صلاح البيوت

محمد علي محمد إمام

دار الكتب والوثائق القومية بطاقة فهرسة فهرسة أثناء النشر إعداد الهيئة العامة لدار الكتب المصرية إدارة الشئون الفنية إمام / محمد على محمد صلاح البيوت فى جهد الرسول إعداد / محمد على محمد إمام - ميت غمر الطبعة الأولى 2009 عدد الصفحات (451) المقاس (18 × 21 سم) 1) الأسرة فى الإسلام أ- العنوان - 1/ 219 رقم الإيداع (15748) تاريخ الإيداع 6/ 8 / 2009 حقوق الطبع محفوظة للمؤلف

إهداء

إهداء الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده، وبعد: أهدي كتابي هذا إلي كل (أم .. وأخت .. وبنت) مؤمنة تريد أن تحيا الحياة الطيبة التي وعد الله عز وجل في كتابه فقال: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنّهُ حَيَاةً طَيّبَةً وَلَنَجْزِيَنّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (¬1) أهدي كتابي إلي كل مؤمنة تحب الله ورسوله وتريد أن تهتدي بهديهما وتسير علي نهجهما لتنال شرف الدنيا وكرامة الآخرة. أهدي كتابي هذا إلي كل مؤمنة تُحب أن تحشر مع أمهات المؤمنين ونساء الصحابة (رضي الله عنهم) أجمعين .. وقد ذكرت لكِ من أخبارهن وصلاحهن ما يأخذ بقلبك وروحك إلي الاقتداء بهن والسير علي نهجهن .. فذكر الصالحين والصالحات يُزيد الإيمان، ويرفع الهمم، وحادي يحدو القلوب إلي حب الرب المعبود، وحادي يحدو الأرواح إلي بلاد الأفراح. ولقد منَّ الله عز وجل عليَّ وجمعت لكِ هذا الكتاب الطيب المبارك، المملوء بصفات، وأفعال، وأحوال النساء الأُول: نساء القرن، الذي مدحه النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين خيريته، فقال: " خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ¬

_ (¬1) سورة النحل - الآية 97.

الخ الحديث " متفق عليه (¬1).فكما أن رجال هذه القرون خير رجال فكذلك نساءهم كن خير النساء .. وهم نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ونساء الصحابة (رضي الله عنهم) والتابعين وهن النسخة الأصلية التي وجب عليكن يا نساء القرن الحادي والعشرين أن تصححن حياتكن على حياتهن .. فقد رضي الله عن حياتهن، ومن تبعهن بإحسان فقال: {وَالسّابِقُونَ الأوّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ وَالّذِينَ اتّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فيها أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (¬2) وفى قوله " اتّبَعُوهُم " دليل رضي الله عز وجل وجوب الأتباع لهن .... وإلا، لا يرضى الله - عز وجل - عن حياة إلا الحياة المماثلة لحياتهن، ولهذا بدأ لله - عز وجل - في كثير من الأحكام بذكرهن أولا لأنهن قدوة لمن أتى بعدهن فقال: {يا نِسَآءَ النّبِيّ لَسْتُنّ كَأَحَدٍ مّنَ النّسَآءِ إِنِ اتّقَيْتُنّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مّعْرُوفاً} (¬3) ¬

_ (¬1) مشكاة المصابيح - كتاب مناقب الصحابة 1/ 1695. (¬2) سورة التوبة - الآية 100. (¬3) سورة الأحزاب - الآية 32.

وفى آية الحجاب قال تعالى: {يَأَيّهَا النّبِيّ قُل لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنّ مِن جَلاَبِيبِهِنّ ذَلِكَ أَدْنَىَ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رّحِيماً} (¬1). وعندما تقرأ في تاريخ الإسلام وتتصفح سير المؤمنات عبر القرون تجد عجيبٌ أمر هذه الأمَّة؛ كما أخرجت رجالاً لا يُعرف لهم مثيلٌ في تاريخ الأمم، أخرجت أيضًا النّساء الفُضْليَات القدوات التي لا تطاولهن نساء أمة من الأمم. وقد كتبتُ في كتابي هذا لكثير من فضليات الأمة ما تيسر لي أن أذكره، وإلا فمنهم الكثيرات والكثيرات، مما لم يطلعني الله عليهن. وقد سميت هذا الكتاب بصلاح البيوت في جهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - .. وأعنى بجهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - كل قول أو فعل قام به الرسول - صلى الله عليه وسلم - خلال ثلاثة وعشرين عاما إذا قامت به الأمة نساءً ورجالاً .. لأصبحت بيوتهم تحيا حياة السعادة والراحة والطمأنينة. أخوكم أبو على محمد على محمد إمام ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب - الآية 59.

مقصد خلق الإنسان

مقصد خلق الإنسان قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنّ وَالإِنسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ} (¬1) قال تعالى: {يا َأَيّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْنَاكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىَ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوَاْ إِنّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (¬2) - أول من آمن بالله ورسوله امرأة: وهي خديجة بنت خويلد (رضي الله عنها) وقد وردت الآثار بذلك: فعن ابن بريدة عن أبيه - رضي الله عنه - قال: خديجة أول من أسلم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. رواه الطبراني. وعن قتادة بن دعامة - رضي الله عنه - قال: توفيت خديجة كل سنة وأنتم طيبون قبل الهجرة بثلاث سنين، وهي أول من آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من النساء والرجال. رواه الطبراني. وقال ابن شهاب - رضي الله عنه -: كانت خديجة أول من آمن بالله وصدق رسوله، قبل أن تفرض الصلاة " المعجم الكبير للطبراني. وقال أبو عمر بن عبد البر: اتفقوا علي أن خديجة (رضي الله عنها) أول من آمن. ¬

_ (¬1) سورة الداريات - الآية 56. (¬2) سورة الحجرات - الآية 13.

وقال أبو الحسن بن الأثير: خديجة أول خلق الله إسلاما بإجماع المسلمين، لم يتقدمها رجل ولا امرأة " في كتابه الكامل وأقره الحافظ الناقد أبو عبد الله الذهبي. (¬1) - - - - - ¬

_ (¬1) سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد ـ باب بعض فضائل أم المؤمنين خديجة بنت خويلد.

آيات وردت في الرجال والنساء

آيات وردت في الرجال والنساء قال تعالى: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هََذِهِ الشّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظّالِمِينَ} (¬1) وقال تعالى: {وَمِن كُلّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلّكُمْ تَذَكّرُونَ} (¬2) وقال تعالى: {وَأَنّهُ خَلَقَ الزّوْجَيْنِ الذّكَرَ وَالاُنثَىَ} (¬3) وقال تعالى: {خَلَقَكُمْ مّن نّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} (¬4) وقال تعالى: {يَأَيّهَا النّاسُ اتّقُواْ رَبّكُمُ الّذِي خَلَقَكُمْ مّن نّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتّقُواْ اللهَ الّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} (¬5) ¬

_ (¬1) سورة البقرة - الآية 35. (¬2) سورة الذاريات - الآية 56. (¬3) سورة النجم - الآية 45. (¬4) سورة الزمر - الآية 6. (¬5) سورة النساء - الآية 1.

وقال تعالى: {هُوَ الّذِي خَلَقَكُمْ مّن نّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَماّ تَغَشّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرّتْ بِهِ فَلَمّا أَثْقَلَتْ دّعَوَا اللهَ رَبّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لّنَكُونَنّ مِنَ الشّاكِرِينَ} (¬1) وقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لّتَسْكُنُوَاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مّوَدّةً وَرَحْمَةً إِنّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكّرُونَ} (¬2) وقال تعالي: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنّهُ حَيَاةً طَيّبَةً وَلَنَجْزِيَنّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (¬3) وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ سَيّئَةً فَلاَ يُجْزَىَ إِلاّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلََئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} (¬4) وقال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (¬5) وقال تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبّهُمْ أَنّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مّنْكُمْ مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىَ بَعْضُكُم مّن بَعْضٍ فَالّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن ¬

_ (¬1) سورة الأعراف - الآية 189. (¬2) سورة الروم - الآية 21. (¬3) سورة النحل – الآية 97. (¬4) سورة غافر – الآية 40. (¬5) سورة التوبة – الآية 71.

دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لاُكَفّرَنّ عَنْهُمْ سَيّئَاتِهِمْ وَلاُدْخِلَنّهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ ثَوَاباً مّن عِندِ اللهِ وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ الثّوَابِ} (¬1) وقال تعالى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىَ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (¬2) وقال تعالى: {إِنّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصّادِقِينَ وَالصّادِقَاتِ وَالصّابِرِينَ وَالصّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدّقِينَ وَالْمُتَصَدّقَاتِ والصّائِمِينَ والصّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذّاكِرَاتِ أَعَدّ اللهُ لَهُم مّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} (¬3) وقال تعالى: {إِنّ الْمُصّدّقِينَ وَالْمُصّدّقَاتِ وَأَقْرَضُواْ اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ} (¬4) - - - - - ¬

_ (¬1) سورة آل عمران – الآية 195. (¬2) سورة الحديد – الآية 12. (¬3) سورة الأحزاب – الآية 35. (¬4) سورة الحديد – الآية 18.

المرأة والمساواة

المرأة والمساواة الله - عز وجل - خلق الرجل والمرأة من نفس ٍواحدةٍ، قال تعالى: {يا َأَيّهَا النّاسُ اتّقُواْ رَبّكُمُ الّذِي خَلَقَكُمْ مّن نّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتّقُواْ اللهَ الّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} (¬1) وقال تعالى: {خَلَقَكُمْ مّن نّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمّهَاتِكُمْ خَلْقاً مّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ ذَلِكُمُ اللهُ رَبّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لآ إِلََهَ إِلاّ هُوَ فَأَنّىَ تُصْرَفُونَ} (¬2) ¬

_ (¬1) سورة النساء - الآية 1. (¬2) سورة الزمر - الآية 6.

وقال تعالى: {هُوَ الّذِي خَلَقَكُمْ مّن نّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَماّ تَغَشّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرّتْ بِهِ فَلَمّآ أَثْقَلَتْ دّعَوَا اللهَ رَبّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لّنَكُونَنّ مِنَ الشّاكِرِينَ} (¬1) فالله - عز وجل - خلق آدم .. وأراد أن يؤنسه فأخذ ضلعا من جانبه الأيسر وخلق منه حواء .. والجانب الأيسر قريب من القلب لتكون قريبة من قلب آدم .. وكذلك من نفسه .. فالأصل واحد، ومن طينة واحدة، ومن جنب واحد، إذ الجنس إلي جنسه أكثر ميلاً .. وأنساً .. وقرباً. فالسكون إلي الأزواج والأنس بهم مما ورثوه عن آبائهم، ولا يسكن الرجل إلي شيء كسكونه إلي زوجته المواتية، الموافقة له، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ ثُمّ إِذا أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لّتَسْكُنُوَاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مّوَدّةً وَرَحْمَةً إِنّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكّرُونَ} (¬2) فالمرأة: سكن .. ومودة .. ورحمة .. ولباس .. لزوجها، وزوجها لباس لها، قال تعالى: {هُنّ لِبَاسٌ لّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لّهُنّ} (¬3) ¬

_ (¬1) سورة الأعراف - الآية 189. (¬2) سورة الروم - الآيتان 20 - 21. (¬3) سورة البقرة - الآية 187.

وقال درهم - صلى الله عليه وسلم -: " إنما النساء شقائق الرجال " رواه أحمد والترمذي وحسنه. دل هذا الحديث علي أن النساء نظائر الرجال وأمثالهم لأنهم شققن منهن .. حيث أن المرأة خلقت من الرجل. وسوي الإسلام بين الرجل والمرأة، وليس مساواة النهار بالنهار والليل بالليل، ولكن مساواة الليل بالنهار في الأهمية، وفي عدم استغناء الحياة المثالية عنهما، كما أن اليوم الكامل لا يستغني عن النهار أو الليل 0 فالرجل والمرأة يشبهان الليل والنهار اللذان يؤلفان اليوم .. ومثل: التيار الموجب والسالب اللذين يؤلفان التيار الكهربائي الذي يبعث الحياة في كثير من الجمادات (¬1) 0 ويقول د/ نعمان أبو الليل: الرجل والمرأة مثل الليل والنهار {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} (¬2) فلا تداخل ولا هضم حقوق، ولا تعالي نوع علي نوع بل الاثنان في تعاون وتناسق وتكامل. والمرأة لها دور في الحياة تقوم به، والرجل له دور يقوم به ولا يستطيع كل منهما أن يقوم بدور الآخر0 ¬

_ (¬1) كتاب تساؤلات حول الإسلام وتعليقات د سعيد إسماعيل صيني - الناشر رابطة العالم الإسلامي. (¬2) سورة الليل الآيتان 1، 2.

وعندما تم التساوي بينهما في أمور معروفة (¬1) انهارت أخلاق الرجل والمرأة .. وكان نتاج ذلك خروج أجيال من الطرفين في غاية الانحلال والانحطاط البشري .. لأنه عندما تم التساوي في أمور التخصص، ضاعت حقوق الأسرة الرجل والمرأة والأولاد0 أسباب دخول الدين في حياة الرجل، هو نفس دخول الدين في حياة المرأة، والله كرم الرجل والمرأة، قال تعالي: (ولقد كرمنا بني آدم) وقد مدحت النساء، فقال الثعالبي في استقبال مولود: أهلا وسهلا بعقيلة النساء .. وأم الأبناء .. وجالبة الأصهار .. والأولاد الأطهار. ولو كان النساء كمثل هذى ... لفضلت النساء علي الرجال فما التأنيث لاسم الشمس عيب ... ولا التذكير فخر للهلال ـ والله يعرفك البركة في مطلعها، والسعيدة بموقعها. ـ الدنيا مؤنثة: والناس يخدمونها، وذكورا يعمرونها. ـ والأرض مؤنثة: وهي قوام الأبدان، وملاك الحيوان. ـ والحياة مؤنثة: ولولاها لم تتصرف الأجسام، ولا تحرك الأنام. ¬

_ (¬1) ومن المساواة التي ينادون بها ولم يقبلها أي مسلم: - أن تسوى في ولاية الزواج، بمعنى رفع ولاية الرجل عنها. - أن تسوى في الطلاق، على معنى أنه يسحب الطلاق من الرجل ويوضع لدى القاضي. - المساواة في الميراث. - إسقاط حق الرجل في التفرد. - المساواة في الشهادة.

ـ والجنة مؤنثة: وبها وعد المتقون، وفيها تنعم المرسلون. ـ وخرج من بطون النساء (الأنبياء والمرسلون .. والصديقون .. والشهداء والصالحون .. والعباد والزهاد) - - - - -

القوامة

القوامة قال تعالى: {الرّجَالُ قَوّامُونَ عَلَى النّسَآءِ بِمَا فَضّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَىَ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ وَاللاّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنّ فَعِظُوهُنّ وَاهْجُرُوهُنّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنّ سَبِيلاً إِنّ اللهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً} (¬1) وقال تعالى: {وَلِلرّجَالِ عَلَيْهِنّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ} (¬2) قال تعالى: {وَلَيْسَ الذّكَرُ كَالاُنْثَىَ وَإِنّي سَمّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرّيّتَهَا مِنَ الشّيْطَانِ الرّجِيم ِ} (¬3) أي ليسوا سواء في الجسم والعقل والتكوين، بل لكل منهم طبيعته التي تهيئه للقيام علي وظيفته. والمرأة عاطفية: وهى في حاجة إلي هذه العاطفة، في تربية أولادها، وتضميد جراح زوجها إذا رجع إليها وشكي إليها عناء السعي والعمل، فيسمع منها كلمة تكون سبباً لراحته، كما كانت تفعل أمنا خديجة رضي الله عنها مع النبي صلي الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) سورة النساء - الآية 34. (¬2) سورة البقرة - الآية 228. (¬3) سورة آل عمران - الآية 36.

والرجل يغلب عقله عاطفته، وذلك ليحكم الأمور في البيت، وخارج البيت. وعلي المرأة أن تفهم أن القوامة للرجل .. ومن قوامة الرجل للمرأة، أن يحافظ علي عرضها، وما لها، ودينها، وقد أشار الله إلى ذلك في كتابه قال تعالى: {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ قُوَاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاّ يَعْصُونَ اللهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (¬1). - يقول ابن كثير (رحمه الله) في قوله تعالي: {الرّجَالُ قَوّامُونَ عَلَى النّسَآءِ} (¬2) أي الرجل قيم علي المرأة، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها، ومؤدبها إذا اعوجت0 (¬3) - ويقول العلامة الشنقيطي: أشار إلي أن الرجل أفضل من المرأة، وذلك لأن الذكورة شرف وكمال، والأنوثة نقص خلقي طبيعي، لأن الأنثى يجعل لها جميع الناس أروع الزينة والحلي، وذلك إنما هو لجبر النقص الخلقي الطبيعي، ولا عبرة بنوادر النساء لأن النادر لا حكم عليه0 (¬4) ¬

_ (¬1) سورة التحريم – الآية 6. (¬2) سورة النساء – الآية 34. (¬3) تفسير ابن كثير 1/ 491. (¬4) أضواء البيان للشنقيطي 1/ 136

- أسباب القوامة: 1) كمال العقل والتمييز: قال الإمام القرطبي: إن الرجال لهم فضيلة في زيادة العقل والتدبير، فجعل لهم حق القيام عليهن لذلك 0 2) كمال الدين: لأن المرأة تحيض وتنفس، فلا تصلي ولا تصوم في هذه الفترة بخلاف الرجل0 3) بذل المال: مثل الصداق والنفقة، فهذا واجب علي الرجل دون المرأة .. ولذا قال الفقهاء: إذا امتنع الزوج عن النفقة علي المرأة، فلها الفسخ عن طريق القضاء0 والخلاصة: أن القوامة للرجل، فإذا أنفقت عليه وعلي نفسها وأولادها، فإنه يكون من الإحسان كما قال الله تعالي: {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا * وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا} (¬1) (¬2) 0 فإذا نزعت القوامة من الرجل، وأصبحت القوامة للمرأة، نزعت البركة من البيت، وكثرت المشاكل، لمخالفة سنن الله عز وجل 0 - - - - - ¬

_ (¬1) سورة النساء _ الآيتان 4، 5. (¬2) انظر أحكام القرآن للجصاص 2/ 188 تفسير القرطبي2/ 169 أضواء البيان للشنقيطي 1/ 136 أحكام القرآن لابن العربي 1/ 531.

نماذج من إيمان النساء بالغيب وتكذيب المشاهد

نماذج من إيمان النساء بالغيب وتكذيب المشاهد - زوجة عبد الله بن رواحه (رضي الله عنها): عن عكرمة - رضي الله عنه - قال: كان ابن رواحة - رضي الله عنه - مضجعا إلي جنب امرأته فقام إلي جارية له في ناحية الحجرة، فوقع عليها، وفزعت امرأته، فلم تجده في مضجعه، فقامت، وخرجت، فرأته علي جارية، فرجعت إلي البيت فأخذت الشفرة، ثم خرجت، وفرغ فقام، فلقيها تحمل الشفرة فقال: مهيم؟ فقالت: مهيم؟ لو أدركتك حيث رأيتك علي الجارية، فقال: ما رأيتني، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جنب، قالت: فقرأ! فقال: أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتلو كتابه ... كما لاح مشهور من الفجر ساطع أتى بالهدى بعد العمى فقلوبنا ... به موقنات أن ما قال واقع يبيت يجافي جنبه عن فراشه ... إذا استثقلت بالمشركين المضاجع

فقالت: آمنت بالله وكذبت البصر ... ثم غدا علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فضحك حتى رأيت نواجذه. رواه الدارقطني. (¬1) - - - - - ¬

_ (¬1) حياة الصحابة (إيمان الصحابة بالغيب بإخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - ـ تكذيب التجربات والمشاهدات 3/ 10.

يقين المرآة المسلمة

يقين المرأة المسلمة - هاجر المصرية (زوجة الخليل إبراهيم .. وأم إسماعيل - عليه السلام -): عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: جاء إبراهيم - عليه السلام - بأم إسماعيل وبابنها إسماعيل وهي ترضعه، حتى وضعهما عند البيت، عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء، فوضعها هناك، ووضع عندهما جرابا فيها تمر، وسقاء فيه ماء، ثم قفي إبراهيم منطلقا فتبعته أم إسماعيل فقالت: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مرارا، وجعل لا يلتفت إليها .. قالت له: الله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذا لا يضيعنا ... ثم رجعت، .... الخ الحديث " رواه البخاري (¬1) كم سنه صحبت هاجر إبراهيم - عليه السلام - حتى تتحصل علي هذا اليقين؟!! أتدرين أختي المسلمة .. أين كانت تعيش هاجر كانت في بيئة كافرة حتى أخدمها جبار مصر لسارة عليها السلام .. وأنت كم صحبت والديك المسلمين؟، ثم انتقلت من صحبة والديك ... إلى زوجك المسلم أيضاً .. فكم جاء عندك من اليقين. وازني بين يقينك، ويقين هاجر عليها السلام .. تصوري، لو أنك مكانها .. على الحال التي كانت عليها حين تركها الخليل إبراهيم، كما وصف ابن عباس - عليه السلام -، وتركك زوجك وذهب في سبيل الله .. فكيف تفعلين وماذا تقولين؟ .. ¬

_ (¬1) رياض الصالحين ـ باب المنثورات والملح صـ633ـ.

- يقين الصديقة مريم (عليها السلام): قال تعالى: {فَتَقَبّلَهَا رَبّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفّلَهَا زَكَرِيّا كُلّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنّىَ لَكِ هََذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ إنّ اللهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (¬1) قال ابن جريج في قوله " وأنبتها نباتا حسنا " قال: نبتت في غذاء الله. (¬2) وأجمع المفسرون مثل:" مجاهد .. ابن عباس .. ابن جريج، في قال تعالى: {وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً} أنه وجد عندها فاكهة الجنة. الفاكهة الغضة حين لا توجد الفاكهة عند أحد .. فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف. فقال زكريا - عليه السلام -: {أَنّىَ لَكِ هََذَا} يعني من أين لك هذا؟ ومن أتى لك بهذا في غير حينه؟ {قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ إنّ اللهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} فالذي يقوم علي جهد الدعوة إلي الله - عز وجل - ويلزم بيوت الله - عز وجل - .. فالله - عز وجل - يرزقه اليقين الذي رزقه لمريم عليها السلام، التي تربت في بيت الله " بيت المقدس " فهكذا الله - عز وجل - يربي أولياءه وأحبابه رجالا ونساء. ¬

_ (¬1) سورة آل عمران – الآية 37. (¬2) الدر المتثور في التفسير بالمأثور للسيوطي 2/ 185.

- يقين أم موسي (عليها السلام): قال تعالي: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ * وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ * فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (¬1) ¬

_ (¬1) سورة القصص _ الآيات من 7: 13.

قال ابن عبّاس وغيره دخل حديث بعضهم في بعض: إنّ الله تعالى لما قبض يوسف وهلك الملك الذي كان معه وتوارثت الفراعنة ملك مصر ونشر الله بني إسرائيل لم يزل بنو إسرائيل تحت يد الفراعنة وهم على بقايا من دينهم مما كان يوسف ويعقوب وإسحاق وإبراهيم شرعوا فيهم من الإسلام حتى كان فرعون موسى وكان أعتاهم علي الله وأعظمهم قولًا وأطولهم عمرًا واسمه فيما ذكر الوليد بن مصعب وكان سيء الملكة على بني إسرائيل يعذبهم ويجعلهم خولًا ويسومهم سوء العذاب. فلما أراد الله أن يستنفذهم بلغ موسى الأشدّ وأعطي الرسالة وكان شأن فرعون قبل ولادة موسى أنه رأى في منامه كأن نارًا أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت علي بيوت مصر فأحرقت القبط وتركت بني إسرائيل، وأخربت بيوت مصر فدعا السحرة والكهنة فسألهم عن رؤياه فقالوا: يخرج من هذا البلد يعنون بيت المقدس الذي جاء بنو إسرائيل منه رجل وقيل: إنه لما تقارب زمان موسى أتى منجمو فرعون إليه فقالوا: اعلم أنّا نجد في علمنا أن مولودًا من بني إسرائيل قد أظلّك زمانه الذي يولد فيه يسلبك ملكك ويغلبك على سلطانك ويبدل دينك فأمر بقتل كلّ مولود يولد في بني إسرائيل. أراد فرعون بحوله وقوته أن ينجو من موسى، فما نفعه ذلك مع قدرة الإله العظيم الذي لا يخالف أمره ولا يغلب، بل نفذ حكمه في القدم بأن يكون هلاك فرعون على يديه، بل يكون هذا الغلام الذي احترزت من وجوده وقتلت بسببه ألوفاً من الولدان، إنما منشؤه ومرباه على فراشك، وفي دارك، وغذاؤه من طعامك، وأنت تربيه وتدلله وتتفاداه وحتفك وهلاكك وهلاك جنودك على يديه، لتعلم أن رب السماوات العلا هو القاهرون فيها الغالب العظيم، القوي العزيز الشديد المحال الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.

ذكروا أن فرعون لما أكثر من قتل ذكور بني إسرائيل، خافت القبط أن يفني بني إسرائيل فيلون هم ما كانوا يلونه من الأعمال الشاقة، فقالوا لفرعون: أنه يوشك إن استمر هذا الحال أن يموت شيوخهم، وغلمانهم يقتلون، ونساؤهم لا يمكن أن تقمن بما تقوم به رجالهم من الأعمال فيخلص إلينا ذلك، فأمر بقتل الولدان عاماً وتركهم عاماً، فولد هارون عليه السلام في السنة التي يتركون فيها الوالدان، وولد موسى في السنة التي يقتل فيها الولدان، وكان لفرعون موكلون بذلك وقوابل يدرن على النساء، فمن رأينها قد حملت أحصوا اسمها، فإذا كان وقت ولادتها لا يقبلها إلا نساء القبط، فإن ولدت المرأة جارية تركنها وذهبن، وإن ولدت غلاماً دخل أولئك الذباحون بأيديهم الشفار المرهفة فقتلوه ومضوا، قبحهم الله تعالى، فلما حملت أم موسى به عليه السلام لم يظهر عليها مخايل الحمل كغيرها ولم تفطن لها الدايات، ولكن لما وضعته ذكراً ضاقت به ذرعاً، وخافت عليه خوفاً شديداً وأحبته حباً زائداً، وكان موسى عليه السلام لا يراه أحد إلا أحبه، قال تعالى: {وألقيت عليك محبة مني} فلما ضاقت به ذرعاً ألهمت في سرها ونفث في روعها، كما قال تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} وذلك أنه كانت دارها على حافة النيل، فاتخذت تابوتاً ومهدت فيه مهداً، وجعلت ترضع ولدها، فإذا دخل عليها أحد ممن تخافه ذهبت فوضعته في ذلك التابوت، وسيرته في البحر وربطته في بحبل عندها، فلما كان ذات يوم دخل عليها من تخافه، فذهبت فوضعته في ذلك التابوت، وأرسلته في البحر، وذهلت أن تربطه، فذهب مع الماء واحتمله حتى مر به على دار فرعون فالتقطه الجواري، فاحتملنه فذهبن به إلى امرأة فرعون ولا يدرين ما فيه، وخشين أن يفتتن فتحه دونها، فلما كشفت عنه إذا هو غلام من أحسن الخلق وأجمله

وأحلاه وأبهاه، فأوقع الله محبته في قلبها حين نظرت إليه، وذلك لسعادتها وما أراد الله من كرامتها وشقاوة بعلها، ولهذا قال: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} الآية، قال محمد بن إسحاق: اللام هنا لام العاقبة لا لام التعليل لأنهم لم يريدوا بالتقاطه ذلك، قال تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ}، وقوله تعالى: {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} الآية، يعني أن فرعون لما رآه هم بقتله خوفاً من أن يكون من بني إسرائيل فشرعت امرأته آسية بنت مزاحم تخاصم عنه وتذب دونه وتحببه إلى فرعون، فقالت: {قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ}، فقال فرعون: أما لك فنعم، وأما لي فلا، فكان كذلك وهداها الله بسببه وأهلكه الله على يديه، وقوله: {عَسَى أَن يَنفَعَنَا} وقد حصل لها ذلك وهداها الله به وأسكنها الجنة بسببه، وقوله: {عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} أي أرادت أن تتخذه ولداً وتتبناه، وذلك أنه لم يكن لها ولد منه، وقوله تعالى: {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} أي لا يدرون ما أراد الله منه بالتقاطهم إياه من الحكمة العظيمة البالغة والحجة القاطعة. قول تعالى مخبراً عن فؤاد أم موسى حين ذهب ولدها في البحر أنه أصبح فارغاً، أي من كل شيء من أمور الدنيا إلا من موسى، قاله ابن عباس ومجاهد {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}: أي إن كادت من شدة وجدها وحزنها

لتظهر أنه ذهب لها ولد، وتخبر بحالها لولا أن الله ثبتها وصبرها، فأمرت ابنتها وكانت كبيرة تعي ما يقال لها فقالت لها: اتبعي أثره وخذي خبره، وتطلبي شأنه من نواحي البلد فخرجت لذلك {فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} قال ابن عباس: عن جانب، وقال مجاهد: وقال مجاهد: بصرت به عن بعيد. وقال قتادة: جعلت تنظر إليه وكأنها لا تريده، وذلك أنه لما استقر موسى عليه السلام بدار فرعون، وأحبته امرأة الملك عرضوا عليه المراضع التي في دارهم، فلم يقبل ثدياً وأبى أن يقبل شيئاً من ذلك، فخرجوا به إلى السوق لعلهم يجدون امرأة تصلح لرضاعته، فلما رأته بأيديهم عرفته، ولم يظهر ذلك ولم يشعروا بها، قال تعالى: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ} أي تحريماً قدرياً وذلك لكرامته عند الله وصيانته له أن يرتضع غير ثدي أمه، ولأن الله سبحانه وتعالى جعل ذلك سبباً إلى رجوعه إلى أمه لترضعه وهي آمنة بعدما كانت خائفة فلما رأتهم حائرين فيمن يرضعه {فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ}؟ قال ابن عباس: فلما قالت ذلك أخذوها وشكوا في أمرها، وقالوا لها: وما يدريك بنصحهم له وشفقتهم عليه؟ فقالت لهم: نصحهم له وشفقتهم عليه رغبتهم في سرور الملك ورجاء منفعته فأرسلوها، فلما قالت لهم ذلك وخلصت من أذاهم ذهبوا معها إلى منزلهم، فدخلوا به على أمه، فأعطته ثديها، فالتقمه ففرحوا بذلك فرحاً شديداً وذهب البشير إلى امرأة الملك، فاستدعت أم موسى، وأحسنت إليها وأعطتها عطاء جزيلاً وهي لا تعرف أنها أمه في الحقيقة ولكن لكونه وافق ثديها، ثم سألتها آسية أن تقيم عندها فترضعه فأبت عليها وقالت: إن لي بعلاً وأولاداً ولا أقدر على المقام عندك، ولكن إن أحببت أن أرضعه في بيتي فعلت، فأجابتها امرأة فرعون إلى ذلك وأجرت عليها النفقة والصلات والإحسان الجزيل،

فرجعت أم موسى بولدها راضية مرضية، قد أبدلها الله بعد خوفها أمناً في عز وجاه ورزق دارّ، ولهذا جاء في الحديث: (مثل الذي يعمل ويحتسب في صنعته الخير كمثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها)، ولم يكن بين الشدة والفرج إلا القليل يوم وليلة، فسبحان من بيده الأمر، يجعل لمن اتقاه بعد كل هم فرجاً، وبعد كل ضيق مخرجاً، ولهذا قال تعالى: {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا} أي به {وَلَا تَحْزَنَ} أي عليه {وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} أي فيما وعدها من رده إليها وجعله من المرسلين، وقوله تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} أي حكم الله في أفعاله وعواقبها المحمودة، فربما يقع الأمر كريهاً إلى النفوس وعاقبته محمودة في نفس الأمر، كما قال تعالى: {فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً} هذه القصة من أعظم القصص في اليقين علي الله جل جلاله، حيث أن الوحي الذي أوحاه الله عز وجل لأم موسى كان وحي إلهام، ومع ذلك امتثلت ما أمرها به ربها مع شدة حبها لابنها - يقين أم المؤمنين خديجة بنت خويلد (رضي الله عنها): عندما رجع الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - من الغار وقص عليها مجيء جبريل - عليه السلام -، فقال له: اقرأ ...... وأخبرها الخبر، وقال لقد خشيت علي نفسي، فقالت خديجة: كلا، والله لا يخزيك الله أبداً ... إنك لتصل الرحم، وتقرى الضيف، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتعين علي نوائب الحق .. فو الله! لقد صدق يقينها وما أخزاه الله أبدا .. واختاره لنبوته ورسالته، وجعله خليله .. وحبيبه .. ومصطفاه - صلى الله عليه وسلم -.

- يقين أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها): عن مالك أنه بلغه عن عائشة زوج النبى - صلى الله عليه وسلم - (رضي الله عنها): أن مسكينا سألها وهي صائمة، وليس في بيتها إلا رغيف، فقالت لمولاة لها: أعطيها إياه، فقالت: ليس لك ما تفطرين عليه، فقالت: أعطيها إياه، قالت: ففعلت، فلما أمسينا أهدى لنا أهل بيت أو إنسان ما كان يهدى لنا شاة وكتفها فدعتني عائشة (رضي الله عنها) فقالت: كلي من هذا! هذا خير من قرصك. (¬1) - يقين الزهراء (فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم - وريحانته (: فعن جابر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقام أياما لم يطعم طعاما، حتى شق ذلك عليه، فطاف في منازل أزواجه فلم يجد عند واحدة منهن شيئا، فأتى فاطمة، فقال: " يا بنية! هل عندك شيء أكله فإني جائع "؟ فقالت: لا والله. فلما خرج من عندها بعثت إليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم، فأخذته منها فوضعته في جفنه لها وقالت: والله لأوثرن هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي نفسي ومن عندي، وكانوا جميعا محتاجين إلي شبعة طعام، فبعثت حسنا أو حسينا إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجع إليها، فقالت له: يا أبي أنت وأمي ـ قد أتى الله بشيء قد خبأته لك فقال: هلمي يا بنية بالجفنة .. فكشفت عن الجفنة ـ فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً، فلما نظرت إليها بهت وعرفت أنها بركة من الله ... فحمدت الله تعالى وقدمته إلي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما رآه حمد الله وقال: من أين لك هذا يا بنية؟ قالت: يا أبت " هو ¬

_ (¬1) رواه مالك في الموطأ صـ390ـ.

من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب " فحمد الله، ثم قال: الحمد لله الذي جعلك شبيهة سيدة نساء بني إسرائيل فإنها كانت إذا رزقها الله - عز وجل - رزقا فسئلت عنه، قالت: هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب " أخرجه أبو يعلى (¬1) - يقين المرأة المجادلة: خولة بنت ثعلبة (رضي الله عنها): عن خولة بنت ثعلبة (رضي الله عنها)، قالت: في والله وفي أوس بن الصامت أنزل الله صدر سورة المجادلة، قالت: كنت عنده وكان شيخا كبيراً قد ساء خلقه، قالت: فدخل عليَّ يوما فراجعته بشئ فغضب، فقال، أنت عليَّ كظهر أمي، قالت: ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة، ثم دخل عليَّ فإذا هو يريدني عن نفسي، قلت كلا والذي نفس خويلة بيده لا تخلص إليَّ وقد قلت ما قلت، حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه، قالت: فواثبني، فامنتعت بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف، فألقيته عني، قالت: ثم خرجت إلي بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابا، ثم خرجت حتى جئت إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلست بين يديه، فذكرت له ما لقيت منه وجعلت أشكو إليه ما ألقي من سوء خلقه، قالت: فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " يا خويلة ابن عمك شيخ كبير فاتقي الله فيه "، فو الله! ما برحت، حتى نزل فيَّ قرآن فتغشى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان يغشاه، ثم سري عنه، فقال لي: " يا خويلة قد أنزل الله فيكِ وفي صاحبك قرآن " ثم قرأ علينا: { ¬

_ (¬1) (الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي 2/ 186 - سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد).

قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيَ إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ إِنّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (¬1) " فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " مريه فليعتق رقبة " قالت، فقلت: يارسول الله! ما عنده ما يعتق، قال: " فليصم شهرين متتابعين "، قالت، فقلت: والله! إنه لشيخ كبير ما به من صيام، قال: " فليطعم ستين مسكينا وسقا من تمر" قالت، فقلت: والله يا رسول الله! ما ذاك عنده، قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " فإنا سنعينه بفرق من تمر " قالت: فقلت: يا رسول الله! وأنا سأعينه بفرق آخر، قال: " قد أصبت وأحسنت فاذهبي فاتصدقي به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيرا " قالت: ففعلت. أخرجه أحمد وأبو داود (¬2). وعن عائشة (رضي الله عنها) قالت: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - تكلمه، وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول، فأنزل الله عز وجل: ": {قَدْ سَمِعَ اللهُ} أحرجه البخاري تعليقا والنسائي وابن ماجة (¬3) وعنها أنها قالت: تبارك الذي أوعي سمعه كل شئ، إني لأسمع كلام (خولة بنت ثعلبة) ويخفي علي بعضه، وهي تشتكي زوجها إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي تقول: يا رسول الله أكل مالي، وأفني شبابي ونثرت له بطني، حتى إذا ¬

_ (¬1) سورة المجادلة - الآية 1. (¬2) مختصر ابن كثير 3/ 459. 3) المرجع السابق.

كبر سني وانقطع ولدي ظاهر مني، اللهم إني أشكو إليك، قالت: فما برحت حتي نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية {قَدْ سَمِعَ اللهُ} قالت: وزوجها أوس بن الصامت. أخرجه بن أبي حاتم. - يقول الفخر الرازي: هذه الواقعة تدل علي أن من انقطع رجاؤه عن الخلق ولم يبق له أحد سوي الخالق كفاه الله ذلك الأمر 0 - خولة تنصح عمر بن الخطاب: يروي أن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) مر في خلافته علي امرأة، وكان راكبا علي حمار والناس معه، فاستوقفته (خولة بنت ثعلبة) طويلا ووعظته وقالت له: عهدي بك ياعمر وأنت صغير تدعي عميراً، ثم قيل لك: يا عمر، ثم قيل لك: يا أمير المؤمنين فاتق الله! يا عمر، في الرعية 000 واعلم أن من أيقن الموت خاف الفوت، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب 0 وهو واقف يسمع كلامها، فقيل له: يا أمير المؤمنين، أتقف لهذه العجوز هذا الوقوف؟ فقال: والله! لو حسبتني من أول النهار إلي آخره، لا زلت إلا للصلاة المكتوبة 000أتدرون من هذه العجوز؟ هذه خولة بنت ثعلبة التي سمع الله قولها من فوق سبع سماوات، أيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر 0 (¬1) ¬

_ (¬1) انظر مختصر تفسير ابن كثير.

- يقين صاحبة التنور (رضي الله عنها): عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: دخل رجل علي أهله، فلما رأى ما بهم من الحاجة خرج إلي البرية، فلما رأت امرأته قامت إلي الرحى فوضعتها: وإليٍ التنور فسجرته، ثم قالت: اللهم! ارزقنا، فنظرت فإذا الجفنة قد امتلأت قال: وذهبت إلي التنور، فوجدته ممتلئا. قال: فرجع الزوج، قال: أصبتم بعدي شيئا؟ قالت: امرأته: نعم من ربنا، وقام إلى الرحى فذكر ذلك إلي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: " أما أنه لو لم يرفعها لم تزل تدور إلي يوم القيامة " رواه أحمد (¬1) فيا لها من امرأة مؤمنة قد امتلأ قبلها إيمانا ويقينا بالله - عز وجل -. - يقين المرأة التي أحيى الله - عز وجل - لها ولدها: أخرج البيهقي عن عبد الله بن عون عن أنس - رضي الله عنه - قال: أدركت في هذه الأمة ثلاثا لو كانت في بني إسرائيل لما تقاسمها الأمم، قلنا: ما هن يا أبا حمزة؟ قال: كنا في الصفة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتته امرأة مهاجرة ومعها ابن لها قد بلغ، فأضاف المرأة إلي النساء، وأضاف ابنها إلينا فلم يلبث أن أصابه وباء المدينة، فمرض أياما ثم قبض فغمضه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمر بجهازه، فلما أردنا أن نغسله قال: يا أنس! ائت أمه فأعلمها، فأعلمتها، قال: فجاءت حتى جلست عند قدميه، فأخذت بهما ثم قالت: اللهم: إني أسلمت لك طوعا، وخالفت الأوثان زهدا، وهاجرت لك رغبة. اللهم: لا تشمت بي عبدة الأوثان، ولا تحملني من هذه المصيبة، مالا طاقة لي بحملها، قال: فو الله! ما انقضى كلامها حتى حرك ¬

_ (¬1) مشكاة المصابيح ـ كتاب الرقاق ـ باب التوكل والصبر 3/ 1461.

قدميه، وألقى الثوب عن وجهه وعاش حتى قبض الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وحتى هلكت أمه " (¬1) - سودة اليمانية (رضي الله عنها): أخرج أبو يعلي عن رزينة - رضي الله عنهم - مولاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،أن سودة اليمانية جاءت عائشة تزورها وعندها حفصة بنت عمر - رضي الله عنهم -، فجاءت سودة في هيئة، وفي حالة حسنة، عليها برد من دروع اليمن وخمار كذلك وعليها نقطتان مثل الفرستين من صبر وزعفران إلي موقها قالت عليلة: وأدركت النساء. يتزين به، فقالت حفصة لعائشة: يا أم المؤمنين! يجئ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذه بيننا تبرق (¬2). فقالت أم المؤمنين: اتق الله. يا حفصة! فقالت: لأفسدن عليها زينتها، قالت: ما تقلن؟ وكان في أذنها ثقل. قالت لها حفصة: يا سودة! خرج الأعور، قالت: نعم، ففزعت فزعا شديداً، فجعلت تنتفض، قالت: أين أختبيء؟ قالت: عليك بالخيمة! خيمة لهم من سعف يختبئن فيها، فذهبت فاختبأت فيها، وفيها القذر ونسيج العنكبوت، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهما تضحكان، لا تستطيعان أن تتكلما من الضحك، فقال: ماذا الضحك؟ " ثلاث مرات، فأومأتا بأيديهما إلي الخيمة، فذهب فإذا سودة ترعد، فقال لها: يا سودة! مالك؟ قالت: يا رسول الله! خرج الأعور، قال: " ما خرج وليخرجن، ما خرج وليخرجن "، فأخرجها، فجعل ينفض عنها الغبار ونسيج العنكبوت " (¬3) انظروا إلي يقينها وتصديقها. ¬

_ (¬1) كذا في البداية 6/ 154.259. (¬2) وفي رواية للطبراني: ونحن فسقتين وهذه بيتنا تبرق. (¬3) حياة الصحابة ـ باب معاشرة النساء والرجال والصبيان 2/ 675

- ابنة حاتم الأصم (رحمها الله): حكي أن حاتم الأصم كان رجلا كثير العيال، وكان له أولاد ذكور وإناث، فجلس ذات ليلة مع أصحابه يتحدث معهم، فتعرضوا لذكر الحج، فدخل الشوق قلبه، ثم دخل علي أولاده، فجلس معهم يحدثهم، ثم قال لهم: لو أذنتم لأبيكم أن يذهب إلي بيت ربه في هذا العام حاجا، ويدعو لكم، ماذا عليكم لو فعلتم؟ فقالت زوجته وأولاده: أنت علي هذه الحال لا تملك شيئا، ونحن علي ما ترى من الفاقة، فكيف تريد ذلك ونحن بهذه الحال؟ وكان له ابنة صغيرة فقالت: ماذا عليكم لو أذنتم له ولا يهمكم ذلك؟ دعوه يذهب حيث شاء، فإنه مناول للرزق، وليس برزاق، فذكرتهم ذلك، فقالوا: صدقت ـ والله ـ هذه الصغيرة، يا أبانا، انطلق حيث أحببت. فقام من وقته وساعته وأحرم بالحج. وخرج مسافرا، وأصبح أهل بيته يدخل عليهم جيرانهم يوبخونهم كيف أذنوا له بالحج، وتأسف علي فراقه أصحابه وجيرانه، فجعل أولاده يلومون تلك الصغيرة ويقولون: لو سكت ما تكلمنا، فرفعت الصغيرة طرفها إلي السماء فقالت: إلهي وسيدي ومولاي: عودت القوم بفضلك، وأنك لا تضيعهم، فلا تخيبهم، ولا تخجلني معهم. فبينما هم علي هذه الحال، إذ خرج أمير البلد متصيدا، فانقطع عن عسكره وأصحابه، فحصل له عطش شديد، فاجتاز بيت الرجل الصالح حاتم الأصم، فاستقى منهم ماء، وقرع الباب، فقالوا: من أنت؟ قال: الأمير، ببابكم ليستسقيكم، فرفعت زوجة حاتم رأسها إلي السماء وقالت: إلهي وسيدي سبحانك .. البارحة بتنا جياعا، واليوم يقف الأمير بابنا يستسقينا، ثم إنها أخذت كوزاً جديداً وملأته ماء، وقالت للمتناول منها: اعذرونا، فأخذ الأمير الكوز وشرب منه، فاستطاب الشرب من ذلك الماء، فقال: هذه الدار لأمير؟ فقالوا:

لا والله! بل لعبد من عباد الله الصالحين يعرف بحاتم الأصم، فقال الأمير: لقد سمعت به، فقال الوزير: يا سيدي لقد سمعت أنه البارحة أحرم بالحج وسافر، ولم يخلف لعياله شيئا، وأخبرت أنهم البارحة باتوا جياعا، فقال الأمير: ونحن قد ثقلنا عليهم اليوم، وليس من المروءة أن يثقل مثلنا علي مثلهم، ثم حل الأمير منطقته من وسطه ورمي بها في الدار، ثم قال لأصحابه: من أحبني، فليلق منطقته، فحل جميع أصحابه مناطقهم ورموا بها إليهم، ثم انصرفوا، فقال الوزير: السلام عليكم أهل البيت .. لأتينكم الساعة بثمن هذه المناطق، فلما نزل الأمير رجع إليهم الوزير، ودفع إليهم ثمن المناطق، مالا جزيلا واستردها منهم .. فلما رأت الصبية الصغيرة ذلك بكت بكاء شديدا. فقالوا لها: ما هذا البكاء؟ إنما يجب أن تفرحي، فإن الله قد وسع علينا، فقالت: يا أم، والله إنما بكائي، كيف بتنا البارحة جياعا، فنظر إلينا مخلوق نظرة واحدة فأغنانا بعد فقرنا؟ فالكريم الخالق إذا نظر إلينا لا يكلنا إلي أحد طرفة عين .. اللهم انظر إلي أبينا، ودبره بأحسن تدبير. ولما خرج حاتم، مرض أمير الركب .. فطلبوا له طبيبا فلم يجدوا، فقالوا: هل من عبد صالح؟ فدل علي حاتم، فلما دخل عليه وكلمه دعا له، فعوفي الأمير من وقته، فأمر له بما يركب، وما يأكل، وما يشرب، فنام تلك الليلة ففكر في أمر عياله، فقيل له: يا حاتم من أصلح معاملته معنا أصلحنا معاملتنا معه، ثم أخبر بما كان من أمر عياله، فأكثر الثناء علي الله تعالى .. فلما قضي حجه ورجع تلقته أولاده، فعانق الصبية الصغيرة، وبكى، ثم قال: صغار قوم كبار قوم آخرين .. إن الله لا ينظر إلي أكابركم ولكن ينظر إلي أعرفكم به. (¬1) ¬

_ (¬1) المستطرف في كل فن مستظرف ـ باب التوكل علي الله والرضا بما قسم صـ123ـ.

- يقين امرأة مظلومة: ويروى أنه بينما الوزير فخر الملك يمشي إذ بامرأة تعترضه، وترفع إليه شكايتها وذكرت له أن بعض غلمانه قد قتلوا زوجها، فجعل الوزير لا يلتفت إليها! فقالت له ذات يوم: أيها الوزير أرأيت القصص التي رفعتها إليك فلم تلتفت إليها؟ قد رفعتها إلي الله - عز وجل -!! وأنا أنتظر التوقيع عليها!! فلم تمضى أيام حتى قبض سلطان الدولة علي الوزير فجرده من كل أمواله، ثم قتله، وعندها قال الوزير بحرقة وأسى: قد والله! خرج توقيع المرأة! - قصة عجيبة في اليقين علي الله (عز وجل): عن وهب بن منبه قال: كان في بني إسرائيل عابد فلبث سبعًا لم يطعم هو وعياله شيئًا. فقالت له امرأته: لو خرجت وطلبت لنا شيئًا. فخرج فوقف مع العمال فاستؤجر العمال وصرف الله عنه الرزق فقال: والله لأعملنّ اليوم مع ربي فجاء إلى ساحل البحر فاغتسل وما زال راكعًا وساجدًا حتى إذا أمسى أتى أهله فقالت له امرأته: ماذا صنعت فقال: قد عملتَ مع أستاذي وقد وعدني أن يعطيني ثم غدا إلى السوق فوقف مع العمال فاستؤجر العمال وصرف الله عنه الرزق ولم يستأجره أحد فقال: والله لأعملن اليوم مع ربي فجاء إلى ساحل البحر فاغتسل وما زال راكعًا وساجدًا حتى إذا أمسى أقبل إلى منزله فقالتَ

له امرأته: ماذا صنعت قال: إن أستاذي قد وعدني أن يجمع لي أجري فخاصمته امرأته وبرزت عليه فلبث يتقلب ظهرًا لبطن وبطنًا لظهر وصبيانه يتضاغون جوعًا ثم غدا إلى السوق فاستؤجر العمال وصرف عنه الرزق ولم يستأجره أحد فقال: والله لأعملن مع ربي فجاء إلى ساحل البحر فاغتسل وما زال راكعًا وساجدًا حتى إذا أمسى قال: أين أمضي تركت أقوامًا يتضاغون جوعًا ثم تحمل على جهد منه فلما قرب من داره سمع ضحكًا وسرورًا وسمع رائحة قديد ورائحة شواء فأخذ على بصره وقال: أنائم أنا أم يقظان تركت أقوامًا يتضاغون جوعًا وأشم رائحة قديد ورائحة شواء وأسمع ضحكًا وسرورًا دنا من الباب فطرق الباب فخرجت امرأته حاسرة وقد حسرت عن ذراعيها وهي تضحك في وجهه ثم قالت: يا فلان قد جاءنا رسول أستاذك بدنانير ودراهم وكساء وودك ودقيق وقال: إذا جاء فلان فأقرئوه السلام وقولوا له: إن أستاذك يقول لك: رأيت عملك فرضيته فإن أنت زدتني في العمل زدتك في الأجرة (¬1). - - - - - ¬

_ (¬1) المنتظم في التاريخ _ الجزء الثاني.

من روائع الحب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -

من روائع الحب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - - صورة من حب الرجال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فعن عائشة (رضي الله عنها) قالت: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! إنك أحب إلىَّ من نفسي، وإنك لأحب إلىَّ من ولدى، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى أنى أتي فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتى وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وإني إذا دخلت الجنة خشيت أنى لا أراك، فلم يرد عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية قال تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرّسُولَ فَأُوْلََئِكَ مَعَ الّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مّنَ النّبِيّينَ وَالصّدّيقِينَ وَالشّهَدَآءِ وَالصّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولََئِكَ رَفِيقاً} (¬1) رواه الطبراني في الصغير والأوسط. ورواه الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إني لأحبك حتى إني أذكرك، فلولا أني أجئ فأنظر أليك ظنت أن نفسي تخرج، فأذكر أنى إذا دخلت الجنة صرت دونك في المنزلة، فيشق ذلك ¬

_ (¬1) سورة النساء - الآية 69.

علىً وأحب أن أكون معك في الدرجة، فلم يرد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً فأنزل الله عز وجل " وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرّسُولَ " فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتلاها عليه. عن أبي أيوب - رضي الله عنه - عنه قال: لما نزل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي نزل في السفل وأنا وأم أيوب في العلو، فقلت له: يا نبي الله! بأبي أنت وأمي، إني لأكره وأعظم أن أكون فوقك وتكون تحتي، فأظهر أنت فكن في العلو وننزل نحن فنكون في سفل البيت قال: فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفله وكنا فوقه في المسكن فلقد انكسر حُبَّ لنا فيهما، فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة ما لنا لحاف غيرها ننشف بها الماء تخوفاً أن يقطر علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيؤذيه، قال أبو أيوب: وكنا نضع له العشاء، ثم نبعث به إليه، فإذا رد علينا فضله تيممت أنا وأم أيوب موضع يده فأكلنا منه نبتغي بذلك البركة حتى بعثنا إليه ليلة بعشائه وقد جعلنا له فيه بصلاً أو ثوماً، فرده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم أر ليده فيه أثراً، قال: فجئته فزعاً، فقلت: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي رددت عشائك ولم أر فيه موضع يدك وكنت إذا ردته علينا تيممت أنا وأم أيوب موضع يدك نبتغي بذلك البركة قال: " إني وجدت فيه ريح هذه الشجرة وأنا رجل أناجي فأما أنتم فكلوه " قال: فأكلناه ولم نضع له تلك الشجرة بعد. (¬1) ¬

_ (¬1) رواه مسلم وابن إسحاق (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 3/ 391).

- صور من حب النساء لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: 1) أم المؤمنين (صفية بنت حيي بن أخطب): كان أبوها سيد بني النضير، وهو من سبط لاوي بن يعقوب، ثم من ذرية نبي الله ورسوله هارون بن عمران، أخي موسى عليهما الصلاة والسلام .. وكانت مما أفاء الله علي رسوله يوم خبير. فأخذ صفية، فتزوجها وجعل عتقها مهرها. وقسم لها وحجبها ... وعن ابن عمر (رضي الله عنهما) قال: كانت بعين صفية خضرة، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بعينك؟ فقالت: قلت لزوجي: إني رأيت فيما يرى النائم كأن قمرا وقع في حجري فلطمني، وقال: أتريدين ملك يثرب؟ قالت: وما كان أبغض إليَّ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتل أبي وزوجي، فما زال يعتذر إليَّ، وقال: " يا صفية إن أباك ألب علي العرب، وفعل، وفعل حتى ذهب ذلك من نفسي " رواه الطبراني برجال الصحيح وابن حبان في صحيحه. (¬1) في رواية أبو يعلى: تقول صفية: انتهيت إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما من الناس أحد أكره إليَّ منه، فقال: " إن قومك صنعوا كذا وكذا ".قالت: فما قمت من مقعدي وما من الناس أحد أحب إليَّ منه " (¬2) ¬

_ (¬1) سبل الهدى الرشاد في سيرة خير العباد 12/ 130. (¬2) المرجع السابق.

أختي المسلمة " انظري كيف كان حب صفية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكيف انقلبت العداوة حبا ففي المرض الذي مات فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تتمنى أن الوجع الذي في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكون فيها فقد أخرج بن سعد عن زيد بن أسلم أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - في الوجع الذي توفي فيه اجتمع إليه نساؤه فقالت صفية بنت حيي: أما والله، يا نبي الله! لوددت أن الذي بك بي! فغمزتها أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبصرهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: مضمضن! فقلن: من أي شيء يا نبي الله! قال: من تغامزكن بصاحبتكم، والله إنها لصادقة ". وسنده حسن كما في الإصابة. (¬1) 2) حب أم حبيبة (رمله بنت أبى سفيان) لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عن الزهري قال: لما قدم أبو سفيان بن حرب المدينة جاء إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يريد غزو مكة، فكلمه أن يزيد في هدنة الحديبية، فلم يقبل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقام ودخل علي ابنته: أم حبيبة، فلما ذهب ليجلس علي فراش النبي - صلى الله عليه وسلم - طوته دونه فقال: يا بنية! أرغبت بهذا الفراش عني أم بي عنه؟ فقالت: بل هو فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنت امرؤ نجس مشرك، فقال: يا بنية لقد أصابك بعدي شر. (¬2) ¬

_ (¬1) حياة الصحابة ـ باب خروج الصحابة عن الشهوات ـ غيبة المسلم 2/ 401. (¬2) ابن الجوزي في صفة الصفوة لابن الجوزي .. سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 12/ 100 حياة الصحابة ـ باب خروج الصحابة عن الشهوات وقطع حبال الجاهلية لتشييد حبال الإسلام 2/ 294 .. تاريخ الإسلام باب فتح مكة 1/ 468.

3) هند بنت عتبة (زوجة أبي سفيان رضي الله عنها): عن أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) قالت: جاءت هند بنت عتبة إلي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله! والله، ما كان علي ظهر الأرض أهل خباء أحب إليَّ أن يذلوا من أهل خبائك، ثم ما أصبح اليوم علي ظهر الأرض أهل خباء أحب إليَّ َأن يُعزوا من أهل خبائك، فقال النبي: " وأنا أيضا والذي نفسي بيده " (¬1) - وفي ميدان أحد يظهر حب النساء لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: 1) امرأة من بني دينار (رضي الله عنها): أخرج الطبراني عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: لما كان يوم أحد خاض أهل المدينة خيضة، وقالوا: قتل محمد! حتى كثرت الصوارخ في ناحية المدينة، فخرجت امرأة محرمة فاستقبلت بأبيها، وابنها، وزوجها، وأخيها، لا أدري أيهم استقبلت به أولا، فلما مرت علي أحدهم قالت: من هذا؟ قالوا: أبوك .. أخوك .. زوجك .. ابنك، تقول: ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ يقولون: أمامك حتى ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم وابن حبان وغيرهم.

دفعت إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذت بناحية ثوبه، ثم قالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! لا أبالي إذا سلمت من عطب " (¬1) وعند ابن إسحاق عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بامرأة من بني دينار وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأحد، فلما نعوا لها قالت: ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالوا خيرا يا أم فلان! هو بحمد الله كما تحبين: قالت: أرونيه حتى أنظر إليه! قال: فأشير إليه حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل (¬2) كذا في البداية. (¬3) وجاءت إليه أم سعد بن معاذ تعدو، وسعد أخذ بلجام فرسه، فقال: يا رسول الله! أمي، فقال: " مرحباً بها " ووقف لها ... فلما دنت عزاها بابنها عمر بن معاذ، فقالت: أما إذا رأيتك سالماً، فقد اشتوت المصيبة (أي قلتَّ) ثم دعا لأهل من قتل بأحد وقال: يا أم سعد! أبشرى وبشرى أهلهم أن قتلاهم ترافقوا في الجنة جميعاً، وقد شفعوا في أهلهم جميعاً قالت: رضينا يا رسول الله! ومن يبكى عليهم بعد هذا؟ ثم قالت: يا رسول الله! أدع لمن خلفوا منهم، فقال: " اللهم اذهب حزن قلوبهم، واجبر مصيبتهم وأحسن الخلف على من خلفوا " (¬4) ¬

_ (¬1) حياة الصحابة ـ خروج الصحابة عن الشهوات ـ بكاء الصحابة عندما اشتهر أنه - صلى الله عليه وسلم - قتل وما صدر عنهم في وقايته 2/ 321. (¬2) أي هيئة حقيرة، لا شاقة كبيرة. (¬3) المرجع السابق. (¬4) السيرة الحلبية 2/ 47 – سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 4/ 335.

هنيئا لكي يا أم الشهيدين سعد بن معاذ الذي اهتز لموته عرش الرحمن فرحا بقدوم روحه ... وعمرو بن معاذ الذي يشفع في أهله " هنيئا لكي على صبرك وعلى حبك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ومن حب النساء للنبي - صلى الله عليه وسلم - جعلهن يدفعن أولادهن يقاتلن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد أخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي، أن امرأة دفعت إلي ابنها يوم أحد السيف فلم يطق حملة، فشدته علي ساعده بنسعة، ثم أتت به النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! هذا ابني يقاتل عنك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أي بني! احمل هنا " فأصابته جراحة، فصرع، فأتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أي بني! لعلك جزعت. قال: لا، يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -!. (¬1). وقد بلغ عدد القتلى من المسلمين في غزوة أحد سبعين رجلا وكانت أغلبية القتل من الأنصار، فقد قتل منهم خمسة وستون رجلا (41 من الخزرج، 24 من الأوس، وقتل رجل من اليهود (¬2) وأربع من المهاجرين، ومع هذا العدد الكبير من الأنصار ما سمعنا رواية واحدة صحيحة ولا ضعيفة ولا موضوعة أن أحدا من الأنصار تزعزع إيمانه، أو ارتد سخطة على هذا الدين حيث أصابهم ما أصابهم في سبيل هذا الدين الجديد، بل مع حزنهم علي قتلاهم، فرحوا بموعود الله علي الجنة، كما مر قول أم سعد. ¬

_ (¬1) كذا في كنز العمال 5/ 277 (حياة الصحابة باب خروج الحيان وقتالهم في الجهاد 1/ 583). (¬2) قال ابن اسحاق: وكان ممن قتل يومئذ مخيريق، وكان أحد بني ثعلبة بن الفيطون، لما كان يوم أحد قال: يامعشر اليهود، والله لقد علمتم أن نصر محمد عليكم لحق، قالوا: إن اليوم يوم السبت، قال: لا سبت 00 فأخذ سيفه وعدته وقال: إن إصبت فمالي لمحمد يصنع فيه ما شاء، ثم غدا إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقاتل معه حتي قتل فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا " مخيريق خير يهود " (تاريخ الإسلام للذهبي 1/ 331).

- ومن روائع المواساة التي تدل علي حب النساء للنبي - صلى الله عليه وسلم -: لما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوة أحد .. أذن بلال بصلاة المغرب فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوكأ علي السعدين (سعد بن معاذ – سعد بن عبادة رضي الله عنهما) فصلي بهم ثم عاد إلي بيته، ومضي سعد بن معاذ إلي نساءه ونساء قومه، فساقهن حتى لم تبقي امرأة إلا جاء بها إلي بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يبكين حمزة بين المغرب والعشاء .. وأذن بلال العشاء فلم يخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ذهب ثلث الليل، ثم ناداه الصلاة يا رسول الله! فهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نومه وخرج، فإذا هو أخف في مشيته منه حين دخل، وسمع البكاء فقال: " ما هذا؟ " فقيل: نساء الأنصار يبكين علي حمزة، فقال: " رضي الله عنكن وعن أولادكن " وأمر أن ترد النساء إلي منازلهن. وفي رواية ابن هشام: خرج عليهن وهن علي باب المسجد يبكين علي حمزة فقال: " ارجعن رحمكن الله، لقد واسيتن، رحم الله الأنصار، فإن المواساة فيهم "، فرجعن بليل مع رجالهن. (¬1) وفي رواية: " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم رجع من أحد سمع نساء الأنصار يبكين علي أزواجهن فقال: " لكن حمزة لا بواكي له " فبلغ النساء ذلك فجئنا يبكين ¬

_ (¬1) سبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد 4/ 337.

حمزة، فانتبه من الليل فسمعهن وهن يبكين، فقال: " ويحهن مازلنا يبكين منذ الليلة، مروهن فيرجعن، ولا يبكين علي هالك بعد الليل ". (¬1) - وروي ابن المبارك في الزهد عن زيد بن أسلم (مولى عمر بن الخطاب): أن عمر - رضي الله عنه -، خرج ليلة يحرس الناس، فرأى مصباحا في بيت، وإذا عجوز تنفش صوفا لتغزله وهي تقول: علي محمد صلاة الأبرار ... صلى عليه الطيبون الأخيار قد كنت قواما بكا بالأسحار ... يا ليت شعري والمنايا أطوار هل تجمعني وحبيبي الدار تعني النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجلس عمر - رضي الله عنه - فمازال يبكي حتى قرع عليها الباب، فقالت من هذا؟ قال: عمر بن الخطاب! قالت ومالي ولعمر؟ وما يأتي بعمر هذه الساعة؟ قال: افتحي رحمك الله فلا بأس عليك! ففتحت له فدخل فقال: أسألك أن تدخليني معكما! قالت وعمر! فاغفر له يا غفار! فرضى ورجع. (¬2) قال ابن الزناد: كان عند أسماء بنت أبي بكر قميص من قمص رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما قتل عبد الله بن الزبير ذهب القميص فيما ذهب مما انتهب، فقالت أسماء ¬

_ (¬1) رواه أبو يعلي برجال الصحيح عن ابن عمر، وعن أنس – والإمام أحمد وابن ماجة بسند صحيح عن ابن عمر – والطبراني عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (المرجع السابق). (¬2) كذا في منتخب الكنز (حياة الصحابة ـ خروج الصحابة عن الشهوات ـ البكاء علي ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ـ سبل الهدى والرشاد في سيرة العباد ـ في لزوم محبته وثوابها 12/ 470)

: للقميص أشد علي من قتل عبد الله، فوجد القميص عند رجل من رجال أهل الشام، فقال: لا أرده أو تستغفر لي أسماء، فقيل لها. فقالت: كيف أستغفر لقاتل عبد الله؟ قالوا: فليس يرد القميص! فقالت: قولوا له فليجئ .. فجاء بالقميص ومعه عبد الله بن عروة .. فقالت: ادفع القميص إلي عبد الله، فدفعه، فقالت: قبضت القميص يا عبد الله؟ قال: نعم .. قالت: غفر الله لك يا عبد الله، وإنما عنت عبد الله بن عروة. - حب الصبيان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: 1) معاذ ومعوذ: وفي بيتين من بيوت الأنصار تربي هذان الشبلان (معاذ بن عمرو بن الجموح – ومعاذ بن عفراء رضي الله عنهما) علي حب الله وعلي حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهيا بنا إلي ساحة " بدر" لننظر إليهما وهما يقتلان أبا جهل عدو الله ... فعن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - قال: إني لواقف في بدر في الصف، فنظرت عن يميني وشمالي فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، تمنيت أن أكون بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما فقال: يا عماه! أتعرف أبا جهل؟ فقلت: نعم وما حاجتك إليه؟ قال: أنبئت أنه يسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذي نفسي بيده! لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، فتعجبت لذلك؛ فغمزنى الآخر فقال لي أيضا مثلها فلم أنشب أن نظرت إلي أبي جهل وهو يجول في الناس

، فقلت: ألا تريان هذا صاحبكم، الذي تسألاني عنه؟ فابتدراه بسيفهما فضرباه حتى قتلاه، قال كل منهما: أنا قتلته، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل مسحتما سيفيكما؟ قالا: لا، فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - في السيفين فقال كليكما قتله وقضي بسلبه لمعاذ بن عمر بن الجموح والأخر معاذ بن عفراء (رضي الله عنهما). متفق عليه (¬1) وعند البخاري أيضا: قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: إني لفي الصف يوم بدر، التفت فإذا عن يمني وعن يساري فتيان حديثا السن فكأني لم آمن بمكانتها إذ قال لي أحدهما (سر من صاحبه): يا عم! أرني أبا جهل، فقلت يا ابن أخي! ما تصنع به، قال عاهدت الله، إن رأيته أن أقتله أو أموت دونه، فقال لي الآخر سراً من صاحبه مثله، قال: فما سرني أنني بين رجلين مكانهما، فأشرت لهما إليه، فشدا عليه مثل الصقرين حتى ضرباه، وهما ابنا عفراء. (¬2) وعند ابن إسحاق: عن ابن عباس، وعبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما: قالا: قال معاذ بن عمرو الجموح أخو بني سلمه: سمعت القوم وأبو جهل في مثل الحرجة (¬3) وهم يقولون: أبو الحكم لا يخلص إليه، فلما سمعتهما جعلته من شأني فصمدت نحوه، فلما أمكنني حملت عليه، وضربته ضربه أطنت قدمه بنصف ساقه، فو الله! ما شبهتها حين طاحت إلا بالنواة تطيح من تحت مرضخة النوى حين يضرب بها، قال: وضربني ابنه عكرمة علي عاتقي فطرح يدي فتعلقت بجلدة من جنبي، ¬

_ (¬1) وأخرجه الحاكم 3/ 425 ـ والبيهقي 6/ 305 عن عبد الرحمن بن عوف نحوه (حياة الصحابة باب الجهاد ـ شجاعة معاذ بن عمر بن الجموح ومعاذ بن عفراء (رضي الله عنهما) 1/ 540. (¬2) المرجع السابق. (¬3) الشجر الملتف .. أي احتمي بالشجر.

وأجهضني القتال عنه، فلقد قاتلت عامت يومي، وإني لأسحبها خلفي، فلما آذتني وضعت عليها قدمي، ثم تمطيت بها عليها حتى طرحتها. كذا في البداية. (¬1) 2) حب طلحة بن البراء لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أخرج الطبراني عن حصين بن وحوح الأنصاري أن طلحة بن البراء - رضي الله عنه -، لما لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - , فجعل يلصق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقبل قدميه , قال: يا رسول الله! مرني بما أحببت ولا أعصي لك أمراً , فعجب لذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -: وهو غلام , فقال له عند ذلك: اذهب فاقتل أباك! " فخرج موليا ليفعل فدعاه فقال له: " أقبل فإني لم أبعث بقطيعة رحم، فمرض طلحة بعد ذلك فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده في الشتاء في برد وغيم، فلما انصرف، قال لأهله: " لا أري طلحة إلا قد حدث فيه الموت، فآذنوني به حتى أشهده، وأصلي عليه، وعجلوه فلم يبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - بني سالم بن عوف حتى توفي، وجن عليه الليل، فكان فيما قال طلحة: ادفنوني وألحقوني بربي - عز وجل - ولا تدعو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإني أخاف عليه اليهود، أن يصاب في سببي فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أصبح فجاء حتى وقف علي قبره فصف الناس معه ثم رفع يديه، فقال: " اللهم الق طلحة تضحك إليه ويضحك إليك. (¬2) وفي رواية أخري للطبراني عن طلحة بن مسكين عن طلحة بن البراء - رضي الله عنه - أنه أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ابسط ـ يعني يدك ـ أبايعك قال: " وإن أمرتك بقطيعة والديك " قال: لا ثم عدت له، فقلت: ابسط يدك أبايعك! قال: " علام "؟ قلت: علي الإسلام قال:" وأن ¬

_ (¬1) المرجع السابق ـ وتاريخ الإسلام للذهبي 1/ 267 – وزاد: ثم عاش بعد ذلك! إلي زمن عثمان بن عفان (رضي الله عنه). (¬2) حياة الصحابة - باب خروج الصحابة عن الشهوات – محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - 2/ 299.

أمرتك بقطيعة والديك؟ قلت: لا، ثم عدت الثالثة، وكانت له والدة، وكان من أبر الناس بها. فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - يا طلحة: إنه ليس في ديننا قطيعة رحم ولكن أحببت، أن لا يكون في دينك ريبة، فأسلم فحسن إسلامه، ثم مرض فعاده النبي - صلى الله عليه وسلم - فوجده مغمي عليه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " ما أظن طلحة إلا مقبوضا من ليلته فإن أفاق فأرسلوا إليَّ " فأفاق طلحة في جوف الليل فقال: ما عادني النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قالوا: بلي. فأخبروه بما قال، فقال: لا ترسلوا إليه في هذه الساعة فتلسعه دابة أو يصيبه شئ، ولكن إذا فقدت فاقرءوه من السلام، وقولوا له: فليستغفر لي! فلما صلي النبي - صلى الله عليه وسلم - الصبح سأل عنه فأخبروه بموته وبما قال، فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - يده وقال: اللهم! القه يضحك إليك وأنت تضحك إليه. (¬1) 3) حب صبية من أهل البحرين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: حكي أن صبية من أهل البحرين خرجوا يلعبون الكرة، وأسقف البحرين قاعد، فوقعت الكرة علي صدره، فأخذها فجعلوا يطلبونها منه فرفض، فقال غلام سألتك بحرمه محمد - صلى الله عليه وسلم - إلا رددتها علينا، فأبي وأخذ يسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقبلوا عليه بعصيهم يضربونه حتى مات، فرفع ذلك إلي عمر - رضي الله عنه - فو الله! ما فرح بفتح ولاغنيمة، كفرحة بقتل الغلمان لذلك الأسقف، وقال: الآن عز الإسلام، أن أطفالا صغاراً سب نبيهم فغضبوا وانتصروا، وأهدر دم الأسقف. ¬

_ (¬1) المرجع السابق.

امتثال أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

امتثال أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - صفية بنت عبد المطلب عمة الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم -: عن الزبير بن العوام لما كان يوم أحد أقبلت امرأة تسعى حتى كادت أن تشرف علي القتلى قال: فكره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تراهم فقال: " المرأة .. المرأة! " وقال الزبير: فتوسمت أنها أمي صفية (رضي الله عنها)، قال: فخرجت أسعى إليها، قال: فأدركتها قبل أن تنتهي إلي القتلى، قال: فلدمت في صدري، وكانت امرأة جلدة، قالت: إليك عني لا أرض لك .. فقلت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عزم عليك، قال: فوقفت وأخرجت ثوبين معها، فقالت: هذان ثوبان جئت بهما لأخي حمزة - رضي الله عنه -، فقد بلغني مقتله فكفنوه فيهما! ... الخ الحديث. رواه أحمد وأبو يعلى والبزار. (¬1). فكانوا وقافين عند أوامر الله - عز وجل - وأوامر رسوله - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) حياة الصحابة 2/ 583.

- زوجتي النبي - صلى الله عليه وسلم - أم حبيبه، وزينب بنت جحش رضي الله عنهما: عن زينب بنت أبي سلمه (رضي الله عنها) قالت: دخلت علي أم حبيبه رضي الله عنها – زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين توفي أبوها أبو سفيان بن حرب - رضي الله عنه - فدعت بطيب فيه صفرة وخلوق أو غيره، فدهنت منه جارية ثم مست بعارضيها، ثم قالت: والله مالي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول علي المنبر: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الأخر أن تحد علي ميت فوق ثلاث ليالي، إلا علي زوج أربعة أشهر وعشرا ". قالت: ثم دخلت علي زينب بنت جحش – رضي الله عنها – حين توفي أخوها فدعت بطيب فمست منه، ثم قالت: أما والله! ما بي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول علي المنبر: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد علي ميت فوق ثلاث ليال، إلا علي زوج أربعة أشهر وعشرا " متفق عليه (¬1). - أم حميد (رضي الله عنها): جاءت أم حميد زوجة أبي حميد الساعدي إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما فقالت: يا رسول الله! إني أحب الصلاة معك، فقال لها: " قد علمت أنك تحبين الصلاة معيَّ، وصلاتك في بيتك خير من صلآتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك ¬

_ (¬1) رياض الصالحين – باب تحريم إحداد المرأة علي ميت فوق ثلاثة أيام – صـ .. 6.

خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجدقومك خير من صلاتك في مسجدي. رواه ابن حبان في صحيحه. قال عبد الله بن سويد (راوي الحديث): فأمرت فبُني لها مسجد في أقصي شيء من بيتها وأظلمه وكانت تُصلي فيه حتي لقيت الله تعالي. انظري أيتها الأخت المسلمة كيف كانت استجابة المرأة المؤمنة لترغيب النبي - صلى الله عليه وسلم - .. وأنا أقول لك هل الفتنة مأمونة في زماننا أكثر من زمانهم؟!! فما لك لا تستجيبين لترغيب النبي - صلى الله عليه وسلم - وتصلين في بيتك .. ما منعك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الصلاة في المسجد ولاكن رغبك فيما هو خير لك. ومما يدل علي شدة تأثر نساء الصحابة (رضي الله عنهم) وسرعة استجابتهن لأمر الله ورسوله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في يوم عيد، فصلي، ثم خطب، ولم يذكر آذانا ولاإقامة، ثم أتي النساء فوعظهن، وذكرهن، وأمرهن بالصدقة، فرأيتهن يهوين إلي آذانهن وحُلوقهن يدفعن إلي بلال، ثم ارتفع هو وبلال إلي بيته. متفق عليه. (¬1) وعن أَبو أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلنِّسَاءِ: «اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ (¬2). ¬

_ (¬1) مشكاة المصابيح – باب صلاة العيدين 1/ 450. (¬2) رواه أبو داود 5272، صحيح أبي داود 4/ 369.

- حب البنات لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وامتثالهم لأمره - صلى الله عليه وسلم -: 1) قصة زواج جليبيب: عن أبي برزة أن جليبيبا كان من الأنصار فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم لرجل " زوجني ابنتك " قال: نعم ونعمة عين قال: لست أريدها لنفسي قال: فلمن؟ قال لجليبيب، قال: أستأمر أمها. فأتاها فأجابت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: إنما يريد ابنتك لجليبيب؟ لا لعمر الله لا نزوجه، فلما قام أبوها ليأتي النبي - صلى الله عليه وسلم -. قالت أفتردون عليه أمره؟ ادفعني إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه لن يضيعني، فذهب أبوها إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: شأنك بها فزوجها جليبيبا ‘ ودعا لها فبينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مغزي له قال: أتفقدون أحد؟ قالوا: نفقد فلانا ونفقد فلانا، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أفقد جليبيبا، فاطلبوه فنظروا فوجده إلي جنب سبعة قد قتلتهم ثم قتلوه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هذا مني وأنا منه قتل سبعة ثم قتلوه فوضعوه علي ساعديه ثم حفروا له، ماله سرير إلا ساعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى وضعه في قبره ... قال ثابت النباني فما في الأنصار أنفق منها.

وحدث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ثابتا، قال: هل تعلم ما دعا لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: اللهم صب عليها الخير صبا ولا تجعل عيشها كدا " قال: ما كان في الأنصار أيم انفق منها؟ رواه أحمد. (¬1) قال ابن سعد: وسمعت من يذكر أن جليبيبا كان رجلا من بني ثعلبة حليفا في الأنصار .. والمرأة التي زوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - إياه من بني الحارث ابن الخزرج. 2) المرأة التي خطبها المغيرة بن شعبة: عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قال: خطبت جارية من الأنصار، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لي: " رأيتها " فقلت: لا، قال: " فانظر إليها، فإنه أحري أن يؤدم بينكما " (¬2) فأتيتها فذكرت ذلك لوالديها، فنظر أحدهما إلي صاحبه .. فقمت فخرجت، فقالت الجارية: عليَّ بالرجل! فوقفت ناحية خدرها فقالت إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرك أن تنظر إليَّ فانظر، وإلا فإني أحرج عليك (¬3) أن تنظر، فنظرت إليها فتزوجتها، فما تزوجت امرأة قط .. كانت أحبَّ إليَّ منها، وقد تزوجت سبعين امرأة. (كذا في الكنز). (¬4) ¬

_ (¬1) حياة الصحابة 2/ 668 - صفة الصفوة 1/ 0261 (¬2) أن تكون بينكما المحبة والوفاق. (¬3) أضيق عليك. (¬4) حياة الصحابة – باب خروج الصحابة عن الشهوات – امتثال أمره -2/ 340.

الفرح برسول الله - صلى الله عليه وسلم -

الفرح برسول الله - صلى الله عليه وسلم - - فرح الأنصار (الرجال .. والنساء .. والبنات .. والصبيان) بقدوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة المنورة: فعن البراء - رضي الله عنه - أنه قال: "ما رأيت أهل المدينة فرحوا بشئ فرحهم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1) استقبله خمسمائة رجل من الأنصار حتى انتهوا إليهما فقالت الأنصار: انطلقا آمنين ... وصعدت العواتق البيوت يترائينه يقلن: أيهم هو؟ أيهم هو؟ فما رأينا منظراً شبيهاً به يومئذ. (¬2) وعن أنس - رضي الله عنه - أنه قال: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة لعبت الحبشة بحرابها فرحاً بقدومه " (¬3) وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " لما قدم رسول - صلى الله عليه وسلم - المدينة جعل النساء والصبيان والولائد يقلن: طلع البدر علينا ... من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ... ما داعا لله داع أيها المبعوث فينا ... جئت بالأمر المطاع (¬4) ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) رواه البيهقي عن أنس. (¬3) رواه أحمد وأبو داود. (¬4) رجح ابن القيم رحمه الله: أن هذه الأبيات قالوها عند عودة رسول الله من فتح مكة.

وكلما مر بدار من دور الأنصار إلا سألوه أن ينزل عندهم " هلم يا رسول الله! إلى العزة والمنعة والثروة، فيقول لهم خيراً ويدعو ويقول:" إنها مأمورة خلوا سبيلها " (¬1) وروي الحاكم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نزل علي أبي أيوب خرج جوارٍ من بني النجار يضربن بالدفوف ويقُلن: نحن جوار من بني النجار ... يا حبذا من محمد من جار فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أتُحببنني؟ " قلن: نعم يا رسول الله! فقال: " وأنا والله أُحبُّكُنَّ " قالها ثلاث (¬2). - - - - - ¬

_ (¬1) سبل الهدى والإرشاد وفى سيرة خير العباد 3/ 385. (¬2) سبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد 3/ 0390.

أحلي وصف لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -

أحلى وصف لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - - وصف أم معبد الخزاعية: عن حزام بن هشام عن أبيه عن جده حبيش بن خالد ـ الذي قتل بالبطحاء يوم الفتح ـ وهو أخو عاتكة ـ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من مكة هو وأبو بكر، ومولى لأبي بكر عامر بن فهيرة ـ ودليلهم عبد الله الأريقط الليثي ـ فمروا علي خيمتي أم معبد الخزاعية، وكانت عجوزا جلدة تحتبي بفناء الخيمة، ثم تسقى وتطعم، فسألوها تمرا ولحما يشترونه منها، فلم يصيبوا شيئا، وكان القوم مرملين مسنتين، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلي شاة في كسر الخيمة، فقال: " ما هذه الشاة يا أم معبد "؟ قالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم، فقال: " هل بها من لبن "؟ قالت: هي أجهد من ذلك، قال: " أتأذنين لي أن أحلبها "؟ قالت: " نعم بأبي وأمي، إن رأيت بها حلبا فاحلبها. فدعا بها، فمسح بيده ضرعها؟ وسمي الله، ودعا لها في شاتها، فتفاجت عليه، ودرت واجترت، ودعا بإناء يربض الرهط، فحلب ثجا حتى علاه البهاء، ثم سقاها حتى رويت، ثم سقى أصحابه حتى رووا، ثم شرب آخرهم، ثم حلب ثانيا بعد بدء، حتى ملأ الإناء، ثم غادر عندها وبايعها، وارتحلوا عنها. فقلما لبثت حتى جاء زوجها أبو معبد، يسوق أعنزا

عجافا يتساوكن هزلا مخهن قليل. فلما رأى أبو معبد اللبن عجب، وقال: من أين هذا يا أم معبد؟ والشاة عازب حيال، ولا حلوب في البيت؟ قلت: لا والله، إلا أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا، قال صفيه لي. قالت: رجل ظاهر الوضاءة (¬1) أبلج الوجه حسن الخلق، لم تعبه ثجلة، لم تزريه صعلة، وسيم قسيم، في عينه دعج، وفي أشفاره وطف، وفي صوته صحل، وفي عنقه سطع، وفي لحيته كثافة، أزج أقرن، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سما وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحسنه وأحلاه من قريب، حلو المنطق. فصل لا نزر ولا هذر، كأن منطقة خرزات نظم يتحدرن، ربعة لا يائس من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين، فهو أنظر الثلاثة منظرا، وأحسنهم قدرا، له رفقاء يحفون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا لأمره، محفود محشود، لا عابس ولا مفند. قال أبو معبد: فهذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره، ولقد هممت أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا. (¬2) - الربيع بنت معوذ بن عفراء رضي الله عنها، تصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، قال: ¬

_ (¬1) أي ظاهر الجمال. (¬2) تاريخ الإسلام للذهبي 1/ 189.

قلت للربيع بنت معوذ بن عفراء: صفى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت: يا بني لو رأيته رأيت الشمس طالعة. رواه الدارمى (¬1). - - - - - ¬

_ (¬1) مشكاة المصابيح ـ كتاب الفضائل والشمائل ـ باب أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - وصفاته، 3/ 1613.

نساء عاقلات

نساء عاقلات - أم المؤمنين خديجة بنت خويلد (رضي الله عنها): أول زوج لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. وكانت امرأة عاقلة ذات مال يرغب فيها الرجال. ومن رجاحة عقلها: 1) رغبت عن الأزواج، واختارت النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - زوجا لها .. لما رأت فيه من علامات النبوة. 2) المسارعة إلي الإيمان بالله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فكانت أول من آمن من الرجال والنساء 3) واست النبي - صلى الله عليه وسلم - بمالها، وفرغته لجهد الدين والدعوة إلي الله - عز وجل -. 4) ما أغضبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قط. 5) قصتها في كشف رأسها لتعرف الملك الذي يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - في حراء ملك .. أم شيطان. 6) ولما أخبرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله زوجه في الجنة بمريم عليها السلام، وآسية امرأة فرعون، ما غضبت بل قالت: بالرفاء والبنين.

- أم المؤمنين السيدة عائشة (رضي الله عنها): من رجاحة عقلها: حينما خيرها النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أنزلت عليه {: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا *} (¬1). فقال: يا عائشة! إني أريد أن أعرض عليك أمراً أحب ألا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك " قالت: وما هو يا رسول الله؟ فتلا عليها الآية. فماذا قالت؟ انظر إلي رجاحة العقل، قالت: أفيك يا رسول الله! استشير أبواي، بل اختار الله ورسوله والدار الآخرة (¬2). وفي رواية لمسلم أيضا: معمر عن الزهري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقسم أن لا يدخل على أزواجه شهرا قال الزهري فأخبرني عروة عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت لما مضت تسع وعشرون ليلة أعدهن دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت بدأ بي فقلت يا رسول الله إنك أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا وإنك دخلت من تسع وعشرين أعدهن فقال إن الشهر تسع وعشرون (¬3) ففي قول أم المؤمنين السيدة عائشة: أعدها تعبير موحي بتعلق قلب الزوجة ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب الآيتان من 28: 29. (¬2) انظر صحيح مسلم شرح النبوي 10/ 81. (¬3) انظر صحيح مسلم _ باب الشهر يكون تسعا وعشرين يوما.

المحبة الودود لزوجها، وترقبها لعودته إليها ليلة ليلة، وساعة ساعة، وفيه تودد وتحبب واستمالة لقلب الزوج المحب المشتاق، إذ بدأ بها قبل غيرها من نسائه. وعن الأسود قال: قلت لعائشة: إن رجلا من الطلقاء يبايع له – يعني معاوية – قالت: يا بني! لا تعجب، هو ملك الله يؤتيه من يشاء (¬1). انظروا وتأملوا إلي رجاحة عقلها. - أم المؤمنين سودة بنت زمعة (رضي الله عنها): أسلمت قديما وبايعت، وكانت قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت ابن عم لها يقال له " السكران بن عمرو بن عبد شمس " أخو سهيل بن عمرو .. وأسلم معها - رضي الله عنه - وهاجر معا إلي الحبشة في الهجرة الثانية، ولما قدما مكة، رأت سودة في المنام كأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقبل يمشي حتى وطئ عنقها، فأخبرت زوجها بذلك، فقال: لئن صدقت رؤياك لأموتن وليتزوجك محمد - صلى الله عليه وسلم -، ثم رأت في المنام ليلة أخرى أن قمرا أنقض عليها، وهي مضجعة، فأخبرت زوجها، فقال: إن صدقت رؤياك لم ألبث إلا يسيرا حتى أموت، وتتزوجين من بعدي، واشتكى السكران من يومه ذلك، فلم يلبث إلا قليلا ثم مات، وتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ومن رجاحة عقلها: روى أبو عمر عن عائشة - رضي الله عنه - قالت لما أسنت سودة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - همَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطلاقها، فقالت: " لا تطلقني وأنت في حل مني، فأنا أريد أن أحشر في أزواجك، وإني وقد وهبت يومي لعائشة، وإني لا أريد ما تريد النساء ¬

_ (¬1) مصنف ابن أبي شيبة 6/ 186.

، فأمسكها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى توفي عنها مع سائر من توفي عنهن من أزواجه (رضي الله تعالى عنهن). (¬1) - أم المؤمنين أم سلمة (رضي الله عنها): من رجاحة عقلها: إشارتها علي النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية، أن يحلق رأسه وينحر هديه فيتأس به والقصة بتمامها في باب مشاورة النساء. - عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل (رضي الله عنها): أبوها زيد - رضي الله عنه - مات على الحنيفية السمحة ملة إبراهيم - عليه السلام - .. وأخوها سعيد بن زيد - رضي الله عنه - أحد العشرة المبشرين بالجنة. كانت من أجمل نساء قريش .... تزوجها عبد الله بن أبى بكر - رضي الله عنه -، فلما دخل بها غلبت على عقله وأحبها حباً شديداً فثقل ذلك على أبيه، فمر به أبو بكر يوما، وهو في غرفة له، فقال: يابنى إنى أرى هذه المرأة قد أذهلت رأيك، وغلبت على عقلك، فطلقها .... قال عبد الله: لست أقدر علي ذلك، قال: أقسمت عليك إلا طلقتها، فلم يقدر على مخالفه أبيه فطلقها، فجزع عليها جزعاً شديداً، وامتنع عن الطعام والشراب .... فقيل لأبى بكر: أهلكت عبد الرحمن، فمر به يوما ً، وعبد الله لا يراه وهو مضجع في الشمس ويقول: والله ما أنساك ما ذر شارق ... وما ناح قمري الحمام المطوق فلم أر مثلى طلق اليوم مثلها ... ولا مثلها فى غير شئ يطلق ¬

_ (¬1) سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 12/ 105.

لها خلق عف ودين ومحتد ... وخلق سوى في الحياء ومنطق فسمعه أبوه فرق له، وقال له: راجعها يابني! فراجعها، وأقامت عنده وكان يحبها حباً شديداً فجعل لها حديقة على أن لا تزوج بعده فرمى بسهم يوم الطائف فانتقض بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت ترثيه: فآليت لا تنفك عيني سخينة ... عليك ولا ينفك جلدي أغبرا فتى طول عمري ما أرى مثله فتى ... أكر وأحمى في الصباح وأخيراً إذا شرعت فيه الأسنة خافها ... إلى القرن حتى يترك الرمح أحمراً فخطبها عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) قالت: قد كان أعطاني حديقة أن لا أتزوج، قال: فاستفتى، فاستفتت على بن أبى طالب - رضي الله عنه - فقال: ردى الحديقة إلى أهله وتزوجي! فتزوجها عمر - رضي الله عنه - في خلافته ودعا الناس إلى وليمته فأتوه، فلما فرغ من الطعام وخرج الناس، قال له على بن أبى طالب - رضي الله عنه -: يا أمير المؤمنين ائذن لي في كلام عاتكة حتى أهنيها، وأدعوا لها بالبركة، فذكر عمر ذلك لعاتكة، فقالت: إن أبى الحسن فيه مزاح، فأذن له يا أمير المؤمنين، فأذن له، فقال: يا عاتكة! وآليت لا تنفك عيني سخينة ... عليك ولا ينفك جلدي أغبرا فقال عمر - رضي الله عنه -: غفر الله لك لا تفسد علىَّ أهلي!

من رجاحة عقلها وقوة إيمانها: أن عمر - رضي الله عنه - قال لها يوما وقد غضب عليها: لأسوأنك؟ فقالت له: أتستطيع أن تصرفني عن الإسلام بعد إذا هداني الله عز وجل؟!! قال: لا .. قالت: فبمَ تسوء ني إذا؟ ... لله درها من امرأة صالحة عاقلة0 وظلت عنده حتى قتل، فلما قتل جزعت عليه جزعاً شديد ... وقد رثته عاتكة (رضى الله عنها) بشعر قد ذكره الحاكم في المستدرك: عين جودي بعبرة ونحيب ... لا تمل على الإمام الطيب فجعتني المنون بالفارس المعلم ... يوم الهياج والتأنيب عصمة الدين والمعين على الدهر ... وغيث الملهوف والمكروب قل لأهل الضراء والبؤس موتوا ... إذا سقتنا المنون كأس شعوب (¬1) o وقالت فيه أيضا: فجعني فيروز لا در دره ... بأبيض تال للكتاب منيب رؤوف علي الأدني غليظ علي العدي ... أخي ثقة في النائبات مجيب متي ما يقل لا يكذب القول فعله ... سريع إلي الخيرات غير قطوب (¬2) ثم تزوجت بعده الزبير بن العوام وكان رجلا غيورا، وكانت تخرج إلى المسجد كعادتها مع أزواجها، فشق ذلك عليه وكان يكره أن ينهاها عن الخروج ¬

_ (¬1) الحاكم في المستدرك ـ كتاب معرفة الصحابة ـ 3/ 94. (¬2) المرجع السابق.

إلى الصلاة لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله " رواه أحمد وأبو داود 0 فعرض لها ليلة في ظهر المسجد وهى لا تعرفه، فضرب بيده عجيزتها ثم انصرف، فقعدت بعد ذلك عن الخروج إلى المسجد ... وكان يقول لها: ألا تخرجين يا عاتكة؟ فتقول: كنا نخرج إذا الناس ناس وما بهم من بأس، وأما الآن فلا .. ثم قُتل عنها الزبير، قتله عمرو بن جرموز بوادي السباع وهو نائم .. وقد رثته فقالت: غدر ابن جرموز بفارس نهمة ... يوم اللقاء كان غير معرد ياعمرو لونبهته لوجدته ... لا طايشا رعش البنان ولا اليد ... ياعثكلتك أمك إن ظفت بفارس ... لافيما مضي مما يروح ويغتدي ثكلتك أمك إن ظفرت بفارس ... فيما مضي مما يروح ويغتدي ... كم غمرة قد خاضها لم يثنه ... فيعنها طرادك يابن فقع الفدفد كم غمرة قد خاضها لم يثنه ... عنها طرادك يا بن فقع الفدفدى ... والله ربك إن قتلت لمسلما والله ربك إن قتل يا مسلماً ... حلت عليك عقوبه المتعمد (¬1) ثم تزوجها بعده محمد بن أبى بكر - رضي الله عنه - فقتل عنها بمصر، فقالت: لا أتزوج بعده أبداً إني لأحسبنى أنى لو تزوجت جميع أهل الأرض لقتلوا عن آخرهم. (¬2) ¬

_ (¬1) الحاكم المستدرك 3/ 368. (¬2) انظر حياة الصحابة 1/ 694 ـ المستطرف في كل فن مستطرف.

- أسماء بنت أبي بكر الصديق (رضي الله عنها): من رجاحة عقلها: أنه لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخرج أبو بكر - رضي الله عنه - معه احتمل أبو بكر ماله كله معه خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف درهم فانطلق به معه، قالت: فدخل علينا جدي أبو قحافة - رضي الله عنه - وقد ذهب بصره فقال: والله! إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه، قالت: قلت: كلا يا أبت! إنه قد ترك لنا خيراً كثيراً. قالت: وأخذت أحجارا فوضعتها في كوة في البيت الذي كان أبي يضع ماله فيها، ثم وضعت عليها ثوبا، ثم أخذت بيده فقالت: يا أبت! ضع يدك علي هذا المال. قالت: فوضع يده عليه فقال: لا بأس إذ كان قد ترك لكم هذا فقد أحسن، وفي هذا بلاغٌ لكم، والله ما ترك لنا شيئا ولكن أردت أن أسكن الشيخ بذلك. كذا في البداية (¬1). وهذا الذي فعلته من رجاحة عقلها رضي الله عنها. ومن رجاحة عقلها أيضا: عندما جلست معها ابنها البطل الشهيد عبد الله بن الزبير أيام محاصرة الحجاج له في الحرم فقال لها: والله ما أخاف إلا أن يمثل بي. فقالت له: وما يضر الشاة سلخها بعد ذبحها. وقتل البطل الشهيد .. حتى مر عليه عبد الله بن عمر فوقف عليه عبد الله بن عمر فوقف عليه فقال: السلام عليك يا أبا خبيب .. السلام عليك يا أبا خبيب .. ¬

_ (¬1) حياة الصحابة 2/ 151.

السلام عليك يا أبا خبيب .. أما والله! لقد كنت أنهاك عن هذا .. والله! لقد كنت أنهاك عن هذا، أما والله! لقد كنت أنهاك عن هذا، أما والله! إن كنت ما علمت صواماً قواماً وصولا للرحم .. أما والله لأمة أنت أشرها لأمة خير ثم نفذ عبد الله بن عمر فبلغ الحجاج موقف عبد الله وقوله فأرسل إليه فأنزل عن جذعه فألقى في قبور اليهود، ثم أرسل إلي أمه أسماء بنت أبي بكر فأبت أن تأتيه، فأعاد عليها الرسول لتأتيني أو لأبعثن إليك من يسحبك بقرونك، قال: فأبت وقالت: والله لا آيتك حتى تبعث إلىّ من يسحبني بقروني فقال: أروني سبتي فأخذ نعليه ثمّ انطلق يتوذف حتى دخل عليها فقال: كيف رأيتني صنعت بعدو الله؟ قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك، بلغني أنك تقول له: يا ابن ذات النطاقين أما أحدهما فكنت أرفع به طعام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطعام أبى بكر من الدواب وأما الآخر فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه، أما إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدثنا أن في ثقيف كذابا، ومبيراً، فأما الكذاب فرأيناه، وأما المبير فلا إخالك إلا إياه قال: فقام عنها ولم يراجعها. رواه مسلم (¬1) وقيل لابن عمر: إن أسماء في ناحية المسجد فمال إليها وقال: إن هذا الجسد ليس بشىء؛ وإنما الأرواح عند الله فاتقى الله واصبري، فقالت: وما يمنعني من الصبر وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بغيٍّ من بغايا بنى إسرائيل. (¬2) ¬

_ (¬1) صحيح مسلم - شرح النووي 16/ 99. (¬2) سير النبلاء 2/ 295.

- أسماء بنت عميس) رضي الله عنها): عن الشعبي قال: تزوج علي بن أبي طالب رضي الله عنه أسماء بنت عميس (رضي الله عنها) فتفاخر ابنها محمد بن جعفر، ومحمد بن أي بكر، فقال كل منهما: أنا أكرم منك، وأبي خير من أبيك فقال لها علي (رضي الله عنه):اقضي بينهما، فقالت: ما رأيت شابا خير من جعفر، ولا رأيت كهلا خيرا من أبي بكر، فقال لها: فما أبقيت لنا (¬1) (¬2). انظروا إلي هذه المرأة العاقلة التي فضت النزاع بينهما بحسن التصرف في القول، فانصفت كل من زوجيها جعفر الطيار وعمر الفاروق (رضي الله عنهما) حتي قال لها علي رضي الله عنه علي سبيل المزاح، فما أبقيت لنا؟. - أم سليم (رضي الله عنها):- عن أنس (- رضي الله عنه - قال: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة. وأنا ابن ثمان سنين فأخذت أمي بيدي فانطلقت بي الي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله. إنه لم يبق رجل ولا امرأة من الانصار إلا وقد أتحفك بتحفة، وإني لا أقدر علي ما أتحفك به، إلا ابني، فخذه فليخدمك ما بدا لك، فخدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين فما ضربني ولا سبني سبة، ولا عبس في وجهي. ¬

_ (¬1) الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر 7/ 490. (¬2) وفي الطبقات الكبري لابن سعد (7/ 108): فقال علي: ما تركت لنا شيئا، ولو قلت غير الذي قلت لمقتك، فقالت أسماء: إن ثلاثة أنت أقلهم لخيار.

وعن أنس أن أم سليم قالت: يا رسول الله! أنس خادمك، ادع الله له، فقال: " اللهم أكثر ماله وولده ". رواه البخاري. وفي رواية له: " اللهم ارزقه مالا وولدا وبارك له فيه ". يقول أنس: فإني لمن أكثر الأنصار مالاً، وحدثتني ابنتي أمينة أنه دفن من صلبي إلي مقدم الحجاج البصرة تسعة وعشرون ومائة .. وكان له بستان يحمل في السنة الفاكهة مرتين وكان فيها ريحان يجيء، منه ريح المسك. (¬1) انظر إلي هذه المرأة العاقلة التي خدمت دين الله عز وجل .. فبخدمة أنس لرسول الله خدمة لدين الله تعالي، وما غفلت أن، تطلب الدعاء من رسول الله لأنس، فدعا له فنال خيري الدنيا والآخرة .. وما تركت الغزو مع رسول الله في صحبة زوجها أبو طلحة .. ولقد وجدت لها شبيهة في بني إسرائيل، فعن القاسم بن محمد، قال: هلكت امرأة لي، فأتاني محمد بن كعب القرظي يعزيني فيها، فقال: إنه قد كان في بني إسرائيل رجل فقيه عالم، عابد مجتهد، وكانت له امرأ ة، وكان بها معجبا ولها محبا، فماتت فوجد عليها وجدا شديدا، وألقي عليها أسفا حتى خلى في بيت، وأغلق على نفسه، واحتجب عن الناس، فلم يكن يدخل عليه أحد، وإن امرأة سمعت به، فجاءته، فقالت: إن لي إليه حاجة استفتيه فيها ليس يجزيني إلا أن أشافهه بها، فذهب الناس، ولزمت الباب، فأخبر، فأذن لها، فقالت: إني جئتك أستفتيك في أمر، قال: وما هو؟ قالت: إني استعرت من جارة لي حُليا فكنت ألبسه وأعيره زمانا، ثم إنهم أرسلوا إليًَ فيه أفأرده إليهم؟ فقال: نعم والله، قالت: إنه مكث عندي زمانا، فقال: ذلك أحق لردك إياه حين أعار وكوه زمانا، فقالت له: يرحمك الله! فأتأسف علي ما أعارك الله! ثم أخذه منك وهو أحق به منك؟! فأبصر ما كان فيه ونفعه الله بقولها. رواه مالك في الموطأ ¬

_ (¬1) تاريخ الإسلام للذهبي 3/ 107.

- كتاب الجنائز – باب جامع الحسبة في المصيبة. ... ولكن هناك فرق كبير بين أم سليم وامرأة بني إسارئيل، لأن أم سليم، المصاب هو فلذة كبدها، والإسرائيلية ليست المصيبة مصيبتها فكان الشبه في الموعظة فقط 0 - سعيره وكنيتها أم زفر (رضي الله عنها): عن عطاء بن أبى رباح قال: قال لي ابن عباس - صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنهما: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ فقلت: بلى فقال: هذه المرأة السوداء أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع الله تعالى لي. قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله تعالى أن يعافيك. فقالت: أصبر فقالت: إني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها. متفق عليه. (¬1). انظروا إلي عقل هذه المرأة المؤمنة كيف آثرت مشقة الدنيا لراحة الآخرة. - أم أيمن (رضي الله عنها): وهى بركة، حاضنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأم أسامة بن زيد حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن حبه .. كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورثها وخمسة أجمال وقطعة غنم، فأعتقها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين تزوج خديجة، فتزوجها عبيد بن يزيد من بني الحارث بن الخزرج، فولدت له أيمن، فقتل يوم خيبر شهيدا، وكان زيد بن حارثه لخديجة فوهبته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعتقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزوجه أم أيمن فولدت له أسامة بن زيد ¬

_ (¬1) رياض الصالحين – باب الصبر ص 63 – السيرة الشامية للصالحى.

وكان يحبها النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقول لها: " يا أمه " .. وكان إذا نظر إليها قال: " هذه بقية أهل بيتي ". رواه الحاكم (¬1). وفي صحيح مسلم قال ابن شهاب: وكان من شأن أم أسامة بن زيد أنها كانت وصيفة لعبد الله بن عبد المطلب، وكانت من الحبشة، فلما ولدت آمنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت أم أيمن تحضنه حتى كبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعتقها، ثم أنكحها زيد بن حارثة، ثم توفيت بعد ما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخمسة أشهر - الصد يق والفاروق يزرنها: فعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال أبو بكر لعمر رضي الله عنهما بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انطلق بنا إلى أم أيمن رضي الله عنها نزورها كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزورها، فلما انتهيا إليها بكت فقالا لها: ما يبكيك، أما تعلمين أن ما عند الله خيرٌ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: ما أبكى أن لا أكون أعلم أن ما عند الله تعالى خير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن أبكى أن الوحي قد انقطع من السماء فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها. رواه مسلم. (¬2) أختي المسلمة: انظري إلى هذه المرأة العاقلة لماذا تبكى؟ لأن الوحي قد انقطع من السماء .. معناه: أنها تريد أوامر جديدة من الله عز وجل ولكن بانقطاع الوحي انقطعت الأوامر. ولما قتل الفاروق عمر (رضي الله عنه) بكت ¬

_ (¬1) مستدرك الحاكم – كتاب معرفة الصحابة 4/ 63. (¬2) رياض الصالحين - باب زيارة أهل الخير ومجالستهم وصحبتهم ومحبتهم ص 186.

، لعلمها أن عمرا كان للإسلام حصنا حصينا، ونصرا مبينا .. ولذلك قيل لها في بكائها علي عمر، فقالت: اليوم وَهَي الإسلام (أي ضعف). (¬1) - زوجة أبى حمزة: هجر ابو حمزة الضبى زوجته لأنها ولدت بنتاً ولم تلد ولداً .. وأراد الزواج من أخرى وأخذ يتبادل الزيارات مع الجيران بغية الزواج، وذات يوم دخل بيت جيرانه فرأته زوجته فأخذت تداعب أبنتها بابيات من الشعر بصوت عال وهى ترقصها: ما لأبى حمزة لا يأتينا ... يظل فى البيت الذى يلينا غضبان ألا نلد البنينا ... تالله ما ذلك فى أيدينا ونحن كالأرض لزارعينا ... ننبت ما قد زرعوه فينا ¬

_ (¬1) الإصابة لابن حجر 8/ 172.

فعاد الزوج إلى زوجته الحكيمة العاقلة، ودخل عليها الخباء فقبل رأس امرأته وابنته، وقال: ظلمتكما ورب العكبة (¬1). - هاجر عليها السلام: ما أعقلها حينما جاءها إبليس عليه لعنة الله، فقال: أين ذهب إبراهيم بابنك؟ قالت: ذهب في حاجته، قال: فإنه يريد أن يذبحه، قالت: وهل رأيت والدا يذبح ولده؟ قال: هو يزعم أن الله أمره بهذا، قالت: فقد أحسن حيث أطاع ربه .. وحينئذ علمت أنه إبليس فحملت حصيات ورجمته. - ملكة سبأ: قال ابن عباس - رضي الله عنه -: كان الهدهد يدل سليمان - عليه السلام - علي الماء، إذا كان بأرض فلاة طلبه فنظر له الماء في تخوم الأرض، فإذا دلهم عليه، أمر سليمان - عليه السلام - الجان فحفروا له ذلك المكان، حتى يستنبط الماء من قراره. فنزل سليمان يوما بفلاة من الأرض فتفقد الطير ليرى الهدهد فلم يراه: {فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَآئِبِينَ * لاُعَذّبَنّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأذْبَحَنّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنّي بِسُلْطَانٍ مّبِينٍ * فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنّي وَجَدتّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ *وَجَدتّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشّمْسِ مِن ¬

_ (¬1) انظر تربية الأولاد للصابونى – البيان والتبيين للجاحظ 1/ 108.

دُونِ اللهِ وَزَيّنَ لَهُمُ الشّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدّهُمْ عَنِ السّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ * أَلاّ يَسْجُدُواْ للهِ الّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ *اللهُ لاَ إِلََهَ إِلاّ هُوَ رَبّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * اذْهَب بّكِتَابِي هََذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمّ تَوَلّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ* قَالَتْ يَأَيّهَا الْمَلاُ إِنّيَ أُلْقِيَ إِلَيّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنّهُ بِسْمِ اللهِ الرّحْمََنِ الرّحِيمِ* أَلاّ تَعْلُواْ عَلَيّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَتْ يَأَيّهَا الْمَلاُ أَفْتُونِي فِيَ أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتّىَ تَشْهَدُونِ * قَالُواْ نَحْنُ أُوْلُو قُوّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ * قَالَتْ إِنّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوَاْ أَعِزّةَ أَهْلِهَآ أَذِلّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ*وَإِنّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ * فَلَمّا جَآءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ آتَانِي اللهُ خَيْرٌ مّمّآ آتَاكُمْ بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيّتِكُمْ تَفْرَحُونَ * ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنّهُم بِجُنُودٍ لاّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنّهُم مّنْهَآ أَذِلّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ * قَالَ يَأَيّهَا الْمَلاُ أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ*قَالَ عِفْرِيتٌ مّن الْجِنّ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مّقَامِكَ وَإِنّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ أَمِينٌ * قَالَ الّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مّنَ الْكِتَابِ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هََذَا

مِن فَضْلِ رَبّي لِيَبْلُوَنِيَ أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنّ رَبّي غَنِيّ كَرِيمٌ * قَالَ نَكّرُواْ لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِيَ أَمْ تَكُونُ مِنَ الّذِينَ لاَ يَهْتَدُونَ * فَلَمّا جَآءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنّا مُسْلِمِينَ* وَصَدّهَا مَا كَانَت تّعْبُدُ مِن دُونِ اللهِ إِنّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ* قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصّرْحَ فَلَمّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنّهُ صَرْحٌ مّمَرّدٌ مّن قَوارِيرَ قَالَتْ رَبّ إِنّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ} (¬1) من رجاحة عقلها: أنها لما أُلقى إليها كتاب سليمان - عليه السلام -، قرأته ثم استشارت وزرائها في أمرها وما قد نزل بها {مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتّىَ تَشْهَدُونِ مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتّىَ تَشْهَدُونِ} أي تحضرون {قَالُواْ نَحْنُ أُوْلُو قُوّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ} أي نحن أشداء إن شئت أن تقصديه وتحاربيه، وبعد هذا إن الأمر إليك نمتثله لها ما قالوا، كانت هي أحزم رأيا منهم وأعلم بأمر سليمان، لا قبل لها بجنوده وجيوشه، وما سخر له من الجن والإنس والطير، وقد شاهدت من قضية الكتاب ¬

_ (¬1) سورة النمل – الآيات من 20: 44.

مع الهدهد أمرا عجيبا بديعا فقالت لهم: إني أخشى أن نحاربه ونمتنع عليه فيقصدنا بجنوده ويهلكنا بمن معه، ويخلص إليَّ واليكم الهلاك والدمار دون غيرنا {إِنّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوَاْ أَعِزّةَ أَهْلِهَآ أَذِلّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونََ} ثم عدلت إلي المصالحة والمهادنة والمسالمة فقالت: {وَإِنّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُون} من جوابه - عليه السلام - فلعله يقبل ذلك منا، فكيف عنا، أو يضرب علينا خراجا نحمله إليه في كل عام ونلتزم له بذلك ويترك قتالنا ومحاربتنا. وقال قتادة: ما كان أعقلها في إسلامها وشركها، علمت أن الهداية تقع موقعا من الناس. وقال ابن عباس - رضي الله عنه -: قالت لقومها: إن قبل الهدية فهو ملك فقاتلوه، وإن لم يقبلها فهو نبي فاتبعوه. وهذا من أقوى الأدلة علي رجاحة عقلها حيث أمرت قومها باتباعه إن كان نبيا .. فكانت مشورتها مع قومها سببا لنجاتها ونجاة قومها وسبب إسلامها وسعادتها في الدارين: في الدنيا بالإسلام والزواج بنبي الله سليمان - عليه السلام -، وفي الآخرة بالخلود في الجنان. (¬1) ¬

_ (¬1) انظر القصة بتمامها في تفسير ابن كثير 2/ 668.

- جارية سليمان بن عبد الملك: يروي أن سليمان بن عبد الملك تجمل يوما ولبس ثيابه واعتم بعمامة، وعنده جارية فقال لها: كيف ترين الهيئة. قالت: أنت أجمل العرب لولا ... فطلب منها أن تكمل الجواب وتصرح بما أضمرت. فقالت: أنت نعم المتاع لو كنت تبقي ... غير أن لا بقاء للإنسان أنت خال من العيوب ومما ... يكره الناس غير أنك فان (¬1) - فتاة: عن عائشة رضي الله عنها، أن فتاة دخلت عليها فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع خسيسته، وأنا كارهة، قلت اجلسي حتي يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فأرسل إلي أبيها، فدعاه، فجعل الأمر إليها، فقالت: يا رسول الله! قد أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن أُعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء. (¬2) ما أعقل هذه الفتاة وحسن أدبها مع أبيها، حيث أنها عرفت أن الحق معها ثم تنازلت عنه لأبيها أدبا منها. ¬

_ (¬1) فانظر ترجمته في كتاب تاريخ الإسلام 3/ 142 – والبداية والنهاية لابن كثير. (¬2) سنن النسائي – كتاب النكاح – باب البكر يزوجها أبوها وهى كارهة 3/ 404، وابن ماجه في كتاب النكاح باب من زوج ابنته وهى كارهة 2/ 602.

- جارية: وبينما رجل يجلس في بيته، ومعه جاريته، فإذا به يسمع رجل يمشي في الشارع ومعه أدوات اللهو يلهو بها في الشارع. فقال لجاريته: انظري هذا الرجل هل هو حر أم عبد؟ فخرجت الجارية ورجعت فقالت: إنه حر، فخرج مسرعا ليعرف من هو .. فإذا به يجده عبدا، فقال لها: ألم تقولي إنه حر، وهو عبد. فقالت: لو كان عبدا ما فعل هذا!!! - زوجة شعيب بن حرب: أراد شعيب بن حرب أن يتزوج امرأة , فقال لها: إني لسئ الخلق , فقالت: أسوأ خلقا منك من يحوجك إلى أن تكون سيئ الخلق. - عجوز بني اسرائيل: عن علي - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سُئل عن شيء فأراد أن يفعله، قال نعم، وإذا أراد أن لا يفعله سكت، وكان لا يقول لشيء لا، فأتاه أعرابي، فسأله فسكت، ثم سأله فسكت، ثم سأله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - كهيئة المنتهر له: " سل ما شئت يا أعرابي "، فغبطناه، وقلنا: الأن يسأل الجنة، قال: أسألك راحلة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:" لك ذلك " ثم قال:"سل" قال: ورحلها، قال:"لك ذلك" ثم قال:" سل" قال: أسألك زاداً، قال:" ذاك لك " قال: فعجبنا من ذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " كم بين مسألة الأعرابي وعجوز بني اسرائيل"، ثم قال:" إن موسى - عليه السلام - لما أمر أن

يقطع البحر فانتهى إليه فضرب وجوه الدواب فرجعت، فقال موسى - عليه السلام -: مالي يا رب! قال: إنك عند قبر يوسف فاحمل عظامه معك " قال: وقد استوى القبر بالأرض فجعل موسى لا يدري أين هو، فسأل موسى: هل يدري أحد منكم أين هو؟ فقالوا: إن كان أحد يعلم أين هو، فعجوز بني فلان، لعلها تعلم أين هو، فأرسل إليها موسى فانتهى إليها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، قالت: ما لكم، قالوا: انطلقي إلي موسى، فلما أتته، قال: هل تعلمين أين قبر يوسف؟، قالت: نعم، قال: فدلينا عليه. قالت: لا والله حتى تعطيني ما أسألك قال: لك ذلك، قالت: فإني أسألك أن أكون معك في الدرجة التي تكون فيها في الجنة.، قال: سلي الجنة، قالت: والله! لا أرضى إلا أن أكون معك، فجعل موسى يرادها قال: فأوحى الله إليه أن أعطها ذلك فإنه لا ينقصك شيئاً فأعطاها ودلته علي القبر، فأخرجوا العظام وجازوا البحر. أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق واللفظ له والبغوى (¬1). انظر إلي عقل الأعرابي وعقل هذه العجوز تجد بينهما بونا شاسعاً .. فقد طلب الأعرابي دنيا زائلة .. وطلبت العجوز آخرة لا زوال لها ولم تطلب الجنة فحسب بل طلبت الفردوس الأعلى مع أنبياء الله ورسله .. فكم من النساء اليوم يطلبون أشياء الدنيا ويرغمون أزواجهم علي تحصيلها ويكون ذلك علي حساب آخرتهم. ¬

_ (¬1) جمع الجوامع للسيوطي برقم 16108، ورواه الحاكم في المستدرك – في كتاب التاريخ مختصرا 2/ 0571

- زوجة شريح القاضي (رحمهما الله): قال الشعبي: إن شريح القاضي قال له بعد زواجه من تميمة (امرأة من بني تميم) يا شعبي: عليكم بنساء بني تميم، فإنهن النساء. فقلت: وكيف هذا؟ قال: مررت بدور لبني تميم، فإذا بامرأة جالسة على وساد، وتجاهها جارية (فتاة) كأحسن ما رأيت، فاستسقيت (أي طلبت أن تسقيني). فقالت: أي الشراب أعجب لديك؟. فقلت: ما تيسّر. قالت: اسقوا الرجل لبنًاً، فإني أخاله غريباً. فلما شربت، نظرت إلى الجارية، فأعجبتني فقلت: من هذه؟. قالت: ابنتي. قلت: ومن؟ (أي من هو أبوها، وأصلها). قالت: زينب بنت جدير من بني حنظله. قلت: أفارغة أم مشغولة؟ (أي هل هي ذات زوج أومخطوبة لأحد؟؟). قالت: بل فارغة. قلت: أتزوجينيها؟. قالت: نعم، إ ن كنتَ كفاء.

فتركتها ومضيت إلى منزلي، لأقيل فيه (أي لأقضي فترة القيلولة) فلم يطب لي مقيل، فلما صليت، أخذت بعض إخواني من أشراف العرب، فوافيت معهم صلاة العصر، فإذا عمها جالس. فقال: أبا أميه ما حاجتك؟ فذكرت له حاجتي، وزوجني، وبارك القوم لي، ثم نهضنا، فما بلغت منزلي، حتى ندمت!! فقلت: تزوجت إلى أغلظ العرب، وأجفاها، وتذكرت نساء تميم، وغلظ قلوبهن، فهممت بطلاقها، ثم قلت أجمعها (أي أدخل بها، وأتزوجها) فإن لا قيت ما أحب وإلا طلقتها، وأقمت أياماً، ثم أقبل نساؤها يهادينها، فلما أُجلست في البيت، قلت: يا هذه! إن من السنة، إذا دخلت المرأة على الرجل، أن يصلي ركعتين، وتصلي هي كذلك، وقمت أصلي، ثم التفت ورائي، فإذا هي خلفي تصلي، فلما انتهيت، أتتني جواريها فأخذن ثيابي، وألبسنني ملحفة صبغت بالزعفران، فلما خلا البيت، دنوت منها، فمددت يدي إلى ناحيتها، فقالت: على رسلك (أي مهلاً)، فقلت في نفسي: إحدى الدواهي منيت بها (أي مصيبة ابتليت بها) فحمدت الله وصلت على النبي، وقالت: إني امرأة عربية، ولا والله ما سرت سيرا قط، إلا لما يرضي الله، وأنت رجل غريب، لا أعرف أخلاقك (أي لا أعرف طباعك)، فحدثني بما تحب فآتيه، وما تكرهه فأجتنبه، فقلت لها: أحب كذا وكذا (عدّد ما يحب من القول والأفعال والطعام ونحو ذلك) وأكره كذا (كل ما يكره)، قالت: أخبرني عن أصهارك (أهل قرابتك) أتحب أن يزوروك؟، فقلت: إني رجل قاضي، وما أحب أن يملوني. فقمت بأنعم ليلة، وأقمت عندها ثلاثا، ثم خرجت إلى مجلس القضاء، فكنت لا أرى يوما إلا هو أفضل من الذي قبله. حتى كان رأس الحول (أي بعد مرور عام)

ودخلت منزلي فإذا عجوز تأمر وتنهى!! فقلت: يا زينب ما هذه!؟ قالت: أمي. قلت: مرحبا. فقالت: يا أبا أمية، كيف أنت وحالك؟.قلت: بخير، أحمد الله. قالت: كيف زوجتك؟. قلت: كخير امرأة، وأوفق قرينة. لقد ربيّت، فأحسنت التربية، وأدبّت، فأحسنت التأديب. فقالت: إن المرأة لا ترى في حال أسوأ خلقاً منها في حالتين: (إذا حظيت عند زوجها .. وإذا ولدت غلاما). فإن رابك منها ريب (لا حظت ما يغضبك منها) فالسوط (أي عليك بضربها). فإن الرجال ما حازت في بيوتها شراً من الورهاء المدللة. وكانت كل حول تأتينا مرة واحده، ثم تنصرف بعد أن تسألني كيف تحب أن يزوروك أصهارك؟. وأجيبها: حيث شاؤوا [أي كما يشاءون] فمكثت معي عشرين سنه، لم أعب عليها شيئاً، وما غضبت عليها قط. ما نستخلصه من هذه القصة: 1) يجب أن يتحلى الرجل بالتدين والالتزام. 2) على الرجل المسارعة للزواج إذا وقع في نفسه حب فتاة، خشية الفتنة. 3) التحري عن الفتاة، وعن أهلها قبل الارتباط بها.

4) التوكل على الله، وعدم الخوف من المستقبل، والتفاؤل بنجاح الزواج. 5) إتباع السنن المتواترة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى في مسائل الزواج. 6) إتباع وسيلة الحوار، والملاطفة مع الزوجة، وخاصة في بداية عهدهما بالزواج لتحقيق التآلف المطلوب بينهما، وإزالة الرهبة من الفتاة. 7) إهتمام الرجل بزينته، أمر مطلوب كما هو الحال عند المرأة. لتدوم المودة بينهما، ويعف كل منهما الآخر عن النظر للغريب [فما يعجب العين، يقع في القلب]. 8) إتصاف المرأة برجاحة العقل أمر مهم، حيث أن ذلك يساعد في فهم، ومسايرة الرجل بما يوافق طبعه وخلقه. 9) التفاهم بين الزوجين منذ بدء الحياة الزوجية، يحقق الإستقرار والهدوء والخلو من المشاكل والمشاحنات. - - - - -

معينات علي الخير

مُعينات على الخير قال تعالي: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرّ وَالتّقْوَىَ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتّقُواْ اللهَ إِنّ اللهَ شَدِيدُ آلْعِقَابِ} (¬1) وقال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلََئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (¬2) وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " رحم الله رجلاً قام من الليل فصلي، وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلي، فإن أبي نضحت في وجهه الماء ". روه أبو داود والنسائي (¬3) ¬

_ (¬1) سورة المائدة - الآية 2. (¬2) سورة التوبة - الآية 71. (¬3) مشكاة المصابيح - باب التحريض على قيام الليل 1/ 388.

- أم المؤمنين خديجة (رضي الله عنها): عندما رجع الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - من الغار وقص عليها مجيء جبريل - عليه السلام -، فقال له: أقرأ ...... وأخبرها الخبر، وقال لقد خشيت علي نفسي، فقالت. خديجة كلا، والله لا يخزيك الله أبداً ... إنك لتصل الرحم، وتقرى الضيف، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتعين علي نوائب الحق .. فما كان أجمل من قولها إلا فعلها وذلك حين ذهبت به إلي ابن عمها ورقة بن نوفل، وقالت: يا ابن عم! اسمع من ابن أخيك ....... الخ؟. - أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها): عن عطاء رحمة الله قال: قلت لعائشة: أخبريني بأعجب ما رأيت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت: وأي شأنه لم يكن عجبا؟ إنه أتاني ليلة فدخل معيَ لحافي ثم قال: ذريتي أتعبدُ لربى، فقام فتوضأ ثم قام يصلى، فبكى حتى سالت دموعه على صدره، ثم ركع فبكى، ثم سجد فبكى، ثم رفع رأسه فبكى، فلم يزل كذلك حتى جاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقلت: يا رسول الله! وما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟، قال:" أفلا أكون عبدًا شكورًا ولم َ لا أفعل وقد أنزل الله علىَّ هذه الليله {إِنّ فِي خَلْقِ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلاَفِ الْلّيْلِ وَالنّهَارِ لاَيَاتٍ لاُوْلِي الألْبَابِ} (¬1) أخرجه ابن حبان في صحيحة. ¬

_ (¬1) سورة آل عمران – الآية 190.

- زوجة أبي الهيثم بن التيهان (رضي الله عنها): عن أبى هريرة - رضي الله عنه - قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ساعة لا يخرج فيها ولا يلقاه فيها أحد، فأتاه أبو بكر - رضي الله عنه - فقال: " ما جاء بك يا أبا بكر "؟ فقال: خرجت ألقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والنظر في وجهه والتسليم عليه، فلم يلبث أن جاء عمر - رضي الله عنه -، فقال له:" ما جاء بك يا عمر "؟ قال: الجوع يا رسول الله، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " وأنا قد وجدت بعض ذلك "، فانطلقوا إلي منزل أبي الهيثم بن التيهان الأنصاري، وكان رجلاً كثير النخل والشاء، ولم يكن له خدم، فلم يجدوه، فقالوا لامرأته: أين صاحبك، فقالت: انطلق يستعذب لنا الماء، فلم يلبثوا أن جاء أبو الهيثم بقربة يزعبها فوضعها، ثم جاء يلتزم النبي - صلى الله عليه وسلم - ويفديه بأبيه وأمه، ثم انطلق بهم إلي حديقته فبسط لهم بساطا، ثم انطلق إلي نخلة فجاء بقنو، فوضعه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أفلا تنقيت لنا من رطبه "؟ فقال: يا رسول الله! إني أردت أن تختاروا أو قال تخيروا من رطبه فأكلوا وشربوا من ذلك الماء، فقال رسولالله - صلى الله عليه وسلم -:" هذا والذي نفس بيده من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة، ظل بارد، ورطب طيب، وماء بارد " فانطلق أبو الهيثم ليصنع لهم طعاما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لا تذبحن ذات در " فذبح لهم عناقا ً (¬1) أو جدياً فأتاهم بها فأكلوا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " هل لك خادم؟ " قال: لا، قال: " فإذا أتاني سبي فأتنا ". فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - برأسين ليس لهما ثالث، فأتاه أبو الهيثم، فقال: النبي - صلى الله عليه وسلم -: " اختر منهما " فقال: يا نبي الله! اختر لي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:إن المستشار مؤتمن " خذ هذا فإني رأيته يُصلي واستوص به معروفاً " فانطلق أبو الهيثم إلي امرأته ¬

_ (¬1) أي الشاة الحلوب.

فأخبرها بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت امرأته: ما أنت ببالغ ما قال: فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أن تعتقه: قال: فهو عتيق! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:" إن الله لم يبعث نبياً ولا خليفة إلا وله بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا تألوه خبالاً ومن يوق بطانة السوء فقد وقيَ ". (¬1) انظري أختي المسلمة كيف كانت هذه المرأة العظيمة بطانة صالحة لزوجها حيث أعانته علي تنفيذ وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. بأحسن الوجوه وهو العتق .. فكوني دائماً أختي المسلمة معينة لزوجك علي امتثال أمر الله وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم -. - فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم - (ورضي الله عنها): عن سويد بن غفلة قال: أصابت عليا - رضي الله عنه - خصاصة، فقال: لفاطمة (رضي الله عنها): لو أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألته! وكان عند أم أيمن رضي الله عنها، فدقت الباب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأم أيمن: " إن هذا لدق فاطمة، ولقد أتتنا في ساعة ما عودتنا أن تأتينا في مثلها " فقالت: يا رسول الله! هذه الملائكة طعامها التهليل، والتسبيح، والتحميد ما طعامنا؟ قال: " والذي بعثني بالحق ما اقتبس في بيت آل محمد منذ ثلاثين يوما! ولقد أتتنا أعنز، فإن شئت أمرنا لكي بخمسة أعنز، وإن شئت علمتك خمس كلمات، علمنيهن جبريل، فقالت: بل علمني الخمس كلمات التي علمكهن جبريل! قال، قولي: يا أول الأولين! ويا آخر الآخرين! ويا ذا القوة المتين! ويا راحم المساكين! ويا ارحم الرحمين! " ¬

_ (¬1) صحيح رواه الترمذي – باب ما جاء في معيشة أصحاب النبي - ورواها لحاكم في المستدرك – كتاب الأطعمة 4/ 131.

فانصرفت، فدخلت علي عليَّ فقال: ما وراءك؟ فقالت: ذهبت من عندك للدنيا وأتيتك بالآخرة، فقال: خير أيامك. كذا في الكنز (¬1) انظر إلى هذا الأدب في سؤال فاطمة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قالت: هذه الملائكة طعامها التسبيح، .... ، .... ، وما قالت: يا رسول الله! انظر كيف عليُّ لم يأتي لي بالطعام ولم يعطني نفقه و ... و ... وكيف يقينيها علي كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وكيف اختيارها للكلمات علي الأعنز؟ وكيف هي معينة لزوجها علي أمر الآخرة .. وكيف أن عليُّ الذي اشتكى الخصاصة، ولم تشتكي هيََ، مع أن النساء أشد جزعا من الرجال؟ لا نستغرب ذلك كله فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني ". متفق عليه. (¬2) وفي رواية للبزار: عن علي رضي الله عنه، أنه كان عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: أي شيء خير للنساء؟ فسكتوا، فلما رجعت قلت لفاطمة: " أي شيء خير للنساء؟ قالت: لا يرهن الرجال، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " فاطمة بضعة مني. - أم المؤمنين (أم سلمه رضي الله عنها): يغيب ابن عمها سلمه عن الصلاة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتسأل عنه زوجته .. كما في مستدرك الحاكم عن أم سلمه رضي الله عنها أنها قالت لامرأة سلمه بن هاشم بن المغيرة: مالي لا أرى سلمه لم يحضر الصلاة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومع ¬

_ (¬1) حياة الصحابة ـ باب إيمان الصحابة بالغيب بأخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - 3/ 39. (¬2) مشكاة المصابيح – كتاب المناقب – مناقب أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - 3/ 1732.

المسلمين؟ قالت: والله! ما يستطيع أن يخرج، كلما خرج صاح به الناس: يا فرار! أفررتم في سبيل الله - عز وجل -؟ حتى قعد في بيته فما يخرج، وكان في غزوة مؤتة مع خالد بن الوليد - رضي الله عنه -. (¬1) - أم كلثوم بنت الصديق (رضي الله عنها): في ليلة من ذات الليالي، رأت زوجها طلحة بن عبيد الله مهموما لم ينم ليلته، وكان غنيا، فسألته عما أهمه؟ فقال لها: أتاني من حضرموت سبعمائة ألف درهم، فتفكرت منذ الليلة، فقلت ما ظن رجل بربه يبيت وهذا المال في بيته؟ قالت فأين أنت عن بعض أخلائك وأصحابك؟ فإذا أتي الصباح فادع بجفان وقصاع (أواني) وقسمه بينهم، فقال لها: رحمك الله! إنك موفقة بنت موفق .. فلما أصبح دعا بجفان ووضع فيها المال، فقسمه بين المهاجرين والأنصار، ولم يكد يترك لبيته شيئا، فقالت: له أبا محمد أما كان لنا في هذا المال من نصيب؟ فقال أين أنت منذ اليوم؟ فشأنك بما بقي، قالت: فما بقي إلا صرة فيها نحو ألف درهم (¬2). - الشفاء بنت عبد الله (رضى الله عنها): أخرج الطبراني والبيهقي: عن الشفاء بنت عبد الله رضي الله عنها، قالت: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اسأله، فجعل يعتذر إلىَّ وأنا ألومه، فحضرت الصلاة فخرجت ¬

_ (¬1) مستدرك الحاكم 3/ 42. (¬2) سير أعلام النبلاء 1/ 30.

، فدخلت علي ابنتي وهي تحت شرحبيل بن حسنة - رضي الله عنه -، فوجدت شرحبيل في البيت فقلت: قد حضرت الصلاة وأنت في البيت! وجعلت ألومه فقال: يا خاله! لا تلوميني، فإنه كان لي ثوب فاستعاره النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: بأبي وأمي! كنت ألومه منذ اليوم وهذه حاله ولا أشعر، فقال شرحبيل: ما كان إلا درع رقعناه. كذا في الترغيب (¬1). - وذكر الإمام ابن الجوزي: أن عمرة امرأة حبيب العجمي، انتبهت ليلة وهو نائم، فنبهته في السحر، وقالت له: قم يا رجل، فقد ذهب الليل وجاء النهار، وبين يديك طريق بعيد وزاد قليل، وقوافل الصالحين قد سارت قبلنا ونحن قد بقينا. - وروى الإمام أحمد: عن عائشة (رضي الله عنها) زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: أتت سلمى مولاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو امرأة أبي رافع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تستأذنه علي أبي رافع قد ضربها، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي رافع: " مالك ولها "؟ قال: تؤذيني يا رسول الله! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! " بم آذيته يا سلمى "؟ قالت: ما آذيته بشيء، ولكنه أحدث وهو يصلي، فقلت له: يا أبا رافع، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمر ¬

_ (¬1) حياة الصحابة ـ باب تحمل قلة الثياب في الدعوة إلى الله 1/ 310.

المسلمين إذا خرج من أحدهم الريح أن يتوضأ، فقام فضربني، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضحك ويقول " يا أبا رافع، إنها لم تأمرك إلا بخير ". - ويروى: أنه كان بمكة رجلا فقيراً، وله زوجة صالحة، فقالت له يوما ما عندنا قوت، فخرج إلي الحرم، فوجد كيسا به بعض الدنانير، ففرح بذلك وجاء به إلى زوجته، وقال: كيس وجدته ملقى بالحرم فالتقطته، فقالت له زوجته: لقطة الحرم لا بد لها من التعريف .. فخرج فسمع مناديا ينادي: من وجد كيسا فيه دنانير عدته كذا وصفته كذا، فقال الرجل: أنا وجدته، وها هو ذا بصفته وهيئته، فقال: هو لك، ومعه تسعمائة أخرى، فقال: أتهزأ بي. قال: لا والله، ولكن أعطاني رجل من العراق ألف من الدنانير، وقال: اطرح بعضها في الحرم، ثم ناد عليها، فإن ردها إليك من وجدها، فادفع إليه الجميع، فإنه أمين، والأمين يأكل ويتصدق، فتكون صدقتنا مقبولة لأمانته. - ويروى: أن بعض الجنود في معركة اليرموك، تأخرن للوراء حتى وصلوا إلى صفوف النساء، علمت النساء أن هؤلاء الرجال هربوا من صفوف القتال , فقلن بصوت جهوري: أيها الرجال: أين تذهبون وأنتم تهربون , والى أي جهة من جند الله تنزوون ,إن الله مطلع على أحوالكم فاتقوه، ثم إن هند زوجة أبى سفيان أخذت عمود الخيمة وخرجت به على رأس فرس زوجها ,

وقالت: يا ابن صخر؟ ارجع الى محاربة العدو واجعل نفسك فداء في سبيل الحصول على رضاء الله تعالى حتى يغفر لك ذنوبك التى سبقت منك , واذكر الأيام التي كنت فيها تحرض الناس على خلاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتساعد الكفار والمشركين على محاربته , عندها رجع وحارب وأبلى بلا أحسنا فى المعركة. - - - - -

نساء يراقبن الله جل جلاله

نساء يراقبن الله جل جلاله - بائعة اللبن: كان من عادة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، يطوف بالليل في شوارع المدينة المنورة ليتفقد أحوال رعيته، وفي ذات ليلة كان يسير ومعه مولاه " أسلم " فلما طال به المطاف استند إلى جدار بيت في جوف الليل، وإذا به يسمع امرأة داخل البيت تقول لابنتها: يا ابنتاه، قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء (أي اخلطيه)، فإنك قد أصبحت! فقالت البنت: أو ما علمت بما كان من عزمة أمير المؤمنين؟ قالت الأم: وما كان من عزمته يا بنيتي؟ قالت البنت: لقد أمر مناديه فنادي في الناس ألا يشاب (أي يخلط) اللبن بالماء. فقالت الأم: قومي يا بنيتي إلى اللبن فامذقية بالماء .. فإنك بموضع لا يراك فيه عمر، ولا منادي عمر!. فقالت البنت: يا أماه، والله ما كنت لأطيعه في الملأ وأعصيه في الخلاء، وإن كان عمر لا يري، فرب عمر يرى!، والله ما كنت لأفعله وقد نهى عنه. وهمس عمر إلي (أسلم) بأن يعرف المكان ويميز البيت، ولما أصبح الصباح، قال لأسلم: امضي لذلك الموضع فانظر من القائلة ومن المقول لها، وهل لها بعل (أي زوج). يقول أسلم: فأتيت الموضع، فنظرت فإذا الجارية أيم، لا رجل لها، وإذا تيك أمها، وإذا ليس لها رجل .. فأتت عمر بن الخطاب فأخبرته. وجمع عمر أولاده، وأخبرهم الخبر وعرض عليهم الزواج من هذه البنت، وان لم يتزوجها منهم أحد تزوجها هو - رضي الله عنه - .. فقبل

عاصم فزوجه .. فولدت له بنتا سموها " أم عاصم " .. وتزوجت أم عاصم عبد العزيز بن مروان وأنجبت له عمر بن عبد العزيز ... من هنا تحققت رؤيا عمر بن الخطاب .. فقد استيقظ من نومه، فمسح النوم عن وجهه. وهو يقول:" من هذا الذي من ولد عمر، يٌسمى عمر، يسير بسيرة عمر! وفي رواية: كان يقول: ليت شعري، من ذو الشج من ولدي الذي يملأ الأرض عدلا كما ملأت جورا. (¬1) فهذه البنت الفقيرة بسبب صلاحها تتزوج " عاصم بن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب " وكان من ثمار صلاحها عمر بن عبد العزيز .. الذي بسبب عدله اصطلح الذئب علي الغنم .. فهل لنا فيها أسوة؟ - امرأة مؤمنة خرج زوجها في الجهاد: أخرج عبد الرازق عن ابن جريج قال: أخبرني من أصدق أن عمر (رضي الله عنه) بينما هو يطوف سمع امرأة تقول: تطاول هذا الليل واسود جانبه ... وأرقنى أن لا حبيب ألاعبه فلولا حذار الله لاشئ مثله (¬2) ... لزعزع من هذا السرير جوانبه اللبن: فقال لها عمر - رضي الله عنه -: مالك؟ قالت: أغربت زوجي منذ أشهر، وقد اشتقت إليه. قال: أردت سوءاً. قالت: معاذ الله! قال: فاملكي عليك نفسك، فإنما هو البريد إليه فبعث إليه؛ ثم دخل على حصفة (رضى الله عنها) فقال: إنى سائلك ¬

_ (¬1) صفة الصفوة لابن الجوزي 4/ 92. (¬2) وفي تفسير ابن كثير: فو الله لولا الله أني أراقبه (مختصر تفسير ابن كثير 1/ 201).

عن أمر قد أهمني فافرجيه عنى، في كم تشتاق المرأة إلى زوجها؟ فخفضت رأسها واستحيت، قال: فإن الله لا يستحيى من الحق، فأشارت بيدها ثلاثة أشهر وإلا فأربعة .. فكتب عمر - رضي الله عنه -: أن لا تحبس الجيوش فوق أربعة أشهر كذا في الكنز. (¬1) وهذه القصة دليل قوى على شدة مراقبتها لله عز وجل. - المرأة البدوية: تعلق قلب رجل بامرأة بدوية، وقد ذهبت ذات ليلة إلى حاجة لها فتبعها الرجل، فلما خلا بها في البادية، والناس نيام حولهما، راودها عن نفسها، فقالت له: انظر أنام الناس جميعا؟ ففرح الرجل، وظن أنها قد أجابته إلى ما ابتغى، فقام وطاف حول مضارب الحي، فإذا الناس نيام، فرجع مسرورا وأخبرها بخلو المكان إلا من النيام، فقالت: ما تقول في الله تبارك وتعالى، أنائم في هذه الساعة؟ قال الرجل: إن الله لا ينام ولا تأخذه سنة. فقالت المرأة: إن الذي لم ينم ولا ينام، يرانا، وإن كان الخلق لا يروننا، فذلك أولى أن يخاف، فاتعظ الرجل وتركها وتاب خوفا من الله تعالى .. ولما مات رئي في المنام فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال غفر لي لخوفي منه وتوبتي إليه ¬

_ (¬1) حياة الصحابة - باب الجهاد - 1/ 458.

نساء ورعات

نساء ورعات - ورع أم المؤمنين عائشة بنت أبى بكر (رضي الله عنها): عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما مضت تسع وعشرون ليلة أعدهن دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدأ بي، فقلت: يا رسول الله! إنك أقسمت ألا تدخل علينا شهرا وإنك دخلت علينا من تسع وعشرون أعدهن، فقال: إن الشهر تسع وعشرون " رواه مسلم (¬1) وذلك حين اجتمع عليه نساءه وطلبن منه النفقة. - ورع أم المؤمنين زينب بنت جحش (رضي الله عنها): قالت عائشة (رضي الله عنها): وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأل زينب بنت جحش عن أمري (¬2)، فقال: "يا زينب ما علمت وما رأيت"؟ فقالت: يا رسول الله! أحمي سمعي وبصري، والله! ماعلمت عليها إلا خيرا 0 قالت: هي التي كانت تساميني من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فعصمها الله تعالي بالورع. متفق عليه. (¬3) المتأمل يجد الصدق .. الإخلاص .. التقوي .. الورع .. الحب .. حفظ اللسان .. وفيمن؟ في ضرتها، فكم من امرأة فرحت بما يقال عن ضرتها، وقامت بترويجه وإشاعته، وتنتظر طلاقها ليخلو لها الجو، وتحظي بزوجها وحدها 0 ¬

_ (¬1) انظر صحيح مسلم شرح النووى 10/ 93. (¬2) أي في حديث الإفك. (¬3) انظر الحديث بطوله في صحيح مسلم شرح التقوى 17/ 112.

فما كان من عائشة (رضي الله عنها) بعد أن سمعت من قول زينب فيها إلا أن ترد لها الجميل وتشهد لها بحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لها ومكانتها عنده، فتقول: وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - .. بل كررت هذه الشهادة وهي تروي لنا قصة اجتماع نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألنه العدل في ابنة أبي قحافة، لأن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة يبتغون مرضاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي كانت تساميني في المنزلة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم أر امرأة قط خيرا في الدين من زينب وأتقي لله، وأصدق حديثا وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد ابتذالا لنفسها في العمل الذي تصدق به، وتقرب به إلى الله تعالى، ماعدا سورة من حدة كانت فيها تسرع منها الفيئة ..... الخ الحديث. متفق عليه. . (¬1) - ورع المرأة الدمشقية: روى ابن عساكر في تاريخ دمشق عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: باعت امرأة (طشت)، في سوق الصفر (النحاس) بدمشق فوجده المشتري ذهبا فقال لها: أما إني لم أشتره إلا علي أنه صفر (نحاس) وهو ذهب فهو لك: فقالت: ما ورثناه إلا علي أنه صفر (نحاس)، فإن كان ذهبا فهو لك، فاختصما إلى الوليد بن عبد الملك، فأحضر رجاء بن حيوة، فقال: انظر فيما بينهما .. فعرضه رجاء علي المرأة، فأبت أن تقبله، فقال: يا أمير المؤمنين! أعطها ثمنه واطرحه في بيت المسلمين .. هذه القصة دليل علي ورع المرأة وتقواها ¬

_ (¬1) انظر صحيح مسلم شرح النووي _ باب فضائل أم المؤمنين عائشة 15/ 205.

حيث أنها لم تقبل الذهب مع أنه ملكها ورثته، كما أشارت إلي ذلك في قولها " ما ورثناه إلا علي أنه صفر " .. ودلت علي ورع الرجل أيضا. وهذه القصة شبيه جدا بما حدث فيمن كان قبلنا، كما في الحديث المتفق عليه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " اشترى رجل من رجل عقاراً، فوجد الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك، إنما اشتريت منك الأرض ولم اشتر الذهب، قال الذي له الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها، فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه: ألكم ولد؟ قال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية. قال: أنكحا الغلام الجارية وأنفقا علي أنفسكما منه وتصدقا ". (¬1) وعندما كنت أقرأ هذا الحديث، أقول في نفسي هذا الخبر يحكيه لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - عمن كان قبلنا .. أليس في أمتنا (خير أمة أخرجت الناس) مثل هذه الصفات التي وجدت في هذان الرجلان، فعندما قرأت هذه القصة يعلم الله - عز وجل - كم ملء قلبي من الفرحة، أن وجدت في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - من يفعل هذا الفعل. - أخت بشر الحافي (رحمها الله): يروى أن أخت بشر الحافي ذهبت إلى الإمام أحمد فقالت: إنا قوم نغزل بالليل ومعاشنا منه، وربما يمر بنا مشاعل الظاهرية ـ حرس بني ظاهر ولاة بغداد ـ ونحن علي السطح فنغزل في ضوئها الطاقة والطاقتين، أفتحله لنا أم تحرمه؟! فقال لها: من أنت؟ قالت: أخت بشر .. فقال: آه، يا آل بشر لا عدمتكم .. لا ¬

_ (¬1) رياض الصالحين ـ باب المنثورات والملح ص 620.

أزال أسمع الورع الصافي من قبلكم .. ! ويروى أن أحمد رحمه الله ـ بكى وقال: من بيتكم يخرج الورع الصادق .. لا تغزلي في شعاعها. (¬1) - يقول ابن الجوزي: بلغني أنه كان ببغداد رجل بزاز له ثروة، فبينما هو في حانوته أقبلت إليه صبية، فالتمست منه شيئا تشتريه، فبينما هي تحادثه كشفت وجهها في خلال ذلك فتحير، وقال: قد تحيرت والله مما رأيت! فقالت: ما جئت لأشتري شيئا، إنما لي أيام أتردد إلي السوق ليقع بقلبي رجل أتزوجه، وقد وقعت أنت بقلبي ولي مال، فهل لك بالتزوج بي؟ فقال لها: لي ابنة عم، وهي زوجتي وقد عاهدتها ألا أغيرها، ولي منها ولد، فقالت: قد رضيت أن تجئ إلي في الأسبوع نوبتين، فرضي، وقام معها، فعقد العقد، ومضي إلي منزلها فدخل بها. ثم ذهب إلي منزله، فقال لزوجته: إن بعض أصدقائي قد سألني أن أكون الليلة عنده، ومضي فبات عندها .. وكان يمضي كل يوم الظهر إليها .. فبقي علي ذلك ثمانية أشهر .. فأنكرت ابنة عمه أحواله، فقالت لجارية لها: إذا خرج فانظري أين يمضي؟ فتبعته الجارية، فجاء إلي الدكان، فلما جاء الظهر قام، وتبعته الجارية، وهو لا يدري، إلي أن دخل البيت تلك المرأة، فجاءت الجارية إلي الجيران، فسألتهم لمن هذه الدار، فقالوا: لصبية قد تزوجت برجل تاجر ¬

_ (¬1) انظر القصة في صفة الصفوة لابن الجوزي – وقد رويت من وجه آخر كما في البداية والنهاية لابن كثير.

بزاز، فعادت إلي سيدتها، فأخبرتها، فقالت لها: إياك أن يعلم بهذا أحد .. ولم تظهر لزوجها شيئا .. فأقم الرجل تمام السنة، ثم مرض ومات .. وخلف ثمانية آلاف دينار .. فعمدت المرأة التي هي ابنة عمه إلي ما يستحقه الولد من التركة وهو سبعة آلاف دينار، فأفردتها، وقسمت الأف الباقية نصفين، وتركت النصف في كيس، وقالت للجارية: خذي هذا الكيس، واذهبي إلي بيت المرأة واعلميها أن الرجل مات، وقد خلف ثمانية آلاف دينار وقد أخذ الإبن سبعة آلاف بحقه، وبقيت ألف، وقسمتها بيني وبينك وهذا حقك وسلميه إليها. فمضت الجارية فطرقت عليها الباب، ودخلت وأخبرتها خبر الرجل وحدثتها بموته، وأعلمتها الحال، فبكت وفتحت صندوقها وأخرجت منه رقعة، وقالت للجارية: عودي إلي سيدتك، وسلمي عليه مني وأعلميها أن الرجل طلقني، وكتب لي براءة، وردي عليها المال، فإني ما أستحق في تركته شيئا، فرجعت الجارية إلي سيدتها فأخبرتها. (¬1) - ورع امرأة من آل بيت النبوة رضوان الله عليهم: عن عطاء بن السائب قال: أوصى إلي رجل من أهل الكوفة في تركته وذكر أنه مولي لآل علي بن أبي طالب فقدمت المدينة فدخلت علي أبي جعفر (محمد بن علي) فقال: ما أعرفه، ودلني على أخته (أم كلثوم بنت علي) فإذا عجوز علي سرير في بيت رث، فإذا في اليت سقاء معلق، فجعلت أقلب بصرى في البيت، فقالت: يابني! لا يحزنك ما تري فأنا بخير، قلت أوصي إلي رجل بتركته، وذكر أنه مولي لكم، قالت ما أعفه وإن مولي لنا يقال له هرمز أو كيسان أخبرني أن ¬

_ (¬1) صفة الصفوة لابن الجوزي 2/ 246.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " يا كيسان إن آل محمد لا يأكلون الصدقة، وإن مولي القوم من أنفسهم، فلا تأكلها ". أختي المسلمة: تأملي وأنت تقرأين هذه القصه فإنك ستجدين الرضا والقناعة .. والورع والتقوي .. فتأملي وتأسي. - - - - -

نساء مخلصات

نساء مخلصات - امرأة من بني إسرائيل: ـ عن أبى هريرة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فاستقت له به، فسقته فغفر لها به " متفق عليه. (¬1) هذه المرأة مع ارتكابها لهذه الكبيرة " الزنا " وإصرارها عليها حيث أن هذه الكبيرة " الزنا " ديدنها. إلا أن الله - عز وجل - غفر لها، بماذا؟ بشفقتها علي مخلوق من خلق - عز وجل - .. إنها لم تسقى نبيا .. أو صالحا .. أو مجاهدا في سبيل الله .. بل لم تسقى إنسانا .. إنها سقت كلبا. بهذا العمل البسيط المملوء بالإخلاص، فالله - عز وجل - غفر لها وأدخلها جنته، ولعل من ثواب هذا العمل في الدنيا أن رزقها الله - عز وجل - التوبة النصوح. - قصة زبيدة امرأة هارون الرشيد والبئر: يحكى أن زبيدة امرأة الرشيد حفرت بئراً علي نفقتها، لتسقي منه حجاج بيت الله - عز وجل -، وبعد أن ماتت، رآها أحد أبنائها، فقال لها: كيف حالك يا أماه ¬

_ (¬1) رياض الصالحين - باب بيان كثرة طرق الخير صـ100ـ.

؟، قالت: غفر الله لي وأدخلني الجنة. فقال: لها بأي شيء يا أماه: قالت: بركعات كنا نُصليها في جوف الليل .. قال: والبئر يا أماه! قالت: إنا وجدناه لغير الله. - ويحكى: أن أحد الملوك أراد أن يبني مسجدا ويسميه باسمه، ليخلد اسمه، فأمر بلوح من رخام وكتب عليه اسمه، ثم بدأ في البناء ومنع قبول النفقة والمال والمساعدة من الناس، فما أن تم البناء، فنام ذات ليلة من الليالي، فإذا به يرى ملكا من السماء ينزل ويمحو اسمه من علي اللوح ويكتب اسم امرأة، فاستيقظ مفزوعا وقص علي من حوله الرؤيا، فقالوا: إنما هي أضغاث أحلام قال: بل اذهبوا وانظروا إلى اللوح، فذهبوا ثم رجعوا. وقالوا: وجدنا اسمك مكتوب كما هو .. ثم في الليلة الثانية رأى نفس الرؤيا، وفعل مثل ما فعل في الليلة الأولى، وفي الليلة الثالثة رأى نفس الرؤيا، وقد حفظ اسم المرأة، فقال لمن حوله من الخاصة اذهبوا واسألوا عن اسم هذا المرأة ثم ائتوني بها، فذهبوا وبحثوا عنها ثم أتوا بها، فسألها: هل ساهمت بشيء في بناء هذا المسجد، قالت: لا. قال: تذكري. فقالت: والله! ما ساهمت بشيء إلا أنني مررت بهذا المسجد وهو يبنى فرأيت الدابة التي يحمل عليها اللبن لهذا المسجد مربوطة وبالقرب منها الماء وهي تنظر إليه، فقربت إليها الماء فشربت فقال: أنت فعلت هذا الفعل لله وأنا بنيت المسجد لغير الله (حتى يخلد اسمي) وأمر أن يُمحي اسمه من علي المسجد ثم يكتب اسمها. - - - - -

نساء خائفات

نساء خائفات - أم المؤمنين السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق: فعن عوف بن مالك بن الطفيل، أن عائشة (رضي الله عنها)، حدثت أن عبد الله بن الزبير (رضي الله عنهما)، قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة (رضي الله عنها): والله! لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها، قالت: أهو قال هذا! قالوا: نعم، قالت: هو لله علي نذر أن لا أكلم ابن الزبير أبداً، فاستشفع ابن الزبير إليها حين طالت الهجرة، فقالت: لا، والله لا أشفع فيه أبداً، ولا أحنث في نذري. فلما طال ذلك علي ابن الزبير كلم المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، وقال لهما: أنشد كما الله لما أدخلتماني علي عائشة (رضي الله عنها)، فإنها لا يحل لها أن تنذر قطيعتي، فأقبل به المسور وعبد الرحمن حتى استأذنا علي عائشة فقالا: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، أندخل؟ قالت عائشة (رضي الله عنها): ادخلوا، قالوا: كلنا؟ قالت: نعم ادخلوا كلكم، ولا تعلم أن معهما ابن الزبير، فلما دخلوا، دخل ابن الزبير الحجاب فاعتنق عائشة (رضي الله عنها)، وطفق يناشدها ويبكي، وطفق المسور وعبد الرحمن يناشدنها إلا كلمته وقبلت منه، ويقولان إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عما قد علمت من الهجرة، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، فلما أكثروا علي عائشة من التذكرة والتحريج، طفقت تذكرهما وتبكى، وتقول: إني نذرت والنذر

شديد، فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة، وكانت تذكر نذرها بعد ذلك فتبكى حتى تبل دموعها خمارها. رواه البخاري (¬1) أخرج ابن سعد، عن عمرو بن أبى سلمة عن عائشة (رضي الله عنها) قالت: والله! لوددت أني كنت مدرة، والله! لوددت أن الله لم يخلقني شيئا قط. وعن ابن أبى ملكية أن ابن عباس - رضي الله عنه - دخل علي عائشة قبل موتها، فأثني عليها، قال: أبشري زوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... !!! ولم ينكح بكراً غيرك، ونزل عذرك من السماء، فدخل عليها ابن الزبير رضي الله عنه خلافه، فقالت: أثنى عليَّ عبد الله بن عباس ولم أكن أحب أن أسمع أحدا يُثنى عليَّ، لوددت أني كنت نسيا منسيا (¬2). وفي رواية الحاكم عن أبي ملكية قال جاء ابن عباس - رضي الله عنه - يستأذن علي عائشه (رضي الله عنها) في مرضها، فأبت أن تأذن له، فقال لها بنو أخيها: ائذني له، فإنه من خير ولدك، قالت: دعوني من تزكيته، فلم يزالوا بها حتى أذنت له، فلما دخل عليها، قال ابن عباس رضي الله عنهما: إنك سميت أم المؤمنين لتسعدي، وإنه لأسمك قبل أن تولدي .. إنك كنت من أحب أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب إلا طيبا، وما بينك وبين أن تلقى الأحبة إلا أن تفارق الروح الجسد ولقد سقطت قلادتك يوم الأبواء فجعل الله للمسلمين خيرة في ذلك فأنزل الله تبارك وتعالى آية التيمم، ونزلت فيك آيات من القرآن فليس مسجد من مساجد المسلمين، إلا تلي فيه عذرك، أناء الليل وأناء النهار، فقالت: دعني من تزكيتك لي يا ابن عباس، فوددت أني كنت نسيا منسيا " (¬3). ¬

_ (¬1) رياض الصالحين - كتاب المنثورات والملح - صـ628ـ. (¬2) حياة الصحابة 2/ 613. (¬3) الحاكم في المستدرك وقال صحيح ووافقه الذهبي 4/ 9.

- أم المؤمنين أم حبيبة (رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها): أخرج بن سعد عن عائشة (رضي الله عنها) قالت: دعتني أم حبيبة - (رضي الله عنها) زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عند موتها، فقالت: قد كان يكون بيننا مابين الضرائر، فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك، فقلت: غفر الله لك ذلك كله وتجاوز وحللك من ذلك، فقالت: سررتني سرك الله! وأرسلت إلي أم سلمة فقالت لها مثل ذلك (¬1). - المرأة الغامدية: روى مسلم في صحيحه أن امرأة تسمى الغامدية جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! إني زنيت فطهرني ... إلخ نفوس كريمة عفيفة , أخطأت .. أرغمها الخوف من الله - عز وجل - أن تعترف بزناها لتتطهر في الدينا من الذنب وتلقى الله طاهرة نقية، ما الذي جاء بها إنه الإيمان بالله - عز وجل - والخوف منه. ¬

_ (¬1) حياة الصحابة ـ كتاب خروج الصحابة عن الشهوات ـ باب استرضاء المسلم 2/ 418.

نساء عابدات .. قوامات

نساء عابدات .. قوامات - مريم عليها السلام: قال تعالى: {يَمَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرّاكِعِينَ} (¬1) قال قتادة في قوله {اقْنُتِي لِرَبّكِ}: أطيعي لربك. عن أبى سعيد: كانت مريم تصلى حتى ترم قدماها. وعن الأوزاعى: كانت مريم تقوم حتى يسيل القيح من قدميها. وعن مجاهد. قال: لما قيل لمريم {اقْنُتِي لِرَبّكِ}، قامت حتى ورمت قدميها. وبسبب المجاهدة واليقين على الله - عز وجل - .... كان الله - عز وجل - يرزقها بغير حساب كما في قولها {إنّ اللهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (¬2) (¬3) ¬

_ (¬1) سورة آل عمران - الآية 43. (¬2) سورة آل عمران - الآية 37. (¬3) الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي 2/ 195.

- أم سليمان النبي عليه وعليها السلام: عن عثمان بن أبى العاص قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " كان لداود (عليه السلام) من الليل ساعة يوقظ فيها أهله يقول: قوموا فصلوا، فإن هذه الساعة يستجيب الله عز وجل فيها الدعاء إلا لساحر أو عشار (¬1) ". رواه أحمد (¬2). وكانت أم سليمان توصي ابنها وتقول: يا بني لا تدع الصلاة بالليل فإن النوم بالليل يجعل العبد فقيرا يوم القيامة. - أم المؤمنين زينب بنت جحش (رضي الله عنها): كانت (رضي الله عنها) تحب قيام الليل، لتخلوا بربها - عز وجل -، فتقوم حتى تتعب فتجعل لها حبل بين الأعمدة لتعتمد عليه، فعن أنس رضي الله عنه. قال: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - المسجد فإذا بحبل ممدود بيني الساريتين (¬3)، فقال: " ما هذا الحبل؟ قالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت (¬4) تعلقت به. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " حلوه، ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليرقد " متفق عليه. (¬5) ¬

_ (¬1) آخذ العشور من أموال الناس. (¬2) مشكاة المصابيح ـ كتاب الصلاة ـ باب التحريض علي قيام الليل 3898. (¬3) أي من سواري المسجد. وفي رواية مسلم:" بين ساريتين " والسارية العمود. (¬4) أي كسلت عن القيام فى الصلاة. (¬5) رياض الصالحين ـ باب الاقتصاد في الطاعة ص 104.

- أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب (رضي الله عنهما): لما طلقها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء جبريل عليه السلام وقال له: راجع حفصة، فإنها صوامة قوامة، وإنها زوجك فى الجنة ". رواه الطبراني برجال الصحيح. انظر لهذه المرأة الصالحة ـ الله عز وجل أنزل جبريل من أجلها يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بمراجعتها ـ لأن الله يحبها .. لما بينها وبينه سبب واصل وهو مداومتها على الصوم والصلاة .. ولهذا ذكر ابن كثير فى كتابه البداية والنهاية: أن رجلا سأل امرأة عابدة أن تدعو له. فقالت: فهل بينك وبينه سبب واصل، فإذا دعوته لك استجاب لى. - معاذة بنت عبد الله أم الصهباء العدوية البصرية (رحمها الله): كانت إذا جاء النهار , قالت: هذا يومي الذي أموت فيه , فما تنام حتى تمسى , وإذا جاء الليل قالت هذه ليلتي التي أموت فيها , فما تنام حتى تصبح .. وإذا كان البرد كانت تلبس الثياب الرقاق حتى يمنعها البرد من النوم. وكانت تصلى في كل يوم وليله ستمائة ركعة , وتقرأ جزئها من الليل تقوم به. وكانت تقول عجبت لعين تنام وقد عرفت طول الرقود في ظلم القبور.

وكان زوجها صلة بن أشيم في مغزى معه ابن له , فقال: أي بني! تقدم فقاتل حتى احتسبك , فحمل فقاتل حتى قتل .. ثم تقدم فقتل , فاجتمعت النساء عندها فقالت: إن كنتن جئتن لتهنئنني فمرحبا بكن وإن كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن .. ولم تتوسد معاذة فراشا بعد أبى الصهباء حتى ماتت. ولما جاءها الموت بكت ثم ضحكت فقيل لها مم بكيت ثم ضحكت؟ قالت: أما البكاء الذي رأيتم , فإني ذكرت مفارقه الصيام والصلاة والذكر فكان البكاء لذلك ... وأما الذي رأيتم من تبسمي وضحكى فإني نظرت إلى أبى الصهباء قد أقبل في صحن الدار وعليه حلتان خضراوان وهو في نضر ما رأيت لهم في الدنيا شبها فضحكت إليه ولا أراني أدرك بعد ذلك فرضا فماتت قبل أن يدخل وقت الصلاة (¬1). - حفصه بنت سيرين (رحمها الله):- نشأت في بيت تقوى وصلاح فأخيها محمد بن سيرين صاحب كتاب تفسير الأحلام .. قرأت القران وهى ابنة اثنتي عشرة سنه وماتت وهى ابنه تسعين سنه .. مكثت في مصلاها ثلاثين سنه لا تخرج إلا لحاجة أو لقائلة (¬2). - فاطمة بنت محمد بن المنكدر (رحمها الله): كانت نهارها صائمة فإذا جنها الليل تنادى بصوت حزين: هدأ الليل واختلط الظلام وأوى كل حبيب إلى حبيبه وخلوت بك. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ الإسلام للذهبي 3/ 76 - صفه الصفوة لابن الجوزى 4/ 13. (¬2) صفه الصفوة لابن الجوزى4/ 14.

- امرأة رياح بن عمرو القيسى (رحمها الله): كان زوجها رجل صالح وأراد أن يختبر عزيمتها على قيام الليل، فتناوم، فقامت هى تصلى وأيقظته، فادعى التثاقل وأنه سيقوم، فكررت إيقاظه بعد ما مضى ربع الليل، وهكذا إلى أن مضى الليل ولم يقم فقالت: مضى الليل وعسكر المحسنون وأنت نائم! ليت شعرى من غرنى بك يا رياح (¬1). - - - - - ¬

_ (¬1) صفه الصفوة لابن الجوزى4/ 44.

نساء فقيهات

نساء فقيهات قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلََئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (¬1). وقال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنّ وَلاَ تَبَرّجْنَ تَبَرّجَ الْجَاهِلِيّةِ الاُولَىَ وَأَقِمْنَ الصّلاَةَ وَآتِينَ الزّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيرا * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىَ فِي بُيُوتِكُنّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنّ اللهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً} (¬2). فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجلس مع نساءه ويحدثهم، فيتعلمون منه أمور دينهم، وما أشكل عليهم شيئاً إلا سألوا عنه، فقد روى البخاري في صحيحه في كتاب العلم أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت لا تسمع شيئاً لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك " قلت: أو ليس يقول ¬

_ (¬1) سورة التوبة - الآية 71. (¬2) سورة الأحزاب - الآيتان 33، 34.

الله: " فسوف يحاسب حساباً يسيراً " فقال: " إنما ذلك العرض؛ ولكن من نوقش في الحساب يهلك ". متفق عليه. (¬1) وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الحديث عن أبى سعيد الخدرى قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد حياءً من العذراء في خدرها ..... ) متفق عليه. (¬2) فما كان يستطيع أن يجيب عن كل سؤال يٌعرض عليه من جهة النساء بالصراحة الكاملة، بل كان يكنى في بعض الأحيان .... ولربما لم تفهم المرأة عن طريق الكناية مراده عليه السلام، فتقوم أمهات المؤمنين بتوضيح مراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما تروي لنا السيدة عائشة (رضي الله عنها) ذلك، قالت: إن امرأة من الأنصار سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن غسلها من المحيض، فأمرها كيف تغتسل، ثم قال: خذي فرصة من مسك فتطهري بها " قالت: كيف أتطهر بها؟ قال سبحان الله! تطهري بها " فاجتذبتها إلىَّ فقلت لها: تتبعي بها أثر الدم. متفق عليه. (¬3) فكانت نساء الأنصار حريصات على معرفة الأحكام في أخص أمورهن، فكانوا كما تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: نعم النساء، نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين. وتروى لنا أم سلمة رضي الله عنها قالت: قالت أم سليم: يا رسول الله! إن الله لا يستحيى من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال: نعم، إذا رأت الماء " فغطت أم سلمة وجهها، وقالت: يا رسول الله! أو تحتلم المرأة؟ قال: " نعم " تربت يمينك، فبم يشبهها ولدها؟ " ¬

_ (¬1) مشكاة المصابيح - باب الحساب والقصاص والميزان 3/ 1539، البخاري - باب من سمع شيئاً فراجع فيه حتى يعرفه انظر فتح الباري 1/ 207. (¬2) رياض الصالحين - كتاب الآداب - باب الحياء وفضله والحث علي التخلق به ص 294. (¬3) مشاة المصابيح - كتاب الطهارة - باب الغسل 1/ 136.

وزاد مسلم براوية أم سليم " إن ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر، فمن أيها علا أو سبق يكون منه الشبه. (¬1) وفى رواية: فقالت أم سلمة: لقد فضحت النساء، ويحك أو تحتلم المرأة؟ - مثال آخر: عن عائشة رضي الله عنها - أن امرأة رفاعة القرظى جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني كنت عند رفاعة، فطلقني فأبت طلاقي فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير، وما معه إلا مثل هدبة الثوب، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك " متفق عليه (¬2). فهكذا كن في حرصهن على معرفة ما ينفعهن من أحكام، يجعلهن يبحن، بأخص أسرارهن .. وكانت المرأة منهن تأتى إلى السيدة عائشة في الظلام لتسألها عن بعض أمور الدين .. من أحكام الحيض والنفاس والجنابة وغيرها. فكان لزوجاته الطاهرات أكبر الفضل في نقل جميع أحواله وأفعاله البيتية .... وعلى رأسهن السيدة عائشة (رضي الله عنها) فكانت من الذكاء والفهم بمكان ... فعن عروة بن الزبير قال: ما رأيت أحداً أعلم بالقران ولا بفريضه، ولا بحلال ولا بحرام، ولا بفقه، ولا بطب، ولا بشعر، ولا بحديث العرب، ولا بنسب من عائشة " (¬3) ¬

_ (¬1) المرجع السابق 1/ 135. (¬2) المرجع السابق 2/ 982. (¬3) رواه الحاكم في المستدرك 4/ 11 والمعجم الكبير للطبراني ورجاله رجال الصحيح.

وعن الزهري قال: لو جمع علم الناس كلهم، ثم علم أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكانت عائشة أوسعهم علماً " (¬1) وعن عطاء بن أبى رباح قال: كانت عائشة أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأيا في العامة. (¬2) وعن سفيان بن عيينة قال: قال معاوية بن أبى سفيان، يا زياد، أي الناس أعلم؟ قال: أنت يا أمير المؤمنين، قال: أعزم عليك، قال: أما إذا عزمت علىَّ عائشة. كان يسألها الأكابر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. فعن أبى موسى - رضي الله عنه - قال: ما أشكل علينا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثا قط، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علما ً " رواه الترمذي وصححه الألباني. (¬3) وعن القاسم بن محمد قال: كانت عائشة (رضي الله عنها)، قد اشتغلت بالفتوى زمن أبى بكر، وعمر، وعثمان، وَهُلمَّ جراً إلى أن ماتت وكنت ملازما لها " وروى لها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألفان ومائتان حديث وعشرة أحاديث (2210) أتفق الشيخان منهما على مائة وأربعة وسبعين حديثاً، وانفرد البخاري بأربعة وخمسين، ومسلم " ثمانية وسبعين .. وروى عنها خلق كثير من الصحابة والتابعين (رضي الله عنهم) أجمعين. ¬

_ (¬1) الحاكم في المستدرك 4/ 11. (¬2) المرجع السابق. (¬3) مشكاة المصابيح - كتاب المناقب - باب مناقب أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - 3/ 1746.

- أخي المسلم .. أختي المسلمة: تعالوا معي لننظر كم سنة صحبت عائشة (رضي الله عنها) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، روى مسلم عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهى بنت سبع سنين، وزفت إليه وهى بنت تسع سنين ولٌعبها معها، ومات عنها وهى بنت ثمان عشر سنة " نجدها صحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسع سنوات ... فكان محصلتها هذا العلم الكثير، وقد ورد فيها حديث قال عنه الإمام ابن كثير في البداية والنهاية أنه لا يثبت " خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء " وأنت أخت المسلمة: كم سنة صحبتي زوجك؟ كم تعلمت ّّمنه؟!! فلا أدرى العيب فيك أم في زوجك؟ ... صراحة لا نظلمك، فالعيب في الرجال، لأنهم في خارج البيت دعاة، وداخل البيت .. أصحاب الطعام والشراب وقضاء الحاجات والشهوات، ونسوا قول الله تعالى: {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ قُوَاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاّ يَعْصُونَ اللهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (¬1). والمرأة ظل الرجل ولا يستقيم الظل والعود أعوج. ¬

_ (¬1) سورة التحريم – الآية 6.

- والمشايخ كل يوم يقولون يا أحباب اتقوا الله في النساء، وأقيموا حلقة التعليم في البيت ولكن لا حياة لمن تنادى!! إلا من رحم ربى .. نسأل الله عز وجل أن يجعل بيوتنا كبيت النبي - صلى الله عليه وسلم - {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىَ فِي بُيُوتِكُنّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنّ اللهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً} (¬1) - زواج بنت سيد التابعين (سعيد بن المسيب): ومن حلقة التعليم في البيت تخرجت ابنة سيد التابعين سعيد بن المسيب (رحمه الله) التي خطبها الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان لابنه الوليد .. فرفض سعيد بن المسيب وخشي على ابنته من الترف في قصور بني أمية فتنس ربها .... وفي يوم من الأيام غاب عن مجلسه تلميذه عبد الله بن وداعة، لبضعة أيام ثم عاد مرة ثانيه، فسأله ابن المسيب: عن غيابه؟ فأخبره بوفاة زوجته وانشغاله بذلك، فقال ابن المسيب: فهلا أخبرتنا حتى نشهدها ونشاطرك العزاء؟ ثم سأله: هل استحدثت امرأة؟ هل تزوجت بأخرى؟ قال ابن وداعه: لا ومن الذي يزوجني لا أملك من الدنيا إلا ثلاثة دراهم، فقال ابن المسيب: أنا ثم وضع يده في يد عبد الله بن وداعة أمام الحاضرين إلى لمجلسه فى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم حمد الله وأثنى عليه وصلى علي نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ثم أشهد جماعة المسلمين أنه زوج كريمته لعبد الله بن وداعة على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأخذ سعيد بن المسيب ابنته ثم ذهب إلى بيت عبدالله بن وداعة ثم طرق الباب فخرج عبد الله فقال له سعيد: إنك كنت رجلا عزباً فتزوجت، فكرهت أن تبيت الليلة وحدك، وهذه امرأتك، ثم تركهم وانصرف، ولما أراد ابن وداعة أن ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب – الآية 34.

يخرج، قالت له زوجته: إلى أين؟ قال: لأحضر درس سعيد. فقالت له: اجلس هنا أعلمك علم سعيد. - ولهذه الزيجة من فوائد عظيمة جداً: 1 - درس وعبره لكل من ينتظر من يَطرق عليه الباب خاطباً لابنته، فمن ينتظر؟ دكتور مهندس .. صاحب الشركة .. صاحب المصنع .. أم صاحب الدين؟!! 2 - كم كان في هذا الزواج من بساطة؟ ماذا دلت كلمة المرأة " اجلس حتى أعلمك علم سعيد "؟ تدل: على حلقات التعليم التي كان يبثها سعيد في بيته لزوجه ولأولاده. فلا تتعجب فإن أبيها سيد فقهاء التابعين .. وأمها بنت أبي هريرة رضي الله عنه. - فقه أم المؤمنين أم سلمة (رضي الله عنها): قالت رضي الله عنها: كان الناس علي عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضعون أبصارهم في الصلاة موضع سجودهم، وفي عهد أبي بكر رضي الله عنه قريبا من سجودهم، وفي عهد عمر طمحت أبصارهم إلي القبلة، وفي عهد عثمان رضي الله عنه التفتوا يمينا وشمالا فحدثت الفتنة. وهذا يدل علي فقه أم سلمة رضي الله عنها وفهمها، حيث ربطت حال الأمة بحالهم في صلاتهم .. ودليل علي قوة استنباطها للأحكام الفقهية الموافقة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فعن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخلل الصف من ناحية، يمسح صدورنا، ومناكبنا، يقول: " لا تختلفوا فتختلف قلوبكم "

رواه أبو داود بإسناد حسن (¬1). وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال سمعت رسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: " لتسون صفوفكم أو لا يخالفن الله بين قلوبكم " متفق عليه حسن (¬2). وقد رزقت أم سلمة هذا الفهم بسبب تضحيتها لدين الله عز وجل. - فقه امرأة: نظر رجل إلى امرأته وهى صاعدة على السلم فقال لها: أنت طالق إن صعدت وطالق إن نزلت. وطالق إن وقفت .... فرمت بنفسها على السلم وسط الدار، فقال لها: فداك أبى وأمي، إن مات الإمام مالك أحتاج إليك أهل المدينة في أحكامهم. - فقه أم الشافعي رحمها الله: شهدت أم الشافعى عند القاضي هي ورفيقتها، فأراد القاضي أن يفصل بينهما، فقالت له أم الشافعي: ليس لك ذلك، لأن الله تعالي يقول: (أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) (¬3) ¬

_ (¬1) رياض الصالحين باب فضل الصف الأول ص 395. (¬2) المرجع السابق. (¬3) سورة البقرة – الآية 282.

- وكان ابن سيرين إذا أشكل عليه شئ من القراءة، قال: اذهبوا فاسألوا حفصة بنت سيرين لأخته كيف تقرأ. (¬1) - وكانت أم عيسي بنت إبراهيم الحربي فاضلة عالمة تفتي في الفقه. (¬2) - قال أبو الحسن الدارقطني: أمة الواحد بنت الحسين بن إسماعيل بن محمد القاضي المحاملي .. حفظت القرآن والفقه علي مذهب الشافعي، والفرائض وحسابها، والنحو وغير ذلك من العلوم .. مسارعة في الخيرات، وحدثت وكتب عنها الحديث (¬3). - وهذه فاطمة بنت علاء الدين السمرقندي الحنفي صاحب كتاب " تحفة الفقهاء " حفظت التحفة فكانت فقيهة , طلبها كثير من الرجال فلم يزوجها والدها , وعندما صنف أبو بكر الكاساني كتابه " بدائع الصنائع" وهو شرح التحفة عرضه على شيخه – أبوها – ففرح به كثيراً وزوجه ابنته وجعل مهرها منه ذلك فقالوا: شرح تحفته فزوجه ابنته، وكانت الفتوى تأتي فتخرج وعليها خطها وخط أبيها فلما تزوجت صاحب البدائع كانت تخرج وعليها خطها وخط أبيها وخط زوجها .. مهرها كتاب وأم سليم مهرها إسلام أبو طلحة .. نساء تشرف التاريخ بذكرهن. ¬

_ (¬1) صفة الصفوة لابن الجوزي 4/ 14. (¬2) المرجع السابق. (¬3) المرجع السابق.

نساء وفيات لأزواجهن

نساء وفيات لأزواجهن - امرأة نبي الله أيوب (- عليه السلام -): كان أيوب (- عليه السلام -) رجلا كثير المال من سائر صنوفه، وكان له أولاد وأهلون كثير، فسلب ذلك جميعه، وابتلي في جسده بأنواع من البلاء، ولم يبق منه عضو سليم سوي قلبه ولسانه، يذكر الله عز وجل بهما، وهو في ذلك كله صابر محتسب، ذاكر الله في ليله ونهاره وصباحه ومسائه، وطال مرضه حتى عافه الجليس، وأوحش منه الأنيس، وأخرج من بلده، ولم يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته، كانت ترعي له حقه، وتعرف قديم إحسانه إليها، وشفقته عليها، وكانت تتردد إليه وتُصلح من شأنه، وتعينه علي قضاء حاجته، وتقوم بمصلحته، وضعف حالها، وقل مالها، حتى كانت تخدم الناس بالأجر وتطعمه، وتقوم بأوده (رضي الله عنها وأرضاها) وهى صابرة معه على ما حل بها من فراق المال والولد، وما يختص به من المصيبة بالزوج، وضيق ذات اليد، وخدمة الناس، بعد السعادة والنعمة والخدمة والحرمة، وكانت تخدم الناس بالأجر وتطعم أيوب (- عليه السلام -) خوفا أن ينالهم من بلاءه أو تُعديهم بمخالطته، فلما لم تجد أحداً يستخدمها، فعمدت إلي شعرها فقصته، وباعت لبعض بنات الأشراف إحدى ضفيرتها بطعام طيب كثير،

فأتت به أيوب، فقال من أين لك هذا، وأنكره، فقالتك خدمت به أناسا، فلما كان الغد لم تجد أحداً فباعت الضفيرة الأخرى بطعام فأتته به فأنكره أيضا وحلف لا يأكله، حتى تخبره من أين لها هذا الطعام، فكشفت عن رأسها خمارها، فلما رأي رأسها محلوقاً، قال في دعاءه: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (¬1) فلما كان ذات يوم أبطأت عليه، فأوحي الله إلي أيوب في مكانه {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} (¬2) أي اضرب الأرض برجلك، فامتثل ما أمر به، فأنبع الله له عينا باردة الماء، وأُمر أن يغتسل فيها ويشرب منها، فأذهب الله عنه ما كان يجد من الألم والأذى والسقم والمرض الذي كان في جسده ظاهراً وباطناً، وأبدله الله بعد ذلك كله، صحة ظاهرة وباطنة، وجمالا تاما، فجاءت فلم تجده، فاستبطأته، فتلقته تنظره، وأقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء وهو أحسن ما كان فلما رأته، قالت: أي بارك الله فيك، هل رأيت نبي الله هذا المبتلى، فوالله القدير علي ذلك ما رأيت رجلا أشبه به منك إذ كان صحيحاً؟ قال: إني أنا هو .. فعوض الله صبرهما خيراً، وأبدلهما بعد الشقاء والعناء الراحة والسعادة، وأخلفهما الولد، وأعطاهما المال الكثير، قال: - صلى الله عليه وسلم - (بينما أيوب يغتسل عريانا، خر عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحثي في ¬

_ (¬1) سورة الأنبياء _ الآية82. (¬2) سورة ص _ الآية 42.

ثوبه، فناداه ربه عز وجل: ألم أكن أغنيتك عما تري، قال: بلي يا رب! ولكن لاغني لي عن بركتك) رواه البخاري0 أختي المسلمة .. انظري إلي إخلاص هذه المرأة العظيمة لزوجها، وصبرها عليه، ووفاءها له، وصيانتها لنفسها، وتفانيها في خدمته، ولم تتركه في أيام محنته .. كل ذلك ابتغاء مرضاة ربها 0 قصص الأنبياء لابن كثير ص 272 قيل: أن اسمها رحمة بنت إفراثيم، وقيل: ليا بنت يعقوب وقيل: ليا بنت منسا بن يعقوب - نائلة زوجة عثمان بن عفان (رضي الله عنهما): لما مات عثمان - رضي الله عنه -، وكانت نائلة زوجته مليحة الثغر، فكسرت ثناياها بحجر، وقالت: والله لا يجتليكن أحد بعد عثمان، وخطبها معاوية بالشام فأبت. (¬1) - أم الدرداء (رضي الله عنهما): يأتيها معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - خاطبا بعد موت أبي الدرداء، فأبت أن تتزوجه، وقالت سمعت أبا الدرداء يقول: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " المرأة في آخر أزواجها " أو قال: " لآخر أزواجها " أوكما قال، ولست أريد بأبي الدرداء بدلا. (¬2) إ ¬

_ (¬1) سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 12/ 239. (¬2) صفة الصفوة 4/ 297.

- فاطمة بنت عبد الملك بن مروان: لما تولى عمر بن عبد العزيز الخلافة أمر زوجته أن ترد إلي بيت المال، ما كان والدها أعطاها من جهاز وحُلي وجواهر .. فأمر به فحمل ووضع في بيت المال فلما مات عمر، وتولى الخلافة بعده يزيد أخوها، قال لها: إن شئت رددته عليك. وقالت: فإني لا أشاؤه، طبت عنه نفسا في حياة عمر، وأرجع فيه بعد موته؟! لا والله أبدا. وبكت عليه حتى عشي بصره. (¬1). إنه الحب .. إنه الوفاء .. إنه الرباط الوثيق الذي لايستطيع أحد أن يقطعه، ولو كان أمير المؤمنين. - - - - - ¬

_ (¬1) خامس الخلفاء الراشدين ـ عمر بن عبد العزيز ـ د. أحمد الشرباصي.

نساء صابرات

نساء صابرات - أم سليم (رضي الله عنها): عن أنس قال مات بن لأبي طلحة من أم سليم فقالت لأهلها لا تحدثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون انا أحدثه قال فجاء فقربت إليه عشاء فأكل وشرب فقال ثم تصنعت له أحسن ما كان تصنع قبل ذلك فوقع بها فلما رأت انه قد شبع وأصاب منها قالت يا أبا طلحة أرأيت لو ان قوما أعاروا عاريتهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم الهم ان يمنعوهم قال لا قالت فاحتسب ابنك قال فغضب وقال تركتني حتى تلطخت ثم أخبرتني بابني فانطلق حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما كان فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بارك الله لكما في غابر ليلتكما قال فحملت قال فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر وهي معه وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتى المدينة من سفر لا يطرقها طروقا فدنوا من المدينة فضربها المخاض فاحتبس عليها أبو طلحة وانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يقول أبو طلحة انك لتعلم يا رب انه يعجبني ان اخرج مع رسولك إذا خرج وادخل معه إذا دخل وقد احتبست بما ترى قال تقول أم سليم يا أبا طلحة ما أجد الذي كنت أجد انطلق فانطلقنا قال وضربها المخاض حين قدما فولدت غلاما فقالت لي أمي يا أنس لا يرضعه أحد حتى نغدو به على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما أصبح احتملته فانطلقت به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فصادفته ومعه ميسم فلما رآني قال لعل أم سليم ولدت قلت نعم فوضع الميسم قال وجئت به فوضعته في حجره ودعا

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعجوة من عجوة المدينة فلاكها في فيه حتى ذابت ثم قذفها في في الصبي فجعل الصبي يتلمظها قال فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انظروا إلى حب الأنصار التمر قال فمسح وجهه وسماه عبد الله (¬1) - أم سعد بن معاذ (رضي الله عنهما): عندما قتل ابنها عمرو بن معاذ (رضي الله عنه) جاءت تعدو، وسعد أخذ بلجام فرسه، فقال: يا رسول الله! أمي، فقال: " مرحباً بها " ووقف لها ... فلما دنت عزاها بابنها عمر بن معاذ، فقالت: أما إذا رأيتك سالماً، فقد اشتوت المصيبة (أي قلتَّ) ثم دعا لأهل من قتل بأحد وقال: يا أم سعد! أبشرى وبشرى أهلهم أن قتلاهم ترافقوا في الجنة جميعاً، وقد شفعوا في أهلهم جميعاً قالت: رضينا يا رسول الله! ومن يبكى عليهم بعد هذا؟ ثم قالت: يا رسول الله! أدع لمن خلفوا منهم، فقال: " اللهم اذهب حزن قلوبهم، واجبر مصيبتهم وأحسن الخلف على من خلفوا " (¬2) وما أن تمر سنتان من موت عمرو إلا ويلحق به أخيه البطل الشهيد سعد بن معاذ (رضي الله عنه) الذي اهتز له عرش الرحمن فرحا بقدوم روحه، علي أثر جرح قد أصابه في غزوة الخندق، بعد أن حكمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بني قريظة – وهو ابن سبع وثلاثون سنة – فصاحت أمه فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" ألا يرقأ دمعك ويذهب حزنك، فإن ابنك أول من ضحك الله إليه، واهتز له العرش ". (¬3) ¬

_ (¬1) صحيح مسلم _ باب فضائل أبي طلحة الأنصاري - رضي الله عنه -. (¬2) السيرة الحلبية 2/ 47 – سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 4/ 335. (¬3) رواه الحاكم في المسترك وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي 3/ 106.

فجاءت أم سعد تنظر إليه في اللحد، فردها الناس فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " دعوها "، فأقبلت حتي نظرت إليه وهو في اللحد قبل أن يبني عليه اللبن والتراب، فقالت: أحتسبك عند الله، وعزاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي قبره. . (¬1) - قال الأصمعي: أصيبت أعرابية بابنها وهي حاجة، فلما دفنته، قامت علي قبره وقالت: والله! يا بني، لقد غذوتك رضيعا، وفقدتك سريعا، وكأنه لم يكن بين الحالين مدة ألتذ بعيشك فيها، فأصبحت بعض النضارة والغضارة ورونق الحياة، والتنسم في طيب روائحها، تحت أطباق الثرى، جسدا هامدا، ورفاة سحيقا، وصعيداً جرزاً. أي بني: لقد سحبت الدنيا عليك أذيال الفناء، وأسكنتك دار البلى، ورمتني بعدك بنكبة الردى. أي بني: لقد أسفر لي عن وجه الدنيا، صباح داج ظلامه. ثم قالت: أي رب: منك العدل .. وهبته لي قرة عين، فلم تمتعني به كثيرا بل سلبتنيه وشيكا ثم أمرتني بالصبر ووعدتني عليه الأجر، فصدقت وعدك، ورضيت قناعك، فرحم الله علي من ترحم علي من استودعته الروح، ووسدته الثرى - اللهم: ارحم غربته، وآنس وحشته، واستر عورته، يوم تنكشف الهنات والسوءات. ولما أرادت الرجوع إلي أهلها، قالت: أي بني! إنني قد تزودت لسفري، فليت شعري، ما زادك لبعد طريقك، يوم معادك؟ ¬

_ (¬1) الطبقات الكري لابن سعد 3/ 432.

اللهم إني أسألك له الرضا، برضائي عنه0 اللهم إني أستودعك من استودعتني إياه في أحشائي جنينا واثكل الوالدات، ما أمضى حرارة قلوبهن، وأقلق مضاجعهن، وأقصر نهارهن، وأقل أنسهن، وأشد وحشتهن، وأبعدهن من السرور، وأقربهن من الأحزان .. ثم حمدت الله - عز وجل - واسترجعت وانصرفت وأبكت كل الحاضرين. - عجوز: وقفت عجوز أمام الحجاج بن يوسف الثقفي، يوم أن سجن ابنها، وحلف بالله للعجوز أن يقتله، فقالت في ثقة: لو لم تقتله لمات! ما أعقلك أيتها العجوز المؤمنة، الواثقة بربها .. وكيف أخذت هذا الأمر ببساطة؟ .. فما أحلي الإيمان، إذا امتلأ به القلب، وتنور به العقل، وفاض علي اللسان، وتزينت به الأركان0 - - - - -

نساء يحببن الإنفاق

نساء يُحببن الإنفاق في سبيل الله - إنفاق أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها): عن عبد الله بن الزبير (رضي الله عنهما)، قال: مات رأيت امرأتين أجود من عائشة وأسماء (رضي الله عنهما) وجودهما مختلف، أما عائشة فكانت تجمع الشيء إلي الشيء، حتى إذا كان اجتمع عندها قسمت، أما أسماء فكانت لا تمسك شيئا لغد (¬1). وأخرج ابن سعد عن أم درة، قالت: أتيت عائشة (رضي الله عنها) بمائة ألف ففرقتها وهي يومئذ صائمة، فقلت لها ما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهم لحما تفطرين عليه؟ فقالت لو كنت أذكرتين لفعلت 0 (¬2) وكانت (رضي الله عنها) إذا أخرجت الصدقة تعطرها، وتقول: إنها تقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل0 ¬

_ (¬1) رواه البخاري في الأدب المفرد ص 43. (¬2) كذا في الإصابة (حياة الصحابة - باب الإنفاق - قسم عائشة 2/ 219).

وإذا قال السائل: جزاك الله خيرا، تقول للخادم قول له: جزاك الله خيرا0 (لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) - إنفاق أم المؤمنين سودة بنت زمعة (رضي الله عنها): أخرج ابن سعد، عن محمد بن سيرين: أن عمر (رضي الله عنه) بعث إلي سودة (رضي الله عنها) بغرارة من دراهم، فقالت: ما هذه؟ قالوا: دراهم، قالت في غرارة مثل التمر! ففرقتها 0 - إنفاق زينب بنت جحش (رضي الله عنها): عن عائشة (رضي الله عنها) قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا "، قالت: فكن يتطاولن، أيتهن أطول يداً، قالت: وكان أطولنا يداً زينب لأنها كانت تعمل بيدها وتتصدق0 رواه البخاري ومسلم وللفظ لمسلم 0 (¬1) وفي لفظ البخاري: قالت عائشة (رضي الله عنها): فكنَّ إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، نمد أيدينا في الجدار نتطاول، فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب ¬

_ (¬1) صحيح مسلم شرح النووي – باب فضائل أم المؤمنين زينب 16/ 8

بنت جحش وكانت امرأة قصيرة، ولم تكن بأطولنا، فعرفنا حينئذ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أراد طول اليد بالصدقة 0 (¬1). وكانت زينب امرأة صناع اليد، فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق به في سبيل الله0 كذا في الإصابة لابن حجر0 وكانت زينب رضي الله عنها تخاف من فتنة المال00 ويروي لنا ذلك بن سعد عن برة بنت رافع، قالت: لما خرج العطاء، أرسل عمر (رضي الله عنه) إلي زينب بنت جحش بالذي لها، فلما دخل عليها، قالت: غفر الله لعمر! غيري من إخواني كان أقوي علي قسم هذا مني، قالوا: هذا كله لك، قالت: سبحان الله! واستترت منه بثوب، وقالت: صفوه واطرحوا عليه ثوبا، ثم قالت: أدخلي يدك فاقبضي منه قبضة، فاذهبي به إلي بني فلان، وبني فلان من أهل رحمها وأيتامها! حتى بقيت منه بقية تحت الثوب، فقالت لها برة: غفر الله لك يا أم المؤمنين والله! لقد كان لنا في هذا حق! قالت: فلكم ما تحت الثوب، قالت: فوجدنا ما تحته خمسة وثمانين درهما، ثم رفعت يدها إلي السماء، فقالت: اللهم! لا يدركني عطاء عمر بعد عامي هذا، فماتت0 وفي رواية أخري لابن سعد: عن محمد بن كعب قال: كان عطاء زينب بنت جحش (رضي الله عنها) اثني عشر ألفا، لم تأخذه إلا عاما واحدا، فجعلت تقول: اللهم لا يدركني هذا المال ¬

_ (¬1) مشكاة المصابيح - باب الإنفاق وكراهية الإمسك1/ 586.

من قابل فإنه فتنة، ثم قسمته في أهل رحمها، وفي أهل الحاجة، فبلغ عمر (رضي الله عنه)، فقال: هذه امرأة يراد بها خير، فوقف عليها وأرسل بالسلام، وقال: بلغني ما فرقت، فأرسل بألف درهم تستبقيها، فسلكت به هذا المسلك كذا في الإصابة - أم الدحداح (رضي الله عنها): عن أنس رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله! إن لفلان نخلة وأنا أقيم حائطي بها، فأمره أن يعطيني حتى أقيم حائطي بها، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: أعطه إياها بنخلة في الجنة، فأبي، قال: فأتاه أبو الدحداح (رضي الله عنه) فقال: بعني نخلتك بحائطي، قال: ففعل، فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! ابتعت النخلة بحائطي، فاجعلها له فقد أعطيتكها، فقال:" كم من عزق رداح لأبي الدحداح في الجنة " قالها مرارا، قال: فأتي امرأته فقال: يا أم الدحداح! أخرجي من الحائط فإني قد بعته بنخلة في الجنة0 وعن عبد الله بن مسعود قال: لما نزلت: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} (¬1) قال أبو الدَّحداح: يا رسول الله أو إن الله تعالى يريد منا القَرْضَ؟ قال: " نعم يا أبا الدَّحداح قال: أرني يدك؛ قال فناوله؛ قال: فإني أقرضتُ الله حائطًا فيه ستمائة نخلةٍ، ثم جاء يمشي حتى أتى الحائط وأم الدَّحداح فيه وعياله؛ ¬

_ (¬1) سورة البقرة _ الآية 245.

فناداها: يا أم الدَّحداح؛ قالت: لبيك؛ قال: اخرجي، قد أقرضتُ ربي عز وجل الحائط. قالت أمُّ الدَّحداح: ربح بيعك بارك الله لك فيما اشتريت، ثم أقبلت على صبيانها تخرج ما في أفواههم وتنفض ما في أكمامهم؛ حتى أفضت إلى الحائط الآخر (¬1). ماذا تقولين لو كنت مكانها؟ تصوري، لو أن زوجك عاد إليك يوما من عمله، فقال: يا أم فلان! وأنا في عودتي إليك من العمل، وجدت قوما منكوبين، ويحتاجون إلي المال، فأعطيتهم كل مرتبي لهذ الشهر؟ أدع لك الإجابة، أما أم الدحداح فقد تصدق زوجها بالحائط كله، الذي يقتاتون منه طول العام، ولكن السعادة تملأ قلبها، وتقول: ربح البيع .. يا لها من كلمة مملوءة بالإيمان بالله - جل جلاله -، والثقة فيما عند الله عز وجل (¬2). وجدير بنا أن نختم هذا الباب بوصية النبي - صلى الله عليه وسلم - لأسماء بنت أبي بكر: " انفقي ولا تحصي فيحصي الله عليك، ولا توعي فيوعي الله عليك، ارضخي ما استطعت" متفق عليه (¬3). - - - - - ¬

_ (¬1) تفسير القرطبي - الآية 245 من سورة البقرة. (¬2) رواه أحمد والطبراني والحاكم والبغوي (انظر كتاب حياة الصحابة2/ 14). (¬3) مشكاة المصابيح – باب الإنفاق وكراهية الإمسك1/ 583

نساء مضحيات

نساء مضحيات - أم المؤمنين خديجة (رضي الله عنها): كانت خديجة رضي الله عنه امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال على مالها فلما بلغها من صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعظم أمانته، وكرم أخلاقه، فبعثت إليه، فعرضت عليه أن يخرج لها في مال تاجرا إلي الشام، وتعطيه أفضل ما تعطي غيره من التجار، مع غلام لها يقال له ميسرة، فقبله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها وخرج في مالها ذاك، وخرج معه غلامها (ميسرة) حتى نزل الشام، فنزل - صلى الله عليه وسلم - في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان، فاطلع الراهب إلى "ميسرة" فقال: من هذا الرجل الذي تحت الشجرة؟ فقال "ميسرة ": هذا رجل من قريش من أهل الحرم. فقال الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي. وكان ميسرة، إذا كانت الهاجرة واشتد الحر، يرى ملكين يظلانه .. فلما قدم مكة أخبر ميسرة خديجة بما رأى من إظلال الملائكة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وما سمع من قول الراهب فيه. وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة، فذكرت ذلك لورقة بن نوفل وكان ابن عمها، فقال ورقة: لئن كان هذا حقاً يا خديجة إن "محمداً " لنبي هذه الأمة .. عرفت أنه كائن لهذه الأمة نبي ينتظر هذا زمانه.

فبعثت خديجة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبرته بإرادتها للزواج منه، وتزوجته - صلى الله عليه وسلم -. . فلما بلغ سن الأربعين حٌبب إليه الخلاء، فكان - صلى الله عليه وسلم - يخلو بغار حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة، فيتزود لمثلها ... حتى جاءه الحق وهو في غار حراء .. فجاءه الملك فقال: أقرأ فقال: ما أنا بقارئ. قال: فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ منى الجهد ثم أرسلني. فقال: أقرأ فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة، حتى بلغ منى الجهد. ثم أرسلني فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبّكَ الّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبّكَ الأكْرَمُ* الّذِى عَلّمَ بِالْقَلَمِ * عَلّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (¬1) فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد فقال: زملونى .. زملونى .. فزملوه حتى ذهب عنه الروع .. فقال لخديجة وأخبرها الخبر لقد خشيت على نفسي. فقالت خديجة: كلا والله، لا يخزيك الله أبدا .. إنك لتصل الرحم .. وتقرى الضيف، وتحمل الكَلَّ وُتكسب المعدوم، وُتعين علي نوائب الحق .. فانطلقت به خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل - ابن عم خديجة وكان امرءاً قد تنصر في الجاهلية ... وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب ... وكان شيخاً كبيراً قد عمى. فقالت له خديجة: يا بن عم! أسمع من ابن أخيك. فقال له (ورقة): يا بن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبر ما رأى. فقال له ورقة: هذا الناموس الذي كان ينزل على "موسى " يا ليتني فيها جذعاً، ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك فقال رسول الله ¬

_ (¬1) سورة العلق – الآيات من 1: 5.

- صلى الله عليه وسلم -: أو مخرجي هم؟! فقال نعم، لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزرا. ثم لم ينشب " ورقة أن توفى وفتر الوحي فترة. رواه البخاري. وقالت خديجة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا بن عم، أتستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذ جاءك؟ قال نعم. قالت: فإذا جاء فأخبرني به. فجاء جبريل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا خديجة هذا جبريل قد جاءني فقالت: قم يا بن عمى فاجلس على فخذي اليسرى: فقام رسول الله فجلس عليها. فقالت: هل تراه؟ قال: نعم. قالت: فتحول واقعد على فخذي اليمني، فتحول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلس على فخدها اليمني، فقالت هل تراه؟ قال نعم،، فحسرت فألقت خمارها ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس في حجرها ثم قالت: هل تراه؟ قال: لا. قالت: يا بن عم اثبت وأبشر فو الله إنه بملك ما هذا بشيطان " رواه البيهقي (¬1) فكانت (رضي الله عنها) عاقلة لبيبة .. فكانت أول من آمن به وصدقت بما جاء به من عند الله ووازر ته على أمره، فخفف الله بذلك عن رسوله، لا يسمع بشيء يكرهه من رد عليه، وتكذيب له، فيحزنه ذلك، إلا فرج الله بذلك عنه، إذا رجع إليها تثبته، وتخفف عنه وتصدقه وتهون عليه أمر الناس يرحمها الله تعالى. (¬2) وبسب هذه التضحيات العظيمة التي قدمتها أمنا خديجة، ووقوفها بجوار حبيبه ونبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - بشرها الله - عز وجل - بيت في الجنة، كما في الحديث عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: أتى جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! هذه خديجة قد ¬

_ (¬1) سبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد 2/ 314 - وصفوة السيرة النبوية لابن كثير 1/ 147. (¬2) سيرة ابن هشام 1/ 240 نقلا من كتاب سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 2/ 402.

أتت معها إناء فيه إدام وطعام، فإذا أتتك، فاقرأ عليها السلام من ربها ومنى، وبشرها ببيت فى الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب " متفق عليه. (¬1) وعن أنس (رضي الله عنه) قال: جاء جبريل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن الله عز وجل يقرأ على خديجة السلام، فقالت: إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام، وعليه السلام ورحمة الله " (¬2) وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سٌئل عن خديجة أنها ماتت قبل أن تنزل الفرائض والأحكام قال: أبصرتها على نهر من أنهار الجنة في بيت من قصب، لا لغو فيه ولانصب " رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني وابن حبان والدولابى. (¬3) قال السُهيلى في الروض الآنف: النكتة في قوله " من قصب " ولم يقل " من لؤلؤ، أن في لفظ القصب مناسبة، لكونها أحرزت قصب السبق بمبادرتها إلى الإيمان دون غيرها. (¬4) وفى العام الذي ماتت فيه خديجة وعمه أبو طالب سمى عام الحزن .. لحزن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على موتهما .. فكان ُيكثر الثناء عليها فروى، الإمام أحمد بسند جيد عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذكر خديجة رضي الله عنها أثنى فأحسن الثناء عليها، قالت فغرت يوماً، فقلت: ما أكثر ما تذكرها، حمراء الشدقين، قد أبدلك الله خيراً منها، فقال: " ما أبدلني الله خيرا منها، ¬

_ (¬1) مشكاة المصابيح - باب مناقب أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - 3/ 1743. (¬2) رواه النسائي، والحاكم في المستدرك كتاب معرفة الصحابة - خديجة - وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وأقره الذهبي. (¬3) سبل الهدى الرشاد في سيرة خير العباد 12/ 43 (¬4) سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 12/ 47.

قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله أولادها إذ حرمني أولاد النساء. (¬1) وعن عائشة قالت: ما غرت على أحد من نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، ما غرت على خديجة، وما رأيتها، ولكن كان يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم تكن في الدنيا إلا خديجة فيقول: " إنها كانت، وكان لي منها الولد " متفق عليه. (¬2) وبهذا قد تحصلت على الخيرية، ففي الحديث عن على قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة بنت خويلد " متفق عليه. (¬3). يقول د/ نعمان أبو الليل (¬4): لماذا فضلت خديجة (رضي الله عنها) علي عائشة (رضي الله عنها)؟ ... فرغم علم عائشة (رضي الله عنها) وفقهها، وكثرة روايتها للحديث، وخديجة (رضي الله عنها) لم ترو حديث واحد، وعائشة بنت الصديق أبو بكر، وخديجة لم يدرك أبيها الإسلام .. مع ذلك فالفرق واضح في تفضيل خديجة علي عائشة، وذلك لأن خديجة عاشت مع النبي في الفترة المكية التي كانت كلها مشاق وتعب وقلق واضطراب والنبي كل يوم يشتم ويضرب، ويتهم بالسحر .. والكذب .. والكهانة .. والشعر، ويؤذي في الله، وما يستطيع أن يعبد الله إلا سراً، فكانت تواسيه بمالها ونفسها، وتؤازره وتسانده وتثبته علي دعوته، فما أن يرجع إلي بيته، فلا يجد منها إلي صدر الأم الحنون0 ¬

_ (¬1) المرجع السابق 12/ 44. (¬2) المرجع السابق. (¬3) المرجع السابق. (¬4) إستاذ التفسير وعلوم القرآن بالجامعة الإسلامية ومن علماء التبليغ والدعوة بالأردن.

وبالطبع إذا سب، وقيل له: ساحر .. فهي زوجة من؟ مجنون .. فهي زوجة من؟ أما عائشة (رضي الله عنها) تزوجت الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الفترة المدنية، التي لاقي فيها ترحيب أهل المدينة (طلع البدر علينا) والمسلمون ملتفون حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبيها الصديق أبو بكر الوزير والصاحب الأول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وثاني اثنين إذ هما في الغار) فأخذت مكانة اجتماعية عالية فتنادي: يا أم المؤمنين! .. والرسول - صلى الله عليه وسلم - يدللها (يا عائش .. يا عويش .. يا موفقة .. يا ابنة الصديق) .. وهذا هو السبب الأول0 أما السبب الثاني: في فضل خديجة هو قوة تضحيتها وإنفاقها، مثل آسية " امرأة فرعون " فقد ضحت بالجاه والمنصب والمكانة الاجتماعية المرموقة، فهي زوجة الملك وسيدة القصر وتنادي بالملكة والأميرة0 أختي المسلمة: بعد أن قرأت كل هذا عن أول امرأة ضحت في سبيل الله - عز وجل - من أجل هداية الناس وانتشار الإسلام، وكيف نالت كل الخير بسبب التضحيات التي قدمتها من أجل دين الله - عز وجل -، حيث نالت محبة الله - عز وجل -، ومحبة جبريل عليه السلام، ومحبة محمد - صلى الله عليه وسلم -، بل محبة جميع خلق الله من المسلمين إلى أن تقوم الساعة .. فهل نويت أختي المسلمة أن تكوني مثلها فتقومي بجانب زوجك جانباً لجنب، وتؤازريه، وتناصريه، وتشجعيه، على نصرة دين الله - عز وجل - وتجهزيه للحركة في الأرض والخروج في سبيل الله - عز وجل - لدعوة الناس إلى الله - عز وجل - لتنالي ما نلته أم المؤمنين خديجة (رضي الله عنها).

- زينب بنت رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) (ورضي الله عنها): عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، قال: حدثت عن زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت بينما أنا أتجهز بمكة إلي أبي تبعتني هند بنت عتبة بن ربيعة، فقالت: يا بنت محمد ألم يبلغني أنك تريدين اللحوق بأبيك، قالت: فقلت: ما أردت ذلك، فقالت أي ابنة عم لا تفعلي إن كانت لك حاجة في متاع مما يرفق بك في سفرك وتبلغين به إلي أبيك فإن عندي حاجتك، قالت زينب: والله ما أراها قالت ذلك إلا لتفعل، قالت: ولكن خفتها فأنكرت أن أكون أريد ذلك، فتجهزت، فلما فرغت من جهازي قدم حموي كنانة بن الربيع أخو زوجي، فقدم لي بعير فركبت، وأخذ قوسه وكنانته، فخرج بي نهاراُ يقودها وهي في هودج لها، فتحدث بذلك رجال من قريش (ابن عبد العزي ونافع بن قيس الفهري لقرابة من بني أبي عبيد بإفريقية) يروعها هبار بن الأسود بالرمح، وهي في هودجها، وكانت المرأة حاملا فيما يزعمون، فلما وقعت طرحت ذا بطنها، فبرك حموها ونثر كنانته، ثم قال: لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهمي، فتلكأ الناس عنه وأتي أبو سفيان في جلة من قريش، فقال: أيها الرجل كف عنا نبلك حني نكلمك، فكف، فأقبل أبو سفيان، حتى وقف عليه فقال: إنك لم تصب، خرجت بالمرأة علي رؤوس الناس علانية، وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا وما دخل علينا من محمد - صلى الله عليه وسلم -، فيظن الناس وقد أخرج بابنته إليه علانية علي رؤوس الناس من بين أظهرنا، أن ذلك عن ذل أصابتنا عم مصيبتنا التي كانت وأن ذلك ضعف بنا ووهن، ولعمري ما لنا بحبسها عن أبيها حاجة، ولكن ارجع بالمرأة، حتى إذا هدأ الصوت وتحدث الناس أنا قد رددناها فسر بها سرا فألحقها بأبيها، قال، ففعل،

فرجع فأقامت لياليا، حتى إذا هدأ الصوت خرج بها ليلا، حتى سلمها إلي زيد بن حارثة وصاحبه، فقدما بها علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 0 رواه الحاكم (¬1) وفي رواية أخري للحاكم: عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة خرجت ابنته زينب مع كنانة أو ابن كنانة، فخرجوا في أثرها فأدركهما هبار بن الأسود فلم يزل يطعن بعيرها برمحه حتى صرعها وألقت ما في بطنها وأهراقت دما فحملت فاشتجر فيها بنو هاشم وبنو أمية، فقال بنو أمية نحنُ أحق بها، وكانت تحت ابن عمهم أبي العاص، فصارت عند هند بنت عتبة بن ربيعة وكانت تقول لها هند: هذا بسبب أبيك فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لزيد بن حارثة: ألا تنطلق فتجيئني بزينب، قال: بلي يا رسول الله! قال: " فخذ خاتمي فأعطها إياه فانطلق زيد فترك بعيره فلم يزل يتلطف، حتى لقي راعيا فقال: لمن ترعي، قال: لأبي العاص، قال: فلمن هذه الغنم، قال: لزينب بنت محمد، فسار معه شيئا، ثم قال له: هل لك أن أعطيك شيئا تعطيها إياها ولا تذكره لأحد قال: نعم فأعطاه الخاتم، فانطلق الراعي فأدخل غنمه، وأعطاها الخاتم، فعرفت، فقالت: من أعطاك هذا، قال: رجل، قالت: وأين تركته، قال: بمكان كذا وكذا، قال: فسكتت حتى إذا جاء الليل خرجت إليه، فلما جاءته، قال: لها اركبي، قالت: لا، ولكن اركب أنت بين يدي، فركب وركبت وراءه، حتى أتت فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول هي أفضل بناتي أصيبت فيَ، فبلغ ذلك علي بن الحسين، فانطلق إلي عروة، فقال: ما حديث بلغني عنك تحدثت به تنقص به حق فاطمة، قال: عروة إني لا أحب أن لي ما ¬

_ (¬1) في المستدرك وقال حديث فيه إرسال بين عبد الله بن أبي بكر وزينب 4/ 42 2) المرجع السابق 0

بين المشرق والمغرب وأني انتقص فاطمة (رضي الله عنها) حقا هو لها، وأما بعد فإن لك أن لا أحدث به (¬1) - أم حكيم بنت الحارث بن هشام (رضي الله عنها): لما كان يوم الفتح أسلمت أم حكيم بنت الحارث بن هشام، امرأة عكرمة بن أبي جهل، ثم قالت أم حكيم: يا رسول الله! قد هرب عكرمة منك إلي اليمن وخاف أن تقتله فآمنه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " هو آمن " فخرجت في طلبه ومعه غلام لها رومي، فراودها عن نفسها، فجعلت تمنيه حتى قدمت علي حي من عك، فاستعانتهم عليه، فأوثقوه رباطا، وأدركت عكرمة علي ساحل من سواحل تهامة، فركب البحر فجعل نوتي السفينة يقول له: أخلص، قال: أي شيء أقول؟ قال: قل لا إله إلا الله، قال عكرمة: ما هربت إلا من هذا، فجاءت أم حكيم علي هذا من الأمر، فجعلت تليح إليه، وتقول: يا ابن عم! جئتك من عند أوصل الناس، وأبر الناس، وخير الناس، لا تهلك نفسك، فوقف لها حتى أدركته، فقالت إني استأمنت لك رسولا الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أنت فعلت؟ قالت نعم! أنا كلمته فآمنك، فرجع معها، فقالت: ما لقيت من غلامك الرومي، وخبرته خبره فقتله عكرمة وهو يومئذ لم يسلم، فلما دنا من مكة، قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: " يأتيكم عكرمة بن أبى جهل مؤمنا مهاجراً، فلا تسبوا أباه، فإن سب الميت يؤذي الحي ولا يبلغ الميت "، قال: وجعل عكرمة يطلب منها أن يجامعها فتأبى عليه، وتقول: أنت كافر، وأنا مسلمة، فيقول: إن أمراً منعك منى، لأمر كبير، فلما رأي النبي - صلى الله عليه وسلم - عكرمة وثب إليه وما علي النبي - صلى الله عليه وسلم - رداءً فرحا بعكرمة، ثم جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوقف بين يديه ومعه زوجته

متنقبة، فقال: يا محمد! إن هذه أخبرتني، أنك آمنتني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صدقت فأنت آمن، فقال عكرمة: فإلى م تدعو يا محمد! قال: " أدعوك إلى أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتفعل وتفعل وعد خصال الإسلام، فقال عكرمة: والله! ما دعوت إلا إلي الحق وأمر حسن جميل، قد كنت والله!. كم من الفيافي والصحراء قطعتها أم حكيم، وكم جاء عليها من ليل ونهار، وهي تتبع زوجها، تتحرك علي قدميها، وتتحمل المشاق، لتحمل له نور الإيمان والهداية، وكم لاقت من غلامها الرومي في الطريق من المراودة عن النفس، وهي تتحمل وتصبر حتي جعل الله لها مخرجا، فضربت أروع الأمثلة في العفة والتضحية من أجل حب الله وحب رسوله صلي الله عليه وسلم. - أم شريك (رضي الله عنها): هذه المرأة المسلمة التي أسلمت قديماً في مكة، ثم أخذت تدعو إلى الإسلام، فقد روى ابن عباس - رضي الله عنه -: قال وقع في قلب أم شريك رضي الله عنها الإسلام، فأسلمت وهى بمكة وكانت تحت (أبى العسكر الدوسى)، ثم جعلت تدخل على نساء قريش سراً فتدعوهم إلى الإسلام حتى ظهر أمرها لأهل مكة فأخذوها وقالوا: لها لو قومك لفعلنا بك وفعلنا، ولكنا سنردك إليهم. قالت: فحملونى على بعير ليس تحتى شيئ موطأ ولا غيره ثم تركونى ثلاثاً لا يطعموننى ولا يسقوننى، قال: فما أتت على ثلاث حتى ما فى الأرض شيئ أسمعه، فنزلوا منزلاً، وكانوا إذا نزلوا أوثقونى فى الشمس وأستظلوا وحبسوا عنى الطعام والشراب حتى يرتحلوا، فبينما أنا كذلك إذ أنا بأثر شيئ على برد منه، ثم رفع، ثم عاد فتناولت، فإذا هو دلو ماء، فشربت منه قليلاً، ثم نزع منى، ثم عاد، فتناولته فشربته منه قليلاً، ثم رفع، ثم عاد أيضاً، ثم رفع، فصنع ذلك مراراً،

حتى رويت، ثم أفضت سائره على جسدى وثيابى، فلما استيقظوا، فإذا هم بأثر الماء، ورأونى حسنة الهيئة، فقالوا لى: انحللتى فأخذت سقاءنا فشربت منه؟ فقالت: لا الله ما فعلت ذلك كان من الأمر كذا وكذا، فقالوا: لئن كنتى صادقة فدينك خير من ديننا، فنظروا إلى الأسقية فوجدوها كما تركوها وأسلموا بعد ذلك (¬1). فجهد المرأة على المرأة مثلها، من أحسن الجهود قبولا، حيث أن المرأة كثيراً ما تأثر في زوجها وأولادها، وذوى رحمها، ولا سيما إذا كان بينهم المودة والمحبة، كما فعلت أم حكيم بنت حزام رضي الله عنها، حيث كانت حريصة على إسلام زوجها عكرمة بن أبى جهل - رضي الله عنه -. - أم سليم (رضي الله عنها): تضحي بصداقها إذا أسلم زوجها .. فقد أخرج الإمام أحمد عن أنس - رضي الله عنه - أن أبا طلحة - رضي الله عنه - خطب أم سليم - رضي الله عنه - قبل أن يُسلم، فقالت: يا أبا طلحة! ألست تعلم أن إلهك الذي تعبده نبت من الأرض؟ قال: بلي. قالت: أفلا تستحي تعبد شجرة؟ إن أسلمت فإني لا أريد منك صداقا غيره، قال: حتى انظر في أمري، فذهب ثم جاء، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فقالت: يا أنس زوج أبا طلحه فزوجها. كذا في الإصابة. انظروا إلى عقل هذه المرأة العظيمة التي ما رضيت بصداق غير الإسلام فكان صداقهاً أعظم صداقاً في الإسلام .. وقصة أم سليم أكبر مظهر من مظاهر مسئولية المرأة عن الدعوة إلى الله - عز وجل - وتضحياتها. ¬

_ (¬1) صفوة الصفوة لابن الجوزى 2/ 42، الإصابة فى تمييز الصحابة 8/ 238.

- تحمل أسماء بنت أبي بكر الصديق (رضي الله عنها): أخرج الطبرانى عن أسماء بنت أبى بكر (رضي الله عنها) قالت: كنت مرة في أرض أقطعها النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبى سلمه والزبير (رضي الله عنهما) في أرض بني النضير، فخرج الزبير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولنا جار من اليهود، فذبح شاة فطبخت، فوجدت ريحها، فدخلني ما لم يدخلني من شيء قط، وأنا حامل بابنتي خديجة فلم أصبر، فدخلت على امرأة اليهودي أقتبس منها ناراًُ لعلها تطمعني، وما بي من حاجة إلي النار، فلما شممت الريح ورأيته ازددت شرها (¬1)، فأطفأته، ثم جئت ثانياً اقتبس؛ ثم ثالثة، ثم قعدت أبكى وأدعو الله، فجاء زوج اليهودية فقال: أدخل عليكم أحد؟ قالت: العربية تقتبس ناراً. قال: فلا آكل منها أبداً أو ترسلي إليها منها، فأرسلت إلىَّ بقدحة - يعنى غرفة - فلم يكن شئ فى الأرض أعجب إلىّ من تلك الأكلة. كذا فى الإصابة (¬2). ¬

_ (¬1) أي شدة الحرص. (¬2) حياة الصحابة - باب تحمل الجوع في الدعوة إلى الله - عز وجل - جوع أسماء رضى الله عنها1/ 300.

- أم المؤمنين أم سلمة (¬1) (رضي الله عنها): عن أم سلمة (رضي الله عنها) قالت: لما أجمع أبو سلمة - رضي الله عنه - الخروج إلى المدينة رحل لي بعيره، ثم حملني عليه، وجعل معي سلمة بن أبي سلمة في حجري، ثم خرج يقود بي بعيره، فلما رأته رجال بني المغيرة قاموا إليه فقالوا: هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتنا هذه، علام نتركك تسير بها في البلاد، فنزعوا خطام البعير من يده، وأخذوني منه. قالت: وغضب عند ذلك بنو عبد الأسد رهط أبى سلمة، وقالوا: والله! لا نترك ابننا عندها، إذ نزعتموها من صاحبنا. قالت: فتتجاذبوا ابني سلمة بينهم حتى خلعوا يده، وانطلق به بنو عبد الأسد، وحبسني بنو المغيرة عندهم، وانطلق أبو سلمة إلى المدينة! قالت: ففرق بيني وبين ابني وبين زوجي (¬2)، فكنت أخرج كل غداة فأجلس في الأبطح، فما أزال أبكى حتى مر بي رجل من بني عمي أحد بني المغيرة، فرأى ما بى فرحمني، فقال لبنى المغيرة: ألا تخرجوا هذه المسكينة، ¬

_ (¬1) وهي هند بنت أبي أمية – واسمه حذيفة، وقيل سهيل – ويدعي زاد الركب وكانت قبل زواجها بالنبي - صلى الله عليه وسلم - عند أبي سلمة بن عبد الأسد، ابن عمة النبي برة بنت عبد المطلب، وكان أخا النبي من الرضاعة، أرضعتهما وحمزة ثويبة مولاة أبي لهب .. ولدت له (سلمة .. وعمرة .. ودرة) أسلم بعد عشرة أنفس، وكان أول من هاجر إلي الحبشة .. وأول من هاجر إلي المدينة، وكان قد جرح بأحد جرحا، ثم انتقض عليه – ولما مات كان الذي أغمضه النبي ثم دعا له، فمات سنة أربع، فتزوجها النبي وكانت من أجمل النساء – وهي آخر نساءه وفاة (تاريخ الإسلام 1/ 351). (¬2) أتدرون ما جزاء هذه التضحية العظيمة من السيدة الجليلة أم سلمة (رضى الله عنها) هو الزواج من الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأصبحت أما للمؤمنين، وصدق الله العظيم، حيث قال: " إِنّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً ". [سورة: الكهف - الآية: 30]

فرقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها؟ قالت: قالوا لي: الحقي بزوجك إن شئت، قالت: فرد بنو عبد الأسد إلىَّ عند ذلك ابني، فوضعته في حجري، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة، قالت: وما معي أحد من خلق الله (¬1) حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة أخا بني عبد الدار، فقال: إلي أين يا ابنة أبي أمية؟ قلت: أريد زوجي بالمدينة، قال: أو ما معك أحد، قلت: ما معي أحد إلا الله، وبني هذا، فقال: والله! ما لك من مترك، فأخذ بخطام البعير فانطلق معي يهوى بي! فو الله ما صحبت رجلا من العرب قط أرى أنه كان أكرم منه، كان إذا بلغ المنزل أناخ بي ثم استأخر عني، حتى إذا نزلت، استأخر ببعيري فحط عنه، ثم قيده في الشجر ثم تنحى إلي شجرة فاضجع تحتها، فإذا دنا الرواح قام إلي بعيري فقدمه فرحله، ثم استأخر عني وقال: اركبي فإذا استويت علي بعيري أتى فأخذ بخطامه فقادني حتى ينزل بي، حتى إذا قدمنا المدينة، فلما نظر إلي قرية بني عمرو بن عوف بقباء، قال: زوجك في هذه القرية ـ وكان أبو سلمة بها نازلا ـ فادخليها علي بركة الله، ثم انصرف راجعا إلى مكة .. فكانت تقول: ما أعلم أهل بيت في الإسلام أصابهم ما أصاب آل أبي سلمة، وما رأيت صاحبا قط كان أكرم من عثمان بن طلحة (¬2) كذا في البداية (¬3). ¬

_ (¬1) عزمت علي الهجرة واللحوق بزوجها وحدها فريدة - رحلة تبلغ خمسمائة كيلو مترا - غير عابئة بما تلقاه في سبيل الله من وحش أو من قاطع طريق ... ومما تفعل إذا أني عليها الليلة بظلمته ووحشته .. فسخر الله عز وجل لها عثمان بن طالحة وهو كافر ليصحبها. (¬2) ولذا أكرمه الله عز وجل بالإسلام بعد الحديبية وهاجر هو وخالد بن الوليد (رضي الله عنهما) معا (البداية 3/ 169). (¬3) حياة الصحابة باب الهجرة 1/ 342.

- آسية بنت مزاحم (عليها السلام): زوجة الطاغية فرعون حاكم مصر عليه اللعنة الذي تجبر وعلا حين ادعي الربوبية والألوهية، فقال: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} (¬1) {مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي} (¬2) فأكرمها الله بالهداية، فآمنت بموسي عليه السلام وأحبته، وكانت تنفق عليه وعلي كل من اتبعه، فلما علم فرعون عليه اللعنة أمر بتعذيبها، بالشمس، فإذا انصرف عنها، أظلتها الملائكة بأجنحتها، فلما اشتد بها التعذيب {قَالَتْ رَبّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنّةِ وَنَجّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِين} (¬3) ، قال العلماء: ما أحسن هذا الكلام اختارت الجار قبل الدار، فهي تطمع في جوار الله قبل القصور، وفي الآية دليل علي قوة إيمانها وتصديقها بالبعث، وبعد أن طلبت جوار الله، طلبت النجاة من فرعون وطغيانه، وأتباعه (وَنَجّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِين) فشد يديها ورجليها، وهي صابرة، فرأت بيتها في الجنة، فضحكت حين رأته، فقال: فرعون: ألا تعجبون من جنونها! إنا نعذبها وهي تضحك، فقبض الله روحها ونجاها الله تعالي أكرم نجاة، فرفعها إلي الجنة تأكل وتشرب وتتنعم 0 ¬

_ (¬1) سورة النازعات _ الآية 24. (¬2) سورة القصص _ الآية 38. (¬3) سورة التحريم - الآية 11

فجعل الله حالها مثلا لحال المؤمنين في أن وصلة الكفر لا تضرهم حيث كانت في الدنيا تحت أعدي أعداء الله (فرعون) وهي في أعلي غرف الجنة .. فلم يضرها اتصالها به وهو من أكفر الكافرين، ولم ينفع امرأة نوح ولوط، اتصالهن بهما وهما رسولا رب العالمين 0 وبهذه التضحيات العظيمة التي ضحت بها السيدة آسية، حيث ضحت بالأبهة والعظمة، حيث أنها كانت سيدة القصر الفرعوني، حيث الخدم والحشم .. فالله جل جلاله أعزها ورفع شأنها وذكرها في أشرف كتبه المنزلة، وزوجها بخير البشر (محمد - صلى الله عليه وسلم -) في الجنة0 الأحاديث التي وردت في فضلها: 1) عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " حسبك من نساء العالمين بأربع: مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد " 0 رواه أحمد 0 2) عن أبي موسي الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم امرأة عمران، وفضل عائشة علي النساء كفضل الثريد علي سائر الطعام 0 متفق عليه 0 3) عن سعد بن جنادة، هو العوفي، قال: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله زوجني في الجنة مريم بنت عمران، وامرأة فرعون وأخت موسي " رواه الطبراني 0 4) عن يعلي بن المغيرة، عن أبي داود، قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، علي خديجة وهي في مرضها الذي توفيت فيه، فقال لها: " بالكره مني ما أري منك، ما أري يا خديجة، وقد يجعل الله في الكره خيرا كثيرا، أما تعلمين أن الله قد زوجني معك في الجنة مريم بنت عمران وكلثم أخت موسي وآسية امرأة فرعون " قالت: وقد فعل الله بك ذلك يا رسول الله؟ قال: " نعم " قالت: بالرفاء والبنين 0

- امراة من بني إسرائيل: عن وهب بن منبه قال: أُتي بامرأة من بني إسرائيل يقال لها سارة وسبعة بنين لها إلى ملك كان يفتن الناس على أكل لحم الخنزير فدعا أكبرهم فقرَّب إليه لحم الخنزير فقال: كُل فقال: ما كنت لآكل شيئًا حرَّمه الله عز وجل أبدًا فأمر به فقطعت يداه ورجلاه ثم قطعه عضو عضوا حتى قتله ثم دعا بالذي يليه فقال: كُل فقال: ما كنت لأكل شيئًا حرمه الله تعالى فأمر بقدر من نحاس فملئت زيتًا ثم أغليت حتى إذا غلت ألقاه فيها ثم دعا الذي يليه فمال: كُل فقال: ما كنت لآكل شيئا حرمه الله تعالى فقتله ثم دعا الذي يليه فقال: أنت أذل وأقل وأهون على الله من أن آكل شيئا حرمه الله تعالى علي فضحك الملك ومال: أتدرون ما أراد بشتمه إياي أراد أن يغضبني فأعجل في قتله وليخطئه ذلك وأمر به فجز جلدة عنقه ثم أمر به أن يسلخ جلدة رأسه ووجهه فسلخوه سلخًا فلم يزل يقتل كل واحد منهم بلون غير قتل أخيه حتى بقي أصغرهم فالتفت به إلى أمه فقال: لقد رثيت لك مما رأيت فانطلقي بابنك هذا فاخلي به وانقديه على أن يأكل لقمة واحدة إخوتك حق ولي عليك حقان. وذلك إني أرضعت كل واحد حولين فمات أبوك وأنت حمل فأرضعتك لضعفك ورحمتي إياك أربعة أعوام فأسألك بالله وحقي أما صبرت ولم تأكل شيئا مما حرمه الله عليك ولا تلقين أخوتك يوم القيامة ولست معهم فقال: الحمد له الذي أسمعني هذا منك أما كنت أخاف أن تريديني على أن آكل مما حرمه الله ثم جاءت به إلى الملك فقالت: ها هو ذا قد أردته وعرضت عليه فأمره الملك أن يأكل فقال: ما كنت

لآكل شيئا حرمه الله علي فقتله وألحقه بأخوته وقال لأمهم: إني لأجدني أرثي لك فما رأيت اليوم ويحك فكلي لقمة ثم أصنع بك ما شئت وأعطيك ما أحببت تعيشين به. قالت: ما أجمع بين ثكل ولدي ومعصية الله عز وجل فلو حييت بعدهم ما أردت ذلك وما كنت لآكل شيئا مما حرمه الله تعالى أبدًا فقتلها وألحقها ببنيها (¬1). - الخنساء (رضي الله عنها): وقد ضربت أروع الأمثلة في التضحية بفلذات كبدها في موقعة القادسية، فقد وقفت بين أبنائها الأربعة، عندما تهيئوا للخروج مجاهدين في سبيل الله، توصيهم بالصبر عند اللقاء، وتحرضهم على التضحية والفداء، وتقول لهم: يا بني: إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله إلا هو إنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما هجنت حسبكم، ولا غيرت نسبكم، واعلموا أن الدار الباقية خيراً من الدار الفانية {يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتّقُواْ اللهَ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬2) فإذا أصبحتم فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها، وحللت ناراً على ¬

_ (¬1) المنتظم لابن الجوزي الجزء الثاني. (¬2) سورة آل عمران – الآية 200.

أوارها، فيمموا وطيسها، وجا لدوا رسيسها تظفروا بالغنم والكرامة، في دار الخلد والإقامة. فلما جاءها الخبر بنعيهم، فما زادت على أن استرجعت واستغفرت ثم قالت: الحمد لله الذي شرف بقتلهم، وأرجو أن يجمعني بهم في مستقر رحمته. - صاحبة الذأبتين: لما سبى الروم بعض نساء المسلمين، فبلغ الخبر الرقة وبها أمير المؤمنين هارون الرشيد .. فقيل لمنصور بن عمار: لو اتخذت محل بالقرب من أمير المؤمنين، فحرضت الناس على الغزو، ففعل، فبينما هو يذكرهم ويحرض، إذا نحن بخرقه مصرورة مختومة قد طرحت إلى منصور وإذا كتاب مضموم إلى الصرة، ففك الكتاب، فقرأه، فإذا فيه: إني امرأة من أهل البيوتات من العرب، بلغني ما فعل الروم بالمسلمين، وسمعت تحريضك الناس علي الغزو، وترغيبك في ذلك، فعمدت إلى أكرم شئ من بدني، وهما ذأبتاى، فقطعتهما، وصررتها في هذه الخرقة المختومة، وأناشدك بالله العظيم، لما جعلتهما قيد فرس غازٍ في سبيل الله، فلعل الله العظيم أن ينظر إلىَّ على تلك الحال نظرةً فيرحمني بها. قال: فبكى وأبكى الناس، وأمر هارون أن ينادى النفير، فغزا بنفسه، فأنكي فيهم، وفتح الله عليهم. انظروا إلى هذه المرأة العظيمة التي لم تجد مالا تضحي به فضحت بأكرم شئ عليها .. وأعز شئ على المرأة شعرها

الذي به تتزين، فعمدت إليه وقصته ليكون قيدا لفرس في سبيل الله ... فيا من امتلأت يديها وصدرها بالذهب ماذا نويت أن تقدمين؟؟ - يحكى الإمام الطبري في تاريخه: أن امرأة كان لها أربعة من البنون، شهدوا القادسية، فقالت لهم: إنكم أسلمتم فلم تبدلوا، وهاجرتم فلم تثوبوا (¬1) ولم تنب بكم البلاد (¬2) ولم تقحمكم السنة (¬3) ثم جئتم بأمكم عجوز كبير فوضعتموها بين يدي أهل فارس ... انطلقوا فاشهدوا أول القتال وآخره، فأقبلوا يشتدون، فلما غابوا عنها، رفعت يديها إلى السماء، وهى تقول: اللهم أدفع عن بني، فرجعوا إليها وقد أحسنوا القتال، ما كلم منهم رجل كلما (¬4) (¬5). لذا نجد أن المرأة المسلمة قد شاركت من أول يوم في التضحية للدين وتحمل المسئولية تجاه الدفاع عن دينها وعقيدتها .. حيث هاجرت وتحملت ما تحملت من مشاق الغربة وترك الوطن، من أجل الحفاظ علي دينها وإيمانها وإعلاء كلمة ربها (لا إله إلا الله). ¬

_ (¬1) أى لم ترجعوا عن هجرتكم. (¬2) أى لم يستثقلكم الناس. (¬3) أي لم يضعفكم القحط والجوع. (¬4) يعنى لم يجرح أحدهم جرحا. (¬5) التاريخ الكبير للإمام الطبري 3/ 544.

- يقول ابن القيم (رحمه الله): فلما اشتد البلاء، أذن الله سبحانه وتعالي لهم بالهجرة الأولي إلي الحبشة وكان أول من هاجر إليها عثمان بن عفان رضي الله عنه ومعه زوجته رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانوا اثني عشر رجلا وأربع نسوة: عثمان وامرأته رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وأبو حذيفة وامرأته سهلة بنت سهيل 0 وأبو سلمة وامرأته أم سلمة هند بنت عبد الأسد. وعامر بن ربيعة وامرأته ليلي بنت حثمة. وفي الهجرة الثانية: خرج ثلاثة وثمانين رجلا ومن النساء تسع نسوة منهم أسماء بنت عميس مع زوجها جعفر بن أبي طالب، وأم حبيبة بنت أبي سفيان مع زوجها عبد الله بن ربيعة الذي تنصر ومات كافرا (¬1). - - - - - ¬

_ (¬1) زاد المعاد لابن القيم 2/ 80.

مواقف بطولية من صنع النساء

مواقف بطولية من صنع النساء - الثبات على الإيمان: 1) المرأة المؤمنة التي ألقت بنفسها وولدها في الأخدود: وهي التي ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة أصحاب الأخدود عندما آمن الناس برب الغلام، وأمر الملك بالأخدود بأفواه السكك فخدت وأضرم فيها النيران وقال من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها ... فجاءت امرأة ومعها صبى لها فتقاعست أن تقع فيها خوفاً على ولدها فأنطق الله ولدها في المهد وقال لها: يا أمه اصبري فإنك على الحق " انظري أختي المسلمة إلى هذا الثبات على الإيمان والتضحية من أجل الله - عز وجل - حيث ألقت بنفسها وولدها في النار. فكتب الله - عز وجل - لها خلودين، خلود في الدنيا (¬1) فقد سجل الإمام مسلم في صحيحه تضحية هذه المرأة، لتكون مثلا لأمة الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - رجالا ونساءً في التضحية والثبات على الإيمان والعقيدة، حتى لو وصل الأمر إلى إزهاق النفوس والأرواح من أجل الله - عز وجل - ... والخلود الثاني في الفردوس مع أنبياء الله ورسله عليهم السلام. ¬

_ (¬1) انظر قصة أصحاب الأخدود بتمامها في كتاب رياض الصالحين باب الصبر صـ60ـ.

2) ماشطة ابنة فرعون: مر الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإسراء والمعراج وهو فى طريقه إلى بيت المقدس فوجد ريحاً طيبةً، فقال: " يا جبريل ما هذه الرائحة؟ " قال: هذه رائحة ما شطة بنت فرعون وأولادها، بينا هي تمشط بنت فرعون إذا سقط المشط. فقالت: بسم الله، تعس فرعون: فقالت ابنة فرعون، أولك رب غير أبى؟ قالت: نعم، ربى وربك الله. وكان للمرأة ابنان وزوج فأرسل إليهم فراود المرأة وزوجها أن يرجعنها عن دينها، فقال: إنى قاتلكما، فقالا: إحسانا منك إن قتلتنا أن تجعلنا في بيت. وفى رواية قالت: إن لى إليك حاجة، قال: وما هي؟ قالت: تجمع عظامي وعظام ولدى، فتدفنا جميعا، قال: ذلك لك بما لك علينا من حق، فأمر بنقرة من نحاس فأحميت، ثم أمر بها لتلقى فيها هي وأولادها، فألقوا واحداُ واحداً حتى بلغوا أصغر رضيع فيهم، فقال: يا أمه قع ولا تقاعسي فإنك على الحق. (¬1) 3) آسية بنت مزاحم (عليها السلام): وكانت آسية امرأة فرعون من بني إسرائيل، وقيل: كانت من غيرهم، وكانت مؤمنة تكتم إيمانها، فلمّا قتلت الماشطة، رأت آسية الملائكة تعرج بروحها، كشف الله عن بصيرتها وكانت تنظر إليها وهي تعذب فلمّا رأت الملائكة قوة إيمانها وازدادت يقينًا وتصديقًا لموسى فبينما هي كذلك إذ دخل عليها فرعون، فأخبرها خبر الماشطة، قالت: له آسية: الويل لك ما أجرأك على الله، فقال لها: لعلّك ¬

_ (¬1) سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 3/ 116.

اعتراك الجنون الذي اعترى الماشطة فقالت: ما بي جنون ولكنّي آمنت بالله تعالى ربي وربّك وربّ العالمين. فدعا فرعون أمّها وقال لها: إنّ ابنتك قد أصابها ما أصاب الماشطة فأقسم لتذوقنّ الموت أو لتكفرنّ بإله موسى، فأرادتها على موافقة فرعون، فأبت وقالت: أمّا أن أكفر بالله فلا والله فأمر فرعون حتى مدّت بين يديه أربعة أوتاد وعذّبت حتى ماتت فلما عاينت الموت قالت: {قَالَتْ رَبّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنّةِ وَنَجّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِين} (¬1) فكشف الله عن بصيرتها فرأت الملائكة وما أعدّ لها من الكرامة فضحكت فقال فرعون: انظروا إلى الجنون الذي بها تضحك وهي في العذاب ثم ماتت (¬2). . وقد مر ذكرها في باب تضحيات نسائية، وقد كررنا ذكرها هنا لما كان في قصتها أعظم الثبات علي الإيمان 4) فاطمة بنت الخطاب (رضي الله عنها): يدخل عليها عمر حين علم بإسلامها هي وزوجها سعيد بن زيد، ويقول: ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم؟ وكانوا يقرؤون " طه " فقالا: ما عدا حديثاً تحدثناه بيننا، قال: فلعكما صبوتما. قال له ختنه سعيد بن زيد - رضي الله عنه -: أرأيت يا عمر! إن كان الحق في غير دينك؟ فوثب عمر على ختنه فوطأه وطئاًَ شديداً، ¬

_ (¬1) سورة التحريم - الآية 11 (¬2) سورة التحريم - الآية 11

فجاءت أخته فدفعته عن زوجها فنفحها بيده نفحة فدمى وجهها، فقالت وهى غضبى: يا عمر إن كان الحق في غير دينك، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله ......... الخ انظر القصة بتمامها في حياة الصحابة باب تحمل الصحابة الشدائد في الدعوة إلى الله - تحمل سعيد بن زيد وزوجته. وفى رواية البزار قال: فلما فتحت لى أختي الباب، قلت: أيا عدوة نفسها! صبوت؟ قال: وأرفع شيئاً فأضرب به على رأسها، فبكت المرأة وقالت: يا بن الخطاب: أصنع ما كنت صانعاً فقد أسلمت ... الخ. (¬1) 5) قصة الغلام وابن قدامة المقدسي رحمه الله: كان بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقال له أبو قدامة الشامي، وكان قد حبب الله إليه الجهاد في سبيل الله والغزو إلى بلاد الروم، فجلس يوماً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث مع أصحابه، فقالوا له: يا أبا قدامة حدثنا بأعجب ما رأيت في الجهاد؟ فقال أبو قدامة نعم إني دخلت في بعض السنين الرقة أطلب جملاً أشتريه ليحمل السلاح، فبينما أنا يوماً جالساً إذ دخلت علي امرأة فقالت: يا أبا قدامة سمعتك وأنت تحدث عن الجهاد وتحث عليه وقد رُزقتُ من الشَّعر ما لم يُرزقه غيري من النساء، وقد قصعته وأصلحت منه شكالا للفرس وعفرته بالتراب كي لا ينظر إليه أحد، وقد أحببت أن تأخذه معك فإذا صرتَ في بلاد الكفار وجالت ¬

_ (¬1) المرجع السابق.

الأبطال ورُميت النبال وجُردت السيوف وشُرعت الأسنّة، فإن احتجت إليه وإلا فادفعه إلى من يحتاج إليه ليحضر شعري ويصيبه الغبار في سبيل الله، فأنا امرأة أرملة كان لي زوج وعصبة كلهم قُتلوا في سبيل الله ولو كان عليّ جهاد لجاهدت. وناولتني الشكال. وقالت: اعلم يا أبا قدامة أن زوجي لما قُتل خلف لي غلاماً من أحسن الشباب وقد تعلم القرآن والفروسية والرمي على القوس وهو قوام بالليل صوام بالنهار وله من العمر خمس عشرة سنة وهو غائب في ضيعة خلفها له أبوه فلعله يقدم قبل مسيرك فأوجهه معك هدية إلى الله عز وجل وأنا أسألك بحرمة الإسلام، لا تحرمني ما طلبت من الثواب. فأخذت الشكال منها فإذا هو مظفور من شعرها. فقالت: ألقه في بعض رحالك وأنا أنظر إليه ليطمئن قلبي. فطرحته في رحلي وخرجتُ من الرقة ومعي أصحابي، فلما صرنا عند حصن مسلمة بن عبدالملك إذا بفارس يهتف من ورائي: يا أبا قدامة قف علي قليلاً يرحمك الله، فوقفت وقلت لأصحابي تقدموا أنتم حتى أنظر من هذا، وإذا أنا بفارس قد دنا مني وعانقني وقال: الحمد لله الذي لم يحرمني صحبتك ولم يردني خائباً. قلت للصبي أسفر لي عن وجهك، فإن كان يلزم مثلك غزو أمرتك بالمسير، وإن لم يلزمك غزو رددتك، فأسفر عن وجهه فإذا به غلام كأنه القمر ليلة البدر وعليه آثار النعمة.

قلت للصبي: ألك والد؟ قال: لا بل أنا خارج معك أطلب ثأر والدي لأنه استشهد فلعل الله يرزقني الشهادة كما رزق أبي. قلت للصبي: ألك والدة؟ قال: نعم. قلت: اذهب إليها فاستأذنها فإن أذنت وإلا فأقم عندها فإن طاعتك لها أفضل من الجهاد، لأن الجنة تحت ظلال السيوف وتحت أقدام الأمهات. قال: يا أبا قدامة أما تعرفني قلت: لا. قال: أنا ابن صاحبة الوديعة، ما أسرع ما نسيت وصية أمي صاحبة الشكال، وأنا إن شاء الله الشهيد ابن الشهيد، سألتك بالله لا تحرمني الغزو معك في سبيل الله، فإني حافظ لكتاب الله عارف بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عارف بالفروسية والرمي وما خلفت ورائي أفرس مني فلا تحقرني لصغر سني وإن أمي قد أقسمت على أن لا أرجع، وقالت: يا بني إذا لقيت الكفار فلا تولهم الدبر وهب نفسك لله واطلب مجاورة الله تعالى ومجاورة أبيك مع إخوانك الصالحين في الجنة فإذا رزقك الله الشهادة فاشفع فيّ فإنه قد بلغني أن الشهيد يشفع في سبعين من أهله وسبعين من جيرانه، ثم ضمتني إلى صدرها ورفعت رأسها إلى السماء وقالت: إلهي وسيدي ومولاي هذا ولدي وريحانة قلبي وثمرة فؤادي سلمته إليك فقربه من أبيه. فلما سمعت كلام الغلام بكيت بكاءاً شديداً أسفاً على حسنه وجمال شبابه ورحمة لقلب والدته وتعجباً من صبرها عنه. فقال: يا عم مم بكاؤك؟ إن كنت

تبكي لصغر سني فإن الله يعذب من هو أصغر مني إذا عصاه. قلت: لم أبك لصغر سنك ولكن أبكي لقلب والدتك كيف تكون بعدك. وسرنا ونزلنا تلك الليلة فلما كان الغداة رحلنا والغلام لا يفتر من ذكر الله تعالى، فتأملته فإذا هو أفرس منا إذا ركب وخادمنا إذا نزلنا منزلا، وصار كلما سرنا يقوى عزمه ويزداد نشاطه ويصفو قلبه وتظهر علامات الفرح عليه. فلم نزل سائرين حتى أشرفنا على ديار المشركين عند غروب الشمس فنزلنا فجلس الغلام يطبخ لنا طعاما لإفطارنا وكنا صياما، فغلبه النعاس فنام نومة طويلة فبينما هو نائم إذ تبسم في نومه فقلت لأصحابي ألا ترون إلى ضحك هذا الغلام في نومه، فلما استيقظ قلت: بني رأيتك الساعة ضاحكاً مبتسماً في منامك، قال: رأيت رؤيا فأعجبتني وأضحكتني. قلت: ما هي. قال: رأيت كأني في روضة خضراء أنيقة فبينما أنا أجول فيها إذ رأيت قصراً من فضة شُرفه من الدر والجواهر، وأبوابه من الذهب وستوره مرخية، وإذا جواري يرفعن الستور وجوههن كالأقمار فلما رأينني قلن لي: مرحبا بك فأردت أن أمد يدي إلى إحداهن فقالت: لا تعجل ما آن لك، ثم سمعت بعضهن يقول لبعض هذا زوج المرضية، وقلن لي تقدم يرحمك الله فتقدمت أمامي فإذا في أعلى القصر غرفة من الذهب الأحمر عليها سرير من الزبرجد الأخضر قوامه من الفضة البيضاء عليه جارية وجهها كأنه الشمس لولا أن الله ثبت علي بصري لذهب وذهب عقلي من حسن الغرفة وبهاء الجارية.

فلما رأتني الجارية قالت: مرحبا وأهلا وسهلا يا ولي الله وحبيبه أنت لي وأنا لك فأردت أن أضمها إلى صدري فقالت: مهلا، لا تعجل، فإنك بعيد من الخنا، وإن الميعاد بيني وبينك غداً بعد صلاة الظهر فأبشر. قال أبو قدامة: قلت له: رأيت خيراً، وخيراً يكون. ثم بتنا متعجبين من منام الغلام، فلما أصبحنا تبادرنا فركبنا خيولنا فإذا المنادي ينادي: يا خيل الله اركبي وبالجنة أبشري، انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا. فما كان إلا ساعة، وإذا جيش الكفر خذله الله قد أقبل كالجراد المنتشر، فكان أول من حمل منّا فيهم الغلام فبدد شملهم وفرق جمعهم وغاص في وسطهم، فقتل منهم رجالاً وجندل أبطالاً فلما رأيته كذلك لحقته فأخذت بعنان فرسه وقلت: يا بني ارجع فأنت صبي ولا تعرف خدع الحرب. فقال: يا عم ألم تسمع قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار}، أتريد أن أدخل النار؟ فبينما هو يكلمني إذ حمل علينا المشركون حملة رجل واحد، حالوا بيني وبين الغلام ومنعوني منه واشتغل كل واحد منا بنفسه. وقُتل خلق كثير من المسلمين، فلما افترق الجمعان إذ القتلى لا يحُصون عددا فجعلت أجول بفرسي بين القتلى ودماؤهم تسيل على الأرض ووجوههم لا تعرف من كثرة الغبار والدماء، فبينما أنا أجول بين القتلى وإذا أنا بالغلام بين سنابك الخيل قد علاه التراب وهو يتقلب في دمه ويقول: يا معشر المسلمين، بالله ابعثوا لي عمي أبا قدامة فأقبلت عليه عندما سمعت صياحه

فلم أعرف وجهه لكثرة الدماء والغبار ودوس الدواب فقلت: أنا أبو قدامة. قال: يا عم صدقت الرؤيا ورب الكعبة أنا ابن صاحبة الشكال، فعندها رميت بنفسي عليه فقبلت بين عينيه ومسحت التراب والدم عن محاسنه وقلت: يا بني لا تنس عمك أبا قدامة في شفاعتك يوم القيامة. فقال: مثلك لا يُنسى لا تمسح وجهي بثوبك ثوبي أحق به من ثوبك، دعه يا عم ألقى الله تعالى به، يا عم هذه الحوراء التي وصفتها لك قائمة على رأسي تنتظر خروج روحي وتقول لي عجّل فأنا مشتاقة إليك، بالله يا عم إن ردّك الله سالماً فتحمل ثيابي هذه المضمخة بالدم لوالدتي المسكينة الثكلاء الحزينة وتسلمها إليها لتعلم أني لم أضيع وصيتها ولم أجبن عند لقاء المشركين، واقرأ مني السلام عليها، وقل لها أن الله قد قبل الهدية التي أهديتها، ولي يا عم أخت صغيرة لها من العمر عشر سنين كنت كلما دخلت استقبلتني تسلم علي، وإذا خرجتُ تكون آخر من يودعني عند مخرجي، وقد قالت لي بالله يا أخي لا تبط عنّا فإذا لقيتَها فاقرأ عليها مني السلام وقل لها يقول لك أخوك: الله خليفتي عليك إلى يوم القيامة، ثم تبسم وقال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده وأشهد أن محمداً عبده ورسوله هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله، ثم خرجت روحه فكفناه في ثيابه ووريناه رضي الله عنه وعنا به.

فلما رجعنا من غزوتنا تلك ودخلنا الرقة لم تكن لي همة إلا دار أم الغلام، فإذا جارية تشبه الغلام في حسنه وجماله وهي قائمة بالباب وتقول لكل من مر بها: يا عم من أين جئت فيقول من الغزو، فتقول: أما رجع معكم أخي فيقولون لا نعرفه، فلما سمعتها تقدمت إليها فقالت لي: يا عم من أين جئت، قلت: من الغزو قالت: أما رجع معكم أخي ثم بكت وقالت ما أبالي، يرجعون وأخي لم يرجع فغلبتني العبرة، ثم قلت لها: يا جارية قولي لصاحبة البيت أن أبا قدامة على الباب، فسمعت المرأة كلامي فخرجت وتغير لونها فسلمت عليها فردت السلام وقالت: أمبشراً جئت أم معزياً. قلت: بيّني لي البشارة من التعزية رحمك الله. قالت: إن كان ولدي رجع سالماً فأنت معز، وإن كان قُتل في سبيل الله فأنت مبشر. فقلت: أبشري. فقد قُبلت هديتك فبكت وقالت: الحمد لله الذي جعله ذخيرة يوم القيامة، قلت فما فعلت الجارية أخت الغلام. قالت: هي التي تكلمك الساعة فتقدمت إلي فقلت لها إن أخاك يسلم عليك ويقول لك: الله خليفتي عليك إلى يوم القيامة، فصرخت ووقعت على وجهها مغشياً عليها، فحركتها بعد ساعة، فإذا هي ميتة فتعجبت من ذلك ثم سلمت ثياب الغلام التي كانت معي لأمه وودعتها وانصرفت حزيناً على الغلام والجارية ومتعجباً من صبر أمهما. - - - - -

حب النساء للجهاد والخروج في سبيل الله

حب النساء للجهاد والخروج في سبيل الله - عز وجل - كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج للجهاد فكان يقرع بين نساءه. فمن وقع سهمها خرجت معه .. وتخرج معه نساء المؤمنين يسقين المرضى، ويداوين الجرحى. ويقمن على خدمتهن .. فعن أم عطية الأنصارية (رضى الله عنها) قالت: غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات أخلفهم في رحالهم، وأصنع لهم الطعام، وأداوى الجرحى، وأقو م على الزمني .. أخرجه الإمام أحمد ومسلم وابن ماجة (¬1). وعن أنس (رضى الله عنه) قال: لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ولقد رأيت عائشة بنت أبى بكر، وأم سليم (رضى الله عنهما) وإنهما لمشمرتان، أرى خدم سوقهما تنقزان (¬2) القرب؟ رواه البخاري. وقال غيره: تنقلان القرب على متونهما (¬3) ثم تفرغانه في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملأنها ثم تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم " أخرجه مسلم (¬4). ¬

_ (¬1) حياة الصحابة - باب خدمة النساء فى الجهاد. (¬2) أى تنقلان. (¬3) علي ظهورهما. (¬4) المرجع السابق.

وكانت النساء مع جهد الخدمة، والسقاية، ومداواة الجرحى، يقمن بالقتال من وراء الرجال إذا اشتدت الحاجة لذلك، كما روى عن أم سعد بنت سعد بن الربيع (رضى الله عنها) كانت تقول: دخلت على أم عمارة (¬1) (رضى الله عنها) فقلت لها: يا خالة! أخبريني خبرك؟ فقالت: خرجت أول النهار أنظر ما يصنع الناس، ومعي سقاء فيه ماء، فانتهيت إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو فى أصحابه والدولة والريح للمسلمين، فلما انهزم المسلمون، انحزت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقمت أباشر القتال وأذب عنه بالسيف، وأرمى عنه القوس حتى خلصت الجراح إلىَّ، قالت: فرأيت على عاتقها جرحاً أجوف له غور، فقلت لها من أصابك بهذا؟ قالت: ابن قمئة، أقمأه الله! لما ولى الناس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل يقول: دلوني على محمد، لا نجوت إن نجا، فاعترضت له أنا ومصعب بن عمير - رضي الله عنه - وأناس ممن ثبت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضربني هذه الضربة، ولقد ضربته على ذلك ضربات، ولكن عدو الله كان عليه درعان. كذا في البداية (¬2). وتقول: لقد رأيتني وقد انكشف الناس عن رسول الله وما بقي إلا نفر يتمون عشرة وأنا وابناي وزوجي بين يديه نذب عنه والناس يمرون به منهزمين ورآني لا ترس معي فرآى رجلاً مولياً معه ترس. فقال لصاحب الترس: ألقي ترسك لمن يقاتل، فألقى ترسه فأخذته فجعلت أتترس به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل رجل على فرس فضربني فتترست له فلم يصنع سيفه شيئاً فولى فأضرب عرقوب فرسه فوقع على ظهره فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصيح: يا أم عمارة أمامك قالت: فعاونني عليه حتى أوردته شعوب المنية. ¬

_ (¬1) نسيبة بنت كعب. (¬2) حياة الصحابة - باب الجهاد - قتال النساء فى الجهاد 1/ 579.

وعن عمرو (رضى الله عنه) قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ما التفت يوم أحد يميناً وشمالاً إلا وأراها تقاتل دوني. كذا في الإصابة (¬1). وكانت صفية في غزوة أحد بيدها رمح تضرب به فى وجوه المشركين. وقتلت يومئذ رجل من اليهود (¬2). وكانت أم سليم في غزوة حنين تحمل خنجراً .. وتقول: إذا دنى أحد من المشركين بقرت به بطنه (¬3). وهذه أسماء بنت عم معاذ بن جبل (رضى الله عنهما)، قتلت يوم اليرموك تسعة من الروم بعمود الفسطاط. رواه الطبرانى (¬4). فكانت المرآة تقف بجوار الرجل جنباً لجنب لنصرة دين الله - عز وجل - وتتحمل مسؤولية الدين. - - - - - ¬

_ (¬1) المرجع السابق. (¬2) المرجع السابق. (¬3) المرجع السابق. (¬4) المرجع السابق.

حب الشهادة في سبيل الله

حب الشهادة فى سبيل الله - عز وجل - - أم حرام بنت ملحان (رضى الله عنها): عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - فدخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً فأطعمته ثم جلست تٌفلي رأسه (¬1) فنام ثم أستيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: " أناس من أمتي عرضوا علىَّ غزاةً في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكاً على الأسرة، أو مثل الملوك على الأسرة " يشك أيهما قال، قالت: فقلت: يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها ثم وضع رأسه فنام، ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: " ناس من أمتي ¬

_ (¬1) قال الإمام النووي رحمة الله: اتفق العلماء على أنها كانت محرم له - صلى الله عليه وسلم - واختلفوا في كيفية ذلك ... فقال ابن عبد البر وغيره: كانت إحدى خالاته من الرضاعة .. وقال آخرون: بل كانت خالة لأبيه أو لجده لأن عبد المطلب كانت أمه من بنى النجار (صحيح مسلم شرح النووي 13/ 57)

عرضوا علىَّ غزاةً في سبيل الله، كما قال في الأولى. وقالت: فقلت يا رسول الله! أدع الله أن يجعلني منهم قال: أنت من الأولين " فركبت أم حرام البحر في زمن معاوية، فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر " (¬1). رواه مسلم (¬2). وفى رواية أخري لمسلم " بعد أن قال: أنت من الأولين ... قال: فتزوجها عبادة بن الصامت بعد فغزا في البحر فحملها معه فلما أن جاءت قربت لها بغلة فركبتها فصرعتها فدقت عنقها ". - أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث الأنصارية: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزورها ويسميها الشهيدة، وكانت قد جمعت القرآن، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين غزا بدراً، قالت له: أتأذن لي أن أخرج معك، أداوى جرحاكم، وأمرض مرضاكم، لعل الله يهدى لي الشهادة. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزورها في بينها، وجعل لها مؤذناً يؤذن لها في بيتها .. ¬

_ (¬1) قال أكثر أهل العلم بالسير والأخبار أن ذلك كان في خلافة عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وأن فيها ركب أم حرام وزوجها إلى قبرص فصرعت عن دابتها، ودفنت هناك في جزيرة قبرص (المرجع السابق) (¬2) المرجع السابق.

وأمرها أن تؤم أهل دارها. . فقتلها غلام وجارية لها غما ًزمن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فصلبهما، وساق الله - عز وجل - لها الشهادة (¬1). - - - - - ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد وأبو داود وأبو يعلى والحاكم وابن سعد في الطبقات (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 12/ 315).

أين الملتقي؟

أين الملتقي؟ بعث أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، حبيب بن مسلمة الفهري، قائداُ علي جيش من المسلمين لتأديب الروم، وكانت زوجته معه، وقبل أن تبدأ المعركة، قالت له زوجته: أين ألقاك إذا حمي الوطيس وماجت الصفوف؟ قال: في خيمة قائد الروم، أو في الجنة .. وما هي إلا ساعات قلائل، ونصرهم الله علي الروم، وأسرع حبيب إلي خيمة قائد الروم فإذا بزوجته داخل الخيمة .. انظروا إلي هذه الهمة العظيمة، والشجاعة القوية، والقلب الجرئ .. إنها قوة الإيمان واليقين.

أجر الخارج في سبيل الله

أجر الخارج فى سبيل الله عن سهل بن معاذ عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم بعث سرية، فأتته امرأ فقالت، إنك بعثت هذه السرية، وإن زوجي فيها وقد كنت أصوم بصيامه، وأصلي بصلاته، وأتعبد بعبادته، فدلني علي عمل أبلغ به عمله، قال: " تصلين فلا تقعدين، وتصومين فلا تفطرين، وتذكرين فلا تفترين " قالت: وأطيق ذلك يا رسول الله؟ قال: " ولو طقت ذلك، والذي نفسي بيده ما بلغت العشير من عمله ". (¬1) - - - - - ¬

_ (¬1) رواه الحاكم في المستدرك - كتاب الجهاد وقال صحيح ووافقه الذهبي 2/ 73.

ثواب المرأة إذا خلفت زوجها

ثواب المرأة إذا خَلَفَت زوجها المرأة الصالحة التي تعيين زوجها على التفرغ لعمل الدعوة إلى الله عز وجل والخروج في سبيل الله عز وجل، وتخلفه في أولاده بخير (تحوط عليهم، وتربيهم وتنفق عليهم إن كان بها سعة أو من مال زوجها) 00 فكأنما غزت فى سبيل الله - عز وجل - .. وقد تشاركه فى الأجر، وهذا ما صرحت به أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعن زيد بن خالد الجهنى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزاً، ومن خلفه فى أهله بخير فقد غزا " رواه مسلم (¬1) وعن أبى سعيد الخدرى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى بنى لحيان من هذيل فقال: " لينبعث من كل رجلين أحدهما، والأجر بينهما " رواه مسلم (¬2) وعن أبى سعيد الخدرى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى بنى لحيان ليخرج من كل رجلين رجلٌ، ثم قال للقاعد أيكم خلف الخارج في أهله وماله بخير كان له مثل نصف أجر الخارج. رواه مسلم (¬3) - - - - - ¬

_ (¬1) صحيح مسلم شرح النووى 13/ 40. (¬2) المرجع السابق. (¬3) المرجع السابق.

حرمة نساء المجاهدين

حرمة نساء المجاهدين عن يريدة (رضى الله عنه) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم، ما من رجل من القاعدين يخلف رجلا من المجاهدين فى أهله، فيخونه فيهم إلا وقف له يوم القيامة، فيأخذ من عمله ما شاء فما ظنكم "؟ رواه مسلم. وفى رواية: .... فقال: " فخذ من حسناته ما شئت " فالتفت إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " فما ظنكم " (¬1). - - - - - ¬

_ (¬1) صحيح مسلم شرح النووي 13/ 42.

وافدة النساء

وافدة النساء عن أسماء بنت يزيد الأنصارية (رضي الله عنها)، أنها أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بين أصحابه فقالت: بأبي أنت وأمى إنى وافدة النساء إليك - واعلم نفس لك الفداء - أنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا إلا وهى على مثل رأيى، إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء، فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنا معشر النساء محصورات ومقصورات، قواعد بيوتكم، ومقضي شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمعة والجماعات، وعيادة المرض، وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد فى سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا خرج حاجاً أو معتمراً أو مرابطاً حفظنا لكم أموالكم، وغزلنا لكم أثوابكم، وربينا لكم أولادكم، فما نشارككم فى الأجر يا رسول الله؟ فالتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال: " هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مساءلتها في أمر دينها من هذه "؟ فالتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - إليها ثم قال: " انصرفي أيتها المرأة، واعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها، وطلبها لمرضاته واتباعها موافقته، يعدل ذلك كله "، فأدبرت المرأة وهى تهلل وتكبر استبشاراً." رواه البيهقى (¬1). ¬

_ (¬1) الدر المنثور في التفسير بالمأثور- للسيوطى 2/ 532.

وعن ابن عباس (رضى الله عنهما) قال: جاءت المرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! أنا وافدة النساء إليك، هذا الجهاد كتبه الله على الرجال، فإن يُصيبوا أُجروا، وإن قُتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون، ونحن معاشر النساء نقوم عليهم، فما لنا من ذلك؟ قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أبلغي من لقيت من النساء، إن طاعة الزوج واعترافاً بحقه يعدل ذلك، وقليل منكن من يفعله " رواه البزار واللفظ له والطبرانى. (¬1) - - - - - ¬

_ (¬1) حياة الصحابة 1/ 323.

المرأة والشوري

المرأة والشورى لا بأس أن يستشير الرجل زوجته وأولاده، فى كثير من الأمور، التى تحتاج إلى شورى ولكن يكون الفصل في الشورى للرجل، فالاستئناس بآراء الآخرين أمر مهم، فكثير من الرجال يفهم حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المرأة ناقصة عقل ودين، على غير معناه فيهمل امرأته في بيته ويفعل من أم رأسه ما يتراءى له، فيستبد برأيه، وهذا يورث الضغائن عند النساء لأزواجهن، فكثير من النساء عقلها يزن ألف رجل، مثل {خديجة .. أم سلمة .. عائشة .. إلخ} فنشاورهن، وإذا رأينا ما يخالف رأيهن نوضح لهن ذلك. - نماذج من الشورى مع النساء: 1) مشاورة النبى - صلى الله عليه وسلم - لأم سلمة (رضي الله عنها) يوم الحديبية: لما فرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الصلح قال - صلى الله عليه وسلم -:" قوموا فانحروا، ثم احلقوا فو الله ما قام رجل منهم، حتى قال ذلك ثلاث مرات، فاشتد ذلك عليه، فدخل على أم سلمة فقال: " هلك المسلمون أمرتهم أن ينحروا ويحلقوا فلم يفعلوا ". وفى رواية: " ألا ترين الناس آمرهم بالأمر فلا يفعلونه - وهم يسمعون كلامى وينظرون وجهي " فقالت: يا رسول الله! لا تلمهم، فإنهم قد دخلهم أمر

عظيم مما أدخلت على نفسك من الشفقة فى أمر الصلح، ورجوعهم بغير فتح، يا نبى الله! أخرج ولا تكلم أحداً، حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك، فيحلقك - فجلى الله تعالى عن الناس بأم سلمة - فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واضطبع بثوبه، فخرج فأخذ الحربة ويمم هديه وأهوى بالحربة إلى البدن رافعاً صوته: " بسم الله .. الله أكبر " ونحر، فتواثب المسلمون إلى الهدى، وازدحموا عليه ينحرونه، حتى كاد بعضهم يقع علي بعض، وأشرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه في الهدى، فنحر البدنه عن سبعة وكان هدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبعين بدنه. وفى رواية ابن سعد: عن جابر ....... فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نحر البدن دخل قبة من أدم حمراء، ودعا بخراش بن أميه بن الفضل الكعبي فحلق رأسه ورمى شعره على شجرة كانت جنبه من سمرة خضراء، فجعل الناس يأخذون الشعر من فوق الشجرة فيتحاصونه (يتقاسمونه) وأخذت أم عمارة طاقات من شعره فكانت تغسلها للمريض وتسقيه فيبرأ، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً (¬1) وفى كلامه - صلى الله عليه وسلم - لأم سلمة في توقف الناس عن امتثال أمره، جواز مشاورة المرأة الفاضلة، وفضل أم سلمة ووفور عقلها. 2) بنت شعيب عليه السلام: حيث أشارت إلي أبيها أن يستأجر موسى عليه السلام فقالت " استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين " ¬

_ (¬1) سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 5/ 92.

6) آسية بنت مزاحم (رضي الله عنها) (¬1): حيث أشارت على فرعون عليه اللعنة، في عدم قتل موسى عليه السلام فقالت: {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} (¬2). والمشايخ يقولون: لا بد يومياً من الشورى علي: من يقوم بالتعليم .. ومن يقوم بنظافة البيت .. ومن يقوم بإعداد الطعام .. ومن يقوم باستقبال الضيوف .. ومن يقوم بصلة الأرحام .. ومن يقوم بالزيارات .. ومن يقوم بنصرة الجماعات الخارجة في سبيل الله. فنشرك الرجال والنساء كل حسب استعداده. ومن خلال الشورى نشرك النساء يوم الجولة بالجلوس من المغرب إلى العشاء في الدعاء، وقراءة القرآن، والدعاء لنزول الهداية. ومن خلال التعليم في البيت نحرض الشباب علي التضحية والخروج في سبيل الله لمدة طويلة لإقامة الدين ونشر الدين في العالم ونحملهم المسؤولية ويأتي ذلك بذكر قصص الصحابة رضي الله عنهم وأبنائهم وحبهم للتضحية والخروج في سبيل الله .. وهكذا. - - - - - ¬

_ (¬1) وكانت من خيار النساء المعدودات، ومن بنات الأنبياء، وكانت أما للمسلمين ترحمهم وتتصدق عليهم وتعطيهم ويدخلون عليها. (¬2) سورة القصص _ الآية 9.

الحث علي التعليم

الحث على التعليم فى البيت أختي المسلم تشغلين وقتك فى نظافة البيت والملابس وطهي الطعام، .. فماذا تركت من الوقت لنظافة قلبك؟ نظافة القلب لا تأتى إلا بسماع كلام الإيمان (كلام الله - عز وجل - وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -)، وذلك بالجلوس في حلقات تعليم البيت ليتحقق فينا قول ربنا {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىَ فِي بُيُوتِكُنّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنّ اللهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً} (¬1) بالجلوس في حلقات التعليم يتحقق فينا أيضا قول ربنا {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلََئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (¬2) وقيل: البيت الذي يذكر فيه الله يكثر خيره ويقل شره ويتسع علي أهله. ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب - الآية 34. (¬2) سورة التوبة - الآية 71.

- التعليم في البيت يأتي بالنور في حياتنا: قال تعالى: {قَدْ جَآءَكُمْ مّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مّبِينٌ} (¬1) وعن عائشة (رضى الله عنها) قالت: كنت أخيط الثوب فسقطت الإبرة فطلبتها فلم أقدر عليها فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتبينت الإبرة بشعاع وجه رسول الله. رواه ابن عساكر (¬2). وعن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: لم يكن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظل ولم يقيم مع شمس إلا غلب ضوءه، ضوء الشمس، ولم يقيم مع سراج إلا غلب ضوءه ضوء السراج. فهذا نور جسده الشريف، فكيف بنور كلامه، وهديه - صلى الله عليه وسلم -؟ فعائشة طغى نور بصيرتها، على نور عينيها فرأت الإبرة في نور رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبنور الإيمان نري حقيقة الأشياء المادية، والحقائق الغيبية 0 فلما نستقيم على حلقة التعليم فى البيت، فالذي عنده بصيرة عندما يدخل بيوتنا فيرى فيها نور كلام الله وكلام الرسول - صلى الله عليه وسلم -. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحرص الناس علي تعليم زوجاته بنفسه، فقد مرّ على زوجته جويرية بنت الحارث وقد كانت عابدة قانتة لله تعالى فقال لها: " ألا أعلمك كلمات تقوليهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضاء نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته " رواه مسلم. وقد ذكر البلاذري في فتوح البلدان: أن أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب كانت تتعلم الكتابة في الجاهلية على يد امرأة كاتبة تدعى الشفاء العدوية ¬

_ (¬1) سورة المائدة – الآية 15. (¬2) سبل الهدى والرشاد فى سيرة خير العباد.

فلما تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - طلب إلى الشفاء أن تعلمها تحسين الخط وتزيينه كما علمتها أصل الكتابة. ومن أسباب الصلاح عند الأبناء أن نذكر لهم دائماً قصص الأنبياء والصالحين والصالحات، حتى ينشأ فى قلوبهم حب الصلاح، وبقدر ما نسمعهم نربى فيهم الفضائل .... فكان الأمام أحمد كثيراُ ما يحدث أبناءه عن فضل الإمام الشافعي وعلمه وتقواه فدعاه الإمام أحمد لزيارته، فلما تناول طعام العشاء، توجه الشافعي في فراشه واستلقى عليه ونام. فقالت بنت الإمام أحمد: يا أبتاه أهذا هو الشافعي الذي تحدثنا عنه؟ قال لها: نعم، قالت: لقد لاحظت عليه ثلاث أمور انتقدته فيها: إنه عندما قدمنا له الطعام أكل كثيرا ..... وعندما دخل الغرفة لم يقم ليصلى قيام الليل والتهجد وقد صلى بنا الفجر من غير أن يتوضأ! فذهب أحمد للشافعي وسأله عن هذه الأمور ... قال له الشافعي: يا أحمد! لقد أكلت كثيرا لأنني أعلم أن طعامكم من الحلال ... وأنت كريم وطعام الكريم دواء، وطعام البخيل داء، وما أكلت لأشبع، وإنما أكلت لأتداوى بطعامك. وأما أنني لم أقم الليل، لأنني عندما وضعت رأسي لأنام، نظرت كأن كتاب الله وسنة نبيه أمام عيني، فاستنبطت اثنين وسبعين مسألة فقهية ينتفع بها المسلمون، فلم يكون هناك فرصة لقيام الليل. . وأما أنني صليت بكم الفجر من غير وضوء، فو الله! ما ذاقت عيني طعم النوم حتى أجدد الوضوء، فلقد بقيت طول الليل يقظاناً، فصليت الفجر بوضوء العشاء. - - - - -

تربية الأولاد

تربية الأولاد قال تعالى: {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ قُوَاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاّ يَعْصُونَ اللهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (¬1) وقال - صلى الله عليه وسلم -: " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ". متفق عليه. (¬2) وفي وصايا النبي - صلى الله عليه وسلم - العشر، لمعاذ قال: ...... وأنفق علي عيالك من طولك، ولا ترفع عنهم عصاك أدبا، وأخفهم في الله ". رواه أحمد. (¬3) وعن ابن عباس عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: " علقوا السوط حيث يراه أهل البيت، فإنه أدب لهم ". رواه الطبراني (¬4). وقال المناوي: لأن يؤدب الرجل ولده عندما يبلغ من السن والعقل مبلغاً يحتمل ذلك بأن ينشئه على أخلاق صلحاء المؤمنين ويصونه عن مخالطة المفسدين ويعلمه القرآن والأدب ولسان العرب ويسمعه السنن وأقاويل السلف ويعلمه من أحكام الدين ما لا ¬

_ (¬1) سورة التحريم - الآية 6. (¬2) رياض الصالحين - باب وجوب أمره أهله وأولاده المميزين ومن في رعيته بطاعة الله صـ165. (¬3) مشكاة المصابيح - كتاب الإيمان - باب الكبائر وعلامات النفاق 1/ 2. (¬4) والحديث: حسّن إسنادَه الهيثمي في " مجمع الزوائد " (8/ 106) .. وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4022).

غنى عنه ويهدده ثم يضربه على نحو الصلاة وغير ذلك: خير له من أن يتصدق بصاع؛ لأنه إذا أدبه صارت أفعاله من صدقاته الجارية، وصدقة الصاع ينقطع ثوابها، وهذا يدوم بدوام وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} (¬1) فوقايتك نفسك وولدك منها أن تعظها وتزجرها بورودها النار وتقيم أودهم بأنواع التأديب فمن الأدب الموعظة والوعيد والتهديد والضرب والحبس والعطية والنوال والبر فتأديب النفس الذكية الكريمة غير تأديب النفس الكريهة اللئيمة. (¬2) على العادة نجد الأولاد يقلدون آباءهم فى الخير والشر، وفى ذلك يقول أحد الشعراء: إذا كان رب البيت بالدف ضارب ... فشيمة أهل البيت الرقص وقال أحدهم: مشى الطاووس يوماً باعوجاج ... فقلد شكل مشيته بنوه فقال: علام تختالون؟ قالوا ... بدأت به ونحن مقلدوه فغير سيرك المعوج واعدل ... فإن عدلت فنحن معدلوه أما تعرف أبانا كل فرع ... يجارى في الخطى من أدبوه وينشأ ناشئ الفتيان ... على ما كان عوده أبوه وتبدأ التربية منذ نعومة الأظفار، فإذا كبر الطفل يفلت الزمام، وفي ذلك يقول أحدهم: ¬

_ (¬1) سورة التحريم – الآية 6. (¬2) فيض القدير (5/ 257).

أدب بنيك صغارا قبل كبرتهم كبرتهم ... فليس ينفع بعد الكبرة الأدب إن الغصون إذا قومتها اعتدلت اعتدلت ... ولا يلين إذا قومته الخشب وأنا أقول وللمرأة دوراً كبير أكبر من دور الأب، في تربية الأولاد على الدين .. فهو منذ كان طفلا رضيعاً وهو ينظر إلى أمه ويشرب من سلوكها فتجده يقلدها في كثير مما تفعله، بل إن أفعالها تؤثر فيه حتى قبل ولادته .. فإذا خرجت المرأة من بيتها وهى حامل متبرجة لتبدى زينتها أمام الرجال .. فنجد هذا الجنين عندما يخرج إلى الحياة يتطلع إلى معصية الله - عز وجل - (الزنا) .. وكذلك لو أكلت الحرام .. فيخرج جنينها إلى الدنيا وعينه تتطلع إلى السرقة وأكل الحرام .. والعكس إذا خرجت المرأة من بيتها محتشمة في ثيابها وغضت طرفها وأكلت الحلال فكل ذلك يؤثر في جنينها، ولقد سمعنا قصة أحد ملوك المسلمين أرسل ابنه على رأس جيش يغزو في سبيل الله - عز وجل -، وبعد أيام جاءه الخبر أن ابنه قد فر من الزحف فجلس حزيناً ... فعندما رأته زوجته على هذا الحال سألته عن حاله؟ فلم يخبرها .. فألحت عليه، فأخبرها: أن ابنها قد فر من الزحف ... والفرار من الزحف كبيرة من الكبائر .. فقالت المرأة ما كان ابني ليفعل ذلك .. فلم يأبه الملك لقول زوجته، وبعد أيام قلائل جاءته البشرى بانتصار ولده فى الجهاد .. وعلم أن الخبر السابق لذلك كان كاذباً .. فأرسل إلى زوجته وأخبرها بانتصار ولدها .. وسألها عن قولها: ما كان ابني ليفعل ذلك، قالت: لأني ما أرضعته إلا وأنا على وضوء .. فأنى لهذا الجسد الذي غُذّىَ بلبن طاهر من جسد طاهر، أن يعصي الله عز وجل!!!. ويروى: أن الحسن البصري كانت أمه خيرة مولاة أم سلمة زوج النبى - صلى الله عليه وسلم -، تذهب لأم سلمة في الحاجة، فربما غابت فيبكى، وتشاغله أم سلمة بثديها تعلله به إلى أن

تجئ أمه، فيدر عليه ثديها .. فيروي أن تلك الحكمة والفصاحة من بركة التغذي بلبن أم المؤمنين. (¬1) وذكر ابن الجوزى: عن أبى عبد الرحمن السلمي، قال: كانت معاذة العدوية أرضعت أم الأسود، وقالت أم الأسود: قالت معاذة العدوية: لا تفسدي رضاعي بأكل الحرام، فإني جهدت جهدي حين أرضعتك حتى أكلت الحلال .. فاجتهدي أن لا تأكلي إلا حلالا، لعلك أن توفقي لخدمة سيدك (الله جل جلاله) والرضا بقضائه. (¬2) أختي المسلمة: اعلمي أن كل الصفات الطيبة، والأخلاق الحميدة، التي تتخلقين بها تنتقل إلى وليدك وهو في رحمك مع الدم الذي يصله من الحبل السري، وكذلك مع اللبن في الرضاعة .. فاحرصِي على طاعة ربك وامتثال أوامره. واعلمي أنك على ثغرة عظيمة .. فاللهَ اللهَ! أن تؤتى البيوت من قِبَلِك. واللهَ اللهَ! أن يؤتى الإسلام من قِبَلِك .. واللهَ اللهَ! أن يؤتى أبناء المسلمين من قبلك. - - - - - ¬

_ (¬1) كتاب تاريخ الإسلام الذهبي ـ ترجمة الحسن البصري 3/ 234. (¬2) صفة الصفوة – 4/ 19.

النية في تربية الأولاد

النية فى تربية الأولاد نُصحح النية في تربية الأولاد .. فننوي أن يكون أولادنا أولياء الله، علماء عاملين .. دعاة إلي الله مخلصين .. مجاهدين في سبيل الله .. والنية تبدأ والجنين في بطن أمه مثل: امرأة عمران: قال تعالى: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبّ إِنّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرّراً فَتَقَبّلْ مِنّي إِنّكَ أَنتَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ} (¬1) وهي حنة بنت فاقوذ .. وكانت لا تلد حتى شاخت .. وكانت يوما في ظل شجرة فرأت طائراً يُطعم فرخاً له , فاشتهت الولد ودعت الله تعالي أن يهبها ولداً .. فاستجاب الله دعاءها، قواقعها زوجا فحملت منه , فلما تحقق الحمل نذرت أن يكون محررا .. من أمر الدنيا إلي طاعة الله , مفرغا للعبادة ولخدمة بيت المقدس (المسجد الأقصى) .. {فَلَمّا وَضَعَتْهَا}: أي عندما وضعت مريم {قَالَتْ رَبّ إِنّي وَضَعْتُهَآ أُنْثَىَ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} ¬

_ (¬1) سورة آل عمران - الآية 35.

, فخافت أن لا يقبل الله - عز وجل - نذرها حيث أن البنت كما قالت {وَلَيْسَ الذّكَرُ كَالاُنْثَىَ وَإِنّي سَمّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرّيّتَهَا مِنَ الشّيْطَانِ الرّجِيمِ} (¬1) أي في القوة والجلد في العبادة , وخدمة المسجد الأقصى وليس في مخالطته للناس في المسجد مفسدة كما تكون من النساء .. ولكن الله - عز وجل - بسب نيتها الصالحة تقبل نيتها كما قال الله - عز وجل - {فَتَقَبّلَهَا رَبّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفّلَهَا زَكَرِيّا كُلّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَمَرْيَمُ أَنّىَ لَكِ هََذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ إنّ اللهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (¬2) .. فالنية الحسنة كانت سببا لعناية الله - عز وجل - العظمي في تربية مريم عليها السلام. (¬3) والدة الشيخ / محمد عمر البالمبوري (رحمها الله): كانت امرأة فعندما وضعت ابنها محمد عمر، نظرت إليه وإلي المصحف وقالت: يا رب! ابني هذا يحفظ كتابك هذا .. وعندما كبر علمته القرآن .. وكانت تأتي له بكتاب قصص الأنبياء ليقرأ لأمه ثم تقول: يا بني! أنت الآن تقرأ لي وأنا عجوز، أسأل الله - عز وجل - أن يجعلك تقرأ أمام الملايين من الناس .. وقد حقق الله - عز وجل - لها نيتها. ¬

_ (¬1) سورة آل عمران – الآية 36. (¬2) سورة آل عمران – الآية 37. (¬3) انظر قصص الأنبياء لأبن كثير.

o وصدق من قال: هي الأخلاق تنبت كالنبات ... إذا سقيت بماء المكرمات تقوم إذا تعهدها المربي على ... ساق الفضيلة مثمرات ولم أرى للخلائق من محلِ ... يهذبها كحضن الأمهات فحضن الأم مدرسة تسامت ... لتربية البنين أو البنات وليس النبت ينبت في جنان ... كمثل النبت ينبت في الفلاة وكانت أمنا في العلم بحراً ... تحل لسائليها المشكلات وعلمها النبي أجل علم ... فكانت من أجل العالمات وليس ربيب عالية المزايا ... كمثل ربيب سافلة الصفات فكل شئ مداره علي النية .. فربما الإنسان يُربي حيوان فيكون له أجر، وربما يُربي إنسان فلا يأخذ أجر كل حسب نيته، ففي الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من احتبس فرسا في سبيل الله إيمانا بالله , وتصديقا بوعده , فإن شبعه , وريه، وروثه , وبوله , في ميزانه يوم القيامة " رواه البخاري (¬1). ¬

_ (¬1) رياض الصالحين - كتاب الجهاد - باب وجوب الجهاد وفضل الغدوة والروحة _ ص 466.

ولتحقيق هذه النوايا .. نبدأ بتعليم الأولاد كتاب الله - عز وجل - .. ثم تجويده ثم نلحقهم بالمدارس الدينية (مثل المعاهد الأزهرية _ ومعاهد القراءات) ثم نزيد علي ذلك أن نحفظهم كُتب الحديث مثل .. رياض الصالحين - كتاب اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان .. كتاب مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي .. فما تيسر من ذلك نحفظه لهم. ثم ندرس لهم كتب الفقه .. والسيرة النبوية، وكتب التواريخ مثل البداية والنهاية .. وكتب النحو والصرف .. وندرس لهم فقه الواقع .. ولا ننقلهم عن علم حتى يتقنوه. - - - - -

الصفات الإيمانية

الصفات الإيمانية التي يجب أن يربي عليها الطفل - تربية الأطفال علي اليقين: أول ما نربى عليه أولادنا .. أن نعلمهم أول شعبة من شعب الإيمان وهي كلمة التوحيد ففي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:" الايمان بضع وسبعون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها أماطة الاذى عن الطريق، والحياء شعبة من الايمان ". متفق عليه. (¬1) فكلما بدأ حياته بنطق لا إله إلا الله محمد رسول الله نسأل الله أن يختم بها حياته آمين. ونُعلمهم الإيمان واليقين والتوحيد ومعرفة الله رب العالمين، بذكر قصص الأنبياء والصديقين.، فعن جندب بن عبد الله قال." كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحنُ فتيان حزاوره فتعلمنا الايمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن، فازددنا به إيماناً " رواه ابن ماجة. ¬

_ (¬1) مشكاة المصابيح - كتاب الإيمان 1/ 10.

تربية ابن عباس - رضي الله عنه - علي الإيمان واليقين: فعن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: كنت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما فقال: " يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك؛ احفظ الله تجده تجاهك؛ إذا سألت فسأل الله , وإذا استعنت فاستعن بالله , واعلم أن الأمة لو اجتمعت علي أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك , وإن اجتمعوا علي أن يضروك شئ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. وفي رواية غير الترمذي: احفظ الله تجده أمامك , تعرف الله في الرخاء يعرفك في الشدة .. واعلم أن ما أخطئك لم يكن ليصيبك .. وما أصابك لم يكن ليخطئك .. واعلم أن النصر مع الصبر , وأن الفرج مع الكرب , وأن مع العسر يسرا. (¬1) تربية الحارث بن أسد المحاسبي (رحمه الله) علي الإيمان واليقين: كانت أم الحارث بن أسد (رحمها الله) تريد أن تُربي ولدها " الحارث "علي اليقين بالله - عز وجل - .. فإذا أراد الطعام تقول له: صلي، واسأل الله أن يرزقك الطعام فيقوم إلي الصلاة فتضع له الطعام تحت زنبيل، فإذا صلي يكشف الزنبيل فيجد الطعام .. فذهبت يوما إلي السوق , فتأخرت، فتوجهت إلي الله - عز وجل - وقالت: يا رب! الآن ابني لا يجد الطعام فيخرب يقينه وتوجهت إلي الله أن يرزقه .. وعاد الحارث من الكتاب، فلم يجد أمه، فقام إلي الصلاة كما يفعل كل يوم، وبعد أن ¬

_ (¬1) رياض الصالحين باب المراقبة صـ73.

انتهي من الصلاة، كشف الزنبيل فإذا بالطعام فأكل وشبع .. ثم عادت أمه , فسألته عن الطعام , فقال لها: فعلت مثل ما أفعل كل يوم فوجدت الطعام تحت الزنبيل، ولكن يا أماه! طعام اليوم لم أذق مثله قط .. فحمدت الله عز وجل .. - تربية الأطفال علي محبة الرسول (- صلى الله عليه وسلم -): عن علي - رضي الله عنه - قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب أهل بيته، وقراءة القرآن، فإن حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله مع أنبيائه وأصفيائه " (¬1) فنغرس في قلوب أولادنا حب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وقد مر كيف كان حب الصبيان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونربيهم علي اتباع سنته - صلى الله عليه وسلم - في كل صغيرة وكبيرة، ونذكر لهم قصص الصحابة في ذلك: فعن عمر بن أبي سلمة , قال: كنت غلاما في حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " سم الله، وكل بيمنك، وكل مما يليك " متفق عليه. (¬2) وزجرهم عند مخالفة أمره ونهيه - صلى الله عليه وسلم -: عن بلال بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تمنعوا النساء حظوظهن من المساجد إذا استأذنكم " فقال بلال: والله لا نمنعهن، فقال له عبدالله: أقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتقول أنت: لا نمنعهن!. ¬

_ (¬1) الجامع الصغير للسيوطي. (¬2) مشكاة المصابيح - كتاب الأطعمة 2/ 1210.

وفي رواية سالم عن أبيه: قال: فأقبل عليه عبدالله فسبه سباً ما سمعت سبه مثله قط، وقال: أخبرك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتقول والله لنمنعهن!. رواه مسلم (¬1) وعن مجاهد عن عبدالله بن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يمنعن رجل أهله أن يأتي المسجد فقال: ابن لعبدالله بن عمر: فإنا نمنعهن. فقال عبدالله: أحدثك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتقول هذا فوالله ما أكلمك أبداً، قال فما كلمه عبدالله حتى مات. رواه أحمد وصححه الألبانى. (¬2) وعن أبي سعيد عبدالله بن مغفل (رضى الله عنه) قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخذف وقال: " إنه لا يقتل الصيد ولا ينكأ العدو وأنه يفقأ العين ويكثر السن. متفق عليه. وفي روايه أن قريباً لابن مغفل خذف فنهاه وقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهي عن الخذف وقال: " أنه لا تصيد صيدا " ثم عاد، فقال: أحدثك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه ثم عدت تخذف! لا أكلمك أبداً. (¬3) - تربية الأطفال علي امتثال أوامر الله عز وجل وأهمها الصلاة: يأمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نربي أولادنا علي حب الصلاة، منذ نعومة أظفارهما، فعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده (رضي الله عنهم) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) مشكاة المصابيح – باب الجماعة وفضلها 1/ 339. (¬2) المرجع السابق. (¬3) رياض الصالحين – باب المحافظة علي السنة وآدابها صـ116.

: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين , واضربوهم عليها وهم أبناء عشر , وفرقوا بينهم في المضاجع " رواه أبو داود بإسناد حسن. (¬1) وعن سبرة بن معبد الجهني (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: علموا الصبي الصلاة لسبع سنين، واضربوه عليها ابن عشر سنين ". رواه أبو داود والترمذي. ولفظ أبو داود: مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين. (¬2) وروي يعقوب بن سفيان أن عمر بن عبد العزيز تأخر عن الصلاة مع الجماعة يوما، فقال صالح بن كيسان: ماشغلك؟ فقال كانت مرجلتي تسكن شعري 0 فقال له: أقدمت ذلك علي الصلاة؟ وكتب إلي أبيه، وهو علي مصر يعلمه بذلك 00 فبعث أبوه رسولا فلم يكلمه حتي حلق رأسه (¬3) فإذا كان الرجل في منزله وسمع الآذان، فعليه أن يذهب فورا إلي المسجد ويصطحب معه أولاده، وبذلك يربي فيهم حب الصلاة، ويعودهم علي الذهاب إلي المسجد، فالولد يراقب اهتمامات ولده ... وعلى الأم تحث أولادها على الصلاة، ففى الحديث " المرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها " متفق عليه من حديث رواه بن عمر. (¬4) ¬

_ (¬1) رياض الصالحين - باب وجوب أمره أهله وأولاده المميزين وسائر من في رعيته بطاعة الله تعالي صـ166. (¬2) المرجع السابق. (¬3) البداية والنهاية – باب ترجمة عمر بن عبد العزيز 9/ 341 (¬4) المرجع السابق.

- تربية الأطفال علي اتباع السنة: فعن عمر بن أبي سلمة , قال: كنت غلاما في حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " سم الله، وكل بيمنك، وكل مما يليك " متفق عليه. (¬1) وزجرهم عند مخالفة أمره ونهيه - صلى الله عليه وسلم -: عن بلال بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تمنعوا النساء حظوظهن من المساجد إذا استأذنكم " فقال بلال: والله لا نمنعهن، فقال له عبدالله: أقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتقول أنت: لا نمنعهن!. وفي رواية سالم عن أبيه: قال: فأقبل عليه عبدالله فسبه سباً ما سمعت سبه مثله قط، وقال: أخبرك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتقول والله لنمنعهن!. رواه مسلم (¬2) وعن مجاهد عن عبدالله بن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يمنعن رجل أهله أن يأتي المسجد فقال: ابن لعبدالله بن عمر: فإنا نمنعهن. فقال عبدالله: أحدثك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتقول هذا فوالله ما أكلمك أبداً، قال فما كلمه عبدالله حتى مات. رواه أحمد وصححه الألبانى. (¬3) وعن أبي سعيد عبدالله بن مغفل - رضي الله عنه - قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخذف وقال: " إنه لا يقتل الصيد ولا ينكأ العدو وأنه يفقأ العين ويكثر السن. متفق عليه. ¬

_ (¬1) مشكاة المصابيح - كتاب الأطعمة 2/ 1210. (¬2) مشكاة المصابيح – باب الجماعة وفضلها 1/ 339. (¬3) المرجع السابق.

وفي روايه أن قريباً لابن مغفل خذف فنهاه وقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهي عن الخذف وقال: " أنه لا تصيد صيدا " ثم عاد، فقال: أحدثك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه ثم عدت تخذف! لا أكلمك أبداً. (¬1) - تربية الأطفال علي حفظ السر: وهذه أم سليم رضي الله عنها تأمر ابنها أنس أن يحفظ سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما يروي ذلك لنا سيدنا أنس - رضي الله عنه - قال: أتي عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ألعب مع الغلمان، فسلم علينا فبعثني في حاجته، فأبطأت علي أمي ‘ فلما جئت، قالت: ما حبسك؟ فقلت: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحاجة ‘ قالت: ما حاجته؟ قلت: إنها سر. قالت: لا تخبرن بسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدا. رواه مسلم (¬2). - تربية الأطفال علي ترك الحرام: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أخذ الحسن بن علي (رضي الله عنهما) تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كُخِ كُخ (¬3)، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة " متفق عليه. (¬4) ¬

_ (¬1) رياض الصالحين – باب المحافظة علي السنة وآدابها صـ116. (¬2) رياض الصالحين – باب حفظ السر. (¬3) كلمة زجر للصبي عن المستقتذارت وكان الحسن (رضي الله عنه) صبياً. (¬4) رياض الصالحين باب وجوب أمره أهله وأولاده المميزين وسائر من في رعيته بطاعة الله تعالي ‘ ونهيهم عن المخالفة، وتأدبيهم، ونهيم عن ارتكاب منهي عنه.

وهكذا كان الصالحون يخافون علي أنفسهم وأولادهم من أكل الحرام .. فهذا والد الامام البخاري (رحمه الله) كان تاجرا، فلما مرض، قال له: يا بني! لقد تركت لك خمسين الف درهم لا أجد فيها درهما فيه شبهة. - تربية الأطفال علي الصدق: - توجيه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته: عن عبد الله بن عامر - رضي الله عنه - قال: دعتني أمي يوما ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعد في بيتنا، فقالت: ها،؟ تعال أعطيك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: " ما أردت أن تعطيه؟ قالت: أعطيه تمراً. فقال لها: أما إنك لو لم تعطه شيئاً كتبت عليك كذبة " رواه أبو داود والبيهقي في شعب الإيمان (¬1). فلو كذبت المرأة أولادها في الحديث معهم .. حتى ولو كان الحديث في التسلية أو الضحك .. لعلمتهم الكذب وهي لا تشعر. فيجب علي المرأة أن تراعي الصدق مع أولادها، فلو طُرق الباب وفتح الولد الباب فسأله الطارق عن أبيه، نعوده أن يقول الصدق. ويحكي: أن أحد طلبة العلم، أراد أن يذهب إلي بغداد لطلب العلم وكان صغيراً، فأعطته أمه أربعين ديناراً ميراثه من أبيه وقالت له: ضع يدك في يدي وعاهدني علي التزام الصدق فلا تكذب أبداً ‘ فعاهدها علي ذلك .. وخرج مع قافلة يريد بغداد، وفي أثناء الطريق خرج اللصوص ونهبوا كل ما في القافلة .. ورأوا هذا الصبي رث الثياب ‘، فقالوا له: هل معك شئ؟ فقال: معيَّ أربعون ديناراً، فسخروا منه وحسبوا أنه أبله وتركوه ورجعوا إلي كهف كان به كبير اللصوص، ¬

_ (¬1) مشكاة المصابيح - كتاب الآداب ـ باب الوعد 3/ 1368.

ينتظر ما يأتون به فلما رآهم قال: هل أخذتكم كل ما في القافلة؟ قالوا: نعم، إلا صبيا سألناه عما معه، فقال: معيَّ أربعون ديناراً، فتركناه احتقاراً لشأنه، نظن أن به خبلا في عقله، فقال: عليَّ به، فلما حضر بين يديه، قال: هل معك شئ؟ فقال: نعم، معيَّ أربعون ديناراً، قال: أين هي؟ فأخرجها وسلمها له، فقال كبير اللصوص: أمجنون أنت يا بني؟ كيف ترشد عن نقودك وتسلمها باختيارك؟ فقال له: لما أردت الخروج من بلدي، عاهدت أمي علي الصدق ‘ فأنا لا أنقض عهد أمي، فقال كبير اللصوص: لا حول ولا قوة إلا بالله ‘ أنت تخاف أن تخون عهد أمك، ونحن لا نخاف أن نخون عهد الله؟ ثم أمر برد جميع ما أخذ من القافلة .. وتاب علي يديه ومن معه جميعا .. - تربية الأطفال علي الخوف من الله - عز وجل -: ففي وصايا النبي - صلى الله عليه وسلم - العشر، لمعاذ قال: ...... وأنفق علي عيالك من طولك، ولا ترفع عنهم عصاك أدبا، وأخفهم في الله ". رواه أحمد. (¬1) فإذا ميز الصبي نبدأ أن نبين له قدرة الله عز وجل وعظمته، وشدة بطشه وانتقامه ممن عصاه، ونبين له قصص الأنبياء وحال من اتبعهم، وكيف بطش الله عز وجل بمن خالفهم .. ونبين لهم أحوال الدار الآخرة، الجنة وما فيها من النعيم، والنار وما فيها من العذاب. ¬

_ (¬1) مشكاة المصابيح – كتاب الإيمان – باب الكبائر وعلامات النفاق 1/ 2.

- تربية الأطفال علي حب العلم وطلبه: قال وكيع: قالت أم سفيان الثوري لسفيان: يا بني! اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي .. وقالت له: يا بني! إذا كتبت عشرة أحرف، فانظر هل تري في نفسك زيادة في حلمك ووقارك، فإن لم يزدك فاعلم أنه لا يضرك ولا ينفعك (¬1). - تربية الأطفال علي الشجاعة ومجالسة الكبار للاستفادة منهم: لابد أن نترك للطفل فرصة في المزاح مع الكبار، وعدم زجره، حتى لا نجرح شعوره، ونكسر نفسه، ويتعود علي الانطواء والوحدة .. وعن هذا كله تحدثنا أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص قالت: أُتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة فقال: " ائتوني بأم خالد " فأُتي بها تُحمل فأخذ الخميصة بيده فألبسها، قال: " أبلي اخلقي، ثم أبلي اخلقي " وكان فيها علم أخضراً وأصفر، فقال: " يا أم خالد! هذا سناه " وهي بالحبشية: حسنة، قالت: فذهبت ألعب بخاتم النبوة (بين كتفيه) فزبرني [فزجرني] أبي، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " دعها " رواه البخاري (¬2). وأم خالد هذه اسمها " أمة " وكان والدها خالد بن سعيد بن العاص بن عبد شمس - رضي الله عنه - من السابقين إلى الإسلام , وكان هو وامرأته من أوائل المهاجرين الى ¬

_ (¬1) صفة الصفوة لابن الجوزي 3/ 91. (¬2) مشكاة المصابيح - كتاب الفضائل والشمائل، باب أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - وصفاته 3/ 1610.

الحبشة , وهناك ولدت له امرأته " أمة " التي قضت شطرا من عهد طفولتها في الحبشة , ثم عادت مع أبوبها إلى المدينة المنورة , بعد أن هاجر إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - .. وروت أمة (رضى الله عنها)، كيف ودعهم النجاشي وهم يركبون السفينتين في طريقهم الى المدينة فقالت: سمعت النجاشي يوم خرجنا يقول لأصحاب السفينتين: أقرئوا جميعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منى السلام، فقالت: فكنت فيمن أقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النجاشي السلام .. وقد تزوجت أمة (رضى الله عنها) من الزبير بن العوام - رضي الله عنه - .. فأنجبت منه خالد , وبه كانت تكنى .. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكرمها. - التربية علي حب الحياء والستر: - أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب (رضى الله عنها): هذه البنت الصغيرة يتقدم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لخطبتها .. فقال علي: إنها صغيرة، فقيل لعمر: إنما يريد بذلك منعها، فكلمه عمر، فقال علي: أبعث بها إليك فإن رضيت فهي امرأتك، فبعث بها إليه فكشف عن ساقها، فقالت له: أرسل (أي اترك ثوبي) فلولا أنك أمير المؤمنين لصككت عينك كذا في الكنز. (¬1) فنرغب البنات في حب الحجاب والستر، وأن ذلك يستوجب محبة الله ومحبة الناس واحترامهم. ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق وسنن سعيد بن منصور (حياة الصحابة 2/ 670).

وعن ابن سعد: أن علي قال لعمر: إنما حبست بناتي علي بني جعفر فقال: زوجنيها فو الله! ما علي ظهر الأرض رجل يرصد من كرامتها ما لأرصد، قال: قد فعلت .. فجاء عمر إلي المهاجرين فقال: زفوني! فزفوه، فقالوا: بمن تزوجت؟ قال: ابنة علي، إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" كل نسب وسبب سيقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي وكنت قد صاهرت، فأحببت هذا أيضا. كذا في الإصابة (¬1). " لصككت وجهك " ما معناها إلا أنه أمير المؤمنين! جراءة .. عفة .. حياء .. لأنها تربت في بيت النبوة فأبوها علي وأمها فاطمة الزهراء وجدها محمد - صلى الله عليه وسلم - سيد الأولين والآخرين كان أشد حياءً من العذراء في خدرها وأمها فاطمة. كانت تستحي أن يراها الناس وهي ميتة علي السرير (النعش) بدون غطاء .. وأم كلثوم بضعة من فاطمة وعلي!! أختي هل تحبين أن تكون بناتك مثلها؟ ابدئي بنفسك وربيها علي ذلك .. ثم ربي في بناتك هذه الأخلاق واطلبي العون من الله. وتقول عائشة (رضي الله عنها) تزوجني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا بنت ست ستين ودخل علي وأنا بنت تسع سنين، وكنت ألعب بالبنات (لعب) وكان لي صواحب (صديقات) يلعبن معي فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل ينقمعن (يستترن) منه. ¬

_ (¬1) حياة الصحابة 2/ 671.

وفي لفظ: وعندي الجواري (البنات الصغار) فإذا دخل خرجن، وإذا خرج دخلن " (¬1) لماذا يستترن مع صغرهن؟ ما هو إلا حياءً واحتجاباً منه!! - التربية علي الزهد وحب الفضائل: بلغ عمر بن عبد العزيز أن ابنا له اشتري خاتما بألف درهم، فكتب إليه عمر: بلغني إنك اشتريت فصا بألف درهم، فإذا أتاك كتابي فبع الخاتم وأشبع به ألف بطن، واتخذ خاتما بدرهمين واجعل فِصه حديداً صينياً، واكتب عليه رحم الله إمرءاً عرف قدر نفسه 0 - التربية علي بر الآباء وطاعتهم: فنذكر لهم قصص البارين بالآباء مثل: 1) قصة إبراهيم - عليه السلام - وشفقته علي والده: قال تعالى {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً * إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً * يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ ¬

_ (¬1) رواه البخاري في كتاب الأدب .. وأبو داود في كتاب الأدب .. والنسائي في كتاب النكاح.

لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً * قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّا} (¬1) خطاب مليء بالشفقة والرحمة لأبيه الكافر خوفا عليه من عذاب الله عز وجل 0 2) نبي الله إسماعيل (عليه السلام) وطاعته لأبيه: لما هاجر إبراهيم عليه السلام من بلاد قومه {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} (¬2) سأل ربه أن يهب له ولدا صالحا {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} (¬3)، فبشره الله بغلام حليم وهو إسماعيل عليه السلام {َفبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} (¬4) فلما شب وصار يسعى في مصالحه، رأي إبراهيم عليه السلام في ¬

_ (¬1) سورة مريم الآيات من 41: 48. (¬2) سورة الصافات – الآية99. (¬3) سورة الصافات – الآية99. (¬4) سورة الصافات – الآية100.

المنام أنه يأمر بذبح ولده، ورؤيا الأنبياء وحي، فأخبره {{َلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى} (¬1) فبادر الغلام الحليم {قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} (¬2) غاية السداد والطاعة للوالد ولرب العباد جل جلاله (¬3). 3) نبي الله ورسوله يحيي (- عليه السلام -): ذكر الله بره بوالديه، وطاعته لهما أمراً ونهياً، وترك عقوقهما قولا وفعلا، قال تعالي {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا} (¬4) 4) نبي الله ورسوله عيسي (- عليه السلام -): أنطقه الله عز وجل، في المهد بما يستقبل به حياته، ويعيش عليه، {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ ¬

_ (¬1) سورة الصافات – الآية101. (¬2) سورة الصافات – الآية101. (¬3) قصص الأنبياء لابن كثير. (¬4) سورة مريم الآية 14.

مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا *وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} (¬1) 5) الرجل الذي دخل مع صاحبيه الغار: عن عمر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " بينما ثلاثة نفر يتماشون أخذهم المطرُ، فمالوا إلي غار فم الجبل، فانحطت علي فم غارهم صخرةُ من الجبل، فأطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا إعمالا عملتموها لله صالحةً، فادعوا الله بها لعله يفرجها، فقال أحدهم: اللهم كان لي والدان شيخان كبيران، ولي صبية صغار، كنت أرعي عليهم، فإذا رحتُ عليهم فحلبتُ بدأت بوالدي أسقيهما قبل ولدي، وإنه قد نأي بي الشجر، فما أتيت حتى أمسيتُ، فوجدتهما قد ناما، فحلبتُ كما كنتُ أحلبُ، فجئتُ بالحلاب، فقمت عند رؤوسمها أكره أن أوقظهما، وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما والصبيةُ يتضاغون عند قدمي، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا فرجة نري منها السماء، ففرج الله لهم حتي يرون السماء (¬2). 6) قال محمد بن المنكدر: ¬

_ (¬1) سورة مريم الآيات من 30: 32. (¬2) متفق عليه مشكاة المصابيح- كتاب الآداب – باب البر والصلة1/ 1380

بات عمر (يعني أخاه) يُصلي وبت أغمز رجل أمي، وما أحب أن ليلتي بليلته .. وكان يضع خده بالأرض ثم يقول لأمه: قومي ضعي قدمك علي خدي0 تاريخ الإسلام - نُربي في نفوس الأطفال علو الهمة: فمن العجز أن يزدري المرء بنفسه، فلا يقيم لها وزنا، وأن ينظر إلي من هو فوقه من الناس، نظر الحيوان الأعجم إلي الحيوان الناطق، فإن الرجل إذا صغرت نفسه في عينه يأبي لها من أعماله إلا ما يشاكل منزلتها عنده، فتراه صغيراً في مروءته وهمته، صغيراً في ميوله وأهوائه .. صغيرا في في جميع شؤونه وأعماله، فإن عظمت نفسه عظم بجانبها كل ما كان صغيراً في جانب النفس الصغيرة. ولقد سأل أحد الأئمة العظماء ولده، وكان نجيبا: أي غاية تطلب في حياتك يا بني، وأي رجل من عظماء الرجال تحب أن تكون؟ فأجابه: أحب أن أكون مثلك فقال: ويحك يا بني! لقد صغرت نفسك، وسقطت همتك، فلتبك علي عقلك البواكي، لقد قدرت لنفسي يا بني في مبدأ نشأتي أن أكون كعلي أبى طالب فمازلت أكد وأكدح، حتى بلغت المنزلة التي تراها، وبيني وبين عليَّ (رضي الله عنه) ما تعلم من الشأو البعيد، والمدي الشاسع، فهل يسرك وقد طلبت منزلتي أن يكون ما بيني وبينك من المدي مثل ما بيني وبين عليَّ بن أبي طالب؟!

واجتمع فى الحجر عبد الله بن الزبير، ومصعب بن الزبير، وعروة بن الزبير، وعبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - فقالوا تمنوا: فقال عبد الله بن الزبير: أما أنا فأتمنى الخلافة. وقال عروة بن الزبير: أما أنا فأتمنى أن يؤخذ عنى العلم. وقال مصعب بن الزبير: أما أنا فأتمنى إمرة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين. وقال عبد الله بن عمر: أما أنا فأتمنى المغفرة. فنالوا ما تمنوا .. ولعل ابن عمر قد غفر له (¬1). فنربي في الطفل علو الهمة، والنظر إلي العظماء ليكون عظيما مثلهم .. فطالب العلم أحوج الناس إلي علو الهمة، لأن حاجة الأمة إلي نبوغه أكثر من حاجتها إلي من سواه من الصانعين والمحترفين .. وهل الصانعون والمحترفون إلا حسنة من حسناته وأثر من آثاره، فالطفل في بلوغه الغاية التي بلغها النابغون من قبله لا يحتاج إلي خلق غير خلقه، وجو غير جوه، وسماء غير سمائه، وأرض غير أرضه، وعقل غير عقله، وأداة غير أداته، ولكنه في حاجة إلي نفس عالية كنفوسهم، وهمة عالية كهممهم (¬2) ¬

_ (¬1) تاريخ الإسلام - الذهبي - 2/ 622. (¬2) كتاب النظرات للمنفلوطي 1/ 234 (بتصرف).

- نُربي في نفوس الأطفال حب التضحية: وذلك بذكرتضحيات الصحابة - رضي الله عنهم - لدين الله - عز وجل - .. وهكذا كان يفعل الصحابة الكرام مع أبناءهم، فعن زين العابدين علي بن الحسين بن أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه -، قال: كنا نُعَلَّمَ مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما نعلم السورة من القرآن. وعن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص الزهري المدني قال: كان أبي يعلمنا مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويعدها علينا وسراياه، ويقول: يا بني هذه شرف آبائكم فلاتضيعوا ذكرها. وعن الزهري قال: في علم المغازي خير الدنيا والاخرة (¬1). لأن علم المغازي هو علم التضحية، وعلم التضحية إذا تدارسناها يُربي في نفوسنا حُبِ التضحية وحب الشهادة في سبيل الله، ونذكر لهم شباب الصحابة الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل الله مثل: _ عمير بن أبي وقاص: ففي غزوة بدر عرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه ورد من استصغر منهم، فرد عبد الله بن عمر، وأسامة بن زيد، ورافع بن خديج، والبراء بن عازب، وأسيد بن حضير، وزيد بن أرقم، وزيد بن ثابت، وعمير بن أبي وقاص، فقال: ارجع، فبكى فأجازه، فقتل ببدر هو ابن ست عشرة سنة (¬2) ¬

_ (¬1) روى الآثار الثلاثة الخطيب البغدادي في الجامع وابن عساكر في تاريخه (سُبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد 4/ 20) (¬2) سبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد 4/ 38.

فقد أخرج بن عساكر عن سعد - رضي الله عنه - قال: رد رسول - صلى الله عليه وسلم - عمير بن أبي وقاص عن مخرجه إلي بدر واستصغره ‘ فبكي عمير - رضي الله عنه - فأجازه، قال سعد - رضي الله عنه -: فعقدت عليه حمالة سيفه، ولقد شهد بدرا وما في وجهه إلا شعرة واحدة امسحها بيدي. كذا في الكنز (¬1) وأخرجه ابن سعد عن سعد - رضي الله عنه - قال: رأيت أخي عمير بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قبل أن يعرضنا رسول الله - رضي الله عنه - يوم بدر يتواري، فقلت: مالك يا أخي؟ قال: إني أخاف أن يراني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيستصغرني فيردني، وأنا أحب الخروج لعل الله أن يرزقني الشهادة، قال: فعرض علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرده فبكي فأجازه فكان سعد - رضي الله عنه - يقول: فكنت أعقد حمائل سيفه من صغره ‘ فقتل وهو ابن ستة عشرة سنة. كذا في الإصابة (¬2) - سعد بن خيثمة وأبيه رضي الله عنهما: وعن سليمان بن أبان - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما خرج إلي بدر أراد سعد بن خيثمة وأبوه جميعا الخروج معه فذكر ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر أن يخرج أحدهما، فاستهما فقال خيثمة ابن الحارث لابنه سعد رضي الله عنهما: إنه لا بد لأحدنا من أن يقيم، فأقم مع نسائك، فقال سعد: لو كان غير الجنة لآثرتك به، إني أرجو الشهادة في وجهي هذا، فأستهما، فخرج سهم سعد فخرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلي بدر فقتله عمرو بن عبد ود. (¬3) ¬

_ (¬1) وأخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 188، حياة الصحابة باب الجهاد ـ خروج الصبيان وقتالهم في الجهاد في سبيل الله - 1/ 584. (¬2) المرجع السابق. (¬3) الحاكم في المستدرك كتاب معرفة الصحابة ـ باب مناقب سعد بن خيثمة ـ 3/ 189.

وقد ذكر محمد بن عمر أن خيثمة قال يوم أحد: يا رسول الله لقد أخطأتني وقعة بدر، وكنت والله حريصا عليها، حتى ساهمت ابني في الخروج فخرج سهمه فرزق الشهادة، وقد رأيته البارحة في النوم في أحسن صورة، يسرح في ثمار الجنة وأنهارها، ويقول: الحق بنا ترافقنا في الجنة، فقد وجدت ما وعدني ربي حقا، وقد والله يا رسول الله أصبحت مشتاقا إلى مرافقته في الجنة، فادع الله تعالى أن يرزقني الشهادة، ومرافقته في الجنة، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل في أحد (¬1). - - - - - ¬

_ (¬1) سُبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد 4/.

التربية علي الإيمان وأثرها الطيب

التربية علي الإيمان وأثرها الطيب - أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: تربي علي - رضي الله عنه - في بيت النبوة (بمكة المكرمة) .. هذه التربية أكسبته محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما عَرض عليه الإسلام، مع صغر سنه فقبل الإسلام فكان أول من أسلم من الصبيان .. وظهرت هذه الشجاعة في المواقف مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقتل صناديد الكفر مثل: عمرو بن عبد ود في غزوة بدر .. ومرحب اليهودي في غزوة خيبر .. وأهلته لأن يتزوج خير نساء العالمين فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم - (رضي الله عنها) وأبا الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة .. وكان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنزلة هارون من موسى .. ورابع الخلفاء الراشدين. . فلا عجب فقد تربي علي يد امرأتين عظمتين وهما أمه فاطمة بنت أسد ثم علي يد أمه وأم المؤمنين جميعا خديجة بنت خويلد (رضى الله عنها). - أسامة بن زيد حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (رضي الله عنهما): تربي أسامة بن زيد - رضي الله عنه - في حجر أمه " أم أيمن " وأبيه زيد بن حارثة واتصاله ببيت النبوة وأمهات المؤمنين، أهلته ليكون أهلا لحب النبي - صلى الله عليه وسلم - له، ولأن يوليه

- صلى الله عليه وسلم - أميراً علي جيش فيه كبار الصحابة رضي الله عنهم، وفيهم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وكان عمر - رضي الله عنه - لا يلقي أسامة إلا قال له: السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله! توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنت علي أمير. (¬1) قال الذهبي: لما أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - علي جيش الشام كان عمره ثماني عشرة سنة. - التربية علي الإيمان جعلت البنات تخافن علي أبيهن: عن الهيثم بن خلف الدوري أن محمد بن سويد الطحان حدثه قال: كنا عند عاصم بن علي ومعنا أبو عبيد، وإبراهيم بن أبي الليث وجماعة ‘ وأحمد بن حنبل يُضرب فجعل عاصم يقول: ألا رجل يقوم معيَّ فنأتي هذا الرجل ‘ فنكلمه؟ قال: فما يجيبه أحد ثم قال ابن أبي الليث: أنا أقوم معك يا أبا الحسين، فقال: يا غلام، خُفي، فقال ابن أبي الليث: يا أبا الحسين! أبلغ إلي بناتي فأوصيهم، فظننا أنه ذهب يتكفن ويتحنط، ثم جاء فقال: إني ذهبت إليهن، فبكين، قال: وجاء كتاب ابنتي عاصم من واسط: يا أبانا إنه بلغنا أن هذا الرجل أخذ أحمد بن حنبل، فضربه علي أن يقول: القرآن مخلوق، فاتق الله! ولا تجبه فو الله! لأن يأتينا نعيك أحبُ إلينا من أن يأتينا أنك أجبت. ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء 2/ 500.

ويروي أنه: قالت بنات رجل لأبيهن: يا أبه! لا تطعمنا إلا من حلال، فإن الصبر علي الجوع أيسر من الصبر علي النار. (¬1) وكان ليحيي بن معاذ ابنة صغيرة السن، فطلبت من أبيها شيئا، فقال لها: يا بنيتي! اطلبي ذاك من الله! أو ما أستحي من الله أن أطلب منه شيئا يؤكل؟!!! 0 (¬2) - التربية علي الإيمان وأثرها في التضحية بالنفس من أجل هداية البشرية: فنذكر لهم قصة الغلام والساحر، التي رواها الإمام مسلم في صحيحه، عن صهيب رضي الله عنه أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " كَانَ مَلِكٌ فيمن قبلكم وكان له ساحر، فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت فابعث إليَّ غلاماً أعلِّمْه السحر، فبعث إليه غلاماً يعلمه فكان في طريقه إذا سلك راهبٌ فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه فكان إذا أتى الساحر مرَّ بالراهب وقعد إليه فإذا أتى الساحر ضربه فشكا ذلك إلى الراهب فقال: إذا خشيت الساحر فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل: حبسني الساحر، فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس فقال: اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل، فأخذ حجراً فقال: اللهمَّ إن كان أمرُ ¬

_ (¬1) صفة الصفوة 4/ 0261 (¬2) المرجع لسابق 4/ 0260

الراهب أحبَّ إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس فمرماها فقتلها ومضى الناس، فأتى الراهب فأخبره فقال له الراهب: أيْ بنيَّ أنت اليوم أفضل منِّي قد بلغ من أمرك ما أرى وإنك ستُبْتَلى فإِنِ ابتليتَ فلا تَدُلَّ عليَّ، وكان الغلام يُبْرئ الأكمه والأبرص ويُداوي الناسَ من سائرِ الأدواءِ، فسمع جليسٌ للملكِ كان قد عَمِيَ فأتاه بهدايا كثيرةٍ فقال: ما ها هنا لك أجمعُ إن أنت شفيتني، فقال: إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله فإنْ أنت آمنت بالله دعوتُ اللهَ فشفاكَ، فآمن بالله فشفاه الله فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك: مَنْ ردَّ عليكَ بَصَرَكَ؟ قال: ربي، قال: ولك ربٌّ غيري؟! قال: ربِّي وربُّكَ اللهُ، فأخذه فلم يزل يُعَذِّبُهُ حتى دلَّ على الغلام، فجيء بالغلام فقال له الملك: أَيْ بُنَيَّ قَدْ بلغ من سِحْرِكَ ما تُبْرِئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل، فقال: إنِّي لاَ أَشْفِي أحداً إنما يشفي الله، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب، فجيء بالراهب فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقَّهُ حتَّى وقع شِقَّاهُ ثم جيء بجليس الملك فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقَّهُ به حتى وقع شِقَّاهُ ثم جيء بالغلام فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه، فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشى إلى الملك فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانِيْهِمُ الله، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به فاحملوه في قُرْقُورٍ فتوسطوا به البحر فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه، فذهبوا به فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فانكفأت بهم السفينة فغرقوا وجاء يمشى إلى الملك فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله، فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع ثم خذ سهماً من كنانتي ثم ضع السهم في كبد

القوس ثم قل: باسم الله رب الغلام ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع ثم أخذ سهما من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال: باسم الله رب الغلام ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده في صدغه في موضع السهم فمات، فقال الناس: آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، فأُتِيَ الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر قد والله نزل بك حَذَرُكَ قد آمن الناسُ، فأمر بالأخدود في أفواه السِّكَكِ فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النيران وقال: من لم يرجع عن دينه فأحموه فيها أو قيل له: اقتحم، ففعلوا حتى جاءت امرأةٌ ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام: يَا أُمَّهْ اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ. رواه مسلم وفي هذه القصة من الفوائد العظيمة منها: 1) التربية بالقصص. 2) أهمية وعي التاريخ. 3) أثر القصة في تقريب الفهم. 4) أهل الطغيان والفساد لا يملكون الحجج العقلية والقدرة الإدارية على إدارة الناس فيلجؤون إلى السحر والشغوذة. 5) اهتمام أهل السوء والفساد بمن يخلفهم في أعمالهم. 6) من هذه القصة يتبين لنا كيف نهتم بالنشء ونعتني بأصحاب المواهب من الصغر وتنمية مواهبهم وقدراتهم العقلية والفكرية والإرادية. 7) أهمية تهيئة من يراد لأمر عظيم من الصغر واستثمار جميع قدراته فيما يراد منه. 8) قوة تلبيس السحرة وأعوانهم على الناس، فلم يزل الشك عند الغلام رغم تعليم الراهب له حتى عرضت له الدابة وقال تلك المقالة. 9) إن إرادة الله فوق كل إرادة، وقدرة الله فوق كل قدرة، وأمر الله فوق كل أمر لا رادَّ لقضائه ولا معقب لحكمه إذا قال للشيء: كن فيكون، يري العباد ضعفهم وعجزهم مهما تجبروا وطغوا وبغوا، لقد اختار الملك الغلام ليكون الساحر الذي يثبت به دعائم ملكه،

وأراد الله تعالى أن يكون الداعي الصالح الذي يدمر ملكه ويهدي الناس إلى الدين الحق، وفي ذلك آية للمعتبرين، فالله يهيئ لدينه رجالاً ينبتون من بيوت الطواغيت الكفرة ليكونوا الدعاة الهداة البررة. انظر: صحيح القصص النبوي للأشقر. 10) الكذب للمصلحة الشرعية وخوف الفتنة. 11) تربية العالم لتلميذه وإعداده وتهيئته لتحمل أعباء الدعوة: ((وإنك ستبتلى)) استشرافاً للمستقبل من خلال التحديات وتهيئة النفس وترتيب الحسابات لذلك. 12) الأصل البلاء للمؤمنين: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (العنكبوت:2) 13) الحفاظ الأمني على شيخه: ((فإذا ابتليت فلا تدل علي)). 14) عدم تمني الراهب الفتنة أو التعرض لها مع قوة صبره وتحمله. 15) التواضع والاعتراف بالحق مهما كان صاحبه والتعالي على الحسد والكبر، فهذا الراهب مع أنه معلم الغلام ومربيه ومخرجه من الظلمات إلى النور، ومع ذلك لما علم أنه أفضل منه جهر بذلك أمام تلميذه الصغير: ((أنت اليوم أفضل مني)). 16) استغلال المهنة الطبية في الدعوة، مع الحرص على نفع الناس وحل مشكلاتهم. 17) الدعوة إلى دين الله لا تعرف سناًّ معيَّناً وانظر فعل الغلام. 18) إجراء الآيات كرامة للعبد التقي النقي. 19) الطغيان ليس له حد، بل يصل بصاحبه الضعيف إلى ادعاء الربوبية. 20) أصبحت سير أولئك الطغاة المجرمين أُضْحُوكةً يضحك منها اليوم الصغير والكبير. 21) قد يضعف الإنسان ويدل على أصحابه من جراء التعذيب، فلا يغض هذا من مكانته، كما فعل جليس الملك والغلام مع صبريهما وتقديم أنفسهما فداء لدين الله. 22) الاعتراف بالفضل لأهله وبيان عجز الإنسان وفاقته إلى معونة ربه: ((إنما يشفي الله)). 23) محاولة دغدغة عواطف الغلام واستمالته إلى الباطل وحرفه عن الصراط المستقيم: ((أي بني قد بلغ من سحرك ... )). 24) ليس لدى أهل الطغيان القدرة على إفحام الخصم فيلجئون إلى القوة والتعذيب وهذا من سنتهم وسبيلهم. 25) صبر العالم وتحمله للبلاء وتقديم دمه فداء لدينه.

26) الإيمان لا يوازيه أي رتبة أو مكانة أو دنيا، ولهذا قدم جليس الملك دنياه فداء لدينه. 27) الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب استخف صاحبه بكل عقوبة كما فعل الغلام، حين تفنن الملك في قتله. 28) المحن تولد المنح، لقد مات الراهب والوزير والغلام كما مات الملك وأعوانه، لكن أين منازلهم؟! وأيهم ترك أسوة وسيرة يقتدي بها وينال أجرها؟! 29) اهتمام الملك بأمر الغلام ليكون سنداً له نظراً لفرط ذكائه، ولكنه إذا خالف أمره ولم يرجع عن دينه فالقتل جزاؤه، ولا قيمة للطاقات البشرية والثروة الفكرية عند الطغاة. 30) إرجاع الأمر في الأمن والخوف إلى الله تعالى: ((كفانيهم الله)) وذلك قمة اليقين. 31) دعاء الله في كل حال وطلب نصرته وعدم الاعتماد على النفس وإظهار الفقر والفاقة والحاجة إلى القوي العزيز: ((اللهمَّ اكفنيهم بما شئت)) وإيكال أمرهم إلى الله يفعل بهم ما يشاء وعدم اختيار العقوبة والاقتراح على الله. 32) يلاحظ أن الغلام لم يفر بعد أن أنجاه الله تعالى كل مرة من عقوبة الملك، وذلك لأنه لم يكن ينشد السلامة لنفسه، بل كان يهدف إلى إظهار دين الله وإعلاء كلمته، ولعل الناس كانوا يتابعون قصته في مجالسهم وينتظرون النتيجة في معركة الغلام مع السلطان المتجبر مدعي الربوبية، وكيف يواجه الغلام الملك غير هياب ولا وجل، مع ما عرف عن السلطان من سفك الدماء. انظر: صحيح القصص النبوي للأشقر. 33) الاعتزاز بدين الله: ((حتى تفعل ما آمرك به)). 34) أهمية الدعوة إلى توحيد الله حتى احتاجت إلى تقديم النفس فداء في دعوة الناس إلى الله جل وعلا. 35) الاحتيال في الدعوة إلى توحيد الله. 36) الصدق والإخلاص يحطم دم المؤمن أصول الوثنية في قلوب الناس. 37) مهما بدا بنيان الكفر ضخماً عظيماً فإنه كانتفاخ البالون سرعان ما يتحطم بأول وخزة، (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (التوبة:109)}، فبعد هذا التلبيس الطويل على المجتمع وتضليله وتربيته على الخنوع والخضوع لمدعي الربوبية سرعان ما انتهى كل ذلك بموقف واحد، كمثل ظلمة عظيمة انقشعت بشمعة صغيرة. 38) دم المؤمن ينبغي أن لا يضيع هدراً فحياته دعوة وموته دعوة وقطرات دمه دعوة.

39) البطانة السيئة وأثرها السيئ على السلطان: ((أرأيت ما كنت تحذر قد والله نزل بك حذرك قد آمن الناس)). 40) أهل الطغيان لا يعرفون الحوار ولا المناظرة ولا المجادلة، وإنما حججهم هي البطش والعقوبة، ولا بأس في إبادة الشعب إبقاء لمذهب السلطان، وتغطية لدعاويه الباطلة. 41) ماذا فعل هؤلاء حتى يعاقبوا تلك العقوبة النكراء، قال تعالى: {وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاّ أَن يُؤْمِنُواْ بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ٍ} (¬1) فكان السبب أنهم اختاروا لأنفسهم عقيدة الإيمان والتوحيد، أين حرية الرأي والتفكير عندكم يا أهل الكفر والفساد؟. 42) آية من آيات الله في نطق الغلام، ونصرة المؤمن وتأييد الله له وبعث من يثبته على الخير إذا علم منه الصدق والإخلاص: ((اصبري فإنك على الحق)). لقد انتصر هذا المجتمع وعلوا فاستهانوا بكل العقوبات وسخروا من الإحراق والعذاب، وبقيت سيرهم مثلاً أعلى فكم من الأمم انتصرت بسببهم، ثم ما يعايشونه الآن من النعيم: (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (¬2). - - - - - ¬

_ (¬1) سورة: البروج - الآية: 8 (¬2) سورةآل عمران – الآية169.

نماذج من أدب أولاد الصحابة

نماذج من أدب أولاد الصحابة - سمرة بن جندب - رضي الله عنه -: قال: لقد كنت علي عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غلاماً، فكنت أحفظ عنه، فما يمنعني من القول إلا أن هاهنا رجالاً هم أسن مني، وقد صليت وراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي امرأة ماتت في نفاسها، فقام عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة وسطها ". رواه مسلم (¬1) انظر إلي هذا الأدب الجم عند الأولاد الصغار تجاه الكبار. . ياليت الشباب يعقلون ذلك، ويتأدبون أمام الكبار. - عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما): عن ابن عباس - رضي الله عنهم -، قال: كان عمر - رضي الله عنه - يدخلني مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال: لم يدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟! فقال عمر إنه من حيث ¬

_ (¬1) صحيح مسلم - شرح النووي 1/ 32.

علمتم! فدعاني ذات يوم فأدخلني معهم فما رأيت أنه دعاني يومئذ. إلا ليريهم قال: ما تقولون في قول الله تعالى {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} (¬1) فقال بعضهم: أمرنا نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئاً، فقال لي: أكذلك، تقول يا ابن عباس؟ فقلت لا. قال: فما تقول: قلت: هو أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمه له قال تعالي {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ " وذلك علامة: {فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنّهُ كَانَ تَوّابَا} (¬2) فقال عمر - رضي الله عنه -: ما أعلم منها إلا ما تقول. رواه البخاري. (¬3) وعن ابن عباس - رضي الله عنهم - قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي في آخر الليل، فقمت وراءه فأخذني، فأقامني حذاءه ـ بجواره ـ فلما أقبل علي صلاته انخنست (¬4) فلما انصرفت قال:" مالك أقمك حذائي فتخنس "؟ قلت: ما ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك وأنت رسول الله، فأعجبه، فدعا الله أن يزيدني فهماً وعلماً. (¬5) انظر إلي فهمه وأدبه، وهو ما يزال صغيراً في ذلك الوقت دون العاشرة أو أزيد بقليل. - عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -:ـ كان يجلس في مجلس من مجالس النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقه وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي؟ فوقع الناس في ¬

_ (¬1) سورة النصر – الآية 1. (¬2) سورة النصر – الآية 3. (¬3) رياض الصالحين ـ باب الحث علي الازدياد من الخير في أواخر العمر ص 95. (¬4) أي: رجعت إلي الوراء. (¬5) رواه الحاكم في المستدرك 3/ 534.

شجر البوادي، قال عبد الله: ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت، ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله قال: فقال: " هي النخلة " قال: فذكرت ذلك لعمر، قال لأن تكون قلت هي النخلة أحب إليَّ من كذا وكذا. رواه مسلم وفي رواية ثانية لمسلم أيضا: عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يوماً لأصحابه أخبروني عن شجرة مثلها مثل المؤمن " فجعل القوم يذكرون شجراً من شجر البوادي، قال ابن عمر: وألقي في نفسي أو روعي أنها النخلة، فجعلت أريد أن أقولها فإذا أسنان القوم، فأهاب أن أتكلم، فلما سكتوا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" هي النخلة " وفي رواية ثالثة لمسلم أيضا: قال ابن عمر فوقع في نفسي أنها النخلة ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان فكرهت أن أتكلم أو أقول شيئاً، فقال عمر: لأن تكون قلتها أحبَّ إليَّ من كذا وكذا. (¬1) ¬

_ (¬1) صحيح مسلم شرح النووي 17/ 154.

الهمة العالية لشباب سلف الأمة

الهمة العالية لشباب سلف الأمة - الزبير بن العوام - رضي الله عنه -: ـ قال عروة: أسلم الزبير ابن ثمان سنين .. ونفحت نفحة من الشيطان، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بأعلى مكة، فخرج الزبير وهو غلام ابن اثنتي عشرة سنه بيده السيف، فمن رآه عجب، وقال: الغلام معه السيف، حتى أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " مالك يا زبير؟ " فأخبره، وقال: أتيت أضرب بسيف من أخذك. (¬1) وهذا ابنه عبد الله بن الزبير "رضي الله عنهما " يأمره أبيه أن يبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في سن صغير، ليغرس فيه الشجاعة وحب الدين، ولعله يحظى بنظرة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعن عروة عن أبيه قال: خرجت أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهم - حين هاجرت إلي رسول - صلى الله عليه وسلم - وهي حامل بعبد الله بن الزبير فنفسته فأتت به النبي - صلى الله عليه وسلم - ليحنكه، فأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضعه في حجره وأتي بتمرة فمصها ثم مضغها ثم وضعها في فيه، فحنكه بها، فكان أول شيء دخل بطنه ريق النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: ثم مسحه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسماه عبد الله، ثم جاء بعد وهو ابن سبع سنيين أو ابن ثمان سنين ليبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره الزبير بذلك فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - حين رآه مقبلاً وبايعه وكان أول من ولد في الإسلام بالمدينة مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت اليهود تقول قد ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء 1/ 41.

أخذناهم فلا يولد لهم بالمدينة ولد ذكر، فكبر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين ولد عبد الله. (¬1) وانظروا إلي رجاحة عقله وهو ما يزال صغيراً، فقد أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يحتجم، فلما فرغ قال: يا عبد الله، اذهب بهذا الدم فا هرقه حيث لا يراك أحد، يقول: فلما برزت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمدت إلي الدم فحسوته، فلما رجعت إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:: " ما صنعت يا عبد الله؟ " قال: جعلته في مكان ظننت أنه خاف عن الناس، قال: " فلعلك شربته "، قلت: نعم، قال: " ومن أمرك أن تشرب الدم، ويل لك من الناس، وويل للناس منك ". رواه الحاكم. (¬2) فأبوه الزبير بن العوام (حواري رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق (ذات النطاقين)، وجده أبو بكر الصديق، وجدته صفية عمة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وخالته أم المؤمنين عائشة (الصديقة بنت الصديق) .. فمن في وسط هؤلاء كيف يكون حاله؟ - علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -:ـ أسلم وهو ابن ثمان سنيين .. ونام علي فراش النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الهجرة ليؤدي عنه الأمانات. وهو ابن ثماني عشر سنة قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" نم علي فراشي وتسجى ببردي هذا الحضرمي، فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم ". هذه الشجاعة بسبب التربية علي الإيمان واليقين في بيت النبوة علي يد أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها. ¬

_ (¬1) رواه الحاكم في المستدرك 3/ 548. (¬2) في مستدركه 3/ 0554.

- أسامة بن زيد - رضي الله عنه - حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن حبه: استعمله النبي - صلى الله عليه وسلم - علي جيش لغزو الروم بالشام وفي الجيش عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، في رجال من كبار المهاجرين والأنصار. وكان عمره ثماني عشرة سنة .. وطعن في أمارته بعض الصحابة وكان أشدهم في ذلك قول عياش بن ربيعة - رضي الله عنه -: يستعمل هذا الغلام علي المهاجرين الأولين .... ...... وبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فغضب غضباً شديداً، وقد عصب علي رأسه بعصابة وعليه قطيفة، ثم صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه! ثم قال: " أما بعد: أيها الناس! فما مقاله بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة؟ فو الله! لئن طعنتم في إمارتي أسامة، لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله، وأيم الله! إن كان لخليقا للإمارة، وإن كان أبيه من أحب الناس اليَّ، وإن هذا لمن أحب الناس اليَّ، وإنهما لمخيلان لكل خير، فاستوصوا به خيراً، فإنه من خياركم " وكان من آخر كلامه - صلى الله عليه وسلم - " أنفذوا بعث أسامة .. وكان عمر إذا رآه بعد ذلك يقول: مرحباً بأميري. وما ذلك إلا من آثار التربية فأبوه زيد وأمه أم أيمن " بركة الحبشية صاحبة الرسول - صلى الله عليه وسلم -. - زيد بن ثابت (رضي الله عنه): قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وعمره إحدي عشرة سنة. عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ذهب بي إليه فأعجب بي، فقيل: " يا رسول الله! هذا غلام من بنى النجار، معه مما

أنزله الله عليك بضع عشرة سورة فأعجب ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " يا زيد تعلم كتاب يهود، فإني والله ما آمن يهود على كتابي " فما مر بى نصف شهر حتى تعلمته وحذقته فكنت أكتب له إليهم وأقرأ له كتبهم وأجيب عنه. رواه أحمد وأبو داود. o وكان يكتب الوحي للنبي - صلى الله عليه وسلم -. o وكان يكتب له الرسائل. o وكان يكتب لأبي بكر وعمر (رضي الله عنهما) في خلافتهما. o وكان عمر يستخلفه علي المدينة إذا حج وكذلك عثمان. o وكان مع عمر حين قدم الشام. o وهو الذي تولى قسم غنائم اليرموك. o وكان علي بيت المال لعثمان (رضي الله عنه). o شهد أحد وما بعدها من مشاهد .. وقيل: أول مشاهده الخندق. وهو أحد فقهاء الصحابة .. وأعلم الصحابة بعلم المواريث قال - صلى الله عليه وسلم -: " وأفرضهم زيد ". رواه الحاكم. (¬1) وكان من أفكه الناس في منزله .. وأوقرهم إذا جلس مع القوم .. كل هذه الفضائل مع صغر سنه حيث تربي في بيئة الإيمان. (¬2) ¬

_ (¬1) ونص الحديث: عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا إن لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح 3/ 544 (¬2) سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 12/ 395.

- عمرو بن سلمة - رضي الله عنه -: كان يؤم قومه في الصلاة وهو ابن ست أو سبع سنين. . ونتركه ليحكي لنا كيف وصل إلي هذا المقام، فعن عمرو بن سلمة قال كنا بماء ممر الناس، يمر بنا الركبان، نسألهم ما للناس؟ ما هذا الرجل؟ فيقولون: أوحي إليه، كذا، فكنت أحفظ ذلك الكلام، فكأنما يغري (¬1) في صدري، وكانت العرب تَلَوَّمُ (¬2) بإسلامهم الفتح، فيقولون: اتركوه وقومه، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق، فلما كانت وقعة الفتح، بادر كل قوم بإسلامهم، وبادر أبي قومي بإسلامهم، فلما قدم، قال جئتكم والله من عند النبي حقا، فقال: " صلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآنا، فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني، لما كنت أتلقي من الركبان، فقدموني بين أيديهم، وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت علي بردة كنت إذا سجدت، تقلصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطون عنا إست قارئكم؟ فاشتروا، فقطعوا لي قميصا، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص. رواه البخاري (¬3). ¬

_ (¬1) أي يلصق به كأنه ألصق بالغراء. (¬2) أي تنتظر. (¬3) مشكاة المصابيح –كتاب الصلاة – باب الإمامة 1/ 0352.

- عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه): عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: كنت أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر فقال: يا غلام هل من لبن قال: قلت: نعم ولكني مؤتمن قال: فهل من شاة لم ينز عليها الفحل فأتيته بشاة فمسح ضرعها فنزل لبن فحلبه في إناء فشرب وسقا أبا بكر ثم قال للضرع: أقلص فقلص قال: ثم أتيته بعد هذا فقلت: يا رسول الله علمني من هذا القول قال: فمسح رأسي وقال: يرحمك الله فإنك عليم معلم. وعن حماد بن سلمة عن عاصم بإسناده قال: فأتاه أبو بكر بصخرة منقورة فاحتلب فيها فشرب وشرب أبو بكر وشربت قال: ثم أتيته بعد ذلك قلت: علمني من هذا القرآن قال: إنك غلام معلم قال: فأخذت من فيه سبعين سورة 0 - عمر بن عبد العزيز (رحمه الله): قال الزبير بن بكار: حدثني العتبي، قال: إن أول ما استبين من عمر بن عبد العزيز حرصه علي العلم ورغبته في الأدب، قال: إن أباه ولي مصر وهو حديثي السن يشك في بلوغه، فأراد إخراجه معه، فقال: يا أبه! أو غير ذلك لعله يكون أنفع لي ولك؟ تُرحلني إلي المدينة، فأقعد إلي فقهاء أهلها، وأتأدب بآدابهم، فوجهه إلي المدينة، فقعد مع مشايخ قريش، وتجنب شبابهم، ومازال ذلك دأبه حتي اشتهر ذكره، فلما مات أبوه أخذه عمه أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان، فخلطه بولده، وقدمه علي كثير منهم، وزوجه بابنته فاطمة، وهي التي يقول فيها الشاعر:

بنت الخليفة والخليفة جدها ... أخت الخلائف والخليفة زوجها قال: ولا نعرف امرأة بهذه الصفة إلي يومنا هذا سواها (¬1) 0 أبنائي الأعزاء: انظروا إلي فكر عمر وعقله، كيف فكر أن يذهب إلي مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لينهل من علمائها، وهو في ذاك الحين ما زال صغيراُ، وله تعلق بوالديه، وأبيه أمير، وإلي أين يذهب؟ إنها مصر!! التي تهف إليها النفوس، وكيف جالس الشيوخ وتجنب الصبيان .. إنها لهمة عالية ونفس تواقة إلي المعالي!! 0 - عبد الله بن عباس - رضي الله عنه -:ـ قال ابن عباس - رضي الله عنه - " توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم " ... أي حفظت القرآن .. وكان دائما يجلس مع خالته أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث زوجة الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) - الإمام الشافعي) رحمه الله): يقول: " حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين ". (¬3) ¬

_ (¬1) البداية والنهاية 9/ 341 (¬2) رواه البخاري 4/ 4748. (¬3) صفة الصفوة 2/ 250.

من الذي رباه؟؟ ... ...... إنها أمه. يقول: كنت يتيماً في حجر أمي ولم يكن لها ما تعطين للمعلم، وكان المعلم قد رضي عني أن أقوم إذا غاب وأخفف عنه. (¬1) - الإمام سفيان الثوري (رحمه الله): قالت أم سفيان لسفيان: يا بني: اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي، يا بني إذا كتبت عشرة أحاديث، فانظر هل ترى في نفسك زيادة في مشيتك وحلمك ووقارك، فإن لم تر ذلك، فاعلم أنه لا يضرك ولا ينفعك. ولد سنه سبعه وتسعين. وكان أبوه من ثقات المحدثين وطلب سفيان العلم وهو مراهق، وكان يتوقد ذكاء، صار إماماً منظوراً إليه وهو شاب. (¬2) - الإمام الأوزاعي (رحمه الله): كان يتيما في حجر أمه، تنقله من بلد إلي بلد ليتعلم علم الدين .. حتى بلغ من العلم مبلغا عظيماً. ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء 10/ 11. (¬2) تاريخ الإسلام 4/ 552.

- القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق (رحمه الله): ولد في خلافة عثمان .. نشأ بعد قتل أبيه في حجر عمته أم المؤمنين (عائشة) "رضي الله عنها " فسمع منها ومن ابن عباس، وابن عمر، ومعاوية، وصالح بن خوات وفاطمة بنت قيس .. وطائفة. قال عنه يحيى بن سعيد: ما أدركنا أحداً بالمدينة نُفضله علي القاسم بن محمد. وعن أبي الزناد قال: ما رأيت أحداً أعلم بالسنة من القاسم بن محمد .. وقال: ما رأيت فقيهاً أعلم من القاسم (¬1). نال كل ذلك بالتربية علي الإيمان واليقين والعلم في الصغر حتى أصبح عالم المدينة .. وذلك برعاية عمته أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) " - الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه -:ـ مات أبوه شاباً فوليته أمه، وطلب العلم وهو ابن خمس عشرة سنة. (¬2) ¬

_ (¬1) تاريخ الإسلام للذهبي 3/ 308. (¬2) سير أعلام النبلاء 11/ 179.

- الإمام أبو نعيم الأصبهاني: ـ وهو صاحب كتاب حلية الأولياء .. وقد أعطاه العلماء إجازة في العلم وهو ابن ست سنوات. - الإمام الصابوني المفسر المحدث: كان عديم النظير، سيف السنة، ودامغ البدعة، حافظاً محدثا، وجلس للوعظ وهو عنده من العمر تسع سنوات وحضره أئمة الوقت. (¬1) - الإمام تقي الدين أبو عبد الله اليونيني الحنبلي: مات أبوه ونشأ يتيماً مع والدته .. فأسلمته للمعلمين والمؤدبين ـ ثم حفظ القرآن .. ثم حفظ الجمع بين الصحيحين لحميدي. (¬2) - الإمام ابن تيمية (رحمه الله): وهو عنده ثماني سنوات كان يمرغ رأسه في التراب أثناء السحر ويقول يا معلم إبراهيم علمني، ويا مفهم سليمان فهمني .. هكذا وهو سنه صغير. وما كتبت هؤلاء العمالقة إلا ليقتدي بهم أبناءنا .. وتعلو هممهم. ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء 18/ 40. (¬2) تذكرة الحفاظ 4/ 1440.

- الإمام ابن الجوزي (رحمه الله): كان أول مجلس يتكلم فيه ابن الجوزي، علي المنبر يعظ الناس، وعمره إذ ذاك ثلاث عشر سنة وكان يوما مشهودا حرز الجمع يومئذ خمسين ألف (¬1) 0 - - - - - ¬

_ (¬1) البداية والنهاية – 12/ 254

النبوغ

النبوغ - وفي بيت واحد، من بيوت المسلمين نبغ ثلاثة إخوة في العلم، وهم: 1) نصر الدين بن الأثير .. عُرف بالأدب .. ومن كتبه (المثل السائر). 2) محمد مجد الدين بن الأثير .. ونبغ في علم الحديث .. ومن كتبه (النهاية في غريب الحديث، وجامع الأصول في أحاديث الرسول) 0 3) علي عز الدين بن الأثير .. وقد نبغ في علم التاريخ .. وهو صاحب كتاب الكامل في التاريخ). وكأن الله عز وجل حقق فيهم نية والديهم، فقد ظهرت نواياهم من خلال أسمائهم (نصر الدين .. مجد الدين .. عز الدين) .. هل فهمتم؟ - - - - -

نصائح غالية في تربية الأولاد

نصائح غالية في تربية الأولاد - قال سهل بن عبد الله التستري: كنت وأنا ابن ثلاث سنين أقوم الليل، فأنظر إلي صلاة خالي محمد بن سوار، فقال لي يوما: ألا تذكر الله الذي خلقك؟ فقلت: كيف أذكره؟ قال: قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك، ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك: الله معي .. الله ناظر إليًّ .. الله شاهدي. فقلت ذلك ليالي، ثم أعلمته، فقال: قل في كل ليلة سبع مرات. فقلت ذلك، ثم أعلمته. فقال: قل ذلك كل ليلة إحدى عشرة مرة. فقلته، فوقع في قلبي حلاوته. فلما كان بعد سنة، قال لي خالي: أحفظ ما علمتك، ودم عليه إلي أن تدخل القبر، فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة. فلم أزل علي ذلك سنين، فوجدت لذلك حلاوة في سري. ثم قال لي خالي يوماً: يا سهل، من كان الله معه، وناظراً إليه، وشاهده، أيعصيه؟ إياك والمعصية. فكنت أخلو بنفسي، فبعثوا بي إلي المكتب، واشترطوا علي المعلم أني أذهب إليه ساعة فأتعلم ثم أرجع. فمضيت إلي الكتاب، فتعلمت القرآن وحفظته، وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين. (¬1) ¬

_ (¬1) انظر كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي - بيان الطريق في رياضة الصبيان 3/ 64.

- وقال عتبة بن أبي سفيان، لعبد الصمد مؤدب ولده: ليكن أول إصلاحك لولدي إصلاحك لنفسك، فإن عيونهم معقودة بك، فالحسن عندهم ما صنعت ,والقبيح عندهم ما تركت , علمهم كتاب الله , ولا تملهم فيه فيتركوه , ولا تتركهم منه فيهجروه , وروهم من الحديث أشرفه , ومن الشعر أعفه، ولا تنقلهم من علم إلي علم حتي يحكموه , فإن ازدحام الكلام في السمع مشغلة للفهم , وعلمهم سنن الحكماء , وجنبهم محادثة النساء, ولا تتكل علي عذر مني لك , فقد اتكلت علي كفاية منك. وفي رواية أخرى: وعلمهم سير الحكماء , وأخلاق الأدباء , وكن لهم كالطبيب الذي لايعجل بالدواء حتى يعرف الداء. - وصية عبد الملك بن مروان لمؤدب ولده: علمهم الصدق كما تعلمهم القرآن , وجنبهم السفلة , فإنهم أسوأ الناس رعه , وأقلهم أدبا, وجنبهم الحشم، فإنهم لهم مفسدة، وأطعمهم اللحم يقووا، وعلمهم الشعر يمجدوا وينجدوا، ومرهم أن يستاكوا عرضا ويمصوا الماء مصا، ولا يعبوه عبا، وإذا احتجت إلي أن تتناولهم بأدب فليكن ذلك في ستر، لا يعلمه أحد من الفاشية فيهونوا عليه. - وصية هشام بن عبد الملك لمؤدب ولده: إن ابني هذا هو جلدة ما بين عيني، وقد وليتك تأديبه، فعليك بتقوى الله، وأد الأمانة ... إلخ.

- قال الإمام الغزالي: اعلم أن الطريق في رياضة الصبيان من أهم الأمور وأوكدها .. والصبى أمانة عند والديه .. فإن عود الخير وعلمه نشأ عليه .. وإن عود الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك .. وإذا أخطأ فإنه يعاتب سراً، ويقال له: إياك وأن تعود بعد ذلك لمثل هذا .. ولا تكثر القول عليه بالعتاب في كل حين، فإنه يهون عليه سماع الملامة، وركوب القبائح، ويسقط وقوع الكلام من قلبه .. وليكن الأب حافظاً هيبة الكلام معه، فلا يوبخه إلا أحياناً. وينبغي أن يعود في بعض النهار المشي والحركة والرياضة، حتى لا يغلب عليه الكسل وينبغي أن يؤذن له بعد الانصراف من الكتاب أن يلعب لعباً جميلاً يستريح إليه من تعب المكتب، بحيث لا يتعب في اللعب. وينبغي أن يُعلم طاعة والديه ومعلمه ومؤدبه، وكل من هو أكبر منه سنناً من قريب وأجنبي. (¬1) - - - - ¬

_ (¬1) المرجع السابق 3/ 62.

من وصايا لقمان الحكيم للأبناء

من وصايا لقمان الحكيم للأبناء قال تعالى فى سورة لقمان: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنْ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِير * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُنْ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ* وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ

مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} (¬1). يا بني: ما ندمت على السكوت قط. يا بني: اعتزل الشر يعتزلك، فإن الشر للشر خلق. يا بني: عود لسانك: اللهم اغفر لي، فإن لله ساعات لا يرد فيها سائلاً يا بني: اتخذ طاعة الله تجارة تأتيك الأرباح من غير تجارة. يا بني: لا تكثر النوم والأكل، فإن من أكثر منهما جاء يوم القيامة مفلسا من الأعمال الصالحة. يا بني: بئراً شربت منه، لا ترم فيه حجراً. يا بني: عصفور في قدرك خير من ثور في قدْر غيرك. يا بني: شئيان إذا حفظتهما لا تبالي بما صنعت بعدهما دينك لمعادك، ودرهمك لمعاشك .. . يا بني: إنه لا أطيب من القلب واللسان إذا صلحا، ولا أخبث منهما إذا فسدا. يا بني: لا تركن إلى الدنيا ولا تشغل قلبك بها فإنك لم تخلق لها. يا بني: لا تضحك مع عجب، ولا تسأل عما لا يعنيك .. يا بني: إنه من يرحم يُرحم، ومن يصمت يسلم، ومن يقل الخير يغنم، ومن لا يملك لسانه يندم. ¬

_ (¬1) سورة لقمان – الآيات من 12: 19.

يا بني: زاحم العلماء بركبتيك، وأنصت لهم بأذنيك، فإن القلب يحيى بنور العلماء. يا بني: مررت على كثير من الأنبياء فاستفدت منهم عدة أشياء: يا بني: إذا كنت في صلاة فاحفظ قلبك، وإذا كنت في مجلس الناس فاحفظ لسانك، وإذا كنت في بيوت الناس فاحفظ بصرك، وإذا كنت على الطعام فاحفظ معدتك. يا بني: واثنتان لاتذكرهماأبدأ: إساءةالناس إليك وإحسانك للناس. يابني: كن في الشدة وقورا، وفي المكاره صبورا، وفي الرخاء شكورا، وفي الصلاة متخشعا، والي الصدق متسرعا، لاتهن من اطاع الله، ولاتكرم من عصي الله، ولاتدع ماليس لك، ولا تجحد ماعليك. يابني: لا تعترض بالباطل، ولا تستحي من الحق، ولا تقل مالا تعلم، ولا تتكلف مالا تطيق، ولا تتعظم، ولا تختل، ولا تفخر، ولا تضجر، ولا تقطع الرحم، ولا تبلين الجار، ولا تشمت بالمصائب، ولا تذع السر، ولا تغتب، ولا تحسد، ولا تبتز، ولا تهمز، وإن أُسئ إليك فاغفر، وإن أحسن إليك فاشكر، وإن ابتليت فاصبر، واحذر الغير، انصح المؤمنين، وعد مرضاهم واشهد جنائزهم. يابني: ان الدنيا بحر عريض، وقد هلك فيه الأولون والآخرون فاجعل سفينتك تقوى الله، وعدتك التوكل علي الله، وزادك العلم الصالح في سبيل الله. يابني: لاتمارين حكيما، ولاتجادلن لجوجا، ولاتعاشرن ظلوما، ولاتصاحبن متهما، وقال ايضا: يابني من قصر في الحجه خصم، ومن بالغ فيها اثم، فقل الحق ولو علي نفسك، ولاتبال من غضب يا بني: إياك والدين، فإنه ذل النهار، وهم الليل.

يا بني: كان الناس قديما يراؤون بما يفعلون، فصاروا اليوم يراؤون بما لايفعلون. يا بني: إياك والسؤال فإنه يذهب ماء الحياء من الوجه. يا بني: كذب من قال: إن الشر يطفئ الشر، فإن كان صادقا فليوقد نارا إلى جنب نار فلينظر هل تطفئ إحداهما الأخرى؟ وإلا فإن الخير يطفئ الشر كما يطفئ الماء النار. يا بني: لا تؤخر التوبة فإن الموت يأتي بغتة. يا بني: احذر الحسد فإنه يفسد الدين، ويضعف النفس، ويعقب الندم. يابني: أول الغضب جنون، وآخره ندم. يا بني: الرفق رأس الحكمة. يا بني: إياك وصاحب السوء فإنه كالسيف يحسن منظره، ويقبح أثره. يا بني: لا تطلب العلم لتباهي به العلماء، وتماري به السفهاء، أو ترائي به في المجالس. ولا تدع العلم زهاده فيه ورغبة في الجهالة، فإذا رأيت قوما يذكرون الله فاجلس معهم، فإن تك عالما ينفعك علمك وإن تك جاهلا ازداد علمك. ولعل الله أن يطلع عليهم برحمة فيصيبك بها معهم .. يا بني: لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم. يا بني: لا يأكل طعامك إلا الأتقياء، وشاور في أمرك العلماء.

يا بني: لا تمارينّ حكيما، ولا تجادلنّ لجوجا، ولا تعشرنّ ظلوما، ولا تصاحبنّ متهما. يا بني: إني قد ندمت على الكلام، ولم أندم على السكوت. يا بني: إذا أردت أن تؤاخي رجلا فأغضبه قبل ذلك، فإن أنصفك عند غضبه وإلا فاحذره. يا بني: من كتم سره كان الخيار بيده. يا بني: لا تكن حلو فتبلع، ولا مرّا فتلفظ. يا بني: لكل قوم كلب فلا تكن كلب أصحابك، قاله لابنه يعظه حين سافر. يا بني: مثل المرأة الصالحة مثل التاج على رأس الملك، ومثل المرأة السوء كمثل الحمل الثقيل على ظهر الشيخ الكبير. - - - - -

مرحلة ما قبل التكليف

مرحلة ما قبل التكليف - س: هل يؤمر الطفل بعمل الفرائض والطاعات قبل سن البلوغ؟ ج: استدل بعض الفقهاء بقوله تعالى " {لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (¬1) على أن من لم يبلغ وقد عقل يؤمر بفعل الشرائع وينهى عن ارتكاب القبائح - وإن لم يكن من أهل التكليف - على وجه التعليم، فإن الله أمرهم بالستئذان فى هذه الأوقات، وقال - صلى الله عليه وسلم -: " مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع "، وعن ابن عمر رضى الله عنها أنه قال: نُعلم الصبي اذا عرف يمينه من شماله، وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال: إذا بلع الصبى عشر سنين كتب له الحسنات ولا تكتب عليه السيئات حتى يحتلم. وقال أبوبكر الرازى: إنما يؤمر بذلك على وجه التعليم والتأديب، ليعتاده ويتمرن عليه، فيكون أسهل عليه بعد البلوغ , وأقل نفورا منه 00وكذلك يجتنب شرب الخمر , ولحم ¬

_ (¬1) سورة النور _ الآية 54 0

الخنزير 00وينهى عن سائر المحظورات، لأنه لو لم يمنع فى الصغر لصعب عليه الامتناع فى الكبر، وقد قال الله تعالي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (¬1): قيل فى التنفيذ أي أدبوهم وعلموهم: (¬2) - - - - - ¬

_ (¬1) روائع البيان للصابوني 2/ 215 0 (¬2) سورة التحريم _ الآية6 0

القدوة المفقودة

القدوة المفقودة يحكي أن أحد الصبيان كان يتعلم القرآن في الكُتاب، فلما وصل إلي سورة المزمل وقرأها، رجع إلي بيته حزينا مهموما، فسأله أباه عن الذي أهمه؟ فقال: يا أبي قرأت سورة المزمل، والله عز وجل يقول: {يَأَيّهَا الْمُزّمّلُ * قُمِ الْلّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً * نّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ٍ} (¬1) وأنا لم أراك تقوم الليل، فقال: يا بني هذا رسول الله! ومن يعمل مثل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فسكت الولد، ولكن في اليوم الثاني، قرأ قوله تعالي: {إِنّ رَبّكَ يَعْلَمُ أَنّكَ تَقُومُ أَدْنَىَ مِن ثُلُثَيِ الْلّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَآئِفَةٌ مّنَ الّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدّرُ الْلّيْلَ وَالنّهَارَ عَلِمَ أَلّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُواْ مَا تَيَسّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مّرْضَىَ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَءُواْ مَا تَيَسّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُواْ الصّلاَةَ وَآتُواْ الزّكَاةَ وَأَقْرِضُواُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدّمُواْ لأنفُسِكُمْ مّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُواْ ¬

_ (¬1) سورة المزمل _ الآية من 1: 4

اللهَ إِنّ اللهَ غَفُورٌ رّحِيمٌٍ} (¬1) فرجع إلي أبيه وقرأ علي أباه الآية، فقال: يا بني! هؤلاء الصحابة (رضي الله عنهم) ومن يستطيع أن يفعل مثلهم؟ فقال الصبي: يا أبي! لا خير في من لا يقتدي بالنبي، ولا أصحابه0 - - - - - ¬

_ (¬1) سورة المزمل - الآية 20

تعريض الأولاد لرحمة الله

تعريض الأولاد لرحمة الله - عز وجل - فعن ابن عباس - رضي الله عنهم - قال: صدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما كان بالروحاء (قرب المدينة) لقي قوماً فقال: "ومن أنتم"؟ قالوا: المسلمون. قالوا: من أنت؟ قال:" رسول الله " فأخرجت امرأة صبياً من المحفة (الهودج) فقالت: ألهذا حج؟ قال:" نعم ولكي أجر " رواه مسلم. وكان أحد السلف الصالح يحج بأولاه كلهم فإذا سُئلَ عن ذلك قال: أعرضهم لرحمة الله تعالى. - - - - -

الصبر علي تربية الأولاد

الصبر على تربية الأولاد لابد للمربي أن يصبر علي من يربهم وبخاصة فلذة الأكباد (الأولاد) فأحيانا يجد الإنسان ولده شرس يضرب أمثاله من الصبيان، يلعب ويلهو فلا يثير ذلك عنده القلق، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يطمئنا حيث يقول:" عرامة الصبي في صغره، زيادة في عقله في كبره. (¬1) قال المناوي: عرامة الصبي في صغره: أي حدته وشراسته إذ العرام كغراب الحدة والشرس. زيادة في عقلة في كبره: قال الحكيم: العرم المنكر، وإنما صار منه منكراً لصغره فذاك من ذكاء فؤاده، وحرارة رأسه (¬2) ونصبر عليهم ولا ندعو عليهم فقد جاء رجل إلي عبد الله بن المبارك فشكا إليه بعض ولده، فقال عبد الله: هل دعوت عليه؟ قال الرجل: نعم، قال عبد الله: أنت أفسدته. فصلاح الأبناء بيد الله عز وجل، فلا ندعو عليهم بل ندعو لهم، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " دعاء الوالد لولده كدعاء النبي لأمته ". فكثير من الآباء يهيأ لأولاده، كثير من سُبل الهداية، كالذهاب بهم إلي الكتاتيب ليعلمه القرآن، ثم يدخله المدارس الدينية، ويصطحبه إلي مجالس العلم، وينصحه كثيرا، إلا أنه يجده في اتجاه آخر، ونسي أن يتوجه إلي الله بالدعاء له ¬

_ (¬1) رواه الحكيم عن عمرو بن معدي كرب (جمع الجوامع للسيوطي برقم 15355. (¬2) المرجع السابق في التعليق علي الحديث، لنخبة من علماء الأزهر.

لأن القلوب بيد الله عز وجل، وقال - صلى الله عليه وسلم -: " دعاء الوالد لولده كدعاء النبي لأمته " وهذا إمام الحنفاء إبراهيم عليه الصلاة والسلام حيث دعا ربّه، لنفسه ولبنيه، بقوله: واجْنُبني وَبَنيَّ أن نعبُدَ الأصْنَامَ) (¬1) ". فلا نهمل أي سبيل من سبل الهداية0 - - - - - ¬

_ (¬1) سورة إبراهيم _ الآية 35.

وقرن في بيوتكن

وقرن فى بيوتكن قال تعالى: {يَنِسَآءَ النّبِيّ لَسْتُنّ كَأَحَدٍ مّنَ النّسَآءِ إِنِ اتّقَيْتُنّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مّعْرُوفاً} (¬1) قوله: {فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ}: وهى ترقيق الكلام عند مخاطبة الرجال. وقوله: {وَقُلْنَ قَوْلاً مّعْرُوفاً}: أي لا تخاطبن الرجال الأجانب بكلام فيه ترخيم. وقوله: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنّ}: الزمن بيوتكن، ولا تخرجن لغير الحاجة، ولا تفعلن كما تفعل الغافلات المتسكعات في الطرقات لغير ضرورة. وقوله: {وَلاَ تَبَرّجْنَ تَبَرّجَ الْجَاهِلِيّةِ الاُولَىَ} (¬2): لا تُظهرن زينتكن ومحاسنكن للأجانب مثل ما كان نساء الجاهلية يفعلن. قال مجاهد: كانت المرأة تخرج تمشى بين يدي الرجال فذلك تبرج الجاهلية. وقال قتادة: كانت لهن مشية وتكسر وتغنج، فنهى الله تعالى عن ذلك. وقال مقاتل: التبرج أنها تُلقى الخمار على رأسها ولا تشده فيوارى قلائدها وعنقها فيبدو ذلك كله منها ذلك التبرج. وهذه الآية وإن كانت واردة في حق نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن ورودها في توجيه الخطاب لا في تخصيص الحكم لهن. ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب - الآية 32. (¬2) سورة الأحزاب - الآية 33.

وذكر الإمام القرطبي في تفسيره عن ابن المنذر، ومحمد بن سيرين قال: نبئت أنه قيل لسودة: لم لا تحجين ولا تعتمرين كما فعل أخواتك؟ فقالت: قد حجبت واعتمرت وأمرني الله أن أقر في بيتي، فو الله! لن أخرج حتى أموت. قال الراوي: فو الله! ما خرجت من باب حجرتها حتى أُخرجت جنازتها. (¬1) وعن عمرة بنت عبد الرحمن قالت: لما سار عليُّ إلي البصرة دخل علي أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - يودعها، فقالت: سر في حفظ الله وكنفه فو الله! إنك لعلي الحق، والحق معك، ولولا أني أكره أن أعصي الله ورسوله فإنه أمرنا - صلى الله عليه وسلم - أن نقر في بيوتنا لسرت معك، ولكن والله لأرسلن معك من هو أفضل عندي وأعز عليًّ من نفسي ابني عمر. رواه الحاكم (¬2). إذن القرار هو الراحة والطمأنينة وليس هو السجن كما يزعم أعداء الإسلام .. والبيوت مضافة لكم أيها النساء (في بيوتكن) فأنتم أولي بها من الرجال وإن كانت ملكا لرجالكم .. والله، والله أيمانا مكررة لا تنهض البيوت إلا بهذه القيم العظيمة التي تحمي المرأة من التبذل والامتهان أمام الرجال .. وتحمى الرجال من الإثارة. والقرار في البيت أمر محبوب عند كثير من العقلاء، وصرحوا بذلك في شعرهم مثل كثير عزة قال: أُحب من النسوان كل قصيرة ... لها نسب في الصالحين قصير (¬3) - وقال: وأنت التي حببت كل قصيرة (¬4) ... إليَّ وما يدري بذلك القصائر عنيت قصيرات الحجال ولم أرد ... قصار الخطا شر النساء البحاتر (¬5) ¬

_ (¬1) تفسير القرطبي. (¬2) في مستدركه - وقال صحيح علي شرط الشيخين ووافقه الذهبي في التلخيص 3/ 119. (¬3) وقصر نسبها: أن تعرف بأول آبائها. (¬4) والقصيرة: هي المقصورة المحجوبة المخدرة. (¬5) تثقيف اللسان وتنقيح الجنان للصقلي صـ358ـ.

وأمر الله - عز وجل - المرأة بهذه القيم لتظل المرأة كالجوهرة (مثل اللؤلؤ المكنون) في واحة البيت لتنعم بالسعادة والراحة والعفة والكرامة والهدوء لتربي أولادها علي الدين حتى تربي الأبطال مثل (أبو بكر الصديق .. عمر بن الخطاب .. عليَّ .. ضرار بن الأزور. فالأم مدرسة كما قال شوقي: الأم مدرسة إن أعددتها ... أعدد شعباُ طيبً الأعراق - - - - - - - - - -

الخلوة

الخلوة عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - , قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إياكم والدخول على النساء " فقال رجل: يا رسول الله! أرأيت الحمو (¬1)؟ قال "الحمو الموت " (¬2) متفق عليه (¬3) وعن عمر - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثها الشيطان " رواه الترمذى. (¬4) وعن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا تلجوا على المغيبات , فإن الشيطان يجرى من أحدكم مجرى الدم " قلنا: ومنك يا رسول الله؟ قال: " ومنى , ولكن الله أعانني عليه , فأسلم "0 رواه الترمذي (¬5). ¬

_ (¬1) حمو المرأة لا يعرفونه إلا والد زوجها خاصة وليس كذلك، بل هو، أخو زوجها وابن أخيه وابن عمه، وسائر أهله كل واحد منهم حموها، قالت عائشة (رضي الله عنها) يوم منصرفها من البصرة: إنه والله ما كان بيني وبين عليَّ إلا ما كان بين المرأة وإحمائها وإنه عندي علي معتبتي لمن الأخيار .. وقال أهل اللغة: كل ما كان من قبل الزوج فهم الأحماء .. وكل ما كان من قبل المرأة فهم الأختان .. والصهر يجمع ذلك كله (تثقيف اللسان وتنقيح الجنان للصقلي) (¬2) الحمو الموت: أي دخوله كالموت مهالك , لأن الفتنة من أكثر لتساهل هل الناس فيه. (¬3) مشكاة المصابيح - كتاب النكاح باب النظر إلى المخطوبة وبيان العورات 2/ 932. (¬4) المرجع السابق 2/ 935. (¬5) المرجع السابق.

وعن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ألا لا يبيتن رجل عند امرأة ثيب إلا أن يكون ناكحا أو ذا محرم " رواه مسلم. - - - - -

مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية

مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية أحاديث بيعة النبي - صلى الله عليه وسلم - النساء تدل على حرمة مصافحة الرجل للمرأة: فعن عائشة (رضي الله عنها) قالت: كان - صلى الله عليه وسلم - يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية بقول الله تعالى:" يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك .... " قالت عائشة: فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات , قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " قد بايعتك كلاما " والله ما مست يده امرأة قط في المبايعة , ما بيعهن إلا بقوله: " قد بايعتك علي ذلك " رواه البخاري وعن عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُمتحن بقول الله - عز وجل -: " يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك قالت عائشة: فمن أقر بهذا من المؤمنات فقد أقر بالمحنة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أقررن بذلك من قولهن، قال لهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: انطلقن فقد بايعتكن بالكلام، قالت عائشة: والله ما أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نساء قط إلا بما أمر الله تعالى، وما مست كف الرسول - صلى الله عليه وسلم - كف امرأة قط، وكان يقول لهن إذا أخذ عليهن: " قد بايعتكن كلاما " رواه مسلم.

وعن عروة أن عائشة أخبرته عن بيعة النساء قالت: ما مس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيد امرأة قط إلا أن يأخذها عليها، فإذا أخذ عليها، فأعطته قال: " اذهبي فقد بايعتك "0 رواه مسلم (¬1) وعن أميمة بنت رقيقة قالت: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نسوةٍ يبايعنه، فقلنا: نبايعك يا رسول الله! علي أن لا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيك في معروف، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " فيما استطعتن وأطقتن، فقلنا: الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا، هلم نبايعك يا رسول الله! فقال: " إني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة، كقولي لامرأة واحدة ". أخرجه مالك وصححه ابن حبان .. وأخرجه الترمذي وغيره مختصراً. (¬2) وفى رواية أخرى: عن عبد الله بن عمرو (رضي الله عنهما) قال: جاءت أميمة بنت رقيقة (رضي الله عنها) إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبايعه على الإسلام، فقال: أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئا ولا تسرقي، ولا تزني، ولا تقتلي ولدك، ولا تأتي ببهتان تفتريه بين يديك ورجليك، ولا تنوحي، ولا تبرجي تبرج الجاهلين الأولى. أخرجه الطبراني - والنسائي وابن ماجة - والأمام أحمد - وصححه الترمذي. (¬3) ¬

_ (¬1) صحيح مسلم شرح النووي 13/ 10 (¬2) حياة الصحابة - كيف كانت الصحابة يبايعون النبي - صلى الله عليه وسلم - بيعة النساء 1/ 0234 (¬3) المرجع السابق.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: " لأن يطعن أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له " رواه الطبراني والبيهقي. - يقول الحافظ ابن حجر (رحمة الله): قوله " قد بايعتك كلاما " أي يقول ذلك كلاما فقط، لا مصافحة باليد، كما جرت العادة بمصافحة الرجال عند المبايعة. (¬1) - ويقول الإمام النووي: فيه أن بيعة النساء بالكلام من غير أخذ كف، وفيه أن بيعة الرجال بأخذ الكف مع الكلام، ومنه أن كلام الأجنبية يباح سماعه عند الحاجة وأن صوتها ليس بعورة، وأنه لا يمس بشرة الأجنبية من غير ضرورة كتطبيب وفصد وحجامة وقلع ضرس ونحوه مما لا توجد امرأة تفعله، جاز للرجل الأجنبي فعله للضرورة. (¬2) - يقول الصابوني: ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما يمتنع عن مصافحة النساء مع أنه المعصوم فإنما هو تعليم للأمة، وإرشادها إلي طريق الاستقامة، وهو الطاهر، الفاضل الشريف، الذي لا يشك إنسان في نزاهته وطهارته، وسلامة قلبه، لايصافح النساء ويكتفي بالكلام في مبايعتهن، مع أن أمر البيعة أمر عظيم الشأن .. فكيف يباح لغيره ¬

_ (¬1) انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر. (¬2) انظر صحيح البخاري مسلم شرح النووي

مصافحة النساء .. مع أن الشهوة فيهم غالبة؟ والفتنة غير مأمونة، والشيطان يجري فيهم مجري الدم. . (¬1) - - - - - ¬

_ (¬1) روائع البيان في تفسير آيات الأحكام للصابوني 2/ 566.

آداب الطريق للمرأة

آداب الطريق للمرأة - إذا خرجت المرأة من بيتها للضرورة: فعليها أن تلتزم بالآداب الآتية:- 1) لا تضع الطيب على ثيابها أو جسد ها: فعن أبى موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" كل عين زانية، وإن المرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس، فهي كذا وكذا " يعنى زانية. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. ولأبى داود والنسائي نحوه. (¬1) وعن أبى هريرة - رضي الله عنه - قال: إني سمعت حبي أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - يقول: " لا تقبل صلاة امرأة تطيبت للمسجد حتى تغتسل غسلها من الجنابة " رواه أبو داود ـ أحمد والنسائي نحوه. (¬2) وعن أبى هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ´إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا " رواه مسلم (¬3) ¬

_ (¬1) مشكاة المصابيح - كتاب الصلاة - باب الجماعة وفضلها 1/ 334. (¬2) المرجع السابق. (¬3) المرجع السابق.

وعن أبى هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أيما امرأة أصابت بخوراً؛ فلا تشهد معنا العشاء الآخرة ". رواه مسلم (¬1) وعن موسى بن يسار قال: مرت بأبي هريرة امرأة وريحها تعصف فقال لها: أين تريدين يا أمة الجبار؟ قالت: إلى المسجد، قال: وتطيبت؟ قالت: نعم، قال: فارجعي فاغتسلي، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " لا يقبل الله من امرأة صلاة، خرجت إلى المسجد وريحها تعصف حتى ترجع وتغتسل " رواه ابن خزيمة. 2) المشي على حافتي الطريق: على المرأة أن تمشى على حافة الطريق وتدع وسطه للرجال، فقد جاء في الحديث عن أبى أسيد الأنصاري - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو خارج من المسجد، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال للنساء: " استأخرن فإنه ليس لكن أن تتحققن (¬2) الطريق، عليكن بحافات الطريق، فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار. رواه أبو داود والبيهقي في شعب الإيمان (¬3) ¬

_ (¬1) المرجع السابق. (¬2) تذهبن في حاق الطريق أي وسطه. (¬3) مشكاة المصابيح - كتاب الآداب ــ باب الجلوس والنوم والمشى 3/ 1337 وفى رواية فقال للنساء: " استخرن ليس لكن أن تحتضن الطريق .... ".

حتى في الطواف حول الكعبة واستلام الحجر , يجب على المرأة ألا تختلط بالرجال وتزاحمهم فقد روى الإمام البخاري عن عطاء قال: كانت عائشة (رضي الله عنها) تطوف حجرة من الرجال لا تخالطهم. فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت: انطلقي عنك وأبت. وأخرج الببيهقي عن منبوذ بن أبى سليمان، عن أمه أنها كانت عند عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أم المؤمنين (رضي الله عنها) فدخلت عليها مولاة لها فقالت لها: يا أم المؤمنين طفت بالبيت سبعاً، واستلمت الركن مرتين أو ثلاثة، فقالت لها عائشة (رضي الله عنها) ـ لا آجرك الله، لا آجرك، تدافعين الرجال، ألا كبرت ومررت؟ 3) غض البصر: أي خفضه ونكسه .. وأصل الغض إطباق الجفن علي الجفن بحيث تمنع الرؤية .. وكف البصر عما لا يحل بخفضه إلي الأرض، أو بصرفه إلي جهة أخري، وعدم النظر بملء العين. الآيات التي تحث علي غض البصر: قال تعالى: {قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَىَ لَهُمْ إِنّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إِلاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا

وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنّ عَلَىَ جُيُوبِهِنّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إِلاّ لِبُعُولَتِهِنّ أَوْ آبَآئِهِنّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنّ أَوْ أَبْنَآئِهِنّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنّ أَوْ إِخْوَانِهِنّ أَوْ بَنِيَ إِخْوَانِهِنّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنّ أَوْ نِسَآئِهِنّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنّ أَوِ التّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرّجَالِ أَوِ الطّفْلِ الّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَىَ عَوْرَاتِ النّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنّ وَتُوبُوَاْ إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬1) أسباب نزول الآية: عن مقاتل بن حيان، أن جابر بن عبد الله حدث أن أسماء بنت مرثد كانت في نخل لها في بني حارثة، فجعل النساء يدخلن عليها غير مؤتزرات فيبدو ما في أرجلهن يعني الخلاخل، ويبدو صدورهن وذوائبهن، فقالت أسماء: ما أقبح هذا؟ فأنزل الله في ذلك {وَقُل لّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنّ} (¬2) يقول ابن كثير رحمة الله في قوله {وَقُل لّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنّ} ... : أي عما حرم الله عليهن من النظر إلي غير أزواجهن .. ولهذا ذهب كثير من العلماء إلي أنه لا يجوز للمرأة النظر إلي الرجال الأجانب بشهوة وبغير شهوة أصلا، لما روي عن أم سلمه عندما دخل عليهم ابن أم مكتوم .. وذهب آخرون من العلماء إلي جواز نظرهن إلي الأجانب بدون شهوة، كما ثبت ¬

_ (¬1) سورة النور – الآيتان 30 – 31. (¬2) مختصر تفسير ابن كثير 2/ 599 الدر المنثور 5/ 104 - تفسير آيات الأحكام الصابوني 2/ 148

في الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر إلي الحبشة وهم يلعبون بحرابهم يوم العيد في المسجد وعائشة أم المؤمنين تنظر إليهم من ورائه وهو يسترها منهم حتى ملت ورجعت. (¬1) الأحاديث في الحث علي غض البصر: عن يريدة - رضي الله عنه - قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي: " يا عليَّ لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولي، وليست لك الآخرة " رواه أحمد والترمذي وأبو داود والدار مي. (¬2) وعن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قال سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نظرة الفجأة ‘ فقال: " اصرف بصرك " رواه مسلم. (¬3) وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " كتب علي ابن آدم حظه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، والعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناهما البطش، والرجل زناها الخطأ، والقلب يهوي ويتمني ويصدق الفرج ذلك أو يكذبه " متفق عليه (¬4) وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كنت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده ميمونة فأقبل ابن أم مكتوم، وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " احتجبا منه " فقلنا: يا رسول الله! أليس هو أعمي إلا يبصرنا ‘ ولا يعرفنا؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ¬

_ (¬1) المرجع السابق. (¬2) مشكاة المصابيح ـ كتاب النكاح ـ باب النظر إلي المخطوبة وبيان العورات 2/ 933 (¬3) رياض الصالحين ـ باب تحريم النظر إلي المرأة الأجنبية ص 562. (¬4) المرجع السابق.

أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه!؟ رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح. (¬1) الأحاديث في ثواب غض البصر: عن أبي أمامه - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ما من مسلم ينظر إلي محاسن امرأة أول مرة ثم يغض بصره إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها " رواه أحمد (¬2) وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" إن النظرة سهم من سهام إبليس مسموم من تركه مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه " رواه الطبراني. يقول ابن القيم رحمه: في غض البصر فوائد عديدة: 1) امتثال أمر الله الذي هو غاية السعادة. 2) يمنع أثر السهم المسموم. 3) يقوي القلب ويفرحه. 4) يورث في القلب أنسا في الله واجتماعا عليه. 5) يكسب القلب نورا 6) يورث الفراسة الصادقة (أي يقوي نور البصيرة). 7) يسد علي الشيطان مداخله .. أن بين العين والقلب منفذاً يوجب انفصال أ وقد أحسن من قال: كل الحوادث مبدأها النظر ... ومعظم النار من مستصغر الشرر ¬

_ (¬1) مشكاة المصابيح ـ كتاب النكاح ـ باب النظر إلي المخطوبة وبيان العورات 2/ 934. (¬2) المرجع السابق 2/ 936.

والمرء مادام ذا عين يقلبها ... في أعين الغير موقوف علي الخطر يسر مقلته ما ضر مهجته ... لا مرحبا بسرور جاء بالضرر كم نظرة فتكت في قلب صاحبها ... فتك السهام بلا قوس ولا وتر - - - - -

أدلة حجاب المرأة المسلمة

أدلة حجاب المرأة المسلمة - الأيات الواردة فى الحجاب: 4) الآية الأولى: قال تعالى: {يَنِسَآءَ النّبِيّ لَسْتُنّ كَأَحَدٍ مّنَ النّسَآءِ إِنِ اتّقَيْتُنّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مّعْرُوفاً وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنّ وَلاَ تَبَرّجْنَ تَبَرّجَ الْجَاهِلِيّةِ الاُولَىَ} (¬1) وقد سبق الكلام عنها. 5) الآية الثانية: قال تعالى: {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النّبِيّ إِلاّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىَ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب - الآيتان 32، 33.

فَانْتَشِرُواْ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النّبِيّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ اللهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوَاْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللهِ عَظِيماً} (¬1) وهى إحدى الموافقات الثلاث التي نزل القرآن الكريم فيها موافقا لرأى عمر رضي الله عنه، فعن عائشة رضي الله عنها أن أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع وهو صعيد أفيح وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - احجب نساءك؛ فلم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل، فخرجت سوده بنت زمعة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة فناداها عمر: ألا قد عرفناك يا سودة، حرصا على أن ينزل الحجاب، قالت عائشة: فأنزل الله عز وجل الحجاب. رواه مسلم. (¬2) 6) - أسباب نزولها: عن أنس وابن عمر رضي الله عنهما، أن عمر - رضي الله عنه - قال: وافقت ربي في ثلاث ‘ قلت: يا رسول الله! لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلي ‘ فنزلت: " {وَاتّخِذُواْ مِن مّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّى} (¬3) " وقلت: يا رسول الله! يدخل علي نساءك البر والفاجر، فلو أمرتهن أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب، واجتمع ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب – الآية 53. (¬2) صحيح مسلم - شرح النووي 14/ 152. (¬3) سوره البقرة – الآية 125.

نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغيرة ‘ فقلت {عَسَىَ رَبّهُ إِن طَلّقَكُنّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مّنكُنّ} (¬1) فنزلت كذلك. وفي رواية لا بن عمر - رضي الله عنه -: وافقت ربي في ثلاث: في مقام إبراهيم، وفي الحجاب وفي أساري بدر " متفق عليه. (¬2) وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، قال: لما تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش دعا القوم فطعموا ثم جلسوا يتحدثون، فإذا هو يتهيأ للقيام فلم يقوموا، فلما رأي ذلك قام، فلما قام، وقعد ثلاثة نفر، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ليدخل فإذا القوم جلوس، ثم إنهم قاموا فانطلقوا فجئت ‘ فأخبرت النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم قد انطلقوا ‘ فجاء حتى دخل ‘ فذهبت أدخل فألقي الحجاب بيني وبينه "0 رواه البخاري وأخرجه مسلم والنسائي بتمامه. 7) متى نزلت؟ كان وقت نزولها فى صبيحة عرس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بزينب بنت جحش (رضي الله عنها)، وكان ذلك فى ذي القعدة من السنة الخامسة فى قول قتادة والواقدى وغيرهما. ¬

_ (¬1) سوره التحريم – الآية 5. (¬2) مشكاة المصابيح كتاب المناقب ـ مناقب عمر 3/ 1706.

- يقول الصابوني: فى قو له تعالى: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنّ} فيه إشارة دقيقة إلى ما بين العين والقلب من صلة وثيقة، فالعين طريق الهوى، والنظرة بريد الشهوة، فإذا لم تر العين لا يشتهي القلب، وكما قال أحد الأدباء: وما الحب إلا نظرة إثر نظرة ... تزيد نموا إن تزده لجاجا فالقلب عند عدم الرؤية أطهر، وعدم الفتنة حينئذ أظهر. (¬1) 8) الآية الثالثة: قال تعالى: {يَأَيّهَا النّبِيّ قُل لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنّ مِن جَلاَبِيبِهِنّ ذَلِكَ أَدْنَىَ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رّحِيماً} (¬2) - يقول ابن كثير رحمه الله: يقول الله تعالي آمراً رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأمر النساء المؤمنات - خاصة أزواجه وبناته لشرفهن ـ بأن يدنين عليهن من جلابيبهن ‘ ليتميزن علي سمات نساء الجاهلية، والجلباب هو الرداء فوق الخمار. (¬3) ¬

_ (¬1) روائع البيان للصابوني 2/ 347. (¬2) سورة الأحزاب – الآية 59. (¬3) مختصر تفسير ابن كثير 3/ 114.

واتفقت عبارات المفسرين علي أن المراد بالجلباب هو الرداء الذي تستر به المرأة جميع بدنها فوق الثياب وهو ما يسمي في زماننا بالملاءة أي الملحفة، وليس المراد ستر العورة كما ظن بعض الناس. (¬1) وقيل بدأ الله بنساء النبي - صلى الله عليه وسلم - وبناته في الأمر بالحجاب الشرعي وذلك للإشارة إلي أنهن قدوة لبقية النساء، فعليهن التمسك بالآداب الشرعية ليقتدي بهن سائر النساء .. فالدعوة لا تثمر إلا إذا بدأ الداعى بها في نفسه وأهله ‘ ومن أحق من بيت النبوة بالتمسك بالآداب والفضائل؟ وهذا هو السر في تقدمهن في الخطاب في قوله تعالي {قُل لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ} (¬2) - سرعة استجابة نساء النبي ونساء المؤمنين في امتثال الأمر: فعن أم سلمه (رضي الله عنها) قالت: لما نزلت هذه الآية " {يُدْنِينَ عَلَيْهِنّ مِن جَلاَبِيبِهِنّ} (¬3) خرج نساء الأنصار فكأن علي رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها. أخرجه بن أبي حاتم ¬

_ (¬1) تفسير آيات الأحكام للصابوني 2/ 378. (¬2) المرجع السابق. (¬3) سورة الأحزاب – الآية 59.

وعن عائشة (رضي الله عنها) قالت: يرحم الله النساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنّ عَلَىَ جُيُوبِهِنّ} (¬1) شققن مروطهن فاختمرن بها رواه البخاري. وفي رواية أبي داود: قالت: إن لنساء قريش لفضلا، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقا بكتاب الله، ولا إيمانا بالتنزيل، لقد أنزلت سورة النور {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنّ عَلَىَ جُيُوبِهِنّ} انقلب إليهن رجالهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهم فيها ‘ ويتلو الرجل علي امرأته وابنته وأخته، وعلي كل ذي قرابة. فما منهن امرأة إلا قامت إلي مرطها المرحل فاعتجرت به (الثوب تشده علي رأسها) تصديقا وإيمانا بما أنزل الله من كتابه ‘ فأصبحن وراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معتجرات كأن علي رؤوسهن الغربان. ورواه ابن أبي حاتم عن صفية بنت شيبة قالت بينا نحن عند عائشة قالت فذكرن نساء قريش وفضلهن فقالت عائشة رضي الله عنها أن لنساء قريش لفضلا وإني والله مارأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقا لكتاب الله ولاإيمانا بالتنزيل لقد أنزلت سورة النور {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنّ عَلَىَ جُيُوبِهِنّ} انقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهم فيها ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته وعلى كل ذي قرابته فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل ¬

_ (¬1) سورة النور – الآية 31.

فاعتجرت به تصديقا وإيمانا بما أنزل الله من كتابه فأصبحن وراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان (¬1). قال في النهاية 4/ 319 المروط: الأكسية، الواحد مرط، ويكون من صوف وربما كان من خز أو غيره. وقال ابن حجر في الفتح (8/ 319): المرط: هو الإزار واستدل علي ذلك بما في الرواية الثانية: ((أخذن أزرهن فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها)) كما في البخاري في باب تفسير سورة النور باب وليضربن بخمرهن علي جيوبهن. والإعتجار بالعمامة: هو أن يلفها علي رأسه ويرد طرفها علي وجهه، ولا يعمل منها شيئا تحت ذقنه (النهاية 3/ 185). وفي الروايتين: رواية البخاري: نساء المهاجرات الأول، وفي رواية ابن أبي حاتم: نساء الأنصار، قال بن حجر: يمكن الجمع بين الروايتين بأن نساء الأنصار بادرن إلي ذلك. وفي رواية البخاري: ((فاختمر نبها)) قال ابن حجر في الفتح (8/ 397) أي غطين وجوههن، وصفة ذلك أن تضع الخمار علي رأسها وترميه علي الجانب الأيمن، علي العاتق الأيسر وهو التقنع. وقال الفراء: كانوا في الجاهلية تسدل المرأة خمارها من ورائها وتكشف ما قدامها، فأمرن بالإستتار، والخمار للمرأة كالعمامة للرجل. ¬

_ (¬1) انظر تفسير ابن كثير _ تفسير سورة النور الآية 31.

9) الآية الرابعة: {وَقُل لّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إِلاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنّ عَلَىَ جُيُوبِهِنّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ} (¬1). - الأحاديث والآثار: 1) أخرج بن سعد عن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس - رضي الله عنه - قال: قتل يوم قريظة رجل من الأنصار يدعي خلاداً - رضي الله عنه - قال: فأتيت أمه فقيل لها: يا أم خلاد، قتل خلاد!. قال: فجاءت منتقبة فقيل لها: قتل خلاد، وأنت منتقبة! قالت: إن كنت رزئت خلاد فلا أرزأ أحيائي ‘ فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال: " أما إن له أجر شهيدين " قال: قيل: لم ذاك يا رسول الله؟ فقال: لأن أهل الكتاب قتلوه " (¬2) 2) وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: كنا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نمتشط، قبل ذلك في الإسلام " رواه الحاكم. 3) وعن عائشة (رضي الله عنها) قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محرمات، فإذا جاوزوا بنا سدلت إحدانا جلبا بها من رأسها ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب – الآية 59. (¬2) حياة الصحابة 2/ 579.

علي وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه " 0 رواه أبو داود وابن ماجة معناه. (¬1) وهذا الحديث فيه دلالة علي انتقاب المرأة الغير محرمة .. 4) وأخرج البيهقى عن عروة ابن الزبير (رضي الله عنهما) قال: وأقبل أبو بكر - رضي الله عنه - من السنح على دابته حتى نزل بالمسجد، وأقبل مكروباً حزيناً فاستأذن في بيت ابنته عائشة (رضي الله عنها)، فأذنت له فدخل، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد توفى على الفراش والنسوة حوله , فخمرن وجوههن واستترن من أبي بكر إلا ما كان من عائشة , فكشف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .... ألخ الحديث " 0 كذا في البداية. (¬2) 5) وأخرج بن سعد عن عطاء بن يسار قال: لما قدمت صفية - رضي الله عنه - من خيبر أنزلت في بيت لحارثة بن النعمان، فسمع نساء الأنصار فجئن ينظرن إلى جمالها، وجاءت عائشة (رضي الله عنها) منتقبة، فلما خرجت، خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - على أثرها، فقال: " كيف رأيت يا عائشة؟ قالت: رأيت يهودية , فقال: " لا تقولي ذلك فإنها أسلمت وحسن إسلامها. (¬3) 6) ونص الإمام أحمد (رحمه الله) علي: أن كل شئ من المرأة عورة حتى الظفر. (¬4) - كيفية الحجاب: ¬

_ (¬1) المرجع السابق. (¬2) حياه الصحابة – اجتماع الصحابة علي أبى بكر الصديق 2/ 4. (¬3) حياة الصحابة – أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - – نكاحه - صلى الله عليه وسلم - بصفية 2/ 0656 (¬4) تفسير ابن الجوزي 6/ 3.

عن ابن سيرين أنه قال سألت عبيدة السلمانى عن هذه الآية: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنّ مِن جَلاَبِيبِهِنّ} فرفع ملحفة كانت عليه فتقنع بها , وغطى رأسه كله حتى بلغ الحاجبين , وغطى وجهه وأخرج عينه اليسرى من شق وجه الأيسر 0 وعن ابن عباس (رضي الله عنهما) أنه قال: تلوى الجلباب فوق الجبين وتشده، ثم تعطفه على الأنف وإن ظهرت عيناها .. لكنه يستر الصدر ومعظم الوجه. وفى رواية عن ابن عباس (رضي الله عنها) أنه قال: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة. وقال عكرمة: تغطى ثغرة نحرها بجلبابها تدنيه عليها. وقال السدي: تغطى إحدى عينيها وجبهتها، والشق الآخر إلا العين .. قال أبو حيان: كذلك عادة بلاد الأندلس لا يظهر من المرأة إلا عينها الواحدة. وقال ابن الجوزي في قوله تعالي: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنّ مِن جَلاَبِيبِهِنّ} أن يغطين رؤوسهن ليعلم أنهن حرائر، والمراد بالجلاليب: الأردية قاله ابن قتيبة 0 وقال أبو حيان في البحر " وقوله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنّ مِن جَلاَبِيبِهِنّ} شامل لجميع أجسادهن، أو المراد بقوله {عَلَيْهِنّ} أي وجوههن لأن الذي كان يبدو في الجاهلية هو الوجه.

وقال أبو السعود: الجلباب ثوب أوسع من الخمار، ودون الرداء، تلويه المرأة على رأسها وتبقى منه ما ترسله على صدرها. ومعنى الآية: أن يغطين بها وجوههن وأيديهن إذا برزن لداعية من الدواعي. وقال أبو بكر الرازي (الجصاص): وفي هذه الآية {يُدْنِينَ عَلَيْهِنّ مِن جَلاَبِيبِهِنّ}، دلالة علي أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين وإظهار الستر والعفاف عند الخروج لئلا يطمع فيهن أهل الريب. وفي تفسير الجلالين: الجلابيب جمع جلباب وهي الملاءة التي تشتمل بها المرأة. - س: هل الأمر بالحجاب خاص بأزواج النبي أم هو عام؟ ج: الآيات الكريمة وردت فى شأن بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة تعظيما لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتكريما لشأنه، ولكن الأحكام التي فيها عامة تعم جميع المؤمنين، لأنها آداب اجتماعية، وإرشادات إلهية يستوي فيها جميع الناس، فالأمر بعدم الاختلاط بالنساء، وبسؤالهن من وراء حجاب ليس قاصراً على أزواج الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولكنه عام يشمل جميع نساء المؤمنين، فإذا كان نساء الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز الاختلاط بهن ولا النظر إليهن، مع أنهن أمهات المؤمنين، يحرم الزواج بهن، ولا يجوز سؤالهن إلا من وراء حجاب، فلا شك أن الاختلاط بغيرهن من النساء، أو التحدث إليهن بدون حجاب يكون حراما من باب أولى: لأن الفتنة بالنساء محققة، بل إن أمر الحجاب ليس خاصا بأزواج الرسول - صلى الله عليه وسلم -، بل هو عام لجميع

نساء المؤمنين لقول الله تعالى: {يَأَيّهَا النّبِيّ قُل لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنّ مِن جَلاَبِيبِهِنّ ذَلِكَ أَدْنَىَ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رّحِيماً} (¬1) فهل خرجت مؤمنة من هذا الخطاب؟ (¬2) أسباب نزول الآية: روى المفسرون فى سبب نزول هذه الآية الكريمة، أن الحرة والأمة كانتا تخرجان ليلا لقضاء الحاجة فى الغيطان، وبين النخيل، من غير تمييز بين الحرائر والإماء، وكان فى المدينة فساق، لايزالون على عاداتهم فى الجاهلية يتعرضون للإماء، وربما تعرضوا للحرائر، فإذا قيل لهم يقولون: حسبناهم إماء، فأمرت الحرائر أن يخالفن الإماء فى الزى فيتسترن ليحتشمن ويَهَبٍِنَ فلا يطمع فيهن ذوو القلوب المريضة فأنزل الله عز وجل: {يَأَيّهَا النّبِيّ قُل لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنّ مِن جَلاَبِيبِهِنّ ذَلِكَ أَدْنَىَ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رّحِيماً} (¬3) ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب – الآية 59. (¬2) روائع البيان للصابوني 2/ 351. (¬3) سورة الأحزاب – الآية 59.

وقال ابن الجوزى: سبب نزولها: أن الفساق كانوا يؤذون النساء اذا خرجن بالليل، فإذا رأوا المرأة عليها القناع تركوها وقالوا حرة، واذا رأوها بغير قناع قالوا: أمة .. فآذوها، فنزلت الآية .. قاله السدى. (¬1) - مفسدة كشف المرأة وجهها أمام الرجال الأجانب: 1) يعرضها لسخط الله عز وجل، لأنه معصية لله تعالى ولرسوله (- صلى الله عليه وسلم -). 2) أن فيه زوال لحياء المرأة. 3) يوقع الفتنة بين الشباب والرجال. 4) تعرِّض نفسها للإيذاء بالكلمات الساقطة. 5) تعرض نفسها للعين والحسد، سواء من عيون الإنس أو الجن. 6) تعرض نفسها لدعاء بعض الصالحين عليها. 7) أن في ذلك تعويد للأمة على استمراء المنكرات شيئاً فشيئاً .. فاليوم كشف للوجه .. وغداً للرأس والشعر وبعد غد للذراع. وبعد ذلك ... ؟!! والعياذ بالله. 8) أن فيه نشر للمنكرات في هذه الأمة. وقد قال تعالى: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا} (¬2). 9) التشبه بنساء الغرب، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " ومن تشبه بقوم فهو منهم. (¬3). 10) تصبح المرأة سلعة رخيصة. ¬

_ (¬1) المرجع السابق 2/ 377 0 (¬2) سورة الأعراف _ الآية 5 (¬3) رواه أحمد2/ 50 وأبو داود 4031.

11) تصبح فريسة لشياطين الإنس والجن. 12) تعرِّض نفسها للإيذاء بالكلمات الساقطة. 13) تعرض نفسها للعين والحسد، سواء من عيون الإنس أو الجن. - لؤلؤة مكنونة: سأل يهودى مسلم: لماذا تحجبون نسائكم وتغطون مفاتنهن؟ أمسك مسلم علبه حلوى ونزع الغلاف عن اثنتين وترك الباقى مغلفا وقال أى قطعه تريد؟ فأجاب اليهودى طبعا المغلفه لانها أنقى وأنظف، فقال المسلم: هل عرفت الآن لماذا تتحجب نسائنا؟ - - - - -

كلمة لكل فتاة

كلمة لكل فتاة فعلى الفتاة تعلم أن الإسلام إنما أراد أن يؤمن شيخوختها الذابلة المنهكة، وأن يدفع إليها البشر والتفاؤل والأمان والاستقرار مع زوجها وشريك عمرها .. فالمرأة لن تظل جميلة طول العمر، ولا فاتنة ساحرة مدي حياتها .. فإذا ما ذبلت الزهرة - بتقدم العمر- وانمحت نضارتها، واعتصرت محاسنها، ولم تعد تصلح لإثارة غرائز الزوج، ونزل إلي الشارع ثم رأي فتاة في خير عمرها، وفي كامل زينتها، ورونقها وبهائها، جرت شهوته إلي غمار المقارنة بين ما ينظر في الشارع وما يراه في البيت، فتتكالب عليه الهموم والحسرات، وهو يندب حظه ونفسه، ولا نعتقد أن هذه المقارنة ستسر رأي أي فتاة في طور حياتها المتقدمة التي هي أحوج ما تكون فيها إلي زوجها. إذن الإسلام حينما طلب منك أن تحتجبي، طالب لكِ ولسواك أن تحتجبي عن إغراء من هو لكِ (وهذا هو التأمين الجمالي للمرأة). والذي يبدد رصيد المرأة من (طول الألفة والعشرة وامتدادها مع زوجها) هو نظرة الرجل في الشارع، إلي جمال سافر وحسن باهر، فيطغي علي كل مقدسات الروابط .. ومن هنا تتفكك روابط الأسرة وتنحل الآصرة الزوجية.

فافهمي أيتها الفتاة، واعلمي أن الذي منع، منع من أجلك، والذي منع ليحافظ عليك. (¬1) - - - - - ¬

_ (¬1) الإسلام عقيدة ومنهج لفضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي ص 19.

زينة المرأة الحياء

زينة المرأة الحياء - حياء أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها: عن عائشة (رضي الله عنها) قالت: كنت أدخل بيتي الذي دفن فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأضع ثوبي وأقول: إنما هو زوجي وأبى فلما دفن عمر - رضي الله عنه - معهم .. والله ما دخلته إلا مشدودة عليَّ ثيابي حياءً من عمر 0 رواه أحمد .. قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح. (¬1) إذا كان هذا الحياء كله ممن فارق الحياة الدنيا، فكيف بحيائها ممن لم يفارق الحياة. - حياء فاطمة الزهراء رضي الله عنها: فعن أم جعفر بنت محمد أن فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت يا أسماء: إني استقبحت ما يصنع بالنساء، إنه يطرح على المرأة الثوب فيصفها. قالت أسماء: ألا أريك شيئاً رأيته بأرض الحبشة؟ فدعت بجرائد رطبة فحنتها (أي عوجتها) ثم طرحت عليها ثوبا. فقالت فاطمة: ما أحسن هذا وأجمله! يعرف به الرجل من المرأة، فإذا أنا مت فاغسليني أنت وعلي - رضي الله عنه -، ولا تدخلي علىَّ أحداً، فلما توفيت جاءت عائشة (رضي الله عنها) تدخل فقالت أسماء: لا تدخلي فشكت ¬

_ (¬1) مشكاة المصابيح ـ كتاب الجنائز ـ باب زيارة القبور 1/ 554.

لأبى بكر فقالت: إن هذه الخشعمية تحول بيني وبين ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد جعلت لها مثل هودج العروس .. فجاء أبا بكر فوقف على الباب فقال: ما حملك أن منعتي أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وجعلت لها مثل هودج العروس؟ فقالت: أمرتني ألا أدخل عليها أحداًُ، وأريتها هذا الذي صنعت، فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: فاصنعي ما أمرتك، ثم انصرف، وغسلها عليٌُ وأسماء رضي الله عنهما. أخرجه البيهقي. قال ابن عبد البر: هى أول من غطى نعشها فى الاسلام على تلك الصفة. (¬1) - حياء أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها: أختي المسلمة أصغي معيَّ إلى السيدة أسماء (رضي الله عنها) وهى تقول: تزوجني الزبير بن العوام - رضي الله عنه - وماله فى الأرض من مال ولا مملوك، ولا شئ غير فرسه، قالت: فكنت أعلف فرسه وأكفيه مؤنته، وأسوسه، وأدق له النوى لناضحه وأعلف وأستقى الماء وأخرز غربة وأعجن، ولم أكن أحسن الخبز، فكان يخبز لي جارات من الأنصار، وكن نسوة صدق، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رأسي، فلقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه نفر من أصحابه فدعاني ثم قال: أخ .. أخ ... ليحملني خلفه، قالت: فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته، قالت: وكان أغير الناس ــ فعرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني استحييت، فمضي، وجئت الزبير، فقلت له: لقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركب معه، فاستحييت، وعرفت غيرتك. فقال: والله لحملك النوى أشد على من ركوبك معه ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء 2/ 128 والاستيعاب لابن عبد البر.

قالت: حتى أرسل إليَّ أبو بكر الصديق بعد ذلك بخادم .. فكفتني سياسة الفرس .. فكأنما أعتقني " (¬1) فانظري كيف كانت هذه المرأة فى تفانيها فى خدمة زوجها .. عن طريق العمل المناسب مع احترام مشاعره، والحفاظ على كرامتها التي هي أعز ما يملك الإنسان .. وقفي مع هذا القول: فاستحييت أن أسير مع الرجال!!! - فاطمة بنت عتبة بن ربيعة رضي الله عنها: عن عائشة (رضى الله عنها) قالت جاءت فاطمة بنت عتبة بن ربيعة (رضى الله عنها) تبايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخذ عليها: " أن لا يشركن ولا يزنين " الآية قالت: فوضعت يدها علي رأسها حياءً، فأعجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما رأى منها؛ فقالت عائشة (رضى الله عنها) أقرى أيتها المرأة! فو الله! ما بيعنا إلا على هذا، قالت: نعم إذا، فبايعها " رواه أحمد والبزار ورجاله رجال الصحيح. (¬2) - أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب (رضى الله عنها): أخرج عبد الرازق عن ابن جريج قال: أخبرني من أصدق أن عمر (رضي الله عنه) بينما هو يطوف سمع امرأة تقول: ¬

_ (¬1) كنز المال 6/ 347. (¬2) حياة الصحابة - كيف كان الصحابة ربنا يعون النبى - صلى الله عليه وسلم - بيعة النساء 1/ 234.

تطاول هذا الليل واسود جانبه ... وأرقنى أن لا حبيب ألاعبه فلولا حذار الله لاشئ مثله ... لزعزع من هذا السرير جوانبه فقال لها عمر - رضي الله عنه -: مالك؟ قالت: أغربت زوجي منذ أشهر، وقد اشتقت إليه. قال: أردت سوءاً. قالت: معاذ الله! قال: فاملكي عليك نفسك، فإنما هو البريد إليه فبعث إليه؛ ثم دخل على حصفة (رضى الله عنها) فقال: إنى سائلك عن أمر قد أهمني فافرجيه عنى، في كم تشتاق المرأة إلى زوجها؟ فخفضت رأسها واستحيت، قال: فإن الله لا يستحيى من الحق، فأشارت بيدها ثلاثة أشهر وإلا فأربعة .. فكتب عمر - رضي الله عنه -: أن لا تحبس الجيوش فوق أربعة أشهر كذا في الكنز. (¬1) - حياء امرأة تستفتي أبا حنيفة النعمان: يروي أن امرأة دخلت علي أبي حنيفة وهو في المسجد جالس بين أصحابه وبيدها تفاحة أحد جانبيها أحمر والآخر أصفر فوضعتها بين يديه ولم تتكلم، فأخذها وشقها نصفين، فقامت المرأة وخرجت فسألوه عن ذلك، فقال: إنها تري الدم مرة أحمر ومرة أصفر 0سألت أيكون حيضا أو طهرا؟ فشققت لها التفاحة وأريتها باطنها 00 وأردت بذلك أنها لا تطهر حتى تري البياض مثل بطنها. وهذا يدل علي حياء هذه المرأة، حيث أنها قدمت الدليل بدون أن تتفوه للشيخ وهو يجلس بشين طلبة العلم، ودلت علي ذكاءها وذكاء أبي حنيفة رحمه الله. ¬

_ (¬1) حياة الصحابة - باب الجهاد - 1/ 458.

- ابنة شعيب - عليه السلام -: امرأة صالحة ذكر الله - عز وجل - دينها وحيائها في كتابه العزيز فقال تعالى: (وجاءته إحداهما تمشي علي استحياء) يقول الامام السيوطي في الدر المنثور: واضعة ثوبها علي وجهها، ليست بسلفع. (¬1) خراجة، ولا ولاجة .. أي ليست كثيرة الخروج والدخول. (¬2) وقد أخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: جاءت مستترة بكم درعها علي وجهها. وفي رواية الحاكم: واضعة ثوبها علي وجهها. وقال أبو بكر بن طاهر: لتمام إيمانها وشرف عنصرها، وكريم نسبها أتته علي استحياء. قال أعرابي: لا يزال الوجه كريما ما غلب حياؤه، ولا يزال الغصن نضيراً ما بقى لحاؤه. (¬3) ويقول الحسن البصري الماوردي: إن من أسباب حيائها: أنها دعته لتكافئة، وكان الأجمل مكافأته في مكانه بدون عناء .. كما يضيف إلي مظاهر حيائها: أنها نادته من بعد .. وتلك عادة المتصونات من الحرائر. ¬

_ (¬1) معنى سلفع: سليطة جريئة .. وفي الحديث:" شرهن السلفعة البلقعة، والسلفعة البذية الفاحشة القليلة الحياء وفي حديث أبي الدرداء:" شر نسائكم السلفعة " وهي الجريئة علي الرجال - لسان العرب لابن منظور 8/ 161. (¬2) الدر المنثور 5/ 125. (¬3) روح البيان للشيخ إسماعيل حقي البرسوسي.

- يقول الآلوسي: وفي إسنادها الدعوة إلي أبيها ما يدل علي كمال العقل والعفة والحياء ... روى أنه - عليه السلام - أجابها فقام معها فقال لها. امشي خلفي وانعتي لي الطريق، فإني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف لي جسدك، ففعلت. (¬1) هذه نماذج من حياء النساء .. ولو نظرنا في حياة نساء النبى والصحابة والتابعين لوجدناها مملوءة بالحياء .. لأن قلوبهم كانت ممتلئة بالإيمان، وقد جاء الحديث عن أبى هريرة (رضي الله عنه)، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " الإيمان يضع وسبعون شعبة، فأفضلها، قول: لا لإله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان " متفق عليه. (¬2) فإذا رأيت المرأة اليوم تخرج من بيتها سافرة عن وجهها غير محتشمة في ثيابها، تختلط بالرجال، وتتحدث معهم في أي كلام لا يرضى الله - عز وجل - فاعلم أن الحياء قد نزع منها بسبب ضعف إيمانها. - - - - - ¬

_ (¬1) تفسير الآلوسي 20/ 65 ط دار الفكر 1987. (¬2) مشكاة المصابيح - كتاب الإيمان 1/ 10.

إلي عشاق الموضة

إلي عشاق الموضة لقد تلاعب مصممو الأزياء بنفسية النساء لأن المرأة مفطورة على التجمل والظهور بالمظهر اللائق، لذا يُركزون على مفاتن المرأة، ففي كل عام يصممون موضة جديدة، وملابس جديدة وجعلوا لكل وقت لباس خاص به، فلباس الصباح لا يصلح للمساء، وجعلوا للسهرة وللفرح وللزيارة ألبسة خاصة بها، وجعلوا كل موسم لباس خاص به، فالشتاء غير الربيع غير الصيف، وإذا انتهت موضة الملابس لا تُلبس حتى وإن كانت جديدة وجعلوا لكل ثوب، أحذية خاصة بها، حتى عجزت الدواليب عن حمل ما فيها، إن أعداء المسلمين بما يُقدمونه من موضات وأزياء يُفسدون المرأة ويستنزفون أموال المسلمين ويسخرون بعقول النساء (¬1) وهذه أمنا عائشة (رضي الله عنها)، تقول: لبست ثيابي فطفقت انظر إلي ذيلي وأنا أمشي في البيت، وألتفت إلي ثيابي وذيلي، فدخل عليَّ أبو بكر - رضي الله عنه - وقال: يا عائشة! أما تعلمين أن الله لا ينظر إليك الآن؟ (¬2) ¬

_ (¬1) روح البيان للشيخ إسماعيل حقي البرسوسي. (¬2) أخرجه ابن المبارك وأبو نعيم في الحلية (حياة الصحابة 2/ 707)

وفي رواية عنها: أنها قالت: لبست مرة درعا لي جديدا، فجعلت انظر إليه، وأُعجب به، فقال أبو بكر: ما تنظرين؟ أما علمت أن العبد إذا دخله العجب بزينة الدنيا، مقته ربه حتى يفارق تلك الزينة! قالت: فنزعته فتصدقت به، فقال أبو بكر: عسي ذلك أن يكفر عنك0 كذا في الكنز o وهذه ميمونة بنت شاقولة الواعظة التي هي للقرآن حافظة، ذكرت يومًا في وعظها أن ثوبها الذي عليها وأشارت إليه له في صحبتها تلبسه منذ سبع وأربعين سنة وما تغيَّر، وأنه كان من غزل أمها. قالت: والثوب إذا لم يُعْص الله فيه لا يتخرق سريعًا. وقال ابنها عبد الصمد كان في دارنا حائطٌ يريد أن ينقضَّ فقلت لأمي: ألا ندعو البنَّاء ليصلح هذا الجدار فأخذتْ رقعة فكتبتْ فيها شيئًا ثم أمرتني أن أضعها في موضع من الجدار فوضعتها؛ فمكث على ذلك عشرين سنة، فلما توفيت أردت أن أستعلم ما كتبت في الرقعة، فحين أخذتها من الجدار سقط، وإذا في الرقعة: إنَّ الله يُمْسِك السموات والأرض أن تزولا، اللهم مُمْسِك السموات والأرض أمسكه. (¬1) ¬

_ (¬1) البداية والنهاية 11/ 355، سير النبلاء 2/ 278.

وما كان هذا ليكون إلا بقوة الإيمان واليقين والتوكُّل على الله فى الأمر كلِّه، فهل فى نسائنا العابدات القانتات التى لو أقسمت على الله لأبرها؟!. oماذا جاء في قلبك يا عاشقة الثياب والموضة بعد هذا؟ اترك ما أنت فيه من الترف والسرف، فإن فيه مقت الرب جل وعلا. o واعلمي أن سعادتك ليست في ثيابك، إنما سعادتك فيما تحملينه بين جوانحك من الإيمان بالله جل وعلا .. يحكي أن رجلا اختلف مع زوجته، فقال لها: لأشقينك0 فقالت الزوجة: لاتستطيع0 فقال لها: كيف ذلك؟ قالت: لو كانت السعادة في مال لحرمتني منه، أو في حلي لمنعتها عني .. ولكن لا شيء تملكه أنت ولا الناس، إني أجد سعادتي في إيماني، وإيماني في قلبي، وقلبي لا سلطان لأحد عليه إلا ربي 0 o واعلمي أن جمالك ليس في ثيابك: _ ألا ورب نفسٍ فاعمة ناعمة فى الدنيا، جائعة عارية يوم القيامة 0 _ ألا ورب نفسٍ جائعة عارية في الدنيا، فاعمة ناعمة يوم القيامة 0 _ ألا ورب مكرم لنفسه، وهو لها مهين. _ ألا ورب مهين لنفسه، وهو لها مكرم. ((اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين)) - - - - -

دعوة لكل مؤمن

دعوة لكل مؤمن - هل تدري ما كان يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته؟ من يخبرنا عن حال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته؟ وكأني بعائشة رضي الله عنها تقول، أنا أخبركم فعن عروة قال: قلت لعائشة رضي الله عنها ما كان عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته؟ قالت: كان يخصف النعل، ويرقع الثوب. وعن الأسود قال: سألت عائشة (رضي الله عنها) ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله - تعني خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة خرج إلي الصلاة " رواه البخاري. (¬1) وعن عائشة (رضي الله عنها) قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته، وقالت: كان بشراً من البشر، ُيفلي ثوبه ويحلب شاته، ويخدم نفسه 0رواه الترمذي. (¬2) ويحدثنا الإمام الحسن بن علي - رضي الله عنه - .. فيقول: سألت أبي عن دخول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: كان دخوله لنفسه مأذونا في ذلك .. وكان إذا آوي إلي منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء .. جزءاً لله .. وجزءاًً لنفسه .. ثم جزأ جزأه بينه وبين الناس فرد ذلك علي العامة والخاصة لا يدخر عنهم شيئاً، وكان في سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بأدبه وقسمه علي قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذو الحاجة ¬

_ (¬1) مشكاة المصابيح - كتاب الفضائل والشمائل - باب في أخلاقه وشمائله - صلى الله عليه وسلم - 3/ 1618. (¬2) المرجع السابق 3/ 1619.

ومنهم ذو الحاجتين ‘ ومنهم ذو الحوائج فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم، والأمة من مسألته عنهم، وإخبارهم بالذي ينبغي لهم، ويقول: ليبلغ الشاهد الغائب، وأبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته فإن من بلغ سلطان حاجة من لا يستطيع إبلاغها إياه، ثبت الله قدميه يوم القيامة، لا يذكر عنده إلا ذلك، ولا يقبل من أحد غيره .. يدخلون عليه زوارا، ولا يفترقون إلا عن ذواق. وفى رواية: ولا يفترقون إلا عن ذواق ... ويخرجون أدلة يعنى فقهاء " (¬1) قال تعالى {لّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الاَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً} (¬2) أسوة في كل قول .. أو فعل .. أو تقرير .. أو صفة. اتبعوا .. ولا .. تبتدعوا!!! ادخلوا في السلم كافة. - ليلة في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجلس مع نساءه ويتحدث معهن ويسامرهن كما في الحديث عن عائشة (رضي الله عنها) قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث نساءه حديث النفر الذين خطبوا المرأة، وجعلوا ذكر صفاتهم إلى أحدهم ليصف لها كل واحد منهم لتأخذ منهم من أحبت فتتزوجه بعد أن سمعت صفته، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) حياة الصحابة 1/ 13. (¬2) سورة الأحزاب – الآية 21.

يقول في حديثه: خذي منى، أخي ذا البجل (¬1) إذا رعى للقوم غفل، وإذا سعى القوم نسل (¬2) وإذا عمل القوم اتكل، وإذا قرب الزاد أكل .. قريب من نضيج، ومن نيئ بعيد (¬3) فلحيا لصحابنا لحيا (¬4) فقالت المرأة: لا حاجة لي في هذا، هذا رغيب. قال: خذي مني، أخي ذا البخلة، حانوته يخصف نعلي ونعله، ويحمل ثقلي، ويرحل رحلي ورحله، ويدرك نبلي ونبله، وإذا حل يومه تقدمت قبله. فقالت المرأة: هذا حمارك لا حاجة لي فيه. قال: خذي مني، أخي هذا الأسد، أفتك منزلا به اللص ملحد، ركاب بحر مزبد (¬5) أقبل من رأينا اللص ملحد، وأوري من رأينا لزند يزند (¬6). قلت: هذا اللص لا حاجة لي به قال: خذي مني، أخي ذا النمر، حصين خضر شجاع ظفر، وهو خير من ذلك إذا شكر، قالت: هذا شكس، لا حاجة لي به. قال: خذي مني، أخي ذا الحمة يهب المائة البكرة السنمة (¬7) والمائة البقرة العممة (¬8) والمائة الشاة الزنمة أو قال: الزلمة (¬9). ¬

_ (¬1) ذو الحسب والكفاية .. تذمه بقصر الهمة، والرضي بأن يكون كلاً علي غيره. (¬2) عدا عدواً. (¬3) كناية علي أنه يألف المنزل ولا يسافر وهو متمهل في أموره. (¬4) أي لوما وعذلا. (¬5) رغوة البحر أو البعير. (¬6) زند الحجارة المجموعة بعضها لبعض ‘ شبهها بزند الساعد. (¬7) عظيمة السنام. (¬8) التامة الخلفه. (¬9) شئ يقطع من أذن الشاة.

وإذا أتت عليَّ عاد ليلة مظلمة ‘ رئب ريوب الكعب وولاهم شربة، وقال: اكفوني الميمنة أكفيكم المشأمة، وليست فيه لعثمة (¬1) إلا أنه ابن أمة. فقالت المرأة: هذا عيب يسير، قد اخترته، قال لها: كما أنت بقي، خذي مني أخي ذا العفاق! صفاق أفاق يعلم الناقة والساق، عليه من الله إثم لا يطاق، قالت: اخترته، قال: كما أنت، فقد بقي: خذي مني، أخي حربنا إذا غزونا، وآخرنا إذا استجبنا وعصمة أبناءنا إذا سنونا وصاحب خطبنا إذا التجينا، ولا يدع فضله علينا، وفاصل خطة أعيت علينا. قالت: قد اخترته، قال: كما أنت، فقد بقيت أنا، قالت: فحدثني عن نفسك، قال: أنا لقمان بن عاد، لعاديه لا يعاد، إذا اضجعت لا أجلنطي، ولا تملأ رئتي جنبي، ولا يما ريني أن أري مطمعي ‘ فحدأة تلمع، وألا أري مطمعي فوقاع يصلع، قالت: لا حاجة لي بك، فأنت سارق، وقد أخذت حربنا، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلما قال: خذي مني أخي كذا وكذا يقول بعض نساء وفي بعض طرقة أم حبيبة أخذت هذا يا رسول الله فيقول: رويدك، فإني لم أفرغ من حديثهم. وفي رواية: لا تعجلي قد بقي. - ليلة أخري في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -: في هذه الليلة تحدث النبي - صلى الله عليه وسلم - مع نساءه كعادته، فتحدث معهم حديث خرافة، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: حدث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه ذات ليلة حديثا، فقالت امرأة منهن: كأن الحديث خرافة فقال: " أتدرين ما خرافة "؟ إن ¬

_ (¬1) أي لا توقف في ذكر مناقبه.

خرافة كان رجلا من عذره (¬1) سرقه الجن، فمكث دهرا ثم رجع، فكان يحدثهم بما رأي منهم من الأعاجيب فقال الناس: حديث خرافة. (¬2) وروي ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الهوي، عن أنس - رضي الله عنه - فجعل يقول الكلمة، كما يقول الرجل عند أهله، فقالت: إحداهن كأن هذا حديث خرافة، فقال: " أتدرين ما خرافة "؟ إنه رجل من بني عذره، أصابته الجن، فكان فيهم حيناً فرجع إلي الإنس فجعل يحدث بأحاديث تكون في الجن ولا تكون في الإنس فحدث أن رجلا من الجن كان له أم فأمرته أن يتزوج فقال: إني أخشي أن أدخل عليك من ذلك مشقة أو بعض ما تكرهين فلم تدعه حتى زوجته فتزوج امرأة لها أم، فكان يقسم لامرأته ليلة ولأمه ليلة عند هذه .. وليلة عند هذه، فكان ليلة امرأته وأمه وحدها، فسلم عليها مسلم فردت السلام، فقال: هل من مبيت؟ قالت: نعم، قال: هل من عشاء؟ قالت: نعم، قال: هل من محدث بحديث الليلة؟، قالت: نعم، أرسل إلي ابني يأتيكم، قالوا: فما هذه الخشفة التي نسمعها في دارك؟ قالت: إبل وغنم، قال أحدهما لصاحبه: أعطي متمن ما تمن، وإن كان خيراً، فأصبحت وقد ملئت دارها إبلا وغنماً، فرأت ابنها خبيث النفس قالت: ما شأنك؟ لعل امرأتك أرادت أن تحول إلي منزلي وتحولني إلي منزلها؟ قال: نعم، قالت: فحولها إلي منزلي، وحولني إلي منزلها، فتحولت إلي منزل امرأته، وتحولت امرأته إلي منزل أمه، فلبثا ثم إنهما عادا والفتي عند أمه، فسلما فلم ترد السلام، فقالا: هل من مبيت؟ قالت: لا، قال: فعشاء؟ قالت: لا، قالا: فإنسان يحدثنا الليلة؟ قالت: لا، قالا: فما هذه الخشفة التي نسمعها في دراك؟ قالت: ¬

_ (¬1) قبيلة من اليمن مشهورة. (¬2) رواه ابن أبي شيبة، وأبو يعلي، والبزار، والطبراني، والإمام أحمد ورجاله ثقات (سبل الهدي والرشاد في سيرة خير لعباد 12/ 31.

هذه السباع، فقال أحدهما لصاحبه: أعطي متمن ما تمني، إن كان شراً، فامتلأت عليها دارها سباعاً، فأصبحت وقد أكلت. (¬1) - في بيت أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق: هيا معي لنستمع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحديث عائشة وهي تحدث حديث أم زرع .. وبماذا أجابها النبي - صلى الله عليه وسلم - .. فعن عروة فعن عائشة أنها قالت: جلس إحدى عشرة نسوة فتعاهدن أن لا يكتمن من أخبار أزوجهن شيئاً. قالت الأولي: زوجي لحم جمل غث علي رأس جبل لا سهل فيرتقي، ولا سمين فينتقل. قالت الثانية: زوجي لا أبث خبره، إني أخاف لا أذره أن أذكره أذكر عجره وبجره. قالت الثالثة: زوجي العشنق، إن أنطق أطلق، وإن أسكت أعلق. قالت الرابعة: زوجي كليل تهامة، لا حر ولا قر، ولا مخافة ولا سآمة. قالت الخامسة: زوجي إن دخل فهد، وإن خرج أسد، ولا يسأل عما عهد. قالت السادسة: زوجي إن أكل لف، وإن شرب اشتف ‘ وإن ضجع التف، ولا يولج الكف ليعلم البث. قالت السابعة: زوجي غياياه أو عياياه طباقا، كل داء له داء، شجك أو فلك، أو جمع كلا لك. قالت الثامنة: زوجي الريح ريح زر نب، والمس مس أرنب. ¬

_ (¬1) سبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد 12/ 31.

قالت التاسعة: زوجي رفيع العماد، طويل النجاد، عظيم الرماد، قريب البيت من الناد. قالت العاشرة: زوجي مالك، ومالك مالك خير من ذلك، له إبل كثيرات المبارك، قليلات المسارح، إذا سمعن صوت المزهر أيقن أنهن هوالك. قالت الحادية عشر: زوجي أبو زرع، فما زرع؟ أناس من حلي أذني، وملأ من شحم عضدي، وبجحني فبجحت إليَّ نفسي، وجدني في أهل غنيمة بشق، فجعلني في أهل صهيل وأطيط ودائس ومنق، وعنده أقول فلا أقبح، وأرقد فأتصبح، وأشرب فأتفتح ‘ أم أبي زرع، فما أم زرع عكومها رداح، وبيتها فساح .. ابن أبي زرع فما ابن أبي زرع؟ مضجعه كمثل شطبه، ويُشبعه ذراع الجفرة، بنت أبي زرع فما بنت أبي زرع؟ طوعُ أبيها، وطوعُ أمها وملء كسائها، وغيظ جارتها. جارية أبي زرع، فما جارية أبي زرع؟ لا تبث حديثنا تبثيثا، ولا تنقث ميرتنا تنقيثا، ولا تملأ بيتنا تعشيشا .. قالت: خرج أبو زرع والأوطاب تُمخضُ فلقي امرأة معها ولدان كالفهدين يلعبان من تحت خصرهما برمانتين فطلقني ونكحها، فنكحت بعده رجلا سريا ركب شرياً، وأخذ خطيا، وأراح علي نعما ثريا، وأعطاني من كل رائحة زوجا، قال: كلي أم زرع وميري أهلك .. فلو جمعت كل شيء أعطاني ما بلغ أصغر آنية أبي زرع .. قالت عائشة: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كنت لك كأبي زرع لأم زرع إلا أني لا أطلقك، فقلت: أنت لي خير من أبي زرع. رواه مسلم. (¬1) وهذا ما ذكرناه من مسامرته ومؤانسته - صلى الله عليه وسلم - لأزواجه من الترويح لقلوبهن، ومن حسن العشرة لهن. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم شرح النووي - حديث أم زرع 5/ 212.

- ومن حسن العشرة أيضاً: الحرص علي ملاطفة الزوجات، ولا سيما إن كن حديثات السن، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إني لأعلم إن كنت عني راضية، وإذا كنت عليَّ غضبي ". فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: " إذا كنت عني راضية، فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت عليَّ غضبي؛ قلت: لا ورب إبراهيم " قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله! ما أهجر إلا اسمك 0 متفق عليه. (¬1) وعنها قالت: والله لقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقوم علي باب حجرتي والحبشة يلعبون بالحراب في المسجد، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسترني بردائه، لأنظر إلي لعبهم بين أذنه وعاتقة، ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة علي اللهو. متفق عليه. (¬2) وعنها قالت: كنت ألعب بالبنات (¬3) عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذا دخل ينقمعن (¬4) فيسر بهن (¬5) إلي فيلعبن معي"متفق عليه (¬6) ¬

_ (¬1) مشكاة المصابيح - باب عشرة النساء وما لكل واحدة من الحقوق 2/ 968. (¬2) المرجع السابق. (¬3) المراد بها اللُعب التي تلعب بها الصبية. (¬4) أي يستترن حياءً منه (¬5) أي يرسلهن سربا ويردهن إليَّ (¬6) المرجع السابق.

وهذا من حسن خلقه - صلى الله عليه وسلم - كان يراعي سن عائشة رضي الله عنها .. بل كان يلاطفها أثناء السفر ليهون عليها مشقة السفر فعن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره، وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن، فقال للناس: تقدمواً، فتقدموا، ثم قال لي: " تعالي حتى أسابقك " فسابقته فسبقته، فسكت عني حتى إذا حملت اللحم وبدنت ونسيت، خرجت معه في بعض أسفاره , فقال للناس:" تقدموا " فتقدموا، ثم قال لي " تعالي حتى أسابقك " فسابقته فسبقني، فجعل يضحك وهو يقول:" هذه بتلك ". رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني. وأوضح - صلى الله عليه وسلم - أن ملاعبة المرأة ليست من جنس اللهو واللعب فقال - صلى الله عليه وسلم -: " كل شئ ليس من ذكر الله، لهو ولعب، إلا أن يكون أربعة: " ملاعبة الرجل امرأته ... ألخ الحديث ". رواه النسائي وصححه الألباني. اللهم طوع لنا نفوسنا لقبول هذه الحياة .. وأذهب عن الغلظة والشدة وسوء الخلق. - فض النزاع: الود بين الزوجات إن كن أكثر من واحدة، هو أساس السعادة والمحبة في البيت فكان - صلى الله عليه وسلم - لدوام هذا الود إذا أخطأت إحداهن عاقبها، ولو كانت من أحب الناس إليه مثل عائشة رضي الله عنها، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم - قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: حسبك من صفية كذا وكذا - تعني قصيرة - فماذا فعل

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يحب عائشة رضي الله عنها، فقد سأله عمرو بن العاص - رضي الله عنه - عن أحب الناس إليه فقال - صلى الله عليه وسلم -: " عائشة " (¬1) فهل يحابيها وهي تخطأ في حق صفية رضي الله عنها، رغم أن صفية غير موجودة، ولكن ما حدث من عائشة فهو غيبة محرمة .. لم يقبله النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " لقد قلت كلمة لو مزج بها البحر لمزجته " رواه أحمد والترمذي وأبو داود (¬2) 0 وكيف لو بلغ صفية قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة؟ .. إنه الحب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعن أنس - رضي الله عنه - قال بلغ صفية أن حفصة قالت: بنت يهودي، فبكت، فدخل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي تبكي ‘ فقال: " ما يبكيك "؟ فقالت: قالت لي حفصة: إني ابنة يهودي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنك لأبنة نبي (¬3)، وإن عمك لنبي (¬4)، وإنك لتحت نبي، ففيم تفخر عليك؟ " ثم قال: " اتقي الله يا حفصة! " رواه الترمذي والنسائي (¬5) ¬

_ (¬1) فعن عمر بن العاص - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه علي جيش ذات السلاسل، قال: فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: " عائشة "، قلت: من الرجال؟ قال: " أبوها "، قلت: ثم من؟ قال: "عمر "، فعد رجالا، فسكت مخافة أن تجعلني في أخرهم. متفق عليه. (مشكاة المصابيح ـ كتاب المناقب ـ باب مناقب أبي بكر رضا الله عنها 3/ 1698). (¬2) مشكاة المصابيح ـ كتاب الآداب ـ باب حفظ اللسان والغيبة ولشتم 3/ 1362. (¬3) يريد هارون عليه السلام. (¬4) يريد موسى عليه السلام. (¬5) مشكاة المصابيح ـ كتاب المناقب ـ مناقب أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - 3/ 1745.

انظر كيف عالج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الموقف بحكمة عجيبة أرضي صفية ورفع شأنها ‘ ولم يتعرض لحفصة بسوء غير أن قال لها:" اتقي الله ‘ ولاسيما وهي بنت حبيبه عمر بن الخطاب. وعن صفية رضي الله عنها قالت: حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنسائه، فلما كان ببعض الطريق برك جملي، وكنت من أحسرهن ظهراً فبكيت، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل يمسح دموعي بردائه وبيده، وتقول: وجعلت لا أزداد إلا بكاءً وهو - صلى الله عليه وسلم - ينهاني فلما أكثرت زبرني وانتهرني، وأمر الناس بالنزول، فنزلوا، ولم يكن يريد أن ينزل، قالت: فنزلوا، وكان يومي، فلما نزلوا ضرب خباء النبي - صلى الله عليه وسلم - ودخل فيه، قالت: فلم أدر علام أهجم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وخشيت أن يكون في نفسه شئ مني، فانطلقت إلي عائشة، فقلت لها: تعلمين أني لم أكن أبيع يومي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء أبداً، وإني وقد وهبت يومي لك علي أن ترضي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عني، قالت: نعم، فأخذت عائشة لها قد دثرته بزعفران فرشته بالماء ليذكي ريحه، ثم لبست ثيابها، ثم انطلقت إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرفعت طرف الخباء، فقال لها: " مالك يا عائشة، إن هذا ليس يومك؟ " قالت: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. فقال مع أهله فلما كان عند الرواح، قال لزينب بنت جحش: " يا زينب أفقري أختك صفية جملا، وكانت من أكثرهن ظهراً، فقالت: أنا أفقر يهوديتك، فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سمع ذلك منها، فهجرها فلم يكلمها، حتى قدم مكة، وأيام مني في سفره حتى رجع إلي المدينة والمحرم وصفر فلم يأتيها ولم

يقسم لها، ويئست منه فلم كان شهر ربيع الأول دخل عليها فرأت ظله، فقالت: إن هذا لظل رجل، وما يدخل عليَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فمن هذا؟ دخل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأته قالت: يا رسول الله! ما أدري ما أصنع حين دخلت عليّ؟ قالت: وكان لها جارية، فكانت تخبؤها من النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: فلانة لك، فمشي النبي - صلى الله عليه وسلم - إلي سرير زينب وكان قد رفع فوضعه بيده ثم أصاب أهله ورضي عنهم (¬1) - - - - - ¬

_ (¬1) سُبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد 12/ 132.

حياة البساطة

حياة البساطة في بيت سيد الخلق محمد - صلى الله عليه وسلم - - الطعام: عن أبى هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني مجهود فأرسل إلى بعض نسائه , فقالت: والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء، ثم أرسل إلى أخرى فقالت مثل ذلك، حتى قلن كلهن مثل ذلك: لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: من يضيف ضيف هذا الليلة؟ فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله فانطلق به إلي رحله، فقال لامرأته: هل عندك شئ؟ قالت: لا، إلا قوت صبياني، قال: فعلليهم بشيء، وإذا أردوا العشاء فنوميهم، وإذا دخل ضيفنا فأطفئ السراج وأريه أنا نأكل فقعد وأكل الضيف وباتا طاويين , فلما أصبح غدا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " لقد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة. متفق عليه (¬1) ¬

_ (¬1) رياض الصالحين - باب الإيثار والمواساة ص258.

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيت الليالي المتتابعة طاويا , وأهله لا يجدون عشاء وكان أكثر خبزهم خبز الشعير "0 رواه الترمذى عن ابن عباس (¬1) وعن عائشة (رضى الله عنها) قالت: ما شبع آل محمد - صلى الله عليه وسلم - من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض " متفق عليه (¬2) وما كان ينخل الشعير وما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منخلا من حين ابتعثه الله حتى قبضه الله تعالى وكان يمر الشهرين وما يوقد في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نار وكانوا يعيشون عن الأسودان وقال أبو هريرة: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الدينا ولم يشبع من خبز الشعير. رواه البخاري. وعن عائشة (رضى الله عنها) قالت: توفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعا من شعير. متفق عليه. (¬3) وكان - صلى الله عليه وسلم - يدعو ويقول: " اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا " متفق عليه. (¬4) وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: " قد أفلح من أسلم وكان رزقه كفافا وقنعه الله بما آتاه ... رواه مسلم. (¬5) وفى يوم من الأيام اجتمع نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، يسألانه النفقة فنزلت آية التخيير. ¬

_ (¬1) المرجع السابق – باب فضل الجوع وخشونة العيش والاقتصار على القليل من المأكول والمشروب والملبوس وغيرها من حظوظ النفس وترك الشهوات ص 239. (¬2) المرجع السابق صـ232. (¬3) المرجع السابق صـ237. (¬4) المرجع السابق صـ236. (¬5) المرجع السابق صـ239.

- الثياب: فعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - , أن امرأة جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببردة منسوجة فقالت: نسجتها لأكسوكها , فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - محتاجا إليها فخرج إلينا وإنها إزاره، فقال فلان: أكسنيها ما أحسنا فقال " نعم " فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - في المجلس , ثم رجع فطواها , ثم أرسل بها إليه فقال له القوم: ما أحسنت إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - محتاجا إليها ثم سألته وعلمت أنه لا يرد سائلا فقال إني والله ما سألته لألبسها إنما سألته لتكون كفنى قال سهل فكانت كفته. رواه البخارى (¬1) وعن أبى موسى الأشعرى - رضي الله عنه - قال: أخرجت لنا عائشة (رضى الله عنها) كساء وإزار غليظا ما قالت قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذين " متفق عليه (¬2) وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول لعائشة: لا تستخلقي ثوبا حتى ترقعيه. - السكن: كان مسكن النبي - صلى الله عليه وسلم - بسيطا جدا، فكانت غرفة عائشة ضيقة فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يزحزح رجل عائشة وهى نائمة حتى يستطيع السجود أثناء قيامه بالليل. وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ليس لابن آدم حق في سوى هذه الخصال، بيت يسكنه، وثوب يوارى عورته , وجلف الخبز والماء. رواه الترمذى. ¬

_ (¬1) رياض الصالحين باب الإيثار والمواساة صـ259. (¬2) المرجع السابق - باب فضل الجوع وخشونة العيش صـ235.

- فراش النبي - صلى الله عليه وسلم -: عن عائشة (رضى الله عنها) أنها سئلت عن فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: كان من أدم حشوه ليف. متفق عليه. (¬1) عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: سئلت عائشة (رضى الله عنها) ما كان فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتك؟ قالت: من أدم حشوه ليف، وسئلت حفصة (رضى الله عنها) ما كان فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت مسحا نثنيه ثنيتن فينام عليه فلما كان ذات ليلة قلت: لو ثنيته بأربع ثنيات كان أوطأ له فثنيناه له بأربع ثنيات فلما أصبح قال: " ما فرشتم لي الليلة " قالت قلنا: هو فراشك , إلا أنا ثنيناه بأربع ثنيات قلنا: هو أو طأ لك، قال: " ردوه لحالته الأولى فإنه منعتني وطأته صلاتي الليلة " رواه الترمذي في الشمائل. {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} (¬2) - - - - - ¬

_ (¬1) حياة الصحابة 2/ 705. (¬2) سورة ق _ الآية 37. .

القناعة

القناعة أختي المسلمة: صفتان يبغضهما الله عز وجل (التبذير، الإسراف): قال تعالي: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} (¬1) وقال تعالي: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (¬2) وقال - صلى الله عليه وسلم -: " ارض بما قسمه الله تكن أغني الناس " (¬3) وقال - صلى الله عليه وسلم -: " ليس الغني عن كثرة العرض، ولكن الغني غني النفس " متفق عليه0 (¬4) فالغني ليس بوجود الأشياء، إنما الغني بمعرفة الله (جل جلاله) خالق الأشياء، ولذا كان أحد الصالحين يناجي ربه فيقول: يا لله ماذا وجد من فقدك؟ ... وماذا فقد من وجدك؟ ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآيتان 26، 27. (¬2) سورة الأعراف _ الآية 31. (¬3) جزء من حديث رواه أحمد والترمذي، عن أبي هريرة (مشكاة المصابيح كتاب الرقاق 3/ 1430. (¬4) المرجع السابق0

من وجدك فقد وجد كل شيْ .. ومن فقدك فقد فقد كل شيء وأنت أغلي من كل شيء. فلا تنظري إلي أهل الترف والبذخ، فلو فتشتي عن قلوبهم، لوجدتيها قد ملأت بالنكد والتعاسة والشقاء، وصدق ربنا حيث قال: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (¬1) وقال:" تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة، إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش ..... الخ) رواه البخاري (¬2) فقد كتب الله التعاسة لمن يبحث عنها في غير موضعها .. فالذي همه جمع المال، عبد للدينار والدرهم، والتي همه في لبس الثياب، وتبحث كل يوم عن الموضة، فهي عبد للقطيفة والخميصة (الثياب الفاخرة من الخز أو الصوف) فاحذري أن تُصيبُك دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -: " تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش ... " فكيف يفلح من دعا عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -؟. وتأسي بسيدة النساء فاطمة بنت رسول الله، فقد ذهب عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هو وفاطمة يسألان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خادمًا فقال رضي الله عنه للنبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ فَاطِمَةَ جَرَّتْ بِالرَّحَى حَتَّى أَثَّرَتْ فِي يَدِهَا وَحَمَلَتْ بِالْقِرْبَةِ حَتَّى أَثَّرَتْ فِي نَحْرِهَا فَلَمَّا أَنْ جَاءَكَ الْخَدَمُ أَمَرْتُهَا أَنْ تَأْتِيَكَ فَتَسْتَخْدِمَكَ خَادِمًا يَقِيهَا حَرَّ مَا هِيَ فِيهِ قَالَ اتَّقِي اللَّهَ يَا فَاطِمَةُ وَأَدِّي فَرِيضَةَ رَبِّكِ وَاعْمَلِي عَمَلَ أَهْلِكِ فَإِذَا أَخَذْتِ مَضْجَعَكِ فَسَبِّحِي ¬

_ (¬1) سورة طه _ الآية 124. (¬2) مشكاة المصابيح – كتاب الرقاق3/ 1428

ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَاحْمَدِي ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَكَبِّرِي أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ فَتِلْكَ مِائَةٌ فَهِيَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ خَادِمٍ قَالَتْ رَضِيتُ عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» (¬1). وعن سويد بن غفلة قال: أصابت عليا - رضي الله عنه - خصاصة فقال لفاطمة رضى الله عنها: لو أتيت النبى - صلى الله عليه وسلم - فسألته: فأتته وكان عنده أم أيمن رضى الله عنها فدقت الباب فقال النبى - صلى الله عليه وسلم - لأم أيمن إن هذا لدق فاطمة ولقد أتتنا فى ساعة ما عودتنا أن تأتينا فى مثلها، فقالت: يا رسول الله: هذه الملائكة طعامها التهليل والتسبيح والتحميد، ما طعامنا؟ قال: والذى بعثنى بالحق ما اقتبس فى بيت آل محمد منذ ثلاثين يوما ‍! ولقد أتتنا أعنز فإن شئت أمرنا لك بخمسة أعنز وإن شئت علمتك خمس كلمات علمنيهن جبريل، فقالت: بل علمنى الخمس كلمات التى علمكهن جبريل!، قال: قولى: "يا أول الأولين! ويا آخر الآخرين! ويإذا القوة المتين! ويا أرحم المساكين! ويا أرحم الراحمين! فإنصرفت فدخلت على علىَّ فقال: ما وراءك؟ فقالت: ذهبت من عندك للدنيا وآتيتك بالآخرة، فقال: خير أيامك، كيف رضيت وقنعت وامتثلت أمر رسول الله صلي الله عليه وسلم. ولقد التقيت مع بعض الأخوة ينتمي إلي عائلة بعض ملوك الدول العربية، فأخذ يحدثني عن حاله قبل معرفة عمل الدعوة والتبليغ والالتحاق به، فقال: كنت متزوجا من احدي الفتيات الجميلات، وكانت تركب بجواري في السيارة، فكان الذي يرانا يظن أنني من أسعد الناس، وفي الحقيقة كنت من أشقي الناس، بسبب هذه الزوجة، فمن اعتز بشيء غير الله أذله الله به، وما عرفت السعادة ولا شعر قلبي بها، إلا بعد أن عرفت هذا العمل العظيم، حيث مجالس الإيمان والكلام عن الله0 ¬

_ (¬1) رواه البخاري 3113، مسلم 2727، أبو داود 2988، الترمذي 3408 ..

أختي المسلمة: عليك بالقناعة والزهادة في الدنيا .. وإياك والطمع، فإن الطمع حروفه فارغة جوفاء، وإليك هذه القصة العجيبة، التي حكاها لنا الإمام الذهبي في تاريخه، قصة الرجل والكنز: خرج الولي بن عبد الملك من الباب الأصغر، فوجد رجلا عند الحائط بجوار المئذنة الشرقية، يأكل وحده، فجاء فوقف علي رأسه، فإذا هو يأكل خبزا وترابا، فقال: ما شأنك انفردت من الناس؟ قال: أحببت الوحدة، قال: فما حملك علي أكل التراب؟ أما في بيت المسلمون ما يجري عليك؟ قال: بلي ولكن رأيت القنوع، قال: فرد إلي مجلسه، ثم أحضره، فقال: إن لك لخبراً! لتخبرني به وإلا ضربت الذي فيه عيناك، قال: نعم، كنت جمالا، ومعي ثلاثة أجمال موقرة أحمالا، حتى أتيت مرج الصفر، فقعدت في خربة أبول، فرأيت البول ينصب في شق، فاتبعته حتى كشفته، فإذا غطاء علي حفير، فنزلت، فإذا مال صبيب، فأنخت رواحلي وأفرغت أعكامي، ثم أوقرتها ذهبا، وغطيت الموضع، فلما سرت غير يسير، وجدت معي مخلاة فيها طعام، فقلت أنا أنزل الكسوة، ففرغتها، ورجعت لأملأها، فخفي عني الموضع، وأتعبني الطلب، فرجعت إلي الجمال فلم أجدها، ولم أجد الطعام، فآليت علي نفسي ألا آكل شيئا إلا الخبز والتراب، فقال الوليد: كم تك من العيال؟ فذكر عيالا، قالا يُجري عليك من بيت المال، ولا تستعمل في شيء فإن هذا هوا لمحروم، قال ابن جابر: فذكر لنا أن الإبل جاءت إلي بيت مال المسلمين فأناخت عنده فأخذها أمين الوليد، فطرحها في بيت المال رواته ثقات قاله الكتاني (¬1) فهذا نتيجة الطمع والحرص علي الدنيا. ¬

_ (¬1) تاريخ الإسلام 3/ 196

النبى - صلى الله عليه وسلم - يمزح

النبى - صلى الله عليه وسلم - يمزح مع النساء عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لامرأة عجوز: إنه لا تدخل الجنة عجوز " فقالت: وما لهن؟ وكانت تقرأ القرآن، فقال لها: " أما تقرئين القرآن؟ إِنّآ أَنشَأْنَاهُنّ إِنشَآءً* فَجَعَلْنَاهُنّ أَبْكَاراً} (¬1) رواه رزين (¬2) وأخرجه الترمذى في الشمائل: عن الحسن - رضي الله عنه - قال " أتت عجوز النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال: " يا أم فلان أن الجنة لا تدخلها عجوز " قال: فولت تبكى: فقال " أخبروها أنها لا تدخلها وهى عجوز، إن الله تعالى يقول: {إِنّآ أَنشَأْنَاهُنّ إِنشَآءً* فَجَعَلْنَاهُنّ أَبْكَاراً} (¬3) وعن زيد بن أسلم مرسلا: أن امرأة يقال لها أم أيمن جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت إن زوجي يدعوك قال: من هو؟ أهو الذي بعينه بياض أي يا رسول الله؟ والله ¬

_ (¬1) سورة الواقعة - الآيتان 35 - 36. (¬2) مشكاة المصابيح -كتاب الآداب - باب المزاح -3/ 1370. (¬3) حياة الصحابة - كتاب أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - مزاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 2/ 562.

ما بعينه بياض فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " بل إن بعينه بياضا "، فقالت: لا والله: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " وهل من أحد إلا بعينه بياض " وجاءته امرأة أخرى، فقالت: يا رسول الله! احملني على بعير، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احملوها على ابن بعير، فقالت: ما أصنع ما يحملني يا رسول الله , فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " هل يجئ بعير إلا ابن بعير " وكان مزح معها.

حق الزوجة

حق الزوجة عن أبى هريرة - رضي الله عنه -: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " استوصوا بالنساء خيرا , فإنهن خلقن من ضلع أعوج وإن أعوج شئ في الضلع أعلاه , فإن ذهبت تقيمه كسرته , وإن تركته لم يزل أعوج , فاستوصوا بالنساء" متفق عليه (¬1). وعنه - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن المرأة خلقت من ضلع , لن تستقيم لك علي طريقة، فإن استمتعت بها فاستمتع بها وبها عوج , وان ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها ". رواه مسلم (¬2) وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يفرك مؤمن مؤمنة , إن كره منها خلق ... رضي منها خلق آخر". رواه مسلم (¬3) وعن عائشة (رضي الله عنها) قالت: قال ر سول الله - صلى الله عليه وسلم -:" خيركم، خيركم لأهله , وأنا خيركم لأهلي , وإذا مات صاحبكم فدعوه " رواه الترمذي والدارمي وإسناده صحيح (¬4) عن عبد الله بن زمعة: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم " ¬

_ (¬1) مشكاة المصابيح - كتاب النكاح - باب عشرة النساء 2/ 967. (¬2) المرجع السابق. (¬3) المرجع السابق. (¬4) المرجع السابق 2/ 971.

وفى رواية:" يعمد أحدكم فيجلد امرأته جلد العبد, فلعله يضاجعها في آخر يومه " ثم وعظهم في ضحكهم من الضرطة , فقال: لم يضحك أحدكم مما يفعل".متفق عليه (¬1) وعن لقيط بن صبرة قال , قلت: يا رسول الله! إن لي امرأة في لسانها شئ - يعنى البذاء - قال: " طلقها " قلت إن لي منها ولدا , ولها صحبة. قال: " فمرها " يقول: "عظها فإن يك فيها خير فستقبل ولا تضربن ظعينتك ضربك أميتك" رواه أبوداود (¬2) وعن إياس بن عبد الله , قال , قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تضربوا إماء الله " فجاء عمر إلى رسول - صلى الله عليه وسلم - فقال " ذئرن النساء على أزواجهن , فرخص في ضربهن , فأطاف بآل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساء كثير يشكون أزواجهن , فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن , ليس أولئك بخياركم" رواه أبو داود وابن ماجة والدارمى (¬3). وعن حكيم بن معاوية القشيري , عن أبيه, قال قلت يا رسول الله! ما هو حق زوجة أحدنا عليه؟ قال " أن تطعمها إذا طعمت , وان تكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه, ولا تقبح , ولا تهجر إلا في البيت" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة (¬4) ¬

_ (¬1) المرجع السابق 2/ 968. (¬2) المرجع السابق 2/ 973. (¬3) المرجع السابق 2/ 973. (¬4) المرجع السابق 2/ 972.

حق الزوج

حق الزوج عن حصين بن محصن إن عمة له أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لها:" أذات زوج أنت"؟ قالت: نعم: قال: " فأين أنت منه؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: " فكيف أنت له فإنه جنتك ونارك " رواه أحمد والنسائي والحاكم وقال صحيح الإسناد. (¬1) عن أبى هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لمرت المرأة إن تسجد لزوجها " رواه الترمذى (¬2) وعن أم سلمه قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة ". رواه الترمذى (¬3) وعن طلق بن على: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إذا الرجل دعا زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت علي التنور". رواه الترمذى. (¬4) ¬

_ (¬1) المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح - باب ثواب من زوج لله تعالى ص 494. (¬2) مشكاة المصابيح - كتاب النكاح - باب عشره النساء 2/ 972. (¬3) المرجع السابق. (¬4) المرجع السابق.

وعن أبى هريرة (رضي الله عنه) قال: قيل: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! أى النساء خير؟ قال " التي تسره إذا نظر , وتطيعه إذا أمر, ولا تخالفه فى نفسها ولا مالها بما يكره " رواه النسائي والبيهقى في شعب الإيمان (¬1) عن ثوبان: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أيما امرأة سألت زوجها طلاقا في غير ما بأس , فحرام عليها رائحة الجنة " رواه أحمد , والترمذى , وأبو داود وابن ماجة والدارمي (¬2) قال بعض العلماء: يجب على المرأة دوام الحياء من زوجها , وغض طرفها أمامه , والطاعة لأمره, والسكوت عند كلامه, والقيام عند قدومه أو خروجه, وترك الخيانة له عند غيبته في فراشه أو .... وطيب الرائحة له .... وتعاهد الفم بالسواك والطيب .... ودوام الزينة بحضرته , وتركها في غيبته وإكرام أهله وأقاربه وترى القليل منه كثيرا. (¬3) وكذلك لا تخرج من بيته إلا بإذنه. - - - - - ¬

_ (¬1) المرجع السابق. (¬2) المرجع السابق – باب الخلع والطلاق 2/ 978. (¬3) الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر المكى الهيتمى.

الخدمة

الخدمة - خدمة المرأة لزوجها وأولادها: بعض الأحاديث تدل على وجوب طاعة الزوجة لزوجها، وخدمتها إياه، في حدود استطاعها، قال - صلى الله عليه وسلم -: " لا يحل لامرأة أن تصوم (وفى رواية: لا تصم المرأة) وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه " متفق عليه. قال الإمام النووي (رحمه الله): وسببه أن الزوج له حق الاستمتاع بها في كل الأيام وحقه فيه واجب علي الفور , فلا يفوته تطوع ,ولا بواجب على التراخي (أ. هـ) فإذا وجب على المرأة أن تطيع زوجها في قضاء شهوته منها، فالأولى يجب عليها إطاعته فيما هو أهم من ذلك مما فيه تربية أولادها وصلاح أسرتها ونحو ذلك من الحقوق والواجبات 0 وقال الحافظ في الفتح: وفى الحديث أن حق الزوج آكد على المرأة من التطوع بالخير , لأن حقه واجب .. والقيام بالواجب مقدم على قيام بالتطوع. ومما لا شك فيه أن أول ما يدخل في ذلك الخدمة في منزله , وما يتعلق به من تربية أولاده ونحو ذلك .. وقد اختلف العلماء في ذلك، فقال شيخ الإسلام ابن تيميه (رحمه الله): تنازع العلماء: هل عليها أن تخدمه في مثل فراش المنزل , ومناولة الطعام والشراب , والخبز، والطحن، والطعام لمماليكه، وبهائمه، مثل علف دابته ونحو ذلك؟

فمنهم من قال: لا تجب الخدمة .. وهذا القول ضعيف كضعف من قال لا تجب عليه العشرة والوطء! فإن هذا ليس معاشرة له بالمعروف , بل الصاحب في السفر الذي هو نظير الإنسان وصاحبه في المسكن , إن لم يعاونه على مصلحته , لم يكن قد عاشره بالمعروف. وقيل وهو الصواب: وجوب الخدمة فإن الزوج سيدها في كتاب الله - عز وجل - , وهى عانية عنده بسنه رسول الله (¬1) وعلى العاني والعبد الخدمة، ولأن ذلك هو المعروف. ثم من هؤلاء من قال: تجب الخدمة اليسيرة. ومنهم من قال: تجب الخدمة بالمعروف ... وهذا هو الصواب .. فعليها أن تخدمه الخدمة المعروفة من مثلها لمثله , ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال ... فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية .. وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة. (¬2) وهذا هو الحق إن شاء الله تعالى , أنه يجب على المرأة خدمة البيت , وهو قول مالك وأصبغ كما في الفتح 9/ 418 , وأبى بكر بن أبى شيبة وكذا ¬

_ (¬1) يشير إلى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ... ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم , ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك , إلا أن يأتين بفاحشة مبينة , فإن فعلن , فاهجروهن في المضاجع , واضر بوهن ضربا غير مبرح فان أطعنكم فلا تبغوا علهين سبيلا , ألا لكم على نسائكم حقا , ولنسائكم عليكم حقا , فأما حقكم على نسائكم: فلا يوطئن فرشكم من تكرهون , ولا يأذن في بيوتكم من تكرهون، ألا وحقهن عليكم: أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن " 0 رواه الترمذى وابن ماجة عن عمرو بن الأحوص .. وقول - صلى الله عليه وسلم -: بفاحشة مبينة أي ظاهرة ... وفى النهاية: كل خصلة قبيحة , فهي فاحشة من الأقوال والأفعال .. ولذا قال السندى في حاشيته: والمراد النشوز وشكاسة الخلق , وإيذاء الزوج وأهله باللسان واليد , لا الزنا , إذ لا يناسب قوله: " ضربا غير مبرح "، وهذا الملائم لقوله تعالى {واللاتي تخافون نشوزهن} الآية (¬2) الفتاوى 2/ 234.

الجوزجانى من الحنابلة كما في الاختيارات الفقهية صـ145ـ وطائفة من السلف والخلف كما في الزاد 4/ 46 .. ولم نجد لمن قال بعدم الوجوب دليلاً صالحاً. وقول بعضهم: إن عقدة النكاح , إنما اقتضى الاستمتاع لا الاستخدام مردود بأن الاستمتاع حاصل للمرأة أيضا بزوجها , فهما مستويان في هذه الناحية .. وجعل المهر في مقابلة البضع ومن العلوم أن الله تبارك وتعالى قد أوجب على الزوج شيئا آخر لزوجته , ألا وهو نفقتها وكسوتها ومسكنها , فالعدل يقتضي أن يجب عليها مقابل ذلك شئ آخر أيضا لزوجها وما هو إلا خدمتها إياه , ولا سيما أنه القوام عليها بنص القرآن الكريم .. وإذا لم تقم هي بالخدمة فسيضطر هو إلي خدمتها في بيتها , وهذا يجعلها هي القوامة عليه , وهو عكس للآية القرآنية كما لا يخفى , فثبت أنه لا بد لها من خدمته , وهذا هو المراد ... وأيضا فإن العقود المطلقة إنما تنزل على العرف , والعرف خدمة المرأة لزوجها , وقيامها بمصالح بيتها. وأيضا فإن قيام الرجل بالخدمة يؤدى إلي أمرين متباينين تمام التباين , أن ينشغل الرجل بالخدمة عن السعي وراء الرزق وغير ذلك من المصالح , وتبقى المرأة في بيتها عطلا عن أي عمل يجب عليها القيام به , ولا يخفى فساد هذا في الشريعة التي سوت بين الزوجين في الحقوق , بل وفضلت الرجل عليها درجة ولهذا لم يُزل الرسول - صلى الله عليه وسلم - شكوى ابنته فاطمة عليها السلام حينما: أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى وبلغها أن جاءه رقيق , فلم تصادفه , فذكرت ذلك لعائشة - رضي الله عنه - , فلما جاء , أخبرته عائشة رضي الله عنها , قال علىَّ - رضي الله عنه - فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا , فذهبنا نقوم , فقال: على مكانكما , فجاء فقعد بيني وبينها حتى وجدت برد قدميه على بطني , فقال: " ألا أدلكما على خير مما سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما, أو أويتما إلي فراشكما , فسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين , وكبرا أربعا وثلاثين , فهو خير لكما من خادم " , قال على

: فما تركتها بعد، قيل: ولا ليلة صفين؟ قال: ولا ليلة صفين! 0 متفق عليه 0 فنرى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل لعلىَّ: لا خدمة عليها , وإنما هي عليك وهو - صلى الله عليه وسلم - لا يحابى في الحكم أحدا كما قال ابن القيم في كتابه زاد المعاد 4/ 45 وصح عن أسماء أنها قالت كنت أخدم الزبير خدمة البيت كله , وكان له فرس , وكنت أسوسه , وكنت أحتش له , وأقوم عليه. رواه أحمد0 وصح عنها أيضا: أنها كانت تعلف فرسه وتسقى الماء , وتخرز الدلو , وتعجن , وتنقل النوى على رأسها في أرض له على ثلثي فرسخ. رواه أحمد 0 ولما رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أسماء وهى تحمل العلف على رأسها , لم يقل للزبير: لا خدمة عليها , وإن هذا ظلم لها بل أقره لاستخدامها , وأقر سائر أصحابه على استخدم أزواجهن مع علمه بأن منهن الكارهة والراضية , هذا أمر لا ريب فيه. ولا يصلح التفرقة بين شريفة ودنيئة , وفقيرة وغنية، فهذه أشرف نساء العالمين " فاطمة (رضي الله عنها) " كانت تخدم زوجها وجاءته - صلى الله عليه وسلم - تشكو إليه الخدمة وليس فيما سبق من وجوب خدمة المرأة زوجها ما ينافى استحباب مشاركة الرجل لها في ذلك إذا وجد الفراغ والوقت المناسب , بل هذا من حسن المعاشرة بين الزوجين ولذلك قالت السيدة عائشة (رضي الله عنها): وكان - صلى الله عليه وسلم - يكون في مهنة أهله , يعنى خدمة أهله , فإذا حضرت الصلاة خرج إلي الصلاة "رواة البخاري والترمذى" (¬1) ¬

_ (¬1) انظر زاد المعاد لابن القيم 4، 45 – الفتاوى لابن تيميه 2/ 234 – آداب الزفاف في السنة المطهرة للألباني.

- خدمة المرأة لجيرانها: وهو أمر مستحب، وليس بواجب، عند نزول النوائب، فعن عبد الله بن أبى بكر - رضي الله عنه - قال: لقد أدركت الناس بالمدينة إذا مات ميت , تكلف جيرانهم يومهم ذلك طعامهم , فكأني أنظر إليهم قد خبزوا خبزا صغارا , وصنعوا لحما فيجعل في جفنة، ثم يأتون به أهل الميت , وهم يبكون على ميتهم مشتغلين فيأكلونه , ثم إن الناس تركوا ذلك. (¬1) - خدمة المرأة للضيوف: لا بأس أن تقوم المرأة على خدمة الضيوف إذا كانت مستترة آمنة للفتنة , فسارة وإبراهيم عليهما السلام كانا يخدمان الضيوف معا، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىَ قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ * فَلَمّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنّا أُرْسِلْنَا إِلَىَ قَوْمِ لُوطٍ * وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} (¬2) يقول ابن كثير (رحمه الله) نقلا عن السدى: لما بعث الله الملائكة لقوم لوط أقبلت تمشى في صور رجال شبان، حتى نزلوا علي إبراهيم فتضيفوه فلما ¬

_ (¬1) تاريخ الإسلام للذهبي – غزوة مؤتة 1/ 451. (¬2) سورة هود – الآيات من 69 – 71.

رآهم أجلهم {فراغ إلى أهله فجاء} " فذبحه ثم شواه في الرضف وأتاهم به فقعد معهم , وقامت سارة تخدمهم فذلك قوله: {وامرأته قائمة} وهو جالس. وفى حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: لما عرس أبو أسيد الساعدى دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه , فما صنع لهم طعاما , ولا قدمه إليهم , إلا امرأته أم أسيد , بلت (¬1) تمرات في تور (¬2) من حجارة من الليل فلما فرغ النبي - صلى الله عليه وسلم - من الطعام أماثته (¬3) له فسقته , تتحفه بذلك فكانت امرأته يومئذ خادمهم وهى العروس " (¬4). - يقول الحافظ ابن حجر في الفتح: وفى الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه ولا يخفى أن محل ذلك عند أمن الفتنة , ومراعاة ما يجب عليها من الستر وجواز استخدام الرجل امرأته في مثل ذلك , وشرب ما لا يسكر في الوليمة وفيه جواز إيثار كبير القوم في الوليمة بشيء دون من معه. وعن أبى هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني مجهود , فأرسل إلى بعض نسائه , فقالت: والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء , ثم أرسل إلي أخرى فقالت مثل ذلك , حتى قلن كلهن مثل ذلك , لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - من يضيف هذا الليلة؟ فقال رجل من الأنصار: أنا ¬

_ (¬1) أي نقعت. (¬2) يعنى إناء. (¬3) أي مرسته بيدها. (¬4) رواه البخاري ومسلم وابن ماجة والطبراني في الأوسط والبغوى في شرح السنة وابن عوانة في صحيحه والبخاري في الأدب المفرد.

يا رسول الله , فانطلق به إلى رحله فقال لامرأته: أكرمي ضيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفى رواية: قال لامرأته: هل عندك شئ؟ قالت لا , إلا قوت صبياني. قال فعلليهم بشيء وإذا أرادو العشاء فنوميهم وإذا دخل ضيفنا فاطفئي السراج وأريه أنا نأكل فقعدوا وأكل الضيف وباتا طاويين , فلما أصبح غدا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " لقد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة " 0 متفق عليه. (¬1) - - - - - ¬

_ (¬1) رياض الصالحين - باب الإيثار والمواساة صـ257 ـ.

رفقا بالقوارير

رفقا بالقوارير عن أنس رضي الله عنه، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره وغلام أسود يقال له أنجشة يحدو، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يا أنجشة رويدك سوقا بالقوارير" وفي رواية: " رويدا يا أنجشة لا تكسر القوارير " (¬1) قال العلماء: سماهم القوارير لضعف عزائمهن، تشبيها بقارورة الزجاج لضعفها وإسراع الانكسار إليها0 وقيل معناه: أن أنجشة كان حسن الصوت، وكان يحدو بهن وينشد شيئا مت القريض والرجز، وما فيه تشبيب، فلم يأمن أن يفتنهن ويقع في قلوبهن حداؤه، فأمره بالكف عن ذلك0 وقيل: أن المراد به الرفق في السير لأن الإبل إذا سمعت الحداء أسرعت في المشي واستلذته فأزعجت الراكب وأتعبته، فنهاه عن ذلك لأن النساء يضعفن عن شدة الحركة ويخاف ضررهن وسقوطهن .. وهذا من رحمته - صلى الله عليه وسلم - بالنساء 0 فوائد الحديث: 1) جواز السفر بالنساء0 2) مباعدة النساء عن الرجال ومن سماع كلا منهم إلا الوعظ ونحوه0 (¬2) - - - - - ¬

_ (¬1) صحيح مسلم شرح النووي - 15/ 81، والمعلم بفوائد مسلم 2/ 306. (¬2) المرجع السابق

أفراحنا

أفراحنا عن نبيط بن جابر عن جدته أم نبيط، قالت: أهدينا جارية لنا من بني النجار إلي زوجها، فكنت مع نسوة من بني النجار، ومعي دف أضربه وأنا أقول: أتيناكم أتيناكم ... فحيونا نحييكم ولولا الذهب الأحمر ... لما حلت بواديكم قالت: فوقف علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " ما هذا يا أم نبيط؟ " فقلت: بابي أنت وأمي يا نبي الله!، جارية منا من بني النجار نهديها إلي زوجها، قال: " فتقولين ماذا؟ " قالت: فأعدت عليه قولي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " قولي: ولولا الحنطة السمراء لما سمنت عذاريكم (¬1) 0 وعن أم علقمة: أن بنات أخي عائشة، خُتِنًّ، فقيل لعائشة: ألا ندعو لهن من يلهيهن، قالت: بلي، فأرسلت إلي عدي، فأتاهن، فمرت عائشة في البيت فرأته بتغني ويحرك رأسه طربا - وكان ذا شعر كثير - فقالت: أف، شيطان!!! أخرجوه .. أخرجوه (¬2) 0 ¬

_ (¬1) الإصابة في تمييز الصحابة 8/ 315. (¬2) رواه البخاري في الأدب المفرد- باب اللهو في الختان ص 302، والبيهقي والمزي في التهذيب، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة0

أختي المسلمة: هل تحبين أن تتأسين بأمك الصديقة بنت الصديق عائشة (رضي الله عنها)، لتحشرين معها وتدخلين مدخلها؟ فما بالك لو كانت الصديقة بيننا، فرأت الراقصات العاريات، والمغنيات الفاجرات؟ فما تظنين ماذا كانت تفعل؟ - - - - -

بنات الصالحين

بنات الصالحين روى الإمام البيهقى فى دلائل النبوة عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: بينما أنا قابلة قد ألقيت على ملحفة إذ جاءنى أسود يعالجنى عن نفسي، قالت: فبينما هو يعالجنى عن نفسى أقبلت صحيفة من ورق صفراء تهوى من السماء حتى وقعت عنده فقرأها فإذا فيها بسم الله الرحمن الرحيم " من رب لكين إلى لكين " أما بعد فدع أمتى بنت عبدى الصالح، وقال: أولى لك فما زالت القرصة فيها حتى لقيت الله - عز وجل - وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: كانت ابنة عوف بن عفراء، مستلقية على فراشها فما شعرت إلا بزنجى قد وثب على صدرها ووضع يده فى حلقها فإذا صحيفة صفراء تهوى من السماء إلى الأرض حتى وقعت على صدرها فأخذها منها الزنجى فقرأها فإذا فيها من رب كعب إلى كعب اجتنب ابنة العبد الصالح فإنه لا سبيل لك عليها فقام وأرسل يده من حلقى وضرب بيده على ركبتى فاسودت حتى صارت مثل رأس الشاة .. قال فحفظها الله بأبيها إنه كان قتل يوم بدر شهيدا. عن يحى بن سعيد: لما حضرت عمرة بنت عبد الرحمن بن سعيد الفقيه سيدة نساء التابعين لما حضرتها الوفاة اجتمع عندها ناس من التابعين منهم عروة والقاسم بن محمد وأبو سلمة بينما هم عندها وقد أغمى عليها إذ سمعوا نقضا من السقف فإذا ثعبان أسود قد سقط كأنه جذع عظيم فأقبل يهوى نحوها إذا سقط رق

أبيض فيه مكتوب بسم الله الرحمن الرحيم من رب كعب إلى كعب ليس لك على بنات الصالحين سبيل فلما نظر إلى الكتاب سما حتى خرج من حيث نزل (¬1). - - - - - ¬

_ (¬1) سبل الهدى والرشاد فى سيرة خير العباد للصالحي.

قدرة المرأة العقلية

قدرة المرأة العقلية وقد حكت لنا كتب السير والتاريخ عن قدرة المرأة العقلية وذكائها فهذه أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها لما هاجر رسول الله من مكة وكان معه أبو بكر الصديق فحمل معه جميع ماله، تقول أسماء: فأتاني جدي أبو قحافة وقد عَمِيَ فقال: إن هذا فجعكم بماله ونفسه. فقلت: كلا قد ترك لنا خيراً كثيراً فعمدت إلى أحجار فجعلتها في كوة البيت وغطيت عليها بثوب ثم أخذت بيده ووضعتها على الثوب فقلت: هذا ما تركه لنا فقال: أما إذا ترك لكم هذا فنعم. وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها فقيهة محدثة تنظم الشعر أيضاً , ويروي الشعبي فيقول: (قيل لعائشة رضي الله عنها يا أم المؤمنين هذا القرآن تلقيته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك الحلال والحرام. وهذا الشعر والنسب والأخبار سمعتها عن أبيك وغيره فما بال الطب؟ قالت: كانت الوفود تأتي رسول صلى الله عليه وسلم فلا يزال الرجل يشكو علته فيسأل عن دوائها فيخبره بذلك فحفظت ما كان يصفه وفهمته. - - - - -

جرأة وشجاعة

جرأة وشجاعة كانت المرأة في صدر الإسلام عندها الجرأة والشجاعة، بسبب إيمانها، فكانت تتصدي للحكام، وتقفُ في وجوههم لتقول كلمة الحق فهذه أسماء بنت أبي بكر يدخل عليها الحجاج عندما قتل ولدها عبد الله بن الزبير فيقول لها: كيف رأيتني صنعت بعدو الله؟ قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك، بلغني أنك تقول له: يا ابن ذات النطاقين أما أحدهما فكنت أرفع به طعام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطعام أبى بكر من الدواب وأما الآخر فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه، أما إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدثنا أن في ثقيف كذابا، ومبيراً، فأما الكذاب فرأيناه، وأما المبير فلا إخالك إلا إياه قال: فقام عنها ولم يراجعها. رواه مسلم (¬1) وفي البداية والنهاية لابن كثير: يدخل عليها الحجاج بن يوسف بعد ما قتل ابنها عبد الله بن الزبير، وقد صلبه على جذع فوق الثنيّة- فقال: أرأيتِ كيف نصر الله الحق وأظهره فقالت: ربما أديل الباطل على الحق وأهله وإنك بين فرثها والجنة فقال: إن ابنك ألحد فى هذا البيت، وقد قال الله تعالى: "ومن يرد فيه بإلحاد بظلم ندقه من عذاب أليم" وقد أذاقه الله ذلك العذاب الأليم، قالت: كذبت كان أول مولود فى الإسلام بالمدينة، وسُرَّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم وحنَّكَه بيده وكبَّر المسلمون يومئذ حتى ارتجَّت المدينة فرحًا به، وقد فرحت أنت وأصحابك بمقتله، فمن كان فرح يومئذ بمولده خير منك ومن أصحابك، وكان مع ذلك برًّا بالوالدين صوَّامًا قوَّامًا بكتاب الله معظّمًا لحرم الله؛ يبغض من يعصي الله عز ¬

_ (¬1) صحيح مسلم - شرح النووي 16/ 99.

وجل، أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم لسمعته يقول: سيخرج من ثقيف كذّابان الآخر منهما شرٌّ من الأول، وهو مبير فانكسر الحجاج وانصرف (¬1). وأخرج سعيد بن منصور وأبو يعلى بسند جيد عن مسروق قال: ركب عمر بن الخطاب المنبر ثم قال: أيها الناس ما إكثاركم في صداق النساء، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وإنما الصدقات فيما بينهم أربعمائة درهم فما دون ذلك، ولو كان الإكثار في ذلك تقوى عند الله أو مكرمة لم تسبقوهم إليها، فلا أعرفن ما زاد رجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم. ثم نزل فاعترضه امرأة من قريش فقالت له: يا أمير المؤمنين نهيت الناس أن يزيدوا النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم؟ قال: نعم. فقالت أما سمعت ما أنزل الله يقول {وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً} (¬2) فقال: اللهم غفرانك. . .! كل الناس أفقه من عمر. ثم رجع فركب المنبر فقال: يا أيها الناس إني كنت نهيتكم أن تزيدوا النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قال عمر بن الخطاب: لا تغالوا في مهور النساء. فقالت امرأة ليس ذلك لك يا عمر، إن الله يقول {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا} من ذهب. قال: وكذلك هي في قراءة ابن مسعود فقال عمر: إن امرأة خاصمت عمر فخصمته. ¬

_ (¬1) البداية والنهاية 8/ 335 (¬2) سورة النساء _ الآية 20

وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن عبد الله بن مصعب قال: قال عمر: لا تزيدوا في مهور النساء على أربعين أوقية، فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال. فقالت امرأة: ما ذاك لك. . . قال: ولم. . .؟ قالت: لأن الله يقول {وآتيتم إحداهن قنطارا. . .} الآية. فقال عمر: امرأة أصابت ورجل أخطأ (¬1). - - - - - ¬

_ (¬1) الدر المنثور في التفسير بالمأثور _ تفسير الآية 20 من سورة النساء.

ورع وتقوي

ورع وتقوى!!! دخل أحد السلف إحدى المزارع، وكان جائعا فشدته نفسه لأن يأكل وبدأت المعدة تقرقر، فنظر في الأشجار فرأي تفاحة فمد يده إليها ثم أكل نصفها ثم انتبه من غفلته بسبب الجوع، وقال لنفسه: ويحك! كيف تأكل من ثمار غيرك بدون استئذان، وأقسم ألا يرحل حتى يدرك صاحب المزرعة، يطلب منه أن يحلله من هذه التفاحة، فبحث عنه حتى دُل علي داره، فطرق عليه الباب، فلما خرج صاحب المزرعة، قال له: دخلت بستانك الذي بجوار النهر وأخذت هذه التفاحة وأكلت نصفها ثم تذكرت أنها ليست لي وأريد منك أن تعذرني وتسامحني. فقال صاحب المزرعة: أسامحك بشرط. قال: وما هو هذا الشرط. قال صاحب المزرعة: أن تتزوج ابنتي .. قال أتزوجها! قال صاحب المزرعة: ولكن ابنتي: عمياء لا تُبصر، خرساء لا تتكلم، صماء لا تسمع. فأخذ يفكر .. ماذا أفعل؟ ثم علم أن الابتلاء بهذه المرأة وشأنها وترتيبها وخدمتها خير من نار جهنم جزاء ما أكل من التفاح .. فقبل الزواج .. ثم جاء يوم الزفاف وقد غلب عليه الهَمَّ .. فلما دخل عليها .. فإذا بها تقوم إليه وتقول له: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. فلما نظر إليها تخيل أن أمامه حورية من حور العين في الجنة. قال بعد صمت: ماذا؟ إنها تتكلم .. وتسمع .. وتبصر!!! ثم أخبرها بما قال عنها أبوها، قالت صدق أبي، ولم يكذب. قال: اصدقيني الخبر.

قالت: أبي قال عني إني خرساء لأنني لم أتكلم بكلمة حرام، ولا أتلكم مع رجل لا يحل لي .. وإنني صماء لأنني ما جلست في مجلس فيه غيبة ونميمة ولغو .. وإنني عمياء .. لأنني لم أنظر إلي أي رجل لا يحل لي 0 أتدري من هذا الرجل الورع؟؟؟ إنه ثابت بن النعمان (رحمه الله) .. وقد أنجب من هذه المرأة التقية الإمام العالم الورع التقي الزاهد أبو حنيفة النعمان الذي ملأ علمه طباق الثري. - - - - -

رسالة من عالم

رسالة من عالم يقول الدكتور عائض القرني: قبل أن أنام بلحظات وأنا على الفراش قبل كم ليله التفت إلى زوجتي وتأملت شكلها وهي نائمة فقلت في نفسي: المسكينة بعد أن عاشت بين أبويها وأهلها سنين جاءت لتنام بجانب رجل غريب عنها وتركت بيت الوالدين وتركت الدلع على الوالدين وتركت التمتع في بيت أهلها وجاءت إلى رجل يأمرها بالمعروف وينهاها عن المنكر وتخدمه في ما يرضي الله وكل ذلك بأمر الدين .. سبحان الله. ومن ثم تساءلت بيني وبين نفسي: كيف هان على بعض الرجال أن يضربوا زوجاتهم بكل قسوة بعد أن تركت بيت أهلها وأتت إليه؟. كيف هان على بعض الرجال أن يخرج مع الصحبة ويذهب إلى المطاعم ويأكل ولا يبالي بمن في بيته؟. كيف هان على بعض الرجال أن يجعل مدة جلوسه خارج البيت أكثر من جلوسه مع زوجته وأبناءه؟. كيف هان على بعض الرجال أن يجعل البيت سجن لزوجته لا يخرجها ولا يأتنس معها؟. كيف هان على بعض الرجال أن يجعل زوجته تنام وفي قلبها قهر على شئ ما وفي عينها دمعة تخنقها؟. كيف هان على بعض الرجال أن يسافر ويترك زوجته وأولاده ولا يبالي بمصيرهم في مدة غيابه؟.

حسن الأخلاق

كيف هان على بعض الرجال أن يمشي مع إمرأة غريبة وزوجته الطاهرة في البيت تنتظره؟. كيف هان على بعض الرجال التخلي عن مسئوليته التي سيسأل عنها كما أخبرنا الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟. كيف هان على بعض الرجال أن يرى زوجته تعمل وتصرف عليه وهو في البيت يأكل ويشرب بدون مبالاة يارب اجعلني اتقي فيك زوجي واجعل زوجي يتقيك في. حسن الأخلاق قال تعالي: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (¬1) حسن الأخلاق بين كلا الزوجين، تورث المودة والمحبة بينهما، حتي ولو كانا في حال الفراق، وهذا ما حدث بين الحسن بن علي رضي الله عنهما، وزوجته عائشة الخثعمية، عندما أُصيب علي بن أبي طالب، بُويع الحسن بالخلافة، قالت له: لتهنك الخلافة يا أمير المؤمنين! فقال: يُقتل علي وتظهرين الشماتة؟ اذهبي فأنت طالق ثلاثا، قال: فتلفعت بجلبابها، وقعدت حتى انقضت عدتها، فبعث إليها ¬

_ (¬1) سورة النساء _ الآية 190

مكارم الأخلاق

بعشرة آلاف متعة، وبقية ما بقي من صداقها، فقالت: متاع قليل من حبيب مفارق، فلما أخبره الرسول، بكي وقال: لولا أني أبنت الطلاق لها لراجعتها0 رواه الدارقطني عن سويد بن غفلة0 مكارم الأخلاق تخاصم رجل وزوجته في نفقة .. فقال القاضي للمرأة .. قومي واكشفي عن وجهك .. فقال الرجل لماذا؟!! قال القاضي: ليراها الشهود وهى سافرة عن وجهها، فقال الرجل: ما ادعته علىَّ فهو حق .. فقالت المرأة: أنا برأت هذا الرجل من مهري في الدنيا والآخرة. فقال القاضي: يكتب ذلك في مكارم الأخلاق.

مركبان (الشكر، والصبر)

مركبان الشكر والصبر كانت امرأة عمران بن حطان من أجمل الناس وجها، وكان هو من أقبح الناس وجها , فقال لها يوما: أنا وإياك في الجنة إن شاء الله تعالى ... فقالت له: وكيف ذلك؟ فقال: لأني أعطيت مثلك فشكرت ... وأعطيت مثلى فصبرت ... والصابر والشاكر في الجنة (¬1) ¬

_ (¬1) المستطرف في كل فن مستظرف.

الرضا

الرضا o قال الأصمعي: رأيت بدوية من أحسن الناس وجها، ولها زوج قبيح، فقلت: يا هذه، أترضين أن تكوني تحت هذا؟ فقالت: يا هذا لعله أحسن فيما بينه وبين ربه، فجعلني ثوابه، وأسأت فيما بيني وبين ربي فجعله عذابي، أفلا أرضي بما رضي الله به؟ 0 لله درك من امرأة لبيبة عاقلة مؤمنة تقية راضية، موقنة، بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ارض بما قسمه الله لك تكن أغني الناس " (¬1) o وقيل لأعرابية ظريفة: ما بال شفتيك مشققة؟ فقالت: إن التين إذا حلا تشقق، والورد يتشقق إذا مسه الندي. ما أحلاها من كلمات مملوءة بالرضا .. (¬2) - - - - - ¬

_ (¬1) المستطرف في كل فن مستظرف ص 503. (¬2) المرجع السابق ص476

إنصاف البنات

إنصاف البنات دخل عمرو بن العاص - رضي الله عنه - على معاوية - رضي الله عنه - وعنده ابنته عائشة , فقال: من هذه ياأمير المؤمنين؟ قال: هذه تفاحة القلب. فقال عمرو: انبذها عنك، فإنهن يلدن الأعداء , ويقربن البعداء، ويورثن الضغائن. قال معاوية: لا تقل يا عمرو ذلك، والله ما مرض المريض , ولا ندب الموتى , ولا أعان على الإخوان إلا هن. فقال عمرو: يا أمير المؤمنين إنك حببتهن إلىَّ (¬1) رفيدة الأنصارية كانت رضي الله عنها، تخرج للمعركة لتداوي الجرحى وتسقي العطشى فكان لها خيمة تداوي فيها الجرحى وتحتسب ذلك عند ربها , وعندما أصيب سعد بن معاذ في معركة الخندق قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " اجعلوه في خيمة رفيدة حتى أعوده من قريب ". ¬

_ (¬1) المستطرف في كل فن مستظرف.

أم عطية الأنصارية

أم عطية الأنصارية قالت (رضي الله عنها): غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات أخلفهم في رحالهم وأصنع لهم الطعام. رواه مسلم. أم الدرداء الصغرى هجينة بنت يحيى الوصابية: روت علماً جماً عن زوجها أبي الدرداء وعن سلمان الفارسي وعن عائشة وعن أبي هريرة؛ وعرضت القرآن على أبي الدرداء واشتهرت بالعلم والعمل وكانت تقية زاهدة؛ عاشت طويلاً حتى أدركت خلافة عبد الملك بن مروان، وكان مرة جالسًا في صخرة بيت المقدس وأم الدرداء جالسة معه حين نودي لصلاة المغرب فقام وقامت تتوكأ عليه حتى دخل بها المسجد وكانت عالمة فقيهة يجلس إليها الرجال فيقرأون عليها وكان عبد الملك بن مروان يستمع إليها.

أم البنين

أم البنين أخت عمر بن عبد العزيز (رحمهما الله) كانت تعتق في كل جمعة رقبة، وتحمل على فرس في سبيل الله - عز وجل - 00ومن أقوالها: - أف للبخلٍ , لو كان قميصا ما لبسته , ولو كان طريقا ما سلكته 0 - ما تحلى المتحلون بشيء أحسن عليهم من عظم مهابة الله - عز وجل - في صدورهم. - جعل لكل قوم نهمة في شئ وجعلت نهمتى في البذل والإعطاء .. والله للصلة والمواساة أحب إلى من الطعام الطيب على الجوع , ومن الشراب البارد على الظمأ .. وهل ينال الخير إلا باصطناعه. (¬1) - عمرة تلميذة عائشة عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية الفقيهة، تربية عائشة وتلميذتها، روى القاسم بن محمد أنه قال: أتيتها - لطلب العلم- فوجدتها بحرًا لا ينزف (¬2). ¬

_ (¬1) صفة الصفوة 4/ 174. (¬2) سير أعلام النبلاء 4/ 508.

ذكر الله جل جلاله

ذكر الله جل جلاله - أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضى الله عنها: عن ابن عباس رضى الله عنهما، عن جويرية رضى الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهى جالسة فقال: " مازلت على الحال التي فارقتك عليها " فقالت: نعم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن، سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته "رواه مسلم. (¬1) انظروا إلى هذه المرأة الجليلة أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضى الله عنها كيف جلست من بعد صلاة الصبح في مسجدها (أي موضع صلاتها) , حتى الضحى وهى تذكر - عز وجل - .. تركها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهى تذكر ربها ثم رجع وهى على تلك الحال ... فكم كانت قلوبهم متعلقة بذكر الخالق العظيم حيث لا يفترون عن ذكره .. نسأل الله - عز وجل - أن يجعلنا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم شرح النووي 17/ 44.

صوامة قوامة

صوامة قوامة عن قيس بن زيد، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلق صفية بنت عمر فدخل عليها خالها حذافة وعثمان ابنا مظعون , فبكت وقالت: والله! ما طلقني عن سبع , فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتجليت فقال لي: قال لي جبريل: راجع صفية , فإنها صوامة قوامة , إنها زوجك في الجنة. وعن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلق حفصة تطليقة , فأتاه جبريل - عليه السلام - فقال: يا محمد طلقت صفية؟ وهى صوامة قوامة وهى زوجتك في الجنة 0 (¬1) لما كانت أم المؤمنين حفصة رضى الله عنها لها حال مع الله - عز وجل - في الصيام والقيام ... فهذا الحال جعل الله - عز وجل - يذكرها في حال شدتها وحاجتها، ويرسل جبريل عليه السلام ليأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يراجعها ويذكر له هاتين الصفتين التي أحبها الله - صلى الله عليه وسلم - بهما " إنها صوامة قوامة ". أختي المسلمة اسألي الله - عز وجل - أن يرزقك هاتين الصفتين. ¬

_ (¬1) المرجع السابق.

غيرة عائشة

غيرة عائشة عن عائشة (رضي الله عنها) قالت: لما كانت ليلتي التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها عندي انقلب فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعها عند رجليه، وبسط طرف إزاره علي فراشه، فأضجع فلم يلبث إلا ريثما ظن أن قد رقدت، فأخذ رداءه رويداً، وانتعل رويدا، وفتح الباب ثم أجافه رويدا، فجعلت درعي في رأسي، واختمرت وتقنعت إزاري، ثم انطلقت علي إثره، حتى جاء البقيع فقام فأطال القيام، ثم رفع يديه ثلاث مرات ثم انحرف فانحرفت، فأسرع فأسرعت، فهرول، فهرولت، فأحضر فأحضرت ـ أي عدا فعدوت ـ فسبقته فدخلت فليس إلا أن اضجعت فدخل، فقال: مالك يا عائشة حشيا رابية ـ أي تضطرب بطنك كالتي أرهق الربو أحشائها ـ قالت: قلت: لا شيء. قال: " تخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير، قالت: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي، فأخبرته، فقال:" فأنت السوادُ الذي رأيتُ أمامي "؟ قالت: نعم، فلهدني (ضربني بمجمع كفه في صدري لهدة أوجعتني، ثم قال: " أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟ قالت: مهما يكتم الناس يعلمه الله؟ قال:" نعم، فإن جبريل أتاني حين رأيت فناداني فأخفاه منك ـ أي أخفى النداء ـ فأحببته فأخفيته منك، ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك، وظننت أن قد رقدت فكرهت أن أوقظك، وخشيت أن تستوحشي، فقال: ـ أي جبريل ـ: إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم " قالت: قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: " قولي: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون " رواه مسلم.

ما أرفقك بزوجك يا رسول الله!!! حيث خرجت برفق وقد ظننت أن أم المؤمنين نائمة فخشيت أن توقظها، وبعد عودتك من البقيع ما منعك ما رأيت منها أن تدللها بقولك " مالك يا عائش؟ " ما أعظم حسن عشرتك وصدق الله حيث مدح أخلاقك فقال " وإنك لعلى خلق عظيم. وما أذكى أم المؤمنين عائشة حين علمت أن الأمر ليس كما كانت تظن فغيرت بذكاء مجرى الحديث والحوار والعتاب بطريقة طيبة مهذبة مملوءة باللهفة للتعليم .. واستجاب لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلمها. أربعة وأربعة أربعة من النساء في الجنة، وأربعة في النار وذكر من الأربعة اللواتي في الجنة امرأة عفيفة، طائعة لله ولزوجها، ولودا صابرة، قانعة باليسير مع زوجها، ذات حياء، إن غاب عنها زوجها حفظت نفسها وماله، وان حضر أمسكت لسانها عنه , وامرأة مات عنها زوجها ولها أولاد صغار فحبست نفسها على أولادها وربتهم وأحسنت إليهم ولم تتزوج خشية أن يضيعوا. وأما اللواتي في النار: فامرأة بذيئة اللسان على زوجها، إن غاب عنها لم تصن نفسها، وان حضر آذته بلسانها .. وامرأة تكلف زوجها مالا يطيق .. وامرأة لا تستر نفسها من الرجال، وتخرج من بيتها متبرجة .. وامرأة ليس لها هَمَّ إلا

خمس بخمس

الأكل والشرب والنوم، وليس لها رغبة في صلاة، ولا في طاعة الله - عز وجل -، ولا طاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولا طاعة زوجها. o وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أربع من السعادة: المرأة الصالحة والمسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهنيء, وأربع من الشقاء: المرأة السوء والجار السوء والمركب السوء والمسكن الضيق". (¬1) خمس بخمس ذكر الحارث ابن أسد المحاسبي وأصبغ، وخلف بن القاسم، وجماعة عن سعيد بن مسلمة قال: بينما امرأة عند عائشة إذ قالت: بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي أن لا أشرك بالله شيئا، ولا أسرق، ولا أزني، ولا أقتل ولدي، ولا آتي ببهتان أفتريه بين يدي ورجلي، ولا أعصي في معروف، فوفيت لربي .. فو الله لا يعذبني الله. فأتاها في المنام ملك فقال لها: كلا، إنك تتبرجين، وزينتك تبدين، وخيرك تكندين، وجارك تؤذين، وزوجك تعصين، ثم وضع أصابعه الخمس علي وجهها ¬

_ (¬1) صحيح الجامع الصغير رقم 887 وصححه الألباني. 2) كتاب الروح لابن القيم - صـ0252

نسيان الجميل

وقال: خمس بخمس .. ولو زدت زدناك .. فأصبحت وأثر الأصابع في وجهها. (¬1) نسيان الجميل عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أضحي أو فطر، إلي المصلى، فمر على النساء، فقال: " يا معشر النساء! تصدقن، فإني أريتكُن أكثر أهل النار " فقلن: وبما يا رسول الله؟ قال: " تكثرن اللعن وتكفرن العشير، ما رأيت ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن " قلن: ما نقصان ديننا وعقلنا؟ قال: " أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ " قلن: بلى 0 قال: " أليس إذا حاضت لم تُصل ولم تصم؟ " قلن: بلي 0 قال: " فذلك من نقصان دينها " متفق عليه (¬2) وفى صلاة الخسوف: قالوا: يا رسول الله! رأيناك تناولت شيئا في مقامك هذا؟ ثم رأيناك تكعكعت (أي تأخرت)، فقال: " إني رأيت الجنة، فتناولت منها عنقودا، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت النار فلم أر كاليوم منظرا قط أفظع، ¬

_ (¬1) كتاب الروح لابن القيم - صـ0252 (¬2) مشكاة المصابيح - كتاب الإيمان 1/ 14

ورأيت أكثر أهلها النساء " قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: " بكفرهن " قيل: يكفرن بالله؟ قال: " يكفُرن العشير ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلي إحداهُن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت: ما رأيت منك خيراً قط " متفق عليه (¬1) 0 وكانت الخيرزان جارية اشتراها الخليفة المهدي من النخاس وأعتقها وتزوجها، وأنفذ أمرها، وأعقد لولديها بولاية العهد .. فكانت إذا غضبت، تقول له في وجهه: ما رأيت منك خيراً قط!!! 0 واشتري المعتمد بن عباد (ملك المغرب) جارية فأعتقها، وجعلها ملكة، وحين رأت الجواري يلعبن في الطين، حنت لماضيها، فاشتهت أن تلعب في الطين مثلهن، فأمر أن يوضع لها طيب لا يحصى علي شكل طين، فخاضت فيه ولعبت، فكانت إذا غضبت منه، قالت له: ما رأيت منك خيرا قط!!! .. فيتبسم ويقول لها: ولا يوم الطين؟!!! 0 صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. ولكن هي طبيعة المرأة، فلا بأس أن تتذكر بعد أن تنسى، وتعرف جميل زوجها فمن لم يشكر الناس ويعرف حقوقهم، لم يشكر الله عز وجل .. وعدم شكر المرأة لزوجها يستوجب سخط الله عليها، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لا ينظر الله إلي امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه " 0 (¬2). ¬

_ (¬1) المرجع السابق كتاب الصلاة - باب الخسوف 1/ 0468 (¬2) رواه الحاكم في المستدرك 4/.174

المرأة السوء

المرأة السوء o المرأة السوء غل يلقيه الله - عز وجل - في عنق من يشاء من عباده. وقيل لأعرابي (كان ذا تجربة بالنساء): صف لنا شر النساء، فقال: شرهن النحيفة الجسم القليلة اللحم .. المحياض ... الممراض .. المصفرة .. الميشومة .. العسرة .. المبشومة .. السلطة .. البطرة .. النفرة .. السريعة .. الوثبة ... كأن لسانها حربة .. تضحك من غير عجب .. وتبكى من غير سبب .. وتدعو على زوجها بالحرب .. أنف في السماء وإست في الماء .. عرقوبها حديد .. منتفخة الوريد .. كلامها وعيد .. وصوتها شديد .. تدفن الحسنات .. وتفشى السئات .. تعين الزمان على بعلها، ولا تعين بعلها على الزمن .. ليس في قلبها عليه رأفة .. ولا عليها منه مخافة .. إن دخل خرجت , وإن خرج دخلت .. وان ضحك بكت .. وان بكى ضحكت .. وإن طلقها كان حربته .. وإن أمسكها كانت مصيبته .. سعفاء ورهاء .. كثيرة الدعاء .. قليلة الإرعاء .. تأكل لما .. وتوسع ذما .. صخوب غضوب .. بذية دنية .. ليس تطفأ نارها .. ولا يهدأ إعصارها .. ضيقة الباع مهتوكة القناع .. صبيها مهزول .. وبيتها مزبول .. إذا حدثت تشير بالأصابع .. وتبكي في المجامع .. باديةٌ من حجابها .. نباحة على بابها .. تبكي وهي ظالمة .. وتشهد وهي غائبة .. قد ذل لسانها بالزور .. وسال دمعها بالفجور. o وقيل في وصف المرأة السوء: امرأة سمعنة نظرنة. . وهي التي إذا تسمعت أو تبصرت فلم تر شيئاً تظننت تظنناً.

o قال أعرابي: مفنة معنة كالذئب وسط العنه إلا تره تظنه. o وقيل المرأة السوء على بعلها كالحمل الثقيل على الشيخ الكبير. o وفي حكمة داود: المرأة السوء مثل شرك الصياد، لا ينجو منها إلا من رضي الله عنه. o وقيل البلاء كله موكلاً بالقرينة السوء التي لا تسكن النفس إلى كريم عشرتها ولا تقر العين برؤيتها. o وعن عروة بن الزبير قال: ما رفع أحد نفسه بعد الإيمان بالله بمثل منكح صدق ولا وضع أحدٌ نفسه بعد الكفر بالله بمثل منكح سوء. o وفي حكمة سليمان بن داود عليهما السلام: المرأة العاقلة تبني بيتها والسفيهة تهدمه. o وقال: الجمال كاذب والحسن مختلف وإنما تستحق المدح المرأة الموافقة. o وقال بعضهم: لقد كنت محتاجا إلى موت زوجتي ... ولكن قرين السوء باق معمر فيا ليتها صارت إلى القبر عاجلاً ... وعذبها فيه نكير ومنكر o وقال زيد بن عمر: أعاتبها حتى إذا قلت أقلعت ... أبى الله إلا خزيها فتعود (¬1) وفى الدعاء " اللهم إني أعوذ بك من ولد يكون على سيدا .. ومن زوجة تشيبني قبل وقت المشيب " أختي المسلمة هذه الصفات المذمومة لا أراها إلا صفات نساء من أهل النار، عافاك الله - عز وجل - منها. ¬

_ (¬1) المستطرف في كل فن مستظرف صـ859

البسوس

البسوس روي عن عكرمة، عن ابن عباس - رضي الله عنه -: في قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (¬1) قال: هو رجل أعطي ثلاث دعوات يستجاب له فيها، وكانت له امرأة يقال لها البسوس، وكان له منها ولد، وكانت له محبة، فقالت له اجعلي منها دعوة واحدة، فقال لك واحدة، فماذا تأمرين؟ قالت: ادعُ الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل، فلما علمت أن ليس فيهم مثلها، رغبت عنه وأرادت شيئا آخر، فدعا الله عليها أن يجعلها كلبة نباحة، فذهبت فيها دعوتان، وجاء بنوها، فقالوا: ليس لنا علي هذا قرار، قد صارت أمنا كلبشة نباح يعيرنا بها الناس، فادعُ الله أن يردها علي الحال التي كانت عليها، فدعا الله، فعادت كما كانت، وذهبت الدعوات، وهي البسوس، وبها قبل وقت المشيب " أختي المسلمة هذه الصفات المذمومة لا أراها إلا صفات نساء من أهل النار، عافاك الله - عز وجل - منها. يضرب المثل في الشؤم، فيقال: أشأم من البسوس. (¬2) ¬

_ (¬1) سورة الأعراف _ الآيتان 175، 176. (¬2) أسباب النزول للواحدي 0

المرأة الصالحة

المرأة الصالحة عن أبى أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يقول:" ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجه صالحة , إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته , وإن أقسم عليها أبرته , وان غاب عنها نصحته في نفسها وماله ".رواه ابن ماجة (¬1) وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " الدنيا متاع، وخيرمتاعها المرأة الصالحة " رواه مسلم. (¬2). المرأة الصالحة في ضوء الإسلام، كنز من كنوز الدنيا، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " ألا وإن خير ما يكنز المرأة الصالحة، إن نظر إليها سرته وإن غاب عنها حفظته، وإذا أمرها أطاعته " وهذه الصفات الطيبة التي تصدر من المرأة، هي مقومات السعادة، فيعيش الزوجين حياةً سعيدةً هادئة مطمئنة 0 ¬

_ (¬1) مشكاة المصابيح - كتاب النكاح 2/ 930. (¬2) صحيح مسلم شرح النووي - باب استحباب نكاح البكر 10/ 56 - والنسائي كتاب النكاح - باب المرأة الصالحة 3/ 0381 - ورواه ابن ماجة والإمام أحمد.

سفعاء الخدين

سفعاء الخدين عن عوف بن مالك الأشجعى - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " أنا وامرأة سفعاء الخدين (¬1) كاهتين يوم القيامة " وأومأ بيديه يزيد بن زريع، الوسطى والسبابة " امرأة آمت من زوجها ذات منصب وجمال، حبست نفسها على أيتامها حتى بانوا أو ماتوا " رواه أبو داود (¬2) وعن أبى هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أنا أول من يفتح باب الجنه إلا أنى أرى امرأة تبادرني فأقول لها: مالك ومن أنت فتقول: أنا امرأة قعدت على أيتام لي " رواه أبويعلى (¬3) انظروا إلي هذه المرأة التي جعل الله في قلبها الحنان علي أولادها فلذات كبدها، فكان الثواب أن بادرت النبي - صلى الله عليه وسلم - في دخول الجنة .. فكيف يفعل الله بمن ملئ قلبه بالحنان علي أمة الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - وخاف عليه من نار جهنم وقام بدعوتهم إلي الله عزوجل؟. ¬

_ (¬1) قال أبو سليمان الخطابي: السفعاء هي التي تغير لونها الى الكمودة والسواد من طول الأيمة. (¬2) المتجر الريح فى ثواب الصالح صـ412. (¬3) المرجع السابق.

اظفر بذات الدين

اظفر بذات الدين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه. (¬1) موجبات الجنة عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ألا أخبركم بنسائكم في الجنه؟ قلنا: بلى يا رسول الله! قال " كل ودود ولود، إذا أُغضبت أو أسيء إليها أو، غضب زوجها، قالت: هذه يدي في يدك لا اكتحل بغمض حتى ترضى. رواه الطبرانى بإسناد جيد. (¬2) ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح - باب الأكفاء في الدين 9/ 35 - ومسلم في كتاب الرضاع - باب استحباب نكاح ذات الدين - 10/ 51 - والنسائي 3/ 380. (¬2) المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح - باب ثواب من زوج لله تعالى صـ493.

من جميل الشعر في النساء

من جميل الشعر فى النساء o قالت الشاعرة المسلمة: وخير نساء العالمين هي التي ... تدير شئون البيت أو فيه تعمل إذا بقيت في البيت فهي أميرة ... يوقرها من حولها ويُبجل وإسهامها للشعب أن قدمت له ... رجالاً أعدوا للبناء وأهلوا رعتهم صغاراً فهي كانت أساسهم ... تُلقن كلاماً يقول ويفعل من جميل ما يروى فى حلم النساء - حلم صفية بنت حيي بن أخطب زوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: روي أبو عمر بن عبد البر: أن جارية لصفية، قالت لعمر: إن صفية تحب السبت وتصل اليهود فبعث إليها فسألها فقالت: أما السبت فإني لم أحبه منذ

لاحت أعلام الهداية

أن أبدلني الله تعالى يوم الجمعة وأما اليهود فإن لي فيهم رحما، فأنا أصلها ثم قالت للجارية، ما حملك على ما صنعت؟ قالت: الشيطان فقالت: اذهبي فأنت حرة. قال أبو عمر: وكانت صفية - رضى الله عنها - حليمة عاقلة فاضلة. (¬1) لاحت أعلام الهداية عن أبى عياش القطانى قال: بلغنا أنه كان ملك كثير المال، وكانت له ابنة لم يكن له غيرها، وكان يحبها حبا شديدا، وكان يلهيها بصنوف اللهو، فمكث ذلك زمانا، وكان إلى جانب الملك عابد، فبينما هو يقرأ ذات ليلة إذ رفع صوته وهو يقرأ " قال تعالى: {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ قُوَاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاّ يَعْصُونَ اللهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (¬2) فسمعت الجارية قراءته، فقالت: لجواريها: كفوا فلم يكفوا، وجعل عابد يُردد الآية، والجارية تقول: كفوا فلم يكفوا، فوضعت يدها في جيبها فشقت ثيابها، فانطلقوا إلى أبيها، فأخبروه بالقصة، فأقبل إليها فقال: يا حبيبتي! ما حالك منذ الليلة؟ ما يبكيك؟ وضمها إليه، فقالت: أسألك بالله يا أبت لله - عز وجل - دار ¬

_ (¬1) سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد. 12 - 133. (¬2) سورة التحريم - الآية 6.

الضعيفين

فيها نار وقودها الناس والحجارة؟ قال: نعم، قالت: وما يمنعك يا أبت أن تخبرني؟ والله لا أكلت طيبا ولا نمت علي لين حتى أعلم منزلي في الجنة أو النار!!!!!!!. الضعيفين قال رسوالله - صلى الله عليه وسلم -: " اللهم إني أحرج عليكم حق الضعيفين، اليتيم والمرأة " رواه النسائي 0 أحرج: ألحق الأذي والإثم 0 أدوات تجميل سئلت امرأة مؤمنة عن أدوات تجميلها فقالت: استخدم الصدق لشفتي .. والقرآن لصوتي .. والرحمة والشفقة لعيني .. والإحسان ليدي .. والاستقامة لقوامي. والإخلاص لله لقلبي .. ما أعقلك أيتها المرآة!!!!. ما بهذا أمرنا روى الحافظ ابن عبد البر: عن أم الحسين أنها كانت عند أم سلمة رضي الله عنها، فأتى مساكين، فجعلوا يلحون وفيهم نساء، فقلت: اخرجوا - أو أخرجن - فقالت أم سلمة - رضي الله عنها: ما بهذا أمرنا يا جارية ردى كل واحد ـ أو واحدة - ولو بتمرة تضعيها في يدها.

أطيب الطيب

أطيب الطيب أتدرين ما هو أطيب الطيب؟ إنه عرق النبي - صلى الله عليه وسلم -. فعن أم سليم رضي الله عنها، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: كان يأتيها فيقيل عندها، فتبسط نطعا فيقيل عليه، وكان كثير العرق، فكانت تجمع عرقه، فتجعله في الطيب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أم سليم! ما هذا؟ " قالت: عرقك نجعله في طيبنا وهو أطيب من الطيب. وفي رواية: قالت: يا رسول الله! نرجو بركته لصبياننا. قال: " أصبت " متفق عليه. (¬1) صفات يجب أن تتخلص منها النساء عن عبد الرحمن بن شبل - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن الفساق هم أهل النار، قالوا: يا رسول الله! من الفساق؟ قال: النساء، قال رجل: يا رسول الله! أليس أمهاتنا وأخواتنا وأزواجنا، قال: بلى، ولكنهن إذا أعطين لا يشكرن وإذا ابتلين لا يصبرن " (¬2) ¬

_ (¬1) مشكاة المصابيح _ كتاب الفضائل والشمائل _ باب أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - وصفاته 3/ 01611 (¬2) رواه الحاكم في المستدرك وقال علي شرط الشيخين ووافقه الذهبي 4/ 0604

كاسيات عاريات

كاسيات عاريات عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربن بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت (¬1) المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا " رواه مسلم (¬2). وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " ستكون في آخر هذه الأمة رجال يركبون علي المياثر، يأتوا أبواب المساجد نساؤهم كاسيات عاريات، علي رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف، العنوهن فإنهن ملعونات، لوكانت وراءكم أمة من الأمم لخدمهم، كما خدمكم نساء الأمم قبلكم " فقلت لأبي: وما المياثر؟ قال سروجا عظاما. رواه الحاكم. (¬3) - - - - - ¬

_ (¬1) البخت: الجمال الطوال الأعناق. (¬2) مشكاة المصابيح ـ كتاب القصاص ـ باب ما لا يضمن من الجنايات 2/ 1046 (¬3) في مستدركه - كتاب الفتن والملاحم 4/ 109.

نساء ملعونات

نساء ملعونات o لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال " (¬1) o لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء " (¬2) o لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل " (¬3) o لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة " (¬4) o لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله ". (¬5) - - - - - ¬

_ (¬1) عن ابن عباس (رياض الصالحين - باب تحريم تشبه النساء بالرجال وتشبه النساء بالرجال صـ0564) (¬2) المرجع السابق. (¬3) رواه أبو داود بإسناد صحيح (المرجع السابق). (¬4) متفق عليه - المرجع السابق صـ568ـ. (¬5) المرجع السابق.

امرأة وامرأة

امرأة وامرأة - امرأة في النار: عن أبى هريرة - رضي الله عنه - قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن فلانة تصلي الليل وتصوم النهار، وفي لسانها شيء يؤذي جيرانها، سليطة، قال: " لا خير فيها، هي في النار ". - امرأة في الجنة: وقيل له - صلى الله عليه وسلم -: إن فلانة تصلي المكتوبة وتصوم رمضان وتتصدق بالأثوار وليس لها شيء غيره ولا تؤذي أحدا، قال: هي في الجنة. (¬1) نصيحة عمرية عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: لقيني عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وقد ابتعت لحما بدرهم فقال: ما هذا يا جابر؟ قلت: قرم أهلي، فابتعت لهم لحما بدرهم، فجعل ¬

_ (¬1) رواه الحاكم في المستدرك ـ كتاب البر والصلة - وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي 4/ 1066

نصائح غالية

عمر يردد: قرم أهلي! حتى تمنيت أن الدرهم سقط مني ولم ألق عمر. كذا في الكنز وفي رواية: قال عمر لجابر: أكلما اشتهيتم شيئا اشتريتموه؟ أين تذهب عنكم هذه الآية: " {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ} (¬1) كذا في المنتخب. (¬2) نصائح غالية أثرت في حياة أم المؤمنين عائشة عن عائشة رضي الله عنها قالت: رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أكلت في اليوم مرتين فقال: يا عائشة! أما تحبين أن يكون لك شغل إلا جوفك؟ الأكل في اليوم مرتين من الإسراف، والله لا يحب المسرفين ". أخرجه البيهقي. (¬3) ¬

_ (¬1) سورة الأحقاف _ الآية 20. (¬2) حياة الصحابة ـ باب الإنكار علي من لم يزهد في الدنيا وتلذذ بها 2/ 284 (¬3) حياة الصحابة ـ المرجع السابق 2/ 282.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: جلست أبكي عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما يبكيك؟ إن كنت تريدين اللحوق بي فليكفك من الدنيا مثل زاد الراكب، ولا تخالطين الأغنياء " كذا في الكنز. وفي رواية: " ... ولا تستخلقي ثوبا حتى ترقعيه " الترمذي والحاكم والبيهقي. وفي رواية: قال عروة: فما كانت عائشة تستجد ثوبا حتى ترقع ثوبها وتنكسه، ولقد جاءها يوما من عند معاوية - رضي الله عنه - ثمانون ألفا، فما أمسى عندها درهم.، قالت لها جاريتها: فهلا اشتريت لنا منه لحما بدرهم؟ قالت: لو ذكرتيني لفعلت. كذا في الترغيب. (¬1) ¬

_ (¬1) المرجع السابق.

الحذر .. الحذر من غضب الزوج

الحذر .. الحذر من غضب الزوج - غضب (الله - عز وجل -. والملائكة .. وحور العين) علي من تؤذي زوجها: أختي المسلمة لا تؤذي زوجك فيغضب عليك ربك وتلعنك الملائكة وتدعو عليك أختك من الحور العين التي في الجنة كما ورد في صحاح الأحاديث: عن أبى هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا دعا الرجل امرأته إلي فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح. " متفق عليه. وفي رواية قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا حتى يرضى عنها (¬1) وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك الله! فإنما هو عندك دخيل (¬2) يوشك أن يفارقك إلينا " رواه الترمذي وقال حديث حسن (¬3) ¬

_ (¬1) رياض الصالحين باب حق الزوج علي المرأة صـ160ـ. (¬2) أي ضيف. (¬3) المرجع السابق صـ161ـ.

تفقد الزوجة لحال زوجها

تفقد الزوجة لحال زوجها عن عائشة أم المؤمنين (رضى الله عنها) إنها اشترت نمرقه فيها تصاوير فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام على الباب فلم يدخله فعرفت في وجهه الكراهية , فقالت يا رسول الله! أتوب إلى الله وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - ماذا أذنبت؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - ما بال هذه النمرقه؟ قلت: اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها , فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يعذبون فيقال لهم احيوا ما خلقتم وقال " إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة " متفق عليه.

أعظم الناس حقا

أعظم الناس حقاً عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قلت: يا رسول الله! من أعظم الناس حقا علي المرأة؟ قال: " زوجها " قلت: من أعظم الناس حقا علي الرجل؟ قال: " أمه " رواه الحاكم. (¬1) أيها المضيع: لأوكد الحقوق، المعتاض عن البر بالعقوق، الناسي لما يجب عليه، الغافل عما بين يديه، بر الوالدين عليك دين، وأنت تتعاطاه با تباع الشين، تطلب الجنة بزعمك، وهي تحت أقدام أمك، حملتك في بطنها تسعة أشهر، كأنها تسع حجج، وكابدت عند وضعك ما يذيب المهج، وأرضعتك من ثديها لبنا وأطارت لأجلك وسنا، وغسلت بيمينها عنك الأذى، وآثرتك علي نفسها بالغذا، وصيرت لك حجرها مهداً، وأنالتك إحسانا ورفدا، فإن أصابك مرض أو شكاية، أظهرت من الأسف فوق النهاية، وأطالت الحزن والنحيب، وبذلت مالها للطبيب، ولو خيرت بين حياتك وموتها، لآثرت حياتك بأعلى صوتها0هذا وكم عاملتها بسوء الخلق مرارا، فدعت لك بالتوفيق سرا وجهارا، فلما احتاجت عند الكبر إليك، جعلتها من أهون الأشياء عليك، فشبعت وهي جائعة، ورويت وهي ضائعة، وقدمت عليها أهلك وأولادك في الإحسان، وقابلت أياديها بالنسيان، وعب لديك أمرها وهو يسير، وطال عمرها وهو قصير، وهجرتها ومالها سواك من نصير، هذا ومولاك قد نهاك عن التأفيف، وعاتبك في حقها بعتاب لطيف، وستعاقب في دنياك بعقوق البنين، وفي أخراك ¬

_ (¬1) في مستدركه - كتاب البر والصلة وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه 4/ 0175

بالبعد من رب العالمين، يناديك بلسان التوبيخ والتهديد {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} (¬1) لأمك حق لو علمت كبير ... كثيرك يا هذا لديه يسير فكم ليلة باتت بثقلك تشتكي ... لها من جواها أنة وزفير وفي الوضع لو تدري عليها مشقة عليهامشقة مشقة ... فمن غصص منها الفؤاد يطير وكم غسلت عنك الأذى بيمينها ... وما حجرها إلا لديك سرير وتفديك مما تشتكيه بنفسها ... ومن ثديها شرب لديك نمير وكم مرة جاعت وأعطتك قوتها ... حنوا وإشفاقا وأنت صغير فآها لذي عقل ويتبع الهوي ... وآها لأعمي القلب وهو بصير فدونك فارغب في عميم دعائها ... فأنت لما تدعو إليه فقير (¬2) ¬

_ (¬1) سورة الأنفال _ الآية 51. (¬2) الزواجر 2/ 114

أجر المرأة الحامل والمرضع

أجر المرأة الحامل والمرضع (المرأة في حملها إلي وضعها إلي فصالها كالمرابط في سبيل الله، فإن ماتت فيما بين ذلك فلها أجر شهيد) رواه الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي (المرأة إذا حملت كان لها حال المرأ الصائم، القائم المحتسب المجاهد في سبيل الله، وإذا ضربها الطلق فلا يدري الخلائق ما لها من الأجر، فإذا وضعت كان لها بكل مصة أو رضعة أجر نفس تحييها، فإذا فطمت ضرب الملك علي منكبيها، وقال: استأنفي العمل. وعن سلامة حاضنة إبراهيم - عليه السلام - ابن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: يا رسول الله! تبشر الرجال بكل خير، ولا تبشر النساء، قال:" أصويحابك دسسنك لهذا؟ قالت: أجل هن أمرنني، قال:" أفما ترضي إحداكن إذا كانت حامل من زوجها وهو راضٍ عنها، إن لها مثل أجر الصائم القائم في سبيل الله، فإذا أصابها الطلق لم يعلم أهل السماء وأهل الأرض ما أخفي لها من قرة أعين، فإذا وضعت لم يخرج منها

موت فى طاعة خير من حياة فى معصية الله - عز وجل -

جرعة من لبنها، ولم يمص مصة، إلا كان لها بكل جرعة وبكل مصة حسنة، فإذا أسهرها ليلة كان لها مثل أجر سبعين رقبة. (¬1) موت فى طاعة خير من حياة فى معصية الله - عز وجل - قال أحد التجار: كنت في ذات ليله في منزلي .. فقرع عليَّ الباب، قارع، وإذا أنا بشابة جميلة، تخجل البدر، وكأنها الشمس في وسط النهار، فشكت إلىَّ جوعها، فحادثتها ثم راودتها عن نفسها، فقالت: الموت ولا معصية ربي، ثم رجعت من حيث أتت، وبعد أيام، عادت وتوسلت إليًّ فقلت كما قالت أولا، فبكت ثم دخلت البيت وأشرفت علي الهلاك، ثم قالت: تطعمني لوجه الله، قلت: لا، إلا أن تمكنيني من نفسك، قالت: الموت خير من عذاب الله، فسمعتها تقول وهي منصرفة: أيا واحدا شمل إحسانه الخلقا ... بسمعك ما أشكو بعينك ما ألقى لقد صدمتني شدة وخصاصة ... ونازلني ما بعضه يمنع النطقا كأني ظمآن ترى الماء عينه ... فلا قلة تروي ولا شربة تسقي ¬

_ (¬1) رواه الطبراني في الأوسط.

تنازعني نفسي إلي نيل أكلة ... لذاذاتها تفنى وغصتها تبقى أأعصاك بعد الفضل والجود والهدى ... وكيف وبالطالعات أجلب الرزقا سأتلفها في نيل حبك سيدي ... عساي أستوجب القرب والعتقا قال: فجزعت لما سمعت من قولها، ودخل في قلبي الإيمان، وقلت لها: عودي وكلي وخذي من المال ما شئت لله. فقالت: اللهم كما أنرت قلبه، وهويت لبه، فأجب دعاءه، ولا ترده خائبا، فكان ما دعت به، ثم تزوجها. صدقت أيتها المرأة العظيمة، الجليلة، المؤمنة، التقية، حيث قلت: الموت ولا معصية ربي، وبمناسبة قصتك هذه أزف إلي كل مسلم ومسلمة حديثا لحبيبنا وقرة عيوننا سيدنا محمد، فعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم -:" خذوا العطاء ما دام عطاء فإذا صار رشوة علي الدين فلا تأخذوه ولستم بتاركيه يمنعكم الفقر والحاجة، ألا إن رحى الإسلام دائرة، فدوروا مع الإسلام حيث دار، إلا إن الكتاب والسلطان يفترقان فلا تفارقوا الكتاب، ألا إنه سيكون عليكم أمراء فيقضون لأنفسهم ما لا يقضون إن عصيتموهم قتلوكم، وإن أطعتموهم أضلوكم، قالوا: يا رسول الله! كيف نصنع؟ قال: " كما صنع أصحاب عيسى بن مريم نشروا بالمناشير وحُملوا علي الخشب، موت في طاعة الله خير من حياة في معصية الله ". (¬1) ¬

_ (¬1) رواه الطبراني - جمع الجوامع للسيوطي برقم 013540.

أم حارثة

أم حارثة أخرج الشيخان عن أنس - رضي الله عنه - أن حارثة بن سراقة - رضي الله عنه - قتل يوم بدر، وكان في النظارة، أصابه سهم غرب فقتله، فجاءت أمه فقالت: يا رسول الله! أخبرني عن حارثة فإن كان في الجنة صبرت، وإلا فليرين الله ما أصنع ـ يعني من النياح وكانت لم تُحرم بعد ـ فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ويحك! أهبلت؟ إنها جنان ثمان، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى. كذا في البداية. وفي رواية: فإن كان في الجنة ـ صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه البكاء، قال: أيا أم حاثة! إنها جنان في الجنة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى. أخرجه ابن أبى شيبه كما في الكنز. وفي رواية: قال: " يا أم حارثة! إنها ليست بجنة واحدة ولكنها جنان كثيرة وهو في الفردوس الأعلى، قالت: فسأصبر. (¬1) وفي رواية ابن النجار: فقالت: يا رسول الله! إن يكن في الجنة لم أبك ولم أحزن، وإن يكن في النار بكيت ما عشت في الدنيا، فقال: يا أم حارث ـ أو حارثة ـ إنها ليست جنة واحدة ولكنها جنة في جنات والحارث في الفردوس الأعلى 0فرجعت وهي تضحك وتقول بخٍ .. بخٍٍ .. يا حارث! (¬2) ¬

_ (¬1) أخرجه الحاكم 3/ 208، وابن سعد والطبراني. (¬2) حياة الصحابة 2/ 578.

نصيحة لكل زوج

نصيحة لكل زوج خطب صعصعة بن معاوية إلي عامر بن الظرب ابنته عمرة، وهي أم عاصم بن صعصعة، فقال: يا صعصعة! إنك أتيتني تشتري مني كبدي، فارحم ولدي قبلتك أو رددتك والحسيب كفء، والزوج الصالح أب بعد أب، وقد أنكحتك خشية أن لا أجد مثلك أفر من السر إلى العلانية، يا معشر عدوان: خرجت من بين أظهركم كريمتكم من غير رغبةٍِ ولا رهبةٍ. الصلاة .. الصلاة قال تعالى: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب} (¬1) وقال - صلى الله عليه وسلم -: " الصلاة صلة بين العبد وربه ". ويروى أنه جاءت امرأة يوما إلى أحد الصالحين فقالت: إن ابني قد أخذه الحرس، وإني أحب أن تبعث إلي صاحب الشرطة، لئلا يضرب، فقام فصلى، فطول الصلاة، وجعلت المرأة تحترق في نفسها، فلما انصرف من الصلاة، قالت المرأة: الله! الله! في ولدى. فقال لها: إني إنما كنت في حاجتك .. فما قام من ¬

_ (¬1) سورة العلق - الآية 19.

العفاف

مجلسه الذي صلى فيه حتى جاءت امرأة إلي تلك المرأة قالت لها: ابشري فقد أطلق ولدك، وها هو في المنزل، فانصرفت إليه. العفاف عن عاصم الأحول قال: كنا ندخل علي حفصة بنت سيرين وقد جعلت الجلباب هكذا وتنتقب به، فنقول لها رحمك الله، قال تعالى {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النّسَآءِ الّلاَتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنّ غَيْرَ مُتَبَرّجَاتِ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لّهُنّ وَاللهُ سَمِيعٌ عِلِيم ٌ} (¬1) فقالت لهم: أكملوا الآية، {وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لّهُنّ} فاختارت العفاف وفعلت ما هو خير. نساء مؤمنات يوافقهن القرآن عن جابر عبد الله الأنصاري حدث أن أسماء بنت مرثد كانت في نخل لها في بني حارثة، فجعل النساء يدخلن عليها غير مؤتزرات فيبدو ما في أرجلهن يعني ¬

_ (¬1) سورة النور - الآية 60.

الخلاخل، ويبدو صدورهن وذوائبهن، فقالت أسماء: ما أقبح هذا؟ فأنزل الله في ذلك: {وَقُل لّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إِلاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنّ عَلَىَ جُيُوبِهِنّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إِلاّ لِبُعُولَتِهِنّ أَوْ آبَآئِهِنّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنّ أَوْ أَبْنَآئِهِنّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنّ أَوْ إِخْوَانِهِنّ أَوْ بَنِيَ إِخْوَانِهِنّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنّ أَوْ نِسَآئِهِنّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنّ أَوِ التّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرّجَالِ أَوِ الطّفْلِ الّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَىَ عَوْرَاتِ النّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنّ وَتُوبُوَاْ إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬1) (¬2) وعن مقاتل بن حيان أنه قال: بلغنا أن رجلا من الأنصار وامرأته (أسماء بنت أبي مرثد) صنعا للنبي - صلى الله عليه وسلم - طعاما. فقالت أسماء: يا رسول الله ما أقبح هذا؟ إنه ليدخل علي المرأة وزوجها، غلامهما (¬3)، وهما في ثوب واحد بغير إذن .. فأنزل الله - عز وجل - في ذلك الآية: قال تعالى: {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُمُ الّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالّذِينَ لَمْ يَبْلُغُواْ الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاَثَ مَرّاتٍ مّن قَبْلِ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مّنَ الظّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَآءِ ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنّ طَوّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَىَ بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيّنُ اللهُ لَكُمُ الاَيَاتِ وَاللهُ ¬

_ (¬1) سورة النور – الآية 31. (¬2) مختصر تفسير ابن كثير 2/ 283 - الدر النشور للسيوطي 5/ 40. (¬3) يعني بها العبيد والإماء.

وصايا غالية

عَلِيمٌ حَكِيمٌ *وَإِذَا بَلَغَ الأطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُواْ كَمَا اسْتَأْذَنَ الّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النّسَآءِ الّلاَتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنّ غَيْرَ مُتَبَرّجَاتِ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لّهُنّ وَاللهُ سَمِيعٌ عِلِيم} (¬1) (¬2) وصاياغالية - وصية أمامة بنت الحارث لابنتها أم إياس: أي بنية: إنك مفارقة بيتك الذي منه خرجت وعشك الذي منه درجت إلي رجل لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه .. فكوني له أمةً يكن لك عبداً، واحفظي له خصالا عشرا يكن لك ذخرا، فأما: الأولى والثانية: فالرضا بالقناعة وحسن السمع والطاعة. وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لمواقع عينيه وأنفه، فلا تقع عينه منك علي قبيح ولا يشم أنفه منك إلا أطيب الريح 0 وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت طعامه ومنامه، فإن شدة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة. وأما السابعة والثامنة: فالإحراز لماله والارعاء علي حشمه وعياله. ¬

_ (¬1) سورة النور - الآيات 58، 59، 60. (¬2) فتح البيان 6/ 398 - نقلا من روائع البيان للصابوني 2/ 206.

وصية أم لولدها

وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصي له أمراً، ولا تفشي له سراً، فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره، وإن أفشيت سره لم تأمني غدره، .. وإياك والفرح بين يديه إذا كان مهتما، والكآبة بين يديه إن كان فرحا. فحفظت وصية أمها، فأنجبت الحارث بن عمرو جد امرئ القيس. (¬1) وصية أم لولدها 1) كان الأوقص المَخْزُوميّ قاضياً بمكة فما رًئى مثلُه في عَفافه وزُهْده فقال يوماً لِجُلسائه: قالت لي أُمي: يا بني إنك خُلقت خِلْقة لا تصلح معها لمَجَامع الفِتْيان عند القيان «إنك لا تكون مع أحدِ إلا تَخَطتْك إليه العيون» فعليك بالدِّينِ فإنَّ الله يَرْفَع به الخَسِيسة وُيتمُّ به النَّقيصة .. فنفعني اللهّ تعالى بكلامها وأطعتها فوليتُ القضاء. يا لها من امرأة عاقلة .. فهذا عطاء بن أبي رباح كان أفْطَس أشَلّ أعرج ثم عَمِي وأمه سَوداء تسمَّى بَرَكة. . ما رفعه إلا العلم، فقد قيل لأهل مكة: كيف كان عَطاءُ بن أبي رَبَاح فيكم قالوا: كان مثلَ العافية التي لا يُعرف فضلُها حتى تُفْقد. (¬2) ¬

_ (¬1) من كتاب المستطرف في كل فن مستظرف. (¬2) العقد الفريد لابن عبد ربه، وكتاب المستطرف في كل فن مستظرف.

2) ... أوصت أم ولدها فقالت: يابني! إن سؤالك الناس ما في أيديهم من أشد الافتقار إليهم، ومن افتقرت إليه، هنت عليه، ولا تزال تُحفظ وتُكرم، حتي تسأل وترغب. فإذا ألحت عليك حاجة ولزمك سوء الحال، فاجعل سؤالك إلي من إليه حاجة السائل والمسئول (الله جل جلاله) فإنه يُعطي السائل (¬1). 3) وأوصت أم ولدها عند سفره فقالت: أي بني! اجلس أمنحك وصيتي وبالله توفيقك، فإن الوصية أجدي عليك (¬2) من كثير عقلك. أي بني! إياك والنميمة فإنها تزرع الضغينة، وتفرق بين المحبين. أي بني! إياك والتعرض للعيوب فتتخذ غرضا (¬3) وخليق (¬4) ألا يثبت الغرض علي كثرة السهام، وقلما اعتورت (¬5) السهام غرضا (¬6) إلا كَلَمَته (¬7) حتي يهي (¬8) ما اشتد من قوته. ¬

_ (¬1) العقد الفريد لابن عبد ربه 2/ 85. (¬2) أنفع لك. (¬3) هدفا للنيل منك. (¬4) جدير. (¬5) قصدت. (¬6) هدفا. (¬7) جرحته. (¬8) يضعف.

الصبر علي الأزواج

أي بني! إياك والجود بدينك والبخل بمالك، وإذا هزرت (¬1) فاهزر كريما يلين لك، ولا تهزر اللئيم فإنه صخرة لا يتفجر ماؤها. ومثل لنفسك مثال (¬2) ما ستحسنت من غيرك فاعمل به، وما استقبحت من غيرك فاجتنبه، فإن المرء لا يري عيب نفسه. (¬3) الصبر على الأزواج علي المرأة أن تصبر علي إيذاء زوجها لها، ولاسيما إذا كان الرجل صالحا، ولتكن نظرتها إلي الآخرة لتكون له زوجا في الجنة ... فعن عكرمة أن أسماء بنت أبي بكر كانت تحت الزبير بن العوام، وكان شديداً عليها، فأتت أباها فشكت ذلك إليه فقال: يا بنية اصبري! فإن المرأة إذا كان لها زوج صالح ثم مات عنها فلم تزوج بعده، جمع بينهما في الجنة ـ أخرجه ابن سعد (¬4) وقال عمر - رضي الله عنه - لامرأة كانت تبغض زوجها حين صارحت زوجها بذلك فقال لها عمر: ما حملك علي هذا قالت: إنه استحلفني فكرهت أن أكذب .. فقال عمر ¬

_ (¬1) قصدت. (¬2) اجعل لنفسك ميزان. (¬3) كتاب الأمالي لأبي علي القالي 2/ 81. (¬4) حياة الصحابة - أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - معاشرة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - 2/ 692.

إمرأة فرنسية

: بلى فلتكذب إحداكن ولتتجمل فليس كل البيوت تبنى علي الحب ولكن معاشرة علي الأحساب والإسلام كذا في الكنز. (¬1) امرأة فرنسية تسمي مارجريت بوستار ذهبت إلي أول حفل تكريم أقيم علي شرفها بمناسبة انتخابها عضوا في الأكاديمية الفرنسية، وهي متحجبة فاجأت الحاضرين في الحفل بالحجاب الذي تحرص عليه كل مسلمة محافظة علي دينها، وحين سئلت عن اختيارها لهذا الزى قالت: إني مقتنعة به تماماً، فهو يضفى علي المرأة وقاراً وجمالاً وحشمة (¬2). صفات تُحبها النساء عن موسى بن طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - قال: خطب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أم أبان بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس فأبته فقيل لها ولمَ .. ؟ ¬

_ (¬1) المرجع السابق. (¬2) السفور والحجاب د. عبدالودود شلبى.

قالت: إن دخل دخل ببأس، وإن خرج خرج ببأس، أذهله أمر آخرته عن أمر دنياه كأنه ينظر إلى ربه بعينيه. ثم خطبها الزبير بن العوام فأبته فقيل لها ولمَ؟ قالت: ليس لزوجته منه إلا الإشارة فى قراملها. ثم خطبها على فأبت فقيل لها ولمَ قالت: ليس لزوجته منه إلا قضاء حاجته ويقول كيت وكيت وكان وكان. ثم خطبها طلحة فقالت زوجى حقاً. قالوا: وكيف ذلك. قالت: إنى عارفة بخلائقه، إن دخل دخل ضاحكا، ً وإن خرج خرج بساما، ً إن سألت أعطى وإن، سكت ابتدأ، وإن عملت شكر، وإن أذنبت غفر. فلما ابتنى بها قال على: يا أبا محمد إن أذنت لى أن أكلم أم أبان. قال: كلمها، قال: فأخذ بسجف الحجلة ثم قال: السلام عليكم يا عزيزة نفسها قالت وعليك السلام قال خطبك أمير المؤمنين فأبيتيه، قالت قد كان ذلك وخطبك الزبير ابن عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأحد حواريه فأبيتيه قالت قد كان ذلك، وخطبتك أنا وقرابتى من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأبيتينى، قالت: قد كان ذلك، قال: أما والله لقد تزوجتى أحسننا وجهاً وأبذلنا كفاً .. يعطى هكذ وهكذا .. (¬1). ¬

_ (¬1) مستدرك الحاكم – كتاب معرفة الصحابة – باب مناقب طلحة بن عبيد الله - 3/ 377.

المرأة داعية إلى الله - عز وجل -

المرأة داعية إلى الله - عز وجل - بمشاركة زوجها بفكرها ومالها ودعائها .. فخديجة - رضي الله عنه - ما حملت السلاح ولكن دفعت نفسها ومالها للدين .. فأول عمل صالح عملته خديجة .. هو الدعوة .. وآخر عمل عملته هو الدعوة .. ماتت قبل فرض الصلوات الخمس .. التشريع الوحيد الذي نزل قبل وفاة خديجة هو تحريم الذبائح لغير الله - عز وجل - .. ظلت مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - عشر سنوات في تاريخ الإسلام، أسلمت في رمضان، وماتت في رمضان .. كانت تدعو النساء وتنفق على الدعوة الإسلامية. فالمرأة ينبغى أن يكون لها حظ وافر من ذالك فهى لا تعدو أن تكون بنتا أو أختا أو أما, فإذا كانت بنتا فهى تدعو والديها إن احتاجا الى ذالك, بألطف وأرق عبارة, أسوة بأبينا ابراهيم عليه السلام لما دعا أباه. وإن كانت أختا فهى تدعو إخوتها وإن كانت أما فتدعو أولادها. وهذا لايمنعها أن تكون داعية فى مكان آخر حيث وجدت. فالدعوة إلى الله واجب كل مسلم ومسلمة قال تعالى {قُلْ هََذِهِ سَبِيلِيَ أَدْعُو إِلَىَ اللهِ عَلَىَ بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (¬1) وهى من العبودية لله تعالى {لّكُلّ أُمّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً ¬

_ (¬1) سورة يوسف - الآية 108.

هُمْ نَاسِكُوهُ فَلاَ يُنَازِعُنّكَ فِي الأمْرِ وَادْعُ إِلَىَ رَبّكَ إِنّكَ لَعَلَىَ هُدًى مّسْتَقِيمٍ} (¬1) والدعوة ليست محصورة في خطب ودروس لا يتصدى لها إلا العلماء كما قد يظن البعض, بل كل مسلمة تستطيع أن تكون داعية إلى الله بسلوكها وتعاملها مع مجتمعها, وبعملها وهى تبلغ عن ربها ما علمت من دينه, وباحتسابها وهي تنهى عن منكر أو تحث على فعل خير وبكل ما تيسر لها , دون انتظار النتائج لان النتائج أمرها إلى الله. وليس هناك حق أجلى ولا أوضح من الحق الذي في أيدي المسلمين كتاب الله وسنة النبي صلي الله عليه وسلم الله عليه وسلم، فقد أقسم النبي صلى الله عليه وسلم بأن الأمة لن تضل ما تمسكت بهما، فهذا الذي نراه من الباطل كله يذهب لو قام أهل الحق بما يجب عليهم, لكن المشكل في أن الباطل يمتد, وأهل الحق كثير منهم غافلون وإذا كان هناك ضعف أو شك في الإمكانيات أو خوف من قوة الباطل, فإنه ينبغي أن يمحى من الأذهان, ولا يمنعنا من أن نقوم لله بما يجب لان الخطر في القعود والسكوت قال تعالى: {هَا أَنتُمْ هََؤُلاَءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَمِنكُم مّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنّمَا يَبْخَلُ عَن نّفْسِهِ وَاللهُ ¬

_ (¬1) سورة الحج - الآية 67.

الْغَنِيّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَآءُ وَإِن تَتَوَلّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمّ لاَ يَكُونُوَاْ أَمْثَالَكُم} (¬1) لا بد أن نري ربنا من أنفسنا أننا جديرون بحمل هذا الرسالة وتبليغها للناس, والقيام بما يجب علينا لأننا كالجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى وأن لاحتقر أنفسنا أمام اى عدو مهما كان, فلو تأملنا القرآن الكريم , نجد الله ضرب لنا مثلا عجيبا يلفت أنظار الناس , ففي سورة النمل ذكر قصة النمل مع سليمان, يقول الله سبحانه وتعالى: {وَحُشِرَ لِسْلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنّ وَالإِنْس وَالطّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ *حَتّىَ إِذَآ أَتَوْا عَلَىَ وَادِي النّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَأَيّهَا النّمْلُ ادْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} (¬2) فلو نظرنا في هذه القصة لشعرنا بالخجل، فهذه نملة قومها كثر حتى سمي الوادي بوادي النمل وهى واحدة لكنها شعرت بالخطر المحدق بقومها. فلم تهتم فقط بمئات النمل حولها, ولكنها تجاوزت ماهو أكثر من ذالك فإذا هي تنادى جميع النمل {يَأَيّهَا النّمْلُ} تنبههم بالخطر القادم, ولاحظوا أنها ما احتقرت نفسها, ما قالت: ما قدرى في هذا المجتمع, فالنمل كثر جداً لكنها رأت أن عليها واجبا يجب أن تقوم به , فقامت به. ¬

_ (¬1) سورة محمد - الآية 38. (¬2) سورة النمل - الآيتان 17، 18.

فلم تضعف لما رأت من كثرة الجيش {وَحُشِرَ لِسْلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنّ وَالإِنْس وَالطّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} ولكنها قامت بواجبها فحذرت من الخطر مع أنها أمام أمة لا تريد بها شرا, فنحن أولى بالتحذير فجيوش الباطل هذه تريد بنا شرا واضحا, فلا يريدون بقاءا للإسلام, قال عز وجل {وَدّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءً فَلاَ تَتّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَآءَ حَتّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتّمُوهُمْ وَلاَ تَتّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً} (¬1). والمهم هو الإخلاص والعمل، فمتى ما أخلصت الداعية نيتها لله، واستنارت بهدي الله، نفع الله بها وبارك في جهودها، وحقق الخير على أيديها، ومن قال هلك الناس فهو أهلكهم، والله الموفق ¬

_ (¬1) سورة النساء - الآية 89.

فتاوي

فتاوى السؤال الأول: ماذا تقولون عن الدعوة إلى الله بالنسبة للمرأة؟. الجواب: الحمد لله هي كالرجل عليها الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن النصوص من القرآن الكريم والسنة المطهرة تدل على ذلك وكلام أهل العلم صريح في ذلك، فعليها أن تدعوا إلى الله وتأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر بالآداب الشرعية التي تُطلب من الرجل، وعليها مع ذلك أن لا يثنيها عن الدعوة إلى الله الجزع وقلة الصبر، لاحتقار بعض الناس لها أو سبهم لها أو سخريتهم بها، بل عليها أن تتحمل وتصبر، ولو رأت من الناس ما يُعتبر نوعاً من السخرية والاستهزاء، ثم عليها أن ترعى أمراً آخر وهو أن تكون مثالاً للعفة والحجاب عن الرجال الأجانب وتبتعد عن الاختلاط، بل تكون دعوتها مع العناية بالتحفظ من كل ما يُنكر عليها، فإن دعت الرجال دعتهم وهي متحجبة بدون خلوة بأحد منهم، وإن دعت النساء دعتهن بحكمة وأن تكون نزيهة في أخلاقها وسيرتها حتى لا يُعترض عليها، ويقلن لماذا ما بدأت بنفسها، وعليها أن تبتعد عن اللباس الذي قد تفتن الناس به، وأن تكون بعيدة عن كل أسباب الفتنة من إظهار المحاسن وخضوع في الكلام مما يُنكر عليها بل تكون العناية بالدعوة إلى الله على وجه لا يضر دينها ولا يضر سمعتها. . (¬1) ¬

_ (¬1) الشيخ عبد العزيز بن باز في كتاب الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة ص 1010

السؤال الثاني: هناك مجموعة من أهل الدعوة تخرج من مدينة لأخرى، في أوقات مختلقة من السنة، ويستمر ذلك لعدة أيام أو أسبوع، كما أنهم يخرجون مرة في السنة إلى باكستان لمدة (40) يوما للدعوة للإسلام، وتعليم المسلمين تعاليم دينهم، بحيث يجلس الرجال في أحد المساجد وتجلس النساء في بيت أحدهم، فهل يستحب خروج النساء للدعوة، مع العلم أنهن يتركن أطفالهن عند أحد الأقارب وأحيانا يتركونهم عند إحدى النساء اللاتي لا يستطعن الخروج بسبب عدم وجود محرم؟ ج: إذا كان الخارجون للدعوة عندهم علم وبصيرة بما دل عليه الكتاب والسنة في شأن العقيدة وغيرها من الأحكام الشرعية فعملهم طيب وقد أحسنوا في ذلك سواء كانت المدة قليلة أو كثيرة لقول الله عز وجل {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (¬1) ولقوله سبحانه {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (¬2) ولقوله عز وجل {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِين} (¬3) ¬

_ (¬1) سورة فصلت - الآية 33. (¬2) سورة النحل - الآية 125. (¬3) سورة يوسف - الآية 108.

وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي - رضي الله عنه - لما بعثه إلى خيبر لدعوة اليهود إلى الإسلام " فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم " متفق عليه. وقد بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - الدعاة إلى الله سبحانه إلى اليمن وإلى كثير من قبائل العرب، ولا مانع أن يصطحب الرجل معه زوجته، والله ولي التوفيق (الشيخ / ابن باز رحمه الله). s : ما الفرق بين مسئولية المرأة ومسئولية الرجل في الدعوة إلي الله؟ ج: أجاب الدكتور نعمان أبو الليل فقال: ما كلف الله - عز وجل -، المرأة بالتضحية التي تُذلها، فما بعث الله عز وجل، نبية من النساء لتمشي في الشوارع، وتذهب إلي الأسواق وتدعو الرجال والنساء، لأن المرأة ضعيفة، وعورة، وقد يتعرض لها السفهاء بالإيذاء والسوء، وقد يكشف شيء من جسدها. فهي خلف الرجل تساعده وتسانده وتؤازره، كما فعلت زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - خديجة رضي الله عنها. فالتضحية خاصة بالرجل، أما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فمشترك، قال تعالي: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (¬1). لكن التضحية: ¬

_ (¬1) سورة التوبة _ الآية71.

قال تعالي: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} (¬1) وقال تعالي: {قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (¬2). وقال تعالى: {وَجَآءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىَ قَالَ يَقَوْمِ اتّبِعُواْ الْمُرْسَلِينَ} (¬3) ولذا أرسل الله سلسلة الأنبياء الكريمة 124 ألف نبي ورسول ليس فيهم امرأة، لأن جهد الأنبياء يحتاج إلي تضحيات، تعجز عنها النساء. ولكن الصديقية كانت في الرجال والنساء، فمريم (عليها السلام) كانت صديقة، قال تعالي: {مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (¬4). ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب _ الآية23. (¬2) سورة المائدة _ الآية23. (¬3) سورة يس – الآية 20. (¬4) سورة المائدة – الآية 75.

وقال تعالي: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} (¬1) وقوله تعالي: {انتَبَذَتْ} والانتباذ الاعتزال والانفراد (¬2) أي لاتخالط الناس في وحدها، أي احتجبت عن الرجال، لا تري المجتمع، فالمرأة تترقي كلما جعلت وسيلتها القرار في البيت، ليس القرار عبادة في ذاته، إنما هي وسيلة، لقوة عبودية المرأة، قال تعالي: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ¬

_ (¬1) سورة مريم – الآيتان 16، 17. (¬2) قال الإمام الرازي: النبذ أصله الطرح والإلقاء النبذ أصله الطرح والإلقاء والانتباذ افتعال منه ومنه: {فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً} آل عمران – الآية 187، وانتبذت تنحت يقال جلس نبذة من الناس ونبذة بضم النون وفتحها أي ناحية وهذا إذا جلس قريبا منك حتى لو نبذت إليه شيئا وصل إليه ونبذت الشيء رميته ومنه النبيذ لأنه يطرح في الإناء / وأصله منبوذ فصرف إلى فعيل ومنه قيل للقيط منبوذ لأنه يرمى به ومنه النهي عن المنابذة في البيع وهو أن يقول: إذا نبذت إليك هذا الثوب أو الحصاة فقد وجب البيع إذ = =عرفت هذا فنقول قوله تعالى: {إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا} معناه تباعدت وانفردت على سرعة إلى مكان يلي ناحية الشرق ثم بين تعالى أنها مع ذلك اتخذت من دون أهلها حجابا مستورا وظاهر ذلك أنها لم تقتصر على أن انفردت إلى موضع بل جعلت بينها وبينهم حائلا من حائط أو غيره ويحتمل أنها جعلت بين نفسها وبينهم سترا (مفاتيح الغيب – تفسير سورة مريم الآية 16).

إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (¬1). فالقرار وسيلة، والغاية هي: قال تعالي: {َاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} (¬2). فالقرار في البيت هو مزاج النساء، فتجلس في بيتها وتساند زوجها في الدعوة إلي الله (¬3). ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب الآية 33. (¬2) سورة الأحزاب الآية 34. (¬3) هذا السؤال طرحه وأجاب عليه الدكتور نعمان أبو الليل باجتماع طونجي في (دكا – بنجلاديش).

مقتطفات من بيانات النساء

مقتطفات من بيانات النساء o كمل من الرجال كثير وكمل من النساء أربع: مريم عليها السلام, آسيه بنت مزاحم زوجة فرعون رضي الله عنها, خديجة رضي الله عنها وفاطمة رضي الله عنها. o الله عز وجل جعل النساء مضرب للمثل في القرآن الكريم {ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لّلّذِينَ كَفَرُواْ امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِينَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئاً .... إلي قوله ... مِنَ الْقَانِتِينَ} (¬1) o خديجة (رضي الله عنها) مثال لتضحية النساء بالمال .. (سمية) مثال التضحية بالنفس. o كانت خديجة رضي الله عنها تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم فنجتهد على نساءنا حتى يكن تسليةً لنا. o الله سبحانه تعالى جعل الاستعداد عند النساء مثل استعداد الرجال. ¬

_ (¬1) سورة التحريم - الآيات من 10: 12.

o الله سبحانه وتعالى ما جعل نبي من النساء ولكن جعل من النساء مضرب المثل في التضحية للدين مثل الرجال. o أعمال بعض الرجال من الصحابة في صحائف نساء مثل عمر وعثمان .. فإسلام عمر وعثمان وخلافتهما ونشر الإسلام في صحيفة النساء. . وأبي طلحة أسلم على يد أم سليم حين طلب الزواج منها فقالت مهري الإسلام فهو في صحيفة امرأة. o بيت الرسول صلى الله عليه وسلم كان فارغا من الأشياء والأسباب ولكن مملوءً بالأعمال والإيمان والسعادة الحقيقية. o الله سبحانه وتعالى جعل حياة الصحابيات هي القدوة لنساء العالمين إلى يوم القيامة. o بيوت وحياة الصحابيات مدارس وكليات وجامعات، يوم لم تكن في ذلك الوقت مدارس وكليات وجامعات. o مسئوليتنا تفهيم النساء أنهن نواب عن الرسول صلى الله عليه وسلم. o مسئوليتنا تغيير حيثية النساء لكي يتغير ميدان الجهد, وتغييرالحيثية هو: 1) أن يأتي في ذهن المرأة أنها زوجة الداعي فلان، وليس زوجة ... التاجر أو المزارع أو الموظف. 2) أن تتفكر وترسل أولادها لتذكر الأحباب في المقام بالجولة المقامية إذا كان زوجها غير موجود.

o يتشاور أهل الحلقات في جهد النساء ولا يعتمد على أشخاص معينين فقط .. والأصل هو خروج جماعة نساء من المسجد. o أقل فائدة في جهد النساء هو: 1) أن لا يشغلوننا بالدنيا عن الدين. 2) يغيرن فكر النساء الأخريات. 3) يربين أولادنا على الدين. o هجرة مؤقتة هي هجرة سارة (عليها السلام) .. وهجرة مؤبدة هي هجرة هاجر عليها السلام. o أم سلمة (رضي الله عنها) حفظت تضحيات الصحابة من الضياع بعصيان نبيهم في التحلل من الإحرام يوم صلح الحديبية. o بسبب خروج المرأة بمال زوجها فهي تخرج ولكن لا يخرج من قلبها حب الدنيا والمال واليقين عليهما. o المرأة التي تشتكي من الداعي إلى الله لا تستحق أن تكون زوجته. o ضيعنا صلاحيتنا وصلاحية واستعداد زوجاتنا وأبناءنا وصلاحية الأمة للدنيا الفانية، نتشاور في أمور الدنيا ولا نتشاور في أمور الدين!!. o ليس مقصدنا خروج نساءنا من البيوت, بل دخول جميع النساء إلى البيوت.

من أقوال الشيخ سعيد أحمد (رحمه الله) فى جهد النساء

من أقوال الشيخ سعيد أحمد (رحمه الله) فى جهد النساء قال تعالى: {إِنّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصّادِقِينَ وَالصّادِقَاتِ وَالصّابِرِينَ وَالصّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدّقِينَ وَالْمُتَصَدّقَاتِ والصّائِمِينَ والصّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذّاكِرَاتِ أَعَدّ اللهُ لَهُم مّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} (¬1) وقال تعالي: {ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لّلّذِينَ كَفَرُواْ امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِينَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلاَ النّارَ مَعَ الدّاخِلِينَ * وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لّلّذِينَ آمَنُواْ ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب - الآية 35.

امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنّةِ وَنَجّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ * قال تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الّتِيَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رّوحِنَا وَصَدّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} (¬1) o خلق الله أدم عليه السلام ثم خلق حواء من ضلع أدم .. ومن أجل ذلك جعلت القوامة للرجال. o خلق الله أدم وحواء في الجنة .. وأراهما النعيم وما أراهما النار لأن الله يريد النار للعصاة .. وحتى يأتي في قلوبهما الشوق للعودة إلى الجنة قال تعالى: {وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هََذِهِ الشّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظّالِمِينَ* فَأَزَلّهُمَا الشّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمّا كَانَا فِيهِ (¬2) وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوّ وَلَكُمْ فِي الأرْضِ مُسْتَقَرّ وَمَتَاعٌ إِلَىَ حِينٍ} (¬3) ¬

_ (¬1) سورة التحريم - الآيات من 10: 12. (¬2) أي من النعيم والنضرة والسرور إلى دار التعب والكد , والنكد وذلك بما وسوس لهما وزينه فى صدورهما (قصص الأنبياء - لابن كثير صـ20) (¬3) سورة البقرة - الآيتان 35 , 36.

وقال تعالى: {وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هََذِهِ الشّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبّكُمَا عَنْ هََذِهِ الشّجَرَةِ إِلاّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَآ إِنّي لَكُمَا لَمِنَ النّاصِحِينَ* فَدَلاّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمّا ذَاقَا الشّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنّةِ وَنَادَاهُمَا رَبّهُمَآ أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشّجَرَةِ وَأَقُل لّكُمَآ إِنّ الشّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌ مّبِينٌ} (¬1) وقال تعالى: {فَقُلْنَا يَآدَمُ إِنّ هََذَا عَدُوّ لّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنّكُمَا مِنَ الْجَنّةِ فَتَشْقَىَ * إِنّ لَكَ أَلاّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَىَ * وَأَنّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَىَ * فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلّكَ عَلَىَ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاّ يَبْلَىَ * فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنّةِ وَعَصَىَءَادَمُ رَبّهُ فَغَوَىَ * ثُمّ اجْتَبَاهُ رَبّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىَ * قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً ¬

_ (¬1) سورة الأعراف – الآيات من 19: 22.

بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوّ فَإِمّا يَأْتِيَنّكُم مّنّي هُدًى فَمَنِ اتّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلّ وَلاَ يَشْقَىَ} (¬1) o قال ابن كثير: وكانت حواء أكلت من الشجرة قبل أدم وهى التي دفعته للأكل منها .. وفى كتب التوراة التي بأيديهم أن الذي دل حواء على الأكل من الشجرة هي الحية وكانت من أحسن الأشكال وأعظمها , فأكلت حواء عن قولها وأطعمت أدم عليه السلام .. ودل على ذلك الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "" لولا بنو إسرائيل لم تخنز اللحم , ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها "". رواه البخاري ومسلم والإمام أحمد (¬2) o وعند ذلك عاقبهما الله عز وجل بثلاث عقوبات: 1) الخروج من الجنة {اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً}. 2) فرق بينهما أربعين سنة .. نزل آدم بالهند وحواء بجدة والتقيا بعرفات بعد ما بكيا كثيرا وأذاقهما وحشة الوحدة والغرب. 3) جلسا في الدعاء والتوبة علي جبل الرحمة {رَبّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا} وبعد توبتهما نزلت أوامر للرجال وأوامر للنساء .. وأصبحت الجنة لمن أطاع الله والنار لمن عصي الله. قال تعالى: ¬

_ (¬1) سورة طه – الآيات من 117:123. (¬2) قصص الأنبياء - لابن كثير صـ21.

o زوجتا لوط ونوح كلاهما كانتا في بيت من بيوت النبوة , ولكنهما خالفتا أمر الله فكانتا من الهالكين. o زوجة فرعون في بيت الكفر لكنها دافعت عن موسى علية السلام وآمنت به بعد ذلك حتى قتلها فرعون بسبب إيمانها بالله تعالى. o مريم عليها السلام أمنت بربها وقضائه فبسبب طاعتها لله تعالى فذكرها معطر حتى اليوم. o أخبرنا الله تعالى أن المرأة لو كانت زوجة نبي مثل نوح, أو كانت زوج شقي مثل فرعون , فالله لا يبالى زوجة من هي إذا كانت على أمر الله .. فالله يعطيها السعادة والنعيم في الدنيا والآخرة .. والتي تخالف أمر الله فتخسر ولها العذاب الأليم في الدنيا والآخرة. o كان ابن نوح عليه السلام عاِصٍ , وقال الله {قَالَ يَنُوحُ إِنّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنّيَ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} (¬1) فالفضيلة عند الله تعالى ليست على ابن من؟ ولكن على عمله. o من زمن نبي الله نوح عليه السلام إلي نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ما كلف الله عز وجل زوجات الأنبياء بالدعوة ولا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء التكليف علي الرجال والنساء فأول من آمن بالله السيدة ¬

_ (¬1) سورة هود - الآية 46.

خديجة (رضي الله عنها) فأنفقت مالها علي الدين، قال تعالي {ووجدك عائلا فأغني} أي بمال خديجة .. فأول من آمن امرأة .. وأول من أنفق ماله امرأة .. وأول شهيدة امرأة. o النساء مع الرجال كانت عاطفتهم للدين .. كن يشجعن الرجال حتي يهبوا حياتهم للدين، مثل عمرو بن الجموح، شجعته امرأته .. ومعاذ ومعوذ ابنا عفراء شجعتهما أمهما علي قتل أبي جهل .. والخنساء شجعت أولادها الأربعة علي الاستشهاد في سبيل الله يوم القادسية. o في قصة (هاجر .. وإسماعيل .. عليهما السلام) حينما تركهما إبراهيم في وادٍ غير ذي زرع والقصة معروفة حتي شب إسماعيل (عليه السلام) وتزوج من قبيلة جرهم التي جاورتهما في الحرم .. وجاء إبراهيم (عليه السلام لزيارتهم) فوجد امرأة إسماعيل فسألها عن عيشهم، فشكت سوء المعيشة، فقال لها: إبراهيم - عليه السلام - عندما يأتي إسماعيل أقرئيه مني السلام وقولي له: غير عتبة بيتك. وعندما جاء إسماعيل - عليه السلام - فأخبرته، فقال لها أنت عتبة بيتي، وهذا أبي وقد أمرني بطلاقك فالحقي بأهلك. وعندما زارهم إبراهيم في المرة الثانية فوجد الزوجة الثانية لإسماعيل فسألها عن عيشهم؟ فأخبرته أنهم في أحسن حال. فقال لها: أقرئي إسماعيل مني السلام، وقولي له الشيخ: يأمرك أن تثبت عتبة بيتك. وعندما جاء إسماعيل - عليه السلام - أخبرته، فقال لها الشيخ أبي وأمرني أن لا أطلقك.

وعندما اشتكت زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - قلة النفقة، هجرهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهراً كاملا ثم جاءت الآيات بالتخيير (يا نساء النبي .. يعني المرأة التي لا تشكر طلقها، والمرأة الصابرة امسكها o المرأة غير الشاكرة متطلباتها تزيد تقول: أريد، وأريد .... ذهب. . ملا بس .. ويكون الجدل والمشاكل في البيت يوميا لذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ........ فاظفر بذات الدين تربت يداك " فوجود المرأة الصالحة في البيت بركة كبير. o قيل أن فرعون عليه اللعنة لما عصي أمر الله عز وجل، سلط الله عليه امرأته، فكان لا يعصي لها أمرا. o فعلاج ذلك كله نكثف الدعوة والخروج في سبيل الله عز وجل ونتقوم بحلقات التعليم في بيوتنا، ونجعل زوجاتنا وبناتنا داعيات ومصليات وتاليات للقرآن وذاكرات لله، فسوف نري الخير الكثير، فقلوب النساء أرق من قلوب الرجال بكثير، عندما يستمعن للقرآن والحديث وقصص الصحابة والصحابيات، فترق قلوبهن .. فنجمع نساءنا في بيت لثلاثة أيام نجتهد عليهن ونسمعهن حال نساء النبي والصحابة، فبالتجربة المرأة التي ترغب في الدعوة وخرجت مع زوجها للدعوة صلحت بيوتهم .. نسأل الله التوفيق والسداد.

مذاكرة في جهد النساء

مذاكرة في جهد النساء الله - جل جلاله - نادى الأمة بأعظم نداء .. وأعظم نداء في القرآن (يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ) .. الله يناديك حتى يبين مقامك (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ) ودائما لما المنادي ينادي يقبل على المنادى، كأن الله عزو جل يقول أنا أقبل فأقبل عليَّ فهذا الخطاب للجميع الرجال والنساء. وقال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلََئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (¬1) هذا ميراث الرسول - صلى الله عليه وسلم - والدين حق الجميع، وجهد الدين حق الجميع، ولهذا الله ما أرسل امرأة نبيا .. لكن كرامة لهذه الأمة الشيء الذي لم يعطه لزوجات الأنبياء وبنات الأنبياء أعطاه لزوجاتنا وبناتنا وأمهاتنا. هذه الأمة كلها بلا استثناء الله اختارها .. (الاختيار بنسبة الجهد والاصطفاء بنسبة الجهد). ¬

_ (¬1) سورة التوبة - الآية 71.

وما معنى الاختيار: الخير الذي فيك، أنا اخترتك .. والصفاء الذي فيك أنا اصطفيتك {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} (¬1) الله ذكر النساء في القران .. فكم جعل الله فيهم من الخير والعلاقة مع الأنبياء عليهم السلام. الله ذكر أم موسى وأخت موسى وزوجة موسى .. هؤلاء نساء، ولكن كلهن شاركن في الجهد. والله ذكر زوجة عمران التي نوت نية الخير والله تقبل نيتها وذكر مريم {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ} (¬2). وذكر آسية بنت مزاحم التي تحصلت المكانة العالية عند الله، في أسوأ مكان، كانت في قصر فرعون لعنة الله عليه، ومن أسوأ مكان هي تحصلت الصديقية وإبليس من أحسن مكان تحصل علي اللعنة. الله ذكر هؤلاء النساء الذي بسببهم جاء التغير في الأمم. وكذلك هذه الأمة لها نفس النسبة مسئولية الدين. القرآن ينزل للرجال وما ينزل للنساء فنزلت آية واحدة جمعت عشر صفات، قال تعالى: {إِنّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ ¬

_ (¬1) سورة فاطر- الآية 32. (¬2) سورة آل عمران - الآية 42.

وَالْقَانِتَاتِ وَالصّادِقِينَ وَالصّادِقَاتِ وَالصّابِرِينَ وَالصّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدّقِينَ وَالْمُتَصَدّقَاتِ والصّائِمِينَ والصّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذّاكِرَاتِ أَعَدّ اللهُ لَهُم مّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} (¬1) هذه الصفات للوصول إلى الله، وهي حق للرجال والنساء .. والنساء خفن أن يضيع الميراث. وسورة مريم تسمى سورة المواريث .. ولكن لا توجد سورة الدرهم والدينار .. أي مواريث الجهد وميراث النبوة هبة الله. زكريا - عليه السلام - خاف أن يضيع ميراث النبوة فدعا، قال تعالي: {كهيعص * ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} (¬2) الله قال أنت طلبت وليا فأهب لك نبيا {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا} (¬3). ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب - الآية 35. (¬2) سورة التوبة - الآية 71. (¬3) سورة التوبة - الآية 71.

وإبراهيم - عليه السلام - خاف أن يضيع هبة الميراث {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} (¬1) فالأنبياء خافوا أن يموتوا فيضيع الميراث، فالله وهب لهم هبة بنسبة الجهد. فلا بد نتفكر يا الله كيف لا يضيع الميراث .. لما الأنبياء خافوا، فالله وهب لهم، فالذي يأتي من أصلابهم في هذا الجهد فهذا هبة الله. تتفكر في العالم وما تتفكر للذي في صلبك؟؟ الأنبياء لا يخرجوا من الدنيا حتى يطمئنوا أن مسؤوليتهم حملها الأبناء. والنبي - صلى الله عليه وسلم - الله أعطاه أعظم هبة ولكن الشرط أن يأخذ الله منه الولد (لأن أولاد الأنبياء إن عاشوا ذكورا يكونوا أنبياء (¬2) ولا نبي بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فالله أخذ منه الولد، وجميع أولاده ماتوا في الرضاعة، ولكنه أعطي عطاءً لم يعطاه نبي قبله وهب له أمته كلها، وما خرج من الدنيا حتى اطمئن أن أمته كلها تعمل بجهده .. هذه الأمة هبة الله .. أما مواريث الشهادات تأكل وتشرب وتنام .... الخ بجهد تعرف من أنت فالنبي - صلى الله عليه وسلم - رفع أمته إلى هذا المستوى .. كم قدم من الجهد؟؟؟. لا بد كل منا يشكر الله على هذه النعمة ويتفكر أن لا يضيع الميراث. زكريا - عليه السلام -: (قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) أربع أسباب لعدم الإنجاب، ولكن عنده صدق الطلب والتوجه (فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا) .. هل عنده أسباب بنظر البشرية أو طبية ¬

_ (¬1) سورة الصافات - الآيتان 100، 101. (¬2) أو يظن الناس أنهم لا بد أن يوكنوا أنبياء.

لا يوجد أسباب ولكن عنده اليقين على الله ولما طلب بالصدق .. الله أعطاه يحيى والاسم من الله والتربية من الله .. وأعطيناه الحكم صبيا {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} (¬1) ولما طلب بالصدق الله أعطاه. هل نحن عندنا الطلب الصادق؟ إذا خرجت الجنازة من البيت طلع الدين من البيت .. نتفكر كيف هذا الميراث يكون متصل (وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) .. ليس منقطعا، لا بد أن نتفكر الرجال والنساء كيف لا يحرم أقرب الناس إلي من هذا الخير {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} (¬2) يقول ابن عباس رضي الله عنه: أي أذن بيتك وبيته أن يرفع. لماذا نبنى المساجد هل للطعام والشراب والنوم؟ اتق الله! المساجد بنيت لذكر الله، والأكل والنوم والشرب فيه للحاجة. لماذا نبني البيت هل للطعام والشراب والنوم ... الخ؟ اتق الله! يا مسلم بيتك أذن الله أن يرفع كما رفع المسجد لذكر الله، والطعام والنوم يجوز في المسجد للضرورة وكذلك في البيت للضرورة. ولكن لماذا تبني بيتك؟؟ ليذكر فيه اسم الله، فرفع الله مستواه، لهذا ذكر الله في القرآن سورة الحجرات هذه الحجرات خرج منها الهدى والنور، وتسع حجيرات أفضل بقاع على وجه الأرض كان الوحي ينزل على النبي في هذه الحجيرات وكل الناس تصلي وتسلم على صاحب الحجيرات، وهناك ملائكة يطوفون في الطرقات ¬

_ (¬1) سورة مريم _ الآية 12. (¬2) سورة النور _ الآية 36.

يبلغون النبي السلام (كما جاء في الحديث أن صلاتكم معروضة علي أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - .. كل السلام في العالم تحمله الملائكة إلى الحجيرات. عائشة رضي الله عنها رأت رؤيا أن ثلاثة أقمار تنزل في حجرتها فقال أبو بكر لعائشة إن صحت رؤياك يدفن في هذه الحجيرات خير أهل الأرض ولما دفن - صلى الله عليه وسلم - فيها فقال لها هذا أول أقمارك وهو خير أهل الأرض .. كم قوة في هذه الحجيرات فالله أراد حجرتك مثل هذه الحجيرات .. علم الذي تحصل عليه عائشة في هذه الحجيرات هي عاشت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - تقريبا 9 سنوات ونصف وحصتها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أيام في الشهر، وأكثر أوقات النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخارج أحسبها كم عاشت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأيام سنة، ولكن كم أخذت الرواية من النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر من 2220 حديثا وهي حافظة لكتاب الله ومحدثة وفقيهة، وعاشت بعده - صلى الله عليه وسلم - 50 سنة ونصف .. الدين موجود عند عائشة خذ الدين من الحميراء .. يقول أحد التابعين سمعت من أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ولم أسمع أخطب من عائشة فكم دين وأخلاق وعفة .... الخ من الحجيرات صفات عالية. لو كل واحد منا ينظر حياة أي واحدة من الحجيرات حياة أم سلمة كلها صفات، وحياة حفصة كلها صفات، فكل صاحبة حجيرات عندها كنوز من الصفات رضي الله عنهما .. كم خير للأمة حملوا ورحمة للأمة وما بخلوا على أمة النبي - صلى الله عليه وسلم - .. عائشة رضي الله عنها الذي رأته في الحجيرات تطبقها وكان - صلى الله عليه وسلم - يقوم حتى تتفطر قدماه وهي في الحجيرات تقوم كقومة النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان - صلى الله عليه وسلم - أجود من الريح المرسلة يعطي العطايا ولا يجد ما يفطر عليه وهذا الذي رأته طبقته .. فكم نقلت الرحمة للأمة إلى آخر يوم من حياة عائشة. دخل عليها عبدالله بن عباس وقال: مات رسول الله عنك وهو راض ولم يتزوج بكرا إلا أنت وإنك أحب الناس إلى رسول الله وأنزل الله براءتك من سبع سموات وكان جبريل ينزل وهو في لحافتك ومات رسول الله في بيتك بين سحرك

ونحرك وجمع الله بين ريقك وريقه وليس بينك وبين رسول الله إلا روح يخرج من الجسد قالت إليك عني يا ليت مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا. فعائشة من أول يوم إلى آخر يوم وهي تقدم للأمة. قالت عائشة من زوجاتك معك في الجنة؟ قال: " أنت منهن ". قال - صلى الله عليه وسلم - لها رأيت بياض كفك في الجنة. هذا ميراث الجميع، فعن أسماء بنت يزيد الأنصارية (رضي الله عنها)، أنها أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بين أصحابه فقالت: بأبي أنت وأمي إني وافدة النساء إليك - واعلم نفس لك الفداء - أنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا إلا وهى على مثل رأيي، إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء، فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنا معشر النساء محصورات ومقصورات، قواعد بيوتكم، ومقضي شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمعة والجماعات، وعيادة المرض، وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا خرج حاجاً أو معتمراً أو مرابطاً حفظنا لكم أموالكم، وغزلنا لكم أثوابكم، وربينا لكم أولادكم، فما نشارككم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال: " هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مساءلتها في أمر دينها من هذه "؟ فالتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - إليها ثم قال: " انصرفي أيتها المرأة، واعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها، وطلبها لمرضاته واتباعها موافقته، يعدل ذلك كله "، فأدبرت المرأة وهى تهلل وتكبر استبشاراً." رواه البيهقى (¬1). ¬

_ (¬1) الدر المنثور في التفسير بالمأثور- للسيوطى 2/ 532.

كل كان مزاجهم منافسة للوصول إلى هذه الحجيرات .. فهي أفضل الحجيرات ومنها تنشق الأرض .. نبي الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من الروضة سأل: " أين أبو بكر تعال عن يميني وأين عمر تعال عن بساري مسك أيديهم ورفعهم وقال هكذا نبعث يوم القيامة ". من هذه الحجيرات .. أول ما تشق الأرض ثم البقيع من الحجيرات بداية المحشر لما هدمت الحجيرات، قال سعيد بن المسيب رضي الله عنه حينما هدمت حجرات أمهات المؤمنين، فلم ير أكثر بكاءً أهل المدينة، ليس لإزالة هذه الحجرات، وإنما على قول سعيد رضي الله عنه لكي ينظر الناس إليها وما تحتويه من أثاث ومحتويات، فيجعلهم يتفكرون ويعتبرون في أحوال معيشته - صلى الله عليه وسلم -، فأكثر طعامه الأسودين الماء والتمر، وغرف زوجاته فيها حصير، وتحت رأسه وسادة من أُدُم محشوة ليفا. يا مسلم كيف يكون بيتك مثل هذه الحجيرات. هذا حقك من سورة الحجرات، هذا حقك من سورة مريم لا تزهد فيه .... كما ذكر الله في سورة العنكبوت: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (¬1) هنا أعظم البيوت وهنا أوهن البيوت ... العنكبوت لا توجد عنده حياة اجتماعية أبدا .. الذكر يلقح الانثى، والانثى تقتل الذكر ويأتون الأبناء يقتلون الأم .. عاشوا الأبناء يصبح المقتل بين الأبناء تفكك كامل كما الآن موجود وكم بيت في العالم حاله كحال بيت العنكبوت لا توجد محبة ولا رحمة (وجعل بينكم مودة ورحمة) وأساسها الإيمان وبغير الإيمان لا توجد مودة ورحمة أي علاقة خلاف الشريعة منزوع المودة والرحمة .. علاقة زواج علاقة شرعية أساسها المودة والرحمة أي علاقة غير شرعية منزوع المودة والرحمة هذا أمر ¬

_ (¬1) سورة العنكبوت _ الآية 41.

الله .. أحييت أمر الله استفدت من الأمر خلاف أمر الله لا تستفيد إلا عداوة وبغضاء لهذا نحافظ بيوتنا كيف لا تكون كبيت العنكبوت ولا تكون بيوت مثل المقابر يخرج من البيت كأنه خارج من المقبرة يذهب إلى المسجد وعنده الحلقة ومشورة وجولة وزيارة .... الخ يرجع إلى البيت يرجع إلى المقبرة (لا تجعلوا بيوتكم مقابر) كما تجعل مسجدك فيه الأعمال اجعل في بيتك أعمال فلا تجعل البيوت مقابر .. من المسئول عن البيت؟؟؟. قال تعالى: {الرّجَالُ قَوّامُونَ عَلَى النّسَآءِ بِمَا فَضّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَىَ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (¬1) هذا تكليف ما تشريف .. كما نقوم بخمس أعمال في المسجد، نقوم بخمس أعمال في البيت يرتفع البيت مثل المسجد ساعتين ونصف يوميا كذلك مطلوب منك الجهد في البيت .. وإلا البيوت الآن كبيت العنكبوت، كم من أحباب دخلوا الدعوة وتركوا الدعوة، بسبب البيوت، كم خطر الذي يمشي في الدعوة وحده كأنه يقحم على قدم واحد، هذا خلاف الفطرة، امشي بقدمين بيتك سرك، والمسجد علانيتك. كم قوة في النساء، وكم قوة اليقين عند (أم موسى) هل بسيط أن ترمي الابن في البحر، لهذا الله ربط على قلبها، بسببها رفع العذاب عن بني إسرائيل السر في سورة القصص (وأوحينا إلى أم موسى) نجاة بني إسرائيل أبناء الأنبياء بسبب تضحية امرأة بني إسرائيل فيهم العباد والزهاد .. الله اختار أم موسى ووقت الضعف ووقت الولادة لكن بتضحيتها رفع الله العذاب على الأمة وبالتضحية يرفع العذاب عن أمة النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا نحرم نساءنا من الرحمة. ¬

_ (¬1) سورة النساء - الآية 34.

إذا مطلوب خمسة أعمال في المسجد، والبيت، فيرتفع بيتك عند الله كبيته بالأعمال، ولكن كم قصر عند الله كبيت العنكبوت، وكم بيت من الطين لكنه مرفوع عند الله رفع بالإعمال، هناك أعمال يومية في البيت مثل المسجد كما أن في المسجد ثلاثة أعمال يومية (التعليم، المشورة، مذاكرة في الصفات) نتشاور في من يقوم بالعمل، أحيانا المشورة بالبيت على من التعليم والمشورة ومذاكرة الصفات لابد 3 أعمال يومية وعمل أسبوعي الجولة، هل تتجول النساء؟؟؟ لا (المرأة عليها الدعاء والذكر في يوم الجولة ودعاءها يؤثر في الجولة ويكون تأثيرها في العالم وتأخذ نصيبها في البيت في حديث سهم واحد يدخل فيها ثلاثة في الجنة (راميها وباريها وحاملها) هل حرمت من خير هي في الذكر والدعاء وهي في البيت وتأثيرها في الجولة والعالم. وعمل واحد شهري خروج ثلاثة أيام جماعة مسجد، يعينوا خروج شهري وبالاهتمام، ويعينوا خروج جماعة الرجال مع المحارم كل شهرين، ولا نجمع كل القدماء في أسبوع واحد، بل اثنين قدماء وباقي جدد، وبعد شهرين خروج نساء نرتب جماعة من المسجد 27يوم جهد إخراج الناس 3 أيام، وعندك 2شهر جهد على الزوجة والأولاد حتى أهيئ لهم الخروج، فجماعة مسجد عندهم ترتيب شهري كذلك يجعل بعد شهرين خروج مع نسائهم، أقل قليل تخرج المرأة خلال سنة 5 مرات وتستقبل 4مرات أو 5مرات. المرأة عندها معاذير كثيرة، فأحيانا لا تقدر أن تخرج، فإذا لم تخرج عليها أن تستقبل الآن خلال سنة تتكون بيئة الإيمان. ولا نجعل التعليم على المرأة، تقول أنت مسئولة وأنا مسئول عن الأمة وهي من الأمة؟؟ هي مسؤوليتك الأولى {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ قُوَاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاّ

يَعْصُونَ اللهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (¬1) وقت التعليم لابد نتشاور بالاهتمام .. نعين وقت وأكون موجود فيه .. الدعوة لترتيب حياتك شريعة (25 حقوق الله، و75 حقوق الناس) وأول حق حق بيتك .. دين يعطيك المعاذير حتى تعطي حقوق الجميع. أعين وقت، وألتزم بالوقت، وأي شي أقدم وأؤخر، بهذا الترتيب يزيد مستوى البيت. كما تفكر بالأمة فكر في زوجتك وأولاد، الأولاد لا يأخذون منك، بل يأخذون منها، إذا الأم ما قبلت الدعوة، الأولاد لا يقبلون الدعوة بغير ترتيب الصحيح. الله أعطى المرأة قوة الصبر، تصبر علي أولادها. لو تقوم بأعمال الدين بهذا الصبر، يرضى عنها الله؟؟. والمرأة عندها حسن التدبر، وعندما نقرأ قوله تعالي: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} (¬2) نحن نسمع هذه الآية فورا نفكر في الشر، أي حسن التدبير في الشر .. شر عظيم، وللخير خير عظيم، والتدبير والحكمة عند المرأة أكثر من الرجل، إذا استخدم في مكان صحيح. ومائة بيان للرجال قوة، وبيان واحد للنساء له قوة وتأثير، لرقة قلوبهن. فمن مستعد يكون بيته كالحجيرات؟؟؟؟ ¬

_ (¬1) سورة التحريم - الآية 6. (¬2) سورة التحريم - الآية 6.

آداب وأصول فى الجهد علي النساء

آداب وأصول فى الجهد علي النساء o هدايات الخروج في سبيل الله تعالي للنساء: 1) مقصد خروج النساء (في بيئة مهيئة للجهد عليهن): - استحضار النية: أن يأتي في حياتها الدين الكامل .. الحصول علي رضا الله .. إصلاح النفس. - أن يأتي عندها فكر الآخرة. - الرضا بحياة البساطة. - أن تجعل بيتها مركزا للهداية (بداية من أهلها ومحارمها وأولادها). - مشاركة الزوج في مسئولية الدين، وتجهيزه لأبعد مكان في العالم. - يأتي عندها فكر الدعوة وتحمل المسئولية. - يأتي عندها الحرقة علي الدين .. والهم الذي كان عند الرسول صلي الله عليه وسلم. - يأتي الإستعداد للموت والرغبة في الآخرة. - يأتي عندها حب الله وحب الرسول صلي الله عليه وسلم. - الجهد لإخراج جماعة نقدا. 2) يخرجن بالنفس والمال.

3) يخرجن في صحبة المحرم (زوج، أب، أخ، ابن) والأصل في المحرم الزوج إن وجد، وإلا فلا بأس. 4) يكون المحرم بالغا وله تجربه في الجهد. 5) يخرجن بالإفتقار إلي الله. 6) نحن نحتاج إلي نصرة الله تعالي. 7) جميع المشاكل التي تواجهنا في الخروج تحل بأعمال الدعوة إلي الله تعالي. 8) إذا نزلن في منزل لا يبدأن بالنوم والكسل، بل يبدأن بالأعمال والجهد، مثل القيام بحلقة التعليم، أو الدعوة الإنفرادية. 9) يُكرمن أهل المنزل والضيوف الذين يأتون إلي المنزل من النساء. 10) النساء يجتهدن في النساء، والرجال يجتهدن في الرجال. 11) غض البصر عن حُلي النساء، وعن ملابس النساء، وعن أثاثات البيت الذي نزلت فيه ولتعلم أن ما فوق التراب تراب. 12) المحافظة علي الأوقات الجماعية والانفرادية. 13) نُقلل من كلام الدنيا ونتكلم في الصفات الست. 14) ترغيب النساء التي تأتي للنصرة في الإيمانيات، ونتكلم معهم في قدرة الله وعظمته. 15) ترتيب الأعمال وتحديد أوقاتها بمشورة الرجال، ثم تكتب في ورقة وترسل للنساء. 16) الإلتزام بمشورة الرجال، وبالمواعيد المحددة للأعمال. 17) لا نقبل هدايا من أحد، ولا نعطي هدايا لأحد. 18) لايوجد أمير من النساء، والأمير فقط من الرجال. 19) البساطة في اللباس، وترك الحُلي في البيت قبل الخروج.

20) المرأة تبين وترغب وهي جالسة علي الأرض، ولا تبين وهي واقفة، ولا تجلس علي الكرسي، ولا تستعمل الميكرفون، ودائما نحتاط أن لا يصل الصوت إلي الرجال. 21) نهتم بدعوة الجديدات، سواء من داخل الجماعة أو من الاتي يأتين للنصرة. 22) إذا قل عدد النساء المناصرات قبل الظهر، فيتم التعليم، أما إذا كثر النساء فيتم البيان من الرجال. 23) يجتهد الرجال في المسجد تحت تخرج الجماعة نقدا، وتجتهد النساء في المنزل حتي تخرج جماعه من النساء مع محارمهن. 24) النساء الخارجات لايعطين الهدايا، ولا يقبلن الهدايا. 25) يقمن النساء بعض صلاة الفجر بعمل مذاكرة في الصفات الست. 26) بعد العشاء مذاكرة في قصص الأنبياء، وحياة الصحابة. o ممنوعات: 1) لا يأخذن أي شيء من أهل المنزل، حتي لو عُرض عليهن، إلا بمشورة الرجال. 2) لا يستعملن أشياء أهل البيت إلا بعد الإذن وبقدر الضرورة. 3) يمتنعن الإسراف والإشراف واستخدام حاجة غيرهن إلا بإذنهن وفي المكان المناسب. 4) عدم النظر إلي عيوب أخواتها، بل تنظر إلي محاسنهن. 5) عدم تصحيح الخطأ أثناء الخطأ، لأن صحيح الخطأ أثناء الخطأ من أعظم الخطأ.

6) لا تدخل في أعمال الغير. 7) عدم خلع الخمار. 8) يمتنعن عن استعمال حاجة الغير. 9) لا يشكل النصرة علي النقاب، وترك العمل للموظفات. 10) لا يشكلن النصرة علي الجلوس معهن لتناول الطعام، أو تشكيلهن علي الإعتكاف. 11) يمتنعن عن رفع الأصوات. 12) لا يُعدلن في ورقة الشوري ن ولا يقمن بأي عمل بدون مشورة الرجال. 13) لا يقدمن الإكرام أثناء البيان. 14) عدم شراء أي شئ من المتاع خلال أيام الخروج. 15) لا نصطحب الأطفال في الخروج. o مستحبات: 1) إكرام النصره وحسن أستقبالهم. 2) إكرام ألخوات بعضهن البعض، وخصوصا كبار السن. 3) حفظ الصفات الست والعشر سور من القرآن مبدئيا. 4) تطبيق آداب النوم والطعام والشرب، وغيرهما من الآداب. 5) ننتشر بين النصرة. o صفات تُكسب رضا الله تعالي: 1) ازدياد فكر الدعوة يوما بعد يوم. 2) زيادة الألفة والمحبة بين الجماعة. 3) نكثر من الدعاء ونزيد في وقت الدعاء يوميا، تدريجيا.

o شروط يجب أن تتوفر في البيت الذي يستقبل جماعة النساء: 1) نلتقي بصاحب المنزل ونأخذ منه أحوال المنزل. 2) نشترط عليه أن يكون الأولاد الذكور المميزين في المسجد مع الرجال. 3) نعين المنزل، غرفة غرفة، ونعين غرفة استقبال النساء، ونعين المكان الذي يجلس فيه الرجال أثناء البيان. 4) نتأكد من وجود الستائر في الغرف والشرفات. 5) يتم معاينة المنزل مرة أخري عند دخول الجماعة للمنزل، قبل أن تنزل الجماعة من السيارة. 6) يكون عندنا بيت احتياطي. o كيف تستفيد المرأة من الخروج؟ طرق الاستفادة: _ إذا كان الخروج بالرغبة والافتقار إلي الله. _ تحافظ علي الوقت في الخروج (فالذي في المستشفي يمشي علي نظام المستشفي). _ تُنفذ هدايات الخروج بالكامل. _ لا تتكلم في أحوال البيت ومشاغل الأولاد والزوج. _ الإلتزام والمحافظة علي العمل الجماعي. _ الإلتزام بالأعمال الإنفرادية (قراءة القرآن، ذكر الله، الصلوات، قيام الليل، صلاة الضحي) 0

o آداب المذاكرة بين النساء: 1) مقصد المذاكرة: هو حتي يصبح عملنا علي الترتيب الصحيح. 2) الجلوس في حلقة المذاكرة بالوضوء. 3) تحديد موضوع المذاكرة. 4) نجلس في الحلقة بالتوجه، واستحضار القلب. 5) تبدأ امرأة بشئ من الترغيب ثم تبدأ المذاكرة العامة. 6) لا نقاطع المتكلمة في كلام المذاكرة. 7) لا نحقر كلام المتكلمة، بل نشجعها بتوجهنا إليها، وسيأتي في يوم تصل إلي المستوي المطلوب. 8) وإذا تحدثت التي عينت في المذاكرة في غير موضوع المذاكرة نصبر ونتحمل حتي تكمل حديثها. o نقاط المذاكرة التي يتذاكر فيها النساء: 1) الألفة والمحبة. 2) الفكر العالمي. 3) أهمية الدعوة وفضائلها. 4) الصبر والتحمل. 5) آداب الخروج. 6) الترغيب في الذكر. 7) الصفات الست. 8) الإستقامة

o نقاط المذاكرة بين النساء في أسباب الألفة والمحبة: 1) إفشاء السلام. 2) إكرام الأخوات في الأكل والشرب. 3) إهداء الهدية ولو بسيطة. 4) الدعاء بظهر الغيب. 5) المدح في خلف الممدوحة. 6) النظر إلى المحاسن وعدم النظر إلى العيوب. 7) عدم اللوم على الأخطاء. 8) خدمة الأخوات بفرش الفراش وغسل الملابس. 9) إيثار الأخوات بالمكان المريح. 10) نداء الأخوات بأحب الأسماء. 11) الصبر على تقصير الأخوات وعدم الغضب عليهن. 12) الكلام باللين والشفقة والرحمة. 13) عدم رفع الكلفة وكثرة المزاح. o فوائد الألفة والمحبة بين النساء: 1) معية الله تكون مع الجماعة. 2) الحصول على أكبر مدد طويلة والجماعات نقداً. 3) تنتقل الاجتماعية من الجماعة في الأمة. 4) تسهل الأعمال. 5) يكون الأثر في القرية بل على البلدة كلها.

6) تترقى الجماعة في دينها وصفاتها. 7) قطع الطريق على الشيطان. 8) يكتبن من المتحابات في جلال الله على منابر من نور يوم القيامة. 9) يتحصلن على محبة الله. 10) يكن تحت عرش الرحمن يوم القيامة. 11) زيادة الإيمان. 12) يسمع الناس كلامهن ويكون في كلامهن أثر وجاذبية. o نقاط لمذاكرة الخدمة: 1) المرأة تخدم (البيت يعني زوجها وأولادها – وتخدم الخارجين في سبيل الله) وكل ذلك ابتغاء مرضاة الله عز وجل. 2) تستعد الخارجة للخدمة بالشوق والرغبة. 3) الخدمة بالإخلاص مع استحضار الفضائل، وتحتسب الأجر من الله على خدمتها. 4) المرأتان المعينتان في الخدمة، تُصليان صلاة الحاجة. 5) تنوي في طهي الطعام أن كل من يأكل من هذا الطعام الذي تعده ن أن يستخدمه الله - عز وجل - للدين. 6) الخدمة تكون بذكر الله ومذاكرة الصفات. 7) إذا طبخ الطعام بذكر الله تعالي، يأتي البركة في الطعام، فمن يأكله يتنور قلبه. 8) الأفضل أن تؤدي الخدمة في الأوقات الإنفرادية إن أمكن ذلك. 9) لا تنظر إلى تقصير زميلتها في الخدمة. 10) لا ترفض مساعدة الأخريات لها في الخدمة وتساعدهن في خدمتهن.

11) إذا كانت صاحبة الخدمة مريضة أو ذات عذر فنساعدها. 12) لا نسرف في أغراض الخدمة. 13) نطلب أغراض الخدمة قبل وقت الحاجة لها لنعطي فرصة للرجال لإحضارها. 14) أهل الخدمة يقيمون تعليم القرآن ومذاكرة الصفات فيما بينهن. 15) يحرص أهل الخدمة على الإكرام للمناصرات. 16) يراعى المرضى في الأكل والشرب ويفضل تقليل الملح والسكر والدهن ليضاف بعد الطبخ قدر الحاجة. 17) استعمال أغراض المنزل بقدر الحاجة وحسب الضرورة، وبالطريقة الصحيحة، ولا نستعمل الأغراض غير الضرورية، ولا نسأل عن مصدر الأغراض. 18) عدم تشغيل صاحبة المنزل في الخدمة. 19) نكرم أهل المنزل، النساء والأطفال الموجودين مع النساء في المنزل. 20) الإقتصاد في أصناف الطعام. 21) نتجنب الإسراف. 22) نتجنب الإشراف علي الأطعمة الموجودة في المنزل الذي نزلنا فيه. 23) إخطار الرجال عند وجود نقص في الطعام. 24) نترك الطعام الكافي للنساء. 25) نحافظ علي نظافة الأواني. 26) لا نلقي فضلات الطعام في الأحواض أو المجاري، بل في سلة مخصصه لذلك. 27) مراعاة ترتيب وتنظيف المكان في نهاية الخدمة. 28) لا نقبل هدايا من أحد إلا بمشورة الرجال.

o نقاط لمذاكرة آداب الاستقبال: 1) الاستقبال يكون بالشوق والرغبة، والبشاشة (الإبتسامه، والفرح، والترحاب). 2) معرفة ترتيب ومزاج النساء المقيمات. 3) المستقبلات يشاركن في الأعمال الاجتماعية. 4) استقبال النساء لا يكون بدون خمار. 5) المستقبلات يرحبن بالزائرات (أهلاً وسهلاً (. 6) المستقبلات يكن قرب الباب ولكن في الستر. 7) المستقبلات لا يشوشن على العمل الاجتماعي برفع الصوت للترحيب. 8) ترغيب صاحبة الأولاد في دخول الغرفة الخاصة بالأطفال بالألفة والمحبة. 9) عدم النظر للنساء اللاتي بغير الخمار الشرعي بعين الاحتقار. 10) إذا جاءت إحدي المناصرات بالإكرام فلا نرده ونخبر الرجال. 11) الرد علي كل طارق ونبلغ النساء بالمطلوب. 12) التوجه إلى الله بالدعاء أن يشرح صدور النساء في البيان. o نقاط لمذاكرة آداب التشكيل: 1) اللائي يسجلن استعداد الحاضرات، يجلسن في مكان مناسب وقبل البيان. 2) يجهزن ورقة وقلم قبل البيان حتى لا يقمن وقت التشكيل. 3) يكتبن الأسماء وهن جالسات وفي مكان غير مرتفع. 4) لا يبدأن بياناً جديداً. 5) التشكيل يكون بالمحبة والشفقه والإكرام، ونتجنب الشدة. 6) يكون وقت التشكيل من 5 إلى 15 دقيقة.

7) يكتبن الأسماء والعناوين بوضوح من أجل التحصيل. 8) يغطين رؤوسهن أثناء التشكيل. 9) إذا كثرت الحاضرات فالمشكلات يكن اثنتين أو ثلاث. 10) إذا كانت المشكلة أمية فيكون معها أخرى تعرف الكتابة. 11) لا يشار إلى امرأة بعينها ولكن يطلب التسجيل من الجميع. 12) صاحبة التشكيل لا تجلس عي كرسي ولكن في مكان بارز بين النساء. 13) لا ترفع صوتها ولا تستعمل مكبر للصوت. 14) لا تكتب اسم المرأة المستعدة، بل تكتب اسم محرمها، مثل: أهل فلان أو أم فلان. 15) الكتابة تكون بخط واضح ومقسمة إلي: الإسم – المدة – المنطقة. 16) المرأة التي تأتي بالأعذار، تجلس معها بالمحبة وتهون عليها الأمر وتبسط لها الموضوع. 17) أثناء التشكيل يكون الترغيب من كل النساء الخارجات للحاضرات من النصرة. التشكيل يكون كالآتي: أ – تشكيل النساء للخروج مع محارمهن من الرجال من 3 أيام إلى 4 شهور. ب- تشكيل النساء للقيام بحلق التعليم في بيوتهن. ج – تشكيل النساء للإجتهاد في إخراج محارمهن من الرجال. د _ تشكيل النساء للنصرة في البيت لجماعة المستورات. o نقاط لمذاكرة آداب الدعوة الانفرادية: 1) الدعوة إلي الله عمل عظيم.

2) الدعوة الانفرادية في أي مجمع ما عدا حلق التعليم. 3) الدعوة الانفرادية في كل مكان، في البيت تستقبل الزائرة بالبشاشة والترحيب. 4) المرأة الداعية إلي الله دائما في الذكر وعلي وضوء. 5) الداعية إلي الله لا تتأثر من التي أمامها مهما كانت، صاحبة مال أو جاه. 6) تبدأ الدعوة الانفرادية بالعريف ثم التأليف ثم التكليف. 7) الكلام يكون في الصفات الست. 8) ندعو النساء بالهم والفكر. 9) نعرف مزاج المرأة التي ندعوها. 10) نتكلم مع كل امرأة حضرت ولا نؤخر الكلام معهن. 11) نكرم المدعوة قبل دعوتها. 12) لا نحتقرها لأنها لم تخرج ولو في أنفسنا. 13) لا نتكلم معها في السياسة ولا أمراض الأمة. 14) لو اعترضت لا نجيبها بعنف ولكن نقول نحن خرجنا لنتعلم ونصلح أنفسنا. 15) لا نحقر محبوباتها ولكن نذكرها بأحسن منها في الجنة. 16) لا نتعرض لعيوبها ولا نشير إليها. 17) نلاحظ مدى استعدادها لسماع كلام الدين والإيمان. 18) ننظر إلى صفاتها الحسنة ونشير إليها. 19) يكون كلامنا معها خالصاً لوجه الله تعالى. 20) لا نتأثر من لباسها. 21) الكلام لا يكون بأسلوب الواعظ ولكن تفهيم وتفهم.

22) تتكلم مع الطفل في نعم الله: اليدين والرجلين واللسان وهكذا. o آداب بيان الرجال في النساء: 1) الأفضل أن يكون المبين متزوجا. 2) الحجاب بين النساء والمبين، بحيث لايراهم ولا يرونه. 3) لايتكلم المبين ببعض الألفاظ غير المناسبة مثل: أيها الأحبة، بل يقول: أيها الأخوات. 4) لا يتكلم بألفاظ تخدش الحياء. 5) يتكلم في الصفات الستة، ويعتني بذكر قصص النساء في كل صفة، ويأتي بالقصص قوية الإسناد. 6) يتكلم في تربية الأولاد. 7) يتكلم في حياة البساطة. 8) يتكلم في تضحيات النساء. 9) يتكلم في كيف تقضي المرأة وقتها في يتها. 10) يكثر من الترغيب ويقلل الترهيب. 11) لو تكلم في الجنة وجاء ذكر حور العين، فلا يتكلم في حسنهن، بل يتكلم في منزلة المرأة الداعية في الجنة وكم لها عند الله من الكرامة. 12) البيان يكون بأسلوب بسيط تفهمه المتعلمة والأمية. 13) ولا يكون بأسلوب الخطابة. 14) المبين لا لحن في قراءة الآيات والأحاديث. 15) يترك المبين وقت قبل المغرب حتي تستطيع النصرة العودة إلي بيوتهن.

o مداخل الشيطان علي المرأة: 1) العجب بنفسها. 2) استكثار عملها. 3) نسيان ذنوبها. o أسباب استقامة المرأة على عمل الدعوة إلى الله: 1) أن تشتغل بالدعوة إلى الله باليقين أنها مسئوليتها. 2) أن تتكلم دائماً بالدعوة. 3) أن تعيش دائماً في بيئة الدعوة. 4) أن تخرج كل شهرين مرة. 5) أن لا تكون سبب فتنه بين نساء الأحباب. 6) أن تطيع زوجها. 7) التواضع للجديدات وعدم التكبر عليهن. 8) أن تنظر إلى عيوب نفسها ومحاسن الآخرين. 9) أن تبتعد عن المعاصي. 10) أن تكثر الاستغفار والشعور بالندم على التقصير في هذا العمل. 11) أن تؤول أخطاء أخواتها على حسن النية. 12) أن تضحي بالإخلاص خاصةً في الفتن.

13) أن لا تظن أن الجهد وحلقة النساء لا تقوم إلا بها. 14) أن يكون عندها فكر الدين وفكر الهداية حتى وهي في بيتها فيؤثر هذا الفكر في جولات الرجال. o صفات المرأة الداعية: 1) تنظر إلى عيوب نفسها لإصلاح نفسها أولاً. 2) تؤلف بين قلوب النساء الخارجات ونساء الحي. 3) لا ترى أن عمل الدعوة قائم بسببها وبسبب إنفاقها. 4) تنسب هداية الناس إلى توفيق الله تعالى. 5) تتحرى الحلال من المأكل والمشرب والملبس وتتقي الشبهات. 6) تبتعد عن المحرمات والغيبة والنميمة. 7) أن تقصد بهذا العمل وجه الله تعالى وليس الشهرة. 8) أن يغلب عندها حب الآخرة على حب الدنيا وأن يكون عندها حب ... التضحية بالمال وغيره. 9) أن تقوم بالأعمال بالهم والفكر والحرقة وليس عادة. 10) عدم نقد المشايخ والزوج إذا مشوا على الأصول. 11) عدم الاستغناء عن مشورة الزوج أو أمير الجماعة. 12) الصبر والتحمل والإكرام مع الزوج. o كيف تقضي المرأة وقتها في البيت: 1) الصلاة على وقتها.

2) تعليم المنزل. 3) تلاوة القرآن مع قيام الليل. 4) ذكر الله تعالى. 5) تربية الأولاد على السنة. 6) طاعة الزوج بالمعروف: فوائدها: أ - تخرج الشيطان من البيت. ب- تزداد البركة في البيت. ج- تزداد الألفة والمحبة بين الزوجين. 7) البساطة في المعيشة الزهد في الدنيا 8) تشجيع الزوج للخروج وتشكيل المحارم والنساء. 9) الحجاب عن غير المحارم. 10) تأدية حقوق الجيران. 11) تنظيف البيت. o مذاكرة في تربية الأولاد: 1) مشاركتهم في تعليم البيت. 2) جعلهم في المدارس الدينية ليطلبوا العلم ويحفظوا القرآن. 3) نغرس فيهم فكرة الدعوة. 4) تعليمهم الأذكار والأدعية المسنونة تدريجياً.

5) تعليمهم الآداب العامة. 6) تدريبهم على أن يسألوا كل شيء من الله. 7) تعليمهم احترام وخدمة الوالدين والكبار والأقرباء. 8) عدم تربيته على النقود ومكافئته بالهدية لا بالمال. o أعمال المرأة: 1) الاهتمام بالصلاة والنوافل. 2) الاهتمام بحلقة تعليم المنزل يوميا. 3) الإهتمام بحلقة التعليم الأسبوعية: هدايات الحلقة الأسبوعية: أ _ أن تكون المرأة صاحبة الحلقة سبق لها الخروج لمدة أربعين يوما. ب _ حضور النساء إلي حلقة التعليم بدون الأطفال. ج _ الحضور في الوقت المحدد. د _ وتبدأ الحلقة في وقتها المحدد. ذ _ التشكيل يكون من خلال الترغيب العمومي وبدون إحراج. ر _ ترغيب الحاضرات بالقيام بحلقة التعليم في بيوتهن. 4) المحافظة علي تلاوة القرآن يوميا. 5) المحافظة على الأذكار الصباحية والمسائية. 6) المرأة تدعو محارمها من الرجال. 7) المرأة تنشر كلام الدعوة في النساء عند كل مناسبة وفي كل مكان.

8) المرأة تتفكر في نشر الدعوة في العالم o تربية الأولاد: 1) التربية على الإيمان (أحفظ الله يحفظك ( 2) التربية على الصلاة (قيام عبد الله بن عباس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الليل 3) التربية على الآداب (يا غلام سم الله وكل بيمينك) 4) التربية على حب الدعوة من خلال قصص الأنبياء والصحابة - رضي الله عنه -. o طاعة الزوج بالمعروف: - فوائدها: 1) تخرج الشيطان من البيت. 2) تزيد البركة في البيت. 3) تزيد الألفة والمحبة بين الزوجين. o نقاط لمذاكرة آداب الملاقاة (الرجال): 1) يتأكد الرجل من المرأة أنها زوجته قبل الدخول في المكان المعد للملاقاة. 2) المقصد من الملاقاة هو أخذ الأحوال وخاصة أحوال الأعمال. 3) لا نذكر عيوب النساء الخارجات عند المحرم. 4) إذا ابتليت الخارجة فتصبر وتحتسب ولا تذكر ذالك للمحرم إلا لضرورة. 5) يذكر أمام المحرم التقصير في الأعمال بدون تسمية. 6) يراعى عدم التطويل في الملاقاة.

7) عدم ذكر عيوب أهل البيت إلا إذا كان يمس الجهد أو مصلحة النساء. 8) يكون المكان مناسب حتى لا يسمع الصوت. 9) مراعاة الوقت المناسب حتى لا يكون في وقت الأعمال الاجتماعية. 10) آراء النساء تعرض على المشورة عن طريق المحرم عرضاً لا فرضاً. 11) لا يهدي الزوج هدية لزوجته في الخروج. 12) يكون الترغيب من المحرم في الألفة والمحبة. 13) المسئول يعين واحد كل يوم لأخذ أحوال الجماعة وليس الأحوال الفردية 14) إذا أخبر الزوج عن مخالفة فيصبر ويخبر المسئول حتى يتذاكر في هذا الأمر. o النقاط الرئيسية التي يدور حولها الحوار في مقابلة الرجل مع زوجته: أولا: أحوال أهل البيت: 1) نستفسر كم عدد النساء الذين خرجن من هذا المنزل مع أزواجهن ولكم من الأوقات؟. 2) كم عدد الأطفال في المنزل؟ 3) كيفية الإستقبال لأهل المنزل، وهل عندها استعداد لاستقبال جماعة أخري؟. 4) هل لديهم الشوق والرغبة للجلوس مع الجماعة في حلق التعليم. 5) هل يوجد لديهم حلقة تعليم يومية في المنزل؟

6) كيفية الحجاب؟ يعني عن سترهن في المنزل. ثانيا: أحوال النساء الخارجات: 1) أخبار الألفة والمحبة بين النساء الخارجات؟ 2) نسألهن عن مدي الاهتمام بالتعليم؟ 3) أحوال قيام الليل ومدته؟ 4) نسألهن عن مدي الاهتمام بالخدمة؟ 5) أخبار التوجه أثناء البيان؟ 6) هل كان صوت المبين واضحا؟ 7) هل قمتن بالدعوة الانفرادية؟ 8) كيفية المذاكرة بين النسا؟ 9) مدي الاستفادة من الأوقات؟ 10) علي المرأة أن تبين لزوجها أحوال باقي النساء الخارجات علي سبيل الفائدة والابتعاد عن الغيبة (مثلا فلانة مريضة وتحتاج إلي العلاج، ولكنها تكتم مرضها عن زوجها. 11) إذا كانت هناك بعض النساء لا يلتزمن بالأصول نذكر ذلك للرجال، ولا نذكر الأسماء حتي تتم المعالجة من الرجال عن طريق المذاكرة. 12) هل أكرمتن النساء الجديدات؟

ثالثا: أحوال النساء الحاضرات في النصرة. 1) كم عدد النساء المناصرات؟ 2) كيف الاستقبال للنصرة؟ 3) هل كن منشرحات الصدور؟ 4) هل ازدادت النصرة في اليوم الثاني؟ 5) هل يوجهن لكن أسئلة؟ وإذا كانت الاجابة بنعم، فماذا أجبتهن؟ 6) هل النصرة تصتحبن الأطفال؟ o هدايات العودة لجماعة النساء: 1) نعود بالاستغفار علي تقصيرنا في هذا الجهد. 2) نستغفر لأننا ماقمنا بالجهد، كما قام به الأنبياء والصحابة رضي الله عنهم. 3) نرجع بيوتنا بنية الدعوة إلي الله، وفي نيتنا أن يكون بيتنا مثل بيت الرسول - صلى الله عليه وسلم -، من البساطة في الملبس والمطعم والأثاث. 4) المرأة الصالحة التي تشجع زوجها وأولادها علي الصلاة في المسجد مع الجماعة. 5) المرأة الصالحة إذا مرض زوجها لا تسرع بإخبار الزوج، ولا تسرع إلي الطبيب، بل تصلي صلاة الحاجة وتدعو الله تعالي أن يشفي ولدها، وبعد ذلك إذا لم يتم الشفاء، فلا بأس بالذهاب إلي الطبيب. 6) في كل عمل تقوم به المرأة تكون اليد في العمل واللسان في الذكر.

7) تُراعي الألفة والمحبة بينها وبين نساء الجيرات، وتجعل بينها وبينهم العلاقة الطيبة. 8) تهتم بحلقة التعليم في البيت. 9) تحفظ كل يوم 3 أحاديث وقصة من حياة الصحابة وقصة من قصص الأنبياء. 10) تهتم بحفظ القرآن، ولو ثلاث آيات كل يوم. 11) تهتم بالدعاء لكل العالم، يعني النية العالمية، فالأجر علي قدر النية. 12) تصلي الصلوات الخمسة في أوقاتها. 13) تهتم بصلاة النوافل (صلاة الأوابين ما بين المغرب والعشاء، صلاة الضحي، قيام الليل). 14) يوم الجولة تجلس بعد صلاة المغرب في الذكر والدعاء وقراءة سورة يسين بأن الله يجعل هذه الجولة وكل الجولات في العالم سببا لنزول الهداية. 15) نربي أولادنا علي الدين. o نصائح لأختي المسلمة: 1) احرصي علي السنة كما تحرصين علي الفرض، لأن التهاون بالسنة يؤدي إلي التهاون بالفريضة.

2) وفري من المكروه فرارك من الحرام، لأن التهاون في المكروه يؤدي إلي ارتكاب الحرام، وارتكاب الصغيرة يؤدي إلي ارتكاب الكبيرة 3) كوني فخورة بقيام زوجك علي الدعوة إلي الله. 4) كوني عونًا له في طريق دعوته أدعي له بالقبول والتوفيق في دعوته. 5) استري عيوبه واظهري صورته الحسنة للناس حتى يقبلوا دعوته. 6) لا تثبطينه عن البذل والعطاء من ماله في المجالات الدعوية. 7) تنازلي عن بعض رغباتك من أجل دعوته. 8) اصبري على بعض تقصيره في البيت لكثرة انشغاله بالدعوة. 9) لا تغضبين لكثرة قراءته في الكتب عند وجوده في البيت. 10) لا تكثرين اللوم عليه والتأنيب له والعتاب على تأخره. 11) قومي بمتابعة شئون الأبناء عند تغيبه عن البيت. 12) عظيه إذا رأيت تقصيرًا منه في حق الله. 13) ذكريه بمواعيده الدعوية التي نسيها. 14) اتهمي بمظهره الخارجي كداعية. 15) ساعديه علي قيام الليل. 16) لا تكثري عليه الطلبات المنزلية.

17) هيئي له الجو المناسب في البيت للقيام بواجباته الدعوية. 18) ذكريه بوجوب موافقة القول للعمل. 19) رغبيه في الدعوة إلى الله تعالى إذا رأيت منه فتورًا. 20) ارضي بما قسم الله لكي من رزق. 21) لا تحسدين أحدًا على نعمة أكرمه الله بها. 22) لا تكثري الخروج من البيت. 23) عليك بورد من القرآن في كل يوم. 24) احفظي شيئا من القرآن الكريم يوميا. 25) حافظي علي صلاة ركعتي الضحى. 26) حافظي علي صلاة الوتر. 27) حافظي على السنن الرواتب؟ 28) حافظي علي صيام يومي الاثنين والخميس، أو ثلاثة أيام من كل شهر. 29) حافظي علي أذكار الصباح والمساء بانتظام. 30) لا تنامين عن الصلوات المفروضة. 31) لا تؤخرين الصلاة عن وقتها.

وختاما

وختاما أسأل الله - عز وجل - أن ينفعنا وجميع المسلمين بقراءة هذه الحياة الطيبة التي عاشها سلف هذه الأمة، وأن يحيينا علي ما أحياهم عليه، وأن يفيض علي أجسامنا وأرواحنا بما أفاض عليهم، من الإيمان والتقوى والسعادة والبركة والطمأنينة وانشراح الصدر، والإنابة إلي دار الخلود (الجنة)، والتجافي عن دار الغرور (الدنيا)، والاستعداد للموت قبل نزوله. وأن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن يجعله في ميزان حسناتنا. وما كان فيه من توفيق فمن الله، وما كان فيه من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان والله ورسوله منه براء. تم بحمد الله

المراجع

المراجع 1) القرآن الكريم. 2) مختصر تفسير القرآن العظيم لأبن كثير - الصابوني - طبعة دار التراث العربي للطباعة والنشر بالقاهرة. 3) صفوة التفاسير - الصابوني - مكتبة الغزالي - دمشق. 4) الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - طبعة المطبعة الأميرية بالقاهرة 5) أسباب النزول للسيوطي. 6) روائع البيان - تفسير آيات الأحكام للصابوني - طبعة مكتبية الغزالي - دمشق سوريا. 7) رياض الصالحين للنووي - طبعة المكتب الإسلامي - بيروت - الطبعة الأول 1412 هـ. 8) مشكاة المصابيح - للخطيب التبريزى - المكتب الإسلامي - بيروت - الطبعة الثالثة 1405 هـ. 9) صحيح البخاري - طبعة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. 10) صحيح مسلم شرح النووي - طبعة المطبعة الأميرية بالقاهرة. 11) سنن النسائي - طبعة دار الحديث بالقاهرة.

12) سنن الترمذي - طبعة دار ابن الهيثم بالقاهرة. 13) مستدرك الحاكم - طبعة بيروت - لبنان. 14) المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح للدمياطي - مكتبة التراث الإسلامي بالقاهرة 15) سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد للصالحى الدمشقي - طبعة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. 16) البداية والنهاية لابن كثير - طبعة دار ابن رجب. 17) تاريخ الإسلام للذهبي - طبعة دار الغد العربي بالقاهرة. 18) سير أعلام النبلاء للذهبي. 19) زاد المعاد لابن القيم - طبعة دار القلم للتراث بالقاهرة. 20) حياة الصحابة للكاندهلوي - طبعة دار المعرفة - بيروت - لبنان. 21) صفة الصفوة - لابن الجوزى - دار ابن الهيثم بالقاهرة. 22) الرحيق المختوم للمباركفورى - دار البشير للثقافة والعلوم الإسلامية - طنطا - مصر. 23) المستطرف في كل فن مستظرف - مكتبة الإيمان بالمنصورة. 24) الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر المكي الهيتمى - طبعة دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان. 25) السفور والحجاب د. عبد الودود شلبي - هدية مجلة الأزهر. 26) لباس المرأة المسلمة لابن تيمية.

27) تحرير المرأة من أوهام المتجاهلين د. محمود عمارة - هدية مجلة الأزهر رجب 1426 هـ. 28) أداب الزفاف في السنة المطهرة للألباني - المكتبة الإسلامية - عمان - الأردن - الطبعة الأولي 1409 هـ. 29) تثقيف اللسان وتلقيح الجنان للصقلي - طبعة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. 30) كتاب النظرات للمنفلوطي - مكتبة النهضة بغداد. 31) كتاب حديث القرآن عن الرجل والمرأة - لفضيلة الشيخ / محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الشريف. 32) الإسلام عقيدة ومنهج - للشيخ محمد متولي الشعراوي - مكتبة الثقافة الدينية بالقاهرة. 33) الفقه الواضح - د. محمد بكر إسماعيل - طبعة دار المنار بالقاهرة.

للمؤلف: 1) اليقين في معرفة رب العالمين. 2) اليقين والتوكل. 3) روائع أبي الحسن الندوي في الدعوة إلي الله. 4) كلمات مضيئة في الدعوة إلي الله. 5) المنتقي من كلام أهل التبليغ والدعوة (جزءان). 6) صلاح البيوت في جهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -. 7) الحق المبين في معرفة الملائكة المقربين. 8) أحلي الكلام في مناجاة ذي الجلال والإكرام. 9) الأنوار النعمانية في الدعوة الربانية (جزءان).

§1/1