صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة

علوي السقاف

مقدمات

ـ[صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة]ـ المؤلف: علوي بن عبد القادر السَّقَّاف الناشر: الدرر السنية - دار الهجرة الطبعة: الثالثة، 1426 هـ - 2006 م عدد الأجزاء: 1 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو مذيل بالحواشي]

_ تنبيه: [في هذه النسخة الإلكترونية] نص الكتاب - كما ورد في موقع الدرر السنية بإشراف الشيخ المؤلف - حفظه الله - هو الطبعة الثانية 1422هـ - 2001م، لكن أعيد توزيع صفحاته وترقيمها ليوافق الربط بالنسخة المصورة وهي للطبعة الثالثة، 1426 هـ - 2006 م وجاء فيها: فهذه هي الطبعة الثالثة من كتاب ((صفَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَل الْوَارِدَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسنةِ)) تمَّ فيها تصحيح الأخطاء المطبعية في الطبعة الثانية، وتعديلات يسيرة في المبحث الأول والثالث والرابع.

مقدمة الطبعة الثانية

مقدمة الطبعة الثانية ((الحَمْدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والعاقبةُ للمتقينَ، ولا عدوانَ إلا على الظالمينَ، وأشهدُ ألاَّ إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، الموصوفُ بصفاتِ الجلالِ، المنعوتُ بنعوتِ الكمالِ، المنَزَّهُ عمَّا يضادُّ كمالِه من سلبِ حقائقِ أسمائِهِ وصفاتِهِ، المستلزمِ لوصْفِه بالنقائصِ وشَبَهِ المخلوقين، فنفْيُ حقائقِ أسمائِهِ متضمنٌ للتعطيلِ والتشبيهِ، وإثباتُ حقائقِها على وجهِ الكمالِ الذي لا يستحقه سواه هو حقيقةُ التوحيدِ والتنزيه، فالمعطِّلُ جاحدٌ لكمالِ المعبودِ، والممثِّلُ مشَبِّهٌ له بالعبيدِ، والموحِّدُ مبينٌ لحقائقِ أسمائِهِ وكمالِ أوصافِهِ، وذلك قطبُ رحى التوحيدِ، فالمعطِّلُ يعبدُ عَدَمَاً، والممثلُ يعبدُ صنماً، والموحِّدُ يعبدُ رباً ليس كمثلِهِ شيءٌ، له الأسماء الحسنى، والصفاتُ العلى، وَسِعَ كلَّ شيءٍ رحمةً وعلماً، وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، وأمينُه على وحيه، وخيرتُه من خلقه، وحجتُه على عبادِه، فهو رحمتُهُ المهداةُ إلى العالمين، ونعمتُه التي أتمَّها على أتباعه من المؤمنين)) (¬1) ¬

(¬1) من مقدمة الحافظ ابن القيم لكتابه ((الصواعق المرسلة))

أمَّا بعد: [[فهذه هي الطبعة الثانية من كتاب ((صِفَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الْوَارِدَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ)) بعد مرور سبع سنوات على الطبعة الأولى، استدركت فيها بعض الجمل والكلمات، وأضفت عدداً من الأدلة لبعض الصفات، كما أضفت عدداً من الصفات وهي: استطابة الروائح، الإِيجاب والتحليل والتحريم، البَطْش، التَّجَلِّي، التَّدَلِّي، التشريع، الدِّلالة أو الدَّلِيل، الدَّيَّان، العَمَل والفِعْل، القرآن، الهُبُوط، الوَصْل والقَطْع. أمَّا أسماء الله الحسنى فقد أضفت ثلاثة أسماء ترجَّح لي بالدليل أنها من أسماء الله عزَّ وجلَّ وهي: الدَّيَّان والمقيت والهادي، وتوقفت في اسمين فلم أُوردهما في هذه الطبعة وهما: العالم والوارث. وأخيراً فإني أشكر الله عزَّ وجلَّ الذي تَمَّمَ هذا الكتاب وأعان عليه، ثم أشكر كلَّ الأخوة الذين قاموا بمقابلة هذه الطبعة بسابقتها، فمن لم يشكر الناس لم يشكرِ الله.]] (*) والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم كتبه أبو محمد علوي بن عبد القادر السَّقَّاف البريد الإلكتروني [email protected]

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين معكوفتين، ورد بدلا منه في النسخة المصورة (وهي للطبعة الثالثة، 1426 هـ - 2006 م) : [[فهذه هي الطبعة الثالثة من كتاب ((صفَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَل الْوَارِدَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسنةِ)) تمَّ فيها تصحيح الأخطاء المطبعية في الطبعة الثانية، وتعديلات يسيرة في المبحث الأول والثالث والرابع.]]

مقدمة الطبعة الأولى

مقدمة الطبعة الأولى إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفسنا وسيئاتِ أعمالنا، مَن يهدهِ الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ ألاَّ إله إلاَّ الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلا وأنْتُمْ مُسْلمُون} [آل عمران: 102] . {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] . {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً - يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيماً} [الأحزاب: 70 -71] . أما بعد؛ فإنَّ خيرَ الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. اعلم - رحمني الله وإياك - أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن

نسأل الله علماً نافعاً، ونتعوذ به من علم لا ينفع، فقال فيما رواه عنه جابر بن عبد الله رضي الله عنه: ((سلوا الله علماً نافعاً، وتعوذوا بالله من علم لا ينفع)) (¬1) وكان صلى الله عليه وسلم يعلمنا ذلك، فيقول: ((اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها)) (¬2) . واعلم أن أنفع العلوم علم التوحيد، ومنه علم الأسماء والصفات، وذلك لأن ((شرف العلم بشرف المعلوم، والباري أشرف المعلومات؛ فالعلم بأسمائه (وصفاته) أشرف العلوم)) (¬3) . و ((العلم النافع ما عرَّف العبدَ بربه، ودلَّه عليه حتى عرفه ووحَّده وأنس به واستحى من قربه وعَبَده كأنه يراه)) (¬4) . ((فأصل العلم بالله الذي يوجب خشيته ومحبته والقرب منه والأنس به والشوق إليه، ثم يتلوه العلم بأحكام الله، وما يحبه ويرضاه من العبد من ¬

(¬1) حديث حسن. رواه: ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (9171) ، وابن ماجه (3843) ، وأبو يعلى في ((المسند)) (1927) ، وابن عبد البر في ((جامع بيان العلم وفضله)) (1/162) ، والبيهقي في ((الجامع لشعب الإيمان)) (1644) . وانظر تخريجه في ((السلسلة الصحيحة)) للألباني (1511) . (¬2) رواه مسلم (2722) من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه. (¬3) أحكام القرآن (2/993) لابن العربي، وزيادة: ((وصفاته)) : من عندي. (¬4) ((فضل علم السلف على الخلف)) (ص 67) لابن رجب.

قول أو عمل أو حال أو اعتقاد، فمن تحقق بهذين العلمين كان علمه نافعاً، وحصل له العلم النافع والقلب الخاشع والنفس القانعة والدعاء المسموع، ومن فاته هذا العلم النافع، وقع في الأربع التي استعاذ منها النبي صلى الله عليه وسلم، وصار علمه وبالاً وحجة عليه، فلم ينتفع به؛ لأنه لم يخشع قلبه لربه، ولم تشبع نفسه من الدنيا، بل ازداد عليها حرصاً ولها طلباً ولم يُسمع دعاؤه؛ لعدم امتثاله لأوامر ربه وعدم اجتنابه لما يسخطه ويكرهه، هذا إن كان علمه علماً يمكن الانتفاع به، وهو المتلقي عن الكتاب والسنة، فإن كان متلقي عن غير ذلك؛ فهو غير نافع في نفسه، ولا يمكن الانتفاع به، بل ضره أكثر من نفعه)) (¬1) و ((العلم النافع يدل على أمرين: أحدهما: على معرفة الله وما يستحقه من الأسماء الحسنى والصفات العلى والأفعال الباهرة، وذلك يستلزم إجلاله وإعظامه وخشيته ومهابته ومحبته ورجاءه والتوكل عليه والرضا بقضائه والصبر على بلائه. والأمر الثاني: المعرفة بما يحبه ويرضاه، وما يكرهه ويسخطه من الاعتقادات والأعمال الظاهرة والباطنة والأقوال. ¬

(¬1) المصدر السابق (ص 69) .

فيوجب ذلك لمن علمه المسارعة إلى ما فيه محبة الله ورضاه والتباعد عما يكرهه ويسخطه، فإذا أثمر العلم لصاحبه هذا؛ فهو علم نافع، فمتى كان العلم نافعاً، ووقر في القلب؛ فقد خشع القلب لله، وانكسر له وذل هيبة وإجلالاً وخشية ومحبة وتعظيماً، ومتى خشع القلب لله وذل وانكسر له؛ قنعت النفس بيسير الحال من الدنيا، وشبعت به، فأوجب لها ذلك القناعة والزهد في الدنيا، وكل ما هو فان لا يبقى، من المال والجاه وفضول العيش الذي ينقص به حظ صاحبه عند الله من نعيم الآخرة وإن كان كريماً على الله)) (¬1) ولذلك قال ابن القيم: ((إن أولى ما يتنافس به المتنافسون، وأحرى ما يتسابق في حَلْبَة سباقه المتسابقون: ما كان بسعادة العبد في مَعاشه ومَعاده كفيلاً، وعلى طريق هذه السعادة دليلاً، وذلك العلم النافع، والعمل الصالح، اللذان لا سعادة للعبد إلا بهما، ولا نجاة له إلا بالتعلق بسببهما، فمن رُزِقَهما؛ فقد فاز وغنم، ومن حُرِمهما؛ فالخير كله حُرِم، وهما مورد انقسام العباد إلى مَرْحوم ومَحْروم، وبهما يتميز البَرٌ من الفاجر، والتقيُّ من الغوِيِّ، والظالم من المظلوم، ولما كان العلم للعمل قريناً وشافعاً، وشرَفه لشرف معلومه تابعاً؛ ¬

(¬1) المصدر السابق (ص 64-65) .

كان أشرف العلوم على الإطلاق علم التوحيد، وأنفعُها علم أحكام أفعال العبيد، ولا سبيل إلى اقتباس هذين النورين وتلقِّي هذين العلمين إلا من مشكاة من قامت الأدلة القاطعة على عصمته، وصرَّحت الكتب السماوية بوجوب طاعته ومتابعته، وهو الصادق المصدوق، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى)) (¬1) . لذلك فقد أفرد كثير من السلف في هذا الباب كتباً ومصنفات، وخاصة في أسماء الله عَزَّ وجَلَّ؛ إحصاءاً وشرحاً (¬2) ؛ إلا أنه - ومع هذه الكثرة - لا أعرف كتاباً أحصى وخَصَّ صفاتِ الله عَزَّ وجَلَّ بالذكر والتدليل والشرح على المعتقد السلفي؛ معتقد أهل السنة والجماعة؛ كما هو الحال في أسماء الله تعالى، وإن كانت هناك كتبٌ قد أوردت جملة من الصفات لا على سبيل الإحصاء والحصر؛ مثل: ((كتاب السنة)) لابن أبي عاصم (ت 287هـ) و ((كتاب التوحيد)) لإمام الأئمة ابن خزيمة (ت 311هـ) و ((كتاب التوحيد)) للحافظ ابن منده (ت 395هـ) ، وكتاب ((إبطال التأويلات لأخبار الصفات)) للقاضي أبي يعلى محمد بن الحسين ¬

(¬1) ((أعلام الموقعين)) (1/5) . (¬2) أورد جملة من هذه الكتب أخونا الفاضل محمد الحمود في ((النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى)) (1/11) ؛ فلتراجع.

بن الفراء (ت 458هـ) - على هفواتٍ فيه -، و ((كتاب الحجة في بيان المَحجَّة)) لقَوَّام السُّنَّة الأصبهاني (ت 535هـ) ، وكتاب ((قطف الثمر في بيان معتقد أهل الأثر)) لصديق حسن خان (ت 1307هـ) ... وغيرها. أما كتاب ((الأسماء والصفات)) للبيهقي (ت 458هـ) ؛ ففيه تأويلاتٌ كثيرةٌ، تخرجه عن هذه الدائرة. وكنت كلما وَقَعَتْ عيني على ذكر صفة من صفات الله عَزَّ وجَلَّ - والذاتِيَّة خاصة - مقيدة أو مشروحة في كتاب؛ قيدت ذلك، حتى أصبحت عندي جملة من صفات الله الذاتِيَّة والفعليَّة، فهممت أن أنشرها، لكني لما تفكرت في الأمر، ووجدت أن هذا أول مصنف خاص بصفات الله عَزَّ وجَلَّ؛ رأيت أن يكون شاملاً، فعكفت على آي القرآن الكريم؛ مستخرجاً كل صفة لله عَزَّ وجَلَّ فيه، ثم ثنيَّت بكتب السنة المشهورة؛ كـ ((الصحيحين)) و ((السنن الأربعة)) و ((المسند)) للإمام أحمد وغيرها، وما تركت فيها صفة أضيفت إلى الله عَزَّ وجَلَّ إلا وقيدتها، ثم طفقت أبحث في كتب العقيدة، مستخرجاً أقوال السلف وفهمهم لها، وهكذا ظللت فترة طويلة كلما سنحت فرصة أقرأ وأستخرج وأقيد، حتى اطمأنت نفسي إلى أن هذا كل ما يمكن عمله، فجمعتها ورتبتها على حروف الهجاء، وسلكت سبيل الحافظ ابن منده في ((كتاب التوحيد)) (الجزء الثاني من

المطبوع) الخاص بأسماء الله تعالى، فهو رحمه الله قد رتَّب هذه الأسماء على حروف الهجاء، واستشهد لكل اسم بدليل أو أكثر من القرآن الكريم ثم بدليل أو أكثر من السنة، وذكر بعض أقوال السلف في ذلك؛ فاستهوتني هذه الطريقة، ورأيت فيها من الترتيب والتنسيق ما يسهل على القارئ الكريم الرجوع إلى الصفة بأسهل طريق؛ غير أنني خالفت هذا الترتيب في موضعين اثنين، فابتدأت الصفات بصفة (الأولِيَّة) ، وختمتها بصفة (الآخرِيَّة) ؛ مراعاة لحسن الاستهلال وحسن الختام، ولي سلفٌ في ذلك. وإني اشترطت على نفسي ألاَّ أُورد إلا حديثاً ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأكتفي بما رواه البخاري ومسلم أو أحدهما بما تثبت الصفة به، فإن لم أجد؛ أوردتُ حديثاً أو أكثر من غيرهما، واشترطت ألا أثبت صفة إلا وأُورد من أثبتها من سلف هذه الأمة؛ إلا أن يكون دليلها من الكتاب أو السنة ظاهر الدلالة. وكان عملي في الكتاب كما يلي: 1- أحصيت جميع الصفات الذاتِيَّة: الخبرية منها؛ كالوجه واليدين والأصابع والساق والقدمين وغيرها، والسمعية العقلية؛ كالحياة والقدرة والعلم وغيرها.

2- أحصيت جميع الصفات المشتقة من أسماء الله تعالى: الذاتِيَّة منها؛ كالسمع والبصر والعزة والعظمة وغيرها، والفعليَّة؛ كالخلق والرزق والستر وغيرها، وبهذا أكون قد أحصيت أسماء الله تعالى الواردة في الكتاب والسنة، ونبهت على ذلك؛ كما أنني نبهت على ما يُظن أنه من أسماء الله تعالى، وأخطأ فيه أقوام، وهو ليس كذلك، ولا يجوز التعبد به، كالصبور، والناصر، والسَّتَّار، ونحوها. 3- أحصيت جميع الصفات الفعليَّة الخبرية؛ كالضحك، والبشبشة والغضب والحب والبغض والكيد والمكر وغيرها، وبعضاً من الصفات السمعية، أما بقية الصفات الفعليَّة - السمعية العقلية -؛ فهذه لا منتهى لها، وأنَّى لأحدٍ أن يحصيها، {وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ} . 4- أوردت ما ليس بصفة لله عَزَّ وجَلَّ ويصح الإخبار عن الله به؛ كلفظة (شيء) ، و (ذات) و (شخص) ، ونحوها؛ لثبوتها بالدليل، وللتمييز بينها وبين الصفة. 5- أوردت ما ليس بصفة، ويصح الإخبار عن الله به بعد التفصيل؛ كلفظة (الجهة) و (الحركة) ، مع التنبيه على أن الأولى استخدام اللفظ الشرعي؛ كالعلو والنُّزُول، لثبوته بالدليل؛ بدلاً من هذا اللفظ المجمل الحادث.

6- أوردت ما ثبتت إضافته إلى الله عَزَّ وجَلَّ وظنَّه بعضهم إضافة صفة إلى موصوف، وهو ليس كذلك؛ كـ (الجنب) و (الظل) ، ونبهت على ذلك، وجعلت هذه الثلاثة الأخيرة مسبوقة بهذه العلامة [-] ، لتتميز عن الصفات الثابتة بالكتاب والسنة، أمَّا ما لم يثبت في القرآن الكريم أو السنة الصحيحة، وإن عده بعضهم صفة لله عَزَّ وجَلَّ؛ كـ (الساعد) و (الاستلقاء) ونحوهما؛ فلم أورده في هذا الكتاب؛ لأنه ليس على شرط التأليف. 7- حرَّرت بعض المسائل التي وقع فيها الخلاف من قديم؛ مثل: هل يوصف الله بأن إحدى يديه شمال، أم أن كلتاهما يمين لا شمال فيهما؟ وهل يثبت لله اسم المحسن أم لا؟ وغيرها من المسائل. 8- قدَّمت الصفات بأربع مباحث: أ - المبحث الأول في (معنى الاسم والصفة والفرق بينهما) . ب - المبحث الثاني في (قواعد عامة في الصفات) ، ذكرت فيه إحدى وعشرين قاعدة، مدار الصفات جميعها عليها. ج - المبحث الثالث في (أنواع الصفات) . د - المبحث الرابع في (ثمرات الإيمان بصفات الله عَزَّ وجَلَّ) .

وقد عرضته على عددٍ من العلماء وطلاب العلم، فاستحسنوه، ومازلتُ أحذفُ منه وأضيف أخذاً برأي هذا وبنصيحة ذا، حتى ظهر بالصورة التي تراها بين يديك، وإني لأشكر وأدعو الله بظهر الغيب كل من خدم هذا الكتاب وساهم في نشره، وأسأل الله عَزَّ وجَلَّ أن ينفع به كاتبه ومراجعه وقارئه. وقد سميته: ((صِفَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الْوَارِدَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ)) . فما كان فيه من صواب؛ فهو بتوفيق الله عَزَّ وجَلَّ، وما كان فيه من خطأ ومجانبةٍ للصواب؛ فإني أبرأ إلى الله منه، وأنا راجعٌ عنه إلى ما وافق الحق وأما أنت أيها القاريء الكريم؛ فاضرب به عرض الحائط، ولا تلتفت إليه، ولا تنسبه إليَّ؛ فقد أبى الله أن يتمَّ إلا كتابه. وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المبحث الأول معنى الاسم والصفة والفرق بينهما

المبحث الأول معنى الاسم والصفة والفرق بينهما

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وردت هذه الصفحة في المصورة (الطبعة الثالثة) ، هكذا: الصفة والوصف والنعت بمعنى واحد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((الصفة والوصف تارة يراد به الكلام الذي يوصف به الموصوف كقول الصحابي في (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) : أحبها لأنها صفة الرحمن، وتارة يراد به املعاني التي دلَّ عليها الكلام: كالعلم والقدرة، والجهمية والمعتزلة وغيرهم تنكر هذه وتقول إنما الصفات مجرد العبارة التي يعبر بها عن الموصوف، والكلابية ومن اتبعهم من الصفاتية قد يفرقون بين الصفة والوصف فيجعلون الوصف هو القول والصفة المعنى القائم بالموصوف، وأما جماهير الناس فيعلمون أن كل واحدٍ من لفظ الصفة والوصف مصدر في الأصل كالوعد والعِدة، والوزن والزِّنة، وأنه يراد به تارة هذا وتارة هذا)) (1) والنعت لغة بمعنى الصفة، قال ابن فارس: ((الصفة: الأمارة اللازمة للشيء)) (2) ، وقال: ((النعت: وصفك الشيء بما فيه من حسن)) (1) . وانظر: ((النعت)) (ص 345) ______ (1) مجموع الفتاوى (3/ 335) (2) معجم مقاييس اللغة (5/ 448) .

الاسم: ((هو ما دل على معنى في نفسه)) (¬1) ، و ((أسماء الأشياء هي الألفاظ الدالة عليها)) (¬2) [[ ((وقيل: الاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل)) (¬3) . الصفة: ((هي الاسم الدال على بعض أحوال الذات ... وهي الأمارة اللازمة بذات الموصوف الذي يُعرف بها)) (¬4) ، ((وهي ما وقع الوصف مشتقاً منها، وهو دالٌ عليها، وذلك مثل العلم والقدرة ونحوه)) (¬5) . وقال ابن فارس: ((الصفة: الأمارة اللازمة للشيء)) (¬6) ، وقال: ((النعت: وصفك الشيء بما فيه من حسن)) (¬7) . الفرق بين الاسم والصفة:]] (*) سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية عن الفرق بين الاسم والصفة؟ فأجابت بما يلي: ((أسماء الله كل ما دل على ذات الله مع صفات الكمال القائمة به؛ مثل: القادر، العليم، الحكيم، السميع، البصير؛ فإن هذه الأسماء دلَّت على ذات الله، وعلى ما قام بها من العلم والحكمة والسمع والبصر، أما الصفات؛ فهي نعوت الكمال القائمة بالذات؛ كالعلم والحكمة والسمع والبصر؛ فالاسم دل على أمرين، والصفة دلت على أمر واحد، ويقال: الاسم متضمن للصفة، والصفة مستلزمة للاسم ... )) (¬8) . ولمعرفة ما يُميِّز الاسم عن الصفة، والصفة عن الاسم أمور، منها: أولاً: ((أن الأسماء يشتق منها صفات، أما الصفات؛ فلا يشتق منها أسماء، فنشتق من أسماء الله الرحيم والقادر والعظيم، صفات الرحمة والقدرة والعظمة، لكن لا نشتق من صفات الإرادة والمجيء والمكر اسم المريد والجائي والماكر)) (¬9) . ¬

(¬1) ((التعريفات)) للجرجاني (ص24) . (¬2) ((مجموع الفتاوى)) (6/195) . (¬3) ((الكليات)) لأبي البقاء الكفوي (ص 83) . (¬4) ((التعريفات)) (ص 133) . (¬5) ((الكليات)) (ص546) ويعنى بالوصف هنا الاسم؛ فالعلم صفة، والعالم وصف دال عليها، والقدرة صفة، والقادر وصف دال عليها. (¬6) ((معجم مقاييس اللغة)) (5/448) . (¬7) المصدر السابق (6/115) . (¬8) ((فتاوى اللجنة الدائمة)) (3/116-فتوى رقم 8942) . (¬9) انظر: القاعدة الثامنة. (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين [[معكوفين]] ليس في المصورة (الطبعة الثالثة)

فأسماؤه سبحانه وتعالى أوصاف؛ كما قال ابن القيم في ((النونية)) : أسماؤُهُ أوْصافُ مَدْحٍ كُلُّها ... مُشْتَقَّةٌ قَدْ حُمِّلَتْ لِمَعان ِ ثانياً: ((أن الاسم لا يُشتق من أفعال الله؛ فلا نشتق من كونه يحب ويكره ويغضب اسم المحب والكاره والغاضب، أما صفاته؛ فتشتق من أفعاله فنثبت له صفة المحبة والكره والغضب ونحوها من تلك الأفعال، لذلك قيل: باب الصفات أوسع من باب الأسماء)) (¬1) . ثالثاً: أن أسماء الله عَزَّ وجَلَّ وصفاته تشترك في الاستعاذة بها والحلف بها (¬2) ، لكن تختلف في التعبد والدعاء، فيتعبد الله بأسمائه، فنقول: عبد الكريم، وعبد الرحمن، وعبد العزيز، لكن لا يُتعبد بصفاته؛ فلا نقول: عبد الكرم، وعبد الرحمة، وعبد العزة؛ كما أنه يُدعى اللهُ بأسمائه، فنقول: يا رحيم! ارحمنا، ويا كريم! أكرمنا، ويا لطيف! الطف بنا، لكن لا ندعو صفاته فنقول: يا رحمة الله! ارحمينا، أو: يا كرم الله! أو:يا لطف الله! ذلك ¬

(¬1) انظر: ((مدارج السالكين)) (3/415) . (¬2) انظر: القاعدة الثانية عشرة

أن الصفة ليست هي الموصوف؛ فالرحمة ليست هي الله، بل هي صفةٌ لله، وكذلك العزة، وغيرها؛ فهذه صفات لله، وليست هي الله، ولا يجوز التعبد إلا لله، ولا يجوز دعاء إلا الله؛ لقوله تعالى: {يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور: 55] ، وقوله تعالى {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60] وغيرها من الآيات (¬1) . ¬

(¬1) انظر: ((فتاوى الشيخ ابن عثيمين)) (1/26-ترتيب أشرف عبد المقصود) ، وقد نسب هذا القول لشيخ الإسلام ابن تيمية، لكن ينبغي هنا أن نفرق بين دعاء الصفة كما سبق وبين دعاء الله بصفة من صفاته؛ كأن تقول: اللهم ارحمنا برحمتك، فهذا لا بأس به. والله أعلم.

المبحث الثاني قواعد عامة في الصفات

المبحث الثاني قواعد عامَّة في الصفات القاعدة الأولى: ((إثباتُ ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم؛ من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل)) (¬1) . لأن الله أعلم بنفسه من غيره، ورسوله صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بربه. القاعدة الثانية: ((نفيُ ما نفاه الله عن نفسه في كتابه، أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، مع اعتقاد ثبوت كمال ضده لله تعالى)) (¬2) . لأن الله أعلم بنفسه من خلقه، ورسوله أعلم الناس بربه؛ فنفي الموت عنه يتضمن كمال حياته، ونفي الظلم يتضمن كمال عدله، ونفي النوم يتضمن كمال قيُّوميَّته. ¬

(¬1) ((عقيدة السلف أصحاب الحديث)) للصابوني (ص 4) ، ((مجموع الفتاوى)) (3/3، 4/182، 5/26، 6/38، 6/515) (¬2) ((العقيدة التدمرية)) لابن تيمية (ص 58) ، ((الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح)) له أيضاً (3/139) .

القاعدة الثالثة: ((صفات الله عز وجل توقيفية؛ فلا يثبت منها إلا ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا ينفى عن الله عز وجل إلا ما نفاه عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم))

القاعدة الثالثة: ((صفات الله عَزَّ وجَلَّ توقيفية؛ فلا يُثبت منها إلا ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يُنفى عن الله عَزَّ وجَلَّ إلا ما نفاه عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم)) (¬1) . لأنه لا أحد أعلم بالله من نفسه تعالى، ولا مخلوقٌ أعلم بخالقه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. القاعدة الرابعة: ((التوقف في الألفاظ المجملة التي لم يرد إثباتها ولا نفيها، أما معناها؛ فَيُسْتفصل عنه، فإن أريد به باطل يُنَزَّه الله عنه؛ رُدَّ، وإن أريد به حق لا يمتنع على الله؛ قُبِلَ، مع بيان ما يدلُّ على المعنى الصواب من الألفاظ الشرعية، والدعوة إلى استعماله مكان هذا اللفظ المجمل الحادث)) (¬2) . مثاله: لفظة (الجهة) : نتوقف في إثباتها ونفيها، ونسأل قائلها: ماذا تعني بالجهة؟ فإن قال: أعني أنه في مكان يحويه. قلنا: هذا معنى باطل يُنَزَّه الله عنه، ورددناه. وإن قال: أعني جهة العلو المطلق؛ قُلْنا: هذا حق لا يمتنع على الله. وقبلنا منه المعنى، وقلنا له: لكن الأولى أن تقول: هو في ¬

(¬1) ((مجموع الفتاوى)) (5/26) . (¬2) ((التدمرية)) (ص 65) ، ((مجموع الفتاوى)) (5/299 و 6/36) .

القاعدة الخامسة: ((كل صفة ثبتت بالنقل الصحيح؛ وافقت العقل الصريح، ولابد))

السماء، أو في العلو؛ كما وردت به الأدلة الصحيحة، وأما لفظة (جهة) ؛ فهي مجملة حادثة، الأولى تركها. القاعدة الخامسة: ((كل صفة ثبتت بالنقل الصحيح؛ وافقت العقل الصريح، ولابد)) (¬1) . القاعدة السادسة: ((قطع الطمع عن إدراك حقيقة الكيفية)) (¬2) ؛ لقوله تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} . القاعدة السابعة: ((صفات الله عَزَّ وجَلَّ تُثبت على وجه التفصيل، وتنفى على وجه الإجمال)) (¬3) . فالإثبات المفصل؛ كإثبات السمع والبصر وسائر الصفات، والنفي المجمل كنفي المثلية في قوله تعالى: {ليسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} . ¬

(¬1) ((مختصر الصواعق المرسلة)) (1/141، 253) . (¬2) ((منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات)) لمحمد الأمين الشنقيطي (ص26) . (¬3) ((مجموع الفتاوى)) (6/37 و 515) .

القاعدة الثامنة: ((كل اسم ثبت لله عز وجل؛ فهو متضمن لصفة، ولا عكس))

القاعدة الثامنة: ((كل اسم ثبت لله عَزَّ وجَلَّ؛ فهو متضمن لصفة، ولا عكس)) (¬1) . مثاله: اسم الرحمن متضمن صفة الرحمة، والكريم يتضمن صفة الكرم، واللطيف يتضمن صفة اللطف ... وهكذا، لكن صفاته: الإرادة، والإتيان، والاستواء، لا نشتق منها أسماء، فنقول: المريد، والآتي، والمستوي 00 وهكذا القاعدة التاسعة: ((صفات الله تعالى كلها صفات كمال، لا نقص فيها بوجهٍ من الوجوه)) (¬2) . القاعدة العاشرة: ((صفات الله عَزَّ وجَلَّ ذاتِيَّة وفعليَّة، والصفات الفعليَّة متعلقة بأفعاله، وأفعاله لا منتهى لها)) (¬3) ، {وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ} . القاعدة الحادية عشرة: ((دلالة الكتاب والسنة على ثبوت الصفة: إما التصريح بها، أو ¬

(¬1) ((بدائع الفوائد)) (1/162) لابن القيم، ((القواعد المثلى)) (ص 30) لابن عثيمين. (¬2) ((مجموع الفتاوى)) (5/206) ، ((مختصر الصواعق المرسلة)) (1/232) ، ((بدائع الفوائد)) (1/168) . (¬3) ((القواعد المثلى)) (ص30) .

القاعدة الثانية عشرة: ((صفات الله عز وجل يستعاذ بها ويحلف بها))

تضمن الاسم لها، أو التصريح بفعلٍ أو وصفٍ دالٍّ عليها)) (¬1) . مثال الأول: الرحمة، والعزة، والقوة، والوجه، واليدين، والأصابع ... ونحو ذلك. مثال الثاني: البصير متضمن صفة البصر، والسميع متضمن صفة السمع.. ونحو ذلك. مثال الثالث: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} : دالٌّ على الاستواء، {إِنَّا مِنْ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} : دالٌّ على الانتقام ... ونحو ذلك. القاعدة الثانية عشرة: ((صفات الله عَزَّ وجَلَّ يستعاذ بها ويُحلف بها)) (¬2) . ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: ((أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك..)) . رواه مسلم (486) ، ولذلك بوب البخاري في كتاب الأيمان والنذور: ((باب: الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته)) . القاعدة الثالثة عشرة: ((الكلام في الصفات كالكلام في الذات)) ¬

(¬1) ((القواعد المثلى)) (ص38) . (¬2) ((مجموع الفتاوى)) (6/143، 229) و (35/273) ، وانظر: ((شرح السنة)) للبغوي (1/185-187) ، وفَرَّق بعضهم بين الحلف بالصفة الفعليَّة والصفة الذاتِيَّة، وقالوا: لا يجوز الحلف بصفات الفعل.

القاعدة الرابعة عشرة: ((القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر))

(¬1) . فكما أن ذاته حقيقية لا تشبه الذوات؛ فهي متصفة بصفات حقيقية لا تشبه الصفات، وكما أن إثبات الذات إثبات وجود لا إثبات كيفية، كذلك إثبات الصفات. القاعدة الرابعة عشرة: ((القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر)) (¬2) . فمن أقر بصفات الله؛ كالسمع، والبصر، والإرادة، يلزمه أن يقر بمحبة الله، ورضاه، وغضبه، وكراهيته. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ((ومن فرق بين صفة وصفة، مع تساويهما في أسباب الحقيقة والمجاز؛ كان متناقضاً في قوله، متهافتاً في مذهبه، مشابهاً لمن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض)) (¬3) . القاعدة الخامسة عشرة: ((ما أضيف إلى الله مما هو غير بائنٍ عنه؛ فهو صفة له غير مخلوقة، وكلُّ شيء أضيف إلى الله بائن عنه؛ فهو مخلوق؛ فليس كل ما أضيف إلى الله يستلزم أن يكون صفةً له)) (¬4) . ¬

(¬1) الكلام على الصفات للخطيب البغدادي (ص20) ، ((الحجة في بيان المحجة)) لقوام السنة (1/174) ، ((التدمرية)) (ص43) ، ((مجموع الفتاوى)) (5/330، 6/355) . (¬2) ((التدمرية)) (ص31) ، ((مجموع الفتاوى)) (5/212) . (2) ((مجموع الفتاوى)) (5/212) (¬3) (¬4) ((الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح)) (3/145) ، ((مجموع الفتاوى)) (9/290) له أيضاً، ((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (1/166) .

القاعدة السادسة عشرة: ((صفات الله عز وجل وسائر مسائل الاعتقاد تثبت بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان حديثا واحدا، وإن كان آحادا))

مثال الأول: سمعُ الله، وبصرُ الله، ورضاه، وسخطُه ... ومثال الثاني: بيت الله، وناقة الله ... القاعدة السادسة عشرة: ((صفات الله عَزَّ وجَلَّ وسائر مسائل الاعتقاد تثبت بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان حديثاً واحداً، وإن كان آحاداً)) (¬1) . القاعدة السابعة عشرة: ((معاني صفات الله عَزَّ وجَلَّ الثابتة بالكتاب أو السنة معلومة، وتُفسر على الحقيقة، لا مجاز ولا استعارة فيها البتة، أمَّا الكيفية؛ فمجهولة)) (¬2) . القاعدة الثامنة عشرة: ((ما جاء في الكتاب أو السنة، وجب على كل مؤمن القول بموجبه والإيمان به، وإن لم يفهم معناه)) (¬3) . ¬

(¬1) ((مختصر الصواعق المرسلة)) (2/332 و 412 و 433) . (¬2) ((التدمرية)) (ص 43-44) ، ((مجموع الفتاوى)) (5/36-42) ، ((مختصر الصواعق المرسلة)) (1/238،2/106 وما بعدها) . (¬3) ((التدمرية)) (65) ، ((مجموع الفتاوى)) (5/298) ، ((دقائق التفسير)) (5/245) .

القاعدة التاسعة عشرة: ((باب الأخبار أوسع من باب الصفات، وما يطلق عليه من الأخبار؛ لا يجب أن يكون توقيفيا؛ كالقديم، والشيء، والموجود ... ))

القاعدة التاسعة عشرة: ((باب الأخبار أوسع من باب الصفات، وما يطلق عليه من الأخبار؛ لا يجب أن يكون توقيفياً؛ كالقديم، والشيء، والموجود ... )) (¬1) . القاعدة العشرون: ((صفات الله عَزَّ وجَلَّ لا يقاس عليها)) (¬2) . فلا يقاس السخاءُ على الجود، ولا الجَلَدُ على القوة، ولا الاستطاعةُ على القدرة، ولا الرقة على الرحمة والرأفة، ولا المعرفة على العلم ... وهكذا؛ لأن صفات الله عَزَّ وجَلَّ لا يتجاوز فيها التوقيف؛ كما مر في القاعدة الثالثة. القاعدة الحادية والعشرون: صفات الله عَزَّ وجَلَّ لا حصر لها؛ لأن كل اسم يتضمن صفة - كما مرَّ في القاعدة الثامنة -، وأسماء الله لا حصر لها، فمنها ما استأثر الله به في علم الغيب عنده. ¬

(¬1) ((بدائع الفوائد)) لابن القيم (1/162) . (¬2) ((شأن الدعاء)) للخطابي (ص 111) .

المبحث الثالث أنواع الصفات

المبحث الثالث أنواع الصفات (¬1) يمكن تقسيم صفات الله عَزَّ وجَلَّ إلى ثلاثة أقسام (¬2) : أولاً: من حيث إثباتها ونفيها. ثانياً: من حيث تعلقها بذات الله وأفعاله. ثالثاً: من حيث ثبوتها وأدلتها. وكل قسم من هذه الأقسام الثلاثة ينقسم إلى نوعين: أولاً: من حيث إثباتها ونفيها: أ - صفات ثبوتيه: وهي ما أثبته الله سبحانه وتعالى لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم؛ كالاستواء، والنُّزُول، والوجه، واليد ... ونحو ذلك، وكلها ¬

(¬1) راجع لذلك: ((مجموع الفتاوى)) لشيخ الإسلام ابن تيمية (6/217 و 233) ، و ((دقائق التفسير)) له (5/225 - 237) و ((شرح الهرَّاس للقصيدة النونية)) (2/109) ، و ((القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى)) للشيخ محمد بن عثيمين (ص31 -34) (¬2) هذه التقسيمات حادثة، لم يعرفها السلف الأوائل، لكن لما خاض المتكلمون في صفات الله عَزَّ وجَلَّ، وأوَّلُوها، وعطَّلُوها، وقسَّموها إلى أقسام ما أنزل الله بها من سلطان،كالصفات النفسية والمعنوية وغير ذلك؛ اضطر علماء أهل السنة لهذا التقسيم، واصطلحوا عليه.

ب- صفات سلبية

صفات مدح وكمال، وهي أغلب الصفات المنصوص عليها في الكتاب والسنة، ويجب إثباتها. ب- صفات سلبية: وهي ما نفاه الله عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، وكلها صفات نقص؛ كالموت، والسِّنة، والنوم، والظلم ... وغالباً تأتي في الكتاب أو السنة مسبوقة بأداة نفي؛ مثل (لا) و (ما) و (ليس) ، وهذه تُنفى عن الله عَزَّ وجَلَّ، ويُثبت ضدها من الكمال. ثانياً: من حيث تعلقها بذات الله وأفعاله: أ - صفات ذاتِيَّة: وهي التي لم يزل ولا يزال الله متصفاً بها؛ كالعلم، والقدرة، والحياة، والسمع، والبصر، والوجه، واليدين ... ونحو ذلك. ب- صفات فعليَّة: وهي الصفات المتعلقة بمشيئة الله وقدرته، إن شاء فعلها، وإن شاء لم يفعلها؛ كالمجيء، والنُّزُول، والغضب، والفرح، والضحك ... ونحو ذلك، وتسمى (الصفات الاختيارية) . وأفعاله سبحانه وتعالى نوعان: 1- لازمة: كالاستواء، والنُّزُول، والإتيان ... ونحو ذلك. 2- متعدية: كالخلق، والإعطاء ... ونحو ذلك.

ثالثا: من حيث ثبوتها وأدلتها

وأفعاله سبحانه وتعالى لا منتهى لها، {وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاء} ، وبالتالي صفات الله الفعليَّة لا حصر لها. والصفات الفعليَّة من حيث قيامها بالذات تسمى صفات ذات، ومن حيث تعلقها بما ينشأ عنها من الأقوال والأفعال تسمى صفات أفعال، ومن أمثلة ذلك صفة الكلام؛ فكلام الله عَزَّ وجَلَّ باعتبار أصله ونوعه صفة ذات، وباعتبار آحاد الكلام وأفراده صفة فعل. ثالثاً: من حيث ثبوتها وأدلتها: أ - صفات خبرية: وهي الصفات التي لا سبيل إلى إثباتها إلا السمع والخبر عن الله أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم، وتسمى (صفات سمعية أو نقلية) ، وقد تكون ذاتِيَّة؛ كالوجه، واليدين، وقد تكون فعليَّة؛ كالفرح، والضحك. ب - صفات سمعية عقلية: وهي الصفات التي يشترك في إثباتها الدليل السمعي (النقلي) والدليل العقلي، وقد تكون ذاتِيَّة؛ كالحياة والعلم، والقدرة، وقد تكون فعليَّة؛ كالخلق، والإعطاء.

المبحث الرابع ثمرات الإيمان بصفات الله عز وجل

المبحث الرابع ثمرات الإيمان بصفات الله عَزَّ وجَلَّ اعلم - وفقني اللهُ وإيَّاك - أن العلم بصفات الله عَزَّ وجَلَّ، والإيمان بها، على ما يليق به سبحانه، وتدبرها: يورث ثمرات عظيمة وفوائد جليلة، تجعل صاحبها يذوق حلاوة الإيمان، وقد حُرِمها قوم كثيرون من المعطِّلة والمؤوِّلة والمشبهة، وإليك بعضاً منها: 1- فمن ثمرات الإيمان بصفات الله عَزَّ وجَلَّ: أن العبد يسعى إلى الاتصاف والتحلِّي بها على ما يليق به؛ لأنه من المعلوم عند أرباب العقول أن المحب يحب أن يتصف بصفات محبوبه؛ كما أن المحبوب يحب أن يتحلَّى مُحِبُّهُ بصفاته؛ فهذا يدعو العبد المحب لأن يتصف بصفات محبوبه ومعبوده كلٌّ على ما يليق به، فالله كريم يحب الكرماء، رحيم يحب الرحماء، رفيق يحب الرفق، فإذا علم العبد ذلك؛ سعى إلى التحلي بصفات الكرم والرحمة والرفق، وهكذا في سائر الصفات التي يحب الله تعالى أن يتحلَّى بها العبد على ما يليق بذات العبد. 2- ومنها: أن العبد إذا آمن بصفة (الحب والمحبة) لله تعالى وأنه سبحانه (رحيم ودود) استأنس لهذا الرب، وتقرَّب إليه بما يزيد حبه ووده له، ((ولا يزال العبد يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه)) وسعى إلى أن يكون ممن يقول الله فيهم: ((يا جبريل إني أُحبُّ فلاناً فأحبَّه، فيُحبُّه جبريل، ثم ينادي في السماء: إن الله يحبُّ فلاناً فأحبوه، فيُحبُّه أهلُ السماء ثم يوضع له

القبول في الأرض)) ومن آثار الإيمان بهذه الصفة العظيمة أن من أراد أن يكون محبوباً عند الله اتبع نبيه صلى الله عليه وسلم {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللهُ} وحبُّ الله للعبد مرتبطٌ بحبِ العبدِ لله، وإذا غُرِست شجرةُ المحبة في القلب، وسُقيت بماء الإخلاص، ومتابعة الحبيب صلى الله عليه وسلم، أثمرت أنواعَ الثمار، وآتت أُكُلَها كلَّ حينٍ بإذن ربها. ... 3- ومنها: أنه إذا آمن العبد بصفات (العلم، والإحاطة، والمعية) ؛ أورثه ذلك الخوف من الله عَزَّ وجَلَّ المطَّلع عليه الرقيب الشهيد، فإذا آمن بصفة (السمع) ؛ علم أن الله يسمعه؛ فلا يقول إلا خيراً، فإذا آمن بصفات (البصر، والرؤية، والنظر، والعين) ؛ علم أن الله يراه؛ فلا يفعل إلا خيراً؛ فما بالك بعبد يعلم أن الله يسمعه، ويراه، ويعلم ما هو قائله وعامله، أليس حريٌّ بهذا العبد أن لا يجده الله حيث نهاه، ولا يفتقده حيث أمره؟! فإذا علم هذا العبد وآمن أن الله (يحبُّ، ويرضى) ؛ عمل ما يحبُّه معبوده ومحبوبه وما يرضيه، فإذا آمن أن من صفاته (الغضب، والكره، والسخط، والمقت، والأسف، واللعن) ؛ عمل بما لا يُغْضب مولاه ولا يكرهه حتى لا يسخط عليه ويمقته ثم يلعنه ويطرده من رحمته، فإذا آمن بصفات (الفرح، والبشبشة، والضحك) ؛ أنس لهذا الرب الذي يفرح لعباده ويتبشبش لهم ويضحك لهم؛ ما عدمنا خيراً من ربًّ يضحك.

4- ومنها: أنه إذا علم العبد وآمن بصفات الله من (الرحمة، والرأفة، والتَّوْب، واللطف، والعفو، والمغفرة، والستر، وإجابة الدعاء) ؛ فإنه كلما وقع في ذنب؛ دعا الله أن يرحمه ويغفر له ويتوب عليه، وطمع فيما عند الله من سترٍ ولطفٍ بعباده المؤمنين، فأكسبه هذا رجعة وأوبة إلى الله كلما أذنب، ولا يجد اليأس إلى قلبه سبيلاً، كيف ييأس من يؤمن بصفات (الصبر، والحلم) ؟! كيف ييأس من رحمة الله من علم أن الله يتصف بصفة (الكرم، والجود، والعطاء) ؟!. 5-ومنها: أن العبد الذي يعلم أن الله متصف بصفات (القهر، والغلبة، والسلطان، والقدرة، والهيمنة، والجبروت) ؛ يعلم أن الله لا يعجزه شيء؛ فهو قادر على أن يخسف به الأرض، وأن يعذبه في الدنيا قبل الآخرة؛ فهو القاهر فوق عباده، وهو الغالب من غالبه، وهو المهيمن على عباده، ذو الملكوت والجبروت والسلطان القديم؛ فسبحان ربي العظيم. 6-ومن ثمرات الإيمان بصفات الله عَزَّ وجَلَّ أن يظل العبد دائم السؤال لربه، فإن أذنب؛ سأله بصفات (الرحمة، والتَّوب، والعفو، والمغفرة) أن يرحمه ويتوب عليه ويعفو عنه ويغفر له، وإن خشي على نفسه من عدو متجهم جبار؛ سأل الله بصفات (القوة، والغلبة، والسلطان، والقهر، والجبروت) ؛ رافعاً يديه إلى السماء، قائلاً: يا رب! يا ذا القوة والسلطان

والقهر والجبروت! اكفنيه. فإن آمن أن الله (كفيل، حفيظ، حسيب، وكيل) ؛ قال: حسبنا الله ونعم الوكيل، وتوكل على (الواحد، الأحد، الصمد) ، وعلم أن الله ذو (العزة، والشدة، والمحال، والقوة، والمنعة) مانعه من أعدائه، ولن يصلوا إليه بإذنه تعالى، فإذا أصيب بفقر؛ دعا الله بصفات (الغنى، والكرم، والجود، والعطاء) ، فإذا أصيب بمرض؛ دعاه لأنه هو (الطبيب، الشافي، الكافي) ، فإن مُنع الذُرِّيَّة؛ سأل الله أن يرزقه ويهبه الذرية الصالحة؛ لأنه هو (الرَّزَّاق، الوهَّاب) ... وهكذا فإنَّ من ثمرات العلم بصفات الله والإيمان بها دعاءه بها. 7-ومنها: أن العبد إذا تدبر صفات الله من (العظمة، والجلال، والقوة، والجبروت، والهيمنة) ؛ استصغر نفسه، وعلم حقارتها، وإذا علم أن الله مختص بصفة (الكبرياء) ؛ لم يتكبَّر على أحد، ولم ينازع الله فيما خصَّ نفسه من الصفات، وإذا علم أن الله متصف بصفة (الغنى، والملك، والعطاء) ؛ استشعر افتقاره إلى مولاه الغني، مالك الملك، الذي يعطي من يشاء ويمنع من يشاء. 8-ومنها: أنه إذا علم أن الله يتصف بصفة (القوة، والعزة، والغلبة) ، وآمن بها؛ علم أنه إنما يكتسب قوته من قوة الله، وعزته من عزة الله؛ فلا يذل ولا يخنع لكافر، وعلم أنه إن كان مع الله؛ كان الله معه، ولا غالب لأمره

9-ومن ثمرات الإيمان بصفات الله: أن لا ينازع العبدُ اللهَ في صفة (الحكم، والألوهية، والتشريع، والتحليل، والتحريم) ؛ فلا يحكم إلا بما أنزل الله، ولا يتحاكم إلا إلى ما أنزل الله. فلا يحرِّم ما أحلَّ الله، ولا يحل ما حرَّم الله. 10-ومنها: أن صفات (الكيد، والمكر، والاستهزاء، والخداع) إذا آمن بها العبد على ما يليق بذات الله وجلاله وعظمته؛ علم أن لا أحد يستطيع أن يكيد لله أو يمكر به، وهو خير الماكرين سبحانه، كما أنه لا أحد من خلقه قادر على أن يستهزئ به أو يخدعه، لأن الله سيستهزئ به ويخادعه ومن أثر استهزاء الله بالعبد أن يغضب عليه ويمقته ويعذبه، فكان الإيمان بهذه الصفات وقاية للعبد من الوقوع في مقت الله وغضبه. 11- ومنها: أن العبد يحرص على ألاَّ ينسى ربه ويترك ذكره، فإن الله متصف بصفة (النسيان، والترك) ؛ فالله قادرٌ على أن ينساه - أي: يتركه، {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} ، فتجده دائم التذكر لأوامره ونواهيه. 12- ومنها أن العبد الذي يعلم أن الله متصف بصفة (السلام، والمؤمن، والصِّدق) ؛ فإنه يشعر بالطمأنينة والهدوء النفسي؛ فالله هو السلام، ويحب السلام، فينشر السلام بين المؤمنين، وهو المؤمن الذي أمِنَ الخلقُ من ظلمه، وإذا اعتقد العبد أن الله متصف بصفة (الصَّدق) ، وأنه

وعده إن هو عمل صالحاً جنات تجري من تحتها الأنهار؛ علم أن الله صادق في وعده، لن يخلفه، فيدفعه هذا لمزيدٍ من الطاعة، طاعة عبدٍ عاملٍ يثقُ في سيِّده وأجيرٍ في مستأجره أنَّه موفيه حقَّه وزيادة. 13- ومنها: أن صفات الله الخبرية كـ (الوجه، واليدين، والأصابع، والأنامل، والقدمين، والساق، وغيرها) تكون كالاختبار الصعب للعباد، فمن آمن بها وصدق بها على وجه يليق بذات الله عَزَّ وجَلَّ بلا تمثيل ولا تحريف ولا تكييف، وقال: كلُّ من عند ربنا، ولا فرق بين إثبات صفة العلم والحياة والقدرة وبين هذه الصفات، مَن هذا إيمانه ومعتقده؛ فقد فاز فوزاً عظيماً، ومن قدَّم عقله السقيم على النقل الصحيح، وأوَّل هذه الصفات، وجعلها من المجاز، وحرَّف فيها، وعطَّلها؛ فقد خسر خسراناً مبيناً، إذ فرَّق بين صفة وصفة، وكذَّب الله فيما وصف به نفسه، وكذَّب رسوله صلى الله عليه وسلم، فلو لم يكن من ثمرة الإيمان بهذه الصفات إلا أن تُدخل صاحبها في زمرة المؤمنين الموحِّدين؛ لكفى بها ثمرة، ولو لم يكن من ثمراتها إلا أنها تميِّز المؤمن الحق الموحِّد المصدِّق لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وبين ذاك الذي تجرَّأ عليهما، وحرَّف نصوصهما، واستدرك عليهما؛لكفى، فكيف إذا علمت أن هناك ثمراتٍ أخرى عظيمةً للإيمان بهذه الصفات الخبرية؛ منها أنك إذا آمنت أن لله وجهاً يليق بجلاله

وعظمته، وأن النظر إليه من أعظم ما ينعم الله على عبده يوم القيامة، وقد وعد به عباده الصالحين؛ سألت الله النظر إلى وجهه الكريم، فأعطاكه، وأنك إذا آمنت أن لله يداً ملأى لا يغيضها نفقة، وأن الخير بين يديه سبحانه؛ سألته مما بين يديه، وإذا علمت أن قلبك بين إصبعين من أصابع الرحمن؛ سألت الله أن يثبت قلبك على دينه ... وهكذا. 14- ومن ثمرات الإيمان بصفات الله عَزَّ وجَلَّ: تَنْزِيه الله وتقديسه عن النقائص، ووصفه بصفات الكمال، فمن علم أن من صفاته (القُدُّوس، السُّبُّوح) ؛ نَزَّه الله من كلِّ عيبٍ ونقصٍ، وعلم أن الله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء} 15- ومنها: أن من علم أن من صفات الله (الحياة، والبقاء) ؛ علم أنه يعبد إلهاً لا يموت، ولا تأخذه سنة ولا نوم، فأورثه ذلك محبة وتعظيماً وإجلالاً لهذا الرب الذي هذه صفته. 16- ومن ثمرات الإيمان بصفة (العلو، والفوقية، والاستواء على العرش، والنُّزُول، والقُرب، والدُّنُو) ؛ أن العبد يعلم أن الله منزه عن الحلول بالمخلوقات، وأنه فوق كل شيء، مطَّلع على كل شيء، بائن عن خلقه، مستو على عرشه، وهو قريب من عبده بعلمه، فإذا احتاج العبد إلى ربه؛ وجده قريباً منه، فيدعوه، فيستجيب دعاءه، وينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الآخر من الليل كما يليق به سبحانه، فيقول: من يدعوني فأستجب

له، فيورث ذلك حرصاً عند العبد بتفقد هذه الأوقات التي يخلو فيها مع ربه القريب منه، فهو سبحانه قريب في علوه، بعيد في دنوه. 17- ومنها أن الإيمان بصفة (الكلام) وأن القرآن كلام الله يجعل العبد يستشعر وهو يقرأ القرآن أنه يقرأ كلام الله، فإذا قرأ: {يا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} ؛ أحسَّ أن الله يكلمه ويتحدث إليه، فيطير قلبه وجلاً، وأنه إذا آمن بهذه الصفة، وقرأ في الحديث الصحيح أن الله سيكلمه يوم القيامة، ليس بينه وبينه ترجمان؛ استحى أن يعصي الله في الدنيا، وأعد لذلك الحساب والسؤال جواباً. وهكذا؛ فما من صفة لله تعالى؛ إلا وللإيمان بها ثمرات عظيمة، وآثار كبيرة مترتبة على ذلك الإيمان؛ فما أعظم نعم الله على أهل السنة والجماعة الذين آمنوا بكل ذلك على الوجه الذي يليق بالله تعالى!.

الصفات

الصفات

الأولية

الأوَّلِيَّةُ صفةٌ ذاتيةٌ لله عَزَّ وجَلَّ، وذلك من اسمه (الأوَّل) ، الثابت في الكتاب والسنة، ومعناه: الذي ليس قبله شيء. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم} ? [الحديد: 3] . ? الدليل من السنة: حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (( ... اللهم أنت الأوَّل؛ فليس قبلك شيء ... )) . رواه مسلم (2713) . قال ابن القيم في ((طريق الهجرتين)) (ص 27) : ((فأوليَّةُ الله عَزَّ وجَلَّ سابقة على أوليَّةِ كل ما سواه، وآخريَّتُه ثابتةٌ بعد آخرِيَّةِ كل ما سواه، فأوليَّتُه سَبْقُه لكل شيء، وآخريَّتُه بقاؤه بعد كل شيء، وظاهريَّتُه سبحانه فوقيَّتُه وعلوه على كل شيء، ومعنى الظهور يقتضي العلو، وظاهر الشيء هو ما علا منه وأحاط بباطنه، وبطونه سبحانه إحاطته بكل شيء، بحيث يكون أقرب إليه من نفسه، وهذا قرب غير قرب المحب

الإتيان والمجيء

من حبيبه، هذا لون وهذا لون، فمدار هذه الأسماء الأربعة على الإحاطة، وهي إحاطتان: زمانيَّة، ومكانيَّة، فإحاطة أوليَّتِه وآخريَّتِه بالقَبْلِ والبَعْدِ، فكل سابق انتهى إلى أوليَّتِه، وكلُ آخرٍ انتهى إلى آخريَّتِه، فأحاطت أوليَّتُه وآخريَّتُه بالأوائل والأواخر، وأحاطت ظاهريَّتُه وباطنيَّتُه بكلِّ ظاهرٍ وباطن، فما من ظاهرٍ إلا والله فوقه، وما من باطن إلا والله دونه، وما من أولٍ إلا والله قبله، وما من آخرٍ إلا والله بعده، فالأوَّلُ قِدَمُه، والآخرُ دوامه وبقاؤه، والظاهر علوه وعظمته، والباطن قربه ودنوه، فسبق كلَّ شيء بأوليَّته، وبقي بعد كلُّ شيء بآخريَّتِه، وعلا على كل شيء بظهوره، ودنا من كل شيء ببطونه، فلا تواري منه سماءٌٌٌ سماءً، ولا أرضٌ أرضاً، ولا يحجب عنه ظاهرٌ باطناً، بل الباطنُ له ظاهر، والغيبُ عنده شهادة، والبعيدُ منه قريب،والسرُّ عنده علانية، فهذه الأسماء الأربعة تشتمل على أركان التوحيد، فهو الأوَّل في آخريَّتِه، والآخر في أوليَّتِه، والظاهر في بطونه، والباطن في ظهوره، لم يزل أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً)) . الإتْيَانُ وَالْمَجِيءُ صفتان فعليتان خبريَّتان ثابتتان بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {هَل يَنظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الغَمَامِ

وَالمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ} [البقرة: 210] . 2- وقوله: {هَل يَنظُرُونَ إلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ المَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} [الأنعام: 158] . 3- وقوله: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالمَلَكُ صَفَّاً صَفَّاً} [الفجر: 22] . ? الدليل من السنة: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (( ... وإن تقرَّب إليَّ ذراعاً؛ تقرَّبت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي؛ أتيتُه هرولةً)) . رواه: البخاري (7405) ، ومسلم (2675) . 2- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في الرؤية: (( ... قال: فيأتيهم الجبَّار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم ... )) . رواه البخاري (7439) ، ومسلم (183) . قال ابن جرير في تفسير الآية الأولى: ((اختُلِف في صفة إتيان الرب تبارك وتعالى الذي ذكره في قوله: {هَل يَنظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ} فقال بعضهم: لا صفة لذلك غير الذي وصَف به نفسه عَزَّ وجَلَّ من المجيء والإتيان والنُّزُول، وغير جائز تكلف القول في ذلك لأحدٍ إلا بخبرٍ من الله جل جلاله أو من رسولٍ مرسل، فأما القول في صفات الله وأسمائه؛ فغير جائز لأحد من جهة الاستخراج؛ إلا بما ذكرنا. وقال آخرون: ... )) ثم رجَّح القول الأوَّل.

الإجابة

وقال أبو الحسن الأشعري في ((رسالة إلى أهل الثغر)) (ص227) : ((وأجمعوا على أنه عَزَّ وجَلَّ يجيء يوم القيامة والملك صفاً صفاً ... )) اهـ. وقال الشيخ محمد خليل الهرَّاس في ((شرح الواسطية)) (ص112) بعد أن ذكر شيخ الإسلام الآيات السابقة: ((في هذه الآيات إثبات صفتين من صفات الفعل، وهما صفتا الإتيان والمجيء، والذي عليه أهل السنة والجماعة الإيمان بذلك على حقيقته، والابتعاد عن التأويل الذي هو في الحقيقة إلحاد وتعطيل)) اهـ وانظر كلام البغوي في صفة (الأصابع) . فائدة: لقد جاءت صفتا الإتيان والمجيء مقترنتين في حديثٍ واحدٍ، رواه مسلم (2675-3) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((إذا تلقَّاني عبدي بشبرٍ؛ تلقَّيْته بذراع، وإذا تلقَّاني بذراع، تلقَّيْته بباع، وإذا تلقَّاني بباع، جئتُه أتيتُه بأسرع)) . قال النووي: ((هكذا هو في أكثر النسخ: ((جئتُه أتيتُه)) ، وفي بعضها ((جئتُه بأسرع)) فقط، وفي بعضها: ((أتيتُه)) ، وهاتان ظاهرتان، والأوَّل صحيح أيضاً، والجمع بينهما للتوكيد، وهو حسن، لاسيما عند اختلاف اللفظ، والله أعلم)) . الإِجَابَةُ صفةٌ فعليةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة، والمجيب اسمٌ من أسمائه تعالى.

الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ} [آل عمران: 195] . 2- وقوله: {إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} [هود: 61] . 3- وقوله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِِِ} [البقرة: 186] . ? الدليل من السنة: 1- حديث: ((لا يزال يستجاب للعبد؛ ما لم يدعُ بإثم أو قطيعة رحم؛ ما لم يستعجل)) . قيل: يا رسول الله! ما الاستعجال؟ قال: ((يقول: قد دعوتُ وقد دعوتُ فلم أر يستجيب لي، فيستحسِر عند ذلك، ويدع الدعاء)) . رواه مسلم (2735) . 2- حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: (( ... ألا وإني قد نهيت عن القراءة في الركوع والسجود فإذا ركعتم فعظموا ربكم وإذا سجدتم فاجتهدوا في الدعاء فإنه قَمِنٌ أن يستجاب لكم)) رواه النسائي. انظر: (صحيح سنن النسائي 1072) قال الحافظ ابن القيم في ((النونية)) (2/87) : ((وَهُوَ المجُيبُ يَقُوُلُ من يَدْعُو أُجِبْـ ... ـهُ أنا المجُيبُ لِكُلِّ مَنْ نَادَانِي وَهُوَ المجُيبُ لِدَعْوَةِ المُضْطَّرِّ إذْ ... يَدْعُوهُ في سِرٍّ وفي إعْلانِ))

الإحاطة

قال الشيخ الهرَّاس في شرح هذه الأبيات: ((ومن أسمائه سبحانه (المجيب) وهو اسم فاعل من الإجابة، وإجابته تعالى نوعان: إجابة عامة لكل من دعاه دعاء عبادة أو دعاء مسألة ... )) . وقال الشيخ السعدي في ((التفسير)) (5/304) : (( ... ومن آثاره الإجابة للداعين والإنابة للعابدين؛ فهو المجيب إجابة عامة للداعين مهما كانوا، وعلى أي حال كانوا؛ كما وعدهم بهذا الوعد المطلق، وهو المجيب إجابة خاصة للمستجيبين له، المنقادين لشرعه، وهو المجيب أيضاً للمضطرين ومن انقطع رجاؤهم من المخلوقين وقويَ تعلقهم به طمعاً ورجاءً وخوفاً)) . الإِحَاطَةُ انظر: (المحيط) . الأَحَدُ يوصف الله جل وعلا بأنه الأحد، وهو اسمٌ له سبحانه وتعالى. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {قُل هُوَ اللهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] . ? الدليل من السنة: 1- الحديث القدسي الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه: (( ... وأما

الإحسان

شتمه إياي؛ فقوله: اتخذ الله ولداً، وأنا الله الأحد الصمد، لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفواً أحد)) . رواه البخاري (4974) . 2- حديث بريدة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: اللهم إني أسألك أني أشهد أنك أنت الله، لا إله إلا أنت، الأحد الصمد ... )) ((صحيح سنن الترمذي)) (1324) . معناه: 1- الذي لا شبيه له ولا نظير. قاله: البيهقي في ((الاعتقاد)) (ص 67) . 2- الأحد: الفرد. قاله: ابن الأثير في ((جامع الأصول)) (4/180) . 3- الذي لا نظيرله ولا وزير ولا نديد ولا شبيه ولا عديل، ولا يطلق هذا اللفظ على أحدٍ في الإثبات إلا على الله عَزَّ وجَلَّ؛ لأنه الكامل في جميع صفاته وأفعاله. قاله: ابن كثير في تفسير سورة الإخلاص. الإِحْسَانُ صفةٌ من صفات الله عَزَّ وجَلَّ الفعلية الثابتة بالكتاب والسنة، والإحسان يأتي بمعنيين: 1- الإنعام على الغير، وهو زائد على العدل. 2- الإتقان والإحكام. والمحسن من أسماء الله تعالى.

الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {الذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ} [السجدة: 7] . 2-وقوله: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ المَصِيرُ} [التغابن: 3] 3- وقوله: {قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً} [الطلاق: 11] . 4- وقوله: {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ} [القصص: 77] . ? الدليل من السنة: 1- حديث أنس رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا حكمتم؛ فاعدلوا، وإذا قتلتم؛ فأحسنوا؛ فإن الله مُحْسِنٌ يحب الإحسان)) . رواه: ابن أبي عاصم في ((الدِّيَّات)) (ص 94) ، وابن عدي في ((الكامل)) (6/2145) ، وأبو نعيم في ((أخبار أصبهان)) (2/113) ، والطبراني في ((الأوسط)) (2552-مجمع البحرين) ؛ وعند بعضهم: ((يحب المحسنين)) . انظر: ((السلسلة الصحيحة)) (469) . 2- حديث شداد بن أوس رضي الله عنه؛ قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتين؛ أنه قال: ((إن الله عَزَّ وجَلَّ مُحْسِنٌ يحب الإحسان، فإذا قتلتم؛ فأحسنوا القتلة ... )) . رواه: عبد الرزاق في ((المصنف)) (8603) ، وعنه الطبراني في ((الكبير)) (7121) ؛ وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (1824) .

الإحياء

3- حديث الحسن عن سمرة مرفوعاً: ((إن الله عَزَّ وجَلَّ مُحْسِنٌ؛ فأحسنوا، فإذا قتل أحدكم ... )) رواه ابن عدي في ((الكامل)) (6/2419) من، والحسن لم يسمع من سمرة، ولكن يتقوى بما سبق، والحديث صححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (1823) . الإِحْيَاءُ انظر: (المحيي) . الأَخْذُ بِالْيَدِ صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الأعراف: 172] . ? الدليل من السنة: 1- حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً: ((يأخذ الله عَزَّ وجَلَّ سماواته وأراضيه بيديه، فيقول: أنا الله (ويقبض أصابعه ويبسطها؛ أي: النبي صلى الله عليه وسلم) ، أنا الملك)) . رواه مسلم (2788-25 و 26) .

2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((وما تصدق أحد بصدقة من طيِّب، ولا يقبل الله إلا الطَّيِّب؛ إلا أخذها الرحمن بيمينه ... )) . رواه مسلم (1014) . قال ابن فارس في ((معجم مقاييس اللغة)) (1/68) : ((الهمزة والخاء والذال أصل واحد تتفرع منه فروع متقاربة في المعنى. أما (أخْذ) ؛ فالأصل حَوْزُ الشيء وجَبْيه وجَمْعه، تقول أخذت الشيء آخذه أخذاً. قال الخليل: هو خلاف العطاء، وهو التناول)) اهـ. فالأخذ إمَّا أن يكون خلاف العطاء، وهو ما كان باليد كالعطاء، وإما أخذ قهر؛ كقوله تعالى: {فَأَخَذَهُ اللهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى} ، وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى} ، ومنه أخذ الأرواح، وأخذ العهود والمواثيق، وانظر: ((مفردات الراغب)) ، وهذا المعنى ظاهر، والمعنيُّ هنا المعنى الأوَّل، وكلاهما صفة لله تعالى. قال ابن القيم في ((مختصر الصواعق المرسلة)) (2/171) : ((ورد لفظ اليد في القرآن والسنة وكلام الصحابة والتابعين في أكثر من مئة موضع وروداً متنوعاً متصرفاً فيه، مقروناً بما يدل على أنها يد حقيقية؛ من الإمساك، والطي، والقبض، والبسط ... وأخذ الصدقة بيمينه ... وأنه يطوي السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى ... )) اهـ.

الأذن (بمعنى الاستماع)

وفي شرح حديث: (( ... اللهم أعوذ بك من شر نفسي ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، أنت الأوَّل فليس قبلك شيء ... )) ؛ قال الشيخ عبد العزيز السلمان في ((الكواشف الجلية)) (ص 487) مما يستفاد من الحديث: ((صفة الأخذ)) . وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في ((القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى)) (ص30) ((من صفات الله تعالى المجيء والإتيان والأخذ والإمساك والبطش إلى غير ذلك من الصفات ... فنصف الله تعالى بهذه الصفات على الوجه الوارد)) الأَذَنُ (بمعنى الاستماع) صفةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالحديث الصحيح. ? الدليل: حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((ما أذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه لنبي يتغنَّى بالقرآن يجهر به)) . رواه: البخاري (7482) ، ومسلم (792-234) ، واللفظ له. قال أبو عبيد القاسم بن سلام في ((غريب الحديث)) (1/282) بعد أن أورد حديث أبي هريرة رضي الله عنه بإسناده: ((أما قوله ((كأَذَنِه)) ؛ ((يعني: ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبيٍ يتغنى بالقرآن، حدثنا حجاج عن ابن جريج عن مجاهد في قوله تعالى: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} ?؛ قال: سمِعَتْ. أو قال: استمعت. شكَّ أبو عبيد. يُقال: أذنتُ للشيء ءآذَنُ له أذَناً: إذا استمعتُه ... )) اهـ. وقال البغوي في ((شرح السنة)) (4/484) : ((قوله: ((ما أذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه)) يعني: ما استمع الله لشيء كاستماعه، والله لا يشغله سمع عن سمع، يقال: أذِنْتُ للشيء آذَنُ أذَناً بفتح الذال: إذا سمعت له ... )) . وقال الخطابي في ((غريب الحديث)) (3/256) : ((قوله: ((ما أذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه لنبي يتغنى

بالقرآن)) الألف والذال مفتوحتان، مصدر أذِنْتُ للشيء أذناً: إذا استمعت له، ومن قال: ((كإذنه)) فقد وهم)) اهـ وقال ابن كثير في ((فضائل القرآن)) (ص114-116) بعد أن أورد حديث: ((لم يأذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن)) قال: (( ... ومعناه أنَّ الله تعالى ما استمع لشيء كاستماعه لقراءة نبي يجهر بقراءته ويحسنها، وذلك أنه يجتمع في قراءة الأنبياء طيب الصوت لكمال خلقهم وتمام الخشية، وذلك هو الغاية في ذلك، وهو سبحانه وتعالى يسمع أصوات العباد كلهم برهم وفاجرهم، كما قالت عائشة رضي الله عنها: سبحان الذي وسع سمعه الأصوات، ولكن استماعه لقراءة عباده المؤمنين أعظم؛ كما قال تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} الآية، ثم استماعه لقراءة أنبيائه أبلغ؛ كما

دل عليه هذا الحديث العظيم، ومنهم من فسر الأذَن ها هنا بالأمر، والأوَّل أولى؛ لقوله: ((ما أذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه لنبي يتغنى بالقرآن)) ؛ أي: يجهر به، والأذَن: الاستماع؛ لدلالة السياق عليه ... ولهذا جاء في حديث رواه ابن ماجه بسند جيد عن فضالة بن عبيد؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لله أشد أذَناً إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القَيْنةِ إلى قينتِه)) اهـ. قلت: حديث فضالة رُوي بإسنادين ضعيفين: الأوَّل: منقطع، من رواية إسماعيل بن عبيد الله عن فضالة بن عبيد، رواه أحمد في ((المسند)) (6/19) ، والحاكم في ((المستدرك)) (1/571) ، وقال: ((على شرط البخاري)) ، قال الذهبي: ((قلت: بل هو منقطع)) . والإسناد الثاني: موصول، رواه ابن ماجه (1340) من طريق إسماعيل بن عبيد الله عن ميسرة مولى فضالة عن فضالة به، وعلته ميسرة، قال عنه الذهبي في الميزان: ((ما حدَّث عنه سوى إسماعيل بن عبيد الله)) ، وقال في ((الكاشف)) : ((نكرة)) ، وقال ابن حجر في ((التقريب)) : ((مقبول)) . قال الأزهري في ((تهذيب اللغة)) (15/16) : ((وفي الحديث: ((ما أذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه لنبي يتغنى بالقرآن)) ، قال أبو عبيد: يعني: ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبي يتغنى بالقرآن. يقال: أذِنْتُ للشيء آذنُ له: إذا استمعت له ... )) .

الإرادة والمشيئة

وقال ابن منظور في ((لسان العرب)) : ((قال ابن سيدة: وأذن إليه أذَنا ً: استمع، وفي الحديث: ((ما أذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه لنبي يتغنى بالقرآن)) ، قال أبو عبيد....)) ثم ذكر كلام أبي عبيدٍ السابق. وقال ابن فارس في ((معجم مقاييس اللغة)) (1/76) : ((ويقال للرجل السامع من كلِّ أحدٍ: أُذُن، قال الله تعالى: {وَمِنْهُمُ الذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ} ... والأذَن: الاستماع، وقيل: أذَنٌ؛ لأنه بالأذُن يكون)) اهـ. قلت: هذا في حق المخلوقين، أما الخالق سبحانه وتعالى؛ فشأنه أعظم، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} ؛ فنحن نقول: إنَّ الله يأذن أذَناً؛ أي: يستمع استماعاً بلا كيف. الإِرَادَةُ والْمَشِيئَةُ صفتان ثابتتان بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلهُ يَجْعَل صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} الآية [الأنعام: 125] . 2- وقوله: {إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} (المائدة: 1] . 3- وقوله: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللهُ} [الإنسان: 30] .

4- وقوله: {قُل اللهُمَّ مَالِكَ المُلكِ تُؤْتِي المُلكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ المُلكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ} (آل عمران: 26] . ? الدليل من السنة: 1- حديث أنس بن مالك رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((وكَّل الله بالرحم ملكاً ... فإذا أراد الله أن يقضي خلقها؛ قال ... )) . رواه: البخاري (6595) ، ومسلم (2646) . 2-حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا أراد الله بقوم عذاباً؛ أصاب العذاب من كان فيهم ثم بُعثوا على أعمالهم)) . رواه مسلم (2879) . 3- حديث (( ... إنك الجنة رحمتي أرحم بك من أشاء، وإنك النار عذابي أعذب بك من أشاء)) . رواه مسلم (2846) . 4- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (( ... ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)) . رواه مسلم (595) . قال أبو الحسن الأشعري في ((رسالة إلى أهل الثغر)) (ص 214) : ((وأجمعوا على إثبات حياة الله عَزَّ وجَلَّ، لم يزل بها حياً ... )) إلى أن قال: ((وإرادة لم يزل بها مريداً ... )) اهـ. وقال شيخ الإسلام في ((التدمرية)) (ص 25) - بعد أن سرد بعض الآيات السابقة وغيرها -: (( ... وكذلك وصف نفسه بالمشيئة، ووصف

الاستحياء

عبده بالمشيئة ... وكذلك وصف نفسه بالإرادة، ووصف عبده بالإرادة ... ومعلوم أنَّ مشيئة الله ليست مثل مشيئة العبد، ولا إرادته مثل إرادته00)) وله رحمه الله كلام طويل حول هذه الصفة في ((دقائق التفسير)) (5/184-193) . وانظر كلام ابن كثير في صفة (السمع) . ويجب إثبات صفة الإرادة بقسميها الكوني والشرعي؛ فالكونية بمعنى المشيئة، والشرعية بمعنى المحبة. انظر ((القواعد المثلى)) (ص 39) . الاسْتِحْيَاءُ انظر صفة: (الحياء) . اسْتِطَابَةُ الْرَّوَائِحِ صفةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالسنَّةِ الصحيحة. ? الدليل: حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)) رواه البخاري (5583) ومسلم (1151)

قال الحافظ ابن القيم في ((الوابل الصيب)) (1/52) ((من المعلوم أنَّ أطيب ما عند الناس من الرائحة رائحة المسك فمثَّل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الخلوف عند الله تعالى بطيب رائحة المسك عندنا وأعظم، ونسبة استطابة ذلك إليه سبحانه وتعالى كنسبة سائر صفاته وأفعاله إليه فإنها استطابة لا تماثل استطابة المخلوقين كما أنَّ رضاه وغضبه وفرحه وكراهيته وحبه وبغضه لا تماثل ما للمخلوق من ذلك كما أنَّ ذاته سبحانه وتعالى لا تشبه ذوات خلقه، وصفاته لا تشبه صفاتهم وأفعالهم، وهو سبحانه وتعالى يستطيب الكلم الطيب فيصعد إليه والعمل الصالح فيرفعه وليست هذه الاستطابة كاستطابتنا، ثم إنَّ تأويله لا يرفع الإشكال إذ ما استشكله هؤلاء من الاستطابة يلزم مثله في الرضا فإن قال: رضا ليس كرضا المخلوقين فقولوا: استطابه ليست كاستطابة المخلوقين وعلى هذا جميع ما يجيء من هذا الباب)) وقال الشيخ علي الشبل في كتاب ((التنبيه على المخالفات العقدية في فتح الباري)) (ص36) - والذي قَرَّظه عددٌ من العلماء وفي مقدمتهم الإمام عبد العزيز بن باز -رحمه الله-: ((والاستطابة لرائحة خلوف فم الصائم من جنس الصفات العُلى، يجب الإيمان بها مع عدم مماثلة صفات المخلوقين))

الاستهزاء بالكافرين

الاسْتِهْزَاءُ بِالْكَافِرِينَ صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ في كتابه العزيز. ? الدليل: قوله تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ - اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [البقرة: 14-15] . قال ابن فارس في ((مجمل اللغة)) (ص 904) : ((الهزء: السخرية، يُقال: هزيءَ به واستهزأ)) . وقال ابن جرير الطبري في تفسير الآية بعد أن ذكر الاختلاف في صفة الاستهزاء: ((والصواب في ذلك من القول والتأويل عندنا: أنَّ معنى الاستهزاء في كلام العرب: إظهار المستهزِيء للمستَهْزَأ به من القول والفعل ما يرضيه ظاهراً، وهو بذلك من قِيِله وفعلِه به مورثه مساءة باطناً، وكذلك معنى الخداع والسخرية والمكر ... )) . ثم قال: ((وأما الذين زعموا أنَّ قول الله تعالى ذكره {اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} إنما هو على وجه الجواب، وأنه لم يكن من الله استهزاء ولا مكر ولا خديعة؛ فنافون عن الله عَزَّ وجَلَّ ما قد أثبته الله عَزَّ وجَلَّ لنفسه وأوجبه لها، وسواءٌ قال قائل: لم يكن من الله جل ذكره استهزاء ولا مكر ولا خديعة ولا سخرية بمن أخبر أنه يستهزئ ويسخر ويمكر به، أو قال: لم يخسف الله بمن

أخبر أنه خسف به من الأمم ولم يغرق من أخبر أنه أغرقه منهم. ويقال لقائل ذلك: إنَّ الله جل ثناؤه أخبرنا أنه مكر بقوم مضوا قبلنا لم نرهم، وأخبرنا عن آخرين أنه خسف بهم، وعن آخرين أنه أغرقهم، فصدقنا الله تعالى فيما ذكره فيما أخبرنا به من ذلك، ولم نفرق بين شيء منه؛ فما برهانك على تفريقك ما فرقت بينه بزعمك أنه قد أغرق وخسف بمن أخبر أنه أغرقه وخسف به، ولم يمكر بمن أخبر أنه قد مكر به؟!)) اهـ. وقال قوَّام السنة الأصبهاني في ((الحجة)) (1/168) : ((وتولى الذب عنهم (أي: عن المؤمنين) حين قالوا: {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ، فقال: {اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} ، وقال: {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ} ، وأجاب عنهم فقال: {أَلا إِنَّهُمْ هُمْ السُّفَهَاءُ} ؛ فأجل أقدارهم أن يوصفوا بصفة عيب، وتولى المجازاة لهم، فقال {اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} . وقال {سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ} ؛ لأن هاتين الصفتين إذا كانتا من الله؛ لم تكن سفهاً؛ لأن الله حكيم، والحكيم لا يفعل السفه، بل ما يكون منه يكون صواباً وحكمة)) . اهـ. وقال شيخ الإسلام في ((الفتاوى)) (7/111) رداً على الذين يدعون أنَّ هناك مجازاً في القرآن: ((وكذلك ما ادعوا أنه مجاز في القرآن كلفظ (المكر) و (الاستهزاء) و (السخرية) المضاف إلى الله، وزعموا أنه مسمى باسم ما يقابله على طريق المجاز، وليس كذلك، بل مسميات هذه الأسماء إذا فعلت بمن لا يستحق العقوبة؛ كانت ظلماً له، وأما إذا فعلت بمن فعلها

بالمجني عليه عقوبة له بمثل فعله؛ كانت عدلاً؛ كما قال تعالى: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} فكاد له كما كادت اخوته لما قال له أبوه {لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً} ?، وقال تعالى: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا - وَأَكِيدُ كَيْدًا} وقال تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُون َ - فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ} وقال تعالى: {الذِينَ يَلمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنْ المُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ} ولهذا كان الاستهزاء بهم فعلاً يستحق هذا الاسم؛ كما روى عن ابن عباس؛ أنه يفتح لهم باب من الجنة وهم في النار، فيسرعون إليه، فيغلق، ثم يفتح لهم باب آخر، فيسرعون إليه، فيغلق، فيضحك منهم المؤمنون. قال تعالى {فَاليَوْمَ الذِينَ آمَنُوا مِنْ الكُفَّارِ يَضْحَكُونَ - عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ - هَل ثُوِّبَ الكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} . وعن الحسن البصري: إذا كان يوم القيامة؛ خمدت النار لهم كما تخمد الإهالة من القدر، فيمشون، فيخسف بهم. وعن مقاتل: إذا ضرب بينهم وبين المؤمنين بسور له باب؛ باطنه فيه الرحمة، وظاهره من قبله العذاب، فيبقون في الظلمة، فيقال لهم: ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً. وقال بعضهم: استهزاؤه: استدراجه لهم.

الاستواء على العرش

وقيل: إيقاع استهزائهم ورد خداعهم ومكرهم عليهم. وقيل: إنه يظهر لهم في الدنيا خلاف ما أبطن في الآخرة. وقيل: هو تجهيلهم وتخطئتهم فيما فعلوه. وهذا كله حق، وهو استهزاء بهم حقيقة)) اهـ. وانظر كلام ابن القيم في صفة (الخداع) ، وكلامه في ((مختصر الصواعق المرسلة)) (2/34) . الاسْتِوَاءُ عَلَى الْعَرْشِ صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] . 2- وقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ} [الأعراف: 54، يونس: 3الرعد: 2، الفرقان: 59، السجدة: 4، الحديد: 4] . ? الدليل من السنة: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيده، فقال: ((يا أبا هريرة! إن الله خلق السماوات والأرضين وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ... )) . رواه النسائي في ((التفسير)) (412) وهو حديث حسن. وانظر: ((مختصر العلو)) (71) .

الأسف (بمعنى الغضب)

2- حديث قتادة بن النعمان رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لما فرغ الله من خلقه؛ استوى على عرشه)) . قال ابن القيم في ((اجتماع الجيوش الإسلامية)) (ص 107) : ((روى الخلال في ((كتاب السنة)) بإسناد صحيح على شرط البخاري عن قتادة (ثم ذكره)) ) . وقال الذهبي في ((العلو)) (52) : ((رواته ثقات)) . وسكت عنه الألباني -رحمه الله- في ((مختصر العلو)) . ومعنى الاستواء: العلو، والارتفاع، والاستقرار، والصعود؛ كما في ((نونية ابن القيم)) (1/215-هرَّاس) قال رحمه الله: ((فَلَهُمْ عِبَارَاتٌ عليها أرْبَعٌ ... قد حُصِّلَتْ لِلْفَارِسِ الطَّعَّانِ وَهِيَ اسْتَقَرَّ وَقَدْ عَلا وَكَذلِكَ ارْ ... ... تَفَعَ الذي مَا فِيهِ من نُكْرَانِ وكذاك قد صَعِدَ الذي هُوَ رابِعٌ ... وأبُو عُبَيْدَةَ صَاحِبُ الشَّيْبَانِي يَخْتَارُ هذا القَوْلَ في تَفْسِيِرِه ... أَدْرَى مِنَ الجَهْمِيِّ بالقُرْآنِ)) انظر: ((أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)) للالكائي (2/216- 3/387) ، و ((رسالة في الاستواء والفوقية)) لأبي محمد الجويني، و ((دقائق التفسير)) لابن تيمية (5/237-244، 6/436-439) ، وانظر أيضاً: صفة (العلو) ، وكلام البغوي في صفة (الأصابع) . الأَسَفُ (بمعنى الغَضَب) صفةٌ فعليَّةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب العزيز.

الأصابع

الدليل: قوله تعالى: {فَلَمّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: 55] . وقد استشهد بها شيخ الإسلام ابن تيمية في ((العقيدة الواسطية)) ، وكل من شرحها بعد ذلك. قال ابن قتيبة في ((تفسير غريب القرآن)) (ص 399) : {فَلَمّا آسَفُونَا} ؛ أي: أغضبونا، والأسف: الغضب، يُقال: أسِفت آسَف أسفاً؛ أي: غضبت)) اهـ. ونقل هذا المعنى ابن جرير في ((التفسير)) بإسناده عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي وابن زيد. قال الهرَّاس في ((شرح الواسطية)) (ص 111) : ((الأسف يُستعمل بمعنى شدة الحزن، وبمعنى شدة الغضب والسخط، وهو المراد في الآية)) اهـ وانظر: ((تهذيب اللغة)) (13/96) . الأَصَابِعُ صفةٌ فعليَّةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالسُّنَّة الصحيحة. ? الدليل: 1- حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ أنه سمع

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن ... )) . رواه مسلم (2654) . 2- حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: ((جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب، فقال: يا أبا القاسم! إن الله يمسك السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع ... إلى أن قال: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قرأ {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ} )) . رواه: البخاري (7415) ومسلم (2786) . قال إمام الأئمة أبو بكر بن خزيمة في كتاب ((التوحيد)) (1/187) : ((باب إثبات الأصابع لله عَزَّ وجَلَّ)) ، وذكر بأسانيده ما يثبت ذلك. وقال أبو بكر الآجري في ((الشريعة)) (ص 316) : ((باب الإيمان بأن قلوب الخلائق بين إصبعين من أصابع الرب عَزَّ وجَلَّ، بلا كيف)) . وقال البغوي في ((شرح السنة)) (1/168) بعد ذكر الحديث السابق: ((والإصْبَع المذكورة في الحديث صفةٌ من صفات الله عَزَّ وجَلَّ، وكذلك كلُّ ما جاء به الكتاب أو السنَّة من هذا القبيل من صفات الله تعالى؛ كالنَّفس، والوجه، والعين، واليد، والرِّجل، والإتيان، والمجيء، والنُّزُول إلى السماء الدنيا، والاستواء على العرش، والضحك، والفرح)) اهـ. وقال ابن قتيبة في ((تأويل مختلف الحديث)) (ص 245) بعد أن ذكر

حديث عبد الله بن عمرو السابق: ((ونحن نقول: إنَّ هذا الحديث صحيح، وإن الذي ذهبوا إليه في تأويل الإصبع لا يشبه الحديث؛ لأنه عليه السلام قال في دعائه: ((يا مقلب القلوب! ثبت قلبي على دينك)) . فقالت له إحدى أزواجه: أوَ تخاف يا رسول الله على نفسك؟ فقال: ((إنَّ قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الله عَزَّ وجَلَّ)) ، فإن كان القلب عندهم بين نعمتين من نعم الله تعالى؛ فهو محفوظ بتينك النعمتين؛ فلأي شيء دعا بالتثبيت؟ ولِمَ احتج على المرأة التي قالت له: أتخاف على نفسك؟ بما يؤكد قولها؟ وكان ينبغي أن لا يخاف إذا كان القلب محروساً بنعمتين. فإن قال لنا: ما الإصبع عندك ها هنا؟ قلنا: هو مثل قوله في الحديث الآخر: ((يحمل الأرض على إصبع)) ، وكذا على إصبعين، ولا يجوز أن تكون الإصبع ها هنا نعمة، وكقوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} ، ولم يجز ذلك. ولا نقول: إصبعٌ كأصابعنا، ولا يدٌ كأيدينا، ولا قبضةٌ كقبضاتنا؛ لأن كل شيء منه عَزَّ وجَلَّ لا يشبه شيئاً منا)) اهـ. فأهل السنة والجماعة يثبتون لله تعالى أصابع تليق به {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}

الإلهية والألوهية

الإِلَهِيَّةُ والأُلُوهِيَّةُ صفةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ من اسمه (الله) واسمه (الإله) ، وهما اسمان ثابتان في مواضع عديدة من كتاب الله عَزَّ وجَلَّ. وأصل كلمة (الله) إلاه كما رجَّحَه ابن القيم في ((بدائع الفوائد)) ، وإلاه بمعنى مألوه؛ أي: معبود؛ ككتاب بمعنى مكتوب. والإلهية أو الألوهية صفة مأخوذة من هذين الاسمين. قال الحافظ ابن القيم في ((مدارج السالكين)) (1/34) عند الحديث عن أسماء الله تعالى (الله) ، (الرب) ، (الرحمن) ؛ قال: (( ... فالدين والشرع والأمر والنهي مظهره وقيامه من صفة الإلهية، والخلق والإيجاد والتدبير والفعل من صفة الربوبية، والجزاء والثواب والعقاب والجنة والنار من صفة الملك)) . وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي في ((التفسير)) (5/298) : ((الله: هو المألوه المعبود ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين لما اتصف به من صفات الألوهية التي هي صفات الكمال)) . الأَمْرُ صفةٌ لله عَزَّ وجَلَّ؛ كما قال في محكم تَنْزِيله {أَلا لَهُ الخَلقُ وَالأمْرُ}

(الأعراف: 54) ؛ إلا أنَّ هذا لا يعني أنه كلما ذكرت كلمة (الأمر) في الكتاب أو السنة مضافة إلى الله؛ مثل (أمر الله) أو (الأمر لله) ؛ أنها صفة له. لذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ((الفتاوى)) (6/17) مثبتاً لهذه الصفة ومنبهاً لهذه القاعدة بقوله: (( ... لفظة (الأمر) ؛ فإن الله تعالى لما أخبر بقوله: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ، وقال: {أَلا لَهُ الخَلقُ وَالأمْرُ} ، واستدل طوائف من السلف على أنَّ الأمر غير مخلوق، بل هو كلامه، وصفة من صفاته بهذه الآية وغيرها؛ صار كثير من الناس يطرد ذلك في لفظ الأمر حيث ورد، فيجعله صفة، طرداً للدلالة، ويجعل دلالته على غير الصفة نقضاً لها، وليس الأمر كذلك؛ فبينت في بعض رسائلي أنَّ الأمر وغيره من الصفات يطلق على الصفة تارة وعلى متعلقها أخرى؛ فالرحمة صفة لله، ويسمى ما خلق رحمة، والقدرة من صفات الله تعالى، ويسمى المقدور قدرة، ويسمى تعلقها بالمقدور قدرة، والخلق من صفات الله تعالى، ويسمى (المخلوق) خلقاً، والعلم من صفات الله، ويسمى المعلوم أو المتعلِّق علماً؛ فتارة يراد الصفة، وتارة يراد متعلقها، وتارة يراد نفس التعلُّق)) اهـ. وقال أبو الحسن الأشعري في ((رسالة إلى أهل الثغر)) (ص 221) : ((وأجمعوا على أنَّ أمره عَزَّ وجَلَّ وقوله غير محدث ولا مخلوق، وقد دلَّ الله تعالى على صحة ذلك بقوله تعالى: {أَلا لَهُ الخَلقُ وَالأَمْرُ} )) اهـ.

الإمساك

الإِمْسَاكُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه يمسك السماواتِ والأرضَ وغيرهما إمساكاً يليق بجلاله وعظمته، وهي صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا} [فاطر:41] ? الدليل من السنة: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنَّ يهوديّاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد! إن الله يمسك السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والجبال على إصبع، والشجر على إصبع، والخلائق على إصبع، ثم يقول: أنا الملك: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قرأ: {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ} . وفي رواية: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجباً وتصديقاً له. رواه: البخاري (7414) واللفظ له، ومسلم (2786) . قال ابن خزيمة في كتاب ((التوحيد)) (1/178) : ((باب ذكر إمساك الله -تبارك وتعالى اسمه وجل ثناؤه- السماوات والأرض وما عليها على أصابعه)) . ثم أورد حديث ابن مسعود رضي الله عنه بإسناده من عدة طرق، ثم

الأنامل

قال (ص 185) : ((أما خبر ابن مسعود؛ فمعناه: أنَّ الله جل وعلا يمسك ما ذكر في الخبر على أصابعه، على ما في الخبر سواء، قبل تبديل الله الأرض غير الأرض؛ لأن الإمساك على الأصابع غير القبض على الشيء، وهو مفهوم في اللغة التي خوطبنا بها ... )) اهـ. وقال أبو بكر الآجري في ((الشريعة)) (ص 318) : ((باب الإيمان بأن الله عَزَّ وجَلَّ يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع ... )) . وقال ابن القيم في ((مختصر الصواعق المرسلة)) (2/171) : ((ورد لفظ اليد في القرآن والسنة وكلام الصحابة والتابعين في أكثر من مئة موضع، وروداً متنوعاً متصرفاً فيه مقروناً بما يدل على أنها يد حقيقة؛ من: الإمساك، والطي، والقبض، والبسط ... )) . وانظر: صفة القبض والطي. الأَنَامِلُ صفةٌ ذاتيةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالحديث الصحيح. ? الدليل: حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه: (( ... فإذا أنا بربي عَزَّ وجَلَّ (يعني: في المنام، ورؤى الأنبياء حقٌ) في أحسن صورة، فقال: يا محمد! فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري رب! قال: يا محمد! فيم يختصم الملأ

الأعلى؟ قلت: لا أدري رب! قال: يا محمد! فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري رب! فرأيته وضع كفه بين كتفي، حتى وجدت برد أنامله في صدري ... )) . حديث صحيح لغيره. رواه: أحمد، والترمذي، وابن خزيمة، وابن أبي عاصم. وانظر تخريجه في صفة (الصورة) . قال شيخ الإسلام في ((نقض أساس التقديس)) (ق 524-526) : ((فقوله (أي: الرازي) : وجدت برد أنامله؛ أي: معناه وجدت أثر تلك العناية. يقال له: أثر تلك العناية كان حاصلاً على ظهره وفي فؤاده وصدره؛ فتخصيص أثر العناية لا يجوز؛ إذ عنده لم يوضع بين الكتفين شيء قط، وإنما المعنى أنه صرف الرب عنايته إليه، فكان يجب أن يبين أنَّ أثر تلك العناية متعلق بما يعم، أو بأشرف الأعضاء، وما بين الثديين كذلك؛ بخلاف ما إذا قرأ الحديث على وجهه؛ فإنه إذا وضعت الكف على ظهره؛ ثقل بردها إلى الناحية الأخرى، وهو الصدر، ومثل هذا يعلمه الناس بالإحساس وأيضاً فقول القائل: وضع يده بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين ثديي نصٌ لا يحتمل التأويل والتعبير بمثل هذا اللفظ عن مجرد الاعتناء، [وهذا] أمر يعلم بطلانه بالضرورة من اللغة العربية، وهو من غث كلام القرامطة والسوفسطائية 00)) ثم قال: ((الوجه السادس: أنه صلى الله عليه وسلم ذكر ثلاثة أشياء؛ حيث قال: ((فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها)) ، وفي رواية: ((برد

الانتقام من المجرمين

أنامله على صدري، فعلمت ما بين المشرق والمغرب)) ، فذكر وضع يده بين كتفيه، وذكر غاية ذلك أنه وجد برد أنامله بين ثدييه، وهذا معنى ثان، وهو وجود هذا البرد عن شيء مخصوص في محل مخصوص، وعقب ذلك بقوله: الوضع الموجود [كذا] ، وكل هذا يبين أنَّ أحد هذه المعاني ليس هو الآخر)) اهـ. الانْتِقَامُ مِنْ الْمُجْرِمِينَ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه (ذو انتقام) ، وأنه ينتقم من المجرمين؛ كما يليق به سبحانه، وهي صفةٌ فعليةٌ ثابتةٌ بالكتاب والسنة، وليس (المنتقم) من أسماء الله تعالى. - الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ} [المائدة: 95] 2- ... وقوله: {إِنَّا مِنْ المُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} [السجدة: 22] . ? الدليل من السنة: 1-حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وقوله عن قريش: ((فكشف عنهم، فعادوا، فانتقم الله منهم يوم بدر؛ فذلك قوله تعالى: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} إلى قوله جل ذكره {إِنَّا مُنتَقِمُونَ} )) . رواه

البخاري (4822) . 2- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً: (( ... فقال للنار: أنت عذابي، أنتقم بك ممَّن شئت، وقال للجنة: أنت رحمتي، أرحم بك من شئت. رواه: الترمذي (صحيح سنن الترمذي 2076) ، وأحمد في ((المسند)) (2/450) . قال الأزهري في ((تهذيب اللغة)) : ((قال أبو إسحاق: معنى (نقمت) : بالغت في كراهة الشيء)) اهـ. وقال الراغب في ((المفردات)) : ((النقمة: العقوبة: قال الله تعالى {فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي اليَمِّ} ، {فَانتَقَمْنَا مِنْ الذِينَ أَجْرَمُوا} )) . وقال الخطابي في ((شأن الدعاء)) (ص90) : ((الانتقام: افتعال من نقم ينقم: إذا بلغت به الكراهة حد السخط)) . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (17/95) : (( ... ولا في أسمائه الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم اسم المنتقم، وإنما جاء المنتقم في القرآن مقيداً كقوله: {إِنَّا مِنْ المُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} وجاء معناه مضافاً إلى الله في قوله: {إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ} )) اهـ. وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في ((القواعد المثلى)) (ص 38) : ((ولدلالة الكتاب والسنة على ثبوت الصفة ثلاثة أوجه: ... الثالث: التصريح بفعل أو وصف دال عليها؛ كالاستواء على العرش، والنُّزُول إلى

الإيجاب والتحليل والتحريم

السماء الدنيا، والمجيء للفصل بين العباد يوم القيامة، والانتقام من المجرمين)) ، ثم استدل للصفة الأخيرة بقوله تعالى: {إِنَّا مِنْ المُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} اهـ. الإِيجَابُ والتَّحْلِيلُ والتَّحْرِيمُ صفاتٌ فعليةٌ ثابتةٌ لله تعالى بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] ? الدليل من السنة: 1- حديث أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه مرفوعاً: ((من أكل من هذه الشجرة الخبيثة شيئاً فلا يقربنَّا في المسجد، فقال الناس حرمت حرمت فبلغ ذاك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أيها الناس إنه ليس بي تحريم ما أحلَّ الله لي ولكنها شجرة أكره ريحها)) رواه مسلم (877) 2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا فقال رجل أكل عام يا رسول الله فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو قلت: نعم! لوجبت ولما استطعتم ... )) رواه مسلم (2380) . وقوله لوجبت أي: لأوجبها الله عزَّ وجلَّ.

الباريء

قال شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)) (35/273) : ((الحلف بالنذر والطلاق ونحوهما هو حلفٌ بصفاتِ الله، فإنَّه إذا قال: إن فعلتُ كذا فعلي الحج فقد حلف بإيجاب الحج عليه وإيجاب الحج عليه حكمٌ من أحكام الله تعالى وهو من صفاته، وكذلك لو قال: فعلي تحريرُ رقبة، وإذا قال: فامرأتي طالقٌ وعبدي حرٌ فقد حلف بإزالة ملكه الذي هو تحريمه عليه والتحريم من صفات الله كما أنَّ الإيجاب من صفات الله)) اهـ وانظر صفة: (التشريع) الْبَارِيءُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الباريء، وهو اسم له سبحانه وتعالى، وهذه الصفةُ ثابتةٌ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {هُوَ اللهُ الخَالِقُ البَاريءُ} [الحشر: 24] . 2- وقوله: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} [البقرة: 54] . ? الدليل من السنة: حديث أبي جحيفة؛ قال: سألت عليّاً رضي الله عنه: هل عندكم شيء ما ليس في القرآن؟ فقال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة؛ ما عندنا إلا ما في القرآن؛ إلا فهماً ... )) . رواه البخاري (6903) .

الباطن (الباطنية)

قال ابن قتيبة في ((تفسير غريب القرآن)) (ص 15) : ((ومن صفاته (الباريء) ، ومعنى (الباريء) : الخالق، يُقال: برأ الخلق يبرؤهم، والبريَّة: الخلق)) اهـ. وقال الزجاج في ((تفسير الأسماء الحسنى)) (ص 37) : ((البرء: خلق على صفة، فكل مبروء مخلوق، وليس كل مخلوق مبروءاً)) . وقال ابن الأثير: ((الباريء: هو الذي خلق الخلق، لا عن مثال، إلا أنَّ لهذه اللفظة من الاختصاص بالحيوان ما ليس لها بغيره من المخلوقات، وقلما تستعمل في غير الحيوان، فيقال: برأ الله النسمة، وخلق السماوات والأرض)) . ((جامع الأصول)) (4/177) . الْبَاطِنُ (الْبَاطِنِيَّةُ) يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الباطن، وهو اسم له ثابت بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ} [الحديد: 3] . ? الدليل من السنة: حديث أبي هريرة المتقدم عند مسلم (2713) : (( ... اللهم أنت الأوَّل؛ فليس قبلك شيء ... وأنت الباطن؛ فليس دونك شيء)) . والمعنى كما قال ابن جرير: ((هو الباطن لجميع الأشياء؛ فلا شيء أقرب إلى

بديع السموات والأرض

شيء منه؛ كما قال تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} وقال ابن منده في ((كتاب التوحيد)) (2/82) : ((الباطن: المحتجب عن ذوي الألباب كنه ذاته وكيفية صفاته عَزَّ وجَلَّ)) . وقال البغوي في ((التفسير)) : ((الباطن: العالم بكل شيء)) . وانظر: كلام ابن القيم في صفة (الأوَّليَّة) . بَدِيعُ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه بديع السماوات والأرض وما فيهن، وهي صفةٌ ثابتةٌ له بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة: 117] . 2- وقوله: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُل شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنعام: 101] . ? الدليل من السنة: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت وحدك، لا شريك لك، المنان، بديع السماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام.

البر

فقال: ((لقد سأل الله باسمه الأعظم، الذي إذا سُئِلَ به؛ أعطى، وإذا دُعِيَ به؛ أجاب)) . حديث صحيح. رواه: الترمذي، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه واللفظ له. ((صحيح سنن ابن ماجه)) (3112) . وانظر: ((جامع الأصول)) (2143) . المعنى: قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في ((التفسير)) (5/303) : ((بديع السماوات والأرض؛ أي: خالقهما ومبدعهما في غاية ما يكون من الحسن والخلق البديع والنظام العجيب المحكم)) . وقال ابن منظور في مادة (ب د ع) : ((بديع السماوات والأرض، أي: خالقها ومبدعها؛ فهو سبحانه الخالق المخترع لا عن مثال سابق)) . وعدَّ بعضُهم (البديع) من أسماء الله عَزَّ وجَلَّ، وفي هذا نظر. الْبِرُّ صفةٌ لله عَزَّ وجَلَّ ثابتةٌ بالكتاب والسنة، و (البَرّ) من أسمائه تعالى. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ البَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور:28] ? الدليل من السنة: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: ((إن من عباد الله تعالى من لو

البركة والتبارك

أقسم على الله لأبَرَّه)) . رواه: البخاري (2703) ، ومسلم (1675) . ومعنى (البَرّ) : 1- اللطيف بعباده. قاله ابن جرير في تفسير الآية السابقة. 2- العطوف على عباده ببره ولطفه. قاله ابن الأثير في ((جامع الأصول)) (4/182) . 3- وقال ابن القيم في ((النونية)) (2/99) : ((والبِِرُّ في أوصَافِهِ سُبْحَانَهُ ... هُوَ كثْرةُ الخَيراتِ والإحْسَانِ)) ِ وفي ((لسان العرب)) : ((البَرُّ: الصادق، وفي التنزيل العزيز: {إِنَّهُ هُوَ البَرُّ الرَّحِيمُ} والبَرُّ من صفات الله تعالى وتَقَدَّس: العطوفُ الرحيمُ اللطيفُ الكريمُ،قال ابن الأثير: في أسماء الله تعالى البَرُّ دون البارُّ وهو العطوف على عباده ببرِّه ولُطْفِه)) البَرَكَةُ والتَبَارُكُ صفةٌ ذاتيةٌ وفعلية لله عَزَّ وجَلَّ، ثابتةٌ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ} [هود: 73] 2- وقوله: {تَبَارَكَ الذِي بِيَدِهِ المُلكُ} [الملك: 1] ووردت لفظة (تبارك) في مواضع أخرى من القرآن الكريم:

(الزخرف: 85) ، (الرحمن: 78) ، وفي ثلاث مواضع من سورة الفرقان. ? الدليل من السنة: حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((بينا أيوب عليه السلام يغتسل عرياناً ... فناداه ربه عَزَّ وجَلَّ: يا أيوب! ألم أكن أغنيتك عمَّا ترى؟ قال: بلى وعزتك، ولكن لا غنى بي عن بركتك)) . رواه البخاري (279) . ويكفي استدلالاً لذلك تحية الإسلام: ((السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)) . المعنى: قال ابن القيم في ((بدائع الفوائد)) (2/185) : (( ... وأما صفته تبارك؛ فمختصة به تعالى كما أطلقها على نفسه ... )) . وقال في ((جلاء الأفهام)) (ص 167) : (( ... فتبارُكُه سبحانه صفة ذات له وصفة فعل ... )) . وقال السلمان في شرحه للواسطية ((الكواشف الجلية)) (ص 283) : (( ... والنوع الثاني بركة: هي صفته تضاف إليه إضافة الرحمة والعزة، والفعل منها تبارك، ولهذا لا يقال لغيره كذلك، ولا يصلح إلا له عَزَّ وجَلَّ؛ فهو سبحانه المبارِك، وعبده ورسوله المبارَك؛ كما قال المسيح: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً} ، فمن بارك الله فيه؛ فهو المبارك، وأما صفته؛ فمختصة به؛ كما أطلق على نفسه بقوله تعالى: {تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ} )) .

البسط والقبض

البَسْطُ والقَبْضُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بالبسط، وتوصف يده بالبسط، وهي صفةٌ فعلية خبريَّةٌ ٌ ثابتةٌ بالكتاب والسنة، و (الباسط) اسم من أسمائه سبحانه وتعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: 245] 2 - وقوله: {بَل يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64] . 3- وقوله: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} [الإسراء: 30] ? الدليل من السنة: 1- حديث أنس رضي الله عنه: (( ... إنَّ الله هو المُسَعِّر القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو الله أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال)) . حديث صحيح. رواه أحمد في ((المسند)) (3/156) ، والترمذي (1314) ، وأبو داود (3451) ، وابن ماجه (2200) ، وابن جرير في ((التفسير)) (5623) ، وابن حبان (4935) ، وأبو يعلى (2774و2861) ، والضياء في ((المختارة)) (1630) والدارمي، والطبراني في ((الكبير)) ، والبيهقي في ((السنن)) وفي ((الأسماء والصفات)) . قال الحافظ في ((التلخيص الحبير)) (1158) : ((إسناده على شرط مسلم)) ، والحديث صححه الألباني في ((غاية المرام)) (323) .

2- حديث نزول الرب تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا عند مسلم (758) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (( ... ثم يبسط يديه تبارك وتعالى؛ يقول: من يقرض غير عَدُومٍ ولا ظَلُوم)) . 3- حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: ((إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ... )) . رواه مسلم (2760) . قال ابن منده في ((كتاب التوحيد)) (2/93) : ((ومن أسماء الله عَزَّ وجَلَّ: الباسط؛ صفة له)) .اهـ. قال ابن جرير في تفسير الآية الأولى: ((يعني بقوله ((يقبض)) : يقتِّر بقبضه الرزق عمَّن يشاء من خلقه، ويعني بقوله ((ويبسط)) : يوسِّع ببسطه الرزق على من يشاء)) اهـ. فالبسط: نقيض القبض، وبسط الشيء: نشره، ويد بسط؛ أي: مطلقة، والبسطة: الزيادة والسعة. ومنه قوله تعالى: {وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} ، والباسط: هو الذي يبسط الرزق لعباده، ويوسعه عليهم بجوده ورحمته، ويبسط الأرواح في الأجساد عند الحياة. انظر مادة (ب س ط) في ((لسان العرب)) . قال شيخ الإسلام في ((التدمرية)) (ص 29) : ((ووصف نفسه (يعني: الله) ببسط اليدين، فقال { ... بَل يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} ، ووصف بعض خلقه

البشبشة أو البشاشة

ببسط اليد في قوله تعالى: {وَلا تَجْعَل يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُل البَسْطِ} ، وليس اليد كاليد، ولا البسط كالبسط ... )) . وانظر صفة: (القبض) . الْبَشْبَشَةُ أو الْبَشَاشَةُ صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ لله عَزَّ وجَلَّ ثابتةٌ بالحديث الصحيح. ? الدليل: حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما توطن رجل مسلم المساجد للصلاة والذكر؛ إلا تبشبش الله له كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم)) . رواه: ابن ماجه واللفظ له (صحيح سنن ابن ماجه/652) ، وأحمد في ((المسند)) (8332) ، والطيالسي (2334) ، والحاكم (1/213) ، وقال: ((على شرط الشيخين)) ، ووافقه الذهبي والألباني في ((صحيح الترغيب)) (325) والشيخ مقبل الوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (2/322/رقم 1268) ، ورواه ابن خزيمة (1503) ، وابن قتيبة في ((غريب الحديث)) (1/160) ، وفي ((مسند أحمد)) (8051) ؛ بلفظ: ((لا يتوضأ أحدكم فيحسن الوضوء)) ، وصحح إسناده أحمد شاكر، وصحح وقفه الحافظ ابن حجر فى "المطالب العاليه" (1/178) .

((قوله: يتبشبش، هو من البشاشة، وهو (يتفعَّل)) ) .اهـ. قال أبو يعلى الفراء في ((إبطال التأويلات)) (1/243) تعقيباً على كلام ابن قتيبة: ((فحمل الخبر على ظاهره، ولم يتأوله)) . وقال قبل ذلك بعد أن تكلم عن إثبات صفة الفرح لله تعالى: (( ... وكذلك القول في البشبشة؛ لأن معناه يقارب معنى الفرح، والعرب تقول: رأيت لفلان بشاشة وهشاشة وفرحاً، ويقولون: فلان هش بش فرح، إذا كان منطلقاً، فيجوز إطلاق ذلك كما جاز إطلاق الفرح)) . اهـ. قال الإمام الدارمي في ((رده على بشر المريسي)) (ص 200) : ((وبلغنا أنَّ بعض أصحاب المريسي قال له: كيف تصنع بهذه الأسانيد الجياد التي يحتجون بها علينا في رد مذاهبنا مما لا يمكن التكذيب بها؛ مثل: سفيان عن منصور عن الزهري، والزهري عن سالم، وأيوب بن عوف عن ابن سيرين، وعمرو بن دينار عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم ... وما أشبهها؟)) . قال: ((فقال المريسي: لا تردوه تفتضحوا، ولكن؛ غالطوهم بالتأويل؛ فتكونوا قد رددتموها بلطف؛ إذ لم يمكنكم ردها بعنف؛ كما فعل هذا المعارض سواء. وسننقل بعض ما روي في هذه الأبواب من الحب والبغض والسخط والكراهية وما أشبهه ... (ثم ذكر أحاديث في صفة الحب ثم البغض ثم

البصر

السخط ثم الكره ثم العجب ثم الفرح، ثم حديث أبي هريرة السابق في البشاشة، ثم قال) وفي هذه الأبواب روايات كثيرة أكثر مما ذكر، لم نأت بها مخافة التطويل)) . البَصَرُ البصر صفةٌ من صفات الله عَزَّ وجَلَّ الذاتية الثابتة بالكتاب والسنة. و (البصير) : اسم من أسمائه تعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} [النساء: 58] . 2- وقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: 11] ? الدليل من السنة: حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: ((يا أيها الناس! أربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً، ولكن تدعون سميعاً بَصيراً، إنَّ الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته)) . رواه البخاري (6384) وانظر صفة: (الرؤية) و (النظر) و (العين) ؛ لله سبحانه وتعالى.

البطش

الْبَطْشُ صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب العزيز، ومعناه: الانتقام والأخذ القوي الشديد. وقد ورد البطش مضافاً إلى الله تعالى في ثلاث مواضع من القرآن الكريم. 1- قوله تعالى: {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ} [الدخان:16] 2- وقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ} [القمر: 36] 3- وقوله: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} [البروج: 12] قال ابن القيم في ((الصواعق المرسلة)) (3/915) : ((قال تعالى في آلهة المشركين المعطلين {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} ، فجعل سبحانه عدم البطش والمشي والسمع والبصر دليلا على عدم إلهية من عُدمت فيه هذه الصفات، فالبطش والمشي من أنواع الأفعال، والسمع والبصر من أنواع الصفات، وقد وصف نفسه سبحانه بضد صفة أربابهم وبضد ما وصفه به المعطلة والجهمية)) وقال في ((التبيان في أقسام القرآن)) (ص59) : (( ... ثم ذكر سبحانه جزاء أوليائه المؤمنين ثم ذكر شدة بطشه وأنه لا يعجزه شيء، فإنه هو المبديء المعيد، ومن كان كذلك فلا أشد من بطشه، وهو مع ذلك الغفور الودود، يغفر لمن تاب إليه ويوده ويحبه، فهو سبحانه الموصوف بشدة

البغض

البطش ومع ذلك هو الغفور الودود المتودد إلى عباده بنعمه الذي يود من تاب إليه وأقبل عليه)) وقال الشيخ ابن عثيمين في ((القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى)) (30) ((من صفات الله تعالى المجيء والإتيان والأخذ والإمساك والبطش إلى غير ذلك من الصفات ... فنصف الله تعالى بهذه الصفات على الوجه الوارد)) الْبُغْضُ صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالأحاديث الصحيحة. ? الدليل: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((إن الله تعالى إذا أحب عبداً ... وإذا أبغض عبداً؛ دعا جبريل، فيقول إني أبغض فلاناً؛ فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء ... إنَّ الله يبغض فلاناً؛ فأبغضوه، فيبغضه أهل السماء، ثم توضع له البغضاء في الأرض)) رواه مسلم: (2637) 2 - حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها)) . رواه مسلم (671) . يقول ابن القيم في ((الصواعق المرسلة)) (4/1451) : ((إن ما وصف الله سبحانه به نفسه من المحبة والرضى والفرح والغضب والبغض

البقاء

والسخط من أعظم صفات الكمال)) اهـ. وفي ((تهذيب اللغة)) (8/17) : ((وقال الليث: البغض: نقيض الحب)) . وانظر كلام ابن أبي العز في صفة (الغضب) وابن كثير في صفة (السمع) . الْبَقَاءُ صفةٌ ذاتيةٌ خاصةٌ بالله عَزَّ وجَلَّ ثابتةٌ بالكتاب العزيز. ? الدليل: قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن: 27] . وقد عَدَّ بعضهم (الباقي) من أسماء الله تعالى، ولا دليل معهم، منهم: ابن منده في ((كتاب التوحيد)) (2/86) ، والزجاجي في ((اشتقاق أسماء الله)) (ص 200) ، وقوَّام السنة الأصبهاني في ((الحجة)) (1/127) ، وغيرهم. قال قَوَّامُ السُّنَّة في ((الحجة)) (1/128) : ((معنى الباقي: الدائم، الموصوف بالبقاء، الذي لا يستولي عليه الفناء، وليست صفة بقائه ودوامه كبقاء الجنة والنار ودوامهما، وذلك أنَّ بقاءه أبدي أزلي، وبقاء الجنة والنار أبدي غير أزلي، فالأزلي ما لم يزل، والأبدي ما لا يزال، والجنة والنار كائنتان

التأخير

بعد أن لم تكونا)) .اهـ وقال أبو بكر الباقلاني فيما نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في ((الفتاوى)) (5/99) وأقره عليه: ((صفات ذاته التي لم يزل ولا يزال موصوفاً بها هي: الحياة، والعلم ... والبقاء والوجه، والعينان ... )) . وقال الحافظ ابن حجر في ((فتح الباري)) (11/547) : ((قوله (باب قول الرَّجُل لَعَمْرُ الله) أَيْ هَلْ يَكُون يَمِينًا , وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تفسير ((لَعَمْر)) ... وقال أَبُو القَاسِم الزَّجَّاج: العُمْر الحياة , فمن قال لَعَمْر الله كأنه حلف بِبَقَاءِ الله , واللام لِلتَّوْكِيدِ والخبر محذوف أَيْ مَا أُقسم به , ومِن ثَمَّ قَالَ المَالِكِيَّة وَالحَنَفِيَّة: تَنْعَقِد بِهَا اليَمِين ; لأن بَقَاء الله مِنْ صِفَة ذَاته)) وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ في ((الفتاوى والرسائل)) (1/207) : ((البقاء من صفات الله، فإذا أسند إلى إنسان؛ فهو من الشرك)) اهـ. وانظر صفة (الحياة) . الْتَأْخِيِرُ صفةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ. انظر صفة: (التقديم) .

التبارك

الْتَبَارُكُ صفةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ. انظر صفة: (البركة) . التَّجَلِّي صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة. ومعناه الظهور للعيان، لا كما تقول الصوفية: التَّجَلِّي: ما ينكشف للقلوب من أنوار الغيوب. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً} [الأعراف: 143] - الدليل من السنة: 1- روى الإمام أحمد في ((المسند)) (3/125) بإسناد صحيح: ((حدثنا أبو المثنى معاذ بن معاذ العنبري قال حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} قال: قال هكذا يعني أنه أخرج طرف الخنصر قال أحمد أرانا معاذ قال: فقال له حميد الطويل: ما تريد إلى

هذا يا أبا محمد قال فضرب صدره ضربة شديدة وقال من أنت يا حميد وما أنت يا حميد يحدثني به أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم فتقول أنت ما تريد إليه)) . وعند الترمذي (3282) بإسناد صحيح أيضاً من حديث سليمان بن حرب حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه: ((أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً} قال حماد هكذا وأمسك سليمان بطرف إبهامه على أنملة إصبعه اليمنى قال فساخ الجبل وخَرَّ موسى صعقاً)) .انظر: ((صحيح سنن الترمذي)) (3/51) 2- حديث تجلِّي الله عز وجل لعباده يوم القيامة المشهور. رواه البخاري (7438) والترمذي (2480) وقال: ((هذا حديث حسن صحيح، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم رواياتٌ كثيرة مثل هذا ما يذكر فيه أمر الرؤية أنَّ الناس يرون ربهم وذِكر القدم وما أشبه هذه الأشياء، والمذهبُ في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك وابن عيينة ووكيع وغيرهم أنهم رووا هذه الأشياء ثم قالوا تُروى هذه الأحاديث ونؤمن بها ولا يقال كيف، وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن تُروى هذه الأشياء كما جاءت ويُؤمَن بها ولا تُفَسَّر ولا تُتَوَهَّم ولا يقال كيف وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا

إليه ومعنى قوله في الحديث: ((فَيُعَرِّفَهم نفسه)) يعني: يَتَجَلَّى لهم)) قال الإمام أحمد كما في ((مجموع الفتاوى)) (5/257) لشيخ الإسلام ابن تيمية: ((وهو الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش، وهو الذي كَلَّم موسى تكليماً، وتَجَلَّى للجبل فجعله دكاً، ولا يماثله شىءٌ من الأشياء في شيءٍ من صفاته، فليس كَعِلمه علمُ أحدٍ، ولا كقدرته قدرةُ أحدٍ، ولا كرحمته رحمةُ أحدٍ، ولا كاستوائه استواء أحدٍ، ولا كسمعه وبصره سمع أحدٍ ولا بصره، ولا كتكليمه تكليم أحدٍ، ولا كَتَجَلِّيِهِ تَجَلِّي أحدٍ)) قال ابن عبد البر في ((التمهيد)) (7/153) : ((وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يَنْزِل ربُّنَا إلى السماء الدنيا)) عندهم مثل قول الله عزَّ وجلَّ {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} ومثل قوله: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالمَلَكُ صَفَّاً صَفَّاً} كلهم يقول يَنْزِل ويَتَجَلَّى ويجيء، بلا كيف، لا يقولون: كيف يجيء وكيف يَتَجَلَّى وكيف يَنْزِل، ولا من أين جاء ولا من أين تَجَلَّى ولا من أين يَنْزِل، لأنه ليس كشيءٍ من خلقه، وتعالى عن الأشياء، ولا شريك له، وفي قول الله عزَّ وجلَّ {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} دلالةٌ واضحةٌ أنه لم يكن قبل ذلك متجلِّيَاً للجبل وفي ذلك ما يفسر معنى حديث التَنْزيل ومن أراد أن يقف على أقاويل العلماء في قوله عزَّ وجلَّ: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} فلينظر في تفسير

بقيُّ بن مخلد ومحمد بن جرير وليقف على ما ذكرا من ذاك ففيما ذكرا منه كفاية وبالله العصمة والتوفيق)) وقال شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)) (6/37) : ((وطريقة الرسل هي ما جاء بها القرآن والله تعالى في القرآن يثبت الصفات على وجه التفصيل وينفي عنه - على طريق الإجمال - التشبيه والتمثيل. فهو في القرآن يخبر أنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير وأنه عزيز حكيم غفور رحيم وأنه سميع بصير وأنه غفور ودود وأنه تعالى - على عظم ذاته - يحب المؤمنين ويرضى عنهم ويغضب على الكفار ويسخط عليهم وأنه خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش وأنه كلم موسى تكليما وأنه تَجَلَّى للجبل فجعله دكاً ; وأمثال ذلك)) وقال في ((مجموع الفتاوى)) (23/76) ((ثبت في الأحاديث الصحيحة: أنه إذا تَجَلَّى لهم يوم القيامة سجد له المؤمنون، ومن كان يسجد في الدنيا رياءً يصيُر ظهرُه مثل الطبق)) وقال الحكمي في ((معارج القبول)) (2/772) : ((وقوله فتنظرون إليه وينظر إليكم فيه إثبات صفة التَجَلِّي لله عزَّ وجلَّ وإثبات النظر له واثبات رؤيته في الآخرة ونظر المؤمنين إليه)) قال ابن منظور في ((لسان العرب)) : ((قال الزجاج: {تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} أي: ظهر وبان. قال: وهذا قول أهل السنة والجماعة))

التحليل والتحريم

وقال الخليل بن أحمد الفراهيدي في كتاب ((العين)) : ((قال الله عزَّ وجلَّ {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} أي ظهر وبان)) الْتَحْلِيِلُ والْتَحْرِيِمُ انظر صفة: (الإيجاب) التَّدَلِّي (إلى السماء الدنيا) صفةٌ فِعْلِيَّةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالسنة الصحيحة. والتَّدَلِّي في اللغة: النُّزُولُ من عُلُوٍ. انظر صفة: (النُّزُول) التَّرَدُّدُ فِي قَبْضِ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله تعالى على ما يليق به؛ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} . ? الدليل: حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((إن الله قال: من عادى لي وليّاً؛ فقد آذنته بالحرب ... وما تردَّدت عن شيء أنا فاعله تردُّدي عن نفس المؤمن؛ يكره الموت، وأنا أكره مَسَاءَته)) . رواه البخاري (6502) . سئل شيخ الإسلام رحمه الله في ((الفتاوى)) (18/129) عن معنى

تردد الله في هذا الحديث؟ فأجاب: ((هذا حديث شريف، قد رواه البخاري من حديث أبي هريرة، وهو أشرف حديث روي في صفة الأولياء، وقد ردَّ هذا الكلام طائفة، وقالوا: إنَّ الله لا يوصف بالتردد، وإنما يتردد من لا يعلم عواقب الأمور، والله أعلم بالعواقب، وربما قال بعضهم: إنَّ الله يعامل معاملة المتردد. والتحقيق: أنَّ كلام رسوله حق، وليس أحد أعلم بالله من رسوله، ولا أنصح للأمة منه، ولا أفصح ولا أحسن بياناً منه، فإذا كان كذلك؛ كان المتحذلق والمنكر عليه من أضل الناس وأجهلهم وأسوئهم أدباً، بل يجب تأديبه وتعزيره، ويجب أن يصان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الظنون الباطلة والاعتقادات الفاسدة، ولكن المتردد منا، وإن كان تردده في الأمر لأجل كونه ما يعلم عاقبة الأمور؛ لا يكون ما وصف الله به نفسه بمنْزلة ما يوصف به الواحد منا؛ فإن الله ليس كمثله شيء؛ لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، ثم هذا باطل؛ فإن الواحد منا يتردد تارة لعدم العلم بالعواقب، وتارة لما في الفعلين من المصالح والمفاسد، فيريد الفعل لما فيه من المصلحة، ويكرهه لما فيه من المفسدة، لا لجهل منه بالشيء الواحد الذي يحب من وجه ويكره من وجه؛ كما قيل: الشَّيْبُ كُرْهٌ وكُرْهٌ أَنْ أفَارِقَهُ ... فأعْجَبْ لِشَيْءٍ عَلى البغضاءِ محبوبُُ ِ وهذا مثل إرادة المريض لدوائه الكريه، بل جميع ما يريده العبد من

الأعمال الصالحة التي تكرهها النفس هو من هذا الباب، وفي الصحيح: ((حفت النار بالشهوات، وحفت الجنة بالمكاره)) ، وقال تعالى {كُتِبَ عَلَيْكُمْ القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} الآية. ومن هذا الباب يظهر معنى التردد المذكور في هذا الحديث؛ فإنه قال: ((لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)) ؛ فإن العبد الذي هذا حاله صار محبوباً للحق محباً له، يتقرب إليه أولاً بالفرائض وهو يحبها، ثم اجتهد في النوافل التي يحبها ويحب فاعلها، فأتى بكل ما يقدر عليه من محبوب الحق، فأحبه الحق لفعل محبوبه من الجانبين بقصد اتفاق الإرادة؛ بحيث يحب ما يحبه، ويكره ما يكرهه محبوبه، والرب يكره أن يسوء عبده ومحبوبه، فلزم من هذا أن يكره الموت؛ ليزداد من محاب محبوبه، والله سبحانه وتعالى قد قضى بالموت، فكل ما قضى به؛ فهو يريده، ولا بد منه؛ فالرب مريد لموته لما سبق به قضاؤه، وهو مع ذلك كارهٌ لمساءة عبده، وهي المساءة التي تحصل له بالموت، فصار الموت مراداً للحق من وجه، مكروهاً له من وجه، وهذا حقيقة التردد، وهو أن يكون الشيء الواحد مراداً من وجه مكروهاً من وجه، وإن كان لابد من ترجح أحد الجانبين، كما ترجح إرادة الموت، لكن مع وجود كراهة مساءة عبده، وليس أرادته لموت المؤمن الذي يحبه ويكره مساءته كإرادته لموت الكافر الذي يبغضه ويريد مساءته)) . ثم قال (ص 135) : ((والمقصود هنا: التنبيه على أنَّ الشيء المعين يكون

الترك

محبوباً من وجه مكروهاً من وجه، وأن هذا حقيقة التردد، وكما أنَّ هذا في الأفعال؛ فهو في الأشخاص، والله أعلم)) . وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في ((لقاء الباب المفتوح)) (س1369) ((إثبات التردد لله عَزَّ وجَلَّ على وجه الإطلاق لا يجوز، لأن الله تعالى ذكر التردد في هذه المسألة: ((ما ترددت عن شيء أنا فاعله كترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن)) ، وليس هذا التردد من أجل الشك في المصلحة، ولا من أجل الشك في القدرة على فعل الشيء، بل هو من أجل رحمة هذا العبد المؤمن، ولهذا قال في نفس الحديث: ((يكره الموت، وأكره إساءته، ولابد له منه)) . وهذا لا يعني أنَّ الله عَزَّ وجَلَّ موصوف بالتردد في قدرته أو في علمه، بخلاف الآدمي فهو إذا أراد أن يفعل الشيء يتردد، إما لشكه في نتائجه ومصلحته، وإما لشكه في قدرته عليه: هل يقدر أو لا يقدر. أما الرب عَزَّ وجَلَّ فلا)) . التَّرْكُ صفةٌ فعليةٌ ثابتةٌ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ} [البقرة: 17] .

التشريع

2- قوله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر: 45] . ? الدليل من السنة: حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري؛ تركته وشِركه)) . رواه مسلم (2985) . قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في ((مجموع فتاوى ورسائل)) (2/56/رقم354) : (( ... وتركه سبحانه للشيء صفة من صفاته الفعلية الواقعة بمشيئته التابعة لحكمته: قال الله تعالى: {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ} وقال تعالى: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} وقال: {وَلَقَد تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً} . والنصوص في ثبوت الترك وغيره من أفعاله المتعلقة بمشيئته كثيرة معلومة، وهي دالة على كمال قدرته وسلطانه. وقيام هذه الأفعال به سبحانه لا يماثل قيامها بالمخلوقين، وإن شاركوه في أصل المعنى، كما هو معلوم عند أهل السنة)) اهـ. وانظر صفة: (النسيان) . التَّشْرِيعُ صفةٌ فعليةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة، من خصائص ربوبِيَّتِه، من

نازعه فيها فقد كفر، والله هو ((الشارع)) وهو ((المُشَرِّع)) وليسا هما من أسمائه سبحانه. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ... } الآية [الشورى: 13] ? الدليل من السنة: حديث عَبْدِ اللهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: ((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ فَإِنَّ اللهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى ... )) رواه مسلم (1046) . وقد كثر في أقوال العلماء إضافة التشريع لله سبحانه وتعالى ومن ذلك: 1-قول العلامة محمد الأمين الشنقيطي في ((أضواء البيان)) (3/400) : ((والعجب ممن يحكِّم غير تشريع الله ثم يدعي الإسلام)) 2- وقوله (4/83) : ((وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يظهر غاية الظهور: أنَّ الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على ألسنة رسله صلى الله عليهم وسلم، أنه لا يشك في كفرهم وشركهم إلا من طمس الله بصيرته وأعماه عن نور الوحي مثلهم))

3- وقوله (7/169) : ((ولما كان التشريع وجميع الأحكام، شرعية كانت أو كونية قدرية، من خصائص الربوبية، كما دلت عليه الآيات المذكورة كان كل من اتبع تشريعاً غير تشريع الله قد اتخذ ذلك المشرِّع رباً، وأشركه مع الله)) 4- وقوله: ((اعلموا أيها الإخوان: أنَّ الإشراك بالله في حكمه والإشراك به في عبادته كلها بمعنى واحد لا فرق بينهما ألبتة فالذي يتبع نظاماً غير نظام الله وتشريعاً غير تشريع الله - أو غير ما شرعه الله - وقانوناً مخالفاً لشرع الله من وضع البشر مُعْرِضَاً عن نور السماء الذي أنزله الله على لسان رسوله ... من كان يفعل هذا هو ومن كان يعبد الصنم ويسجد للوثن لا فرق بينهما البتة بوجه من الوجوه، فهما واحد، كلاهما مشرك بالله، هذا أشرك به في عبادته، وهذا أشرك به في حكمه، كلهما سواء)) من شريط مسجل نقلاً عن كتاب ((الحاكمية في تفسير أضواء البيان)) لعبد الرحمن السديس (ص52) 5-قول اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والدعوة والإرشاد (1/516) : ((الشرك الأكبر أن يجعل الإنسان لله نداً إما في أسمائه وصفاته، وإما أن يجعل له نداً في العبادة ... وإما أن يجعل لله نداً في التشريع بأن يتخذ مشرِّعاً له سوى الله أو شريكاً لله في التشريع يرتضي حكمه ويدين به في التحليل والتحريم عبادة وتقرباً وقضاءً وفصلاً في الخصومات أو يستحله وإن لم

التعجب

يُرِدْهُ ديناً)) كما كثر إطلاقهم لكلمة ((الشارع)) و ((المُشَرِّع)) على الله عَزَّ وجَلَّ من باب الصفة. وانظر صفات: (الإيجاب والتحريم والتحليل) التَّعَجُّبُ صفةٌ فعليَّةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة. انظر صفة: (العَجَب) . التَّقْدِيمُ والتَّأْخِيرُ صفتان من صفات الذات والأفعال لله عَزَّ وجَلَّ ثابتتان بالكتاب والسنة، والمقدِّم والمؤخِّر اسمان لله تعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا} [المنافقون:11] 2- وقوله: {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ} [إبراهيم:41] ? الدليل من السنة: 1- حديث: (( ... أنت المقدِّم، وأنت المؤخِّر، لا إله إلا أنت)) رواه: البخاري (1120) ، ومسلم (771) .

التقرب والقرب والدنو

2- حديث: ((أعذر الله إلى امرئ أخَّر أجله حتى بلغ ستين سنة)) . رواه البخاري (6419) . 3- حديث: (( ... لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله)) . رواه مسلم (438) . قال ابن القيم في ((النونية)) (2/109) : ((وهُوَ المُقَدِّمُ والمُؤخِّرُ ذَانِكَ الـ ... صِّفَتَانِ للأفْعَالِ تَابِعَتَانِ وهُمَا صِفَاتُ الذَّاتِ أيضاً إذْ هُمَا ... ِبالذَّاتِ لا بِالغَيْرِ قَائِمَتَانِ)) قال الشيخ محمد خليل الهرَّاس في شرحه للأبيات: ((والتقديم والتأخير صفتان من صفتان الأفعال التابعة لمشيئته تعالى وحكمته، وهما أيضاً صفتان للذات؛ إذا قيامهما بالذات لا بغيرها، وهكذا كل صفات الأفعال هي من هذا الوجه صفات ذات، حيث إنَّ الذات متصفة بها، ومن حيث تعلقها بما ينشأ عنها من الأقوال والأفعال تسمى صفات أفعال)) . التَّقَرُّبُ والْقُرْبُ والدُّنُوُّ التقرب أو القرب والدُّنو من صفات الله الفعلية الاختيارية، ثابتة له بالكتاب والسنة. و (القريب) اسم من أسمائه تعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ

الدَّاعِي إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186] . 2- وقوله تعالى: {فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيب} [هود: 61] ? الدليل من السنة: 1- حديث: (( ... من تقرَّب مني شبراً؛ تقرَّبتُ منه ذراعاً، ومن تقرَّب مني ذراعاً؛ تقرَّبتُ منه باعاً ... )) . رواه: البخاري (7405) ، ومسلم (2675) ؛ من حديث أبي هريرة، ومسلم (2687) من حديث أبي ذر رضي الله عنهما. 2- حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: ((أيها الناس! اربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً، ولكن تدعون سميعاً قريباً، إنَّ الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته)) . رواه مسلم (2704) . 3- حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: ((ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة)) . رواه مسلم (1348) . اعلم أنَّ أهل السنة والجماعة من السلف وأهل الحديث يعتقدون أنَّ الله عَزَّ وجَلَّ قريب من عباده حقيقة كما يليق بجلاله وعظمته، وهو مستوٍ على عرشه، بائنٌ من خلقه، وأنه يتقرَّب إليهم حقيقة، ويدنو منهم حقيقة،

التوب

ولكنهم لا يفسرون كلَّ قربٍ وَرَدَ لفظه في القرآن أو السنة بالقرب الحقيقي؛ فقد يكون القرب قرب الملائكة، وذلك حسب سياق اللفظ. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في ((الفتاوى)) (5/466) : ((وأما دنوه وتقربه من بعض عباده؛ فهذا يثبته من يثبت قيام الأفعال الاختيارية بنفسه، ومجيئه يوم القيامة، ونزوله، واستواءه على العرش، وهذا مذهب أئمة السلف وأئمة الإسلام المشهورين وأهل الحديث، والنقل عنهم بذلك متواتر)) .اهـ. ويقول في موضعٍ آخر من ((الفتاوي)) (6/14) : (( ... ولا يلزم من جواز القرب عليه أن يكون كل موضع ذكر فيه قربه يراد به قربه بنفسه، بل يبقى هذا من الأمور الجائزة، وينظر في النص الوارد، فإن دل على هذا؛ حُمل عليه، وإن دل على هذا؛ حُمل عليه، وهذا كما تقدم في لفظ الإتيان والمجيء)) . اهـ. وقد أطال الكلام رحمه الله على هذه المسألة بما لا مزيد عليه، وانظر إن شئت المواضع التالية (5/232-237، 240-241، 247-248، 459-467، 494-514) ، (6/5، 8، 12-14، 19-25، 30-32، 76) ، وانظر: ((القواعد المثلى)) للشيخ ابن عثيمين (المثال الحادي عشر والثاني عشر) . التَّوْبُ صفةٌ فعليةٌ ثابتةٌ بالكتاب والسنة، و (التَّوَّاب) من أسمائه تعالى.

الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّاب الرَّحِيمُ} [البقرة: 37] . 2- وقوله: {وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 27] . ? الدليل من السنة: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها؛ تابَ الله عليه)) . رواه مسلم (2703) . 2- حديث ابن عباس رضي الله عنهما: ((لو أنَّ لابن آدم وادياً من ذهب؛ أحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب، ويتوبُ الله على من تاب)) . رواه: البخاري (6436) ، ومسلم (1049) . يقول ابن القيم في ((نونيته)) (2/92) : ((وَكَذَلِكَ التَّوَّاب مِنْ أوصَافِهِ ... والتَّوْبُ في أوصَافِهِ نَوْعَانِ إذْنٌ بِتَوْبَةِ عَبْدهِ وقَبُولُهَا ... ِبَعْدَ المَتَابِ بِمِنَّةِ المنَّانِ)) قال الشيخ الهرَّاس في شرح هذين البيتين: ((وأما التَّوَّاب؛ فهو الكثير التَّوْب؛ بمعنى: الرجوع على عبده بالمغفرة وقبول التوبة ... وتوبته سبحانه على عبده نوعان: أحدهما: أنه يلهم عبده التوبة إليه، ويوفقه لتحصيل شروطها من الندم والاستغفار والإقلاع عن المعصية والعزم على عدم العود إليها واستبدالها

الجبروت

بعمل الصالحات. والثاني: توبته على عبده بقبولها وإجابتها ومحو الذنوب بها؛ فإنَّ التوبة النصوح تجب ما قبلها)) . الْجَبَرُوتُ صفةٌ ذاتيةٌ لله عَزَّ وجَلَّ، من اسمه (الجَبَّار) ، وهي ثابتةٌ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ} [الحشر: 23] . ? الدليل من السنة: 1- حديث عوف بن مالك رضي الله عنه؛ قال: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فلما ركع؛ مكث قدر سورة البقرة يقول في ركوعه: ((سبحانه ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة)) . حديث حسن. رواه: أبو داود، والنسائي. انظر: (صحيح سنن النسائي: 1004) 2- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في الرؤية: (( ... . قال: فيأتيهم الجبَّارُ في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة ... )) . رواه البخاري (7439) . قال ابن قتيبة في ((تفسير غريب القرآن)) (ص 19) : (( (جبروته) :

تجبُّره، أي: تعظمه)) اهـ. وقال ابن القيم في ((النونية)) (2/95) : ((وكَذلكَ الجَبَّارُ في أَوْصافِهِ ... والجَبْرُ في أَوْصَافِه نَوْعَانِ جَبْرُ الضَّعِيفِ وكُلُّ قَلْبٍ قد غَدَاَ ... ذَا كَسْرَةٍ فَالجَبْرُ مِنْهُ دَانِ والثَّاني جَبْرُ القَهْرِ بِالعِزِّ الَّذي ... لا يَنْبَغِي لِسِوَاهُ مِنْ إِنْسَانِ ولَهُ مُسَمَّىً ثَالِثٌ وَهُوَ العُلُـ ... ـوَ فَلَيْسَ يَدْنُو مِنْهُ مِنْ إِنْسَانِ مِنْ قولهم جَبَّارةٌ للنَّخْلَةِ العُلْيَا ... التي فاتَتْ لِكُلِّ بَنَانِ)) . قال الهرَّاس في شرحه لهذه الأبيات: ((وقد ذكر المؤلف هنا لاسمه (الجبار) ثلاثة معان، كلها داخلة فيه، بحيث يصح إرادتها منه: أحدها: أنه الذي يجبر ضعف الضعفاء من عباده، ويجبر كسر القلوب المنكسرة من أجله، الخاضعة لعظمته وجلاله؛ فكم جبر سبحانه من كسير، وأغنى من فقير، وأعز من ذليل، وأزال من شدة، ويسر من عسير؟ وكم جبر من مصاب، فوفقه للثبات والصبر، وأعاضه من مصابه أعظم الأجر؟ فحقيقة هذا الجبر هو إصلاح حال العبد بتخليصه من شدته ودفع المكاره عنه. المعنى [الثاني] : أنه القهار، دانَ كلُّ شيء لعظمته، وخضع كل مخلوق لجبروته وعزته؛ فهو يجبر عباده على ما أراد مما اقتضته حكمته ومشيئته؛ فلا يستطيعون الفكاك منه.

الجلال

والثالث: أنه العلي بذاته فوق جميع خلقه؛ فلا يستطيع أحد منهم أنَّ يدنو منه)) اهـ وقد ذكر العلامة الشيخ السعدي -رحمه الله- أنَّ له معنى رابعاً، وهو أنه المتكبر عن كل سوء ونقص، وعن مماثلة أحد، وعن أنَّ يكون له كفوٌ أو ضدٌ أو سميٌ أو شريكٌ في خصائصه وحقوقه)) اهـ. الْجَلالُ صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ بالكتاب والسنة، و (الجليل) ليس من أسمائه تعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَام} [الرحمن:27] 2- وقوله: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإكْرَامِ} [الرحمن: 78] ? الدليل من السنة: 1- حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (( ... فيقول: وعزَّتي وجلالي وكبريائي وعظمتي؛ لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله)) . رواه البخاري (7510) . 2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم

الجمال

أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي)) . رواه مسلم (2566) . والجلال بمعنى العظمة. قال ابن القيم في ((النونية)) (2/64) : ((وَهُوَ الجَلِيلُ فَكُلُّ أوْصَافِ الجَلا ... لِ لهُ مُحَقَّقَةٌ بِلا بُطْلانِ)) قال الهرَّاس: ((وأوصاف الجلال الثابتة له سبحانه؛ مثل العزة والقهر والكبرياء والعظمة والسعة والمجد؛ كلها ثابتةٌ له على التحقيق، لا يفوته منها شيء)) . الْجَمَالُ صفةٌ ذاتيةٌ لله عَزَّ وجَلَّ، من اسمه (الجميل) ، الثابت في السنة الصحيحة. ? الدليل: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعا: (( ... إنَّ الله جميل يحب الجمال....)) . رواه مسلم (91) . قال الحافظ قَوَّام السنة أبو القاسم الأصبهاني في ((الحجة في بيان المحجة)) (2/456) : ((قال بعض أهل النظر ... وقال: لا يجوز أنَّ يوصف الله بـ (الجميل) ولا وجهَ لإنكار هذا الاسم أيضاً؛ لأنه إذا صح عن النبي صلى الله عليه

وسلم؛ فلا معنى للمعارضة، وقد صح أنه قال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله جميل يحب الجمال)) ؛ فالوجه إنما هو التسليم والإيمان)) . اهـ. وقال ابن القيم في ((النونية)) (2/64) : ((وَهُوَ الجَمِيلُ عَلَى الحَقِيقَةِ كَيْفَ لا ... وجمَالُ سَائِرِ هذهِ الأكْوَانِ مِنْ بَعْض آثَارِ الجَمِيلِ فَرَبُّهَا ... أَوْلْى وَأجْدرُ عِنْدَ ذِي العِرْفَانِ فَجَمَالُهُ بِالذَّاتِ والأوصَافِ وَالـ ... ِأفعَالِ وَالأسْمَاءِ بالبُرهَانِ لا شَيءَ يُشْبِهُ ذَاتَهُ وصِفَاتِهِ ... سُبْحَانَهُ عَنْ إفْكِ ذِي بُهْتَانِ)) وقال الهرَّاس في ((الشرح)) : ((وأما الجميل؛ فهو اسم له سبحانه من الجمال، وهو الحسن الكثير، والثابت له سبحانه من هذا الوصف هو الجمال المطلق، الذي هو الجمال على الحقيقة؛ فإنَّ جمال هذه الموجودات على كثرة ألوانه وتعدد فنونه هو من بعض آثار جماله، فيكون هو سبحانه أولى بذلك الوصف من كل جميل؛ فإنَّ واهب الجمال للموجودات لابدَّ أنَّ يكون بالغاً من هذا الوصف أعلى الغايات، وهو سبحانه الجميل بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله. أما جمال الذات؛ فهو ما لا يمكن لمخلوق أنَّ يعبر عن شيء منه أو يبلغ بعض كنهه، وحسبك أنَّ أهل الجنة مع ما هم فيه من النعيم المقيم وأفانين اللذات والسرور التي لا يقدر قدرها، إذا رأوا ربهم، وتمتعوا بجماله؛ نسوا كل ما هم فيه، واضمحل عندهم هذا النعيم، وودوا لو تدوم لهم هذه

- الجنب

الحال، ولم يكن شيء أحب إليهم من الاستغراق في شهود هذا الجمال، واكتسبوا من جماله ونوره سبحانه جمالاً إلى جمالهم، وبقوا في شوق دائم إلى رؤيته، حتى إنهم يفرحون بيوم المزيد فرحاً تكاد تطير له القلوب. وأما جمال الأسماء؛ فإنها كلها حسنى، بل هي أحسن الأسماء وأجملها على الإطلاق؛ فكلها دالة على كمال الحمد والمجد والجمال والجلال، ليس فيها أبداً ما ليس بحسن ولا جميل. وأما جمال الصفات؛ فإنَّ صفاته كلها صفات كمال ومجد، ونعوت ثناء وحمد، بل هي أوسع الصفات وأعمها، وأكملها آثاراً وتعلقات، لا سيما صفات الرحمة والبر والكرم والجود والإحسان والإنعام. وأما جمال الأفعال؛ فإنها دائرة بين أفعال البر والإحسان التي يحمد عليها ويشكر، وبين أفعال العدل التي يحمد عليها لموافقتها للحكمة والحمد؛ فليس في أفعاله عبث ولا سفه ولا جور ولا ظلم، بل كلها خير ورحمة ورشد وهدى وعدل وحكمة، قال تعالى: {إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ، ولأنَّ كمال الأفعال تابع لكمال الذات والصفات؛ فإنَّ الأفعال أثر الصفات، وصفاته كما قلنا أكمل الصفات؛ فلا غرو أنَّ تكون أفعاله أكمل الأفعال)) . - الْجَنْبُ جعل بعضهم (الجنب) صفةً من صفات الله الذاتية، وهذا خطأ،

والسلف على خلاف ذلك، ومن هؤلاء الذين أثبتوا هذه الصفة صديق حسن خان في كتابه ((قطف الثمر)) (ص67) ، والذين أثبتوا هذه الصفة يستدلون بقوله تعالى: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ} (الزمر: 56) . يقول ابن جرير عند تفسير هذه الآية: ((وقوله: {عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّه} ؛ يقول: على ما ضيعت من العمل بما أمرني الله به، وقصرت في الدنيا في طاعة الله)) .أهـ. وقال الدارمي في ((رده على المريسي)) (ص 184) : ((وادعى المعارض أيضاً زوراً على قوم أنهم يقولون في تفسير قول الله: {يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ} ؛ قال: يعنون بذلك الجنب الذي هو العضو، وليس على ما يتوهمونه. فيقال لهذا المعارض: ما أرخص الكذب عندك، وأخفه على لسانك، فإن كنت صادقاً في دعواك؛ فأشر بها إلى أحد من بني آدم قاله، وإلا؛ فلم تشنع بالكذب على قوم هم أعلم بهذا التفسير منك، وأبصر بتأويل كتاب الله منك ومن إمامك؟! . إنما تفسيرها عندهم: تحسر الكفار على ما فرطوا في الإيمان والفضائل التي تدعو إلى ذات الله تعالى، واختاروا عليها الكفر والسخرية بأولياء الله،

فسماهم الساخرين، فهذا تفسير (الجنب) عندهم، فمن أنبأك أنهم قالوا: جنب من الجنوب؟! . فإنه [لا] يجهل هذا المعنى كثير من عوام المسلمين، فضلاً عن علمائهم)) أهـ. ويقول شيخ الإسلام في ((الجواب الصحيح)) (3/145، 146) : (( ... لا يُعرف عالم مشهور عند المسلمين، ولا طائفة مشهورة من طوائف المسلمين، أثبتوا لله جنباً نظير جنب الإنسان، وهذا اللفظ جاء في القرآن في قوله: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ} (الزمر:56) فليس في مجرد الإضافة ما يستلزم أنَّ يكون المضاف إلى الله صفة له، بل قد يضاف إليه من الأعيان المخلوقة وصفاتها القائمة بها ما ليس بصفة له باتفاق الخلق؛ كقوله تعالى: {بَيْت الله} ، {ناقَة الله} ، و {عِبَاد الله} ، بل وكذلك {رُوح الله} عند سلف المسلمين وأئمتهم وجمهورهم، ولكن؛ إذا أضيف إليه ما هو صفة له وليس بصفة لغيره؛ مثل كلام الله، وعلم الله، ويد الله، ونحو ذلك؛ كان صفة له. وفي القرآن ما يبين أنه ليس المراد بالجنب ما هو نظير جنب الإنسان؛ فإنه قال: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ} ، والتفريط ليس في شيء من صفات الله عَزَّ وجَلَّ، والإنسان إذ قال: فلان قد فرط في جنب فلان أو جانبه؛ لا يريد به أنَّ التفريط وقع في شيء من نفس ذلك الشخص، بل يريد به أنه فرط في جهته وفي حقه.

- الجهة

فإذا كان هذا اللفظ إذا أضيف إلى المخلوق لا يكون ظاهره أنَّ التفريط في نفس جنب الإنسان المتصل بأضلاعه، بل ذلك التفريط لم يلاصقه؛ فكيف يظن أنَّ ظاهره في حق الله أنَّ التفريط كان في ذاته؟ ‍!)) .اهـ. ويقول ابن القيم في ((الصواعق المرسلة)) (1/250) : (( ... فهذا إخبار عما تقوله هذه النفس الموصوفة بما وصفت به، وعامة هذه النفوس لا تعلم أنَّ لله جنباً، ولا تقر بذلك؛ كما هو الموجود منها في الدنيا؛ فكيف يكون ظاهر القرآن أنَّ الله أخبر عنهم بذلك، وقد قال عنهم: {يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ} (الزمر: 56) ، والتفريط فعل أو ترك فعل، وهذا لا يكون قائماً بذات الله؛ لا في جنب ولا في غيره، بل يكون منفصلاً عن الله، وهذا معلوم بالحس والمشاهدة، وظاهر القرآن يدل على أنَّ قول القائل: {يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ} ؛ ليس أنه جعل فعله أو تركه في جنب يكون من صفات الله وأبعاضه)) .اهـ قلت: لا يصح إضافة الأبعاض إلى الله تعالى. وذكر ابن الجوزي في ((زاد المسير)) عند تفسير الآية السابقة خمسة أقوال لجنب الله: طاعة الله، وحق الله، وأمر الله، وذكر الله، وقرب الله. - الْجِهَةُ لم يرد لفظ (الجهة) ؛ لا إثباتاً ولا نفياً، لا في الكتاب ولا في السنة،

ولذلك؛ فالحق فيها التفصيل، ويغني عنه العلو والفوقية، وأنه سبحانه وتعالى في السماء. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في ((الرسالة التدمرية)) (القاعدة الثانية) : ((فلفظ الجهة قد يراد به شيء موجود غير الله؛ فيكون مخلوقاً، كما إذا أريد بالجهة نفس العرش أو نفس السماوات، وقد يراد به ما ليس بموجود غير الله تعالى؛ كما إذا أريد بالجهة ما فوق العالم. ومعلوم أنه ليس في النص إثبات لفظ الجهة ولا نفيه؛ كما فيه إثبات العلو، والاستواء، والفوقية، والعروج إليه ... ونحو ذلك، وقد علم أنَّ ما ثم موجود إلا الخالق والمخلوق، والخالق سبحانه وتعالى مباين للمخلوق، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته. فيقال لمن نفى الجهة: أتريد بالجهة أنها شيء موجود مخلوق؟ فالله ليس داخلاً في المخلوقات، أم تريد بالجهة ما وراء العالم؟ فلا ريب أنَّ الله فوق العالم مباين للمخلوقات. وكذلك يقال لمن قال: الله في جهة، أتريد بذلك أنَّ الله فوق العالم؟ أو تريد به أنَّ الله داخلٌ في شيء من المخلوقات؟ فإن أردت الأول؛ فهو حق، وإن أردت الثاني؛ فهو باطل)) .اهـ ويقول في ((مجموع الفتاوى)) (6/39-40) : ((فإذا قال القائل: هو في جهة أو ليس في جهة؟ قيل له: الجهة أمر موجود أو معدوم، فإن كان أمراً موجوداً، ولا موجود إلا الخالق والمخلوق، والخالق بائن عن

المخلوق؛ لم يكن الرب في جهة موجودة مخلوقة، وإن كانت الجهة أمراً معدوماً؛ بأنَّ يسمى ما وراء العالم جهة، فإذا كان الخالق مبايناً العالم، وكان ما وراء العالم جهة مسماة، وليس هو شيئاً موجوداً؛ كان الله في جهة معدومة بهذا الاعتبار. لكن؛ لا فرق بين قول القائل: هو في معدوم، وقوله: ليس في شيء غيره؛ فإنَّ المعدوم ليس شيئاً باتفاق العقلاء. ولا ريب أنَّ لفظ الجهة يريدون به تارة معنىً موجوداً، وتارة معنىً معدوماً، بل المتكلم الواحد يجمع في كلامه بين هذا وهذا، فإذا أزيل الاحتمال؛ ظهر حقيقة الأمر. فإذا قال القائل: لو كان في جهة؛ لكانت قديمة معه. قيل له: هذا إذا أريد بالجهة أمرٌ موجود سواه؛ فالله ليس في جهة بهذا الاعتبار. وإذا قال: لو رُئي؛ لكان في جهة، وذلك محال. قيل له: إن أردت بذلك: لكان في جهة موجودة؛ فذلك محال؛ فإنَّ الموجود يمكن رؤيته، وإن لم يكن في موجود غيره؛ كالعالم، فإنه يمكن رؤية سطحه وليس هو في عالم آخر. وإن قال: أردت أنه لابدَّ أنَّ يكون فيما يسمى جهة، ولو معدوماً؛ فإنه إذا كان مبايناً للعالم؛ سمي ما وراء العالم جهة. قيل له: فلم قلت: إنه إذا كان في جهة بهذا الاعتبار كان ممتنعاً؟ فإذا قال: لأنَّ ما باين العالم ورُئي لا يكون إلا جسماً أو متحيزاً؛ عاد القول إلى لفظ الجسم والمتحيز كما عاد إلى لفظ الجهة. فيقال له: المتحيز يراد به ما حازه غيره.

الجود

ويراد به ما بان عن غيره فكان متحيزاً عنه، فإن أردت بالمتحيز الأول؛ لم يكن سبحانه متحيزاً؛ لأنه بائن عن المخلوقات، لا يحوزه غيره، وإن أردت الثاني؛ فهو سبحانه بائن عن المخلوقات، منفصل عنها، ليس هو حالاً فيها، ولا متحداً بها؛ فبهذا التفصيل يزول الاشتباه والتضليل)) . اهـ وقال الشيخ العثيمين -رحمه الله- في ((القواعد المثلى)) (ص40) : ((وممَّا لم يرد إثباته ولا نَفْيه لفظ (الجهة) ، فلو سأل سائل: هل نُثْبِت لله تعالى جهة؟ قلنا له: لفظ الجهة لم يرد في الكتاب والسنة إثباتاً ولا نفياً، ويُغني عنه ما ثبت فيهما من أنَّ الله تعالى في السَّماء، وأما معناه؛ فإمَّا أنَّ يراد به: جهةُ سُفْلٍ أو جهةُ عُلُوٍ تحيط بالله أو جهةُ عُلُوٍ لا تحيط به. فالأول باطل؛ لمنافاته لعلو الله تعالى الثابت بالكتاب والسنة والعقل والفطرة والإجماع. والثاني باطلٌ أيضاً، لأنَّ الله تعالى أعظم من أنَّ يحِيط به شيء من مخلوقاته. والثالث حقٌّ؛ لأنَّ الله تعالى العليّ فوق خلْقه ولا يحيط به شيء من مخلوقاته)) اهـ. الْجُودُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بالجود، وهي صفةٌ ذاتيةٌ، من (جواد) ، وهو اسم

له ثابت بالسنة الصحيحة. ? الدليل: حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه مرفوعاً: (( ... إنَّ الله جوادٌ يحب الجود ... )) . حديث صحيح بمجموع طرقه. رواه الترمذي (ضعيف سنن الترمذي/ص 332) ، وأبو يعلى، والبزار، وابن حبان في ((المجروحين)) ، وابن أبي الدنيا في ((مكارم الأخلاق)) ، والخطيب في ((الجامع)) ، والدولابي في ((الكنى)) ، وابن عساكر، والضياء في ((المختارة)) ؛ بألفاظ مختلفة، وإسنادُ كلِّ واحد منهم لا يخلو من مقال. انظر: ((مسند سعد)) للبزار (51-الحويني) ، و ((مسند سعد)) للدورقي (31) ، و ((السلسلة الصحيحة)) (236، 1378، 1627) . وممن أثبت هذا الاسم لله عَزَّ وجَلَّ ابن منده في ((كتاب التوحيد)) (2/99) وأثبته أيضاً ابن القيم في ((نونيته)) (2/88) فقال: ((وَهُوَ الجَوَادُ فَجُودُهُ عَمَّ الوُجُو ... دَ جَمِيعَهُ بِالفَضْلِ وَالإحْسَانِ وَهُوَ الجَوَادُ فَلا يُخَيِّبُ سَائِلاً ... وَلَوْ أنَّهُ مِنْ أُمَّةِ الكُفْرَانِ)) ... قال الهرَّاس: ((الجواد المتصف بالجود، وهو كثرة الفضل والإحسان، وجوده تعالى أيضاً نوعان ... )) . وممن أثبته كذلك الشيخ محمد العثيمين -رحمه الله- في كتابه الفذ: ((القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى)) .

الحاكم والحكم

الْحَاكِمُ وَالْحَكَمُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الحاكم والحكم، و (الحكم) اسم له ثابتٌ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَمَاًَ} [الأنعام: 114] . 2 - قوله تعالى: {فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} [الأعراف: 87] ? الدليل من السنة: حديث هانئ بن يزيد رضي الله عنه؛ أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه؛ سمعهم يكنونه بأبي الحكم، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنَّ الله هو الحَكَم، وإليه الحُكم، فلِمَ تكنى أبا الحكم؟ ((. حديث صحيح. رواه: أبو داود (صحيح سنن أبي داود/4145) ، والنسائي (صحيح سنن النسائي/4980) . والحَكَم والحاكم بمعنى واحد؛ إلا أنَّ الحَكَم أبلغ من الحاكم، وهو الذي إليه الحُكْم، وأصل الحُكم منع الفساد والظلم ونشر العدل والخير. الْحُبُّ وَالْمَحَبَّةُ صفاتٌ لله عَزَّ وجَلَّ فِعْلِيَّةٌ اختيارِيَّةٌ ثابتةٌ بالكتاب والسنة.

الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195] . 2 - وقوله: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] ? الدليل من السنة: 1- حديث سهل بن سعد رضي الله عنه: (( ... لأعطين الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله ... )) . رواه: البخاري (3009) ، ومسلم (2405) . 2- حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: ((إنَّ الله يحب العبد التقي، الغني، الخفي)) . رواه مسلم (2965) . فأهل السنة والجماعة يثبتون صفة الحب والمحبة لله عَزَّ وجَلَّ، ويقولون: هي صفة حقيقية لله عَزَّ وجَلَّ، على ما يليق به، وليس هي إرادة الثواب؛ كما يقول المؤولة. كما يثبت أهل السنة لازم المحبة وأثرها، وهو إرادة الثواب وإكرام من يحبه سبحانه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (2 / 354) : ((إنَّ الكتاب والسنة وإجماع المسلمين أثبتت محبة الله لعباده المؤمنين ومحبتهم له، كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} وقوله: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} وقوله: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللهِ وَرَسُولِه} ... وقد أجمع سلف الامة وأئمتها على إثبات محبة الله تعالى لعباده المؤمنين ومحبتهم له وهذا

الحثو

أصل دين الخليل امام الحنفاء عليه السلام)) اهـ الْحَثْوُ صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالسنة الصحيحة. ? الدليل: 1- حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه مرفوعاً: ((وعدني ربي أنَّ يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفاً لا حساب عليهم ولا عذاب، مع كل ألف سبعون ألفاً، وثلاث حثيات من حثيات ربي)) . حديث صحيح، رواه أحمد (5/268) ، وابن أبي عاصم في السنة (589) ، والترمذي (صحيح سنن الترمذي 1984) ، وابن ماجه (4286) ، وغيرهم. 2- حديث عامر بن زيد البكالي عن عتبة بن عبدٍ السُّلَمي رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ ربي وعدني أنَّ يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفاً بغير حساب، ثم يتبع كل ألف سبعين ألفاً، ثم يحثي بكفه ثلاث حثيات، فكبَّر عمر ... )) الحديث. رواه عثمان بن سعيد الدارمي في ((رده على بشر المريسي)) (ص 37) ، وابن حبان في ((صحيحه)) (7247) ، والفسوي في ((المعرفة والتاريخ)) (2/341) ، والطبراني في ((الكبير)) (17/126) ، و ((الأوسط)) (404) ؛ كلهم من طريق عامر بن زيد البكالي.

وأبو عامر البكالي: ذكره ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) والبخاري في ((التاريخ الكبير)) ولم يجرحاه أو يوثقاه، وذكره ابن حبان في ((الثقات)) ، وقال: ((يروي عن عتبة بن عبدٍ، روى عنه أبو سلام ويحيى بن أبي كثير، وعداده في أهل الشام)) اهـ. قلت: وأبو سلام - وهو ممطور بن الأسود الحبشي - ويحيى بن أبي كثير ثقتان. وبقية رجاله ثقات، ويشهد له حديث أبي أمامة السابق. 3- حديث أبي سعيد الأنماري الخير رضي الله عنه مرفوعاً: ((إنَّ ربي وعدني أنَّ يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفاً بغير حساب، ويشفع لكل ألف سبعين ألفاً، ثم يحثي ربي ثلاث حثيات بكفيه ... )) . رواه الدارمي في ((رده على المريسي)) (ص 37) ، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (814) ، والطبراني في ((الكبير)) و ((الأوسط)) (مجمع البحرين 4905) ، وفي سنده اضطراب - كما قال الألباني -رحمه الله- في ((ظلال الجنة)) -، ويشهد له أيضاً حديث أبي أمامة المتقدم. وقد أورد الدارمي في حديث عتبة وأبي سعيد في موطن الرد على المريسي في طعنه إثبات صفة اليد والكف لله عَزَّ وجَلَّ. وقال المباركفوري في ((تحفة الأحوذي)) (7/129) عند شرحه لحديث أبي أمامة المتقدم: (( (ثلاث حثيات) ؛ بفتح الحاء والمثلثة، جمع حثية، والحثية والحثوة يستعمل فيما يعطيه الإنسان بكفيه دفعة واحدة من غير

الحجزة والحقو

وزن وتقدير)) اهـ. وقال ابن القيم - كما في ((مختصر الصواعق المرسلة)) (2/171) -: ((ورد لفظ اليد في القرآن والسنة وكلام الصحابة والتابعين في أكثر من مئة موضع وروداً متنوعاً متصرفاً فيه مقروناً بما يدل على أنها يد حقيقة من الإمساك والطي والقبض والبسط والمصافحة والحثيات ... )) اهـ. الْحُجْزَةُ وَالْحَقْوُ صفتان ذاتيان خبريَّتان ثابتتان بالسنة الصحيحة. ? الدليل: 1- حديث ابن عباس رضي الله عنهما: ((إنَّ الرحم شَجْنَةٌ آخذةٌ بحُجزة الرحمن؛ يصل من وصلها، ويقطع من قطعها)) . رواه الإمام أحمد (2956-شاكر) ، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (538) ؛ بإسناد حسن. وانظر: ((السلسلة الصحيحة)) (1602) . 2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((خلق الله الخلق، فلما فرغ منه؛ قامت الرحم، فأخذت بحقو الرحمن، فقال: مه! قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة ... )) .رواه البخاري (4830) وغيره. والحقو والحُجْزة: موضع عقد الإزار وشده. قال الحافظ أبو موسى المديني في ((المجموع المغيث)) (1/405) :

((وفي الحديث: ((إنَّ الرحم أخذت بحجزة الرحمن)) - ثم ذكر تفسيرين للحديث- ثم قال: وإجراؤه على ظاهره أولى)) اهـ. وقال الشيخ عبد الله الغنيمان في ((شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (2/383) ناقلاً من ((نقض التأسيس)) لشيخ الإسلام، ومن ((إبطال التأويلات)) لأبي يعلى الفراء، ومعلقاً: ((قال شيخ الإسلام رحمه الله في رده على الرازي في زعمه أنَّ هذا الحديث: (يعني: حديث أبي هريرة المتقدم) يجب تأويله: قال: فيقال له: بل هذا من الأخبار التي يقرها من يقر نظيره، والنِّزاع فيه كالنِّزاع في نظيره؛ فدعواك أنه لا بدَّ فيه من التأويل بلا حجة تخصه؛ لا تصح. وقال: وهذا الحديث في الجملة من أحاديث الصفات، التي نص الأئمة على أنه يمر كما جاء، وردوا على من نفى موجبه، وما ذكره الخطابي وغيره أنَّ هذا الحديث مما يتأول بالاتفاق؛ فهذا بحسب علمه، حيث لم يبلغه فيه عن أحد من العلماء أنه جعله من أحاديث الصفات التي تمر كما جاءت. قال ابن حامد: ومما يجب التصديق به: أنَّ لله حَقْواً. قال المروزي: قرأت على أبي عبد الله كتاباً، فَمَرَّ فيه ذكر حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله خلق الرحم، حتى إذا فرغ

منها؛ أخذت بحقو الرحمن)) . فرفع المحدث رأسه، وقال: أخاف أنَّ تكون كفرت. قال أبو عبد الله: هذا جهمي. وقال أبو طالب: سمعت أبا عبد الله يسأل عن حديث هشام بن عمار؛ أنه قريء عليه حديث الرحم: ((تجيء يوم القيامة فتعلق بالرحمن تعالى ... )) ، فقال: أخاف أنَّ تكون قد كفرت. فقال: هذا شامي؛ ما له ولهذا؟ قلت: فما تقول؟ قال: يمضي كل حديث على ماجاء. وقال القاضي أبو يعلى: اعلم أنه غير ممتنع حمل هذا الخبر على ظاهره، وأنَّ (الحقو) و (الحجزة) صفة ذات، لا على وجه الجارحة والبعض، وأنَّ الرحم آخذة بها، لا على وجه الاتصال والمماسة، بل نطلق ذلك تسمية كما أطلقها الشرع، وقد ذكر شيخنا أبو عبد الله - رحمه الله - هذا الحديث في كتابه، وأخذ بظاهره، وهو ظاهر كلام أحمد. قلت: قوله: ((لا على وجه الجارحة والبعض)) ، وقوله: ((لا على وجه الاتصال والمماسة)) ؛ قول غير سديد، وهو من أقوال أهل البدع التي أفسدت عقولَ كثير من الناس؛ فمثل هذا الكلام المجمل لا يجوز نفيه مطلقاً، ولا إثباته مطلقاً؛ لأنه يحتمل حقاً وباطلاً، فلا بدَّ من التفصيل في ذلك، والإعراض عنه أولى؛ لأنَّ كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم خال منه، وليس هو بحاجة إليه؛ فهو واضح، وليس ظاهر هذا الحديث أنَّ لله إزاراً ورداءً من جنس الأزر والأردية التي يلبسها الناس، مما يصنع من

الحديث

الجلود والكتان والقطن وغيره، بل هذا الحديث نص في نفي هذا المعنى الفاسد؛ فإنه لو قيل عن بعض العباد: إنَّ العظمة إزاره والكبرياء رداؤه؛ لكان إخباره بذلك عن العظمة والكبرياء اللذين ليسا من جنس ما يلبس من الثياب. فإذا كان هذا المعنى الفاسد لا يظهر من وصف المخلوق؛ لأنَّ تركيب اللفظ يمنع ذلك، وبين المعنى المراد؛ فكيف يدعى أنَّ هذا المعنى ظاهر اللفظ في حق الله تعالى، فإنَّ كل من يفهم الخطاب ويعرف اللغة؛ يعلم أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم لم يخبر عن ربه بلبس الأكسية والثياب، ولا أحد ممن يفهم الخطاب يدعي في قوله صلى الله عليه وسلم في خالد بن الوليد: ((إنه سيف الله)) ؛ أنَّ خالداً حديد، ولا في قوله صلى الله عليه وسلم في الفرس: ((إنا وجدناه بحراً)) ؛ أنَّ ظاهره أنَّ الفرس ماء كثير ونحو ذلك)) اهـ الْحَدِيثُ صفةٌ لله عَزَّ وجَلَّ كالقول. انظر: صفة (الكلام) . الْحَرْفُ انظر: صفة (الكلام) .

- الحركة

- الْحَرَكَةُ لم يرد هذا اللفظ في الكتاب والسنة، ويغني عنه إثبات النُّزول والإتيان والمجيء ونحو ذلك. قال شيخ الإسلام في شرح حديث النُّزول ((مجموع الفتاوى)) (5/565) : ((لفظ (الحركة) ؛ هل يوصف الله بها أم يجب نفيه عنه؟ اختلف فيه المسلمون وغيرهم من أهل الملل وغير أهل الملل من أهل الحديث وأهل الكلام وأهل الفلسفة وغيرهم على ثلاثة أقوال، وهذه الثلاثة موجودة في أصحاب الآئمة الأربعة من أصحاب الإمام أحمد وغيرهم)) . ثم شرع رحمه الله في ذكر معنى الحركة عند المتكلمين والفلاسفة وأصحاب أرسطو وأنواع الحركة ... إلى أنْ قال (5/577) : ((والمقصود هنا أنَّ الناس متنازعون في جنس الحركة العامة التي تتناول ما يقوم بذات الموصوف من الأمور الاختيارية؛ كالغضب والرضى والفرح، وكالدنو والقرب والاستواء والنُّزول، بل والأفعال المتعدية كالخلق والإحسان وغير ذلك على ثلاثة أقوال: أحدها: قول من ينفي ذلك مطلقاً وبكل معنى ... وهذا أول من عرف به هم الجهمية والمعتزلة ... والقول الثاني: إثبات ذلك، وهو قول الهشامية والكرامية وغيرهم من

طوائف أهل الكلام الذين صرحوا بلفظ الحركة ... وذكر عثمان بن سعيد الدارمي إثبات لفظ الحركة في كتاب نقضه على بشر المريسي، ونصره على أنه قول أهل السنة والحديث، وذكره حرب بن إسماعيل الكرماني - لما ذكر مذهب أهل السنة والأثر - عن أهل السنة والحديث قاطبة، وذكر ممن لقي منهم على ذلك: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعبد الله بن الزبير الحميدي، وسعيد بن منصور، وهو قول أبي عبد الله بن حامد وغيره. وكثيرٌ من أهل الحديث والسنة يقول: المعنى صحيح، لكن؛ لا يطلق هذا اللفظ؛ لعدم مجيء الأثر به؛ كما ذكر ذلك أبو عمر بن عبد البر وغيره في كلامهم على حديث النُّزول. والقول المشهور عن السلف عند أهل السنة والحديث: هو الإقرار بما ورد به الكتاب والسنة؛ من أنه يأتي وينْزل وغير ذلك من الأفعال اللازمة. قال أبو عمرو الطَّلْمَنْكِيُّ: أجمعوا (يعني: أهل السنة والجماعة) على أنَّ الله يأتي يوم القيامة والملائكة صفَّاً صفَّاً لحساب الأمم وعرضها كما يشاء وكيف يشاء؛ قال تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأمْرُ} ، وقال تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفَّاً صَفَّاً} . قال: وأجمعوا على أنَّ الله يَنْزل كل ليلة إلى سماء الدنيا على ما أتت به الآثار كيف شاء، لا يحدون في ذلك شيئا. ثم روى بإسناده عن محمد بن وضاح؛

قال: وسألت يحيى بن معين عن النُّزول؟ فقال: نعم؛ أقر به، ولا أحِدُّ فيه حَدَّاً. والقول الثالث: الإمساك عن النفي والإثبات، وهو اختيار كثيرٌ من أهل الحديث والفقهاء والصوفية؛ كإبن بطة وغيره، وهؤلاء فيهم من يعرض بقلبه عن تقدير أحد الأمرين، ومنهم من يميل بقلبه إلى أحدهما، ولكن؛ لا يتكلم لا بنفي ولا بإثبات. والذي يجب القطع به أنَّ الله ليس كمثله شيء في جميع ما يصف به نفسه، فمن وصفه بمثل صفات المخلوقين في شيء من الأشياء؛ فهو مخطيءٌ قطعاً؛ كمن قال: إنه ينْزل فيتحرك وينتقل كما يَنْزل الإنسان من السطح إلى أسفل الدار؛ كقول من يقول: إنه يخلو منه العرش! فيكون نزوله تفريغاً لمكان وشغلاً لآخر؛ فهذا باطل يجب تنْزِيه الرب عنه كما تقدم)) اهـ. وانظر كلامه رحمه الله في ((الاستقامة)) (1/70-78) . وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في ((إزالة الستار عن الجواب المختار)) (ص 32) : (( ... النصوص في إثبات الفعل والمجيء والاستواء والنُّزول إلى السماء الدنيا إن كانت تستلزم الحركة لله؛ فالحركة له حق ثابت بمقتضى هذه النصوص ولازمها، وإن كنا لا نعقل كيفية هذه الحركة ... وإن كانت هذه النصوص لا تستلزم الحركة لله تعالى؛ لم يكن لنا إثبات الحركة له بهذه

الحسيب

النصوص، وليس لنا أيضاً أنَّ ننفيها عنه بمقتضى استبعاد عقولنا لها، أو توهمنا أنها تستلزم إثبات النقص، وذلك أنَّ صفات الله تعالى توقيفية، يتوقف إثباتها ونفيها على ما جاء به الكتاب والسنة؛ لامتناع القياس في حقه تعالى؛ فإنه لا مثل له ولا ند، وليس في الكتاب والسنَّة إثبات لفظ الحركة أو نفيه؛ فالقول بإثبات نفيه أو لفظه قول على الله بلا علم ... وقد تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كثير من رسائله في الصفات على مسألة الحركة، وبيَّن أقوال الناس فيها، وما هو الحق من ذلك، وأنَّ من الناس من جزم بإثباتها، ومنهم من توقف، ومنهم من جزم بنفيها، والصواب في ذلك أنَّ ما دل عليه الكتاب والسنة من أفعال الله تعالى ولوازمها؛ فهو حق ثابت يجب الإيمان به، وليس فيه نقص ولا مشابهة للخلق؛ فعليك بهذا الأصل؛ فإنه يفيدك، وأعرض عما كان عليه أهل الكلام من الأقيسة الفاسدة التي يحاولون صرف نصوص الكتاب والسنة إليها؛ ليحرفوا بها الكلم عن مواضعه، سواء عن نية صالحة أو سيئة)) اهـ. الْحَسِيبُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الحسيب، وهو اسم له ثابتٌ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً} [النساء: 86] .

الحفظ

2- وقوله: {وَكَفَى بِاللهِ حَسِيباً} [النساء: 6، والأحزاب: 39] . ? الدليل من السنة: 1- حديث أبي بكرة رضي الله عنه: (( ... إن كان أحدكم مادحاً لا محالة؛ فليقل: أحسب كذا وكذا - إن كان يرى أنه كذلك -، وحسيبه الله، ولا يُزكَّى على الله أحد)) رواه: البخاري (6162) ، ومسلم (3 ... ) 2- قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (( ... فمن أظهر لنا خيراً؛ أمَّناه وقرَّبناه، وليس لنا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته ... )) . رواه البخاري (2641) . ومعنى الحسيب؛ أي: الحفيظ، والكافي، والشهيد، والمحاسب. انظر: تفسير الآية 6و86 من سورة النساء في ((تفسير ابن جرير)) وابن الجوزي في ((زاد المسير)) . الْحِفْظُ صفةٌ من صفاته تعالى الثابتة بالكتاب والسنة من اسميه (الحافظ) و (الحفيظ) . ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ} [هود: 57] . 2- وقوله: {فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أرْحَمُ الرَّاحِمينَ} [يوسف: 64] .

الحفي

الدليل من السنة: 1- حديث ابن عباس رضي الله عنهما المشهور: (( ... احفظ الله يحفظك ... )) رواه الترمذي (2518) ، وقال: ((حديث حسن صحيح)) ، وهو كما قال، وأحمد (2804و2669) . يقول ابن القيم في ((النونية)) (2/83) : ((وَهُوَ الحَفِيظُ عَلَيْهِمُ وَهُوَ الكَفِيـ الكَفِيـ ... ... لُ بِحِفْظِهِمْ مِنْ كُلِّ أمْرٍ عانِ)) يقول الهرَّاس في الشرح (باختصار) : ((ومن أسمائه سبحانه: الحفيظ، وله معنيان: أحدهما: أنه يحفظ على العباد ما عملوه من خير وشر، وعرف ونكر، وطاعة ومعصية ... والمعنى الثاني من معنيي الحفيظ: أنه تعالى الحافظ لعباده من جميع ما يكرهون ... وحفظه لخلقه نوعان: عام وخاص. فالعام هو حفظه لجميع المخلوقات ... والنوع الثاني حفظه الخاص لأوليائه حفظاً زائداً على ما تقدم؛ يحفظهم عما يضر إيمانهم ويزلزل يقينهم ... )) . الْحَفِيُّ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه حفيٌّ، وهذا ثابت بالكتاب العزيز. ? الدليل: قوله تعالى: {قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيَّاً}

الحق

[مريم: 47] . وقد عدَّه الشيخُ العثيمين رحمه الله - مع تردد عنده - من أسماء الله تعالى في كتابه: ((القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى)) . ومعنى الحفيِّ؛ أي: البَر اللطيف. قاله الراغب في ((المفردات)) . وقال ابن قتيبة في ((تفسير غريب القرآن)) : ((أي: بارَّاً عوَّدني منه الإجابة إذا دعوته)) . الْحَقُّ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الحق سبحانه وتعالى، وهو اسمٌ له ثابتٌ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحج: 6] . 2- وقوله تعالى: {فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون: 116] . ? الدليل من السنة: حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (( ... أنت الحق وقولك الحق)) . رواه البخاري (7385) .

الحقو

قال قَوَّام السنة في ((الحجة)) (1/135) : ((ومن أسمائه تعالى: الحق، وهو المتحقق كونه ووجوده، وكل شيء صح وجوده وكونه فهو حق)) اهـ. وبنحوه قال ابن الأثير في ((جامع الأصول)) (4/179) . وقال السعدي في ((تفسيره)) (5/305) : ((الحق؛ في ذاته وصفاته؛ فهو واجب الوجود، كامل الصفات والنعوت، وجوده من لوازم ذاته، ولا وجود لشيء من الأشياء إلاَّ به، فهو الذي لم يزل ولا يزال بالجلال والجمال والكمال موصوفاً، ولم يزل ولا يزال بالإحسان معروفاً، فقوله حق، وفعله حق، ولقاؤه حق، ورسله حق، وكتبه حق، ودينه هو الحق، وعبادته وحده لا شريك له هي الحق، وكل شيء ينسب إليه فهو حق، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} ، {وَقُل الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} ، {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ} ... )) اهـ قلت: قوله: ((وكل شيء ينسب إليه؛ فهو حق)) ؛ أي: كل شيء ينسب إليه بحق؛ فهو حق. الْحَقْوُ انظر: صفة (الحُجْزَة) .

الحكم

الْحَكَمُ انظر: صفة (الحاكم) . الْحِكْمَةُ صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ، و (الحكيم) من أسمائه تعالى، وهو ثابتٌ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 18] . 2- وقوله: {وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 228] . ? الدليل من السنة: 1- حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: (( ... وسبحان الله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم ... )) . رواه مسلم (2696) قال ابن القيم في ((النونية)) (2/75) : ((وهو الحكيمُ وذَاكَ من أوْصَافِه ... نَوْعَانِ أيْضاَ مَا هُمَا عَدَمَانِ حُكْمٌ وإحْكَامٌ فَكُلٌّ مِنْهُمَا ... نَوْعَانِ أيْضاً ثَابِتا البُرْهَانِ)) قال الهرَّاس: ((ومن أسمائه الحسنى سبحانه: (الحكيم) ، وهو إما فعيل بمعنى فاعل؛ أي: ذو الحكم، وهو القضاء على الشيء بأنه كذا أو ليس كذا، أو فعيل بمعنى مفعل، وهو الذي يُحكِم الأشياء ويتقنها، وقيل:

الحلم

الحكيم ذو الحكمة، وهي معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم)) . الْحِِلْمُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بالحِلم، وهي صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ له بالكتاب والسنة، و (الحليم) اسم من أسمائه تعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة: 263] . 2- وقوله: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [فاطر: 41] . - الدليل من السنة: 1- حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (( ... لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ... )) رواه: البخاري (6345) ، ومسلم (2730) . قال ابن القيم في ((النونية)) (2/81) : ((وَهُوَ الحليمُ فَلاَ يُعاجِلُ عَبْدهُ ... بعُقُوبَةٍ لِيَتُوبَ منْ عِصْيَانِ وَهُوَ العَفُوُّ فَعَفْوُهُ وَسِعَ الوَرَى ... لَوْلاَهُ غَارَ الأرْضُ بِالسُّكَّانِ)) وقال الهرَّاس في ((الشرح)) : ((ومن أسمائه سبحانه (الحليم) و (العفو) ؛ فالحليم الذي له الحلم الكامل الذي وسع أهل الكفر والفسوق

الحميد

والعصيان، حيث أمهلهم ولم يعاجلهم بالعقوبة؛ رجاء أنَّ يتوبوا، ولو شاء؛ لأخذهم بذنوبهم فور صدورها منهم؛ فإن الذنوب تقتضي ترتب آثارها عليها من العقوبات العاجلة المتنوعة، ولكن حلمه سبحانه هو الذي اقتضى إمهالهم؛ كما قال تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا} )) الْحَمِيدُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الحميد، وهو صفةٌ ذاتيةٌ له، و (الحميد) اسم من أسمائه، ثابتٌ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة: 267] . 2- وقوله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُم الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 15] . ? الدليل من السنة: حديث كعبٍ بن عُجرة رضي الله عنه في التشهد: (( ... قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد)) . رواه: البخاري (3370) ، ومسلم (406) .

الحنان (بمعنى الرحمة)

المعنى: 1- قال ابن منظور في ((اللسان)) : ((الحميد من صفاته سبحانه وتعالى، بمعنى المحمود على كل حال، وهو فعيل بمعنى مفعول)) . 2- وقال ابن الأثير في ((جامع الأصول)) (4/180) : ((الحميد: المحمود، الذي استحق الحمد بفعله، وهو فعيل بمعنى مفعول)) . الْحَنَانُ (بمعنى الرحمة) صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {يَايَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيَّاً - وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيَّاً} [مريم: 12-13] . ? الدليل من السنة: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً: ((يوضع الصراط بين ظهراني جهنم، عليه حسك كحسك السعدان ... ثم يشفع الأنبياء في كل من كان يشهد أنَّ لا إله إلا الله مخلصاً، فيخرجونهم منها)) ، قال: ثم يتحنَّن الله برحمته على مَن فيها، فما يترك فيها عبداً في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا أخرجه منها)) . رواه: الإمام أحمد (3/11) ، وابن جرير في ((التفسير)) (16/113) ،

وابن خزيمة في ((التوحيد)) (2/766) ، وابن المبارك في ((الزهد)) (1268) ؛ من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليَّة؛ قال: حدثني محمد بن إسحاق، حدثني عبيد الله بن المغيرة بن معيقيب، عن سليمان بن عمرو بن عبد العُتواري أحد بني ليث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (وذكره) . ورواه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (13/176/رقم 16039) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق به. ورجال إسناده ثقات، عدا عبيد الله بن المغيرة، قال عنه الحافظ في ((التقريب)) : ((صدوق)) ، ومحمد بن إسحاق صرح بالتحديث، فالحديث لا يَنْزل عن مرتبة الحسن، وقد حسن إسناده الوادعي في ((الشفاعة)) (ص 137) ورواه الحاكم في ((المستدرك)) (4/585) من طريق أحمد بن خالد الوهبي عن محمد بن إسحاق به، وقال: ((على شرط مسلم، ولم يخرجاه)) ، وسكت عنه الذهبي، وتعقبه الوادعي في ((كتاب الشفاعة)) . تنبيهان: الأول: عند أحمد والحاكم: ((عن سليمان بن عمرو العتواري حدثني ليث ... )) ، وعند ابن أبي شيبة: ((عن سليمان العتواري جد بني ليث)) ، وعند البقية: ((سليمان العتواري أحد بني ليث)) ، وهو الصواب، وما قبله

تحريف. الثاني: عند ابن خزيمة: ((ثم يتجلى الله برحمته ... )) ؛ بدل: ((يتحنَّن)) وهذا خطأ من الناسخ؛ لأنه في جميع الروايات: ((يتحنَّن)) ، ثم هو في النسخة الألمانية لكتاب ((التوحيد)) ، والتي رمز لها المحقق الشهوان بالرمز (ل) : ((يتحنَّن)) . والحديث رواه ابن ماجه (صحيح سنن ابن ماجه3453) مختصراً بدون الشاهد، وأصله في ((الصحيحين)) من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما. قال ابن جرير في ((التفسير)) (16/55) : ((قوله: {وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا} : يقول تعالى ذكره: ورحمة منا ومحبة له آتيناه الحكم صبيّاً، وقد اختلف أهل التأويل في معنى الحنان، فقال بعضهم: معناه: الرحمة)) اهـ، ثم نسب ذلك بإسناده إلى ابن عباس وعكرمة والضحاك وقتادة، ثم قال: ((وقال آخرون: معنى ذلك: وتعطُّفاً من عندنا عليه فعلنا ذلك)) ، ونسب ذلك بإسناده إلى مجاهد، ثم قال: ((وقال آخرون: بل معنى الحنان: المحبة، ووجهوا معنى الكلام إلى: ومحبة من عندنا فعلنا ذلك)) ، ثم نسب ذلك بإسناده إلى عكرمة وابن زيد، ثم قال: وقال آخرون: معناه تعظيماً منَّا له)) ، ونسب ذلك بإسناده إلى عطاء بن أبي رباح ... ثم قال: ((وأصل ذلك - أعني: الحنان- من قول القائل: حنَّ فلان إلى كذا، وذلك إذا ارتاح إليه

واشتاق، ثم يقال: تحنَّن فلان على فلان: إذا وصف بالتعطُّف عليه والرقة به والرحمة له؛ كما قال الشاعر: تَحَنَّنْ عليَّ هَداك المليكُ ... فإنَّ لِكُلِّ مَقامٍ مَقالاً بمعنى: تعطَّف عليَّ؛ فالحنان: مصدر من قول القائل: حنَّ فلانٌ على فلانٍ، يقال منه: حننتُ عليه؛ فأنا أحِنُّ عليه، وحناناً)) اهـ. وقال الفراء في ((معاني القرآن)) (2/163) : ((وقوله: {وَحَنَانَاً مِنْ لَدُنَّا} الحنان: الرحمة، ونصب {حناناً} ؛ أي: وفعلنا ذلك رحمة لأبويه)) اهـ وبنحوه قال ابن قتيبة في ((تفسير غريب القرآن)) (ص273) ، والبغوي في ((التفسير)) ، ونسب البيت السابق للحطيئة يخاطب فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وروى أبو عبيد القاسم بن سلاَّم في كتاب ((غريب الحديث)) (2/405) عن أبي معاوية (الضرير) عن هشام بن عروة عن أبيه؛ أنه كان يقول في تلبيته: لبيك ربنا وحنانيك. وهذا إسناد صحيح، وعروة بن الزبير تابعي ثقة، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة. قال أبو عبيد: ((قوله: حنانيك؛ يريد: رحمتك، والعرب تقول: حنانك يا رب، وحنانيك يا رب؛ بمعنى واحد)) اهـ. وقال أبو موسى المديني في ((المجموع المغيث)) (1/514) : ((في

حديث زيد بن عمرو: ((حنانيك؛ أي: ارحمني رحمة بعد رحمة)) اهـ. وقال الأزهري في ((تهذيب اللغة)) (3/446) : ((روى أبو العباس عن ابن الأعرابي؛ أنه قال: الحنَّان: من أسماء الله؛ بتشديد النون؛ بمعنى: الرحيم. قال: والحنَان؛ بالتخفيف: الرحمة. قال: والحنان: الرزق، والحنان: البركة، والحنان: الهيبة، والحنان: الوقار)) . ثم قال الأزهري: ((وقال الليث: الحنان: الرحمة، والفعل التحنُّن. قال: والله الحنَّان المنَّان الرحيم بعباده، ومنه قوله تعالى: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا} ؛ أي: رحمة من لدنا. قلت (أي: الأزهري) : والحنَّان من أسماء الله تعالى، جاء على فعَّال بتشديد النون صحيح، وكان بعض مشايخنا أنكر التشديد فيه؛ لأنه ذهب به إلى الحنين، فاستوحش أنَّ يكون الحنين من صفات الله تعالى، وإنما معنى الحنَّان: الرحيم، من الحنان، وهو الرحمة)) . ثم قال: ((قال أبو إسحاق: الحنَّان في صفة الله: ذو الرحمة والتعطف)) اهـ كلام الأزهري. وقال أبوسليمان الخطابي في ((شأنَّ الدعاء)) (ص 105) : ((الحنَّان: ذو الرحمة والعطف، والحنان - مخفف - الرحمة)) . وقال ابن تيمية في ((شرح حديث النُّزول)) (ص184) : ((وقال (يعني: الجوهري) : الحنين: الشوق، وتوقان النفس. وقال: حنَّ إليه يحنُّ حنيناً فهو حانٌّ، والحنان: الرحمة، يقال: حنَّ عليه يحنُّ حناناً، ومنه قوله تعالى: {وَحَنَانَاً مِنْ لَدُنَّا وزكاةً} ، والحنَّان بالتشديد: ذو الرحمة، وتحننَّ

عليه: ترحَّم، والعرب تقول: حنانيك يا رب! وحنانك! بمعنى واحد؛ أي: رحمتك. وهذا كلام الجوهري، وفي الأثر في تفسير الحنَّان المنَّان: ((أنَّ الحنان هو الذي يقبل على من أعرض عنه، والمنَّان الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال)) ، وهذا باب واسع)) اهـ كلام ابن تيمية. وقال ابن القيم في ((القصيدة النونية)) (1/50) راداً على الجهمية نفاة الصفات: ((قالوا وليس لربِّنَا سَمْعٌ ولا بَصَرٌ ... ولا وَجْهٌ فكيفَ يَدَانِ وكذاك ليس لربِّنَا من قُدْ ... رَةٍ وإرادةٍ أو رحمةٍ وحَنَانِ كلا ولا وَصْفٌ يَقُومُ بِه ... سِوى ذاتٌ مجردةٌ بِغَيْرِ مَعَانِ)) تنبيهات: الأول: فَسَّرَ بعض المفسرين، ومنهم ابن كثير: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيَّاً - وَحَنَانَاً مِنْ لَدُنَّا} ؛ أي آتيناه الحكم وحناناً وزكاةً؛ أي: جعلناه ذا حنان وزكاة، فيكون الحنان صفة ليحيى عليه الصلاة والسلام. الثاني: روى ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (9410) ، وأحمد في ((المسند)) (3/120) ، وابن ماجه (3858) ؛ من طريق وكيع عن أبي خزيمة عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول: اللهم إني أسألك بأنَّ لك الحمد، لا إله إلا أنت، وحدك، لا شريك لك، المنان، بديع السماوات والأرض ... )) ، وهذا إسناد صحيح.

ورواه أحمد في ((المسند)) (3/245) ، والنسائي (1300) ، وأبو داود (1495) ، والطبراني في ((الدعاء)) (116) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (1258) ، والحاكم في ((المستدرك)) (1/503) ؛ من طريق خلف بن خليفة عن حفص بن عمر أخي أنس بن مالك لأمه؛ بلفظ: ((المنَّان)) . وأخرجه أحمد في ((المسند)) (3/158) من طريق خلف بن خليفة به بلفظ: ((الحنَّان)) . وأخرجه ابن حبان في ((صحيحه)) (893) من طريق خلف بن خليفة به بلفظ: ((الحنَّان المنَّان)) . وخلف بن خليفة: قال عنه الحافظ في ((التقريب)) : ((صدوق، اختلط في الآخر، وادَّعى أنه رأى عمرو بن حريث الصحابي، فأنكر عليه ذلك ابن عيينة وأحمد)) اهـ. الثالث: روى الإمام أحمد في ((المسند)) (3/230) وغيره حديث: ((أنَّ عبداً في جهنم لينادي ألف سنة يا حنَّان يا منَّان ... )) .وإسناده ضعيف، انظر تخريجه في ((الأسماء والصفات)) للبيهقي تحقيق عبد الله الحاشدي (1/206-207) . الرابع: روى الحاكم في ((المستدرك)) (1/17) من طريق عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان حديث: ((إنَّ لله تعالى تسعةً وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة ... )) فذكرها وعدَّ منها: ((الحنَّان)) ، وعبد العزيز هذا

الحياء والاستحياء

ضعيف، قال عنه الحافظ في ((التلخيص الحبير)) (4/172) : ((متفق على ضعفه، وهَّاه البخاري ومسلم وابن معين، وقال البيهقي: ضعيف عند أهل النقل)) اهـ. قال الخطابي في ((شأنَّ الدعاء)) (ص 105) : ((ومما يدعو به الناس خاصُّهم وعامُّهم، وإن لم تثبت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحنَّان)) اهـ. هذا حسب النسخة المغربية كما أفاده الأستاذ أحمد يوسف الدقاق محقق الكتاب، وفي النسخة التيمورية زيادة: ((المنَّان)) ، وأظنها خطأ من الناسخ، وعلى أية حال فقد تقدم إثبات أنَّ ((المنَّان)) من أسماء الله عَزَّ وجَلَّ. والخلاصة: أنَّ عدَّ بعضهم (الحنَّان) من أسماء الله تعالى فيه نظر؛ لعدم ثبوته. والله أعلم. الْحَيَاءُ وَالاسْتِحْيَاءُ صفةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة، و (الحيي) من أسمائه تعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26] .

2- قوله تعالى: {وَاللهُ لا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ} [الأحزاب: 53] . ? الدليل من السنة: 1- حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه مرفوعاً: (( ... وأما الآخر؛ فاستحيا، فاستحيا الله منه، وأما الآخر؛ فأعرض، فأعرض الله عنه)) رواه: البخاري (66) ، ومسلم (1405) . 2- حديث سلمان رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ... إنَّ ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أنَّ يردهما صفراً خائبتين)) . رواه: الترمذي واللفظ له، وأبو داود، وأحمد، والحاكم. انظر: ((جامع الأصول)) (2118) ، و ((صحيح الجامع)) (1757) . ومِمَّن أثبت صفة الاستحياء من السلف الإمام أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي، فيما نقله عنه شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)) (4/181) ؛ موافقاً له. وقال ابن القيم في ((النونية)) (2/80) : ((وهو الحييُّ فليسَ يفضحُ عبده ... عندَ التجاهُرِ منهُ بالعصيانِ لكنَّهُ يُلقِي عليه سِترهُ ... فَهُو السِّتِّيرُ وصاحب الغفرانِ)) قال الهرَّاس: ((وحياؤه تعالى وصف يليق به، ليس كحياء المخلوقين، الذي هو تغير وانكسار يعتري الشخص عند خوف ما يعاب أو يذم، بل

الحياة

هو ترك ما ليس يتناسب مع سعة رحمته وكمال جوده وكرمه وعظيم عفوه وحلمه؛ فالعبد يجاهره بالمعصية مع أنه أفقر شيء إليه وأضعفه لديه، ويستعين بنعمه على معصيته، ولكن الرب سبحانه مع كمال غناه وتمام قدرته عليه يستحي من هتك ستره وفضيحته، فيستره بما يهيؤه له من أسباب الستر، ثم بعد ذلك يعفو عنه ويغفر)) اهـ. قال الأزهري في ((تهذيب اللغة)) (5/288) ((وقال الليث: الحياء من الاستحياء؛ ممدود ... قلت: وللعرب في هذا الحرف لغتان: يُقال: استحى فلان يستحي؛ بياء واحدة، واستحيا فلان يستحْيِي؛ بياءين، والقرآن نزل باللغة التامَّة؛ (يعني الثانية)) ) اهـ. الْحَيَاةُ صفة من صفات الله عَزَّ وجَلَّ الذاتية الثابتة بالكتاب والسنة، و (الحي) اسم من أسمائه تعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران: 2] . 2- وقوله: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوت} [الفرقان: 58] . ? الدليل من السنة: حديث ابن عباس رضي الله عنهما: ((اللهم لك أسلمت، وبك

آمنت ... أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون)) . رواه مسلم (2717) . قال شيخ الإسلام في ((دقائق التفسير)) (2/102) : ((كلامه وحياته من صفات الله كعلمه وقدرته)) . وقال في ((الجواب الصحيح)) (4/50) : ((لم يعبر أحد من الأنبياء عن حياة الله بأنها روح الله فمن حمل كلامَ أحدٍ من الأنبياء بلفظ الروح أنه يراد به حياة الله فقد كذب)) وقال الهرَّاس في شرحه لـ ((النونية)) (2/103) : ((ومعنى الحي: الموصوف بالحياة الكاملة الأبدية، التي لا يلحقها موت ولا فناء، لأنها ذاتية له سبحانه، وكما أنَّ قيوميته مستلزمة لسائر صفات الكمال الفعلية؛ فكذلك حياته مستلزمة لسائر صفات الكمال الذاتية من العلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والعزة والكبرياء والعظمة ونحوها)) اهـ. فائدة: في حديث الإفك عند البخاري ومسلم: ((قال سعد بن معاذ رضي الله عنه: يا رسول الله! أنا والله أعذرك منه، إن كان من الأوس؛ ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج؛ أمرتنا، ففعلنا فيه أمرك. فقال سعد بن عبادة رضي الله عنه: كذبت لعمر الله؛ لا تقتله، ولا تقدر على ذلك. فقام أسيد بن الحضير رضي الله عنه، فقال: كذبت لعمر الله؛ لنقتلنَّه ... )) .

الخبير

قال الحافظ في ((الفتح)) (8/472) : ((العَمْر؛ بفتح العين المهملة: هو البقاء، وهو العُمُر بضمها، لكن لا يستعمل في القسم إلا بالفتح)) . وقال القاضي عياض في ((مشارق الأنوار)) (2/87) : ((وقوله: ((لعمر الله)) ؛ أي: بقاء الله)) . وقال البيهقي في ((الاعتقاد)) (ص 83) : ((فحلف كلُّ واحد منهما بحياة الله وببقائه والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع)) . وبنحوه قال في ((الأسماء والصفات)) (1/194) . الْخَبِيرُ صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة، وذلك من اسمه (الخبير) . ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: { ... قَالَ نَبَّأَنِي الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} [التحريم: 3] 2- وقوله: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 73] ? الدليل من السنة: حديث عائشة رضي الله عنها؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لها في قصة تتبعها له إلى البقيع: ((ما لك يا عائش حشياً رابية؟)) . قالت: قلت: لا شيء. قال: ((لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير)) . رواه مسلم (974)

الخداع لمن خادعه

معنى (الخبير) : 1- العالم بما كان وما يكون: قاله ابن منظور في ((اللسان)) . 2- وقال الخطابي في ((شأنَّ الدعاء)) (ص 63) : ((هو العالم بكنه الشيء، المطلع على حقيقته)) . 3- وقال أبو هلال العسكري في ((الفروق)) (ص 74) : ((الفرق بين العلم والخَبْر: أنَّ الخَبْر هو العلم بكنه المعلومات على حقائقها؛ ففيه معنى زائد على العلم)) . الْخِدَاعُ لِمَنْ خَادَعَهُ الخداعُ صفةٌ من صفات الله عَزَّ وجَلَّ الفعليَّة الخبريَّة الثابتة بالكتاب والسنة، ولكنه لا يوصف بها على سبيل الإطلاق، إنما يوصف بها حين تكون مَدْحاً. ? الدليل من الكتاب: قول الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142] . ? الدليل من السنة: حديث الزبير بن العوام رضي الله عنه، أنَّ أم كلثوم بنت عقبة كانت عنده، فقالت له وهي حامل: طيِّب نفسي بتطليقة. فطلقها تطليقة، ثم خرج إلى الصلاة، فرجع وقد وضعت، فقال: ما لها خدعتني خدعها

الله؟! ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال ((سبق الكتاب أجله، اخطبها إلى نفسها)) رواه ابن ماجه (2026) والبيهقي (7/421) ؛ وانظر: ((إرواء الغليل)) (7/197) . قال ابن القيم في ((إعلام الموقعين)) (3/229) بعد أنَّ ذكر آيات في صفة (الكيد) و (المكر) : ((قيل: إنَّ تسمية ذلك مكراً وكيداً واستهزاءً وخداعاً من باب الاستعارة ومجاز المقابلة؛ نحو: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} ، ونحو قوله: {فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} ، وقيل -وهو أصوب-: بل تسميته بذلك حقيقة على بابه؛ فإنَّ المكر إيصال الشيء إلى الغير بطريق خفي، وكذلك الكيد والمخادعة ... )) اهـ. قلت: قوله عن القول الثاني: ((وهو أصوب)) : قد يوهم أنَّ الأول صواب، والحق أنَّ القول الأول باطل مخالف لطريقة السلف في الصفات، وانظر كلامه رحمه الله في ((مختصر الصواعق المرسلة)) (2/33-34) . وقال الشيخ عبد العزيز بن بار في ((الفتح)) (3/300) معقباً على الحافظ ابن حجر لَمَّا تأوَّل صفةً من صفات الله: ((هذا خطأ لا يليق من الشارح، والصواب إثبات وصف الله بذلك حقيقة على الوجه اللائق به سبحانه كسائر الصفات، وهو سبحانه يجازي العامل بمثل عمله، فمن مكر؛ مكر الله به، ومن خادع؛ خادعه، وهكذا من أوعى؛ أوعى الله عليه، وهذا قول أهل السنة والجماعة؛ فالزمه؛ تفز بالنجاة والسلامة، والله

الخط

الموفق)) اهـ. وسئل الشيخ العثيمين -رحمه الله- في ((المجموع الثمين)) (2/66) : هل يوصف الله بالخيانة والخداع كما قال الله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} فأجاب بقوله: ((أما الخيانة؛ فلا يوصف الله بها أبداً؛ لأنها ذم بكل حال؛ إذ إنها مكر في موضع الإئتمان، وهو مذموم؛ قال الله تعالى: {وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} [الأنفال: 71] ، ولم يقل: فخانهم. وأما الخداع؛ فهو كالمكر، يوصف الله تعالى به حين يكون مدحاً، ولا يوصف به على سبيل الإطلاق؛ قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142] )) اهـ. وانظر كلام ابن جرير الطبري في صفة (الاستهزاء) ؛ فإنه مهم، وكلام الشيخ محمد بن إبراهيم في صفة (الملل) . الْخَطُّ انظر: صفة (الكتابة) . الْخَلْقُ صفةٌ من صفات الله الفعلية الثابتة بالكتاب والسنة، وهي مأخوذة أيضاً من اسميه (الخالق) و (الخلاَّق) ، وهي من صفات الذات وصفات الفعل معاً.

الدليل من الكتاب: وردت هذه الصفة في القرآن مرات عديدة، تارة بالفعل (خَلَقَ) ، أو بمصدره، وتارة باسمه (الخالق) أو (الخلاَّق) ، ومن ذلك: 1- قوله تعالى: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ واَلأمْرُ} [الأعراف: 54] . 2- وقوله: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ} [الحجر: 86] . 3- وقوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق: 16] . 4- وقوله: {هُوَ اللهُ الْخَالِقُ الْبَارِيءُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الحشر: 24] ? الدليل من السنة: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كَخَلْقي؛ فليخلقوا ذرَّة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة)) . رواه: البخاري (5953) ، ومسلم (2111) . 2- حديث عائشة رضي الله عنها في التصاوير: (( ... أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله ... )) . رواه: البخاري (5954) ، ومسلم (3/1668) . قال الأزهري في ((تهذيب اللغة)) (7/26) : ((ومن صفات الله: الخالق والخلاق، ولا تجوز هذه الصفة بالألف واللام لغير الله جل وعز. والخلق في كلام العرب ابتداع الشيء على مثال لم يسبق إليه.

وقال أبو بكر بن الأنباري: الخلق في كلام العرب على ضربين: أحدهما: الإنشاء على مثال أبدعه. والآخر: التقدير. وقال في قول الله جَلَّ وعَزَّ: {فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} : معناه: أحسن المقدرين)) اهـ. وقال ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (6/272) : ((وأما قولنا: هو موصوف في الأزل بالصفات الفعلية من الخلق والكرم والمغفرة؛ فهذا إخبار عن أنَّ وصفه بذلك متقدم؛ لأن الوصف هو الكلام الذي يخبر به عنه، وهذا مما تدخله الحقيقة والمجاز، وهو حقيقة عند أصحابنا، وأما اتصافه بذلك؛ فسواء كان صفةً ثبوتِيَّةً وراء القدرة أو إضافية؛ فيه من الكلام ما تقدم)) . وقال في موضع آخر (8/126) : ((والله تعالى لا يوصف بشيء من مخلوقاته، بل صفاته قائمة بذاته، وهذا مطرد على أصول السلف وجمهور المسلمين من أهل السنة وغيرهم، ويقولون: إنَّ خلق الله للسماوات والأرض ليس هو نفس السماوات والأرض، بل الخلق غير المخلوق، لا سيما مذهب السلف والأئمة وأهل السنة الذين وافقوهم على إثبات صفات الله وأفعاله)) . وقال في موضع ثالث (12/435-436) : ((ولهذا كان مذهب جماهير

الخلة

أهل السنة والمعرفة - وهو المشهور عند أصحاب الإمام أحمد وأبي حنيفة وغيرهم من المالكية والشافعية والصوفية وأهل الحديث وطوائف من أهل الكلام من الكرامية وغيرهم - أنَّ كون الله سبحانه وتعالى خالقاً ورازقاً ومحيياً ومميتاً وباعثاً ووارثاً ... وغير ذلك من صفات فعله، وهو من صفات ذاته؛ ليس من يخلق كمن لا يخلق. ومذهب الجمهور أنَّ الخلق غير المخلوق؛ فالخلق فعل الله القائم به، والمخلوق هو المخلوقات المنفصلة عنه)) . وقد نقل رحمه الله في ((مجموع الفتاوى)) (6/149) قول أبي يعلى الصغير الحنبلي: (( ... فالخلق صفة قائمة بذاته، والمخلوق الموجود المخترَع، وهذا بناء على أصلنا، وأن الصفات [الناشئة] عن الأفعال موصوف بها في القدم، وإن كانت المفعولات محدثة)) . قال: ((وهذا هو الصحيح)) . الخُلَّةُ صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ بالكتاب والسنة، فالله عَزَّ وجَلَّ يحبُ ويخالِلُ من يشاء ويكرهُ ويبغضُ من يشاء. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [النساء: 125] .

الدليل من السنة: 1- حديث: (( ... ولقد اتخذ الله صاحبكم خَلِيلاً)) ؛ يعني نفسه صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم (2383) . 2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((قيل: يا رسول الله من أكرم الناس؟ قال: أتقاهم، فقالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فيوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله؛ ... )) رواه البخاري: (3353) ومسلم (4383) . قال البغوي في تفسير آية النساء: (( {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} ؛ صفيَّاً، والخُلَّةُ: صفاء المودة)) ، ثم قال: (( ... قال الزجاج: معنى الخليل الذي ليس في محبته خلل، والخُلَّة: الصداقة، فسمي خليلاً لأن الله أحبه واصطفاه)) . وقال ابن كثير في تفسير الآية نفسها: ((وإنما سمي خليل الله لشدة محبة ربه عَزَّ وجَلَّ له؛ لما قام له من الطاعة التي يحبها ويرضاها)) . ونقل ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (5/80) من كلام أبي عبد الله محمد بن خفيف من كتابه ((اعتقاد التوحيد بإثبات الأسماء والصفات)) قوله: ((والخُلَّة والمحبة صفتان لله، هو موصوف بهما، ولا تدخل أوصافه تحت التكييف والتشبيه، وصفات الخلق من المحبة والخُلَّة جائز عليها الكيف ... )) . وانظر أيضاً: ((مجموع الفتاوى)) (5/71) .

الدلالة أو الدليل

الدَّلالَةُ أو الدَّلِيِلُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الدليل يدُلُّ عباده ويهديهم طريق الرشاد. وليس الدليل من أسمائه. والدليل: الهادي، والدِّلالة (بفتح الدال وكسرها) : الهداية. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الصف: 10] ? الدليل من السنة: حديث أبيِّ بن كعب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنه بينما موسى عليه السلام في قومه يذكرهم بأيام الله - وأيام الله: نعماؤه وبلاؤه - إذ قال: ما أعلم في الأرض رجلاً خيراً وأعلم مني، قال: فأوحى الله إليه إني أعلم بالخير منه، أو عند من هو، إنَّ في الأرض رجلاً هو أعلم منك قال: يا رب فَدُلَّنِي عليه)) رواه: مسلم (4386) قال شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)) (1/207) ((وهدايتُه ودلالتُه من مقتضى اسمه الهادي وفي الأثر المنقول عن أحمد بن حنبل أنه أمر رجلا أنْ يقول يا دليل الحيارى دُلَّنِي على طريق الصادقين واجعلني من عبادك

الصالحين)) ... وقال كما في ((مجموع الفتاوى)) (2/17) : ((وفي الدعاء الذي علَّمه الإمام أحمد لبعض أصحابه: (يا دليل الحيارى دُلَّنِي على طريق الصادقين واجعلني من عبادك الصالحين) ولهذا كان عامة أهل السنة من أصحابنا وغيرهم على أنَّ الله يسمى دليلاً، ومنع ابن عقيل وكثيرٌ من أصحاب الأشعري أن يسمى دليلاً لاعتقادهم أنَّ الدليل هو ما يستدل به وأن الله هو الدالُّ، وهذا الذي قالوه بحسب ما غلب في عرف استعمالهم من الفرق بين الدال والدليل، وجوابه من وجهين؛ أحدهما: أنَّ الدليل معدول عن الدال وهو ما يؤكد فيه صفة الدلالة فكلُّ دليلٍ دالٌ وليس كلُّ دالٍ دليلاً، وليس هو من أسماء الآلات التي يفعل بها فإن فَعِيل ليس من أبنية الآلات كمِفْعَل ومِفْعَال، وإنما سُمِّي ما يستدل به من الأقوال والأفعال والأجسام أدلة باعتبار أنها تدل من يستدل بها، كما يخبر عنها بأنها تَهْدِي وَتُرْشِدُ وَتَعْرِفُ وَتَعْلَمُ وَتَقُولُ وَتُجِيبُ وَتَحْكُمُ وَتُفْتِي وَتَقُصُّ وَتَشْهَدُ وإن لم يكن لها في ذلك قصد وإرادة ولا حس وإدراك كما هو مشهورٌ في الكلام العربي وغيره، فما ذكروه من الفرق والتخصيص لا أصل له في كلام العرب، الثاني: أنه لو كان الدليل من أسماء الآلات التي يفعل بها فقد قال الله تعالى فيما روى عنه نبيه في عبده المحبوب: فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يعقل، وبي ينطق، وبي يبطش، وبي يسعى، والمسلم يقول: استعنت بالله، واعتصمت به، وإذا كان

الدنو

ما سوى الله من الموجودات الأعيان والصفات يستدل بها سواء كانت حية أو لم تكن بل ويستدل بالمعدوم، فلأن يستدل بالحي القيوم أولى وأحرى، على أنَّ الذي في الدعاء المأثور: (يا دليل الحيارى دُلَّنِي على طريق الصادقين واجعلني من عبادك الصالحين) يقتضي أنَّ تسميته دليلاً باعتبار أنه دالٌ لعباده لا بمجرد أنه يستدل به كما قد يستدل بما لا يقصد الدلالة والهداية من الأعيان والأقوال والأفعال)) اهـ قلت: أسماء الله توقيفية وليس منها (الدليل) وتوجيه كلام شيخ الإسلام في ردِّه على ابن عقيل وكثيرٍ من الأشاعرة أنهم لا يُوصِفُون الله بالدليل ويقولون هو دالٌ وليس دليلاً، فردَّ عليهم مُثبتاً صفةَ الدَّلالة لله عَزَّ وجَلَّ بما سبق نقله ومنه قوله: ((الدليل معدولٌ عن الدالِّ وهو ما يؤكد فيه صفةَ الدِّلالة فكلُّ دليلٍ دالٌ وليس كلُّ دالٍ دليلاً)) ؛ أما دعاء الإمام أحمد -إن صحَّ عنه- فليس فيه تسمية الله بـ (الدليل) إنما فيه مناداة الله عَزَّ وجَلَّ بصفة من صفاته وهذا جائز كقولك: يا فارج الهم ويا كاشف الغم، ويا دليل لحيارى ونحو ذلك، وليس الفارج والكاشف من أسمائه تعالى، والله أعلم. الدُّنُوُّ انظر: (التَّقَرُّب) .

الديان

الدَّيَّانُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الدَيَّان الذي يجازي عباده بعملهم،وهو اسم له ثابتٌ بالسنة. ? الدليل: حديث عبد الله بن أنيس رضي الله عنه قال: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يحشر الناس يوم القيامة أو قال العباد عراة غرلاً بُهْمَاً قال قلنا وما بهما قال ليس معهم شيء ثم يناديهم بصوت يسمعه من قرب أنا الملك أنا الدَيَّان ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وله عند أحد من أهل الجنة حق حتى أقصه....)) رواه أحمد في ((المسند)) (3/495) وابن أبي عاصم في ((السنة)) (514) وغيرهما بإسناد حسن، ورواه البخاري في صحيحه معلقاً في (كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى: {وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ..} ) بلفظ: ((يحشر الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب أنا الملك أنا الدَيَّان)) ووصله في ((تغليق التعليق)) (5/355) من طريق الإمام أحمد وإسناده. وانظر تخريج الحديث في ((ظلال الجنة في تخريج السنة)) (1/225) للألباني -رحمه الله-

- الذات

وممن أثبت هذا الاسم لله عَزَّ وجَلَّ الإمام ابن القيم في قصيدته النونية المشهورة المسماة ((الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية)) في أكثر من موضع من ذلك قوله (1/44) : ((جَهْمُ بنُ صَفْوَانٍ وشِيِعَتِهِ الأُلَى ... جَحَدُوا صِفَاِت الخَاِلقِ الدَيَّان)) وفي ((مختار الصحاح)) : ((وقوله تعالى {أَئِنَّا لَمَدِينُونَ} أي: لمجزيون محاسبون ومنه الدَيَّان في صفة الله تعالى)) . وفي ((لسان العرب)) : ((الدَيَّان من أسماء الله عَزَّ وجَلَّ معناه: الحكم القاضي وسئل بعض السلف عن علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: كان ديان هذه الأمة بعد نبيها أي قاضيها وحاكمها، والدَيَّان: القهار ... وهو فعال من دان الناس أي قهرهم على الطاعة يقال دنتهم فدانوا أي قهرتهم فأطاعوا)) - الذَّاتُ يصح إضافة لفظة (الذات) إلى الله عَزَّ وجَلَّ؛ كقولنا: ذات الله، أو: الذات الإلهية، لكن لا على أنَّ (ذات) صفة له، بل ذات الشيء بمعنى نفسه أو حقيقته. وقد وردت كلمة (ذات) في السنة أكثر من مرة، ومن ذلك: 1- ما رواه: البخاري (3358) ، ومسلم (2371) ؛ من حديث أبي

هريرة رضي الله عنه: ((إنَّ إبراهيم لم يكذب إلا ثلاث كذبات، اثنتين في ذات الله)) . 2- وما رواه البخاري (3045) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة مقتل خبيب الأنصاري رضي الله عنه، وقوله: ((ولَسْتُ أبالي حَيْنَ أُقْتَلُ مسلماً ... على أي شِقٍّ كان في الله مصْرعِي وذلكَ في ذاتِ الإلهِ وإنْ يَشأْ ... يُبَارِكْ على أوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ)) وقد أفرد قَوَّام السُّنَّة في ((الحجة في بيان المحجة)) (1/171) فصلاً في الذات، فقال: ((فصل في بيان ذكر الذات)) ، ثم قال: ((قال قوم من أهل العلم: ذات الله حقيقته. وقال بعضهم: انقطع العلم دونها. وقيل: استغرقت العقول والأوهام في معرفة ذاته. وقيل: ذات الله موصوفة بالعلم غير مدركة بالإحاطة ولا مرئية بالأبصار في دار الدنيا، وهو موجود بحقائق الإيمان على الإيقان بلا إحاطة إدراك، بل هو أعلم بذاته، وهو موصوف غير مجهول، وموجود غير مدرك، ومرئي غير محاط به؛ لقربه، كأنك تراه، يسمع ويرى، وهو العلي الأعلى، وعلى العرش استوى تبارك وتعالى، ظاهرٌ في ملكه وقدرته، قد حجب عن الخلق كنه ذاته، ودلهم عليه بآياته؛ فالقلوب تعرفه، والعقول لا تكيفه، وهو بكل شيء محيط، وعلى كل شيء قدير)) اهـ. وقال شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)) (6/206) : ((اسم (الله)

إذا قيل: الحمد لله، أو قيل: بسم الله؛ يتناول ذاته وصفاته، لا يتناول ذاتاً مجردة عن الصفات، ولا صفات مجردة عن الذات، وقد نص أئمة السنة كأحمد وغيره على أنَّ صفاته داخلة في مسمى أسمائه، فلا يقال: إنَّ علم الله وقدرته زائدة عليه، لكن من أهل الإثبات من قال: إنها زائدة على الذات. وهذا إذا أريد به أنها زائدة على ما أثبته أهل النفي من الذات المجردة؛ فهو صحيح؛ فإن أولئك قصروا في الإثبات، فزاد هذا عليهم، وقال: الرب له صفات زائدة على ما علمتموه. وإن أراد أنها زائدة على الذات الموجودة في نفس الأمر؛ فهو كلام متناقض؛ لأنه ليس في نفس الأمر ذات مجردة حتى يقال: إنَّ الصفات زائدة عليها، بل لا يمكن وجود الذات إلا بما به تصير ذاتاً من الصفات، ولا يمكن وجود الصفات إلا بما به تصير صفات من الذات، فتخيل وجود أحدهما دون الآخر، ثم زيادة الآخر عليه تخيل باطل)) اهـ. وقال في ((مجموع الفتاوى)) (6/142) أيضاً: ((ويفرق بين دعائه والإخبار عنه؛ فلا يدعى إلا بالأسماء الحسنى، وأما الإخبار عنه؛ فلا يكون باسم سيء، لكن قد يكون باسم حسن، أو باسم ليس بسيء، وإن لم يحكم بحسنه؛ مثل اسم: شيء، وذات، وموجود ... )) اهـ. وانظر كلامه رحمه الله عن الذات في ((مجموع الفتاوى)) (5/330و338) . وقال الشيخ عبد الله الغنيمان في ((شرحه لكتاب التوحيد من صحيح

الرأفة

البخاري)) (1/245) : ((وبعض الناس يظن أنَّ إطلاق الذات على الله تعالى كإطلاق الصفات؛ أي أنه وصف له، فينكر ذلك بناء على هذا الظن، ويقول: هذا ما ورد، وليس الأمر كذلك، وإنما المراد التفرقة بين الصفة والموصوف، وقد تبين مراد الذين يطلقون هذا اللفظ؛ أنهم يريدون نفس الموصوف وحقيقته فلا إنكار عليهم في ذلك؛ كما وضحه كلام شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم)) الرَّأفَةُ صفةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ، وذلك من اسمه (الرؤوف) ، وهو ثابت بالكتاب العزيز. ? الدليل: 1- قوله تعالى: {وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [النور: 20] . 2- قوله تعالى: {وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10] . والرأفة أشد وأبلغ من الرحمة. قال ابن جرير في تفسير الآية 65 من سورة الحج {إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} : ((إنَّ الله بجميع عباده ذو رأفة، والرأفة أعلى معاني

الرؤية

الرحمة، وهي عامة لجميع الخلق في الدنيا ولبعضهم في الآخرة)) . وقال الخطابي في ((شأن الدعاء)) (ص 91) : ((الرَّؤوف: هو الرحيم العاطف برأفته على عباده، وقال بعضهم: الرأفة أبلغ الرحمة وأرقها، ويقال: إنَّ الرأفة أخص والرحمة أعم، وقد تكون الرحمة في الكراهة للمصلحة، ولا تكاد الرأفة تكون في الكراهة؛ فهذا موضع الفرق بينهما)) . وانظر: ((جامع الأصول)) (4/182) . وقال الأزهري في ((تهذيب اللغة)) (15/238) : ((ومن صفات الله عَزَّ وجَلَّ: الرؤوف، وهو الرحيم، والرأفة أخص من الرحمة وأرقّ)) . الرُّؤيَةُ ... الرؤية - كالبصر والنظر- صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46] . 2- وقوله: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرَى} [العلق: 14] . ? الدليل من السنة: 1- حديث جبريل المشهور وفيه: (( ... قال: ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه؛ فإنه يراك ... )) . رواه: البخاري

(50) ، ومسلم (9) ؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ورواه مسلم أيضاً (1) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه. 2- قول أنس بن النضر رضي الله عنه في غزوة أحد: (( ... لئن الله أشهدني قتال المشركين؛ لَيرَيَنَّ الله ما أصنع)) . رواه البخاري (2805) ، ورواه مسلم (1903) بلفظ: ((ليراني الله)) . قال قَوَّامُ السُّنَّة الأصبهاني في ((الحجة)) (1/181) : ((قال الله تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا} ، وقال: {تَجْري بِأَعْيُنِنَا} ، وقال: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} ، وقال: {وَاصْبِرْ لِحُكمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} ؛ فواجب على كل مؤمن أن يثبت من صفات الله عَزَّ وجَلَّ ما أثبته الله لنفسه، وليس بمؤمن من ينفي عن الله ما أثبته الله لنفسه في كتابه؛ فرؤية الخالق لا تكون كرؤية المخلوق، وسمع الخالق لا يكون كسمع المخلوق، قال الله تعالى: {فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} ، وليس رؤية الله تعالى أعمال بني آدم كرؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وإن كان اسم الرؤية يقع على الجميع، وقال تعالى: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ} ، جل وتعالى عن أن يشبه صفة شيء من خلقه صفته، أو فعل أحد من خلقه فعله؛ فالله تعالى يرى ما تحت الثرى، وما تحت الأرض السابعة السفلى، وما في السماوات العلى، لا يغيب عن بصره شيء من ذلك ولا يخفي؛ يرى ما في جوف البحار ولججها كما يرى ما في السموات، وبنو آدم

يرون ما قرب من أبصارهم، ولا تدرك أبصارهم ما يبعد منهم، لا يدرك بصر أحد من الآدميين ما يكون بينه وبينه حجاب، وقد تتفق الأسامي وتختلف المعاني)) اهـ. رُؤْيَتُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ... أهل السنة والجماعة يؤمنون أنَّ المؤمنين يرون ربهم عياناً يوم القيامة، وهذا ثابت بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ - إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22-23] ? الدليل من السنة: 1- قوله صلى الله عليه وسلم: ((إنكم سترون ربكم [عياناً] كما ترون القمر ليلة البدر، لا تضامون في رؤيته ... )) . رواه البخاري (554) ، ومسلم (633) ؛ من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه. 2- حديث صهيب رضي الله عنه مرفوعاً: ((إذا دخل أهل الجنة الجنة؛ يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحبّ إليهم من النظر إلى ربهم عَزَّ وجَلَّ، ثم تلا هذه الآية: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحسنَى وَزِيَادَةٌ} .رواه مسلم (181) .

قال أبو الحسن الأشعري في ((رسالة إلى أهل الثغر)) (ص 237) : ((وأجمعوا على أنَّ المؤمنين يرون الله عَزَّ وجَلَّ يوم القيامة بأعين وجوههم، على ما أخبر به تعالى، في قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ. إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ، وقد بيَّن معنى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ودفع إشكاله فيه؛ بقوله للمؤمنين: ((ترون ربكم عياناً)) ، وقوله: ((ترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر؛ لا تُضامون في رؤيته)) ، فبيَّن أنَّ رؤيته تعالى بأعين الوجوه)) اهـ. وقال الشيخ عبد الله الغنيمان في ((شرحه لكتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (2/8) : ((والأحاديث في رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة كثيرة جدّاً، وقد تواترت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلقاها أتباعه بكل قبول وارتياح وانشراح لها، وكلهم يرجو ربه ويسأله أن يكون ممن يراه في جنات عدن يوم يلقاه)) . وانظر: كتاب ((الرؤية)) للدارقطني، و ((الرد على الجهمية)) (ص 87) و ((الشريعة)) للآجري (ص 251) ، و ((التصديق بالنظر إلى الله تعالى في الآخرة)) له أيضاً، وكتاب ((رؤية الله تعالى وتحقيق الكلام فيها)) للدكتور أحمد بن ناصر آل حمد، وكتاب ((دلالة القرآن والأثر على رؤية الله تعالى بالبصر)) للأستاذ عبد العزيز الرومي.

الربوبية

الرُّبُوبِيَّةُ صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ، وذلك من اسمه (الرب) الثابت بالكتاب والسنة في مواضع عديدة؛ تارة وحده (الرب) ، وتارة مضافاً؛ مثل: (رب العالمين) ، و (رب المشرقين) . ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] . 2- وقوله: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن: 17] . ? الدليل من السنة: 1- حديث ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً: ((ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً وساجداً، فأما الركوع؛ فعظموا فيه الرب عَزَّ وجَلَّ ... )) . رواه مسلم (479) . 2- حديث عمرو بن عبسة مرفوعاً: ((أقرب ما يكون الرَّبُّ من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة؛ فكن)) . ((صحيح سنن الترمذي)) (3832) . ومعنى الرَّب: المالك والمتصرف والمدبر والسيد والمربي. قال ابن قتيبة في ((غريب القرآن)) (ص 9) : ((ومن صفاته (الرب) ، والرب المالك، يُقال: هذا رب الدار ورب الضيعة ورب الغلام؛ أي: مالكه، قال الله سبحانه: {ارْجعْ إلى رَبِّك} ؛ أي: إلى سيدك. ولا يُقال

لمخلوق: هذا الرَّبُّ؛ معرفاً بالألف واللام؛ كما يُقال لله، إنما يُقال: هذا رب كذا، فيُعرَّف بالإضافة؛ لأن الله مالك كل شيء. فإذا قيل: الرَّبُّ؛ دلَّت الألف واللام على معنى العموم، وإذا قيل لمخلوق: ربُّ كذا وربُّ كذا؛ نُسب إلى شيء خاص؛ لأنه لا يملك [شيئاً] غيره)) اهـ. وقال ابن القيم في ((مدارج السالكين)) (1/34) : ((وتأمل ارتباط الخلق والأمر بهذه الأسماء الثلاثة، وهي (الله) ، و (الرب) ، و (الرحمن) ؛ كيف نشأ عنها الخلق والأمر والثواب والعقاب، وكيف جمعت الخلق وفرقتهم؛ فلها الجمع، ولها الفرق. فاسم (الرب) له الجمع الجامع لجميع المخلوقات؛ فهو رب كل شيء وخالقه والقادر عليه، لا يخرج شيء عن ربوبيته، وكل من في السماوات والأرض عبد له في قبضته وتحت قهره، فاجتمعوا بصفة الربوبية، وافترقوا بصفة الإلهية، فألَّهه وحده السعداء، وأقروا له طوعاً بأنه الله الذي لا إله إلا هو، الذي لا تنبغي العبادة والتوكل والرجاء والخوف والحب والإنابة والإخبات والخشية والتذلل والخضوع إلاَّ له، وهنا افترق الناس، وصاروا فريقين: فريقاً مشركين في السعير، وفريقاً موحدين في الجنة؛ فالإلهية هي التي فرقتهم كما أنَّ الربوبية هي التي جمعتهم؛ فالدين والشرع، والأمر والنهي -مظهره وقيامه- من صفة الإلهية، والخلق والإيجاد والتدبير والفعل من صفة الربوبية، والجزاء بالثواب والعقاب والجنة والنار من صفة

الرجل والقدمان

الملك، وهو ملك يوم الدين، فأمرهم بإلهيته، وأعانهم ووفقهم وهداهم وأضلهم بربوبيته، وأثابهم وعاقبهم بملكه وعدله، وكل واحدة من هذه الأمور لا تنفك عن الأخرى ... )) إلخ. الرِّجْلُ وَالْقَدَمَانِ صفةٌ ذاتيةٌ خبريةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بصحيح السنة. ? الدليل: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه في تحاجج الجنة والنار، وفيه: ((فأما النار؛ فلا تمتلئ حتى يضع الله تبارك وتعالى رجله (وعند مسلم: قدمه) ، فتقول: قط قط ... )) .رواه: البخاري (4850) ، ومسلم (2846) . 2- ورواه البخاري (4848) من حديث أنس رضي الله عنه بنحوه. 3- أثر ابن عباس رضي الله عنه؛ قال: ((الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر أحد قدره)) . رواه: ابن خزيمة في ((التوحيد)) (1/248 رقم: 154) ، وابن أبي شيبة في ((العرش)) (61) ، والدارمي في ((الرد على المريسي)) ، وعبد الله ابن الإمام أحمد في ((السنة)) ، والحاكم في ((المستدرك)) (2/282) ، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في ((مختصر العلو)) ((ص 102)) ، وأحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) 2/163) . 4- أثر أبي موسى الأشعري رضي الله عنه؛ قال: (الكرسي موضع

الرحمة

القدمين، وله أطيطٌ كأطيطِ الرَّحْل)) . رواه: عبد الله ابن الإمام أحمد في ((السنة)) ، وأبو الشيخ في ((العظمة)) ، وابن أبي شيبة في ((العرش)) (60) ، وابن جرير، والبيهقي، وغيرهم، وصحح إسناده موقوفاً الألباني -رحمه الله- في ((مختصر العلو)) (ص 123-124) . وبهذه الأحاديث والآثار الصحيحة نثبت لله عَزَّ وجَلَّ صفة القَدَم والرِّجل، وأن لله عَزَّ وجَلَّ قدمين - كما في أثر ابن عباس وأبي موسى رضي الله عنهما - تليقان به وبعظمته، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} . قال الشيخ عبد الله الغنيمان في ((شرحه لكتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (1/156) بعد ذكر روايات صفة القدم والرجل: ((ففي مجموع هذه الروايات البيان الواضح بأن القدم والرجل - وكلاهما عبارة عن شيء واحد - صفة لله تعالى حقيقة على ما يليق بعظمته)) . اهـ. وانظر لهذه الصفة: كتاب ((التوحيد)) لابن خزيمة (1/202) ، ((رد الدارمي على المريسي)) (ص67-70) ، ((إبطال التأويلات)) للفراء (ص 192) ، و ((الجواب الصحيح)) لابن تيمية (3/151) . ... وانظر كلام ابن كثير في صفة (الأصابع) . الرَّحْمَةُ صفةٌ ثابتةٌ بالكتاب والسنة، و (الرحمن) و (الرحيم) من أسماءه تعالى

الرزق

تكررا في الكتاب والسنة مراتٍ عديدة. ? الدليل من الكتاب: ... 1- قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ - الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1و2] . 2- قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحيمٌ} [البقرة: 218] . ? الدليل من السنة: 1- تحية الإسلام: ((السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)) ، وقد وردت في أحاديث صحيحة كثيرة. 2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لما خلق الله الخلق، كتب في كتاب، فهو عنده فوق العرش: إنَّ رحمتي تغلب (أو: غلبت) غضبي)) .رواه البخاري (3194) ، ومسلم (2751) . الرَّزْقُ صفةٌ فعليةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة، و (الرزَّاق) و (الرَّازق) من أسمائه تعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّبَاً} [النحل: 114] .

2- وقوله تعالى: {لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقَاً حَسَنَاً وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [الحج: 58] . 3- وقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58] . ? الدليل من السنة: 1- حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: ((لو أنَّ أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رَزَقْتَنَا ... )) . رواه: البخاري (141) ، ومسلم (1434) . 2- حديث أنس رضي الله عنه مرفوعاً: ((إن الله هو المسعِّر القابض الباسط الرَّازق ... )) . تقدم تخريجه في صفة (البسط) ، وهو عند أحمد وأبي داود وابن ماجه وابن جرير وابن حبان وأبي يعلى بلفظ: ((الرازق)) ، وعند الترمذي والضياء وغيرهما: ((الرزَّاق)) . قال ابن القيم في ((النونية)) (2/101-شرح الهرَّاس) : ((وكذلك الرزَّاقُ من أسمائه ... والرَّزْقُ من أفعالهِ نوعانِ)) قال الهرَّاس: ((ومن أسمائه سبحانه (الرزَّاقُ) ، وهو مبالغة من (رازق) ؛ للدلالة على الكثرة، مأخوذ من الرَّزْق - بفتح الراء - الذي هو المصدر، وأما الرِّزق - بكسرها -؛ فهو لعباده الذين لا تنقطع عنهم أمداده وفواضله طرفة عين، والرزق كالخلق، اسم لنفس الشيء الذي يرزق الله به العبد؛ فمعنى الرزَّاق: الكثير الرزق، صفةٌ من صفات الفعل، وهو شأن من

الرشد

شؤون ربوبيته عَزَّ وجَلَّ، لا يصح أن ينسب إلى غيره، فلا يسمى غيره رازقاً كما لا يسمى خالقاً، قال تعالى: {اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} ؛ فالأرْزاق كلها بيد الله وحده، فهو خالق الأرزاق والمرتزقة، وموصلها إليهم، وخالق أسباب التمتع بها؛ فالواجب نسبتها إليه وحده وشكره عليها فهو مولاها وواهبها)) اهـ. الرُّشْدُ صفةٌ لله عَزَّ وجَلَّ، وقد ثبت أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين)) . ((صحيح سنن الترمذي)) (170) . قال الخطابي في ((شأن الدعاء)) (ص 97) : ((الرشيد: هو الذي أرشد الخلق إلى مصالحهم، فعيل بمعنى مُفْعِل، ويكون بمعنى الحكيم ذي الرُّشد؛ لاستقامة تدبيره، وإصابته في أفعاله)) . قال ابن القيم في ((النونية)) (2/97) : ((وَهُوَ الرَّشيدُ فقوله وفِعَالُهُ ... رُشْدٌ ورَبُّكَ مُرْشِدُ الحَيْرَانِ وكِلاهُما حقٌ فهذا وصْفهُ ... والفعلُ للإرشادِ ذاك الثَّاني)) وقال الهرَّاس: ((قال العلامة السعدي رحمه الله في شرحه لهذا الاسم الكريم: يعني أنَّ (الرشيد) هو الذي قوله رُشد وفعله كله رُشد، وهو

الرضى

مُرشد الحيران الضال، فيهديه إلى الصراط المستقيم بياناً وتعليماً وتوفيقاً. فالرُّشد الدال عليه اسمه (الرشيد) وصفه تعالى، والإرشاد لعباده فعله)) .اهـ. قلت: وتسمية الله بـ (الرشيد) يفتقر إلى دليل. الرِّضَى صفةٌ من صفات الله عَزَّ وجَلَّ الفعليَّة الخبريَّة الثابتة بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {رَضيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة: 119] . 2- وقوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] . ? الدليل من السنة: 1- حديث عائشة رضي الله عنها: ((اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك ... )) .رواه مسلم (486) . 2- حديث: ((إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويكره لكم ثلاثاً ... )) . رواه مسلم (1715) . قال أبو إسماعيل الصابوني في ((عقيدة السلف أصحاب الحديث)) (ص 5) : ((وكذلك يقولون (أي: الإثبات)) في جميع الصفات التي نزل

الرفق

بذكرها القرآن، ووردت بها الأخبار الصحاح؛ من: السمع، والبصر، والعين ... والرضى، والسخط، والحياة ... )) اهـ. وقد استشهد شيخ الإسلام ابن تيمية في ((الواسطية)) (ص 108) ، و ((التدمرية)) (ص26) ببعض ما مضى على إثبات صفة الرضى لله تعالى على ما يليق به. وانظر: صفة (الغضب) وكلام ابن كثير في صفة (السمع) . الرِّفْقُ من الصفات الفعلية الخبريَّة الثابتة لله عَزَّ وجَلَّ، و (الرفيق) اسم من أسمائه تعالى ? الدليل: 1- حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: ((يا عائشة! إنَّ الله رفيق، يحب الرفق في الأمر كله ... )) . رواه البخاري (6927) ومسلم (4027) 2- حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: ((اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً، فَشَقَّ عليهم، فاشقُقْ عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً، فرفق بهم، فارفق به)) . رواه مسلم (1828) . قال أبو يعلى الفراء في ((إبطال التأويلات)) (ص 467) ((اعلم أنه غير ممتنع وصفه بالرفق لأنه ليس في ذلك ما يحيل على صفاته، وذلك أنَّ الرفق

الرقيب

هو الإحسان والإنعام وهو موصوف بذلك لما فيها من المدح، ولأن ذلك إجماع الأمة)) اهـ ... وقال ابن القيم في ((النونية (2/86) : ((وهُوَ الرَّفِيقُ يُحبُّ أهل الرِّفْقِ بَلْ ... يُعطيهمُ بالرِّفقِ فَوْق أمَانِي)) قال الهرَّاس: ((ومن أسمائه (الرفيق) ، وهو مأخوذ من الرفق الذي هو التأني في الأمور والتدرج فيها، وضده العنف الذي هو الأخذ فيها بشدة واستعجال)) اهـ. وفي ((تهذيب اللغة)) (9/109) : ((قال الليث: الرفق: لين الجانب، ولطافة الفعل، وصاحبه رفيق)) . الرَّقِيبُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الرقيب، وهو من صفات الذات، و (الرقيب) اسمٌ من أسماء الله الثابتة بالكتاب. ? الدليل: 1- قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء: 1] . 2- وقوله تعالى: {وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} [المائدة: 117] . قال ابن منظور في ((اللسان)) : ((الرقيب: فعيل بمعنى فاعل، وهو

الروح

الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء)) . وقال ابن الأثير في ((جامع الأصول)) (4/179) : ((الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء)) . وقال السعدي في ((التفسير)) (5/301) : ((الرقيب: المطلع على ما أكنَّته الصدور، القائم على كل نفس بما كسبت، الذي حفظ المخلوقات وأجراها على أحسن نظام وأكمل تدبير)) . قال القرطبي في ((الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى)) (1/401) : ((رقيب؛ بمعنى: رَاقِب، فهو من صفات ذاته، راجعة إلى العلم والسمع والبصر؛ فإن الله تعالى رقيب على الأشياء بعلمه المقدس عن مباشرة النسيان، ورقيب للمبصَرات ببصره الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، ورقيب للمسموعات بسمعه المُدرِكِ لكل حركة وكلام؛ فهو سبحانه رقيب عليها بهذه الصفات، تحت رِقبته الكليات والجزئيات وجميع الخفيات في الأرضين والسماوات، ولا خفي عنده، بل جميع الموجودات كلها على نمطٍ واحدٍ، في أنها تحت رِقبته التي هي من صفته)) .اهـ. الرَّوْحُ الرَّوح؛ بفتح الراء وسكون الواو؛ بمعنى: الرحمة، ونسيم الريح، والراحة (انظر: ((لسان العرب)) ) ، وعلى المعنى الأول تكون صفة لله

عزَّ وجلَّ. ? ورود (رَوْح) بمعنى (رحمة) في القرآن الكريم: قوله تعالى: {وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ} [يوسف: 87] . قال ابن جرير في ((التفسير)) (16/232 - شاكر) : (( {إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ} ؛ يقول: لا يقنط من فرجه ورحمته ويقطع رجاءه منه)) ، ثم نقل بسنده عن قتادة قوله: {وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ} ؛ أي: من رحمته)) اهـ. وقال البغوي: (( {مِنْ رَوْحِ اللهِ} ؛ أي: من رحمة الله، وقيل: من فَرَجِه)) . وقال السعدي في تفسير الآية أيضاً (4/27) : (( {وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ} ؛ فإن الرجاء يوجب للعبد السعي والاجتهاد فيما رجاه، والإياس يوجب له التثاقل والتباطؤ، وأولى ما رجا العباد فضل الله وإحسانه ورحمته ورّوْحه. {إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ} ، فإنهم لكفرهم يستَبعدون رحمته، ورحمته بعيدة منهم، فلا تتشبَّهوا بالكافرين، ودلَّ هذا على أنه بحسب إيمان العبد يكون رجاؤه لرحمة الله وروحه)) . ? ورود لفظة (رَوْح) في السنة: حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً ((الريح من رَوْح اللهِ ... )) .حديث صحيح. رواه: أبو داود (5075) ، وابن ماجه (3727) ،

وأحمد (7619 - شاكر) ، وغيرهم، وانظر: ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1417) . و (رَوْح) هنا إما بمعنى رحمة أو هي نسيم الريح، وعلى الأول تكون صفة، وعلى الثاني تكون من إضافة المخلوق لله عزَّ وجلَّ. قال ابن الأثير في ((النهاية)) (2/272) : ((وفيه: ((الريح من روح الله)) ؛ أي: من رحمته بعباده)) . وقال النووي في ((الأذكار)) (ص 232) : (( (من روح الله) ؛ هو بفتح الراء، قال العلماء: أي: من رحمة الله بعباده)) . وقال شمس الحق العظيم آبادي في ((عون المعبود)) (14/3) : (( (الريح من روح الله) ؛ بفتح الراء؛ بمعنى الرحمة؛ كما في قوله تعالى: {وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ} )) . وقال أحمد شاكر في ((شرحه للمسند)) (13/144) : ((وقوله: ((من روح الله)) ؛ بفتح الراء وسكون الواو؛ أي: من رحمته بعباده)) اهـ. وبنحوه قال الألباني -رحمه الله- في ((الكلم الطيب)) (153) . ولشيخ الإسلام تفسير آخر للحديث، سيأتي ذكره قريباً في لفظة (رُوح) ؛ بالضم، وكأنه جعل لفظ الحديث: ((الريح من رُوحِ الله)) .

- الروح

- الرُّوُحُ الرُّوح؛ بالضم: خلقٌ من مخلوقات الله عَزَّ وجَلَّ، أضيفت إلى الله إضافة ملكٍ وتشريفٍ لا إضافة وصف؛ فهو خالقها ومالكها، يقبضها متى شاء ويرسلها متى شاء سبحانه، وقد وردت في الكتاب والسنة مضافة إلى الله عَزَّ وجَلَّ في عدة مواضع. ? ذكرها في الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} [النساء: 171] . 2- وقوله: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: 29،ص: 72] 3- وقوله: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيَّاً} [مريم: 17] . 4- وقوله: {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ} [السجدة: 9] . ? ذكرها في السنة: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه في استفتاح الجنة، وفيه: (( ... فيأتون آدم ... ثم موسى عليهما السلام، فيقول: اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه ... )) . رواه مسلم (195) . 2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الشفاعة، وفيه: (( ... يا آدم! أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه ... فيأتون عيسى، فيقولون: يا عيسى! أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ... )) .

رواه: البخاري (3340، 4712) ، ومسلم (194) . أقوال العلماء في (الرُّوح) المضافة إلى الله تعالى: 1- قال ابن تيمية في ((الجواب الصحيح)) (3/145) : ((فليس في مجرد الإضافة ما يستلزم أن يكون المضاف إلى الله صفة له، بل قد يضاف إليه من الأعيان المخلوقة وصفاتها القائمة بها ما ليس بصفة له باتفاق الخلق؛ كقوله تعالى: {بيت الله} ، و {ناقة الله} ، و {عباد الله} ، بل وكذلك {روح الله} عند سلف المسلمين وأئمتهم وجمهورهم، ولكن؛ إذا أضيف إليه ما هو صفة له وليس بصفة لغيره؛ مثل كلام الله، وعلم الله، ويد الله ... ونحو ذلك؛ كان صفة له)) . وقال في ((مجموع الفتاوى)) (9/290) : ((وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الريح من روح الله)) ؛ أي: من الروح التي خلقها الله، فإضافة الروح إلى الله إضافة ملك، لا إضافة وصف؛ إذ كل ما يضاف إلى الله إن كان عيناً قائمة بنفسها فهو ملك له، وإن كان صفة قائمة بغيرها ليس لها محل تقوم به؛ فهو صفة لله؛ فالأول كقوله {نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَاهَا} ، وقوله: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} ، وهو جبريل، {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيَّاً - قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تقِيَّاً - قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيَّاً} ، وقال: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} ، وقال عن آدم: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا

لَهُ سَاجِدِينَ} . 2- وقال ابن القيم في ((كتاب الروح)) (ص 501) : ((فصل: وأما المسألة السابعة عشرة، وهي: هل الروح قديمة أم محدثة مخلوقة؟ وإذا كانت محدثة مخلوقة، وهي من أمر الله؛ فكيف يكون أمر الله محدثاً مخلوقاً؟ وقد أخبر سبحانه أنه نفخ في آدم من روحه؛ فهذه الإضافة إليه هل تدل على أنها قديمة أم لا؟ وما حقيقة هذه الإضافة؛ فقد أخبر عن آدم أنه خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، فأضاف اليد والروح إليه إضافة واحدة؟. فهذه مسألة زلَّ فيها عالم، وضل فيها طوائف من بني آدم، وهدى الله أتباع رسوله فيها للحق المبين والصواب المستبين، فأجمعت الرسل صلوات الله وسلامه عليهم على أنها محدثة مخلوقة مصنوعة مربوبة مدبرة، هذا معلوم بالاضطرار من دين الرسل صلوات الله وسلامه عليهم؛ كما يُعلم بالاضطرار من دينهم أنَّ العالم حادث، وأن معاد الأبدان واقع، وأن الله وحده الخالق، وكل ما سواه مخلوق له، وقد انطوى عصر الصحابة والتابعين وتابعيهم - وهم القرون المفضلة - على ذلك من غير اختلاف بينهم في حدوثها وأنها مخلوقة، حتى نبغت نابغة ممَّن قصر فهمه في الكتاب والسنة، فزعم أنها قديمة غير مخلوقة، واحتج بأنها من أمر الله، وأمره غير مخلوق، وبأن الله تعالى أضافها إليه كما أضاف إليه علمه وكتابه وقدرته وسمعه وبصره ويده، وتوقف آخرون فقالوا: لا نقول مخلوقة ولا غير

مخلوقة ... )) . ثم نقل كلام الحافظ أبي عبد الله بن منده والحافظ محمد بن نصر المروزي، وهما ممن يقولان بأنها مخلوقة، ثم قال: ((ولا خلاف بين المسلمين أنَّ الأرواح التي في آدم وبنيه وعيسى ومَن سواه من بني آدم كلها مخلوقة لله، خلقها وأنشأها وكوَّنها واخترعها، ثم أضافها إلى نفسه كما أضاف إليه سائر خلقه، قال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية: 13] )) اهـ 3- وقال ابن كثير في ((التفسير)) (الآية الرابعة والحديث الثاني) ((فقوله في الآية والحديث: {وَرُوحٌ مِنْهُ} ؛ كقوله: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} ؛ أي: من خلقه ومن عنده، وليست (من) للتبعيض؛ كما تقول النصارى عليهم لعائن الله المتتابعة، بل هي لابتداء الغاية، وقد قال مجاهد في قوله:: {وَرُوحٌ مِنْهُ} ، أي ورسول منه، وقال غيره: ومحبة منه، والأظهر الأول؛ أنه مخلوق من روح مخلوقة، وأضيفت الروح إلى الله على وجه التشريف؛ كما أضيفت الناقة والبيت إلى الله)) اهـ. لكن روى الإمام أحمد في ((المسند)) (5562 شاكر) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً: (( ... حتى لا يبقى في الأرضين إلا شرار أهلها، وتلفظهم أرضوهم، وتقذرهم رُوح الرحمن عزَّ وجلَّ ... )) . قال الشيخ أحمد

الزارع

شاكر: ((إسناده ضعيف)) ، ولكن الغريب أنه علق على الحديث بقوله: ((روح الرحمن من الصفات التي يجب الإيمان بها دون تأويل أو إنكار، من غير تشبيه ولا تمثيل، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ، سبحانه وتعالى)) ! قلت: هذا مردود بما سبق، والحديث ضعيف. نقل أبو موسى المديني في ((المجموع المغيث)) (1/812-814) كلاماً نافعاً جدّاً لأبي إسحاق إبراهيم الحربي عن الاختلاف في قراءة وتفسير (الرّوْح) ؛ فراجعه إن شئت. فائدة: قال شيخ الإسلام في ((الجواب الصحيح)) (4/50) : ((لم يعبر أحدٌ من الأنبياء عن حياة الله بأنها رُوُحُ الله فمن حمل كلام أحدٍ من الأنبياء بلفظ الروح أنه يراد به حياة الله فقد كذب)) اهـ. الزَّارِعُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الزَّارِع، ولكنه ليس اسماً من أسمائه. وقد وردت هذه الصفة في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ - أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: 64] . قال القرطبي في تفسير هذه الآية: ((أضاف الحرث إليهم والزَّرعَ إليه تعالى؛ لأن الحرث فعلهم، ويجري على اختيارهم، والزرع من فعل الله

السآمة

تعالى، وينبت على اختياره، لا على اختيارهم ... )) اهـ. وقال الشيخ محمد العثيمين -رحمه الله- في جواب له عن سؤال: لماذا كان التسمي بعبد الحارث من الشرك مع أنَّ الله هو الحارث؟ قال: (( ... أما قول السائل في سؤاله ((مع أنَّ الله هو الحارث)) ؛ فلا أعلم اسماً لله تعالى بهذا اللفظ، وإنما يوصف عَزَّ وجَلَّ بأنه الزَّارِع، ولا يسمى به؛ كما في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ - أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} )) اهـ. ((فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين)) (1/25) . السَّآمَةُ انظر صفة: (الملل) . السَّاقُ صفةٌ من صفات الذات الخبريَّة، ثابتةٌ لله تعالى بالكتاب وصريحِ السنة الصحيحية. ? الدليل من الكتاب: ... قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم: 42] . ? الدليل من السنة: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (( ... فيكشف عن ساقه،

فيسجد له كل مؤمن)) . رواه: البخاري (7439) واللفظ له، ومسلم (183) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ((نقض أساس التقديس)) (ورقة 261) : ((الوجه السادس: أنه من أين في ظاهر القرآن [أنَّ] لله ساقاً وليس معه إلا قوله: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} ، والصحابة قد تنازعوا في تفسير الآية؛ هل المراد به الكشف عن الشِّدَّة، أو المراد به أنه يكشف الرب عن ساقه؟ ولم تتنازع الصحابة والتابعون فيما يذكر من آياتِ الصفات إلا في هذه الآية؛ بخلاف قوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} ، {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} ... ونحو ذلك؛ فإنه لم يتنازع فيها الصحابة والتابعون، وذلك أنه ليس في ظاهر القرآن أنَّ ذلك صفة لله تعالى؛ لأنه قال: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} ، ولم يقل: عن ساق الله، ولا قال: يكشف الرب عن ساقه، وإنما ذكر ساقاً نكرة غير معرفة ولا مضافة، وهذا اللفظ بمجرده لا يدل على أنها ساق الله، والذين جعلوا ذلك من صفات الله تعالى أثبتوه بالحديث الصحيح المفسر للقرآن، وهو حديث أبي سعيد الخدري المخرج في ((الصحيحين)) ، الذي قال فيه ((فيكشف الرب عن ساقه)) ، وقد يقال: إنَّ ظاهر القرآن يدل على ذلك من جهة أنه أخبر أنه يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود، والسجود لا يصلح إلا لله، فعلم أنه هو الكاشف عن ساقه. وأيضاً فحمل ذلك على الشِّدَّة لا يصح، لأن المستعمل في الشِّدَّة أن يقال: كشف الله

الشِّدَّة، أي: أزالها، كما قال: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ} ، وقال: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ العَذَابَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ} ، وقال: {وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} ، وإذا كان المعروف من ذلك في اللغة أن يقال: كشف الشِّدَّة؛ أي: أزالها؛ فلفظ الآية: {يكشف عن ساق} ، وهذا يراد به الإظهار والإبانة؛ كما قال: {كشفنا عنهم} وأيضاً فهناك تحدث الشِّدَّة لا يزيلها، فلا يكشف الشِّدَّة يوم القيامة، لكن هذا الظاهر ليس ظاهراً من مجرد لفظة {ساق} ، بل بالتركيب والسياق وتدبر المعنى المقصود)) اهـ. ولتلميذه ابن القيم في ((الصواعق المرسلة)) (1/252) كلام شبيه بهذا، قال رحمه الله: ((الثامن: أن نقول من أين في ظاهر القرآن أنَّ لله ساقاً؟ وليس معك إلا قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] ، والصحابة متنازعون في تفسير الآية؛ هل المراد الكشف عن الشِّدَّة، أو المراد بها أنَّ الرب تعالى يكشف عن ساقه؟ ولا يحفظ عن الصحابة والتابعين نزاع فيما يذكر أنه من الصفات أم لا في غير هذا الموضع، وليس في ظاهر القرآن ما يدل على أنَّ ذلك صفة الله؛ لأنه سبحانه لم يضف الساق إليه، وإنما ذكره مجرداً عن الإضافة منكراً، والذين أثبتوا ذلك صفة كاليدين والإصبع لم يأخذوا ذلك من ظاهر القرآن، وإنما أثبتوه بحديث أبي سعيد الخدري المتفق على صحته، وهو حديث الشفاعة الطويل، وفيه: ((فيكشف الرب عن

السبوح

ساقه، فيخرون له سُجَّداً)) ، ومن حمل الآية على ذلك؛ قال: قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ} [القلم: 42] : مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم: ((فيكشف عن ساقه، فيخرون له سجداً)) وتنكيره للتعظيم والتفخيم، كأنه قال: يكشف عن ساق عظيمة؛ جلت عظمتها، وتعالى شأنها أن يكون لها نظير أو مثيل أو شبيه. قالوا: وحمل الآية على الشِّدَّة لا يصح بوجه، فإن لغة القوم في مثل ذلك أن يقال: كُشِفَتِ الشِّدَّة عن القوم، لا كُشِف عنها، كما قال الله تعالى: {فَلَمَّا كشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ} [الزخرف: 50] ، وقال: {وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ} [المؤمنون: 75] ؛ فالعذاب والشِّدَّة هو المكشوف لا المكشوف عنه، وأيضاً فهناك تحدث الشِّدَّة وتشتد ولا تزال إلا بدخول الجنة، وهناك لا يدعون إلى السجود، وإنما يدعون إليه أشد ما كانت الشِّدَّة)) اهـ. قلتُ: ليس مقصود الإمامين الجليلين أنَّ الصحابة اختلفوا في إثبات صفة السَّاق لله عَزَّ وجَلَّ مع ورودها صراحةً في حديث أبي سعيد المتقدم،بل مقصودهما أنهم اختلفوا في تفسير الآية؛ هل المراد بها الكشف عن الشِّدَّة، أو المراد الكشف عن ساق الله؟ والله أعلم. السُّبُّوُحُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه السُبُّوح، وهذا ثابت بالسنة الصحيحة، و

السُبُّوح من أسماء الله تعالى، أثبته ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (22/485) ، والشيخ العثيمين -رحمه الله- في ((القواعد المثلى)) . ? الدليل: حديث عائشة رضي الله عنها؛ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: ((سُبُّوح قُدُّوس رب الملائكة والروح)) . رواه: مسلم (487) ، وأبو داود، والنسائي. المعنى: قال الفيروزأبادي في ((القاموس المحيط)) : ((سُبُّوح قُدُّوس-ويفتحان- من صفاته تعالى؛ لأنه يُسَبَّحُ ويُقَدَّس)) . وقال ابن قتيبة في ((تفسير غريب القرآن)) (ص8) : ((ومن صفاته: (سُبُّوح) ، وهو حرف مبني على (فُعُّول) ، من (سبَّح الله) : إذا نَزَّهه وبرَّأه من كل عيب، ومنه قيل: سبحان الله؛ أي: تَنْزيهاً لله، وتبرئة له من ذلك)) اهـ. وقال الخطابي في ((شأن الدعاء)) (ص 154) : ((السُبُّوح: المنَزَّه عن كل وقال النووي في شرحه لـ ((صحيح مسلم)) في الحديث المتقدم: ((قوله: سُبُّوح قُدُّوس)) : هما بضم السين والقاف وبفتحهما، والضم أفصح وأكثر. قال الجوهري في (فصل: ذرح) : كان سيبويه يقولهما

الستر

بالفتح. وقال الجوهري في (فصل: سبح) : سُبُّوح من صفات الله تعالى. قال ثعلب: كل اسم على فعول؛ فهو مفتوح الأول؛ إلا السُبُّوح والقُدُّوس؛ فإن الضم فيهما أكثر، وكذلك الذروح، وهي دويبة حمراء منقطة بسواد تطير، وهي من ذوات السموم. وقال ابن فارس والزبيدي وغيرهما: سُبُّوح هو الله عَزَّ وجَلَّ؛ فالمراد بالسُبُّوح القُدُّوس المسَبَّح المقدَّس؛ فكأنه قال: مُسَبَّحٌ مُقَدَّسٌ رب الملائكة والروح، ومعنى سُبُّوح: المبرأ من النقائص والشريك وكل ما لا يليق بالإلهية، وقُدُّوس: المطهر من كل ما لا يليق بالخالق، وقال الهروي: قيل: القُدُّوس المبارك. قال القاضي عياض: وقيل فيه: سُبُّوحاً قُدُّوساً على تقدير: أسبح سُبُّوحاً أو أذكر أو أعظم أو أعبد. وقوله: ((رب الملائكة والرُّوح)) ؛ قيل: الرُّوح ملك عظيم. وقيل: يحتمل أن يكون جبريل عليه السلام. وقيل: خلق لا تراهم الملائكة كما لا نرى نحن الملائكة، والله سبحانه وتعالى أعلم)) السِّتْرُ صفةٌ فعليةٌ لله عَزَّ وجَلَّ ثابتةٌ بالسنة الصحيحة، و (السِّتِّير) من أسمائه تعالى. ? الدليل: 1- حديث يعلى بن أمية رضي الله عنه مرفوعاً: ((إن الله عَزَّ وجَلَّ

السخرية بالكافرين

حليم، حيي، سِتِّير، يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم؛ ليستتر)) . رواه: أبو دواد، والنسائي، وأحمد، والبيهقي. انظر: ((صحيح سنن النسائي)) (1/87) و ((إرواء الغليل)) (7/367) . 2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((لا يستر الله على عبد في الدنيا، إلا ستره الله يوم القيامة)) . رواه مسلم (2590) . قال ابن القيم في ((النونية)) (2/80) : ((وهو الحَيِيُّ فليسَ يفضحُ عبدَه ... عند التَّجاهُرِِ منهُ بالعصيانِ لكنَّه يُلْقِي عليه سِتْرَهُ ... فَهُوَ السِّتِّير وصاحِبُ الغُفرَانِ)) وستِّير؛ أي: يحب الستر لعباده المؤمنين؛ ستر عوراتهم، وستر ذنوبهم، فيأمرهم أن يستروا عوراتهم، وأن لا يجاهروا بمعاصيهم في الدنيا، وهو يسترها عليهم في الآخرة. فائدة: اعلم أنَّ (السَّتَّار) ليس من أسمائه تعالى، ولم يرد ما يدل على ذلك؛ خلاف ما هو شائع عند عوام الناس. السُّخْرِيَةُ بِالكافِرينَ من الصفات الفعليَّة الخبريَّة الثابتة لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة.

الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التوبة: 79] ? الدليل من السنة: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في آخر أهل النار خروجاً منها وآخر أهل الجنة دخولاً فيها، وفيه أنه قال يخاطب الله عَزَّ وجَلَّ: ((أتسخر بي؟ أو تضحك بي وأنت الملك ... )) . رواه: البخاري (6571) ، ومسلم (186) . قال الأزهري في ((تهذيب اللغة)) (7/167) : ((يُقال: سَخِرَ منه وبه: إذا تَهَزَّأ به)) قال قَوَّام السنة في ((الحجة)) (1/168) : ((وتولى الذب عنهم (يعني: المؤمنين) حين قالوا: {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} ،فقال: {اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} ، وقال: {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ} ، وأجاب عنهم، فقال: {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ} ، فأجل أقدارهم أن يوصفوا بصفة عيب، وتولى المجازاة لهم، فقال: {اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} ، وقال: {سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ} ؛ لأن هاتين الصفتين إذا كانت من الله؛ لم تكن سفهاً، لأن الله حكيم، والحكيم لا يفعل السفه، بل ما يكون منه يكون صواباً وحكمة)) . وقال شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)) (7/111) عند الرد على من

السخط أو السخط

زعم أنَّ هناك مجازاً في القرآن: ((وكذلك ما ادعوا أنه مجاز في القرآن؛ كلفظ (المكر) و (الاستهزاء) و (السخرية) المضاف إلى الله، وزعموا أنه مسمى باسم ما يقابله على طريق المجاز، وليس كذلك، بل مسميات هذه الأسماء إذا فعلت بمن لا يستحق العقوبة؛ كانت ظلماً له، وأما إذا فعلت بمن فعلها بالمجني عليه عقوبة له بمثل فعله؛ كانت عدلاً؛ كما قال تعالى: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} ، فكاد له كما كادت إخوته لما قاله له أبوه: {لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} ، وقال تعالى: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا - وَأَكِيدُ كَيْدًا} ، وقال تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ - فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ} ، وقال تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ} )) .اهـ. فأهل السنة والجماعة يثبتون صفة السخرية لله عَزَّ وجَلَّ كما أثبتها لنفسه، كما يثبتون صفة الكيد والمكر، ولا يخوضون في كيفيتها، ولا يشبهونها بسخرية المخلوق؛ فالله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} . وانظر كلام ابن جرير الطبري في صفة (الاستهزاء) ، فإنه مهم. السَّخَطُ أو السُّخْطُ صفةٌ من صفات الله الفعليَّة الخبريَّة الثابتة بالكتاب والسنة.

الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ} [المائدة: 80] . 2- قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ} [محمد: 28] . ? الدليل من السنة: 1- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ((إن الله عَزَّ وجَلَّ يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة! فيقولون: لبيك وسعديك ... (إلى أن قال فيه:) فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني؛ فلا أسخط عليكم بعده أبداً)) . رواه: البخاري (7518) ، ومسلم (2829) . 2- حديث بريدة رضي الله عنه: ((لا تقولوا للمنافق سيد، فإن يك سيداً؛ فقد أسخطتم ربكم عزَّ وجلَّ)) . رواه: أبو داود (4977) ، وأحمد، والبخاري في ((الأدب المفرد)) . وانظر: ((السلسلة الصحيحة)) (371) . قال أبو إسماعيل الصابوني في ((عقيدة السلف أصحاب الحديث)) (ص 5) : ((وكذلك يقولون في جميع الصفات (يعني: الإثبات) التي نزل بها القرآن ووردت بها الأخبار الصحاح من السمع والبصر والعين ... والرضى والسخط ... )) اهـ

السرعة

وقال الشيخ محمد خليل الهرَّاس في ((شرحه للواسطية)) (ص 108) تعليقاً على بعض الآيات التي أوردها شيخ الإسلام ابن تيمية فيها بعض صفات الله عَزَّ وجَلَّ الفعلية: ((تضمنت هذه الآيات إثبات بعض صفات الفعل؛ من الرضى لله، والغضب، واللعن، والكره، والسخط، والمقت، والأسف، وهي عند أهل الحق صفات حقيقية لله عَزَّ وجَلَّ، على ما يليق به، ولا تشبه ما يتصف به المخلوق من ذلك، ولا يلزم منها ما يلزم في المخلوق)) . وانظر كلام ابن كثير في: صفة (السمع) . السُّرْعَةُ صفةٌ فعليَّةٌ اختياريةٌ ثابتة لله تعالى بالكتاب والسنة الصحيحة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [البقرة: 202، النور: 39] 2- وقوله: {إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ} [الأنعام: 165] ? الدليل من السنة: 1- حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: ((كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول: أتهب المرأة نفسها؟! فلما أنزل الله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ

مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ} ؛ قلت: ما أرى ربَّك إلا يسارع في هواك)) . رواه: البخاري (4788) ، ومسلم (1464) . 2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((إن الله قال: إذا تلقَّاني عبدي بشبر؛ تلقيته بذراع، وإذا تلقاني بذراع؛ تلقيته بباع، وإذا تلقاني بباع؛ جئته أتيته بأسرع)) . رواه مسلم (2675-3) . قال ابن جرير في تفسير الآية [202] من سورة البقرة: ((وإنما وصف جَلَّ ثناؤه نفسه بسرعة الحساب لأنه جَلَّ ذكره يحصي ما يحصى من أعمال عباده بغير عقد أصابع، ولا فكرٍ، ولا روية، فِعْلَ العجزةِ الضَّعَفة من الخلق، ولكنه لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا يعزُب عنه مثقالُ ذرة فيهما، ثم هو مجازٍ عباده على كلِّ ذلك، فلذلك جَلَّ ذكره أُمْتُدِحَ بسرعة الحساب)) وقال أيضاً: ((القولُ في تأويل قوله تعالى: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَاب} ِ ... 0إن الله ذو سرعة في محاسبة عباده يومئذٍ على أعمالهم التي عملوها في الدنيا)) وقال الشوكاني في ((فتح القدير)) في تفسير آية البقرة السابقة: ((والمعنى أن حسابه لعباده في يوم القيامة سريعٌ مجيئه فبادروا ذلك بأعمال الخير، أو أنه وصف نفسه بسرعة الحساب الخلائق على كثرة عددهم، وأنه لا يشغله شأنٌ عن شأنٍ فيحاسبهم في حالة واحدة))

السكوت

وقال أيضاً في تفسير قوله تعالى {وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [الرعد: 41] : ((وهو سريع الحساب فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته على السرعة)) وقد عدَّ الحافظ أبو عبد الله بن منده رحمه الله (السريع) من أسماء الله في ((كتاب التوحيد)) (2/137) ، مستشهداً بحديث أبي هريرة السابق، ووافقه عليه محقق الكتاب، وفي ذلك نظرٌ كبيرٌ، ولكن عدُّهما له اسماً يتضمن أنه صفة عندهما. فالله عَزَّ وجَلَّ سريعٌ في حسابه، سريعٌ عقابه، سريعٌ في إتيانه ومجيئه، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} سبحانه. السُّكُوُتُ ... يوصف ربنا عَزَّ وجَلَّ بالسُّكوت كما يليق به سبحانه، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} .وهذا ثابتٌ بالسنة الصحيحة، وهي صفةٌ فعليَّةٌ اختيارية متعلقة بمشيئته سبحانه وتعالى. ? الدليل: ... 1- حديث أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعاً: ((ما أحلَّ الله في كتابه فهو الحلال، وما حَرَّم فهو الحرام، وما سكت عنه فهو عَفْوٌ، فاقبلوا من الله عافيته ... )) .الحديث. رواه الحاكم (2/375) ،

وصححه، ووافقه الذهبي، والحديث حسن من أجل رجاء بن حَيْوه في سنده، وقد حسَّن إسناده الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (1/171) ، ورواه البزار (1481-مختصر الزوائد) ، وقال: ((إسناده صالح)) اهـ. ويشهد له ما بعده. 2- حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه: ((الحلال ما أحلَّ الله في كتابه، والحرام ما حرَّم الله في كتابه، وما سكت عنه؛ فهو مما عفا لكم)) . رواه: الترمذي، وابن ماجه، والحاكم، وغيرهم؛ كلهم من طريق سيف بن هارون، وهو ضعيف. وانظر: ((غاية المرام)) (2) ، و ((مختصر مستدرك الحافظ)) تحقيق الأخ الفاضل سعد الحميد (872) . قال شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)) (6/178) : ((قال شيخ الإسلام (يعني: أبا إسماعيل الأنصاري) : فطار لتلك الفتنة (يعني: التي وقعت بين الإمام أبي بكر بن خزيمة وأصحابه) ذاك الإمام أبو بكر، فلم يزل يصيح بتشويهها، ويصنف في ردها، كأنه منذر جيش، حتى دون في الدفاتر، وتمكن في السرائر، ولقن في الكتاتيب، ونقش في المحاريب: إنَّ الله متكلم، إن شاء تكلم، وإن شاء سكت؛ فجزى الله ذاك الإمام وأولئك النفر الغر عن نصرة دينه، وتوقير نبيه خيراً، قلت: في حديث سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرَّم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه)) . رواه أبو داود، وفي حديث أبي

السلام

ثعلبة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحدد حدوداً فلا تعتدوها، وحرم محارم فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم من غير نسيان فلا تسألوا عنها)) ويقول الفقهاء في دلالة المنطوق والمسكوت، وهو ما نطق به الشارع - وهو الله ورسوله - وما سكت عنه: تارة تكون دلالة السكوت أولى بالحكم من المنطوق، وهو مفهوم الموافقة، وتارة تخالفه، وهو مفهوم المخالفة، وتارة تشبهه، وهو القياس المحض. فثبت بالسنة والإجماع أنَّ الله يوصف بالسكوت، لكن السكوت يكون تارة عن التكلم وتارة عن إظهار الكلام وإعلامه)) اهـ السَّلامُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه السلام، وهو اسم له ثابت بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ} [الحشر: 23] ? الدليل من السنة: حديث ثوبان رضي الله عنه: ((اللهم أنت السلام، ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ... )) . رواه: مسلم (591) ، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.

قال ابن قتيبة في ((تفسير غريب القرآن)) (ص 6) : ((ومن صفاته (السلام) ؛ قال: {السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِن} ، ومنه سمي الرجل: عبد السلام؛ كما يُقال: عبد الله، ويرى أهل النظر من أصحاب اللغة أنَّ السلام بمعنى السلامة؛ كما يُقال: الرَّضاع والرَّضاعة، واللَّذاذ واللَّذاذة؛ قال الشاعر: تُحَيِّي بالسلامةِ أُمَّ بَكْرٍ ... فَهَلْ لَكَ بَعْدَ قَوْمِكَ مِنْ سَلامِ فسمى نفسه جلَّ ثناؤه سلاماً لسلامته مما يلحق الخلق من العيب والنقص والفناء والموت)) اهـ. وقال الخطابي في ((شأن الدعاء)) (ص 41) : ((السلام في صفة الله سبحانه هو الذي سلم من كل عيب، وبريء من كل آفة ونقص يلحق المخلوقين؛ وقيل: الذي سلم الخلق من ظلمه)) . وقال ابن كثير في تفسير الآية السابقة: ((السلام؛ أي: من جميع العيوب والنقائص؛ لكماله في ذاته وصفاته وأفعاله)) . وقال ابن الأثير في ((جامع الأصول)) (4/176) : ((السلام: ذو السلام؛ أي: الذي سلم من كل عيب وبريء من كل آفة)) . وقال السعدي في ((التفسير)) ((5/300)) : ((القُدُّوس السَّلام؛ أي: المعظم المنَزَّه عن صفات النقص كلها، وأن يماثله أحد من الخلق؛ فهو المتنَزِّه عن جميع العيوب، والمتنَزِّه عن أن يقاربه أو يماثله أحدٌ في شيء من

السلطان

الكمال)) . وقال البيهقي في ((الاعتقاد)) (ص 55) : ((السلام: هو الذي سلم من كل عيب، وبريء من كلِّ آفة، وهذه صفة يستحقها بذاته)) السُّلْطَانُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه (ذو سلطان) ، والسُّلطان صفةٌ من صفاته يستعيذ الإنسان بها كما يستعيذ بالله وبسائر صفاته، وهذا ثابتٌ في الحديث الصحيح. ? الدليل: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان إذا دخل المسجد يقول: ((أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم ... )) . رواه أبو داود. قال النووي في ((الأذكار)) (86) : ((حديث حسن، رواه أبو داود بإسناد جيد)) . وانظر: ((صحيح سنن أبي داود)) (441) . قال الأزهري في ((تهذيب اللغة)) (12/336) : (( ... وقال الليث: السُّلطان: قدرة الملك ... وقدرة من جعل ذلك له، وإن لم يكن ملكاً)) . قال أبو محمد الجويني في ((رسالة إثبات الاستواء والفوقية))

السمع

(ص175) : (( ... نصفه بما وصف به نفسه من الصفات التي توجب عظمته وقدسه ... ذو الوجه الكريم، والسمع السميع، والبصر البصير ... والقدرة والسُّلطان والعظمة ... )) . قال الحافظ ابن القيم في ((النونية)) (1/415) ((والرُّوُحُ والأمْلاكُ تَصْعَدُ في مَعَا رِجِهِ إليْهِ جَلَّ ذُو السُّلْطَانِ)) السَّمْعُ صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة، و (السميع) من أسمائه تعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46] . 2- وقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: 11] . 3- وقوله: {قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة: 1] . ? الدليل من السنة: 1- حديث عائشة رضي الله عنها في قصة المجادلة وقولها: ((الحمد لله الذي وسع سمعُه الأصوات)) .رواه: البخاري تعليقاً (13/372) ، والنسائي، وابن ماجه، وأحمد، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (625) .

2- حديث عائشة رضي الله عنها؛ أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم أشد عليك من يوم أحد؟ فقال: ((لقد لقيت من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة ... (وفي الحديث:) فناداني ملك الجبال، فسلم علي، ثم قال: يا محمد! إن الله قد سمع قول قومك، وأنا ملك الجبال ... )) . رواه: البخاري (3231) ، ومسلم (1795) . فأهل السنة والجماعة يقولون: ((إن الله سميع بسمع يليق بجلاله وعظمته، كما أنه بصير ببصر، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} . قال أبو الحسن الأشعري في ((رسالة إلى أهل الثغر)) (ص 225) : ((وأجمعوا على أنه عَزَّ وجَلَّ يسمع ويرى)) . قال الحافظ ابن القيم في ((الصواعق المرسلة)) (3 /1020) : ((وهو سميعٌ بصيرٌ له السَّمْعُ والبصر، يسمع ويبصر وليس كمثله شيءٌ في سمعه وبصره)) وقال الحافظ ابن كثير في رسالته ((العقائد)) : ((فإذا نطق الكتاب العزيز، ووردت الأخبار الصحيحة، بإثبات السمع والبصر والعين والوجه والعلم والقوة والقدرة والعظمة والمشيئة والإرادة والقول والكلام والرضى والسخط والحب والبغض والفرح والضحك؛ وجب اعتقاد حقيقته؛ من غير تشبيهٍ بشيء من ذلك بصفات المربوبين المخلوقين، والانتهاء إلى ما قاله الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ ولا زيادة عليه، ولا

السيد

تكييف له، ولا تشبيه، ولا تحريف، ولا تبديل، ولا تغيير، وإزالة لفظ عما تعرفه العرب وتصرفه عليه، والإمساك عما سوى ذلك)) . انظر: ((علاقة الإثبات والتفويض)) (ص 51) لرضا نعسان معطي. وقال الهرَّاس في ((شرحه للواسطية)) (ص120) : ((أمَّا السَّمْعُ فقد عبَّرت عنه الآيات بكل صيغ الاشتقاق، وهي: سَمِعَ، ويَسْمَعُ، وسَمِيعٌ، وأسْمَعُ، فهو صفة حقيقية لله، يدرك بها الأصوات)) السَّيِّدُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه السَّيِّدُ، وهو اسمٌ ثابتٌ له بالسنة الصحيحة. ? الدليل: حديث عبد الله بن الشخير رضي الله عنه؛ قال: انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: أنت سيدنا. فقال: ((السَّيِّد الله تبارك وتعالى)) . رواه: أحمد (4/24) ، وأبو داود (4806) ، وابن السني في ((اليوم والليلة)) (387) ، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (3700) . قال ابن القيم في ((النونية)) (2/94) : ((وهوَ الإلهُ السَّيِّدُ الصَّمدُ الذي ... صَمَدَتْ إليهِ الخلقُ بالإذْعَانِ الكَامِلُ الأوْصَافِ منْ كُلِّ الوجُوه ... كَمالُهُ ما فيهِ مِنْ نُقْصَانِ))

الشافي

ومن معاني الصمد - كما سيأتي في بابه -: السَّيِّد الذي كَمُل في سؤدَدِه. وقال في ((تحفة المودود)) (ص80) : ((وأمَّا وصفُ الربِّ تعالى بأنه السَّيِّد فذلك وصفٌ لربه على الإطلاق، فإن سَيَّد الخلق هو مالك أمرهم الذي إليه يرجعون، وبأمره يعملون، وعن قوله يصدرون، فإذا كانت الملائكة والإنس والجن خلقاً له سبحانه وتعالى وملكاً له ليس لهم غنى عنه طرفة عين، وكل رغباتهم إليه، وكل حوائجهم إليه، كان هو سبحانه وتعالى السَّيِّد على الحقيقة)) وقال في ((بدائع الفوائد)) (3 /730) : ((السَّيِّد إذا أطلق عليه تعالى فهو بمعنى: المالك، والمولى، والرب، لا بالمعنى الذي يُطلق على المخلوق والله سبحانه وتعالى أعلم)) اهـ. الشَّافِي يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الشَّافي، الذي يشفي عباده من الأسقام، و (الشَّافي) اسم من أسمائه تعالى الثابتة بالسنة الصحيحة. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: ((وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)) [الشعراء: 80] ? الدليل من السنة: 1- حديث أبي هريرة وعائشة رضي الله عنهما مرفوعاً: ((اللهم رب

- الشخص

الناس! اذهب البأس، واشف أنت الشَّافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً)) . رواه: البخاري (5742) ، ومسلم (2191) . 2- حديث عائشة رضي الله عنها - في سِحْرِ النبي صلى الله عليه وسلم-مرفوعاً: ((أمَّا أنا فقد شفاني الله وخشيت أن يثير ذلك على الناس شراً)) رواه: البخاري (3268) - الشَّخْص يجوز إطلاق لفظة (شخص) على الله عَزَّ وجَلَّ، وقد وردت هذه اللفظة في صحيح السنة. من ذلك ما رواه مسلم (1499) من حديث سعد بن عبادة رضي الله عنه؛ قال: لو رأيت رجلاً مع امرأتي؛ لضربته بالسيف غير مصفح عنه. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((أتعجبون من غيرة سعد؟ فوالله لأنا أغير منه، والله أغير مني، من أجل غيرة الله حَرَّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا شخص أغير من الله، ولا شخص أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك؛ بعث الله المرسلين مبشرين ومنذرين، ولا شخص أحب إليه المدحة من الله، من أجل ذلك؛ وعد الله الجنة)) . ورواه البخاري (7416) بلفظ: ((لا أحد)) ، لكنه قال: ((وقال عبيد الله

بن عمرو بن عبد الملك (أحد رواة الحديث) : لا شخص أغير من الله)) . وقال البخاري (7416) : ((باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا شخص أغير من الله)) . وقال ابن أبي عاصم في ((السنة)) (1/225) : باب: ذكر الكلام والصوت والشخص وغير ذلك)) . وقال أبو يعلى الفراء في ((إبطال التأويلات)) (ص 164) في فصل عنونه المحقق بقوله: ((إثبات صفة الشخص والغيرة لربنا جل شأنه)) ؛ قال بعد ذكر حديث مسلم السابق: ((اعلم أنَّ الكلام في هذا الخبر في فصلين: أحدهما: إطلاق صفة الغيرة عليه. والثاني: في إطلاق الشخص. أما الغيرة ... وأما لفظ الشخص فرأيت بعض أصحاب الحديث يذهب إلى جواز إطلاقه، ووجهه أنَّ قوله: ((لا شخص)) نفي من إثبات، وذلك يقتضي الجنس؛ كقولك: لا رجل أكرم من زيد؛ يقتضي أنَّ زيداً يقع عليه اسم رجل، كذلك قوله: ((لا شخص أغير من الله)) ؛ يقتضي أنه سبحانه يقع عليه هذا الاسم)) .اهـ. وقال الشيخ عبد الله الغنيمان حفظه الله في ((شرحه لكتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (1/335) : ((قال (أي: البخاري) : باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا شخص أغير من الله)) . الغيرة بفتح الغين ...

والشخص: هو ما شخص وبان عن غيره، ومقصد البخاري أنَّ هذين الاسمين يطلقان على الله تعالى وصفاً له؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أثبتهما لله، وهو أعلم الخلق بالله تعالى)) .اهـ. وتعقيباً على قول عبيد الله القواريري: ((ليس حديثٌ أشدَّ على الجهمية من هذا الحديث (يعني: حديث مسلم)) ) ؛ قال حفظه الله (1/338) : ((وبهذا يتبين خطأ ابن بطال في قوله: ((أجمعت الأمة على أنَّ الله تعالى لا يجوز أن يوصف بأنه شخص؛ لأن التوقيف لم يرد به)) اهـ. ذكره الحافظ. وهذه مجازفة، ودعوى عارية من الدليل؛ فأين هذا الإجماع المزعوم؟! ومن قاله سوى المتأثرين ببدع أهل الكلام؛ كالخطاب، وابن فورك، وابن بطال؛ عفا الله عنا وعنهم؟! وقوله: ((لأن التوقيف لم يرد به)) : يبطله ما تقدم من ذكر ثبوت هذا اللفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بطرق صحيحة لا مطعن فيها، وإذا صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وجب العمل به والقول بموجبه، سواء كان في مسائل الاعتقاد أو في العمليات، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم إطلاق هذا الاسم - أعني: الشخص - على الله تعالى، فيجب اتباعه في ذلك على من يؤمن بأنه رسول الله، وهو صلى الله عليه وسلم أعلم بربه وبما يجب له وما يمتنع عليه تعالى من غيره من سائر البشر.

الشدة (بمعنى القوة)

وتقدم أنَّ الشخص في اللغة: ما شخص وارتفع وظهر؛ قال في ((اللسان)) : ((الشخص كل جسم له ارتفاع وظهور)) ، والله تعالى أظهر من كل شيء وأعظم وأكبر، وليس في إطلاق الشخص عليه محذورٌ على أصل أهل السنة الذين يتقيدون بما قاله الله ورسوله)) اهـ. الشِّدَّةُ (بمعنى القوَّة) صفةٌ ذاتيةٌ لله عَزَّ وجَلَّ ثابتةٌ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} [الرعد: 13] . 2- وقوله تعالى: {قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا} [القصص: 35] . 3- وقوله تعالى: {نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} [الإنسان: 28] . ? الدليل من السنة: حديث: ((اللهم اشْدُدْ وطأتك على مضر ... )) .رواه: البخاري (2932) ومسلم (675) . قال الزجاجي في ((اشتقاق أسماء الله)) (ص192) . ((الشديد في صفات الله عَزَّ وجَلَّ على ضربين: أحدهما: أنْ يُرَادَ بالشديد: القويُّ؛ لأنه قد يقال للقوي من الآدميين: شديدٌ، وكأنه في صفات الآدميين، يذهب به إلى معنى

الشكر

شدة البدن وصلابته وجلده، وذلك في صفات الله عَزَّ وجَلَّ غير سائغ، بل يكون الشديد في صفاته بمعنى القوي حسب، والشديد: خلاف الضعيف. والآخَرُ: أنْ يُراد بالشديدِ في صفاته عَزَّ وجَلَّ: أنه شديد العقاب، فيرجع المعنى في ذلك في الحقيقة إلى أنَّ عذابَهُ شديدٌ؛ كما قال: {إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} ، ألا ترى أنا إذا قُلنا: زيدٌ كثيرٌ العيال؛ أنَّ المعنى إنما هو وصف عيالهِ بالكثرة، وكذلك إذا قلنا: زيدٌ كثيرٌ المالِ؛ فإنَّما وصفنا مالهُ بالكَثْرةِ، وإنْ كان الخبر قد جَرى عليه لفظاً، وكذلك إذا قلنا: زيدٌ شديد العقاب؛ فإنما وَصَفنا عقابه بالشدَّة، فكذلك مجراه في قولنا: {الله شديد العقاب} : {وشديد العذاب} )) اهـ. وقد عدَّ الزجاجي وابن منده في ((كتاب التوحيد)) ووافقه محققه (الشَّدِيدَ) من أسماء الله تعالى، ولا يُوافَقُونَ على ذلك. الشُّكْرُ صفةٌ فعليةٌ لله عَزَّ وجَلَّ، و (الشاكر) و (الشكور) من أسمائه تعالى، وكل ذلك ثابت بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 158] . 2- وقوله: {وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} [التغابن: 17] .

الدليل من السنة: حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة ساقي الكلب ماءً، وفيه: (( ... فنَزل البئر، فملأ خفه ماءً، ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له ... )) .رواه: البخاري (2363) ، ومسلم (2244) . قال ابن منظور في ((لسان العرب)) : و ((الشكور: من صفات الله جل اسمه، معناه: أنه يزكو عنده القليل من أعمال العباد، فيضاعف لهم الجزاء، وشكره لعباده: مغفرة لهم)) . وقال أبو القاسم الزجاجي في ((اشتقاق أسماء الله)) (ص 152) : ((وقد تأتي الصِّفة بالفعل لله عَزَّ وجَلَّ ولعبده، فيقال: ((العبد شكور لله)) ؛ أي: يشكر نعمته، والله عَزَّ وجَلَّ شكورٌ للعبد؛ أي: يشكر له عمله؛ أي: يجازيه على عمله، والعبد توابٌ إلى الله من ذنبه، والله توابٌ عليه؛ أي: يقبل توبته ويعفو عنه)) . قلت: تفسير شكر الله لعباده بالمغفرة والمجازاة قد يُفهم منه صرفه عن الحقيقة وهذا غير صحيح. قال ابن القيم في ((عدة الصابرين)) (ص 414) : ((وأما شكر الرب تعالى؛ فله شأن آخر؛ كشأن صبره، فهو أولى بصفة الشكر من كل شكور، بل هو الشكور على الحقيقة؛ فإنه يعطي العبد، ويوفقه لما يشكره عليه ... )) .

الشمال

إلى آخر كلامه رحمه الله، وهو نفيس جداً. الشِّمَالُ هل يصح أن يقال: إحدى يدي الله يمين والأخرى شمال؟ أم أن كلتيهما يمين؟ انظر ذلك في صفة: (اليمين) . الشَّهِيدُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه (شهيد) ، والشهيد اسم من أسمائه تعالى، وهذه الصفة ثابتة بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} [آل عمران: 18] . 2- قوله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الأنعام: 19] . ? الدليل من السنة: حديث حجة الوداع، وفيه: (( ... اللهم اشهد! فليبلغ الشاهد الغائب ... )) . رواه: البخاري (7078) ، ومسلم (1679-31) . المعنى: قال ابن الأثير في ((جامع الأصول)) (4/179) : ((الشهيد: هو الذي

- شيء

لا يغيب عنه شيء، يقال: شاهد وشهيد؛ كعالم وعليم؛ أي أنه حاضر يشاهد الأشياء ويراها)) وقال الشيخ السعدي في ((التفسير)) (5/303) : ((الشهيد؛ أي: المطلع على جميع الأشياء، سمع جميع الأصوات خفيها وجليها، وأبصر جميع الموجودات دقيقها وجليلها، صغيرها وكبيرها، وأحاط علمه بكل شيء، الذي شهد لعباده وعلى عباده بما عملوه)) اهـ. و (شهد الله) ؛ بمعنى: علم، وكتب، وقضى، وأظهر، وبيَّن. انظر: ((تهذيب اللغة)) - شَيْءٌ يصح إطلاق لفظة (شيء) على الله عَزَّ وجَلَّ أو على صفة من صفاته، لكن لا يقال: (الشيء) اسم من أسمائه تعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الأنعام: 19] . 2- وقوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} [القصص: 88] .والوجه صفةٌ ذاتيةٌ لله تعالى. ... 3- وقوله: {أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ} . [الأنعام: 93] ، والقرآن كلام الله، وهو صفةٌ من صفاته، والقول في الصفة كالقول في

الذات. ? الدليل من السنة: حديث سهل بن سعد رضي الله عنه؛ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل: ((أمعك من القرآن شيْءٌ؟)) .قال: نعم. سورة كذا وسورة كذا؛ لسُوَرٍ سمَّاها. رواه البخاري (7417) . قال البخاري في كتاب التوحيد من ((صحيحه)) : ((باب: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللهُ} ، فسمى الله تعالى نفسه شيئاً، وسمى النبي صلى الله عليه وسلم القرآن شيئاً، وهو صفةٌ من صفات الله، وقال: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} (ثم أورد حديثَ سهلٍ السابق)) . قال الشيخ عبد الله الغنيمان في ((شرحه لكتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (1/343) : ((يريد بهذا أنه يطلق على الله تعالى أنه شيء، وكذلك صفاته، وليس معنى ذلك أن الشيء من أسماء الله الحسنى، ولكن يخبر عنه تعالى بأنه شيء، وكذا يخبر عن صفاته بأنها شيء؛ لأن كل موجود يصح أن يقال: إنه شيء)) .اهـ. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) ((6/142)) : ((ويفرق بين دعائه والإخبار عنه؛ فلا يدعى إلاَّ بالأسماء الحسنى، وأما الإخبار عنه؛ فلا يكون باسم سيء، لكن قد يكون باسم حسن، أو باسم ليس بسيء، وإن لم يحكم بحسنه؛ مثل اسم شيء، وذات، وموجود ... )) .

الصبر

وانظر ((مجموع الفتاوى)) أيضاً (9/300-301) . وقال ابن القيم في ((بدائع الفوائد)) (1/162) : (( ... ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي، وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفيَّاً؛ كالقديم، والشيء، والموجود ... )) . الصَّبْرُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بصفة الصبر؛ كما هو ثابت في السنة الصحيحة، أما (الصبور) ؛ ففي إثبات أنه اسم لله تعالى نظر؛ لعدم ثبوته. ? الدليل: حديث أبي موسى رضي الله عنه: ((ما أحدٌ أصبر على أذى سمعه من الله؛ يدَّعون له الولد، ثم يعافيهم ويرزقهم)) رواه: البخاري (7378) ، ومسلم (49) قال الخطابي في ((شأن الدعاء)) (ص 98) : ((معنى الصبور في صفة الله سبحانه قريب من معنى الحليم؛ إلا أن الفرق بين الأمرين أنهم لا يأمنون العقوبة في صفة الصبور كما يسلمون منها في صفة الحليم، والله أعلم بالصواب)) . قال قَوَّام السنة الأصبهاني في ((الحجة)) (2/456) : ((قال بعض أهل النظر: لا يوصف الله بالصبر، ولا يقال: صبور، وقال: الصبر تحمل

الشيء، ولا وجه لإنكار هذا الاسم؛ لأن الحديث قد ورد به؛ ولولا التوقيف؛ لم نقله)) .اهـ. قلت: وصف الله عَزَّ وجَلَّ بالصبر ثابت؛ كما مرَّ في حديث أبي موسى رضي الله عنه، أما اسم الصبور؛ فلعله يعني بالحديث حديث سرد الأسماء عند الترمذي، وهو ضعيف، ولا أعرفُ آيةً أو حديثاً صحيحاً يثبت هذا الاسم له سبحانه وتعالى. وقال الحافظ ابن القيم في ((عدة الصابرين)) (ص 408) : ((وصبره تعالى يفارق صبر المخلوق ولا يماثله من وجوه متعددة، ... والفرق بين الصبرِ والحلمِ: أنَّ الصبر ثمرة الحلم وموجبه، فعلى قدر حلم العبد يكون صبره، فالحلم في صفات الرب تعالى أوسع من الصبر ... وكونه حليماً من لوازم ذاته سبحانه، وأمَّا صبرُه سبحانه فمتعلقٌ بكفرِ العباد وشركهم ومسبتهم له سبحانه وأنواع معاصيهم وفجورهم)) اهـ. وقال الشيخ عبد الله الغنيمان في ((شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (1/93) تعليقاً على كلام المازري الذي نقله النووي في شرح حديث أبي موسى رضي الله عنه؛ حيث قال المازري: ((حقيقة الصبر: منع النفس من الانتقام أو غيره؛ فالصبر نتيجة الامتناع، فأطلق اسم الصبر على الامتناع في حق الله تعالى)) ؛ قال الغنيمان: ((قلت: قوله: ((فأطلق اسم الصبر على الامتناع في حق الله تعالى)) ؛ فيه

الصدق

نظر، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أطلق على ربه الصبر، وأنه ما أحد أصبر منه، وهو صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بالله تعالى، وأخشاهم له، وأقدرهم على البيان عن الحق، وأنصحهم للخلق؛ فلا استدراك عليه، فيجب أن يبقى ما أطلقه صلى الله عليه وسلم على الله تعالى بدون تأويل؛ إلا إذا كان يريد بذلك تفسير معنى الصبر، ولكن الأولى أن يبقى كما قال؛ لأنه واضح، ليس بحاجة إلى تفسير)) . الصِّدْقُ صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {قُلْ صَدَقَ اللهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [آل عمران:95] 2- قوله تعالى: {قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ} [الأحزاب: 22] . ? الدليل من السنة: 1- حديث: ((صَدَقَ الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده ... )) رواه: البخاري (2995) ، ومسلم (1344) .

- الصفة

2- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (( ... صَدَقَ الله وكذب بطن أخيك)) . رواه: البخاري (5684) ، ومسلم (2217) . قال أبو القاسم الزجاجي في ((اشتقاق أسماء الله)) (ص 168) : ((الصادق في خبره: الذي لا تكذيب له؛ فالله عَزَّ وجَلَّ الصادق في جميع ما أخبر به عباده. قال الفراء: الصدق: قوة الخبر، والكذب: ضعف الخبر ... (ثم قال أبو القاسم:) والصادق أيضاً: الصادق في وعده، الوافي به، يقال: وفي بعهده ووعده وأوفي به ... فالله عَزَّ وجَلَّ الصادق في جميع ما وعد به عباده، وهذه الصفة من صفاته مستنبطة من سورة مريم، من قوله: {إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيَّاً} ؛ أي: آتياً، مفعول بمعنى فاعل، وإذا كان وعده آتياً؛ فهو الصادق فيه، وكل شيء وعد الله عَزَّ وجَلَّ عباده به؛ فهو كائن كما وعد به عَزَّ وجَلَّ لا محالة)) ا. هـ - الصِّفَةُ يجوز إطلاق هذه اللفظة وإضافتها إلى الله تعالى، فتقول: صفة الله، وصفة الرحمن، ومن صفاته وأوصافه كذا ... ونحو ذلك، وهذا ثابت بمفهوم القرآن ومنطوق السنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون}

[الصافات:180] وسيأتي توجيه ابن حجر للآية. ? الدليل من السنة: حديث عائشة رضي الله عنها؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاته، فيختم بـ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} ، فلما رجعوا؛ ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((سلوه: لأي شيء يصنع ذلك؟)) . فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أخبروه أن الله يحبه)) رواه: البخاري (7375) ، ومسلم (813) وقد بوَّب البخاري رحمه الله في كتاب التوحيد من ((صحيحه)) : ((باب: قول الله تعالى: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ، {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون} {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ} ، ومن حلف بعزة الله وصفاته)) . وقال: ((باب: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللهُ} ؛ فسمى الله تعالى نفسه شيئاً، وسمى النبيُّ صلى الله عليه وسلم القرآن شيئاً، وهو صفةٌ من صفاته)) اهـ. ومن طالع كتب السلف رحمهم الله؛ كـ ((كتاب التوحيد)) لابن خزيمة، و ((كتاب التوحيد)) لابن منده، و ((رد الدارمي على المريسي)) ، وغيرهم؛ وجد أنهم يستخدمون ذلك كثيراً.

وأنكر ابن حزم إطلاق الصفة، ورد عليه الحافظ في ((الفتح)) (13/356) ؛ فقال: ((وفي حديث الباب حجة لمن أثبت أن لله صفةً، وهو قول الجمهور، وشذَّ ابن حزم، فقال: هذه لفظة اصطلح عليها أهل الكلام من المعتزلة ومن تبعهم، ولم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحدٍ من أصحابه، فإن اعترضوا بحديث الباب؛ فهو من أفراد سعيد بن أبي هلال، وفيه ضعف. قال: وعلى تقدير صحته؛ فـ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} صفة الرحمن كما جاء في هذا الحديث، ولا يزاد عليه؛ بخلاف الصفة التي يطلقونها؛ فإنها في لغة العرب لا تطلق إلا على جوهرٍ أو عَرَضٍ. كذا قال! وسعيد متفق على الاحتجاج به؛ فلا يلتفت إليه في تضعيفه، وكلامه الأخير مردود باتفاق الجميع على إثبات الأسماء الحسنى، قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} .وقال بعد أن ذكر منها عدة أسماء في آخر سورة الحشر: {لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى} ، والأسماء المذكورة فيها بلغة العرب صفات، ففي إثبات أسمائه إثبات صفاته؛ لأنه إذا ثبت أنه حي مثلاً؛ فقد وُصف بصفة زائدة على الذات، وهي صفة الحياة، ولولا ذلك؛ لوجب الاقتصار على ما ينبئ عن وجود الذات فقط، وقد قال سبحانه وتعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون} ، فنَزَّه نفسه عما يصفونه به من صفة النقص، ومفهومه أن وصفه بصفة الكمال مشروع)) .اهـ. وقال الشيخ عبد الله الغنيمان في ((شرحه لكتاب التوحيد من صحيح

الصمد

البخاري)) (1/63) بعد إيراده جملة من آيات وأحاديث الصفات، منها حديث عائشة؛ قال: ((وقال الله تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون} ، وهذا من إضافة الموصوف إلى صفته، فثبت بهذه النصوص وغيرها كثير أن لله صفات، وأن كل اسم تسمى الله به يدل على الصفة؛ لأن الأسماء مشتقة من الصفات)) . وانظر: (النعت) . الصَّمَدُ صفةٌ ذاتيةٌ لله عَزَّ وجَلَّ، وهو اسمٌ له ثابتٌ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى في سورة الإخلاص: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ - اللهُ الصَّمَدُ} ، ولم يَرِد هذا الاسم إلا في هذه السورة. ? الدليل من السنة: حديث أبي هريرة رضي الله عنه القدسي: ((كذبني ابن آدم ... وأما شتمه إياي؛ فقوله: اتخذ الله ولداً، وأنا الأحد الصمد، لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفواً أحد)) . رواه البخاري (4974) . معنى الصمد: اختلفوا في معنى الصمد على أقوال كثيرة؛ منها - كما في ((تفسير ابن

الصنع

جرير)) -: 1- المصمت الذي لا جوف له. 2- الذي لا يأكل ولا يشرب. 3- الذي لا يخرج منه شيء، لم يلد ولم يولد. 4- السيِّد الذي انتهى سؤدده. 5- الباقي الذي لا يفنى. الصُّنْعُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه صانعُ كلِّ شيء، وهذا ثابت بالكتاب والسنة، وليس (الصانع) من أسمائه تعالى. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل: 88] . ? الدليل من السنة: حديث حذيفة رضي الله عنه مرفوعاً: ((إن الله يصنع (صنع) كل صانع وصنعته)) . رواه: البخاري في ((خلق أفعال العباد)) (117) ، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (357و358) ، وابن منده في ((التوحيد)) (115) ، والحاكم في ((المستدرك)) ، والبيهقي في ((الأسماء والصفات)) ، وغيرهم؛ بإسناد صحيح، وعند بعضهم (خلق) ؛ بدل (صنع) . انظر ((السلسلة

الصحيحة)) (1637) . قال قَوَّام السنة الأصبهاني في ((الحجة)) (1/159) : ((ومن أسماء الله تعالى: الصانع، قال الله عَزَّ وجَلَّ: {صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} ، وروي عن حذيفة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عَزَّ وجَلَّ صنع كل صانع وصنعته)) ؛ قيل: الصنع: الاختراع والتركيب)) اهـ. وقال البيهقي في ((الأسماء والصفات)) : ((ومنها (أي: أسماء الله عزَّ وجلَّ) : الصانع، ومعناه: المركب والمهييء. قال الله عَزَّ وجَلَّ: {صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} ، وقد يكون الصانع الفاعل، فيدخل فيه الاختراع والتركيب معاً)) اهـ. وممَّن عدَّ (الصانع) من أسماء الله تعالى أيضاً ابن منده في ((التوحيد)) (1/143) ، وفي هذا نظرٌ كبير. قال أبو موسى المديني في ((المجموع المغيث)) (2/295) : ((قوله: {صُنْعَ اللهِ} أي: قوله وفعله ... والصُّنْع والصَّنع والصَّنْعَةُ واحد)) . وقال ابن الجوزي في ((زاد المسير)) في تفسير آية النمل: ((قوله تعالى: {صُنْعَ اللهِ} : قال الزجاج: هو منصوب على المصدر؛ لأن قوله: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً} ؛ دليل على الصنعة، فكأنه قال: صنع الله ذلك

صنعاً، ويجوز الرفع على معنى: ذلك صنعُ الله)) اهـ. قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 21] (وقال آخرون: من تأمل هذه السموات في ارتفاعها واتساعها وما فيها من الكواكب ... وما ذرأ في الأرض من الحيوانات المتنوعة والنبات المختلف الطعوم والأراييج والأشكال والألوان مع اتحاد طبيعة التربة والماء؛ استدل على وجود الصانع وقدرته العظيمة وحكمته ورحمته بخلقه ولطفه بهم وإحسانه إليهم وبره بهم لا إله غيره ولا رب سواه عليه توكلت وإليه أنيب؛ والآيات في القرآن الدالة على هذا المقام كثيرة جداً) وسئل الشيخ عبد الله بن جبرين كما في ((الكنز الثمين)) (ص 173) عن جواز إطلاق كلمة الصانع على الله عَزَّ وجَلَّ فقال: ((هذه تجوز على وجه الصفة، فنعتقد أن الله الصانع، بمعنى أنه المبدع للكون، وهو الذي صنع الكون بذاته وأبدعه، فلذلك يُكْثَرُ من إطلاقها في الكتب؛ كما ذكر ذلك ابن كثير في تفسير الآية الكريمة: ((اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم)) (البقرة: 21) وأطلق ذلك شيخ الإسلام في عدة مواضع في الجزء الثاني من مجموع الفتاوى، ونحو ذلك. فإطلاق الصانع معناه: بأنه وصفٌ لله أنه مبدع للكون))

الصوت

الصَّوْتُ أهل السنة والجماعة يعتقدون أن الله يتكلم بصوت مسموع. انظر صفة: (الكلام) . الصُّورَةُ صفةٌ ذاتيةٌ خبريةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالأحاديث الصحيحة. ? الدليل: 1- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الطويل في رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، وفيه: ((فيأتيهم الجبار في صورته التي رأوه فيها أوَّلَ مرة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا ... )) رواه: البخاري (7439) ، ومسلم (183) 2- حديث: ((رأيت ربي في أحسن صورة)) .رواه: الترمذي (3235) ، وأحمد (5/243) ، وابن أبي عاصم في ((السُّنة)) (ص 465-471) ، وغيرهم؛ عن جمع من الصحابة، والحديث صححه البخاري والترمذي، ومن المتأخرين أحمد شاكر والألباني، وقد أجاد الأخ جاسم الفهيد في جمع طرقه عند تحقيقه لكتاب ابن رجب الحنبلي ((شرح حديث اختصام الملأ الأعلى)) . قال أبو محمد ابن قتيبة في ((تأويل مختلف الحديث)) (ص 261) :

((والذي عندي - والله تعالى أعلم - أن الصُّورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين، وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن، ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن، ونحن نؤمن بالجميع، ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حدٍّ)) . وقال أبو يعلى الفراء في ((إبطال التأويلات)) (1/126) في التعليق على حديث: ((رأيت ربي في أحسن صورة)) ؛ قال: ((اعلم أن الكلام في هذا الخبر يتعلق به فصول: أحدها جواز إطلاق الصُّورة عليه)) . وقال شيخ الإسلام في ((نقض تأسيس الرازي)) (ورقة455) : ((والوجه الخامس: أن الأحاديث مع آيات القرآن أخبرت بأنه يأتي عباده يوم القيامة على الوجه الذي وصف، وعند هؤلاء هو كل آتٍ، وما في الدنيا والآخرة، وأما أهل الإلحاد والحلول الخاص، كالذين يقولون بالاتحاد أو الحلول في المسيح أو علي أو بعض المشايخ أو بعض الملوك أو غير ذلك مما قد بسطنا القول عليهم في غير هذا الموضع؛ فقد يتأولون أيضاً هذا الحديث كما تأوله أهل الاتحاد والحلول المطلق؛ لكونه قال: فيأتيهم الله في صورة، لكن يقال لهم: لفظ (الصُّورة) في الحديث (يعني رحمه الله: حديث أبي سعيد) كسائر ما ورد من الأسماء والصفات التي قد يسمى المخلوق بها على وجه التقييد، وإذا أطلقت على الله مختصة به؛ مثل العليم والقدير والرحيم والسميع والبصير، ومثل خلقه بيديه واستوائه على

الضحك

العرش ونحو ذلك)) اهـ. وبهذا يتضح أن الصُّورةَ صفةٌ من صفات الله عَزَّ وجَلَّ الذاتية كسائر الصفات الثابتة بالأحاديث الصحيحة. أما حديث: ((خلق الله آدم على صورته)) ؛ فلم أورده في الأدلة؛ للاختلاف القائم بين أهل العلم: هل الضمير في (صورته) عائد على آدم أم على الله، وإن كان كثيرٌ من السلف ومن تبعهم من الخلف يجعلونه عائداً على الله عزَّ وجلَّ. راجع لذلك: كتاب ((نقض أساس التقديس)) لابن تيمية، وكتاب الشيخ حمود التويجري رحمه الله ((عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن)) ، وكتاب ((شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري)) للشيخ عبد الله الغنيمان (2/32-68) . الضَّحِكُ صفةٌ من صفات الله عَزَّ وجلَّ الفعليَّة الخبريَّة الثابتة بالأحاديث الصحيحة. ? الدليل: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر، كلاهما يدخل الجنة)) . رواه: البخاري (2826) ،

ومسلم (1890) 2- حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عند البخاري ومسلم، وقد تقدم في صفة السخرية. اعلم أنَّ أهل السنة والجماعة يثبتون هذه الصفة وغيرها من صفات الله عَزَّ وجلَّ الثابتة له بالكتاب أو السنة الصحيحة؛ من غير تمثيل ولا تكييف، ويسلمون بذلك، ويقولون: كلٌ من عند ربنا. قال الإمام ابن خزيمة في كتاب ((التوحيد)) (2/563) : ((باب: ذكر إثبات ضحك ربنا عَزَّ وجلَّ: بلا صفةٍ تصفُ ضحكه جلَّ ثناؤه، لا ولا يشبَّه ضَحِكُه بضحك المخلوقين، وضحكهم كذلك، بل نؤمن بأنه يضحك؛ كما أعلم النبي صلى الله عليه وسلم، ونسكت عن صفة ضحكه جلَّ وعلا، إذ الله عَزَّ وجلَّ استأثر بصفة ضحكه، لم يطلعنا على ذلك؛ فنحن قائلون بما قال النبي صلى الله عليه وسلم، مصَدِّقون بذلك، بقلوبنا منصتون عمَّا لم يبين لنا مما استأثر الله بعلمه)) . ومعنى قوله: ((بلا صفةٍ تصفُ ضحكه)) أي بلا تكييف لضحكه. وقال أبو بكر الآجري في ((الشريعة)) (ص 277) : ((باب الإيمان بأن الله عَزَّ وجلَّ يضحك: اعلموا - وفقنا الله وإياكم للرشاد من القول والعمل - أنَّ أهل الحق يصفون الله عَزَّ وجلَّ بما وصف به نفسه عَزَّ وجلَّ، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وبما وصفه به الصحابة رضي الله

الطبيب

عنهم. وهذا مذهب العلماء مِمَّن اتّبع ولم يبتدع، ولا يقال فيه: كيف؟ بل التسليم له، والإيمان به؛ أنَّ الله عَزَّ وجلَّ يضحك، كذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن صحابته رضي الله عنهم؛ فلا ينكر هذا إلا من لا يحمد حاله عند أهل الحق)) اهـ. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام لما قيل له: هذه الأحاديث التي تروى؛ في: الرؤية، والكرسي موضع القدمين، وضحك ربنا من قنوط عباده، وإن جهنم لتمتلئ ... وأشباه هذه الأحاديث؟ قال رحمه الله: ((هذه الأحاديث حقٌ لا شك فيها رواها الثقات بعضهم عن بعض)) انظر: ((التمهيد)) (7/149-150) راجع لهذه الصفة: كتاب ((الحجة في بيان المحجة)) لقوَّام السُّنَّة الأصبهاني (1/429، 2/456) ، ((المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة)) (1/315) ، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (6/121) ، ((شرح الغنيمان لكتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (2/104) . وانظر: كلام البغوي في صفة (الأصابع) ، وكلام ابن كثير في صفة (السمع) . الطَّبِيبُ يوصف الله عَزَّ وجلَّ بأنه (الطَّبيب) ، وهذا ثابت بالحديث الصحيح.

الدليل: 1- حديث أبي رمثة رضي الله عنه؛ أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أرني هذا الذي بظهرك؛ فإني رجل طبيب. قال: ((الله الطبيب، بل أنت رجل رفيق، طبيبها الذي خلقها)) . حديث صحيح. رواه: أبو داود واللفظ له (صحيح سنن أبي داود 3544) ، والإمام أحمد (7109و7110 - شاكر) ، وابن حبان في ((صحيحه)) (5995) ، وغيرهم. وصححه الألباني في ((الصحيحة)) (1537) ، وأحمد شاكر في ((المسند)) . 2- حديث عائشة رضي الله عنها: قالت: ((ثم مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعت يدي على صدره فقلت: اذهب البأس، رب الناس، أنت الطبيب، وأنت الشافي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الحقني بالرفيق الأعلى والحقني بالرفيق الأعلى)) رواه أحمد (6/108) عن سريج (هو ابن النعمان) ثنا نافع (هو ابن عمر الجمحي) عن بن أبي مليكة عنها رضي الله عنها وهذا إسنادٌ صحيح، ورواه النسائي عن سريج به، ورواه أيضاً عن طريق خالد بن نزار والخصيب بن ناصح عن نافع به، انظر: ((السنن الكبرى)) (4/364، 6/251) . قال ابن فارس في ((معجم مقاييس اللغة)) (3/407) : ((الطِّبُّ: هو العلم بالشيء، يقال: رجل طَبٌّ وطبيبٌ؛ أي: عالمٌ حاذق)) . وقال الأزهري في ((تهذيب اللغة)) (13/304) بعد أن أورد حديث

الطي

أبي رمثة رضي الله عنه: ((طبيبها الذي خلقها)) : معناه: العالم بها خالقها الذي خلقها لا أنت)) . وقال شمس الدين الحق أبادي في ((عون المعبود)) (11/262) : ((الله الطبيب، بل أنت رجل رفيق)) ؛ أي: أنت ترفق بالمريض، وتتلطفه، والله هو يبرئه ويعافيه)) اهـ. الطَّيُّ صفةٌ فعليَّةٌ اختياريَّةٌ لله عَزَّ وجلَّ. انظر: صفة (القبض) . الطَّيِّبُ يوصف الله عَزَّ وجلَّ بأنه طَّيِّب، وهو اسم له، ثابت بالسنة الصحيحة. ? الدليل: حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((أيها الناس! إنَّ الله طَيَّبٌ لا يقبل إلا طَيَّباً ... )) . رواه مسلم (1015) . قال النووي في ((شرح صحيح مسلم)) : ((قال القاضي: الطيب في صفة الله تعالى بمعنى المنَزَّه عن النقائص، وهو بمعنى القدوس، وأصل الطيب الزكاة والطهارة والسلامة من الخبث)) . وقال ابن القيم في ((الصواعق المرسلة)) (4/1458) : ((إنه سبحانه

الظاهرية

يحب صفاته؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم إنك عفوٌّ تحبُّ العفو) ، وقال: (إن الله جميل يحب الجمال ... ) ،و (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً)) ) وقال المباركفوري في ((تحفة الأحوذي)) (8/334) : ((قال القاضي رحمه الله: الطيب ضد الخبيث، فإذا وصفه به تعالى أُريد به أنه مُنَزَّهٌ عن النقائص، مُقَدَّسٌ عن الآفات، وإذا وصف به العبد مطلقاً أُريد به أنه المتعري عن رذائل الأخلاق وقبائح الأعمال والمتحلي بأضداد ذلك، وإذا وصف به الأموال أُريد به كونه حلالا من خيار الأموال)) الظَّاهِرِيَّةُ صفةٌ ذاتيةٌ لله عَزَّ وجلَّ، من اسمه (الظاهر) الثابت بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}

- الظل

[الحديد: 3] ? الدليل من السنة: ما رواه مسلم في ((صحيحه)) (2713) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه: (( ... اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ... )) . المعنى: فسر النبي صلى الله عليه وسلم الظاهر بقوله: ((ليس فوقك شيء)) ، وليس بعد تفسيره تفسير، وقد نظرت في أغلب من فسَّرها فوجدتُهم كلَّهم يرجعون إلى تفسير النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيا سبحان من أعطاه جوامع الكلم! قال البيهقي في ((الاعتقاد)) (ص 64) بعد تفسير الظاهر والباطن: ((هما من صفات الذات)) . وانظر كلام ابن القيم في صفة (الأوليَّة) . - الظِّلُّ اعلم رحمني الله وإياك أنَّ الظل جاء تارة مضافاً إلى الله تعالى، وتارة مضافاً إلى العرش. فقد روى: البخاري في ((صحيحه)) (660) ، ومسلم في ((صحيحه))

أيضاً (1031) ؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... )) . وروى مسلم في ((صحيحه)) (2566) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (( ... أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي)) . وروى مسلم أيضاً (3006) من حديث أبي اليسر رضي الله عنه مرفوعاً: ((من أنظر معسراً أو وضع عنه؛ أظله الله في ظله)) . وستأتي الإضافة مفسرة بـ (ظل العرش) في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند الإمام أحمد والترمذي. وروى الإمام أحمد في ((المسند)) (5/328) ، والحاكم في ((المستدرك)) (4/169) ، والطبراني في ((الكبير)) ، وابن حبان في ((صحيحه)) (577) من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه: ((المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله ... )) . وأورده الألباني في ((صحيح الجامع)) (1937) بلفظ: ((إن المتحابين..)) وروى الإمام أحمد في ((المسند)) (5/237) ، وابن أبي الدنيا في ((الأخوان)) (9) ؛ من حديث عبادة بن الصامت: ((حقت محبتي للمتحابين فيَّ ... والمتحابون في الله على منابر من نور في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله)) . وقال الألباني في ((صحيح الجامع)) (4320) : ((صحيح

يشهد له ما بعده)) . وروى الإمام أحمد في ((المسند)) (5/300، 308) ، والدارمي (2/262) والبغوي في ((شرح السنة)) (2143) وحسنه؛ من حديث أبي قتادة رضي الله عنه: ((من نَفَّسَ عن غريمه أو محا عنه؛ كان في ظل العرش يوم القيامة)) وصححه الألباني في صحيح الجامع (7576) وروى الإمام أحمد في ((المسند)) (8696-شاكر) ، والترمذي (صحيح سنن الترمذي 1052) واللفظ له؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((من أنظر معسراً، أو وضع له؛ أظلَّه الله يوم القيامة تحت ظل عرشه، يوم لا ظلَّ إلا ظِلُّه)) . وأورده الشيخ مقبل الوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (رقم 1307و1461) . معنى (الظل) الوارد في الأحاديث: قال الحافظ أبو عبد الله بن منده في ((كتاب التوحيد)) (3/190) : ((بيان آخر يدل على أن العرش ظل_ٌ يستظل فيه من يشاء الله من عباده)) ، ثم ذكر بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي، اليوم أظلهم في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي)) ، ثم أورد حديث: ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)) ، وكأنه رحمه الله يشير إلى أنَّ الظل في حديث

السبعة هو ظل العرش الوارد في حديث المتحابين في الله. وقال ابن عبد البر في ((التمهيد)) (2/282) بعد أو أورد حديث ((سبعة في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله)) : ((والظل في هذا الحديث يراد به الرحمة، والله أعلم، ومن رحمة الله الجنة، قال الله عَزَّ وجلَّ: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} ، وقال: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} ، وقال: {فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ} . اهـ. وقال البغوي في ((شرح السنة)) (2/355) في شرح حديث السبعة: ((قيل: في قوله: ((يظلهم الله في ظله)) ؛ معناه: إدخاله إياهم في رحمته ورعايته، وقيل: المراد منه ظل العرش)) . اهـ. وقال الشيخ حافظ حكمي في ((معارج القبول)) (1/170) عند كلامه على عُلُو الله فوق عرشه ووصف العرش؛ قال: ((ومن ذلك النصوص الواردة في ذكر العرش وصفته، وإضافته غالباً إلى خالقه تبارك وتعالى فوقه)) ، ثم ذكر بعض الآيات والأحاديث، إلى أن قال: ((وفيه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: ((سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله)) )) . اهـ. فأنت ترى أنَّ سياق الكلام يدل على أنَّ الظل عنده من صفات العرش. وقال الحافظ ابن حجر في ((الفتح (2/144) عند شرح حديث السبعة: ((قوله: ((في ظله)) ؛ قال عياض: إضافة الظل إلى الله إضافة

العتاب أو العتب

ملك، وكل ظل؛ فهو ملكه. كذا قال، وكان حقه أن يقول: إضافة تشريف؛ ليحصل امتياز هذا على غيره؛ كما قيل للكعبة: بيت الله، مع أنَّ المساجد كلها ملكه. وقيل: المراد بظله: كرامته وحمايته؛ كما يقال: فلان في ظل الملك. وهو قول عيسى بن دينار، وقوَّاه عياض. وقيل: المراد ظل عرشه. ويدل عليه حديث سلمان عند سعيد بن منصور بإسناد حسن: ((سبعة يظلهم الله في ظل عرشه (فذكر الحديث) ، وإذا كان المراد ظل العرش؛ استلزم ما ذكر من كونهم في كنف الله وكرامته من غير عكس؛ فهو أرجح، وبه جزم القرطبي، ويؤيده أيضاً تقييد ذلك بيوم القيامة؛ كما صرح به ابن المبارك في روايته عن عبيد الله بن عمر، وهو عند المصنف في كتاب الحدود، وبهذا يندفع قول من قال: المراد ظل طوبى أو ظل الجنة؛ لأن ظلهما إنما يحصل لهم بعد الاستقرار في الجنة، ثم إنَّ ذلك مشترك لجميع من يدخلها، والسياق يدل على امتياز أصحاب الخصال المذكورة، فيرجح أنَّ المراد ظل العرش)) اهـ. الْعِتَابُ أوِ الْعَتْبُ صفةٌ فعليَّةٌ اختياريَّةٌ ثابتةٌ بالسنة الصحيحة كما يليق بربنا جلَّ وعلا. ? الدليل: 1- حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: ((قام موسى خطيباً في

العجب

بني إسرائيل، فَسُئِل: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا أعلم. فَعَتَبَ الله عليه إذ لم يردَّ العلم إليه ... )) . رواه: البخاري (122) ، ومسلم (2380) . 2- قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يقص ما جرى بين النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته: ((فاعتزل النبي صلى الله عليه وسلم من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصة إلى عائشة، وكان قد قال: ما أنا بداخل عليهن شهراً؛ من شدة موجدته عليهن حين عاتبه الله ... )) . رواه البخاري (2468) وفي ((القاموس)) : ((يطلق العتاب على الموجِدَة والسخط والغضب واللوم)) . قال أبو موسى المديني في ((المجموع المغيث)) (2/400) : ((وفي حديث أبيٍّ في ذكر موسى حين سئل: أي الناس أعلم؟ قال: أنا ((فعتب الله عليه)) العتبُ: أدنى الغضب)) اهـ. وهذا منه رحمه الله إثباتٌ لهذه الصفة بمعناها، وهو أدنى الغضب. الْعَجَبُ صفةٌ من صفاتِ الله عَزَّ وجلَّ الفعليَّة الخبريَّة الثابتة له بالكتاب والسنة.

الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [الصافات: 12] . قال ابن جرير في ((التفسير)) : ((قوله: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} ؛ اختلفت القرَّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرَّاء الكوفة: {بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ} ؛ بضم التاء من {عَجِبْتَ} ؛ بمعنى: بل عظم عندي وكبر اتخاذهم لي شريكاً وتكذيبهم تَنْزيلي وهم يسخرون، وقرأ ذلك عامة قرَّاء المدينة والبصرة وبعض قرَّاء الكوفة {عَجِبْتَ} ؛ بفتح التاء؛ بمعنى: بل عجبت أنت يا محمد ويسخرون من هذا القرآن. والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان في قرَّاء الأمصار، فبأيتهما قرأ القاريء؛ فمصيب. فإن قال قائل: وكيف يكون مصيباً القاريء بهما مع اختلاف معنييهما؟ ! قيل: إنهما وإن اختلف معنياهما؛ فكلّ واحد من معنييه صحيح، قد عجب محمد مما أعطاه الله من الفضل، وسخر منه أهل الشرك بالله، وقد عجِب ربنا من عظيم ما قاله المشركون في الله، وسَخِر المشركونَ مما قالوه)) اهـ. وقال أبو زرعة عبد الرحمن بن زنجلة في كتابه ((حجة القراءات)) (ص 606) : ((قرأ حمزة والكسائي: {بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ} ؛ بضم التاء، وقرأ الباقون بفتح التاء ... )) ، ثم قال: ((قال أبو عبيد: قوله: {بَلْ عَجِبْتَ

وَيَسْخَرُونَ} ؛ بالنصب: بل عجِبت يا محمد من جهلهم وتكذيبهم وهم يسخرون منك، ومن قرأ: {عَجِبْتُ} ؛ فهو إخبار عن الله عَزَّ وجلَّ)) اهـ. وقد صحت القراءة بالضم عن ابن مسعود رضي الله عنه كما سيأتي. 2- وقوله تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قولهمْ أَءِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [الرعد: 5] . نقل ابن جرير في ((تفسير)) هذه الآية بإسناده إلى قتادة قوله: ((قوله: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ} : إن عجِبت يا محمد؛ فعََجَبٌ {قولهمْ أَءِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} : عجِب الرحمن تبارك وتعالى من تكذيبهم بالبعث بعد الموت)) قال ابن زنجلة في ((حجة القراءت)) (ص 607) بعد ذكر قراءة {بَلْ عَجِبْتُ} بالضم: ((قال أبو عبيد: والشاهد لها مع هذه الأخبار قوله تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قولهمْ} ، فأخبر جل جلاله أنه عجيب)) . ? الدليل من السنة: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((لقد عَجِبَ الله عَزَّ وجلَّ (أو: ضحك) من فلان وفلانة)) . رواه البخاري (4889) ، ومسلم (2054) بلفظ: ((قد عَجِب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة)) . 2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((عَجِبَ الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل)) . رواه البخاري (3010)

3- روى الحاكم في ((المستدرك)) (2/430) ، ومن طريقه البيهقي في ((الأسماء والصفات)) (2/225) ؛ بسند صحيح عن الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة؛ قال: ((قرأ عبد الله (يعني: ابن مسعود) رضي الله عنه: {بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ} ؛ قال شريح: إنَّ الله لا يعجب من شيء، إنما يعجب من لا يعلم. قال الأعمش: فذكرت لإبراهيم، فقال: إنَّ شريحاً كان يعجبه رأيه، إنَّ عبد الله كان أعلم من شريح، وكان عبد الله يقرأها: {بَلْ عَجِبْتُ} )) . قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي)) . قال أبو يعلى الفراء في ((إبطال التأويلات)) (ص 245) بعد أن ذكر ثلاثة أحاديث في إثبات صفة العَجَب: ((اعلم أنَّ الكلام في هذا الحديث (يعني: الثالث) كالكلام في الذي قبله، وأنه لا يمتنع إطلاق ذلك عليه وحمله على ظاهره؛ إذ ليس في ذلك ما يحيل صفاته، ولا يخرجها عما تستحقه؛ لأنا لا نثبت عَجَبَاً هو تعظيم لأمر دَهَمَه استعظمه لم يكن عالماً به؛ لأنه مما لا يليق بصفاته، بل نثبت ذلك صفة كما أثبتنا غيرها من صفاته)) . وقال قوَّام السُّنَّة الأصبهاني في (الحجة)) (2/457) : ((وقال قوم: لا يوصف الله بأنه يَعْجَبُ؛ لأن العَجَب ممَّن يعلم ما لم يكن يعلم، واحتج مثبت هذه الصفة بالحديث، وبقراءة أهل الكوفة: {بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ} ؛ على أنه إخبار من الله عَزَّ وجلَّ عن نفسه)) .

العدل

وقال ابن أبي عاصم في ((السنة)) (1/249) : ((باب: في تَعَجُّبِ ربنا من بعض ما يصنع عباده مما يتقرب به إليه)) ، ثم سرد جملة من الأحاديث التي تثبت هذه الصفة لله عَزَّ وجلَّ. وانظر إن شئت: ((مجموع الفتاوى)) لشيخ الإسلام ابن تيمية (4/181، 6/123و124) . الْعَدْلُ صفةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالأحاديث الصحيحة. ? الدليل: ما رواه: البخاري (3150) ، ومسلم (1062) ؛ من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وقوله صلى الله عليه وسلم للذي قال: والله؛ إنَّ هذه قسمة ما عدل فيها. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فمَن يعدل إذا لم يَعْدِل الله ورسوله)) . قال ابن القيم في ((النونية)) (2/98) : ((والعَدْلُ مِنْ أوْصَافِهِ فِي فِعْلِهِ ... وَمَقَالِهِ وَالحُكْمِ فِي المِيزانِ)) ... قال الهرَّاس: ((وهو سبحانه موصوف بالعدل في فعله، فأفعاله كلها جارية على سنن العدل والاستقامة، ليس فيها شائبة جور أصلاً؛ فهي دائرة كلها بين الفضل والرحمة، وبين العدل والحكمة)) . اهـ

العز والعزة

وقد عدَّ بعضهم (العدل) من أسماء الله تعالى، وليس معهم في ذلك دليل، والصواب أنه ليس اسماً له، بل هو صفة. الْعِزُّ وَالْعِزَّةُ صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله تعالى بالكتاب والسنة، و (العزيز) و (الأعز) من أسماء الله عَزَّ وجلَّ. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 129] . 2- وقوله: {وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26] . 3- وقوله: {فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [النساء: 139] ، {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [يونس: 65] ، {فللهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر: 10] ، {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8] . ? الدليل من السنة: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((قال الله عَزَّ وجلَّ: العِزُّ إزاري، والكبرياء ردائي، فمن ينازعني؛ عذبته)) . رواه: مسلم (2620) ، وأبو داود (4090) . 2- حديث ابن عباس رضي الله عنه: ((. . . اللهم أعوذ بعِزَّتك ... )) . رواه: مسلم (2717) ، والبخاري معلقاً (كتاب الأيمان والنذور، باب

الحلف بعِزَّة الله وصفاته وكلماته) . 3- حديث أنس رضي الله عنه: ((لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد؟ حتى يضع رب العِزَّة فيها قدمه، فتقول: قط قط وعِزَّتك، ويزوي بعضها إلى بعض)) . رواه البخاري (6661) 4- أثر عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ أنهما كانا يقولان في السعي بين الصفا والمروة: ((رب اغفر وارحم، وتجاوز عمَّا تعلم؛ إنك أنت الأعزُّ الأكرم)) . رواه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (4/68) ، والطبراني في ((الدعاء)) (870) ، والبيهقي في ((السنن)) (5/95) ؛ موقوفاً على ابن مسعود رضي الله عنه، ورواه ابن أبي شيبة (4/69) موقوفاً على ابن عمر رضي الله عنهما. وصحح العراقي في ((تخريج إحياء علوم الدين)) (1/321) إسناد الموقوف على ابن مسعود رضي الله عنه. وقال الحافظ - كما في ((الفتوحات الربانية)) (4/401-402) عن أثر ابن مسعود: ((موقوف صحيح الإسناد)) . وقال الألباني -رحمه الله- في ((مناسك الحج والعمرة)) (ص 28) : ((رواه ابن أبي شيبة عن ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما بإسنادين صحيحين)) . قلت: فثبت بذلك أنَّ (الأعز) من أسماء الله الثابتة بالسنة؛ فهذا مما لا

يقال بالرأي، و (الأكرم) ثابت بالكتاب والسنة. انظر صفة (الكرم) . المعنى: بوب البخاري الباب الثاني عشر من كتاب الأيمان والنذور بقوله: ((باب الحلف بعِزَّة الله وصفاته وكلماته)) ، وفي كتاب التوحيد: ((باب قول الله تعالى: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ، {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون} ، {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ} ، ومن حلف بعِزَّة الله وصفاته)) . فأنت ترى أنه يثبت صفة العِزَّة لله عَزَّ وجلَّ، ولذلك قال الحافظ في ((الفتح)) (13/370) : ((والذي يظهر أنَّ مراد البخاري بالترجمة إثبات العِزَّة لله، رادّاً على من قال: إنه عزيز بلا عِزَّة؛ كما قالوا: العليم بلا علم)) . قال الشيخ الغنيمان حفظه الله تعقيباً: ((قلت: لا يقصد إثبات العِزَّة بخصوصها، بل مع سائر الصفات؛ كما هو ظاهر)) ((شرح كتاب التوحيد)) (1/150) . وقال الغنيمان أيضاً (1/149) : ((والعِزَّة من صفات ذاته تعالى التي لا تنفك عنه، فغلب بعِزَّته، وقهر بها كل شيء، وكل عِزَّة حصلت لخلقه؛ فهي منه ... )) اهـ. ومعنى (العِزَّة) ؛ أي: المنعة والغلبة، ومنه قوله تعالى: {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} ؛ أي: غَلَبني وقهرني، ومن أمثال العرب: ((من عزَّ بزَّ)) ؛ أي: من غلب استلب. انظر: ((معاني القرآن الكريم)) للنحاس (2/219) .

الْعَزْمُ صفةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالسنة الصحيحة. ? الدليل: حديث أم سلمة رضي الله عنه في ((صحيح مسلم)) (918-5) ؛ قالت: (( ... فلما توفي أبو سلمة؛ قلت: من خير من أبي سلمة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ! ثم عَزَمَ الله لي، فقلتها)) . قالت: ((فتزوجت رسول الله صلى الله عليه وسلم)) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (16/303) : ((وهل يجوز وصفه بالعَزْم؟ فيه قولان: أحدهما: المنع؛ كقول القاضي أبي بكر والقاضي أبي يعلى، والثاني: الجواز، وهو أصح؛ فقد قرأ جماعة من السلف: {فَإِذَا عَزَمْتُ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} ؛ بالضم، وفي الحديث الصحيح من حديث أم سلمة: ((ثم عَزَمَ الله لي)) ، وكذلك في خطبة مسلم: ((فعَزَمَ لي)) )) اهـ. يعني ابن تيمية بخطبة الإمام مسلم قوله في المقدمة: ((وللذي سألتَ أكرمك الله حين رجعتُ إلى تدبره وما تؤول به الحال إن شاء الله ن عاقبةٌ محمودةٌ، ومنفعةٌ موجودةٌ، وظننتُ حين سألتني تجشُّم ذلك أن لو عُزِم لي، عليه وقُضِي لي تمامُه، كان أوَّلُ من يصيبه نفعُ ذلك إياي خاصةً قبل غيري من الناس لأسباب كثيرة يطول بذكرها الوصف ... )) اهـ. فقوله: (لو عُزِم

العطاء والمنع

لي) أي لو عَزَمَ الله لي. قلت: والعَزْمُ في حق المخلوقين عقد القلب على إمضاء الأمر، ولا نقول في حق الله: كيف؟ بل نثبته على وجه يليق بجلاله وعظمته، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} . ومعناه في اللغة: الجد وإرادة الفعل. الْعَطَاءُ وَالْمَنْعُ صفتان فعليتان لله عَزَّ وجلَّ ثابتتان بالكتاب والسنة، و (المعطي) من أسماء الله عَزَّ وجلَّ. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] 2- وقوله: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: 50] ? الدليل من السنة: 1- حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما: ((من يرد الله به خيراً؛ يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم، ويعطي الله)) . رواه: البخاري (7312) ، ومسلم (1037-100) . وفي رواية عند البخاري (3116) : ((والله المعطي وأنا القاسم)) . 2- الحديث المشهور: (( ... اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ... )) . رواه: البخاري (844) ، ومسلم (471) .

العظمة

قال ابن منظور في ((لسان العرب)) : ((المانع: من صفات الله تعالى له معنيان: أحدهما: ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: ((اللهم لا مانع لما أعطيت ولا مُعْطي لما منعت)) ، فكان عَزَّ وجلَّ يُعطي من استحق العطاء، ويمنع من لم يستحق إلا المنع، ويعطي من يشاء، ويمنع من يشاء، وهو العادل في جميع ذلك. والمعنى الثاني: أنه تبارك وتعالى يمنع أهل دينه؛ أي: يَحُوطُهم وينصرهم. وقيل: يمنع من يريد من خلقه ما يريد، ويعطيه ما يريد. ومن هذا يقال: فلان في مَنَعَةٍ؛ أي: في قوم يمنعونه ويحمونه، وهذا المعنى في صفة الله جل جلاله بالغ؛ إذ لا منعة لمن لم يمنعه الله، ولا يمتنع من لم يكن الله له مانعاً)) . الْعَظَمَةُ صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة، والعظيم اسم من أسمائه. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255] . 2- وقوله: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 96، الحاقة: 52] . 3- وقوله: {إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ} [الحاقة: 33] .

الدليل من السنة: 1- حديث أنس رضي الله عنه في الشفاعة، وفيه:: ((فيقال لي: يا محمد! ارفع رأسك، وقل يسمع لك، واشفع تشفع. فأقول: يا رب! فيمن قال: لا إله إلا الله والله أكبر. فيقول: وعزتي وجلالي وعظمتي؛ لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله)) . رواه: البخاري (7510) ، ومسلم (326-193) . 2- حديث ابن عباس رضي الله عنه في دعاء الكرب: ((لا إله إلا الله العظيم الحليم ... )) . رواه البخاري (7431) ، ومسلم (2730) . قال قوَّام السُّنَّة الأصبهاني في ((الحجة في بيان المحجة)) (1/130) : ((ومن أسمائه تعالى العظيم: العَظَمَة صفة من صفات الله، لا يقوم لها خلق، والله تعالى خلق بين الخلق عظمة يعظم بها بعضهم بعضاً، فمن الناس من يعظم لمال، ومنهم من يعظم لفضل، ومنهم من يعظم لعلم، ومنهم من يعظم لسلطان، ومنهم من يعظم لجاه، وكل واحد من الخلق إنما يعظم لمعنى دون معنى، والله عَزَّ وجلَّ يعظم في الأحوال كلها)) . وقال الأزهري في ((تهذيب اللغة)) (2/303) : ((ومن صفات الله عَزَّ وجلَّ: العلي العظيم ... وعظمة الله لا تُكيَّف ولا تُحدُّ ولا تُمثَّل بشيء، ويجب على العباد أن يعلموا أنه عظيم كما وصف نفسه، وفوق ذلك؛ بلا كيفية ولا تحديد)) اهـ. وانظر كلام ابن كثير في صفة (السمع) .

العفو والمعافاة

الْعَفْوُ وَالْمُعَافَاةُ صفةٌ فعليَّةٌ لله عَزَّ وجلَّ ثابتةٌ له بالكتاب والسنة، ومعناها الصفح عن الذنوب، و (العَفُوُّ) اسم لله تعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {إِنَّ الله كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 43] . 2- وقوله: {عَفَا الله عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ لَهمْ} [التوبة: 43] . ? الدليل من السنة: 1- حديث الدعاء على الجنازة: ((اللهم اغفر له، وارحمه، وعافه واعف عنه ... )) . رواه مسلم (963) . 2- حديث عائشة رضي الله عنها: ((اللهم إني أعوذ برضاك من سخك، وبمعافاتك من عقوبتك ... )) . رواه مسلم (486) . ولا يستعاذ إلا بالله أو بصفة من صفاته. قال الأزهري في ((تهذيب اللغة)) (3/222) : ((قال أبو بكر بن الأنباري: الأصل في قوله جلَّ وعزَّ: {عَفَا الله عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ لَهمْ} : محا الله عنك؛ مأخوذ من قولهم: عفت الرياح الآثار: إذا درستها ومحتها ... )) . وقال ابن القيم في ((النونية)) (2/81) : ((وَهُوَ العَفُوُّ فَعَفْوُهُ وَسِعَ الوَرَى ... لَوْلاَهُ غَارَ الأرْضُ بِالسُّكَّانِ))

العلم

وقال السعدي في ((التفسير)) (5/300) : ((العفو، الغفور، الغفار: الذي لم يزل ولا يزال بالعفو معروفاً، وبالغفران والصفح عن عباده موصوفاً)) . الْعِلْمُ صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة، ومن أسمائه (العليم) . ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [الأنعام: 73، الرعد: 9، التغابن: 18] 2- وقوله: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ} [البقرة: 255] 3- وقوله: {وَأَنَّ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَليمٌ} [المائدة: 97] . 4- وقوله: {إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ} [المائدة: 116] . ? الدليل من السنة: 1- حديث الاستخارة: ((اللهم إني أستخيرك بعلمك ... )) . رواه البخاري (6382) . 2- حديث ابن عباس رضي الله عنهما وقول الخضِر لموسى عليهما السلام: ((إنك على علمٍ من علم الله علمكه الله لا أعلمه، وأنا على علمٍ من علم

الله علمنيه لا تعلمه)) .رواه البخاري (122) ومسلم (4385) والأدلة لإثبات هذه الصفة كثيرة جداً. قال البخاري في ((صحيحه)) ((كتاب التوحيد)) : ((باب قول الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} ، و {إِنَّ الله عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} ، و {أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ} ، {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ} ، {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ} )) قال الشيخ الغنيمان في ((الشرح)) (1/103) : ((أراد البخاري رحمه الله بيان ثبوت علم الله تعالى، وعلمه تعالى من لوازم نفسه المقدسة، وبراهين علمه تعالى ظاهرة مشاهدة في خلقه وشرعه، ومعلوم عند كل عاقل أنَّ الخلق يستلزم الإرادة، ولا بدَّ للإرادة من علم بالمراد؛ كما قال تعالى: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} ... )) ، ثم قال: ((والأدلة على وصف الله بالعلم كثيرة، ولا ينكرها إلا ضال أو معاند مكابر)) اهـ. قال الإمام أحمد: ((إذا قال الرجل: العلم مخلوق؛ فهو كافر، لأنه يزعم أنَّ الله لم يكن له علم حتى خلقه)) . وقال: ((وهو يعلم ما في السماوات السبع، والأرضين السبع، وما بينهما، وما تحت الثرى، وما في قعر البحار، ومنبت كل شعرة وكل شجرة وكل زرع وكل نبات، ومسقط كل ورقة، وعدد ذلك، وعدد الحصى والرمل والتراب، ومثاقيل الجبال، وأعمال العباد وآثارهم، وكلامهم،

العلو والفوقية

وأنفاسهم، ويعلم كل شيء، لا يخفى عليه من ذلك شيء، وهو على العرش فوق السماء السابعة)) . انظر: ((المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة)) (1/283، 284) . الْعُلُوُّ وَالْفَوْقِيَّةُ صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة، ومن أسمائه (العلي) و (الأعلى) و (المتعال) . والعُلُوُ ثلاثة أقسام: 1- عُلُوُ شأن. انظر صفة: (العَظَمَة) و (الجلال) . 2- عُلُوُ قهر. انظر صفة (القهر) . 3- عُلُوُ فَوْقِيَّة (عُلُوُ ذات) . وأهل السنة والجماعة يعتقدون أنَّ الله فوق جميع مخلوقاته، مستوٍ على عرشه، في سمائه، عالياً على خلقه، بائناً منهم، يعلم أعمالهم ويسمع أقوالهم ويرى حركاتهم وسكناتهم لا تخفى عليه خافية. ? الدليل من الكتاب: الأدلة من الكتاب كثيرة جداً ومن ذلك: 1- قوله تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255] .

2- وقوله: {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] . 3- وقوله: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرعد: 9] . 4- وقوله: {وَهوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18] . 5- وقوله: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 50] . 6- وقوله: {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ الأَرْضَ} [الملك:16] ? الدليل من السنة: والأدلة من السنة أيضاً كثيرة جداً منها: 1- حديث: ((ألا تأمنوني وأنا أمين مَن في السماء؟!)) . رواه: البخاري (4351) ، ومسلم (1064) . 2- حديث النُّزُول إلى السماء الدنيا كل ليلة. 3- حديث عروج النبي صلى الله عليه وسلم وفرض الصلاة. 4- حديث: ((أين الله؟)) . قالت: في السماء. قال: ((من أنا؟)) قالت: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: ((أعتقها؛ فإنها مؤمنة)) . رواه: مسلم (537) ، وأحمد (5/447) . وللصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم آثار كثيرة عن عُلُوِ الله وفوقِيَّتِه، جمعها الذهبي في ((العُلُو)) وحققه واختصره الألباني -رحمه الله-، وابن قدامة في ((اثبات صفة العُلُو)) حققه بدر البدر، وذكر

العمل والفعل

كثيراً منها أسامة القصاص رحمه الله في كتابه ((إثبات عُلُو الله على خلقه والرد على المخالفين)) ؛ فراجعه؛ فإنه عظيم الفائدة، ولموسى الدويش كتاب ((عُلُوُ الله على خلقه)) نافعٌ جداً فراجعه إن شئت. الْعَمَلُ وَالْفِعْلُ وهما صفتان ثابتتان لله عَزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَيَفْعَلُ الله مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: 27] 2 - وقوله تعالى: {إِنَّ الله يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [الحج: 14] 3 - وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ} [يس: 17] ? الدليل من السنة: حديث أم رومان وهي أم عائشة رضي الله عنهما قالت: ((بينا أنا قاعدة أنا وعائشة إذ ولجت امرأة من الأنصار فقالت فَعَلَ الله بفلان وفعل ... )) رواه البخاري (3912) قال ابن منظور في لسان العرب: ((الفعل كنايةٌ عن كل عَمَلٍ مُتَعَدٍ أو غير مُتَعَدٍ)) قال البخاري في ((خلق أفعال العباد)) (1/114) : ((واختلف

العين

الناس في الفاعل والمفعول والفعل فقالت القدرية الأفاعيل كلها من البشر ليست من الله، وقالت الجبرية الأفاعيل كلها من الله، وقالت الجهمية الفعل والمفعول واحد لذلك قالوا لكن مخلوق، وقال أهل العلم التخليق فعل الله وأفاعيلنا مخلوقة لقوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوْ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ - أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَق َ} يعني السِّرَّ والجهرَ من القول ففعل الله صفة الله والمفعول غيره)) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى) (3/14) : ((ووصف نفسه بالعمل فقال {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ} ووصف عبده بالعمل فقال {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} وليس العمل كالعمل)) اهـ. الْعَيْنُ صفةٌ ذاتيةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة، وأهل السنة والجماعة يعتقدون أنَّ الله يبصر بعين، كما يعتقدون أن، الله عَزَّ وجلَّ له عينان تليقان به؛ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} . ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا} [هود: 37] . 2- وقوله: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39]

3- وقوله: {وَاصْبِرْ لِحُكمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور: 48] . ? الدليل من السنة: 1- روى أبو داود (13/37 - عون) بإسناد حسن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية {إِنَّ الله كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} ، فَوَضَعَ إبْهَامَهُ عَلَى أذنه، والتي تليها على عينيه)) . 2- حديث أنس رضي الله عنه: ((إنَّ الله لا يخفى عليكم إنَّ الله ليس بأعور (وأشار إلى عينيه) ، وإن المسيح الدجال أعور عين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية)) . رواه البخاري (7407) . قال ابن خزيمة في ((كتاب التوحيد)) (1/97) بعد أن ذكر جملة من الآيات تثبت صفة العين: ((فواجب على كل مؤمن أن يثبت لخالقه وبارئه ما ثبَّت الخالق البارئ لنفسه من العين، وغير مؤمن من ينفي عن الله تبارك وتعالى ما قد ثبَّته الله في محكم تَنْزيله ببيان النبي صلى الله عليه الذي جعله الله مبيِّناً عنه عَزَّ وجلَّ في قوله: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} ، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن لله عينين فكان بيانه موافقاً لبيان محكم التَنْزيل، الذي هو مسطور بين الدفتين، مقروء في المحاريب والكتاتيب)) . وقال (1/114) : ((نحن نقول: لربنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثرى وتحت الأرض السابعة السفلى، وما في السماوات العلى ... )) اهـ.

الغضب

وبوَّب الَّلالَكَائي في ((أصول الاعتقاد)) (3/412) بقوله: ((سياق ما دل من كتاب الله عَزَّ وجلَّ وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على أن صفات الله عَزَّ وجلَّ الوجه والعينين واليدين)) اهـ. وقال الشيخ عبد الله الغنيمان في ((شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (1/285) : ((قوله: ((إن الله ليس بأعور)) : هذه الجملة هي المقصودة من الحديث في هذا الباب؛ فهذا يدل على أن لله عينين حقيقة؛ لأن العور فقدُ أحد العينين أو ذهاب نورها)) . اهـ. وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في ((عقيدة أهل السنة والجماعة)) (ص 12) : ((وأجمع أهل السنة على أن العينين اثنتان، ويؤيده قول النبي صلى الله عليه وسلم في الدجَّال: ((إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور)) )) اهـ. وله -رحمه الله- إجابة مطولة حول هذه الصفة، وإثبات أن لله عينين في ((مجموع الفتاوى)) (3/41-50 - الطبعة الأولى) ؛ فلتراجع. وانظر كلام البغوي في صفة (الأصابع) ، وكلام ابن كثير في صفة (السمع) . الْغَضَبُ صفةٌ فعليَّةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنْ

الصَّادِقِينَ} [النور: 9] . 2- وقوله: {كلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} [طه: 81] . 3- وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ الله عَلَيْهِمْ} [الممتحنة: 13] . ? الدليل من السنة: 1- حديث: ((إنَّ رحمتي غلبت غضبي)) . رواه: البخاري (3194) ، ومسلم (2751) ؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. 2- حديث الشفاعة الطويل، وفيه: ((إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله ... )) . رواه: البخاري (3340) ، ومسلم (194) . وأهل السنة والجماعة يثبتون صفة الغضب لله عَزَّ وجلَّ بوجه يليق بجلاله وعظمته، لا يكيفون ولا يشبهون ولا يؤولون؛ كمن يقول: الغضب إرادة العقاب، ولا يعطلون، بل يقولون: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} . قال الطحاوي في ((عقيدته)) المشهورة: ((والله يغضب ويرضى لا كأحدٍ من الورى)) . قال الشارح ابن أبي العز الحنفي (ص 463) : ((ومذهب السلف

الغفران

وسائر الأئمة إثبات صفة الغضب والرضى والعداوة والولاية والحب والبغض ونحو ذلك من الصفات التي ورد بها الكتاب والسنة)) اهـ. وقال قوَّام السُّنَّة الأصبهاني في ((الحجة في بيان المحجة)) (2/457) : ((قال علماؤنا: يوصف الله بالغضب، ولا يوصف بالغيظ)) . الْغُفْرَانُ انظر: صفة (المغفرة) . الْغَلَبَةُ صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة؛ فالله غالب على أمره، ولا غالب له. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {كَتَبَ الله لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} [المجادلة: 21] . ... 2- وقوله: {وَالله غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 21] ? الدليل من السنة: حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

الغنى

كان يقول: ((لا إله إلا الله وحده، أعَزَّ جنده، ونصر عبده، وغلب الأحزاب وحده؛ فلا شيء بعده)) . رواه البخاري (4114) . والغلبة بمعنى القهر؛ كما في ((القاموس)) ، والله سبحانه وتعالى يتصف بالقهر، ومن أسمائه (القاهر) و (القهار) ؛ كما سيأتي. ومعنى: {لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} ؛ أي: لأنتصرن أنا ورسلي. {وَالله غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} ؛ قال السعدي: ((أي: أمره تعالى نافذ؛ لا يبطله مبطل، ولا يغلبه مغالب)) . اهـ. ((غلب الأحزاب وحده)) ؛ أي: قهرهم وهزمهم وحده. وقد عدَّ بعضُ العلماء (الغالب) من أسماء الله تعالى، وفيه نظر. الْغِنَى صفةٌ ذاتيَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة، و (الغني) من أسماء الله تعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَالله هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 15] . 2- وقوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ الله مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: 28] 3- وقوله: {وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى} [الضحى: 8] .

الدليل من السنة: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((بينا أيوب عليه السلام يغتسل عرياناً ... فناداه ربه عَزَّ وجلَّ: يا أيوب! ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى وعِزَّتِكَ ... )) . رواه البخاري (279) . 2- حديث: (( ... ومن يستعفف؛ يعفه الله، ومن يستغن؛ يغنه الله ... )) رواه البخاري (1469) ، ومسلم (1053) . 3- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك ... )) . رواه مسلم (2985) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في طريق الهجرتين لابن القيم (ص 6) -: ((والفَقْرُ لِي وَصْفُ ذَاتٍ لاَزِمٌ أبَداً ... كَمَا أَنَّ الغِنى أَبداً وَصْفٌ لَهُ ذَاتِي)) وقال ابن القيم في ((النونية)) (2/74) : ((وَهُوَ الغَنِيُّ بِذَاتِهِ فَغِنَاهُ ذَا ... تِيٌّ لَهُ كَالجُود وَالإحْسَانِ)) قال الشيخ الهرَّاس في ((الشرح)) : ((ومن أسمائه الحسنى (الغني) ؛ فله سبحانه الغنى التام المطلق من كل وجه؛ بحيث لا تشوبه شائبة فقر وحاجة أصلاً، وذلك لأن غناه وصف لازم له، لا ينفك عنه؛ لأنه مقتضى ذاته، وما بالذات لا يمكن أن يزول؛ فيمتنع أن يكون إلا غنيَّاً كما يمتنع أن يكون إلا جواداً محسناً برَّاً رحيماً كريماً)) اهـ. وانظر كلا م الزجاجي في: صفة (الواسع) .

الغيرة

الْغَيْرَةُ يوصف الله عَزَّ وجلَّ بالغَيْرة، وهي صفةٌ فعليَّةٌ خبريَّةٌ تليق بجلاله وعظمته، لا تشبه غَيْرَةَ المخلوق، ولا ندري كيف: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} . ? الدليل: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((إن الله تعالى يغار، وغيرة الله تعالى أن يأتي المرء ما حرَّم الله عليه)) . رواه: البخاري (5229) ، ومسلم (2761) . 2- حديث سعد بن عبادة رضي الله عنه: ((أتعجبون من غيرة سعد؟ فوالله لأنا أغير، واللهُ أغير مني، من أجل غيرة الله حرَّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا شخصٌ أغير من الله ... )) . رواه البخاري (7416) ، ومسلم واللفظ له (1499) . قال البخاري في ((صحيحه)) (كتاب التوحيد، باب 20) : ((باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا شخص أغير من الله)) )) . قال الشيخ الغنيمان في ((الشرح)) : ((وغيرة الله تعالى من جنس صفاته التي يختص بها؛ فهي ليست مماثلة لغيرة المخلوق، بل هي صفة تليق بعظمته؛ مثل الغضب والرضى ... ونحو ذلك من خصائصه التي لا يشاركه الخلق فيها)) .

وقال أبو يعلى الفراء في ((إبطال التأويلات)) (1/165) بعد ذكر الحديثين السابقين: ((اعلم أن الكلام في هذا الخبر في فصلين: أحدهما: إطلاق صفة الغَيْرة عليه. والثاني: في إطلاق الشخص. أما الغيرة؛ فغير ممتنع إطلاقها عليه سبحانه؛ لأنه ليس في ذلك ما يحيل صفاته ولا يخرجها عما تستحقه؛ لأن الغيرة هي الكراهية للشيء، وذلك جائز في صفاته. قال تعالى: {وَلَكِنْ كَرِهَ الله انْبِعَاثَهُمْ} [التوبة: 46] )) اهـ. وقال الحافظ ابن القيم في ((الصواعق المرسلة)) (4/1497) : ((إنَّ الغيرة تتضمن البغض والكراهة، فأخبر أنَّه لا أحد أغير منه، وأنَّ من غَيْرته حرَّم الفواحش، ولا أحد أحب إليه المدحة منه، والغيرةُ عند المعطلة النفاة من الكيفيات النفسية، كالحياء والفرح والغضب والسخط والمقت والكراهية، فيستحيل وصفه عندهم بذلك، ومعلومٌ أنَّ هذه الصفات من صفات الكمال المحمودة عقلاً وشرعاً وعرفاً وفطرةً، وأضدادها مذمومة عقلاً وشرعاً وعرفاً وفطرةً، فإنَّ الذي لا يغار بل تستوي عنده الفاحشةُ وتركها؛ مذمومٌ غايةَ الذمِّ مستحقٌ للذمِّ القبيح)) اهـ وانظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (6/119-120) ، و (4/181) ؛ حيث نقل كلام شيخ الحرمين الكرجي في إثبات جملة من صفات الله عَزَّ وجلَّ، منها صفة (الغَيْرة) .

الفتح

الْفَتْحُ صفةٌ لله عَزَّ وجلَّ ثابتةٌ بالكتاب والسنة، و (الفتاح) اسم من أسمائه تعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} [سبأ: 26] . 2- وقوله: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف: 89] . 3- قوله: {مَا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا} [فاطر:2] ? الدليل من السنة: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (( ... اللهم احبسها علينا (يعني: الشمس) ، فحبست حتى فتح الله عليه ... )) . رواه: البخاري (3124) ، ومسلم (1747) . 2- حديث: ((لأعطين هذه الراية رجلاً يحب الله ورسوله، يفتح الله على يديه ... )) . رواه مسلم (2405) . قال ابن القيم في ((النونية)) (2/100) : ((وكذلك الفتَّاح مِنْ أسْمَائِهِ ... والفَتْحُ فِي أوْصَافِهِ أمْرَانِ فتحٌ بحُكْمٍ وهو شرعُ إلهِنَا ... والفتحُ بالأقْدارِ فَتْحٌ ثانِ والرَّبُ فَتَّاحٌ بِذين كليْهِمَا ... عدْلاً وإحْسَاناً مِنَ الرَّحْمنِ)) ...

الفرح

والفتح بمعنى الحكم والقضاء كما في الآية الثانية، والفتح ضد الغلق كما في الآية الثالثة، والفتح بمعنى النصر كما في الحديثين السابقين. الْفَرَحُ صفةٌ فعليَّةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالأحاديث الصحيحة. ? الدليل: حديث: ((لله أفرح بتوبة عبده ... )) وفي لفظٍ: ((أشد فرحاً)) وهو في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود وأنس بن مالك وأبي هريرة والنعمان بشير والبراء بن عازب رضي الله عنهم. انظر: البخاري (6308 و 6309) ، ومسلم (4927- 4933) . قال أبو إسماعيل الصابوني في ((عقيدة السلف أصحاب الحديث)) (ص 5) : ((وكذلك يقولون في جميع الصفات (أي: الإثبات) التي نزل بذكرها القرآن، ووردت بها الأخبار الصحاح من السمع والبصر والعين ... والفرح والضحك وغيرها ... )) اهـ. وقال الشيخ محمد خليل الهرَّاس في شرحه للعقيدة الواسطية (ص 166) عند شرحه لهذا الحديث: ((وفي هذا الحديث إثبات صفة الفرح لله عَزَّ وجلَّ، والكلام فيه كالكلام في غيره من الصفات؛ أنه صفة حقيقية لله عَزَّ وجلَّ، على ما يليق به، وهو من صفات الفعل التابعة لمشيئته تعالى

الفطر

وقدرته، فيحْدُث له هذا المعنى المعبَّر عنه بالفرح عندما يُحدِثُ عبدُهُ التوبةَ والإنابَةَ إليه، وهو مستلزمٌ لرضاه عن عبده التائب، وقبوله توبته. وإذا كان الفرح في المخلوق على أنواع؛ فقد يكون فرح خفة وسرور وطرب وقد يكون فرح أشر وبطرٍ؛ فالله عَزَّ وجلَّ مُنَزَّه عن ذلك كله، ففرحهُ لا يشبه فرح أحد من خلقه؛ لا في ذاته، ولا في أسبابه، ولا في غاياته؛ فسببه كمال رحمته وإحسانه التي يحب من عباده أن يتعرَّضوا لها، وغايته إتمام نعمته على التائبين المنيبين. وأما تفسير الفرح بلازمه، وهو الرضى، وتفسير الرضى بإرادة الثواب؛ فكل ذلك نفيُ وتعطيلٌ لفرحه ورضاه سبحانه، أوجبه سوءُ ظنِّ هؤلاء المعطِّلة بربهم، حيث توهَّموا أن هذه المعاني تكون فيه كما هي في المخلوق، تعالى الله عن تشبيههم وتعطيلهم)) . اهـ. وممَّن أثبت صفة (الفرح) من السلف: الدارمي، وابن قتيبة، وأبو يعلى الفراء. انظر: صفة (البشبشة) . وانظر كلام البغوي في صفة (الأصابع) وكلام ابن كثير في صفة (السمع) . الْفَطْرُ من صفات أفعاله تعالى أنه فَطَرَ الخلق، وهو فاطر السماوات والأرض، وهذا ثابت بالكتاب والسنة.

الفعل

الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَولَ مَرَّةٍ} [الإسراء: 51] . 2- وقوله: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30] . 3- وقوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [فاطر: 1] . 4- وقوله: {إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} [الزخرف: 27] . ? الدليل من السنة: 1- حديث: ((اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض ... )) . رواه مسلم (770) . 2- حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (( ... وجهت وجهي للذي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً ... )) . رواه مسلم (771) . المعنى: فَطَرَ؛ أي: شَقَّ، والفَطْر: الابتداء والاختراع، فطركم أول مرة؛ أي: ابتدأ خلقكم، فطر السماوات والأرض؛ أي: شقهما وفتقهما بعد أن كانتا رتقاً، وهو مبدعها ومبتدئها وخالقها. انظر كتب التفسير، و ((النهاية)) لابن الأثير. الْفِعْلُ انظر: صفة (العمل) .

الفوقية

الْفَوْقِيَّةُ أهل السنة والجماعة يثبتون عُلُوَ الله وفَوْقِيَّته، وأنه سبحانه فوق كلِّ شيء. انظر صفة (العُلُو) . الْقَبْضُ وَالطَّيُّ صفتان فعليتان خبريَّتان لله عَزَّ وجلَّ، ثابتتان بالكتاب والسنة، و (القابض) من أسماء الله تعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَالله يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: 245] 2- قوله تعالى: {وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] . ? الدليل من السنة: حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((يقبض الله تبارك وتعالى الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه ... )) . رواه: البخاري (7382) ، ومسلم (2787) . قال أبو يعلى الفراء في ((إبطال التأويلات)) (ص 168) بعد ذكر حديث: ((إن الله خلق آدم من قبضة قبضها ... )) : ((اعلم أنه غير ممتنع

إطلاق القبض عليه سبحانه، وإضافتها إلى الصفة التي هي اليد التي خلق بها آدم؛ لأنه مخلوق باليد من هذه القبضة، فدلَّ على أنها قبضةٌ باليد، وفي جواز إطلاق ذلك أنه ليس في ذلك ما يُحيل صفاته ولا يُخرجها عما تستحقه)) . اهـ. وقال ابن القيم في ((مختصر الصواعق المرسلة)) (2/171) : ((ورد لفظ (اليد) في القرآن والسنة وكلام الصحابة والتابعين في أكثر من مائة موضع وروداً متنوعاً متصرفاً فيه مقروناً بما يدل على أنها يد حقيقة من الإمساك والطي والقبض والبسط ... )) . وقال الشيخ عبد الله الغنيمان في ((شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (1/140) : ((قوله: ((يقبض الله الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه)) : القبض: هو أخذ الشيء باليد وجمعه، والطي: هو ملاقاة الشيء بعضه على بعض وجمعه، وهو قريب من القبض. وهذا من صفات الله تعالى الاختيارية، التي تتعلق بمشيئته وإرادته، وهي ثابتةٌ بآيات كثيرة وأحاديث صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي مما يجب الإيمان به؛ لأن ذلك داخل في الإيمان بالله تعالى، ويحرم تأويلها المخرج لمعانيها عن ظاهرها، وقد دلَّ على ثبوتها لله تعالى العقل أيضاً؛ فإنه لا يمكن لمن نفاها إثبات أن الله هو الخالق لهذا الكون المشاهد؛ لأن الفعل لابد له من فاعل، والفاعل لابدَّ له من فعل، وليس هناك فعل معقول إلا ما قام

القدرة

بالفاعل، سواءً كان لازماً كالنُّزُول والمجيء، أو متعديَّاً كالقبض والطي؛ فحدوث ما يحدثه تعالى من المخلوقات تابع لما يفعله من أفعاله الاختيارية القائمة به تعالى؛ وهو تعالى حيٌ قيُّوم، فعَّال لما يريد، فمن أنكر قيام الأفعال الاختيارية به تعالى فإن معنى ذلك أنه ينكر خلقه لهذا العالم المشاهد وغير المشاهد، وينكر قوله: {إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ؛ فالعقل دل على ما جاء به الشرع. وما صرح به في هذا الحديث من القبض والطي، قد جاء صريحاً أيضاً في كتاب الله تعالى؛ كما قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، والأحاديث والآثار عن السلف في صريح الآية والحديث المذكور في الباب كثيرة وظاهرة جلية لا تحتمل تأويلاً ولا تحتاج إلى تفسير، ولهذا صار تأويلها تحريفاً وإلحاداً فيها)) . اهـ. وانظر: صفة (البسط) . الْقُدْرَةُ صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة، ومن أسمائه تعالى: (القادر) و (القدير) و (المقتدر) . ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {إِنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 20] وغيرها.

- القدم

2- وقوله: {قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عذَاباً} [الأنعام: 65] 3- وقوله: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ - فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 55] . ? الدليل من السنة: 1- حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه مرفوعاً: ((أعوذ بعِزَّة الله وقدرته من شر ما أجدُ وأحاذِرُ)) . رواه مسلم (2202) . 2- حديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه، لما ضرب غلامه؛ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((اعلم أبا مسعود! أن الله أقدرُ عليك منك على هذا الغلام)) . رواه مسلم (1659) . قال الخطابي في ((شأن الدعاء)) (85) : ((ووصف الله نفسه بأنه قادرٌ على كلِّ شيء أراده، لا يعترضه عجز ولا فتور، وقد يكون القادر بمعنى المقدِّر للشيء، يقال: قَدَّرت الشيءَ وقدَرْتُه؛ بمعنى واحد)) . وانظر كلام ابن كثير في صفة (السمع) . - الْقِدَمُ يُخْبَرُ عن الله عَزَّ وجلَّ بأنه قديم، لا صفةً له، والقديم ليس اسماً له. قال الحافظ ابن القيم في ((بدائع الفوائد)) (1/162) : (( ... ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي، وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب

أن يكون توقيفيَّاَ؛ كالقديم، والشيء، والموجود، والقائم بنفسه)) . اهـ. قال قوَّام السُّنَّة في ((الحجة)) (1/93) : (( ... فبيَّن (أي: النبي صلى الله عليه وسلم) مراد الله تعالى فيما أخبر عن نفسه، وبيَّن أن نفسه قديم غير فانٍ، وأن ذاته لا يوصف إلا بما وصف، ووصفه النبي صلى الله عليه وسلم ... )) اهـ وفي الحديث الصحيح: ((أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم؛ من الشيطان الرجيم)) . رواه أبو داود، وقال النووي في ((الأذكار)) (86) : ((حديث حسن، رواه أبو داود بإسناد جيد)) اهـ. وانظر: (صحيح سنن أبي داود / 441) . وفيه وصف سلطان الله عَزَّ وجلَّ بالقِدَم. وقد وصف شيخ الإسلام ابن تيمية عِلْمَ الله بالقِدَم في ((الواسطية)) (ص 20) ، فقال: ((والإيمان بالقدر على درجتين، كل درجة تتضمن شيئين، فالدرجة الأولى: الإيمان بأن الله عليمٌ بالخلق وهم عاملون بعلمه القديم الذي هو موصوفٌ به أزلاً وأبداً ... )) . وقال في ((مجموع الفتاوى)) (9/300و301) : ((والناس متنازعون؛ هل يسمى الله بما صح معناه في اللغة والعقل والشرع، وإن لم يرد بإطلاقه نصٌ ولا إجماعٌ، أم لا يطلق إلا ما أطلق نص أو إجماع؟ على قولين مشهورين، وعامة النظار يطلقون ما لا نص في إطلاقه ولا إجماع؛ كلفظ

القدمان

(القديم) و (الذات) ... ونحو ذلك، ومن الناس من يفصل بين الأسماء التي يدعى بها، وبين ما يخبر به عند الحاجة؛ فهو سبحانه إنما يدعى بالأسماء الحسنى؛ كما قال: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} ، وأما إذا احتيج إلى الإخبار عنه؛ مثل أن يُقال: ليس هو بقديم، ولا موجود، ولا ذات قائمة بنفسها ... ونحو ذلك؛ فقيل في تحقيق الإثبات: بل هو سبحانه قديم، موجود، وهو ذات قائمة بنفسها، وقيل: ليس بشيء، فقيل: بل هو شيء؛ فهذا سائغ ... )) اهـ. وقال البيهقي في ((الاعتقاد)) (ص 68) : ((القديم هو الموجود لم يزل، وهذه صفة يستحقها بذاته)) . وقد عَدَّه السفاريني في ((لوامع الأنوار)) (1/38) صفة لله تعالى، بل اسماً له، وعلق عليه الشيخ عبد الله بابطين بقوله: ((قوله: ((إن القديم اسم من أسمائه تعالى)) : فيه نظر من وجهين ... )) ، إلى أن قال: ((وبذلك لا يصح إطلاق القديم على الله باعتبار أنه من أسمائه، وإن كان يصح الإخبار به عنه؛ كما قلنا: إنَّ باب الإخبار أوسع من باب الإنشاء، والله أعلم)) . الْقَدَمَانِ انظر: صفة (الرِّجْل) . الْقُدُّوُسُ يوصف الله عَزَّ وجلَّ بأنه سبحانه القُدُّوس، وهي صفةٌ ذاتيةٌ،

القرآن

والقُدُّوس اسم له، ثابت بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {هُوَ الله الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ} [الحشر: 23] ? الدليل من السنة: حديث عائشة رضي الله عنها- وقد تقدم -: ((سُبُّوح قُدُّوس رب الملائكة والروح)) رواه مسلم (487) . قال ابن قتيبة في ((تفسير غريب القرآن)) (ص 8) : ((ومن صفاته (قُدُّوس) ، وهو حرفٌ مبنيٌّ على (فُعُّول) ، من (القدس) ، وهو الطهارة)) . وانظر: صفة (السُّبُّوح) . الْقُرْآنُ ... صفةٌ من صفات الله عَزَّ وجَلَّ وهو كلام الله. بَوَّبَ البخاري في كتاب التوحيد من صحيحه: ((باب قل أيُّ شيء أكبر شهادة قل الله فسمى نفسه شيئاً وسمى النبيُّ القرآنَ شيئاً وهو صفة من صفات الله)) وقال اللالكائي في ((شرح اعتقاد أهل السنة)) (2/224) : ((سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مما يدل على أن القرآن من صفات الله

القرب

القديمة)) ثم ساق حديث محاجَّة آدم لعيسى - عليهما السلام -المشهور. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في ((بيان تلبيس الجهمية)) (2/165) : ((القرآنُ صفةٌ من صفات الله وصف بها نفسه)) وقال في ((مجموع الفتاوى)) (17/77) : ((أهل السنة متفقون على أن القرآن كلام الله غير مخلوق وأن كلامه من صفاته القائمة بنفسه ليس من مخلوقاته)) تنبيه: القرآن كلام الله وهو صفة من صفاته، أمَّا ما في المصحف من ورقٍ ومِداد فهو مخلوق. وانظر: صفة (الكلام) . الْقُرْبُ انظر: صفة (التَّقَرُّب) . الْقَطْعُ انظر: صفة (الوصْل) . الْقَهْرُ صفةٌ لله عَزَّ وجلَّ ثابتةٌ بالكتاب، ويوصف الله بأنه القاهر، والقَهَّار،

القول

وهما اسمان لله تعالى. ? الدليل: 1- قوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18، 61] . 2- قوله تعالى: {وَهُوَ الْوَاحدُ الْقَهَّارُ} [الرعد: 16] . ولم يرد في القرآن ((القَهَّار)) إلا مسبوقاً بـ ((الواحد)) وذلك في ستة مواضع. قال ابن القيم في ((النونية)) (2/94) : ((وَكذلِكَ القّهَّار مِنْ أوْصَافِهِ ... فَالخَلْقُ مَقْهُورُونَ بِالسُّلْطَانِ لَوْ لَمْ يَكُنْ حَيّاً عَزِيزاً قَادِراً ... مَا كَانَ مِنْ قَهْرٍ وَمِنْ سُلْطانِ)) والقهر بمعنى الغلبة والأخذ من فوق. قال ابن جرير عند تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} : (( ... وإنما قال: {فوق عباده} ؛ لأنه وصف نفسه تعالى بقهره إياهم، ومن صفةِ كلِّ قاهرٍ شيئاً أن يكون مستعلياً عليه، فمعنى الكلام إذاً: والله الغالب عباده المذلل لهم ... )) . الْقَوْلُ صفةٌ ذاتيةٌ فعليَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة، وهو والكلام شيء واحد. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا} [البقرة: 38] .

القوة

2- وقوله: {وَالله يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [الأحزاب: 4] . 3- وقوله: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30] - الدليل من السنة: أما السنة، فإن أغلب الأحاديث القدسية مبدوءة بـ (قال الله) ، أو (يقول الله) وانظر: صفة (الكلام) . الْقُوَّةُ صفةٌ ذاتيةٌ لله عَزَّ وجلَّ ثابتةٌ بالكتاب العزيز. و (القوي) من أسماء الله تعالى. - الدليل: 1- قوله تعالى: {وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ} [الشورى: 19] . 2- قوله تعالى: {إِنَّ الله هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58] قال البخاري في ((صحيحه)) في (كتاب التوحيد) : ((باب قول الله تعالى: {إِنَّ الله هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} )) . قال الشيخ الغنيمان في ((الشرح)) (1/93) : ((وهذه الآية ونظائرها تدل بوضوح على أن الله تعالى موصوف بالصفات العليا، كما أنه مسمى

القيوم

بالأسماء الحسنى؛ فالقوة صفته، والرزاق اسمه، وتقدم أن كل اسم لابدَّ أن يتضمن الصفة، وبذلك وغيره يرد على المنكرين للصفات، كما سبقت الإشارة إليه، والله أعلم)) . وانظر كلام ابن كثير في صفة (السمع) . الْقَيُّوُمُ يوصف الله عَزَّ وجلَّ بأنه القَيُّوم والقَيِّم والقَيَّام، وهو وصفٌ ذاتيٌ ثابت لله بالكتاب والسنة، و (القَيُّوم) اسم من أسمائه تبارك وتعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {الله لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّوم} [البقرة: 255، آل عمران: 2] . 2- وقوله: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّوم} [طه: 111] . ? الدليل من السنة: حديث ابن عباس رضي الله عنهما في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في تهجده: (( ... لك الحمد؛ أنت قَيِّم السماوات والأرض ومن فيهن ... )) . رواه البخاري (7385، 7442، 7499) ، ورواه مسلم (769) بلفظ: ((قيَّام)) قال النووي في ((شرحه)) لـ ((صحيح مسلم)) : (( ((أنت قيَّام

السماوات والأرض)) ، وفي الرواية الثانية: ((قَيِّم)) ؛ قال العلماء: من صفاته القيَّام والقيِّم؛ كما صرح به هذا الحديث، والقَيُّوم بنص القرآن وقائم، ومنه قوله تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ} ؛ قال الهروي: ويقال: قَوَّام. قال ابن عباس: القَيُّوم الذي لا يزول. وقال غيره: هو القائم على كل شيء. ومعناه مدبر أمر خلقه، وهما سائغان في تفسير الآية والحديث)) . اهـ. قال ابن جرير في تفسير الآية الأولى من سورة آل عمران (6/158-شاكر) : (( ((القَيُّوم)) : القَيِّم بحفظ كل شيء ورزقه وتدبيره وتصريفه فيما شاء وأحب من تغيير وتبديل وزيادة ونقص)) ، ثم ذكر قولين في معنى القَيُّوم، ثم قال: ((وأولى التأويلين بالصواب ما قال مجاهد والربيع، وأن ذلك وصفٌ من الله - تعالى ذكره- نفسه بأنه القائم بأمر كل شيء؛ في رزقه، والدفع عنه، وكلاءته، وتدبيره، وصرفه في قدرته)) . وقال ابن قتيبة في ((تفسير غريب القرآن)) (ص 7) : ((ومن صفاته: (القَيُّوم) و (القيَّام) ، وقرئ بهما جميعاً، وهما (فيعول) و (فيعال) ، من قمت بالشيء: إذا وليته، كأنه القيِّم بكل شيء، ومثله في التقدير: دَيُّور وديَّار)) اهـ. وقال الزجاجي في ((اشتقاق أسماء الله)) (ص 105) : ((القَيُّوم: فيعول من قام يقوم، وهو من أوصاف المبالغة في الفعل)) اهـ. وقال ابن القيم في ((النونية)) (2/102) :

الكافي

((هذا وَمِنْ أوصافِهِ القَيُّوم ... وَالقَيُّوم في أوصافه أمْرَانِ إِحْدَاهُما القَيُّوم قَامَ بِنَفْسِهِ ... والكَوْنُ قَامَ بهِ هُمَا الأمرَانِ فالأوَّلُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنْ غَيْرهِ ... والفَقْرُ مِنْ كُلٍّ إليهِ الثَّانِيِ والوَصْفُ بِالقَيُّوم ذُو شَأْنٍ كذا ... ... مَوْصُوفُهُ أيْضاً عَظيمُ الشَّانِ)) الْكَافِي يوصف الله عَزَّ وجلَّ بأنه كافٍ عباده ما يحتاجون إليه، وهي صفةٌ ثابتةٌ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمْ الله وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 137] . 2- وقوله: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: 95] . 3- وقوله: {أَلَيْسَ الله بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36] . ? الدليل من السنة: 1- حديث أنس رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه؛ قال: ((الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا؛ فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي)) . رواه مسلم (2715) . 2- قصة الغلام مع الساحر والراهب في ((صحيح مسلم)) (3005) من حديث أنس رضي الله عنه، وفيه أنه كلما ذهبوا به إلى مكان لقتله؛ قال:

الكبر والكبرياء

((اللهم اكفنيهم بما شئت)) . المعنى: قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في ((التفسير)) (5/304) : ((الكافي عباده جميع ما يحتاجون ويضطرون إليه، الكافي كفاية خاصة من آمن به وتوكل عليه واستمد منه حوائج دينه ودنياه)) . قال الراغب الأصفهاني في ((المفردات)) : ((الكفاية ما فيه سد الخلة وبلوغ المراد في الأمر)) . وقد عدَّ بعض العلماء (الكافي) من أسماء الله تعالى. وفي هذا نظر. الْكِبْرُ وَالْكِبْرِيَاءُ صفةٌ ذاتيةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة، و (المُتَكَبِّر) من أسماء الله تعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} [الحشر: 23] . 2- وقوله: {وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الجاثية: 37] . ? الدليل من السنة: 1- حديث عبد الله بن قيس رضي الله عنه مرفوعاً: ((جنتان من فضَّة

آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن)) . رواه: البخاري (7444) ، ومسلم (180) . 2- حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما: ((العز إزاره، والكبرياء رداؤه، فمن ينازعني؛ عذبته)) . رواه مسلم (2620) ، وأبو داود بلفظ: ((الكبرياء ردائي، والعَظَمَة إزاري ... )) . قال ابن قتيبة في ((تفسير غريب القرآن)) (ص 18) : ((وكبرياء الله: شرفه، وهو من (تكبَّر) : إذا أعلى نفسه)) اهـ. وقال قوَّام السُّنَّة في ((الحجة)) (2/186) : ((أثبت الله العِزَّة والعَظَمَة والقدرة والكِبر والقوة لنفسه في كتابه)) . وقال الشيخ عبد الله الغنيمان في ((شرحه لكتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (2: 161) : (( ((وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن)) : ومن المعلوم أن الكبرياء من صفات الله تعالى، ولا يجوز للعباد أن يتصفوا بها؛ فقد توعد الله المتكبر بجهنم؛ كما قال تعالى: {قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} )) . ثم قال: ((ووصف الله تعالى بأن العَظَمَة إزاره والكبرياء رداؤه؛ كسائر صفاته؛ تثبت على ما يليق به، ويجب أن يؤمن بها على ما أفاده النص؛

الكبير

دون تحريف ولا تعطيل)) . الْكَبِيرُ يوصف الله عَزَّ وجلَّ بأنه الكبير، وهو أكبر من كل شيء، وهي صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ بالكتاب والسنة، و (الكبير) من أسمائه تعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرعد: 9] . 2- وقوله تعالى: {وَأَنَّ الله هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [لقمان: 30] . ? الدليل من السنة: إن الأحاديث الصحيحة والأذكار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والتي فيها وصف الله عَزَّ وجلَّ بالكِبَر، وأنه أكبر من كل شيء كثيرة جدَّاً ، منها تكبيرات الأذان والصلاة ((الله أكبر)) ، ومنها: ((الله أكبر كبيراً)) ، ومنها: فمن كبر الله وحمد الله ... )) ، ومنها: ((يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ... )) وغيرها كثير. ومعنى الكبير؛ أي: العظيم الذي كل شيء دونه، وهو أعظم من كل شيء. قال ابن منظور في ((لسان العرب)) : ((والكبير في صفة الله تعالى: العظيم الجليل)) .

الكتابة والخط

الْكِتَابَةُ وَالْخَطُّ صفةٌ فعليَّةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة، فهو سبحانه يكتب ما شاء متى شاء، كما يليق بعظيم شأنه، لا ككتابة المخلوقين، والتي تليق بصغر شأنهم. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {سَنَكتبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} [آل عمران: 181] . 2- وقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً} [الأعراف: 145] . 3- وقوله: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء: 105] . ? الدليل من السنة: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((لما قضى الله الخلق؛ كتب في كتابه؛ فهو عنده فوق عرشه: إنَّ رحمتي تغلب غضبي)) . رواه: البخاري (3194) ، ومسلم (2751) ، ورواه الترمذي (صحيح سنن الترمذي/2808) ، وابن ماجه (4295) ؛ بلفظ: ((.. لما خلق الخلق؛ كتب بيده على نفسه..)) 2- حديث احتجاج موسى وآدم عليهما السلام، وفيه قول آدم لموسى: ((أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، وأعطاك

الكرم

الألواح فيها تبيان كل شيء، وقربك نجيّاً؛ فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق؟ ... )) رواه: البخاري (6614) ، ومسلم (2652) . وفي رواية: ((وخط لك التوراة بيده ... )) . قال أبو بكر الآجري في ((الشريعة)) (ص 323) : ((باب الإيمان بأن الله عَزَّ وجلَّ خلق آدم عليه السلام بيده، وخَطَّ التوراة لموسى عليه السلام بيده ... )) وقال الشيخ عبد الله الغنيمان في ((شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (1/260) : ((قوله: ((كتب في كتابه)) : يجوز أن يكون المعنى: أمر القلم أن يكتب؛ كما قال الحافظ، ويجوز أن يكون على ظاهره؛ بأن كتب تعالى بدون واسطة، ويجوز أن يكون قال: كن؛ فكانت الكتابة، ولا محذور في ذلك كله، وقد ثبت في ((سنن الترمذي)) و ((ابن ماجه)) في هذا الحديث: ((أن الله عَزَّ وجلَّ لما خلق الخلق؛ كتب بيده على نفسه: إنَّ رحمتي سبقت غضبي)) . قلت: أما حديث الترمذي وابن ماجه؛ فلا يصح إلا على أن الكتابة كانت بدون واسطة، وأنها كانت بيده سبحانه وتعالى. الْكَرَمُ صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة، ومن أسمائه: (الكريم)

و (الأكرم) . ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} [الانفطار: 6] 2- وقوله: {فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ} [الفجر: 15] . 3- وقوله: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ} [العلق: 3] . ? الدليل من السنة: 1- حديث عوف بن مالك رضي الله عنه في الدعاء على الجنازة: (( ... اللهم اغفر له، وارحمه، وعافه، واعف عنه، وأكرم نُزُلَه، ووسع مدخله ... )) . رواه مسلم (963) . 2- حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، وقول الأعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم ((والذي أكرمك بالحق؛ لا أتطوع شيئاً ... )) . رواه البخاري (1891) . 3- حديث غيرة سعد بن عبادة رضي الله عنه، وقوله للنبي صلى الله عليه وسلم: (( ... بلى؛ والذي أكرمك بالحق ... )) . رواه مسلم (1498) . 4- أثر عبد الله بن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما: ((رب اغفر وارحم، وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز الأكرم)) . تقدم تخريجه في صفة (العِز) .

قال ابن منظور في ((لسان العرب)) : ((الكريم من صفات الله وأسمائه، وهو الكثير الخير، الجواد المعطي، الذي لا ينفد عطاؤه، وهو الكريم المطلق)) . قال الشيخ السعدي في ((التفسير)) (5/299) : (( ((الرحمن الرحيم والبر الكريم الجواد الرؤوف الوهاب)) ؛ هذه الأسماء تتقارب معانيها، وتدل كلها على اتصاف الرب بالرحمة والبر والجود والكرم، وعلى سعة رحمته ومواهبه التي عم بها جميع الوجود بحسب ما تقتضيه حكمته، وخص المؤمنين منها بالنصيب الأغر والحظ الأكمل)) اهـ. وقال أبو هلال العسكري في ((الفروق)) (ص 143) : ((الفرق بين الكرم والجود أن الجود هو الذي ذكرناه (يعني: كثرة العطاء من غير سؤال) ، والكرم يتصرف على وجوه، فيقال لله تعالى: كريم، ومعناه أنه عزيز، وهو من صفات ذاته، ومنه قوله تعالى: {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} ؛ أي: العزيز الذي لا يغلب، ويكون بمعنى الجواد المفضال، فيكون من صفات فعله ... )) . وذكر معانيَ وأقوالاً أخرى. وقال الزجاجي في ((اشتقاق أسماء الله)) (ص 176) : ((الكريم: الجواد، والكريم: العزيز، والكريم: الصَّفوح. هذه ثلاثة أوجه للكريم في كلام العرب، كلها جائز وصف الله عَزَّ وجلَّ بها، فإذا أريد بالكريم الجواد أو الصفوح؛ تعلق بالمفعول به؛ لأنه لا بدَّ من مُتكرم عليه ومصفوح عنه

الكره

موجود، وإذا أريد به العزيز؛ كان غير مقتض مفعولاً)) . اهـ. يعني رحمه الله: إذا أريد به الجواد والصفوح؛ فهي صفةُ فعلٍ، وإذا أريد به العزيز؛ فهي صفةُ ذاتٍ. والله أعلم. الْكُرْهُ صفةٌ فعليَّةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {وَلَكِنْ كَرِهَ الله انْبِعَاثَهُمْ} [التوبة: 46] . ? الدليل من السنة: 1- حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه مرفوعاً: ((إن الله حَرَّم عليكم: عقوق الأمهات، ومنعاً وهات، ووأد البنات، وكَرِهَ لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال)) . رواه: البخاري (2408) ، ومسلم (3/1341 - عبد الباقي) . 2- حديث عائشة رضي الله عنها: (( ... وإن الكافر إذا بُشِّر بعذاب الله وسَخَطِه؛ كَرِهَ لقاء الله وكَرِهَ الله لقاءه)) . رواه مسلم (2684) . وانظر: صفة (السَّخْط) . الْكَفُّ صفةٌ ذاتيةٌ خبريةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالأحاديث الصحيحة الثابتة عن

النبي صلى الله عليه وسلم. ? الدليل: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((ما تصدق أحد بصدقة من طيِّب، ولا يقبل الله إلا الطيب؛ إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرة، فتربو في كفِّ الرحمن، حتى تكون أعظم من الجبل، كما يربيِّ أحدكم فَلُوَّه أو فصيله)) . رواه مسلم (1014) . 2- حديث: ((رأيت ربي في أحسن صورة)) ، وفيه: (( ... فرأيته وضع كَفَّه بين كتفي، حتى وجدت برد أنامله في صدري ... )) . رواه: أحمد، والترمذي وغيرهما. انظر: صفة (الصورة) و (الأنامل) . قال أبو يعلى الفراء في ((إبطال التأويلات)) (1/131) مثبتاً الكف ورادّاً على من أول الصورة والكف في حديث الصورة بقوله: ((الثالث: أنه وصفه بالصورة، ووضع الكف بين كتفيه، وهذه الصفة لا تتصف بها الأفعال والمَلَك ... )) . وقال قَوَّام السُّنَّة الأصبهاني في ((الحجة)) (2/259) بعد سرده لجملة من أحاديث الصفات: ((وقوله: ((إنَّ أحدكم يأتي بصدقته فيضعها في كف الرحمن)) ، وقوله: ((يضع السماوات على إصبع والأرضين على إصبع)) . . وأمثال هذه الأحاديث، فإذا تدبَّره متدبر، ولم يتعصب؛ بان له

الكفيل

صحة ذلك، وأنَّ الإيمان به واجب، وأنَّ البحث عن كيفية ذلك باطل)) اهـ. ثم قال (ص 262) : ((وكذلك قوله: ((حتى يضع الجبار فيها قدمه)) ، وقوله: ((حتى يضعه في كفِّ الرحمن)) ، وللقدم معان، وللكف معان، وليس يحتمل الحديث شيئاً من ذلك؛ إلا ما هو معروف في كلام العرب؛ فهو معلوم بالحديث، مجهول الكيفية)) . وقال صديق حسن خان في ((قطف الثمر)) (ص 66) : ((ومن صفاته سبحانه: اليد، واليمين، والكف، والإصبع ... )) . الْكَفِيلُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الكفيل، الذي يكفل ويحفظ عباده، وهي صفةٌ ثابتةٌ له بالكتاب والسُّنَّة. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً} [النحل: 91] . ? الدليل من السُّنَّة: قصة الرجل من بني إسرائيل، الذي أسلفَ آخَرَ ألفَ دينار، وفيه أنه قال: (( ... اللهم إنك تعلم أني كنت تبلغت فلاناً ألف دينار، فسألني كفيلاً، فقلت: كفى بالله كفيلاً، فرضي بك)) . رواه البخاري (2291) . والكفيل بمعنى الوكيل والحفيظ والشهيد والعائل والضامن.

الكلام

قال ابن جرير في تفسير قوله تعالى: {وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً} : ((وقد جعلتم الله بالوفاء بما تعاقدتم عليه على أنفسكم راعياً، يرعى الموفي منكم بعهد الله الذي عاهد على الوفاء به والناقض)) . قال الراغب الأصفهاني في ((المفردات)) : ((كفل: الكفالة الضمان ... والكفيل الحظ الذي فيه الكفاية، كأنه تكفل بأمره)) . وقد عدَّ بعضهم الكفيل من أسماء الله تعالى. الْكَلامُ وَالْقَوْلُ وَالْحَدِيثُ وَالنِّدَاءُ وَالصَّوْتُ وَالْحَرْفُ يعتقد أهل السُّنَّة والجماعة أنَّ الله عَزَّ وجَلَّ يتكلم ويقول ويتحدث وينادي، وأنَّ كلامه بصوت وحرف، وأنَّ القرآن كلامه، مُنَزَّلٌ غير مخلوق، وكلام الله صفةٌ ذاتيةٌ فعليةٌ (ذاتيةٌ باعتبار أصله وفعليةٌ باعتبار آحاده) . ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] . 2- وقوله: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ الشَّجَرَةِ أَنْ يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [القصص: 30] (نداء بصوت مسموع) . 3- وقوله: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ

كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف: 109] . (كلام مكتوب) . 4- وقوله: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] . (كلام يُسمع) . 5- وقوله: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ حَدِيثاً} [النساء: 87] . ? الدليل من السُّنَّة: 1- حديث احتجاج آدم وموسى وفيه: ((قال له آدم: يا موسى! اصطفاك الله بكلامه)) . رواه: البخاري (6614) ، ومسلم (2652) . 2- حديث قصة الإفك وقول، عائشة رضي الله عنها: (( ... ولَشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيَّ بأمرٍ يتلى ... )) . رواه: البخاري (4141) ، ومسلم (2770) . 3- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ((إنَّ الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة! فيقولون: لبيك ربنا وسعديك. فيقول: هل رضيتم؟ ... )) . رواه: البخاري (7518) ، ومسلم (2829) . 4- حديث ابن عباس رضي الله عنه: ((بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم ... وقال: أبشر بنورين أوتيتهنَّ لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما؛ إلا أعطيته)) . رواه: مسلم (806) وغيره. 5- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً: ((يقول الله: يا

آدم! فيقول: لبيك وسعديك، فينادى بصوت: إنَّ الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثاً إلى النار)) . رواه: البخاري (7483) . ومن أقوال العلماء في ذلك: 1- قال الإمام البخاري في ((خلق أفعال العباد)) (ص 149) : ((وإنَّ الله عَزَّ وجَلَّ ينادي بصوتٍ يسمعه من بَعُد كما يسمعه من قَرُب، فليس هذا لغير الله جل ذكره، وفي هذا (يعني: حديث عبد الله بن أنيس ذكره بعد كلامه هذا) دليل أنَّ صوت الله لا يشبه أصوات الخلق؛ لأنَّ صوت الله جل ذكره يسمع من بعد كما يسمع من قرب، وأنَّ الملائكة يصعقون من صوته؛ فإذا تنادى الملائكة؛ لم يصعقوا)) . 2- وقال أبو بكر الخلال: ((أخبرني علي بن عيسى أنَّ حنبلاً حدثهم؛ قال: قلت لأبي عبد الله: الله يكلم عبده يوم القيامة؟ قال: نعم؛ فمن يقضي بين الخلائق إلا الله عَزَّ وجَلَّ؟! يكلم عبده ويسأله، الله متكلم، لم يزل الله متكلماً؛ يأمر بما يشاء، ويحكم بما يشاء، وليس له عدل ولا مثل، كيف شاء وأين شاء)) . انظر: ((المسائل والرسالة المروية عن الإمام أحمد)) (1/288) 3- وقال عبد الله ابن الإمام رحمهما الله: ((سألت أبي رحمه الله عن قوم يقولون: لما كلم الله عَزَّ وجَلَّ موسى؛ لم يتكلم بصوت، فقال أبي: بلى؛ إن ربك عَزَّ وجَلَّ تكلم بصوت، هذه الأحاديث نرويها كما جاءت)) . ((المصدر

السابق)) (1/302) . 4- وقال ابن أبي عاصم في ((السُّنَّة)) (1/225) : ((باب: ذكر الكلام والصوت والشخص وغير ذلك)) . 5- وقال أبو الحسن الأشعري في ((رسالة إلى أهل الثغر)) (ص 214) : ((وأجمعوا على إثبات حياة الله عَزَّ وجَلَّ، لم يزل بها حيّاً ... وكلاماً لم يزل به متكلماً ... )) اهـ. 6- وقال قَوَّام السُّنَّة الأصبهاني في ((الحجة)) (1/331و332) ((وخاطر أبو بكر رضي الله عنه (أي: راهن قوماً من أهل مكة) ، فقرأ عليهم القرآن، فقالوا: هذا من كلام صاحبك. فقال: ليس بكلامي ولا كلام صاحبي، ولكنه كلام الله تعالى، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر: ((إنَّ هذا القرآن كلام الله)) . فهو إجماع الصحابة وإجماع التابعين بعدهم، مثل: سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، والحسن، والشعبي, وغيرهم ممَّن يطول ذكرهم، أشاروا إلى أنَّ كلام الله هو المتلوّ في المحاريب والمصاحف. وذكر: صالح بن أحمد بن حنبل، وحنبل؛ أنَّ أحمد رحمه الله؛ قال: ((جبريل سمعه من الله تعالى، والنبي صلى الله عليه وسلم سمعه من جبريل، والصحابة سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم)) . وفي قول أبي بكر رضي الله عنه: ((ليس بكلامي، ولا كلام صاحبي،

إنما هو كلام الله تعالى)) : إثبات الحرف والصوت؛ لأنه إنما تلا عليهم القرآن بالحرف والصوت)) اهـ. 7- وبوب رحمه الله في ((الحجة)) (1/269) ((فصل في إثبات النداء صفة لله عَزَّ وجَلَّ)) . ثم سرد جملة من الآيات والأحاديث. 8- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (12/304) : ((واستفاضت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة السُّنَّة؛ أنه سبحانه ينادي بصوت؛ نادى موسى، وينادي عباده يوم القيامة بصوت، ويتكلم بالوحي بصوت، ولم ينقل عن أحد من السلف أنه قال: إنَّ الله يتكلم بلا صوت أو بلا حرف، ولا أنَه أنكر أن يتكلم الله بصوت أو بحرف)) . وانظر أيضاً: ((مجموع الفتاوى)) (6/513-545) . 9- وقال ابن القيم في ((النونية)) (1/80) على لسان مُعَطِّلٍ يعترض على ما يثبته سني: ((وزَعَمْتَ أنَّ الله كَلَّمَ عَبْدَهُ مُوسَى فَأسْمَعَهُ نِدَا الرَّحْمنِ أَفَتَسْمَعُ الآذَانُ غَيرَ الحَرْفِ وَالصَّـ ـوْتِ الَّذي خُصَّتْ بِهِ الأذُنانِ وَكَذا النِّداءُ فَإنَّهُ صَوْتٌ بِإجْمـ ... ـمَاعِ النُّحَاةِ وأهْلِ كُلِّ لِسَانِ لَكنَّهُ صَوْتٌ رَفِيعٌ وَهُوَ ضِـ ... ـدٌّ للنِّجَاءِ كِلاهُمَا صَوْتَانِ)) ولمزيد شرح فيما يتعلق بصفة الكلام انظر: ((شرح الشيخ عبد الله

الكنف

الغنيمان لكتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (2/307-316) ، وكتاب ((العقيدة السلفية في كلام رب البرية)) للأخ عبد الله بن يوسف الجديع، وهي نافعة جدَّاً. الْكَنَفُ صفةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالحديث الصحيح، والكَنَف في اللغة: السِّتر والحِرز والجانب والنَّاحية. ? الدليل: ما رواه: البخاري (7514) ، ومسلم (2768) ؛ من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (( ... يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كَنَفَه عليه فيقول ... )) قال البخاري: ((قال عبد الله بن المبارك: كَنَفَه؛ يعني: ستره)) . انظر ((خلق أفعال العباد)) (ص 103) . وقال الأزهري في ((تهذيب اللغة) (10/274) بعد أن نقل كلام ابن المبارك هذا: ((وقال ابن شميل: يضع الله عليه كَنَفَه؛ أي: رحمته وبرَّه)) . وقال شيخ الإسلام في ((نقض التأسيس)) ؛ كما ذكر الغنيمان في ((شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (2/423) : ((قال الخلال في ((كتاب السُّنَّة)) (باب: يضع كَنَفَه على عبده، تبارك وتعالى) : أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر؛ أنَّ أبا الحارث حدثهم؛ قال: قلت لأبي عبد الله:

الكيد لأعدائه

ما معنى قوله: ((إنَّ الله يدني العبد يوم القيامة؛ فيضع عليه كَنَفَه؟)) قال: هكذا نقول: يدنيه ويضع كَنَفَه عليه؛ كما قال؛ يقول له: أتعرف ذنب كذا. قال الخلال: أنبأنا إبراهيم الحربي؛ قال: قوله: ((فيضع عليه كَنَفَه)) ؛ يقول: ناحيته. قال إبراهيم: أخبرني أبو نصر عن الأصمعي؛ يقال: نزل في كَنَفِ بني فلان؛ أي: في ناحيتهم)) اهـ. قال الحافظ أبو موسى المديني في ((المجموع المغيث)) (3/78) : ((في الحديث: ((يُدنى المؤمن من ربه عَزَّ وجَلَّ حتى يضع عليه كَنَفَه)) ؛ أي: يستره، وقيل: يرحمه، وقال الإمام إسماعيل: لم أر أحداً فسَّرَه؛ إلا إن كان معناه: يستره من الخلق، وقيل في رواية: يستره بيده. وكنفا الإنسان: ناحيتاه، ومن الطائر: جناحاه)) . وقال الشيخ الغنيمان في المصدر السابق: ((قوله: ((حتى يضع كَنَفَه عليه)) : جاء الكَنَفُ مفسراً في الحديث بأنه السِّتر، والمعنى: أنه تعالى يستر عبده عن رؤية الخلق له؛ لئلا يفتضح أمامهم فيخزى؛ لأنه حين السؤال والتقرير بذنوبه تتغير حاله، ويظهر على وجهه الخوف الشديد، ويتبين فيه الكرب والشدة)) . الْكَيْدُ لأعْدَائِهِ صفةٌ فعلِيَّةٌ خبريَّةٌ ثابتة لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب، ولا يوصف به إلا مقيداً

في مقابلة كَيْدِ المخلوق. ? الدليل: 1- قوله تعالى: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} [يوسف: 76] . 2- وقوله: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا - وَأَكِيدُ كَيْدًا} [الطارق: 16] . 3- وقوله: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [الأعراف: 183، القلم: 45] قال أبو إسحاق الحربي في ((غريب الحديث)) (1/94) ((الكيد من الله خلافه من الناس، كما أنَّ المَكْر منه خلافه من الناس)) اهـ. وهذا إثباتٌ منه لصفة الكيد والمَكْر على حقيقتهما. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (7/111) رادَّاً على من زعم أنَّ في القرآن مجازاً: ((وكذلك ما ادعوا أنه مجاز في القرآن؛ كلفظ: (المَكْر) و (الاستهزاء) ، و (السخرية) ؛ المضاف إلى الله، وزعموا أنه مسمى باسم ما يقابله على طريق المجاز، وليس كذلك، بل مسميات هذه الأسماء إذا فعلت بمن لا يستحق العقوبة؛ كانت ظلماً له، وأما إذا فعلت بمن فعلها بالمجني عليه عقوبة له بمثل فعله؛ كانت عدلاً؛ كما قال تعالى: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} ، فكاد له كما كادت إخوته لما قال له أبوه: {لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً} ، وقال تعالى: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً - وَأَكِيدُ كَيْداً} )) . اهـ. وقال في ((التدمرية)) (ص 26) : ((وهكذا وصف نفسه بالمَكْر والكيد، كما وصف عبده بذلك، فقال: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ} ، وقال: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً - وَأَكِيدُ كَيْداً} ، وليس المَكْر كالمَكْر ولا الكيد كالكيد)) . وانظر كلام ابن القيم في ((مدارج السالكين)) (3/415) ، و ((مختصر الصواعق المرسلة)) (2/32-34) . وقال الشيخ محمد خليل هرَّاس في ((شرح الواسطية)) (ص 123) عند قوله تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ ... } ، وقوله: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً - وَأَكِيدُ كَيْداً} ، قال رحمه الله: ((تضمنت هذه الآيات إثبات صفتي المَكْر والكيد،

اللطف

وهما من صفات الفعل الاختيارية، ولكن لا ينبغي أن يشتق له من هاتين الصفتين اسم، فيقال: ماكر، وكائد، بل يوقف عند ما ورد به النص من أنه خير الماكرين، وأنه يكيد لأعدائه الكافرين)) اهـ. وانظر: صفة (الخِدَاع) و (المَكْر) . اللُّطْفُ صفةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسُّنَّة، و (اللطيف) من أسمائه سبحانه. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 103] . 2- وقوله: {اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ} [الشورى: 19] .

اللعن

الدليل من السُّنَّة: حديث عائشة رضي الله عنها في تتبعها للنبي صلى الله عليه وسلم لما خرج من عندها خفية لزيارة البقيع، وفيه قال صلى الله عليه وسلم: ((ما لك يا عائش حشياً رابية؟)) . قالت: قلت: لا شيء. قال: ((لتخبرني أو ليخبرني اللطيف الخبير)) . رواه مسلم (974) . قال ابن القيم في ((النونية)) (2/85) : ((وَهُوَ اللَّطيفُ بِعَبْدهِ وَلِعَبْدِهِ ... واللُّطفُ في أوصَافِهِ نِوْعَانِ)) قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في ((التفسير (5/301) : ((اللطيف: الذي أحاط علمه بالسرائر والخفايا، وأدرك الخبايا والبواطن والأمور الدقيقة، اللطيف بعباده المؤمنين، الموصل إليهم مصالحهم بلطفه وإحسانه من طرق لا يشعرون بها، فهو بمعنى الخبير وبمعنى الرؤوف)) . وقال ابن منظور في ((لسان العرب)) : ((اللُّطف واللَّطف: البر والتكرمة والتَّحفِّي ... اللطيف: صفة من صفات الله، واسم من أسمائه، ومعناه والله أعلم: الرفيق بعباده)) . اللَّعْنُ صفةٌ فعلِيَّةٌ اختياريةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسُّنَّة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ} [النساء: 93] .

2- وقوله: {إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا} [الأحزاب: 64] 3- وقوله: {لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [الأعراف: 44] ، [هود:18] ? الدليل من السُّنَّة: 1- حديث: ((لعن الله الواصلة والمستوصلة. .)) . رواه: البخاري (5934) ومسلم (2122) . 2- حديث: ((لعن الله السارق يَسْرِقُ البيضة. .)) . رواه: البخاري (6783) ومسلم (1687) . 3- حديث: ((المدينة حرم ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثاً، أو أوى محدثاً؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ... )) . رواه: البخاري (6755) ، ومسلم (1370) . وقد استشهد شيخ الإسلام ابن تيمية في ((الواسطية)) (ص 108) بقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ} ؛ بإثبات صفة الغضب واللعن. وقال الشيخ خليل الهرَّاس عن هذه الآية وآيات معها: ((تضمنت هذه الآيات إثبات بعض صفات الفعل؛ من الرضى لله، والغضب، واللعن، والكره ... )) ، ثم قال: ((واللعن: هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، واللعين والملعون: من حقت عليه اللعنة، أو دعي عليه بها)) .

المؤمن

الْمُؤْمِنُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه المؤمن، وهو اسم له ثابتٌ بالكتاب. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ} [الحشر: 23] . قال ابن قتيبة في ((تفسير غريب القرآن)) (ص 9) : ((ومن صفاته (المؤمن) ، وأصل الإيمان: التصديق ... فالعبد مؤمن؛ أي: مصدِّق محقِّق، والله مؤمن؛ أي: مصدِّق ما وعده ومحقِّقه، أو قابل إيمانه. وقد يكون (المؤمن) من الأمان؛ أي: لا يأمن إلا من أمَّنَه الله ... وهذه الصفة من صفات الله جَلَّ وعَزَّ لا تتصرَّف تصرُّف غيرها، لا يقال: أمن الله؛ كما يقال: تقدَّس الله، ولا يقال: يؤمن الله؛ كما يقال: يتقدَّس الله ... وإنما ننتهي في صفاته إلى حيث انتهى، فإن كان قد جاء من هذا شيء عن الرسول صلى الله عليه وعلى آله أو عن الأئمة؛ جاز أن يطلق كما أطلق غيره)) اهـ. وقال ابن منظور في ((لسان العرب)) : ((المؤمن من أسماء الله تعالى الذي وحَّد نفسه؛ بقوله: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} ، وبقوله: {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} ، وقيل: المؤمن الذي آمن أولياءَه عذابه، وقيل: المؤمن في صفة الله الذي أمِن الخلق من ظلمه، وقيل: المؤمن الذي يصدُق عبادَه ما وعدهم، وكل هذه الصفات لله عَزَّ وجَلَّ؛ لأنه صدق بقوله ما دعا إليه

عباده من توحيد، وكأنه أمن الخلق من ظلمه، وما وعدنا من البعث والجنة لمن آمن به والنار لمن كفر به، فإنه مصدِّق وعده، لا شريك له)) . وقال الزجاجي في ((اشتقاق أسماء الله)) (ص 221) : ((المؤمن في صفات الله عَزَّ وجَلَّ على وجهين: أحدهما: أن يكون من الأمان؛ أي: يؤمن عبادَه المؤمنين من بأسهِ وعذابهِ، فيأمنونَ ذلك؛ كما تقول: ((آمَنَ فلانٌ فلاناً)) ؛ أي: أعطاهُ أماناً ليسكنَ إليه ويأمنَ، فكذلك أيضاً يقال: اللهُ المؤمنُ؛ أي: يُؤْمِن عبادَه المؤمنين، فلا يأمن إلا منْ آمنه ... والوجه الآخر: أن يكون المؤمن من الإيمان، وهو التصديق، فيكون ذلك على ضربين: أحدهما: أن يقال: الله المؤمنُ؛ أي: مُصَدِّق عباده المؤمنين؛ أي: يصدِّقُهم على إيمانِهم، فيكون تصديقه إياهم قبول صدقِهِم وإيمانهم وإثابتهم عليه. والآخر: أن يكون الله المؤمنُ؛ أي: مُصدقٌ ما وَعَدَهُ عباده؛ كما يقال: صَدَقَ فُلانٌ في قوله وصَدَّقَ؛ إذا كَررَ وبالغَ، يكون بمنْزلةِ ضَرَبَ وضَرَّبَ؛ فالله عَزَّ وجَلَّ مُصدقٌ ما وعد به عبادُهُ ومحققه. فهذه ثلاثة أوجهٍ في المؤمن، سائغٌ إضافتها إلى الله. ولا يصرفُ فعلُ هذه الصفة من صفاته عَزَّ وجَلَّ، فلا يقال: آمن الله؛ كما يقال: تقدسَ اللهُ، وتباركَ اللهُ، ولا يقال: اللهُ يؤمنُ؛ كما يقال: الله يحلم ويغفر، ولم يُستعمل ذلك؛ كما قيل: تباركَ الله، ولم يقل: هو متباركٌ، وإنما

المبين

تستعمل صفاتهُ على ما استعملتها الأمة وأطلقتها)) . الْمُبِينُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه المبين، وهو اسم له ثابتٌ بالكتاب العزيز. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} [النور: 25] . قال ابن جرير في تفسير هذه الآية: ((يقول: ويعلمون يومئذ أنَّ الله هو الحق الذي يبين لهم حقائق ما كان يعدهم في الدنيا من العذاب، ويزول حينئذ الشك فيه عن أهل النفاق الذين كانوا فيما كان يعدهم في الدنيا يمترون)) . وقال قَوَّام السُّنَّة الأصبهاني في ((الحجة)) (1/143) : ((المبين: ومعناه البيِّن أمره، وقيل: البيِّن الربوبية والملكوت، يقال: أبان الشيء بمعنى تبين، وقيل معناه: أبان للخلق ما احتاجوا إليه)) . الْمَتَانَةُ صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب، و (المتين) من أسماء الله تعالى. ? الدليل: قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58) .

المجيء

قال أبو زكريا الفراء في ((معاني القرآن)) (3/90) ((وقرأ الناس {الْمَتِينُ} ، رفعٌ من صفة الله تبارك وتعالى)) اهـ. وبه قال الزجَّاج في ((معاني القرآن)) (5/59) ، والأزهري في ((تهذيب اللغة)) (14/306) ، وقال: ((ومعنى)) {ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} : ذو الاقتدار الشديد، والمتين في صفة الله القوي)) . وقال ابن منظور في ((لسان العرب)) : ((والمتين في صفة الله القوي ... والمتانة: الشدة والقوة؛ فهو من حيث إنه بالغُ القدرة تامُّها قويٌ، ومن حيث إنه شديدُ القوة متينٌ)) . وقال الشيخ عبد العزيز السلمان في ((الكواشف الجلية عن معاني الواسطية)) (ص 144) : ((وما يؤخذ من الآية ... إثبات المتانة وهي من الصفات الذاتية)) . الْمَجِيءُ انظر: صفة (الإتيان) . الْمَجْدُ صفةٌ ذاتيةٌ لله عَزَّ وجَلَّ، من اسمه (المجيد) الثابت بالكتاب والسُّنَّة. وليس (الماجد) من أسمائه تعالى.

الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُوُدُ - ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} [البروج: 15] 2- وقوله: {رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: 73] . ? الدليل من السُّنَّة: حديث: ((قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد)) . رواه البخاري (4797) ومسلم (614) . قال ابن قتيبة في ((تفسير غريب القرآن)) (ص 19) : (مجد الله) : شرفه، وكرمه)) اهـ. وقال ابن القيم في ((النونية)) (2/66) : ((وَهُوَ المَجِيدُ صِفَاتُهُ أَوْصَافُ تَعْـ ... ـظِيمٍ فَشَأْنٌ الوَصْفِ أعْظَمُ شَانِ)) وقال أيضاً في ((جلاء الأفهام)) (ص 174) : ((وأما المجد؛ فهو مستلزم للعظمة والسعة والجلال؛ كما يدل على موضوعه في اللغة؛ فهو دالٌّ على صفات العظمة والجلال، والحمد يدل على صفات الإكرام، والله سبحانه ذو الجلال والإكرام، وهذا معنى قول العبد: ((لا إله إلا الله والله أكبر)) ؛ فلا إله إلا الله دال على ألوهيته وتفرده فيها، فألوهيته تستلزم محبته التامة،

المحال

والله أكبر دال على مجده وعظمته)) اهـ. قال ابن منظور في ((لسان العرب)) : ((المجد: المروءة والسخاء، والمجد: الكرم والشرف، والمجيد: من صفات الله عَزَّ وجَلَّ، وفعيل أبلغ من فاعل، فكأنه يجمع معنى الجليل والوهَّاب والكريم)) . وقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في ((التفسير)) (5/300) : ((المجيد الكبير العظيم الجليل: وهو الموصوف بصفات المجد والكبرياء والعظمة والجلال ... )) . الْمِحَالُ انظر: صفة (المُمَاحلة) الْمَحَبَّةُ انظر: صفة (الحُب) الْمُحِيطُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه محيط، قد أحاط بكل شيء، وهي صفةٌ ذاتيةٌ، و (المحيط) اسم من أسمائه تعالى ثابت بالكتاب. ? الدليل: 1- قوله تعالى: {وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ} [البقرة: 19] .

المحيي والمميت

2- وقوله: {وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: 12] . وغيرها من الآيات. قال قَوَّام السُّنَّة الأصبهاني في ((الحجة)) (1/163-164) : ((المحيط: هو الذي أحاطت قدرته بجميع خلقه، وهو الذي أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً)) . وقال البيهقي في ((الاعتقاد)) (ص 68) : ((المحيط: هو الذي أحاطت قدرته بجميع المقدورات، وأحاط علمه بجميع المعلومات، والقدرة له صفة قائمة بذاته، والعلم له صفة قائمة بذاته)) . الْمُحْيِي وَالْمُمِيتُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه المحيي والمميت، وهذا ثابت بالكتاب والسُّنَّة، وهما صفتان فعليتان خاصتان بالله عَزَّ وجَلَّ، وليسا هما من أسمائه. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة:28] 2- وقوله: {وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الإِنسَانَ لَكَفُورٌ} [الحج: 66] . 3- وقوله: {إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فصلت: 39] .

المستعان

الدليل من السُّنَّة: 1- حديث حذيفة رضي الله عنه في دعاء الاستيقاظ من النوم: ((الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور)) . رواه البخاري (6314) . 2- حديث أنس رضي الله عنه: ((اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)) . رواه البخاري (6351) ، ومسلم (2680) قال البيهقي في ((الاعتقاد)) (ص 62) : ((المحيي: هو الذي يحيي النطفة الميتة، فيخرج منها النسمة الحية، ويحي الأجسام البالية بإعادة الأرواح إليها عند البعث، ويحيي القلوب بنور المعرفة، ويحيي الأرض بعد موتها؛ بإنزال الغيث، وإنبات الرزق. المميت: هو الذي يميت الأحياء، ويوهي بالموت قوة الأقوياء)) . الْمُسْتَعَانُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه المستعان، الذي يستعين به عباده فيعينهم، وهذا ثابت بالكتاب والسُّنَّة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] . 2- وقوله: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]

المسح

الدليل من السُّنَّة: 1- حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه: (( ... اللهم أعنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)) . حديث صحيح رواه: أبو داود (1522) ، والنسائي، وغيرهما. 2- حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (( ... إذا سألت؛ فاسأل الله، وإذا استعنت؛ فاستعن بالله ... )) . رواه: الترمذي (2518) ، وأحمد، وغيرهما، وهو صحيح. وقد عدَّ بعضهم (المستعان) من أسماء الله، وفي هذا نظر. أما (المعين) ؛ فهو ليس من أسماء الله، خلاف ما هو منتشر عند العامة، فتراهم يتعبَّدون الله به بتسمية عبد المعين. الْمَسْحُ ثبت في الحديث الصحيح أنَّ الله عَزَّ وجَلَّ مسح على ظهر آدم، وهو مسحٌ على حقيقته، يليق بجلال الله وعظمته. ? الدليل: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((لمَّا خلق الله آدم مسح ظهره، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة00)) رواه: الترمذي (صحيح سنن الترمذي 3285) ، وابن أبي عاصم في ((السُّنَّة)) (205) ، والحاكم في ((المستدرك)) ((2/325)) ، وصححه، ووافقه الذهبي. وانظر: ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) للوادعي ((2/393/رقم 1425) . 2- حديث ابن عباس رضي الله عنه؛ قال: لما نزلت آية الدَّيْن؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ أول من جحد آدم، إنَّ الله تعالى لما خلقه؛ مسح ظهره، فأخرج منه ما هو من ذراري إلى يوم القيامة، فعرضهم عليه ... )) . رواه: ابن أبي عاصم في

المشيئة

((السُّنَّة)) ((204)) ، وأحمد في ((المسند)) (2270و3519-شاكر) ، وفي سنده علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف، ويتقوى بما قبله. قال ابن القيم - كما في ((مختصر الصواعق المرسلة)) - (2/171) : ((وورد لفظ اليد في القرآن والسُّنَّة وكلام الصحابة والتابعين في أكثر من مئة موضع وروداً متنوعاً متصرفاً فيه مقروناً بما يدل على أنها يد حقيقية من الإمساك والطي والقبض والبسط ... وأنه مسح ظهر آدم بيده ... )) اهـ. الْمَشِيئَةُ انظر: صفة (الإرادة) الْمُصَوِّرُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه المُصَوِّر، وهذا ثابت بالكتاب والسُّنَّة،

المعية

و (المُصَوِّر) من أسمائه تعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {هُوَ اللهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ المُصَوِّر} [الحشر: 24] . 2- وقوله: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء} [آل عمران:6] ? الدليل من السُّنَّة: 1- حديث أنس رضي الله عنه: ((لمَّا صوَّر الله آدم في الجنة؛ تركه ما شاء الله أن يتركه ... )) . رواه مسلم (2611) . 2- حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (( ... سجد وجهي للذي خلقه وصوَّره وشق سمعه وبصره)) . رواه مسلم (771) . قال ابن منظور في ((لسان العرب)) : ((ومن أسماء الله المُصَوِّر، وهو الذي صوَّر جميع الموجودات ورتبها، فأعطى كل شيء منها صورة خاصة وهيئة مفردة يتميز بها على اختلافها وكثرتها)) . قال الشيخ ابن سعدي في ((التفسير)) (5/301) : ((الخالق البارئ المُصَوِّر: الذي خلق جميع الموجودات وبرأها وسواها بحكمته، وصورها بحمده وحكمته، وهو لم يزل ولا يزال على هذا الوصف العظيم)) . الْمَعِيَّةُ يعتقد أهلُ الحقِّ، أهلُ السُّنَّة والجماعة أنَّ الله معنا على الحقيقة، وأنه فوق

سماواته، مستوٍ على عرشه، بائنٌ من خلقه، وهذه المَعِيَّةُ ثابتةٌ بالكتاب والسُّنَّة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] . 2- وقوله: {وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة: 7] . ? الدليل من السُّنَّة: 1- حديث ابن عمر رضي الله عنهما: ((إذا قام أحدكم إلى الصلاة؛ فلا يبصق قِبَل وجهه؛ فإنَّ الله قِبَل وجهه)) . رواه: البخاري (406) ، ومسلم (547) . 2- الحديث القدسي: ((أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني 00)) رواه: البخاري (7405) ، ومسلم (2675) . وانظر: صفة (القُرْب) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ((الواسطية)) (ص 193) : ((فصل: وقد دخل فيما ذكرناه من الإيمان بالله الإيمان بما أخبر الله به في كتابه، وتواتر عن رسوله، وأجمع عليه سلف الأمة؛ من أنه سبحانه فوق سماواته على عرشه، عليُّ على خلقه، وهو سبحانه معهم أينما كانوا، يعلم ما هم عاملون)) ، ثم بعد أن أورد بعض الآيات؛ قال: ((وكل هذا الكلام الذي

المغفرة والغفران

ذكره الله من أنه فوق العرش وأنه معنا حقٌ على حقيقته، لا يحتاج إلى تحريف، ولكن يصان عن الظنون الكاذبة)) . قال الشيخ العثيمين -رحمه الله- في ((تعقيب مَعِيَّة الله على خلقه)) في بيان سبب كتابه هذا التعقيب: (( ... جـ - ولبيان معنى هذه الصفة العظيمة التي وصف الله بها نفسه في عدة آيات من القرآن، ووصفه بها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم)) . اهـ وهذه الرسالة من أفضل ما قرأت في توضيح معنى المَعِيَّة؛ فلتراجع، وقد طبعها الشيخ رحمه الله في آخر كتابه القيم: ((القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى)) . الْمَغْفِرَةُ وَالْغُفْرَانُ صفةٌ فعلِيَّةٌ ثابتة لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسُّنَّة، ومن أسمائه (الغفار) و (الغفور) . ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285] . 2- وقوله: {إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} [فاطر: 28] . 3- وقوله: {أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} [الزمر: 5] .

4- وقوله: {إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ} [فصلت: 43] . ? الدليل من السُّنَّة: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (( ... بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير)) . رواه مسلم (125) . 2- حديث عائشة رضي الله عنها: ((من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله؛ كره الله لقاءه)) . فقيل: يا رسول الله! كراهية لقاء الله كراهية الموت، كلنا نكره الموت؟ قال: ((ذاك عند موته، إذا بشر برحمة الله ومغفرته؛ أحب لقاء الله ... )) . رواه: النسائي (1734) ، وابن ماجه. وصححه الألباني. قال ابن قتيبة في ((تفسير غريب القرآن)) (ص 14) : ((ومن صفاته (الغفور) ، وهو من قولك: غفرت الشيء: إذا غطيته؛ كما يُقال: كَفَرْتُه: إذا غطيته. ويقال: كذا أغفر من كذا؛ أي: أستر ... )) . وقال الزجاجي في ((اشتقاق أسماء الله)) (ص 93) : (( ... غفور - كما ذكرت لك - من أبنية المبالغة؛ فالله عَزَّ وجَلَّ غفور؛ لأنه يفعل ذلك لعباده مرة بعد مرة إلى ما لا يحصى، فجاءت هذه الصفة على أبنية المبالغة لذلك، وهو متعلق بالمفعول؛ لأنه لا يقع الستر إلا بمستور يُستر ويُغطى، وليست من أوصاف المبالغة في الذات، إنما هي من أوصاف المبالغة في الفعل)) . وقال الشيخ ابن سعدي في ((التفسير)) (5/300) : ((العفُو الغفور

المقت

الغفار: الذي لم يزل ولا يزال بالعفو معروفاً، وبالغفران والصفح عن عباده موصوفاً، كل أحد مضطر إلى عفوه ومغفرته، كما هو مضطر إلى رحمته وكرمه)) . وقال الشيخ عبد العزيز السلمان في ((الكواشف الجلية عن معاني الواسطية)) (ص 270) : (( ... {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ؛ في هذه الآيات إثبات وصف الله بالعفو والمغفرة ... )) اهـ. الْمَقْتُ صفةٌ فعلِيَّةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسُّنَّة. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [غافر: 10] . ? الدليل من السُّنَّة: حديث عياض بن حمار رضي الله عنه: (( ... وإنَّ الله نظر إلى أهل الأرض، فمقتهم؛ عربهم وعجمهم؛ إلا بقايا من أهل الكتاب ... )) رواه مسلم (2865) . وفي ((معاني القرآن وإعرابه)) (2/32) في معنى قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ

المقيت

فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً} [النساء: 22] ؛ قال الزجاج: ((المَقْت: أشد البغض)) اهـ. وقد استشهد شيخ الإسلام في ((الواسطية)) (ص 108) لإثبات صف (المَقْت) بقوله تعالى: {كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} . وقال الشيخ محمد خليل الهرَّاس شارحاً هذه الآيات: ((تضمنت هذه الآيات بعض صفات الفعل؛ من الرضى لله والغضب ... والمَقْت والأَسَف، وهي عند أهل الحق صفات حقيقية لله عَزَّ وجَلَّ، على ما يليق به، ولا تشبه ما يتصف به المخلوق من ذلك، ولا يلزم منها ما يلزم في المخلوق)) اهـ. وقال شيخ الإسلام أيضاً في ((التدمرية)) (ص 26) : ((وكذلك وصف نفسه بأنه يمقت الكفار، ووصفهم بالمَقْت، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ ... } ، وليس المَقْت مثل المَقْت)) . الْمُقِيتُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه مُقِيت، يقدر لعباده القوت، ويحفظ عليهم رزقهم، وهذا ثابت بالكتاب العزيز. والمقيت من أسمائه تعالى. ? الدليل: قوله تعالى: {وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً} [النساء: 85] . قال ابن جرير في تفسير الآية (8/583-شاكر) : ((اختلف أهل التأويل

في تأويل قوله: {وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً} ، قال بعضهم: تأويله: وكان الله على كل شيء حفيظاً وشهيداً - ونقل بإسناده هذا القول عن ابن عباس ومجاهد - ... وقال آخرون: معنى ذلك: القائم على كل شيءٍ بالتدبير ... وقال آخرون: هو القدير - ونقل ذلك بإسناده عن السدي وابن زيد - ... والصواب من هذه الأقوال قول من قال: معنى (المُقِيت) : القدير)) اهـ. وممَّن قال من أهل اللغة: المُقِيت بمعنى القدير: أبو إسحاق الزَّجَّاج في ((تفسير أسماء الله الحسنى)) (ص 48) - وله قولٌ آخر سيأتي -، وتلميذه أبو القاسم الزَّجَّاجِي - نسبةً إلى شيخه الزَّجَّاج - في ((اشتقاق أسماء الله)) (ص 136) ، والفراء في ((معاني القرآن)) (1/280) . ومِمَّن قال: المُقِيت بمعنى الحفيظ: الزجاج في ((معاني القرآن وإعرابه)) (2/85) ، وهذا قولٌ آخرٌ له، ووافقه أبو جعفر النحاس في ((معاني القرآن الكريم)) (2/147) . قال القرطبي في ((الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى)) (1/275) : ((وعلى القول بأنه القادر يكون من صفات الذات، وإن قلنا إنه اسم الذي يعطي القوت؛ فهو اسم للوهَّاب والرزاق، ويكون من صفات الأفعال)) . وقد عدَّ الشيخ العثيمين -رحمه الله- (المُقِيت) من أسماء الله تعالى، انظر: ((القواعد المثلى)) ، وانظر أيضاً: ((النهج الأسمى)) (1/337) .

الْمَكْرُ عَلَى مَنْ يَمْكُرُ بِهِ من صفات الله الفعليَّة الخبريَّة التي لا يوصف بها وصفاً مطلقاً، وهي ثابتة بالكتاب والسُّنَّة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران54] 2- وقوله: {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} [النمل50] ? الدليل من السُّنَّة: حديث ابن عباس رضي الله عنهما: ((رب أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي ... )) . رواه أبو داود (صحيح سنن أبي داود/1337) ، والترمذي (2816) ، وابن ماجه. قال أبو إسحاق الحربي في ((غريب الحديث)) (1/94) : ((والكيد من الله خلافه من الناس، كما المَكْر منه خلافه من الناس)) . وهذا إثبات منه لصفتي الكَيْد والمَكْر على الحقيقة. قال شيخ الإسلام في ((التدمرية)) (ص 26) : ((وهكذا وصف نفسه بالمَكْر والكيد، كما وصف عبده بذلك، فقال: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ} ،

وقال: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً - وَأَكِيدُ كَيْداً} ، وليس المَكْر كالمَكْر، ولا الكيد كالكيد)) . وانظر كلام تلميذه ابن القيم في ((مختصر الصواعق المرسلة)) (2/32-34) وفي ((المجموع الثمين)) (2/65) سئل الشيخ العثيمين -رحمه الله- هل يوصف الله بالمَكْر؟ وهل يسمى به؟ فأجاب: ((لا يوصف الله تعالى بالمَكْر إلا مقيداً، فلا يوصف الله تعالى به وصفاً مطلقاً؛ قال الله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} ، ففي هذه الآية دليل على أنَّ لله مكراً، والمَكْر هو التوصل إلى إيقاع الخصم من حيث لا يشعر، ومنه جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري ((الحرب خدعة)) . فإن قيل: كيف يوصف الله بالمَكْر مع أنَّ ظاهره أنه مذموم؟ قيل: إن المَكْر في محله محمود، يدل على قوة الماكر، وأنه غالب على خصمه، ولذلك لا يوصف الله به على الإطلاق، فلا يجوز أن تقول: إنَّ الله ماكر! وإنما تذكر هذه الصفة في مقام يكون مدحاً؛ مثل قوله تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ} ، وقوله {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} ، ومثل قوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ} ، ولا تنفى عنه هذه الصفة على سبيل الإطلاق، بل إنها في المقام التي تكون مدحاً؛ يوصف بها، وفي المقام التي لا تكون مدحاً؛ لا يوصف بها، وكذلك لا يسمى الله به؛ فلا يقال: إنَّ من أسماء الله الماكر.

الملك والملكوت

والمَكْر من الصفات الفعلية؛ لأنها تتعلق بمشيئة الله سبحانه)) اهـ. وانظر كلام الإمام ابن جرير الطبري في صفة (الاسْتِهْزَاء) ، وكلام ابن القيم في صفة (الخِدَاع) . الْمُلْكُ وَالْمَلَكُوتُ من صفات الله الذاتية الثابتة بالكتاب والسُّنَّة، و (المَلِك) و (المَليك) من أسمائه تعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {قُلْ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} [آل عمران: 26] . 2- قوله تعالى: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 55] . 3- قوله تعالى: {هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ} [الحشر: 23] . ? الدليل من السُّنَّة: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((يقبض الله تبارك وتعالى الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟)) . رواه: البخاري (6515) ، ومسلم (2787) . 2- حديث عوف بن مالك رضي الله عنه: (( ... سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة)) . حديث حسن، رواه: أبو داود، والنسائي، وغيرهما. انظر: ((صحيح سنن أبي داود)) (776) .

الملل

قال في ((اللسان)) مُلك الله وملكوته: سلطانه وعظمته)) . وقال في ((القاموس المحيط)) : ((الملكوت: العز والسلطان)) . وقال الزَّجَّاجي في ((اشتقاق أسماء الله)) (ص 43) : ((فأما الملك؛ فتأويله: ذو الملك يوم الدين، ويوم الدين هو يوم الجزاء والحساب، فوصف الله نفسه جَلَّ وعَزَّ بأنه الملك يوم لا ملك سواه ... )) . الْمَلَلُ ورد في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بما تطيقون، فوالله؛ لا يمل الله حتى تملوا)) . رواه البخاري (43) ، ومسلم (785) وفي رواية لمسلم: ((فوالله؛ لا يسأم الله حتى تسأموا)) . قال أبو إسحاق الحربي في ((غريب الحديث)) (1/338) : ((قوله: ((لا يَمَلُّ الله حتى تملوا)) : أخبرنا سلمة عن الفراء؛ يقال: مللت أمَلُّ: ضجرت، وقال أبو زيد: ملَّ يَمَلُّ ملالة، وأمللته إملالاً، فكأنَّ المعنى لا يملُّ من ثواب أعمالكم حتى تملُّوا من العمل)) اهـ. قلت: وهذا ليس تأويلاً، بل تفسير الحديث على ظاهره؛ لأنَّ الذين أوَّلُوه كالنووي في ((رياض الصالحين)) (باب الاقتصاد في العبادة) ،

والبيهقي في ((الأسماء والصفات)) (فصل ما جاء في المِلال) ؛ قالوا: معنى لا يَمَلُّ الله؛ أي: لا يقطع ثوابه، أو أنه كناية عن تناهي حق الله عليكم في الطاعة. وقال الشيخ محمد بن إبراهيم في ((الفتاوى والرسائل)) (1/209) : (( ((فإنَّ الله لا يَمَلُّ حتى تملُّوا)) : من نصوص الصفات، وهذا على وجه يليق بالباري، لا نقص فيه؛ كنصوص الاستهزاء والخداع فيما يتبادر)) . وقد سئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في ((مجموعة دروس وفتاوى الحرم)) (1/152) : هل نستطيع أن نثبت صفة الملل والهرولة لله تعالى؟ فأجاب: ((جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ((فإنَّ الله لا يَمَلُّ حتى تملوا)) . فمن العلماء من قال: إنَّ هذا دليل على إثبات الملل لله، لكن؛ ملل الله ليس كملل المخلوق؛ إذ إنَّ ملل المخلوق نقص؛ لأنه يدل على سأمه وضجره من هذا الشيء، أما ملل الله؛ فهو كمال وليس فيه نقص، ويجري هذا كسائر الصفات التي نثبتها لله على وجه الكمال وإن كانت في حق المخلوق ليست كمالاً. ومن العلماء من يقول: إنَّ قوله: ((لا يَمَلُّ حتى تملوا)) ؛ يراد به بيان أنه مهما عملت من عمل؛ فإنَّ الله يجازيك عليه؛ فاعمل ما بدا لك؛ فإنَّ الله لا يمل من ثوابك حتى تمل من العمل، وعلى هذا، فيكون المراد بالملل لازم

المماحلة والمحال

الملل. ومنهم من قال: إنَّ هذا الحديث لا يدل على صفة الملل لله إطلاقاً؛ لأنَّ قول القائل: لا أقوم حتى تقوم؛ لا يستلزم قيام الثاني، وهذا أيضاً: ((لا يمل حتى تملوا)) ؛ لا يستلزم ثبوت الملل لله عَزَّ وجَلَّ. وعلى كل حال يجب علينا أن نعتقد أنَّ الله تعالى مُنَزَّه عن كل صفة نقص من الملل وغيره، وإذا ثبت أنَّ هذا الحديث دليل على الملل؛ فالمراد به ملل ليس كملل المخلوق)) اهـ. الْمُمَاحَلَةُ وَالْمِحَالُ من صفات الله الفعليَّة الخبريَّة الثابتة بالكتاب العزيز. ? الدليل: قوله تعالى: {وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} [الرعد:13] نقل الأزهري في ((تهذيب اللغة)) (5/95) قول القتيبي في قول الله جَلَّ وعَزَّ: {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} ؛ أي: شديد الكيد والمَكْر، وقول سفيان الثوري: {شَدِيدُ الْمِحَالِ} ؛ قال: شديد الانتقام. وقول أبي عبيد: {الْمِحَالِ} : الكيد والمَكْر. وقول الفراء: {الْمِحَالِ} : المُمَاحلة. وغيرها من الأقوال.

المميت

وفي ((الصحاح)) : (( (المُمَاحلة) : المماكرة والمكايدة)) اهـ. وقال الخطابي في ((غريب الحديث)) (3/152) : {الْمِحَالِ} : الكيد، ومنه قول الله تعالى: {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} )) اهـ. وقد استشهد شيخ الإسلام بهذه الآية في ((الواسطية)) (ص 122) لإثبات هذه الصفة مع الآيات التي فيها صفة المَكْر والكيد. وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية: ((وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} )) . وقال الشيخ زيد بن فياض في ((الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية)) (ص 114) : ((وفي هذه الآيات إثبات وصف الله بالمَكْر والكيد والمُمَاحلة، وهذه صفات فعلية تثبت لله كما يليق بجلاله وعظمته، قوله: {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} ؛ أي: الأخذ بشدة وقوة، والمِحَال والمُمَاحلة المماكرة والمغالبة)) . اهـ. وبنحوه قال الشيخ عبد العزيز السلمان في ((الكواشف الجلية)) (ص266) الْمُمِيتُ انظر: (المحيي) . الْمَنْعُ انظر: صفة (العطاء) .

المن والمنة

الْمَنُّ وَالْمِنَّةُ صفةٌ فعلِيَّةٌ ثابتةٌ بالكتاب والسُّنَّة، و (المَنَّان) من أسماء الله الثابتة بالحديث الصحيح. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [آل عمران: 164] . 2- وقوله: {وَلَكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [إبراهيم: 11] ? الدليل من السُّنَّة: 1- حديث أنس رضي الله عنه: ((اللهم أسألك بأنَّ لك الحمد، لا إله إلا أنت، المنَّان، بديع السماوات والأرض ... )) . حديث صحيح رواه: الأربعة، والحاكم، وصححه ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1325) . انظر تخريجه في صفة (الحَنَان) . 2- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (( ... إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه، فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ومنَّ به علينا ... )) . رواه مسلم (2701) . قال الراغب الأصفهاني في ((المفردات)) : ((المِنَّة: النعمة الثقيلة، ويقال

المهيمن

ذلك على وجهين: أحدهما: أن يكون ذلك بالفعل، فيقال: منَّ فلان على فلان: إذا أثقله بالنعمة، وعلى ذلك قوله: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:164] ، {كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ} [النساء:94] {وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ} [الصافات: 114] ، {يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} [إبراهيم: 11] ، {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا} [القصص: 5] وذلك على الحقيقة لا يكون إلا لله تعالى. والثاني: أن يكون ذلك بالقول، وذلك مستقبح فيما بين الناس؛ إلا عند كفران النعمة)) اهـ. وقال في ((القاموس المحيط)) ((منَّ عليه منَّاً: أنعم واصطنع عنده صنيعة ومِنَّة ... والمنَّان من أسماء الله تعالى؛ أي: المعطي ابتداءً)) . الْمُهَيْمِنُ انظر: صفة (الهَيْمَنَة) . الْمَوْجُوُدُ يُخْبَر عن الله عَزَّ وجَلَّ بأنه موجود، وليس الموجود من أسمائه تعالى. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (6/142) : ((ويفرق بين دعائه والإخبار عنه، فلا يدعى إلا بالأسماء الحسنى، وأما الإخبار عنه؛ فلا يكون باسم سيء، لكن قد يكون باسم حسن أو باسم

ليس بسيء، وإن لم يحكم بحسنه؛ مثل: شيء وذات وموجود)) . وانظر كلامه في (القِدَم) كما في ((مجموع الفتاوى)) (9/300) . وقال في ((دقائق التفسير)) (5/110) في معرض رده على المتكلمين: ((فصار أهل السُّنَّة يصفونه بالوجود وكمال الوجود، وأولئك يصفونه بعدم كمال الوجود، أو بعدم الوجود بالكلية؛ فهم ممثلة معطلة؛ ممثلة في العقل والشرع، معطلة في العقل والشرع)) اهـ. وقال ابن القيم في ((بدائع الفوائد)) (1/162) : (( ... ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي، وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفيّاً؛ كالقديم، والشيء، والموجود ... )) . وفي ((فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء)) (3/138/فتوى رقم 6245) سئلت اللجنة السؤال التالي: س: لم أجد في أسماء الله وصفاته اسم الموجود، وإنما وجدت اسم الواجد، وعلمت في اللغة أنَّ الموجود على وزن مفعول، ولابد أن يكون لكل موجود موجِد كما أنَّ لكل مفعول فاعل، ومحال أن يوجد لله موجِد. ورأيت أنَّ الواجِد يشبه اسم الخالِق، والموجود يشبه اسم المخلوق، وكما أنَّ لكل موجود موجِد؛ فلكل مخلوق خالق؛ فهل لي بعد ذلك أن أصف الله بأنه موجود؟. وقد أجابت اللجنة بتوقيع كل من الشيخ: عبد العزيز بن باز،

عبد الرزاق عفيفي، عبد الله بن غديان، عبد الله بن قعود. ((الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله، وصحبه وبعد: ج: وجود الله معلوم من الدين بالضرورة، وهو صفة لله بإجماع المسلمين، بل صفة لله عند جميع العقلاء، حتى المشركين، لا ينازع في ذلك إلا مُلْحِد دهري، ولا يلزم من إثبات الوجود صفة لله أن يكون له موجِد؛ لأنَّ الوجود نوعان: الأول: وجود ذاتي، وهو ما كان وجوده ثابتاً له في نفسه، لا مكسوباً له من غيره، وهذا هو وجود الله سبحانه وصفاته؛ فإنَّ وجوده لم يسبقه عدم، ولا يلحقه عدم، {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} الثاني: وجود حادث، وهو ما كان حادثاً بعد عدم، فهذا الذي لابد له من موجد يوجده وخالق يحدثه، وهو الله سبحانه، قال تعالى: {اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ - لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} ، وقال تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ - أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ} . وعلى هذا يوصف الله تعالى بأنه موجود، ويخبر عنه بذلك في الكلام، فيقال: الله موجود، وليس الوجود اسماً، بل صفة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم)) اهـ.

الموسع

قلت: الأولى أن يُقال: حي؛ بدل: موجود. انظر: القاعدة الرابعة. أما قول السائل: إنه وجد الواجِد من أسماء الله تعالى؛ فهذا غير صحيح، ولم يثبت في كتاب ولا سنة. والله أعلم. الْمُوُسِعُ انظر: صفة (الواسِع) . الْمَوْلَى انظر: الولي. النَّاصِرُ وَالنَّصِيرُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الناصر والنصير، وأنَّ النصر بيده، وهذا ثابت بالكتاب والسنة، و (النصير) من أسمائه تعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ} ? [آل عمران: 150] 2- وقوله: {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الأنفال: 40] . 3- وقوله: {إِنْ تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ} [محمد: 7] . 4- وقوله: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1] .

النداء

الدليل من السنة: 1- حديث أنس رضي الله عنه: ((اللهم أنت عضدي، وأنت نَصِيري، بك أحول وبك أصول وبك أقاتل)) . حديث صحيح. رواه: أبو داود (2632) ، والترمذي (صحيح سنن الترمذي/2836) ، وغيرهما. وصححه الألباني في ((الكلم الطيب)) (126) . 2- حديث: (( ... صدق وعده، ونَصَرَ عبده، وهزم الأحزاب وحده)) . رواه: البخاري (6385) ، ومسلم (1344) . فائدة: (الناصر) : ليس من أسماء الله تعالى، وعليه؛ فلا يصح التعبد به؛ مثل: عبد الناصر. النِّدَاءُ صفةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ، انظر: صفة (الكلام) . النُّزُولُ والْهُبُوُطُ والتَّدَلِّي (إلى السماء الدنيا) صفاتٌ فِعْلِيَّةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالسنة الصحيحة. ? الدليل: 1- حديث النُّزول المشهور: ((يَنْزِلُ ربُّنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين

يبقى ثلث الليل الآخر ... )) .رواه: البخاري (7494) ، ومسلم (758) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. 2- حديث علي بن أبي طالب وأبي هريرة رضي الله عنهما مرفوعاً: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ولأخرت عشاء الآخرة إلى ثلث الليل الأول فإنه إذا مضى ثلث الليل الأول هبط الله تعالى إلى السماء الدنيا فلم يزل هناك حتى يطلع الفجر..)) رواه أحمد في المسند (967 و968 شاكر) بإسناد حسن، وبنحوه عن ابن مسعود (3673) . 3- حديث: ((إنَّ الله تعالى ليُمْهِل في شهر رمضان كُلَّ ليله حتى اذا ذهب الليل الأول هبط إلى السماء ثم قال: هل من سائلٍ يعطى، هل من مستغفر يغفر له، هل من تائبٍ يتاب عليه)) رواه ابن أبي عاصم في كتاب ((السنة)) (513) وصححه الألباني. 4- حديث الإسراء عن أنس رضي الله عنه قال: (( ... حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجَبَّار ربُّ العِزَّةِ فَتَدَلَّى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى ... )) رواه البخاري (7517) قال أبو سعيد الدارمي في ((الرد على الجهمية)) (ص 79) بعد أن ذكر ما يثبت النُّزول من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فهذه الأحاديث قد جاءت كلها وأكثر منها في نزول الرب تبارك وتعالى في هذه المواطن، وعلى تصديقها والإيمان بها أدركنا أهل الفقه والبصر من مشايخنا،

لا ينكرها منهم أحد، ولا يمتنع من روايتها)) .اهـ. وقال إمام الأئمة محمد بن خزيمة في ((كتاب التوحيد)) (1/289) : ((باب: ذكر أخبار ثابتة السند صحيحة القوام، رواها علماء الحجاز والعراق عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول الرب جل وعلا إلى السماء الدنيا كل ليلة: نشهد شهادة مقر بلسانه، مصدق بقلبه، مستيقن بما في هذه الأخبار من ذكر نُزول الرب، من غير أن نصف الكيفية؛ لأنَّ نبينا المصطفى لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا إلى سماء الدنيا، وأعلمنا أنه يَنْزل، والله جل وعلا لم يترك ولا نبيه عليه السلام بيان ما بالمسلمين الحاجة إليه من أمر دينهم؛ فنحن قائلون مصدقون بما في هذه الأخبار من ذكر النُّزول، غير متكلفين القول بصفته أو بصفة الكيفية؛ إذ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصف لنا كيفية النُّزول. وفي هذه الأخبار ما بان وثبت وصح أنَّ الله جل وعلا فوق سماء الدنيا الذي أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أنه يَنْزل إليه، إذ محال في لغة العرب أن يقول: نزل من أسفل إلى أعلى، ومفهوم في الخطاب أنَّ النُّزول من أعلى إلى أسفل)) اهـ. وقال أبو القاسم اللالكائي في ((أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)) (3/434) ((سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول الرب تبارك وتعالى، رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم عشرون نفساً)) اهـ.

وقال شيخ الإسلام رحمه الله في تفسير سورة الإخلاص ((دقائق التفسير)) (6/424) : ((فالرب سبحانه إذا وصفه رسوله بأنه يَنْزِل إلى سماء الدنيا كل ليلة، وأنه يدنو عشية عرفة إلى الحجاج، وأنه كلَّم موسى بالوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة، وأنه استوى إلى السماء وهي دخانٌ، فقال لها وللأرض: ائتيا طَوْعاً أو كَرْهاً؛ لم يلزم من ذلك أن تكون هذه الأفعال من جنس ما نشاهده من نزول هذه الأعيان المشهودة، حتى يُقال: ذلك يستلزم تفريغ مكان وشغل آخر)) . وقال الإمام ابن جرير الطبري في ((التبصير في معالم الدين)) (132) في فصل: القول فيما أُدرك علمه من صفات الصانع خبراً لا استدلالاً: ((وذلك نحو إخبار الله تعالى ذكره إيانا أنه سميعٌ بصيرٌ، وأنَّ له يدين بقوله {بَل يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} ... وأنه يَهْبِطُ إلى السماء الدنيا لخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم)) وقال شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)) (4/186) نقلاً عن الكرجي مؤيداً له: ((رُوي عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة أنه قال في الأحاديث التي جاءت إنَّ الله يهبط إلى السماء الدنيا ونحو هذا من الأحاديث إنَّ هذه الأحاديث قد رواها الثقات فنحن نرويها ونؤمن بها ولا نفسرها)) وكذا ابن القيم في ((اجتماع الجيوش الإسلامية)) (1/139) نقلاً عن أبي القاسم

النسيان (بمعنى الترك)

اللالكائي. وقال أيضاً (5/397) : ((وقد تأوَّل قومٌ من المنتسبين إلى السنة والحديث حديث النُّزُول وما كان نحوه من النصوص التي فيها فعل الرب اللازم كالإتيان والمجيء والهبوط ونحو ذلك)) وردَّ على ذلك مثبتاً هذه الصفات وقال (5/394) بعد أن ذكر روايات ابن منده لحديث النُّزُول: ((فهذا تلخيصُ ما ذكره عبد الرحمن بن منده مع أنه استوعب طرق هذا الحديث وذكر ألفاظه مثل قوله: ((يَنْزل ربنا كل ليلة إلي السماء الدنيا إذا مضى ثلث الليل الأوَّل فيقول: أنا الملك من ذا الذي يسألني فأعطيه، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له، من ذا الذي يستغفرني فأغفر له، فلا يزال كذلك إلى الفجر)) وفى لفظ: ((إذا بقي من الليل ثلثاه يَهْبِطُ الرب إلى السماء الدنيا)) وفى لفظ: ((حتى ينشق الفجر ثم يرتفع)) وفى رواية: ((يقول لا أسأل عن عبادي غيري، من ذا الذي يسألني فأعطيه)) وفى رواية عمرو بن عبسة: أنَّ الرب يَتَدَّلى في جوف الليل إلي السماء الدنيا)) . قلت: فحديث النُّزُول إذاً صح بثلاثة ألفاظ: النُّزُول والْهُبُوط والتًّدَلِّي. وانظر: ((رسالة شرح حديث النُّزول)) لشيخ الإسلام رحمه الله. النِّسْيَانُ (بمعنى الترك) صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة.

الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67] . 2- وقوله: {فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا} [الأعراف:51] 3- وقوله: {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ} ? [السجدة: 14] . 4- وقوله: {وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} [الجاثية: 34] . ? الدليل من السنة: حديث أبي هريرة رضي الله عنه في رؤية الله يوم القيامة، وفيه: أنَّ الله يلقى العبد، فيقول: أفظننت أنك ملاقيَّ؟ فيقول: لا. فيقول - أي: الله عَزَّ وجَلَّ - فإني أنساك كما نسيتني ... )) . رواه مسلم (2968) . قال الإمام أحمد في: ((الرد على الزنادقة والجهمية)) (ص 21) : ((أما قوله: {فَالْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} ؛ يقول: نترككم في النار؛ {كما نَسيتُمْ} ؛ كما تركتم العمل للقاء يومكم هذا)) .اهـ. وقال ابن فارس في ((مجمل اللغة)) (ص 866) : ((النِّسْيان: الترك، قال الله جَلَّ وعَزَّ: {نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ} )) اهـ. وقال الطبري في تفسير قوله تعالى {نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ} ?:? ((معناه:

تركوا الله أن يطيعوه ويتبعوا أمره، فتركهم الله من توفيقه وهدايته ورحمته، وقد دللنا فيما مضى على أنَّ معنى النسيان: الترك، بشواهده فأغنى ذلك عن إعادته ههنا)) وسُئِل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في ((مجموع فتاوى ورسائل)) (3/54-56/رقم 354) السؤال التالي: هل يوصف الله تعالى بالنِّسْيَان؟. فأجاب حفظه الله تعالى بقوله: ((للنِّسْيَان معنيان: أحدهما: الذهول عن شيء معلوم؛ مثل قوله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} )) -وضرب مجموعة من الأمثلة لذلك- ثم قال: ((وعلى هذا؛ فلا يجوز وصف الله بالنِّسْيَان بهذا المعنى على كل حال. والمعنى الثاني للنِّسْيَان: الترك عن علم وعمد؛ مثل قوله تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ ... } الآية، ومثل قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} ؛ على أحد القولين، ومثل قوله صلى الله عليه وسلم في أقسام أهل الخيل: ((ورجل ربطها تغنياً وتعففاً، ولم ينس حق الله في رقابها وظهورها؛ فهي له كذلك ستر)) . وهذا المعنى من النِّسْيَان ثابت لله تعالى عَزَّ وجَلَّ؛ قال الله تعالى: {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ} ، وقال تعالى في المنافقين: {نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} . وفي ((صحيح مسلم)) في (كتاب الزهد والرقائق) عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قالوا: يا رسول

النصير

الله! هل نرى ربنا يوم القيامة؟ (فذكر الحديث، وفيه: ((أنَّ الله تعالى يلقى العبد، فيقول: أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا. فيقول: فإني أنساك كما نسيتني)) . وتركُه سبحانه للشيء صفةً من صفاته الفعلية الواقعة بمشيئته التابعة لحكمته؛ قال الله تعالى: {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ} ، وقال تعالى: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} ، وقال: {وَلَقَد تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً} والنصوص في ثبوت الترك وغيره من أفعاله المتعلقة بمشيئته كثيرة معلومة وهي دالة على كمال قدرته وسلطانه. وقيام هذه الأفعال به سبحانه لا يماثل قيامها بالمخلوقين، وإن شاركه في أصل المعنى؛ كما هو معلوم عند أهل السنة)) . النَّصِيرُ انظر: صفة (الناصر) . النَّظَرُ صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 77]

الدليل من السنة: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((إنَّ الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)) : رواه مسلم (2564) . 2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جرَّ إزاره بطراً)) . رواه: البخاري (5788) ، ومسلم (2087) . 3- حديث أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم ... )) . رواه مسلم (107) . قال ابن أبي العز الحنفي في ((شرح العقيدة الطحاوية)) (ص 190) : ((النظر له عدة استعمالات بحسب صلاته وتعديه بنفسه: فإن عدي بنفسه؛ فمعناه: التوقف والانتظار: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد: 13] . وإن عدي بـ (في) ؛ فمعناه: التفكر والاعتبار؛ كقوله: {أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [الأعراف: 185] . وإنْ عُدي بـ (إلى) ؛ فمعناه: المعاينة بالأبصار؛ كقوله تعالى: {انظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ} [الأنعام: 99] )) اهـ. وأنت ترى أنَّ النظر فيما سبق من أدلة متعدٍّ بـ (إلى) ؛ فأهل السنة والجماعة يقولون: إنَّ الله عَزَّ وجَلَّ يرى ويبصر وينظر إلى ما يشاء بعينه سبحانه وتعالى؛ كما يليق بشأنه العظيم {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ

- النعت

البَصِيرُ} . وانظر صفة: (البصر) و (الرؤية) و (العين) . - النَّعْتُ يصح إطلاق هذه اللفظة وإضافتها إلى الله تعالى، فتقول: نعت الله أو نعوت الله، ونحو ذلك، لأنَّ النعت في اللغة بمعنى الصفة - على الراجح - قال ابنُ فارس في ((معجم مقاييس اللغة)) : ((النعتُ: وصفك الشيء بما فيه من حسن؛ كذا قاله الخليل)) وقال ابن منظور في ((لسان العرب)) : ((النعتُ: وصفك الشيء، تنعته بما فيه وتبالغ في وصفه)) وفي ((مختار الصحاح)) : ((الصفة عندهم - يعني النحويين- هي النعت)) قال المناوي في ((التوقيف على مهمات التعاريف)) : ((الصفة لغة: النعت)) وقال أبو هلال العسكري في كتاب ((الفروق)) : ((الفرق بين (الصفة) و (النعت) : ... النعت هو ما يظهر من الصفات ويشتهر، ... لأنَّ (النعت) يفيد من المعاني التي ذكرناها ما لا تفيده (الصفة) ، ثم قد تتداخل (الصفة) و (النعت) فيقع كلُّ واحدٍ منهما موضع الآخر، لتقارب معنييهما، ويجوز أن

يقال: (الصفة) لغة و (النعت) لغة أخرى، ولا فرق بينهما)) وقد كَثُر في أقوال العلماء إضافة النعت إلى الله عزَّ وجلَ ومن ذلك: 1- قول ابن جرير الطبري في تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [الأنعام: 14] : ((يقول الله: فاطرِ السموات والأرض أتخذُ ولياً؟ ففاطرِ السموات من نعتِ الله وصفتِه ولذلك خُفِض)) وقوله في تفسير قوله تعالى: {وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23] ((واختلفت القراء أيضاً في قراءة قوله: {وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} فقرأ ذلك عامةُ قرَّاء المدينة وبعض الكوفيين والبصريين والله ربِّنا خفضاً على أنَّ الرب: نعتٌ لله)) 2-قول شيخ الإسلام ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (16/372) ((ومن أعظم الأصول معرفة الإنسان بما نعت الله به نفسه من الصفات الفعلية)) وقوله في ((مجموع الفتاوى)) (5/160) : ((إذا قيل: الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، فهى كُلُّها أسماءٌ لمسمى واحدٍ سبحانه وتعالى وإن كان كُلُّ اسمٍ يدل على نعتٍ لله تعالى لا يدل عليه الاسم الآخر)) وقوله في ((مجموع الفتاوى)) (14/135) واصفاً أهل الإيمان: ((وتضمن إيمانهم بالله إيمانهم بربوبيته وصفاتِ كمالِه ونعوتِ جلاله

وأسمائه الحسنى، وعموم قدرته ومشيئته وكمال علمه وحكمته؛ فباينوا بذلك جميعَ طوائف أهل البدع والمنكرين لذلك أو لشيء منه)) 3- قول الحافظ ابن القيم في ((مدارج السالكين)) (1/125) : ((أسماؤه كلُّها أسماءُ مدحٍ وحمدٍ وثناءٍ وتمجيدٍ، ولذلك كانت حسنى، وصفاتُه كلُّها صفات كمالٍ، ونعوتُه كلُّها نعوتُ جلالٍ، وأفعالُه كلُّها حكمة ورحمة ومصلحة وعدل)) وقوله في ((المدارج)) (3/521) : ((التوحيدُ الحقُ هو ما نعت الله به نفسه على ألسنة رسله فهم لم ينعتوه من تلقاء أنفسهم وإنما نعتوه بما أذن لهم في نعته به)) وقوله في ((المدارج)) (3/362) : ((والتحقيق: أنَّ صفاتِ الرب جلَّ جلالُه داخلةٌ في مسمى اسمه، فليس اسمه: الله، والرب، والإله، أسماءً لذاتٍ مجردة لا صفة لها ألبتة، فإنَّ هذه الذات المجردة وجودها مستحيل، وإنما يفرضها الذهن فرض الممتنعات ثم يحكم عليها واسم الله سبحانه والرب والإله اسم لذات لها جميع صفات الكمال ونعوت الجلال كالعلم والقدرة والحياة والإرادة والكلام والسمع والبصر والبقاء والقدم وسائر الكمال الذي يستحقه الله لذاته، فصفاته داخلة في مسمى اسمه، فتجريد الصفات عن الذات والذات عن الصفات فرضٌ وخيالٌ ذهني لا حقيقة له وهو أمر اعتباري لا فائدة فيه ولا يترتب عليه معرفة ولا إيمان ولا هو علم

في نفسه ... فليس الله اسماً لذاتٍ لا نعتَ لها، ولا صفة ولا فعل ولا وجه ولا يدين، ذلك إلهٌ معدومٌ مفروضٌ في الأذهان، لا وجود له في الأعيان)) وقوله في ((الصواعق المرسلة)) (3/1029) : (( ... فهذا الموصوف بهذه الصفات والنعوت والأفعال والعلو والعظمة والحفظ والعزة والحكمة والملك والحمد والمغفرة والرحمة والكلام والمشيئة والولاية وإحياء الموتى والقدرة التامة الشاملة والحكم بين عباده وكونه فاطر السموات والأرض وهو السميع البصير؛ فهذا هو الذي ليس كمثله شيء لكثرة نعوته وأوصافه وأسمائه وأفعاله وثبوتها له على وجه الكمال الذي لا يماثله فيه شيء)) 4- قول ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ} [الكهف: 44] : ((منهم من رفع (الحق) على أنه نعتٌ للولاية كقوله تعالى: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيراً} ومنهم من خفض القاف على أنه نعتٌ لله عز وجل كقوله: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمْ الْحَقِّ} )) 5- قول الحافظ الذهبي في ((العلو للعلي الغفار)) (ص13) : ((فإننا على أصلٍ صحيح، وعِقْدٍ متين، من أنَّ الله تقدس اسمه لا مثل له، وأنَّ إيماننا بما ثبت من نعوته كإيماننا بذاته المقدسة، إذ الصفات تابعة للموصوف، فنعقلُ وجود الباري ونُمَيِّز ذاته المقدسة عن الأشباه من غير أن نتعقل الماهية، فكذلك القول في صفاته نؤمن بها ونعقل وجودها

النفس (بسكون الفاء)

ونعلمها في الجملة من غير أن نتعقَّلها أو نُشبهها أو نُكيفها أو نمثلها بصفات خلقه، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً)) وغيرُهم وغيرُهم كثيرٌ، لكن الأولى أن نقول (صفة الله) أو (صفات الله) بدل (نعت الله) أو (نعوت الله) لورود الحديث الصحيح بذلك. انظر: (الصفة) النَّفْسُ (بسكون الفاء) أهل السنة والجماعة يثبتون النَّفْس لله تعالى، ونَفْسُه هي ذاته عَزَّ وجَلَّ، وهي ثابتة بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ} ? [آل عمران: 28، 30] . 2- وقوله: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} ? [المائدة: 116] 3- وقوله: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54] . ? الدليل من السنة: 1- الحديث المشهور: ((يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي ... )) . رواه مسلم (2577) . 2- حديث عائشة رضي الله عنها: (( ... وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء

عليك أنت كما أثنيت على نفسك)) . رواه مسلم (486) . 3- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي ... )) رواه: البخاري (7405) ، ومسلم (2675) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (14/196) عن نَفْس الله: ((ونفسه هي ذاته المقدسة)) . وقال أيضاً في ((مجموع الفتاوى)) (9/292-293) : ((ويراد بنَفْس الشيء ذاته وعينه؛ كما يقال: رأيت زيداً نفسه وعينه، وقد قال تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} ، وقال تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} ، وقال تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ} ?، وفي الحديث الصحيح؛ أنه قال لأم المؤمنين: ((لقد قلت بعدك أربع كلمات لو وزن بما قلتيه لوزنتهن: سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله رضى نفسه، سبحان الله مداد كلماته)) ، وفي الحديث الصحيح الإلهي عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني، إن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ؛ ذكرته في ملأ خير منهم)) ؛ فهذه المواضع المراد فيها بلفظ النَفْس عند جمهور العلماء: الله نفسه، التي هي ذاته، المتصفة بصفاته، ليس المراد بها ذاتاً منفكة عن الصفات، ولا المراد بها صفة للذات، وطائفة من الناس يجعلونها من باب الصفات، كما

يظن طائفة أنها الذات المجردة عن الصفات، وكلا القولين خطأ)) . اهـ. وفي (كتاب التوحيد) من ((صحيح البخاري)) : ((باب: قول الله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمْ اللهُ نَفْسَهُ} ، وقوله جل ذكره: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} )) . وقال القاسمي في ((التفسير)) : (( {وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ} أي: ذاته المقدسة)) قال الشيخ عبد الله الغنيمان في ((الشرح)) (1/249) : ((المراد بالنَّفْسِ في هذا: اللهَ تعالى، المتصف بصفاته، ولا يقصد بذلك ذاتاً منفكة عن الصفات، كما لا يراد به صفة الذات كما قاله بعض الناس)) .اهـ لكن من السلف من يعدُّ (النَّفْس) صفةً لله عَزَّ وجَلَّ، منهم الإمام ابن خزيمة في كتاب ((التوحيد)) ؛ حيث قال في أوله (1/11) : ((فأول ما نبدأ به من ذكر صفات خالقنا جل وعلا في كتابنا هذا: ذكر نفسه، جل ربنا عن أن تكون نَفْسُه كنَفْسِ خلقه، وعزَّ أن يكون عَدَماً لا نَفْس له)) اهـ. ومنهم عبد الغني المقدسي؛ قال:

النفس (بالتحريك)

((ومما نطق به القرآن وصحَّ به النقل من الصفات (النَّفْس)) ) ، ثم سرد بعض الآيات والأحاديث لإثبات ذلك. انظر: ((عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي)) (ص 40) . ومنهم البغوي. انظر: صفة (الأصابع) . ومن المتأخرين صديق حسن خان في ((قطف الثمر)) (ص 65) ؛ قال: ((ومما نطق بها القرآن وصحَّ بها النقل من الصفات: (النَّفْس) ... )) . لكنه في تفسير قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمْ اللهُ نَفْسَهُ} ، قال: أي: ذاته المقدسة)) . والله أعلم. النَّفَسُ (بالتحريك) صفةٌ فعليةٌ لله عَزَّ وجَلَّ؛ من التنفيس؛ كالفَرَج والتفريج، ثابتةٌ بالسنة الصحيحة. ? الدليل: 1- حديث سلمة بن نفيل السكوني رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو مُوَلٍّ ظهره إلى اليمن: ((إني أجدُ نَفَسَ الرحمن من هنا)) رواه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (7/60 رقم 6358) من طريق إسماعيل بن عيَّاش عن الوليد بن عبد الرحمن، به. لكن تابع إسماعيلَ عبدُ الله بن سالم الحمصي، عن إبراهيم بن سليمان الأفطس، عن الوليد بن عبد الرحمن، به. أخرجه: الطبراني (7/60/رقم 6358) ، والبزار في ((المسند)) (1689-كشف الأستار) ، والبخاري في ((التاريخ الكبير)) (1990) ، والبيهقي في ((الأسماء والصفات)) (2/209) ، وإسنادهم صحيح، ورجاله ثقات.

2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((ألا إنَّ الإيمان يمان والحكمة يمانية، وأجد نَفَسَ ربكم من قبل اليمن)) . رواه: أحمد في ((المسند)) (2/541) واللفظ له، والطبراني في ((مسند الشاميين)) (1083) ؛ من طريق حريز بن عثمان، عن شبيب أبي روح. وشبيب؛ ذكره ابن حبان في ((الثقات)) ، وترجم له البخاري في ((التاريخ الكبير)) ، وابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) ، ولم يذكرا فيه شيئاً، ووثقه الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) ، والحافظ ابن حجر في ((تقريب التهذيب)) ، وفي ((تهذيب التهذيب)) عن أبي عبيد الآجري عن أبي داود: ((شيوخ حريز كلهم ثقات)) اهـ، وشبيب من شيوخه، لكن للشيخ الألباني-رحمه الله- في ((السلسلة الضعيفة)) (3/217) تحفظاً على شبيبٍ هذا، وحكم على زيادة ((وأجد نَفَس ربكم من قبل اليمن)) بالنكارة أو الشذوذ. قلت: لكن للحديث شاهدان من حديث سلمة بن نفيل، وقد تقدم، ومن حديث أبي بن كعب موقوفاً عليه، وسيأتي، ولذلك قال الحافظ العسقلاني في ((تخريج الكشاف)) (ص 189) : ((رواه الطبراني في ((الأوسط)) و ((مسند الشاميين)) من طريق حريز عن عثمان عن شبيب أبي روح عن أبي هريرة به، في حديث أوله: ((الإيمان يمان)) ، ولا بأس بإسناده، وله شاهد من حديث سلمة بن نفيل السكوني في ((مسند البزار)) والطبراني في ((الكبير)) والبيهقي في ((الأسماء)) ، وفي إسناده إبراهيم بن سليمان

الأفطس، قال البزار: إنه غير مشهور)) اهـ. 3- حديث أبي بن كعب رضي الله عنه موقوفاً عليه: ((لا تسبوا الريح؛ فإنها من نَفَسِ الرحمن تبارك وتعالى)) . رواه: النسائي في ((عمل اليوم والليلة)) (ص 521/رقم 935و 936) ، والحاكم في ((المستدرك)) (2/272) ، والبيهقي في ((الأسماء والصفات)) (2/210) بإسناد صحيح؛ قال الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين)) ، وقال الذهبي: ((على شرط البخاري)) . 4- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((من نَفَّسَ عن مؤمن كربة من كرب الدنيا؛ نَفَّسَ الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ... )) . رواه مسلم (2699) . قال الأزهري في ((تهذيب اللغة)) (13/9) بعد أن ذكر حديث: ((أجد نَفَسَ ربكم من قبل اليمن)) ؛ قال: ((أجد تنفيس ربكم عنكم من جهة اليمن؛ لأنَّ الله جَلَّ وعَزَّ نصرهم بهم، وأيدهم برجالهم، وكذلك قوله: ((الريح من نَفَس الرحمن)) ؛ أي: من تنفيس الله بها عن المكروبين، وتفريجه عن الملهوفين)) اهـ. وقال في ((القاموس المحيط) : ((وفي قوله: ((ولا تسبوا الريح؛ فإنها من نَفَسِ الرحمن)) ، و ((أجد نَفَس ربكم من قبل اليمن)) ؛ اسم وضِع موضع المصدر الحقيقي، من نَفَّسَ تنفيساً ونَفَساَ؛ أي: فَرَّجَ تفريجاً)) .

قال أبو يعلى الفراء في ((إبطال التأويلات)) (ص 250) بعد ذكره حديث: ((الريح من نَفَس الرحمن)) : ((اعلم أنَّ شيخنا أبا عبد الله ذكر هذا الحديث في كتابه، وامتنع أن يكون على ظاهره، في أنَّ الريح صفةٌ ترجع إلى الذات، والأمر على ما قاله، ويكون معناه أنَّ الريح مما يُفَرِّج الله عَزَّ وجَلَّ بها عن المكروب والمغموم؛ فيكون معنى النَّفَس معنى التنفيس، وذلك معروف في قولهم: نَفَّسْتُ عن فلان؛ أي: فَرَّجْتُ عنه، وكلمت زيداً في التَّنفيس عن غريمه، ويقال: نفَّس الله عن فلان كربة؛ أي: فرَّج عنه، وروي في الخبر: ((من نفَّس عن مكروب كُربة؛ نَفَّس الله عنه كربة يوم القيامة)) ، وروي في الخبر أنَّ اللهَ فَرَّجَ عن نبيِّه بالريح يوم الأحزاب، فقال سبحانه: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9) . وإنما وجب حمل هذا الخبر على هذا، ولم يجب تأويل غيره من الأخبار؛ لأنه قد روي في الخبر ما يدل على ذلك، وذلك أنَّه قال: ((فإذا رأيتموها؛ فقولوا: اللهم إنا نسألك من خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، ونعوذ بك من شرَّها وشرِّ ما فيها وشرِّ ما أرسلت به)) ، وهذا يقتضي أنَّ فيها شرّاً وأنها مرسلة، وهذه صفات المحدثات)) . اهـ. وبنحو هذا الكلام قال ابن قتيبة في ((تأويل مختلف الحديث)) (ص249) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (6/398) شارحاً

النور، ونور السماوات والأرض

لحديث: ((إني لأجد نَفَسَ الرحمن من قبل اليمن)) : ((فقوله: ((من اليَمَن)) ؛ يبين مقصود الحديث؛ فإنه ليس لليمن اختصاص بصفات الله تعالى حتى يظن ذلك، ولكن منها جاء الذين يحبهم ويحبونه، الذين قال فيهم: {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} ، وقد روي أنه لما نزلت هذه الآية؛ سئل عن هؤلاء؟ فذكر أنهم قوم أبي موسى الأشعري، وجاءت الأحاديث الصحيحة مثل قوله: ((أتاكم أهل اليمن؛ أرق قلوباً، وألين أفئدة؛ الإيمان يمان، والحكمة يمانية)) ، وهؤلاء هم الذين قاتلوا أهل الردة، وفتحوا الأمصار؛ فبهم نفّس الرحمن عن المؤمنين الكربات)) . وبنحوه قال الشيخ العثيمين -رحمه الله- في ((القواعد المثلى)) (ص 57) . النُّوُرُ، ونُوُرُ السَّمَاوَاتُ والأرْضُ صفةٌ ذاتيةٌ لله عَزَّ وجَلَّ ثابتةٌ بالكتاب والسنة، وقد عدَّ بعضهم (النُّور) من أسماء الله تعالى؛ كما سيأتي. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} ? [النور: 35] . 2- وقوله: {وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا ... } ? [الزمر: 69] .

الدليل من السنة: 1- حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما مرفوعاً: ((إنَّ الله تبارك وتعالى خلق خلقه في ظلمة، فألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور؛ اهتدى، ومن أخطأه؛ ضلَّ ... )) . رواه: أحمد (6644-شاكر) ، والترمذي (صحيح سنن الترمذي 2130) واللفظ له. 2- حديث: ((اللهم لك الحمد؛ أنت نور السَّماوات والأرض، ولك الحمد ... )) رواه: البخاري (7385، 7442، 7499) ، ومسلم (769) . قال الإمام أبو عبد الله محمد بن خفيف في كتابه: ((اعتقاد التوحيد بإثبات الأسماء والصفات)) - كما في ((مجموع الفتاوى)) (5/73) موافقاً له -: ((فعلى المؤمنين خاصتهم وعامتهم قبول كل ما ورد عنه عليه السلام، بنقل العدل عن العدل، حتى يتصل به صلى الله عليه وسلم، وإنَّ مما قضى الله علينا في كتابه، ووصف به نفسه، ووردت السنة بصحة ذلك؛ أن قال: {اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} ، ثم قال عقيب ذلك: {نُورٌ عَلَى نُورٍ} ، وبذلك دعاه صلى الله عليه وسلم: ((أنت نور السماوات والأرض)) )) . وقال شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)) (6/386) : (( ... النص في كتاب الله وسنة رسوله قد سمى الله نور السماوات والأرض، وقد أخبر النص أنَّ الله نور، وأخبر أيضاً أنه يحتجب بالنور؛ فهذه ثلاثة أنوار في النص، وقد تقدم ذكر الأول، وأمَّا الثاني؛ فهو في قوله: {وَأَشْرَقَتِ

الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} وفي قوله: {مَثَلُ نُورِهِ} ، وفيما رواه مسلم في ((صحيحه)) عن عبد الله بن عمرو؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله خلق خلقه في ظلمة، وألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور؛ اهتدى، ومن أخطأه؛ ضلَّ)) ... )) . وقال في موضع آخر (6/392) : ((وقد أخبر الله في كتابه أنَّ الأرض تشرق بنور ربها، فإذا كانت تشرق من نوره؛ كيف لا يكون هو نوراً؟ ‍‍! ولا يجوز أن يكون هذا النور المضاف إليه إضافة خلق وملك واصطفاء؛ كقوله: {ناقة الله} ونحو ذلك؛ لوجوه ... (وذكرها)) ) اهـ. تنبيه: حديث عبد الله بن عمرو لم يروه مسلم في ((صحيحه)) ، وقد تقدم تخريجه. وقال ابن القيم في ((اجتماع الجيوش الإسلامية)) (ص 45) : ((والنور يضاف إليه سبحانه على أحد الوجهين: إضافة صفة إلى موصوفها، وإضافة مفعول إلى فاعله؛ فالأول كقوله تعالى: {وَأَشْرَقَتْ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا ... } الآية؛ فهذا إشراقها يوم القيامة بنوره تعالى إذا جاء لفصل القضاء ... )) . وقال رحمه الله في ((النونية)) (2/105) : ((وَالنُّورُ مِنْ أسْمائِهِ أيْضاً وَمِنْ أَوْصَافِهِ سُبْحَانَ ذِي البُرْهَانِ)) قال الهرَّاس في ((الشرح)) : ((ومن أسمائه سبحانه النور، وهو أيضاً

الهادي

صفة من صفاته، فيقال: الله نور، فيكون اسماً مخبراً به على تأويله بالمشتق، ويقال: ذو نور، فيكون صفة؛ قال تعالى: {اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} ، وقال: {وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} )) . وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أنه صلى الله عليه وسلم كان حين يستيقظ من الليل؛ يقول:) (اللهم لك الحمد؛ أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن)) اهـ. وانظر: ((مجموع الفتاوى)) (6/374-396) ، و ((مختصر الصواعق المرسلة)) (2/192-206) ، و ((شرح الشيخ عبد الله الغنيمان لكتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (1/170-177) . الْهَادِي يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه (الهادي) ، وهذا ثابتٌ بالكتاب والسنة، وهو اسم له سبحانه وتعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} [الأعراف: 43] . 2- وقوله: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56] .

الهبوط (إلى السماء الدنيا)

3- وقوله: {وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً} [الفرقان: 31] . ? الدليل من السنة: 1- الحديث القدسي المشهور، حديث أبي ذر رضي الله عنه: (( ... يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديته؛ فاستهدوني أهدكم)) رواه مسلم (2577) 2- حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: (( ... اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، وارزقني)) . رواه مسلم (2696) . قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في ((التفسير)) (5/305) : ((الهادي: أي الذي يهدي ويرشد عباده إلى جميع المنافع وإلى دفع المضار، ويعلمهم ما لا يعلمون، ويهديهم لهداية التوفيق والتسديد، ويلهمهم التقوى، ويجعل قلوبهم منيبة إليه منقادة لأمره)) . الْهُبُوُطُ (إلى السماء الدنيا) صفةٌ فِعْلِيَّةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالسنة الصحيحة. وفي اللسان: الهبوط نقيض الصعود (أي: نزولٌ من علوٍ) انظر صفة: (النُّزُول) الْهَرْوَلَةُ صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالحديث الصحيح.

الدليل: حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند البخاري (7405و7536) ومسلم (2675) : (( ... وإن أتاني يمشي؛ أتيته هَرْوَلَةً)) . قال أبو إسماعيل الهروي في ((الأربعون في دلائل التوحيد)) (ص79) : ((باب الهَرْوَلَةِ لله عزَّ وجلَّ)) ثم أورد الحديث. وقال أبو إسحاق الحربي في ((غريب الحديث)) (2/684) بعد أن أورد حديث أبي هريرة: ((قوله: هَرْوَلَة)) : مشيٌ سريع)) اهـ. وقال أبو موسى المديني في ((المجموع المغيث)) (3/96) في الحديث عن الله تبارك وتعالى: ((من أتاني يمشي؛ أتيته هَرْوَلَة)) ، وهي مشي سريع، بين المشي والعدو)) اهـ. وهذا إثبات منهما رحمهما الله للصِّفة على حقيقتها. وقد ورد في الفتوى (رقم 6932) من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (3/142) ما يلي: ((س: هل لله صفة الهَرْوَلَة؟ الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه ... وبعد: ج: نعم؛ صفة الهَرْوَلَة على نحو ما جاء في الحديث القدسي الشريف على ما يليق به، قال تعالى: ((إذا تقرب إليَّ العبد شبراً؛ تقربت إليه ذراعاً، وإذا تقرب إليَّ ذراعاً؛ تقربت منه باعاً، وإذا أتاني ماشياً؛ أتيته هَرْوَلَة)) .رواه:

الهيمنة

البخاري، ومسلم. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم)) . وقد وقع على هذه الفتوى كلٌ من المشايخ: عبد العزيز بن باز، عبد الرازق عفيفي، عبد الله بن غديان، عبد الله بن قعود. وفي ((الجواب المختار لهداية المحتار)) (ص 24) للشيخ محمد العثيمين قوله: ((صفة الهَرْوَلَة ثابتة لله تعالى؛ كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: ((يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي به ... (فذكر الحديث، وفيه:) وإن أتاني يمشي؛ أتيته هَرْوَلَة)) ، وهذه الهَرْوَلَةُ صفة من صفات أفعاله التي يجب علينا الإيمان بها من غير تكييف ولا تمثيل؛ لأنه أخبر بها عن نفسه، فوجب علينا قبولها بدون تكييف، لأنَّ التكييف قول على الله بغير علم، وهو حرام، وبدون تمثيل؛ لأنَّ الله يقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} )) . الْهَيْمَنَةُ صفةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب العزيز، من اسمه (المهيمن) . ? الدليل: قوله تعالى: {الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ} [الحشر: 23] . قال ابن جرير في تفسير الآية 48 من سورة المائدة {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ

الواحد والوحدانية

مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ... } الآية: ((وأصل الهَيْمَنَة: الحفظ والارتقاب، يقال: إذا رقب الرجل الشيء وحفظه وشهده؛ قد هيمن فلان عليه؛ فهو يهيمن هَيْمَنَة، وهو عليه مهيمن)) . اهـ. وقال ابن منظور في ((اللسان)) : ((المهيمن: اسم من أسماء الله تعالى في الكتب القديمة، والمهيمن: الشاهد، وهو من أمن غيره من الخوف ... وقال الكسائي: المهيمن الشهيد. وقال غيره: الرقيب. يقال: هيمن يهيمن هَيْمَنَة إذا كان رقيباً على الشيء. وقيل: مهيمن في الأصل مؤيمن، وهو مفيعل من الأمانة)) . وقال البيهقي في ((الاعتقاد)) (ص 55) : ((المهيمن: هو الشهيد على خلقه بما يكون منهم من قول أو عمل، وهو من صفات ذاته، وقيل: هو الأمين، وقيل: هو الرقيب على الشيء والحافظ له)) . الْوَاحِدُ وَالْوَحْدَانِيَّةُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بالوَحْدَانِيَّة بدلالة الكتاب والسنة، و (الواحد) من أسمائه تعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {إِنَّمَا اللهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النساء: 171] . 2- وقوله: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: 16] .

الوارث

الدليل من السنة: 1- قوله صلى الله عليه وسلم: (( ... لا إله إلا الله وحده لا شريك ... )) وقد تكرر في كثير من الأحاديث الصحيحة. 2- قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه لما بعثه إلى اليمن: (( ... فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى ... )) رواه البخاري (7372) . قال البيهقي في ((الاعتقاد)) (ص 63) : ((الواحد: هو الفرد الذي لم يزل وحده بلا شريك، وقيل؛ هو الذي لا قسيم لذاته ولا شبيه له ولا شريك، وهذه صفة يستحقها بذاته)) . وقال الشيخ عبد العزيز السلمان في ((الكواشف الجلية)) (ص 429) : ((مثال صفات الذات: النفس، العلم، الحياة ... الوَحْدَانِيَّة، الجلال، وهي التي لا تنفك عن الله)) . الْوَارِثُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الوارِث، وهذا ثابت بالكتاب العزيز، وقد عدَّه كثيرون من أسماء الله تعالى. ? الدليل: 1- قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} [مريم: 40] .

الواسع والموسع

2- وقوله: {وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِ وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ} [الحجر: 23] قال الأزهري في ((تهذيب اللغة)) (15/117) : ((الوارِث: صفة من صفات الله عَزَّ وجَلَّ، وهو الباقي الدائم)) . وقال البيهقي في ((الاعتقاد)) (ص 66) : ((الباقي: هو الذي دام وجوده، والبقاء له صفة قائمة بذاته، وفي معناه الوارِث)) . الْوَاسِعُ وَالْمُوسِعُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الواسِع والمُوسِع، وهذا ثابت بالكتاب والسنة، و (الواسِع) من أسمائه تعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 115] . 2- وقوله: {وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الأنعام: 80] . 3- وقوله: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات: 47] . ? الدليل من السنة: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((إنَّ أول الناس يقضى يوم القيامة ... ورجل وسَّع الله عليه وأعطاه من أصناف المال ... )) . رواه مسلم (1905) . 2- حديث الدعاء في صلاة الجنازة، وفيه: (( ... وأكرم نُزُلَه، ووسِّع

مدخله ... )) . رواه مسلم (963) . قال ابن قتيبة في ((تفسير غريب القرآن)) (ص 15) : ((ومن صفاته (الواسِع) ، وهو الغني، والسعة: الغنى)) . وقال قَوَّام السُّنَّة الأصبهاني في ((الحجة)) (1/150) : ((الواسِع: وسعت رحمته الخلق أجمعين، وقيل: وسع رزقه الخلق أجمعين، لا تجد أحداً إلا وهو يأكل رزقه، ولا يقدر أن يأكل غير ما رزق)) . وقال البيهقي في ((الاعتقاد)) (ص 60) : ((الواسِع: هو العالم، فيرجع معناه إلى صفة العلم، وقيل: الغني الذي وسع غناه مفاقر الخلق)) . وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي في ((التفسير)) (5/305) : ((الواسِع الصفات والنعوت ومتعلقاتها، بحيث لا يحصي أحدٌ ثناءً عليه، بل هو كما أثنى على نفسه، واسع العظمة والسلطان والملك، واسع الفضل والإحسان، عظيم الجود والكرم)) . وقال الراغب الأصفاني في ((المفردات)) : ((وقوله: {وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً} : وصفٌ له؛ نحو: {أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} ، وقوله: {وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} ، {وَكَانَ اللهُ وَاسِعاً حَكِيماً} ، فعبارة عن سعة قدرته وعلمه ورحمته وأفضاله)) وقال الزجاجي في ((اشتقاق أسماء الله)) (ص 72) : ((الواسِع: الغني، يقال: فلان يعطي من سعة؛ أي: من غنى وجدة ... ))

الوتر

الْوِتْرُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه وِتْر، وهذا ثابت بالأحاديث الصحيحة، و (الوِتْر) من أسمائه تعالى. ? الدليل: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((لله تسعة وتسعون اسماً من حفظها دخل الجنة، وإنَّ الله وِتْر يحب الوِتْر)) . رواه: البخاري (6410) ، ومسلم (2677) . 2- حديث علي رضي الله عنه: ((إنَّ الله وِتْر يحب الوتر؛ فأوتروا يا أهل القرآن)) . حديث حسن. رواه: أبو داود (1416) ، والترمذي (453) وحسنه. وأورده الألباني في ((صحيح الجامع)) . قال الخطابي في ((شأن الدعاء)) (ص 29-30) : ((الوتر: الفرد. ومعنى الوتر في صفة الله جل وعلا: الواحد الذي لا شريك له، ولا نظير له، المتفرد عن خلقه، البائن منهم بصفاته، فهو سبحانه وِتْر، وجميع خلقه شفع، خُلقوا أزواجاً)) . قال البيهقي في ((الاعتقاد)) (ص 68) : ((الوِتْر: هو الفرد الذي لا شريك له ولا نظير، وهذه صفة يستحقها بذاته)) .

الوجه

الْوَجْهُ صفةٌ ذاتيةٌ خبرِيَّة لله عَزَّ وجَلَّ ثابتة بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ} [البقرة: 272] . 2- وقوله: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ} [الرعد: 22] . ? الدليل من السنة: 1- حديث ابن مسعود رضي الله عنه: ((لما قسَّم النبي صلى الله عليه وسلم الغنائم يوم حنين، وقال رجل: والله إنَّ هذه قسمة ما عدل فيها، وما أريد فيها وَجْه الله ... )) . رواه: البخاري (3150) ، ومسلم (1062) . 2 - حديث ابن عمر رضي الله عنهما في الثلاثة الذين حُبِسُوا في الغار، فقال كل واحد منهم: ((اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك؛ ففرج عنا ما نحن فيه ... )) . رواه: البخاري (2272) ، ومسلم (2743) . 3- حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: (( ... إنك لن تخلَّف فتعمل عملاً تبتغي به وَجْه الله؛ إلا ازددت به درجة ورفعة ... )) . رواه: البخاري (6733) ، ومسلم (1628) . قال إمام الأئمة ابن خزيمة في ((كتاب التوحيد)) (1/25) بعد أن أورد جملة من الآيات تثبت صفة الوَجْه لله تعالى: ((فنحن وجميع علمائنا من أهل الحجاز وتهامة واليمن والعراق والشام ومصر؛ مذهبنا: أنا نثبت لله ما أثبته

الله لنفسه، نقر بذلك بألسنتنا، ونصدق ذلك بقلوبنا؛ من غير أن نشبه وَجْه خالقنا بوَجْه أحد من المخلوقين، عز ربنا أن يشبه المخلوقين، وجل ربنا عن مقالة المعطلين)) . وقال الحافظ ابن منده في ((كتاب التوحيد)) (3/36) : ((ومن صفات الله عَزَّ وجَلَّ التي وصف بها نفسه قوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} ، وقال: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجلاَلِ وَالإِكْرَام} ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بوَجْه الله من النار والفتن كلها، ويسأل به ... )) ، ثم سرد أحاديث بسنده، ثم قال: ((بيان آخر يدل على أنَّ العباد ينظرون إلى وَجْه ربهم عَزَّ وجَلَّ)) ، وسرد بسنده ما يدل على ذلك. وقال قَوَّام السُّنَّة الأصفهاني في ((الحجة)) (1/199) : ((ذكر إثبات وَجْه الله عَزَّ وجَلَّ الذي وصفه بالجلال والإكرام والبقاء في قوله عَزَّ وجَلَّ: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجلاَلِ وَالإِكْرَام} )) اهـ. وانظر: ((أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)) للالكائي (3/412) ، و ((تفسير ابن جرير)) لقوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} ، وتفسير الآية نفسها من ((أضواء البيان)) ، وانظر كلام البغوي في صفة (الأصابع) ، وكلام ابن كثير في صفة (السمع) .

الوجود

الْوُجُوُدُ انظر: (الموجود) . الْوَحْدَانِيَّةُ انظر: (الواحِد) . الْوَدُوُدُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الوَدُوُد، الذي يَوَد ويحب عباده الصالحين ويودونه، وهذا ثابت بالكتاب العزيز، و (الوَدُوُد) من أسمائه تعالى. ? الدليل: 1- قوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} [هود: 90] . 2- وقوله: {وَهُوَ الْغَفُورُ الوَدُوُد} [البروج: 14] . الوِدُ والمَوَدَّة: الحب والمحبة، والوَدُوُد: المُحِب. انظر: ((اللسان)) . قال أبو القاسم الزجاجي في ((اشتقاق أسماء الله)) (ص 152) : ((الوَدُوُد: فيه قولان: أحدهما: أنه فعولٌ بمعنى فاعلٍ؛ كقولك: غفورٌ بمعنى غافر، وكما

قالوا: رجلٌ صَبورٌ بمعنى صابر، وشَكورٌ بمعنى شاكر، فيكون الوَدُوُد في صفات الله تعالى عَزَّ وجَلَّ على هذا المذهب أنه يودُّ عبادهُ الصالحينَ ويُحبهم، والودُّ والمودةُ والمحبة في المعنى سواءٌ؛ فالله عَزَّ وجَلَّ ودودٌ لأوليائه والصالحين من عباده، وهو مُحِبٌ لهم. والقول الآخر: أنه فعولٌ بمعنى مفعولٍ؛ كما يقال: رجل هيوبٌ؛ أي: مهيبٌ، فتقديره: أنه عَزَّ وجَلَّ مودودٌ؛ أي: يوده عباده ويحبونه وهما وجهان جيدان. وقد تأتي الصِّفة بالفعل لله عَزَّ وجَلَّ ولعبده، فيقال: العبد شكور للهِ؛ أي: يشكر نعمته، والله عَزَّ وجَلَّ شكورٌ للعبد؛ أي: يشكر له عمله؛ أي: يجازيه على عمله، والعبد توابٌ إلى الله من ذنبه، والله تَّوابٌ عليه؛ أي: يقبل توبته ويعفو عنه)) .اهـ. وقال ابن القيم في ((التبيان في أقسام القرآن)) (ص59) : ((الوَدُوُد المُتَوَدِّد إلى عباده بنعمه الذي يَوَدُّ من تاب إليه وأقبل عليه وهو الوَدُوُد أيضاً أي المحبوب قال البخاري في ((صحيحه)) الوَدُوُد: الحبيب. والتحقيق أنَّ اللفظ يدل على الأمرين على كونه وادَّاً لأوليائه ومَوْدُوُدَاً لهم فأحدهما بالوضع والآخر باللزوم فهو الحبيب المحب لأوليائه يحبهم ويحبونه)) وانظر: ((تفسير غريب القرآن)) (ص 18) لابن قتيبة.

الوصل والقطع

الْوَصْلُ وَالْقَطْعُ صفتان فعليتان ثابتتان بالسنة الصحيحة، تليقان بالله عَزَّ وجَلَّ. والوَصْلُ: ضد الهجران والقطع. ? الدليل: 1- حديث عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الرَّحِمُ معلقة بالعرش تقول مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللهُ وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّه)) رواه البخاري (5989) ومسلم (4635) واللفظ له. 2- حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ وَصَلَ صفاً وَصَلَهُ اللهُ وَمَنْ قَطَعَ صفاً قَطَعَهُ اللهُ)) رواه أبو داود (570) والنسائي (810) . انظر: صحيح سنن النسائي (1/177) قال الشيخ علي الشبل في كتاب ((التنبيه على المخالفات العقدية في فتح الباري)) (ص72) وقد قَرَّظَه عددٌ من العلماء في مقدمتهم الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: ((الوصل والقطع فعلان ثابتان لله سبحانه لائقان به من باب المجازاة والمقابلة لمن يستحقهما، وهما من الصفات الواجب إثباتهما له سبحانه كسائر الصفات، وليستا بمستحيلتين على الله في حقيقتيهما)) الْوَكِيلُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الوَكِيل، وهذا ثابتٌ بالكتاب والسنة، وهو

اسم من أسمائه. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيل} [آل عمران: 173] . 2- وقوله: {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الأنعام: 102] . ? الدليل من السنة: حديث ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: ((حسبنا الله ونعم الوَكِيل قالها إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم ... )) . رواه: البخاري (4563) . قال ابن منظور في ((اللسان)) : ((وفي أسماء الله تعالى الوَكِيل: هو المقيم الكفيل بأرزاق العباد، وحقيقته أنه يستقلُّ بأمر التوكل الموكَل إليه، وفي التَنْزيل العزيز: {أَلاَّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً} ... وقال أبو إسحاق: الوَكِيل في صفة الله تعالى الذي توكَّل بالقيام بجميع ما خلق)) اهـ. وقال ابن جرير في تفسير قوله تعالى: {حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيل} : ((كفانا الله؛ يعني: يكفينا الله {وَنِعْمَ الوَكِيل} ، يقول: ونعم المولى لمن وليه وكفله، وإنما وصف الله تعالى نفسه بذلك؛ لأنَّ الوَكِيل في كلام العرب هو: المُسْنَدُ إليه القيام بأمر من أسند إليه القيام بأمره، فلما كان القوم الذين وصفهم الله بما وصفهم به في هذه الآيات قد كانوا فَوَّضُوا أمرهم إلى الله، ووثقوا به، وأسندوا ذلك إليه؛ وصف نفسه بقيامه لهم بذلك، وتفويضهم

الولي والمولى (الولاية والموالاة)

أمرهم إليه بالوكالة، فقال: ونعم الوَكِيل الله تعالى لهم)) . الْوَلِيُّ وَالْمَوْلَى (الْوِلايَةُ وَالْمُوَالاةُ) يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه وَلِيُّ الذين آمنوا ومولاهم، و (الوَلِيُّ) و (المَوْلَى) : اسمان لله تعالى ثابتان بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257] . 2- وقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد: 11] . والآيات في ذلك كثيرة جداً. ? الدليل من السنة: 1- قول الزبير لابنه عبد الله يوم الجمل: ((يا بني! إن عجزت عن شيء منه (يعني: دَيْنَه) ؛ فاستعن عليه بمولاي. قال: فوالله؛ ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبت! من مولاك؟ قال: الله. قال: فوالله؛ ما وقعت في كربة من دينه إلاَّ قلت: يا مولى الزبير! اقض عنه دينه فيقضيه ... )) . رواه البخاري (3129) . 2- حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه: (( ... اللهم آت نفسي تقواها،

الوهاب

وزكها أنت خير من زكَّاها، أنت وليها ومولاها ... )) رواه مسلم (2722) قال ابن جرير في تفسير قوله تعالى: {اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 257] : ((نصيرهم وظهيرهم؛ يتولاهم بعونه وتوفيقه)) . وانظر كلام ابن أبي العز الحنفي في صفة (الغَضَب) . الْوَهَّابُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الوَهَّاب، يهب ما يشاء لمن يشاء كيف شاء، وهذا ثابت بالكتاب والسنة، وهي صفةٌ فعليةٌ، و (الوَهَّاب) من أسمائه تعالى. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8] . 2- وقوله: {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} [الشورى: 49] . ? الدليل من السنة: حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (( ... ثم ذكرت قول أخي سليمان: رب اغفر لي وَهَبْ لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي ... )) . رواه مسلم (541) . قال أبو القاسم الزجاجي في ((اشتقاق أسماء الله)) (ص 126)

اليدان

((الوَهَّاب: الكثير الهبة والعطية، وفعَّال في كلام العرب للمبالغة؛ فالله عَزَّ وجَلَّ وهَّاب، يهب لعباده واحداً بعد واحد ويعطيهم، فجاءت الصفة على فعَّال لكثرة ذلك وتردده، والهبة: الإعطاء تفضلاً وابتداءً من غير استحقاق ولا مكافأة)) اهـ. وقال ابن منظور في ((لسان العرب)) : ((الهبة: العطية الخالية عن الأعواض والأغراض، فإذا كثرت؛ سمَّي صاحبها وهَّاباً، وهو من أبنية المبالغة ... )) ، ثم قال: ((واسم الله عَزَّ وجَلَّ الوهاب؛ فهو من صفات الله تعالى المنعم على العباد، والله تعالى الوَهَّاب الوَاهِب)) . الْيَدَانِ صفةٌ ذاتيةٌ خبرِيَّةٌ لله عَزَّ وجَلَّ، نثبتها كما نثبت باقي صفاته تعالى؛ من غير تحريفٍ ولا تعطيلٍ، ومن غير تكييفٍ ولا تمثيلٍ، وهي ثابتةٌ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: 1- قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: 64] . 2- وقوله: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] . ? الدليل من السنة: 1- حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: ((إنَّ الله تعالى يبسط يده

بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها)) . رواه مسلم (2760) . 2- حديث الشفاعة، وفيه: (( ... فيأتونه فيقولون: يا آدم! أنت أبو البشر؛ خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه ... )) . رواه: البخاري (3340) ، ومسلم (194) . 3- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ((إنَّ الله عَزَّ وجَلَّ يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة! فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، والخير في يديك ... )) . رواه: البخاري (7518) ، ومسلم (2829) . 4- حديث: ((يد الله ملأى لا يغيضها نفقة ... وبيده الأخرى الميزان يخفض ويرفع)) . رواه: البخاري (7411) ، ومسلم (993) . قال إمام الأئمة ابن خزيمة في ((كتاب التوحيد)) (1/118) : ((باب: ذكر إثبات اليد للخالق الباريء جلَّ وعلا، والبيان أنَّ الله تعالى له يدان كما أعلمنا في محكم تَنْزيله ... )) ، وسرد جملة من الآيات تدل على ذلك، ثم قال: ((باب ذكر البيان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم على إثبات يد الله جل وعلا موافقاً لما تلونا من تَنْزيل ربنا لا مخالفاً، قد نَزَّه الله نبيه وأعلى درجته ورفع قدره عن أن يقول إلا ما هو موافق لما أنزل الله عليه من وحيه)) اهـ. وقال أبو الحسن الأشعري في ((رسالة إلى أهل الثغر)) (ص 225) : ((وأجمعوا على أنه عَزَّ وجَلَّ يسمع ويرى، وأنَّ له تعالى يدين

اليسار

مبسوطتين)) اهـ. وقال أبو بكر الإسماعيلي في ((اعتقاد أئمة الحديث)) (ص 51) : ((وخلق آدم عليه السلام بيده، ويداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء، بلا اعتقاد كيف يداه، إذ لم ينطق كتاب الله تعالى فيه بكيف)) اهـ. وقال قَوَّام السُّنَّة الأصبهاني في ((الحجة)) (1/185) : ((فصل: في إثبات اليد لله تعالى صفة له)) ، ثم أورد بعض الآيات التي تدل على ذلك، ثم قال: ((ذكر البيان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم على إثبات اليد موافقاً للتَنْزيل)) ثم أورد أحاديث بسنده تدل على ذلك. اهـ. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (6/263) : ((إنَّ لله تعالى يدين مختصتان به ذاتيتان له كما يليق بجلاله)) . وانظر: ((أصول الاعتقاد)) للالكائي (3/412) . الْيَسَارُ انظر: ((اليَمِين) . الْيَمِينُ توصف يَدُ الله عَزَّ وجَلَّ بأنها يَمِين، وهذا ثابتٌ بالكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ

بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] . ? الدليل من السنة: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((يَمِينُ الله ملأى لا يغيضها نفقة ... )) . رواه: البخاري (7419) ، ومسلم (993) . 2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (( ... ويطوي السماء بيَمِينه ... )) . رواه: البخاري (7382) ، ومسلم (2787) . 3- حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يصعد إلى الله إلا الطيب؛ فإنَّ الله يتقبلها بيَمِينه ... )) . رواه البخاري (7430) ، ومسلم (1014) . يؤمن أهل السنة والجماعة أنَّ لله عَزَّ وجَلَّ يدين، وأنَّ إحدى يديه يَمِين؛ فهل الأخرى توصف بالشِّمال؟ أم أنَّ كلتا يديه يَمِين؟. تحقيق القول في صفة الشِّمال: أولاً: القائلون بإثبات صفة الشِّمال أو اليسار ومنهم: الإمام عثمان بن سعيد الدارمي، وأبو يعلى الفراء، ومحمد بن عبد الوهاب، وصديق حسن خان، ومحمد خليل الهرَّاس، وعبد الله الغنيمان، وإليك أدلتهم وأقوالهم: أدلتهم: 1- ما رواه مسلم في ((صحيحه)) (2788) من حديث عبد الله بن عمر

رضي الله عنه مرفوعاً: ((يطوي الله عَزَّ وجَلَّ السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك! أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين بشماله ثم يقول ... )) الخ الحديث. 2- حديث أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعاً: ((خلق الله آدم حين خلقه، فضرب كتفه اليَمِين فأخرج ذرية بيضاء كأنهم الذر، وضرب كتفه اليسرى فأخرج ذرية سوداء كأنهم الحُمم، فقال للتي في يَمِينه: إلى الجنة ولا أبالي، وقال للتي في يساره: إلى النار ولا أبالي)) . رواه: عبد الله ابن الإمام أحمد في ((السنة)) (1059) ، والبزار في ((مسنده)) (2144-كشف) ، وقال: ((إسناده حسن)) . 3- ومن أدلتهم وصف إحدى اليدين باليَمِين؛ كما في الأحاديث السابقة، وأنَّ هذا يقتضي أنَّ الأخرى ليست يَمِيناً، فتكون شمالاً، وفي بعض الأحاديث تذكر اليَمِين، ويذكر مقابلها: ((بيده الأخرى)) ، وهذا يعني أنَّ الأخرى ليست اليَمِين، فتكون الشِّمال. أقوالهم: قال الإمام أبو سعيد الدارمي في ((رده على بشر المريسي)) (ص 155) ؛ ((وأعجب من هذا قول الثلجي الجاهل فيما ادعى تأويل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المقسطون يوم القيامة على منابر من نور عن يَمِين الرحمن وكلتا يديه يَمِين)) ، فادعى الثلجي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم

تأول كلتا يديه يَمِين؛ أنه خرج من تأويل الغلوليين أنها يَمِين الأيدي، وخرج من معنى اليدين إلى النعم؛ يعني بالغلوليين: أهل السنة؛ يعني أنه لا يكون لأحد يَمِينان، فلا يوصف أحد بيَمِينين، ولكن يَمِين وشمال بزعمه. قال أبو سعيد: ويلك أيها المعارض! إنما عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد أطلق على التي في مقابلة اليَمِين الشِّمال، ولكن تأويله: ((وكلتا يديه يَمِين)) ؛ أي: مُنَزَّه على النقص والضعف؛ كما في أيدينا الشِّمال من النقص وعدم البطش، فقال: ((كِلتا يدي الرحمن يَمِين)) ؛ إجلالاً لله، وتعظيماً أن يوصف بالشِّمال، وقد وصفت يداه بالشِّمال واليسار، وكذلك لو لم يجز إطلاق الشِّمال واليسار؛ لما أطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو لم يجز أن يُقال: كلتا يدي الرحمن يَمِين؛ لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا قد جوزه الناس في الخلق؛ فكيف لا يجوز ابن الثلجي في يدي الله أنهما جميعاً يَمِينان، وقد سُمِّي من الناس ذا الشِّمالين، فجاز نفي دعوى ابن الثلجي أيضاً، ويخرج ذو الشِّمالين من معنى أصحاب الأيدي)) . وقال أبو يعلى الفراء في ((إبطال التأويلات)) (ص 176) بعد أن ذكر حديث أبي الدرداء رضي الله عنه: ((واعلم أنَّ هذا الخبر يفيد جواز إطلاق القبضة عليه، واليَمِين واليسار والمسح، وذلك غير ممتنع؛ لما بيَّنا فيما قبل من أنَّهُ لا يحيل صفاته؛ فهو بمثابة اليدين والوَجْه وغيرهما)) . وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في آخر باب من ((كتاب التوحيد))

في المسألة السادسة: ((التصريح بتسميتها الشِّمال)) ؛ يعني: حديث ابن عمر رضي الله عنه عند مسلم. وقال العلامة صديق حسن خان في كتابه ((قطف الثمار)) (ص 66) : ((ومن صفاته سبحانه: اليد، واليَمِين، والكف، والإصبع، والشِّمال ... )) وقال الشيخ محمد خليل هرَّاس في تعليقه على ((كتاب التوحيد)) لابن خزيمة (ص 66) : ((يظهر أنَّ المنع من إطلاق اليسار على الله عَزَّ وجَلَّ إنما هو على جهة التأدب فقط؛ فإنَّ إثبات اليَمِين وإسناد بعض الشؤون إليها كما في قوله تعالى: {وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} ، وكما في قوله عليه السلام: ((إنَّ يَمِين الله ملأى سحاء الليل والنهار؛ يدل على أنَّ اليد الأخرى المقابلة لها ليست يَمِيناً)) . وقال الشيخ عبد الله الغنيمان في ((شرحه لكتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (1/311) : ((هذا؛ وقد تنوعت النصوص من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على إثبات اليدين لله تعالى وإثبات الأصابع لهما، وإثبات القبض وتثنيتهما، وأنَّ إحداهما يَمِين كما مر، وفي نصوص كثيرة، والأخرى شمال؛ كما في ((صحيح مسلم)) ، وأنه تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، وبالنهار ليتوب مسيء الليل، وأنه تعالى يتقبل الصدقة من الكسب الطيب بيَمِينه، فيربيها لصاحبها، وأنَّ المقسطين على منابر من نور عن يَمِين الرحمن، وكلتا يديه يَمِين، وغير ذلك مما هو ثابت عن الله

ورسوله)) . وقال (ص 318و319) : ((وقد أتانا صلى الله عليه وسلم بذكر الأصابع، وبذكر الكف، وذكر اليَمِين، والشِّمال، واليدين مرة مثناة، ومرة منصوص على واحدة أنه يفعل بها كذا وكذا، وأنَّ الأخرى فيها كذا؛ كما تقدمت النصوص بذلك)) . ثانياً: القائلون بأنَّ كلتا يدي الله يَمِين لا شمال ولا يسار فيهما منهم: الإمام ابن خزيمة في ((كتاب التوحيد)) ، والإمام أحمد، والبيهقي، والألباني، وإليك أدلتهم وأقوالهم: أدلتهم: 1- ما رواه مسلم في ((صحيحه)) (1827) من حديث عبد الله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما مرفوعاً: ((إنَّ المقسطين عند الله على منابر من نور عن يَمِين الرحمن عَزَّ وجَلَّ، وكلتا يديه يَمِين ... )) . 2- حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما مرفوعاً: ((أول ما خلق الله تعالى القلم، فأخذه بيَمِينه، وكلتا يديه يَمِين ... )) . رواه: ابن أبي عاصم في ((السنة)) (106) ، والآجري في ((الشريعة)) . وصحَّحَه الألباني. 3- حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((لما خلق الله آدم، ونفخ فيه من روحه؛ قال بيده وهما مقبوضتان: خذ أيها شئت يا آدم، فقال: اخترت يَمِين ربي، وكلتا يداه يَمِين مباركة، ثم بسطها ... )) . رواه: ابن أبي

عاصم في السنة (206) ، وابن حبان (6167) ، والحاكم (1/64) وصحَّحَه، وعنه البيهقي في ((الأسماء والصفات)) (2/56) . والحديث حسَّنه الألباني في تخريجه لـ ((السنة)) . 4- حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((يَمِين الله ملأى لا يغيضها نفقة ... وبيده الأخرى القبض؛ يرفع ويخفض)) . رواه: البخاري، ومسلم. وقد تقدم قبل قليل. ورواه ابن خزيمة في ((كتاب التوحيد)) ، وسنده صحيح؛ بلفظ: ((وبيَمِينه الأخرى القبض ... )) . أقوالهم: قال ابن خزيمة في ((كتاب التوحيد)) (1/159) : ((باب: ذكر سنة ثامنة تبين وتوضح أنَّ لخالقنا جلَّ وعلا يدين، كلتاهما يَمِينان، لا يسار لخالقنا عَزَّ وجَلَّ؛ إذ اليسار من صفة المخلوقين، فَجَلَّ ربنا عن أن يكون له يسار)) . وقال أيضاً (1/197) : (( ... بل الأرض جميعاً قبضةُ ربنا جَلَّ وعلا، بإحدى يديه يوم القيامة، والسماوات مطويات بيَمِينه، وهي اليد الأخرى، وكلتا يدي ربنا يَمِين، لا شمال فيهما، جل ربنا وعز عن أن يكون له يسار؛ إذ كون إحدى اليدين يساراً إنما يكون من علامات المخلوقين، جل ربنا وعز عن شبه خلقه)) اهـ. وقال الإمام أحمد بن حنبل - كما في ((طبقات الحنابلة)) لأبي يعلى

(1/313) -: ((وكما صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: ((وكلتا يديه يَمِين)) ، الإيمان بذلك، فمن لم يؤمن بذلك، ويعلم أنَّ ذلك حق كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهو مُكَذِّبٌ برسول الله صلى الله عليه وسلم)) . وسئل الشيخ الألباني-رحمه الله- في ((مجلة الأصالة)) (ع4، ص 68) : ((كيف نوفِّق بين رواية: ((بشماله)) الواردة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما في ((صحيح مسلم)) وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وكلتا يديه يَمِين)) ؟ جواب: لا تعارض بين الحديثين بادئ بدء؛ فقوله صلى الله عليه وسلم: (( ... وكلتا يديه يَمِين)) : تأكيد لقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} ؛ فهذا الوصف الذي أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم تأكيدٌ للتنْزيه، فيدُ الله ليست كيدِ البشر: شمال ويَمِين، ولكن كلتا يديه سبحانه يَمِين. وأمر آخر؛ أنَّ رواية: ((بشماله)) : شاذة؛ كما بيَّنتها في ((تخريج المصطلحات الأربعة الواردة في القرآن)) (رقم 1) للمودودي. ويؤكد هذا أنَّ أبا داود رواه وقال: ((بيده الأخرى)) ، بدل: ((بشماله)) ، وهو الموافق لقوله صلى الله عليه وسلم: ((وكلتا يديه يَمِين)) ، والله أعلم)) .

مناقشة الأدلة التي تثبت صفة (الشِّمال) و (اليَسَار) : 1- حديث عبد الله بن عمر عند مسلم (2788-24) ، وفيه لفظة (الشِّمال) ، تفرد بها عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن سالم عن ابن عمر، وعمر بن حمزة ضعيف، والحديث عند البخاري (7412) من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، وعند مسلم (2788-25و26) من طريق عبيد الله بن مقسم عن ابن عمر، وليس عندهما لفظة (الشِّمال) . قال الحافظ البيهقي في ((الأسماء والصفات)) (2/55) : ((ذكر (الشِّمال) فيه، تفرد به عمر بن حمزة عن سالم، وقد روى هذا الحديث نافع وعبيد الله بن مقسم عن ابن عمر؛ لم يذكرا فيه الشِّمال. وروى ذكر الشِّمال في حديث آخر في غير هذه القصة؛ إلا أنه ضعيف بمرة، تفرد بأحدهما: جعفر بن الزبير، وبالآخر: يزيد الرقاشي. وهما متروكان، وكيف ذلك؟! وصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمَّى كلتي يديه يَمِيناً)) اهـ. 2- حديث أبي الدرداء رضي الله عنه المتقدم، وفيه: ((وقال للتي في يساره إلى النار ولا أبالي)) . رواه عبد الله ابن الإمام أحمد والبَزَّار، روى هذا الحديث أحمد في ((المسند)) (6/441) ، ورواه أيضاً ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) ؛ كما أفاده الشيخ ناصر الدين الألباني -رحمه الله- في ((الصحيحة)) (49) وعندهما: ((وقال للذي في كتفه اليسرى إلى النار ولا أبالي)) ، والضمير هنا يعود على آدم عليه السلام، وإسنادهم واحد، صححه

الألباني. 3- قولهم: ((إنَّ ذكر اليَمِين يدل على أنَّ الأخرى شمال)) : قول صحيح لو لم يرد ما يدل على أنَّ كلتا يدي الله يَمِين. مناقشة الأدلة التي تثبت أنَّ يدي الله كلتاهما يَمِين: وصفُ اليدين بأنَّ كلتيهما يَمِين لا يعني عند العرب أنَّ الأخرى ليست يَسَاراً، بل قد يوصف الإنسان بأنَّ يديه كلتاهما يَمِين كما قال المرَّار: ((وإِنَّ عَلَى الأمانَةِ مِنْ عَقِيلٍ ... فَتىً كِلْتَا اليدَيْنِ لَهُ يَمِينَ)) ولا يعني أن لا شمال له، بل هو من كرمه وعطائه شماله كيَمِينه. انظر البيت في: ((مختلف تأويل الحديث)) لابن قتيبة (ص 247) . ولُقِّب أبو الطيب طاهر بن الحسين بن مصعب بذي اليَمِينين، كتب له أحد أصحابه: ((للأمِيرِ المُهَذَّبِ ... المُكَنَّى بِطَيِّبِ ذِي اليَمِينينِ طَاهِرِ بـ ... ـنِ الحُسَيْنِ بنِ مُصْعَبِ)) انظر: ((ثمار القلوب)) (ص 291) . كما أنَّ العرب تسمى الرجل ذا الشِّمالَين، وقد سمي عمير بن عبد عمرو بن نضلة رضي الله عنه بذلك، وقيل: بل هو ذو اليدين. راجع: ((الإصابة)) ولا يعنون بذي الشِّمالَين؛ أي: لا يَمِين له.

الآخرية

الترجيح: إنَّ تعليل القائلين بأنَّ إحدى يدي الله عَزَّ وجَلَّ يَمِين والأخرى شمال، وأننا إنما نقول: كلتاهما يَمِين؛ تأدباً وتعظيماً؛ إذ الشِّمال من صفات النقص والضعف، قول قوي، وله حظٌ من النظر؛ إلا أننا نقول: إنَّ صفات الله توقيفية، وما لم يأتِ دليلٌ صحيحٌ صريحٌ في وصف إحدى يدي الله عَزَّ وجَلَّ بالشِّمال أو اليَسَار؛ فإننا لا نتعدى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((كلتاهما يَمِين)) . والله أعلم. الآخِرِيَّةُ صفةٌ ذاتيةٌ لله عَزَّ وجَلَّ، وذلك من اسمه الآخِر، والذي ورد في الكتاب والسنة. ? الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: 3] . ? الدليل من السنة: ما رواه مسلم في ((صحيحه)) (2713) عن سهيل؛ قال: كان أبو صالح يأمرنا؛ إذا أراد أحدنا أن ينام: أن يضطجع على شقِّه الأيمن، ثم يقول: ((اللهم رب السماوات، ورب الأرض، ورب العرش العظيم، ربنا

ورب كل شيء، فالق الحب والنَّوى، ومُنْزِل التَّوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذٌ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخِر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء؛ اقضِ عنا الدَّيْنَ، وأغننا من الفقر)) . وكان يروى ذلك عن أبي هُريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. المعنى: 1- أي: الذي ليس بعده شيء كما في الحديث. 2- الباقي بعد الأشياء كلها. قاله ابن الأثير في ((جامع الأصول)) (4/181) ، وبنحوه قال الزجاج في ((تفسير أسماء الله الحسنى)) ، وابن منظور في ((اللسان)) . وانظر كلام ابن القيم في صفة (الأَوَّلِيَّةِ) . آخر الكتاب واللهُ أعلم وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّم عَلَى نَبِيِّنَا مَحْمَدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ

الخاتمة ((الحمد لله رب العالمين حمداً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربُّنا ويرضى، وكما ينبغي لكرم وجهه وعزِّ جلاله، غير مَكْفِيٍّ ولا مكفورٍ ولا مودَّعٍ ولا مستغني عنه ربُّنا، ونسأله أن يوزعنا شكر نعمته، وأن يوفِّقنا لأداء حقه، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يجعل ما قصدنا له في هذا الكتاب وفي غيره خالصاً لوجهه الكريم، ونصيحة لعباده، فيا أيها القاريءُ له، لك غُنْمُه وعلى مؤلفه غُرْمُه، لك ثمرتُه وعليه تَبِعَتُه، فما وجدتَ فيه من صوابٍ وحقٍ فاقبله ولا تلتفت إلى قائله، بل انظر إلى ما قال لا إلى من قال وقد ذمَّ الله تعالى من يَرُدَّ الحقَّ إذا جاء به مَن يبغضه، ويقبله إذا قاله من يحبه فهذا خُلُقُ الأمة الغضبية. قال بعض الصحابة: ((اقبل الحق ممن قاله وإن كان بغيضاً، ورُدَّ الباطل على من قاله وإن كان حبيباً)) وما وجدتَ فيه من خطأ فإن قائله لم يألُ جهد الإصابة، ويأبى الله إلا أن يتفرد بالكمال، كما قيل: والنَّقْصُ في أصلِ الطبيعةِ كامنٌ ... فَبَنُو الطبيعةِ نَقْصُهم لا يُجْحَدُ وكيف يُعْصَمُ من الخطأ من خُلق ظلوماً جهولاً، ولكن من عُدَّت غلطاتُه أقربُ إلى الصوابِ ممن عُدَّت إصاباتُه، وعلى المتكلم في هذا الباب وغيره أن يكون مصدر كلامه عن العلم بالحق، وغايته النصيحة لله، ولكتابه، ولرسوله، ولإخوانه المسلمين، وإن جعلَ الحقَ تبعاً للهوى: فَسَدَ القلبُ والعملُ والحالُ والطريقُ ... والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على خاتم المرسلين محمدٍ وعلى آله أجمعين)) (1)

الإجابة........................................................ ... 41 الإحاطة....................................................... ... 42 الأحَد........................................................ ... 43 الإحسان...................................................... ... 43 الإِحْياء........................................................ ... 45 الأَخْذ باليد................................................... ... 45 الأَذَن (بمعنى الاستماع) ........................................... ... 47 الإِرادة والمشيئة............................................... ... 49 الاستحياء..................................................... ... 51 استطابة الروائح.............................................. ... 51 ــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ما كان مسبوقاً بهذه العلامة [-] فهو إما أن يكون مما يصح الإخبار عن الله به، أو ممَّا عدَّه بعضهم صفة، وهو ليس كذلك، راجع المقدمة. (2) بُدئ بهذه الصفة مراعاة لحسن الاستهلال، راجع المقدمة. الصفة ... الصفحة الاستهزاء بالكافرين.......................................... ... 52 الاستواء على العرش.......................................... ... 55 الأَسَف....................................................... ... 56 الأصَابع....................................................... ... 57 الإلهيَّة والأُلُوهِيَّة.............................................. ... 59

الأمْر.......................................................... ... 60 الإمْسَاك...................................................... ... 61 الأنامِل........................................................ ... 62 الانتقام من المجرمين........................................... ... 63 الإِيجاب والتحليل والتحريم................................... ... 65 الباريء....................................................... ... 66 الباطِن (الباطِنِيَّة) .............................................. ... 67 بديعُ السماوات والأرض..................................... ... 68 البِرُّ........................................................... ... 69 البَرَكة والتَّبَارُك............................................... ... 70 البَسْط والقَبْض............................................... ... 71 البَشْبَشة أو البَشَاشة.......................................... ... 73 البَصَر......................................................... ... 74 البَطْش........................................................ ... 75 البُغض........................................................ ... 76 الصفة ... الصفحة البَقَاء.......................................................... ... 77 التأخير........................................................ ... 78 التَّبَارُك........................................................ ... 78 التَّجَلِّي........................................................ ... 78 التحليل والتحريم............................................. ... 81 التَّدَلِّي (إلى السماء الدنيا) .................................... ... 82 التردد في قبض نفس المؤمن.................................. ... 82 التَّرك.......................................................... ... 85 التشريع....................................................... ... 86 التَّعَجُّب...................................................... ... 88 التقديم والتأخير............................................... ... 88 التقرُّب والقُرْب والدُّنو....................................... ... 89 التوَّاب والتَّوْب............................................... ... 91 الجَبَرُوت...................................................... ... 92 الجلال........................................................ ... 94 الجمال........................................................ ... 94 - الجَنْب..................................................... ... 97 - الجِهَة...................................................... ... 99 الجُود......................................................... ... 102 الحاكِم والحَكَم............................................... ... 103 الصفة ... الصفحة الحُب والمحبَّة.................................................. ... 103 الحَثْو.......................................................... ... 104 الحُجْزَة والحَقْو................................................ ... 106 الحديث....................................................... ... 109 الحرْف........................................................ ... 109 - الحَرَكة.................................................... ... 109 الحسِيب...................................................... ... 113 الحِفْظ........................................................ ... 113 الحَفِيُّ......................................................... ... 114 الحق.......................................................... ... 115 الحَقْو......................................................... ... 116 الحَكَم........................................................ ... 116 الحِكْمة....................................................... ... 116 الحِلم.......................................................... ... 117 الحميد........................................................ ... 118 الحَنَان (بمعنى الرحمة) ............................................. ... 119 الحَيَاء والاستحياء............................................. ... 125 الحَيَاة......................................................... ... 127 الخبير......................................................... ... 129 الخِدَاع لمن خادعه............................................ ... 129 الصفة ... الصفحة الخَط.......................................................... ... 131 الخَلْق......................................................... ... 131 الخُلَّة.......................................................... ... 134 الدِّلالة أو الدليل.............................................. ... 135 الدُّنُو.......................................................... ... 138 الدَّيَّان......................................................... ... 138 - الذَّات..................................................... ... 139 الرَّأفة......................................................... ... 141 الرُّؤية......................................................... ... 142 رؤيته سبحانه وتعالى......................................... ... 144 الرُّبُوبِيَّة....................................................... ... 146 الرِّجل والقَدَمان.............................................. ... 148 الرَّحمة......................................................... ... 149 الرَّزْق......................................................... ... 150 الرُّشد......................................................... ... 152 الرِّضى........................................................ ... 152 الرِّفق.......................................................... ... 153 الرَّقيب........................................................ ... 154 الرَّوْح......................................................... ... 156 الصفة ... الصفحة - الرُّوُح..................................................... ... 158 الزَّارِع........................................................ ... 162 السَّآمة........................................................ ... 163 السَّاق........................................................ ... 163 السُّبُّوح....................................................... ... 166 السِّتر......................................................... ... 167 السُّخرية بالكافرين........................................... ... 168 السَّخَط....................................................... ... 170 السُّرعة....................................................... ... 171 السُّكوت..................................................... ... 173 السَّلام........................................................ ... 175 السُّلْطان...................................................... ... 176 السَّمْع........................................................ ... 177 السَّيِّد......................................................... ... 179 الشَّافي........................................................ ... 180 - الشخص.................................................. ... 181 الشِّدة (بمعنى القوة) ............................................. ... 184 الشُّكر........................................................ ... 185 الشِّمِال....................................................... ... 186 الشَّهِيد........................................................ ... 187 الصفة ... الصفحة - شَيء...................................................... ... 188 الصَّبْر......................................................... ... 189 الصِّدْق....................................................... ... 191 - الصِّفة..................................................... ... 192 الصَّمَد........................................................ ... 195 الصُّنع......................................................... ... 196 الصَّوْت....................................................... ... 198 الصُّوُرَة....................................................... ... 198 الضَّحِك...................................................... ... 200 الطَّبيب....................................................... ... 202 الطَّيُّ.......................................................... ... 203 الطَّيَّب........................................................ ... 204 الظَّاهِرِيَّة...................................................... ... 204 - الظِّل...................................................... ... 205 العِتَاب أو العَتْب.............................................. ... 209 العَجَب....................................................... ... 210 العَدْل......................................................... ... 213 العِزُّ والعِزَّة.................................................... ... 214 العَزْم.......................................................... ... 216 العَطَاء والمَنْع.................................................. ... 217 الصفة ... الصفحة العَظَمَة........................................................ ... 219 العَفْو والمعافاة................................................. ... 220 العِلْم.......................................................... ... 221 العُلُوُّ والفَوْقِيَّة................................................. ... 223 العَمَل والفِعْل................................................. ... 224 العَيْن.......................................................... ... 226 الغَضَب....................................................... ... 228 الغُفْران....................................................... ... 229 الغَلَبَة.......................................................... ... 229 الغِنى.......................................................... ... 230 الغَيْرَة......................................................... ... 232 الفَتْح.......................................................... ... 233 الفَرَح......................................................... ... 234 الفَطْر......................................................... ... 236 الفِعْل......................................................... ... 237 الفَوْقِيَّة........................................................ ... 237 القَبْضُ والطَّيُّ................................................. ... 237 القُدْرة........................................................ ... 240 - القِدَم...................................................... ... 241 القَدَمان....................................................... ... 242 الصفة ... الصفحة القُدُّوس....................................................... ... 243 القُرْآن........................................................ ... 243 القُرْب........................................................ ... 244 القَطْع......................................................... ... 244 القَهْر.......................................................... ... 244 القَوْل......................................................... ... 245 القُوَّة.......................................................... ... 246 القَيُّوم......................................................... ... 247 الكَافي......................................................... ... 248 الكِبْر والكِبْرِيَاء............................................... ... 250 الكَبِير......................................................... ... 251 الكِتَابة والخط................................................ ... 252 الكَرَم......................................................... ... 254 الكُرْه......................................................... ... 256 الكَف......................................................... ... 256 الكَفِيل........................................................ ... 258 الكلام........................................................ ... 259 الكَنَف........................................................ ... 263 الكَيْدُ لأعدائه................................................. ... 265 اللُّطْف........................................................ ... 266 الصفة ... الصفحة اللَّعْن.......................................................... ... 267 المُؤْمن......................................................... ... 268 المُبِين.......................................................... ... 270 المَتَانة.......................................................... ... 271 المجْد........................................................... ... 271 المجِيء......................................................... ... 272 المِحَال........................................................ ... 273 المَحَبَّة......................................................... ... 273 المُحِيط........................................................ ... 273 المُحْيِي والمُمِيت............................................... ... 274 المُسْتعان...................................................... ... 275 المَسْح......................................................... ... 276 المشِيئة........................................................ ... 277 المُصَوِّر........................................................ ... 277 المَعِيَّة.......................................................... ... 278 المغْفِرَة والغُفْران............................................... ... 279 المَقْت......................................................... ... 281 المُقِيت........................................................ ... 282 المَكْر على من يمكر به........................................ ... 283 المُلْك والمَلَكوت.............................................. ... 285 الصفة ... الصفحة المَلَل.......................................................... ... 286 المُمَاحَلة والمِحَال.............................................. ... 288 المُمِيت........................................................ ... 289 المَنْع........................................................... ... 289 المَنُّ والمِنَّة..................................................... ... 289 المُهَيْمِن........................................................ ... 290 المَوْجُود....................................................... ... 290 المُوسِع........................................................ ... 293 المَوْلى.......................................................... ... 293 النَّاصِر والنَّصِير............................................... ... 293 النِّدَاء......................................................... ... 294 النُّزُول (إلى السماء الدنيا) ......................................... ... 294 النِسْيَان (بمعنى الترك) ............................................. ... 298 النَّصِير........................................................ ... 300 النَّظَر.......................................................... ... 300 - النعت..................................................... ... 301 النَّفْس (بسكون الفاء) ............................................ ... 305 النَّفَس (بتحريك الفاء) ............................................ ... 307 النُّور، ونور السماوات والأرض............................ ... 311 الهادِي....

§1/1