلق: 4 و5 {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5)} التكاثر: 5 {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (17)} الحديد: 17 {فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209)} البقرة: 209 {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (92)} المائدة: 92 ¬

_ (¬1) - هذه الألفاظ جمعها الباحث اجتهاداً منه، واستقراءً للدلالات الإعلامية في القرآن، وأرجو ألا يكون قد فاتني شيء منها، ثم استخرجت الآيات من المصحف الشريف مستعينا بالله ثم الدليل المفهرس لألفاظ القرآن الكريم للكتور حسين محمد الشافعي. ط3 دار السلام للنشر والتوزيع عام 2008م

{وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40)} الأنفال: 40 {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ (50)} القصص: 50 {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19)} محمد: 19 {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88)} ص: 88 {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138)} آل عمران: 138 {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)} النحل: 89 {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64)} النحل: 64 {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ (187)} آل عمران: 187 {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)} إبراهيم: 52 {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (99)} المائدة: 99 {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (82)} النحل: 82 {وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (18)} العنكبوت: 18 {فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (93)} الأعراف: 93 {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (62)} الأعراف: 62 {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ} المائدة: 27 {أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ} التوبة: 70 {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ} إبراهيم: 9 {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} آل عمران: 44 {كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (99)} طه: 99 {فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (6)} الشعراء: 6 {يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ} الأحزاب: 20 {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36)} النجم: 36 {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا} آل عمران: 15 {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103)} الكهف: 103 {قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (33)} البقرة: 33 {فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3)} التحريم: 3

{قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ} المائدة: 19 {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)} الأعراف: 188 {إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (115)} الشعراء: 115 {إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ (23) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (24)} فاطر: 23و24 {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} البقرة: 25 {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} يونس: 2 {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17)} الزمر: 17 {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)} يونس: 64 {يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} التوبة: 94 {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31)} محمد: 31 {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)} طه: 44 {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (83)} البقرة: 83 {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)} فصلت: 33 {قَالُوا يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (53)} هود: 53 {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)} التوبة: 40 {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24)} إبراهيم: 24 {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26)} إبراهيم: 26 {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)} الأنعام: 115 وبهذا الفصل المبارك ينتهي الباب الأول، وينتقل الباحث منه - بعون الله - إلى الباب الثاني وفصوله عن صور الإعلام الإسلامي في القرآن الكريم، والله المستعان لا رب سواه.

الباب الثاني صور الإعلام الإسلامي في القرآن الكريم

الباب الثاني صور الإعلام الإسلامي في القرآن الكريم

الفصل الأول صور الإعلام العقدي في القرآن الكريم

الفصل الأول صور الإعلام العقدي في القرآن الكريم

المبحث الأول تعريف الإعلام العقدي

المبحث الأول تعريف الإعلام العقدي يمثل الإعلام العقدي أجل عمليات الاتصال على الإطلاق، ولا شك؛ فهو اتصال يشكل رأس الجسد في الإعلام القرآني، يؤسس لما بعده من أنواع الإعلام القرآني، ويمهد لمسائله، والتي بدونه تكون كبناء بيت فوق موج البحر، لايقر له قرار، ولا تقوم له قائمة؛ وذلك لأن الإعلام العقدي من شأنه تقويم النفوس، وإصلاح القلوب، وبناء الفرد الصالح القادر على حمل التكاليف الشرعية، ولهذا لم يكن مسْتَغْرَباً أن يفيض القرآن في مجال العقيدة وتصحيح المفاهيم بتركيز شديد طيلة ثلاث عشرة سنة في مكة المكرمة، استخدم فيها الإعلام القرآني كل وسائله، وأساليبه، لترسيخ العقيدة الصحيحة النقية، والدفاع عنها، ورد شبهات الكافرين، ومقارعتهم بالحجج الدامغات، وبيان فساد أقوالهم وأعمالهم لفساد معتقداتهم. وقبل الخوض في أهداف الإعلام العقدي وذكر صوره وتطبيقاته لابد من تعريفه أولاً، ويتكون هذا المصطلح من لفظين؛ (إعلام) و (عقدي)، يجب تعريف كل واحد منهما، ومن ثَمَّ نقف على تعريف (الإعلام العقدي). أما الإعلام فقد سبق لنا الوقوف عنده، وبيان معناه، لغةً واصطلاحاً (¬1)، وبقي معنا كلمة (العقدي) ونحتاج - قبل أي شيء في هذا الفصل - للتعرف على لفظ العقيدة، لغة واصطلاحاً، وهذا ما سيكون بمشيئة الله في المطالب التالية: ¬

_ (¬1) - ص 8: 11. من هذا البحث

تعريف العقيدة لغة

المطلب الأول: تعريف العقيدة لغةً العقيدة لغة: من العقد؛ وتدور معانيها اللغوية حول الربط، والشد، والإبرام، والإحكام، والتوثق، والتماسك، والإثبات؛ والمعاهدة، ومنه اليقين والجزم، ومنه قوله سبحانه {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} (¬1) وتعقيد الأيمان يكون بقصد القلب وعزمه، أي ما صممتم عليه منها وقصدتموها (¬2)، بخلاف لغو اليمين التي تجري على اللسان عادة بدون تعقيد ولا تأكيد (¬3). والعقد نقيض الحل، ويقال: عقده يعقده عقداً، والجمع عقود، واعتقدتُ كذا؛ عقدتُ عليه القلب والضمير حتى قيل العقيدة: ما يدين الإنسان به، وله عقيدة حسنة؛ سالمة من الشك (¬4)، وقال في المعجم الوسيط: " العقيدة: الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى مُعْتَقِده، والعقيدة في الدين: ما يقصد به الاعتقاد دون العمل (¬5). وخلاصته: أن ما عقد عليه الإنسانُ قلبَه جازماً، فهو عقيدة، سواء كان حقاً، أو باطلاً. وهناك رباط وثيق بين هذا المعنى اللغوي والمعنى الشرعي، يظهر ذلك من خلال المطلب القادم في بيان العقيدة اصطلاحاً. المطلب الثاني: تعريف العقيدة اصطلاحاً العقيدة اصطلاحاً: قال الشيخ عبد الله عبد الحميد الأثري: (هي الأمور التي يجب أن يصدق بها القلب، وتطمئن إليها النفس؛ حتى تكون يقيناً ثابتاً لا يمازجها ريب، ولا يخالطها شك. أي: الإيمان الجازم الذي لا يتطرق إليه شك لدى معتقده، وسمي عقيدة؛ لأن الإنسان يعقد عليه قلبه) (¬6) وقال العلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله (هي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشره، وتُسمَّى هذه أركانُ الإيمان، وهي التي لا ¬

_ (¬1) - سورة المائدة، آية: 89. (¬2) - تفسير القرآن العظيم للإمام ابن كثير 2/ 123. مرجع سابق (¬3) - المرجع السابق 1/ 359. (¬4) - المصباح المنير للفيومي، باب (عقد) ص 160، طبعة مكتبة لبنان، 1990م. / مختار الصحاح للرازي، باب (عقد) ص 390، طبعة مكتبة لبنان، 1989م. بتصرف (¬5) - المعجم الوسيط، باب عقد، ص 614. مرجع سابق (¬6) - الوجيز في عقيدة السلف الصالح، ص 14، عبد الله عبد الحميد الأثري

تتعلق بكيفية العمل، مثل اعتقاد ربوبية الله ووجوب عبادته، واعتقاد بقية أركان الإيمان المذكورة) (¬1). والتعريف الأول، هو تعريف عام بالعقيدة ككل، وبيان خصائصها؛ من اليقينية والجزم في مسائلها؛ بحيث لا يتطرق لشيء من قضاياها شك، أو ريب. والتعريف الثاني، تضمن الإشارة لأصول العقائد، وأركان الإيمان، وبيان أن العقائد مختصة بالجانب العلمي الغيبي، وليس بالجانب العملي المشاهد. خلاصة: يمكن لنا أن نخلص بتعريف للعقيدة بأنها: مجموع القضايا العلمية الغيبية التي يؤمن بها الفرد بيقين جازم لا ريب فيه. وهذا معنى قوله سبحانه {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} (¬2). قال أبو العالية - رحمه الله -: يؤمنون بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وجنته، وناره، ولقائه، ويؤمنون بالحياة بعد الممات، وبالبعث، فهذا غيب كله. وبمثل هذا المعنى جاءت أقوال الصحابة متقاربة، حول أن جميع المذكورات من الغيب الذي يجب الإيمان به (¬3). ملاحظة: قد يتبادر أن الكتب والرسل مشاهدة منظورة فليست من الغيب، ولكن المراد هو الإيمان بنسبتها إلى الله، أي كون الرسل مبعوثين من عند الله، والكتب منزلة من عند الله كذلك، وهذا أمر غيبي (¬4). وبعد الوقوف على معنى العقيدة لغة واصطلاحاً نرجع إلى الكلام على تعريف الإعلام العقدي وهو مقصودنا من هذا المبحث؛ فأقول - وعلى الله اعتمادي -: تعريف الإعلام العقدي: هو الإعلام القائم على تزويد الناس بالمعلومات السليمة، والحقائق الثابتة عن مجموع القضايا العلمية الغيبية التي جاءت في الكتاب الكريم والسنة النبوية المطهرة، بحيث تصل بالجماهير لتصور عقدي واضح لا لبس ولا غموض فيه، وتساعدهم على تكوين عقيدة صحيحة بلا أوهام أو خرافات. ¬

_ (¬1) - عقيدة التوحيد وما يضادهاأو ينقضها، ص: 5و 6، د صالح بن فوزان الفوزان، طبعة إحياء التراث - الكويت (¬2) - سورة البقرة، آية: 3. (¬3) - تفسير القرآن العظيم للإمام ابن كثير 1/ 68 و69. مرجع سابق (¬4) - العقيدة في الله، ص 10. بتصرف، د عمر سليمان الأشقر ط 8، دار النفائس بالأردن ومكتبة ابن الجوزي بالكويت 1991.

موضوعات الإعلام العقدي

المطلب الثالث: موضوعات الإعلام العقدي: يبدو واضحاً من التعريف السابق أن ميدان الإعلام العقدي يشمل الأمور التالية (¬1): 11 - ما يتعلق بالله تعالى وكل ما أخبر به عن نفسه تعالى: ذاتا، وصفاتٍ، وأفعالا. والإيمان بوجود الله تعالى بدلائل الفطرة، والعقل، والشرع، والحس، والإيمان بربوبيته بلا شريك ولا معين، والإيمان بألوهيته فهو المستحق للعبادة وحده، والإيمان بأسمائه وصفاته، بلا تحريف، أوتعطيل، أوتكييف، أوتمثيل. 12 - الرسل الكرام عليهم السلام، وما يتعلق من الإيمان بأن رسالتهم حق من الله تعالى، فمن كفر برسالة واحد منهم فقد كفر بالجميع، والإيمان بمن عُلِم اسمه منهم تفصيلاً، وأما من لم يُعْلَم اسمه منهم فعلى وجه الإجمال، وما يليق بهم من صفات، وما يجب في حقهم، وما يستحيل عليهم، وما هو جائز منهم. 13 - الملائكة: ما يتعلق بالإيمان بوجودهم. والإيمان بمن علمنا اسمه منهم (كجبريل) ومن لم نعلم اسمه، والإيمان بما علمنا من صفاتهم، وأعمالهم التي يقومون بها بأمر الله تعالى، كتسبيحه، والتعبد له ليلاً ونهاراً بدون ملل ولا فتور. 14 - الكتب: التي أنزلها تعالى على رسله رحمة للخلق، وهداية لهم، ليصلوا بها إلى سعادتهم في الدنيا والآخرة، وما يتعلق بالإيمان بأن نزولها من عند الله حقاً، والإيمان بما علمنا اسمه منها، كالقرآن، والتوراة، والإنجيل، والزبور؛ والإيمان بما لم يُعْلَم اسمه إجمالاً. 15 - اليوم الآخر: هو يوم القيامة الذي يبعث الناس فيه للحساب والجزاء. وسمي بذلك لأنه لا يوم بعده، حيث يستقر أهل الجنة في منازهم، وأهل النار في منازلهم. ويتعلق به الإيمان بالبعث، والإيمان بالحساب والجزاء، والإيمان بالجنة والنار، وأنهما المآل الأبدي للخلق، ويلحق بالإيمان باليوم الآخر الإيمان بكل ما يكون بعد الموت من فتنة القبر وعذابه، وغير ذلك. ¬

_ (¬1) - هذا المطلب مستفاد باختصار وتصرف من شرح العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله على الأصول الثلاثة، ص 54: 80.شرح المرتبة الثانية من مراتب دين الإسلام وهي الإيمان، ط مكتبة العلم، القاهرة

16 - القضاء والقدر: وما يتعلق بالإيمان بأن الله تعالى علم بكل شيء جملة وتفصيلاً، أزلاً وأبداً، والإيمان بأن الله كتب كل شيء في اللوح المحفوظ، والإيمان بأن جميع الكائنات لا تكون إلا بمشيئة الله تعالى، والإيمان بأن جميع الكائنات مخلوقة لله تعالى بذواتها، وصفاتها، وحركاتها. وإلى جانب ما سبق من أركان العقيدة، وأصول الدين، يجب على الإعلام العقدي أن يتناول أيضاً: 17 - بيان زيف الكفر، والشرك، والإلحاد والنفاق. وذلك من خلال التعرض لمعتقداتهم الباطلة، وشبهاتهم المتهافتة، واتباعهم للأهواء، وإيثارهم للشهوات العاجلة. 18 - إعلاء عقيدة الولاء والبراء؛ الولاء لله ورسوله والمؤمنين والبراءة من الكفر والكافرين. وببيان تعريف الإعلام العقدي، وموضوعاته، التي يتواصل بها مع الجماهير؛ يمكننا الانتقال إلى المبحث الثاني من هذا الفصل، واستعراض الأهداف المتوخاة، والغايات المرجوة من وراء هذا الفرع من إعلامنا الإسلامي القرآني

المبحث الثاني: أهداف الإعلام العقدي في القرآن

المبحث الثاني: أهداف الإعلام العقدي في القرآن كان تصحيح العقائد، والمفاهيم والتصورات، عن الخالق سبحانه، وعالم الغيب؛ هو أحد المقاصد الرئيسة للوحي الإلهي، المنزل على الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام؛ ولهذا فلا نستكثر كل هذا الكم الهائل من الآيات الكريمات، التي تناولت الجانب العقدي من مختلف جوانبه، ولا نستكثر أيضاً انقضاء العهد المكي في تثبيت العقيدة، وترسيخ معانيها. ويمكن لنا من خلال النقاط التالية بيان أهداف الإعلام العقدي في القرآن الكريم: o تعريف الخلق بربهم سبحانه، معرفة صحيحة، تخلو عن الأوهام، والظنون، وأنه سبحانه متفرد بالخلق والأمر ومثل هذا قوله عزَّ وجلَّ {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)} (¬1) قال العلامة السعدي رحمه الله: يقول تعالى مبينا أنه الرب المعبود وحده لا شريك له: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} وما فيهما على عظمهما وسعتهما، وإحكامهما، وإتقانهما، وبديع خلقهما. {فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} فلما قضاهما وأودع فيهما من أمره ما أودع {اسْتَوَى} تبارك وتعالى {عَلَى الْعَرْشِ} العظيم الذي يسع السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما، استوى استواء يليق بجلاله وسلطانه، فاستوى على العرش، واحتوى على الملك، ودبر الممالك، وأجرى عليهم أحكامه الكونية، والدينية، ولهذا قال: {يُغْشِي اللَّيْلَ} المظلم {النَّهَارَ} المضيء، فيظلم ما على وجه الأرض، ويسكن الآدميون، { ... يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} كلما جاء الليل ذهب النهار، وكلما جاء النهار ذهب الليل، وهكذا أبدا على الدوام، حتى يطوي الله هذا العالم، {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} أي: بتسخيره وتدبيره، الدال على ما له من أوصاف الكمال، فخَلْقُها وعِظَمُها دالٌّ على كمال قدرته، وما فيها من الإحكام، والانتظام، دال على كمال حكمته، وما فيها من المنافع، ¬

_ (¬1) - سورة الأعراف، آية: 54.

بيان وحدانية الله عز وجل

والمصالح الضرورية وما دونها دال على سعة رحمته وذلك دال على سعة علمه، وأنه الإله الحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له. {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} أي: له الخلق الذي صدرت عنه جميع المخلوقات علويها وسفليها، أعيانها وأوصافها وأفعالها والأمر المتضمن للشرائع والنبوات، فالخلق: يتضمن أحكامه الكونية القدرية، والأمر: يتضمن أحكامه الدينية الشرعية، وثم أحكام الجزاء، وذلك يكون في دار البقاء، {تَبَارَكَ اللَّهُ} أي: عظم وتعالى وكثر خيره وإحسانه، فتبارك في نفسه لعظمة أوصافه وكمالها، وبارك في غيره بإحلال الخير الجزيل والبر الكثير، فكل بركة في الكون، فمن آثار رحمته، ولهذا قال {تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (¬1) o بيان وحدانية الله عزَّ وجلَّ، واستحقاقه وحده للعبادة. مثال ذلك قوله سبحانه {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)} (¬2)، قال العلامة السعدي - رحمه الله - " يخبر تعالى - وهو أصدق القائلين - أنه {إِلَهٌ وَاحِدٌ} أي: متوحد منفرد في ذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، فليس له [ص 78] شريك في ذاته، ولا سمي له ولا كفو له، ولا مثل، ولا نظير، ولا خالق، ولا مدبر غيره، فإذا كان كذلك، فهو المستحق لأن يؤله ويعبد بجميع أنواع العبادة، ولا يشرك به أحد من خلقه، لأنه {الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} المتصف بالرحمة العظيمة، التي لا يماثلها رحمة أحد، فقد وسعت كل شيء وعمت كل حي، فبرحمته وجدت المخلوقات، وبرحمته حصلت لها أنواع الكمالات، وبرحمته اندفع عنها كل نقمة، وبرحمته عرّف عباده نفسه بصفاته وآلائه، وبيَّن لهم كل ما يحتاجون إليه من مصالح دينهم ودنياهم، بإرسال الرسل، وإنزال الكتب. فإذا علم أن ما بالعباد من نعمة، فمن الله، وأن أحدا من المخلوقين، لا ينفع أحدا، علم أن الله هو المستحق لجميع أنواع العبادة، وأن يفرد بالمحبة والخوف، والرجاء، والتعظيم، والتوكل، وغير ذلك من أنواع الطاعات. وأن من أظلم الظلم، وأقبح القبيح، أن يعدل عن عبادته إلى عبادة العبيد، وأن يشرك المخلوق من تراب، برب الأرباب، أو يعبد المخلوق ¬

_ (¬1) - تفسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (تفسير السعدي) ص 384. ط إحياء التراث الإسلامي- الكويت (¬2) - سورة البقرة، آية: 163.

تعظيم الله سبحانه

المدبر العاجز من جميع الوجوه، مع الخالق المدبر القادر القوي، الذي قد قهر كل شيء ودان له كل شيء. ففي هذه الآية، إثبات وحدانية الباري وإلهيته، وتقريرها بنفيها عن غيره من المخلوقين وبيان أصل الدليل على ذلك وهو إثبات رحمته التي من آثارها وجود جميع النعم، واندفاع [جميع] النقم، فهذا دليل إجمالي على وحدانيته تعالى" (¬1). o تعظيم الله سبحانه، بمقتضى معرفة أسمائه الحسنى وصفاته العليا، والتي وردت في مثل قوله عزَّ وجلَّ {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)} (¬2). فهذه الآيات الكريمات إعلام رباني، بما له سبحانه من أسماء حسنى وصفات مُثْلى؛ فهو الإله المعبود، ذو العلم المحيط بالسر والعلن، والرحمة الواسعة في الدنيا والآخرة، وهو سبحانه ملك الممالك، الطاهر المبارك، السالم من جميع العيوب والنقائص، المتصف بصفات العز والكبرياء والجبروت فلا يُرَد حكمه، ولا يُعَقَّب على أمره، وهو عزَّ وجلَّ المبدع لخلقه إيجاداً وتصويراً كما يشاء، فمن علم ذلك لا يسعه إلا أن ينطلق لسانه بالتسبيح له تعالى والخضوع له عزَّ وجلَّ. o الإعلام برحمه الله تعالى وعنايته بعباده حيث أرسل إليهم الرسل، يهدونهم إلى صراط الله تعالى، ويبينون لهم كيف يعبدون الله. قال عزَّ وجلَّ {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} (¬3)،قال ابن كثير رحمه الله " وقوله: {رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} أي: يبشرون من أطاع الله واتبع رضوانه بالخيرات، وينذرون من خالف أمره وكذب رسله بالعقاب والعذاب، وقوله: {لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} أي: أنه تعالى أنزل ¬

_ (¬1) - تفسير الكريم الرحمن (تفسير السعدي) ص 82 - 83. (مرجع سابق) (¬2) - سورة الحشر، آية: 22 - 24. (¬3) - سورة النساء، آية: 165.

محبة الرسل عليهم الصلاة والسلام وتعظيمهم

كتبه، وأرسل رسله بالبشارة والنذارة، وبين ما يحبه ويرضاه مما يكرهه ويأباه؛ لئلا يبقى لمعتذر عذر " (¬1). o محبة الرسل عليهم الصلاة والسلام وتعظيمهم، والثناء عليهم بما يليق بهم، لأنهم رسل الله تعالى، قاموا بعبادته، وبلغوا رسالاته، ونصحوا لعباده. وقد أخذ الله العهد على بني إسرائيل بذلك فقال لهم عزَّ وجلَّ {لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} (¬2). وخاطب سبحانه أهل الإيمان فقال لهم {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} (¬3) قال ابن كثير رحمه الله: "قال ابن عباس وغير واحد: يعظموه، {وَتُوَقِّرُوهُ} من التوقير وهو الاحترام والإجلال والإعظام" (¬4)،ومدح المؤمنين الذين يؤمنون بهم جميعاً من غير تفريق بينهم فقال عزَّ وجلَّ {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (¬5) o الإعلام بحكمة الله تعالى، ورعايته لخلقه، في إنزاله كتباً يهديهم بها، وحيث شرع لكل قوم ما يناسب أحوالهم، قال عزَّ وجلَّ {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ} (¬6)، قال العلامة السعدي رحمه الله " أي: أنزل الله القرآن، والتوراة، والإنجيل، هدى للناس من الضلال، فمن قبل هدى الله فهو المهتدي، ومن لم يقبل ذلك بقي على ضلاله. {وأنزل الفرقان} أي: الحجج البينات، والبراهين القاطعات الدالة على جميع المقاصد والمطالب، وكذلك فصَّل ¬

_ (¬1) - تفسير القرآن العظيم 1/ 783 (مرجع سابق) (¬2) - سورة المائدة، آية: 12. (¬3) - سورة الفتح، آية: 9. (¬4) - تفسير القرآن العظيم 4/ 236 (مرجع سابق) (¬5) - سورة النساء، آية: 152. (¬6) - سورة آل عمران، آية: 3.

إعلام الناس بعظمة الله تعالى

وفسَّر ما يحتاج إليه الخلق حتى بقيت الأحكام جلية ظاهرة، فلم يبق لأحد عذر ولا حجة لمن لم يؤمن به وبآياته" (¬1) وقال عزَّ وجلَّ {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} (¬2)، وقال عزَّ وجلَّ {وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} (¬3). o إعلام الناس بعظمة الله تعالى، وقوته، وسلطانه، بتعريف الجماهير ببعض خلقه كعالم الملائكة، وصفاتهم الفذة، وقدراتهم العظيمة، ووظائفهم الجليلة، وما يتعلق بذلك من الإيمان بهم، ومحبتهم. ومن هذا النوع قوله سبحانه {وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} (¬4) وقوله سبحانه {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (164) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (166)} (¬5). وقوله عزَّ وجلَّ {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} (¬6) وقوله عزَّ وجلَّ { ... عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (¬7). o إبراز بديع صنع الله في الكون، وتسخير المخلوقات، وإسباغ النعم، مع بيان أن هذا كله يدفع الإنسان للشكر والاستقامة، والتحقق بعبادة الله سبحانه بفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه. o بث أجواء الطمأنينة، والراحة النفسية، والاعتماد على الله تعالى، مهما جرى ووقع من أقدار الله تعالى فلا يُقْلَقُ بفوات محبوب، أو حصول مكروه، لأن ذلك كله بقدر الله، الذي له ملك السموات والأرض، مع تسلية المؤمن عما يفوته من الدنيا، بما يرجوه من نعيم الآخرة، وثوابها. وفي ذلك يقول الله تعالى {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي ¬

_ (¬1) - تفسير الكريم الرحمن (تفسير السعدي) ص 143. (مرجع سابق) (¬2) - سورة المائدة، آية: 44. (¬3) - سورة المائدة، آية: 46. (¬4) - سورة الأنبياء، آية: 19 - 20. (¬5) - سورة الصافات، آية: 164 - 166. (¬6) - سورة التحريم، آية: 4. (¬7) - سورة التحريم، آية: 6.

الدفاع عن عقيدة الأمة ورد الشبهات

أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)} (¬1). o الدفاع عن عقيدة الأمة ورد الشبهات، وذلك بالدليل الواضح، والبيان الساطع فهذه عشرة كاملة من أهداف الإعلام العقدي ننتقل بعده للمبحث التالي وهو: ¬

_ (¬1) - سورة الحديد، آية: 22 - 23.

المبحث الثالث صور الإعلام العقدي في القرآن الكريم

المبحث الثالث صور الإعلام العقدي في القرآن الكريم لما كان المقصد العقدي مقصداً محورياً في الوحي الرباني المنزل على عبده ورسوله محمد عليه الصلاة والسلام لم يكن عجباً أن نرى حشود الآيات القرآنية، وعساكر الإعلام الربانية في أمنع دروع التعبير، وأمضى أسلحة البيان، تدك التصورات والمفاهيم الجاهلية {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} (¬1)،وتدمدم على المعاندين قلاع الضلال والوثنية {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ} (¬2)، وتشيد للحق صرحاً عظيماً، أصوله ثابتة ودعائمه راسخة، مدده من السماء، {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ} (¬3)، يعلنها للبشرية أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؛ تنمحي بها أوثان وأصنام، وتذل لها عقائد وأوهام، فقوَّم الله سبحانه بهذا الإعلام العقدي إعوجاج الأفهام، ولم يترك لمحتج حجة، ولم يدع لزائغ شبهة. ويمكننا القول إن الإعلام العقدي في القرآن الكريم تركز في النقاط التالية: عرض الحقائق المجردة عرض الحقائق مدعمة بأدلة الفطرة والعقل والحس إبطال العقائد الضالة، ورد الأقوال الزائفة وتنوعت من أجل ذلك الأساليب والصور الإعلامية القرآنية في موضوعات العقيدة؛ تنوعاً باهراً، بحيث لا تكفي للإحاطة بها رسائل كاملة، أشير إلى أطراف منها في هذا المبحث، وذلك في النقاط الآتية: ¬

_ (¬1) - سورة الأنبياء، آية: 18 (¬2) - سورة النحل، آية: 26 (¬3) - سورة إبراهيم، آية: 24 - 25

اعتماد تكرار الحقائق ذات المعنى الواحد

2 - اعتماد تكرار الحقائق ذات المعنى الواحد والإلحاح عليها كأسلوب الإعلامي في عرض الحقائق لتثبيتها وتقريرها، والقاعدة عند المؤسسات الإعلامية والعاملين بالإعلام أن (ما تكرر تقرر)؛ فنجد في تقرير توحيد الله تعالى رباً، ومعبوداً، بأسمائه، وصفاته نجد الأسلوب الخبري في الآيات الآتية: قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (3)} (¬1) وقوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)} (¬2) وقوله تعالى {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} (¬3) وقوله تعالى {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (¬4) وقوله تعالى {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} (¬5) ونجد كذلك الأسلوب الإنشائي بأمره ونهيه واستفهامه في الايات التالية: قوله تعالى {وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} (¬6) وقوله تعالى {يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (¬7) ¬

_ (¬1) - سورة يونس، آية: 3 (¬2) - سورة لقمان، آية: 34 (¬3) - سورة النحل، آية: 22 (¬4) - سورة طه، آية: 8 (¬5) - سورة طه، آية: 98 (¬6) - سورة المائدة، آية: 72 (¬7) - سورة الأعراف: 59 و65 و 73 و 85 وسورة هود: 50 و 61 و 84

استخدام القصص أسلوبا إعلاميا في بيان معاني العقيدة

وقوله تعالى {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (¬1) وقوله تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬2) وقوله تعالى {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} (¬3) وقوله تعالى {وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} (¬4) فهذه الآيات الكريمات - وأخواتها كثر - في أسلوبيها الخبري، والإنشائي، تقرر وحدانية الله تعالى؛ رباً، خالقاً، وإلهاً معبوداً، تقدم هذه المعاني من خلال الخطاب الهاديء، والبيان الواضح، تسوق الحقائق مجردة، ينتفع بها قسم كبير من الناس (الجماهير)، سلمت فطرهم من شوائب الجاهلية، ينتبهون لما فيها من المعاني الواضحة، ويكتفون بها في التعرف على ربهم ومعبودهم، وما ينبغي له من أسماء الجلال، وصفات الكمال. وذكر الحقائق مجردة، واضحة المعاني، من أعظم العوامل في تكوين وجدان الشعوب والجماهير، وتكرارها على مسامعهم، والإلحاح على معانيها، من أكبر عوامل ترسيخها وتثبيتها في النفوس. وإلى جوار هذا الأسلوب الإعلامي، في القرآن الكريم تأتي أساليب أخرى منها: 3 - استخدام القصص أسلوباً إعلامياً في بيان معاني العقيدة، وغرسها في القلوب، وقد بين الله تعالى غايات القصص القرآني فقال سبحانه {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} (¬5) وقال سبحانه {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى ¬

_ (¬1) - سورة النساء: 36 (¬2) - سورة الإسراء: 23 (¬3) - سورة الأعراف: 191 (¬4) - سورة القصص: 88 (¬5) - سورة هود: 120

وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (¬1) فتثبيت القلوب على الحق، والاعتبار، والاتعاظ، والتذكير، وبيان المباديء، والثبات عليها، والهداية، والرحمة بالخلق؛ كلها غايات، يحققها الإعلام الرباني، من خلال القصص القرآني. والمسألتان التاليتان هما نموذجان، لهذا الأسلوب الإعلامي، في غرس معاني العقيدة فمن أغراض القصص بيان أن دين الأنبياء واحد؛ وعقيدتهم واحدة، ولهذا يجد القاريء المتأمل كثيراً من قصصِ الأنبياء بصورة مجتمعة، تتكرر فيها مواقف الدفاع عن العقيدة الحقة، والدعوة إلى توحيد الله سبحانه، وترك عبادة ما سواه، على نحو ما جاء في سور (الأعراف، وهود، والشعراء)، فجميع قصص الأنبياء في هذه السور، يبين بلا مجال للبس، أو خطأ؛ أن دين النبيين واحد، ودعوتهم واحدة، كما جاء في قوله تعالى {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} وقوله سبحانه {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ}، وقوله سبحانه {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}، وقوله سبحانه {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (¬2) فهذه دعوة الرسل؛ رب واحد، ودين واحد، وعقيدة واحدة، تترسخ وتثبت بهذا الأسلوب الإعلامي من القصص القرآني البديع الصادق، والذي من أغراضه أيضاً: ¬

_ (¬1) - سورة يوسف: 111 (¬2) - سورة الأعراف، الآيات: 59 و65 و 73 و 85 على الترتيب

إثبات الوحي والرسالة. فالنبي محمد عليه الصلاة والسلاملم يكن كاتباً ولا قارئاً، ثم يأتي بمثل هذا القصص القرآني، دقةً، وإسهاباً، كقصص إبراهيم ويوسف وموسى وعيسى. فورودها في القرآن؛ كان دليلاً على أن محمداً عليه الصلاة والسلام رسول من عند الله حقاً، والقرآن وحي الله صدقاً. والقرآن ينص على هذا الغرض نصَّاً في مقدمات القصص أو في أعقابها. جاء في أول سورة "يوسف" قوله سبحانه: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} (¬1) وجاء في سورة القصص" قبل عرض قصة موسى قوله سبحانه: {نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (¬2)، وبعد انتهائها قال الله تعالى {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44) وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45) وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (¬3). وللقصص أغراض عديدة (¬4)، وفوائد جمة، نكتفي هنا بهذه الإطلالة على هذا الأسلوب الإعلامي في القرآن، لتثبيت وترسيخ معاني العقيدة، ومنه إلى أسلوب ¬

_ (¬1) - سورة يوسف: 3 (¬2) - سورة القصص: 3 (¬3) - سورة القصص: 44 - 46 (¬4) - ينظر أغراض القصة في القرآن الكريم في: التصوير الفني في القرآن، ص: 145 - 155. سيد قطب رحمه الله، ط 16، دار الشروق، القاهرة، 1423هـ- 2002 م.

الإعلام بضرب الأمثال لتوصيل حقائق العقيدة والإيمان

آخر بديع، بليغ، من وسائل القرآن الإعلامية في بيان العقيدة الصحيحة الصافية، وهو: 4 - الإعلام بضرب الأمثال لتوصيل حقائق العقيدة والإيمان؛ فالأمثال في القرآن الكريم لها أهميتها وثمرتها العظيمة، وأبرز تلك الثمرات، والفوائد: التفكر، والتدبر، وإعمال العقل، الذي يعيد للإنسان رشده، وصوابه، فيؤوب إلى ربه مسلماً، متوجهاً بقلبه ووجهه إليه. ومن أهم أهداف الأمثال القرآنية كوسيلة إعلامية؛ الأهداف العقدية، والتي تتركز حول: أ- وجوب توحيد الله بالعبادة، وعدم تسويته سبحانه بالأوثان والأصنام، ومن هذا قوله عزَّ وجلَّ {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28)} (¬1) قال الإمام ابن القيم رحمه الله: " ...... والمعنى هل يرضى أحد منكم، أن يكون عبدُه شريكَه في ماله وأهله، حتى يساويه في التصرف في ذلك، فهو يخاف أن ينفرد في ماله بأمر يتصرف فيه، كما يخاف غيره من الشركاء، والأحرار. فإذا لم ترضوا ذلك لأنفسكم، فلم عدلتم بي من خلقي من هو مملوك لي. فإن كان هذا الحكم باطلا في فطركم، وعقولكم، مع أنه جائز عليكم، ممكن في حقكم؛ إذ ليس عبيدكم ملكا لكم حقيقة، وإنما هم إخوانكم، جعلهم الله تحت أيديكم، وأنتم وهم عبادي، فكيف تستجيزون مثل هذا الحكم في حقي مع أن من جعلتموهم لي شركاء عبيدي، وملكي وخلقي!!!. فهكذا يكون تفصيل الآيات لأولي العقول" (¬2). ¬

_ (¬1) - سورة الروم: 28 (¬2) - الأمثال في القرآن الكريم، ص: 201، الإمام ابن قيم الجوزية، ط دار المعرفة - بيروت

بمثل هذا المثل الدقيق في كلماته، والقاطع في معناه، أبطل الله عقائد المشركين، وأبان عن ظلمهم، وجهلهم، في مساواتهم أصنامهم، وأوثانهم بالله رب العالمين. ومما جاءت أمثال القرآن ببيانه بياناً شافياً، حاسماً، النقطة التالية: ب- بيان العجز التام لآلهة المشركين المزعومة، وعليه فلا يصلح اتخاذهم آلهة، ولا يستقيم عبادتهم من دون الله. ومن هذه الأمثلة القرآنية قوله سبحانه {يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73)} (¬1) قال العلامة السعدي رحمه الله " هذا مثل ضربه الله لقبح عبادة الأوثان، وبيان نقصان عقول من عبدها، وضعف الجميع، فقال: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} هذا خطاب للمؤمنين والكفار، المؤمنون يزدادون علما وبصيرة، والكافرون تقوم عليهم الحجة، {ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} أي: ألقوا إليه أسماعكم، وتفهموا ما احتوى عليه، ...... {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} شمل كل ما يدعى من دون الله، {لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا} الذي هو من أحقر المخلوقات وأخسها، فليس في قدرتهم خلق هذا المخلوق الضعيف، فما فوقه من باب أولى، بل أبلغ من ذلك لو {يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ} وهذا غاية ما يصير من العجز. {ضَعُفَ الطَّالِبُ} الذي هو المعبود من دون الله {وَالْمَطْلُوبُ} الذي هو الذباب، فكل منهما ضعيف، وأضعف منهما، من يتعلق بهذا الضعيف، وينزله منزلة رب العالمين" (¬2). ومن المسائل العظيمة التي ضربت لها الأمثال، تبييناً، وإبطالاً لها؛ إدعاء الألوهية للمسيح عليه السلام، أو أنه ابن الإله، أو ثالث ثلاثة. وهي النقطة التالية: ¬

_ (¬1) - سورة الحج: 73 (¬2) - تيسير الكريم الرحمن، (تفسير السعدي) ص 756. مرجع سابق

الإعلام بالجدل والحوار عن صحيح الاعتقاد

ت- إبطال إلوهية عيسى عليه السلام وذلك في قوله تعالى {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (¬1) فالقاريء لهذه الآية يفهم أن تقديرها؛ أنهم إذا اتخذوا عيسى إلهاً، لأنه خلق من غير أب، فآدم أولى، لأنه خلق من غير أب ولا أم، ولا يقول بذلك أحد، وعليه فالمسيح عليه السلام ليس رباً، ولا ابناً للرب، ولا شريكاً في الملك، بل كما قال ربه سبحانه {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} (¬2). وهكذا كان إخراج المعاني في صورة المحسوسات (ضرب الأمثال)، من أعظم السبل الإعلامية، لبيان عقيدة الأمة وثوابتها، وتزييف عقائد المشركين، وإبطالها. ومن ضرب الأمثال ننتقل إلى لون آخر من صور الإعلام العقدي في القرآن الكريم، وهو: 5 - الإعلام بالجدل والحوار عن صحيح الاعتقاد، وذلك أن كثيراً من الناس - مع ضلالهم - يحسبون أنهم على شيء من الصواب، مغترين ببعض ما عندهم من الأوهام والظنون والشبهات، ويجادلون عن معتقداتهم الباطلة، وأفكارهم الزائفة، فكان أن جاء القرآن الكريم، بهذا الحوار الراقي، والجدال المثمر، وجعله سبيلاً إعلامياً دعوياً، لنشر الدين، ورد أضاليل الكفار، وشبهات الملحدين، فقال سبحانه {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (¬3) فأمر الله سبحانه نبيه عليه الصلاة والسلام بالدعوة لدينه ملتزما الحكمة والرفق، مجادلاً بأحسن ما يمكن ¬

_ (¬1) - سورة آل عمران: 59 (¬2) - سورة الزخرف: 59 (¬3) - سورة النحل: 125

من الجدال. وقال عزَّ وجلَّ {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} (¬1). وقد نقل لنا القرآن الكريم، نماذج عديدة، من صور الحوار والجدل القرآني، في مجال نصرة العقيدة، منها: أ- حوارات إبراهيم عليه السلام وقد تعددت أطرافها، ومنها ما كان مع النمرود، وقد اغتر بملكه، وتمرد على خالقه، "وحاج إبراهيم في ربوبية الله؛ فزعم أنه يفعل كما يفعل الله. فقال إبراهيم له: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} أي: هو المنفرد بأنواع التصرف، وخص منه الإحياء والإماتة لكونهما أعظم أنواع التدابير، فقال ذلك المحاج: {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} زعم أنه يفعل كفعل الله ويصنع صنعه، فزعم أنه يقتل شخصا فيكون قد أماته، ويستبقي شخصا فيكون قد أحياه، فلما رآه إبراهيم يغالط في مجادلته ويتكلم بشيء لا يصلح أن يكون شبهة فضلا عن كونه حجة، اطرد معه في الدليل فقال إبراهيم: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ} أي: عيانا يقر به كل أحد حتى ذلك الكافر {فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ} وهذا إلزام له بطرد دليله إن كان صادقا في دعواه، فلما قال له أمرا لا قوة له في شبهة تشوش دليله، {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} أي: تحير فلم يرجع إليه جوابا وانقطعت حجته وسقطت شبهته" (¬2).وبهذه الحجة المفحمة، والحق المبين تتساقط مزاعم الكفار والظالمين. ومن جدال القرآن وحواره: ب- حوارات القرآن مع أهل الكتاب، ومن هذا دعوتهم للحوار، ورد كُفْرِيَّاتهم، وبيان فساد تصوراتهم في مواضع عديدة، منها قوله سبحانه {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا ¬

_ (¬1) - سورة العنكبوت: 46 (¬2) - تيسير الكريم الرحمن، (تفسير السعدي) ص 130. بتصرف، مرجع سابق.

إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (¬1) فدعاهم سبحانه إلى الحوار، ووضع أصوله، وما يجب أن يجتمعوا عليه من توحيد الله وعدم الشرك به، وعدم اتخاذ الأنداد من دونه. ورد عليهم مزاعمهم فقال عزَّ وجلَّ {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (80) بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (¬2) ومثل هذا قوله سبحانه {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18)} (¬3) واجههم الله عزَّ وجلَّ بما يزعمون، ويفترونه من الكذب، ووضعهم في الموضع الذي يستأهلونه، فما هم إلا بشر من البشر، لا مزية لهم، إلا بتقوى الله، والحرص على طاعته، ثم هم في مشيئة الله تعالى، يغفر لمن شاء، رحمةً منه وفضلا، ويعذب من شاء، حكمةً منه وعدلا. ومن صور الحوار في القرآن: ت- الحوار مع منكري البعث والنشور والحساب، وقد كانت هذه المسألة العظيمة من أعظم معضلات المواجهة بين الرسل وأقوامهم، وقد اشتدوا، واشتطوا في الإنكار والتكذيب، حكى الله عنهم فقال سبحانه {وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا ¬

_ (¬1) - سورة آل عمران، آية: 64 (¬2) - سورة البقرة، آية: 80 - 82 (¬3) - سورة المائدة، آية: 18

تنبيه الفطر السليمة وإصلاح ما طرأ عليها من فساد ببيان حقائق العقيدة

جَدِيدًا (49) قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا} (¬1) فأنكروا المعاد، وكفروا بالبعث، واستبعدوا حصوله، ولسان كافرهم ناطقٌ بذلك، كما حكى الله عزَّ وجلَّ {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78)} (¬2) فأجابهم سبحانه إلى أن من خلقهم أول مرة قادر على إعادتهم {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} بل إعادتهم أيسر وأسهل فمن بدأ الخلق بلا نظير سابق قادر بداهة أن يعيدهم مرة أخرى {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (¬3) وبإقامة الحجة، وتفنيد الشبهة، ووضوح الدليل، يحاور المسلم ويجادل دفاعاً عن دينه، ونصرة لعقيدته، مع الالتزام بالأحسن في الأسلوب، وبالأرفق في الخطاب، والله تعالى يعطي على الرفق واللين، ما لا يعطي على العنف والشدة. ومن أساليب الإعلام العقدي في القرآن الكريم: 6 - تنبيه الفطر السليمة وإصلاح ما طرأ عليها من فساد ببيان حقائق العقيدة، وتزييف ما يقابلها ومن هذا قوله سبحانه {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ ¬

_ (¬1) - سورة الإسراء، آية: 49 - 51 (¬2) - سورة يس، آية: 78 (¬3) - سورة الروم، آية: 27

الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (¬1) يأمر تعالى بالإخلاص له في جميع الأحوال وإقامة دينه فقال: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ} أي: وجِّهْهُ إلى الدين بإقامة الشرائع الظاهرة كالصلاة والزكاة والصوم والحج ونحوها. والشرائع الباطنة كالمحبة والخوف والرجاء والإنابة، وخص الله إقامة الوجه؛ لأن إقبال الوجه تبع لإقبال القلب، ويترتب على الأمرين سَعْيُ البدن، ولهذا قال: {حَنِيفًا} أي: مقبلا على الله في ذلك معرضا عما سواه. وهذا الأمر الذي أمرناك به هو {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} ووضع في عقولهم حسنها واستقباح غيرها، ووضع في قلوبهم الميل إليها، وهذه حقيقة الفطرة. ومن خرج عن هذا الأصل فلعارض عرض لفطرته أفسدها كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:"ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" (¬2). فالفطر السليمة هي {الدِّينُ الْقَيِّمُ} أي: الطريق المستقيم الموصل إلى الله وإلى كرامته، فإن من أقام وجهه للدين حنيفا فإنه سالك الصراط المستقيم في جميع شرائعه وطرقه (¬3). ومن تنبيه الفطر أيضاً قوله عزَّ وجلَّ {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172)} (¬4) والآية تذكير بما أودع الله في فِطَرِ الخلق، من الإقرار بأنه ربهم، وخالقهم، ومليكهم، لأن الله سبحانه فطر عباده على الدين الحنيف القيم؛ فكل أحد مفطور على ذلك، فلا يحدث له تغير، أو تبدل، إلا بما يطرأ عليه من فاسد ¬

_ (¬1) - سورة الروم، آية: 30 (¬2) - متفق عليه، البخاري، كتاب الجنائز، باب إذا أسلم الصبي فمات، هل يصلى عليه، حديث رقم: 1358. ومسلم كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة، حديث رقم 2658. (¬3) - تيسير الكريم الرحمن. ص 897. بتصرف. (¬4) - سورة الأعراف، آية: 172

استثارة الحواس

العقائد، وباطل الظنون، والتصورات. فيأتي التنبيه الإعلامي القرآني، فيجلو الفطر، ويزيل ما علاها من الغشاوة، فإذا هي مبصرة للمعاني، مدركة للحقائق. ومن تنبيه الفطر إلى أسلوب إعلامي آخر لتوصيل العقيدة الحقة للقلوب، والوجدان وهي: 7 - استثارة الحواس، للنظر في الكون كالنظر في عظيم خلق الله سبحانه في ملكوت السموات والأرض والليل والنهار والشمس والقمر والنجوم والجبال والبحار والأنهار والزروع والثمار والآيات في هذا كثيرة جداً منها قوله تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23) وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (¬1)، فهذه الآيات تنبيهات ربانية إلى عظمة قدرته، وبديع صنعته، يحث الله سبحانه الإنسان على التأمل، والتفكير والتدبر، والخطاب لأصحاب الأبصار، والقلوب، الذين يستعملونها في التدبر والتفكر، وفيما هي مهيأة له، فتعقل ما تراه، وتهتدي؛ فالكون كله إضاءات وإشراقات على وحدانية الرب سبحانه، وأنه المستحق للعبودية وحده. وهذا الأسلوب الإعلامي، أسلوب شائع بكثرة في الآيات بحيث يصعب الإحصاء، والاستقصاء، ونختم هذه النقطة بقوله تعالى {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا ¬

_ (¬1) - سورة الروم، آية: 22 - 24

الإعلام بحقائق الإيمان بمخاطبة العقول ومحاججة الأفهام

(14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا} (¬1)، هذا الحشد من النعم وصنوف الرعايات الربانية لخلقه، وما اشتملت عليه الآيات من استفهام تقريري وما بعدها، يوقظ الأفهام، فالذي أنعم بهذه النعم الجليلة، التي لا يُقَدَّر قَدْرُها، ولا يُحْصَى عددُها، كيف تكفرون به، وتجعلون له أنداداً، وتكذبون ما أخبركم به من البعث والنشور؟ أم كيف تستعينون بنعمه على معاصيه، وتجحدونها؟!! فإذا عمي البعض عن إبصار ما حولهم من الآيات والدلائل، ولم تتحرك قلوبهم نحو ربهم؛ خضوعاً وانقياداً، نقلهم القرآن بأساليبه إلى سبيل ممهد، ومقدمات يسيرة، لا تعقيد فيها، ونتائج يقينية، لا شك، ولا ريب فيها. وهذا الأسلوب الإعلامي هو: 8 - الإعلام بحقائق الإيمان بمخاطبة العقول ومحاججة الأفهام وذلك بواسطة استعمال القرآن الكريم لمقدمات عقلية، يتحصل بها المعاني الحاسمة، والحجة الدامغة، على أن الحق واحد، وهو توحيد الله تعالى، وأن ما يدعون من دونه ويشركون به باطل، زاهق لا برهان عليه، ولا حجة به، وقد تقررت هذه الأدلة وتكررت في القرآن كثيرا ومن هذه المواضع: قوله تعالى {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (21) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22)} (¬2)،قال العلامة السعدي رحمه الله " فالمشرك يعبد المخلوق، الذي لا ينفع ولا يضر، ويدع الإخلاص لله، الذي له الكمال كله وبيده الأمر والنفع والضر، وهذا من توفر جهله، وشدة ظلمه، فإنه لا يصلح الوجود، إلا على إله واحد، كما أنه لم يوجد، إلا برب واحد. ولهذا قال: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ} أي: في السماوات والأرض {لَفَسَدَتَا} في ذاتهما، وفسد من فيهما من المخلوقات. وبيان ذلك: أن العالم العلوي والسفلي، على ما يرى، في أكمل ما يكون من الصلاح والانتظام، الذي ما فيه ¬

_ (¬1) - سورة النبأ، آية: 6 - 16 (¬2) - سورة الأنبياء، آية 21 - 22.

خلل ولا عيب، ولا ممانعة، ولا معارضة، فدل ذلك، على أن مدبره واحد، وربه واحد، وإلهه واحد، فلو كان له مدبران وربان أو أكثر من ذلك، لاختل نظامه، وتقوضت أركانه فإنهما يتمانعان ويتعارضان، وإذا أراد أحدهما تدبير شيء، وأراد الآخر عدمه، فإنه محال وجود مرادهما معا، ووجود مراد أحدهما دون الآخر، يدل على عجز الآخر، وعدم اقتداره واتفاقهما على مراد واحد في جميع الأمور، غير ممكن، فإذًا يتعين أن القاهر الذي يوجد مراده وحده، من غير ممانع ولا مدافع، هو الله الواحد القهار (¬1). * وقريب منه ما ذكره الله في قوله تعالى {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} (¬2) فنفى سبحانه بالدليل العقلي (دليل التمانع)، ما افتروه عليه من اتخاذ الولد أو أن للكون إلهين؛ إذ لو كان الأمر كما يزعمون، لانفرد كل إله بمخلوقاته، واستقل بها، ولحرص كل إله على ممانعة الآخر، ومغالبته، مما لا يتصور معه انتظام الكون على هذا النحو المدهش الدقيق، فلا خلل، ولا تناقض، ولا معارضة، فاستحال أن أن يكون هذا النظام، والترتيب من تقدير آلهة متعددة، فلم يبق إلا الإقرار لله عزَّ وجلَّ بالتفرد والوحدانية. * ومن الأدلة العقلية والبراهين القطعية قوله سبحانه {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35)} (¬3) خطاب الله للكفار المعاندين، فهم لم يُخْلَقوا من غير خالق، إذ كل مخلوق لابد له من خالق، كما أنهم لم يخلقوا أنفسهم، فتعين أن يكون الله عزَّ وجلَّ هو خالقهم. ¬

_ (¬1) - تيسير الكريم الرحمن. ص 719. بتصرف. (¬2) - سورة المؤمنون، آية: 91. (¬3) - سورة الطور، آية: 35.

الإعلام بذكر سوء عاقبة الكفار

* ومن البرهان العقلي أيضاً قوله تعالى يرد فريتهم بنسبة الولد إليه سبحانه {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (¬1) كيف يكون لله عزَّ وجلَّ الولد، وهو الإله السيد الصمد، ولا زوجة له، وهو غني عن عباده، خلقهم أجمعين، ولا يُشْبِهُ خلْقَه، ولا يُشْبِهُهُ أحدٌ من خلقه مطلقاً، بوجه من الوجوه. فهذا البرهان العقلي في القرآن الكريم، ميدان خصبٌ فسيحٌ للعقول الواعية، بمقدمات بسيطة، وحُجَجٍ قاطعة، ونتائج حاسمة، تفحم المعاندين، وتقطع جدالهم، وتُسقِطُ شبهاتهم. ومن الإعلام بمخاطبة العقول ومحاججة الأفهام، إلى أسلوب آخر من أساليب الإعلام القرآني، في نصرة العقيدة وهو: 9 - الإعلام بذكر سوء عاقبة الكفار، وحسن المصير لأهل الإيمان؛ فمن رحمة الله تعالى بخلقه، بعد إنزاله الكتب، وإرساله الرسل، أن أبان للناس ما يؤول إليه حالهم، وما تستقر عليه مصائرهم، تبشيراً للمؤمنين، وترغيباً، وإنذاراً للكافرين، وترهيباً. فمن هذا قوله تعالى {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35) وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا ¬

_ (¬1) - سورة الأنعام، آية: 101.

أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} (¬1) قال الإمام ابن كثير رحمه الله ما مختصره" يخبر تعالى أن مأوى المصطَفَيْنَ من عباده، جنات الإقامة يدخلونها يوم معادهم وقدومهم على ربهم، يلبسون فيها الحرير مسورون بالذهب والفضة، يقولون: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الخوف من المحذور، وأراحنا مما كنا نتخوفه، ونحذره من هموم الدنيا والآخرة، وأعطانا هذه المنزلة، وهذا المقام من فضله وَمَنِّه ورحمته، ولم تكن أعمالنا تساوي ذلك. ثم لما ذكر تعالى حال السعداء، شرع في بيان مآل الأشقياء، فقال: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ .... الآيات)، ثبت في صحيح مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أما أهل النار الذين هم أهلها، فلا يموتون فيها ولا يحيون" (¬2)، وهذا جزاء كل من كفر بربه وكذب بالحق. ويجأر أهل النار إلى الله سبحانه، يسألون الرجعة إلى الدنيا، ليعملوا غير عملهم الأول، فلا يجيبهم عزَّ وجلَّ إلى سؤالهم، ولهذا قال هاهنا: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ} أي: أوما عشتم في الدنيا أعمارا لو كنتم ممن ينتفع بالحق لانتفعتم به في مدة عمركم؟ وقوله: {فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} أي: فذوقوا عذابَ النار جزاء على مخالفتكم للأنبياء في مدة أعماركم، فما لكم اليوم ناصر ينقذكم مما أنتم فيه من العذاب والنكال والأغلال" (¬3). ومن ذلك قوله جل جلاله {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ¬

_ (¬1) - سورة فاطر، آية: 36 - 37. (¬2) - صحيح مسلم، باب إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من النار، حديث رقم: 185. (¬3) - تفسير ابن كثير 3/ 735 - 739. بتصرف

أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا} (¬1) قال الإمام ابن كثير رحمه الله ما مختصره "يخبر تعالى عما يعاقب به في نار جهنم من كفر بآياته وصد عن رسله، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا} الآية، أي ندخلهم نارا دخولا يحيط بجميع أجرامهم، وأجزائهم. ثم أخبر عن دوام عقوبتهم ونكالهم، فقال: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} قال ابن عمر: إذا أحرقت جلودهم بدلوا جلودًا بيضا أمثال القراطيس. وقال الحسن رحمه الله: تنضجهم في اليوم سبعين ألف مرة، كلما أنضجتهم فأكلت لحومهم قيل لهم: عودوا فعادوا ...... وقوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} هذا إخبار عن مآل السعداء في جنات عدن، التي تجري فيها الأنهار في جميع فجاجها ومحالها وأرجائها حيث شاءوا وأين أرادوا، وهم خالدون فيها أبدا، لا يحولون ولا يزولون ولا يبغون عنها حولا. وقوله: {لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} أي: من الحيض والنفاس والأذى. والأخلاق الرذيلة، والصفات الناقصة ......... وقوله: {وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا} أي: ظلا عميقا كثيرا غزيرا طيبا أنيقا ..... فعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها " (¬2). فهذان الموضعان من آيات الكتاب العزيز - وأخواتهما كثيرات جداً - إعلام إلهي واضح للناس ببيان مصيرهم، وما يؤول إليه حالهم، نتيجة اختيارهم، إما الكفر، وإما الإيمان، وهي آيات داعيات، كل ذي عقل إلى النظر في اختياراته، وما يترتب عليها، والمراجعة لسائر أحواله، والمسارعة إلى التغيير من سيء المعتقدات، ورديء الأفكار والمذاهب، إلى صحيح الاعتقاد، ومرضيِّ التوجهات والتصورات، وجميل الأقوال والأفعال. ¬

_ (¬1) - سورة النساء، آية: 56 - 57. (¬2) - صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، سورة الواقعة، باب قوله " وظل ممدود "،حديث رقم 4529 / صحيح مسلم، كتاب الجنة، وصفة نعيمها وأهلها، باب إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام حديث رقم: 5060.

وبالترغيب والترهيب، نصل لنهاية هذا الفصل من صور الإعلام العقدي في القرآن الكريم لندخل بإذن الله وفضله إلى صور الإعلام السياسي وهي موضوع الفصل التالي بمشيئة ذي الجلال والإكرام.

الفصل الثاني صور الإعلام السياسي في القرآن الكريم

الفصل الثاني صور الإعلام السياسي في القرآن الكريم

المبحث الأول تعريف الإعلام السياسي

المبحث الأول تعريف الإعلام السياسي نحتاج - قبل التعريف بهذا النوع من الإعلام القرآني - إلى التعرف على المصطلح، وقد مربنا تعريف الإعلام، ونقف مع تعريف السياسة ومن ثم الإعلام السياسي المطلب الأول تعريف السياسة لغة: يقال: ساسَ الناسَ سياسةً: تولى رياستهم وقيادتهم، وساس الدواب: راضها وأدبها، وساس الأمورَ: دبرها وقام بإصلاحها (¬1). قال العلامة د. يوسف القرضاوي: " السياسة في اللغة: مصدر ساس يسوس سياسة. فيقال: ساس الدابة أو الفرس: إذا قام على أمرها من العَلَف والسقي، والترويض والتنظيف وغير ذلك. وأحسب أن هذا المعنى هو الأصل الذي أُخِذ منه سياسة البشر. فكأن الإنسان بعد أن تمرس في سياسة الدواب، ارتقى إلى سياسة الناس، وقيادتهم في تدبير أمورهم. ولذا قال شارح القاموس: ومن المجاز: سُسْتُ الرعية سياسة: أمرتهم ونهيتهم. وساس الأمر سياسة: قام به. والسياسة: القيام على الشيء بما يصلحه" (¬2). فالسياسة لها في اللغة معنيان: الأول: فعلُ السائس، وهو من يقوم على الدواب، ويروضها. الثاني: القيام على الشيء بما يصلحه. خلاصة: مما سبق؛ يتضح لنا أن مدار معنى كلمة السياسة لغةً، يدور حول معاني التدبير، والإصلاح، والرعاية، والتربية، والقيادة، وتقودنا هذه الخلاصة من معنى السياسة لغةً إلى معناها الاصطلاحي؛ والذي تأثر كثيراً بمعانيها اللغوية. فما هو تعريفها اصطلاحاً؟ ¬

_ (¬1) - المعجم الوسيط، مادة: ساس، ص 462. مرجع سابق. (¬2) - مقال على موقع القرضاوي http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=5880&version=1&template_id=119&parent_id=13

المطلب الثاني تعريف السياسة اصطلاحاً: وفي هذه الناحية، نجد تعريفات متعددة للسياسة، عند ذوي الاختصاص كما جاء في موسوعة العلوم السياسية (¬1) منها: السياسة هي " فن إدارة المجتمعات الإنسانية ". وهي " أساليب الحكم، والإدارة في المجتمع المدني ". أو هي " أفعال البشر، التي تتصل بنشوء الصراع، أو حسمه، حول الصالح العام، والذي يتضمن دائماً استخدام القوة، أو النضال في سبيلها ". أو هي " أصول، أو فن إدارة الشئون العامة ". تعليق على التعريفات السابقة: يتبين لنا مما سبق في التعريفات أن السياسة تتعدد معانيها " فهي عند البعض تشير إلى السلوك المتعلق بمؤسسات وعمليات الحكم، فيما يعتبرها آخرون العملية التي تتعامل بمقتضاها الجماعة البشرية وصولاً لأهدافها ... " (¬2). وغير ذلك من المعاني، والتي يمكن أن نخلص منها إلى تعريف يسير للسياسة، فأقول - بعون الله وفضله -: (السياسة هي القيام بأمر الناس وحكمهم بما يصلحهم، وينظم حياتهم). تعريف الإعلام السياسي: وينبني على ما سبق من التعريف والتعليق أن نقول - بعون الله وتوفيقه -: إن الإعلام السياسي، هو الإعلام القائم على تزويد الناس بالمعلومات السليمة، والحقائق الثابتة، عن أصول إدارة المجتمعات الإنسانية، وكيفية تسيير نظم الحكم فيها، بحيث تصل بالجماهير لتصور واضح في طريقة إدارة الشئون العامة للمجتمع. وبهذا التعريف للإعلام السياسي نقترب ونلامس مبحثنا التالي وهو: ¬

_ (¬1) - موسوعة العلوم السياسية، مجموعة مؤلفين، إصدار جامعة الكويت بالتعاون مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ص102 (¬2) - المصدر نفسه.

المبحث الثاني أهداف الإعلام السياسي في القرآن الكريم

المبحث الثاني أهداف الإعلام السياسي في القرآن الكريم تسمو غايات، وأهداف القرآن الكريم، في جميع ما يتناوله من موضوعات؛ فترتفع عن الشخصانية، والهوائية، والعصبية البغيضة، وتعلو بالمكلفين إلى درجات من الصلاح، والاستقامة، بما يحقق لهم حياة كريمة، وعيشاً مستقراً. ومَنْ تأمل في القرآن الكريم، مِنْ جانب التوجيهات الإعلامية السياسية، وجد أهدافاً محددة أكد عليها الكتاب العزيز، ومن هذه الأهداف: 1 - إعلان الحاكمية لله سبحانه: الله تعالى هو الحكم المطلق، الذي له الخلق والأمر، لا معقب لحكمه، ولا راد لأمره، قال سبحانه {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} (¬1) أي وحده وليس لأحد سواه " القضاء قضاؤه، والأمر أمره، فما قضاه وحكم به لا بد أن يقع " (¬2). وقد اعتنى القرآن الكريم عناية فائقة بالحاكمية، ويرجع هذا الاهتمام إلى أن مصير الأمة متعلق بهذه القضية، لأن الحاكمية لله عز وجل في جميع نواحي الحياة وجزئياتها سبيل سعادة الناس، والاطمئنان في معاملاتهم، ومعايشهم؛ قال سبحانه {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)} (¬3). فحاكمية الله تعالى على خلقه من لوازم توحيده رباً خالقاً مدبراً، وإلهاً معبوداً متفرداً، قال سبحانه ... {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (¬4) ومثله قوله سبحانه {وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (¬5) فالله تعالى "هو الحاكم في الدارين، في الدنيا، بالحكم القَدَري، ¬

_ (¬1) - سورة الأنعام من الآية 57، وسورة يوسف من الآيتين 40 و67 (¬2) - تفسير السعدي / 551 (¬3) - سورة الأعراف. آية: 54 (¬4) - سورة القصص. آية: 70 (¬5) - سورة القصص. آية 88

2 - التأكيد على وحدة الأمة الإسلامية

الذي أثره جميع ما خلق وذرأ، والحكم الديني، الذي أثره جميع الشرائع، والأوامر والنواهي. وفي الآخرة يحكم بحكمه القدري والجزائي، ولهذا قال: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} فيجازي كلا منكم بعمله، من خير وشر." (¬1) وقال سبحانه {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (¬2). قال الإمام ابن كثير رحمه الله:" ينكر تعالى على من خرج عن حُكْم الله المُحْكَم، المُشْتمل على كل خير، الناهي عن كل شر، وعَدَلَ إلى ما سواه، من الآراء والأهواء ...... كما كان أهل الجاهلية يَحْكُمون به من الضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم ....... {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} أي ومن أعدل من الله في حكمه؟!. لمن عقل عن الله شرعه، وآمن به، وأيقن وعلم أن الله سبحانه أحكم الحاكمين" (¬3). ومن أهداف التوجيه الإعلامي السياسي في القرآن الكريم: 2 - التأكيد على وحدة الأمة الإسلامية: * إن الإسلام هو الرابط الوثيق، والوشيجة الأسمى بين المسلمين، بحيث تتقدم رابطتُه، رابطةَ الدَّم والعِرْق. قال الله تبارك وتعالى {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (¬4) فأمر اللهُ المسلمين أن يكونوا أمة واحدة، متينة الروابط، قوية العقيدة، قويمة الخلق، عزيزة الجانب، يتساوى أفرادها في الحقوق والواجبات، تتعاون على ما يجلب لها الخير، ويدفع عنها الضر، وتتكاتف في سبيل نصرة الشريعة المطهرة، وإعلاء كلمة الله. ولذلك شرع الله تعالى للمسلمين من الأحكام والتعاليم ما يجمع شملهم، ويوحد كلمتهم، ويلم شعثهم ويضم شتاتهم، وامْتَنَّ عليهم بذلك فقال سبحانه {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (¬5). ¬

_ (¬1) - تفسير السعدي / 871 (¬2) - سورة المائدة. آية 50 (¬3) - تفسير ابن كثير 2/ 94 - 95 (¬4) - سورة آل عمران. آية 103 (¬5) - سورة الأنفال. آية 63

3 - بيان السنن الربانية للظهور والتمكين في الأرض

* إن وحدة المسلمين السياسية، هي نتاج طبيعي لوحدتهم العقائدية، ولقد قرَّرَ الرسول عليه الصلاة والسلام هذه الوحدة منذ اللحظة الأولى لبناء الدولة الإسلامية فوضع منهاجاً حدَّدَ من خلاله هوية الأمة والدولة، وتَوَحَّدَ المسلمون على أساس الإسلام. وقد عبَّرت الصحيفة التي كتبها الرسول عليه الصلاة والسلام للمسلمين في المدينة عن هذا المعنى فقال: «بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب محمد النبي، بين المؤمنين المسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم، أنهم أمة واحدة من دون الناس» (¬1). * وهذا كما جاء في قول الحق تعالى {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (¬2). إن هذه الوحدة هي السبيل الوحيد للخلاص من حالة الفُرقة والتشرذم التي تشهدها أمتنا، وهي الحل الوحيد لكسر حالة الذل والهوان التي تجلب عليهم الويلات كل يوم. * كما حذرهم ربهم مغبة التنازع والفرقة والاختلاف {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (¬3).فواجب كل مسلم، أن يقوم لله بالحق، نصحاً، وبياناً، وحرصاً على سلامة هذه الأمة من التفكك وعوامل الانهيار، فهي الأمة الخاتمة، وهي خير أمة أخرجت للناس، إن اعتصمت بالوحي الصادق واستقامت على كتاب ربها وسنة نبيها عليه الصلاة والسلام، وكانت على مثل ما كان عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام، وتابعت خير القرون فيما كانوا عليه، من علم نافع، وعمل صالح، وحرص على تحقيق الأخوة الإيمانية والوحدة الإسلامية قال سبحانه {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (¬4). ومن أهداف الإعلام السياسي في القرآن الكريم 3 - بيان السنن الربانية للظهور والتمكين في الأرض ¬

_ (¬1) - تهذيب سيرة ابن هشام. الأستاذ عبد السلام هارون. ص 134 و 135. دار البحوث العلمية بالكويت 1976م، الرحيق المختوم. لصفي الرحمن المباركفوري. ص 186: 188.دار المؤيد للنشر والتوزيع بالرياض. 2004م (¬2) - سورة الأنبياء. آية 92 (¬3) - سورة الأنفال. آية 46 (¬4) - سورة الحجرات. آية 10

فقد اقتضت سنة الله في خلقه، أن يكون التمكين للعباد في الأرض، مرتبطاً بعوامل مادية، يجب على الأمة تحصيلها، قبل تطلعها للظهور على الناس، وقد جاء ذلك في مواطن عديدة من القرآن العظيم، منها قوله سبحانه {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (¬1) "هذا وعد من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم، بأنه سيجعل أمته خلفاء الأرض، أي: أئمةَ الناس والولاةَ عليهم، وبهم تصلح البلاد، وتخضع لهم العباد، ولَيُبَدَّلُنّ بعد خوفهم من الناس أمنا وحكما فيهم، وقد فعل تبارك وتعالى ذلك. وله الحمد والمنة" (¬2). والملاحظ في هذا الوعد أنه ليس لكل أحد، بل لأناس مخصوصين، موصوفين {الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} فالإيمان الصادق، الذي لا ارتياب معه، ولا يشوبه شك، هو أساس تمكين المسلمين في الأرض، وتقدمهم على غيرهم، وانضمام العمل الصالح له، شرط ثان لابد من توفره، وقد تحقق كل ذلك في " الصحابة، رضي الله عنهم، لما كانوا أقوم الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم بأوامر الله عز وجل، وأطوعهم لله -كان نصرهم بحسبهم، وأظهروا كلمة الله في المشارق والمغارب، وأيدهم تأييدًا عظيما، وتحكموا في سائر العباد والبلاد. ولما قَصَّر الناس بعدهم في بعض الأوامر، نقص ظهورهم بحسبهم " (¬3). ومثل ذلك توجيه موسى عليه السلام لقومه {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (¬4) فالاستعانة بالله تعالى من لوازم الإيمان، والصبر من أرفع العمل الصالح، وبهما يحصل الظهور والتمكين، وقد صرح رب العالمين سبحانه بِعِلَّةِ نصرهم على عدوهم وتمكينهم فقال سبحانه {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ¬

_ (¬1) - سورة النور. آية 55 (¬2) - تفسير ابن كثير 3/ 401 - 403 (¬3) - نفسه. 3/ 403 (¬4) - سورة الأعراف. آية: 128

4 - تعريف الأمة بأحكام الإسلام في إدارة الحكم والشئون العامة

وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} (¬1) فما تحقق لهم ظهور ولا تمكين إلا بما تَحَلَّوْ به من صبر ويقين، أشار إلى ذلك ربنا سبحانه فقال {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)} (¬2). ويبقى معنا هدف رابع أخير، من أهداف الإعلام السياسي في القرآن الكريم وهو: 4 - تعريف الأمة بأحكام الإسلام في إدارة الحكم والشئون العامة وهذا هدف - أراه - من أشد الأمور ضرورة في عصرنا هذا خاصةً، وقد انتشرت وتأصلت دعوات كثيرة منحرفة، ليس لها من هَمٍّ سوى التخلص من الدين وسلطانه، والتهوين من منزلة النصوص المقدسة، التي نزل بها الكتاب تنظيماً لحياة البشر، وضبطاً لها على الطريق القويم، الذي يجلب لهم المنافع والمكاسب، ويدفع عنهم الأضرار والخسائر. ورغم عدم ورود لفظ السياسة ومشتقاته بالقرآن إلا أن ذلك لا يعني أن القرآن الكريم أهمل الجانب السياسي فلم يتعرض له أو يعتني به " ولا ريب أن هذا القول ضَرْب من المغالطة، فقد لا يوجد لفظٌ ما في القرآن الكريم، ولكن معناه ومضمونه مبثوث في القرآن ............. فالقرآن وإن لم يجئ بلفظ (السياسة) جاء بما يدل عليها، ويُنبئ عنها" (¬3). ويتضح هذا المقال حين نستعرض بعضاً من عناوين الموضوعات السياسية وغير ذلك من إشارات القرآن، التي تؤسس لبناء ضخم من مؤسسات عامة، وسلوكيات مُنْضَبِطة. وكشأن القرآن - في كثير من الموضوعات - يكتفي العزيز العليم سبحانه بقواعد، وأسس عامة، في الإرشاد والتوجيه، ثم يترك المجال فسيحاً خصباً للمكلفين، يتوسعون فهماً، وتطبيقاً، واجتهاداً في تحصيل مصالحهم، وتحقيق أسباب الاستقرار، والرخاء في معاشهم، بما لا يخالف، أو يتعارض مع ما جاء به الدستور الإلهي، والبيان الرباني. ¬

_ (¬1) - سورة الأعراف. آية: 137 (¬2) - سورة السجدة. آية: 24 (¬3) - مقال على موقع القرضاوي http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=5880&version=1&template_id=119&parent_id=13

ومن هذه الموضوعات التي جاءت الإشارة إليها في القرآن الكريم هدايةًً وتعليماً: الحاكمية لله وحده واجبات الحاكم والمحكوم الملك والسلطان العادل والظالم العدالة المساواة الشورى الخلافة البيعة التمكين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المعاهدات والمواثيق علاقات المسلمين بغير المسلمين القبول بالتعددية الانحرافات السياسية وسوف يتناول الباحث كثيراً من هذه العناوين بشيء من التفصيل في ثنايا المبحث التالي بعنوان: صور الإعلام السياسي في القرآن الكريم.

المبحث الثالث صور الإعلام السياسي في القرآن الكريم

المبحث الثالث صور الإعلام السياسي في القرآن الكريم: تنوعت أساليب القرآن الكريم في بث تعاليمه التي تنظم شأن المسلمين العام، وتوفر لهم قاعدة من التوجيهات والأسس، الكفيلة - عند تطبيقها - بضمان القيام بأمر الناس، والحكم بينهم، على الوجه الذي يتم فيه رعاية مصالح الدنيا والدين معاً. وكان من هذه الأساليب: اعتماد التكرار في تقرير الأسس والأركان التي يقوم عليها الحكم الإسلامي، وهو أسلوب قرآني مبين، يؤسس المعاني، ويؤكد المفاهيم، قال الإمام السيوطي - رحمه الله -:"وله - أي: التكرار - فوائد: منها: التقرير، وقد قيل " الكلام إذا تكرَّر تقرَّر " (¬1). وعلى هذا سار الإعلام القرآني، لتقرير القضايا الكبرى، في وجدان الأمة، ومن هذا البيان القرآني تكرار ما جاء في الأمر بـ: أداء الأمانات. الحكم بالعدل. طاعة الله ورسوله وولاة الأمر. وقد اجتمعت هذه الأسس الثلاثة للحكم الإسلامي (¬2) في قوله سبحانه {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (¬3) الأساس الأول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} قال العلامة السعدي - رحمه الله - " الأمانات كل ما ائتمن عليه الإنسان وأمر بالقيام به. فأمر الله عباده ¬

_ (¬1) - فوائد التكرار بتصرف من الإتقان للسيوطي 5/ 1648 - 1649. (¬2) - مستفاد من التفسير المنير. د وهبة الزحيلي. 3/ 126 - 135. ط دار الفكر - دمشق 2005 (¬3) - سورة النساء. آية: 58 - 59

بأدائها أي: كاملة موفرة، لا منقوصة ولا مبخوسة، ولا ممطولا بها، ويدخل في ذلك أمانات الولايات والأموال والأسرار؛ ....... " (¬1) * وقد تكرر الأمر بأداء الأمانة في مواضع مثل قوله سبحانه {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} (¬2) فأمر سبحانه مَنْ تحمَّل أمانة أن يقوم بأدائها، ونهى عباده المؤمنين عن التفريط، فيما لديهم من الأمانات، وشدد على وجوب أدائها، ومدح سبحانه الحافظين لها وأورثهم جنة النعيم قال سبحانه {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)} (¬3)، وجاء في الشرع الحنيف النهي عن مقابلة الخيانة بمثلها، فقال النبي عليه الصلاة والسلام (أدِّ الأمانة لمن ائتمنك، ولا تخن من خانك) (¬4)، بل نفى عليه الصلاة والسلام مسمى الإيمان عن فاقد أمانته فقال (لا إيمان لمن لا أمانة له) (¬5)، وسَلَكه في سِلْك المنافقين فقال عليه الصلاة والسلام (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) (¬6)، من أجل ذلك جاء هذا النداء الإلهي، خطاباً لجميع المؤمنين إلى يوم القيامة {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (¬7)، وهو نهي يجمع أنواع الخيانات كلها قليلها وكثيرها. وبحفظ الأمانات، وأدائها لأصحابها، تثبت أولى أسس الحكم الإسلامي، بحيث يرعى كل أفراد المجتمع المسلم أماناتهم، فيؤدون حق الله بلزوم أحكامه، وأداء شعائره، ويرعى الحاكم أمر رعيته، ويقوم بواجباته، ويحفظ المحكومون أمر بلدهم بطاعة ولاة أمورهم من الحكام والعلماء، وجمع القلوب عليهم، والحفاظ على وحدتهم وجماعتهم. ¬

_ (¬1) - تفسير السعدي / 227 - 228. (¬2) - سورة البقرة. آية: 283. (¬3) - سورة المؤمنون. آية: 8 - 11. (¬4) - رواه أبو داود عن أبي هريرة. باب: الرجل يأخذ حقه من تحت يده 3/ 804.رقم الحديث 3534. (¬5) - رواه أحمد. عن أنس بن مالك ص / 378 رقم الحديث / 12410.ط/ بيت الأفكار الدولية. 1998م (¬6) - رواه البخاري. كتاب الإيمان. باب علامة المنافق. ص / 30. رقم الحديث / 33، رواه مسلم. كتاب الإيمان. باب خصال المنافق. ص / 32. رقم الحديث / 59. كلاهما عن أي هريرة. (¬7) - سورة الأنفال. آية: 27.

الأساس الثاني {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} "وهذا يشمل الحكم بينهم في الدماء والأموال والأعراض، القليل من ذلك والكثير، على القريب والبعيد، والبَرِّ والفاجر، والولي والعدو" (¬1). والمراد بالعدل الذي أمر الله بالحكم به هو ما شرعه الله على لسان رسوله من الحدود والأحكام، ....... قال: {إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} وهذا مدح من الله لأوامره ونواهيه، لاشتمالها على مصالح الدارين ودفع مضارهما، لأن شارعها السميع البصير الذي لا تخفى عليه خافية، ويعلم بمصالح العباد ما لا يعلمون. والحكم بالعدل، وهو أصل من أصول الحكم الإسلامي، وهو أساس الملك، به يستتب الأمن والنظام، وتصل الحقوق لأهلها، وهو من مقتضيات الحضارة، والتقدم، والعمران، فلم تهنأ أمة بعيشها إلا في ظلال العدل. والحكم بالعدل أجمعت عليه الشرائع السماوية، وقد أمر الله به نبيه داود عليه السلام فقال له {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} (¬2). وقال لنبيه عليه الصلاة والسلام {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (¬3). * وقد تكرر الأمر بالعدل في مواضع جمَّةٍ من القرآن، قال سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (¬4)، ومثله قوله سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ ¬

_ (¬1) - تفسير السعدي / 227 - 228. (¬2) - سورة ص. آية: 22 (¬3) - سورة المائدة. آية: 42 (¬4) - سورة النساء. آية: 135.

لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (¬1)،" يأمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوامين بالقسط، أي بالعدل، فلا يعدلوا عنه يمينا ولا شمالا ولا تأخذهم في الله لومة لائم، ولا يصرفهم عنه صارف، وأن يكونوا متعاونين متساعدين متعاضدين متناصرين فيه" (¬2). وقال سبحانه {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (¬3)، " فالعدل الذي أمر الله به؛ يشمل العدل في حقه، وفي حق عباده، فالعدل في ذلك أداء الحقوق كاملة مُوَفَّرة، بأن يؤدي العبد ما أوجب الله عليه من الحقوق المالية، والبدنية، والمركبة منهما في حقه وحق عباده، ويعامل الخلق بالعدل التام، فيؤدي كلُّ والٍ ما عليه تحت ولايته سواء في ذلك ولاية الإمامة الكبرى، وولاية القضاء، ونواب الخليفة، ونواب القاضي ....... " (¬4). إن العدل يُشْعِر الإنسان بالأمن على ماله، وعرضه، وسائر حقوقه، فينصرف كل إنسان إلى عمله، ويسهم في بناء مجتمعه وأمته، وينطلق في ميادين التنافس الشريف، في ميادين الخير، وبالعدل تتم المساواة، ويتفاضل الناس بحسب قدراتهم وجهدهم. وبهذا يكون الإسلام قد سبق كل الذين دَعَوْا إلى العدل، وأرسى دعائمه، وطبقه أروع تطبيق في حياة المسلمين. الأساس الثالث: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}، فأمر بطاعته وطاعة رسوله وذلك بامتثال الأمر، الواجب والمستحب، واجتناب النهي. وأمر بطاعة أولي الأمر وهم: الولاة على الناس، من الأمراء والحكام والمفتين، فإنه لا يستقيم للناس أمر دينهم ودنياهم إلا بطاعتهم والانقياد لهم، طاعة لله ورغبة فيما ¬

_ (¬1) - سورة المائدة. آية: 8 (¬2) - تفسير ابن كثير 1/ 752. (¬3) - سورة النحل. آية: 90 (¬4) - تفسير السعدي / 614 - 615

عنده، ولكن بشرط ألا يأمروا بمعصية الله، فإن أمروا بذلك فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" (¬1). فالطاعة لله بتنفيذ أحكامه سبحانه، وطاعة الرسول عليه الصلاة والسلام فيما يبلغه عن ربه ويبينه من أحكام، وطاعة ولاة الأمر فيما لا معصية فيه، ومتى تحققت هذه الطاعة، وقف هذا الأساس الثالث حارساً على سابقَيْهِ، فتُؤَدَّى الأمانات، وتُحْفَظ الحقوق، ويُحْكَم بالعدل، طاعةً لله سبحانه ولرسوله عليه الصلاة والسلام. * هذا؛ وقد تكرر الأمر بطاعة الله ورسوله لما فيها من تحقق السعادة للمؤمنين في الدنيا والآخرة، وتأتي طاعة ولي الأمر ومَنْ في منزلته بصورة تابعة لطاعتهم لله سبحانه كما جاء في حديثه عليه الصلاة والسلام (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني) (¬2). وقال الله تعالى {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} (¬3). قال سبحانه {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} (¬4). وقال سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ} (¬5). وقال سبحانه {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (¬6). وقال سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (¬7). ¬

_ (¬1) - تفسير السعدي / 227 - 228. (¬2) - أخرجه البخاري كتاب الجهاد والسير. باب يقاتل وراء الإمام ويُتقى به. ص 567. رقم الحديث 2957، ورواه مسلم. كتاب الإمارة. باب طاعة الإمام. ص 527 رقم الحديث 1835. كلاهما عن أبي هريرة. (¬3) - سورة النساء. آية: 80 (¬4) - سورة آل عمران. آية: 32 (¬5) - سورة الأنفال. آية: 20 (¬6) - سورة النور. آية: 54 (¬7) - سورة محمد. آية: 33

آيات وآيات تربي المسلم، وتوجه مجتمع المسلمين، وترشد أمة الإسلام إلى طاعة الله سبحانه ورسوله عليه الصلاة والسلام، وطاعة من أوجب الكتاب والسنة طاعته من أولياء الأمور، وأهل الحل والعقد، وهذه الطاعة يترتب عليها رسم هيئة مميزة للأمة، وتحدد ملامح شخصيتها، وأوجه ولائها، حين يكون هَمُّ الحاكم والمحكوم تحصيلَ رضا رب العالمين سبحانه، فتتحد الكلمة، وتتآلف القلوب، وتستقر أحوال الأمة، وتستقيم معايشها، ويتحقق فيهم قول ربهم سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)} (¬1). ومن استعمال التكرار لتقرير المعاني وتثبيت المباديء ننتقل مع صورة أخرى من أجلى صور الإعلام السياسي في القرآن الكريم وهي: استخدام القصص القرآني في بيان الممارسات السياسية الصحيحة منها والخاطئة سبق لنا الكلام على الفوائد العظام، التي تتوافر للمتأملين في القصص القرآني، لما تحمله من تعليم، وعظة، واعتبار، في كافة المجالات التي تتعرض لها القصة القرآنية، ومنها الجوانب السياسية، والتي كان لها نصيب كبير في آيات القرآن وبيانه المعجز، ومن هذه الممارسات: الشورى في قصص القرآن الكريم ملكة سبأ ورجاحة عقل وحكمة قال الله تعالى {قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي ¬

_ (¬1) - سورة الأحزاب. آية: 70 - 71

مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} (¬1). في هذه الآيات الكريمات، يصور لنا الحق سبحانه، صورة من النظام السياسي القائم في هذه المملكة الغنية، والتي تتمثل في التوافق التام بين الحاكم والرعية، والثقة المتبادلة بين الطرفين، والتعاون على تحصيل الخير والنفع للأمة، والتزام الشورى منهجاً ووسيلة لاتخاذ القرارات المصيرية (ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون). فرغم الطاعة المطلقة، التي يبديها أشراف الناس، وقادتهم، لبلقيس ملكة سبأ، في الرخاء والشدة، في السلم والحرب (قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين)، إلا أنها كانت من العقل والحكمة بحيث لا تستبد بالأمر، ولا تستأثر بالقرار دونهم، فهي تؤكد حرصها الشديد على سماع آرائهم، والاعتماد على مشورتهم، للحفاظ على مملكتهم، وما يتمتعون به من حرية ورخاء، وتجنيبهم ذل الاستعباد، وقهر الجيوش الغازية. فضربت لنا الآيات الكريمات، مثلاً عظيماً في فضل الشورى، وأبانت لنا عن درس بليغ، في كيفية إدارة البلاد، في الظروف الاستثنائية المصيرية، حيث يجتمع أهل الرأي والمشورة، أهل الحل والعقد، يتباحثون، ويتشاورون، فينتفع بمشورتهم العباد والبلاد. وقد كان لهذا النهج السوي، القائم على الشورى، أعظم الأثر في العاقبة الحسنة، التي انتهت إليه مملكة سبأ، وملكتهم الحازمة العاقلة، من الإيمان والإسلام لله رب العالمين. فرعون: تسلط واستبداد وشورى زائفة وبضد هذه الصورة المشرقة – وبضدها تتميز الأشياء - بضد هذه الصورة للحكم الرشيد المبني على الشورى في مملكة سبأ، " ينقل القرآن صورة أخرى مظلمة عن الحكم الذي يقوم على التأله والتسلط، مثل حكم فرعون الذي قال للناس: (أنا ربكم الأعلى)، (ما علمت لكم من إله غيري)، والذي لا يستشير في الأمور الهامة إلا بطانته الخاصة، كما رأينا ذلك في قصة فرعون مع موسى، حين حاور فرعون فأفحمه، فهدده بالسجن، فقال موسى: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (30) قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (31) فَأَلْقَى ¬

_ (¬1) - سورة النمل. آية: 29 - 35

عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (32) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (33) قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} (¬1). فهذه ليست استشارة حقيقية، لأنها تخص (الملأ حوله) فقط، ثم هي استشارة موجهة، فهو لا يأخذ رأيهم في شأن موسى وماذا تكون رسالته، وما حقيقة أمره؟ بل حكم عليه قبل أن يسألهم الرأي: (إن هذا لساحر عليم، يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره) " (¬2). ولما كانت بطانته وأهل مشورته من المنتفعين، وأصحاب المصالح، الذين لا هم لهم إلا المحافظة على امتيازاتهم الخاصة، لما كانت بطانته كذلك، لم يسمع منهم ناصحاً، يردعه عن غيه، ويرده عن موارد الهلاك، فمضى متجبراً مستكبراً، يدفع الحق، ويستضعف المؤمنين؛ حتى أخذه الله أخذ عزيز مقتدر. فشتان بين الشورى الجامعة للمنافع، الجالبة للاستقرار، وبين التسلط والاستئثار بالقرار، الجالب للظلم والخراب، وسوء العاقبة في الدنيا والآخرة. نماذج المُلْك العادل، والمُلْك الظالم المتسلط "ذكر القرآن في المُلك الممدوح: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54)} (¬3) وذكر من آل إبراهيم: يوسف الذي ناجى ربه فقال: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ} (¬4) وإنما قال من المُلك، لأنه لم يكن مستقلا بالحكم، بل كان فوقه مَلِك، هو الذي قال له: {إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} (¬5)، وممَّن آتاهم الله المُلك: طالوت، الذي بعثه الله مَلِكا لبني إسرائيل، ليقاتلوا تحت لوائه، {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا} (¬6). ¬

_ (¬1) - سورة النمل. آية: 29 - 35 (¬2) - ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده. العلامة د يوسف القرضاوي ص / 129 - 130 (¬3) - سورة النساء. آية: 54 (¬4) - سورة يوسف. آية: 101 (¬5) - سورة يوسف. آية: 54 (¬6) - سورة البقرة. آية: 247

وذكر القرآن من قصته مع جالوت التي أنهاها القرآن بقوله: {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} (¬1) وممَّن ذكره القرآن من الملوك: ذو القرنين الذي مكَّنه الله في الأرض وآتاه الله من كل شيء سببا، واتسع مُلكه من المغرب إلى المشرق، وذكر الله تعالى قصته في سورة الكهف، مثنيا عليه. فقال: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} (¬2) وفي مقابل هذا ذم القرآن المُلك الظالم والمتجبر، المسلط على خَلق الله، مثل: مُلك النمروذ، وفيه يقول القرآن {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258)} (¬3). ومثل: مُلك فرعون الذي قال الله تعالى عنه {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} (¬4) " (¬5) ومن الإعلام السياسي بالقصص القرآني، إلى أسلوب قرآني آخر، وهو: 3 - تنويع الخطاب وهذا الأسلوب، أظهر الأساليب القرآنية، وأكثرها استعمالاً، ويأتي في صدارة وسائل الإعلام القرآني، فنجد الخطاب الإلهي في القرآن متنوعاً إنشاءً أو إخباراً، أمراً ونهياً، وترغيباً وترهيباً، ووعداً ووعيداً، وإخباراً وتذكيراً، واعتباراً وإنذاراً. ¬

_ (¬1) - سورة البقرة. آية: 251 (¬2) - سورة الكهف. آية: 83 - 84 (¬3) - سورة البقرة. آية: 258 (¬4) - سورة القصص. آية: 4 (¬5) - مقال على موقع العلامة القرضاوي بتصرف يسير http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=5880&version=1&template_id=119&parent_id=13

ولقد كان للإعلام السياسي ومبادئه ومعانيه حظ كبير ونصيب وافر في آيات الكتاب العزيز، لما يقوم به هذا الجانب الإعلامي من رسالة عظيمة في إمداد الناس بالحقائق الثابتة عن أصول إدارة البلاد ونظم الحكم، وتحقيق صلاح واستقرار الأمور في المجتمع المسلم خاصة، والعالم عامة. وفي النقاط التالية بعض الإشارات لتنويع الخطاب في الإعلام السياسي في القرآن الكريم: صور من الأمر والنهي في الإعلام السياسي في القرآن الكريم: الأمر بالوفاء العهود والمواثيق: وبه تستقيم علاقات الأفراد والدول، وتتفرغ الحكومات لحسن التخطيط والتنمية، وتنضبط المعاملات بجميع صورها، ويشيع جو من الثقة والطمأنينة، تتوحد به الكلمة، وتتراص خلفه الصفوف الوفية من عموم الرعية. قال الله سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (¬1). قال العلامة السعدي رحمه الله:" هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين بما يقتضيه الإيمان بالوفاء بالعقود، أي: بإكمالها، وإتمامها، وعدم نقضها ونقصها. وهذا شامل للعقود التي بين العبد وبين ربه، والتي بينه وبين الرسول، والتي بينه وبين الخلق " (¬2). وقال سبحانه {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} (¬3) "وهذا يشمل جميع ما عاهد العبد عليه ربه من العبادات والنذور والأيمان التي عقدها إذا كان الوفاء بها برا، ويشمل أيضا ما تعاقد عليه هو وغيره كالعهود بين المتعاقدين، وكالوعد الذي يعده العبد لغيره ويؤكده على نفسه، فعليه في جميع ذلك الوفاء وتتميمها مع القدرة" (¬4). ¬

_ (¬1) - سورة المائدة. آية: 1 (¬2) - تفسير السعدي. ص / 277 بتصرف. (¬3) - سورة النحل. آية: 91 (¬4) - تفسير السعدي. ص / 615

ومن أعظم العهود في النظام السياسي الإسلامي البيعة وهي: إعطاء العهد من المبايِع على السمع والطاعة للإمام في غير معصية، في المنشط والمكره والعسر واليسر وعدم منازعته الأمر وتفويض الأمور إليه (¬1). وقد وردت لفظة بايع في القرآن الكريم، في موضعين، من سورة الفتح: الأول قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (¬2). والثاني قوله تعالى {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} (¬3). وفي الآيتين تعظيم أمر البيعة، ووجوب الوفاء بها، خاصة وأن الله تعالى حاضر معهم يسمع أقوالهم ويرى مكانهم، ويعلم ضمائرهم وظواهرهم، {فَمَنْ نَكَثَ} فإنما يعود وبال ذلك عليه، والله غني عنه، {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} أي: ثوابًا جزيلا" (¬4). والبيعة هي ميثاق الولاء والالتزام بجماعة المسلمين والطاعة لإمامهم، فيلتزم الحاكم بالشريعة، والعدل، والشورى، وتلتزم الأمة بالطاعة، وفي الحديث عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: "بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ وَأَنْ نَقُومَ أَوْ نَقُولَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ" (¬5). ¬

_ (¬1) - الموسوعة الفقهية الكويتية. مادة: بيعة. 9/ 274. بتصرف. (¬2) - سورة الفتح. آية: 10 (¬3) - سورة الفتح. آية: 18 (¬4) - تفسير ابن كثير. 4/ 236 - 237. بتصرف (¬5) - رواه البخاري. كتاب الأحكام. باب كيف يبايع الإمامُ الناس. رقم الحديث/ 7199. ص / 1374، ومسلم. كتاب الإمارة. باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وتحريمها في المعصية. رقم الحديث 1709. ص / 529.

إنها ميثاق عظيم، وعهد أكيد يوحد صفوف الأمة، ويجمع كلمتها، ويحسم مادة الشرور، والخلاف، والنزاع، والشقاق، وبه قيام الحكم المستقر، والقضاء العادل. ومن توجيهات الإعلام السياسي في القرآن الأمر بالشورى (¬1) قوله تعالى {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)} (¬2) نزلت هذه الآية عقب غزوة أحد، التي خرج إليها الرسول -صلى الله عليه وسلم- نزولاً على رأي الأكثرية من أصحابه، المخالف لرأيه هو، وقد بينت أحداث تلك الغزوة أن رأي الرسول -صلى الله عليه وسلم-، كان هو الأصوب والأصح، ومع ذلك فقد أمر الله نبيه بعد هذه الأحداث، بأن يستغفر لأصحابه، وبأن يشاورهم في الأمر، على عموم هذا اللفظ وإطلاقه الشامل لكل صغيرة وكبيرة من شئون المسلمين. والنص قاطع في أن مبدأ الشورى مبدأ من مبادئ الإسلام الأساسية في الحكم، وإذا كان القرآن الكريم قد فرض الشورى على الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فإنه لا يَسُوغ لحاكم بعده، أن يتنصَّل من وجوبها، أو يتحلل من حكمها." قال الإمام ابن عَطِيَّة: وَالشُّورَى مِنْ قواعد الشرِيعة وعزائم الأَحكام ; مَنْ لا يستشير أهل العلم وَالدِّين فعزله واجِب. هذا ما لا خلاف فيه. " (¬3). " وقال ابن خُوَيْز مَنْدَاد: واجب على الْوُلَاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون , وفيما أَشْكَلَ عليهم من أمور الدِّين , ووجوه الجيش فيما يتعلَّق بالحرب , ووجوه النَّاس فيما يتعلَّق بالمصالح , ووجوه الكُتَّاب وَالْوُزَرَاء وَالْعُمَّال فيما يَتَعَلَّق بمصالح البلاد وَعِمَارتها " (¬4).فجعل الإسلام الشورى فريضةً إلهيةً لا اختيارَ للأمة في التخلي عنها، وهي شاملةٌ لحياة المجتمع في الأسرة وفي شئون الدولة وفي أحوال الأمة التي لا تجتمع على ضلالة. وقد مدحهم سبحانه فقال {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (¬5) فقد ذكر سبحانه الشورى في ¬

_ (¬1) - مستفاد من ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده. العلامة د يوسف القرضاوي ص / 125 - 126 (¬2) - سورة آل عمران. آية: 159 (¬3) - تفسير ابن عطية. المحرر الوجيز. ص / 376. ط دار ابن حزم – بيروت. 2002م. (في مجلد واحد) (¬4) - تفسير القرطبي. 4/ 161. ط دار الكتب العلمية – بيروت. 1988م (¬5) - سورة الشورى. آية: 38

أوصاف المؤمنين، مقرونة بمجموعة من الصفات الأساسية، التي لا يتم إسلام ولا إيمان إلا بها، وهي: الاستجابة لله تعالى، وإقام الصلاة، والإنفاق مما رزقهم الله، ويلاحظ أن هذه الآية مكية، يراد بها – والله أعلم – إرساء القواعد ووضع الأسس للحياة الإسلامية. ومما ورد في القرآن من الأساليب الإعلامية في النواحي السياسية: النهي عن اتباع الهوى من أعظم دواعي الضلال، وأسباب الهلاك، وفساد الأمم؛ وانهيار الدول، اتباع الهوى، فإنه يهوي بصاحبه إلى المهالك حتى يورده النار، ويهوي بالمجتمعات، فتختل أنظمتها، وتضطرب المباديء والمفاهيم، وتتداعى القيم، "وتأمل، فكل موضع ذكر الله تعالى فيه الهوى، فإنما جاء به في معرض الذم له ولمتبعيه، وقد رُوِيَ هذا المعنى عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: ما ذكر الله – عز وجل – الهوى في كتابه إلا ذمه" (¬1). " وأصل الضلال: اتباع الظن والهوى، قال تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} (¬2)، وهذا وصف للكفار فكل من له نصيب من هذا الوصف فله نصيب من متابعة الكفار بقدر ذلك النصيب. وقال – تعالى – في حق نبيه، صلى الله عليه وسلم، {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (¬3)، فنزهه عن الضلال والغواية، الذين هما: الجهل والظلم، فالضال هو الذي لا يعمل الحق، والغاوي الذي يتبع هواه. . فوصفه بالعلم ونزهه عن الهوى. ومتبع الهوى لا بد أن يضل، سواء عن علم أو عن جهل، فإنه كثيراً ما يترك العلم اتباعاً لهواه، ولا بد أن يظلم إما بالقول أو بالفعل، لأن هواه قد أعماه " (¬4). ولهذا تتابع النهي في القرآن عن اتباع الهوى، قال سبحانه {فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135)} (¬5) ¬

_ (¬1) - الموافقات. للإمام الشاطبي. 2/ 291. ط دار ابن عفان – السعودية – الخبر 1997. بتحقيق الشيخ مشهور حسن. (¬2) - سورة النجم. آية: 23 (¬3) - سورة النجم. آية: 2 - 4 (¬4) - الهوى وأثره في الخلاف. د عبد الله الغنيمان ص / 11 - 12 بتصرف. دار ابن الجوزي – الرياض. 1429هـ (¬5) - سورة النساء. آية: 135

وقال سبحانه {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)} (¬1) وقال سبحانه {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} (¬2) وقال سبحانه {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49)} (¬3) فَنَهَت الآيات عن اتباع الهوى، وبينت مضاره، ومفاسده؛ التي تعم الأفراد والمجتمعات، فيفشو الظلم، ويسود الباطل، وتنتشر الفتن، فلا يهنأ الناس بعيش ولا استقرار. وكما اشتمل الإعلام السياسي في القرآن على الأمر، والنهي؛ فقد اشتمل أيضاً على: الترغيب بذكر ثمرات ومحاسن السياسات المبنية على الشريعة الإلهية كما في قوله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} (¬4)، وقال سبحانه {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (¬5). ففي هاتين الآيتين، إعلام من الله تعالى لعباده، أنهم إن اتبعوا تعاليم الكتب المنزلة عليهم، والتزموا أحكامها؛ فإنه يهديهم الصراط السوي، وينير لهم دروبهم، حتى يتحقق لهم الأمن، والأمان، والسلام في جميع مجالات حياتهم، ومعايشهم. وقال سبحانه {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ ¬

_ (¬1) - سورة ص. آية: 26 (¬2) - سورة المائة. آية: 48 (¬3) - سورة المائدة. آية: 49 (¬4) - سورة النساء. آية: 174 - 175 (¬5) - سورة المائدة. آية: 15 - 16

وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ} (¬1).وفي الآية تأكيد على المعنى السابق، وفيه الترغيب الكبير، والحث الشديد، على التمسك بالأحكام الربانية والشريعة الإلهية، وأن ذلك هو السبيل للفوز بتكفير السيئات ودخول الجنات في الآخرة، وتحصيل الخيرات، والبركات، والعيش الرغيد في الدنيا. والخطاب وإن كان موجهاً لأهل الكتاب، فهو عام لغيرهم، فقوله تعالى {وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ} "يعني القرآن العظيم" (¬2)، وهو كتاب المسلمين ونحن أحق بذلك منهم، فإن تمسكنا به وحققنا ما اشترطه ربنا تبارك وتعالى عليهم فُزْنا بوعده الصادق الذي لا يتخلف، من الفوز والنعيم الأخروي، والاستقرار والسلام في الحياة الدنيا. وفي مثل هذا المعنى يقول سبحانه {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (¬3). وكما وقفنا على جانب الترغيب سريعاً، نقف هُنَيَّهة عند الترهيب في هذا الجانب: الترهيب ببيان سوء العاقبة للمنحرفين والبغاة والظالمين ومن هذا قول الحق تعالى يحكي عن رهط ثمود المفسدين {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (¬4). وقال سبحانه عن فرعون {وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ (41) وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ} (¬5). ¬

_ (¬1) - سورة المائدة. آية: 65 - 66 (¬2) - تفسير ابن كثير 2/ 110 (¬3) - سورة الأعراف. آية: 96 (¬4) - سورة النمل. آية: 49 - 52 (¬5) - سورة القصص. آية: 39 - 42

ومن هذا أيضا هذه الآيات الجامعات عن هلاك الظالمين قوله تعالى {وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38) وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39) فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)} (¬1).فتضمنت الآيات ذكر سوء العواقب والحصاد المر الذي يحصده المتجبرون الظالمون، وأصحاب المكر السييء، من فقدان نعيمهم وملذاتهم وعقابهم في الدنيا، مع ما ينتظرهم من العذاب والنكال في الآخرة. وهذا كله عبرة لأولي الألباب، وعظة لمن كان له قلب حي شهيد. ومن أساليب الإعلام في القرآن الكريم: مدح الصفات الحميدة التي بنبغي التحلي بها للشخصية السياسية المسلمة المعايير الأخلاقية، التي جاء بها القرآن الكريم، هي معايير ثابتة، لجميع المكلفين على تنوع وظائفهم وأعمالهم، ولكنها تزداد تأكيداً، في حق ولاة الأمر من الحكام، والوزراء، وسائر أصحاب الولايات. وقد تضمنت آي الكتاب العزيز، الإشارة والمديح لعديد من الصفات، يحتاج إليه بلا شك كل من له صلة بأمر الإدارة والحكم، وإصلاح شئون الأمة، ويجب أن يكون متصفاً بها، ملتزماً بمقتضياتها. ومن هذه الصفات: الإخلاص والتجرد، ويُعَبَرُ عنها في عصرنا بـ (النزاهة والشفافية) فيحتاج كل السياسيِّين إلى التمتع بهاتين الصفتين لما لهما من تأثير هائل في اتخاذ القرارات، من دون التأثر بأغراض شخصية، أو ميل فكري، بل تكون مصلحة أمته واستقرارها هدفه في كل الأحوال. ¬

_ (¬1) - سورة العنكبوت. آية: 38 - 40

ومن ذلك قوله تعالى على لسان النبي عليه الصلاة والسلام {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} (¬1). وقوله سبحانه على لسان نوح {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (¬2). وقوله سبحانه على لسان شعيب {قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (¬3).وتمتع السياسي بهذه الصفات يكسبه ثقة الآخرين، ويرفعه فوق مستوى الشبهات، ويساعد على قبول أطروحاته في شئون الأمة. ومن الصفات الضرورية أيضاً العلم وهي صفة لازمة لمُتَوَلِّي أمراً عاماً يستطيع به التمييز في الأمور، وتدبير شئون الرعية، ومعرفة الحلال والحرام، ونجد الأثر الفادح، والعاقبة المريرة، حين تصدر الجهال، وساد الرويبضة، وسفهاء القوم. ولهذا نرى الصديق يوسف عليه السلام يسوق مسوغات تعيينه قائلاً، فيما حكاه ربنا تعالى {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (¬4). ويأمر الله تعالى عباده المؤمنين بالرجوع لأهل العلم المُسْتَنْبِطين، من أهل الحل والعقد {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬5) وبعث اللهُ تعالى طالوتَ ملِكاً، على بني إسرائيل، فلما استنكروا ذلك لفقره، قيل لهم {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247)} (¬6)، فبالعلم تقوم الحضارات، وتتقدم الأمم، وتمتع السياسيين ¬

_ (¬1) - سورة الأنعام. آية 90 (¬2) - سورة يونس. آية 72 (¬3) - سورة هود. آية 88 (¬4) - سورة يوسف. آية 55 (¬5) - سورة النساء. آية 83 (¬6) - سورة البقرة. آية 247

بالعلم، يفتح لهم آفاق التخطيط الحسن، وتقدير الأمور، فيكثر صوابهم، ويقل خطأهم. ومن الصفات التي يلزم القائمين على أمور الحكم التحلي بها: القوة والأمانة من لوازم الشخصية السياسية المسلمة، التمتع بالقوة في الحق، وفي الدفاع عن مصالح أمته، وليس القوة الباطشة الظالمة، فإنها مذمومة، لا يليق بمسلم فضلا عن ولاة أمورهم أن يتلبس بها، وأما الأمانة فإنها عماد الشخصية المسلمة، ولا عجب أن شهرة نبينا عليه الصلاة والسلام كانت (الأمين)، أمانة يقوم بها بتحمل تبعات مسئوليته، ويؤديها على الوجه الأتم والأكمل. وفي القرآن نقرأ قول جليس سليمان عليه السلام {قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39)} (¬1)، وقول ابنة الرجل الصالح من مدين {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26)} (¬2) وأبلغ من ذلك كله أمر الله تعالى لنبيه يحيى عليه السلام {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12)} (¬3) وبغير هاتين الصفتين، تصبح الشخصية السياسية، مسخاً، بغيضاً، لا يؤتمن على مصلحة نفسه، فضلاً عن أن يكون ولياً لأمر، متحملاً للمسئولية. ومن الصفات اللازمة للمتصدر للشأن العام: الصدق وهذه الصفة - خاصةً - كانت شعار دعوته عليه الصلاة والسلام قال الله تعالى {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34)} (¬4)، وبه أمر الله تعالى عباده المؤمنين فقال سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)} (¬5)، ونحن المسلمين أولى الناس بلزوم هذا الخلق الحميد، في جميع معاملاتنا، وعلى كل المستويات، كي تشيع الثقة، والاطمئنان، ¬

_ (¬1) - سورة النمل. آية 39 (¬2) - سورة القصص. آية 26 (¬3) - سورة مريم. آية 12 (¬4) - سورة الزمر. آية 33 - 34 (¬5) - سورة التوبة. آية 119

ويتحقق الخير للمجتمع كله، قال سبحانه {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21)} (¬1). ومع وجود غير هذه الصفات - مما ينبغي التمسك به، والمحافظة عليه، كالشجاعة، والحزم، وحسن التأسي والاقتداء، والرفق واللين .... إلخ،- إلا أننا نكتفي بما سبق، ففيه غُنْيَةٌ عن التطويل، بعد وضوح المراد، بفضل الله تعالى. وبهذه الصفات المستقيمة، والخصال القويمة، نختتم الكلام عن الإعلام السياسي في القرآن الكريم، ومن ثم ننتقل للفصل التالي وفيه نتعرف على الإعلام العسكري، وقد يُسَمَّى (الجهادي - أو الحربي) ومن الله أستمد العون وأستلهم الرشاد. ¬

_ (¬1) - سورة محمد. آية 29

الفصل الثالث صور الإعلام العسكري في القرآن الكريم (الحربي - أو الجهادي)

الفصل الثالث صور الإعلام العسكري في القرآن الكريم (الحربي - أو الجهادي)

المبحث الأول تعريف الإعلام العسكري

المبحث الأول تعريف الإعلام العسكري كمثله من المصطلحات لابد لنا من التوقف للتعرف على معناه، وقد مربنا تعريف الإعلام، فنقف مع تعريف العَسْكَرية ومن ثَمَّ الإعلام العسكري. المطلب الأول تعريف العَسْكَرية لغة: قال الجوهري: " العَسْكَر: الجيش ..... ، والعَسْكَرَة: الشِّدَّة. قال طرفة: * ظل في عَسْكَرَةٍ من حبها * وعَسْكَرَ الرجلُ فهو مُعَسْكِرٌ. والمُعَسْكَرُ بفتح الكاف: الموضع" (¬1). وقال الفيروزآبادي: "العَسْكَرُ: الجمعُ والكثيرُ من كلِّ شيءٍ فارسيٌّ ومن الليلِ: ظُلْمَتُه. ..... والعَسْكَرَةُ: الشِّدَّةُ والجَدْبُ. وعَسْكَرَ الليلُ: تَراكَبَتْ ظُلْمَتُه، والقومُ: تَجَمَّعُوا أو وَقَعُوا في شِدَّةٍ" (¬2). جاء في المعجم الوسيط: " (عَسْكَر) القوم بالمكان: تجمعوا، ويقال عَسْكَر الليلُ: تراكمت ظلمته، والشيءَ: جمعه. (العَسْكَر) الجيش ومُجْتَمَعُه، والكثير من كل شيء، يقال: عَسْكَرٌ من رجال، وعَسْكَرٌ من خيل، وعَسْكَرُ الليل ظُلْمَتُه وانجلت عنه عساكر الهموم زال همه ... ، (ج) عساكر ... (العسكري) الجندي ... (المعسكر) مكان العسكر ونحوهم" (¬3). خلاصة التعريف اللغوي: أن لفظ العسكر، يدور حول معنى التجمع في الأصل، ثم صار علماً مع مشتقاته على التجمع للجيوش، وأفرادها فيقال لهم: عساكر، وأماكن تجمعها يقال لها: معسكرات، ويُنسب إليها أيضاً فيقال: عن الفرد في الجيش: عسكري، ويقال: علوم عسكرية. ¬

_ (¬1) - الصحاح. باب الراء فصل العين مع السين 2/ 746. ط دار العلم للملايين - بيروت 1979م (¬2) - القاموس المحيط باب الراء فصل العين مع السين ص / 565. ط مؤسسة الرسالة - بيروت 1987م (¬3) - المعجم الوسيط، مادة عسكر:، ص / 601. مرجع سابق.

المطلب الثاني تعريف العسكرية اصطلاحاً: لها تعريفات عديدة، ولكنها متقاربة المعاني، متفقة المضمون، وقد استخلصت بعضها، من عدة مواضع منها أن العسكرية هي: " العلم الذي يعالج أمور الحرب باعتبارها ظاهرة اجتماعية، ووضع خير المناهج والمباديء بكل ما يتصل بها من حيث أهدافها وقوانينها وآدابها" (¬1). أو هي: "هي العلم الذي يعنى بدراسة مختلف شؤون الحرب، والقتال، مثل: أسباب الحرب وأهدافها -آداب الحرب- بناء الجيش القوي - بناء المقاتل - إعداد القادة - التدريب على القتال - الحرب النفسية - المخابرات والأمن ومقاومة الجاسوسية - الانضباط والجندية وتقاليدها - بناء الروح المعنوية وإرادة القتال - إعداد الأمة للحرب - الصناعة الحربية واقتصاديات الحرب ... الخ " (¬2). أو هي: " مجموعة المبادِئ التي تشكّل قواعد السلوك الحربي الهادف لإحراز النصر، والرافض لتقبّل الهزيمة " (¬3). تعريف الإعلام العسكري: وينبني على ما سبق من التعريف أن نقول - بعون الله وتوفيقه -: إن الإعلام العسكري، هو الإعلام القائم على تزويد الناس بالمعلومات السليمة، والحقائق الثابتة، عن الشئون الحربية، والمبادئ العسكرية، وصولاً إلى تحرير وعي الأمة، وتحفيزها للبقاء حذرةً، جاهزة لمواجهة مخططات الأعداء، والدفاع عن نفسها. وبهذا التعريف للإعلام العسكري نقترب ونلامس مبحثنا التالي وهو: ¬

_ (¬1) - العلوم العسكرية في الحضارة الإسلامية. دراسة على الشبكة العنكبوتية. على هذا الرابط http://defense-arab.com/vb/showthread.php?t=18997 (¬2) - المصدر السابق (¬3) - مقال بعنوان التعليم العسكري ومبادئ الحرب. العميد: عيسى بن إبراهيم الرشيد مجلة كلية الملك خالد العسكرية. عدد 71/ 1 - 12 - 2002م

المبحث الثاني أهداف الإعلام العسكري في القرآن الكريم

المبحث الثاني أهداف الإعلام العسكري في القرآن الكريم يمكن لنا أن نلخص هذه الأهداف في النقاط التالية 1 - تنمية روح الانتماء والولاء لأمة الإسلام ومن هذا قوله تعالى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (¬1). قال الإمام ابن كثير رحمه الله " أي يتناصرون ويتعاضدون، كما جاء في الصحيح: (المؤمن للمؤمن كالبنان يشد بعضه بعضا. وشبك بين أصابعه) (¬2). وفي الصحيح أيضا: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم، كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) (¬3) " (¬4). ومنه قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} (¬5). قال العلامة السعدي رحمه الله " هذا عقد موالاة ومحبة، عقدها الله بين المهاجرين الذين آمنوا وهاجروا في سبيل الله، وتركوا أوطانهم لله لأجل الجهاد في سبيل الله، وبين الأنصار الذين آووا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأعانوهم في ديارهم وأموالهم وأنفسهم، فهؤلاء بعضهم أولياء بعض، لكمال إيمانهم وتمام اتصال بعضهم ببعض" (¬6). وأقطع من هذا وأظهر قوله تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (¬7). ¬

_ (¬1) - سورة التوبة. آية: 71 (¬2) - البخاري. كتاب الصلاة. باب تشبيك الأصابع في المسجد وفي غيره رقم الحديث: 481، ومسلم كتاب البر والصلة والآداب. باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم. رقم الحديث: 2585. (¬3) - البخاري. كتاب الأدب. باب رحمة الناس والبهائم رقم الحديث 6011، ومسلم كتاب البر والصلة والآداب. باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم. رقم الحديث: 2586 .. (¬4) - تفسير ابن كثير. 2/ 486 (¬5) - سورة الأنفال. آية: 72 - 73 (¬6) - تفسير السعدي. ص / 439 - 440 (¬7) - سورة الحجرات. آية: 10

2 - حشد أفراد الأمة للتأهب للدفاع عن الدين والمقدسات

ومن أهداف الإعلام العسكري في القرآن الكريم 2 - حشد أفراد الأمة للتأهب للدفاع عن الدين والمقدسات: ويُراد من ذلك إبقاء المسلمين في حالة من اليقظة، والاستعداد الدائم لمواجهة الأخطار المحدقة، والمخططات السيئة، التي يدبرها أعداء الأمة، وتشمل هذه اليقظةُ، وهذا الاستعدادُ، كلَّ ما مِنْ شأنه أن يُقَوِّي جانب المسلمين، ويُخَوِّف أعداءهم. ومن هذا قوله جل وعز {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)} (¬1)، قال العلامة السعدي رحمه الله: " أي {وَأَعِدُّوا} لأعدائكم الكفار الساعين في هلاككم وإبطال دينكم. {مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} أي: كل ما تقدرون عليه من القوة العقلية والبدنية وأنواع الأسلحة ونحو ذلك مما يعين على قتالهم، فدخل في ذلك أنواع الصناعات التي تعمل فيها أصناف الأسلحة والآلات من المدافع والرشاشات، والبنادق، والطيارات الجوية، والمراكب البرية والبحرية، والحصون والقلاع والخنادق، وآلات الدفاع، والرأْي: والسياسة التي بها يتقدم المسلمون ويندفع عنهم به شر أعدائهم، وتَعَلُّم الرَّمْيِ، والشجاعة والتدبير" (¬2). ومن هذا أيضاً قوله جل شأنه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (71)} (¬3)، قال الإمام ابن كثير رحمه الله " يأمر الله عباده المؤمنين بأخذ الحذر من عدوهم، وهذا يستلزم التأهب لهم بإعداد الأسلحة والعدد وتكثير العدد بالنفير في سبيله. (ثُبَاتٍ) أي: جماعة بعد جماعة، وفرقة بعد فرقة، وسرية بعد سرية، ..... ،قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: (فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ) أي: عُصبا يعني: سرايا متفرقين (أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا) يعني: كلكم" (¬4). وبغير هذا الحزم، تُنْتَقَص هيبة الأمة، وتُغْتَصَب أرضها، وتُمْتَهَن ¬

_ (¬1) - سورة الأنفال. آية: 60 (¬2) - تفسير السعدي. ص / 436 (¬3) - سورة النساء. آية: 71 (¬4) - تفسير ابن كثير 1/ 697

3 - بث وإشاعة روح الثقة في الأمة

كرامتها، فلابد للأمة من تأهب دائم، وحيطة، وترقب، واستعداد متواصل، كي تظل مرهوبةَ الجانب، مصانةَ المقدسات. ومن أظهر أهداف الإعلام العسكري في القرآن الكريم 3 - بث وإشاعة روح الثقة في الأمة: وهي ثقة في الله تعالى، ويقينٌ بوعده لعباده المؤمنين، ثقة تبعث على العمل، والأخذ بأسباب القوة، وليست الثقة المخدرة، التي تنغمس معها الأمة في الغرور، وتوقع في الإهمال، وترك دوام اليقظة والحيطة. ومن الآيات التي تشيع هذه الروح في الأمة قوله تعالى {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} (¬1)، آية عظيمة وبشرى جليلة بولاية الله لعباده المؤمنين، يحبهم سبحانه، ويؤيدهم، وينصرهم على عدوهم. وعن هذه الآية يقول الشيخ السعدي رحمه الله "وهذه بشارة عظيمة، لمن قام بأمر الله وصار من حزبه وجنده، أن له الغلبة، وإن أُدِيلَ عليه في بعض الأحيان لحكمة يريدها الله تعالى، فآخر أمره الغلبة والانتصار، ومن أصدق من الله قيلا" (¬2). ومن ذلك قوله تعالى يمدح المؤمنين المصَدِّقين {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (22)} (¬3). إنها الثقة الغامرة بالله تعالى وبوعده الصادق، ثقة تَثْبُتُ بها الأقدامُ، وتَرْخُصُ معها النُّفوسُ والنَّفِيسُ في سبيل الله، بكل إيمان وتسليم، فيرد الله عنهم كيد الكافرين، ويدفع أذاهم. وفي هذا المعنى جاء قوله تعالى {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} (¬4). قال الإمام ابن كثير رحمه الله " فيه بشارة عظيمة بالنصر والظفر على ¬

_ (¬1) - سورة المائدة. آية: 55 - 56 (¬2) - تفسير السعدي. ص / 303 (¬3) - سورة الأحزاب. آية: 22 (¬4) - سورة محمد. آية: 35

4 - تربية الأمة على الجدية، وعلو الهمة

الأعداء، {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} أي: ولن يحبطها ويبطلها ويسلبكم إياها، بل يوفيكم ثوابها ولا ينقصكم منها شيئا" (¬1). ومن أهداف الإعلام العسكري في القرآن الكريم 4 - تربية الأمة على الجدية، وعلو الهمة: فأمة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، أمة ذات مسئوليات جسام، وتحديات عظيمة، فهم أمة النبي الخاتم، صاحب كلمة الله الباقية إلى يوم الدين، القرآن الكريم، وهم الدعاة إلى الله، وحَمَلَةُ شريعته، وحماة دينه عزَّ وجلَّ، ولذلك فهم أولى الناس بالجِدِّية التامة في أمورهم، وقد جاءت الآيات تترى تُذَكِّر بالمهام الجليلة، وترشد إلى خيرية الأمة، وما ينبغي أن يكون عليه المسلمون. ومن هذا قوله جل وعز {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} (¬2) " وهذا إرشاد من الله للمؤمنين أن يكون منهم جماعة متصدية للدعوة إلى سبيله وإرشاد الخلق إلى دينه، ويدخل في ذلك العلماء المعلمون للدين، والوعاظ الذين يدعون أهل الأديان إلى الدخول في دين الإسلام، ويدعون المنحرفين إلى الاستقامة، والمجاهدون في سبيل الله، ...... ومن المعلوم المتقرر: أن الأمرَ بالشيء أمرٌ بما لا يتم إلا به فكل ما تتوقف هذه الأشياء عليه فهو مأمور به، كالاستعداد للجهاد بأنواع العدد التي يحصل بها نكاية الأعداء وعز الإسلام، وتعلم العلم الذي يحصل به الدعوة إلى الخير وسائلها ومقاصدها، وبناء المدارس للإرشاد والعلم" (¬3). ويلحق بهذه المعاني قوله جل وعلا {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (¬4) ¬

_ (¬1) - تفسير ابن كثير. 4/ 232 (¬2) - سورة آل عمران. آية: 104 (¬3) - تفسير السعدي. ص / 171 (¬4) - سورة آل عمران. آية: 110

5 - غرس القيم الصحيحة، وتقويم السلوكيات المنحرفة

وفي جانب الانضباط السلوكي نقرأ قوله تعالى {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (¬1). وفي الآية ضبط لسلوك المؤمنين بالطاعة لله ورسوله، والصبر، وترك النزاع والشِّقاق، لئلا تَنْحَل العزائم، وتتفرق القُوَى وفي جانب رفع الهمم نقرأ قوله تعالى {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (¬2) فالهمم العالية تستسهل الصعب، وتستصغر العظائم، في سبيل تحقيق غاياتها، والمسلمون في جهادهم عدوهم، إنما يريدون وجه الله، ينشرون الحق، والعدل، فشتان بين مقاصدهم ومقاصد عدوهم الذي يريد العلو والفساد في الأرض. ومن أهداف الإعلام العسكري في القرآن الكريم 5 - غرس القيم الصحيحة، وتقويم السلوكيات المنحرفة: وهي قيم تحتاج إليها الأمة المجاهدة، تباشر بها المعتاد من حياتها، وتواجه بها الملمات، وتخوض بها المعارك دفاعاً وهجوماً. ومن هذه القيم: الصبر، الشجاعة، وصدق التوكل الله تعالى، ومحبة الفداء، والتضحية، والبذل، والإيثار، والإنفاق في سبيل الله، وقول الحق بلا مخافة للوم لائم، والثبات عند اللقاء. ومن الآيات التي تغرس هذه القيم في الأمة قوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬3)، حض المؤمنين على ما يوصلهم إلى الفلاح - وهو: الفوز والسعادة والنجاح، وأن الطريق الموصل إلى ذلك لزوم الصبر، الذي هو حبس النفس على ما تكرهه، من ترك المعاصي، ومن الصبر على المصائب، وعلى الأوامر الثقيلة على النفوس، فأمرهم بالصبر على جميع ذلك. ¬

_ (¬1) - سورة الأنفال. آية: 46 (¬2) - سورة النساء. آية: 104 (¬3) - سورة آل عمران. آية: 200

والمصابرة أي الملازمة والاستمرار على ذلك، على الدوام، ومقاومة الأعداء في جميع الأحوال. والمرابطة: وهي لزوم المحل الذي يخاف من وصول العدو منه، وأن يراقبوا أعداءهم، ويمنعوهم من الوصول إلى مقاصدهم، لعلهم يفلحون .... فعلم من هذا أنه لا سبيل إلى الفلاح بدون الصبر والمصابرة والمرابطة المذكورات، فلم يفلح من أفلح إلا بها، ولم يفت أحدا الفلاح إلا بالإخلال بها أو ببعضها. ومن هذا قوله تعالى {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51)} (¬1) على هذا اليقين والتسليم يحيى المؤمن، لا يصيبه إلا ما كتبه الله عليه وقدره، فهو سبحانه مولاه الكريم يجلب لهم المصالح ويدفع عنهم الأضرار، ولذا تجد المؤمن في جميع أموره معتمداً على مولاه، يثق في رعايته، فلا يخيب أبداً. ومن هذه القيم التي جاء بها الإعلام العسكري في القرآن الكريم: الإقدام والفداء والتخلص من الجبن والجزع، والضعف والخور، والثبات والصبر حين البأس، مع الإخلاص لله سبحانه. وكل هذه المعاني تضمنها قوله تعالى في الآيات الكريمة {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145) وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (¬2) ومن السلوكيات المذمومة التي حذر الله منها عباده المؤمنين: التخلف عن الجهاد والرضى بمتاع الدنيا وحذرهم من مغبة ذلك ومدح سبحانه أهل الإيمان المجاهدين بالنفس والمال، وأثابهم ثواباً عظيماً قال سبحانه {وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ ¬

_ (¬1) - سورة التوبة. آية: 51 (¬2) - سورة آل عمران. آية: 145 - 148

6 - فضح مؤامرات المنافقين والمرجفين و (الطابور الخامس) ومخططاتهم

اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (86) رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (87) لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89)} (¬1). وكما ذم سبحانه وحذَّر من التقاعس عن الخروج في الجهاد، حذَّر، ووبَّخ مَنْ ترك الإنفاق في سبيله قال سبحانه {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} (¬2). وهذا الجانب الأخلاقي، هو جانب أساسيٌ، في تمييز شخصية الأمة المسلمة، وتكوين وجدان وقناعات أفرادها، ويمكن القول بلا مبالغة: إن هذا الجانب هو أهم الجوانب لتكوين شخصية الدعاة إلى الله، والمحاربين في سبيله، فبغير هذه القيم والأخلاق يهترِئ نسيج الأمة، وتضعف، وتتلاشى قوتها، أو تنقلب تماماً إلى وحش كاسر، وطوفان مدمر، بدون هذه المنظومة المتكاملة من الأخلاق والقيم، التي تجعل منها قوة نافعة، ورحمةً - بحق - للعالمين. ومن أهداف الإعلام العسكري في القرآن الكريم 6 - فضح مؤامرات المنافقين والمرجفين و (الطابور الخامس) (¬3) ومخططاتهم وكانوا أخطر فئة على الإسلام والمسلمين فهم تظاهروا بالإسلام، واستبطنوا الكفر، وقد بلغ من اهتمام القرآن ببيان خطرهم أن نزلت سورة باسمهم (المنافقون)، وتناولت سورة (براءة) الكثير والكثير من مخازيهم وشنائعهم حتى سماها حبر الأمة عبد الله ابن عباس ¬

_ (¬1) - سورة التوبة. آية: 86 - 89 (¬2) - سورة محمد. آية: 38 (¬3) - الطابور الخامس: يشار به إلى العملاء السريين الذين يمارسون نشاطهم داخل صفوف العدو لإضعاف موقفه. ويقوم هؤلاء العملاء بتمهيد الطريق للغزو العسكري أو السياسي؛ لذلك يتسللون للعمل في الجيش أو في الحزب السياسي أو في مجال الصناعة. ويشمل نشاطهم التجسس والتخريب والتدمير الاقتصادي والدعاية وإثارة الشعور العام. وقد يصل إلى الاغتيال والإرهاب والثورة. وقد استعمل مصطلح الطابور الخامس. على هذا الرابط: http://mosoa.aljayyash.net/encyclopedia-21587/

رضي الله عنهما (الفاضحة) لأنها فضحت المنافقين، كما تناولتهم أيضاَ أجزاء كبيرة من سورة (النساء)، وأيضاً في سورة (الأحزاب)، وسورة (محمد) ومن الآيات التي فضحت مخططاتهم وبصرت الأمة بصفاتهم {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107)} (¬1). نزلت في المنافقين من أهل قباء اتخذوا مسجدا إلى جنب مسجد قباء، مضارة للمؤمنين ولمسجدهم الذي يجتمعون فيه، وقصدهم فيه الكفر، ليتفرق المسلمون ويختلفوا، وقد بنوا مسجدهم إعداداً، وإعانة للمحاربين لله ورسوله، الذين تقدم حرابهم واشتدت عداوتهم، وكانوا يحلفون أنهم ما أرادوا إلا الإحسان إلى الضعيف، والعاجز والضرير، فنزل الوحي فكذبهم وكشف بواطن قلوبهم، فبعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فهُدِّم وحُرِّق، وصار بعد ذلك مزبلة. ومن الآيات التي تناولت خيانة المنافقين وتخذيلهم عن الثبات ونصرة المسلمين، قوله تعالى {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12) وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (13) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (14)} (¬2). هذه عادة المنافقين عند الشدة والمحنة، لا يثبت لهم إيمان، أصابهم الجبن والجزع، ونسوا وعد الله ورسوله، وفاهوا بالكفر {مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا}، وبعضهم يعتذرون عن البقاء في الميدان بالأعذار الباطلة، وهم كذبة في ذلك، فما أرادوا إلا الفرار من المواجهة، مع كونهم أضعف من أن يدفعوا عن بيوتهم، بل ولا يثبتون على دينهم، فبمجرد أن يتغلب الأعداء، يعطونهم ما طلبوا، ويوافقونهم على كفرهم. ¬

_ (¬1) - سورة التوبة. آية: 107 (¬2) - سورة الأحزاب. آية: 12 - 14

7 - كشف أعداء الأمة والتحذير من كيدهم ومكرهم

وهذه وقفة أخرى، مع إحدى خياناتهم، لله ورسوله والمؤمنين. يقول تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11)} (¬1). يكشف الحق تعالى حال المنافقين متعجباً منهم، طَمَّعُوا إخوانهم من أهل الكتاب، في الخروج معهم، ونصرتهم، وموالاتهم على المؤمنين، وهم في كل دعواهم كاذبون، فهم أعجز من أن يتركوا أوطانهم لتعلقهم بها، وأجبن من أن يقاتلوا فلا صبر لهم، وسرعان ما يتولون هاربين. وهكذا؛ كانت تتنزل الآيات، تبصرة لأهل الإيمان، وتنبيهاً لهم وتحذيراً من مؤامرات المنافقين، ولو ذهبنا نستقصي مخازي المنافقين ومؤامراتهم التي فضحها القرآن لطال بنا المقال، وخرجنا عن مقصودنا في هذا البحث، فأكتفي إن شاء الله بما سبق وفيه إشارة للمطلوب. ومن أهداف الإعلام العسكري في القرآن الكريم 7 - كشف أعداء الأمة والتحذير من كيدهم ومكرهم وهو من أعظم الأهداف، وأشدها أثراً، والحاجة إليه ماسَّةً، لما له من التعريف بالعدو، وصفاته، ومواطن ضعفه، وأساليب كيده، ومكره. ومن الآيات في هذا الجانب، قوله تعالى محذراً من الانخداع بهم، ومحاولة استرضائهم والتقرب منهم {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} (¬2). صيغة تيئيسية - إن صح التعبير - فلا يطلب المسلم رضاهم، أو يخطب ودهم، فمهما فعل، فلن يظفر بمطلوبه، فأولى بالمؤمن أن يعتز بما هو عليه من هدى وبصيرة، والله وليُّه، وناصره. ¬

_ (¬1) - سورة الحشر. آية: 11 (¬2) - سورة البقرة آية: 120

قوله جل شأنه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} (¬1) وهنا تحذير من الانسياق وراء دعاوى القوم، أو الوقوع في شِراكهم، فإن غاية أمنياتهم، أن يردوهم إلى الكفر، ومبتغى سعيهم أن يُغْرِقوهم في الضلال. وقوله تعالى {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} (¬2) بيان إلهي واضح بأعداء المسلمين مرتبين حسب شدة عداوتهم فأولهم اليهود، ثم المشركون، والعجيب أن اليهود جاءوا في صدارة الأعداء، مع كونهم أهل كتاب، يعرفون صدق الرسول وصحة رسالته عليه الصلاة والسلام، ولكنه الظلم، والعلو في الأرض، وما جزاهم الله به من القسوة والطبع على القلوب، فلا يهتدون. ومن الآيات الكاشفة عن أعداء الأمة قوله تعالى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا} (¬3). فعداوتهم ظاهرة واضحة، فلا يستقيم الغفلة عنهم، ولا تجاهل أخطارهم. وقوله تعالى {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7) كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} (¬4). غلظة أكباد، وقسوة قلوب، فلا رحمة ولا شفقة تخالط مشاعرهم، مع خروج فاجر عن طاعة ربهم، ومتابعة رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام. وكما بينت الآيات عداوتهم الشديدة للإسلام ونبي الإسلام والمسلمين، فقد أكدت النهي عن اتخاذهم أولياء، أو أصفياء، فلا خير فيهم، ولا أمان معهم. وهذه الآيات المتتاليات في هذا المعنى الثابت، والأكيد: ¬

_ (¬1) - سورة آل عمران. آية: 100 (¬2) - سورة المائدة. آية: 82 (¬3) - سورة النساء. آية: 101 (¬4) - سورة التوبة. آية: 7 - 8

8 - الإعلام بأسباب النصر على الأعداء

قوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118)} (¬1) وقوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} (¬2) وقوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (¬3) وقوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (¬4) فكشف الله عن أعداء الأمة، وحذر مغبة الركون إليهم، والتهاون معهم، وبين شرورهم، وحقدهم وبغضهم للمؤمنين، وما يجب على الأمة من أقصى درجات الحذر وشدة المراقبة لعدوهم ودسائسه ومخططاته الخبيثة. ومن أهداف الإعلام العسكري في القرآن الكريم 8 - الإعلام بأسباب النصر على الأعداء وذلك أن للنصر والتمكين سنناً إلهية، لا تتخلف ولا تتبدل، وأسباباً لابد من تحصيلها، والعمل بمقتضاها، حتى تنعم الأمة بالنصر على عدوها. ومن أسباب النصر على الأعداء: القيام بواجب العبودية لله تعالى وحده إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة طاعة الرسول عليه الصلاة والسلام ¬

_ (¬1) - سورة آل عمران. آية: 118 (¬2) - سورة النساء. آية: 144 (¬3) - سورة المائدة. آية: 51 (¬4) - سورة المائدة. آية: 57

قال سبحانه {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (¬1). وكأن الآيات الكريمات تفيد أهل الإيمان بأنهم إن جاءوا بالإيمان، والأعمال الصالحة المذكورة، فالنصر حليفهم بإذن الله لأن الكفار مهما تجبروا، وطغوا، فإنهم لا يُعجزون رب الأرض والسماء، لا في الدنيا، ولا في الآخرة. ومن أسباب النصر على الأعداء: الثبات، والصبر عند اللقاء. ذكر الله كثيراً. طاعة الله ورسوله. الألفة والاجتماع. ترك الشقاق والنزاع. التواضع والإخلاص لله تعالى نقرأ هذه المعاني في قوله تعالى لعباده المؤمنين {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47)} (¬2) ومن أسباب النصر على الأعداء: الانتصار لله تعالى بنصرة دينه وشريعته إقام الصلاة وإيتاء الزكاة (سبقت معنا) (¬3) القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ¬

_ (¬1) - سورة النور. آية: 55 - 57 (¬2) - سورة الأنفال. آية: 45 - 47 (¬3) - رقم (ب) في أسباب النصر. الصفحة السابقة

جاء بهذا الكتابُ العزيزُ، يقول سبحانه {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (¬1) هذه الآيات، وغيرها، تتابعت على هذه المعاني، من أسباب تحقيق النصر على الأعداء، فمتى تحقق المسلمون بها، تحقق لهم موعود الله سبحانه، فأغاثهم، وأمدهم بجنوده، التي لا يعلمها إلا هو، ونصرهم على عدوهم. هذا ما تيسر للباحث من أهداف الإعلام العسكري في القرآن الكريم، وبه يحين موعد انتقالنا إلى المبحث التالي وهو: ¬

_ (¬1) - سورة الحج. آية: 40 - 41

المبحث الثالث صور الإعلام العسكري في القرآن الكريم

المبحث الثالث صور الإعلام العسكري في القرآن الكريم: 1 - الإعلام ببيان الحكمة وأسباب فرض القتال على المسلمين: اقتضت الحكمة في المرحلة المكية، أن يصبر المسلمون على أذى المشركين، وأن يتجهوا إلى تربية أنفسهم، ونشر دعوتهم، فكان الشعار المعلن {كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} (¬1). فلما صارت للمسلمين بالمدينة دولة، أُذِنَ لهم في القتال، وجهاد أعداء الله وكان لهذا التشريع حكم عظيمة منها: أ- الدفاع عن الدين ضد الكفار والمشركين: ومن هذا قوله تعالى {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} (¬2)، فأَذِن الله تعالى لعباده بقتال من عادوهم وأخرجوهم لا لشيء إلا أنهم مؤمنون برب العالمين، والحفاظ على الدين هو إحدى الضروريات الخمس للشريعة الإسلامية (¬3). ب- دفع المفسدين، ودرء مخططاتهم: ومن هذا قوله سبحانه {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} (¬4)، فهذه سنة ربانية، يشرف أهل الإيمان بالقيام بها، فيدفعون الفساد والمفسدين، محافظين على صلاح الأرض للعيش فيها، وعبادة رب العالمين. ت- التمكين للعقيدة من الانتشار: قال الله تعالى {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} (¬5)، فالقتال لهؤلاء الذين يحولون بين الناس ودعوة الحق، من دون عدوان على المسالمين. ¬

_ (¬1) - سورة النساء. آية: 77 (¬2) - سورة الحج. آية: 39 - 40 (¬3) - الموافقات. 2/ 20 (¬4) - سورة البقرة. آية: 251 (¬5) - سورة التوبة. آية: 36

ث- رد العدوان وتجنب الفتنة في الدين: ومن هذا قوله تعالى {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193) الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (¬1) وهذه الآيات تبين أن الواجب على المسلمين، مدافعة ومحاربة كل من يكون سبباً لفتنة الناس عن دين ربهم، فإن كانوا يدفعون عن أنفسهم القتل؛ فدفع الفتنة في الدين أولى، لأنها أشد أثراً وأعظم في الأمة. ج- ابتلاء المؤمنين وتمحيصهم: ويظهر هذا من قوله تعالى {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} (¬2). ومن قوله تعالى {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (¬3). فلابد للمؤمنين من الابتلاء بعدوهم، والصبر، والثبات، وجهاده بالنفس، والمال. ح- عقاب الناكثين للعهود والخائنين لله ورسوله {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (¬4)، وقال سبحانه {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} (¬5) وهذا أمر لابد منه، فالتهاون مع المجترئين على دولة الإسلام، يزيدهم بغياً عدواناً، وحين يعلمون أن مصير الناكثين، أو الخائنين، أن ¬

_ (¬1) - سورة البقرة. آية: 191 - 194 (¬2) - سورة آل عمران. آية: 141 - 142 (¬3) - سورة التوبة. آية: 16 (¬4) - سورة التوبة. آية: 13 (¬5) - سورة الأنفال. آية: 58

2 - استخدام تنوع الخطاب في تأسيس المفاهيم العسكرية

يذوق البأس الشديد، وأن يعود بمرارة الهزيمة والخيبة، حين يتحقق ذلك يكون رادعاً لهم عن نكث العهود، وخيانة الله تعالى والرسول عليه الصلاة والسلام ... (¬1) ومن صور الإعلام العسكري في القرآن الكريم: 2 - استخدام تنوع الخطاب في تأسيس المفاهيم العسكرية، وحشد الأمة وتحفيزها، ومن صور تنوع الخطاب الإعلامي العسكري: أ- أسلوب النداء: وقد اسْتُخْدِمَ كثيراً في هذا الجانب الإعلامي لما له من وقع عظيم على المستمعين، وتشريف لهم بالنداء الرباني، مما يبث في النفوس روح الحماسة، والمسارعة إلى الطاعة ومن هذا قوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (¬2) قال العلامة السعدي رحمه الله: "هذا أمر منه تعالى للمؤمنين، أن ينصروا الله بالقيام بدينه، والدعوة إليه، وجهاد أعدائه، والقصد بذلك وجه الله، فإنهم إذا فعلوا ذلك، نصرهم الله وثبت أقدامهم، أي: يربط على قلوبهم بالصبر والطمأنينة والثبات " (¬3). وقوله سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬4)،ومثله قوله عز وجل {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (¬5). قال ابن كثير رحمه الله: " أمر الله تعالى المؤمنين أن يقاتلوا الكفار أولا فأولا الأقرب فالأقرب إلى حوزة الإسلام؛ ولهذا بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال المشركين في جزيرة العرب، فلما فرغ منهم وفتح الله عليه ...... ، ودخل الناس من سائر أحياء العرب في دين الله أفواجا، شرع في قتال أهل الكتاب، فتجهز لغزو الروم الذين هم أقرب الناس إلى جزيرة العرب، وأولى الناس بالدعوة إلى الإسلام لكونهم أهل الكتاب" (¬6). ¬

_ (¬1) - بعد كتابتي لهذا (حكمة وأسباب فرض القتال)، وجدت كلاماً مفيداً ومختصراً في كتاب: ماذا قدم المسلمون للعالم. د راغب السرجاني. 1/ 156 - 158. ط مؤسسة اقرأ- القاهرة 2010. وما أثبته الباحث هنا ففيه كفاية عن المراد إن شاء الله تعالى. (¬2) - سورة محمد. آية: 7 (¬3) - تفسير السعدي. ص / 1107 (¬4) - سورة المائدة. آية: 35 (¬5) - سورة التوبة. آية: 123 (¬6) - تفسير ابن كثير. 2/ 528 - 529

ب- خطاب التحريض والإغراء

ب- خطاب التحريض والإغراء: وفيه دعوة للإقدام والبذل والفداء، ومن هذا قوله جل شأنه {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} (¬1). قال العلامة السعدي رحمه الله "هذا حث من الله لعباده المؤمنين وتهييج لهم على القتال في سبيله، وأن ذلك قد تعين عليهم، وتوجه اللوم العظيم عليهم بتركه" (¬2). ومن هذا قوله جل شأنه {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} (¬3).قال ابن كثير رحمه الله: "وهذا أيضا تهييج وتحضيض وإغراء على قتال المشركين الناكثين لأيمانهم، الذين هموا بإخراج الرسول من مكة" (¬4). وقوله سبحانه {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا} (¬5). قال البغوي رحمه الله: " لا تَدَعْ جهاد العدو والانتصار للمستضعفين من المؤمنين ولو وحدك، فإن الله قد وعدك النصرة، ......... وحضهم على الجهاد ورغِّبهم في الثواب" (¬6). ت- خطاب الذَّم والتنفير: تحقيراً للأحوال الرديئة، والتقاعس عن مواطن الجهاد ومن ذلك قوله جل وعز {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} (¬7) وتعرض الآية لبعض المسلمين وقد أصابهم الهلع والفزع، حين أُمِروا بالقتال، فقالوا خوراً، وضعفا {رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ} يريدون تأخيره، طمعاً في المزيد من متاع الدنيا ¬

_ (¬1) - سورة النساء. آية: 75 (¬2) - تفسير السعدي. ص / 232 (¬3) - سورة التوبة. آية: 14 (¬4) - تفسير ابن كثير. 2/ 447 - 448 (¬5) - سورة النساء. آية: 84 (¬6) - تفسير البغوي. 1/ 568. ط دار طيبة - الرياض 2002م. (¬7) - سورة النساء. آية: 77

ث- الترغيب في الثبات في مواطن النزال

الزائلة، وسياق الآية، من خلال الاستفهام تعجباً وإنكاراً، مفيد لأقصى درجات الذم والتنفير من هذا الحال. ومثله قوله سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} (¬1) نزلت هذه الآية في الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، وكان الجو حاراً، والزاد قليلاً، والمعيشة عَسِرَةً، فآثر بعضهم البقاء، ولم يخرجوا مع النبي عليه الصلاة والسلام، فعاتبهم ربهم سبحانه، ووبخهم لميلهم للتكاسل، وتثاقلهم عن الجهاد في سبيله، وأكد سبحانه أن ما رضي به هؤلاء لا يساوي شيئاً في الحقيقة مقارنةً بنعيم الآخرة. ث- الترغيب في الثبات في مواطن النزال وجاء هذا في القرآن بعدة طرق منها: * الإعلام بأن النصر من عند الله وحده قال سبحانه {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (¬2). *المدد الإلهي للمؤمنين في المعارك قال تعالى {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} (¬3). * بيان الغاية السامية لجهاد المؤمنين وما يقابلها للكافرين فيقول سبحانه {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} (¬4). ¬

_ (¬1) - سورة التوبة. آية: 38 (¬2) - سورة الأنفال. آية: 10 (¬3) - سورة الأنفال. آية: 12 (¬4) - سورة النساء. آية: 76

* بيان ما أعده الله للمجاهدين في سبيله قال سبحانه وتعالى مطمئناً للمسلمين الذين سألوا عن شهدائهم، وما لهم عند الله {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} (¬1). ويقول تعالى مبيناً أن المجاهد مأجور على كل حال {وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (¬2). ويقول تبارك وتعالى مبشراً عباده المؤمنين {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (¬3). نعم فوز عظيم "لا فوز أكبر منه، ولا أجلَّ، لأنه يتضمن السعادة الأبدية، والنعيم المقيم، والرضا من الله الذي هو أكبر من نعيم الجنات. وإذا أردت أن تعرف مقدار الصفقة؛ فانظر إلى المشتري من هو؟ وهو الله جل جلاله، وإلى العوض، وهو أكبر الأعواض وأجلها، جنات النعيم، وإلى الثمن المبذول فيها، وهو النفس، والمال، الذي هو أحب الأشياء للإنسان. وإلى من جرى على يديه عقد هذا التبايع، وهو أشرف الرسل، وبأي كتاب رقم، وهي كتب الله الكبار المنزلة على أفضل الخلق" (¬4). إنه وعد صادق، تتصاغر عنده الدنيا بما فيها، وتمتلِئ معه نفوس المؤمنين شوقاً للجهاد، والفداء، والشهادة في سبيل الله، طمعاً في الجزاء العظيم، والتعيم المقيم. ومن أسلوب الترغيب في الجهاد في سبيل الله كصورة من صور الإعلام العسكري، ننتقل إلى أسلوب آخر وصورة جديدة: ¬

_ (¬1) - سورة آل عمران. آية: 169 - 171 (¬2) - سورة النساء. آية: 74 (¬3) - سورة التوبة. آية: 111 (¬4) - تفسير السعدي. ص / 477

3 - استخدام الأسلوب القصصي بما له من قدرة على التأثير القوي

فمن صور الإعلام العسكري في القرآن الكريم: 3 - استخدام الأسلوب القصصي بما له من قدرة على التأثير القوي، وتثبيت المعاني، وترسيخ المباديء، ومن هذا القصص: أ- قصة طالوت مع بني إسرائيل واشتملت على دروس بليغة منها: * الطاعة لله تعالى ومقاومة هوى النفس. * أصحاب اليقين الصادق هم المنتصرون ولو كانوا فئة قليلة. * الاستعانة بالله والدعاء أمضى أسلحة المؤمنين. قال سبحانه {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (¬1) ب- قصة غزوة الأحزاب واشتملت على دروس بليغة منها: * التذكير بنعم الله تعالى في رد عدوان الأحزاب. * فضح مواقف المنافقين وخيانتهم لله ورسوله وللمسلمين. * ضرورة التأسي بالنبي عليه الصلاة والسلام. *التصديق بوعد الله ورسوله مع تمام التسليم. وتبدأ القصة من قوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9)} (¬2)، حتى قوله تعالى {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} (¬3) ¬

_ (¬1) - سورة البقرة. آية: 249 - 250 (¬2) - سورة الأحزاب. آية: 9 (¬3) - سورة الأحزاب. آية: 25

ت- قصة غزوة حنين

ت- قصة غزوة حنين وفيها دروس عظيمة ومعنىً بالغ الأهمية والأثر في النفوس وهو: * عدم الاغترار بكثرة العدد. * الحاجة الدائمة لتأييد الله تعالى. * الثبات والسكينة من عند الله وحده. قال الله عز وجل {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26)} (¬1). هذه الآيات، ومثيلاتها في القرآن، تجعل من الجانب العسكري في حياة الأمة، مجالاً حيوياً، فائق الأهمية، مرتبطاً بعقيدة الأمة، فهي - الآيات - تعرض الدرس تلو الدرس، وتوضح الأخطاء، وتدل على مواطن الخلل، وسبل العلاج، ,وتُعرِّف بأسباب وعوامل النصر والغلبة على الأعداء، وتشرح السنن الربانية في الخلق، والتدافع الضروري بين الحق والباطل. وبالقصص القرآني العظيم نختتم الكلام في هذا الفصل الثالث عن الإعلام العسكري في القرآن وننتقل بمشيئة الله تعالى للفصل الرابع وفيه الإعلام الاجتماعي في القرآن الكريم. وعلى الله اعتمادي، لا إله غيره. ¬

_ (¬1) - سورة التوبة. آية: 25 - 26

الفصل الرابع صور الإعلام الاجتماعي في القرآن الكريم

الفصل الرابع صور الإعلام الاجتماعي في القرآن الكريم

المبحث الأول تعريف الإعلام الاجتماعي

المبحث الأول تعريف الإعلام الاجتماعي كمثله من المصطلحات لابد لنا من التوقف للتعرف على معناه، وقد مربنا تعريف الإعلام، فنقف مع تعريف الاجتماع ومن ثَمَّ الإعلام الاجتماعي. المطلب الأول تعريف الاجتماع لغة: قال الفيروزآبادي: " الجَمْعُ كالمَنْعِ: تأْليفُ المُتَفَرِّقِ .... وجماعةُ الناسِ ج: جُموعٌ كالجَميعِ .... والمَجْموعُ: ما جُمعَ من هَاهُنا وهَاهُنا .... والجَميعُ: ضِدُّ المُتَفَرِّقِ والجَيْشُ والحَيُّ المُجْتَمِعُ .... وجُمَّاعُ الناسِ كرُمَّانٍ: أخْلاطُهُم من قبائِلَ شَتَّى، ومن كلِّ شيءٍ: مُجْتَمَعُ أصْلِه وكلُّ ما تَجَمَّعَ وانضمَّ بعضُه إلى بعض .... والإجْماعُ: الاتِّفاقُ ... واجْتَمَعَ: ضِدُّ تَفَرَّقَ ... وتَجَمَّعَ .. واسْتَجْمَعَ السيلُ: اجْتَمَعَ من كلِّ موضِعٍ .... وتَجَمَّعوا: اجْتَمَعوا من هَاهُنا وهَاهُنا .... وجامَعَهُ على أمرِ كذا: اجْتَمَعَ معه." (¬1) وجاء في المعجم الوسيط " (جمع) المتفرق جمعا ضم بعضه إلى بعض ... ، وـ الله القلوب: ألفها .... (أجمع) القوم اتفقوا ..... (استجمع) تجمع ويقال استجمع القوم تجمعوا من كل صوب .... والمسجد الجامع الذي تصلى فيه الجمعة .... (ج) جوامع (الجماعة) العدد الكثير من الناس والشجر والنبات وطائفة من الناس يجمعها غرض واحد ..... (الجمع) الجماعة والمجتمعون والجيش .... (الجمعية) طائفة تتألف من أعضاء لغرض خاص وفكرة مشتركة .... (المجتمع) موضع الاجتماع والجماعة من الناس (المَجْمَع) موضع الاجتماع والمجتمعون والملتقى ومنه مجمع البحرين .... (ج) مجامع " (¬2). خلاصة التعريف اللغوي: أن معنى الاجتماع لغةً: دائر في استعماله حول تأليف المتفرق، واتفاق المختلفين، سواء في الرأي، أو في العرق، أو الجنس، أو اللون، وانضمام بعضهم لبعض، مع الألفة، والاتفاق على غرض واحد، وفكرة مشتركة. ¬

_ (¬1) - القاموس المحيط. باب العين. فصل الجيم مع الميم. ص/ 916: 918 وقريب منه ما في الصحاح 3/ 1198 - 1199. (¬2) - المعجم الوسيط، مادة جمع:، ص / 134: 136.

المطلب الثاني: تعريف الاجتماع اصطلاحاً: لعلم الاجتماع تعريفات كثيرة، ومن أشهرها: " علم يقوم بدراسة المجتمع في ظواهره ونظمه وبنيته، والعلاقات بين أفراده. أو هو: علم يقوم بدراسة نواحي الحياة الاجتماعية، ومقوماتها الأساسية، والسمات العامة، والقوانين المنظمة لها. أو هو: علم يقوم بدراسة المقومات التي تدفع بالمجتمع إلى التطور، وتؤدي به إلى الوحدة، والتآلف بين أفراده. وآخِراً هو: دراسة العلاقات الاجتماعية. " (¬1). تعليق: يرى الباحث أن هذه التعريفات لا خلاف حقيقي بينها، بل هي مجمعة، على أن مجال الاجتماع كعلم هو دراسة العلاقات الاجتماعية، نظمها، وسماتها، ولذلك يترجح عندي أن أنسب التعريفات وأخصرها هو التعريف القائل بأن " علم الاجتماع يتناول الحياة المشتركة بين الناس، علاقاتٍ، وظواهر" (¬2) وبعد بيان معنى الاجتماع لغةً واصطلاحاً يمكن لنا أن نعْبُر إلى النقطة التالية وهي: تعريف الإعلام الاجتماعي: نخلص مما سبق من التعريفات إلى القول -: إن الإعلام الاجتماعي، هو الإعلام القائم على تزويد الناس بالمعلومات السليمة، والحقائق الثابتة، عن أسس بناء المجتمعات، والقيم الجامعة للأفراد، وتنظيم العلاقات المشتركة بين الناس بما يحقق السعادة، والاستقرار للأفراد والمجتمعات. وبهذا التعريف للإعلام الاجتماعي؛ ننتقل ونلامس مبحثنا التالي وهو: ¬

_ (¬1) - مبادئ علم. الاجتماع. د أحمد رأفت عبد الجواد. ص 23: 25. ط مكتبة نهضة الشرق. القاهرة. بتصرف (¬2) - الإسلام وعلم. الاجتماع. محمود البستاني. ص 33. ط الأولى مجمع البحوث الإسلامية للدراسات والنشر. بيروت.1994.

المبحث الثاني أهداف الإعلام الاجتماعي في القرآن الكريم

المبحث الثاني أهداف الإعلام الاجتماعي في القرآن الكريم "عنى الإسلام بالمجتمع عنايته بالفرد. فكل منهما يتأثر بالآخر ويؤثر فيه. وهل المجتمع إلا مجموعة من الأفراد ربطت بينهم روابط معينة؟. فكان صلاح الفرد لازماً لصلاح المجتمع، فالفرد أشبه باللبنة في البنيان، ولا صلاح للبنيان إذا كانت لبناته ضعيفة. كما لا صلاح للفرد إلا في مجتمع يساعده على النمو السليم، والتكيف الصحيح، والسلوك القويم. فالمجتمع هو التربة التي تنبت فيها بذرة الفرد. وتنمو وتترعرع في مناخها، وتنتفع بسمائها وهوائها وشمسها" (¬1). ويمكن لنا أن نُجْمِل أهداف الإعلام الاجتماعي في القرآن الكريم في النقاط التالية (¬2): الإعلام بأسس بناء المجتمعات في الإسلام. ومن هذه الأصول العظيمة: العقيدة والإيمان. وهي أساس الأسس، التي يُبنى عليها المجتمع المسلم، الذي أراده القرآن الكريم حامياً وراعياً لهذه العقيدة الإسلامية، يستضيء بنورها، وينشره في العالمين. قال الله تعالى {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (¬3). وناداهم سبحانه، وأمرهم بالإيمان به وبكتبه ورسله واليوم الآخر فقال سحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} (¬4). ومعنى قيام المجتمع المسلم على العقيدة، احترامها وتقديسها، والالتزام بها، ورد الأباطيل، والشبهات عنها، وبيان فضلها وآثارها في على حياة ¬

_ (¬1) - ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده. د يوسف القرضاوي. ص: 5. ط الثالثة. مكتبة وهبة. القاهرة. 2001 (¬2) - مستفاد من ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده. د يوسف القرضاوي. ص: 9 وما بعدها. بتصرف كبير (¬3) - سورة البقرة. آية: 285 (¬4) - سورة النساء. آية: 136

الفرد والمجتمع، مع تجلية تصور المجتمع المسلم للإله الواحد الأحد. كما قال سبحانه {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3) هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (5) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (¬1) إن العقيدة الإسلامية بأركانها، وخصائصها، أساس مكين لأي بنيان اجتماعي يقوم عليها، فهي مصدر التصورات، وأساس الحكم والتشريعات، وينبوع الفضائل والأخلاق، وأيُّ بنيان لا يقوم على عقيدة فهو بنيان على الرمال، يوشك أن ينهار. الشعائر والعبادات. وهي المقوم الثاني للمجتمع المسلم - بعد العقيدة - فرضها الله على المسلمين، وكلفهم القيام بها , ليتقربوا بها إليه , ويبتغوا بها رضوانه , ويربحوا مثوبته. وتمثل هذه الشعائر، علامات فارقة، وظاهرة، تتميز بهاحياة الفرد المسلم من غير المسلم، كما تتميز بها حياة المجتمع المسلم من غير المسلم. وإقامة هذه الشعائر وتعظيمها دليل على قوة العقيدة في القلوب، واستقرارها في حنايا الصدور. قال تعالى {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} (¬2). ووصف سبحانه مجتمع المؤمنين فقال جلَّ جلاله {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (¬3). وهكذا مجتمع المسلمين، أحبة متوادون، ينصر بعضهم بعضاً، ويأمرون بكل حسن جميل من العقائد والأعمال والأخلاق، وينهون عن ضد ذلك من عقائد باطلة، وأعمال سيئة، وأخلاق رديئة، وهم في كل ذلك مقيمون على طاعة ربهم ملازمون لإقامة شعائر دينهم، صلاةً، وزكاةً، وغير ذلك من أوجه ¬

_ (¬1) - سورة الحديد. آية: 6:1 (¬2) - سورة الحج. آية: 32 (¬3) - سورة التوبة. آية: 71

الطاعات، والعبادات. وهذا هو طريق فلاح الأفراد والمجتمعات. قال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬1).فتميز المجتمع المسلم دون غيره بخصائص وأعمال فريدة، مثل الصلوات الخمس ينادى لها في المساجد، والجُمَع، والحج أعظم اجتماعات البشرية، وفريضة الزكاة وأثرها الاجتماعي الكبير، وفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك من العبادات والشعائر التي تعزز روح الوحدة والجماعة بين أفراد المجتمع المسلم. أفكار ومفاهيم المجتمع المسلم. حرص الإسلام منذ طلوع فجره على أن يصحح مفاهيم أبنائه , حتى تستقيم نظرتهم إلى الأمور والواقف, ويتحد تصورهم العام للأشياء والقيم. فلم يدعهم لشطحات الفكر , ولا انحرافات الهوى , فيزيغوا عن القصد , ويضلوا عن سواء الصراط , وتتفرق بهم سبل الباطل عن سبيل الحق. ولهذا دأب القرآن , كما د أبت السنة , على تصحيح المفاهيم المغلوطة والأفكار الخاطئة, والتصورات المنحرفة , التي تشيع في أذهان الناس. * فهم بعض الأعراب أن الإذعان مجرد إعلان وتظاهر، فنزل القرآن يصحح هذا المفهوم يقول {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (¬2) * وأشاع بعض أهل الكتاب من اليهود: أن البر أو التقوى هو الاهتمام برسوم معينة، وشكليات خاصة، ولهذا أقاموا الدنيا وأٌقعدوها حين تحول الرسول من بيت المقدس إلى الكعبة، وجعلها الله له قبله، فنزل القرآن يبين حقيقة البر والتقوى والدين الحق فقال {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ ¬

_ (¬1) - سورة الحج. آية: 77 (¬2) - سورة الحجرات. آية: 14 - 15

وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (¬1) *وحسِب بعض الناس أن طريق الإيمان إلى الجنة مفروش بالأزهار والرياحين لا فتنة فيه ولا اضطهاد ولا عذاب، فنزل القرآن يدرأ هذا الوهم، ويُخَطِّئ هذا الفهم إذ يقول {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)} (¬2) .. ويقول {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)} (¬3). وهكذا ظل القرآن الكريم 23 عاماً يبين الحقائق ويزيف الأباطيل، ويصحح التصورات والمفاهيم، حتى أصبحت أفكار الإسلام ومفاهيمه وتصوراته هي التي تعمل وحدها في المجتمع المسلم , مثل: فكرة الإسلام عن الإنسان , وعن الحياة والدنيا , وعن المال والغنى والفقر , وعن التدين والبر والتقوى , وعن العدل والإحسان , وعن التقدم والتأخر , وعن التحضر والتخلف , وعن الزهد والقناعة , وعن الصبر والرضا. مشاعر المجتمع المسلم. وكما تميز المجتمع المسلم بما يسوده من أفكار ومفاهيم، يتميز أيضاً بما يسوده من مشاعر وعواطف: * فهناك مجتمعات تسودها مشاعر الحقد الطبقي، أوالتمييز العنصري، أو العصبية القومية. وأما في المجتمع الإسلامي الحق فلا مجال لمشاعر الحقد والصراع بين الطبقات، ولا مشاعر الكبر والتمييز بين الأجناس والألوان. قال سبحانه {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} (¬4). لما أمرهم سبحانه بتقواه، أعقبه عزَّ وجلَّ ببيان أن ¬

_ (¬1) - سورة البقرة. آية: 177 (¬2) - سورة العنكبوت. آية: 2 - 3 (¬3) - سورة البقرة. آية: 214 (¬4) - سورة النساء. آية: 1

الناس جميعاً أصل واحد، ونفس واحدة، وهذا أدعى للتواصل، والترابط، والتلاقي، والتعاون كما قال تعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (¬1). نعم يتمايز الخلق، ولكن تميزهم عن بعضهم ليس مبنياً على أجناسهم، وألوانهم، وطبقاتهم، وإنما تقواهم لله، وقيامهم بأمره، واجتنابهم لنواهيه. * وتتفاوت المجتمعات كذلك في مشاعر الولاء والعداء، وهنا نجد ولاء المجتمع المسلم للإسلام وأهله، كما أن عداءه لأعداء الإسلام ومحاربيه، وهذا مبنى على فكرة الولاء لله ورسوله، ومن اتخذ الله ولياً فقد اتخذ عدوه عدواً. قال تبارك وتعالى {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} (¬2). وقال سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} (¬3). * والمجتمع الإسلامي يتميز بما يسوده من عاطفة الإخاء الوثيق والحب العميق بين أبنائه، قال سبحانه {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (¬4) مهما تناءت بهم الديار، وتفرقت بهم الأوطان، واختلفت منهم الأجناس والألوان وتفاوتت بينهم المراكز والطبقات. قال تعالى {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (¬5) ... فامتن الله سبحانه على المسلمين بنعمة الإخاء كما امتن عليهم بنعمة الإيمان، وقال يخاطب رسوله عليه الصلاة والسلام {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (¬6). " لقد كان مسجد ¬

_ (¬1) - سورة الحجرات. آية: 13 (¬2) - سورة المائدة. آية: 5 (¬3) - سورة الممتحنة. آية: 1 (¬4) - سورة الحجرات. آية: 10 (¬5) - سورة آل عمران. آية: 103 (¬6) - سورة الأنفال. آية: 62 - 63

النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة يضم تحت سقفه أجناساً وألواناً وطبقات. ولم يشعروا بأي تفرقة أو تمايز بينهم، فكلهم إخوة، منهم الفارسي كسلمان والرومي كصهيب والحبشي كبلال، والغني كعثمان، والفقير كأبي ذر، وفيهم الأبيض والأسود، والرجل والمرأة، والضعيف والقوي، والرقيق والحر، كلهم إخوة في الإسلام، وتحت راية القرآن" (¬1). الأخلاق والفضائل. يتميز المجتمع المسلم أيضا بأخلاقه وفضائله. فالأخلاق والفضائل جزء أصيل من كيان هذا المجتمع , وليست من الأعراض الطارئة عليه , ولا من الأمور الهامشية في حياته , بل من الصفات الأساسية للمؤمنين المخلصين ومجتمعاتهم المسلمة. وقد تتابعت آيُ الكتاب العزيز على ذكر جُمَلٍ من الأخلاق والفضائل، التي يسعد من تحلى بها، وتزين بمعانيها في حياته، وأكتفي بذكر موضعين فقط حتى لا أخرج عن المقصود وهو الإشارة والتنبيه لمثل هذه المعاني. قال سبحانه يصف أفراد المجتمع المسلم {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ} (¬2). هؤلاء هم أولو الألباب، أهل الوفاء، والصلة، والخشية، والمراقبة، الصابرون، المُصَلُّون، المنفقون لله، حسناتهم تغلب سيئاتهم، فاستحقوا حسن العاقبة والمآل. وقال تعالى {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا ¬

_ (¬1) - ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده. ص: 80. بتصرف كبير (¬2) - سورة الرعد. آية: 19 - 22

بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)} إلى قوله تعالى {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} (¬1). هؤلاء هم عباد الرحمن حقاً، عاشوا متواضعين، وعلى ربهم مقبلين، ساجدين، وقائمين، متضرعين منيبين، أهل توازن واعتدال في أحوالهم كلها، موحدون مخلصون لله، أبعد خلقه عن مخالفته وعصيانه جلَّ جلاله، كرام لا يجهلون مع الجاهلين، ولا يخوضون مع الخائضين. وكما أبان القرآن الكريم عن مكارم الأخلاق، وحثَّ عليها، فقد نبَّه، وحذَّر من خبيثها، وكَرَّه من مساوئها، كما في المواضع التالية: قال سبحانه {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (¬2) وقال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} (¬3) وقال جلَّ جلاله {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} (¬4). وهذه خصال مرذولة، سافلة، قد نهى عنها ربنا تبارك وتعالى. منها الكذب، والسخرية، والاستهزاء بالآخرين، والسب والشتم، وعيب الآخرين باللسان والإشارة، والظن السييء، والتجسس وتتبع عورات الناس، والغيبة، والكبر، والبطر، والخيلاء. وهي صفات سيئة، تقطع أوصال المجتمع، وتنشر الكراهية، والبغضاء بين الأفراد، والجماعات، ويستحيل معها التواصل بين الأفراد، ووينعدم التعاطف والتواد الذي يحتاج إليه المجتمع المسلم. ¬

_ (¬1) - سورة الفرقان. آية: 63 - 72 (¬2) - سورة النحل. آية: 116 - 117 (¬3) - سورة الحجرات. آية: 11 - 12 (¬4) - سورة لقمان. آية: 18 - 19

تنمية الحس الاجتماعي لدى أفراد المجتمع

ومن بيان هذه الأسس، والأصول القرآنية العظيمة، لبناء المجتمع المسلم، ننتقل إلى هدف آخر من أهداف الإعلام الاجتماعي في القرآن الكريم، وهو: تنمية الحس الاجتماعي لدى أفراد المجتمع. " لا يستطيع (الإنسان) أن يعيش وحده , بل لا بد أن يتعاون مع غيره , حتى تستقيم حياته , وتتحقق مطالبه , ويستمر نوعه. وقد قال الشاعر العربي: الناس للناس من بدو وحاضرة ... بعض لبعض - وان لم يشعروا - خدم. (¬1) والإسلام لا يصور الإنسان وحده، إنما يصوره في مجتمع، ولهذا توجهت التكاليف إليه بصيغة الجماعة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}. ولم يجئ في القرآن (يا أيها المؤمن) وذلك أن تكاليف الإسلام تحتاج إلى التكاتف والتضامن في حملها والقيام بأعبائها. يستوي في ذلك العبادات والمعاملات .... وقد علَّم الإسلامُ المسلمَ أن يقول إذا ناجى ربه في صلاته: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬2). فهو يتكلم بلسان الجماعة, وإن كان وحده, وكذلك إذا دعا ربه دعا بصيغة الجمع: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (¬3). فالجماعة حيّة في وجدانه، حاضرة على لسانه." (¬4). ويتعاظم هذا الحِسُّ الاجتماعي أكثر، وأكثر، كلما ازداد المسلم نهْلاً من كتاب ربه العزيز، وفيه يقول سبحانه عن الصلاة والزكاة {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (¬5). ويقول تعالى في الصيام {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (¬6) ويقول تعالى في الحج والعمرة {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (¬7). فهذه الأوامر الربانية، في هذه الآيات وغيرها، كلها موجهة لعموم المكلفين فرداً فرداً، ونجدها دائماً تخاطبهم مجتمعين كوحدة واحدة، وهذا هو المراد من أفراد المجتمع المسلم، أن يكونوا دائماً ¬

_ (¬1) - القائل الشاعر ابو العلاء المعري (¬2) - سورة الفاتحة. آية: 5 (¬3) - سورة الفاتحة. آية: 6 (¬4) - ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده. ص: 6 - 7 (¬5) - سورة البقرة. آية: 43 (¬6) - سورة البقرة. آية: 183 (¬7) - سورة البقرة. آية: 196

بيان العناية القرآنية الكبيرة بالعلاقات الاجتماعية

مستشعرين روح الجماعة، متعاونين على البر والتقوى، متعاضدين في القيام بشئون حياتهم ومجتمعاتهم. ومن أهداف الإعلام الاجتماعي في القرآن الكريم: بيان العناية القرآنية الكبيرة بالعلاقات الاجتماعية لا يتصور مجتمع بشري قائم دون حياة مشتركة بين أفراده، وتتنوع العلاقات الاجتماعية تنوعاً كبيراً بين أفراد المجتمع وقد اشتملت آيات القرآن الكريم على وصف للكثير من العلاقات الاجتماعية، توجيهاً، وتقويماً، وتوثيقاً، فقد ورد فيه: أحكام العلاقة بين الزوج والزوجة، وبين الآباء والأبناء، وبين ذوي القربى والأرحام، وبين الأغنياء والفقراء، وبين الأيتام والأوصياء، وبين الجيران، وبين الشركاء، وبين المسلمين وإخوانهم المسلمين، وبين المسلمين وغير المسلمين. ويكفي - إن شاء الله - في هذا المقام مرور سريع على مثالين اثنين من هذه العلاقات في القرآن العظيم. ففي العلاقة بين الزوج والزوجة يقول تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (¬1) {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (¬2) {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (¬3) {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (128) وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا ¬

_ (¬1) - سورة الروم. آية: 21 (¬2) - سورة البقرة. آية: 228 (¬3) - سورة النساء. آية: 19

أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} (¬1) {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} (¬2) {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} (¬3) {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (¬4) {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (¬5) فالمتتبع لهذه الآيات وغيرها عن علاقة الزوجين يجد وجوهاً متعددة من الإنعام، والتوجيه للمعاشرة بالمعروف، والحلول للمشكلات، حتى أحكام الوفاة والعدة والمواريث، في بيان واضح قريب يسير، ولا يُستغرب مثل هذا الاهتمام القرآني الكبير بالعلاقة بين الزوجين، فهي اللبنة الأولى في بناء المجتمع المسلم الذي يتشكل في مجمله من أُسَرٍ، تقوم على هذين الزوجين، ولذا كانت الآيات مستوعِبة، محيطة، مُعَلِّمة بكل الأسس لبناء الأسرة السعيدة، وبتفاصيل كثيرة لدقائق هذه العلاقة الطاهرة الخطيرة في بناء المجتمع المسلم. ¬

_ (¬1) - سورة النساء. آية: 128 - 129 (¬2) - سورة النساء. آية: 34 - 35 (¬3) - سورة البقرة. آية: 231 (¬4) - سورة البقرة. آية: 234 (¬5) - سورة النساء. آية: 12

ونجد في العلاقة بين الآباء والأبناء قوله تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} (¬1). {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233)} (¬2) {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)} (¬3) {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)} (¬4) {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (¬5). {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15)} (¬6) وهذه العلاقة من أهم العلاقات في المجتمع، أحاطها الله تعالى بعنايته، لطفاً منه ورحمةً بالمجتمع المسلم، فينشأ الأبناء لدى أبوين رحيمين شغوفين بالاهتمام بالأبناء، قبل ولادتهما، وبعد ولادتهما كسوةً، وإطعاماً، وتربيةً، وتنشئةً مستقيمةً، ورعايةً، وتوجيهاً، ومن ثم يأمر الله تعالى بالإحسان ¬

_ (¬1) - سورة النحل. آية: 72 (¬2) - سورة البقرة. آية: 233 (¬3) - سورة التحريم. آية: 6 (¬4) - سورة الإسراء. آية: 23 - 24 (¬5) - سورة النساء. آية: 36 (¬6) - سورة لقمان. آية: 14 - 15

الإعلام بأهمية القيم الإنسانية الرفيعة للمجتمع في الإسلام

إليهما، ويقرن حقه تعالى بحقيهما، ويشدد على طاعتهما في غير معصية، والتلطف بهما فلا يصل لهما أي أذى ولو كلفظة أُفٍّ، ورعايتهما حال الكبر، والدعاء لهما جزاء تربيتهما لهم في الصغر. ومن أهداف الإعلام الاجتماعي في القرآن الكريم: الإعلام بأهمية القيم الإنسانية الرفيعة للمجتمع في الإسلام. القيم الإنسانية الرفيعة، التي تتطلع إليها البشرية الراقية، هي تلك التي تقوم على احترام كرامة الإنسان وحريته وحرماته، وحقوقه، وصيانة دمه وعرضه وماله وعقله ونسله، بوصفه إنساناً، وعضواً في مجتمع، وهي قيم متعددة منها العلم والعمل والحرية والإخاء والمساواة والعدالة والشورى والتكافل والتعاون وأختار من هذه القيم التي رفع الإسلام شأنها وحث عليها ثلاث قيم إنسانية كمثال على غيرها: أ- العلم العلم قيمة من القيم العليا، التي جاء بها الإسلام. والقرآن الكريم هو كتاب العلم , وأول ما نزل منه على الرسول الكريم {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (¬1). والقرآن يجعل العلم أساس التفاضل بين الناس {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} (¬2). كما يجعل أهل العلم هم الشهداء لله تعالى بالتوحيد، مع الملائكة ... {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (¬3). وأهل العلم كذلك هم المؤهلون لخشيه الله تعالى وتقواه {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} (¬4) وهم أهل الرفعة في الدنيا والآخرة {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (¬5). ¬

_ (¬1) - سورة العلق. آية: 1 (¬2) - سورة الزمر. آية: 9 (¬3) - سورة آل عمران. آية: 180 (¬4) - سورة فاطر. آية: 28 (¬5) - سورة المجادلة. آية: 11، ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده. ص: 110 - 112. بتصرف كبير

وحسبنا من العلم " أنه الحاكم على الممالك، والسياسات، والأموال، والأقلام، فمُلْك لا يتأيد بعلم لا يقوم، وسيف بلا علم مِخْراق لاعب، وقلم بلا علم حركةُ عابث، والعلم مُسَلَّط على ذلك كله، ولا يحكم شيء من ذلك على العلم" (¬1). وإذا ذكر العلم فلابد من ذكر العمل فهما قرينان لا يفترقان في القرآن. ب- العمل " وهو ثمرة العلم، ولهذا قيل: علم بلا عمل، كشجر بلا ثمر .... وهو أيضا ثمرة الإيمان الحق، إذ لا يتصور إيمان بلا عمل .... فالإيمان الصادق لا بد أن يثمر عملاً. ولهذا قرن القرآن بين الإيمان والعمل في عشرات من آياته {آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (¬2) .... ولقد بين القرآن أن الله تعالى خلق السموات والأرض، وخلق الموت والحياة، وجعل ما على الأرض زينة لها، لهدف واضح حدده بقوله سبحانه ... {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)} (¬3)، ومعنى هذا: أن الخالق جل شأنه لا يريد من الناس أي عمل، ولا مجرد العمل الحسن، بل يريد منهم العمل الأحسن، فالمسلم يجادل {بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (¬4)، ويدفع {بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، ويستثمر مال اليتيم {بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، فهو يرنو دائماً إلى أحسن العمل وأكمله ,وأتقنه، وأجوده" (¬5). وبهذه الروح العلمية العملية عاشت مجتمعات المسلمين قروناً من العز، والسؤدد، والتقدم الحضاري، والرفاهية، حتى ضعفوا، واستكانوا، وذلوا وهانوا، وترك الكثيرون منهم العلم والعمل جميعاً، فوصلنا إلى ما وصلنا إليه في عصورنا هذه، مما لا يحتاج إلى كلام أو بيان، والله المستعان. ¬

_ (¬1) - علو الهمة للعلامة محمد بن إسماعيل المقدم ص: 6. ط الأولى. مكتبة الكوثر. الرياض. 1996 (¬2) - جاءت في خمسين موضع مثل: البقرة آية: 25 و 82 و 277، آل عمران آية: 57، النساء آية: 57 و 122 و 173 (¬3) - سورة الملك. آية: 2 (¬4) - سورة الأنعام. آية: 152، والنحل آية: 125، الإسراء آية: 34، المؤمنون آية: 96، العنكبوت 46، فصلت آية 34 (¬5) - ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده. ص: 114 - 116. بتصرف كبير

فمن أعظم الواجبات على إعلامنا الإسلامي، إحياء هذه القيم، وإعلاء مكانتها، وتربية الأبناء منذ الصغر على تعظيم العلم والعلماء، وتقدير العمل والعاملين. ومن القيم الإنسانية التي أعلاها القرآن الكريم التكافل الاجتماعي. والتكافل بين أبناء المجتمع المسلم، من أعظم مظاهر التعاون والتراحم التناصر: يبدأ هذا التكافل بين الأقارب بعضهم وبعض، كما قال الله تعالى {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (¬1). ثم تتسع دائرة هذا التكافل لتشمل الجيران وأبناء الحي الواحد في البلد الواحد، بمقتضى حق الجوار، الذي أكده الإسلام، فقال سبحانه {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} (¬2). ثم تتسع أكثر وأكثر بحيث تشمل الإقليم كله عن طريق الزكاة، التي تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم، قال تعالى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (¬3). ومنذ فجر الدعوة كان القرآن يدعو بقوة إلى هذا التكافل بجعل المجتمع كالأسرة الواحدة، يحمل فيه الغنىُّ الفقيرَ. واعتبره القرآن أمراً أساسياً من دعائم الدين، لا يحظى برضا الله من لم يقم به، ولا ينجو من عذابه من فرط فيه. ومن ذلك قوله تعالى ... {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} (¬4). ¬

_ (¬1) - سورة الأنفال. آية: 75 (¬2) - سورة النساء. آية: 36 (¬3) - سورة التوبة. آية: 60 (¬4) - سورة البلد. آية: 11 - 18

وقوله تعالى {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} (¬1). وأوجب سبحانه في المال حقا - أي (دَيْنَاً) - في عنق المكلفين، كما في قوله تعالى في وصف المتقين: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (¬2). ويصف الحق بالمعلومية فيقول: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (¬3). ووصل الإسلام بهذه الفريضة إلى أعلى درجات الإلزام الخلقي والتشريعي، فجعلها ثالث أركان الإسلام قال الله تعالى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (¬4). وقال عليه الصلاة والسلام (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان) (¬5). وأوجب أخذها كرهاً، إن لم تدفع طوعاً، ولم يتردد في قتال من منعوها إذا كانوا ذوى شوكة وقوة. ولا يقتصر تكافل المسلمين فيما بينهم على هذا التكافل المادي، بل يتعداه ليشمل أنواعاً من التكافل المعنوي، كالصداقات بين الأفراد، وبذل النصيحة للآخرين، والمواساة في المصائب والأحزان، والتهنئة والتبريكات في الأفراح والمسرات، وتعليم الجاهل، وإرشاد الضال، وقد وصف الله تعالى المؤمنين بأنهم {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (¬6). ووصفهم الله سبحانه بقوله {الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (¬7). واشترط تعالى على القاعدين عن الجهاد لعذر المرض او خلافه أن يكونوا من الناصحين للمسلمين فقال ¬

_ (¬1) - سورة الماعون. آية: 1 - 7 (¬2) - سورة الذاريات. آية: 19 (¬3) - سورة المعارج. آية: 24 - 25 (¬4) - سورة التوبة. آية: 103 (¬5) - البخاري كتاب الإيمان باب الإيمان. وقول النبي عليه الصلاة والسلام بني الإسلام على خمس حديث رقم / 8، ومسلم كتاب الإيمان باب أركان الإسلام ومبانيه العظام حديث رقم / 16 (¬6) - سورة الفتح. آية: 29 (¬7) - سورة التوبة. آية: 112

عزَّ وجلّ {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91)} (¬1). وهذان النوعان من التكافل يجمعهما مسمى (التكافل الاجتماعي) يتعاطف من خلاله أفراد المجتمع، وتشيع فيهم المحبة، والمودة، ويهنأ المجتمع أغنياءه وفقراءه، وتختفي الأحقاد، والإحَن، وتنمحي حوادث السلب والنهب والسرقة، ويصبح المجتمع آمناً مطمئناً، يأمن الأغنياء على ثرواتهم، ويبارك الله لهم فيها، وتسكن بلابل الفقراء فلن يضيعوا، ولن يُتْرَكوا فريسة للفقر. بهذه القيم الإنسانية الرفيعة وأخواتها يخاطب الإعلام القرآني مجتمع المؤمنين، فينير لهم دروب الفلاح والنجاح، ويضمن لهم الاستقرار، والسعادة، في حياتهم الدنيا، والفوز والنجاة في الآخرة. ومن القيم الإنسانية الرفيعة ننتقل - بعون الله وفضله - إلى مبحثنا التالي وهو ¬

_ (¬1) - سورة التوبة. آية: 91

المبحث الثالث صور الإعلام الاجتماعي في القرآن الكريم

المبحث الثالث صور الإعلام الاجتماعي في القرآن الكريم ومن أجل توضيح توجيهات القرآن في الجانب الاجتماعي، سلك الإعلام الاجتماعي في القرآن الكريم مسالك عديدة، وتنوعت صور التعبير فيه من خلال نصوص القرآن التي تشكل مجموعة التوجيهات والأحكام الربانية في مجال العلاقات المشتركة بين الناس، والتي على نور مِنْ هُداها تقام المجتمعات، وتنعم بالاستقرار، والسعادة. ومن هذه الصور: 1 - استعمال القصص القرآني في تقرير المفاهيم وتقويم السلوك الاجتماعي. ومن هذه المفاهيم: الاهتمام بتربية الأباء لأبنائهم على التوحيد وطاعة الله ومكارم الأخلاق. والنشء مستقبل الأمة الواعد، إن أحسنت إعداده، ولذلك اهتم القرآن بهذه الطائفة من المجتمع، وخصَّها بمزيد عناية ورعاية، كي تنشأ مستقيمة، واعية بدينها ودنياها. ويظهر هذا المعنى جلياً واضحاً في قصة لقمان وتوجيهاته السامية النفيسة لابنه حيث يقول رب العالمين سبحانه {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15) يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} (¬1). ففي القصة توجيهات غالية، تبدأ بتوحيد الله والنهي عن الشرك، ثم تذكر حق الوالدين، والإحسان إليهما، ومعاملتهما بالمعروف، ثم توجيه شريف، بدوام مراقبة الله سبحانه، الذي لا يخفى عليه أي شيء، ثم أمر بالصلاة، والأمر بالمعروف ¬

_ (¬1) - سورة لقمان. آية: 13 - 19

والنهي عن المنكر، مع الصبر على الأذى، ثم توجيه بالتواضع، وترك الكبر والخيلاء، والتوسط في المشي، والتأدب بخفض الصوت في الخطاب مع الآخرين. ومن هذه المعاني أدب الأبناء مع الآباء، والتعبد لله بطاعتهم وبرهم، والنصح لهم. وهذا الأمر من السلوكيات البارزة التي حث عليها القرآن. وظهر هذا المعنى في قصة إبراهيم عليه السلام مع أبيه في سورة مريم حين يدعوه إلى الله، متلطفاً به، صابراً على جفائه، وقد حكى القرآن هذا المشهد في قوله تعالى {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يَاأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَاأَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَاأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45) قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَاإِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46) قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} (¬1). بمثل هذا اللطف والأدب يكون خطاب الولد لوالده، ولو كان أعلم، وأرفع مكانة، لكنه المقام الذي لا يمكن تجاوزه بحال، ويظهر ذلك من خلال تكرار {يَاأَبَتِ} في الخطاب الإبراهيمي لأبيه، وفيه تحنن، وترفق، واستمالة للقلوب. وفي نفس المعنى يبرز موقف إسماعيل عليه السلام حين قصَّ عليه أبوه إبراهيم عليهما السلام ما يرى في نومه، من أنه يذبحه، فلم يكن منه معارضة أو تلكؤ بل سارع لطاعة ربه، وإعانة أبيه على الطاعة أيضا، واستسلم لأبيه، مستلقياً على وجهه، في مشهد لم تر عين الزمان له مثيلاً. يقول الله تعالى {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ} (¬2). ¬

_ (¬1) - سورة مريم. آية: 41 - 47 (¬2) - سورة الصافات. آية: 101 - 108

ومما جاء في قصص القرآن من معاني وسلوكيات اجتماعية: أدب الخطاب، وقبول اعتذار المخطئين. وفي هذا السياق " تجيء قصة يوسف مع إخوته في مشهدها الأخير فرغم ظلمهم له وعدوانهم عليه، وتفريقهم بينه وبين أبيه وأخيه ورميهم له في الجُبِّ إلا أنه عليه السلام كان على الغاية من سمو الخطاب، ودقة الكلمات، والتواضع الذي قبل معه اعتذار إخوانه، بل دعاهم وأهلهم للمجيء لمصر، والإقامة فيه. يقول الله تعالى {قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89) قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93) وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (95) فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (96) قَالُوا يَاأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100)} (¬1). فتضمنت الآيات أموراً عديدة من أدب الخطاب وغيره منها الإشارة إلى أعمالهم السيئة بلفظ مجمل {مَا فَعَلْتُمْ} من دون تفصيل. اعتذاره عنهم بقوله {إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ} وفيه التماس المعاذير للمخطئين. تواضعه في قوله {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ} ولم يقل لقد اتقيتُ وصبرتُ. ¬

_ (¬1) - سورة يوسف. آية: 89 - 100

قبول اعتذار المخطئين في قوله {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ}. السمو فوق الآلام بالدعاء لمن أساء إليه في قوله {يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ}. طي صفحة الماضي بقوله {وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ}. تعظيم الوالدين في قوله {آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ} وقوله {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ}. التلطف في القول في قوله {وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ} كناية عن الفقر. حسن العبارة في قوله {نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} فذكر نفسه أولاً مع نزغ الشيطان، مع أنه لم يكن منه شيء تجاه إخوانه، وفيه رفع للحرج عنهم. وما أحوج المجتمعات الإسلامية إلى مثل هذا الأدب الرفيع، والتحلي بتلك الأخلاق العالية، لما فيه من جمع للكلمة، وتأليف للقلوب، وتصفية للنزاعات وإطفاءً لنار العداوة بين أفراد المجتمع ومن المعاني الاجتماعية الواردة في قصص القرآن الكريم: الاهتمام باختيار الزوج الصالح ذي الأخلاق الحسنة. عَظَّمَ القرآن الكريم شأن الزواج، وجعله نعمة من النعم الجليلة، وآية من آياته سبحانه في الخلق فقال تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)} (¬1). وأول خطوات هذا الزواج وأخطرها، اختيار الطرف الآخر، والذي يكون شريك الحياة، ولذلك يجب أن يكون الاختيار بعناية، وأن يكون المُخْتار من ذوي الاستقامة، متمتعاً بالإخلاق الطيبة، كي تدوم هذه العلاقة الأساسية في المجتمع. ويبدو هذا الأمر واضحاً جلياً في سياق قصة موسى عليه السلام في مدين مع العبد الصالح، والذي رأى في موسى عليه السلام، الرجل الكفء الأمين، فما كان منه إلا أن عرض عليه تزويجه من ابنته بلا تردد. قال الله تعالى {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ ¬

_ (¬1) - سورة الروم. آية: 21

الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27)} (¬1). لقد كان كليم الله موسى عليه السلام، رجلاً شجاعاً قوياً، صاحب نجدة، لا يتأخر عن مساعدة الآخرين، وها هو يُعين المرأتين ويسقي لهما، بدون مقابل مع حاجته، وقد رأت المرأتان ذلك فحكيا لأبيهما، الذي أرسل ابنته تدعوه للقائه، فرأت من عفته وأمانته ما جعلها تطلب من والدها استئجار الرجل القوي الأمين، وكان الأب حاذقاً فعلم إعجاب بنته بموسى عليه السلام، وعلم صدق موسى فيما قص عليه، فبادر - وهو الأب الناصح - بطلب تزويجه بابنته، كسباً للرجل الأمين، في مثل أخلاق موسى عليه السلام، الذي يثق في رعايته وحفاظه على ابنته. وغالب الزيجات الفاشلة في مجتمعات المسلمين، ترجع إلى سوء اختيار الزوج أو الزوجة، مما يترتب عليه مشاكل بين الزوجين، بل بين العائلتين، وما يصحبه من خلافات، وعداوات، وانفصال، وطلاق، وتفكك أسري، وضياع للأولاد .... إلخ. ومن المعاني الاجتماعية الواردة في قصص القرآن الكريم: تطهير المجتمع من الأمراض السلوكية والمنكرات الظاهرة. لا نغالي إذا قلنا: إن قصص القرآن الكريم كله يهدف إلى تأصيل هذا المعنى، والقيام بهذا الواجب، فلو ذهبنا نستعرض قصص القرآن العظيم لهذا الغرض لطال البحث ولم ننته بعد، ولكن نكتفي هنا بذكر مثالين أو ثلاثة للدلالة على العنوان. ¬

_ (¬1) - سورة القصص. آية: 23 - 27

فمن الأمراض السلوكية والمنكرات الظاهرة التي تأباها الفطر السليمة، والطباع المستقيمة، عمل قوم لوط (الشذوذ الجنسي). يقول سبحانه {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (164) أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166) قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَالُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167) قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (168) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (169) فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (170) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (171) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (172) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (173)} (¬1). ومن الأمراض السلوكية والمنكرات الظاهرة، ما دأب عليه أهل مدين من تطفيف الموازين، والغش في المعاملات. قال سبحانه ... {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (180) أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (184) قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (185) وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (186) فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (187) قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (188) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (189)} (¬2). ومن الأمراض السلوكية والمنكرات الظاهرة، ما كان من أصحاب السبت واحتيالهم على أمر الله، قال سبحانه {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى ¬

_ (¬1) - سورة الشعراء. آية: 160 - 173 (¬2) - سورة الشعراء. آية: 176 - 189

2 - تنويع الخطاب

رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166)} (¬1). وفي المواضع الثلاثة السابقة، قيض الله تعالى، من يقوم لوجه الله ناصحاً، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويصبر على ما يواجهه من جحود وإنكار، وإجرام وعصيان، حتى يأتيه وعد الله، بحسن العاقبة للمؤمنين، القائمين على حراسة الفضيلة في المجتمع. ولإعلامنا الإسلامي من قصص القرآن الكريم، ينبوع فيَّاض، بالدروس والعبر، والتوجيه والإرشاد في شتى المجالات، فقط تتجه الأبصار والعزائم، نحو الكتاب العزيز، فترجع - بإذن الله تعالى - بكل خير، وتفوز بالحسنى. ومن الاعتماد على القصص القرآني في تقرير المفاهيم وتقويم السلوك الاجتماعي ننتقل إلى وسيلة أخرى من طرق الإعلام الاجتماعي في القرآن الكريم لتوصيل رسالته لعموم المؤمنين وهي: 2 - تنويع الخطاب لا يفوت القارئ المتدبر - الذي يقرأ القرآن على مكث - هذا التنوع والتغير المستمر في أسلوب توجيه الخطاب؛ فالقرآن لا يجري على نسق واحد من أسلوب الخطاب؛ بل يتبدل أسلوب خطابه أولا بأول تبعا للسياق، بما يلائم المعنى وطبيعة المخاطبين والتأثير المراد. والمتتبع للخطاب القرآني الاجتماعي، يجد أنه يأتي على أنواع عديدة منها: استخدام أسلوب النداء في توجيه وتصحيح السلوك الاجتماعي. يأتي النداء الإلهي للمؤمنين في القرآن الكريم ليأمرهم بما فيه خيرهم أو ينهاهم عما هو شر لهم، وسر نداء الله تعالى لعباده بوصف الإيمان، هو أنهم بإيمانهم الحق أحياء يسمعون ويعقلون، ويقدرون على الفعل والترك. وقد جاء استخدام هذا الأسلوب في مواضع كثيرة في القرآن العظيم، نورد منها مثالين أو ثلاثة فيما يأتي: توجيه العلاقة بين المسلمين، وشركائهم في المجتمع من غير المسلمين. ¬

_ (¬1) - سورة الأعراف. آية: 163 - 166

قال سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100)} (¬1). وقال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118)} (¬2). ويقول تبارك وتعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} (¬3). ويقول عزَّ وجلَّ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (¬4). وقال سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (¬5). لهذه النداءات المتكررة أثر عظيم في أسماع أهل الإيمان، تنبيهاً، وتحفيزاً للمبادرة بالامتثال والتطبيق، وفي الآيات تحذير للمؤمنين من طاعة وموالاة بعض أهل الكتاب، أو الكفار الحاقدين على المسلمين، المغتاظين من ظهور وانتشار الإسلام، فربما جروهم للكفر بعد الإيمان، ويحرم سبحانه على المؤمنين اتخاذ بطانة من غير المسلمين يطلعونهم على بواطن الأمور، وأسرار دولتهم، فإنهم لا يدخرون جهداً في إفساد المسلمين وصرفهم عن دينهم. ولا شك أن وضع مثل هذه الحدود في العلاقات مع غير المسلمين، يحفظ على المسلمين استقلاليتهم، ويصون مجتمعاتهم من المخططات الخبيثة، والمكر السييء. ولا ينافي هذا أبداً، الأمر بحسن معاملتهم، والإنصاف، والعدالة معهم في المجتمع المسلم، قال الله تعالى {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (¬6). فإن هذا لابد منه، للتعايش بسلام، وتبادل المنافع، وحصول التراضي في المعاملات، وأدعى لقبولهم الدعوة للإسلام. ¬

_ (¬1) - سورة آل عمران. آية: 100 (¬2) - سورة آل عمران. آية: 118 (¬3) - سورة آل عمران. آية: 149 (¬4) - سورة المائدة. آية: 51 (¬5) - سورة المائدة. آية: 57 (¬6) - سورة الممتحنة. آية: 8

ومن استخدامات أسلوب النداء في توجيه السلوك الاجتماعي آداب الاستئذان وهو على نوعين: أ- الاستئذان لدخول بيوت الناس في أي وقت، وفيه يقول الله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29)} (¬1). ب_ استئذان الخدم والأطفال للدخول على أهل البيت في أوقات محددة، وفيه يقول سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59)} (¬2). وفي الموضعين السابقين، ينادي الله تعالى عباده بمسمى الإيمان، تشريفاً لهم وتنبيهاً إلى مقتضيات هذا الإيمان من سرعة الاستجابة والطاعة مع الانقياد والتسليم لأحكامه سبحانه، والتي تشتمل على أحكام إلهية تحفظ لهم حرماتهم، بعيداً عن الريبة والشر، وتصونها من المفاسد. ومن استخدامات أسلوب النداء في تقويم السلوك الاجتماعي التثبت في جميع الأمور، ومحاربة الإشاعات. قال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ ¬

_ (¬1) - سورة النور. آية: 27 - 29 (¬2) - سورة النور. آية: 58 - 59

كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (¬1) " يأمر تعالى عباده المؤمنين إذا خرجوا جهادًا في سبيله وابتغاء مرضاته أن يتبينوا ويتثبتوا في جميع أمورهم المشتبهة. فإن الأمور قسمان: واضحة وغير واضحة. فالواضحة البيِّنة لا تحتاج إلى تثبت وتبين، لأن ذلك تحصيل حاصل. وأما الأمور المشكلة غير الواضحة فإن الإنسان يحتاج إلى التثبت فيها والتبين، ليعرف هل يقدم عليها أم لا؟ فإن التثبت في هذه الأمور يحصل فيه من الفوائد الكثيرة، والكف لشرور عظيمة، ما به يعرف دين العبد وعقله ورزانته" (¬2)، وقال سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)} (¬3)."وهذا أيضًا، من الآداب التي على أولي الألباب، التأدب بها واستعمالها، وهو أنه إذا أخبرهم فاسق بخبر أن يتثبتوا في خبره، ولا يأخذوه مجردًا، فإن في ذلك خطرًا كبيرًا، ووقوعًا في الإثم .... بل الواجب عند خبر الفاسق، التثبت والتبين، فإن دلت الدلائل والقرائن على صدقه، عمل به وصدق، وإن دلت على كذبه، كذب، ولم يعمل به، ففيه دليل، على أن خبر الصادق مقبول، وخبر الكاذب، مردود، وخبر الفاسق متوقف فيه كما ذكرنا " (¬4). وفي مثل هذا المعنى جاء قوله تعالى {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83)} (¬5) " هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق. وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر، بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، أهلِ الرأي والعلم والنصح والعقل والرزانة، الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها .... وفيه النهي عن العجلة والتسرع لنشر الأمور من حين ¬

_ (¬1) - سورة النساء. آية: 94 (¬2) - تفسير السعدي. ص / 243 (¬3) - سورة الحجرات. آية: 6 (¬4) - تفسير السعدي. ص / 1127 (¬5) - سورة النساء. آية: 83

سماعها، والأمر بالتأمل قبل الكلام والنظر فيه، هل هو مصلحة، فيُقْدِم عليه الإنسان؟ أم لافيحجم عنه؟ " (¬1) ومن أنواع خطاب الإعلام الاجتماعي في القرآن الكريم إيراد التساؤلات والإجابة عليها في مجال العلاقات الاجتماعية. وهذا الأسلوب في الخطاب من أشدها لفتاً للانتباه، وتأثيراً في الأذهان، واستثارة لعقول السامعين، فتتطلع النفوس لمعرفة الإجابات الربانية، على التساؤلات البشرية. ومن هذه المواضع في القرآن: بيان المواقيت المعتمدة في المجتمع المسلم {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} (¬2) " أي: جعلها الله تعالى بلطفه ورحمته على هذا التدبير ..... , ليعرف الناس بذلك مواقيت عباداتهم من الصيام, وأوقات الزكاة, والكفارات .... ولما كان الحج يقع في أشهر معلومات, ويستغرق أوقاتا كثيرة قال: (وَالْحَجِّ) وكذلك تعرف بذلك, أوقات الديون المؤجلات, ومدة الإجارات, ومدة العدد والحمل, وغير ذلك مما هو من حاجات الخلق، فجعله تعالى, حسابا, يعرفه كل أحد, من صغير, وكبير, وعالم, وجاهل " (¬3). ... ومن هذه المواضع في القرآن: بيان أوجه النفقة المشروعة يقول تعالى {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} (¬4). ¬

_ (¬1) - تفسير السعدي. ص / 237 (¬2) - سورة البقرة. آية: 189 (¬3) - تفسير السعدي. ص / 98 (¬4) - سورة البقرة. آية: 215

لما سألوا عن النفقة، أجابهم سبحانه فقال: " (قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ) أي: مال قليل أو كثير, فأولى الناس به وأحقهم بالتقديم, أعظمهم حقا عليك, وهم الوالدان الواجب برهما, والمحرم عقوقهما، ومن أعظم برهما, النفقة عليهما, ومن أعظم العقوق, ترك الإنفاق عليهما، ولهذا كانت النفقة عليهما واجبة, على الولد الموسر، ومن بعد الوالدين الأقربون, على اختلاف طبقاتهم, الأقرب فالأقرب, على حسب القرب والحاجة, فالإنفاق عليهم صدقة وصلة، (وَالْيَتَامَى) وهم الصغار الذين لا كاسب لهم, فهم في مظنة الحاجة لعدم قيامهم بمصالح أنفسهم, وفقد الكاسب, فوصى الله بهم العباد, رحمة منه بهم ولطفا، (وَالْمَسَاكِينِ) وهم أهل الحاجات, وأرباب الضرورات الذين أسكنتهم الحاجة, فينفق عليهم, لدفع حاجاتهم وإغنائهم. (وَابْنَ السَّبِيلِ) أي: الغريب المنقطع به في غير بلده, فيعان على سفره بالنفقة, التي توصله إلى مقصده. ولما خصص الله تعالى هؤلاء الأصناف, لشدة الحاجة, عمم تعالى فقال: (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ) من صدقة على هؤلاء وغيرهم, بل ومن جميع أنواع الطاعات والقربات, لأنها تدخل في اسم الخير، (فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) فيجازيكم عليه, ويحفظه لكم, كل على حسب نيته وإخلاصه, وكثرة نفقته وقلتها, وشدة الحاجة إليها, وعظم وقعها ونفعها " (¬1). ومن هذه المواضع في القرآن: العلاقة بين الزوجين (بيان حرمة إتيان الحائض أثاء حيضتها) يقول جلَّ وعلا {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (¬2). لما سألوا عن المحيض، أخبرهم تعالى أن الحيض أذى, فالواجب الامتناع عن الجماع، حَتَّى ينقطع الدم, فإذا انقطع الدم, وجب الاغتسال قبل أن يغشاها زوجها. " ولما كان هذا المنع لطفا منه تعالى بعباده, وصيانة عن الأذى قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ) أي: من ذنوبهم على الدوام (وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) أي: المتنزهين عن الآثام ¬

_ (¬1) - تفسير السعدي. ص / 109 - 110 (¬2) - سورة البقرة. آية: 222

وهذا يشمل التطهر الحسي من الأنجاس والأحداث. ففيه مشروعية الطهارة مطلقا, لأن الله يحب المتصف بها, ولهذا كانت الطهارة مطلقا, شرطا لصحة الصلاة والطواف, وجواز مس المصحف، ويشمل التطهر المعنوي عن الأخلاق الرذيلة, والصفات القبيحة, والأفعال الخسيسة " (¬1). ومن مواضع إيراد التساؤلات والإجابة عنها في القرآن: بيان حِلُّ الطيبات والصيد وذبائح أهل الكتاب والزواج من نسائهم يقول تعالى {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4) الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (¬2) فأحلَّ الله تعالى لهم كل ما فيه نفع أو لذة, من غير ضرر بالبدن ولا بالعقل، ويدخل في ذلك جميع الحبوب والثمار، وبهيمة الأنعام، وصيد البحر .... كما أباح لهم ما لم يذكوه مما صادته الجوارح المعلَّمة، وزادهم سبحانه بحِلِّ ذبائح أهل الكتاب، وحل التزوج من نسائهم المحصنات. ومن أنواع خطاب الإعلام الاجتماعي في القرآن الكريم استعمال أساليب الأمر والنهي لضبط العلاقات الاجتماعية. وقد جاء هذا الأسلوب بكثرة ووفرة في آيات القرآن الكريم فمنه: الأمر بالحرص والتمسك بالجماعة الواحدة قال الله تعالى {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)} (¬3) ¬

_ (¬1) - تفسير السعدي. ص / 114 (¬2) - سورة المائدة. آية: 4 - 5 (¬3) - سورة آل عمران. آية: 103

ونهى عن الفرقة وحذر من تداعياتها على المجتمع فقال سبحانه {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)} (¬1) وقال تعالى {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)} (¬2) وأمر بإصلاح ذات البين ونهى عن كل ما يؤدي للخلاف وقطع العلاقات وإفساد ذات البين فقال تبارك وتعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1)} (¬3) ورغب القرآن في التحلي بالأخلاق الحسنة، التي تقوي علاقات الأفراد بالأفراد، والمجتمعات بمثيلاتها من التجمعات البشرية، وفي هذه المعاني يقول الحق تعالى، عن النفوس الكريمة، السخية، والحليمة {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)} (¬4) ويأمر سبحانه بالعفو والمعروف والإعراض عن الجاهلين فيقول تعالى {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)} (¬5) ويسرد لنا أوصاف المهديين من عباده ويرغب في العفو والصفح والصبر والمغفرة والتسامح فيقول جل شأنه {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38) وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)} (¬6) ¬

_ (¬1) - سورة آل عمران. آية: 105 (¬2) - سورة الأنفال. آية: 46 (¬3) - سورة الأنفال. آية: 1 (¬4) - سورة آل عمران. آية: 134 (¬5) - سورة الأعراف. آية: 199 (¬6) - سورة الشورى. آية: 38 - 43

ويمدح رسوله عليه الصلاة والسلام، الصادق المصدوق، وأبا بكر الصديق، وهما قدوة أهل الإيمان فيقول جل وعلا {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33)} (¬1) ويأمر بالعدل والصلة والإحسان وينهى عن الآثام والفواحش فيقول تعالى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91)} (¬2) وهذه وصية جامعة، ودستور شامل، يكفل الاستقرار والهناء، للأفراد والمجتمعات التي تعيش على نور من تعاليمها، وتهتدي بأخلاقها المرضية في حياتها يقول تعالى {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27) وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28) وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (35) وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36) وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (37) كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (38)} (¬3) فتضمنت هذه الوصية التكافل الاجتماعي بين الفرد وأقاربه، والمجتمع كله، والتوجيه بترك التبذير والبخل، ونهت الآيات عن آفات سلوكية من قتل للنفس التي حرم الله إلا بالحق، ¬

_ (¬1) - سورة الزمر. آية: 3 (¬2) - سورة النحل. آية: 90 - 91 (¬3) - سورة الإسراء. آية: 26 - 38

ومقاربة الزنا، وأكل أموال اليتامى ظلماً، والغش، والتطفيف في الموازين، والتعالم والكذب، والفخر والخيلاء. النهي عن جعل اليمين مانعاً من الخير إن كان غيرها خيراً منها قوله تعالى {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (¬1). فليس لمؤمن صادق، أن يجعل من يمينه مانعاً له عن الخير، والبر، ولكن إن حلف على شيء ثم رأى غيره خيراً منه، وأحسن في المعاملة، بادر لما هو خير وكفَّر عن يمينه. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ) (¬2).ولا يخفى ما في هذا الأمر من التيسير على المكلفين، والحث على العمل الصالح، والأثر الكبير على دوام علاقات الناس، وتوثيقها، ونشر للألفة والمودة، وحسم لمادة الخلاف والشقاق، والتهاجر بين أفراد المجتمع. وفي الطلاق، وهو قطع للعلاقة الزوجية، أُحِيطَ بتوجيهات عديدة منها: نهى المطلقات عن كتم الحمل فقال تعالى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (¬3). نهى المُطَلِّقين عن أخذ مال عند الفراق، وعن تعدي حدود الله {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (¬4). ¬

_ (¬1) - سورة البقرة. آية: 224 (¬2) - رواه البخاري. كتاب الأيمان والنذور: باب قول الله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) رقم الحديث / 6622، ورواه مسلم كتاب الأيمان: باب ندب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها. رقم الحديث / 1649 (¬3) - سورة البقرة. آية: 228 (¬4) - سورة البقرة آية: 229

نهى المُطَلِّقين عن الإضرار بالمرأة فقال تعالى {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} (¬1) نهى عن إعضال المرأة وهو حبسها عن النكاح فقال تعالى {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} (¬2) وفي الصدقة وهي إحدى صور التكافل جاءت توجيهات عدة منها: النهي عن المنِّ بالصدقة والأذي قال الله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} (¬3) النهي عن الإنفاق من الخبيث الرديء من المال قال الله تعالى {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} (¬4) وفي شأن المرأة، جاءت آيات متكاثرة، لضبط مكانتهن في المجتمع، منها: لباس المرأة المسلمة، عفة وستر، وصيانة للحرمات قال الله تعالى {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬5) ¬

_ (¬1) - سورة البقرة. آية: 231 (¬2) - سورة البقرة. آية: 232 (¬3) - سورة البقرة. آية: 264 (¬4) - سورة البقرة. آية: 267 (¬5) - سورة النور. آية: 31

التخفيف في أحكام القواعد من النساء بلا تبرج قال سبحانه {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (¬1) توجيهات سلوكية داخل وخارج البيت للمرأة قال سبحانه {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34)} (¬2). وإذ يسَّر الله لنا التعرض لبعض أدوات الأسلوب الإنشائي نقف هنيهة على الأسلوب الآخر، من أساليب البيان، وهو: الأسلوب الخبري المعتمد على تكرار الحقائق والمبادئ وهو في القرآن الكريم مَدَدٌ لا ينقطع من رب العالمين سبحانه لعباده المؤمنين، يمدهم فيه بالأسس، والأصول، والمفاهيم، تعليماً، وتثبيتاً، وتوجيهاً، في مختلف أوجه العلاقات الإنسانية، ومنها العلاقات الاجتماعية، والتي أورد فيما يلي ثلاثاً منها كمثال فقط. ومن هذه الحقائق والقيم: التعددية في المجتمع المسلم، وقبول الآخر، والتعايش على حدود العدل والإنصاف يقول تعالى {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)} (¬3) {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)} (¬4) ¬

_ (¬1) - سورة النور. آية: 60 (¬2) - سورة الأحزاب. آية: 32 - 34 (¬3) - سورة البقرة. آية: 148 (¬4) - سورة المائدة. آية: 48

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (¬1) ويقول سبحانه {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (¬2) ويقول جلَّ جلاله {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)} (¬3) ومن هذه الحقائق والقيم العدالة بين الرجل والمرأة في التكاليف، والجزاء - آثرت لفظ العدالة هنا على لفظ المساواة، لاعتقادي أن الشرع المطهر لم يسوِ بينهما، بل أقام علاقتهما ومكانتهما في المجتمع، على العدل الإلهي، فلا تُظلم المرأة، أو يهضم حقها، ودليل فهمي هذا قوله جل وعلا على الرجل والمرأة عامة {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} (¬4). وقوله سبحانه عن العلاقة بين الرجل وزوجه {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} (¬5) ... . وأيضاً قوله تعالى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (¬6) ... -. وأما العدالة بين الرجل والمرأة في التكاليف، والجزاء فكثير جداً في القرآن كما في المواضع التالية: قال الله تعالى {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (¬7). وقال سبحانه {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ ¬

_ (¬1) - سورة البقرة. آية: 62 (¬2) - سورة آل عمران. آية: 64 (¬3) - سورة هود. آية: 118 - 119 (¬4) - سورة آل عمران. آية: 36 (¬5) - سورة البقرة. آية: 228 (¬6) - سورة النساء. آية: 34 (¬7) - سورة النساء. آية: 32

وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (¬1). وقال عزَّ وجلَّ {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)} (¬2) وقال سبحانه {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)} (¬3). فكل هذه الآيات تبين بجلاء، أن النساء شقائق للرجال، وشريكات لهم في العمل الصالح، لا يتعدى على حقوقهم أحد، ولا يضيع لهم عمل، ويوفون أجورهم بأحسن ما كانوا يعملون. ومن هذه الحقائق والقيم حفظ الضروريات الخمس وتشريع الحدود: لتشريع الحدود، حكم إلهية عظيمة، منها ردع الجاني وإصلاحه، وإقامة العدل في الأرض، والحفاظ على الضروريات الخمس (الدين والنفس والعقل العرض والمال) التي أقرتها الشريعة الإسلامية، وهذا التشريع من أعظم عوامل حفظ التوازن الاجتماعي، وضبط العلاقات بين الأفراد،. ومن هذه الحدود لحفظ النفوس: حد قتل العمد قال الله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (¬4). وكان العرب يقولون: القتل أنفى للقتل. ¬

_ (¬1) - سورة الأحزاب. آية: 35 (¬2) - سورة التوبة. آية: 71 - 72 (¬3) - سورة النحل. آية: 97 (¬4) - سورة البقرة. آية: 178 - 179

فجاء القرآن الكريم بهذه الآية المعجزة البليغة، ليبين أن إيقاع القصاص على القاتل فيه حياة لباقي أفراد المجتمع، حيث يرى الناس ما حل بالقاتل من القصاص فيرتدعون، ويتوقفون عن تعديهم على النفوس البشرية، فيحيى الناس آمنون مطمئنون. ومن هذه الحدود: حد الحرابة لضمان أمن المجتمع، بحفظ ممتلكاته، وطرقه من المفسدين يقول سبحانه {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)} (¬1). ولا أعلم في العقوبات الشرعية المقررة على أهل الجنايات أشد من هذه العقوبات، وذلك لعظم جنايتهم على النفوس والممتلكات، وما يبثونه من حالات الترويع والفزع وعدم الاستقرار في المجتمع، فكان العقاب مقابلاً للجناية، شدةً بشدةٍ، وعِظَماً بعِظَمٍ. ومن هذه الحدود المشروعة: حد السرقة لحفظ الأموال، والممتلكات قال جلَّ جلاله {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (¬2). وهذه جناية أخرى تسبب الفوضى في المجتمع، وانعدام الأمن، إضافة الى كونها مصادرة لجهود الآخرين وعدواناً على حقوقهم، فأمر الربُّ جلَّ جلاله بقطع العضو الذي صدرت منه الجناية وهو اليد، وهذا كله احتياطاً لحقوق العباد، وحفظاً للأموال. ومن هذه الحدود المشروعة، حد الزنا حسماً للانحراف الخلقي، ولحفظ الأنساب وفيه يقول سبحانه {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)} (¬3). فيجلد البكر مائة جلدة، ويُغَرَّب عاماً، ويرجم المحصن حتى الموت، وينفذ الحد - إن ثبت - لا يوقفه ولا يعطله شيء، ينفذ وسط شهود من الناس، إقامة لحدود الله، وردعاً وزجراً للمنحرفين، وصيانة للأعراض والأنساب. ¬

_ (¬1) - سورة المائدة. آية: 33 - 34 (¬2) - سورة المائدة. آية: 38 - 39 (¬3) - سورة النور. آية: 2

ومن هذه الحدود: حد قذف المحصنات لحفظ الأعراض وفيه يقول تبارك وتعالى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)} (¬1). والجلد أيضاً عقوبة أهل الفِرَى، الذين يرمون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا من الفاحشة، يجلدون قطعاً لقالة السوء عن المجتمع، وتطهيراً له من تقاذف السفهاء لأعراض الأبرياء الطاهرين. بهذه العقوبات القرآنية، وما ثبت في السنة المطهرة من قتل المرتد حفظاً للدين، وجلد شارب الخمر، حفظاً للعقل، يتحقق حفظ الضرورات الخمس: دين الإنسان، ونفسه، وعقله، وعرضه، وماله. وبحفظ الضرورات الخمس، يتوفر للناس خير مناخ، يستطيعون فيه بناء مجتمعاتهم، وتقوية علاقاتهم الاجتماعية، بمنأى عن هواجس الخوف والهلع من عدوان المعتدين، وأمن واطمئنان على سلامة أنفسهم وعقولهم، وعفة وطهارة مجتمعهم من فساد المفسدين، وأقوال المفترين. وأجدني وأنا أكتب هذه الكلمات، أقول في نفسي متمنياً راجياً: أفلا يأتي يوم نحيا - وأمتنا - حياة إسلامية، قرآنية، ربانية. وأرجع أردد قول رب العالمين {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} (¬2). فاللهم أبرم لهذه الأمة عهد رشد، يُحْكَم فيه بكتابك العظيم، وسنة النبي الكريم، عليه أتم الصلوات والتسليم. وبحفظ التوازن الاجتماعي، نختم - بفضل الله - هذا الفصل، ومنه ننتقل إلى الفصل الخامس عن الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم، ومن الله أستمد العون، وعليه اتكالي لا إله غيره. ¬

_ (¬1) - سورة النور. آية: 4 - 5 (¬2) - سورة إبراهيم. آية: 20

الفصل الخامس صور الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم

الفصل الخامس صور الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم

المبحث الأول تعريف الإعلام الاقتصادي

المبحث الأول تعريف الإعلام الاقتصادي كمثله من المصطلحات لابد لنا من التوقف للتعرف على معناه، وقد مربنا تعريف الإعلام، فنقف مع تعريف الاقتصاد ومن ثَمَّ الإعلام الاقتصادي. المطلب الأول تعريف الاقتصاد لغة: قال الجوهري: "والقصد: بين الإسراف والتقتير. يقال: فلان مقتصد في النفقة. وقوله تعالى: {واقصد في مشيك}. واقصد بذَرْعك: أي ارْبَعْ على نفسك. والقصد: العدل" (¬1). وقال الفيروزآبادي: "القصد: استقامة الطريق، والاعتماد ........ ، وضد الإفراط، كالاقتصاد .......... ، و_: العدل" (¬2). جاء في المعجم الوسيط: "قَصَدَ الطريق قصداً: استقام .......... ، و_ في الأمر: توسط لم يُفْرِط ولم يُفَرِّط. و_ في الحكم: عدَلَ ولم يَمِل ناحية. و_ في النفقة: لم يُسْرِف ولم يَقْتُر. و_ في مشيه: اعتدل فيه " (¬3). خلاصة التعريف اللغوي: أن الاقتصاد لغة: دائر في استعماله حول معاني الاستقامة والاعتدال والتوسط في جميع استخداماته، فهو لوصف الطرق، والمناهج استقامة، وعدالة، وللأشخاص، والتصرفات وسطية، واعتدال. المطلب الثاني: تعريف الاقتصاد اصطلاحاً: لعلم الاقتصاد تعريفات كثيرة، ومن أشهر التعريفات الغربية للاقتصاد أنه: " علم اجتماعي موضوعه الإنسان، ذو الإرادة، يهدف إلى دراسة العلاقة بين الحاجات المتعددة، والموارد المحدودة بغرض تحقيق أكبر قدر ممكن من إشباع الحاجات، عن طريق الاستخدام الكفء للموارد المتاحة، مع العمل على إنمائها بأقصى طاقة ممكنة" (¬4). ¬

_ (¬1) - الصحاح. باب الدال فصل القاف مع السين 2/ 525. (¬2) - القاموس المحيط باب الدال فصل القاف مع السين ص / 396. (¬3) - المعجم الوسيط، مادة قصد:، ص / 737. (¬4) - مبادئ علم الاقتصاد. د مصطفى السعيد. ص/ 199 ط دار النهضة العربية.1970، النظام الاقتصادي في الإسلام. د أحمد محمد العسال ود فتحي أحمد عبد الكريم. ص / 8 ط 3 مكتبة وهبة. القاهرة 1980.وبالكتابين تعريفات أُخَر، وما أثبتناه فهو أجمعها.

وقفة مع التعريف السابق: توقف الباحث كثيراً عند تعريفات هؤلاء الغربيين (¬1)، وإصرارهم على كون سبب المشكلات الاقتصادية، ندرة أو محدودية الموارد في مواجهة تعدد الحاجات، وهذا - فيما يبدو لي - خطأ فادح، وخلل رئيس في التصور لسبب المشكلة، فالموارد أبداً لم تكن يوما محدودة، ولا نادرة. فما استدعى الله تعالى خلقه للحياة الدنيا إلا وقد يسر لهم الأقوات، ووفَّر لهم الأرزاق قال سبحانه {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (¬2) وقال تعالى {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (¬3)، فليست مشكلة البشرية الاقتصادية في ندرة الموارد ومحدوديتها، بل في ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، واستئثار فئة قليلة بالثروات، بل نهبها، واغتصاب الأراضي، واستعباد الشعوب المستَضْعَفة، مع سوء التوزيع والاستهلاك للموارد المتاحة (¬4)، {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10)} (¬5). فهذا هو الأصل بركة في الأرزاق، ووفرة في الموارد. تعريف الاقتصاد الإسلامي لما ذكرت تعريف الغربيين للاقتصاد، رأيت لزاما أن أتعرض لتعريف الاقتصاد الإسلامي، وهو الاقتصاد الذي أسسه الإسلام عبر القواعد والتوجيهات القرآنيةوالنبوية. " وقد تعددت عبارات المختصين حول بيان المقصود بالاقتصاد الإسلامي فبينما يذهب البعض إلى أنه: ¬

_ (¬1) - المصدران السابقان ذاتهما. (¬2) - سورة هود. آية: 6 (¬3) - سورة إبراهيم. آية 34 (¬4) - بعد كتابتي لاعتراضي السابق، وجدت الأستاذ الكبير/ عيسى عبده. قد تكلم في نفس الأمر، وأكد على أن الأصل في الموارد الوفرة. في كتابه القيم الاقتصاد الإسلامي منهج ومدخل، ص 33 - 34، وص 40. ط الأولى. دار نهضة مصر للطبع والنشر القاهرة. 1974. (¬5) - سورة فصلت. آية 9 - 10

المذهب الاقتصادي الذي تتجسد فيه الطريقة الإسلامية في تنظيم الحياة الاقتصادية يرى آخرون أن الاقتصاد الإسلامي هو الذي يوجه النشاط الاقتصادي وينظمه وفقًا لأصول الإسلام وسياساته الاقتصادية. ويرى الدكتور محمد عبد الله العربي رحمه الله أن الاقتصاد الإسلامي هو ((مجموعة الأصول الاقتصادية العامة التي نستخرجها من القرآن والسنة، والبناء الاقتصادي الذي نقيمه على أساس تلك الأصول بحسب كل بيئة وكل عصر))،وهذا التعريف هو أرضاها، وأقربها، لكونه يكشف بوضوح عن مكونات الاقتصاد الإسلامي وأن منه ما هو ثابت وهو مجموعة الأصول العامة المستخرجة من القرآن والسنة، وأن منه ما قد يتغير بتغير الزمان والمكان وهو البناء الاقتصادي الذي نقيمه على أساس تلك الأصول بحسب كل بيئة وكل عصر" (¬1). وبعد بيان معنى الاقتصاد اصطلاحاً يمكن لنا أن نعْبُر إلى النقطة التالية وهي: تعريف الإعلام الاقتصادي: نخلص مما سبق من التعريف بالاقتصاد لغة واصطلاحاً إلى القول -: إن الإعلام الاقتصادي، هو الإعلام القائم على تزويد الناس بالمعلومات السليمة، والحقائق الثابتة، عن سلوك الإنسان الاقتصادي في تحصيل وإشباع حاجاته، والتعريف بالموارد المتاحة، وطرق الإنتاج، ووسائل التوزيع، والاستهلاك، والتبادل، بما يحقق الرفاهة للأفراد والمجتمعات. وبهذا التعريف للإعلام الاقتصادي نقترب ونلامس مبحثنا التالي وهو: ¬

_ (¬1) - النظام الاقتصادي في الإسلام. د أحمد محمد العسال ود فتحي أحمد عبد الكريم. ص / 15 بتصرف.

المبحث الثاني أهداف الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم

المبحث الثاني أهداف الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم القرآن الكريم كتاب هداية، ورحمة للعالمين، لكنه لا يقتصر على تنظيم علاقة الإنسان بربه، بل يمتد لينظم جميع جوانب الحياة، بالشكل الذي يكفل للمؤمنين به حياة طيبة في الدنيا، وسعادة وفوزاً في الآخرة، وقد وصفه الله تعالى بقوله {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (¬1).وقال سبحانه {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (¬2). والنصوص الاقتصادية في القرآن الكريم، تشكل مجموعة من القواعد، التي تساعد الإنسان على اتخاذ القرارات المُثْلَى، التي تحقق رفاهته ورفاهة مجتمعه. ويمكن لنا أن نُجْمِل أهداف الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم في النقاط التالية: تحقيق العبودية لله تعالى بكمال الانقياد لقواعد الشريعة في معاملات الاقتصاد. فشمولية تعاليم الإسلام، وأحكام القرآن لجميع الأنشطة والمجالات، تحتم على المسلم التقيد بها، فما من معاملة بين اثنين، إلا ولها حكم في الشريعة الإسلامية، وكلما كان الإنسان ملتزما بهذه الأحكام، كان لله أعْبَدُ، وأهدى سبيلاً. قال الله تعالى {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (¬3). ولا يخرج النشاط الاقتصادي للأفراد والمجتمعات عن هذا المعنى، إذ لابد من التعبد لله تعالى بطاعته فيما أحل وأمر، والانتهاء عما حَرَّم ونهى عنه وزجر. ومن أهداف الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم: ¬

_ (¬1) - سورة الإسراء. آية: 9 (¬2) - سورة النحل. آية: 89 (¬3) - سورة الأنعام. آية: 161 - 163

بيان العناية القرآنية الكبيرة بالسلوك الاقتصادي والشأن الاقتصادي بوجه عام "إن الجانب الاقتصادي في حياة الإنسان قد احتل في القرآن موقعاً كَمِّيَّاً، وكيْفيَّاً، ربما لم يحتله جانب آخر من الجوانب الدنيوية ....... ولإدراك ذلك على وجه التقريب علينا أن ننظر في المصطلحات ذات الطابع الاقتصادي، وكيف تكرر ذكرها في القرآن الكريم ومنها: المال، الملك، الرزق، الكسب، الإنفاق، الزكاة، الصدقات، الربا، التجارة، الزراعة، ..... إلخ " (¬1). ويحسن بنا، أن نورد أمثلة لهذا من الآي الكريمات: قال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} (¬2) وقال سبحانه {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (¬3) وقال جل شأنه {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (¬4) وقال سبحانه {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (¬5) وقال سبحانه {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (¬6) وقال تعالى {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} (¬7) فقد اشتملت هذه الآيات الكريمات على كثير من السلوكيات، والمعاني الاقتصادية، كالبيع، والإنفاق، والربا، والملك، والمياه والبحار، وغيرها مما سبق تعداد بعضها، وسوف يرِدُ معنا - إن شاء الله - آيات أُخَر كثيرة، فنكتفي بهذه الأمثلة. وننتقل للهدف التالي وهو: ¬

_ (¬1) - نظرات اقتصادية في القرآن الكريم. د شوقي أحمد دنيا ص/ 15. ط المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب 1428هـ (¬2) - سورة البقرة. آية: 267 (¬3) - سورة البقرة. آية: 275 (¬4) - سورة المائدة. آية: 120 (¬5) - سورة التوبة. آية: 60 (¬6) - سورة النحل. آية: 14 (¬7) - سورة الملك. آية: 15

الدلالة على منابع الثروات ومصادر الإنتاج

الدلالة على منابع الثروات ومصادر الإنتاج. يسهل على المتأمل ملاحظة أن القرآن الكريم مُشْتمِل على عرض مفصل فيَّاض لقطاعات الإنتاج المختلفة وللموارد الطبيعية المتنوعة، وما فيها من منافع عظيمة لمن يحسن استثمارها ومن ذلك: قوله تعالى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (32) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} (¬1) وقوله تعالى {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (20) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21) وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ} (¬2) وقوله عزَّ وجلَّ {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (¬3). فهذه الآيات السابقات إعلام وإرشاد من رب العالمين سبحانه لعباده بما أنزل عليهم من السماء، وأخرج لهم من الأرض، وأجرى لهم في البحار والأنهار، وسخر لهم من البهائم والأنعام، نِعَمٌ، ومِنَنٌ، لا تعد ولا تحصى، بها قوام الحياة، وتمثل منابع الإنتاج، ومصادر تحصيل الثروات. ومن أهداف الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم: الحث على السعي الدءووب، والعمل الجاد، مع ربط الرزق بالإيمان. ¬

_ (¬1) - سورة إبراهيم. آية: 32 - 33 (¬2) - سورة الحجر. آية: 19 - 22 (¬3) - سورة النحل. آية: 5 - 8

وهذا الأمر، من أظهر المعاني، التي حرص عليها القرآن الكريم، ودعا إليها العباد، حتى يستغني المؤمنون عن غيرهم، ويحققوا الكفاية لمجتمعاتهم في سائر المجالات، أو يعيشوا على قدم المساواة مع الآخرين، ينتجون، ويبادلون، ويبيعون، ويشترون، وفي هذا المعنى يأتي قوله تعالى {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬1) وقوله تعالى {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} (¬2). فهذه دعوة للانتشار والمشي في الأرض، والابتغاء من فضله سبحانه، والتماس الأرزاق، في جنبات الأرض، وما وضع الله سبحانه فيها من السبل المذللة، والعطاء الواسع. غير أن هذا الطلب الحثيث للرزق، والسعي الدءووب للكفاية، لابد أن يكون مقترنا بالتوكل واليقين على رب العالمين جل وعلا، لا أن يغتر الإنسان بكسبه، وعمله، فيطغى، أو يجحد فضله سبحانه، قال تعالى {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (¬3). وقال سبحانه {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (¬4). وقال تعالى {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} (¬5). فالأرزاق كلها من عند الله تبارك وتعالى، لا يرزق العبادَ أحد سواه، ولذلك قال الله تعالى {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (¬6). فلا تُطلب الأرزاق من عند غيره. وبهذا الإيمان والمعتقد يتحرر المؤمن من الخوف على الرزق، ويتخلص من قيود الأخذ والعطاء البشري، فيحيا مطمئناً، لا يساوره شك حول رزقه، ليس عليه سوى بذل الأسباب، والسعي الجاد، ليستعفف عن الاعتماد على الآخرين، أو سؤالهم؛ أعطوه أم منعوه. ومن أهداف الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم: ¬

_ (¬1) - سورة الجمعة. آية: 10 (¬2) - سورة الملك. آية: 15 (¬3) - سورة هود. آية: 6 (¬4) - سورة النحل. آية: 114 (¬5) - سورة الذاريات. آية: 22 - 23 (¬6) - سورة سبأ. آية: 24

نشر ثقافة الإحسان

الإسهام في نشر ثقافة الإحسان، وأن تنمية المال بالصدقة. لم يأت شيء من تشريعات الإسلام مخالفاً للفطرة، التي فطر الله تعالى الناسَ عليها، من حب المال، والتعلق به، كما أخبر بذلك سبحانه {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} (¬1). وقال تعالى {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} (¬2). غير أن هذا المال ليس غاية في نفسه بل هو أداة ووسيلة يتوصل بها المؤمن الصادق لمرضاة خالقه، ومولى نعمته، ولا يتأتي ذلك للمؤمن حتى يعوِّد نفسه البذل، والإحسان، ويداويها من الشح قال تعالى مادحاَ للكرام المنفقين {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} (¬3). وقال سبحانه {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (¬4). وقد بلغ القرآن بهذا الأمر درجة عالية، حتى صار تركه إلقاءً للنفوس في التهلكة، فقال سبحانه {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)} (¬5). ففي تفسير الإمام ابن كثير رحمه الله "عن أسلم أبي عمران قال: حَمَل رجلٌ من المهاجرين بالقسطنطينية على صف العدو حتى خَرَقه، ومعنا أبو أيوب الأنصاري، فقال ناس: ألقى بيده إلى التهلكة. فقال أبو أيوب: نحن أعلم بهذه الآية إنما نزلت فينا، صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وشَهِدنا معه المشاهد ونصرناه، فلما فشا الإسلام وظهر، اجتمعنا معشر الأنصار نَجِيَا، فقلنا: قد أكرمنا الله بصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونَصْرِه، حتى فشا الإسلام وكثر أهلُه، وكنا قد آثرناه على الأهلين والأموال والأولاد، وقد وضعت الحرب أوزارها، فنرجع إلى أهلينا وأولادنا فنقيم فيهما. فنزل فينا: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} فكانت التهلكة في الإقامة في الأهل والمال وترك الجهاد" (¬6). وإذا كان الإمساك والشح مَهْلكة للممسكين، فالبركة، والتوسعة، والنماء، نعم ¬

_ (¬1) - سورة الفجر. آية: 20 (¬2) - سورة العاديات. آية: 8 (¬3) - سورة الإنسان. آية: 8 (¬4) - سورة الحشر. آية: 9 (¬5) - سورة البقرة. آية: 195 (¬6) - تفسير ابن كثير: 1/ 310 - 311، والحديث في صحيح البخاري كتاب التفسير باب قوله تعالى "وأنفقوا في سبيل الله" رقم الحديث/ 4516

محاربة الجشع، والرغبة الجامحة في الربح السريع

الجزاء للمنفقين الكرام. قال سبحانه {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)} (¬1). وقال تعالى {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39)} (¬2). وهكذا ينمي القرآن الكريم الإحسان، وحب البذل، في نفوس المؤمنين، فالإنفاق وإن كان في ظاهره نقصان مال المُنْفِق، إلا أنه على الحقيقة تزكية، ونماء لهذا المال، مما يغري المؤمنين ويشجعهم على نبذ الأثرة والبخل، والتحلي بالجود والكرم، طلباً لحسن العاقبة في الدنيا والآخرة. قال الله تعالى {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)} (¬3). ومن أهداف الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم: محاربة الجشع، والرغبة الجامحة في الربح السريع. وذلك أن الله تعالى أراد مجتمع المسلمين، مجتمعَ تراحم، وتعاطف، وتكافل، لا مجتمع أثَرَة، ولا أنانية، ومع كفالة الحرية التامة في المعاملات الاقتصادية، وإطلاقها فيما أحله الله، ومباركة أرباح المتعاملين، إلا أنه سبحانه أمر باجتناب تلك المعاملات المحرمة، والتي يسودها الجشع، والسعي للربح الفاحش، فقال تعالى {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (¬4). وقال سبحانه {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (¬5). وقال سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)} (¬6). فلم يتوعد الرب جل جلاله هذا الوعيد الشديد إلا لهؤلاء المرابين، الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، ويثيرون الأحقاد، وينشرون ¬

_ (¬1) - سورة البقرة. آية: 276 (¬2) - سورة الروم. آية: 39 (¬3) - سورة المزمل. آية: 20 (¬4) - سورة البقرة. آية: 188 (¬5) - سورة البقرة. آية: 275 (¬6) - سورة البقرة. آية: 278 - 279

روح الأنانية بين المجتمع، خلافا لما يحبه الله ويرضاه للمسلمين حيث قال سبحانه {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (¬1). وقال تعالى مرشداً وموجهاً أصحاب الأموال الموثرين في تعاملهم مع إخوانهم المدينين {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280)} (¬2). فلا ربا، ولا جشع، بل إنظار لميسرة وسعة، أو تفضل، وإحسان، وعفو، ومسامحة. ومن أهداف الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم: الإعلام ببيان الحلال والطيبات، والتحذير من الحرام والخبائث. يبدو جلياً في تعريفات الاقتصاد للغربيين ومن وافقهم من العرب المسلمين أنه لا عبرة لديهم بحلِّ أو حرمةِ النشاط الاقتصادي، بل بما يأتي به من ربح، فلا حرج لديهم من أنشطة الدعارة، ومصانع السجائر، وتجارة الخمور، وغيرها، فليس هناك ما يفصل بين الخير والشر عندهم، سوى وجود المنفعة، أو انعدامها. وهذا بلا ريب؛ خلاف ما عليه دين المسلمين، قال الله تعالى {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (100)} (¬3). وقد حدد الله تعالى من ضمن مهمات الرسول، وضرورات رسالته، عليه الصلاة والسلام، أنه يحل الطيبات، ويحرم الخبائث، قال سبحانه {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (¬4). وقد جاء في القرآن أصناف من المحرمات، والخبائث، ومن هذا قوله تبارك وتعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} (¬5). ومنه قوله سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬6). وفي الوقت نفسه يأمر ¬

_ (¬1) - سورة الحجرات. آية: 10 (¬2) - سورة البقرة. آية: 280 (¬3) - سورة المائدة. آية: 100 (¬4) - سورة الأعراف. آية: 157 (¬5) - سورة المائدة. آية: 3 (¬6) - سورة المائدة. آية: 90

سبحانه بالأكل من الطيبات، والإنفاق من أطيب المكاسب، يستوي في ذلك المرسلون والمؤمنون قال سبحانه {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} (¬1). وقال عز وجل {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (¬2). وقال سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} (¬3). ومع الأمر بالطيبات أكلاً، وإنفاقاً، يأبى القرآن على أصحاب الأهواء، والمفتئتين أن يحرموا الحلال، وينكر عليهم، فيقول تعالى {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (¬4). ويقول سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (¬5). فأسس القرآن الكريم عقيدة أن المُحَرِّمَ والمُحَلِّلَ هو الله رب العالمين وحده، فإذا أمر؛ أمر سبحانه بالطيب الطاهر، وإذا نهى؛ نهى تعالى عن الخبيث النجس. ومن أهداف الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم: الإعلام ببيان بعض طرق التوزيع العادل للثروات. وذلك حتى لا يظل المال دائراً في وَسَطٍ واحد فقط بين التجار أو الأغنياء، بل ينتشر فتكثر الثمرة، وتعم الفوائد، وتنعدم -أو تكاد- الأحقاد والحسد، من أجل ذلك أبان الله تعالى في القرآن عن بعض الوسائل، لتوزيع الثروات في المجتمع المسلم. ومن هذه الطرق: ¬

_ (¬1) - سورة المؤمنون. آية: 51 (¬2) - سورة البقرة. آية: 172 (¬3) - سورة البقرة. آية: 267 (¬4) - سورة الأعراف. آية: 32 - 33 (¬5) - سورة المائدة. آية: 87

الزكاة ومصارفها الثمانية يقول تعالى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (¬1). فتؤخذ الزكاة من أغنياء المسلمين، وترد على فقرائهم. وكما ورد في زكاة الزروع والثمار قال تعالى {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (¬2). ومنها الوصية، يقول سبحانه {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} (¬3). ومنها المواريث، يقول سبحانه {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} (¬4) فأعطى سبحانه كل ذي حق حقه، وتوعد من خالف ذلك بالعذاب المهين فقال سبحانه {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} (¬5). ومنها تقسيم الفيء، وفيه قوله جل شأنه {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا ¬

_ (¬1) - سورة التوبة. آية: 60 (¬2) - سورة الأنعام. آية: 141 (¬3) - سورة البقرة. آية: 180 (¬4) - سورة النساء. آية: 11 (¬5) - سورة النساء. آية: 14

آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (¬1) فتولى سبحانه توزيع الفيء على هذه الأصناف المذكورة، وذكر العلة من هذا التوزيع، كي لا يبقى المال دائراً فقط بين الأغنياء، فيزداد الفقير فقراً، بينما يزداد الغني غِنَىً، ويقع من هنا الخلل في موازين المجتمع، وعلاقة طبقاته بعضهم ببعض، وأكد على وجوب اتباعه عليه الصلاة والسلام فيما أمر والانتهاء عما نهى عنه وزجر، وربط كل ذلك بتقوى الله سبحانه، والخوف من شديد عقابه. وبما أبان الله تعالى عن بعض الوسائل، لتوزيع الثروات في المجتمع المسلم، نختم هذا المبحث من أهداف الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم، وننتقل بحول الله وقوته للمبحث التالي وهو: ¬

_ (¬1) - سورة الحشر. آية: 7

المبحث الثالث صور الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم

المبحث الثالث صور الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم وفي سبيل توضيح توجيهات القرآن في جانب الاقتصاد، سلك الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم مسالك عديدة، وتنوعت صور التعبير فيه من خلال النصوص الاقتصادية التي تشكل مجموعة القواعد الأساسية التي يبني عليها الإنسان اختياراته، ليحقق رفاهته ورفاهة مجتمعه. ومن هذه الصور: 1 - استخدام القصص القرآني في تقرير المفاهيم والمباديء الاقتصادية. ومن هذه المفاهيم: أ- مفهوم الادخار وترشيد الاستهلاك. وهما سبيلان، للحفاظ على ثروات الأمة، ودرعان واقيان لها، في الأزمات، وأوقات الشدة. ويظهر هذا المعنى جلياً واضحاً في قصة يوسف عليه السلام لما قال المَلِكُ {إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} (¬1). فأجاب يوسف الصديق عليه السلام {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} (¬2). فأوضح له السبيل والمخرج من الأيام العجاف بوجوب العمل بمفهوم الادخار، وبصحبته ترشيد الاستهلاك، فينفعهم ما ادخروه أيام رخائهم في أيام شدتهم وقحطهم. وبهذا الحزم وحسن التخطيط، تحيا الأمم مزدهرة، وتنجو من قبضة الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالأمم، فتتركها أثراً بعد عين. ومن هذه المعاني ب- ذم الترف والتباهي، والإسراف والاستطالة بالثراء على الخلق. وهي آفات، وخطايا سلوكية تُعَجِّل بهلاك الأمم، وضياع الثروات. وفي هذا المعنى جاءت قصة عاد في ¬

_ (¬1) - سورة يوسف. آية: 43 (¬2) - سورة يوسف. آية: 47 - 49

ت- تقرير حقيقة القيم

سورة الشعراء حين ينهاهم نبيهم هود عليه السلام، وينكر عليهم أعمالهم قائلاً {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129) وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (130) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} (¬1). فبعد أن دعاهم هود عليه السلام لتقوى الله وطاعة رسوله، انتقل لحال خاص من تصرفات القوم " فينكر عليهم الترف في البنيان، لمجرد التباهي بالمقدرة، والإعلان عن الثراء، والتكاثر والاستطالة في البناء، كما ينكر عليهم غرورهم بما يقدرون عليه من أمرهذه الدنيا، وما يسخرونه فيها من القُوَى، وغفلتهم عن تقوى الله ورقابته ......... (وفي الآيات) توجيه إلى أن يُنْفَقَ الجهد، وتنفق البراعة، وينفق المال فيما هو ضروري، ونافع، لا في الترف والزينة ومجرد إظهار البراعة والمهارة ......... وكان الأجدر بهم أن يتذكروا فيشكروا، ويخشوا أن يسلبهم ما أعطاهم، وأن يعاقبهم على ما اسرفوا في العبث والبطش والبطر الذميم" (¬2). ولو تأمل متأمل؛ لوجد أن السبب المشترك في جميع الكوارث الاقتصادية، التي تَحُلُّ بالدول، هم هؤلاء المتْرَفُون، الذين يجعلون جل همهم الاستمتاع بالتباهي، والاستطالة بالثراء على الخلق، والاستزادة من كل ما هو غير ضروري، ولا مفيد لأمتهم ومجتمعانهم، فتراهم يعيشون لأنفسهم، لا يشاركون في نهضة، ولا يعاونون في عمل، وضررهم على مجتمعاتهم خطير جداً، مادياً ومعنوياً. ومما جاء في قصص القرآن من معاني وسلوكيات اقتصادية: ت- تقرير حقيقة القيم، والاستمتاع بالطيبات. وفي هذا السياق " تجيء قصة قارون لتعرض سلطان المال والعلم، وكيف ينتهي بالبوار مع البغي والبطر، والاستكبار على الخلق، وجحود نعمة الخالق. وتقرر حقيقة القيم، فَتُرْخِص من قيمة المال والزينة، إلى جانب قيمة الإيمان، والصلاح، مع الاعتدال والتوازن في الاستمتاع بطيبات الحياة، دون علو في الأرض، ولا فساد" (¬3). يقول الله تعالى {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ ¬

_ (¬1) - سورة الشعراء. آية: 128 - 131 (¬2) - في ظلال القرآن. الأستاذ سيد قطب 5/ 2609 - 2610. ط / 10 دار الشروق. القاهرة - بيروت 1982 (¬3) - المرجع السابق. 5/ 2710.

الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80) فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82) تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (¬1). قارون " نموذج مكرر في البشرية. فكم من الناس يظن أن علمه وكده هما وحدهما سبب غناه. ومن ثم فهو غير مسؤول عما ينفق وما يمسك، غير محاسب على ما يفسد بالمال وما يصلح، غير حاسب لله حساباً، ولا ناظر إلى غضبه ورضاه! والإسلام يعترف بالملكية الفردية، ويقدر الجهد الفردي الذي بذل في تحصيلها من وجوه الحلال التي يشرعها؛ ولا يهون من شأن الجهد الفردي أو يلغيه. ولكنه في الوقت ذاته يفرض منهجاً معيناً للتصرف في الملكية الفردية كما يفرض منهجاً لتحصيلها وتنميتها وهو منهج متوازن متعادل، لا يحرم الفرد ثمرة جهده، ولا يطلق يده في الاستمتاع به حتى الترف ولا في إمساكه حتى التقتير؛ ويفرض للجماعة حقوقها في هذا المال، ورقابتها على طرق تحصيله، وطرق تنميته. وطرق إنفاقه والاستمتاع به. وهو منهج خاص واضح الملامح متميز السمات. ولكن قارون لم يستمع لنداء قومه، ولم يشعر بنعمة ربه، ولم يخضع لمنهجه القويم. وأعرض عن هذا كله في استكبار لئيم وفي بطر ذميم .......... وعندما تبلغ فتنة الزينة ذروتها، وتتهافت أمامها النفوس وتتهاوى، تتدخل يد القدرة لتضع حداً للفتنة، وترحم ¬

_ (¬1) - سورة القصص. آية: 76 - 83

ث- حسن الوفاء والعدالة في المعاملات

الناس الضعاف من إغرائها، وتحطم الغرور والكبرياء تحطماً. ويجيء المشهد الثالث حاسماً {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ} هكذا في جملة قصيرة، وفي لمحة خاطفة: {فخسفنا به وبداره الأرض} فابتلعته وابتلعت داره، وهوى في بطن الأرض التي علا فيها واستطال فوقها جزاء وفاقاً " (¬1). ومن المعاني الاقتصادية الواردة في قصص القرآن الكريم: ث- حسن الوفاء والعدالة في المعاملات، مع ذم بخس حقوق الناس. وهذا كله مما يساعد على تكوين مناخ اقتصادي مستقر، تسوده الأمانة، والإنصاف، والاطمئنان، فيزدهر به الاقتصاد، وتنمو به الأسواق، ويعم النفع على الجميع. ويبدو هذا الأمر واضحاً جلياً في سياق قصة شعيب عليه السلام مع قومه. قال الله تعالى {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) وَيَاقَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} (¬2). فهاهنا شعيب عليه السلام حين أمر قومه بعبادة الله وحده، أَتْبَعَ ذلك بالنهي "عن نقص المكيال والميزان وهو التطفيف إذا أعطوا الناس، ثم أمرهم بوفاء الكيل، والوزن بالقسط آخذين ومعطين" (¬3). قال الأستاذ سيد قطب رحمه الله "والقضية هنا هي قضية الأمانة والعدالة بعد قضية العقيدة والدينونة أو هي قضية الشريعة والمعاملات التي تنبثق من قاعدة العقيدة والدينونة. . فقد كان أهل مدين وبلادهم تقع في الطريق من الحجاز إلى الشام ينقصون المكيال والميزان، ويبخسون الناس أشياءهم، أي ينقصونهم قيمة أشيائهم في المعاملات. وهي رذيلة تمس نظافة القلب واليد كما تمس المروءة والشرف. كما كانوا بحكم موقع بلادهم يملكون أن يقطعوا الطريق على القوافل الذاهبة الآيبة بين شمال الجزيرة وجنوبها. ويتحكموا في طرق القوافل ويفرضوا ما يشاءون من المعاملات الجائرة التي وصفها الله في هذه السورة. ومن ثم تبدو علاقة عقيدة التوحيد والدينونة لله وحده ¬

_ (¬1) - في ظلال القرآن. الأستاذ سيد قطب 5/ 2612 - 2613. (¬2) - سورة هود. آية: 84 - 85 (¬3) - تفسير ابن كثير 2/ 589 - 590

2 - تنويع الخطاب

بالأمانة والنظافة وعدالة المعاملة وشرف الأخذ والعطاء، ومكافحة السرقة الخفية سواء قام بها الأفراد أم قامت بها الدول. فهي بذلك ضمانة لحياة إنسانية أفضل، وضمانة للعدل والسلام في الأرض بين الناس" (¬1). ومن الاعتماد على القصص في تأسيس المفاهيم وتصحيح المظاهر السلوكية الاقتصادية ننتقل إلى طريقة أخرى من طرق الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم لتوصيل رسالته لعموم المؤمنين وهي: 2 - تنويع الخطاب القرآن الكريم في حقيقته تركيب عجيب في بناء آياته، وفي الموضوعات والقضايا التي يتناولها ويتنوع الخطاب في القرآن إنشاءً أو إخباراً، أمراً ونهياً، وترغيباً وترهيباً، ووعداً ووعيداً، وإخباراً وتذكيراً، واعتباراً وإنذاراً. والمتتبع للخطاب القرآني الاقتصادي، يجد أنه يأتي على أنواع عديدة منها: الأسلوب الإنشائي المتضمن للنداء والأمر والنهي والاستفهام. وقد جاء هذا الأسلوب بكثرة ووفرة في آيات القرآن الكريم فمنه: قوله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (¬2). والنداء للناس عامة، فقد أباح لهم ربهم الأكل من ممارزقهم في الأرض حلالاً طيباً. " وهذا الأمر بالإباحة والحل لما في الأرض - إلا المحظور القليل الذي ينص عليه القرآن نصاً - يمثل طلاقة هذه العقيدة، وتجاوبها مع فطرة الكون وفطرة الناس. فالله خلق ما في الأرض للإنسان، ومن ثم جعله له حلالاً، لا يقيده إلا أمر خاص بالحظر، وإلا تجاوز دائرة الاعتدال والقصد. ولكن الأمر في عمومه أمر طلاقة واستمتاع بطيبات الحياة، واستجابة للفطرة بلا كزازة ولا حرج ولا تضييق. . كل أولئك بشرط واحد، هو أن يتلقى الناس ما يحل لهم وما يحرم عليهم من ¬

_ (¬1) - في ظلال القرآن. الأستاذ سيد قطب 4/ 1917 (¬2) - سورة البقرة. آية: 168

الجهة التي ترزقهم هذا الرزق. لا من إيحاء الشيطان الذي لا يوحي بخير لأنه عدو للناس بين العداوة. لا يأمرهم إلا بالسوء وبالفحشاء " (¬1). وقوله سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (¬2). "هذا أمر للمؤمنين خاصة، بعد الأمر العام، وذلك أنهم هم المنتفعون على الحقيقة بالأوامر والنواهي، بسبب إيمانهم، فأمرهم بأكل الطيبات من الرزق، والشكر لله على إنعامه، باستعمالها بطاعته، والتقوي بها على ما يوصل إليه، ...... فالشكر في هذه الآية، هو العمل الصالح. وهنا لم يقل "حلالا "لأن المؤمن أباح الله له الطيبات من الرزق خالصة من التبعة، ولأن إيمانه يحجزه عن تناول ما ليس له." (¬3) وقوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (¬4). وقوله سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬5). هاتان الآيتان " نداء الله تعالى عباده المؤمنين ناداهم بعنوان الإيمان، لأن المؤمن حيٌّ بإيمانه، يسمع، ويعقل، ويقدر على الفعل، والترك، بخلاف الكافر، فإنه لا يسمع، ولا يعقل، ولا يفعل إن أُمِر، ولا يترك إن نُهِي" (¬6)، " إن النص يعلق إيمان الذين آمنوا على ترك ما بقي من الربا. فهم ليسوا بمؤمنين إلا أن يتقوا الله ويذروا ما بقي من الربا ..... فإنه لا إيمان بغير طاعة وانقياد واتباع لما أمر الله به ..... فالذين يفرقون في الدين بين الاعتقاد والمعاملات ليسوا بمؤمنين. مهما ادعوا الإيمان وأعلنوا بلسانهم أو حتى بشعائر العبادة الأخرى أنهم مؤمنون! " (¬7). قال تبارك وتعالى {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} (¬8) وقال سبحانه {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} (¬9) ¬

_ (¬1) - في ظلال القرآن. الأستاذ سيد قطب 1/ 155 (¬2) - سورة البقرة. آية: 172 (¬3) - تفسير السعدي. ص: 88 (¬4) - سورة البقرة. آية: 278 (¬5) - سورة آل عمران. آية: 130 (¬6) - نداءات الرحمن لأهل الإيمان. للشيخ أبي بكر الجزائري. ص: 7. ط الثالثة. مكتبة دار العلوم والحكم 1996م (¬7) - في ظلال القرآن. الأستاذ سيد قطب 1/ 330 (¬8) - سورة الإسراء. آية: 26 (¬9) - سورة الإسراء. آية: 29

وقال تعالى {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (¬1) وقال سبحانه {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (¬2) فهذه الآيات الكريمات مجتمعات حول تقويم السلوك الإنساني الاقتصادي، من الأمر بأداء الحقوق لأصحابها، ومستحقيها، والنهي عن التبذير والإسراف، والتنفير من البخل، والشح، والتطفيف في الميزان، ووجوب الزكاة في موعدها. وبهذا كله يستقيم سلوك الإنسان في تحصيل وإشباع حاجاته المختلفة، وتسود الاستقامة والتكافل، والوفاء، والعدالة. ومن الأسلوب الإنشائي نتحول إلى قسيمه، وهو: الأسلوب الخبري المعتمد على تكرار الحقائق والمبادئ وهو في القرآن الكريم - كما سبق (¬3) - مَدَدٌ لا ينقطع من رب العالمين سبحانه لعباده المؤمنين، يمدهم فيه بالأسس، والأصول، والمفاهيم، تعليماً، وتثبيتاً، وتوجيهاً، في مختلف أوجه النشاط الإنساني ومنها النشاط الاقتصادي. ومن ذلك: " قضية الملكية وهي من أمهات القضايا الاقتصادية، وهي أحد المعالم البارزة في تمييز الأنظمة الاقتصادية. والناظر في آيات القرآن التي تناولت هذه المسألة، يجد تركيزاً صريحاً، ومكثفاً، على أن ملكية الأموال، وغيرها؛ لله عزَّ وجلَّ. وهي ملكية أصيلة وذاتية وشاملة ومطلقة. جاء في هذا المعنى قوله تعالى {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} (¬4)، وقوله سبحانه {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (¬5) وأما ملكية غيره سبحانه فهي ملكية ثانوية مقيدة ونوع من الاستخلاف. مثل قوله سبحانه {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} (¬6) وقوله تعالى {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} (¬7) ¬

_ (¬1) - سورة الإسراء. آية: 35 (¬2) - سورة الأنعام. آية: 141 (¬3) - صفحة: 217 (¬4) - سورة البقرة. آية: 284 (¬5) - سورة المائدة. آية: 120 (¬6) - سورة الحديد. آية: 7 (¬7) - سورة النور. آية: 33

وبعد تقرير المعنى السابق يقرر الرب تعالى أمراً آخر وهو الإباحة العامة لكل ما على ظهر الأرض لكل أحد بغض النظر عن عقيدته وعن زمانه ومكانه. ومن هذا قوله تعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (¬1). فالآية الكريمة تبين العلاقة بين الموارد والإنسان، فهي مخلوقة ومسخرة له، والانتفاع بها عام لبني الإنسان، لا يستأثر بها قوم دون آخرين" (¬2) وهكذا يجري فيض القرآن بالمعاني والمفاهيم فنقرأ في المحرمات قوله تعالى {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (¬3). ونقرأ قوله سبحانه {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} (¬4). ونقرأ عن عطاء ربنا سبحانه الواسع، والثروات المباحة، ومصادر الانتاج المتاحة قوله سبحانه {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11) وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12) وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13) وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ ¬

_ (¬1) - سورة البقرة. آية: 29 (¬2) - نظرات اقتصادية في القرآن الكريم. د شوقي أحمد دنيا ص/ 19. (¬3) - سورة البقرة. آية: 173 (¬4) - سورة المائدة. آية: 3

الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (¬1) ونقرأ في توجيه القرآن الكريم عباد الرحمن إلى جميل السلوك الاقتصادي، ومحمود التصرف، قوله تعالى {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (¬2) وفي تفسير هذا الآية الكريمة نقرأ كلاماً نفيساً للأستاذ سيد قطب رحمه الله " وهذه سمة الإسلام التي يحققها في حياة الأفراد والجماعات؛ ويتجه إليها في التربية والتشريع، يقيم بناءه كله على التوازن والاعتدال. والمسلم - مع اعتراف الإسلام بالملكية الفردية المقيدة - ليس حراً في إنفاق أمواله الخاصة كما يشاء -كما هو الحال في النظام الرأسمالي، وعند الأمم التي لا يحكم التشريع الإلهي حياتها في كل ميدان - إنما هو مقيد بالتوسط في الأمرين الإسراف والتقتير. فالإسراف مفسدة للنفس والمال والمجتمع؛ والتقتير مثله حبس للمال عن انتفاع صاحبه به وانتفاع الجماعة من حوله فالمال أداة اجتماعية لتحقيق خدمات اجتماعية. والإسراف والتقتير يحدثان اختلالاً في المحيط الاجتماعي والمجال الاقتصادي، وحبس الأموال يحدث أزمات ومثله إطلاقها بغير حساب. ذلك فوق فساد القلوب والأخلاق. والإسلام وهو ينظم هذا الجانب من الحياة يبدأ به من نفس الفرد، فيجعل الاعتدال سمة من سمات الإيمان: {وكان بين ذلك قواماً}." (¬3) ج- ومن أعجب الآيات التي جمعت الأسلوبين الخبري والإنشائي آية الدين قال سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ ¬

_ (¬1) - سورة النحل. آية: 5 - 14 (¬2) - سورة الفرقان. آية: 67 (¬3) - في ظلال القرآن. 5/ 2578 - 2579

كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (¬1). فقد تضمنت هذه الآية ما يلي: النداء: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا الأمر: فَاكْتُبُوهُ - وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ النهي: وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ الأمر: فَلْيَكْتُبْ - وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ - وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ النهي: وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا الأمر: فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ - وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ النهي: وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا - وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ - الخبر: ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ - وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ - وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ - فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا الأمر: وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ النهي: وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ الأمر: وَاتَّقُوا اللَّهَ الخبر: وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فهذه أطول آية في القرآن، وقد جاءت كلها في شأن من شئون الاقتصاد، حول الديون وتوثيقها والإشهاد عليها، وجاءت بمثل هذا الأداء اللغوي المتنوع المبدع، لا تشعر لها بطول أو جمود، بل نص كريم، ينضح بالحيوية، والسلاسة، واليسر، والوضوح والتمام في المعنى، والكمال في الحكم. ¬

_ (¬1) - سورة البقرة. آية: 282

ولإعلامنا الإسلامي في مثل هذه الايات الكريمات، أعظم القدوة، وأرفع الأسوة، في تنويع أدوات توصيل الرسالة، والاجتهاد في ابتكار وسائل خطاب جديدة، تواكب العصر تقدماً ويسراً، لإيصالها للجماهير المتعطشة لأحكام الإسلام ومبادئه في شتى المجالات والميادين. وبالوصول لهذه النقطة، نختتم هذا الفصل، عن الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم. وننتقل بعون الله وتوفيقه للفصل القادم عن الإعلام الثقافي في القرآن الكريم.

الفصل السادس صور الإعلام الثقافي في القرآن الكريم

الفصل السادس صور الإعلام الثقافي في القرآن الكريم

المبحث الأول تعريف الإعلام الثقافي

المبحث الأول تعريف الإعلام الثقافي يحتل الإعلام الثقافي مكانة متميزة ضمن عمليات الاتصال، لأنه يغطي جميع الجوانب المعرفية، ومن شأنه توسيع مدارك جمهور المتلقين، وإمدادهم بالزاد المعنوي اللازم لنفوسهم، وقلوبهم، وبناء الفرد الواعي القادر على خدمة مجتمعه وأمته. وقبل الخوض في أهداف الإعلام الثقافي وذكر صوره وتطبيقاته لابد من تعريفه أولاً، ونحتاج - قبل أي شيء في هذا الفصل - للتعرف على لفظ الثقافة، لغة واصطلاحاً، وهذا ما سيكون بمشيئة الله في المطلبين التاليين: المطلب الأول: تعريف الثقافة لغةً الثقافة لغة: قال الزبيدي رحمه الله: ثقُفَ بالضم: صار حاذقاً، خفيفاً، فطناً، فهماً. ورجل ثقْفٌ: إذا كان ضابطاً لما يحويه، قائماً به. وثقَّفه: سوَّاه وقوَّمه. وثاقفه: غلبه في الحذق والفطانة وإدراك الشيء. قال: ومن المجاز: التثقيف: التأديب والتهذيب (¬1). وقال ابن منظور رحمه الله: ثقِف الشيءِ: حَذَقَه، ورجل ثقِف: حاذق فهِم، وغلام لقن ثقف: ذو فطنة وذكاء، والمراد أنه ثابت المعرفة بما يحتاج إليه (¬2). ¬

_ (¬1) - تاج العروس. باب الفاء فصل الثاء 23/ 60: 64. ط وزارة الإعلام الكويتية. 1984 م (¬2) - لسان العرب. مادة الثاء مع القاف والفاء. 2/ 111: 112. ط الثالثة. دار إحياء التراث العربي- بيروت.

خلاصة: يلاحظ أن المعنى اللغوي للثقافة عند العرب يدور حول المهارة، والذكاء، والتقويم، وإدراك الأشياء، والتمكن منها،، ومن تأمل وجد أن هذه المعاني قريبة من بعضها البعض، فالحذق والفطنة طريق إلى سرعة التعلم، وبه يكون الضبط لما يتعلمه، والظفر به وإدراكه. المطلب الثاني: تعريف الثقافة اصطلاحاً للثقافة تعريفات عديدة، فمنها أنها: "العلوم، والمعارف، والفنون التي يطلب الحذق فيها" (¬1). ومنها أن الثقافة: " هي مجموعة الأفكار والمُثل والمعتقدات والتقاليد والعادات والمهارات وطرق التفكير وأساليب الحياة والنظام الأسري وتراث الماضي .. " (¬2). ومنها أنها: " التراث الحضاري والفكري من جميع جوانبه النظرية والعلمية، الذي تمتاز به أمة وينسب إليهاويتلقاه الفرد من ميلاده حتى وفاته، من ثمرات الفكر والعلم والفن والقانون، والأخلاق" (¬3). وقيل هي " الوسائل، التي من شأنها، أن تنتهي بالإنسان إلى تكوين رؤية خاصة، يرى بها الكون، والإنسان" (¬4). خلاصة: هذه التعريفات، وإن اختلفت مفرداتها، وصياغاتها، إلا أنها تتآلف بصورة كبيرة، فتعطي لنا تصوراً دقيقاً لمصطلح الثقافة، ويمكن بناءً عليه أن أقول: الثقافة هي الإدراك والوعي بجملة الأفكار، والمعتقدات، والنُّظُم، التي تميز فرداً من الأفراد، أو أمة من الأمم، وتطبعها بطابع مختلف عن غيرها. وبعد الوقوف على معنى الثقافة لغة واصطلاحاً يمكن لنا تعريف الإعلام الثقافي وهو مقصودنا من هذا المبحث؛ فأقول - وعلى الله اعتمادي -: ¬

_ (¬1) - المعجم الوسيط. مادة ثقف. ص / 98 وهذا تعريف مجمع اللغة العربية. (¬2) - دراسات في الثقافة الإسلامية. مجموعة مؤلفين. ص / 8. ط السابعة. مكتبة الفلاح - الكويت 1998م، وفي الثقافة الإسلامية د عادل ود فايزة العوضي. ص / 21 - 22. ط الأولى. الشركة الكويتية العربية للنشر. 2004م (¬3) - المصدر السابق نفسه (¬4) - الثقافة الإسلامية. د عبد المنعم النمر. ص / 24. ط دار المعارف - مصر. 1987م

تعريف الإعلام الثقافي: هو الإعلام القائم على تزويد الناس بالمعلومات السليمة، والحقائق الثابتة عن مجموع الأفكار، والمعتقدات، والعلوم، والمعارف، والنظم، التي يتميز به المجتمع عن غيره من المجتمعات، بحيث تصل بالجماهير لتصور ثقافي واضح، ومتميز، وتساعدهم على تكوين معرفة صحيحة عن خصائص أمتهم الحضارية والفكرية. والإعلام الثقافي على هذا التعريف، ينبغي أن يشتمل على قبسات من جميع الأفكار، والعقائد، والنظم، والمعارف، التي تسهم في تكوين ثقافة الأمة وتمييز كيانها عن غيرها من الأمم والشعوب. وبهذا المعنى، فجميع أنواع الإعلام التي سبقت معنا في هذه الرسالة داخلة - بِقَدَرٍ - في الإعلام الثقافي، والذي نعرض أهدافه في المبحث التالي إن شاء الله تعالى.

المبحث الثاني أهداف الإعلام الثقافي في القرآن الكريم

المبحث الثاني أهداف الإعلام الثقافي في القرآن الكريم تحديد أسس بناء الشخصية الإسلامية: وهي الأسس، التي تقوم عليها، وتتميز بها شخصية المسلم عن غير المسلمين، وأهمها: الإيمان الحق وبه ينعتق الإنسان من ربقة العبودية والخضوع إلا لله تعالى، ويتحرر من جميع مخاوفه، على أجله أو رزقه، على حاضره، أو مستقبله، ويسمو بقلبه عن التصورات الفاسدة للقضايا الكبرى، كالخلق والغاية منه، والموت والمصير بعده، وينأى بعقله عن الأوهام وسيطرة الخرافات. وفي هذه المعاني كلها جاءت آيات وآيات، منها على سبيل المثال: قوله سبحانه {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (¬1). وقوله تعالى {وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} (¬2). وقوله سبحانه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬3). وقوله تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬4). وقوله تعالى {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (¬5). وقوله سبحانه {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (¬6). فتشكل هذه الآيات حصناً منيعاً للإنسان، فيحيى عالماً بربه، وما ¬

_ (¬1) - سورة يونس. آية: 3 (¬2) - سورة النحل. آية: 51 (¬3) - سورة الشورى. آية: 11 (¬4) - سورة الذاريات. آية: 56 (¬5) - سورة الأنبياء. آية: 34 - 35 (¬6) - سورة هود. آية: 6

ينبغي له من تعظيم، وتوحيد، وتنزيه، وعارفاً للغاية من خلقه، فيقوم بعبادته، ومطمئناً مستقراً في تصوراته في جميع مجالات حياته. ومن أسس بناء الشخصية الإسلامية: القيام بالعبودية وتتمثل في دعائم الإسلام وهي التطبيق العملي للعقيدة. والعبادات بدورها تثمر السلوك الصحيح، والخلق القويم، وترسم لشخصية المسلم الطريق السويَّ، فيعيش حياته موصولا بربه، فاعلاً في مجتمعه، يستشعر نبض الإيمان في أعماقه فلا ينبعث من حياته إلا الخير. يقول الحق تعالى {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (¬1). ويقول سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬2). وحياة الإنسان كلها، من مولده لمماته، بحركاته وسكناته، كلها عبودية لله قال عزَّ مِن قائل {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)} (¬3). ومن هنا؛ تجد المسلمين متميزين عن غيرهم، بتقلبهم في جميع أحوالهم في طاعة ربهم، وعبادته، قال عنهم ربهم سبحانه {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (¬4). ومن أسس بناء الشخصية الإسلامية: الأسوة الحسنة فيبدأ المسلم تكوين شخصيته الإسلامية، سلوكا، وتطبيقا، من توجيهات القرآن الكريم، وسيرة الرسول عليه الصلاة والسلام، وصحابته رضي الله عنهم، يقول سبحانه {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (¬5). فهو عليه الصلاة ¬

_ (¬1) - سورة العنكبوت. آية: 45 (¬2) - سورة الحج. آية: 77 (¬3) - سورة الأنعام. آية: 162 - 163 (¬4) - سورة التوبة. آية: 112 (¬5) - سورة الأحزاب. آية: 21

والسلام، أسوة كل مؤمن، تتعلق بافعاله، وأقواله، أنظار وقلوب المؤمنين، ليقتدوا به، ويسعدوا بمتابعته، بل إن هذا الأمر – الاقتداء والتأسي – هو أحد الأسباب الرئيسة، التي من أجلها جعل الله تعالى رسله الكرام من البشر، لا من الملائكة، لكي يتحقق بهم التأسي، ويتسنى للناس الاقتداء ببشر مثلهم، لهم نفس صفاتهم، ونمط حياتهم ويفعلون أفعال البشر، مثلهم تماماً، فتأنس إليهم الأرواح، وتُقْبِل عليهم القلوب تأسياً واقتداءً. وقد ذكر القرآن الصفات الأساسية، التي ينبغي أن تشكل الأسوة، والقدوة لشخصية المؤمن، كما أرادها الله تعالى، ومنها ما ذكره سبحانه كصفات لبعض عباده، وأنبيائه في قوله سبحانه {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54)} (¬1). وقال عز وجل {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75)} (¬2). وفي قوله تعالى {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)} (¬3). وغير ذلك من الايات الكريمات التي تبرز الصفات الجليلة التي ينبغي على أهل الإيمان التمسك والاقتداء بها. ومن الأسس الهامة في بناء شخصية المسلم: العلم حيث تتسامى شخصية المسلم بالعلم الذي يكشف له طريق الحق والخير وينير مسالك الحياة فيمضي فيها على هدى، فتتميز شخصيته عن غيره بالفكر والعلم المفيد قال عزَّ مِن قائلٍ مُمْتَنَّاً على نبيه بتعليمه {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} (¬4). وقال سبحانه {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (¬5). فجعل سبحانه تعليم العلم إحدى مهمات الرسول الكريم ¬

_ (¬1) - سورة مريم. آية: 54 (¬2) - سورة هود. آية: 75 (¬3) - سورة آل عمران. آية: 146 (¬4) - سورة النساء. آية: 113 (¬5) - سورة آل عمران. آية: 164

الإعلام بملامح الشخصية المسلمة في القرآن

عليه الصلاة والسلام. ويمكن لنا أن نلحظ أن الله تعالى لم يأمر نبيه عليه الصلاة والسلام بطلب الاستزادة من شيء إلا من العلم لعظم أثره في الدين والدنيا فقال جل جلاله {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (¬1). ومن أسس الشخصية الإسلامية: العمل فالمسلم العامل له في الحياة أهميته مهما كان عمله مادام عملا شريفا وما دام كسبه حلالا فهو يشارك في عمارة الحياة وازدهارها ويعمل على دفعها إلى الإمام قال الله تعالى حاثاً على العمل {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} (¬2). وقرن سبحانه بين الإيمان والعمل في خمسين موضعاً في القرآن للدلالة على أهمية، بل حتمية العمل ومن ذلك قوله سبحانه {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} (¬3). وأمر سبحانه بفعل الخير في قوله تعالى {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬4). وحث على العمل فقال سبحانه {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (¬5). وبشَّر العاملين بحسن الأجر فقال تعالى {وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} (¬6). بهذه الأسس تقوم الشخصية المسلمة، وتترجم هذه الأصول إلى ملامح خاصة، تتميز بها عن غيرها، وهي - الملامح الشخصية وبيانها - من أهداف الإعلام الثقافي في القرآن الكريم أيضاً: الإعلام بملامح الشخصية المسلمة في القرآن ¬

_ (¬1) - سورة طه. آية: 114 (¬2) - سورة الملك. آية: 15 (¬3) - سورة البقرة. آية: 25 (¬4) - سورة الحج. آية: 77 (¬5) - سورة التوبة. آية: 105 (¬6) - سورة آل عمران. آية: 136

فإن كانت الأسس السابقة تشكل التركيبة الداخلية، وعماد الشخصية المسلمة، فإن ملامحها هي تلك المظاهر الخارجية، التي تتضح من خلال التعامل مع الأحداث، والأفراد. ويمكن لنا أن نجمع هذه الملامح في عناوين ثلاثة رئيسة (¬1) وهي إجمالاً: التحلي بالخُلُق الحسن الجميل الثبات في الرخاء والشدة التعاون والتعاضد والتفاعل في الخير فالملمح الأول: التحلي بالخلق الحسن الجميل ويشمل الأخلاق العظيمة، والشمائل الطيبة التي أكد عليها القرآن، وتجلت في سيرته عليه الصلاة والسلام، وهو القائل (إن من خياركم أحسنَكم أخلاقاً) (¬2). وقد مدح الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام وزكاه فقال له {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (¬3). فمن هذه الأخلاق الجميلة: التواضع من غير ذُلٍّ يقول تعالى {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} (¬4).وقال سبحانه لنبيه عليه الصلاة والسلام {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} (¬5). يقول عليه الصلاة والسلام (وما تواضع عبد لله إلا رفعه) (¬6) والعِزَّة من غير كِبْر ¬

_ (¬1) - هذا رأي للباحث، واختياره. (¬2) - رواه البخاري. كتاب الأدب. باب: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً. رقم الحديث: 5682، ورواه مسلم كتاب الفضائل. باب: كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم. رقم الحديث: 2321. كلاهما عن عبد الله بن عمرو (¬3) - سورة القلم. آية: 4 (¬4) - سورة الفرقان. آية: 63 (¬5) - سورة الحجر. آية: 88 (¬6) - رواه الترمذي. باب: ما جاء في التواضع. رقم الحديث 2029. عن أبي هريرة رضي الله عنه.

يقول تعالى {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (¬1). ويقول سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} (¬2). والرفق واللين يقول سبحانه {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (¬3) ويقول عليه الصلاة والسلام (إن الله عز وجل رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف) (¬4).ويقول سبحانه يمدح المؤمنين بأنهم {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (¬5). والأمانة وقد أمر الله بها باللفظ المؤكد فقال سبحانه {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (¬6) ويقول الله تعالى مادحاً عباده المؤمنين {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} (¬7). وكان النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، معروفاً في قومه بـ الأمين، وكان يحث على الأمانة وأدائها ويقول (أدِ الأمانةَ لمن ائتمنك، ولا تخن من خانك) (¬8). وهنا أكتفي بهذه الأمثلة، على ما أشير إليه، والتي يمتلئ بمثيلها القرآن، فإن الأخلاق من أعظم موضوعات القرآن، وأبرز ملامح الشخصية المسلمة الصادقة، كيف لا وقد قال صاحب الخُلُق العظيم (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق) (¬9). وأما الملمح التالي فهو: ¬

_ (¬1) - سورة المنافقون. آية: 8 (¬2) - سورة المائدة. آية: 54 (¬3) - سورة آل عمران. آية: 159 (¬4) - صحيح ابن حبان. كتاب البر والإحسان. باب الرفق عن أبي هريرة. رضي الله عنه رقم الحديث: 554.، وفي المعجم الأوسط للطبراني. عن أنس رضي الله عنه رقم الحديث: 3022 (¬5) - سورة الفتح. آية: 29 (¬6) - سورة النساء آية: 58 (¬7) - سورة المؤمنون آية: 8 (¬8) - الترمذي. أبواب البيوع رقم الحديث: 1264. عن أبي هريرة رضي الله عنه (¬9) - رواه البخاري. في الأدب المفرد. باب حسن الخلق رقم الحديث: 273.

الملمح الثاني: الثبات في الرخاء والشدة وهذا ثمرة الإيمان الحق، فبه يوقن المؤمن أن ما أخطأه ما كان ليصيبه، وما أصابه ما كان ليخطئه، فيُسَر ويشكر في السراء، ويصبر ويرضى في الضراء. وآيات القرآن الكريم تمثل أعظم وأقوى عوامل التثبيت لأهل الإيمان وفيها قوله تعالى عن القرآن {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (¬1). ولسان حال المؤمن دائماً {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51)} (¬2). وقال الرسول الكريم عليه أتم الصلوات والتسليم في بيان فضل هذا الاستقرار والثبات النفسي (عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) (¬3). وأهل الإيمان ينسبون الفضل لله عند تحقق المسرات، ومنهم سليمان عليه السلام الذي قال {يَاأَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ} (¬4). والقائل أيضاً فيما حكاه القرآن {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} (¬5). وكما لا تجد من أهل الإيمان إلا الشكر لله في السراء، فإنهم في الضراء، لا يخرجون عن التسليم والصبر والرضا بالقضاء يقول تعالى واصفاً حالهم {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (¬6). ¬

_ (¬1) - سورة النحل آية: 102 (¬2) - سورة التوبة آية: 51 (¬3) - مسلم. كتاب الزهد والرقائق. باب: المؤمن أمره خير كله. رقم الحديث: 2999. (¬4) - سورة النمل آية: 16 (¬5) - سورة النمل آية: 40 (¬6) - سورة البقرة آية: 156

ومن الثبات والاستقرار النفسي في جميع الأحوال إلى الملمح الرئيس التالي وهو: الملمح الثالث: التعاون والتعاضد والتفاعل في الخير وأصل ذلك توجيه القرآن الكريم {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (¬1). ومن ذلك الدعوة للخير وتعليم الجاهلين قال تعالى {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (¬2). وقوله تعالى عن وظيفة النبي عليه الصلاة والسلام وأتباعه من الدعوة إلى الله على علم وهدى {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (¬3). ومن هذا أيضاً قوله تعالى {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (¬4) فينفي الله تعالى الخيرية عن أعمال الناس كلها، إلا تلك الأعمال التي تعود بتحقيق التكافل، والترابط، والألفة، والمحبة، والتصالح، على المجتمع بأسره. ولذلك نجده سبحانه يأمر بالتفاعل، والمبادرة بالإصلاح، صيانةً للأخوة الإيمانية وتعظيماً لهذه الرابطة فيقول عزَّ وجلَّ {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (¬5). وبهذه الملامح الرئيسة، وما يتفرع عنها، تحيى الشخصية المسلمة الصادقة، حياة طيبة، مستقرة، متميزة عن غيرها من الشخصيات، في الأعمال، والغايات، والوسائل. ¬

_ (¬1) - سورة المائدة آية: 2 (¬2) - سورة آل عمران آية: 104 (¬3) - سورة يوسف آية: 108 (¬4) - سورة النساء آية: 114 (¬5) - سورة المائدة آية: 2

بيان نظام الحياة داخل المجتمع المسلم والحث على التزامه

وهذا الأمر أوسع من أن تتسع له هذه الإشارة العابرة، ولكن يحسن الاكتفاء بما سلف، حتى لا نجور على موضوع البحث. وهذا أوان الانتقال لهدف آخر من أهداف الإعلام الثقافي في القرآن الكريم وهو: بيان نظام الحياة داخل المجتمع المسلم والحث على التزامه. وقد أبان القرآن الكريم عن هذا النظام القائم على الدعائم العظيمة والأسس المتينة كالعدالة، والمساواة، والشورى، والتكافل المادي والمعنوي. ونأخذ هنا مثالين اثنين من هذه الدعائم التي تصبغ المجتمع المسلم بما يميزه من الروح العامة، والمبادئ المستقرة: فالدعامة الأولى: العدالة تحقيق العدالَة من أعظم الفرائض التي افترضها الله على البشر، جعلها الله سببًا لاستقرار حياة الناس، وشيوع السعادة، والأمن، وجعل انعدامَها سببًا لزوال الأمم، والمجتمعات، فهي أساسُ المُلك، وهي حامي الأمن. وفيما يلي أمثلة، من وجوه تحقيق العدالة: العدالة في الحكم يقول الله تعالى {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (¬1) ويقول سبحانه {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42)} (¬2) العدالة مع المخالفين يقول تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (¬3) ¬

_ (¬1) - سورة النساء آية: 58 (¬2) - سورة المائدة آية: 42 (¬3) - سورة المائدة آية: 8

العدالة في القول، والعمل يقول سبحانه {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} (¬1) ويقول سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (¬2) العدالة مع الأيتام، وفي تعدد الزوجات قال الله تعالى {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} (¬3). ومع الأمر بالعدل في جميع الأحوال، مع القريب أو البعيد، مع الحبيب أو البغيض، بين أفراد الأسرة خاصة، وبين أفراد المجتمع عامة، مع روح العدالة السارية في شريان الأمة، تنمو ثقافة إحقاق الحق، وإقامة العدل، والإنصاف، فتستقيم شئون الأفراد، وتستقر المجتمعات. الدعامة الثانية: المساواة الناس في شرعة الاسلام، كلهم سواسية كأسنان المشط، لا يتفاضلون الا بالتقوى والعمل الصالح. قال الله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (¬4). ¬

_ (¬1) - سورة الأنعام آية: 152 (¬2) - سورة النساء آية: 135 (¬3) - سورة النساء آية: 13 (¬4) - سورة الحجرات آية: 2 - 3

وأفراد المجتمع ذكوراً وإناثاً، بيضاً وسوداً، عرباً وعجماً، أشرافاً وسوقة، أغنياء وفقراء، ليس هناك نفس شريفة وأخرى وضيعة، بل الجميع سواء؛ وأصلهم واحد قال الله تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ} (¬1). وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول (النَّاسُ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ) (¬2). وتظهر المساواة في إنفاذ أحكام الإسلام، وقوانين الشريعة في جميع المسلمين بلا تمييز بينهم. يقول الله تعالى في أحكام القصاص {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} (¬3). ويقول عزَّ وجلَّ {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (¬4). وحين شفع أسامة بن زيد رضي الله عنهما، في إعفاء المخزومية من حد السرقة، أبَىَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-ذلك، ورد الشفاعة في حدود الله؛ لأن ذلك يخل بمبدأ المساواة بين الناس، ويؤدي إلى إيثار ذوي الوجهاء بإعفائهم من العقاب، مع إقامة الحدود على ضعفاء الناس، وبين الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن ذلك الأمر إذا ساد في مجتمع أدى به إلى الزوال، فقال (إِنَّمَا أَهْلَكَ النَّاسَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا) (¬5) ولما طلب وجهاء قريش من النبي صلى الله عليه وسلم، أن يطرد الفقراء والمساكين وضعاف الناس الذين التفوا حوله وآمنوا به، كعمار بن ياسر، وبلال، نزل قول الله تعالى ¬

_ (¬1) - سورة الروم آية: 20 (¬2) - رواه أبو داود. باب في التفاخر بالأنساب رقم الحديث: 5116، والترمذي. أبواب المناقب رقم الحديث: 4233و 42344. كلاهما عن أبي هريرة رضي الله عنه (¬3) - سورة البقرة آية: 178 (¬4) - سورة المائدة آية: 45 (¬5) - البخاري. كتاب أحاديث الأنبياء. باب حديث الغار. رقم الحديث: 3475، ومسلم. كتاب الحدود. باب قطع السارق الشريف وغيره والنهي عن الشفاعة في الحدود. رقم الحديث: 1688. كلاهما عن أمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

إعلام الأمة بتراث وفكر الأمم المؤمنة من أتباع الأنبياء والمرسلين السابقين

{وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬1). فَنَشَر القرآن الكريم، مبدأ المساواة، ومدَّ ظلاله في ربوع المجتمع الاسلامي، بأسلوب مثالي فريد، لم تستطع تحقيقه سائر المبادئ، والمجتمعات الأخرى التي سادتها الطبقية، والعنصرية، وانقسمت لمجتمعات من السادة والعبيد، فيما تمتع المسلمون بروح الأخوة الإيمانية التي يستشعر معها كل مسلم صادق المساواة التامة بينه وبين إخوانه المؤمنين مهما كانت الفوارق المادية، ومهما اختلفت الألسن واللغات والألوان. ومن أهداف الإعلام الثقافي في القرآن الكريم: إعلام الأمة بتراث وفكر الأمم المؤمنة من أتباع الأنبياء والمرسلين السابقين. تثبيتاً لها على مبادئها، وترغيباً لها في جليل الأعمال، وقد تجلى ذلك فيما جاء من قصص القرآن الكريم يحكي فيه أحوال الرسل والمؤمنين، وحملهم لدعوة الخير، وصبرهم على الأذى، ويقينهم في وعد الله بالنصر والتمكين، وما تخللته حياتهم من إبراز للمعاني السامية من الشجاعة في قول الحق والصدع به، والتضحية في سبيل الأفكار والمبادئ، ومحبة توصيل الخير إلى الخلق، والترفع عن الدنايا، وطلب المعالي. والأمثلة على هذه المعاني كثيرة منها قوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)} (¬2). فهذه الآية بيان عن وحدة الرسالة، التي دعا إليها الرسل. ومن هذا قوله جل شأنه {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (¬3) وفي التجرد من المطامع الدنيوية يقول سبحانه حكاية عن نوح عليه السلام {وَيَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ} (¬4). ¬

_ (¬1) - سورة الأنعام آية: 52 (¬2) - سورة الأنبياء آية: 25 (¬3) - سورة النحل آية: 36 (¬4) - سورة هود آية: 29

وفي الشجاعة، وقول الحق يحكي تعالى عن هود قوله لقومه {إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (¬1). وفي محبة الخير والهدى للخلق يقول سبحانه عن إبراهيم عليه السلام {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يَاأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا} (¬2). وفي إرادة الإصلاح يقول سبحانه على لسان شعيب عليه السلام {قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} هود: 88 وعن أسباب النصر والتمكين يأتي قوله سبحانه على لسان موسى عليه السلام {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (¬3). وقوله سبحانه عن بني إسرائيل {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (¬4). وبعد ذكر أحوال ومواقف الأنبياء والمرسلين نقرأ قوله عز وجل {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (¬5). وقوله تعالى {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} (¬6). في إشارة وتأكيد على ارتباط أمتنا بهذا التاريخ الطويل من الدعوة وتبليغ دين الله، ووحدة المصير، وجلال المبادئ، وسمو الغايات. ومن أهداف الإعلام الثقافي في القرآن الكريم: ¬

_ (¬1) - سورة هود آية: 54 - 56 (¬2) - سورة مريم آية: 42 - 43 (¬3) - سورة الأعراف آية: 128 (¬4) - سورة السجدة آية: 24 (¬5) - سورة الأنبياء آية: 92 (¬6) - سورة المؤمنون آية: 52

تزويد العقول بحقائق الدين الناصعة، وكشف أباطيل وشبه الخصوم

تزويد العقول بحقائق الدين الناصعة، وكشف أباطيل وشبه الخصوم. فقد كان تصحيح المفاهيم، وتبيين الحقائق، وتزييف الباطل، ورد الشبهات، من أجلِّ المقاصد لآيات القرآن الكريم. قال الله تعالى عن القرآن {حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (¬1). وقال سبحانه {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} (¬2). وقال عزَّ مِن قائل {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} (¬3). ومن تصحيح المفاهيم قوله تعالى {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} (¬4). فنفى سبحانه أن مجرد الانتساب لأحد الرسالات الثلاث كافياً للنجاة عند الله، مهما عمل الإنسان من عمل، بل لابد من العمل الصالح لدخول الجنة. ومن تبيين الحقائق قوله تعالى رداً على منكري البعث والنشور {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)} (¬5). ومن تزييف الباطل رده سبحانه على من استنكروا بشرية الرسول ومخالطته للخلق في مطعمهم، ومشربهم، ومطالباتهم بالمعجزات قوله تعالى {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ ¬

_ (¬1) - سورة فصلت آية: 1 - 3 (¬2) - سورة الفرقان آية: 33 (¬3) - سورة الأنبياء آية: 18 (¬4) - سورة النساء آية: 123 - 124 (¬5) - سورة يس آية: 78 - 83

الدعوة لفتح آفاق الإبداع وإعمال العقول، والتنبيه على آيات الله الكونية

تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (8) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (9) تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا} (¬1). وفي رد الشبهات يقول تعالى، رداً على المُرَابين {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (¬2). ومن أهداف الإعلام الثقافي في القرآن الكريم: الدعوة لفتح آفاق الإبداع وإعمال العقول، والتنبيه على آيات الله الكونية، وذلك لإثراء المجالات العلمية، والاستفادة من هذا الخلق والتسخير في تنمية المجتمعات، وفيما يعود بالنفع والفائدة على الخلق أجمعين. يقول تعالى {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (¬3). ويقول سبحانه {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} (¬4). ويقول تعالى {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى} (¬5). ¬

_ (¬1) - سورة الفرقان آية: 7 - 10 (¬2) - سورة البقرة آية: 275 (¬3) - سورة العنكبوت آية: 20 (¬4) - سورة الأعراف آية: 185 (¬5) - سورة الروم آية: 8

ويقول سبحانه {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} (¬1). ويقول جل جلاله {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} (¬2) ويقول عزَّ وجلَّ {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (10) وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (11) وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (12) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} (¬3). ويقول سبحانه {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (¬4). وقد أشار خِتامُ كثيرٍ من آيات القرآن الكونية، وذكر النعم، إلى أنه لا ينتفع بهذه الآيات إلا العاقلون والعلماء المتأملون، والمفكرون، ومن ذلك: قوله تعالى {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (¬5). وقوله عز وجل {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (¬6). وقوله سبحانه {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} (¬7). والآيات في هذا المعنى كثيرة، ومبثوثة في سور القرآن الكريم، تعرض لعظيم مخلوقات الله تعالى، تنبه لبديع صنعته سبحانه، تنمي الحس والإدراك لدى المتأملين، بما في هذه الايات ¬

_ (¬1) - سورة الحج آية: 65 (¬2) - سورة لقمان آية: 20 (¬3) - سورة الزخرف آية: 10 - 13 (¬4) - سورة المؤمنون آية: 12 - 14 (¬5) - سورة النحل آية: 11 (¬6) - سورة النحل آية: 12 (¬7) - سورة المؤمنون آية: 12 - 14

من نِعَمٍ مُذَلَّلة، ومِنَنٍ مبذولة، ومخلوقات مسخرة، لا تقوم حياة الناس إلا بها، ولا تنمو وتزدهر علومهم، وصناعاتهم، وحضاراتهم، إلا بالأخذ بأسبابها، والاستفادة منها. هذا ما تيسر للباحث من أهداف الإعلام الثقافي في القرآن الكريم، وإن كنتُ أظن أن الأمر أكبر، وأكثر من هذا، ولما كان مقصودنا في - بحثنا هذا - الإشارة لا الإفاضة، فالرأي الآن الاكتفاء بما سبق، ومن ثم التحليق بإذن الله سريعاً بين صور متعددة وتطبيقات مختلفة من الإعلام الثقافي في القرآن الكريم، وهذا هو موضوع المبحث التالي، والأخير، وعلى الله الكريم أعتمد، ولعونه الفيَّاض أستند.

المبحث الثالث صور الإعلام الثقافي في القرآن الكريم

المبحث الثالث صور الإعلام الثقافي في القرآن الكريم لا يخفى على أحد، أن القرآن الكريم، كان معجزة بيانية، أحكمت ألفاظه وفُصِّلَت معانيه، قال سبحانه {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} (¬1). فكل من لفظه ومعناه فصيح لا يحاذَى ولا يدانَى، فكله حق، وصدق، وعدل، وهُدَىً، ليس فيه مجازفة، ولا كذب، ولا افتراء، في غاية نهايات البلاغة، وكلما تكرر حَلا، وعَلا. ومعاني القرآن الكريم، ومقاصده الشريفة، مُنَزَّلة في قوالب لغوية، وتعبيرية فريدة مؤثرة، تخطف الألباب، وتشد إليها الأسماع، وتتنوع أساليب التعبير عنها، والخطاب فيها، تنوعاً ظاهراً، بين خطاب العام والخاص، والغائب والحاضر، والجماعة والمفرد، والإنشاء والخبر، إلى آخر هذه الأساليب في التعبير القرآني البليغ. ومن هذا: الخطاب الثقافي العام في القرآن الكريم أقصد به نداء الله تعالى عباده بقوله {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} والذي تكرر تسع عشرة مرة واشتمل على العديد من القضايا، التي تدل على شمولية وعالمية الرسالة الثقافية في القرآن الكريم، ويمكن لنا أن نضع بعض العناوين الكاشفة للخطاب العام في القرآن الكريم الناس والتوحيد يقول الله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (¬2) ويقول سبحانه {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (¬3) ويقول جلَّ شأنه {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} (¬4) ¬

_ (¬1) - سورة هود آية: 1 (¬2) - سورة البقرة آية: 21 (¬3) - سورة يونس آية: 104 (¬4) - سورة فاطر آية: 3

ويقول الله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} (¬1) وهذا أصل أصول الثقافة القرآنية، الذي لا يمكن الاستغناء عنه، أو استبداله، فالثقافة القرآنية، ثقافة ربانية واضحة صافية، تبين ما ينبغي لله سبحانه، من توحيد في ربوبيته ملكاً، وخلقاً، ورزقاً، وتدبيراً، وتوحيد في أسمائه وصفاته فلا يُوصف إلا بما وصف به نفسه تعالى أو وصفه به رسوله عليه الصلاة والسلام، وتوحيد في إلهيته سبحانه فلا يعبد غيره، ولا يُصرف شيء من العبادات إلا إليه وهذا حق شهادة التوحيد لا إله إلا الله، أي لا معبود بحق إلا الله الناس واليوم الآخر يقول سبحانه {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} (¬2) ويقول تبارك وتعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} (¬3) ويقول سبحانه {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} (¬4) ويقول تعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} (¬5) ويقول تبارك وتعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (23)} (¬6) ¬

_ (¬1) - سورة فاطر آية: 15 (¬2) - سورة الحج آية: 1 (¬3) - سورة الحج آية: 5 (¬4) - سورة لقمان آية: 33 (¬5) - سورة فاطر آية: 5 (¬6) - سورة يونس آية: 23

هذه الآيات الكريمة، تتناول أصلاً من أصول الإيمان وهو الإيمان باليوم الآخر وما فيه من بعث ونشور وحساب وثواب وعقاب، ولطالما جادل المشركون في ذلك، وأنكروا البعث والنشور، فكانت آيات القرآن تنزل بالرد عليهم، بالحجة والبرهان، وبيان طلاقة القدرة الإلهية، وأنه سبحانه خلقهم أول مرة من غير مثال سابق، وكذلك يعيدهم بقدرته. الناس وآلهتهم المزعومة ويقول سبحانه {يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} (¬1) هذه الآية الكريمة، تمثل برهاناً قرآنياً عقلياً، على فساد عقول هؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله، كالذين عبدوا الشمس والقمر، والجن والملائكة، الحجارة، وكلها مخلوقات لله، ضعيفة لا تملك نفعاً ولا ضراً، ولا تَخْلُق ولا تُميت، وتعجز عن استخلاص ما ينوشه الذباب منها على ضعفه وصغر حجمه، فأنى لها – وحالها هذا – أن تكون معبوداً يُطلب منه جلب المنافع، أو دفع المضار. الناس والرسول ويقول تبارك وتعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (170)} (¬2) ويقول سبحانه {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)} (¬3) ويقول تعالى {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (49)} (¬4) ¬

_ (¬1) - سورة الحج آية: 73 (¬2) - سورة النساء آية: 170 (¬3) - سورة الأعراف آية: 158 (¬4) - سورة الحج آية: 49

هذه الآيات الكريمة بيان بصدق الرسول عليه الصلاة والسلام، وأنه ما جاء إلا بالحق، الواجب اتباعه، فينذر المفرطين المعرضين، ويبشر المؤمنين الصادقين. وفي اتباعه عليه الصلاة والسلام الخير كله في الدنيا والفوز والفلاح في الآخرة. الناس والقرآن يقول سبحانه {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (¬1) ويقول تعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174)} (¬2) ويقول سبحانه {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (108)} (¬3) جعل الله تعالى القرآن الكريم روحاً، تحيى به النفوس والقلوب، وتبصر به العيونُ الحقائقَ، وجعله نوراً مبيناً يهتدي به من اتبع تعاليمه وأحكامه. والقرآن شفاء لكل أمراض الشبهات والشهوات، بما فيه من الحق الصريح، والقصص والعِبَر، والشرائع والشعائر. الناس والرزق الحلال، وعداوة الشيطان يقول تعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168)} (¬4) وهذا نداء عام أيضاً يعم المؤمن والكافر لبيان " أن إنعام الله تعالى يعم كل الناس، وأن الكفر لا يحجب الإنعام الإلهي، وناداهم جميعاً بأن يأكلوا مما في الأرض حلالاً أحله الله لهم، طيباً لا شبهة فيه، ولا إثم، ولا يتعلق به حق الغير" (¬5)، ونهاهم عن اتباع إغواء وإضلال الشيطان، فهو عدوهم الذي لا يترك فرصة إلا استغلها في كيدهم والمكر بهم. ¬

_ (¬1) - سورة يونس آية: 57 (¬2) - سورة النساء آية: 174 (¬3) - سورة يونس آية: 108 (¬4) - سورة البقرة آية: 168 (¬5) - التفسير المنير د وهبة الزحيلي 1/ 436 - 437. مرجع سابق

استخدام الاستفهام لحفز الأفهام، وبث المعارف المتنوعة

الناس والأصل الواحد، وصلة الأرحام، والتواصل يقول سبحانه {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)} (¬1) ويقول تعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)} (¬2) وهاتان الآيتان، أصلان عظيمان، يشكلان أساس الاتصال الإنساني المبني على المساوة التامة بين الخلق، وعلى اعتبار تنوع الأعراق والألوان والألسنة سببا للتواصل والتعارف، وليس سببا للتفرق والعداوة. ويستطيع الناظر المتأمل أن يعرف أنه بقدر ابتعاد الناس وقربهم من مفاهيم القرآن الكريم وتعاليمه، تكون درجة اتصالهم وتعايشهم، فكلما كان اتصالهم لله، خالياً عن أغراض الدنيا، كلما عظم هذا الاتصال وامتدَّ، وكان سبباً لتحصيل أي منافع دنيوية بعد ذلك، في ظلال هذا التواصل القرآني الراقي، الذي يحفظ كرامات الخلق، وينظم تعاملاتهم. ومن صور الإعلام الثقافي في القرآن الكريم استخدام الاستفهام لحفز الأفهام، وبث المعارف المتنوعة وقد رأيت من الفائدة، وضع بعض العناوين الكاشفة لمعاني الآيات، كما يلي: الخالق القدير، وصنعته المبْهِرَة يقول الله تعالى {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} (¬3) ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} (¬4) ¬

_ (¬1) - سورة النساء آية: 1 (¬2) - سورة الحجرات آية: 13 (¬3) - سورة الغاشية آية: 17 - 20 (¬4) - سورة البقرة آية: 106 - 107

ويقول الله تعالى {أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (¬1) ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (¬2) هذه الآيات المتتابعة، المثيرة للأذهان بما فيها من الاستفهام، تنبه القلوب، إلى قدرة علام الغيوب جلَّ جلاله، وصنعته العظيمة، وتبني في اليقين الإنساني تعظيم الرب سبحانه، المدعم بما يراه حوله في عالم الشهادة، من آيات شاهدات على أنه على كل شيئ قدير. العليم الخبير، وعلمه المحيط يقول الله تعالى {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} (¬3) ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (¬4) ويقول الله تعالى {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} (¬5) ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (¬6) ¬

_ (¬1) - سورة النحل آية: 79 (¬2) - سورة لقمان آية: 29 (¬3) - سورة التوبة آية: 79 (¬4) - سورة المجادلة آية: 7 (¬5) - سورة العلق آية: 14 (¬6) - سورة الحج آية: 70

وفي الآيات تنبيه للغافلين، بأن الله تعالى لا يخفى عليه شيئ من أحوالهم، وما يقتضيه ذلك، من تربية للنفوس على مراقبته سبحانه، فينشأ الوازع (الضمير) ويوجه الجوارح لما يوافق محبة مولاه. ولقد شقيت مجتمعاتٌ، ومجتمعاتٌ، بغياب الوازع، وانعدام الضمير، فلا يكادون يمتنعون عن المخالفات، مالم يكن هناك رادع من قانون، أو سلطة تجبر على الالتزام بتوجهات المجتمع، فإذا غابت هذه الوسائل، رتع الذئب في الغنم، وعَبَّ كلٌ بما يقدر عليه، بلا وازع أو حرج، وأما من تربى على هذه الآيات، واستحضرها في حركاته وسكناته، فهو المستقيم دوماً، وإن غابت قوانين وسلطات الأرض، فإنه يبقى ممتنعاً لحق سلطان الرب جلَّ جلاله. السنن الإلهية، في إهلاك الظالمين، وعقابهم يقول الله تعالى {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ} (¬1) ويقول الله تعالى {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ} (¬2) ويقول الله تعالى {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} (¬3) تشتمل الآيات على الإعلام بمصير الأمم الكافرة، الظالمة، وأسباب إهلاكها، من معاداة الله ورسله، وتكذيبهم لدعوات الرسل، وإسرافهم على أنفسهم بارتكاب كل منكر وزور ¬

_ (¬1) - سورة التوبة. آية: 63 (¬2) - سورة الأنعام. آية: 29 (¬3) - سورة إبراهيم. آية: 9

من القول والفعل. وهذه سنن الله تعالى في خلقه، وفي الآيات تحذير من سلوك تلك المسالك، من الجحود، والنكران، والعصيان. من مظاهر الإنعام ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} (¬1) ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} (¬2) ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} (¬3) ويقول الله تعالى {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} (¬4) والآيات الكريمة فيها بيان لصاحب النعم، التي لا تعد، ولا تحصى، وإعلام بمُسْديها للخلق، رأفة منه، ورحمةً بعباده، وتيسيراً لمعاشهم. فيحيى الإنسان في ظل ممدود من نعمة الله عليه، منذ أخرجه من بطن أمه، وجعل له سمعاً، وبصراً، وفؤاداً، تحيط به المِنَن، وتحوطه العناية والرعاية. وإذا أبصر العبد هذا كله تلزمه حالة من الشكر لربه بقلبه، ولسانه، وجوارحه. وبذات الأسلوب بيَّن القرآن الكريم، بعض أحوال المنحرفين، ومنهم: المنحرفون من أهل الكتاب يقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ} (¬5) ¬

_ (¬1) - سورة الحج. آية: 63 (¬2) - سورة الحج. آية: 65 (¬3) - سورة النور آية: 43 (¬4) - سورة البلد آية: 8 - 10 (¬5) - سورة آل عمران آية: 23

ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} (¬1) ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49) انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا (50) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} (¬2) عجيب أمر هؤلاء المنحرفين من أهل الكتاب، فرغم ما اصطفاهم الله تعالى به من العلم والمعرفة، والرسالة، والتكريم، إلا أنهم تنكَّروا لذلك كله، وأعرضوا عن النور المبين، وآثروا العرض الزائل، والمتاع الفاني، والرياسة الدنيوية، وتعاونوا مع الكفار، وفاهت ألسنتهم وقلوبهم بالبغضاء والأحقاد على أهل الإيمان، وجاءوا بكل نقيصة، فحق فيهم مثل الكلب، ومثل الحمار، مهما حمل من علم لم ينتفع به. كالعيس في البيداء يقتلها الظما ... والماء فوق ظهورها محمول المنافقون، وسوء طويتهم يقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} (¬3) ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (¬4) ¬

_ (¬1) - سورة النساء آية: 44 (¬2) - سورة النساء آية: 49 - 52 (¬3) - سورة النساء آية: 60 (¬4) - سورة المجادلة آية: 8

ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (¬1) ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} (¬2) وهذا صنفٌ آخر من المنحرفين، آمنوا ثم كفروا، عاشوا مخادعين، يسرون الكفر، ويظهرون الإسلام، يوالون أعداء الله ورسوله والمؤمنين، ويكيدون ويمكرون بالإسلام والمسلمين، يفرحون بأذيتهم، ويركبهم الحزن والنكد لانتصارهم وانتشار دعوتهم. المتباطئون، المتثاقلون يقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} (¬3) ويقول تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} (¬4) والآيتان بما تحملانه من استفهام تعجبي، إنكاري، لوم وتوبيخ، للمتخاذلين عن الجهاد في سبيل الله، المتباطئين عن تلبية النداء، طلباً منهم للراحة، والسلامة. وهذان الاستفهامان، وما احتفَّ بهما من سياق، وضع للدنيا بما فيها من شهوات وملذات، في حجمها الأصلي، فهي مجرد متاع عما قليل ينفد، وأما الآخرة، فإليها يشمر المجاهدون، وللفوز فيها يسعى العاملون. ¬

_ (¬1) - سورة المجادلة آية: 14 (¬2) - سورة الحشر آية: 11 (¬3) - سورة النساء آية: 77 (¬4) - سورة التوبة آية: 38

استخدام الأسلوب الإنشائي في الإعلام بحدود الحلال والحرام

الكلمة الطيبة يقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} (¬1) وهذه الآية الكريمة، تُبْرِزُ عالياً، المكانة السامية التي تحتلها كلمة التوحيد الكلمة الطيبة، التي تثمر جميع خصال الخير، وينتفع بها الناس أجمعين، وتتمتع بالثبات والرسوخ، كالشجرة الباسقة المثمرة، التي تعود على الناس بالنفع من كل زواياها. وفي الآية تأصيل لمعنى خيرية الأمة وانتفاع الناس بها، وهي ثقافة سلام ومحبة ومودة، يتمثل حاملها هذه المعاني فيعيش من حوله ينعمون بفكر مستنير، وعمل رشيد، ونصح صادق. الباب المفتوح، والرحمة المبذولة يقول الله تعالى {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (¬2) والآية حث على المبادرة بالتوبة النصوح، وتقديم النفقة الطيبة، التي يقبلها رب العالمين سبحانه متفضلاً، وتنتهي الآية بالترغيب في عفوه سبحانه بذكر اسميه الكريمين جل شأنه التواب الرحيم، فيتوب على عباده التائبين، ويرحم ضعفهم. وفي الآية تأسيس لثقافة الرجوع عن الخطأ وعدم التمادي فيه، والمسارعة إلى أوجه التكافل المختلفة، رغبة فيما عند الله من الثواب، وليس لمصالح فانية. ومن الاستفهام لتنبيه العقول والأفهام، في القضايا المختلفة، ننتقل بمشيئة الله لصورة أخرى، من صور تنوع خطاب الإعلام الثقافي في القرآن الكريم وهي: استخدام الأسلوب الإنشائي في الإعلام بحدود الحلال والحرام ¬

_ (¬1) - سورة إبراهيم آية: 24 (¬2) - سورة التوبة آية: 104

رسم القرآن الكريم الشخصية الثقافية المسلمة، من خلال عدة صور متنوعة، منها بيان دائرة الواجبات، والمستحبات، والمكروهات، والمحرمات، وذلك عن طريق النداء والأمر والنهي، فالشخصية المسلمة تمتاز عن غيرها، بوجودها داخل تلك الدائرة، تدور بين فعل المأمور، واجتناب المحظور. وفي الآيات خير برهان، كما يتضح من الأمثلة فيما يلي: أمر سبحانه المؤمنين والمؤمنات بالعفة، غضاً للبصر، وحفظاً للفرج، وحجاباً للمرأة فقال تعالى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (¬1). ونهى سبحانه عن الزنا والفواحش فقال تعالى {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} (¬2) وقال سبحانه {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} (¬3) وأمر سبحانه بالتثبت في الأخبار والأحكام والتبين في الأمور فقال جلَّ جلاله {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (¬4)، وقال عزَّ وجلَّ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (¬5). ¬

_ (¬1) - سورة النور آية: 30 - 31 (¬2) - سورة الإسراء آية: 32 (¬3) - سورة الأنعام آية: 151 (¬4) - سورة الحجرات آية: 6 (¬5) - سورة النساء آية: 94

ونهى سبحانه عن " القول بالتخمين، والحدس وسوء الظن " (¬1)، فقال تعالى {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (¬2)، كما قال تبارك وتعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} (¬3). وأمر سبحانه بالصدق فقال {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (¬4) ونهى عن الكذب وقرنه بالشرك فقال تعالى {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} (¬5). وأمر عزّ وجلَّ بالاعتدال والتوازن، في الأمور كلها، وآيات القرآن غنية بهذه المعاني فمنها: قوله تعالى {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} (¬6). وكما أمر سبحانه بالسعي للصلاة يوم الجمعة فقد أمر بالسعي على الرزق عقب قضائها. قال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬7). ونهى سبحانه عن الإسراف والبخل فقال {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} (¬8). وقال تعالى {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)} (¬9). ¬

_ (¬1) - التفسير المنير: 8/ 80. مرجع سابق (¬2) - سورة الإسراء آية: 36 (¬3) - سورة الحجرات آية: 12 (¬4) - سورة التوبة آية: 119 (¬5) - سورة الحج آية: 30 (¬6) - سورة القصص آية: 77 (¬7) - سورة الجمعة آية: 9 - 10 (¬8) - سورة الإسراء آية: 26 - 27 (¬9) - سورة الإسراء آية: 29

استخدام الأسلوب الخبري في الإعلام بالمعارف والأحكام

ومن صور تنوع خطاب الإعلام الثقافي في القرآن الكريم: استخدام الأسلوب الخبري في الإعلام بالمعارف والأحكام وهو الصورة البليغة، في عرض حقائق الأشياء، والتصورات الصحيحة، من خلال الأسلوب البياني المعجز، وما فيه من تكرار للمعارف، وتأكيد على المعاني، التي تمثل الإطار القرآني لثقافة الأفراد، والأمة بأسرها، وهذا ما يتضح بالأمثلة التالية: التعريف بوحدة الدين (العقيدة) وتعدد الشرائع (¬1): فَمِنْ لدن آدم عليه السلام، إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، دين واحد يقول تعالى {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163)} (¬2). وقال سبحانه {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} (¬3). وهذا الدين -كما سماه الله في كتابه العزيز- هو الإسلام. قال تعالى {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (¬4). وكان لكل نبي شريعة يحكم بها في قومه، وتوالى الأنبياء على ذلك، حتى بلغت الرسالة للنبي الخاتم عليه الصلاة والسلام، فنُسخ ما قبلها من الأحكام والشرائع، وجُعلت رسالته حاكمة مهيمنة على ما قبلها قال الله تعالى {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} (¬5). ¬

_ (¬1) - مستفادة من: دراسات في الثقافة الإسلامية. ص/ 229 - 236. مرجع سابق. (¬2) - سورة النساء آية: 163 (¬3) - سورة الشورى آية: 13 (¬4) - سورة آل عمران آية: 19. (¬5) - سورة المائدة آية: 48

ويقول تبارك وتعالى {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (¬1) وقوله تعالى على لسان عيسى عليه السلام {وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} (¬2). ومن الموضوعات التي تناولها الإعلام الثقافي في القرآن الكريم وأبرزها في آياته: التيسير ورفع الحرج فقد جاءت آيات القرآن لتبين للناس أن هذه الرسالة الخاتمة سمتها اليُسر لا العسر، والرفق والقصد، لا الشدة ولا الغلو، والتوسعة، ورفع الحرج، لا التضييق ولا العنت. قال تعالى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (¬3). قال العلامة السعدي رحمه الله:"يريد الله تعالى أن ييسر عليكم الطرق الموصلة إلى رضوانه أعظم تيسير, ويسهلها أشد تسهيل، ولهذا كان جميع ما أمر الله به عباده في غاية السهولة في أصله" (¬4). ومثله قوله سبحانه {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} (¬5). وقال الله تعالى {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (¬6). وقال سبحانه {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا} (¬7). وقال عزَّ وجلّ {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬8) ¬

_ (¬1) - سورة البقرة آية: 148 (¬2) - سورة آل عمران آية: 50 (¬3) - سورة البقرة آية: 185 (¬4) - تفسير السعدي. ص / 95 (¬5) - سورة النساء آية: 28 (¬6) - سورة المائدة آية: 6 (¬7) - سورة الفتح آية: 17 (¬8) - سورة البقرة آية: 286

استعمال التكرار

وقال تعالى {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} (¬1). ولم يأمر سبحانه إلا بالمستطاع {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2). ويجمع هذا المعنى كله قوله تعالى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (¬3). "أي: مشقة وعسر، بل يسره غاية التيسير، وسهله بغاية السهولة، فأولا ما أمر وألزم إلا بما هو سهل على النفوس، لا يثقلها ولا يؤودها، ثم إذا عرض بعض الأسباب الموجبة للتخفيف، خفف ما أمر به، إما بإسقاطه، أو إسقاط بعضه ...... " (¬4). ومن صور الإعلام الثقافي في القرآن الكريم استعمال التكرار ولا يخفى فائدة التكرار العظيمة، في تثبيت المعاني في القلوب، وترسيخ المفاهيم في العقول. ومن ذلك، ما تكرر من اتصاف الأنبياء، بالنزاهة، والتجرد عن الأطماع الدنيوية، فهم مخلصون لربهم، صادقون في دعوتهم، لا يبتغون من الناس أجراً، أو مكافأة، وقد تكرر هذا المعنى في الآيات التالية: قال تعالى {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} (¬5). وقال تبارك وتعالى {وَيَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ} (¬6). وقال سبحانه {يَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (¬7). وقال تعالى {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} (¬8). ¬

_ (¬1) - سورة الطلاق آية: 7 (¬2) - سورة التغابن آية: 16 (¬3) - سورة الحج آية: 78 (¬4) - تفسير السعدي. ص / 758 (¬5) - سورة الأنعام. آية: 90 (¬6) - سورة هود. آية: 29 (¬7) - سورة هود. آية: 51 (¬8) - سورة الشورى. آية: 23

استعمال القصص القرآني في بث القيم، والتعاليم الإسلامية

وهذا التجرد والإخلاص، من أصحاب الدعوات، وحَمَلَة الخير، أدعى لقبول كلامهم، واتباع دعواتهم. قال تعالى {اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (¬1). ومما تكرر في القرآن، بلوغ الغاية في الإحسان، للتأكيد عليه، ولزوم الاتصاف به، في جميع الأحوال: قال تبارك وتعالى {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (¬2). وقال تعالى {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} (¬3). وقال سبحانه {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ} (¬4). وقال تعالى {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} (¬5). وقال تبارك وتعالى {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (¬6). وقال سبحانه {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (¬7). ففي كل الأعمال، ليس المطلوب - فقط - مجرد الشيء الحسن، ولكن دائما الشيء الأحسن، فأحسن الأعمال، وأحسن الأخلاق، وأحسن التصرفات، وأحسن الأقوال، وأحسن الجدال. وتأكد هذا المعنى وثبت بتكرار (التي هي أحسن) في الآيات السابقة. ومن صور الإعلام الثقافي في القرآن الكريم استعمال القصص القرآني في بث القيم، والتعاليم الإسلامية " والقصة بأسلوبها الفني، وما تستدعيه في النفس، كانت وسيلة من وسائل تطهير النفس، لتسمو إلى الرؤية، والإدراك الوجداني ..... ومن الواضح أن أهداف الأسلوب القصصي ¬

_ (¬1) - سورة يس. آية: 21 (¬2) - سورة فصلت. آية: 34 (¬3) - سورة العنكبوت. آية: 46 (¬4) - سورة المؤمنون. آية: 96 (¬5) - سورة الأنعام. آية: 152، وسورة الإسراء. آية: 34 (¬6) - سورة النحل. آية: 125 (¬7) - سورة الإسراء. آية: 53

بيان عاقبة الشر والإفساد

في القرآن، يتصل في غالبه بالجانب الإيماني، والديني، وإن دعت أحياناً إلى غايات فاضلة، وخَيِّرةٍ، من السلوك التي يتحلى به المؤمنون، والمتقون ...... وبذلك يشعر الإنسان أنه واحد في الصف المؤمن، وأنه فرد في مجتمع المؤمنين، الممتد عبر الزمن، ويزوده ذلك برصيد شعوري كبير، يمده بالعزة، والقوة، والصبر، لأنه واحد من صفوة بني الإنسان " (¬1) ومن هذا الاستعمال، ما جاء في القصص القرآني يعالج بعض القضايا، ويوضحها، ومنها: بيان عاقبة الشر والإفساد كما جاء في قصة سبأ قال الله تعالى {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17) وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18) فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} (¬2). وكما جاء في ذكر عاقبة فرعون وجنوده قال جلَّ جلاله {وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ} (¬3). فالشر والإفساد عاقبتهما وخيمة، وبذلك حكم القرآن فقال سبحانه {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ} (¬4). ومن أهم القضايا التي عالجها القصص القرآني: ¬

_ (¬1) - الإعلام في القرآن الكريم. د محمد عبد القادر حاتم. ص / 255 - 258. بتصرف كبير. طبعة مؤسسة فادي برس - لندن 1985م (¬2) - سورة سبأ. آية: 15 - 19 (¬3) - سورة القصص. آية: 39 - 41 (¬4) - سورة الروم. آية: 10

بيان عاقبة الإيمان والصلاح

بيان عاقبة الإيمان والصلاح كما جاء في قصة قوم يونس عليه السلام قال تعالى {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} (¬1). وكما في قصة يوسف عليه السلام وإخوته حين عرفوه قال تعالى {قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89) قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} (¬2). وفي المشهد الختامي للقصة اليوسفية يقول سبحانه {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (¬3). وهذا كله من عاقبة الإيمان الصادق، وصلاح الأحوال مع الله تعالى. ومن أهم القضايا التي عالجها القصص القرآني: بيان الحرص على طلب العلم وتحمل المشاق في سبيل تحصيله، ويظهر هذا المعنى في رحلة موسى عليه السلام، إلى مَجْمَع البحرين ليتعلم من العبد الصالح الخضر قال الله تعالى {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} (¬4). مروراً بقوله تعالى {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ ¬

_ (¬1) - سورة يونس. آية: 98 (¬2) - سورة يوسف. آية: 89 - 91 (¬3) - سورة يوسف. آية: 100 (¬4) - سورة الكهف. آية: 60

بيان الحرص على دعوة الخلق ونصحهم، والصبر على أذاهم

تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69)} (¬1).وانتهاءً بقوله تعالى {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} (¬2) ومن أهم القضايا التي عالجها القصص القرآني: بيان الحرص على دعوة الخلق ونصحهم، والصبر على أذاهم ويظهر هذا المعنى في جميع قصص المرسلين، والمصلحين، وأتوقف هنا عند مثالين بديعين من الحرص على دعوة الناس ونصحهم، بل والتضحية بالنفس في سبيل ذلك. فالأول القادم من أقصى المدينة يبرز في قوله تعالى {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} (¬3). وأما الثاني فمؤمن آل فرعون الذي تحكي لنا آيات القرآن حكمته وإخلاصه، وحرصه على هداية قومه. يقول تعالى {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} (¬4). ومروراً بقوله سبحانه {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا ¬

_ (¬1) - سورة الكهف. آية: 69 (¬2) - سورة الكهف. آية: 82 (¬3) - سورة يس. آية: 20 - 27 (¬4) - سورة غافر. آية: 28

يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} (¬1). وانتهاءً بقوله سبحانه {فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ} (¬2). ولهذا المعنى كان تعجب نوح عليه السلام من قومه حيث يقول لهم {يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (61) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (62) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (63)} (¬3) تعجب منهم رسولهم، وحق له التعجب، لأن حق من جاء داعياً، وناصحاً، حريصاً على قومه، حقه الطاعة، والمحبة، والتقدير، لا الكفر، ولا الجحود، والتكذيب. ويجزم الباحث - وكله يقين - بأن هذه الثقافة القرآنية، لم تأخذ حظها من البحث والنظر الدقيق، والبيان لأصولها القرآنية، وخصائصها الربانية، والعمل على نشرها، لتكون المحركة، والموجهة للأمة في سائر شئونها، ولعل الله تعالى أن يُشَرِّف أحداً من عباده الباحثين فيجمع، ويخرج لنا هذه الثقافة القرآنية، منظومة في سلك بديع من التأليف الرصين، البين الواضح، يستفيد منها الأفراد، والمجتمعات، والمربون، وأهل العلم والرأي. وبهذا نصل لختام الفصل الأخير من فصول هذه الأطروحة، وننتقل إلى الكلام على الخاتمة - أحسن الله خاتمتنا أجمعين - خاتمة البحث ومن ثم التوصيات. ¬

_ (¬1) - سورة غافر. آية: 38 - 40 (¬2) - سورة غافر. آية: 44 - 45 (¬3) - سورة الأعراف. آية: 61 - 63

الخاتمة والتوصيات وتشتمل على أهم النتائج والتوصيات التي توصلتُ إليها من خلال البحث

الخاتمة

الخاتمة الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، أحمده سبحانه على عظيم مِنَّته، وكريم عطيته، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، أهل الثناء والمجد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آل بيته، وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ...... أما بعد،، فلابد لكل عمل من خاتمة، تُعَدَّد فيها نتائج العمل، وتُبْرَز فيها الفوائد الحاصلة من خلاله، وكان من أهم النتائج التي خرج بها الباحث من هذه الأطروحة ما يلي: أن عطاء القرآن الكريم يظل متدفقاً، وافياً بحاجات المسلمين بما تضمن من القواعد والأصول، التي ترتب جميع مناحي الحياة. تتوقف عملية الاتصال صلاحاً وفساداً، حقاً وباطلاً، هدىً وضلالاً، بحسب نوعية ما يتم إرساله من المعلومات، والقالب الذي تصاغ فيه الرسالة التأكيد على أهمية الإعلام في حياة الأفراد والمجتمعات، وما يقوم به من التأثير سلباً أو إيجاباً. أن المنظومة الإعلامية، هي لسان الأمة، وسيفها، لمواجهة الغزو الفكري والثقافي والحضاري، الذي تتعرض له الأمة. غياب الأصالة والذاتية النابعة من قيم الإسلام ومبادئه، عن وسائل إعلامنا، أصابها بآفات الرؤى العلمانية والإلحادية، وما تقدمه وسائل الإعلام الغربية من مفاسد وانحرافات.

أن الحاجة إلى الإعلام الإسلامي المستمد من منابعه الصافية، من الكتاب والسنة هو المخرج من حالة الضياع والقلق والاضطراب، التي تسود بلاد الإسلام. أن الحاجة ما تزال قوية، وضرورية إلى استلهام تطبيقات الإعلام القرآني، في وسائل الإعلام التي تنتسب للإسلام، وعمل لنشر تعاليمه، وأحكامه. أن الدعوة إلى الإسلام، وتوضيح صورته الناصعة، وإبراز محاسنه وثمراته للناس من أعظم المبررات لصياغة الإعلام صياغة إسلامية حتى يمكن أن يؤدي هذا الإعلام دوره في الحياة الإنسانية. أن هذا التنوع الكبير في صور الإعلام الإسلامي في القرآن الكريم، هو إثراء ومخزون لإعلامنا الإسلامي، لتناوله لجميع مجالات الحياة. أن الحاجة ماسة إلى تفعيل هذه الصور الإعلامية القرآنية، وذلك ضمن الوسائل والوسائط الإعلامية الحديثة. فهذه عشرة كاملة، من النتائج التي استبانت للباحث من خلال بحثه، والتي ينبني عليه مجموعة من التوصيات، يقدمها الباحث رجاء أن ينفع الله بها العاملين في مجال إعلامنا، وأن تكون مساهمة في رسم خريطة أساسية لما ينبغي أن يكون عليه حال الإعلام الإسلامي.

التوصيات

التوصيات من أهم التوصيات التي خرج بها الباحث من هذه الأطروحة ما يلي: الدعوة لمزيد من الاتصال بالقرآن الكريم، وتدبر عطاءاته، وكشف كنوزه، ونشرها بين العالمين، وإخراجها في أبهى صورة، واضحة نقية، وميسرة. الاهتمام بالقالب الذي تصاغ فيه الرسالة الإعلامية القرآنية، بحيث تتوافق والقوالب العصرية، تقنيةً، وسهولةً، وانتشاراً. وجوب القيام بمجهود إسلامي كبير على مستوى الدول ثم على مستوى المؤسسات والهيئات، لدعم وسائل الإعلام الإسلامي والنهوض به ليؤدي رسالته، في الدفاع عن الأمة ومقدساتها في مواجهة الغزو الفكري، والطعن في ثوابت الأمة. تأصيل البحث في الإعلام الإسلامي، برده لمصادره الأصلية من الكتاب والسنة، كي يكون الأساس متيناً، والقواعد واضحةً، وكي تدرك الجماهير الفروق الجوهرية بين إعلامنا القرآني، والإعلام الغربي الفاسد، والضار. إعداد الكوادر الإسلامية، وتأهيلها، للتعبير عن رسالة الإسلام والقرآن من خلال وسائل الإعلام الحديثة، فيتم تأهيل الإعلاميين المتخصصين، ومدهم بالمعارف الشرعية المناسبة، كما يتم توجيه الدعاة والعلماء إلى كيفية التعامل مع وسائل الإعلام، وكيفية مخاطبة الجماهير من خلالها.

لابد من اعتبار الاهتمام بوسائل الإعلام هو جهاد العصر، تُوَجَّه إليه الطاقات، والقدرات، والعقول، وتُوضَع له الخطط، التي تَسْتَشْرِف المستقبل، وتواكب روح العصر. الاستفادة من التنوع الكبير في صور الإعلام الإسلامي في القرآن الكريم، لتجديد الخطاب الإعلامي الإسلامي، وللخروج من الأساليب النمطية المكرورة، التي ملَّها كثير من الناس. مراعاة التوازن والاعتدال في وسائل إعلامنا الإسلامي، فلا يتم التركيز على وجه أو وجهين من صور الإعلام القرآني، وتُهمَل بقية التطبيقات، بل يجب أن يبقى الإعلام الإسلامي متنوعاً، متجدداً وافياً بحاجة الأمة في المعرفة والتثقيف في شتى المجالات. وبهذه التوصيات، أختتم البحث، حامداً لله حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، حمداً يملأ السماء والأرض وما بينهما، ومصلياً على النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم. فما كان من خير في هذا البحث، فهو محض فضل الله وكرمه، وما كان من غير ذلك فمِنِّي، وأسأل الله أن يتجاوز عنِّي.

المصادر والمراجع

المصادر والمراجع

إبلاغ، د عناية الله، الإعلام الإسلامي خصائصه وأهدافه .. عالم الفكر. القاهرة. 2000م أبو زيد، د رشدي شحاتة، مسئولية الإعلام الإسلامي .. ط الأولى، دار الفكر العربي - القاهرة، 1419هـ/ 1999م أبو زيد، د فاروق، مدخل إلى علم الصحافة، عالم الكتب - مصر - 1986 الأثري، عبد الله عبد الحميد؛ الوجيز في عقيدة السلف الصالح- دار بن خزيمة - 1421هـ. أحمد،، آلاء، الإعلام مقوماته وضوابطه وأساليبه في القرآن. رسالة ماجستير. من الجامعة الإسلامية في غزة بفلسطين، في كلية أصول الدين، قسم التفسير وعلوم القرآن 2009 م .. الأخضري، العلامة عبد الرحمن بن سيدي محمد الصغير بن محمد بن عامر؛ شرح السلم المرونق في علم المنطق. (لم أجده مطبوعا وإنما نسخة على الوورد) إسماعيل، إبراهيم؛ الإعلام الإسلامي ووسائل الاتصال الحديثة .. رابطة العالم الإسلامي. كتاب دعوة الحق، العدد 133 الأشقر، د عمر سليمان، العقيدة في الله، ط 8، دار النفائس بالأردن ومكتبة ابن الجوزي بالكويت 1991. الألباني، محمد ناصر الدين؛ صحيح الترمذي، ط الأولى، المكتب الإسلامي - بيروت، 1408 هـ / 1988 م الإمام، د إبراهيم؛ الإعلام الإسلامي ط1 القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية 1980 البخاري، محمد بن إسماعيل؛ الصحيح المسند. ط. بيت الأفكار الدولية 1998. البستاني، محمود؛ الإسلام وعلم الاجتماع. ط الأولى مجمع البحوث الإسلامية للدراسات والنشر. بيروت.1994.

البغوي، الحسين بن مسعود؛ تفسير معالم التنزيل، ط الأولى، دار طيبة - الرياض 2002م. الترمذي، محمد بن عيسى؛ سنن الترمذي، ط الأولى، دار بن حزم - بيروت، 1422 هـ / 2002 م. ابن تيمية، الإمام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم؛ مجموع الفتاوى، ط الأولى، مكتبة العبيكان، 1418هـ / 1997. الجزائري، أبو بكر جابر؛ نداءات الرحمن لأهل الإيمان. ط الثالثة. مكتبة دار العلوم والحكم، 1417هـ / 1996. ابن الجوزي، الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن علي بن محمد القرشي التيمي البكري؛ المدهش، نسخة (بي دي إف) مكتبة مشكاة الإسلامية الجوهري، أبو نصر إسماعيل؛ الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية -، ط دار العلم للملايين - بيروت 1979م حاتم، د محمد عبد القادر؛ الإعلام في القرآن الكريم .. طبعة مؤسسة فادي برس - لندن 1985م ابن حبان، أبو حاتم التميمي، محمد بن حبان بن أحمد؛ صحيح ابن حبان، ط 2 مؤسسة الرسالة - بيروت - 1414هـ / 1993م حجاب، د محمد منير؛ الإعلام الإسلامي المباديء والنظرية والتطبيق. . دار الفجر للنشر والتوزيع. 2002م. ووسائل الاتصال نشأتها وتطورها .. ط الأولى. دار الفجر للنشر والتوزيع 2008 حمزة، د. عبد اللطيف؛ الإعلام والدعاية، ط،2، 1978م، دار الفكر العربي. الحوالي، د سفربن عبد الرحمن؛ العلمانية نشأتها وتطورها، الدار السلفية - الكويت 1408هـ/ 1987م الخالدي، د صلاح عبد الفتاح؛ التفسير الموضوعي بين النظرية والتطبيق. الطبعة الثانية 2008. دار النفائس للنشر والتوزيع.

دنيا، د شوقي أحمد؛ نظرات اقتصادية في القرآن الكريم .. ط المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب 1428هـ الرازي، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر؛ مختار الصحاح طبعة مكتبة لبنان، 1989م. رشتي، د جيهان أحمد؛ الأسس العلمية لنظريات الإعلام .. دار الفكر العربي، القاهرة، 1975م الرشيد، العميد: عيسى بن إبراهيم؛ التعليم العسكري ومبادئ الحرب. مجلة كلية الملك خالد العسكرية. عدد 71/ 1 - 12 - 2002م الزبيدي، السيد مرتضى بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرزاق، تاج العروس .. ط وزارة الإعلام الكويتية. 1984 م الزحيلي، د وهبة؛ التفسير المنير .. ط دار الفكر - دمشق 2005 الزرقاني، العلامة محمد عبد العظيم؛ مناهل العرفان في علوم القرآن. - دار الكتب العلمية - بيروت - 1409هـ / 1988م الزركشي، بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر؛ البرهان في علوم القرآن .. ط دار الكتب العلمية - بيروت 1422هـ / 2001م زمزمي، يحيى بن محمد؛ الحوار وآدابه في ضوء الكتاب والسنة، رسالة ماجستير للباحث. . جامعة أم القرى كلية الدعوة وأصول الدين1413هـ. طبعة دار التربية والتراث. مكة المكرمة زيدان، د عبد الكريم؛ أصول الدعوة .. ط 3. مؤسسة الرسالة ومكتبة البشاير - بيروت 1409هـ / 1988م السجستاني، الإمام سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير الأزدي؛ سنن أبي داوود، ط1 - دار ابن حزم - بيروت 1418هـ/ 1997م السعدي، العلامة عبد الرحمن بن ناصر؛ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان العلامة. ط إحياء التراث الإسلامي- الكويت

سعيد، د عبد الستار فتح الله؛ المدخل إلى التفسير الموضوعي. الطبعة الثانية 1991. دار التوزيع والنشر الإسلامية السعيد، د مصطفى؛ مبادئ علم الاقتصاد .. ط دار النهضة العربية.1970، السيوطي، الإمام جلال الدين عبد الرحمن؛ الإتقان في علوم القرآن. طبعة مجمع الملك فهد - المملكة العربية السعودية. الشاطبي، الإمام إبراهيم بن موسى بن محمد أبو إسحاق اللخمي الغرناطي؛ الموافقات - دار ابن عفان - السعودية - الخبر 1997. بتحقيق الشيخ مشهور حسن. الشافعي، الدكتور حسين محمد؛ الدليل المفهرس لألفاظ القرآن الكريم. ط3 - دار السلام للنشر والتوزيع عام 2008م الشنقيطي، د سيد محمد ساداتي؛ مفاهيم إعلامية من القرآن الكريم: دراسة تحليلية لنصوص من كتاب الله .. الرياض: دار عالم الكتب 1986. والأسس الفكرية للإعلام، ط الأولى. دار الحضارة للنشر والتوزيع، الرياض - 1430هـ / 2009م. والإعلام الإسلامي المفهوم والخصائص، ط1. دار المسلم - الرياض - 1416هـ / 1996م. الشيباني، الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل؛ المسند. ط/ بيت الأفكار الدولية. 1998م صيني، د سعيد إسماعيل؛ مدخل إلى الإعلام الإسلامي، دار الحقيقة للإعلام الدولي - القاهرة 1411هـ / 1991م طاش، د عبد القادر؛ إضاءات حول الإعلام الإسلامي. كتاب الأمة رقم 28 مقالات في الدعوة والإعلام الإسلامي - قطر - 1411هـ. الطبراني، الإمام أبو القاسم، سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللَّخمي الشامي؛ المعجم الأوسط، ط1 - مكتبة المعارف - الرياض 1405هـ/ 1985م الطبري، الإمام أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب؛ جامع البيان في تأويل القرآن، ط 3، دار السلام - مصر - 1429هـ / 2008م

عبد الحليم، محيي الدين؛ الإعلام الإسلامي وتطبيقاته العملية .. مكتبة الخانجي. القاهرة. الطبعة الثانية. عبد الجواد، د أحمد رأفت؛ مبادئ علم. الاجتماع .. ط مكتبة نهضة الشرق. القاهرة. عبد الكريم، د فتحي أحمد، ومعه د أحمد محمد العسال؛ النظام الاقتصادي في الإسلام .. ط 3 مكتبة وهبة. القاهرة 1980 عبد الواحد، الأستاذ حامد؛ الإعلام في المجتمع الإسلامي. سلسلة دعوة الحق - رابطة العالم الإسلامي - مكة المكرمة - 1984م عبده، د عيسى عبده؛ الاقتصاد الإسلامي منهج ومدخل،. ط الأولى. دار نهضة مصر للطبع والنشر القاهرة. 1974. العثيمين، العلامة محمد بن صالح؛ شرح الأصول الثلاثة. ط مكتبة العلم، القاهرة العسال، د أحمد محمد، ومعه د فتحي أحمد عبد الكريم؛ النظام الاقتصادي في الإسلام .. ط 3 مكتبة وهبة. القاهرة 1980 ابن عطية، الإمام محمد عبد الحق بن غالب الأندلسي. المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز. ط دار ابن حزم - بيروت. 2002م. (في مجلد واحد) العوضي، د عادل العوضي، ود فايزة العوضي؛ في الثقافة الإسلامية. ط الأولى. الشركة الكويتية العربية للنشر. 2004م الغنيمان، د عبد الله بن محمد؛ الهوى وأثره في الخلاف. دار ابن الجوزي - الرياض. 1429هـ الفوزان، د صالح بن فوزان؛ عقيدة التوحيد وما يضادها أو ينقضها،، طبعة إحياء التراث - الكويت الفيروزآبادي، العلامة مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب؛ القاموس المحيط الطبعة الثانية 1987م - مؤسسة الرسالة - بيروت - لبنان. وبصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - المكتبة العلمية - بيروت - لبنان، بدون تاريخ.

الفيومي، أبو العباس أحمد بن محمد بن علي الفيومي الحموي؛ المصباح المنير، طبعة مكتبة لبنان، 1990م. القرضاوي، العلامة د يوسف عبد الله؛ ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده .. ط الثالثة. مكتبة وهبة. القاهرة. 2001، الحل الإسلامي، ط 6، مكتبة وهبة - القاهرة - 1422هـ / 2001 القرطبي، الإمام هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي؛ الجامع لأحكام القرآن. ط دار الكتب العلمية - بيروت. 1988م القطان، د مناع؛ مباحث في علوم القرآن .. مكتبة المعارف. الرياض. 1988.ط8. قطب، الأستاذ سيد؛ في ظلال القرآن، ط / 10 دار الشروق. القاهرة - بيروت 1982. والتصوير الفني في القرآن، ط 16، دار الشروق، القاهرة، 1423هـ- 2002 م. ابن قيم الجوزية، الإمام شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز؛ الأمثال في القرآن الكريم،، ط دار المعرفة - بيروت كثير، الإمام عماد الدين إسماعيل بن عمر. تفسير القرآن العظيم ط1 مكتبة دار الفيحاء. دمشق، ومكتبة دار السلام. الرياض كحيل، عبد الوهاب؛ الأسس العلمية والتطبيقيّة للإعلام الإسلامي .. عالم الكتب. مكتبة القدسي 1985. المباركفوري، صفي الرحمن؛ الرحيق المختوم .. دار المؤيد للنشر والتوزيع بالرياض. 2004م مجموعة مؤلفين، المعجم الوسيط الطبعة الثانية 1989م - مؤسسة دار الدعوة - إستنبول - تركيا- مجمع اللغة العربية - القاهرة مجموعة مؤلفين، دراسات في الثقافة الإسلامية. ط السابعة. مكتبة الفلاح - الكويت 1998م.

مجموعة مؤلفين، موسوعة العلوم السياسية، إصدار جامعة الكويت بالتعاون مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي. مجموعة مؤلفين، مقالات في الدعوة والإعلام الإسلامي .. كتاب الأمة - قطر. عدد: 28 - 1411هـ. مسلم، د مصطفى؛ مباحث في التفسير الموضوعي - الطبعة السادسة 2009م - دار القلم -دمشق - سوريا. المقدم، محمد بن إسماعيل؛ علو الهمة للعلامة. ط الأولى. مكتبة الكوثر. الرياض. 1996 منظور، الإمام أبو الفضل جمال الدين، لسان العرب. ط الثالثة. دار إحياء التراث العربي- بيروت النمر، د عبد المنعم، الثقافة الإسلامية .. دار المعارف - مصر. 1987م النيسابوري الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج؛ الصحيح دار ابن حزم - القاهرة 2008 هارون، الأستاذ عبد السلام؛ تهذيب سيرة ابن هشام .. دار البحوث العلمية بالكويت 1976م. هيتو، د محمد حسن؛ المعجزة القرآنية .. الطبعة الثالثة. مؤسسة الرسالة. 1998م الوشلي، أستاذ عبد الله قاسم؛ الإعلام الإسلامي في مواجهة الإعلام المعاصر. يوسف، محمد خير رمضان؛ من خصائص الإعلام الإسلامي .. رابطة العالم الإسلامي. كتاب دعوة الحق، العدد 97. والدعوة الإسلامية (الوسائل والأساليب). دار طويق للنشر والتوزيع. ط2/ 1414هـ مواقع على الشبكة العنكبوتية مجمع المصحف الشريف http://www.qurancomplex.org/ الموسوعة المعرفية الشاملة:

http://mousou3a.educdz.com موقع منظمة إذاعات الدول الإسلامية على الشبكة العنكبوتية http://chouibo2010.jeeran.com/radio_arabic_islamic.html موسوعة الجياش - شبكة المعلومات: http://mosoa aljayyash.net/encyclopedia-9080/ موقع العلامة د يوسف القرضاوي http://www.qaradawi.net العلوم العسكرية في الحضارة الإسلامية. دراسة على الشبكة العنكبوتية. على هذا الرابط http://defense-arab.com/vb/showthread.php?t=18997 موقع الإسلام سؤال وجواب http://www.islamqa.com/ar/ref/82856 موقع قصة الإسلام على هذا الرابط: http://www.islamstory.com/ الموقع العالمي للاقتصاد الإسلامي http://isegs.com/forum/index.php منتديات مكتبتنا العربية http://www.almaktabah.net/vb/index.php مكتبة صيد الفوائد الإسلامية http://saaid.net/book/list.php?cat=1 شبكة مشكاة الإسلامية http://www.almeshkat.net/books/index.php

فهرس الآيات

فهرس الآيات

(السور على ترتيبها في المصحف الشريف وتحتها الآيات مرتبة 1، 2، 3 .... إلخ) م ... سورة الفاتحة ... رقم الآية ... أرقام الصفحات بالرسالة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ... 5 ... 192 {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} ... 6 ... 192 سورة البقرة {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} ... 3 ... 102 {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ...... } ... 17 ... 80 {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} ... 21 ... 269 {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ} ... 24 ... 75 {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} ... 25 ... 48 - 197 - 255 {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} ... 29 ... 244 {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} ... 31 ... 22 {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} ... 32 ... 22 - 95 {قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ} ... 33 ... 22 - 96 {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ} ... 40 ... 73 {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} ... 43 ... 192 {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} ... 44 ... 64 {وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ} ... 53 ... 64 {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ} ... 54 ... 75 {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ} ... 60 ... 66 {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا} ... 62 ... 219 {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ} ... 68 ... 80 {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا} ... 73 ... 64 {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا} ... 80 ... 120

{بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ} ... 81 ... 120 {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} ... 82 ... 120 - 197 {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} ... 83 ... 65 - 97 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا} ... 104 ... 73 {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} ... 106 ... 273 {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ... 107 ... 273 {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} ... 111 ... 64 {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ} ... 116 ... 69 {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} ... 119 ... 60 {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ} ... 120 ... 169 {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ} ... 146 ... 147 {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} ... 148 ... 218 - 283 {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ... 150 ... 64 {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ} ... 155 ... 65 {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ} ... 156 ... 147 - 258 {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} ... 163 ... 106 {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ... 164 ... 64 {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا} ... 168 ... 241 - 272 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} ... 172 ... 242 - 234 {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ} ... 173 ... 244 {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} ... 177 ... 56 - 188 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} ... 178 ... 220 - 262 {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} ... 179 ... 220 {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} ... 180 ... 235 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} ... 183 ... 192

{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} ... 185 ... 283 {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} ... 187 ... 69 {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} ... 188 ... 232 {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} ... 189 ... 211 {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ} ... 191 ... 175 {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} ... 193 ... 48 {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} ... 194 ... 175 {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} ... 195 ... 231 {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ... 196 ... 192 {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا} ... 198 ... 69 {فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ} ... 209 ... 95 {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ} ... 214 ... 188 {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ} ... 215 ... 211 {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} ... 222 ... 211 {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} ... 224 ... 216 {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} ... 228 ... 193 - 216 - 219 {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} ... 229 ... 216 {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} ... 230 ... 64 {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} ... 231 ... 194 - 217 {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} ... 232 ... 217 {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} ... 233 ... 195 {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ} ... 234 ... 194 {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ} ... 247 ... 147 {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ} ... 249 ... 180 {وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ} ... 250 ... 180

{فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ} ... 251 ... 147 - 174 {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ} ... 258 ... 63 - 147 {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ... 261 ... 81 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ} ... 264 ... 217 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ} ... 267 ... 217 - 228 - 234 {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا} ... 275 ... 56 - 228 - 232 - 266 {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} ... 276 ... 232 {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} ... 277 ... 197 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ} ... 278 ... 232 - 242 {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} ... 279 ... 232 {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} ... 280 ... 233 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} ... 282 ... 246 {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ} ... 283 ... 140 {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} ... 284 ... 243 {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} ... 285 ... 185 {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ} ... 286 ... 283 سورة آل عمران {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} ... 3 ... 108 {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا} ... 15 ... 96 {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} ... 19 ... 282 {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} ... 23 ... 276 {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} ... 32 ... 143 {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ} ... 36 ... 219 {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ} ... 40 ... 96 {وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ} ... 50 ... 283

{وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} ... 57 ... 197 {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} ... 59 ... 118 {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا} ... 62 ... 76 {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} ... 64 ... 120 - 219 {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} ... 66 ... 95 {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ} ... 68 ... 65 {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ} ... 93 ... 77 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا} ... 100 ... 170 - 208 {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} ... 103 ... 134 - 181 - 213 {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} ... 104 ... 164 - 259 {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا} ... 105 ... 214 {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} ... 110 ... 39 - 164 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} ... 118 ... 171 - 208 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا} ... 130 ... 242 {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ} ... 134 ... 65 - 214 {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ} ... 136 ... 255 {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} ... 138 ... 96 {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} ... 141 ... 175 {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا} ... 142 ... 175 {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا} ... 145 ... 166 {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا} ... 146 ... 166 - 154 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا} ... 149 ... 208 {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ} ... 152 ... 70 {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ} ... 153 ... 70 {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} ... 155 ... 70 {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} ... 159 ... 150 - 257

{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} ... 164 ... 254 {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا} ... 165 ... 70 {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} ... 169 ... 179 {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ} ... 171 ... 179 {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ} ... 187 ... 96 {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا} ... 188 ... 88 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} ... 200 ... 165 سورة النساء {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} ... 1 ... 73 - 273 - 188 {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} ... 5 ... 95 {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} ... 11 ... 235 {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} ... 12 ... 194 {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} ... 13 ... 261 {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ} ... 14 ... 235 {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ} ... 18 ... 196 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} ... 19 ... 193 {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} ... 28 ... 283 {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} ... 32 ... 221 - 219 {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ} ... 34 ... 194 - 221 - 219 {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ} ... 35 ... 194 {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} ... 36 ... 195 - 198 {وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} ... 38 ... 221 {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا} ... 39 ... 221 {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} ... 40 ... 68 {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ} ... 44 ... 277

{مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} ... 46 ... 277 {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} ... 52 ... 277 {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} ... 54 ... 146 {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا} ... 56 ... 128 {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ} ... 57 ... 128 - 197 {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} ... 58 ... 66 - 68 - 139 - 257 - 260 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} ... 59 ... 139 {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} ... 60 ... 277 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ} ... 71 ... 162 {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ} ... 74 ... 179 {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ} ... 75 ... 177 {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ... 76 ... 178 {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} ... 77 ... 174 - 177 - 278 {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} ... 80 ... 143 {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ} ... 82 ... 64 {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ} ... 83 ... 155 - 210 {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ} ... 84 ... 177 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} ... 94 ... 210 {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} ... 101 ... 170 {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ} ... 102 ... 75 {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ} ... 104 ... 165 {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} ... 105 ... 61 {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ} ... 113 ... 254 {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ} ... 114 ... 259 {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ} ... 122 ... 197 {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} ... 123 ... 80 - 265

{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} ... 124 ... 265 {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} ... 128 ... 194 {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} ... 129 ... 194 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ} ... 135 ... 68 - 141 - 152 - 261 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ} ... 136 ... 113 - 185 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ} ... 144 ... 171 {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ} ... 152 ... 108 {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} ... 163 ... 282 {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ} ... 165 ... 107 {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ} ... 170 ... 271 {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ} ... 173 ... 197 {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا} ... 174 ... 63 - 152 - 271 {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ} ... 175 ... 152 سورة المائدة {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} ... 1 ... 56 - 148 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ} ... 2 ... 259 {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ} ... 3 ... 59 - 233 - 244 {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} ... 4 ... 213 {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} ... 5 ... 189 - 213 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} ... 6 ... 283 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} ... 8 ... 68 - 142 - 260 {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} ... 9 ... 83 {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ} ... 10 ... 83 {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ} ... 12 ... 108 {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ} ... 15 ... 152

{يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} ... 16 ... 53 - 152 {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} ... 18 ... 120 {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ} ... 19 ... 97 {قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا} ... 23 ... 75 {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا} ... 27 ... 96 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ} ... 35 ... 176 {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} ... 41 ... 73 {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} ... 42 ... 141 - 260 {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ} ... 44 ... 108 {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} ... 45 ... 262 {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} ... 46 ... 108 {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} ... 48 ... 89 - 152 - 218 - 282 {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ} ... 49 ... 152 {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} ... 50 ... 134 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} ... 51 ... 171 - 208 {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} ... 55 ... 163 {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} ... 56 ... 163 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا} ... 57 ... 171 - 208 {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ} ... 65 ... 153 {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ} ... 66 ... 153 {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} ... 67 ... 54 {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} ... 72 ... 112 {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ} ... 82 ... 170 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} ... 87 ... 234 {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا} ... 89 ... 101 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ} ... 90 ... 233

{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا} ... 92 ... 95 {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ} ... 99 ... 96 {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} ... 100 ... 80 - 233 {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ} ... 119 ... 62 {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ... 120 ... 228 - 243 سورة الأنعام قال {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29)} ... 29 ... 275 {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} ... 38 ... 4 - 56 {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} ... 50 ... 54 - 64 {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} ... 52 ... 263 {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا} ... 57 ... 133 {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ} ... 80 ... 64 {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} ... 90 ... 155 - 284 {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} ... 98 ... 65 {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} ... 101 ... 126 {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} ... 115 ... 61 - 97 {وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} ... 126 ... 65 {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ} ... 141 ... 235 - 243 {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا} ... 148 ... 64 - 91 {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ} ... 151 ... 280 {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} ... 152 ... 197 - 261 - 285 {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} ... 161 ... 227 {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ... 162 ... 253 {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} ... 163 ... 227 - 253 سورة الأعراف

{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} ... 32 ... 234 {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ} ... 33 ... 234 {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} ... 54 ... 105 - 133 {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ} ... 59 ... 58 - 113 - 114 {قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ} ... 61 ... 289 {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} ... 62 ... 96 - 289 {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ} ... 63 ... 289 {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ} ... 65 ... 113 - 114 {فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا} ... 72 ... 122 {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ} ... 73 ... 113 - 114 {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ} ... 85 ... 113 - 114 {فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي} ... 93 ... 96 {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ} ... 96 ... 153 {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا} ... 128 ... 136 - 264 {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ} ... 137 ... 137 {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ} ... 157 ... 233 {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} ... 158 ... 271 {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} ... 163 ... 207 {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} ... 166 ... 207 {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ} ... 185 ... 266 {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} ... 188 ... 97 {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} ... 191 ... 93 - 113 {وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ} ... 192 ... 93 {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ} ... 193 ... 93 {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} ... 194 ... 63 - 93 {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا} ... 195 ... 63 - 93

{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} ... 199 ... 65 - 214 سورة الأنفال {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ} ... 1 ... 214 {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ} ... 4 ... 96 {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ} ... 10 ... 178 {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا} ... 12 ... 178 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ} ... 20 ... 143 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} ... 27 ... 140 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا} ... 45 ... 172 {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} ... 46 ... 135 - 165 - 214 {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ} ... 47 ... 172 {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} ... 58 ... 75 {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} ... 60 ... 75 - 162 {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ} ... 62 ... 189 {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ} ... 63 ... 134 - 189 {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ... 64 ... 73 {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} ... 72 ... 161 {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ} ... 73 ... 161 {وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ} ... 75 ... 198 سورة التوبة {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ} ... 7 ... 170 {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا} ... 8 ... 179 {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا} ... 13 ... 175 {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ} ... 14 ... 177 {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ} ... 16 ... 175 {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ} ... 25 ... 180

{ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} ... 26 ... 180 {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} ... 36 ... 174 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي} ... 38 ... 178 - 278 {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ} ... 40 ... 97 {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا} ... 51 ... 166 {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} ... 60 ... 198 - 228 - 235 {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ} ... 63 ... 275 {أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ} ... 70 ... 57 - 96 {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ} ... 71 ... 161 - 186 - 220 {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ} ... 72 ... 220 {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} ... 73 ... 86 {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ... 79 ... 274 {وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ} ... 86 ... 167 قال {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} ... 87 ... 167 {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ} ... 88 ... 167 {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا} ... 89 ... 167 {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى} ... 91 ... 200 {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} ... 103 ... 199 {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} ... 104 ... 279 {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} ... 105 ... 255 {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا} ... 107 ... 168 {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} ... 111 ... 179 {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ} ... 112 ... 199 - 253 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} ... 119 ... 62 - 281 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} ... 123 ... 176

سورة يونس {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ} ... 2 ... 97 {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} ... 3 ... 112 - 252 {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ} ... 15 ... 54 {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ} ... 22 ... 61 {فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} ... 23 ... 271 {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ} ... 24 ... 65 {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ} ... 31 ... 63 {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} ... 32 ... 63 {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48)} ... 48 ... 86 {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ} ... 57 ... 272 {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ} ... 61 ... 74 {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} ... 64 ... 97 {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ} ... 72 ... 155 {وَقَالَ مُوسَى يَاقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا} ... 84 ... 58 {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا} ... 98 ... 287 {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ} ... 104 ... 269 {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ} ... 108 ... 272 سورة هود {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} ... 1 ... 269 {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا} ... 6 ... 225 - 230 - 252 {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} ... 14 ... 74 {وَيَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ} ... 29 ... 263 - 284 {قِيلَ يَانُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ} ... 48 ... 73 {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا} ... 50 ... 113 {يَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي} ... 51 ... 284

{وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ} ... 52 ... 58 {قَالُوا يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا} ... 53 ... 97 {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ} ... 54 ... 264 {مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ} ... 55 ... 264 {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ} ... 56 ... 264 {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} ... 61 ... 113 {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} ... 75 ... 254 {يَاإِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ} ... 76 ... 73 {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ} ... 84 ... 113 - 240 {وَيَاقَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ} ... 85 ... 240 {قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ} ... 88 ... 155 {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} ... 118 ... 219 {إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} ... 119 ... 219 {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} ... 120 ... 77 - 113 سورة يوسف {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} ... 3 ... 115 {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} ... 4 ... 88 {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ} ... 40 ... 133 {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ} ... 43 ... 237 {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ} ... 47 ... 237 {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا} ... 48 ... 237 {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} ... 49 ... 237 {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ} ... 54 ... 146 {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} ... 55 ... 155 {فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ} ... 60 ... 133 {وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي} ... 68 ... 95

{قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ} ... 89 ... 203 - 287 {قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي} ... 90 ... 203 - 287 {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا} ... 91 ... 203 - 287 {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} ... 92 ... 203 {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا} ... 93 ... 203 {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ} ... 94 ... 203 {قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ} ... 95 ... 203 {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا} ... 96 ... 203 {قَالُوا يَاأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} ... 97 ... 203 {قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ... 98 ... 203 {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا} ... 99 ... 203 {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ} ... 100 ... 203 {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} ... 101 ... 146 {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} ... 108 ... 40 - 259 {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} ... 111 ... 78 - 114 سورة الرعد {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ} ... 19 ... 190 {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20)} ... 20 ... 190 {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} ... 21 ... 190 {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا} ... 22 ... 190 سورة إبراهيم {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ} ... 9 ... 96 - 275 {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} ... 20 ... 222 {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} ... 24 ... 46 - 97 - 111 - 279 {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} ... 25 ... 46 - 111

{وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ} ... 26 ... 46 - 97 {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ} ... 32 ... 229 {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ} ... 33 ... 229 {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ} ... 34 ... 225 سورة الحجر {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ... 9 ... 52 - 229 {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ} ... 10 ... 229 {وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} ... 11 ... 229 {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} ... 12 ... 229 {لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ} ... 13 ... 229 {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ} ... 14 ... 229 {لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15)} ... 15 ... 229 {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ} ... 16 ... 229 {وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17)} ... 17 ... 229 {إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ} ... 18 ... 229 {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا} ... 19 ... 229 {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ} ... 20 ... 229 {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} ... 21 ... 229 {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ} ... 22 ... 229 {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ} ... 46 ... 73 {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ} ... 88 ... 256 سورة النحل {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} ... 2 ... 53 {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ} ... 5 ... 229 - 245 {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} ... 6 ... 229 - 245

{وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ} ... 7 ... 229 - 245 {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} ... 8 ... 229 - 245 {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ} ... 9 ... 245 {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ} ... 10 ... 245 {يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ} ... 11 ... 245 - 267 {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ} ... 12 ... 245 - 267 {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ} ... 13 ... 245 {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} ... 14 ... 228 - 245 {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ} ... 22 ... 112 {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ} ... 26 ... 111 {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ} ... 35 ... 53 {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ} ... 36 ... 53 - 77 - 260 {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ} ... 44 ... 40 - 53 {وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} ... 51 ... 252 {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ} ... 64 ... 96 {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ} ... 72 ... 195 {أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ} ... 79 ... 274 {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (82)} ... 82 ... 96 {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا} ... 89 ... 55 - 96 - 227 {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} ... 90 ... 56 - 142 - 215 {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ} ... 91 ... 148 - 215 {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ} ... 97 ... 83 - 220 {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ} ... 102 ... 56 - 258 {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا} ... 110 ... 88 {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ} ... 116 ... 191

{مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ... 117 ... 191 {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} ... 125 ... 40 - 90 - 118 - 197 - 285 سورة الإسراء {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ} ... 9 ... 5 - 227 {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} ... 23 ... 113 - 195 {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا} ... 24 ... 195 {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ} ... 26 ... 67 - 242 - 281 {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ} ... 27 ... 67 - 215 - 281 {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا} ... 28 ... 67 - 215 {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} ... 29 ... 215 - 242 - 282 {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا} ... 30 ... 67 - 215 {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} ... 31 ... 67 - 215 {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} ... 32 ... 67 - 215 - 280 {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} ... 34 ... 67 - 197 - 215 - 285 {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ} ... 35 ... 67 - 215 - 243 {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ} ... 36 ... 67 - 215 - 281 {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ} ... 37 ... 215 {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} ... 38 ... 215 {وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} ... 49 ... 21 {قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا} ... 50 ... 21 {أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا} ... 51 ... 21 {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} ... 53 ... 285 {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ} ... 79 ... 72 {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ} ... 80 ... 62 {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا} ... 88 ... 51

{وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} ... 105 ... 41 - 60 سورة الكهف {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ} ... 13 ... 61 {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ} ... 56 ... 41 {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ} ... 60 ... 287 {قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} ... 64 ... 76 {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} ... 69 ... 288 {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ} ... 82 ... 288 {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ} ... 83 ... 147 {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} ... 84 ... 147 {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} ... 103 ... 96 سورة مريم {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} ... 12 ... 156 {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} ... 41 ... 202 {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي} ... 42 ... 202 {يَاأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ} ... 43 ... 202 {يَاأَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا} ... 44 ... 75 - 202 {يَاأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ} ... 45 ... 202 {قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَاإِبْرَاهِيمُ} ... 46 ... 202 {قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} ... 47 ... 202 {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا} ... 54 ... 254 - 264 {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} ... 56 ... 264 سورة طه {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} ... 8 ... 112 {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} ... 44 ... 97

{إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} ... 98 ... 112 {كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا} ... 99 ... 96 {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ} ... 113 ... 87 {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ} ... 114 ... 255 {فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا} ... 117 ... 74 {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} ... 123 ... 84 {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ} ... 124 ... 84 {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا} ... 125 ... 84 {قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} ... 126 ... 84 {وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ} ... 127 ... 84 سورة الأنبياء {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ} ... 5 ... 52 - 92 {مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ} ... 6 ... 52 {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} ... 18 ... 111 - 265 {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} ... 19 ... 109 {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} ... 20 ... 109 {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ} ... 21 ... 69 - 93 - 124 {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ} ... 22 ... 69 - 93 - 124 {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} ... 23 ... 93 {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ} ... 24 ... 93 {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ} ... 25 ... 263 {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} ... 34 ... 252 {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ} ... 35 ... 252 {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ... 38 ... 86 {قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ} ... 56 ... 58

{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ} ... 92 ... 135 - 264 سورة الحج {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ} ... 1 ... 3 - 270 {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ} ... 5 ... 270 {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ... 6 ... 60 {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} ... 27 ... 48 {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} ... 30 ... 281 {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ} ... 33 ... 186 {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ} ... 39 ... 174 {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} ... 40 ... 173 - 174 {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا} ... 41 ... 40 - 173 {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (49)} ... 49 ... 271 {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى} ... 52 ... 57 {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} ... 53 ... 57 {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} ... 54 ... 57 {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ} ... 63 ... 276 {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ} ... 65 ... 267 - 276 {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} ... 70 ... 274 {يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} ... 73 ... 117 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا} ... 77 ... 187 - 255 {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ} ... 78 ... 284 سورة المؤمنون {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} ... 8 ... 140 - 257 {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} ... 9 ... 140 {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} ... 10 ... 140

{الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ... 11 ... 140 {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} ... 12 ... 267 {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} ... 13 ... 267 {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً} ... 14 ... 267 {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} ... 36 ... 86 {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ} ... 42 ... 58 {مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ} ... 43 ... 58 {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ} ... 44 ... 58 {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} ... 51 ... 234 {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} ... 52 ... 264 {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ} ... 91 ... 125 {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ} ... 96 ... 197 - 285 {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} ... 108 ... 74 سورة النور {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا} ... 2 ... 221 {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ} ... 4 ... 222 {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ... 5 ... 222 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} ... 27 ... 209 {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ} ... 28 ... 209 {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ} ... 29 ... 209 {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} ... 30 ... 280 {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} ... 31 ... 208 - 217 {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} ... 33 ... 243 {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا} ... 43 ... 276 {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ} ... 54 ... 143

{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ} ... 55 ... 83 - 136 - 172 {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} ... 56 ... 172 {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ} ... 57 ... 172 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} ... 58 ... 209 {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} ... 59 ... 209 {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ} ... 60 ... 218 سورة الفرقان {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي} ... 7 ... 226 {أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا} ... 8 ... 226 {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا} ... 9 ... 226 {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي} ... 10 ... 226 {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} ... 33 ... 61 - 265 {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} ... 63 ... 65 - 191 - 256 {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} ... 67 ... 80 - 245 {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} ... 72 ... 65 - 191 سورة الشعراء {فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} ... 6 ... 96 {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ} ... 30 ... 146 {قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} ... 31 ... 146 {فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ} ... 32 ... 146 {وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ} ... 33 ... 146 {قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ} ... 34 ... 146 {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} ... 35 ... 146 {إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ} ... 115 ... 97 {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} ... 128 ... 238

{وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} ... 129 ... 238 {وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} ... 130 ... 238 {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} ... 131 ... 238 {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160)} ... 160 ... 206 {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ} ... 161 ... 206 {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ} ... 162 ... 206 {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} ... 163 ... 206 {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} ... 164 ... 206 {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ} ... 165 ... 59 - 206 {وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} ... 166 ... 59 - 206 {قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَالُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ} ... 167 ... 206 {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ} ... 168 ... 206 {رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ} ... 169 ... 206 {فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ} ... 170 ... 206 {إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ} ... 171 ... 206 {ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ} ... 172 ... 206 {ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ} ... 173 ... 206 {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ} ... 181 ... 59 {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} ... 182 ... 59 {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} ... 183 ... 59 {وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} ... 186 ... 206 {فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} ... 187 ... 206 {قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} ... 188 ... 206 {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} ... 189 ... 206 سورة النمل

{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَاأَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} ... 16 ... 258 {قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} ... 29 ... 145 {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ... 30 ... 145 {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} ... 31 ... 145 {قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا} ... 32 ... 145 {قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي} ... 33 ... 145 {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا} ... 34 ... 145 {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} ... 35 ... 145 {قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ} ... 39 ... 156 {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ} ... 40 ... 258 {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ} ... 49 ... 153 {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً} ... 52 ... 153 {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ... 71 ... 86 سورة القصص {نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ} ... 3 ... 115 {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ} ... 4 ... 147 {وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ} ... 11 ... 76 {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ} ... 23 ... 205 {فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ} ... 24 ... 205 {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ} ... 25 ... 205 {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ} ... 26 ... 156 - 205 {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي} ... 27 ... 205 {وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا} ... 39 ... 154 - 286 {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ} ... 40 ... 154 - 286 {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ} ... 41 ... 154 - 286

{وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ} ... 42 ... 154 {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ} ... 44 ... 115 {وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ} ... 45 ... 115 {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} ... 46 ... 115 {قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ} ... 49 ... 94 {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ} ... 50 ... 96 {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ} ... 70 ... 133 {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا} ... 72 ... 64 {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ} ... 76 ... 239 {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ} ... 77 ... 239 - 281 {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ} ... 78 ... 239 {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ} ... 79 ... 239 {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ} ... 80 ... 239 {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ} ... 81 ... 239 {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ} ... 82 ... 239 {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ} ... 83 ... 239 {وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ} ... 88 ... 113 - 133 سورة العنكبوت {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} ... 2 ... 188 {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا} ... 3 ... 188 {وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ} ... 18 ... 96 {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} ... 20 ... 266 {وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ} ... 38 ... 154 {وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى} العنكبوت: 39 ... 39 ... 154 {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا} ... 40 ... 154

{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ} ... 43 ... 79 {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ... 46 ... 119 - 197 - 285 سورة الروم {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} ... 8 ... 266 {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ} ... 10 ... 286 {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ} ... 20 ... 262 {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا} ... 21 ... 193 - 204 {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ... 22 ... 123 قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23)} الروم: 23 ... 23 ... 123 قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24)} الروم: 24 ... 24 ... 123 قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)} الروم: 27 ... 27 ... 121 {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ} ... 28 ... 116 {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ} ... 30 ... 122 {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} ... 39 ... 232 سورة لقمان {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ} ... 13 ... 201 {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} ... 14 ... 195 - 201 {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} ... 15 ... 195 - 201 {يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ} ... 16 ... 201

{يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ} ... 17 ... 201 {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} ... 18 ... 66 - 191 - 201 {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ} ... 19 ... 66 - 191 - 201 {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ} ... 20 ... 267 {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} ... 29 ... 274 {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ} ... 33 ... 270 {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} ... 34 ... 112 سورة السجدة {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا} ... 3 ... 54 {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا} ... 24 ... 137 - 264 سورة الأحزاب {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} ... 1 ... 72 {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} ... 4 ... 60 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ} ... 9 ... 180 {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ} ... 12 ... 168 {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا} ... 13 ... 168 {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا} ... 14 ... 168 {يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا} ... 20 ... 96 {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ} ... 21 ... 46 - 253 {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ} ... 22 ... 163 {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ} ... 25 ... 180 {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ} ... 32 ... 218 {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} ... 33 ... 218 {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ} ... 34 ... 218 {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} ... 35 ... 220

سورة سبأ {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ} ... 15 ... 286 {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ} ... 16 ... 286 {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} ... 17 ... 286 {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً} ... 18 ... 286 {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} ... 19 ... 286 {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ} ... 24 ... 91 - 230 {قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ} ... 25 ... 91 {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ} ... 26 ... 91 {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} ... 28 ... 59 {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ... 29 ... 86 {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى} ... 46 ... 89 سورة فاطر {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} ... 3 ... 72 - 270 {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} ... 5 ... 270 {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} ... 15 ... 270 {إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ} ... 23 ... 97 {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا} ... 24 ... 59 - 97 {وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} ... 28 ... 196 {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} ... 36 ... 127 {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا} ... 37 ... 127 {اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ} ... 43 ... 80 سورة يس {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا} ... 20 ... 288 {اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ} ... 21 ... 285 - 288

{وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ... 22 ... 288 {أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ} ... 23 ... 288 {إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} ... 24 ... 288 {إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ} ... 25 ... 288 {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} ... 26 ... 288 {بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} ... 27 ... 288 {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ... 48 ... 86 {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} ... 78 ... 121 - 265 {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} ... 79 ... 265 {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ} ... 80 ... 265 {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ} ... 81 ... 265 {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ... 82 ... 265 {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ... 83 ... 265 سورة الصافات {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} ... 101 ... 202 {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ} ... 102 ... 202 {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} ... 103 ... 202 {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ} ... 104 ... 202 {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} ... 105 ... 202 {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} ... 106 ... 202 {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} ... 107 ... 202 {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ} ... 108 ... 202 {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ} ... 164 ... 109 {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} ... 165 ... 109 {وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} ... 166 ... 109

سورة ص {إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى} ... 22 ... 140 {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} ... 26 ... 152 {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ} ... 84 ... 60 {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} ... 88 ... 96 سورة الزمر {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} ... 3 ... 215 {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ} ... 9 ... 196 {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى} ... 17 ... 97 {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ} ... 27 ... 79 {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} ... 33 ... 62 - 156 {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ} ... 34 ... 156 {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ} ... 53 ... 75 سورة غافر {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} ... 28 ... 288 {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ} ... 30 ... 87 {وَيَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ} ... 32 ... 87 {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ} ... 38 ... 87 {يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ} ... 39 ... 87 - 289 {مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا} ... 40 ... 289 {فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ} ... 44 ... 289 {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ} ... 45 ... 289 سورة فصلت {حم} ... 1 ... 265 {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ... 2 ... 265

{كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} ... 3 ... 265 {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} ... 9 ... 225 {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} ... 10 ... 225 {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} ... 26 ... 52 {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ} ... 33 ... 97 {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ... 34 ... 197 - 285 {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} ... 42 ... 4 - 52 سورة الشورى {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي} ... 10 ... 92 {فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} ... 11 ... 252 {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} ... 23 ... 284 {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} ... 37 ... 65 {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} ... 38 ... 151 - 214 {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} ... 39 ... 214 {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} ... 40 ... 65 - 214 {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} ... 41 ... 214 {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} ... 42 ... 214 {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} ... 43 ... 65 - 214 {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} ... 48 ... 282 سورة الزخرف {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا} ... 10 ... 267 {وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} ... 11 ... 267 {وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ} ... 12 ... 267 {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ} ... 13 ... 267 {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} ... 59 ... 118

سورة الدخان {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} ... 49 ... 74 سورة الجاثية {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} ... 7 ... 91 {يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا} ... 8 ... 91 سورة الأحقاف {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} ... 4 ... 91 - 92 {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} ... 9 ... 54 سورة محمد (صلى الله عليه وسلم) {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} ... 7 ... 176 {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} ... 19 ... 96 {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ} ... 21 ... 62 {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ} ... 31 ... 97 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا} ... 33 ... 143 {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ} ... 35 ... 163 {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ... 38 ... 167 سورة الفتح {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} ... 10 ... 149 {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ} ... 17 ... 283 {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} ... 18 ... 149 {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} ... 29 ... 199 - 257 سورة الحجرات {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} ... 2 ... 261 {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ} ... 3 ... 261 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} ... 6 ... 210 - 280

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ} ... 10 ... 62 - 135 - 189 - 233 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا} ... 11 ... 67 - 191 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} ... 12 ... 67 - 73 - 81 - 191 - 281 {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ} ... 13 ... 23 - 189 - 273 {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} ... 14 ... 187 {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} ... 15 ... 187 سورة ق {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} ... 18 ... 46 سورة الذاريات {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} ... 19 ... 199 {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} ... 22 ... 230 {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} ... 23 ... 230 {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ... 56 ... 252 سورةالطور {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} ... 35 ... 125 سورة النجم {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} ... 2 ... 151 {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} ... 3 ... 151 {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} ... 4 ... 151 {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي} ... 28 ... 95 {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى} ... 35 ... 95 {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى} ... 36 ... 96 سورة القمر سورة الرحمن {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} ... 60 ... 80

سورة الواقعة سورة الحديد {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ... 1 ... 186 {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ... 2 ... 186 {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ... 3 ... 186 {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} ... 4 ... 186 {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} ... 5 ... 186 {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} ... 6 ... 186 {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} ... 7 ... 243 {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ} ... 17 ... 95 {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ} ... 22 ... 110 {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} ... 23 ... 110 سورة المجادلة {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} ... 7 ... 274 {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ} ... 8 ... 277 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ} ... 11 ... 197 {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ} ... 14 ... 278 سورة الحشر {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} ... 7 ... 236 {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ} ... 9 ... 231 {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} ... 11 ... 169 - 278 {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} ... 22 ... 107 {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ} ... 23 ... 104 {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} ... 24 ... 107 سورة الممتحنة

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} ... 1 ... 189 {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ} ... 8 ... 208 سورة الصف {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} ... 4 ... 75 {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} ... 8 ... 52 سورة الجمعة {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} ... 9 ... 281 {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا} ... 10 ... 230 - 281 سورة المنافقون {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا} ... 8 ... 257 سورة التغابن {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} ... 8 ... 82 {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ} ... 9 ... 82 {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ} ... 10 ... 82 {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا} ... 16 ... 284 سورة الطلاق {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا} ... 1 ... 72 {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ} ... 7 ... 284 سورة التحريم {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ} ... 3 ... 96 {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ} ... 4 ... 109 {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ} ... 6 ... 109 - 195 {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} ... 9 ... 86 سورة المُلك {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} ... 2 ... 197

{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا} ... 15 ... 228 - 230 - 255 {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ... 25 ... 86 سورة القلم {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ... 4 ... 256 سورة الحاقة {الْحَاقَّةُ} ... 1 ... 88 {مَا الْحَاقَّةُ} ... 2 ... 88 {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ} ... 3 ... 88 {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ} ... 44 ... 54 {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} ... 45 ... 54 {ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} ... 46 ... 54 {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} ... 47 ... 54 سورة المعارج {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} ... 24 ... 199 {لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} ... 25 ... 199 سورة نوح {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ} ... 1 ... 82 {قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ} ... 2 ... 82 {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} ... 3 ... 82 {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ} ... 4 ... 82 {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا} ... 5 ... 58 {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا} ... 6 ... 58 {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} ... 7 ... 58 {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا} ... 8 ... 58 {ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا} ... 9 ... 58

{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} ... 10 ... 83 {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} ... 11 ... 83 {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} ... 12 ... 83 سورة الجن {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} ... 1 ... 51 سورة المزمل {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ} ... 20 ... 232 سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} ... 8 ... 231 {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا} ... 15 ... 86 {قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا} ... 16 ... 86 سورة المرسلات سورة النبأ {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا} ... 6 ... 122 - 123 {وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} ... 7 ... 122 - 123 {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} ... 8 ... 122 - 123 {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} ... 9 ... 122 - 123 {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} ... 10 ... 122 - 123 {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} ... 11 ... 122 - 123 {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا} ... 12 ... 122 - 123 {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا} ... 13 ... 122 - 123 {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا} ... 14 ... 122 - 123 {لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا} ... 15 ... 122 - 123

{وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا} ... 16 ... 122 - 123 سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} ... 1 ... 56 {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} ... 2 ... 56 {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} ... 3 ... 56 سورة الانشقاق {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} ... 6 ... 73 سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} ... 17 ... 273 {وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ} ... 18 ... 273 {وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ} ... 19 ... 273 {وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} ... 20 ... 273 سورة الفجر {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} ... 20 ... 231 {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا} ... 21 ... 86 سورة البلد {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ} ... 8 ... 276 {وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ} ... 9 ... 276

{وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} ... 10 ... 276 {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} ... 11 ... 198 {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ} ... 12 ... 198 {فَكُّ رَقَبَةٍ} ... 13 ... 198 {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} ... 14 ... 198 {يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ} ... 15 ... 198 {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} ... 16 ... 198 {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} ... 17 ... 198 {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} ... 18 ... 198 سورة الشمس {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} ... 7 ... 55 {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} ... 8 ... 55 {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} ... 9 ... 55 {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} ... 10 ... 55 سورة الليل {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى} ... 14 ... 41 {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى} ... 15 ... 41 {الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} ... 16 ... 41 سورة الضحى سورة الشرح {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} ... 5 ... 86 {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} ... 6 ... 86 سورة التين سورة العلق {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} ... 1 ... 196

{الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} ... 4 ... 95 {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} ... 5 ... 95 {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} ... 14 ... 274 سورة القدر سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} ... 8 ... 231 سورة القارعة سورة التكاثر {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} ... 5 ... 95 سورة العصر {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} ... 3 ... 61 سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} ... 1 ... 199 {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} ... 2 ... 199 {وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} ... 3 ... 199 {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} ... 4 ... 199 {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} ... 5 ... 199 {الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ} ... 6 ... 199 {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} ... 7 ... 199 سورة الكوثر

سورة الكافرون {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ... 1 ... 73 - 87 {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} ... 2 ... 87 {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} ... 3 ... 87 {وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ} ... 4 ... 87 {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} ... 5 ... 87 {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} ... 6 ... 87 سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس

فهرس الأحاديث النبوية

فهرس الأحاديث النبوية

م ... الحديث ... رقم الصفحة (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) ... 138 (أدِ الأمانةَ لمن ائتمنك، ولا تخن من خانك) ... 255 (وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ) ... 214 (إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً) ... 61 (إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها) ... 127 (إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، لا يلقي لها بالا، يرفع اللهُ بها درجات) ... 45 (إِنَّمَا أَهْلَكَ النَّاسَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ) ... 260 (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق) ... 255 (إن من خياركم أحسنَكم أخلاقاً) ... 254 (إن الله عز وجل رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف) ... 255 (أما أهل النار الذين هم أهلها، فلا يموتون فيها ولا يحيون) ... 125 (بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ) ... 148 (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة،) ... 197 الدين النصيحة ... 41 (عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر) ... 256 (لا إيمان لمن لا أمانة له) ... 138 (المؤمن للمؤمن كالبنان يشد بعضه بعضا. وشبك بين أصابعه) ... 159 (وما تواضع عبد لله إلا رفعه) ... 254 (ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحياً أوحاه الله إليَّ) ... 50 (ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) ... 120 (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم، كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد) ... 159 (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني) ... 141 (النَّاسُ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ) ... 260 (والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه) ... 39 (والله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم) ... 40

§1/1